ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥...

528
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ: ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ: ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺑﺤﺚ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻟﺪﺍﻣﺎﺩ ، ﻟﻶﻣﻠﻲ ﺍﻟﺠﺰﺀ:١٣٨٨ : ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ: ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ: ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ:١٤٠٥ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻄﺒﻊ: ﺟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ: ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ: ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴﻦ ﺑﻘﻢ ﺍﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﺭﺩﻣﻚ: ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ: ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺃﺑﺤﺎﺙ ﺁﻳﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻟﺪﺍﻣﺎﺩ(١٣٨٨ ﻭﻓﺎﺓ)

Upload: others

Post on 05-Jul-2020

7 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الكتاب: كتاب الصالةالمؤلف: تقرير بحث المحقق الداماد ، لآلملي

الجزء:الوفاة: ١٣٨٨

المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامنتحقيق:الطبعة:

سنة الطبع: جمادي األولى ١٤٠٥المطبعة:

الناشر: مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفةردمك:

مالحظات: تقرير أبحاث آية الله العظمى الحاج السيد محمد المحقق الداماد(وفاة ١٣٨٨)

Page 2: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

كتاب الصالةتقرير أبحاث فقيه أهل البيت " عليهم السالم "

آية الله العظمىالحاج السيد محمد المحقق الداماد

" قدس سره "تأليف

عبد الله الجوادي الطبري اآلمليالجزء الثاني

(تعريف الكتاب ١)

Page 3: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الكتاب: تقرير أبحاث آية الله العظمى المحقق الداماد (قدس سره) في الصالةالمؤلف: عبد الله الجوادي الطبري اآلملي

الناشر: مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين ب - قم المشرفةالمطبوع: ٥٠٠ نسخة

تاريخ النشر: جمادي األولى ١٤٠٥ ه. ق

(تعريف الكتاب ٢)

Page 4: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بسم الله الرحمن الرحيموإياه نستعين

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على جميع األنبياء والمرسلين سيما خاتمهموأفضلهم محمد وأهل بيته الطاهرين سيما بقية الله أرواح من سواه فداه.

بعد: فيقول العبد المفتاق إلى مواله الجواد عبد الله الجوادي الطبري اآلمليغفر الله له ولكل من آمن بالله واليوم اآلخر وعمل صالحا.

- ١ -إن اإلنسان سائر إلى مواله وكادح إلى ربه كدحا حتى يالقيه، فال يتطرقه

الوقوف أبدا، كما ال يناله الزوال أصال، إذا لموت ليس إال انتقاال من دار إلى دارأخرى، فال يترك اإلنسان سدى، بل له سائق يسوقه إلى خالقه، كما له قائد

يقوده إلى بارئه، قال الله تبارك وتعالى:" يا أيها اإلنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فمالقيه " (١).

--------------------(١) سورة االنشقاق: ٦.

(مقدمة المؤلف ٣)

Page 5: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

" أيحسب اإلنسان أن يترك سدى " (١)." وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " (٢).

- ال بد للمسافر أن يتزود بزاد يتقوى به في السير ويسلك المسير بسرعةوسهولة، وحيث إن الصراط الذي يمر عليه اإلنسان السالك إلى الله أدق من الشعر

وأحد من السيف، فال محيص عن زاد أرق من كل رقيق وألطف من كل لطيف،وليس ذلك إال اتقاء الله حق تقاته حيث قال سبحانه: "... وتزودوا فإن خير

الزاد التقوى " (٣) فكل من كان تقواه أشد فزاده أكثر وسلوكه أسرع وأسهل،ووصوله أيسر، وهو عند الله سبحانه أقرب منزلة وأخص زلفة (٤) وقد أشار إلى مثالمنه موالنا الحسن بن علي العسكري عليهما السالم في قوله: " إن الوصول إلى الله عز

وجلسفر ال يدرك إال بامتطاء الليل " (٥) وذلك ألن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيال

(٦)فلذا ال مطية كالليل وإحيائها، وال امتطاء كامتطائها بالتهجد والقيام، فأشار عليه السالم

في هذا البيان الجامع الذي هو من غرر أحاديثنا اإلمامية إلى أمور شتى.- ٣ -

وحيث إن السالك إلى الله يطير إليه بجناحي العلم والعمل، فال بد له من--------------------

(١) سورة القيامة: ٣٦.(٢) سورة ق: ٢١.

(٣) سورة البقرة: ١٩٧.(٤) راجع دعاء الكميل.

(٥) أعيان الشيعة الطبع الحديث ٢ / ٤٢(٦) سورة المزمل: ٦.

(مقدمة المؤلف ٤)

Page 6: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

زاد علمي يعلمه، وزاد عملي يعمله، حتى يتحد مع علمه ويتصور بصورة عملهويحشر على نيته إذ " لكل امرء ما نوى " (١) كما " أن ليس لإلنسان إال ما سعى "

(٢)وكل ما يرجع إلى التعليم فهو بفيض من الله سبحانه إذ هو " علم اإلنسان ما لميعلم " (٣) وكل ما يرجع إلى التعلم والعمل فهو من اإلنسان السالك إليه تعالى،

وإن كان الكل منه كما قال: " وما بكم من نعمة فمن الله " (٤) ألن الحسنات كلهامن الله كما أنها من عند الله، فال تكون من اإلنسان كما ال تكون من عنده ألن ذاتهووصفه الكمالي وفعله الخير كلها فانية في ذاته تعالى ووصفه تعالى وفعله تعالى، إذ

ال إله إال الله وحده ذاتا ووحده وصفا ووحده فعال، فلذا قال تعالى: " ولوال فضل اللهعليكم

ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم " (٥).- ٤ -

إن من العلوم التي تتكفل لبيان زاد التقوى هو الفقه، ألنه بالمعنى المصطلحمنه حكمة عملية يتعلم بها كيفية ارتباط اإلنسان مع مواله الذي خلقه وسواه

وقد ره وهداه، وكذا كيفية معاملة اإلنسان مع غيره من أفراد نوعه، فال بدللسالك أن يتفقه وإال يتيه في أرض الجاهلية الجهالء، ويرتطم في نار الحمية

وهوى األمنية، وقد أشار إلى مثال منه موالنا أمير المؤمنين عليه أفضل صلواتالمصلين في قوله: " من أتجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا " (٦) ومن المعلوم أنه

--------------------(١) وسائل الشيعة ١ / ٣٥.

(٢) سورة النجم: ٣٩.(٣) سورة العلق: ٥.

(٤) سورة النحل: ٥٣.(٥) سورة النور: ٢١.

(٦) نهج البالغة قصار الحكم: ٤٤٧.

(مقدمة المؤلف ٥)

Page 7: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال اختصاص لضرورة الفقه باالتجار بل تعمه وغيره من أي عمل فردي أو اجتماعيعبادي أو معاملي، اقتصادي أو سياسي، أخالقي أو نظامي أو غير ذلك.فمن أراد أن يروض نفسه بالتقوى بغير فقه فقد ارتطم في الرهبانية، وهو

ال يعلم أن رهبانية أمة محمد صلى الله عليه وآله هو الجهاد في سبيل الله. (١) ومنأراد أن يسوس

الناس بغير فقه فقد ارتطم في البغي والطغيان، وهو ال يعلم أن رسول الله صلى الله عليهوآله قال:

" إلطاعة لمخلوق في معصية الخالق " (٢) ومن أراد أن ينكح بغير فقه فقد ارتطمفي السفاح، ومن أراد أن يتعزز بغير فقه فقد ارتطم في تيه المذلة والمسكنة

وهكذا...فعلى اإلنسان الذي يريد أن ينال سعادة الدنيا واآلخرة أن يتفقه حتى يعلم

ما يجب أو يحرم عليه وما يباح أو يحل له. نعم الفقه موصل إلى السعادتين ال السعادةاآلجلة فقط، وإن كانت هي األهم، ولذا قال في المدارك: غايته (أي الفقه) حفظالشريعة وتصحيح األعمال وإقامة الوظائف الشرعية واالرشاد إلى المصالح الدينيةوالدنيوية واالرتقاء عن حضيض الجهل وربقة التقليد ومرجعها إلى تكميل القوى

النفسانية واستجالب المراحم الربانية. (٣)- ٥ -

وأيضا أن رقي المجتمع االنساني رهين معرفة أحكام الله والعمل بها، إذبها يتجافى اإلنسان عن دار الغرور وينيب إلى دار الخلود، ويستعد للموت قبل

حلوله، وبها يتعالى عن حضيض األرض إلى أوج السماء. ويشهد له ما رواه--------------------

(١) سفينة البحار: ١ / ٥٤٠.(٢) من ال يحضره الفقيه ٤: ٣٨١.

(٣) مقدمة المدارك.

(مقدمة المؤلف ٦)

Page 8: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

علي بن أبي طالب عليه السالم عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: " ما من عبداهتم بمواقيت الصالة

ومواضع الشمس إال ضمنت له الروح عند الموت وانقطاع الهموم واألحزان والنجاةمن النار. كنا مرة رعاة اإلبل فصرنا اليوم رعاة الشمس " (١).

وهذا من مآثر اإلسالم القيمة حيث إنه أوجب صعود المجتمع الراعيلآلبال إلى عرش الرقي.

- ٦ -إن الفقه كما تقدم حكمة عملية يبتني عليها سعادة الدنيا واآلخرة بال

اختصاص له بإحديهما، فلذا لما ألحق الغزالي الفقه بعلم الدنيا كالطب، وألحقالفقهاء بعلماء الدنيا كاألطباء، قال الفيض - قدس سره - في تهذيب مقالته: ما

ذكره أبو حامد من أول الفصل إلى آخره ليس على ما ينبغي، وليس معنى علمالفقه ما زعمه، بل هو علم شريف إلهي نبوي مستفاد من الوحي ليساق به العباد إلى

الله عز وجل وبه يترقى العبد إلى كل مقام أسنى، فإن تحصيل األخالق المحمودةال يتيسر إال بتهذيب األخالق وتنوير القلب بنور الشرع وضوء العقل... (٢)

فليس الفقه من علوم الدنيا كما زعم الغزالي، بل من علوم الدنيا واآلخرةكما حققه الفيض - قدس سره - ولعله لذا قال في مقدمة " مفاتيح الشرائع "

... ورتبته... في فنين: فن العبادات والسياسات وفن العادات والمعامالت (٣).وقد تقدم كالم صاحب المدارك: إن غاية الفقه حفظ الشريعة... واالرشاد

إلى المصالح الدينية والدنيوية... (٤)نعم لما كانت اآلخرة خيرا وأبقى، وما الحياة الدنيا في اآلخرة إال متاع، قد

--------------------(١) أمالي المفيد: المجلس ١٦ ص ١٣٦.

(٢) المحجة البيضاء ١ / ٥٤ و ٥٩.(٣) مفاتيح الشرائع ١ / ٧.

(٤) مقدمة المدارك: األمر الثاني.

(مقدمة المؤلف ٧)

Page 9: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يذكر خصوص تحصيل سعادة اآلخرة غاية للفقه كما في الذكرى (١) من دوناختصاص

بها. والدنيا واآلخرة وإن كانتا ضرتين بمعنى، ولكنهما متالزمتان بمعنى أدقفال يمكن انفكاك سعادة إحديهما عن سعادة األخرى. فلذا أدبنا القرآن الكريم

بأن ندعو الله سبحانه بما علمنا من قوله تعالى: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرةحسنة وقنا عذاب النار (٢).

- ٧ -حيث أن الفقه لتحصيل سعادة الدنيا واآلخرة، ومن المعلوم أن السعادة

ال تحصل بمجرد العلم به، فال يكفي في تحققها تعليم الفقيه وإفتاؤه، كما ال يكفيفيه تعلم المقلد واستفتاؤه، بل حصول السعادة متوقف على العمل به، ومن الواضح

أن كثيرا من المسائل الفقهية ترجع إلى الحكومة اإلسالمية، كما أن من أهممناصب الفقيه الصائن لنفسه التارك لهواه المطيع لمواله، هو التصدي لمنصب

الحكومة اإلسالمية التي ال يحكم فيها إال الله دون غيره: " فال وربك ال يؤمنونحتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ال يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا

تسليما " (٣).ومعلوم أن التصرف في النفوس واألموال العامة والخاصة واألنفال وغير

ذلك من شؤون الوالية اإللهية التي آتي رسول الله صلى الله عليه وآله األئمة المعصومينعليهم السالم

إياها، فالوالية لهم أوال حتى في زمن الغيبة.ثم إنهم عليهم السالم قد نصبوا الفقيه الجامع للشرائط منصب التصدي للحكومة

--------------------(١) الذكرى: ٢.

(٢) سورة البقرة: ٢٠١.(٣) سورة النساء: ٦٥.

(مقدمة المؤلف ٨)

Page 10: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

اإللهية في زمن الغيبة، وهذا هو المسمى بوالية الفقيه الممتازة عن وكالته عن قبلاألمة، وبين الوالية والوكالة بون بعيد، ألن للحكومة اإلسالمية أمورا هامةليس للناس فيها حق حتى يوكلوا شخصا لتصديها، إذا التوكيل عبارة عن

التسبيب فيما يصح للموكل تصديه مباشرة، وأما إذا كان هناك أمور ال مجالللناس أن يدخلوا فيها كاجراء الحدود وتصدي القضاء والتصرف في األنفال

واألموال والنفوس ونحو ذلك فال يصح التوكيل.فالفقيه الجامع للشرائط منصوب من قبل اإلمام المعصوم الذي هو اليوم

" حجة بن الحسن العسكري المهدي الموعود بقية الله " أرواح من سواه فداه.فأسنى المناصب للفقيه الجامع للشرائط هو الوالية الدينية التامة الموجبة

للعمل بأحكام اإلسالم الفردية واالجتماعية و... ال مجرد االفتاء، ألنه ليسهاما في جنب تلك الوالية الجامعة، إذ يستوي فيه الفقيه الحي والميت، ألنه كما

يجوز تقليد الحي وأخذ الفتوى منه كذلك يجوز البقاء على تقليده بعد موتهفالمهم في النظام اإلسالمي هو تصدي الحكومة الموجبة لتحقق جميع قواعد اإلسالموأحكامه: من الحدود والقصاص والديات والقضاء والدفاع وما إلى ذلك من الشؤون

اإلسالمية في حين تحقق العبادات والمناسك والقربات والدعوات والزياراتوغير ذلك.

- ٨ -إن أقصى درجات الكمال للسالك إلى الله هو لقاؤه سبحانه، وهو ال يحصل

إال لصاحب النفس المطمئنة التي راضت ورضيت ما قضى الله له في السراء والضراءوصارت

نفسه مرضية له تعالى ذاتا وصفه وفعال، إذ يؤذن لمن جمع هذه الشرائط أن يدخلفي عباده سبحانه ويدخل جنته كما قال تعالى: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي

(مقدمة المؤلف ٩)

Page 11: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " (١).واآلية تدل على أن الوصول إلى االطمئنان القلبي التام ليس هو الغاية القصوىللسالك، كما أن نيل مقام الرضوان بكال شقيه أيضا ليس كذلك، بل له مقام

أقصى من ذلك كله ال يخاطب لنيله إال النفس الواجدة لتلك الدرجات الرفيعة،بخالف غير ذلك المقام فإن المخاطب فيه هو اإلنسان ال النفس المطمئنة وإن كان

توجه الخطاب مطلقا إنما هو إلى النفس، ولكن قد يصحبه البدن وقد ال يصحبهال نقول إن الواصل إلى ذلك المقام السامي مجرد عن البدن، بل المراد أنه الحظ

للبدن هنالك مع أن اإلنسان البالغ إليه ذو بدن أيضا.والغرض أنه ال ينال ذلك المقام إال بعد اجتماع شرائط: منها الرضا بكال

طرفيه، والرضا ال يحصل إال لمن يخشى ربه حيث قال تعالى: " رضي الله عنهمورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه ". (٢) وهذه الخشية ال تحصل إال بالعلوم اإللهية،

قال سبحانه: إنما يخشى الله من عباده العلماء " (٣).ومن تلك العلوم التي توجب الخشية - بعد معرفة الله وأوصافه الجمالية

والجاللية ومعرفة مظاهرها من الجنة والنار - هو العلم بما يجوز فعله وماال يجوز والعلم بما يجب فعله وما ال يجب و... وهذا هو الفقه الدارج، فالفقه

موجب للخشية، والفقيه يخشى ربه ويرضى ربه عنه كما يرضى هو عن ربه ويأذنله أن يدخل في عباده ويدخل جنته التي هي غير الجنات التي تجري من تحتها

األنهار وكذا غيرها من جنان أخر كائنة ما كانت.وهؤالء الفقهاء الجامعون للعلم والعمل هم الذين سلم عليهم وأثنى عليهم

وبجلهم العالمة الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر - رحمة الله عليه - حيث قال:--------------------

(١) سورة الفجر: ٣٠ - ٢٧.(٢) سورة البينة: ٨.

(٣) سورة فاطر: ٢٨.

(مقدمة المؤلف ١٠)

Page 12: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

" فإن الفقهاء عليهم السالم هم عمدة الدين ونقلة شرع رسول رب العالمين وحفظةفتاوى

األئمة المهديين صلوات الله وسالمه عليهم أجمعين، وهم ورثة األنبياء والذين يفضلمدادهم على دماء الشهداء، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وآله النظر إليهم عبادة

والمجالسةلهم سعادة واقتفاء أثرهم سيادة، واالكرام لهم رضوان الله واإلهانة لهم

سخط الله... " (١).وكما أن العمل بدون االعتقاد غير ناجح، كذلك االقرار بالمبدء بدون

العمل الصالح غير مجد، بل الذي يصعد إليه تعالى هو االعتقاد الطيب والعمل الصالح،قال سبحانه: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " (٢) وقال أحدهما

عليهما السالم" ومن قال: ال إله إال الله، فلن يلج ملكوت السماء حتى يتم قوله بعمل صالح " (٣)

فالمؤمنالصالح يرى ملكوت ربه ويلجها ويشاهد ما فيها بإراءة ربه، وذلك كله من

حسنات الفقاهة، لعدم حصول تلك الدرجات إال بها وإن كانت هي وحدها أيضاغير كافية في الفوز بها.

- ٩ -إن في بيان معنى الفقه وأنه ما هو؟ وأن الفقيه من هو؟ تعابير متعددة ال تخلو

عن معنى جامع وإن اختلفت المصطلحات حسب اختالف العصور، كما قال المولىمحمد تقي المجلسي - قدس سره -: والظاهر من الفقيه في عرف القدماء: " المحدث

العالم " وهو قريب من عرف المتأخرين وهو المجتهد... وقد يطلق الفقيه علىالعالم التارك الدنيا الراغب في اآلخرة أيضا كما يظهر من الخبر. ومن بديع ما

--------------------(١) تذكرة الفقهاء: ١ / ٢.

(٢) سورة فاطر: ١٠.(٣) أمالي الشيخ المفيد، المجلس الثالث والعشرون ص ١٨٤.

(مقدمة المؤلف ١١)

Page 13: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أفاده - رحمه الله - هو أنه يجب على الفقيه اظهار كونه فقيها ليتبعه الناس (١)أقول: وقد تقدم أن المهم هو اتباع األمة اإلسالمية وتوليهم للفقيه الجامع

لشرائط االفتاء والهداية والتدبير واإلدارة وما إلى ذلك من الخصائص النفسيةالنفيسة، ال مجرد أخذ الفتوى وتحصيل الوجود الكتبي واللفظي والذهني لألحكام

بل لتحقيق وجودها العيني في الجوامع البشرية بجهد جهيد لتصير كلمة اللههي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.

قال شيخ مشايخنا العظام في " كشف الغطاء ": وإذا لم يحضر اإلمام بأن كانغائبا أو كان حاضرا ولم يتمكن من استيذانه وجب على المجتهدين القيام بهذا

األمر (الدفاع عن بيضة اإلسالم...) ويجب تقديم األفضل أو مأذونه في هذا المقاموال يجوز التعرض في ذلك لغيرهم، ويجب طاعة الناس لهم ومن خالفهم فقد

خالف إمامه... (٢).- ١٠ -

إن التكامل الحقيقي للفقه رهين التطور الحقيقي ألصول الفقه كما أنتوقفه وركوده وليد توقف أصول الفقه وركودها: وحيث إن لله على الناس

حجتين: العقل والوحي، فكلما أدي حق هاتين الحجتين بأن حكم بحجية العقلالمصون عن زيغ القياس الطاهر عن رين االستحسان القائم على ركن وثيق من

االجتهاد والتدبر واالستنباط، وكذا حكم بحجية الخبر - المروي عن المعصومعليه السالم - السالم عن وهن المتن وضعف السند الواجد لشرائط االعتبار الراجع

بعضهاإلى أصل الصدور وبعضها إلى جهة الصدور وبعضها اآلخر إلى الداللة، يتطور الفقه

--------------------(١) روضة المتقين ١ / ١٠.

(٢) كشف الغطاء: ٣٩٤.

(مقدمة المؤلف ١٢)

Page 14: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ويتكامل دائما ال وقوف له وال ركود، بل يجري مجرى الشمس والقمر إلى أنيرث الله األرض ومن عليها.

والسر في ذلك: هو أن العقل الحر الذي لم يستعبده التقليد الحاكم علىغير واحد ممن ينتمي إلى العلم سراج منير، والخبر المعتبر المأثور عن المعصوم

عليه السالم وحي ممثل ظاهره أنيق وباطنه عميق ال نفاد لمعارفه وال حد لمطالعهالرتباطه

إلى الله سبحانه، الذي ال يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات وال في األرض.فكما يقال لقارئ القرآن: " إقرأ وارق " (١) كذلك يقال للمجتهد الذي

لم يأسر هواه عقله ولم يستعبد التقليد تحقيقه ولم يحكم مجرد شهرة أمر علىاجتهاده وال صرف شيوع حكم على استنباطه: إقرأ الخبر المأثور عن أهل بيت الوحي

والعصمة وارق إلى معنى أدق مما فهمه القوم، إذ كم ترك األول لآلخر! ومثلهذا المجتهد قد يستنبط ما لم يعهد مثله مع التحفظ على األصول الجامعة لالجتهاد

والسر في ذلك - كما أشير إليه - هو أن قول المعصوم صلى الله عليه وسلم حبل وثيقأحد

طرفيه بيد الناس والطرف اآلخر بيد الله سبحانه وتعالى، يعني أنه ال انقطاعللمعارف المستفادة منه. ولنأت بشاهد قوام بالقسط وهو ما رواه المفيد - قدس سره

-في أماليه... عن سالم بن أبي حفصة قال: لما هلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر

عليهما السالم قلت ألصحابي: انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما السالم

فأعزيه، فدخلت عليه فعزيته ثم قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب واللهمن كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فال يسأل عمن بينه وبين رسول الله

صلى الله عليه وآله ال واللهال يرى مثله أبدا، قال: فسكت أبو عبد الله عليه السالم ساعة ثم قال: قال الله عز وجل

إن من عبادي من يتصدق بشق تمرة فأربيها له فيها كما يربي أحدكم فلوهحتى أجعلها له مثل أحد، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب من هذا

كنا نستعظم قول أبي جعفر عليه السالم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالواسطة، فقال لي

--------------------(١) سفينة البحار ٢ / ٤١٣.

(مقدمة المؤلف ١٣)

Page 15: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أبو عبد الله عليه السالم: قال الله عز وجل بال واسطة (١).وال ينال ما عند الله إال بطي الدرجات الرفيعة التي هي الصحف المكرمة

بأيدي سفرة، كرام بررة، وحيث إن ذلك كله من القرآن ومعارفه القيمة (ال أنهوحي تشريعي جديد) فله ما للقرآن من المآثر واآلثار التي منها ما أشير إليه من أنأحد طرفيه بيد العباد والطرف اآلخر بيد الله سبحانه، فللمجتهد أن يتدبر ويترقى

إلى حيث تحتاج إليه المجتمعات البشرية في المسائل المستحدثة.- ١١ -

كل ما يتطور بالتكامل فهو مادي ذاتا أو فعال كالصورة التي في المادة والعرضالذي على الموضوع وكالنفس التي مع البدن، وكل ما المساس له بالمادة أصال

ال في أصل الذات وال في مقام الفعل فال مجال لتطوره التكاملي، بل هو ثابت بحاله،ال أنه ساكن كما أنه ليس بمتحرك ألن السكون المقابل للحركة وصف سلبي

للموجود المادي بخالف الثبات ألنه وصف وجودي للموجود المجرد.وحيث إن العلم بما هو علم أمر مجرد عن التعلق بالمادة بأي نحو من التعلق

فال مجال لتطوره وتكامله بل المتطور المتكامل إنما هو النفس العالمة التي ينكشفلها شئ بعد شئ، ال أن العلم تطور وتكامل، إذ هو أمر حقيقي ثابت بحياله ولهدرجات بعضها فوق بعض، بل العالم هو الذي ينال درجاته تدريجا ويطلع عليها

حينا بعد حين، وهذا األمر مبني على تجرد العلم وثباته على ما هو عليه، كماقرر في موطنه. ويؤيده ما نجده من ثبات علومنا مدى الدهر.

بيانه: إن خاصة التطور هي أن الموجود المتطور وإن كان منحفظا فيجميع أدوار تكامله بما هو الجامع لمراتبه، ولكن ال يبقى شئ من درجاته الخاصة

--------------------(١) أمالي المفيد: ٣٥٤.

(مقدمة المؤلف ١٤)

Page 16: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بخصوصيتها، سواء في ذلك الجوهر المادي المتحرك والعرض المادي المتحول،مثال إذا صار التراب شجرا بالتطور الجوهري ال يكون شئ من حدود مسافاته

الجوهرية باقيا بحاله وإن كان أصل الوجود المنحفظ بحياله باقيا وكذا إذا صارالماء البارد حارا بالتحرك الكيفي ال يكون شئ من أجزاء مسافاته العرضية باقيا

بحاله وإن كان السنخ الجامع الخارجي باقيا. وأما العلم فهو مع أي حد كان فهومنحفظ بحياله بال تحول فيه أصال، مثال إذا تعلم إنسان في مطاوي عمره علوما

كثيرة مختلفة في درجات الكمال يكون جميع حدود علومه المتفاوتة في السهولةوالصعوبة وفي السذاجة والعمق وفي الظهور والبطون و... محفوظة بحيالها إذ لم

يتبدل شئ منها بآخر، بل النفس إنما تبدلت وتطورت من حد منه إلى حدآخر منه، إذ التعلم إنما هو بأن يتحرك العالم نحو العلم، ال أن العلم ينتقل إلى

العالم وال بأن ينتزع العالم الثابت بحاله شيئا من العلوم ويجرده أو يعممه أو غير ذلكمما

يوهم تحول العلم وأنه يتحرك من المحسوس إلى المتخيل ثم منه إلى المعقولبل النفس إنما هي تنتقل من مرتبة الحس إلى مرتبة المثال والخيال، ثم منها

إلى مرتبة العقل، وفي كل مرتبة تدرك ما يحاذيها من المعلومات.وال ميز في ذلك كله بين شخص واحد في أدواره العلمية وبين المجتمع في

تطوراته الفكرية، ألن المتطور في جميع ذلك إنما هي النفس العالمة ال العلم بماهو علم، فتوصيف العلم بالتكامل من باب توصيف الشئ بوصف متعلقه ال بوصف

نفسه، فاالسناد مجازي.نعم إذا صار العلم وصف النفس واتحد بها كما اتحدت به انسحب حكم

أحد المتحدين إلى اآلخر وهذا االنسحاب هو المصحح السناد التطور إلى العلم.ثم إن كل أمر أبدعه الفكر البشري فهو ال يخلو عن شوب نقص وقصور في

بادئ أمره، ثم يتطور بالتكامل الموجب لخلوصه عن شائبة النقص إلى أن يصيركامال بحسبه في ختام أمره. وأما كل أمر أبدعه الوحي اإللهي فهو خالص عن أي

(مقدمة المؤلف ١٥)

Page 17: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

شوب، وإنما التطور التكاملي لألفراد والمجتمعات عصرا بعد عصر حتى يدركوهكما هو حقه ويصلوا إلى كنه مراده.

فمن كان قريبا من مبدء الوحي ولم يكن بينه وبين من أتى به حجابولم يكن في أذنه وقر ولم يكن قلبه في أكنة فهو يدرك المقصود ويعترف به

ويعمل بمقتضاه، سواء قرب عهده الزماني بمبدء الوحي أو بعد عنه إذا المدار هوالتقرب المعنوي ال القرب الزماني المادي، ومن لم يكن كذلك فهو محروم عن

إدراكه كذلك، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن إمكان إدراك معارفالوحي لمن كان قريب العهد منه أوفر لقلة الوسائط أو فقده، ولسهولة سؤال أهل

الذكر الحقيقي عن المراد، بخالف من كان بعيد العهد منه لتخلل الوسائط.ومن ناحية ثالثة يعكس األمر وهو أن كل من تأخر عهده عن طلوع أية

صناعة علمية فهو في فسحة من التحقيق، النتفاعه بتجارب من تقدمه من المحققينواستفادته من النتائج المترتبة على مبانيهم وأصولهم المستنبطة. وإلى ذلك أشار

شيخ مشايخنا اإلمامية في العلوم العقلية في إلهيات الشفا حيث قال - رحمه الله -:" إن كل صناعة فإن لها ابتداء نشأة تكون فيها نية فجة غير أنها تنضح

بعد حين، ثم إنها تزداد وتكمل بعد حين آخر ولذلك كانت الفلسفة في القديمما اشتمل به اليونانية خطبية ثم خالطها غلط وجدل وكان السابق إلى الجمهور

من أقسامها هو القسم الطبيعي ثم أخذوا يتنبهون للتعليمي ثم لاللهي وكانت لهمانتقاالت من بعضها إلى بعض غير سديدة " (١) فكم فرق بين الفلسفة السابقة على

عصرهوبين الفلسفة المتجلية في عصره الذي كان هو المفكر لها ببركة اإلسالم.

وهذا التطور التكاملي إنما هو بلحاظ أصل الصناعة وال ينافي ذلك أن يوجدفي القدامى أو حدي من أهل الحدس والتحقيق قلما يوجد مثله في األعصار القادمة

إذا الكالم إنما هو في التطور العلمي مع قطع النظر عن النوابغ الذين يعدون--------------------

(١) الفصل الثاني من المقالة السابعة.

(مقدمة المؤلف ١٦)

Page 18: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من نوادر الدهر.وإلى هذا التطور التكاملي في صناعة الفقه أشار شيخ مشايخنا اإلمامية

في العلوم النقلية في المبسوط حيث قال - رحمه الله -:" وكنت على قديم الوقت وحديثه متشوق النفس إلى عمل كتاب يشتمل

على ذلك تتوق نفسي إليه فيقطعني عن ذلك القواطع وتشغلني الشواغل وتضعفنيتي أيضا فيه قلة رغبة هذه الطائفة فيه وترك عنايتهم به ألنهم ألقوا األخبار

وما رووه من صريح األلفاظ حتى أن مسألة لو غير لفظها وعبر عن معناها بغيراللفظ المعتاد لهم تعجبوا منها وقصر فهمهم عنها... " (١).

فكم فرق بين الفقه السابق على عصر محمد بن الحسن الطوسي وبين الفقهالمتبلور في عصره الذي كان له في تأسيسه وتنويره وتكثير فروعه وأطروحة استنباطه

وما إلى ذلك من المآثر الفقهية سهم وافر، ألنه ورث أمورا هامة من قواعدالفقه وفروعه ما لم يرثه ممن تقدمه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وهو - رحمه الله - مع كونه في عصر الفقاهة: عصر المشايخ العظام كالشيخالمفيد - رحمه الله - والسيد المرتضى - رحمه الله - و... وقد أدركهم، فقد بلغ

حداالبتكار واالبداع فوق ما ناله مشايخه. بحيث لم يسبقه األولون ولم يدركهاآلخرون إلى أمد بعيد، وإن كان الكل قد بذلوا جهودهم في صيانة ما ورثوه

واستنباط ما أورثوه، فلله تعالى درهم وعليهم رضوانه.- ١٢ -

إن للتطور العلمي عوامل خارجية وداخلية بعضها أهم من بعض،وال ريب في تأثير الحوزات العلمية التي تتشكل من جهابذة العلم وأساتذة الفن

--------------------(١) مقدمة المبسوط: ٢.

(مقدمة المؤلف ١٧)

Page 19: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والتالميذ األذكياء المجدين والمكتبات الجمة التي فيها كتب قيمة وما إلى ذلك منعناصر الرقي والتكامل في تطور العلم وترقيه، إال أن ذلك كله عوامل خارجيةال بد من فرضها منحفظة بحالها ثم يبحث عما هو العامل الهام في التطور مع

انحفاظ تلك العوامل ونحوها بحالها.والذي ينبغي أن يقال: هو أن العلم إذا كان مبنيا علي صرح ممرد من

المباني الراقية والبراهين الساطعة يرى ما ال يراه غيره وينال ما ال تصل إليه أيديغيره مما ليس له مبنى متين وال برهان رصين، إذا العلم إنما يغتذي بالمبنى وينمو

بالبرهان فيدور مدارهما حيث دارا.ومن المعلوم: أن الفقه حكمة عملية تعتمد على النقل، وإن كان للعقل فيه

سهم وافر أيضا إال أن تأثيره إنما هو في حوزة النقل فقط، وأما العقل الصراحالقائم بنفسه بحيث ال تستند إلى مقدمة نقلية أصال فإنما هو في العلوم العقلية

كالفلسفة اإللهية والعلم الرياضي... فأساس الفقه هو النقل واالعتماد عليه واالستنادإليه واالستنباط منه والثقة به والدور معه والخوض فيه والسعي له وإن كان

ذلك كله بالعقل، ولكن بحيث ليس له إال االدراك، وأما المواد المدركة فكلهاأو جلها منقولة من الشرع األنور.

فكل عصر قوي أساس النقل واستحكم بنيانه المرصوص رصن فيه االستنباطواشتد االجتهاد وكثرت الفروع وأينعت ثمار الحوزات وما إلى ذلك من البركات

كعصر الشيخ الطوسي - قدس سره - من القدماء، والعالمة الحلي - رحمة الله عليه -من المتأخرين، وكل عصر ضعف أساس النقل واستوهن بنيانه صعب االستنباطوركد االجتهاد كعصر السيد المرتضى - قدس سره - مع كونه قريبا من عصر

الشيخ - رحمه الله - ومتقدما عليه بيسير، وهكذا عصر ابن زهرة وابن إدريس -رحمهما الله -

مع كونه بعد عصر الشيخ - رحمه الله - والمتوقع أن يكون االستنباط فيه أسهلواالجتهاد أكمل من العصر المتقدم.

(مقدمة المؤلف ١٨)

Page 20: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والسر في ذلك: هو ما أشير إليه آنفا من أن الفقه علم مبني على براهينجلها نقلية من الكتاب والسنة، والكتاب وإن كان قطعي الصدور إال أن ما يرجع

منه إلى المسائل الفقهية قليل جدا كما أن نطاق هذا المقدار القليل ليس ناصابل أقصاه الظهور المحتمل للخالف، والمستفاد منه غالبا هو التشريع ال التبيين،وعلى فرض التبيين ليس غالبا إال العموم أو االطالق إن لم يكن مجمال أو مهمال

ومن المعلوم: تخصيص غير واحد من عموماته وكذا تقييد كثير من مطلقاته، كماأن من الواضح عدم جواز التمسك بشئ من ذلك قبل الفحص عن المخصصأو المقيد وما إلى ذلك من القرائن الدالة على إرادة خالف الظاهر، فال يستفاد

من القرآن الكريم إال فروع قالئل.وأما السنة: فالخبر المتواتر أو الواحد المحفوف بالقرينة القطعية منها

وإن كان مفيدا للقطع إن كان من حيث الداللة نصا أو مفيدا للظن المعتبر عندالكل إن لم يكن كذلك بل كان ظاهرا، إال أنه قليل جدا أيضا بحيث يمكن

دعوى خلو أكثر الفروع الفقهية عن ذلك.فلم يبق من السنة إال الخبر الواحد الظني الواجد لشرائط الحجية مما

يرجع إلى السند أو المتن. وهذا الدليل هو األساس واألصل للفقه اإلسالميبحيث يدور معه حيثما دار، وال يمكن االستغناء عن الخبر الواحد بسائر األدلة

كالعقل أو االجماع أو الشهرة أو السيرة أو نحوها من الظنون الخاصة، ألن منهاما يتوقف اعتباره على حجية الخبر الواحد كاالجماع المنقول به، فال مجال لالعتماد

عليه مع فرض عدم حجية خبر الواحد. ومنها ما ال يتوقف اعتباره عليها، فيمكناالستناد إليه مع كونه مفيدا للقطع أو الوثوق، لكنه أيضا قليل جدا ال يغني الفقيهعن الخبر الواحد. وأما إذا لم يكن مفيدا للقطع والوثوق فهو على فرض اعتباره

دليل لبي يؤخذ بالمتيقن منه وال ظهور لفظي له حتى يصلح الستنباط المسائل الكثيرةمنه فال يغني عن الخبر الواحد أيضا، كما ال يخفى.

(مقدمة المؤلف ١٩)

Page 21: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

- ١٣ -إن الذي تقدم ترصيصه: من أن الحجر األساسي لتطور الفقه وتكامله إنما

هو اعتبار الخبر الواحد، فالمراد منه هو االعتقاد بحجيته على صراط األصوليين،ال على سبيل األخباريين، ألن الخبر الواحد وإن كان صراطا يهدي سالكه إلى

أكثر األحكام والفروع إال أن طي ذلك الصراط واالنتفاع به ال يتيسر إال بمصباحالعقل، حيث إن العقل وإن لم يكن كافيا للهداية إلى الفروع التعبدية ولكنه

الزم الدراك ما تعبد به الشرع، إذ هو متوقف على معرفة المحكم والمتشابهوإرجاعه إلى المحكم، ومعرفة الناسخ والمنسوخ وتقديم الناسخ عليه، ومعرفة

المطلق والمقيد وتقييد المطلق به، وهكذا األمر فيما يرجع إلى السند، للزوممعرفة الصحيح والضعيف، والمروي والمجعول والمنقول والموضوع وهكذا.

ومن هنا يتضح أن القول باعتبار الخبر الواحد كما أنه موجب لتطورالفقه كذلك موجب لتكامل أصول الفقه، ألن غير واحد من المباحث الدقيقة

األصولية متوقف عليه.فإذا تبين تأثير القول بحجية الخبر الواحد في تطور الفقه وتكامله، يتضح

سر تكامل الفقه في مدرسة الشيخ الطوسي - رحمه الله - وعدم تكامله في مدرسةأستاذه السيد المرتضى - رحمه الله - وكذلك عدم تحوله في مدارس السيد

ابن زهرة وابن إدريس وغيرهم من منكري حجية الخبر الواحد ممن تقدمعلى الشيخ - رحمه الله - أو تأخر عنه.

فليس سر ذلك التحول والتكامل نبوغ الشيخ - رحمه الله - فقط وإن كانله سهم وافر، إذ لو فرض اعتقاد الشيخ بما ذهب إليه أستاذه من عدم حجية الخبر

الواحد لما أتيحت له فرصة البسط واالستنباط والتخريج، إذ ليس في وسع سائر

(مقدمة المؤلف ٢٠)

Page 22: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األدلة كاالجماع والعقل أن يتكفل ما يتصداه الخبر الواحد، كما تقدم توضيحه.- ١٤ -

ليس إنكار ابن إدريس - رحمه الله - لحجية الخبر الواحد راجعا إلى خصوصالخبر الضعيف ونحوه مما هو فاقد لشرائط االعتبار، ألنه غير معتبر عند القائلبحجية الخبر الواحد أيضا، بل إنكاره إنما هو ألصل اعتباره، والشاهد لذلكهو استدالله بما استدل به السيد المرتضى - قدس سره - في بعض رسائله:

منها: ما في أجوبة المسائل الموصليات الثالثة (١) ومنها: ما في أجوبة المسائلالتبانيات (٢) من أن الخبر الواحد ال يوجب علما وال عمال ألن الخبر الواحد

إذا كان عدال فغاية ما يقتضيه خبره هو الظن بصدقه ومن ظننت صدقه يجوز أنيكون كاذبا فإن الظن ال يمنع من التجويز، فعاد األمر في العمل بأخبار اآلحاد

إلى أنه إقدام على ما ال نأمن من كونه فسادا أو غير صالح.والمتتبع إذا طابق ما في مقدمة " السرائر " مع ما في رسائل السيد المرتضى

- قدس سره - يذعن بتطابق رأيهما، ومن المعلوم: أن السيد - قدس سره -قائل بعدم اعتبار خبر العدل الواحد في األحكام ولم يخص ذلك بالخبر الضعيف

فكذا ابن إدريس - رحمه الله -.نعم: قال السيد - رحمه الله - بعدم امتناع تعبد الشرع بالقياس وبالخبر

الواحد خالفا لمن قال: باستحالته، حيث قال في الموصليات الثالثة:"... وقد تجاوز قوم من شيوخنا - رحمهم الله - في إبطال القياس في الشريعةوالعمل بأخبار اآلحاد أن قالوا: إنه مستحيل من طريق العقول العبادة بالقياس في

--------------------(١) رسائل السيد، المجموعة األولى: ٢٠٢.

(٢) رسائل السيد، المجموعة األولى: ٧٤ - ٢١.

(مقدمة المؤلف ٢١)

Page 23: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األحكام وأحالوا أيضا من طريق العقول العمل بأخبار اآلحاد وعولوا على أنالعمل يجب أن يكون تابعا للعلم وإذا كان غير متيقن في القياس وأخبار اآلحاد

لم نجد العبادة بها. والمذهب الصحيح هو غير هذا، ألن العقل ال يمنع من العبادةبالقياس والعمل بخبر الواحد، ولو تعبد الله تعالى بذلك لساغ ولدخل في باب

الصحة - إلى أن قال - وإنما منعنا من العمل بالقياس في الشريعة وأخبار اآلحادمع تجويز العبادة بهما من طريق العقول ألن الله تعالى ما تعبد وال نصب دليال عليهما،

فمن هذا الوجه أطرحنا العمل بهما ونفينا كونهما طريقين إلى التحريم والتحليل ".واألمر الالئح من كتب السيد ورسائله هو جعل الخبر الواحد كالقياس

ممنوع االستناد إليه جدا، ووافقه ابن إدريس بال اختصاص للمنع بالخبر الضعيف.- ١٥

إن القائل بعدم حجية الخبر الواحد قد يعتمد على االجماع ويستند إليهمع أن االجماع نفسه كثيرا ما مستند إلى الخبر الواحد الموجود في المسألة أو

يحتمل قويا استناد المجمعين إليه، وكذا قد يعتمد على السيرة الدارجة بين المتشرعةأو الشهرة القائمة بين األصحاب مع استناد تلك السيرة أو هذه الشهرة إلى خبر

العدل الواحد.فكم فرق! بين االعتماد على الخبر الواحد الواجد لشرائط الحجية وجعل

االجماع مستندا إليه ومؤيدا له - كما هو دأب المحققين من المتأخرين الناهجينعلى صراط األصوليين - وبين االتكال على االجماع أو الشهرة أو السيرة أو العقل

- إن أمكن - مع االعراض عن خبر العدل الواحد، إذ القول األول مبني علىأساس الحجة وبنيان االعتبار، والقول الثاني مبني على االعراض عن األساس

ومبتن على االعتماد على الفرع.

(مقدمة المؤلف ٢٢)

Page 24: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وحيث إن االجماع ونحوه على فرض اعتباره دليل لبي ال نطاق له، ال يمكنتوسيع محتواه وتكثير نتاجه، ولهذا - ولغيره - ال مجال لتطور الفقه وتكامله

على مبني عدم اعتبار الخبر الواحد.- ١٦ -

إذا تبين اتحاد مقالتي السيد المرتضى المتقدم على الشيخ الطوسيوابن إدريس المتأخر عنه يتضح النبوغ العلمي الذي ناله الشيخ - رحمه الله - أوال،

وكذا سر تكامل الفقه في مدرسته دون مدرستهما ثانيا.وأيضا لما تبين أن من أهم عوامل تطور الفقه هو القول بحجية الخبر

الواحد على طريق األصوليين ال على سبيل األخباريين يظهر سر تكامل الفقه فيمدرسة العالمة الحلي والشهيدين واألستاذ األكبر وصاحب الجواهر والشيخ األنصاري

من المتأخرين ومن اقتدى بهم ومشى مشيهم. دون مدرسة غيرهم ممن يمشيمشي األخباريين.

ولذا قال العالمة - قدس الله نفسه الزكية - في كتابه القيم: منتهى المطلبفي تحقيق المذهب: "... فشرعنا في عمل هذا الكتاب المحتوي على المسائل اللطيفة

والمباحث الدقيقة الشريفة وإن كان أصحابنا المتقدمون وعلماؤنا السابقون- رضوان الله عليهم - قد أوضحوا سبيل كل خير ونهجوا طريق كل فائدة خصوصا

شيخنا األقدم واإلمام األعظم المستوجب للكرامة والمستحق لمراتب اإلمامة:أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي - قدس سره - فإنه الواصل بنظره الثاقب إلى

أعظم المطالب، ولما انتقل إلى جوار الرحمن ونزل ساحة الرضوان درس هذا العلم،وبعده طمست معالمه وأمحت مراسمه ولم يتعلق المتأخرون بفوائد، ولم يغترفواإال من بحر فرائده، ولم يستضيئوا إال بأنواره، ولم يستخرجوا إال درر نثاره، إال

(مقدمة المؤلف ٢٣)

Page 25: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أن من أصحابه المتأخرين عنه قبل زماننا من استنبط بنظره ما لم يثبته في كتبه وإن كانيسيرا ال اعتداد به، فوضعنا هذا الكتاب الجامع لتلك الفوائد الحاوي لتلك الفرائد.هذا مع أن كتابنا هذا ال يخلو عن مطالب دقيقة ومباحث عميقة لم يوجد في شئمن صحف األولين ولم يسطر في دفاتر األقدمين مما استنبطناه من فكرنا ونظرنا،

ومن الله تعالى نستمد المعونة والتوفيق وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه، عليه توكلتوإليه أنيب " (١).

ولو لم يسد الطريق الذي سلكه الشيخ - رحمه الله - ولم يمنع عن العملبالخبر الواحد ولم يسو بينه وبين القياس كما ذهب إليه ابن إدريس - رحمه الله -وموافقوه ممن تأخر عن الشيخ - رحمه الله - وفاقا لمن تقدمه كالسيد المرتضى

- رحمه الله - ألسرع تطور الفقه ولتكامل قبل المحقق الحلي والعالمة الحلي، إذالفقهاء الذين نشأوا بعد الشيخ وقبل الفاضلين كانوا من جهابذة العلم وأساطينه

كابن إدريس الذي قد أوتي من الفقاهة والشجاعة العلمية والقيام تجاه فتاوى سائرالفقهاء ما لم يؤت إال األوحدي منهم.

قال في " السرائر " فعلى األدلة المتقدمة أعمل، وبها آخذ وأفتى وأدينالله تعالى، وال ألتفت إلى سواد مسطور وقول بعيد عن الحق مهجور، وال أقلد

إال الدليل الواضح والبرهان الالئح وال أعرج على أخبار اآلحاد، فهل هدم اإلسالمإال هي... (٢)

فالمانع الهام من تطور الفقه في عصر ابن إدريس - رحمه الله - هو تركرأس المال للتكامل وهو الخبر الواحد الواجد لشرائط الحجية، وكذلك التطورفي زمن العالمة من بركات األخذ بالخبر الواحد، وإن كان للجهات الخارجية

المقتضية للتطور والتكامل في عصره أيضا سهم، ومن أقواها نبوغه العلمي وذكاؤه--------------------

(١) المنتهى ص ٣.(٢) مقدمة السرائر ص ٥.

(مقدمة المؤلف ٢٤)

Page 26: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الفقهي ولذا بلغ في صغره ما لم يبلغ غيره في كبره، وفي شبابه ما لم يبلغه غيره فيكهولته، وفي كهولته ما لم يبلغ غيره في شيخوخته، حيث كان عمره - قدس سره -حين تصنيف كتابه المعروف بالمنتهى اثنين وثالثين سنة. قال في المقدمة التاسعة من

مقدمات كتاب منتهى المطلب:" لما رأينا أن الغالب على الناس في هذا الزمان الجهل وطاعة الشهوة والغضب

والرفض الدراك المعاني القدسية وترك الوصول إلى أنفس المعارج العلوية...حتى أتى في مدة عمرنا هذا وهو اثنان وثالثون سنة لم يشاهد من طالب الحق

إال من قل، ومن القاصدين للصواب إال من جل أحببنا اظهار شئ من فوائدهذا العلم... (١).

أقول: هذا يشبه قول شيخ االشراق الذي تقدمه حيث قال: في خاتمةالمطارحات بعنوان الوصية ما هذا لفظه:

ولوال انقطاع السير إلى الله في هذا الزمان ما كنا نغتم ونتأسف هذا التأسفوهو ذا قد بلغ سني إلى قرب من ثالثين سنة وأكثر عمري في األسفار واالستخبار

والتفحص عن مشارك مطلع ولم أجد من عنده خبر عن العلوم الشريفة وال منيؤمن بها... (٢)

فتحصل أن تطور أصول الفقه وتكامله في القول بحجية الخبر الواحد قدأثر أثرا بالغا في تحول الفقه وتكثير فروعه، كما أن له أيضا تأثيرا تاما في حلالمسائل المستحدثة بارجاعها إلى القواعد الفقهية أو العمومات أو االطالقات

المستفادة من ألفاظ األخبار بالوضع أو بمقدمات الحكمة.وليس في وسع االتكال على االجماع أو السيرة أو الشهرة أو ما إلى ذلك

مما كان السيد - قدس سره - وموافقوه يميلون إليه ويعتمدون عليه أن يتكفل--------------------

(١) منتهى المطلب ١ / ٣.(٢) المطارحات:

(مقدمة المؤلف ٢٥)

Page 27: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بيان أحكام الفروع المستحدثة التي لم يعهد مثلها في األعصار الغابرة واألمصارالخربة التي باد أهلها، كما أن العقل بما هو عقل ليس قادرا على إدراك الفروع

التي لم يعنون مثلها في الكتب من األحكام.- ١٧ -

قد تبين أن مدار الفقاهة هو الدراية التامة في فحاوي الروايات المعتبرة،إذ الفقه ليس علما معتمدا على العقل البحت كالفلسفة اإللهية وال معتمدا علىعلى النقل فقط كما يقوله األخباريون، بل هو علم معتمد على تعقل المنقول

عن أهل بيت طهرهم الله تطهيرا. والفقهاء - رحمهم الله - وإن كانوا قاصدين إلىالجمع بين الدراية الكاملة في محور الروايات المعتبرة، ولكن منهم من لم يوفقله بل مال إلى جانب الدراية والعقل وانحرف عن سمت الرواية والنقل، أو مال

إلى سمتها وانحرف عن الدراية والعقل ولم يجمع بينهما إال جمعا مكسرا. ومنهم- وهم الورثة لألنبياء - من وفق له وجمع بينهما جمعا سالما بال ميل إلى جانب

الدراية وال زيغ عن جانب الرواية.ومن هؤالء سيدنا األستاذ األوحدي المتضلع في الفقاهة (الذي كان عمدة

ما تلقينا من الفقه هو ما أفاده) آية الله العظمى الحاج السيد محمد المحقق اليزديالشهير ب " الداماد "، وحيث إنه - قدس سره - قد جمع بين الدراية والروايةجمعا سالما فقد بلغ حدا قلما يدركه بعد الهمم المتعارفة أو يناله غوص الفطن

المعهودة.وكان رحمه الله لم يأل جهدا في التعليم فلذا كان يدرس في أيام التحصيل

بعض كتب الفقه، كالزكاة والخمس والصوم والحج و... وفي أيام التعطيل بعضهااآلخر، كالصالة. فلما فرغ من تدريس كتاب الحج شرع في إتمام مباحث الصالة

(مقدمة المؤلف ٢٦)

Page 28: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

التي قد أخذ فيها في أيام التعطيل (فلذا فاتني الحضور من أول كتاب الصالةإلى مبحث الساتر) وكان الشروع في هذا المبحث يوم ٢٢ ج ٢ سنة ١٣٨٥ من

الهجرة النبوية - على هاجرها آالف الثناء والتحية - وكان آخر درس أفاده - رحمهالله -

هو بحث مناط الجهر واالخفات في قراءة الصالة.وقد ارتحل في اليوم الثاني من ذي حجة الحرام عام ١٣٨٨ في بلدة قم المحمية

والسالم عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا.وكنت أكتب كل ما كان يلقيه في محاضراته بعد أن كان جلها مسبوقا

بالمطالعة والفحص والنقد. ثم لتصحيح إسناد الكل إليه - رحمة الله عليه - سألتهأن يطالع كل ما كتبته ويشرف على كل ما ضبطته، فأجاب - قدس سره - مأمولي

فطاع جميع ما كتبته وتدبر في ذلك كله سطرا بعد سطر، فإن رأى فيه تفاوتا فيالمبنى أو اختالفا في البناء صححه، وإن رأى وهنا في الدليل العقلي أو ضعفا في

الدليل النقلي شيده وقواه، وإن رأى نقصا أو زيادة عدله وسواه، وإن شاهدصدقا وعدال أيده وأبقاه، كما هو سيرته ودأبه. فلله تعالى دره وعليه جزاؤه.

فالمرجو من الله تعالى أن يحشره مع سميه محمد المصطفى وأهل بيته الطاهرينالذين هم أولو النهى والحجى، كما نرجوه أن يمن على من في مشارق األرض

ومغاربها من أهل الوالء، وأن ينصر الغزاة والمجاهدين في سبيل الله لتكون كلمة اللههي العليا، وأن ينصر الثورة اإلسالمية ب " إيران " بقيادة زعيمها المؤسس لنظام

الجمهورية اإلسالمية اإلمام الخميني (دام ظله) وأن يحفظ الحوزات العلميةسيما الحوزة المقدسة في قم حرم أهل البيت الذين بيمينهم رزق الورى حتى

يرث الله األرض ومن عليها.حرره بيمناه الداثرة عبد الله الجوادي الطبري اآلملي في ليلة الجمعة

٢٥ ج ٢ عام ١٤٠٦ المطابق ١٥ / ١٢ / ١٣٦٤ ه ش.

(مقدمة المؤلف ٢٧)

Page 29: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بسم الله الرحمن الرحيماللهم فقهنا في الدين

فصلفي الستر والساتر

قال السيد العالمة الطباطبائي اليزدي (قدس سره) في العروة الوثقى:اعلم أن الستر قسمان: ستر يلزم في نفسه وستر مخصوص

بحالة الصالة.فاألول: يجب ستر العورتين القبل والدبر على كل مكلف

من الرجل والمرأة عن كل أحد من ذكر أو أنثى ولو كان مماثالمحرما أو غير محرم ويحرم على كل منهما أيضا النظر إلى عورة

اآلخر، وال يستثني من الحكمين إال الزوج والزوجة والسيد واألمةإذا لم تكن مزوجة وال محللة، بل يجب الستر عن الطفل المميز

خصوصا المراهق، كما أنه يحرم النظر إلى عورة المراهق بلاألحوط ترك النظر إلى عورة المميز.

(٣)

Page 30: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إن تنقيح البحث عن أصل وجوب الستر في نفسه وحيثية حكمه في ذاتهوعن مقدار المستور: من أنه في الرجل كم هو؟ وفي المرأة كم ذا؟ وعن من

يجب االستتار؟ وعلى من يجب الستر؟ وهكذا عن حرمة النظر والناظر والمنظورإليه وعما يلحقه من األمور على ذمة جهات كافلة لها.

الجهة األولىفي وجوب الستر وحرمة النظر

أن المستفاد من المتن هو كون الستر بعنوانه واجبا في نفسه، ولكن الذييقوى في النظر هوان الواجب هو الصون عن أن ينظر إليه وعدم التمكين من نظر

الغير، سواء كان بالستر، أو االحتجاب خلف الجدار ونحوه، أو االنغمار في الدجىواالستتار في الظالم، أو البعد عن النظر بنحو ال يرى إال شبحا مثال، إلى غير ذلك

مما تتحقق به الصيانة عن النظر وعدم التمكين منه فال ميز لعنوان الستر عماذكر، ولعله المالئم ألدلة الباب كما يتضح.

والذي يمكن أن يستدل له غير واحد من النصوص المستفيضة الوارد بعضهامفسرا لما في كتاب الله عز وجل: من لزوم الغض ووجوب الحفظ - وال مجال

للنقاش في سند بعض منها بعد االعتضاد بالعمل والبلوغ حد االستفاضة واالشتمالعلى الصحيح ونحوه.

فمن تلك النصوص ما رواه عن حريز عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ال ينظرالرجل إلى عورة أخيه (١). وظاهرها حرمة النظر، وأما وجوب الحفظ وعدم

التمكين فأمر آخروما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث المناهي قال: إذا اغتسل أحدكم في

--------------------(١) الوسائل باب ١ من أبواب أحكام الخلوة ح ١.

(٤)

Page 31: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فضاء من األرض فليحاذر على عورته، وقال: ال يدخل أحدكم الحمام إال بمئزر،ونهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم، وقال: من تأمل عورة أخيه المسلم لعنه

سبعون ألف ملك، ونهى المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة، وقال: من نظر إلى عورةأخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا أدخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون

عن عورات الناس ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله إال أن يتوب (١).ألن ظاهر األمر بالمحاذرة واتخاذ المئزر عند إرادة الدخول في الحمام هو

وجوب الحفظ فيما يكون هناك مظنة النظر، ولوال في الذيل من تشديد األمروتأكيد مبغوضية النظر ألمكن ذهاب الوهم إلى كون النهي في قوله: نهى أن

ينظر الرجل... الخ تنزيهيا. فالمستفاد منها حرمة النظر ووجوب مالزمه، وهوالحفظ وعدم التمكين منه، ألن حرمته تستلزم وجوب الحفظ.

وما رواه عن الفقيه قال: سئل الصادق عليه السالم عن قول الله عز وجل - قلللمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم - فقال: كل ماكان في كتاب الله من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا إال في هذا الموضوع فإنه

للحفظ من أن ينظر إليه (٢).وظاهرها وجوب الحفظ وعدم التمكين بأي نحو كان من الستر وغيره.

وما رواه عن علي عليه السالم في قوله عز وجل: قل للمؤمنين... الخ معناه ال ينظرأحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنه من النظر إلى فرجه، ثم قال: قل

للمؤمنات.. الخ أي ممن يلحقهن النظر كما جاء في حفظ الفروج، فالنظر سببايقاع الفعل من الزنا وغيره (٣).

--------------------(١) الوسائل باب ١ من أبواب أحكام الخلوة ح ٢.(٢) الوسائل باب ١ من أبواب أحكام الخلوة ح ٣.(٣) الوسائل باب ١ من أبواب أحكام الخلوة ح ٥.

(٥)

Page 32: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والمستفاد منها كال الحكمين المتالزمين: من حرمة النظر ووجوب الحفظفعلى الغير أن يغض بصره لحرمة النظر عليه، وعلى الشخص نفسه أن يحفظفرجه لوجوب عدم التمكين عليه، وأما الذيل فلعله نكتة وحكمة للحكم من

دون علية له، إذ قد ينفك النظر عن االيقاع في الفعل كما في المتماثلين حيثال سببية للنظر إلى عورة الرجل للزنا وال لغيره إذا كان الناظر رجال مماثال له.ومن تلك النصوص ما رواه عن حنان بن سدير عن أبيه قال: دخلت أنا وأبي

وجدي وعمي حماما بالمدينة فإذا رجل في البيت المسلخ فقال لنا: من القوم؟إلى أن قال: ما يمنعكم من األزر؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عورة المؤمن

علىالمؤمن حرام، قال: فبعث أبي إلى عمي كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد

منا واحدا، ثم دخلنا فيها (إلى أن قال:) فسألنا عن الرجل فإذا هو علي بنالحسين عليه السالم (١).

وظاهرها لزوم الحفظ وعدم التمكين مالزما لحرمة النظر، ولما كانالنظر حراما حثهم وحرضهم على اإلزار قائال: ما يمنعكم من األزر.

وما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أبي جعفر عليه السالم: من كان يؤمنبالله واليوم

اآلخر فال يدخل الحمام إال بمئزر (٢).وما رواه عن أبي الحسن عليه السالم قال: ال تدخل الحمام إال بمئزر وغض بصرك،

(٣)فتدل على ذينك الحكمين المتالزمين: من لزوم الحفظ وحرمة النظر أو وجوب

الغض عن عورة الغير، حيث إنها المقطوع بها عند حذف المتعلق. إلى غير ذلك منالنصوص األخر البالغة حد االستفاضة، بحيث يشرف الفقيه على االطمئنان بصدورها

في الجملة وحجية نطاقها كذلك، فهي على اختالف ألسنتها دالة على ما أشير إليه--------------------

(١) الوسائل باب ٩ من أبواب آداب الحمام ح ٤.(٢) الوسائل باب ٩ من أبواب آداب الحمام ح ٥ و ٦.

(٣) الوسائل باب ٩ من أبواب آداب الحمام ح ٧.

(٦)

Page 33: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من وجوب الستر وحرمة النظر، وليس المراد من الستر هنا ما هو المغني بهفي الصالة - كما يأتي - إذ هناك يجب الستر فيها سواء كان هناك ناظر أم ال، وهذابخالف المقام، إذ ال وجوب فيما ال ناظر فيه، الختصاص الوجوب بما فيه مظنة النظر

وال اختصاص لحرمة النظر بما إذا كان لشهوة بل يحرم مطلقا الطالق األدلة.ثم إنه قد يتخيل التعارض بين ما دل على حرمة النظر وبين ما يأتي مما ظاهره

تفسير النبوي - الدال على تحريم العورة - بإذاعة سر المؤمن.وبيانه: بأن حرمة اإلذاعة لما كانت أجنبية عن النظر إلى عورة الغير يحكم

بأن المحرم إنما هو ذلك - كما فسر به الحديث - ال النظر، حيث إنه روى عنحذيفة بن منصور قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: شئ يقوله الناس عورة المؤمن

على المؤمن حرام، فقال: ليس حيث يذهبون إنما عنى عورة المؤمن أن يزلزلة أو يتكلم بشئ يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيره به يوما ما (١) ونحوها روايتا

عبد الله بن سنان وزيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السالم (٢).تقريب المعارضة: بأن ظاهرها نفي ما ذهب إليه ذهن السائل من حرمة

النظر، بل المحرم هو التعيير يوما بعد حفظ الزلة ونحوها.وفيه أوال: أن ظاهرها إنما هو نفي الحصر بإفادة معنى عام شامل للنظر

وغيره ال االختصاص بما عد النظر بنحو ال يندرج تحتها وال تشمله، وذلك لبيانبعض المصاديق المهمة عند الشرع المبذولة عند الناس، نحو ما فسر قوله تعالى:أوفوا بالعقود - بعهود الوالية، مع أنه ال ريب في بقاء اآلية على العموم وجواز

االستدالل بها للزوم العهود الدارجة بين الناس، فالمعنى: أن المحرم ليس هوخصوص ما يذهب إليه الناس من النظر إلى عورة المؤمن بل أعم منه ومما ذكر

في الرواية، مع أن علي بن الحسين عليه السالم تمسك بذلك لوجوب الستر.--------------------

(١) الوسائل باب ٨ من أبواب آداب الحمام ح ١.(٢) الوسائل باب ٨ من أبواب آداب الحمام ح ٢ و ٣.

(٧)

Page 34: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ثانيا: على التسليم يكون أقصى ما يستفاد منها هو عدم داللة النبويالمعروف على حرمة النظر وعدم إرادة هذا المعنى منه، وأما أنه يجوز النظر إلى

عورة الغير فال البتة.فحينئذ تبقى األدلة األخر عدا النبوي سالمة عن المعارضة ومصونة عن

النقاش، ولو كان هذا الحمل خالف الظاهر أيضا للزم ارتكابه جمعا بين النصوص.ومما يعارض ما مر ما رواه عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد، عن الصادق عليه

السالمفي وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السالم قال: إن الله كره ألمتي... دخول

الحمام إالبمئزر (١). وفيه أنه ال ظهور له في الكراهة االصطالحية أوال، وعلى التسليم

ال وجوب للمئزر بما هو، فيمكن الحمل على استحبابه، لكونه أوسع من ساترغيره ولربما انكشف لصغره بخالف المئزر التساعه، ولعله أيضا لرعاية ما في

الماء من السكان.وما رواه عن ابن أبي يعفور، عن الصادق عليه السالم إذ فيه: سئل الصادق عليه السالم

أيتجرد الرجل عند صب الماء... الخ قال: كان أبي بكره ذلك من كل أحد (٢).وفيه احتمال الحرمة من الكراهة أوال، مع ما في االستناد إلى أبيه عليه السالم مناحتمال التقية ثانيا، واعراض األصحاب عن ذلك الموجب لوهنه ثالثا، فالمعارض

قاصر، فما عن بعض المتأخرين من احتمال جواز النظر وعدم وجوب الحفظلوال مخالفة االجماع غير سديد.

--------------------(١) الوسائل باب ٩ من أبواب آداب الحمام ح ٨.(٢) الوسائل باب ٩ من أبواب آداب الحمام ح ٣.

(٨)

Page 35: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الجهة الثانيةفي المقدار الذي يجب ستره في المتماثلين

وحيث إنه يختلف باختالف من عليه الستر من الرجل والمرأة، فلنبحثعن حكم كل منهما على حدة، فتمام الكالم في طي أمرين:

األول: قد اشتهر بين األصحاب (ره) شهرة تامة تحديد المقدار الواجبستره على الرجل بالقبل والدبر فقط، وعن القاضي كونه من السرة إلى الركبة،

وعن أبي الصالح كونه من السرة إلى نصف الساق.ولما كانت ألسنة النصوص الكافلة ألصل الوجوب ناطقة بمقدار الواجب

حسبما يستظهر من العناوين المأخوذة فيها، فبالحري أن نستأنف النظر فيها،وهي على طائفتين:

إحديهما: ما وردت تفسر اآلية حفظ الفرج وغض البصر، وقد تقدمنقلها في الجهة األولى، وال ريب في عدم شمول الفرج ما زاد عن القبل والدبر

فضال عن السرة والركبة.واألخرى: ما أخذ فيها عنوان العورة، وهي كما في المجمع ونحوه معنى

السوأة، ويقال في وجه تسميتها بها أنه يسوء اإلنسان النظر إلى عورته ومنالمعلوم أن الذي يسوءه هو خصوص القبل والدبر، ونحوه ما في الكريمة النازلة

في قصة الهبوط.فهاتان الطائفتان ناطقتان بالمقدار الواجب ستره.

أضف إلى ذلك: تعاهد معنى العورة في خصوص ما ذكر وتبادره إلى الذهن عنداالطالق، ويشهد له ما مر من رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السالم قال:سألته عن عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ فقال: نعم، قلت: أعني سفليه... الخ (١).

--------------------(١) الوسائل باب ٨ من أبواب آداب الحمام ح ٢.

(٩)

Page 36: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فيستفاد من ذلك كون العورة بمعنى السفلين هو المرتكز في الذهن، ومصباالستشهاد بها هو هذه الفقرة منها، وإن كانت هذه الرواية مما تخيل معارضته

ألصل الوجوب. هذا كله حسب الدليل االجتهادي، الدل على مقالة األصحاب (ره).وعند انتهاء األمر إلى الشك يحكم بالبراءة عن وجوب األكثر واالكتفاء

بالمقطوع وهو األقل أعني خصوص القبل والدبر، فال اتجاه لمقالة غيرهم.ثم إنه قد يستدل لمقالة األصحاب (ره) بروايات غير خالية عن الضعف، وال

احتياج إليها بعد ما مر، كما أنه قد يستدل لمقالة غيرهم بما هو كذلك أيضا،فال بأس باإلشارة إلى ذلك وإلى العالج ورفع ما يتخيل من التعارض.

فمن الروايات المحددة بما هو المشهور: ما رواه عن أبي يحيى الواسطي عنبعض أصحابه عن أبي الحسن الماضي عليه السالم قال: العورة عورتان: القبل والدبر

والدبر مستور باألليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة (١).حيث إنها دالة على خروج ما ذكر عن حد العورة وعلى عدم وجوب ستره.

وقريبة منها مرسلة الكليني (٢) ومرسلة الصدوق (٣) قال: قال الصادق عليه السالم:الفخذ

ليس من العورة، ونحوها رواية الميثمي (٤).ومنها: ما رواه عن عبد الله المرافقي أنه دخل حماما بالمدينة فأخبره صاحب

الحمام أن أبا جعفر عليه السالم كان يدخله فيبدأ فيطلي عانته وما يليها ثم يلف إزارهعلى أطراف إحليله فأطلي سائر بدنه (٥). فيدل على عدم وجوب ستر ما زاد عن

أطراف اإلحليل قطعا، وأما وجوب جميع ما لفه من األطراف فال، نعم أصلالقبل مقطوع الحكم. وال اعتداد بالسند بعد عدم اتضاح صاحب الحمام أنه من هو؟

--------------------(١) الوسائل باب ٤ من أبواب آداب الحمام ح ٢.(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب آداب الحمام ح ٣.(٣) الوسائل باب ٤ من أبواب آداب الحمام ح ٤.(٤) الوسائل باب ٤ من أبواب آداب الحمام ح ١.(٥) الوسائل باب ٤ من أبواب آداب الحمام ح ٢.

(١٠)

Page 37: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وما رواه عن الصدوق قال: وكان الصادق عليه السالم يطلي في الحمام وإذا بلغموضع العورة قال للذي يطلي تنح ثم يطلي هو ذلك الموضع (١) فتدل على عدم

وجوب ستر ما زاد عن العورة، وإن كان االعتماد على مثل هذا لنقل غير خال عنالتأمل، ألن ستر ما زاد عنها إلى السرة وإلى الركبة وإن لم يكن واجبا إال

أنه ال ريب في رجحانه، فكيف تركه المعصوم عليه السالم؟ سيما بنحو االستمرار. إلىغير ذلك من النصوص البالغة حد االستفاضة، فيطمئن بصدور بعض منها، فمنه

يحكم بعدم وجوب ستر المقدار الزائد.وأما الروايات المعارضة لذلك فمنها: ما رواه عن بشير النبال في حديث أن

أبا جعفر عليه السالم دخل في الحمام فاتزر بإزار وغطى ركبتيه وسرته، ثم أمر صاحبالحمام فطلى ما كان خارجا من اإلزار، ثم قال: اخرج عني ثم طلى هو ما تحته

بيده ثم قال هكذا فافعل (٢).تقريب الداللة على وجوب ستر الركبة إلى السرة: أن مجرد فعله عليه السالم

وإن لم ينطق بالوجوب الحتمال رجحان الزائد عن القبل والدبر، إال أن أمره عليهالسالم

في الذيل بقوله عليه السالم: هكذا فافعل، ظاهر في اللزوم.وفيه: أنه - بعد الغض عما في السند - إن استفادة الوجوب من األمر بعيد

جدا بعد اشتمال الصدر على غير واحدة من الخصوصيات التي ال وجوب لها، فاليمكن الحمل على وجوب المشار إليه بأسره، فمن المحتمل أن يكون ستر الزائد

أيضا راجحا ال واجبا.ومنها: ما رواه عن أمير المؤمنين عليه السالم ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذه

ويجلس بين قوم (٣) وفيه أن اشتمالها على خصوص الرجل وعلى الجلوس بين القوم--------------------

(١) الوسائل باب ٣١ من أبواب آداب الحمام ح ٣.

(٢) الوسائل باب ٣١ من أبواب آداب الحمام ح ١.(٣) الوسائل باب ١٠ من أحكام المالبس ح ٣.

(١١)

Page 38: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مشعر بكونها لبيان آداب المحاورة والجلوس بال لزوم، وإال لما أخذ قيد الجلوسبينهم، ألن الستر واجب وإن لم يكن بين قوم بل كان مع واحد منهم.

ومنها: ما عن قرب اإلسناد عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه السالمأنه قال: إذا زوج الرجل أمته فال ينظرن إلى عورتها، والعورة ما بين السرة

والركبة (١). وفيه: أن النظر إلى ذلك الحد المبتدئة من الركبة المنتهي إلى السرة لماكان أقوى تهييجا للشهوة ألمكن اختصاصه بالنهي في هذا الموضوع بنحو التنزيل

ال أن الحد المذكور بتمامه عورة حقيقة، مع ما في السند من الضعف واعراضاألصحاب عن التحديد الكذائي.

والحاصل: أنه ال صلوح لما ظاهره المعارضة ألن يعارض ما مر، وعلىتقديره يكون الرجحان والتقدم لذاك، وعلى التسليم وانتهاء األمر إلى الشك

يحكم بالبراءة عن األكثر، فال يجب ستر ما عدا القبل والدبر كما هو المشهور.وال خفاء في أن التحديد بهذا القدر فيما إذا كانا متماثلين، وأما عند

االختالف كالرجل والمرأة ففيه كالم آخر يأتي بمنه تعالى.الجهة الثالثة

في تساوي جميع المكلفين في وجوب الستر وحرمة النظرال ارتياب لمن تدبر النصوص المتقدمة في تساوي جميع المكلفين من الكفار

والمسلمين في وجوب عدم التمكين وحرمة النظر، سواء في ذلك عورة المسلموغيره ونظر المسلم وغيره، الطالق تلك األدلة بال تقييد وال اختصاص.

عدا ما رواه عن أبي عبد الله عليه السالم قال: النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثلالنظر إلى عورة الحمار (٢) ألن ظاهرها جواز النظر إلى عورة الكافر للمسلم والكافر

--------------------(١) الوسائل باب ٤٤ من أبواب نكاح العبيد واإلماء ح ٧

(٢) الوسائل باب ٦ من أبواب آداب الحمام ح ١.

(١٢)

Page 39: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فيبقى المحرم هو عورة المسلم كذلك - أي للمسلم والكافر - وال اشكال في السندألن المرسل إنما هو ابن أبي عمير، ولكن أعرض األصحاب طرا عن العمل بها،عدا ما عن صاحب الوسائل (ره) في محكي هدايته، ولم أعثر على ذلك، إذ لم

تحضرني الهداية.وما رواه عن الصدوق قال: روي عن الصادق عليه السالم أنه قال: إنما أكره

النظر إلى عورة المسلم، فأما النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورةالحمار (١).

وال اعتداد بالسند الرساله، مع أنه لم يسنده إلى المعصوم عليه السالم (كما فيبعض مراسيله) بل قال: روي عن الصادق عليه السالم - كما مر منا التنبيه عليه غير

مرة.وال يمكن اسناد الفتوى بمضمونها إلى الصدوق (ره) أيضا اتكاال على ما في

صدر كتاب الفقيه: من أنه ال ينقل فيه شيئا إال ما يكون حجة عليه من الله تعالىلما يشاهد أيضا من نقله المتعارضين، مع أنه ال يمكن العمل بهما، فمجرد النقل

في الفقيه ال يدل على أنه فتواه، فلم يوجد من أفتى بذلك عدا محكي هدايةالحر العاملي كما أشير، وال اعتداد بمخالفة مثل هذا المتأخر (ره) مع انعقاد االجماع

على التسوية بين المسلم وغيره من القدماء ومن يليهم. وأما اشتمالها على كراهةالنظر إلى عورة المسلم، فقد مر عالجها بحمل الكراهة على معناها اللغوي المالئم

للحرمة، لعدم اتضاح معناها المصطلح عند الفقه في لسان الحديث.والحاصل: أن المسلم وغيره سيان في وجوب عدم التمكين من أن ينظر

إلى عورته وفي حرمة النظر إلى عورة الغير نصا وفتوى، وسيتضح لك اطالقنصوص الباب مزيد اتضاح، فارتقب، كما أن المحرم وغيره فيما هو المهم

هنا سواء.--------------------

(١) الوسائل باب ٦ من أبواب آداب الحمام ح ٢.

(١٣)

Page 40: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الجهة الرابعةفي استثناء الزوج والزوجة والسيد واألمة

ال اشكال في استثناء كل من الزوج والزوجة من كل واحد من ذينكالحكمين - أي وجوب الستر وعدم التمكين وحرمة النظر - إذ يجوز لكل واحد

منهما النظر إلى جميع أعضاء اآلخر ويجوز لذاك اآلخر أن يمكنه من النظركذلك، لشهادة غير واحد من النصوص، وحيث إنه متفق عليه نصا وفتوى فال

نطيل القول فيه.وأما السيد واألمة فكذلك أيضا بال وجوب للستر وال حرمة للنظر، إذا لم

تكن األمة مزوجة للغير وال محللة له، فأما إذا كانت كذلك، فحينئذ يصير السيدكاألجنبي في ذينك الحكمين - على ما في المتن - وهو في المزوجة كما ذكر

لورود النص الخاص، نحو ما رواه عن قرب اإلسناد وقد تقدم (١).وما رواه عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن الرجل

يزوج مملوكته عبده، أتقوم عليه كما كانت تقوم فتراه منكشفا أو يراها علىتلك الحال؟ فكره ذلك وقال: قد منعني أن أزوج بعض خدمي غالمي لذلك (٢).وفي رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السالم هل ينبغي له أن ترى عورته؟

قال: ال (٣).وأما في المحللة: فحيث أن دائرة جواز النظر وعدم وجوب الستر سعد

وضيقا متوقفة على كيفية التحليل كذلك، فال ينبغي استثنائها بنحو االطالق، إذ ربماال يجوز النظر إلى العورة ويجب الستر إذا اختص التحليل بما عدا ذلك، كأن حلل

--------------------(١) الوسائل باب ٤٤ من أبواب نكاح العبيد واإلماء ح ٧.

(٢) الوسائل باب ٤٤ من أبو أب نكاح العبيد واإلماء ح ١.(٣) الوسائل باب ٤٤ من أبواب نكاح العبيد واإلماء ح ٤.

(١٤)

Page 41: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

له النظر إلى جميع البدن تلذذا عدا ذينيك الموضعين، وهكذا في التقبيل وغيرهمن أنحاء التمتع، كما في تجويز االنتفاع من الملك الخاص للغير، حيث إن جواز

التصرف لذلك الغير متوقف على مقدار التجويز وكيفية ما أجيز له من أنحاءاالنتفاع.

الجهة الخامسةفي أن المراهق بل الطفل المميز كالبالغ

ال ريب في انتفاء التكليف عن الصبي حتى يحتلم، ولكن قد ينحدر الحكمعلى البالغ بقياسه إليه كما في المقام، ألنه وإن لم يجب عليه الستر وعدم التمكين

وكذا لم يحرم عليه النظر إلى عورة الغير، ولكن يمكن أن يجب على البالغستر عورته منه، وكذا يحرم عليه (أي على البالغ) أن ينظر إلى عورته، فتمام

الكالم في طي أمرين:أحدهما: وجوب الستر وعدم التمكين عن الصبي، واآلخر: حرمة

النظر إلى عورته.أما األول: فمتوقف على استئناف النظر في نصوص الباب، حتى يتجه

االطالق الدال على وجوب عدم التمكين من النظر على البالغ، سواء كان الناظربالغا أم ال.

والذي يمكن التمسك به غير واحد مما في أحكام الخلوة وفي آداب الحمامفمن ذلك: ما مر في حديث المناهي: إذا اغتسل أحدكم في فضاء من األرض فليحاذر

على عورته، وقال: ال يدخل أحدكم الحمام إال بمئزر... الخ (١).إذ ال ريب في أن المحاذرة والستر ليس واجبا بتا من باب التعبد سواء كان

--------------------(١) الوسائل باب ١ من أبواب الخلوة ح ٢.

(١٥)

Page 42: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

هناك ناظر أم ال، بل هو مختص بما فيه مظنة النظر، وحيث إنه لم يقيد بكونالناظر بالغا فيشمل غيره، نعم ينصرف عن الصبي غير المميز، ألنه في حكم

العدم من هذه الجهة، فيجب االحتراز وعدم التمكين من المميز، فضالعن المراهق.

ومنه ما مر أيضا (ح ٣ منه) إذ فيه تفسيرا للكريمة: كل ما في كتاب اللهمن ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا إال في هذا الموضع، فإنه للحفظ من أن ينظر

إليه. حيث إنه أوجب الحفظ وعدم التمكين من النظر ممن له شأنية ذلك وإنكان صبيا لعدم التقييد بغيره، مع أن اطالق اآلية أيضا محكم.

ونحوه ما رواه عن علي بن الحسين المرتضى نقال من تفسير النعماني عنعلي عليه السالم ال ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنه من النظر إلى فرجه

.(١)اللهم إال أن يناقش في صدق اإلخوة على الصبي، ولكنه مندفع أيضا بشهادة الشرع

والعرف في غير مورد على عدم اعتبار البلوغ فيها، فالمميز سيما المراهق أخللمؤمن إذا تكون فيه مبادئ االيمان، نعم ال اطالق له بالنسبة إلى غيره ال أنه

ظاهر في التقييد كما ينبه عليه عن قريب.ومنه ما رواه عن تحف العقول عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي إياك

ودخولالحمام بغير مئزر ملعون ملعون الناظر والمنظور إليه، (٢) وللنقاش فيه مجال،

حيث إن المراد من الناظر هو خصوص البالغ، إذ ال حرمة وال لعن على غيره، فلوكان المراد من المنظور إليه أعم لزم الخلل في السياق.

ولكن التحقيق خالفه، ألن كل واحد منهما حكم مستقل منحاز عن اآلخرلشهادة االنفكاك، مثل ما لو ستر أحد عورتيه ولم يمكنهما من أن ينظر إليهما

--------------------(١) الوسائل باب ١ من أبواب أحكام الخلوة ح ٥.

(٢) الوسائل باب ٣ من أبواب أحكام آداب الحمام ح ٥.

(١٦)

Page 43: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولكن احتال الناظر ولو من تحت ونظر إلى العورة، إذ ال اشكال في ارتكابهمحرما مع عدم ارتكاب المنظور إليه شيئا مبغوضا، وكذا العكس فيمن مكنمن النظر وتحرك عاريا في مأل من الناس ولكنهم لم ينظروا إلى عورته امتثاال

لآلمر بغض البصر.والحاصل: أن االنفكاك بين الناظر والمنظور إليه غير عزيز، فمعه يمكن

أن يختص الناظر بخصوص البالغ دون المنظور إليه.ومنه ما رواه عن رفاعة بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السالم وما رواه عن محمد بن

عمر، عن بعض من حدثه، عن أبي جعفر عليه السالم وقد مر نقلهما (١).وكذا ما رواه عن علي بن الحكم، عن رجل، عن أبي الحسن عليه السالم في حديث

قال: ال تدخل الحمام إال بمئزر وغض بصرك (٢) حيث إن األمر بعدم التمكين مندون تقييد بناظر خاص يدل على االطالق، وإن انصرف عن غير المميز، ألنه

كالجدار ال يدرك شيئا.ومن ذلك ما رواه عن عبيد الله بن علي الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم

عن الرجل يغتسل بغير إزار حيث ال يراه أحد، قال: ال بأس (٣).ونحوه ما رواه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السالم إذ فيه: فقال: عليه السالم إذا

لميره أحد فال بأس (٤) إذ مفهوم ذلك هو ثبوت البأس إذا رآه أحد من دون التقييد

بالبالغ، فلو كان بنحو يراه الصبي المميز يكون فيه بأس، والقيد مأخوذ فيكالم المعصوم عليه السالم في الثانية دون األولى.

ويمكن التمسك أو االستئناس بما ورد من النهي عن دخول الرجل معابنه الحمام، كما في (باب ٢ من أبواب آداب الحمام) إذ في رواية قال عليه السالم:

قال--------------------

(١) الوسائل باب ٩ من أبواب آداب الحمام ح ٥ و ٦.(٢) الوسائل باب ٩ من أبواب آداب الحمام ح ٧.

(٣) الوسائل باب ١١ من أبواب آداب الحمام ح ١ و ٢.

(٤) الوسائل باب ١١ من أبواب آداب الحمام ح ١ و ٢.

(١٧)

Page 44: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

رسول الله صلى الله عليه وآله: ال يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر إلى عورته، وقال:ليس

للوالدين أن ينظرا إلى عورة الولد وليس للولد أن ينظر إلى عورة الوالد، وقاللعن رسول الله صلى الله عليه وآله الناظر والمنظور إليه في الحمام بال مئزر (١).

أما ظهوره في منع النظر إلى عورة الولد فسيأتي في األمر الثاني، وأماظهوره في منعه من النظر إلى عورة الوالد فلعله في البالغ بقرينة التكليف

بقوله عليه السالم " ليس... الخ " نعم ذيله تام حسبما قد مناه من امكان االنفكاك،إال أن التكليف أعم من اللزومي وغيره.

وأما ما في رواية حنان بن سدير (٢) من دخول علي بن الحسين عليه السالم معابنه محمد بن علي عليه السالم الحمام، فال يعارض ما ذكر حتى يعالج بأن اإلمام عليه

السالممعصوم في صغره وكبره ال يقع منه النظر إلى عورة في حمام وال في غيره - كما

في الوسائل - ألنه عليه السالم كان يدخله بمئزر البتة ومعه ال مجال للنظر.فتحصل: أنه يجب على البالغ أن ال يمكن غيره من النظر إلى عورته،

سواء كان بالغا أم ال، عدا من ال يميز: من المجنون والطفل، وأما المميز منهمافيجب الستر عنهما أيضا.

وأما الثاني: (أي حرمة النظر إلى عورة الصبي) فمتوقف على بيان ما هوالمراد منه بنحو يخرج غير المميز.

فنقول: إن للصباوة مراحل مختلفة في االدراك والتمييز، ألن الصبي فيبعض تلك المراحل كالجدار ال يميز شيئا، كما إذا كان في المهد أو قريبا منه،

وال ريب في جواز النظر إلى عورته، النصراف عن األدلة القادمة، بل لقيام السيرةالقطعية، حيث إنه يحتاج إلى أم تحتضنه وتقوم به وتغسله وتلبسه وهكذا، فال

خفاء في تعارف النظر إلى عورته قطعا، وفي تلك المراحل يميز الحسن--------------------

(١) الوسائل باب ٢١ من أبواب آداب الحمام ح ١ و ٣.

(٢) الوسائل باب ٢١ من أبواب آداب الحمام ح ١ و ٣.

(١٨)

Page 45: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عن القبيح في الجملة وإن لم يراهق، وفي بعضها يكون مراهقا للبلوغ فضال عنكونه مميزا، بحيث ال فرق بينه وبين البالغ في االدراك ونحوه عدا ساعات

قليلة في السن.فهل يكون المميز والمراهق سيان أم ال؟ والذي يستفاد من المتن هو

الفرق، حيث قال: يحرم النظر إلى عورة المراهق بل األحوط ترك النظر إلىعورة المميز... الخ - حيث أفتى بالحرمة في المراهق واحتاط بال فتوى في

المميز، فالمهم هو التأمل المستأنف في نصوص الباب يتضح نطاقها.فمنها: ما مر عن حريز عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ال ينظر الرجل إلى عورة

أخيه (١).ال إشكال في اندراج المراهق الذي ال فرق بينه وبين البالغ إال قليال كيوم

أو نصفه، كما أنه ال ريب في انصرافه عن غير المميز، وأما المميز غير المراهق فيدورمدار صدق اإلخوة عرفا نفيا واثباتا.

ومنها: ما مر أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث المناهي، إذ فيها: من نظرإلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا... الخ (٢).

وال إشكال في اطالق قوله " غير أهله " للمميز أيضا، إال أن يقال: بأنها بصددبيان حصر الجواز في األهل ومنعه عن غيره فال إطالق له من هذه الحيثية، فتأمل.

ومنها: ما ورد تفسيرا لآلية نحو ما رواه عن علي بن الحسين المرتضى نقال منتفسير النعماني عن علي عليه السالم " معناه: ال ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن

"... الخ (٣)والكالم في اندراج المراهق وعدم اتضاح شمول غيره وإن كان مميزا

هو ما مر.--------------------

(١) الوسائل باب ١ من أبواب أحكام الخلوة ح ١ و ٢ و ٥.

(٢) الوسائل باب ١ من أبواب أحكام الخلوة ح ١ و ٢ و ٥.

(٣) الوسائل باب ١ من أبواب أحكام الخلوة ح ١ و ٢ و ٥.

(١٩)

Page 46: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: ما رواه عن حمزة بن أحمد عن أبي الحسن األول عليه السالم قال: سألتهأو سأله غيري عن الحمام فقال: ادخله بمئزر وغض بصرك - الحديث (١).وظهورها في لزوم الغض مطلقا - خرج ما خرج - مما ال إشكال فيه، فتدل

على حرمة النظر إلى عورة المميز، إذ ال انصراف عنه وال دليل خارجي دال علىاستثنائه، إنما الكالم في اشتمالها على بعض ما ليس بواجب، ألن تمامها هو ما رواه في(باب ١١ من أبواب الماء المضاف ح ١) وهو هكذا: قال: ادخله بمئزر وغض بصرك

وال تغتسل من البئر التي تجمع فيها ماء الحمام فإنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنبوولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم. ألن اغتسال الجنب وإن أمكن كونه

مصحوبا لمالقاة النجس وكذا الناصب - حيث احتمل نجاسته - وأما ولد الزنافالظاهر أنه طاهر فال ينجس ما القاه.

فحينئذ يكون النهي عن االغتسال من البئر التي يجتمع فيها الماء معلالبما ذكر تنزيهيا ال تحريميا، فمعه ال ظهور لألمر بغض البصر في اللزوم، إال أن

يقال: بأن كل واحد من تلك األحكام المذكورة فيها مستقل بحياله، فاألمرمنها ظاهر في البعث، والنهي منها ظاهر في الزجر، ومجرد االشتمال على حكمغير لزومي ال يخرج ما عداه من اللزوم إلى غيره، فعليه يحفظ ظهور األمر بغض

البصر في اللزوم، وحيث إنه لم يقيد بمبصر خاص يؤخذ باطالقه فيما ال انصراف عنه.ومنها: ما رواه عن رجل عن أبي الحسن عليه السالم في حديث قال: ال تدخل

الحمام إال بمئزر وعض بصرك (٢) وظهورها االطالقي هو ما مر. وال وجه الحتمالكون هذه هي عين سابقتها ألن السند مختلف، ألن تلك رواها الشيخ (ره) بإسناده عن

محمد بن علي بن محبوب عن عدة من أصحابنا عن محمد بن عبد الحميد عن--------------------

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب آداب الحمام ح ٢.

(٢) الوسائل باب ٩ من أبواب آداب الحمام ح ٧.

(٢٠)

Page 47: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حمزة بن أحمد عن أبي الحسن األول عليه السالم، وأما هذه فرواها الكليني (ره) عنمحمد بن

يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن رجل عن أبي الحسن عليه السالم.وهكذا

في المتن أيضا، ألن ذيل هذه " ال تغتسل من غسالة ماء الحمام فإنه يغتسل فيه ولدالزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم " فال مجال الحتمال االتحاد، بل هما

روايتان مستقلتان، نعم للتأمل في اعتبار السند مجال في الجملة.ومنها: ما مر من رواية تحف العقول عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي إياك

ودخول الحمام بغير مئزر، ملعون ملعون الناظر والمنظور إليه (١).ولكن في ظهورها في المطلوب نظر، ألن الخطاب متوجه نحو علي عليه السالم،

وبعد إلقاء الخصوصية واالذعان بأنه مخاطب ألجل كونه عليه السالم أحد المكلفين،فال

يتعدى منه إلى غير المكلف أي الذي لم يبلغ الحكم والتكليف.فحينئذ يكون المستفاد منها هو التحذير عن دخول الحمام بغير مئزر، فإن

لم يتحذر منه ودخل فيه عاريا ونظر إلى عورته ناظر يكونان ملعونين، والمراد منالمنظور إليه حينئذ - أي بعد التعدي منه عليه السالم إلى غيره - هو البالغ المكلف

المأمورباكتساء المئزر عند الدخول، فال اطالق له حتى يشمل من لم يبلغ وإن راهق

التكليف فضال عمن لم يراهق، فال تدل على حرمة النظر إلى عورته.ومنها: ما مر من رواية محمد بن جعفر عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السالمعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس للوالد أن ينظر إلى عورة الولد وليس للولدان

ينظرإلى عورة الوالد، وقال: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الناظر والمنظور إليه في

الحمامبال مئزر (٢).

إن ظاهر الفقرة األولى الناهية للوالد أن ينظر إلى عورة الولد هو االطالقالشامل للمراهق والمميز وإن لم يراهق وإن ينصرف عن غير المميز.

--------------------(١) الوسائل باب ٣ من أبواب آداب الحمام ح ٥.

(٢) الوسائل باب ٢١ من أبواب آداب الحمام ح ١.

(٢١)

Page 48: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الفقرة الثانية فيمكن االختصاص بالبالغ من الولد بقرينة التكليف،فحينئذ يشكل االتكال على إطالق الفقرة األولى، ولكن ال بعد في داللة الفقرةالثانية على االلزام مطلقا حتى بالنسبة إلى من لم يبلغ، وألجل حكومة حديثرفع القلم الوارد في مقام االمتنان المالئم لرفع اللزوم دون الندب والرجحان

- كما حقق في مشروعية عبادته - يحكم بارتفاع الوجوب عن خصوص من لميبلغ من الولد، فيصير النهي بالنسبة إليه إنما هو لبيان اآلداب الراجحة،

وال غرو في ذلك.نعم لو احتمل كون هذا الحديث بصدد بيان استواء الولد وغيره وكذا

الوالد وغيره في الحكم وأن الوالدة غير مائزة أصال، فال إطالق له من الحيثيةالمبحوث عنها، ألن نطاقه حينئذ هو أن ما ثبت للمكلف بالنسبة إلى صبي ال يكون

ولدا له فهو ثابت له بالنسبة إلي ولده، وأما أن ذلك الثابت ما هو؟ فال. إلى غيرذلك من النصوص التي يمكن العثور عليها عند الفحص.

فتحصل من جميع ما ذكر: أن األقوى هو حرمة النظر إلى عورة المراهقالندراجه تحت عنوان اإلخوة البتة، وأما غيره من المميزين فاألحوط ترك النظرإلى عورته - كما أفتى به في المتن - لعدم خلو ما يتمسك به الثبات الحرمة

من نقاش.

(٢٢)

Page 49: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الجهة السادسةفي بيان ما يجب على المرأة من الستر عن األجنبي

وما يحرم عليه من النظر إليهاواعلم: أن بين وجوب الستر وحرمة النظر تالزما عرفيا، فلو وجب الستر

في موضع يحرم النظر هناك أيضا، إذ ال معنى للتعبد القراح بوجوب الستر مع أنللغير جواز النظر، للزوم كونه لغوا حينئذ.

نعم ال تالزم بين جواز الكشف وعدم وجوب الستر وبين جواز النظر وعدمحرمته، إذ يمكن أن يالحظ الشارع سهولة األمر على من جوز له الكشف مععدم ترخيص الغير في النظر إليه، نحو ما أجيز للرجال من كشف شعر الرأسوكذا الوجه مثال مع عدم جواز النظر إلى ذلك للنساء األجنبيات، فحينئذ إذا

ثبت جواز كشف الوجه والكفين للمرأة بالفرض، يلزم البحث المستأنف عن جوازالنظر إلى ذلك للرجال. والذي يستفاد من المتن هو عدم التعرض لحكم النظر

الخالي عن التلذذ والريبة للرجل، بل أفيد وجوب ستر تمام البدن عدا الوجهوالكفين عند عدمهما على المرأة، وأما معهما فيجب عليها ستر الوجه والكفين

أيضا، كما أنه معهما يحرم النظر حتى بالنسبة إلى المحارم.والحاصل: أن البحث عن الستر ومقداره لو أنهى إلى جواز كشف الوجه

والكفين للمرأة، فال يجدي ذلك في جواز نظر الرجل إليها. فالمهم هو الفحص عنالنظر ونطاق دليله.

ويستدل له بالكتاب والسنة أوال، ثم عن وجوب الستر ومقداره ثانيا، ثمعما استثنى ثالثا.

(٢٣)

Page 50: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األمر األول: في حرمة النظرويدل عليها من الكتاب قوله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم

ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (١).والمراد من الغض: إما هو النقص والخفض، نحو قوله تعالى " واغضض من

صوتك " وإما هو االطراق والكسر صونا عن النظر والرؤية، فعلى األول: يدلعلى جواز النظر وعدم حرمته إذا كان خفيفا بال مأل العين تحديقا، وعلى الثاني:

يدل على المنع الشديد حيث أمر بكسر الطرف واالطراق، لئال يقع على ما ال يجوزوقوعه عليه من النظر، وال ريب في أن المراد من قوله صلى الله عليه وآله فيما مر من

األمربدخول الحمام بمئزر وبغض البر هو عدم النظر قطعا، ال مجرد الكسر وإن

صحبه النظر، كما أن المستفاد من النهاية األثيرية هو ما يدل على ذلك أي عدمالنظر رأسا ال النظر الخفيف، حيث إنه فسره بالكسر واالطراق وعدم فتح العين،ومن الواضح: أن األمر بالغض المفسر به هو كناية عن تشديد األمر بترك النظر

كما هو الدارج في العرف من األمر بالعمى تارة وباالطراق أخرى عند إرادةترك النظر.

وهذا المعنى أيضا هو المالئم لما ورد من النصوص الشارحة للكريمة، إماببيان شأن نزولها، وإما باالستدالل بها لتحريم أصل النظر.

فمن ذلك: ما رواه عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بنصالح عن القاسم بن يزيد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السالم في

حديثطويل... إلى أن قال عليه السالم: وفرض على البصر أن ال ينظر إلى ما حرم الله عليهوأن يعرض عما نهى الله عنه مما ال يحل له وهو عمله وهو من االيمان فقال تبارك

--------------------(١) سورة النور - آية ٣٠.

(٢٤)

Page 51: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وتعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " أن ينظروا إلىعوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه، إلى أن قال عليه السالم: فهذا من فرض الله

علىالعينين من غض البصر... الخ (١).

حيث إن االستدالل على تحريم أصل النظر باألمر بالغض في الكريمة يشهدبأن ليس المراد هو النظر الخفيف بل تركه رأسا، ولما كان التناسب بين الحكم

والموضوع من أقوى األمارات على انحدار ذلك الحكم نحو مسير خاص فال مجاللتوهم لزوم تخصيص األكثر، إذ ليس المراد هو غض البصر عن جميع األشياء من

اإلنسانوالحيوان والنبات وغير ذلك، بل المراد بقرينة تقابل اآليتين وبمعونة استدالل

المعصوم عليه السالم هو الغض عن غير المماثل مطلقا، وعن خصوص عورة المماثل.نعم لو دل دليل على جواز النظر إلى الوجه والكفين لكان ذلك تخصيصا،

وهكذا نحوه من موارد االستثناء.وأما خروج مثل الجدار ونحوه فبالتخصص حسب التناسب المذكور.

وال يناقش في السند باشتماله على " بكر " مثال إذ ليس المقصود عدا االستشهاد بهلبيان أن المعنى السابق إلى الذهن من الغض - في مثل المقام - هو الكناية عنترك النظر رأسا، ومن المعلوم: أنه لو أريد الجعل واالختالق لكان على النهج

الدارج، فعلى فرض ضعف الرواية أيضا يتم المقصود، فتبصر.ومن ذلك: ما رواه عن سيف بن عميرة عن سعد اإلسكاف (٢) عن أبي جعفر

عليه السالم قال: استقبل شاب من األنصار امرأة بالمدينة، وكان النساء يتقنعن خلفآذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماهبيني فالن فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقوجهه، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله

--------------------(١) الوسائل باب ٢ من أبواب جهاد النفس ح ١.

(٢) ال اشكال فيمن تقدم اإلسكاف في السند، إنما الكالم فيه حيث وثقه بعض وضعفهآخر، لكونه واقفيا، ولكن الظاهر اعتبار ما يرويه من األئمة الذين يعتقد بإمامتهم كأبي جعفر (ع)

وأبي عبد الله (ع)، أضف إلى ذلك أن مجرد الوقف غير ضار ما دام كون ذلك الواقفي ثقة في النقل.

(٢٥)

Page 52: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

آلتين رسول الله صلى الله عليه وآله وألخبرنه، فأتاه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليهوآله قال: ما هذا؟

فأخبره، فهبط جبرئيل عليه السالم بهذه اآلية " قل للمؤمنين... الخ " (١).وال خفاء في أن المراد هو ترك النظر رأسا، ال النظر المنكسر الخفيف، إذ

ال يعالج مثل ما ابتلى به ذلك الشاب األنصاري إال بترك النظر جدا، وإال ألدىإلى ما أدى به من اعتراض العظم وشق الوجه وسيالن الدم، بل أسوء من ذلك

وأفحش، فالذي يصون عن االبتالء بمثل ذلك هو الترك رأسا، وهو المعنى بالغض.وال تفاوت فيما هو المهم بين كون لفظة (من) في الكريمة زائدة، أو تبعيضية،

أو بيانية، أما على الزيادة فاألمر واضح، وكذا على البيانية الدالة على أنالمغضوض هو البصر ال الصوت مثال وال غيره، وأما على التبعيضية فليس المراد هو

الترخيص في بعض والمنع عن آخر، بحيث يدل على جواز النظر الخفيف، ألنالمتعلق هو البصر الذي هو آلة النظر ألنفس النظر، وقد أشير إلى أن األمر

بكسر اآللة ونقصها كناية بالغة عن عدم أعمالها فيما تعلق بها، فالنقص المأموربه هو نقص البصر ال النظر، والمراد من البصر في مثل المقام هو اآللة ال الفعل، كما

في قوله تعالى: تشخص فيه األبصار، شاخصة أبصارهم.فتحصل: أن الكريمة دالة على حرمة نظر الرجل إلى من ال يماثله من

النساء مطلقا بال استثناء شئ منها كالوجه والكفين لالطالق. نعم بعد البحث عنحكم الستر يبحث عما ورد من دليل االستثناء وموارده.

ويدل عليها من السنة: ما رواه عن علي بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد اللهعليه السالم قال: سمعته يقول: النظرة سهم من سهام إبليس مسموم وكم من نظرةأورثت حسرة طويلة (٢) وقريب منها في الجملة ما رواه هشام بن سالم، عن عقبة

عن أبي عبد الله عليه السالم (٣).--------------------

(١) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٤ و ١ و ٥.

(٢) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٤ و ١ و ٥.

(٣) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٤ و ١ و ٥.

(٢٦)

Page 53: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال ريب في أن التناسب بين الحكم والموضوع يهدي إلى أن ليس المراد هوأية نظرة إلى الجدار والنبات وغير ذلك، وال إلى المماثل عدا ما مر من العورة،ومما ال ريب فيه أيضا أن نظر الرجل إلى من ال يماثله أو العكس مندرج تحتها

قطعا، ولمكان التعبير بالسهم وكونه من سهام إبليس وكونه مورثا للحسرة الطويلةيستفاد منها المنع، سواء في ذلك النظرة األولى والثانية، وكذا النظرة التي تكون

بشهوة والتي تكون بدونها، ولعل التعبير بالسهم ألجل أنها قد تخطي وقد تصيبكما أن السهم كذلك، فال بد من االجتناب عنها صونا عن اإلصابة، فالنظر قد

يستتبع مفاسد أخرى وقد ال يستتبع، فيلزم االحتراز عنه رأسا، صونا عن االبتالءبتلك المفاسد التي تذر الديار بالقع.

وما رواه عن أبي جميلة عن أبي جعفر عليه السالم وأبي عبد الله عليه السالم قاال: مامن أحد

إال وهو يصيب حظا من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا الفم القبلة، وزنا اليديناللمس، صدق الفرج ذلك أو كذ ب (١).

وحيث إن النظر المطلق الشامل لألولى والثاني قد عد زنا فيحكم بعدمجواز ه كذلك. وأما من حيث كونه بشهوة وبدونها، فلعله يمكن االنصراف عما

يكون بدونها بقرينة الزنا، إال أن يناقش في قرينيته.وما رواه عن الكاهلي قال: قال أبو عبد الله عليه السالم: النظرة بعد النظرة تزرع

في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبه الفتنة (٢).ال مرية في شمول ما يتخلل الفصل بينه وبين النظرة األولى، وأما النظرة

المستدامة فهي أيضا مندرجة البتة، ألنها وإن كانت نظرة واحدة ولكن إدامتهاواتباعها بمنزلة التعدد جدا، حسب التناسب الدارج في مثل المقام، نعم ال شمول

لها بالنسبة إلى النظرة األولى المنقطعة عما يليها مع عدم استمرارها في نفسها.--------------------

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢ و ٦.

(٢) الوسائل باب ١٠ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢ و ٦.

(٢٧)

Page 54: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما المراد من كونها زارعة للشهوة فليس هو خصوص النظر المصحوبللشهوة بأن يكون النظر الساذج خارجا، بل المراد أنه عرضة لها، وهذا المقدارمن المعرضية كاف في المنع عنه، فال يجوز النظر مطلقا لكونه عرضة لها، كما

أن الشهوة أيضا لالفتنان والزنا، ال أنها منتهية إليه دائما قطعا.فالشارع األقدس نفسه قد الحظ تلك الحكمة فمنع مطلقا، بحيث تكون

تلك المصلحة موجبة للجعل العام ال أنها علة قد أنيط بها الحكم حسب تشخيصالمكلف حتى يجوز له النظر في مورد زعمه خاليا عن الشهوة.

والحاصل: أن نطاق الحكم سعة وضيقا ليس بيد تشخيص المكلف بكونالمورد زارعا للشهوة أو غير زارع له، بل الشارع حيث إنه الحظ كون النظر

بذاته ولو خلي وطبعه عرضة لزرع الشهوة حكم بعدم جوازه مطلقا إذا كانت النظرةثانية أو مستدامة من األولى، ألنها في حكم الثانية بقاء وإن لم يكن كذلك حدوثا

فهذه الرواية قاصرة عن إفادة الحرمة حدوثا وإن لم تدل على الجواز البتة.نعم إن في الباب ما ظاهره جواز النظرة األولى نحو ما رواه عن الفقيه قال:

قال عليه السالم: أول نظرة لك والثانية عليك وال لك والثالثة فيها الهالك (١).إن النظرة األولى، إما أن تكون قهرية بال سبق إرادة واختيار، وإما أن

تكون مصحوبة لذلك، فعلى األول ال معنى النقسامه إلى ما بداعي الشهوة والتلذذوإلى ما ليس بذلك الداعي، إذ ال إرادة وال داعي إليها حتى تنقسم بكيفية. وأماعلى الثاني: فهي منقسمة إلى ذينك القسمين، ال إشكال ظاهرا في انصرافها عن

النظرة المصحوبة للتلذذ والريبة، لعدم صدور تجويز مثلها عن الشرع األنورالبتة مع قيام االجماع على عدم جوازها. وأما القهرية من النظر فالظاهر نفياالشكال في اندراجها تحتها. وأما االختيارية منها العارية عن التلذذ فالظاهر

اندراجها أيضا. وأما النظرة الثانية فال تجوز فضال عن الثالثة.--------------------

(١) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٨.

(٢٨)

Page 55: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ونحو ما رواه عن الحسن بن عبد الله بن محمد الرازي عن أبيه عن الرضا عنآبائه عليهم السالم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قتل حية قتل كافرا،

وقال: ال تتبعالنظرة النظرة فليس لك يا علي إال أول نظرة (١).

وقريب منها (١٣ و ١٤ و ١٥ و ١٧ باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح)وشمولها للنظرة الواحدة المستمرة كما تقدم ألنها أيضا من اتباع النظرة للنظرةكما أنه كذلك أن تخلل بينه الفصل الزماني. وتقريب داللتها على جواز األولى

دون ما عداها هو ما مر.فالمستفاد من هذه الطائفة هو جواز النظرة األولى العارية عن التلذذ والريبة

ولكنها غير مختصة بالوجه والكفين، فإن تم نصاب دليل الحصر في ذلك يحكمعليه بالتقييد، فارتقب.

وما رواه عن محمد بن سنان عن الرضا عليه السالم فيما كتبه إليه من جواب مسائله:وحرم النظر إلى شعور النساء المحجوبات باألزواج وإلى غيرهن من النساء لما

فيه من تهييج الرجال وما يدعو إليه التهييج من الفساد والدخول فيما ال يحلوال يحمل، وكذلك ما أشبه الشعور، إال الذي قال الله تعالى: " والقواعد من النساء

الالتي ال يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة "أي غير الجلباب، فال بأس بالنظر إلى شعور مثلهن " (٢).

إن توجيه ما أخذ فيها من التهييج وأنه حكمة الجعل ال علة الحكم هوما مر، ولذلك يحرم النظر إلى شعورهن وإن لم يكن بالتلذذ والريبة، وأما ما

يشبه الشعر فهو يشمل الوجه والكفين البتة، كما أنها تشمل النظرة األولى وغيرها،وسيوافيك العالج.

فالمستفاد من هذه الطائفة هو المنع مطلقا، كما أن المستفاد من تلك--------------------

(١) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١١ و ١٢.

(٢) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١١ و ١٢.

(٢٩)

Page 56: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الطائفة هو التفصيل بين النظرة األولى وغيرها.ويمكن التمسك لحرمة أصل النظر بعدة روايات أخر واردة في جواز

النظر لمن يريد التزويج.فمنها: ما رواه عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وحفص البختري كلهم

عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ال بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أنيتزوجها (١).

حيث إن مفهومها دال على عدم جواز النظر إلى الوجه فضال عن المعاصملمن ال يريد التزويج، سواء أراد التلذذ أم ال. والمنطوق للجواز والمفهوم لعدمه

فال تغفل. نعم إن المنطوق لتجويز الجميع والمفهوم لعدم جواز المجموع الصادقبعدم جواز المعصم، فتبصر.

وما رواه عن الحسن بن السري قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: الرجل يريدأن يتزوج المرأة يتأملها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها، قال: نعم ال بأس أن

ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ينظر إلى خلفها وإلى وجهها (٢).وداللتها على حرمة النظر إلى الوجه كالخلف عند عدم إرادة التزويج

واضحة سواء أزاد التلذذ أم ال (٣).وفي رواية عبد الله بن الفضل، عن أبيه، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السالمقال: قلت: أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها؟

قال: ال بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا (٤).فتدل على أن الجائز من النظر حينئذ هو خصوص االختباري منه ال األعم

--------------------(١) الوسائل باب ٣٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢ و ٣.(٢) الوسائل باب ٣٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢ و ٣.

(٣) ال خفاء في أن منطوقها هو جواز النظر إلى الخلف والوجه جمعا ومفهومها هوعدمه بالنسبة إلى المجموع الصادق بانتفاء أحد جزئيه.

(٤) الوسائل باب ٣٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٥.

(٣٠)

Page 57: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

منه ومن التلذذ وغيره، نعم لو كان النظر لالختبار وحصلت اللذة قهرا فالبأس حدوث االبقاء، فعليه أن ينقطع وال يديم حسبما يستفاد من هذه الرواية،

لعدم اختصاص المنع بالتلذذ الحدوثي بل يعمه والبقائي أيضا.وفي رواية داود بن أبي يزيد العطار، قال أبو عبد الله عليه السالم: إياكم والنظر

فإنه سهم من سهام إبليس، وقال: ال بأس بالنظر إلى ما وصفت الثياب (١).والمستفاد من الصدر هو ما مر من المنع المطلق بال ميز بين النظرة األولى

وغيرها، وبال فرق بين الشهوة وغيره، وأما المراد من الذيل ليس هو النظر إلىالجسد المحكي من وراء الثياب الرقيقة التي تلبسها الكاسيات العاريات، بل

النظر إلى الحجم المدرك من وراء الثياب المتداولة الضخام أيضا ال األزيد من ذلكنعم قد رخص الترقيق لمن يريد التزويج كما هو المستفاد من بعض آخر من

روايات هذا الباب.ويمكن التمسك أيضا لحرمة النظر إلى المرأة األجنبية حتى وجهها بما

ورد من تجويز النظر إلى نساء أهل الذمة.نحو ما رواه في المستدرك عن الجعفريات... ليس لنساء أهل الذمة حرمة

ال بأس بالنظر إلى وجوههن وشعورهن ونحورهن وبدنهن ما لم يتعمد (٢).تقريب االستدالل: أن التقييد بنساء أهل الذمة في مثل المقام يستفاد منه

التحديد، فينعقد له مفهوم دال على عدم الجواز بالنسبة إلى النساء المسلمات،وحيث إنه عد الوجه أيضا من موارد االمتياز كالشعر والبدن فيدل على حرمةالنظر إلى وجه المسلمة البتة، فال بد من العالج بينه وبين ما يدل على جواز

النظر إلى الوجه.--------------------

(١) الوسائل باب ٣٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٩.(٢) المستدرك ج ٢ ص ٥٥٥ ب ٨٦ ح ٢.

(٣١)

Page 58: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما المراد من التعمد: ففي المستدرك تفسيره بالنظر عن شهوة، فالمفادحينئذ هو عدم جواز النظر الكذائي مطلقا مع جوازه خاليا عن الشهوة بالنسبة

إلى نساء أهل الذمة.ويحتمل أن يكون المراد من التعمد في قبال القهري من النظر.

وبيان: بأن األمر القهري لخروجه عن حوزة االختيار غير صالح ألنيقع تلو التكليف البتة، ولكن بماله من المبادي االختيارية صالح ألن يثاب أويعاقب عليه، والنظر إلى األجنبية قهرا قد يكون مع تحفظ المبادي باالحتياط

فحينئذ ال بأس فيه جدا، وقد يكون بال تحفظ وال احتياط فعليه ال غرو في انحدارتكليف نحوه، فمن الممكن أن يجب الغض أي كسر آلة النظر ونقصها في الطريق

ونحوه صونا عن النظر القهري إلى المسلمة، وأما بالنسبة إلى غيرها فال يجب الغضأي التحفظ، ففي األولى يكون النظر قهريا بحتا إذ المفروض تحفظ المبادي

لئال يقع النظر، وفي الثانية ال يكون قهريا، بل هو تعمد في قبال القهري المحضوإن لم يكن تعمدا في قبال من كان قصده ذلك.

والحاصل: أن الذي كان من قصده النظر فهو خارج عن الكالم، وأما الذيال يكون من قصده ذلك بل قد يتفق فهو على قسمين: أحدهما: من يكون متحفظا

للمبادي لئال يقع النظر، واآلخر: من ال يكون متحفظا لمبادي الترك، كما لميكن مريدا للفعل وقاصدا إياه بل كان مشتغال بما يعنيه من مهام أمره، فالنظر

على األولى قهري بحت، وعلى الثاني غير قهري بالقياس إلى األول، وإن كانقهريا بالقياس إلى من قصده ذلك، فالمعنى حينئذ هو التفصيل بين قسمي القهري

لجواز الثاني في نساء أهل الذمة دون المسلمة، فيجب التحفظ لئال يقع النظر إليهادونهن فال وجوب فيهن.

هذا محصل ما أردنا نقله من الطوائف الثالث الدالة على حرمة النظر إلىاألجنبية المسلمة مطلقا، وإن تخلل في ثناياها ما ظاهره تجويز النظرة األولى.

(٣٢)

Page 59: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األمر الثاني: فيما يدل على جواز النظر إلى الوجه والكفينوليعلم: أنه اتفق األصحاب (ره) على عدم استثناء شئ مما عدا الوجه

والكفين، بل تحريم النظر إلى ذلك بال خالف، سواء كان بشهوة أم ال، وإنمااالختالف بينهم فيما ذكر.

وهذا يؤكد تمامية داللة تلك األدلة من الكتاب والسنة على حرمة النظر،فإن تم نصاب دليل االستثناء سندا ومتنا يمكن العالج بحمل ما تقدم على الكراهة

في خصوص مورد االستثناء، وإال فهو باق على الحرمة كسائر األعضاء.ويستدل للجواز بعدة روايات ال يخلو بعضها عن النقاش الداللي وبعضها

اآلخر عن الوهن السندي.فمنها: ما رواه عن مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السالم

قال: قلت له: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال:الوجه والكفان والقدمان (١).

فالنظر إلى ما ذكر حالل وإن كان المراد هو خصوص ما لم يكن بشهوةلالنصراف أو للتقييد باالجماع، التفاق الكل على المنع عنه إذا كان بشهوة.

وفيه: أن السند مرسل، وال يمكن إحراز جبره بما اشتهر من التجويزإذ لم يحرز االعتماد عليها، مع ما فيها من تجويز النظر إلى القدمين الخارج

باالتفاق، فال يمكن أن يحرز جبره بذلك.ومنها: ما رواه عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن أبي جعفر عليه السالم عن

جابربن عبد الله األنصاري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد فاطمة وأنا

معه فلما انتهيناإلى الباب وضع يده عليه فدفعه، ثم قال: السالم عليكم، فقالت فاطمة عليها السالم:

وعليكالسالم يا رسول الله، قال: أدخل؟ قالت: ادخل يا رسول الله، قال: أدخل ومن معي؟

--------------------(١) الوسائل باب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢.

(٣٣)

Page 60: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قالت: ليس علي قناع، فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك،ففعلت، ثم قال: السالم عليك، فقالت: وعليك السالم يا رسول الله، قال: أدخل؟قالت: نعم يا رسول الله، قال: أنا ومن معي؟ قالت: ومن معك، قال جابر: فدخل

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودخلت، وإذا وجه فاطمة عليها السالم أصفر كأنهبطن جرادة، فقال

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما لي أرى وجهك أصفر، قالت: يا رسول اللهالجوع، فقال

رسول الله صلى الله وآله وسلم: اللهم مشبع الجوعة ودافع الضيعة أشبع فاطمة بنتمحمد، قال

جابر: فوالله لنظرت إلى الدم ينحدر من قصاصها حتى عاد وجهها أحمر، فماجاعت بعد ذلك اليوم (١).

ال ريب في صراحتها في وقوع النظر إلى وجه فاطمة عليها السالم وال يمكن حملهعلى القهري منه بشهادة الذيل على اختياريته ودقته، وحيث إن جابر بن عبد الله

من الصحابة األتقياء سيما كونه ممن يروي عنه أبو جعفر عليه السالم وكان ذلك فيحضور

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يكشف ذلك كله عن الجواز، وإال لردعه النبي صلىالله عليه وآله وسلم ولوبخه الوصي وال أقل من عدم النقل عنه.

وفيه أوال: إن عمرو بن شمر ممن ضعفه النجاشي، وجعله العالمة (ره)في الخالصة من قسم الضعفاء، واستنتج أخيرا عدم االعتداد بروايته، ولم يحرزاعتماد األصحاب المجوزين للنظر إلى الوجه على هذه الرواية حتى يجبر الوهن

مع أنها لخصوص الوجه دون غيره.وثانيا: إن المتن غير خال عن الحزازة وما ال يطمئن به النفس: من أن

فاطمة عليها السالم ما جاعت بعد ذلك اليوم مع اشتمال التواريخ المستفيضة المعتبرةعلى

تكرر جوعها عليها السالم إيثارا.وثالثا: إن تاريخ وقوع هذه الحادثة غير معلوم، فلعله قبل نزول آية الحجاب

--------------------(١) الوسائل باب ١٢٠ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٣.

(٣٤)

Page 61: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المانعة عن النظر، وأما تحاشي فاطمة عليها السالم من اإلذن بال قناع، فلعله من اآلدابالمحمودة التي ال يتركها األوحدي من الناس مثل فاطمة عليها السالم، أو لغير ذلك.

ورابعا: إن ظاهرها النظر إلى القصاص الذي هو المنبت للشعر حيث قال..لنظرت إلى الدم ينحدر من قصاصها... الخ، مع أن النظر إلى المنبت مالزم عادة

للنظر إلى النابت مع حرمته باالتفاق، إال أن يتجشم بخروج المبدء عن النظروأن المراد هو النظر إلى ما دونه.

وأنت خبير بأن الرواية التي هذا شأنها ال يجوز االتكاء بها تجاه تلك األدلةالناصة على المنع باالطالق أو التقييد.

ومنها: ما رواه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السالم قال سألته عنالمرأة المسلمة يصيبها البالء في جسدها إما كسر وإما جرح في مكان ال يصلح النظر

إليه، يكون الرجل أرفق بعالجه من النساء، أيصلح له النظر إليها؟ قال: إذااضطرت إليه فليعالجها إن شاءت (١).

تقريب االستدالل: أن ارتكاز السائل قد استقر على أن في جسد المرأة موضعايصلح النظر إليه وموضعا ال يصلح حيث عبر بذلك، فأمضاه المعصوم عليه السالم، ولما

كان القدر المقطوع مما يصلح النظر هو الوجه والكفان، فتدل على جواز النظرإلى ذلك اختيارا كما يجوز النظر إلى غيره اضطرارا.

وفيه أوال: إن غير واحد من الذين جعل الرشد في خالفهم قد جوزوا النظرإلى ذلك، فيمكن صدورها وتجويزه اتقاء منهم.

وثانيا: إن أقصى ما قيل في التقريب هو امضاء ما ارتكز في ذهن السائلاجماال، ومن المعلوم: أن مثل هذا ال يقوى على تخصيص ما مر في األمر األول

أو تقييده.--------------------

(١) الوسائل باب ١٣٠ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٣٥)

Page 62: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: ما رواه عن علي بن سويد قال: قلت ألبي الحسن عليه السالم: إني مبتلىبالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها، فقال: يا علي ال بأس إذا عرف

الله من نيتك الصدق، وإياك والزنا فإنه يمحق البركة ويهلك الدين. (١)حيث إن المستفاد من الجواب هو جواز النظر العاري عن كذب الريبة

والشهوة.والقدر المقطوع من ذلك هو الوجه والكفان، لخروج ما عداهما باالتفاق.وفيه: أن المراد من االبتالء هنا ليس االشتياق المانع عن الترك بحيث يكون

مصب السؤال هو االعتياد بالنظر المعجب، ويكون مفاد الجواب هو تجويزه، ألنذلك حرام قطعا واتفاقا، بل المراد منه هو االبتالء المنتهى إلى النظر للجوار

في المسكن بأن يكون مجاورا لها في الدار، أو لالعتياد في التجارة بأن يكونبائعا ألمتعة تشتريها منه، أو لغير ذلك، فيقع النظر إليها قهرا أو اختيارا وتعمدا

عن ضرورة، لكونها ممن تشتري المتاع منه كل يوم مثال.كما أن المراد من االعجاب ليس هو المقارن للنظر لحرمته باالتفاق حتى

ممن استثنى الوجه والكفين، بل هو االعجاب الالحق عقيب النظر بتجسم صورتهاالخيالية، فيكون وزان االعجاب هنا وزان العجب بعد الصالة، فيحتمل أن يكون

مصب السؤال هو حكمه، كما سئل عن العجب الالحق للعمل.فيحنئذ اتضح أن المسؤول عنه هو لزوم التحفظ وقطع الربط المنتهي إلى النظر

قهرا أو اختيارا عن ضرورة الكسب ونحوه، فأجاب عليه السالم بنفي البأس وعدم لزومالتحفظ الكذائي بقطع الربط إذا علم من نيته عدم االنتهاء إلى الفاسد وأن االعجاب

الالحق ال يتعدى عن طور الخيال إلى عالم الخارج، فال مساس لهذه الروايةباستثناء الوجه والكفين، بل ظاهرها جواز النظر قهرا أو عمدا عن ضرورة مع

--------------------(١) الوسائل باب ١ من أبواب النكاح المحرم ح ٣.

(٣٦)

Page 63: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

العلم باالنحفاظ. وهذا هو سر ما قيد الجواز بعض األصحاب (ره) بالحاجة،كما عن العالمة في بعض كتبه، فتبصر.

ومنها: ما رواه عن مفضل بن عمر قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: جعلت فداكما تقول في المرأة تكون في السفر مع الرجال ليس فيهم لها ذو محرم وال معهم

امرأة فتموت المرأة ما يصنع بها؟ قال: يغسل منها ما أوجب الله عليه التيمم وال تمسوال يكشف لها شئ من محاسنها التي أمر الله بسترها، قلت: فكيف يصنع بها؟

قال: يغسل بطن كفيها ثم يغسل وجهها ثم يغسل ظهر كفيها (١).تقريب االستدالل: هو لزوم غسل مواضع التيمم وعدم كشف ما أمرت بالستر

مع جوازه فيما عداها وهو مالزم للنظر عادة وإن منع المس.وفيه بعد اتضاح أن المراد من ذلك ليس هو الغسل الواجب (٢)، أن

المستفاد من الصدر هو غسل مواضع التيمم، وهي عبارة عن الجبهة، والحاجبينلزوما أو احتياطا إلى أعلى األنف، وعن ظهر اليدين من الزند إلى األصابع،

دون البطن.وأما المستفاد من الذيل هو غسل بطن الكفين وظهرهما وغسل الوجه، مع

أن أكثر مواضع الوجه يكون خارجا عن حد ما يتيمم فال يندرج تحته، وكذاالكفين، اللهم إال أن يندرج تحته من حيث كونه ماسحا كما أن الظهر ممسوح

به، فلو أمكن إدراج البطن بهذا التمحل تحت ما يتيمم، فال احتيال في البين الدراجالوجه بماله من المفهوم الوسيع الشامل لما عدا ما يسمح في التيمم من المواضع

أيضا تحته، فال يتم المقصود من جواز النظر إليه.وأما تبعيض الكشف: بأن يجوز بالنسبة إلى بعض المواضع دون بعض فمتوقف

--------------------(١) الوسائل باب ٢٢ من أبواب غسل الميت ح ١.

(٢) ولذا صرح األصحاب بدفنها كما هي على ما وردت به النصوص. نعم مالبعضهم إلى استحباب هذا الغسل الخاص، فراجع.

(٣٧)

Page 64: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

على كون قوله عليه السالم " التي أمر الله بسترها " قيدا احترازيا، فيدل على أنه يجوزللرجل األجنبي أن يكشف بعض المواضع التي لم تؤمر تلك المرأة حال حياتها

بالستر، فحينئذ يالزم النظر عادة، والقدر المتيقن من تلك المواضع هو الوجهوالكفان.

وأما بناء على كون ذلك القيد توضيحيا - كما ال يبعد - فال.أضف إلى ذلك كله إنكار التالزم بين الغسل والنظر، فلعله من وراء الثياب،

وعلى التسليم ال يمكن التعدي من مورد الضرورة إلى المبحوث عنه من الجواز مطلقا.ومنها: ما رواه عن أبي سعيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السالم يقول: إذا ماتت

المرأة مع قوم ليس لها فيهم محرم يصبون عليها الماء صبا، ورجل مات مع نسوة ليسفيهن له محرم، فقال أبو حنيفة: يصببن الماء عليه صبا، فقال أبو عبد الله عليه السالم:

بل يحللهن أن يمسسن منه ما كان يحل لهن أن ينظرن منه إليه وهو حي، فإذا بلغن الموضع

الذي ال يحل لهن النظر إليه والمسه وهو حي، صببن الماء عليه صبا (١).تقريب االستدالل: هو أن المستفاد من قوله عليه السالم " بل يحل... الخ " (ردا لماقاس أبو حنيفة) والمقطوع من ذاك الموضع الذي يحل لها النظر إليه وهو حي، هوالوجه والكفان، وحيث إنه ال فرق في هذه الجهة بين الرجل والمرأة فإذا جاز لها

النظر إلى وجهه وكفيه يجوز له أيضا ذلك باالجماع المركب والقول بعدم الفصل.وفيه (٢): أن المستفاد من الصدر الوارد في خصوص المرأة هو عدم جواز المس

--------------------(١) الوسائل باب ٢٢ من أبواب غسل المت ح ١٠.

(٢) والحاصل: أن نطاق الصدر هو منع الرجل عن مس األجنبية، وأما الذيلفظاهره جواز مسها لبعض مواضع األجنبي وهو خالف االجماع القطعي، مع أنه لو جاز

التعدي من المرأة إلى الرجل بأن يجوز له النظر إليها كما في االستدالل فال بد من االلتزامبجواز مسه لها لمكان التالزم المأخوذ في الرواية، ألن جواز نظر المرأة لبعض مواضع

الرجل مصحوب لجواز مسها إياه فليلتزم به في الرجل أيضا مع أنه لم يقل به أحد، ألنالمس ممنوع من الطرفين باالجماع.

(٣٨)

Page 65: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حسب االكتفاء بالصب وعدم تجويز ما عداه، فال بد من التزام التفصيل بين الرجلوالمرأة بأن يجوز لها مس بعض مواضعه دون العكس، كما هو المستفاد من الرواية

(١)وأضف إلى ذلك كله ابتالء هاتين الروايتين بالمعارض على ما في بابه، فراجع.

فتحصل: أنه لم يتم نصاب حجية دليل التخصيص بالوجه والكفين تجاهتلك األدلة الناطقة بالحرمة مطلقا، ولعله نشير إلى بعض آخر مما تمسك به

للجواز وإلى ما فيه، وهو رواية علي بن جعفر، فارتقب.األمر الثالث: في بيان ما يجب ستره على المرأة

لقد اتضح لك الميز بين النظر والستر بامكان حرمة األول وعدم وجوبالثاني، فبعد الفراغ عن حرمة نظر الرجل إلى األجنبية يلزم البحث عما يجب

عليها من الستر، نعم لو تم الدليل على لزوم الستر عليها لحكم بحرمة النظر عليهإلى ما وجب ستره، للتالزم بينهما في هذه الجهة - كما تقدم - ويمكن أن يستدل

للوجوب بالكتاب والسنة.أما الكتاب: فقوله تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن

فروجهن وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهنوال يبدين زينتهن إال لبعولتهن أو آباءهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء

بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكتأيمانهن أو التابعين غير أولي األربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات

النساء وال يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيهاالمؤمنون لعلكم تفلحون (٢).

--------------------(١) ولم يقل به أحد ألن المس ممنوع باالجماع القاطع سيما مع امكان الصب

فاألولى طرح الرواية.(٢) سورة النور - آية ٣١.

(٣٩)

Page 66: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تقريب االستدالل بهذه الكريمة على لزوم الستر وبيان مقداره إنما يتمفي مقامين: أحدهما: بلحاظ ما يستفاد منها مع قطع النظر عما ورد في تفسيرها

من النصوص، واآلخر: بلحاظ ما ورد في تفسيرها منها.أما المقام األول:

فهو أن ظاهر النهي عن االبداء هو الزجر التام المولوي عنه، فيحرم االظهارويجب الستر. والمراد من الزينة، إما نفس األعضاء الجالبة المهيجة كالعين والعذار

والشعر ونحوها، وإما ما يتزين به مما هو خارج عن العضو ذاتا وإن يتصل بهعند التزين كالخضاب والكحل ونحوهما مما هو المطلي على الوجوه والشفاه

واألنامل وغيرها، أو ال يتصل به بل كان معلقا عليه من الذهب وغيره المعمول لذلك.فعلى األول: ال احتياج إلى التقدير، فتدل على لزوم ستر تلك األعضاء،

وعلى الثاني: يلزم تقديره حسب التناسب بين الحكم والموضوع، إذ ال وجه لحرمةابداء ما يتزين به من تلك األشياء بذواتها، فالمراد هو مواضعها من البدن فيجب

سترها.والظاهر: رجحان الوجه األول، وال استيحاش من كون ما هو جزء من

البدن نفسه زينة، كما ال استبعاد كون بعض ما هو كذلك عورة وسوءة يستحييمنها، كذلك هنا بعض األجزاء زينة يتزين بها ويصير اإلنسان بها مسرورا،

وسيوافيك ما يرجحهوأما المراد من االستثناء، فهل هو المقدار الظاهر من البدن في عصر النزول؟

أو ما هو الدارج في كل عصر بحسبه؟ أو هو المقدار الظاهر من زينة البدن ال نفسه؟أو خصوص الوجه والكفين؟ أو خصوص الكفين واألصابع؟ أو غير ذلك؟ وجوه

وأقوال:

(٤٠)

Page 67: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال مجال للوجه األول بعد عدم معلومية ما هو المقدار الظاهر في عصرالنزول، ألن الكريمة إنما نزلت للتحديد تهديدا، فال بد من داللتها على تقليل

ما كان رائجا، وبيان لزوم ستر ما كان مكشوفا، وإال لصارت امضاء وتنفيذا لتلكالسيرة، وهو كما ترى.

كما أن احتمال تحديد المستثنى في كل عصر بحسبه مساوق للغوية النزولبعد ما تغيرت السيرة وصارت بالد اإلسالم كغيره مملوة من العاريات، بل مع

تغيير من تستر نفسها وال تبدي زينتها من النساء المؤمنات.بل المراد هو ما ظهر من األعضاء التي تكون زينة لهن قهرا وبال اختيار

بإطارة الريح أو عند الركوب والنزول من الدواب والسيارات مع التحفظ أو معاألمن واليقين بعدم الناظر، إذ ال ريب في أن لزوم الستر ليس واجبا نفسيا كالصالة

والصيام، بل وجوبه إنما هو بلحاظ االستتار عن الناظر لشهادة التناسب المتقدم.وما عد في اآلية من موارد االستثناء ونحو ذلك مما هو خارج عن االختيار وإنكانت مقدماته اختيارية، فالشرع األنور لم يسد أبواب تلك المبادئ االختيارية

بايجاب االحتياط وتحتم القرار في البيوت وتحريم الخروج منها، بل سهلاألمر وأجاز الخروج وامتن بتجويز ما ظهر قهرا مع التحفظ بالستر، فحينئذ

يصير االستثناء منقطعا إذ ليس الظهور الكذائي مستندا بابدائهن حتى يكون خارجاعن عموم المستثنى منه، ومعه تكون الداللة على حرمة االبداء ولزوم الستر آكدوأقوى، ألن انقطاع المستثنى مؤكد الستيعاب المستثنى منه وعدم خروج فردمنه أصال، فلذلك يقال عند إرادة االستغراق وتأكيد االستيعاب: جاءني القوم

إال حمارا، بمعنى أن القوم بأسرهم جاءوا ولم يخرج منهم أحد أبدا، وهذا بخالفاتصاله، ألن خروجه موجب النكسار ظهور العام - كما في محله - فراجع.

فالكريمة بالغة الداللة على حرمة االبداء مطلقا، ويؤيده عدم استثنائه

(٤١)

Page 68: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ثانيا عند قوله تعالى " وال يبدين زينتهن إال لبعولتهن... الخ "، فلو كان المرادمن " ما ظهر " هو العضو الخاص كالوجه أو نحوه للزم أن يقال: وال يبدين عدا ما

ظهرمنها إال لبعولتهن... الخ، واحتمال االكتفاء بالسابق خال عن الوجه.

هذا بناء على كون المراد من الزينة هو العضو نفسه، وأما بناء على كونهاما يتزين به مما هو خارج عنه ذاتا فهي على قسمين: أحدهما ما يكون ظاهرا

واآلخر ما ال يكون كذلك.أما األول: فكالخمار والقناع والقميص، ونحو ذلك من الثياب، إذ هي

قد تكون فاخرة جالبة مزينة، بحيث تزيد في حسن الحجم وبهاء الجسد قطعا،فقد استثنى إبدائها فال يحرم ابداء ذلك بأن يجب عليهن الحبس في البيوت وعدم

الخروج إال بثياب مرقوعة، بل يجوز لهن الخروج البسة لتلك الثياب الفاخرة،وهذا هو خيرة الطبرسي المفسر الشهير في جامع الجوامع حيث قال (ره) ما مثاله:

أن المراد من قوله تعالى " إال ما ظهر " هي الزينة الظاهرة كالثياب، وقيل: هينحو الكحل والخضاب والخاتم، وقيل: هو الوجه والكفان، وعنهم عليهم السالم هو

الكفان واألصابع، وأما الزينة الباطنة فكالخلخال والسوار ونحو ذلك - انتهىملخصا، فخيرته هو ما اخترناه: من إرادة الثياب دون ما عداها.

وأما القول بأنها الكحل ونحوه، فهو مالزم عادة للنظر إلى نفس العضوالمكتحل وكذا المختضب أيضا.

وأما القول بأنها الوجه والكفان، فهو مبني على كون المراد من الزينةهو نفس األعضاء وجعلهما مما ظهر.

وأما ما نقله أخيرا عنهم عليهم السالم فهو دال على خروج الوجه بحسب النصوص.فتحصل: أن المراد من الزينة هو نفس األعضاء، فيكون االستثناء لتأكيد

استيعاب المستثنى منه، فال يجوز لهن إبداء جزء منها اختيارا أبدا بال استثناء شئ

(٤٢)

Page 69: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

منها، وعلى فرض إرادة الزينة الخارجة من ذات البدن فالمراد من المستثنى هوالثياب الفاخرة التي تعد زينة ظاهرة، فيكون المستثنى متصال فيجوز لهن إبدائهااختيارا، وأما ما عدا من ذلك مما يستلزم لظهور أي جزء من الجسد فال البتة.وعن ابن مسعود تفسير الزينة باللباس مستدال بقوله تعالى: " خذوا زينتكم عند

كل مسجد " حيث إن المراد منها هو الثوب الفاخر الحافظ للعزة والعظمة ال المرقوعالموجب لالنزجار في المحفل العام كالمسجد، وهذا أيضا يؤيد ما ذكر بعض التأييد.

وأما المقام الثاني:فلقد روي عن الفضيل أنه قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن الذراعين من المرأة

هما من الزينة التي قال الله " وال يبدين زينتهن إال لبعولتهن " قال: نعم وما دونالخمار من الزينة وما دون السوارين (١).

ال اشكال في السند لصحته، كما أنه ال سترة في أن المرتكز في ذهن السائلصحة إطالق الزينة على نفس العضو وكون بعض األعضاء زينة قطعا، وإنما الشك

في بعضها اآلخر كالذراع، والمستفاد من الجواب أيضا كون العضو زينة.وإنما المهم في مفاد ما تطفل في الجواب تفضال، الحتمال كونه لبيان استثناء

الوجه والكفين - كما استدل به في الحدائق - والحتمال كونه لبيان استوائهمامع سائر األعضاء، فيحرم ابدائهما كما يحرم إبدائها، وذلك ألن الخمار هو مايستر الرأس والسوار ما يستر الزند وإن كان قليال. فإن أريد من لفظة " دون "التحت المرادف للسفل المقابل للعلو، فيدل بالمنطوق على حرمة إبداء الوجه

والكفين لكونهما زينة، وإن أريد منها التحت المرادف للباطن المقابل للظاهر،فيدل بالمفهوم على جواز االبداء وعدم الستر.

وتوضيحه: بأنه على األول يدل بالمنطوق على أن الوجه زينة لكونه--------------------

(١) الوسائل باب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٤٣)

Page 70: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

سافال بالقياس إلى الخمار (حيث إنه في الرأس) وكذا على أن الكف زينة لكونهسافال بالقياس إلى السوار (حيث إنه في الزند)، إذ ال مرية في أن الخمار الواقع

في الرأس عال والوجه الواقع تحته سافل، وكذا السوار الواقع في الزند عالوالكف الواقع تحته سافل، فإذا حكم بأن ما يكون سافال لهما زينة يقطع بحرمة

إبدائه، فيكون وزان الوجه والكفين وزان سائر األعضاء.وأما على الثاني: فيدل بالمفهوم على أن الوجه والكف ليسا بزينة، ألن

المراد من " دون الخمار " هو الرأس، لكونه باطنا ومستورا والخمار الواقعفوقه ظاهرا ساترا، وكذا من " دون السوار " هو خصوص الزند، لكونه باطناومستورا والخمار الواقع فوقه ظاهرا ساترا، فإذا حكم بأن الرأس زينة يحكم

بأن الوجه ليس بزينة أداء لحق المفهوم المستفاد من اللقب الواقع في مقام التحديدوكذا إذا حكم بأن الزند زينة يفهم أن الكف ليس بزينة لذلك التحديد، وال مجال

للتفكيك بين لفظي " دون " بإرادة أحد المعنيين من موضع واآلخر من اآلخر،إلباء وحدة السياق عنه.

فإن لم يكن لها ظهور في األول، فال أقل من التساوي الموجب لالجمالالمسقط لهذه الصحيحة عن صلوح االستدالل مع بقاء الكريمة بحالها.ولذلك لم يتمسك جل من قال باستثناء الوجه والكفين بهذه الصحيحة.

نعم في الحدائق: قوله عليه السالم " وما دون الخمار " أي ما يستره الخمار منالرأس والرقبة فهو من الزينة، وما خرج عن الخمار من الوجه فليس منها، و

دون السوارين يعني من اليدين وهو ما عدا الكفين، وكأن " دون " في قوله " دونالخمار " بمعنى تحت الخمار و " دون السوار " بمعنى تحت السوار، يعني الجهة

المقابلة للعلو، فإن الكفين أسفل بالنسبة إلى ما فوق السوارين من اليدين، انتهى.وفيه: أنه إن أراد اتحاد معنيي لفظة " دون " في ذينك الموردين بإرادة التحت

(٤٤)

Page 71: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

منها - كما هو الظاهر من بعض فقراته - فال غبار عليه، لتمامية المقصود بذلك،ألن الوجه وكذا ما عدا موضع السوار إلى األصابع خارج بالمفهوم عن الزينة،

فيجوز االبداء، ولكنه ال يالئمه قوله... يعني الجهة المقابلة للعلو.وإن أراد التفكيك بين المعنيين: بإرادة التحت المرادف للباطن المستور

بالنسبة إلى الخمار، وبإرادة التحت المرادف للسفل المقابل للعلو بالنسبة إلىالسوار، بأن يكون مراده: ما هو دون السوار وأسفله إلى المفصل المنشعب

منه الكف - ألن بين موضع السوار وبين المفصل مقدارا من اليد - وأريد إدراجهأيضا في حرمة االبداء مع إرادة خروج خصوص الكف نفسه عن حد الزينة.

فيرد عليه أوال: إن التفكيك غير مالئم لوحدة السياق جدا.وثانيا: إذا أريد من لفظة " دون " في السوار، السافل المقابل للعالي وفرض

الفصل بين موضعه وبين الزند، فمن أين يقتصر على خصوص ذاك المقدار؟ إذ كماأن ذلك المقدار سافل كذلك الكف أيضا سافلة بالنسبة إلى موضع السوار، إذ

يصدق على جميع ذلك أنه دون السوار - أي أسفل من موضعه - فما السر في اخراجخصوص الكفين؟

أضف إلى غلق العبارة وحزازتها: أنه (ره) استدل بهذه الرواية الدالةعلى جواز االبداء - على التسليم - على جواز النظر إلى الوجه والكفين، مع

أن بين جواز االبداء وجواز النظر فرقا وميزا مانعا عن التالزم - كما مر - نعملو دل شئ على جواز النظر فلعله مستلزم لجواز االبداء وال عكس، فراجع.هذا كله مع الغض عما في استدالله، إذ ال ظهور للفظة " دون " في التحت

المرادف للباطن المستور، مع احتمال إرادة ما هو المرادف للسفل - كما مر -وال أقل من االجمال المسقط لهذه الرواية عن صلوح االستدالل مع بقاء الكريمة

بحالها.

(٤٥)

Page 72: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والذي يمكن أن يرجح به االحتمال الثاني الذي أبديناه المنتج لحرمةاالبداء، هو أن المفتى به لدى كثير من علماء العامة هو الجواز بالنسبة إلى

الوجه والكفين من حيث النظر المستلزم لجواز االبداء.قال ابن رشد: والسبب في اختالفهم أنه ورد األمر بالنظر إليهن مطلقا،

وورد المنع مطلقا، وورد مقيدا أعني بالوجه والكفين، على ما قاله كثير منالعلماء في قوله تعالى " وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها " أنه الوجه والكفان،وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند األكثر، ومن منع تمسك باألصل وهو

تحريم النظر إلى النساء، انتهى.فيمكن أن يكون ذهن السائل قد استقر على جواز كشفهما تبعا لما هو

الدارج بين هؤالء وكونه مفروغا عنه، فلذا اقتصر في السؤال على الذراعين وأنههل الذراع زينة يحرم إبدائها أو ال؟ كالكف الجائز ابدائه، فأجاب عليه السالم بأن

الذراع زينة، وتطفل ثانيا بكون الوجه والكف أيضا من الزينة ردعا لما ارتكزفي ذهنه وردا لما استقر في رأيه، فعليه يكون المراد من لفظة " دون " هو السافل

في كال الموضعين.والغرض أنه مع التنبه لمثل هذه النكتة يذعن بعدم الظهور فيما

ادعاه (ره).ومما ورد أيضا تفسيرا للكريمة هو ما رواه عن القاسم بن عروة عن عبد الله بن

بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السالم في قول الله عز وجل " إال ما ظهر منها "قال:

الزينة الظاهرة الكحل والخاتم (١).وال اشكال في السند إال بوقوع القاسم بن عروة، حيث إنه لم يوثق إال على

الطريقة الدارجة بين المتأخرين، الذين يتطرقون بها إلى التوثيق، وهو نقلالرواة األجالء عنه، إذ به يحصل الوثوق، ألنه لو لم يكن المروي عنه موثقا

--------------------(١) الوسائل باب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٣.

(٤٦)

Page 73: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عندهم لما نقلوا عنه، ولما كان القاسم بن عروة ممن يروي األجالء عنه فتكشفوثاقته بذلك.

وأما المتن: فالمستفاد منه، هو إرادة الزينة الخارجة عن البدن التي يتزين بهاألنفس األعضاء الجالبة - على ما في رواية الفضل المتقدمة - وحيث إن الكحل متقوم

وجودا بالجفن المكتحل وكذا الخاتم متصل باألصبع المتختم وال يمكن الفك بينالحال والمحل، فجواز إبداء هذين مستلزم لجواز إبداء ذينك العضوين.

وال سترة أيضا في أن جواز إبدائهما مع هاتين الزينتين مستلزم لجوازإبدائهما لو خليا وطباعهما بال تزين بهما قطعا، إذ ال يعقل جواز إبداء اإلصبع

المتختم وعدم جواز إبدائه وحده بال خاتم، وكذا في المكتحل.نعم ال يستفاد جواز إبداء ما زاد عنهما، كما أنه ال يستفاد جواز إبدائهما

أيضا بزينة أقوى تهييجا وأشد تحريكا للغريزة الحيوانية.ولك أن تقول: إن ظهور الزينة وخفائها دائر مدار ظهور العضو المتزين

وخفائه، فالمراد من الزينة الظاهرة ما هو الواقع في العضو الظاهر، كما أن غيرهاما هو الواقع في العضو المختفي، فلعل السائل كان مركوز الذهن بجواز اظهار

بعض األعضاء البتة واستفاد من الكريمة جواز إبداء الزينة الواقعة في ذلكالعضو الذي يجوز إبدائه فسأل عن تلك الزينة، فأجاب عليه السالم بالكحل والخاتم

تحديدا لها، فعليه إذا تزين ذاك العضو كالوجه مثال بزينة أخرى فال يجوزاالبداء تبعا لتلك الزينة الزائدة المهيجة، وسيتضح هذا مزيد اتضاح، فارتقب.

ومن ذلك أيضا ما رواه عن سعد بن مسلم عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال:سألته عن قول الله عز وجل " وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها " قال: الخاتم

والمسكة وهي القلب (١).--------------------

(١) الوسائل باب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٤.

(٤٧)

Page 74: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أن السند باعتبار سعد بن مسلم قابل للنقاش، ألنه مجهول.وأما المتن: فالكالم فيه هو ما مر، فيستفاد منه أن جواز إبداء بعض

األعضاء كان مفروغا في محله، وحيث إنه أجيز إبداء زينة ذاك العضو التي تكونظاهرة بظهوره، ولم يعلم أن تلك الزينة ما هي؟ وكم هي؟ فسئل عنها، فأجيب

بأنها الخاتم والمسكة (بفتحتين) ولما كان المسك شامال للسوار والخلخال فسربخصوص القلب الذي بمعنى السوار وإن كان نوعا خاصا منه مصنوعا من العاج،

فيدل على جواز إبداء موضعه أيضا، بل يدل على الكف نفسه، إذ ال يساعد العرفتقطيعه بجواز إبداء اإلصبع والزند مثال دون ما عداهما من أجزائه، ونظير ذلك

في الكحل، لبعد جواز إبداء خصوص الجفنتين دون نفس العين مثال.ومنه: ما رواه في المستدرك (١) عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم في قوله

تعالى " وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها " فهي الثياب والكحل والخاتم وخضابالكف والسوار، والزينة ثالثة: زينة للناس، وزينة للمحرم، وزينة للزوج،

فأما زينة الناس فقد ذكرناها، وأما زينة المحرم فموضع القالدة فما فوقهاوالدملج وما دونه والخلخال وما أسفل منه، وأما زينة الزوج فالجسد كله.

تقريب االستدالل بها لجواز االبداء هو ما مر، وفيها إضافة الخضابالمستوعب للكف مع االشعار إلى جواز النظر، ألن جواز االبداء وإن لم يستلزم

بنفسه جواز النظر، إال أن التعبير بقوله " للناس " في قبال قوله " للمحرم " و" للزوج "، غير خال عن االشعار به لو لم يكن ظاهرا. نعم يشكل االعتماد عليها

لضعف أبي الجارود.وأما التحديد بما ذكر بالنسبة إلى المحرم مع جواز إبداء جميع الجسد

عدا العورتين، فلعله الستحباب الترك أو كراهة الفعل بالنسبة إلى ما زاد عنه،كما أفتى به عدة من األصحاب (ره).

--------------------(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٥٥.

(٤٨)

Page 75: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وحيث إن في السند بعض النقاش، فهي إن لم تكن دليال فال أقل منالتأييد.

كما أنه يمكن أيضا تأييد عدم حرمة إبداء الوجه بقوله تعالى " وليضربنبخمرهن على جيوبهن " حيث إنه مضروب على الرأس إلى الجيب بال إسدال إلى

الوجه، فهو مضروب خلفا ال قداما، فيستر الرأس ال الوجه، فلم يؤمر به فاليحرم إبدائه حينئذ، أو يكون مسدوال إلى الجنب فأمر بضربه على الجيب أيضا

- كما يأتي - فال يدل على منع االبداء.هذا محصل القول في الكريمة بلحاظ ما يستفاد منها وحدها، وبلحاظ

ما ورد تفسيرا لها.أما السنة:

فمنها: ما رواه عن عبد الله بن جعفر في قرب اإلسناد عن هارون بن مسلمعن مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفرا - وسئل عما تظهر المرأة من زينتها - قال:

الوجه والكفين (١).ألنها وإن لم تكن منقطعة المساس بالكريمة، ولكنها لم ترد مفسرة لها،

وداللتها على جواز إبداء ما فيها تامة جدا، فيتقيد بها إطالق ما مر.إنما الكالم في السند، ولكن الحق صحته فيحكم بجواز إبداء الوجه

والكفين بهذه الصحيحة، مع جعل ما مر تأييدا له.أضف إلى ذلك: أنه ليس لآلية ظهور تام في حرمة االبداء حتى يتجشم في

التقييد، وذلك لما أشير إليه من أن المراد من قوله تعالى " وليضربن بخمرهنعلى جيوبهن " أن الخمار هو القناع الساتر للرأس وكان مسدوال إلى الجنب

- على ما هو المستفاد من مجمع البيان والجوامع لمؤلفهما الطبرسي (ره) - وكان--------------------

(١) الوسائل باب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٥.

(٤٩)

Page 76: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

النحر والجيب مكشوفا، فأمر الله تعالى بضربه على الجيب سترا له وللنحر، ومنالمعلوم: أنه كما يمكن الضرب عليه باسدال الخمار من الفوق إلى الجيب بامتدادالوجه بحيث يصير الوجه أيضا مستورا به كذلك يمكن جعل إحدى حاشيته على

األخرى عند تالقيهما في الجيب فيستر هو والنحر معا بهذا االنطباق بال ستر الوجهكما هو الدارج عند كثير من النساء، فحينئذ ال ظهور لها في الوجه األول الدال

على حرمة االبداء، وال إطالق تام في الباب حتى يتعب لتحصيل المقيد له.فتحصل من جميع ما مر: أن األقوى هو جواز إبداء الوجه والكفين للمرأة،

نعم ال يستلزم ذلك جواز النظر كما مر غير مرة، وقد مر النقاش فيما تمسك بهلجواز النظر إلى ما ذكر.

ثم إنه قد يتمسك هنا بما يدل على جواز النظر إلى الوجه والكفين المستلزملجواز االبداء، وهو ما رواه الحميري في قرب اإلسناد عن عبد الله بن الحسن العلويعن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السالم، قال: سألته عن الرجل

ما يصلحله أن ينظر من المرأة التي ال تحل له؟ قال: الوجه والكفان وموضع السوار. (١)

والسند الشتماله على عبد الله بن الحسن غير موثق، إذ لم نجده مذكورافي كتب الرجال حتى يوثق، وإن أفاد النوري (ره) في المستدرك أنه هو الذي

يتكرر النقل منه في الكافي وغيره، إال أنه ليس أزيد من الحدس، فلعله غيرهفمن أين الوثوق؟ أضف إلى ذلك اشتمالها على استثناء موضع السوار - وهو ما

فوق الكف من الساعد إلى الزند ال خصوص المفصل - وهو ما يحرم إبدائه البتة،والعجب أنه لم ينقله الشيخ األنصاري (ره) في شرح االرشاد حينما نقل الروايةعن كفاية السبزواري، ونقل أنه (ره) لم يستبعد صحتها، حيث إنه اكتفى على

الوجه والكفين دون موضع السوار مع اشتمالها عليه.--------------------

(١) ص ١٠٢ في آخر كتاب الصالة.

(٥٠)

Page 77: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وقد يحمل هذا الخبر على المحرم بحمل قوله: التي ال تحل له، على التييحرم نكاحها وإن كانت محرما، وال ريب في أنه خالف الظاهر جدا، اللهم إال أن

يتكلف بجمعها مع أدلة حرمة النظر بحمل هذا على ما أشير مع التصرف اآلخربحملها أيضا على الكراهة أو الندب.

والحاصل: أنه لو تم سند هذه الرواية ألمكن الحكم بجواز النظر إلىالوجه والكفين اعتمادا عليها، وجعل ما عداها من المرسلة المتقدمة مؤيدة لها

ونحو ذلك.ومن الكتاب أيضا قوله تعالى: يا أيها النبي قل ألزواجك وبناتك ونساء

المؤمنين يدنين عليهن من جالبيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فال يؤذين وكان الله غفورارحيما (١).

وأقصى ما يمكن االستدالل به لوجوب الستر مطلقا هو األمر بادناء الجلبابأي إرخائه، وحيث إنه محذوف المتعلق يؤخذ باطالقه ويحكم بوجوب الستر

كذلك، فحينئذ يلزم وجوب ستر الوجه والكفين كسائر األعضاء مما يحرمإبدائه.

وفيه: أن العثور على سر النزول مع انضمام الصدر إلى الساقة يعطي خالفما استدل، ويشرف الفقيه على االطمئنان بأن الحكم من اآلداب الراجحة باللزوم، وذلك ألنه لم يتضح أوال: أن الجلباب ثوب خاص معد لستر الوجه أوالرأس والوجه ونحوه، أو هو ثوب لم يستعد له بل يمكن أن يستر الوجه به،

إذ الجلباب قد فسر بأنه فوق الخمار ودون الرداء أو ثوب واسع ونحو ذلك، بالاختصاص له بالوجه، فعليه ال ظهور له في إلزام ستره، نعم يشمله باالطالق المبتني

على حذف المتعلق ونحوه.--------------------

(١) سورة األحزاب - آية ٥٩.

(٥١)

Page 78: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وثانيا: أن مورد النزول هو أنه لما كانت اإلماء في تلك اآلونة عرضة لألذىأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يرشد النساء الحرائر إلى ارخاء الجلباب

الموجبالمتيازهن عن اإلماء حتى يصن عن التعرض ويحفظن عن أذي اللئام، ويالئمه

قوله تعالى " أدنى أن يعرفن فال يؤذين... الخ " حيث رتب عدم األذية علىالمعروفية فإذا صرن بالستر ممتازات عن اإلماء التي لم تكن ساترات الوجوه

والرؤوس يحفظن عن عرضة األذى، ومن المعلوم: أن هذا اللسان ال ينطق باللزومأصال، نعم لو توقف صون المرأة على إرخاء الجلباب لوجب، كما أنه لو توقف

على شئ آخر وراء الستر كالفرار ونحوه لوجب أيضا، وأين هو من الوجوب النفسيالمبحوث عنه؟

فالكريمة قاصرة عن إفادة الوجوب بالنسبة إلى ستر الوجه، ألن سائراألعضاء عدا الوجه والكفين مما ال إشكال في وجوب سترها وال خالف فيه ظاهرا

فال احتياج إلى تجشم زائد، إنما الكالم في لزوم ستر الوجه والكفين.ومنه أيضا قوله تعالى " وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب

ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن... الخ " (١) وهذه هي اآلية المشهورة بآية الحجابالمعنى بها إذا قيل: حدث ذاك الشئ قبل نزول آية الحجاب أو بعدها.

تقريب االستدالل بها على وجوب الستر هو إيجابه تعالى الحجاب المانععن اللقاء عند السؤال، وحيث إنه ال خصوصية له - أي للسؤال - يستفاد منه

لزوم الحائل بين الرجل واألجنبية حتى ال يراها وال تراه، وال تفاوت في ذلك بينإرادة خصوص الثوب الحاجب أو األعم منه ومن الجدار ونحوه، لداللته على

لزوم التحفظ في معرض النظر.--------------------

(١) سورة األحزاب - آية ٥٣.

(٥٢)

Page 79: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ويؤيده ما ورد في (ابن أم مكتوم األعمى) وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بعضنساءه

باالحتجاب عنه، ألن العمى وإن كان حجابا بالنسبة إليه، ولكنها لما كانت غيرمحجبة كانت عرضة ألن تراه، فأمرها باالحتجاب حتى ال تراه، ألن نظر األجنبية

إلى األجنبي حرام كالعكس، بل األمر فيها أشد، لعدم استثناء الوجه والكفينونحو ذلك فيها، وإن قيل بذلك فيه.

وأما قوله تعالى " ذلكم أطهر... الخ " فال ظهور له في دوران الحكم مدارخوف فوات طهارة القلب وقداسته الالزمة حتى يقال: بخروجه عن حريم

البحث، للزوم الستر حينئذ بال كالم، ولحرمة النظر الكذائي بال خالف، بلالمحتمل هو لحاظ الشرع األنور ذلك حكمة للحكم ال علة له، فأوجب الستر

صونا عن ارتكاب خالف القداسة الباطنة أحيانا، فمعه يجب الستر مطلقا، سواءكان في مورد الريبة والتلذذ ونحو ذلك أم ال، وسواء كان بالنسبة إلى الوجه

والكفين أم ما عداهما، لالطالق المستفاد من حذف المتعلق.فالحجاب المطلوب للشرع لزوما مما أمرت المرأة بتحصيله ال الرجل،

وإن كان لو حصله بستر نفسه أو استتاره خلف الجدار ونحوه لحصل التحفظ،ولكن التكليف وااللزام منحدر نحوها دونه.

وأنت خبير بأن وجوب ستر الوجه والكفين المستفاد من اآلية حسباالطالق المرهون لحذف المتعلق ليس دليله قويا بنحو يقوى على معارضة ما ظاهرهجواز إبدائهما، بل تحمل اآلية بالنسبة إلى خصوصهما على الندب نظير غير واحد

من النصوص اآلمرة بحبسهن في البيوت وعدم إذنهن للخروج عنها، فليكن علىذكر منك.

(٥٣)

Page 80: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األمر الرابع: فيما يدل على عدم وجوب ستر الوجه والكفينقد الح لك في ثنايا األمر الثالث - الباحث عما يجب على المرأة من الستر -

ظهور بعض النصوص المعتبرة في جواز إبداء الوجه والكفين، وقد يتمسك أحيانابما ورد من تروك االحرام مما ظاهره أو محتمله جواز االظهار، فيلزم نقل ذلك

أوال، واإلشارة بما في االستدالل به ثانيا.وهو ما رواه عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن عليه السالم قال: مر أبو جعفر عليه

السالمبامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بنفسه عن وجهها (١) - ورواه

الصدوق مرسال، إال أنه قال: فأماط المروحة بقضيبه.تقريب االستدالل: هو أنه لو وجب ستر الوجه وحرم إبدائه لما أماط عليه السالم

المروحة عن وجهها، وليس ذلك إال لعدم الوجوب.وفيه أنه ما لم يعلم كيفية اإلماطة ال يمكن االستدالل بذلك لعدم الوجوب

وتوضيحه: بأن االستتار بالمروحة لعله ظاهر في لصوقها بالوجه صونا عن حرالشمس وهبوب الرياح ونحو ذلك، فإماطتها يتصور على وجهين:

األول: أن تكون برفعها عن الوجه بحيث تصير فوقه مظلة عليه، أن ما كانالصقا بالوجه من العالي إلى السافل جعل مرفوعا عنه فهو بعد باق بحاله ولكن

مسدوال مع الفصل بال لصوق.الثاني: أن تكون بابعادها عن الوجه رأسا بحيث تصير ملقاة على األرض مثال

بال مساس لها بالوجه وال بالقصاص ونحو ذلك أصال.فعلى األول: ال يالزم االبداء إذ يمكن االستتار حينئذ بنحو االسدال بال لصوق

وهو ساتر بال ريب، والفرق بين الالصق والمسدول مع الفصل هو صيانة الوجه عن تغيراللون في األول دون الثاني، حيث إنه يتخلل الحر وهبوب الريح فيؤثران فيه.

--------------------(١) الوسائل باب ٤٨ من أبواب تروك االحرام من كتاب الحج ح ٤.

(٥٤)

Page 81: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وعلى الثاني: يالزمه بل يشعر بجواز النظر أيضا فضال عن جواز االبداء،ألن إبعاد تلك المروحة عن الوجه رأسا مستلزم السفاره بال ريب، وحيث إن اإلماطة

الكذائية غير منفك عادة عن النظر، فلزم أنه عليه السالم قد نظر إلى وجهها إذ لو غمضعليه السالم عينيه أو حول رأسه أو وجهه لئال يقع النظر لنقل إلينا، ألنه أمر مهم خارج

عن العادة فيتوفر الدواعي إلى نقله.والحاصل: أن اإلماطة يمكن أن تتحقق على وجهين، وال ظهور لها في

خصوص الثاني، فإن أقيم الشاهد على رجحان أحدهما فهو.والذي يسهل الخطب هو ورود روايات عديدة يستفاد منها االكتفاء في

أسفار الوجه المأمور به في إحرام المرأة بعدم اللصوق وإن كان الثوب من النقابوغيره مسدوال من العلو إلى السفل، على اختالف مراتبه الواردة تلك الرواياتفيها كما يتضح، فمعه يستأنس الظهور العرفي لترجيح الوجه األول، حيث إنه

لمكان كفايته واجزائه يبعد أنه عليه السالم قد أماط المروحة رأسا بنحو يبدو الوجه.فمن تلك الروايات: ما رواه عن عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله عليه السالم

في حديث كره النقاب يعني للمرأة المحرمة، وقال: تسدل الثوب على وجهها،قلت: حد ذلك إلى أين؟ قال: إلى طرف األنف قدر ما تبصر (١).

والمراد من االسدال هو ما يكون االرخاء مع الفصل وبال لصوق بالوجه.وفي رواية الحلبي فقال عليه السالم: أحرمي وأسفري وأرخي ثوبك من فوقرأسك، فإنك إن تنقبت لم يتغير لونك قال رجل: إلى أين ترخيه؟ قال: تغطي

عينها، قال: قلت: تبلغ فمها؟ قال: نعم (٢).والجمع بين االسفار وبين االرخاء أصدق شاهد لما قلناه من االكتفاء بارخاء

الثوب في االسفار المأمور به بال لزوم االبداء البحت بال ارخاء شئ من الثياب أصال.--------------------

(١) الوسائل باب ٤٨ من أبواب تروك االحرام ح ٢ و ٣.

(٢) الوسائل باب ٤٨ من أبواب تروك االحرام ح ٢ و ٣.

(٥٥)

Page 82: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وفي رواية حريز: المحرمة تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن (١).وفي رواية زرارة: إلى نحرها (٢).

وفي رواية معاوية بن عمار: تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعالهاإلى النحر إذا كانت راكبة (٣).

وقد حققنا سر ذلك في مباحث الحج: من أن الراكبة يرى من وجههاما ال يرى من وجه غيرها، ألن الماشي معها لكونه أسفل وهي أعلى منه موضعايمكن أن يرى من وجهها ما ال يمكن أن يرى من وجه غيرها مع االسدال، فلذا

أمر باالرخاء إلى النحر صونا عنه، كما أنه قد حقق هناك أن الثوب المسدولوإن يقع على الوجه سيما األنف أحيانا فيصير بذلك مغطى به، إال أنه ال ضير

فيه لكونه غير ثابت، وال بأس بمثل هذه التغطية التي الثبات لها.وفي رواية سماعة: إن مر بها رجل استترت منه بثوبها وال تستتر بيدها

من الشمس (٤).وهذه ظاهرة في اللزوم فيما يكون عرضة للنظر، كما أن المستفاد من

المجموع هو عدم لزوم االسفار البحت بال إرخاء وال سدل أصال، فحينئذ يمكنجعل ذلك كله شاهدا على أن ما أماطه عليه السالم كان بالوجه األول ال الثاني.

أضف إلى ذلك كله: أنه لو تم نصاب ما يدل على جواز إبداء الوجه حالاالحرام، فيشكل التعدي إلى غيره بقول مطلق، ألن هناك من موارد الحاجة

والصعوبة، فيمكن الترخيص تسهيال، فال يجوز التعدي إلى غير حال االحرام.وقد يتمسك لعدم وجوب ستر الوجه والكفين بما رواه عن النوفلي عن

السكوني عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: قال: إن أمير المؤمنين عليه السالم نهىعن القنازع

والقصص ونقش الخضاب على الراحة، وقال: إنما هلكت نساء بني إسرائيل من--------------------

(١) الوسائل باب ٤٨ من أبواب تروك االحرام ح ٦ و ٧ و ٨ و ١٠.

(٢) الوسائل باب ٤٨ من أبواب تروك االحرام ح ٦ و ٧ و ٨ و ١٠.

(٣) الوسائل باب ٤٨ من أبواب تروك االحرام ح ٦ و ٧ و ٨ و ١٠.

(٤) الوسائل باب ٤٨ من أبواب تروك االحرام ح ٦ و ٧ و ٨ و ١٠.

(٥٦)

Page 83: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قبل القصص ونقش الخضاب (١).تقريب االستدالل - على ما أفاده الشيخ األنصاري (ره) في شرح االرشاد -أنه لو وجب ستر الوجه والكفين كغيرها لم يكره تزيينها كما ال يكره تزيين

غيرها كيف شائت، انتهى.وفيه: أنه ال تعرض فيها للوجه أوال، مع داللتها على عدم تزيين ما يجب

ستره باالجماع ثانيا، ألن القنازع هو ما يبقى من الشعر وسط الرأس مع حلقما عداه، والقصة هو شعر مقدم الرأس فنهى عن التزيين بذلك، فيمكن أن يكون

ستر الراحة واجبا كسترهما، وأن يكون النهي ولو تنزيها لرعاية االحتياط،حيث إنه مما يحتمل انكشافه لقضاء األوطار عند المعامالت ونحوها.

والغرض: أن ما هو العالج في نهي القنازع والقصص التي يجب الستر فيهاباالجماع هو العالج في نهي الخضاب، فال داللة له علي عدم الوجوب، مع ما في

السند من الضعف.نعم يمكن أن يتمسك للعدم بما رواه عن عبد الله بن جعفر في قرب اإلسناد

عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السالمقال: سألته

عن الرجل يحل له أن ينظر إلى شعر أخت امرأته؟ فقال: ال، إال أن تكونمن القواعد، قلت له: أخت امرأته والغريبة سواء؟ قال: نعم، قلت: فما لي

من النظر إليه منها؟ فقال: شعرها وذراعها (٢).ال إشكال في السند لصحته، وأما تقريب االستدالل على عدم الوجوب: أن

اختصاص السؤال بالشعر وعدم ذكر الوجه مع كونه أشد ابتالء منه غير خارجعن الوجهين: األول: أن يكون ارتكاز السائل هو المنع وعدم جواز النظر إلى

الوجه، والثاني: هو الجواز وعدم المنع.--------------------

(١) الوسائل باب ١٠٠ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٢) الوسائل باب ١٠٧ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٥٧)

Page 84: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فعلى األول: ال معنى للسؤال عن الشعر، ألن من ارتكز في ذهنه عدمجواز النظر إلى الوجه - أي وجه أخت الزوجة - وكان عالما بعدم جواز النظر

إلى شعر غيرها فال بد من أن يكون عالما بعدم جواز النظر إلى شعرها - أيأخت الزوجة - إذ ليس الشعر أسهل من الوجه بل هو أشد منه، لقيام النص

واالجماع على حرمة النظر فيه.وأما على الثاني: فينطبق النظم الطبيعي الواقع بين السؤال والجواب مع

وقوع السؤال في محله، ألن من ارتكز في ذهنه جواز النظر إلى وجهها ويحتملجواز النظر إلى شعرها لخصيصة المورد يتمشى منه السؤال.

والحاصل: أن ارتكاز السائل هو الجواز ولم يردعه المعصوم عليه السالم، اللهم أنيكون قوله عليه السالم " نعم " داال على الردع وهو بعيد جدا، بل المراد منه هو

التسويةبينهما في حرمة النظر إلى الشعر.

وأما المراد من الذيل فهو الترخيص إذا كانت من القواعد كغيرها منالقواعد األخر.

فبمالحظة عدم ردع االرتكاز يستفاد جواز النظر، وحيث إنه مستلزملجواز الكشف - كما مر مرارا - يستفاد منه عدم حرمة االبداء بالنسبة إلىالوجه. وأما الكفين: فإن جرى فيهما ما قررناه في الوجه فيحكم بعدم حرمة

ابدائهما أيضا، وإال فال.ويمكن االستدالل على جواز كشف الوجه والكفين بتقريب معصور من

جميع ما تقدم، وهو أن مجموع ما ورد من النصوص الظاهرة في جواز النظر إلىالوجه والكفين والدالة على جواز كشفهما بالغ حد االستفاضة المحكومة بحكم

التواتر االجمالي، حيث إنه يقطع أو يوثق بصدور بعضها، فال بد من أخذ ما يشتركفيه مداليلها، وذاك الجامع هو جواز كشفهما، إذ علي تقدير صدور ما يدل عليهفواضح، وعلى تقدير صدور ما يدل على جواز النظر إليهما فبالمالزمة المتقدمة،

(٥٨)

Page 85: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ألن الستر إنما هو للتحفظ عن النظر، فإذا فرض جوازه في مورد فال معنى اليجابه- أي الستر - فيصير الكشف المذكور المشترك فيه مما قامت الحجة عليه.

وأما جواز النظر: فهو بعد في مرحلة التأمل.وال يعارضه - أي جواز كشف الوجه - ما رواه الشيخ في االستبصار عن محمد بنالحسن الصفار قال: كتبت إلى الفقيه عليه السالم في رجل أراد أن يشهد على امرأة

ليسلها بمحرم، هل يجوز أن يشهد عليها وهي من وراء الستر ويسمع كالمها إذا شهد

رجالن عدالن أنها فالنة بنت فالن التي تشهدك وهذا كالمها أو ال يجوز له الشهادةعليها حتى تبرز ويثبتها بعينها؟ فوقع: تتنقب وتظهر للشهود إن شاء الله. (١)تقريب التعارض المتوهم: هو ظهور قوله عليه السالم جوابا بالترفيع " تتنقب "

في وجوب النقاب، فمعه يحرم كشف الوجه.وفيه أوال: إن النقاب غير مستوعب لتمام الوجه، فعلى فرض تمامية داللته

ال يدل على المقصود.وثانيا: إن في السؤال قد أخذ قوله " إذا شهد رجالن عدالن أنها فالنة "

وال ريب في جواز االجتزاء حينئذ بال لزوم تبرزها، فيكون الجواب حكما غيرلزومي، إذ المفروض عدم وجوب الظهور بنفسها، فاألمر بالظهور لعله لشدة

االحتياط الراجح في القضاء، واألمر بالتنقب لعله إلباء المرأة عن التكشف غيرةومروة لكونها متسترة مستحيية.

ومما يدل على االجتزاء بشهادة العدلين هو ما رواه عن ابن يقطين عن أبيالحسن األول عليه السالم، قال: ال بأس بالشهادة على اقرار المرأة وليست بمسفرة، إذا

عرفت بعينها أو حضر من يعرفها، فأما إن كانت ال تعرف بعينها أو ال يحضر منيعرفها فال يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى إقرارها دون أن تسفر

--------------------(١) االستبصار باب ١٣ ح ٢ في كيفية الشهادة على النساء.

(٥٩)

Page 86: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وينظرون إليها (١).ألن قوله عليه السالم " أو حضر من يعرفها " دال على عدم لزوم حضورها بنفسها بل

يجتزى بشهادة الغير إجماال، كما أن قوله عليه السالم " دون أن تسفر وينظرون إليها "قاصر عن إفادة جواز كشف الوجه في نفسه فضال عن جواز النظر، لوروده لبيانحيثية أخرى بال تعرض لما نحن فيه، وعلى التسليم ال يمكن االستدالل به لجوازالكشف أو النظر مطلقا، ألنه ورد في مقام الحاجة إلى االسفار والنظر دون غيره.

والحاصل: أنه ال يمكن التمسك بشئ من هاتين الروايتين الواردتين فيالشهادة على شئ من طرفي المسألة جوازا وال منعا.

فاألقوى: جواز كشف الوجه والكفين للمرأة حسب تلك النصوص المشتملةعلى الصحيح وغيره.

وأما جواز النظر إليهما: فلعدم اتضاح صحة سند ما مر من قرب اإلسنادعن " علي بن جعفر " فهو بعد محل تأمل.

تنبيهاتاألول: في النظر إلى نساء أهل الذمة:

أن للمرأة غير المسلمة خصيصة ال بد من افراز البحث عنها ألجلها، وذلكلما يستفاد من غير واحد من النصوص جواز النظر إلى شعور نساء أهل الذمةوأيديهن ووجوههن، فتكون مخصصة لتلك العمومات المارة، ومقيدة لتلك

االطالقات المتقدمة.فحينئذ لو اشتبهت امرأة - لعدم العلم بعقيدتها من اإلسالم والكفر -

ال يحكم فيها بحرمة النظر، وذلك ألنه من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية--------------------

(١) الوسائل باب ٤٣ من أبواب الشهادة ح ١.

(٦٠)

Page 87: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

(إال أن ترتفع الشبهة باألصل المحرز) فعليه ال بد من الرجوع إلى األدلة العامة- الدالة على حلية كل شئ - عند عدم تمامية ما يستدل به للزوم االحتياط في

الفروج واألموال ونحوها، وذلك في محله، فانتظر.وحيث إنه قد الح لك في ثنايا المباحث السابقة التالزم بين جواز النظر

وبين عدم حرمة الكشف، فكل مورد حكم فيه بجواز النظر يحكم فيه بجوازالكشف وعدم وجوب الستر، فإن استنتج في المقام جواز النظر إلى شعور نساءأهل الذمة مثال يحكم فيه بعدم حرمة الكشف عليهن في خصوص ما جاز النظر

إليه: من الشعر وغيره.ثم إن الوارد في الباب طائفتان من الروايات، إحديهما: لبيان جواز

النظر في الجملة، واألخرى: لبيان أن أهل الذمة مماليك لإلمام عليه السالم فحينئذيعامل معهم ذكورا وإناثا معاملة العبيد واإلماء إال ما خرج بالدليل، فإن حكم

بجواز النظر إلى اإلماء وعدم وجوب الستر عليهن (ال جميع الجسد بل بعضه)يحكم بجواز النظر إليهن - أي إلى النساء الذمية - فيما كان يجوز نظره من اإلماء.

أما الطائفة األولى:فمنها: ما رواه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السالم قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ال حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهنوأيديهن. (١)

ال إشكال في السند إال بالنوفلي والسكوني، والحق صحة ما يرويانه، أماالنوفلي: فلم يتوقف فيه إال العالمة (ره) ألنه مقبول الرواية لدى الشيخ (ره)

وقد عمل المحقق بما يرويه في المعتبر وغيره. وأما السكوني: فألن نقل األجالءعنه وتكرر وقوعه في االسناد موجب للوثوق، مع أن جل ما يرويه معمول به

لدى األصحاب، فال نقاش في السند.--------------------

(١) الوسائل باب ١١٢ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٦١)

Page 88: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما المتن: فظاهر جدا في جواز النظر إلى شعورهن وأيديهن باالطالقالشامل لجميع مواضع اليد، ومنه يستفاد جواز النظر إلى وجوههن باألولوية

مع شدة االبتالء بالنظر إليها، كما أنه يستفاد منه بالمالزمة جواز الكشف وعدموجوب ستر الشعر والوجه واليد. وأما ما زاد عن ذلك فباق تحت االطالقات

المانعة بال تفاوت بين المسلمة وغيرها.ولما كان الحكم منحدرا نحو أهل الذمة الظاهر في لزوم انحفاظ العنوان

يمكن الحكم بزواله عند عدم انحفاظ هذا لعنوان بأن لم تعمل بشرائط الذمةكما في باب الخمس - إذ عند اشتراء الذمي أرضا من مسلم يجب على المشتري

إخراج خمسها ولكن يحكم هناك باختصاصه بما إذا عمل بشرائط الذمة وإالفال - فكذلك المقام، اللهم إال أن يستفاد عدم االختصاص فيما نحن فيه باألولوية،

بأن يقال: إذا لم يكن للنساء العاملة بشرائط الذمة حرمة بل يجوز النظر إلىشعورهن وأيديهن، ففيما إذا لم تعمل بها ال حرمة لها باألولوية.

فهذه تامة الحجية لجواز النظر في الجملة وإن لم يحرز استناد األصحابالقائلين به إليها، إذ في الباب ما يمكن التمسك به دونها أيضا مع عدم احتياجها

إلى الجبر.ومنها: ما رواه عن قرب اإلسناد عن السندي بن محمد عن أبي البختري عن

جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه السالم قال: ال بأس بالنظر إلىرؤوس

نساء أهل الذمة، وقال: ينزل المسلمون على أهل الذمة في أسفارهم وحاجاتهموال ينزل المسلم على المسلم إال بإذنه (١) - والسند مما يشكل االعتماد عليه.

وأما المتن: فظاهر الصدر جواز النظر إلى شعور رؤوس النساء الذمية،وكذا الرؤوس أنفسها، ولعله يتعدى منه إلى الوجه باألولوية وأما اليد فال البتة.

--------------------(١) الوسائل باب ١١٢ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢.

(٦٢)

Page 89: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الذيل: فإن أريد منه جواز نزول المسلم على الذمي بال إذن فهومستلزم لجواز النظر إلى اليد والقدم ونحو ذلك مما ال يكون مستورا في البيت،

ولكنه مستلزم لجواز التصرف في مال الذمي بال إذن منه، وإباحة ماله للمسلمبهذا النحو المذكور في الحديث (وهو كما ترى) غير مقبول لدى األصحاب (ره)

وإن أريد منه جواز النزول مع اإلذن فهو مخالف للظاهر، إذ التفصيل قاطعالشتراك المسلم والذمي، فحينئذ يشكل االعتماد على هذه الرواية.

ومنها: ما رواه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن عباد بن صهيب،قال: سمعت أبا عبد الله عليه السالم يقول: ال بأس بالنظر إلى رؤس أهل تهامة

واألعرابوأهل السواد والعلوج، ألنهم إذا نهوا ال ينتهون، قال: والمجنونة والمغلوبة على

عقلها ال بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك (١).قد يناقش في السند باشتماله على " عباد بن صهيب " ولكن الحق صحة

ما يرويه، سيما مع نقل " ابن محبوب " عنه ألن قدحه مستند إلى الغلو، وقدثبت في موطنه أن المراد من الغلو المهروب عنه في تلك اآلونة هو الوالء الممدوحعندنا ال الزائد منه، فمن كان يتولى عليا عليه السالم وآله بمثل ما نتواله لكان مرميا

بالغلو ومهجورا بعدم االعتداد بنقله، فال قدح فيه من هذه الجهة.وأما ما هو المشهور في ألسنة بعض المتأخرين من التأمل فيه - أي في عباد -

ألجل عدم اتضاح عقيدته، ففيه: أن المهم في قبول ما يرويه هو الوثاقة وإن كانفاسد العقيدة. فالسند تام.

وأما المتن: فعن الفقيه والعلل... إلى نساء أهل تهامة... وأهل البوادي،وعن الفقيه من أهل الذمة والعلوج ألنهن إذا نهين ال ينتهين.

والعلوج جمع العلج، وهو - كما في المجمع وغيره - الرجل الضخم القوي--------------------

(١) الوسائل باب ١١٣ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٦٣)

Page 90: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من كفار العجم، وبعضهم يطلقه على الكافر عموما، انتهى.فعلى األول: ال يشمل الكافر من غير العجم، بخالفه على الثاني، نعم يمكن

استفادة العموم من التعليل بعدم االنتهاء عند النهي، فيستوي فيه العرب والعجم،كما يستوي فيه الكافر والمسلم، مع ما فيها من تجويز النظر إلى هؤالء األعراب

وأهل السواد وتهامة مع كونهم جميعا مسلمين أو بعضهم كذلك، فحينئذ ال اختصاصللرأس وشعره بل يتعدى إلى غير ذلك من اليد والقدم، أداء لحق عموم التعليل،

حيث إنه معمم للحكم، كما أنه مخصص له أحيانا، فيجوز النظر مطلقا إلىما عدا لعورة إذا لم يكن بشهوة وتلذذ، وذلك لالنصراف واالتفاق.

نعم ال اختصاص له بالنظر القهري وما هو خارج عن االختيار، بل يجوزالتعمد البتة، ألن الظاهر اختصاص قوله عليه السالم " ما لم يتعمد ذلك " بالفقرة

األخيرةالمصدرة بلفظة " قال " لظهور هذا التصدير في استقاللها عن تلك الفقرات السابقة.

ويمكن تأييد جواز النظر إلى شعور الذمية ويديها ونحو ذلك بما وردمن تجويز النظر إلى عورة غير المسلم ألنها بمنزلة عورة الحمار - إذ لو كانت هذه

الرواية المجوزة للنظر إلى العورة غير معرض عنها لكانت حجة في المقام بنحواألولوية، وحيث إنها لم تعمل بها في موردها فهي غير صالحة لالستدالل، نعم

ال تخلو عن االشعار بتأييد المقام.ثم إن المستفاد من التعليل أمور قد أشير إلى بعضها:

فمنها: هو حرمة النظر إلى الذمية وغيرها من المعدودات في الرواية عندانتهائهن بالنهي وتسترهن بالساتر - كالمرأة المسلمة الحرة - لدوران الحكم

وجودا وعدما مدار االنتهاء وعدمه، حسب ظهور التعليل.ومنها: أن جواز النظر هنا ليس حكما أوليا كما في المحارم مثال، بل

حكم ثانوي مترتب على عصيانهن بعدم االنتهاء، فال يدل جواز النظر هنا على

(٦٤)

Page 91: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عدم وجوب الستر بالتالزم المتقدم مرارا، ألن ذلك فيما يكون بالطبع األولي،وأما إذا كان بنحو الترتب على العصيان فال تالزم بينهما، فيجوز النظر حينئذ مع

حرمة الكشف ووجوب الستر.ومنه انقدح أن وجوب الستر مما يستوي فيه العاكف والباد والمسلم والذمي

إذ المنساق من قوله عليه السالم " إذا نهين... الخ " أن فيهن شأنية النهي، وليس ذلكإال للتكليف بالستر، إذ مع جواز الكشف ال نهي حتى ينتهين أو ال ينتهين إال

أن يرتكب ما هو المخالف للظاهر من عدم التكليف، مع جعل عدم االنتهاء بالنهيسببا وإرشادا إلى عدمه، أي التكليف، فحينئذ ال وجوب عليهن بالنسبة إلى الستر،وهو كما ترى، مع اشتمالها على غير واحدة من الطوائف المسلمة ولو باالطالق،إذ ليست تلك النساء التهامية وغيرها كافرات بأسرهن، بل فيهن مسلمات قطعا.

والحاصل: أن ظاهر قوله " إذا نهين... الخ " هو وجوب الستر على الذميةأيضا، فينافيه ما يأتي: من أنها بمنزلة اإلماء، إذ ال يجب الستر على األمة، فال بد

من العالج، فارتقب. هذا محصل القول في الطائفة األولى.وأما الطائفة الثانية:

فمنها: ما رواه عن... أبي بصير المرادي عن أبي جعفر عليه السالم قال: سألتهعن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال: إن أهل الكتاب

مماليك لإلمام وذلك موسع منا عليكم خاصة، فال بأس أن يتزوج، قلت: فإنهتزوج عليهما أمة، قال: ال يصلح له أن يتزوج ثالث إماء... الخ (١).

ال اشكال في السند لصحته، وأما المتن: فإن المستفاد من قوله عليه السالم " إن أهلالكتاب مماليك لإلمام " هو جواز ترتيب ما لمملوك الغير من اآلثار على أهل الكتابفيحكم بجواز النظر إلى نسائهم كما يجوز النظر إلى اإلماء، وال يجب عليهن الستر

--------------------(١) الوسائل باب ٨ من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح ١.

(٦٥)

Page 92: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

كما ال يجب على اإلماء.والمتتبع في األخبار واآلثار يعثر على ترتيب ما لألمة من الحكم على الذمية.

نحو ما ورد في باب قسم المضاجعة: من أن لليهودية مثال نصف ما للمسلمة،كما أن للحرة مثلي حظ األمة، وأن لها نصف ما للحر من الليالي، فإن كانت

لألمة ليلة فللحرة ليلتان، وكذلك إن كانت لليهودية مثال ليلة كانت للمسلمة ليلتان.ونحو ما عبر به المحقق في الشرايع، حيث قال في كتاب النكاح: ويجوزالنظر إلى أهل الذمة وشعورهن ألنهن بمنزلة اإلماء، انتهى، وكذا في جامع

المقاصد عن النهاية، وسيتضح لك في البحث عن الستر الصالتي تظافر النصوص علىعدم وجوب ستر الرأس على األمة في الصالة.

ومنها: ما رواه عن زرارة عن أبي جعفر عليه السالم، قال عليه السالم إن أهل الكتابمماليك اإلمام أال ترى أنهم يؤدون الجزية. (١)

ومنها: ما رواه عن ابن محبوب عن أبي والد عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ليسبين أهل الذمة معاقلة فيما بجنون من قتل أو جراحة إنما يؤخذ ذلك من

أموالهم، فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين ألنهم يؤدونإليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده، قال: وهم مماليك اإلمام فمن

أسلم منهم فهو حر. (٢)ولم نجد عدا هذه الصحاح الثالث شيئا، فما في الجواهر: من التمسك

بصحيحة محمد بن مسلم يفتقر إلى تتبع زائد لو لم يكن سهوا منه.ثم إن المستفاد من الطائفة الثانية، هو أن النظر إلى شعور الكتابية

ووجوههن وأيديهن جائز بالطبع األولي كاإلماء وأن الكشف جائز لهن كذلك،كما أن المستفاد من رواية النوفلي عن السكوني المتقدمة هو أن النظر إلى تلك

المواضع من نساء أهل الذمة جائز بالطبع األولى، وكذا الكشف.--------------------

(١) الوسائل باب ٤٥ من أبواب العدد ح ١.(٢) الوسائل باب ١ من أبواب العاقلة من كتاب الديات ح ١.

(٦٦)

Page 93: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما المستفاد من رواية عباد، فعلى نقل " العلل " و " الفقيه " فهو أن السترواجب عليهن بالحكم األولى ولو عصين وصرن سافرات يجوز النظر إليهن بالحكم

الثانوي، فيقع التعارض، لظهورها في أن الحكم األولي هو وجوب الستر وحرمةالنظر وفي أن النظر جائز في رتبة عصيانهن بالكشف.

والعالج على نقل " الكافي " سهل، ألن العلوج شامل للكتابي وغيره، فيمكنتخصيص الكتابي بما مر، فيكون وزان غير الكتابي وزان المسلم في وجوب

الستر وإن جاز النظر عند العصيان.وأما على نقل " الفقيه " و " العلل " فيمكن حمل التعليل بالنسبة إلى الفقرات

السابقة على فعلية التكليف، وبالنسبة إلى أهل الذمة على الشأنية، أي أنهنال تكليف عليهن بالستر ولكنهن بحيث لو كلفن به ونهين عن الكشف لما انتهين.

ويمكن تحصيص تلك العلة بحصص متعددة: منها حملها على التقية بالنسبةإلى أهل الذمة - ألن العامة ال يعتقدون بكونهن مماليك لإلمام عليه السالم - وأريد

بيانجواز النظر فأدرج في تعليل عام، كما أنه يمكن اخراج هذه الفقرة من التعليلبمخصص خارجي، وهو ما مر. كل ذلك خالف الظاهر البتة إال أنه يرتكب

للعالج ورفع التنافي.الثاني: في وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها إذا كان الناظر متلذذا

أو مع ريبةقد انصرح لك فيما مر لزوم الستر على المرأة بالنسبة إلى جميع الجسد

عدا الوجه والكفين، واتضح أيضا حرمة النظر إلى جسدها بال استثناء شئ منه- على تأمل في الوجه والكفين - وال بد هنا من التنبه بأن ذينك الحكمين إنماهما فيما لم يكن النظر للتلذذ والريبة، وأما معهما فيمكن الحكم بوجوب ستر

الوجه والكفين أيضا وبحرمة النظر إليهما كغيرهما، فتمام الكالم في أمرين:

(٦٧)

Page 94: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أحدهما: في لزوم الستر، واآلخر: في حرمة النظر.أما األول: فحيث إنه لم يرد نص خاص فيه، فال بد من االلتماس ببعض

القواعد العامة.فمنها: قاعدة حرمة المعاونة على اإلثم، وال خفاء في توقف تماميتها هنا

على كون النظر الكذائي إثما فيحرم العون عليه بالكشف، فيجب الستر تحفظاعن ذاك العون المحرم، وسيتضح حرمة النظر الكذائي في األمر الثاني.

وأما المعاونة فهي ليست بذاتها من األمور المتقومة بالقصد بحيث لواله لمتتحقق، نعم: قد تتوقف عليه أحيانا فيما يأبى العرب عن صدقها بدونه، وقد

تمثل له بالكسب، حيث إنه موجب لتجمع األموال التي يأخذ منها العشار عشرها،ولكنه ليس بمعاونة على ذاك اإلثم أي أخذ العشر، إذ ليس الكسب بقصده، بلربما يكون مع االنزجار عنه جدا، بل هو الغالب، ولذلك ال يحكم بحرمة ذلكالكسب وما يضاهيه، كما أنه قد يتحقق عنوان المعاونة وإن لم يكن مصحوبا

للقصد، ويمثل له باعطاء السوط أو السيف لمن تصدى القتل المحرم أو الضربالمحرم، حيث إنه يصدق ذاك العنوان وإن لم يكن مقرونا بالقصد.

والحاصل: أنه دائر مدار الصدق العرفي، ففي أي مورد صدق على الكشفأنه معاونة على النظر الكذائي يحكم بحرمته ووجوب الستر.

وحيث إنها من القواعد العامة، فال ميز بين المماثل وغيره، كما ال ميز بينالرجل والمرأة، وبيانه: بأنه إذا نظرت المرأة إلى أخرى مثلها كذلك، أو نظرالرجل إلى مثله من الرجال كذلك، أو نظرت المرأة إلى وجه الرجل أو كفيه

مثال كذلك وصدقت المعاونة عرفا، يحكم في جميع تلك الموارد بوجوب الستروحرمة الكشف، فعلى الرجل أن يستر حينئذ، كما أنه على المرأة كذلك،

ال من باب وجوب الستر بما هو ستر، بل من باب حرمة المعاونة على اإلثم،

(٦٨)

Page 95: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وهو النظر للتلذذ أو الريبة، وال ميز بين المحرم وغيره من هذه الجهة.ومنها: قاعدة وجوب النهي عن المنكر: وتماميتها أيضا متوقفة على حرمة

النظر الكذائي، فارتقب.وال إشكال في وجوب النهي عنه كفاية، كما أنه ال ريب في صيرورته واجبا

بالتعين عند انحصار الناهي في شخص خاص، نحو ما يصير بعض مراتبه وأقسامهالممكنة بالطبع الواجبة تخييرا واجبا تعيينيا عند انحصار المخلص فيه، فحينئذ

يحكم بأنه لو انحصر العالج والنهي بالتستر يجب تعيينيا، كما أنه لو كان له مخلصآخر في عرضه لوجب الستر تخييرا.

ويمكن التأييد بما ورد: من أن الفضل بن عباس كان رديف رسول الله صلى الله عليهوآله وسلم

في حجة الوداع، ونظر إلى امرأة شابة، وصرف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجهالفضل

عنها، وقال: رجل شاب وامرأة شابة، فخشيت أن يدخل بينهما الشيطان.ورواها في المستدرك عن بعض نسخ " الفقه الرضوي " وهو خال عن السداد،

نعم: رواها العالمة المجلسي (ره) في " البحار " على ما نقله المحدث القمي فيالسفينة في كلمة " الفضل " وأنه ممن رادفه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حجة

الوداع، ولمأعثر في كتب الخاصة من المرأة الخثعمية هنا على شئ، نعم: يبحث عن إتيانها

في حجة الوداع واستفتائها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويلالذيل في كتاب

الحج، وإن نقلها الترمذي وغيره من العامة.وال خفاء أيضا في الميز بين رواية " المستدرك " ورواية " البحار " وإن كان

يسيرا غير ضار في المقام، وال نقاش في سند ما في " البحار ".وأما المتن: فاالستمداد به هنا متوقف على أن الصرف المذكور من باب

النهي عن المنكر، كما لعله يشعر إليه قوله صلى الله عليه وآله وسلم " فخشيت... الخ" وأنه غير

(٦٩)

Page 96: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مختص بالنهي عن النظر المنكر، بل كان أيضا اليجاد المانع، تحصيال للستر الواجبونهيا عن الكشف المحرم، إذ لو اختص بالنظر وأنه نهي فعلي عنه في قبال النهي

القولي فال شهادة له على لزوم الستر من باب النهي، حيث إنه يمكن أن يكونالنظر حراما فقط دون الكشف، وكم له من نظير.

والحاصل: أن التأييد بالصرف المذكور لوجوب الستر على المرأة حينئذ منباب النهي عن المنكر متوقف على عدم اختصاصه - أي الصرف - بالنظر، بل يعمه

والكشف أيضا، فيكون ذاك الفعل الواحد نهيا عمليا عن منكرين: أحدهما النظرالكذائي، واآلخر الكشف.

وأما الثاني: فال ريب في حرمة النظر بقصد اللذة والريبة، وبيانه: بأنه لواخترنا المنع المطلق - لعدم تمامية ما يدل على جواز النظر إلى الوجه والكفين -

فاألمر واضح، إذ الفرض حرمة النظر مطلقا، وإن كان المقرون باللذة والريبةأشد منعا وعذابا.

وأما لو اخترنا جواز النظر إلى الوجه والكفين - كما هو خيرة الشيخ (ره)ومن يحذو حذوه، لتمامية دليل االستثناء - فال بد من التفصيل بين النظر الذي

ال يكون بقصد اللذة أو الريبة بدوا وإن يتبعه أحيانا وبين النظر الذي يكون بداعيذلك، بجواز األول دون الثاني.

أما جواز األول: فألن تجويز النظر إلى النساء الالتي منهن الحسان دالعلى جواز ما يستتبع اللذة، للتالزم الغالبي سيما في الشابين، نعم: لو أدام

النظر بداعيها لكان ذلك مندرجا في القسم الثاني، حيث إن اإلدامة في حكمالنظر الحادث المستقل، وإن كان بقاء النظر الواحد المتقدم.

وأما منع الثاني: فلظهور جميع تلك األدلة الناطقة بأن النظر سهم مسموم... الخ فيه، إذ المتيقن منها ما كان بقصد الشهوة فيحرم قطعا.

(٧٠)

Page 97: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وال تفاوت فيه بين المحرم وغيره، فكما أنه يحرم النظر مع التلذذ أو الريبةإلى األجنبية، كذلك يحرم بالنسبة إلى المحرم، بل إلى المماثل أيضا، واتضاحه

في ضوء ما في الروايات العديدة.ولنمهد قبل الخوض فيها مقدمة نافعة، وهي: أن من الدارج في األلسنة،

هو أن األمر الكذائي مثال حكمة للحكم وليس بعلة له، وبالعكس، وتفسرالعلة بما يدور الحكم مداره وجودا وعدما، دون الحكمة لتخلفها عن ذاك الحكم

أحيانا.وتنقيح ذلك بنحو ال يحوم حوله الريب: هو أن اللطيف بالعباد والخبير

بمصالحهم ومفاسدهم قديري أمرا هاما ال مجال لفواته في ظرف الوجود أو العدم،فيصير ذلك الهام محبوبا له أو مبغوضا، فيأمر بشئ أو ينهي عنه إذا كان غالب

المصادفة وإن كانت الصدفة االتفاقية على خالفه، فيلزم االمتثال في جميع المواردباتيان األول وترك الثاني، حتى فيما أدرك أنه عار عن ذلك األمر الهام الملحوظ

مالكا، إذ ليس الضبط والميز بيد إدراك المكلف حتى يدور مداره، بل لشدةاالهتمام به جعل قانونا عاما ال يجوز التخلف عنه في مورد أصال، وإن تخلف ذاك

األمر عن مورد خاص بحسب تشخيص المكلف.وهذا المعنى مما له نظير في الشرع وتعارف في الناس.

أما األول: فكما يحكم بلزوم العدة بعد الدخول في مواردها المضبوطةلحكمة تحفظ الرحم عن اختالط المياه، وال ميز فيه بين المرأة التي تكون عاقرا

وبين التي ال تكون كذلك بل تكون ولودا، إذ العقر وإن يمنع عن اختالطالمياه، إال أنه لشدة مبغوضيته لدى اللطيف الخبير يحكم بلزوم االعتداد معه

أيضا كما يلزم في الولود، المكان الخطأ في التشخيص، وال مكان تبدل األوضاعأحيانا، ونحو ذلك مما يوجب الخلط المبغوض شديدا، فجعل االنحفاظ وعدم

(٧١)

Page 98: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

االختالط في بعض الموارد فداء لالختالط في بعضها اآلخر، فحكم بالمنع مطلقالشدة االهتمام.

وأما الثاني: فكما يحكم المقنن اليومي في المملكة حكما عاما بعدمورود أحد من المملكة الخارجة أصال، لئال يدخل من هو عين من عيون األعداءفيخبرهم بما أعدلهم ما أستطيع من قوة، ولم يجعل تشخيص هذا المالك بيد من

أمره بسد الباب ومنع الورود، إذ يمكن أن يخطئ في التشخيص عند تلبسذاك العين بلباس الفقيه الورع، فيصيب المملكة بما صنع قارعة وهالك.والحاصل: أن لحاظ األمر الهام مالكا لقانون عام - وإن يتخلف أحيانا

عن بعض موارده - معهود شرعا وعرفا.نعم: لو لم يبلغ ذاك األمر نصاب االهتمام الشديد ألمكن الترخيص في

موارد قد يتفق صدفة بعضها بذاك المحذور، نحو ما حكم باليأس وعدم االعتدادفي سن خاص، ألن المقنن لما رأى ندرة الحبل بعد بلوغ المرأة ذاك الحد منالسن جدا حكم بعدم االعتداد تسهيال على العباد، فما يشاهد من حبل اليائسة

أحيانا فهو غير ناقض للحكم العام، إذ الشرع السمح قد يجعل النادر كالمعدوم،وذلك فيما ال يفوت معه أمر يعنيه ويهمه، كما أن التعارف قد استقر على االعتناء

بخبر الثقة واالتكال على ما ينقله من الحس أو ما هو في تلوه مما له مباد قريبةمن الحس وإن أمكن الخطأ أحيانا، إذ الغالب هو اإلصابة، ومن المستقر في

الغريزة: أن ترك اإلصابة الكثيرة للخطأ القليل النادر خطأ كثير.وليكن هذا ألمر النافع على ذكر منك، حتى يتبين في ضوئه: أن النظر

بداعي اللذة أو الريبة محرم مطلقا، سواء كان المنظور إليها أجنبية أو محرما،مماثال أو غير مماثل.

فيلزم النظر المستأنف في روايات الباب، ألن حرمة النظر الكذائي إلى

(٧٢)

Page 99: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األجنبية والمحرم وإن كانت اجماعية، ولكن يشكل الجمود على مثل هذا االجماعالمحتمل استناد مجمعيه إلى ما في الباب من األدلة، فعليه يلزم التأمل فيها،

المكان االختالف في كيفية االستنباط.فمن تلك الروايات: ما مر من رواية عبد الله بن الفضل عن أبيه عن رجل

عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: قلت: أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظرإلى شعرها ومحاسنها؟ قال: ال بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا (١).والسند مرسل والمتن خاص، ألن نطاقه منع النظر بداعي اللذة إلى

األجنبية، وأما غيرها من المحارم فال، إال بدعوى القاء الخصوصية.وظاهره تجويز النظر االختباري البحت، وأما ما يكون مع اشتراك قصد

اللذة فال، فضال عما إذا كان متمحضا بداعيها، نعم: لو صحب االختبار اللذةالقهرية فال بأس، للتالزم العرفي.

والمراد بالمحاسن لعله عدا الوجه والكفين عند من يجوز النظر إليهمامطلقا بال اختصاص بحالة االختبار، ألن هذا السؤال الخاص إنما هو عما ال يجوزبحسب الطبع األولي وبدون االختبار، وأما ما يكون جائزا بدونه أيضا فال احتياج

إلى السؤال عنه، فالمفهوم هو المنع عن الشعر والمحاسن بداعي اللذة، وأماالوجه فال.

والحاصل: أنه - مع االرسال وعدم احراز استناد األصحاب إليه - دال علىمنع النظر بداعي اللذة إلى األجنبية، وال إطالق له بالنسبة إلى المحرم، كما أنه

غير متعرض للمنع إذا كان مع الريبة وخوف االفتتان أصال، كما أنه ال يدل علىمنع النظر إلى الوجه والكفين بداعي اللذة، بناء على جوازه بالطبع األولي.

ومنها: ما رواه عن ابن أبي نجران عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السالم، وعنيزيد بن حماد وغيره عن أبي جميلة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السالم، قاال:

وما--------------------

(١) الوسائل باب ٣٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٥.

(٧٣)

Page 100: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من أحد إال وهو يصيب حظا من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا الفم القبلة،وزنا اليدين اللمس، صدق الفرج ذلك أو كذب (١).

والسند على األول مرسل دون الثاني، وإن كان أبو جميلة مختلفا فيه.وأما المتن: فظاهره التحذير عن النظر بشهوة للسياق، حيث إن قبلة

الترحم والعاطفة فيما يجوز أصل التقبيل ليست بزنا البتة، مع أن لفظة الزنا أصدقشاهد على االختصاص، فيحرم النظر بداعي الشهوة إلى األجنبية أو المحرم،

بال تفاوت بين انجراره إلى زنا الفرج وعدمه، وهو باالطالق شامل للوجهوالكفين، وعلى القول بجواز النظر إليهما لتمامية دليل االستثناء يقع التعارضبينهما، ومادة االجتماع هو النظر إلى الوجه أو الكف بشهوة، حيث إن دليل

االستثناء باطالقه يجوزه، وهذا لدليل باطالقه يمنعه.والعالج بترجيح ما هو األظهر في مادة االجتماع من المتعارضين، والظاهر

رجحان هذا الدليل على ذاك لو لم يكن منصرفا إلى ما ال يكون بشهوة، ألنشمول ذاك الدليل المجوز لما إذا كان بشهوة ضعيف البتة. بخالف هذا لدليل.

أضف إليه: ورود غير واحدة من الروايات اآلنفة أيضا - كما سيتضح -فيكون النظر بقصد اللذة إلى الوجه والكفين محرما، فحينئذ يجب الستر للنهي

عن المنكر فعال، أو للزوم االجتناب عن التعاون على اإلثم - كما مر.ومنها: ما رواه عن سعد اإلسكاف عن أبي جعفر عليه السالم قال: استقبل شاب

من األنصار... إلى أن قال: فهبط جبرئيل عليه السالم بهذه اآلية: قل للمؤمنين يغضوامن أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (٢).

وقد مر الكالم في السند بسعد اإلسكاف.وأما المتن: فظاهره أن شأن النزول هو النظر بشهوة وأن النازل هو

--------------------(١) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢ و ٤.(٢) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢ و ٤.

(٧٤)

Page 101: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

خصوص ما ذكر ال الزائد عنه، إذ لم يذيل بما يفيد أنه بعض ما نزل، وظاهره:- كما مر - حرمة النظر مطلقا، وال يمكن اخراج النظر إلى الوجه والكف

بشهوة بناء على تمامية دليل االستثناء وإطالقه، ألن المورد وإن ال يكون مخصصاولكن الوارد كالنص فيه وإن كان ظاهرا في غيره، وحيث إن المورد هو النظربشهوة والقدر المتيقن منه هو الوجه، فال يمكن ترجيح إطالق دليل االستثناء.

فحينئذ يحكم بحرمة النظر بشهوة بال تفاوت بين األجنبية وغيرها، نعم،ال تعرض فيها لما إذا كان بداعي الريبة أو خوف الفتنة إال باألولوية.

ومنها: ما رواه عن محمد بن سنان عن الرضا عليه السالم فيما كتبه إليه من جوابمسائله: وحرم النظر إلى شعور النساء المحجوبات باألزواج وإلى غيرهن من

النساء لما فيه من تهييج الرجال وما يدعو إليه التهييج من الفساد والدخول فيماال يحل وال يحمل وكذلك ما أشبه الشعور... الخ (١).

والمراد من قوله عليه السالم " لما فيه من تهييج الرجال... الخ " ليس هو التعليلبأن يدور المنع مدار الهيجان الفعلي أو ما يكون عرضة له، بحيث يجوز فيما ليس

كذلك سيما النظرة األولى، مع أنه يحرم النظر إلى الشعور مطلقا، بل هوحكمة له، نظير اختالط المياه المذكور في لزوم االعتداد للمدخول بها مطلقا

وإن كانت عاقرا.فيستفاد منها: أن هذا المالك مبغوض للشارع جدا فعليه يتعدى إلى المحارم

أيضا إذا كان عرضة للهيجان المحرم بأن كان بداعي اللذة، وكذا الحكم فيما إذاكان عرضة الرتكاب الدخول في المحرم، فعليه كما يحرم النظر بشهوة كذلك يحرم

إذا كان مع الريبة وخوف الفتنة، إذ ال يعتبر فيه أزيد من االحتمال العقالئيالمعتد به أو الخوف مثال.

--------------------(١) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١٢.

(٧٥)

Page 102: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: عن الكاهلي، قال: قال أبو عبد الله عليه السالم: النظرة بعد النظرة تزرعفي القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة (١).

وال ريب في ظهورها في مبغوضية النظر الشهوي إذ كفى به فتنة مرغوباعنها، فحينئذ كما يحرم إذا كان ثانيا كذلك يحرم إذا كان أوال، وكما يحرم إذا

كان إلى األجنبية كذلك يحرم إذا كان إلى المحرم، مع أن الفتنة فيها أشد مناالفتتان في األجنبية عذابا.

ومنها: عن علي عليه السالم في حديث األربعمائة، قال: لكم أول نظرة إلى المرأةفال تتبعوها نظرة أخرى واحذروا الفتنة (٢).

ظهورها في التحذير من االفتتان بين، وليس المراد منه هو خصوص موردالعلم به بل المنساق من مثله عرفا هو التحذير عما يخاف فيه منه، وال تفاوت فيه

بين المحرم وغيرها، كما ال تفاوت فيه بين الرجل والمرأة.ومنها: ما رواه عن عقاب األعمال عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال... من مأل

عينيهمن امرأة حراما حشاهما الله يوم القيامة بمسامير من نار وحشاهما نارا حتى يقضي

بين الناس ثم يؤمر به إلى النار (٣).والظاهر أن المراد من مأل العينين هو تحديق الباصرة نحو المرئي ليبصره

تاما، والمراد من الحرمة هو ما كان بشهوة مثال، فيدل على حرمة النظر الكذائي.وفي قبال ذلك ما يدل على حرمة نظر المرأة إلى الرجل كذلك.

نحو ما رواه عن عقاب األعمال أيضا، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: اشتد غضبالله

على امرأة ذات بعل مألت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها، فإنها إنفعلت ذلك أحبط الله عز وجل كل عمل عملته فإن أوطت فراشه غيره كان حقا على

الله أن يحرقها بالنار بعد أن يعذبها في قبرها (٤).--------------------

(١) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٦ و ١٥ و ١٦.

(٢) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٦ و ١٥ و ١٦.

(٣) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٦ و ١٥ و ١٦.(٤) الوسائل باب ١٢٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢.

(٧٦)

Page 103: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذ القدر المتيقن من هذه الرواية هو ما إذا كان بشهوة أو ريبة مع انحفاظاالطالق أيضا، فيكون نظر المرأة إلى غير الزوج والمحرم حراما مطلقا، وأشده

ما إذا كان بشهوة أو ريبة، وأقواه ما إذا كانت المرأة ذات بعل، ولعله لذا قال صلى اللهعليه وآله وسلم

" اشتد... الخ ".إلى غير ذلك من الروايات الناطقة بالحرمة سيما عند الشهوة أو الريبة،

وحيث إن حكمة المنع عن النظر الشهوي هو العرضة للتهييج واستفيد من تلكاألدلة مبغوضيته لدى الشرع األنور جدا، يحكم باستواء المحارم وغيرها عدا

الزوج فيه، فيحرم على الرجل أن ينظر إلى إحدى محارمه تلذذا أو ريبة،وبالعكس.

ثم إنه قد ينفك التلذذ عن الريبة في مادتين: إحديهما: أن يكون النظربداعي اللذة والشهوة مع الوثوق بعدم االنجرار إلى ما هو أفحش منه من الزنا،إما لعدم القدرة، وإما لالقتدار على ضبط النفس األمارة بالسوء، ونحو ذلك.

والثانية: أن ال يكون النظر بداعيها، ولكن يكون عرضة لالفتتان كماإذا نظر إلى الوجه ولم يكن حسنا جالبا ولكن أوجب تخيل المواضع األخرىالمعدة لذلك من باب التداعي، ونحو ذلك، والغرض إمكان االنفكاك بينهما.

فتحصل من جميع ما ذكر: أن النظر بداعي اللذة أو الريبة محرم، سواءكان إلى األجنبية أو إلى المحرم، وأن ستر الوجه والكفين معهما واجب على المرأة

الندراج المقام حينئذ تحت قاعدتي المعاونة على اإلثم والنهي عن المنكر عمال.الثالث: في عدم وجوب ستر ما عدا العورة عن المحارم

قد تبين فيما مر لزوم ستر ما عدا الوجه والكفين من تمام الجسد علىالمرأة عن األجنبي، فهل المحرم بمنزلة األجنبي حتى يجب االستتار عنه أيضا؟

أوال؟ وكذا من حيث النظر.

(٧٧)

Page 104: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قد اشتهر بين األصحاب شهرة كادت تكون إجماعا على الثاني، خالفا للعالمةفي محكي التحرير، ولما عن ظاهر التنقيح عدا الثدي حال االرضاع، ولثالث

باإلباحة في المحاسن خاصة وفسرها بمواضع الزينة.قد يستدل لحرمة النظر بعموم آية الغض، للزوم األخذ بعمومها وإطالقها

فيما لم يخرج بالدليل، فما لم يثبت جواز النظر إلى المحارم يحكم باستوائهامع األجانب، وإن كان األمر فيهن سهال، ولذا حكم بجواز النظر إلى الثدي حالاالرضاع للعسر والرج، ألن األم المرضعة التي لها أوالد كبار كيف يمكن الحكم

بحرمة النظر إلى ثديها على هؤالء األوالد؟ كما ال يمكن الحكم عليها بلزومالستر للعسر البالغ.

وهكذا قوله تعالى " وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها " حيث إنه يستويفي حرمة إبداء ما عدا الظاهر من الزينة المحارم وغيرها، مع إمكان استفادة االطالق

الشامل لها من بعض ما ورد في منع النظر أو لزوم الستر، فالحكم العام هو المنعإال ما خرج.

والحق هو عدم لزوم الستر عن المحرم وجواز النظر إليها، ويدل عليهالكتاب والسنة، وعند اتضاح البرهان على ما ادعيناه ينقدح ما في االستدالل

على المنع.أما الكتاب:

فقوله تعالى " فال يبدين زينتهن إال لبعولتهن أو آبائهن... الخ "تقريب االستدالل على جواز االبداء: هو إرداف المحارم للزوج، فيجوز

لهن إبداء زينتهن للمحارم كما كان يجوز بالنسبة إلى الزوج - عدا ما خرجبالدليل وهو العورة - إذ المراد من الزينة ليس هو خصوص ما يكون خارجاعن الجسد ويتزين به كالكحل والسوار ونحوهما، بل أعم منه ومن األعضاء

(٧٨)

Page 105: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أنفسها كالوجه والثدي ونحو ذلك.ويشهد بهذا التعميم ما مر من رواية الفضيل قال: سألت أبا عبد الله عليه السالمعن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال الله تعالى " وال يبدين زينتهن إال

لبعولتهن " قال: نعم... الخ (١).وال ريب في ظهورها في إطالق الزينة على نفس العضو، ومن المعلوم أنه إذا.

كان الذراع زينة، فالثدي والساعد والنحر والعجز والفخذ أولى بأن تكون زينة.وما مر أيضا من رواية قرب اإلسناد: وسئل عما تظهر المرأة من زينتها،

قال: الوجه والكفين. (٢)وما مر أيضا من رواية أبي الجارود المروية في (المستدرك) إذ فيها...

والزينة ثالث: زينة للناس، وزينة للمحرم، وزينة للزوج... وأما زينة المحرمفموضع القالدة وما فوقها... وأما زينة الزوج فالجسد كله (٣).

حيث إن الجسد بأسره عد زينة، كما أن تلك المواضع منه عدت زينة،والغرض هو االستشهاد باطالق الزينة على العضو نفسه وأن جسد المرأة كلهزينة، وإن اشتملت هذه الرواية (الضعيفة بأبي الجارود مع عدم العمل بكثير

مما يرويه) على أن الجسد كله ليس زينة للمحرم وأن زينته إنما هيمواضع القالدة والدملج والخلخال وما يليها، فيحمل على االستحباب بعد التسامح

في الدليل.فالمستفاد من اآلية حينئذ هو جواز إبداء جميع الجسد للمحرم كالزوج،

إال ما خرج بالنص، وهو العورة.وال خفاء في أن وجواز الكشف وعدم الستر بما هو غير مستلزم لجواز نظر

--------------------(١) الوسائل باب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١ و ٥.(٢) الوسائل باب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١ و ٥.

(٣) المستدرك ج ٢ ص ٥٥٥.

(٧٩)

Page 106: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الغير، ولكن المنساق من جواز االبداء لشخص هو جواز نظر ذاك الشخص إلىما أبدته، إذ فرق بين أن يعبر بعدم وجوب الستر وبين أن يعبر بجواز االظهار

ألشخاص خاصة، حيث إنه يفهم عرفا جواز نظر هؤالء إلى ما أظهرته أيضا، وإنأبيت عن ذلك فانتظر ما يأتي.

وأما السنة:فمنها: ما رواه عن ابن محبوب عن أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد الله عليه السالم

في حديث قال: يستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوجتين (١).إذ المستفاد من المفهوم عدم لزوم االستئذان عند عدم تزوجهما، بل يجوز

له الدخول مفاجأة، فحينئذ يالزمه عادة النظر إلى الشعر والنحر والقدم ونحوذلك، فضال عن الوجه والكفين، وأما سر لزوم االستئذان بعد التزوج، فلعل

الدخول فجأة المستلزم غالبا أو أحيانا للنظر إليهما حال كونهما متزينتين لبعلهماموجب للعار والحياء المبغوض لدى الشرع.

ويشهد له استئذان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من فاطمة عليها السالم وقولها "ادخل " مع

عدم استتار رأسها، فإذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: أدخل ومن معي؟ قال عليهاالسالم: ليس علي

قناع... إلى آخر ما تقدم نقله من رواية عمرو بن شمر، وإن يشكل االستداللبها وحدها - لما مر.

ومنها: ما تقدم عن البزنطي عن الرضا عليه السالم قلت له: أخت امرأته والغريبةسواء؟ قال نعم... الخ (٢).

ال اشكال في عدم شمول لفظة الغريبة للمحرم، كما أنه ال سترة في أن ارتكاز--------------------

(١) الوسائل باب ١٢٠ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٢) الوسائل باب ١٠٧ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٨٠)

Page 107: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

السائل على أن المنع مختص بالغريبة، وحيث إنه قد أمضى هذا االرتكاز بعدتسوية أخت الزوجة والغريبة، يستفاد منه عدم المنع بالنسبة إلى المحرم.

وكذا ما مر من مرسلة مروك بن عبيد عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: قلتله: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال: الوجه والكفان

والقدمان (١).إذ المستفاد منها استقرار الغريزة على اختالف حكمي المحرم واألجنبي،وأما اشتمالها على استثناء القدمين فال ضير فيه بعد أن الغرض هنا التأييد.

ومنها: ما رواه عن صفوان بن يحيى عن منصور قال: سألت أبا عبد الله عليه السالمعن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته أيغسلها؟ قال: نعم وأمه وأخته ونحو

هذا يلقي على عورتها خرقة (٢) ونحوها ما رواه الصدوق بإسناده عن منصور بنحازم (٣) إذ الغسل مالزم للمس فضال عن النظر، وأما إلقاء الخرقة على العورة

فلحرمة النظر إليها مطلقا عدا الزوجة.واحتمال أن النظر إلى المحرم جائز في خصوص ما بعد الموت بعيد جدا،

كما أن احتمال االختصاص باألم واألخت مع اشتمالها علي قوله عليه السالم " ونحوهذا "

مما ال ينبغي انقداحه أصال، إلى غير ذلك مما يمكن استفادة جواز النظر وعدموجوب الستر بالنسبة إلى المحارم منها.

نحو ما رواه عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السالم قال: ال بأس أنينظر شعر أمه أو أخته أو بنته. (٤)

--------------------(١) الوسائل باب ١٠٩ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢.

(٢) الوسائل باب ٢٠ من أبواب غسل الميت ح ١.

(٣) الوسائل باب ٢٠ من أبواب غسل الميت ح ٢.(٤) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٧.

(٨١)

Page 108: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الرابع: في بيان صور اشتباه من يجوز النظر إليه بمن ال يجوز، وأحكامهابعد الفراغ عن جواز النظر إلى عدة من النساء في الجملة، كالزوجة،

والمحرم، وغير المسلمة من الذمية - مع اختالف ما بينها في مقدار النظر - وبعدمقطوعية الحرمة بالنسبة إلى غيرها من األجنبيات، يلزم البحث عن صور االشتباه

وأحكامها.إذ الشبهة بدوية تارة، ومصحوبة بالعلم االجمالي أخرى، وفي بلد اإلسالم

تارة، وفي غيره أخرى.وعند العلم االجمالي: قد يدور األمر بين كون تلك المرأة زوجة أو أجنبية،

وقد يدور بين كونها ذات قرابة أو أجنبية، وقد يدور بين كونها مسلمةأجنبية أو ذمية.

وهيهنا شبهة أخرى دائرة بين المماثل وغيره، حيث ال يدري أن ذاك الشخصالمشهود من بعد رجل أو امرأة، حتى يجوز النظر على األول وال يجوز على الثاني،

فتمام الكالم في مقامين: أحدهما: في الشبهة المحصورة، واآلخر: في الشبهة البدوية.أما األول: فلو اشتبهت الزوجة بغيرها، أو المحرم بغيرها، أو المسلمة األجنبيةبغيرها من الذمية وما يضاهيها، يحكم بحرمة النظر ووجوب الغض عن جميع

األطراف لوجهين: أحدهما: تنجز العلم االجمالي بحرمة بعض األطراف، فيلزماالحتياط المستوعب - كما في محله - واآلخر: استصحاب العدم األزلي في جميعتلك األطراف، ألن الزوجية وإن كانت مقطوعة العدم حين الوجود فال احتياج إلى

أصالة العدم األزلي فيها، إال أن القرابة وكذا اإلسالم والذمية ليس لهما سابقةحال الوجود أصال، ألن المحرم توجد ذات قرابة بال فصل وتأخر أصال، وألن

إسالم المولود وذميته تابع لوليه، فيولد محكوما بحكم ذاك الولي، فال سبق عدمله بعد الوجود، فإن كان فيه سبق عدم فإنما هو باعتبار العدم األزلي.

(٨٢)

Page 109: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فيجري في كال الطرفين مثال أصالة العدم األزلي في اشتباه المحرم بغيرهاواشتباه الذمية بغيرها، وأصالة العدم بعد الوجود في اشتباه الزوجة بغيرها،

وال ينافيه العلم االجمالي، إذ المراد من " اليقين الناقض " ما هو المتعلق بالمشكوكنفسه، وهو اليقين التفصيلي دون االجمالي، لعدم تعلقه بما تعلق به الشك، وهو كل

واحد من الطرفين بخصوصه.وال يلزم من جريانها في كال طرفي الشبهة مخالفة عملية، فال محذور من هذه

الحيثية أيضا، كما في استصحاب نجاسة الكأسين من العلم االجمالي بانقالب حالةإحديهما إلى الطهارة، نعم، لو كانت الحالة السابقة لهما هي الطهارة يحكم بالتعارض

وعدم جريانهما معا، وإال لزم المحذور العملي في ارتكاب النجس، بخالف المثال،إذ ال محذور في االجتناب عن الطاهر، وهكذا في المقام.

فبمقتضى أصالة عدم الزوجية يحكم بالبناء العملي على الغض تعبدا،وهكذا في أصالة عدم النسب وأصالة عدم المحكومية بحكم اإلسالم.

وال ريب في أن هذا األصل كغيره من األصول العلمية ليس محرزا للواقعبالوجدان وال موجبا الندراج مصب األصل تحت الدليل اللفظي، بأن يصير مصداقا

له حتى ينطبق عليه ذاك الدليل اللفظي بنفسه، ألن موضوع ذاك الدليل االجتهاديليس إال العنوان الواقعي، ال األعم منه ومما حكم به تعبدا.

نعم: لو أحرز بالوجدان أو قام الطريق أو األمارة عليه النطبق ذاك الدليلاالجتهادي بنفسه عليه، وأما لو أحرز بالتعبد فال انطباق له، بل يكون معنى التعبد

بالموضوع هو التعبد بالبناء العملي بما يماثل مدلول ذاك الدليل االجتهادي.فهيهنا إذا أحرز وجدانا بأن هذه المرأة ليس بزوجة وال ذات قرابة وال ذمية،

أو قام الطريق المعتد به على العدم، يحكم باندراجها تحت آية الغض وغيرها مناألدلة االجتهادية.

(٨٣)

Page 110: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما لو أحرز باألصل فال يحكم باالندراج وال الشمول، إذ ليس في وسعاألصل والتعبد توسعة الواقع بعد التنبه بأن موضوع الدليل االجتهادي هو الذات

الواقعية، ال األعم.فمعنى التعبد بعدم كونها زوجة مثال، هو التعبد بالعمل بما يماثل مدلول

ذاك الدليل من المنع، صونا له عن اللغوية، فحينئذ ال يلزم المحذور في البين أصال،إذ ال يتمسك بالعام، حتى يقال بالتنافي، للقطع بخروج أحد الطرفين وتخصيصهمنه، بل الحكم في كل واحد من الطرفين حكم ظاهري مماثل للواقعي المستفاد

من العام، فتبصر.ولو نوقش في األصل لكان تنجز العلم االجمالي بحاله، ولكن الظاهر تماميته

هنا، إذا العلم االجمالي غير ناقض، فيجري األصالن وال تعارض بينهما، حيث ال يلزممن اجرائهما المحذور العملي، بل ال مجال للتعارض في بعض الفروض كاشتباه

المسلمة والذمية، ألن أصالة عدم المحكومية بحكم الذمة جارية بال إشكال، ألخذعنوان الذمة في لسان الدليل، فيمكن إجراء األصل في حاشيتي وجوده وعدمه،

وأما اإلسالم فال، ألن المستفاد من آية " الغض " بعد االنصراف عن الجدار والشجرونحو ذلك هو حرمة النظر إلى غير المماثل مطلقا بال دخل لإلسالم، فيكون جميع من

عدا الذمية مندرجة تحت االطالق، ووزان المقام وزان استثناء المذكى في قولهتعالى " حرمت عليكم الميتة... إال ما ذكيتم " فيكون المذكى خارجا وغيره

داخال، سواء انطبق على ذاك الغير عنوان الميتة أم ال. فلو قيل: بأن المنصرف مناآلية حسب أخذ االيمان هو المنع عن المسلمات، فجوابه: بأن الضابط بعد التقييد

هو عنوان غير الذمية كائنة من كانت، فال مساس لإلسالم.فحيث إنه ال أثر لبعض األطراف في مورد، فال تعارض في ذاك الفرض والمورد

(٨٤)

Page 111: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الخاص، فتحصل: لزوم االحتياط في جميع موارد الشبهة المحصورة الدائرة بين منيجوز النظر إليه ومن ال يجوز.

أما الثاني: (أي الشبهة البدوية) فكأن ال يعلم أن هذه المرأة الواحدة ممنيجوز النظر إليها أو ممن ال يجوز، فالظاهر: وجوب الغض عنها أيضا، ال للعلم

االجمالي - إذ المفروض كون الشبهة بدوية غير مصحوبة له - بل ألصالة عدم كلما يحتمل الجواز ألجله، كالقرابة، والزوجية، والذمية.

أما عدم الزوجية: فواضح، ألن هذه المرأة لم تكن حين الوجود زوجة،فاآلن كما كانت.

وأما عدم الرحامة وكذا الذمية: فألجل جر العدم األزلي، وال يعارضهجر عدم اإلسالم وكذا الغرابة واألجنبية، لما مر من أن المستفاد من اآلية بعد

االستثناء هو دوران الحكم في غير مورد ذاك االستثناء بال عنوان خاص، فليسالمنع منحدرا نحو المسلمة أو األجنبية حتى يترتب األثر عليهما وينفى ذاك األثر

بنفيهما، بل الحكم عام بال أخذ عنوان خاص فيه، ومن دون لزوم إثبات قيد اإلسالمونحوه حتى يثبت المنع، بل المنع ثابت بمجرد عدم الرحامة والذمية، ثبت عنوان

خاص أم ال، ومن هنا يندفع توهم االثبات.وقد الح لك أيضا أن التعبد بعدم الموضوع أو وجوده تعبد بالبناء العملي

على ذاك الحكم المالئم له ال من باب االندراج تحت الدليل اللفظي الناظر بالواقع.هذا إذا لم تقم األمارة الحاكمة على األصل، وإال فال مجال له، مثال لو

اشتبهت امرأة بين المسلمة والذمية في بلد اإلسالم يحكم بعدم جواز النظر، ألنذاك أمارة على كونها مسلمة.

وأما معنى أمارية بلد اإلسالم وتوقفها على كون الغالب واألكثر مسلمينأو كون حكومة ذاك البلد حكومة إسالمية ففي محل آخر، كما أنه يعكس

األمر في بلد الكفر إذا تم نصاب األمارية.

(٨٥)

Page 112: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نعم: لو اشتبه شبح خاص بين المماثل وغيره، فال يدرى أنه رجل أو امرأة؟فيمكن الحكم بجواز النظر ألنه شبهة مصداقية لنفس العام، بخالف غيرها من

الشبه المارة، لكونها شبهة مصداقية للمخصص.وبيانه: بأن المنصرف إليه من آية الغض ونحوها هو ما عدا المماثل فيحرم

النظر إلى غيره، فعند اشتباه الشبح الخاص بين المماثل وغيره يكون شبهة مصداقيةللعام نفسه، وال يمكن جر العدم األزلي بالنسبة إلى غير المماثل لتعارضه بشقيقه،

فتبصر حتى ال يختلط عليك الميز.فحينئذ يجوز النظر إلى من ال يدرى أنه مماثل أو غيره.

(٨٦)

Page 113: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ١ - الظاهر وجوب ستر الشعر الموصول بالشعر سواءكان من الرجل أو المرأة وحرمة النظر إليه، وأما القرامل من

غير الشعر وكذا الحلي ففي وجوب سترهما وحرمة النظر إليهمامع مستورية البشرة اشكال وإن كان أحوط.

إن استيفاء القول - من حيث الشعر نفسه، وأن الموصول منه بحكم األصيلأم ال؟ ومن حيث اندراجه تحت الحلي وغير ذلك - في جهتين:

الجهة األولىفي أن الشعر الموصول بحكم األصيل أم ال

والمستفاد من المتن هو لزوم ستر الموصول وحرمة النظر إليه كاألصيل،وأقصى ما يمكن االستدالل به على االستواء، هو أن الدارج في العرب الشعرالوافر والممتد في النساء لمحبوبية ذلك لديهم، وترى شعرائهم يحرضون فيه

ويمدحونه بما ال ينكر، ومن المعلوم: احتياج ذلك إلى شعور منفصلة وإلى قراملبه توصل تلك المنفصالت وتصير متصالت باألصيل، بحيث يحسب لدى الناظر أن

ذاك الشعر واحد متصل.فإذا لو حظ هذا المحيط ونزول آية " الغض وعدم االبداء " يحكم بلزوم

ستر الموصول وحرمة النظر إليه كاألصيل.وفيه: أن المنصرف من اآلية هو ما يكون معدودا من األجزاء، سواء كانت

مما تحله الحياة الحيوانية كالجسد، أو ال، كالشعر والظفر ونحو ذلك، وأما ما

(٨٧)

Page 114: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

هو خارج عن ذلك جدا فال.وال ميز فيما هو المهم بين كون الشعر الموصول من شعور أجنبية أخرى التي

ال يحل للرجل النظر إليها وعدمه.وال يتوهم االستصحاب فيما إذا كان من شعور من يحرم للرجل النظر إليها،

بأن يقال: هذا الشعر الخاص كان مما يحرم النظر قبل انفصاله فاآلن كما كان.ال لتغاير الموضوع، إذ الفصل والوصل من األطوار غير الدخيلة فيه، ولذلك يحكمبترتب آثار العضو المتصل على العضو المبان: من حرمة النظر إذا كان من المسلمة

األجنبية، وغير ذلك من النظائر الفقهية، بل لقيام السيرة القطعية الحاكمة علىاألصل على خالفه.

وتوضيحه: بأن االستصحاب كما ينتج حرمة النظر، كذلك ينتج وجوبالستر على المرأة األولى التي انفصل الشعر من رأسها، فيجب على من يسرح

رأسها وتنفصل منه الشعور أو تقصر أو تحلق شعرها أو تقلم أظفارها ونحو ذلكأن تستر ذلك كله بالدفن أو غيره، وهو مما قامت السيرة القطعية على الخالف،إذ النساء في الحمامات وغيرها كان من دأبهن التسريح وقص بعض الشعر وقلم

الظفر مع عدم االعتداد بالمفصول أصال.ونحو ما يشاهد في الحج من التقصير والقلم وطرح المقطوع على األرض

من زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى زماننا هذا، فهذه األمارة القطعية حاكمةعلى األصل.

ومما يؤكد ما ذكرناه، أنه لو جرى األصل لحكم بحرمة النظر على تلكالمرأة نفسها بالنسبة إلى الشعر الموصول بشعرها إذا كان من الرجل، ألن القائل

بحرمة نظر المرأة إلى شعر الرجل يلزم عليه الحكم بعدم جواز نظر هذه المرأةإلى ما وصل بشعرها من شعر الرجل استصحابا. وهذا وأشباهه مما يشكلااللتزام به جدا، بل يمكن أن يستدل لجواز النظر ببعض ما ورد في الباب.

(٨٨)

Page 115: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نحو ما رواه عن ثابت بن سعيد قال: سئل أبو عبد الله عليه السالم عن النساء تجعل فيرؤوسهن القرامل، قال: يصلح الصوف وما كان من شعر امرأة لنفسها، وكره للمرأة

أن تجعل القرامل من شعر غيرها، فإن وصلت شعرها بصوف أو بشعر نفسهافال يضرها (١).

ال إشكال في السند إال ب " ثابت بن سعيد " حيث إنه لم يوثق، ال أنه ضعف،ويمكن كشف وثاقته بنقل " أحمد بن محمد بن عيسى " المتصلب في عدم النقل عن

الضعاف، عنه في الجملة، مع نقل غيره من األجالء عنه.وأما المتن: فإن أريد من الكراهة معناها المصطلح في الفقه - كما ال يبعد -

لشيوع هذا االصطالح في عصر الصادق عليه السالم فاألمر واضح، الطالق لفظة (شعرغيرها)

فتشمل ما إذا وصلت شعر األجنبية التي يحرم للزوج النظر إلى شعرها وإن كانتمن محارم الزوجة وأقربائها، وما إذا وصلت شعر بعض محارم الزوج كأخته مثال

ممن يجوز للزوج النظر إليها وال يجب على الزوجة ستره، ألن وجوب السترألجل حرمة النظر، ومع عدمها ال مجال له، فلو كان النظر إلى الشعر الموصول

حراما يكون تجويز الوصل المالزم لوقوع نظر الزوج إليه البتة بال إشارة إلىالستر اغراء بالجهل - تعالى الشارع عنه علوا كبيرا.

وإن أريد منها الحرمة أو الجامع فيثبت المطلوب، مع بعد احتمالها أيضاألن المنع حينئذ ليس ألجل عدم جواز النظر إلى الشعر الموصول، إذ المفروض

إطالق لفظة (الغير) وشمولها لما إذا كان ذاك الشعر من شعور إحدى محارم الزوجوال منع من النظر البتة، فلعله ألجل ما ورد في بعض النصوص من التعليل أو االشعار

بكونه كالميتة فينبغي االجتناب عنه.والحاصل: أن آية " الغض " وغيره منصرفة إلى الشعر األصيل، واالستصحاب

محكوم بالسيرة القطعية على الخالف، وظاهر هذه الرواية المجوزة على الكراهة--------------------

(١) الوسائل باب ١٠١ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(٨٩)

Page 116: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

هو جواز النظر.فاألقوى: عدم وجوب ستره وعدم حرمة النظر إليه من حيث كونه

شعرا، وأما كونه زينة ففيما يلي:الجهة الثانية

في حكم الشعر الموصول من حيث كونه زينةال ريب في وجوب ستر الزينة وحرمة النظر إليها في الجملة، إنما الكالم

في المراد منها، فإن كان المراد هو خصوص الزينة الخلقية، كاليد، والساق، ونحوذلك من األعضاء - كما ال يبعد - على ما مر من شهادة رواية الفضيل وغيرها عليه،

فال يجب ستر الشعر الموصول وال يحرم النظر إليه، لخروجه عن الزينة الخلقية،إذ ليس كاألصيل.

وأما إن كان المراد هو خصوص الزينة الخارجية التي بها تتزين، كالسواروالخاتم، ونحو ذلك، فال يجب الستر وال يحرم النظر أيضا، لما مر من أن الزينة

المنفردة عن البدن في الرؤية وإن كانت معلقة عليه وجودا ال حكم لها حسباالنصراف.

وذلك بعد الفراغ عن خروج الزينة المنقطعة عن البدن وجودا عنالحكم جدا - بأن كانت في العيبة والصندوق أو في زاوية من زوايا البيت أو معلقة

على الجدار - يحكم بأنه لو التصقت بالبدن ولكن امتازت عنه بالرؤية معمستورية ذاك البدن ال حكم لها أيضا، وأما إذا اشتركت معه في الرؤية لكانتمحكومة بحكمه، أي يصير المنع عن البدن حينئذ أشد بعد ممنوعيته في نفسهوبال زينة، فالبدن العاري عن الزينة واجب الستر ومحرم النظر، والزينة المنفردة

عنه في الرؤية جائز االبداء والنظر، وأما البدن المتزين بها المشتركين في

(٩٠)

Page 117: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الرؤية فحكمه أشد من العاري.وال بعد فيه، ألن القواعد من النساء - مع ما أجيز لهن من وضع الجلباب

عنهن وإبداء بعض ما كان واجب الستر على غيرهن من النساء - يحكم عليهنبحرمة االبداء حينئذ إذا كن متبرجات بزينة.

فتبين الميز بين البدن والزينة: بانفكاك األول عن الحكم بدون الثاني كمافي القواعد من النساء، وانفكاك الثاني عنه بدون االشتراك مع األول في الرؤية

كما في غيرهن أيضا، واجتماعهما الموجب للحرمة كما في القواعد، ولشدتها كمافي غيرهن.

فالشعر الموصول غير واجب الستر وال محرم النظر، إذ ليس من الزينة الخلقيةوال حكم للزينة الزائدة المنفردة عن البدن في الرؤية.

ومن هنا يتضح حكم القرامل والحلي البتة من جواز النظر واالبداء عندانفرادها عن البدن في الرؤية، فما في " المستند " من استواء الشعر المتصل والمنفصل

- الطالق حرمة النظر إلى شعورهن - مقدوح.مسألة ٢ - الظاهر حرمة النظر إلى ما يحرم النظر إليه في المرآةوالماء الصافي مع عدم التلذذ، وأما معه فال اشكال في حرمته.

ال ريب في أن النظر المحرم ال تفاوت بين مراتبه القوية والضعيفة بعد فرضاندراجها تحت مفهوم واحد، فحينئذ ال مجال لتقييد الماء بالصفا زعما بأن الكدر

منه ال يوجب االبصار التام والرؤية القوية، وإال لجاز النظر لمن في عينه عاهةمانع عن االبصار التام، ونحو ذلك مما ال يمكن االلتزام به، نعم لو بلغت الكدورة

حدا ال يتيسر معه الفرد الخفي من النظر أيضا ال بأس، لخروجه موضوعا.

(٩١)

Page 118: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فكيف كان قال في " المستند ": الظاهر جواز النظر إلى كل ما ال يجوز النظرإليه في المرآة والماء ونحوهما، النصراف النظر إلى الشايع والمتعارف، ولعدمالعلم بكونه نظرا إلى المرء والمرأة، لجواز كون الرؤية فيهما باالنطباع، وكذا

يجوز النظر إلى الصور المنقوشة، لألصل، انتهى.وفيه: أن دارجية األفراد الخاصة وشيوعها غير موجب النصراف المطلق عنالنادر أوال، مع أن للمقام خصيصة مانعة عنه ثانيا، وهي حكمة التحفظ عن

التهييج، كما سيجئ.وأما احتمال خروج عن الفردية واالندراج وكون االطالق من باب

المجاز والمسامحة، فمندفع بأن المتبع في سعة مفهوم اللفظ وضيقه هو العرفالذي ال يتسامح في حوزته، وإن أمكن أن يكون بالدقة العقلية تسامحا. وهذا

نظير ما يعتبر في صدق (النقض) وجريان االستصحاب من اتحاد القضيتين المقطوعةوالمشكوكة الموجب لبقاء الموضوع ووحدته، إذ العرف الدقيق في حوزته يرى

الموضوع منحفظا وإن تغير بعض أحوالها التي ألدخل له فيه، مع أن العقلالقراح يراه متغيرا.

ونظير ما يقال: بطهارة ما بقي من لون الدم في الثوب المغسول، إذ العرفالدقيق يحكم بزوال النجس رأسا وأن الباقي من اللون ليس مصحوبا لنفس الدم

بل هو أثر باق منه، مع أن العقل القاضي بامتناع انتقال العرض عن موضوعه- ألنه متقوم وجودا به - يحكم ببقاء األجزاء الصغار الحاملة لذاك اللون من

الدم ال محالة.ومن المعلوم: أن العرف يرى النظر بالمرآة أو الماء نظرا إلى المرئي

الخارجي البتة. وحديث االنطباع المحتمل في كالمه (ره) - مع مقدوحيته فيمحله عند أهله - غير ضار في مثل المقام الذي أسسه الفهم العرفي وشيده

االرتكاز العقالئي، دون العقلي.

(٩٢)

Page 119: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نعم: لو تسامح العرف في مورد كقبض ما ينقص عن المقدار المبيع بعنوانأنه نفس ذاك الحد فغير متبع.

ولمزيد االيضاح نقول: إن النظرة تارة بالمرآة، وتارة أخرى إلى المرآة.أما األولى: فلجعلها وصلة إلى المنظور الخارجي ورؤية ماله من اآلثار.

وأما الثانية: فلتشخيص جرم تلك المرآة وأنها من أي جنس صنعت، وغيرذلك مما يرجع إليها نفسها.

وال سترة في أن العرف قاض بأن وزان النظر بالمرآة أو الماء وزان النظرإلى ذاك الشئ الخارجي بال واسطة، وأما النظر إليها فهو خارج البتة عن كونه

نظرا إلى ذاك الخارجي.والحاصل: أن النظر بواسطة المرآة ونحوها كالنظر بدونها عند العرف،

والجه لالنصراف، فيحرم.أضف إلى ذلك: أن في البين غير واحد من النصوص يمكن االستدالل

ببعضها واالستمداد من اآلخر على حرمته.فأما الطائفة الدالة:

فمنها: ما مر من رواية علي بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السالم إذفيها " النظرة سهم من سهام إبليس مسموم وكم من نظرة أورثت حسرة طويله " (١)

وفي رواية هشام بن سالم، عن عقبة، عن أبي عبد الله عليه السالم... من تركهالله ال لغيره أعقبه الله أمنا وإيمانا... الخ (٢)، إذ المسمومية بلحاظ كون النظر

عرضة للحسرة متحققة في المقام البتة.وفي مكاتبة محمد بن سنان عن الرضا عليه السالم... لما فيه من تهييج الرجالوما يدعو إليه التهييج من الفساد والدخول فيما ال يحل وال يحمل... الخ (٣).

--------------------(١) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١ و ٥ و ١٢.(٢) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١ و ٥ و ١٢.(٣) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١ و ٥ و ١٢.

(٩٣)

Page 120: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حيث إنه جعل هذه الحكمة - وهي االنحفاظ عن التهييج - علة للمنع المطلقمع جعل تشخيصها بيد الشرع ال المكلف، وقد مر أن المدار هو ما يكون عرضة له

ال ما هو الحاصل بالفعل، ومن المعلوم: أن ما هذا شأنه يجب االجتناب عنه،بال تفاوت بين ما يكون بال واسطة أو معها.

وهذا نظير جعل العدة وتشريعها لحكمة انحفاظ الرحم عن اختالط المياه،فيحكم حينئذ بحرمة التلقيح الموجب له وإن لم يكن على المجرى العادي،

إذ المدار ذاك الغرض، ال الجرى العادي حتى يحل التلقيح مثال.وفي رواية " عقاب األعمال " عن رسول الله صلى الله عليه وآله... ومن مأل عينيه من

امرأة حراما حشاهما الله يوم القيامة بمسامير من نار... الخ (١).وفي حديث المناهي... من مأل عينيه من حرام... الخ، بال أخذ االمرأة.

وال ريب في أن مأل العين كما يحصل بالنظر المحرم إلى األجنبية بال واسطة،كذلك يحصل به معها، ولم يؤخذ فيها عنوان النظر حتى يتخيل انصرافه عما

يكون مع الواسطة، بل عنوان المأل الصادق معها أيضا.وفي صدر هذه الرواية (أي رواية عقاب األعمال): من اطلع في بيت جاره

فنظر إلى عورة رجل أو شعر امرأة أو شئ من جسدها كان حقا على الله أن يدخلهالنار مع المنافقين الذين كانوا يتبعون عورات النساء في الدنيا... الخ.

وال خفاء في أن المستفاد من هذه الفقرة، هو مبغوضية االطالع على العورة أوشعر المرأة أو شئ من جسدها، بال امتياز فيها بين النظر المنتج له بال واسطة

أو معها، إذ ال يمكن أن يتفوه بجواز االطالع عليها بالمرآة أو الماء الصافي ونحوذلك، إلى غير ذلك مما يستفاد منه المنع.

--------------------(١) الوسائل باب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١٦.

(٩٤)

Page 121: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الطائفة المؤيدة:فمنها: ما مر نقله من رواية أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السالم، قال:

سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البالء في جسدها إما كسر وإما جرح في مكانال يصل النظر إليه يكون الرجل ارفق بعالجه من النساء، أيصلح له النظر إليها؟

قال: إذا اضطرت إليه فليعالجها إن شاءت (١).بيان التأييد: بأنه لو جاز النظر إلى ذاك الموضع بتوسط المرآة ونحوها

لما اضطر إلى ذلك، إذ الغرض حاصل بالنظر بتوسط المرآة، مع احتمال كونالمورد المسؤول عنه مما لم يكن النظر مع الواسطة مجديا، ولذا جعل مؤيدا،

وإال لصار دليال.ونحوها روايتا علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السالم وفي األخيرة:

قال عليه السالم: إذا لم يكن عورة فال بأس. (٢)والسر هوان المجوز المنظر إلى العورة ال بد من أن يكون الحد الكامل من

الضرورة، ال مجرد الحاجة.ومنها: ما ورد من تجويز النظر لمن يريد التزويج، حيث إنه لو جاز

النظر بتوسط المرآة، لما احتيج إلى تجويز ما هو حرام بطبعه األولى مع حصولالغرض بذلك، وليس إال لتساويهما في الحكم.

ومنها: ما ورد: من حضور المرأة المعهودة المدعية أو المدعي عليها مثال،إذ لو جاز النظر بتوسط المرآة لحصل الغرض بدون االحتياج إلى تجويز ما كان

ممنوعا بطبعه األولى - إلى غير ذلك مما يمكن جعل بعضها دليال فضال عنالتأييد.

--------------------(١) الوسائل باب ١٣٠ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١ و ٣ و ٤.(٢) الوسائل باب ١٣٠ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١ و ٣ و ٤.

(٩٥)

Page 122: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومن هنا ينقدح حكم النظر من وراء الزجاجة أو الناظورة أو اآلالت األخرالتي تقرب البعيد جدا، النطباق حكمة التهييج ومبغوضية االطالع على العورة

أو شعر المرأة أو جسدها على ذلك كله، فيحرم بال كالم.وأما النقش والصورة المرسومة في الجدار أو القرطاس أو نحو ذلك، فأمرها

يدور مدار انطباق تلك الحكمة المجعولة علة وتلك المبغوضية، كما أنه ال يخلوبعض الموارد منها عن ذلك فيحرم، دون بعضها اآلخر فال يحرم، بال تفاوت في

ذلك بين معرفة ذات الصورة والنقش وعدمها، إذ ال إشكال في أن النظر إلى النقشليس نظرا إلى األجنبية، بخالف المرآة ونحوها، فحينئذ ال بد في التحريم منانطباق المعرضية للتهييج الداعي إلى الحرام ال مطلقا، أو انطباق االطالع على

العورة ونحوها مما عد مبغوضا للشرع وموجبا لدخول النار، وإال فال دليل علىالمنع عنه.

مسألة ٣ - ال يشترط في الستر الواجب في نفسه ساترمخصوص وال كيفية خاصة، بل المناط مجرد الستر ولو كان باليد

وطلى الطين ونحوهما.ال إشكال فيما أفاد، بل يمكن أن يقال: إن التعبير بوجوب الستر غير خالعن التسامح، إذ الواجب هو عدم التمكين من النظر، سواء كان بالستر، أو

االستتار في المظلم، أو االختفاء خلف الجدار، أو التبعد الموجب للخروج عنمكنة النظر، ونحو ذلك.

نعم: عند االنحصار يتعين الستر. فحينئذ يحكم بعدم لزوم ساتر خاص

(٩٦)

Page 123: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من الطاهر والمباح وعدم كونه مما ال يؤكل لحمه وال من الحرير الخالصوغيرها، وال كيفية مخصوصة، لحصول الغرض باألعم من ذلك كله، فال نطيل

الكالم بعد اتضاح الحكم وسنده.وأما الثاني - أي الستر حال الصالة - فله كيفية خاصة ويشترط

فيه ساتر خاص، ويجب مطلقا، سواء كان هناك ناظر محترمأو غيره أم ال، ويتفاوت بالنسبة إلى الرجل والمرأة، أما الرجل:فيجب عليه ستر العورتين، أي القبل (من القضيب والبيضتين)

وحلقة الدبر ال غير، وإن كان األحوط ستر العجان - أي ما بينحلقة الدبر إلى أصل القضيب - وأحوط من ذلك ستر ما بين

السرة والركبة، والواجب ستر لون البشرة، واألحوط ستر الشبحالذي يرى من خلف الثوب من غير تميز للونه، وأما الحجم

- أي الشكل - فال يجب ستره.إن استيفاء القول فيما أفاد - من حيث لزوم ستر العورتين وبيان حدهما

ومن حيث االجتزاء بستر اللون دون الشبح فضال عن الحجم، وغير ذلك - فيطي أمور:

األمر األول: في لزوم ستر العورتين حال الصالة وضعاال إشكال في أن المنساق من األمر والنهي بالطبع األولي هو البعث نحو الفعل

والزجر عنه تكليفا، وأما إذا انحدرا نحو المركب ذي األجزاء والشرائط يستفاد

(٩٧)

Page 124: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

منهما االرشاد إلى الجزئية والشرطية وضعا، فال يصح ذاك المركب الفاقد لهما،أو ألحدهما - كما في محله.

وكيف كان: قد يستدل للزوم ستر العورتين حال الصالة وبطالنها بدونهباالجماع، وهو وإن أمكن تحصيله فضال عما نقل، إال أنه لوجود غير واحد من

النصوص الصالحة لالستدالل - المحتمل تمسك المجمعين بها - مما يشكل الطمأنينةإليه واالتكال عليه.

فالمهم هو الفحص عما استدل، أو يمكن أن يستدل به، أو يستمد منه، حتىيحصل من المجموع الوثوق التام بلزوم ذلك وضعا.

فمن تلك النصوص: ما رواه عن محمد بن مسلم (في حديث) قال: قلت ألبيجعفر عليه السالم: الرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: إذا كان كثيفا فال بأس به

يعنيإذا كان ستيرا. (١)

وأورد صدر هذه الصحيحة في (ح ١ باب ٢٢ من أبواب لباس المصلي) عن محمد بنمسلم قال: رأيت أبا جعفر عليه السالم يصلي في إزار واحد ليس بواسع قد عقده على

عنقه، فقلت له: ما ترى للرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: إذا كان كثيفافال بأس به.

إن المستفاد من الصدر والذيل هو تستر المعصوم عليه السالم بإزار واحد غير واسعمعقود على عنقه، وال يمكن االطمئنان بأن ذلك للستر عن الناظر، إذ ال داللة

للصحيحة على كونه عليه السالم في مرأى الناظرين أو معرض له، المكان كونه عليهالسالم في

بيت داره واتفق انكشاف الباب حين مرور الراوي فرآه كذلك، وحيث إنه رآهعليه السالم يصلي في ثوب واحد تجهز للسؤال عن حكمه مع ما في ذهنه من محبوبية

الزائد عنه، فسأل عنه وأجيب بالجواز إذا كان كثيفا - أي ستيرا - التحاد معناهفي الموردين.

--------------------(١) الوسائل باب ٢١ من أبواب لباس المصلي من كتاب الصالة ح ١.

(٩٨)

Page 125: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فيدل على اشتراط صحة الصالة بالساتر في الجملة، وال مجال لتوهم كونهللحفظ عن النظر بعد اختصاص مصب السؤال بالصالة، مع إطالقه الشامل لما إذا

صلى في معرض الرؤية أو في غيره.نعم: ال يستفاد منه لزوم ستر العورتين بالخصوص وإن كان هو المتيقن من ذلك،

بل المستفاد منه لزوم ستر ما يحويه القميص الواحد، وهو أعم من العورتين فيطرفي الفوق والتحت، فيلزم ستر ما فوقهما وكذا وما تحتهما بمقدار يغطيه

القميص الواحد المتعارف.فلو قام دليل آخر على عدم لزوم ذينك الطرفين يحكم باالستحباب والفضل

بالنسبة إلى الطرفين مع بقاء اللزوم المستفاد بالنسبة إلى العورتين بحاله.ومنها: ما رواه عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: سألته عن الرجل

يصلي في قميص واحد أو قباء طاق أو في قباء محشو وليس عليه إزرار؟ فقال: إذاكان عليه قميص صفيق أو قباء ليس بطويل الفرج فال بأس، والثوب الواحد يتوشح

به والسراويل كل ذلك ال بأس به، وقال: إذا لبس السراويل فليجعل على عاتقهشيئا ولو حبال (١).

والطاق: هو ضرب من الثياب بغير جيب، والصفيق: هو الثوب الكثيف النسجومصب السؤال إنما هو بلحاظ ما يعتبر في الصالة، ومفاد الجواب هو لزوم كون

القميص ساترا وكون القباء غير طويل الفرج، وظاهره نفي البأس إذا كان قصيرالفرج، فيدل على عدم لزوم ستر القدم وال الساق.

فحينئذ يستفاد: أن الستر بالنسبة إلى ما تحت العورتين غير واجب االستيعابلجواز كشف الساق وما يليه. نعم: ال داللة له بالنسبة إلى ما زاد عن ذلك حتى

يستفاد منه جواز كشف ذلك الزائد أيضا فينحصر الستر في العورتين، بل ال بد منالتماس دليل آخر.

--------------------(١) الوسائل باب ٢٢ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٩٩)

Page 126: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: ما رواه عن أبي مريم األنصاري (في حديث) قال: صلى بنا أبو جعفرعليه السالم في قميص بال إزار وال رداء، فقال: إن قميصي كثيف فهو يجزي أن ال

يكونعلي إزار وال رداء (١).

إن الذيل الذي هو المهم في االستدالل يحتمل أن يكون منحدرا نحو السترعن الناظر، ال ما هو المعتبر في الصالة، حيث إنه عليه السالم كان بمرأى من

المأمومينالمقتدين به عليه السالم، فقال: بأن القميص لكثافته وساتريته مجز بالنسبة إلى

التكليف بما يستر عن الناظر، فيحنئذ المساس له بالمقام.ولكن االنصاف: أنه ظاهر في بيان ما يجزي في الصالة فيدل على بطالنها

إذا لم يكن ستيرا. نعم: ال يستفاد لزوم ستر خصوص العورتين وإن كان هو المتيقن.ومنها: ما رواه عن علي بن جعفر عن أخيه، قال: سألته عن الرجل صلى

وفرجه خارج ال يعلم به، هل عليه إعادة أو ما حاله؟ قال: ال إعادة عليه وقدتمت صالته (٢).

حيث إن اختصاص السؤال بصورة الجهل بالموضوع كاشف عن استقرار ارتكازهعلى المنع حال العلم، فلو جاز الكشف مطلقا للزم بيانه بتخطئته السائل وردعهعما ارتكز في ذهنه، فاالكتفاء في الجواب بعدم اإلعادة ظاهر أو مشعر بتقريرارتكازه، فعليه يكون ستر الفرج معتبرا في صحة الصالة عند العلم بالموضوع،

حسبما يستفاد من هذا النص.ومنها: ما رواه عن عمار عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: سألته عن الرجل يصلي

فيدخل يده في ثوبه، قال: إن كان عليه ثوب آخر إزار أو سراويل فال بأس، وإنلم يكن فال يجوز له ذلك، وإن أدخل يدا واحدة ولم يدخل األخرى

فال بأس (٣).--------------------

(١) الوسائل باب ٢٢ من أبواب لباس المصلي ح ٧(٢) الوسائل باب ٢٧ من أبواب لباس المصلي ح ١.(٣) الوسائل باب ٤٠ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(١٠٠)

Page 127: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والظاهر: أن المنع عند دخول اليدين في الثوب هو كونه عرضة للحركةوالتحول من موضع إلى آخر فينكشف ما ال بد من ستره، وأما عند خروج إحدى

اليدين من الكم وإن دخلت األخرى فهو مانع عن التحول الموجب للكشف،فلو لم يكن الستر في الجملة معتبرا في صحة الصالة لما فصل بين الصورتين

جوازا ومنعا.نعم: ال يستفاد منها تعين ستر العورتين، وإن تدل على عدم وجوب ستر

الزائد عما يحويه اإلزار ويستره السراويل من جهة فوق العورتين، حيث قال عليه السالم" وإن كان عليه ثوب آخر إزار أو سراويل فال بأس... الخ " حيث إنه يدل على

عدم لزوم ستر الزائد عما ما يحويه السراويل، وقد مر عدم لزوم ستر القدم والساق،لتجويز الصالة فيما ليس بطويل الفرج وإن كان قصيره، فحينئذ يتضيق ما يحتمل

لزوم ستره من الطرفين، ولعله ينحصر في العورتين، فارتقب.ومنها: ما رواه عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السالم، قال: سألته عن

الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا وحضرت الصالة كيف يصلي؟ قال:إن أصاب حشيشا يستر به عورته أتم صالته بالركوع والسجود، وإن لم يصب

شيئا يستر به عورته أومأ وهو قائم (١).ال نقاش في السند.

وأما المتن: فقد انحدر السؤال نحو كيفية الصالة مع فقد الساتر، فكانذهن السائل قد ارتكز فيه لزوم ما صار هنا مفقودا، فأجيب بلزوم ستر العورة

بالحشيش عند االمكان، فيستفاد منه شرطية الستر، كما أنه يستفاد منه عدم لزومستر ما زاد عنها وإن وجد ما يستره، بل المعتبر هو خصوص ستر العورة.

وال خفاء في أن مصب االستدالل إنما هو الفقرة األولى من الجواب، ال الثانية--------------------

(١) الوسائل باب ٥٠ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(١٠١)

Page 128: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

لخروجها عن الكالم اآلن، كما أنه ال مرية في نفي الخصوصية للحشيش، بل لوأصاب ساترا آخر نحوه لوجب وكفى، وال سترة أيضا في أن ايجاب ستر العورة عند

اإلصابة ليس للحفظ عن الناظر، لالطالق الشامل لما إذا كان هناك ناظر محترمأم ال.

ومنها: ما رواه عن زرارة عن أبي جعفر عليه السالم... وإن كانت امرأة جعلتيدها على فرجها، وإن كان رجال وضع يده على سوأته، ثم يجلسان فيؤميان

إيماء، وال يسجدان وال يركعان فيبدو ما خلفهما، تكون صالتهما إيماءبرؤسهما... الخ (١).

وظاهرها ترك بعض األركان الهامة حفظا لستر العورة، وال اختصاص لذلكبما إذا كان هناك ناظر، لالطالق، فيكون لزومه بلحاظ الصالة ال غير، وحيث إنهلم يجعل لما عد العورة حكما، يستفاد منه أن سترها هو المتعين، دون ما عداها.

ومنها: ما رواه عن محمد بن علي الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عنرجل

أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره (آخر)؟ قال: يصلي فيه فإذا وجد الماءغسله (٢).

وبهذا المضمون غير واحد من النصوص التي رواها في ذاك الباب.ومنها: رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السالم... وإن لم يجد ماء صلى

فيه ولم يصل عريانا (٣).وقد اختلف األصحاب (ره) فيما لو انحصر ثوبه في نجس مع التمكن من

النزع لعدم البرد ونحوه على أقوال ثالثة:األول: تعين الصالة في ذاك الثوب النجس وعدم جوازها عريانا، والثاني:

التخيير بين الصالة فيه وبين الصالة عاريا، والثالث: تعين الصالة عاريا.--------------------

(١) الوسائل باب ٥٠ من أبواب لباس المصلي ح ٦.(٢) الوسائل باب ٤٥ من أبواب النجاسات ح ١ و ٥.(٣) الوسائل باب ٤٥ من أبواب النجاسات ح ١ و ٥.

(١٠٢)

Page 129: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

واألول هو خيرة الماتن (ره) في أحكام النجاسات، وهو الموافق لظواهر هذهالنصوص العديدة التي لم نأت إال بنزر منها.

وتقريب االستدالل بها على لزوم الستر في الجملة: هو أنه ال مرية في شرطيةالطهارة أو مانعية النجاسة، فلو حكم بجواز الصالة في النجس أو تعينها وعدم

جواز التعري، فال بد من أن يكون ألمر لزومي آخر مساو لها أو أقوى منها، وهوالستر، فعلى القولين األولين يتم التقريب، ألن تجويز الصالة في النجس المستلزملفوات الشرط ال بد من أن يكون للزوم الستر، وحيث إن تلك النصوص مطلقة

ال يمكن حملها على خصوص ما إذا كان الستر عن الناظر ال للصالة.نعم: على القول الثالث (أي تعين التعري وعدم جوازها في النجس)

ال يتم المطلوب.ومنها: ما رواه عن صفوان بن يحيى، أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السالم يسأله

عن الرجل معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصالةوخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال يصلي فيهما جميعا (١).

تقريب داللتها على لزوم الستر في الجملة للصالة: هو أنه لو جازت عارياوبال ستر لما أوجب التكرار بأن يصلي تارة في هذا الثوب وأخرى في ذاك، بل

لزم الحكم بعدم االحتياج إلى االمتثال االجمالي بالتكرار، لالكتفاء باالمتثالالتفصيلي، وهو إتيانها عاريا فيما ال ناظر هناك، وأما الحكم بالتكرار مطلقا سواء

كان هناك ناظر أم ال، فليس إال لوجوب الستر فيها.نعم: ال ظهور لها كغيرها من نصوص (باب ٤٥) في تعين ستر العورة، وإن

كان القدر المتيقن منها بأسرها هو سترها. وهذا بخالف رواية علي بن جعفرالمتقدمة، لظهورها في تعينها وعدم لزوم ستر ما عداها.

ومنها: ما رواه عن حماد بن عثمان عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السالم، في--------------------

(١) الوسائل باب ٦٤ من أبواب النجاسات ح ١.

(١٠٣)

Page 130: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الرجل يصلي في الخف الذي قد أصابه القذر؟ فقال: إذا كان مما ال تتم فيه الصالةفال بأس (٢). ونحوها غير واحدة من النصوص المروية في ذاك الباب.

حيث إن المستفاد منها لزوم الستر في الصالة إجماال، وأنه ال تصح عارياباالختيار وإن لم يبين فيها حد ذلك.

فالمتحصل من هذه الروايات المشتملة على الصحاح وغيرها: هو لزوم سترالعورتين في الصالة وأنها ال تصح بدونه، ألنها على قسمين: أحدهما: ما يكون

القدر المتيقن منه ذلك، واآلخر: ما يكون ظاهرا فيه بالخصوص كروايةعلي بن جعفر.

األمر الثاني: في تحديد ما يجب ستره في الصالة على الرجلقد مر تمام القول في تحديد العورتين (ص ٩) فراجع، وإنما التعرض له هنا

لإلشارة إلى خروج العجان عن الحد وأن انكشافه غير ضار لصحة الصالة، وذلكألن التحديد المستفاد مما ورد في مستورية الدبر باألليتين ومستورية القبل باليد

فيما فرض ستره بها دال على خروج ما عدا ذلك من الحد ولو كان هو العجان،ولذا احتاط في المتن ندبا بال وجوب.

األمر الثالث: في كيفية الستر وبيان لزوم استتار الشبحإن للستر أنحاء خاصة حسب الخصوصيات المختلفة في المستور، إذ له حجم

بمعنى البعد الخاص، كالصغر والكبر، والضخم والدقة المقابلة له. وكذا له حجمبمعنى الشكل الخاص من الكروية واالستدارة، أو التربيع واالستطالة، وما إلى

ذلك من األشكال القائمة باألجسام. وله لون خاص من البياض والحمرة ونحوذلك، فهل يجب ستره بجميع هذه الخصوصيات؟ أو يكفي ستر بعضها؟

وليعلم: أن المرجع عند الشك في شرطية الزائد عن المتيقن هو البراءة--------------------

(١) الوسائل باب ٣١ من أبواب النجاسات ح ٢.

(١٠٤)

Page 131: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال االشتغال، إذ ال تفاوت بين الوضعي والتكليفي من الحكم، وأن الزائد منه فيهمامنفي باألصل الجاري في االرتباطي من األقل واألكثر، كما في االستقاللي

من ذلك.ال اشكال ظاهرا في صدق عنوان الستر عند استتار البشرة واللون مع امكان

تميز الحجم من البعد والشكل، وإال لما صدق عنوانه في المرأة المستورة عن نظراألجنبي عند إمكان تميز ذلك، وهو كما ترى، إذ ال ارتياب في صدق الستر هناك

مع امكان تميزه في المرأة المتعارفة التي تمشي ساترة جميع جسدها، وإن شكفالمرجع هو البراءة.

وأما البشرة واللون: فالظاهر تحتم الستر وعدم تحقق عنوانه بدون مستوريةذلك، سواء كان االنكشاف وعدم المستورية ألجل أن للساتر خلال يرى من

أثنائه، أو ألجل صفائه ورقته يحكي ما وراءه، وإن كان مسدود السدى واللحمةجدا بال خلل، أما األول: فواضح البتة ألنه بمنزلة فقد الساتر رأسا، إذ المفروض

أن الخلل بمنزلة الشبكة للفصل بين السدى واللحمة، فالمرئي حينئذ إنما هو نفسالبشرة ال غير.

وأما الثاني: فهو وإن لم يكن بهذا الوضوح ولكن يزول خفائه - إن كان - فيضوء مقدمة نافعة، وهي أن كل كيفية كانت محرمة في النظر تكون مانعة في

الصالة، إذ ال فرق بينهما في مفهوم الستر وعنوانه، وحيث إنه لو سترت األجنبيةنفسها بكسوة رقيقة جدا تحكي ما ورائها من لون الجسد البتة لحكم بعدم االكتفاء

بها حينئذ وبحرمة النظر إليها هكذا، وذلك لعدم صدق الستر، إذ ليس المعنى بههو مجرد وضع شئ على الجسد شف أو غلظ، بل المراد هو ما به يختفي عن النظر،

فلذلك ال يجتزي باالستتار خلف الزجاجة الحاكية.ففي المقام أيضا لو ستر الرجل عورته بثوب رقيق يحكي شبحها يحكم

بعدم الكفاية، ألن المرئي أو ال وإن كان هو نفس الساتر الحائل بين الباصرة وبين

(١٠٥)

Page 132: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الجسم، إال أنه لرقته وصفائه في حكم عدم الحيلولة لدى العرف، فيتعين سترالشبح بهذا المعنى، وأما ستر الحجم بمعنييه فال.

وأما المرأة فيجب عليها ستر جميع بدنها، حتى الرأسوالشعر، إال الوجه المقدار الذي يغسل في الوضوء، وإال اليدينإلى الزندين، والقدمين إلى الساقين ظاهرهما وباطنهما، ويجب

ستر شئ من أطراف هذه المستثنيات من باب المقدمة.يستفاد من المتن كون األمر في الرأس والشعر ليس على وزان الجسد، بل

مما نوقش فيه، فلذا صرح باالستواء ولزوم الستر، فتمام القول في المستثنىوالمستثنى منه وما يتلو ذلك في ضمن أمور:

األمر األول: فيما يجب على المرأة من الستر في الصالةال ريب في عدم التالزم، بين الستر الواجب للتحفظ عن نظر األجنبي، وبين

الستر المعتبر في صحة الصالة، فال يدور أحدهما مدار اآلخر سعة وضيقا، فعليهال بد من التماس الدليل الدال على لزوم ستر جميع الجسد في الصالة حتى يبحث

عما يستثنى منه، وإال فيكون الجواز في موارد االستثناء مطابقا لألصل، فيلزمالفحص البالغ عن نطاق ما ورد في الباب من النصوص التالية.

فمنها: ما رواه عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السالم، قال: صلت فاطمة عليها السالمفي درع وخمار على رأسها، ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها (١).

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(١٠٦)

Page 133: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قد يحتمل أن يكون نقل أبي جعفر عليه السالم - حسب هذا الخبر - لبيان الحكموتحديد مواضع الستر، فحينئذ يلزم األخذ بما يستفاد من نطاقه، وأنه ال يلزمأكثر من الدرع والخمار، وكذا ال يلزم ستر أكثر من الشعر واألذن من الوجه

إذا كان المراد بلحاظ العرض، ومن العنق إذا كان بلحاظ الطول، إذ األكثرية هناإما مرادفة لألعرضية أو لألطولية.

فإن لو حظ الحد الطولي، يحكم بعدم ستر ما طال عن األذن وخرج عنحده في امتداده الطولي، أي العنق.

وإن لو حظ الحد العرضي، يحكم بعدم ستر ما خرج عن حده في االمتدادالعرضي، أي الوجه. وإن أمكن إرادتهما معا يحكم بعدم ستر ما خرج عن حديه.

وأما بالنسبة إلى الساق والقدم: فهو رهين لما تعارف من الدرع في ذاك العصروأنه هل كان طويل الذيل مجرورا على األرض حتى يستر القدم أو ال؟

وقد يحتمل أن يكون النقل لبيان ما كانت فاطمة عليها السالم من الفقر وفقد مايستر به الزائد عن ذاك الحد - كما ورد في شأنها عليها السالم من ابتالئها بالجوعأحيانا مع التحمل والصبر في سبيل الله - فعليه ال صلوح له لالستدالل، ألنه بلحاظ

مقام الضرورة التي يجوز فيها التعري فضال عن االكتفاء بذلك، وال يبعد هذااالحتمال، إذ المأخوذ فيه ليس إال " صلت " بال إشعار باالستمرار حتى يستفاد

منه االختيار وعدم الضرورة، ونحو ذلك.ومنها: ما رواه عن علي بن جعفر، أنه سأل أخاه موسى بن جعفر عليه السالم عن

المرأة، ليس لها إال ملحفة واحدة، كيف تصلي؟ قال: تلتف فيها وتغطي رأسهاوتصلي، فإن خرجت رجلها وليس تقدر على غير ذلك فال بأس (١).

والمراد من الملحفة ما يلبس فوق الثوب، وقد ارتكز في ذهن السائل لزومالستر في الجملة، فيسأل عن كيفيته إذا كانت لها ملحفة واحدة.

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(١٠٧)

Page 134: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والمستفاد من الجواب هو لزوم االلتفاف - إذ ليس لها أزرار حتى تعقدفيتحقق الستر، بل ال بد من اللف المساوي لعقد األزرار في غيرها - ولزوم تغطيةالرأس، فباألول يستر العنق والنحر والثدي وغير ذلك من األعضاء، وبالثاني يستر

الرأس وكذا الشعر البتة.وأما المراد من الرأس: هل هو مقابل البدن حتى يجب ستر الوجه؟ أو

هو مقابل للوجه حتى يكون خارجا؟ فأمر آخر، ولعل المنساق من لزوم االلتفافوتغطية الرأس هو ستر الوجه أيضا، وأن يحكم باستثنائه نصا وفتوى، كما سيجئ.

وكذا المستفاد من الجواب أيضا بالمفهوم لزوم ستر الرجل عند االمكان،وحيث إنه شامل للقدمين البتة ألنه من الرجل قطعا ومجرد التسمي باسم خاص

ال يخرجهما عنه يحكم بلزوم سترهما حسب هذا النص، وإن أمكن اخراجهما إنتم دليل االستثناء.

كما أنه يستفاد منه أيضا كون ستر الرأس أهم لدى الشارع من ستر الرجلمع وجوبهما معا.

وأما الكف: فهو وإن كان مستورا هنا بااللتفاف إذ باليد يتحقق اللف غالبا،ولكنه ال يدل على وجوب ستره، ألن مورد الحاجة إلى االلتفاف المتوقف على

مستورية الكف أيضا غير ناهض لوجوبه.ومنها: ما رواه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السالم، قال: المرأة تصلي في

الدرع والمقنعة إذا كان كثيفا، يعني ستيرا (١).وداللتها على لزوم الستر مع جواز التمسك بما يستفاد من حدها متوقفة

على كونها بصدد بيان التحديد أيضا، وأما لو كانت لإلشارة إلى ما هو الواجب فيموطنه، فال.

فعلى فرض كونها لبيان الحد أيضا ال يستفاد منها أزيد من لزوم ستر ما يستره--------------------

(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(١٠٨)

Page 135: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الدرع والمقنعة على الجرى المتعارف في ذلك العصر، ال مطلق ما يصدق عليه الدرعطال عما هو الدارج في ذلك العصر أو قصر عنه، فإن تحقق تعارف ما هو طويل

الذيل وواسع الكم لحكم بلزوم ستر ما يستره الدرع بطبعه األولي المتعارف.وكذا في المقنعة الساترة للرأس والشعر، وسيجئ الكالم في قوله... ستيرا.

ومنها: ما رواه عن يونس بن يعقوب، أنه سأل أبا عبد الله عليه السالم عن الرجليصلي في ثوب واحد؟ قال: نعم قلت: فالمرأة؟ قال: ال، وال يصلح للحرة إذا حاضت

إال الخمار، إال أن ال تجده (١)أن ظاهرها - حسب التناسب بين الحكم والموضوع - هو أنه لما كان حد

الستر في المرأة للصالة أزيد من حده في الرجل لها حكم بجواز صالته في ثوبواحد دون صالتها فيه، لعدم كفايته بما يجب عليها من الستر، وأما قوله عليه السالم" وال يصلح " فال ظهور له في الحكم غير اللزومي، لما مر من استعماله في التحريم،

وأما إرادة التنزيه منه فإنما هو لقيام الشاهد الخارجي أو المعارض ونحو ذلك،فيحمل على المنع. وأما الحصر في الخمار فإضافي ال حقيقي، حيث إن الصبية قبل

أن يدركها البلوغ يجوز لها كشف الرأس في الصالة، كما يجوز لها الكشفللناظر، وأما إذا بلغت فال تصح صالتها بدون الخمار، ومن المعلوم: أنه ال موضوعية

له (أي للخمار بما هو خمار) فيحكم بأن المناط هو ستر الرأس، وبه يستر الشعرأيضا على النحو الدارج.

ومنها: ما رواه عن المعلي بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: سألته عنالمرأة تصلي في درع وملحفة ليس عليها إزار وال مقنعة؟ قال ال بأس إذا التفت

بها وإن لم تكفها عرضا جعلتها طوال (٢).لعل السؤال إنما هو ألجل ما ورد من تعدد الثياب من اإلزار والدرع والخمار

ونحو ذلك، فسأل عن حكم ما إذا لم يكن عليها إزار ساتر للرجل ومقنعة للرأس--------------------

(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ٥.

(٢) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ٥.

(١٠٩)

Page 136: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بل كان عليها في صالتها درع وملحفة فقط، فأجيب بالجواز والصحة عند االلتفافبالملحفة، لما أشير إليه سابقا من احتياج مثل هذا الثوب الواسع الملبوس فوق

الدرع مثال إلى اللف، وإال لما ستر الشعر وال العنق وال الجيب ونحو ذلكبخالف ما إذا كان عليها خمار، ألنه معد للستر بال احتياج إلى االلتفاف

المعني به هنا.وأما المراد من الذيل: فهو لزوم ستر ما يستره الدرع بطبعه من الرجل،

إذ لو كان الدرع ساترا له لما احتيج إلى لفها طوال على نفسها. وال يعارضه ما مرمن الصالة في الدرع إذا كان ستيرا مع المقنعة، الحتمال اختالف الدروع قصرا

وطوال، ففي مورد االكتفاء كان ساترا لما يعتبر ستره من الرجل، وفي هذاالمورد لم يكن كذلك، فلذا أمر بااللتفاف بالملحفة طوال عند عدم كفاية االلتفاف

بها عرضا لستر ما بقي من الرجل مكشوفا، لعدم استتاره بالدرع.نعم: ال ظهور لها في الحد الذي يلزم ستره من القدمين أيضا، بل أقصى مايستفاد منها أن في الرجل موضعا الزم الستر وال يستره الدرع المفروض.

ومنها: ما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: ثمانية ال يقبل الله لهم صالة: منهمالمرأة المدركة تصلي بغير خمار (١).

وظاهرها لزوم ستر الرأس بعد البلوغ في تجاه عدم لزومه قبله. وال يغرنكالتعبير بلفظة (القبول) مع لحاظ ما هو الدارج في األلسنة من الميز بينه وبين الصحةألن هذا الميز ال يتعدى عن طور االصطالح الفقهي إلى حريم األحاديث أصال، بلالمراد من القبول ما هو المقابل للرد فإذا لم يقبل يكون مردودا، وال نعني بالباطل

إال المردود الذي ال جدوى فيه أصال.وأما ما يترائى من الحمل على نفي الكمال ال الصحة، فإنما هو لشاهد خارجي

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٦.

(١١٠)

Page 137: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أو للعالج بين المتعارضين، وأما بدون الدليل الخارجي فال، وذلك نظير حمل قوله:" ال صالة لجار المسجد إال في المسجد " على نفي الكمال، مع انحفاظ قوله: " ال

صالةإال بطهور " بحاله، والميز هو قيام الشاهد من االجماع وغيره على إرادة نفي الكمال

في األول دون الثاني.ومن هنا حكم األصحاب (ره) ببطالن عبادة (من ال والية له) حمال لما ورد

من عدم قبول عبادته على المعنى المقابل للرد، حتى ينتج أن عدم القبول هو الرد،خالفا لصاحب الحدائق. فالمنساق من عدم القبول هنا هو بطالن صالة من لم يستر

رأسها من النساء، إذ ال خصوصية للبالغة.ومنها: ما رواه عن محمد بن مسلم (في حديث) قال: قلت ألبي جعفر عليه السالم:

ما ترى للرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: إذا كان كثيفا فال بأس به، والمرأةتصلي في الدرع والمقنعة إذا كان الدرع كثيفا، يعني إذا كان ستيرا (١).

قد مر ما يرجع إليها عند بيان فقه رواية " محمد بن مسلم " بال احتياج إلىالتكرار، وإنما المهم هنا هوان المستفاد منها ومن نظائرها هو التحديد، وأنه

يجوز أن تصلي في الدرع والمقنعة مثال وإن لم يكن عليها أزيد منهما.فحينئذ ال بد من لحاظ اختصاص الدرع بكونه ستيرا وما هو السر له؟ حيثأنه لم يشرك المقنعة معه فيه، أي في هذا القيد، فهل السر هو بيان عدم لزوم

ستر الشعر؟ كما احتمل في المدارك، مع ما نوقش فيه بلزوم عدم استتار جلدةالرأس حينئذ - كما في الجواهر - أو السر أمر آخر؟ وهو بيان جواز االكتفاء

بثوب واحد - وهو الدرع إذا كان ستيرا وكافيا لستر ما يستره المقنعة أيضا، فإن أمكناالكتفاء به يجزيها بال احتياج إلى ثوب آخر كالمقنعة - وأن ما حكم أوال منالتعدد إنما هو للجري المتعارف، وأن المناط هو ستر ما يستره الدرع والمقنعةعلى العادة بال خصوصية للتعدد، ويشهد له ما يلي، بال اعتداد لالحتمال األول،

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٧.

(١١١)

Page 138: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذ ال مرية في لزوم ستر الشعر كالرأس نفسه حسب نصوص الباب.ومنها: ما رواه عن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله عليه السالم: تصلي المرأة في

ثالثة أثواب: إزار، ودرع، وخمار، وال يضرها بأن تقنع بالخمار، فإن لم تجدفثوبين تتزر بأحدهما وتقنع باآلخر، قلت: فإن كان درع وملحفة ليس عليهامقنعة؟ فقال: ال بأس إذا تقنعت بملحفة، فإن لم تكفها فتلبسها طوال (١).والمستفاد من الصدر - لوال الذيل - هو التحديد بثالثة أثواب وعدم كفاية

ما دونها، وأما المستفاد من قوله عليه السالم " وال يضرها بأن تقنع بالخمار " فليس هواالكتفاء بالخمار لستر الرأس وحده بأن تجعله قناعا، بل المراد من التقنع هو

التغشي بالثوب، فالمعنى حينئذ هو تجويز االكتفاء بثوب واحد عند إمكان التقنعوالتغشي بما كان واجبا من المقدار، فعليه يكون الحكم األول محموال على الفضل.

وأما قوله عليه السالم " فإن لم تجد " أي لم تجد الثالثة، فظاهره أنه في طول ماذكر أوال، ال في عرضه، فهما مرتبان مختلفان، فاألولى أفضل من الثانية، فإنفقدت ثالثة أثواب فلها أن تكتفي باثنين: تتزر بأحدهما وتجعله إزارا، وتقنعباآلخر وتستر به باقي الجسد الذي كان عليها أن تستره بالجري المتعارف.ولما سئل ثانيا عن حكم من ال مقنعة عليها وإن كان درع وملحفة، فأجاب

عليه السالم بعدم البأس إذا تسترت بثوب واحد وهو الملحفة بال احتياج إلى الدرعأصال

إذا تقنعت بها - أي تغشي بها - ولو لم تكن الملحفة وحدها كافية إذا جعلتها علىالمعمول من العرض فلتجعلها حينئذ طوال لتصير كافية.

وال يستفاد من هذا الذيل عدا أن في ناحية السفل من البدن مواضع الزمةالستر قد ال تسترها الملحفة وحدها إذا جعلت عرضا بل ال بد من لبسها طوال لتسترها

وأما أن تلك المواضع كم هي؟ وأن القدمين مثال داخلتان فيها أم ال؟ فال تدلعلى ذلك.

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٨.

(١١٢)

Page 139: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فتحصل: أنه ال اعتبار للتعدد باالثنين فضال عن الثالثة، إنما المناط هو سترما يستره الدرع والخمار على العادة ولو بثوب واحد.

ومنها: ما رواه عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه السالم عن أدنى ما تصلي فيهالمرأة؟ قال: درع وملحفة فتنشرها على رأسها وتجلل بها (١).

وظاهر التحديد بالدرع والملحفة مع نشرها - أي الملحفة - على الرأس، لستره،وحيث إنها واسعة على المتعارف حكم بالتجلل أي التغطي والتستر صونا عنانكشاف الشعر والعنق والنحر ونحو ذلك، وليس التحديد إال بلحاظ الجرى

العادي، ال أنه تعبد قراح بالثوبين ولو أمكن االكتفاء بثوب واحد لسترما يسترانه.

فالمتحصل من هذه النصوص - على اختالف ما بين ألسنتها الدائرة بينالدرع والملحفة وبين الدرع والمقنعة وبين الدرع والخمار - هو االكتفاء باألخيرلكونه أقل من الجميع، فيحمل ما عداه على الفضل، نظير غيره مما ورد في الباب

لشدة االستظهار بالستر، والقدر المتيقن من ذلك كله هو لزوم ستر ما يستره الدرعوالخمار على المتعارف، ال الزائد عنه.

نعم: يلزم البحث عما يستره الدرع حتى يتضح دخول القدمين أو خروجهما،فارتقب.

فلم نجد في هذا الباب ما يدل على أن المرأة بتمام بدنها عورة يجب سترهاحتى يتجشم الستثناء ما خرج، بل الدليل قاصر إال عما أشير إليه.

ومنها: ما رواه عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا إبراهيم عليه السالمعن الجارية التي لم تدرك، متى ينبغي لها أن تغطي رأسها ممن ليس بينها وبينه

محرم ومتى يجب عليها أن تقنع رأسها للصالة؟ قال: ال تغطي رأسها حتى تحرمعليها الصالة (٢).

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٩.

(٢) الوسائل باب ١٢٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢.

(١١٣)

Page 140: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فاكتفى بجملة واحدة جوابا عن السؤالين، ومعناها عدم وجوب ستر الرأسإلى زمن يحرم عليها الصالة، وهو زمن الحيض الكاشف عن البلوغ واالدراك،

فتدل على وجوب ستر الرأس في الصالة، كغيرها من الروايات المارة، وإنما القصدإلى اتيانها هنا لبيان مقدار الوجه الذي سيأتي استثنائه اآلن، فانتظر.

هذه هي النصوص التي أردنا نقلها، وقد عرفت نطاقها، فتبين لك: أنه ال عموموال اطالق في البين يدل على لزوم ستر جميع البدن عليها في الصالة، بل أقصاه ما مر.

األمر الثاني: في أنه ال يجب على المرأة ستر الوجه في الصالةإن الكالم في استثناء الوجه وبيان مقداره في جهتين:

الجهة األولىفي عدم وجوب ستر الوجه في الصالة

ويدل عليه أمور: أحدها: االجماع البتي في المقام، لعدم انتساب الخالفإال إلى " أبي بكر بن هشام " الذي ال نعرفه، فال اعتداد به.

وثانيها: قصور أدلة الباب عن إفادة وجوبه، ألن المنساق منها - كما عرفت -هو الدرع والخمار على النهج المعهود لدى العرف، ومن المعلوم: عدم استتار الوجه

بالخمار، مع شهادة خبر الفضيل الدال على أن فاطمة عليها السالم " ما وارت أكثر منالشعر واألذنين " عليه، إن أمكن االستدالل به، حسبما فصل سالفا.

وثالثها: ما أشير إليه آنفا من رواية " ابن الحجاج " المروية في النكاح، ألنوحدة السياق مع االكتفاء بجملة واحدة في الجواب عن السؤالين شاهدة على أنوزان تغطية الرأس في الصالة هو وزانها في الستر عن األجنبي، ألن الجواب وإنلم يصدر أوال وبالذات لبيان الكيفية بل لبيان أصل الوجوب، ولكن بعد مالحظةالسياق يستفاد منه عدم االمتياز بينهما في الكيفية، فكما أنه ال يجب عليها ستر

(١١٤)

Page 141: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الوجه عن الناظر. كذلك ال يجب عليها ستره في الصالة.ورابعها: ما رواه عن سماعة، قال: سألته عن الرجل يصلي فيتلو القرآن

وهو متلثم؟ فقال: ال بأس به وإن كشف عن فيه فهو أفضل، قال: وسألته عنالمرأة تصلي متنقبة؟ قال: إن كشفت عن موضع السجود فال بأس به وإن أسفرت

فهو أفضل (١).وظاهره أفضلية إسفار الوجه وإظهاره في الصالة، فضال عن جوازه، كما

ال يخفى على من الحظها صدرا وذيال، فال مرية في أصل جواز الكشف وعدموجوب الستر.

الجهة الثانيةفي حد الوجه الذي ال يجب ستره على المرأة في الصالة

هل الوجه الذي ال يجب ستره في الصالة هو الذي يجب غسله في الوضوءأم ال؟ أن األول هو الذي اختاره في " الجواهر " ومن احتذى حذوه كالماتن وغيره،

بناء على أن التحديد الوارد في الوضوء إنما هو لكشف معناه العرفي، وإن الشارعمبين لما هو المبهم لدى العرف أحيانا، فإذا ترتب للوجه حكم في غير ذاك الباب

يحكم بأن المراد منه ما هو المحدد في الوضوء.وفيه أوال: أنه لم يؤخذ عنوان الوجه في دليل االستثناء بخصوصه حتى

يحكم عليه بما ذكر - كما عرفت - نعم: قد أخذ في معقد االجماع ذلك.وثانيا: إن نطاق ما ورد في ذاك الباب قاصر عن إفادة الحد العام، فتأمل

فيما يلي:وهو ما رواه عن زرارة بن أعين، أنه قال ألبي جعفر الباقر عليه السالم: أخبرني عن

حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ، الذي قال الله عز وجل؟ فقال: الوجه الذي--------------------

(١) الوسائل باب ٣٥ من أبواب لباس المصلي ح ٦.

(١١٥)

Page 142: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قال الله وأمر الله عز وجل بغسله، الذي ال ينبغي ألحد أن يزيد عليه وال ينقص منهإن زاد عليه لم يؤجر وإن نقص منه أثم، ما دارت عليه الوسطى واالبهام من

قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه اإلصبعان من الوجه مستديرا فهومن الوجه، وما سوى ذلك فليس من الوجه، فقال له: الصدغ من الوجه؟

فقال: ال. (١)حيث إن السؤال وكذا الجواب قد أخذ فيهما قيد الخصوصية، بنحو يشكل

التعدي عن باب الوضوء إلى غيره، لست أقول: إنه دال على القيد حتى يعارضما كان محددا له بذلك مطلقا، بل أقول: ال يصح التعدي عن مثله إلى غيره إلباء

العرف عنه، فعليه يكون المستثنى مما يلزم ستره هو ما يعد من الوجه عرفاحتى الصدغ ونحوه مما كان خارجا عن حد الوضوء، فال يجب ستر ما يعد في العرف

وجها، لما مر، ولألصل أيضا عند انتهاء األمر إليه.األمر الثالث: في أنه ال يجب على المرأة ستر الكفين في الصالة

إن المستفاد من المتن، هو تحديد ما ال يجب ستره من اليد إلى الزند - أيالفاصل بين الكف والذراع - فتمام القول فيه أيضا على ذمة بيان عدم وجوب

ستر اليد أو ال، وأنه محدد بالزند ثانيا.أما األول: فقد اشتهر بين األصحاب شهرة تامة، خالفا للحدائق ونحوه،

وال إجماع هنا كما في الوجه.ويستدل له بقصور الدرع المتعارف عن ستر الكف، وحيث إنه أمر به في

الصالة، فيكشف ذلك عن عدم لزوم ستره، بل ال يجب عدا المتيقن، لألصل النافيللزائد المشكوك، فيتم األمران.

وفيه: أنه ال يتم التحديد بالزند بخصوصه لتأتيه في كل ما شك في لزومستره حتى المعصم وما فوقه من الساعد، إذ ال ريب في اختالف الدروع وعدم تساويها

--------------------(١) الوسائل باب ١٧ من أبواب الوضوء ح ١.

(١١٦)

Page 143: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

في طول خاص.وفي الحدائق: أن ذلك االستدالل إنما يتم لو علم أن ثياب النساء في زمن

صدور النصوص في تلك الديار كانت على ما يدعونه، ولم ال يجوز أن دروعهنكانت مفضية إلى ستر أيديهن وأقدامهن، كما هو المشاهد اآلن في نساء أعراب

الحجاز، بل أكثر بلدان العرب، فإنهم يجعلون القميص واسعة األكمام معطول زائد فيها بحيث تكون طويلة الذيل تجر على األرض، ومن القريب كونالمشهود الحديث جاريا علي الدأب القديم في تلك البلدان، فجرت األخالف

على ما جرت عليه األسالف، انتهى.وفيه: أن أصالة العدم بالقهقري وإن ثبتت في القول عند الشك في النقل

في الجملة لقيام السيرة عليه أحيانا، وأما في الفعل فال، وال أقل من الشك، ومعهال اعتداد بما يشك في حجيته، إذ الشك في حجيته مساوق للقطع بعدمها.

والتحقيق الكافل لألمرين، هو أن المعتبر في ستر البدن ليس أزيد منالدرع الذي به ألسنة النصوص، ويمكن إثبات كونه قاصرا عن ستر الكف في زمنالصدور، وفي ثنايا ذلك يثبت كون أقصى ما كان منكشفا هو الزند ال الزائد عنه،فحينئذ يتم األمران، إذ ال ريب في أن النصوص اآلمرة بالدرع كانت ناظرة إلى ما

هو الدارج في ذاك العصر، ال كل ما يصدق عليه في أي عصر كان طال أو قصر، فلوثبت قصره عن ستر الكف إلى الزند يحكم بجواز كشفه في الصالة. والذي يمكن

االستدالل أو االستيناس به لذلك أمور:أحدها: ما عن ابن عباس، والضحاك، والعطاء، من تفسير قوله تعالى

" إال ما ظهر منها " بالوجه والكفين.والمستفاد منه، هو أن الكف كان ظاهرا بطبعه في ذاك العصر، ألنهم ممن

أدركوا الصدر األول من اإلسالم، سيما " ابن عباس "، إذ المراد من الكريمة هوتجويز ما كان ظاهرا بطبعه، والتفسير المأثور من هؤالء في التطبيق على الوجه

(١١٧)

Page 144: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والكفين وإن ال يصح االعتماد عليه لعدم حجية أقوالهم وال آرائهم في ذلك، ولكنهمجد في الكشف عما كان ظاهرا بطبعه في ذاك العصر، وهذا القدر مما يوثق به

فيؤخذ، وكم فرق بين هذين األمرين! فال تغفل.وثانيها: ما رواه (في الوسائل باب ١٠٩) من النصوص المارة المشروحة في

الفصل الباحث عن الستر الالزم في نفسه عن الناظر، حيث إنه يستفاد منها أنالوجه والكف مما كان ظاهرا بطبعه، فيلزم ذلك قصر الدرع عن سترهما على

المتعارف المأمور به في الصالة، وهي ما يلي: إذ في أوليها: سألت أبا عبد الله عنالذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال الله " وال يبدين زينتهن إال لبعولتهن "؟

قال: نعم وما دون الخمار من الزينة وما دون السوارين.ألن الذيل دال على أن الوجه والكفين إلى الزندين مما يجوز إبدائه

واظهاره، لما مر من أن المراد من لفظة (دون) هو التحت، ال السفل، فيدل على أنتحت الخمار - أي الشعر والرأس - وتحت السوار - أي المعصم - زينة يحرم

إبدائها،وأما ما عدا ذلك فال، لمفهوم التحديد، ألنه وإن يحتمل فيه األمر أن الموجب لالجمال

حسبما مر، ولكن أشير سابقا إلى اتضاحه ببركة غيره من النصوص اآلتية.وفي ثالثها: عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السالم، في قول الله عز وجل " إال ما

ظهرمنها " قال: الزينة الظاهرة الكحل والخاتم.

وحيث إن الكحل متصل بالعين وكذا الخاتم باألصبع، يستفاد منها أنالوجه والكف كانا مما ظهر في الجملة، ال بتمامهما البتة، لقصورها عن إفادة

التمام.وفي رابعها: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: سألته عن قول الله

عز وجل " وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها " قال: الخاتم والمسكة وهي القلب.فتدل على أن اإلصبع والزند مما ظهر بطبعه، إذ الخاتم متصل باألول كما

مر، والقلب بالمعصم أو الزند، وإن مر التحقيق في عدم جواز إبداء المعصم،

(١١٨)

Page 145: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وكذا عدم جواز النظر إليه، ولكن الكالم في أن القلب كان ظاهرا بالطبع، وهومالزم لظهور ما بين موضعه وموضع الخاتم بالطبع أيضا، فتدل على أن الكف مما

ظهر بطبعه، وهو ال يتصور عند طول الكم، فال بد من أن يكون الدارج في ذاكالعصر قصره الموجب لظهور الكف بالطبع.

وفي خامسها: عما تظهر المرأة من زينتها؟ قال: الوجه والكفين.وظاهره النظر إلى الكريمة تفسيرا لها، فيستفاد من اعتضاد هذه النصوص

المروية (في الوسائل) بعضها ببعض: عدم مستورية الكف إلى الزند الذي هو الفاصلبين الذراع المعدود زينة وبين الكف المقول فيه أنه مما ظهر، وليس ذلك إال

لما مر اآلن: من قصر الكم في ذلك العصر عن ستره.وثالثها: ما رواه في " المستدرك " عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السالم المتقدم

(ص ٤٨) فراجع.حيث إن فيه قد فسرت الكريمة بخضاب الكف والسوار... الخ، فيدل

على أن الكف كان مما ظهر بطبعه، كما أنه يدل على أن السوار نفسه كذلكال الزند، فعليه يحكم بقصر الدرع عن ستر الكف إلى الزند، فمعه يتم األمران

بمنه تعالى، كما في المتن.األمر الرابع: في أنه ال يجب على المرأة ستر القدمين في الصالة

إن المستفاد من المتن استثناء القدمين من الستر مع استواء الظاهر والباطنمنهما، كما أنه هو المشهور، وتردد فيه " المحقق " وخالف فيه غيره كالحدائق

ونحوه.ولعل منشأ االختالف والتردد هو تخالف نصوص الباب وعدم اتضاح أولها

إلى مآل معين، فالالزم هو اإلشارة إلى قسمي النصوص اللذين هما المستندانللقولين أوال، وإلى ما هو العالج الرافع للتنافي المترائي بينهما ثانيا، فنقول: إن

نصوص الباب على كثرتها منقسمة إلى قسمين:

(١١٩)

Page 146: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أما األول: فهو ما أمر فيه بالدرع والخمار، أو الدرع والمقنعة، ونحو ذلك،كما في رواية (١ و ٣ باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي) المتقدمة سابقا،

وكذا ما ورد في اكتفاء األمة المسلمة بالدرع، ألنها والحرة المسلمة فيما عداالرأس سواء.

تقريب االستدالل بهذا القسم على عدم لزوم ستر القدم، هو أنه ال ريب فيانحدار الحكم بلبس الدرع إلى الدروع المتعارفة، بحيث لو لبست المرأة درعها

المتعارف وجعلت على رأسها الخمار وصلت ألجزأت، كائنا ما كان الدرع. ولزومستر القدم حينئذ متوقف على تعارف الدرع الطويل الذيل المجرور على األرضجدا حتى يحكم باللزوم، إذ لو تعارف القصر وعدم الطول الموجب النكشافالقدم فال يلزم سترها حال الصالة، كما أنه لو تعارف الطول الساتر لظهر القدم

حال القيام بال امتداد موجب النجراره على األرض فهو غير ساتر له عند الركوعوغيره من االنقالبات الصالتية، وحيث إن البعض والكل متحدان في الشرطية،

فجواز كشفها في بعض األحوال دال على عدم اشتراط سترها أصال.فعلى القول بلزوم الستر يلزم احراز تعارف الطول الكثير الموجب لمستورية

القدم في جميع االنقالبات الصالتية، حتى يكون األمر بالدرع مشيرا إلى ما هوالساتر للقدم أيضا، وال يمكن احرازه، كما في الحدائق، من تعارفه كذلك في

األعصار األخيرة فيكتشف كون األعصار األول أيضا كذلك، لما مر من القدحفيه، لعدم السيرة الكذائية في األفعال، وإن ثبتت في األقوال في الجملة، مضافا إلى

إمكان منع الصغرى.ومما يبعد التعارف الكذائي في أي عصر كان هو عدم إمكان المشي عادة، إذ ليس

للجميع سادت متكفل لرفع الذيل، الختصاص ذلك باألعيان والسادة، وال يجديأيضا ما لو تعارف الطول الكثير بالنسبة إلى الخلف دون القدام، ألنه وإن ال

يمنع من المشي، إال أنه موجب النكشاف ظهر القدم أيضا.وأما ما في محكي التذكرة: من أن الدرع هو القميص السابغ الذي

(١٢٠)

Page 147: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يغطي ظهر القدمين، مما لم نتحققه، مع ما في المنتهى: من التعارف على عدماستتار القدم بالدرع، كما يأتي.

فهذه الوجوه الملتئمة من النص واالعتبار توجب الوثوق بعدم مستوريةالقدم بالدرع.

وأما القسم الثاني من النصوص: فهو ما أمر فيه بااللتفاف أو التقنع بالملحفةبنحو تكفيها بالعرض أو الطول عند عدم كفاية العرض

نحو ما رواه عن المعلي بن خنيس، عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: سألته عنالمرأة تصلي في درع وملحفة ليس عليها إزار وال مقنعة؟ قال: ال بأس إذا التفت،

وإن لم تكن تكفيها عرضا جعلتها طوال (١).ونحوها ما رواه عن ابن أبي يعفور عنه عليه السالم (٢)

حيث إنها ظاهرة في عدم جواز االكتفاء بالدرع لعدم ستره بعضا من الرجلكالقدم ونحوه، فال بد من لبس الملحفة بنحو يستر ذاك البعض أيضا، فحينئذ قد

يكون لبسها عرضا كافيا فيه وذلك لكونها طويلة، وقد ال يكون كذلك، بلال بد من لبسها طوال لتكفي، فيستفاد منها أمران:

األول: أن الدرع المتعارف في ذاك العصر لم يكن مستوعبا في ناحية الذيلللقدم أو غيره مثال.

والثاني: لزوم ستر ما ال يستره الدرع كالقدم أيضا، ولذلك لم يكتف بالدرعمع لبس الملحفة عرضا، حيث إنه يستر الرأس والبدن إلى قرب القدمين أو إليهما

بل حكم بلبسها طوال ليستر ما كان منكشفا بالدرع.وال ريب في أن المراد من الكفاية وعدمها ما هو الملحوظ بنسبة الذيل ال

الرأس، لوضوح كفاية الملحفة لستر الرأس بلبسها عرضا البتة.والحاصل: أن المستفاد من هاتين الروايتين عدم كفاية الدرع ولزوم ستر ما

ال يستره من ناحية الذيل كالقدم، فحينئذ يعارض ما مر من النصوص الدالة على--------------------

(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٨.

(٢) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٨.

(١٢١)

Page 148: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

االكتفاء بالدرع والخمار ونحو ذلك، ولعل هذا التعارض أوجب تردد المحقق (ره)في " الشرايع " فيمكن الجمع بينهما بوجهين:

األول: هو حمل الطائفة الثانية على الندب، كما يحمل ما ورد من ثالثة أثوابعليه، وذلك لمحبوبية شدة الستر واالستظهار فيه.

والثاني: حمل الدرع على غير الستير منه، فحينئذ يحتاج إلى جعل الملحفةفي الطول بنحو تمتد إلى امتداد الدرع فتستر جميع مواضع الدرع، ألنه غير

كثيف فال يستر البدن، فالمفاد حينئذ ليس أزيد من لبس ما يستره الدرع المتعارف،ولكن لما كان الدرع المفروض غير كثيف، فال بد من ثوب آخر يواري ما يحكيه

الدرع ويستر ما ال يستره، فال تعارض بين الطائفتين أصال.وهذا الوجه غير خال عن االعتساف والبعد، ألن الدرع الواقع في هذه

الطائفة هو الواقع في تلك الطائفة، وحمل أحدهما على الستير واآلخر على غيرهبعيد. فاألقوى: هو الحمل األول.

وال ينافيه رواية " علي بن جعفر " المتقدمة، عن المرأة ليس لها إال ملحفةواحدة كيف تصلي؟ قال: تلتف فيها وتغطي رأسها وتصلي، فإن خرجت رجلها

وليس تقدر على غير ذلك فال بأس (١) لداللتها على لزوم ستر الرجل عند القدرة،ولمكان شمولها جميع الحدود حتى القدم لصدق انكشاف الرجل عند عدم استتارها

- أي القدم - يحكم بلزوم سترها أيضا لالطالق، فينتج لزوم ستر الرجل بأجمعها،فينافي القول بندب الستر بالنسبة إلى بعض مواضعها كالقدم.

وبيان عدم التنافي: هو أنه لو كان مساق الرواية سؤاال وجوابا لبيان ما يجبستره في الصالة بحسب الحكم األولي وأنه كم هو؟ وكيف هو؟ لكانت دالة على

لزوم ستر الرجل حتى القدم باالطالق، كما قيل. وأما لو كان المساق لبيان أنما هو الواجب ستره في الصالة قد ال يمكن االمتثال به لفقد ما يستره بتمامه فكيف

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(١٢٢)

Page 149: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يكتفى بالناقص؟ وأي موضع من مواضع البدن يقدم ستره على اآلخر؟ ونحوذلك، فال ينافي ما مر، لعدم داللتها حينئذ على الحكم األولي، فمعه ال انعقاد

لالطالق الدال على لزوم ستر الرجل بتمامها، بل المستفاد منها لزوم تقديمستر الرأس على ستر الرجل في هذه الحال، فال تعارض أصال.

ومما يمكن التمسك به لعدم وجوب ستر القدم، هو ما رواه (في كتاب النكاحوغيره) مما يدل على جواز اقتصار األمة على القميص وحده، مع االجماع على

عدم االمتياز بينها وبين الحرة إال في ستر الرأس، وأما غيره فال تفاوت بينهما أصال.وأما القميص: فقال العالمة (ره) في " المنتهى ": أنه غالبا ليس بساتر لظهر

القدمين، ويؤيده ما أشير إليه سابقا من صعوبة المشي إذا كان طويل الذيل ساتراللقدم في جميع الحاالت، للزوم كونه مجرورا على األرض جدا.

وأما ما يستشهد للحدائق: من أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من جر ثوبهخيالء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: كيف تصنع النساء بذيولهن؟قال: يرخين شبرا، قالت: إذن تنكشف أقدامهن؟ قال: إذن يرخين ذراعا ال يزدن

فال شهادة له، ألن الثياب على قسمين: أحدهما ما هو المعد للبيت، واآلخرما هو المعد لخارجه، ومن المعلوم: عدم كون األول كالثاني، ألن العفاف منالنساء وإن كن ساترات لألقدام بجر الذيول مثال، إال أن دروعهن في البيت لمتكن كذلك، لعدم إمكان قضاء األوطار معه، ويشهد له ما فهمته أم سلمة، ألنه

صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن منع من جر الذيل خيالء يستفاد منه لزوم القطع أومحبوبيته،

بأن يصير بعد القطع على حد الدرع الملبوس في البيت، ولما كان ذاك الحد قاصرالسهولة التعيش وقضاء الحوائج معه ولم يكن بعض الرجل مستورا به إذا صار

ملبوسا للخارج من الدار، فسألت عن هذا الحكم، فأجاب صلى الله عليه وآله وسلم:بارخاء الشبر

أي بالنسبة إلى الدرع الدارج في البيت، حتى يكون التفاوت بين الدرعين شبرا،

(١٢٣)

Page 150: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فقالت ثانيا: بعدم كفاية الشبر لستر القدم، فحكم صلى الله عليه وآله وسلم بارخاءالذراع دونالزائد عنه.

ومن المعلوم: أن الصالة حسب الجرى العادي إنما هي في البيت وفي اللباسالمعد له ال في اللباس المعد للخارج، ولسنا اآلن بصدد االستدالل بهذا الخبرالمروي بطريق العامة، بل بصدد دفع ما استشهد للحدائق وتقريب أن الدرع

لم يكن بحيث يستر القدم أيضا.فتحصل من الجميع: عدم لزوم ستره ال ظاهرا وال باطنا، إذ لم يكن في الباب

ما يدل على لزوم ستر جميع البدن حتى يفتقر إلى االستثناء، مع عدم إحرازكون الدرع ساترا للقدم، بل يطمئن بعدم ساتريته له، فال وجوب له بالدليل

االجتهادي.ثم إنه عند انتهاء األمر إلى الشك يحكم بالبراءة أيضا ال االشتغال.

نعم: إن التحديد بالقدم مما ال يمكن إثباته، بل يدور مدار المقدار المشكوكفيه، فلعل بعض األجزاء الفائقة للقدم أيضا كذلك، فلو فرض الشك فيها لحكم

بالبراءة وعدم االشتغال.األمر الخامس: في أنه يجب ستر شئ من أطراف المستثنيات مقدمة

قد الح لك: عدم وجوب ستر الوجه والكفين والقدمين ظاهرهما وباطنهمافي الصالة، دون الزائد عن ذلك، على تأمل في تحديد القدم بحده الخاص، بل

يجوز كشف ما زاد عنه أيضا عند انتهاء األمر إلى الشك في شرطية ستر ذاك الزائد.ثم إنه قد يكون المستثنى مبين المفهوم والمصداق، وقد يكون مبين المفهومدون المصداق، وقد يكون مبهم المفهوم، فيتلوه االبهام في المصداق قهرا.

فعلى األول: فال خفاء فيه أصال، التضاح عدم وجوب ستر ذاك الحد المستثنىكالوجه مثال، مع وجوب ستر ما عداه.

(١٢٤)

Page 151: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما على الثاني: فيجب االحتياط بستر ما يطمئن معه بالفراغ، إذ المفروضأن المفهوم المنحدر نحوه الحكم بين بال خفاء، فاالشتغال به يقيني، فيستلزم

البراءة القطعية التي ال تحصل إال بستر شئ من األطراف، حتى يقطع باالمتثال.وأما على الثالث: فال تحتم لالحتياط وإن كان حسنا، إذ المفروض عدم

اتضاح التكليف بشعاعه وحده، فيقتصر في مرتبة ثبوته على األقل المتيقن، ويتلوهجواز االقتصار على األقل أيضا في مرتبة السقوط واالمتثال.

فتبين من ذلك كله: أن وجوب ستر األطراف مقدمة في ماذا ولماذا.مسألة ٤ - ال يجب على المرأة حال الصالة ستر ما في باطنالفم من األسنان واللسان، وال على الوجه من الزينة، كالكحل

والحمرة والسواد والحلي، وال الشعر الموصول بشعرها والقراملوغير ذلك، وإن قلنا بوجوب سترها عن الناظر.

لعلك كنت مقروع السمع سالفا بأنه ال تالزم بين وجوب الستر عن الناظروبين الستر للصالة، لما بينهما من البون دليال وموردا، فعليه ال يمكن االتكاء هناعلى الحكم الثابت هناك، فحينئذ نقول: إن تنقيح ما في المتن على ذمة جهتين:

إحديهما ما يرجع إلى الوجه، واألخرى ما يرجع إلى الرأس.أما الجهة األولى:

فمما يدل على عدم وجوب ستر باطن الفم وكذا ما في ظاهر الوجه منالزينة، أمور:

األول: االجماع على استثناء الوجه، فيؤخذ باطالق معقده، فالظاهر

(١٢٥)

Page 152: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والباطن سواء، والمتزين وغيره سيان.والثاني: ما تقدم من رواية سماعة... قال عليه السالم: إن كشفت عن موضع

السجود فال بأس، وإن أسفرت فهو أفضل (١).حيث إنه ال ريب في بدو األسنان وظهورها عند القراءة إذا كانت مسفرة، كما أن

اطالقها دال على الجواز إذا كانت متزينة الوجه بالحمرة ونحوها.والثالث: ما رواه في المستدرك... قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ال يقبل الله

صالة جارية قد حاضت حتى تختمر، وال تقبل صالة من امرأة حتى تواري أذنيهاونحرها في الصالة (٢).

والرابع: خبر الفضيل المتقدم... صلت فاطمة عليها السالم... ليس عليها أكثرمما وارت به شعرها وأذنيها (٣).

بناء على ورودها مقام التحديد، ال الحكاية عن الفقر، حيث إنها عليها السالم صلتبادية الوجه، فيلزمه ظهور باطن الفم والسن عند القراءة.

وأما الجهة الثانية:فبعد اتضاح عدم التالزم بين البابين، كما أشير إليه، فإن حكم هناك بوجوبالستر ال يمكن أن يتعدى منه إلى هنا، إال أن يكون مصحوبا للدليل، وأقصى

ما استدل هناك للزوم ستر الشعر الموصول أمران: أحدهما إطالق النصوص الناهيةعن النظر إلى الشعر الشامل لألصيل وغيره، فيلزمه وجوب التستر أيضا، لما مر من

بعض القواعد العامة أو لدليل خاص، واآلخر استصحاب حكم ما لو كان متصالبمنبته. ومن المعلوم: عدم تأتيهما هنا.

أما األول: فعلى تسليم شمول الشعر لألصيل والموصول معا، فليس في الباب--------------------

(١) الوسائل باب ٣٥ من أبواب لباس المصلي ح ٦.(٢) المستدرك ج ١ ص ٢٠٤.

(٣) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(١٢٦)

Page 153: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ما يدل على لزوم ستر الشعر في الصالة حتى يؤخذ باطالقه.وأما الثاني: فألن الحكم المستصحب إنما هو وجوب الستر على مرأة كان هذا

من شعر رأسها ال على مرأة أخرى وصلته إلى شعر رأسها، فمعه ال مجال لالستصحابضرورة.

نعم: يمكن التمسك بخبر " الفضيل " المتقدم، بناء على وروده مقام التحديدواالجزاء، وبناء على شمول الشعر لألصيل والموصول. وقد مر النقاش في هاتين

المقدمتين.وال مجال لتوهم داللة أخبار الخمار والمقنعة وتغطية الرأس على ذلك،

إذ المستفاد منها لزوم استتار الشعر األصيل المتعارف ستره بالخمار ونحوه، وأماالموصول الخارج عن امتداده للزينة ونحوها فال. والغرض عدم التالزم العرفي

بين وضع الخمار على الرأس، وبين استتار الشعر الموصول، نعم: يكون بينه وبيناستتار الشعر األصيل تالزم عرفي، فتبصر.

مسألة ٥ - إذا كان هناك ناظر ينظر بريبة إلى وجهها أوكفيها أو قدميها يجب عليها سترها، لكن ال من حيث الصالة،

فإن أثمت ولم تسترها لم تبطل الصالة، وكذا بالنسبة إلىحليها وما على وجهها من الزينة، وكذا بالنسبة إلى الشعر الموصول

والقرامل في صورة حرمة النظر إليها.ال اشكال في وجوب ستر القدمين إذا كان هناك عرضة للنظر بريبة أو غيرها،

كما أنه قد مر وجوب ستر الوجه والكفين إذا كان هناك عرضة للنظر بريبة، ولكن

(١٢٧)

Page 154: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

لما لم يكن لهذا األمر مساس إلى متن الصالة ذاتا وقيدا وتقييدا، بل هو أجنبيعنها رأسا، فلو أثمت ولم تسترها حال الصالة مع أن هناك ناظرا بريبة في األولين

أو مطلقا في األخير، ال تبطل صالتها، لعدم انحدار النهي نحو الصالة، حتى ال يكونالمبعد مقربا فتبطل، بل منحدر إلى شئ خارج عنها، نظير ما لو صلى الرجل مستمعا

للغيبة أو ناظرا للمحرم ونحو ذلك، مع ما في البطالن عند اجتماع األمر والنهيمن النقاش في الجملة.

والحاصل: أن كشف الوجه حينئذ ليس على وزان الصالة في المغصوب،التحاد المحرم مع ما هو جزء لها، بل المحرم هنا أمر وراءها بال مساس، عدا

المساس الظرفي الذي ال اعتداد به أصال، وهو كون الصالة مجرد ظرف للمنهي عنهوتفصيله في محله.

مسألة ٦ - يجب على المرأة ستر رقبتها حال الصالة، وكذاتحت ذقنها، حتى المقدار الذي يرى منه عند اختمارها على

األحوط.أما الرقبة: فال ريب في لزوم سترها، ألن الخمار وكذا المقنعة ونحوها

يسترها على الجرى العادي، وبه أو بها أمر في النصوص المارة، فيجب سترها - ومنهاستظهر سالفا لزوم ستر الشعر األصيل المنسدل إلى مؤخر العنق أو أزيد - فالعنق

يكون مستورا بالخمار ونحوه ال محالة. ويشعر به أو يدل عليه ما مر نقله من" المستدرك " ألن األمر بستر النحر إنما هو لتحفظه بعد الفراغ عن ستر العنق، لعدم

احتياج ذلك إلى التصريح.وإنما الكالم في الذقن، وهو على جزئين: أحدهما ما يستره الخمار على

(١٢٨)

Page 155: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

العادة، واآلخر وهو ما يكون قريبا إلى الذقن نفسه مما ال يستره الخمار عليها.أما الجزء األول: فال خفاء في وجوب ستره - كما في المتن - إذ األوامرالمارة منحدرة نحو لبس الخمار أو المقنعة على العادة الساترة له، فتأمل.

وأما الجزء األخير: فال يجب ستره، إذ بعد الفراغ عن عدم استتاره بالخمارالمتعارف وبعد االذعان بفقد العموم الدال على وجوب ستر جميع البدن عدا

ما يستثنى، فال مجال للترديد، فضال عن االحتياط الوجوبي.بل الترديد - إن كان له موقع هنا - فإنما هو في الجزء األول، ألن ذاك

الجزء من تحت الذقن البعيد منه والقريب من النحر وإن كان مستورا عند االختمارإال أنه عند التكلم والقراءة ونحو ذلك مما يوجب تحرك الفك والذقن يبدو شيئا

فشيئا حتى ينكشف بتمامه عادة. نعم: يبقى النحر بحاله.ويدل على عدم لزوم ستر ما فوق النحر من تحت الذقن ما تقدم من معتبرة

" المستدرك " المحددة بالنحر. ال غير.فاألقوى: عدم وجوب ستر ما ال يستره الخمار عادة، أي الجزء األخير.

وأما الجزء األول المستور عند االختمار ففيه تردد. وال يستوحش من االجماععلى استثناء خصوص الوجه دون ما تحت الذقن أيضا، ألن المراد من الوجه ليس

ما هو المحدد في الوضوء كما مر، بل ما يواجهه اإلنسان على المعنى العرفي،ومن المعلوم جدا: أنه أوسع من حد الوضوء، فلعل مراد المجمعين هو ذلك

أيضا، فال مخالفة له.

(١٢٩)

Page 156: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٧ - األمة كالحرة في جميع ما ذكر من المستثنىوالمستثنى منه ولكن ال يجب عليها ستر رأسها وال شعرها وال عنقها،

من غير فرق بين أقسامها: من القنة والمدبرة والمكاتبةوالمستولدة، وأما المبعضة فكالحرة مطلقا.

إن البحث عن حكم األمة وإن لم يكن مطلوبا لنفسه لعدم االبتالء به، إال أنه الشتمالهعلى ماله مساس نافع بالمقام - كما نشير إليه - يلزم التعرض له،

فنقول: إن مقتضى االطالقات األولية هو استواء األمة والحرة في الحكم، سواءكان هو الستر عن الناظر أو الستر الصالتي، ولكن األدلة الخاصة أوجبت ميزها

عن الحرة في ذينك الحكمين، فبعد اتضاح االمتياز وأنه ال يجب عليها الستر عنالناظر يتجه ما مر من حكم النساء الذمية وأنهن كالمماليك، إذ ما لم يتضح

حكم المملوكة ال يتبين حكم ما نزلت منزلتها، فحينئذ يلزم التنبه لما هوالمستفاد من األدلة في بابي الستر النفسي والصالتي حتى يتم ما ادعيناه سابقا:من كون الذمية بمنزلة األمة وأنها ال حكم لها من حيث الستر في خصوص ما

قام الدليل عليه.فمن تلك األدلة الخاصة ما تقدم من رواية يونس أنه سأل أبا عبد الله عليه السالم

عن الرجل يصلي في ثوب واحد؟ قال: نعم قال: قلت: فالمرأة؟ قال: ال،وال يصلح للحرة إذا حاضت إال الخمار، إال أن ال تجده. (١)

ألن قوله " فالمرأة " شاملة للحرة واألمة، فيدل على عدم اكتفاء المرأة--------------------

(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(١٣٠)

Page 157: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بثوب واحد كما يكتفي به الرجل، على ما مر.وأما قوله عليه السالم " للحرة " فهو تفضل بالميز بينها وبين األمة، وكذا بالميز

بين البالغة وغيرها، بلزوم الخمار على الحرة البالغة فقط، لكونه في مقام التحديد،فيؤخذ بمفهومه الدال على عدم لزوم الخمار على األمة مطلقا، وال على الحرة

غير البالغة، فيدل على جواز انكشاف ما كان الخمار ساترا له بالجري العادي:من الرأس، والشعر، والرقبة.

ومنها: ما رواه عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن عليه السالم، قال: ليسعلى اإلماء أن يتقنعن في الصالة، وال ينبغي للمرأة أن تصلي إال في ثوبين (١).

لظهورها في نفي وجوب التقنع - أي التستر بالقناع - ألنه المراد هنا،ال ما مر في غيره، والفارق هو الشاهد في كل موضع بحسبه، فارتقب.

ومنها: ما رواه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السالم قال: قلت: األمة تغطيرأسها إذا صلت؟ فقال: ليس على األمة قناع. (٢)

والتأمل في فقراتها المروية في (باب ٢٢ و ٢٨ من أبواب لباس المصلي)هاد بأن نطاقها حكم الزامي، فتدل هنا على نفي االلزام بالنسبة إلى القناع،

فال يلزم ستر ما كان يستره القناع عادة.إلى غير ذلك من النصوص النافية لما يستر الرأس والرقبة عن األمة حال

الصالة بالخصوص.ومنها: ما رواه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السالم، أنه قال: على الصبي إذا

احتلمالصيام وعلى الجارية إذا حاضت الصيام والخمار، إال أن تكون مملوكة فإنه ليس

عليها خمار، إال أن تحب أن تختمر، وعليها الصيام (٣).إن المستفاد منها ليس هو خصوص الستر الصالتي، إذ ال تعرض له أصال، بل

المهم هو الستر النفسي المعبر عنه بالنسبة إلى الرأس ونحوه بالخمار، فتدل باالطالق--------------------

(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ١٠.(٢) الوسائل باب ٢٩ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٣.(٣) الوسائل باب ٢٩ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٣.

(١٣١)

Page 158: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

على عدم لزوم الستر على غير البالغة وعلى لزومه على البالغة إال األمة، فإنهاال خمار عليها في الصالة وال في غيرها، فيجوز لها إبداء الرأس والشعر والرقبة لغير

المحارم، وإنها كالجارية التي لم تحض.ومنها: ما رواه عن أبي خالد القماط قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن األمةأتقنع رأسها؟ قال: إن شاءت فعلت وإن شاءت لم تفعل، سمعت أبي يقول: كن

يضربن، فيقال لهن: ال تشبهن بالحراير (١).وظاهرها أيضا نفي لزوم ستر الرأس بالقناع مطلقا، من دون االختصاص

بحال الصالة وإن ذكرت في كتاب الصالة، كما أنه ظاهر االطالق الشامل بجميعأقسام األمة: من أم الولد، وغيرها.

ومنها: ما رواه عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: قلت له: األمةتغطي رأسها؟ قال: ال، وال على أم الولد أن تغطي رأسها إذا لم يكن لها ولد (٢)

وظاهرها من حيث االطالق الشامل للصالة وغيرها هو كما مر، فتدلعلى عدم لزوم الستر النفسي بالنسبة إلى الرأس ونحوه من الشعر والرقبة، وفيها

تفضل بالتفصيل، بين أم الولد التي يكون لها ولد بالفعل، وبين التي ال يكونبل كان لها ولد ومات مثال، بلزوم الستر على األولى دون الثانية مطلقا - أي

في الصالة وغيرها - إذ ال تعرض فيها للصالة حتى يختص الحكم بالستر الصالتي،بل يعمه والستر النفسي معا.

ولعل هذا الميز باعتبار استلزام عدم القناع على أم الولد محذور العارعلى ولدها، ألن انكشاف الرأس كان أمارة على المملوكية وأنها ليست بحرة،

فيستلزم ذلك عارا على الولد، فحكم بلزومه ما دام لها ولد، فيقيد به ما دلباالطالق على عدم الخمار وكذا القناع على األمة.

ومنها: ما رواه عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السالم، قال: ليس على األمة--------------------

(١) الوسائل باب ٢٩ من أبواب لباس المصلي ح ١١ و ٤.

(٢) الوسائل باب ٢٩ من أبواب لباس المصلي ح ١١ و ٤.

(١٣٢)

Page 159: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قناع في الصالة، وال على المدبرة قناع في الصالة، وال على المكاتبة إذا اشترط عليهاموالها قناع في الصالة، وهي مملوكة حتى تؤدي جميع مكاتبتها ويجري عليهاما يجري على المملوك في الحدود كلها، قال: وسألته عن األمة إذا ولدت عليها

الخمار؟ قال: لو كان عليها لكان عليها إذا هي حاضت، وليس عليها التقنعفي

الصالة. (١)وظاهرها نفي لزوم القناع على هؤالء اإلماء، ولكن في خصوص الصالة،

وكذا في أم الولد سواء كان لها ولد، أو ال، الطالق قوله: " إذا ولدت " مععدم االستفصال، فيدل على أنها كغيرها من اإلماء في الصالة، فيقع التعارض

بينها وبين ما مر من التفصيل: بين التي كان لها ولد وهو باق بالفعل، وبين التيال يكون لها ولد بالفعل، فال بد من العالج.

قد كان يختلج بالبال في بادي النظر الجمع بحمل الوجوب على الستر النفسي،وحمل عدم الوجوب علي الستر الصالتي، وبيانه: بأن النسبة بينها وبين رواية

" محمد بن مسلم " هي العموم من وجه، ألن تلك مطلقة من حيث الصالة وغيرهامع اختصاصها بالتي يكون لها ولد بالفعل، وهذه مطلقة من حيث فعلية الولد

وعدمها مع اختصاصها بالصالة، فمورد التعارض واجتماع القيدين هي التي لها ولدبالفعل وأرادت الصالة، فمقتضى إطالق تلك الرواية يجب القناع، ومقتضى إطالق

هذه الرواية ال يجب، وحملها على الندب غير خال عن االعتساف.فيحمل المثبت على خصوص الستر النفسي، وأما النافي فعلى حاله من االختصاصبالصالة، ويساعده االعتبار المار، ألن انكشاف الرأس بعدم الخمار وإن كان أمارةعلى المملوكية المستلزمة للعار على الولد، ولكن ذلك بالنسبة إلى الستر النفسي،

دون الستر الصالتي، لتحققها غالبا في البيت ال الخارج عنه، وهذا بخالف المشيفي السوق والشارع مكشوفة الرأس.

--------------------(١) الوسائل باب ٢٩ من أبواب لباس المصلي ح ٧.

(١٣٣)

Page 160: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ويشهد لهذا الوجه من العالج ما رواه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال:سألت أبا الحسن الرضا عليه السالم عن أمهات األوالد لها أن تكشف رأسها بين يدي

الرجال؟قال: تقنع (١).

والمتيقن من اطالقها، هو ما إذا كان الولد باقيا، بمعنى أنه ال ريب في اندراجهذا القسم تحت االطالق، فيدل على لزوم الستر النفسي على أم الولد مطلقا، فلو

خرج بعض أقسامها بدليل منفصل مثال فال ضير.والغرض االستشهاد بها لهذا العالج، وال استيحاش من مخالفة االجماع

المحتمل استناده إلى نصوص الباب والجمع بينها.ولكن الذي يقتضيه النظر المستأنف، هو العالج المشار إليه في ثنايا البحث:

من حمل المثبت على الندب، وبيانه: بأن النسبة ليست هي العموم من وجه، ألنصدر هذه الرواية وإن اختص بالصالة، إال أن الذيل غير موثوق االرتباط به، إذ

فيه - أي في الذيل - بعد قوله: في الحدود كلها " قال: وسألته " أي قال محمد بنمسلم

سألت أبا جعفر عليه السالم، وظاهره االنفصال عن الصدر المسموع، وال شاهد علىاتحاد

مجلسي السماع والسؤال، الحتمال كون الثاني في مجلس آخر، فهما روايتانال رواية واحدة، فحينئذ ال يصير قوله " عن األمة إذا ولدت عليها الخمار.. الخ "

مخصوصا بالصالة، بل السؤال مطلق وكذا الجواب.وأما قوله عليه السالم بعد ذلك " وليس عليها التقنع في الصالة " فهو تفضل فيه

تسجيال لتساوي الصالة وغيرها في عدم لزوم الستر، فتدل باالطالق على عدم لزومهفي الصالة وغيرها وفي التي لها ولد بالفعل أو مات.

ومما يشهد على أن الذيل رواية مستقلة، أنه نقلها في (باب ١١٤ من أبوابمقدمات النكاح) بدون هذا الذيل بال إشارة إلى أن لها ذيال كما هو دأبه (ره) فيما

كان هناك ذيل ليشير إليه.--------------------

(١) الوسائل باب ١١٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ١.

(١٣٤)

Page 161: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومن الشواهد أيضا أنه نقلها " الكليني " بدون الذيل، وكذا نقلها " الصدوق "نفسه الذي رواها هنا مذيلة بهذا الذيل في " العلل " بدونه، فيوثق بأن الذيل روايةبحيالها، والغرو في نقلهما معا في موضع واحد، وكم له من نظير، كما في أسئلة

" علي بن جعفر " وال قدح فيه بعد تكراره لفظة (قال) وتغيير مسير الحديث الكاشفعنه كما أشير إليه.

فحينئذ يقوى في النظر الحمل على الندب، إلباء قوله عليه السالم: " لو كان عليهالكان عليها إذا هي حاضت " الحمل على غيره، لقوة ظهوره في نفي الوجوب، فمعه

ال مجال لتوهم تقييد اطالقها بالتفصيل المار بين وجود الولد فعال وعدمه، ولعلهذا هو السر في ذهاب األصحاب (ره) طرا إلى عدم الميز بين الصالة وغيرها وبين

فعلية الولد وعدمها، فحكموا بعدم وجوب ستر ما يستره الخمار عادة مطلقا.وأما المبعضة: فظاهر األصحاب (ره) التسالم على أنها والحرة سواء، ويمكن

االستدالل لهذا التساوي بأمور:األول: ما مر من النصوص العامة الشاملة لجميع أصناف المرأة، بال دخالةألية خصوصية صنفية، كالرومية، والزنجية، ونحو ذلك، ومن هذا القبيل

الرقية المطلقة والمبعضة، ولكن خرج خصوص األولى، ألنها المنساقة من أدلةخروج األمة، فالباقي داخل تحت العمومات.

والثاني: ما رواه عن حمزة بن حمران، عن أحدهما عليهما السالم، قال: سألته عنالرجل أعتق نصف جاريته، إلى أن قال: فتغطي رأسها منه حين أعتق نصفها؟

قال: نعم، وتصلي هي مخمرة الرأس (١).وظاهرها عدم خصوصية النصف، بل غيره من الكسور التي هي دونه

مندرجة تحت الحكم بالقاء الخصوصية، كما أن منها يستفاد أيضا أن المراد منالحرة - الواقعة في رواية يونس المتقدمة - هو األعم من المبعضة، جمعا بين الدليلين،

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ١٢.

(١٣٥)

Page 162: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فال ينافي ما ذكر مفهوم تحديد تلك الرواية.والثالث: ما رواه عن محمد بن مسلم، وقد تقدم نقله، إذ فيه... وال على

المكاتبة إذا اشترط عليها موالها قناع في الصالة... الخ (١).حيث إن مفهوم هذا الحد، هو أن األمة التي تصير حرة بمقدار ما أدته إلى

موالها - بال توقف على تأدية جميع المكاتبة - يجب عليها القناع.وبالجملة: أن استواء المبعضة والحرة متسالم عليه فتوى، ويعضده ما مر

من النصوص، فال نطيل.ولو أعتقت في أثناء الصالة وعلمت به ولم يتخلل بين عتقها

وستر رأسها زمان صحت صالتها، بل وإن تخلل زمان إذابادرت إلى ستر رأسها للباقي من صالتها بال فعل مناف، وأما

إذا تركت سترها حينئذ بطلت، وكذا إذا لم يتمكن من الستر إالبفعل المنافي ولكن األحوط االتمام ثم اإلعادة، نعم لو لم تعلم

بالعتق حتى فرغت صحت صالتها على األقوى، بل وكذا لو علمتلكن لم يكن عندها ساتر أو كان الوقت ضيقا، وأما إذا علمت عتقها

لكن كانت جاهلة بالحكم وهو وجوب الستر فاألحوط إعادتهاإن البحث عن تبعض الحالة الصالتية باعتبار حالتي المصلي: من الرقية

والعتق ومن الصغر والبلوغ، أمر هام ال بد من الغور فيه، ولو باعتبار القسمالثاني منه.

--------------------(١) الوسائل باب ٢٩ من أبواب لباس المصلي ح ٧.

(١٣٦)

Page 163: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ثم إن الصور المذكورة في المتن - من حيث العلم بالموضوع تارة والجهلبه أخرى، ومن حيث التمكن من الستر تارة ومن حيث عدمه أخرى، ومن حيث

لزوم البدار وعدم المنافي وغيره - متضحة المفاد.وأما تصوير قوله: " ولم يتخلل بين عتقها وستر رأسها زمان " فكأن تكون

قد استترت عند الشروع في الصالة - إذ ال ريب في جوازه - أو في األثناء قبل العتق،أو آنا ما قبله، بأن كان زمان تمامية انشاء العتق مثال مقارنا لالستتار بال تخلل العدم

الزماني بينهما أصال.والذي ينبغي أن يقال: هو أن الستر المجعول شرطا في الصالة يحتمل فيه أمورثالثة، ألنه إن كان ساذجا وغير قابل للتبعيض، ففيه احتماالن: أحدهما لزومه

في مثل المقام من األول إلى اآلخر، وثانيهما عدم لزومه كذلك.وأما إن كان صالحا للتبعيض ففيه يحتمل التفصيل بأن ال يجب بلحاظ زمن

الرقية ويجب بلحاظ زمن الحرية.فالمحصل من االحتماالت ثالث: لزوم الستر كال، وعدمه كذلك، والتفصيل

بين زماني الوصفين.فعلى الثالث: يتأتي ما صوره في المتن، وأما على األولين فال بد من إثبات

صلوحه للتجزي والتبعيض أوال، ثم تعقيبه بتلك الصور ثانيا.وأما لو فرض كون هذا الشرط على وزان شرطية الطهارة في الصالة وحكم

بعدم صلوحها للتبعيض بوجودها في بعض حاالت الصالة دون بعضها اآلخر فال مجاللها، وتمام القول في ذلك موكول إلى البحث عن الذهول وغيره مما يوجب عدم

تحقق الستر في بعض الحاالت، فانتظر.والتحقيق: أن نطاق أدلة شرطية الستر للصالة ليس أزيد من اعتباره

مصاحبا لجميع حاالت الصالة، بال تعرض للتبعض باعتبار تلك الحاالت، وأماالعمومات الشاملة لجميع أصناف النساء اللواتي منهن األمة المعتقة في األثناء

(١٣٧)

Page 164: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فال ضير في شمولها إياها، ولكن يلزمه وجوب الستر من االبتداء.وظهور الثمرة فيمن تعلم بعتقها في األثناء، فيجب عليها أن تستر رأسها عند

الشروع في الصالة، وهذا القول مما لم ينقل عن أحد، ال من باب االتفاق على عدمهبل من باب عدم التعرض.

وقياس المقام بمن لم يكن واجدا للساتر ابتداء ثم وجده في األثناء - حيثيفصل هناك بين حالتي الوجدان وعدمه - مع الفارق، ألن هناك قد أحرز المقتضي

للتكليف إال أنه لالضطرار معذور، وأما هنا فأصل االقتضاء مشكوك فيه، فمعاحتمال عدمه ال مجال للتبعيض أصال.

فال يستفاد من أدلة الباب شئ يركن إليه. وعند انتهاء األمر إلى الشكيحكم بانتفاء شرطيته حينئذ، فال يجب عليها الستر في األثناء وإن أعتقت فيها.ولكن المرجع هنا بخصوصه هو (قاعدة ال تعاد) المقدمة على األصل، وحيثإن تمامية االستدالل بها في مثل المقام رهينة الهداء مقدمتين فلنهدهما أوال،

حتى يتضح في ضوئهما المقصود ثانيا، فنقول:أما المقدمة األولى: فإنه ال اختصاص لجريان هذه القاعدة بما بعد الفراغ،

زعما بأن اإلعادة إنما هي بعد العمل دون االستئناف من األثناء، لفساد هذا الزعمباستعمالها في كال الموردين، كما ال يخفي على من تتبع مواردها، نحو ما ورد في

بعض أبواب الحج، ونحو صحيحة ثانية ل " زرارة " الواردة في االستصحاب، حيثإنه

استعمل فيها اإلعادة في مورد االستئناف، فال نقاش في شمولها لألثناء نحو شمولهالبعد الفراغ.

وأما المقدمة الثانية: فهل يجدي إعمالها في األثناء نفعا بالقياس إلى األجزاءالقادمة أم ال؟ بيانه: بأنه إذا فرض لزوم أمر في الصالة مستمرا معها وترك ذاكاألمر في بعض أجزائها سهوا أو نحوه مما يندرج تحت القاعدة، ثم تذكر فياألثناء، وكان ذاك األمر مما ال يمكن تحصيله حينئذ أصال أو يحتاج إلى زمان

(١٣٨)

Page 165: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قليل أو كثير، فهل يمكن تصحيح األجزاء الالحقة من الصالة بإعمال تلك القاعدةبعد مفروغية تصحيحها لألجزاء السابقة أم ال؟

وإذا تمهدت لك هاتان المقدمتان، فنقول: أما الفرع األول الذي لميتخلل فيه بين العتق والستر زمان أصال فتصحيحه بوجهين:

أحدهما: أن يتبعض الستر بلحاظ زماني الرقية والعتق بعدم الوجوبفي األول مع الوجوب في الثاني، وحيث إنه في الفرض لم يتخلل الزمان بين

وجوب الستر وامتثاله يحكم بالصحة، وإن كان قد سبق بعض األجزاء بال ستر،كما إذا صلت ركعة بال ستر ثم اتفق الستر ثم تعقبه العتق، فما لم يتحقق فيه

الستر لم يكن هناك واجبا، وما كان واجبا فيه فلم يتخلف هناك.والوجه اآلخر: أن يكون حكم األمة التي تعتق أثناء الصالة حكم الحرة

واقعا من وجوب الستر عليها في جميع عمود الصالة وأمدها بدوا وختما، بحيث لوعلمت بطريان العتق في األثناء لوجوب عليها الستر من االبتداء، ويمكن تقويتهبما أشير إليه: من أن العمومات شاملة لجميع أصناف النساء الالتي منهن األمة

التي تعتق في األثناء، ولم يخرج منها إال األمة المحضة التي ال تتبدل حالتها منالرقية إلى الحرية في األثناء، ألن المنساق من لفظة األمة في النصوص المخصصة

هي التي ال تتبدل حالها، فحينئذ تكون األمة المبحوث عن حكمها مع الحرةسواء، فيجب عليها الستر واقعا.

نعم: لما كانت عالمة بالعدم للجري العادي أو شاكة فيه ولكن بنت علىالبقاء على الرقية إلى انتهاء الصالة، نظير غيره من األصول العقالئية الدارجة البنائية،

فهي معذورة في ترك الستر، فعند استبانة الخالف يمكن تصحيح األجزاء المارةالفاقدة للشرط بقاعدة (ال تعاد) أداء لحق المقدمة األولى الدالة على جريانها في

األثناء أيضا، وأما األجزاء الالحقة الواجدة له فال كالم فيها، فعليه يحكمبصحة الصالة.

(١٣٩)

Page 166: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وال غرو في هذا الوجه، ألنا وإن لم نجد من تعرض لهذا الحكم - أيوجوب الستر على مثل هذه األمة واقعا - إال أنه غير ضار، إذ ال استيحاش إال من

االجماع على الخالف، ال من عدم التعرض، وكالم األصحاب في الفرع المبحوثعنه هو كالمتن من الحكم بصحة الصالة، وأما التحليل الذي أهديناه إليك فال،

فيحتمل أن يكون نظر بعضهم إلى ما أدى إليه نظرنا. وكيف كان: ال احتياج فيهذا الفرع إلى المقدمة الثانية.

وأما الفرع الثاني - الذي تخلل فيه بين العتق والستر زمان مع البدار إلىالستر بال فعل مناف - فتصحيحه على الوجه األول: بأن الستر لم يكن واجبا قبل

طرو العتق، فال ضير في فقده بالنسبة إلى األجزاء السابقة عليه من الصالة، وأمابعده وإن صار واجبا وتخلل بين الوجوب واالمتثال زمان قليل، ولكن ال ضير

فيه أيضا بقاعدة (ال تعاد) ألن ظهورها األولي هو نفي اإلعادة مطلقا عند فقدما يوجبتخلفه البطالن واإلعادة حسب دليل اعتباره من الشرطية وغيرها، بال اختصاص

بالسهو ونحوه، إذ ال لفظ لتلك الصحيحة الكافلة للقاعدة يدل عليه. نعم: يمكندعوى االنصراف عن صورة العمد واالختيار المحض، وأما في مثل الفرض الذي

يضطر إلى الكشف في زمن السلوك إلى االمتثال والتطرق إليه فال انصراف، فحينئذتدل القاعدة على نفي اإلعادة ألجل تخلف الستر في هذا العمود من الزمان، بناء

على المقدمة األولى - كما مر - بال احتياج إلى الثانية هنا أيضا.وأما على الوجه اآلخر: فبأن الستر وإن كان واجبا من البدو، إال أنها

تركته معذورة، للعلم بعدم تخلل العتق في األثناء، أو لألصل العقالئي، فيمكنتصحيح تلك األجزاء السابقة الفاقدة للشرط بهذه القاعدة للمقدمة األولى.

وأما التصحيح بلحاظ الزمن المتخلل بين العتق والستر فعلى ذمة المقدمةالثانية، فإن تم نصابها يحكم بصحة الصالة هنا وإن لم تجر القاعدة نفسها بالنسبة إلى

الترك العمدي المتخلل بين العتق والستر، حيث إنه يكتفى بمجرد إعمالها لتصحيح

(١٤٠)

Page 167: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

السابقة من األجزاء المستلزم لتصحيح الالحقة منها أيضا.وإن لم يتم نصابها مع عدم جريانها بنفسها لتصحيح الترك العمدي وإن

كان لالضطرار بلحاظ خصوص الصالة التي تشتغل بها ال مطلقا، فال مجال للصحةحينئذ، كما أنه ال مجال لها أيضا على الوجه األول بناء على ما أشير إليه اآلن من

عدم جريانها للترك العمدي الكذائي.ولهذا الفرع نظير ال يخلو اإلشارة إليه وإلى ما ابتلى به بعض المعاصرين

من جدوى، وهو أنه ال إشكال في الترتيب بين العشائين كالظهرين في الجملة، فلوأتى بالعشاء قبل المغرب وتذكر بعد الفراغ حكم " الماتن " هناك بالصحة، وكذا

إذا تذكر في األثناء وعدل إلى المغرب حيث كان للعدول مجال، وأما إذا لم يكن،كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة، فقد احتاط الماتن (ره) باالتمام عشاء

ثم إعادتها بعد االتيان بالمغرب.والكالم حينئذ في أنه بعد قبول جريان القاعدة في األثناء، هل يجدي

بالنسبة إلى األجزاء الالحقة أم ال؟ حيث إن العشاء بتمامه يلزم أن يكون متأخراعن المغرب، فعند تخلف شرط الترتيب سهوا مع التذكر في األثناء يمكن

تصحيح الركعات السابقة عشاء بهذه القاعدة، وأما الركعة الواقعة بعد التذكرفإنما تخلف شرط الترتيب فيه عن علم مع عدم إمكان تحصيله، وإن يتصور له

وجه بنحو وقوع الصالة في الصالة.فإن تم نصاب المقدمة الثانية يحكم بصحة الركعة الرابعة أيضا هناك، كما

يحكم بالصحة بالنسبة إلى ترك الستر عن علم في زمن التطرق إلى االمتثال هيهنا، فمناختار في تلك المسألة الصحة فعليه اختيارها هنا. فما يترائى من بعض المعاصرين

من التمسك بالقاعدة هناك دون المقام غير مبين الوجه.ومن هنا أيضا ينقدح ما في المتن من الحكم بالبطالن عند عدم التمكن من

الستر إال بالفعل المنافي، إذ بناء على جريان القاعدة في األثناء وشمولها للترك العمدي

(١٤١)

Page 168: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذا كان لعدم التمكن بدونه، فما الفرق بين زمن البدار وبين ما ذكر؟ بل يلزم القولبالصحة وعدم لزوم تحصيل الستر بالنسبة إلى األجزاء القادمة لالضطرار، فال يجبالستر عليها حينئذ حتى تبتلى بالمنافي، بل تصلي كما هي بال ستر أصال بالنسبة إلى

الرأس البتة، فوزان الزمن الكثير والقليل واحد.ولكن هذا التعميم يستوعب فروعا يستوحش من االلتزام بها، ويستلزم

أحكاما ال يخلو االبتناء عليها من وحشة االنفراد.فمنها: ما لو افتقد الستر بإطارة الريح العاصفة، أو بجر الطفل له لعبا منه

فنحاه بعيدا، أو غير ذلك مما يصير به الستر الواجب منتفيا بنحو ال يمكن تحصيلهإال بالمنافي.

ومنها: ما لو صار البدن أو اللباس نجسا في األثناء بما ليس معفوا عنه، كأنأصابه يد الطفل الملوثة بالبول أو غير ذلك مما به يفتقد الشرط مع توقف تحصيله

على الفعل المنافي.إلى غير ذلك من النظائر التي يتخلل فقد الشرط أو وجود المانع - الموجب كلمنهما إلعادة الصالة - في أثنائها، فعند جريان (قاعدة ال تعاد) حينئذ يلزم االلتزام

بصحتها في جميع تلك الفروع المشار إلى بعضها.ومنه يحدس: أن تفكيك الفرعين في المتن إنما هو لالتكال على االجماع المدعى

في " الجواهر " على عدم اإلعادة عند البدار إلى االمتثال وعدم تخلل الزمن المعتد بهبين

العتق والستر، وحيث إنه ال إجماع في الفرع اآلخر وهو االحتياج إلى المنافي لتحصيلهحكم فيه بالبطالن، فتصحيح الفرع األول باالجماع المختص به، ال (قاعدة ال تعاد)

حتىيسئل عن الفرق بين الفرعين مع اشتراكهما فيها.

والحق الذي عليه يستقر آراء أبنائه وال يستوحشون منه لقلة أهله، هوان(قاعدة ال تعاد) بالغة على نصابها التام الشامل لجميع موارد الخلل التي توجب اإلعادة

حسب أدلة اعتبارها، بال اختصاص بحال دون حال.

(١٤٢)

Page 169: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نعم: إن االخالل العمدي االختياري خارج عنها، النصراف اللفظ، وللزوملغوية جعل الحكم الوضعي، إذ يجوز ترك جميع الشرائط للصالة عمدا واختيارا

من االبتداء، وهو كما تري.نعم: لو قام النص الخاص أو االجماع في مورد على اإلعادة يحكم بها، وذلك

كله لعدم أخذ لفظ في لسان هذه القاعدة موجب النصرافها إلى الحاالت الخاصة،فحينئذ لو اختل ما يوجب اإلعادة أو االستئناف لو خلي وطبعه يحكم بعدم تأثيره

في اإلعادة، إال االخالل العمدي االختياري، كما أشير إليه.وال يتوهم: أن صحيحة " زرارة " دالة على انتقاض الصالة واستئنافها عند العلمبنجاسة الثوب في األثناء مع عدمه قبل ذلك، فلو لم يكن الخلل الكذائي موجبا

للبطالن لما حكم بالنقض واإلعادة - أي االستيناف -الندفاعه بأدنى تأمل في نطاقها، حيث قال: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف

أو شئ من مني، إلى أن قال: إن رأيته في ثوبي وأنا في الصالة؟ قال تنقض الصالةوتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته، وإن لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت

وغسلته ثم بنيت على الصالة، ألنك ال تدري لعله شئ أوقع عليك، فليس ينبغيأن تنقض اليقين بالشك أبدا (١).

حيث إن المراد من قوله: " تنقض الصالة وتعيد... الخ " هو ما علم فياالثنا تفصيال بعد ما علم سابقا باالجمال، بشهادة قوله عليه السالم: " إذا شككت في

موضعمنه " لظهوره في أن إصابة النجاسة معلومة باالجمال والشك إنما هو في موضعها ال

فيهانفسها، فحينئذ قد مضى بعض الصالة مع النجاسة عالما، وال إشكال في انتقاضها

بنفسها.فال داللة لها على اإلعادة عند حدوث العلم في األثناء، بل هي إنما في تبدل العلم

االجمالي بالتفصيلي، وال مرية في البطالن حينئذ وإن لم يتبدل به، إذ المفروض هو--------------------

(١) الوسائل باب ٤٤ من أبواب النجاسات ح ١.

(١٤٣)

Page 170: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مضي بعض الصالة في النجس عن علم من االبتداء.وكيف كان: ال إعادة في الفرعين مطلقا - أي الفرع األول الذي بادرت فيه

إلى االمتثال وتخلل زمان غير معتد به بين العتق والستر، والفرع األخير الذي ال تتمكنفيه من الستر إال بالفعل المنافي - لعدم لزوم الستر حينئذ، بل تتم صالتها مكشوفة

الرأس.نعم: لو تمكن منه ولم تستر عمدا فتبطل لخروجه عن القاعدة، وال استيحاش

من الحكم بالصحة عند االحتياج إلى الفعل المنافي، إذ لم يقم إجماع على الخالف،ألنه

يستفاد من عبائر بعض األصحاب التردد والبعض اآلخر الميل إلى ما اخترناه، مع أنهلو فرض االجماع الحتمل كونه من باب االستنباط وكيفية الفهم، ال الكشف عن

التعبد القراح. وألجل ما عرفت من أوج البحث إلى حضيضه األوهد احتاط " الماتن "باالتمام ثم اإلعادة بعد الحكم بالبطالن.

ومما مر يتضح حكم الزمن المتخلل بين العتق وبين العلم به - وإن لم يتعرضله في المتن - ألن زمن الجهل بالموضوع أي العتق معفو عنه وغير موجب لإلعادة،

لعموم القاعدة أو اطالقها.وأما لو لم تعلم بالعتق حتى فرغت، فال إشكال في صحة صالتها، ألنه المتيقن

من االندراج تحت القاعدة، ولصحيحة علي بن جعفر (١).ولعل سر تعبير المتن ب (األقوى) هو ما قد ينسب إلى األصحاب من اختصاصهابصورة السهو والنسيان، وأما الجهل فهو غير مندرج فيها، وهذا ممنوع صغرى

وكبرى.وأما لو علمت بالعتق في األثناء ولم يكن عندها ساتر أصال، فصحة صالتها

--------------------(١) رواها باب ٢٧ رواية ١ (قد تقدم نقلها للزوم ستر العورة) إذ فيها... صلى

وفرجه خارج... الخ - وال فرق بين العورة وغيرها مما يجب ستره، ورواها في محكيالمختلف بلفظة (يصلي) الشاملة لألثناء قطعا، وسيأتي بعض الكالم في اختالف النقلين

وما لكل منهما من األثر.

(١٤٤)

Page 171: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ألجل سقوط شرطية الستر عند الفقدان، وكذا لو كان هناك ساتر ولكن ال تتمكنمن تحصيل الستر لضيق الوقت ال لشئ آخر قد مر الكالم فيه، وذلك لتقدم مصلحة

الوقت على غيره من الستر، وكم له من نظير، إذ ال يتقدم على الوقت غيره من القيود.نعم: لو أمكن تحصيل ركعة في الوقت فعلى شمول دليل التنزيل الدال على أن إدراكها

كادراك الجميع لكان حكم هذا الفرع حكم سعة الوقت.وأما إذا علمت بالعتق لكن كانت جاهلة بالحكم وهو وجوب الستر فاحتاط

" الماتن " باإلعادة. وحيث إن للجهل بالحكم صورا متفاوتة األثر ال بد من اإلشارةإليها وإلى الميز بينها، وذلك ألن الجهل به، إما بسيط وإما مركب، وعلى

التقديرين: إما بالقصور أو التقصير، فاألقسام أربعة.أما الجهل البسيط عن التقصير: فال إشكال في لزوم اإلعادة، ألنه ليس إال شكا

في الحكم، فمع إمكان رفعه بالسؤال والتعلم يكون بحكم الترك العمدي وإال لميجد تعلم األحكام ورفع الجهل بها بالسؤال ونحوه - وهو كما ترى - فمن يحتملبطالن صالته ومع ذلك يقدم على العمل فهو بمنزلة العامد، فحينئذ تنصرف القاعدة

عنه فتجب عليه اإلعادة.وأما الجهل البسيط عن القصور: فالظاهر اندراجه تحت القاعدة، إذ ليس في

وسعه رفع الشك، فبينه وبين العمد بون بعيد. ومنه يتضح الجهل المركب عنقصور، كمن لم يأل جهدا في التعلم، بل بذل مجهوده في السؤال، ولكن قيل له

الحكم على خالف الواقع، فال نقص من ناحيته، فعليه يندرج تحت القاعدة.نعم: الجهل المركب عن تقصير فالندراجه تحتها نظر، بل األقوى العدم،

ألنه بعد ما أمر الشرع بعدم التطرق بطريق خاصة معينة كالقياس فلم يمتثل العبدوتطرقه وصار قاطعا بالخالف، فهو وإن ال تكليف له حينئذ، ألنه بقطعه ال يرىبينه وبين الواقع سترة وحجابا، إال أنه قابل للعقاب عند ظهور السرائر وكشف

الحقائق، هذا بلحاظ العقاب. وأما الحكم الوضعي - أي اإلعادة - فهو غير مندرج

(١٤٥)

Page 172: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تحت القاعدة، إلباء الفهم العرفي عنه.نعم: لو قام دليل خاص على التفكيك بين العقاب وبين الحكم الوضعي اللتزم

به، كما في موردي القصر واالتمام، والجهر واالخفات - على التفصيل في محله -حيث إن الجاهل المركب المقصر هناك يعاقب بال إعادة، وأما في المقام فيشكل

اندراجه تحت القاعدة.مسألة ٨ - الصبية الغير البالغة حكمها حكم األمة في عدم

وجوب ستر رأسها ورقبتها، بناء على المختار من صحة صالتهاوشرعيتها. وإذا بلغت في أثناء الصالة فحالها حال األمة المعتقةفي األثناء في وجوب المبادرة إلى الستر والبطالن مع عدمها إذا

كانت عالمة بالبلوغإن بين الصبية التي لم تبلغ وبين األمة ميزا ال خفاء فيه، وهو أن العمومات

شاملة لألمة بجميع أصنافها التي منها المعتقة في األثناء - كما مر - وأما الصبيةفال، وذلك ألن المأخوذ في ألسنة تلك العمومات هو عنوان (المرأة) التي ال تنطبق

عليها، بل في شمولها للبالغة منها ما لم تصر كاملة - كالنساء المتعارفة - نظر.نعم: لما وردت فيها أدلة خاصة دالة على لزوم التغطية عند الحيض الكاشفعن البلوغ يحكم باستوائها حينئذ مع غيرها من النساء، فما أخذ من الدليل

عنوان (المرأة) في لسانه فهو غير شاملة لها، ألنها ليست بمرأة البتة، مع عدمورود دليل التنزيل الدال على أنها مرأة حتى يحكم على تلك العمومات بتوسعة

الموضوع. فالمهم هو ما ورد فيها بالخصوص - وقد مر نقل ذلك - فاألمة مشاركة

(١٤٦)

Page 173: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

للحرة في االندراج تحت العمومات الدالة على الدرع والخمار، إذ المأخوذ فيهاعنوان (المرأة) الصادقة عليهما على السواء، وقد خرجت األمة المحضة منها بالنسبةإلى خصوص الخمار، ألن ظاهر ما دل على عدم وجوب ستر الرأس على األمة إنما

هو خصوص األمة المحضة، ال المعتقة في األثناء أيضا.أما الصبية فال مشاركة لها مع الكاملة أصال، ال في الدرع، وال في الخمار،

النصراف العمومات عنها، إذ لفظة (المرأة) آبية الشمول لها.وأما ما في المتن: من تصحيح ذلك بمشروعية العبادة حال الصبا دون

تمرينيتها، فبيانه موكول إلى ما أطنبنا القول فيه عند البحث عن صيام الصبي،فال نعيد.

وعصارته: أنه هل تكون عبادته تمرينية بحتة عارية عن الشرعية أوهىمشروعة؟ وهل يفرق بين المعامالت والعبادات بالبطالن في األولى والصحة في الثانية

أو يكون وزانهما واحدا؟والذي يستدل هناك للبطالن هو ما ورد: من " دان عمده خطأ وقصده كال قصد "

وكما أن التصرف المالي وغيره من األمور المعاملية الصادرة عن النائم ونحوهغير نافذ كذلك التصرف المالي ونحوه الصادر منه، فحينئذ تكون عبادته أيضا

غير شرعية لتقومها بالقصد المنتفي فيه.وقد زيف هناك - بعد تسليم اتساع ذاك التنزيل - أن عمده خطأ، فإنما

هو بالنسبة إلى التصرف المالي في أمواله، وأما في غيره فال، وذلك كالمحجورباالفالس

ونحوه، ولذلك يشكل الحكم ببقاء ما احتطبه الصبي من الحطب على إباحته األصليةوجواز التصرف فيه لكل أحد، فحينئذ فما المانع من نفوذ العقد الصادر منه

لنكاح الغير؟ حيث إنه ليس تصرفا في ماله حتى يكون محجورا بالصبا، وكذا ماالمانع من شرعية عبادته المتقومة بالقصد المحقق منه؟ لعدم حجره عنه.وأما توهم المنع بحديث " رفع القلم عنه حتى يحتلم " فمندفع بأنه لرفع

(١٤٧)

Page 174: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قلم الكلفة والعقاب، ال التشريع والعبادية والمحبوبية التي ال يساعد رفعها االمتنانالمنساق من الحديث، إلى غير ذلك مما يمكن التمسك به للتمرينية، مع قدحه

بما حققناه في كتاب الصوم.وأما الذي يمكن أن يستدل به للمشروعية:

فمنه: ما هو الدراج بين المتأخرين: من أن ما يأتيه غير البالغ هو المهيةالمعهودة التي أوجبها الله تعالى على البالغ، ال طبيعة أخرى مغايرة لها بالذات مشابهة

لها في الصورة كفريضة الصبح ونافلته.نعم: أن الميز بينهما إنما هو في الحكم، لعدم وجوبها عليه وإن وجبت على

البالغ، وذلك الندراجهما على السواء تحت ما دل على محبوبية تلك الطبيعة وكونها" عمود الدين " وكونها " خير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر " وكونها" معراج المؤمن " وغير ذلك مما ورد في محبوبيتها بنفسها، نظير ما ورد: من " أن

الصوم جنة " ونحوه.فعليه يكون الصبي والبالغ مشتركين فيها، فحينئذ يحكم عليه بما يحكم

على البالغ من األجزاء والشرائط المستفادة من أدلة أخر، وإن اختلف الحكمانفي الوجه من اللزوم وغيره.

ويرد عليه أمران:األول: إن إطالقات التشريع وإن تشمل الصبي كما ذكر، إال أن التسوية

بينه وبين البالغ في األجزاء والشرائط إنما هو فيما اشترك البالغون بأسرهم فيهبال اختالف بينهم، وأما إذا تحزبوا صنفين يكون لكل منهما حكم خاص من

الجزء والشرط - بحيث ما يكون جزءا أو شرطا ألحدهما هو غير ما يكون كذلكلآلخر - فال، لعدم تعين اشتراك الصبي مع أيهما في األحكام الوضعية، وذلك

نظير انقسام المكلفين بالصالة إلى قسمين: أحدهما الحاضر، واآلخر المسافر، حيثإن لكل منهما حكما وضعيا في صالته يخصه، دون شقيقه.

(١٤٨)

Page 175: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والثاني: إن ذلك االستواء إنما يتم فيما لو ذكر للفعل حكم وضعي مطلقبال خصوصية ألي فاعل من البالغين، بحيث انحدر ذاك الحكم نحو أصل الفعل ثم

أمر غير البالغ به، فإن العرف حينئذ يحكم بأن المستفاد من هذا األمر هو إرادةذاك الفعل الواجد لماله من الحكم الوضعي، وذلك نحو ما ورد في الطهور: من

أنه ال صالة إال به، وكذا في فاتحة الكتاب الوارد فيها ذلك، وهكذا في االستقبالالذي أمر له بتولية الوجوه شطر المسجد الحرام، ونحو ذلك من األمور العامة.

وأما في مثل الستر الذي لم يرد فيه شئ من ذلك - بل أخذ في لسان أدلتهما يقصر عن الشمول لغير الرجل والمرأة من الصبي والصبية - فال. مع عدم استواء

البالغين بأسرهم فيه - كما أشير إليه - المتياز األمة عن الحرة في ستر الرأس،فمن أين يعلم باالستواء؟

فتحصل: أن مشروعية عبادة الصبي أمر، واشتراك عبادته مع عبادة غيرهمن البالغين في األمور الوضعية أمر آخر، لدوران ذلك مدار لسان أدلة تلك

األمور.ومنه - أي من الذي يمكن أن يتمسك به للمشروعية عدى االطالقات

األولية الدالة على أصل المحبوبية - هو ما ظاهره الوجوب وااللزام، فكل دليلظاهره وجوب عبادة خاصة يمكن أن يستفاد منه بانضمام غيره من األدلة استحبابهللصبي، فحينئذ يصير مشروعا مثابا عليه. وبيانه - بنحو ال يلزم منه االستعمال في

أكثر من معنى الذي تحاشى منه في " الجواهر " ومنع دعوى اتحاد المكلف به معاختالف وصفي الوجوب والندب بل ادعى لزوم تعدد المسبب عند تعدد السبب

ولذا ال يجزي ما أتاه قبل البلوغ في الوقت عما يجب عليه مع بقاء الوقت، ألنهماأمران ليس أحدهما بمجز عن اآلخر -

وبنحو ال يقاس على باب الحج المنصوص فيه باجزاء حج من بلغ قبل الموقفينعن حجه الذي يجب عليه بعد بلوغه وإن كان ال يجزي عن الواجب عليه فيما

(١٤٩)

Page 176: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بلغ قبل ذلك -هو أن األمر ليس مستعمال في الوجوب أصال يلزم منه ما ذكر مع استحباب

المأمور به للصبي، بل هو ليس إال البعث اللفظي نحو العمل وزان التحريك الخارجينحوه بال استعمال في الحكم أصال، ويستفاد منه - لدى العرف - الوجوب ما لم

ينضم إليه الترخيص في الترك، فأما إذا انضم منه إليه الترخيص في الترك فينفيالوجوب، ولكن أصل المحبوبية بحالها، إذ لم يكن الوجوب مستفادا من االستعمال

حتى يناقش فيه بلزوم االستعمال في أكثر من معنى، ويستوحش منه من يقول في(مسألة بقاء الجواز عند نسخ الوجوب) بما ال جدوى لنقله ونقده، بل كان مستفادا

من البعث بال انضمام الترخيص، فمع انضمامه يبقى البعث غير اللزومي بحاله.فتحصل: أن اختالف الحكم غير موجب الختالف المهية، وحيث إن قوله

تعالى " كتب عليكم الصيام " وقوله تعالى " أقم الصالة لدلوك الشمس " وغير ذلك مناألوامر الباعثة نحو الفعل، قد انضم إليها الترخيص في خصوص غير البالغ ونحوه

بحديث " رفع القلم " يحكم ببقاء أصل المحبوبية بحالها، فحينئذ تكون عبادة الصبيكغيره مشروعة.

نعم: ال جدوى الثبات مشروعيتها في خصوص المقام ونحوه بعد اختصاص أدلةالستر بالرجل والمرأة اللذين ال ينطبقان على الصبي والصبية، اللهم إال أن يكون

المراد من (الرجل) من ليس بمرأة وكذا المراد من (المرأة) من ليس برجل، فحينئذينعقد االطالق ألدلة الستر، فانتبه.

والحاصل: أن االطالقات األولية الدلة على محبوبية نفس الطبيعة بالخصيصة لفاعل خاص، نحو " أن الصوم جنة من النار " و " أن الصالة خير موضوع

فمن شاء استقل... الخ " دالة على مشروعيتها لغير البالغ البتة، كما أن األوامرااللزامية دالة عليها أيضا، ألن المستفاد منها ليس إال البعث ال الوجوب. نعم:

(١٥٠)

Page 177: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عند عدم انضمام الترخيص إليها يفهم ذاك لدى العرف. ووزان حديث " رفعالقلم " ليس إال الترخيص في الترك وعدم العقاب عليه. فحينئذ يبقى أصل البعث

بحاله فيكون مستحبا.ومما يؤيد ما ذكر: أنه ال إشكال في حسن االحتياط في الشبهة الحكمية البدوية

مع ما ورد فيها " رفع ما ال يعلم " إذ المرفوع هناك نفس ما ال يعلم ال تبعاته ولوازمه.فيمكن القول هناك: بأن الحكم نفسه مرفوع فمع ذلك ال مرية لديهم في حسن

االحتياط باالتيان عند احتمال الوجوب إدراكا للواقع المحتمل، وفي المقام ال بدمنه باألولوية.

فاثبات أصل المشروعية لعله سهل، ويتلوه سهولة إثبات األحكام الوضعيةالتي دل نطاق أدلتها على اعتبارها في نفس الطبيعة بال خصوصية ألي فاعل.

وأما إثبات حكم وضعي قصر نطاق دليله عنه فصعب البتة - كالمقام - ألن نطاقأدلة اعتبار الستر في الصالة ليس بهذا االتساع، نعم: يستفاد منه ذلك بالنسبة إلىخصوص الرجل والمرأة المأخوذين في لسانه، وأما من عداهما من الصبي والصبية

فال، سواء بلغا أثناء الصالة أم ال، وهذا بخالف األمة، كما مر.ثم إن في الباب نصوصا خاصة لعله يستفاد منها ذلك.

فمنها: ما تقدم عن يونس بن يعقوب... وال يصلح للحرة إذا حاضتإال الخمار إال أن ال تجده (١) ونحوها ما رواه عن أبي البختري عن جعفر بن محمد

عليهما السالم (٢).وإن كانت شاملة للستر النفسي والصالتي لظهورها في لزوم ستر الرأس عند

الحيض مع ما عليها من الدرع حسب التعارف، وحيث إن مساقها في الصالة،يستفاد منها اشتراط الستر فيها بال تفاوت بين األثناء وغيره، فتدل على لزوم

تحصيل هذا الشرط في األثناء أيضا كاألمة المعتقة حينئذ، فيجري عليها ما مر: من--------------------

(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ١٣.

(٢) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ١٣.

(١٥١)

Page 178: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

لزوم البدار إلى الستر، ونحوه من الفروع المارة.وفيه: أن الحيض في األثناء ناقض ألصل الصالة، فال مشروط حينئذ فضال عن

الشرط، نعم: لو دلت الرواية على لزوم الستر إذا بلغت لجرى فيه ما ذكر، وهذااالشكال سيال في جميع ما أخذ في نطاقه الحيض، فال تغفل.

ومنها: ما مر من مرسلة، الصدوق قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ثمانية ال يقبلالله لهم

صالة، منهم المرأة المدركة تصلي بغير خمار (١).لظهورها في لزوم ستر الرأس على البالغة في الصالة، وال طالقها الشامل لمن

بلغت في األثناء تدل على المقصود، وال خفاء في أن التقييد (على االحترازية) دالعلى شمول عنوان المرأة بنفسها للمدركة وغير المدركة على السواء، فالنصوص

العامة شاملة لهما أيضا، نعم: تقيد حينئذ بهذه الرواية الدالة على عدم اللزومعلى من لم تدرك.

والمهم هو إرسال السند حتى على نقل " البرقي " في المحاسن، نعم: بناء علىالطريق الثالث - وهو باسناد حماد بن عمر - فهو مسند، إال أن في " ابن عمر " بعض

الكالموإن كان المتن (بناء عليه) سالما عما ذكر من احتمال شمول المرأة لغير البالغة،

حيث إن فيه: " الجارية المدركة ".والحاصل: إن االتكال على هذه الرواية العارية عن الوثوق مشكل.

ومنها: ما أشير إليه آنفا من رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السالم (٢). والكالمفي السند باعتبار اشتماله على " ابن حمزة " هو ما مر سالفا.

وأما المتن: فال اختصاص لها بالستر الصالتي، الطالقها الشامل للستر النفسيبالظهور األقوى، إذ فيها " وعلى الجارية إذا حاضت الصيام والخمار... الخ " من

--------------------(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٦.(٢) الوسائل باب ٢٩ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(١٥٢)

Page 179: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

دون تعرض لخصوص الصالة.والكالم فيها من حيث القصور عن الشمول لما نحن بصدده: من البلوغ في

األثناء، هو ما مر من انتقاض الصالة بالحيض.ومنها: ما تقدم أيضا عن أبي إبراهيم عليه السالم حيث فيها - جوابا عن السؤالينأحدهما بالنسبة إلى الستر النفسي واآلخر للصالتي - ال تغطي رأسها حتى تحرم

عليها الصالة. (١)ألن المراد من الحرمة هو الحيض الذي يحرم معه ذلك، فاالشكال السيال

الموجب لعدم شمولها للبلوغ في األثناء آت هنا أيضا.فتحصل: قصور أدلة الباب عاما وخاصا عن الشمول لما نحن بصدده: من

البلوغ في األثناء، كما أنها قاصرة بالنسبة إلى ما قبل البلوغ، فعليه لو بلغت فياألثناء فال دليل اجتهادي على لزوم تحصيل الستر وعلى اشتراط الصالة به، فلها أنتستمر بحالها مكشوفة الرأس، وإن وجبت عليها الستر النفسي حينئذ إذا كان هناكناظر. فلو انتهى األمر إلى الشك، فيحكم بعدم شرطية الستر لجريانه في االرتباطي

من األقل واألكثر. وإن كان االحتياط حسنا.فمعه انقدح أنه ال تالزم بين مشروعة العبادة وبين شرطية مثل الستر، وأنه

ال مجال للفروع المارة في األمة: من البدار إلى التستر، وعدم الفعل المنافي تارة،ومن وجوده أخرى، إلى غير ذلك مما مر مبسوطا.

نعم: لو دل دليال آخر على لزوم ترتيب جميع آثار المكلفين على من بلغ أيوقت كان، فلها مجال، وببركة قاعدة (ال تعاد) يمكن تصحيح باقي األجزاء الفاقد

للستر مطلقا بال فرق بين البدار وغيره، إال في خصوص الترك العمدي بأن يكونهناك ساتر سهل التناول فتتركه عمدا.

--------------------(١) الوسائل باب ١٢٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢.

(١٥٣)

Page 180: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٩ - ال فرق في وجوب الستر وشرطيته بين أنواعالصلوات الواجبة والمستحبة، ويجب أيضا في توابع الصالة:

من قضاء األجزاء المنسية، بل سجدتي السهو على األحوط. نعمال يجب في صالة الجنازة وإن كان هو األحوط فيها أيضا،

وكذا ال يجب في سجدة التالوة وسجدة الشكر.قد انصرح لك نطاق النصوص المارة، حيث أخذ فيها عنوان الصالة الشامل

للمندوب كالواجب بال ميز. وال مجال الحتمال االنصراف إلى اليومية، لخلوهعن الوجه.

وأما الركعات االحتياطية: فالندراجها تحت هذا العنوان يلزم تحصيلالستر فيها.

وأما األجزاء المقضية للنسيان: فاعتباره فيها ألجل استواء الجزء والكل فيالشرط واألداء والقضاء فيه أيضا، إذ الميز بين العنوانين ليس إال المحل أو الوقت،

ألن المنساق من القضاء هو فعل شئ بجميع ما يعتبر فيه في محل آخر أو وقت آخر،فال مجال لتوهم سقوط بعض الشرائط في خصوص القضاء.

وأما سجدتا السهو: فلعدم انطباق عنوان الصالة عليها مع عدم كونها مناألجزاء، بل ليست إال مرغمة ألنف الشيطان، فال دليل على اعتباره فيها، فعند

الشك ينفى باألصل.وأما سجدة التالوة وكذا الشكر: فأمرها متضح من عدم االعتبار.

وأما صالة الجنازة: فهي وإن يطلق عليها عنوان الصالة عرفا وكذا نصا،

(١٥٤)

Page 181: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إال أن في روايات تلك الباب ما يدل على أنها ليست بصالة، بل هي ذكر ودعاء فالطهارة حدثية وال خبثية فيها وال ركوع وال سجود، ونحو ذلك، فحينئذ يحكم

هذا المضمون على االطالق - لو فرض شموله لها - فال يعتبر فيها الستر.مسألة ١٠ - يشترط ستر العورة في الطواف أيضا.

قد يستدل الشتراط ستر العورة في الطواف بالنصوص الناهية عن طوافالعريان، وكذا عن الطواف عاريا، وحيث إن المنساق من األمر والنهي -

المنحدرين نحو ماله أجزاء وشرائط وموانع - هو االرشاد إلى الجزئية أو الشرطيةأو المانعية، يحكم بداللة تلك النصوص الناهية على شرطية الستر أو مانعية الكشف

فمعه يبطل طواف العاري.ويورد عليه تارة: بضعف السند، ألن تلك النصوص موهونة االسناد،

وأخرى: بعدم انطباق متنها لما استدل له، وذلك لظهورها في المنع عن العرىالعن كشف العورة فقط، فلو سترها الطائف مع انكشاف ما عداها من أجزاء البدن

لصدق عليه العاري أيضا، فيلزم ستر ما عداها من البدن كالحالة المتعارفة حتىال يكون عاريا.

ويجاب عن األول، باعتضاد تلك النصوص بعضها ببعض، ألن الكثرة البالغة حداالستفاضة ليست أنزل من رواية واحدة مسندة. وعن الثاني، باالجماع على كفايةستر العورة وعدم االفتقار إلى ستر الزائد عنها، فيتوجه عليه: أنه تمسك باالجماع

ال النصوص المشار إليها.والذي ينبغي أن يقال: إن هيهنا محامل منقطعة االرتباط بالمقام ال يبعد

حمل تلك النصوص على بعضها.

(١٥٥)

Page 182: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فمن تلك المحامل: هو كونها بصدد إيجاب الستر النفسي، أي بلحاظاالستتار عن النار تكليفا، ال بلحاظ اعتباره في الطواف وضعا.

ومنها: كونها بصدد ردع ما التزموا به: من عدم جواز الطواف في ثوبعصوا فيه، وكانوا يبتدعون من حيث لزوم العرى وعدم االستتار عند الطواف

بثوب أذنبوا فيه.ومنها: كونها بصدد ردع بدعة أخرى، وهي التزامهم - على ما أرخه بعض

أبناء التاريخ - بلزوم التصدق بثوب طافوا فيه، فمن طاف بثيابه فعليه أن يعطيهاصدقة بعد الفراغ من طوافه، ومنه انتهى األمر إلى االستعارة تارة واالكتراء أخرى،فمن لم يجد شيئا من ذلك طاف عاريا حذرا من لزوم التصدق بثيابه عند الطواف

فيها، فيحتمل أن يكون مساق تلك النصوص هو ردع هذه البدعة وااللتزام.وفي مجمع البيان عند قوله تعالى " وما كان صالتهم في البيت إال مكاء

وتصدية " (١) عن بعض المفسرين من الطبقة األولى ك " ابن عباس " ما يدل على أنهمكانوا يطوفون عراة ويصفرون ويصفقون... الخ، فجرت عادة قريش بذلك.

وفي تفسير البرهان عند قوله تعالى " براءة من الله ورسوله " (٢) عن الكنانيعن أبي عبد الله عليه السالم ما يدل على ما ذكرناه أخيرا: من ابتداعهم لزوم التصدق

بثوبطيف فيه، إلى أن قال... جاءت امرأة وسيمة جميلة للطواف وقيل لها ذلك

- أي لزوم التصدق بالثوب - فلم تجد عارية وال كرى، فطافت عارية فأشرفالناس إليها وجعلت إحدى يديها على القبل وأخرى على الدبر، وقالت شعرا:

اليوم يبدو بعضه أو كله * فما بدا منه فال أحلهإلى أن فرغت من طوافها، فخطبها جماعة، فقالت: إن لي بعال.

وأما النصوص الناهية: فقد نقل جملة منها في الوسائل (باب ٥٣ من أبواب الطواف)--------------------

(١) سورة األنفال - آية ٣٥.(٢) سورة التوبة - آية ١.

(١٥٦)

Page 183: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذ في رواية (١ منه) عن ابن عباس في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعثعليا ينادي: ال يحج بعد هذا العام مشرك وال يطوف بالبيت عريان،

وكذا في روايات (٢ إلى ٨ منه) ونقل جملة أخرى في أبواب متفرقة.ومما يقوى في النظر كون تلك النصوص بصدد ردع ما ابتدعته قريش

ومن احتذى حذوهم، ولذا نودي في الموسم وأكد مرارا، فعليه ال تكون بصددبيان ما للطواف من األحكام. وال مجال أيضا للتمسك بما هو دارج من " أن الطواف

بالبيت صالة " لعدم وروده في طرقنا حتى يعتمد عليه، نعم: قد رواها القوم الذينجعل الرشد في خالفهم. فاألقوى: عدم اشتراط الطواف بالستر وضعا، فلو اتفقالكشف لخلوة البيت ال يضر به، بل يقع صحيحا، ألصالة عدم الشرطية عند فقد

الدليل االجتهادي عليها.مسألة ١١ - إذا بدت العورة كال أو بعضا لريح أو غفلة لم

تبطل الصالة، لكن إن علم به في أثناء الصالة وجبت المبادرةإلى سترها وصحت أيضا، وإن كان األحوط اإلعادة بعد االتمام

خصوصا إذا احتاج سترها إلى زمان معتد به.ال إشكال في الصحة إذا بدت العورة ولم يعلم بذلك حتى الفراغ، الندراجه

تحت قاعدة (ال تعاد) وتوهم اختصاصها بالنسيان فقط مندفع باالطالق الشاملللذهول ونحوه أيضا، مع النص الخاص هنا، وهو صحيح " علي بن جعفر "

المتقدم (١).--------------------

(١) الوسائل باب ٢٧ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(١٥٧)

Page 184: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وما إذا علم بذلك في األثناء، فشمول صحيح " ابن جعفر " له مبني على نقل(يصلي) بلفظة المضارع الشامل للمشتغل أيضا بال اختصاص بما بعد االتمام، وأما

على نقل (صلى) بلفظة الماضي القاصر عن شموله، فال.وأما قاعدة (ال تعاد) فالكالم فيها من حيث الشمول لألثناء ومن حيث تصحيح

األجزاء الالحقة كالسابقة مر بطوله في األمة المعتقة في األثناء. وبذلك يتضح حكمالبدار إلى الستر وكذا حكم التعلل عنه مع المكنة وغير ذلك، فال نعيد.

مسألة ١٢ - إذا نسي ستر العورة ابتداء أو بعد التكشف فياألثناء، فاألقوى صحة الصالة، وإن كان األحوط اإلعادة،

وكذا لو تركه من أول الصالة أو في األثناء غفلة. والجاهلبالحكم كالعامد على األحوط.

ال اشكال في الصحة عند نسيان الستر ابتداء أو بعد التكشف في األثناء إذا لمينتبه إال بعد الفراغ، لقاعدة (ال تعاد) وأما عند االنتباه في األثناء فمبني على

شمولها لألثناء أيضا. وأما صحيح " ابن جعفر " الوارد في الجهل بالموضوع فغيرشامل للنسيان، فيشكل التعدي إليه.

وأما الجاهل بالحكم: فقد مر الكالم فيه، من حيث انقسامه إلى أقسام أربعةومن حيث أحكام تلك األقسام، فال نعيد.

(١٥٨)

Page 185: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ١٣ - يجب الستر من جميع الجوانب بحيث لو كانهناك ناظر لم يرها إال من جهة التحت، فال يجب. نعم: إذا

كان واقفا على طرف سطح أو على شباك بحيث ترى عورتهلو كان هناك ناظر، فاألقوى واألحوط: وجوب الستر من تحت

أيضا، بخالف ما إذا كان واقفا على طرف بئر، والفرق من حيثعدم تعارف وجود الناظر في البئر فيصدق الستر عرفا، وأما

الواقف على طرف السطح ال يصدق عليه الستر إذا كان بحيثيرى، فلو لم يستر من جهة التحت بطلت صالته وإن لم يكنهناك ناظر، فالمدار على الصدق العرفي ومقتضاه ما ذكرنا.

قد يترائى من المتن كغيره من الفتاوى أن لجهة التحت من بين الجهاتالست خصيصة أوجبت استثنائها في الكيفية، نظير استثناء الوجه والكفين في الكمية،

ثم يستدرك بما إذا كان المصلي واقفا على موضع يتعارف وجود الناظر من تحته،فلو كان هناك ناظر مع تعارف وجوده لرأى عورته، أو ما عدا الوجه والكفين من

البدن إن كانت مرأة.والذي ينبغي أن يقال: إنه لم ينطق واحد من تلك النصوص المارة بلزوم

الستر في الصالة حتى يستفاد منه شرطية عنوان الستر ولزوم صدق االستتار، بلأقصى ما تنطق به هو االكتفاء بما هو المصداق له، كالدرع والقميص ونحو ذلك،

وهذا باطالقه شامل لما إذا كان المصلي على سطح عال أو في قعر دان أو ما بينهما من

(١٥٩)

Page 186: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المكنة المتعارفة، فلو صلى في قميص ألجزأه أينما كان.والفرق بين جهتي التحت وغيره خال عن السداد، إذ كما أن الناظر لو كان

مقابال له لرآه، كذلك لو كان في جنبه قاعدا أو مضطجعا لرآه ولو في الجملة عندالركوع، فإن أنيط األمر بالتقدير فهما سيان.

وإن قيل بالتعارف فيما إذا كان على السطح، حيث إنه يتعارف وجودالناظر من التحت، بخالف الفرض، لعدم تعارف اضطجاع الغير في جنب المصلي

وهذا هو الفارق الموجب لالستدراك.فيرد عليه، أوال: بأن اضطجاع الزوج في جنب زوجته أو الولد في جنب

أمه عند صالتها في البيت مما يتعارف وجوده، وحيث إن الستر الصالتي أضيق منالستر النفسي لوجب الستر عن المحارم أيضا، لعدم الفرق في هذه الجهة بين المحرم

وغيره، وهكذا القعود في جنبها عند صالتها، فيلزم الستر من جهة التحت مطلقابناء عليه.

وثانيا: بأن األمر لو أنيط بتعارف وجود الناظر لزم الحكم بعدم وجوبالستر أصال إذا فرض كون المصلي في موضع من السجن الخاص أو الجبل النائي

المخصوص الذي ال يتعارف وجود الناظر فيه أبدا، بل قد يتفق عدم مرور أحدهناك مدى السنة أو السنين، وهو كما ترى.

والحاصل: أن تقدير وجود الناظر وإمكان رؤيته كما أنه ال ضابطة له - حيثأنه يقدر في البيت باضطجاع بعض المحارم أو قعوده جنب المرأة المصلية - كذلكتعارف وجوده ال شأن له، وإال لزم جواز االنكشاف لمن نأى في البيداء التي ال يمر

هناك أحد حسب التعارف أصال. فاتضح أن جهة التحت كالفوق ال ميز لها عما عداهامن الجهات أصال، وأنه لو صلى الرجل في قميص واحد بال سراويل أو استشغار

ألجزأه أينما كان، وكذا المرأة إن صلت في درع وخمار بال زائد عنهما وإن أمكنالنظر من تحت أو غيره.

(١٦٠)

Page 187: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نعم: يجب الستر وعدم التمكين من النظر بلحاظ الستر النفسي، وهو خارجعن البحث وغير ضار - عند االنكشاف وعدم تحقق الستر النفسي - بصحة الصالة،

لمامر من خروجه عن حريمها، فال اتحاد بينهما.

ولنوضحه بمزيد إيضاح، هو أن الستر الصالتي المساس له بوجود الناظروعدمه أصال، وال ارتباط له بامكان النظر على تقدير وجوده أبدا، بل هو

تأدب خاص لو حظ تحصيله عند القيام لله. وذلك نظير أن يقال للطفل مثال: البسثوبك صونا عن البرد، حيث إن المدار هو الصيانة عن البرد وأن اللبس ملحوظبحاله، وأما دوران كيفيته مدار تعارف وجود الناظر وامكان النظر، فال. وهيهنا

قد حكم بلزوم لبس الدرع والخمار أو القميص الواحد مثال صونا عن هتك عظمةالمولى وجالله وإن لم يره أحد، تعارف أو ال، أمكن أو ال، وليس في الباب ما أمرفيه بالستر عدا صحيحة " علي بن جعفر " الواردة فيمن غرق متاعه، وأقصاها لزوم

الستر التأدبي للصالة، ال غير.كما أن المراد من قوله عليه السالم في رواية " محمد بن مسلم "... إذا كان الدرعكثيفا يعني ستيرا - هو ذلك أيضا، ال بلحاظ الصيانة عن نظر الغير، بل ألن الثوب

الرقيق الحاكي والشفاف الواصف غير جدير للتأدب والحضور لدى المولى الحقيقيويشهد له االشكال في الكفن إذا لم يكن ستيرا مع أن الميت المكفن به مستور

باألرض وال تكليف. وكذا االشكال في ثوبي االحرام مع عدم وجوب الستر النفسيفي بعض الموارد، وليس ذلك إال لفقد الشرط التعبدي الذي الحظه المولى فأمر به،

وأين هو من الدوران مدار إمكان النظر!فاألقوى: هو االكتفاء بما حددته النصوص: من الدرع والخمار للمرأة،

والقميص الواحد أو نحوه للرجل، بال تفاوت بين الدار وسطحها والصحن وبئرهواألرض وسطوحها المختلفة بالعلو والسفل والشباك ونحوه أصال، لحصول التأدب

الصالتي بهذا القدر، مع انتفاء الزائد باالطالق، وعلى الشك باألصل.

(١٦١)

Page 188: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الستر النفسي: فهو أضيق منه في هذه الحيثية، لوجوب عدم التمكينمن النظر مطلقا.

مسألة ١٤ - هل يجب الستر عن نفسه بمعنى أن يكونبحيث ال يرى نفسه أيضا، أم المدار على الغير؟ قوالن: األحوط

األول، وإن كان الثاني ال يخلو عن قوة، فلو صلى في ثوب واسعالجيب بحيث يرى عورة نفسه عند الركوع لم تبطل على ما

ذكرنا، واألحوط البطالن. هذا إذا لم يكن بحيث قد يراهاغيره أيضا، وإال فال اشكال في البطالن.

إن إيجاب الستر عن النفس يتوقف على إثبات كون القميص الدارج في عصرصدور النصوص المجوزة للصالة فيه ضيق الجيب جدا بنحو لم يمكن للمصلي أن

يرى عورته عند الركوع أو غيره، وهو عسير جدا منفي باالطالق الشامل لواسعالجيب أيضا بعد عدم احراز االنحصار في الضيق حسب التعارف، فعليه ال يجب

الستر عن نفسه، لالطالق، ولألصل عند الشك.بل يمكن االستدالل على العدم بما رواه عن زياد بن سوقه، عن أبي جعفر عليه السالم

قال: ال بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محللة إن دين محمدحنيف (١).

الستلزام حل األزرار تمكن الرؤية لنفسه مطلقا أو عند الركوع مثال.وكذا بما رواه عن الحسن بن علي بن فضال، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السالم،

بل بما رواه عن إبراهيم األحمري عنه عليه السالم (٢)--------------------

(١) الوسائل باب ٢٣ من أبواب لباس المصلي ح ١.(٢) الوسائل باب ٢٣ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ٥.

(١٦٢)

Page 189: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وهيهنا بعض ما يمنع عن حلها عند الصالة، يحمل على التنزيه لتقدم المجوزعليه - حيث إن لسانه الناطق بأن " دينه صلى الله عليه وآله حنيف " حاكم على المنع

كما هوواضح - أو على التعبد المحض ال للزوم ستر العورة عن نفسه، أو غير ذلك.

مسألة ١٥ - هل الالزم أن تكون ساتريته في جميعاألحوال حاصلة من أول الصالة إلى آخرها، أو يكفي الستر

بالنسبة إلى كل حالة عند تحققها؟ مثال إذا كان ثوبه مما يسترحال القيام ال حال الركوع، فهل تبطل الصالة فيه وإن كان فيحال الركوع يجعله على وجه يكون ساترا أو يتستر عنده بساتر

آخر، أو ال تبطل؟ وجهان: أقواهما الثاني، وأحوطهما األول- وعلى ما ذكرنا - فلو كان ثوبه مخرقا بحيث تنكشف عورته

في بعض األحوال لم يضر إذا سد ذلك الخرق في تلك الحالةبجمعه أو بنحو آخر ولو بيده، على اشكال في الستر بها.

قد يتخيل: لزوم حصول الساترية في جميع األحوال من البدو إلى الختم،بحيث يتحقق اآلن ما يحتاج إليه في الحاالت اآلتية وإن لم يحتج إليه فعال، فلو

فقد اآلن ما يحتاج إليه فيما يأتي من األحوال فهو فاقد الشرط وإن كان واجدا لهعند االحتياج، لالطالقات المحددة ألدنى ما يجزي في المرأة مثال بالدرع والخمار

اللذين لهما الصلوح للستر بلحاظ جميع األحوال الصالتية بالفعل، وكذا فيعورة الرجل.

(١٦٣)

Page 190: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وفيه: أن المستفاد من النصوص المارة ليس أزيد من تحقق األحوال الصالتيةمع الستر، وأما الزائد عنه فال، وحيث يفرض تحققه لدى الحاجة فال مجال

للبطالن.ولنوضحه ببيان بعض الفروع التي لها مساس ما للمقام وإن كانت خارجة عنالبحث، وذلك: بأنه لو صلى جالسا - من فرضه الجلوس - لكان احتياجه إلىالساتر أقل من احتياج من يصلي قائما، إذ القيام أحوج إلى ستر العورة أو البدن

في المرأة من الجلوس، ويصدق الستر بما ال يصدق معه حال القيام. وكذا لو صلتالمرأة مستلقية - إذا كان فرضها االستلقاء على األرض - وغطت مقاديم بدنها بثوب

دون الزائد عنه، إذ حينئذ يصدق الستر مع عدم االكتفاء بمقدار ذاك الثوبلو كانت قائمة، وذلك لقلة االحتياج حال االستلقاء على األرض الحافظة للظهر

ونحوه من األجزاء المؤخرة للبدن والساترة إياها في خصوص هذه الحالة.فاتضح بهذين الفرعين أن لكل حالة حكما يخصها كما وكيفا يدوران

مدار تحقق العنوان، ومن هنا ال يجتزي بما لو صلت المرأة قائمة ماسة للجدارالساتر لمؤخر البدن من الظهر ونحوه مع ستر خصوص المقاديم بالثوب، لعدم

الصدق. وهكذا لو صلت في ثوب خرق وسترت موضع الخرق باليد، إلى غير ذلكمما يأباه العرف عن االندراج تحت العنوان.

فإذا ثبت أن المدار تحقق األحوال الصالتية مع الستر وأن لكل حالة أثرايخصها كما وكيفا، فما المانع من الصالة في ثوب يتسر في بعض األحوال دونبعض، مع البدار إلى العالج حين االفتقار؟ كان يجمع الثوب الخرق لئال يحاذيخرقه لما يجب ستره من العورة أو البدن، ال بأن يجعل يده في ذاك الموضع، لماأشير إليه ولما سيأتي تفصيله: من لزوم كون الساتر شيئا وراء أجزاء البدن، سواءفيه االستقالل واالشتراك، إال فيما ال يزاحم الصدق العرفي بال تسامح وإن كان

لوضع تلك اليد أثر عقال في الستر.

(١٦٤)

Page 191: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وعلى انتهاء األمر إلى الشك يحكم بنفي هذه الخصوصية الزائدة المشكوكفيها، ألنه المرجع في األقل واألكثر االرتباطي سواء كان في الحكم التكليفي أو

في الحكم الوضعي.مسألة ١٦ - الستر الواجب في نفسه من حيث حرمة النظر

يحصل بكل ما يمنع عن النظر ولو كان بيده أو يد زوجته أوأمته، كما أنه يكفي ستر الدبر باألليتين. وأما الستر الصالتي

فال يكفي فيه ذلك ولو حال االضطرار، بل ال يجزي الستر بالطليبالطين أيضا حال االختيار، نعم: يجزي حال االضطرار على

األقوى، وإن كان األحوط خالفه. وأما الستر بالورق والحشيشفاألقوى جوازه حتى حال االختيار، لكن األحوط االقتصار على

حال االضطرار. وكذا يجزي مثل القطن والصوف غيرالمنسوجين، وإن كان األولى المنسوج منهما أو من غيرهما مما

يكون من األلبسة المتعارفة.قد مر الكالم في الستر النفسي وحصوله بأي شئ يمنع عن النظر، إذ الواجب

هناك هو عدم التمكين منه، وهو قد يحصل بالتباعد المكاني، وقد يحصل باالنغماسفي الماء، وقد يحصل باالستتار خلف الجدار والشجر، وقد يحصل بغير ذلك مما أشير

إليه سالفا بال احتياج إلى خصوص الستر. وأما إذا احتيج إليه فقد يحصل بكلما يمنع من النظر وإن كان بالطلي بالطين ونحوه من اللطوخات، أو باليد ونحوها

(١٦٥)

Page 192: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من األعضاء، كاألليتين الساترتين للدبر.وإنما المهم هو كيفية الستر الصالتي: من اتحادها مع كيفية الستر النفسي

فيما يحتاج إليه لتحصل بأي ساتر كان ولو باليد أو الطلي، ومن اختالفها معها.وعلى االختالف في الكيفية ولزوم كون الستر الصالتي بساتر مخصوص. فهل يسقط

التكليف بفقد ذلك الساتر مع وجود غيره مما به يحصل الستر؟ أو ينتقل حالاالضطرار إلى ذاك الساتر الثانوي؟ وعلى االنتقال، فهل يكون بين ما يحصل به ذلكترتيب بتقدم البعض على اآلخر أم ال؟ وعلى أي تقدير، فهل يفرق بين الرجل والمرأة

أم ال؟ وجوه: ال بد من اإلشارة إليها.إن المنسوب إلى أكثر األصحاب، هو عدم الترتب والطولية بين أنحاء الساتر

وأن الثوب والحشيش سيان، بل عن المجلسي (ره) نسبته الجواز اختيارا - حتىفي الطين - إليهم.

وحيث إن المقام ليس مما ينفعه األقوال المنقولة أو يضره ذلك، فال جدوىلنقلها وإرجاع بعضها إلى اآلخر، بل المهم هو الفحص عن نطاق أدلة الباب، ليتضح

أن جميع أنحاء الساتر سواسية أو ال. وعلى الثاني، فهل يكون بين األمور الكافيةحال االضطرار فقط ترتب وطولية بتقدم بعضها على اآلخر، أم ال؟

والذي يستدل به الستواء الجميع رتبة وأن الحشيش ونحوه كالثوبوالقميص أمران:

أحدهما: ان ما ذكر في النصوص المارة من عناوين: الدرع، والملحفة،والثوب، والقميص، وما يضاهيها، أمثلة للجامع بينها وبين غيرها مما يحصل به

الستر كالحشيش ونحوه. واختصاصها بالذكر إنما هو لتعارفها واالعتياد بها، فالتكون تلك القيود المعنونة احترازية. وال خفاء في أن القيد الغالبي وإن ال يصلح

لتقييد دليل آخر مطلق، ولكنه يحتمل أن يمنع من انعقاد االطالق لدليل قيدبذلك القيد، إال مع العلم بعدم دخالته. وتوضيحه - على ما مر مرارا - هو أن

(١٦٦)

Page 193: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

اآلية الدالة على حرمة الربيبة مقيدة بكونها في الحجر، ومعنى كون هذا القيدغالبيا أنه لو فرض هناك قيام دليل مطلق دال على حرمتها وإن لم تكن في

الحجر لما أمكن تقييده بهذا القيد، ال أنه يحكم بانعقاد االطالق لآلية، ألن احتمالاالختصاص في محله، إال أن يعلم بعدم دخالة هذا القيد. نعم: عند انتهاء األمر

إلى الشك يرجع إلى األصل الموجود في كل مسألة بحيالها، كأصالة عدم الشرطية فيالمقام، فباألصل المنضم إلى ذلك الدليل االجتهادي القاصر عن إفادة االطالق يحكم

بعدم الترتيب والطولية بين أنحاء الساتر.والثاني: مفهوم قوله عليه السالم في صحيحة " علي بن جعفر " المتقدمة "... وإن لميصب شيئا يستر به عورته أو ماء وهو قائم " ألن الشئ شامل للحشيش ونحوه، كما

يشمل الدرع والقميص ونحوهما، فمفهومه عدم تبدل الركوع إلى االيماء معإمكان الستر بأي شئ كان، وذلك: ألن قوله عليه السالم "... وإن لم يصب... الخ "،

تصريح بمفهوم الصدر مع تغيير ما، وهو الموجب الستفادة العموم.وأورد عليه: بداللتها على ترتب الحشيش ونحوه على فقد اللباس وكون

المصلي عاريا، فحينئذ ال مجال لالجتزاء به اختيارا.وأجيب: بأن هذا الترتيب إنما هو في كالم السائل ال اإلمام عليه السالم

حتى يفيدذلك، مع أن الترتب المستقر في ذهنه إنما هو بلحاظ الداعي ال الحكم، بمعنى

أن الداعي إلى الستر بالحشيش إنما ينقدح عند فقد اللباس، ألنه المعد لذلك بسهولة،ال الحشيش ونحوه، فال داع يدعو إليه مع وجود اللباس، ال أن الترتيب بلحاظ

الحكم وأنه ال يجزي الستر بالحشيش مع وجوده.والحق هو استقرار ارتكاز الترتيب بلحاظ الحكم في ذهنه - ال مجرد الداعي -وأنه كان محتمال لسقوط التكليف بالستر لفقد اللباس، فال يمكن انكار الغريزة،وعلى أي تقرير: يشكل التمسك بها لالجتزاء بالحشيش ونحوه حال االختيار،

لقصورها عن اثباته. كما أن الحق الذي ال ريب فيه هو امتياز الستر الصالتي عن

(١٦٧)

Page 194: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الستر النفسي في الجملة، فلعل الشارع أوجب كيفية خاصة للستر الصالتي. كما أنهيحتمل أن يفرق، بين الرجل المأمور بستر عورته فقط، وبين المرأة المأمورة

بستر بدنها عدا ما استثنى، فال بد من لحاظ حكم كل منهما بحياله.وكيف كان: فالذي يدل على الترتيب والطولية في الرجل غير واحد من

النصوص المشار إليها سابقا.فمنها: ما رواه عن صفوان بن يحيى، أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السالم يسأله

عن الرجل معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصالةوخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال: يصلي فيهما جميعا (١).

إذ لو كان غير الثوب - من الجلد والحشيش والورق ونحو ذلك - في عرضه الفي طوله، لما أمر بلزوم التكرار احتياطا مع التمكن من االمتثال التفصيلي - الذي

ناقش بعض المتأخرين في االكتفاء باالمتثال االجمالي مع التمكن من التفصيلي منه -فاألمر بالصالة فيهما مع استلزامه وقوع إحدى الصالتين في النجس إنما يتصور فيما

ال يكون ما عدا الثوب في عرضه، واحتمال عدم وجدان شئ من ذلك مقدوحباطالق الجواب مع ترك االستفصال بين أقسام المسؤول عنه.

ومنها: ما رواه عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم، عن رجل أجنبفي ثوبه وليس معه ثوب غيره (آخر)؟ قال: يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله (٢).

وتقريب داللتها على الترتيب وأنه مهما أمكن انحفاظ ساترية الثوب فاليجتزي بغيره من الحشيش ونحوه وإن كان موجودا، هو ما مر آنفا، فبناء على

تعين الصالة فيه أو التخيير بينه وبين العريان - جمعا بين المتعارضين - يتم المطلوبوال مجال لحملها وحمل ما يضاهيها من النصوص اآلمرة بالصالة في ذاك الثوب

النجس على ما إذا كان هناك ناظر، مع حمل ما يدك على الصالة عريانا على ما إذا لم--------------------

(١) الوسائل باب ٦٤ من أبواب النجاسات ح ١.

(٢) الوسائل باب ٤٥ من أبواب النجاسات ح ١.

(١٦٨)

Page 195: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يكن هناك ناظر، إذ المحذور ما يرتفع بعدم نزع الثوب المتنجس وبالصالة فيه،كذلك يرتفع بالجلد الطاهر والحشيش الطاهر ونحو ذلك، فال مجال لصالة فيالنجس مع اشتراطها بطهارة الثوب، حيث إن الستر عن الناظر يحصل بما عدا

الثوب قطعا.وليس ذلك، إال لعدم اتحاد رتبتي الثوب وغيره من الجلد والحشيش ونحو

ذلك، فمن هنا يتجه إبقاء النصوص اآلمرة بالدرع والقميص والملحفة والثوبوما يضاهيها على القيدية، وأنه ال يجزي غير الثوب اختيارا، وإن كان لنفي خصوصية

الدرع والقميص ونحوهما مجال. فالرتبة األولى للثوب الذي يتعارف لبسه فيكل عصر بحسبه وإن لم يكن بخصوصية ما هو المعمول في زمن الصدور، كما أنهلو كان للثوب إجمال ولم يتضح شموله لمورد ومادة خاصة - كالعلف ونحوه -

يحكمباالجتزاء إذا صنع منه درع أو قميص أو نحوهما من العناوين المأخوذة في ألسنة

النصوص، ألن المدار هو صدق هذه العناوين بال دخالة لخصوص القطن أو الصوف،فإذا فرض نسج قميص أو درع أو نحو ذلك من تلك العناوين من مادة أخرى غير

المادة الدارجة، فيؤخذ به ويكتفي البتة، وإن لم يصدق عليها الثوب. وهذا نظيرما ورد في االحرام على لسانين: أحدهما ما عبر فيه بثوبي االحرام، واآلخر ما عبر فيه

بإزار ورداء، فإن كان للثوب إبهام من حيث الشمول للجلد والعلف ونحوهما،فال إجمال لإلزار وال للرداء، فيحكم باالجتزاء عند صدق هذين العنوانين وإن لم

يصدق هناك عنوان الثوب، فحينئذ يدور األمر مدار الهيئة الخاصة المسماة:بالدرع أو القميص أو سراويل أو نحوها مما أخذ في لسان النصوص المارة، بال

خصوصية للقطن وال للصوف وال للثوب. بل المواد الدارجة اليوم مما يصنعبها الدرع ونحوه كالمواد المعهودة سابقا أيضا، فوزان العلف والصوف واحد،ووزان الجلد والقطن واحد، ووزان المواد المخترعة اليوم ووزان المواد الطبيعيةواحد، فالمدار هو صدق عنوان القميص ونحوه مما تكرر في النصوص، بحيث

(١٦٩)

Page 196: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال يمكن حملها على التعارف والغلبة، وال حملها على إرادة الجامع الشامل لها وللموادالصالحة ألن تصير معنونة بها ولم تعنون بعد، كالقطن والصوف والحشيش والجلد

والورق، وما إلى ذلك من المواد العارية عن هيئة الدرع أو القميص ونحو ذلك.ولتحكيم ما ذكر واستقراره في النفس نشير إجماال إلى بعض تلك النصوص

الكثيرة الناطقة بهذه العناوين.فمنها: ما رواه عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: سألته عن

الرجليصلي في قميص واحد أو قباء طاق أو في قباء محشو وليس عليه أزرار؟ فقال إذا كان

عليه قميص صفيق أو قباء ليس بطويل الفرج فال بأس... الخ (١). وقريب منهاما رواه علي بن جعفر في كتابه عن موسى بن جعفر عليه السالم (٢).

حيث أخذ فيها عنوان (القميص) وكذا (القباء) فيلزم صدق أحدهما وإنلم يصدق عنوان الثوب، بأن يصنع من النبات أو الجلد، ال القطن أو الصوف مثال.

ومنها: ما رواه عن محمد بن مسلم، قال: قلت ألبي جعفر عليه السالم: ما ترى للرجليصلي في قميص واحد؟ فقال: إذا كان كثيفا فال بأس... الخ (٣).

حيث إنها اكتفى فيها بالقميص الصادق على الهيئة الخاصة، بال دخالة لمادةمخصوصة كالقطن. إلى غير ذلك مما يعثر عليه المتتبع، فيكفي مجرد صدق تلك

العناوين في الرجل: من القميص، والقباء، والسراويل، واألزار، والرداء، المأخوذاتفي روايات (باب ٢٢) صدق عنوان الثوب أم ال. ومن جميع ما ذكر تبينت جهتان

في خصوص الرجل:الجهة األولى: أنه يعتبر في ستر عورته للصالة حال االختيار أن يكون الساترمعنونا بأحد تلك العناوين المارة: من القميص والقباء ونحو ذلك، بال دخالة

لمادة خاصة، وأنه ال يجتزي في لك الحال بما عدا ذلك: من الحشيش والجلد--------------------

(١) الوسائل باب ٢٢ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ١١.

(٢) الوسائل باب ٢٢ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ١١.(٣) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٧.

(١٧٠)

Page 197: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والورق، فضال عن الطين.والجهة الثانية: أنه ال يسقط التكليف حال االضطرار وعدم وجدان شئ

من تلك األمور، بل يصح مع ستر عورته بشئ آخر، كالجلد والحشيش وما يضاهيهماألن هذه األمور أبدال لتلك األمور حال االضطرار، بال ترتب بين هذه األمور

أنفسها، فال تقدم للجلد على الورق، وال للحشيش على الطين ونحو ذلك، وذلكلعموم

صحيحة " علي بن جعفر " بمالحظة قوله عليه السالم (إن لم يصب شيئا) الدال علىاستواء

جميع األشياء الصالحة للساترية عند عدم وجدان ما هو الساتر حال االختيار،فال ميز بينها.

هذا ملخص القول في المقام األول الباحث عن حكم ستر العورة في الرجل.وأما المقام الثاني: ففي بيان الستر الصالتي للمرأة حالي االختيار

واالضطرارإن استيفاء القول فيه أيضا على ذمة جهتين كافلتين لحكمي االختيار

واالضطرار.أما الجهة األولى: فيمكن االستدالل - لتعين الثوب والدرع ونحو ذلك حال

االختيار - بتلك النصوص اآلمرة بالصالة في النجس وحده أو بالتكرار - علىاختالف الطائفتين الواردة إحديهما في الثوب المشتبه، واألخرى في الثوب المنحصرالنجس - ألن المسؤول عنه وإن كان هو الرجل، ولكن بتناسب الحكم والموضوعيستفاد نفي الخصوصية، كما في السؤال عن الشك في القول بأن " الرجل يشك بينالثالث واألربع " حيث إنه يفهم عرفا أن الحكم للشك بال خصوصية للشاك، وكذا

في المقام -وبالنصوص المارة المأخوذ في لسانها عناوين: الدرع، والخمار، والثوب، ونحو

ذلك، لما ثبت في المقام األول كونه بنحو التقييد واالحتراز ال مجرد التعارف والغلبة.ويؤيد ذلك قول موسى بن جعفر عليه السالم "... قال تلتف فيها وتغطي

(١٧١)

Page 198: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

رأسها وتصلي، فإن خرجت رجلها وليس تقدر على غير ذلك فال بأس (١).لداللتها على نفي البأس باالطالق الشامل لما إذا كان هناك حشيش أو جلد أو

نحوهما. ولو كان الحشيش مثال في عرض الثوب بال امتياز بينهما للزم تذكرة،إذ المراد من قوله عليه السالم " ليس تقدر على غير ذلك " هو انتفاء القدرة بما في

حكمالملحفة من الثياب ال الحشيش ونحوه أيضا، فلو كان الحشيش كافيا في عرض الثوب

للزم التنبيه عليه، حيث إنه ال ينسبق الذهن إليه. بل ويمكن االستدالل بها على عدماالكتفاء به حال االضطرار في ستر بدن المرأة، كما يأتي في الجهة الثانية.

والكالم فيها - من حيث االكتفاء بالدرع والخمار، وكذا الملحفة والمقنعةوما إلى ذلك من العناوين إن لم يصدق الثوب - هو ما مر في عورة الرجل، فال

خصوصية للمادة، بل المدار هو الهيئة المسماة بالدرع ونحوه.وأما الجهة الثانية: (أي حال االضطرار وعدم وجدان الثوب ونحوه) فيمكنأن يفرق بين عورة الرجل وبين بدن المرأة، الحتمال سقوط التكليف بالستر

حينئذ رأسا، فيتبدل الحكم مع وجدان الحشيش والجلد ونحو ذلك، إذ ال دليلعلى البدلية حال االضطرار بالنسبة إلى المرأة.

نعم: يمكن الحكم باستوائهما في خصوص العورة، بأن يكون حكم المرأةحال االضطرار حكم الرجل في هذا الحال، من حيث االكتفاء بأي شئ يستر

العورة كالحشيش والطين، المكان القاء الخصوصية من صحيحة " علي بن جعفر "المتقدمة، وتأييده باالرتكاز الهادي إلى الفرق بين العورة وغيرها من األعضاء (حتىفي المرأة) فيالئم التأدب لله. وأما الزائد عنه فال دليل أصال، فحينئذ ال يجب عليها

أن تستر بدنها بالحشيش أو الجلد أو نحوهما عند فقد الساتر االختياري.ويؤيده أو يدل عليه ما أشير إليه في الجهة األولى، حيث إنه نفى البأس مع

انكشاف بعض الرجل وإن قدرت على سترها بالحشيش ونحوه، ألن فرض عدم--------------------

(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(١٧٢)

Page 199: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

القدرة على سترها بعيد جدا، مع لزوم التنبيه واالعالم - كما مر.ويدل عليه أيضا قوله عليه السالم في رواية " يونس " المتقدمة "... وال يصلح

للحرة إذا حاضت إال الخمار إال أن ال تجده " (١).لظهورها في سقوط التكليف بالستر ونفى البدل االضطراري بمجرد عدم

وجدان الخمار ونحوه من الثياب، فلو كان الحشيش بدال عنه حال االضطرارللزم التذكرة واالعالم، حتى يستفاد منه بقاء التكليف بالستر بالبدل عند سقوط

التكليف بالمبدل.ومما يؤيد ذلك، عدم التعرض في كلمات األصحاب بالنسبة إلى ستر بدن

المرأة حال االضطرار، بل المدار في كتبهم هو حكم ستر عورة الرجل في هذا الحال.فتحصل أوال: أن الستر االختياري منحصر في الثوب أو الدرع أو نحو ذلك،

دون الجلد ونحوه أصال. وال يتوهم االجتزاء بذلك هنا كما في الستر النفسي، حيثإنه يستفاد من رواية " عبد الرحمن بن الحجاج " المتقدمة (٢) إذ فيها - بعد السؤالعن وقت الستر النفسي ووقت الستر الصالتي على الجارية التي لم تدرك - قال عليه

السالم:" ال تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصالة " ألنها تدل على استواء السترين في الكيفية

فكما أن األول يحصل بجميع ما يستر، فكذلك الثاني.الندفاعه بأنه ال اطالق لها من هذه الحيثية، لقصورها عنه، بل المفروض:

هو السؤال عن الستر المتعارف في البيت والشارع، وإنما ذلك بالثوب، ال الحشيشونحوه أيضا، فتبقى تلك األدلة بحالها.

وثانيا: إن التكليف بالستر ساقط عن المرأة حال االضطرار، فلها أن تصليعارية وإن وجدت الجلد والحشيش ونحو ذلك. نعم: ال بد لها من ستر عورتها بماوجدته في هذه الحال، وال ترتيب حينئذ بين ما تستر به عورتها، فالطين كالحشيش

بال تقدم له عليه.--------------------

(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤.(٢) الوسائل باب ١٢٦ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه ح ٢.

(١٧٣)

Page 200: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فصلفي شرائط لباس المصلي

وهي أمور:األول: الطهارة في جميع لباسه، عدا ما ال تتم فيه الصالة

منفردا، بل وكذا في محموله، على ما عرفت تفصيله في بابالطهارة.

الثاني: اإلباحة وهي أيضا شرط في جميع لباسه من غيرفرق بين الساتر وغيره، وكذا في محموله.

فلو صلى في المغصوب ولو كان خيطا منه عالما بالحرمة عامدابطلت وإن كان جاهال بكونه مفسدا، بل األحوط البطالن مع

الجهل بالحرمة أيضا، وإن كان الحكم بالصحة ال يخلو عن قوة.وأما مع النسيان أو الجهل بالغصبية فصحيحة. والظاهر عدمالفرق بين كون المصلي الناسي هو الغاصب أو غيره، لكن

(١٧٤)

Page 201: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األحوط اإلعادة بالنسبة إلى الغاصب، خصوصا إذا كان بحيثال يبالي على فرض تذكره أيضا.

وحيث إن الشرط األول (أي الطهارة) مما قد فرغنا عنه مستقصى في كتابالطهارة، فال مجال للتكرار. وأما الشرط الثاني (أي اإلباحة) فتنقيح المقال فيه -من حيث اعتبارها في الجملة، ومن حيث استواء الساتر وغيره فيها، ومن حيث

استواء الملبوس والمحمول، ومن حيث كون المصلي عالما بالحكم أو ال ومن حيثكونه عالما بالموضوع (أي الغصبية) أم ال، ومن حيث كون المصلي الناسي لها هو

الغاصب أو غيره - علي ذمة جهات.الجهة األولى: في تحرير محط البحث

إن النيل إلى محل النزاع قد يكون بتصريح أرباب ذاك النزاع وتعيينهمإياه، وقد يكون بأمارات أخر، منها: اتضاحه من ثنايا األدلة الناطقة به.

وأما في المقام: فهل النزاع منحدر نحو اشتراط اإلباحة في خصوص الساتر،أو األعم منه ومن غيره من ألبسة المصلي فقط، أو األعم من ذلك أيضا باندراج

محموله فيه؟ قد يمكن أن يستظهر - ممن أقام البرهان على اشتراطها: بأنشرط العبادة إذا كان منهيا عنه يصير فاسدا فتبطل تلك فتبطل تلك العبادة المشروطة

بفواته - أن محور الكالم، هو خصوص الساتر للعورة أو للبدن في المرأة، ألنهالشرط دون ما عداه من الثياب وغيرها، فال يلزم أن يكون ما عداه مباحا.

كما أنه يمكن أن يستظهر اتساع محل البحث - ممن استدل علىاشتراطها: بقول علي عليه السالم في وصيته لكميل: أنظر فيما تصلي وعلى ما تصلي

... الخ - إذ ال اختصاص حينئذ للساتر، بل يعمه وغيره من األلبسة.ويمكن أن يستظهر أوسع من ذلك - ممن استدل على اشتراطها: باقتضاء

األمر برد المغصوب للنهي عن أضداده الخاصة التي منها الصالة - إذ ال اختصاصحينئذ للملبوس، نظير من استدل عليه: بلزوم اجتماع األمر والنهي في شخص

(١٧٥)

Page 202: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

واحد، إذ - بناء على االتحاد - ال فرق بين الساتر وغيره من األلبسة، وال بينالملبوس والمحمول مما يتحرك بالحركة الصالتية.

وأما من استدل باالجماع - فحيث إنه ال نطق له - ال يستفاد منه األزيدمن المتيقن. وكيف كان يستفاد من المتن اتساع حوزة البحث.

الجهة الثانية: في أدلة اشتراط اإلباحةوقد يستدل لذلك بأمور:

أحدها (االجماع) وقد قرر: أن حجيته إنما تكون فيما يكشف عن دليلأو نص معتبر، وأما عند عدم كشفه عنه - الحتمال استناد مجمعيه إلى ما في الباب

من القواعد العامة ونحوها - فال.وقد يدعى: تمامية هذا االجماع بالنسبة إلى خصوص الساتر، لعدم ثبوتمخالفة " الفضل بن شاذان " أوال، وعدم قدحها على تقدير ثبوتها ثانيا.وفيه: أنه ما لم ينسد احتمال االستناد إلى القواعد، فال مجال لكشفه عن

النص أو الدليل حتى يصير حجة مستقلة.ومما يؤيد هذا االحتمال مقال شيخ الطائفة (قده) في الخالف، حيث إنه (ره)نسب إلى فقهاء العامة بأجمعهم أمرين: أحدهما الجواز الوضعي، واآلخر المنع

التكليفي، بمعنى أنهم مع اعترافهم بحرمة الصالة في المغصوب حكموا بصحتهافيه، واختار هو نفسه المنع الوضعي أيضا، واستدل له باالجماع وبقاعدتين:

إحداهما: إن النية ال يتمشى هنا، ألن التصرف في المغصوب قبيح وال تصح نيةالقربة فيما هو قبيح، وال صالة إال بنية القربة.

واألخرى: إن االشتغال اليقيني بالصالة مستلزم للبراءة اليقينية التيال تحصل إال بالصالة في المباح، بمعنى أن األصل في األقل واألكثر االرتباطي هو

االشتغال، وهذا بعد فرض إمكان تمشي نية القربة. فمع استدالله (ره) بهاتينالقاعدتين مصحوبا لدعوى االجماع مما يوهن كشفه عن النص ويوجب ضعفه عن

(١٧٦)

Page 203: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عن الحجية.وكذا ما في محكي " الناصريات " من االستدالل على البطالن بفقد الدليل

في المقام مع احتياج صحة العبادة إليه، ولعله بعد تعارض األمر والنهي، كما قيل.والغرض: أنه يشكل االتكال بهذا االجماع المدعى مع استناد غير واحد من

األصحاب (ره) بالقواعد العامة، كما أنه يشكل االعتماد على ما يروى في البابمن خبر " إسماعيل بن جابر " ورواية " تحف العقول " إذ لم يحرز استنادهم

إليهما أو إلى أحدهما حتى ينجبر. وهذا هو " المحقق " الذي هو من أساطين الفقهقد صرح (ره) في المعتبر بقوله: إعلم: أني لم أقف على نص من أهل البيت عليهم

السالمبابطال الصالة، وإنما هو شئ ذهب إليه المشائخ الثالثة وأتباعهم، واألقرب: أنه

إن ستر به العورة أو سجد عليه أو قام فوقه كانت الصالة باطلة، ألن جزء الصالةيكون منهيا عنه وتبطل الصالة بفواته، أما لو لم يكن كذلك لم تبطل وكان كلبس

خاتم من ذهب.إذ لو كان هناك نص خاص لبعد عدم عثوره (قده) عليه مع كونه أقدم إلى

مصادره من المتأخرين عنه، فيشكل االتكاء على ذينك الخبرين أيضا، لعدم احرازاالستناد الجابر، بعد تمامية المتن.

فحينئذ إن نوقش في هذه القواعد المشار إليها، أو نوقش في انطباقها علىالمقام، ألمكن الحكم بالصحة، كما يمكن النقاش في مستند المحقق (ره) في الساتر

حيث إن المأخوذ منه في الصالة هو مجرد التقيد ال القيد حتى يكون جزء، بلهو شرط خارج عن حقيقتها الملتئمة من أجزائها، فال ضير في أن يكون منهيا

عنه مع صحة الصالة، كما أنه يمكن النقاش في مستند الشيخ (قده) بتصحيح تمشيالنية حينئذ وعدم امتناعه، إذ هؤالء الفقهاء كانوا عاقلين البتة، وكيف يمكن

ذهابهم إلى صحة الصالة المتقومة بقصد القربة مع عدم تمشيه من المصلي فيالمغصوب عقال؟

(١٧٧)

Page 204: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وبيان تمشيه هو أنه كما أن للمولي اآلمر الناهي هنا إرادة وكراهةوكذا حبا وبغضا باعتبار العنوانين، كذلك يمكن قصد األمر والتقرب منه بهذا

الفعل المعنون بعنوان أمره، كما أنه بعينه معنون بعنوان نهيه. والحاصل: أنالمحذور العقلي ال يمتاز فيه المولى عن العبد، فكما أن له وصفين نفسانيين متنافيين

بالنسبة إلى شئ واحد خارجي - ألجل تعنونه بعنوانين - كذلك للعبد أن يقصدأحدهما في عين حصول اآلخر، ألن مصب الحكم وإن كان هو العنوان وعالم

العناوين مصحح التغاير، إال أن انحدار الحكم نحوه إنما هو بلحاظ انطباقهعلى الخارج المؤثر ال عليه نفسه، فمنتهى األمر إلى الخارج الجامع للعنوانين،

وسيتضح لك مزيد إيضاح. كما أن استدالله (ره) بقاعدة االشتغال، مقدوحبأن المرجع هو أصالة البراءة هنا.

فتحصل: أنه ال إجماع صالح لالتكاء وال نص صالح لالتكال اجماال، مع امكانالنقاش فيما استدل به من القواعد إشارة، وتفصيله فيما يلي.

وثانيها (قاعدة عقلية) تقرر بوجوه: نحو ما أفاده الشيخ (ره) في الخالف:من عدم صحة نية القربة بالتصرف الغصبي القبيح، ونحو ما يترائى من بعض: من

أن المبعد ال يمكن أن يكون مقربا، إلى غير ذلك من التقاريب.وتمامية االستدالل بها على البطالن تتوقف على أمور ثالثة: األول: اتحاد

متعلقي األمر والنهي، بأن يجمعهما واحد شخصي. الثاني: امتناع االتحاد عقالوعدم كفاية تعدد المتعلق عند وحدة ما يجمعهما خارجا. الثالث: عدم امكان

تصحيح األمر بالترتب. وللنظر في هذه األمور مجال واسع، كما يتضح.أما االتحاد: فالمعني به هنا، هو أن يصير الشئ الواحد الخارجي بال كثرة

وجودية وبال تغاير حيثية خارجية مجمعا للعنوانين المحمولين عليه، بأن يصدقعلى هذا الوجود الخارجي أنه غصب أو تصرف في المغصوب أو نحو ذلك مما نهي

عنه، ويصدق عليه مع انحفاظ هذيته الخارجية أنه صالة أو جزء صالة أو نحو ذلك

(١٧٨)

Page 205: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مما أمر به، بحيث ال ميز بين هاتين القضيتين إال في ناحية المحمول فقط، فحينئذإذا تغاير الموضوعان فال اتحاد للمحمولين أصال، سواء قام كل واحد منهما بنفسه،

أو اجتمعا في ذات واحدة مع تعدد الحيثية - كالعالمية والهاشمية القائمتين بالزيد -أو قام أحدهما باآلخر، إذ ليس شئ من ذلك باتحاد أصال، ألن الكثرة الوجوديةطاردة للوحدة المعتبرة هنا، ولذلك ال يتوهم البطالن فيما لو نظر المصلي حال

صالته إلى األجنبية، ألن الحيثية الخارجية منهما متغايرتان، كما أن العنوانينالذهنيين منهما كذلك.

ثم إن أقصى ما يتشبث به لالتحاد المزبور وجوه: أحدها: أن الستر جزءللصالة كما أن الركوع ونحوه كذلك، وحيث إن كل واحد من هذه األمور

أفعال للمصلي وأجزاء للصالة فلها حكم واحد سيال، فيجب أن يؤتى بكل منها" لله تعالى " ألن الصالة عبادة وأجزائها عبادية ال محالة، وال إشكال أيضا في أن

الستر نفسه محرم حيث إنه تصرف في المغصوب، فاجتمع العنوانان في واحد شخصيفاتحدا.

وفيه: أن الصغرى ممنوعة، إلباء أدلة وجوب الستر عن إفادة أخذه فيالصالة نحو أخذ الركوع والسجود فيها، حتى يستفاد منها الجزئية، بل ليس

إال شرطا بمعنى دخول تقيده بالصالة من دون دخول نفسه - أي ذات القيد - فيالمأمور به، وفاقا لغير واحد من األساطين وخالفا لظاهر " المعتبر " كما مر. وهذا

الوجه الفاسد ال يثبت البطالن فيما عدا الساتر من الملبوس وغيره.وثانيها: أن الستر شرط للصالة فيعتبر فيه القربة، ألن الصالة بأجزائها

وشرائطها عبادية، وحيث إن الستر بالمغصوب محرم مع انحدار األمر العبادينحوه يصير مجمعا بوحدته للعنوانين: الواجب والحرام.

وفيه: أن الكبرى ممنوعة، ألن الستر وإن كان شرطا إال أن المنحدر نحوهليس إال األمر الوضعي المرشد إلى شرطيته للصالة واعتبار تقيدها به فيها، ال غير.

(١٧٩)

Page 206: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومن هنا لم يتوهم البطالن أحد فيما لو صلى بال قصد القربة في الستر، وكذا بالالتفات أصال، وهكذا في غيره من الشرائط - كاالستقبال والطهارة ونحو ذلك - ألن

الطهارة وإن كانت بنفسها عبادة ال تحصل إال بالقربة، إال أن تقيد الصالة بهاالمعبر عنه باشتراطها فيها ليس بعبادة البتة، ولذا تصح صالة من كان على طهارة

فتخيل فقدها ثم ذهل فصلي ذاهال ثم تنبه بعد الصالة بكونه مسبوقا بالطهارة،ألن االستصحاب هنا غير مصحح وال محقق لقصد القربة البتة، وهكذا في االستقبال

فليس هنا ما عد النهي النفسي - وهو المنحدر نحو الغصب - حكم آخر عبادي حتىيتحد معه. وهذا الوجه الفاسد على فرض تماميته ال يثبت البطالن إال فيما إذا كان

الساتر بخصوصه غصبا، وأما عداه من الملبوس فال، فضال عن المحمول.وثالثها: إن الحركات الواقعة في المغصوب الحاصلة بالصالة منهي عنها - ألنها

تصرف فيه - والنهي عنها نهي عن القيام والقعود والركوع والسجود، وهي أجزاءللصالة واجبة عبادية، فيجتمع فيها العنوانان ويتحد الحكمان، فتصير العبادة

المأمور بها منهيا عنها، فتفسد.وفيه: أن المسألة هنا لما كانت عقلية ال مجال فيها للفهم العرفي وال للبناء

المتسامحي فال بد فيها من الدقة حتى يعطى حقها بالتحليل الهادي إلى أن موضعاألمر ماذا؟ ومصب النهي ما هو؟

فنقول (بمنه تعالى): لو صلى في المغصوب بأن ابتدأ بالصالة ونواها، فال مجاللتوهم اتحاد النية مع التصرف الخارجي الستحالة صيرورة األمر القلبي متحدا

مع األمر الخارجي، وأما التكبير فهو وإن كان فعال خارجيا، إال أنه المساس لهبالتصرف في المغصوب، نعم: به يحصل الموج في الفراغ الذي شغله المصلي،

وللكالمفيه عند البحث عن المكان المغصوب مجال في الجملة. وهكذا القيام والقراءة،

لقضاء العقل بأنه أين القيام من الغصب؟ وأين القراءة من التصرف في المغصوب؟نعم: إن القائم غصب والقارئ متصرف على وزان ما مر: من أن المصلي ناظر إلى

(١٨٠)

Page 207: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األجنبية، في توارد الحالتين المتقارنتين على موضع واحد، فأين مجرد المقارنةوالعينية واالتحاد؟

وأما الركوع: فإن فسر بالهيئة الخاصة الحاصلة من حدبة ظهر المصليوتقوسه حدا خاصا، فال مجال أيضا لتوهم اتحاد جزء الصالة مع الغصب أو التصرف

في المغصوب، ألن وزان تلك الهيئة وزان القيام في التغاير مع التصرف المحرم،وإنما الذي لتوهم اتحاده معه مجال هو (الهوي) الذي هو نحو حركة معينة من

القيام إلى ذاك الحد المذكور، حيث يتحرك المغصوب بهذه الحركة، فتكونالحركة الواحدة الشخصية واجبة باعتبار كونها من اجزاء الصالة، ومحرمة

باعتبار كونها تصرفا في المغصوب.وفيه: ان (الهوي) على تسليم اتحاده مع الغصب - لما فيه من النقاش اآلتي -

ليس بجزء عبادي أصال، إذ الواجب العبادي إنما هو الركوع المفسر بتلك الهيئةالخاصة، و (الهوي) مقدمة لها، والواجب المقدمي ليس بعبادة، إذ االمر المقدميليس بمقرب وكذا النهي المقدمي ليس مبعدا، فما هو المقرب - أي الركوع -

ال يكون متحدا مع الغصب، وما هو المتحد معه ال يكون مقربا، وال ضير في االتحادالكذائي، الن االتحاد - على تسليم لزومه أوال وعلى فرض امتناعه ثانيا - فإنما

هو اتحاد المتنافيين ال المتالئمين، كما نشير إليه.وأما لو فسر الركوع بنحو يصير (الهوي) جزء له، فالكالم فيه هو الكالم

في جزئيته للصالة، باعتبار أن من الواجب فيها هو القيام المتصل بالركوع - أيالمتعقب به - فلو ركع العن قيام فلم يصح، كما لو انحنى بعد اتمام السورة لوضع

شئ على األرض أو رفعه منها ثم قام متقوسا إلى الركوع ومنحنيا إلى حده،الن هذا الركوع ال يكون عن قيام وذاك القيام لو كان وفرض ال يكون متصال

به، فيجب ان ينحني عن القيام إليه، فهذا االنحناء والهوى واجب عبادي، وحيثانه بعينه تحريك للغصب يلزم اتحادهما.

(١٨١)

Page 208: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وفيه: أوال - ان التحريك الكذائي بعد لبس المغصوب ال يعد تصرفا زائداعن التصرف اللبسي عند العرف، فال يشمله دليل المنع، نعم: لو كان موجبا

الندراس ذاك الثوب أو لتلفه أو لتضرر مالكه بوجه فله حكم يخصه، وإال فال ريبفي أن وزان التحريك بالهوى ووزان التسكين بالقيام مطمئنا واحد، وال ترجيح

ألحدهما على اآلخر.ولقد أجاد في " الجواهر " في ختام البحث عن المكان المغصوب - في رد بعض

متفقهة عصره القائل: بأنه يجب على المحبوس في مكان مغصوب الصالة على الكيفيةالتي كان عليها أول الدخول فيه إن قائما فقائم وإن جالسا فجالس، بل ال يجوز له

االنتقال إلى حالة أخرى في غير الصالة أيضا لما فيه من الحركة التي هي تصرف فيمال الغير بغير اذنه - قال (قده) في نقده: ولم يتفطن ان البقاء على الكون األول

تصرف أيضا ال دليل على ترجيحه على ذلك التصرف، كما أنه لم يتفطن انه عاملهذا المظلوم المحبوس قهرا بأشد ما عامله الظالم، بل حبسه حبسا ما حبسه أحد

الحد، اللهم إال أن يكون في يوم القيامة مثله... الخ.والحاصل: أن مسألة اجتماع األمر والنهي وإن كانت عقلية صرفة، ولكن

على أساس عرفي - أي التصرف - الن الحرام منه ما يكون مصداقا للتصرف عرفاحتى يشمله دليل المنع عنه، ال عقال، واال لزم منه ما ال يمكن االلتزام به، والعرفآب عن اطالق التصرف على ما يتبع اللبس: من األطوار الطارية والهيئات العارضة

التي ال أثر لها في االندراس ونحوه زائدا عما هو اللبس من ذلك، فعليه ال يكونالمحرم إال هو، ومن المعلوم انه - أي اللبس - غير متحد مع الصالة أصال،

كما مر.وثانيا - على تسليم صدق التصرف الزائد عن اللبس - ال مجال التحاد المتعلقين

أصال، الن هيهنا حركتين ومتحركين، كما أن هنا تحريكين ومحركين بالإمكان العينية واالتحاد أبدا، بيانه: بأن المصلي الهادي إلى الركوع يحرك بدنه له

(١٨٢)

Page 209: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فتصدر منه حركة قائمة بالبدن وتحريك منسوب إليه - أي المصلي نفسه -فالمصلي محرك والبدن متحرك، وما لهذا حركة وما لذاك تحريك، ثم إن حركة

البدن محركة للثوب المغصوب، فتصدر منها حركة أخرى قائمة بالثوبوتحريك منسوب إليها - أي إلى حركة البدن - فحركة البدن محركة والثوب

متحرك، وما لهذا حركة وما لتلك تحريك، وحيث إن تشخص الحركة بالمتحركفعند تعدده تصير متعددة، ومن المعلوم ضرورة: امتناع اتحاد األشخاص المتعددةوالوجودات الخارجية المتكثرة، فال غرو أن تكون حركة الثوب محرمة وحركة

البدن واجبة بال مساس لهما أيضا.وال ميز فيما هو المهم هنا بين الحركة المستقلة التي للثوب بوساطة حركة

البدن (وساطة في الثبوت) وبين الحركة العرضية التي له بوساطة حركة البدن(وساطة في العروض) الن الحركة ما لم تقم بالثوب ولو بالتبع لما صدق التصرف

فيه، فعند قيامها به تصير شخصا خاصا، فيمتنع أن تتحد مع الحركة القائمةبالبدن لكونها شخصا آخر، وذلك: الن ما للواسطة هو غير ما لذيها وإن كانتواسطة في الثبوت، إذ الفرد األصيل ليس عين الفرد التبعي أو العرضي - فانتبه -

والخفاء عند الدقة في أن حركة الثوب منسوبة إلى حركة البدن ال المصلي، فالقولبأن الفعل الواحد الشخصي الصادر منه حركة للبدن وتحريك للثوب ذهول عما

أفادته الفطرة السليمة الناطقة في المثال الدارج بأنه " تحركت اليد فتحرك المفتاح "بتخلل لفظة (الفاء) المشعرة بتقدم حركة اليد على حركة المفتاح، ال زمانا، لوضوح

بطالنه، بل طبعا وذاتا، الن حركة اليد فاعلة ومحركة وحركة المفتاح فعلوأثر، وهذا التقدم الطبعي خارجي ال عقلي وذهني فقط - كما هو عند أهله - حيث

إن العلة مقدمة خارجا على معلولها المقارن معها زمانا، الن الخارج أوسع منالزمان، فراجع.

فهنا فعالن: أحدهما في طول اآلخر، الن المصلي فاعل لحركة البدن وهي

(١٨٣)

Page 210: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فاعلة لحركة الثوب باالستقالل أو بالتبع والعرض، لما حقق من عدم الفرق بينالحركة المستقلة للثوب وبين العرضية له.

نعم: يمكن استناد حركة الثوب إلى المصلي تسبيبا ألنه الذي أوجد ما هوسبب لها ومقدمة إياها، ولكن ال جدوى في ذلك للخصم، الن النهي متوجه إلى

المسبب ال السبب، وعلى التعدي منه إليه ال يكون أزيد من النهي المقدمي الذي الشأن

له في المعصية واالبعاد عن ساحة المولى، فال مانع حينئذ من أن يكون مقربا منهلجهة أخرى. وقد مر امكان اتحاد المقرب مع ما ليس بمقرب وال مبعد لتالئمهما.

وأما اتحاده مع المبعد فمحل كالم جوازا ومنعا، وإن احتيج هذا البيان المشبعإلى مزيد إيضاح فلعلنا نفي به في ثنايا المباحث القادمة.

وثالثا - على تسليم جميع ما مر - فال يثبت إال اشتراط اإلباحة حال الركوعونحوه مما يستتبع حركة المغصوب، وأما حال القيام ونحوه فال، فلو صلي قائما

في رداء مغصوب ثم نزعه عنه قبل الحركات الواجبة ثم لبسها إلى الخاتمة، لكانتصالته صحيحة. وكذا من ليس فرضه إال القيام مع االيماء، والجلوس كذلك،

أو االستلقاء أو االضطجاع أو نحو ذلك، بال حركة واجبة، فتصح صالة هؤالءجميعا، فال يمكن االستدالل باالتحاد المذكور على اشتراط صحة الصالة مطلقا

باإلباحة، كغيرها من الشرائط المعتبرة في الواجب وغيره.نعم: على تماميته ال فرق فيه بين الساتر وغيره من األلبسة، بل المحمول أيضا.

إلى هنا انتهى الكالم في األمر األول (أي اتحاد متعلقي األمر والنهي) وقدتبين انه ال مجال له أصال.

وأما األمر الثاني (أي االمتناع) فقد حققنا في األصول: ان مجرد تعدد المتعلقكاف في انحدار الحكمين إليهما وإن جمعهما وجود شخصي واحد، فعلى تسليم

اتحاد المصب الخارجي ال غرو في اجتماعهما، فراجع.وأما األمر الثالث (أي الترتب) فمجمل القول فيه: انه على تسليم االمتناع

(١٨٤)

Page 211: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وعدم جواز االجتماع، إما أن يكون الوقت متسعا أو ال، فعلى األول: وإن ال يكونهناك أمر مع النهى - المتناع اجتماعهما فرضا - ولكن له في لحاظ عصيان ذاك

النهي مجال - على الترتب المعهود - فتح الصالة، فراجع.ولو سلم عدم االمر رأسا المع النهي - المتناع اجتماعهما - والبعد سقوطه

- لبطالن الترتب - ألمكن أيضا تصحيحها بما مر في ثنايا المباحث المشابهة للمقام:من كفاية الحسن الفعلي المنضم إليه الحسن الفاعلي، إذ الصالة هنا ال ريب فيوجدانها للمالك بحسب ذاتها وإن لم يؤمر بها، فلو أتى بها المصلي قاصدا إياها

فال تبعد صحتها، لوجدان الفرق بين من صلي في الدار المغصوبة وبين من لميصلى أصال.

وأما على الثاني: فالحتمال تقدم االمر هنا مجال، فمعه تصح الصالة بالإشكال، فلو نوقش في تقديمه فيجري فيه ما أشير إليه في األول. فتحصل: انه لم

يتجه البطالن بعد.وثالثها: أي ثالث تلك األمور التي استدل بها للبطالن هو (اقتضاء االمر

بالشئ للنهي عن الضد) وتقريبه: ان االمر برد المغصوب مقتض للنهي عن اضدادهالتي منها الصالة، فتصير هي بنفسها متعلقة للنهي، فتفسد ألنها عبادة.

وفيه: أوال: ان االقتضاء الكذائي مقدوح مشروحا في األصول.وثانيا: على تسليمه أجنبي عن المقام طردا وعكسا، إذ ال اختصاص لذلك

بالملبوس، بل يعمه وغيره مما هو خارج عن بدن المصلي رأسا، بأن كان مال الغيرتحت يده عدوانا فجعله في البيت مثال ثم صلي هو بنفسه مع ثياب محللة بتمامها

في المسجد أو غيره، أو كان للغير عليه حق يجب عليه تأديته. فالثوب وغيره فيه سواءولبسه وعدم لبسه وكذا حمله وعدم حمله فيه سيان، بل وحق الله وحق الناس فيهمتساويان، إذ المدار هو االمر الوجوبي المتعلق بشئ مضاد للصالة، ومن المعلوم:

انه ال يصح جعل مثله شرطا في لباس المصلي كغيره من الشرائط. كما أنه ال يمكن

(١٨٥)

Page 212: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ذلك الحكم بنحو العموم الشامل لجميع أفراده التي منها: ما ال ضدية للصالة معالرد، كما لو كان المالك حاضرا وكان المال في موضع ال يكون رده إليه منافيا

للصالة وال هي مضادة له.ومنها: ما لو توقف حفظ ذاك المال على لبسه أو حمله مثال، إذ ال نهي حينئذ.

ومنها: ما لو ضاق الوقت وكان هو أيضا عازما على الرد وسالكا لسبيله، إذال بد من لبسه أو حمله أو نحو ذلك ما دام في طريق امتثال األمر بالرد، فحينئذ يلزمأن يأتي بصالته متحركا وماشيا كالمضطر ونحوه ممن توسط أرضا مغصوبة - على

التفصيل اآلتي في محله - فال يمكن الحكم بفسادها هنا.ومنه ينقدح ما في مقال من زعم: أن المبعد ليس بمقرب وأن القبيح

ال تصح نية القربة به، إذ لو لم يكف تعدد الجهة فبما يقصد في هذا الفرض؟ وبأيةجهة يتقرب فيه؟ فتحصل: أنه ليس هذا االقتضاء المقدوح فيه ضابطا ألن يرجع

إليه، مع ما فيه: من أن النهي عن الضد - لو سلم - فإنما هو نهي مقدمي غير مبعدفال غرو في تعلقه بما هو مقرب. وعلى تسليم كونه مبعدا أيضا، فيجري فيه ما مرمن جواز االجتماع المستلزم للصحة، ومن الترتب - على فرض االمتناع - ونحو

ذلك مما تقدم.فالح لك أن األقوى: صحة الصالة في المغصوب ساترا كان أو غيره، إذ ليس

في تلك األمور المارة عدا االجماع أو الشهرة التامة، وقد أشير إلى احتمال استنادالمجمعين إلى بعض القواعد السابقة مع استدالل بعضهم صريحا بها.

ومما يؤيد ما مر - في بطالن االقتضاء وأن األمر بشئ ال يقتضي النهي عن ضدهبنحو يستلزم فساد ذلك الضد إن كان عبادة - أنه لم يتعرض في لسان شئ من أدلةالتوبة إعادة الصالة أو قضاءها، مع أنها - أي التوبة - تكون مأمورا بها فورا ففورافلو اقتضى األمر بها النهي عن أضدادها المستلزم لبطالن الضد العبادي منها، للزم

التعرض لإلعادة أو القضاء جدا، مع خلو تلك األدلة عنه رأسا.

(١٨٦)

Page 213: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ويشهد له عدم تعرض المعصوم عليه السالم لذلك في شئ من القضيتين المعهودتينمما روى إحديهما " البطائني " واألخرى " أبو بصير " حيث تاب بعض كتاب بني

أمية،فأمره الصادق عليه السالم بخروجه عما فيه، مع ما في تلك القضية من ابتالئه باألموال

المحرمة كثيرا، فلم لم يحكم بإعادة الصلوات أو قضاءها مع كونه مأمورا برد تلكاألموال البتة؟ وهذا وأمثاله لو لم يدل على المطلب، فال أقل من التأييد، بل يؤيد

عدم شرطية إباحة لباس المصلي مطلقا.ورابعها: ما رواه عن الصدوق، قال: قال الصادق عليه السالم... ولو أخذوا

ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم، حتى يأخذوه من حقوينفقوه في حق (١).

أن السند مرسل، ومجرد االرسال البتي من " الصدوق " ال يثبت أزيد منطمأنينته (ره) به، ومن المعلوم: إمكان النقاش فيما لم نثق به وإن وثق به " الصدوق "

نعم: لهذا النوع من المرسل ميز ال خفاء فيه، ولكنه ليس مجد يجب األخذبه في قبال ما يدعي من عدم نص من أهل البيت، كما مر.

وأما المتن: فالمراد من الفقرة األولى، هو أن إنفاق المال المكتسب مما رخصفيه فيما نهى عنه بتخيل عباديته والتقرب به غير مجد في القبول فال أثر له أصال، وليكن

هذا هو مفاد قوله عليه السالم "... فيما نهاهم عنه " ال غيره من المعاصي، حيث الترقب

قبول وال ترصد ثواب عندما أخذه من حالل وصرفه في الزنا أو شرب الخمر أو نحوذلك، بل المراد هو صرفه فيما له جهة عبادية بزعمه ذاهال عن كونه منهيا عنه،

كإعانة من تحرم معاونته لكونه ظالما يتقوى به على الظلم مثال، وكصرفه في بناءيكون تأسيسه مخالفا لما دعت إليه الشريعة الحقة، وهو عن ذلك ذاهل،

وال اختصاص لالنفاق باالطعام ونحوه، بل المراد منه ما يعم جميع ذلك لكونه مقاباللألخذ والتحصيل، فمعناه مطلق الصرف.

--------------------(١) الوسائل باب ٢ من أبواب مكان المصلي ح ١.

(١٨٧)

Page 214: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الفقرة الثانية: فمعناها أيضا أنه لو أخذ المال مما لم يرخص فيه وحصلهمن غير حل فصرفه فيما يكون بطبعه مطلوبا للشارع ومحبوبا له - كبناء المسجدونحوه - فال يقبل منه وال يثاب عليه. وهذا على قسمين: أحدهما - ما ال يكون

فيه أزيد من الثواب المترقب، واآلخر - ما يكون فيه مع الثواب حكم وضعي شرعي.أما األول: فكانفاق المال المحرم في إطعام المؤمن الجائع أو إفطار صائم ورع،

حيث إنه ال أثر لهذا الصرف عدا الثواب المتوقع، وأما تبدل الجوع بالشبع والصومبالفطر فهو محقق حل المال أم ال، فمعنى عدم قبوله ليس إال نفي الثواب دون غيره،

إذ ال أثر وضعي شرعي له حتى يحكم بانتفائه.وأما الثاني: فكانفاقه في بناء المسجد ونحوه من األوقاف وغيرها، حيث إن

له عدا الثواب المتوقع أثرا وضعيا، وهو الوقف الموضوع لغير واحد من األحكام،فمعنى

عدم قبوله، هو انتفاء ذلك األثر أيضا، فال يتحقق الوقف بذلك، فالقبول إنما هوفيما لو أخذ المال من حل وصرف فيما له ثواب وحده أو مع األثر الوضعي أيضا،

فحينئذ يترتب ذاك الثوب وحده أو مع األثر الوضعي، على ما يستفاد من الذيل.وأما انطباقه على المقام، فالكالم فيه تارة: من حيث صرف المغصوب في الستر

الصالتي، وأخرى: فيما عداه من ألبسته.أما األخير: فهو خارج عن مساق الحديث، ألن مجرد اللبس في حال الصالةليس بطبعه مما يترقب الثواب عليه ألنه ليس بعبادة، فمن لبسه صونا عن البرد

وصلى فيه فال ينطبق عليه قوله: " فأنفقوه فيما أمرهم به ".وأما األول - أي الستر الصالتي - فهو وإن لم يكن عباديا - كما مر - فال

ترقب ثواب عليه، ألنه شرط ال جزء فليس هو إال التوصلي البحت، ولكن له أثروضعي شرعا تختل الصالة بفقده وعدم قبوله، فلو شمل الحديث لمثله مما ليس فيه

إال الحكم الوضعي البحت فلالستدالل به مجال، إذ عدم القبول مساو للبطالن

(١٨٨)

Page 215: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والرد الالزم منه عدم حصول الطهارة للثوب إذا غسل بماء مغصوب ولم يقل بهأحد. إال فيما قام الدليل على إرادة نفي الكمال منه.

ولكن الكالم بعد في السند، إذ هو على نقل " الصدوق " مرسل وعلى نقل" إسماعيل بن جابر " ضعيف ل " محمد بن سنان " أضف إلى ذلك كله: احتمال

ورودهمساق غيره مما ورد لتخطئة الجاهل المتنسك، نظير ما ورد في القصة المشهورة

التي رواها " الطبرسي " في " االحتجاج " وغيره: من سرقة الرجل الرمان وتصدقهللفقير، فأفحمه الصادق عليه السالم بأن الحسنة التي لها عشر أمثالها هي ما لم تكن

بنفسهاسيئة، كما فيها فعله، فراجع. فحينئذ المساس له بالمقام مع ما عرفت.

وما رواه عن " تحف العقول " عن أمير المؤمنين عليه السالم في وصيته لكميل، قال:يا كميل أنظر فيما تصلي وعلى ما تصلي إن لم يكن من وجهه وحله فال قبول (١).

إن السند مرسل فال اعتداد به، وكذا ما عن بعض نسخ " نهج البالغة " أماأوال: فلعدم وجوده في جميع تلك النسخ، وأما ثانيا: فألن السيد الرضي (قده)

قد جمع ما وصل إليه من خطبه عليه السالم ومكاتيبه عليه السالم وكلماته عليه السالمونقلها بأسرها

باالرسال، حيث إن ما بأيدينا من " النهج " مرسل بال سند.وأما المتن: فالظاهر تمامية داللته على بطالن الصالة إذا لم يكن الملبوس

حالال، وكذا إذا لم يكن المكان أو الفرش مباحا، نعم: ال مجال لالستدالل بالمرسلغير المنجبر، لما مر.

فتبين قصور جميع أدلة الباب عن إفادة شرطية إباحة لباس المصلي، فالمرجعهو أصل النافي للشرطية المشكوك فيها المنتج لصحة الصالة في المغصوب.

تنبيه: أن المراد من قول المصنف (ره) " وكذا في محموله " هو ما إذاتحرك ذاك المحمول بالحركات الصالتية ال مطلقا كما يصرح (ره) بهذا القيد في

(مسألة ٥) اآلتية.--------------------

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب مكان المصلي ح ٢.

(١٨٩)

Page 216: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الجهة الثالثة: فيما يتفرع على الصالة في المغصوب من صور العلموالجهل والنسيان

إن تنقيح المقال المايز بين الموضوع والحكم التكليفي والوضعي - من حيثالعلم ببعضها والجهل أو النسيان باآلخر ونحو ذلك - في مقامات:

أما األول: ففي الحكم التكليفي.إن المصلي في المغصوب، إما أن يكون عالما بحرمة الغصب والتصرف في

المغصوب حين الصالة، أو ناسيا، أو جاهال.فعلى العلم: تبطل صالته على جميع تلك المباني المارة، أما على مبنى (عدم

تمشي القصد في الحرام) فواضح جدا، بل ال صالة له أصال، وأما على مبنى (أنالمبعد ليس بمقرب) فظاهر أيضا، لفعلية الحرمة المبعدة حينئذ، وهكذا على

(مرسل تحف العقول) المستفاد منه التعبد بالشرطية المستلزمة لبطالن المشروطبفقد الشرط.

وأما على النسيان: فحيث إنه يتمشى القصد من الناسي، فال تبطل صالتهعلى ذاك المبنى. نعم: على مبنى (عدم صلوح المبعد الواقعي للتقريب) فهي باطلةكما أنها كذلك أيضا على (التعبد بالشرطية) نظير جزء ما ال يؤكل لحمه، لدوران

األمر مدار الواقع بال دخالة للعلم. ولكن يتم األمر ببركة قاعدة (ال تعاد) فلوصلى في المغصوب ناسيا بحرمته ال يجب عليه اإلعادة.

وأما على الجهل: ففيه صور أربع ألنه، إما بسيط، وإما مركب. وعلىأي تقدير، إما قاصر، أو مقصر.

أما الجهل البسيط بال تقصير: فحيث إنه ليس إال الشك في الحرمة، فيمكنرفع شكه بأصالة البراءة كالمجتهد، إذ ال فرق بين العامي وبينه في هذه الجهة،

فيصير التصرف حالال باألصل، فمعه يتمشى قصد القربة، فال مجال لبطالن صالته

(١٩٠)

Page 217: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

على مبنى (عدم تمشي الجد في القربة). نعم: على مبنى (أن المبعد الواقعي غير صالحألن يتقرب به) وكذا على (النص الدال على الشرطية) يحكم بالبطالن، إال ببركة

قاعدة (ال تعاد) التي ال إشكال في شمولها للفرض.وأما الجهل البسيط مع التقصير: فحيث إنه يحتمل فيه الحرمة وال

عالج رافع لهذا االحتمال، إلباء شمول أدلة البراءة له، فكيف يتمشى منهقصد القربة؟ كما أنه على المبنيين اآلخرين يحكم ببطالن صالته أيضا، وال مجال

لتصحيحها بقاعدة (ال تعاد) إذ يستلزم شمولها لمثله لغوية األحكام وتشريعها - كمافي الترك العمدي - حاشا جناب الشرع األنور وتنزهت ساحته عنه.

وأما الجهل المركب بال تقصير: فيتمشى منه قصد القربة البتة فال بطالن،كما أنه على المبنيين األخيرين وإن يحكم بالبطالن إال أنه يمكن التصحيح

بقاعدة (ال تعاد) لعدم المحذور في شمولها له.وأما الجهل المركب مع تقصير في تطرق ما أورثه اليقين بالخالف: فهو وإن

يعاقب عليه، إال أنه لتمشي قصد القربة ال بطالن لصالته. نعم: على ما عدا هذاالمبنى يحكم بالبطالن مع االشكال في التصحيح بقاعدة (ال تعاد) إذ في شمولها لمثله

تأمل - فاتضح: أن البطالن في ماذا، والصحة فيما هي. فاطالق المتن غير سديد.وأما المقام الثاني: ففي الحكم الوضعي..

ال فرق فيما هو المهم بينه وبين الحكم التكليفي، إال في عدم إمكان تمشيقصد القربة، وكذا قصد الصالة نفسها، حيث إنه على الحكم التكليفي وإن لميتمش منه على ذاك المبنى قصد القربة، إال أنه هنا أوضح في صورة العلم، فإن

من يعلم ببطالن صالته كيف يعقل أن يقصدها؟ فضال عن القربة بها. وأما النسيانوكذا الجهل بأقسامه: فالظاهر عدم التفاوت المؤثر في المقام بينه وبين ما تقدم،

فال نطيل.

(١٩١)

Page 218: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما المقام الثالث: ففي الموضوع.فلو علم بالغصبية، فالكالم فيه من حيث العلم بالحكم وعدمه هو ما مر،

وأما لو نسيها أو جهل بها، فلكل واحد منهما حكم يخصه. أما النسيان: فأما أنيمكن التحفظ بالتكرار الموجب للتذكار المانع من النسيان عادة، أو ال يمكن

- لكونه كثير السهو أو قليل الضبط - فال يجديه التكرار في الذهن أو الضبط بالكتابة.فعلى الثاني: ال كالم فيه، إذ ال معنى اليجاب التحفظ هنا. وأما على األول:

فاليجابه فيه مجال، نظير إمكان ايجاب االحتياط في الشبهة البدوية، فلو أوجب عليهالتحفظ وفرط حتى نسي يصح أن يعاقب على ترك المنسي أو فعله، إذا االمتناعباالختيار ال ينافي االختيار عقوبة وإن ينافيه تكليفا في ذاك الحين، ولكن يرتفع

بحديث الرفع، ألن أثره إنما هو فيما يمكن للشارع العقاب عقال، وأما فيماال يمكنه ذلك فال، كما في الفرض األول.

والحاصل: أنه إذا لم يمكن عالج النسيان بالتكرار ونحوه، فالعقاب مرتفععن الناسي الكذائي عقال، بال افتقار إلى حديث الرفع أصال. وأما إذا أمكن

العالج به وفرط حتى نسي فلعقابه مجال عقال، فيرتفع حينئذ بذاك الحديث شرعا،كما أنه بناء على (ارتفاع األحكام الوضعية به أيضا) يمكن تصحيح صالته،

الرتفاع البطالن. وكذا تصحيحها بقاعدة (ال تعاد) إن لم تنصرف عن النسيانالمسبب عن التفريط مع العلم باستلزامه إياه.

وأما الجهل: فأما أن يكون مركبا أو بسيطا، فعلى األول: ال ريب في تمشيقصد القربة منه، العتقاده اإلباحة وأن ذلك المال ملك له أو مأذون فيه، فتصح

صالته لو كان المانع هو عدم تمشي القصد - كما هو أحد المباني - ولعدم فعليةالحرمة وتنجزها في حقه يمكن أن ال يكون فعله مبعدا، فحينئذ يمكن أن

تصح عبادته الواجدة للمالك المقصود. نعم: على الشرطية التعبدية ال محيص عن

(١٩٢)

Page 219: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

البطالن، إال أن يتمسك بقاعدة (ال تعاد) كما أنه كذلك أيضا لو قيل: بأن المبعدالواقعي غير صالح للتقريب علم أو جهل، حيث إن لتصحيحها بها مجاال.

وعلى الثاني: فإن كان هناك ما يحرز الوجود أو العدم، بأن تكون حالتهالسابقة من الغصبية وعدمها معلومة، فباستصحابها يصير عالما بالموضوع عند المطابقة

للواقع وجاهال مركبا عند المخالفة، وقد مر حكم كليهما. وأما إن لم يكنهناك أصل محرز، فهل يمكن البناء على الحلية وعدم الغصبية؟ ألن كل شئحالل حتى يعلم، أو ال يمكن؟ ألن المورد من األمور الهامة التي يحتاط فيها- حيث إن مال المسلم كدمه وحرمته كحرمته - فيلزم االحتياط بال حلية،

وجهان بل قوالن: تفصيل ذلك موكول إلى األصول، والتضاح حكم كل واحدمنهما ال يحتاج إلى اإلطالة.

الجهة الرابعة: في عدم الفرق بين كون المصلي الناسي هو الغاصبأو غيره، وفيها الفرق بين من يبالي على فرض تذكره ومن ال يبالي

ال اشكال في أن مساق حديث الرفع هو المنة على العباد، حيث إنهمبأجمعهم فيها سواسية، فلو كان رفع المنع والمؤاخذة بالنسبة إلى هذا الفرد مثالمنة دون ذاك الفرد فال يمكن استفادة مثله من الحديث الشريف، وأما عند عدم

االستلزام لذاك فالظاهر هو االطالق بالنسبة إليه، بال تفاوت بين أن يكون هوالغاصب أم ال، إال أن ال يجديه التذكر وال ينفعه التنبه، النصراف الحديث عنه

بوجهين:األول: ما أشير إليه آنفا من استواء الناس بأجمعهم في االمتنان، ومن المعلوم:

إن رفع المؤاخذة والمنع عن الناسي الذي ال يدعوه التذكر إلى االنتهاء عمانهى الله، عنه - من عدم التصرف في مال الغير - وإن كان منة عليه، ولكنه

نقمة وعذاب على غيره.

(١٩٣)

Page 220: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والثاني: أن مساق الحديث هو ما يكون التخطي والتجاوز بالفعل أوالترك مستندا إلى النسيان، بحيث لو تذكر الرتدع، وأما ما ال أثر فيه له بل

يكون هو والتذكر سواء، فيشكل اندراجه تحته جدا. فمدار الفرق حينئذ هوالمباالة وعدمها، فالناسي الذي ال مباالة له فهو ليس في اتساع المنة، دون من

يبالي ويرتدع بالتذكر.وأما قاعدة (ال تعاد) فعند عدم انصرافها عن مثله أيضا فالحكم فيهما هو

الصحة، وإال تختص باألخير منهما.مسألة ١ - ال فرق في الغصب بين أن يكون من جهة كونعينه للغير أو كون منفعته له، بل وكذا لو تعلق به حق الغير

بأن يكون مرهونا.إن المدار - بناء على تمامية تلك األدلة - هو عدم جواز التصرف، سواء

كان العين أو المنفعة أو االنتفاع ملكا للغير أو كان متعلقا لحقه - كالمرهون - أو لميمس كرامة العين شئ أصال، ولكن توجه تكليف بحت بمالكه بالمنع عن التصرفالخاص أو العام فيه، حيث إنه نذر أو حلف على عدم تصرفه فيه لمصلحة أوجبت

نفوذ ما عقده وأوقعه، فحينئذ يحرم عليه التصرف فيه وإن لم يتعلق حق للغيربالعين، ونعم ما أفاده الماتن (قده) في عقده البحث، حيث قال: " الثاني اإلباحة "

فال خصوصية للغصب ونحوه مما تكون العين فيه مصبا للحق.

(١٩٤)

Page 221: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٢ - إذا صبغ ثوب بصبغ مغصوب فالظاهر أنه ال يجريعليه حكم المغصوب، ألن الصبغ يعد تالفا فال يكون اللون

لمالكه، لكن ال يخلو عن اشكال أيضا. نعم: لو كان الصبغ أيضامباحا لكن أجبر شخصا على عمله ولم يعط أجرته ال اشكالفيه، بل وكذا لو أجبر على خياطة ثوب أو استأجر ولم يعطأجرته إذا كان الخيط له أيضا، وأما إذا كان للغير فمشكل،

وإن كان يمكن أن يقال: إنه يعد تالفا فيستحق مالكه قيمته،خصوصا إذا لم يمكن رده بفتقه، لكن األحوط ترك الصالةفيه قبل ارضاء مالك الخيط، خصوصا إذا أمكن رده بالفتق

صحيحا، بل ال يترك في هذه الصورة.إن الصبغ قد يكون بنحو الطلي المصحوب لألجرام الجوهرية ذوات اللون،

وقد ال يكون كذلك، فعلى األول: ال يعد تالفا، إذ المفروض بقاء تلك األجراموال ميز بينها وبين األعيان المغصوبة األخر، فيبطل الصالة فيما هذا شأنه.وأما على الثاني: فحيث إنه ال ازدياد فيه عد اللون، فيلزم البحث عن كونه

وصفا تابعا للمتلون بال استقالل له أصال ال في الوجود وال في االعتبار الملكي، أوشيئا منحازا عنه في االعتبار الملكي وإن لم يستقل عنه في الوجود.

والحق هو أن وزان لون الثوب هو وزان قصارته وصياغة الذهب وجعله

(١٩٥)

Page 222: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

متهيأ بهيئة خاصة ونحو ذلك مما ال استقالل ملكي له وإن كان له أثر في ازديادالقيمة، ويشهد له أنه ليس في حوزة االعتبارات العقالئية - التي هي المرجع في

أمثال المقام - للون كالهيئة استقالل، بأن يبيعه البايع دون الثوب وكذا دونالمادة، أو يبيع الثوب دون اللون، أو المادة دون الهيئة، أو يبيع أحدهما من

شخص واآلخر من شخص آخر. وكذا يشهد أنه لو أمره بالصياغة بال استيجار لميحكم هنا بالشركة بين مالك العين ومالك الهيئة، بل يحكم بلزوم أجرة المثل،

حيث إن عمله محترم ال بد من العوض. وأما لو لم يأمره به، كما لم يستأجره لهفصاغه هو باقتراح من نفسه فما فعله هدر ال عوض له، كما أنه ليس يشترك مع

مالك الثوب فيه، بل هذا رزق رزقه الله بال عوض عليه - أي على ذاك المالك -إلى غير ذلك من الشواهد الدالة على أن اللون ونحوه يعد لدى العرف تالفا،

ال شيئا باقيا بحياله. نعم: له أثر في ازدياد الرغبة والقيمة، ولكن ال يحاذيه شئمن المال أصال، وذلك نظير بيع الدار التي تكون قريبة من المسجد أو الشارع

أو الماء أو المستشفى ونحوها مما يعم به البلوى، حيث إن الرغبة في تلك الدارأزيد مما ليس كذلك وكذا قيمتها، ولكن ال بنحو تقسط تلك القيمة أو الثمن

على الدار وعلى وصفها، بل الثمن بتمامه لها بال محاذاة لشئ منه لوصفها.وكذا بيع الثوب الذي له لون خاص مرغوب فيه، أو الذهب الذي له

هيئة خاصة صاغه الصائغ بها. فحينئذ يعد اللون تلفا، إذ ال اعتداد عند العرفبأن له جرما حامال له ال محالة - حيث إن انتقاله عن موضوعه األول إلى الثوب

حال، فال بد من بقاءه على حالته األولى قبل الصبغ من قيامه بموضوعه - ألنهذا وأشباهه من الدقائق العقلية المساس لها باألحكام الفرعية التي تدور مدار

أفهام الناس وادراكاتهم، ال األوحدي المائز عنهم بما يخصه. ولذلك يحكم العرفبنفي الدم مع بقاء لونه، ويتبعه الفقه من الحكم بطهارته وأن يمتنع العقل

الدقيق عن فهمه واالذعان به.

(١٩٦)

Page 223: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فتبين: أن الصبغ ال حكم له من حيث الغصب، نعم: تشتغل ذمته ببدلهكسائر الديون التي ال ارتباط لها بالعين، فالصالة في المصبوغ بالصبغ الكذائيصحيحة لصيرورته بالتبع ملكا لمالك الثوب منقطع االرتباط عن مالكه األول.ومن هنا يتضح حكم ما لو كان الصبغ مباحا ولكن أجبر الصابغ عليه ولم يعطأجرته، فإنه المساس لذلك بالعين أصال، لنزاهتها عن أن يحوم حولها االشتراك

بين مالك الثوب ومالك الصبغ وبين الصابغ المجبور عليه. فليت المصنف (ره) لميفرق بين هذين الفرعين وحكم بصحة الصالة فيهما بال اشكال كما نفاه - أي

االشكال -في الثاني.

بقي الكالم في فرعين آخرين - األول: أنه لو أجبر شخصا على خياطةثوب أو استأجره لها ولم يؤد أجرته وكان الخيط له ال لذلك الخياط، فال إشكالفي صحة الصالة في ذاك الثوب المنزه عن تعلق حق الغير أو حكم المنع، فحيثأنه يجوز له التصرف فيه - سواء أعطى أجرة الخياط أم ال - فال ريب في صحة

صالته فيه.والثاني: هذا الفرض بحاله مع كون الخيط للخياط ال له، وفيه ثالث

صور: إحديها: ما يمكن فيه رد الخيط صحيحا وبالفتق الموجب لبينونة اللحمةعن السدي بسهولة أو نحو ذلك، فحينئذ لمالكه مطالبة عينه وعلى مالك الثوب

الغاصب لذاك الخيط رده، فيحرم تصرفه فيه قبل إرضاء مالكه، فتبطل صالتهفيه حينئذ، وما أدري ما االشكال فيه الذي أشار به في المتن؟ ألن احتمال التلفوصيرورة الخيط الكذائي بحكم التالف مما ال وجه النقداحه، بعد وجوده التام

بالفعل وإمكان رده كما كان.ثانيتها: ما يمكن فيه رد الخيط معيبا، فالظاهر أيضا جواز مطالبة مالكه

لعينه، فعلى مالك الثوب الغاصب لذاك الخيط رده مع ضمان أرش النقصانوالعيب، فقبل الرد يحرم عليه التصرف وتبطل صالته فيه، وبعده ال اشكال في صحة

(١٩٧)

Page 224: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

صالته فيه وإن لم يؤد األرش بعد، والسر هو بقاء العين المغصوبة بحالها وإننقصت في الجملة، فمعه ال يرتب عليها أثر التالف من االنتقال إلى البدل، فتبصر.

ثالثتها: ما ال يمكن رد الخيط معيبا فضال عن رده صحيحا، بل يصير بالفتقوإخراجه عن الثوب منقطعا بقطع صغار ال قيمة لها أصال وإن لم يصر كذلك قبل

الفتق، وهذا هو الحائز لالهتمام الفائق جدا، لتضارب اآلراء فيه، كما ال يخفىعلى من راجع كتاب الغصب ونحوه مما يبحث فيه عن مثله، كالزجاجة المغصوبةإذا انكسرت، وغيرها مما زالت عنه الصورة وبقيت المادة وحدها عارية عن المالية

أيضا وإن بقت ملكيتها، حيث إنه ال اشكال في ضمان الغاصب للبدل بتمامهمثليا كان أو قيميا، إنما الكالم في تلك القطع الصغار من المادة، فهل يجوز

للغاصب أن يتصرف فيها حينئذ أو ال؟ وجهان:أحدهما: عدم جواز التصرف فيها، ألنها قبل انعدام الهيئة كانت ملكا

لمالكها كما كان المجموع المركب من المادة والهيئة ماال له، فيستصحب بقاء تلكالملكية فيترتب عليها حرمة التصرف. ال للدليل اللفظي عليها، إذ الموجود منه

هو ما ينطق بعدم جواز التصرف ألحد في مال الغير فال يشمل الملك، بل الستقرارغريزة العقالء على امتناع الجمع بين ملكية الشئ لشخص وبين جواز التصرف

لمن عداه طاع المالك أو كره، وذلك ألن الملكية نحو ربط عقالئي واختصاصعرفي بين الملك والمالك ولذا يستند إليه دون غيره، فإذا كان المالك والغير سواء

في جواز التصرف فيه مطلقا لما تقوم به، بل كان على وزان المباحات األصلية،وهذا المعنى الدارج بين العقالء ممضي لدى الشرع، فال يجوز التصرف فيه شرعا،

كما ال يجوز عرفا.والثاني: هو جواز التصرف في تلك القطع الصغار للغاصب فقط بعد أداء

البدل، حيث إن ذاك البدل عوض لما تلف بتمامه، فلو كانت المادة باقية بعد علىملك مالكها األول للزم الجمع بين العوض والمعوض، فال محيص من خروجها

(١٩٨)

Page 225: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عن ملكه إلى ملك الغاصب.وأورد عليه نقضا: بما لو صار المغصوب تالفا بمادته وهيئة، حيث إن الغاصبحينئذ مأمور بأداء البدل المطابق للمبدل كذلك من دون أن يرد في ملكه شئ

أصال، فأداء البدل ليس معاوضة حتى يستلزم دخول شئ في ملكه، فتلك القطعباقية على ملك مالكها األول.

والتحقيق الحاسم للنزاع الهادي إلى ما هو األصل األصيل الذي يحومحوله الجواز والمنع المائز لحكم انعدام المغصوب رأسا عن حكم تلف صورته

فقط، إنما هو على ذمة مقدمة ومقامين:أما المقدمة: فهي أن العقالء بحسب غرائزهم وارتكازاتهم أصال يرجعون

إليه في الضمان وفي كيفيته، وحيث إن الشرع األنور لم يبين في شئ من موارداالتالف والغصب ونحو ذلك عدا أصل الضمان، فال بد من ايكال كيفيته إلى العرف

امضاء لها بهذا االيكال الضمني، والذي يتحصل بعد الغور البالغ في غرائزهم،هو أن التالف بما هو تالف بعينه يستقر في الذمة، فلو غصب زيد شاة عمرو وذبحهاوأطعمها الغير أو نفسه فصارت معدومة عرفا، يقول عمرو المغصوب منه للغاصب:أد شاتي، حسب االرتكاز األولي، من دون أن يقول بدوا: أد بدل شاتي من المثل

أو القيمة، فهذه الغريزة الموجبة لهذا التعبير أصدق شاهد على اشتغال ذمة الغاصببالعين المغصوبة التالفة وال وبالذات، بحيث لو فرض امكان عود تلك العين بحالها

في الخارج لكان له مطالبتها كما لو لم تتلف أصال، وهذا بخالف ما اشتغلت الذمةبالبدل عند التلف، إذ ال يستحق المغصوب منه عدا ذاك البدل شيئا، فالعين علىفرض عودها للغاصب، ال له. نعم: لما لم يمكن أداء تلك العين التالفة يحكمون

بلزوم تأدية ما هو األقرب إليها، وحيث إن األقرب إلى تلك العين يختلفباختالفها - إذ في بعض الموارد يكون الفرد اآلخر من طبيعتها أو صنفها أقربإليها، وفي بعضها اآلخر يكون ما يحاذيه من المالية كذلك - انقسم البدل إلى

(١٩٩)

Page 226: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

هذين القسمين: من المثل والقيمة، فما هو الدارج في الفقه من المثلي والقيمييكون رهينا لما أسسته يد االرتكاز وشيدته الغريزة العقالئية، من دون صدوره

عن الشارع الصادع بما أمر.وتستتبع هذه الغريزة آثارا أخرى، منها: كون القيمة محسوبة بلحاظ

يوم األداء ال يوم التلف، كما في محله.وأما المقام األول: ففي انعدام العين المغصوبة رأسا

لو غصب ماء فصار بالتبخير هواء، أو حطبا فصار باالحراق رمادا أطارتهالريح العاصفة - وما إلى ذلك من النظائر - فيحكم العرف في ذلك بانعدامه

رأسا، فال مادة وال هيئة وال عروض لها فيها أصال، بال إصغاء إلى ما يناديه العقلالدقيق من بقاء المادة ال محالة ولو منتشرة في أماكن شتى.

فتشتغل ذمة الغاصب بعين ما غصبه من العين ويصير ضمانها فعليا بعد ما كانشأنيا، إذ بمجرد استيالء يده العادية ال تشتغل ذمته بالعين المغصوبة مع وجودها بعينها

في الخارج، بل ذلك إنما هو بتقدير التلف وخلو صفحة الكيان عنها، فقبله شأنيوبعده فعلي، فيعامل معها حينئذ معاملة الدين وإن كان بينهما امتياز - نشير إليه في ثناياالبحث - ومن المعلوم: أن لفراغ الذمة المشغولة طريقين: إحديهما: أن يشتري المدينما في ذمته من الدائن أو يصالحه أو نحو ذلك من المعامالت المعهودة، فحينئذ يملك

المدين ما في ذمته ألنه األثر الهام للمعاملة، وحيث إنه ال اعتبار لهذه الملكية لدىالعقالء - آلبائهم عن كون اإلنسان مالكا لما في ذمته - فال بد من الحكم بعدم

استقرارها، بل ال استهام لها من الثبوت إال ما يتفرع عليه السقوط ك (آن ما)نحو اشتراء اإلنسان أحد عموديه: من الوالد أو الولد، حيث إنه باالشتراء يملكه

(آنا ما) فينعتق، وتفصيله في بيع الدين على من هو عليه.فالغاصب حينئذ يملك ما في ذمته باالشتراء (آنا ما) متعقبا بالسقوط

والفراغ.

(٢٠٠)

Page 227: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وثانيتهما: أن يؤدي ما هو أقرب إلى تلك العين التالفة: من المثل أو القيمة،ال بعنوان المعاملة الخاصة، بل بعنوان التأدية فقط، فمآله أيضا إلى أن ما يؤديه

من المثل أو القيمة هو بدل مما في ذمته، فيصير المبدل منه الذي كان ملكا للدائنملكا للمدين (آنا ما) كما أن البدل الذي كان ملكا له يصير ملكا للدائن وأن يستقر

هناك، فالغاصب حينئذ يملك ما في ذمته بالتأدية (آنا ما) متعقبا بالسقوط.وأما المقام الثاني: ففي انعدام العين المغصوبة هيئة فقط

لو غصب كوزا فكسره، أو زجاجة فانكسرت، أو نحو ذلك مما تبقى فيهالمادة وحدها عارية عن المالية، فيحكم العرف في ذلك بانعدام الهيئة فقط دونالمادة، ولكن لما لم يكن لها وجود خارجا بال مادة يحكم باشتغال ذمته بها مع

قيامها بمادة، فتتوقف وجودا واعتبارا عليها.وتوضيحه: بأن لتلك العين المغصوبة مادة وصورة قائمة بها، فعند الكسر

ينقطع القيام والربط، فينقطع القائم وهو الموجود الرابطي، ألن تلك الهيئة كانتقائمة بالمادة ومرتبطة إليها، فالكسر هو القاطع للربط، فينقطع وينعدم ما كانمتقوما به غير منحاز باالستقالل. فتشتغل الذمة بما خلت صفحة الوجود عنه،

وهو الهيئة وقيامها بتلك المادة، وأما نفس تلك المادة فال، لبقائها خارجا.فلو فرض إمكان عود تلك الهيئة والقيام لجاز للمغصوب منه مطالبة عينه، فحينئذيمكن للمدين تخليص ذمته عما اشتغلت به بما مر من الطريقين، نعم: لما امتنع

وجود تلك الهيئة بال مادة خارجا وليس في حوزة االعتبارات العقالئية ما يشبهه،فال بد من االلتزام باشتغال ذمته بها مع قيامها بمادة، فيكون ما يؤديه المدين

من العين المماثلة لتلك العين بدال عنها بتمامها، فيملك ما في ذمته من الهيئة معقيامها بالمادة بأداء ما يماثلها هيئة، كما أنه يملك ما في الخارج من المادة المكسورة

الباقية على ملك الدائن أو المغصوب منه كذلك، أي بأداء ما يماثله مادة.

(٢٠١)

Page 228: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والسوق أصدق شاهد لما قلناه، آلباء ارتكاز أهله عن بقاء تلك القطعالمكسورة على ملك المغصوب منه بعد أداء ما يماثل العين المغصوبة مادة وصورة.فثمرة األداء أو المبادلة هيهنا أمران: أحدهما: تملكه ما في ذمته المتعقب بالسقوط

واآلخر: تملكه ما في الخارج من المادة.وال خفاء في أن مصب الكالم هو ما ال يكون الموجود من المادة مصداقا

للمغصوب ولو معيبا، وأما فيما يكون كذلك فحكمه هو ما مر: من لزوم ردهمع األرش.

فتحصل: أن ما أفاده " الماتن " من االشكال فيما إذا كان الخيط غصبا ال وجه له،بل الالزم الجزم بالبطالن عند تمامية المباني المارة، كما أن ما احتمله: من عده

تالفا، ليس حجرا أساسيا يدور مداره الحكم ويبتني عليه الصحة والبطالنلما مر: من أن التلف في ماذا، وأن الصالة في تلك القطع العارية عن المالية باطلة

قبل تأدية البدل وصحيحة بعدها.مسألة ٣ - إذا غسل الثوب الوسخ والنجس بماء مغصوب،

فال اشكال في جواز الصالة فيه بعد الجفاف، غاية األمر أن ذمتهتشتغل بعوض الماء. وأما مع رطوبته فالظاهر أنه كذلك أيضا،

وإن كان األولى تركها حتى يجف.ولعلك في غنى عن تكرار ما أصلناه آنفا. ونشير إلى محصوله اجماال: بأن

الثوب المغسول بالماء المغصوب ونحوه، إما أن يكون مستصحبا معه شيئا من األجزاءالمائية التي تحس بالعصر وإن لم تكن محسوسة قبله، وأما أن ال يكون كذلك،

(٢٠٢)

Page 229: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بل ليس معه اآلن إال البلة والنداوة التي تقصر عن أن تجتمع ماء ولو بالعصر.فعلى األول: يكون وزان تلك األجزاء وزان القطع الصغار من الخيط في

الفرع السابق، فما لم يؤد البدل ال يجوز التصرف فتبطل الصالة. وأما إن أداهفهي تصير ملكا للغاصب، فيجوز التصرف فيها فتصح الصالة.

وعلى الثاني: ال حرمة، إذ ال موضوع، حيث إن العرف ال يرى لبس الثوبالمبلول تصرفا في الماء المغصوب أو نحوه، فكأنه قد انعدم لديه مطلقا.

مسألة ٤ - إذا أذن المالك للغاصب أو لغيره في الصالة فيهمع بقاء الغصبية صحت، خصوصا بالنسبة إلى غير الغاصب.

وإن أطلق اإلذن ففي جوازه بالنسبة إلى الغاصب اشكال،النصراف اإلذن إلى غيره، نعم: مع الظهور في العموم ال اشكال.

ال اشكال في صحة صالة المأذون له، سواء كان هو الغاصب أو غيره، إذ معهيرتفع النهي الموجب للبطالن على أحد تلك المباني، وال مساس له بالضمان الباقي

بعد على الغصب. وأما في اإلذن المطلق أو العام فال ريب في صحة صالة غير الغاصبوأما هو: فإن كان الحقد والضغن الموجب لالنتقام بمنزلة المخصص اللبي المتصل،

فال يجوز له، وإن لم يكن كذلك، بل انعقد لدليل اإلذن ظهور بال معارض، يصحله أيضا، كما يصح لغيره. حتى على (وصيته عليه السالم لكميل) إذ مع شمول اإلذن له

يصير تصرفه حالال، فال منع.

(٢٠٣)

Page 230: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٥ - المحمول المغصوب إذا تحرك بحركات الصالةيوجب البطالن وإن كان شيئا يسيرا.

قد مر بعض الكالم في المحمول، ولكن الكالم حينئذ في سر انفكاكه عنالملبوس، حيث لم يقيده بالحركة مع تقييده - أي المحمول - بها، مع أنه لو كان

سند البطالن هو االتحاد ونحوه فهما فيه سواء. ولو كان هو النص، فالظاهر عدمشموله

له، إذا لمحمول مع المصلي ال أن المصلى فيه، فقوله عليه السالم في تكل الوصية "...فيما

تصلي وعلى ما تصلي " ال يشمله، ولذا يستند في المحمول النجش في الصالة بما دلعلى منع ما هو مع المصلي، ال ما يصلي هو فيه، بحيث لوال نص المصاحبة لما أمكن

استفادة المنع من نص الظرفية، فراجع.والحاصل: أن اختصاص التقييد بالحركة التبعية بالمحمول دون غيره من

الملبوس خال عن الوجه.مسألة ٦ - إذا اضطر إلى لبس المغصوب لحفظ نفسه أو لحفظ

المغصوب عن التلف صحت صالته فيه.إن االضطرار قد ال يكون مسبوقا باالختيار وقد يكون. أما األول: فكأن

وقع في يده مال بأحد األسباب العقالئية: من البيع والوديعة وما إلى ذلك، ثمتبين كونه مغصوبا، فلو اضطر من هذا شأنه إلى التصرف فيه - كاللبس الواجب

لحفظه أو لحفظ ذاك الملبوس - فال نهي وال عقاب، فال مبعد حتى ال يتمشى معهقصد

(٢٠٤)

Page 231: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

القربة أو ال يكون هو بنفسه مقربا.وأما الثاني: فكأن غصب ثوبا عمدا ثم اضطر إلى لبسه، فال إشكال في سقوط

النهي حينذاك، وأما العقاب فال، كما صرح " المحقق الخراساني ره " بأنه يعاقببالنهي السابق الساقط، فمن توسط أرضا مغصوبة حيث إنه مع الخروج المأمور

به يعاقب، وفي المقام لو اضطر إلى لبسه وهو في طريق الرد مثال يعاقب عليه، فهومبعد، إذ ال عقاب على ما ليس بمبعد وإن لم يكن منهيا عنه اآلن، فال يكون

مقربا. فيلزم القول بالبطالن وإن ضاق الوقت حتى بمقدار ادراك الركعة.ونظيره ما لو فقد الماء والتراب المباح وليس له إال المغصوب منهما، حيث

أنه يحكم بأنه فاقد الطهورين فال صالة عليه. وفي المقام ال يمكن الصالة إال فيالمغصوب، فيلزم الحكم بسقوطها، مع أنها صحيحة (هذا وأشباهه مما يؤيد ماحققناه: من اجداء تعدد الجهة وأن الجهة المبعدة ال تسري إلى األخرى المقربةفيتمشى القصد وغيره من الشرائط األخر) والحاصل: لزوم التفصيل بين القسمين

(على تمامية تلك المباني) وإال فال بطالن أصال. كما مر.مسألة ٧ - إذا جهل أو نسي الغصبية وعلم أو تذكر في

أثناء الصالة، فإن أمكن نزعه فورا وكان له ساتر غيره صحتالصالة، وإال ففي سعة الوقت ولو بادراك ركعة يقطع الصالة،

وإال فيشتغل بها حال النزع.ال خفاء في أنه لم يؤخذ عنوان (الفور) في لسان الدليل حتى ينصرف إلى

العرفي منه بال اعتداد للعقلي من ذلك، فالمدار حينئذ على االقتصار إلى عمود

(٢٠٥)

Page 232: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الزمان قلة وكثرة، فإن أمكن له النزع في األثناء مع أن له ساترا آخر، إنماتصح صالته لو لم يكن االشتغال بها مانعا عن التسريع فيه - بأن يكون وجودها

كالعدم - وأما لو أمكن فورا ولكن في آنات أكثر من آناته لوال االشتغال بهافيلزم القطع فالنزع، وال ريب في تصويره، إذ االشتغال بها كالقيد يمنع عن التسريع

والغرو في جواز قطعها حينئذ بعد قوة حرمة دليل التصرف في المغصوب حدوثاوبقاء.

والحاصل: أن صحة الصالة بقاء إنما تتم لو ساوى زمن النزع مشتغال بهاوزمنه قاطعا لها، وإال فيندرج في الفرع اآلخر ال األخير (وهو لزوم القطع عند

االتساع ولو بادراك ركعة) وأما عند الضيق فاالشتغال بها حال النزع إنما يصحلو ساوى زمن النزع مشتغال بها وزمنه قاطعا لها، وأما لو زاد على الثاني ولو بآنواحد فال يجوز االشتغال بها أيضا، كما مر نظيره فيما لو فقد من الطهورين إال

أحدهما المغصوب كالتراب الغصبي، حيث إنه يسقط التكليف، فلم ال يحكم بهعلى تمامية تلك المباني؟ والسر هو ما عرفت: من صحة الصالة وإن وجب النزع

فورا ففورا.مسألة ٨ - إذا استقرض ثوبا وكان من نيته عدم أداء عوضه

أو كان من نيته األداء من الحرام، فعن بعض العلماء: أنه يكونمن المغصوب، بل عن بعضهم: أنه لو لم ينو األداء أصال ال من

الحالل وال من الحرام أيضا كذلك، وال يبعد ما ذكراه. وال يختصبالقرض وال بالثوب، بل لو اشترى أو استأجر أو نحو ذلك وكان

(٢٠٦)

Page 233: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من نيته عدم أداء العوض أيضا كذلك.إن هنا صورا ثالثا نفى " الماتن " البعد عن بطالنها. األولى: ما لو اقترض

وكان من نية ذلك المقترض عدم األداء. الثانية: ما لو اقترض وكان من نيته األداءمن الحرام. الثالثة: ما لو اقترض ولم ينو األداء أصال ال من الحرام وال من الحالل.

ويظهر من الحكم بالغصبية في هذه الصور: توقف صحة االقتراض على النية المتوقفةعلى االلتفات إلى األداء. ولقد تعدى في المتن عن القرض إلى غيره من المعامالت.

فتنقيح المقال على ذمة الجهتين: إحديهما: بلحاظ ما يقتضيه القواعد العامة،ثانيتهما: بلحاظ ما يقتضيه النصوص الخاصة، حتى يتضح نطاق تلك النصوص أوال

وامكان التعدي عن موردها إلى غيره من الموارد األخر ثانيا.أما الجهة األولى: ففي مقتضى القواعد األولية

إن المعاملة قد تكون على عين خارجية، وقد ال تكون. واألول: كأن يشيرالبايع أو المشتري إلى عين شخصية، ويقول: بعث هذا أو اشتريت بهذا، والثاني:بخالفه، بأن يقع على مال كلي، بال تفاوت بين كونه نقدا لعدم التأجيل، أو نسيئة

لذلك. فكما أن األول أجنبي عن الذمة، ألن مصب القرار المعاملي هناك عينخارجية ال يتعداها إلى عين أخرى فضال عن التعدي إلى الذمة، كذلك الثاني المساس

له بالعين الخارجية، ألن مصبه فيه كلي ال شخصي فال محالة يكون في الذمة،ألنها التي تصلح ألن تعيه وتصير وعاء له، فالتطبيق في مقام األداء بيد من في ذمته

ال غير، فإن انطبق على فرد صالح لذلك شرعا فال اشتغال للذمة به بعده، وإالفهي مشغولة به.

أما القسم األول: فإن لم تكن العين الخارجية التي أشار إليها المشتري

(٢٠٧)

Page 234: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ب (هذه) ملكا له يصير العقد متنه فضوليا ال يجوز له التصرف في المبيع الذي اشتراهبالعين المغصوبة قبل التصحيح - بناء على نفوذ اإلجارة الالحقة - كما في بابه -

وأما القسم الثاني: فالظاهر تمامية نصاب العقد بمجرد تحكيم ذاك القرارالمعاملي الدائر بين التمليك والتملك، بال مساس له بموطن األداء المنفصل عنموطن اشتغال الذمة، وال يعتبر فيه االلتفات إليه - أي األداء - فضال عن لزوم

قصده سيما قصده من الحالل، لخروج ذلك كله عن حريم القرار المعاملي رأسا،فنية األداء وجودا وعدما سواء، فإن أداه بعد ذلك من الحالل فهو، وإن أداهمن الحرام يصير الوفاء فضوليا، ال متن العقد، وكم له من فوائد بها يحتال

تخلصا عن بعض الشبهات.ومما يؤيده استقرار غريزة العقالء على صحة اقتراض المعسر الذي ال يقدر عادة

على األداء، مع أنه لو اعتبر قصده لما صح اقتراضه لعدم تمشيه منه، إذ ال رجاء والترقب حتى يتمشى معه القصد. ولذلك لم يتعرض أصحابنا اإلمامية (قدس سرهم)قصده عند بيان شرائط صحة القرض، مع التعرض لوجوب قصد االيصال على من

بقي عنده مال شخص غاب عنه غيبة منقطعة فال خبر عنه، مع أنه لو كان قصداألداء معتبرا في صحة االقتراض لذكروه البتة. وأما بعض العلماء الذي نقل

عنه في المتن، فلعله من المتأخرين ال القدماء تبعا للنص الخاص زعما منه تماميةداللته على ذلك. وكيف كان المساس لموطن األداء بموطن القرار المعاملي.

ومن هنا ينقدح ما في مقال بعض مشايخنا (ره) من البطالن - لكونه أكلمال بالباطل، فيبطل البيع المنتج لمغصوبية ما انتقل إليه صورة، فتبطل الصالة

فيه بناء على اشتراط اإلباحة - لما تبين من تباعد الموطنين وأن األداء إذاصار أكال بالباطل غير مستلزم لكون التملك المعاملي والعقد المملك كذلك،فال ريب في صحة القرار المعاملي في البيع والقرض وما إلى ذلك من النظائر،

إذا أريد أداء العوض من الحرام، أو تركه رأسا.

(٢٠٨)

Page 235: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الجهة الثانية: ففي مقتضى النصوص الخاصةفمنها: ما رواه الصدوق، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: أيمارجل أتى رجال فاستقرض منه ماال وفي نيته أن ال يؤديه فذلك اللص العادي. (١)

قد تضاربت اآلراء في " أبي خديجة " بين التضعيف (كما عن الشيخ) وبينالتوثيق والتصليح (كما عن الكشي والنجاشي) حيث قال أحدهما: إنه ثقة،

واآلخر: إنه صالح، وال خفاء في الميز بينهما.وأما المتن: فالمراد من (العادي) هو المتعدي الذي يشتد عقابه لعدوانه

الفائق عن لصوصيته - كمن يقطع الطريق ونحوه - ألن عقابه أشد من عقاب منيسرق خوفا وخفية. والذي ينسبق منه إلى الذهن هو التنزيل بلحاظ العقوبة

وأن المحتال لجلب المال خداعا ومكرا كالقاطع العادي في شدة العذاب، وأنىله التعرض للبطالن؟ ومن أين له العموم الشامل بجميع آثار المنزل عليه؟ ألنه

ليس بصدد بيان ذلك أصال، إذ نطاقه لبيان تشديد العقوبة فقط، فال يدل على بطالنالقرض الكذائي حتى يتعدى عنه إلى غيره من البيع ونحوه، كما تعدى " الماتن "

أو يقتصر في خصوص القرض، كما اقتصر عليه في الجواهر.ويؤيده غير واحد من النصوص التي رواها (باب ٥ من أبواب الدين والقرض

من الوسائل).فمنها: ما رواه، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: سألتهعن رجل مات وعليه دين؟ قال: إن كان أتى على يديه من غير فساد لم يؤاخذه

الله إذا علم من نيته إال من كان ال يريد أن يؤدي عن أمانته فهو بمنزلة السارق (٢).حيث إنه عبر عن الدين ب (األمانة) التي ال تأبى عن الشمول لغيره، ونزل من

--------------------(١) الفقيه كتاب المعاش والمكاسب باب ٣ (المعنون بباب الدين والقرض) ح ١٠

(٢) الوسائل باب ٥ من أبواب الدين والقرض ح ١.

(٢٠٩)

Page 236: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال يؤديها منزلة السارق ال في جميع اآلثار التي ال يمكن االلتزام بها، بل في العقابوشدته - كما هو الدارج في المحاورات - ولذا قال عليه السالم بعد ذلك " وكذلك

الزكاةأيضا وكذلك من استحل أن يذهب بمهور النساء " فمن ال يؤدي الزكاة الواجبة

عليه وكذا المهر الواجب عليه فهو بمنزلة السارق عقوبة.ومنها: ما رواه، عن ابن فضال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السالم قال:

من استدان دينا فلم ينو قضاءه كان بمنزلة السارق (١).ومنها: ما رواه " الكليني " عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السالم قال:من تزوج المرأة وال يجعل في نفسه أن يعطيها مهرها فهو زنا (٢) ونحوها ما رواه

عن الفضيل بن يسار.إذ ال اشكال في صحة النكاح وخروجه عن السفاح بتمامية العقد ولو جعل

المهر ما ال يملك - كالخنزير ونحوه - فضال عن جعله ما يملك ولكن نوى أنال يعطيه. فالمراد من كونه (زنا) ليس هو التنزيل المطلق وإال للزم أمور ال يلتزمبها، فالمعنى هو التنزيل بلحاظ العقوبة والعذاب إن لم يؤده، كما أن المراد من

قوله " ال يجعل في نفسه... الخ " هو البناء على عدم األداء ال مجرد عدم القصد،لشهادة السياق. فتحصل: أنه ليس في الباب ما يدل على بطالن عقد القرض

حتى يتعدى منه إلى غيره من البيع والشراء ونحو ذلك، فجميعها صحيحة علىالقاعدة.

نعم: قد يترائى من بعض النصوص ما يمكن التمسك به للبطالن مع داللةبعض آخر على الصحة، فال بد من التعرض لذلك - مشيرا إلى العالج الرافع

للتنافي بينهما - فمن ذلك: ما رواه عن محمد بن يحيى، قال: كتب محمد بن الحسنإلى أبي محمد عليه السالم: رجل اشترى من رجل ضيعة أو خادما بمال أخذه من قطع

--------------------(١) الوسائل باب ٥ من أبواب الدين والقرض ح ٢.

(٢) الكافي كتاب النكاح باب من يمهر المهر وال ينوي قضائه.

(٢١٠)

Page 237: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الطريق أو من سرقة، هل يحل له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة أو يحلله أن يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من سرقة أو من قطع طريق؟ فوقع عليه السالم:

ال خير في شئ أصله حرام وال يحل استعماله (١).تقريب االستدالل بها للبطالن، هو أن المراد من األصل هو المبيع الذي

يكون الثمرة (في األول) والوطي (في الثاني) فرعا له، فنفي الخير عما أصله محرم،فيدل على فساد ذلك االشتراء، وإال لما حرم المبيع األصل ولما نفي الخير عما

يتفرع عليه من الثمرة والوطئ، ولعل المراد من نفيه أيضا هو المنع االلزاميبشهادة قوله عليه السالم " وال يحل ".

وفيه أوال: أنه يحتمل أن يكون المراد من (األصل) هو المبدء األول - أيالثمن المحرم هنا - فيكون المبيع ذاته ومنافعه فروعا لذلك األصل وال خير فيها،

من دون التعرض لكون ذاك المبيع حراما، كما أن نفي الخير قاصر عن إفادةالحرمة. وال شهادة لقوله عليه السالم " ال يحل " بعد استعماله في التنزيه كثيرا، مع

احتمال رجوع الضمير إلى األصل ال إلى (شئ) فالمعنى حينئذ: أن ما يكونأصله محرما وممنوع االستعمال فال خير فيه، وأن ال يخلو عن تأمل.

والحاصل: أنه بناء على كون المراد من (األصل) هو الثمن ال داللة لها علىحرمة المبيع المستلزمة لبطالن البيع.

وثانيا: على التسليم يعارضه ما رواه عن إسماعيل السكوني، عن جعفر عنأبيه عن آبائه عليهم السالم، قال: لوان رجال سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو

أصدقهاالمرأة فإن الفرج له حالل وعليه تبعة المال (٢).

حيث إنه نص في الجواز مقدم على ظهور ذاك في المنع، فيؤخذ بهذا، ويحملذلك على التنزيه واستحباب الترك أو كراهة الفعل. وليكن هذا هو العالج الحاسم

--------------------(١) الوسائل باب ٣ من أبواب ما يكتسب به ح ١.(٢) الوسائل باب ٣ من أبواب ما يكتسب به ح ٢.

(٢١١)

Page 238: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المتلقى بالقبول لدى العرف، ال ما ذكره بعض الفقهاء - على ما في الوسائل - منحمل األول المانع عنه على الشراء بعين المال، والثاني المجوز له على الشراء بمابما في الذمة، ألن البيع الشخصي بالعين نادر جدا، فال يصح حمل المطلق عليه،وإن أبيت فالسوق ببابك، فراجع تجد صدق ما ادعيناه، ألن الغالب ما هو الواقععلى الذمم ال األثمان العينية الخارجية، سيما ما هو الدارج في اليوم من الصكوك

والحواالت.ومما يؤيد الحمل على التنزيه ما رواه، عن أبي خديجة، قال سمعت

أبا عبد الله عليه السالم يقول: ال يطيب ولد الزنا أبدا وال يطيب ثمنه أبدا (١).إذ ال اشكال في صحة بيع الولد المتولد من األمة الزانية حيث إنه ملحق

بأمه في الملكية لموالها فيجوز للمولى أن يبيعه بال إشكال، وإن لم يطب ثمنهتنزيها.

وما رواه عنه أيضا، قال سمعت أبا عبد الله عليه السالم يقول: ال يطيب ولد الزناأبدا وال يطيب ثمنه، والممزير ال يطيب إلى سبعة آباء، فقيل أي شئ الممزير؟قال: الذي يكتسب ماال من غير حله فيتزوج أو يتسرى فيولد له، فذلك الولد

هو الممزير (٢).حيث إنه ال مجال للتأمل في صحة التزوج وإن كان ما أنفقه لذلك حراما،

فكذا التسري المبحوث عنه، فلو اشترى من الحرام أمة فقد تسرى من غير حلفهو أيضا صحيح، وأما الكالم في نفي الطيب عن ثمن ولد الزنا فقد أشير إليه آنفا.

فتبين من ذلك: قصور ما ورد في االشتراء بالمحرم أداء ال عقدا عن إفادةالبطالن، كقصور ما ورد في القرض، فالقاعدة األولية محكمة، فعليها يصح االستقراضفي جميع ما صوره في " المتن " وكذا المعامالت األخر إذا لم تقع على عين خارجية

محرمة.--------------------

(١) الوسائل باب ٩٦ من أبواب ما يكتسب به ح ٨ و ٩.

(٢) الوسائل باب ٩٦ من أبواب ما يكتسب به ح ٨ و ٩.

(٢١٢)

Page 239: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٩ - إذا اشترى توبا بعين مال تعلق به الخمس أو الزكاةمع عدم أدائهما من مال آخر حكمه حكم المغصوب.

ال إشكال في أن العين التي تعلق به حق الغير مما ال يجوز التصرف فيها قبلإرضاء ذي الحق، وال ريب أيضا في أن الخمس وكذا الزكاة ليس تكليفا ماليامنحدرا نحو المكلف مع نزاهة العين الخارجية عن أي تعلق، بل له مساس بها

قطعا أي نحو من التماس، كاإلشاعة، أو الكلي في المعين، أو نحو حق الرهانة،فعليه لو اشترى ثوبا بهذه العين الكذائية مع عدم تخليصها عن حق الغير يصير

العقد فضوليا بالنسبة إلى مقدار حق الغير.فإن ثبت الوالية على المستحقين للحاكم الشرعي - حتى هذا النحو - فله

االمضاء تارة والرد أخرى، إذ لو كان الرد ضررا على المولي عليه يجب على الولياالمضاء، كما أنه لو كان االمضاء ضررا عليه للزم على الولي الرد، حيث إن المناط

لحاظ غبطة المولى عليه وهو المستحق.ثم إن الحق عندنا (في باب الزكاة والخمس) هو كونه بنحو اإلشاعة استظهارا

من دليلهما، فيكون األمر أضيق مما هو على الكلي في المعين، إذ التطبيق فيهلما كان بيد المكلف، فله أن يتصرف في جميع ذاك المال إلى أن يبقى مقدار الخمس

أو الزكاة فيتعين الحق حينئذ فيه، كما في بيع صاع من صبرة، هذا بخالفكون التعلق على اإلشاعة، لعدم جواز التصرف في شئ منه قبل التخليص أصال.

إلى هنا انتهى ما أفاده " سيدنا األستاذ مد ظله العالي " وكان ذلك في ٢٠شعبان المعظم ١٣٨٥ للعطلة القادمة، وهي شهر رمضان المبارك، والمرجو من الله

(عز اسمه) أن يديم ظله الوارف حتى يستفاد من دراسته معالم الفقه الجعفريبمنه وكرمه.

(٢١٣)

Page 240: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الثالث: أن ال يكون من أجزاء الميتة سواء كان حيوانهمحلل اللحم أو محرمه، بل ال فرق بين أن يكون مما ميتته

نجسة أو ال - كميتة السمك ونحوه مما ليس له نفس سائلة - علىاألحوط، وكذا ال فرق بين أن يكون مدبوغا أو ال.

إن استيفاء المقال فيما يرجع إلى المقام على ذمة أمور نشير إلى جملة منهااجماال، ثم نعقب البحث عنها تفصيال. فمنها: أنه هل يختص الحكم باللباس، أو

يعمه وغيره مما يصدق عليه أنه صلى فيه بنحو من الظرفية، أو يعمهما والمصاحبالذي ال يصدق عليه شئ من عنواني اللبس والظرفية؟ وجوه - فعلى األول: ال ضير

عند عدم صدق اللبس وإن صدق الظرفية بأنه صلى في الميتة بنحو ما، وعلى الثاني:ال ضير في استصحاب شئ منها حال الصالة عند عدم صدق اللبس والظرفية، وهذا

بخالف على الثالث، للبطالن حينئذ مطلقا.ومنها: أنه هل التذكية شط لصحة الصالة أو الميتة مانعة عنها؟ والثمرة

ظاهرة حال الشك، بعد االلتفات إلى أن األمر وكذا النهي في مثل المقام غيريدال على الحكم الوضعي.

ومنها: أنه هل يكون شرطية التذكية أو مانعية الميتة مغزاهما (شرطيةالطهارة. أو مانعية النجاسة) فال أصالة إال لذاك؟ أو ال يكون كذلك بل لهما استقالل

بذاتيهما، كما يكون لذاك كذلك؟ وهو المتجه، ويؤيده ذهاب بعض األصحاب(القائل بطهارة جلد الميتة بالدباغ) إلى بطالن الصالة في المدبوغ منه، كما عن

ابن بابويه " فليس الحكم هنا دائرا مدار الطهارة أو النجاسة.ثم إنه - على االستقالل - يبحث عن عمومية الحكم لجميع أقسام الميتة

(٢١٤)

Page 241: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

التي منها ما ألنفس سائلة له - كالسمك، حيث إنه طاهر وإن مات بال تذكيةمعتبرة فيه - وعن عدمها، بزعم االنصراف إلى بعض أقسامها وهو ما له نفس سائلة.

فهذه وأشباهها أمور ال بد من البحث عنها في ثنايا الكالم، حيث إن اتضاحغير واحد منها يتوقف على الغور التام في نصوص الباب، فلنأتها مشيرا إلى

مقدار نطاقها.فمن تلك النصوص: ما رواه عن محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميت

أيلبس في الصالة إذا دبغ؟ قال: ال، ولو دبغ سبعين مرة (١).ال ريب في خصوصية السؤال وعدم شموله لغير اللباس، وكذا لغير الجلد من

أجزاء الميتة ألخذ عنوان (اللبس) وكذا (الجلد) مع (الدبغ) الخاص به فيه- أي في السؤال - وكذا الجواب قاصر عن شمول ما عداه، ألخذ عنوان (الدباغ).

فيه أيضا. نعم: ال داللة له على الجواز في غير مورد السؤال، فال يعارض ما لو دلعلى المنع فيه أيضا. وظاهره مانعية الجلد الميت - أي كونه ميتا - عن الصحة،

بال داللة على شرطية التذكية.ومن تلك النصوص: ما رواه عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله

عليه السالم في الميتة قال: ال تصل في شئ منه وال في شسع (٢).إن السؤال غير منقول بتمامه، ولكن يستفاد نطاقه من الجواب البتة، إذ

لو كان له خصوصية زائدة ال يفيدها الجواب وال يدل عليها، لكان تركها وعدمنقلها تفويتا لها ومنافيا لوثاقة الراوي وأمانته في الحكاية، وكم له من نظير

فيما يكون الجواب داال على السؤال بتمامه! حيث إن السؤال ال ينقل بتمامه هناكوحيث إن المستفاد من الجواب هو التعميم الشامل للجلد وغيره واللبس وغيره

مما يصدق عليه الظرفية ولو بنحو ما يصدق في الشسع، يحكم بأن السؤال أيضاكان كذلك. وقد يحتمل االختصاص بالجلد بقرينة ذكر (الشسع) المعمول منه غالبا

--------------------(١) الوسائل باب ١ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢.(٢) الوسائل باب ١ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢.

(٢١٥)

Page 242: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فال يشمل غيره من األجزاء. ولكن يبعده أن ذكره لبيان شمول الحكم للفردالخفي منه، ال لبيان تضييق العموم - فظاهره مانعية الميتة بتمام أجزائها عن صحة

الصالة الواقعة فيها بنحو من الوقوع والظرفية، بال اختصاص للجلد، وال لعنواناللبس.

ومنها: ما رواه عن الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السالم في كتابه إلى المأمونقال: وال يصلى في جلود الميتة وال في جلود السباع. (١)

واختصاصها بالجلد واضح كوضوحها في المانعية. إلى غير ذلك مما يستفادمنه المانعية.

ثم إن في الباب نصوصا أخر يستفاد منها شرطية التذكية ال مانعية الميتة،فلنأت بشئ منها، ثم نعقبه بما هو المرجع في التمييز عند الشك.

فمن هذه النصوص: ما رواه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير قال سأل زرارةأبا عبد الله عليه السالم عن الصالة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر؟

فأخرجكتابا زعم أنه إمالء رسول الله صلى الله عليه وآله أن الصالة في وبر كل شئ حرام

أكلهفالصالة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ منه فاسدة ال تقبل تلك

الصالة حتى يصلي في غيره مما أحل الله أكله، ثم قال: يا زرارة هذا عن رسول اللهفاحفظ ذلك يا زرارة، فإن كان مما يؤكل لحمه فالصالة في وبره وبوله وشعرهوروثه وألبانه وكل شئ منه جائزة إذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح، وإن كان

غير ذلك مما قد نهيت عن أكله وحرم عليك أكله فالصالة في كل شئ منه فاسدذكاه الذبح أو لم يذكه (٢).

إن الصدر مسوق لبيان حكم المأكول وغيره فال مساس له بالمقام. وأماالذيل: فظاهره اشتراط الصحة بالعلم بالتذكية إذا كان الحيوان مأكول اللحم،

--------------------(١) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ٣.(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢١٦)

Page 243: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما إذا لم يكن كذلك فال يجديه الذبح، وهذا باجماله واضح، وإنما الكالم فيقوله عليه السالم " وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكي " فهل المراد هو العمومالمستوعب لكل جزء استغراقا، أو العموم المجموعي؟ ال سبيل للعموم االستيعابي

ألن غير واحد من األمور المصرحة فيها غير قابل للتذكية - كالبول والروث واللبن -فال مجال لدوران الحكم مدار العلم بتذكيتها وعدمه، وال يمكن إخراجها عن

عموم (كل شئ) إلباء مثل ذلك عنه، إذ العام وإن يصلح للتخصيص ولكن في غيراألفراد المصرحة في المورد.

نعم: ال ضير في إرادة العموم المجموعي، فعند العلم بتذكية ذاك الحيوانالمحلل األكل تصح الصالة في أي جزء من أجزائه، وإليه يؤول ما لو قيل:

بالجواز عند العلم بتذكية مجموع تلك األمور من حيث المجموع، والمفهومحينئذ نفي العموم ال عموم النفي، بخالفه على األول.

وفي البين احتمال ثالث، وهو أن يكون المنع عند عدم العلم بالتذكيةألجل النجاسة الذاتية كما في اللحم ونحوه، أو العرضية كما في الوبر والشعر

ونحوهما مما يالقي ذاك النجس.ويبعده دوران الحكم مدار التذكية وعدمها الظاهر في كون المنع لفقدها،

ال ألمر آخر أجنبي، ولذا صرح في الذيل بالمنع وإن ذكاه الذبح إذا لم يكن مأكولاللحم. وعلى تسليم االجمال ال يضر، ألن مساق الحديث هو أمر آخر - كما مر -

وال إبهام فيه.ثم إن الظاهر: أن المدار هو التذكية التي يختلف المراد منها باختالف

الموارد: من الذبح، والنحر، والخروج من الماء حيا عند حضور المسلم، فال اختصاصلذلك بالذبح وإن صرح به فقط، ألنه من باب التمثيل ال التعيين، إذ ال ريب في

صحة التعدي إلى النحر، فيتعدى أيضا إلى الخروج من الماء حيا عند المسلم كمافي الحيتان، إذ المدار هو التذكية المختلفة باختالف الموارد.

ومنها: ما رواه عن علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم أو أبا الحسنعليه السالم عن لباس الفراء والصالة فيها؟ فقال: ال تصل فيها إال ما كان منه ذكيا،

قلت:

(٢١٧)

Page 244: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أوليس الذكي مما ذكي بالحديد؟ قال: بلى إذا كان مما يؤكل لحمه (١).حيث إن ظاهرها توقف صحة الصالة على التذكية، فهي شرط لها، ال أن

الميتة مانعة عنها.ومنها: ما رواه عن تحف العقول، عن الصادق عليه السالم (في حديث) قال: وكلما أنبتت األرض فال بأس بلبسه والصالة فيه، وكل شئ يحل لحمة فال بأس بلبسجلده الذكي منه وصوفه وشعره ووبره، وإن كان الصوف والشعر والريش والوبر

من الميتة وغير الميتة ذكيا فال بأس بلبس ذلك والصالة فيه (٢).والمراد من قوله ".... جلده الذكي " يحتمل أن يكون المذكى المصطلحالمقابل للميتة، فيدل على اعتبار التذكية شرطا، ولكن المراد من (الذكي)

الواقع في الذيل ليس هو المصطلح، بل المراد هو الطاهر، ألن الصوف ونحوهال يكون ذكيا بالمعنى المصطلح - كما مر سابقا - سيما بعد التصريح بالتعميممن الميتة وغير الميتة، فيدل على اعتبار طهارة ذلك كله بال مساس لها بالتذكية

المبحوث عنها، إذ الصدر لو خلي وطبعه وإن أمكن استفادة ذلك منه، ولكنبشهادة الذيل يناقش فيه.

ومنها: ما رواه عن قرب اإلسناد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السالمقال: سألته عن لبس السمور والسنجاب والفنك؟ فقال: ال يلبس وال يصلى فيه إال

أن يكون ذكيا (٣).ال ريب في ظهورها في اعتبار التذكية فتدل على شرطيتها. ونحوها رواية

عبد الرحمن بن الحجاج إذ فيها "... قال: إن كان ذكيا فال بأس به " (٤).ومنها: ما رواه عن ابن أبي يعفور قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السالم إذ دخل

عليه رجل من الخزازين، فقال له الرجل: جعلت فداك ما تقول في الصالة في--------------------

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٨.

(٣) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ٦.(٤) الوسائل باب ٧ من أبواب لباس المصلي ح ١١.

(٢١٨)

Page 245: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الخز؟ قال: ال بأس بالصالة فيه، فقال له الرجل: جعلت فداك أنه ميت وهوعالجي وأنا أعرفه، فقال له أبو عبد الله عليه السالم أنا أعرف به منك، فقال له الرجل:أنه عالجي وليس أحد أعرف به مني، فتبسم أبو عبد الله عليه السالم ثم قال له: أتقول:

أنه دابة تخرج من الماء أو تصاد من الماء فتخرج فإذا فقد الماء مات؟ فقال الرجل:صدقت جعلت فداك هكذا هو، فقال له أبو عبد الله عليه السالم: فإنك تقول: إنه دابة

تمشي على أربع وليس هو في حد الحيتان فتكون ذكاته خروجه من الماء،فقال له الرجل: أي والله هكذا أقول، فقال له أبو عبد الله عليه السالم فإن الله تعالى

أحلهوجعل ذكاته موته، كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها (١).

وظاهرها أيضا إناطة الصحة بالذكاة وأن الشرط وهو التذكية حاصل فيالخز بموته خارج الماء كما في الحوت.

فهذه النصوص هي التي عثرت عليها مما ظاهرها اشتراط التذكية ال مانعيةالموت حتف األنف، وقد مر ما ظاهره الخالف فال بد من العالج، فارتقب.واعلم: أنه كما يمكن ثبوتا جعل التذكية شرطا أو جعل الموت حتف األنفمانعا، كذلك يمكن الجمع بين ذينك الجعلين بأن يكون الثاني مانعا مع كون

األول شرطا. وإنما المهم هنا بيان ما لكل منهما من الحكم حسب جري األصلوعدمه، وبيان معنى التذكية وكذا الميتة، وبيان ما اشتهر بين األصحاب: من

تبعيض اآلثار بترتب بعضها على األولى وبعضها على الثانية، وبيان الميز بينها،إلى غير ذلك مما له مساس بالمقام، فتمام المقال في طي أمرين: أحدهما لبيان

الضابط وهي الكبرى، واآلخر لبيان الصغرى.أما المقام األول: ففي بيان الكبرى

لو كانت التذكية شرطا لحكم ثبوتا فال ارتياب في وجوده عند تحققها وعدمه--------------------

(١) الوسائل باب ٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(٢١٩)

Page 246: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عند فقدها. وأما عند الشك: فإن أمكن إحراز عدمها باألصل فهو مقدم على غيرهمن األصول الحكمية ونحوها مما هو متأخر عن االستصحاب الموضوعي، وإال

ينتهي األمر إلى غيره، مثال لو توقفت حلية األكل على التذكية، فأما أن يكونذاك الحيوان حال الحياة محرم األكل بالفعل، أو ال.

فعلى األول: يكون في ذاك الحيوان خبث موجب لحرمة لحمه ال يزولإال بالتذكية، نظير الخبث الذي ال يزول إال بالتطهير، فما لم يتحقق ذاك المزيل

يحرم أكل لحمه - كالسمك الحي ونحوه من الحيتان الصغار - فال يجوز أكلهاحيا، ولما كانت التذكية حاال مسبوقة بالعدم يقينا فبعد الموت وزهوق الروح

يشك في تحقق ذاك المزيل وعدمه، فيحكم ببقائه على ما كان من العدم، فينتجحرمة األكل، فيكون مقدما على أصالة الحل تقدم األصل السببي على األصل

المسببي، والموضوعي على الحكمي.وال فرق في هذا الحكم، بين أن يكون التذكية أمرا بسيطا مولودا من

األسباب واألفعال الخاصة كالطهارة المحصلة من الغسل والمسح، وبين أن يكونمركبا من تلك األفعال الخاصة، إذ على أي تقدير كانت مسبوقة بالعدم فاآلن كما

كانت، وإن كان بينهما فرق نشير إليه.وأما على الثاني: فذاك الحيوان وإن لم يكن محرم األكل حال الحياة

بل جاز بلعه حيا - كالسمك الحي الصغير مثال - ولكن لما لكان محرما بعد الزهاقوالموت، فلجريان األصل الموضوعي حينئذ مجال، إذ ال يلزم في جريه أن يكون

للمستصحب أثر شرعي حدوثا وبقاء، بل يكفيه األثر في خصوص البقاء وإن خليعنه حدوثا، وذلك لحصول ما به يصان التعبد عن اللغوية، وحيث إن الحرمة

مترتبة على جزئين: أحدهما زهوق الروح، واآلخر فقد التذكية - بنحو التركيبال التقييد - وقد أحرز األول بالوجدان وأمكن إحراز الثاني باألصل، فيترتب

ذاك الحكم، بال تفاوت فيه أيضا بين معنيي التذكية، ألن كل واحد منهما كان

(٢٢٠)

Page 247: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسبوق العدم تعيينا. ومن هنا يتضح حكم النجاسة وأمثالها مما لم تكن ثابتة حالالحياة، إذ يمكن ترتيب جميعها بعد الموت باألصل، لكفاية األثر بقاء - كما مر -

فلو توقفت الطهارة مثال على التذكية لكان الكالم فيها هو ما أشير إليه، وكذاغيرها من األحكام.

نعم: إن بين معنيي التذكية فرقا ال بد من اإلشارة إليه، وهو أنها إذا كانت(أمرا بسيطا) فهو يسري إلى أجزاء ذاك الحيوان بال اختصاص له به نفسه، ألن

الخبث الموجود بالفعل أو بالقوة يتوقف زواله على ذاك األمر البسيط، وهو كماأنه موجود في الحيوان نفسه، كذلك موجود في أجزائه، وذاك البسيط المزيل

كما ينحدر نحو الكل، كذلك ينحدر نحو الجزء. وأما إذا كانت (مجموع تلكاألفعال الخاصة) فهي تختص بالحيوان، ألنه المصب لها فقط دون أجزائها، فإن

أريد اجراء األصل فال بد من جريه فيه فقط، نعم: بعد الجري فيه الستغنى االجزاءعن األصل المستأنف، فالتفاوت بين المعنيين حينئذ: بأنه لو لم يجر األصل في الكل

لجهة خارجية فال مانع من جريه في الجزء (على المعنى األول) وال مجال لجريه(على المعنى الثاني) وتوضيحه بمثال نبه عليه " شيخنا األستاد الحائري ره " هو

أنه لو كان هنا حيوانان يعلم تفصيال بتذكية أحدهما وعدم تذكية اآلخر،وكان هناك جلد ال يعلم أنه أخذ من هذا أو ذاك، فال مجال لألصل في نفس الحيوان

إذ ال شك فيه أصال. وأما الجلد: فعلى المعنى األول وإن يجر األصل، وأما علىالثاني فال مجرى له أبدا.

ثم إنه (قده) وإن عدى المنع عن الجريان من المعنى الثاني إلى المعنىاألول أيضا، حيث قال: إن الجلد المفروض لما احتمل انفصاله عن الحيوان المقطوع

بتذكيته تفصيال ال مجال الستصحاب عدم تذكيته، ألن رفع اليد عن اليقين بالعدميمكن أن يكون من مصاديق النقض باليقين ال بالشك، بل يشك فيه، فهو شبهة

مصداقية لدليل االستصحاب.

(٢٢١)

Page 248: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولكنه غير مرضي عندنا، ألن احتمال انفصاله من الحيوان الذي علم تفصيالبعدم تذكيته ليس إال منشأ الشك، وحيث إن الناقض هو اليقين التفصيلي ال االجمالي

- ولذا نحكم بجريان األصول في أطرافه وسقوطها بالتعارض - فال محذور فيالمقام. هذا مجمل القول فيما لو كانت التذكية شرطا.

وأما لو كان الموت بال ذكاة مانعا: فيلزم البحث عن معنى (الميتة) أوال، وعمايلزمه من الجريان وعدمه ثانيا. فأما (الميتة) فهي إما عبارة عن (غير المذكى)

كما عليه " الشيخ األنصاري قده " فليست أمرا وجوديا، وإما عبارة عن (المائتحتف أنفه) أو نحوه من العناوين الوجودية، فال تكون عدمية.

فعلى األول: ال أثر له في جريان األصل، فحينئذ ال كالم في الجري علىاألول، فيترتب عليه ماله من األحكام، ألن التذكية مسبوقة بالعدم فيمكن جر

عدمها حال الشك.وأما على الثاني: فإن أريد استصحاب عدم التذكية فهو غير ناهض الثبات

الميتة، إذ ليست الميتة عبارة عن الذي زهق روحه ولم يقع عليه التذكية، حتى يكتفيفي الثاني باألصل بعد إحراز األول بالوجدان، بل عبارة عن نحو خاص من الوجود

وهو الزهوق المقيد بكونه العن تذكية، ومجرد العدم المحمولي للتذكية ال ينتجعدمها النعتي، فال يثبت كون الزهوق مرتبطا بعدمها.

نعم: يمكن إجراء األصل في نفس المقيد بتمامه، بأن يقال: إن هذا النحوالخاص من الوجود كان مسبوق العدم فاآلن كما كان، فيحنئذ يترتب عليه غير

واحد من األحكام الثبوتية - كصحة الصالة ونحوها - وهذا بخالف ما لو كانتالتذكية شرطا، ألن األصل هنا كان منتجا لغير واحد من األحكام السلبية.

وال خفاء في أن أصالة عدم التذكية في السابق موجبة النتفاء األحكام المشروطة بها- أي بالتذكية - حيث إن المشروط ينتفي بانتفاء شرطه بال احتياج إلى إثبات

(٢٢٢)

Page 249: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عنوان (الميتة) كما أن األصل هنا موجب لثبوت األحكام الممنوعة بالموت الخاص،حيث إن الممنوع يتحقق بفقد المانع، وهو (الموت بال ذكاة) بال احتياج إلى إثبات

عنوان (المذكى).وأما المقام الثاني: ففي بيان الصغرى

قد اشتهر بين األصحاب (ره) دوران الحلية مدار التذكية، ودورانالنجاسة وكذا بطالن البيع وعدم جواز االستعمال مدار الميتة، حسبما يعنون

بذلك في كتبهم الفقهية. وأما في الصالة فلها حكم نأتي به تفصيال.فإن أنيط الحل بالتذكية يحكم بانتفائه عند فقدها - ولو باألصل - سواء

أحرز عنوان الميتة أم ال نحو قوله تعالى "... إال ما ذكيتم " حيث إن الحكميثبت بمجرد فقد التذكية وإحراز عدمها - ولو باألصل - كما أنه لو أنيط المنع

عن االستعمال وعدم جواز البيع ونحو ذلك بالميتة يحكم بانتفاء هذه األحكام عنداحراز فقدها - ولو باألصل - وإن لم يثبت عنوان (المذكى) كما مر. كل ذلك

حسب نطاق األدلة وألسنتها المختلفة باختالف الموارد.إذا اتضح لك ما تقدم، فلنبحث عن الصالة وما أخذ فيها: من شرطية التذكية

أو مانعية الميتة، والعالج بين روايات الباب عند عدم امكان الجمع ورفع التعارض.فنقول: لو كانت التذكية شرطا لصحة الصالة والميتة مانعة عنها، فإما أن

يفسر (الميتة) بما يرجع إلى أمر عدمي، وهو أن تكون الميتة هي (غير المذكى)فال أثر في البين في جريان األصل، كما ال يخفى. وإما أن يفسر بما يرجع إلى أمر

وجودي - بحيث كانت النسبة بين التذكية والميتة الضدية وتكونان من قبيل ضدينال ثالث لهما - فال إشكال في اجتماع الحكمين، إذ ال محذور في شرطية األولى

ومانعيةالثانية معا، كما المساس لألصل الجاري في إحداهما بما هو الجاري في األخرى،فاألصل الجاري في ناحية الشرط يوجب ترتب األحكام المرتبطة به دون ما يرتبط

بالمانع، وكذا العكس.

(٢٢٣)

Page 250: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فحينئذ ال تعارض بين روايات الباب إذا اختلفت في المفاد، فهو وإن ال يناقشفيه - من حيث إن األصل الجاري في الشرط موجب لترتب أحكامه بال مساس لهبأحكام المانع وبالعكس - إال أن في جعل أحد الضدين اللذين ال ثالث لهما شرطا

واآلخر مانعا كالما ال يخلو التعرض له عن الفائدة.قد يقال: إنه ال يمكن جعل أحدهما شرطا واآلخر مانعا مع أنه ال ثالث

لهما، للزوم اللغوية في الثبوت، حيث إن ثبوت أحدهما مستلزم لسلب اآلخر، كما أنسلبه مستلزم لثبوت ذاك األخير، مع اشتراك األحكام في مقام الثبوت، كما هو

المفروض. وببالي أن " الشيخ األنصاري قده " قد أفاد في مبحث كون الطهارة شرطاأو النجاسة مانعة: أنه ال يمكن الجمع بين الجعلين معا بشرطية األولى ومانعية

الثانية، لما أشير إليه من لزوم اللغوية.وقد يجاب بظهور الفائدة في جريان األصل عند الشك، وبه يصان عن اللغوية.

وفيه: أنه يمكن أن تحرز تلك الفائدة بجعله شرطا، فالحق مع " الشيخ ره ".فلو نوقش في الجمع بين ذينك الجعلين - ولم يكتف بما ذكر في الصيانة عناللغوية - لعلم باختالل أحد األصلين، للقطع بكذب أحد الخبرين الدالين على

الجعلين، فأما الحكم المجعول فهو إما منحصر في شرطية التذكية، وإما منحصر فيمانعية الميتة. ولكن لما لم يلزم من جريان األصلين مخالفة عملية فال ضير في

إجرائهما عند الشك مع عدم اتضاح ما هو المجعول، نظير ما مر في محله: من جوازجريان أصالة النجاسة في كال اإلنائين مع العلم بصيرورة أحدهما طاهرا.

هذا بلحاظ األصل. وأما بلحاظ النص: فعند عدم إمكان الجمع بين الجعلينمع تفسير (الميتة) بما يرجع إلى ضد (المذكى) بنحو ال ثالث لهما، فال بد منالنظر المستأنف في روايات الباب حتى يعالج التعارض المترائي منها، حيث إن

بعضها ظاهر في شرطية التذكية وبعضها في مانعية الميتة - كما مر - فإن عولج بينهما

(٢٢٤)

Page 251: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بما يرفع التعارض فهو، وإال فيحكم باشتغال الذمة بالصالة، دائرة بين تقيدهابوجود التذكية وبين تقيدها بعدم الميتة، ويحكم حينئذ بلزوم تحصيلها بنحو يقطع

بالبراءة، وهو تقيدها بالتذكية. وكيف كان: فقد يتوهم لزوم األخذ بظهورالنواهي المارة في المانعية وصرف ما ظاهره الشرطية عن مقتضاه. والسر هو أظهرية

النواهي الغيرية في المانعية.ولكنه خال عن الوجه، إذ ال تفاوت بينها وبين األوامر الغيرية الظاهرة في

الشرطية في الظهور، وادعاء الرجحان على مدعيه.والذي ينبغي التنبه له، هو النصوص الشارحة للوظيفة حال الشك، فإن

دلت على لزوم االجتناب يستفاد منها: أن التذكية شرط وما لم يعلم به يلزماالجتناب. وإن دلت على نفي البأس يستكشف منها: أن الموت بال ذكاة مانع. وأما

إن دلت طائفة على االجتناب وأخرى على نفي البأس، فال بد من العالج أيضا،بحمل األولى على ما تتم الصالة فيه والثانية على ما ال تتم - إن ساعده الشاهد

الخارجي على هذا التفصيل أو بنحو آخر - فلنأت بما يدل على حكم صورة الشكمن النصوص الواردة في خصوص الصالة، وأما الواردة في غيرها مما فيه األمارة

أو ال يكون بال مساس لها بالصالة فهي خارجة عن المقام، اللهم إال أن يرتبط بهلالطالق الشامل له، كما يأتي.

فمن تلك النصوص ما يدل على الجواز مطلقامنها: ما رواه عن سماعة بن مهران أنه سأل أبا عبد الله عليه السالم عن تقليد السيف

في الصالة وفيه الفراء والكيمخت؟ فقال: ال بأس ما لم تعلم أنه ميتة (١).إن ظاهرها عدم لزوم احراز التذكية في صحة الصالة وأن المانع عنها هو

الميتة، وما لم يعلم بها فال بأس، وال أمارة في البين تدل على التذكية. نعم: ال إطالق--------------------

(١) الوسائل باب ٥٠ من أبواب النجاسات ح ١٢.

(٢٢٥)

Page 252: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

لها بالنسبة إلى ما تتم الصالة فيه، إذ التقليد غالبا قاصر عن ذاك القدر.ومنها: ما رواه عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن الخفاف التي تباع

في السوق؟ فقال: اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميت بعينه (١).وال ظهور لها في خصوص سوق المسلمين، الطالق (السوق) الشامل لسوق

غيرهم، فتدل على جواز االشتراء والصالة مع عدم احراز التذكية ما لم يعلم بكونهميتة، فالمناط هو عدم العلم بالمانع، فال شرطية للتذكية. ولكنها أيضا قاصرة

الشمول لما تتم الصالة فيه.ومنها: ما رواه عن علي بن أبي حمزة أن رجال سأل أبا عبد الله عليه السالم وأنا عنده

عن الرجل يتقلد السيف ويصلي فيه؟ قال: نعم، فقال الرجل: إن فيه الكيمختقال: وما الكيمخت؟ قال: جلود دواب منه ما يكون ذكيا ومنه ما يكون ميتة،

فقال: ما علمت أنه ميتة فال تصل فيه (٢).وهي أيضا دالة على جواز الصالة بمجرد عدم العلم بالميتة من دون لزوم

احراز التذكية. نعم: في شمولها لما تتم الصالة فيه نظر.ومنها: ما رواه عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: تكره الصالة في الفراء

إال ما صنع في أرض الحجاز أو علمت منه ذكاة (٣).وداللتها على جواز الصالة في المشكوك مبنية على إرادة الكراهة المصطلحةمنها، كما ال يبعد حسبما بيناه مرارا: من شيوع هذه االصطالحات في زمن

األئمة عليهم السالم في الفقه العامي، فحينئذ تدل على أن المشكوك فيه جائز الصالةمع

الكراهة التي ترتفع بالعلم بالذكاة أو األمارة عليها، كأرض الحجاز، نعم - علىتماميتها - ال اختصاص لها بما ال تتم، بل تعم ما تتم فيه الصالة أيضا.

--------------------(١) الوسائل باب ٣٨ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٢) الوسائل باب ٥٠ من أبواب النجاسات ح ٤.(٣) الوسائل باب ٦١ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢٢٦)

Page 253: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: ما رواه في الجواهر، عن الفقيه، عن جعفر بن محمد بن يونس: أن أباهكتب إلى أبي الحسن عليه السالم يسأله عن الفرو والخف ألبسه وأصلي فيه وال أعلم

أنهذكي؟ فكتب: ال بأس به.

وظاهرها تعميم الجواز فيما تتم الصالة فيه أيضا، وال تعرض فيه لحال ذاكالفرو والخف من االشتراء من السوق ونحوه، حتى يحمل على أن هناك أمارة على

التذكية، فتدل على جواز الصالة في المشكوك بمجرد عدم العلم بالميتة.هذه هي الطائفة األولى الدالة على جواز الصالة في المشكوك ما لم يعلم أنه

ميتة. وهيهنا طائفتان أخريان: إحداهما: ما تدل على عدم جوازها فيه ما لم تعلمأنه مذكى أو ما لم تقم أمارة عليه، واألخرى: ما تدل على التفصيل بين ما تتم الصالة

فيه وبين ما ال تتم بالجواز في الثاني دون األول.أما الطائفة الدالة على المنع مطلقا فيما لم تقم الحجة على التذكية

فمنها: ما مر من رواية " زرارة " إذ فيها... فإن كان مما يؤكل لحمه فالصالةفي وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكي... (١).

فتدل على عدم الجواز في المشكوك ما لم يبدل الشك بالعلم. نعم: قد أشيرسابقا إلى عدم امكان الحمل على العام االستغراقي، بل يحمل على العام المجموعي

فالمفهوم حينئذ هو المنع عن المجموع عند عدم العلم، ال الجميع، لما مر: من الجوازفي الشعر ونحوه مطلقا، إذ ال صلوح له أن يذكي. وعلى أي تقدير: يدل على المنع

فيما ال يعلم التذكية في الجملة، وهو ينافي ما مر: من الجواز فيما ال يعلم.ومنها: ما رواه عن إسحاق بن عمار، عن العبد الصالح عليه السالم أنه قال: ال بأس

بالصالة في الفراء اليماني وفيما صنع في أرض اإلسالم، قلت: فإن كان فيها غير أهل--------------------

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢٢٧)

Page 254: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

اإلسالم؟ قال إذا كان الغالب عليها المسلمين فال بأس (١).وظاهرها عدم االكتفاء بالشك، بل ال بد من ضم أمارة على التذكية

- كالغلبة ونحوها - فتنافي ما مر: من الجواز عند عدم العلم بالميتة، وأما نفيالبأس عن اليماني وعن المصنوع في أرض اإلسالم فلقيام األمارة على الذكاة.

ومنها: ما رواه عن إسماعيل بن عيسى قال: سألت أبا الحسن عليه السالم عن جلودالفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع

مسلما غير عارف؟ قال عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعونذلك، وإذا رأيتم يصلون فيه فال تسئلوا عنه (٢).

إن ايجاب المسألة إذا كان البائع مشركا شاهد على المنع حال الشك، إالأن يقال: بوجود األمارة على عدم التزكية حينئذ، فالمهم هنا هو الذيل الدال

على عدم لزوم السؤال إذا كان المسلمون يصلون فيه، إما ألجل علمهم بمسبوقيةيد المشرك البائع بيد المسلم، أو لعلمهم بعدم مباشرته في الذبح بل الذابح كان مسلما

أو لغير ذلك، فمن رأى أن المسلمين يعاملون مع ذلك المبيع معاملة المذكى فلهأن ال يسأل بل يكتفي بمجرد ذلك،، فيدل على المنع حال الشك وأنه يلزم ضم

األمارة عليه إلى غير ذلك مما يمكن العثور عليه بعد التتبع.وأما الطائفة المفصلة بين ما تتم الصالة فيه وما ال تتم: بالجواز في الثاني

دون األولفمنها: ما رواه عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن لباس

الجلود والخفاف والنعال والصالة فيها إذا لم تكن من أرض المصلين؟ فقال: أماالنعال والخفاف فال بأس بهما (٣).

--------------------(١) الوسائل باب ٥٠ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٧.(٢) الوسائل باب ٥٠ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٧.

(٣) الوسائل باب ٣٨ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(٢٢٨)

Page 255: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وما رواه عن الريان بن الصلت أنه سأل الرضا عليه السالم عن أشياء منها الخفافمن أصناف الجلود، فقال عليه السالم: ال بأس بهذا كله إال، الثعالب (١).

إذ المستفاد منها التفصيل (فيما ال أمارة على التذكية) بين لباس الجلود وبينالنعل والخف - مع كونهما معمولين من الجلد غالبا - بالجواز في الثاني والمنعفي األول، واحتمال خصيصة لنفس النعل والخف بعيد جدا، بل المدار - حسب

التناسب بين الحكم والموضوع - هو الفرق بين ما تتم وبين ما ال تتم حال الشك،وال ينافيه المنع من الشسع حال العلم، إذ المعلوم ممنوع مطلقا حتى الجزء اليسير

منه كالشسع، وأما المشكوك فموسع.أضف إلى ذلك: اختصاص غير واحد من النصوص المجوزة المارة بما ال تتم

الصالة فيه، بمعنى ورودها فيه وإن لم تكن مقيدة به.فهذه هي الطوائف الثالث التي قد أشرنا إليها سابقا، وال ريب في استقرار

التعارض بين الطائفتين األوليين.وال يتوهم: ظهور الطائفة المجوزة في خصوص ما إذا كان هناك أمارة على

التذكية النصراف لفظ السوق إلى سوق المسلمين وهو أمارة على التذكية، إذ ليسفي بعضها لفظ السوق أصال حتى ينصرف إلى ما ذكر، وأما البعض اآلخر فهو مطلق

بال وجه لالنصراف. وعلى تسليمه: يكون المسؤول عنه - حسب ارتكاز ذهن السائلوانسباق سوق المسلمين إليه - خاصا، ال أن الحكم مقيد به، وعليه ال يصلح ألن

يقيد المطلق الدال على الجواز، إذ ليس في ذهن السائل هو المنع عما لم تقم األمارةعليه، حتى يقال: بكون الجواب تقريرا الرتكاز ذهنه، بل أقصاه انصراف ذهنه

إلى قسم خاص، وحاصله نفي االطالق له، ال أنه مقيد الطالق غيره من النصوص.فال محيص عن العالج بأحد وجوه:

--------------------(١) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ٥.

(٢٢٩)

Page 256: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األول: أن يحمل المانع على ما تتم الصالة فيه، والمجوز على ما ال تتم، وتجعلالطائفة المفصلة شاهدة على هذا الجمع.

الثاني: أن يؤخذ بالقدر المتيقن من كل من الدليلين وطرح ما عداه بتقديمالقدر المتيقن لآلخر عليه، كما في قوله: ثمن العذرة سحت، وقوله: ال بأس بثمنالعذرة - حيث إن المتيقن من األول هو عذرة ما ال يؤكل لحمه، ومن الثاني هو

عذرة ما يؤكل لحمه، فيؤخذ القدر المتيقن من كل منهما ويطرح ما عداه بالتصرففي المادة. وهيهنا يحكم بأخذ القدر المتيقن من نصوص التجويز وهو (ما قامتاألمارة عليه) والقدر المتيقن من نصوص المنع وهو (ما لم تقم عليه) بحمل كل

منهما على ما هو المتيقن منه.الثالث: أن يتصرف في هيئة نصوص المنع بالحمل على الكراهة في المشكوك

ويجعل ما مر نقله - وهو رواية الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: تكره الصالةفي الفراء إال ما صنع في أرض الحجاز أو ما علمت منه ذكاة (١) - شاهدا عليه،

بابقاءلفظ الكراهة على معناها المصطلح، لما مر تقويته من شيوع ذاك االصطالح في عصر

الصادق عليه السالم. ومما يؤيد الحمل على الكراهة المصطلحة ال الحرمة، هو أنأرض

الحجاز مقابلة ألرض العراق، فنفي الكراهة في األولى اثبات لها في الثانية بقرينةالتقابل المعهود، ومن المعلوم: أن أرض العراق أرض المسلمين، ولكنهم لذهاب

أكثرهم إلى طهارة المدبوغ حكم عليه السالم بكراهة الصالة في المصنوع بأرضهم.ولم

يقل أحد بلزوم االجتناب عما يوجد في العراق وسوقهم، وهذا نظير األمر بالتطهيرلما اشترى من النصراني المحمول على حكم غير لزومي - كما في محله - وهذا

الجمعهو األقوى في النظر، وال بعد في اختالف مراتب الكراهة حسب الموارد شدة وضعفا.

فالمشكوك تجوز الصالة فيه ما لم يعلم بكونه ميتة، وأن يكره ما لم تقمالحجة على أنه مذكى، مع اختالف مراتب الكراهة، ألنها فيما ال يكون هناك

--------------------(١) الوسائل باب ٦١ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢٣٠)

Page 257: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أمارة أصال أشد مما يكون فيه األمارة في الجملة، كأرض العراق وسوقالمستحلين بالدبغ.

فاألصل األولي عند الشك: هو الجواز إال ما خرج بالدليل، ال العكس، ألنهوإن أمكن للشارع أن يجعل األصل المعول عليه عند الشك هو المنع إال ما خرجبالدليل، ولكنه - حسب المستفاد من النصوص هنا - هو بنحو األول، ال الثاني.

فحينئذ لو حكم بالمنع فيما لو كان بيد الكافر أو سوق الكفار أو أرضهم مثال - حيثإن ذلك وأشباهه مظنة عدم التذكية غالبا - فال ضير بعد أن كان المرجع األصيل

هو الجواز في غير ما خرج بالدليل. ومن هذا القبيل قوله عليه السالم في رواية " ابنعيسى "

المتقدمة... عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك... الخ.حيث إنه أوجب التوقف والمسألة إذا رأى أن المشرك هو البايع. ثم إن

فيه احتمالين:أحدهما: أن يكون الرؤية طريقا بال دخالة لها أصال، بأن يدور الحكم

مدار الواقع، فإن كان البايع في الواقع مشركا يجب التوقف والمسألة، إال فال،فعند الشك في حال البايع يجب الفحص عن حاله، وال يجوز التمسك لعموم ما دل

على الجواز حال الشك في التذكية، ألنه قد خصص بما إذا كان البايع مشركا،وحيث إن المفروض شبهة مصداقية للخاص فال مجال معها للتمسك بالعام.

واآلخر: أن تكون موضوعة، فلها دخالة في ترتب الحكم، فعند الشك فيكونه مشركا أو غيره ال يجب التوقف والمسألة، بل يجوز له ترتيب آثار المذكى

للعمومات المارة، إذ لم يخرج منها إال ما لو علم فيه بكون البايع مشركا، نظيرما يقال: بموضوعية الرؤية في قوله عليه السالم "... ترى في منقاره دما " حيث إن

الحكمبالتنجس وعدمه يدور مدار رؤية الدم في منقاره، ال الواقع البحت بال دخالة

للرؤية.

(٢٣١)

Page 258: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وكيف كان: إذا علم في هذا المورد المفروض بكون المسلمين يصلون فيهيحكم بالجواز مع كون البايع مشركا، لما مر: من أن صالتهم فيه لعله لعلمهم

بمسبوقية يد ذاك المشرك بيد المسلم أو غيرها من الجهات.والحاصل: أنه يحكم بالجواز فيما لم يخرج بالدليل، بال احتياج إلى قيام

الدليل الخاص على التذكية حتى يرتب عليه آثار الجواز.ومما يدل على الجواز عند الشك في التذكية وعدمها - ألجل الشك في كون

ذاك الشئ للمسلم أو غيره - هو ما رواه عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السالم:أن

أمير المؤمنين عليه السالم سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمهاوخبزها

وجبنها وبيضها وفيها سكين، فقال أمير المؤمنين: يقوم ما فيها ثم يؤكل ألنه يفسدوليس له بقاء، فإذا جاء طالبها غرموا له الثمن، قيل له: يا أمير المؤمنين عليه السالم

ال يدرى سفرة مسلم أو سفرة مجوسي؟ فقال: هم في سعة حتى يعلموا (١).تقريب الداللة: أنه ال ظهور لها في كون الطريق من أرض المسلمين أو غيرهم

ومع ذلك قد أجاز عليه السالم التقويم - أي للبيع - بال تفاوت فيه ظاهرا بين أنيشتريه

اآلكل أو غيره، فيدل على جواز بيع اللحم المشكوك تذكيته، مع أن الميتة مماال يجوز بيعها وكذا أكلها، ولعل ذهن السائل قد ارتكز فيه: أن بعض تلك األشياء

هو اللحم الذي ال يجري فيه أصالة الطهارة ولذلك قال: كثير لحمها، وأيضا قال عليهالسالم:

" هم في سعة حتى يعلموا " أي ما دام ال يعلم أنه لمسلم أو غيره يجوز ترتيب آثارالمذكى

وأما إذا علم بأنه لمجوسي أو نحوه من غير المسلم فله حكم آخر، ولعله التوقفوالمسألة، ال ترتيب آثار الميتة عليه بمجرد ذلك.

--------------------(١) الوسائل باب ٥٠ من أبواب النجاسات ح ١١.

(٢٣٢)

Page 259: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والمأخوذ من يد المسلم وما عليه أثر االستعمال بحكمالمذكى، بل وكذا المطروح في أرضهم وسوقهم وكان عليه

أثر االستعمال، وإن كان األحوط اجتنابه. كما أن األحوطاجتناب ما في يد المسلم المستحل للميتة بالدبغ. ويستثنى من

الميتة صوفها وشعرها ووبرها وغير ذلك... الخ.إن استقصاء المقال فيما أفاده (ره) في طي جهات:

الجهة األولىفي أن المأخوذ من يد المسلم بحكم المذكى

إن استيالء يد المسلم على جلد الحيوان الذي ال يحل إال بالتذكية أو غيرهمن أجزائه، قد يكون بنحو الملكية - كسائر أمالكه الواقعة تحت يده - والإشكال حينئذ في أن اليد الكذائية أمارة على التذكية، حيث إن الميتة ال تصيرملكا ألحد - كالخمر ونحوه من األعيان النجسة - فإذا وقع شئ من الحيوان

الكذائي تحت يده ملكا له عليه، وكان بحيث يبيعه ويتصرف فيه تصرفالمالك في ملكه، فهو يكشف عن كونه مذكى. وهذا نظير استقرار مشكوكالخمرية تحت يد مسلم ملكا له، حيث إن اليد المالكة أمارة على أنها ليست

بخمر، ولكونها أمارة على الملكية المستلزمة لعدم كونها خمرا يؤخذ بالزمها،لكونها طريقا إلى الواقع.

وقد يكون بنحو حق االختصاص ال الملكية، كاستقرار اليد االختصاصية على

(٢٣٣)

Page 260: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الخمر بما هي خمر ألجل عالجها خال، وكالعذرة لبعض خواصها الزراعية، وماإلى ذلك من النظائر. وال إشكال في أن مثل هذه اليد قاصرة عن أمارية التذكية.

ومنه يتضح حكم ما لو وقع تحت يده حيث أراد نبذه وإلقائه، إذ ال سترةفي أن مجرد وضع اليد على ذلك ولو للنبذ وااللقاء غير صالح لألمارية على التذكية

كما أن ما ورد في تجويز االشتراء من السوق وترتيب آثار المذكى، فلعله ألصالةالصحة، وإن كنا نحن في فسحة من هذا، إذ المرجع فيما لم تقم الحجة على

الخالف هو ترتيب آثار التذكية.الجهة الثانية

في أن أثر استعمال المسلم شاهد على التذكيةإن التصرف الواقع على ذاك الجلد ونحوه من أجزاء الحيوان الذي لم يعلم

بتذكيته، على أنحاء.منها: التصرفات األولية الصناعية فيه، ألن يجعل خفا أو نعال أو فراء

ولباسا، وما إلى ذلك مما يصنع منه. ومنها: التصرفات االنتفاعية بعد الصنع،ولكن في خصوص ما يشترط فيه الطهارة أو التذكية. ومنها: ما عدا ذلك من أنحاء

االنتفاعات المشتركة بين المذكى وغيره.ال إشكال في أن القسم الثاني منها شاهد علي التذكية حسب التناسب، إذ المسلم

بما هو مسلم ال يستعمل الميتة فيما يشترط فيه التذكية أو الطهارة، فلو صلى في جلدأو غيره يكشف ذلك عن كونه مذكى.

ويؤيده ما مر: من رواية " ابن عيسى " إذ فيها "... وإذا رأيتم يصلون فيهفال تسئلوا عنه " وال تفاوت في كشفه عن التذكية بين كونه في أرض المسلمين أو

غيرهم، وفي أيديهم أو غيرهم، لما أشير إليه سالفا من أن مثله كاف لالعتماد،الحتمال اتكائهم على العلم بمسبوقية يد الكافر بيد المسلم، وهي كافية، كما تقدم.

(٢٣٤)

Page 261: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما القسم األخير: فهو وحده غير كاشف ما لم ينضم إليه ما يكشف عنالتذكية: من اليد ونحوها.

وأما القسم األول: فهو أيضا وحده غير ناهض للكشف والشهادة، كمايتضح فيما يلي.

الجهة الثالثةفي المطروح في أرض اإلسالم

إن المطروح: إما هو في أرض اإلسالم أو غيره، وإما عليه أثر االستعمالاألولي الصناعي أو ال. والذي يمكن الحكم بتذكيته هو خصوص ما كان في أرضاإلسالم مع ما عليه من أثر الصنع وإن لم يعلم الصانع من هو، ألن العمدة في الباب

هو خبر " السكوني " في السفرة المطروحة في الطريق، وال إشكال في شمول السؤالللطريق الواقعة في أرض اإلسالم وغيره، فإذا انضم إليه ترك االستفصال في الجوابيستفاد منه االطالق، فهو من حيث اطالق الطريق شامل ألرض المسلمين وغيرهامن أراضي الكفار. وأما من حيث االستعمال فهو قاصر عن الشمول لما ليس عليه

أثره، ألن اللحم الكثير الموضوع في تلك السفرة قد أعدت لألكل، وليس ذلكإال بصنعه وعمله تحت يد انسان ما، وأين هذا مما يطرح في الوادي بعد افتراس

الذئب الضاري مثال.فهذا الخبر لو خلي وطبعه دال على جواز ترتيب آثار المذكي: من التقويم

والبيع، واألكل، ونحو ذلك، إذا كان عليه أثر االستعمال والتصرف االنساني،سواء كان في أرض اإلسالم أو غيره.

ولعل تقييد المتن بكونه مطروحا في أرض المسلمين إنما هو للجمع بينالنصوص المطلقة والمقيدة، إذ في الباب بعض ما يمكن تقييد إطالق خبر

" السكوني " به.

(٢٣٥)

Page 262: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وهو ما رواه عن " إسحاق بن عمار " وقد مر نقله، حيث قال: ال بأس بالصالةفي الفراء اليماني وفيما صنع في أرض اإلسالم، قلت: فإن كان فيها غير أهل

اإلسالم؟ قال: إذا كان الغالب عليها المسلمين فال بأس (١).حيث إنه دال على اختصاص نفي البأس بما إذا كان مصنوعا في أرض اإلسالممع تحديدها بالغلبة، فلو لم يكن الغالب فيها المسلمين لما صدق عليها أرض

اإلسالم، سواء كانوا هم وغيرهم سواء بال غلبة لهم عليهم، أو كان الغالب عليهاالكفار

فبه يقيد اطالق ما دل على أنهم في سعة حتى يعلموا، فينتج اختصاص السعة بماإذا وجد المصنوع في أرض اإلسالم وإن لم يعلم أنه من صنع المسلم أو غيره.

وما رواه عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن لباس الجلودوالخفاف والنعال والصالة فيها إذا لم تكن من أرض المصلين؟ فقال: أما النعال

والخفاف فال بأس بهما (٢).حيث إن المرتكز في ذهن السائل هو المنع في خصوص أرض غير المسلمين

لألصل مثال، وأما في أرضهم فال، ولم يردع هذا التفصيل أصال، بل أمضاه فيالجواب، وإن فصل في المنع بين ما تتم وما ال تتم - كما مر - فبامضاء هذه الغريزة

وتصديق المنع في لباس الجلود إذا لم تكن من أرض المسلمين يقيد إطالق ما دلعلى ترتيب آثار المذكي على المصنوع المطروح في األرض مطلقا، فينتج االختصاص

بأرض المسلمين.فالماتن (ره) لما بنى األصل على المنع وعدم التذكية في المشكوك، فقد حكموفق مبناه بالمنع إال فيما خرج بالدليل، ولم يخرج - حسب الصناعة - بتقييد

االطالق إال المطروح في أرض اإلسالم مع ما عليه أثر االستعمال، وأما المطروح--------------------

(١) الوسائل باب ٥٠ من أبواب النجاسات ح ٥.(٢) الوسائل باب ٣٨ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(٢٣٦)

Page 263: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

في غيره أو المطروح فيه بال أثر لالستعمال - بحيث ال يدرى أنه افترسه الذئب أومات حتف أنفه ثم افترسه أو ذبحه اإلنسان على الوجه الالزم أو دونه - فهو داخل

تحت األصل الناطق بعدم التذكية، لقصور دليل التخصيص واالخراج.الجهة الرابعة

في المطروح في سوق المسلمينإن المراد من السوق هنا ليس هو ما يشترى هناك، ألن اليد المالكة التي

قد جعلت ذاك الجلد عرضة للبيع أمارة على التذكية، سواء علم بكون ذي اليدمسلما بالوجدان أو لم يعلم كذلك بل اتكل على الغلبة، بل المراد منه هو ما

يكون مطروحا فيه بال استقرار ليد عليه. فهل السوق بما هو السوق أمارة علىالتذكية أم ال؟ وليعلم أنه قد يمكن أن يكون السوق للمسلمين مع كون األرضلغيرهم، وقد يمكن العكس، كما يمكن أن يكونا معا للمسلمين أو معا لغيرهم.

ال إشكال فيما لو كانا معا لهم، إذ يصدق على ذاك المطروح أنه في أرض اإلسالمفإذا كان عليه أثر االستعمال يحكم بكونه مذكي، كما أنه لو كانا معا لغيرهم يحكمبكونه غير مذكي، إذ ال مخرج حينئذ عن األصل - بناء على أنه هو المرجع - وأمالو كان األرض لهم والسوق لغيرهم، فال يبعد الحكم بكونه مذكى - إذ يصدق عليه

أنه مصنوع في أرض اإلسالم وإن لم يعلم أن الصانع من هو - وإن ال يخلو عن تأمل.وأما لو كان األرض لغيرهم والسوق لهم، فيشكل الحكم بكونه مذكي جدا، ألن

السوق بما هو لم يجعل أمارة على التذكية، فإذا صدق على ذاك الجلد أنه مطروحفي غير أرض اإلسالم فما الوجه في الحكم بكونه مذكى؟ بناء على أن األصل األولي

هو عدم التذكية.نعم: بناء على أن الحكم عند الشك هو ترتيب آثار التذكية وفرض عدم

(٢٣٧)

Page 264: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

اندراجه تحت ما يدل على المنع، يحكم بكونه مذكي إن لم نقل بعدم انصرافأرض غير اإلسالم عنه، وإال فهو داخل تحت دليل المنع.

واالنصاف: أنه يمكن ادراجه في خبر " السكوني " ألن الطريق مطلق شامللمثل معابر السوق وشوارعه، ولم يخرج منه إال ما عدا المفروض، فإذا وجد في طريق

سوق المسلمين جلد مطروح يحكم بالسعة ما لم يعلم.فذلكة المقال

إن المتحصل مما يصلح لألمارية على التذكية أمور:األول (يد المسلم) فلو استقرت يده على أجزاء حيوان شك في تذكيته، بأن

جعله ملكا له وعامل معه معاملة الملكية - كالعرضة للبيع والشراء وما إلى ذلكمن آثارها - يحكم بكونه مذكى، حيث إن اليد الكذائية أمارة على الملك،

فتكشف عن صلوحه للملكية المتوقفة على التذكية.نعم: لو استقرت عليه استقرار حق االختصاص، فال شهادة له عليها، فضال

عما إذا كان وقوعها عليه للنبذ وااللقاء - كما مر - فلو شك في إسالم ذي اليد فالأمارية له، وهو واضح.

الثاني (سوق المسلمين) فإذا جعل شئ من أجزاء الحيوان الكذائي في السوقعرضة للبيع، فأما أن يكون البايع ذو اليد مسلما فال كالم فيه - كما مر - وإذاشك في إسالمه وكفره يحكم باسالمه أوال ثم بتذكية ما في يده ثانيا، بناء على

الغلبة، إذ المفروض أن السوق للمسلمين، ومعناه كون الغلبة لهم. ويمكناستفادته من أخبار تصحيح ما يشترى في السوق - بناء على انصرافه إلى سوق

المسلمين - إذ ال إشكال في شمول اطالقها لما إذا اشترى من مجهول الحال إذاكان الغالب فيه المسلمين.

(٢٣٨)

Page 265: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الثالث (المصنوع في أرض المسلمين) فلو صنع شئ من أجزاء الحيوان المشكوكتذكيته في أرض اإلسالم بأحد أنحاء الصنعة: من الخف والنعل والفراء واللباسونحو ذلك، يحكم بكونه مذكى وإن وجد في غيرها من أراضي الكفار. وال

اختصاص لذلك بالصنع، بل لو عومل معه معاملة ال تعامل إال مع المذكى عندالمسلمين وكان األرض لهم يحكم بتذكيته، فلو عثر على عدة جلود مدبوغة مستعدة

للصدور من بلد إلى آخر للبيع ونحوه يرتب عليها آثار التذكية وإن وجد بعدهفي يد الكافر. ويشهد له ما تقدم من رواية " إسحاق بن عمار "... ال بأس بالصالة في

الفراء اليماني وفيما صنع في أرض اإلسالم - وكذا رواية " إسماعيل " المقررةالرتكاز المنع إذا لم تكن من أرض المسلمين.

نعم: لو كانت األرض لهم بالغلبة ولكن يصنعه المسلم وغيره ثم وجد شئ منذلك في يد الكافر الذي هو من أهل تلك األرض واحتمل أن ما في يده مما صنعه غير

المسلموإن كان في أرض اإلسالم للغلبة، فيشكل الحكم بتذكيته، الحتمال اندراجه في

قوله "... وإذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك... الخ " إال أن يعامل المسلمونمع ما في يد ذاك الكافر البايع معاملة المذكى بالصالة فيه ونحو ذلك، فحينئذ يحكم

بتذكيته، لداللة قوله عليه السالم "... وإذا رأيتم يصلون فيه... الخ " على ذلك.الرابع (المطروح في أرض اإلسالم إذا كان عليه أثر االستعمال) إذا وجد شئ

من أجزاء الحيوان المشكوك تذكيته مطروحا في أرض الغالب عليها المسلمون،فهو إما بحيث ال ميز بين كونه مما افترسه السبع الضاري وبين كونه مما صنع فيه

اإلنسان، أو بحيث يمتاز عنه بظهور أثر االستعمال االنساني فيه.فعلى األول: ال شهادة لمجرد كون األرض لإلسالم على التذكية، مع قصور

خبر " السكوني " عنه، ألن اللحم الكثير الموجود في تلك السفرة سواء كانتمطبوخة أم ال كان عليه أثر االستعمال، وهو اعداده لألكل واد خاره له.وأما على الثاني: فال مانع من الحكم بتذكيته بعد اندراجه تحت اطالق

(٢٣٩)

Page 266: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

خبر " السكوني " إذ لم يقيد بما عدا أرض اإلسالم، حيث إنه كان شامال باطالقهألرض الكفر أيضا، ولكنه قيد بروايتي " إسحاق " و " إسماعيل " المتقدمتين بأرض

اإلسالم.الخامس (المطروح في سوق المسلمين إذا كان عليه أثر االستعمال) فإذا وجد

في السوق الذي الغالب فيه المسلم شئ من أجزاءه مطروحا بال استقرار لليدعليه، ففي الحكم بتذكيته وعدمه نظر، إذ لم يرد نص خاص بالنسبة إلى الطرح

في السوق، مع قصور أخبار تجويز االشتراء من السوق عنه، حيث إن مصبهااالشتراء ممن له يد عليه، وقد مر أن السوق - بما هو سوق المسلمين - أمارة علىإسالم ذي اليد وإن كان مجهول الحال. وأما المطروح فيه بما هو، فهو غير مندرجتحتها - اللهم إال أن يتعدى إليه من اطالق خبر " السكوني " ألن المأخوذ فيه هوعنوان (الطريق) الشامل لمعابر القرى والقصبات وللشوارع المسلوك في البلد نفسه

أو في خارجه من الصحاري، بل ال خصوصية له بما هو طريق، إذ المناط حسبالتنقيح العرفي هو الغلبة، فحينئذ لو كانت األرض لإلسالم فال ريب في كون

المطروح في السوق بحكم المذكى، وأما إذا كانت لغيره ولكن كان في تلك األرضسوق خاص للمسلمين أو موطن خاص لتعيشهم - كما هو الدارج من سكونة قبيلة

خاصة منهم في موضع مخصوص من البلد - ووجد في طريق ذاك السوق أو هذاالموضع جلد مطروح، فال يبعد الحكم بتذكيته، لدوران الحكم مدار الغلبة

الحاصلة هنا.السادس (المأخوذ من يد المسلم المسبوقة بيد الكافر إذا عامل المسلمون معه

معاملة المذكى بل المأخوذ من يده أيضا على هذا التقدير) ألن استقرار يد الكافرعلى شئ من أجزاء ذاك الحيوان وأن يسد بها طريق الكشف واألمارية، إال

أن تعقبه بيد المسلم مع ما عليه المسلمون من ترتيب آثار المذكى عليه يكشف

(٢٤٠)

Page 267: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عن عثورهم على ما هو العالج، إما بمسبوقية يد ذاك الكافر بيد المسلم، أو بغيرهامن أنحاء التخلص عن الميتة.

ويشهد له ذيل رواية " ابن عيسى " المتقدمة "... عليكم أنتم أن تسئلواإذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك وإذا رأيتم يصلون فيه فال تسئلوا ".

حيث إنه فصل فيما في يد الكافر، بين ما يعامل المسلمون معه معاملةالمذكى بالصالة فيه - أو غيرها مما ال يجوز إال في المذكى بال اختصاص للصالة

ألنها ذكرت مثاال - وبين ما ليس كذلك.نعم: ال بد من التنبه ألمر آخر، وهو أن المسلم الذي أخذه من يد الكافر

لو كان غير مبال ألحكام اإلسالم ال جدوى في استقرار يده عليه، وكذا المسلمونالذين يعاملون معه معاملة المذكى ال بد فيهم ممن ببالي بدينه ويعتد بأحكامه،

وأما (الرعاع من الناس) فال.ومما تقدم في ثنايا البحث اتضح سر استحباب االجتناب عما في يد المسلم

المستحل للميتة بالدبغ - حيث إنه مظنة اكتفاءه به - من دون لزوم التحرز، لكفايةمجرد اإلسالم، مع ما في بعض النصوص المارة من عدم السؤال إال عند كون

البايع مشركا، فيجوز الشراء من غير العارف من المسلمين بال سؤال.وأما استثناء الصوف ونحوه مما ال تحله الحياة، فلما ورد في الصوف من

التعليل بما يعم غيره أيضا - وهو أنه ال روح له - كما حقق في كتاب الطهارة.

(٢٤١)

Page 268: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ١٠ - اللحم والشحم أو الجلد المأخوذ من يد الكافرأو المطروح في بالد الكفار أو المأخوذ من يد مجهول الحال

في غير سوق المسلمين أو المطروح في أرض المسلمين إذا لميكن عليه أثر االستعمال محكوم بعدم التذكية وال يجوز

الصالة فيه، بل وكذا المأخوذ من يد المسلم إذا علم أنه أخذهمن يد الكافر مع عدم مباالته بكونه من ميتة أو مذكى.

ال احتياج إلى تكرار ما مضى بل نتكل عليه في شرح هذا المتن، فراجع.مسألة ١١ - استصحاب جزء من أجزاء الميتة في الصالة

موجب لبطالنها وإن لم يكن ملبوسا.قد تم نصاب البحث عن الملبوس مما يصدق أن المصلى كال أو بعضا فيه حالالصالة حتى الشسع، إذ تصدق الظرفية بلحاظه أيضا. أما ما ال ظرفية بالنسبة إليه

أصال كالمحمول والمستصحب - الذي ال يصدق فيه أزيد من أنه صلى ومعه الميتة -فالظاهر قصور النصوص المارة عن شموله، فال مانعية له بلحاظها، فال بد من التماس

برهان مستأنف زائدا عما ورد في تقليد السيف، وما إلى ذلك من صدق اللبسوالظرفية على ذلك في الجملة.

وليعلم: أن البحث هنا متمحض في حمل الميتة بما هو حملها في الصالة،وأما من حيث كونها نجسا فالكالم فيه في كتاب الطهارة، وال تالزم بين البابين

(٢٤٢)

Page 269: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

البتة، فيمكن أن ال يكون في حملها من جهة النجاسة منع وإن كان في حملها منجهة الميتة منع أو بالعكس، فحينئذ ال بد من التأمل التام فيما ورد في معية الميتة

للمصلي وإن كانت طاهرة.والذي يمكن التمسك به للمنع، هو ما رواه عن عبد الله بن جعفر قال:

كتبت إليه (يعني أبا محمد) يجوز للرجل أن يصلي ومعه فأرة المسك، فكتب:ال بأس به إذا كان ذكيا (١).

ال ريب في ظهورها في المعية واالستصحاب، بال فرق فيه بين المحمول وغيرهمما يكون مصحوبا بال لبس وال ظرفية، إنما الكالم في المراد من (الذكي) هلهو الطاهر؟ كما في قوله " كل يابس ذكي " أو المذكى، كما هو المتفاهم منه

إذا قوبل بالميتة. وكذا الكالم في انطباق الجواب على السؤال مع اختالفهمامن حيث تذكير الضمير الراجع في الجواب وتأنيث المرجع في السؤال. وكذا

الكالم في العالج بينها وبين ما يعارضها في الداللة على نفي البأس، فهذهوأشباهها جهات يبحث عنها:

أما الجهة األولى: فحاصل القول فيها أنه لو أريد من (الذكي) الطاهرلدل المفهوم على عدم جواز االستصحاب إذا لم يكن طاهرا، وال مساس له

حينئذ بما إذا لم يكن مذكى، ألن الكالم كما أشير إليه إنما هو متمحض فيالتذكية وعدمها، وإن كان غير المذكى طاهرا - كما إذا لم تكن له نفس سائلة -

حيث إنه ال محذور في حمله حال الصالة لطهارته، إنما األمر فيه من حيثكونه ميتة، وال شهادة على إرادة المذكى من (الذكي) إال التناسب بينه وبين

فأرة المسك التي هي معدودة من أجزاء الحيوان الصالح للتذكية.وأما الجهة الثانية: فالضمير إذا رجع إلى المسك النطبق معه من حيث

--------------------(١) الوسائل باب ٤١ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٢٤٣)

Page 270: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

التذكير، ولكن ال انطباق حينئذ للجواب على السؤال، ألن المسؤول عنه هو حملفأرته، ال حمله نفسه، فإما يرجع ضمير المذكى إلى الفأرة باعتبار الحيوان الذي

عليه التذكية وهو الظبي، وإما يرجع إلى المسك ويستفاد الجواب عن فأرتهبالمالزمة، وتوضيحه: أن مفاد الجواب على هذا الفرض هو جواز الصالة في المسك

إذا كان ذكيا، وهو ال يبلغ حد الذكاة إال إذا بلغت الفأرة نصابها التام الموجبالنفصامها عن الظبي الحي، فما لم تبلغ هذا الحد ال يصير ما فيها من المسك ذكيا،

إذ ليس إال الدم المنجمد المتكون فيها أوال ثم يتكامل باالستحالة إلى المسكثانيا، فيدل على عدم جواز حمل الفأرة إذا لم تبلغ نصابها.

وكال االحتمالين خالف الظاهر، ولكن يرتكب أهونها إن كان. ولتعيينالمرجع احتمال آخر. وال خفاء في أن اطالق الذكي على المسك أو الفأرة بعد

إرادة المذكى منه إنما هو إذا كانت التذكية أمرا بسيطا، وأما إذا كانت نفساألفعال الخاصة فال تنطبق إال على الحيوان، نعم: إذا صار مذكى لسرت أحكام

التذكية على أجزائه، وكذا إذا صار ميتة.وأما الجهة الثالثة: فقد يعارض هذه الرواية ما رواه عن علي بن جعفر، عن

أخيه موسى عليه السالم قال: سألته عن فأرة المسك تكون مع من يصلي وهي في جيبهأو ثيابه؟ فقال: ال بأس بذلك (١).

لظهورها في نفي البأس عن الصحابة والمعية حال الصالة، وال ريب في اتحادالمسؤول عنه في الخبرين فيما هو المهم، وكذا الجواب المنحدر نحوه فيما عداجهتي النفي واالثبات، وكذا من حيث تذكير الضمير هناك واإلشارة هنا، فما قيل

هناك: من انطباق الراجع والمرجع، يقال هنا: في اإلشارة والمشار إليها.ثم إنه قد يجمع بينهما بما يترائى في بادئ النظر من حمل اطالق هذه

--------------------(١) الوسائل باب ٤١ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢٤٤)

Page 271: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

على تقييد تلك، فينتج البأس في غير المذكى، ولكن يناقش بأن تقييد االطالقوإن كان دارجا، إال أنه فيما لم يلزم الحمل على النادر - الستهجانه - والمقام

من هذا القبيل، ألن فأرة المسك على أقسام: منها ما ينفصم بطبعه من الظبي الحي،ومنها ما يفصم منه بالعالج واآللة، ومنها ما يؤخذ منه بعد موته بال تذكية،

ومنها ما يؤخذ بعده معها. والثالثة األول ميتة، إما لكونها بنفسها ميتة - كمافي القسم الثالث - وإما لكونها مبانة من الحي وهي محكومة بحكم الميتة أيضا،

فينحصر المذكى في األخير، وال ريب في ندرته بالنسبة إليها، ألن الدارج هوالمفصول من الحي، سيما القسم األول وهو المنفصم منه بطبعه، فلو قيد االطالق

للزم الحمل على النادر، إال أن يقال: بأن الدارج الشايع هو األول، وهو غير مندرجتحت ما يدل على كون المبان من الحي ميتة، لظهوره في قطع جزء من الحي،

وأما ما يقذفه الحيوان بطبعه فلعله غير مندرج فيه. فحينئذ ال يلزم الحمل علىالنادر، ألن للذكي أيضا أفرادا غير نادرة.

مسألة ١٢ - إذا صلى في الميتة جهال لم تجب اإلعادة،نعم: مع االلتفات والشك ال تجوز وال تجزي. وأما إذا صلى فيها

نسيانا، فإن كانت ميتة ذي النفس أعاد في الوقت وخارجه،وإن كان من ميتة ما ألنفس له فال تجب اإلعادة.

إن البحث تارة: من حيث القاعدة األولية والثانوية، وأخرى: من حيثالنصوص الخاصة الواردة في الباب. وعلى األول - يبحث تارة: من حيث الميتة،

وأخرى: من حيث النجاسة. وعلى أي تقدير - تارة: من حيث الشبهة الموضوعية،وأخرى: من حيث الشبهة الحكمية.

وعلى الثاني أيضا - جهات نشير إليها ذيال، فتمام الكالم في مقامين:

(٢٤٥)

Page 272: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أما المقام األول: ففي مقتضى القاعدة أولية كانت أو ثانويةإن مقتضى القاعدة األولية هو بطالن الصالة في الميتة، من دون الفرق بينمانعيتها وبين شرطية التذكية، لبطالن المشروط بفوات الشرط واقعا، وكذا

بالنسبة إلى وجود المانع من دون التفاوت بين الجهل والنسيان، وكذا من دونامتياز بين قسمي الجهل من البسيط والمركب، لدوران الحكم مدار الواقع.

وأما مقتضى القاعدة الثانوية - وهي قاعدة ال تعاد - فانحصار اإلعادة الكاشفةعن البطالن في موارد خمسة، فاالختالل بما يعتبر في صحة الصالة وجودا أو

عدما غير ضار في غير تلك الموارد، عدا مورد االنصراف من العلم ومن الجهلالبسيط، حسبما قدمناه سابقا: من لزوم لغوية األوامر الواردة في الحث على

تعليم األحكام وتعلمها، إذ لو صحت صالة من ال يعلم أحكامها ملتفتا إليها غيرمعتن لتعلمها للزم كون إيجاب تعلمها لغوا.

نعم: ال انصراف لها عن الجهل المركب، وكذا عن النسيان البتة. فمنصلى في الميتة جاهال مركبا أو ناسيا فال إعادة عليه. وأما الفرق بين األثناء والختم

فقد حققنا انتفائه. وال تفاوت هنا فيما هو المهم بين كون الجهل الشتباه الموضوعأو الحكم. فمن اعتقد عدم اعتبار الحديد في التذكية اجتهادا أو تقليدا ثم انكشفله الحق من اعتباره فيها كذلك وكان قد صلى فيما ذبح بغير حديد، أو كان ممن

اعتقد عدم االحتياج إلى حضور المسلم في تذكية السمك لكفاية مجرد الموتخارج الماء، أو غير ذلك مما يكون منشأ الصالة في الميتة هو الذهول عن الحكم

والجهل به، وكذا بالنسبة إلى الموضوع - وهكذا ال امتياز بين قسمي االشتباهفي النجاسة فيما كانت الميتة نجسة - فال إعادة في شئ من هذه الموارد، وأن

يفرق فيها بين الجهل والنسيان.

(٢٤٦)

Page 273: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما المقام الثاني: ففي النصوص الخاصةوليعلم: أن النصوص مختلفة حسب اختالفات أحوال المكلفين: من الجهل

بالموضوع تارة وبالحكم أخرى، ومن النسيان كذلك، ومن كون الجهل قصوراأو تقصيرا، ومن بقاءه إلى الفراغ عن الصالة بعدم تبدله إلى العلم في األثناء ومن

عدم بقاءه كذلك، ومن معذوريته لالستناد إلى أصل أو أمارة أو نحو ذلك - وإنلم يعلم بهذا االستناد أحيانا - ومن عدم معذوريته كذلك، إلى غير ذلك من

الحاالت المتصورة التي يمكن اإلشارة إليها في ثنايا البحث.وال بد من التنبه إلى امكان تقييد قاعدة (ال تعاد) الدالة باطالقها على عدم

اإلعادة في غير موارد خمسة بما يدل عليها في غيرها أيضا، مع عالج ما ينافي هذاالمقيد إن كان، وإليك نصوص الباب.

فمنها: ما رواه عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السالم، قال: سألته عن الرجليرى في ثوب أخيه دما وهو يصلي؟ قال: ال يؤذنه حتى ينصرف (١).

إن المستفاد منها - حسب الشهادة والظهور - هو كون ذاك الدم لم يكنمما عفي عنه وإال لما فرق بين االيذان في األثناء وبينه بعد االنصراف، وكون

العلم بعده غير موجب لإلعادة وإال الستوى مع العلم به في األثناء، فال خصوصيةله، فيدل في الجملة على أن الجهل بالموضوع غير موجب لإلعادة، بعد إلقاء

الخصوصية عن الدم إلى غيره من النجاسات فيما لم يقم الدليل على خالفه.ومنها: ما رواه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السالم في رجل صلى في ثوب فيه

جنابة ركعتين ثم علم به؟ قال: عليه أن يبتدي الصالة، قال: وسألته عن رجل يصليوفي ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صالته ثم علم؟ قال: مضت صالته وال شئ

عليه (٢).--------------------

(١) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ١ و ٢.

(٢) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ١ و ٢.

(٢٤٧)

Page 274: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إن المراد من الصدر - بشهادة الذيل (١) - هو الجهل بالحكم ال الموضوع،إما بأن ال يعلم بنجاسة المني، أو ال يعلم بمانعية النجس عن صحة الصالة أو

اشتراطها بالطهارة، فعليه اإلعادة. فإن كان المراد من الطهور في قاعدة (ال تعادالصالة) هو الطهارة عن الحدث فقط، فبمقتضى تلك القاعدة ال إعادة في الفرض،

وبمقتضى هذا النص الخاص يجب عليه اإلعادة، والجمع بينهما إنما هو بتقييدإطالق تلك القاعدة. وإن كان المراد من الطهور فيها هو األعم من الطهارة عنالخبث في الثوب والبدن أيضا، فال اختالف بينها وبين هذا النص حتى تقيد به.

وأما المراد من الذيل: فهو الجهل بالموضوع، فيدل على عدم اإلعادة فيه،من دون الفرق بين الوقت وخارجه.

وسيأتي ما يدل على اختصاص اإلعادة عند الجهل بالحكم بما ال معذوريةهناك.

ومنها: ما رواه عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن رجلأصاب ثوبه جنابة أو دم؟ قال: إن كان قد علم أنه أصاب ثوبه جنابة أو دم قبل أن

يصلي ثم صلى فيه ولم يغسله فعليه أن يعيد ما صلى، وإن كان لم يعلم به فليسعليه إعادة، وإن كان يرى أنه أصابه شئ فنظر فلم ير شيئا أجزأه أن ينضحه

بالماء (٢).إن المراد من قوله عليه السالم " إن كان قد علم... ثم صلى فيه ولم يغسله " لعله

ما أشير إليه سابقا، من حمله على الجهل بالنجاسة أو الجهل بالمانعية على فرض العلمبها - أي بالنجاسة - وال يبعد شموله للنسيان أيضا، وإن أمكن اخراجه بدليل

منفصل.--------------------

(١) يمكن أن يكون المراد من الصدر هو لزوم اإلعادة عند العلم بالمنى في األثناء،واالتمام حينئذ إنما هو للجهل بالنجاسة أو بمانعية النجس.

(٢) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٣.

(٢٤٨)

Page 275: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وكيف كان: إن مفاد الذيل هو نفي اإلعادة عند الجهل بالموضوع. وأما(النضح) في مفروضه األخير فهو محمول على الندب. والعالج بينها وبين قاعدة

(ال تعاد) - على تقدير التعارض - بالتقييد المتقدم بيانه.ومنها: ما رواه عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن

الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من اإلنسان أو سنور أو كلب أيعيد صالته؟ قال:إن كان لم يعلم فال يعيد (١).

إن ظاهر المنطوق هو نفي اإلعادة عند الجهل بالموضوع، فمن صلى في النجسجاهال به فال شئ عليه، بعد إلقاء الخصوصية عن العذرة والتعدي إلى غيرها

من النجاسات.وأما المفهوم: فمفاده اإلعادة عند العلم به المحمول على ما عدا التعمد، إذ

ال وجه للشروع في عمل يعلم بفساده، فمن جهل بالنجاسة أو علمها ولم يعلمبمانعيتها

عن الصالة أو اشتراطها بالطهارة فهو مندرج تحت المفهوم، فعليه اإلعادة - كما مرنعم: يستثنى من ذلك ما يكون الجهل مستندا إلى أصل أو أمارة مثال، كما يأتي.

ومنها: ما رواه عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن رجلصلى في ثوب رجل أياما ثم إن صاحب الثوب أخبره أنه ال يصلي فيه؟ قال: ال يعيد

شيئا من صالته (٢).المساس لهذا النص بما نحن فيه، إذ ال اتضاح له من حيث كون اجتناب

صاحب الثوب عن الصالة فيه لماذا، هل هو للنجاسة؟ أو ألنه مما ال يؤكل لحمه؟أو للميتة بما هي ميتة وإن كانت طاهرة، كميتة غير ذي النفس؟ أو لغير ذلك من

المحتمالت؟ فهو أجنبي عن المقام.ومنها: ما رواه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: إن أصاب ثوب الرجلالدم فصلي فيه وهو ال يعلم فال إعادة عليه، وإن هو علم قبل أن يصلي فنسى وصلى فيه

فعليه اإلعادة (٣).--------------------

(١) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٦ و ٧.

(٢) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٦ و ٧.

(٣) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٦ و ٧.

(٢٤٩)

Page 276: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وظاهره التفصيل بين الجهل بالموضوع وبين النسيان عنه، باإلعادة في الثانيدون األول. فمن صلى في الميتة أو غيرها من النجاسات - بعد إلقاء الخصوصية عن

الدم - جاهال بها صحت صالته، وأما إذا صلى فيها ناسيا عنها فعليه اإلعادة،وسيأتي تمام البحث عن النسيان في المقام الثالث الذي يعقد له.

ويؤيده ما رواه، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن الرجل يرىفي ثوبه الدم فينسى أن يغسله حتى يصلي؟ قال: يعيد صالته كي يهتم بالشئ إذاكان في ثوبه، عقوبة لنسيانه، قلت: فكيف يصنع من لم يعلم؟ أيعيد حين يرفعه؟

قال: ال، ولكن يستأنف (١).حيث إنه فصل بين الجهل بالنجس وبين النسيان عنه، باإلعادة في الثاني

فقط، وإن استحبت في األول لشهادة الذيل عليه.ثم إن الظاهر: اختصاص اإلعادة ببعض صور النسيان دون جميعها، ألن من

يقطع بعدم طرو النسيان اعتمادا على ذاكرته القوية فال عقوبة عليه، إذ لم يجبعلى مثله االهتمام بالضبط بعد وثوقه أو قطعه بالتذكر ولكنه طرء عليه النسيان

فجأة مثال، ألن شمول قاعدة (ال تعاد) بين دون هذا النص. نعم: من كانت قوتهالذاكرة عرضة طرو النسيان وزوال الصورة المدركة فعلى مثله االهتمام.

فيلزم التفصيل بين أنحاء النسيان بعد اندراجها جميعا تحت قاعدة (ال تعاد)وظهورها فيها قويا، فال بد من اخراج بعض صورها عنها إلى مخرج قوي.

بقي هنا أمران:األول: أنه قد الح في ثنايا البحث عن النصوص المارة لزوم اإلعادة على من

علم بالموضوع - أي النجس - ثم صلى فيه جاهال بالحكم - أي نجاسته أو مانعيته -ولكن ال بد من التفصيل بين أنحائه، إذ قد يكون الجهل قصورا وقد يكون تقصيرا

--------------------(١) الوسائل باب ٤٢ من أبواب النجاسات ح ٥.

(٢٥٠)

Page 277: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فمن اعتمد في تشخيص الحكم الشرعي على اجتهاد نفسه بال اهمال فيه أو اجتهادمفتيه كذلك أو على أصل عملي أو نحوه فلعله خارج عن مساق النصوص، لقيام

الحجةله. وهذا بخالف من قصر في االجتهاد أو التقليد أو في االتكال على األصل أو نحوه،

إذ ال نقاش في شمولها له.ومما يشهد على هذا الميز هو ما رواه عن زرارة قال: قلت له: أصاب ثوبي

دم رعاف، إلى أن قال: قلت: فإن ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرتفلم أر فيه شيئا ثم صليت فرأيت فيه؟ قال: تغسله وال تعيد الصالة، قلت: لم

ذاك؟ قال: ألنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك أن تنقضاليقين بالشك أبدا (١).

ألن مورده وإن لم ينطبق على المقام - لعدم العلم بالموضوع فيها دونالمبحوث عنه اآلن - ولكن التعليل منطبق على ما قلناه، بيانه: أن االستصحاب

الجاري في مفروض السؤال إنما هو بلحاظ ما قبل الصالة واألخذ فيها، إذ ال ريب فيأنه ال مجال له بعد العلم والرؤية، وكذا ال جدوى له، فمن كان على يقين من

طهارته ثم شك فيها وصلى شاكا تصح صالته لجريان االستصحاب واقعا وإن لم يعلمهو به، ألن حجيته واقعية، كترتب األحكام األخر على موضوعاتها بال دخالة للعلم

والجهل، فمن تيقن بالسابق وشك فيه الحقا ولم يعلم بحجية االستصحاب أصالفهو محكوم بحكم السابق، كمن يعلم بحجيته - بال ميز - ألن األثر للواقع.

وقد يتمسك به الجزاء الحكم الظاهري عن الواقعي، ولكن للنقاش فيهمجال، الحتمال استناد نفي اإلعادة هنا إلى قاعدة (ال تعاد) إذ المفروض عدم فقد

الطهارة عن الخبث واقعا، وتمامه في محله.وكيف كان: بعد إلقاء الخصوصية عن االستصحاب، يستفاد من هذا التعليل:

--------------------(١) الوسائل باب ٤١ من أبواب النجاسات ح ١.

(٢٥١)

Page 278: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أنه لو كان الجهل ألجل االتكال على أصل أو أمارة فهو عذر ومعه ال إعادة، كما هومفاد قاعدة (ال تعاد) باالطالق. لست أقول: إن مفاد هذه الرواية هو استناد الجهل

إلى األصل، بل أقول: إنه يستفاد من تعليلها أن المكلف لو اعتمد على ما جعلهالشارع حجة بال تقصير في تمهيدها فجهل بحكم من األحكام ثم انكشف الخالف

فهوممن ال إعادة عليه في الصالة، نعم: لو لم يعتمد إال على هواه بالتقصير فهو ممن

عليه اإلعادة.والحاصل: أن مورد هذه الرواية ليس إال مجرد االنطباق على األصل

بال استناد، إذ لم يكن عالما بحجية االستصحاب بعد حتى يجريه ويتمسك به.فمن استند إلى أصل واعتمد عليه فباألولى ال إعادة عليه مع كون الواقع على

الخالف، كما في مورد السؤال، فنصوص اإلعادة على العالم بالموضوع منصرفة إلىالجاهل بحكمه تقصيرا ال قصورا.

الثاني: أنه قد اتضح في المقام األول الباحث عن الجهل بالموضوع أنه الإعادة فيه، ولكنه يعارضه بعض ما في الباب مما يدل على لزوم اإلعادة، نحو ما رواه

عن وهب بن عبد ربه، عن أبي عبد الله عليه السالم في الجنابة تصيب الثوب وال يعلمبه صاحبه

فيصلي فيه ثم يعلم بعد ذلك؟ قال: يعيد إذا لم يكن علم (١) لظهورها في لزوماإلعادة على من جهل بإصابة المني، فتعارض ما مر مما يدل على نفيها.

وكذا ما رواه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السالم، قال: سألته عن رجل صلىوفي ثوبه بول أو جنابة؟ فقال: علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصالة إذا علم (٢) وقد

يعالج بحمل نفي العلم هنا على نفيه في خصوص وقت الصالة مع العلم قبل وقتهافينطبق على النسيان، فال تنافي بين لزوم اإلعادة فيه وبين نفيها فيما مر من

الجهل بالموضوع.--------------------

(١) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٨ و ٩.

(٢) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٨ و ٩.

(٢٥٢)

Page 279: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولكن األقوى في النظر: هو التصرف في الهيئة، بحملها على الندب المالئم لعدمالوجوب الذي يدل عليه غير واحد من النصوص الكثيرة مفهوما ومنطوقا، مع ما

في األول من احتمال سقوط لفظة (ال) في قوله " يعيد إذا لم يكن علم " التئاما للسياقواألمر واضح.

إلى هنا انتهى األمر في مقامين: أحدهما الباحث عن الجهل بالموضوع،واآلخر عن الجهل بالحكم، فتبين: أن الحق في األول نفي اإلعادة مطلقا في الوقتوخارجه، وفي الثاني هو التفصيل بين الجهل بالحكم تقصيرا وبين الجهل به قصورا

باإلعادة في األول وعدمها في الثاني.تتمة: ثم إنه قد يفرق بين الفحص وعدمه باختصاص عدم اإلعادة باألول (١).

وأما المقام الثالث: ففي الصالة في النجس ناسيالو صلى في النجس ناسيا فهل عليه شئ أو ال؟ وعلى األول: فهل يفصل بين

اإلعادة في الوقت والقضاء بلزوم أحدهما دون اآلخر أو ال؟إن المستفاد من غير واحد من النصوص المارة لزوم اإلعادة على الناسي، نحو

رواية عبد الله بن سنان المتقدمة، إذ فيها: إن كان قد علم أنه أصاب ثوبه جنابةأو دم قبل أن يصلي ثم صلى فيه ولم يغسله فعليه أن يعيد ما صلى... الخ (٢).

--------------------(١) هذا التفصيل محكي عن الذكرى، وغاية ما يستدل له ما رواه (٢ باب ٤١)

وفيه: إن عدم الفحص داخل في مفهوم الصدر الشامل له باالطالق فيدل على عدم اإلعادةوداخل في مفهوم الذيل فيدل على لزومها، فعند عدم تقديم مفهوم الصدر يتعارض المفهومان

فيرجع إلى المطلقات الدالة على عدمها.وكذا رواية (٣ منه) ألنه وإن كان سالما عن التعارض المذكور، ولكن ال يبعد حمله

على صورة االطمئنان باإلصابة، ومعها ال بد من الفحص الخارج عن البحث. وعلى التسليمال ظهور له بنحو يقاوم جميع ما مر من النصوص فليحمل على الندب. وأما (٤ منه) فلعله

ليس نصا آخر، وعلى تسليم الجميع فالحكم خاص بالمنى.(٢) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٣.

(٢٥٣)

Page 280: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حيث إنه باالطالق شامل للناسي، ألن العالم بالموضوع التارك لغسله إماجاهل بالحكم - كما مر - أو ناس، وإال لما أقدم على الصالة فيه.

وكذا رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السالم إذ فيها... قالعليه السالم

إن كان لم يعلم فال يعيد (١) لداللتها على اإلعادة عند العلم، وحيث إن العالم ال يقدمفال بد من الجهل بالحكم أو النسيان، فالمفهوم باطالقه دال على لزوم اإلعادة

على الناسي.ورواية أبي بصير ناصة في النسيان ودالة على لزوم اإلعادة فيه (٢) وال ريب في

شمولها لألداء البتة، وأما القضاء: فإن نوقش في شمولها له فال ضير بعد ورود ما يدلعليه أيضا، كما يلي:

فمنها: ما رواه عن قرب اإلسناد، عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بنجعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السالم قال: سألته عن الرجل احتجم فأصاب

ثوبهدم فلم يعلم به حتى إذا كان من الغد كيف يصنع؟ قال: إن كان رآه فلم يغسله

فليقض جميع ما فاته على قدر ما كان يصلي وال ينقص منه شئ، وإن كان رآه وقدصلى فليعتد بتلك الصالة ثم ليغسله (٣).

ال مرية في ظهورها التام في لزوم القضاء بنحو يبعد الحمل على الندب، لماأكد فيها ذلك حيث قال: " جميع ما فاته... وال ينقص... الخ ": نعم: إن للتأمل

والبحث عن السند مجاال.ومن ذلك: ما رواه عن محمد بن مسلم... وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من

مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صالة كثيرة فأعد ما صليت فيه (٤).حيث إن المستفاد من قوله " صالة كثيرة " ما هو المنطبق على القضاء، إذ ليستالصالة األدائية الواحدة مما يصدق عليها الكثرة، فبعد فوات وقتها واجتماع غيرها

--------------------(١) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٧ و ١٠.(٢) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٧ و ١٠.(٣) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٧ و ١٠.

(٤) الوسائل باب ٢٠ من أبواب النجاسات ح ٦.

(٢٥٤)

Page 281: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

معها يصير المجموع كثيرا، فأطلقت اإلعادة على القضاء مع القرينة، فالقضاء كاألداءواجب على الناسي.

ثم إنها دالة أيضا على أمر قد مضت اإلشارة إليه سابقا، وهو قصور الشمولعن الناسي الذي لم يقصر في الضبط والذكر، فهيهنا لو علم بما هو أكثر من الدرهم

ولكن لم يجد ماء حتى يغسله به فلم يضيع فيه وإن نسي بعد ذلك فهو غير مندرجتحت هذه الرواية، نظير قوله عليه السالم: في رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه

السالم: يعيدصالته كي يهتم بالشئ إذا كان في ثوبه، عقوبة لنسيانه... الخ (١).

والحاصل: أن النصوص الدالة على لزوم اإلعادة على الناسي كثيرة جدا، معما بينها من التفاوت باطالق بعضها وورود بعضها في خصوص القضاء. وحيث إنتكرر الحكم موجب لقوته، فلنأت ببعض آخر مما يدل على اإلعادة حتى يسجل

لزومها.فمن ذلك: ما رواه عن زرارة، إذ فيه... فأصبت وحضرت الصالة ونسيت

أن بثوبي شيئا وصليت ثم إني ذكرت بعد ذلك؟ قال: تعيد الصالة وتغسله (٢).ونحوه رواية الحسين بن زياد عن أبي عبد الله عليه السالم، إذ فيه... فيصلي ثم

يذكر بعد أنه لم يغسله؟ قال: يغسله ويعيد صالته (٣).ومن ذلك: ما رواه عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر عليه السالم قال - في الدم...

وإن كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه فلم يغسل حتى صلى فليعد صالته، وإنلم يكن رآه حتى صلى فال يعيد صالته (٤).

إلى غير ذلك مما يعثر عليه المتتبع في شتات األبواب، كباب نواقض الوضوء،واالستنجاء، وأحكام الخلوة.--------------------

(١) الوسائل باب ٤٢ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٢ و ٦.

(٢) الوسائل باب ٤٢ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٢ و ٦.

(٣) الوسائل باب ٤٢ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٢ و ٦.(٤) الوسائل باب ٢٠ من أبواب النجاسات ح ٢.

(٢٥٥)

Page 282: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

هذا محصل ما أردنا نقله: من الطائفة الدالة على اإلعادة والقضاء، وفيالباب أيضا ما يدل على نفيها، فيلزم نقل تلك الطائفة أوال واإلشارة إلى العالج

الحاسم لمادة التعارض ثانيا.فمن هذه الطائفة النافية: ما رواه عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السالم

في الرجل يتوضأ وينسى أن يغسل ذكره وقد بال؟ فقال: يغسل ذكره وال يعيدالصالة (١).

وما رواه عن عمار بن موسى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السالم يقول: لو أن رجالنسي أن يستنجي من الغائط حتى يصلي لم يعد الصالة (٢).

وظهورهما في نفي اإلعادة بين، فيعارض ما مر من اثباتها.ومنها: ما رواه عن عمرو بن أبي نصر قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم إني صليت

فذكرت أني لم اغسل ذكري بعد ما صليت أفأعيد؟ قال: ال (٣).حيث إن ظاهرها نفي إعادة الصالة ال الوضوء، وإن حمله " الشيخ ره " على

ذلك. وفي الباب أيضا ما يدل على اللزوم، فراجع.ومنها: ما رواه عن علي بن جعفر. عن أخيه موسى بن جعفر عليه السالم قال:

سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في صالته كيف يصنعبه؟ قال: إن كان دخل في صالته فليمض (٤).

وداللتها على النسيان بقرينة لفظة (الذكر) فتدل على أن الدخول فيالصالة ناسيا عن الغسل كاف في االتمام وعدم االستيناف وإن تذكر في األثناء،فتدل على عدم لزوم اإلعادة إذا تذكر بعد الفراغ باألولوية، وذلك ألن الجاهل

بالموضوع إذا علم به في األثناء يحكم عليه باإلعادة، وإن ال يحكم عليها بها إذا--------------------

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب أحكام الخلوة ح ٢ و ٣.

(٢) الوسائل باب ١٠ من أبواب أحكام الخلوة ح ٢ و ٣.(٣) الوسائل باب ١٨ من أبواب نواقض الوضوء ح ٦.

(٤) " " ١٣ " النجاسات ح ١.

(٢٥٦)

Page 283: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

علم بعد الفراغ، فهنا إذا لم يحكم بها فيما تذكر في األثناء لم يحكم بها فيماتذكر بعد الفراغ باألولوية.

وفيه: أنه خالف االجماع، ألن الجاهل بالموضوع إذا علم به في األثناءيجب عليه االستئناف فيجب على الناسي بطريق أولى، فال بد من حمل الرواية

على صورة المالقاة يابسا، فتخرج عما نحن فيه.ومنها: ما رواه عن العالء، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: سألته عن الرجل

يصيب ثوبه الشئ ينجسه فينسى أن يغسله فيصلي فيه ثم يذكر أن لم يكن غسلهأيعيد الصالة؟ قال: ال يعيد قد مضت الصالة وكتبت له (١) وظهورها في عدم لزوم

اإلعادة مما ال ينكر.ومنها: ما رواه عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره:

أنه بال في ظلمة الليل وأنه أصاب كفه برد نقطة من البول، لم يشك أنه أصابهولم يره، وأنه مسحه بخرقة ثم نسي أن يغسله، وتمسح بدهن فمسح به كفيه

ووجهه ورأسه ثم توضأ وضوء الصالة فصلى؟ فأجابه بجواب - قرأته بخطه - أماما توهمت مما أصاب يدك فليس بشئ إال ما تحقق، فإن حققت ذلك كنت حقيقا

أن تعيد الصلوات اللواتي كنت صليتهن بذلك الوضوء بعينه ما كان منهن فيوقتها، فال إعادة عليك لها من قبل، أن الرجل إذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصالة

إال ما كان في وقت، وإذا كان جنبا أو صلى على غير وضوء فعليه إعادة الصلواتالمكتوبات اللواتي فاتته، ألن الثوب خالف الجسد، فاعمل على ذلك إن شاء الله (٢).

وفي داللتها على عدم اإلعادة عند نسيان النجاسة وارتباطها بالمقام منظورفيها، إذا لظاهر منها صيرورة الكف الممسوح بالخرقة الباقي على نجاسته بعدمدهونا بدهن مسح به الكف والوجه والرأس فصار الجميع متنجسة، ثم توضأ

--------------------(١) الوسائل باب ٤٢ من أبواب النجاسات ح ٣ و ١.(٢) الوسائل باب ٤٢ من أبواب النجاسات ح ٣ و ١.

(٢٥٧)

Page 284: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بأعضاء متنجسة فلم تحصل الطهارة الحدثية أيضا كالخبثية، إذ ال ريب في لزوماإلعادة على فاقد الوضوء مطلقا، بال فرق بين األداء والقضاء إجماعا، فالتفصيل بينهما

مما لم يذهب إليه أحد.فهذه الرواية - مع عدم ارتباطها بالمقام المبحوث فيه عن نسيان النجاسة

بال خلل في الطهارة الحدثية - مما ال يمكن االلتزام بمفادها. فيتضح هنا أمر آخر،وهو أنه لو أريد الجمع بين طائفتي النفي واالثبات - بحمل األولى على القضاء

والثانية على األداء وجعل هذا النص المضطرب شاهدا - لما كان له وجه، بل يصحأن يرمي بكونه تبرعا عاريا عن الشاهد، فال بد في الجمع بينهما من العالج

الصناعي، وهو غير خال عن الصعوبة، ولهذا اضطرب األعالم وتضارب اآلراء فيالجمع، إذ المنقول عن بعض كتب " الشيخ " هو حمل النافي على القضاء والمثبت

على األداء - أي اإلعادة في الوقت - وعن العالمة: حمل المثبت على الندب والنافيعلى عدم الوجوب.

والذي ينبغي التنبه له، هو اشتراك الطائفتين في االشتمال على عنوان(اإلعادة) فإن كان خاصا باالتيان في الوقت أداء فينحدر النفي واالثبات نحو شئ

واحد بعينه، وإن كان عاما شامال للقضاء أيضا فكذلك، فحمل ما دل على نفياإلعادة على انتفاء القضاء، وما دل على ثبوتها على لزوم األداء، لعله عار عن

الوجه ما لم ينضم إليه الشاهد المالئم له. أضف إلى ذلك: اختصاص بعض نصوصطائفة االثبات بالقضاء، نحو رواية علي بن جعفر المتقدمة (١) مع التأكد فيها

بما يكون للوجوب انسب منه للندب.فالعالج - بعد أن كانت النسبة بينهما التباين - هو لزوم األخذ من كل

منهما بما هو أقوى ظهورا من اآلخر، إذ ال ريب في إمكان تفاوت األفراد المندرجة--------------------

(١) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ١٠.

(٢٥٨)

Page 285: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تحت الدليل بقوة ظهوره في بعضها دون بعض، فإذا كان لهذا الدليل أفراد بينةاالندراج تحته دون ما عداها، ولذاك الدليل أيضا أفراد واضحة االندراج تحته

دون ما سواها، فليؤخذ هذان الصنفان من األفراد ويترك ما عداهما، حسما لمادةالنزاع كما مر، في قوله " ثمن العذرة سحت " و " ال بأس بثمن العذرة ".وال ريب هيهنا في أن شمول دليل االثبات لإلعادة في الوقت أداء أقوى من

شموله لإلعادة في خارجه قضاء، إذ ال وجه اليجاب الثاني دون األول، بخالفالعكس. وكذا ال مرية في أن شمول دليل النفي للقضاء أقوى من شموله لألداء،

فالقدر المتيقن من األول هو األداء، ومن الثاني هو القضاء. وحيث إن القدر المتيقنمن كل منهما بين االندراج تحت دليله الشامل له ولغيره دون ما عداه، فليؤخذ

كل منهما بمقدار ما هو أقوى فيه من اآلخر، فيصير الجمع دالليا عرفيابال حاجة إلى الشاهد الخارجي حينئذ، فالقضاء حينئذ غير واجب. نعم: هو مستحب

مؤكد حسب لسان بعض أدلة االثبات، وكم له من نظير! نحو غسل الجمعةحيث إنه أكد بما يعبر به عن الواجب.

وال يتوهم: أنه مع ذهاب األصحاب إلى الوجوب مطلقا بال ميز بين األداءوالقضاء، فمن أين يمكن الحكم بعدم لزوم القضاء؟ ألنه يمكن أن يكون من

باب االجتهاد في الجمع بترجيح طائفة االثبات على النفي سندا بعد اليأس عن الجمعالداللي - حسب استنباطهم - فال اعتداد باالجماع الكذائي، فضال عن الشهرة.

نعم: لو أبيت عن العالج بما اخترناه لكان المخلص هو خيرة األصحاب: منالوجوب مطلقا، ألن نصوصه أكثر وأشهر، مع اشتمالها على الصحاح، ومع

أن نطاق غير واحد منها الفصل بين الجهل والنسيان، فلو لم يجب في الثاني كاألوللما كان له مجال، اللهم اعتبار تأكد االستحباب.

وال يالئمه أيضا ما في بعضها من التعبير بالعقوبة، وفي بعضها التعبير بالتضييع.والحاصل: أنه لوال الوجه األول لتعين الثاني، فال وجه لحمل االثبات على الندب

مطلقا بأن ال يجب األداء.

(٢٥٩)

Page 286: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ١٣ - المشكوك في كونه من جلد الحيوان أو من غيرهال مانع من الصالة فيه.

إن الشك قد يكون لعدم العلم بكونه من أجزاء الحيوان أو من النباتاتمثال، فال علم حينئذ بكونه من الحيوان أصال، وقد يكون لعدم العلم بكونه من

أجزاء ما لم يذك أو من أجزاء ما ذكي، بعد العلم بكونه من أجزاء الحيوان.ال إشكال في عدم لزوم إحراز كونه من أجزاء الحيوان في الصالة، إذ تجوز

من غير ذلك البتة، فال شرطية له وإن أوهمها ظواهر بعض النصوص المارة كموثقة" ابن بكير " نعم: على تقدير كونه من أجزاء الحيوان يلزم أن ال يكون ميتة.ثم إنه على الفرض األول من الشكين: ال مجال لالستصحاب البتي، إذ على

فرض كون الميتة عبارة عن غير المذكى - أي األمر العدمي - فهو وإن يمكنجريان األصل إذا كانت مانعة عن الصحة، إال أنه ال يقين سابق فيما ال يعلم بكونه

من أجزاء الحيوان رأسا، نعم: يعلم به سابقا على تقدير كونه من الحيوان.وكيف كان: فال إشكال في جواز الصالة فيه بناء على جعل الميتة مانعة مع

كونها عبارة عن (عدم المذكى) للعلم التفصيلي هنا بجواز الصالة فيه، إما لعدمكونه من أجزاء الحيوان رأسا، أو لعدم المانع المحرز باألصل بعد فرض كونه

منها.وأما الفرض الثاني: فالظاهر عدم االشكال فيه أيضا - وإن كانت الميتة أمرا

وجوديا - إذ قبل لبس ذاك اللباس كان متيقنا بعدم لبس الميتة أو بعدم وجودالمانع، فبعد لبسه يشك في لبس الميتة وعدمه فيحكم بالعدم.

وأما التمسك ب (حديث الرفع) فمبتن على الشمول للحكم الوضعي كالتكليفيوإال فال مجال له.

(٢٦٠)

Page 287: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الرابع: أن ال يكون من أجزاء ما ال يؤكل لحمه وإن كانمذكى أو حيا جلدا كان أو غيره، فال يجوز الصالة في جلد

غير المأكول، وال شعره وصوفه وريشه ووبره، وال في شئ منفضالته، سواء كان ملبوسا أو مخلوطا به أو محموال حتى شعرة

واقعة على لباسه، بل حتى عرقه وريقه وإن كان طاهرا ما دامرطبا، بل ويابسا إذا كان له عين، وال فرق في الحيوان بين

كونه ذا نفس أو ال، كالسمك الحرام أكله.إن استيفاء ما في المتن على ذمة أمور:األول: في بطالن الصالة فيما ال يؤكل

بعد الفراغ عن عدم صيرورة الصالة بما هي مظروفة لشئ من ذلك، فإنأطلق نحو قولنا: " الصالة فيما ال يؤكل لحمه " فإنما المراد ما هو األقرب إلى

الظرفية المذكورة، نحو ما يكون محيطا للمصلي بنحو من اإلحاطة اللبسية،ويتلو هذه الرتبة ما يكون محيطا له بنحو من التلطخ لثيابه - كاللعاب المبلول

به الثوب ونحو ذلك - ويتلو هذه الدرجة ما ال إحاطة أصال بل كان مجرد المعية- كالحقة المحمولة في الجيب - وما إلى ذلك من النظائر.

فيلزم التأمل في نطاق أدلة الباب حتى يتبين أنه يستفاد منها المنع عنجميع هذه المراتب، أو خصوص األولى، أو هي مع الثانية دون الثالثة؟ وتحقيق

ذلك كله رهين نقل ما في الباب من النصوص، كما تلي:

(٢٦١)

Page 288: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فمنها: موثقة " ابن بكير " المتقدمة (١) والمستفاد منها أمور: األول -فساد الصالة في أجزاء ما ال يؤكل سواء كان بنحو اللبس، أو التلطخ - كالروث

والبول - وأما المحمول فهو خارج عن مفادها، لقصور التعبير عن شموله، مع عدمقيام الشاهد الخارجي على ما يعم الميتة.

والثاني - عدم اختصاص ذلك بما كان له لحم حتى ال يشمل الصغار منالحشرات كالبرغوث ونحوه، إذ لم يؤخذ فيه قيد اللحم بل قال " حرام أكله "

وال شهادة لقوله عليه السالم في الذيل "... فإن كان مما يؤكل لحمه... الخ " لعدمالتنافي الموجب للتقييد، إال أن يدعى االنصراف إلى ذوي اللحم من الحيوان

بتناسب األكل ووفور التعبير عن مثله، وإال فال وجه لالختصاص، كما يتضح.الثالث - ربما يوهم قوله عليه السالم "... حتى يصلي في غيره مما أحل الله

أكله... الخ " لزوم كون اللباس من أجزاء الحيوان الكذائي بال اكتفاء بما عدا ذلكمن النباتات، ولكن المقصود هو االشتراط على التقدير - أي على فرض كوناللباس من أجزاء الحيوان فال بد من كونه مما يؤكل - نعم: لم يتضح بعد أن

المجعول حينئذ هو شرطية المأكولية أو مانعية عدمها حسبما استظهر كال منهمافريق، وتظهر الثمرة في األصل، كما يأتي.

الرابع - أنه ال فرق فيما هو المهم في المقام بين كون الحيوان ذا نفس سائلةوعدمه، لعمومية الصدر أوال، ولعدم شهادة الذيل المشتمل على الذبح على

اختصاص الحكم بما يذبح ثانيا، وإال لزم خروج اإلبل أيضا حيث إنه مما ينحروال ذبح فيه، بل المدار هو التذكية، وإنما ذكر الذبح مثاال - كما مر في بحث

الميتة - والغرض هنا تعميم الحكم لغير ذي النفس أيضا.الخامس - أنه ال فرق بين ما تتم الصالة فيه وما ال تتم لعمومية قوله عليه السالم فيها

--------------------(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢٦٢)

Page 289: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

صدرا وذيال، نعم: ليس بنحو يأبى عن التخصيص، فإن دل ما يصلح له ألمكنالحكم به، فارتقب.

إلى غير ذلك مما يمكن استفادته من عموم هذه الموثقة، كما يتضحبعد ذلك.

ومنها: ما رواه عن علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم أو أبا الحسنعليه السالم عن لباس الفراء والصالة فيها؟ فقال: ال تصل فيها إال ما كان منه ذكيا،

قال:قلت: أوليس الذكي مما ذكي بالحديد؟ قال: بلى إذا كان مما يؤكل لحمه (١).ال شمول لها لما عدا اللباس، لقصور السؤال المنحدر نحوه الجواب، وال داللة

لها على االختصاص باللباس أيضا حتى تقيد اطالق ما دل على المنع عند التطخ مثال.ومنها: ما رواه عن أبي تمامة قال: قلت ألبي جعفر الثاني عليه السالم: إن بالدنابالد باردة فما تقول في لبس هذا الوبر؟ فقال: البس منها ما أكل وضمن (٢).

إن المراد من اإلشارة في السؤال إن كان هو الشخص الخارجي المشار إليه فالحجية لها حينئذ، إذ ال يستفاد منها عدا حكم الفرد الخاص ال الضابطة، ولعله

ال يالئمه الجواب أيضا. وإن كان المراد منها ما هو الدارج لبسه في تلك البالدفيكون إشارة إلى النوع ال الفرد، فحينئذ يدل الجواب على لزوم كونه مما يؤكلعلما أو لضمانة البايع وأخباره أو تعهده أو نحو ذلك، حيث إنه ذو اليد بناء علىإرادة (أو) من لفظة (و) نعم: ال تعرض لها بالنسبة إلى الصالة، كما أنها قاصرة

الشمول للمحمول، بل مختصة بما يصدق فيه اللبس.ومنها: ما رواه عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إليه: يسقط على

ثوبي الوبر والشعر مما ال يؤكل لحمه من غير تقية وال ضرورة؟ فكتب: ال تجوزالصالة فبه (٣).

--------------------(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٣ و ٤.(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٣ و ٤.(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٣ و ٤.

(٢٦٣)

Page 290: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وظاهرها المنع عن الشعر الملقى، فيستفاد منه المنع عن الملبوس باألولوية،بل الجواب بنفسه شامل له أيضا، وأما المحمول فهو خارج عن شمولها له.

ومنها: ما رواه عن الحسن بن علي الوشا قال: كان أبو عبد الله عليه السالم يكرهالصالة في وبر كل شئ ال يؤكل لحمه (١).

والمراد من الكراهة إن كان معناها المصطلح في الفقه المقابل للحرمة،فتدل على الجواز في وبر ما ال يؤكل لحمه، فتعارض ما دل على المنع عنه كغيره من،

أجزاءه، وأما إن كان المراد منها ما هو الجامع المالئم للحرمة أو خصوص الحرمةبقرينة غيره من نصوص الباب، فال تعارض. وعلى أي تقدير: ال اندراج للمحمول

الذي يكون مع المصلي، وال تصدق (الصالة فيه).ومنها: ما رواه عن وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السالم قال: يا علي ال

تصل في جلدما ال يشرب لبنه وال يؤكل لحمه (٢).

وداللتها على المنع من الصالة في جلد ما ال يؤكل لحمه واضحة، نظير غيرهامن النصوص السابقة. وقصورها عن شمول المحمول أيضا نحوها.

ومنها: ما رواه عن العلل... عن محمد بن إسماعيل باسناده يرفعه إلىأبي عبد الله عليه السالم قال: ال تجوز الصالة في شعر ووبر ما ال يؤكل لحمه، ألن

أكثرها مسوخ (٣).ال إشكال في تمامية داللتها على المنع لوال الذيل، وأما هو فإن أريد منه

التعليل فيلزم دوران الحكم مدار المسخ وجودا وعدما بال دخالة لعنوان (محرماألكل) أصال، ألن العلة معممة من جهة ومخصصة من أخرى، فعند إناطة

الحكم بالمسخ يلزم انحصاره به منعا وجوازا، وهو كا ترى. وإن أريد منه بيانالحكم ال العلة فهو غير مناسب في خصوص المقام، ألن بيان النكتة والجهة الحكمية

--------------------(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٦ و ٧.(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٦ و ٧.(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٦ و ٧.

(٢٦٤)

Page 291: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إنما هو بذكر ما تناله يد األفهام العرفية، فيكون البيان حينئذ بمثابة إحياء ماارتكز في األذهان، نظير ما لو قيل في المنع عن التزويج في العدة: إنه لصيانة الرحم

عن اختالط المياه، حيث إن العرف يدركه أيضا، وأما المقام الذي يكون بيانممسوخية كل حيوان بيد الشرع - بحيث لوال بيانه لما أدركه العرف أصال - فال،ومعه ال يصلح تقريب الحكم بذكر المسخ حكمة له، إذ ال صلوح لمثله ألن يصير

نكتة حكمية له، لما نوضحه فيما يلي. وإن كان فال بد، فليحمل على بيان ما يوجبتنفر الطبع. والحاصل: أن صلوح صيانة الرحم عن االختالط للحكمة وعدم

صلوح الممسوخية لها، بأن (الثاني) تحديده وبيان موارده بيد الشرع، فلو بينالممسوخ وميزه عن غيره فال اشتباه، وال مجال أيضا لالحتياط بسراية المنع إلى

الجميع ألجل كون األكثر مسوخا.وأما (األول) فمما ال يمكن بيان موارده، إذ ال يمكن الحصر وعد أن أي

رحم يختلط فيها المياه وأيها ال تختلط؟ فلذا يمنع عنه بالمنع العام صونا عن ذاكالمحذور، وكم فرق بين المقامين، فالتمسك بهذه الرواية - مع كونها مرفوعةتجاه تلك النصوص الناطقة بدوران الحكم مدار حرمة األكل مطلقا بال دخالة

للمسخ - غير سديد.ومنها: ما رواه عن تحف العقول، عن الصادق عليه السالم في حديث قال: وكل ما

أنبتت األرض فال بأس بلبسه والصالة فيه، وكل شئ يحل لحمه فال بأس بلبسجلده الذكي منه وصوفه وشعره ووبره، وإن كان الصوف والشعر والريش والوبر

من الميتة وغير الميتة ذكيا فال بأس بلبس ذلك والصالة فيه (١).وداللتها على المنع مما ال يؤكل لحمه متوقفة على كونها بصدد التحديد

الدال بمفهومه على ذلك وال يبعد، فتدل بقوله عليه السالم " وكل شئ يحل لحمه...الخ "

على المنع فيما عدا مورد القيد، حيث إنه مأخوذ في كالمه عليه السالم بدوا، نعم: إننوقش في التحديد فال مفهوم له حينئذ.

--------------------(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٨.

(٢٦٥)

Page 292: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فتحصل من هذه الطائفة بطالن الصالة في أجزاء ما ال يؤكل لحمه، بال فرقبين أنواع ذاك الحيوان من السباع وغيرها - لالطالق - وبال فرق بين الملبوس

والمتلطخ الذي يصدق عليه الظرفية التسامحية، بخالف المحمول الذي ال يصدق عليهإال المعية أصال، وبال فرق بين ما تتم الصالة فيه وما ال تتم، الطالق بعض ما مر،

وعمومموثقة " ابن بكير " وسيأتي الكالم فيه، وبال فرق بين ذي النفس وغيره لما مر أيضا.

األمر الثاني: في عدم الفرق بين السباع وغيرهاثم إن في الباب نصوصا أخر، لعله يتمسك بها للتفصيل بين السباع وغيرها،

باختصاص المنع باألول دون الثاني، فيلزم نقلها والتأمل في كل منها أوال، ثمالجمع بين الطائفتين ثانيا، فالكالم في مقامين: أحدهما في نقل تلك النصوص،

والثاني في عالج تعارضها.أما المقام األول

ففي النصوص المفصلة بين السباع وغيرهافمنها: ما رواه عن عبد الله بن إسحاق، عمن ذكره، عن مقاتل بن مقاتل قال:

سألت أبا الحسن عليه السالم عن الصالة في السنور والسنجاب والثعلب؟ فقال: ال خيرفي

ذا كله ما خال السنجاب، فإنه دابة ال تأكل اللحم (١).إن داللة هذه المرسلة على اختصاص المنع بالسباع، بأن يكون الذيل

- تعليال للجواز في السنجاب - داال على إناطة المنع بآكلية اللحم، فالحيوان الذييأكل اللحم حسب الجري العادي ويعيش ويديم حياته به ال تجوز الصالة في أجزاءهثم يجعل هذا كناية عن كونه سبعا، وما ال يأكل اللحم حسب العادة إلدامة المعاش

فليس بسبع فتجوز الصالة في أجزاءه، وإن كان هو بنفسه محرم األكل.--------------------

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٢٦٦)

Page 293: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: ما رواه عن علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله وأبا الحسن عليهماالسالم

عن لباس الفراء والصالة فيها؟ فقال: ال تصل فيها إال ما كان منه ذكيا، قلت:أوليس الذكي مما ذكى بالحديد؟ قال: بلى إذا كان مما يؤكل لحمه، قلت: وماال يؤكل لحمه من غير الغنم؟ قال: ال بأس بالسنجاب، فإنه دابة ال تأكل اللحم،

وليس هو مما نهى عنه رسول الله إذ نهى عن كل ذي ناب ومخلب (١).إن في المتن - بعد الغض عن السند بابن حمزة البطائني - اضطرابا ال يستقر على

أمر، ألن مفاد قوله عليه السالم " بلى إذا كان مما يؤكل لحمه " هو دوران الحكممدار

حرمة أكل اللحم وعدمها بال دخالة لعنوان آخر، ومفاد التعليل هو دوران الحكممدار السبعية وآكلية اللحم وعدمها، سواء كان ذاك الحيوان بنفسه محرم األكل

أم ال. وكذا مفاد قوله عليه السالم " وليس هو مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليهوآله... الخ " إذ

المراد من النهي هنا إن كان النهي عن الصالة في أجزاءه فيلتئم مع سابقه في الجملة،وأما إن كان المراد منه النهي عن أكل لحمه فيلزمه أن السنجاب مما لم ينه عن

أكله، مع أنه محرم األكل باالجماع ظاهرا.وكذا مفاد قوله " وما ال يؤكل لحمه من غير الغنم " حيث إن استثناء الغنم

مما ال يؤكل غير مناسب، لتالئمه مع ما يؤكل ال ما ال يؤكل - كما هو واضح -ولذلك اختلفت النسخ، بل ادعى خلو األصل المنقول منه عن لفظة (ال) فحينئذ يلزم

أن يكون السنجاب مأكول اللحم، إذ بعد حذف لفظة (ال) يصير ما بعد ذلك ممايندرج تحت مأكول اللحم، وهو كما ترى. فال مجال للتمسك برواية هذا شأنها

سندا ومتنا.ومنها: ما رواه عن سعد بن سعد األشعري، عن الرضا عليه السالم قال: سألته عنجلود السمور، فقال: أي شئ هو ذاك األدبس؟ فقلت: هو األسود، فقال: يصيد؟

--------------------(١) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(٢٦٧)

Page 294: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قلت: نعم يأخذ الدجاج والحمام، فقال: ال (١).إن ظهورها في دوران الحكم مدار السبعية وعدمها باستعالمه عليه السالم عن

حال ذاك الحيوان من حيث الصيد واالفتراس، فلما أجيب بذاك حكم عليه السالمبالمنع،

فلو كان المنع دائرا مدار حرمة األكل لما كان لهذا االستعالم أثر فهو دال علىاختصاص الحكم بالصائد الذي هو عبارة أخرى عن المفترس، للسبعية الكائنة فيه.

نعم: ال تعرض فيها للصالة.ومنها: ما رواه عن إسماعيل بن سعد بن األحوص قال: سألت أبا الحسنالرضا عليه السالم عن الصالة في جلود السباع؟ فقال: ال تصل فيها (٢).

وال داللة لها على االختصاص أصال، ألن السؤال إنما هو عن جلودها فأجيببالمنع، بال ظهور في جواز غيرها، إذ ال مانع من السؤال عن غيرها فيجاب

بالمنع أيضا، فليس في وسع هذا النص تقييد ما يدل على المنع باالطالق الشاملللسباع وغيرها سواء.

ومنها: ما رواه عن قاسم الخياط أنه قال: سمعت موسى بن جعفر عليه السالم يقول:ما أكل الورق والشجر فال بأس بأن يصلى فيه، وما أكل الميتة فال تصل فيه (٣).إن تقريب داللتها على دوران الحكم مدار السبعية هو تحديده عليه السالم الجواز

بما يكون دوام عيشه وبقاء حياته بالجري العادي بأكل النبات، وتخصيصه عليه السالمالمنع بما يكون ذلك فيه بأكل اللحم - بناء على عدم اختصاص الميتة به لكونذكرها تمثيال ال تعيينا كما هو الظاهر - مع جعل ذلك كناية مشيرة إلى السبعية

واالفتراس.نعم: يكون الحد االثباتي مطلقا، ألن آكل النبات قد يكون محلل اللحم

--------------------(١) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢.

(٣) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢.

(٢٦٨)

Page 295: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

كالغنم وقد يكون محرم اللحم كاألرنب ونحوه، فال مانع حينئذ من تقييده بما دلعلى المنع فيما ال يؤكل لحمه إن أمكن التقييد بذلك، لكونه خاصا أو أظهر من

هذا الحد االثباتي.والسند غير معتبر ألجل " القاسم " نعم: عن المجلسي األول (ره)

" هاشم الحناط ".ومنها ما رواه عن عيون األخبار عن الرضا عليه السالم في كتابه إلى المأمون قال:

وال يصلى في جلود الميتة وال في جلود السباع (١). وقريب منها روايةاألعمش عن جعفر بن محمد عليهما السالم (٢).

وداللتهما على االختصاص بالسباع إنما هي ألجل أخذها في كالم المعصومعليه السالم بدوا فلو لم يكن لها خصيصة لما أخذت بخصوصها في كالمه عليه

السالم، بل يؤخذما هو المناط نحن (ما ال يؤكل لحمه) مثال.

وأما المقام الثانيففي الجمع بين نصوص الباب

قد يتخيل عدم االعتداد بنصوص التفصيل بين السباع وغيرها، لقيام االجماععلى البطالن في أجزاء ما ال يؤكل لحمه، سواء كان ذاك الحيوان سبعا أم ال.

وفيه: أنه محتمل المستند، إذ يحتمل أن يكون ذهاب األصحاب إلى المنع مطلقاإنما هو لترجيح نصوص إطالق المنع على نصوص التفصيل سندا أو متنا، فالالزم

هو النظر المستأنف في تلك النصوص حتى يتجه سر تقدم تلك على هذه، فنقول:أما رواية " مقاتل بن مقاتل " ففيها مع إرسال السند واشتماله على

" مقاتل " الضعيف، كالم يمكن التعرض له في البحث عن الجواز في السنجاب،--------------------

(١) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ٣ و ٤.

(٢) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ٣ و ٤.

(٢٦٩)

Page 296: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولعله محمول على االضطرار. وحيث إن الحكم غير متلقى بالقبول لدى األصحاببل أفتوا بخالفه، فال يمكن جبران ضعفه بالعمل.

وأما رواية " علي بن أبي حمزة " ففيها االضطراب المار سابقا، مع اشتمالسندها على " البطائني " الواقف على الكاظم عليه السالم المنكر إلمامة الرضا عليه

السالم، ونحنوإن رجحنا العمل بما يرويه (في كتاب الحج) ولكن لشواهد هناك دلت علىاختصاص االعتداد بما يروى عن حال استقامته، وأما ما يروى عن حال وقفه

واعوجاجه فال، بل ال ينقل األجالء الثقات المعتمد عليهم من األصحاب عنه فيحالته المشئومة، وفي المقام قد نقل عنه " سليمان الديلمي " الذي ليس بثقة.

وأما رواية " سعد بن سعد األشعري " فسندها وإن كان معتبرا، إال أنمن المحتمل قريبا كون االستعالم إنما هو ليتبين انطباق عنوان المحرم عليه،

ال لدخالة خصوصية الصيد والسبعية. توضيحه: أن مناط الحكم لدى المعصوم عليهالسالم

- حسب النصوص المطلقة - هو ما ال يؤكل لحمه، فعند انطباقه على حيوان لحكمبعدم جواز الصالة فيه، وأما عند عدم اتضاح انطباقه يستعلم عن سائر ماله مناألوصاف حتى يمتاز به عما عداه ويتبين به اندراجه تحت ذاك العنوان األصيل

الهام، وحيث إن المندرج تحته أنواع من السباع والحشرات ونحوهما، فيستعلمعن حال ذاك الحيوان الخاص - أي السمور - أنه يصيد أم ال؟ فإذا قيل: بأنهيصيد يعلم بانطباق ذاك العنوان األصيل عليه فيحكم في ضوئه بالمنع، ال ألن

األصالة للصيد واالفتراس، فمعه ال تنافي بينها وبين ما يدل على دوران الحكممدار ما ال يؤكل، فال تعارض في البين أصال.

أضف إلى ذلك كله ما أشير إليه سابقا: من عدم تعرضها للصالة. اللهم إالبشاهد خارجي وهو (أن محرم األكل ليس كالميتة مما ال يملك وال يجوز االنتفاع

الدارج منه بل يجوز بيعه واالنتفاع منه) فحينئذ ال بد من حمل قوله عليه السالم " ال "

(٢٧٠)

Page 297: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

على عدم جواز الصالة فيه، بقرينة غيرها من النصوص. وأما رواية " سعد بناألحوص " فال تنافي بينها وبين المطلقات، لكونهما مشتركين في الحكم، بال داللتها

على الحصر، لورودها في جواب خاص لسؤال مخصوص، كما مر.وأما رواية " قاسم الخياط " فالسند ضعيف، لعدم العثور على حال

" قاسم الخياط " في كتب الرجال، فال اعتداد بها بعد إعراض األصحاب عنالعمل بمضمونها (١).

وأما روايتا " الفضل بن شاذان " و " األعمش " فظهورهما في الجواز فيماعدا السباع سكوتي، حيث إنه عليه السالم كان بصدد البيان وسكت عما عداها، فلو

نطقتنصوص أخر بما يعمها وغيرها مما ال يؤكل لحمه فال ريب في تقدمها عليها، لقوة

الناطق وضعف الصامت.فتحصل من السبر والتقسيم والفحص عن كل واحدة واحدة من هذه النصوص

- المتوهم ظهورها في التفصيل - أنها قاصرة عن ذلك، لدوران أمرها بين ضعفالسند أو المتن أو كليهما معا. وإن كان فيها ماله ظهور ما في ذلك، فهو غير آبعن التقييد بما عداها - كما مر - فاألقوى وفاقا لألصحاب: هو عدم الفرق بين

السباع وغيرها.--------------------

(١) ويمكن أن يقال: بصحة السند على ما ضبطه المجلسي ب " هاشم الحناط " وكذاالمتن أيضا بعدم االعراض، ألن األصحاب قالوا: مدار الحرمة هو كون الحيوان من السباع

أو المسوخ أو الحشرات، وحيث إن آكل الشجر أو اللحم ليس من األخير، فإن حكم الشرعبأنه من المسوخ يحرم أكله، فيكون مخصصا للفقرة األولى.

(٢٧١)

Page 298: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األمر الثالث: في عدم الفرق بين ذي النفس وغيرهوالحق هو استواء ذي النفس وغيره في المنع واشتراكهما فيما مر، لعدم

قصور النصوص عن الشمول، ولعدم محذور في اندراجه تحتها، فتوهم االنصرافعن غير ذي النفس خال عن السداد.

وغاية ما يمكن التشبث به الختصاص المنع بذي النفس هو اشتمال ذيل(موثقة ابن بكير) التي هي العمدة في الباب على عنوان ال ينطبق على غيره، وذلك

لقوله عليه السالم "... ذكاه الذبح " إذ ال بد في المقسم من صلوحه للذبح وهو إنمايكون

في ذي النفس ال في غيره.ولبيان اندفاعه نقدم مقدمة وجيزة وهي: أنه وإن ال يتمسك بالعام في

الشبهة المصداقية للمخصص، ولكن يتمسك به في الشبهة المفهومية له إذا كانمنفصال، فيؤخذ به فيما عدا المتيقن خروجه منه - أي من ذلك العام - كما في محله

فال يسري االجمال المفهومي للمخصص المنفصل إلى العام، إذا عرفت هذا فنقول:إن المستفاد من صدر (الموثقة) هو التعميم الشامل لجميع أنواع ما ال يؤكل

وكان هذا الصدر حسب شهادتها امالء رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان مطلقا بالقيد، ثم

احتيج إلى قيد ليتم نصاب الجواز فيما يؤكل وهو افتقاره إلى التذكية، فمجردكون الحيوان مأكول اللحم بحسب طبعه شرعا غير كاف في جواز الصالة في جميع

أجزاءه مطلقا (سواء ذكى أو صار ميتة) بل ال بد من التذكية، فهذا تقييد فيمايؤكل وهو خارج عن البحث. وأما ما ال يؤكل فأفيد فيه: أنه غير جائز فيه مطلقا

سواء ذكي بالذبح أو ال، يعني أنه باق على منعه المطلق وال يؤثر فيه التذكيةالتي هي في كل شئ بحسبه: من الذبح في بعض، والنحر في بعض، والصيد في

بعض، والخروج من الماء حيا عند حضور المسلم في بعض. وال يمكن اختصاصالتذكية بالذبح، وإال لزم عدم جواز الصالة في أجزاء البعير المنحور، ألن التذكية

(٢٧٢)

Page 299: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والذبح في كال البابين واحد - وهو كما ترى - فال خصوصية للذبح أصال. وعلىتسليم احتمالها الموجب لالجمال المفهومي للتذكية سعة وضيقا في المقام، فال بد

من التمسك بعموم الصدر المنفصل عنه صدورا وإن اجتمعا معا هنا.ثم إنه يؤيد التعميم بروايتي (٦ و ٧ باب ٢ من أبواب لباس المصلي)

لصلوحهما للتأييد، فراجع.مسألة ١٤ - ال بأس بالشمع والعسل والحرير الممتزج ودم

البق والقمل والبرغوث ونحوها من فضالت أمثال هذهالحيوانات مما ال لحم لها، وكذا الصدف لعدم معلومية كونه

جزء من الحيوان، وعلى تقديره لم يعلم كونه ذا لحم. وأمااللؤلؤ فال اشكال فيه أصال، لعدم كونه جزء من الحيوان.

قد مر في ثنايا البحث المار عدم قصور ما هو األصيل في الباب أعني (موثقةابن بكير) عن الشمول لغير ذي اللحم، إذ لم يؤخذ في صدرها المنفصل عنه الذيل

صدورا عنوان (اللحم) أصال، وأما أخذه في الذيل فإنما هو لبيان لزوم التذكيةفي المأكول، وذلك إنما يتحقق في ذي اللحم دون غيره، فال صلوح له للتقييد،

إذ ال داللة لها على الحصر المنافي لالطالق.نعم: ال يبعد دعوى االنصراف حسب قيام السيرة القطعية للمسلمين بما هم

مسلمون منتهية إلى عصر األئمة عليهم السالم وذلك: لعدم انفكاكهم عن المزاولةواألكل

للعسل وكذا مزاولة الشمع عند الخياطة ونحوها، وكذا غير واحد من صغارهو أم البدن حيا أو ميتا مع فضالتها، وما إلى ذلك. فحينئذ لو انحدر الخطاب

(٢٧٣)

Page 300: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نحوهم فيتلقون ما عدا ذلك قطعا، بل اإلمام عليه السالمنفسه كان ممنوا ببعضها أيضا،

كالعسل والشمع ونحوهما، فصدور حديث المنع في هذه الحالة يوجب انصرافهاإلى ذي اللحم، وال مجال حينئذ الحتمال كون عموم (الموثقة) رادعا للسيرة،

ولذلك لم تختلف تلك السيرة المستمرة قبل المنع وبعده، بل كانت بحالها الذيكانت عليها قبل صدور المنع مع كونها بمرأى من الشرع األنور ومسمع منه،

فال بأس بشئ من أجزاء غير ذي اللحم أصال، فال نطيل بعد االتضاح.مسألة ١٥ - ال بأس بفضالت اإلنسان ولو لغيره كعرقه ووسخهوشعره وريقه ولبنه، فعلى هذا ال مانع في الشعر الموصول بالشعر

سواء كان من الرجل أو المرأة، نعم: لو اتخذ لباسا من شعراإلنسان فيه اشكال، سواء كان ساترا أو غيره، بل المنع قوي

خصوصا الساتر.ال إشكال في الجملة في جواز الصالة في فضالت اإلنسان من الشعر ونحوه،

وإنما الكالم في أنه خرج بالتخصيص أو بقصور الدليل المنصرف إلى ما عداه رأسا.فعلى األول: يقتصر على نطاق دليل الخاص، فإن قصر عن شمول ما إذا

اتخذ من شعره لباس يحكم بالمنع فيه، لتمامية نصاب حجية العام فيما لم يخرجبالتخصيص. وعلى الثاني: ال يقتصر على أمر دون آخر، الستواء الجميع في الجواز،إذ الفرض انصراف ما ال يؤكل عن اإلنسان، فعليه ال فرق بين الشعر الواحد الملقى،وبين الشعر الكثير الموصول، وبين الشعر المجتمع المتخذ منه اللباس، إذ ال يصدق

على شئ من ذلك أنه من أجزاء ما ال يؤكل، لفرض االنصراف عنه.

(٢٧٤)

Page 301: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نعم: تختلف هذه المذكورات في مراتب االنصراف شدة وضعفا معاشتراكها جميعا في أصله. والذي يقوى في النظر هو (الثاني) وذلك لقيام السيرة

القطعية على عدم االجتناب عن الدموع المصبوبة حال الصالة خوفا من جالل اللهتعالى كما في األولياء، أو الغزيرة المصبوبة في مأتم أهل البيت عليهم السالم، أو في

مصائبأخرى، مع الصالة بال غسل وازالتها، وكذا المياه األخر الخارجة من األنف

والفم واألذن، أو حال الحركة العنيفة والحرارة المطيفة بالبدن الموجبة للعرق،وما إلى ذلك من الشعر والظفر وغيرهما، بال فرق في ذلك بين اإلمام عليه السالم

وغيره،ألن اإلنسان كله في ذلك سواسية، هذا بالنسبة إلى نفسه. وأما بالنسبة إلى غيره

فكذلك أيضا، إذ قلما ينفك اإلنسان عن تقبيل أوالده الصغار المصحوبين معفضالتهم الطاهرة سيما الدمع والعرق، بل وكذا الزوجة عند المضاجعة، وحشر

الناس بعضهم مع بعض عند التصافح صيفا وشتاء، إلى غير ذلك من النظائر المختلفةفي االبتالء شدة وضعفا الموجبة الختالف مراتب االنصراف كذلك.

فمع االلتفات إلى هذه السيرة القطعية المتصلة إلى عصر الوحي والحديثلو صدر المنع عن ما ال يؤكل النصرف إلى ما عدا مورد السيرة الحتمية ال محالة

فيكون المراد الجدي مما ال يؤكل لحمه هو غير اإلنسان من أنواع الحيوان،فحينئذ ال يدور األمر مدار التعارف وأن الشعر الموصول كان متعارفا وأما المتخذمنه اللباس فال، ألنهما وإن اختلفا في التعارف وعدمه، ولكن المقسم وهو خروج

اإلنسان رأسا مشترك فيه بينهما، فعليه ال غرو في تجويز الصالة في اللباسالكذائي أيضا.

نعم: لو كان الخروج بالتخصيص للزم االقتصار على نطاق دليله، مع بقاء ماعداه تحت عموم المنع. نحو ما رواه عن علي بن الريان بن الصلت، أنه سأل أبا

الحسنالثالث عليه السالم عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره ثم يقوم إلى الصالة من غير أن

ينفضه

(٢٧٥)

Page 302: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من ثوبه؟ فقال: ال بأس (١).وظاهره شعر اإلنسان لنفسه وكذا ظفره، وأما لغيره فال، فيمكن االقتصار

على مثل ذلك للعسر والحرج، وأما ما عداه فيحتمل المنع، وإن كان الحق ما عرفتمن الجواز مطلقا (لالنصراف) والغرض أنه لو كان الخروج للتخصيص بهذا النص

ونحوه أو للحرج لزم االقتصار على مدلوله وعلى مورده وهو خصوص شعر اإلنسانوظفره لنفسه.

وكذا ما رواه عن علي بن الريان قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السالم: هلتجوز الصالة في ثوب يكون فيه شعر من شعر اإلنسان وأظفاره من قبل أن ينفضه

ويلقيه عنه؟ فوقع: يجوز (٢) ومن المحتمل اتحادهما وكونهما رواية واحدةنعم: على فرض االختالف - بشهادة الكتابة والتوقيع في الثانية والسؤال في األولىمع تغير ما في المتن - تدل هذه على الجواز بالنسبة إلى الغير أيضا، الطالق لفظ

(اإلنسان) بخالف األولى لقصورها عن الشمول ألي إنسان كان، بل ينحصربالنسبة إلى نفسه.

ونحو ما رواه عن قرب اإلسناد، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيهأن عليا عليه السالم سئل عن البصاق يصيب الثوب؟ قال: ال بأس به (٣).

وفيه: أنه بعد قصور السند ب " ابن علوان " ال ظهور لها فيما ال يؤكل لحمه،لالحتمال القوي برجوع مصب السؤال والجواب إلى جهة النجاسة، ومعه المساس

لها بالمقام، وعلى تسليم الشمول ال يجدي في الجواز المطلق.فالمهم هو انصراف ما ال يؤكل عن اإلنسان، ومعه تجوز الصالة في جميع

فضالته الطاهرة حتى الشعر المتخذ منه اللباس، مع جعل هذه النصوص الخاصةوأشباهها مؤيدة لذلك في الجملة. وال فرق حينئذ بين الساتر وغيره.

--------------------(١) الوسائل باب ١٨ من أبواب لباب المصلي ح ١ و ٢.(٢) الوسائل باب ١٨ من أبواب لباب المصلي ح ١ و ٢.

(٣) الوسائل باب ١٧ من أبواب النجاسات ح ٦.

(٢٧٦)

Page 303: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ١٦ - ال فرق في المنع بين أن يكون ملبوسا أوأو جزء منه أو واقعا عليه أو كان في جيبه، بل ولو في حقة هي

في جيبه.إن الملبوس - وكذا الجزء المجعول سداه، أو لحمته، أو الجزء الملقى عليه

أو على الالبس - مما يصدق عليه أنه صلى فيه، بعناية الظرفية الكذائية، حسبانسباق ذلك كله من (موثقة ابن بكير) التي هي األصل في الباب، لشمولها التطخأيضا. وأما المحمول: فقد مر تحقيقه في ثنايا البحث عن نصوص الباب، واتضح

هناك قصورها عن شموله فال منع فيه، إذ ليست لفظة (في) بمعنى (مع) بللم أتحقق استعمالها فيه مجازا وإن ادعى، فحينئذ يكون المفاد هو الظرفية اللبسية

أو التلطخ، وأما مجرد (المعية) فال.بقي في المقام الميز بين ما تتم الصالة فيه وما ال تتم.

قد اختلفت النصوص الواردة في المقام وغيره مائزة بين ما تتم الصالة فيه وماال تتم: من الجواز في الثاني والمنع في األول، مع ورود بعضها في التسوية بينهماوعدم اختصاص المنع باألول بل يعم الثاني أيضا، فيلزم نقل هاتين الطائفتين أوال،

ثم العالج والجمع بينهما ثانيا. فتمام الكالم رهين أمرين.األمر األول

في نصوص البابفأما الطائفة المجوزة - فمنها: ما رواه عن زرارة، عن أحدهما عليهما السالم، قال:كل ما كان ال تجوز فيه الصالة وحده فال بأس بأن يكون عليه الشئ مثل القلنسوة

(٢٧٧)

Page 304: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والتكة والجورب (١).وظاهرها العفو عما يكون مانعا عن الصالة في نفسه إذا تحقق فيما ال تتم

الصالة فيه وحده، سواء كان ذاك المانع هو التنجس أو الجزئية لما ال يؤكل أو غيرهماوال ريب في ظهورها القوي في عمومية العفو في جميع ما ال تتم.

ومنها: ما رواه عن زرارة قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: إن قلنسوتي وقعتفي بول فأخذتها فوضعتها على رأسي ثم صليت؟ فقال: ال بأس (٢).

أن المستفاد من السؤال هو اختصاص البول بخصوصية المنع في الجملة،ال مثل بول ما يؤكل لحمه إذ ال حظر هناك حتى يسأل عن حكمه، فهذه الخصوصية

هي الموجبة للسؤال، نعم: ال اختصاص لذلك ببول اإلنسان، فإن ادعى االنصرافإليه - ألنه المبتلى به غالبا - فهو خال عن الشاهد. فيعم البول الذي صرح بالمنع

عن (موثقة ابن بكير).ونحوها ما رواه عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ال بأس بالصالة في الشئ الذي

ال تجوز الصالة فيه وحده يصيب القذر مثل القلنسوة والتكة والجورب (٣).وحيث إن القذر باطالقه شامل لقذر ما ال يؤكل لحمه - ألنه المهم في

القذارة - فتدل هذه الرواية على جواز الصالة فيه.ومنها: ما رواه عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: كل ما ال تجوز الصالة

فيه وحده فال بأس بالصالة فيه، مثل التكة اإلبريسم والقلنسوة والخف والزناريكون في السراويل ويصلى فيه (٤).

وظاهر الصدر: هو العفو عما يصلح للمانعية في نفسه، بال اختصاص له بمانعدون آخر، وبال تقييد بشئ من الموانع. وأما الذيل: فهو نص في بعض موارد

--------------------(١) الوسائل باب ٣١ من أبواب النجاسات ح ١ و ٣ و ٤.(٢) الوسائل باب ٣١ من أبواب النجاسات ح ١ و ٣ و ٤.(٣) الوسائل باب ٣١ من أبواب النجاسات ح ١ و ٣ و ٤.

(٤) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٢٧٨)

Page 305: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

خاصة كاإلبريسم، وكيف كان: يدل بالعموم واالطالق على الجواز.إلى نحو ذلك مما يمكن العثور عليه بالتتبع، مثل ما رواه عن محمد بن

عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السالم أسأله هل يصلى في قلنسوة عليهاوبر ما ال يؤكل

لحمه أو تكة حرير محض أو تكة من وبر األرانب؟ فكتب: ال تحل الصالة في الحريرالمحض وإن كان الوبر ذكيا حلت الصالة فيه إن شاء الله (١).

إن المستفاد من السؤال هو أعم من المنسوج لشموله الشعر الملقى أيضا،حيث إنه لو وقع على قلنسوة مثال يصدق عليه أنه عليها. وأما الجواب، فحيث إنه

ال ضير في الحرير الممتزج فلذا منع عن المحض منه. وأما ذكاة الوبر فإن أريد منها(التذكية) فال ريب في عدم اعتبارها فيه، لجواز الصالة في المجزوز من الميتة بالمنع، وإن أريد منها (الطهارة) حيث إنها - أي التذكية - قد تستعمل بمعناها فال

خالف في عدم اعتبارها - أي الطهارة - فيما ال تتم، لجواز الصالة في المتنجس منهويحتمل أن يكون المراد منها المعنى األخير - أي الطهارة - ولكن ال على اعتبارها

نفسها فيما ال تتم كغيره، بل ألن نجاسته مستلزمة للسراية إلى غيره مما تتم فيه الصالةكالسراويل واألزار المناسب له التكة، فلو كان ذاك الوبر المعمول منه التكة مثال

طاهرا باألصل - كما إذا كان من المذكى أو مجزوزا من الميتة أو بالغسل كما إذاكان منتوفا منها - فال إشكال فيه. وليتنبه أن الجواب وإن كان مطلقا شامال لما

تتم أيضا، إال أنه نص في مصب السؤال، بحيث ال يمكن اخراجه عنه - فهذه هيالطائفة المجوزة.

وأما الطائفة المانعة - فمنها: ما رواه عن علي بن مهزيار قال: كتبإبراهيم بن عقبة: عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر األرانب فهل تجوز الصالة

--------------------(١) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(٢٧٩)

Page 306: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

في وبر األرانب من غير ضرورة وال تقية؟ فكتب عليه السالم: ال تجوز الصالة فيها.(١)

قد يمكن توثيق السند بأن " ابن مهزيار " من األجالء والثقات، وهو نسبالكتابة إلى " إبراهيم بن عقبة " فلو لم يثبت له أنه كتب لم ينسب إليه، فال بد منأن يكون قد رآها أو ثبت له ذلك بالوثاقة بأن أخبره إبراهيم نفسه بأنه كتب وكان

إبراهيم ممن يثق به ابن مهزيار، ومن المعلوم: أن وثوق مثل ابن مهزيار بشخصليس أقل وال أنزل من توثيق بعض أهل الرجال كالنجاشي له. وكيف كان: إناالسناد الجزمي للمكاتبة إيل إبراهيم دال على أنه ثبت البن مهزيار أنه الكاتب،

فال كالم حينئذ فيه.وأما المكتوب إليه: فمن المحتمل بعيدا غاية البعد أنه غير اإلمام عليه السالم

، إذال ينقل ابن مهزيار كتابة عادية ال جدوى فيها من جهة التشريع أصال، فالموثوق به

هو كونه المعصوم عليه السالم فمعه ال نقاش في السند.وأما المتن: فظاهره المنع فيما ال ضرورة عند العمل وال اتقاء عند االمتثال.

والمراد من التقية هنا هو تقية المكلف في مقام العمل، ال اتقاء اإلمام عليه السالمفي موطن الحكم وبيان الواقع، كما سيتضح الميز بينهما، فارتقب.

ومنها: ما رواه عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن إسحاق األبهري قال: كتبتإليه، جعلت فداك عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر األرانب فهل تجوز الصالة

في وبر األرانب من غير ضرورة وال تقية؟ فكتب: ال تجوز الصالة فيها (٢).ال مجرى للتمحل السابق في توثيق سند هذا الحديث بعد ضعف " ابن إسحاق "

وعدم جزم " ابن مهزيار " في إسناد الكتابة إليه، وبعد عدم إحراز استناد األصحابالقائلين بالمنع إليه وإن أردفه في الجواهر تصحيحا له - مع عدم احتمال اتحاد

المكاتبتين بعد تعدد الكاتب - فحينئذ ال مجال لالعتماد بهذا النص، فالمهم في بابالمنع هو المكاتبة األولى.

--------------------(١) الوسائل باب ٧ من أبواب لباس المصلي ح ٣ و ٥.(٢) الوسائل باب ٧ من أبواب لباس المصلي ح ٣ و ٥.

(٢٨٠)

Page 307: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األمر الثانيفي الجمع بين نصوص الباب

ثم إنه بعد استقرار التعارض بين طائفتي المنع والجواز قد يجمع بينهمابحمل المنع على الكراهة كما عن " الشيخ " في المبسوط " العالمة " في غير واحد

من كتبه ومن احتذى حذوهما. وقد يجمع بحمل الجواز على التقية أي اتقاءالمجيب في بيان الواقع زعما بموافقته للمحكي عن " أحمد بن حنبل " الذي شاعت

التقية منه في زمان العسكري عليه السالم.وليعلم: أن التقية على وجهين - كما أشير إليهما سابقا - أحدهما: تقية

المعصوم عليه السالم في بيان الحكم، واآلخر: اتقاء المكلف في مقام االمتثال. فأمااألول

- أي الحكم الصادر عن اتقاء - فهو ليس بحكم واقعي ضرورة لعدم انحفاظ جهةالصدور. وأما الثاني - أي الحكم المعمول به تقية عند االمتثال - فهو أمر واقعي

في ذاك الظرف.وشئ من هذين الوجهين غير صالح ألن يحمل عليه الجواز، أما األول:

فهو من المرجحات السندية المتأخرية عن الجمع الداللي، إذ مع امكانه ال مجاللذلك، وستقف على امكانه. وأما الثاني: فهو يتوقف على صلوح دليل الجواز

له وعدم إبائه من الحمل عليه، والظاهر إبائه عنه، ألن حمل اطالق قوله عليه السالم فيصحيح محمد بن عبد الجبار " وإن كان الوبر ذكيا حلت الصالة فيه... الخ " على

خصوص مورد التقية - سيما االتقاء في التكة التي ال يطلع عليها وال احتياج إلىتعب ومشقة في االخراج واالجتناب عنه - بعيد جدا. فمع قوة ظهور طائفة

الجواز - بحيث ال يقاس لها المنع - يحكم بالتصرف فيه بالحمل على الكراهةالشديدة، إبقاء لظاهر أدلة الجواز بحالها، وال ينتهي األمر بعد إمكان هذا الجمع

(٢٨١)

Page 308: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الداللي إلى الحمل على التقية، مع بعدها في مثل التكة ولزوم حمل االطالقعلى فرد نادر. فاألقوى: هو الجواز مع الكراهة.

مسألة ١٧ - يستثنى مما ال يؤكل الخز لخالص الغيرالمغشوش بوبر األرانب والثعالب، وكذا السنجاب. أما السمور

والقاقم والفنك والحواصل فال يجوز الصالة في أجزاءها علىاألقوى.

قد اختلف في جواز الصالة في جلد الخز بعد االتفاق في جوازها في وبره،فالمشهور بين األصحاب هو الجواز وعن بعضهم المنع، ولعل " الماتن " من المانعين،

بشهادة توصيف المستثنى بالخلوص من وبر األرنب، إذ المغشوش به هو وبر الخزال الجلد، فحينئذ يندرج الجلد في عموم المنع. فال بد من التأمل التام في نطاق

نصوص الباب حتى يتضح ظهورها في استثناء الجلد أو ال، كما أنه يلزم النظر فيانطباقها على الخز الذي هو مما ال يؤكل وعدمه، وذلك ألن الخز قد يطلق علىنفس ذاك الحيوان، وقد يطلق على المعمول من وبره من اللباس، وقد يطلق على

اإلبريسم وعلى المنسوج من صوف وحرير.فداللة النصوص الكثيرة على الجواز في الخز في الجملة وإن كان مما ال كالم

فيها، إال أن األمر بعد في المراد من المأخوذ في ألسنتها من الخز هل هو الحيوانأم ال؟ وعلى الثاني: هل تجوز في الجلد كالوبر أن يختص الجواز بالوبر؟

وتلك النصوص على طوائف - فمنها: ما يدل على الجواز في الخز ساكتةعن تعيينه. ومنها: ما يدل على الجواز في وبره بعد إن كان المراد منه الحيوان.ومنها: ما يدل على الجواز في جلده. ومنها: ما يدل على التالزم في الجواز بين

الجلد والوبر، إلى غير ذلك من الروايات المختلفة.

(٢٨٢)

Page 309: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فمنها: ما رواه عن سليمان بن جعفر الجعفري أنه قال: رأيت الرضا عليه السالميصلي في جبة خز (١).

وداللتها علي أصل الجواز في الخز في الجملة مما ال ريب فيها، إال أنهاقاصرة عن تعيين المراد من ذاك الخز، هل هو الحرير الممتزج بالصوف أو غيرهمما هو المبحوث عنه؟ وهكذا نحو هذه الرواية (٢ و ٣ و ٦ باب ٨ من أبواب

لباس المصلي) لقصورها جميعا عن إفادة ما هو المهم.ومنها: ما رواه عن معمر بن خالد قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السالم عن

الصالة في الخز؟ فقال: صل فيه (٢)وظاهرها الجواز حتى في المعمول من ذاك الحيوان من الوبر، الطالق

السؤال وترك االستفصال، وحيث إن الدارج منه القميص والجبة وال تالزم بينهماوبين الجلد فال شاهد في البين بالقياس إليه، فلم يتحصل إلى اآلن ما يدل على

الجواز فيه - أي في الجلد - هذا ولكن الحق سقوطه عن االستدالل لالجمال (٣).ومنها: ما رواه عن يحيى بن أبي عمران أنه قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني

عليه السالم في السنجاب والفنك والخز وقلت: جعلت فداك أحب أن ال تجيبني بالتقيةفي ذلك، فكتب بخطه إلي: صل فيها (٤).

ال إشكال في ظهورها في كون المراد من الخز هو ذاك الحيوان المعهودبشهادة السياق، فعليه تجوز الصالة في جميع أجزاءها من الجلد وغيره. إنما

الكالم في تمامية حجيتها بعد أن لم يتحصل حكم قرينيه من السنجاب والفنكفمع ما فيها من احتمال المنع بعد يشكل التمسك بها الثبات الجواز في الثالث

- أي الخز -.--------------------

(١) الوسائل باب ٨ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٥.

(٢) الوسائل باب ٨ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٥.(٣) إذ من الواضح: أنه إذا دار أمر اللفظ بين المفاهيم المتعددة يصير مجمال، فمعه

ال مجال لالستدالل، وأين هذا من االطالق؟ فضال عن شموله للجلد كما زعم.(٤) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(٢٨٣)

Page 310: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: ما رواه عن عبد الله بن إسحاق العلوي، عن الحسن بن علي، عن محمد بنسليمان الديلمي، عن قريب، عن ابن أبي يعفور قال: كنت عند أبي عبد الله عليه

السالمإذ دخل عليه رجل من الخزازين فقال له: جعلت فداك ما تقول في الصالة فيالخز؟ فقال: ال بأس بالصالة فيه، فقال له الرجل: جعلت فداك إنه ميت وهو

عالجي وأنا أعرفه، فقال له أبو عبد الله عليه السالم: أنا أعرف به منك، فقال له الرجل:إنه عالجي وليس أحد أعرف به مني، فتبسم أبو عبد الله عليه السالم ثم قال له: أتقول

إنه دابة تخرج من الماء أو تصاد من الماء فتخرج فإذا فقد الماء مات؟ فقال الرجل:صدقت جعلت فداك هكذا هو، فقال له أبو عبد الله عليه السالم: فإنك تقول: إنه دابة

تمشي على أربع وليس هو في حد الحيتان فتكون ذكاته خروجه من الماء،فقال له الرجل: إي والله هكذا أقول، فقال له أبو عبد الله عليه السالم: فإن الله تعالى

أحله وجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها (١).إن للتأمل في صحة السند مجاال، ألن " عبد الله بن إسحاق العلوي " ممن

لم يسبق ذكره توثيقا في الرجال،، ولم ينقل عنه حديث عدا هذا النص الواحد،فيشكل االعتماد عليه بعد عدم إحراز استناد األصحاب المجوزين إليه. نعم:

لو لم يوجد في الباب ما يدل على الجواز في الجلد ألمكن القول إلى أن المستندلهم هو هذا النص، وأما لو وجد ماله صلوح لذلك، فال.

وأما المتن: فظاهر الذيل ربما يوهم حلية األكل، ولكن المراد منها الحليةفي االستعمال والصالة، فال تغفل. ثم إن الخزاز قد يطلق على بايع الخز، وقديطلق على الصانع المعالج له. وكيف كان: ال إشكال في أن لمراد من (الخز)

هنا هو ذاك الحيوان المعهود.كما أنه ال ريب في داللة النص على جواز الصالة فيه تلويحا وتصريحا،

--------------------(١) الوسائل باب ٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(٢٨٤)

Page 311: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أما الثاني: فلقوله عليه السالم " ال بأس بالصالة فيه " وأما األول: فحيث إن المرتكز فيذهن السائل هو المنع ألجل كونه ميتا فرده بالتخطئة ببيان أن ذكاته هو الخروج

من الماء، فال محذور فيه من جهة الميتة بال تعرض لشئ آخر، فلو كان كونه مماال يؤكل مانعا للزم التنبيه لهذه النكتة وأن الحكم هو المنع ذكي أم ال، فاالكتفاء

برد توهم الميتة كاشف عن صيانته عن محذور آخر، مع ما في التصريح المصدر بهالجواب غنى وكفاية. فيدل على جواز الصالة في ذاك الحيوان - أي في جميع

أجزاءه من الجلد والوبر وغيرهما - باالطالق، مع ما للجلد من الخصوصية الموجبةللسؤال، وهو احتمال الميتة، إذ لو كان مصب الغرض هو الوبر لما كان الموت مانعا،

إذ يجوز استعمال وبر الميتة في الصالة وغيرها، فاألصيل في السؤال هو الجلدونحوه من األجزاء التي تحلها الميتة.

فهي تامة المتن من حيث الجواز في الجلد فضال عن الوبر، إنما الكالم بعدفي السند.

ومنها: ما رواه عن سعد بن سعد، عن الرضا عليه السالم قال: سألته عن جلودالخز؟ فقال: هو ذا نحن نلبس، فقلت: ذاك الوبر جعلت فداك، قال: إذا حل وبره

حل جلده (١).ال اشكال في السند، وأما المتن: فقد قيل، إن (هو ذا) في كالمه عليه السالم بفتح

الهاء وسكون الواو كلمة مفردة تستعمل للتحقيق واالستمرار - وأيده فيالجواهر - فالمعنى حينئذ: أنه عليه السالم أخبر باستمرار لبسه، فيكون كالصريح فيالشمول لحال الصالة، وإال لنقل عنهم عليهم السالم النزع حالها. ولكن الذي يقوى

في النظر، هو كونها مركبة من الضمير واإلشارة، فهي جملة مفيدة فائدة الجوابفالمعنى: أن الخز هو هذا، مشيرا إلى ما لبسه خارجا، حيث إن ضمير التذكير

--------------------(٢) الوسائل باب ١٠ من أبواب لباس المصلي ح ١٤.

(٢٨٥)

Page 312: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يرجع إلى الخز المضاف إليه، ال الجلود المضافة إلى الخز، لعدم التناسب. ثم قالالسائل: بأن ذاك الملبوس وبر ال جلد مع أنه المسؤول عن حكمه ال الوبر،

فأجاب عليه السالم بنحو الضابطة الدالة على التالزم بين الوبر والجلد في الحلية.والمراد من هذا التالزم إنما هو بلحاظ ما يؤكل وما ال يؤكل ال غير

- كالمذكى والميتة - إذ من الواضح: أنه ال مالزمة بين حلية وبر الميتة في الصالةوبين

حلية جلدها، لجواز األول ومنع الثاني، فالمراد هو خصوص ما يكون المنع فيهألجل كونه مما ال يؤكل، ألنه الذي ال فرق فيه بينهما جوازا ومنعا.

ومما يبعد احتمال األول - أي كونها لفظة مفردة - أن المعنى حينئذ، أنه قال عليهالسالم إنا نلبس دائما ومستمرا، فيكون قول السائل " ذاك الوبر " مستلزما

لكونه رقيبا ومطلعا على ما يلبسونه كذلك حتى يتيسر له القول: بأن ذاك وبرال جلد - وهو كما ترى - فالمعنى هو ما عرفت. فهي تامة الداللة على جواز الصالة

في الجلد كالوبر، مع صحة السند.ولمزيد االيضاح نقول: إن المسؤول عنه هل هو الحكم التكليفي أو الوضعي؟فعلى األول: ال بد من أن يكون هناك احتمال عدم جواز اللبس ألجل الميتة أو

للنجاسة، وإال فال احتمال بدون شئ منهما للمنع التكليفي حتى يسئل عنه،ولكن ال يتم إال بالنسبة إلى أحد من هذين االحتمالين، فمعه ال مجال للسؤال عنالحكم التكليفي إال بلحاظه، بيان ذلك: أن احتمال المنع من جهة الميتة ال يالئمه

الجواب بالتالزم بين حلية الوبر وحلية الجلد - كما مر - لجواز األول ومنعالثاني، فحينئذ ال يتم األمر بالقياس إليه. وأما احتمال المنع من جهة النجاسةبكونه كلبا بحريا فيالئمه الجواب، ولكن به يتم المقصود أيضا، وذلك: ألن

قوله عليه السالم " نحن نلبس " دال على عدم االجتناب عمال وأنه ال منع من لبسه،وقوله عليه السالم " إذا حل وبره حل جلده " دال على التالزم بين الحليتين - كما مر

- وهو

(٢٨٦)

Page 313: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

كذلك في النجاسة، ألن الحيوان الذي يكون نجسا ال ميز بين وبره وجلده،وكذا الحيوان الذي ال يكون نجسا ال فرق بين هذين فيه، فاستمراره عليه السالم في

اللبس مع قوله عليه السالم في الذيل دال على ارتفاع المنع التكليفي البتة، بل دال علىعدم النجاسة، إذ لو كان نجسا لعسر اللبس مع االجتناب جدا، فمن ذلك يستكشف

عدم النجاسة. كما أنه يستكشف من االستمرار في اللبس أنه ال منع وضعي له،إذ لو كان مانعا عن الصالة للزم نزعه حالها، سيما بالقياس إلى من يداوم الصالة

ويحافظها فرضا ونفال، فلو كان مانعا لنزع، ولو كان لبان.والغرض أنه على الحكم التكليفي ال مجال لالحتمال من جهة الميتة، وأما

من جهة النجاسة فله وجه في الجملة، ولكن يستكشف منه حكمان وضعيان:أحدهما - انتفاء النجاسة، واآلخر - عدم المانعية عن الصالة.

وأما على الثاني - أي الحكم الوضعي - فاألمر فيه تام بال حزازة، ويدلعلى عدم مانعية الجلد كالوبر.

ومما يؤيد كون السؤال عن الحكم الوضعي الحتمال مانعيته، هو ما رواهعن جعفر بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السالم أسأله عن الدواب

التييعمل الخز من وبرها أسباع هي؟ فكتب: لبس الخز الحسين بن علي ومن بعده جدي

صلوت الله عليهم (١).حيث إن المنقدح في الذهن هو المنع ألجل السبعية، فكتب في الجواب

بما دل على الجواز.وما رواه عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سأل أبا عبد الله عليه السالم رجل وأنا

عندهعن جلود الخز؟ فقال: ليس بها بأس، فقال الرجل: جعلت فداك إنها عالجي (في

بالدي) وإنما هي كالب تخرج من الماء فقال أبو عبد الله عليه السالم: إذا خرجت منالماء

تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: ال، قال: ليس به بأس (٢).--------------------

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ١.

(٢) الوسائل باب ١٠ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ١.

(٢٨٧)

Page 314: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

واحتمال المانعية لعله من جهة حصر حلية األكل في السمك الخاص، فماعداه محرم األكل فمعه يكون مانعا، أو لخصوصيته الكلبية المذكورة. وعلى

أي تقدير: يدل اطالق نفي البأس وعدم التفصيل واالستفصال على الجواز حالالصالة أيضا، وإال لزم التنبيه.

وما رواه عن أبي داود بن يوسف بن إبراهيم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السالموعلي عباء خز وبطانة خز وطيلسان خز مرتفع، فقلت: إن علي ثوبا أكره لبسه،فقال: ما هو؟ قلت: طيلساني هذا، قال: وما بال الطيلسان؟ قلت: هو خز، قال:

وما بال الخز؟ قلت: سداه إبريسم، قال: وما بال اإلبريسم؟ قال: ال تكره أن يكون سداالثوب إبريسم (١).

والمراد من (السدى) ما مد من خيوط الثوب وهو خالف اللحمة، فيدلعلى عدم المنع عن اللبس، وألن كراهة السائل لبسه إنما هي الحتمال منع ما سداه

إبريسم فسئل عنه، ولما قال: طيلساني هذا، قال عليه السالم: وما بال الطيلسان؟ قال:هو خز... قال عليه السالم، ال تكره... الخ - فيدل على أن الثوب أي ثوب كان ألمنع

فيه عند كون سداه إبريسم.والغرض هو أن (الخز) في هذه الرواية صدرا وذيال استعمل في غير الحيوان،

فهي أجنبية عن الداللة بالنسبة إلى الجلد.فتحصل من جميع ما تقدم: أنه تجوز الصالة في وبر الخز كما ادعى عليه

االجماع، وفي جلده كما عزى إلى األكثر بل الكثير، وأما ما عداهما من أجزاءهكاللحم والعظم والروث ونحوه من الفضالت الخاصة به فال، وذلك لقصور خبر

" ابن أبي يعفور " سندا مع عدم احراز الجبران، والشتمال خبر " يحيى ابنعمران " على الفنك والسنجاب اللذين لم يتضح ما لهما من الحكم بعد مع عموم

أدلة المنع. نعم: لو تم نصاب داللته وأمكن التمسك به لثبت حكم الخز بجميعأجزاءه أيضا.

--------------------(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٢٨٨)

Page 315: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

دفع وهمثم إنه قد يتوهم التعارض بين تلك النصوص المارة في الجلد، وبين ما رواه

عن الحميري، عن صاحب الزمان عليه السالم أنه كتب إليه: روى لنا عن صاحبالعسكر

عليه السالم أنه سئل عن الصالة في الخز الذي يغش بوبر األرانب، فوقع: يجوز،وروى عنه أيضا أنه ال يجوز، فبأي الخبرين نعمل؟ فأجاب عليه السالم إنما حرم في

هذه األوبار والجلود، فأما األوبار وحدها فكل حالل (١).حيث إنها تدل على الميز بين الوبر والجلد، بجواز الصالة في األول دون

الثاني، فتعارض ما تقدم من دليل الجواز فيه أيضا.ولكنه يندفع باضطراب المتن المانع عن الظهور والحجية، وبيانه بأن

المنع إن كان للجلد دون الوبر - كما هو الظاهر من الذيل - فال وجه للجمعبينه وبين الجلد في الصدر الظاهر في أن المنع عند االنضمام، فالصواب حينئذ

أن يقال: بأنه حرم في الجلود دون األوبار بال جمع بينهما. واحتمال أن لالنضاممدخال في المانعية بأن الوبر وحده ليس بمانع ولكن عند اجتماعه مع الجلديصير مانعا مستقال - كما أن الجلد نفسه مانع مستقل سواء انضم إليه الوبر

أم ال - مقدوح بأنه لم يذهب إليه أحد، مع أنه ال دخالة لالنضمام في المانعية أصالحسب األصول الدارجة في الباب من األدلة األولية، فال مجال لتوهم الجواز في

الوبر وحده وأما إذا انضم إلى الجلد فال جواز فيه، مع أنه يلزم فيه أن يكونهناك مانعان مستقالن، أحدهما الجلد نفسه، واآلخر الوبر المنضم إليه، بحيث

يستند هذا المنع الثاني إلى الوبر في هذه الحالة.أضف إلى ذلك: أن الذيل دال على الجواز في جميع األوبار حتى وبر

األرانب، وهو خالف االجماع، بناء على أن المعنى: أن األوبار كلها حالل،--------------------

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب لباس المصلي ح ١٥.

(٢٨٩)

Page 316: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

كما عن بعض النسخ (حالل كلها) وأما إذا فسر بأن أوبار كل حالل اللحمحالل باإلضافة فهو سالم عن هذا المحذور األخير، ولكنه أجنبي حينئذ عن وبر

الخز. والحاصل: أن االنضمام المعتبر في الصدر مع أنه خال عن الوجه وأن الذيلالمضطرب ضبطا ومعنا يمنعان عن صلوح التعارض، فاألقوى - وفاقا لغير واحد

من األصحاب - هو التسوية بين الجلد والوبر في الجواز.تنبيه:

في أن الخز المتعارف اآلن هو المراد من النصوصقد يقال: إن التعب في الفحص عن نصوص الباب وعالج ما فيها من التعارض

غير مجد، ألن الخز الدارج في أيدي التجار اليوم لعله غير ما نطقت به النصوصالمجوزة، فمع احتمال التغاير ال يمكن الحكم، هذا أوال، مع شهادة بعض تلك

النصوص بذلك أيضا ثانيا، ألن ظاهر خبر " ابن أبي يعفور " هو موت الخزبالخروج من الماء، مع أن المعروف بين أهله اليوم هو أنه ال يموت بمجرد

الخروج، وليس على حد الحيتان بل يعيش في البر - على ما حكي عن المجلسي(ره) من نقله عن بعض التجار.

وفيه: أن الشك في االتحاد واحتمال التغاير مندفع باألصل وأن مجردالبقاء خارج الماء ال يضر بكونه بحريا، بيان ذلك: أما أوال: فلما حقق في األصول

من جواز التمسك بأصالة عدم النقل في مثل المقام، ولكن مع االختالف فيهموردا ودليال.

إذ قد يقطع بالنقل وأن المعنى الدارج اليوم هو غير ما كان معهودا في السابقولكن ال يعلم زمن نقله، حيث إنه يستصحب عدم النقل إلى زمن القطع به من

األزمنة التالية نحو (الصالة) فإنها منقولة عن معناها اللغوي إلى العبادة المصطلحة،

(٢٩٠)

Page 317: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فلو وردت لفظة الصالة في رواية ولم يعلم إرادة المعنى المنقول عنه أو المنقول إليهيستصحب عدمه إلى زمن القطع، فيحمل على معناها اللغوي، إلى غير ذلك من

الحوادث الطارية.وقد يشك في أصل النقل، بل ليس في البين إال احتمال بحت، حيث إن

اللفظ له معنى دارج اليوم، وال يعلم أن هذا المعنى هو المعنى األولي الذي أريدمنه من نطاق النصوص الصادرة في القرون الماضية؟ أو أن المعنى غير ذلك المعنىوإنما اللفظ قد نقل عنه إليه؟ فهيهنا ال مجال لالستصحاب المصطلح لعدم تمامية

أركانه فيه، ولكن يمكن التمسك بأصل آخر من األصول العقالئية، وذلك ألنبنائهم في ترجمة كتب قدمائهم - مع اختالف ألسنتهم ولغاتهم - وتفسير مداليل

ألفاظتلك الكتب هو الرجوع إلى ما يتفاهم من تلك األلفاظ في هذا العصر، ثم يحكمون

بأن المراد منها فيها أيضا هو ذاك إال فيما قام الشاهد على الخالف، ومن هذاالقبيل هو ترجمة الخطب والمواعظ الصادرة عن معدن العلم ومهبط الوحي، حيثأنه يكتفي في حملها على المعاني الخاصة بتبادر تلك المعاني من ألفاظها اليوم فيمحاورات أهل اللسان، وليس ذلك كله إال لطرد احتمال النقل، وعدم االعتناء به

فحينئذ يحكم بجواز الصالة في الخز الدارج اليوم، طردا الحتمال اختالفه معما هو المعهود من النص، اتكاال على هذه السيرة العقالئية - فما أفاده في الجواهر:

من أصالة عدم النقل، متين على هذا البيان.وأما ثانيا: فألن مجرد الخروج من الماء حيا وبقاءه في البر أحيانا

ال يوجب كون الحيوان بريا، وذلك ألن المراد من الحيوان البحري هو ذو حياةواحدة، بحيث يكون تعيشها األصيل في البحر، وأما الخروج األحياني لقضاء

الوطر خارج الماء فال يضره ما دام ال يعيش في الخارج زمانا طويال، والجمود علىانحصار الحياة في البحر بنحو يموت بمجرد الخروج عنه اعتمادا على خبر

" ابن أبي يعفور " خال عن الصواب، بل ال وجه له أصال بعد ضعف سنده وداللة

(٢٩١)

Page 318: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ما هو المعتبر سندا على الخالف، وهو ما تقدم من صحيحة " ابن الحجاج " إذفيها: قال عليه السالم: إذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: ال،

قال: ليس به بأس (١).لداللتها على أن المدار في البرية هو التعيش الممتد به في البر، وأما

الخروج من الماء زمنا قليال فال يضر بكونه بحريا.وما رواه عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السالم: من أنه سبع يرعى في

البر ويأوى في الماء (٢).حيث إنها تدل على أن المأوى األصيل هو البحر وال يضره الرعي خارجه،

ونحو ذلك مما يشهد لما قلناه.فتبين: أن الخز الدارج في العصر مما يجوز الصالة في وبره وجلده،

وأما سائر األجزاء ففيها كالم نشير إليه - في بحث السنجاب - فارتقب. إلى هناانتهى الكالم في (األمر األول) الباحث عن الجواز في الخز الخالص.

وأما األمر الثانيففي المنع عن المخلوط بغيره من وبر ما ال يؤكل

قد اشتهر بين األصحاب (ره) المنع عن المخلوط، القتصار الجواز علىالخالص البحت، خالفا للمحكي عن " الصدوق ره " من القول بالجواز في

المغشوش بوبر األرنب، حيث أنه قال (في الفقيه) بعد نقل رواية " داود " اآلتية:وهذه رخصة اآلخذ بها مأجور ورادها مأثوم، واألصل ما ذكره أبي (رحمه الله)في رسالته إلي: وصل في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر األرانب... الخ. وليعلم:

--------------------(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢) الوسائل باب ٣٩ من أبواب األطعمة المحرمة ح ٢.

(٢٩٢)

Page 319: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أن تصريح " المتن " كغيره بالمنع عن المغشوش بذينك الوبرين ليس للجواز فيالمغشوش بغيرهما، بل للرد على توهم الجواز فيهما، لورود النص المجوز.

ثم إنه ال يغفل عن أنه لو كان في البين ما يقتضي بعمومه المنع وكان ما يقتضيهخاصا - أي كان دليال خاصا على المنع عن المغشوش - ولكن كان ضعيفا، ال يمكن

الحكم بانجبار سنده بعمل األصحاب، الحتمال استنادهم في المنع إلى العموم التامسندا ومتنا، كما أنه لو ورد هناك نص خاص بالجواز فيه وكان ضعيفا فهو غير

صالح للتخصيص، لضعف سنده أوال، مع إعراض األصحاب عنه ثانيا.وكيف كان: فالذي يدل على المنع بالخصوص هو ما رواه عن أيوب بن نوح

رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السالم: الصالة في الخز الخالص ال بأس به، فأما الذييخلط

فيه وبر األرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فال تصل فيه (١).حيث إن هذا النص الخاص المتعرض للخليط يدل على المنع عن الخز

المخلوط بوبر األرنب أو غيره مما يضاهيه في حرمة األكل. نعم: ال اعتداد بالسندلضعفه بالرفع، مع عدم احراز االستناد.

وأما الذي يدل على الجواز، هو ما رواه عن داود الصرمي، عن بشير بن بشارقال: سألته عن الصالة في الخز يغش بوبر األرانب؟ فكتب: يجوز ذلك (٢).والسند مورد النقاش أوال ب " الداود " ألنه وإن كان إماميا إال أنه مجهول،

وثانيا ب " البشير " حيث إنا لم نجده في كتب الرجال، وفي (الجواهر) ضبطهب " البشر " ولكنه ضعيف أيضا، وثالثا باالضمار.

ثم إنه نقله في الوسائل بطريق آخر إلى " داود الصرمي " أنه سأل رجل أبا الحسنالثالث عليه السالم، وظاهره أنه قد أدرك مجلس السؤال بنفسه، وظاهر ما تقدم نقله

بطريق آخر إليه هو أنه لم يدركه، بل نقل عن " بشير " أنه سأله، فعليه يحتملاالرسال في هذا النقل األخير قويا، فيكون وهنا على وهن، مع إعراض األصحاب

عن العمل به.--------------------

(١) الوسائل باب ٩ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢.

(٢) الوسائل باب ٩ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢.

(٢٩٣)

Page 320: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فال صلوح له لتخصيص عموم المنع القوي سندا ومتنا.فاألقوى - وفاقا لألصحاب - هو المنع عن المغشوش مطلقا، سواء كان بوبر

األرنب أو الثعلب أو غير ذلك. أضف إلى ذلك كله: هو احتمال التقية في هذهالمكاتبة، إما اتقاء المجيب في الحكم، وإما اتقاء المكلف في مقام االمتثال، بأن

يختصالجواز بصورة االتقاء، ويؤيده التعبير (بالغش) ال (الخلط) كما في رواية " أيوب بن

نوح " المانعة، ومن المعلوم: أنه لوال الجواز عند التقية لصار ذلك موجبا لرد مايشترى من سوقهم من المغشوش بوبر األرنب ونحوه، ألن الغش عيب مجوز للردوالفسخ، فيوجب ذلك تبين حال الشيعة من االجتناب عما ال يؤكل فيكون مثارا

للبغضاء والحقد، فليحمل الجواز على التقية.أما األمر الثالث

ففي بطالن الصالة في السنجابقد اختلف بين األصحاب في جواز الصالة في السنجاب وعدمه، فعن األكثر

بل الكثير الجواز، وعن آخرين المنع. وحيث إن المدار الوحيد هو نطاق نصوصالباب - ألنه المعتمد عليه في االستنباط بال اتكاء على ما فهمه الغير - فيلزم نقلها

والتأمل البالغ في مفاد كل واحد منها حتى يتجه ما هو الحق.فمن تلك النصوص: هو ما رواه عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السالم أنه سأل عن

أشياء منها الفراء والسنجاب، فقال: ال بأس بالصالة فيه (١).أن الفراء قد تطلق على حمار الوحش المعمول من وبره الفراء، وقد يطلق

على نفس ذلك المتخذ، وكيف كان: ظاهرها جواز الصالة في المتخذ منه ومن--------------------

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢٩٤)

Page 321: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

السنجاب. ولكن تمامها هو ما رواه في (٢ باب ٤) قال: سألته عن الفراء والسموروالسنجاب والثعالب أشباهه؟ قال: ال بأس بالصالة فيه.

فتدل على جواز الصالة في جميع ذلك، وهو خالف االجماع، ألن المنع عمايؤكل لحمه في الجملة مما ال مرية فيه أصال، فال يمكن األخذ بها

ومنها: ما رواه عن عبد الله بن إسحاق، عمن ذكره عن مقاتل قال، سألتأبا الحسن عليه السالم عن الصالة في السمور والسنجاب والثعلب؟ فقال: ال خير في ذا

كلهما خال السنجاب، فإنه دابة ال تأكله اللحم (١).

قد مر النقاش في السند، أوال باالرسال، وثانيا بضعف " مقاتل " فال صلوحلها حينئذ ألن تخصص األدلة المعتبرة في المنع.

ومنها: ما رواه في (٣ باب ٣)، ولكن حققنا ما فيها بما ال مزيد عليه منضعف السند أوال ب " عبد الله بن إسحاق العلوي " وثانيا ب " محمد بن سليمان

الديلمي "وثالثا ب " علي بن أبي حمزة البطائني " الواقف على إمامة الكاظم عليه السالم المنكر

إلمامةالرضا عليه السالم طمعا في األموال المجلوبة وكالة عن الكاظم عليه السالم، ولم يتبين

كون هذاالنقل في زمن استقامته أو اعوجاجه بالوقف.

ومن اضطراب المتن بضبط (ال) في قوله: وما ال يؤكل لحمه من غير الغنم(في بعض النسخ) فال يالئمه حينئذ استثناء الغنم، وبعدم ضبطها (في بعض النسخ)

فتدل على كون السنجاب مما يؤكل لحمه، وهو خالف االجماع، إلى غير ذلك ممامر تفصيله المسقط لها عن الحجية.

ومنها: ما رواه عن داود الصرمي، عن بشير بن بشار قال: سألته عن الصالةفي الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التي تصاد ببالد الشرك أو بالد

اإلسالم أن أصلي فيه لغير تقية؟ قال: فقال: صل في السنجاب والحواصلالخوارزمية، وال تصل في الثعالب وال السمور (٢).

--------------------(١) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٤.(٢) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٤.

(٢٩٥)

Page 322: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قد مر البحث عن وهن السند ب " الداود " وب " البشير " وأما المتن: فهو مشتملعلى ما ال يلتزم به، وهو الجواز في المصيد ببالد الشرك، مع أنه ميتة باإلمارة

العقالئية، وال ريب في عدم الجواز فيما صاده المشرك. وال فرق في هذا المحذور بينكون الوصف وهو (الصيد ببالد كذا) راجعا إلى خصوص الحواصل أو غيرها أيضا.ومنها: ما رواه عن أبي علي ابن راشد قال: قلت ألبي جعفر عليه السالم: ما تقولفي الفراء أي شئ يصلى فيه؟ قال: أي الفراء؟ قلت: الفنك والسنجاب والسمور،

قال. فصل في الفنك والسنجاب، فأما السمور فال تصل فيه (١) الحديث.إن السند وإن صححه في (الجواهر) ولكن في " أبي علي بن راشد "

كالم، نعم: قد أفاد " المامقاني " ما يدل على توثيقه، حيث كان " أبو علي "وكيال للمعصوم عليه السالم، والتوكيل نوع توثيق، وكذا غير ذلك من الشواهد.

فحينئذ ال يخلو اعتباره عن قوة.وأما المتن: فهو وإن فصل بين ما اجتمع في السؤال بالمنع عن السمور،

ولكن جمع في الجواز بين السنجاب والفنك، مع أنه ال يلتزم به. والحمل على التقيةأيضا مما يبعده االشتراك، بأن يكون البيان الواحد بالنسبة إلى الفنك غير جديوبالنسبة إلى السنجاب جديا مطابقا للواقع، فال يمكن القول باختصاص الجواز

بالسنجاب دون الفنك ألنه محمول على التقية، كما أنه يبعده أيضا التفصيل بينهماوبين السمور، مع أن القوم الذين جعل الرشد في خالفهم ال يفرقون في الجواز

بين ذلك. والحاصل: أن السند وإن كان تاما، ولكن األمر بعد في المتن، فارتقب.ومنها: ما رواه عن يحيى بن أبي عمران أنه قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه

السالمفي السنجاب والفنك والخز، وقلت: جعلت فداك أحب أن ال تجيبني بالتقية في

ذلك، فكتب بخطه إلي: صل فيها (٢).--------------------

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٦.

(٢) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٦.

(٢٩٦)

Page 323: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والسند ضعيف ب " ابن أبي عمران " وأما المتن: فهو بالنسبة إلى الخز تام،لما تقدم من قيام ما يجوز الصالة فيه، وأما بالنسبة إلى الفنك فمن ظهور فيه، لعدم

االلتزام به.ومن هنا اتضح ما وعدناه سابقا: من بيان سر التأمل في تجويز ما عدا الوبر

والجلد من أجزاء الخز، وذلك لقصور أدلة ذاك الباب عن تجويز ما عداهما،ولم يبق في البين ما يدل على تجويز جميع األجزاء عدا هذه الرواية الضعيفة

سندا المخدوشة متنا بعدم االلتزام في الفنك، ولعله محمول على االتقاء - كماسيتضح المراد منه - حيث إنه عليه السالم وإن لم يتق في الجواب، إال أن التجويز في

مورد التقية.ومنها: ما رواه عن الوليد بن أبان قلت للرضا عليه السالم: أصلي في الفنك

والسنجاب؟ قال: نعم (١)إن السند ضعيف ب " الوليد " والمتن مشتمل على الفنك الذي ال يلتزم به.ومنها: ما رواه عن ابن إدريس... عن محمد بن علي بن عيسى قال: كتبت

إلى الشيخ - يعني الهادي عليه السالم - أسأله عن الصالة في الوبر أي أصنافه أصلح؟فأجاب: ال أحب الصالة في شئ منه، قال: فرددت الجواب أنا مع قوم في تقية

وبالدنا بالد ال يمكن أحدا أن يسافر فيها بال وبر وال يأمن على نفسه إن هو نزعوبره، وليس يمكن للناس ما يمكن لألئمة، فما الذي ترى أن نعمل به في هذا

الباب؟ قال: فرجع الجواب إلي: تلبس الفنك والسمور (٢).والسند قابل لالعتماد. وأما المتن: فهو وإن لم يتعرض للسنجاب، ولكن

لما كان فيه شهادة على الجمع بين أدلتي المنع والجواز نقلناه، وتوضيحه: بأنمجرد نفي المحبوبية في الصدر غير ناهض للمنع فال يدل عليه، ولكن بلحاظ

--------------------(١) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٧.(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(٢٩٧)

Page 324: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إصرار السائل في مكاتبته يستفاد أن المراد من نفيها هو المنع، وإال الكتفىالسائل بالجواب األول الدال على الجواز حيث إن نفيها مالئم له، فبقرينة

تكرار السؤال يستفاد أن مفاد الصدر هو المنع، فحينئذ يكون الجواب الثانيبلبس الفنك والسمور داال على الجواز في مورد الضرورة والتقية - أي للمكلففي مقام االمتثال - وال خفاء في أن الدارج من الفراء وأمثاله المتخذة من الوبر

إنما هو المعمول من وبر ما ال يؤكل لحمه، وأما مأكول اللحم من الغنم ونحوهفال، كما ال يخفى على من راجع اللغات والتواريخ، إذ الموجود من ذلك كله

- عند بيان خواص الحيوانات أو تعاريفها - هو أن ذاك مما يتخذ منه الفراء، وذلككذا، وهذا كذا، من دون التعرض التخاذه من الغنم مثال. نعم: لما استكمل

نصاب التشيع وقوى المنع الخاص به، هجر ما يتخذ من غير المأكول، وتعاهدما يتخذ من المأكول - كما في اليوم - فعليه تكون الضرورة إلى أوبار ما ال يؤكل

لحمه - صونا عن البرد مثال أو للتقية - مما ال ينكر. هذا بلحاظ السير الخارجيوالفحص اللغوي والتاريخي.

وأما بلحاظ البحث الفقهي: فألن مقتضى الصناعة عدم رفع اليد عن عموماتالمنع - سيما (موثقة ابن بكير) التي هي األصل في الباب المصرحة في سؤالها

السنجاب والمصرحة في الجواب بأن المنع العام من إمالء رسول الله صلى الله عليهوآله ردا لمخالفة

العامة الذين يحتسبونه من مختصات الشيعة ومخترعاتهم - إال بنص خاص قوىسندا ومتنا.

ولكنه قد عرفت: أن تلك النصوص على اختالفها - من حيث اشتمالبعضها على ما عدا السنجاب أيضا واختصاص بعضها به - غير ناهضة للتخصيصأصال، ألن ما هو التام سندا كرواية " أبي علي " قاصر متنا، الشتماله على الفنك،

وما هو التام متنا قاصر سندا، فلم نجد ما يصلح له.

(٢٩٨)

Page 325: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والذي يقوى في النظر: بعد شهادة رواية " ابن إدريس " هو حمل أدلةالجواز على التقية - أي تقية المكلف حال االمتثال - نعم: يستفاد منها االمتياز

بين أنواع ما ال يؤكل لحمه، بتقدم بعضها كالفنك والسنجاب - أو السمور أيضاحسب رواية ابن إدريس - على بعض آخر، وال غرو فيه. فاألقوى: هو عدم جوازالصالة في السنجاب حال االختيار، وال ميز حينئذ بين جلده ووبره، لسريان المنع

إلى جميع أجزاءه، كغيره مما ال يؤكل.األمر الرابع

في بطالن الصالة في السمورإن تصريح المتن بالمنع عن السمور ونحوه، إما باعتبار ورود النص الخاص

على الجواز، أو بذهاب بعض األصحاب إليه، كما أنه بالنسبة إلى ما عدا القاقممن الثالثة الباقية كذلك، حيث قيل بالجواز فيها. والظاهر أنه لم ينقل الجواز

من أحد منهم في القاقم بخصوصه.والذي يدل على المنع - بعد العمومات األولية وبعد ما دل عليه في السباع

التي يعد السمور منها - هو ما رواه البرقي عن سعد بن سعد األشعري عن الرضاعليه السالم (١) وقد مر: أن قوله عليه السالم في الجواب " ال " يدل على المنع

الوضعي. وتوضيحه:أن ما ال يؤكل لحمه ليس كالميتة ممنوع االستعمال، إذ يجوز االنتفاع به دونها،نعم: تختص الصالة بالمنع، فحينئذ يكون النهي منحدرا نحو هذه الخصوصية بعد

انحفاظ أصالة ظهور (ال) في المنع البتي بال احتمال الكراهة والتنزيه، وبعدأن استعالمه عليه السالم إنما هو النطباق العنوان المحرم عليه النحصاره في السباع

والمسوخ والحشرات، وحيث إنه ليس من األخيرة لوضوحه، وال من الثانية ألن--------------------

(١) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٢٩٩)

Page 326: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

العلم بكون حيوان ممسوخا أم ال يرجع إلى الشارع دون غيره، فإن كان فيالبين حرمة فألجل السبعية فلذا سئل عليه السالم بأن قال: يصيد؟ قال األشعري السائل

عن جلود السمور: نعم، فلما تبين أنه من السباع قال عليه السالم " ال ".والحاصل: أنه عند انضمام هذه المقدمات الثالث يتقوى ظهورها في المنع

الوضعي. ويدل عليه أيضا أو يؤيد ما رواه عن الطبرسي في " مكارم األخالق "قال: وسئل الرضا عليه السالم عن جلود الثعالب والسنجاب والسمور؟ فقال: قد رأيت

السنجاب على أبي ونهاني عن الثعالب والسمور (١).والسند مرسل، والمسؤول عنه غير مختص بحال الصالة، ولكن النهي عن

الثعلب والسمور إنما يتم بلحاظ استعماله فيها، إذ ليسا كالميتة - على التقريبالمتقدم - نعم: ال يمكن االستدالل بها، لالرسال، ولذا لم نتعرض لها في األمر

الثالث الباحث عن السنجاب.ثم إنه يعارض ما مر بعض نصوص الباب، وهو ما رواه عن قرب اإلسناد...

عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهم السالم قال: سألته عن لبس السموروالسنجاب والفنك؟ فقال: ال يلبس وال يصلى فيه إال أن يكون ذكيا (٢).

حيث إنها تدل على الجواز عند التذكية المصطلحة ال الذكاة بمعنىحلية اللحم، ألنها وإن تحتمل هذا المعنى في بعض النصوص، ولكنها آبية عنه

هنا، إذ المسؤول عنه ليس عاما صالحا للتقييد بالمذكى - أي حالل اللحم - بلهو ليس إال ما ال يؤكل لحمه، فحينئذ تتعين إرادة التذكية المصطلحة منها،فتدل على جواز اللبس وجواز الصالة، إذا لم يكن شئ من تلك الثالثة ميتة،

فتعارض ما مر.ولكن يجمع بين طائفتي المنع والجواز بحمل األخيرة على حال الضرورة

--------------------(١) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٦.(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٦.

(٣٠٠)

Page 327: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والتقية، والشاهد هو مكاتبة " محمد بن علي بن عيسى " المتقدمة (١) بحيث إنهاتامة السند لوثاقة رواته، وشاهدة على التفصيل لكونها ناصة باختصاص الجوازفي الفنك والسمور بحال الضرورة والتقية، كما مر. وأما رواية " الحلبي " عن

أبي عبد الله عليه السالم (٢) فال اعتداد بها بعد ظهورها في الجواز اختيارا في جميعتلك

الحيوانات. وكذا ما رواه عن " الريان بن الصلت " عن الرضا عليه السالم (٣) حيثإنها

وإن استثنى فيها الثعالب، ولكن لداللتها على الجواز في جميعها التي منهاالسمور اختيارا غير صالحة لالعتماد، ومجرد استثناء الثعالب غير مجد، الحتمالاختصاص جوازها بأسرها في حال الضرورة، مع ما بينها من الميز بتقدم بعضها

على بعض في تلك الحال أيضا.فاألقوى: هو بطالن الصالة في السمور - أي في أي جزء من أجزاءه.

األمر الخامسفي بطالن الصالة في القاقم والفنك

ال ريب في اندراجهما تحت عموم أدلة المنع عما ال يؤكل مع عدم التخصيص،مضافا إلى ما ورد في خصوص الفنك من المنع فيما عدا حال الضرورة والتقية،

كما في مكاتبة " محمد بن علي بن عيسى " إلى الهادي عليه السالم (٤) فما دل علىالجواز

في الفنك، نحو خبر " ابن أبي عمران " (٥) وغيره - بعد الغض عن ضعف السند -محمول على حال االضطرار، والشاهد هو ما أشير إليه من رواية الهادي عليه السالم

فال مجال لإلطالة بعد اإلحاطة بما مر.--------------------

(١) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ٣ و ٢.

(٢) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ٣ و ٢.(٣) الوسائل باب ٥ من أبواب لباس المصلي ح ٢.(٤) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ٣.(٥) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٦.

(٣٠١)

Page 328: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األمر السادسفي بطالن الصالة في الحواصل الخوارزمية

قد يستدل للمنع عدا العمومات األولية بما دل على المنع في السباعبخصوصها - بناء على كون الحواصل منها كما قيل - فما لم تقم الحجة التامة

سندا أو متنا على التخصيص يحكم بالمنع.وقد ورد في الباب بعض ما يوهم الجواز فيها، وهو ما رواه عن " بشير بن بشار "

إذ فيها... صل في السنجاب والحواصل الخوارزمية (١)... الخ. ولكن قدعرفت ما فيه: من وهن السند ب " الداود " أوال، وب " البشير " ثانيا، وباالضمارثالثا. وال مجال لتوهم تعين المسؤول إذ ال يضمر إال عن المعصوم عليه السالم ألن

ذلك بعدمعرفة السائل وأنه أجل من أن يضمر عن غيره عليه السالم نحو " زرارة " حسب ما

قيلفي مضمرته في االستصحاب، ال مثل " البشير " الذي لم يوثق بعد، بل لم يعرف

أصال. أضف إلى ذلك كله: عدم صلوح المتن لالستدالل.أما أوال: فألن المسؤول عنه هو أمور خمسة مع انحصار الجواب في األربعة

بال تعرض لحال الفراء، مع أنه لو كان المراد منه حمار الوحش - كما تقدم - لماكان للمنع عنه مجال، حيث إنه مما يؤكل لحمه.

وأما ثانيا: فلداللتها على الجواز في المصيد ببالد الشرك المحكوم بكونهميتة، ألن بالد الشرك أمارة على عدم التذكية، أوليس معها أمارة على التذكية

فحكم بعدمها لألصل، نعم: لو حكم بالجواز في المشكوك لقيام بعض النصوصهناك عليه ولم نقل: بأن بالد الشرك أمارة على عدم التذكية، لما كان فيه اشكال.

وما رواه أيضا عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألته عن اللحاف (الخفاف)--------------------

(١) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(٣٠٢)

Page 329: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من الثعالب أو الجرز (الخوارزمية) منه أيصلى فيها أم ال؟ قال: إن كان ذكيافال بأس به (١).

والسند تام. وأما المتن: فمضطرب، من أجل عدم تعين اللحاف أو الخفاف،مع استبعاد األول، فيقوى الثاني الذي يكون مما ال تتم الصالة فيه - وقد عرفتالجواز فيه - فيخرج عما نحن فيه، ومن أجل التجويز في الثعالب مع االجماععلى المنع فيها، ومن أجل عدم تعين الجرز أو الخوارزمية، حيث إن األولى من

لباس النساء - كما قيل - فتصير منقطعة االرتباط عن المقام.فمع هذه الوجوه من النقاش ال تصلح ناهضة لتخصيص أدلة المنع - فاألقوى:

بطالن الصالة في الحواصل الخوارزمية.وما في المستدرك (٢) فهو دال على الخالف، لداللته على اختصاص الجواز

عند عدم ما يصلى فيه، فمع االختيار ال تجوز.--------------------

(١) الوسائل باب ٧ من أبواب لباس المصلي ح ١١.(٢) المستدرك باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٣٠٣)

Page 330: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ١٨ - األقوى جواز الصالة في المشكوك كونه منالمأكول أو من غيره، فعلى هذا ال بأس بالصالة في الماهوت.

وأما إذا شك في كون شئ من أجزاء الحيوان أو من غيرالحيوان فال اشكال فيه.

إن الكالم تارة في صور الشك، وأخرى في أن الحكم األولي المجعول هناما هو؟

األول: فقد يشك في كون هذا الشئ من أجزاء الحيوان أو ال بعد العلمبأنه على تقدير كونه من الحيوان يكون ذلك مما ال يؤكل، وقد يقطع بأنه منالحيوان ولكن يشك في كونه مما يؤكل أو من غيره، وهو على صور - منها:أنه يعلم بانفصاله من حيوان خارجي معين ولكن يشك في كون ذاك الحيوان

محلل األكل أو محرمه، لشبهة موضوعية، أو لشبهة حكمية. ومنها: أن ال يعلمبانفصاله من حيوان خاص، بل كان هناك حيوانان: أحدهما مأكول اللحم واآلخر

غيره، ولم يعلم بانفصاله من هذا أو ذاك مع العلم بحكم كل واحد منهما. إلىغير ذلك مما يمكن تصوره في المقام.

وأما الثاني: فيلزم البحث عن أن المجعول األولي في الباب هو شرطيةمأكول اللحم أو مانعية غيره أوهما معا، بعد فرض إمكان الجمع بين الجعلين.

ثم إنه على أي تقدير هل الحكم منحدر نحو عنوان المأكول أو غيره؟ بما أنه المدارالوحيد الذي يدور الحكم مداره وجودا وعدما، أو بما أنه عبرة للواقع والخارج

فحينئذ يكون المصداق الخارجي مناطا للحكم، فعليه يكون كل واحد منالمصاديق مستقال بحياله في الحكم مستوعبا - كما يتضح - فاستيفاء المقال هنا

في طي جهات:

(٣٠٤)

Page 331: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الجهة األولىفيما يستفاد من نصوص الباب من الشرطية أو المانعية

إن نصوص الباب على قسمين: أحدهما: ما يمكن االستدالل به واالعتمادعليه العتبار سنده، واآلخر: ما ال يكون كذلك، فلنقدم القسم األول منهما،

ثم نتبعه باآلخر.أما القسم األول: فالمدار الوحيد فيه هو (موثق ابن بكير) المتقدم، فيلزم

التأمل في نطاقه حتى يستفاد ظهوره في شرطية مأكول اللحم أو في مانعية غيره،ونشير قبل الخوض في االستظهار إلى الميز بينهما.

وهو أنه لو كان غير المأكول مانعا عن صحة الصالة يمكن إحراز فقده عندالشك، ألن النهي عن شئ نفسيا كان أو غيريا ظاهر في المنع عنه بنحو الطبيعةالسارية إلى جميع األفراد، فيكون بمنزلة النواهي المتعددة ويتلوه التخصيصات

أو التقييدات العديدة للعموم أو االطالق األولي، فكل فرد من تلك األفراد لهنهي خاص موجب لتخصيص ذاك العام أو تقييد هذا االطالق بالنسبة إليه، فعند

الشك في اندراجه تحت الطبيعة - بأن ال يعلم أنه غير المأكول مثال - يشك فيأصل التخصيص أو التقييد (١).

وأما لو كان المأكولية شرطا لصحة الصالة فال بد من إحراز تقيدها بماهو مأكول اللحم، تحصيال للشرط الذي ال محيص عن إحرازه، ومجرد أصل

الحل ال يثبت الحلية الواقعية، حيث إنه ليس من األصول المحرزة للواقع، فال بد--------------------

(١) ألن المانعية تعلقت بطبيعة سارية فيكون كل فرد مانعا برأسه فيندرج الشك حينئذفي الشك في األقل واألكثر االرتباطي، وسيأتي الكالم مبسوطا في جريان األصل على المانعية

فتثبت الصحة دون الشرطية، فارتقب.

(٣٠٥)

Page 332: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من االشتغال بال مجال للبراءة. وهذا غير مختص بالباب لسيالنه في غيره كالشكفي شرطية الطهارة أو مانعية النجاسة، وكالشك في شرطية التذكية أو مانعية الميتة،

وما إلى ذلك من النظائر.فبعد اإلحاطة بما ذكر، نقول: إنه لو أمكن الجمع بين شرطية المأكول

ومانعية غيره فال تنافي بين ما يدل على األول وما يدل على الثاني، وإال فال بد منالعالج بينهما إن كانا كذلك.

وكيف كان: إن الذي يظهر من صدر (موثق ابن بكير) المتقدم الذي هواألصل في الباب، هو مانعية غير المأكول، لقوله صلى الله عليه وآله فيه " إن الصالة في

وبر كلشئ حرام أكله.... فاسد " حيث إن ظاهره كون الفساد مستندا إلى وجود شئ

من تلك األمور، وال نعني بالمانع إال ذلك، واحتمال أن الفساد ألجل فقدانالشرط - أي المأكولية - خالف الظاهر، فال اعتداد به فيما ال أساس له إال الظهور.وأما قوله صلى الله عليه وآله في الذيل "... حتى يصلي في غيره مما أحل الله أكله "

فهذالو خلي وطباعه لظاهر في الشرطية وأن صحة الصالة متوقفة على وجود المأكولية،ولكن بلحاظ تصدره بما عرفت، فهل هو من باب بيان أحد مصاديق ذلك؟ أو هو

مستقل بحياله؟ فعند استقرار ظهوره في الشرطية، فهل يكون أقوى من ظهورالصدر في المانعية أو ال؟ فعند التساوي ما العالج لو لم يمكن الجمع بين هذين

الحكمين الوضعيين؟ إذ ال تعارض عند االمكان فيحمل كل واحد منهما على ظاهره.وال خفاء في أن المهم في االستظهار هوما أماله الرسول صلى الله عليه وآله وأما ما

فرعهأبو عبد الله عليه السالم في الذيل فإنما هو لتقييده بقيد التذكية في خصوص ما يؤكل

لحمه،ال لبيان ما لم يفده الصدر من المانعية أو الشرطية، فال جدوى في البحث عنه. فالالزم

هو العود إلى البدء حتى يتجه ما هو نطاق االمالء.ثم إنه يمكن ترجيح ظهور الصدر في المانعية بوجوه نشير إلى بعضها، وذلك

ألن مفاد ذيل االمالء لو خلي وطباعه دال على شرطية المأكولية كالطهارة، فكما

(٣٠٦)

Page 333: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أنه ال صالة بال طهارة، كذلك ال صالة بدونها - أي تتوقف صحتها على لبس ما هومن

أجزاء المأكول - وهو خالف االجماع البتي والضرورة من الفقه، وإال لزم بطالنصالة من صلى في قميص منسوج من القطن ونحوه.

فال بد من التصرف والحمل على ما يساعده االعتبار الفقهي أو ال ينافيه األصولاألولية، وذلك إما بالحمل على االختصاص بما إذا لبس من أجزاء الحيوان، فعند

هذا المقسم - أي لبس جزء الحيوان - يحكم بلزوم كونه من قسم خاص وإن لميلزم وجود ذاك المقسم أصال - أي ال يلزم أصال لبس جزء الحيوان - أو بالحملعلى بيان بعض موارد الجواز، ال الحصر حتى يناقش بالجواز في مثل القطن وغيره

مما ال يكون من أجزاء الحيوان.وفيه: أن حمله على بيان بعض مصاديق مفهوم الصدر أهون من هذا، فعليه

يكون المناط هو المانعية المستفادة من الصدر، وأما الذيل فلبيان بعض مصاديقمفهومه ال أمر آخر.

ومن تلك الوجوه: أنه ال إشكال في صدق الشرط عند لبس ما يؤكل سواءلبس معه شيئا آخر مما ال يؤكل أم ال، فحينئذ تلزم صحة الصالة فيما لو لبس مع

ذاك المأكول بعض ما ال يؤكل، والسر هو تحقق وجود الطبيعة بوجود فرد مابال دخالة للزائد عنه - وهو كما ترى.

هذا وأشباهه يوجب وهن ظهور الذيل في الشرطية مع قوة ظهور الصدرفي المانعية. أضف إلى ذلك كله: ظهور غير واحد من النصوص المستفيضة األخر

المشتملة على الصحاح وغيرها في المانعية، كما تلي:فمنها: مكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني، إذ فيها: ال تجوز الصالة فيه (١) حيث

إن النفي ظاهر في المانعية وأن وجود شئ مما ال يؤكل لحمه مانع عن صحتها.--------------------

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(٣٠٧)

Page 334: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وما رواه عن محمد بن علي بن الحسين باسناده، عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد،عن أبيه، عن جعفر بن محمد عليهما السالم إذ فيها: قال صلى الله عليه وآله يا علي ال

تصل في جلد ماال يشرب لبنه وال يؤكل لحمه (١).

وما رواه عن محمد بن إسماعيل باسناده يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السالم قال: التجوز

الصالة في شعر ووبر ما ال يؤكل لحمه ألن أكثرها مسوخ (٢) وهذه مع ظهور النفيفيما ذكر قد اشتملت على التعليل بأمر وجودي، فيدل على أن الممسوخية مانعة

عن الصحة.ومنها: رواية مقاتل بن مقاتل، إذ فيها: فقال عليه السالم: ال خير في ذا كله

... الخ (٣)، حيث عبر فيها بالنفي الظاهر في المنع ال الشرط.وفي رواية بشير بن بشار: وال تصل في الثعالب وال السمور (٤).وفي رواية أبي علي بن راشد... فأما السمور فال تصل فيه (٥).

وفي رواية سعد بن سعد األشعري عن الرضا عليه السالم: فقال عليه السالم يصيد؟قلت:

نعم يأخذ... فقال عليه السالم: " ال " (٦) حيث إن النفي - بعد انضمام المقدمةالمارة في

موطنها السابق - دال على المانعية.وفي مكاتبة محمد بن علي بن عيسى: فأجاب عليه السالم: ال أحب الصالة في شئ منه

... الخ (٧) بعد االلتفات إلى ما مر من كيفية داللته على الحكم اللزومي، فيدلنفي المحبوبية بنحو اللزوم على مانعية جميع ذلك.

وفي ما رواه عن " مكارم األخالق ": نهاني عن الثعالب والسمور (٨) الظاهر منالنهي هو االرشاد إلى المانعية في نحو المقام.

--------------------(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٦ و ٧.(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٦ و ٧.

(٣) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٤ و ٥.

(٤) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٤ و ٥.

(٥) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٤ و ٥.

(٦) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٣ و ٥.

(٧) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٣ و ٥.

(٨) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٣ و ٥.

(٣٠٨)

Page 335: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وفي رواية سعد بن األحوص عن الرضا عليه السالم: ال تصل فيها (١) أي في جلودالسباع.

وفي رواية قاسم الخياط عن موسى بن جعفر عليهما السالم، وما أكل الميتة فالتصل فيه (٢).

وفي رواية الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السالم ورواية األعمش عن الصادق عليهالسالم

وال في جلود السباغ (٣) أي وال يصلي فيها.إلى غير ذلك من الروايات المتراكمة، فال غرو في ضعف بعضها بعد صحة

بعضها اآلخر مع بلوغها نصاب االستفاضة التي يكون القدر المشترك فيه بينها هوالظهور في المانعية.

ثم إن في تجاه هذه النصوص ما ربما يوهم ظهوره في شرطية مأكول اللحم،فال بد من اإلشارة إليها والعالج بينها - إن استقر ظهورها فيها كظهور ما مر فيالمانعية - وبين ما تقدم، على فرض امتناع الجمع بين مانعية ذاك وشرطية هذا.

فمنها: ما رواه عن علي بن أبي حمزة، إذ فيها: ال تصل فيها إال ما كان منهذكيا قال: قلت: أوليس الذكي مما ذكي بالحديد؟ قال: بلى إذا كان مما

يؤكل لحمه... الخ (٤).حيث إن ظاهر قوله عليه السالم " بلى إذا كان مما... الخ " هو اشتراط الصحة

بمأكوليته، لمكان التعبير بأداة الشرط.وفيه: أنه بعد وهن السند بجهات تقدم الكالم فيها، ال ظهور للمتن فيما

ذكر إال بتمحل، وذلك: ألن اشتراط التذكية إنما هو بلحاظ الفراء المعمول منالجلد المحتاج إليها، فسئل عنها بأن قيل: أوليس الذكي مما ذكي بالحديد؟

فأجاب عليه السالم بقوله " بلى.... الخ ".--------------------

(١) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٣ و ٤.

(٢) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٣ و ٤.

(٣) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٣ و ٤.(٤) الوسائل باب ٣ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(٣٠٩)

Page 336: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وهذا الجواب يحتمل وجهين: األول - أن يكون بصدد اعتبار قيد زائدفي التذكية نفسها، وهو (كون الحيوان مما يؤكل) فيدل على دخالة هذا القيد

كدخالة القيد المذكور في السؤال، وهو (كونها بالحديد) فما ال يؤكل لحمه غيرقابل للتذكية. ولكنه خالف االجماع البتي.

والثاني - أن يكون بصدد اعتبار ذلك في صحة الصالة ال في قوام التذكية،فحينئذ يتم في الشرطية. ولكنه غير ظاهر فيه، بل ظاهره هو الوجه األول المخالف

لالجماع. أضف إلى ذلك: ما في قوله بعده " وما ال يؤكل لحمه من غير الغنم؟ قالعليه السالم: ال بأس بالسنجاب... الخ " حيث إن الموجود في " الكافي " و "

التهذيب " و " الوافي "التي تكون بأيدينا خال عن لفظة (ال) في قوله " وما ال يؤكل " وإن كانت في "

الوسائل ".ولكل واحد من الثبوت والعدم اعتبار مناسب يخصه، فأما النفسي: فيساعده

استثناء السنجاب حيث إنه محرم األكل ولكن أجيز حسب هذا الخبر الصالة فيأجزاءه، ولكن ال يساعده استثناء الغنم حيث إنه محلل األكل ضرورة. وأما

الثبوت: فبالعكس.مع أن ذيله قد علل المنع عما عدا السنجاب بالنهي عن كل ذي ناب ومخلب

فيدل على أن سر بطالن الصالة فيما عداه هو (كون ذلك مما نهي عنه) وظاهره أنحرمة أكل ما عداه مورثة للبطالن والمنع، ال أن سره هو (فقدان حلية األكل)

وبينهما ميز مبان.والحاصل: أن الفقرة األولى ذات احتمالين: أحدهما ظاهر منها ولكنه

خالف االجماع، واآلخر غير ظاهر منها وإن يجدي في الشرطية.والفقرة الثانية مضطربة الضبط بين ثبوت لفظة (ال) ونفيها، فعلى الثبوت:

تدل على أن السنجاب مما يؤكل لحمه وهو خالف االجماع، ولذا قال (في أطعمةالجواهر) بلزوم طرح الخير الدال على حليته لكونه خالف االجماع. وعلى النفي:

دال على أن الغنم مما ال يؤكل لحمه، وهو كما ترى!

(٣١٠)

Page 337: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والفقرة الثالثة ظاهرة في المانعية، حيث علل فيها المنع وعدم جواز الصالةفيما عدا السنجاب بالنهي عن كل ذي ناب ومخلب، فسر عدم الجواز هو النهي عن

األكل، فحرمة األكل مانعة. ولعل هذه الحزازات في المتن لعدم تعاهد الحديثمن " االسحاق العلوي ".

ومنها: ما رواه عن أبي تمامه قال: قلت ألبي جعفر الثاني عليه السالم إن بالدنا بالدباردة فما تقول في لبس هذا الوبر؟ فقال: البس منها ما أكل وضمن (١).حيث إن ه قيد جواز اللبس بالمأكولية، وليس إال شرطية ذلك، ألن توقف

جواز الشئ على وجود شئ دال على اشتراطه به، ولما كان هذا االشتراط مطلقاشامال لحال الصالة أيضا - لو لم يكن االعتناء الهام ألجلها - فيدل على التوقف في

تلك الحالة أيضا، وال نعني بالشرطية إال هذا.وفيه أوال: أن السند مرهون ب " أبي تمامة " وثانيا: أن المتن قاصر عن إفادة

ذلك، لعدم تعين المشار إليه في السؤال من كونه الشخص الخارجي؟ أو النوعالدارج في االستعمال؟ وأن ال يالئم التشخص الخارجي ما في الجواب المالئم للتعميم

والتوسعة، ولعدم التناسب للضمان هنا، إذ ال يعتبر الجمع بين وصف المأكوليةوضمان البايع له مثال، مع أنه ال جدوى لضمانه له، إذ المأكولية وعدمها ليست

بمثابة المذكى والميتة حتى يكفيه إخبار ذي اليد أو استعماله فيما ال يجوز استعمالالميتة فيه مثال، فحينئذ ال يتم األمر أيضا لو جعل الواو بمعنى (أو) حتى يكونالمعنى أنه يعتبر أحد األمرين: من المأكولية، أو ضمانتها والتعهد بها. اللهم إالأن يرجع الضمان إلى التذكية، فالمعنى حينئذ هو التوقف على أمرين: أحدهما

المأكولية، واآلخر التذكية التي تثبت بضمان البايع وإخباره وإن كان بنحواالستعمال الذي يكشف بصدوره عن المسلم أن المستعمل فيه ال يكون ميتة،

--------------------(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(٣١١)

Page 338: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولكنه أيضا خالف الظاهر.فال يمكن االعتماد على مثله مما هو موهون السند ومضطرب المتن

الثبات الشرطية.الجهة الثانية

في امكان جعل الشرطية ألحد الضدين والمانعية لآلخر - ثبوتا واثباتا - وعدمهقد الح لك (في الجهة األولى) أن المستفاد من نصوص الباب هو مانعية حرمة

األكل فقط، وأما شرطية حلية األكل فلم يقم عليها دليل نفيا وال إثباتا، فهليمكن التمسك بتلك النصوص لنفيها من باب المالزمة العقلية أم ال؟

وذلك متوقف على امتناع الجمع بين الجعلين حتى يستكشف من ثبوتأحدهما نفي اآلخر، وأما عند امكانه فال كشف له أصال فيبقى على حاله من االحتمال

إلى أن ينتهي األمر إلى األصل، فاالعتماد على نفيها بالدليل االجتهادي رهين ذاكاالمتناع المشار إليه. ولنشر قبل البحث عن االمكان وعدمه إلى النسبة بين

مأكولية اللحم وغير مأكوليته وإلى الميز بينهما.أما األولى: فال ريب في أنهما ضدان ال ثالث لهما واقعا، ألن كل حيوان

فهو إما محلل األكل واقعا أو محرم األكل كذلك، فعند انحفاظ المقسم ال جمعبينهما وال ارتفاع عنهما، وذلك نظير الطهارة والنجاسة أو المذكى والميتة، بناء

على كونها وجودية مضادة للتذكية كذلك.وأما الثاني: - أي الميز - فهو أن شرطية المأكولية إنما تصح على تقدير

لبس أجزاء الحيوان، وإال استلزم وجوب تحصيله. وهذا بخالف مانعية غيرالمأكولية لصحتها مطلقا، وتوضيحه: بأنه لو كان المأكولية شرطا لزم إحرازهاالمتوقف على لبس أجزاء الحيوان الخاص، فمع عدم لبس الجزء الحيواني لما

(٣١٢)

Page 339: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أمكن تحصيل ذلك الشرط. وأما لو كان غير المأكولية مانعا لما وجب لبس أجزاءالحيوان الخاص أصال، إذ المهم هو ترك جزء ما ال يؤكل، سواء كان بلبس جزء

ما يؤكل أو بلبس شئ ال يكون جزء من الحيوان أصال أو بترك اللباس رأساواالكتفاء بمجرد الستر بما يصلح له في الصالة.

وهكذا األمر في مانعية الميتة وشرطية التذكية، فعند لبس القطن ونحوهمن النباتات يصدق عليه: أنه ترك المانع.

ومن هنا يتضح لزوم انحفاظ المقسم في الضدية الكذائية بينهما، وإال لكانلهما ثالث، ألن القطن ليس بمحرم األكل وال بمحلله، كما أنه ليس بميتة

وال مذكى.ثم إنه قد يتخيل: عدم إمكان الجمع بين مانعية ذاك وشرطية هذا في مقام

االثبات والخطاب، وكذا في مقام الثبوت والواقع.أما محذور الجمع في الخطاب واالثبات: فهو أن البعث إلى أحدهما لما كان

مساوقا للزجر عن اآلخر بعينه لما كان للزجر المستقل عن ذلك اآلخر وجه أصال،لحصول االنزجار بال زجر والترك بال نهي. وتوضيحه: أن وجود المأكولية مستلزم

لترك غيرها وانعدام شقيقها اآلخر الذي هو غير المأكولية، وبالعكس، ال بنحو التقدملوجود أحدهما على عدم اآلخر بل لحصوله معه بال احتياج إلى خطاب آخر، وحيث

إنه خال عن الفائدة حينئذ فال مجال له صونا عن اللغوية وكثرة الكالم بال جدوىوال تفاوت فيما هو المهم هنا بين الخطاب النفسي والغيري، فالتعبير بالبعث والزجر

لسهولة التعقل، وإال فال بعث وال زجر بالمعنى المصطلح في المبحوث عنه.وفيه: أنه إن كان في خطاب واحد لكان لما قيل وجه من عدم االفتقار إلى

الجمع بين الجعلين مع حصول الغرض بأولهما وخلو ثانيهما عن األثر، وأما إذا كانافي خطابين فال، وذلك: ألنه ليس التعبير بما يفيد أحدهما أسهل من التعبير باآلخر،

فما المانع من إلقاء الخطاب تارة لجعل الشرطية وأخرى لجعل المانعية؟ حيث

(٣١٣)

Page 340: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إن كلتيهما طريقتان إلى الواقع المقصود، فليكن من باب التفنن في التعبير أوالتأكيد. ومن هنا يتجه االمكان في خطاب واحد أيضا، ألن التأكيد غرض مهم

يسرد ألجله غير واحد من التعابير المتعددة لفظا المتحدة معنا. نعم: لو كان ألحدهماأثر يخصه لما كان للثاني وجه، ال من باب لزوم االقتصار على أحد الضدين اللذين

ال ثالث لهما، بل من باب تفويته لذاك األثر المطلوب.وذلك: مثل ما لو تعلق الغرض باالحتياط في مقام الشك في كون شئ مأكول

اللحم أو غيره لشبهة موضوعية تحفظا للواقع، إذ ال بد حينئذ من االقتصار علىجعل الشرطية فقط، كما أنه لو تعلق الغرض بالبراءة في ذاك المقام تسهيال على

العباد لزم االقتصار على جعل المانعية فقط - على ما يقال من الميز بينهما في مقامالشك واألصل العملي - والحاصل: أنه ال محذور في الجمع بين الجعلين خطابا وفي

مقام االثبات بعد االلتفات إلى جدوى التأكيد وأثر التسجيل بالتفنن في التعبير.وأما محذور الجمع بينهما ثبوتا: فهو أن مرتبة تأثير المانع متأخرة عن

وجود المقتضي والشرط، إذ لوال تمامية حوزة االقتضاء بوجود هما ألستند عدمالمعلول إلى فقدهما وجد المانع أم ال، فعند عدم الشرط يكون عدم المعلول مستندا

إليه ووجود المانع وعدمه حينئذ سيان، نعم: لو وجد المقتضي والشرط لكانعدم المعلول مستندا إلى وجود المانع.

فاألمر دائر بين استواء وجوده وعدمه وبين عدم وجوده رأسا، إذ على تقديرانتفاء الشرط فذات المانع موجودة ولكن ال أثر لوجوده أصال، بل يكون كالعدم

من حيث عدم األثر. وعلى تقدير وجود الشرط لما كان المانع موجودا حتى يبحثعن أثره، وال يعقل جعل المانعية ثبوتا لما هذا شأنه.

وفيه: أن أجزاء العلل بأسرها في رتبة واحدة وجودا وعدما، فكما أن وجودالمعلول يستند إلى وجود المقتضي والشرط وفقد المانع بال تقدم بعضها على آخر في

(٣١٤)

Page 341: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

صلوح االستناد، كذلك عدمه يستند إلى عدم المقتضي أو عدم الشرط أو وجود المانعكذلك، كما أنه يستند إلى عدم ذينك ووجود هذا معا إذا اتفق فقد العلة التامة

بجميع أجزاءها.نعم: التأثير الفعلي للمانع ومصادمته تجاه أثر المقتضي والشرط إنما يتوقف

على وجودهما بالفعل، وحيث إنه ال وجود للمانع فيما يوجد فيه الشرط في أمثالالمقام ال اتصاف له بفعلية المزاحمة والمانعية أصال، ومجرد هذا المقدار لعله غير

كاف في االمتناع الثبوتي.الجهة الثالثة

في جريان األصل وعدمه عند الشك في المأكوليةثم إنه قد يكون وجود غير المأكول بنحو الوجود المحمولي موضوعا

للحكم وهو المنع مثال، وقد يكون الموضوع له هو األمر المتقيد بعدمه. فعلىاألول: ال إشكال في جريان االستصحاب فيما كان لعدم المحمولي حالة سابقة.

وأما الثاني: فإما أن يكون عدمه قيدا للمصلي (بأن يعتبر فيه أن يكون متقيدابعدمه) أو يكون قيدا للصالة (بأن تكون متقيدة به - كما في الطهارة) فعلى األول:يجري األصل، ألن عدمه النعتي - أي اتصاف المصلي وتقيده بعدمه - كان مسبوقا

باليقين قبل لبس هذا اللباس فيحكم ببقائه بعده. وأما على الثاني: فلعدم مسبوقيةتقيد الصالة بعدمه باليقين - إذ لم تكن صالة في السابق حتى تكون مقيدة بعدمه -

فال مجال لجريانه، ألن استصحاب عدمه المحمولي ال يثبت عدمه النعتي - أياتصاف الصالة بعدمه -.

والذي ينبغي أن يقال: هو أن االستصحاب وإن قصر عن إثبات اللوازمالعقلية أو العادية التي تكون خارجة عن حوزة التشريع وداخلة في ساهرة التكوين،

(٣١٥)

Page 342: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولكنه ليس بقاصر عما يكون وضعه ورفعه بيد الشرع. توضيحه: بأن الطهارةمثال قد قيدت الصالة بها شرعا حيث قيل: " ال صالة إال بطهور " فلو كانت بوجودها

المحمولي مسبوقا باليقين ألمكن استصحابها واالتيان بالصالة معها، ألن المطلوبهو تقيدها بوجودها، فيحرز أحدهما - وهو الوجود - باألصل، واآلخر بالوجدان.ويؤيده ما في لسان بعض نصوص االستصحاب: من جريانه في الطهارة عند احتمال

انتقاضها بالخفقة والخفقتين واالكتفاء بذلك، مع أن المأخوذ في لسان الدليلهو تقيد الصالة بها، ال مجرد وجودها، وال تقيد المصلي بها - كما تمحله بعض

من لم يصل إلى ما هو السر - حيث يقال: بكونها قيدا للمصلي فإذا ثبت كونهمتطهرا الكتفى به. وفيه ما ال يخفى، لخروجه عن نطاق النص. فمعنى التعبد

بالطهارة هو التعبد بتحقق أثرها وهو التقيد في الفرض.وفي المقام أيضا يمكن إحراز عدم المأكولية المسبوق يقينا بالتعبد وتقيد

الصالة به بالوجدان، فال تفاوت فيما هو المهم بين كون عدمها قيدا للمصلي أوللصالة، إذ كما يمكن احراز اتصافه بعدمها فيما إذا كان عدمها النعتي مسبوقا

باليقين، كذلك يمكن إحراز اتصافها - أي الصالة - بعدمها فيما إذا كان عدمهاالمحمولي مسبوقا، من دون الفرق الحراز التقيد هنا بالوجدان والقيد باألصل.

هذا بلحاظ االستصحاب وسيوافيك تمامه.أما االشتغال والبراءة: فمصب جريانهما وتعيين ما هو الجاري منهما رهين

اإلشارة إلى كيفية انحدار الخطاب نحو المتعلق، فنقول: قد تكون المصلحة قائمةبصرف الوجود لطبيعة خاصة فيراها المولى كذلك ثم يطلبها ويبعث إليها بنحو

الصرف، وال ريب في أنه بعث واحد له امتثال واحد أو عصيان فارد، فعند حصولهابأول الوجود الناقض للعدم ال مجال لها ثانيا.

وقد تكون قائمة بها بنحو السريان في جميع األفراد - بحيث يكون لكل

(٣١٦)

Page 343: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

منها مصلحة تخصه - فيراها كذلك ويبعث إليها هكذا، والمرية أيضا في تعددالبعث بتعدد تلك األفراد، فهيهنا إطاعات ومعاصي، وهذان القسمان مما ال كالم

فيه، لظهور الخطاب الخاص بكل منهما فيه لفظا.وأما إذا انحدر البعث نحو طبيعة لم يعلم حالها ولم يأت المولى في خطابه

بما يشرح كيفية بعثه: من كونه على النحو األول أو الثاني، فبعد إجراء مقدماتاالطالق ينتج ما هو المساوق للقسم األول - أي االكتفاء بالصرف - ألن العقل

قاض بأن الطبيعة إذا انحدر نحوها البعث فال بد من دخالة الوجود لها، فال بدمن انقداحه لدى المولى، فأصل الوجود ال محيص عنه. وأما كونه بنحو السريان

فيحتاج إلى مؤنة زائدة مطرودة باالطالق، فيكتفي بأول الحصول، ال أن اللفظقد استعمل فيه أو قيد به، بل لعدم الدليل على الزائد عنه. هذا في األمر النفسي

الذي فيه البعث إلى شئ، وسنشير إلى اتحاد األمر الغيري معه.وأما النهي: فيتأتى فيه هذا التقسيم أيضا، إال أنه له ميزا من وجهين ال بد

من بيانهما، أما األول: فهو أن النهي إذا كان على النحو األول - المأخوذ فيهما يدل على أن المفسدة قائمة بصرف الوجود - يلزم ترك جميع األفراد صوناعن تلك المفسدة، إذ بمجرد ترك الفرد األول وإن صين عن الفساد الناشئ منه

على فرض وجوده، ولكن هذا النشوء والبروز مترقب من غيره من األفراد األخر،فيجب تركها بأسرها حتى ال يتحقق الفساد رأسا. نعم: لو عصى باتيان فرد لسقط

النهي، إذ ال موضوع حينئذ حتى يبقى له الحكم.وأما الميز الثاني: فهو أن النهي إذا كان على النحو الثالث ينتج إجراء

مقدمات اطالقه ما هو المساوق للقسم الثاني - أي الطبيعة السارية - فيجب االحتياطوترك الجميع. ومبدأ هذين الميزين أمر واحد ال محيص في حل ما اعتصاص فيه

عن التمسك بذيل الغريزة العرفية، وبيان ذلك فيما يلي: وهو أن الطبيعة كما

(٣١٧)

Page 344: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

توجد بوجود فرد ما كذلك تنعدم بانعدام فرد ما، إذ كما أن لها وجودات باعتباراألفراد كذلك لها أعدام باعتبارها، وكما أن الوجود األول الناقض للعدم يصدق

عليه: أنه صرف الوجود، كذلك العدم الناقض للوجود يصدق عليه: أنه صرف العدم،فما السر في لزوم ترك جميع األفراد إذا كان النهي بنحو الصرف أو أنتجه االطالق؟

والحل هو أنه وإن كان كذلك عقال، إال أن المعهود في باب النواهي لماكان بنحو الطبيعة السارية في جميع األفراد التي لكل منها مفسدة تخصه، فهذاالتكرر والتداول يوجب للخطاب ظهورا في العرف خاصا يستكشف منه ما هو

المساوق للطبيعة السارية، فيلزم ترك الجميع صونا عن الوقوع في تهلكة تلكالمفسدة المهروب عنها. نعم: يكون بين لزوم الترك في القسم األول والثالث

ولزومه في الثاني فرق نتعرض له. هذا في النهي النفسي.ولما كان وزان األمر والنهي الغيريين وزان ما مر من النفسيين، ألن الحكم

وضعيا كان أن تكليفيا يستفاد من الهيئة الواحدة في ذينك الصنفين، فيتأتى فيالغيري منهما ما كان متأتيا في النفسي. فحينئذ ينقسم الشرطية أو المانعية إلى تلكاألقسام، مع ما بين األمر المفيد للشرطية والنهي المفيد للمانعية من الميز المار بين

النفسي منهما.ثم إن الفرق بين الشرطية والمانعية، هو أن بعد إحراز شرطية شئ

ال بد من إحراز وجوده، للعلم بدخالة تقيده، فيحتاط في المشكوك. وأما المانعية:فحيث إن المزاحم فيها هو وجود شئ بال دخالة لتقيده فال يحتاط، المكان إحراز

عدمه باألصل - كما يتضح في الجملة.وحيث إنه قد تحقق األمر فيما نحن فيه: من أن المجعول هو مانعية

غير المأكول ال شرطية المأكول، فيلزم البحث عن االشتغال والبراءة عليها - أيعلى المانعية - وذلك: بأن النهي المفيد لمانعية غير المأكول إن كان بنحو الصرف

(٣١٨)

Page 345: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فال بد فيه من االحتياط وذلك ألن التكليف هناك واحد مبين بحدوده وقيوده، وأمالزوم ترك جميع األفراد فمن باب توقف امتثال ذاك الترك الواحد على هذه التروك

بال كثرة للتكليف.وأما إذا كان بنحو الطبيعة السارية فهنا تكاليف عديدة مستقلة فكل منها

موجب لتخصيص العام أو االطالق الموجود في أصل المسألة، ففيه تخصيصات أوتقييدات كثيرة، فعند الشك في كون هذا الشئ مأكول اللحم أو غيره يشك في

التخصيص الزائد أو التقييد الزائد المحكوم بحكم الشك في أصل التخصيصأو التقييد المطرود بأصالة العموم أو االطالق. هذا إذا كان الشك لشبهة

موضوعية.وأما إذا كان لشبهة حكمية، فحيث إن أولها إلى الشك في الموضوع

الخارجي فالكالم فيها أيضا هو ما أشير إليه. وتفصيل المقال في حكم األقل واألكثراالرتباطي - من االحتياط مطلقا أو البراءة كذلك أو التفصيل بين العقل والشرع

باالحتياط على األول والبراءة على الثاني - في موطنه المعد له. هذا محصلالقول في االشتغال والبراءة.

وأما أصالة الحل: فقد يتمسك بها لصحة الصالة في المشكوك فيه، وتقريبذلك: أن الشك في جواز الصالة فيه وعدمه مسبب عن الشك في حلية أكلهوحرمته، فعلى األول تجوز دون الثاني، فمع إجراء أصالة الحل يطرد الشك

في الجواز، بل يعلم تعبدا به، فتصح الصالة فيه.وحيث إن المراد من الحلية المجعولة فيها هل هو التكليفي منها أو األعم؟

يحتاج إلى بسط مقال يتضح في ضوءه النقاش في السببية، بل أصل التمسك بهاعلى بعض التقادير، فال بد من البحث عنه في مقامين:

(٣١٩)

Page 346: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المقام األولفي البحث عن أصالة الحل بمعنى الجواز التكليفي فقط

إن مدار البحث هنا هو كون المراد من الحل المستفاد من قوله " كل شئلك حالل... الخ " هو الترخيص في األكل وتجويزه، فعلي هذا الفرض نقول:

ال مجال لالستدالل بها أصال.أما أوال: فألن المانعية عن الصحة وحرمة األكل أمران عرضيان موضوعهما

واحد وهو نفس الحيوان الخارجي - على ما يستفاد من نصوص المنع عن السباع -إذ لم يؤخذ عنوان ما ال يؤكل موضوعا للمانعية في هذه الطائفة من النصوص،

فليس أحدهما في طول اآلخر حتى يكون الشك في المانعية مسببا عن الشك فيالحرمة. نعم: إن المستفاد من (موثقة ابن بكير) التي هو األصل في الباب وكذا

ما يتلوها من تلك الطائفة هو إناطة المانعية بحرمة األكل، فهما مترتبانال عرضيان، وال أشكال في أن المتالزمين المستندين إلى ملزوم وواحد ال يثبت

أحدهمابمجرد ثبوت اآلخر باألصل - على ما في محله - وأما الالزم والملزوم اللذينيكون ترتب أحدهما على اآلخر شرعيا مع كون ذاك الالزم بنفسه أيضا شرعيافهو وإن يمكن ثبوت الالزم بمجرد إحراز الملزوم باألصل، إال أن ما نحن فيه

ليس من هذا القبيل، ألن المستفاد من تلك الطائفة هو ترتب المنع على محرم األكلواقعا وبعنوانه األولي ال األعم من الواقعي والظاهري حتى يثبت الموضوع باألصل،

كما أن المستفاد من أصالة الحل ليس تنزيل المشكوك منزلة الواقع - كاالستصحابالمحرز - حتى يؤل مغزاه إلى ترتيب آثار الواقع عليه، فما لم يكن دليل المنع

ناظرا إلى األعم من الواقع والظاهر - النحداره إلى خصوص الواقع - ولم يكن أصلالحل أيضا محرزا للواقع - كاالستصحاب - ال مجال للحكم بارتفاع المنع فيه أبدا.

(٣٢٠)

Page 347: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما ثانيا: فعلى تسليم اتساع نطاق دليل المنع وشموله لألعم من الحرامالواقعي والظاهري، فليس من باب الشك السببي والمسببي البتة، بل يحرز معهالموضوع بنفسه وجدانا، فينتفي الشك في المنع كذلك ال تعبدا، إذ بعد احرازالحلية الظاهرة فقد أحرز الموضوع وجدانا، فحينئذ يزول الشك في المانعية ال

بالتعبد بل بالوجدان.أضف إلى ذلك كله: اختصاص جريانه بما إذا كان هناك اللحم موجودا

وموردا لالبتالء بنحو يصح جعل الترخيص والجواز التكليفي، إذ كما أن المعدومأو ما ليس موردا لالبتالء ال مجال لجعل الحرمة التكليفية فيه كذلك ال مجال لجعل

الحلية التكليفية له، التحاد المناط.فحينئذ لو شك في جلد أو وبر أنه مما يؤكل أو من غيره مع انتفاء اللحم

رأسا أو فقده عن مورد االبتالء ال مجال لتجويز أكله فال وجه ألصالة الحل.وال يقاس بأصالة الطهارة الجارية لطهارة المالقي مع انتفاء ذاك الماء المشكوك رأسا،

ألن المجعول هناك أمر وضعي فيصح االجراء بلحاظ األثر - كما يتضح في المقامالثاني - وأما هنا فال، ألن المجعول فيه ليس إال جواز األكل تكليفا وكم

فرق بينهما!فتحصل: أن موضوع المنع هو محرم األكل واقعا وبالعنوان األولي، وأما

المحرم بالعنوان الثانوي - كمنذور الترك والمغصوب ونحو ذلك - فال، وإال لزمالجواز فيما ال تنجيز للنهي - كما هو واضح - وأن أصل الحل قاصر عن احرازالواقع فال جدوى له، فحينئذ ال بد من عطف عنان الكالم عن التفصيل في مصب

جريانه سعة وضيقا، إذ ال أساس له على هذا الفرض أصال.

(٣٢١)

Page 348: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المقام الثانيفي البحث عن أصالة الحل بمعنى الجواز الوضعي أيضا

أن المراد من الحلية الوضعية هو النفوذ والصحة تجاه الحرمة الوضعيةالمفسرة بالبطالن وعدم النفوذ، فإذا كان في البين ما يدل على جعل الحلية الوضعيةبالعموم أو الخصوص عند الشك في وجود المانع أو مانعية الموجود يمكن التمسكبه لتصحيح الصالة في المشكوك، من دون االحتياج إلى حديث السببية والمسببية.

بيانه: بأن الشك في كون هذا الشئ مما يؤكل أو من غيره شك في كونهمانعا أو ال، فإذا حكم الشرع على هذا الموضوع الخاص بالحلية والنفوذ الوضعييحكم معه بعدم المنع بال إثبات، نظير قاعدة الطهارة عند الشك في نجاسة البدن

أو الثوب، وكذا لو شك في أن هذا الشئ من أجزاء ذاك الحيوان المعلوم حرمةأكله أو من ذلك الحيوان المقطوع حليته، وما إلى ذلك من أنحاء الشك، ألنالحلية والحرمة الوضعيتين ال تختصان بالحيوان نفسه، بل يعم ذانك الوضعيان

جميع أجزاءه، فحينئذ لو شك في وبر حيوان قد انتفى جميع أجزاءه ما عدا ذاك الوبرالخاص يجري األصل فيه هنا، بخالف ما مر في المقام األول.

فهذا في الجملة مما ال ريب فيه، إنما الكالم في صلوح هذه القاعدة إلفادةالحلية الوضعية أيضا بعد تمامية داللتها على التكليفية منها، فالمهم هنا هو تصويرالجامع بين قسمي الحلية، واإلشارة إلى االستعمال فيه بإقامة بعض ما يشهد له.فنقول: ال مرية في استعمال الحل في خصوص الوضعي منه في الكتاب والسنة

إجماال، كما ال سترة في استعماله في التكليفي منه البتة، والتضاح القسم األول منهنشير إلى بعض النصوص المستعمل فيها الحل أو الجواز في خصوص الوضعي، ثم

نتبع ذلك بما استعمل فيه الحل أو ما في حكمه في الجامع بين ذينك المقسمينحتى تصح دعوى استعماله فيه هيهنا أيضا.

(٣٢٢)

Page 349: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أما النصوص المستعمل فيها الحل أو الجواز في خصوص الوضعي منهفمنها: رواية ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السالم إذ فيها: فالصالة في وبره...

جائز... الخ (١)إذ ال ريب في أن المراد من الجواز هنا هو خصوص النفوذ والصحة في

قبال الفساد.ومكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني... يسقط على ثوبي الوبر... فكتب

ال تجوز الصالة فيه (٢) ومعناه البطالن وعدم النفوذ.ومرفوعة محمد بن إسماعيل قال عليه السالم: ال تجوز الصالة في شعر ووبر ما ال

يؤكللحمه ألن أكثرها مسوخ (٣).

ومنها: مكاتبة علي بن مهزيار... فهل تجوز الصالة في وبر األرانب؟... فكتب عليه السالم: ال تجوز... الخ (٤).

فاستعمل الجواز صدرا وذيال في الصحة والنفوذ فقط. ونحوها مكاتبة أحدابن إسحاق األبهري (٥).

ومنها: رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السالم... فقال له أبو عبد الله عليهالسالم

فإن الله تعالى أحله وجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان... الخ (٦).وقد مر أن الخز مما يحرم أكله البتة، فمع ذلك يكون المراد من الحلية

هنا خصوص الصحة ونفوذ الصالة فيه، كما تقدم مشروحا.ومنها: رواية سعد بن سعد عن الرضا عليه السالم... قال عليه السالم إذا حل وبره

حل جلده (٧)--------------------

(١) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٤ و ٧.

(٢) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٤ و ٧.

(٣) الوسائل باب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٤ و ٧.(٤) الوسائل باب ٧ من أبواب لباس المصلي ح ٣ و ٥.(٥) الوسائل باب ٧ من أبواب لباس المصلي ح ٣ و ٥.

(٦) الوسائل باب ٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤.(٧) الوسائل باب ١٠ من أبواب لباس المصلي ح ١٤.

(٣٢٣)

Page 350: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وقد مر أن التالزم إنما هو بين نفوذ الصالة في الوبر وبين نفوذها في الجلدوأما في الجواز التكليفي فال، إذ يجوز االنتفاع بوبر الميتة دون جلدها، فالمراد

من الحلية في طرفي التالزم هو النفوذ الوضعي.ورواية محمد بن عبد الله الحميري عن صاحب الزمان عليه السالم إذ فيها: فوقع عليه

السالم:يجوز، وروي عنه أيضا ال يجوز، فبأي الخبرين نعمل؟ فأجاب عليه السالم إنما حرم

في هذه األوبار والجلود فأما األوبار وحدها فحالل (١).حيث إنه استعمل فيها الجواز الوضعي في موضعين، وكذا استعمل الحرمة

بمعنى البطالن والحلية بمعنى الصحة.ومنها: مكاتبة محمد بن عبد الجبار إلى أبي محمد عليه السالم... فكتب عليه السالم:

ال تحل... إلخ (٢). بناء على استواء ما تتم وما ال تتم في البطالن.

إلى غير ذلك مما ال احتياج إلى نقله. فال مرية في استعمال الحل والجوازفي النفوذ والصحة، فمن شاء أكثر منه فليراجع باب ما تجوز الصالة فيه وحده

وما ال تجوز - أي ما تتم وما ال تتم - من أبواب النجاسات.وأما النصوص المستعمل فيها الحلية أو الحرمة في الجامع

بين التكليفي والوضعيفمنها: رواية جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السالم إذ فيها: ويجوز أن تتختمبالذهب وتصلي فيه (أي النساء) وحرم ذلك على الرجال إال في الجهاد (٣).

حيث إن الجواز في النساء - بمعنى مرخي العنان - األعم من التكليف -والوضع، والحرمة في الرجال - بمعنى المنع والحرمان - األعم منهما، وال خفاء

في تصوير الجامع بعد الظهور.--------------------

(١) الوسائل باب ١٠ من أبواب لباس المصلي ح ١٥.(٢) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ٢.(٣) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ٦.

(٣٢٤)

Page 351: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: رواية موسى بن أكيل النميري عن أبي عبد الله عليه السالم... وجعلالله الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم على الرجال لبسه والصالة فيه (١).

إذ المراد هو الجمع إذ لم يتكرر لفظ الحرمة ولو بالعطف، إذ الصالة معطوفعلى اللبس مع بقاء الحرمة بحالها من الوحدة وعدم التكرر.

إلى غير ذلك مما يمكن العثور عليه بعد التتبع.ويؤيده (موثقة مسعدة بن صدقة) المصدرة بحلية المشكوك، الموسطة بأمثلة

خاصة، المذيلة بضابطة عامة، وهي " األشياء كلها على هذا حتى يستبين لك أوتقوم به البينة ".

إذ ال ريب في أن حلية بعض تلك األمثلة ليست إال النفوذ والصحة، كالعبدالمحتمل كون اشتراءه مصحوبا بقهره أو خدعته، وغيره من األمثلة المصرحة فيها.

فحينئذ يتيسر دعوى: استعمال الحل في الجامع عند صلوح المورد وعدمقيام الشاهد على االختصاص، والمقام من هذا القبيل، فعند الشك في الحلية لشبهةموضوعية أو حكمية - حيث ال يعلم حال ذاك الحيوان المتولد من حيوانين مثال

أو نحو ذلك - يحكم بالحلية والنفوذ، لقوله عليه السالم " كل شئ لك حالل " وقولهعليه السالم " كل شئ فيه حالل وحرام فهو لك حالل ".

الجهة الرابعةفي نقد قاعدة المقتضي والمانع وتصحيح التمسك بالسيرة

قد شاع القول بأصالة عدم المانع عند الشك فيه، بحيث يستفاد من ذلككونه أصال مستقال بحياله معتمدا عليه لدى العقالء، بتقريب اكتفائهم في ترتيب

المقتضى على المقتضي بمجرد إحرازه وعدم إحراز وجود المانع (إذ ينتفي المانع--------------------

(١) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ٥.

(٣٢٥)

Page 352: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حينئذ بذاك البناء منهم) ويسمى بقاعدة المقتضي والمانع.ولكن للنقاش فيها مجال، إذ لم يثبت بنائهم على ذلك بعد، بل يمكن

دعوى الخالف، وال أقل من الشك المساوق للقطع بالعدم في النتيجة، نعم: للمقامخصيصة يمكن بها الحكم بالجواز في المشكوك، وهو قيام السيرة المعتبرة المستمرة

إلى عصر الوحي على عدم االعتداد بالشك.وتوضيحه: أن المتشرعين في كل عصر لم يكونوا محترزين عن األلبسة

المتخذة المعمولة من أجزاء الحيوان - كالغنم والبعير ونحوهما من حالل اللحم -كما أنهم لم يكونوا محترزين من الهرة الطائفة في البيت بحيث يمنعونها من الترددفيه، ومن المعلوم: انقداح احتمال سقوط شعراتها على تلك األلبسة أو على غيرهامما هو في البيت بنحو يحتمل مساسه لتلك األشياء المبتلى بها، فحينئذ ال بد من

احتمال وقوع شئ من تلك الشعرات عليها قطعا بحيث ال مجال النكار االحتمال،فمعه ال يقطع بعدم الوقوع والسقوط فال مزيل لذاك االحتمال بعد.

وهكذا ينقدح االحتمال من ناحية أخرى، وهو أن األمكنة التي تجتمعفيها أصواف تلك الحيوانات المحللة وأشعارها وأوبارها ال يقطع بخلوصها عن

شئ من أصواف الحيوانات المحرمة، فمعه يحتمل اللصوق والخلط بال قطعبالعدم. وهكذا في المكائن المعدة للنسج والعمل، إذ فيها قد يوجد األصوافواألشعار مما ال يؤكل لحمه، فأين يقطع بعدم خلط شئ منها بتلك األصواف

مما يؤكل لحمه؟أضف إلى ذلك: بناء بعض المكائن على الخلط، ومن المعلوم: أن ال أمارة

في شئ من هذه الموارد دالة على العدم حتى يطرد االحتمال، ألن يد البايع مثالأو السوق ليست أمارة على كونه من مأكول اللحم، إذ وزانه وزان مأكول اللحم

في صلوح الملكية وجواز البيع واالنتفاع فيما عدا الصالة.

(٣٢٦)

Page 353: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولكن مع ذلك كله قامت السير المستمرة على عدم االعتداد بشئ من هذهالشكوك، بل كانوا يصلون فيها بال إشكال، وإال لزم اجتنابهم عن مثل تلك األلبسة

- وهو كما ترى - هذا عند احتمال السقوط والخلط، وأما عند احتمال اتخاذذاك اللباس من وبر ما ال يؤكل لحمه فقط فلم تقم سيرة هناك.

فتبين جواز الصالة في المشكوك الذي ال يحتمل فيه اتخاذه من وبر محرماألكل خالصا، لقيام هذه األمارة، كما أنه تبين الجواز فيه مطلقا بذينك

األصلين: أحدهما: البراءة في األقل واألكثر، واآلخر: أصالة الحل، على مااستظهرناه من الجامع الذي يعم الحل الوضعي أيضا. فهذه طرق ثالثة لبيان

الجواز.الجهة الخامسة

في األصل الموضوعيقد آن موعد إنجاز الوعد، وهو تتميم الكالم في االستصحاب، وليعلم: أن

الحكم هنا هو جواز الصالة أو عدمه، والموضوع هو الشرطية أو المانعية بلحاظ،وحرمة األكل وحليته بلحاظ آخر. والبحث هنا متمحض في جريان االستصحاب

الموضوعي، وهو الشرطية أو المانعية، وكذا حرمة ذاك الحيوان وحليته، إذ لوأحرز عدم الشرطية مثال لهذا المشكوك أو عدم الحرمة للحيوان الذي اتخذ منأجزاءه هذا اللباس يحكم بجواز الصالة وصحتها فيه، فتمام األمور في مقامين:

المقام األولفي أصالة عدم جعل الشرطية أو المانعية

ال ريب في مسبوقية جعل الشرطية بالعدم ولو أزال، إذ قبل نزول الوحيلم يجعل ذاك الحكم الوضعي على هذا الشئ الموجود اللحاظي، حيث إن الحكم

(٣٢٧)

Page 354: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

في القضية الحقيقية منحدر نحو الشئ المستوعب لجميع األفراد المحققة والمقدرةالملحوظة ولو إجماال. فقد أتى على هذا الشئ حين من الدهر لم يجعل الشرطيةأو المانعية له، فإذا شك في التبدل بجعلها له يحكم ببقاء على ما كان من العدم.

وال ميز فيما هو المهم هنا بين نشوء هذا الشك من الشبهة المصداقية أو غيرها، ولكنلبعض المتأخرين هو " المحقق النائيني ره " مقال في المنع غير خال عن النقد،

ومغزاه النقاش في الجريان لوجهين: أحدهما - أن استصحاب عدم جعل الشرطيةلهذا ال يثبت وجوب الباقي، ألن لحاظ الطبعية المصحوبة بذاك المشكوك تارة

المجردة عنه أخرى مما ال بد منه، وال رجحان ألحدهما على اآلخر، فأين يرجحاألقل ويثبت وجوبه بعد زوال الشرطية وعدم وجوب األكثر مع تعارض األصلين.

وثانيهما: أن األثر مترتب على المجعول ال الجعل الذي هو فعل الشارع،فانتفاء الثاني غير مجد ما لم ينتف األول، وهو الشرطية.

وفيه: أوال - إن لحاظ أصل الطبيعة مما ال بد منه في األقل واألكثر، والميزبينهما بلحاظ أمر زائد عليها في الثاني وبال لحاظ ما عدا لحاظها في األول، إذ

ليس معنى وجوب األقل هو لحاظ إطالقه بأن يكون الال بشرط قسميا، بل معناهعدم لحاظ شئ آخر معه بأن يكون مقسميا، فليس فيه مؤنة زائدة وراء لحاظ

أصل الطبيعة، وهذا بخالف الثاني المستلزم لتلك المؤنة البتة، فالزائد المسبوقبالعدم يطرد احتمال حدوثه باألصل.

وثانيا - إن الجعل وإن كان غير المجعول اعتبارا، ولكن األمر فيه سهلال لخفاء الواسطة، بل النحدار األصل نحو المجعول مستقيما، وهذا كاستصحاب

عدم جعل الوجوب النفسي لشئ، فما قيل هناك يقال هنا أيضا، إذ ال مرية فيعدم االمتياز بينه وبين الوجوب الغيري في هذه الجهة، كما أنه ال ريب في جوازجريان أصالة عدم الوجوب، فتوهم االثبات وعدم الجريان فيهما واحد، وازاحته

أيضا فيهما فاردة.

(٣٢٨)

Page 355: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فكل شئ شك في جعل الشرطية أو المانعية له يمكن إحراز عدمهباالستصحاب الموضوعي، فمعه يحكم بجواز الصالة في المشكوك.

المقام الثانيفي أصالة عدم جعل الحرمة على الحيوان

ال خفاء في أن جعل حرمة األكل على الحيوان لما كان من الحوادث اليوميةفهو مما يكون مسبوقا بالعدم، فعند الشك في حدوث الجعل عليه وعدمه يحكمببقائه على ما كان، فمع إحراز عدم حرمة ذاك الحيوان يحكم بجواز الصالة في

أجزاءه، إذ ال حالة منتظرة في الحكم بعد إحراز الموضوع.وال يعارضها أصالة عدم جل الحلية، ألن األثر مترتب على الحرمة - لما

مر من تقوية المانعية دون الشرطية - فال أثر للحلية هنا.وال فرق بين الشبهة الحكمية والموضوعية، فالحيوان المردد أمره بين الغنم

وغيره مما ال يؤكل يحكم بعدم جعل الحرمة فيه، ألن القضية تكون بنحو الحقيقيةالمستوعبة لجميع األفراد محققة أو مقدرة بلحاظ واحد.

وأما الحيوان المتولد من الحيوانين الذي ال ينطبق عليه شئ من العناوينالمنصوصة - كاألرنب والثعلب والخنزير وغيرها - فيشك فيه بشبهة حكمية،والحراز حليته طريق آخر عدا االستصحاب، وهو الدليل االجتهادي الدال على

الضابط.وهو ما رواه عن الهاشم الحناط (على ضبط المجلسي ره) ال القاسم الخياط

(على ما في الوسائل) إذ فيه: ما أكل الورق والشجر فال بأس بأن يصلى فيه وماأكل الميتة فال تصل فيه (١).--------------------

(١) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٣٢٩)

Page 356: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بناء على إناطة الصالة فيه منعا وجوازا بحرمة األكل وحليته المستكشفةبذلك - أي أكل الورق أو اللحم - نعم: لو أشكل الميز بهذا الضابط - إما لكون

ذاك الحيوان مثال مما يأكل الورق واللحم معا أو لغير ذلك - يتمسك بأصالةعدم جعل الحرمة.

والميز بينها وبين أصالة عدم جعل الشرطية، هو اختصاص األولى بالحيواننفسه، ألن حرمة األكل وصف له خاصة، بخالف الثانية لجريانها في جميع أجزاءه

أيضا. فعليه لو كان هيهنا حيوانان: أحدهما مقطوع الحرمة، واآلخر مقطوعالحلية، ولم يعلم انفصال هذا لجزء من هذا الحيوان أو ذاك، لما كان ألصالة عدم

جعل الحرمة مجال، للقطع بأحد الطرفين، فال بد من االقتصار على عدم جعلالشرطية لهذا الجزء.

هذا إذا كان حرمة األكل بنفسها موضوعة للبطالن - كما استظهرناه -وأما إذا كانت عبرة إلى الحيوانات الخاصة وعنوانا مشيرا إليها فال مجال لجريان

األصل فيها - أي الحرمة. حينئذ، بل يلزم احتساب الحيوان نفسه، ومنالمعلوم: أن األرنب مثال ليس له حالة سابقة لم يكن في تلك الحالة أرنبا ثم

احتمل صيرورته كذلك، ألن الذاتيات ال تختلف وال تتخلف في األزل واألبد،فال مجال ألصالة العدم األزلي.

نعم: الحتمال جريانه في أجزاءه من اللحم والصوف ونحوهما مجال، كما أن له مجاالأيضا بالنسبة إلى وقوع الصالة في ذاك الحيوان المحتمل كون اللباس

من أجزاءه. وقد يفرد لكل من هذين األمرين بحث يخصه مع إمكان االكتفاءببحث واحد، حيث إنهما مشتركان فيما هو المهم من سر الجريان ومناطه.

وذلك: ألن اللحم مثال ماهية خاصة يمكن أن تنسب إلى األرنب أو غيرهمما ال يؤكل وإلى الغنم وغيره مما يؤكل، وهكذا الصالة ماهية تمكن أن تنسب

بالوقوع في أجزاء ما ال يؤكل أو في أجزاء ما يؤكل، كالمرأة التي لها ماهية

(٣٣٠)

Page 357: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ممكنة االنتساب إلى القرشية تارة وإلى غيرها أخرى، أو توجد خلق الساعة بالانتساب إلى قبيلة أصال.

فيقال حينئذ: إن هذا اللحم أو الصوف لم يكن في األزل منسبا إلىاألرنب أو غيره مما ال يؤكل فاآلن كما كان، وال يعارضه عدم االنتساب إلى ما

يؤكل، إذ ال أثر له من هذه الجهة المبحوث عنها - لما مر: من أن المستفادمن النصوص مانعية ما ال يؤكل، ال شرطية ما يؤكل - فيحرز عدم كونه مما

ال يؤكل بال معارض.ثم إنه لو كان الموضوع مركبا ال مقيدا فاألمر واضح، وإن كان مقيدا

(وهو تقيد الصالة بعدم كونه مما ال يؤكل) فال محذور فيه أيضا، لما مر في الجهةالثالثة: من أن التقيد لما كان أمره وضعا ورفعا بيد الشرع - فلذا يحكم بالصحة

بعد التجاوز والفراغ وليس إال لرفع اليد عن ذاك التقيد - يحكم بترتبه عليه،ولذلك يكتفي في إحراز شرط الطهارة للصالة المتقيدة بها - حسب قوله عليه السالم

" ال صالة إال بطهور " باستصحابها (أي الطهارة) وال وجه الرجاعها إلى تقيد المصليبها، فمع إحراز عدم انتساب هذا الجزء إلى ما يؤكل يثبت القيد بالتعبد

والتقيد بالوجدان، كما كان إحراز الطهارة هناك بالتعبد وتقيد الصالة بهابالوجدان. هذا إذا كان مجرد عدم االنتساب إلى القرشية أو ما ال يؤكل لحمه

كافيا في ثبوت األثر.وأما إذا كان األثر مترتبا على المنتسب إلى غير القرشية أو إلى غير ما ال يؤكل

لحمه - بأن لوحظت الماهية الموجودة تارة متصفة بالقرشية وأخرى متصفة بغيرهابحيث يفرض لها فرد ثالث (وهو ما تكون مخلوقة الساعة باالعجاز مثال) حيث ال

اتصافلها بشئ من ذينك الوضعين، وكذا فيما ال يؤكل - فال مجرى لألصل، ألن عدم

القرشية بالعدم المحمولي غير مثبت لالتصاف بالعدم، وأما العدم النعتي - أي االتصافبالعدم - فلم يكن مسبوقا باليقين، ألن تلك الماهية في األزل وإن لم تكن متصفة

(٣٣١)

Page 358: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بالقرشية بالسالبة المحصلة، ولكنها لم تكن متصفة أيضا بعدم القرشية بالموجبةالمعدولة حتى يحكم ببقائها على ما كان. وهكذا مهية تلك القطعة من اللحم أو غيره

وإن لم تكن منتسبة إلى األرنب أو غيره مما ال يؤكل لحمه، ولكنها لم تكن أيضامنتسبة إلى غيره مما يؤكل لحمه، وحيث إن االنتساب إلى غير ما ال يؤكل

لحمه غير مسبوق باليقين بنحو الموجبة المعدولة فال مجال الجراء األصل فيه.ولما لم يكن المقام من هذا القبيل بل يكفيه مجرد عدم االنتساب إلى ما

ال يؤكل فلألصل مجال واسع، وذلك ألن الصالة لم تكن موجودة ولم تلحظكذلك بل أمر بايجادها فيما ال يؤكل، وحيث إنها لم تكن منتسبة إليه قبل

وجودها فليحكم ببقائها كذلك بعد الوجود، فللتمسك باألصل األزلي هنا وجه.إلى هنا انتهى األمر بالنسبة إلى ما قبل األخذ في االمتثال بالشروع في

الصالة.وأما بالنسبة إلى األثناء: بأن شك في أن هذا الشئ الملقى على ثوبه حينئذ

هل هو من أجزاء ما يؤكل أو ما ال يؤكل؟ فالمرجع فيه أصالة الصحة في الجملة،وتفصيله من حيث اثباتها للصحة التأهلية ونحوها موكول إلى محله.

مسألة ١٩ - إذا صلى في غير المأكول جاهال أو ناسيافاألقوى صحة صالته.

إن للجهل صورا يمتاز بعضها عن بعض، إذ هو قد يكون بالذهول وعدمااللتفات رأسا، وقد يكون باعتقاد الخالف (المسمى بالجهل المركب) وقد يكون

بالشك بعد االلتفات (المسمى بالبسيط منه) وهو أيضا قد يكون بلحاظ أصل الوجودبأن يشك في وجود شئ مما ال يؤكل، وقد يكون بلحاظ وصف الموجود بأن

(٣٣٢)

Page 359: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يشك في كون هذا الشئ الملقى على ثوبه مثال مما ال يؤكل.هذا بلحاظ الموضوع، وأما بلحاظ الحكم فقد يكون قاصرا، وقد يكون

مقصرا، مع تأتي بعض ما أشير إليه فيه أيضا. وهكذا للنسيان: من نسيان الموضوعتارة والحكم أخرى، ولهذا انقسام على حدة بلحاظ عدم التحفظ في مظنته، إلى

غير ذلك مما مر في الميتة وغيرها من النظائر.والذي يستدل للصحة أمران: أحدهما (صحيحة عبد الرحمن) واآلخر

(قاعدة ال تعاد).أما األولي: فهي ما رواه عنه، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: سألت أبا عبد الله عليه

السالمعن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب أيعيد صالته؟ قال

عليه السالم: إن كان لم يعلم فال يعيد (١).إن المستفاد من المنطوق هو اختصاص عدم اإلعادة بما إذا لم يكن مسبوقا

بالعلم، وأما المسبوق به كالنسيان ونحوه، فال. ولعدم سبق العلم أقسام - منها:االعتقاد بالخالف، ومنها: الذهول والغفلة المحضة، ومنها: الشك في أصل الوجود

فجميع هذه الصور الثالث مندرجة في المنطوق، فال إعادة فيها.وأما الشك في وصف الموجود فمحل تأمل، ألن المنساق من الرواية هو

عدم العلم بالوجود، ال الشك في وصف ما علم وجوده. كما أن المستفاد منها الجهلبالموضوع ال الحكم، إذ ظاهرها عدم العلم بوجود ما ذكر في السؤال من تلك األمور

ال حكمها، كما أن النسيان أيضا خارج عنها، فال يمكن استناد ما في المتن إليهاإال في بعض الصور - كما أشير إليه - والمذكور فيها وإن كان هو الجزء النجس،

ولكن يتعدى عنه إلى غيره - كالوبر - بالفحوى.وأما المفهوم: فهو دال على لزوم اإلعادة عند سبق العلم، ولكنه غير ظاهر

--------------------(١) الوسائل باب ٤٠ من أبواب النجاسات ح ٥.

(٣٣٣)

Page 360: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

في استنادها إلى نجاسته أو كونه من أجزاء ما ال يؤكل، الحتمال دخالة النجاسةأيضا، فال يمكن التعدي إلى األجزاء الطاهرة كالوبر والصوف، فلو صلى في وبراألرنب مثال ناسيا ال يمكن الحكم باإلعادة المستندة إلى المفهوم. وهذا بخالف

التعدي في المنطوق، ألنه إذا لم تجب اإلعادة فيما لو صلى في الجزء النجس ال تجبأيضا في الجزء الطاهر باألولوية، إذ ال يحتمل دخالة النجس في عدم اإلعادة.

وال خفاء في أن الكالم بلحاظ عذرة السنور أو الكلب، وأما عذرة اإلنسانفالمنع فيها للنجاسة فقط، إذ ال يحتمل دخالة كونها من أجزاء ما ال يؤكل لحمه

المنصرف عن اإلنسان. والحاصل: أن المفهوم ال يدل على المقام أصال.وأما الثانية - أي قاعدة ال تعاد - فتدل على نفي اإلعادة من أي خلل كانعدا الخلل الناشئ من تلك األمور الخمسة، ومن المعلوم: أن االختالف قد

يكون بفقد ما يعتبر وجوده كالجزء والشرط، وقد يكون بوجود ما يعتبر عدمهكالمانع. وكل واحد منهما، قد يكون عن جهل بالموضوع أو الحكم، وقد يكون

عن نسيان بهما أو بأحدهما، وقد يكون بالعلم والعمد.وقد مر انصرافها عن العلم والعمد، وكذا عن الجهل عن تقصير. وأما غير

ذلك من الجهل والنسيان المتعارف فمندرج تحتها، فتدل على نفي اإلعادة،فحينئذ يتم ما في " المتن " المستفاد منه ما يستفاد منها.

وقد يتوهم: عدم شمولها لالختالل الناشئ من وجود ما يعتبر فقده كالمانع،بشهادة استثناء أمور كلها مما يعتبر وجوده للجزئية أو الشرطية. ولكنه يزاح

بصلوح عموم المستثنى منه - لحذف المتعلق - لالستدالل بها على التسوية بين مايعتبر

وجوده فافتقد وما يعتبر عدمه فوجد كالمقام، وال يكون المستثنى قرينة علىالتخصيص أصال، ولعله الئح.

نعم: يعارضها (موثق ابن بكير) المتقدم، لقوله صلى الله عليه وآله فيه "... ال يقبل اللهتلك الصالة حتى يصلي في غيره مما أحل الله أكله... الخ ".

(٣٣٤)

Page 361: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حيث إن ظاهره بعد بيان المانعية في الصدر هو بيان حال الصالة المفروضوجودها فيما ال يؤكل: من عدم القبول، فالفقرة األولى لبيان الحكم األولي،والثانية لبيان الحكم الثانوي، فظاهر األولى بيان المانعية، وظاهر الثانية بيان

حكم الصالة في المانع، ومقتضى إطالقها فساد تلك الصالة المفروض وجودها فيماال يؤكل على أي تقدير كان من الجهل والنسيان، فتعارض قاعدة (ال تعاد).

ولكن يمكن العالج بأن مورد هذا الموثق وإن كان خاصا بالقياس إلىتلك القاعدة التي تعمه وغيره، ولكن مناط الجمع العرفي بتقديم الخاص علىالعام ليس مما يلزم الخضوع لديه تعبدا، بل لنكتة قوة ظهوره على ظهور العام

وهي مفقودة في المقام، بل األمر فيه بالعكس، ألن ظهور قاعدة (ال تعاد) في نفياإلعادة بين، كما أن المنساق منها الشرح ألدلة العناوين األولية.

وأما ظهور الفقرة الثانية من الموثق في تأسيس حكم آخر وراء ما استفيدمن الفقرة األولى فضعيف، وذلك: لالحتمال القوي بكونها تأكيدا لما دلت عليه

الفقرة األولى من بيان المانعية ال شئ آخر، فحينئذ ال تكافؤ تلك القاعدة، إذالمكافئة متوقفة على ظهورها - أي هذه الفقرة الثانية - في التأسيس تاما، ومع

انقداح ذاك االحتمال فال ظهور لها فيه كظهور تلك القاعدة في نفي اإلعادة، فيقدمما هو األقوى ظهورا وهي (قاعدة ال تعاد).

مسألة ٢٠ - الظاهر عدم الفرق بين ما يحرم أكله باألصالةأو بالعرض كالموطوء والجالل وإن كان ال يخلو عن اشكال.

إن الذي يحرم أكله على أقسام: األول: أن تكون حرمته ذاتية كاألرنبونحوه. والثاني: أن تكون عرضية غير قابلة للزوال بعد الحدوث وإن لم تكن

(٣٣٥)

Page 362: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عارضة عليه حين الوجود كالموطوء لإلنسان، فإن الحرمة عارضة عليه بالوطئال قبله وغير قابلة للزوال البتة. والثالث: أن تكون كذلك - أي عرضية غير قابلةللزوال - ولكن مصحوبة له حال الوجود، نحو ولد الموطوء، بناء على التوارث

وحرمة أكل ما يتولد منه. والرابع: أن تكون حرمته العرضية قابلة للزوالكالجالل الذي يمكن استبرائه. والخامس: أن تكون حرمته العرضية ناشئة من

الحلف أو الغصب أو نهي الوالدين، وما إلى ذلك من النظائر، من دون حدوت صفةفي ذاك الحيوان، ومن دون اتساع شعاع حرمته، بل تختص بشخص خاص

كالحالف أو نحوه. فهذه هي الوجوه المتصورة في محرم األكل.ثم إنه ال ريب في اندراج القسم األول تحت ما يمنع عن الصالة فيما ال يؤكلألنه المتيقن منه، وإنما الكالم في اندراج ما عداه مما تكون حرمته عرضية ال

ذاتية بحتة، وانصرافه عنه، وفي بيان ما يدل على الجواز لوال االنصراف.والذي ينبغي أن يقال: إذ ذاك الدليل منصرف عن غير واحد من تلك

األقسام العرضية، نعم: يحتمل اندراج الثالث فيه.ولكن يلزم التنبه بأن المناط هو كون ظهور دليل المنع في الشمول لجميع

تلك األقسام وعدم انصرافه عنها أقوى؟ أو كون ظهور دليل الجواز في ذلكأقوى؟ فيقدم ما هو األقوى ظهورا.

والذي يدل على الجواز هو ما رواه عن هاشم الحناط أنه قال: سمعت موسى بنجعفر عليه السالم يقول: ما أكل الورق والشجر فال بأس بأن يصلي فيه... الخ (١).

والسند معتبر على ضبط المجلسي (ره) ب " هاشم " الما في الوسائل من ضبطهب " قاسم الخياط " كما مر.

وأما المتن: فظاهره الجواز فيما يأكل الورق والشجر كالغنم والبقر--------------------

(١) الوسائل باب ٦ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٣٣٦)

Page 363: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ونحوهما مطلقا، بال امتياز بين الموطوء من ذلك وغيره. ومن الواضح: أنظهوره في الجواز أقوى من ظهور دليل المنع - على تسليم عدم انصرافه عن

الحرمة العرضية - أضف إلى ذلك: أنه على فرض الشمول ال يحكم بلزوماالجتناب عن الشعر الكائن عليه حال عروض الحرمة، بل الحكم منحدر نحو ما

ينبت منه بعد ذلك، إذ يبعد الحكم بأن هذا الشعر لم يكن مانعا قبيل ذلك ثمصار مانعا. والغرض أن هذا وأشباهه موجب لضعف ظهور دليل المنع لوال

انصرافه عن الحرمة العرضية رأسا.وما رواه عن سعد بن سعد األشعري المتقدم مرارا (١).

وقد أشير إلى أن داللته على المنع متوقفة على بيان مقدمة مطوية، وهي أنعدم جواز السمور ليس لعدم جواز االنتفاع به كالميتة، فال بد من أن يكون بلحاظالصالة، كما أن سر االستعالم هو أن المنع عن الصالة إما لكونه من الحشرات أو

السباع أو المسوخ، وحيث إن األول معلوم العدم والثالث أمره بيد الشارع، فالمجال لالستعالم، فبقي االحتمال الثاني، فلذا استعلم عن الصيد، فلما قيل: نعم

حكم عليه السالم بالمنع من دون التفصيل بين الموطوء منه وغيره، فيدل على الجوازمطلقا، اللهم إال أن يقال: بعدم صلوح السمور لوطئ اإلنسان حسب صغر جثته

فحينئذ يقصر عن الداللة فيصير مؤيدا.فتحصل: أن دليل المنع لو لم يكن منصرفا سيما عن مثل المحلوف

والمغصوب ال يكون ظهوره فيه قويا بنحو يعارض ظهور دليل الجواز، فينحصرالمنع بالحرام الذاتي.

--------------------(١) الوسائل باب ٤ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٣٣٧)

Page 364: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الخامس - أن ال يكون من الذهب للرجال. وال يجوز لبسهلهم في غير الصالة أيضا.

إن المستفاد من المتن أمران: األول - هو الحكم الوضعي، أي بطالن الصالةفي الذهب. والثاني - هو الحكم التكليفي، أي عدم جواز لبسه في نفسه للرجال

فيهما، فيقع الكالم في مقامين:أما المقام األول

ففي الحكم الوضعي وهو بطالن صالة الرجل في الذهبقد مر (في مانعية غير المأكول) لزوم االكتفاء في البطالن بمجرد التلطخ أيضا،

الشتمال ما هو المهم في ذاك الباب على الروث والبول (وهو موثق ابن بكير) فهلالمقام من ذاك القبيل أو ال بد فيه من تحقق الظرفية الحقيقية بنحو اإلحاطة واالشتمال

بالنسبة إلى خصوص الذهب؟ فيلزم التأمل التام في نطاق دليل الباب حتى يؤخذبمفاده.

والذي يستدل به للبطالن هو غير واحد من النصوص.منها: ما رواه عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السالم (في حديث): قال: ال

يلبسالرجل الذهب وال يصلي فيه ألنه من لباس أهل الجنة (١).

إن المستفاد من (الفقرة األولى) هو عدم جواز لبس الذهب للرجل تكليفا،سواء كان حال الصالة أو غيرها. ومن (الفقرة الثانية) هو عدم جوازه وضعا، ألن

المنسبق إلى الذهن من النهي عن الصالة في شئ هو مانعيته عن صحتها - كما مر -ألنه

--------------------(١) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(٣٣٨)

Page 365: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من خواص النهي المتعلق بمركب ذي أجزاء وشرائط وموانع، إال ما قام الشاهدعلى الخالف. ولهذا المقام خصيصة دالة على أن المراد من (الفقرة الثانية) هو المنع

الوضعي ال التكليفي، وهي داللة (الفقرة األول) على المنع التكليفي بالنسبة إلىحال الصالة أيضا - كما أشير إليه.

ثم إن مرجع الضمير المجرور ب (في) في الفقرة الثانية إما الذهب وإماالملبوس، وعلى أي تقدير: ال بد من االشتمال الظرفي المستفاد من لفظة (في) من

دون االكتفاء بالمعية والتلطخ، بل ال يكتفي بمثل التختم ونحوه، فإن استقرالحكم في هذه األمور فلدليل آخر ال لهذه (الموثقة) القاصرة عن الشمول لها بنفسها

والعارية عن قرينة التعميم - كما في غير المأكول - نعم: لو استفيد من عموميةالتعليل لكان له وجه، ولكنه أيضا خاص في اللباس. إال أن يقال: بأن اختصاص

لباس الذهب ألهل الجنة حكمة للمنع عن الذهب مطلقا وإن لم يكن لباسا،وال خفاء في اعتسافه.

والذي يوجب النقاش في داللتها على الحكم اللزومي هو تصدرها بأمر غيرلزومي، وهو ما رواه (٥ باب ٣٢) في الرجل يصلي وعليه خاتم حديد؟ قال: ال

وال يتختم به الرجل فإنه من لباس أهل النار.حيث إن كل واحد من هذين الحكمين غير لزومي، فال حرمة تكليفية في

في التختم بالحديد، وال وضعية في الصالة متختما، فالتحاد السياق حكما وتعلياليحتمل كون الحكم في الذهب أيضا غير لزومي.

ولكن يمكن المنع، بأن قيام الشاهد الخارجي على أن حكم الصدر غيرلزومي ال يدل على أن حكم الذيل كذلك، فلالنفكاك مجال.

ومنها: ما رواه عن موسى بن أكيل النميري، عن أبي عبد الله عليه السالم في الحديدإنه حلية أهل النار والذهب إنه حلية أهل الجنة، وجعل الله الذهب زينة النساء

(٣٣٩)

Page 366: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فحرم على الرجال لبسه والصالة فيه (١).إن المستفاد من الفقرة الثانية، هو المنع التكليفي لعنوان اللبس مطلقا

حال الصالة أو غيرها، والمنع الوضعي للصالة في الذهب - على التقريب المتقدم -والنقاش فيه بأن الفقرة األولى لحكم غير لزومي مندفع بما مر.

نعم: ال اعتداد بالسند لضعفه، وال مجال لتوهم الجبران ما لم يحرز استناداألصحاب إليها، وأنى يحرز ذلك؟ مع ما في الباب من الموثقة المتقدمة، ومع

ما في كلمات غير واحد منهم من التمسك بالقاعدة الناطقة بأن المنهي عنه ال يكونمقربا، ونحو ذلك، وإن كان للنقد فيها مجال متسع. والغرض أن إحراز االستناد

إلى هذه الرواية بعيد جدا.ومنها: ما رواه عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السالم يقول: ليسعلى النساء أذان، إلى أن قال: ويجوز أن تتختم بالذهب وتصلي فيه، وحرم ذلك

على الرجال إال في الجهاد (٢).وظاهرها المنع تكليفا ووضعا حتى بالنسبة إلى الخاتم أيضا، فالصالة فيه

باطلة. وقد مر عدم إمكان استفادة مثل ذلك من تينك الروايتين.إنما الكالم في السند، حيث ادعى " ابن الغضائري " أن " جابرا " وإن

كان موثقا، إال أن جميع من رواه عنه ضعيف، فحينئذ ال اعتداد به بعد عدمإحراز االستناد الجابر أيضا، فليس في الباب إال (موثقة عمار) مع ذاك الكالمفيها. نعم: لو تم األمر بالنسبة إلى الحكم التكليفي لقوى ظهورها في المنع

الوضعي أيضا، أما لو لم يتم ذلك بأن كان اللبس في نفسه مكروها - كما في الحديد-

فيشكل االستدالل بها للمنع الوضعي، فارتقب.--------------------

(١) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ٥.

(٢) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ٦.

(٣٤٠)

Page 367: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما المقام الثانيففي الحكم التكليفي وهو حرمة لبس الذهب والتختم به

وحيث إن في الباب طائفتين من النصوص: إحديهما للمنع واألخرىللجواز، فيلزم النقل والجمع حتى يتجه ما هو الحق من العالج.

فمن الطائفة الدالة على الحرمة التكليفية: ما رواه عن أبي عبد الله عليه السالم قال:قال رسول الله صلى الله عليه وآله ألمير المؤمنين عليه السالم: ال تختم بالذهب فإنه

زينتك في اآلخرة (١)ونحوها ما رواه عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السالم (٢).

وظاهرها المنع عن اللباس باألولوية - إذا كان ظاهرا - ألن حرمة التختممستلزمة لحرمة اللباس كذلك، مضافا إلى امكان استفادته من التعليل. نعم:

اصطياد الحكم العام متوقف على إلقاء الخصوصية وأنه ال امتياز لعلي عليه السالم فيه،مع

ما سيأتي من الميز المالئم إلمامة المسلمين، فعلى القاطع بعدم الخصوصية أنيستدل بها للعموم.

وفي رواية جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ال تجعل في يدك خاتمامن ذهب (٣).

وفي رواية مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عليهما السالم إن رسول الله صلى اللهعليه وآله

نهاهم عن سبع منها التختم بالذهب (٤).وال ظهور لها في مرجع الضمير من أن المراد من هؤالء الذين نهاهم الرسول

صلى الله عليه وآله وسلم هل األئمة عليهم السالم لكونهم زعماء األمة المرحومة، أوكافة المسلمين؟ فعلى

األول: يحتاج التعميم إلى إلقاء الخصوصية.وفي رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليها السالم قال: سألته عن

الرجل هل يصلح له الخاتم الذهب؟ قال: ال (٥).--------------------

(١) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٦ و ٢ و ٩ و ١٠.

(٢) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٦ و ٢ و ٩ و ١٠.

(٣) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٦ و ٢ و ٩ و ١٠.

(٤) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٦ و ٢ و ٩ و ١٠.

(٥) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٦ و ٢ و ٩ و ١٠.

(٣٤١)

Page 368: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وداللتها على الحرمة متوقفة على إمكان استفادتها من نفي الصالح، وإالفال ظهور لقوله (ال) - أي ال يصلح - إال في المرجوحية.

وفي رواية حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السالم قال النبي صلى الله عليه وآلهوسلم لعلي عليه السالم:

إياك أن تتختم بالذهب فإنه حليتك في الجنة... الخ (١). وظهورها في المنعغير قوي بعد لحاظ السياق، كما أن استفادة العموم منها متوقفة على إلقاء الخصوصية.

إلى غير ذلك مما يعثر عليه المتتبع، لتظافره واستفاضته.ومن الطائفة الدالة على الجواز: ما رواه جعفر بن محمد األشعري، عن ابن

القداح، عن أبي عبد الله عليه السالم إن النبي صلى الله عليه وآله تختم في يساره بخاتممن ذهب ثم

خرج على الناس، فطفق ينظرون إليه، فوضع يده اليمنى على خنصره اليسرىحتى رجع إلى البيت، فرمى به فما لبسه (٢).

حيث إن ظاهرها الجواز، وإال لما لبسه. وأما سر نظرهم إليه: فلعلهكان معجبا في زمن الفقر العام والمعيشة الهالكة، ال أنه للحرمة والمنع - وهو واضح

-إذ مدار المنع والجواز هو ما استفيد منه صلى الله عليه وآله وسلم وهذا أوان التشريع

والتقنين،فمن أين علموا بالمنع حتى ينظروا إليه نظر االعجاب؟ كما أن حمله على

النسخ بعيد، لعدم تعرضه في شئ من موارد تعديد المنسوخات، وإلبائه ذلك،ألن ظاهره الترك بمجرد الرجوع إلى البيت. واحتمال اختصاص الجواز بالنبي

صلى الله عليه وآله لزعامته الدينية آت فيما دل على المنع من توجهه إلى علي عليهالسالم حيث

إنه يحتمل اختصاص المنع به عليه السالم فكيف يمكن التعدي عن الزعيم الديني إلىغيره في الجواز أو المنع.

ومنها: ما رواه عن الحلبي، عن الصادق عليه السالم قال: قال علي عليه السالم: نهانيرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وال أقول: نهاكم عن التختم بالذهب... الخ (٣).

--------------------(١) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١١ و ٣ و ٧.(٢) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١١ و ٣ و ٧.(٣) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١١ و ٣ و ٧.

(٣٤٢)

Page 369: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذ لو كان المنع عاما لما قال عليه السالم " وال أقول نهاكم " فيكشف عما احتملناهسابقا: من اختصاص المنع به عليه السالم.

ولكن االنصاف: قصور مثل هذا التعبير عن إفادة عدم النهي، وأقصاه التأييد،ال الداللة.

ومنها: ما رواه عن ابن عازب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن سبعوأمر

بسبع، نهانا أن نتختم بالذهب وعن الشرب في آنية الذهب والفضة... وأمرناباتباع الجنائز وعيادة المريض وتسميت العاطس ونصرة المظلوم وإفشاء السالم

وإجابة الداعي وإبرار القسم (١).حيث إن الحكم في غير واحد من تلك األمور ليس بلزومي، فمن أين

يكون النهي تحريميا؟والحاصل: أن انضمام مثل هذه الرواية إلى الرواية األولى يتم األمر

(وهو الجواز) فيعارض ما تقدم من أدلة المنع.وقد يعالج بتقدم تلك األدلة المانعة العراض األصحاب عن دليل الجواز،

ولذا ادعى االجماع على المنع.وفيه: أنه ال اعتداد باالجماع بعد ما في الباب من النصوص، لبعد احتمال

نيلهم إلى نص خاص غير ما بأيدينا، كما أنه ال مجال لالعتماد على عملهم ما لميحرز االعراض عن أدلة الجواز، إذ يحتمل كونه لترجيح تلك الطائفة المانعة

استنباطا. ومن المعلوم: أن كيفية اجتهادهم غير حجة على من غيرهم.وقد يعالج بحمل طائفة المنع على الكراهة - كما ال يبعد - فعند ضعف

دليل الحرمة يشكل الحكم بالمنع الوضعي أيضا، لما تقدم: من تصدره بحكم(الحديد) المحمول على الكراهة، فلو حمل الحكم التكليفي الوارد في الذهب

--------------------(١) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ٨.

(٣٤٣)

Page 370: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أيضا عليها لما تم ظهور ما ورد في الحكم الوضعي في المنع، إذ السياق واحدوالتعبير فارد.

ولكن االنصاف: لزوم األخذ بالمنع، ألن في سند الجواز من لم يوثق- كاألشعري - إال بالتشبث بكثرة روايته. وكذا سند ما رواه الحلبي عن أبي

عبد الله عليه السالم، فالرجحان للمنع، بما سنشير.ثم إنه بناء على رجحان المنع التكليفي على الجواز المعرض عن دليله

- أو ألن العمدة فيه هو خبر " جعفر بن محمد األشعري " المتقدم وهو لم يوثق تاما -قد يفصل في بطالن الصالة بين كون الساتر ذهبا وكون غيره ذهبا، باختصاصالبطالن باألول دون الثاني، ألن الستر شرط للعبادة فال يكفيه الحرام فال بد من

أن يكون حالال، بخالف غيره مما ال يكون شرطا، كسائر األلبسة.وفيه: أنه على فرض الحرمة متوقف على مقدمتين كلتاهما ممنوعتان.

األولى: أن يكون وزان الشرط هو وزان الجزء، فكما أن جزء المركبالعبادي عبادة كذلك شرطه. والثانية: أن يمتنع اجتماع األمر والنهي في شئ

واحد، فحينئذ يصير الستر ك (ال ستر) ومعه تبطل الصالة لفقدها بعض الشرائطولكن كل واحدة منهما ممنوعة.

أما األولى: فألن المستفاد من األمر العبادي المنحدر نحو المركب ليسأزيد من عبادية أجزاءه، وأما الشرائط فال، ولذا تصح صالة من صلى مستقبال إلى

القبلة بال توجه بذلك أصال، أو غسل ثوبه النجس بماء مغصوب، وما إلى ذلكمن النظائر، فالشرط من حيث هو شرط ليس بأمر عبادي. نعم: قد يجعل

األمر العبادي مقدمة وشرطا ألمر آخر - كالوضوء أو الطهارة للصالة - إذ الشرطهنا إما الغسلتان والمسحتان بقصد القربة، أو الطهارة التي ال تحصل إال بقصدها

- أي القربة - وعلى أي حال: قد جعل األمر العبادي شرطا للصالة، ال أنالشرطية قد اقتضت العبادية.

(٣٤٤)

Page 371: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الثانية: فألن الحق هو كفاية تعدد العنوان في تحمل األمر والنهي،فيجوز الجمع بينهما، لما في محله.

وأنت خبير بأن هذا التفصيل مبتن على عدم تمامية المنع الوضعي، وإاللما اختص بالساتر ولما خرج ما ليس بساتر فعال أو شأنا، كالخاتم ونحوه مما

ال صلوح له للستر.بقي األمر في أن مدار الحرمة التكليفية هل هو صدق لبس الذهب؟

حتى ال ينطبق على نحو الخاتم وما يشد به السن وغير ذلك من األشباه، أو التزين؟حتى ال ينطبق على ما ال يكون مرئيا كالمستور تحت اللباس، أو هما معا؟

فعلى األولين: ال يكون مورد االفتراق مشموال للمنع، إذ على األولال حرمة فيما ال يكون لبسا وإن كان زينة، وعلى الثاني ال حرمة فيما ال يكون

زينة وإن كان لبسا.وأما على األخير: فيحرم الجميع، وسيوافيك تحقيقه في ثنايا المقال.

وال فرق بين أن يكون خالصا أو ممزوجا، بل األقوىاجتناب الملحم به والمذهب بالتمويه والطلى إذا صدق عليه

لبس الذهب.لو تم دليل المنع الوضعي كما عليه " الماتن ره " للزم االقتصار بقدر نطاقه،

ومن المعلوم: أن المنساق من لبس الذهب لبس ما هو المعمول منه خالصا، فالبطالن في الممزوج فضال عن غيره.

إال أن الحق هو التعدي عن الخالص، لنكتة نشير إليها - وهي قلة التعارف

(٣٤٥)

Page 372: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بل فقده - إذ ال يعمل من الذهب الخالص بال امتزاج غيره معه لباس، اللهم إالفي مثل الدرع والبيضة.

نعم: ال يكون الممزوج بعزيز فال اختصاص بالخالص، ولكن ال بد من صدقالصالة فيه، إذ الممتزج على أقسام:

منها: ما يتولد من المزج عنوان ثالث ال ينطبق عليه أحد المزيجين، نظيرتولد الحيوان الثالث من الحيوانين ال يصدق عليه اسم أحد منهما.

ومنها: ما يصدق عليه الذهب فقط، لغلبته وكثرته.ومنها: ما يصدق عليه المزيج اآلخر فقط، لذلك.

ومنها: ما يصدق عليه كال العنوانين.فعلى األول والثالث: ال سند للبطالن إذ ال تصدق الصالة في الذهب، دون

الثاني والرابع لصدقها فيه.وحيث إنه ليس في الباب ما يشهد للتعميم الشامل لمثل التلطخ ونحوه،كما في غير المأكول، لشهادة قوله " الروث والبول... الخ " في موثق

" ابن بكير " على ذلك، فال بد من االقتصار على ما يصدق هناك الظرفية الحقيقية.ومن هنا يتضح حكم الملحم - أي الثوب الذي لحمته الذهب - من دوران

البطالن مدار صدق الصالة فيه. وأما سر اختصاصه بالذكر دون ما كان سداهذهبا، فلعله ألن اللحمة هي الخيوط الواقعة عرضا فوق الخيوط الواقعة طوال

المسماة بالسدي حفظا للزينة المناسبة للظهور، وعند جعله سدى يصير مخفياباللحمة فال يحصل الغرض النوعي وهي الزينة. كما أن من المحتمل أن السر

هو رد ما أفتى به بعض األصحاب تصريحا بجواز الملحم.وأما المذهب: فقد يكون بنحو التمويه الذي ال يبقى من الجرم والعين

إال األثر من اللون، وقد يكون بنحو الطلي المصحوب للجرم والعين، فعلى

(٣٤٦)

Page 373: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

األول: ال تصدق (الصالة في الذهب)، كما ال تصدق (الصالة في السواد) عند لبسالثوب األسود، وعلى الثاني: تصدق وتبطل.

والحاصل: أن في الباب طوائف من النصوص، منها: ما يدل على الحرمةالتكليفية فقط، ومنها: ما يدل على المنع الوضعي كذلك، ومنها: ما يدل على

المنعين معا.قد مرت الطائفة الثالثة (في المقام األول الباحث عن الحكم الوضعي) واتضح

هناك تمامية نصاب داللتها على البطالن في خصوص ما صدقت الصالة في الذهب بأنيكون ملبوسا، وإن نوقش فيه باقترانه بالمنع عن الحديد المحمول على التنزيه

ولكن أجيب بأن ظاهر األمر هو البعث - أي أمر كان - وظاهر المنع والنهي هوالزجر - أي نهي كان - فما لم يقم شاهد على ترخيص الترك في األول والفعل فيالثاني يستفاد منه الوجوب والحرمة، وال مساس لما قام الشاهد فيه على ما لم يقم،

إذ ليس للسياق الواحد شأن به يرفع اليد عن ظاهر اللفظ ما لم يقم الشاهد علىالصرف. كما أنه نوقش في تمامية داللتها على المنع الوضعي تارة أخرى بصحابتهللمنع التكليفي في فقرة واحدة، مع أن في الباب ما يدل على الجواز، فال استقرار

لظهورها في المنع التكليفي ومعه ال ينعقد ظهورها في المنع الوضعي أيضا لكونهمامعا مما أفيد بجملة واحدة، ولكن قد أشير إلى جوابه سابقا: بأن الطائفة الدالة

على المنع التكليفي فقط تامة ال مرية فيها لتظافرها واعتضاد بعضها ببعض المرتفعبه محذور ضعف سند بعضها في الجملة.

وأما الطائفة الدالة على الجواز التكليفي: فضعيفة السند، ألن عمدتها هورواية " ابن القداح " الموهون ب " األشعري " الذي لم يوثق إال باالحتيال إلى كونهممن يكثر الرواية، وكذا رواية " الحلبي " الموهون ب " حمزة بن محمد العلوي "

الذيلم يوثق إال بذلك، فهذا مما يوجب الحدس القوي بأن سر إطباق األصحاب على المنع

(٣٤٧)

Page 374: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

التكليفي هو االعراض السندي عن الطائفة الدالة على الجواز، فيتم نصاب حجيةالطائفة الدالة على المنع التكليفي بال معارض، كما أنه قد تم نصاب حجية الطائفة

الدالة على المنع الوضعي المشتملة على المنع التكليفي أيضا.فحينئذ يحكم بحرمة لبس الذهب للرجل وببطالن صالته فيه إذا صدق

اللبس، ألن المأخوذ في لسان دليل المنع الوضعي هو الظرفية المتوقفة على صدقاللبس، فعند عدم صدق اللبس بالظرفية الحقيقية ال دليل على البطالن أصال.

وأما الحرمة التكليفية فيما لم يصدق اللبس - كالخاتم ونحوه - فيمكنإثباتها بالطائفة الكافلة للمنع التكليفي فقط من دون أخذ عنوان اللبس فيها،

فالصالة في الخاتم الذهب ونحوه مما ال يصدق اللبس صحيحة، إذ ألمنع وضعي مععدم اقتضاء المنع التكليفي عنه للبطالن.

وال فرق بين ما تتم فيه الصالة وما ال تتم - كالخاتم والزرونحوهما.

قد تبين لك أن مدار الحرمة التكليفية أوسع من مدار الحرمة الوضعية،النحصار األخيرة فيما يصدق اللبس مع اتساع األولى فيما يعم غيره أيضا، فحينئذ

تعميم البطالن بنحو يشمل ما ال تتم فيه الصالة متوقف على عدم التعدي عن عنوان(اللبس) فما لم يتعد عنه - كالتكة والقلنسوة والجورب والمنطقة والزر المتصل

بالثوب خيطا أو نسجا أو نحو ذلك - يندرج في عموم المنع الوضعي مع غمض النظرعن دليل االستثناء. وأما ما تعدى عنه - كالخاتم والزر المنفصل الذي بمنزلة

المحمول وما إلى ذلك من النظائر - فال يندرج تحت دليل المنع الوضعي أصالحتى يحتاج إلى االستثناء.

(٣٤٨)

Page 375: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

هذا بلحاظ ما يقتضيه عموم ما في الباب، ولكن يلزم تخصيصه بما رواه عنالحلبي، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: كل ما ال تجوز الصالة فيه وحده فال بأس

بالصالةفيه مثل التكة اإلبريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون في السراويل ويصلي

فيه (١).ال إشكال في السند ب " أحمد بن هالل العبر تائي " المقدوح أشد القدح، ألن

نوادر " ابن أبي عمير " ككتاب " ابن محبوب " مما سمعه جل أصحاب الحديث كماادعى، فال اعتداد بضعف الناقل بعد وضوح المنقول منه كالشمس في رائعة النهاروسيوافيك تمام القول في تصحيحه عند البحث عما ال تتم الصالة فيه من الحرير

فارتقب.وأما المتن: فظاهره النظر إلى أدلة الموانع األولية - كالنجاسة والحرير

والميتة والذهب وما إلى ذلك - وإن أمكن تخصيص هذا العموم أيضا بما وردفي خصوص بعض أفراده.

فظاهره رفع المنع الوضعي عما ال تتم فيه الصالة وحده - أي مانع كان -ومنه المقام، فيلزم التفصيل بين ما تتم وغيره، فالتسوية بينهما كما ارتكبها

" الماتن ره " خالية عن السداد.فعليه ال اشكال في صحة الصالة مع الخاتم، إما لعدم صدق اللبس والصالة

فيه - كما هو الحق - أو لخروج ذلك عن العموم بخبر " الحلبي " على فرضاالندراج.

ال يقال: إن الخاتم بخصوصه مما نهي عنه في غير واحد من النصوص المارةفمعه يلزم تخصيص عموم خبر " الحلبي " بذلك، ألنه يقال: يلزم العالج بنحو آخروهو أن النهي عن الخاتم لعله للزينة ال من باب اللبس، وال منافاة بين عدم اندراجه

--------------------(١) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٣٤٩)

Page 376: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تحت المنع عن لبس الذهب وبين اندراجه تحت المنع عن الزينة به، وكم فرقبينهما! وال يبعد أن المحرم عنوانان: أحدهما - اللبس، زينة كان أو ال. واآلخر -

الزينة، لبسا كان أو ال.فحينئذ يلزم التفصيل في بطالن الصالة بين اللبس والزينة، فمن حيث الزينة

وإن كان االستعمال حراما تكليفا إال أنه المساس له بالبطالن أصال، ومن حيثاللبس وإن كان له مساس به إال أنه في خصوص ما تتم فيه الصالة دون ما ال تتم، فمن

استعمل الذهب لبسا بال صدق الزينة فقد أثم، ومن استعمله زينة بال صدق اللبسفقد أثم أيضا، ومن استعمله لبسا مع صدق الزينة فقد أثم إثمين. وأما البطالنففي خصوص لبس ما تتم فيه الصالة. ولهذه النكتة - أي حرمة الزينة بالعنوان

المستقل - يلزم النظر المستأنف في الطائفة الدالة على المنع.إن المستفاد من قوله صلى الله عليه وآله: " ال تختم بالذهب فإنه زينتك في اآلخرة "

(١) هوكون الذهب ألنه زينة في اآلخرة يلزم االجتناب عنه في الدنيا زينة، وحيث إن

الخاتم إنما يتختم به للزينة فالنهي عنه معلال بذلك دال على اتساع الحكم في غيرهفأي شئ من الذهب استعمله الرجل زينة يكون حراما عليه ما دام يصدق عليه

أنه زينة - كما إذا كان بارزا - وأما المستور: فال.وكذا المستفاد من قوله صلى الله عليه وآله في روايتي أبي الجارود وحنان بن سدير

عنالصادقين عليهما السالم (٢)، إذ ال اختصاص للخاتم بذلك، لعموم التعليل.

ومما يؤيد حرمة التزين بالذهب على الرجال، هو ما رواه عن أبي الصباحقال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن الذهب يحلى به الصبيان؟ فقال: كان علي عليه

السالم يحليولده ونساءه بالذهب والفضة (٣)، ونحوه ما رواه عن داود بن سرحان عن أبي

عبد الله عليه السالم (٤).--------------------

(١) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٦ - ١١.

(٢) الوسائل باب ٣٠ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٦ - ١١.(٣) الوسائل باب ٦٣ من أبواب أحكام المالبس ح ١ و ٢.(٤) الوسائل باب ٦٣ من أبواب أحكام المالبس ح ١ و ٢.

(٣٥٠)

Page 377: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حيث إن المرتكز في ذهن السائل هو مفروغية المنع والحرمة بالنسبة إلىالرجال، فال يجوز لهم التحلي بالذهب، فلذا سأل عن حكم خصوص الصبيان،

وأجيب بالجواز لهم وللنساء.وكذا ما رواه عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن حلية النساء

بالذهب والفضة؟ فقال: ال بأس (١).إذ اختصاص السؤال بحلية النساء بالذهب كاشف عن استقرار حكم الرجل

من المنع في ذهن السائل.وأما ما رواه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: سألته عن الرجل يحلي

أهله بالذهب؟ قال: نعم، النساء والجواري، فأما الغلمان فال (٢).فظاهره المنع بالنسبة إلى الغلمان، فأما المراد منهم الصبيان أو البالغون،

فعلى األول: يحمل المنع على الكراهة، وعلى الثاني: على الحرمة. ولكن الظاهرهو (الثاني) إذ لو كان المراد هو الصبيان وكان تحليتهم مكروهة لما استمر دأب

المعصوم عليه السالم عليه، مع ظهور الروايتين السابقتين في استمرار دأب علي عليهالسالم وكذا

أبي جعفر عليه السالم على ذلك، فالمراد هو خصوص البالغ فيدل على حرمة تحليته،ويفهم منه أن ذاك البالغ أيضا لو أراد أن يحلي هو نفسه بالذهب لحرم عليه، إلى

غير ذلك مما يعثر عليه المتتبع.فتحصل: أن استعمال الذهب زينة حرام مستقل، كما أن استعماله لبسا

كذلك، بال فرق في ذلك بين ما تتم وما ال تتم. نعم: يختص البطالن بصورة لبسما تتم الصالة فيه من الذهب.--------------------

(١) الوسائل باب ٦٣ من أبواب أحكام المالبس ح ٣ و ٥.

(٢) الوسائل باب ٦٣ من أبواب أحكام المالبس ح ٣ و ٥.

(٣٥١)

Page 378: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نعم: ال بأس بالمحمول منه مسكوكا أو غيره، كما ال بأسبشد األسنان به.

إن تنقيح ما في المتن رهين أمرين: أحدهما في الحمل، واآلخر في الشد.فأما األول: فالحق فيه الجواز تكليفا ووضعا، ألن المنع التكليفي كان

دائرا مدار اللبس أو التزين، وحيث إنه ال يصدق شئ منهما على الحمل فال حرمةفيه أصال، إذ ال يقال عرفا - فيمن حمل دينارا مسكوكا مثال - أنه لبسه أو تزينبه، وهكذا ما إذا جعل الخاتم في جيبه، ويؤيده استمرار السيرة على حمل النفقة

في الهميان في الحج وغيره من األسفار، مع كون الغالب من النفقة في تلك األعصارهو الدينار ونحوه. ومن هنا يتضح انتفاء المنع الوضعي جدا، ألن دائرته أضيقمن دائرة المنع التكليفي، الختصاصه بصورة اللبس، وتعميم ذاك بصورة التزين

وإن لم يصدق اللبس.ويمكن االعتضاد في الجملة ببعض ما ورد في جواز تحلية السيف والمصحف

بالذهب - كما يأتي - إذ ال ريب في صدق الحمل عند الصحابة، فانتظر. وكذاما ورد في جواز شد األسنان في الجملة.

والحاصل: أن المقام لفقده ما يوجب التعدي عن الظرفية الخاصة باللبسإلى ما يعم االصطحاب والحمل أيضا باق على الحكم األولي: من الجواز تكليفا

ووضعا.وأما الثاني: فيقع الكالم فيه تارة من جهة القاعدة، وأخرى من جهة

النص الخاص.أما القاعدة: فمقتضاها المنع عن شد السن أو تشبيكه بالذهب تزينا،

(٣٥٢)

Page 379: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذ المستفاد من تلك النصوص المارة هو استقالل التزين في الموضوعية للحرمةوإن لم يصدق اللبس - كالفرض - ألن العرف آب عن اطالق اللبس عليه حقيقة،

وأما األعم منها ومن المجاز فال دليل على حرمته في المقام.فحينئذ يلزم التفصيل بين شد الطواحن ونحوها مما ال يرى وبين الثنايا

ونحوها مما يرى، لصدق الزينة على الثاني دون األول، وكذا التفصيل بينانحصار العالج في الذهب وبين عدم انحصاره فيه، حيث إنه يجوز على األول

دون الثاني، لقيام األدلة المجوزة للحرام حال الضرورة.هذا بلحاظ التكليف. وأما الوضع فقد أشير إلى الجواز بحسبه مطلقا،لدوران المنع الوضعي مدار خصوص اللبس المنتفي في الشد ونحوه.

وأما النص الخاص: فمنه ما رواه عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السالم(في حديث) إن أسنانه استرخت فشدها بالذهب (١) وأورد صدره في (٣ باب

٤٩ من أبواب آداب الحمام) قال: رأيت أبا جعفر عليه السالم يمضغ علكا فقال: يامحمد

نقضت الوسمة أضراسي فمضغت هذا العلك ألشدها، قال: وكانت استرخت فشدهابالذهب.

ال إشكال في السند. وأما المتن: ففي االستدالل به تأمل، إذ ليس مفادهإال حكاية الفعل الخارجي، وال إطالق له من حيث السن المسترخي، هل هو

من األسنان البادية (كالثنية) أو الخفية (كالطاحن) وهل العالج كان منحصرا أم ال؟مع أنه يمكن االستئناس بكونه من األضراس الخفية بقرينة المضغ الخاص بها، حيث

إنه يالئم أن يكون لشد ما استرخى من الخفايا، وإن كان في شهادته نظر.أضف إلى ذلك: عدم اتضاح كيفية الشد في ذاك العصر، هل كان بنحو

التشبيك أو غيره؟--------------------

(١) الوسائل باب ٣١ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٣٥٣)

Page 380: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والحاصل: عدم امكان االستدالل بها للجواز، لهذه الجهات.ومن ذلك النص: هو ما رواه عن الطبرسي (في مكارم األخالق) عن الحلبي،

عن أبي عبد الله عليه السالم قال: سألته عن الثنية تنفصم أيصلح أن تشبك بالذهب وإنسقطت يجعل مكانها ثنية شاة؟ قال: نعم إن شاء فليضع مكانها ثنية شاة ليشدها

بعد أن تكون ذكية (١).ال ريب في ارسال السند للفصل بين " الطبرسي " وبين " الحلبي " مع عدم

اتضاح سنده إليه.وأما المتن: فظاهره الجواز مطلقا، إذ السؤال إنما هو بالنسبة إلى الثنية

بال تقيد بانحصار العالج، والجواب مطلق بال استفصال، فلو جاز في الثنية لجازفي الطاحن البتة، كما أنه يجوز اختيارا مع عدم انحصار العالج أيضا، ولكن

في التشبيك.وأما التقييد ب (الذكاة) في وضع ثنية الشاة مكان السن، فألن السن من

حيث إنه سن ال روح له وإن جاز وضعه ولو كان من الميت، إال أنه لصحابةاألجزاء اللحمية قيد بالذكاة، فالمتن تام.

ولكن ال يمكن االستدالل به، لضعف السند، واحتمال الجبران بعملاألصحاب غير منقدح بعد امكان استناد الجواز عند األصحاب إلى القاعدة المارة.

ومن ذلك: ما رواه عن الطبرسي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السالمقال: سألته عن الرجل ينفصم سنه أيصلح له أن يشدها بالذهب؟ وإن سقطت

أيصلح أن يجعل مكانها سن شاة؟ قال: نعم إن شاء ليشدها بعد أن تكون ذكية (٢).والكالم فيه: من إرسال السند كسابقه، ومن ظهور المتن في الجواز أيضا

نحوه. كما أن المقال فيه من عدم إمكان االستدالل أيضا نظير ذلك، فال نطيل.ومن ذلك ما رواه عن زرارة وعن الحلبي (٣) لداللتهما على جواز وضع

--------------------(١) الوسائل باب ٣١ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٣ و ٤ و ٥.(٢) الوسائل باب ٣١ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٣ و ٤ و ٥.(٣) الوسائل باب ٣١ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٣ و ٤ و ٥.

(٣٥٤)

Page 381: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

سن انسان ميت مكان السن للحي، وكذا وضع سن شاة، بال مساس لذلك بالذهبوالشد به أصال، لعدم التعرض له.

وتقريب االستدالل: بأن الوضع يحتاج ال محالة إلى الشد، وحيث إنالغلبة الخارجية كانت بشدة بالذهب، فيستفاد من التالزم الخارجي جواز ذلك.

ولكنه غير نقي عن غبار االعتساف.فتحصل: أن النصوص الخاصة على طائفتين: إحديهما - قاصرة المتن

وإن كانت تامة السند، واألخرى - بالعكس. فال محيد عن القاعدة المفصلة بينالزينة وعدمها، وبين إمكان العالج بغير الذهب وعدمه، بالمنع في أول شقي كل

منهما.بل األقوى أنه ال بأس بالصالة فيما جاز فعله فيه من السالح

كالسيف والخنجر ونحوهما وإن أطلق عليهما اسم اللبس، لكناألحوط اجتنابه. وأما النساء فال اشكال في جواز لبسهن

وصالتهن فيه.أما جواز تذهيب السيف ونحوه وتحليته بالذهب تكليفا فواضح فيما المساس

له بأحد عنواني اللبس والزينة - كما إذا لم يكن متقلدا به وال هو في يده بل كانمذخورا في البيت زينة له ال زينة للرجل - إذ المحرم هو تزين الرجل به، وأماما عدا ذلك، فال، ضرورة. وكذا إذا كان في يده مع عدم صدق اللبس والزينة- بأن كانت قبضته محالة بالذهب وفرض استتارها بالكف - إذ ال زينة هناك

كما ال لبس فيه.

(٣٥٥)

Page 382: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وإنما الكالم في جواز ذلك مع صدق أحد العنوانين. والذي يدل عليههو ما رواه عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ليس بتحلية السيف

بأس بالذهب والفضة (١).وما رواه عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ليس بتحلية

المصاحفوالسيوف بالذهب والفضة بأس (٢).

ال إشكال في السند. وكذا المتن، لظهوره في الترخيص مطلقا، سواء كانتالتحلية بتذهيب قبضة السيف أو غيرها من حدوده وأطرافه ونحوه ذلك، وسواء كان

الرجل متقلدا بذاك السيف أو المصحف أم ال. فعلى تقدير التقليد بنحو البارز منهتصدق الزينة، وأما إذا كان السيف في غمده والمصحف في غالفه، فال.

وأما اللبس: فعلى تعميمه شامل لمثل الفرض، وأما على ما قويناه: منبقاءه على الصدق المتعارف بال دليل على التوسعة، فال. وعلى أي حال: يمكن

التجويز، للنص الخاص.وأما الجواز الوضعي: فيمكن اثباته بطرق: منها - ما اخترناه من دوران

المنع الوضعي مدار خصوص اللبس وجودا وعدما، فما ال لبس حقيقي هنا ال بطالنفيه.

ومنها - اتحاد التكليف والوضع في الوجود والعدم للتالزم، فعند انتفاءأحدهما ينتفي اآلخر، وحيث إن المنع التكليفي منتف في المقام فليكن المنع

الوضعي كذلك.ومنها - إطالق هذا النص الخاص الشامل لحالة الصالة أيضا، فبهذا الظهور

اللفظي يحكم بانتفاء المنع الوضعي، ال بالتشبث بالتالزم ونحوه.وأما الجواز للنساء تكليفا ووضعا: فلتصريح النصوص المارة بالتفصيل

في الحكم بينها وبين الرجال، فال كالم فيه.--------------------

(١) الوسائل باب ٦٤ من أبواب أحكام المالبس ح ١ و ٣.

(٢) الوسائل باب ٦٤ من أبواب أحكام المالبس ح ١ و ٣.

(٣٥٦)

Page 383: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الصبي المميز فال يحرم عليه لبسه، ولكن األحوطله عدم الصالة فيه.

ال إشكال في الجواز وانتفاء الحرمة التكليفية بالنسبة إلى الصبي المميزفضال عن غيره، فيجوز له اللبس وكذا التزين، إذ ال تكليف عليه. وأما أنه

يجب على الولي منعه أو ال ولكن يحرم عليه التمكين والتسبيب، فقد مر في بحثحرمة أكل النجس من حيث إطعامه إياه. وللمقام خصيصة وهي داللة بعض

نصوص أبواب المالبس على جواز تحلية الصبي - كالنساء - بالذهب، فيجوز التمكينوالتسبيب في التحلي بالذهب.

إنما الكالم في الجواز الوضعي - فعلى تمرينية عبادة الصبي ال ريب في انتفاءالمنع، إذ ال أثر صحة عليها حينئذ حتى تشترط بشئ أو يمنعها شئ. وأما على

شرعية عبادته فحيث إنها منشأ غير واحد من اآلثار الشرعية - كجواز استيجارهلقضاء صالة الميت، وكاالكتفاء بما أتى في الوقت قبل البلوغ ثم بلغ بعده مع بقاء

الوقت المضروب للعمل، ونحو ذلك من اللوازم - فال بد من اشتراطها بشئ فيالجملة، ألن البحث عن التمرينية والشرعية بعد الفراغ عن وجدانها جميع ما

يعتبر في الصحة.وأقصى ما يستدل به العتبار ما يعتبر في عبادة البالغين في عبادته أمران:األول: من باب أن األمر باألمر بشئ أمر بذلك الشئ، ولما أمر الشارع

الولي بأمر الصبي بالصالة فكان الشارع نفسه أمره بها، وحيث إن األمر بشئكان له أحكام خاصة منساق إلى انحفاظها فيه أيضا - فلذلك يحكم باعتبار جميع

ما يعتبر في صحة الصالة الواجبة في المستحبة منها لالنسباق المذكور - يلزم

(٣٥٧)

Page 384: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

اعتبار جميع ما يعتبر في صحة صالة البالغ في صحة صالة الصبي، حسب التبادر.الثاني: من باب شمول دليل االعتبار نفسه للبالغ والصبي على السواء، فما

دل على اعتبار وجود شئ أو عدمه في صحة الصالة شامل لهما بال ميز، كشمولدليل أصل التكليف، ولكن قام حديث (رفع القلم) لبيان انتفاء خصوص التكليف،

وأما سائر األحكام واآلثار، فال، ولذا أمكن الحكم ببقاء التكليف لوال رفعقلم الكلفة عن الصبي. نعم: ال احتياج إلى حديث الرفع بالنسبة إلى غير المميز

منه، النصراف الدليل األولي عنه.ومن هنا يحكم في المعامالت بضمان الصبي المتلف لمال الغير مع انتفاء

حرمة االتالف تكليفا عنه، فيمكن الميز. وهذا التقريب هو المهم في الباب،دون األول المنظور فيه في محله.

فحينئذ يكون دليل المنع الوضعي باقيا بحاله. ال يقال: إن المأخوذ فيلسانه عنوان (الرجل) القاصر عن الشمول للصبي، ألنه يقال: بأن التقابل بين

النساء والرجال دال على أن المراد من الرجل من لم يكن امرأة فيشمل الصبيالمميز.

وحيث إنه غير خال عن االعتياص والغموضة احتاط " الماتن ره " بالنسبةإلى المنع الوضعي، مع تقوية الجواز التكليفي قطعا.

مسألة ٢١ - ال بأس بالمشكوك كونه ذهبا في الصالةوغيرها.

قد مر استيفاء الكالم في اللباس المشكوك كونه من غير المأكول، وثبتهنا انتفاء المنع الوضعي بطرق:

(٣٥٨)

Page 385: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

منها: كل شئ لك حالل... الخ بناء على شموله للحلية الوضعية، كماهو الحق.

ومنها: أصالة عدم جعل المانعية قبل الشرع لهذا المشكوك.ومنها: البراءة عن القيد الزائد في الشك في األقل واألكثر االرتباطي.

وما إلى ذلك حرفا بحرف، إال فيما يختص بكل واحد من البابين بالشذوذ، ألنوزان الذهب من حيث المانعية وزان غير المأكول فيها.

وأما المنع التكليفي: فمنتف بأصالة الحل ونحوها أيضا، ألن الشك فيالحرمة وإن كان لشبهة موضوعية، فهو مجرى للبراءة النافية للحرمة ظاهرا،

والتفصيل قد تقدم.مسألة ٢٢ - إذا صلى في الذهب جاهال أو ناسيا فالظاهر

صحتها.قد أشير سالفا إلى انقسام الجهل إلى الجهل بالموضوع وبالحكم وكذلك

النسيان، وإلى انقسامه - أي الجهل - أيضا إلى البسيط والمركب، وإلى القصوروالتقصير. وقد تقدم أحكام ذلك كله مشروحا، واخترنا: عدم لزوم اإلعادة في

جميع ذلك، لشمول قاعدة (ال تعاد) إذ ال اختصاص لها باألمور الوجودية - كالجزءوالشرط - بل تجري في العدمية أيضا - كالمانع - نعم: تكون منصرفة عن الجهل

البسيط - أي الشاك مع التمكن لرفع شكه - وإال لزم عدم صيانة جعل األحكامعن اللغوية.

وأما الجاهل المركب جهله: فهو معذور من حيث عدم اإلعادة وإن قصرفي المبادئ عند تحصيل القطع بالحكم.

(٣٥٩)

Page 386: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٢٣ - ال بأس بكون قاب الساعة من الذهب، إذال يصدق عليه اآلنية، وال بأس باستصحابها أيضا في الصالة إذاكان في جيبه حيث إنه يعد من المحمول. نعم إذا كان زنجير

الساعة من الذهب وعلقه على رقبته أو وضعه في جيبه لكنعلق رأسه الزنجير يحرم، ألنه تزيين بالذهب. وال تصح الصالة

فيه أيضا.إن من المفروغ عنه في موطنه الميز بين (اآلنية) وبين (الوعاء) الذي هو

ما يستقر فيه الشئ، ومدار الحرمة هو األول ال الثاني، ألنه المأخوذ في لسانالدليل، ال (الوعاء) وليس في الفارسية ما يرادف (اآلنية) يتضح معناها بذلك،فحيث إن مطلق ما يستقر فيه الشئ ال يعد (آنية) فال محذور حينئذ في قاب

الساعة ونحوه مما يأبى العرف عن اطالق الظرف عليه فضال عن (اآلنية) فعلىفرض دوران الحرمة مدار الظرف يكون مثل (ألقاب) خارجا، فلذا ال يعده

العرف ظرفا عند تعديد ظروف البيت.ثم إنه ما الدليل على أن استعمال الظرف المتخذ من الذهب حرام مطلقا

بأي نحو كان ذاك االستعمال؟ بل المسلم منه هو استعماله ظرفا فيما يترقب منه،فحينئذ لو وضع عدة ظروف ذهبية في البيت - لمجرد الزينة، أو تحصيل االعتبارلدى الناس - لما أمكن الحكم بحرمته، إذ ليس هذا استعماال ظرفيا. كما أنه لواستعمال شيئا من تلك الظروف المترقب منها الصرف في األغذية لجمع ما في

البيت من الكناسة مثال، إذ يشكل الحكم بحرمة مثل هذا االستعمال، ألنه

(٣٦٠)

Page 387: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وإن كان المستعمل ظرفا وإن كان االستعمال أيضا ظرفيا، إال أنه غير مترقب منذاك الظرف، فينصرف عنه الدليل، فعليه لو جرد قاب الساعة عنها وصار صالحا

ألن يجعل فيه األشياء الحقيرة كبعض األدوية ونحوها يشكل الحكم بحرمةذلك، لعدم الترقب. وتفصيل هذا كله على ذمة كتاب الطهارة.

والحاصل: أنه ال يحرم استعمال الساعة الكذائية من حيث اآلنية.بقي الكالم في الصالة فيها - ال إشكال أيضا في جوازها إذا كانت محمولة

- كان جعلها في الجيب مثال - إذ تجوز الصالة مع حمل الذهب، كما مر. كما أنهال ريب في الجواز وضعا

وتكليفا فيما إذا كان زنجيرها خيطا من القطن أونحوه مثال وعلقه على رقبته ظاهرا مع كون الساعة التي يكون قابها ذهبا في

الجيب، لعدم صدق لبس الذهب وال التزين به عند الحمل مع فرض كون ما هوالظاهر - أي الزنجير - خيطا ال ذهبا.

وأما إذا كان الزنجير ذهبا وعلقه على رقبته مثال لحرم من حيث الزينةإذا كان ظاهرا دون ما إذا كان مستورا باللباس، وأما من حيث اللبس فال، لما

مر من أن المحرم من هذه الجهة هو ما يصدق عليه اللباس عرفا، ومن الواضح:عدم صدقه على مثل ذلك.

نعم: قد يطلق اللبس على نحو تقليد السيف أو المصحف أو التختم وماإلى ذلك من النظائر، ولكن ذلك كله على حسب القرينة، وإال لما عد السيف

لباسا قطعا. ولما كان المهم في الباب هو (موثق عمار) المأخوذ في لسانه عنوان(اللبس) يحكم بعدم الحرمة فيما ال يصدق فيه اللبس لو خلي وطبعه، ألن المدارحسب التعليل المصرح به فيه هو اللباس. كما أنه ألمنع وضعي هنا أصال لدورانه

مدار اللبس المنتفي في المقام، وقد مر أن التزين بالذهب وإن كان حراماتكليفا، وأما وضعا فال أثر له.

(٣٦١)

Page 388: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولكن " الماتن ره " ومن احتذى حذوه قد اكتفى في المنع الوضعيكالتكليفي بالمعني الوسيع من اللبس الشامل لمثل الخاتم، فحينئذ بحكم بالبطالن

لصدق اللبس، بال احتياج إلى قوله: ألنه تزيين بالذهب، ألن البطالن متوقفعلى صدق اللبس ومعه يكون حراما أيضا بال افتقار إلى التعليل بالتزيين، ففي

العبارة نقاش.مسألة ٢٤ - ال فرق في حرمة لبس الذهب بين أن يكون

ظاهرا مرئيا أو لم يكن ظاهرا.لتحقق عنوان اللبس المحرم في حالتي الخفاء والظهور. نعم: في الظهور

ينطبق عليه عنوان محرم مستقل آخر وهو التزين - كما مر.مسألة ٢٥ - ال بأس بافتراش الذهب، ويشكل التدثر به.

أما جواز االفتراش لعدم صدق اللبس فواضح، بل تجوز الصالة عليه أيضا.وأما من حيث الزينة: فألن المقدار المحرم من التزين هو ما كان بلحاظ تزينالرجل نفسه وأما بلحاظ داره وحجرته وما إلى ذلك مما يتعلق به فال، فيجوز

االفتراش ونحوه مما ال يعد زينة للشخص وإن كان زينة للبيت أو السيارة أو نحوذلك.

وأما التدثر: فهو وإن يصدق عليه اللبس بما هو لبس لغة، إال أن التعليلباللباس موجب النصراف المنع إلى ما تعارف لبسه، ومن المعلوم: أن الفرشونحو ذلك مما ليس معدا لذلك. ولبعد شمول الدليل له عبر عنه باالشكال.

(٣٦٢)

Page 389: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

السادس - أن ال يكون حريرا محضا للرجال، سواء كانساترا للعورة أو كان الساتر غيره، وسواء كان مما تتم فيه الصالة

أو ال على األقوى - كالتكة والقلنسوة ونحوهما - بل يحرملبسه في غير حال الصالة أيضا إال مع الضرورة لبرد أو مرض،

وفي حال الحرب، وحينئذ تجوز الصالة فيه أيضا وإن كاناألحوط أن يجعل ساتره من غير الحرير.

إن استيفاء ما في المتن - من حيث المنع التكليفي والوضعي، ومن حيثتساوي ما تتم فيه الصالة وما ال تتم، ومن حيث استثناء حال الضرورة وما إلى ذلك -

في طي جهات:الجهة األولى

في مانعية الحرير المحض عن الصالة للرجاليمكن أن يستدل للمنع الوضعي بما رواه عن إسماعيل بن سعد األحوص

(في حديث) قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السالم هل يصلي الرجل في ثوبإبريسم؟

فقال ال (١). ونحو ذلك رواية أبي الحارث عن الرضا عليه السالم (٢). وكذا روايةعمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السالم (٣) بناء على أن (الديباج) هو الحرير.

ألن المنساق من النهي المتعلق بماله مساس إلى المركب هو كونه إرشاداإلى مانعيته - كما مر - فيكون غيريا ال نفسيا، فمعنى النهي عن الصالة في الحرير

--------------------(١) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٧ و ٨.(٢) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٧ و ٨.(٣) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٧ و ٨.

(٣٦٣)

Page 390: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

هو ما نعيته عن صحة صالة الرجل.وأما من حيث المنع التكليفي: فيحتمل كونه مفروغا عنه لدى السائل،كما أن عدم ذلك أيضا محتمل وإن كان فيه نصوص تامة الداللة أيضا.

و (٤ باب ١٤) مع ما فيه من النقاش المتقدم.ومن هنا يتضح حكم (القز) أيضا من المنع، لما رواه عن العباس بن موسىعن أبيه عليه السالم قال: سألته عن اإلبريسم والقز؟ قال: هما سواء (١).

وظاهر اطالق التسوية هو المنع التكليفي أيضا، إذ اإلبريسم كذلك. والفرقبينه وبين القز: أن هذا ناقص وذاك كامل، ولهذا الناقص أن يصل حد ذاك الكامل

بالعمل.وبالجملة: أن مفاد هذه الطائفة هو المنع الوضعي، ولكن يعارضها ما رواه

عن ابن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السالم عن الصالة في الثوب الديباج؟ فقال:ما

لم يكن فيه التماثيل فال بأس (٢).وعالجه في " الجواهر " بوجوب طرحه أو حمله على التقية، ألن المشهور

عندهم صحتها وإن حرم اللبس، أو على إرادة الممتزج بالحرير من الديباج فيه،كما يومي إليه مقابلته بالحرير المحض، انتهى.

والمراد من التقابل ما هو الواقع في (مكاتبة محمد بن عبد الجبار) قال: كتبتإلى أبي محمد عليه السالم أسأله هل يصلي في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟

فكيفعليه السالم ال تحل الصالة في الحرير المحض (٣).

حيث إنه لو كان المراد من الديباج هو الحرير المحض لما كان لتكرار السؤالوجه، بخالف ما لو كان هو الممتزج منه.

ويؤيده أيضا ما رواه عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السالم قال: ال يصلحلباس الحرير والديباج، فأما بيعهما فال بأس (٤).

--------------------(١) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ١٠ و ٢ و ٣.(٢) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ١٠ و ٢ و ٣.(٣) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ١٠ و ٢ و ٣.(٤) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ٤ و ١٠ و ٢ و ٣.

(٣٦٤)

Page 391: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ألن مقتضى العطف هو التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه، وإن احتملأن يكتفي في التغاير بالعموم والخصوص، فيكون الديباج حينئذ أعم من الحريرالمحض، فمعه يمكن العالج بالتقييد في خصوص الصالة. والغرض: أن ظهور

هذه العبارة في التغاير ليس كظهور تلك فيه، ألن تلك كانت في الصالة دون هذه،وألن التقابل هناك أظهر في التغاير من العطف هنا فيه.

وكيف كان: إن أريد من الديباج الحرير المحض فال بد من الطرح، لقياماالجماع البتي على المنع، أو التقية - كما قيل - وأما إن أريد األعم منه ومن

الممتزج أو خصوص األخير، فال إشكال بعد امكان تخصيص العام أو تقييد المطلق،فيحمل على الممتزج، ويساعده ما في محكي " المغرب ": الديباج الثوب الذي

سداه أو لحمته إبريسم، النحصاره في الممتزج حينئذ.ومن هنا يتضح سر التعميم والتسوية بين الساتر وغيره، ألن المنع الوضعي

منحدر نحو اللباس بال خصيصة للساتر منه. كما أنه لو انحصر المنع هنا فيالتكليفي فقط لتساويا أيضا في الصحة والجواز الوضعي، إذ ال تالزم بين المنع التكليفي

والبطالن - كما مر غير مرة - فحينئذ ال امتياز للساتر عن غيره أصال، إذ يمكنالتسبب بالحرام التكليفي في األمر المقدمي، فما لم يكن في البين منع وضعي لما كان

لبطالن الصالة مجال أصال، سواء كان ساترا أو غيره. كما أنه ال فرق بينهما فيالبطالن

إذا كان المنع الوضعي منحدرا نحو اللباس بما هو لباس المصلي.الجهة الثانية

في الميز بين ما تتم فيه الصالة وحده وما ال تتم من الحريرباختصاص المنع باألول

قد تضارب آراء األصحاب (ره) في صحة الصالة فيما ال تتم فيه وحده منالحرير للرجال، لتضارب النصوص واختالفها، إذ منها: ما يدل على المنع،

(٣٦٥)

Page 392: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

نحو ما رواه عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السالم أسألههل يصلى

في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب عليه السالم: ال تحل الصالة في حريرمحض (١). وقريب منه مكاتبة أخرى لمحمد بن عبد الجبار (٢).

لظهورها في البطالن، بل يكون عموم الجواب ناصا بالنسبة إلى خصوصالمسؤول عنه المذكور مثاال. وقد مر ما له مساس بذلك.

ومنها: ما يدل على الجواز نحو ما رواه عن أحمد بن هالل، عن ابن أبيعمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: كل ما ال تجوز

الصالة فيهوحده ال بأس بالصالة فيه مثل التكة اإلبريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون

في السراويل ويصلى فيه (٣).لظهورها التام في الجواز ونفي البأس عن الصالة في التكة اإلبريسم ونحوها

مما ال تتم فيه وحده.إنما الكالم في السند باعتبار " أحمد بن هالل العبرتائي " الوارد فيه من

اللعن والذم، ومن نسبته إلى الغلو تارة، وإلى النصب أخرى، وإلى الوقفثالثة، فال بد من بيان حاله صحة وسقما حتى ينتهي األمر إلى التعارض بين

دليلي الجواز والمنع والعالج بينهما.قال " الكشي ": ورد على القاسم بن العال نسخة ما خرج من لعن ابن

هالل، وكان ابتداء ذلك أن كتب عليه السالم إلى قوامه بالعراق: احذروا الصوفيالمتصنع!

قال: وكان من شأن أحمد بن هالل أنه كان قد حج أربعا وخمسين حجة، عشرونمنها على قدميه، قال: وكان رواة أصحابنا بالعراق لقوه وكتبوا منه، وأنكروا

ما ورد في مذمته فحملوا القاسم بن العال على أن يراجع في أمره، فخرج إليه:قد كان أمرنا نفد إليك في المتصنع ابن هالل ال رحمه الله بما قد علمت، ولم يزل

--------------------(١) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٤ و ٢.(٢) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٤ و ٢.(٣) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٤ و ٢.

(٣٦٦)

Page 393: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال غفر الله ذنبه وال أقاله عثرته يداخل في أمرنا بال إذن منا وال رضى، يستبد برأيهفيتحامى ديوننا... الخ.

وفي جامع الرواة: عن " الفهرست " أنه كان أحمد بن هالل غاليا متهما في دينه،وقد روى أكثر أصول أصحابنا. وعن " النجاشي ": أنه صالح الرواية يعرف منها

وينكر. وعن " الخالصة " ورد فيه ذموم عن سيدنا أبي محمد العسكري عليه السالمولد

سنة ثمانين ومائة، ومات سنة سبع وستين ومائتين، وتوقف " ابن الغضائري " فيحديثه، إال فيما يرويه عن الحسن بن محبوب من كتاب المشيخة، ومحمد بن أبيعمير عن نوادره، وقد سمع هذين الكتابين جل أصحاب الحديث واعتمدوه فيها،

وعندي أن روايته غير مقبولة، انتهى. ونقل هذا الجزء األخير عن غير الخالصة أيضا.وعن " العالمة " أنه ما سمع وال رأى متشيعا رجع عن تشيعه إلى النصب

إال " أحمد بن هالل " إلى غير ذلك مما ورد فيه من النسبة إلى الوقف علىأبي جعفر عليه السالم.

وكيف كان: إن القول بكونه صالح الرواية - كما مر - نحو العملبما يرويه كثيرا - كما عن غير واحد من األصحاب - يمكن أن يوجه بأمور:

األول: عدم العثور على تلك الذموم وعدم بلوغها إليهم تاما.الثاني: أن ال تكون تلك الذموم المأثورة قادحة في الرواية وإن كانت

قادحة في الراوي، ألنها بلحاظ ما اعتقده من عقائد باطلة ونحوها وهي غيرضارة بالرواية ما لم يكن الراوي مقدوحا بالجعل أو الكذب، ولهذا يعمل بما

يرويه غير واحد من الواقفية التي قيل في حقها: أنها كالكالب الممطورة، ولذلكقيل: إنه صالح الرواية، ال أنه صالح في نفسه، وكان اللعن (في نقل الكشي)

راجعا إلى التحامي في الديون واألموال والمداخلة فيها: من التأنف عن توكيلغيره، ونحو ذلك مما ال يخلو عن حبه وحب غيره من المناصب والشؤون الرياسية

إال األوحدي من الكملين.

(٣٦٧)

Page 394: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الثالث: أن يكون النقل عنه والعمل بروايته بلحاظ حال استقامته، وأماما روى بعد انحرافه عن التشيع إلى النصب ونحوه، فال - كما حققناه في كتاب

الحج عند تصحيح رواية " البطائني " المعروف بالوقف. ولعل المراد من النصب هناهو غير ما يتبادر منه إلى الذهن من عداوة أمير المؤمنين علي عليه السالم بل يعم

العداوةلغيره من األئمة األطهار عليهم السالم كما أن المراد من وقفه هنا لعله هو توقفه على

أبي جعفر الثاني، ال األول عليهما السالم.وأما سر عدم توقف " ابن الغضائري " فيما يروي " ابن هالل " عن ذينك

الكتابين، فلما أشير إليه سالفا: من أن نقله كال نقل بعد ثبوت استنادهما إلىمؤلفيهما، ألن وزانه حينئذ وزان إجازة المشايخ لتالميذهم نقل ما يرويه

" الكليني " أو " الصدوق " من حيث كونه تشريفا محضا بال جدوى له.والغرض أن " ابن هالل " واقع في سند غير واحد من الروايات المتلقاة

بالقبول، ولذا لم يأل األصحاب مجهودهم في التصحيح بأحد الوجوه المارة، فمعهال نقاش في السند من هذه الجهة.

فالمهم حينئذ هو عالج التعارض بين (صحيح عبد الجبار) وبين (خبر الحلبي)وذلك لوجوه: بعضها عالج سندي، وبعضها جمع داللي، وال خفاء في توقف األول

على فقد الثاني.أما الجمع الداللي: فهو أن (خبر الحلبي) ناص في الجواز وأما (صحيح

عبد الجبار) فظاهر في المنع، إذ ليس فيه عدا النفي القاصر عن النصوصية، فيقدمنص الجواز على ظهور المنع فيحمل على الكراهة، ولكن بالنسبة إلى خصوصما ال تتم فيه - بيانه: بأن السؤال وإن كان خاصا، إال أن الجواب عام بالنسبة

إلى ما تتم فيه أيضا، وال ريب في المنع فيه اتفاقا، فمعه ال يحمل قوله عليه السالم:" ال تحل... الخ " على الكراهة، نعم: لو كان الجواب خاصا بما ال تتم ألمكن

الحمل عليها، إال أن يراد من ذلك الحمل على الجامع بين الحرمة والكراهة

(٣٦٨)

Page 395: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حتى يدل على األولى في خصوص ما تتم وعلى الثانية في خصوص ما ال تتم،وإليه مآل خيرة " الشرايع " وإن لم يستدل بهذا الوجه.

وال يمكن الجمع الداللي بحمل (خبر الحلبي) على الممزوج مع بقاء(صحيح عبد الجبار) بحاله من المنع في الحرير المحض، الستواء ما تتم وما ال تتمفي الجواز عند االمتزاج اتفاقا - كما سيأتي ومن الواضح: أن سياق (خبر الحلبي)

هو بيان الخصيصة لما ال تتم عندما كان الحكم في غيره مما تتم هو المنع.ويؤيده ما يأتي - في بحث االمتزاج - من ظهور غير واحد من نصوص

ذاك الباب في الجواز عندما كان العلم أو الزر أو نحو ذلك حريرا (١) إذ لو جازفي العلم المفسر بالطراز ونحوه لجاز في مثل التكة التي ال ميز بينها وبين الطراز

في المقدار غالبا، وعليه ال غبار في الجواز.وأما الجمع السندي: بتقديم (صحيح عبد الجبار) على (خبر الحلبي)

بصحة ذاك وضعف هذا ب " ابن هالل " تارة، وبحمل الصحيح على التقية أخرى.والمراد من الضعف - على األول - هو النسبي منه ال الضعف الموجب للسقوط

عن الحجية، ألن الجمع فرع التعارض المتوقف على حجية كل واحد من المتعارضينفي نفسه. ولكن قد عرفت: عدم استقرار التعارض بعد امكان الجمع الداللي.

والمراد من التقية هنا غير مبين، إذ المشهور بين العامة هو المنع التكليفيدون الوضعي، فلو كان المراد من قوله عليه السالم " ال تحل " هو نفي الجواز الوضعي

لكانمخالفا لالتقاء منهم، وأما لو كان المراد منه هو نفي الحل التكليفي لكان مصوناعن فتنة الخالف، إذ ال ريب في الحرمة التكليفية عندهم حتى حال الصالة البتة،والذي يسهل الخطب هو ما مر: من الغناء عن تجشم الجمع السندي بعد امكان

الجمع الداللي بتقديم النص على الظاهر.--------------------

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ٦.

(٣٦٩)

Page 396: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بل يحرم لبسه في غير حال الصالة أيضا إال مع الضرورةلبرد أو مرض وفي حال الحرب، وحينئذ تجوز الصالة فيه أيضا

وإن كان األحوط أن يجعل ساتره من غير الحرير.ال إشكال في حرمة لبس الحرير المحض على الرجال نصا وفتوى، وقد مر

ما يدل على بطالن الصالة فيه أيضا. إنما الكالم في مورد االستثناء من ذينكالحكمين، فتنقيح ذلك في مقامين:

المقام األولفي جواز لبس الحرير حال الضرورة والحرب

أما الجواز حال الضرورة: فيدل عليه غير واحدة من القواعد العامة الدالةعلى ارتفاع الحكم عند االضطرار، ولذا يجوز شرب الخمر عند انحصار العالج،

ويدل عليه أيضا بعض ما ورد ترخيصا لدفع (القمل) - كما يأتي نقله - إذا احتيج.وأما الجواز حال الحرب: فيدل عليه ما رواه عن إسماعيل بن الفضل، عن

أبي عبد الله عليه السالم قال: ال يصلح للرجل أن يلبس الحرير إال في حال الحرب.(١)

ونحو ذلك (٢ و ٣ و ٥ باب ١٢ من أبواب لباس المصلي) على اختالف بينها فيماال يهم في الباب. وال يلحظ السند بعد اعتضاد بعضها ببعض.

وفي (٤ منه) عن الصدوق قال: لم يطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبس الحريرألحد من

الرجال إال بعبد الرحمن بن عوف، وذلك أنه كان رجال قمال.وظاهره الجواز لدفع القمل. وال يناقش في السند باالرسال بعد أن كان

--------------------(١) الوسائل باب ١٢ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٣٧٠)

Page 397: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بنحو البت الكاشف عن وثاقة الصدور، وعلى التعدي منه إلى ضرورة الحرب يدلعلى الجواز فيها أيضا.

وفي (٦ باب ١٦) عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السالم يقول...ويجوز

للمرأة لبس الديباج والحرير في غير صالة واحرام، وحرم ذلك على الرجال إالفي الجهاد... الخ.

فال إشكال في الجواز التكليفي بعد تظافر النصوص وتطابق الفتاوى.المقام الثاني

في صحة الصالة في الحرير حالتي الضرورة والحربأما صحة الصالة في الحرير عند االضطرار إلى لبسه: فلعله واضحة بعد قصور

نطاق أدلة المنع الوضعي عن الشمول، أو تخصيصها - على فرضه - بما يدل علىارتفاع الحكم تكليفا كان أو وضعا حال الضرورة، فمع تحفظ الجواز التكليفي

في هذه الحالة مع تحتم األمر بالصالة يكشف عدم مانعية الحرير حينئذ عن صحتها.وأما الصحة حال الحرب: فال ريب فيها أيضا إذا فرض بلوغها نصاب الضرورة،الندراجها تحت ما تقدم. وأما على فرض عدم انتهائها إلى تلك الحال، فيمكناثباتها أيضا باطالقات ما يدل على جواز لبسه حال الحرب، إذ ليس المراد منهاهو خصوص حالة القتال واشتعال النائرة بل أعم من ذلك ومن االشراف والتهيؤ

القريب بالتجهيز المتاخم، دون البعيد منه.فحينئذ كما أنه ال يجب النزع عند البيتوتة في البيت في ليالي الحرب

- لصدق حال الحرب على ذلك - كذلك ال يلزم النزع بلحاظ الصالة، وإال لنقلشئ من ذلك في اآلثار، إذ لو لزم االقتصار على فعلية القتال لوجب النزع بمقدار

الصالة، ولو كان لبان. والغرض شمول اطالق الترخيص لمثل ذلك.

(٣٧١)

Page 398: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ثم إنه ال تالحظ النسبة بين ذلك وبين اطالق دليل المانعية الشامل لحالتيالحرب وغيرها، حتى يقال: بكونها عموما من وجه، ألن المنساق من أدلة الترخيص

هو النظر إلى الدليل األولي والشرح له، فمعه يرتفع المنع الوضعي كالتكليفي.كما أنه بناء على أن المانع الوضعي ما هو الممنوع عنه تكليفا ال مجال

للتأمل في الصحة حينئذ، إذ المفروض أنه ال منع تكليفي حال الحرب، فال منعوضعي في تلك الحال - كما أشير إليه.

فإذا الح أنه ألمنع وضعي في هذه الحالة يحكم بصحة الصالة فيه وإن لميكن البسا لساتر غير الحرير، فما احتاط (في المتن) صعب التوجيه حسب الصناعة،

كما أن ما (في الجواهر) من امكان منع التالزم بين ارتفاع المانعية وبين تحققالشرط خال عن السداد، إذ الحكم الوضعي الوحيد هنا هو مانعية الحرير ال شرطية

غيره، فمع ارتفاع المنع ال افتقار إلى شئ آخر.وال بأس به للنساء، بل تجوز صالتهن فيه أيضا على

األقوى.إن استيفاء (ما في المتن) من جواز اللبس للنساء تكليفا ووضعا رهين

مقامين:المقام األول

في جواز لبس الحرير للنساء تكليفاأما جواز لبسه لهن: فلعله متفق عليه لدى األصحاب، ويدل عليه غير

واحد من نصوص الباب.

(٣٧٢)

Page 399: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

منها: ما رواه عن صفوان بن يحيى، عن عيص بن القاسم، عن أبي داودبن يوسف بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السالم في حديث: إنما يكره المصمت من

اإلبريسم للرجال وال يكره للنساء (١).لظهورها في نفي الكراهة بالنسبة إليهن، فإن أريد منها الكراهة المصطلحة،

فيدل على الجواز الخالي منها، وإن أريد منها الحرمة فيدل على انتفائها المالئمللكراهة المصطلحة، وعلى أي تقدير: ألمنع تكليفي البتة.

ومنها: ما رواه عن ليث المرادي قال: قال أبو عبد الله عليه السالم إن رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم كسا أسامة بن زيد حلة حرير فخرج فيها، فقال: مهال يا

أسامة إنمايلبسها من ال خالق له فاقسمها بين نسائك (٢).

وداللتها على المنع للرجال دون النساء قابلة التوجيه والهضم بلحاظ الذيل،وإنما الكالم في الصدر الدال على أنه صلى الله عليه وآله وسلم كسا ذاك الرجل حلة

حرير، ال على أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعطاه إياه، فلو حرم اللبس لما كساه.إال أن يفرق بين اللبس المستمر بنحو الملكة وبين الموقت من ذلك - نظير لبس

الرجل ثياب المرأة في المآتم إقامة للعزاء. وكيف كان: داللتها على الجواز النساءتامة.

ومنها: ما رواه عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السالم قال:النساء يلبسن الحرير والديباج إال في االحرام (٣).

وظهورها في الجواز فيما عدا االحرام تام، وسيأتي بيان االستثناء منرجوعه إلى التكليف أو الوضع، فارتقب.

ومنها: ما رواه في حديث المناهي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنلبس الحرير

والديباج والقر للرجال، فأما النساء فال بأس (٤).--------------------

(١) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٣ و ٥.

(٢) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٣ و ٥.

(٣) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٣ و ٥.

(٤) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٣ و ٥.

(٣٧٣)

Page 400: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: ما رواه عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السالم يقول: ويجوزللمرأة لبس الديباج والحرير في غير صالة وإحرام... الخ (١).

ومنها: ما رواه عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السالم قال:سألته عن الديباج هل يصلح لبسه للنساء؟ قال: ال بأس (٢).

فال غرو في ضعف سند بعضها بعد تمامية الحكم نصا وفتوى. فما دل علىاستواء الرجل والمرأة في الحكم (٥ باب ١٣) فيحمل على الجامع بين الحرمة

والكراهة جمعا، أو يطرح لكونه معرضا عنه لألصحاب.المقام الثاني

في صحة صالة النساء في الحريروأما الجواز الوضعي: فهو المشهور لدى األصحاب من الصدر - عدا

" الصدوق " و " أبي الصالح " على نقل غير متحقق - إلى المسافة، عدا " األردبيلي "و " البهائي ".

قال في (مكي الفقيه): قد وردت األخبار بجواز لبس النساء الحرير،ولم ترد بجواز صالتهن فيه.

وقد يستدل للمنع بعدة نصوص:منها: ما مر من مكاتبة محمد بن عبد الجبار إلى أبي محمد عليه السالم يسأله هل

يصلى فيقلنسوة حرير محض أو في قلنسوة حرير محض أو في قلنسوة ديباج، فكتب عليه

السالم: ال تحل الصالة في حرير محض (٣).تقريب االستدالل: أن الجواب عام للرجال والنساء، فال بد من المخرج

المفقود في البين، وخصوصية السؤال غير صالحة لتخصيص عموم الجواب.--------------------

(١) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ٦ و ٩.

(٢) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ٦ و ٩.(٣) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٣٧٤)

Page 401: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وفيه أوال: أن عموم الجواب شامل لما ال تتم فيه الصالة أيضا، وقد حققناالصحة بالنسبة إليه، فحينئذ يكون المراد من هذا العموم هو الجامع بين البطالنوالحزازة غير البالغة حد الفساد، فمعه ال ظهور له في المنع الوضعي بالنسبة إلى

النساء، الحتمال الحزازة دون الفساد في حقهن.وثانيا: أنه ال إطالق له من حيثية العموم الفردي حتى يشمل النساء

- لكونه مسوقا لبيان حكم آخر - وبيانه: بأن اختصاص السؤال بما ال تتم كاشفعن مفروغية ما تتم فيه الصالة لدى السائل، إذ لو كان حكم ذلك أيضا غير معلوم

له لما سئل عن خصوص ما ال تتم، فالسؤال إنما هو بعد مركوزية حكم ما تتم،وإنما سئل عن استواء ما ال تتم مع ما تتم، والجواب منحدر نحو بيان حكم المنع

من اختصاصه بالمحض من الحرير دون غيره. وأما أنه بالنسبة إلى من يكونكذلك، فال. فاالطالق األفرادي خارج عن السؤال والجواب رأسا. أضف إلى

ذلك: أن السؤال غير خال عن اشعار باالختصاص.ومنها: ما رواه عن الحميري، عن صاحب الزمان عليه السالم أنه كتبت إليه يتخذ

بأصفهان ثياب فيها عتابية على عمل الوشى من قز وإبريسم، هل تجوز الصالة فيهاأم ال؟ فأجاب عليه السالم ال تجوز الصالة إال في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان

.(١)تقريب االستدالل على المنع الوضعي للنساء، هو ما مر: من عمومية نفي

الجواز الوضعي لهن أيضا.وفيه: أن السؤال عن خصوص الوشى الذي هو التلوين بالقز واإلبريسم

إنما هو بعد الفراغ عن حكم المتمحض منه، وإال لسئل عنه، والجواب ينحدرنحو مصب السؤال من دون النظر إلى خصوصيات المكلفين من الرجال وغيرهم،وحيث إنه مسوق لبيان حكم آخر - كما تقدم - فال مجال لألخذ باطالقه، إذ ال

إطالق له من هذه الجهة حتى يؤخذ به.--------------------

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ٨.

(٣٧٥)

Page 402: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فحينئذ ال مجال لتجشم لحاظ النسبة وكونها بالعموم من وجه - إذ األدلةالمجوزة للبس مطلقة شاملة لحالة الصالة وغيرها - ثم التعب لتقديمها في مورد

االجتماع على أدلة المنع، إذ ال إطالق لدليل المنع الوضعي بهذه المالحظة أصال.ومنها: ما رواه عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السالم (في حديث) قال:

وعن الثوب يكون علمه ديباجا؟ قال: ال يصلى فيه (١).بناء على كونه مبنيا للمفعول، فيشمل غير الرجال أيضا.

وفيه أوال: أنه مسوق سؤاال وجوابا لبيان حكم آخر - وهو الممتزج منمن الثوب والعلم الديباج - فال إطالق له من حيث آخر حتى يؤخذ به - كما مر -

ألنه بعد الفراغ عن حكم الحرير المحض.وثانيا: أنه محمول على الكراهة في مفاده، لصحة الصالة في الممتزج

(باالتفاق) وفي العلم (بالشهرة التامة) كما سيأتي، فمدلوله في مفاده وموردهليس أزيد من الكراهة.

وثالثا: أنه ال ظهور له في المبني للمفعول الشامل لغير الرجال، وإال لزم المنعفي الصبي أيضا. والغرض أنه مع احتمال قرائته مبنيا للفاعل قاصر عن التعميم.ومنها: خبر الجابر المتقدم (٢) الموهون بضعف السند، فال حجية له. فليسفي البين ما يدل على المنع الوضعي بالنسبة إلى النساء. أضف إلى ذلك كله:

إمكان تأييد الجواز بغير واحد من النصوص الواردة للمنع.منها: ما رواه عن األحوط قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السالم هل يصلي

الرجل في ثوب إبريسم؟ فقال: ال (٣). ونحو ذلك ما رواه عن أبي الحارث قال:سألت الرضا عليه السالم... الخ (٤).

--------------------(١) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ٨.(٢) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ٦.

(٣) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٧.

(٤) الوسائل باب ١١ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٧.

(٣٧٦)

Page 403: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذ اختصاص السؤال بالرجل إنما هو للفراغ عن حكم المرأة، والظاهرارتكاز الجواز في الذهن المصوب بالتقرير، وإال لكان السؤال عن حكمها أيضا

الزما لو لم يكن أنسب.ومنها: خبر الحلبي المتقدم (١) - بناء على قراءة (يصلي) على المعلوم -

بشهادة القلنسوة المختصة بالرجال، ولعل التكة أيضا كذلك، ألنه وإن كانللتجويز فيما ال تتم، ولكن مساق البيان إنما هو بلحاظ الرجال، فيؤيد اختصاص

المنع فيما تتم بهم - أي بالرجال -.ومنها: ما تقدم من رواية ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السالم

قال: النساء يلبسن الحرير والديباج إال في االحرام (٢).إن المراد من االستثناء، إما بيان المنع التكليفي للنساء بأن يكون له

من تروك االحرام لهن، وإما بيان ما يشمل الوضعي أيضا، بأن ال يكون ثوباإحرامهن حريرا. فعلى األول: ال تعرض للحكم الوضعي البتة، لداللته على

الجواز التكليفي في جميع الحاالت - حتى حال الصالة - عدا حال االحرام. وعلىالثاني: دال على ارتفاع المنع الوضعي كالتكليفي إال في خصوص ثوب االحرام،

فلو صلت في الحرير صحت صالتها، وأما لو أحرمت فيه - بأن جعلته ثوب إحرامها-

بطل ذلك االحرام.فعلى األخير: يمكن االستدالل به للجواز الوضعي دون األول، إذ ال تالزمبين الجواز التكليفي والجواز الوضعي، لوجود األول دون الثاني في لبس

أجزاء غير المأكول، كما أنه ال تالزم بين المنع التكليفي والمنع الوضعي، المكانحرمة لبس شئ في نفسه مع صحة الصالة فيه - كما حققناه في الصالة في اللباس

المغصوب.--------------------

(١) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ٢.

(٢) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ٣.

(٣٧٧)

Page 404: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والحاصل: أن أدلة المنع قاصرة عن الشمول للنساء مع امكان التأييدلالختصاص بالرجال. وعلى تقدير الشك في المنع الوضعي يحكم بعدمه، لألصل.

بل وكذا الخنثى المشكل.أي يجوز له اللبس تكليفا ووضعا، والكالم فيه تارة: مع لحاظ العلم

االجمالي بأنه إما رجل أو امرأة - بناء على نفي الطبيعة الثالثة - وأخرى: معقطع النظر عنه.

فعلى األخير: يحكم بالجواز التكليفي والوضعي، إذ المفروض عدم اتضاحاندراجه تحت دليل المنع، وال يجوز التمسك بالدليل إال بعد احراز موضوعه،

فكما ال يجوز التمسك بدليل المنع للشك في كونه رجال، كذلك ال يجوز التمسكبدليل الجواز للشك في كونه مرأة. نعم: يرجع إلى األصل المنتج لما هو مفاد

دليل الجواز، بال ميز في هذه الجهة بين التكليف والوضع، فيجوز له لبسالحرير في الصالة أيضا.

وأما على األول: فيجب عليه االحتياط في التكليف والوضع بال ميز بينهماأيضا، إذ يعلم إجماال بأن هناك تكليفا ملزما ال يتعين شخصه، وذلك فيما يكون

على الرجل تكليف الزم يخصه وعلى المرأة كذا - كوجوب الستر لتمام البدن -فأمر يدور بين أن يكون رجال يحرم عليه لبس الحرير كالذهب وأن يكونمرأة يحرم عليها كشف ما عدا المستثنى من البدن، فحينئذ يجب االحتياط

بالجمع بين تكليفي الرجل والمرأة - للعلم االجمالي - فيحرم عليه اللبس تكليفاوكذا وضعا.

(٣٧٨)

Page 405: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وكذا ال بأس بالممتزج بغيره من قطن أو غيره مما يخرجهمن صدق الخلوص والمحوضة.

وظاهره استواء التكليف والوضع في هذه الجهة، فيجوز لبس الحريرالممتزج بغيره، كما تصح الصالة فيه أيضا. وتنقيح ذلك كله على ذمة مقامات ثالثة:أحدها في أصل الجواز في الممتزج، وثانيها في عدم اختصاص المزيج اآلخر بالقطنوالكتان والخز، وثالثها في عدم اختصاص المزج بكيفية خاصة من السدى أو اللحمة

أو نحو ذلك، مع احتمال المنع في بعض تلك الكيفيات.أما المقام األول

ففي جواز لبس الحرير الممتزج تكليفا ووضعاال إشكال في جواز لبس الممتزج بغير الحرير في الجملة نصا وفتوى، بال

احتياج إلى تجشم البحث المستأنف، التضاحه في ثنايا ما مر، ولزيادة تبينه في خاللما يمر في مقامي الثاني والثالث. نعم: لو كان المزيج اآلخر مما ال يجوز لبسه أيضا

- كالذهب - أو ال تصح الصالة فيه - كوبر ما ال يؤكل لحمه - ال جدوى لمثل هذاالمزج إال في خصوص األخير تكليفا.

والحاصل: أن النصوص الدالة على المنع خاصة بالمحض والمبهم والمصتوما إلى ذلك، فال منع عند الخروج عن هذه العناوين بالمزج.

(٣٧٩)

Page 406: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أما المقام الثانيففي االكتفاء بأي مزيج كان بال اختصاص للقطن والكتان

قد يتوهم: لزوم االقتصار في الخروج عن المنع على ما إذا كان المزج بالقطنأو الكتان أو الخز - وقد يربع بزيادة الصوف - جمودا على ذكرها في بعض نصوص

الباب ذهوال عن كونه تمثيال ال تعيينا ومثاال ال حدا، لظهور غير واحد منها في أنالمدار الوحيد هو صدق المحوضة وعدمه بال خصيصة لمزيج دون آخر، فحينئذ

وزان ما ذكر في بعضها وزان ما اندمج في مفاد ما يدل على جواز غير المحض بال ميزأصال، فال نطيل بعد االتضاح.

أما المقام الثالثففي االكتفاء بأية كيفية في المزج مع احتمال خصيصة لبعضها

إن للمزج صورا عديدة ال ريب في دخول بعضها في دليل الجواز، وأما بعضهااآلخر ففي اندراجه وعدمه تأمل، فلنأت بها أوال، وبحكمها من الجواز

وغيره ثانيا.أما بيان تلك الصور - فمنها: ما يكون المزج بجعل السدى قزا أو إبريسم

وجعل اللحمة غير ذلك، أو العكس.ومنها: ما يكون كل واحد من تلك الخيوط منسجما من اإلبريسم وغيره،

بحيث ال امتياز بينهما، إذ المفروض جعلهما معا خيطا واحدا.ومنها: ما يكون المزج بجعل النسج على نحو يوجد في متن الثوب مثال

شكل خاص من الحرير المحض - كالمربع أو غيره من األشكال الدارجة في األلبسة-

بحيث يكون اإلبريسم المحض مستوعبا لذاك الشكل كله سدى ولحمة بال تخللالمزج فيه، وإن كان الخارج عن حده ممتزجا أو قطنا خالصا مثال.

(٣٨٠)

Page 407: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فيلزم التأمل في اندراجها جميعا تحت دليل الجواز وعدمه، فال بد منالنظر المستأنف في نصوص الباب.

فمن تلك النصوص: هو ما رواه عن البزنطي قال: سأل الحسين بن قياماأبا الحسن عليه السالم عن الثوب الملحم بالقز والقطن والقز أكثر من النصف أيصلى

فيه؟قال ال بأس قد كان ألبي الحسن عليه السالم منه جبات (١).

وظاهره التجويز في المزج بكون اللحمة قزا وقطنا مع كون األول أكثر،وأما ما عدا ذلك فهو قاصر عن اثباته، وأقصاه اندراج األوليين فيه، وأما

الصورة األخيرة: فال.ومنها: ما رواه عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ال بأس بلباس

القز إذا كان سداه أو لحمته من قطن أو كتان (٢).والمستفاد منه أيضا التجويز إذا كان المزج على األوليين، وأما على الثالثة: فالألن القطن وكذا الكتان مما يمكن التعدي عنه إلى غيره، لكونه مثاال ال حدا.

وأما كيفية المزج: فال سبيل إلى التعدي عنها، باندراج الصورة الثالثة أيضا.ومنها: ما رواه عن إسماعيل بن الفضل، عن أبي عبد الله عليه السالم في الثوب يكون

فيه الحرير؟ فقال: إن كان فيه خلط فال بأس (٣).ال إشكال في إطالق السؤال وشموله لجميع تلك الصور المفروضة، إذ يصدق

عليها جميعا أن في الثوب حريرا. إنما الكالم في المراد من الجواب هل هو تكرارلمفروض السائل أو تفصيل فيه بالتقييد؟ فعلى األول: يدل على الجواز في جميع

تلك الصور، وأما على األخير: فيدل على الجواز في خصوص صورة الخلط - كمافي األوليين - وأما في الثالثة: فال، إذ المفروض تمحض ذاك الشكل في القزية بال

امتزاج أصال وإن كان ما عداه من سائر أجزاء الثوب غير القز أو خليطا أيضا،وال يبعد هذا االحتمال. فمعه ال مجال لالستدالل به على التعميم.

--------------------(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٤.(٢) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٤.(٣) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٢ و ٤.

(٣٨١)

Page 408: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومنها: ما رواه عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السالم ينهي عن لباس الحريرللرجال والنساء، إال ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو كتان

أو قطن... الخ (١).ومفاده من حيث امكان إلقاء الخصوصية من جهة المزيج اآلخر بال دخالة

للكتان أو القطن هو ما مر، وكذا من حيث عدم امكانه من جهة كيفية المزج،فحينئذ ال يدل على أزيد من الجواز في األوليين.

ونحو ذلك ما رواه عن الحميري عن صاحب الزمان عليه السالم إذ فيه: " فأجاب عليهالسالم

ال تجوز الصالة إال في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان " (٢).ومنها: ما رواه عن محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السالم....

فكتب عليه السالم: ال تحل الصالة في حرير محض (٣).وكذا مكاتبة أخرى لمحمد بن عبد الجبار (٤).

وظاهره وإن كان اختصاص المنع بالمحض من الحرير مع جواز غيره منالخيط حسب التحديد، إال أن في شمول جوازه للصورة الثالثة نظرا بل منعا،

إذ يصدق الحرير المحض على ذاك الجزء المشكل بشكل خاص كالتربيع. وحملالحرير على الثوب اعتساف، وإن ارتكبه في الجواهر ميال إليه، فمع عدم صدق

الثوب على ذاك الجزء يصدق أنه لبس الحرير المحض أو صلى فيه.فتحصل: أن شيئا من هذه النصوص الواردة في الممتزج منطوقا أو مفهوما

ال يثبت الجواز في جميع صور االمتزاج حتى األخيرة منها.نعم: يمكن االستئناس للجواز أو االستدالل له بما رواه عن يوسف بن

إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: ال بأس بالثوب أن يكون سداه وزره وعلمه--------------------

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٨.

(٢) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ٥ و ٨.

(٣) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٤.

(٤) الوسائل باب ١٤ من أبواب لباس المصلي ح ١ و ٤.

(٣٨٢)

Page 409: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حريرا، وإنما كره الحرير المبهم للرجال (١).ألن الصدر ناص في تجويز العلم الذي هو طراز الثوب، فالمزج على هذه

الكيفية جائز كالمزج بالسدى، فحينئذ يكون الذيل غير شامل لما إذا كان االمتزاجبنحو يحصل شكل خاص من الحرير المحض - كما هي الصورة الثالثة - إذ

العلم أيضا من هذا القبيل.وبما رواه عن أبي داود بن يوسف بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السالم (في حديث)

قال عليه السالم: ال تكره أن يكون سدى الثوب إبريسم وال زره وال علمه، إنما يكرهالمصمت من اإلبريسم للرجال... الخ (٢).

وتقريب داللته على الجواز في الصورة الثالثة هو ما مر، فحينئذ يقيد خبر" إسماعيل بن الفضل " المتقدم (٣) بذلك، فيحكم بالجواز وإن كان المزج على

الصورةاألخيرة، جمعا بين المطلق والمقيد للتصريح بالعلم.

ثم إنه ال إشكال في الجواز على األوليين ما لم ينطبق عنوان الحرير المحضقل أو كثر على ذلك. وأما على الثالثة: فيشكل الحكم بالجواز في الزائد عن قدر

ما ال تتم فيه الصالة - كالقلنسوة ونحوها - فلو كان ذاك الجزء من الثوب المشكلبشكل خاص مثال حريرا صرفا وكان بقدر الذراع أو قريبا منه بنحو تتم فيه الصالة

وحده - لكفايته عرضا وطوال - فال يجوز، لعموم (خبر الحلبي) الدال على اختصاصالجواز بما ال تتم، لظهوره في أن اإلبريسم البالغ حدا تتم فيه الصالة مانع عنها، إال

أن يفرق بين المتصل والمنفصل بعدم االستبعاد في الفرق بين صورتي االتصالواالنفصال، فلو كان اإلبريسم المحض متصال بالثوب ومنسوجا معه لجاز وإن كان

مما تتم فيه الصالة لو كان منحازا عن كله، وأما لو كان منفصال لمنع، وال يبعد هذا--------------------

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ٦.

(٢) الوسائل باب ١٦ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٣) الوسائل باب ١٣ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(٣٨٣)

Page 410: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

التفصيل بمالحظة توفر دواعي الزينة في العلم ونحوه ما يتجاوز عن حد ما ال تتمفيه، ولكنه غير خال عن التأمل.

مسألة ٤٨ - المصلي مستلقيا أو مضطجعا ال بأس بكونفراشه أو لحافه نجسا أو حريرا أو من غير المأكول إذا كان لهساتر غيرهما، وإن كان يتستر بهما أو باللحاف فقط فاألحوط

كونهما مما تصح فيه الصالة.أما الجواز في الصورة األولى - وهي ما إذا كان لذاك المصلي ساتر غير ذلك -

فلقصور أدلة المنع رأسا أو انصرافها عرفا عن الشمول لالفتراس أو االلتحاف، فماأخذ فيها من عنوان اللبس أو الصالة فيه غير منطبق على مثله، فال منع حينئذ، لمااتضح سالفا من الميز بين الستر المعتبر في الصالة وبين الستر عن الناظر، لحصولالثاني بمثل الغمس في الماء الكدر أو االبتعاد عن النظر أو االلتجاء إلى الظلمة وماإلى ذلك مما به يصان عن النظر، بخالف األول - كما مر - فعليه ال بعد في عدمصدق ما أخذ في أدلة المنع حال الصالة على مثل الفراش واللحاف إذا كان هناك

ساتر غيرهما.وأما االحتياط في الصورة الثانية - فيلزم التنبه فيها ألمرين: أحدهما بيانالمنع وعدم الجواز، واآلخر سر كونه بنحو االحتياط ال الجزم والقوة.

أما األول: فجهة المنع هو أن المنساق من أدلة الشرطية ونحوها هو لزومانحفاظ جميع ما اعتبر في الستر االختياري في الستر االضطراري، إال فيما هو مصب

االضطرار المصحح للتبديل واالنتقال إلى البدل االضطراري، وكم له من نظير!حيث يحكم باعتبار شرائط الصالة الواجبة - من االستقبال وغيره - في النافلة،

(٣٨٤)

Page 411: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ألن المستفاد من أمثال ذلك عرفا هو اعتبارها في أصل العمل، بال ميز بين الفرضوالنفل أو االختيار واالضطرار، ولما قام الفراش أو اللحاف مقام الثوب عند

الضرورة يحكم باعتبار ما كان معتبرا في المبدل في البدل، فعليه يلزم أن يكونهذا البدل مما تصح فيه الصالة. ولعل تعبير " الماتن " بالتستر إشعار إلى إعمال عملبه يصدق الستر للصالة، حيث إن األرض لما لم تكن صالحة لهذا الستر ال بد للمرأة

من التستر بالفراش واللحاف معا، كما أن الرجل يكفيه اللحاف مثال.وأما الثاني: فالظاهر أن سر عدم الجزم والقوة هو احتمال أن مثل الفراش

واللحاف كما أنه ال يكون سترا للصالة اختيارا، كذلك ال يكون سترا لهااضطرارا. وأما ما في رواية " علي بن جعفر " من الحكم بجواز الصالة قائما معالستر بالحشيش فليس ناصا في كونه سترا اضطراريا للصالة، لبقاء احتمال كونه

سترا عن النظر.فحينئذ ال يعتبر فيه ما يعتبر في الستر للصالة، نعم: ليس هذا األمر بمثابة

يوجب الجزم بذلك أيضا، فما أفاد من االحتياط عند التستر - أي األعمال بنحويصدق معه الستر للصالة حينئذ - في محله.

مسألة ٤٩ - إذا لبس ثوبا طويال جدا وكان طرفه الواقععلى األرض الغير المتحرك بحركات الصالة نجسا أو حريرا أومغصوبا أو ما ال يؤكل فالظاهر عدم صحة الصالة ما دام يصدق

أنه البس ثوبا كذائيا، نعم: لو كان بحيث ال يصدق لبسه بليقال: لبس هذ الطرف منه، كما إذا كان طوله عشرين ذراعاولبس بمقدار ذراعين منه أو ثالثة أذرع وكان الطرف اآلخر

مما ال تجوز الصالة فيه فال بأس.

(٣٨٥)

Page 412: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال خفاء في إمكان النقاش فيما سواه في المتن بين تلك األمور، الختالفالعناوين المأخوذة في ألسنة أدلتها، فال بد من النظر في كل واحد منها على حدة،وحيث إنه قد يبتلى بما صوره " الماتن " كمن يصلي جالسا وعليه رداء ال يتحرك

طرفه الواقع على األرض بحركات الصالة ونحو ذلك مما يمكن االبتالء به، فال بدمن االهتمام به على ما يليق بذلك، فنقول:

أما النجس: فإن كان مدار المنع هو لبس النجس حال الصالة، فيمكن الحكمبنفي البأس بالنسبة إلى ذاك الطرف اآلخر الذي لم يوجب اتصاله بهذا الطرف

صدق اللبس بالنسبة إليه، كما يصدق بالنسبة إلى هذا الطرف. وأما إن كان المدارهو (الصالة في ثوب فيه النجاسة) فيمكن المنع حينئذ، إذ يصدق أنه صلى في

ثوب فيه نجاسة وإن لم يصل هو في ذاك النجس، اللهم إال أن يدعي االنصراف عنمثله، أي انصراف بعض تلك النصوص عنه.

وأما في الحرير: فالمدار فيه هو صدق الصالة فيه، فإن أوجب االتصالذلك الصدق فهو، وإال فال منع، وال دخالة فيما هو المهم هنا لتحرك ذاك الطرفبحركات الصالة وعدمه، لدوران الحكم هنا مدار غيره، إذ المنع فيه منحدر نحو

الصالة فيه، كما أن الحرمة التكليفية متوجهة إلى لبسه.وأما المغصوب: فالمدار فيه هو ما يكون مصبا للنهي التكليفي - بناء على

البطالن - وإال فعلى المختار فال منع وضعي فيه أصال النحصار األمر في العصيانفقط. وكيف كان: بناء على البطالن يدور األمر مدار صدق الغصب - وهو التصرف

الخاص - بال دخالة للتحرك وعدمه، إال أن يكون من باب كونه تصرفا.وأما ما ال يؤكل لحمه: فالمدار فيه هو صدق الصالة فيه، إذ نطاق (موثقة

ابن بكير) التي هي العمدة في الباب، هو أنه " ال تصل في وبر ما ال يؤكل لحمهوروثه وبوله ".

(٣٨٦)

Page 413: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٥٠ - األقوى جواز الصالة فيما يستر ظهر القدموال يغطي الساق، كالجورب ونحوه.

إن المترائي من المتن هو كون المسألة ذات قولين، وهو كذلك، إذالمحكي عن غير واحد من قدمائنا اإلمامية (ره) هو المنع، وعن غير واحد من

المتأخرين هو الجواز على الكراهة، وعن غيرهم الجواز بال تعرض لها. وهلالمعتبر في مصب الكالم ما اجتمع فيه القيدان: أحدهما ستر ظهر القدم واآلخر

عدم تغطية الساق كما هو المنساق من المتن؟ أو خصوص عدم تغطية الساق وإنلم يستر ظهر القدم بل ستر باطنه؟

والتمثيل بالجورب ونحوه إنما هو للمنفي ال للنفي - على ما يشهد له فيالشرائع - حيث قال: ال تجوز الصالة فيما يستر ظهر القدم كالشمشك وتجوز فيما

له ساق كالخف والجورب.وليعلم: أن العنوان الجامع وهو (ما يستر ظهر القدم بال تغطية الساق) ليس

هو المشهور بين القدماء، القتصار بعضهم على خصوص الشمشك والنعل السندي،فحينئذ ال يخلو استناد ذلك إليهم من النقاش، إال أن يكون التعرض لهما تمثيال

لذاك العنوان الجامع ال تعيينا لالقتصار على النص مثال.وكيف كان: يلزم البحث عن الجواز والمنع أوال، وعن الكراهة على فرض

الجواز ثانيا.فنقول: قد يحكم بالجواز للقاعدة األولية الدالة على البراءة عقال ونقال

عند الشك في الشرطية أو المانعية - على ما هو المقرر في بحث األقل واألكثر -بال افتقار إلى النص الخاص، وحينئذ لو قام دليل على المنع في خصوص المقام

(٣٨٧)

Page 414: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

للزم هجر تلك القاعدة المحكومة بهذا الدليل المفروض.وقد يحكم به - أي بالجواز - لورود النص الخاص عليه، وحينئذ لو قام

على المنع دليل للزم حمل ذلك الدليل على الكراهة، جمعا بين الترخيص والمنع.أما القاعدة األولية: فال تأمل فيها.

وأما النص الخاص: فقد يتمسك بما رواه عن الحميري أنه كتب إلىصاحب الزمان عليه السالم يسأله هل يجوز للرجل أن يصلي وفي رجليه بطيط ال يغطي

الكعبين أم ال يجوز؟ فكتب في الجواب: جائز - الحديث (١).و (البطيط) هو رأس الخف بال ساق - على ما فسر - واالستدالل به إنما يتمإذا أن المراد من (الكعب) هو العظم الفاصل بين القدم والساق، فعدم تغطيته

مستلزم لعدم تغطية الساق البتة، وحيث اقتصر في السؤال على عدم تغطيته يعلمالفراغ من التغطية لما عداه من ظهر القدم بأسره إلى ذاك العظم الحاجز، فحينئذ

يدل على الجواز، ولكن قد مر التحقيق في (الكعب) عند البحث عن مسح الرجلفي الوضوء، وبين هناك أن له إطالقات ثالث - األول: ما ذكر من العظم الفاصل،

والثاني: ما ارتفع من قبة ظهر القدم، والثالث: ما انتهي إليه اإلصبع وانفصل بهعن ظهر القدم - على ما يستفاد من حد القطع في السرقة وفي الديات والقصاص -

فراجع، فعلى األول: وإن تم المطلوب، وأما على األخيرين: فال، فعليه ينحصرالدليل في تلك القاعدة األولية.

وأما المنع: فقد يستدل له بما أرسله ابن حمزة (في محكي الوسيلة) حيثقال: روي أن الصالة محظورة في الشمشك والنعل السندية.

ورد باختصاصه بهذين األمرين بال تعميم، وبعدم العمل به ممن أرسله،حيث إن خيرته هو الكراهة، وسيجئ البحث عن الكراهة.

--------------------(١) الوسائل باب ٣٨ من أبواب لباس المصلي ح ٤.

(٣٨٨)

Page 415: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وقد يتمسك أيضا بعدم فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وال الصحابة والتابعين لهوبقوله صلى الله عليه وآله وسلم:

صلوا كما رأيتموني أصلي.وفيه: أن أقصى ذلك عدم العثور على فعل هؤالء له، وهذا القدر قاصر عن

إفادة الحصر، إذ ال ريب في جواز غير واحد من األمور في الصالة وغيرها مع عدمالعثور على ارتكابهم لها.

وأما ما نقل في خصوص الصالة: فهو نبوي لم يصل إلينا من طريقنا فال اعتدادبه، مع عدم التزام الفريقين بمضمونه، إذ من البديهي عدم لزوم الجمود على

الخصوصيات واألحوال الشخصية التي كان النبي صلى الله عليه وآله يأتي بها حالالصالة من

األلبسة نوعا ولونا وما إلى ذلك.والظاهر: أن المراد منه - على تسليم السند - هو األفعال واألذكار

الصالتية، وأما الحاالت الحافة بها مما هو خارج عنها، فال. وقد يتمسك أيضابما هو أهون مما مر، فال جدوى لنقله ونقده.

بقي الكالم في الكراهة، حيث إنها تحتاج إلى الدليل الخاص البتة، ولقدحكم بها " الماتن " وعده من مكروهات اللباس للمصلي.

وقد يقال: بكفاية المرسلة المتقدمة، ألنها وإن دلت على الحظر - كما ادعى -ولكن لضعف سندها يحكم بالكراهة تسامحا في دليلها، كما يتسامح في دليل

االستحباب، حيث يكتفى فيه بما ظاهره الوجوب مع ضعف السند.وفيه - أوال: أن نطاق تلك المرسلة خاص بالشمشك والنعل السندية،

فال يتعدى عنهما إلى غيرهما، اللهم إال بالقاء الخصوصية باستفادة التمثيل ال التعيين.وثانيا: على فرض شمول (حديث من بلغ) للترك كشموله للفعل ال يدل علىأزيد من محبوبية عنوان الرجاء فعال أو تركا، وأما محبوبية نفس ذلك الفعل

أو الترك فال، فحينئذ ال يثبت االستحباب المصطلح هناك وال الكراهة المصطلحة

(٣٨٩)

Page 416: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

هنا. كما أنه بناء على شموله لفتوى الفقهاء فهو أيضا كذلك، ولكنه مصونعن النقاش األول، إذ الفتوى بالمنع العام موروث عن بعض أصحابنا (ره) فتعين

أن األقوى: هو الجواز مع رجحان الترك برجاء المبغوضية الوضعية.ثم إن المصنف (ره) قد أخذ في بيان ما يكره من اللباس حال الصالة، وحيث

إن جل ذلك مورد للتسالم - لعدم الحرمة وضعا وتكليفا بل الكراهة في بعضها محلإشكال - فال جدوى هام للبحث عن ذلك، عدا الثوب الذي له تماثيل - لكونه

موردا للخالف - إذ المحكي عن بعض األصحاب هو المنع فيه. وكذا في الخاتمالذي له تمثال. وذلك على قسمين: أحدهما: ما يكون صورته المرسومة فيه

بارزة عن نفس ذاك الثوب أو الخاتم - كما هو كذلك عند حك أطراف تلكالصورة - واآلخر: ما يكون بمجرد الرسم والنقش. وكيف كان: فالمحكي عن

(مبسوط الشيخ ونهايته) هو المنع، وكذا عن " ابن البراج " في الخاتم أيضا.وأما النصوص الخاصة - فمنها: ما رواه عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله

عليه السالم أنه كره أن يصلي وعليه ثوب فيه تماثيل (١).وفي ما رواه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا عليه السالم أنه

سأله عن الصالة في الثوب المعلم، فكره ما فيه من التماثيل (٢) بناء على إرادة كراهةاالصطالحية منهما، حيث إنها في عصر الصادقين عليهما السالم قد صارت بمعناها

الدارج فيالفقه، إذ المتداول في ألسنة فقهاء العامة من الوجوب والندب والحرمة والكراهةهو ما يكون معهودا اليوم، ومن المعلوم: أن وحدة العصر وشيوع اللغة وتداولها

في الكتب واألفواه توجب إرادة المعنى الدارج، ال الحرمة المفسر بها الكراهة فياللغة الساذجة.

ويشهد له ما رواه عن الحميري قال: وسألته عن الخاتم يكون فيه نقشتماثيل سبع أو طير يصلى فيه؟ قال: ال بأس (٣).

--------------------(١) الوسائل باب ٤٥ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٤ و ٢٣.(٢) الوسائل باب ٤٥ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٤ و ٢٣.(٣) الوسائل باب ٤٥ من أبواب لباس المصلي ح ٢ و ٤ و ٢٣.

(٣٩٠)

Page 417: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حيث إنه صرح بعدم البأس، وإن كان نطاقه في الخاتم ولكنه قريب الحكممن الثوب، فتأمل، إذ ال وجه للسراية، مع ما في سند " قرب اإلسناد " من

النقاش.وفي قبال هذه النصوص ما يستفاد منه المنع، ال في خصوص الثوب الذي

فيه تمثال، بل في الخاتم أيضا.فمن ذلك: ما رواه عن أبي جعفر عليه السالم قال: ال بأس أن تكون التماثيل

في الثوب إذا غيرت الصورة منه (١).إذ مفهومه البأس عند انحفاظ تلك الصورة وعدم تغييرها، نعم: المساس

لها بباب الصالة، فال يستفاد منه المنع الوضعي.ومنه: ما رواه عن عمار، عن أبي عبد الله عليه السالم في حديث عن الثوب يكون

علمه مثال طير أو غير ذلك أيصلى فيه؟ قال: ال، وعن الرجل يلبس الخاتم فيهفيه نقش مثال الطير وغير ذلك؟ قال: ال تجوز الصالة فيه (٢).

وظاهره المنع الوضعي عن الصالة في ذلك الثوب أو هذا الخاتم، وإن كانظهوره في األخير - أي المنع بالنسبة إلى الخاتم - أقوى، لمكان التعبير بعدم

الجواز فيه دون الثوب، إذ ليس ظهور قوله عليه السالم في الجواب " ال " - أي اليصلي

فيه - بمثابة ظهور قوله عليه السالم " ال تجوز الصالة فيه " وكيف كان: يستفاد منهالمنع

الوضعي بالنسبة إليهما.ومنه: ما رواه عن علي بن جعفر، عن أبيه إلى أن قال: وسألته عن الثوب

يكون فيه التماثيل أو في علمه أيصلى فيه؟ قال: ال يصلى فيه (٣).لظهوره في المنع الوضعي فتبطل الصالة في ذلك، كبطالنها فيما اقترن بغيره

من الموانع الوضعية.--------------------

(١) الوسائل باب ٤٥ من أبواب لباس المصلي ح ١٣ و ١٥ و ١٦.

(٢) الوسائل باب ٤٥ من أبواب لباس المصلي ح ١٣ و ١٥ و ١٦.

(٣) الوسائل باب ٤٥ من أبواب لباس المصلي ح ١٣ و ١٥ و ١٦.

(٣٩١)

Page 418: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وقد يعالج بحمل المنع على الكراهة بظهور لفظ الكراهة في الطائفةاألولى في جائز الفعل وراجح الترك، وعلى تسليم كونه للقدر المشترك يجب

في خصوص المقام إرادة هذا المعنى منه، للشهرة العظيمة بين األصحاب، ولورودالمنع بالنسبة إلى غير ذلك من النهي عن التختم بالحديد ونحوه المحمول على

الكراهة.وأيده (في الجواهر) بما رواه عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن

عليه السالم قال: سألته عن رجل صلى وفي كمه طير؟ قال: إن خاف الذهاب عليهفال بأس - الحديث (١).

وفيه: أن الحمل المذكور وإن يتم في خصوص الخاتم، بناء علىاعتبار " قرب اإلسناد " حيث نفى فيه البأس عنه، فيقدم هذا النص بالجواز على

ذاك المنع، ولكنه بالنسبة إلى الثوب منظور فيه، لعدم نقل قول عن المعصوم عليه السالمحتى يكون لفظ الكراهة مأخوذا في مقاله عليه السالم فيحمل على معناها الدارج

اليوم، بل الظاهر من روايتي " عبد الله بن سنان " و " محمد بن إسماعيل بن بزيع "المتقدمتين استفادة الراوي من كيفية هيئة المعصوم عليه السالم االنزجار والكراهة،فحينئذ ال مجال للحمل على المعنى المصطلح وإن كان في عصر الصادقين عليهما

السالم إذال لفظ أصال، فال ظهور للجواب في جائز الفعل وراجح الترك وإن لم يكن ظاهرا

في المنع التام، بل لعله للقدر المشترك بينهما، فمعه ال يعارض الطائفة الثانيةالدالة على المنع، للتالئم بين مفاديهما.

اللهم إال أن يطمئن بذهاب المشهور إلى الكراهة أن مراد الطائفة األولى هوذلك أيضا، الحتمال عثورهم على ما لم نعثر عليه، ولكنه خرص غير مشفوع بالبرهان

بعد أن كان خيرة " الشيخ " - الذي هو األسطوانة العظيمة في الفقه - هو المنع.--------------------

(١) الوسائل باب ٦٠ من أبواب لباس المصلي ح ١.

(٣٩٢)

Page 419: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أضف إلى ذلك: أن ما عده في الجواهر مؤيدا من حديث (طيرا لكم)ففيه أوال: أنه مذيل بذيل لم ينقله في " الجواهر " وهو خوف الذهاب والطيران،

ومن المعلوم: أن لخوف التلف حكما ال يتعداه إلى غيره.وثانيا: أنه خاص بصورة أخذ الحيوان الحي وجعله في الكم، وأين هو

من المثال المبحوث عنه؟ للميز التام بين نفس الحيوان وبين تمثاله، كما يتضحفي اقتناء الصورة المجسمة، حيث إنه ال كالم في جواز اقتناء نفس الحيوان

الحي، وأما اقتناء صورته المجسمة فمورد خالف، الختيار بعض أصحابنا (ره)حرمة اقتنائها، فال مجال للتأييد أصال.

كما أن االستشهاد بالنهي عن التختم بالحديد ونحو ذلك خال عن التحصيل،لدوران الحكم مدار دليل الترخيص، ففي أي مورد حصلت الرخصة يحمل

المنع الوارد فيه على الكراهة جمعا بين الدليلين، وفيما لم يرد - كالثوب - يؤخذبظاهر المنع.

فاألحوط - لوال األقوى - هو المنع عن الصالة في الثوب الذي فيه تمثال.ثم إن المراد من التمثال هو ما يكون لذي الروح الذي ال يبقى بمجرد

التغيير بقطع الرأس مثال، وأما مجرد النقش سواء كان لذي روح أو غيره فاليزول بمجرد التغيير أو محو بعض أجزاءه - لصدق النقش بحاله - كما أنه متفق

عليه أيضا، فال ريب في جواز الصالة في الثوب الذي فيه تمثال غير ذي روحالبتة نصا وفتوى.

(٣٩٣)

Page 420: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فصلفي مكان المصلي

والمراد به ما استقر عليه ولو بوسائط وما شغله من الفضاءفي قيامه وقعوده وركوعه وسجوده ونحوها، ويشترط فيه

أمور: أحدها إباحته، فالصالة في المكان المغصوب باطلة.والمراد من المكان هنا ما يعد وعاء للمصلي في حال صالته: من األرض التي

تقله ولو بالوسائط، والفرش الذي يستقر عليه، والفضاء الذي يطيف به، وما إلىذلك مما يعد مكانا له عرفا، بال احتياج إلى بيان ما تضارب اآلراء في حقيقته،

لخروجه عن طور البحث.ولما كان المستند الشتراط اإلباحة هو األمر العقلي الدال على عدم تمشي

القربة بالحرام، أو على عدم كون المبعد مقربا، وعدم جواز اجتماع األمر والنهيبتعدد الجهة، وغير ذلك من القواعد العقلية - بال نص خاص ودليل تعبدي

مخصوص يدل على الشرطية - فيلزم البحث عما هو الحرام، وعن كيفية ارتباطه

(٣٩٤)

Page 421: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بالواجب: من التالزم، أو االستلزام، أو العينية، حتى يتضح ما هو المالك للمنعالوضعي عما ليس كذلك، وأن المقام من أي قبيل من ذلك؟ فلنهد قبل الخوضفي الكالم مقدمة وجيزة - مر تمام القول فيها عند البحث عن لباس المصلي -

وهي: أنه ال إشكال في جواز التطرق إلى الواجب العبادي من الحرام - كركوبالدابة المغصوبة في طريق الحج - إذ ال اتحاد بين الواجب والحرام، بل أحدهمامقدمة لآلخر فهما غيران، وكذا ال إشكال في جوازه من الحرام المالزم له فضال

عن مجرد الصحابة والقرآن، ألن التالزم وكذا المقارنة ينادي بالغيرية المقابلةللوحدة، فال اتحاد في ذلك كله أصال، كما أنه ليس شئ من ذلك مصبا للكالم

وال داخال فيه البتة.إنما الكالم فيما لو اتحد الواجب العبادي والحرام، بأن اجتمعا في وجود

واحد شخصي بنحو تكون حيثية وجودية واحدة مصداقا لذينك العنوانين عقال بالشائبة كثرة وجودية أصال، فهل يجدي مجرد تعدد العنوان مع وحدة المعنون؟

حتى يجوز الجمع، أو ال يجدي؟ حتى ال يجوز.فإثبات االشتراط المار رهين تمامية برهان (امتناع االجتماع) لعدم

جدوى لتعدد العنوان بعد وحدة المعنون.ثم إنه يلزم التنبه بأن محذور االتحاد مطبق بجميع األحوال الصالتية

أو خاص ببعض تلك، فعلى األول: تبطل الصالة مطلقا، وعلى الثاني: يختصالبطالن بالصالة التي تكون مع تلك الحالة الخاصة من الركوع أو السجود، وأما

صالة من ال سجود أو ال ركوع لصالته لجواز اكتفاءه بااليماء مثال، فال.فالبطالن يدور مدار محذور االتحاد سعة وضيقا، إذا تمهدت لك هذه

فنقول:إن الصالة ملتئمة من األقوال واألفعال، فلو صلى في أرض أو فرض مباح

ولكن في فضاء مغصوب ال مجال هنا للبطالن، إذ ال اتحاد بين شئ من تلك األقوال

(٣٩٥)

Page 422: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أو األفعال الواجبة وبين الغصب أصال، توضيحه: أن القول من حيث إنه لفظ وإناستلزم تموج الهواء ويكون ذاك التمويج تصرفا غصبيا، إال أنه غير متحد لذلكاللفظ بعينه، بل هو مستلزم إياه ال أنه عينه. مع ما في غصبية تمويج الهواء من

النقاش، إذ لكل أحد أن يتصرف في فضائه المباح له بما يستلزم تموج هواء الغير،ألن صرف التمويج ليس غصبا، نعم: نفس الكون في القضاء المغصوب غصب، وأين

هو من غصبية اللفظ؟ ألن الكون فيه محرم، وأما أطواره الخاصة المستلزمة لموجذاك الفضاء، فال، إذ ليس تصرفا آخر.

والبحث وإن كان عقليا ولكن في حوزة العرف، بمعنى أن ما يعده العرفتصرفا غصبيا لو صار عين الواجب العبادي ومتحدا معه يحكم العقل بالمنع (على

ممشىاالمتناع) وأما ما ليس عنده تصرفا أصال - كغمض العين وتحريك الجفن والطرف

أو العطاس أو نحو ذلك - فال، وكذا ما ليس عنده تصرفا زائدا عن أصل الكونالغصبي كما سيتضح. فحينئذ ليس اللفظ عين الغصب، كما أن مجرد التمويج ليس

غصبافال يتحد شئ من األقوال الصالتية مع الغصب فيما لو كان الفضاء مغصوبا فضال عما

إذا كان الفضاء مباحا مع غصبية ما استقر عليه من األرض أو الفرش، إذ المساسللفظ بالمستقر عليه من األرض ونحوه. هذا مجمل الكالم في األقوال الصالتية.

وأما األفعال - فليعلم أوال: أنه ليس االستقرار على األرض والكونعليها واجبا في الصالة، إذ ال دليل عليه، فلذا لو قدر أن يستقر على الماء أو الهواءمثال لصحت صالته من حيث االستقرار، فليس الكون على األرض واجبا صالتيا،

نعم: هو من المقارنات الالزمة للحياة، بل الواجب فيها من األفعال أوضاع خاصة:من القيام والركوع والسجود ونحو ذلك.

وثانيا: أن الغصب هو نفس الكون في مكان أو فضاء مغصوب، وأما األطوارالمعتورة من الحركات الخاصة والسكنات المخصوصة فليست غصبا زائدا - كما مر

-

(٣٩٦)

Page 423: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فليس القيام غصبا وراء غصبية أصل الكون والبقاء في المغصوب، وكذا القعود ونحوهمن الحاالت الخاصة.

فحينئذ إذا كان المستقر عليه مباحا ولكن الفضاء غصبا ال مجال هنا للبطالنأصال، ألن الكون في ذاك الفضاء وإن كان غصبا حراما إال أن ذلك الكون ليس

واجبا صالتيا، إذ الواجب الصالتي هو أطوار الكون ال هو نفسه. وأما القياموالقعود ونحو ذلك من األوضاع الخاصة وإن كان واجبا، ولكنه بنفسه ليس بغصب

زائدا على أصل الكون والبقاء، فال حرمة له من حيث إنه قيام أو قعود، فما كانحراما ال يكون واجبا وما كان واجبا لم يكن غصبا، فمن أين االتحاد الموجب

للبطالن بناء على االمتناع؟ هذا إذا كان الفضاء وحده غصبا، فاتضح أن ال محذورفيه أصال، ال من حيث األقوال، وال من حيث األفعال.

وأما إذا كان المستقر عليه من األرض ونحوه غصبا فقد مر الكالم في صيانةاتحاد األقوال مع الغصبية. وأما األفعال: فالكالم فيها - من حيث عدم وجوب نفس

الكون على األرض ومن حيث عدم غصبية األطوار المعتورة على الكون في المغصوب-

هو ما مر، فال غصبية للقيام والقعود والركوع والهوي والنهوض ونحو ذلك.إنما المهم هو (السجدة) حيث إن المأخوذ فيها أمور: منها (وضع الجبهة

على األرض) وحينئذ لو كان وزان لزوم الوضع على األرض في السجدة لزوماشرطيا مستفادا من دليل مستأنف - نحو لزوم كون مسجد الجبهة مما يصح السجود

عليه من األرض أو ما تنبته مما ال يؤكل وال يلبس مثال بخالف سائر المواضعالستة الباقية إذ ال لزوم لذلك فيها - ألمكن القول بعدم المحذور أيضا، ألن

الوضع على األرض وإن كان معتبرا في السجدة، ولكنه بنحو الشرطية، وقد مرالتحقيق بأن ال دليل على لزوم قصد القربة في الشرط كالجزء، ألن غير واحد من

الشرائط يحصل بدونه، فمعه يمكن االمتثال في ضمن الحرام.

(٣٩٧)

Page 424: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما لو كان وزانه وزان غيره مما اعتبره الشارع جزء لحقيقة السجدة فحينئذيتحد الواجب مع الحرام، ألن هذا الوضع بعينه غصب، إذ المفروض غصبية تلكاألرض، وهو بنفس وضع جبهته عليها غاصب لها مع كونه واجبا فيتحدا، وحيث

إن األمر في وضع الجبهة هو الجزئية فيتأتى محذور االتحاد في خصوص السجدة.ومن هنا ينقدح أن ال اتحاد فيما عداها وال بطالن لجميع الصالة، الختصاصه

بالسجدة فقط، فمن ال يجب عليه الوضع المذكور في سجدته ألن وظيفته االيماءأو نحوه ال بطالن لصالته في األرض المغصوبة، فما اشتهر من الفتوى العام غير خال

عن التسامح.ثم إنه يقع الكالم على فرض االتحاد في جوازه وامتناعه.

فعلى القول بالجواز - ال بطالن أيضا ألنه عاص وممتثل بجهتين بال سراية،لكفاية تعدد العنوان وعدم الضرر من ناحية وحدة المعنون.

وأما على القول باالمتناع - فقد يستدل له تارة: بأن البطالن إنما هو لعدمتمشي قصد القربة، وأخرى: بأن المبعد ال يصير مقربا، ولذا يختص البطالن

بصورة العلم والعمد وما بحكمه، دون السهو وما بحكمه، لتمشي القصد فيه ولعدمكونه مبعدا حينئذ، فيصلح للتقرب به. وفي كليهما نظر.

أما األول: فلما يترائى من تمشي قصد القربة من العصاة المصلين لله تعالىمع ثيابهم المغصوبة في دورهم المنهوبة من الغير رباء أو غصبا أو إغارة ونهبا، أولعدم تأدية الحقوق الواجبة عليهم من الزكاة والخمس مع اشتراء ألبستهم من عين

ما لم يخمس، وما إلى ذلك، بعد تنبههم بحرمة ذلك كله تكليفا، إذ المشهورأنهم يصلون مع تلك األحوال لله تعالى ال لغيره، فيتمشى قصد القربة البتة، وذلكمما يشهد على كفاية تعدد الجهة، فال يتم البرهان بهذا الدليل، وسنوضحه مزيد

ايضاح، فارتقب.

(٣٩٨)

Page 425: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الثاني: فالحق أيضا إمكان حصول القرب من المبعد، وتوضيحه: بأنالميز بين التعبدي والتوصلي إنما هو باعتبار قصد التقرب في األول دون الثاني،

وال اشكال في أنه لو غمس شخص في ماء مغصوب ورمس فيه وكان ثوبه قذرا مفتقراإلى الغسل وأمكن له غسله بال تصرف زائد ولم يغسل وغمس شخص آخر فيه

كذلك وغسل ثوبه بذاك الماء المغصوب، المتاز الثاني عن األول بتحصيل بعضمطلوب المولى ويثاب عليه لحصول غرض ذاك المولى، بحيث ال مجال الرتياب

فيه أصال، فاتضح امكان حصول القرب من المبعد. وحديث عدم تمشي قصد القربةقد مر النقاش فيه.

وال خفاء في أن الميز الحيثي هو الموجب لحصول القرب، وإال لما أمكنحصوله من حيثية العصيان، إذ المفروض تعدد الجهة وإن اتحد الوجود الخارجي

المعنون بجهتين.وقد يستدل للبطالن تارة ثالثة بفقد األمر ومعه ال مجال المتثال، إذ ال بعث

حتى ينبعث به وال أمر حتى يؤتمر بذلك.وفيه: أنه وإن لم يكن له مجال بناء على االمتناع كما هو الفرض،

ولكن ال مانع منه بعد سقوط النهي بالعصيان مع بقاء العقاب، ولنعم ما عبر بهالمحقق الخراساني (ره) في الكفاية: من أن الغاصب يعاقب بالنهي السابق الساقط،

فحينئذ ال استبعاد في تحقق األمر لوجود المالك، ألنه المفروغ عنه في بحث االجتماعواالمتناع، إذ ال بد من وجود المالكين البتة. ونظيره من حيث تصوير األمر ما

هو المعالج به في مبحث الترتب عند مصدومية األمر بالضد األهم، إذ يحكم هناكبتحقق األمر بالمهم في صورة عصيان األمر باألهم.

مع ما في أصل لزوم األمر وعدم االكتفاء بالمالك التام من النقاش، وقد مرمنا التحقيق - في كتاب الطهارة وغيره - من تصحيح ذلك بمجرد انضمام الحسنالفعلي بالحسن الفاعلي، ولسنا اآلن بصدد ذاك األمر، بل لإلشارة إلى ما في مبحث

(٣٩٩)

Page 426: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الترتب (من تصوير األمر بالمهم عند عصيان األهم) إذ ألمنع من تحقق األمربالمهم حينئذ، وكذا في المقام ال غرو في تحقق األمر بالصالة عند سقوط النهي

عن الغصب.والحاصل: والحاصل: أنه ال إشكال في صحة الصالة بناء على جواز االجتماع عند

اتحاد المحبوب والمغضوب في الواحد الشخصي.وأما بناء على االمتناع - فقد يستدل للبطالن تارة: بعد تمشي قصد القربة

ممن هو عالم بحرمة الغصب أو في حكم العالم بها، وأخرى: بعدم امكان حصولالقرب من المبعد، وثالثة: بفقد األمر.

وقد مر النظر في هذه الوجوه بأسرها. ولنوضح بعض ذلك، لكون الحكممن الدقائق العقلية، ثم نتبعه بما يؤيد ما اخترناه، فنقول:

أما حديث (عدم تمشي قصد القربة) فهو خاص بمن يعتقد البطالن، فالعالمبه - سواء كان علمه مطابقا للواقع أم ال - ال يمكن أن ينوي القربة ويقصدها. وأمامن عداه ممن هو عالم بالحرمة التكليفية فتمشي قصد القربة منه بغير جهة المعصية

بمكان من االمكان، ويشهد له أن جل العامة قائلون بالصحة في المروض منالبحث مع اعتقادهم حرمة الغصب تكليفا، فلو لم يمكن تمشي قصد القربة عقال

كيف يصح لهم - مع كونهم عقالء - الذهاب إلى صحة الصالة، إذ األمر العقليالبين ال يختلف فيه الخاصة والعامة، إذ ال ارتباط للوالية بامكان تمشي قصد

القربة وعدمه.وكذا يشهد له ما مر: من أن غير واحد من العصاة من الخاصة يصلون

لله تعالى في دورهم المغصوبة وفي ألبستهم المملوكة للغير بأحد أنحاء الملكية،والسر في ذلك هو إمكان تمشي القصد من جهة المصلحة، إذ الجهة متعددة البتة،

وليست جهة االمتثال عين جهة العصيان، بل غيرها المتحدة معها وجودا فقط.

(٤٠٠)

Page 427: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما قضية (عدم امكان حصول القرب من المبعد) فمضافا إلى ما مر: منالميز بين التعبدي والتوصلي، أن المفتى به في كلمات غير واحد من األصحاب

هو صحة صالة من توسط في األرض المغصوبة خارجا منها مع ضيق الوقت - كمافي الشرايع وغيره - مع أنه معاقب أيضا، إذ ال ريب في أن الخروج كالدخول غصب

يعاقب عليه وإن لم يكن منهيا عنه فعال لعدم قدرته على الترك، ولكن لما كانمقدورا له بالواسطة يصح النهي عنه بدوا والعقاب عليه عند االرتكاب، فلو لم

يكن المبعد من جهة الغصب مقربا من جهة الصالة وإن اتحدا وجودا لما صحتصالته حينئذ، بال تأثير لضيق الوقت وسعته، وبال فرق بين الخروج والدخول

والتربص ونحوه. وأن الالزم هو سقوط تكليف الصالة عمن ارتكب عمدا ما يوجبحبسه في مكان مغصوب مدة مديدة عالما عامدا بذلك، فال يجب عليه األداء أصال

لعدم حصول القرب من المبعد، إذ المفروض أنه بتسبيبه للحبس في المحل المغصوبيعاقب على الغصب في أي تصرف من تصرفاته، هذا وأشباهه مما يشهد على إمكان

حصول القرب من المبعد.ومما يؤيد ما اخترناه: من عدم البطالن، هو ما مر - في بحث الساتر -

من خلو النصوص الواردة في التائبين - من الكاتب األموي وغيره - عن الحكم بإعادةالصلوات الماضية، مع الحكم برد جميع ما كان ملكا للغير، إما بالرد إليه نفسه

إن كان معلوما، أو بالصرف في الصدقة ونحوها إن كان مجهوال، فلو كانت الصالةفي المكان المغصوب أو الثوب المغصوب باطلة للزم التذكر البتة، ألن ذلك من

األمور الهامة التي ال ينبغي الذهول عنها.ويؤيده أيضا ما رواه الكليني (ره) (في باب الفرق بين من طلق على غير

السنة وبين المطلقة إذا خرجت وهي في عدتها أو أخرجها زوجها - من كتابالطالق) من جواب " الفضل بن شاذان " ل " أبي عبيد " في الفرق بين الطالق في

الحيض وبين خروج المطلقة من البيت، حيث ال يحسب الطالق في األول وتحسب

(٤٠١)

Page 428: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

العدة في أيام الخروج المنهي عنه في الثاني، بما حاصله: أن اللبث في البيتوعدم خروجها منه ليس من شرائط صحة العدة فتحسب عدتها في تلك األيام التي

خرجت أو أخرجت عصيانا، نحو من دخل دار قوم بغير إذنهم فصلى فيها، فهوعاص في دخول الدار وصالته جائزة، وكذا في الثوب المغصوب، ألن ذلك ليس

من شرائط الصالة، ألنه منهي عن ذلك صلى أو لم يصل، وهذا بخالف الصالةفي الثوب النجس أو البدن النجس أو إلى غير القبلة، حيث إن الصالة فيها فاسدة،

ألن ذلك من شرائط الصالة... الخ.فلو كان محذور تمشي قصد القربة أو عدم امكان حصول القرب من المبعد

متجها لرد عليه بذلك، ولما التزم به أيضا مثل " الفضل " الذي يكون أقدمأوائل أصحابنا اإلمامية.

وبعد التنبه لمقاله يتضح ما في توجيه " الجواهر " من احتمال صدور ذلكمن " الفضل " إلزاما للعامة على مقتضى قياسهم وأصولهم من القدح، إذ قد علل

في كالمه بالميز بين ما يكون مجرد معصية بال مساس له بحدود الصالة وبين ما يكونمن حدودها كالطهارة واالستقبال.

فتحصل: أن الحكم حسب القواعد األولية هو الصحة. وأما بلحاظ التعبدالخاص فقد يتمسك باالجماع المحصل والمحكي صريحا وظاهرا، مستفيضا إنلم يكن متواترا - كما في الجواهر. وفيه: أن التعليل في كلمات المجمعين يدور

بين ما مر: من عدم تمشي قصد القربة تارة، وعدم حصول القرب من المبعد أخرىوفقد األمر ثالثة، مع ما في قبال ذلك من تعليل " فضل بن شاذان " الذي يكونمن أقدم أصحابنا، فاالتكال بمثل هذا االجماع الذي يدور كالم أهله بين هذه

العلل العقلية مشكل جدا، الحتمال استنادهم إليها قويا، ويشهده أن كتب" المحقق " و " العالمة " ونحوهما مشحونة بها، فاحتمال عثورهم على النص الخفي

على غيرهم بعيد جدا، بل صرح في " المعتبر " بفقدان النص، فراجع.

(٤٠٢)

Page 429: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وقد يتمسك بنصوص دائرة بين ضعيف السند أو المتن، وقد مر تفصيل ذلكفي بحث اللباس المغصوب إذ " الغوالي " ضعيف السند، وكذا ما في بعض نسخ

" نهج البالغة " من حديث " الكميل " فراجع.فاألقوى: هو الصحة (على القاعدة) فمن اجترء على ذلك فهو، ومن لم

يجترء عليه فليس له االقتحام بالفتوى بالبطالن أيضا، بل عليه االحتياط خروجاعن شبهة الخالف لالجماع المدعى.

ولنعم ما في كتاب " المعالم " وإن كان في مثاله من الخياطة في المكان المغصوبمن النظر.

وال فرق في جميع ما ذكر بين النوافل والفرائض، كما يتضح بعد التدبر.سواء تعلق الغصب بعينه أو بمنافعه، كما إذا كان مستأجرا

وصلى فيه شخص من غير إذن المستأجر وإن كان مأذونا منقبل المالك، أو تعلق به حق، كحق الرهن، وحق غر ماء الميت،وحق الميت إذا أوصى بثلثه ولم يفرز بعد ولم يخرج منه، وحق

السبق كمن سبق إلى مكان من المسجد أو غيره فغصبه منه غاصبعلى األقوى، ونحو ذلك.

قد الح لك خلو المقام عن التعبد الخاص، لعدم صلوح ما يتمسك به أحيانامن االجماع أو النصوص الخاصة لالستدالل، لفقد شرائط الحجية. فالمدار الوحيد

هو القاعدة الدائرة حول حرمة التصرف المتحدة مع الصالة كال أو بعضا، فعلىالقول بالبطالن: ال ميز بين موارد حرمة التصرف أصال.

(٤٠٣)

Page 430: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وحيث إن " الماتن " قد تعرض لفروع غير خالية عن الجدوى علما وعمال،فلنعطف الكالم إلى بسطها حسبما يليق بالمقام، فتمام المقال على ذمة جهات:

الجهة األولىفي التصرف في منفعة الغير

قد مر البحث عن التصرف في عين الغير. وأما التصرف في منفعته: فكان يتصرففي مكان مستأجر، حيث إن عينه للمؤجر ومنفعته للمستأجر، ومن المعلوم: أنه

ال ميز في حرمة الغصب بين أنحاء المالية من العين والمنفعة شرعا وال عرفا، لقبحذلك كله لدى العقالء، ونهى الشارع عنه بال ريب. كما أنه ال فرق في هذه الجهة

بين المؤجر وغيره الختصاص المنفعة بالمستأجر، وال يحل ألحد مؤجرا كان أو غيرهأن يتصرف فيها إال بطيب نفس ذلك المستأجر، وإذا لم يكن لمالك العين نفسه أنيتصرف فيها بدون طيب نفس المستأجر، ال يكون للمأذون من قبله ذلك باألولوية

إذ ال جدوى إلذن من ال أثر إلذنه.والحاصل: أن مناط البطالن - على القول به - هو اتحاد حيثية التصرف

المحرم مع حيثية واجبة صالتية، فعند تحق عنوان (التصرف الممنوع) يتحقق ذاكالحكم بال كالم، فال نطيل البحث بتعرض جميع ما يكون التصرف فيه تصرفا في

المنفعة، ألن حكم الغائب هو حكم الشاهد.الجهة الثانية

في التصرف في العين المرهونةال إشكال في الجملة في عدم جواز تصرف الراهن وكذا المرتهن في العين

المرهونة بدون إذن صاحبه، ألن تلك العين وإن كانت باقية على ملك الراهن معما لها من المنافع، إال أنه محجور عن التصرف فيها بدون إذن المرتهن.

(٤٠٤)

Page 431: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إنما الكالم في أنحاء التصرف الممنوعة، إذ ال ريب في حرمة بعضها، كما المرية في جواز بعضها، فهل التصرف الصالتي من قبيل األول؟ أو الثاني؟ وتوضيحه:

أن الرهن لما كان وثيقة لدين المرتهن فال محيد عن هجر الراهن وقطع سلطنتهليتوفر دواعيه إلى األداء وينبعث نحوه، فعليه يكون محجورا من االتالف،

وكذا التصرف الناقل: من البيع واإلجارة نقال للعين أو المنفعة، ومن االستيالءونحوه مما يوجب النقص فيه وتقل الرغبة حينئذ.

وأما التصرف الذي يعود نفعه إلى تلك العين - كعالج المريض، أو رعيالدابة وسقيها، أو تأبير النخل، وما إلى ذلك من التصرفات النافعة - فال حجر

بالنسبة إليها.فهل الصالة من سنخ األول المحجور عليه؟ أو الثاني المرخص فيه؟ والظاهر

عدم كونها من الثاني، فيشكل التصرف الصالتي حينئذ، مع ما ورد من النبويالمعمول به من أن " الراهن والمرتهن كالهما ممنوعان من التصرف " ومن هنا

يتضح حكم محجورية المرتهن البتة، إذ لبس العين وال منافعه ملكا له أصال، فمنأين يحل له ذلك! إذ ليس قرار العين لديه إال وثيقة فحسب، فليس له التصرف

فيها بدون إذن الراهن أصال.الجهة الثالثة

في التصرف في تركة الميت الغريمإن الموت كما يوجب حلول الذين المؤجل كذا يوجب تلون ما تركه

الميت الغريم بلون ما، فال تكون األعيان المتروكة طلقا بحيث تنتقل إلى الوارثبال مساس لحق الميت أو الدائن - عينا أو حكما أو حقا - بها أصال.

وحيث إن أنحاء ذاك التلون مختلفة تصورا وأثرا، فال بد من بيانها وشرحما يتفرع على كل منها واإلشارة إلى ما هو األقرب من الصواب منها، فلنأخذ ببيان

(٤٠٥)

Page 432: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تلك األنحاء وما لها من اآلثار، وهي على وجوه:األول:

أن تكون تلك األعيان ملكا للميت بتمامها فيما إذا كان الدين مستوعبا،أو بمقدار الدين فيما لم يكن كذلك، ويلزمه عدم جواز التصرف فيها أصال

- ال للوارث وال لغيره - إذ ال إرث وال انتقال أبدا، فما لم يؤد دين ذاك الميت لماانتقل المال عنه إلى وارثه. وال فرق في األداء بين كونه من ذلك المال أو من غيره،

كما ال ميز بين تأدية الوارث وغيره، بل وال ميز بين التأدية وبين إبراء ذمة الميتبتبرئة من الدائن نفسه.

والغرض أنه ما دامت ذمته مشغولة بالدين يكون المال ملكا له، ويكونالوارث وغيره من الدائم ونحوه محجورا من التصرف فيه وكذا في نما آته

المتصلة أو المنفصلة، لكون الجميع ملكا للميت حدوثا وبقاء.وأورد عليه: بعدم صلوح الميت للمالكية، فكيف يبقى المال على ملكه

وهو فاقد للحياة التي تكون مبدء لآلثار؟ بل وكيف يحدث النماء في ملكه مع أنهبالموت صار معدوما ال خبر عنه وال به؟ إذ هو ليس بشئ حتى يعتبر له ذلك!

وأجيب: بأن الملكية ليست مما ال تناله يد االعتبار نفيا واثباتا، بل هيمن األمور االعتبارية التي زمامها ايجابا وسلبا بيد من له االعتبار من العقالء،وكم لها من النظائر الدارجة التي اعتبرت فيها إحدى األمور االعتبارية! كما

يلي: نحو اعتبار الملكية للرضيع الذي ال يقدر على شئ بل هو كل على المرضع،وكذا المجنون، ألنه وإن كان محجورا ولكنه مالك. ونحو اعتبارها للجهات

والعناوين العامة - كالوقف على العلماء والفقراء - إذ ليس المالك هو الشخص العالمحتى ينتقل إلى وارثه ما لم يؤد إليه، بل هو العنوان العام والجهة الفائقة، من

دون أن تكون (الجهة) شيئا في الخارج صالحا للتملك حسب ذاك الزعم. ومنه

(٤٠٦)

Page 433: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الوقف على المسجد والسبيل والمقبرة، فيمكن اعتبارها فيما ال ذات له حيةمدركة فعالة.

أضف إلى ذلك كله: أن الموت ليس إال االنتقال من دار إلى أخرى، ال أنهعدم ونفاد، وما هو المهم في التشخص هو النفس الباقي بعد الموت البتة، ولذلك

يعتبر للميت ذمة بقاء كما كانت حدوثا، ويقال: إن ذمته مشغولة بالدين، ويصححتبرئة ذمته ويتصور افراغها بالتأدية من الوارث أو الشخص الثالث، فلو كان الموت

عدما رأسا لما كان للمعدوم ذمة ولما أمكن تبرئة ذمته أو افراغها.ويؤيده ما ورد - فيما لو قطع عضو من أعضاء الميت - من أنه يجب على

القاطع تأدية مقدار خاص من المال من دون انتقال ذاك المال إلى الوارث، معلالبأنه - أي الميت - ملكه بعد الموت ال قبله حتى يرثه الوارث بالموت ثم أمر

بصرفه في وجوه البر.والغرض: أن هذا التعليل المنصوص مصحح العتبار الملكية للميت رغماألنف الدهري المتفوه بأنه: إن هي إال حياتنا الدنيا وما يهلكنا إال الدهر.إلى غير ذلك من الشواهد الدالة على إمكان اعتبار الملكية للميت، ولكن

في التزامها في المقام نوع غموض قلما يلتزم بلوازمه: من كون النماء تبعا لألصلفي حدوثه ملكا للميت مثال ونحو ذلك، وإن كان الحق صيانته أيضا عن الغموض،

فبعد تصحيح الملكية ثبوتا وجريان االستصحاب اثباتا يؤخذ به، إال بلحاظ أدلةاإلرث واالجماع، فارتقب.

الثاني:أن تصير تلك األعيان المتروكة ملكا للغرماء على قدر سهامهم في الدين،

كال عند االستيعاب، وبعضا عند عدمه، وحينئذ تفرغ ذمة الميت عن الدين رأساإذ المفروض انتقال ما في ذمته من الدين وتبدله إلى العين، وال مجال معه الشتغال

(٤٠٧)

Page 434: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ذمته بعد، ويلزمه أنه لو تلفت تلك األعيان بال تفريط وإتالف في اآلن الثاني مناالنتقال الملكي لكانت محسوبة من الغرماء، فتبرأت ذمة الميت بنفس الموت

الموجب للتبدل من الذمة إلى العين، وتلفت تلك األعيان من مال الديان.ولو كانت أكثر من الدين وفرض االنتقال المذكور - وكان بنحو اإلشاعة ال الكليوالمعين - وتلفت تلك األعيان ال بتمامها بل ببعضها، للزم احتساب التلف بالمقدار

المشاع أيضا على سهام الغرماء، فتحسب عليهم وعلى الوارث بمقدار النسبة.والتزام ذلك أيضا غير خال عن الغموض والبعد، بل هو مخالف لما ارتكز

في الشرع: من بقاء ذمة الميت مشغولة وعدم فراغها من الدين إال باالبراء أوالتأدية نصا وفتوى.

الثالث:أن تصير تلك األعيان المتروكة منتقلة إلى الورثة ولكن ال طلقا وبال لون،

بل متعلقة لحق الغرماء بنحو تعلق حق الرهانة، فهي بمنزلة األعيان المرهونةلدى المرتهن، حيث إنها ليست طلقا بل تكون متعلقة لحق الرهانة.فالكالم في ذلك حينئذ هو ما مر في حق الرهانة، فليس للغرماء وال

للورثة أن يتصرفوا فيها قبل فراغ ذمة الميت الغريم إبراء أو تأدية، وال يجبعلى الورثة تأديته من عين تلك األعيان بل لهم الخيار في مقام األداء، كما أن للغير

التبرع به أيضا، فعند فراغ ذمة الميت تنفك األعيان المتروكة عن قيد الرهانة.وهذا الوجه وإن أمكن ثبوتا، إال أن نطاق دليل اإلرث هو كون االنتقال

إلى الوارث إنما هو بعد الوصية والدين، وسيجئ البحث عن تفسير البعدية،فانتقال الكل مصدوم آية ورواية، فارتقب.

(٤٠٨)

Page 435: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الرابع:أن تصير تلك األعيان منتقلة إلى الورثة، ولكن محكومة بحكم الملكية

للميت، فأصل العين ملك للوارث حقيقة وللميت حكما، ومنشأ االلتجاء إلىالملكية الحكمية هو عدم النيل إلى ما قررناه من الملكية الحقيقية للميت، فجمعا

بين عدم إمكان الملكية الحقيقية للميت وبين عدم انقطاع ارتباطه عن تلك األعيانقبل فراغ ذمته يقال بالملك الحكمي، وحيثما حققناه - في الوجه األول - من

امكان الملكية الحقيقية للميت فال ضرورة حينئذ لتجشم الملكية الحكمية.أضف إلى ذلك: ما في انتقال الجميع إلى الورثة من المنع اللهم إال فيما

بعد الوصية والدين.وهيهنا وجه آخر، لعله يرجع إلى بعض الوجوه المارة التي لبعضها قائل.

والرابع منها خيرة " ابن إدريس ". والحاصل: أن ما يرجع إلى الميت - من الدينوالوصية والكفن وما إلى ذلك - هل يبقى على ملكه حقيقة فال انتقال إلى الغيرأصال، أو حكما حتى يكون منتقال إلى الوارث، أو ال هذا وال ذاك بل ينتقل ما

يعادل الدين ونحوه من المال إلى الدائن بتبدل الذمة إلى العين وتفرغ ذمة الميتبذلك، أو تنقل إلى الوارث مع تعلق حق الرهانة به؟

فيلزم الغور التام في أن أيا من تلك الوجوه مشفوع بالبرهان، فنقول:إن الوجه األول ال إشكال فيه ثبوتا، إذ الملكية ليست إال أمرا اعتباريا يمكن

اثبات مثله للميت - كالزوجية - ولذا يقال: بأن المطلقة الرجعية زوجة، ولذايحكم بجواز تغسيل الزوج للزوجة بعد الموت مع انقطاع علقة الزوجية بموت

أحد الزوجين حقيقة، فاعتبار بقائها في بعض األوضاع والشرائط أصدق شاهد علىإمكان اعتبار مثلها بعد الموت أيضا.

وأما االثبات: فيكفيه استصحاب المالكية، إذ الموت ليس إال نقال من دار

(٤٠٩)

Page 436: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إلى أخرى، مع انحفاظ ما هو الموضوع للمالكية بحاله، فإن كان هنا دليلاجتهادي حاكم عليه فهو.

وقد يدعى االجماع على عدم بقاء ذاك المال ملكا للميت، فإن تم فال مجالمعه لالستصحاب، ولكن في االتكاء على مثل هذا الدعوى تأمل، إذ المشهود في

كلمات المجمعين هو االستدالل لذلك بأمر عقلي، وهو عدم صلوح الميت للمالكية،فمعه يحتمل كون ذاك االجماع مستندا إليه، وحيث إنه قد صح ما زعم كونه غيرمعقول فال مجال لالجماع حينئذ، وليس في البين إال أدلة اإلرث الدالة على انتقال

المال إلى الورثة، فإن تم نطاقها على ذلك فهو، وإال فالمرجع هو االستصحاب.ومن تلك األدلة: قوله تعالى: يوصيكم الله في أوالدكم للذكر مثل حظ

األنثيين (إلى أن قال) من بعد وصية يوصي بها أو دين، (١) وقوله تعالى: ولكمنصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد (إلى أن قال) من بعد وصية يوصين

بها أو دين (٢).والكالم فيها تارة: من حيث بيان المراد من لفظة (الالم) في قوله تعالى:

" للذكر... الخ ". ونحوه من الفقرات األخر. وأخرى: من حيث بيان المرادمن لفظة (البعد) في قوله تعالى " من بعد وصية ".

أما البحث عن المراد من (الالم): فقد يحتمل كونه إلفادة الملكية المستقرة،فيدل على أن المال ينتقل بالموت إلى الوارث ويصير ملكا مستقرا له - كغيره

من األمالك.وقد يحتمل كونه إلفادة الملكية المتزلزلة، ويتفرع عليها جواز االنتزاع

واالسترداد، ويتوقف تبدلها من التزلزل إلى القرار على أمر آخر من فراغالذمة مثال.

--------------------(١) سورة النساء - آية ١١ و ١٢.(٢) سورة النساء - آية ١١ و ١٢.

(٤١٠)

Page 437: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ويحتمل أيضا أنه ليس إلفادة الملكية أصال، بل لبيان السهام وما يختصبكل واحد من الورثة في قبال اآلخر، ويلزمه فقد الدليل من الكتاب اإللهي

على الملكية للوارث، فمن أين يحكم بأن الوارث يتملك ما ورثه؟وأما البحث عن المراد من (البعد): فقد يحتمل كونه إلفادة البعدية الخارجية،

أي ما لم يؤد الدين أو لم يعمل بالوصية في الخارج ال ينتقل إلى الوارث أصال،والمناط في الدين هو فراغ ذمة الميت بأي وجه كان، فعند عدم حصول الفراغ يبقى

المال بتمامه ملكا للميت - وكذا الوصية - وإن لم يكن الدين مستوعبا، فعليهلو تلف بعض المال وبقى بعضه لما فات من الدين وال من مورد الوصية شئ أصال

- وهكذا بالنسبة إلى الكفن وإن لم يكن مستفادا من اآلية - فالمراد من (البعد)هو بعد أداء الدين أو بعد فراغ الذمة خارجا، وكذا بعد العمل بالوصية خارجا.

وقد يحتمل كونه إلفادة البعدية الخارجية ولكن في خصوص مرحلة االفرازوالعزل بال احتياج إلى األداء، فبعد إفراز ما يعادل الدين أو الوصية وعزله يرثالوارث ما بقي منه، سواء بلغ مرتبة األداء واالفراغ للذمة خارجا أو ال، وكذاعمل بالوصية خارجا أم ال، ويلزمه أنه لو تلف ذاك المقدار المعادل المعزول

الحتسب من مال الميت بال احتساب من الوارث، وبالعكس لو تلف ما ورثه الوارثدون المعزول الحتسب من ماله دون الميت. نعم: إن الذمة باقية بحالها من

االشتغال قبل االفراغ، ونظيره من حيث العزل - في الحكم والنتيجة - هو ما قديعمل به في الزكاة ونحوها طلبا للمستحق، إذ لو تلف ذلك المقدار المعزول الحتسبمن الفقراء ال المالك، كما أنه لو تلف ما عداه الحتسب من المالك دون الفقير، وهذا

بخالف ما لو تلف قبل العزل. وبين البابين فرق من حيث فراغ عهدة المالك هناكبمجرد العزل - فيما كان له ذلك - دون المقام إذ ال تفرغ ذمة الميت بمجرده.

وبالجملة: فلما لم يعزل ما يعادل حق الميت ال ينتقل شئ من المال إلى

(٤١١)

Page 438: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الوارث قل أو كثر، لتوقف االنتقال إليه على االفراز والعزل. نعم: ال يحتاجإلى األداء خارجا.

ويحتمل أيضا كونه إلفادة البعدية اللحاظية، ال الخارجية (بمعنى العزل)فضال عنها (بمعنى األداء والعمل) فالمعنى حينئذ هو أن الكسور والسهام ملحوظة

مع قطع النظر عما يعادل حق الميت، فمن يكون سهمه نصفا فيلحظ نصف ما عداما يعادل حق الميت ألنصف المجموع، وهكذا من سهمه الثلث ونحوه، فيالحظحق الميت أوال ويفرز لحاظا وذهنا ال خارجا ثم يحاسب السهام والكسور ثانيا،

فبالموت ينتقل إلى الوارث ما هو حقه من السهم الملحوظ بعد لحاظ حق الميت،بال احتياج إلى االفراز فضال عن األداء، وحيث إنه ال تعين له فلو تلف شئ من

المال كان محسوبا عليهما بالنسبة بناء على اإلشاعة، وأما لو كان بنحو الكلي فيالمعين، فال.

والذي يقوى في النظر: هو أن لفظة (الالم) إلفادة الملكية المستقرة، ولفظة(البعد) إلفادة البعدية الخارجية بمعنى أداء الدين خارجا - وكذا العمل بالوصية -

فما لم يؤد الدين خارجا أو لم يتحقق ما بحكم التأدية من االبراء مثال أواحتسابه زكاة ونحوها من الحقوق المالية - فيما اجتمع هناك شرائط ذلك -

ال ينتقل شئ من المال إلى الوارث.وال فرق في هذه الجهة بين الدين والوصية عدا الميز بينهما بامكان كون

الدين مستوعبا لجميع المال فضال عن كونه زائدا عن ثلثه، ولكن الوصية ال تنفذفيما زاد عن الثلث. وليكن هذا تخصيصا لعموم اآلية الشامل للدين والوصية على

وزان واحد. وليعلم: أن الوصية وإن لم تنفذ عند الزيادة عن الثلث، ولكنلو أوصى بثلث ماله فال بد من العمل به خارجا حتى ينتقل الباقي إلى الوارث.

نعم:: لو أوصى بمال معين كدار خاصة أو بستان مخصوص بعينه وكان ذلك معاداللثلث ماله ينتقل ما عداه إلى الورثة، النحصار حقه فيما عينه بنفسه، ولكن

(٤١٢)

Page 439: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

البحث فيما يصلح انطباقه على أي مال من أمواله.والحاصل: أن المستفاد من اآلية هو عدم انتقال المال إلى الوارث أصال إال

بعد أداء الدين والعمل بالوصية خارجا، وحيث إن الملك ال يكون بال مالك إذليس من المباحات األولية التي يكون الناس فيها شرعا سواء فال محيد عن االلتزام

ببقائه ملكا للميت، إذ قد تحقق لك امكانه ثبوتا وقيام االستصحاب عليه اثباتا.ولما استوحش غير واحد من أصحابنا الملكية الحقيقية التزم بالملكية

الحكمية، بمعنى أن عين المال ملك للوارث حقيقة وللميت حكما، بحيث جميعاآلثار المترتبة على الملك إنما هي للميت وليس للوارث شئ منها.

وال ثمرة هنا بين الحقيقي والحكمي، كما ال ميز بين الكشف الحقيقيوالحكمي في باب الفضولي، ومن لم يتضح له الملك الحقيقي يستأنس بالحكمي،

ونحن في فسحة من االلتجاء بالملكية الحكمية.والتمسك باالجماع مقدوح - كما مر - الستناد بعض المجمعين إلى عدم

معقولية الملكية للميت.وقد تقرر: أن نطاق اآلية إنما هو الالئم لالستصحاب، لداللتها على عدم

انتقال المال إلى الوارث قبل أداء الدين.ومن تلك األدلة: ما ورد من النصوص الخاصة الناطقة بعدم االنتقال إال

بعد أداء الدين والعمل بما أوصاه الميت.فمنها: ما رواه الكليني عن عباد بن صهيب، عن أبي عبد الله عليه السالم في رجلفرط في إخراج زكاته في حياته، فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما كان فرط فيه

مما لزمه من الزكاة، ثم أوصى به أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له؟ قال:جائز يخرج ذلك من جميع المال، إنما هو بمنزلة دين لو كان عليه، ليس للورثة

شئ حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة (١).--------------------

(١) فروع الكافي كتاب الزكاة باب قضاء الزكاة عن الميت ح ١.

(٤١٣)

Page 440: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حيث دل على أن مصب الوصية أيضا كالدين وما لم يعمل بهما ليس للوارثشئ من المال، فقبل ذلك يكون محجورا عن التصرف فيه، إما ألنه ليس ملكا

له أصال - كما هو الظاهر الحق - أو ألنه وإن كان ملكا له إال أنه محكوم بأحكامالمال للميت، وقد أشير إلى فقد األثر العملي. والحاصل: أن ما قبل التأدية ليس

للوارث شئ من المال أصال فيكون باقيا علي ملك الميت - حسبما مر -.ومنها: ما رواه أيضا عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السالم قال: أول شئ يبدء

به من المال الكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الميراث (١).ونحوه غيره من النصوص، إذ الظاهر من الترتيب ما هو بالقياس إلى الخارج

فما لم يكفن الميت خارجا ال مجال للتأدية، وما لم يؤد الدين ال مورد للوصية،وما لم يعمل بها ال موقع لإلرث أصال، ويلزمه أنه لو تلف ما له جميعا إال بقدر الكفن

يتعين صرفه فيه وال مورد للبواقي، ال بأنه برئت ذمة الميت، بل النحصار التركةفي الكفن، وكذا لو تلف إال بقدر الكفن والدين يتعين صرفه فيهما بال مورد

للوصية، وهكذا لو تلف إال بقدر الكفن والدين والوصية ال مورد لإلرث أصال،فمرتبة االنتقال إلى الوارث إنما هي بعد أداء الدين خارجا.

ومنها: ما رواه في باب (أن الدية يرثها من يرث المال).ومما يؤيد ما قدمناه هو ما ورد في أن أولياء المقتول الغريم ليس لهم البدار

إلى االقتصاص وعدم االكتفاء بالقود إال بعد تأدية الدين وابراء ذمة ذاك الميت.والمتتبع يجد أكثر مما ذكر، فيتعين حينئذ ما قويناه في ثنايا البحث: من

أن نطاق أدلة اإلرث كتابا وسنة هو عدم انتقال المال إلى الوارث إال بعد أداءالدين والعمل بالوصية، فما قبل ذلك ال مال له أصال، فيبقى على ملك الميت بتمامه

حقيقة، ومعه ال يجوز له التصرف في شئ منه أصال.--------------------

(١) فروع الكافي كتاب الوصايا باب أنه يبدء بالكفن ثم بالدين ثم بالوصية ح ٣.

(٤١٤)

Page 441: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وهكذا على القول بانتقال الجميع إلى الوارث ولكن محكومة بحكمالملكية للميت، بل وعلى القول اآلخر، وهو انتقال ما زاد عما يعادل الدين

والوصية إلى الوارث ولكن مرهونة.والحاصل: أن عدم جواز التصرف في تلك األعيان المتروكة قبل فراغ

ذمة الميت وقبل العمل بالوصية مسلم لدى الكل، إما لبقاء الجميع ملكا للميتحقيقة - كما هو المختار - أو لبقائه كذلك حكما - كما عن ابن إدريس وغيره -

أو لبقاء خصوص ما يعادل الدين والوصية على ملك الميت مع انتقال ما عداه إلىالوارث ولكن مرهونة، وحيث إنه ال يجوز التصرف في الرهن فال يجوز التصرف

في شئ من تلك األعيان أصال، فالصالة فيها محرمة، وعلى القول بالبطالن عنداالجتماع باطلة أيضا، ألنها تصرف غصبي، اللهم إال أن ال يمنع من التصرف

الصالتي وما يضاهيه في الرهن. هذا، وفي أصل البحث كالم يأتي في الجهة التالية.الجهة الرابعة

في التصرف في تركة الميت قبل العمل بوصيتهوحيث إن للوصية ميزا عن الدين في بعض األحكام، فال بد من عقد بحث

آخر لبيان ما يرجع إليها، مع االكتفاء فيما هو المشترك بينها وبين الدين بماتقدم في الجهة المارة.

وذلك: إن الوصية قد تكون بشئ خاص، كالكتب المعينة، أو الدارالخاصة، وما إلى ذلك من األعيان التي تكون مستقلة بحيالها وال اتساع النطباقهاأصال، بل ال تنطبق إال على نفسها - كما في هذه األمثلة - وقد تكون بشئ عامصالح لالنطباق على أكثر من واحد، كمائة درهم، أو عشرة دنانير، وما إلى ذلكمن الكلي القابل لالنطباق على كثيرين بهذا النحو - أي الكلي في المعين - وقد

(٤١٥)

Page 442: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يكون بكسر مشاع في جميع أمواله، بحيث ال مخلص ألي جزء من أمواله من جزءمن ذلك الكسر.

والفرق بين هذه الصور واضح، إذ في األولى عند التلف كال أو بعضا يحسبكل تالف بحياله، فإن كان التلف على تلك العين الموصى بها فال يحسب إالعليها، فيكون ما عداها مصونا عن االحتساب، فالتلف إنما هو فيما يرجع إلى

الميت والموصى له. كما أنه لو كان على ما عدا تلك العين فال يحسب إال عليه،فتكون العين الموصى بها مصونة عن االحتساب، فالتلف إنما هو فيما يرجع إلى

الوارث.وأما في الصورة الثانية: فحيث إن الموصى به كلي ولكن في المعين ال شخصي

فعند التلف ال يحسب إال ما عداه، فما دام المال موجودا بقدر يصلح مصداقا لذاكالموصى به يلزم صرفه فيه من دون احتساب شئ من التلف عليه أصال، اللهمإال عند استيعاب التلف أو نفوذه حدا ال يبلغ الباقي مقدار الوصية، حيث إنه

يحسب التلف حينئذ كال أو بعضا عليه، إذ ال محيد عنه.وأما في الصورة الثالثة: فحيث إنه ال ميز واقعا بين الميراث والموصى به،

ألن أي جزء من المال يتصور يحكم بكونه مشتركا بين الوصاية واإلرث - بأيسهم من االشتراك أثالثا أو أرباعا وما إلى ذلك من الكسور فيما ال يكون زائدا

عن الثلث - يكون التلف أيضا موزعا عليهما بتلك النسبة، فيحسب ثلث التالفمن الميت وثلثاه من الوارث إن كان االشتراك بنحو التثليث، ويحسب الربع منه إن

كان بنحو التربيع وهكذا.هذا مجمل القول في الميز بين تلك الصور من حيث التلف واحتساب التالف.

وأما من حيث جواز التصرف وعدمه - فمع قطع النظر عما ورد في خصوص البابمن الكتاب والسنة - هو أنه على الصورة األولى: ال إشكال في جواز تصرف الوارث

(٤١٦)

Page 443: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فيما عدا تلك العين الخاصة، سواء صرفت في مورد الوصية أم ال، وسواء جعلتتحت يد الوصي أو من هو بحكمه من جهة الوالية أم ال، إذ المساس لتلك العين

الخاصة بأموال أخر مفروزة عنه.وعلى الثانية: ال إشكال أيضا في جواز التصرف إلى أن ينتهي المال إلى

قدر يتعين انطباق مورد الوصية عليه، كما في غيره من موارد الكلي في المعين.وأما على الثالثة: فحيث إنه ليس ألحد الشريكين بنحو اإلشاعة التصرف

في شئ من المال قل أو كثر إال مع اإلذن، فهيهنا أيضا ال يجوز للوارث التصرففي شئ منه قبل إذن من له اإلذن من الوصي أو الحاكم، فلو أريد بيع الجميع

أو مقدار خاص ال يجوز شئ من ذلك حتى يفرز ما يعادل ملك الميت أو حقهفال بد من اإلذن في هذا التصرف أيضا، كما أنه لس لولي الميت أيضا االستقالل

بالبيع ونحوه، بل يلزم إذن الوارث قضاء ألصل االشتراك واإلشاعة.هذا محصل الكالم على القادة األولية.

وأما مع لحاظ ما ورد في الباب (من نصوص الكتاب والسنة) فليس للوارثشئ إال بعد العمل بالوصية أو إفراز موردها وعزلها فيما يحتاج إلى ذلك دون

ما ال يحتاج إليه، فإن كان المراد من لفظة (البعد) في الكريمة هو البعد الخارجي- أي مقام العمل - فما لم يعمل بمورد الوصية ليس للوارث شئ أصال. وإن

كان المراد منها هو البعد الخارجي أيضا ولكن في مقام االفراز والعزل والتسليمإلى الولي فما لم يعزل فليس للوارث شئ أيضا.

وقد مر: أن مفاد الكرية هو عدم حصول الملك أو آثاره للوارث إال بعدالدين والوصية، وكذا مفاد رواية " صهيب " أنه قبل التأدية ليس له شئ.

وال يعارض ذلك إال ما رواه في (باب من أوصى وعليه دين مستوعب) (١).--------------------

(١) الوسائل باب ٢٩ من أبواب أحكام الوصايا.

(٤١٧)

Page 444: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حيث إن ظاهره التفصيل بين الدين المستوعب وغيره: بجواز االنفاق علىالعيال من وسط المال عند عدم االستيعاب.

ثم المراد من (الوسط) إما االقتصاد في االنفاق واالجتناب عن طرفياالفراط والتفريط، وإما هو البين، فالمراد حينئذ جواز أخذ مقدار االنفاق من

بين التركة - وال يهمنا ذلك - فيدل على جواز التصرف عند عدم االستيعاببال توقف على العمل الخارجي بالوصية أو االفراز والعزل.

ولو شكل في االستيعاب وعدمه يحكم بالعدم، ألصالة عدم اشتغال ذمة الميتباألكثر من المتيقن. فعند اجراء هذا األصل ينقح موضوع هذه الرواية.

وال مجال حينئذ الستصحاب بقاء ملك الميت بحاله، ألنه وإن كان جاريا فينفسه، ولكنه هنا مسبب من الدين المشكوك مقداره، ألن بقاءه في ملكه سعة

وضيقا مسبب من مقدار الدين كذلك، فعند االستيعاب يكون الجميع باقيا عليملكه، وعند عدمه يكون مقداره مثال باقيا دون الجميع، ومع جريان األصل

السببي ال مورد للمسببي.والحاصل: أن مقتضى هذا النص هو التفصيل بين المستوعب وغيره: باختصاصالمنع باألول دون الثاني. وفي الباب رواية أخرى مرسلة دالة على جواز التصرف

حتى عند االستيعاب أيضا، ولكنها مهجورة عمال، فال اعتداد بها مع إرسالها.فال بد من العالج بين ما مر وبين هذا النص المفصل. وقد يعالج بحمل

دليل المنع على االستيعاب، فما كان ظاهره المنع عن تصرف الوارث فهو محمولعلى ما إذا كان الدين مستوعبا. وال خفاء في عدم تأتي مثل هذا المقال في

الوصية البتة.وفيه: أنه وإن كان يعالج به التعارض بدوا ولكن حمل مثل رواية " صهيب "

على االستيعاب بعيد جدا، ألن ظاهرها أن الوارث له شئ بعد التأدية، وأماإذا لم يكن له شئ أصال ال قبلها وال بعدها - كما في االستيعاب - فال.

(٤١٨)

Page 445: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والذي يقوى في النظر من العالج: هو حمل دليل المنع على ما إذا كان الدينكثيرا مع امكان التأدية بسهولة من دون لزوم عسر أو كلفة زائدة، وحمل هذا

النص على ما إذا لم يكن الدين بذاك الحد مع عسر التأدية وعدم خلوها عنالكلفة الزائدة، بل وعلى أسهل من ذلك - كما قامت به السيرة القطعية - إذ لم

يلتزم وال يلتزم أحد من المتشرعين هجر البيت مع ما فيه من األثاث جميع بمجردموت المورث في الليل أو النهار إذا كان عليه دين، بل يعيشون فيه كما كانوا،

وهكذا من يردد في ذلك البيت تعزية ألولياء ذاك الميت من المتدينين، حيث إنهلم ينقل اجتناب األزكياء والصلحاء عن التردد في بيت من مات وعليه دين،للتعزية. نعم: يلزم البدار إلى التأدية بنحو ال ينتهي إلى التسامح والمماطلة.

ومن ذلك كله يتضح ما في الدين والوصية: من األحكام، وأن االفتاء بالمنعالمطلق غير تام.الجهة الخامسة

في التصرف فيما سبق إليه الغير من المشتركات العامةهل السبق - الموجب لألولوية وحرمة المزاحمة والدفع - يورث حقا وضعيا

مستتبعا لآلثار الوضعية أيضا؟ أو ال يورثه بل يوجب األولوية البحتة؟ بحيث ال يترتبعليها عدا الحكم التكليفي، وهو حرمة الدفع والمزاحمة.

والميز بينهما - بأنه على األول: يستوي الحدوث والبقاء في الحكم، بمعنىأنه ليس للغير دفع من سبق إلى المسجد مثال، فإن دفعه وطرده، يكون لذاك الغير

الدفاع عن حقه بطرد هذا الدافع والعود إلى ما سبق إليه، وكما أنه ليس للغيرالمزاحمة والدفع حدوثا، كذلك ليس له ذلك بقاء.

وعلى الثاني: ال يستويان، إذ المنع والمزاحمة وإن كان حراما في الحدوث،

(٤١٩)

Page 446: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إال أنه لما صار هذا الدافع والمزاحم - بدفعه المحرم - أولى وأحق بذاك المكانليس لغيره دفعه ومزاحمته وإن كان هو ذاك الذي سبق إليه، ولو دفع ذاك السابقهذا المزاحم لصار أيضا أولى بذاك المكان منه، إذ كل من سبق إليه فله األولوية

وإن كان سبقه بنحو الدفع المحرم والمزاحمة الممنوعة.والحاصل: أنه هل يوجب السبق إلى أحد المشتركات من المسجد والسوق

وما يضاهيهما حقا وضعيا؟ أو ال يوجبه بل ليس إال منشأ للحكم الشرعي؟ وقدأشير إلى الميز بينهما، وال يلزم في الحق أن يكون صالحا للنقل، إلباء بعض الحقوق

عنه، وذلك فيما يكون متقوما بشخص خاص - كحق المضاجعة على بعضالفروض.

ثم إنه هل يتفاوت الحكم بين دفع نفس الشخص السابق وطرده، وبين طردما وضعه هناك رحال له وأمارة على سبقه إليه، أم ال؟ وال خفاء في أن الدفع قد يكون

بنفس الصالة وقد يكون بغيرها.وعلى احتمال استيجابه حقا وضعيا: فهل يكون محدودا بحد خاص من

اليوم والليلة أو أقل أو أكثر؟ أو ال حد له؟ بل يدور مدار ميل ذاك السابق إلىالبقاء وعدم االعراض عنه.

وتفصيل المقال موكول إلى كتاب (احياء الموات) كما أفاده في " الشرايع "حيث استقصى فيه البحث عن الطرق والمساجد والمدارس، فراجع.

والمهم في الباب هو ما روي من النصوص الخاصة، فيلزم الغور فيها حتىيتضح ما هو الحق في ضوئها.

ومن تلك النصوص: هو ما رواه عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل،عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: قلت له: نكون بمكة أو بالمدينة

أو الحيرة أو المواضع التي يرجى فيها الفضل، فربما خرج الرجل يتوضأ فيجئ

(٤٢٠)

Page 447: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

آخر فيصير مكانه؟ فقال: من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه وليلته (١).قد يناقش في السند: بالجهل واالرسال، بجهالة " أحمد بن محمد " و " محمد بن

إسماعيل " مع عدم ذكر ذاك " البعض ".ويتمحل في رفعه: بأن المراد من " أحمد بن محمد " هنا هو " أحمد بن محمدابن عيسى القمي " وهو من األجالء الذين ال يروون عن مجهول وضعيف، ألنه

بنفسه ممن نفسي " البرقي " عن بلدة " قسم " وبعده منها لنقله عن بعض الضعاف،فحاشاه أن ينقل بنفسه ممن ال يوثق به!

والمراد من " ابن إسماعيل " هو " ابن البزيع " ألنه المنصرف إليه عنداالطالق، فحينئذ ال يضر االرسال.

وأما التمحل بانجباره بالعمل: فهو متوقف على كون نطاقه معموال بهلدى األصحاب مع انحصار السند فيه، وإال فال مجال لالنجبار المتوقف على االستناد

الذي ال يحرز إال بما ذكر. هذا ما يرجع إلى السند.وأما المتن: فظاهره تحديد األحقية بيوم وليلة، فإن كان المراد من الحد

هو قدر ما يعادله - أي أربعة وعشرون ساعة - فهو أوسع من مجرد مرور الليلواليوم.

وكيف كان: يدل هذا التحديد على انقضاء الحق بانقضاء هذا األمد فليسله دفع غيره حينئذ، بل يستوي هو والغير. مع أنه غير مفتى به لدى األصحاب،

إذ المشهور هو ثبوت الحق ما لم يعرض عن البقاء حسب ما يتعاهد، فمن سبق إلىالمسجد لالعتكاف مثال ليس لغيره الدفع والمزاحمة ولو بعد اليوم والليلة.

فبعد التمحل في تصحيح السند يصير معرضا عنه ال منجبرا، وال يمكنالتفكيك بين الحد والمحدود: بأن يكون المحدود معموال به لديهم دون الحد،

--------------------(١) الوسائل باب ٥٦ من أبواب أحكام المساجد ح ١.

(٤٢١)

Page 448: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذ ليس ذلك بمنزلة الفقرات المتعددة التي مغزاها تعدد السند حكما، بل مآلهفي مثل المقام هو التبعيض في السند الواحد، وهو كما ترى! ولكن فيه كالم

يوافيك بيانه.ومنها: ما رواه عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: قال أمير المؤمنين:

سوق المسلمين كمسجدهم، فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل (١).وظاهره: أن السبق إلى السوق وكذا المسجد موجب لكون السابق هو

األحق، فليس للمسبوق دفعه وطرده، وأما التحديد بالليل: فلعله لعدم التعاهدفيما زاد عن اليوم بالقياس إلى السوق، ألنه بمجئ الليل الذي جعل للناس سكنا

يترك السوق، فليس حدا حقيقيا احترازيا، بل هو جار على الغالب: من هجرالسوق ونحوه من األماكن المعدة للشاغل في اليوم دون الليل، ويوافيك تمام

الكالم في التحديد، فارتقب.ومنها: ما رواه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السالم

قال: سوق المسلمين كمسجدهم، يعني إذا سبق إذا السوق كان له مثل المسجد (٢).ال نقاش في االرسال بعد كون المرسل هو " ابن أبي عمير " الذي يكون

مراسيله في حكم المسانيد.وأما المتن: فظاهره أيضا كون السابق إلى السوق أو المسجد أحق من غيره

من دون التحديد بالليل، ولعله لعدم لزومه حيث ال يكون احترازيا. وال خفاءفي أن قوله " يعني إذا سبق " من كالم الراوي ظاهرا دون المعصوم عليه السالم، ولكن

يؤخذ به، حيث إنه كان هناك قرينة على بيان المراد من التنظير فترجمه الراويوفسره بما ذكر، وهو حجة لدى العقالء، ولذلك يعتمدون على التراجم ما لم

ينكشف الخالف، بال اختصاص لذلك بلسان دون آخر.--------------------

(١) الوسائل باب ٥٦ من أبواب أحكام المسجد ح ٢.(٢) الوسائل باب ١٧ من أبواب آداب التجارة ح ٢.

(٤٢٢)

Page 449: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وال ريب في اندراج مثل ذلك تحت حجية خبر الواحد لدى العقالء، ألنهوإن لم يكن إخبارا عن المحسوس ولكنه في حكمه من أجل أن له مبادي قريبةمن الحس، كما مر منا غير مرة في ثنايا المباحث المارة، فيعتد بالترجمة والنقل

بالمعنى وما يتلوه مما له مبادي محسوسة أو قريبة من الحس، لجريان أصالة عدمالخطأ والغفلة ونحو ذلك فيها، والحاصل: أن ما فسره وبينه الراوي حجة، فتدل

على استقرار األحقية للسابق إلى المسجد، فيحرم دفعه، قضاء لألولوية.عود إلى بدء

إن المستفاد من هذه النصوص في الجملة أن للسابق إلى المسجد حقاال يجوز معه دفعه ومزاحمته - كما عليه األصحاب - إذ ال خالف فيه أصال،

إنما الكالم فيما يحفه من الخصوصيات واللوازم، فهل يمكن استفادتها منهاأم ال؟ وهل يمكن الوثوق بأن مستند فتوى األصحاب هو ما مر من النصوص

أم ال؟وليعلم: أن الرواية األولى قد مر تصحيحها، بأن المراد من " أحمد بن محمد "

هو " ابن عيسى القمي " ومن " محمد بن إسماعيل " هو " ابن البزيع " فال يضراالرسالحينئذ.

وقد نقل هذا الخبر في محكي " كامل الزيارة " (١) مع تفاوت يسير، وهواالختالف في (الحيرة) كما في الوسائل والكافي، و (الحائر) كما في الكامل، وكذا

االختالف في (يوم وليلة) كما هنا، وفي (يوم وليلته) كما هناك، وهذا القدرغير ضار.

--------------------(١) وصرح في السند بأحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع

كما في المستدرك.

(٤٢٣)

Page 450: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والعمدة هو التحديد، حيث إنه وإن كان في غير المقام لالحتراز عما وراءالحد، ولكن في مثل المقام معمول على التعاهد والتداول، ألن المعمول به غالبا

هو عدم التربص أزيد من ذلك - كما هو المفتى به - حيث إن المحكي عن الشيخ(ره) هو أن الحكم بأحقية السابق إنما هي للنصوص الواردة، إذ من البعيد جداعدم وصول تلك النصوص إلينا، بل الظاهر أن المراد منها ما هو بأيدينا. نعم:يحتمل ذلك بالنسبة إلى األصول األولية من عدم الوصول، ولكن ما وصل إلى

الشيخ (ره) ومن عاصره فقد وصل إلينا أيضا، فهو دال وشاهد على أن التحديدفي هذه الرواية محمول على الغلبة ال القيدية االحترازية، ولذلك ترى هذه

النصوص بين عدم التحديد رأسا، وبين التحديد إلى الليل، وبين التحديدإلى اليوم وليله.

ويؤيده أنه لو سبق إلى المسجد في الليل يحكم بأنه له األولوية مع تحديدبعضها ذلك إلى الليل، والسر هو أن الغالب في موارد السبق هو ما يكون في اليوم

وإن يتفق خالفه - كما في ليالي القدر واالحياء والليالي األخر المتبركة -وال ريب في استقرار األحقية في السبق الليلي كالنهاري، وال يفهم عرفا من ذاك النص

ما هو االحترازي منه مع كونه بعد غيبوبة الشمس وقيام الناس - على مافي الدعائم -.

وبعد هذا التنبه يتضح أن النصوص المارة ليست معرضا عنها، بل هي معمولبها، إذ ينطبق نطاقها على ما هو المفتى به، مع تصريح " الشيخ " بأن ذلك للنصوصالواردة، مع استبعاد إرادته منها ما لم يصل إلينا، فهي عين ما وصلت إلينا ال غيرها،فحينئذ يلزم الفحص البالغ عما يحوم حول هذه النصوص: من الفروعات المفروغ

عنها عند الجل لوال الكل، حتى يتضح أشد الوضوح أنها ليست بمعرض عنها،وتلك الفروع فيما يلي:

(٤٢٤)

Page 451: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فروع في من سبق إلى المسجداألول: في عدم انحصار حق السبق فيما كان للعبادة فقط

ال إشكال في الجملة في جواز ما عدا العبادة من المباحات في المسجد عندماال يكون مانعا عن العبادة، فيجوز للمسلمين األكل والنوم واالستراحة وما إلى

ذلك من الدواعي العقالئية المباحة، وإن كان فعل بعضها في المسجد غير خال عنالحزازة، فلو سبق أحد إلى المسجد لينام فيه - حيث إنه أطيب هواء من بيته

أو غيره لبرودته في الصيف وحرارته في الشتاء ألجل الوسائل المعدة لذلك - فليسلغيره أن يدفعه لينام هو بنفسه فيه أو ليأكل أو ليستريح بغير النوم، كما أنه ليس

له ذلك ليصلي في ذلك الموضع مع اتساع المكان جدا بنحو المساس بين نوم ذاكالسابق وصالة هذا المسبوق، فال مزاحمة.

ويدل عليه اطالق ما عدا الرواية األولى، لقصورها عن الشمول لما إذا لميكن السبق للعبادة، إذ في كالم السائل " يرجى فيها الفضل " ألنه وإن لم يكن

قيدا موجبا لتقييد المطلق - إذ لم يؤخذ في كالم المعصوم عليه السالم - ولكنهموجب

لقصور شمول الجواب ما عدا مورد لسؤال.والحاصل: أن ما عداها مطلق ال مقيد له، كما ال انصراف له إلى خصوص

ما كان السبق للعبادة، وهذا مما هو المتلقى بالقبول لدى األصحاب، مع استفادتهمن إطالق النص.

الثاني: في أن السبق إلى المسجد أعم من التسبيب والمباشرةإن المدار الوحيد في ثبوت األولوية الموجبة لحرمة المزاحمة هو صدق

عنوان (السبق إلى المسجد) سواء كان ذلك بالمباشرة كأن يسبق هو بنفسه إليه،

(٤٢٥)

Page 452: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أو بالتسبيب كأن يبعث عبده نحوه أو يستنيب غيره أو يوكله وما إلى ذلك من أنحاءالتسبيب، إذ الظاهر هو صدق العنوان بذلك أيضا، حيث إنه يصدق على الباعث

أو المستنيب أو الموكل أنه سبق إلى المسجد، والعرف أصدق شاهد عليه، فيكشفعن عدم لزوم المباشرة في صدق العنوان.

نعم: ال بد من نحو ربط هو المصحح الستناد السبق إلى ذاك الشخص، وإالينحصر صدقه بالنسبة إلى من يستند إليه من المباشر إن كان له ذلك.

فعليه يشكل الصدق فيما يكون دارجا بين بعض عشاق الصفوف األول أوغيرها من ادخار المواضع المتعددة ألصدقائه ورفقاءه بال علم لهم بذلك وال تسبيب

منهم إياه أصال، فمعه ال حق إال لنفس ذاك السابق بما يخصه من موضعه، وأماغيره من أصدقاءه فال حق لهم، لعدم انطباق عنوان (من سبق) عليهم، ال بالمباشرة

كما هو الواضح، وال بالتسبيب كما هو المفروض.كما أنه ال أولوية لذاك السابق بالقياس إلى جميع تلك المواضع حتى ال يجوز

ألحد مزاحمته بغير إذنه، إذ المتعارف من جعل األولوية عرفا وشرعا هو بالقياسإلى خصوص ما يخص السابق قضاء لوطره العبادي أو غيره، وأما ما زاد عنه من

المواضع األخر فال، إذ ليس وزان المسجد وزان المباحات األولية التي تثبت األولويةبمقدار الحيازة.

ومن هنا ينقدح االشكال فيما يرتكبه بعض الخدمة والسدنة من وضعالرحال العديدة في مواضع متعددة لمن يأتي بعد ذلك للصالة ويأخذ منه عوضا عن

هذا االنتقال، إذ مع قطع النظر عن جواز أصل المعاوضة وأخذ العوض وصلوحهلذلك وعدمه، يشكل جواز مثله، إذ ال حق له حتى ينقله إلى الغير. نعم: عند

استقرار األولوية يمكن توجيه أخذ العوض بأنه ليس عوضا عن الحق الوضعي،حتى يقال: بعدم ثبوته بعد، بل لما كان رفع السابق حراما - ألولويته الموجبة

(٤٢٦)

Page 453: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

لحرمة مزاحمته - يعطي عوضا عنها حتى يصير مباحا بعد أن كان حراما، وال غروفيه، فهو عوض للفعل (أي االعراض والهجر االختياري) ال للحق، كما سيتضح.

الثالث: في توقف بقاء حق األولوية على بقاء السبق بحالهإن في تأثير األشياء واستتباع بعضها بعضا اختالفا بينا، حيث إن بعضها

يمكن أن يؤثر بحدوثه أمرا مستمرا حسب الجعل والتعاهد بال احتياج إلى التأثيرالمستمر، فحدوث ذاك المؤثر وحده كاف في حدوث األثر وبقاءه، لعدم إباء األمور

االعتبارية مثل ذلك.وأما بعضها اآلخر: فال يمكن أن يكون كذلك، بل ال بد من بقاءه بعد

الحدوث حتى يبقى أثره أيضا بعد حدوثه، مثال جواز االقتداء خلف العادل أثرلعدالته، ولكن ال بد من استمرارها إلى آخر الصالة حتى يجوز االقتداء بقاء

إلى آخرها، فمجرد تحقق العدالة في الركعة األولى غير كاف في جواز االقتداءحدوثا وبقاء.

والحاصل: أن الحكم في بعض األشياء يتوقف حدوثه على حدوث ذاك البعضوبقاءه على بقاءه، ومن هذا القبيل حق األولوية - المجعول لمن سبق إلى المسجدأو غيره من المشتركات العامة كالطريق ونحوه - فمن سبق إلى موضع خاص منالمسجد فهو أحق به ما دام سابقا إليه ومستقرا فيه بشخصه أو رحله من اللباس أوالمصلى وما إلى ذلك مما يشغل موضعا معتدا به، ال مثل التربة أو السبحة وما إلى

ذلك مما ال اعتداد به إال بالنسبة إلى خصوص ذاك الموضع الخاص المحدود جدا،حيث إنه يشكل صدق (السبق) بمجرد وضع التربة أو السبحة. وكيف كان: يتوقف

بقاء األولوية على بقاء السبق، فمن قام وهجر الموضع فليس له األولوية حينئذ،إذ ليس ما يتوقف عليه من السبق موجودا. وال ميز في هذه الجهة بين كونه ناويا

(٤٢٧)

Page 454: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

للعود أم ال، بل يكون ذلك بحكم االعراض لدى العقالء بال تأثير لقصد العود،ولذلك تريهم يستبقون إلى موضع سبق إليه سابق فهجره، من دون أن يتأملواويتربصوا حتى يتضح لهم أن ذلك مقرون بنية العود أم ال، والسر هو نفاد أمدحقه بمجرد هجره نوى العود أم ال. اللهم إال أن يبقى رحله، الستقرار السيرة

على ذلك.وما في الرواية األولى من " أن الرجل يخرج ليتوضأ فيجئ آخر مكانه

... الخ " محمول على بقاء الرحل، إذ بدونه ال سيرة وال بناء من العقالء علىاالعتداد - كما يتضح - وليست النصوص الواردة هنا لتأسيس ما ال يتعاهده العقالء،

بل إنما هي لتقرير ما أسسته أيدي غرائزهم وارتكازاتهم، كما يتجه.الرابع: في أن السبق إلى المسجد ونحوه ال يورث حقا وضعيا متعلقا بالعينإن لبعض الحقوق ميزا تاما عن بعضها بعد اشتراك الجميع في الحقية، حيث

إن بعضها حق مالي يوجب تضييعه الضمان، وبعضها حق انتفاعي ال يوجب تفويتهإال اإلثم فقط، وذلك نظير حق االنفاق للزوجة على الزوج، وللشخص على العمودين

حيث إن (األول) حق مالي للزوجة، فلذا يضمنه الزوج عند الفوت سوء كانتالزوجة معسرة أو موسرة. وأما (الثاني) فليس إال حقا انتفاعيا للشخص على والده

أو ولده ما دام االعسار، ولذا ال يضمنه عند التفويت العمدي فضال عن الفوت القهري،فليس هنا ما يوجب اشتغال ذمته، إذ لم يفت إال حق االنتفاع.

والمبحوث عنه من هذا القبيل، فال يورث حقا ماليا. وبيانه بأن استواءالناس من العاكف والباد في بعض األمور العامة وأولوية من سبق منهم إليه، ليس

وليدا للشريعة وال مخترعا للشارع، بل كان دارجا بين األقوام والملل - علىاختالفهم - ولم يأت الشرع بما لم يكن معهودا لديهم.

(٤٢٨)

Page 455: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وقد قرر في محله: أن جميع أنحاء المعامالت والحقوق الدارجة عند العقالءمحكمة ومرضية للشارع عند عدم الردع، فبيع المنابذة ونحوه ممنوع، للردع،

وأما ما عدا ذلك من األمور المعاملية الدارجة، فال.وال خفاء على الغائر في قوانينهم المتبوعة: أن السابق إلى موضع خاص من

األماكن النزهة التي يكون الناس فيها شرعا سواء هو أولى به من غيره. وكذافي الشرايع المعدة ألخذ المياه من الشطوط العظيمة واألنهار الكبيرة، حيث إن

السابق إلى موضع خاص من شريعة مخصوصة يكون أخذ الماء فيها أسهل يكونأولى به من غيره، وليس لغيره أن يزاحمه ويدفعه، وإال عد ظالما لديهم ومذموما

عندهم، ولكن ال يترتب على هذا الدفع عدا التقبيح والمذمة، وأما مطالبةما يعادل منفعة ذاك الموضع أو هذه الشريعة فال، إذ ال يورث السبق إال أولوية

االنتفاع، وأما تملك المنفعة فال، ولذلك ال يجوز التعويض والمبادلة باالختيار،وال مطالبة ما يعادل المنفعة الفائتة بالدفع واالضطرار، إذ ليس للسابق حق مالي

متعلق بالعين، فتلك العين باقية على حالها: من اشتراك الجميع فيها وصلوحانتفاعهم منها بال تلون بلون خاص أصال، فهي بعد السبق كما هي قبله، ولم يتخلل

إال حق أولوية االنتفاع، من دون أن تصير منفعتها ملكا للسابق مثال.نعم: لما أوجبت أولوية االنتفاع للسابق أن يكون دفعه ظلما قبيحا يمكن

إرضاءه بمال أو غيره حتى يهجر ذاك الموضع معرضا عنه ليصير معدا ألن يسبقإليه غيره، فهذا المال المبذول عوض لرفع اليد صونا عن االقتحام في القبيح، ال أنه

عوض لمنفعة ذاك الموضع، وبينهما فرق بين.هذا محصل ما أسسته الغريزة، وأشير سالفا إلى عدم اختراع الشرع في هذاالباب شيئا، بل أمضى ما يكون متبوعا لدى العقالء واستقرت عليه سيرتهم،

فحينئذ ال يكون الموضع الخاص من المسجد متعلقا لحق مالي بحيث تكون منفعتهملكا للسابق إليه، فالعين مصونة عن تعلق الحق إال حق (أولوية االنتفاع) عند

(٤٢٩)

Page 456: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تحقق عنوان (السبق) فلو زال هذا العنوان بالهجر واالعراض اختيارا أو بالدفعوالطرد اضطرارا لما بقي ذاك الحق أصال، لتقومه بعنوان (السبق) المفروض زواله.وقد مر (في الفرع الثالث) أن السبق ال يؤثر بمجرد حدوثه في تحقق حق أولوية

االنتفاع بقاء.ومن هنا يتجه أن الدفع والطرد وإن كان حراما، إال أنه بعد زوال السبق

بنفس هذا الطرد الطرد وال دفع ثانيا حتى يحرم بقاء، فمن طرد السابق ودفعهلعصى، ولكن ال إشكال حينئذ في جواز انتفاعه من ذاك الموضع الخاص، إذ لم يكنذلك الموضع متعلقا لحق الغير، وال عصيان في كونه هناك وبقاءه فيه، إذ ليس البقاء

طردا ومزاحمة للغير حتى يحرم، فال معصية إال عند حدوث الطرد وتحققه، وأمابعده فال، فينتج صحة صالته فيه وإن قلنا بالبطالن في المكان المغصوب، إذ ال

غصب حينئذ.نعم: لو فرض تحقق الطرد بنفس الصالة ال قبلها لكان لذلك وجه، كما ال

يخفى إمكان تصويره ووقوعه.ومما يوضح ما قلناه هو ما يقال (في باب الخيار) إنه هل يكون حقا متعلقا

بالعين أو متعلقا بالعقد؟ فعلى األول: ليس لمن عليه الخيار أن يبيع تلك العينالمملوكة له في زمن الخيار، ألنها متعلقة لحق الغير. دون الثاني، إذ ليس العين

حينئذ متعلقة لحق، فحق الخيار بناء على تعلقه بالعين - بأن يكون عبارة عن حقاسترجاع العين - ال يمكن بيعها في زمن الخيار، حيث إنها ملك غير طلق حينئذ

والالزم في البيع أن يكون المبيع طلقا.فتبين مما أهديناه إليك: أن الصالة في مكان مشترك سبق إليه غير المصلي

ليست حراما حتى تكون باطلة ألجل االتحاد، بل الحرام هو طرد من له حقالسبق ومزاحمته، ال غير.

ثم إن " الماتن ره " قد تعرض لفروعات مر بيانها (في مبحث لباس المصلي)

(٤٣٠)

Page 457: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فراجع.وأما عدم الميز بين النافلة والفريضة: فقد أشير إليه في صدر البحث،

ولعمري أنه واضح، إذ عدم تعين الركوع والسجود واالستقرار في النافلة وجوازاالكتفاء فيها بااليماء ماشيا ال يستلزم الصحة عند إتيانها كذلك مطمئنا، فيلزم

الحكم هنا بالبطالن وإن لم يحكم هناك به، فعلى مبنى البطالن ال فرق بينالنافلة وغيرها.

مسألة ١ - إذا كان المكان مباحا ولكن فرش عليه فرشمغصوب فصلى على ذلك الفرش بطلت صالته، وكذا العكس.

قد مر في ثنايا البحث ما يتضح في ضوءه سند ما أفاده في المتن من التسوية،وهو صدق التصرف في كلتا الصورتين، والعرف أصدق شاهد عليه، فال نطيل.

مسألة ٢ - إذا صلى على سقف مباح وكان ما تحته من األرضمغصوبا فإن كان السقف معتمدا على تلك األرض تبطل الصالةعليه، وإال فال، لكن إذا كان الفضاء الواقع فيه السقف مغصوبا

أو كان الفضاء الفوقاني الذي يقع فيه بدن المصلي مغصوبا بطلتفي الصورتين.

إن هنا عناوين مختلفة في العنوان وإن يتفق صدقها أحيانا على مصداقواحد، ولها أحكام خاصة وإن يتفق االشتراك كذلك. ولنهد قبل الخوض فيما

(٤٣١)

Page 458: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

أفاده " الماتن " من الصحة في صورة والبطالن في صورتين، مقدمة وجيزة شارحةلتلك العناوين وما لها من اآلثار المختصة والمشتركة.

فمن تلك العناوين: إتالف مال الغير، ومنها: غصبه، ومنها: التصرف فيه،ومنها: االنتفاع به. وال ريب في تمايزها المفهومي مع اشتراكها واجتماعها

أحيانا على مصداق فارد.وال إشكال في أن إتالف مال الغير أينما تحقق بعنوانه فهو موجب للضمان،

للقاعدة المحكمة الناصة: بأن " من أتلف مال الغير فهو له ضامن " بال ميز بينالنائم واليقظان وغيرهما من آحاد المتلفين. وال يثبت بهذه القاعدة المنع التكليفي

- أي الحرمة - لقصور نطاقها عن الداللة عليها، ولعدم التالزم الخارجي بينهاوبين الضمان - كما هو واضح - فال بد في إثبات حرمته من التماس دليل آخر.

وأما الغصب: فال إشكال في استتباعه الضمان، للقاعدة الناطقة: بأن " علىاليد ما أخذت حتى تؤدي " كما أنه ال ارتياب في حرمته نصا وفتوى، وال خفاء في

ميز، عن االتالف.وأما التصرف فيه: فقد يكون ممتازا عن الغصب، بأن يكون المستولي

القاهر غيره، وليس له عدا التصرف الخارجي في المال من دون االستيالء، فاليشمله دليل الغصب.

نعم: ال إشكال في حرمته ل (التوقيع) الدال على أنه " ال يحل مال أمر "مسلم إال بطيب نفسه ".

وحيث إنه مشمول لقاعدة (على اليد) يحكم باستتباعه للضمان أيضا.وأما االنتفاع به: فما يكون من قبيل االستظالل بحائط الغير أو االستضاءة

من نوره أو االستشمام من رائحته الطيبة وما إلى ذلك من النظائر - التي ليس فيهاالتصرف في مال الغير بوجه أصال لدى العقالء - فال بأس بها، الستقرار السيرة على

االنتفاع الكذائي، وقصور القواعد والنصوص الشرعية عن الشمول لذلك.

(٤٣٢)

Page 459: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما ما يكون مستلزما للتصرف فيه - وإن كان بواسطة - فاألقوى حرمته،إما ألنه تصرف فيشمله دليله، وإما ألنه انتفاع محرم، إذ ال دليل على حليته مطلقا،

بل يمكن إدراج مثل هذا االنتفاع في عموم التوقيع المتقدم بيانه.وتوضيحه: بأن المال ال يكون صالحا للحلية والحرمة، ألنهما من أوصاف

األفعال ال األعيان - كما في محله - فال بد من كون االسناد بلحاظ ما يقصد منتلك األعيان من اآلثار والمنافع، كالنكاح في قوله (تعالى): " حرمت عليكم

أمهاتكم... الخ " فالمراد من نفي الحلية هو ما يقصد استفادته من المال من أنحاءالتصرفات المطلوبة، بل وغيرها من االنتفاعات، عدا ما يكون الدليل قاصرا عن

شموله - لالنصراف مثال - حيث قامت السيرة على الخالف، كاالنتفاع من الظلوالنور ونحوهما مما قد ذكر. والسر في اتساع حوزة الحرمة: هو عدم اختصاصتصرف خاص من بين التصرفات بذلك، لعدم الشاهد عليه بال ميز، فالمنع يعمها.

وبعد اتضاح هذه المقدمة نقول: إن بطالن الصالة في الصورتين األخيرتينواضح على القول ببطالنها في المكان المغصوب، إذ المفروض أن الفضاء الذي يشغله

ما استقر عليه المصلي من السقف مغصوب. وكذا الفضاء الذي يشغله بدنه.وأما الصورة األولى: فال إشكال فيما إذا لم يكن السقف معتمدا على تلك

األرض المغصوبة، بأن اعتمد على أرض مباحة وكان تحته أرض مغصوبة عداالفراغ الذي يشغله تلك السقف، إذ ال تصرف في المغصوب وال انتفاع منه، بل وجود

المغصوب وعدمه سيان، فال نهي حتى يستتبع البطالن.وأما إذا كان السقف معتمدا على تلك األرض المغصوبة: فالظاهر هو الحرمة،

إما لكونه تصرفا في المغصوب وإن كان بالواسطة، أو لكونه انتفاعا خاصا مذمومالدى العقالء ومشموال الطالق دليل نفي الحل بدون طيب النفس.

نعم: يشكل الحكم بالبطالن - ولو على مبنى القائل به في أصل المسألة -

(٤٣٣)

Page 460: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إذ ال اتحاد هنا بالنسبة إلى خصوص الصالة، ألن المفروض أنها ليست تصرفا زائداأو انتفاعا زائدا عن التصرفات واالنتفاعات األخر.

والحاصل: أن البطالن يدور مدار صدق التصرف أو االنتفاع المحرم بالنسبةإلى خصوص حالة الصالة زائدا على ما كان، فما يظهر من المتن: من البطالن عند

االعتماد على المغصوب مطلقا، غير خال عن النظر.مسألة ٣ - إذا كان المكان مباحا وكان عليه سقف مغصوب

فإن كان التصرف في ذلك المكان يعد تصرفا في السقف بطلتالصالة فيه وإال فال، فلو صلى في قبة سقفها أو جدرانها مغصوبوكان بحيث ال يمكنه الصالة فيها إن لم يكن سقف أو جدار أوكان عسرا وحرجا - كما في شدة الحر أو شدة البرد - بطلت

الصالة، وإن لم يعد تصرفا فيه، فال. ومما ذكرنا ظهر حال الصالةتحت الخيمة المغصوبة، فإنها تبطل إذا عدت تصرفا في الخيمة،

بل تبطل على هذا إذا كانت أطنابها أو مساميرها غصبا، كماهو الغالب - إذ في الغالب يعد تصرفا فيها - وإال فال.

قد مر التحقيق في البحث بنحو يتضح في ضوءه حكم ما أطال في المتن: منالنقاش في البطالن فيما كان عسرا أو حرجا أو نحو ذلك، ألن االنتفاع الكذائي وإن

كان محرما ولكنه غير متحد مع الصالة، ولذا ال يفرق بين العسر وبين غيره مما تكونالصالة فيه أرواح وإن يمكن إتيانها في خارج القبة بال عسر، إذ االنتفاع بالسقف

(٤٣٤)

Page 461: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المغصوب في أمثال هذه الموارد حرم، ولكنه ال يتحد مع الكون الصالتي (وإنقلنا بالبطالن في أصل المسألة) وال خفاء في أن الجدار حكمه حكم السقف تكليفا

ووضعا، فيحرم التصرف بال بطالن.وأما إفراط من أفتى بالبطالن فيما إذا كان سور البلد مغصوبا فغير سديد، إذ

ال اتحاد رأسا، فال مجال لتخيل البطالن، بل يمكن التأمل في الحرمة أيضا، فلوكان السور صائنا عن تهاجم األعداء المقاتلين بحيث لو لم يكن ذلك السور لما

أمكنتالصالة يحكم بصحتها أيضا مع التأمل في الحرمة، لقصور دليل المنع عن الشمول

لمثله، بل يمكن دعوى قيام السيرة على الخالف.ومن ذلك كله يتضح حكم المسامير واالطناب المغصوبة، إذ االنتفاع بمثل

ذلك وإن كان في حكم التصرف لو لم يكن تصرفا، إال أن في اتحاده مع الكونالصالتي نظرا بل منعا.

مسألة ٤ - تبطل الصالة على الدابة المغصوبة بل وكذا إذاكان رحلها أو سرجها أو وطائها غصبا، بل ولو كان المغصوب

نعلها.ال إشكال في البطالن إن قلنا به في أصل البحث فيما إذا كانت الدابة مغصوبة،حيث إنها بمنزلة األرض المغصوبة حرفا بحرف. وأما الرحل والسرج فكذلك

أيضا، ألنهما بمنزلة الفرش المغصوب. وأما (الوطاء) فقد فسر بالخشب المعقودبه الجهاز، فعليه يكون خارجا عن التصرف الصالتي، ويدور أمره بين الحرمة

التكليفية البحتة (فيما إذا كان اعتماد الرحل أو السرج أو نحو ذلك عليه) وبين

(٤٣٥)

Page 462: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

عدمها رأسا (فيما ال اعتماد هناك أصال). ومن هنا يتضح حكم (النعل) حيث إنهبمنزلة األساس المغصوب، وقد مر بيان ما كان السقف مباحا ولكن كان ما يعتمد

عليه ذاك السقف مغصوبا، وتبين هناك: عدم البطالن، لعدم االتحاد وإن كانحراما للتصرف أو لعدم جواز بعض أنحاء االنتفاع، إذ ال دليل على حليته مطلقا.

مسألة ٥ - قد يقال ببطالن الصالة على األرض التي تحتهاتراب مغصوب ولو بفصل عشرين ذراعا، وعدم بطالنها إذاكان شئ آخر مدفونا فيها، والفرق بين الصورتين مشكل.

إن مصب البحث ال بد وأن يكون ما يحاذي مكان المصلي ولو بفصل عشرين،وأما ما ال يحاذيه فهو خارج عن الكالم - بأي نحو كان دفنه -.

فأما ما يحاذيه: فإما أن يكون مدفونا تحت األرض مع تجافي ما حوله- كالميت الموضوع تحتها كذلك - أو يكون مدفونا ال بالتجافي بل بتراكم الطبقاتبعضها فوق بعض بال تخلل الفضاء الخالي - كما في الصورة األولى - فإن كان بنحوالتجافي ال إشكال فيه تكليفا فضال عن االشكال وضعا، إذ ال تصرف وال انتفاع أصال،

ألن وجود ذاك المغصوب وعدمه في ذلك الجوف والفضاء الخالي سيان. وإن كانبنحو التراكم وعدم الخلو: فاألقوى فيه البطالن فضال عن الحرمة - إن قلنا بذلك

في أصل المسألة - إذ ال ميز بين ذلك المدفون وبين السطح الظاهر في أن كل واحدمنهما جزء للمكان، حيث ال فرق بين ذي الواسطة وغيره.

وأما الفرق بين التراب وبين شئ آخر - كالدرهم والدينار وما إلى ذلك -فخال عن الوجه، فالحكم فيهما واحد منعا وجوازا.

(٤٣٦)

Page 463: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٦ - إذا صلى في سفينة مغصوبة بطلت، وقد يقالبالبطالن إذا كان لوح منها غصبا، وهو مشكل على اطالقه،بل يختص البطالن بما إذا توقف االنتفاع بالسفينة على ذلك

اللوح.إن وزان السفينة وزان البيت بال ميز، فكما أنه ال تجوز الصالة في البيت

المغصوب بل تبطل على القول به، كذلك الصالة في السفينة.هذا إذا كانت بتمامها غصبا، وهكذا إذا كان ما يستقر عليه المصلي من

اللوح والفراغ غصبا، إذ ال ريب في أن فراغ السفينة لمالكها كفراغ البيت،فالكالم في الفراغ والمكان بمعنى (ما يستقر عليه) واحد، وأما إذا كان بعضاأللواح المغصوبة في السقف أو الجدار أو نحو ذلك مما ال مساس له بالكونالصالتي غصبا - وإن توقف أصل الكون في السفينة عليه - فقد مر النقاش في

البطالن حتى على القول في أصل المسألة، ألنه وإن كان حراما إال أنه غير متحدمع الكون الصالتي.

وقد مر من " الماتن ره " الحكم بالبطالن فيما يشبهه، وهو الصالة على سقفمباح معتمد على األرض المغصوبة. فيظهر منه (ره) أن مدار البطالن توقف االنتفاع

على ذاك المغصوب، ولكن مرت اإلشارة غير مرة إلى اختصاص البطالن - على القولبه - بما إذا اتحد التصرف الحرام مع الكون الصالتي، وإال فال وإن كان أصل

االنتفاع متوقفا على ذاك المغصوب، وبينهما فرق.

(٤٣٧)

Page 464: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ٧ - ربما يقال ببطالن الصالة على دابة خيط جرحهابخيط مغصوب، وهذا أيضا مشكل، ألن الخيط يعد تالفا

ويشتغل ذمة الغاصب بالعوض، إال إذا أمكن رد الخيط إلىمالكه مع بقاء ماليته.

إن الخيط المغصوب المخيط به جرح الدابة: قد ال يتوقف عليه االنتفاعمن تلك الدابة، وقد يتوقف، بحيث لواله لخرت الدابة وسقطت.

فعلى األول: ال بحث فيه حيث إنه ال إشكال في صحة الصالة، بل في أصلالجواز التكليفي إذا فرض عدم االنتفاع أيضا فيما ال استيالء عليه، وكيف كان:

يكون خارجا عن الكالم.وعلى الثاني: فيشكل التصرف فيه أو االنتفاع به، لما حققناه مبسوطا

(في لباس المصلي) من أن الخيط المغصوب إن عد تالفا فهو وإن كان مسلوب الماليةولكن ليس مسلوب الملكية، فحينئذ ما لم يؤد عرضه يكون هذا التالف باقيا علي ملك

مالكه األول، فقبل تأدية العوض ال يجوز التصرف فيه. نعم: إن لبطالن الصالةكالما آخر، وهو اختصاصه بصورة االتحاد - على القول به فيها أيضا - فراجع.

مسألة ٨ - المحبوس في المكان المغصوب يصلي فيه قائمامع الركوع والسجود إذا لم يستلزم تصرفا زائدا على الكونفيه على الوجه المتعارف، كما هو الغالب، وأما إذا استلزم

(٤٣٨)

Page 465: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تصرفا زائدا فيترك ذلك الزائد ويصلي بما أمكن من غيراستلزام. وأما المضطر إلى الصالة في المكان المغصوب فال اشكال

في صحة صالته.قد مر البحث عن كيفية صالة المحبوس في المكان المغصوب (عند البحث عناللباس المغصوب بتناسب) وتعرضنا هناك ما نقله (في الجواهر) عن بعض متفقهةعصره: من لزوم االقتصار على الكيفية التي كان عليها أول الدخول إن قائما فقائموإن جالسا فجالس، بل ال يجوز له االنتقال إلى حالة أخرى في غير الصالة أيضا.

ثم زيفه: بأنه لم يتفطن أنه عامل هذا المظلوم المحبوس قهرا بأشد ما عاملهالظالم بل حبسه حبسا ما حبسه أحد ألحد، اللهم إال أن يكون في يوم القيامة

مثله، انتهى.واألقوى: هو جواز االتيان بصالة المختار، إذ ال يعد تصرفا زائدا - كما أفادهالماتن - ثم على تسليم عده تصرفا زائدا، فالحكم باالنتقال إلى صالة العاجز:

من االيماء بدال عن الركوع والسجود مثال، ال بد وأن يكون بلحاظ ما هو أهممصلحة من التكليف األولي، وإثباته في أمثال المقام عسير جدا، ألن الركوع

والسجود ونحوهما وإن كان له بدل، ولكن يختص االنتقال إلى البدل في صورةالعجز وما بحكمها، فحينئذ ال بد من إحراز رجحان ترك الغصب على ما هوالمطلوب األولي من الركوع ونحوه حتى يحكم باالنتقال إلى البدل، فتبصر.

وأما االضطرار إلى الصالة: فالمراد منه كون الضرورة بنفسها منحدرة نحومتن الصالة، ال بأن تنحدر إلى الكون في المغصوب حبسا أوال وبالذات وإلى الصالة

فيه ثانيا وبالعرض - كما مر حكمها - وما يكون االضطرار متوجها إلى نفس

(٤٣٩)

Page 466: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الصالة في المغصوب، هو ما لو لم يصل فيه ألجل الغصبية تفطن الخليفة أو الواليالقاهر: بأن ذاك الشخص ال يراه مستحقا للخالفة أو الوالية بل يراه غاصبا، وهذا

مثار االفتنان والهالك - كالوضوء تقية حيث إنه يتوضأ بما يرفع به المحذوراتقاء من شر من يتقى منه - فيصلي في هذا المكان صالة المختار، إذ لو صلىإيماء لكن مثار الهلكة والفتنة. فاتضح الفرق بينه وبين ما يكون االضطرار إلى

الكون ال الصالة. فتنبه حتى ال يخفى عليك ما خفى على بعض المعاصرين من الفرق.مسألة ٩ - إذا اعتقد الغصبية وصلى فتبين الخالف، فإن لميحصل منه قصد القربة بطلت، وإال صحت. وأما إذا اعتقد

اإلباحة فتبين الغصبية فهي صحيحة من غير اشكال.إن العالم بالغصبية قد يكون عالما بالحرمة، وقد يكون جاهال بها، وسيأتي

البحث عن الجاهل في المسألة التالية.وأما العالم بها مع اعتقاد الغصبية: فالذي يستفاد من المتن إمكان حصول

قصد القربة منه، ويمكن تصوير تمشيه بأحد الوجهين: (األول) على مبنى جوازاجتماع األمر والنهي، الجداء تعدد الجهة، فحينئذ يقصد القربة بداعي األمر.

و (الثاني) على مبنى امتناعه، ولكن يقصد القربة بالمالك، حيث إن المالك موجودوإن لم يمكن األمر المتناع االجتماع ورجحان النهي عليه.

وعلى التقديرين ال ريب في الصحة، أما على األول: فواضح. وأما على الثاني:لجواز االكتفاء بالمالك وكفاية انضمام الحسن الفعلي إلى الحسن الفاعلي، ومن

المعلوم: وجود المالك في خصوص الفرض قطعا بلحاظ الواقع، لخلوه عن الغصبيةالمتوهمة. والحاصل: أنه يمكن توجيه تمشي قصد القربة على أحد الوجهين.

(٤٤٠)

Page 467: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما عدم تمشيه: فألجل امتناع االجتماع مع رجحان النهي فال أمر حتىيتقرب بداعية، وال مالك أيضا، إذ المفروض أنه اعتقد كونه مبعدا من ساحة

المولى فكيف يكون واجدا لمالك القرب! بناء على أنه هو المحذور في البابكما استند إليه غير واحد، وإن مر التحقيق البالغ في ذلك كله.

وأما إذا اعتقد اإلباحة: فال إشكال في تمشي قصد القربة باألمر فضال عنالمالك، إنما الكالم في الحكم بصحة الصالة حينئذ بال إشكال - كما في المتن - مع

أنه غير خال عنه.إذ المحذور لو كان هو (عدم التمشي) المذكور فلنفي االشكال حينئذ مجال

وكذا لو كان المحذور هو (عدم امكان المقربية لما يكون مبعدا) حيث إنه ال يكونالفعل حينئذ مبعدا - للجهل بالموضوع - فيكون الفاعل معذورا. وأما إذا لم ينحصر

فيهما بل اعتبر في الصحة زائدا عليهما صلوح الفعل للتقرب بأن تكون مصلحتهغالبة على المفسدة فليس لنفيه مجال، إذ ال ريب في أن الواقع باق بحاله على ما هو

عليه بال تغير وال تبدل بمجرد العلم والجهل، فمن جهل الغصبية واعتقد اإلباحةال يصير ذاك المغصوب مقربا بلحاظ الواقع البتة. نعم: يكون المكلف معذورا ما دام

جاهال بها، وأين هو من القرب؟ واستوضح ذلك: بعبد يقتل ابن المولى بتخيل أنهعدوه، إذ ال مرية في كون هذا العمل مبغوضا للمولى واقعا، إال أن العبد معذورفي إتيانه، فال يعاقب عليه، ال أنه يثاب عليه، وأما الثواب لالنقياد فهو أمر آخر.

والحاصل: أن الحسن الفعلي مفقود في البين حتى ينضم إلى الحسن الفاعلي- على ما يحتال به في بعض الموارد لتصحيح العبادة - فجزم " الماتن " بالصحة

غير مستقيم على مبنى عدم صلوح القرب لما يكون مبعدا.

(٤٤١)

Page 468: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ١٠ - األقوى صحة صالة الجاهل بالحكم الشرعيوهي الحرمة، وإن كان األحوط البطالن خصوصا في الجاهل

المقصر.إن الحكم بالصحة على انحصار المحذور في (عدم تمشي القصد) واضح، إذ

ال ريب في تمشي قصد القربة باألمر عند الجهل بالحرمة. وأما لو استند إلى (أنالمبعد ال يكون مقربا) فمن أين يحكم بالصحة؟ إذ ليس في وسع هذا العمل

الخارجي المبعد واقعا أن يقرب العبد من مواله، وال يوجب جهل العبد مع التقصيرأن ال يكون هذا العمل بلحاظ الواقع مبعدا.

فمن كان المحذور عنده هو (أن المبعد ال يصير مقربا) فال بد من أن يتأملفي الصحة وال يفتي بها.

وأما الجاهل القاصر: فيشكل الصحة أيضا، إذ ألحسن للفعل، ألن الجاهلالقاصر وإن كان معذورا فال يكون الفعل الصادر منه مبعدا، إال أنه ألحسن له أيضالغلبة المفسدة - كما مر - إال أن يتمسك بقاعدة (ال تعاد) في الجاهل بالحكم.

وحيث إنه قد مر التفصيل الباحث عن أقسام الجهل: من القصوري والتقصيريومن البسيط والمركب (في بحث اللباس المغصوب) فال نعيده، فراجع.

مسألة ١١ - األرض المغصوبة المجهول مالكها ال يجوزالتصرف فيها - ولو بالصالة - ويرجع إلى الحاكم الشرعي. وكذا

إذا غصب آالت وأدوات من األجر ونحوه وعمر بها دارا أو

(٤٤٢)

Page 469: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

غيرها ثم جهل المالك، فإنه ال يجوز التصرف، ويجب الرجوعإلى الحاكم الشرعي.

ال إشكال في عدم جواز التصرف قبل الرجوع إلى الحاكم في الجملة، إنماالكالم في أنه هل الرجوع إليه لمجرد الترخيص واإلجازة؟ حيث إن المجهول

مالكه ملك لإلمام عليه السالم ولما كان الحاكم وليا لمن غاب إماما كان أو مأموما أوأنه خليفة له - أي لإلمام عليه السالم - فله الترخيص، كما أن للمالك كذلك.

أو الرجوع إليه ألن تتحقق مصداق الصدقة المأمور بها في أمثال المقامفيرجع إليه بنحو المعاملة للتصدق - كما هو األقوى في والية الحاكم - ال أنه

لمجرد اإلجازة، إذ المال الكذائي باق على ملك مالكه وال ينتقل بمجرد الجهالةإلى اإلمام عليه السالم

وال نطاق للمتن بالنسبة إلى أحد الوجهين لصلوحه لهما، والحقهو ما أشير إليه.

ولما كان حكم مسألة ١٢ واضحا لم يتعرض لم سيدنا األستاذ (مد ظلهالعالي).

مسألة ١٣ - إذا اشترى دارا من المال الغير المزكى أوالغير المخمس يكون بالنسبة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضوليا،

فإن أمضاه الحاكم والية على الطائفتين من الفقراء والساداتيكون لهم، فيجب عليه أن يشتري هذا المقدار من الحاكم،

وإذا لم يمض بطل وتكون باقية على ملك المالك األول.

(٤٤٣)

Page 470: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إن اشتراء الدار قد يكون بمال كلي في الذمة ويكون أدائه بمال غير مزكىأو غير مخمس، وقد يكون بعين مال كذائي. فعلى األول: ال إشكال في حصول

الملكية التامة، إذ الفضولية إنما هي في مقام األداء ال العقد وأصل التمليك والتملكوهذا القسم خارج عن البحث.

وعلى الثاني: فاستيفاء المقال فيه بنحو يسلم عن النقاش المتوجه نحو ماأفاده في المتن، هو أن الزكاة وكذا الخمس إما أن يتعلق بالعين بنحو الملكية، أو

يتعلق بها بنحو الحقية. فعلى األول: إما أن يكون بنحو اإلشاعة، أو الكلي فيالمعين. وعلى الثاني: يجري فيه االحتماالن مع احتمال ثالث، وهو كون جميع

المال متعلقا للحق - أي حق الرهانة - ال خصوص مقدار الزكاة أو الخمس، إذالرهن يمكن أن يكون أزيد من الدين، فتمام الكالم في مقامين: أحدهما مبتن

على الملكية، واآلخر على الحقية.أما المقام األول:

فمحصل المقام فيه: هو أن الزكاة مثال بنصابها الخاص ملك للجهة العامةالتي مصارفها تلك الجهات الثمانية المعدودة في الكريمة، وهي مقدار خاص من

المال يخرج من مال الغني، حسب ما ينطق عليه بعض نصوص ذاك الباب: من " أنالله تعالى جعل في مال األغنياء.... الخ " فراجع.

وال اختصاص لذلك بالفقراء، بل هم والجهات السبع األخر سواء في حصولاالمتثال بالصرف فيها كحصوله بالصرف فيهم. فالتعبير األنسب أن يقال: بكون

الحاكم وليا علي المال المحسوب زكاة، لواليته العامة على تلك الجهات، ال خصوصالفقراء. كما أن السادات ال اختصاص لهم إال بالعشر، ال الخمس المشترك بينهم

وبين اإلمام عليه السالمبالنصف. فعبارة المتن غير خالية عن الحزازة.

(٤٤٤)

Page 471: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ثم إن الملكية تارة بنحو اإلشاعة، وأخرى بنحو الكلي في المعين، فعلىاإلشاعة: يكون كل جزء من أجزاء المال مشتركا بين المالك وبين من له الزكاة على

حسب السهام، حيث إن العشر فيما سقته السماء مثال للمستحق، وفي غيره مقدار آخرأقل. وكذا في األنعام والنقدين على المقدار المعين فيها، فليس للمالك التصرفالخارجي في جزء منه أصال، إال أن يستخلصه، إما بالعزل واالفراز، وإما بتأديته

من عين المال أو من الخارج، أو نحو ذلك مما به يتملك الجميع بعد ما لم يكن.وأما التصرف الملكي فال بأس فيه إذا كان بنحو اإلشاعة فيما يخصه من السهم،

وأما بنحو التعيين بأن ينقل مقدارا معينا مفروزا منه - كهذا النصف الواقع فيالشرق مثال - فال. كما أنه ليس له نقل الجميع قبل تأدية مال المستحق، فلو نقل

الجميع أو بعضا معينا منه يتأتى فيه ما حقق في محله من أحكام البيع الفضولي،حيث إن النقل الكذائي بالنسبة إلى سهم مستحق الزكاة أو الخمس فضولي، فحينئذ

لو أداه من مال آخر - كما أن له ذلك - يندرج فيمن باع شيئا ثم ملكه، حيثإن هذا المكلف بإيتاء الزكاة قد نقل ماال من غير أن يملكه ثم ملكه بإيتائها من

غير هذا المال، وتمامه في محله. وإن لم يؤدها كان ذاك المقدار باقيا علي ملكمالكه األول فال ينتقل إلى بايع الدار. كما أن ما يعادل ذاك المقدار من الدار

ال ينتقل إلى المشتري، حيث إنه اشتراها بعين المال الذي يكون بعضه المشاعللغير، فحينئذ إن أجاز الحاكم لواليته يصير االشتراء تاما نافذا، ولكن بانتقال

ما يعادل الزكاة من الدار إلى الحاكم - من حيث إنه ولي - (١) فيلزم اشتراء ذاكالمقدار من الدار منه - أي من الحاكم - ثانيا. ولما كان ذلك كله ألجل الوالية،

فال بد من لحاظ غبطة المولى عليه، ألنه القدر المتيقن من شعاع نفوذه وواليته.والحاصل: أن الشركة قبل االشتراء كان في نفس المال، وأما بعده مع

--------------------(١) بمعنى أنه ينتقل إلى أرباب الزكاة ويكون الحاكم وليا علي ذاك المقدار من

الدار. هكذا أمر سيدنا األستاذ - مد ظله - باالصالح.

(٤٤٥)

Page 472: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إجازة الولي يصير المبيع مشتركا بين المالك وولي الزكاة - من حيث الوالية -فال بد من اشتراء ما يخصه من المقدار من الولي.

ثم إن لالشتراك اإلشاعي أحكاما أخر ال يهمنا اآلن بيانها.وأما على الكلي في المعين: تكون الخصوصيات الفردية ملكا للمالك، فله

أن ينقل بعضا معينا بالتصرف الملكي، كما أن له التصرف الخارجي في ذاك البعضالمعين. وأما في الجميع فليس له شئ من ذلك، فإن نقل الجميع أو خصوص

المقدار الذي تعين للزكاة بعد نفاد الحصص األخر بالتصرف ثم آتي حق المستحقيندرج فيمن باع ثم ملك - كما مر - وإال فهو فضولي يجري فيه ما ذكر حرفابحرف. وأما بيان ما لإلجازة من األثر (على النقل والكشف) ففي موطن يليق به.

وأما المقام الثاني:فبيان تعلق الزكاة أو الخمس بالعين بنحو حق الرهانة، هو بأنه تارة: يكون

جميع المال مرهونا بجعل الشارع ذلك بتمامه وثيقة، أو خصوص ما يعادل مقدارالزكاة. وعلى الثاني: إما أن يكون الرهانة أيضا بنحو اإلشاعة أو الكلي في المعين- بأن يكون ما يعادل الزكاة باإلشاعة رهنا - فكل جزء من أجزاء المال قد تعلق

بسهم خاص منه مشاعا حق الرهانة أو بالكلي في المعين، وال ميز بين المقامين منحيث جواز التصرف الملكي بالنسبة إلى غير ما يعادل الزكاة أو الخمس، وكذا من

حيث جواز التصرف الخارجي - على الكلي في المعين - بالنسبة إلى غير ما يعادلهماعند الحصر

نعم: بين المقامين امتياز من جهة الفضولية واالندراج في (من باع ثم ملك)إذ المفروض أن الجميع هنا ملك للمالك ولكنه ليس بطلق، فال أثر لإلجازة في

االنتقال إلى الحاكم ثم االشتراء من الحاكم ثانيا بالنسبة إلى خصوص مايعادل الحق.

(٤٤٦)

Page 473: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فللمالك أن يفك المال من الرهن بأي وجه أمكن: من االيتاء أو العزلأو نحوهما.

هذا مجمل القول فيما يتفرع على كل واحد من تلك المباني، وقد اخترنا(في كتابي الزكاة والخمس) أن التعلق بنحو الملكية ال الحقية استظهارا من نصوص

البابين، وبنحو اإلشاعة ال الكلي في المعين، كما هو خيرة " الماتن ره "، فراجع.ولما تقدم ما به يتضح حكم مسألتي (١٤ و ١٥) لم يتعرض لهما سيدنا األستاذ

(مد ظله العالي).مسألة ١٦ - ال يجوز التصرف حتى الصالة في ملك الغير

إال بإذنه الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال، واألول: كأن يقول:أذنت لك بالتصرف في داري بالصالة فقط، أو بالصالة وغيرها،

والظاهر عدم اشتراط حصول العلم برضاه بل يكفي الظنالحاصل بالقول المزبور، ألن ظواهر األلفاظ معتبرة عند

العقالء. والثاني: كان يأذن في التصرف بالقيام والقعود والنومواألكل من ماله، ففي الصالة باألولى يكون راضيا، وهذا

أيضا يكفي فيه الظن على الظاهر، ألنه مستند إلى ظاهر اللفظإذا استفيد منه عرفا، وإال فال بد من العلم بالرضا، بل األحوطاعتبار العلم مطلقا. والثالث: كأن تكون هناك قرائن وشواهدتدل على رضاه، كالمضائف المفتوحة األبواب والحمامات

(٤٤٧)

Page 474: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والخانات ونحو ذلك، فال بد في هذا القسم من حصول القطعبالرضا، لعدم استناد اإلذن في هذا القسم إلى اللفظ، وال دليل

على حجية الظن.إن استيفاء المقال فيما أفاده " الماتن " في طي مقامات ثالث:

المقام األولفي اإلذن الصريح

ويتضح ذلك على ذمة الجهتين: إحديهما للثبوت، واألخرى لالثبات.أما الجهة األولى: فقد يمكن أن يكون اإلذن حاصال بالفعل تفصيال من

البدو إلى الختم - كما أن كان المالك اآلذن حاضرا ناظرا للصالة المأذون حدوثاوبقاء - حيث إن تلك الصالد حاضرة لدى المالك ومرتسمة في ذهنه أخذا وتماما.وقد يمكن أن يكون حاصال ال كذلك، بل بنحو اللف واالجمال، بحيث لو التفتإلى ما صدر منه من اإلذن لصالة ذاك المصلي بأدنى التفات لحصلت تلك الصورة

السابقة في ذهنه بال سترة وخفاء. وال إشكال في صحة الصالة في هاتين الصورتينعرفا وشرعا.

وقد ال يكون حاصال بالفعل أصال - ال نشرا وال لفا - إذ لم تحصل الصورةفي ذهن المالك رأسا حتى يأذن، ولكن يكون بحيث لو علم لرضى، وهذا أيضا

كاف لدى العقالء، فالرضا الفعلي والتقديري سواء لديهم، لدوران األمر مدار تحققالواقع فعال أو تقديرا، فما وافقه فهو، وإال فال اعتداد به نفيا وال ثبوتا. مثال

لو أذن لشخص زعما من اآلذن أنه أبوه أو أخوه أو صديق له وكان ذلك الشخص عدواله

(٤٤٨)

Page 475: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ويعلم بعدم رضاه في الصالة لو علم كونه عدوا له، ال يجوز لذاك العدو أن يصليفي ذاك المكان وإن صرح المالك باإلذن، إذ المدار الوحيد هو الواقع األعم من

الفعلي والتقديري، ال الظاهر وإن صرح به فيما يكون مخالفا له، فعدم الرضاالتقديري كاف في المنع لدى العقالء.

وبالعكس، لو كره المالك تصرف شخص خاص بالصالة أو غيرها زعما منهأنه عدو له مع كونه أباه أو أخاه ويعلم برضاه لو علم باألبوة أو األخوة، لجاز

له الصالة فيه وإن صرح بالكراهة، إذ المدار هو الواقع الحاصل هنا ولو بالتقدير،والعرف أصدق شاهد على استقرار دأب العقالء.

ولسنا اآلن بصدد بيان ما به يثبت اإلذن، بل بصدد تصوير أنحاء اإلذنثبوتا، فتبين إنها بأسرها كافية، ففي أي موطن تحقق واحد منها لكفى.

وأما الجهة الثانية: فعند قيام إحدى الطرق المعتبرة - بالذات أو بالغير -يحكم بجواز الصالة، ومعه ال حرمة للتصرف فيه حتى توجب البطالن لمكاناالتحاد، وال فرق فيها بين أن يثبت اإلذن صريحا أو ظاهرا وحيث إن ظواهر

األلفاظ حجة معتبرة لدى العقالء - سواء أورثت الظن أم ال - يناقش فيما أفاده" الماتن ره " من الكفاية بحصول الظن من اللفظ، إال بلحاظ الظن النوعي.فتحصل: أنه ال احتياج إلى الصراحة وال الظن، بل يكفي اللفظ الظاهر فيه.

المقام الثانيفي الفحوى

ليس المراد من (الفحوى) هنا هو خصوص ما يكون غير المذكور أولى بالحكممن المذكور، بل أعم من ذلك، وهو (تسرية الحكم إلى ما يالزم المذكور في لساناإلذن عادة ال عقال) وال خصوص ما يلزم تصوره من تصور مصب اإلذن بينا أو غير

(٤٤٩)

Page 476: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بين - على ما في محله - فلو أذن بالتصرفات الدارجة: من القعود واألكلوالنوم وما يضاهي ذلك، يستفاد منه اإلذن في الصالة ونحوها مما يكون من اللوازم

العادية لتلك األمور، وحيث إن اإلذن من الطرق العقالئية الحراز طيب النفسيؤخذ بلوازمه، ألن الطريق حكمه ذلك.

نعم: لو كان بعض تلك اللوازم مغفوال عنه لآلذن - وكان بحيث لو التفتإليه لكرهه - لما جاز للمأذون أن يأتي به، ألن المنع التقديري كالمنع الفعلي

ضار، إذ اإلذن وإن عم ال بد وأن يخصص بالقياس إلى ما ال تكون مرضيا للمالكلو التفت إليه، ووزانه وزان المخصص اللبي المانع عن انعقاد الظهور تارة، وعن

حجيته بعد االنعقاد أخرى، وقد مر تفصيله (في لباس المصلي).ولمكان االختالف الفاحش بين اللوازم وبين األفراد - آذنا أو مأذونا -

ال يمكن بيان الحكم بنحو الضبط العام، لعدم استواء الموارد، والمقدار الذييتأتى لنا بيانه هو ما أشير إليه من دوران الحكم مدار طيب النفس المنكشف

باإلذن الصريح أو غيره، بحيث لو التفت المالك إلى ذاك األمر لما كرهه بل طابتنفسه به.

المقام الثالثفي شاهد الحال

ال ريب في استقرار السيرة على االعتداد باألفعال واألخذ بظاهرها كاألقوال،وهي حجة ما لم تردع، ومن المعلوم: تحققها في مثل المضائف المفتوحة وما

يضاهيها، فيجوز الجلوس والقيام واألكل ونحو ذلك مما يعتاد من التصرفات فيها،ولعل منشأ ذلك هو غلبة الرضا وطيب النفس في أشباه تلك األمور، ويحصل منها

الظن النوعي. كما أن من بنى على حجية االستصحاب من باب (استقرار دأب

(٤٥٠)

Page 477: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

العقالء على بقاء ما كان) منشأه غلبة دوام ما ثبت خارجا، فيحصل منه الظن النوعي.وكيف كان: إن المدار الوحيد هو استقرار السيرة على التصرفات المعتادة

بمجرد صدور فعل خاص من المالك، نحو فتح الباب وغيره من األمارات العقالئيةالتي يحصل منها القطع بطيب النفس تارة، واالطمئنان به تارة أخرى، وال ميز

بينهما في الحجية، ألن الطمأنينة أيضا حجة لدى العقالء وممضاة لدى الشرع.ولكن ذلك كله بلحاظ النوع ال خصوص الشخص، فمن لم يقطع أو لم يطمئن

لشخصه وكان المورد بنحو يقطع أو يطمئن نوعا لحكم بجواز التصرف، لقيام السيرةعلى مثله أيضا. فحينئذ ال تحرم الصالة في شئ من موارد قيام السيرة على التصرف

ومعه ال نهي حتى يجري فيه ما تقدم: من االجتماع أو االمتناع ونحو ذلك.فتبين (في ثنايا البحث) ما في المتن من النقاش، إذ ال ينحصر األمر في خصوص

القطع. كما ال انحصار للطريق في القول، بل الفعل أيضا من الطرق المعتبرةيؤخذ بظاهره، لقيام السيرة على األخذ به إال عند المنع عنه.

مسألة ١٧ - تجوز الصالة في األراضي المتسعة اتساعا عظيمابحيث يتعذر أو يتعسر على الناس اجتنابها وإن لم يكن إذن

من مالكها، بل وإن كان فيهم الصغار والمجانين، بل ال يبعدذلك وإن علم كراهة المالك، وإن كان األحوط التجنب حينئذ

مع االمكان.إن جواز التصرفات الدارجة في األراضي المتسعة غاية االتساع بال جدار

وال زرع وال غرس وما إلى ذلك - مما ال يوجب التصرف فيها الضرر على أربابها -

(٤٥١)

Page 478: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إما مستند إلى طيب النفس المنكشف في أمثال هذه األمور فيها لقيام السيرة علىذلك، وإما مستند إلى قصور ملكية المالك المجازي عند التلقي من مالك

السماوات واألرض. فعلى األول: يجوز التصرف فيما لم يمنع فيه عنه. وعلى الثاني:ليس للمالك المنع عن أمثال تلك التصرفات، لقصور سلطنته المتلقاة من المالك

الحقيقي.والظاهر: استقرار السيرة على أنحاء تلك التصرفات المعتادة، سواء حصل

العلم أو الظن بالرضا أو ال، بحيث ليس للمالك النهي عن ذلك، ولذا ال يفرقفي التصرف الكذائي بين أن يكون المالك ممن له اإلذن أو ال - لحجره بالصغرأو الجنون وما إلى ذلك مما يوجب سقوط إذنه عن االعتبار - إذ ال اعتداد بإذن

من قصده كال قصد وعمده خطأ.وهكذا في األنهار الكبار، الستقرار السيرة القطعية على ذلك من دون

التفات إلى رضاء المالك، والمرية في اتصال هذه السيرة إلى زمن المعصوم عليهالسالم.

ويشهد له أن األئمة عليهم السالم في أسفارهم كانوا يتصرفون فيها لرفع الحدثوالخبث، ولم تكن جميع األنهار من المباحات األولية التي يكون الناس فيها شرعا

سواء. نعم: لو أريد التصرف فيها بنحو غير معتاد - كأخذ المياه الوافرة بالسياراتالمعدة لذلك - فال، بل ال يجوز أخذ ما كان جائزا عند فوران النهر وازدياد مائه

إذا جف مائه وصار قليال، والحاصل: اختالف ذلك باختالف الماء قلة وكثرة.ولو غصب أرض متسعة أو نهر كبير - بأن استولى عليه غير مالكه الشرعي -

لكان جواز التصرفات الدارجة بحاله، ألن السيرة مستقرة عليه. نعم: يشكلذلك بالنسبة إلى الغاصب ومن يعد من توابعه - كضيفه - حيث إنه وإن كان

يجوز له ذلك لوال هذه الجهة، وأما بلحاظها فال، لعدم السيرة عليه.

(٤٥٢)

Page 479: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

مسألة ١٨ - تجوز الصالة في بيوت من تضمنت اآلية جوازاألكل فيها بال إذن مع عدم العلم بالكراهة - كاألب واألم

واألخ والعم والخال والعمة والخالة ومن أملكه المالك مفتاحبيته والصديق - وأما مع العلم بالكراهة فال يجوز، بل يشكل

مع ظنها أيضا.إن استيفاء المقال فيما أفاده المتن - من بيان مفاد اآلية والروايات الواردة

فيه، ومن بيان ما قيل أو يمكن أن يقال في حكم األكل من بيوت هؤالء، ومنبيان ما اختص بهم دون غيره، وبيان عدم إمكان التعدي إلى ما ال يشمله نطاق

اآلية، وبيان حكم الصالة في تلك البيوت - في طي جهات عديدة:الجهة األولى

في مفاد اآلية وما ورد من الرواياتقال الله تعالى... وال على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم... الخ (١)

وظاهرها: نفي الحرج على المكلف أن يأكل من بيته أو بيوتهؤالء المعدودين في الكريمة، وليس األوالد منهم مع أنهم أولى بالحكم، إذ

كما أنه ال حرج على االبن كذا ال حرج على األب أن يأكل من بيت ابنه حسبالعرف والعادة، ولعل عدم ذكرهم إنما هو لالكتفاء لقوله تعالى " من بيوتكم "إذ ال ريب في انتفاء الحرج على من يأكل من بيته، ألنه إن مال أكل وإال فال،

--------------------(١) سورة النور - آية ٦١.

(٤٥٣)

Page 480: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

بال احتياج إلى التنزيل. فالمراد هو إدراج األوالد في الحكم ببيان أن بيوتهمبمنزلة بيوت األب نفسه.

وقيل في سره وجه آخر أيضا، ال افتقار إلى نقله.وأما الروايات - فمنها: ما رواه زرارة عن أبي عبد الله عليه السالم في قول الله

عز وجل: " أو صديقكم " فقال: هؤالء الذين سمى الله تعالى في هذه اآلية يأكلبغير إذنهم من التمر والمأدوم، وكذلك تطعم المرأة من منزل زوجها بغير إذنه،

فأما خال ذلك من الطعام فال (١).ومنها: ما (في المحاسن) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السالم قال: سألته عما يحل

للرجل من بيت أخيه من الطعام؟ قال: المأدوم والتمر (٢) إلى غير ذلك مما يعثرعليه المتتبع.

والظاهر: أن (التمر والمأدوم) مثال لما يجوز أكله، فيجوز في الخبز والماءوبعض الفواكه وما إلى ذلك من األمور المعتادة، دون النفيسة التي يضن بها

إال للخواص من األضياف مثال، كما سيجئ.والمراد من (ملك المفتاح) هو الوكالة والتفويض ونحو ذلك. كما أن المراد

من (األعمام واألخوال وغيرهما من ذوي النسب المذكورين فيها) هو من يصدق عليهعنوان العم أو الخال أو نحوهما بال واسطة، لظهور اللفظ أوال وبالذات فيه، فال

يشمل ما يكون كذلك مع الواسطة.وأما آية تحريم النكاح: فألجل ورود دليل خارجي على التعميم، ولذا

يحكم هناك بتحريم البنت وإن نزلت مع إباء العرف عن إطالق البنت على مننزلت في الطبقات السافلة جدا، فال يقاس المقام بذلك الباب.

--------------------(١) الوسائل كتاب األطعمة واألشربة باب ٢٤ من أبواب آداب المائدة ح ٢.

(٢) محاسن البرقي كتاب المآكل باب ٢١ ح ٣.

(٤٥٤)

Page 481: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الجهة الثانيةفي أن جواز األكل من بيوت هؤالء مطلق أو مقيد

ال ريب في الجواز عند القطع بالرضا وهو خارج عن البحث. كما أنه ال إشكالفي عدم الجواز عند القطع بالكراهة، وهو أيضا خارج عن حريم النزاع، لالجماع

المدعى على العدم.إنما الكالم فيما عداهما من الصور األخر: من الظن بالرضا أو بالكراهة

أو الشك فيهما، فهل يجوز مطلقا؟ أو فيما عدا الظن بالكراهة؟ أو في خصوصالظن بالرضا؟ وجوه وأقوال: والذي يظهر من " الماتن " هو اختصاص الجواز

بما عدا الظن بالكراهة.والذي ينبغي أن يقال: إن الحلية وجواز األكل في المقام ليس على حد

إلقاء اعتبار طيب النفس والرضا تعبدا، بل يكون باقيا علي اعتباره األصيل كماكان، ولذا يحكم بالمنع عند العلم بالكراهة إجماعا، وهذا كاشف بتي عن عدمإلقاء قد الطيب والرضاء، وأن المدار هو الواقع، فليس خصيصة المورد من حيث

إلقاء الواقع، بل من حيث توسعة الطريق الهادية إليه والدالة عليه.وبيانه: بأن القطع وما بحكمه من الطمأنينة طريق عقالئي به يحتج بعضهم

على بعض ولم يردعه الشارع، وأما الظن شخصيا كان أو نوعيا فليس طريقا معتبرالدى الشرع بالعموم، اللهم إال في موارد خاصة قد اقتنع الشرع بذلك تسهيال

على العباد في خصوص تلك الموارد (على كالم في محله).وال خفاء في عدم جواز أكل مال الغير بمجرد الظن الشخصي أو النوعي، إذليس من الطرق المعتبرة شرعا، وأما في خصوص المقام: فجعل الظن النوعيبالرضا حجة وطريقا بعد ما لم يكن، تسهيال على العباد في تلك البيوت. وال

(٤٥٥)

Page 482: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

اعتداد حينئذ بالظن الشخصي على الخالف، لدوران الحكم مدار الظن النوعيهنا، كما أنه ال اعتداد به فيما جعل الوثوق النوعي مناطا للحجية وحكم بأنه

" ال عذر ألحد من موالينا في التشكيك فيما روى عنا ثقاتنا " حيث إنه ال اعتناء بالظنالشخصي على الخالف، ألن هذا اللسان هو طرد التشكيك ألجل الظنون الشخصية.

ولما كان الظن النوعي بجواز األكل من تلك البيوت قائما، حكم الشرعبطريقيته تعبدا، ال إمضاء (كما في الظواهر) إذ ال يعتنى بالظن في القوانين العقالئية،

نعم: الطمأنينة طريق عندهم، ولكنها غير الظن المبحوث عنه، ومن هنا يلزمالجمود على مقدار نطاق اآلية، إذ ال يجوز التعدي في مورد التعبد عن المقدار

المستفاد من الدليل، إال عند القطع أو الطمأنينة بانتفاء الخصوصية.وحيث إن الظن النوعي مختص بأكل ما يعتاد أكله فيها من المأكوالت

الدارجة، ال النفيسة المدخرة للضيف أو للهدايا والتحف، فال يتعدى إليها، كماأنه ال يتعدى من العم ونحوه إلى من ينطبق عليه عنوان العمومة ونحوها ولكنبالواسطة، لفقد الظن النوعي هناك، مع قصور اللفظ عن الشمول، نعم: يتعدى

من األكل إلى غيره من األمور المالزمة له - كالقعود والقيام ونحو ذلك - كماأنه يتعدى من البيت إلى خارجه، بأنه لو التقم من البيت لقمة فخرج يجوز لهبقاء مضغها وبلعها مع كونه في خارج البيت حينئذ، فال يجب اللفظ والرمي

بمجرد الخروج جمودا على كلمة (البيت) نعم: ال يتعدى من البيت إلى الدكانونحوه، لقصور اللفظ.

الجهة الثالثةفي الصالة في تلك البيوت

قد اتضح في الجهة المارة أن جواز األكل من تلك البيوت أمر تعبدهالشرع، فيلزم االقتصار على مقدار تعبده، وأشير هناك إلى النقاش في بعض أنحاء

التصرفات األخر.

(٤٥٦)

Page 483: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما الصالة: فإن كانت مثل النوافل اليسيرة أو الفرائض كذلك، فالظاهر قيامالظن النوعي عليه، مع امكان إلغاء الخصوصية بالنسبة إلى هذا المقدار. وأما الزائدعنه - كالنوافل الليلية وصالة " جعفر الطيار " وما إلى ذلك من الصلوات الممتدة

الذيل - فال، إذ ألظن نوعي مع قصور اللفظ، ومجرد كون الصالة أرجح مناألكل في نفسه ال يوجب التعدي منه إليها، ألن المهم هو األولوية في مقام االثبات

والظهور، ومن المعلوم: قصوره هناك، إذ المناط هو الطيب والرضا المفقود فيكثير من األحيان بالنسبة إلى غير واحدة من الصلوات المندوبة التي يأتي بها الوارد

في البيت مع مسائة رب ذاك البيت، فال ضابط عام، الختالفه باختالف الموارد.والغرض: أن الحكم بجواز الصالة في تلك البيوت بنحو مطلق غير مرضي.

مسألة ١٩ - يجب على الغاصب الخروج من المكانالمغصوب، وإن اشتغل بالصالة في سعة الوقت يجب قطعها، وإنكان في ضيق الوقت يجب االشتغال بها حال الخروج مع االيماء

للركوع والسجود، ولكن يجب عليه قضائها أيضا إذا لميكن الخروج عن توبة وندم، بل األحوط القضاء وإن كان

من ندم وبقصد التفريغ للمالك.ال ريب في استواء البقاء والحدوث في المكان المغصوب من حيث ثبوت أصل

الحرمة، كما ال خفاء في ازديادها بازدياد البقاء، فمن يكون باقيا فيه يكونعاصيا آنا بعد آن، وال ميز في هذه الجهة بين قولي (االمتناع واالجتماع) وللتخلص

عن الحرام يحكم العقل بوجوب الخروج، فوجوبه مقدمي عقلي ال شرعي، إذ

(٤٥٧)

Page 484: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال يعاقب إال على الغصب، ال على ترك الخروج، وليكن هذا هو المراد من المتن.كما أن المراد من وجوب قطع الصالة - بناء على البطالن المبتني على امتناع

اجتماع األمر والنهي - هو القطع الصوري - على ما يتعارف تعبيره - ال القطعالحقيقي، لعدم امكانه فيما هو المنقطع في نفسه، إذ على البطالن لم تنعقد الصالة

أصال حتى تقطع أو تنقطع. نعم: فيما يكون الدخول عن إذن فصلى ثم رجعالمالك عن إذنه يتأتى فيه البحث من جهة القطع أو االنقطاع، ولكن ذلك بعد

انعقاد أصل الصالة صحيحة، ال في مثل الفرض على مبنى االمتناع والبطالن كما هوخيرة " الماتن ره " ومن يحذو حذوه.

وأما وجوب القضاء مع وجوب االشتغال بها حال الخروج مع االيماء فغيرمتضح، إذ ليس في البين إال حكم واحد، فعند امتثاله في الوقت ال وجه لوجوب

قضاءه في الخارج، فاألمر يدور بين عدم وجوب االشتغال باألداء حال الخروج عندالضيق وبين عدم وجوب القضاء على فرض االشتغال به.

والتضاح ما في المتن يلزم التحقيق المستأنف، وإن مر شطر منه في ثناياالمباحث السالفة، فنقول: ال إشكال في صحة النافلة لو أتى بها مؤميا بال استقرار

وال ركوع وال سجود، سواء في سعة الوقت وفي ضيقه، فال يلزم قطعها، إذ ال يستلزمتصرفا زائدا حتى يجب التخلص عنه بالقطع. وتخيل أن القراءة تحريك للهواء

فيحرم لكونه تصرفا زائدا فيجب قطعها أيضا وإن كانت مع االيماء، مقدوح أوال:بأن الالزم على المحبوس بسوء اختياره في المكان المغصوب عدم التكلم وتحريك

اليد واألجفان والرأس وما إلى ذلك من النظائر إال عند الحرج، ألن كل واحدمنها تصرف زائد، وهو - كما في الجواهر - فتوى بعض متفقهة عصره، وال مجال

للركون إليه بعد ما أعطى هو (قده) حق المقال فيه، فراجع.وثانيا: بأن الالزم حينئذ هو سقوط الصالة رأسا عمن ابتلى في المغصوب بسوء

(٤٥٨)

Page 485: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

اختياره، ألنها مستلزمة للتصرف الزائد، فالمحبوس أبدا ال صالة عليه أداء وال قضاء،إذ ال يخرج من ذاك المكان على الفرض، وهو كما ترى! إذ الصالة ال تترك بحال،

ويشهد له ما ورد في كيفية صالة الغرقى: من االكتفاء بصرف التكبير عند عدمالقدرة على غيره من األجزاء والشرائط، فمن ال يقدر إال على التكبير فقط يجب عليه

أن يكبر حتى يدركه الغرق، ومن هنا استفدنا عدم سقوطها بحال حتى عندفقد الطهورين.

والحاصل: أن الصالة التي هذا شأنها يلزم الحكم بسقوطها ما دام العمر عمنابتلى بالحبس األبد.

والسر في عدم حرمة هذه التصرفات أحد أمرين: إما ما أفاده (في الجواهر)من أن الجسم ال يحويه األقل من حجمه وال يحتاج إلى أكثر مما يظرفه قام أو قعد نامأو اضطجع استدبر أو استقبل، فال تصرف زائد حتى يحرم. وإما ما استقرت عليه سيرة

المتشرعين المحبوسين في أدوار الجور والظلم: من األمويين والعباسيين، بعد انضمامالعلم االجمالي بمغصوبية بعض تلك المحابس قطعا، ولم ينقل عن أحد منهم عدم

الحركة والتكلم وما إلى ذلك. نعم: لو فرض استلزام هذه األفعال تصرفا زائدايحكم بالمنع عنها.

ومن هنا تبين: أنه لو أمكن االتيان بالفريضة جامعة لجميع ما يعتبر فيهامن األجزاء والشرائط فاقدة لجميع الموانع من دون تصرف زائد لحكم بالجواز،ولكنها مجرد فرض ال واقع له، إذ البقاء آنا بعد آن عصيان بعد عصيان، وحيث

إنه يعتبر في الصالة الطمأنينة واالستقرار والركوع والسجود، ومن المعلوم:أنها مستلزمة لبطئ الخروج، يحكم بحرمتها، بال فرق في هذه الجهة بين الفريقين

- االمتناعي منهما وكذا االجتماعي - التفاقهم على حرمة البقاء ووجوب التخلصآنا بعد آن، إنما الميز في الحكم الوضعي على تقدير العصيان، حيث إن االجتماعي

(٤٥٩)

Page 486: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قائل بالصحة، دون االمتناعي، فمن عصى في الطمأنينة حال التكبير والقراءةمثال يجب عليه التخلص بالنسبة إلى باقي األجزاء، بأن يشتغل حال الخروج

- وسيأتي التفصيل بين السعة والضيق بعد - وإن عصى أيضا بالنسبة إلى بعض األجزاءالتالية يجب عليه التخلص بالنسبة إلى األجزاء األخر، وهكذا إلى أن تتم، حيثإن االمتناعي قائل بالصحة على تقدير العصيان مع الحكم بلزوم التخلص آنا بعدآن، فلنعطف الكالم إلى الميز بين السعة والضيق من حيث الوقت، فالبحث في

طي جهتين:الجهة األولى

في الصالة في المكان المغصوب مع سعة الوقتقد مر في ثنايا المباحث السالفة ما يغنيك عن التكرار، إذ تبين هناك أن

الكون في المغصوب حرام حدوثا وبقاء، فيجب التخلص عنه عقال آنا بعد آن صوناعن العصيان المتراكم كذلك، وحيث إن الصالة الجامعة لجميع األجزاء والشرائط

موجبة للبطئ والتأخير في الخروج والتخلص لكانت حراما باالتفاق، فعند سعةالوقت يجب الخروج بأسرع مما يمكن، ثم الصالة في مكان مباح، فال يجوزاالتيان بها هناك ال جامعة لألجزاء والشرائط - الستلزمها البطئ المحرم - وال

فاقدة لها - الستلزامها ترك الواجب بال وجه - نعم: لو عصى باالتيان بها جامعةلها يحكم الصحة، على االجتماع - كما مر - وكيف كان: ال مجال لتوهم التبديل

بااليماء عوضا عن الركوع والسجود.نعم: لو أمكن له الخروج في أسرع الوقت من دون فعل المنافي وإتمامها

في مكان مباح ال يجوز قطعا - بناء على الجواز - بل يتم هكذا.

(٤٦٠)

Page 487: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الجهة الثانيةفي الصالة في المكان المغصوب مع ضيق الوقت

لو ضاق الوقت وهو بعد في المكان المغصوب، بحيث ال يسعه الخروج ثماالتيان بصالة المختار في الخارج عنه، يجب عليه االشتغال بالصالة حال الخروج

والتخلص، لكون كل واحد منهما واجبا فوريا - على ما مر عند بيان المراد منوجوب الخروج هناك - وحيث إن الالزم عقال هو التخلص من الغصب فورا ففوراوكان االتيان بصالة المختار منافيا لالسراع والتعجيل، يحكم بسقوط بعض األجزاء

والشرائط، فيصلي ماشيا مؤميا للركوع والسجود - كما في المتن.والهتمام الحكم وغموضته، يلزم استيفاء ما قيل أو يمكن أن يقال وجها

للتبديل بااليماء بسقوط الركوع والسجود ونحوهما والذي يتمسك به لبيانالتبديل بااليماء وجوه:

األول: إن التخلص عن الغصب واجب فورا ففورا، واالتيان باألجزاءوالشرائط التامة مانعة عنه، وحيث إن مفسدة الغصب غالبة على محبوبية المطلوب

األولي، يحكم بسقوط تلك األجزاء والشرائط المانعة عن االسراع في الخروج،فيتبدل بااليماء بدال عن الركوع والسجود، ويترك بعض الحاالت الواجبة بال

بدل - كالطمأنينة واالستقرار - فالحكم حينئذ هو االشتغال بالصالة في حال الخروجمؤميا، ويلزمه االقتصار في التبديل بخصوص ما يستلزم البطئ. وأما لو فرض استواء

البدل والمبدل فال مجال له، مثال لو فرض شخص راكع خلقة أو لشيخوخيته -بحيث ال يتفاوت الحال بالنسبة إليه من حيث السرعة والبطئ مع االتيان بالركوع

الواجب - للزم اتيانه بال اكتفاء بااليماء.وكيف كان: هذا الوجه تام لدى االمتناعي واالجتماعي، ولعله مبنى كالم

األصحاب (ره) في الحكم باالشتغال حال الخروج إيماء.

(٤٦١)

Page 488: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الثاني: إن االتيان بتلك األجزاء والشرائط مستلزم للتصرف الزائد عنأصل الكون المحرم، ال من حيث استلزامه للبطئ وطول مدة الغصب بل ألن هذا

النحو من الفعل كالركوع مثال تصرف زائد بكيفيته الخاصة، فيقتصر بااليماءإذ ما عداه تصرف زائد.

وفيه: أن تلك الهيئات الخاصة ليست تصرفا زائدا عن أصل الكون - كمامر - وإال للزم المنع عن القراءة أيضا، حيث إن تحريك الفم وغيره عند القراءة

مستلزم للتصرف في الفراغ الذي لم يتصرف فيه قبل، وهكذا التكبير، فيلزماالقتصار على مجرد النية القلبية فقط، إذ االيماء أيضا تحريك للرأس أو الجفن،

وهو تصرف زائد!أضف إلى ذلك: ما تقدم من لزوم اقتصار المحبوس في مكان مغصوب على

الهيئة التي كان عليها حين الدخول مثال، بال حركة وتكلم وغيرهما أصال، ومنلزوم سقوط الصالة ما دام العمر عمن حبس فيه كذلك! ويأتي فيه أيضا ما فرض(في الوجه األول) من الشيخ الراكع أو الشخص المنحني خلقة أو لعارض، حيث

إنه ال تصرف في الركوع زائدا على ما هو عليه فلم يتبدل بااليماء؟الثالث: إن المبعد ال يكون مقربا - كما مر - وحيث إن الكون الصالتي

متحد مع التصرف الغصبي، ألن الكون الغصبي عين ذاك الكون خارجا وإن كان غيرهمفهوما، فال يمكن أن يؤتى به متقربا إليه (تعالى) ولما تضيق الوقت واضطر إلى

إتيانها، فال بد من التنزل إلى االيماء الذي ألكون فيه عدا الكون الذي هو منلوازم الجسم، وأما الطمأنينة واالستقرار ونحوهما، فال.

والحاصل: أن المبعد هنا إنما هو الكون الصالتي التحاده بالغصب، ولمكانامتناع التقرب به يتنزل إلى بدله االضطراري، وهو المشي مع االيماء حال الصالة،

وليس الكون جزء لهذه الصالة.

(٤٦٢)

Page 489: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ونظيره ما عن المحقق (ره) من أن الكون ليس جزء في النافلة، فلذا تصحفي المغصوب اختيارا، إذ ال مبعد هناك أصال، النحصاره في (الكون) الذي ال يعتبر

فيها، فوزان الفريضة عند االضطرار المفروض وزان النافلة في حد ذاتها - علىرأي المحقق - فال يعتبر في الفريضة الكذائية الكون، ألنه مبعد يمتنع أن يتقرببه، فيتبدل الكون ببدله االضطراري، أي الصالة ماشيا مؤميا للركوع والسجود.

وفيه - بعد تسليم المبنى - أنه يلزم االقتصار في ترك أجزاء المطلوب األوليبخصوص الكون المبعد، وأما ما عداه من الحاالت الطارئة عليه، فال، بمعنىأنه يلزم ترك خصوص االستقرار والطمأنينة، ألنه كون صالتي، وأما الركوع

فال وجه لتركه، إذ ليس إال االنحناء الخاص، ومن المعلوم: أن هذا التقوس هيئةخاصة ووضع مخصوص يعرض الكون، فهو من حاالت الكائن، وبينهما ميز بين،

إذ العرض له وجود محمولي يخصه، ولذا يقال: كان البياض (بالكان التامة)في قبال الوجود المحمولي الذي لموضوعه. نعم: إن وجوده في نفسه عين وجودهفي غيره أو لغيره، وكم فرق بين أن يكون وجوده في نفسه عين وجوده في غيره،

وبين أن يكون عين وجود الغير!ومما يوضح تعددهما وجدا، أنه ال يحمل العرض على الموضوع، وإن

يحمل العرضي عليه، فال يقال: الجسم بياض، بل يقال: الجسم أبيض، وكذافي المقام ال يقال: إن ذاك الشخص ركوع، بل يقال: إنه راكع.

وكيف كان: إن الركوع وضع خاص غير متحد مع الكون، ألنه هيئة،ال أنه هو هو، والمبعد هو الكون الغصبي، ال ما يعرضه أحيانا، فمعه ال مجال لترك

الركوع باالكتفاء بااليماء، إذ ال اضطرار إلى تركه أصال حتى يتنزل ببدلهاالضطراري. وهكذا األمر في السجود من جهة كونه وضعا خاصا وهيئة مخصوصة،وإن كان له خصيصة، وهي أن من الواجب فيه هو االعتماد ووضع مواضع السجدة،

(٤٦٣)

Page 490: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومن المعلوم: أن إلقاء الثقل الواجب فيه كون صالتي يتحد مع الغصبية، كماأن الوضع كذلك، فعليه ال بد من التنزل إلى االيماء بدال عنه، ولكنه بعد موردللنظر، إذ بمجرد على امكان االعتماد ال يتنزل التكليف إلى االيماء، ولذا أفتى

" الماتن ره " في بحث مسجد الجبهة (مسألة ٢٤) بأنه " لو لم يجد إال الطين الذيال يمكن االعتماد عليه سجد عليه بالوضع من غير اعتماد ".

فيكفيه مجرد التماس، وفي المقام يكتفى بهيئة السجدة مهما أمكن وإنلم تكن بنحو االعتماد، فلم يتنزل إلى االيماء، مع بعده عن (قاعدة الميسور)

كما هو واضح، ألن ما ذكرناه هو أقرب إلى المطلوب األولي المعسور، فال مجالللبعيد أو األبعد مع التمكن من القريب.

وال خفاء في أن المدار الوحيد على هذا (البرهان الثالث) هو عدم صلوحالتقرب بالمبعد، وأما من حيث السرعة والبطئ الذي هو البرهان األول، فال.

فتحصل من جميع ما ذكر: عدم تمامية ما عدا البرهان األول، فبمقتضاهيحكم بلزوم الصالة ماشيا مؤميا، إال فيما ال يتفاوت من حيث السرعة والبطئ،

كما مر.الجهة الثالثة

في قضاء ما صالها في المغصوب مؤمياال ريب في أن المكلف به ليس أزيد من واحد، فإن امتثل في الوقت فال

قضاء في خارجه - كما مر - وإال فله وجه، فإن صلى المضطر بالضيق مؤميا،فأما أن يحكم بالصحة - ألنه التكليف الثانوي في هذه الحالة - أو ال، فعلى األول:ال مجال للقضاء، وعلى الثاني: ال مجال اليجابها - أي الصالة إيماء - عليه، فال بد

لتصحيح القضاء من وجه معقول.

(٤٦٤)

Page 491: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والذي ينبغي أن يقال هو: أنه ال سترة في لزوم تحصيل المطلوب األوليمهما أمكن عند القدرة، سواء كان مقدورا بواسطة أو بال واسطة، ولذا

يحكم بلزوم تحصيل الماء عند القدرة باالشتراء أو االسترضاء، فلو تيمم والحالهذه لكان ممن فات منه المطلوب األولي عمدا.

وفي المقام: لو أمكن تحصيل صالة المختار لوجب بال كالم، وطريقه بإعمالما به تنتفي الحرمة التكليفية، ألنها المانعة الوحيدة في الباب، ومن ذاك الطريق

التوبة والندم البتي، فبناء على أن التوبة مطهرة وجاعلة للتائب كمن ال ذنبله يجب عليه أن يتوب حتى ينتفي به النهي المولوي عن الغصب، حيث إنها

- أي التوبة - مع وجوبها في نفسها صارت مقدمة لتحصيل المطلوب األولي، فحينئذيصير تحصيله مقدورا وإن كان بالواسطة، فمعه يكون التكليف األولي باقيا بحاله،ولو كلف أيضا ببدله االضطراري - أي االيماء - للزم الجمع بين وظيفتي االختيار

واالضطرار - أي الجمع بين البدل والمبدل - ويتفرع عليه، أنه لو صلى مؤميالفات منه المطلوب األولي االختياري، فيشمله " من فاتته الفريضة " فيلزم قضائها.

إزاحة وهمقد يتوهم: أن مورد التوبة إنما هو بعد التخلص وهذا غير ممكن في المقامبعد قاعدة (االمتناع باالختيار ال ينافي االختيار) فال قبح حينئذ في التكليف

بالخروج مع حرمته عليه.والحاصل: أن الندامة إنما هي على العمل السابق، وأما الالحق الذي

لم يوجد بعد فال عصيان بالنسبة إليه حتى يندم ويتوب عنه، فمعه ال يمكن انتفاءالنهي المولوي الموجب للمبعدية.

ولكنه يزاح بأن ذلك إنما يكون تاما بالقياس إلى الالحق الذي زمامه

(٤٦٥)

Page 492: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وجودا وعدما بيد ذاك الشخص، وأما الالحق الذي قد تحقق مبادئ وجودهحتما وكان لحوقه ضروريا فهو بمنزلة السابق، فيمكن التوبة عنه، كمن ألقى

نفسه من شاهق حيث إن سقوطه الموجب لهالكه أمر ضروري اللحوق، فله حينما يكون بين المبدء والمنتهى أن يتوب لله حتى ال يعذب يوم القيامة، وال يمكن

القول بعدم قبول التوبة منه بعد ما ورد من امتداد أمدها إلى الزهاق، فال مجالللحكم بعدم قبول توبته عن ذنب االنتحار الذي لم يتعقبه القتل بعد. ومن هنا

انقدح ما (في الجواهر) من االضطراب فيه، من حيث عدم التفطن لهذا الميز التامبين الحق ضروري اللحوق وبين الحق ممكن اللحوق أوال، ومن حيث استناد الجمعبين البدل والمبدل بقاعدة (االمتناع باالختيار ال ينافي االختيار) في تقريب االشكالوتقرير المطلب ثانيا، ألن الموجب للزوم تحصيل المبدل هو قاعدة وجوب تحصيلالمطلوب األولي عند القدرة عليه ولو بالواسطة، ال قاعدة االختيار المذكورة، فتدبر

جيدا، ألن االمتناع باالختيار وإن ال ينافي االختيار عقابا، ولكنه ينافيه تكليفا،إذ المفروض امتناع انبعاث ذاك المكلف من هذا األمر والحال هذه.

عود إلى بدءثم إن غموضة البحث واعتياصه على غير واحد من األعاظم - فضال عن

غيرهم - قد أوجب انعطاف سيدنا األستاذ (مد ظله العالي) إليه ثانيا، فأفاد بمامغزاه: أن التوبة كما أنها مطهرة للتائب من الذنب السابق كذلك مطهرة له من

الالحق الضروري - ال أي الحق - ولذا يحكم بصحة توبة من ألقى نفسه من شاهقوهو بين المبدء والمنتهى، ألنه مقتضى ما ورد من اتساع أمدها إلى الزهوق، فلوانجمد على أن التوبة إنما هي بعد الذنب للزم عدم قبولها في المثال ونحوه مما

قد تحقق مباديه الوجودية حتما وكان ترتبه على تلك المبادي قهريا، إذ قبل

(٤٦٦)

Page 493: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تحقق ذاك المسبب القهري - أي القتل في المثال - ال ذنب أصال حتى يتاب عنه،ألن المحرم الشرعي إنما هو المسبب ال السبب، وبعد تحقق ذلك المسبب ال إمكان

للتوبة، إذ ال تائب حتى يتوب، وهو كما ترى!فصحة التوبة بالقياس إلى الحق ضروري اللحوق تامة، فحينئذ يمكن أن

يتوب الغاصب ويندم رأسا، ولكن أثر هذه التوبة مختلف بالقياس إلى السابقوالالحق، إذ تأثيرها بالقياس إلى السابق إنما هو بانتفاء العقاب ال أصل الحرمة،

ألن التصرف السابق صدر حراما وال معنى النقالبه مباحا، وأما بالقياس إلى الالحقفبانتفاء الحرمة، فال نهي مولوي حينئذ.

ومعه يمكن االتيان بصالة المختار الواجدة لألجزاء والشرائط، ألن المانععلى مبنى امتناع اجتماع األمر والنهي كان أحد أمور:

األول: عدم تمشي قصد القربة فيما هو حرام، ومن الواضح انتفاء هذاالمحذور، إذ ال حرمة حتى ال يتمشى قصد القربة.

الثاني: عدم كون المبعد مقربا، وهو أيضا منتف، إذ ال يكون التصرفالالحق مبعدا، وإال لما صار التائب طاهرا كيوم ولدته أمه وكمن ال ذنب له،

ألن من آثار يوم الوالدة عدم البعد، وكذا من آثار من ال ذنب له، فال مبعد فيالبين حتى ال يكون مقربا، بل األمر ينحصر في المقرب وحده.

الثالث: لزوم المصلحة الغالبة في نفس الفعل حتى يصلح ألن يتقرب به، فمافيه الفساد غير صالح ألن يتقرب به، فال يمكن للعبد أن يتقرب بقتل صديق المولىزعما بأنه عدو، إذ العبد وإن كان معذورا عند الجهل بالموضوع، ولكن فعله غيرصالح للتقرب به. نعم: يمكن التقرب من جهة االنقياد الخارج عن البحث الدائر

حول الحسن الفعلي ال الحسن الفاعلي، فعلى هذا المحذور ال مجال لصالة المختار،إذ ال تكون صالحة للتقرب بها والحال هذه، ألن التوبة وإن أوجب طهارة الفاعل

من الذنب، ولكن ال تؤثر في الفعل بأن تجعله صالحا للتقرب به.

(٤٦٧)

Page 494: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والنقض بصحة صالة الجاهل بالغصبية أو الناسي لها - حيث إنها صحيحةهناك مع اشتراك الجميع في نفاد المصلحة الغالبة - مندفع بالفارق، وهو اختصاص

ذاك بما إذا التفت بعد الفراغ من الصالة، فيشمله قاعدة (ال تعاد) بخالف المقامالذي لم يشرع بعد فيها - أي في الصالة -.

هذا كله على مبنى امتناع اجتماع األمر والنهي، وأما على االجتماع(كما هو المختار) فلو صلى فيه صالة جامعة لألجزاء والشرائط صحت في السعةوالضيق، وإن أثم بالغصب الزائد، حيث إنه بلحاظ الحكم التكليفي يجب الخروجعليه فورا ففورا، فال يجوز له االشتغال بها في السعة، ولو اشتغل لكان حكم العقل

بفورية التخلص باقيا على حاله، وكذا حكم الشرع بحرمة الغصب، ولكنه عندالعصيان يسقط النهي فتصح الصالة، وإن يعاقب، كما أنه ال إشكال (في بحث الترتب)

أنه عند عصيان األمر باألهم وسقوطه به - أي بالعصيان كإراقة الماء الذي به تزالالنجاسة عن المسجد - يحكم بصحة الصالة مع الطهارة الترابية، لست أقول: إن

المقام من هذا القبيل، بل المراد هو التشبيه المقرب للمقصود إلى الذهن، ال التمثيلالذي يعتبر فيه التطابق التام بين المتماثلين.

مسألة ٢٠ - إذا دخل في المكان المغصوب جهال أو نسياناأو بتخيل اإلذن ثم التفت وبان الخالف، فإن كان في سعة الوقتال يجوز له التشاغل بالصالة، وإن كان مشتغال بها وجب القطعوالخروج، وإن كان في ضيق الوقت اشتغل بها حال الخروج،

سالكا أقرب الطرق، مراعيا لالستقبال بقدر االمكان،وال يجب قضائها وإن كان أحوط، لكن هذا إذا لم يعلم برضا

(٤٦٨)

Page 495: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المالك بالبقاء بمقدار الصالة، وإال فيصلي ثم يخرج، وكذاالحال إذا كان مأذونا من المالك في الدخول، ثم ارتفع اإلذن

برجوعه عن إذنه أو بموته واالنتقال إلى غيره.إن الكون في ذاك المكان المغصوب (في هذه الصور األربع المذكورة في المتن)ينقسم إلى قسمين: سابق ال ذنب فيه، والحق ال عقاب عليه إن اقتصر على مجرد

الخروج عند تبدل الحال، ألن الدخول فيه لم يكن بسوء االختيار حتى يعاقبعلى الخروج أيضا، فلم يكن الكون السابق مبعدا، وال يكون الالحق كذلك

فيما اقتصر على التصرف الخروجي فقط. وبعد اتضاح هذه الوجيزة نأتي بفروعالمتن فيما يلي:

الفرع األول: ال يجوز االشتغال بالصالة في سعة الوقت في ذاك المكان ما لم يعلمبرضا المالك بالبقاء بمقدار الصالة، ألن المقدار الجائز من التصرف عقال هو ما كان

بقدر الخروج، وأما الزائد عنه، فال. نعم: لو فرض عصيانه ببقائه فيه والصالةلصحت صالته - على المختار - ومنه يتضح حكم الفرع اآلتي.

الثاني: وهو أنه لو كان تبدل الحال باتضاح الغصبية بعد االشتغال بالصالةللزم التخلص فورا ففورا، وهو قد يستلزم القطع ورفع اليد عنها كما إذا كان

الخروج ما حيا لصورتها، وقد ال يستلزم كما إذا لم يكن كذلك، بأن كان قريبالمخرج بفصل خطوة أو نحوها بال محو لصورتها وال انحراف عن القبلة، بناء على

لزوم االستقبال (كالطهارة) من البدو إلى الختم وإن كان في الحاالت التي ألذكرفيها وال ركوع وال غيرهما من األجزاء الواجبة، فيلزم تفصيل ما أطلقه

" الماتن ره " من وجوب القطع بما ذكر.

(٤٦٩)

Page 496: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الثالث: لو كان التبدل المذكور عند ضيق الوقت، ولم يمكن الجمع بينصالة المختار والخروج عنه، يرفع اليد عن الطمأنينة ونحوها مما يوجب البطؤ

فيخرج مصليا، سالكا أقرب الطرق، مراعيا لالستقبال بقدر االمكان، فتصح أداءفال يجب القضاء، إذ لم يفت شئ حتى يقضي، لعدم جريان ما مر: من لزوم تحصيل

المطلوب األولي بالتوبة، إذ ال ذنب في البين حتى يندم ويتوب.تنبيه:

قد يمكن تصحيح الصالة االختيارية في الموارد التي يكون الخروج فيهامباحا - كهذه الصور األربع وما يضاهيها - ولكن بعد االلتفات إلى أن جواز التصرف

الخروجي على نحوين: أحدهما مطلق، واآلخر مقيد.وبيانه: بأن الخروج عند تبدل الحال - بانكشاف الغصبية بعد اختفائها، أو

بارتفاع إذن المالك بعد وجوده - ال محالة يستلزم أمدا يخصه ومدة تظرفه،وال ريب في عدم حرمة التصرف في تلك المدة الخاصة التي ال بد منها للخروج،

فحينئذ إما أن يكون جواز التصرف في تلك المدة مطلقا (أي سواء كانت تلك المدةمتصلة بآن تبدل الحال أو منفصلة عنه) أو مقيدا (أي خصوص ما كانت متصلة به

مصروفة للخروج) فأما على الثاني: فكالمه ما مر: من لزوم التخلص فورا ففورابحسب التكليف مع الصحة على فرض العصيان. وأما على األول - أي المطلق -فيمكن تصحيح الصالة باقيا في ذاك المكان في الجملة على مبنى االمتناع أيضا،وذلك: بأن يفرض كون مدة الخروج الجائز عشر دقائق، ومدة الصالة باقيا في

ذاك المكان جامعة لجميع األجزاء والشرائط الواجبة أقل منها - بحيث يفرغمنها قبل انقضاء تلك المدة أو مساويا لها - إذ ال إشكال في الصحة هنا، لوقوع

الصالةوتحققها في مدة كان له التصرف فيها بالكون، وإنما المحرم هو بالقياس إلى الزائد

عن القدر الجائز، فالمقدار الزائد عنه المصروف في الخروج حينئذ حرام، ومنشأ

(٤٧٠)

Page 497: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الصحة هو وقوع الصالة حالال وإن وقع الخروج حراما، إذ الصالة في مثل المقاممستلزمة للحرام، ال متحدة به، وهو واضح.

وهكذا لو فرض كون مدة الصالة أزيد من األمد الجائز للخروج، ولكنوقعت األكوان الصالتية مباحة وبقى بعض أجزائها الواجبة الغير الكونية

- كالتشهد والسالم ونحوهما - زائدا عن األمد السائغ، حيث إن البقاء حينئذ وإنكان محرما ولكنه غير متحد مع المأمور به على مسلك االمتناع أيضا. نعم:

لو وقع بعض تلك األكوان في الزائد عن أمد الخروج، فللبطالن على ذاكالمسك وجه.

وقد تعرض لما يشبه ما حققناه (في الجواهر) ولكن ال فيما كان الدخول مباحاواقعا أو للعذر، بل في أصل المسألة عند قول المحقق (ره) " وإذا ضاق الوقت وهوآخذ في الخروج صحت صالته " حيث قال (قده) " وقد يشكل بأن مقتضى ذلك

أنه لو صلى هذه الصالة من غير اشتغال بالخروج تصح صالته وإن أثم بترك التشاغل،وحينئذ فقول المصنف: " ولو صلى ولم يتشاغل بالخروج لم تصح صالته " في غير

محله، إال أن يريد الصالة المشتملة على الركوع والسجود مثال، والسر في ذلك:أن الكون حال التشاغل بالصالة الكذائية العارية عما عدا النية واألذكار وااليماء

ليس كونه صالتيا كي يقتضي حرمته فسادها ". انتهى بتلخيص وتغيير ما لعبارته،والغرض مجرد التنظير، ال أنه هو المبحوث عنه هنا، فتبصر.مسألة ٢١ - إذا أذن المالك بالصالة خصوصا أو عموما ثم

رجع عن إذنه قبل الشروع فيها وجب الخروج في سعة الوقت،وفي الضيق يصلي حال الخروج على ما مر. وإن كان ذلك بعدالشروع فيها، فقد يقال: بوجوب اتمامها مستقرا وعدم االلتفات

(٤٧١)

Page 498: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إلى نهيه وإن كان في سعة الوقت، إال إذا كان موجبا لضررعظيم على المالك. لكنه مشكل، بل األقوى: وجوب القطعفي السعة والتشاغل بها خارجا في الضيق خصوصا في فرض

الضرر على المالك.ال إشكال في عدم العقاب في التصرف السابق واقعا، إذ المفروض تحقق طيب

نفس المالك به، وال يكشف الرجوع عن الكراهة الماضية، إذ ليس إال بداء وندامةفالتصرف السابق وقع حالال، وهكذا الخروج يقع مباحا، لعدم امكان النهي عنه

في نفسه، ولعدم مسبوقيته بسوء االختيار حتى يحكم بتأثيره في العقاب، كما مر.إنما الكالم هنا في الفروعات األربع التي أفادها (في المتن) وتصويرها: بأن الرجوع

عن اإلذن إما قبل الشروع في الصالة أو بعده، وعلى كال التقديرين: إما في سعةالوقت أو ضيقه، فهيهنا فروع أربعة:

الفرع األول:أن يكون الرجوع عن اإلذن في السعة قبل الشروع في الصالة: وال ريب

حينئذ في حرمة التصرف الزائد عن التصرف الخروجي، إذ ال اضطرار إلى ذلكالزائد، والكالم فيه من حيث اإلذن المطلق والمقيد بالنسبة إلى أمد الخروج

هو ما مر.وليس في البين ما يعارض حرمة التصرف في مال الغير حتى يتأمل في العالج،

إذ المفروض أنه لم يشرع بعد في الصالة حتى ينافيه حرمة القطع ووجوب االتمام،ولم يتضيق الوقت حتى ينافيه لزوم االتيان بجميع األجزاء والشرائط.

فيتعين الحكم بلزوم الخروج فورا ففورا ما لم يلزم تصرف زائد

(٤٧٢)

Page 499: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الفرع الثاني:أن يكون الرجوع عن اإلذن في الضيق قبل الشروع في الصالة: والكالم فيه

من حيث حرمة التصرف الزائد عن الخروج هو ما مر، وكذا من حيث انتفاءما يعارضه، إذ ال حرمة للقطع، ألن المفروض عدم الشروع فيها.

نعم: يمتاز عن األول باستلزام الخروج واالتيان بها في هذه الحالة سقوطبعض األمور الواجبة فيها - كالطمأنينة ونحوها - وسيوافيك العالج عند دوران

األمر بين التصرف في مال الغير وبين ترك بعض األجزاء الصالتية الواجبة، فارتقب.الفرع الثالث:

أن يكون الرجوع عن اإلذن في السعة بعد الشروع في الصالة: وهذا مركزتضارب اآلراء، الختالف األدلة وتهافت مقتضياتها.

فمن تلك اآلراء: ما هو خيرة العالمة (ره) وجماعة: من أنه يجب عليه الخروجمع االتمام خارجا بال قطع لها.

ومنها: لزوم قطع الصالة، وهو المنسوب إلى ظاهر كالم " الشيخ ".ومنها: لزوم االتمام مستقرا، وهو خيرة الذكرى والبيان - على ما في

الحدائق - وقد نقل هنا قولين آخرين يمكن اإلشارة إليهما في المسألة التالية.وتلك األدلة - الموجبة لتشتت هذه اآلراء - عبارة عن: وجوب اتمام العملوحرمة القطع، وعن حرمة التصرف الزائد عن التصرف الخروجي، وعن لزوم

انحفاظ األجزاء والشرائط الواجبة.فيلزم التأمل البالغ فيها، حتى يتضح أن أيا منها أقوى وأهم من اآلخرين،

بعد مالحظة تماميته في نفسه، فنقول بمنه تعالى:

(٤٧٣)

Page 500: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

في نقد أدلة وجوب اتمام العمل وحرمة القطعقد يستدل لحرمة قطع الصالة بالكريمة الناطقة بقوله تعالى " يا أيها الذين

آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وال تبطلوا أعمالكم " (١) حيث إنها تنهى عنإبطال العمل، ومن المعلوم: أن قطع الصالة إبطال لها، فال يجوز تكليفا. ولكن

تمامية االستدالل متوقفة على بيان ما تحتمله اآلية، وهو - كما أفاده الشيخاألنصاري (قدس سره) في الفرائد - أمور:

األول: هو أن يكون المراد، إحداث البطالن في العمل الصحيح وجعلهلغوا ال يترتب عليه األثر، كالمعدوم.

الثاني: أن يكون المراد هو إيجاده باطال القترانه بما يمنع عن الصحة أوالفتقاده ما يقتضيها، نحو " ضيق فم الركية " والنهي على هذين الوجهين ظاهره

االرشاد، إذ ال يترتب على إحداث البطالن في العمل المنعقد صحيحا أو إيجاده باطالعدا فوت مصلحة العمل الصحيح، فال نهي مولوي.

الثالث: أن يكون المراد قطع العمل ورفع اليد عنه - كقطع الصالة والصوموالحج في األثناء - ويمكن ارجاعه إلى األول، بأن يراد من (العمل) ما يعم الجزء

المتقدم، ألنه عمل أيضا، وقد وجد على وجه قابل لترتب األثر وصيرورته جزءفعليا للمركب، فال يجوز إسقاطه عن القابلية. وجعل هذا المعنى متغايرا لألول

مبني على كون المراد من (العمل) مجموع المركب الذي وقع االبطال في أثنائه.وكيف كان: فالمعنى األول أظهر، لكونه المعنى الحقيقي. إلى أن قال

(قدس سره) " هذا كله مع أن إرادة المعنى الثالث الذي يمكن االستدالل بهموجب لتخصيص األكثر، فإن ما يحرم قطعه من األعمال بالنسبة إلى ما ال يحرم

--------------------(١) سورة محمد - آية ٣٣.

(٤٧٤)

Page 501: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

في غاية القلة " انتهى بتلخيص وتغيير ما، ولقد أجاد بما أفاد!وال خفاء في أن حرمة قطع الحج إنما هو لدليل يخصه، كما أن حرمة

قطع الصوم أيضا كذلك، لعدم امكان التدارك في الوقت ألنه مستوعب إياه، فليسالقطع المحرم فيهما ما هو المبحوث عنه هنا - أي المستفاد من اآلية -.

وقد يستدل لها في خصوص الصالة باالجماع. والحق أنه في الجملة تام، لعدماالختالف ظاهرا فيما يكون القطع اقتراحيا بال حاجة وال ضرورة، ولكن ثبوته

في مثل المقام المستلزم للتصرف المحرم ممنوع، ولذلك اختلف المجمعون أنفسهمفيه، فذهب بعضهم إلى وجوب االتمام مستقرا، وبعضهم إلى وجوبه حال الخروج،فحينئذ يشكل الحكم باالتفاق، بل ال يمكن، وإال لما اختلفوا في المقام، وسيوافيك

بيان أهمية حرمة التصرف في مال الغير من حرمة القطع، فارتقب.وقد يستدل لها أيضا بما ورد من " أن الصالة تحريمها التسليم وتحليلها

التكبير " إذ الظاهر منه هو حرمة غير واحد من األمور على المصلي بمجرد التكبيرمع صيرورتها حالال له بالتسليم (وسيأتي البحث المشبع في حرمة القطع، فارتقب).

وفيه: أنه ال يستفاد منه إال كبرى عامة، وهي حرمة ما حرمه الدليل منخارج، نظير حرمة األشياء الخاصة بمجرد عقد االحرام للحج أو العمرة، وأمابيان أن تلك األمور ما هي؟ وأن القطع واالبطال هل هو من تلك األمور أو منغيرها؟ فال. نعم: لما لم يمكن القطع إال بفعل المنافي لدل على حرمته، فهي

تامة الداللة على تحريم القطع، ولكن يدور األمر بين التخصيص في النافلة وبينحمل التحريم على الحرمة الوضعية فقط.

وقد يتمسك لها بقاعدة " إن الصالة على ما افتتحت " ولكنها المساس لهابالمقام الصطيادها من نصوص باب النية األجنبية عن المبحوث عنه، فال نطيل.

وليعلم: أن حرمة القطع ليست في حد يقاوم المنع عن الغصب والتصرف

(٤٧٥)

Page 502: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المحرم، إذ المشهور من الفقهاء (ره) في غير مورد ترجيح حرمة الغصب على كثيرمن األحكام.

مثال لو دار األمر بين التستر بالمغصوب وبين الصالة عاريا يحكم بالثاني.ومن هذا القبيل ما ورد من االكتفاء بالحشيش ونحوه في التستر، إذ من الواضح

عدم جواز التستر بالمغصوب هناك، فتجويز الحشيش مع إمكان التستر بالمغصوبشاهد على تقدمه عليه، بل على أصل الستر - كما أشير إليه - إذ تجوز عاريا بال

ستر مع إمكان التستر بالمغصوب. وهكذا ما ورد: من الصالة قائما بال انحناءوال انخفاض للركوع والسجود، لالكتفاء بااليماء عند فقدان الستر وعدم األمن

من المطلع، حيث إن أهمية الغصب مقدمة على أهمية تلك األجزاء، إذ يرفعاليد عنها دونه - أي الغصب - فمع إمكان التستر بالمغصوب يحكم بالصالة عاريا

مؤميا في بعض الموارد. وليس ذلك إال لالهتمام المذكور.وكذا لو دار األمر بين التوضي بالمغصوب وبين التيمم، يحكم بسقوط الوضوءالذي هو المطلوب التام األولي، دون الغصب الباقي على حرمته التامة، إلى غير

ذلك من النظائر الفقهية الشاهدة على تقدم حرمة الغصب على غير واحد مناألحكام.

ومن هنا يتضح: أن لزوم انحفاظ األجزاء والشرائط إنما هو فيما ال يكونبنحو الغصبية المحرمة، ولذلك يحكم بجواز السجدة على الفرش ونحوه حتى

اإلصبع عند فقد ما يصح السجود عليه، مع عدم جواز االكتفاء بمسجد غصبي،فلو كان هناك ما يصح عليه السجود بطبعه ولكن كان مغصوبا لحكم بأنه كالعدم،

فاالنتقال إلى ذاك البدل االضطراري مع إمكان المبدل الغصبي أقوى شاهد علىسقوطه عند استلزام الغصب.

فتحصل: أن شيئا من حرمة قطع الصالة ولزوم انحفاظ األجزاء والشرائطالواجبة لها ال يعارض حرمة الغصب، هذا.

(٤٧٦)

Page 503: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ولكن قد يقال: بأن المقام مما ال اعتداد فيه بطيب نفس المالك ورضاه، ألنهبعد رضاه وإذنه بما هو الزم االتمام شرعا - كالصالة - ليس له المنع عنه بقاء، وإن

تبدل طيب نفسه بالكراهة لما كان لها أثر، نظير اإلذن في الرهن واإلذن في الدفن،حيث إن الرهن لما كان الزما من قبل الراهن، فلو رهن ماال بإذن مالكه لما أمكنالفك بمجرد تبدل رضاه، وهكذا لو طابت نفسه بدفن ميت مسلم في ملكه فليس

له المنع عنه بقاء، وال وقع لكراهته العارضة بزوال الطيب، إذ ال اعتداد له بقاءحتى يضر فقده أو وجود ما يقابله من الكراهة، والمقام من هذا القبيل، ألن

الصالة كالرهن الزم البقاء شرعا، إذ ال يجوز قطعها اختيارا، فحينئذ يكون اإلذنفيها إذنا فيها بقاء ورضا بلوازمه، وعلى فرض نفاده ال أثر للكراهة الطارئة.

ولكن التحقيق يأباه، للميز الواضح بين المقيس والمقيس عليه، وبيانه:بأن سقوط الكراهة ونفاد الطيب عن التأثير إنما يكون ألحد أمرين: أحدهما

ثبوت حق ألحد بنحو يستلزم االعتداد بالكراهة سقوط ذاك الحق، واآلخر ثبوتحكم شرعي على خصوص المالك أو على ما يعمه بنحو ال يمكن تركه. أما األمر

األول: فكان يلتزم ويتعهد في ضمن عقد مثال إتيان عمل خاص - كالخياطة أو الغرسأو الزرع وما إلى ذلك من األمور المالية - حيث إنه يجب عليه القيام بما تعهدهرضى أم ال، لعدم االعتداد بطيب نفسه وال بكراهته، إذ االعتناء به مستلزم لفواتحق الغير. وال مجال للتمسك بقوله " ال يجوز أو ال يحل... إال بطيب نفسه ".

ألنه بعد االقدام على ذاك التعهد فقد أذهب حرمة ماله بما تعهده، فعليه القيامبه طابت نفسه أم ال.

ومن هذا القبيل اإلذن في الرهن، إذ يحصل به حق للمرتهن على ذاك المالالمرهون، فليس لإلذن أن يرجع، ألنه يستلزم فوات حق المرتهن، فلو تبدل طيب

نفسه قهرا بالكراهة لما كان له أثر أصال، لعدم اعتباره بقاء، ولذا يحكم بعدم

(٤٧٧)

Page 504: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

االعتداد بالكراهة الطارئة فيما لو طابت نفسه بوضع حجرة أو خشبته في البناء أوال،ثم بعد الوضع والبناء ندم وبدا له، فكره بعد الطيب، إذ ال ريب في عدم االعتداد بهذه

الكراهة المستلزمة لذهاب حق الغير، ألن غرائز العقالء في أمثال المقام على أناإلذن والرضاء السابق بمنزلة إعطاء حق الزم، بحيث ال يمكن إبطاله وإذهابه.

والمهم هو الفحص عن كونه إعطاء لحق أو إباحة خاصة - نحو إطعام الضيف -حيث إنه يمكن للمالك المطعم أن يرجع عن إذنه قبل االلتقام وإن كانت اللقمةفي يد ذاك الضيف مثال، وأما بعد االزدراد والبلع، فال، الستفادة مجرد اإلباحةمن اإلذن قبل األكل مع استفادة الحقية منه بعده، فال يصح المنع حينئذ، فيلزمالتأمل في أن اإلذن في الصالة هل هو مجرد إباحة أو اعطاء حق، فعلى األول

يجوز الرجوع، دون الثاني. ولكنه بعيد، لقوة احتمال اإلباحة، فقياس ذلكمع اإلذن في الرهن مع الفارق، إذ الثاني بمنزلة الضرر المقدم عليه، دون األول.

وأما األمر الثاني: فكأن يأذن في دفن المسلم في ملكه، حيث إن الدفن وإنكان واجبا كفائيا ولكن النبش حرام عيني، فيحرم على كل مكلف أن ينبشه

ومنه (المالك اإلذن) فيحرم عليه نبشه، كما يحرم على من دفنه أيضا، بال ميز،فهذا الحكم التكليفي العام موجب لسقوط اعتبار طيب نفسه، ألن الطيب والكراهة

وإن كان لهما مبادي نفسانية خاصة يجبان بها ويمتنعان دونها، إال أن إناطةاألحكام بهما مختلفة. والمدعى أن في مثل المقام ال اعتداد بالطيب، وإال لزم النبش

المحرم، وهذا أيضا نظير ما مر في األمر األول، فال يقاس باإلذن بالصالة، ألن قطعهاعلى فرض الحرمة خاص بالمصلي ال غير، ألنه تكليف يخصه، فحينئذ يمكن تبدل

طيب نفس المالك بالكراهة، وليس عليه - أي على المالك - شئ وضعي أو تكليفييمنع عن نفوذ كراهته، إذ ليس اإلذن في الصالة بمنزلة إعطاء حق للغير - كما مر -

بل مجرد إباحة التصرف يدور مدار طيب النفس حدوثا وبقاء.

(٤٧٨)

Page 505: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فتبين من جميع ما ذكر: أن شيئا من دليلي حرمة قطع الصالة ولزومانحفاظ األجزاء والشرائط ال يقاوم دليل حرمة التصرف الزائد الغصبي، ومن هنا

ظهر وجوب القطع - لوال االنقطاع - مع اتيان الصالة الجامعة لألجزاء والشرائطفي خارج المكان المغصوب إن يستلزم الخروج والتخلص محو صورة الصالة، وإال

فال - كما مر تفصيله - كما أنه يتضح حكم الفرع اآلتي.الفرع الرابع:

وهو أن يكون الرجوع عن اإلذن في ضيق الوقت بعد الشروع في الصالة.فالحق فيه أيضا لزوم التخلص فورا ففورا، بأن يتشاغل بها حال الخروج،

ألن انحفاظ األجزاء ال يقاوم حرمة التصرف الزائد عن مقدار الخروج، حيث إنهذا التصرف الخروجي جائز شرعا، فال مجوز للتأخير المستلزم لفوات الوقت كال

أو بعضا، وسيوافيك ما به يتضح ما أجملناه اآلن فيما يلي:وأما مسألة ٢٢ - فالحتياج لها إلى بحث مستأنف بعد ما حقق مستوفا:

من إناطة األمر بطيب النفس واقعا.مسألة ٢٣ - إذا دار األمر بين الصالة حال الخروج من

المكان الغصبي بتمامها في الوقت، أو الصالة بعد الخروج وادراكركعة أو أزيد، فالظاهر: وجوب الصالة في حال الخروج،

ألن مراعاة الوقت أولى من مراعاة االستقرار واالستقبالوالركوع والسجود االختياريين.

(٤٧٩)

Page 506: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قد يوجه خيرة " المتن " بأن مصلحة الوقت أهم من مصلحة تلك األمورالواجبة االختيارية، حسب الشواهد الواردة في بعض الموارد.

وأما قاعدة (من أدرك) فهي ليست بصدد تجويز التأخير، ألنها مختصة بماإذا لم يبق من الوقت فعال إال مقدار ركعة، فال تشمل ما إذا بقي بمقدار تمام الصالة

ولكن يؤخرها إلى أن يبقى مقدار ركعة.وفيه - بعد الغض عن بعض ما فيه من النقاش - أن المستفاد من قاعدة (من

أدرك... الخ " هو االكتفاء بادراك ركعة في الوقت مطلقا، فهي بطبعها األوليغير مقيدة باالضطرار ونحوه، اللهم إال باالنصراف عن صورة التأخير العمدي،إذ تجويزه مستلزم للغوية التحديد بوقت خاص، ألن جواز إيقاع ثالث ركعات

من العصر أو العشاء مثال في خارج الوقت عمدا موجب لعدم التحديد المعهود وكونهلغوا، فلهذه النكتة تنصرف هذه القاعدة عن التأخير ال لعذر، نظير ما حققناه في قاعدة

(ال تعاد) من انصرافها عن ترك ما عدا الخمسة المذكورة فيها عمدا - أو ما بحكمه -صونا عن اللغوية، ولذا يحكم بأنه أو بقي مقدار خمس ركعات للحاضر أو ثالث

للمسافر (في الظهرين) للزم تقديم الظهر وإيقاعها بتمامها في الوقت مع تأخير العصربايقاعها في الوقت وخارجه، بأن يدرك ركعة منها فيه والباقية في خارجه.فمنه يتضح: أن المستفاد من القاعدة هو أوسع مما تخيل، فيجوز التأخير

لعذر، فال تختص بما إذا بقي مقدار ركعة فقط، فعليه ال مجال لترك المطلوباألولي - من االستقبال والركوع والسجود االختياريين - بالتنزل إلى البدل.وأما تقديم الوقت على الطهارة المائية بالتنزل إلى التيمم، فألجل ما ورد في

خصوص ذاك الباب من " أن خائف فوت الوقت يتيمم " فال يتعدى إلى غيره.فاألقوى: هو قطع الصالة باستئنافها في المكان المباح (وإن لم يدرك من الوقت إال

ركعة) مع االتيان بما هو المطلوب األولي من األجزاء والشرائط االختيارية لها.

(٤٨٠)

Page 507: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الثاني من شروط المكان: كونه قارا، فال تجوز الصالةعلى الدابة أو األرجوحة أو في السفينة ونحوها مما يفوت معه

استقرار المصلي، نعم: مع االضطرار ولو لضيق الوقت عنالخروج من السفينة مثال ال مانع، ويجب عليه حينئذ مراعاة

االستقبال واالستقرار بقدر االمكان فيدور حيثما دارت الدابةأو السفينة. وإن أمكنه االستقرار في حال القراءة واألذكار

والسكوت خاللها حين االضطراب وجب ذلك مع عدم الفصلالطويل الماحي للصورة، واال فهو مشكل.

إن الطمأنينة والقرار من أوصاف المصلي ال المكان، فعده من شروطه غيرخال عن التسامح الذي يجوزه االرتباط العرضي، ألن اضطرابه وعدم قراره

موجب لعدم قرار المصلي، وإن لم يكن قراره مالزما لقراره، المكان قراره معاضطراب المصلي وتحركه بسبب آخر وراء المكان. وكيف كان: إن المتمكن في

مكان متحرك، قد يكون بنحو يتحرك بحركة ذاك المكان واقعا بحيث يكوناتصافه بها حقيقيا كاتصاف نفس ذاك المكان بها، وقد ال يكون كذلك بل هو ساكن

حقيقة ومتحرك مجازا - كجالس السفينة المعتدلة التي ال اضطراب لها - ولوال مايأتي من " الماتن " من تجويز هذا القسم، ألمكن حمل ما أفاده هنا: من شرطية

القرار، على لزوم االتقاء من الحركة مطلقا حتى المجازية منها المسماة في لسانهبالحركة التبعية في الصالة، وإن كان المصلي نفسه قارا حقيقة، ولكن بلحاظ

(٤٨١)

Page 508: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

المسألة التالية المصرحة بنفي البأس عن الحركة بالتبع ال مجال للحمل المذكور،بل وال يساعده أيضا تقييد المنع (في المتن) بفوات االستقرار.

والظاهر: أن عد ذلك شرطا إنما هو في قبال بعض أصحابنا اإلمامية (ره)من الذهاب إلى جواز الصالة في السفينة مطلقا على أي نحو كانت السفينة من استقرار

واضطراب - كما في الحدائق - فالغرض حينئذ هو بيان اعتبار القرار، بال ميز بينالسفينة وغيرها، فأي شئ يوجب الصالة فيه أو عليه فوت الطمأنينة وزوال القرار

حقيقة، ال تجوز الصالة فيه وال عليه.والمهم في الباب هو االستدالل التام على اعتبار ذلك وراء اعتبار األجزاء

والشرائط المعهودة فإن تم ظهور بعض األدلة اللفظية المتمسك بها في الباب، فليؤخذبعمومه أو اطالقه، وإال فليقتصر على المقدار المتيقن من ذلك، النحصار الدليل

حينئذ في االجماع المدعي - كما سنشير إليه - إذ في موارد االختالف - كالسفينةمثال - ال اجماع البتة، وإال لما اختلف فيها.

فلنعطف إلى ما يمكن التمسك به لبيان لزوم الطمأنينة، وهو على قسمين:أحدهما مما له مساس بالقبلة، واآلخر ما له ارتباط بالمكان، فلذلك نوعه في

" الوسائل " بنقله في هذين البابين.في نقد ما استدل به العتبار القرار في الصالة

فمن تلك الروايات: ما رواه عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليهالسالم

قال: ال يصلي على الدابة الفريضة إال مريض يستقبل به القبلة، ويجزيه فاتحةالكتاب ويضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شئ، ويؤمي في النافلة

إيماء (١).إن المستفاد من الصدر المستثنى منه (مع قطع النظر عن االستثناء) إما أن

--------------------(١) الوسائل باب ١٤ من أبواب القبلة ح ١.

(٤٨٢)

Page 509: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يكون هو المنع من إتيان الصالة على الدابة من حيث هي دابة، ال من حيث استلزامذلك فوات بعض ما يعتبر في الصالة من األجزاء والشرائط. بل في " الحدائق " أنالمشهور عدم الجواز مع التمكن من فرائض الصالة - بأن يكون البعير معقوال -

والغرض هو إمكان استفادة هذا المعنى منه، كما هو خيرة غير واحد من األصحابحسب ما حكاه في " الحدائق " الطالق بعض نصوص المنع عن إتيان الصالة على

الدابة.وإما بشهادة االستثناء يستفاد عرفا: أن المنع إنما هو بلحاظ فوات بعض

ما يعتبر فيها من األجزاء والشرائط وليس بصدد بيان الصغرى وأن المعتبر فيها ماذا،فال يتم التمسك بها الثبات اعتبار القرار.

ومنها: ما رواه عن محمد بن عذافر (في حديث) قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالمرجل يكون في وقت الفريضة ال يمكنه األرض من القيام عليها وال السجود عليهامن كثرة الثلج والماء والمطر والوحل، أيجوز له أن يصلي الفريضة في المحمل؟

قال: نعم هو بمنزلة السفينة إن أمكنه قائما وإال قاعدا، وكل ما كان من ذلكفالله أولى بالعذر، يقول الله عز وجل: بل اإلنسان على نفسه بصيرة (١).إن المستفاد منه - حسب ارتكاز السائل - هو عدم جواز الفريضة حال

االختيار في المحمل، وال ظهور له في كون المنع لفوات الطمأنينة، بل يمكناالستظهار بالقرينة الحافة أنه لفوات بعض ما يعتبر فيها من األجزاء، ولذا حكم

بلزوم حفظ القيام عند المكنة وإال فالقعود بدل عنه.هذا وأشباهه قاصر عن إفادة اعتبار شرط آخر، وهو القرار.

ومنها: ما رواه عن عبد الله بن سنان قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: أيصليالرجل شيئا من المفروض راكبا؟ فقال: ال، إال من ضرورة (٢) وقريب منها رواية

ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السالم أيضا (٣).--------------------

(١) الوسائل باب ١٤ من أبواب القبلة ح ٢ و ٤ و ٧.

(٢) الوسائل باب ١٤ من أبواب القبلة ح ٢ و ٤ و ٧.

(٣) الوسائل باب ١٤ من أبواب القبلة ح ٢ و ٤ و ٧.

(٤٨٣)

Page 510: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

إن السؤال كاشف عن احتمال المنع عن الصالة على المركوب، إما لفواتاألجزاء والشرائط المعهودة، وإما الحتمال دخالة األرض ولزوم كونها عليها - كما

سيجئ - فحينئذ ال مجال للتمسك بها الثبات اعتبار القرار، إذ من أين يعلم أنالمنع لذلك (١) فال ظهور للجواب فيه أيضا. وال يمكن أيضا استظهار كونه لفوات

األجزاء المعهودة من الركوع والسجود االختياريين، لفقد القرينة الحافة هناكما كانت في األوليين.

ومما يؤيد احتمال دخالة األرض: ما رواه منصور بن حازم قال: سأله أحمد بنالنعمان فقال: أصلي في محملي وأنا مريض؟ قال: فقال: أما النافلة فنعم، وأما

الفريضة فال، قال: وذكر أحمد شدة وجعه، فقال: أنا كنت مريضا شديد المرضفكنت آمرهم إذا حضرت الصالة ينيخوني (وضبط بعدة وجوه) فأحتمل بفراشي

فأوضع وأصلي، ثم أحتمل بفراشي فأوضع في محملي (٢).والمراد من قوله: " فقال " هو المجيب - على ما استظهره بعض األصحاب.

وقد حمله " الشيخ " على االستحباب.والحاصل: أن الموجب للسؤال هو احتمال لزوم كون الصالة على األرض.

ومما يكون مثارا النقداح هذا االحتمال، هو ما ورد من قوله صلى الله عليه وآله "جعلت

لي األرض مسجدا وطهورا " إذ المراد من المسجدية هنا ليس هو خصوص موضعالجبهة، بل يعمه وغيره.

وهكذا بعض ما ورد اقتراحا للنهي عن الصالة راكبا بال مسبوقية بسؤال،حيث إن هذا ونظائره يوجب انقداح احتمال المنع الموجب لالستعالم.

نحو ما رواه عن قرب اإلسناد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسالم

--------------------(١) اللهم إال بدعوى التالزم الغالبي، إذ الغلبة في حال الركوب هو الحركة.

ولكن ال اعتداد بهذه الغلبة ما لم تبلغ حد الظهور اللفظي.(٢) الوسائل باب ١٤ من أبواب القبلة ح ١٠.

(٤٨٤)

Page 511: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قال: سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي على الرف المعلق بين نخلتين؟فقال: إن كان مستويا يقدر على الصالة فيه فال بأس - الحديث (١).

(ال نقاش في السند بعد نقله بطريق " الشيخ " وإال كان له مجال) إذ احتمالدخالة األرض ألنها المقر المعهود قد أوجب السؤال من صلوح الصالة في الرف

الكذائي. والمراد من الجواب هو التجويز عند القدرة على اتيان ما يعتبر في الصالة،من دون أن يكون بصدد بيان الصغرى. وليس المراد من االستواء هو االستقرار

- كما ال يخفى - والحاصل: أنه لتجويز الصالة الجامعة لألجزاء والشرائط في الرفولطرد خصوصية األرض، من دون داللتها على اعتبار القرار فيها.

والغرض: هو اإلشارة إلى أن احتمال دخالة األرض قد أوجب السؤال.ونحوها ما رواه عن إبراهيم بن أبي محمود، أنه قال لرضا عليه السالم: الرجل

يصلي على السرير من ساج ويسجد على الساج؟ قال: نعم (٢). وما رواه عن محمدبن

إبراهيم الحصيني، قال: سألته عن الرجل يصلي على السرير وهو يقدر على األرض؟فكتب: ال بأس صل فيه (٣).

ولما كان السرير دارجا في تلك المناطق الحارة صونا عن حرارة األرض،وكان ذلك موردا لالبتالء كثيرا، مع احتمال دخالة األرض - حسب ما مر -سئل عن جواز الصالة عليه، فقيل: نعم، لبيان التساوي في أصل الجواز، حيثإنه رخص إتيانها على السرير مع القدرة على األرض، وسيتضح هذا المعنى من

نصوص السفينة - كما يلي - فارتقب.ثم إنه قد اختلف األصحاب في جواز إتيان الصالة في السفينة - مع استلزام

ذلك فوات غير واحد من األجزاء والشرائط - اختيارا وعدمه.--------------------

(١) الوسائل باب ٣٥ من أبواب مكان المصلي ح ١.(٢) الوسائل باب ٣٦ من أبواب مكان المصلي ح ١ و ٢.(٣) الوسائل باب ٣٦ من أبواب مكان المصلي ح ١ و ٢.

(٤٨٥)

Page 512: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

و (األول) هو خيرة ظاهر المبسوط، والنهاية، والوسيلة، والمهذب، ونهايةاألحكام - على ما في الجواهر - و (الثاني) هو خيرة من عدا هؤالء. وتحقيق المقام

يقتضي نقل ما استدل أو يمكن االستدالل به للقول األول، حتى يتضح نطاقه، ثمبيان ما يعارضه - على فرض تمامية الداللة على الجواز المطلق - فالكالم في جهتين:

الجهة األولىفي نقل ما يستدل به لجواز الصالة في السفينة مطلقا

فمنها: هو ما رواه عن جميل بن دراج أنه قال ألبي عبد الله عليه السالم تكونالسفينة قريبة من الجدد فأخرج وأصلي؟ قال: صل فيها أما ترضى بصالة

نوح عليه السالم (١).والمراد من (الجدد) هو السواحل، ألن الجدة هي الساحل، فالمراد من

قرب السفينة بها هو تيسر الوصول إليها بال تعب إما بالسباحة السهلة، أو غيرها.والذي قد أوجب السؤال هو أحد أمرين (فرادى أو مثنى) أحدهما: احتمالدخالة األرض من حيث هي أرض، واآلخر: هو احتمال كون الحركة التبعية

مانعة عن صحة الصالة للزوم االستقرار باألصالة والتبع معا. والمراد من السفينةالمسؤول عنها هي الواقفة منها (٢) ال السائرة، بقرينة قوله " قريبة من الجدد

فأخرج " ألن الخروج عنها حال السير بعيد جدا، فالموجب للسؤال هو أحدهماأو كالهما، ومن المعلوم: إمكان االتيان بالصالة الجامعة لألجزاء والشرائط فيالسفينة الواقفة، فال اطالق لها بالنسبة إلى ما يفوت معه بعض األجزاء الواجبة،

وعلى فرض التسليم يكون في غاية الضعف.--------------------

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب القبلة ح ٣.(٢) والمراد من الحركة التبعية حينئذ هو السفينة الواقفة أيضا، ألنها قلما تخلو عن

الحركة المسببة عن الرياح واألمواج، فالجالس فيها يتحرك تبعا - أي مجازا.

(٤٨٦)

Page 513: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ثم المراد من الذيل ليس هو التجويز مطلقا، ألن نوحا عليه السالم لما أمكن لهالخروج حسب الجري العادي ما لم تستو سفينته على الجودي، فال يجوز استفادةالحكم االختياري منه، مع أنه ال دليل على كون تلك السفينة كانت سائرة، إذ لم

يكن قصده عليه السالم الحركة واالنتقال، اللهم إال برياح عاصفة، فاستفادة التجويزالمطلق منها بعيدة جدا.

والمراد من األمر، هو مجرد الترخيص ال البعث والترغيب، وسيجئ القولفي إمكان الترغيب بلحاظ ثانوي.

ومنها: ما رواه عن يونس بن يعقوب أنه سأل أبا عبد الله عليه السالم عن الصالة فيالفرات وما هو أصغر منه من األنهار في السفينة، فقال: إن صليت فحسن وإن

خرجت فحسن (١) ونحوه ما رواه عن المفضل بن صالح عن أبي عبد الله عليه السالم.(٢)

والمراد من أخذ تلك الخصوصيات في السؤال إنما هو بيان التمكن مناألرض بالخروج، والمراد من التسوية بينه وبين الصالة في السفينة هو ردع توهم

خصوصية لألرض - نشأ احتمالها مما مر - فليس الجواب ناظرا إلى إثباتالخصوصية للسفينة، بأن يغتفر عن األجزاء الواجبة في الصالة الفائتة فيها - كما زعم -

فال يستفاد لها اختصاص. وعلى تسليم ظهور الجواب يكون في غاية الضعف.ومنها: ما رواه عن صالح بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن الصالة

في السفينة؟ فقال: إن رجال سأل أبي عن الصالة في السفينة، فقال له: أترغبعن صالة نوح عليه السالم فقلت له آخذ معي مدرة أسجد عليها؟ فقال: نعم (٣).

إن الموجب للسؤال إنما هو أحد األمرين المارين: من احتمال دخالةاألرض، ومن احتمال مانعية الحركة بالتبع للجالس في السفينة - كما مر -

وأما الجواب: فال يستفاد منه أزيد من الجواز طردا الحتمال خصوصية األرض--------------------

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب القبلة ح ٥ و ١١ و ١٠.

(٢) الوسائل باب ١٣ من أبواب القبلة ح ٥ و ١١ و ١٠.

(٣) الوسائل باب ١٣ من أبواب القبلة ح ٥ و ١١ و ١٠.

(٤٨٧)

Page 514: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومانعية الحركة بالتبع، من دون أن يكون ناظرا إلى إثبات خصوصية للسفينةبنحو تصح الصالة فيها وإن كانت فاقدة لبعض األجزاء المطلوبة األولية اختيارا.

وأما التعبير بقوله "... أترغب " وإن كان حثا ودعوة إلى عدم اإلعراض،ولكن ال يستفاد منه أن الصالة في السفينة بما هي فيها راجحة مطلوبة بل ألمر

آخر، وهو أنه لما ارتكز في الذهن عدم جواز الصالة في السفينة - لبعض ما تقدم -وكاد أن يكون بدعة يبتدعها المتحجرون من العوام، صار ردع هذا االبتداع

مطلوبا، ولذا عبر هنا بما يستفاد منه الحث والترغيب - كما ورد في الحث علىالمتعة - حيث إن الرجحان هناك لعله لردع ما ابتدعه المبتدع من حرمتها وأنهاوالزناء سواء، فألجل ردع ذلك ورد ما يدل على الترغيب فيها، فالرجحان إنما

هو لردع البدعة أو ما في معرض لها، ال ألصل العمل.هذا محصل ما له مساس بالجهة األولى، فتبين: عدم اطالق هذه الروايات

وما في معناه بحيث يستفاد منها جواز الصالة في السفينة وإن كانت فاقدة لبعضاألجزاء والشرائط الواجبة مع القدرة على األرض، وعلى التسليم يكون في غاية

الضعف، فيعالج بما في الجهة التالية.الجهة الثانية

في نقل ما يدل على عدم جواز الصالة في السفينة مع القدرة على األرضفمنها: ما رواه عن علي بن إبراهيم قال سألته عن الصالة في السفينة؟ قال:

يصلي وهو جالس إذا لم يمكنه القيام في السفينة، وال يصلي في السفينة وهو يقدرعلى الشط، وقال: يصلي في السفينة يحول وجهه إلى القبلة ثم يصلي كيف

ما دارت (١).--------------------

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب القبلة ح ٨.

(٤٨٨)

Page 515: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

حيث ظاهرها المنع عن الصالة في السفينة عند القدرة على الشط - كالمنععن الجلوس عند مكنة القيام - فيعارض ما دل على جواز الصالة فيها مع القدرة

على الخروج وأنه - أي الخروج عنها - والبقاء فيها سيان، ويكون التعارضبالتباين، ألن مفاد تلك الطائفة هو الجواز عند القدرة على األرض، ومفاد هذه

هو المنع عندها. وليس لسان دليل الجواز مطلقا حتى يكون االختالف باالطالقوالتقييد، بل يكون االطالق والتقييد بلحاظ آخر، وهو أن مفاد تلك الطائفة المجوزةهو إطالق الجواز في صورتي انحفاظ جميع األجزاء والشرايط وعدمه، ومفاد هذه

- حسب السياق - هو عدم إمكان انحفاظها بأسرها، الحتفاف هذه الفقرة - المانعةعند القدرة على الشط - بما يدل على أن الجلوس إنما هو عند عدم إمكان القيامفي السفينة وبما يدل على لزوم تحويل الوجه شطر القبلة وتحفظها مهما أمكن،

فذاك السابق وهذا الالحق شاهدان على اختصاص المورد بما ال يمكن حفظ جميعما يعتبر في الصالة، ففي هذه الحالة قد فصلت الفقرة الثانية بين القدرة على الشط

وعدمها، فحينئذ يلزم تقييد اطالق تلك الطائفة بهذه المفصلة.واحتمال التصرف في هيئة هذه الطائفة المفصلة - بالحمل على الندب -

متوقف على كون ظهور تلك الطائفة في االطالق الشامل لصورتي انحفاظ األجزاءوعدمه أقوى من ظهور هذه المفصلة في المنع، وقد مر النقاش في أصل االطالق

فضال عن قوة ظهوره، فيتعين التصرف في مادة تلك الطائفة، ال في هيئة هذه المفصلة.ومنها: ما رواه عن حماد بن عيسى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السالم يسئل عن

الصالة في السفينة، فيقول: إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فأخرجوا، فإنلم تقدروا فصلوا قياما، فإن لم تستطيعوا فصلوا قعودا، وتحروا القبلة (١).

والكالم فيها - من حيث التفصيل بين القدرة على الخروج والعجز عنه،--------------------

(١) الوسائل باب ١٣ من أبواب القبلة ح ١٤.

(٤٨٩)

Page 516: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ومن حيث احتفافه بما يشهد على عدم امكان تحفظ جميع األجزاء والشرائط، ومنحيث لزوم الجمع بالتصرف في إطالق تلك الطائفة ال هيئة هذه المفصلة - هو ما مر.

والمراد من (التحري) هو اتباع الظن - على ما حققناه في القبلة -.فتحصل: أن جواز الصالة في السفينة إنما هو فيما يمكن تحفظ جميع ما

يعتبر فيها من األجزاء والشرائط، فال خصيصة لها بحيث تجوز الصالة فيها وإنكانت فاقدة لبعض ما يعتبر فيها اختيارا.

هذا محصل القول في (المقام األول) الباحث عن الصالة في السفينة اختيارا.وأما المقام الثاني

الباحث عن الصالة في السفينة اضطرارافمغزى القول فيه: هو أن االضطرار، قد يكون إلى ترك شئ معين

من األجزاء والشرائط، بحيث ال يجديه ترك ما عداه من األمور الباقية، وقد يكونإلى ترك أحد الشيئين أو األشياء ال بعينها.

فعلى األول: ال محيد عن ترك مصب الضرورة، إذ به يندفع االضطرارال بغيره، فال يجوز ترك غيره.

مثال: لو اضطر إلى ترك الطمأنينة في السفينة لضيق الوقت مع اضطرابها- بحيث ال يجديه الجلوس وترك القيام - فحينئذ يتعين حفظ القيام وترك القراروالطمأنينة فقط، إذ ال اضطرار إال إلى تركه فقط دون القيام، نعم: لو كان ترك

القيام وتبديله بالجلوس موجبا الستقرار البدن ال ندرج في القسم ألقاني.والحاصل: أن االضطرار إذا كان معلوم المتعلق، فال بد من االقتصار بتركه فقط.

وأما على الثاني: فإن كان أحد الشيئين المضطر إليهما ال على التعيين أهم مناآلخر، فال بد من حفظه بترك ذاك المهم، الندفاع الضرورة به مع تحفظ المصلحة

الزائدة في األهم. وأما إذا لم يكن كذلك في مقام االحراز، بل كان مجرد االحتمال،

(٤٩٠)

Page 517: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

فيندرج تحت الدوران بين التعيين والتخيير، وقد اخترنا هناك التخيير، ألنالتعيين مؤنة زائدة منفية باألصل، وكذا على ظن األهمية. هذا بلحاظ الثبوت.وأما االثبات: فالدليل على لزوم االستقرار ليس إال االجماع، المكان النقاش

فيما عداه من األدلة اللفظية - كما سيأتي في موطنه - وهو على تماميته ال يثبتأزيد من اعتباره في نفسه وبالطبع األول، من دون النظر إلى مقدار أهميته ولزومتقديمه على غيره من األجزاء والشرائط عند التعارض في االضطرار، كغيره من

األدلة اللفظية الكافلة لها.فلو دار األمر بين ترك الطمأنينة وبين ترك الوالء المعتبر في الصالة - بالفصل

الطويل الماحي لصورتها - يشكل الحكم بتقديم أحدهما على اآلخر، لعدم إحرازاألهمية، ألن دليل لزوم المواالة وعدم محو صورة الصالة - على تماميته في موطنه -

ال يثبت أزيد من اعتبارها في نفسها، ألنها أيضا كغيرها من األجزاء والشرائطمتلقاة من الشرع، ولذا يحكم بعدم اعتبارها في الغسل مع استقرار دأب المتشرعين

على حفظها.والغرض: هو اإلشارة إلى عدم احراز أهميتها، مع ما في النصوص من

تجويز إرضاع الطفل حال الصالة وكذا قتل العقرب ونحو ذلك من األفعال فيأثنائها، فلهذه الجهة أشكل (في المتن) ولم يحكم بتقديمها على االستقرار

وال بالعكس. فإذا لم يحرز الرجحان فالمرجع هو التخيير عقال وشرعا، ألنهالضابط السيال في أمثال المقام: مما يدور فيه األمر بين شيئين ال رجحان ألحدهما

على اآلخر. ولكن الذي يقوى في النظر عاجال هو لزوم تحفظ الوالء وعدم محوالصالة بترك االستقرار الذي دليله لبي يشكل شموله لمثل الفرض.

(٤٩١)

Page 518: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

يجوز في حال االختيار الصالة في السفينة أو على الدابةالواقفتين، مع امكان مراعاة جميع الشروط: من االستقرار

واالستقبال ونحوهما، بل األقوى جوازها مع كونهما سائرتينإذا أمكن مراعاة الشروط، ولو بأن يسكت حين االضطرابعن القراءة والذكر مع الشرط المتقدم ويدور إلى القبلة إذا

انحرفتا عنها، وال تضر الحركة التبعية بتحركهما، وإن كاناألحوط القصر على حال الضيق واالضطرار.

إن مدار الكالم في فرعي الوقوف والسير على انحفاظ جميع ما يعتبر فيالصالة من األجزاء والشرائط، فالبحث فيهما عن كون السفينة وكذا الدابة ذات

خصوصية ال تجوز فيها الصالة الجامعة بجميع ما يعتبر فيها أم ال؟ وعن كون الحركةالتبعية الموجبة لتبدل المكان بهذا المعنى من دون حركة للمصلي ضارة أم ال؟

فتمام القول في مقامين:المقام األول

في الصالة في السفينة أو الدابة الواقفتينقد يقال: بعدم جوازها فيهما حال وقوفهما أيضا، وفي " الحدائق " أنه

المشهور وفي " الشرايع " أنه أشبه.ويستدل له بوجوه: أحدها: كونه معرضا للزوال الحتمال تحركهما

الموجب لفوات القرار والطمأنينة.

(٤٩٢)

Page 519: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وفيه: أنه مع القطع أو االطمئنان بالعدم ال مجال للمعرضية، وفيما عداهمايقع الكالم والبحث عنه في المسألة اآلتية (الكافلة للشرط الثالث) فإطالق المنع

غير سديد.وثانيها: قوله تعالى: "... حافظوا على الصلوات... الخ " بناء على

داللتها على لزوم حفظها عن طرو المفسدات، ولكن ال بد من توجيهها بنحو ال يرجعإلى حكم إرشادي محض، نحو قوله تعالى: " أطيعوا الله... الخ " إذ ال يستفادمنها حينئذ حكم تكليفي وراء ما استفيد من أدلة األجزاء والشرائط الدالة علىلزوم تحصيلها صحيحة في الصالة، فتمامية االستدالل متوقفة على داللتها على

حكم تكليفي مستقل، وهو كما ترى قاصرة عنه!ثالثها: قوله صلى الله عليه وآله: جعلت لي األرض مسجدا وطهورا (وترابها طهورا).

وداللته مبتنية على ظهورها في إثبات الخصوصية لألرض، نظير غيره منالموارد التي يكون لعنوان األرضية دخالة، فحينئذ يلزم الحكم بكون جواز

الصالة في (الرف المعلق بين النخلتين) وعلى (السرير) خارجا بالدليل، فما عدا ذلك- من السفينة والدابة ونحوهما - داخل تحت عموم المنع أو إطالقه.

ولكنه ليس كذلك، إذ المستفاد من السياق أنه صلى الله عليه وآله بصدد عد ما من اللهتعالى عليه، ومنه توسعة المعبدية له صلى الله عليه وآله دون غيره من األنبياء الماضين،

إذ لهممعبد خاص ال بد من إيقاع العبادة فيه دون ما عداه من األماكن، فالرواية بصدد

بيان توسعة المعبد، ال خصيصة األرض.بل يحتمل كونها بصدد توسعته وعدم تقيده بموضع خاص أصال، وإنما

ذكر األرض لكونه الفرد الغالب. فعلى االحتمال األول: يكون جواز الصالة فيغير األرض باألصل، وعلى الثاني: بالنص، إذ على (األول) تكون الداللة مقصورة

على توسعة المعبد في أي موضع من مواضع األرض، فال نظر لها إلى ما عداها نفيا

(٤٩٣)

Page 520: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وال إثباتا، وعلى (الثاني) تكون متوجهة إلى عدم اعتبار موضع خاص من األرضوغيرها، وإنما ذكر األرض لغلبتها، فعليه تدل على جواز الصالة في غيرها - من

السرير والرف والدابة ونحوها - باللفظ.ويحتمل أيضا كونها بصدد توسعته في جميع نقاط األرض مع إرادة ما يقابل

السماء منه، فهي تدل على أن جميع ما يكون معتمدا على األرض فهو مما تجوزالصالة فيه وعليه، لكونه من األرض المقابلة للسماء، وكيف كان: ال مجال

لالستدالل بها على المنع، والحال هذه!ورابعها: إطالق دليل المنع عن إتيان شئ من الفرائض راكبا - كما مر -

وتماميته متوقفة على كون المنع تعبدا قراحا، غير منصرف إلى صورة فقد شئمن األجزاء والشرائط، وهو بعيد جدا - كما تنبه له بعض من تعرض له - أضف

إلى ذلك: ورود دليل الترخيص في السفينة، كما مر.المقام الثاني

في الصالة في السفينة أو الدابة السائرتينإن احتمال المنع هنا وراء ما مر في المقام األول إنما هو للزوم الطمأنينة

العالية التي يزاحمها الحركة التبعية، وإن لم تكن مزاحمة ألصل الطمأنينة، ولكنالظاهر إمكان طرده باألصل السالم عن المعارض، لفقد الدليل على اعتبار الطمأنينة

الكذائية. نعم: ال بد من التنبه بأن دوران المصلي إلى القبلة عند انحرافهماعنها يتصور على وجهين: أحدهما: بأن يكون الدور واالنحراف طفيفا تدريجياجدا، بحيث يدور متدرجا حيثما دارتا، بال استلزام االنحراف عن القبلة آنا ما.

واآلخر: بأن يكون دورانه منفكا عن انحرافهما ولو آنا ما، بأن انحرفتا بغتة،فبادر المصلي إلى االستقبال بعد أن صار منحرفا، ولو في آن

(٤٩٤)

Page 521: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

والظاهر: لزوم التفصيل بين الوجهين، بالجواز في األول، دون الثاني، إذال يجوز تخلل االنحراف - ولو آنا ما - في حال االختيار، بناء على لزوم تحفظ

االستقبال في جميع الحاالت حتى المتخللة بين األجزاء الواجبة، إذ حينئذ ال تكونالصالة الكذائية جامعة لجميع ما يعتبر فيها حال االختيار.

وليس مفاد (المتن) هو الجواز المطلق، بل هو تعرض للقسم الجائز من ذلكوإن كان عسرا نادرا، ألن المراقبة الشديدة على االنحراف عسرة جدا، إذ الطريق

ليس مستقيما دائما العوجاجه في أكثر مواضعه، وكذا الدابة أو السفينة ليستابنحو ال تنحرفان عن القبلة. ولعله لذا ورد ما يدل على المنع على الدابة مطلقا،

أو (حال الركوب) المشتمل لغيرها أيضا.مسألة ٢٥ - ال تجوز الصالة على صبرة الحنطة وبيدر التبن

وكومة الرمل مع عدم االستقرار، وكذا ما كان مثلها.ال ريب في صحة الصالة الجامعة لجميع ما يعتبر فيها حتى الطمأنينة، من

دون الميز بين كونها على الصبرة أو على األرض. وسر المنع في (األولى) هو عدماستقرار البدن ألجل تراكم سطوحها بالضغط ونحوه، فعليه لو أتى بجزء منها

والحال هذه لبطل ذاك الجزء، التيانه متزلزال مع لزوم القرار والطمأنينة في جميعاألجزاء. نعم: لو قام عليها وتربص إلى حصول الطمأنينة ثم كبر وقرأ، لصح ذلكبال شك، وهكذا في السجدة. فكالم " الماتن " محمول على االتيان بالجزء في

حال االضطراب وفقد القرار.وهكذا ما ورد فيه من النص جواز ومنعا (١) حيث إن الجمع بينهما يقتضي

حمل المجوز على ما يتحفظ فيه جميع األجزاء والشرائط حتى القرار، وحمل المانععلى خالفه، فراجع.

--------------------(١) راجع الوسائل باب ٣٩ من أبواب مكان المصلي ح ١ و ٢.

(٤٩٥)

Page 522: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

الثالث: أن ال يكون معرضا لعدم امكان االتمام والتزلزلفي البقاء إلى آخر الصالة - كالصالة في الزحام المعرض البطال

صالته وكذا في معرض الريح أو المطر الشديد أو نحوها -فمع عدم االطمئنان بامكان االتمام ال يجوز الشروع فيها على

األحوط، نعم: ال يضر مجرد احتمال عروض المبطل.إن المدار الوحيد هنا، هو تصوير تمشي قصد العمل بجميع ما يعتبر فيه

جزءا أو شرطا مع عدم االطمئنان بامكان االتمام، فيلزم البحث:عن الميز بين موارد طرو البطالن، من حيث كونه تحت قدرة المصلي وعدمه.

وعن فعلية اإلرادة على تقدير - في اإلرادة المشروطة - وعدمها.وعن لزوم إتيان جميع أجزاء الصالة عن إرادة مطلقة فعلية، وعدمه - باالكتفاء

باإلرادة الفعلية على تقدير وإن لم تكن فعلية مطلقة -.وعن الميز بين الجزم بمتن العمل وبين الجزم باإلطاعة، حيث إنه يمكن

األول مع عدم الثاني، بأن كانت اإلطاعة محتملة ال مجزومة.وعن نية القطع أو القاطع في أثناء العمل.

وعن غير ذلك مما سيتضح لك في ثنايا المقال، فارتقب.قد احتاط " الماتن ره " هنا بعد الجزم بالبطالن فيما يضاهيه، حيث قال في

التقليد (مسألة ١٦): " عمل الجاهل المقصر الملتفت باطل وإن كان مطابقا للواقع "انتهى.

وال ريب في أن الحكم في أمثال المقام عقلي منطبق على الضوابط األولية،

(٤٩٦)

Page 523: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

من دون أن يرد فيها نص خاص حتى يفرق بين الموارد المضاهية بوروده في بعضهادون

بعض، فحينئذ إن فرق بينها بأثر فال بد من الغور التام فيما يستند إليه التفريق.والذي يخطر بالبال في تصحيح التفرقة - حيث حكم بالبطالن هناك بتا

وهنا احتياطا - هو أن تعلم المسائل مقدور له معدود من أفعاله، فمن أراد الصالةالجامعة بجميع ما يعتبر فيها جزءا أو شرطا واقعا مع الجهل بذلك وعدم العلم

بما يجب فيها وما يحرم كذلك، كيف يتمشى منه الجزم بها والقصد إليها؟ وهذابخالف الزحام والريح والمطر وأشباهها مما تكون خارجة عن اختياره، اللهم

إال بالواسطة، حيث إنه يقدر على االلتجاء بمأمن عن هذه السوانح، فيكونالتحرز عنها مقدورا له بالواسطة. نعم: ما ال يقدر عليه - ولو كذلك - فال ضير

في احتمال طروه، كالموت والحيض ونحو ذلك، فلذا يجوز للمرأة األخذ فيالصالة مع احتمال طريان الحيض ونحوه مما يبطلها. فلعله لما لم يكن المقام

كالتعلم مقدورا بال واسطة ومعدودا من أفعال المصلي ولم يكن أيضا كالحيض الخارجعن القدرة رأسا، لم يحكم فيه بالبطالن جزما، بل احتاط فيه، كما أشير إليه.

وليعلم: أن اإلرادة فيما يكون مطلوبا على تقدير خاص ومحبوبا علىشرط مخصوص وإن لم تكن فعلية اآلن بنحو االطالق، ولكن ليست أيضا تقديرية

محضة، بحيث لم يكن في النفس قبل حصول ذاك التقدير إرادة ومحبة أصال،بل الحق في اإلرادات الكذائية أنها حاصلة اآلن على فرض وتقدير. ومنه ينقدحما في االشكال المشهور: من أن وجوب المقدمة إنما يترشح من وجوب ذيها،

فلو لم يكن وجوب ذيها اآلن فعليا لما أمكن وجوب مقدمته اآلن، ولو كانبحيث لم يمكن إتيانها بعد فعلية وجوب ذيها للزم السقوط رأسا.

بل الوجدان يشهد بفعلية إرادة المولى مثال بإكرام ضيفه ال مطلقا، بل علىتقدير مجيئه، فمن فعليتها الكذائية تترشح اإلرادة إلى تمهيد مقدماته التي

(٤٩٧)

Page 524: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

تفوت بعد المجئ - كما هو المفروض المبحوث عنه في لزوم الغسل في شهر رمضانليال، وغير ذلك من األبواب الفقهية، عدا ما يستوفي من ذلك في األصول - وقد

اخترنا هناك من فعلية اإلرادة في الواجب المشروط، ولكن ال مطلقا، بل علىتقدير خاص.

فإذا تمهدت لك، فنقول: لو قصد المصلي إبطال صالته على تقدير مجئزيد مثال، فإما أن يقطع بمجيئه، أو يقطع بعدمه، أو يشك، فعلى األول: يحكم

ببطالن صالته اآلن، إذا الجزم باتيان الصالة ال يجامعه الجزم باالبطال، إذ المفروضهو القطع بحصول ذاك التقدير. وعلى الثاني: يحكم بصحتها، لعدم انثالم الجزمباالتمام أصال، إذ المفروض هو القطع بعدم حصول ذاك التقدير. وعلى الثالث:

فالجزم باالتمام وإن لم يكن حاصال اآلن على جميع التقادير، ولكنه حاصل علىتقدير خاص، وهو عدم المجئ - كما أن قصد االبطال أيضا كذلك - فلو اعتبر

في الصالة الجزم بأعمالها حدوثا وبقاء بنحو االطالق، لما أمكن الجمع بينه وبينالقصد باالبطال على تقدير. وإن اكتفى فيها بالجزم األعم من المطلق والمشروط

- بعد ما صورناه من فعلية الجزم في المشروط ولكن على تقدير خاص - فال ضير.وتفصيل الكالم - من حيث اختصاص البطالن بما إذا أتم العمل وأتى

ببعض أجزاءه بعنوان الجزئية مع قصد االبطال، دون ما إذا ندم وبدأ له فعادإلى الجزم باالتمام وحده من دون أن يأتي بشئ من أفعالها في هذه الحالة

المتخللة - موكول إلى باب النية.الرابع: أن ال يكون مما يحرم البقاء فيه، كما بين الصفين

من القتال، أو تحت السقف أو الحائط المنهدم، أو في المسبعة،أو نحو ذلك مما هو محل للخطر على النفس.

(٤٩٨)

Page 525: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

ال ريب في أن االنتحار وقتل النفس حرام شرعا، وأما حفظها عن الخطرفليس بواجب شرعي، نعم: هو مما يلزمه، وأين هو من الحرام الشرعي؟ ولذا

ال يعاقب من لم يحفظ نفسه عنه إلى أن انتهى األمر إلى الهالك مر تين: إحديهمالترك الواجب، واألخرى لفعل الحرام، فالمقدمات المنتهية إلى االنتحار وقتلالنفس ليست محرمة شرعا، فعليه ال يكون البقاء فيما هو محل خطر للنفس

حراما شرعيا، بحيث يعاقب عليه وإن لم ينته إليه، إذ الحكم في نحوه إنما هواحتياطي ال واقعي، بل كان الغرض منه هو حفظ الواقع وعدم فواته، فمن وقف

على موضع يعتقد الخطر فيه ال يكون إال متجريا، وأما العصيان فال، والحكمالشرعي في مثله إرشاد إلى ما حكم به العقل الدراك الواقع، ال لمصلحة فيه نفسه

تفوت بالترك حتى يعاقب عليه، كغيره من موارد االحتياطات المجعولة لصيانةالواقع عن الفوات، وإنما العصيان في ذلك بلحاظ أصل االنتحار والقتل، ال ترك

التحفظ. نعم. يلزم االجتناب في السفر، لكونه منصوصا يقتصر عليه.ثم إنه على تقدير الحرمة المساس له بالكون الصالتي، إذا المحرم فيه

- على التسليم - ليس إال البقاء. من دون دخالة للحاالت الخاصة من القياموالقعود ونحو ذلك أصال.

فللمنع عن هذا األمر (صغرى وكبرى) مجال واسع، منع أنه ال خصيصةلذلك بالمكان حتى يعد من شرائطه، فتبصر!

الخامس: أن ال يكون مما يحرم الوقوف والقيام والقعودعليه، كما إذا كتب عليه القرآن، وكذا على قبر المعصوم

عليه السالم أو غيره ممن يكون الوقوف عليه هتكا لحرمته.

(٤٩٩)

Page 526: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

قد اتضح سالفا: أن الكون على األرض والقيام والقعود واالعتماد عليهاليس من أحكام الصالة شرعا، وإن كان من لوازم المصلي - بما هو جسم ال بما هو

مصلي - عدا السجدة بلحاظ اعتبار وضع الجبهة فيها على ما يصح السجود عليهمن األرض أو ما أنبتته في الجملة.

فعليه: لو أمكن ألحد أن يستقر في الهواء ويطمئن وصلى هناك - جامعةلجميع األجزاء والشرائط - لصحت صالته، لعدم اعتبار القرار والكون على

األرض، فحينئذ إذا صار الكون والوقوف على موضع خاص حراما ال يصير بهالكون الصالتي حراما، إذ ليس الكون على األرض كونا صالتيا حتى إذا صار

حراما يلزم أن يصير الكون الصالتي كذلك.وال ريب في صحة الصغرى: من صدق الهتك في بعض موارد الوقوف، كالوقوف

على القرآن، أو على قبر المعصوم عليه السالم بل وعلى قبر من امتثل أو أمره واستنارمن

مشكاة واليته: من األبرار الصالحين، والعلماء الصائنين ألنفسهم عن الهوى المرديوالشيطان المغوي، ونحوهم.

وال إشكال أيضا في تمامية الكبرى: من حرمة الهتك في أمثال الموارد. وإنماالكالم في الحكم الوضعي: من بطالن الصالة، مع ما حقق من عدم االتحاد، وإن كان

للنظر مجال بعد االتحاد - كما مر في المغصوب - فحينئذ لو صلى وهو على القبرولكن

كان موضع السجدة خارجا منه لصح، وكذا لو سجد على القبر وهو واقف فيخارجه، وال منع لوضع الجبهة من حيث الهتك، إذ ال هتك في وضعها البتة.

وهكذا لو وقف عليه وسجد على موضع آخر منه أيضا، ألن القيام والقعود الواجبينفي الصالة ليسا إال مجرد هيئتين خاصتين، سواء كانتا على األرض أو غيرها، من دون

اعتبار كون االعتماد على األرض، فال أساس لعده من شرائط مكان المصلي.

(٥٠٠)

Page 527: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

السادس: أن يكون مما يمكن أداء األفعال فيه بحسب حالالمصلي، فال تجوز الصالة في بيت سقفه نازل بحيث ال يقدر فيه

على االنتصاب، أو بيت يكون ضيقا ال يمكن فيه الركوعوالسجود على الوجه المعتبر. نعم: في الضيق واالضطرار يجوز

ويجب مراعاتها بقدر االمكان، ولو دار األمر بين مكانين فيأحدهما قادر على القيام لكن ال يقدر على الركوع والسجود

إال مؤميا وفي اآلخر ال يقدر عليه ويقدر عليهما جالسا، فاألحوطالجمع بتكرار الصالة. وفي الضيق ال يبعد التخيير.

إن من الواضح: لزوم حفظ جميع األجزاء والشرائط المعتبرة في الصالة حالالسعة واالختيار، وإال فتبطل بال كالم - كما في محله - فال يصح عد ذلك من

شرائط المكان.وأما في الضيق واالضطرار: فقد مر البحث عن لزوم تقديم ما هو مصب

االضطرار لو كان معينا، فيتركه ال غير، فلو اضطر إلى ترك القيام وحده - لكونالسقف نازال بالقياس إلى قامة المصلي وإن لم يكن كذلك بالقياس إلى قامة غيره -

يتعين ترك القيام فقط، ال غيره وحده وال منضما إلى تركه - أي القيام - وهكذالو اضطر إلى ترك الركوع والسجود - لكونه في البئر الضيق أو ما يضاهيه مما ال يقدر

فيه على االنحناء واالنخفاض - لتعين تركهما فقط ال غيرهما، كالقيام وحده أومنضما إلى تركهما، إذ ال اضطرار إليه فال جدوى في تركه.

(٥٠١)

Page 528: ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ ١٤٠٥ …lfile.ir/feqhi-library/book435.pdf · ﺓﻼﺼﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ" ﻡﻼﺴﻟﺍ ﻢﻬﻴﻠﻋ

وأما لو اضطر إلى ترك أحد الجزئين - كالركوع والسجود أو كالسجود وغيره -فإن كان أحدهما أهم في نظر الشرع من اآلخر حسب الشواهد الخارجية لتعين

ترك غيره. إذ ال اضطرار بالقياس إلى ما لألهم من المصلحة الزائدة، فال يجوزتركه، وإن كان كل واحد منهما مساويا لشقيقه بال رجحان، فيتخير في تركأيهما شاء. فال وجوب للجمع بينهما إال على أحد التقديرين: أحدهما - فيماعلم إجماال بكون أحدهما أهم من اآلخر، وال يعلم أنه أي منهما على التعيين.

واآلخر - فيما لو كان المورد مما يكون الجمع بينهما محصال للمطلوب األولي،بحيث يصير المجموع عمال واحدا تاما.

وهذا كما ترى صرف احتمال ال ينبغي انقداحه في باب الصالة ونحوها،وحاشا " الماتن ره " من ابتنائه عليه! فال يبقى إال التقدير األول، فمع عدم العلم

االجمالي يكون االضطرار كالضيق موردا للتخيير، فما في (المتن) من الميز بينهمالزوما غير سديد.

إلى هنا - تم الجزء الثاني من " كتاب الصالة " تقرير أبحاثآية الله العظمى الحاج السيد محمد المحقق الداماد (قدس سره)

تأليف عبد الله الجوادي الطبري اآلمليويتلوه الجزء الثالث مبتدأ بالشرط السابع من شرائط مكان المصلي

وهو أن ال يكون مقدما على قبر معصوموالحمد لله أوال وآخرا

وصلى الله على خاتم النبيين محمد وآله الطيبين الطاهرينولعنة الله على أعدائهم أجمعين

(٥٠٢)