ﺮﺴﻴﳌﺍ ﲑﺴﻔﺘﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺀﺎﻤﻠﻌﻟﺍ …ﺮﺴﻴﳌﺍ...

1014
ﻛﺘﺎﺏ: ﺍﳌﻴﺴﺮ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺍﳌﺆﻟﻒ: ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﳎﻤﻮﻋﺔ- ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﳌﺼﺤﻒ ﻟﻄﺒﺎﻋﺔ ﻓﻬﺪ ﺍﳌﻠﻚ ﳎﻤﻊ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺑﻘﻠﻢ ﺍﳌﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﶈﺴﻦ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺍﷲ ﻋﺒﺪ ﻭﺍﻹﺭﺷﺎﺩ ﻭﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺸﺌﻮﻥ ﻭﺯﻳﺮ" ﺳﺎﺑﻘﺎ" ﺇﻋﺪﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺸﺮﻑ" ﺍﳌﻴﺴﺮ ﺍﻟﺘﻔﺴﲑ" ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﺍﳊ ﺇﻥ ﻟﻪ، ﻣﻀﻞ ﻓﻼ ﺍﷲ ﻳﻬﺪﻩ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ، ﻭﺳﻴﺌﺎﺕ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ، ﺷﺮﻭﺭ ﻣﻦ ﺑﺎﷲ ﻭﻧﻌﻮﺫ ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻩ، ﻭﻧﺴﺘﻌﻴﻨﻪ ﳓﻤﺪﻩ ﷲ، ﻤﺪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻋﺒﺪﻩ ﳏﻤﺪﺍ ﺃﻥ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﻟﻪ، ﺷﺮﻳﻚ ﻭﺣﺪﻩ ﺍﷲ ﺇﻻ ﺇﻟﻪ ﺃﻥ ﻭﺃﺷﻬﺪ ﻟﻪ، ﻫﺎﺩﻱ ﻓﻼ ﻳﻀﻠﻞ ﻭﻣﻦ. } ﹶﺎﺗ ﻖﱠ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﱠﻘﹸﻮﺍ ﺍﺗﻮﺍ ﺁﻣ ﻳﻦ ﱠﺬ ﺍﻟ ﱡﻬ ﹶﻳ ﻮﻥ ﹶﻧ ﹺﻻ ﻦﱠ ﻮﺗ { ] ﻋﻤﺮﺍﻥ ﺁﻝ: ١٠٢ [ } ﺚﱠ ﹶﻖ ﺍﺣ ﹾﺲ ﹶﻜﹸﻢ ﹶﻘ ﱠﺬ ﺍﻟ ﱠﻜﹸﻢ ﱠﻘﹸﻮﺍ ﺍﺗ ﱠﺎﺱ ﺍﻟﻨ ﱡﻬ ﹶﻳ ﱠﻘﹸﻮﺍ ﺍﺗ ﺎﺀ ﹺﺴ ﻛﹶﺜ ﺎﻻ ﹺﺟ ﺎﺀ ﱠﺬ ﺍﻟ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﻴﺒ ﹸﻢ ﹶﻴ ﹶﺎﻥ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﹺﻥﱠ ﺎﻡ ﺍﻷ ﹺﻪ ﹸﻮﻥ{ ] ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: ١ [ } ﻳﺪ ﹶﻮ ﹸﻮﺍ ﻗﹸﻮﻟ ﺍﻟﻠﱠﻪ ﱠﻘﹸﻮﺍ ﺍﺗﻮﺍ ﺁﻣ ﻳﻦ ﱠﺬ ﺍﻟ ﱡﻬ ﹶﻳ * ﺍﻟﻠﱠﻪ ﹸﻢ ﻮﺑ ﹸﻧ ﹸﻢ ﹶﻜ ﹸﻢ ﹶﻜﺎﻟ ﹶﻋ ﹸﻢ ﹶﻜ ﹶﻘ ﹶﻪ ﻮﻟ ﻴﻤ ﹶﻮ ﹶﺎﺯ { ] ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: ٧٠ - ٧١ [ ﺑﻌﺪ ﺃﻣﺎ: ﻭﻛﻞ ﺎ، ﳏﺪﺛﺎ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺷﺮ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﳏﻤﺪ ﻫﺪﻱ ﺍﳍﺪﻱ ﻭﺃﺣﺴﻦ ﺍﷲ، ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺃﺻﺪﻕ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺿﻼﻟﺔ ﻭﻛﻞ ﺿﻼﻟﺔ، ﺑﺪﻋﺔ ﻭﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ، ﳏﺪﺛﻪ. ﺍﻟ ﺁﻳﺎﺕ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻥ ﺧﻠﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﺘﻪ ﻭﲤﺎﻡ ﻋﺒﺎﺩﻩ، ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻧﻌﻢ ﻣﻦ ﺇﻥ ﳉﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﳋﺎﲤﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺑﺮﺍﻫﲔ ﻨﺒﻮﺓ ﺍﷲ ﺇﻧﺰﺍﻝ ﻓﻜﺎﻥ ﺍﳋﻠﻖ، ﻟﻜﻞ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺧﺎﻟﺪﺓ ﺍﻟﺜﻘﻠﲔ،- ﺗﻌﺎﱃ- ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ: } ﹸﻞﱢ ﺎﻧ ﻠﹾﻤ { ] ﺍﻟﻨﺤﻞ: ٨٩ [ } ﹺﲔ ﹺﻲﱟ ﺎﻥ ﹺﻠ{ ] ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ: ١٩٥ [ ﻗﻠ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﳌﺮﺳﻠﲔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺧﺎﰎ ﻭﺣﻔﻈﻪ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻩ ﻗﺎﻃﻌﺔ، ﻭﺣﺠﺔ ﻇﺎﻫﺮﺓ، ﻣﻌﺠﺰﺓ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ، ﺭﲪﺔ ﺍﳌﺒﻌﻮﺙ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﳏﻤﺪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻨﺎ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺑﻪ ﺍﻹﳝﺎﻥ ﻭﺗﻌﺎﻫﺪ ﻫﺪﺍﻳﺘﻪ، ﺇﱃ ﻭﺍﻻﻓﺘﻘﺎﺭ ﻭﲰﺎﻋﻪ، ﺑﺘﻼﻭﺗﻪ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﻭﻫﺪﺍﻳﺘﻪ، ﻭﺇﻋﺠﺎﺯﻩ: ﻭﻋﻤﻼ ﻭﻗﻮﻻ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍ. ﺑﺎﻗ ﺁﻳﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺩﻗﺔ ﻭﺃﺳﻠﻮﺑﻪ، ﻧﻈﻤﻪ ﻭﺑﻼﻏﺔ ﻟﻔﻈﻪ، ﻓﺼﺎﺣﺔ ﺟﻬﺔ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﺪﺓ، ﻭﻣﻌﺠﺰﺓ ﺍﻟﺪﻫﺮ، ﻭﺟﻪ ﻋﻠﻰ ﻴﺔ ﻭﺇﺧﺒﺎﺭﻩ ﺍﳌﻀﺮﻭﺑﺔ، ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﻭﺑﺮﺍﻫﻴﻨﻪ ﺍﻟﻴﻘﻴﻨﻴﺔ، ﻭﺩﻻﺋﻠﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ، ﺍﷲ ﺃﲰﺎﺀ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻭﻧﻮﺍﻫﻴﻪ، ﻭﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ ﺍﳋﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻏﲑ ﲟﺜﻠﻪ، ﺑﺎﻹﺗﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻘﻠﲔ ﻭﲢﺪﻱ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ، ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ. ﺍﷲ ﺗﻮﱃ- ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻓﻘﺎﻝ ﺣﻔﻈﻪ،: } ﹸﻮﻥ ﺎﻓ ﹶﺤ ﹶﻪ ﱠﺎ ﹺﻧ ﹾﺮ ﺍﻟﺬﱢﻛ ﺰﱠﻟﹾﻨ ﱠﺎ ﹺﻧ{ ] ﺍﳊﺠﺮ: ٩ [ ﺍﻟﺴﻄﻮﺭ ﻣﻜﺘﻮﺑﺎ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﳏﻔﻮﻇﺎ ﻳﺰﻝ ﻓﻠﻢ ﺣﻘﺎ، ﻣﻨﻪ ﺗﻨﻘﺺ ﺃﻭ ﺑﺎﻃﻼ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﲔ ﻓﻴﻪ ﺗﺰﻳﺪ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺣﻔﻈﻪ. } ﻞﹸ ﺎﻃ ﹾﺒ ﺍﻟ ﻴﻪ ﹾﺗ ﻴﺪ ﻴﻢ ﹺﻳﻞ ﹾﻔ { ] ﻓﺼﻠﺖ: ٤٢ [ ﺗﻌﺎﱃ ﻓﻘﺎﻝ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻒ، ﺍﻟﺘﺒﺪﻳﻞ ﻋﻨﻪ ﻭﻧﻔﻰ: } ﻴﻢ ﹾﻌ ﺍﻟ ﻴﻊ ﺍﻟﺴﱠﻤ ﺎﺗ ﹶﻠ ﺪﱢﻝ ﹰﺎ ﱢﻚ ﹶﻠ ﻤﱠﺖ { ] ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ: ١١٥ [ ﺍﷲ ﻭﻭﻓﻖ- ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ- ﻣﻠﺔ ﺃﻫﻞ ﺑﺎﻷﻟﺴﻦ، ﻭﻗﺮﺅﻭﻩ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ، ﻓﺤﻔﻈﻮﻩ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺗﺮ، ﻳﺘﻨﺎﻗﻠﻮﻧﻪ ﻟﻪ ﹰﺎ ﺣﻔﱠﺎﻇ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﹸﻧﺰﻝ ﻛﻤﺎ ﺍﳌﺼﺎﺣﻒ ﻭﻛﺘﺒﻮﻩ. ﻣﻌﺠﺰ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻭﻋﻤﻮﻣﻬﺎ، ﻭﺧﺘﻤﻬﺎ ﻭﺃﺑﺪﻳﺘﻬﺎ، ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻳﺮﺗﺒﻂﺬﺍ- ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ- ﻭﺧﺘﻤﻪ ﻟﻠﺜﻘﻠﲔ ﻭﻋﻤﻮﻣﻪ ﻟﻠﻜﺘﺐ،.

Upload: others

Post on 12-Jul-2020

10 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • مليسر: كتاب لتفسري ا العلماء: املؤلف لشريف-جمموعة من ا ا ملصحف طباعة ا ل فهد جممع امللك

    املقدمة بقلم الدكتور عبد اهللا بن عبد احملسن التركي

    "سابقاً"وزير الشئون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد بسم اهللا الرمحن الرحيم" التفسري امليسر"املشرف على إعداد

    مد هللا، حنمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باهللا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده اهللا فال مضل له، إن احل .ومن يضلل فال هادي له، وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له، وأشهد أن حممدا عبده ورسوله

    ]١٠٢: آل عمران [} ِه َوال َتُموُتنَّ إِال َوأَْنُتْم ُمْسِلُمونَ َيا أَيَُّها الَِّذيَن آَمُنوا اتَّقُوا اللََّه َحقَّ ُتقَاِت{ ا رِجَاال كَِثًريا وَنَِساًء وَاتَّقُوا َيا أَيَُّها النَّاُس اتَّقُوا رَبَّكُُم الَِّذي َخلَقَكُْم ِمْن نَفْسٍ َواِحَدٍة َوَخلََق ِمْنَها َزْوجََها َوَبثَّ ِمْنُهَم{

    ]١: النساء [} لُونَ بِِه َواَألْرَحاَم إِنَّ اللََّه كَانَ َعلَْيكُْم َرقِيًبا اللََّه الَِّذي َتَساَءُيصِْلْح لَكُْم أَْعَمالَكُْم َوَيْغِفْر لَكُْم ذُُنوَبكُْم َوَمْن ُيِطعِ اللََّه * َيا أَيَُّها الَِّذيَن آَمُنوا اتَّقُوا اللََّه َوقُولُوا قَْوال َسدِيًدا {

    ]٧١-٧٠: األحزاب[} ْد فَاَز فَْوًزا َعِظيًما َوَرسُولَُه فَقَفإن أصدق احلديث كتاب اهللا، وأحسن اهلدي هدي حممد صلى اهللا عليه وسلم وشر األمور حمدثاهتا، وكل : أما بعد

    .حمدثه بدعة، وكل بدعة ضاللة، وكل ضاللة يف النارنبوة وبراهني الرسالة اخلامتة العامة جلميع إن من نعم اهللا على عباده، ومتام حجته على خلقه أن تكون آيات ال

    ِتْبيَاًنا ِلكُلِّ َشْيٍء َوُهًدى َوَرْحَمةً { : كتابه العظيم -تعاىل -الثقلني، خالدة معلومة لكل اخللق، فكان إنزال اهللا ب خامت األنبياء واملرسلني على قل] ١٩٥: الشعراء [} بِِلَساٍن َعرَبِيٍّ ُمبِنيٍ { ] ٨٩: النحل[} َوُبشَْرى ِللُْمْسِلِمَني

    نبينا ورسولنا حممد صلى اهللا عليه وسلم املبعوث رمحة للعاملني، معجزة ظاهرة، وحجة قاطعة، يف استمراره وحفظه .اعتقادا وقوال وعمال: وإعجازه وهدايته، والتعبد بتالوته ومساعه، واالفتقار إىل هدايته، وتعاهد اإلميان به

    ية على وجه الدهر، ومعجزة خالدة، من جهة فصاحة لفظه، وبالغة نظمه وأسلوبه، ودقة فالقرآن العظيم، آية باقأحكامه وأوامره ونواهيه، وبيان أمساء اهللا وصفاته، ودالئله اليقينية، وبراهينه العقلية، يف أمثاله املضروبة، وإخباره

    .للعادةبالغيب، وحتدي الثقلني باإلتيان مبثله، وغري ذلك من العجائب اخلارقة ]٩: احلجر[} إِنَّا َنْحُن َنزَّلَْنا الذِّكَْر وَإِنَّا لَُه لََحاِفظُونَ { : حفظه، فقال -سبحانه-توىل اهللا

    .حفظه اهللا من أن تزيد فيه الشياطني باطال أو تنقص منه حقا، فلم يزل حمفوظا يف الصدور مكتوبا يف السطور ]٤٢: فصلت[} َدْيِه َوال ِمْن َخلِْفِه َتنْزِيلٌ ِمْن َحِكيمٍ َحمِيٍد ال يَأِْتيِه الَْباِطلُ ِمْن َبْينِ َي{

    َوَتمَّْت كَِلَمُت َربِّكَ ِصْدقًا َوَعْدال ال ُمَبدِّلَ ِلكَِلَماِتِه َوُهَو السَِّميُع الَْعِليمُ { : ونفى عنه التبديل والتحريف، فقال تعاىل ]١١٥: األنعام [}

    اإلسالم ليكونوا حفَّاظًا له يتناقلونه بالتواتر، فحفظوه يف الصدور، وقرؤوه باأللسن، أهل ملة -سبحانه-ووفق اهللا .وكتبوه يف املصاحف كما أُنزل

    وختمه -القرآن الكرمي-وهبذا يرتبط استمرار الرسالة اإلسالمية وأبديتها، وختمها وعمومها، باستمرار معجزهتا .للكتب، وعمومه للثقلني

  • وََنزَّلَْنا َعلَْيكَ الِْكتَاَب ِتْبيَاًنا { : ل هداية للخلق إىل السعادة يف الدنيا واآلخرة، كما قال تعاىلوالقرآن العظيم أُنزوداللة على صدق رسولنا حممد صلى اهللا عليه ] ٨٩: النحل [} ِلكُلِّ َشْيٍء َوُهًدى َوَرْحَمةً وَُبْشَرى ِللُْمْسِلِمَني

    .به حق من عند ربه سبحانه وتعاىلوسلم يف رسالته ونبوته، وأن ما جاء فالقرآن عصمة لكل مسلم، وبه جناحه وفالحه، وقيام دينه ودنياه، وسعادته يف أواله وأخراه، بتثبيت التوحيد

    .وسائر أركان اإلسالم يف قلبه، وتزكية نفسه بأخالق القرآن، وإعداده فردا صاحلا يف أمتهبه من أرجاس الشرك وأدران املعاصي، وتعاهد اإلميان باهللا، ومالئكته، فكل إنسان مفتقر إىل هدايته، وتطهري النفس

    .وكتبه، ورسله، وباليوم اآلخر، والقدر خريه وشرهاللَُّه نَزَّلَ أَْحَسَن الَْحدِيِث ِكَتاًبا ُمَتشَابًِها َمثَانَِي تَقَْشِعرُّ ِمْنُه ُجلُودُ { : وذلك بتالوته، والعمل به، واالتعاظ مبواعظه

    ]٢٣: الزمر [} ِذيَن َيْخَشْونَ َربَُّهْم ثُمَّ َتِلُني ُجلُوُدُهْم َوقُلُوبُُهْم إِلَى ِذكْرِ اللَِّه الَّْم َيَتَوكَّلُونَ إِميَاًنا َوَعلَى رَبِّهِإِنََّما الُْمْؤِمُنونَ الَِّذيَن إِذَا ذُِكَر اللَُّه َوجِلَْت قُلُوبُُهْم َوإِذَا ُتِلَيْت َعلَْيهِْم آَياُتُه َزاَدْتُهمْ { ]٢: األنفال [}

    عز -وكل عبد مسلم، متعبد بتالوته، وتدبر آياته، وتفهم معانيه، والعمل مبحكمه، واإلميان مبتشاهبه، قال اهللا ِكَتابٌ أَنَْزلْنَاُه إِلَْيَك ُمبَاَرٌك لَِيدَّبَُّروا آَياِتِه َولَِيَتذَكَّرَ أُولُو األَلَْبابِ{ : -شأنه

    ،]٤: املزمل [} َورَتِّلِ الْقُْرآنَ تَْرتِيال { : -سبحانه-وقال ]٢٩: ص [} ] ٨٢: النساء [}أَفَال َيَتَدبَُّرونَ الْقُْرآنَ َولَْو كَانَ ِمْن ِعْنِد غَْيرِ اللَِّه لََوَجدُوا ِفيِه اْخِتالفًا كَثًِريا { : -سبحانه-وقال ]٢٤: حممد [} قُْرآنَ أَْم َعلَى قُلُوبٍ أَقْفَالَُها أَفَال َيَتَدبَُّرونَ الْ{ : -عز من قائل-وقال

    َولَقَْد َيسَّْرَنا الْقُْرآنَ لِلذِّكْرِ فََهلْ { : وقد يسر اهللا على األلسن قراءته، وعلى العقول فهمه وتدبر معانيه، قال تعاىل ] ٤٠، ٣٢، ٢٢، ١٧: القمر [} ِمْن ُمدَِّكرٍ

    أشرف أنواع التفسري باإلمجاع؛ إذ ال أحد أعلم بكتاب اهللا جل وعال من اهللا عز فقد بني سبحانه آياته بآياته، وهذا .شأنه

    وَأَْنزَلَْنا إِلَْيَك الذِّكَْر ِلتَُبيَِّن ِللنَّاسِ َما ُنزِّلَ إِلَْيهِْم َولََعلَُّهْم { : وبينه رسوله حممد صلى اهللا عليه وسلم ألمته، قال سبحانه ]٤٤: النحل [} َيَتفَكَُّرونَ

    وهذا التبيني شامل لبيان معاين القرآن وألفاظه، وهو من سنته، وسنته وحي من ربه، فالسنة مفسرة للقرآن ].٤، ٣: النجم [} إِنْ ُهَو إِال َوْحيٌ ُيوَحى * َوَما َيْنِطُق َعنِ الَْهَوى { : وموضحة له، قال اهللا تعاىل .رواه أمحد وأبو داود" ومثله معهأال وإين أوتيت القرآن "وقال صلى اهللا عليه وسلم

    واجتهد الراسخون يف العلم من علماء األمة وفقهاء امللة، يف بيان معاين القرآن وتفسريه، وكشف الغطاء عن وجوه -تعاىل-بالغته وعلومه، مؤمتني برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ويف مقدمتهم أهل االختصاص بتفسري كتاب اهللا

    ؛ وذلك لكمال درايتهم مبشاهدة التنزيل، وملا ميزهم اهللا به من الفهم والفقه يف - عنهمرضي اهللا-من الصحابة .دينه، والعلم الصحيح، وسالمة السليقة ونقاء العربية

    التفسري بالقرآن، وبالسنة، : مث تسلم التابعون هلم بإحسان هذا املرياث الشرعي، فدرجوا فيه على سننه املذكورة: وتنامت على أيديهم مدارس التفسري باألثر يف داري التنزيل -رضي اهللا عنهم-ن الصحابة وبتفسري أشياخهم م

    .مث يف الكوفة، وغريها من أمصار املسلمني -حرسهما اهللا تعاىل-مكة واملدينة، لعلوم وتنقل هذا املرياث املبارك من طبقة إىل أخرى، وقد أُولع املفسرون به حىت تكوَّنَ من ذلك أعظم مكتبة يف ا

  • -تفسري القرآن بالقرآن، وبالسنة، وبأقوال الصحابة : اإلسالمية، وأوسعها دائرة، واتضح أن طرق التفسري مخسة .، وبأقوال التابعني هلم بإحسان، وباللغة العربية-رضي اهللا عنهم

    .ة العربأو التابعون، فاملرجع فيه إىل الطريقني األولني، وإىل لغ -وهو قليل-وما اختلف فيه الصحابة بالرأي املخالف لصحيح -أحيانا-وقد تنوعت املشارب يف التفسري بعد عصر الصحابة والتابعني، ففسر القرآن

    .املأثور، ولقواعد اللغة العربية .ومنه التفسري الباطين، الذي ينكر داللة بعض اآليات حينا، وحيملها على غري املراد منها حينا آخر

    .روايات الضعيفة أو املوضوعةبال -أحيانا-وفسر القرآن َوإِنْ َيرَْوا كُلَّ آَيٍة ال ُيْؤِمُنوا بَِها َوإِنْ َيَروْا { : وهذا وذاك حتريف للكلم عن مواضعه، وبعد عن سبيل القرآن وهدايته} بِأَنَُّهْم كَذَُّبوا بِآَياتَِنا َوكَاُنوا َعنَْها غَاِفِلَني َسبِيلَ الرُّْشِد ال يَتَِّخذُوُه َسبِيال َوإِنْ َيَرْوا َسبِيلَ الَْغيِّ يَتَِّخذُوُه سَبِيال ذَِلَك

    ] .١٤٦: األعراف [ .يف بيان حترمي هذين االجتاهني، والدعوة إىل ختليص كتب التفسري منهما -رمحهم اهللا تعاىل-وهلذا أفاض العلماء

    ه، وضوابطه، حلماية كتاب اهللا، وتنقية وكان من أعماهلم املسددة، توجيه األنظار إىل تأصيل أصول التفسري وقواعد .تفسريه مما داخله؛ ليبقى يف أحضان مدرسة األثر، فانتشرت مؤلفاهتم احلافلة بذلك

    إين : (-رمحه اهللا تعاىل-إن تالوة كتاب اهللا، وتدبر آياته، وتفهمها، سنة ماضية يف حياة املسلمني، قال ابن جرير ).ه، كيف يلتذ بقراءته؟ألعجب ممن قرأ القرآن ومل يعلم تأويل

    وإن إعانة املسلمني التالني لكتاب رهبم على فهم آياته، والتزود مبقاصده، ونفوذ سلطانه على النفوس، وردهم إىل اعتقادا وقوال وعمال من أوجب الواجبات، وأعظم : االستمساك بالوحي، واإلذعان حلكمه، وحتصيل املقاصد منه

    املسلمني، وإعانتهم، وتثبيت اإلسالم يف قلوب أهله، والدعوة إليه على بصرية األعمال الصاحلات، وهذا من نصرة .يف العاملني

    من هنا تتبني حاجة األمة إىل وجود تفسري خمتصر، على ضوء مدرسة األثر، يف عهدها األغر، يف حميط أصول دى به أمانة املفسِّر، وأمانة التفسري؛ التفسري، وقواعده، وطرقه، يعني التايل لكتاب اهللا مبا تطمئن له القلوب، وتتأ

    ألن القارئ لكتاب ربه، الذي يريد الوصول إىل املقصد األول من التفسري، وهو فهم اآليات الكرمية على معناها ، وهو من غري] ٩: اإلسراء [} إِنَّ َهذَا الْقُْرآنَ يَْهِدي ِللَِّتي ِهَي أَقَْوُم { : الصحيح، استهداء بقول اهللا تعاىل

    املتخصصني، جيد أمامه من التفاسري ما ال يصل منها إىل ما يريد؛ لطوهلا وتعدد األقوال، أو لصعوبة فهمها، أو .الختالطها مبا داخلها مما ال يصح رواية وال دارية

    " خريكم من تعلم القرآن وعلمه : " لقد رغََّب رسولنا حممد صلى اهللا عليه وسلم يف تعلّم القرآن وتعليمه، فقال .رواه البخاري

    ال جياوزون عشر آيات من كتاب اهللا إىل غريها حىت يعلموا ما فيها من العلم -رضوان اهللا عليهم-وكان الصحابة .والعمل

    .وتابعهم السلف الصاحل من بعدهم بإحسان تالوته، وفهمه، والعمل به، وبيان ما فيه .العرب؛ ليقرؤوا القرآن ويفهموه ويعملوا به يتعلمون لغة -مبجرد دخوهلم يف اإلسالم-وكان غري العرب

    وحينما احنسر املد اإلسالمي، وضعف املسلمون، وقل االهتمام بالعلوم اإلسالمية ولغتها العربية، ظهرت احلاجة إىل

  • ة هلم ترمجة معاين كتاب اهللا ملن ال يتكلم اللغة العربية وال يفهمها؛ إسهاما يف تبليغ رسالة اإلسالم للناس كافة، ودعو .إىل هدي اهللا وصراطه املستقيم

    وتعددت الترمجات، ودخل يف امليدان من ليس أهال له، بل قام بذلك أناس من غري املسلمني، مما جعل احلاجة ملحة إىل أن يعتين املسلمون بتوفري ترمجات صحيحة ملعاين كتاب اهللا، وبيان ما يف بعض الترمجات من أخطاء وافتراء ودس

    . الكرمي، ورسالة نبينا حممد صلى عليه وسلمعلى كتاب اهللاوقد بذلت جهود مباركة من عدد من العلماء املسلمني، واهليئات واملراكز العلمية اإلسالمية، لكنها مع ذلك جهود

    .بشر، يعتريها ما يعتري البشر من النقص، فالكمال هللا وحده سبحانه وتعاىلنقص واملالحظة، مبا يف ذلك التفاسري اليت قام هبا علماء كبار أفنوا وندر أن يسلم كتاب من كتب التفسري من ال

    .حياهتم يف سبيل العلم بكتاب اهللا، وبيان مراده سبحانه منهفكانوا فرسان هذا امليدان، وخدموا اإلسالم وعلومه وأمته خدمة عظيمة، أجزل اهللا هلم املثوبة، على عنايتهم بكتاب

    .اهللا الكرمي وتفسريهق اهللا قادة اململكة العربية السعودية إىل العمل بكتاب اهللا وسنة رسوله صلى اهللا عليه وسلم واالعتناء هبما لقد وف

    .تعليما وتطبيقا ونشراوكان من أعظم الوسائل اليت هدى اهللا إليها خادم احلرمني الشريفني امللك فهد بن عبد العزيز آل سعود ووفقه

    .ة املصحف الشريف يف املدينة النبويةجممع امللك فهد لطباع: إلنشائهاإذ اعتىن بطباعة املصحف الشريف، وتوزيعه مبختلف اإلصدارات والروايات على املسلمني يف خمتلف أحناء

    .املعمورة، واعتىن بترمجة معاين القرآن إىل خمتلف اللغات اليت يتحدث هبا املسلمون، وتوزيعها عليهم .لثالث عشرة املاضية مائة وعشرين مليونا ، وزعت ابتغاء مرضاة اهللاوقد جتاوز إنتاجه خالل السنوات ا

    ولقد واجهت اجملمع مشكلة سالمة الترمجات املتوافرة حاليا من امللحوظات واألخطاء، وعلى وجه اخلصوص يف ن تفسري أمور العقيدة؛ إذ يصعب توفر ترمجة وافية موافقة ملا كان عليه السلف الصاحل وما درج عليه مفسروهم، م

    القرآن بالقرآن، وبالسنة النبوية، وبأقوال الصحابة، ومبقتضى لغة العرب، بعيدا عن التأويل والتحريف، والقول يف .كتاب اهللا بغري علم

    وكانت أي ترمجة يراد طبعها يف اجملمع، ختضع لفحص ومراجعة دقيقة من جلان موثوقة ومتخصصة، ويتم تاليف ما .إلمكانيظهر من امللحوظات قدر ا

    .ومع اجلهود اليت تبذل، تبقى الترمجة دون ما يطمح إليه اجملمعإىل إصدار تفسري ميسر لكتاب اهللا الكرمي باللغة العربية على أصول -بعد دراسة مستفيضة-فمن مث اجته اجملمع

    األساس ملا التفسري وطرقه الشرعية اليت هنجها السلف الصاحل، سامل من حتريف الكلم عن مواضعه، يكون هو .يصدره اجملمع مستقبال من ترمجات

    :ومت دعوة عدد من أساتذة التفسري لإلسهام يف هذا التفسري، وفق ضوابط، من أمهها .تقدمي ما صح من التفسري باملأثور على غريه)١ .االقتصار يف النقل على القول الصحيح أو األرجح)٢ .مية من خالل التفسريإبراز اهلداية القرآنية ومقاصد الشريعة اإلسال)٣ .كون العبارة خمتصرة سهلة، مع بيان معاين األلفاظ الغريبة يف أثناء التفسري)٤

  • ".مصحف املدينة النبوية"كون التفسري بالقدر الذي تتسع له حاشية )٥ .وقوف املفسر على املعىن املساوي، وجتنب الزيادة الواردة يف آيات أخرى حىت تفسر يف موضعها)٦ .د معىن اآلية مباشرة دون حاجة إىل األخبار، إال ما دعت إليه الضرورةإيرا)٧ .كون التفسري وفق رواية حفص عن عاصم)٨ .جتنب ذكر القراءات ومسائل النحو واإلعراب)٩ .مراعاة املفسر أن هذا التفسري سيترجم إىل لغات خمتلفة)١٠ .جتنب ذكر املصطلحات اليت تتعذر ترمجتها)١١آية على حده، وال تعاد ألفاظ النص القرآين يف التفسري إال لضرورة، ويذكر يف بداية تفسري كل آية تفسري كل)١٢ .رقمها

    وقد اجتهد هؤالء األساتذة يف االلتزام هبذه الضوابط قدر اإلمكان، ومتت مراجعة ما كتبوه من قبل علماء أفاضل؛ حتقيق اهلدف من إصداراه، من حيث السهولة حرصا على أن يكون هذا التفسري أسلم من غريه، وأقرب إىل

    .واليسر، مع بيان معىن اآلية بيانا خمتصرا وواضحا .فجزى اهللا اجلميع خري اجلزاء، وشكر هلم تعاوهنم مع اجملمع

    وال يزعم معدو هذا التفسري وال مراجعوه، أنه بلغ الغاية املتوخاة، ولكنه يف نظرهم أفضل ما مت التوصل إليه، يف .دود، وجبهود متواضعة حمدودة؛ نظرا للحاجة امللحة إلصدارهوقت حم

    فجزى اهللا مجيع من أسهم فيه أحسن اجلزاء، وأثاهبم، " التفسري امليسر: "إجناز هذا -بفضل اهللا وتوفيقه-وقد مت اآلن .وجعل عملهم يف ميزان حسناهتم آمني

    ".جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف"دره الذي يص" مصحف املدينة النبوية"هذا ومتت طباعته حاشية على أن يكون هذا التفسري نافعا لعموم املسلمني، مؤديا الغرض من تأليفه، وهو صواب الفهم -سبحانه-نسأل اهللا

    لكالم رب العاملني، وأن يوزعنا شكر ما أنعم به علينا، وأن يغفر زالتنا، ويقيل عثراتنا، إنه مسيع الدعاء، واحلمد هللا .ال وآخراأو

    كما نسأله أن جيزي خادم احلرمني الشريفني امللك فهد بن عبد العزيز آل سعود أحسن اجلزاء، على جهوده يف خدمة كتاب اهللا، وتيسري احلصول عليه، وعلى ترمجات معانية لكل مسلم، وأن يوفقه ومسو ويل عهده األمني ومسو

    .حيب ويرضى، وأن ينصر هبم دينه، ويعلي كلمتهالنائب الثاين، وحكومته الرشيدة، وأعوانه إىل ما وال ننسى إعالن احلاجة إىل اإلفادة بتصحيح أو استدراك، وهي أمانة نستودعها كل قادر على اإلفادة هبا، وندعو له

    .من متام النصح والتعاون بني املسلمني -إن شاء اهللا-بظهر الغيب أن يثيبه اهللا عليها، وهذا ]٥٣: آل عمران [} َربََّنا آَمنَّا بَِما أَنَْزلَْت وَاتََّبعَْنا الرَّسُولَ فَاكُْتْبَنا َمَع الشَّاِهِدينَ { اهللا تعاىل ويف اخلتام نتلو قول

    عبد اهللا بن عبد احملسن التركي. وصلى اهللا وسلم على نبينا حممد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان "سابقًا"واإلرشاد وزير الشئون اإلسالمية واألوقاف والدعوة

    ".التفسري امليسر"املشرف على إعداد

    )أعوذ باهللا من الشيطان الرجيم(االستعاذة فَإِذَا قَرَأَْت الْقُْرآنَ { : شرع اهللا تعاىل لكل قارئ للقرآن العظيم، أن يستعيذ باهللا من الشيطان الرجيم، قال سبحانه

    ذلك ألن القرآن الكرمي هداية للناس وشفاء ملا يف الصدور، والشيطان سبب } جِيمِ فَاْسَتِعذْ بِاللَِّه ِمَن الشَّْيطَاِن الرَّ

  • الشرور والضالالت، فأمر اهللا سبحانه كل قارئ للقرآن أن يتحصن به سبحانه من الشيطان الرجيم، ووساوسه، .وحزبه

    .حفوأمجع العلماء على أن االستعاذة ليست من القرآن الكرمي؛ وهلذا مل تكتب يف املصا .استجري، وأحتصن باهللا وحده": أعوذ باهللا"ومعىن

    .من كل عات متمرد من اجلن واإلنس، يصرفين عن طاعة ريب، وتالوة كتابه: أي" من الشيطان" .املطرود من رمحة اهللا: أي" الرجيم"

    }سورة الفاحتة {

    ) ١(بِْسمِ اللَِّه الرَّْحَمنِ الرَِّحيمِ

    }) ١(الرَِّحيمِ بِْسمِ اللَِّه الرَّْحَمنِ{ ألهنا تقرأ يف كل ركعة، وهلا ؛ ألنه يفتتح هبا القرآن العظيم، وتسمى املثاين؛ سورة الفاحتة مسيت هذه السورة بالفاحتة

    املعبود حبق دون سواه، -تبارك وتعاىل-علم على الرب ) اِهللا(أبتدئ قراءة القرآن باسم اهللا مستعينا به،. أمساء أخرذي الرمحة العامة الذي وسعت رمحته مجيع ) الرَّْحَمنِ.( تعاىل، وال يسمى به غريه سبحانهوهو أخص أمساء اهللا

    .باملؤمنني، ومها امسان من أمسائه تعاىل، يتضمنان إثبات صفة الرمحة هللا تعاىل كما يليق جبالله) الرَّحِيمِ(اخللق،

    ) ٢(الَْحْمُد ِللَِّه َربِّ الَْعالَِمَني

    }) ٢(ِه َربِّ الَْعالَِمَني الَْحْمدُ ِللَّ{ الثناء على اهللا بصفاته اليت كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية ) احلَْمُد هللاِ َربِّ العَالَِمَني(

    والدنيوية، ويف ضمنه أَْمرٌ لعباده أن حيمدوه، فهو املستحق له وحده، وهو سبحانه املنشئ للخلق، القائم بأمورهم، . جلميع خلقه بنعمه، وألوليائه باإلميان والعمل الصاحلاملريب

    ) ٣(الرَّْحَمنِ الرَّحِيمِ

    }) ٣(الرَّْحَمنِ الرَّحِيمِ { .، باملؤمنني، ومها امسان من أمساء اهللا تعاىل)الرَِّحيمِ(الذي وسعت رمحته مجيع اخللق،) الرَّْحَمنِ(

    ) ٤(َماِلِك َيْومِ الدِّينِ

    }) ٤(الدِّينِ َماِلِك َيْومِ{ ويف قراءة املسلم هلذه اآلية يف كل ركعة من . وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة، وهو يوم اجلزاء على األعمال

    .صلواته تذكري له باليوم اآلخر، وحثٌّ له على االستعداد بالعمل الصاحل، والكف عن املعاصي والسيئات

    ) ٥(إِيَّاكَ َنْعُبُد َوإِيَّاَك َنْسَتِعُني

  • }) ٥(إِيَّاَك َنعُْبُد َوإِيَّاَك َنْسَتِعُني { ويف . إنا خنصك وحدك بالعبادة، ونستعني بك وحدك يف مجيع أمورنا، فاألمر كله بيدك، ال ميلك منه أحد مثقال ذرة

    لطواف إال هذه اآلية دليل على أن العبد ال جيوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء واالستغاثة والذبح وا .هللا وحده، وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغري اهللا، ومن أمراض الرياء والعجب، والكربياء

    ) ٦(اْهِدَنا الصَِّراطَ الُْمْسَتقِيَم

    }) ٦(اْهِدَنا الصَِّراطَ الُْمْسَتِقيَم { إلسالم، الذي هو الطريق الواضح املوصل ُدلَّنا، وأرشدنا، ووفقنا إىل الطريق املستقيم، وثبتنا عليه حىت نلقاك، وهو ا

    إىل رضوان اهللا وإىل جنته، الذي دلّ عليه خامت رسله وأنبيائه حممد صلى اهللا عليه وسلم، فال سبيل إىل سعادة العبد .إال باالستقامة عليه

    ) ٧( صَِراطَ الَِّذيَن أَْنَعْمَت َعلَْيهِْم غَْيرِ الَْمْغضُوبِ َعلَْيهِْم َولَا الضَّالَِّني

    }) ٧(صَِراطَ الَِّذيَن أَْنَعْمَت َعلَيْهِْم غَْيرِ الْمَْغُضوبِ َعلَْيهِْم َوال الضَّالَِّني { طريق الذين أنعمت عليهم من النبيني والصدِّيقني والشهداء والصاحلني، فهم أهل اهلداية واالستقامة، وال جتعلنا ممن

    يعملوا به، وهم اليهود، ومن كان على شاكلتهم، والضالني، سلك طريق املغضوب عليهم، الذين عرفوا احلق وملويف هذا الدعاء شفاء لقلب املسلم من . وهم الذين مل يهتدوا، فضلوا الطريق، وهم النصارى، ومن اتبع سنتهم

    مرض اجلحود واجلهل والضالل، وداللة على أن أعظم نعمة على اإلطالق هي نعمة اإلسالم، فمن كان أعرف ع له، كان أوىل بالصراط املستقيم، وال ريب أن أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم هم أوىل الناس للحق وأتب

    ويستحب للقارئ أن . بذلك بعد األنبياء عليهم السالم، فدلت اآلية على فضلهم، وعظيم منزلتهم، رضي اهللا عنهم؛ وليست آية من سورة الفاحتة باتفاق العلماء اللهم استجب،: ، ومعناها)آمني:(يقول يف الصالة بعد قراءة الفاحتة

    .وهلذا أمجعوا على عدم كتابتها يف املصاحف

    }سورة البقرة {

    ) ١(امل

    }) ١(امل { فقد وقع به حتدي ؛ هذه احلروف وغريها من احلروف املقطَّعة يف أوائل السور فيها إشارة إىل إعجاز القرآن

    فَدلَّ عجز العرب عن . ب من هذه احلروف اليت تتكون منها لغة العرباملشركني، فعجزوا عن معارضته، وهو مركَّ .على أن القرآن وحي من اهللا -مع أهنم أفصح الناس-اإلتيان مبثله

    ) ٢(ذَِلَك الِْكَتابُ لَا َرْيَب ِفيِه ُهًدى ِللُْمتَِّقَني

  • }) ٢(ذَِلَك الِْكتَاُب ال َرْيَب ِفيِه ُهًدى ِللُْمتَِّقَني { قرآن هو الكتاب العظيم الذي ال َشكَّ أنه من عند اهللا، فال يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه، ينتفع به ذلك ال

    .املتقون بالعلم النافع والعمل الصاحل وهم الذين خيافون اهللا، ويتبعون أحكامه

    ) ٣(قُونَ الَِّذيَن ُيْؤِمُنونَ بِالْغَْيبِ َوُيِقيُمونَ الصَّلَاةَ َوِممَّا َرَزقَْناُهمْ ُيْنِف

    }) ٣(الَِّذيَن ُيؤِْمُنونَ بِالَْغْيبِ َوُيِقيُمونَ الصَّالةَ َوِممَّا َرَزقَْناُهْم ُيْنِفقُونَ { ألنه ال ُيعْرف إال بوحي اهللا إىل رسله، ؛ وهم الذين ُيَصدِّقون بالغيب الذي ال تدركه حواسُّهم وال عقوهلم وحدها

    كلمة جامعة لإلقرار : واإلميان(ر، وغري ذلك مما أخرب اهللا به أو أخرب به رسوله،مثل اإلميان باملالئكة، واجلنة، والناباهللا ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر والقدر خريه وشره، وتصديق اإلقرار بالقول والعمل بالقلب واللسان

    ا َوفْق ما شرع اهللا لنبيه وهم مع تصديقهم بالغيب حيافظون على أداء الصالة يف مواقيتها أداًء صحيًح) واجلوارح .حممد صلى اهللا عليه وسلم، ومما أعطيناهم من املال خيرجون صدقة أمواهلم الواجبة واملستحبة

    ) ٤(َوالَِّذيَن ُيْؤِمُنونَ بَِما أُنْزِلَ إِلَْيَك َوَما أُنْزِلَ ِمْن قَْبِلَك َوبِالْآخَِرِة ُهْم ُيوِقُنونَ

    }) ٤(ا أُْنزِلَ إِلَْيَك َوَما أُْنزِلَ ِمْن قَْبِلَك َوبِاآلِخَرِة ُهْم ُيوِقُنونَ َوالَِّذيَن ُيؤِْمُنونَ بَِم{ والذين ُيَصدِّقون مبا أُنزل إليك أيها الرسول من القرآن، ومبا أنزل إليك من احلكمة، وهي السنة، وبكل ما أُنزل ِمن

    ون بدار احلياة بعد املوت وما فيها من احلساب قبلك على الرسل من كتب، كالتوراة واإلجنيل وغريمها، وُيَصدِّقألن اإلميان به من أعظم البواعث على ؛ واجلزاء، تصديقا بقلوهبم يظهر على ألسنتهم وجوارحهم وخص يوم اآلخرة

    .فعل الطاعات، واجتناب احملرمات، وحماسبة النفس

    ) ٥(ونَ أُولَِئَك َعلَى ُهًدى ِمْن َربِّهِْم َوأُولَِئَك ُهُم الُْمفِْلُح

    }) ٥(أُولَِئَك َعلَى ُهًدى ِمْن رَبِّهِْم َوأُولَِئَك ُهُم الُْمفِْلُحونَ { أصحاب هذه الصفات يسريون على نور من رهبم وبتوفيق ِمن خالقهم وهاديهم، وهم الفائزون الذين أدركوا ما

    .طلبوا، وَنَجوا من شرِّ ما منه هربوا

    ) ٦(ْيهِْم أَأَْنذَْرتَُهْم أَْم لَْم ُتْنِذْرُهْم لَا ُيْؤِمُنونَ إِنَّ الَِّذيَن كَفَُروا َسَواٌء َعلَ

    }) ٦(إِنَّ الَِّذيَن كَفَُروا سََواٌء َعلَْيهِْم أَأَْنذَْرتَُهْم أَْم لَْم تُْنِذرُْهْم ال ُيْؤِمُنونَ { ء أخوَّفتهم وحذرهتم من إن الذين جحدوا ما أُنزل إليك من ربك استكباًرا وطغياًنا، لن يقع منهم اإلميان، سوا

    .عذاب اهللا، أم تركت ذلك؛ إلصرارهم على باطلهم

    ) ٧(َخَتَم اللَُّه َعلَى قُلُوبِهِْم َوَعلَى َسْمِعهِْم َوَعلَى أَْبصَارِِهْم ِغَشاَوةٌ َولَُهْم َعذَاٌب َعِظيٌم

  • }) ٧(ِغَشاَوةٌ وَلَُهْم َعذَاٌب َعِظيٌم خََتَم اللَُّه َعلَى قُلُوبِهِْم َوَعلَى َسْمعِهِْم َوَعلَى أَْبَصارِِهْم{ بسبب كفرهم وعنادهم ِمن بعد ما تبيَّن هلم ؛ طبع اهللا على قلوب هؤالء وعلى مسعهم، وجعل على أبصارهم غطاء

    .احلق، فلم يوفقهم للهدى، وهلم عذاب شديد يف نار جهنم

    ) ٨(الْآِخرِ َوَما ُهْم بُِمْؤِمنَِني َوِمَن النَّاسِ َمْن َيقُولُ آَمنَّا بِاللَِّه َوبِالَْيْومِ

    }) ٨(َوِمَن النَّاسِ َمْن َيقُولُ آَمنَّا بِاللَِّه َوبِالَْيْومِ اآلِخرِ َوَما ُهمْ بُِمْؤِمنَِني { صدَّقَْنا باهللا وباليوم: ومن الناس فريق يتردد متحيًِّرا بني املؤمنني والكافرين، وهم املنافقون الذين يقولون بألسنتهم

    .اآلخر، وهم يف باطنهم كاذبون مل يؤمنوا

    ) ٩(ُيخَاِدُعونَ اللََّه وَالَِّذيَن آَمُنوا َوَما َيْخَدُعونَ إِلَّا أَْنفُسَُهْم َوَما َيشُْعُرونَ

    }) ٩(ُيَخاِدُعونَ اللََّه َوالَِّذيَن آَمُنوا َوَما َيْخَدُعونَ إِال أَْنفُسَُهْم َوَما َيْشُعُرونَ { ألن ؛ لهم أهنم خيادعون اهللا والذين آمنوا بإظهارهم اإلميان وإضمارهم الكفر، وما خيدعون إال أنفسهميعتقدون جبه

    .لفساد قلوهبم؛ وِمن فرط جهلهم ال ُيِحسُّون بذلك. عاقبة خداعهم تعود عليهم

    ) ١٠(ا َيكِْذُبونَ ِفي قُلُوبِهِْم َمَرٌض فََزاَدُهمُ اللَُّه مََرًضا َولَُهْم َعذَاٌب أَِليٌم بَِما كَاُنو

    }) ١٠(ِفي قُلُوبِهِْم مََرٌض فََزادَُهُم اللَُّه مََرًضا وَلَُهْم َعذَاٌب أَلِيٌم بَِما كَانُوا َيكِْذُبونَ { يف قلوهبم شكٌّ وفساد فاْبُتلوا باملعاصي املوجبة لعقوبتهم، فزادهم اهللا شكًا، وهلم عقوبة موجعة بسبب كذهبم

    .ونفاقهم

    ) ١١(لَُهْم لَا تُفِْسدُوا ِفي الْأَْرضِ قَالُوا إِنََّما َنْحُن ُمصِْلُحونَ َوإِذَا قِيلَ

    }) ١١(َوإِذَا ِقيلَ لَُهْم ال تُفِْسدُوا ِفي اَألْرضِ قَالُوا إِنََّما َنْحُن ُمصِْلُحونَ { واالة الكافرين، قالوا كذًبا وإذا ُنصحوا ليكفُّوا عن اإلفساد يف األرض بالكفر واملعاصي، وإفشاء أسرار املؤمنني، وم

    .وجداال إمنا حنن أهل اإلصالح

    ) ١٢(أَلَا إِنَُّهْم ُهُم الُْمفِْسُدونَ َولَِكْن لَا َيْشُعُرونَ

    }) ١٢(أَال إِنَُّهْم ُهُم الُْمفِْسُدونَ َولَِكْن ال َيْشُعُرونَ { .ب جهلهم وعنادهم ال ُيِحسُّونإنَّ هذا الذي يفعلونه ويزعمون أنه إصالح هو عني الفساد، لكنهم بسب

    ) ١٣(ُء َولَِكْن لَا َيْعلَُمونَ َوإِذَا قِيلَ لَُهْم آِمُنوا كََما آَمَن النَّاُس قَالُوا أَُنْؤِمُن كََما آَمَن السُّفََهاُء أَلَا إِنَُّهْم ُهُم السُّفََها

    ) ١٣(ُن كََما آَمَن السُّفََهاُء أَال إِنَُّهْم ُهُم السُّفََهاُء َولَِكْن ال َيْعلَُمونَ َوإِذَا ِقيلَ لَُهْم آِمُنوا كََما آَمَن النَّاُس قَالُوا أَُنْؤِم{ {

  • أَُنَصدِّق : ، جاَدلوا وقالوا-مثل إميان الصحابة، وهو اإلميان بالقلب واللسان واجلوارح-آِمُنوا : وإذا قيل للمنافقنيفَِه سواء؟ فردَّ اهللا عليهم بأن السَّفََه مقصور عليهم، وهم مثل تصديق ضعاف العقل والرأي، فنكون حنن وهم يف السَّ

    .ال يعلمون أن ما هم فيه هو الضالل واخلسران

    ) ١٤(ُمسَْتْهزِئُونَ َوإِذَا لَقُوا الَِّذيَن آَمُنوا قَالُوا آَمنَّا َوإِذَا َخلَْوا إِلَى َشَياطِينِهِْم قَالُوا إِنَّا َمَعكُْم إِنََّما َنْحُن

    }) ١٤(َتهْزِئُونَ ذَا لَقُوا الَِّذيَن آَمُنوا قَالُوا آَمنَّا َوإِذَا َخلَْوا إِلَى َشَياِطينِهِْم قَالُوا إِنَّا َمَعكُْم إِنََّما َنْحُن ُمْسَوإِ{ صدَّقنا باإلسالم مثلكم، وإذا انصرفوا وذهبوا إىل زعمائهم الكفرة : هؤالء املنافقون إذا قابلوا املؤمنني قالوا

    .مردين على اهللا أكَّدوا هلم أهنم على ملة الكفر مل يتركوها، وإمنا كانوا َيسَْتِخفُّون باملؤمنني، ويسخرون منهماملت

    ) ١٥(اللَُّه َيْسَتْهزِئُ بِهِْم َوَيُمدُُّهْم ِفي طُْغَيانِهِْم َيْعَمُهونَ

    }) ١٥(ونَ اللَُّه َيْسَتهْزُِئ بِهِْم َوَيُمدُُّهْم ِفي طُْغيَانِهِمْ َيْعَمُه{ .ليزدادوا ضالال وَحْيرة وتردًدا، وجيازيهم على استهزائهم باملؤمنني؛ اهللا يستهزئ هبم وُيمهلهم

    ) ١٦(أُولَِئَك الَِّذيَن اْشَترَُوا الضَّلَالَةَ بِالُْهَدى فََما َربَِحْت ِتَجاَرتُُهْم َوَما كَاُنوا مُْهَتِديَن

    }) ١٦(اللَةَ بِالُْهَدى فََما رَبَِحْت ِتجَاَرتُُهْم َوَما كَانُوا ُمْهَتِديَن أُولَِئَك الَِّذيَن اْشَتَرُوا الضَّ{ أولئك املنافقون باعوا أنفسهم يف صفقة خاسرة، فأخذوا الكفر، وتركوا اإلميان، فما كسبوا شيئًا، بل َخِسروا

    .وهذا هو اخلسران املبني. اهلداية

    ) ١٧(نَاًرا فَلَمَّا أََضاَءْت َما َحْولَُه ذََهَب اللَُّه بِنُورِِهْم َوَتَركَُهْم ِفي ظُلَُماٍت لَا ُيْبصُِرونَ َمثَلُُهْم كََمثَلِ الَِّذي اْسَتوْقََد

    ) ١٧(ْبِصُرونَ لَُماٍت ال ُيَمثَلُُهْم كََمثَلِ الَِّذي اْسَتْوقََد نَاًرا فَلَمَّا أََضاَءْت َما حَْولَُه ذََهَب اللَُّه بُِنورِِهْم َوَترَكَُهْم ِفي ظُ{ {

    برسالة حممد صلى اهللا عليه وسلم، مث كفروا، فصاروا يتخبطون يف -ظاهًرا ال باطنًا-حال املنافقني الذين آمنوا ظلماِت ضالهلم وهم ال يشعرون، وال أمل هلم يف اخلروج منها، ُتْشبه حالَ مجاعة يف ليلة مظلمة، وأوقد أحدهم ناًرا

    سطعت النار وأنارت ما حوله، انطفأت وأعتمت، فصار أصحاهبا يف ظلمات ال عظيمة للدفء واإلضاءة، فلما .يرون شيئًا، وال يهتدون إىل طريق وال خمرج

    ) ١٨(ُصمٌّ ُبكٌْم ُعْمٌي فَُهمْ لَا يَْرجُِعونَ

    }) ١٨(ُصمٌّ ُبكٌْم ُعْمٌي فَُهْم ال َيْرجُِعونَ { لذلك ال يستطيعون الرجوع إىل ؛ ق به، ُعْمي عن إبصار نور اهلدايةهم ُصمٌّ عن مساع احلق مساع تدبر، ُبكْم عن النط .اإلميان الذي تركوه، واستعاضوا عنه بالضالل

  • ذََر الَْمْوِت وَاللَُّه أَْو كََصيِّبٍ ِمَن السََّماِء ِفيِه ظُلَُماٌت َوَرْعٌد َوبَْرٌق َيْجَعلُونَ أَصَابَِعُهْم ِفي آذَانِهِْم ِمَن الصََّواِعقِ َح ) ١٩(ُمِحيطٌ بِالْكَاِفرِيَن

    ذَرَ الَْمْوِت َواللَُّه أَْو كَصَيِّبٍ ِمَن السََّماِء ِفيِه ظُلَُماٌت َوَرْعٌد َوبَْرٌق َيْجَعلُونَ أَصَابِعَُهْم ِفي آذَانِهِْم ِمَن الصََّواِعقِ َح{ }) ١٩(ُمِحيطٌ بِالْكَاِفرِيَن

    هلم احلق تارة، ويشكون فيه تارة أخرى، حالَ مجاعة ميشون يف العراء، أو ُتْشبه حالُ فريق آخر من املنافقني يظهر فينصب عليهم مطر شديد، تصاحبه ظلمات بعضها فوق بعض، مع قصف الرعد، وملعان الربق، والصواعق احملرقة،

    يفوتونه وال واهللا تعاىل حميط بالكافرين ال. خوفًا من اهلالك؛ اليت جتعلهم من شدة اهلول يضعون أصابعهم يف آذاهنم .يعجزونه

    َء اللَُّه لَذََهبَ بَِسْمعِهِْم َيكَادُ الَْبْرقُ َيْخطَفُ أَْبَصارَُهْم كُلََّما أََضاَء لَُهْم َمشَْوا ِفيِه َوإِذَا أَظْلََم َعلَْيهِْم قَامُوا َولَْو َشا ) ٢٠(َوأَْبَصارِِهْم إِنَّ اللََّه َعلَى كُلِّ َشْيٍء قَدِيٌر

    لَذََهَب بَِسْمعِهِمْ بَْرُق َيْخطَُف أَْبصَاَرُهْم كُلََّما أََضاَء لَُهْم َمَشْوا ِفيِه َوإِذَا أَظْلََم َعلَْيهِْم قَاُموا َولَْو َشاَء اللَُّه َيكَاُد الْ{ }) ٢٠(َوأَْبَصارِِهْم إِنَّ اللََّه َعلَى كُلِّ َشْيٍء قَدِيٌر

    ومع ذلك فكلَّما أضاء هلم مَشْوا يف ضوئه، وإذا ذهب أظلم أن يسلب أبصارهم، -من شدة ملعانه-يقارب الربق ولوال إمهال اهللا هلم لسلب مسعهم وأبصارهم، وهو قادر على ذلك يف كل . الطريق عليهم فيقفون يف أماكنهم .وقٍت، إنه على كل شيء قدير

    ) ٢١(قَْبِلكُْم لََعلَّكُمْ َتتَّقُونَ َيا أَيَُّها النَّاُس اْعُبدُوا َربَّكُُم الَِّذي َخلَقَكُْم وَالَِّذيَن ِمْن

    }) ٢١(َيا أَيَُّها النَّاُس اعُْبُدوا رَبَّكُُم الَِّذي َخلَقَكُْم َوالَِّذيَن ِمْن قَْبِلكُْم لََعلَّكُْم َتتَّقُونَ { جدكم من العدم، فقد أو؛ أن اعبدوا اهللا الذي ربَّاكم بنعمه، وخافوه وال ختالفوا دينه: نداء من اهللا للبشر مجيًعا .لتكونوا من املتقني الذين رضي اهللا عنهم ورضوا عنه؛ وأوجد الذين من قبلكم

    اتِ رِْزقًا لَكُْم فَلَا َتْجَعلُوا ِللَِّه الَِّذي جََعلَ لَكُُم الْأَْرَض ِفرَاًشا وَالسََّماَء بَِناًء َوأَنَْزلَ ِمَن السََّماِء َماًء فَأَخَْرَج بِِه ِمَن الثَّمََر ) ٢٢(أَْنَداًدا َوأَْنُتْم َتْعلَُمونَ

    ِت رِْزقًا لَكُْم فَال َتْجَعلُوا الَِّذي جََعلَ لَكُُم اَألْرَض ِفرَاًشا وَالسََّماَء بَِناًء َوأَنَْزلَ ِمَن السََّماِء َماًء فَأَْخَرَج بِِه ِمَن الثََّمرَا{ }) ٢٢(ِللَِّه أَْنَداًدا َوأَْنُتْم َتْعلَُمونَ

    لتسهل حياتكم عليها، والسماء حمكمة البناء، وأنزل املطر من السحاب ؛ لذي جعل لكم األرض بساطًاربكم افأخرج لكم به من ألوان الثمرات وأنواع النبات رزقًا لكم، فال جتعلوا هللا نظراء يف العبادة، وأنتم تعلمون تفرُّده

    .باخللق والرزق، واستحقاِقه العبودية

    مْ َصاِدِقنيَ ْيبٍ ِممَّا نَزَّلَْنا َعلَى َعْبِدَنا فَأْتُوا بِسُوَرٍة ِمْن ِمثِْلِه َواْدُعوا شَُهَداءَكُْم ِمْن ُدوِن اللَِّه إِنْ كُْنُتَوإِنْ كُْنُتْم ِفي َر)٢٣ (

  • َداَءكُْم ِمْن ُدوِن اللَِّه إِنْ كُنُْتْم صَاِدِقَني َوإِنْ كُنُْتْم ِفي رَْيبٍ ِممَّا َنزَّلَْنا َعلَى َعْبِدَنا فَأْتُوا بُِسوَرٍة ِمْن ِمثِْلِه َواْدُعوا ُشَه{ )٢٣ ({

    يف َشكٍّ من القرآن الذي َنزَّلناه على عبدنا حممد صلى اهللا عليه وسلم، -أيها الكافرون املعاندون-وإن كنتم ن أعوانكم، إن وتزعمون أنه ليس من عند اهللا، فهاتوا سورة متاثل سورة من القرآن، واستعينوا مبن تقدرون عليه ِم

    .كنتم صادقني يف دعواكم

    ) ٢٤(يَن فَإِنْ لَْم َتفَْعلُوا َولَْن َتفَْعلُوا فَاتَّقُوا النَّاَر الَِّتي َوقُوُدَها النَّاُس وَالِْحَجاَرةُ أُِعدَّتْ ِللْكَاِفرِ

    }) ٢٤(لنَّاُس َوالِْحَجاَرةُ أُِعدَّْت ِللْكَافِرِيَن فَإِنْ لَْم َتفَْعلُوا َولَْن َتفَْعلُوا فَاتَّقُوا النَّاَر الَِّتي َوقُوُدَها ا{ . فاتقوا النار باإلميان بالنيب صلى اهللا عليه وسلم وطاعة اهللا تعاىل -وستعجزون مستقبال ال حمالة-فإن عَجزمت اآلن

    .هذه النار اليت حَطَُبها الناس واحلجارة، أُِعدَّْت للكافرين باهللا ورسله

    َرٍة رِْزقًا قَالُوا آَمُنوا َوَعِملُوا الصَّاِلحَاِت أَنَّ لَُهْم َجنَّاتٍ َتْجرِي ِمْن َتحِْتَها الْأَْنَهاُر كُلََّما ُرزِقُوا ِمْنَها ِمْن ثََم َوَبشِّرِ الَِّذيَن ) ٢٥(ِفيَها خَاِلُدونَ َهذَا الَِّذي ُرزِقَْنا ِمْن قَْبلُ وَأُُتوا بِِه ُمَتشَابًِها وَلَُهْم ِفيَها أَزَْواٌج ُمطَهََّرةٌ َوُهْم

    وا ِمْنَها ِمْن ثََمَرٍة رِْزقًا َوَبشِّرِ الَِّذيَن آَمُنوا َوَعِملُوا الصَّاِلَحاتِ أَنَّ لَُهْم َجنَّاٍت َتْجرِي ِمْن َتْحِتَها األَْنَهاُر كُلََّما ُرزِقُ{ }) ٢٥(لَُهْم ِفيَها أَْزوَاٌج ُمطَهََّرةٌ َوُهْم ِفيَها خَاِلُدونَ قَالُوا َهذَا الَِّذي ُرزِقَْنا ِمْن قَْبلُ وَأُُتوا بِِه مَُتَشابًِها َو

    أهل اإلميان والعمل الصاحل خًربا ميلؤهم سروًرا، بأن هلم يف اآلخرة حدائق عجيبة، جتري -أيها الرسول-وأخرب قد َرَزقَنا اهللا : اللذيذة قالوا كلَّما رزقهم اهللا فيها نوًعا من الفاكهة. األهنار حتت قصورها العالية وأشجارها الظليلة

    . هذا النوع من قبل، فإذا ذاقوه وجدوه شيئًا جديًدا يف طعمه ولذته، وإن تشابه مع سابقه يف اللون واملنظر واالسم. وهلم يف اجلنَّات زوجات مطهَّرات من كل ألوان الدنس احلسيِّ كالبول واحليض، واملعنوي كالكذب وسوء اخلُلُق

    .ونعيمها دائمون، ال ميوتون فيها وال خيرجون منهاوهم يف اجلنة

    نَُّه الَْحقُّ ِمْن رَبِّهِْم َوأَمَّا الَِّذينَ إِنَّ اللََّه لَا َيسَْتحْيِي أَنْ َيْضرَِب َمثَلًا َما َبعُوَضةً فََما فَْوقََها فَأَمَّا الَِّذيَن آَمُنوا فََيْعلَُمونَ أَ ) ٢٦(َد اللَُّه بَِهذَا َمثَلًا ُيِضلُّ بِِه كَثًِريا َويَْهِدي بِِه كَِثًريا َوَما ُيِضلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاِسِقَني كَفَُروا فََيقُولُونَ َماذَا أََرا

    ِمْن رَبِّهِْم َوأَمَّا الَِّذينَ ُه الَْحقُّإِنَّ اللََّه ال َيسَْتحْيِي أَنْ َيضْرَِب َمثَال َما َبعُوَضةً فََما فَْوقََها فَأَمَّا الَِّذيَن آَمُنوا فََيْعلَُمونَ أَنَّ{ }) ٢٦(إِال الْفَاِسِقَني كَفَُروا فََيقُولُونَ َماذَا أََراَد اللَُّه بَِهذَا مَثَال ُيِضلُّ بِِه كَثًِريا َويَْهِدي بِِه كَثًِريا َوَما ُيِضلُّ بِهِ

    ان متثيال بأصغر شيء، كالبعوضة والذباب إن اهللا تعاىل ال يستحيي من احلق أن يذكر شيئًا ما، قلَّ أو كثر، ولو كفأما املؤمنون فيعلمون حكمة اهللا يف التمثيل بالصغري . وحنو ذلك، مما ضربه اهللا مثال لَِعْجز كل ما ُيعَْبد من دون اهللا

    يبهم اهللا ما مراد اهللا ِمن َضْرب املثل هبذه احلشرات احلقرية؟ وجي: والكبري من خلقه، وأما الكفار فََيْسخرون ويقولونلذلك يصرف اهللا هبذا املثل ناًسا كثريين عن احلق لسخريتهم منه، ؛ بأن املراد هو االختبار، ومتييز املؤمن من الكافرألنه ال َيْصرِف عن احلق إال اخلارجني عن ؛ واهللا تعاىل ال يظلم أحدًا. ويوفق به غريهم إىل مزيد من اإلميان واهلداية

    .طاعته

  • ِئَك ُهمُ ونَ َعْهَد اللَِّه ِمْن َبْعِد ِميثَاِقِه َوَيقْطَُعونَ َما أََمرَ اللَُّه بِِه أَنْ يُوَصلَ َوُيفِْسُدونَ ِفي الْأَْرضِ أُولَالَِّذيَن َينْقُُض ) ٢٧(الَْخاِسُرونَ

    أَنْ يُوَصلَ َويُفِْسُدونَ ِفي اَألْرضِ أُولَِئَك ُهمُ الَِّذيَن َيْنقُُضونَ َعْهدَ اللَِّه ِمْن َبْعِد ِميثَاِقِه َوَيقْطَُعونَ َما أََمَر اللَُّه بِِه{ }) ٢٧(الَْخاِسُرونَ

    الذين ينكثون عهد اهللا الذي أخذه عليهم بالتوحيد والطاعة، وقد أكَّده بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وخيالفون .خرةدين اهللا كقطع األرحام ونشر الفساد يف األرض، أولئك هم اخلاسرون يف الدنيا واآل

    ) ٢٨(نَ كَْيَف َتكْفُُرونَ بِاللَِّه َوكُنُْتْم أَْموَاًتا فَأَحَْياكُْم ثُمَّ ُيِميُتكُمْ ثُمَّ ُيْحيِيكُمْ ثُمَّ إِلَْيِه ُتْرَجُعو

    }) ٢٨(ُتْرَجُعونَ كَْيَف َتكْفُُرونَ بِاللَِّه َوكُْنُتْم أَمَْواًتا فَأَْحَياكُمْ ثُمَّ ُيمِيُتكُْم ثُمَّ ُيْحيِيكُْم ثُمَّ إِلَْيِه{ وحدانية اهللا تعاىل، وتشركون به غريه يف العبادة مع الربهان القاطع عليها يف -أيُّها املشركون-كيف تنكرون

    أنفسكم؟ فلقد كنتم أمواًتا فأوجدكم ونفخ فيكم احلياة، مث مييتكم بعد انقضاء آجالكم اليت حددها لكم، مث يعيدكم .رجعون للحساب واجلزاءأحياء يوم البعث، مث إليه ت

    ) ٢٩(بِكُلِّ َشْيٍء َعِليٌم ُهَو الَِّذي َخلََق لَكُْم َما ِفي الْأَْرضِ َجِميًعا ثُمَّ اْسَتَوى إِلَى السََّماِء فََسوَّاُهنَّ َسْبَع َسَماَواٍت َوُهَو

    َماِء فَسَوَّاُهنَّ َسْبَع َسَماَواٍت َوُهَو بِكُلِّ َشْيٍء َعِليمٌ ُهَو الَِّذي َخلََق لَكُْم َما ِفي اَألْرضِ َجِميًعا ثُمَّ اْسَتَوى إِلَى السَّ{ )٢٩ ({

    اُهللا وحده الذي َخلَق ألجلكم كل ما يف األرض من النِّعم اليت تنتفعون هبا، مث قصد إىل خلق السموات، فسوَّاهنَّ .حميط جبميع ما خلق -سبحانه-فِعلُْمه . سبع مسوات، وهو بكل شيء عليم

    الدَِّماَء وََنْحُن ُنسَبُِّح قَالَ َربَُّك ِللَْملَاِئكَِة إِنِّي َجاِعلٌ ِفي الْأَْرضِ َخِليفَةً قَالُوا أََتجَْعلُ ِفيَها َمْن ُيفِْسُد ِفيَها َوَيسِْفُك َوإِذْ ) ٣٠(بِحَْمِدَك َونُقَدِّسُ لََك قَالَ إِنِّي أَْعلَُم َما لَا َتْعلَُمونَ

    ْحُن ُنسَبُِّح ِللَْمالِئكَِة إِنِّي َجاِعلٌ ِفي اَألْرضِ َخِليفَةً قَالُوا أََتجَْعلُ ِفيَها َمْن ُيفِْسُد ِفيَها وََيْسِفُك الدَِّماَء وََن َوإِذْ قَالَ رَبَُّك{ }) ٣٠(بِحَْمِدَك َونُقَدِّسُ لََك قَالَ إِنِّي أَْعلَُم َما ال َتْعلَُمونَ

    . إين جاعل يف األرض قوًما خيلف بعضهم بعًضا لعمارهتا: للمالئكةللناس حني قال ربك -أيها الرسول-واذكر يا ربَّنا علِّْمنا وأَْرِشْدنا ما احلكمة يف خلق هؤالء، مع أنَّ من شأهنم اإلفساد يف األرض واراقة الدماء ظلما : قالت

    كمال واجلالل؟ قال اهللا وعدواًنا وحنن طوع أمرك، ننزِّهك التنزيه الالئق حبمدك وجاللك، ومنجِّدك بكل صفات ال .إين أعلم ما ال تعلمون من احلكمة البالغة يف خلقهم: هلم

    ) ٣١(نُْتْم صَاِدِقَني َوَعلََّم آَدَم الْأَْسَماَء كُلََّها ثُمَّ عََرضَُهْم َعلَى الَْملَاِئكَِة فَقَالَ أَْنبِئُونِي بِأَْسَماِء َهُؤلَاِء إِنْ كُ

  • }) ٣١(كُلََّها ثُمَّ َعَرضَُهْم َعلَى الَْمالِئكَِة فَقَالَ أَْنبِئُونِي بِأَْسَماِء َهُؤالِء إِنْ كُنُْتْم صَاِدِقَني َوَعلََّم آَدَم اَألْسَماَء{ أخربوين : وبياًنا لفضل آدم عليه السالم علَّمه اهللا أمساء األشياء كلها، مث عرض مسمياهتا على املالئكة قائال هلم

    .ن كنتم صادقني يف أنكم أَْوىل باالستخالف يف األرض منهمبأمساء هؤالء املوجودات، إ

    ) ٣٢(قَالُوا سُْبحَاَنكَ لَا ِعلَْم لََنا إِلَّا َما َعلَّْمَتَنا إِنََّك أَْنَت الَْعلِيُم الَْحكِيُم

    }) ٣٢(قَالُوا سُْبَحاَنَك ال ِعلَْم لََنا إِال َما َعلَّْمَتَنا إِنََّك أَْنَت الَْعلِيُم الَْحكِيُم { إنك أنت وحدك العليم بشئون خلقك، احلكيم يف . ننزِّهك يا ربَّنا، ليس لنا علم إال ما علَّمتنا إياه: قالت املالئكة

    .تدبريك

    السََّماَواِت وَالْأَْرضِ َوأَْعلَُم َما غَْيَب قَالَ َيا آَدُم أَنْبِئُْهمْ بِأَْسمَائِهِْم فَلَمَّا أَْنَبأَُهمْ بِأَْسمَائِهِْم قَالَ أَلَْم أَقُلْ لَكُْم إِنِّي أَْعلَُم ) ٣٣(ُتْبُدونَ َوَما كُنُْتْم َتكُْتُمونَ

    َما غَْيبَ السََّماوَاِت َواَألْرضِ َوأَْعلَُم قَالَ َيا آَدُم أَْنبِئُْهْم بِأَْسَمائِهِْم فَلَمَّا أَْنَبأَُهْم بِأَْسَمائِهِْم قَالَ أَلَْم أَقُلْ لَكُْم إِنِّي أَْعلَُم{ }) ٣٣(ُتْبُدونَ َوَما كُنُْتْم َتكُْتُمونَ

    لقد : فلما أخربهم آدم هبا، قال اهللا للمالئكة. يا آدم أخربهم بأمساء هذه األشياء اليت عَجزوا عن معرفتها: قال اهللا .أخربتكم أين أعلم ما خفي عنكم يف السموات واألرض، وأعلم ما تظهرونه وما ختفونه

    ) ٣٤(َملَاِئكَِة اْسُجُدوا ِلآَدَم فََسَجدُوا إِلَّا إِْبِليَس أََبى َواسَْتكَْبَر َوكَانَ ِمَن الْكَافِرِيَن َوإِذْ قُلَْنا ِللْ

    }) ٣٤(َوإِذْ قُلَْنا ِللَْمالِئكَِة اْسُجدُوا آلَدَم فََسَجدُوا إِال إِْبلِيَس أََبى وَاْسَتكَْبَر َوكَانَ ِمَن الْكَاِفرِيَن { اسجدوا آلدم إكراًما له وإظهاًرا لفضله، : للناس تكرمي اهللا آلدم حني قال سبحانه للمالئكة -ولأيها الرس-واذكر

    .فأطاعوا مجيًعا إال إبليس امتنع عن السجود تكًربا وحسًدا، فصار من اجلاحدين باهللا، العاصني ألمره

    ا َرغًَدا حَْيثُ ِشئُْتَما وَلَا َتقَْرَبا َهِذهِ الشََّجَرةَ فََتكُوَنا ِمَن الظَّاِلِمَني َوقُلَْنا َيا آَدُم اْسكُْن أَْنَت َوزَْوُجَك الَْجنَّةَ َوكُلَا ِمْنَه)٣٥ (

    َني َرةَ فََتكُوَنا ِمَن الظَّاِلِمَوقُلَْنا َيا آَدُم اْسكُْن أَْنَت َوَزْوُجَك الَْجنَّةَ وَكُال ِمْنَها رَغًَدا َحْيثُ ِشئُْتَما َوال َتقَْرَبا َهِذهِ الشََّج{ )٣٥ ({

    يا آدم اسكن أنت وزوجك حواء اجلنة، ومتتعا بثمارها متتًعا هنيئًا واسًعا يف أي مكان تشاءان فيها، وال : وقال اهللا .تقربا هذه الشجرة حىت ال تقعا يف املعصية، فتصريا من املتجاوزين أمر اهللا

    ا ِفيِه َوقُلَْنا اْهبِطُوا َبْعُضكُْم ِلَبْعضٍ َعُدوٌّ َولَكُْم ِفي الْأَْرضِ ُمْستَقَرٌّ َوَمَتاعٌ إِلَى فَأََزلَُّهَما الشَّْيطَانُ َعْنَها فَأَخَْرَجُهَما ِممَّا كَاَن ) ٣٦(ِحنيٍ

  • َألْرضِ ُمْستَقَرٌّ َوَمتَاٌع ْم ِفي افَأَزَلَُّهَما الشَّْيطَانُ َعْنَها فَأَْخَرَجُهَما ِممَّا كَاَنا ِفيِه َوقُلَْنا اْهبِطُوا بَْعُضكُْم ِلبَْعضٍ َعُدوٌّ وَلَكُ{ }) ٣٦(إِلَى ِحنيٍ

    . بأنْ وسوس هلما حىت أكال من الشجرة، فتسبب يف إخراجهما من اجلنة ونعيمها: فأوقعهما الشيطان يف اخلطيئةولكم يف األرض استقرار -أي آدم وحواء والشيطان-اهبطوا إىل األرض، يعادي بعضكم بعًضا : وقال اهللا هلم .نتفاع مبا فيها إىل وقت انتهاء آجالكموإقامة، وا

    ) ٣٧(فََتلَقَّى آَدُم ِمْن َربِِّه كَِلَماٍت فََتاَب َعلَْيِه إِنَُّه ُهَو التَّوَّاُب الرَِّحيُم

    }) ٣٧(فََتلَقَّى آَدُم ِمْن َربِِّه كَِلَماٍت فََتاَب َعلَْيِه إِنَُّه ُهَو التَّوَّابُ الرَّحِيُم { َربََّنا ظَلَْمَنا أَنْفَُسَنا َوإِنْ لَْم َتْغِفرْ لََنا { : ل كلماٍت، أهلمه اهللا إياها توبة واستغفاًرا، وهي قوله تعاىلفتلقى آدُم بالقبو

    .فتاب اهللا عليه، وغفر له ذنبه إنه تعاىل هو التواب ملن تاب ِمن عباده، الرحيم هبم} َوَتْرَحْمَنا لََنكُوَننَّ ِمَن الَْخاِسرِيَن

    ) ٣٨(َزُنونَ اْهبِطُوا ِمْنَها َجِميًعا فَإِمَّا َيأِْتَينَّكُْم ِمنِّي ُهًدى فََمْن َتبَِع ُهدَاَي فَلَا َخْوٌف َعلَْيهِْم َولَا ُهْم َيْحقُلَْنا

    }) ٣٨(ْم َوال ُهْم َيحَْزُنونَ قُلَْنا اْهبِطُوا ِمنَْها َجِميًعا فَإِمَّا يَأِْتيَنَّكُْم مِنِّي ُهًدى فََمْن َتبَِع ُهَداَي فَال خَْوٌف َعلَْيهِ{ فمن عمل هبا فال . اهبطوا من اجلنة مجيًعا، وسيأتيكم أنتم وذرياتكم املتعاقبة ما فيه هدايتكم إىل احلق: قال اهللا هلم

    .خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر اآلخرة وال هم حيزنون على ما فاهتم من أمور الدنيا

    ) ٣٩(وا بِآَياِتَنا أُولَِئكَ أَْصحَاُب النَّارِ ُهْم ِفيَها خَاِلُدونَ َوالَِّذيَن كَفَُروا وَكَذَُّب

    }) ٣٩(َوالَِّذيَن كَفَرُوا َوكَذَّبُوا بِآيَاِتَنا أُولَِئَك أَْصَحاُب النَّارِ ُهْم ِفيَها َخاِلُدونَ { ر، هم فيها خالدون، ال خيرجون والذين جحدوا وكذبوا بآياتنا املتلوة ودالئل توحيدنا، أولئك الذين يالزمون النا

    .منها

    ) ٤٠(فَاْرَهُبوِن َيا بَنِي إِْسرَاِئيلَ اذْكُرُوا نِْعَمِتيَ الَِّتي أَْنَعْمُت َعلَْيكُْم َوأَْوفُوا بِعَْهِدي أُوفِ بَِعْهدِكُْم وَإِيَّاَي

    }) ٤٠(أَْوفُوا بِعَْهِدي أُوِف بِعَْهِدكُْم وَإِيَّاَي فَاْرَهُبوِن َيا بَنِي إِْسرَائِيلَ اذْكُُروا نِْعمَِتَي الَِّتي أَْنَعْمُت َعلَْيكُْم َو{ بأن تؤمنوا بكتيب ورسلي مجيعًا، : يا ذرية يعقوب اذكروا نعمي الكثرية عليكم، واشكروا يل، وأمتوا وصييت لكم

    -وإيَّايَ . اآلخرةفإن فعلتم ذلك أُمتم لكم ما وعدتكم به من الرمحة يف الدنيا، والنجاة يف. وتعملوا بشرائعي .فخافوين، واحذروا نقميت إن نقضتم العهد، وكفرمت يب -وحدي

    ) ٤١(قَِليلًا َوإِيَّاَي فَاتَّقُوِن َوآِمُنوا بَِما أَْنزَلُْت ُمَصدِّقًا ِلَما مََعكُْم وَلَا َتكُوُنوا أَوَّلَ كَاِفرٍ بِِه وَلَا َتْشَتُروا بِآَياِتي ثََمًنا

    }) ٤١(فَاتَّقُوِن أَنَْزلُْت ُمَصدِّقًا ِلَما َمَعكُْم َوال َتكُونُوا أَوَّلَ كَاِفرٍ بِِه َوال َتْشَتُروا بِآَياِتي ثََمًنا قَِليال َوإِيَّاَي َوآِمُنوا بَِما{ بالقرآن الذي أنَزلُْته على حممد نيب اهللا ورسوله، موافقًا ملا تعلمونه من صحيح التوراة، -يا بين إسرائيل -وآمنوا

  • وال تكونوا أول فريق من أهل الكتاب يكفر به، وال تستبدلوا بآيايت مثًنا قليال من حطام الدنيا الزائل، وإياي وحدي .فاعملوا بطاعيت واتركوا معصييت

    ) ٤٢(َولَا َتلْبِسُوا الَْحقَّ بِالْبَاِطلِ َوَتكُْتمُوا الَْحقَّ َوأَْنُتْم َتْعلَُمونَ

    }) ٤٢(بِالَْباِطلِ َوَتكُْتمُوا الَْحقَّ وَأَْنُتمْ َتْعلَُمونَ َوال َتلْبُِسوا الَْحقَّ{ وال ختِلطوا احلق الذي بيَّنته لكم بالباطل الذي افتريتموه، واحذروا كتمان احلق الصريح من صفة نيب اهللا ورسوله

    .لكتب اليت بأيديكمحممد صلى اهللا عليه وسلم اليت يف كتبكم، وأنتم جتدوهنا مكتوبة عندكم، فيما تعلمون من ا

    ) ٤٣(َوأَِقيُموا الصَّلَاةَ َوآتُوا الزَّكَاةَ وَاْركَعُوا َمَع الرَّاِكِعَني

    }) ٤٣(َوأَِقيُموا الصَّالةَ وَآُتوا الزَّكَاةَ َواْركَعُوا َمَع الرَّاِكِعَني { هللا ورسوله حممد صلى اهللا عليه بأن تقيموا الصالة على الوجه الصحيح، كما جاء هبا نيب ا: وادخلوا يف دين اإلسالم

    .وسلم، وتؤدوا الزكاة املفروضة على الوجه املشروع، وتكونوا مع الراكعني من أمته صلى اهللا عليه وسلم

    ) ٤٤(أََتأُْمُرونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ َوتَْنَسْونَ أَنْفَُسكُْم وَأَْنُتمْ َتْتلُونَ الِْكتَاَب أَفَلَا َتْعِقلُونَ

    }) ٤٤(ونَ النَّاَس بِالْبِرِّ وََتْنَسْونَ أَْنفَُسكُْم َوأَنُْتْم َتْتلُونَ الْكَِتاَب أَفَال َتْعِقلُونَ أََتأُْمُر{ ما أقبح حالَكم وحالَ علمائكم حني تأمرون الناس بعمل اخلريات، وتتركون أنفسكم، فال تأمروهنا باخلري العظيم،

    أفال !! صفات حممد صلى اهللا عليه وسلم، ووجوب اإلميان به وهو اإلسالم، وأنتم تقرءون التوراة، اليت فيها تستعملون عقولكم استعماال صحيًحا؟

    ) ٤٥(َواْسَتعِيُنوا بِالصَّْبرِ وَالصَّلَاِة َوإِنََّها لَكَبَِريةٌ إِلَّا َعلَى الْخَاِشِعَني

    }) ٤٥(ى الْخَاِشِعَني َواْسَتِعينُوا بِالصَّْبرِ َوالصَّالِة َوإِنََّها لَكَبَِريةٌ إِال َعلَ{ .وإهنا لشاقة إال على اخلاشعني. واستعينوا يف كل أموركم بالصرب جبميع أنواعه، وكذلك الصالة

    ) ٤٦(الَِّذيَن َيظُنُّونَ أَنَُّهْم ُملَاقُو َربِّهِْم َوأَنَُّهْم إِلَْيِه َراجُِعونَ

    }) ٤٦(ُهْم إِلَْيِه َراجُِعونَ الَِّذيَن يَظُنُّونَ أَنَُّهْم ُمالقُو َربِّهِْم َوأَنَّ{ الذين خيشون اهللا ويرجون ما عنده، ويوقنون أهنم مالقو ربِّهم جلَّ وعال بعد املوت، وأهنم إليه راجعون يوم القيامة

    .للحساب واجلزاء

    ) ٤٧(َعلَى الَْعالَِمَني َيا بَنِي إِْسرَاِئيلَ اذْكُرُوا نِْعَمِتيَ الَِّتي أَْنَعْمُت َعلَْيكُْم وَأَنِّي فَضَّلُْتكُْم

  • }) ٤٧(َيا بَنِي إِْسرَائِيلَ اذْكُُروا نِْعمَِتَي الَِّتي أَْنَعْمُت َعلَْيكُْم َوأَنِّي فَضَّلُْتكُْم َعلَى الْعَالَِمَني { كثرة يا ذرية يعقوب تذكَّروا نعمي الكثرية عليكم، واشكروا يل عليها، وتذكروا أين فَضَّلْتكم على عالَمي زمانكم ب

    .األنبياء، والكتب املنزَّلة كالتوراة واإلجنيل

    ) ٤٨(ا ُهْم يُْنَصُرونَ َواتَّقُوا َيْوًما لَا َتْجزِي نَفٌْس َعْن َنفْسٍ َشيْئًا َولَا ُيقَْبلُ ِمْنَها َشفَاَعةٌ َولَا يُْؤَخذُ ِمنَْها َعْدلٌ وَلَ

    }) ٤٨(ئًا َوال ُيقَْبلُ ِمْنَها َشفَاَعةٌ َوال يُْؤَخذُ ِمْنَها َعْدلٌ َوال ُهمْ ُيْنَصُرونَ َواتَّقُوا َيْوًما ال َتْجزِي نَفٌْس َعْن َنفْسٍ شَْي{ وخافوا يوم القيامة، يوم ال يغين أحد عن أحد شيئًا، وال يقبل اهللا شفاعة يف الكافرين، وال يقبل منهم فدية، ولو

    .تقدم لنصرهتم وإنقاذهم من العذابكانت أموال األرض مجيعًا، وال ميلك أحد يف هذا اليوم أن ي

    ْم َوِفي ذَِلكُمْ َبلَاٌء ِمْن َوإِذْ َنجَّْيَناكُْم ِمْن آلِ ِفْرَعْونَ َيُسوُموَنكُْم ُسوَء الَْعذَابِ ُيذَبُِّحونَ أَبَْناَءكُْم وََيسَْتْحُيونَ نَِساَءكُ ) ٤٩(رَبِّكُْم َعِظيٌم

    َيُسومُوَنكُْم ُسوَء الَْعذَابِ ُيذَبُِّحونَ أَْبَناَءكُْم وََيسَْتْحُيونَ نَِساَءكُْم َوِفي ذَِلكُْم َبالٌء ِمْن َوإِذْ َنجَّْيَناكُْم ِمْن آلِ ِفْرَعْونَ{ }) ٤٩(رَبِّكُْم َعِظيٌم

    واذكروا نعمتنا عليكم حني أنقذناكم من بطش فرعون وأتباعه، وهم ُيذيقونكم أشدَّ العذاب، فُيكِثرون ِمن ذَْبح ويف ذلك اختبار لكم من ربكم، ويف إجنائكم منه نعمة عظيمة، تستوجب . رك بناتكم للخدمة واالمتهانأبنائكم، وت

    .شكر اهللا تعاىل يف كل عصوركم وأجيالكم

    ) ٥٠(َوإِذْ فََرقَْنا بِكُُم الَْبْحَر فَأَْنَجْيَناكُْم َوأَغَْرقَْنا آلَ ِفْرَعْونَ وَأَْنُتمْ َتْنظُُرونَ

    }) ٥٠(ا بِكُُم الَْبْحَر فَأَْنجَْيَناكُْم َوأَغَْرقَْنا آلَ ِفْرَعْونَ َوأَنُْتْم َتنْظُُرونَ َوإِذْ فََرقَْن{ واذكروا نعمتنا عليكم، حني فََصلْنا بسببكم البحر، وجعلنا فيه طرقًا يابسةً، فعربمت، وأنقذناكم من فرعون وجنوده،

    .لكناهم يف املاء أمام أعينكمفلما دخل فرعون وجنوده طرقكم أه. ومن اهلالك يف املاء

    ) ٥١(َوإِذْ َواَعْدَنا ُموَسى أَْرَبِعَني لَْيلَةً ثُمَّ اتََّخذُْتُم الِْعْجلَ ِمْن َبْعِدِه وَأَنُْتْم ظَاِلُمونَ

    }) ٥١(نَ َوإِذْ َواَعْدَنا مُوَسى أَْرَبِعنيَ لَْيلَةً ثُمَّ اتََّخذُْتُم الِْعْجلَ ِمْن َبْعِدِه َوأَْنُتْم ظَاِلُمو{ حني واعدنا موسى أربعني ليلة إلنزال التوراة هدايةً ونوًرا لكم، فإذا بكم تنتهزون فرصة : واذكروا نعمتنا عليكم

    وهذا أشنع الكفر -غيابه هذه املدة القليلة، وجتعلون العجل الذي صنعتموه بأيديكم معبوًدا لكم من دون اهللا .اوأنتم ظاملون باختاذكم العجل إهلً -باهللا

    ) ٥٢(ثُمَّ َعفَْوَنا َعْنكُْم ِمْن َبْعِد ذَِلَك لََعلَّكُْم َتْشكُُرونَ

  • }) ٥٢(ثُمَّ َعفَوَْنا َعْنكُْم ِمْن َبْعِد ذَِلكَ لََعلَّكُمْ َتْشكُُرونَ { فضاله، وال رجاَء أن تشكروا اهللا على نعمه وأ؛ مثَّ جتاوزنا عن هذه الفعلة املنكرة، وقَبِلَْنا توبتكم بعد عودة موسى

    .تتمادوا يف الكفر والطغيان

    ) ٥٣(َوإِذْ آَتيَْنا ُموَسى الِْكَتاَب َوالْفُْرقَانَ لََعلَّكُمْ َتهَْتُدونَ

    }) ٥٣(َوإِذْ آتَْيَنا ُموَسى الِْكتَاَب وَالْفُْرقَانَ لََعلَّكُْم َتهَْتُدونَ { لكي هتتدوا من ؛ -وهو التوراة-ق والباطل واذكروا نعمتنا عليكم حني أعطينا موسى الكتاب الفارق بني احل

    .الضاللة

    كُْم فَاقُْتلُوا أَنْفَُسكُْم ذَِلكُمْ َخْيرٌ َوإِذْ قَالَ ُموَسى ِلقَْوِمِه َيا قَْومِ إِنَّكُْم ظَلَْمُتمْ أَنْفَُسكُْم بِاتَِّخاِذكُُم الِْعْجلَ فَتُوُبوا إِلَى َبارِِئ ) ٥٤(لَْيكُْم إِنَُّه ُهَو التَّوَّابُ الرَّحِيُم لَكُْم ِعْنَد بَارِِئكُْم فَتَاَب َع

    كُْم فَاقُْتلُوا أَْنفَُسكُْم ذَِلكُْم َخيْرٌ َوإِذْ قَالَ مُوَسى ِلقَْوِمِه َيا قَْومِ إِنَّكُْم ظَلَْمُتْم أَْنفَُسكُْم بِاتَِّخاذِكُُم الِْعْجلَ فَُتوُبوا إِلَى بَارِِئ{ }) ٥٤(َعلَْيكُْم إِنَُّه ُهَو التَّوَّابُ الرَّحِيُم لَكُْم ِعْنَد بَارِِئكُْم فَتَاَب

    بأن : إنكم ظلمتم أنفسكم باختاذكم العجل إهلًا، فتوبوا إىل خالقكم: واذكروا نعمتنا عليكم حني قال موسى لقومهعليكم بقَبول َيقْتل بعضكم بعًضا، وهذا خري لكم عند خالقكم من اخللود األبدي يف النار، فامتثلتم ذلك، فمنَّ اهللا

    .إنه تعاىل هو التواب ملن تاب ِمن عباده، الرحيم هبم. توبتكم

    ) ٥٥( َوإِذْ قُلُْتْم َيا ُموَسى لَْن ُنْؤِمَن لَكَ َحتَّى َنَرى اللََّه َجهَْرةً فَأََخذَْتكُُم الصَّاِعقَةُ وَأَْنُتمْ َتْنظُُرونَ

    }) ٥٥(ى نََرى اللََّه جَْهَرةً فَأََخذَْتكُُم الصَّاِعقَةُ َوأَنُْتْم َتْنظُرُونَ َوإِذْ قُلُْتْم َيا مُوَسى لَْن ُنْؤِمَن لََك حَتَّ{ يا موسى لن نصدقك يف أن الكالم الذي نسمعه منك هو كالم اهللا، حىت نرى اهللا ِعَيانًا، فنزلت : واذكروا إذ قلتم

    .على اهللا تعاىل نار من السماء رأيتموها بأعينكم، فقََتلَْتكم بسبب ذنوبكم، وُجرْأتكم

    ) ٥٦(ثُمَّ َبعَثَْناكُْم ِمْن بَْعِد َمْوِتكُْم لََعلَّكُْم َتْشكُُرونَ

    }) ٥٦(ثُمَّ َبَعثَْناكُْم ِمْن َبْعِد َموِْتكُْم لَعَلَّكُْم َتْشكُُرونَ { م اهللا الستيفاء لتشكروا نعمة اهللا عليكم، فهذا املوت عقوبة هلم، مث بعثه؛ مث أحييناكم ِمن بعد موتكم بالصاعقة

    .آجاهلم

    َما ظَلَُموَنا َولَِكْن كَاُنوا أَْنفَُسُهمْ َوظَلَّلَْنا َعلَْيكُُم الَْغَماَم وَأَْنزَلَْنا َعلَْيكُمُ الَْمنَّ َوالسَّلَْوى كُلُوا ِمْن طَيَِّباِت َما َرَزقَْناكُْم َو ) ٥٧(َيظِْلُمونَ

    لَْنا َعلَْيكُُم الَْمنَّ وَالسَّلَْوى كُلُوا ِمْن طَيِّبَاِت َما َرَزقَْناكُْم َوَما ظَلَُموَنا وَلَِكْن كَاُنوا أَنْفَُسُهْمَوظَلَّلَْنا َعلَْيكُُم الَْغَماَم َوأَنَْز{ }) ٥٧(َيظِْلُمونَ

  • إذ جعلنا السحاب مظلال عليكم من َحرِّ الشمس، وأنزلنا ؛ واذكروا نعمتنا عليكم حني كنتم تتيهون يف األرض: ، وهو شيء يشبه الصَّمغ طعمه كالعسل، وأنزلنا عليكم السَّلوى وهو طري يشبه السُّماَنى، وقلنا لكمعليكم املنَّ

    وما ظلمونا بكفران النعم، ولكن كانوا أنفسهم . كلوا من طيِّبات ما رزقناكم، وال ختالفوا دينكم، فلم متتثلوا .ألن عاقبة الظلم عائدة عليهم؛ يظلمون

    ْم خَطَاَياكُمْ لُوا َهِذِه الْقَْرَيةَ فَكُلُوا ِمْنَها َحْيثُ ِشئُْتْم َرغًَدا َواْدُخلُوا الْبَاَب ُسجًَّدا َوقُولُوا ِحطَّةٌ َنْغِفْر لَكَُوإِذْ قُلَْنا اْدُخ ) ٥٨(َوَسنَزِيُد الُْمْحِسنَِني

    غًَدا َواْدُخلُوا الَْباَب ُسجًَّدا َوقُولُوا ِحطَّةٌ َنْغِفرْ لَكُْم َخطَاَياكُمْ َوإِذْ قُلَْنا اْدُخلُوا َهِذهِ الْقَْرَيةَ فَكُلُوا ِمْنَها َحْيثُ ِشئُْتمْ َر{ }) ٥٨(َوَسنَزِيُد الُْمْحِسنَِني

    فكلوا من طيباهتا يف أي مكان منها أكال هنيئًا، " بيت املقدس"ادخلوا مدينة : واذكروا نعمتنا عليكم حني قلناربَّنا َضْع عنَّا ذنوبنا، نستجب لكم ونعف ونسترها عليكم، : له، وقولوا وكونوا يف دخولكم خاضعني هللا، ذليلني .وسنزيد احملسنني بأعماهلم خًريا وثواًبا

    ) ٥٩(قُونَ ِء بَِما كَانُوا َيفُْسفََبدَّلَ الَِّذيَن ظَلَُموا قَْولًا غَْيَر الَِّذي ِقيلَ لَُهْم فَأَْنَزلَْنا َعلَى الَِّذيَن ظَلَُموا رِْجًزا ِمَن السََّما

    ) ٥٩( بَِما كَانُوا يَفُْسقُونَ فََبدَّلَ الَِّذيَن ظَلَُموا قَْوال غَْيَر الَِّذي قِيلَ لَُهْم فَأَْنزَلَْنا َعلَى الَِّذيَن ظَلَُموا رِْجًزا ِمَن السََّماِء{ {

    دخلوا يزحفون على أستاههم فبدَّل اجلائرون الضالون من بين إسرائيل قول اهللا، وحرَّفوا القول والفعل مجيعًا، إذبسبب متردهم وخروجهم عن طاعة ؛ فأنزل اهللا عليهم عذاًبا من السماء. حبة يف شعرة، واستهزءوا بدين اهللا: وقالوا .اهللا

    ا قَْد َعِلَم كُلُّ أُنَاسٍ َمشَْربَُهْم َوإِِذ اْسَتسْقَى ُموَسى ِلقَْوِمِه فَقُلَْنا اْضرِْب بَِعَصاَك الَْحَجَر فَانْفََجَرْت ِمْنهُ اثْنََتا َعْشَرةَ َعْيًن ) ٦٠(كُلُوا َواشَْرُبوا ِمْن رِْزقِ اللَِّه َولَا َتْعثَْوا ِفي الْأَْرضِ ُمفِْسِديَن

    َعِلَم كُلُّ أَُناسٍ َمْشَربَُهمْ َوإِِذ اسَْتْسقَى ُموَسى ِلقَْوِمِه فَقُلَْنا اْضرِبْ بَِعصَاَك الَْحَجَر فَانْفَجََرْت ِمْنُه اثَْنَتا َعشَْرةَ َعْيًنا قَْد{ }) ٦٠(كُلُوا َواشَْرُبوا ِمْن رِْزقِ اللَِّه َوال َتْعثَْوا ِفي اَألْرضِ ُمفِْسِديَن

    اضرب : أن نسقي قومه، فقلنا -بضراعة-حني دعانا موسى -وأنتم عطاش يف التِّيْه-واذكروا نعمتنا عليكم ة عيًنا، بعدد القبائل، مع إعالم كل قبيلة بالعني اخلاصة هبا حىت ال بعصاك احلجر، فضرب، فانفجرت منه اثنتا عشر

    .كلوا واشربوا من رزق اهللا، وال تسعوا يف األرض مفسدين: وقلنا هلم. يتنازعوا

    الْأَْرُض ِمْن َبقِْلَها َوِقثَّاِئَها َوفُوِمَها َوإِذْ قُلُْتْم َيا ُموَسى لَْن َنْصبَِر َعلَى طََعامٍ َواِحٍد فَاْدُع لََنا َربَّكَ ُيْخرِْج لََنا ِممَّا ُتْنبِتُ ا سَأَلُْتْم َوضُرَِبْت َعلَْيهِمُ َوَعَدِسَها وََبَصِلَها قَالَ أََتْسَتْبِدلُونَ الَِّذي ُهَو أَدَْنى بِالَِّذي ُهَو َخْيٌر اْهبِطُوا ِمصًْرا فَإِنَّ لَكُْم َم

    ا ِمَن اللَِّه ذَِلَك بِأَنَُّهْم كَانُوا َيكْفُُرونَ بِآيَاِت اللَِّه َوَيقُْتلُونَ النَّبِيَِّني بِغَْيرِ الَْحقِّ ذَِلَك بَِم الذِّلَّةُ وَالَْمْسكََنةُ َوَباُءوا بَِغَضبٍ ) ٦١(َعَصْوا َوكَانُوا َيعَْتُدونَ

  • رِجْ لََنا ِممَّا ُتنْبُِت اَألْرُض ِمْن َبقِْلَها َوِقثَّاِئَها َوفُوِمَها َوإِذْ قُلُْتْم َيا مُوَسى لَْن َنْصبَِر َعلَى طََعامٍ وَاِحٍد فَاْدُع لََنا رَبََّك ُيْخ{ ا سَأَلُْتْم َوضُرَِبْت َعلَْيهِمُ َوَعَدِسَها وََبَص�