ﻯﻭﺎﺘﻓ ﻦﻣﺀﺍﻮﺿﺃ...ﺓﺪﻴﻘﻌﻟﺍ ﰲ ﺔﻴﻤﻴﺗ ﻦﺑﺍ...

1012
ﺃﺿﻮﺍﺀ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﻣﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻗﺘﺒﺴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻔﻮﺯﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﻓﻮﺯﺍﻥ ﺑﻦ ﺻﺎﱀ ﻟﻺﻓﺘﺎﺀ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻋﻀﻮ

Upload: others

Post on 24-Feb-2020

5 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • من فتاوىأضواءشيخ اإلسالم ابن تيمية

    يف العقيدة اقتبسها

    فضيلة الشيخ

    صاحل بن فوزان بن عبد اهللا الفوزانعضو اللجنة الدائمة لإلفتاء

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢

    مقدمة فضيلة الشيخ صاحل بن ف وزان بن عبد اهللا الف وزان بسم اهللا الرمحن والرحيم

    . ، نبينا حممد وآله وصحبه والسالم على من ال نيب بعده ، والصالة احلمد هللا وحده مرجع عظيم من مراجع " جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية " فإن : وبعدوثروة هائلة من فقه الكتاب والسنة على منهج السلف الصاحل يف سائر العلوم . اإلسالموهتا بعد ما تراكمت عليها ، وأقامها من كب ؛ أيقظ اهللا به األمة من رقدهتا الشرعية

    - إال من رحم اهللا منها -ركامات من الشركيات والبدعيات واخلرافات والتقليد األعمى ، ولكن يأىب اهللا وبعد ما طغى عليها تيار الفكر الغريب واملنهج الفلسفي والسلوك الصويف

    بعثهم اهللا على رأس فقي ض اهللا هلا اجملددين الذين ي . إال أن يتم نوره ولو كره الكافرون ومن هؤالء شيخ اإلسالم )١(؛ كما جاء ذلك يف احلديث كل مائة سنة ليجددوا هلا دينها

    . ابن تيمية، ولكنه احلقيقة املاثلة يف كتبه اليت وليس هذا من جزاف القول واإلطراء يف املديح

    ألضواء اليت دونتها يف ، وقد اقتبست منه مما يتعلق بالعقيدة هذه ا منها هذا اجملموع العظيم، ولتشحذ مهة القارئ هذا الكتاب الذي هو بني يدي القارئ لتكون مقر بة ألهم حمتوياته

    ومن ورد البحر استقل : " ؛ كما قيل إىل الرجوع إىل هذا اجملموع لينهل من علومه . " السواقيا

    األصل فما هذه ومن أراد استكمال املعلومات واالستزادة من االستفادة فلريجع إىل . " والصيد يف جوف الفراء "، األضواء إال منوذجا يسريا مما حواه هذا اجملموع

    وفق اهللا اجلميع للعلم النافع والعمل الصاحل وصلى اهللا وسلم على نبينا حممد وعلى آله . وصحبه أمجعني

    صاحل الفوزان هـ١٤٢٢/ ٢/ ٤يف

    . ) ٨ص (سيأتى خترجيه ) ١(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٣

    املقدمة بسم اهللا الرمحن الرحيم

    حلمد هللا الذي جعل يف كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل ا، ويبص رون بنور املوتى ، حييون بكتاب اهللا ، ويصربون منهم على األذى إىل اهلدى

    . ، فكم من قتيل إلبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه اهللا أهل العمى، ينفون عن كتاب اهللا حتريف أثر الناس عليهمفما أحسن أثرهم على الناس وأقبح

    ، وتأويل اجلاهلني الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان ، وانتحال املبطلني الغالني، ، جممعون على مفارقة الكتاب ، خمالفون للكتاب ، فهم خمتلفون يف الكتاب الفتنة

    ، كلمون باملتشابه من الكالم ، يت يقولون على اهللا ويف اهللا ويف كتاب اهللا بغري علم . )١(، فنعوذ باهللا من فنت املضلني وخيدعون جهال الناس مبا يشبهون عليهم

    صلى -، وأشهد أن حممدا عبده ورسوله وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له : ، وبعد اهللا عليه وعلى آله وأصحابه

    ، عن آثار الرسالة حدثت البدعفمن املعلوم أنه كلما تأخر الزمان وبع د الناسواخلرافات وفشا اجلهل واشتدت غربة الدين وظن الناس ما وجدوا عليه آباءهم هو الدين

    ، وقد ال خيلي األرض من قائم هللا حبجة- سبحانه -، ولكن اهللا وإن كان بعيدا عنه م وال من بأن طائفة من املسلمني ال تزال على احلق ال يضرهم من خذهل أخرب الرسول

    . )٢(خالفهم حىت يأيت أمر اهللا تعاىل : يف احلديث الذي رواه أبو داود وصححه احلاكم وغريه حيث قال كما أخرب

    . )٤( )٣( }دينها إن اهللا يبعث هلذه األمة على رأس كل مائة سنة من جيدد هلا {

    . ) بتها للموضوع فقدمناه هبا هذه خطبة اإلمام أمحد يف كتاب الرد على اجلهمية رأينا مناس ) (١( . من حديث معاوية بن أىب سفيان رضي اهللا عنهما ) ١٠٣٧ (ومسلم ) ٣٦٤١ (صحيح البخاري : انظر ) ٢( . )٤٢٩١(أبو داود املالحم ) ٣(، وأبو عمرو ) ٦٥٢٧ (، والطرباىن يف األوسط ) ٥٦٨، ٤/٥٦٧ (، واحلاكم ) ٤٢٩١ (رواه أبو داود ) (٤(

    اعتمد األئمة هذا : ) ١/٢٨٢/٧٤٠ (قال العجلوين يف كشف اخلفاء . ) ٣٦٤ (اين يف السنن الد . ) احلديث

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٤

    على رأس (يقيض هلا : أي " ) ٢٨٢ - ٢/٢٨١ : ( قال املناوي يف فيض القديررجال أو : ؛ أي ) من (تقريبا : ، واملراد بالرأس من اهلجرة أو غريها ) كل مائة سنة

    يبني السنة من البدعة وي كثر العلم وينصر أهله ويكسر أهل : ؛ أي ) جيدد هلا دينها (أكثر . وال يكون إال عاملا بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة : قالوا. البدعة ويذهلم

    قد ادعى كل قوم يف إمامهم أنه املراد هبذا احلديث والظاهر أنه يعم : " قال ابن كثريمجلة من العلماء من كل طائفة وكل صنف من مفسر وحمدث وفقيه وحنوي ولغوي

    . انتهى. " وغريهم فضل - واحلمد هللا - يف هذا احلديث فال يزال مصداق ما أخرب به النيب وقد وقع

    اهللا على هذه األمة يتواىل بظهور اجملددين عند اشتداد احلاجة إليهم ومن هؤالء اجملددين ، وشيخ اإلسالم ابن تيمية يف آخر القرن السابع اإلمام أمحد بن حنبل يف القرن الثالث

    ، وغريهم كثري م حممد بن عبد الوهاب يف القرن الثاين عشر ، وشيخ اإلسال وأول الثامن . وإمنا ذكرنا هؤالء كأمثلة

    أن نذكر ما استطعنا من مضامني فتاواه املتوفرة لدينا ليعم : وغرضنا يف هذا الكتاب ، أو مل يستطع ولتصل فائدهتا وخريها إىل من ال يعلم شيئا عنها- إن شاء اهللا -النفع هبا ، ولرتيل الشبه والتعتيم اللذين روج هلما أعداء السنة ضد هذا اإلمام اجلليل عليهااحلصول

    واجملدد الكبري عند من مل تتوفر له املعلومات الكافية عن هذا اإلمام وعن علمه الصايف فإن كثريا من خصومه وحاسديه قدميا وحديثا اختلقوا حوله األكاذيب واهتموه . الغزير

    )١(امات كثرية وكتبوا ضده كتابات شوهت التاريخ وسر ت أعداء اإلسالم زورا وهبتانا باهت ، وبقي ذ ك ر طوى النسيان ذكرهم وحمى احلق ما كتبوه من ضالل - واحلمد هللا -ولكن

    شيخ اإلسالم ذائعا عطرا يف األوساط العلمية وتتلمذ على كتبه األفواج تلو األفواج ، وصدق اهللا العظيم ن يريد احلق يف كل زمان وأصبحت مؤلفاته نرباسا وضاء لكل م

    $ {: حيث يقول سبحانه ¨Β r'sù ߉t/¨“9$# Ü=yδ õ‹uŠsù [!$ xã_ ( $ ¨Β r&uρ $ tΒ ßìxΖtƒ }¨$̈Ζ9$# ß]ä3ôϑ u‹sù ’ Îû ÇÚö‘ F{$# 4

    .) - رمحه اهللا تعاىل -، والقسم اخلاص بشيخ اإلسالم من أعالم اجملددين : وينظر كتابنا ) (١(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٥

    y7 Ï9≡x‹x. Ü>ÎôØo„ ª!$# tΑ$ sWøΒ F{$# ∩⊇∠∪ { )رمحه اهللا - )٢(، قال اإلمام الشوكاين )١ - :إن الباطل وإن ظهر على احلق يف بعض األحوال وعاله فإن اهللا سبحانه سيمحقه : يقول "

    . " ، كالزبد الذي يعلو املاء فيلقيه املاء ويضمحل ويبطله وجيعل العاقبة للحق وأهله . انتهى

    ، مع خصومه - رمحه اهللا -وهذا املثل العظيم ينطبق على شيخ اإلسالم ابن تيمية فإهنم حاولوا الظهور عليه واس ت عد وا عليه السلطة يف وقته وضايقوه وكتبوا من التلبيس

    ، ولكن سرعان ما نسف احلق الذي معه ما روجوه من الباطل وبقي علمه والتدليس ضده، وعفا يتسابقون إىل نشرها وإحيائها - وهللا احلمد - صار املسلمون النافع يف كتبه اليت

    ، وهذه الزمان على كتب خصومه ونسيها الناس فأصبحت يف زوايا اإلمهال واالمتهان . سنة اهللا يف خلقه ولن جتد لسنة اهللا تبديال

    . ١٧: سورة الرعد آية ) ١( . ) ٣/٧٥ (فتح القدير : انظر ) ٢(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٦

    التعريف بشيخ اإلسالم ابن تيمية

    نسبه ومولده تهد تقي الدين أبو العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد هو شيخ اإلسالم احلافظ اجمل

    . السالم بن عبد اهللا ابن أيب القاسم بن اخلضر بن حممد ابن تيمية احلراين احلنبلي، وقدم به والده ولد حبران يوم االثنني عاشر ربيع األول سنة إحدى وستني وستمائة

    . هـ٦٦٧نة وبأخويه عند استيالء التتار على البالد إىل دمشق س

    مشائخه وحتصيله أخذ الفقه واألصول عن والده ومسع عن خلق كثري منهم الشيخ مشس الدين والشيخ

    كتاب " ، مث أخذ ، وقرأ العربية على ابن عبد القوي زين الدين بن املنجا بن عساكربل ، وأق مرات " املسند " ، وعين باحلديث ومسع الكتب الستة و فتأمله وفهمه " سيبويه

    ، وأحكم أصول الفقه والفرائض واحلساب واجلرب على تفسري القرآن الكرمي فربز فيه ، ونظر يف الكالم والفلسفة وبرز يف ذلك ورد على أكابر واملقابلة وغري ذلك من العلوم

    ، وتضلع يف ، وتأهل للفتوى والتدريس وله دون العشرين من السنني املتكلمني والفالسفة ، آية يف الذكاء رأسا يف معرفة ه وكان سريع احلفظ قوي اإلدراك علم احلديث وحفظ

    ، وكان له باع طويل يف معرفة مذاهب ، حبرا يف النقليات الكتاب والسنة واالختالف . الصحابة والتابعني

    اشتغاله يف التدريس كان والده من كبار أئمة احلنابلة فلما مات خلفه يف وظائفه وكان عمره تسع عشرة

    ، وأخذ يف تفسري القرآن الكرمي أيام اجلمع من فاشتهر أمره وبعد صيته يف العامل سنةلقد كان " )١(، قال عنه احلافظ أبو حفص عمر بن علي البزار وكان من معاصريه حفظه

    .) ٣٠، ٢٨، ٢٥، ٢٣عالم العلية يف مناقب شيخ اإلسالم ابن تيمية ص األ ) (١(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٧

    إذا قرئ يف جملسه آيات من القرآن العظيم شرع يف تفسريها فينقضي اجمللس جبملته ، وقد منحه اهللا تعاىل معرفة اختالف العلماء بعض آية منهاوالدرس برمته وهو يف تفسري

    ونصوصهم وكثرة أقواهلم واجتهادهم يف املسائل وما روي عن كل واحد منهم من راجح ، حىت كان إذا سئل عن شيء من ذلك كأن مجيع املنقول عن ومرجوح ومقبول ومردود

    . صور مسطور بإزائه وأصحابه والعلماء فيه من األولني واآلخرين متالرسول وهذا قد اتفق عليه كل من رآه أو وقف على شيء من علمه ممن مل يغلظ عقله اجلهل

    .انتهى . " . . واهلوى ، وكان ال وأما ذكر دروسه فقد كنت يف حال إقاميت بدمشق ال أفوهتا: وقال أيضا

    حمد اهللا ويثين عليه ، بل جيلس بعد أن يصلي ركعتني في يهيئ شيئا من العلم ليلقيه ويورده ، مث يشرع على صفة مستحسنة مستعذبة مل أمسعها من غريهويصلي على رسوله

    فيفتح اهللا عليه إيراد علوم وغوامض ولطائف ودقائق وفنون ونقول واستدالالت بآيات وأحاديث وأقوال العلماء ونقد بعضها وتبيني صحته أو تزييف بعضها وبإيضاح حجته

    ، وهو مع ذلك جيري كما جيري السيل العرب ورمبا ذكر ناظمهاواستشهاد بأشعار، ويصري منذ يتكلم إىل أن يفرغ كالغائب عن احلاضرين ويفيض كما يفيض البحر

    مغمضا عينيه من غري تعجرف وال توقف وال حلن بل فيض إهلي حىت يبهر كل سامع د صار حبضرة من ، وكنت أراه حينئذ كأنه ق وناظر فال يزال كذلك إىل أن يصمت

    ، ، ويقع عليه إذ ذاك من املهابة ما يرعد القلوب وحيري األبصار والعقول يشغله عن غريه . قط إال ويصلي عليهوكان ال يذكر رسول اهللا

    وال أحرص على اتباعه ونصر ما وال واهللا ما رأيت أحدا أشد تعظيما لرسول اهللا حديثه يف مسألة ويرى أنه مل ينسخه شيء غريه ، حىت إذا كان أورد شيئا من جاء به منه

    ، وال يلتفت إىل قول غريه من املخلوقني كائنا من حديثه يعمل به ويقضي ويفيت مبقتضاه . " كل قائل إمنا حيتج لقوله ال به إال رسول اهللا " ، وقال من كان

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٨

    ق دمث وكان إذا فرغ من درسه يفتح عينيه ويقبل على الناس بوجه طلق بشيش وخل ، ولقد ، ورمبا اعتذر إىل بعضهم من التقصري يف املقال مع ذلك احلال كأنه لقيهم حينئذ

    . كان درسه الذي يورده حينئذ قدر عدة كراريس وهذا الذي ذكرته من أحوال درسه أمر مشهور يوافقين عليه كل حاضريه وهم حبمد

    من القراء واحملدثني والفقهاء ؛ علماء ورؤساء وفضالء اهللا خلق كثري مل حيصر عددهماألعالم " انتهى كالم البزار يف كتابه. . " . . واألدباء وغريهم من عوام املسلمني

    . " العلية

    مؤلفات شيخ اإلسالم ابن تيمية للمكتبة اإلسالمية ثروة ضخمة من املؤلفات القيمة اليت حتمل - رمحه اهللا -خلف

    ، واليت ترد الزيف والدخيل اهللا يف خمتلف الفنونالتحقيق والتدقيق والتجديد لدين . والدجل والتضليل

    وقال . " وما أبعد أن تصانيفه إىل اآلن تبلغ مخسمائة جملد : " قال احلافظ الذهيب من املصنفات والفتاوى والقواعد - رمحه اهللا - وللشيخ )١(تلميذه ابن عبد اهلادي

    وال أعلم أحدا من : قال. ائد ما ال ينضبطواألجوبة والرسائل وغري ذلك من الفو متقدمي األئمة وال متأخريها مجع مثل ما مجع وال صنف حنو ما صنف وال قريبا من

    ، وكثري منها صنفه يف احلبس وليس ، مع أن أكثر تصانيفه إمنا أمالها من حفظه ذلك، وما مجعه عظيم؛ فمن ذلك ما مجعه يف تفسري القرآن ال عنده ما حيتاج إليه من الكتب

    ، وذلك يف أكثر من ثالثني من أقوال مفسري السلف الذين يذكرون األسانيد يف كتبهم : يقول- رمحه اهللا -جملدا وقد بيض أصحابه بعض ذلك وكثريا منه مل يكتبوه وكان

    يا معلم : ، وأقول رمبا طالعت على اآلية الواحدة حنو مائة تفسري مث أسأل اهللا الفهم "لقد أعطي ابن تيمية اليد الطوىل يف : " وقال العالمة ابن الزملكاين . " هيم علمينإبرا

    . ) ٤٢ص (العقود الدرية )١(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٩

    ، وقد أالن اهللا له العلوم كما حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيني . " أالن لداود احلديد

    ى وأما مؤلفاته ومصنفاته فإهنا أكثر من أن أقدر عل : " قال الشيخ عمر البزار وهي منتشرة يف - كبارا وصغارا -، بل هذا ال يقدر عليه أحد ألهنا كثرية جدا إحصائها، فمنها ما يبلغ سبع جملدات ؛ فقل بلد نزلته إال ورأيت فيه من تصانيفه البلدانبيان تلبيس اجلهمية " ؛ وما يبلغ ست جملدات ككتاب " اجلمع بني العقل والنقل " كـ

    منهاج االستقامة " ؛ وما يبلغ مخس جملدات كـ " ميةيف تأسيس بدعهم الكالالرد على طوائف الشيعة والقدرية و ابن " ؛ وما يبلغ أربع جملدات ككتاب " واالعتدال

    ؛ وما يبلغ جملدين " الرد على النصارى " ؛ وما يبلغ ثالث جملدات كـ " املطهر الرافضي ؛ وما يبلغ جملدا " عقيدة األصبهانيةشرح ال " ، و " نكاح احمللل وإبطال احليل " كـ

    الكالم على قوله " ، وكتاب جملد " تفسري سورة اإلخالص " فكتاب: واحدا فكثري جدا ≈ß {: سبحانه oΗ ÷q§9$# ’ n?tã ĸ öyè ø9$# 3“ uθ tGó™ ، جملد حنو مخس وثالثني كراسة " )١( } ∪∋∩ #$

    تنبيه الرجل العاقل على متويه اجلدل " ، و جملد " الصارم املسلول على شامت الرسول " و، وله يف " املسائل اإلسكندرية يف الرد على املالحدة االحتادية " ، وكتاب جملد " الباطل

    وباجلملة فذكر أمساء كتبه مما يطول وله من الرسائل : ، قال الرد على الفالسفة جملدات، وقد ذكر كثريا منها احلافظ ابن عبد اهلادي يف قواعد والتعاليق ما ال ميكن حصره وال

    . " العقود الدرية " كتابه إمنا يكتب على قدر احلاجة إما إجابة لسؤال أو - رمحه اهللا -وكان شيخ اإلسالم

    ، الفروع أمرها قريب : " يقول- رمحه اهللا -، وهو توضيح مشكل أو ردا على مبطل ، وأما األصول فقد فمن قلد فيها أحدا من األئمة جاز له العلم بقوله ما مل يتبني خطؤه

    . ٥: سورة طه آية) ١(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٠

    رأيت أهل البدع جتاذبوا فيها وأوقعوا الناس يف التشكيك يف أصول دينهم ولذلك أكثرت . " من التصنيف يف أمر الرد عليهم

    لس حضرت جم : ، قال بعض من رآه وكان الشيخ سريع البديهة سريع احلفظ وقد سأله يهودي عن مسألة يف القدر قد نظمها شعرا يف مثانية أبيات فلما الشيخ

    ، وجعل يكتب وحنن نظن أنه يكتب وقف عليها فكر حلظة يسرية وأنشأ يكتب جواهبا ، ، فلما فرغ تأمله من حضر من أصحابه وإذا هو نظم من حبر أبيات السؤال وقافيتها نثرا

    انني بيتا وقد أبرز فيها من العلوم ما لو شرح لبلغ جملدين تقرب من مائة وأربعة ومث . ، وهذا من مجلة بواهره كبريين

    مسعت يف : بلغين أن بعض مشائخ حلب قدم إىل دمشق وقال: قال ابن عبد اهلادي، ، وأنه كثري احلفظ وقد جئت قاصدا لعلي أراه أمحد بن تيمية : البالد بصيب يقال له

    ، فاقعد عندنا الساعة مير ذاهبا إىل هذه طريق كت ابه وهو إىل اآلن ما جاء : فقال له خياط، فناداه الشيخ وأخذ منه اللوح ها هو الذي معه اللوح الكبري: فلما مر قيل. الكت اب

    فلم يزد ! اقرأ هذا : وقال له . وكتب من متون احلديث أحد عشرة أو ثالثة عشر حديثا فقرأه عليه عرضا ! امسعه علي : ، وقال كتابته إياه مث دفعه إليه على أن نظر فيه مرة بعد

    ، مث كتب عدة أسانيد انتخبها فنظر فيه كما فعل أول مرة فحفظها . كأحسن ما يكون ؛ إن عاش هذا الصيب ليكونن له شأن عظيم فإن هذا مل ي ر مثله : فقام الشيخ وهو يقول

    . فكان كما قالبة فقد ذكروا عنه الشيء العجيب وأنه كان يكتب من حفظه من وأما سرعته يف الكتا

    وكتب غري مرة أربعني ورقة يف . ، وذكروا أنه كتب جملدا لطيفا يف يوم غري نقل، ومن عجائب حفظه أنه ملا سجن صنف كتبا كثرية وذكر فيها األحاديث واآلثار جلسته

    وعزا كل شيء من ذلك إىل ناقليه وأقوال العلماء وأمساء احملدثني واملؤلفني ومؤلفاهتم ، وذكر أمساء الكتب اليت ذكرت فيها تلك النقول واألقوال ومواضعها وقائليه بأمسائهم

    . فسبحان الذي مين على من يشاء بفضله وتوفيقه ! ، كل ذلك من حفظه منها

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١١

    موقف شيخ اإلسالم من خصومه ، وتفرقت كلمة سالمقد ظهر شيخ اإلسالم يف عصر قد اشتدت فيه غربة اإل

    ، ، وظهرت الفرق املخالفة ملا كان عليه السلف الصاحل يف العقائد والفروع املسلمني؛ ظهرت فرق الشيعة وخي م اجلمود الفكري والتقليد األعمى فأث ر يف اجلو العلمي

    ، وطغى علم الكالم والفلسفة حىت والصوفية املنحرفة والقبورية ونفاة الصفات والقدرية، هذا كله يف داخل حمل الكتاب والسنة لدى األكثر من املتعلمني يف االستداللحل

    ، ومن خارج اجملتمع تكالب أعداء اإلسالم فغزوا اجملتمع اإلسالمي يف ذلك العصر . املسلمني يف عقر دارهم فجاءت جيوش التتار تداهم ديار املسلمني وتفتك هبم

    م ابن تيمية ضياء المعا بعلمه األصيل الغزير يف هذا اجلو املعتم عاش شيخ اإلسال، ، ويناظر املنحرفني يدر س الطالب ويؤلف الكتب والرسائل ويفيت يف النوازل واملسائل

    ، ويرد على ، فريد على الشيعة والقدرية ، وينازل الفرق والطوائف ويرد على املخرفنييف الصفات من اجلهمية واملعتزلة ، ويرد على املعطلة واملؤولة علماء الكالم والفالسفة

    . ، ويرد على الصوفية املنحرفة وعلى القبوريني واملبتدعة واألشاعرةوحيرك أهل اجلمود الفقهي واخلمول الفكري برد الفقه إىل أصوله الصحيحة ومنابعه الصافية وتصحيح الصحيح وتزييف الزائف حىت أعاد للشريعة نقاءها وإىل العلوم الشرعية

    . ؛ يظهر ذلك يف مؤلفاته اليت خلفها ثروة علمية هائلة هاصفاءوإىل جانب جمهوده العلمي العظيم شارك يف اجلهاد يف سبيل اهللا فحمل السالح وخاض املعارك ضد التتار عدة مرات مما كان له أطيب األثر يف تقوية معنوية اجملاهدين

    . حىت انتصروا على عدوهم؛ منهم اإلمام مل اجلليل أئمة من طالبه محلوا الراية من بعده وقد خترج على يد هذا العا

    ابن القيم واإلمام ابن كثري واحلافظ الذهيب واحلافظ ابن عبد اهلادي وغريهم ممن أخذوا عنه العلم ونشروه يف اآلفاق مبا ألفوه من املؤلفات القيمة اليت تزخر هبا املكتبات اإلسالمية

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٢

    الم ابن تيمية عن اإلسالم واملسلمني خري اجلزاء ونفعنا ، فجزى اهللا شيخ اإلس اليوم . بعلومه

    وملا قام هبذا الواجب العظيم غاظ خصومه فر مته كل طائفة من الطوائف املنحرفة . . . بلقب سيئ تريد بذلك صد الناس عن دعوته وتشويه عمله

    ومتعصبة ، ؛ ألن إثبات الصفات عندهم جتسيم إنه جمسم : فنفاة الصفات قالوا؛ ألن أخذ القول الراجح بالدليل املخالف ملا إنه خرق اإلمجاع : الفقهاء واملبتدعة قالوا

    إنه : ، وغالة الصوفية والقبوريون قالوا ، ورد البدع خرق لإلمجاع عندهم هم عليه؛ ألن الدين عندهم هو التقرب إىل يبغض األولياء ويكفر املسلمني وحيرم زيارة القبور

    اء والصاحلني وتعظيم مشائخ الطرق الصوفية واختاذهم أربابا من دون اهللا والغلو يف األولي . تعظيمهم بصرف العبادة إليهم

    هذا موقف هذه الطوائف من دعوة شيخ اإلسالم وهو موقف يتكرر مع كل مصلح ونبذ ما خالفه من دين اآلباء واألجداد وجمدد يدعو إىل دين اهللا الذي جاء به رسوله

    ، من قبل بأعظم من هذاوليس هذا بغريب فقد قوبلت دعوة النيب . وعادات اجلاهلية، إىل غري ذلك من األلقاب السيئة اليت يراد إنه ساحر كذاب وإنه شاعر جمنون: وقيل عنه

    ، فلشيخ هبا الصد عن دين اهللا والبقاء على دين الشرك الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم ، وهلؤالء املنحرفني سلف من املشركني ه من الدعاة إىل اهللا أسوة بنبيهم اإلسالم وإخوان

    . ، ولكن العاقبة للمتقني واملكذبنيفهذه كتب شيخ اإلسالم تأخذ طريقها إىل أيدي كل من يريدون احلق يتنافسون يف

    لنفسه ، فعليك أيها املسلم الناصح احلصول عليها والتنقيب عن املفقود منها إلخراجه للناسأن ال تلتفت إىل أقوال املرجفني يف حق هذا العامل اجملدد اجملاهد وأن تنظر إىل أقواله هو ال إىل

    . )١( } ∪⊂∌∩ Ÿωuρ š̈Ζ¤Ï‚tGó¡o„ tÏ%©!$# Ÿω šχθãΨÏ%θム{ ما يقال عنه لتصل إىل احلقيقة

    . ٦٠: سورة الروم آية ) ١(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٣

    منهجه يف فتاواه وما أمكن ألهل العلم احلصول عليه ومجعه من كتبه وأما فتاويه ونصوصه وأجوبته : " - رمحه اهللا -قال تلميذه احلافظ ابن عبد اهلادي

    على امللل فهي أكثر من أن حتصى لكن د و ن منها مبصر على أبواب الفقه سبعة عشر جملدا ، وقل أن وقعت واقعة وسئل عنها إال وأجاب فيها بديهة مبا هبر روهذا ظاهر مشهو

    واشتهر وصار ذلك اجلواب كاملصنف الذي حيتاج فيه غريه إىل زمن طويل ومطالعة كتب وكان يكتب على السؤال الواحد : " ، إىل أن قال " وقد ال يقدر مع ذلك على إبراز مثله

    . " قة وستني فكثري جدا، وأما جواب يكتب فيه مخسني ور " جملداففي بعض األحكام يفيت مبا أدى إليه : " وقال عنه أيضا مبينا ملنهجه يف الفتوى

    ، وىف بعضها قد يفيت خبالفهم أو خبالف املشهور اجتهاده من موافقة أئمة املذاهب األربعة . انتهى. " من مذاهبهم

    جمموعة الرسائل " و . سة جملداتيف مخ " الفتاوى املصرية " واملطبوع من فتاواه اآلنستة أجزاء طبعت يف مطابع املنار وعلق عليها وصححها السيد حممد رشيد " واملسائل . رضا

    وأخريا قام الشيخ عبد الرمحن بن قاسم جبمع املوجود من فتاواه املطبوع منها أهل العلم واملخطوط وترتيبها على األبواب فبلغت مخسة وثالثني جملدا وقد استفاد منها

    ولعظيم النفع : " وقال يف مقدمتها. فائدة عظيمة وأصبحت مرجعا كبريا ومنهال غزيرا، واعتماد مبتغي الصواب عليها فتشت عن خمتصراهتا يف بعض مكتبات بفتاويه والثقة منها

    ؛ وهو ب د ء. ، أكثر من ثالثني جملدا ورتبتها جند واحلجاز والشام وغريها فجمعت منها فعسى اهللا سبحانه أن يقيض لفتاويه من جيمعها من مشارق األرض ومغارهبا ومن وإال

    . " املكتبات اليت مل نطلع عليها ويلحقه مبا مجعته منها فهو سبحانه املستعان، ومن تتألف هذه اجملموعة القيمة من فتاوى وهي األكثر : وقال ابنه الشيخ حممد

    ، عدد ، قسم منها مطبوع ا أربعة وثالثني جملدا، ونقول بلغ عدد جملداهت كتب ورسائل

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٤

    ، وقسم مل يسبق له أن طبع بل كان خمبوءا يف زوايا صفحة تقريبا١٧٠٠٠صفحاته . املكتبات العامة أو اخلاصة وهذا القسم أكثر من الثلث تقريبا

    ، قسم يف أصول الدين يشمل العقائد وما يتصل هبا : واجملموع يتكون من أقسام ، وقسم يف الفقه مرتبا على ترتيب كتب يف تفسري القرآن الكرمي وقسم يف احلديث وقسم

    . املتأخرين من فقهاء احلنابلة مبتدئا من كتاب الطهارة إىل كتاب اإلقراروهذا اجملموع يعترب رصيدا ضخما من علوم شيخ اإلسالم ابن تيمية يف خمتلف العلوم

    ، ومن قام دة كبرية فجزى اهللا من قام جبمعه وترتيبهالشرعية قد استفاد منه الباحثون فائ . بطبعه وتوزيعه خري اجلزاء عن اإلسالم وأهله

    رئاسة البحوث العلمية : ونسأل اهللا أن يوفق العلماء والباحثني واجلهات العلمية مثل ، ومثل اجلامعات اإلسالمية إىل تتبع مؤلفات الشيخ ورسائله واإلفتاء والدعوة واإلرشاد

    ؛ فإن رصيده العلمي وفتاويه يف مظاهنا من املكتبات العاملية ومجعها وتصحيحها ونشرها . ضخم مل يعثر حىت اآلن إال على القليل منه يكتب اجلواب فإن - يعين الشيخ -وكان : " قال تلميذه احلافظ ابن عبد اهلادي

    يف فنون من العلم ، ويكتب قواعد كثرية حضر من يبيضه وإال أخذ السائل خطه وذهب ، ، فإن وجد من خطه وإال مل يشتهر ومل يعرف يف األصول والفروع والتفسري وغري ذلك

    ، وكان كثريا ما ورمبا أخذه بعض أصحابه فال يقدر على نقله وال يرده إليه فيذهب قد كتبت يف هذا فال : ، وي سأل عن الشيء فيقول قد كتبت يف كذا ويف كذا: يقول

    ، فمن حرصهم ردوا خطي وأظهروه لينقل : فيلتفت إىل أصحابه ويقول! و يدري أين هفلهذه األسباب وغريها . عليه ال يردونه ومن عجزهم ال ينقلونه فيذهب وال يعرف امسه

    . تعذر إحصاء ما كتبه وما صنفه؛ ألنه ملا حبس تفرق أتباعه وتفرقت كتبه وخوفوا أصحابه من أن وما كفى هذا

    ه فذهب كل أحد مبا عنده وأخفاه ومل يظهروا كتبه فبقي هذا يهرب مبا عنده يظهروا كتب، حىت إن منهم من تسرق كتبه أو جتحد فال وهذا يبيعه أو يهبه وهذا خيفيه ويودعه

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٥

    ولوال أن . يستطيع أن يطلبها وال يقدر على ختليصها وبدون هذا متزق الكتب والتصانيف العادة يف حفظ أعيان كتبه وتصانيفه ملا أمكن ألحد أن اهللا تعاىل لطف وأعان ومن وخرق

    وقد رأيت من خرق العادة يف حفظ كتبه ومجعها وإصالح ما فسد منها ورد ما . جيمعهاذهب منها ما لو ذكرته لكان عجبا يعلم به كل مصنف أن هللا عناية به وبكالمه ألنه يذب

    انتهى كالم . " ني وتأويل اجلاهلني حتريف الغالني وانتحال املبطلعن سنة رسول اهللا . - رمحه اهللا -ابن عبد اهلادي

    أن نقدم للقارئ الكرمي بعض األضواء من فتاوى - إن شاء اهللا -هذا وحنن حناول ، وما نشمه من هذا اإلمام اجلليل مبا نقتبسه من مضامينها وما نقتطفه من مثارها اليانعة

    ؛ ألن هذا من نشر العلم ها إىل من مل يطلع عليهاأزهارها العطرة ليصل شيء من فوائد، ونسأل اهللا لنا اإلعانة على حتقيق هذه املهمة والتسديد ومن التعاون على الرب والتقوى

    . ، إنه مسيع جميب فيما نقوله وننقله

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٦

    جمموع فتاواه ناء عليه بأمسائه املبارك خبطبة بليغة للشيخ ابتدأها حبمد اهللا والث)١(ابت د ي هذا اجملموع

    ، ومبا تكفل به ، ومبا تفضل به على عباده من إرسال الرسل وإنزال الكتب وصفاتهسبحانه من حفظ كتابه وسنة رسوله من حتريف الغالني وانتحال املبطلني وتأويل اجلاهلني

    . شهادة أن ال إله إال اهللا وشهادة أن حممدا رسول اهللا : مث ثن ى بالشهادتني من تبليغ وما قام به عظيم نعمة اهللا على عباده بإرسال رسوله حممد مث بي ن

    ، ، وعز جند الرمحن هذا الدين وهداية العاملني حىت طلعت مشس اإلميان وأدبر ليل البهتان ، ، وأ علن بدعوة األذان ، واشتهرت تالوة القرآن وذل حزب الشيطان وظهر نور الفرقان

    . واجلان وقامت حجة اهللا على اإلنس ؛ ألن أنه ال سعادة للعباد وال جناة هلم إال باتباع الرسول - رمحه اهللا - بي ن )٢(مث

    ؛ ألن كل عبادة - -اهللا خلقهم لعبادته وال ميكن حتقيق العبادة إال باتباع الرسول من عمل عمال ليس عليه {: فهي ضالل كما قال ليست على سنة الرسول

    . )٤( )٣( }أمرنا فهو رد من يعش منكم فسريى اختالفا كثريا فعليكم بسنيت وسنة اخللفاء {: وقال

    ، وإياكم وحمدثات ، وعضوا عليها بالنواجذ وا هبا ، متسك الراشدين املهديني من بعدي . )٦( )٥( }؛ فإن كل بدعة ضاللة األمور

    . ) ٣ - ١/١ (جمموع الفتاوى ) ١( . ) ٣ - ١ / ١ (جمموع الفتاوى ) ٢(، )١٤(، ابن ماجه املقدمة )٤٦٠٦(، أبو داود السنة )١٧١٨(، مسلم األقضية )٢٥٥٠(البخاري الصلح ) ٣(

    . )٦/٢٥٦(أمحد . ) ٢٦٩٧ (وهو عند البخاري حنوه ) ١٧١٨ (هذا لفظ مسلم ) ٤(، الدارمي )٤/١٢٧(، أمحد )٤٤(، ابن ماجه املقدمة )٤٦٠٧(، أبو داود السنة )٢٦٧٦(الترمذي العلم ) ٥(

    . )٩٥(املقدمة حسن : وقال) ٢٢٧٦ (، والترمذي ) ٤٢ (، وابن ماجه ) ٤٦٠٧ (، وأبو داود ) ٤/١٢٦ (محد رواه أ ) (٦(

    جيد : ) ١/٣٥ (، وقال أبو نعيم يف املستخرج ) ١/١٧٤ (، واحلاكم ) ٥ (، وصححه ابن حبان صحيح . ) صاحل اإلسناد : ) ١٧/٤٨٣ (وقال الذهيب يف السري . من صحيح حديث الشاميني

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٧

    وقد ذكر اهللا طاعة الرسول وأتباعه يف حنو أربعني موضعا من " )١( - رمحه اهللا -قال . تبني الكفر من اإلميان فبمحمد )٢(، مث ذكر مجلة من هذه املواضع مث قال " القرآن

    فالنفوس أحوج إىل معرفة ما جاء به واتباعه منها إىل الطعام . نة من أهل النار وأهل اجل، إذا فات حصل املوت يف الدنيا " يعين الطعام والشراب " ؛ فإن هذا والشراب

    ، فحق على كل أحد إذا فات حصل العذاب " يعين معرفة ما جاء به الرسول " وذاك أن طريق - رمحه اهللا -مث بي ن . " به وطاعتهبذل جهده واستطاعته يف معرفة ما جاء

    ، فكما أن نور ، وأن العقل وحده ال يكفي النجاة من العذاب األليم هو الرواية والنقل ، فكذلك نور العقل ال يهتدي إال إذا طلعت عليه العني ال ي رى إال مع ظهور نور قد امه

    ’ {: ل تعاىل، وقد أمت اهللا النعمة على األمة قا مشس الرسالة ÎΤöθ t±÷z $#uρ §ΝÏ?T{uρ ÉLyϑ ÷è ÏΡ ö/ä3ø‹n= tæ öΝä3¯= yè s9uρ ∩⊇∈⊃∪ χρ ߉tG ôγs? !$ yϑ x. $uΖù= y™ ö‘ r& öΝà6‹ Ïù Zωθ ß™ u‘ öΝà6ΖÏiΒ (#θè= ÷G tƒ öΝä3ø‹n= tæ $ oΨÏG≈ tƒ#u öΝà6Š Ïj.t“ ムuρ

    ãΝà6ßϑ Ïk= yèムuρ |=≈ tG Å3ø9$# sπ yϑò6Ït ø: $#uρ Νä3ßϑ Ïk= yèムuρ $ ¨Β öΝs9 (#θ çΡθ ä3s? tβθßϑ n= ÷ès? ∩⊇∈⊇∪ þ’ÎΤρ ãä.øŒ$$ sù öΝä.öä.øŒr& (#ρ ãà6ô© $#uρ ’ Í< Ÿω uρ Èβρãàõ3s? ∩⊇∈⊄∪ { )آيات كثرية يف هذا املعىن وذكر عن - رمحه اهللا -، وذكر )٣

    . لماء أن احلكمة هي سنة الرسول مجع من الع أنه ملا كان القرآن متميزا بنفسه إلعجازه وكونه منقوال بالتواتر - رمحه اهللا -مث بي ن

    ، وإمنا حاول الشيطان إدخال التحريف والتبديل يف مل يطمع أحد يف تغيري ألفاظه وحروفه نقص واالزدياد ما يضل بعض معانيه بالتغيري والتبديل وطمع أن يدخل يف األحاديث من ال

    ، فأقام اهللا تعاىل اجلهابذة النقاد أهل اهلدى والسداد فدحروا حزب الشيطان وفرقوا العباد . بني احلق والبهتان

    . ) ١/٤ (جمموع الفتاوى ) ١( .) جمموع الفتاوى ) (٢( . ١٥٢ - ١٥٠: سورة البقرة اآليات ) ٣(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٨

    ؛ فقام أهل الفقه الذين وقام كل من علماء املسلمني مبا أنعم اهللا عليه وعلى املسلمني نقل بعلم الرواية واإلسناد فسافروا يف البالد ، وقام علماء ال فقهوا معاين القرآن واحلديث

    ، ، كما جعل البيت مثابة للناس وأمنا وصربوا على املصاعب الشداد ليحفظ اهللا هبم دينه، وكما حبب إىل أهل القتال اجلهاد بالنفس واملال حكمة من يقصدونه من كل فج عميق

    . شركون اهللا حيفظ الدين ويظهر هبا اهلدى ودين احلق ولو كره امل ؛ فأهل وجعله سل ما إىل الدراية وعلم اإلسناد والرواية مما خص اهللا به أمة حممد

    ، وكذا املبتدعون من هذه األمة أهل الكتاب ال إسناد هلم يأثرون به املنقوالت ، وإمنا اإلسناد ملن أعظم اهللا عليهم امل ن ة أهل اإلسالم والسنة يفرقون به بني الضالالت، وغريهم من أهل البدع والكفار إمنا عندهم منقوالت والسقيم واملعوج والقومي الصحيح

    . يأثروهنا بغري إسناد وهم ال يعرفون فيها احلق من الباطل؛ معقول وأما هذه األمة املرحومة فقد عصمهم اهللا أن جيمعوا على خطأ يف دين اهللا

    ، فإذا اجتمع أهل الفقه على قول سول ، وإذا تنازعوا يف شيء ردوه إىل اهللا والر أو منقولال . ، وإذا اجتمع أهل احلديث على تصحيح حديث مل يكن إال صدقا مل يكن إال حقا

    ، وهم يف ذلك على ، وال يصدهم عن سبيل اهللا العظائم تأخذهم يف اهللا لومة الئم ، ث والدراية ومنهم أهل املعرفة باحلدي . منهم املقتصر على جمرد النقل والرواية : درجات

    األمة أن يبلغ عنه من شهد ملن وقد أمر النيب . ومنهم أهل الفقه فيه واملعرفة مبعانيهبلغوا عين {: ، فقال يف احلديث الصحيح ، ودعا للمبلغني عنه بالدعاء املستجاب غاب

    ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من ، وحدثوا عن بين إسرائيل وال حرج ولو آية . )٢( )١( }النار

    . )٥٤٢(، الدارمي املقدمة )٢/١٥٩(، أمحد )٢٦٦٩(، الترمذي العلم )٣٢٧٤(البخاري أحاديث األنبياء ) ١( . ) ٣٤٦١ (رواه البخاري ) ٢(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ١٩

    فرب حامل ، سمعهنضر اهللا امرءا مسع منا حديثا فبلغه إىل من مل ي {: وقال أيضا ويف هذا دعاء ملن بلغ حديثه )٢( )١( }، ورب حامل فقه إىل من هو أفقه منه فقه غري فقيه

    قال سفيان بن . ، ودعاء ملن بلغه وإن كان املبلغ املستمع أفقه من املبل غ وإن مل يكن فقيها . )٣( ال جتد أحدا من أهل احلديث إال يف وجهه ن ض رة لدعوة النيب : عيينة

    ، الدارمي )٥/١٨٣(، أمحد )٢٣٠(، ابن ماجه املقدمة )٣٦٦٠ (، أبو داود العلم )٢٦٥٦(الترمذي العلم ) ١(

    . )٢٢٩(املقدمة ومن حديث . من حديث زيد بن ثابت) ٣٦٦٠ (وأبو داود . حسن: وقال) ٢٦٥٦ (رواه الترمذي ) (٢(

    وصححه البوصريي يف ) ٢٣٠ (، وابن ماجه حسن صحيح : وقال) ٢٦٥٧ (ابن مسعود رواه الترمذي .) ائد الزو

    . ) كل هذا من جمموع الفتاوى ) (٣(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٠

    قاعدة يف االجتماع والفرقة ؛ استهل هذه القاعدة يف اجلماعة والفرقة وسبب ذلك ونتيجته )١( - رمحه اهللا -ذكر tí * {: بقوله تعاىل uŸ° Νä3s9 zÏiΒ È Ïe$! $# $ tΒ 4 œ»uρ ϵ Î/ % [nθ çΡ ü“ Ï% ©!$#uρ !$ uΖøŠym ÷ρ r& y7ø‹s9Î) $ tΒuρ $ uΖøŠ¢¹ uρ ÿϵ Î/ tΛ Ïδ≡tö/Î) 4 y›θ ãΒuρ # |¤ŠÏãuρ ( ÷β r& (#θ ãΚŠ Ï%r& tÏe$! $# Ÿω uρ (#θè% §xtG s? ϵŠ Ïù 4 { )أخرب سبحانه أنه : مث قال )٢

    ، ه الثالثة املذكورينشرع لنا ما وصى به نوحا والذي أوحاه إىل حممد وما وصى ب $ øŒÎ)uρ {: وهؤالء هم أولو العزم املأخوذ عليهم امليثاق يف قوله تعاىل tΡõ‹s{r& zÏΒ z↵ÍhŠÎ; ¨Ψ9$#

    öΝßγ s)≈ sV‹ÏΒ šΖÏΒ uρ ÏΒ uρ 8yθ œΡ tΛ Ïδ≡tö/Î)uρ 4 y›θãΒ uρ |¤ŠÏãuρ È ø⌠ $# zΝtƒ ótΒ ( { )وقوله . )٣ :} $ tΒ 4 œ»uρ ϵ Î/ % [nθ çΡ ü“ Ï% ©!$#uρ !$ uΖøŠym ÷ρ r& y7 ø‹s9Î) $tΒ uρ $ uΖøŠ¢¹ uρ ÿϵ Î/ { )فجاء يف حق حممد بلفظ الذي ، )٤

    فإن الذي : - رمحه اهللا -، إىل أن قال ، ويف سائر الرسل بلفظ الوصية وبلفظ اإلحياءوإذا . شرع لنا هو الذي وصى به الرسل وهو األمر بإقامة الدين والنهي عن التفرق فيه

    قد أخرب أنه شرع ، و كان اهللا قد أمر األولني واآلخرين بأن يقيموا الدين وال يتفرقوا فيه : ؛ فيحتمل شيئني لنا ما وصى به نوحا والذي أوحاه إىل حممد

    ، فإن مجيع ما أن يكون ما أوحاه إىل حممد يدخل فيه شريعته اليت ختتص بنا : أحدمها، خبالف نوح وغريه من الرسل قد أوحاه إليه من األصول والفروع ب ع ث به حممدا

    ، والدين الذي اتفقوا عليه ن إقامة الدين وترك التفرق فيه فإن ما شرع لنا ما وصوا به م : ؛ فتضمن الكالم أشياء هو األصول، والدين املختص بنا أنه شرع لنا الدين املشترك وهو اإلسالم واإلميان العام : أحدها

    . وهو اإلسالم واإلميان اخلاص

    . ) ١/١٢ (جمموع الفتاوى ) ١( . ١٣: سورة الشورى آية ) ٢( . ٧: سورة األحزاب آية ) ٣( . ١٣: سورة الشورى آية ) ٤(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢١

    . وهنانا عن التفرق فيه أنه أمرنا بإقامة هذا الدين كله املشترك واملختص : الثاين : أن التفرق على نوعني - رمحه اهللا -مث بي ن

    التفرق املذموم وهو ما كان الدافع إليه التعصب والكرب بعد معرفة : النوع األول . احلق مع وضوح الدليل

    التفرق غري املذموم وهو ما كان الدافع إليه االجتهاد واملقصود منه : والنوع الثاينtΒ$ {: ، واستشهد بقوله تعاىل إىل احلق مع خفاء الدليل الوصول uρ (#þθè% §xs? ω Î) .ÏΒ Ï‰÷è t/ $ tΒ ãΝèδ u!% y` ãΝù= Ïèø9$# $ J‹øó t/ öΝæη uΖ÷ t/ 4 { )ن تفرقهم إمنا كان بعد جميء العلم الذي فأخرب أ: ، قال )١

    . بي ن هلم ما يتقون ، وأخرب أهنم ما تفرقوا فإن اهللا ما كان ليضل قوما بعد إذ هداهم حىت يبي ن ما يتقون

    ، وهذا خبالف التفرق عن اجتهاد ليس فيه علم وال قصد به ، والبغي جماوزة احلد إال بغيا؛ فهو إما ترك البغي إما تضييع للحق وإما تعد للحد و. البغي كتنازع العلماء السائغ

    فعلم أن موجب التفرق هو ذلك وهذا كما قال عن أهل . واجب وإما فعل حمرم∅š {: الكتاب ÏΒuρ š Ï% ©!$# (#þθä9$ s% $ ¯ΡÎ) #“ t≈ |Á tΡ $tΡõ‹yz r& óΟßγ s)≈ sWŠÏΒ (#θ Ý¡oΨ sù $yàym $ £ϑ ÏiΒ (#ρ ãÅe2 èŒ Ïµ Î/ $ oΨ÷ƒ tøî r'sù ãΝßγ oΨ÷ t/ nο uρ#y‰yè ø9$# u!$ ŸÒ øó t7ø9$#uρ 4’n< Î) ÏΘöθ tƒ Ïπ yϑ≈uŠÉ)ø9$# 4 { )فأخرب أن نسياهنم حظا مما ذكروا )٢ ،

    ، وهكذا العداوة والبغضاء بينهم ، وهو ترك العمل ببعض ما أمروا به كان سببا إلغراء بههو الواقع يف أهل ملتنا مثلما جنده بني الطوائف املتنازعة يف أصول دينها وكثري من

    . فروعه لذلك مبا يقع بني املتفقه املتمسك من الدين باألعمال الظاهرة - رمحه اهللا -ومث ل

    في طريقة اآلخر ويدعي ؛ كل منهما ين وبني املتصوف املتمسك من الدين بأعمال باطنة أنه ليس من أهل الدين أو يعرض عنه إعراض من ال يعده من الدين فتقع بينهما العداوة

    . ١٤: سورة الشورى آية ) ١( . ١٤: سورة املائدة آية ) ٢(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٢

    ؛ طهارة الظاهر من احلدث والنجاسة ، وقد أمر اهللا بطهارة الظاهر والباطن والبغضاء )١( } yϑ̄ΡÎ) šχθä.Îô³ßϑø9$# Ó§pgwΥ$ {: ، قال تعاىل وطهارة الباطن من الشرك والكفر والنفاق

    š {: وقال تعاىل Íׯ≈ s9'ρ é& t Ï% ©!$# óΟs9 ÏŠÌムª!$# β r& tÎdγ sÜムóΟßγ t/θ è= è% 4 { )٢( . فنجد كثريا من املتفقهة واملتعبدة إمنا مهته طهارة البدن فقط ويزيد فيها : قال الشيخ، ويترك من طهارة القلب ما أمر به إجيابا أو استحبابا ال يفهم من الطهارة على املشروع

    روع ويترك من طهارة البدن ما أمر به إجيابا إال طهارة القلب فقط حىت يزيد فيها على املشوجند كثريا من املتصوفة مهته طهارة ! أو استحبابا ال يفهم من الطهارة إال طهارة البدن

    القلب فقط حىت يزيد فيها على املشروع ويترك من طهارة البدن ما أمر به إجيابا أو . استحبابا

    كثرة صب املاء وتنجيس ما ليس بنجس يف : فاألولون خيرجون إىل الوسوسة املذمومة ، مع اشتمال قلوهبم على أنواع من احلسد والكرب والغل واجتناب ما ال يشرع اجتنابه

    . ، ويف ذلك مشاهبة بي نة لليهود إلخواهنمواآلخرون يبالغون يف سالمة الباطن وجيعلون اجلهل مبا جتب معرفته من سالمة

    نبون النجاسات وال يفعلون الطهارة الواجبة مضاهاة ، ومع هذا اجلهل قد ال جيت الباطن، وتقع العداوة بني الطائفتني بسبب ترك حظ مما ذكروا به وبسبب البغي الذي للنصارى

    . هو جماوزة احلد فظهر أن )٣(، مث قال آيات يف النهي عن التفرق وبيان أسبابه - رمحه اهللا -مث ذكر

    العمل به كله وهو عبادة اهللا وحده ال شريك له كما سبب االجتماع واأللفة مجع الدين و، ونتيجة اجلماعة وسبب الفرقة ترك حظ مما أمر به العبد والبغي . أمر به باطنا وظاهرا

    ونتيجة الفرقة عذاب . رمحة اهللا ورضوانه وصلواته وسعادة الدنيا واآلخرة وبياض الوجوه

    . ٢٨: سورة التوبة آية ) ١( . ٤١: ئدة آية سورة املا) ٢( . ) ١/١٧ (جمموع الفتاوى ) ٣(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٣

    وهذا أحد األدلة على أن اإلمجاع حجة . اهللا ولعنته وسواد الوجوه وبراءة الرسول منهم ، فال تكون طاعة اهللا ورمحته ؛ فإهنم إذا اجتمعوا كانوا مطيعني هللا بذلك مرحومني قاطعة

    : يف هذه القاعدة - رمحه اهللا -، وقد بي ن بفعل ما مل يأمر به من اعتقاد أو قول أو عمل وأن نتيجة هذا . ظاهرا وباطنا أن اجتماع املسلمني إمنا حيصل بالعمل بالكتاب والسنة

    ، وأن ترك العمل بالكتاب والسنة أو االجتماع حصول السعادة والرمحة يف الدنيا واآلخرة العمل هبما يف الظاهر دون الباطل أو العكس هو سبب االفتراق بني املسلمني ووقوع

    . العداوة بينهم كما حصل ألهل الكتاب يف احلديث املشهور قال : ال فقوأورد الشيخ حديثني عن رسول

    ثالث {: عبد اهللا بن مسعود و زيد بن ثابت: من رواييت فقيهي الصحابة " السنن " يف، ولزوم مجاعة ألمر، ومناصحة والة ا إخالص العمل هللا : ال يغل عليهم قلب مسلم

    إن {: ويف حديث أيب هريرة احملفوظ. )٢( )١( }، فإن دعوهتم حتيط من ورائهم املسلمنيا حببل اهللا مجيعا وال ، وأن تعتصمو أن تعبدوه وال تشركوا به شيئا : اهللا يرضى لكم ثالثا

    فقد مجع يف هذه األحاديث )٥( قال )٤( )٣( }، وأن تناصحوا من واله اهللا أمركم تفرقوا. إخالص العمل هللا ومناصحة أويل األمر ولزوم مجاعة املسلمني : بني اخلصال الثالث

    احل وهذه الثالث جتمع أصول الدين وقواعده وجتمع احلقوق اليت هللا ولعباده وتنظم مص فحق اهللا أن . ، وحق لعباده حق هللا: ، وبيان ذلك أن احلقوق قسمان الدنيا واآلخرة

    ، وهذا معىن إخالص العمل هللا ، كما جاء لفظه يف أحد احلديثني نعبده وال نشرك به شيئاأما اخلاص فمثل بر . خاص وعام : وحقوق العباد قسمان . كما جاء يف احلديث اآلخر

    . )٢٦٥٨(الترمذي العلم ) ١( . ) وأنه صحيح ) ٢ (حاشية رقم ) ٢٤ص (سبق ) (٢( . )١٨٦٣(، مالك اجلامع )٢/٣٦٧(، أمحد )١٧١٥(مسلم األقضية ) ٣( . ) ١٧١٥ (رواه مسلم ) ٤( .) جمموع الفتاوى ) (٥(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٤

    ؛ ألن املكلف قد خيلو عن ، وحق زوجته وجاره فهذه من فروع الدين كل إنسان والديه . ، وألن مصلحتها خاصة فردية وجوهبا عليه

    ، فحقوق الرعاة مناصحتهم . رعاة ورعية: وأما احلقوق العامة فالناس فيها نوعان ، وهم ال جيتمعون ؛ فإن مصلحتهم ال تتم إال باجتماعهم وحقوق الرعية لزوم مجاعتهم

    فهذه . ، بل مصلحة دينهم ودنياهم يف اجتماعهم واعتصامهم حببل اهللا مجيعا على ضاللة وقد جاءت مفسرة يف احلديث الذي رواه مسلم عن متيم . اخلصال جتمع أصول الدين

    الدين . الدين النصيحة . الدين النصيحة {: قال رسول اهللا : ، قال الداريهللا ولكتابه ولرسوله وألئمة املسلمني : ؟ قال ملن يا رسول اهللا : ، قالوا النصيحةفالنصيحة هللا ولكتابه ولرسوله تدخل يف حق اهللا وعبادته وحده ال . )٢( )١( } وعامتهم؛ متهم هي مناصحة والة األمر ولزوم مجاعتهم، والنصيحة ألئمة املسلمني وعا شريك له

    وأما النصيحة اخلاصة لكل واحد منهم بعينه . فإن لزوم مجاعتهم هي نصيحتهم العامة . فهذه ميكن بعضها ويتعذر استيعاهبا على سبيل التعيني

    يف هذه الكلمات على احلديثني أنه جيب على املسلمني - رمحه اهللا -بي ن الشيخ : ادا االتصاف هبذه اخلصال الثالث اليت جتمع خريي الدنيا واآلخرة مجاعة وأفر

    ؛ ألن العقيدة هي أن نصلح عقيدتنا بأن نعبد اهللا ال نشرك به شيئا : اخلصلة األوىلاألساس الذي تبىن عليه مجيع األعمال فإذا صحت العقيدة صحت مجيع األعمال

    ، ولذلك كان مجيع الرسل وردت، وإن فسدت العقيدة فسدت مجيع األعمال وتقبلت$ ô‰s)s9uρ {: ؛ كما قال تعاىل يطالبون أممهم بإصالح العقيدة قبل كل شيء uΖ÷Wyè t/ ’ Îû Èe≅ à2

    7π ¨Βé& »ωθ ß™§‘ Âχ r& (#ρ߉ç6 ôã $# ©!$# (#θ ç7Ï⊥ tG ô_ $#uρ |Nθ äó≈ ©Ü9$# ( { )وهكذا جيب على الدعاة )٣ ، . واملصلحني أن يبدءوا بالعقيدة وتنقيتها من الشرك

    . )٤/١٠٢(، أمحد )٤٩٤٤(، أبو داود األدب )٤١٩٧(، النسائي البيعة )٥٥(مسلم اإلميان ) ١( . ) ٥٥ (صحيح مسلم ) ٢( . ٣٦: سورة النحل آية ) ٣(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٥

    وقد خالف هذا املنهج الذي هو منهج األنبياء كثري من الدعاة اليوم فصاروا يطالبون اس ، وهم يرون الن بإصالح جوانب من األعمال والتصرفات ويتركون جانب العقيدة

    ؛ ألهنم ، وهلذا مل تثمر دعوهتم يقعون يف الشرك األكرب حول األضرحة يف كثري من البالد إن األمة ال تستقيم وال يتوفر هلا األمن ! مبثابة من حياول معاجلة جسم مقطوع الرأس

    ρ߉ç6#) {: والرزق حىت تصلح عقيدهتا كما قال تعاىل ÷è u‹ù= sù ¡> u‘ #x‹≈ yδ ÏM øt7ø9$# ∩⊂∪ ü” Ï% ©!$# ΟßγyϑyèôÛr& ÏiΒ 8íθã_ ΝßγoΨtΒ#uuρ ôÏiΒ ¤∃öθyz ∩⊆∪ { )وقال تعاىل )١ ، :} y‰tãuρ ª!$# tÏ%©!$# (#θãΖtΒ#u óΟä3ΖÏΒ (#θè=Ïϑtãuρ ÏM≈ysÎ=≈¢Á9$# óΟßγ̈ΖxÎ=ø⇐tGó¡uŠs9 ’Îû ÇÚö‘F{$# $yϑŸ2 y#n=÷‚tGó™$# šÏ%©!$# ÏΒ öΝÎγÎ=ö6s% £uΖÅj3uΚã‹s9uρ öΝçλm; ãΝåκs]ƒÏŠ ”Ï%©!$# 4|Ós?ö‘$# öΝçλm; Νåκ̈]s9Ïd‰t7ãŠs9uρ .ÏiΒ Ï‰÷èt/ öΝÎγÏùöθyz $YΖøΒr& 4 Í_tΡρ߉ç6÷ètƒ Ÿω šχθä.Îô³ç„ ’Î1 $\↔ø‹x© 4 { )٢( .

    ، وحبل اهللا هو مما يرضاه اهللا لنا أن نعتصم حببل اهللا مجيعا وال نتفرق : اخلصلة الثانيةواالعتصام هبما يعين التمسك هبما والعمل مبا فيهما والرجوع إليهما عند . القرآن والسنة

    ادل زال ؛ ألنه إذا فصل الرتاع باحلكم الع االختالف لفصل الرتاع يف مجيع األمور . ، وحصل الوفاق االفتراق

    ؛ وذلك بطاعتهم مما يرضاه اهللا لنا مناصحة والة أمور املسلمني : واخلصلة الثالثة؛ ، والقيام مبا يعهدونه إلينا من األعمال على الوجه الصحيح ، وعدم خمالفتهم باملعروف

    ، وال قص منه شيئافيجب على املوظف أن يقوم بأعمال وظيفته على الوجه املطلوب ال ين ، وال يأخذ رشوة ، وال حيايب صديقا وال قريبا وال غنيا يضيع من وقته شيئا يف غري العمل

    . وال يضار باملراجعني ويعطل عليهم أعماهلم فقد مجع فيه إن هذا احلديث الشريف من جوامع الكلم اليت أوتيها رسول اهللا

    االجتماع على العقيدة : ، وهي املسلم القواعد اليت يقوم عليها اجملتمع النيب، واالجتماع على املصدر الذي حنكمه ، واالجتماع حتت القيادة الرشيدة الصحيحة

    . ، ووحدة القيادة اليت نتبعها ، ووحدة الدستور الذي نسري عليه ؛ ففيه وحدة العبادة بيننا

    . ٤ ، ٣: سورة قريش اآليتان) ١( . ٥٥: سورة النور آية ) ٢(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٦

    صل على رضا اهللا ، ويزول اخلصام وحن وهبذا االجتماع تصلح احلياة ويتوفر األمنوخري مثال لذلك ما كان عليه جمتمع املسلمني يف الصدر األول ملا كانوا عاملني هبذا

    . احلديثورحم اهللا شيخ اإلسالم حيث اختار هذا احلديث الشريف منطلقا له يف الكالم على

    يوفق ونسأل اهللا أن. إنه اختيار حكيم. قواعد االجتماع والقضاء على اخلصام والرتاع . ، رعاة ورعية للسري على هذا املنهج القومي املسلمني حكاما وحمكومني

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٧

    قاعدة يف توحيد األلوهية : يف توحيد اإلهلية فقال)١( قاعدة - رمحه اهللا -ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية

    . " ، فهذه جليلة يف توحيد اهللا وإخالص الوجه والعمل له عبادة واستعانة وبعد "إن اهللا خلق اخللق لعبادته اجلامعة ملعرفته واإلنابة إليه وحمبته واإلخالص : " ل فيهامث قا

    ، وال شيء يعطيهم يف اآلخرة ؛ فبذكره تطمئن قلوهبم وبرؤيته يف اآلخرة تقر عيوهنم لهوحاجتهم . ، وال شيء يعطيهم يف الدنيا أعظم من اإلميان به أحب إليهم من النظر إليه

    ؛ فإن ذلك هو هتم إياه وتأهلهم كحاجتهم وأعظم من خلقه هلم وربوبيته إياهمإليه يف عباد، وال صالح هلم وال فالح وال نعيم وال ، وبذلك يصريون متحركني الغاية املقصودة هلم

    . لذة بدون ذلك حبال ، وهلذا بل من أعرض عن ذكر ربه فإن له معيشة ضنكا وحنشره يوم القيامة أعمى

    وهلذا كانت ال إله إال اهللا . يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك ملن يشاء كان اهللا ال ، فأما توحيد الربوبية ، وكان التوحيد بقول ال إله إال اهللا رأس األمر أحسن احلسنات

    . " ، بل هو من احلجة عليهم الذي أقر به اخللق وقرره أهل الكالم فال يكفي وحده واعلم أن حق اهللا على عباده أن يعبدوه ال يشركوا به ": - رمحه اهللا - )٢(مث قال

    أتدري ما حق {: أنه قالشيئا كما يف احلديث الصحيح الذي رواه معاذ عن النيب حق اهللا على عباده أن يعبدوه وال : قال. ه أعلم اهللا ورسول : قلت: قال ؟ اهللا على عباده

    اهللا : قلت: قال. ؟ أتدري ما حق العباد على اهللا إذا فعلوا ذلك. يشركوا به شيئا . )٤( )٣( }حقهم أن ال يعذهبم : قال. ورسوله أعلم

    . ) ١/٢٠ (جمموع الفتاوى ) ١( . ) ١/٢٣ (جمموع الفتاوى ) ٢(، ابن ماجه الزهد )٢٦٤٣(، الترمذي اإلميان )٣٠(، مسلم اإلميان )٢٧٠١( والسري البخاري اجلهاد ) ٣(

    . )٥/٢٣٨(، أمحد )٤٢٩٦( . ) ٣٠ (، ومسلم ) ٢٨٥٦ (رواه البخاري ) ٤(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٨

    وليس يف الكائنات ما يسكن العبد إليه ويطمئن به ويتنعم : - رمحه اهللا - )١(مث قال ، ومن عبد غري اهللا وإن أحبه وحصل له به مودة يف احلياة بالتوجه إليه إال اهللا سبحانه

    : الدنيا ونوع من اللذة فهو مفسدة لصاحبه أعظم من مفسدة التذاذ أكل الطعام املسموم} öθ s9 tβ%x. !$ yϑ Íκ Ïù îπ oλÎ;#u ω Î) ª!$# $ s?y‰|¡xs9 4 z≈ys ö6 Ý¡sù «!$# Éb>u‘ ĸ öyè ø9$# $ £ϑ tã tβθàÅÁ tƒ ∩⊄⊄∪ { )فإن )٢

    ؛ إذ اهللا ال مسي له قوامهما بأن تأله اإلله احلق فلو كان فيهما آهلة غري اهللا مل يكن إهلا حقا . فاء ما به صالحها ؛ فكانت تفسد النت وال مثل له

    ، لكن واعلم أن فقر العبد إىل اهللا أن يعبد اهللا ال يشرك به شيئا ليس له نظري فيقاس به، فإن يشبه من بعض الوجوه حاجة اجلسد إىل الطعام والشراب وبينهما فروق كثرية

    تطمئن ، فال حقيقة العبد قلبه وروحه وهي ال صالح هلا إال بإهلها اهللا الذي ال إله إال هو ، وال بد هلا من لقائه وال صالح هلا يف الدنيا إال بذكره وهي كادحة إليه كدحا فمالقيته

    ، ولو حصل للعبد لذات أو سرور بغري اهللا فال يدوم ذلك بل ينتقل من نوع إىل إال بلقائهوأما إهله فال بد . ، ويتنعم هبذا يف وقت ويف بعض األحوال نوع ومن شخص إىل شخص

    وهلذا قال إمامنا إبراهيم . ه يف كل حال ويف كل وقت وأينما كان فهو معه له من : } Iω =Ïm اخلليل é& šÎ= ÏùFψ$# ∩∠∉∪ { )٣( .

    ال عطاء وال منع وال هدى وال ضالل وال واملخلوق ليس عنده للعبد نفع وال ضرر و بل ربه هو الذي خلقه ورزقه . نصر وال خذالن وال خفض وال رفع وال عز وال ذل

    ، وإذا أصابه ؛ فإذا مسه اهللا بضر فال يكشفه عنه غريه وبص ره وهداه وأسبغ عليه نعمه والقرآن مملوء . ن اهللا، إال بإذ وأما العبد فال ينفعه وال يضره. بنعمة مل يرفعها عنه سواه

    ، ومن ذكر ما وعدهم يف من حاجة العباد إىل اهللا دون ما سواه ومن ذكر نعمائه عليهموتعلق العبد مبا . ، وليس عند املخلوق شيء من هذا اآلخرة من صنوف النعيم واللذات

    . ) ١/٢٤ (اجملموع : انظر ) ١( . ٢٢: سورة األنبياء آية ) ٢( . ٧٦: سورة األنعام آية ) ٣(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٢٩

    ؛ فإنه إن نال من الطعام سوى اهللا مضرة عليه إذا أخذ منه القدر الزائد عن حاجته . والشراب فوق حاجته ضره وأهلكه

    واعلم أن كل من أحب شيئا لغري اهللا فال بد أن يضره حمبوبه ويكون ذلك سببا ، وهلذا كان الذين يكرتون الذهب والفضة وال ينفقوهنا يف سبيل اهللا ميث ل ألحدهم لعذابه

    ويف )١( ، أنا مالك أنا كرتك: كرته يوم القيامة شجاعا أقرع يأخذ بلهزمته ويقول يا ابن آدم أليس عدال مين أن أويل كل رجل منكم : يقول اهللا يوم القيامة {: احلديث

    ، فكل من أحب شيئا دون اهللا وأصل التويل احلب ! ؟ )٢( }ما كان يتواله يف الدنيا فمن أحب شيئا لغري اهللا . اله اهللا يوم القيامة ما تواله وأصاله جهنم وساءت مصريا و

    ، وإن وجد فإنه حيصل ؛ فإن فقد عذب بالفراق وتأمل فالضرر حاصل له إن وجد أو فقد وكل من . ، وهذا أمر معلوم باالعتبار واالستقراء له من األمل أكثر مما حيصل له من اللذة

    فصارت املخلوقات وباال عليه إال ما . هللا فإن مضرته أكثر من منفعته أحب شيئا لغري ا، واهللا سبحانه حيسن إىل عبده مع غناء عنه. ؛ فإنه كمال ومجال للعبد كان هللا ويف اهللا

    يريد به اخلري ويكشف عنه الضر ال جللب منفعة إليه من العبد وال لدفع مضرة بل رمحة . وإحسانا

    فإهنم إذا أحبوه طلبوا أن ينالوا غرضهم . أن يعملوا إال حلظوظهم والعباد ال يتصور ، والرب ، فاملخلوق ال يقصد منفعتك بالقصد األول بل إمنا يقصد منفعته بك من حمبته

    ، واخللق لو اجتهدوا أن ينفعوك مل ينفعوك سبحانه يريدك لك وملنفعتك بك ال لينتفع بك هدوا أن يضروك مل يضروك إال بشيء قد كتبه اهللا ، ولو اجت إال بأمر قد كتبه اهللا لك

    ، ، فال ت عل ق هبم رجاءك ، فهم ال ينفعونك إال بإذن اهللا وال يضرونك إال بإذن اهللا عليكô̈Β {: قال اهللا تعاىل r& #x‹≈ yδ “ Ï% ©!$# uθ èδ Ó‰Ζã_ ö/ä3©9 Οä.çÝÇΖtƒ ÏiΒ Èβρߊ Ç≈ uΗ ÷q§9$# 4 Èβ Î) tβρãÏ≈ s3ø9$# ω Î) ’ Îû

    . ) من حديث جابر ) ٩٨٨ (صحيح مسلم : وانظر . من حديث أيب هريرة ) ١٤٠٣ (رواه البخاري ) (١(، فيه فرات بن السائب : ) ١٠/٤٣ (وقال اهليثمي يف اجملمع . ) ٨١ (رواه الطرباين يف الكبري و األوسط ) (٢(

    . ) !وهو ضعيف

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٣٠

    A‘ρ ãäî ∩⊄⊃∪ ô̈Β r& #x‹≈ yδ “ Ï% ©!$# ö/ä3è% ã— ötƒ ÷β Î) y7 |¡øΒ r& …çµ s% ø—Í‘ 4 ≅ t/ (#θ ‘∨©9 †Îû 5hθ çG ãã A‘θàçΡuρ ∩⊄⊇∪ { )١( ،، قادر عليها وال مريد هلا كما ينبغيومجاع هذا أنك إذا كنت غري عامل مبصلحتك وال

    ، واهللا فغريك من الناس أوىل أن ال يكون عاملا مبصلحتك وال قادر عليها وال مريد هلا . ، ويعطيك من فضله العظيم سبحانه هو الذي يعلم وال تعلم وبقدر وال تقدر

    ة من قواعد ونكتفي هبذا القدر مما اقتطفناه من كالم الشيخ يف هذه القاعدة اجلليل . توحيد األلوهية وحقيقته وأسبابه وأدلته واهللا املوفق

    . ٢١ ، ٢٠: سورة امللك اآليتان ) ١(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٣١

    حاجة العبد إىل عبادة اهللا يف بيان حاجة العبد عبادة اهللا - رمحه اهللا -قال شيخ اإلسالم ابن تيمية

    ، وال بد هلا ال بد للنفس من شيء تطمئن إليه وتنتهي حمبتها وهو إهلها )١(واالستعانة به ثق به وتعتمد عليه يف نيل مطلوهبا وهو مستعاهنا سواء كان ذلك هو اهللا أو من شيء ت

    ، وإذا كان غري اهللا فقد يكون عاما وهو الكفر كمن عبد اهللا مطلقا وسأل غري اهللا غريهمثل ع ب اد الشمس والقمر وغري ذلك الذين يطلبون منهم احلاجات ويفزعون إليهم . مطلقا

    لك خاصا باملسلمني مثل من غلب عليه حب املال أو حب ، وقد يكون ذ يف النوائبتعس عبد {: ؛ كما قال النيب شخص أو حب الرئاسة حىت صار عبد ذلك

    ، إن أعطي رضي خلميلة، تعس عبد ا ، تعس عبد اخلميصة ، تعس عبد الدينار الدرهم وكذلك من غلب )٣( )٢( }، وإذا شيك فال انتقش ؛ تعس وانتكس وإن منع سخط

    ، أو خادمه من ؛ حبيث يكون عنده خمدومه من الرؤساء وحنوهم عليه الثقة جباهه وماله، وتدفع األعوان واألجناد وحنوهم أو أصدقائه أو أمواله هي اليت جتلب املنفعة الفالنية

    . ، واملستعان هو مدعو ومسئول ؛ فهو معتمد عليها ومستعني هبا رة الفالنيةاملض هبذا الكالم الذين يعتمدون على األسباب ويغترون - رمحه اهللا -ويقصد الشيخ

    ، وهذا كثري يف الناس اليوم حبوهلم وقوهتم وينسون اخلالق الذي هو مسبب األسبابقضينا على : ويعجبون هبا إىل حد أن يقولوا ، جتدهم يغترون بإمكانياهتم وتقنياهتم

    ، ، إىل غري ذلك من العبارات القبيحة ، قضينا على الفقر ، قضينا على اجلوع األمراض، وقد يسندون املصائب فال يعترفون بنعمة اهللا عليهم ويقرون بفقرهم وحاجتهم إليه

    ئون إىل اهللا ويتضرعون والكوارث اليت تصيبهم إىل ظواهر كونية وأمور طبيعية فال يلج

    . ) ١/٥ (جمموع الفتاوى ) ١( . )٤١٣٦(، ابن ماجه الزهد )٢٧٣٠(البخاري اجلهاد والسري ) ٢( .) ٢٨٨٧ (رواه البخاري ) ٣(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٣٢

    Iω {: ، كما قال اهللا تعاىل إليه öθ n= sù øŒÎ) Νèδ u!% y` $ uΖß™ ù't/ (#θ ãã§|Øs? Å3≈ s9uρ ôM |¡s% öΝåκæ5θ è= è% z−ƒ y— uρ ÞΟßγ s9 ß≈ sÜø‹¤±9$# $ tΒ (#θ çΡ$ Ÿ2 šχθ è= yϑ ÷ètƒ ∩⊆⊂∪ { )وما أكثر هذا النوع يف أهل هذا الزمان إال )١ ،

    . من رحم اهللاوما أكثر ما تستلزم : العالقة بني العبادة واالستعانة فقال- رمحه اهللا -مث بي ن الشيخ

    ؛ خضع له وذل العبادة االستعانة فمن اعتمد عليه القلب يف رزقه ونصره ونفعه وضره ، لكن قد يغلب عليه احلال حىت حيبه ، وإن مل حيبه لذاته انقاد وأحبه من هذه اجلهة و

    ، أو حيب من حيصل له به ، وينسى مقصوده منه كما يصيب كثريا ممن حيب املال لذاتهوأما من أحبه القلب وأراده وقصده فقد ال يستعينه ويعتمد عليه إال إذا . العز والسلطان

    ، فإذا ، كاستشعار احملب قدرة احملبوب على وصله حتصيل مطلوبهاستشعر قدرته على . استشعر قدرته على حتصيل مطلوبه استعانه وإال فال

    ، ، وقد يكون مستعانا غري حمبوب فقد يكون حمبوبا غري مستعان: فاألقسام ثالثة تهى يطلبه ، فإذا ع لم أن العبد ال بد له يف كل وقت وحال من من وقد جيتمع فيه األمران

    ، وذلك هو صمده الذي يصمد إليه يف ، ومنتهى يطلب منه وهو م ستعانه هو إهله x‚$−ƒ {: ؛ تبني أن قوله استعانته وعبادته Î) ߉ç7÷è tΡ y‚$−ƒ Î)uρ ÚÏè tGó¡nΣ ∩∈∪ { )كالم )٢ ،

    إما أن يعبد غري اهللا : ، فصارت األقسام أربعة ال خيرج عنه شيءجامع حميط أوال وآخرا . )٣( فالشرك يف هذه األمة أخفى من دبيب النمل - وإن كان مسلما -ويستعينه

    العبادة واالستعانة اللتني ال تصالن إىل حد الشرك - رمحه اهللا -ويقصد الشيخ . ؛ كالرياء فإنه شرك أصغر وهو شرك خفي األكرب، مثل كثري من أهل الدين يقصدون طاعة اهللا ورسوله ما أن يعبده ويستعني غريه وإ

    وعبادته وحده ال شريك له وختضع قلوهبم ملن يستشعرون نصرهم ورزقهم وهدايتهم من

    . ٤٣: سورة األنعام آية ) ١( . ٥: سورة الفاحتة آية ) ٢( . ) وله شواهد) ٢٩٥٤٧ (، وابن أيب شيبة ) ٤/٤٠٣ (هو اقتباس من حديث رواه أمحد ) (٣(

  • أضواء من فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية يف العقيدة

    ٣٣

    وإما أن يستعينه ويعبد غريه مثل كثري من ذوي األحوال . جهة امللوك واألغنياء واملشائخ الباطن والظاهر وأهل الكشف والتأثري الذي يستعينونه وذوي القدرة وذوي السلطان

    ، ، لكن مقصودهم غري ما أمر اهللا به ورسوله ، ويلجئون إليه ويعتمدون عليه ويسألونه . وغري اتباع دينه وشريعته اليت بعث اهللا هبا رسوله

    . الذين ال يعبدون إال إياه وال يستعينون إال به : والقسم الرابع وجوب اختصاص اخلالق بالعبادة والتوكل عليه فال ي عمل - رمحه اهللا - )١(مث بي ن

    ، فهو سبحانه الذي ابتدأك خبلقك واإلنعام عليك بنفس قدرته إال له وال يرجى إال هو، مث ، وما فعل بك ال يقدر عليه غريه عليك ومشيئته ورمحته من غري سبب منك أصال، ر فهو الذي يأيت بالرزق ال يأيت به غريهإذا احتجت إليه يف جلب رزق أو دفع ضر

    ô {: كما قال تعاىل ¨Β r& # x‹≈ yδ “ Ï% ©! $# uθ èδ Ó‰Ζ ã_ ö/ ä3 ©9 Ο ä. ç ÝÇΖ tƒ Ï iΒ Èβρ ߊ Ç≈ uΗ ÷q §9 $# 4 Èβ Î) tβρ ã Ï≈ s3 ø9 $# ω Î) ’ Îû A‘ρ ã äî ∩⊄⊃∪ ô̈Β r& #x‹≈yδ “ Ï% ©!$# ö/ä3è% ã— ötƒ ÷β Î) y7 |¡øΒ r& …çµ s% ø— Í‘ 4 ≅ t/ (#θ ‘∨©9 † Îû 5hθ çG ãã A‘θàçΡuρ ∩⊄⊇∪ { )٢( ، فإن ذلك موجب ما ي سم ى به ووصف به وهو سبحانه ينعم عليك وحيسن إليك بنفسه

    ، وقدرته من لوازم ذاته ، وهو قادر بنفسه ، الودود اجمليد ؛ إذ هو الرمحن الرحيم نفسهبل هو الغين عن . وكذلك رمحته وعلمه وحكمته ال حيتاج إىل خلقه بوجه من الوجوه

    tΒ { العاملني uρ ts3x© $ yϑ ¯ΡÎ* sù ãä3ô±o„ ϵ Å¡øuΖÏ9 ( tΒ uρ txx. ¨β Î* sù ’ În1u‘ @ Í_xî ×Λq Ìx. ∩⊆⊃∪ { )٣( .} øŒÎ)uρ šχ ©Œr's? öΝä3š/u‘ È⌡s9 óΟè?öx6x© öΝä3¯Ρy‰ƒ Η V{ ( È⌡s9uρ ÷Λän öxŸ2