may-june-2010

101
6/5 دان ـــ العد26 جلد ا2010 ونيو مايو/ يتي دينار كوي1.500 السعر: ــــ266/265 دان العد2010 ونيو مايو/ ي6/5 دان ـــ العد26 جلد اـعـــــــــــــــــــــــــــــــــلــومة ال مــــــجــــــــــــــلMay / June 2010 نحني ا»كانا-لزمانا« مرات في مغاة إقليمية،وي حرب نويةاناة عاع واة الفوريةسلكيت اللشبكا بزوغ ان عوالم افتراضية أموال حقيقية مATP لجزيءزدوج لوي ايح الدور ا يطرساننراض في جسم امربة اا ا جديدةً أفكارلرئيسياتلوان لدى ا تطور رؤية اغذية لنقص اكن هل؟ضارةر انهياؤدي إلى ا أن ي

Upload: motaz-elewa

Post on 24-Mar-2016

316 views

Category:

Documents


39 download

DESCRIPTION

http://www.kfas.com/publications_pages/may-june-2010.pdf

TRANSCRIPT

Page 1: may-june-2010

املجلد 26 ـــ العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

تيوي

ر كينا

1 د.5

00ر:

سع ال

ــــ26

6/26

ن 5ددا

لعا

2010

يو ون

/ ييو

ما6/

ن 5ددا

لعــ ا

2 ـد 6

جلامل

ومــلــ

ــــــــــــــ

ــــــــــــــ

عـــ الـ

ـلةـــــــ

جــــــمــــــ

May / June 2010

مغامرات في »الزمان-املكان« املنحني

حرب نووية إقليمية،واملعاناة عاملية

بزوغ الشبكات الالسلكية الفورية

أموال حقيقية من عوالم افتراضيةATP يطرح الدور احليوي املزدوج للجزيء

أفكارا جديدة حملاربة األمراض في جسم اإلنسان

تطور رؤية األلوان لدى الرئيسيات

هل ميكن لنقص األغذيةأن يؤدي إلى انهيار احلضارة؟

Page 2: may-june-2010

املجلد 26 ـــ العددان 6/5 (2010)266/265

الهيئة االستشارية

شارك في هذا العدد

علي عبـداهلل ال�شـمالن

رئــيـس الهيـئــــة

عبداهلل �شليمـان الفهيد

نائب رئيس الهيئة

عـدنـان احلـموي

عضو الهيئة ــ رئيس التحرير

خضر األحمدسعيد األسعدأمل األشقرحسام بدويةعدنان تكريتيجمال جودة

عدنان احلمويسعدالدين خرفان

محمود خيالهند داود

غدير زيزفونقاسم السارةتيسير الشاميرميون شكوريسحر الفاهوم

أمل كفايوسف محمودوحيد مفضلحامت النجدي

13069 20856www.kfas.org [email protected]

(+965) 22403895 (+965) 22428186

Advertising correspondence from outside the Arab World should be addressed toSCIENTIFIC AMERICAN 415, Madison Avenue, New York, NY 10017 - 1111Or to MAJALLAT AL-OLOOM, P.O. Box 20856 Safat, Kuwait 13069 - Fax. (+965) 22403895

1.80020

1.8002.5

20

100❊

21.25

20$

1.500❊

730❊

250

42.5

66666

(USA $ 1.5) ❊

1986 CD

Control Panel start Settings -1

Regional and Language Options -2

OK Standards and formats Arabic -3

£Cl

$

BritainCyprusFranceGreeceItalyU.S.A.Germany

12

1632

45

56112

www.kfas.org

Page 3: may-june-2010

فيزياءمغامرات في الزمكان املنحني

<E. گيرون>

تبني إمكانية »السباحة« و»االنزالق« في فضاء منحن خال، أن نظرية آينشتاين في النسبية العامة مازالت مذهلة حتى بعد مرور تسعة عقود على تقدميها.

تقانة املعلوماتأموال حقيقية من عوالم افتراضية

>R. هيكس<

ن أرباب األعمال في البلدان ألعاب حاسوبية من صنع اخليال متاحة مباشرة )على اخلط(، متكالنامية من كسب عيشهم عن طريق مقايضة كنوز من الذهب الوهمي مقابل أموال نقدية.

تطورتطور رؤية األلوان لدى الرئيسيات

<H.G. جاكوبس> ــ <J. ناثانز>

يظهر حتليل األصبغة البصرية لدى الرئيسيات أن رؤيتنا لأللوان قد تطورت بطريقة غير عادية، وأن للدماغ قدرة على التكيف أكثر مما كان يعتقد.

طـبتعزيز قوة اللقاح

<N. گارسون> ــ <M. گولدمان>

أعادت تبصرات جديدة في النظام املناعي إحياء االهتمام بإضافة مكونات تستطيع شحن اللقاحات القدمية بقوى فائقة وجتعل اصطناع لقاحات جديدة متاما أمرا ممكنا.

بيـئـةحرب نووية إقليمية، واملعاناة عاملية

<A. روبوك< - <B .O. توون>

إن خطر نشوب حرب نووية ال يزال قائما، إذ ميكن أن يؤدي الصراع ما بني الهند ع الكثير من البشر. وپاكستان إلى حرب نووية إقليمية حتجب أشعة الشمس وجتو

املجلد 26 ـــ العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

4

14

22

32

42

خضر األحمد

سحر الفاهوم

عدنان احلموي

أمـل األشقر

رميون شكوري

قاسم السارة

سعيد األسعد

أمـل كـفـا

ــ

ــ

ــ

ــ

وحيد مفضل ــيوسف محمود

Page 4: may-june-2010

تقانةبزوغ الشبكات الالسلكية الفورية

<M. إفروس> - <A. گولدسميث> - <M. مدارد>

ن خالل طرفة عني، توفر اتصاالت بأكثر البيئات حتذيرا. شبكات السلكية تتكو

»مجـلـة العـلوم« تصــدر شهريا فــي الكـويـت مـنذ عـام 1986 عـن »مؤسسـة الكـويـت للتقـدم العلمـي« وهـي مؤسسـة أهليـة ذات نفـع عـام، يـرأس مجلـس إدارتهـا صاحـب السمـو أمــير دولــة الكـويــت، وقـد أنشــئت عــام 1976 بهـدف املعاونـة فـي التطــور العلمـي واحلضـاري فـي دولـة الكويـت والوطـن العـربـي، وذلـك مــن خـالل دعــم األنشطــة العلمــية واالجتماعـيـة والثقـافيـة. و»مجلة العلوم« هـي فـي ثلثي محتوياتهــا ترجمـة لـ»ساينتفيك أمريكان« التـي تعتبر مـن أهـم املجـالت العلمـيـة فــي عالـم اليــوم. وتسعـى هـذه املجــلـة مـنذ نشأتهـا عــام 1845 إلـى متكـني القـارىء غــير املتخصــص مــن متـابعـة تطــورات معـارف عصـره العلميــة والتقانيــة، وتوفير معـرفـة شموليـة للقــارىء

املتخصص حول موضوع تخصصه. تصدر »ساينتفيك أمريكان« بثماني عشرة لغة عاملية، وتتميز بعرضها الشيق للمواد العلمية املتقدمة وباستخدامها القيم للصور والرسوم امللونــة واجلداول.

بيئةهل ميكن لنقص األغذية

أن يؤدي إلى انهيار احلضارة؟<R .L. براون>

إن أكبر خطر يهدد االستقرار العاملي هو احتمال حدوث أزمات في تأمني األغذية للبلدان الفقيرة يؤدي إلى انهيار حكوماتها. تلك األزمات التي يسببها استمرار تفاقم التدهور البيئي.

طـبATP الدور احليوي املزدوج للجزيء

)ثالثي فوسفات األدينوزين( <S .B. خاخ> ـــ <G. بيرنستوك>

إضافة إلى الدور املشهور للجزيء ATP كمصدر أساسي للطاقة داخل اخلاليا، فإنه يعمل أيضا كناقل مهم لإلشارات والرسائل في جميع أرجاء اجلسم. وهذا الدور املزدوج يقدم

أفكارا جديدة حملاربة األمراض في اإلنسان.

طـبفن احلرب البكتيري

<B .B. فيناالي>

تظهر الدراسات احلديثة، كيف تستغل البكتيريا خاليا جسمنا وتتفوق على نظامنا املناعي، وكيف ميكننا استخدام أسلحتها ضدها.

طـبغاز سام منقذ للحياة

<R. وانگ>

لقد تبني أن سلفيد الهدروجني - وهو غاز مميت تشبه رائحته رائحة البيض الفاسد -يؤدي أدوارا رئيسية في جسم اإلنسان. وهذا االكتشاف قد يقود إلى عالج جديد

للمعرضني للنوبات القلبية وملرضى آخرين أيضا.

52

58

68

78

88

اسألوا أهل اخلبرة9697كـيـف يعثر خـفـر الـسواحل

على الـمفـقوديـن في الـبحـر؟

عدنان احلموي حامت النجدي

سعدالدين خرفان

التحرير

تيسير الشامي

هـنـد داودحسام البدوية

ــ

ــ

ــ&

محمود خيال ــعدنان تكريتي

غدير زيزفون ــجمال جوده

أخبار علميةهوائيات الپالزما تختفي حني إطفائها.

Page 5: may-june-2010

4

<E. گيرون>

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

مغامرات في الزمكان املنحني)٭(تبني إمكانية »السباحة« و»االنزالق«)1( في فضاء منحن)2(خال، أن نظرية آينشتاين في النسبية العامة مازالت

مذهلة حتى بعد مرور تسعة عقود على تقدميها.

مفاهيم مفتاحية< في نظرية آينشتاين في النسبية العامة، تنشأ الثقالة gravity عن

الزمكان)3( نتيجة انحنائه. وفي هذه األيام، التي تشهد مرور 90

عاما على تقدمي آينشتاين معادالت نظريته، مازال الفيزيائيون يكتشفون

مفاجآت جديدة فيها.< فمثال، ميكن جلسم في فضاء منحن

أن يتحدى ظاهريا قوانني الفيزياء األساسية و»يسبح« في فضاء خال، دون احلاجة إلى أن يدفع أي شيء

أو يدفع بأي شيء.< أيضا، يسمح الزمكان املنحني بنوع

من االنزالق، إذ ميكن جلسم فيه إبطاء هبوطه حتى ولو كان في خالء.

محررو ساينتفيك أمريكان

في أربعينات القرن املاضي، كان الفيزيائي <G. گامو> يروي سلس������لة قصصه املشهورة

عن مغامرات الس������يد <G .C. تومپكنز> ]وهو موظف بس������يط كان يعمل ف������ي أحد البنوك[ وتراوده أحالم زاهي������ة لعوالم تقتحم احلياة اليومية فيها ظواه������ر فيزيائية غريبة. فمثال، ف������ي أحد تلك العوالم، كانت س������رعة الضوء خمسة عش������ر كيلومترا في الس������اعة، وهذا يبرز النتائج العجيبة لنظرية آينش������تاين في النسبية اخلاصة؛ ألن هذه السرعة قريبة من

سرعتك عند ركوبك دراجة هوائية.ف������ي زمن ليس ببعي������د قابلت مجازيا الس������يد <M .E. إيڤرارد> ]ابن أحد أحفاد

الس������يد <تومپكن������ز>[، وه������و فيلس������وف ومهندس يواصل ممارسة تقاليد سلفه. لقد أبلغني عن جتربة مذهلة مر بها تتعلق ببعض اجلوانب املكتشفة حديثا لنظرية آينش������تاين في النس������بية العام������ة والتي سأش������رككم فيها. يرد في قصته مرارا الزمكان املنحني، وقطط تفتل في الهواء، وكل������ب رائد فضاء معرض للخطر يحرك قوائمه عبر اخلالء لينجو بنفسه - ورمبا

<إسحق نيوتن> الذي يتلوى في قبره.ADVENTURES IN CURVED SPACETIME )٭(

gliding )1()curved )2 أو محدب.

)space-time )3 = زمكان، وهذه نحت من زمان ومكان.)التحرير(

Page 6: may-june-2010

5 (2010) 6/5

منحنيات خطرة بانتظارنا)٭(في منطقة بعيدة في أعماق الكون، خرج الس������يد <إيڤرارد> م������ن مركبت������ه الفضائية إلص������الح هوائي معطوب. الحظ أن األضواء اجلميلة للنجوم البعيدة تبدو مشوهة، وكأنه يش������اهدها من خالل عدسة س������ميكة. شعر أيضا بأن هناك شيئا ميط جسمه مطا خفيفا. خامرت������ه ظنون بأن������ه على عل������م مبا يجري، ته مؤشرا ليزريا، وعلبة فأخرج من حزام عدة النفث ليختبر ل عد معجون حالقة، ثم ش������غ

فكرة ملعت في ذهنه.اندفع بفعل عدة النفث على مسار مستقيم مس������افة مئة متر مستعينا بحزمة ليزرية لتوجيه

مس������اره، ومن ثم اس������تدار يسارا قاطعا عدة عش������رات من األمتار بذلك

االجت������اه، وأخيرا عاد إلى نقطة بدايته، فرس������م بذلك مثلث������ا من رغوة معج������ون حالقة، وكأنها أداة كونية للكتابة السماوية. بعدئذ، قاس زوايا رؤوس املثلث مبنقلة ثم جمع قياس������ات الزوايا،

وكانت النتيجة أكبر من مئة وثمانني درجة.لم يدهشه مطلقا االنتهاك الظاهري لقواعد الهندس������ة. فقد تذكر باعت������زاز حادثا عرضيا وق������ع له في مكتب والديه أثن������اء طفولته يتعلق بهندسة الإقليدية مزعجة حني رسم مثلثا على خريطة كروية لكوك������ب األرض، فكان مجموع الزواي������ا في ذلك املثلث أكب������ر من مئة وثمانني

Dangerous Curves Ahead )٭(

Page 7: may-june-2010

6

درجة أيضا. لذا، استنتج وجوب كون الفضاء ة سنوات ضوئية، احمليط به والذي يبعد عنه عدمنحنيا أيضا، متاما مثل س������طح تلك اخلريطة الكروي������ة. وقد اس������تخلص أن ه������ذا االنحناء )التقوس( يعلل ذلك التشوه في ضوء النجوم

ويعلل إحساسه غير املريح باملط.وهكذا فهم الس������يد <إيڤ������رارد> أنه كان يجرب ما ورد في الكتب املدرسية عن نتائج النس������بية العامة. وقبل مدة طويلة دعمت تلك النتائ������ج بتج������ارب ذات طبيعة أكث������ر إتقانا م������ن اس������تعمال رغوة معج������ون احلالقة في نزهت������ه املرح������ة، إذ أثبتت تل������ك التجارب أن املادة والطاقة حتني������ان املكان والزمان، وأن انحناء الزمكان يجعل املادة والطاقة تسلكان مس������ارات منحنية. )ومن األمثلة على الطاقة: ش������عاع مؤش������ره الليزري والضوء اآلتي من النجوم.( كان رأسه وقدماه »يريدان« سلوك منحني������ني مختلف������ني اختالفا طفيف������ا، وهذا

االختالف هو الذي ولد اإلحساس باملط.وخالل اس������تغراق الس������يد <إيڤرارد> في التفكي������ر في تل������ك احلقائق قرر الع������ودة إلى مركبته الفضائية التي كانت تبعد مسافة جيدة )أو باألحرى س������يئة( قدرها مئة متر عن منطقة األمان داخل كبس������ولته املقفل������ة هوائيا، فأعاد الضغ������ط على زر تش������غيل ع������دة النفث، ولكن لم يحدث أي ش������يء. وحني الحظ أن مؤش������ر خزان الوقود يش������ير إلى الصفر تواله الفزع. وفي الواق������ع، كان هو ومثلثه الرغوي يندفعان

بسرعة ثابتة مبتعدين عن املركبة الفضائية.لذا تصرف بسرعة: فرمى مباشرة منقلته ومؤش������ره اللي������زري وعلبة الرغ������وة، وجميع ته، األش������ياء األخرى املوجودة في ح������زام عدبعي������دا عن مركبته الفضائي������ة. وكان يرتد مع كل رمية قليال بعكس اجتاه الرمي، أي باجتاه مركبته، وذلك وفق مبدأ انحفاظ الزخم)5(. وقد ة النفث وقذف ذلك العبء نزع أخيرا حتى عدالثقي������ل بعيدا بكل ما أوتي م������ن قوة. ولكن،

CURVED SPACETIME )٭(flAT SPACE )1(

CURVED SPACE )2(NEGATIVE CURVATURE )3(

GRAVITY CoMES fRoM CURVATURE )4(momentum conservation )5(

]أساسيات[الزمكان املنحني)٭(

تذهب النس������بية العامة إلى أن الثقالة تنش������أ عن انحناء الزمكان، ولكن ما الذي يعنيه الزمكان املنحني وما هي بعض تداعياته؟

الفضاء املنبسط )املسطح()1(الهندسة التي تعلم في املدارس إقليدية،

)أي هندسة الفضاء »املنبسط«(. في هذا الفضاء، مجموع قياسات زوايا املثلث

180 درجة. وكل مستو ثنائي البعد، مثل

سطح طاولة البلياردو، هو فضاء منبسط. وبتقريب جيد جدا، ميكننا القول أيضا إن العالم

الثالثي األبعاد احمليط بنا هو فضاء منبسط: فإذا أنشأنا مثلثا في الهواء باستعمال ثالث حزم ليزرية لرسم أضالع املثلث،

فإن مجموع زواياه 180 درجة، وهذا صحيح في أي منطقة يرسم فيها املثلث.

الفضاء املنحني )احملدب()2(يقدم سطح كرة مثاال على سطح منحن ثنائي البعد. وعلى الكرة، يكون مجموع زوايا مثلث أكبر من 180 درجة، وهذه سمة مميزة ملنطقة ذات انحناء )تقوس( »موجب«. قد تبدو لنا أضالع املثلث منحنية في األبعاد الثالثة، ولكنها مستقيمة متاما بالنسبة إلى

منلة تدب على الكرة.

االنحناء )التقوس( السالب)3( لسطح السرج انحناء )تقوس( سالب، ومجموع قياسات زوايا مثلث مرسوم عليه أقل من 180 درجة.

الثقالة تنشأ عن االنحناء )التقوس()4(تنص نظرية النسبية العامة على أن تركيزات الكتلة والطاقة حتني الزمكان حولها، وهذا

االنحناء يجعل األجسام - كاألرض التي تدور حول الشمس - تسلك مسارات منحنية، ويقع بعضها جتاه البعض اآلخر. وفي معظم الظروف، تكون هذه املسارات شديدة الشبه بتلك د التي يتنبأ بها قانون نيوتن في الثقالة الذي يحسب في زمكان منبسط. وغالبا ما يجس

هذا املفهوم بأشكال توحي أن الفضاء منحن، مثل قطعة املطاط )املبينة في األسفل(، ولكن هذه

الصورة غير كاملة، ذلك أنها ال متثل كيف أن الزمان ينحني مع املكان. ويترتب على هذا أن

يدخل الزمان بسرعة أبطأ قليال في أعماق الثقالة. إن معرفة كيف ينحني الزمان ضرورية لتحديد املسارات

الصحيحة.

Page 8: may-june-2010

7 (2010) 6/5

ولألسف، حني لم يبق أي شيء يقذف، وجد أنه ال يس������تطيع فعل شيء سوى إبطال تأثير حركته األولى عند ابتعاده عن املركبة. أصبح اآلن عائما في الفضاء وساكنا بالنسبة إلى س������فينته لكنه م������ازال بعيدا عنه������ا. كان من املمك������ن أن يب������دو موقفه ميؤوس������ا منه: فقد غرس في ذهنه م������درس الفيزياء الذي علمه في املرحلة الثانوية، اس������تحالة تسريع جسم م������ن دون أن تؤثر فيه ق������وة خارجية، أو أن

تقذف منه كتلة ما.من حس������ن حظ صاحبنا العائم أنه سبق وأثبت أنه موجود في فضاء منحن، وأنه ميتلك ما يكفي م������ن احلكمة ملعرفة أن بعض قوانني االنحفاظ في الفيزياء التي تعلمها في سنواته الدراسية، تعمل في منحن بطريقة تختلف عن عملها في فضاء منبسط نيوتني )غير منحن(. وبوجه خ������اص، تذكر أن����ه ق����رأ س������نة 2003

بح����ث�ا في الفيزي���اء ب��ني في���ه عالم الكواكب)2( <J. ويزدم> ]من املعهد MIT[ إمكانية التحرك

لرائد فضاء عبر فضاء منحن بأس������اليب تعد مستحيلة حسب قوانني نيوتن للحركة، وذلك، ببس������اطة، بتأدي������ة حركات بذراعيه وس������اقيه بطريق������ة صحيحة. وبعبارة أخرى، يس������تطيع السباحة من دون حاجة إلى مانع يندفع عبره، أي بإمكانه استعمال أسلوب يسمى جتديف

الكالب)3( عبر الفضاء اخلالي.وتش������به احلركات املتقن������ة املوصوفة في بحث <ويزدم> الكيفية التي تتبعها قطة حني تس������قط من مكان عال ورأسها في األسفل، إذ تس������تطيع لوي جسمها، وسحب قوائمها

د مركز الكتلة بدقة في الفضاء يحداملنبسط

لثالث كرات كتلة كل منها m وموضوعة على رؤوس مثلث متساوي األضالع، مركز كتلة يقع في املركز الهندسي للمثلث )النقطة السوداء(. ميكن حساب

هذا املوقع بوصفه نقطة لها البعد نفسه عن رؤوس املثلث الثالثة )في اليسار(. بيد أن من املمكن

حسابه أيضا على مرحلتني )في اليمني(.

في فضاء منبسط، ال تس������تطيع مجموعة منعزلة من األجسام الساكنة أن حترك مركز كتلتها، ولكن الفضاء املنحني يحوي فرجة)1( جلعل حركة املركز ممكنة.

WhY CURVATURE AlloWS UNUSUAl MoTIoN )٭(loophole )1(

planetary scientist )2()dog-paddle )3؛ أسلوب في السباحة خاصيته املميزة استلقاء الس������باح على صدره وحتريك ذراعيه ويديه بالتناوب، وهو ر بطريقة سباحة الكالب. )التحرير( يذك

ملاذا يسمح االنحناء )التقوس( بحدوث حركة غير عادية؟)٭(

ال ميكن حتديد مركز الكتلة بدقة في الفضاء املنحني

تصور اآلن أن الكرات الثالث موجودة في فضاء منحن، مثل سطح كرة، وأن مواقعها في دكار وسنغافورة وتاهيتي على الكرة األرضية. عند

حساب مركز الكتلة باعتباره نقطة متساوية األبعاد عن هذه الكرات الثالث جند موقعا قريبا من القطب

الشمالي )في اليسار(. أما إذا حسبنا مركز الكتلة على مرحلتني، فإننا جند نقطة قريبة من خط

االستواء )في اليمني(. وهذا الغموض في مركز الكتلة يجعل باإلمكان »السباحة« عبر فضاء منحن.

]فرجة[

m m

m

2m

m

2r

r

Page 9: may-june-2010

8(2010) 6/5

ومده������ا، فتس������تطيع فتل جس������مها، ومن ثم تتمكن من الهبوط أرضا وهي على قوائمها. تس������مح قوان������ني امليكانيك النيوتن������ي بتغيير توجي������ه حركة القطة من دون حاجة إلى دفع أي شيء، وال أن تدفع بأي شيء، ولكن تلك

القوانني ال تسمح بتغيير سرعتها.يس������تعمل مالحو الفض������اء، أمثال أولئك املوجودي������ن على م������ن احملط���ة الفضائية الدولي���ة)3(، عند تدوير أنفس������هم في حاالت انع������دام الوزن، صيغة ألس������لوب فتل القطط ألجس������امها م������ن دون احلاج������ة إلى مقبض يدوي)4(. تقوم قطة أو رائد فضاء في الزمكان املنحني للنس������بية العامة بح������ركات بهلوانية أكثر روعة. أما بطل قصتنا، فقد قطع مسافة العودة إلى مركبت������ه الفضائية بزمن يتجاوز الساعة بقليل، وهذه سرعة، وإن لم تكن رقما قياسيا أوملپيا، لكنها بالتأكيد كافية لتضمن

أن يعيش ليضطلع مبزيد من املغامرات.

دروس في السباحة)٭٭(كيف تعم������ل بالضب������ط الظاه������رة التي وصفها <ويزدم> في بحثه؟ وكيف يستطيع مغامر مثل الس������يد <إيڤرارد> السباحة في الفض������اء؟ في فض������اء مس������طح - أي ذلك الفض������اء املفترض في امليكاني������ك النيوتني، وفي النس������بية اخلاصة أيض������ا - ال ميكن

مطلقا تس������ريع مركز ثق������ل منظومة معزولة )مث������ل منظومة رائد فض������اء مع الوزن امليت لعدة النفث(. لنفترض أن السيد <إيڤرارد> ة النفث بحبل طويل قبل قذفها بغية ربط عداس������تردادها بعدئذ بإع������ادة لفها. ماذا كان ميك������ن أن يحدث؟ إن مرك������ز ثقل منظومتها ته( س������يبقى من دون )املكونة من الرائد وعدتغيير ط������وال كامل الرحلة منذ بدايتها حني أخذ الرائد والع������دة باالبتعاد أحدهما عن

اآلخ������ر، ومن ثم عند دن������و أحدهما من اآلخ������ر مج������ددا. وس������تكون النتيجة

ف������ي نهاية املطاف ع������ودة الرائد ت������ه إلى موقعهم������ا األولي. وعدبعبارة أعم، ال يس������تطيع السيد

<إيڤرارد> التحرك مبجرد تبديل هيئته أو بنيته ثم استعادتها ثانية.

أما في فضاء منح������ن، فيختلف املوقف. وكي نفهم الس������بب، لنتصور مخلوقا غريبا )وسنطلق عليه في بقية املقالة اسم الغريب( بذراعني وذنب، كل منها قابل للمد والسحب ]انظر اإلطار في الصفحة املقابلة[. لتبسيط املناقش������ة، لنتصور أن كتل������ة الغريب مركزة كلها تقريبا في نهايات أطرافه الثالثة بحيث

A SWIMMER IN CURVED SPACETIME )٭(Swimming lessons )٭٭(

tripodlike )1(propellant )2(

the International Space Station )3(handhold )4(curvature )5(

]كيف تسبح[سباح في الزمكان املنحني )املقوس()٭(

ميكن آللة شبيهة باملنصب ال������ذي له ث������الث قوائ���م)1( الس������باحة في زمكان خال لكن������ه منح������ن، وذل������ك مبد وسحبها وفتحها قوائمها بطريقة دوري������ة. وكل دورة أفعال أربع������ة فيه������ا تنفذ حترك املنصب عبر الفضاء - هنا مس������افة صغيرة في أعل������ى الصفحة - مع أنها ال تقذف داس���را)2( وال تؤثر

فيها قوة خارجية.

للزمكان انحناء )تقوس()5( ضئيل

جدا باستثناء املناطق القريبة من ثقب أسود.

لذا، ففي التطبيق العملي، البد لك أن

تكون سبحت باليني السنني قبل أن تقطع

مليمترا واحدا.

Page 10: may-june-2010

9 (2010) 6/5

يقع رب������ع كتلة ف������ي كل من يدي������ه ونصفها املتبقي في نهاي������ة الذنب. يعجز هذا الغريب عن العوم في فضاء مس������طح، فإذا حاول مد ذنبه مترين، مثال، حتركت اليدان إلى األمام مس������افة متر واح������د، وحترك ط������رف الذنب إلى الوراء مس������افة متر واحد، محافظا على مركز الكتلة. وسحب الذنب مرة أخرى يعيد الغريب بكامل جس������مه إلى موقعه االبتدائي، ة النفث متاما مثل الس������يد <إيڤرارد> وع������داخلاملة. وحتدث أش������ياء مشابهة إذا حاول الغريب مد ذراعيه. وفي الواقع، فمهما كانت مجموع������ة أو متتالية حركات املد والس������حب الت������ي ينفذها الغريب، ف������إن مركز ثقله يبقى صامدا في مكانه. ولعل أفضل ما ميكنه فعله هو استعمال أس������لوب القطط )مد األطراف، وفتلها دائريا، وس������حبها، ثم إع������ادة فتلها(

لتغيير املنحى املتجه إليه.واآلن لنتص������ور أن ه������ذا الغريب يعيش في فضاء منحن ش������كله ش������بيه بسطح كرة. سأس������تعمل مصطلح������ات جغرافية لوصف املواق������ع واالجتاهات على الكرة للمس������اعدة على تصور ه������ذا الفضاء. يوجد الغريب في البداية على خط اس������تواء الكرة بحيث يتجه رأس������ه غربا، ويكون كل م������ن ذراعيه وذنبه منس������حبا نحوه. مي������د إح������دى ذراعيه نحو ل الش������مال واألخرى نحو اجلن������وب، ثم يطوذنب������ه محتفظا بذراعيه ممتدت������ني وتصنعان زاويتني قائمتني مع جس������مه. وكما هو احلال في فضاء مسطح، إذا حترك طرف الذنب ذو الوزن الثقيل مسافة متر واحد شرقا حتركت اليدان نتيجة لذلك مس������افة متر واحد غربا. ولكن هنا يكمن الفرق احلاس������م في احلركة على الكرة، إذ يبقي الغريب ذراعيه ممتدتني مبوازاة خطوط طول الكرة، وتكون املسافات الفاصلة بني تلك اخلطوط أكبر ما ميكن على خط اس������تواء الكرة. وهكذا حني تتحرك يدا الغريب )القريبتان إلى قطبي الكرة الشمالي واجلنوبي( مس������افة متر واحد غربا، يتحرك كتفاه )الواقعان على خط االس������تواء( مسافة

PADDlING ACRoSS A SPhERE )٭(momentum )1(

]ملاذا هي تعمل[التجديف عبر كرة)٭(

حتديد االجتاهات بدقةيواجه السباح الغرب، وذراعاه تتجهان

إلى الشمال واجلنوب، وذيله يتجه شرقا. ولتبسيط املناقشة، تصور أن كل كتلة

السباح مركزة في نهاية أطرافه - ربع في كل يد، والنصف الباقي في نهاية ذيله.

مد الذراعني نحو اخلارجمتتد الذراعان شماال وجنوبا )تدل الكرتان

البرتقاليتان على املوقعني حيث كانت الذراعان في البداية(. واحلركة املساوية واملضادة باالجتاه تبقي االندفاع )كمية

احلركة()1( متوازنا.

مد الذنبميتد الذنب اآلن شرقا. وكي يتوازن

االندفاع، تتحرك الذراعان غربا. ونظرا لكون اليدين قرب قطبي الكرة، فإنهما

تعبران خطوط طول عدة لتقطعا املسافة نفسها التي تقطعها النهاية الثقيلة للذيل، ويقطع »الكتفان« مسافة كبيرة غربا على

طول خط االستواء.

مد الذراعني نحو الداخلتنسحب الذراعان على خطوط الطول

)املكافئة خلطوط مستقيمة على الكرة(. واآلن يكون بعد اليدين عن النقطتني اللتني

انطلقتا منهما غربا أكبر من بعد نهاية الذنب عن نقطة انطالقه شرقا.

سحب الذنبعندما يسحب الذنب ثانية، تتحرك اليدان

إلى اخللف باجتاه الشرق ملوازنة االندفاع. وتكون دورة األفعال قد حركت السباح كله

مسافة قصيرة باجتاه الغرب بسبب املسافة »اإلضافية« التي قطعتها اليدان.

ميكن فهم السباحة عبر زمكان منحن بالتفكير في سباح بسيط غريب ذي بعدين يعيش على سطح كرة.

إذا جرت هذه األفعال نفسها على سطح سرج - يتسم، كما هو معلوم، بانحناء )تقوس( سالب - فإنها حترك السباح شرقا. انظر املوقع: http://physics.technion.ac.il/~avron لالطالع

على حتريكات كال املثالني.

Page 11: may-june-2010

(2010) 6/5 10

أكبر من متر واحد!وعندما يس������حب الغريب ذراعيه مبوازاة ط������ول الكرة، ينته������ي به األم������ر بحيث تكون يداه على مس������افة أبعد من متر غربا. وحني يستعيد تشكيلته األصلية بسحب ذنبه، يجد نفس������ه على خط االس������تواء، إال أنه يكون قد

ابتعد عن موقعه األصلي قليال نحو الغرب!تل������ك الس������تعماله متواص������ل وبتك������رار احلركات، يستطيع الغريب الزحف على طول خط االس������تواء. أما طرف الذنب واليدان ذات الثقل غير املعتاد، فال تشكل عوامل جوهرية للسباحة: إمنا من األسهل معرفة املسافة التي قطعتها حركة الذراعني استجابة لبسط الذنب إذا كان جمي������ع الثقل مرك������زا في تلك النقاط الث������الث. وما يح������دث هو أن������ه إذا كانت هذه الكائنات تعتمد في بقائها حية على السباحة في فضاء منحن، فرمبا تصنع كتال ثقيلة في أطرافها حتسينا لكفاءتها في السباحة. ومع ذلك، ف������إن كتلتني موضوعتني في املرفقني لن تس������اعدا على الوصول إلى تلك املسافة حول

الك������رة التي ميك�ن أن تصلها الي��دان، ومن ثم ال تولد حركة إضافية كبيرة للجسم.

صحيح إن الكرة سطح ذو بعدين فقط، ولكن املبادئ نفسها تنطبق على زمكان منحن رباعي األبعاد. إذ ميك������ن لتغيرات تكرارية أن في تشكيلة منظومة تؤدي إل������ى انزياح هذه

التش������كيلة. أما الس������ابح ال������ذي اقترح������ه <ويزدم>،

فهو منصب)2( ميكن أن يتداخل ه������ذا وميكن ببع������ض. بعض������ه تقليص أرجل������ه أو زيادة طولها، وميكن أيضا توسيع أو تضييق

الزواي������ا التي بينها. يس������بح املنصب مبد قوائمه ونشرها وس������حبها وضم بعضها إلى بع������ض، وكلما كبر انحن������اء الزمكان

TAkING IT foR A SPIN )٭(angular momentum )1(

������ب عليه عادة )tripod )2؛ جه������از يقف عل������ى ثالثة قوائم وترككاميرة أو أدوات هندسية. )التحرير(

]قم بها بنفسك[اعتبره سبينا)٭(

إن الزمكان قرب األرض قريب جدا من كونه مس������طحا، ومن ثم ال تس������تطيع »الس������باحة« عبره كي تغير موقعك. بيد أن مبقدورك تغيير توجيهك من دون احلاجة إلى قوة خارجية )وهذا يشبه كثيرا قيام قطة تهوي من عل بفتل جسمها لتهبط على األرض واقفة على قوائمها(، وإليك طريقة لتجربة ذلك. ملشاهدة

.www.ScientificAmerican.com :الڤيديو انظر

اركع أو اجلس على كرسي

دوار، يفضل أال يكون من النوع الهزاز. أبعد ثقال حتمله بأن متد يدك بعيدا عن جسمك

)سيزيد الثقل األثر(.

اآلن، أعد الثقل إلى

موقعه االبتدائي بحيث يكون مساره مارا، قدر

اإلمكان، عبر محور الكرسي.

»ال ميكنك حتسني وقفتك بنفسك من دون مساعدة من

أحد، ولكن مبقدورك القيام بهذا التحسني

بتحريك قدميك بطريقة إيقاعية.«

]MIT ويزدم>، ]من املعهد .J>

يتحرك الكرسي باجتاه وضعه االبتدائي،

ويتم جزءا من الدورة التي قطعها بعد بدء دورانه، ولكن يجب أن تنتهي في وضع

مختلف عن ذاك الذي انطلقت منه. إن إعادة هذه احلركة ميكن أن تؤدي إلى قيامك بدورة

كاملة إذا كنت والكرسي متوازنني جيدا.

ر الثقل حول جسمك إلى دواجلهة املقابلة، مبقيا ذراعيك

ممدودتني طوال الوقت. وللحفاظ على االندفاع الزاوي)1(، يجب أن يدور الكرسي )وأنت عليه(

إلى اجلهة املقابلة أيضا.

Page 12: may-june-2010

11 (2010) 6/5

حي������ث يوج������د املنصب، اتس������عت إزاحته بتأثير تتالي هذه احلركات.

أهي مخالفات حركية؟)٭٭(في الوهل������ة األولى، قد يكون من املدهش معرفة أن إمكانية الس������باحة نتيجة مباشرة لقوانني االنحفاظ األساس������ية، وليس انتهاكا له������ا. فالس������باحة ممكنة في فض������اء منحن بس������بب عدم توفر تعريف غي������ر مهم ملفهوم مركز الثقل. لنفت������رض أن لدينا ثالث كرات وزن كل منه������ا كيلوغرام واح������د، وكل منها موض������وع على أحد رؤوس مثلث متس������اوي األضالع. يقع مركز ثقلها في فضاء مسطح في املركز الهندس������ي للمثلث. ومع أنه ميكن حس������اب موقعه بطرائ������ق مختلفة فأي طريقة منها تعطين������ا النتيجة نفس������ها. ميكنك مثال إيجاد النقطة املتساوية املسافات عن الكرات

الث������الث، أو ميكنك االس������تعاضة عن كرتني منهما بكرة واحدة تزن كيلوغرامني موضوعة في منتصف املسافة بينهما، ومن ثم حساب مركز ثقل تلك الكرة مع الكرة الثالثة )النقطة الواقعة في ثلث املس������افة على املستقيم الذي يصلها بالك������رة الثالثة(. وفي جميع احلاالت حتصل على النتيجة نفس������ها. هذه احلقيقة الهندس������ية تنس������حب إلى حقيقة عن دينامية املنظومة تنص على أنه ال ميكن أن يتس������ارع

مركز ثقل منظومة معزولة.ولكن مثل تلك الطرائق املختلفة للحسابات على سطح منحن قد ال تعطي النتيجة نفسها. لنتصور مثلثا رؤوس������ه ثالث كرات متساوية

BEYoND NEWToN )٭(Moving Violations? )٭٭(

lense - Thirring effect )1(wormholes )2(

the Global Positioning System (GPS) )3(the orbital period )4(

pulsar )5(the Gravity Probe B )6(

]شذوذات أخرى[إلى ما بعد نيوتن)٭(

منذ عهد بعيد، تنبأت نظرية النسبية العامة بعدة نتائج ليس لها ما مياثلها في نظرية التثاقل النيوتني، إضافة إلى الظواهر احلديثة التي لم تكتشف بعد في السباحة واالنزالق الزمكانيني.

النتيجة

متدد الزمن التثاقلي

موجات تثاقلية

مفعول العاملني <J. لنس> و

<H. ثيرينگ>)1(

ثقوب دودية)2(

الوضعالنظريةالتفسيرمثال

سيدة تسافر قرب ثقب أسود؛ إنها تصبح

أصغر سنا من شقيقها التوأم الذي يظل مقيما

على األرض.

موجات ثقالية تنتشر من نظام جنم مضاعف

بسرعة الضوء.

ساتل قرب األرض يشعر بقوة جتذبه

باجتاه دوران األرض حول محورها.

طريق مختصرة افتراضية تصل بني

منطقتني مختلفتني من الفضاء.

مير الوقت ببطء أكثر في حقل تثاقلي قوي.

املوجات التثاقلية هي اهتزازات مسافرة لهندسة الزمكان، كما لو كان الزمكان نفسه خاضعا

لذبذبات االنضغاط والتمدد.

مثل كرة تدوم في مادة لزجة، وهي مادة تدور محوريا وجتر

الزمكان ذاته بقدر ضئيل.

ثمة أنواع افتراضية غير عادية من الطاقة توفر زمكانا منحنيا

سلبا، وهذا مطلوب لتكوين بنية ذات ثقوب دودية.

توصل إليها <A. آينشتاين> جت خالل أبحاثه التي تو

بنظرية النسبية العامة.

من الواضح أن معادالت نظرية النسبية العامة تسمح

وضوحا بوجود موجات، بيد أنه من الصعب القيام

بتحليل دقيق لهذه املوجات.

تنبأ بها <J. لنس>و<H. ثيرينگ> عام 1918.

نوقشت في وقت مبكر يعود إلى عام 1916؛ وقد بني الباحثون عام 1988

أن نظرية النسبية العامة تسمح بوجود ثقوب دودية

ميكن اجتيازها.

تستعمل في التقانة: فنظام حتديد املواقع العاملي)3( يجب أن يسمح بتمدد الزمن التثاقلي لدى توقيت

إشاراته ليحسب املواقع بدقة.

لوحظ، بطريقة غير مباشرة، في سبعينات القرن املنصرم: إذ إن املدور املداري)4( لنباض)5( وجنم ر الزمن كما نتروني يكونان نظاما ثنائيا يقص

لو كان متوقعا، وذلك بسبب إصدار املوجات التثاقلية. وتسعى جتربة LIGO، مع غيرها من

التجارب، إلى احلصول على أرصاد مباشرة لتلك املوجات التثاقلية.

في الشهر 2009/2 أعلن الباحثون أن الساتل املسمى مجس الثقالة B)6( كان منسجما مع التنبؤ،

بارتياب جتريبي قدره 15 في املئة.

مازال األمر يتسم بنسبة عالية من التخمني؛ ويعتقد معظم الفيزيائيني أنه لن يعثر على هذه

الثقوب البتة.

Page 13: may-june-2010

12(2010) 6/5

وزن������ا، وموضوعة في مدن جميعها قريبة من خط االستواء، مثل سنغافورة ودكار وتاهيتي. تقع النقطة املتس������اوية املسافات عن كل من الك������رات الثالث قرب القطب الش������مالي. أما إذا اس������تعيض عن الكرتني املوضوعتني في سنغافورة ودكار بكرة أثقل منهما ووضعت بينهما، ثم حسب املوقع على الدائرة العظمى املوجود على ثلث املسافة من هذه الكرة إلى تل������ك التي في تاهيتي لوجد أنه يقع قريبا من خط االس������تواء. لذا، فإن »مركز الكتلة« على س������طح منحن غامض. وتؤك������د هذه احلقيقة الهندس������ية إمكانية حركة منظومة في فضاء منحن حتى حينما تكون املنظومة معزولة عن

أي تأثيرات خارجية.وتبرز أيضا مواضيع دقيقة أخرى. مثال، تتضمن الواجب������ات البيتية املتعارفة واملقررة لطلبة الفيزياء مسائل تتناول إيجاد احملصلة النهائية جلمع القوى املؤثرة في جسم. يعبر طلبة الفيزياء عن هذه القوى مبتجهات ترسم ممثلة بأس������هم. وجترى عملية جمع متجهني بأن يخضع الس������هم املمثل ألحدهما لعملية انس������حاب إلى أن يصبح مبدؤه منطبقا على نهاية الس������هم املمثل للمتج������ه اآلخر. أما في فضاء منح������ن، فهنالك م������آزق إذا اتبع هذا النهج التقليدي، إذ قد يتغير منحى متجه إذا طبقت عليه العملية السابقة. لذا، فإن اإلجراء املتبع حلساب القوة الكلية املؤثرة في جسم ف������ي فضاء منحن أعقد كثي������را، إذ ميكن أن

يترتب عليها أمور غريبة كالسباحة مثال.رمبا تبدو بع������ض نتائج التثاقل النيوتني مش������ابهة للوهلة األولى للسباحة الزمكانية. فمثال ميكن لرائد فض������اء عند دورانه حول األرض تغيي������ر مس������اره بأن يتمط������ى طوليا ويتكور على هيئة ك������رة في مراحل مختلفة. ولكن ه������ذه النتائ������ج النيوتني������ة مختلفة عن السباحة الزمكانية )في الزمكان(، فحدوثها ممكن بس������بب أن احلقل التثاقلي يتغير من موقع إلى آخر. إضاف������ة إلى هذا، فإن على الرائ������د توقيت حركات������ه تل������ك، مثلما يفعل شخص على أرجوحة لتسريع تأرجحه. ومن

ثم، فإنه ال يس������تطيع تغيير مساره النيوتني بتكرار س������ريع حلركات صغيرة جدا، ولكن رائد فض������اء في زم������كان منحن يس������تطيع

السباحة بهذه الطريقة نفسها.إن إمكانية الس������باحة الزمكانية لم تسترع إليها انتب������اه أحد مدة تقارب تس������عني عاما، وهذا يذكرنا بنظريات آينشتاين التي مازالت غير مفهومة متام الفهم. ومع أن من املستبعد إنشاء صاروخ سابح، في أي وقت قريب، ولكن الفيزيائ������ي <F. ويلتزك> ]احلاصل على جائزة نوبل، والذي هو أيضا من املعهد MIT[ أشار إلى أن نتائج أبحاث <ويزدم> تثير تس������اؤالت

بالغة العمق حول طبيعة املكان والزمان.وبوجه خاص، فإن الكتش������افات <ويزدم> صلة بتس������اؤل قدمي العهد ومثير للجدل هو: هل الفضاء جسم مادي )وهو موقف فلسفي يسمى املادوية)3((، أم إنه مجرد أداة مفاهيمية مالئمة للتعبير عن العالقات بني األجسام )وهو

موقف فلسفي آخر يسمى العالئقية)4((.وبغي������ة توضي������ح وجهتي النظ������ر هاتني، لنتصور السيد <إيڤرارد> وهو يعوم في كون خال متاما. ليس������ت هنالك جنوم وال مجرات يهت������دي بها كنقاط مرجعي������ة لتقدير حركته. وفي عام 1893، ح������اج <E. ماخ> ]الفيزيائي والفيلس������وف ذو النزعة العالئقي������ة[ في أن مفه������وم احلركة في ذل������ك املوقف يغدو عدمي املعن������ى. ومع أن فضاء خاليا متاما قد يكون منحنيا، فإنه يتيح للس������يد <إيڤرارد> القدرة

على السباحة خالله.يبدو إذن، أن الزمكان يعمل مبنزلة مائع يس������ند إليه تعري������ف حركة جس������م معزول. وامتالك الفضاء اخلالي متاما بنية هندسية واضح������ة يقدم دعما آخ������ر ملصلحة املادوية. وم������ع ذلك، وف������ي الوقت نفس������ه، فاملادة )أو أي ش������كل آخر للطاقة( هي التي تضفي إلى

Eduardo Guéron

أستاذ مشارك في الرياضيات التطبيقية بجامعة federal University of ABC في «ABC Region» البرازيل )تقع املنطقةعلى حدود مدينة سان باولو(. حصل <گيرون > على الدكتوراه من جامعة

كامپيناس احلكومية)1( بالبرازيل عام MIT 2001، وكان أستاذا زائرا في املعهدمن عام 2003 إلى عام 2004. وهو يدرس

التثاقل والنظم الدينامية)2( ومسائل أساسية في الفيزياء العامة.

املؤلف

the State University of Campinas )1(dynamical systems )2(

)Substantivalism )3؛ نزعة فلس������فية تدع������و إلى إضفاء وجود مادي إلى األشياء.

)relationalism )4؛ نزعة فلسفية تركز على العالقة بني األشياء، ال على األشياء ذاتها.

»A hole at the heart of Physics,” :انظرby George Musser;

Scientific American, September 2002 )التحرير(

Page 14: may-june-2010

13 (2010) 6/5

الفضاء م������ا ميتلكه من بنية هندس������ية، لذا، فالزمكان ليس مس������تقال عن محتوياته، وهي نقطة في مصلحة العالئقية. إن هذه املناظرة، التي تبرز في احملاوالت إلنشاء نظرية موحدة

للفيزياء، مازالت من دون حل.

على أجنحة الزمن)٭(جلس الس������يد <إيڤ������رارد> - بعد اجلهد املره������ق ال������ذي بذله ف������ي الس������باحة للعودة إل������ى مركبته الفضائية - ك������ي يرتاح داخل قمرت������ه تاركا مهمة التخطي������ط لطريق العودة إلى األرض للطيار اآلل���ي)1(. وفج��أة انط�لق اإلنذار وأخذت األض������واء احلمراء بالتوهج، وهذا يشير إلى أن املركبة كانت تسقط على كوكب كبير الكتلة. ابتهج الس������يد <إيڤرارد> بهذه الفرصة التي تتيح له اكتشافات جديدة ومثيرة، ولكن الهبوط على هذا الكوكب ميثل حتديا، إذ لم يكن في املركبة س������وى قليل من الوق������ود ال يكفي لهب������وط معتمد على الطاقة، ثم إن الكوكب خ������ال من غالف جوي، وهذا

يجعل مظلة الهبوط عدمية النفع.حلسن احلظ، تذكر <إيڤرارد> بحثا كتبته سنة 2007 باالشتراك مع زميلي <A .R. موسنا> ]املختص بالفيزي������اء الرياضياتية من جامعة والية كامپيناس ف������ي البرازيل[. توصلنا في بحثنا هذا - بإلهام من مثال <ويزدم> - إلى طريقة أخرى الس������تغالل النسبية العامة في التحكم في احلركة. يدل حتليلنا على إمكانية جسم إبطاء هبوطه نحو كوكب، مثال، بتكرار حركات مد وتقليص بأسلوب التناظري - أي إن حركة املد أسرع من حركة التقليص. فإذا جهزت مركبة بجهاز يعمل بذلك األس������لوب، فإنها تنس������اب مثل طائرة شراعية حتى في

حالة انعدام الهواء.في هذه احلالة، توجد صلة لهذه النتيجة بالصفات الزمانية، ال املكانية، للحركة. وتسلط ه������ذه الصلة األضواء عل������ى واحد من أعمق جوانب نظريات آينش������تاين، أال وهو االرتباط بني املكان والزم������ان. ففي امليكانيك النيوتني يعني الفيزيائيون احلوادث باس������تعمال ثالثة

م������كان وقوعها، وإحداثي إحداثيات لتمثيل واحد لتمثيل زمن حدوثها. ولكن يبقى عندهم مفهوما املكان والزمان أحدهما مس������تقل عن اآلخر. أما في النسبية اخلاصة، فاملفهومان متش������ابكان متاما؛ إذ إن راصدين متحركني بس������رعتني مختلفت������ني رمب������ا ال يتفقان على قياساتهما للمس������افة بني احلادثني وال على وق������ت حدوثهما، لكنهما يتفق������ان على وجود رابطة ما ب������ني املكان والزم������ان. ومع أنهما يعدان الزم������ان واملكان منفصلني ومختلفني،

فإنهما يريان الزمكان نفسه.أما ف������ي النس������بية العامة، فتغ������دو بنية الزمكان مشوهة )منحنية(. ومن نتائج البنية املنحنية قوة الثقالة التي تشعر بها حواسنا. وفي ح������ني تتضمن الثقال������ة النيوتنية املكان relativistic فقط، ف������إن الثقال���ة النس���بويةgravity تتضمن الزمان أيضا. ويؤدي تشوه

كل م������ن املكان والزمان إل������ى نتائج مثل تلك املسماة جرا هيكليا)2(، أي إن كل جسم يدور حول نفسه )كاألرض مثال( يؤثر بقوة ضئيلة باجتاه دورانه في األجسام األخرى املجاورة )كالس������واتل التي تدور ح������ول األرض، على سبيل املثال(. وبعبارة تعوزها الدقة نقول إن األرض الدوامة)3( جتر معها الزمكان نفس������ه بقدر ضئيل. وبوجه أعم، فإن س������رعة حركة كتلة تؤث������ر في احلقل التثاقل������ي الذي تولده احلرك������ة. واجلر الهيكلي واالنس������ياب )مثل حركة الطائرة الش������راعية( كالهما مثال على

هذه الظاهرة.ويحدث أثر الس������باحة نتيجة للهندس������ة الالإقليدية، أما االنس������ياب النس������بوي فهو نتيجة لك������ون امل������كان والزمان غي������ر قابلني لالنفص������ال أحدهم������ا عن اآلخ������ر. وقد تظل ظواهر أخرى على ش������اكلتها بحاجة إلى أن تدرك وتفه������م عندما حتل املع������ادالت املهمة لنظرية النسبية العامة. ومن املؤكد أن للسيد <إيڤرارد> ولطلبة آخرين مزيدا من املغامرات التي يتعني عليهم القيام بها. <

مراجع لالستزادة

Scientific American, August 2009

on the Wings of Time )٭(autopilot )1(

frame dragging )2(spinning Earth )3(

Page 15: may-june-2010

14

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

أموال حقيقية من عوالم افتراضية)٭(ن أرباب األعمال في العالم ك ألعاب حاسوبية من صنع اخليال متاحة )على اخلط()1(، تمالنامي من كسب عيشهم عن طريق مقايضة خواب من الذهب الوهمي مقابل أموال نقدية.

>R. هيكس<

مفاهيم مفتاحية< ظهر نوع جديد من اخلدمة

ي احتياجات احلاسوبية يلبن ميارسون ألعابا املاليني مم

ة على اإلنترنت، من خياليقبيل اللعبة »عالم صناعة .World of Warcraft »احلرب

< يجمع الالعبون، الذين يطلق عليهم اسم »مزارعو الذهب«،

ة يقايضونها أمواال وهميالعبني آخرين مقابل آجر

ي. ماد

< تنطوي هذه اللعبة املثيرة للجدل على انتهاك لقواعد اللعب املتعارفة، غير أنها أضحت وسيلة ملئات آالف الالعبني في العالم النامي

لكسب أجور تضاهي أجور عمال املصانع.

رو ساينتفيك أمريكان محر

يبدو األمرم وكأنه سؤال رقمي خليميائي)2( لم ذهبا افتراضيا إلى alchemist: كي������ف حتوذهب حقيقي؟ س������ؤال وج������د له مئاتم اآلالف من »مزارعي الذه���ب«)3( في البلدان النامية جوابا يعود عليهم بالربح اجلزيل؛ فأصبحوا أرباب أعمال يكس������بون عيش������هم عن طريق أرباح يجنونها من ألعاب حاسوبية مباشرة على اخلط. وبقيامهم بأدوار خيالية في هذه كاز)4( األلعاب، كقتل وحوش أو التنقيب عن الرلون أو االنخ������راط في أعمال أخ������رى، يحصمنها »ذهبا افتراضيا«، ومن ثم يعمدون إلى بيعه لالعب������ن آخرين، رمبا م������ن دول غنية، مقابل مبال������غ نقدية حقيقية. ومع ما في هذا من خرق لقواع������د القبول واملعايير املتعارفة، ف������إن املتعاطن بهذه املبالغ الوهمية - بائعن ومشترين - يستعملون الذهب لتقرير مصير

شخص في هذه األلعاب اخليالية.وهكذا يستطيع »مزارع ذهب« في الصن، ميارس هذه األلعاب ويبيع العملة االفتراضية، كس������ب أجر يعادل، ب������ل يتج������اوز أحيانا، ما مى في مصنع يتقاض������اه من جتميع قط������ع الدمقاب������ل عمل 12 س������اعة يوميا. فاس������تتبع ذلك ب������زوغ ه������ذه الظاهرة في الس������نوات العش������ر املاضي������ة باعتبارها أس������لوبا بارع������ا )مع كونه مثيرا للجدل( يتيح للدول الفقيرة كس������ب املال من تقانت������ي املعلومات واالتص������االت، وللعمال الفقراء بناء مهارات رقمي������ة قد تمنقل فيما بعدم إل������ى فعاليات أخرى من التقان������ة املعلوماتية ال

تت إلى األلعاب بصلة.وفي غض������ون بضع س������نوات فقط غدت

»زراعة الذهب« عمال ضخما. وتشير أفضلم التقديرات إلى أن آس������يا، والس������يما الصن حيث يقيم معظمم مزارعي الذهب، تس������تخدم أكثر من 000 400 العب يقضون أيامهم في جمع »الذهب«. وقد يبلغ مجملم قيمة التجارة بالذهب االفتراضي بليون دوالر على األقل، علما ب������أن ما ال يقل عن 10 مالين العب في ش������تى أنحاء العالم يقومون بشراء »الذهب« أو اخلدمات من مزارعن يس������اعدونهم على

االستمرار مبمارسة اللعبة.وفي حن كان������ت زراعة الذهب في املاضي ن ال ميارسون األلعاب أمرا ش������به محجوب عماحلاسوبية، فقد باتت اليوم محط اهتمام خبراء االقتصاد وعلم االجتماع، باعتباره صلة وصل يتقاطع عندها الغني مع الفقير، واحلقيقي مع االفتراضي. وقد أظهر األكادمييون ووس������ائلم اإلع������الم اجلماهيري������ة ف������ي الس������نوات القليلة املاضي������ة افتتانا بدينامية األلع������اب التي تثل ك بس������رعة كبي������رة - إذ عوال������م صغيرة تتحرتتغير س������يرورةم الالعبن، أفرادا ومجموعات، صعودا وهبوطا في غضون أيام أو أس������ابيع، وليس على مدى عقود أو قرون تثل فس������حة م������ر إنس������ان أو مجتم������ع بكامل������ه. وأراني عمشخصيا أصبحتم مغرما بزراعة الذهب بعد ار ذهب افتراضين أن قابلت -م عرض������ا - جت

REAL MONEY FROM VIRTUAL WORLDS )٭(online fantasy games )1(

ل املعادن عم أنه������ا حتو )2( ملش������تغل بالكيمي������اء القدمية التي زماخلسيسة إلى ذهب.

gold farmers )3()4( ما حتتويه األرض من املعادن في حالتها الطبيعية. )التحرير(

Page 16: may-june-2010

15 (2010) 6/5

في أثناء ممارستي ألعابا حاسوبية خيالية على اإلنترنت. وانتهت بي صلةم هذه التجربة مبجال خبرتي في التنمية الدولية إلى منحى جديد من البحث، هو استكش������اف اجلوانب االجتماعية

واالقتصادية لتجارة الذهب هذه.

كيف تعمل املنظومة)٭(تقع صناع������ةم زراعة الذهب أساس������ا على أطراف عالم األلعاب احلاس������وبية التي تمعرف اختص������ارا باس������م MMORPGs)1( )يقوم فيها عدد كبير من الالعبن بأدوار على اخلط( مثل .EverQuest II واللعبة World of Warcraft اللعبةومن ش������أن هذه األلع������اب ال أن تخلمق لالعبيها على الشاش������ة عاملا افتراضي������ا - يضم منازل ومشاهد طبيعية وشخصيات خيالية )كاألقزام والعفاري������ت( - فحس������ب، بل له������ا أيضا نظام

اقتصادي افتراضي.له وبإم������كان الذه������ب الوهمي ال������ذي يحصالالعبون أن يشتري الدروع واألسلحة، والغذاء والدواء، أو أن يتخذ حصانا أكبر س������رعة، أو مركبة فضائية أرقى جتهيزا، وذلك تبعا للبيئة التخيلية اخلاصة باللعبة. ويستطيع الالعبون، بقتله������م اخلص������وم )م������ن الوح������وش وغيرها( كاز وقطعهم األخش������اب وغير وتنقيبهم عن الر������وا مخزونهم اخلاص من الذهب. ذلك، أن ينموكما في العال������م الواقعي، فإن جمع الثروة قد يكون عملية مملة طويلة رمبا تس������تغرق أسابيع أو ش������هورا، ومن ثم فقد عم������د بعضم الالعبن

How It Works )�(لمع������ب ،massively multiplayer online role-playing games )1(حاسوبية يأخذ فيها املشاركون أدوار شخصيات يتفاعل ها مع بعض. وغالبا ما تكون مواضيعم هذه اللعب من بعضمالنوع اخليالي أو اخلي������ال العلمي، ولها قواعد يتعن على ها. )التحرير( جميع الالعبن اتباعم

»الالعبون الكادحون« لقب يطلق على أولئك الذين يثرون عن طريق جمع »ذهب« يستعمل لشراء أسلحة وغيرها في ألعاب حاسوبية متارس على اخلط، يفدون عادة

ون مبئات اآلالف. من آسيا ويعد

Page 17: may-june-2010

16(2010) 6/5

األثري������اء فعال في عالم الواق������ع إلى خيار آخر كثيرا م������ا يتبعه الناسم عن������د اضطرارهم إلى تنظيف منازلهم أو غس������ل س������ياراتهم، ويتمثل باس������تخدامهم مزارعي الذهب - بدال من خدم

املنازل - ألداء أعمالهم غير املستحبة.خ������ر »املزارع������ون« العملة، فقد أما وقد ادصاروا اآلن مهيئن لبيع هذه الثروة االفتراضية مقابل مبالغ مالية حقيقية، على واحد من آالف ق البضائع االفتراضية مواقع وب التي تس������والس������تعمالها في األلعاب احلاس������وبية. وتمبرم الصفقةم ع������ادة عن طريق اخلدم������ة PayPal أو غيرها من اخلدمات التي تقوم بتحويل املدفوعات مباشرة إلى شركات زراعة الذهب. وقد يصل األمرم إلى شراء نقد أجنبي في عالم افتراضي. ففي اللعب������ة World of Warcraft، األكثر رواجا ب������اع 1000 وحدة ذهبية مقابل نحو 10 حاليا، تمدوالرات، أي مبا يعادل س������عر صرف يساوي

تقريبا ينا يابانيا واحدا في مقابل دوالر.وما أن يتم تس������ديد املبل������غ احلقيقي يلتقي د في عالم الش������اري والبائع ف������ي مكان مح������داخليال، حيث يس������لم املزارعم العملة املفترضة إلى الش������اري. ومع أن »املزارعن« يكس������بون معظ������م ثرواتهم ع������ن طريق بي������ع الذهب، فإن بوس������عهم أيضا االنخ������راط في عملي������ة »روز مستوى القدرة«)1(، فينتحلون شخصية الزبون ذي املس������توى املنخف������ض )الضعي������ف، القليل البراعة(، ويرتقون بها إلى مستويات عالية من الصح������ة والقوة والبراعة. فعلى س������بيل املثال،

يكلف االرتقاءم من املس������توى 1 إلى املس������توى 50 ف������ي اللعب������ة Lord of the Rings Online نحو

ص 150 دوالرا. وف������ي بعض األحي������ان ال يتقم

ون بدال املزارعون ش������خصية الزبون، ب������ل يؤدمن ذلك دور املمراف������ق الذي يالزم الالعبن في جتاوز مهام تنطوي على صعوبة أو غرر، كمن را جبال الهيمااليا. يستأجر شيرپ�يا)2( لبلوغ ذم

ما قبل تاريخ الزراعة االفتراضية)٭٭(������ار بالذهب االفتراضي إن إي������رادات االجترمبا تعادل نصف العوائد التي جتنيها شركاتم ������ها من اشتراكات الالعبن، التي األلعاب نفسملنا لية. أما كيف توص تؤلف نفقات الالعب األوإلى هذه النقطة، فقد اكتش������فتم - في س������ياق دراس������اتي - أن صناع������ة زراع������ة الذه������ب قد ر املنظومات رت على نحو يش������به كثيرا تطو تطواالقتصادية في عالم الواقع: بدءا من املقايضة

دة للتجارة العاملية. وانتهاء بتكوين وب معقكان������ت اللعب������ة (MUD))3(، الت������ي أطلقتها جامعةم إيس������يكس بإنكلترا س������نة 1978، أولى ألع������اب املجموع������ة MMORPG. وإذ تمعد هذه اللعب������ةم عموما رائ������دة األلعاب احلاس������وبية احلديث������ة جميع������ا، فقد أتاح������ت - بنموذجها

4 دوالراتمتوسط أجر العمل بالقطعة عن كل

1000 وحدة من »الذهب« املتحصل في .Warcraft اللعبة

يتراوح ما بني000 60 و 000 100

عدد »مزارع الذهب« في العالم.

150 دوالرامتوسط الراتب الشهري ملزارع الذهب

في الصني.

من مئة ألف إلى مليونهو العدد التقديري »ملزارعي الذهب«.

50 مليوناعدد املمارسني لأللعاب احلاسوبية

على اخلط حول العالم )منهم 20 مليون العب باكتتاب(.

A Geography of Gold Farming )٭(Prehistory of Virtual Agriculture )��(

)power-leveling )1؛ اختبار أو فحص مستوى القدرة.)Sherpa )2: أحد أفراد الش������عب التيبيت������ي، ويتميز بحذقه في

تسلق اجلبال وإرشاد املتسلقن.)3( Multi-User Dungeon )التحرير(

]دليل جغرافي[املعالم اجلغرافية لزراعة الذهب)٭(

لقد برزت الدول النامية، والسيما الصني، مواطن نشطة »ملزارعي الذهب« )اللون

الزهري( الذين يقايضون سلعا افتراضية جمعت من ممارسة ألعاب حاسوبية

على اخلط مقابل نقد حقيقي. وغالبا ما ص شركات املقايضة - ومقارها تتخص

بشكل عام في املدن - بحصر فعالياتها في األسواق احمللية أو اإلقليمية أو العاملية.

بدأت الصناعة الصينية بعرض خدمات رخيصة للسوق الكورية، ولكنها

عت لتصبح عاملية النطاق. سرعان ما توسوما زال عدد من البلدان - ومنها الهند، املعروفة مبؤسساتها التجارية العاملة

بوساطة مراكز التنسيق الهاتفي - مقتصرا على خدمة السوق احمللية فقط.

Page 18: may-june-2010

17 (2010) 6/5

لون بعض املال ع������ن طريق بيع ������ن يحص ممأشياء إضافية، ما زالوا موجودين اليوم في ة cybercafes في ���يبري مقاهي اإلنترنت الس

الهند وإندونيسيا.وفي ع������ام 1997 وقعت حادثت������ان كان من شأنهما نقل هذا الركود االقتصادي إلى املرحلة ر الصناع������ي االفتراضي: التالي������ة من التط������و Ultima أموالهم������ا إطالق اللعب������ة احلاس������وبيةOnline، التي أصبحت بحق اللعبة احلاسوبية

املباشرة املبتكرة التي حتظى بإقبال جماهيري واس������ع؛ وثانيتهما انطالق املوقع eBay، موفرا طريق������ة للتب������ادل رخيصة التكلف������ة. وقد أدرك بس������اتنة أس������واق الذهب شيئا فش������يئا أن في د وس������عهم إصابة أموال أجزى بكثير من مجررز ب������ن احلن واآلخر، ومن ثم مبالغ نثرية حتمصون باس������تحواذ م������واد ونقود أخذوا يتخصزين حصرا على ها، مرك افتراضية ميكنهم بيعمصهم، بل ومتخلن في بعض احلاالت لعبة تخصغا لتحصيل الذهب عن أش������غالهم األخرى، تفراالفتراضي. وبذلك أصبح هؤالء الالعبون، الذين هم في البلدان الغربية بخاصة، هم يغلب وجودم������ن. وكانوا في ������دي الذهب احلقيقي اد متعه روذلك مكافئن حلرف������ي حاذق، أو لنموذج إنتاج في صناعة األكواخ. فكلما انطلقت لعبة جديدة على اخلط، كانت العملةم واألس������لحة، أو سوى eBay ذلك من الكيانات، متاحة للبيع على املوقع

في غضون بضعة أسابيع.)subsistence farming )1، التي تفي فقط مبعيشة املزارعن.

real-money trading )2(

من 200 مليونإلى 3 باليني دوالر

إجمالي املبلغ التقديري لألموال احلقيقية املعروضة للمقايضة في العالم

)»زراعة الذهب« وغيرها من السلع صة واخلدمات االفتراضية غير املرخ

على اخلط(.

400 دوالرتكلفة روز )تقدير( مستوى القدرة

)للوصول إلى املستوى 75 في اللعبة .)Final Fantasy XI احلاسوبية

1.3 مليون دوالرهو أعلى مبلغ جمعه مزارع ذهب على

مدى سنتني.

13.50 دوالرسعر الصرف )دوالرات مقابل ذهب

افتراضي( ل�5 ماليني قطعة ذهبية في .RuneScape اللعبة احلاسوبية

من 4 ماليني إلى12 مليونا

العدد التقديري لزبائن خدمات زراعة الذهب.

إن حتى الذهب، زراعة مؤسسات من الكثير ز متي املكان وضيق باالكتظاظ سمة املت العمل ظروف بة لتسجيل ق على العاملني إجراءات شكلية كاستعمال ميقاتية الدوام والبطاقات املثق بعضها يطب

ساعات دوام العاملني الطويل على لوحة املفاتيح.

عاته������ا األول������ى - لكثير من األصل������ي وتفرالالعبن االجتماع ف������ي عالم على اإلنترنت، ر املعلومات عن األشخاص وإن كان عاملا يوفوالالعبن واألشياء في سياق النص فقط. أما MUD ر االقتصادي، فإن العبي في نظام التطوهم في مرتبة املشتغلن بزراعة الكفاف)1( في preindustrial املجتم���ع م���ا قب���ل الصناع���يsociety؛ حيث يمنتج الالعبون ألنفس������هم فقط

ويستهلكون ما ينتجون.وكما هو احلال في مجتمع منوذجي لزراعة الكف������اف، فقد بدأت املقايض������ة مقابل مفردات وهمية ذات قيمة. فلو أنن������ي جئتم مثال بقالدة من الكهرمان زائدة، وكان في حوزتك س������يف فائض، لكان بإمكانن������ا التبادل فيما بيننا. )بل يق������ال أيضا إن الذك������ور من الالعب������ن كانوا مبا ال مون قطعا نادرة لالعبات، على أمل - رم يقدرت يتحقق - باستجابة عاطفية أو مادية.( وتطول قطع وهمية املقايضةم حتى بدأت تش������مل تبادمقت ف������ي مرحلة ما من م������ن الذهب، ثم إنها حقملة ثمانينات القرن املاض������ي قفزة نوعية من عماعتبارية إلى عملة حقيقي������ة؛ فانبرى الالعبون لتقدمي نقد حقيقي مقابل أش������ياء غير ملموسة. ������ر ع������ن ذل������ك، باس������تعمال املصطلحات ويمعب������لع االفتراضية أصبحت االقتصادية، بأن السذات قيم������ة مالية قانونية. وبالفعل غدا مصطلحم ���ار باألموال احلقيقية« (RMT))2( يعني »االتاليوم االس������تعاضة عن النقد احلقيقي بأموال

ومفردات وخدمات افتراضية.ارم باألموال احلقيقية على مدى استمر االجتالثمانينات والتس������عينات من القرن العش������رين، حيث بات من املمكن تس������مية العبي تلك احلقبة gold-market »بس������اتن��ة أس�����واق الذه���ب«������عوا ف������ي مجال gardeners، إذ إنه������م توساملقايضة، فراحوا يبيع������ون ذهبا افتراضيا كنش������اط إضافي لهم، مبا يش������به عامال في مصن������ع يقضي ج������زءا من وق������ت فراغه في فالحة حديقة للخضراوات في الفناء اخللفي ملنزل������ه، ويبيع محصوله لكس������ب بعض املال اإلضافي. وفي حن ما زال أولئك الالعبون زون على اجلوان������ب الترفيهية من اللعبة يركفي املقام األول، فإن املمارس������ن لها جزئيا،

Page 19: may-june-2010

18(2010) 6/5

FARMER-SPEAK )٭(The Golden Age of Gold Farming )٭٭(

أسلوب احلياة الصارم ز ف هو ما ميي املتقشعالم مزارعي الذهب، الذين مينحون سكنا ني في وطعاما مجاني

مساكن أشبه بالثكنات العسكرية، مقابل

ساعات عمل طويلة قد تصل إلى 12 ساعة

يوميا، 7 أيام أسبوعيا، وأجر ال يتجاوز 50

سنتا عن الساعة.

مصطلحات عالم زراعة الذهب)�(

دة لأللعاب تولد احلقائق البديلة املعقاحلاسوبية املباشرة )على اخلط(

لغة اصطالحية متداخلة خاصة بها. واألمثلة التالية تصف عمليات تتصل

»بزراعة الذهب«.

Botting: نشر شخوص افتراضية مؤمتتة

ف تسمى »bots«، تتصرتلقائيا كما لو كانت

م بشري. رة بتحك مسي......................................

Nerfing: إجرائية ذت حصل إذا ما نف

انخفاض في قيمة أو قدرة بعض الفعاليات

املتصلة بزراعة الذهب.

......................................

:Ninja lootingاقتناص املوارد على

نحو يخرق قواعد الروح الرياضية

الصاحلة، كانتزاع غنيمة )»loot«( من

وحش مقتول قبل أن تبت مجموعة الالعبني

بطريقة توزيعها.......................................

:Spawn campingقناة تنقيب ملورد

د تلقائيا مأمول، تتجدرة سلفا. بعد فترة مقدهم مزارعو الذهب ويت

أحيانا بالتربص لالستيالء على املورد

د. املتجد

طريق اس������تقدام يد عامل������ة خارجية ألداء هت أعمال التزويد األساس������ية فيها. واجتبطبيعة احلال إلى شرق آسيا، مبنظومتها من اليد العامل������ة الرخيصة املاهرة القابلة ربة سريعا، وببنيتها التحتية الكتس������اب الدالواس������عة واملتنامية. وبرزت الصن بنوع خاص كأكثر البل������دان جاذبية، بالنظر إلى حج������م ومهارة الق������وة العامل������ة فيها، مما جعلها محط األنظ������ار لزراعة الذهب. وفي عام 2004 أصاب مزارع������و الذهب جناحا كبي������را وأرباحا مجزية م������ع انطالق اللعبة الت������ي ،World of Warcraft احلاس������وبية MMORPG أضحت أكثر ألعاب املجموعةجناحا وأوسعها انتش������ارا على اإلطالق. ر عددم املكتتبن الذين د وبحلول عام 2010 قمصوا دور إحدى الشخصيات وانخرطوا تقمفي مغام������رات عالم اخليال املس������مى عالم

أزيروث Azeroth ب�11 مليونا.وتن������زع أكبرم مزارع الذهب اليوم إلى صفة ������ص أكثر فأكثر، تام������ا كما هو حال التخصالزراع������ة والصناعة ف������ي أي مجتمع صناعي ر. فكثيرا ما يتخذ عدةم العبن لدى شركة متطوزراعة الذه������ب أدوارا مختلفة ضمن إطار لعبة ن������ة: فقد يتول������ى الصيادون مهم������ة اقتفاء معيالوح������وش وقتله������ا، ورمبا يق������وم العاملون في املصارف بخزن األصول ونقلها من مكان إلى ج »األدالء« خدمات زراعة آخ������ر، في حن ي������روالذهب لالعبن اآلخرين. ويالحظ، إضافة إلى ارا مستقلن بدؤوا يستغلون خدمات ذلك، أن جت

وش������هد ع������ام 1997 أيض������ا أزم������ة النق������د اآلسيوي، التي أرست أس������اس صناعة زراعة الذهب احلالية. وسعت احلكوماتم اآلسيويةم إلى اخلروج من األزمة باالستثمار على نطاق واسع في تقانتي املعلومات واالتصاالت. فأنشأ بعضم العاطلن ع������ن العمل مح������الت جتارية جديدة، كأكش������اك البي������ع العمومي������ة وغيره������ا، لتأجير حواسيب ش������خصية ملمارس������ة األلعاب عليها. وأس������هم ذلك في تنمية ثقافة راس������خة لأللعاب

احلاسوبية في شرق آسيا.

العصر الذهبي لزراعة الذهب)٭٭(وبحلول عام 2001 كان بعضم أرباب األعمال األمريكين في زراعة الذهب قد بدؤوا باجتذاب أصدقائه������م أو حتى باس������تئجار أي������د عاملة لكسب املال من هذه التجارة اجلديدة. وتطلع نفر منهم - والس������يما من لهم صالت أمس������رية خارجية - إلى بلدان تكون فيها التكاليف قليلة نس������بيا، كأمريكا الالتينية وآسيا. وفي الوقت نفسه، بدأ الكوريون اجلنوبيون بتحويل مقاهي اإلنترنت عندهم إلى مؤسس������ات لزراعة الذهب ،Lineage اة عن طري������ق اللعبة اخليالية املس������مالتي تعود إلى القرون الوسطى، وهي أول لعبة MMORPG من مجموعة األلعاب احلاس������وبيةال تنتمي إلى دولة غربي������ة. وما لبث التجارم أن أخذوا يبيع������ون العملة االفتراضي������ة - وتمدعى

أدينا adena - إلى العبن آخرين.ومع تنامي ش������ركات زراعة الذهب في الواليات املتحدة وآس������يا، فقد راحت تسير طى الش������ركة Walmart وغيرها من على خمنيت بخف������ض النفقات عن الش������ركات، فعم

Page 20: may-june-2010

19 (2010) 6/5

An Emerging Backlash )٭(Internet Gaming Entertainment )1(

Development Informatics )2(

أرخص فأرخ������ص ألداء أعمال ش������ركاتها، عة بذلك على إطالق مشروعات جديدة مشج

في ڤيتنام.

بادرة رد فعل)٭(غ������دت جتارةم زراعة الذه������ب أمرا مثيرا للنزاع، ألن جمع النق������د االفتراضي وبيعه مقابل أموال حقيقي������ة ينطوي على انتهاك لقواعد التعام������ل املقبولة واملتعارفة. ولهذا ق ألعابا السبب تسعى الشركاتم التي تسوحاس������وبية إلى وضع حد لزراعة الذهب، وذلك باتخاذ تدابير من قبيل حظر اللعب على األفراد

أو اللجوء إلى إقامة دعاو قضائية.وبص������رف النظر عن اجلوان������ب القانونية ر بع������ضم الالعبن إلى زراعة للموضوع، ينظمالذهب على أنها لعبة حاسوبية جائرة ال مراء في جورها، ألنها تخت������زل عملية جمع الثروة )التي تستغرق في العادة زمنا طويال( واالرتقاء تدريجيا إلى مستويات أعلى من اللعبة. كذلك دث اللعبةم تش������تيتا لذهن الالعب، ميكن أن حتمكم������ا تفع������ل رس������الة س������پامية )إعالنية غير مرغوبة( ت������رد على البري������د اإللكتروني. فمن ر نفسك فارسا من القرون الصعب أن تتصوالوس������طى تدافع عن مملكتك، في الوقت الذي ينهال عليك فيه وابل من النصائح تبرز أمامك على شاش������ة احلاس������وب، حتيلك إلى عناوين

على اإلنترنت تغريك بشراء ذهب.وفي الس������نوات األولى اعتادت ش������ركاتم األلعاب احلاس������وبية ومعظ������م الالعبن على التعامل مع زراعة الذهب باعتباره عامل إثارة ثانويا ال أكثر. ولكن هذا املوقف تغير مع تنامي لها إلى مؤسسة مزدهرة. هذه املمارسة وحتوت الش������ركاتم بإدخ������ال مزعجات من وقد رداملستوى األدنى مثل: حوادث عشوائية تتسبب في مهاجم������ة وقتل ال�»bots« )الش������خصيات رة، كالتنقيب عن ي مهام آلي������ة متكر التي تؤدم مباش������ر من ركاز املع������ادن، م������ن دون حتكالالعب(؛ وتخفيض قيم������ة مفردات وفعاليات يس������تعملها مزارعو الذهب، أو إزالتها نهائيا

مزارعي الذهب لإلثراء من دون أن ميارس������وا في الواقع لعبة واحدة بأنفس������هم؛ فهم يبيعون ويش������ترون شخصيات أو أدوات خيالية كما لو كانت صكوكا ومس������تندات مالية في سوق وول ستريت )سوق املال في نيويورك(. من ذلك مثال أن يشتري تاجر حس������ابا يعود إلى شخصية ر خدمات أح������د مزارعي الذهب ما، ثم يس������خالس������تثماره ورفعه إلى مس������توى أعلى، ويبيعه

بعد ذلك إلى العب آخر مقابل ربح مادي.في أواسط العقد األول من القرن احلالي، أخذت تتش������كل أزمة في زراعة الذهب، إلى جانب اإلس������كان الش������امل والفقاعة املالية. فقد كانت الشركةم (IGE))1( الكبرى )لأللعاب الترفيهية على اإلنترنت(، التي تعمل وسيطا ب������ن مزارعي الذهب ف������ي الصن والالعبن ق أرباحا شهرية تقع ما بن في الغرب، حتق10 و 20 ملي������ون دوالر، وتوفر لكبار موظفيها

رواتب مبالين الدوالرات. وقد تكن مزارع ذه������ب صيني من جمع مبلغ 1.3 مليون دوالر في غضون س������نتن فقط. كذلك بيعت بعضم النثريات إفراديا مقابل مبلغ وصل إلى 000 20 دوالر ل������كل قطعة. ولك������ن العملة االفتراضية شهدت ما بن عامي 2005 و 2009 هبوطا في قيمتها بلغت نسبتمه 85 في املئة مقابل الدوالر األمريكي. وأظهرت أبحاثم مركز معلوميات التطوير)2( التابع جلامعة مانشس������تر، الذي أتولى إدارته، أن فقاع������ة الذهب ما لبثت أن قع������ت مع دخول عدد كبي������ر من التجار إلى فمالسوق. ومع أن ظاهرة زراعة الذهب ما زالت رائجة، فإن اجلهات املشتغلة فيها انبرت في الس������نوات القريبة املاضية تبحث عن مواطن

Page 21: may-june-2010

20(2010) 6/5

)وهذا يمسمى »nerfing«(، وحجب احلسابات االفتراضية للمزارع������ن؛ وأخيرا إدخال كود جديد على برمجيات اللعبة من شأنه - مثال - تأخير تبادل األموال بن شخوص)1(، متيحن ي إجرائية ما للش������ركة فس������حة زمنية لتقص

.)»patching« وهذا يسمى(وفي مقابل هذه اإلج������راءات املزعجة، لم يعدم مزارعو الذهب وس������ائل للتحايل عليها ، في وااللتف������اف حولها. فاتخذت الش������ركاتمد، تدابير أكثر ش������موال وإحكاما، معرض الرإنترن���ت)2( بروتوك���والت عناوي���ن كمن������ع مات أمريكا صينية معينة من النفاذ إلى مخدمات األوروپية. وفي عام ������مالية أو املخد الش2007، استجاب املوقع eBay أخيرا للضغوط بحظر مبيعات األش������ياء والنقد واحلسابات االفتراضي������ة كافة، وهو إجراء لم يؤد إال إلى م نشوء مئات الوساطات والعموالت التي تقدخدمات جتارة الذهب وروز مس������توى القدرة

إلى الزبائن مباشرة.وتس������عى الش������ركاتم أيضا إلى احلد من ممارس������ة زراعة الذه������ب عن طري������ق املناورة القانونية؛ إذ يتعن على كل العب، قبل االكتتاب ،MMORPG على لعبة حاسوبية من املجموعةأن يوافق على عدم اخلوض في جتارة األموال احلقيقي������ة. غير أن ثمة مس������ألة تبقى من دون ح������ل، وتتمثل بتحديد املالك للمتعلقات والنقود العائدة ألحد الش������خوص. ومن ثم، هل لشركة ألعاب حاس������وبية حقوق في كل ش������يء ينتمي إلى عالم افتراضي؟ أم أن الذهب أو الس������يف ملك لالعبن الذين يوجدون أحد الش������خوص وممتلكات������ه ويدفعون ماال له������ذه الغاية؟ وال بد لش������ركات هذه األلعاب أن تس������توثق من أنها س������تكون هي الط������رف الرابح إذا م������ا أزمعت عل������ى أن ترفع دعاوى قضائية على ش������ركات زراعة الذهب. وقد رب������ح الالعبون الصينيون فعال أحكاما قضائية ألزمت ش������ركات األلعاب قدت بسبب مواطن احمللية بإعادة السلع التي فمقص������ور في منظومة هذه األلع������اب. وقد أثبتت تل������ك القضاي������ا أن لالعبن حقوق������ا في ملكية

السلع املجردة على اإلنترنت.وأخي������را، جلأت الش������ركاتم إل������ى إجراء

تعديالت في تصاميم األلعاب ومحتواها بغرض إقصاء مزارعي الذهب. واقتضى ذلك إدخال تغييرات كان لها أحيانا أثر عميق في اللعبة. ففي ع������ام 2007، عمدت الش������ركة Jagex إلى RuneScape تعديل لعبتها املسماة رون سكيپعل������ى نحو يجعل بيع الذهب االفتراضي أكثر صعوبة. ولكن هذا احلل قد جلب في حد ذاته بعض املش������كالت؛ فقد اس������تتبع ورود شكاو د تدهور ممارس������ة اللعبة بسبب من كثيرة تمؤكاإلجراءات املقيدة له������ا. وقد حمل هذا بعض ل اس������م جدي������د للعبة )يدل الظرفاء على تحعل������ى تدهورها( ه������و RuinedScape. ومع كل ذل������ك، ما زال االجت������ارم بالذهب املتحصل من هذه اللعبة مستمرا حتى اآلن، ولو على نطاق ضيق ومقيد. بل وقد ذهبت بعضم الش������ركات إلى حد تبني طرائق مزارعي الذهب أنفسهم، فأصبحت تتقاضى املدفوعات مقابل مبيعاتها من مفردات اللعبة كمصدر رئيسي لعوائدها، مجافي������ة بذلك األس������لوب املعهود م������ن إلزام

الالعبن بدفع أجور اشتراكاتهم.

مشهد من العالم النامي)٭(يعتم������د بع������ضم الالعب������ن، وكذلك بعضم الش������ركات، أحيانا أس������اليب عدائية حملاربة مزارعي الذهب. وتمظهر اإلحصاءاتم أن نحو ربع عدد الالعبن يجاه������رون بعدائهم. فقد مة على شن أفرادم هذه الفئة حمالت غير منظشخصيات افتراضية ظنوا )رمبا خطأ( أنها تخضع لس������يطرة مزارعي الذهب. ونضرب مث������ال أن فتيات قزمات في إح������دى األلعاب ش، كثيرا م������ا يتعرضن لالغتصاب أو التحر

اعتقادا بأنهن أدوات ملزارعي الذهب.جه ويبدو أن قس������طا من هذه العداوة تؤجةم العرقي������ة. ويؤيد ذلك ما يذكره النزعةم النمطياحملل������ل >N. يي< ]من مركز أبح������اث پالو آلتو بكاليفورنيا[ من وجود أوجه شبه بن رد الفعل

A View from the Developing World )٭()caracters )1؛ أشخاص اللعبة.

)2( IP address )عن������وان بروتوكول إنترنت(؛ عدد اثناني بطول ف حاس������وبا مضيفا متصال بشبكة اإلنترنت، 32 بتة، يمعر

packet زم وذل������ك بهدف حتقيق االتصال بطريقة تب���ادل الرswitching. )التحرير(

رئيس قسم معلوميات التطوير في جامعة مانشستر بإنكلترا، ومدير

مركز معلوميات التطوير التابع لهذه اجلامعة. لديه خبرة 30 سنة من العمل

في مواقع التقاء التقانات الرقمية مع التطوير الدولي، ومن ذلك عمله

مستشارا لعدة حكومات ومؤسسات دولية. ميارس أحيانا ألعابا حاسوبية

ألغراض بحثية محضة.

املؤلف

Richard Heeks

Page 22: may-june-2010

21 (2010) 6/5

في امل������دن. وثمة أدلة غير موثقة تش������ير إلى أنه يس������هم أيضا في احلد من اجلرمية عن طريق ضم شبان املدن العاطلن إلى صفوف العاملن. ولهذا الس������بب، ومع أن »مزارعي« الذهب يؤلفون - ظاهريا - جزءا من االقتصاد املس������تتر، فإن عددا م������ن احلكومات احمللية ر رؤوس أموال اس������تثمارية ف������ي الصن توف

لتشجيع إنشاء مزارع الذهب في مناطقها.وهكذا يستمر سحرم زراعة الذهب بإغراء ������ال ذوي الدخ������ل املنخفض كثير م������ن العمباإلقب������ال على هذه اللعب������ة، أمال باإلثراء من ورائها - آيةم ذلك اتساع عدد املمارسن لها على الصعيد العاملي بنس������بة تتجاوز 50 في املئة س������نويا، مما ولد وسطا متناميا لزيادة لت مزارعم الذهب الصينية الطلب. فقد س������جزيادات ملحوظ������ة في املبيعات والتش������غيل،

حتى في ظل األزمة املالية العاملية األخيرة.د ومن ش������أن زراعة الذهب كذلك أن حتدمعال������م الطريق ف������ي إيجاد ف������رص للبلدان ل أوقات عملهم النامية؛ فإن قضاء األفراد جموفراغه������م على اإلنترن������ت يفضي بالضرورة م احلاج������ة إلى توفي������ر اخلدمات إل������ى تعاظماحلاسوبية ذات الصلة مباشرة حتت عنوان ���يبري« cyberwork. وستكشف »العم���ل السالدراساتم املستقبليةم في هذا املضمار قدرة التج������ارة الدولية واإلنترنت عل������ى دفع هذه

ما إلى األمام. دم الفعالية التجارية قمولك������ن على ه������ذه البلدان أيض������ا أن تثير تس������اؤالت صعب������ة: ه������ل يتعن عل������ى الصن وس������ائر البلدان النامية تشجيع زراعة الذهب باعتباره وس������يلة لتوس������يع رقع������ة الصادرات وتش������غيل الناس؟ وهل بإمكان مزارعي الذهب االنتقال إلى أعمال أعلى مهارة في مجال تقانة املعلومات؟ وهل تثل زراع������ة الذهب منوذجا منطيا ألشكال جديدة من التنمية االقتصادية؟ ������يبري احملتمل وم������ا هي أن������واع العم������ل السب؟ كثيرة هي مس������ائل جم ظهورها من وراء احلمهة إلى علماء االجتماع، وجميعها البحث املوجينبه إلى أن االتصاالت الواسعة النطاق جديرة بأن تعطي للدول الفقيرة دورا محوريا في عالم

ر. < االقتصاد الرقمي السريع التطو

الم على زراعة الذهب واملعاملة التي لقيها العمالصينيون املهاج������رون في إبان حقبة التهافت على الذهب في والية كاليفورنيا منتصف القرن التاس������ع عش������ر وأواخره. ففي كلتا احلالتن كان للنع������وت االزدرائية الت������ي ربطت القادمن غ من شرق آس������يا باألمراض واألوبئة ما يسواحلاجة إلى »اس������تئصال« اآلسيوين: إما عن طريق التطهير العرقي الفعلي للتراب األمريكي مات منهم، وإما باس������تبعادهم نهائيا عن مخداأللع������اب املوج������ودة عل������ى أراض������ي الواليات املتحدة. كذلك يستش������هد الكات������بم >J .J. بيل< بوصف أحد مزارعي الذهب لتجربته املريرة مع العبن أمريكين: »كانت معاملتهم لي سيئة... ون عل������ى وصفي باملمزارع وبالكلب كانوا يصرالصيني وما ش������ابه. ليست لدي مشكالت مع أي م������ن الالعبن س������وى األمريكين، الذين ال

ون عن معاملتي بعنصرية مريرة.« يكفوما انفكت زراعة الذهب مقترنة بوصمة، ألن ظ������روف العمل في م������زارع الذهب غالبا virtual »ما توس������م ب�»املكدحة االفتراضي���ةsweatshop. على أن هذه الصورة تبقى محال زارع« الذهب عادة للنقاش؛ إذ يتقاض������ى »ممنحو 50 س������نتا عن كل س������اعة من س������اعات العمل التي تتراوح ما بن 10و12 ساعة يوميا ، طوال أيام األسبوع. وقد تبدو هذه الظروفم������ة، اس������تغاللية ومجحفة، م������ن وجهة غربي������هم عموما ها العاملون أنفسم ومع ذلك يعدمقبولة، بل أفضل مما ميك������ن أن يتقاضوه من مزاولتهم أعماال أخرى محلية. أما الغذاء والسكن فبدائيان، ولكنهما مجانيان. والبديل دد من الوحيد لكثير منه������م - كالوافدين اجلماألري������اف - هو البطالة. صحي������ح إن العمل قد يك������ون رتيبا وممال أحيانا، غير أن معظم العاملن يعرب������ون عن اس������تمتاعهم بقضاء أوقاتهم أمام لوح������ة املفاتيح. هذا املزيج من العمل والتس������لية، من اجلد واللعب، أكسبهم

.playborers »اللقب »الكادحون الالعبونومن ث������م، فإن زراعة الذهب تفتح للبلدان النامية س������بيال إل������ى جني مناف������ع من تقانة املعلوم������ات؛ فيتي������ح مئ������ات آالف الوظائ������ف واألعمال، ويخفف من مشكلة الفقر املتفاقمة

مراجع لالستزادة

Scientific American, January 2010

Page 23: may-june-2010

22

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

تطور رؤية األلوان لدى الرئيسيات)٭(يظهر حتليل األصبغة البصرية لدى الرئيسيات أن رؤيتنا لأللوان قد تطورت

بطريقة غير عادية وأن للدماغ قدرة على التكيف أكثر مما كان يعتقد.<H .G. جاكوبس> ــ <J. ناثانز>

مفاهيم مفتاحية< تختلف رؤية األلوان عند

البشر وعند بعض الرئيسيات عنها عند الثدييات غير

الرئيسيات .

< وهي تدعى ثالثية األلوان trichromacy؛ ألنها تعتمد

على ثالثة أنواع من األصبغة احلساسة للضوء في شبكية

العني.

< إن حتليل جينات تلك األصبغة يعطي فكرة عن كيفية تطور

خاصية ثالثية األلوان ابتداء من رؤية األلوان عند الثدييات

غير الرئيسيات التي متتلك نوعني فقط من األصبغة .photopigments الضوئية

< أحدث املؤلفان خاصية ثالثية األلوان لدى الفئران بإدخال

جينات األصبغة البشرية إلى جينوم genome الفأر.

وكشفت التجربة عن قدرة على التكيف غير متوقعة في دماغ

الثدييات.

محررو ساينتفيك أمريكان

يبدو العالم ألعيننا مرتبا بروعة المتناهية من األلوان الت������ي تتدرج من اللون البرتقالي marigold الزاهي، لون زهرة ال� )ماري گولد�� القطيف������ة �� املخملية(، إل������ى اللون الرمادي املعدني )لون شاسيه السيارات(، ومن األزرق الزاهي لسماء منتصف الشتاء إلى األخضر الزمردي. واجلدير باملالحظة أنه بالنسبة إلى معظم البش������ر، يتم متيي������ز أي لون من خالل امل������زج بني ثالث موج������ات ضوئية فقط ذوات أطوال موجية ثابتة بشدات معينة. وتنتج هذه اخلاصية في رؤية األلوان عند البشر والتي تدعى ثالثية األلوان trichromacy من كون ش������بكية العني - وهي طبقة اخلاليا العصبية في العني التي تتلقى الضوء وترسل املعلومات البصرية إلى الدماغ - تستخدم ثالثة أنواع من األصبغة pigments املاصة للضوء لرؤية األل������وان. إن إحدى النتائ������ج خلاصية ثالثية األل������وان أن شاش������ات التلفاز واحلاس������وب pixels )1(ميكنها أن مت������زج ثالثة پيكس���الت)نق������اط إضاءة الشاش������ات( - وهي احلمراء واخلضراء والزرقاء إلنتاج ما نراه من طيف

كامل لأللوان.عل������ى الرغ������م م������ن أن خاصي������ة ثالثية األلوان ش������ائعة بني الرئيس������يات إال أن هذه اخلاصية ليست عامة في اململكة احليوانية. إذ إن الثديي������ات غير الرئيس������يات كافة هي ثنائي���ة األل���وان dichromats وتعتم������د رؤية األل������وان لديها على نوعني فقط من األصبغة

البصري���ة visual pigments، كم������ا أن بعض الثديي������ات الليلية لديها صب������اغ واحد فقط. أما بالنس������بة إلى بعض الطيور واألس������ماك والزواح������ف؛ فلديها أربع������ة أصبغة بصرية وتس������تطيع متييز األش������عة فوق البنفسجية غير املرئية بالنس������بة إلى البشر. لذا يبدو أن ثالثي������ة األلوان لدى الثدييات الرئيس������ية أمر غير اعتيادي. كيف حدث هذا التطور؟ وبناء على تراكم الدراس������ات على مدى عقود؛ فإن األبحاث احلديثة في علم الوراثة والبيولوجيا اجلزيئي������ة والفيزيولوجي������ا العصبي������ة لرؤية األل������وان عند الرئيس������يات ق������د وصلت إلى إجاب������ات غير متوقعة ونتائج مذهلة عن قدرة

دماغ الرئيسيات على التكيف.

األصبغة وماضيها)٭٭(قب������ل 50 عام������ا، جرى ألول م������رة قياس احلساس������ية الطيفي������ة لألصبغ������ة البصرية الثالثة املسؤولة عن رؤية األلوان عند البشر، وهي اآلن معروفة بدقة متناهية. حيث إن كل صب������اغ ميتص الضوء من منطقة محددة من الطي������ف ويتميز من غيره بط������ول املوجة التي ميتصها بشكل أعظمي. إذ إن صباغ املوجات القصيرة S ميتص الضوء بشكل أعظمي عند طول املوجة 430 نانومتر )النانومتر يس������اوي

THE EVOLUTION OF PRIMATE COLOR VISION )�(الرئيس���يات أو الرئيسات Primate: رتبة عالية من الثدييات

تشمل اإلنسان والقرد.Pigments and Their Past )��(

)1( أو: عنصورة، وهذه نحت من عنصر - صورة. )التحرير(

Page 24: may-june-2010

23 (2010) 6/5

جزءا من بليون من املتر( تقريبا، أما صباغ املوجات املتوسطة M فيمتص الضوء بشكل أعظمي عند طول املوجة 530 نانومتر تقريبا، L في حني ميتص صب������اغ املوجات الطويلةالضوء بش������كل أعظمي عند طول املوجة 560 نانومتر. )وفي الس������ياق نفس������ه، فإن أطوال املوجات 470 و 520 و 580 نانومتر تتوافق مع األلوان التي مييزها اإلنسان العادي كألوان

زرقاء، خضراء، صفراء على التوالي(. تتوضع هذه األصبغ������ة، التي يتكون كل منها من پروتني يش������كل معق������دا مع مركب ممتص للضوء من مش������تقات ڤيتامني A، في الغشاء الس������يتوبالزمي للخاليا املخروطية: وهذه هي خاليا عصبية مستقبلة للضوء في شبكية العني وس������ميت كذلك بسبب شكلها املس������تدق. فعندما ميتص صباغ ما الضوء، فإنه يتسبب في سلسلة من األحداث اجلزيئية الت������ي تؤدي إل������ى تنبيه اخللي������ة املخروطية. ل اخلاليا العصبية وه������ذا التنبيه بدوره يفعاألخرى في الش������بكية الت������ي تنقل في نهاية املطاف اإلشارة على طول العصب البصري

إلى الدماغ.وم������ع أن أطي������اف امتص������اص أصبغ������ة املخاري������ط معروفة منذ فت������رة طويلة، إال أن هذه األصبغ�������������ة ل��م تك��������ن معروف������ة حتى ع������ام 1980 حني متكن )<ناثانز> �� أحد كاتبي هذا البحث( من حت���دي���د جين�ات )مورثات( human pigments األصبغ���ة البش���رية genes

ومن حتديد تسلسل األحماض األمينية التي تش��������كل پروت��ني ك��ل صباغ )من ت��سلس������ل الدن���ا DNA ف��ي ه�����ذه اجلين����������ات(. وق�����د أظه������ر تسلس��������ل اجلين������ات أن الصباغ������ني الضوئي������ني M وL متطابق������ان تقريب������ا. كما أظهرت التج������ارب الالحقة أن االختالف في احلساسية الطيفية بينهما ناجم عن استبدال ثالثة أحماض أمينية فقط من أصل األحماض األميني������ة الثالثمئة واألربعة والس������تني التي

يصاغ منها كل من الصباغني.كما أظهرت التجارب أن جيني الصباغني

M و L يتوضع أحدهما بجوار اآلخر

X chromosome الكروموس���وم في الكروموسومني اجلنسيني أحد وهو )يوج������د ل������دى الذكور كروموس������وم واح��د X وآخ��ر Y، أم����ا ل����دى اإلناث فهناك كروموس������ومان من الن������وع X X(. وهذا التوضع لم يكن مفاجئا؛ ألن أحد الشذوذات الشائعة في رؤية األلوان عند اإلنسان - وهو مرض عمى األل������وان للونني األحمر واألخضر - معروف منذ زمن طويل أنه أكثر شيوعا لدى الذكور منه لدى ث بنمط يش������ير إلى اإلناث، وأنه يورأن اجلينات املس������ؤولة تتوضع على الكروموسوم X. وباملقابل، فإن جني

الصباغ S يتوضع على الكروموسوم 7، ويظهر تتال������ي هذا اجلني بأن الصباغ S الذي تكوده

.L و M ذو صلة بعيدة بالصبغني encoded

وبحل������ول منتص������ف التس������عينات وفرت الدراس������ات املقارنة جلينات ه������ذه األصبغة الثالثة مع مثيالته������ا في احليوانات األخرى معلومات مهمة حول تاريخ هذه األصبغة. إذ تبني أن جميع الفقاريات تقريبا لديها جينات ذات تسلسل يشبه إلى حد كبير ذلك املوجود في الصباغ S لدى البشر، مما يدل على أن نس������خة من الصباغ ذي املوجات القصيرة ه������ي العنصر القدمي في رؤي������ة األلوان. كما تنتشر مشابهات الصباغني الطويلي املوجة M و L على نطاق واسع في الفقاريات، وعلى األرجح أنها قدمية للغاية. ولكن بني الثدييات M و L وجدت األصبغة املش������ابهة للصباغنيلدى مجموعة فرعية من أنواع الرئيس������يات، وهذا يش������ير إلى أن هذه املي������زة )أي وجود األصبغة املش������ابهة للصباغ������ني M و L( قد

تطورت مؤخرا على األرجح.متتل������ك معظم الثدييات غير الرئيس������يات )Wassily Kandinsky )1 - فاس������يلي كانديسكي - رسام روسي

األص������ل ويعتبر أحد الرواد األوائ������ل للمبدأ الالتصوري أو الالمتثيل������ي، وبعب������ارة أخرى، مب������دأ »التجريدية الصافية« ولوحاته معروفة باسمه. )التحرير(

ميكن لقرود الشمپانزي )كالبشر( التمييز بني ألوان ال ميكن لغيرها

من الثدييات األخرى أن تراها. وما يراه الناظر إلى لوحة كاندينسكي)1(

Kandinsky يعكس خصائص األلوان )الدهانات( وطبيعة اإلضاءة ونظام

رؤية اللون لدى الناظر.

Page 25: may-june-2010

24(2010) 6/5

صباغ������ا واح������دا فق������ط طويل املوج������ة، وهو يش������به األصبغة الطويل������ة املوجة L املوجودة لدى الثدييات الرئيس������ية. ويقع جني الصباغ الطوي������ل املوج������ة هذا ل������دى الثديي������ات غير الرئيس������ية أيضا على الكروموسوم X. وقد أثارت ه������ذه امليزات إمكانية أن تكون جينات صباغ������ي املوج������ات الطويلة ل������دى الثدييات الرئيس������ية قد ظهرت أوال في األنسال األولى للثدييات الرئيس������ية كما يلي: تضاعف جني صباغ املوجات الطويل������ة لدى الثدييات على كروموس������وم X واحد، ومن ث������م أدى حدوث طفرات mutations في إحدى أو كلتا نسختي اجلني السلفي املرتبطة بالكروموسوم X، إلى إنت������اج صباغني متماثلني متاما لهما مجاالن مختلف������ان من احلساس������ية الطيفي������ة ��� هما

.L و M الصباغانإن اآللي������ة املعروف������ة لتضاع������ف اجل������ني ل البويضات بهذا الش������كل حتدث أثناء تشكوالنطاف )احليوانات املنوية(. فعندما يحدث االنقسام اخللوي للبويضات والنطاف، يحدث تب������ادل أجزاء م������ن أزواج الكروموس������ومات بعملية تس������مى التأش���يب )إعادة التركيب(

شبكية العني : طبقة من اخلاليا العصبية في اجلزء اخللفي من العني، ترسل املعلومات البصرية إلى الدماغ عن طريق العصب البصري. وتعتمد رؤية األلوان على املخاريط : وهي خاليا حسية مستدقة

حتوي أصبغة حساسة للضوء. تعمل اخلاليا األخرى احلساسة للضوء والتي تدعى العصي rods - في الضوء اخلافت وال تشارك عادة في رؤية األلوان. تتوضع هذه العصي واملخاريط، التي تعرف معا باسم

املستقبالت الضوئية، خلف أنواع أخرى من اخلاليا التي تدعم عملية الرؤية.

recombination، وي������ؤدي أحيانا التبادل غير

املنتظ������م )غير املتكافئ( للم������ادة الوراثية إلى إنت������اج كروموس������وم ميتلك نس������خا إضافية جلني واح������د أو أكثر. وفيما بعد، تقوم عملية natural االنتخ���اب )االصطف���اء( الطبيع���يselection باحملافظ������ة عل������ى الطفرات املفيدة

التي ظهرت ف������ي تلك اجلين������ات املتضاعفة. وبذلك وبنزع������ة البقاء لألصلح، فإن الطفرات املفيدة تس������تمر وتنتقل )وتعبر( إلى األجيال املستقبلية وتنتشر بني األفراد أو السالالت. بالع������ودة إلى موضوع رؤي������ة اللون لدى الثديي������ات الرئيس������ية، فقد تك������ون خاصية ثالثي������ة األل������وان املعتمدة عل������ى الصباغني الضوئيني M و L اجلديدين جنبا إلى جنب مع الصباغ S قد منح������ت ميزة اصطفائية مفضلة على خاصية ثنائية األلوان في بيئات معينة. وعلى سبيل املثال، فإن ألوان الفاكهة الناضج������ة تبدو مغايرة لل������ون أوراق النبات اخلضراء احمليطة بها، ولكن ثنائيات األلوان هي أق������ل قدرة على متييز ه������ذا التباين ألن حساسيتها لتمييز فروق األلوان في مناطق ألوان الطيف األحم������ر واألصفر واألخضر ضعيفة. وعلى األرجح، فإن حتسني القدرة على متييز الفاكهة الصاحلة لألكل يس������اعد على اس������تمرار بقاء األف������راد الذين يحملون الطفرات املسؤولة عن الرؤية الثالثية األلوان، ويؤدي إلى انتشار تلك اجلينات الطافرة في

مجتمعات الكائنات احلية. تب������دو اآلليات الت������ي ذكرت أع������اله حول تضاع������ف اجل������ني املتبوع بطف������رة مؤدية إلى اختالف في تتالي الدنا كتفسير منطقي لتطور جينات الصباغني M وL عند الرئيسيات، ألنه مت تع������رف هذه السلس������لة م������ن األحداث في مجموعات أخرى م������ن اجلينات. لنأخذ، على س������بيل املثال، اجلينات التي تكود اخلضاب )الهيموگلوب������ني(، وهو الپروت������ني الذي يحمل األكسجني في الدم. يبدو أن جينات اخلضاب اجلنيني الذي يبدأ إنتاجه في الش������هر الثاني م������ن احلمل داخل الرح������م وجينات اخلضاب

الشبكية

الضوء

الشبكية

املخاريط

العصا )الزرقاء(

العصب البصري إلى الدماغ

Page 26: may-june-2010

25 (2010) 6/5

الكهلي، قد نش������أت عن تضاعف جني سلفي مفرد، طرأت عليه الحقا طفرة أنتجت أمناطا متغاي���رة variants م������ن اخلض������اب متباين������ة في ألفتها لألكس������جني. وبش������كل مماثل، فإن الگلوبولينات املناعية - وهي الپروتينات التي تتواسط اس������تجابة اجلهاز املناعي باألجسام املض������ادة - تك������ون متنوعة ج������دا وتنتج من

تضاعف جني سلفي مفرد.

طريقان للرؤية الثالثية األلوان)٭(إال أن القص������ة احلقيقي������ة لتطور خاصية ثالثية األلوان عند الرئيسيات صارت أكثر تعقيدا وتشويقا. إذ أتى الدليل احلاسم من اكتشاف آليتني جينيتني )وراثيتني( مختلفتني للرؤية الثالثية األلوان عند الرئيسيات، األولى عند رئيس������يات العالم القدمي )املجموعة التي تطورت في صحارى إفريقيا وآسيا وتشمل الگيب������ون gibbons والش������مپانزي والغوريال واإلنس������ان(، والثانية عند رئيس������يات العالم اجلديد )األنواع املوجودة في وسط وشمال أمريكا مثل املارموس marmosets والتامارين

tamarins والقرد السنجاب(.

يحمل اإلنسان وغيره من رئيسيات العالم الق������دمي جينات الصباغ������ني M و L على كل من الكروموس������ومني X اخلاصني بها، ومن ثم ميتلك اإلنسان وهذه الرئيسيات خاصية الرؤية الثالثية األلوان. ولكن عند فحص رؤية األلوان عند رئيس������يات العالم اجلديد خالل العديد من العقود املاضية، الحظ أحد كتاب هذا البحث )<جاكوب������ز>( أن خاصية الرؤية الثالثية األل������وان موجودة فقط لدى مجموعة فرعية من اإلن������اث. كما أظهرت الفحوصات أن جميع ذكور رئيسيات العالم اجلديد وثلث إناثه تقريب������ا تبدي نقصا في حساس������يتها لتمييز األلوان عند األطوال املوجية املتوسطة والطويلة، وهذا مطابق متاما خلاصية ثنائية األل������وان. وف������ي احملصلة، نخل������ص إلى أن خاصي������ة ثالثية األلوان ليس������ت ظاهرة عامة

عند جميع الرئيسيات.

لتفسير هذه الظاهرة الغريبة درس بعض الباحث������ني عدد وترتيب جين������ات الصباغ في اخللية املخروطي������ة لدى قردة العالم اجلديد. وقد ظهر أن لدى معظمها جني واحد لصباغ املوجات القصيرة )يقع على كروموسوم غير جنس������ي(، كما أن لديها جينا واحدا لصباغ .X املوجات الطويلة، يقع على الكروموس������وموبتعبير آخر، ف������إن الصفة الوراثية الطبيعية لألصبغة البصرية عندها شبيهة مبقابالتها عن������د الثدييات ذات خاصي������ة الرؤية الثنائية

Two Roads to Trichromacy )�(Two Kinds of Mammalian Color Vision )��(

Evolutionary Advantage )���()1( اخلط البياني األفقي في الرسمني بالنانومتر لقياس طول

املوجات الضوئية. )التحرير(

فوائد التطور؟)٭٭٭(تتباين ألوان الفاكهة الناضجة مع أوراق

النبات األخضر احمليطة بها، وميكن خلاصية ثالثية األلوان أن متيز مثل هذا التباين

أفضل مما تفعله خاصية ثنائية األلوان. فعلى األرجح أن تطوير القدرة على متييز الفاكهة الصاحلة لألكل عند األفراد ثالثية األلوان

يساعد على استمرار بقاء األفراد ويؤدي إلى انتشار جينات الرؤية الثالثية األلوان لدى

مجتمع الرئيسيات.

]أساسيات[منطان لرؤية األلوان لدى الثدييات)٭٭(

إن أغل���ب الثدييات متتلك خاصي���ة الرؤية الثنائية األلوان، أي إن رؤيتها لأللوان تنتج من نوعني فق���ط من األصبغة البصرية )الصورة العلوية(: أحدها ميتص املوجات الضوئية القصيرة بش���كل أعظم���ي )املنحن���ى البياني األزرق( واآلخر أكثر حساس���ية للموجات الضوئي���ة الطويلة )املنحنى Trichromacy البياني األخضر(. ولكن البش���ر وبعض الرئيس���يات األخرى لديها رؤية ثالثية األلوانكم���ا في )الصورة الس���فلية(، حيث ترى ألوانا أكثر ألنهم يس���تخدمون ثالث���ة أنواع من األصبغة: صب���اغ املوج���ات القصي���رة )املنحن���ى البيان���ي األزرق( ونوعني م���ن األصبغة للموج���ات الطويلة

)املنحنيان البيانيان األحمر واألخضر(.

400

1

0600

1

0

نانومتر

نانومتر)1(

ثنائي األلوان

ثالثي األلوان

انكسار الضوء املمتص من قبل الصباغ

Page 27: may-june-2010

26(2010) 6/5

أنثى القرد السنجاب - األنثى فقط - ميكن له������ا أن ت������رث أليلني مختلف������ني أحدهما عن اآلخ������ر بطول املوجة الضوئي������ة )واحدة على كل كروموس������وم �� X(، وبذلك فهي تكتس������ب خاصي������ة ثالثية األل������وان. إال أن ثلث اإلناث تقريبا س������ترث ألي������ل الصباغ نفس������ه على الكروموس������ومني X، وتكون في النهاية ذات خاصية ثنائية األل������وان، مثل الذكور القليلي احلظ. ميكن للم������رء أن يفكر في نظام ثالثية األلوان لدى رئيسيات العالم اجلديد على أنه نسخة اإلنسان املسكني أو بعبارة أدق نسخة اإلناث املسكينات من خاصية الرؤية الثالثية األلوان املوجودة بشكل شامل لدى رئيسيات

العالم القدمي )انظر املؤطر أعاله(.إن التباين في رؤية األلوان بني رئيسيات العالم اجلديد والقدمي يفتح نافذة على تطور رؤية اللون في كلت������ا املجموعتني. فقد بدأت أنس������اب رئيس������يات كل من العامل������ني القدمي واجلديد بالتباع������د )باالنفصال( عن بعضها بعض������ا قب������ل نح������و 150 مليون س������نة، مع االنفصال التدريجي لقارتي إفريقيا وأمريكا

Two Designs for Primate Vision )�(Old World Primates )��()1( أو مجموعة اجلينات.

)2( جمع أليل allele: أحد جينني متغايرين يرمزان إلى الصفةنفسها. )التحرير(

+ =

?

? ?

X

Y

X

Y

X X

X X

]أساسيات في الوراثة[ تصميمان للرؤيةعند الرئيسيات)٭(

تختل����ف األس����س الوراثي����ة للرؤي����ة الثالثية األل����وان لدى رئيسيات العالم القدمي عنها في رئيسيات العالم اجلديد، د encoding لصباغ املوجات القصيرة )األزرق( فاجلني املكويتوضع على كروموسوم غير جنسي. كما متتلك رئيسيات العالم القدمي جينني صبغيني للموجات الضوئية األطول )األحمر واألخضر( على كل كروموس����وم X. وبذلك ميتلك الذك����ور X و اإلن����اث X X ثالثة جينات لألصبغة، ومن ثم

خاصية الرؤية الثنائية األلوان.ل����دى رئيس����يات العال����م اجلديد ثالث����ة أمن����اط مختلفة من أالئل alleles)2( اجلني املتوضع على الكروموسوم X لصباغ املوج����ات الطويل����ة ف����ي جميع������ة pool جيناته����م )األحم����ر، األصفر واألخضر(، إال أن كال من كروموسومات X يحمل ألي����ال واحدا فقط م����ن هذه األالئل. نتيجة لذلك، فإن اإلناث X التي لديها أالئل صباغ متباينة على كال الكروموسومني

هي فقط التي متتلك خاصية الرؤية الثالثية األلوان.

ميقد

الالم

لعت ا

سيائي

ريد

جلدم ا

عال ال

اتسي

ئير

ذكور

إناث

ذكور

إناث

ال يوجد جني صباغ على Y الكروموسوم

أليل صباغي واحد X على كل كروموسوم

جينا صباغ لكل

X كروموسومثالثية األلوان

ثالثية األلوان

ثنائية األلوان

X إذا احتوى كل من الكروموسومنيعلى أالئل صباغ متشابهة فهي:

ثنائية األلوان X إذا احتوى كل من الكروموسومني

على أالئل صباغ مختلفة فهي:ثالثية األلوان

نوع رؤية األلوان = جني صباغ طويل املوجة + جني صباغ قصير املوجة

األلوان، إذن كيف ميكن ألي منها أن يصبح ثالثي األلوان؟

gene )1(اإلجاب������ة هي أن جميعة جين���اتpool رئيس������يات العال������م اجلدي������د تتضم������ن

متغيرات عدة أو أالئل)alleles )2 جلني الصباغ املرتب������ط بالكروموس������وم X � نس������خ مختلفة ل قليال في تسلس������ل الدنا. حتدث بتتال معدالتباينات ف������ي األالئل في كثير من اجلينات، ولكن االختالف������ات الصغيرة في تتالي الدنا ب������ني األالئل نادرا ما تترج������م إلى اختالفات وظيفي������ة. إال أن األالئ������ل املتباين������ة لألصبغة املرتبط������ة بالكروموس������وم X في رئيس������يات العالم اجلدي������د، أدت إلى ظهور أصبغة ذات حساسية طيفية مختلفة. فعلى سبيل املثال، متتلك األنواع النموذجية من رئيسيات العالم اجلديد مثل قرود السنجاب ثالثة أالئل جلني صباغ املخروط املرتبط بالكروموسوم X في جتميع������ة جيناتها: إحداها مك������ودة لپروتني مش������ابه للصب������اغ M عند البش������ر، والثانية مكودة لپروتني مشابه للصباغ L عند البشر أيضا، والثالثة مك������ودة لصباغ تقع خاصية امتصاصه للضوء في الوسط بني الصباغني

األول والثاني.بامتالكه������ا كروموس������ومني اثنني X فإن

امليمون Mandrill: هو قرد

أفريقي ضخم

رئيسياتالعالم القدمي)٭٭(

تطورت في إفريقيا وآسيا منذ ماليني السنني، وهي تضم اليوم القرود العليا

)اإلنسان، األورانغ أوتان، الغوريال، البونوبو والشمپانزي(، إضافة إلى

الغيبون والالنغور والقرد املكاك واملاندريل. وقد انعزلت رئيسيات العالم

القدمي عن رئيسيات العالم اجلديد ��� وسط وجنوب أمريكا ��� عندما أصبحت

قارتا إفريقيا وأمريكا اجلنوبية منفصلتني متاما قبل نحو 40 مليون سنة.

Page 28: may-june-2010

(2010) 6/5

=

X X X

X X XXX

X

X

تل������ك التغيرات ف������ي األالئل كتل������ك املوجودة ف������ي رئيس������يات العالم اجلدي������د حاليا كانت عب������ارة عن حالة بدائية ظهرت عند الس������لف املشترك لكلتا املجموعتني، وكان ظهورها هو اخلطوة األولى باجتاه خاصية ثالثية األلوان لكلتيهما )انظر املؤطر ف������ي هذه الصفحة(. وقد تكون أالئل األصبغة املختلفة ظهرت عبر سلسلة من الطفرات املتعاقبة في جني صباغ املوجات الطويلة قب������ل أن يحصل االنفصال بني سالالت رئيسيات العالم القدمي واجلديد ببضع الوقت. )نحن نعتقد أن صباغ املوجات املتوسطة كان جزءا من هذه املتممة البدائية، ألن سلس������لة األحم������اض األمينية فيه حتوي مجموعة من التغيرات الثالثة في السلس������لة التي متيز الصب������اغ L من الصباغ M وألن امتصاصها للطيف يقع في الوسط بينهما(.

اجلنوبية عن بعضهما، ليكون انعزال صفاتها الوراثية قد اكتمل قبل نحو 40 مليون س������نة. قد يتوق������ع امل������رء أن آليتي خاصي������ة ثالثية األلوان لس������الالت العاملني الق������دمي واجلديد قد تطورتا بش������كل مس������تقل، بع������د انفصال س������الالت العالم القدمي عن س������الالت العالم اجلديد. وم������ن املمكن أن كلت������ا املجموعتني ق������د بدأتا بنمط ثنائي األل������وان، مبتممة ذات صباغني أحدهما ذو موجة طويلة واآلخر ذو موجة قصي������رة. قد يكون جني صباغ املوجة الطويلة عند رئيس������يات العالم القدمي خضع للتضاع������ف ومن ثم الخت������الف أو لتغير في تتاليه كما ذكرنا س������ابقا. أما في رئيسيات العال������م اجلديد فقد يكون جني صباغ املوجة الطويلة تعرض لتغير طفيف في تسلسله، مع طفرات ناجحة أنتجت أالئل متنوعة ألصبغة للموج������ات الضوئية الطويلة وم������ن ثم بقيت

سائدة لدى البشر. إن مقارنة سالس������ل األحماض األمينية عل������ى املتوضع������ة البصري������ة لألصبغ������ة الكروموس������وم X توحي بسيناريو آخر. في كل من رئيس������يات العالم الق������دمي واجلديد تشترك جميع األصبغة M في مجموعة من ثالثة أحماض أمينية تعطي أعلى حساسية طيفي������ة عند 530 نانومتر، في حني تش������ترك جميع األصبغة L في مجموعة أخرى تعطي أعلى حساسية طيفية عند 560 نانومتر. وقد مكنتنا دراسة أطياف االمتصاص ألصبغة أخ������رى ذات موج������ات طويلة م������ن التوصل إلى أن التغي������رات احلاصلة في العديد من األحم������اض األمينية قد تزيح احلساس������ية العظم������ى له������ذه الطائفة م������ن األصبغة إلى أط������وال موجية أقص������ر أو أطول. إذن، يبدو من املس������تبعد أن تتقاطع رئيسيات العاملني القدمي واجلديد فيما بينها وبشكل استقاللي بخاصي������ة االعتماد على مجموعات متطابقة من األحم������اض األمينية إلزاحة حساس������ية

أصبغة األطوال املوجية الطويلة.وبدال م������ن ذلك، يبدو األكث������ر منطقية أن

قردة العالم اجلديد)٭(توجد في وسط وجنوب أمريكا ومتيل

إلى أن تكون أصغر من مثيالتها في العالم القدمي. تضم أنواعا أو أجناسا

مثل مارموسيت، تامارين، قرد صغير طويل الذيل،

قرد عنكبوتي، قرد سنجابي، قرود هولر،

وقرد كاپوتشني ذي القلنسوة.

New World Monkeys )�(How Primate Trichromacy Evolved )��(

]اكتشافات مدهشة[ كيف تطورت رؤية ثالثية األلوان عند الرئيسيات)٭٭(

تبني مقارنة األسس الوراثية لرؤية اللون عند رئيسيات العاملني القدمي واجلديد خطوات التطور الرئيسية التي أدت إلى رؤية ثالثية األلوان في بعض إناث قرود العالم اجلديد وعند كال اجلنسني

في رئيسيات العالم القدمي.

عند السلف املشترك لكل من رئيسيات العالم القدمي واجلديد، خضعت األالئل السلفية جلني صباغ املوجات

الطويلة املرتبطة بالكروموسوم X لطفرات ناجحة )األخضر في أقصى اليسار( أدت إلى احلصول على

ثالثة أالئل صباغ للموجات الطويلة في اجلميعة اجلينية gene pool عندها )أخضر وأصفر وأحمر( و بقيت

هذه التغيرات في الرئيسيات احلديثة للعالم اجلديد. وبعد أن أصبحت سالالت العاملني القدمي واجلديد

معزولة عن بعضها بعضا حدث خلل ما في عملية إعادة التركيب - العملية التي يحدث فيها تبادل أجزاء من

الكروموسومات أثناء تشكل البويضات والنطاف - في إناث العالم القدمي أدى إلى توضع أليلني مختلفني معا

على الكروموسوم X نفسه )أقصى اليمني في الصورة(. وألن هذه احلالة أدت إلى ظهور صفات اصطفائية جيدة

عند الذكور كما عند جميع اإلناث، فقد أصبحت النمط املعياري عند رئيسيات العالم القدمي احلالية.

القرد السنجابي ذو البطن األبيض

رؤية العالم اجلديد)األالئل املتوضعة على كروموسوم X في جميعة اجلينات(

احلالة األصلية

طفرة طفرة

إعادة تركيب خاطئ

رؤية العالم القدمي

27

Page 29: may-june-2010

28(2010) 6/5

X X

X X X XX

X X

X X X XX

X X XXX

عنده������ا وبع������د أن انفص������ل كل م������ن نوعي الرئيس������يات حصل خلل نادر في اإلناث من نسل سالالت رئيسيات العالم القدمي اللوات������ي يحملن نوعني مختلفني من آالئل جني صباغ املوجات الطويلة. هذه احلوادث النادرة أدت إلى توضع األليل M إلى جانب األلي������ل L عل������ى الكروموس������وم X املفرد، مما سمح باتس������اع نطاق خاصية ثالثية األلوان

لتشمل الذكور كما هي عند جميع اإلناث.وق������د منح هذا التجدي������د اجليني حامليه أفضلية في عملي������ة االصطفاء، حيث اختفى الكروموس������وم X الذي يحم������ل جينا واحدا فقط لصباغ املوج������ات الطويلة من اجلميعة اجلينية لرئيس������يات العالم القدمي. واس������تمر النظام البدائي ألالئل األطوال املوجية الثالثة األطول في الرئيس������يات املنعزلة عن بعضها

جغرافيا ووراثيا.

دور العشوائية)في تطور رؤية األلوان()٭٭(

إحدى املالحظات املثيرة للدهش������ة التي تنط������وي عليها نتائجنا في رئيس������يات العالم القدمي واجلديد تتعلق بدور العش������وائية في خاصي������ة ثالثية األلوان. وال نش������ير هنا إلى الطفرات اجلينية العش������وائية التي أدت منذ البداية إل������ى إمتام اجلينات املعطية خلاصية ثالثية األلوان. وقد وج������د علماء األحياء أنه عادة حاملا تتطور س������مة مفيدة بهذه الطريقة املعتمدة عل������ى املصادفة تصب������ح عادة هذه الس������مة ثابتة hardwired بحيث إن العمليات اخللوية اخلاضع������ة لبرمجة محددة س������لفا تنس������ق بدقة تطور هذه الس������مة في األفراد. ومع ذلك، يبدو أن للحوادث العش������وائية في كل عضوي������ة وحتى ف������ي كل خلية مخروطية نامية دورا كبيرا بل أساس������يا من أجل رؤية

اللون عند الرئيسيات. لشرح كيف س������اعدت العش������وائية على

Randomness in the Retina )�(The Role of Randomness )��(

locus control region )1(

]اكتشافات مفاجئة[العشوائية في الشبكية)٭(

حتوي كل خلية مخروطية جينات لثالثة أصبغة لونية، لكنها تختار واحدا فقط من الثالثة لتكون فعالة وتعطل االثنني

الباقيني. إن العملية التي تتحكم في انتقاء جني صباغ املوجات القصيرة غير معروفة بالتفصيل، ولكن اآلليات

التي حتدد انتقاء أحد جيني صباغ املوجات الطويلة تبدو عشوائية، كما يبدو أن توزع مخاريط املوجات الطويلة في

الشبكية عشوائي أيضا.

إن االصطفاء الطبيعي جلني صباغ املوجات الطويلة عند رئيسيات العالم اجلديد يتم بعملية تعطيل الكروموسوم X ، إذ تقوم اخللية األنثوية

عشوائيا بتعطيل أحد الكروموسومني X في مرحلة مبكرة أثناء احلياة اجلنينية.

وإذا كانت األنثى حتمل أالئل صباغ مختلفة على

الكروموسوم X لديها؛ فإن تعطيل أحد الكروموسومنين

في كل خلية سوف ينتج فسيفساء من مخاريط

املوجات الطويلة.

لدى رئيسيات العالم القدمي نوعان من جينات صباغ املوجات الطويلة على كل

كروموسوم X. لذا، فإن اخلطوة التالية ضرورية وهي

اختزال األمناط الصباغية إلى واحد فقط في كل

مخروط . إن عملية تعطيل الكروموسوم X تلغي فعالية

أحد الكروموسومني في خاليا اإلناث، عندها وفي خاليا كل

م من اجلنسني، يتفاعل جني منظي�دعى منطقة التحكم املوضعي (LCR)(1) بشكل عشوائي مع جني

واحد فقط لصباغ املوجات الطويلة، مؤديا إلى تفعيل هذا

اجلني دون سواه، مما يؤدي أيضا إلى منط الفسيفساء

العشوائي للخاليا املخروطية.

القرعة حتكم في العالم اجلديد

املصادفة في العالم القدمي

خلية بكروموسومني اثنني

تعطيل أحد X الكروموسومني

تعطيل أحد X الكروموسومني

LCR تنبيه املنطقةجلني واحد فقط

انقسام اخللية

انقسام اخللية

LCR

فسيفساء الشبكية

Page 30: may-june-2010

29 (2010) 6/5

إنت������اج خاصي������ة ثالثية األل������وان البد من أن نراجع كيفية قيام اخلالي������ا املخروطية بنقل املعلومات حول الل������ون إلى الدماغ. جند أنه على الرغم من ك������ون خاصية ثالثية األلوان ضرورية للرؤية الثالثية األلوان؛ فإنها ليست إال ش������رطا أوليا. في حني أن اخلطوة التالية تش������مل املعاجلة العصبية لإلشارات املكونة من قبل املس������تقبالت الضوئية املختلفة. هذه اخلطوة حاس������مة؛ ألن اخلالي������ا املخروطية املفردة ال ميكن لها أن تنقل معلومات محددة ح������ول الطول املوجي. إن تنبيه كل مس������تقبل ضوئي ميك������ن أن يحرض مبجال متنوع من األطوال املوجي������ة، ولكن املخ������روط ال ميكنه أن ينقل اإلش������ارة اخلاصة بتحديد األطوال املوجية التي قام بامتصاصها ضمن احلزمة. على سبيل املثال قد تظهر اخللية املخروطية االس������تجابة ذاتها س������واء مت تنبيهها مبوجة 100 فوت���ون)photons )1 التي متتصها بشكل

جي������د أو مبوجة 1000 فوت������ون التي متتصها بشكل ضعيف. وللتمييز ما بني األلوان البد للجه������از البصري من أن يق������وم باملقارنة بني اس������تجابات املخاريط املتجاورة التي متتلك

أنواعا مختلفة من األصبغة.لتحقيق هذه املقارنات على نحو أمثل يجب

أن حتتوي كل خلية مخروطية على نوع واحد من الصباغ وال بد للمخاريط التي حتتوي على أصبغة مختلفة أن تصطف إلى جانب بعضها بعضا بطريقة فسيفسائية. في الواقع، إن كل خلية مخروطية في شبكية الرئيسيات حتوي منطا واحدا فقط من األصبغة البصرية، كما ال بد ملختلف أمناط املخاريط من أن تصطف بالضرورة فسيفس������ائيا. ومع ذلك، فإن كل خلي������ة مخروطية في الرؤي������ة الثالثية األلوان حت������وي جينات لألصبغة الثالثة جميعها. إال أن������ه ليس واضحا متام������ا كيف تقرر اخللية

املخروطية التعبير عن جني صباغ واحد. تقوم اخلاليا بتشغيل جيناتها أو التعبير عن هذه اجلينات عن طريق عوامل انتساخ، وه������ي پروتين������ات خاص������ة مرتبط������ة بالدنا متوضعة قرب منطقة تنظيم تدعى احملرض، وبالتالي تطلق سلسلة من التفاعالت املؤدية إلى اصطناع الپروتني املكود باجلني املعني. يب������دو أنه خالل التطور اجلنيني تقوم عوامل االنتس������اخ بتنش������يط ج������ني الصب������اغ S في املس������تقبالت الضوئية للموج������ات القصيرة. كم������ا أن بعض العمليات غي������ر املعروفة متنع التعبير اجلين������ي )املورثي( ألصبغة األطوال

.L املوجية الطويلةولك������ن هناك آلي������ة إضافي������ة تتحكم في ف������ي مخاريط التعبي������ر اجلين������ي لألصبغة املوج������ات الطويل������ة عن������د رئيس������يات العالم اجلديد، وهذه اآللي������ة تتضمن عمليات ذات طبيعة عشوائية. وفي إناث رئيسيات العالم اجلديد التي متتلك أالئل أصبغة مختلفة على كل من الكروموسومني X، فإن اختيار األليل الذي س������يعبر عنه من قبل خ�لية مخروطي����ة معين�ة يعتمد على عملي����ة تش�به بعشوائيتها رمي قطعة النقد ت�ع����رف بتعطيل أو إخماد وبه������ذه .X-inactivation X الكروموس���وم العملية تق������وم كل خلية عند األنثى بالتعطيل X العش������وائي لفعالية أحد الكروموس������ومنيلديها في مرحلة مبكرة من النمو. إن تعطيل

Super Color Vision? )�()1( وحدة الكم الضوئي. )التحرير(

رؤية ألوان خارقة؟)٭(لدى بعض النساء أربعة أمناط من

األصبغة البصرية بدال من ثالثة. نتج الصباغ الرابع من طفرة حدثت في أحد

جينات صباغ املوجات الطويلة املتوضع على الكروموسوم X، ويتميز هذا الصباغ

بإزاحته للحساسية الطيفية للشبكية. إال أنه مازال قيد الدراسة فيما إذا كان هذا االنزياح يخلق القدرة على إدراك مجال أوسع من طيف األلوان، وهكذا

فإن الدراسات حول رؤية اللون إلى هذا الوقت لم تقدم دليال قاطعا عن وجود حاالت الرؤية الرباعية اللون، كما أن

األشخاص الذين ميتلكون هذه القدرة )وإن وجدوا( ال يدركون بالضرورة

امتالكهم لهذه الصفة البصرية الشاذة.

تعلم الفأر املعدل جينا )وراثيا( التوجه إلى اللوحة املختلفة باللون عن اللوحتني األخريني ، مما يبني

أنه قادر على رؤية ظالل اللون البرتقالي الذي ليس مبستطاع الفئران الطبيعية أن متيزه من األزرق

كونها ثنائية األلوان. اكتسب الفأر هذه القدرة ألنه يحمل جينا بشريا للصباغ البصري للموجات

الطويلة إضافة إلى جيني صباغيه األصليني ) اللذين ميتلكهما(. وتثبت هذه التجربة املرونة الرائعة )القدرة على التكيف( لدماغ الثدييات حيث إن بإمكان الفأر أن

يستعمل هذا الصباغ اجلديد من دون امتالك خاليا عصبية خاصة بتفسير إشاراته.

Page 31: may-june-2010

30(2010) 6/5

الكروموس������وم X يضم������ن أن أليال صباغيا واحدا س������وف يتم التعبير عنه )أي إن منطا واحدا م������ن األصبغة س������وف يظهر( في أي خلية مخروطي������ة ذات املوجات الطويلة. وألن العملية عش������وائية �� فإن نصف العدد الكلي للخالي������ا يقوم بالتعبير ع������ن جينات مكودات ف������ي أحد الكروموس������ومني X، في حني يقوم النص������ف اآلخر بالتعبير عن جينات مكودات ف������ي الكروموس������وم X الثان������ي � كما يضمن أيضا مت������ازج مخاريط املوجات الطويلة عند إن������اث رئيس������يات العالم اجلدي������د في جميع أنحاء الشبكية ضمن فسيفساء حتقق الرؤية

الثالثية األلوان.إن تعطي������ل الكروموس������وم X يح������دث ف������ي جميع الثديي������ات، ودوره األساس������ي هو احملافظ������ة على بقاء الن������وع ومن دونه فإن اخلاليا األنثوية س������وف تستعمل كال الپروتين������ات إلنت������اج X الكروموس������ومني مما ي������ؤدي إلى إنتاج كمي������ات مختلفة من الپروتينات في كال اجلنس������ني وهذا يؤدي إل������ى إضعاف تط������ور أحد اجلنس������ني أو كليهم������ا. ولكن مب������ا أن رئيس������يات العالم L و M القدمي لدي�ه����ا ك���ال جين����ي الصب���اغعلى كل كروموس������وم X، فإن عملية تعطيل كروموس������وم X وحدها ال تقل������ص التعبير اجليني جل������ني صباغ واحد فقط لكل خلية مخروطية في هذه احليوانات. لذا البد من

وجود آلية أخرى تؤدي دورا هنا.تظهر دراس������ة ق������ام بها <ناثان������ز> أن ما يحدد ك������ون أي من جيني الصب������اغ املرتبط بالكروموسوم X سيعبر عنه في خلية مخروطية عند رئيسيات العالم القدمي هو تسلسل الدنا املجاور واملس������مى منطق������ة التحكم املوضعي LCR. م������ن احملتم������ل أن االختي������ار يتم أثناء

مرحلة النمو، عندما تتفاعل املنطقة LCR في كل خلية مخروطية مع واحد - وواحد فقط من محفزات جيني الصباغ املجاورة إما للصباغ M أو L وليس لكليهما - يحدث تشغيل ذلك اجلني. لم يتم بعد توصيف واضح لتفاصيل

هذا التفاعل بدقة، ولكن الدالئل احلالية ترجح أن هذا االختيار قد يكون عشوائيا.

LCR إذا كان هذا التداخ������ل بني املنطقةواحملفز هو فعال الذي يحدد التعبير اجليني للصب������اغ في اخلالي������ا املخروطية، وإذا كان ع ه������ذا عش����������وائي����ا فعال؛ إذن يك������ون توزاملخاريط M و L في أي منطقة من الش������بكية عن������د رئيس������يات العالم الق������دمي مهما كانت صغيرة عشوائيا أيضا. وأظهرت الدراسات الت������ي متت من قب������ل <D. ويليام������ز> وزمالئه ]من جامعة روشيس������تر[ أن������ه ضمن حدود اإلمكان������ات التقنية للط������رق احلالية لوضع خرائ������ط توزع اخلالي������ا املخروطية، فإن هذا

التنبؤ يبقى قائما.

الرسام العرضي)٭(

تشير الدراس������ات التي تبحث في أساس رؤي������ة األلوان عند الرئيس������يات إلى وجود آلية معين������ة عالية املرونة )مطواع������ة( لرؤية األلوان ذات املوجات الطويلة في الش������بكية والدماغ. وعلى الرغم من وج������ود دارات خاصة ملقارنة ،S املعلوم������ات البصري������ة اآلتية م������ن املخاريطباإلشارات اآلتية من مخاريط املوجات الطويلة، فإن كال من الدماغ والش������بكية يبدو ارجتاليا )عفوي������ا( ف������ي مقارن������ة اإلش������ارات اآلتية من املخاريط M بتلك اآلتية من املخاريط L. وعلى وجه اخلصوص يبدو أن اجلهاز البصري مييز ب������ني هذه املخاريط بالتجرب������ة فقط أي مبراقبة

استجابة املخاريط للمنبهات البصرية.وأكثر من ذلك، يبدو أن الطريق العصبي الرئيسي الذي ينقل االستجابات من مخاريط املوجة الطويلة ليس مكرسا على وجه التحديد لرؤية األلوان فقط. وعلى األرجح، فإن القدرة على استخالص املعلومات عن اللون من قبل املخاريط M و L قد تكون حدثا جيدا حصل مصادفة )عرضيا( من قبل اجلهاز العصبي القدمي املس������ؤول عن الرؤي������ة املكانية العالية

<جاكوبس> هو أستاذ بروفسور باحث في قسم علم النفس ومعهد أبحاث العلوم العصبية بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربارا. وهو مؤلف ألكثر من

200 مقال وفصل في كتب حول اجلهاز

البصري، وقد اكتشف اآللية اجلينية )الوراثية( لظهور الرؤية الثالثية األلوان عند رئيسيات العالم اجلديد. <ناثانز>

أستاذ بروفسور في أقسام: علم األحياء وعلم األحياء اجلزيئي وعلم الوراثة

والعلوم العصبية وطب العيون في كلية الطب بجامعة جون هوپكنز، وباحث في

معهد هاورد هيوز الطبي، و قد عمل على دراسة تسلسل جينات األصبغة

البصرية عند البشر، وتركيب الپروتينات املقابلة لهذه اجلينات.

املؤلفان

Jeremy Nathans Gerald H. Jacobs

The Accidental Colorist )�(

Page 32: may-june-2010

31 (2010) 6/5

الدقة والتي تطورت إلى إمكانية متييز حدود األش������ياء املرئية وبعدها عن الناظر. يش������ير <J. مولون> ]من جامع������ة كامبريدج[ إلى أن

الرؤية املكانية العالية الدقة لدى الرئيس������يات تتم بواسطة املخاريط ذات املوجات الطويلة، وتنطوي على املعاجلة العصبية نفسها التي تت������م من خاللها رؤية األل������وان ذات املوجات الطويل������ة. وه������ذا يعتبر تش������ابها ب������ني تنبيه مخروط واحد من النوع L أو M، مع متوسط اإلثارة الناجمة عن تنبيه عدد كبير من املخاريط M وL املتجاورة. وحتى اآلن لم يكتش������ف أي دارات مس������تقلة خاصة برؤية اللون بواسطة املوج������ات الطويلة، ورمبا ال حاجة إلى وجود أي من هذه الدارات، وعلى هذا ميكن اعتبار الرؤية الثالثية األلوان وكأنها جزء عفوي من

منظومة الرؤية املكانية املوجودة مسبقا. إن فرضي������ة املرونة العصبي������ة في رؤية األل������وان تقودنا إلى تس������اؤل فضولي. ولنا أن نتص������ور أن اخلط������وة األول������ى في تطور خاصية ثالثية األلوان عند الرئيسيات تتمثل بظهور ألي������ل ثان لصباغ املوج������ات الطويلة عل������ى الكروموس������وم X ف������ي إناث الس������لف جلميع الرئيسيات احلالية. هل ميكن لدماغ الرئيس������يات الس������لف أن يرجتل اس������تخدام الصباغ اجلديد من دون تطوير دارة عصبية جديدة؟ وهل الكتساب نوع ثالث من األصبغة أن يكون كافيا بحد ذات������ه إلعطاء بعد جديد

لرؤية األلوان؟ ويب������دو لنا أنه م������ن املمك������ن التحقق من هذه الفكرة إذا اس������تطعنا إعادة إحداث تلك اخلط������وة األولية في تطور ثالثية األلوان عند الرئيس������يات في الثدييات ذات النمط الثنائي األلوان مثل فأر التجارب. بدأنا هذه التجربة بالهندسة اجلينية لكروموسوم X للفأر بحيث ص������ار قادرا على تكويد صباغ L البش������ري بدال م������ن صباغ M الف������أري، ومن ثم صار ق������ادرا على إنتاج األلي������ل للنمط الذي نعتقد أنه قد حصل منذ ماليني السنني في الرئيسيات الثنائي������ة األلوان. وم������ن ثم، برهنا أن الس������اللة

الناجتة من هذه الفئران عبرت عن اجلني البشري في خالياها املخروطية وأن الصباغ L البشري قد نقل اإلشارات الضوئية بكفاءة مماثلة لكفاءة الصباغ M الفأري. كما أن هذه الفئران التي عبرت عن الصباغ L البشري كانت كما هو متوقع حساس������ة ملجال أوس������ع من األطوال

املوجية لذلك املجال في الفئران العادية.ولك������ن م������ن أج������ل الوصول إل������ى هدفنا طرحنا الس������ؤال األساسي: هل ميكن إلناث الفئران التي متتل������ك جيني صباغ مختلفني على الكروموس������وم X استخدام الفسيفساء الش������بكية للمخاري������ط M و L املولدة بعملية تعطيل الكروموسوم X ليس فقط لإلحساس وإمن������ا أيضا جلعل متييز األلوان ضمن ذاك املجال الواسع من األطوال املوجية؟ اجلواب

املختصر املفيد هو: نعم إنها تستطيع.وفي التجارب املختبرية متكنا من تدريب Lو M إن������اث الفئران التي متتل������ك كال الصباغنيعل������ى التمييز بني لوح������ات خضراء وصفراء وبرتقالية وحمراء، وهو األمر غير املمكن عند الفئران العادية حيث تب������دو جميع اللوحات متماثل������ة عندها. جنبا إلى جنب مع امتالكها الصباغ L اجلديد، يبدو أن هذه الفئران قد حصلت على بعد إضافي للخبرة احلس������ية، مما يوحي أن دماغ الثديي������ات لديه إمكانية فطري������ة الس������تخالص املعلوم������ات من أمناط

مختلفة وجديدة من املدخالت البصرية. ولهذه النتيجة انعكاس������ات على تطور األجهزة احلسية بش������كل عام ألنها تشير إلى أن تلك التغييرات على مستوى »النهايات األمامية« للمنظومة - في جينات املستقبالت ه تطور املنظومة احلسية - ميكن لها أن توجبكاملها. وفيم������ا يتعلق باخلاصية الثالثية األلوان عند الرئيس������يات، فإن جتربة الفأر تبني أيضا أن الرئيس������يات األولية التي متتل������ك صباغ������ني لهما أط������وال موجية مختلفة، اس������تطاعت أن ترى عاملا من األلوان لم تس������تطع أن ت������راه الثدييات

األخرى في أي وقت مضى.

مراجع لالستزادة

Scientific American, April 2009 >

Page 33: may-june-2010

32

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

تعزيز قوة اللقاح)٭(أعادت تبصرات جديدة في النظام املناعي إحياء االهتمام بإضافة

مكونات تستطيع شحن اللقاحات القدمية بقوى فائقة،وجتعل اصطناع لقاحات جديدة متاما أمرا ممكنا.

<N. گارسون> ــ <M. گولدمان>

مفاهيم مفتاحية< تتمتع اللقاحات بفعالية بالغة في الوقاية من األمراض، ولكن

ثمة إمكانية ألن تعمل على نحو أفضل، ولدى املزيد من

الناس، وضد طيف أوسع من األمراض.

< أظهرت التطورات التي مت إحرازها في علم املناعة كيف

ميكن ألصناف جديدة من »املساعدات« adjuvants، وهي

ه االستجابات مكونات تنباملناعية للقاحات، أن تتيح

ملصممي اللقاحات استهداف فئات سكانية مخصوصة،

رضات pathogens محددة. وممم

< ميكن للمساعدات اجلديدة أن جتعل اللقاحات املتوافرة حاليا أكثر فعالية وأن جتعل اللقاحات التي كان يستحيل تطويرها في السابق حقيقة

واقعية.

محررو ساينتفيك أمريكان

ــــــة ــــــر فــــــي التشــــــوهات الوالدي إن التفكيــــــة، وصفوف الناجمــــــة عــــــن احلصبة األملانيــــــي تؤوي األطفال الذين الرئات احلديدية التأصابهم شــــــلل األطفال بالعجز، واألصوات ــــــي تنبعث مــــــن األطفــــــال الذين ــــــة الت املرعبيصارعون إصابتهم بالشــــــاهوق )الســــــعال الديكي(، هذا التفكير يثير الذعر بني الناس الذين كانوا الشاهد األول على التدمير الذي أحدثته هذه األمراض وغيرها من األمراض التي ميكن توقيها بالتلقيح. وحلســــــن احلظ، فإن هذه الهجمات ال تعرفها، من وجهة نظر ــــــال املعاصرة التي أتيحت افتراضية، األجي

لها اللقاحات طيلة فترات حياتهم.لقد أثبتت اللقاحات وملدة تزيد على مئتي عام أنها من أكثر الطرق جناحا وإنقاذا للحياة، إضافة إلى جدواهــــــا االقتصادية في الوقاية من األمراض املعدية؛ وال يسبقها في ذلك إال تعقيم املياه. لقد أنقذت اللقاحات حياة املاليني من البشــــــر من املوت املبكر أو من األمراض املسببة للعجز، وجعلت التخلص من اجلدري عام 1979 أمرا ممكنا. واخلبراء بالصحة في الوقت احلاضر ملتزمون بالتخلص من شــــــلل األطفال واحلصبة، ورمبا من املالريا في يوم مــــــا؛ وذلك على الرغم مــــــن أن اللقاح املضاد للمالريا يتطلب، وفق ما سوف نرى، مقاربات

جديدة تؤدي إلى جناح التمنيع.ــــــا على وجــــــه اإلجمال، فإن وإذا حتدثن

األســــــاس املنطقي للتلقيح هو أن التعرض ــــــة صغيرة مــــــن متع���ض)1( ميكروي لعينــــــم يعل للمــــــرض مســــــبب microorganism

النظام املناعي البشري تعرفه واالستعداد ــــــه عندما يصادفه مرة ثانية. إال أن ملواجهتاللقاحات الكالســــــيكية ال تنجح دائما لدى جميع الناس، وال تســــــتطيع أن حتمي من جميع األمراض. فبعض الفئات الســــــكانية مثل كبار الســــــن قد يكــــــون النظام املناعي لديهم أضعف من أن يقوموا باالســــــتجابة الكافية للقاحــــــات التقليدية. كما أن بعض املمتعضيات املسببة لألمراض كان بوسعها أن تتجاوز الدفاعات املناعية التي حرضتها اللقاحــــــات. واملالريا والســــــل واإليدز من ــــــى األمراض التي لم تســــــتطع ــــــة عل األمثلاللقاحات حتى اآلن أن تثبت جدواها. وميكن توسيع نطاق مبادئ التلقيح أيضا لتشمل أمراضا أخرى مثل الســــــرطان والتحسس وألزهامير، إال أن هذه التطبيقات قد تتطلب حتفيز النظام املناعي لالستجابة لشيء قد ال يتعرفــــــه في احلالة الســــــوية أبدا، أو قد

يتعرفه بشكل ضعيف.وفي جميع هذه األحــــــوال، فإن منبهات النظــــــام املناعي والتي تعزز قدرة اجلســــــم على تعرف أحد اللقاحات واالســــــتجابة له،

BOOSTING VACCINE POWER )٭()1( كائن حي.

Page 34: may-june-2010

33 (2010) 6/5

ميكن أن تنجح. ويطلق على مثل هذه املواد املنبهة للمناعة املس���اعدات، واسمها مشتق من الكلمة الالتينية، adjuvare )وتعني تقدمي املســــــاعدة(. وبعض هذه املواد معروف منذ أكثر من قرن من الزمن، ويســــــتخدم لتعزيز للســــــرطان. اللقاحات واملعاجلات املضادة وبشــــــكل مشــــــابه لآلليات التي تكمن خلف اللقاحات ذاتها، فإن التفاصيل الدقيقة حول كيفية حدوث التفاعل املتبادل بني املساعدات وبني اخلاليا املناعية لم تفهم فهما جيدا حتى وقت قريب من اآلن. فقــــــد قدمت التطورات الهائلة في علوم املناعة وال ســــــيما في العقد املاضي، تبصرات جديدة حول الكيفية التي تنتج من خاللها املســــــاعدات آثارها، وتفتح الطريق لتصميم لقاحات تأخذ في حسبانها احتياجات الناس الذين ينبغي حمايتهم من ــــــي ينبغي حماية املمرض���ات pathogens التــــــاس منها. وقد أصبحت اللقاحات، التي النــــــل وبوجود هذه كان يتعــــــذر تركيبها من قبالوســــــائل اجلديدة، في طــــــور اإلنتاج، أما اللقاحات املتوافرة فعليا فقد أصبحت أكثر

فعالية وجناعة )كفاءة(.

محاكاة العدوى بقصد تفاديها)٭(تتمتع الكثير من حاالت العدوى الطبيعية بفائدة واحدة على األقل، تتمثل بأنها تؤدي ــــــة احلياة جتاه املممرض إلى مناعة تدوم طيلاملســــــبب. ويعمل اللقــــــاح املثالي أيضا على ــــــة األمد، ــــــل هــــــذه احلماية الطويل تقدمي مثــــــى، وقد يقي وبجرعــــــة واحــــــدة باحلالة املثلأيضا من التهديدات ذات الصلة، مثل جميع األفراد املنتمني إلى أســــــرة لقــــــاح إنفلونزا البشــــــر. ولتحقيق هذه األهداف ينبغي على اللقــــــاح أن يدرج العديد من العوامل الفعالة فــــــي اخللية ضمــــــن النظام املناعــــــي، وهي ــــــي يتم تنبيهها نفســــــها العوامل الفعالة الت

خالل العدوى احلقيقية.ــــــرض هائ���ج wild إلى عندمــــــا يدخل ممم

ــــــى، فإنه اجلســــــم للمرة األولــــــا النظام ــــــل فــــــورا خالي يقابــــــة اجلائل ــــــي األصل املناعــــــي الغزاة. عن بحثا باســــــتمرار ومن هؤالء احلــــــراس البالعم dendritic واخلاليا املتغصنةــــــع املممرضات ــــــي تبتل cells الت

مع اخلاليا اجلسدية املصابة ثم تفكك بالعدوى وتدمرهــــــا، هــــــذه اخلاليا احلارســــــة ومن ــــــي هضمتها، ــــــم املــــــواد الت ثوتعرض مناذج مــــــن مكونـات املواد الداخلية - والتي تدعى املستضدات antigens - بحيث ــــــا األعضاء في تصبح اخلاليالتكيفي، وهي املناعي النظام

ــــــا T، متآلفــــــة مع مظهر ــــــا B واخلالي اخلاليــــــرض. وفي الوقت نفســــــه، فــــــإن اخلاليا املممالتي تعرض املستضدات تطلق مواد كيميائية إشارية تدعى السيتوكينات cytokines التي B ــــــه اخلاليا حترض حــــــدوث االلتهاب، وتنب

واخلاليا T ملواجهة هذه احلالة الطارئة. T واخلاليا B ومــــــا أن تنضج جتمعات اخلالياالتي تكيفت مع مســــــتضد نوعي ، حتى تطلق ،antibodies ــــــات األض���داد ــــــا B جزيئ اخلاليــــــا T القاتلة عن اخلاليا ــــــى تبحث اخلالي وحتالتي اســــــتعمرتها الكائنات الغازية فتدمرها. ــــــة مع اخلاليا وتســــــتغرق التفاعــــــالت املتبادلالتي تعرض املستضدات بضعة أيام حتى يتم ــــــا B واخلاليا T ذات التصميم تخليق اخلالياخلــــــاص، إال أن مجموعــــــة جزئية منها ميكن أن تبقى في اجلســــــم لتكون خاليا »ذاكرة«)1(، ويستمر ذلك في بعض األحيان لعقود، وتكون جاهزة إلخماد أي محاولة يقوم بها املمتعضي نفسه لعودة العدوى. وتقوم اللقاحات مبحاكاة رض بكامله ــــــة عن طريق إدخال ممم هذه العمليأو أجــــــزاء منه يعرف بأنه كائن غزوي أجنبي. وال تنجح جميع اللقاحات في توليد اســــــتجابة

Mimicking Infection to Avert It )٭("memory" cell )1(

Page 35: may-june-2010

34(2010) 6/5

ــــــة، إال أن بعــــــض املممرضات قد ــــــة كامل مناعيتوقف بواســــــطة األضداد فقط، مما يغني عن

احلاجة إلى اخلاليا T القاتلة للحماية.ويأخذ مصممو اللقاحات في حسبانهم طبيعة املممرض وكيف يسبب املرض من بني ــــــة اعتبارات أخرى عندما يختارون منط جملاملستضد الذي ينبغي عليهم استعماله. وقد تكــــــون املواد التي تعطى في اللقاح املعياري ضعفة ــــــة ولكنها مم بكتيريا أو ڤيروســــــات حيلة عط نة«، أو تكون نســــــخا مقتولة أو مم »موهاة نق ــــــات مم من مجمل املتعضــــــي، أو پروتينة من املممرض األصلي. ولكل اختيار شــــــتق مم

فوائده ومساوئه.نة ــــــة واملموه ــــــاج اللقاحات احلي يعــــــاد إنتــــــدن ببطء شــــــديد، إال أنهــــــا وبنتيجة في البــــــاج ومواصلة عرض املســــــتضد هــــــذا اإلنتــــــى النظام املناعي، ميكــــــن لهذه اللقاحات عل

ــــــة األمـــــد. إطــــــالق اســــــتجابة مناعيــــة طويلوبسبب طبيعتهــــــا املتأصـــلة للعدوى ال ميكن ــــــدى األفراد نة ل اســــــتخدام اللقاحــــــات املموهالذين يعانون ضعف النظــــــام املناعي الذي قد يصبح مثقال باألعباء الثقيلة. إن خطورة حدوث الطفرة في بعض الڤيروسات احلية املضعفة والتي حتولها إلى شكل ذي فوعة نة ذات خطورة عالية جتعــــــل اللقاحات املموهفي حال اســــــتخدام املممرضات املميتة مثل

.HIV ڤيروس العوز املناعي البشريأما اللقاحــــــات األكثر شــــــيوعا، فتتألف ــــــروس الكامل املقتول ــــــات من الڤي من جزيئباســــــتخدام بعــــــض الطرق، مثل التســــــخني احلراري. وهذه اجلزيئات ال ميكنها التكاثر، إال أن هذه الپروتينات الڤيروسية تبقى ساملة ــــــا النظام املناعي نســــــبيا بحيث ميكن خلالي

Vaccines Mimic Infection to Avert It )٭(

]أساسيات[حتاكي اللقاحات العدوى بقصد تفاديها)٭(

رضات مقتولة أو مضعفة، أو قطعا منها، إلطالق استجابة مناعية تؤدي إلى توليد خاليا »ذاكرة« تقوم بتعرف املتعضي امليكروي نفسه تقدم اللقاحات مبسرعة في املستقبل. وميكن لهذه اخلاليا في املستقبل أن حتصر العداوى احلقيقية أو على األقل أن تقلل من املرض.

إعطاء اللقاحإعطاء جرعة ضئيلة من ڤيروس حي ولكنه مضعف من أحد األشكال الشائعة

للقاحات. إن الڤيروس الذي يحقن في اجللد سيصيب بالعدوى بعض اخلاليا ويتكاثر ببطء ضمنها. واخلاليا املناعية »األصلية« مثل البالعم واخلاليا

املتغصنة تقوم بهضم املواد األجنبية واخلاليا املصابة بالعدوى في اجلسم . كما تصدر اخلاليا املتغصنة مواد كيميائية بإشارات تدعى السيتوكينات التي

تعمل مبنزلة إنذار.

هجرة اخلاليا املتغصنة وتفاعالتهاتنضج اخلاليا املتغصنة مبا حتمله من مواد أجنبية )مستضدات( وتهاجر إلى العقد

اللمفية لتتفاعل مع اخلاليا T واخلاليا B، وهي من مكونات النظام املناعي »التكيفي«. وحترض اخلاليا املتغصنة اخلاليا T من خالل عرض املستضد وإصدار السيتوكينات لتصبح ناضجة إلى أمناط من خاليا مساعدة وخاليا قاتلة، وتطلق اخلاليا T املساعدة إشارات لتحريض اخلاليا T القاتلة على مهاجمة اخلاليا املصابة بالعدوى وحتريض

اخلاليا B إلنتاج األضداد املصممة خصيصا للممرض.

موقعاحلقن

خلية متغصنةقطع ڤيروسية

بلعمعقدة ملفية

أضداد

خاليا T مساعدة

خاليا T قاتلة

سيتوكينات

T طالئع خاليا

خاليا مصابة بالعدوى

نضج وهجرة إلى العقد اللمفية

سيتوكينات

ڤيروس في اللقاح

مستضد

B خلية

Page 36: may-june-2010

35 (2010) 6/5

النضــــــج وفــــــي الهجرة على النحــــــو املالئم، ــــــة الوحدات في غالب وتتطلب لقاحات جزئياألحيان عامال مساعدا ليقوم بدوره بإطالق ــــــذي يحفز اخلاليا املتغصنة العلم األحمر ال

إلى البدء بالعمل.وحتتوي معظم اللقاحات التي تســــــتخدم ــــــة في الوقت ــــــات املتحدة األمريكي في الواليــــــى واحــــــد أو أكثر مــــــن أقدم احلاضــــــر علاملســــــاعدات، وهــــــو »األل���وم« alum، وهــــــو ــــــى أعضاء عائلة ــــــح مختصر يدل عل مصطلــــــوم. ومع أن ــــــة مــــــن أمــــــالح األملوني كيميائي»األلوم« قد اســــــتخدم في اللقاحات البشرية ــــــذ الثالثينات، وأنه أثبت فائدته في العديد منــــــه قاصر من مــــــن اللقاحــــــات احلالية، إال أنحيث كونه مســــــاعدا في اللقاحات املضادة لألمراض التي تتطلب أكثر من مجرد حماية

الة. األضداد حتى تصبح فعــــــد مــــــن املممرضــــــات املعدية ميكــــــن للعديــــــروس HIV وڤيروس املهددة للحياة مثل الڤيرات الســــــلية وطفيليات التهاب الكبد C واملتفطاملتصورات )التي تســــــبب املالريا( أن تتجنب ــــــال املضاد لهذه األضــــــداد، والبد للقاح الفع .T املممرضات أن ينبه استجابات قوية للخالياوفي الواقع، لقد أدت اجلهود املبذولة ملكافحة هذه املتعضيات والتي تفرض حتديا هائال إلى حتفيز عودة االهتمام مبســــــاعدات اللقاحات ــــــه إجنازات مذهلة فــــــي الوقت الذي تتحقق فيفــــــي فهم النظام املناعي، وهو األمر الذي أدى

بدوره إلى احلصول على مساعدات أفضل.

عودة النهوض باملساعدات)٭(ــــــى عنــدمـــا كــان الكيميائي الفرنســــــي حت<L. پاستور> يواجه كلبا مسعورا الستخالص

ــــــى أول لقاح مضاد ــــــه للحصول عل اللعاب منــــــداء الكلب في الثمانينات من القرن التاســــــع لعشــــــر، كان أحد جراحي العظام في نيويورك يبتكــــــر، دون أن يدري، أســــــلوبا لتدعيم مجمل

Adjuvant Revival )٭( COMMON VACCINE TYPES )٭٭(

recombinant genetic engineering )1(

األمناط الشائعة للقاحات)٭٭(

نة : ڤيروسات أو < موهبكتيريا كاملة حية

ولكنها مضعفة. ويطيل التكاثر الذي هو

بحالته الدنيا من فترة تعريض اخلاليا املناعية

للمستضد من دون أن يسبب املرض.

....................................< معطلة : كاملة ولكنها

»مقتولة« وغير قادرة على التكاثر أو على

إحداث املرض..................................

< جزئية الوحدات : قطع من املمرض، مثل

پروتينات خارجية أو مادة جينية، تقدم

مستضدا للخاليا املناعية لتعرفه.

الذاكرة املناعيةتصبح بعض اخلاليا T واخلاليا B خاليا ذاكرة طويلة

العمر، حتمي من العدوى املستقبلية.

خاليا B وخاليا T ذاكرةمحاولة عدوى

خلية مصابة بالعدوى

تعرفها بســــــهولة، إال أن ذلك يتطلب جرعات تعزيزية دورية لتقوية االستجابة املناعية.

وشكل ثالث هو اللقاح اجلزئي الوحدة subunit vaccine، والذي يعرض املســــــتضد

للنظــــــام املناعي من دون تدخــــــل متعضيات ــــــك. وميكن عزل ــــــة، كاملة أو غير ذل ميكروياملستضد من املممرض ذاته، أو أن يصنع من خالل الهندس���ة اجلينية التأشيبية)1(. وملا كانت اللقاحات اجلزئية الوحدات ال تتضمن سوى جزء من املممرض، فإنها ال تطلق دائما ــــــة لتنبيه ــــــذرة باخلطر املطلوب العالمــــــات املن

االستجابة املناعية املثلى.وفي السنوات األخيرة، توصل العلماء ــــــذي تؤديه ــــــى تعرف الدور احلاســــــم ال إلاخلاليا العارضة للمســــــتضدات وال سيما اخلاليا املتغصنة، في تقييم مستوى التهديد الذي يفرضه املممرض وحتديد االســــــتجابة الضرورية. فعندما تصبح اخللية املتغصنة ــــــة باملســــــتضدات في موقــــــع العدوى مثقلأو في موقــــــع حقن اللقــــــاح، فإنها تنضج ــــــى العقد اللمفية املجاورة، حيث وتهاجر إلتبدأ بإطالق إشارات وتنغمس في تفاعالت ــــــى اســــــتجابة واقية في ــــــة تؤدي إل متبادلاخلاليا B واخلاليا T. ومن دون مؤشــــــرات ــــــكل متعض من املتعضيات اخلطر الفريدة لامليكروية، فإن اخلاليا املتغصنة تفشــــــل في

Page 37: may-june-2010

36(2010) 6/5

االستجابة املناعية، وهو أسلوب ميكن اعتباره أول اســــــتخدام للمســــــــاعدات، فقـد اســــــتأثر باهتمام <W. كولي> ]من مستشفى السرطان في نيويورك[ تقرير عن األورام التي يتقلص حجمها أو تختفي برمتها لدى مرضى السرطان الذين يصابون بالعدوى بإحدى الذراري اخلاصة من البكتيريا العقدية streptococcus، وهي العقدية حة S. pyogenes. وانطالقا من احلدس بأن املقيالتفاعالت املناعية لدى املرضى جتاه البكتيريا قد زادت من قدرتهم على التغلب على األورام، فقد بدأ بسلســــــلة من التجارب في عام 1881، ــــــا احلية، ثم في مرحلة الحقة، فأعطى البكتيريعمد إلى تسريب البكتيريا املقتولة إلى مرضى السرطان. وقد حققت هذه املعاجلات التي أمطلق عليها اسم »ذيفانات كولي« بعض حاالت الهدأة التي أثارت اإلعجاب، مع أن كيفية عملها بقيت

سرا ملدة طويلة.ــــــع القــــــرن العشــــــرين مــــــا لبث وفــــــي مطلالباحثون أن نشــــــروا الفكــــــرة التي تدور حول ــــــا واملواد األخرى قد حتســــــن من أن البكتيرياالســــــتجابة املناعية الطبيعية لدى البشر. وقد ــــــب البيطري الفرنســــــي أجــــــرى كل من الطبي .G .A> ــــــزي <G. رومــــــان> وعالم املناعة اإلنكلي

گلني> جتارب مع مواد متنوعة منها التاپيوكا وهيدروكســــــيد األملنيوم لتعزيز فعالية لقاحي ــــــا( والكــــــزاز )التيتانوس( ــــــاق )الديفتري اخلنــــــي تعطــــــى للحيوانات. وخالل عــــــام 1930 التوجد علماء آخرون أن املســــــتضدات املستعلقة في مســــــتحلبات الزيت في املــــــاء قد تعزز من قوة اللقاحات. وواصلوا اســــــتقصاءاتهم على مواد مســــــتخلصة من البكتيريا مثل الشحوم املتع���ددة الس���كاريدات (LPS))1(، وهــــــي أحد ــــــا البكتيرية. وقد مكونات جدار بعض اخلاليــــــر من هذه املــــــواد املضافة تأثيرات كان للكثيمرغوب فيهــــــا، ولكن في حــــــاالت كثيرة تظهر ــــــرات ضائرة مثل االلتهاب الشــــــديد، مما تأثييجعل من املتعذر التنبؤ بنتيجة هذا األسلوب.

وهكذا تضاءل االهتمام بأبحاث املساعدات نتيجة لذلك، حتى عام 1980، عندما ظهر حتد

جديد لڤيروس اســــــتدعى اســــــتخدام جميع التكتيكات التي ميكن أن تخطر بالبال. وأثبت الڤيروس HIV أنه بعيد جدا عن متناول طرق ــــــح املعهودة. إذ يهاجــــــم هذا الڤيروس التلقيــــــق عمــــــل النظام ــــــا، ويعي ــــــا T انتقائي اخلالياملناعي التكيفي إعاقة جسيمة، كما أن شكله ــــــث يتعذر على األضداد أن دائم التغير، بحيــــــني الذين يعملون تتابعــــــه. وكان على الباحثعلى الپروتينات املأشــــــوبة للڤيروس HIV أن يجدوا طرقا لتعزيز آلية تعرف النظام املناعي على املستضدات، ويحثهم على محاولة ضم ــــــك إلى جانب مســــــاعدات جديدة إليها، وذلالعمل على حتسني هذه املساعدات للحصول

على مناذج جديدة منها.ولعل أضخم اإلجنازات التي حتققت في األبحــــــاث التي تناولت ما حــــــدث عام 1997، وذلك باكتشاف وجود مستقبالت متخصصة بتعرف األمناط موجــــــودة في داخل اخلاليا املتغصنة وعلى سطحها، وهي مكرسة لتعرف األقسام األساسية في املتعضيات امليكروية، مثل پروتني الفالگيلني الذي يوجد في أهداب الكثير من البكتيريا. وتطلق هذه املستقبالت ر التي تكشف املممرضات عالمات إنذار حتذاخلاليا املتغصنة للبدء بالعمل، كما تقدم لها املعلومات حول منــــــط التهديد املوجود. ومن بني األســــــرار اخللوية واملكتشفات احلديثة

AdjuVANTS OLd ANd NEW )٭(Adjuvants Add Emphasis )٭٭(

lipopolysaccharide )1(

]معززات اللقاح[

املساعدات تضيف تأكيدا)٭٭( تعزز املساعدات االستجابات املناعية جتاه

املستضدات في اللقاح من خالل العديد من اآلليات، إال أن تأثيرها األعظم قوة قد يكون من خالل

تفعيل مستقبالت التعرف امليكروبية على اخلاليا املتغصنة. واعتمادا على منط التهديد الذي تشعر

به، فإن اخلاليا املتغصنة سوف توجه اخلاليا املناعية األخرى لالستجابة بطرق مختلفة. وميكن ملصممي اللقاحات استخدام هذه املعارف الختيار

املساعدات التي ال يقتصر تأثيرها في تعزيز االستجابة املناعية فحسب، بل يتجاوزه إلى تأكيد

االستجابات املرغوب فيها.

مساعدات في طورالتطوير واالبتكار

< CpG، الدنا البكتيري الذي تنقصه زمر امليثيل الوصفية للدنا في البشر.< الصابونني )مستخلص نباتي(:

QS21 > Quil A >

< معقدات محفزة للمناعة )الصابونني + أقفاص ليپيدية(

< ڤيروسات مبنزلة نواقل للمستضدات: < جدري الطيور

< جدري البقر < جدري الكناري

< جزيئات شبيهة بالڤيروسات، وهي دروع ڤيروسية تتجمع ذاتيا وال

تتضمن مادة جينية.< إنترليوكينات وجزيئات أخرى مطلقة

لإلشارات اخللوية.

املساعدات اجلديدة والقدمية)٭(

املساعدات في اللقاحات املسجلة < أمالح األلومنيوم »األلوم«

< مستحلبات الزيت في املاء واملاء في الزيت.

< نواقل اجلسيمات الشحمية )جزيئات ليپيدية(

< جزيئات ڤيروسية )ليپيدات + پروتينات ڤيروسية(.E ڤيتامني >

< ليپيد A وحيد الفسفوريل MPL، وهو ى من الشحوم املتعددة مشتق منق

السكاريدات البكتيرية.

األلوم

Page 38: may-june-2010

37 (2010) 6/5

اجليل الثاني من اللقاحات)٭(ــــــرع بها في لقد هدفــــــت األبحاث التي شمالثمانينات والتسعينات من القرن العشرين إلى تعرف املســــــاعدات الطبيعية وتقييمها، إضافة إلى املساعدات الصنعية واحملورة، التي ميكن أن تســــــتخدم لتحوير االستجابة املناعية جتاه املممرضــــــات النوعية أو ضمن بعض التجمعات الســــــكانية. تتضمن هذه املقومات املساعدات التقليدية، مثل »األلوم«، واملســـــــتحــلبـــات زيـــــت ــــــي مـــــاء، مثل MF59 وAS03، وكالهما أثبت فــجناحه في أوروبا عند اســــــتخدامه في بعض لقاحات اإلنفلونزا. وللحديث بشكل عام، ميكن للمســــــاعدات أيضا أن تكــــــون أي مادة مركبة ن من كمية وجودة االستجابات س كيميائية حتماملناعية بالعمل على اخلاليا املتغصنة أو على

غيرها من أمناط اخلاليا املناعية. إن إجــــــراء التجارب والتطــــــورات التي أمحرزت في علم املناعة قد سمحت بالتخلص مية غير مرغوب من العناصر التي تسبب سمفيها في املســــــاعدات التي ظهــــــرت في وقت

مجموعــــــة تعــــــرف باملس���تقبالت الش���بيهة ــــــي تبدو ذات أهمية باحلاج���ز(TLRs))1( والتــــــا املتغصنة ــــــة لتوجيه ســــــلوك اخلالي بالغــــــــــر املبكــــــر«، ، ]انظــــــر: »نظــــــام التحذي

العددان 2/1(2005)، ص 80[.ــــــى يومنا هــــــذا ت تعرف عشــــــر من وحتاملســــــتقبالت TLRs، ويتعرف كل منها إحدى الســــــمات األساسية واملختلفة من الڤيروسات أو البكتيريا. فاملســــــتقبلة TLR-4 تتعرف، على ســــــبيل املثال، الشــــــحوم LPS، وأما املستقبلة TLR-7 فتســــــجل الرن���ا(RNA) الوحيد الطاق

النموذجــــــي فــــــي بعــــــض الڤيروســــــات. وبعد هذه االكتشــــــافات، صــــــار مــــــن الواضح أن املستخلصات املستمدة من البكتيريا تؤدي دور مساعدات منبهة للمناعة؛ ألنها تطلق إشارات إنذار تنبه اخلاليا املتغصنة عبر املســــــتقبالت TLRs. وكان اكتشــــــاف هذه اآلليات يعني أن

على مصممي اللقاحات أن يستخدموا واحدا مــــــن املســــــاعدات أو توليفة منها الســــــتهداف

.TLRs مستقبالت معينة من املستقبالتNext-Generation Vaccines )٭(the Toll-Like receptors )1(

جربنا اللقاح في دراسات صغيرة

على البشر، شملت متطوعني كانوا على

استعداد إلدخال أذرعهم في صناديق

فيها بعوض ناقل للمالريا، وتعرضوا

للسع البعوض لعدد ال يقل عن خمس

مرات.

تعرف املمرضاتتتضمن اخلاليا املتغصنة املستقبالت TLRs التي تتعرف كل مستقبلة منها محفزات من جزيئات منوذجية للعديد من املمرضات مثل الپروتينات البكتيرية أو محفزات ڤيروسية ميزة )القائمة في اليسار(. واملساعدات هي التي تطلق واحدا أو توليفة من املستقبالت

TLRs تستطيع محاكاة التهديدات الطبيعية املختلفة.

املطلق الطبيعيليپوپروتينيات بكتيرية

رنا مزدوج الطاقالشحوم LPS، پروتينات الصدمة

احلرارية، الڤيروس املخلوي التنفسيپروتني الفالگيلني البكتيري

رنا وحيد الطاقدنا CpG البكتيري

غير معروف پروتني بروفيلني بكتيري

اجتاهات اخلاليا املتغصنةيحدد إطالق اخلاليا املتغصنة لإلشارات الكيفية التي

ستنضج وتتكاثر بها اخلاليا B واخلاليا T، فعلى سبيل املثال، فإن السيتوكني إنترليوكني - 12 يحبذ T القاتلة واخلاليا الفرعية النمط T تطور اخلاليا

املساعدة والالزمة للدفاع ضد العوامل املسببة للمرض داخل اخلاليا، فيما يحبذ اإلنترليوكني IL-6 منط

اخلاليا T املساعدة التي حترض اخلاليا B على إنتاج IL-23و IL-6 األضداد ويحرض كل من اإلنترليوكنيمنطا فرعيا آخر أكثر رفعة من اخلاليا T التي تعزز االلتهاب. وتتواصل دراسة اإلنترليوكنات ذاتها في

الوقت احلاضر باعتبارها مساعدات.

TLR املستقبلة

خاليا T قاتلة

سيتوكينات

TLRs املستقبالت

ضد يحرض خاليا T مساعدة

خاليا T مساعدة

التهاب يحرض خاليا T مساعدة

11

IL-12

IL-12

IL-6

IL-6

IL-23

Page 39: may-june-2010

38(2010) 6/5

مبكر، كما سمحت لهم مبزج وتطبيق مواد املســــــاعدات بحيث يكون التأثير املجتمع لها بشــــــكله األمثل للحصول على االستجابة املناعية املرغوب فيها. فعلى سبيل املثال، فإن A إحدى املساعدات اجلديدة، وهي الليپيدالوحيد الفسفوريل (MPL))1(، قــــد أمنـتـجــت عن طريق نزع ســــــمية وتنقية أحد الليپيدات من جزيء الشحوم LPS، مما أدى إلى ظهور إحدى املساعدات وهي ذات خصائص منبهة للمســــــاعدة TLR-4، ولكن من دون الســــــمية غير املرغوب فيها. وقد أمدرجت ضمن العديد من اللقاحات التي هــــــي متوافرة بالفعل في األسواق أو التي هي في املرحلة األخيرة من

االختبارات السريرية وبنتائج مشجعة.ومن بني هــــــذه اللقاحات لقــــــاح جتريبي مضاد للمالريا، ســــــاعد على تطويره أحدنا )<گارسون>( بالعمل كرئيس ملركز گالسكو ســــــميث كلني للمواد البيولوجية وملساعدات ــــــا ينجم عن طفيليات اللقاح. ومرض املالريمــــــن األوالي مــــــن جنس املتصــــــورات، وهو مرض خطير يقتل أكثر من مليون شــــــخص كل عام ومعظمهم من األطفال دون اخلامسة من العمر. وتستطيع هذه الطفيليات االختباء ضمن اخلاليا، متفادية بذلك اآلليات املناعية. ــــــات تتبدل وتتغير مرات كما أن هذه الطفيليعديدة خالل دورات حياته���ا)2(، مما يجعل من العسير كشف مستضد ميكن أن يصلح كهدف فعال للقاح في جميع مراحل العدوى. ومن األمور املهمة فــــــي هذا املجال تنبيه كل من املناعة املتواسطة باخلاليا T وباألضداد ــــــات، وذلك بالوقاية للحماية من هذه الطفيليــــــر اخلاليا التي من دخــــــول اخلاليا وبتدميــــــت بالعــــــدوى. وتتطلب هــــــذه املرامي أصيب

بدورها مساعدات تتجاوز »األلوم«.وقد أخذنا جميع العوامل في احلســــــبان، فطــــــور فريقنا لقاحا مســــــتندا إلى مس���تضد ــــــاه RTS,S، وهو يتضمن اجتماع جزيء دعونــــــب معروض على ســــــطح الطفيلي قبل مؤش

دخوله إلى خاليا الدم في اإلنســــــان املضيف ــــــى من العــــــدوى، وارتباطه فــــــي املرحلة األولباملســــــتضد الســــــطحي اللتهاب الكبد بقصد تنبيه التعرف املناعــــــي. وبعد ذلك يعطى هذا اجلــــــزيء املركب مــــــع مزيج املســــــاعدة التي »MPL« تتألف من مستحلب »زيت في ماء« وو »QS21«، وهو مشــــــتق نباتي يســــــتخدم في الطب البيطري منذ ثالثينات القرن العشرين. وبعد الوصول باملستحضر إلى أفضل وضع ممكن، حاولنا مع من نتعاون معهم في معهد ــــــر ريد لألبحــــــاث العســــــكرية« جتريب »والتاللقاح ضمن اختبارات صغيرة على البشــــــر ومنهم متطوعون، وافقوا على إدخال أذرعهم فــــــي صناديق حتوي بعوضــــــا ناقال للمالريا والتعــــــرض للدغاتها عــــــددا ال يقل عن خمس مــــــرات. وقــــــد حتققت حماية ســــــتة من أصل ســــــبعة من هؤالء املتلقني من العــــــدوى، فيما لم تتحقق احلماية ملن خضع للتجربة نفســــــها

مستخدمني اللقاح مع »األلوم«.ــــــار النهائي ضمن ظروف وقد كان االختباحلياة احلقيقية مع تعرض مســــــتمر للطفيلي، ــــــى جانب جتارب أكبر أجريت في نامبيا بني إلالبالغني، وقد أثبتت أن 71 في املئة من املتلقني قد متت حمايتهم من العدوى خالل تسعة أسابيع مــــــن املتابعة. كما أوضحت جتارب أجريت في مرحلة متأخرة على األطفال في املناطق املوبوءة باملالريا في موزمبيق أن ثالث جرعات قد أدت إلى حماية 30% من األطفال من العدوى، وأن معــــــدل وقوع املرض الوخيم في املجموعة على مدى ستة أشهر قد انخفض مبقدار يقرب من

تتطلب اإلنفلونزا اجلائحة تلقيح عدد كبير من السكان. وميكن للمساعدات أن الة مع كمية أقل من جتعل اللقاحات فعاملستضد في كل جرعة، ورمبا جتعلها

واقية ضد ذراري اإلنفلونزا التي تختلف اختالفا طفيفا عن الذرية األصلية.

لقد ترافقت مختلف اللقاحات التجريبية

املضادة للسرطان والتي تستخدم

توليفات مختلفة من املساعدات بنتائج

مشجعة.monophosphory1 lipid A )1(

life cycles )2(

Page 40: may-june-2010

39 (2010) 6/5

]العمل جار فيه[اجليل التالي من اللقاحات)٭(

تتضمن اللقاحات املذكورة أدناه مساعدات جديدة، وقد متت املوافقة عليها في بعض البلدان أو إنها في املرحلة األخيرة )الطور الثالث( من االختبارات على البشر.

60%. وتقترب نســــــخة محسنة من هذا اللقاح

الذي يتضمن نواقل اجلس���يمات الش���حمية )الليپوزوم���ات( liposomes من نهاية املرحلة األخيرة )الطور الثالث( من التجارب السريرية التي جتــــــرى على الرضع. وباعتبار أنه اللقاح ــــــت معدالت مهمة من األول مــــــن نوعه الذي يثباحلماية من العدوى مــــــن املالريا ومن املرض الوخيم، فقد حمل آماال كبيرة في اإلسهام في

مكافحة املرض وضبطه.وقد أثبت جناح اللقاح إمكانية تصميم لقاح معقول يضم كال من املستضد واملساعدات لتحقيق االســــــتجابة املناعية املرغوبة، وذلك من خالل اصطناع لقاحات جديدة وحتسني اللقاحــــــات القدمية. فالكثير مــــــن اللقاحات املوجودة حاليا والناجعة بشــــــكل عام، رمبا ال تكون آمنة أو فعالة في مجموعات سكانية معينة، ومنهم األفراد الذين هم بحاجة ماسة إليهــــــا. وتعد اإلنفلونزا املوســــــمية مثاال على ذلك، فكبار السن والرضع هم األكثر تعرضا ــــــة باإلنفلونزا، نظرا ألن النظام للعدوى املميتاملناعــــــي لدى الرضــــــع غير متطــــــور تطورا مكتمال، كما أن االســــــتجابة املناعية تتراجع )٭( Next-Generation Vaccines مع تقدم العمر. إن نصف عدد الذين يتلقون

اللقاح املعياري املضاد لإلنفلونزا ممن تزيد أعمارهم على 65 عاما فقط ســــــتتكون لديهم

كمية من األضداد تكفي التقاء العدوى.وفــــــي مقابل ما ذكرنا آنفــــــا، فإن اللقاح التجريبي لإلنفلونزا املوسمية والذي يضمن املســــــتحلب زيت فــــــي مــــــاء AS03 أدى إلى احلصول على مستويات واقية من األضداد ــــــدى 90.5 في املئة من املتلقــــــني بأعمار 65 لعامــــــا أو أكثر. وملا كانت املســــــاعدات تعزز من تعرف اخلاليا املناعية املستضدات، فإن بإمكانها أن تســــــتخدم فــــــي صناعة لقاحات فعالة باســــــتعمال كمية أقل من املستضدات. ــــــارات أكثر أهمية وقــــــد أصبحت هذه االعتببشكل خاص في حالة اجلائحة التي تتطلب تلقيح أعداد هائلة من الســــــكان تلقيحا فعاال ،AS03 وبســــــرعة. وهناك لقاح جتريبي آخر ،H5N1 مضــــــاد ل���ذراري إنفلونزا الطي���وروهو يحرض استجابات األضداد الواقية تلك باستخدام ما ال يزيد على ثلث كمية املستضد

في لقاح اإلنفلونزا املوسمية النموذجية.وتوضــــــح هذه األمثلة أن أنواع اللقاحات ــــــدة القريبة من االســــــتخدام الواســــــع اجلدي

املرضA التهاب الكبد

الورم احلليمي الڤيروسي البشري

املالريا

سرطان الرئة غير صغير اخلاليا

B التهاب الكبد

اإلنفلونزا )الفصلية واجلائحة(

اللقاحاتEpaxal

Fendrix

Fluad, Focetria

Supervax

Inflexal V

Heplisav

Prepandrix, pandemrix

Seasonal elderly vaccine

Cervarix

Mosquirix

Mage 3 vaccine

CimaVax EGF

مكونات مساعدةVirosomes

AS04 (alum, MPL)

MF59(Oil-in-water emulsion)

Synthetic MPL RC-529

Virosomes

CpG

AS03(Oil-in-water,Vitamin E)

AS03

AS04

AS01(liposomes, MPL, QS21)

AS15(liposomes,MPL, QS21, CpG)

Montanide ISA-51 (oil-in-water)

مرحلة التطويرموافق عليه في أوروباموافق عليه في أوروبا

موافق عليه في أوروبا

موافق عليه في األرجنتني

موافق عليه في أوروبا

الطور 3

موافق عليه في أوروبا

الطور 3

موافق عليه في 96 بلدا

الطور 3

الطور 3

موافق عليه في كوبا وتشيلي

الشركةCrucell

GlaxoSmithKline (GSK)

Novatris

Dynavax Technologies

Crucell

Dynavax Technologies

GSK

GSK

GSK

GSK

GSK

Bioven

Page 41: may-june-2010

40(2010) 6/5

النطاق لدى البشــــــر، هي بسبب عودة إحياء ــــــر املســــــاعدات فــــــي الثمانينات وفي وتطويالتسعينات من القرن العشرين التي أصبحت تعطي ثمارهــــــا اآلن. إن مالحظة العلماء في ذلك الوقت أن القدرة التي تتمتع بها اخلاليا ــــــة في تعــــــرف األمناط تعــــــد رابطة املتغصنم م املناعية األصلية والنظم حاســــــمة بني النظماملناعية التكيفية، مما ســــــمح بتصميم أمناط جديدة من املســــــاعدات. وما زال هذا العمل في مراحله املبكــــــرة، ولكنه ذو إمكانية خللق مخزون كبير من املكونات للمساعدات ميكن ملصممي اللقاحات االنتقــــــاء واالختيار لبناء

اللقاحات بدقة لم يسبق لها مثيل.

جيل جديد من املساعدات)٭(إلى جانب التطورات احملرزة في علم املناعة م علم املواد الكثير والبيولوجيا اجلزيئية، فقد قدمن الطرق اجلديدة للحصــــــول على التأثيرات املختلفــــــة للمســــــاعدات. فنواقل اجلســــــيمات الشحمية تستخدم في الوقت احلاضر لتمحفظ ــــــك غيرها من املواد على شــــــكل األدوية وكذلكبسوالت، بحيث تطلق مضمونها في األنسجة املستهدفة في اجلسم في حني تقوم بحمايتها من التدرك. وعند استخدام تلك النواقل حلمل مستضدات اللقاحات؛ فإنها تقدم القدر نفسه من احلماية، وتخلق مخزونا من املســــــتضدات يســــــمح بتعريض مديد للمستضد إلى اخلاليا املناعية. وتشاهد تنوعات تنطلق من هذا املبدأ مثل أقفاص املستضدات البملمرية التي تصنع من كل من السكاريدات الطبيعية املتعددة، مثل تلك التي توجد في جــــــدران اخللية البكتيرية، ــــــة. ولهذه املواد ومن الپوليســــــتيرات الصنعيفوائد إضافية بإدماج مواد طبيعية أو كيميائية منبهة للمناعة ميكنها إطالق إشارات مرغوب

فيها للخاليا املناعية.ــــــا املناعية، ومــــــع فك شــــــفرة لغــــــة اخلاليأدرك العلمــــــاء أن اإلطالق الباكر لإلشــــــارات ــــــذار، يوجه من اخلاليا املتغصنة إلرســــــال إن

أيضا طبيعة االســــــتجابة اعتمــــــادا على طبيعة م صم التهديد املوجود. ومن هنا، فإن بإمكان ممللقاحات أن يصمم من الناحية النظرية توليفات من املســــــاعدات تســــــتدعي حصول استجابة ــــــاج األضــــــداد أو تثير ــــــة تؤكد على إنت مناعيبعض املجموعات الفرعية من اخلاليا T بشكل ــــــي. وفي احلقيقة، فــــــإن جزيئات إطالق تفصيلرى اإلشارات ذاتها هي من بني املواد التي جتمعليها التجارب كمساعدات. وقد استخدم صنف من السيتوكينات لفترة طويلة لتنبيه املناعة في معاجلات الســــــرطان واإليدز، وهــــــي املعروفة باإلنترليوكينات (IL))1(، إال أن اإلنترليوكينات ــــــا املتغصنة، ومن تنتج بصورة طبيعية اخلاليهنا فإن مزيج اإلشــــــارات املنطلقة من اخلاليا هو الذي يحـدد ماهية االســــــتجابـة في اخلاليـا املناعية، فعلى سبيل املثال، فإن اإلنترليوكينات IL-4 و IL-5 وIL-6 حترض إنتاج اخلاليا التائية

ــــــة أو الفــــتاكة، فيما جتـند اإلنترليوكينات القاتل IL-2 و IL-12 االستجابة باألضداد.

ــــــق تأثير مشــــــابه من خالل وميكــــــن حتقيلة للمســــــتقبالت TLRs. وتتعرف املــــــواد املفعاملستقبالت TLRs املنتجات امليكروبية، بل إن إحدى هذه املواد وهي TLR-4 تتعرف جزيئات يتم حتررها من اجلســــــم لدى التعرض للشدة النفســــــية )الكرب(، وهو مــــــا يعرف بپروتني الصدمة احلرارية Heat-shock protein. وبعض لة للمستقبالت TLRs دون توليفات املواد املفعأن تكون من املساعدات التي تنتمي إليها، مثل املســــــتحلبات الزيتية، أظهرت تآزرا قويا على نحو خاص في تفعيل اخلاليا املتغصنة، وقد أثبتت فائدتها فــــــي بعض التطبيقات للقاحات

التي تشكل حتديات قصوى.ومــــــن بني هــــــذه التطبيقــــــات ذات التحديات القصوى الســــــرطان، باعتباره هدفا غير معتاد للقاحات، نظرا ألن الســــــرطان ليس عامال غزويا أجنبيا، بل إن خالياه تنشــــــأ من جسد الضحية نفسه املصابة به. ونتيجة لذلك، فإن النظام املناعي

New Generation of Adjuvants )٭(interleukins )1(

<گارسون> رئيسة مركز املساعدات العاملي للقاحات في شركة »گالكسو

سميث كلني« للمستحضرات البيولوجية، وهي شركة مصنعة للقاحات. وكان لها الريادة في تطوير العديد من املساعدات

خالل العقدين املاضيني. وهي خبيرة باملستحضرات الصيدالنية متخصصة باملناعة، وفي عام 1990 انضمت إلى

الشركة لتقود برنامجها اخلاص باملساعدات. <گولدمان> أستاذ علم

املناعة في اجلامعة احلرة ببروكسيل في بلجيكا. له أبحاث حول مراكز املناعة

في البشر التي تتحكم في اخلاليا املتغصنة وإطالق اإلشارات للمستقبالت TLRs، وهي ضرورية لفعالية اللقاحات

وملساعدات اللقاحات. وحتى الشهر 2009/9، شغل منصب مدير معهد علم املناعة الطبي الذي يتلقى متويله جزئيا من شركة »گالسكو سميث كلني«. وهو املدير التنفيذي ملبادرة األدوية املبتكرة، وهي جلنة شراكة أوروبية مع االحتاد

األوروبي للصناعات األوروبية.

املؤلفان

Michel Goldman Nathalie Garcon

Page 42: may-june-2010

41 (2010) 6/5

مراجع لالستزادة

Scientific American, October 2009

وإن كان يبدي بعض االستجابة للخاليا الورمية، ولكنه نادرا ما يواجه السرطان مواجهة قاضية. وقد القت محــــــاوالت تكوين لقاحات عالجية تنبه ــــــا الورمية نتائج ــــــة جتاه اخلالي تفاعالت مناعيمخيبة لآلمــــــال؛ إال أن التوليفــــــة الصحيحة من املســــــاعدات قد تنجح في إحداث الفرق. لقد ت إنتاج مجموعة من اللقاحات التجريبية املضادة ــــــي تســــــتخدم توليفــــــات مختلفة للســــــرطان والت

للمساعدات وقد أعطت نتائج مشجعة.ومــــــن هذه اللقاحات، لقــــــاح متوافر حاليا في املرحلة األخيرة من التجارب الســــــريرية، (Mage-A3) ويضم أح���د املس���تضدات يدعىــــــا الورمية ــــــة لبعــــــض اخلالي ــــــق النوعي الفائــــــي فيهــــــا املس���تقبالت AS15، ومزيج من التاملساعدات تتألف من نواقل جسيمات شحمية ثابتة وMPL وQS-21 إلى جانب مكون بكتيري املنش���أ يدعــــــى CpG. وفــــــي التجــــــارب على مرضى مصابني بســــــرطان الرئة ذي اخلاليا غير الصغيرة، اتضح أنه تشــــــكل لدى 96 في ــــــة ممن يتلقى منهم اللقاح اســــــتجابة قوية املئللمستضد Mage-A3، إلى جانب مؤشرات إلى إطالق إشارات لإلنترليوكني املرغوب فيه. وقد متتع ما يقرب من ثلث عدد املرضى باستقرار أو بتراجــــــع األورام املصابني بهــــــا. ويتم في الوقــــــت احلاضر إجراء دراســــــة الســــــتخدام ــــــب املعاجلة الكيميائية املكــــــون CpG، إلى جانواملعاجلة الشعاعية ملعاجلة أمناط متعددة من الســــــرطان. ويعد املكــــــون CpG من احملفزات ــــــزة التي ميكن للمســــــتقبلـة ــــــة املتمي البكتيريــــــــل اخللية املتغصنة TLR-9 تعرفهــــــا، وأن تفع

.T للحصول على تنشيط الستجابة قوية للخالياومن هنا، فإن اســــــتخدامه على أنه مســــــاعدة يحاكي املعاجلات البكتيرية التي اســــــتخدمها ــــــذ فترة بعيدة. <كولي> ملرضى الســــــرطان من

ومتاشــــــيا مع ذلك، فإن الشركة التي أسست ســــــاعدة، قد لتطوير املكــــــون CpG باعتباره مم

سميت شركة كولي الصيدالنية.إن مختلف نظم املساعدات التي وصفناها

تدفــــــع بحدود الوقاية مــــــن املرض من خالل التلقيح وجلب اآلمال الكبيرة إلى مجاالت لم يتم فيها تلبية االحتياجات الطبية. فقد أظهرت CpG التجارب السريرية الباكرة على املكون ragweed الذي أضيف إلى مستضد الرگيدأن هناك أمال باحلصــــــول على لقاح مضاد حلم���ى الق���ش)1(. وقــــــدرة املســــــاعدات على ــــــي تتعرف ــــــض الدفعــــــات املناعية الت حتريــــــذراري ذات الصلة مــــــن اإلنفلونزا، تقدم الــــــن لقاحات ذات طيف أوســــــع إمكانية تكويــــــزا. وألول مرة، توفــــــر احلماية مــــــن اإلنفلونصار مبقدور الناس املصابني بالعوز املناعي بســــــبب مرض أو معاجلة كيميائية، الوصول إلى اللقاحات التي ميكنها حتريض احلماية ــــــة. ورمبا ال تقدم املســــــاعدات جميع املناعيــــــة جلميع أوجه القصــــــور في خزائن األجوباللقاحات املعاصرة، إال أنها ســــــتقدم وبكل

تأكيد جزءا من احلل.إن التعامــــــل مــــــع النظــــــام املناعــــــي عمل ــــــع فــــــإن التقييم احلاســــــم حســــــاس، وبالطباملســــــتمر ألمان اللقاحات والشفافية في نشر املعلومات الدقيقة حــــــول اللقاحات من اجليل ــــــل الثاني أمر ــــــي واملســــــاعدات من اجلي الثانضروري. وســــــيوجه الفهــــــم التفصيلي لنمط عمل املســــــاعدات املدمجة ضمــــــن اللقاحات اجلديدة عملية تطويرها ويوجه اســــــتخدامها ــــــى ذلك أن أكثر ومراقبتها. ومما يشــــــجع علاللقاحات الوقائية املتطورة ذات املساعدات لم تبد أي عالمات ملشــــــكالت تبعث القلق، إال أن

على القائمني على تطويرها أن يبقوا يقظني.ومع تواصل التقدم احملرز في هذا املجال، ســــــتقوم هذه اللقاحات بخدمــــــة مجموعات ــــــة محددة وبعــــــض األمراض ســــــكانية فرعياملســــــتهدفة بطريقــــــة عقالنية قــــــد تؤدي إلى احلصول على احلماية املناعية املثلى، وذلك مبراعــــــاة التوازن ما بني األمــــــان والفعالية. هذا هو تطور اللقاحات في املســــــتقبل، وهذا

املستقبل بات قريبا جدا. <hay fever )1(

Page 43: may-june-2010

42

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

حرب نووية إقليمية، واملعاناة عاملية)٭(لقد تركز القلق على عالقة الواليات املتحدة األمريكية بروسيا

حول خطر نشوب حرب نووية، بيد أن هذا اخلطر ال يزال قائما،إذ ميكن أن يؤدي الصراع ما بني الهند وپاكستان إلى حرب نووية

ع الكثير من البشر. و إقليمية حتجب أشعة الشمس، وتج<A. روبوك> - <B .O. توون>

مفاهيم مفتاحية< ميكن أن يؤدي إسقاط قنابل نووية

على املدن واملناطق الصناعية في حال نشوب حرب بني الهند

وپاكستان إلى اندالع عواصف نارية وحرائق ضخمة، وهذه بدورها

ستؤدي إلى إطالق كميات هائلة من الدخان إلى طبقات اجلو العليا.

< وبالنسبة إلى جزيئات الدخان )املتخلفة عن احلرائق السابقة(، فيتوقع أن تظل عالقة في الغالف اجلوي لسنوات طويلة، حاجبة بذلك الشمس، وبقدر ينتظر أن يصبح معه سطح األرض باردا ومظلما وجافا. وقد يتبع هذا

انهيار اإلنتاج الزراعي العاملي وحدوث مجاعة جماعية على

مستوى العالم، وهذا يعني أن التبريد العاملي قد ينتج من أحد

احلروب اإلقليمية، وليس فقط بسبب الصراع بني الواليات

املتحدة األمريكية وروسيا.

استنباط سيناريوهات < لقد تمالتبريد استنادا إلى نتائج

النماذج احلاسوبية. بيد أن املالحظات التي ت استقاؤها من مشاهدات االنفجارات البركانية،

وتأثيرات الدخان املتولد من حرائق الغابات وبعض الظواهر األخرى، جتعلنا على ثقة بصحة

هذه النماذج.

محررو ساينتفيك أمريكان

قبل خمس������ة وعشرين عاما، بنين أكثر من فريق دولي من العلماء أن اندالع حرب نووية ما بني الواليات املتح������دة األمريكية واالحتاد السوڤييتي ميكن أن يؤدي إلى حدوث »شتاء ن���ووي« nuclear winter. ذل������ك أن الدخ������ان الناجت من احلرائق الهائلة الناجمة عن إسقاط القنابل النووية على املدن واملناطق الصناعية ميكن أن يغلف كوكبن������ا بالكامل، مما يؤدي إلى امتصاص الكثير من أشعة الشمس، ومن ثم جعل س������طح الكرة األرضية باردا ومظلما وجافا، وهذا بدوره سيؤدي إلى هالك احلياة النباتي������ة في العالم والقض������اء على إمداداتنا الغذائية. وفي هذا الس������ياق نفسه سيتوالى انخفاض درجة احلرارة على سطح األرض، وذلك إلى احلد الذي س������تصبح قيمها صيفا مماثلة ملا هي عليه ش������تاء. وقد أجبر النقاش الدول������ي الدائ������ر حول هذه التكهن������ات، الذي غذاه بقوة عالم الفلك الش������هير <C. ساگان>، زعيمي القوتني العظميني على مواجهة حقيقة أن س������باق التسلح ال يهددهما وحدهما فقط، وإمنا يهدد أيضا اجلنس البشري كله. ومن هنا، أخذت جميع األقطار، صغيرها وكبيرها،

باملطالبة بنبذ التسلح النووي.لقد أصبح هاجس الش������تاء النووي عامال مهم������ا في احملاوالت الرامية إلى إنهاء س������باق التس������لح الن������ووي. ويب������دو ه������ذا واضحا من املالحظة التي أبداها رئيس االحتاد السوڤييتي السابق <ميخائيل گورباتشوڤ> في عام 2000،

ن������ت النماذج التي قام بها وقول������ه آنذاك »لقد بينالعلماء الروس واألمريكي������ون أن اندالع حرب نووية س������يؤدي إلى حدوث ش������تاء نووي، وهذا بدوره س������يكون مدمرا للغاية جلميع أش������كال احلياة على األرض، وقد شكلت معرفتنا بهول ذل������ك حافزا كبيرا لنا، ولبقية الش������رفاء وذوي

األخالق، التخاذ التصرف الالزم.«ولكن ملاذا يجطرح هذا املوضوع للنقاش اآلن وقد وضع������ت احلرب الب������اردة أوزارها؟ تكمن اإلجابة في أنه كلما زاد س������عي الدول األخرى إلى امتالك أس������لحة نووية، زادت احتماالت أن تؤدي احل������روب النووية اإلقليمي������ة والصغيرة املتوقع اندالعها إلى حدوث كارثة عاملية مماثلة حلالة الش������تاء النووي. وفي هذا السياق، فقد أوضحت بعض التحليالت احلديثة أنه في حالة نشوب صراع مسلح بني الهند وپاكستان، على سبيل املثال، وإس������قاط 100 قنبلة نووية خالله على املدن واملناطق الصناعية - وهو ما يعادل 0.4 في املئة فقط من حجم ترس������انة األسلحة النووية املق������درة بأكثر م������ن 000 25 رأس حربي )نووي( على مس������توى العالم - فإن كمية األدخنة الناتة سوف تكون كافية لش������ل وتعطيل قطاع الزراعة العامل������ي. كما يتوقع أن تجخلف - كذلك - احلرب النووية اإلقليمية خس������ائر هائل������ة في األرواح، ليس فقط ف������ي موقع الصراع، ب������ل أيضا في

األماكن واألقطار األخرى البعيدة عنه.LOCAL NUCLEAR WAR, GLOBAL SUFFERING )٭(

Page 44: may-june-2010

43 (2010) 6/5

حرب إقليمية تهدد العالم?)٭( .B .O>روبوك> و .A>( لق������د متكن كالن������اتوون>( إضافة إلى بعض الزمالء اآلخرين من فري������ق العمل ومن واقع اس������تغالل والنماذج احلديثة احلواسيب إمكانات )اإلحصائي������ة( اخلاص������ة باملن������اخ من إيضاح أن األفكار التي كانت س������ائدة في ثمانينات القرن املاضي )بخصوص الشتاء النووي( ليست صحيحة فحسب، بل وميك������ن أن متت������د تأثيراتها إلى 10 س������نوات تالية على األق������ل، وهي أطول بكثير مما كان يعتق������د من قبل. وبعمل حسابات تقييم اآلثار الناجمة على مدى عقود زمنية كثيرة، وهو ما صار متاحا اآلن فق������ط بفض������ل وجود احلواس������يب املتقدم������ة والس������ريعة؛ وبتضم������ني هذه احلس������ابات وضعي������ة احمليطات وكامل أجزاء الغ������الف اجلوي - وه������و ما لم يك������ن أيض������ا ممكنا من قب������ل - وجدنا أن الدخان املتخل������ف عن أحد احلروب النووية اإلقليمية ستزداد درجة حرارته بفعل الشمس، ومن ثم سيتصاعد إلى طبقات اجل������و العليا ليبق������ى معلقا بها لسنوات طويلة، مس������تمرا بهذا الشكل في حجب أش������عة الش������مس وانخفاض

شديد للحرارة على سطح األرض.ولع������ل الن������زاع القائ������م ب������ني الهند وپاكس������تان، اللتني متتل������كان معا أكثر م������ن 100 رأس ن������ووي، ميثل في الوقت الراه������ن أكثر ه������ذه النزاع������ات القابلة للتح������ول إلى ص������راع ن������ووي إقليمي. بي������د أن هناك دوال أخ������رى إضافة إلى األمريكية وروس������يا املتحدة الوالي������ات )اللتني متتلكان آالف الرؤوس النووية( ينبغ������ي أخذها باحلس������بان أيضا: فكل م������ن الصني وفرنس������ا وبريطانيا متتلك مئات من هذه الرؤوس، في حني متتلك إس������رائيل وحدها أكثر من 80 رأس������ا، ومتتلك كوريا الشمالية 10 رؤوس، هذا إضافة إلى إيران التي ال يس������تبعد أن تكون في طريقها المتالك رؤوس نووية.

ولق������د حث هذا الوضع ف������ي عام 2004 أحدن��ا )<توون>(، وانض������م إليه الحق�ا <R. تورك������و> ]من جامعة كاليفورنيا في

لوس أجنلوس[ وكليهما من ذوي اخلبرة باألبحاث الت������ي أجريت خالل ثمانينات الق������رن املاضي في ه������ذا املجال، على البدء بتقييم ما س������تكون عليه التأثيرات البيئية العاملية إذا ما اندلعت حرب نووية إقليمي������ة، متخذين في ذلك الصراع بني

الهند وپاكستان كحالة دراسية.املقدمة التقدي������رات أح������دث وتوضح بواس������طة <D. ألبريت> ]م������ن معهد العلوم واألمن الدولي[ واملقدمة كذلك بواسطة <S .R. نوريس> ]من مجلس حماية املوارد

الطبيعي������ة[ أن الهن������د متتلك م������ا بني 50 إلى 60 س������الحا نوويا )إضافة إلى كمية م������ن الپلوتونيوم تكف������ي لصنع 100 رأس إضاف������ي(، ف������ي ح������ني متتلك پاكس������تان 60 منه������ا، مع العلم بأن ه������ذا الرقم قابل لالرتفاع بس������بب سعي كلتا الدولتني إلى زيادة حجم ترسانتيهما النوويتني. وتشير االختب������ارات التي أجريت على األس������لحة النووية في كل من الهند وپاكستان إلى أن الناجت التفجيري)explosive yield )1 لهذه األسلحة س������يكون في حدود 15 كيلوطن )أي م������ا يكاف������ئ 15 ألف طن م������ن املادة

TNT املتفج������رة(، وهو الن������اجت التفجيري

نفسه للقنبلة النووية التي ألقتها الواليات املتحدة على مدينة هيروشيما.

وقد قام <توون> و<توركو>، مشاركة مع <T. باردي������ني> ]الذي يعمل حاليا في املركز القومي ألبحاث الغالف اجلوي[، بعمل منذجة ملا قد يحدث في حالة إسقاط 50 قنبلة من حجم قنبلة هيروش������يما على

املناطق واألهداف املدنية األكثر اكتظاظا بالس������كان ف������ي پاكس������تان، و50 قنبل������ة أخرى على أهداف مماثلة بالهند. وعلى الرغم من قناعة البعض بأن اس������تخدام األس������لحة النووي������ة وقت احلرب س������وف يكون محس������وبا ومعتدال، إال أننا نش������ك في أن حالة الفوضى واخلوف وانقطاع االتصاالت املتوقع حدوثها عشية اندالع النزاع ستسمح للقادة املعنيني باستخدام الهجم������ات واألس������لحة النووي������ة بطريقة عقالنية ورش������يدة. ويبدو هذا االحتمال هو األرج������ح بصفة خاصة لپاكس������تان، كونه������ا صغيرة املس������احة ومن ثم ميكن اجتياحها بسرعة خالل أي قتال تقليدي.

Regional War Threatens the World )٭(

)1( الناجت التفجيري ه������و كمية الطاقة املنطلقة من ناجت

تفجير قنبلة نووية واحدة، مقيسة عادة بالكتلة املكافئة من املادة TNT سواء بالكيلوطن )1000 طن TNT( أو بامليگاطن )مليوم طن TNT(. )التحرير(

Page 45: may-june-2010

44(2010) 6/5

وقد قام <R .P. الڤوي> ]من املدرس������ة البحرية للدراس������ات العليا[، على سبيل املثال، بتحليل الس������بل التي ميكن أن يتطور بها الصراع بني الهند وپاكستان، وحاجج في ذلك أن پاكستان قد تضطر إلى اتخاذ قرار س������ريع باستخدام كامل ترس������انتها النووية وذلك استباقا لقيام الهند باجتياح قواعدها العس������كرية بواس������طة

قواتها التقليدية.وبديهي أننا نأمل بأال يكون هناك استهداف نووي ألية أهداف في أي حرب قادمة، لكننا نؤمن بأنه يتعني على الساسة والناخبني على حد سواء تعرف ما هو ممكن حدوثه )في حالة اندالع حرب نووية(. وقد وجد <توون> و<توركو> أن أكثر من 20 مليون نسمة ميكن أن يفنوا بالكامل في كال

البلدين )الهند وپاكستان( من آثار االنفجارات واحلرائق واإلشعاعات النووية املتوقعة، وهو ما دم الباحثان ميثل مج������زرة مروعة بحق. وقد صجمن كمية الدخان الهائل������ة املنتظر تولدها جراء االنفجارات في املدن املكتظة بالس������كان في كال البلدين، حيث قاما بحس������اب هذه الكمية، على أس������اس افتراض أن كل انفجار سيتسبب في حرق القدر نفس������ه من املس������احة التي احترقت في هيروش������يما من قبل، وعلى أس������اس اعتبار أيضا التقديرات الت������ي توصلت إليها أكثر من دراسة سابقة عن كمية املواد القابلة لالشتعال

بالنس������بة إلى كل فرد. وتوضح احلسابات التي توصل إليها الباحثان أن إسقاط اخلمسني قنبلة السابقة على پاكس������تان سيخلف ما ال يقل عن ثالثة تيراغرامات من الدخان، قياسا إلى أربعة تيراغرامات في حالة إس������قاط العدد نفسه على

الهند )التيراغرام يعادل مليون طن متري(.كم������ا ب������نين الرص������د الفضائ������ي حلرائق الغابات الفعلية أن الدخان ميكن أن يتصاعد إلى أعل������ى وصوال إلى طبقة التروپوس������فير )الطبقة الس������فلى للغالف اجلوي(، وأحيانا إلى اجلزء الس������فلي من طبقة الستراتوسفير )الطبقة التي تلي التروپوسفير، ومتتد لنحو 30 ميال(. كما ق������ام <توون> و<توركو> بعمل

حس������ابات أخرى إضافية للتأثيرات املناخية املمكن حدوثه������ا عند بلوغ ذلك الدخان طبقة الستراتوس������فير، بيد أن ضخامة حجم هذه التأثي������رات قد كش������فت ع������ن حاجتهما إلى

مساعدة أحد املتخصصني بنمذجة املناخ. ومن حس������ن احلظ، فقد اتضح أن أحدنا )<روبوك>( ك��ان ق�����د عمل في الس���������ابق م�ع <L. أومان> الذي يعمل حاليا في مركز گودارد

لرحالت الفضاء التابع لوكالة ناسا واحلاصل عل������ى الدكت������وراه ف������ي التأثي������رات املناخي������ة لالنفجارات البركانية من جامعة روتگرز. كما

خسائر بشرية)٭(من املمكن حلرب نووية شاملة بني

الهند وپاكستان أن تسفر عن إزهاق أعداد كبيرة من األرواح البشرية

محليا، ووفاة أعداد أكثر في مناطق أخرى في جميع أنحاء العالم.

20 مليون شخص قد يهلكون بسبب اآلثار املباشرة لتفجيرات

القنابل واحلرائق التالية واإلشعاع املصاحب.

بليون شخص عبر العالم ممن يعيشون على موارد غذائية محدودة

قد يهلكون بسبب املجاعة الناجمة عن انهيار اإلنتاج الزراعي املترتب على

هذه احلرب.

HUmAN TOLL )٭(

ميكن للحرائق الناجمة عن تفجير الهند وپاكستان لنحو 100 رأس نووي، أن تؤدي إلى إنتاج ما ال يقل عن 5 تيراغرام من الدخان. ومن خالل محاكاة أمناط الطقس السائد يوم 5/15 التخيلي، فقد بني املؤلفان أن دخانا كثيفا سوف يغطي املنطقة خالل خمسة أيام. وفي غضون 0.01

ال شيء عال

أقل من 90٪ من أشعة الشمس ميكنه النفاذ )هنا(

كثافة الدخان )عمق االمتصاص الضوئي(

0.02 0.03 0.05 0.07 0.1 0.3 0.5 0.7 1.0

اليوم التاسع

اليوم التاسع واألربعون

Page 46: may-june-2010

45 (2010) 6/5

عم������ل، كذلك، مع <L .G. ستينتش������كوڤ> ]من جامعة روتگرز أيضا[ مؤلف أول عمل روسي عن الش������تاء النووي. و قد اشترك كالهما في تطوي������ر من������وذج مناخي، ميكن بس������هولة إلى حد ما، اس������تخدامه وتطبيق������ه في تعرف آثار

االنفجارات النووية واحلسابات املتعلقة بها.وباتب������اع نه������ج حتفظ������ي ومعت������دل، قام <روبوك> وفريق العمل بتطبيق منوذج املناخ

هذا على أساس تصاعد خمسة تيراغرامات

من الدخان فقط إلى اجلزء العلوي من طبقة التروپوس������فير فوق كل من الهند وپاكستان، وذلك حال اندالع حرب نووية في توقيت تخيلي هو »يوم 5/15«. وبناء على هذا، قام النموذج مبحاكاة كيفية حترك وتوجيه الرياح السائدة لألدخنة املتصاعدة إل������ى أماكن أخرى عبر أرجاء العالم، وكذلك مح������اكاة الكيفية التي ستترس������ب بها جزيئات الدخان من الغالف اجل������وي. وتبعا ملخرجات هذا النموذج، فقد

]التغير املناخي[الدخان يغلف األرض، حاجبا الشمس)٭٭(ستقوم النيران املشتعلة من أثر تفجيرات القنابل بتصعيد أدخنتها إلى أعلى خالل الغالف اجلوي لتصل إلى طبقة التروپوسفير في غضون يومني. عندئذ، س���تقوم الش���مس بتس���خني اجلسيمات الدقيق���ة لألدخن���ة املتصاع���دة، مس���ببة بذل���ك تصعيدها إلى طبقة الستراتوسفير. وفي ظل هذه الظروف، لن يكون ممكنا هطل األمطار، اجلس���يمات ه���ذه عل���ى س���يتعني ول���ذا، االنتظار قرابة عش���ر س���نوات كي ميكنها الترس���ب واالس���تقرار كليا على س���طح ف���ي املوج���ود الدخ���ان أم���ا األرض. طبقة التروپوس���فير، فإنه سيتالشى ويختف���ي متاما من ه���ذه الطبقة في

غضون أسبوع أو نحو ذلك.

قد تلجأ پاكستان إلى استخدام ترسانتها النووية مستبقة قيام الهند باجتياح قواعدها العسكرية.

الهند في مواجهة پاكستان)٭(]التهديد النووي[

ميكن أن ي���ؤدي وابل من الهجمات النووية املتبادلة بني الواليات املتحدة األمريكية وروسيا إلى غمس األرض في شتاء نووي كامل، بي���د أن الصراع���ات اإلقليمية ميكن أن تؤدي إلى النتيجة نفس���ها

أيض���ا. فالهن���د وپاكس���تان، اللت���ان هم���ا دائما على خالف، ميتلك كل منها أكثر من 50 رأسا نوويا.

لذا، فإنه ميكن في حالة إسقاط جميع هذه الذخائر على املدن واملناطق الصناعية

في كلتا الدولتني، أن يتسبب الدخان الن���اجت في إعاقة النش���اط الزراعي عل���ى مس���توى العالم ملدة عش���رة أعوام كاملة. وفي هذا يش���ار إلى ق���درة الصواريخ الباليس���تية في كلت���ا الدولتني، على الوصول إلى غالبي���ة أراضي البل���د اآلخر، ذلك

وإن لم يكن كلها.

تسعة أيام سيمتد السخام soot الناجت حول بقية أرجاء العالم. وبعد مرور 49 يوما فإنه سيكون مبقدور جسيمات الدخان تغليف املعمورة بالكامل، حاجبة من أشعة

الشمس ما يكفي جلعل السماء تبدو في جميع األماكن ملبدة على الدوام.

هناك، على املستوى العاملي تسعة بلدان

متتلك أسلحة نووية. وبإمكان أي من هذه البلدان - باستثناء

كوريا الشمالية وإيران - في حالة

استخدامها جلميع ترسانتها النووية، رض املدنية أن تعم

بأكملها للخطر.

املصدر: مجلس حماية املوارد الطبيعية

املدى الصاروخي التقريبي )مقيسا باألميال(

املدى الفعلياملدى قيد التطوير

عدد الرؤوس النوويةال�ب�ل�د15,000روسيا

9,900الواليات املتحدة

350فرنسا

200الصني

200بريطانيا

80إسرائيل

60پاكستان

50الهند

<10 كوريا الشمالية

قيد التطوير?إيران

پاكستانالهند

800

1.550

1.550

1.850

INDIA VS. PAKISTAN )٭(SmOKE CLOAKS THE EARTH, BLOCKING THE SUN )٭٭(

اليوم اخلامس

الثيرموسفير

امليزوسفير

12 كيلومتراالستراتوسفير

50 كيلومترا

85 كيلومترا

التروبوسفير

وم الي

ي ثان

ال

وم الي

سع التا

عونألرب

وا

Page 47: may-june-2010

46(2010) 6/5

خي������م الدخان املتصاعد عل������ى جميع قارات العالم خالل أسبوعني فقط. كما قامت األدخنة الس������وداء والس������خام املتصاعد بامتصاص أشعة الشمس، مما أدى إلى تسخينها ومن ثم ارتفاعها إلى طبقة الستراتوس������فير. وفي ظل ه������ذه الظروف، ال يتوقع أن يس������قط أي مطر، وه������ذا بدوره يعني إلغ������اء الدور الذي تؤديه تس������اقطات األمطار ف������ي تنظيف اجلو وتطهيره من السخام واألدخنة العالقة به، إذ س������يتعني على جزيئات الدخان التساقط ببط شديد، في ظل مقاومة الهواء لسقوطها. علما soot particles بأن حجم حبيبات الس���خامصغير للغاية، ومتوس������ط قطرها ال يزيد على 0.1 ميكرون (µm) فقط، لذا فإن تساقطها إلى األس������فل عادة ما يكون بطيئا جدا. وإضافة إلى هذا، فإن تسخني الشمس لهذه احلبيبات يوميا، سيؤدي إلى ارتفاعها إلى أعلى أثناء النهار، وه������ذا بدوره س������يمثل عامال معيقا ومكررا إلزالتها من اجل������و. وقد بينت نتائج النمذجة أيضا أن جزيئات الدخان ميكن لها أن تصل إلى ارتفاعات أعلى بكثير في طبقة الستراتوس������فير العليا من تلك التي تستطيع جزيئات الس������لفات )الكبريتات( الناجمة عن االنبعاثات البركانية العرضية بلوغها. وهذا يعود إلى كون جزيئات السلفات شفافة مما يؤدي إلى امتصاصها لق������در أقل من ضوء الش������مس مقارنة مبا ميتصه السخام، وهي أيضا أكبر حجما، إذ يبلغ قطرها في العادة 0.5 ميكرون (µm)، ولهذا متكث اجلس������يمات البركاني������ة في اجلو قراب������ة عامني، في حني ميكن جلزيئات الدخان والسخام الناجت من حرائق القنابل النووية أن تبقى عالقة به طيلة

عقد زمني كامل.

صقيع قاتل في الصيف)٭٭(وفضال عما س������بق، فقد كانت االستجابة املناخي������ة لالنبعاث������ات الدخاني������ة مذهل������ة، إذ تقلص ضوء الش������مس بطريقة فورية، مسببا تبري������دا وخفضا كبي������را في درج������ة احلرارة على سطح األرض وبش������كل لم يعهده كوكبنا طوال األلف سنة املاضية. وقد استمرت حالة

التبريد العاملي هذه والبالغ متوسط انخفاض احلرارة خاللها، 1.25 درجة مئوية )ما يعادل 2.3 درجة فهرنهايت(، لس������نوات عدة متتالية. وحتى بعد مرور عشر س������نوات على هذا، لم تعد درجة احلرارة إل������ى معدالتها االعتيادية، بل بقيت دون ه������ذه املعدالت بنحو 0.5 درجة. وبحسب نتائج النمذجة، فقد انخفضت أيضا معدالت هط������ل األمطار على مس������توى العالم بنحو 10%. كما حدث تقلص مماثل في رطوبة التربة وتدفقات األنهار املائية. وهذا يعود في األس������اس إلى تقلص معدالت التبخير ومن ثم إضعاف الدورة املائية كنتيجة مباشرة حلجب ضوء الش������مس. كما تب������ني أن اجلفاف تركز بشكل واسع في املناطق اجلغرافية السفلى ،lower latitudes )القريبة من خط االس���تواء(وهو ما ميكن إرجاعه إلى دور التبريد العاملي احلادث في تثبيط عمل منوذج <هادلي> لدورة Hadley air الهوائي���ة والتي���ارات الري���اح circulation pattern فوق املناطق االس������توائية، واملسؤول عن هطل نسبة كبيرة من تساقطات األمط������ار العاملي������ة. علما بأن نس������ب التقلص في تس������اقطات األمطار ق������د تبلغ 40% خاصة ف������ي املناط������ق احلرجة، كما هو ح������ال مناطق

.Asian monsoon املونسون)1( اآلسيويةوعلى الرغم من أن التبريد احلادث قد يبدو ألول وهلة غير مس������ؤول عن كل هذا، إال أن أي تغي������ر به حت������ى ولو كان طفيفا ميك������ن أن يقود إلى نتائج قاس������ية. إذ بإم������كان التبريد وحجب ضوء الش������مس على س������بيل املث������ال، أن يؤديا إل������ى تقلص فترة منو احملاصي������ل في املناطق اجلغرافية الوسطى )احملصورة بني املناطق القطبية واملناطق املدارية( midlatitudes. هذا وميكن تعرف تداعيات التبريد بش������كل أكثر من واقع رصد املش������اهدات التي تعقب االنفجارات البركاني������ة الضخمة، حيث لوحظ أن كل انفجار بركاني من هذه النوعية يؤدي إلى تبريد مؤقت ملدة عام أو عامني. ويعد انفجار بركان تامبورا بأندونيس������يا في عام 1815، أكب������ر االنفجارات

WHy BELIEVE IT )٭(Killing Frosts in Summer )٭٭(

)1( مونسون: رياح موسمية عادة ما تنشط في الصيف تسبب

عواصف قوية وأمطارا غزيرة على منطقة جنوب شرق آسيا.)التحرير(

ما الذي يدعوناإلى تصديقها)�(

يعتقد بعض الناس أن نظرية الشتاء النووي التي ظهرت في ثمانينات القرن املنصرم، قد باتت بال مصداقية. ومن

ثم، قد يستغرب هؤالء تأكيدنا من جديد على إمكانية أن تؤدي حرب نووية

إقليمية - وإحداهما متوقعة بني الهند وپاكستان- إلى تدمير اإلنتاج الزراعي في مختلف أرجاء العالم. ولكن نظرية الشتاء النووي األصلية قد مت التحقق

منها بدقة على أي حال. كما أن األساس العلمي اخلاص بهذه النظرية قد مت تدعيمه بواسطة االستقصاءات

التي أجرتها األكادميية القومية للعلوم، والدراسات التي قامت بتمويلها وزارة

الدفاع األمريكية وكذلك املجلس العاملي لالحتادات العلمية، الذي يضم ممثلي 74 أكادميية علمية وطنية ومؤسسات

علمية أخرى.لقد نجشرت أبحاثنا احلالية في

مجالت علمية محكمة. ومع ذلك، يبدو أننا الوحيدون املتابعون لألبحاث حول األخطار البيئية للتبادالت النووية. وإننا ندعو آخرين لتقييم وإعادة احلسابات لنتائج استعار حرب بني قوى عظمى

ولنتائج حروب نووية إقليمية.

Page 48: may-june-2010

47 (2010) 6/5

احلادثة خالل اخلمس������مئة عام املاضية، حيث تسبب في حجب ضوء الشمس وإحداث تبريد عامل������ي مبقدار نص������ف درجة مئوي������ة طيلة عام كامل، بحيث اش������تهر ع������ام 1816 التالي، بأكثر من اس������م مثل »الس������نة بال صي������ف« أو »ألف وثمامنئ������ة وتمد حت������ى املوت«. وف������ي منطقة نيوإنگلن������د )ف������ي الواليات املتح������دة األمريكية( وعل������ى الرغ������م من انخف������اض متوس������ط درجة احلرارة في الصيف درجات عدة قليلة ال أكثر، إال أن موجات الصقي������ع املهلكة للمحاصيل قد جدت طوال املوس������م، بحيث لم يكد املزارعون وجينتهون من إع������ادة زرع محاصيلهم بعد موجة الصقيع األول������ى، ليفاجؤوا مبوجة صقيع ثانية تعاود عليهم الك������رة وتهلك محاصيلهم مجددا. ومن هنا، فقد ارتفعت أس������عار احلبوب بشكل جنوني، كما تهاوت أس������عار املواش������ي بشدة، نتيج������ة اضطرار عدد كبير م������ن املزارعني إلى بيع مواش������يهم، وبسبب عدم قدرتهم على توفير أع������الف أو أغذي������ة مناس������بة لها. كم������ا حدثت هج������رة جماعية من نيوإنگلند إلى منطقة الغرب األوس������ط، نتيجة تواتر أنباء وتقارير عديدة عن تده������ور خصوبة األراضي الزراعية هناك. وفي أوروبا، كان الطقس أيضا باردا للغاية ومعتما دائما، وذلك إلى احلد الذي تسبب بانهيار سوق األوراق املالية، وحدوث أكثر من مجاعة واسعة فيه������ا، وبقدر أله������م الفتاة ذات الثامنة عش������رة ربيعا <ماري شيلي> إلى كتابة روايتها الشهيرة .Frankenstein )1(»املعروفة باسم »فرانكينشتني

وبالطب������ع، هناك أنواع معينة من س������الالت احملاصيل الزراعية كما هو حال القمح الشتوي winter wheat، ميكنه������ا حتم������ل االنخفاض في درجة احل������رارة، لكن ال ميكنه������ا حتمل غياب ضوء الش������مس، إذ من دونه ال تس������تطيع النمو أو اإلنبات. ووفق السيناريو السابق ذكره، فإن بإمكان ضوء النهار أن يخترق س������دمي ضباب

Agriculture Collapses )٭(

)1( رواي������ة تنتم������ي إلى قصص الرع������ب، وتدور ح������ول العالم

»فرانكينش������تني« الذي حاول صنع مخلوق خلدمة البشرية، بيد أن هذا املخلوق حتول إلى وحش قاتل وكابوس مزعج. وقد تجرجمت هذه الرواية إلى لغات عدة وحتولت إلى أعمال س������ينمائية، وحازت مؤلفتها <ماري ش������يلي> شهرة عاملية بس������بب هذه الرواية، على الرغم من أنها لم تؤلف قصصا

أخرى غيرها.

]التداعيات البيئية للغبار النووي[ان�ه�ي�ار ال�زراع���ة)٭(

إن تغلي���ف األرض بخمس���ة تيراغرام���ات م���ن الدخان ميكن أن يس���بب خفضا ف���ي درجة احلرارة وزيادة في مستويات األشعة فوق البنفسجية، مما يعرض محاصيل العالم الزراعية للخطر.

درجة احلرارةمن املنتظر أن ينخفض متوسط درجة احلرارة السطحية عامليا مبقدار 1.25 درجة مئوية، وبعد مرور عشر

سنوات يتوقع أن تبقى درجة احلرارة أقل من معدالتها املعتادة بنصف درجة. علما بأن هذا االنخفاض سيحفز كذلك على حدوث موجات صقيع أثناء فصل الصيف.

1880 1900 1920 1940 1960 1980 2000–0.6

–0.3

0

0.3

0.6

تدمير احملاصيلمن املنتظر أن يؤدي اضمحالل أشعة الشمس وانخفاض درجة احلرارة وزيادة اجلفاف إلى تقليص مدة الفصول

املالئمة للزراعة. كذلك، فإن الصقيع احلادث في غير موعده ونفاذ كميات متزايدة من األشعة فوق البنفسجية من خالل طبقة األوزون املتهالكة، سوف يلحق ضررا إضافيا بهذه احملاصيل. وبناء على هذا، يتوقع أن ينخفض إجمالي الناجت الزراعي العاملي بشكل حاد وفوري مما تسبب في تعطيل جتارة األغذية. الشكل أعاله: آثار موجة البرد املفاجئة التي

حدثت في عام 2007 وتسببت في تدمير 70 في املئة من محصول كاليفورنيا من الليمون احلمضي.

استنفاد األوزونمن املنتظر أن ميتص الدخان من أشعة الشمس ما يكفي لتسخني

طبقة الستراتوسفير بشدة، األمر الذي سيؤدي إلى سحب أكاسيد

النتروجني إلى أعلى، وهذا بدوره سيقلل من تركيز األوزون )املوجود

في طبقة الستراتوسفير(. وكنتيجة لذلك، فإن ثقب األوزون الذي عادة ما يحدث سنويا فوق القطب اجلنوبي )الشكل املقابل

في اليسار، باللون األرجواني واألزرق الغامق( سيعم جميع

األرض )الشكل املقابل في اليمني(، مما سيسمح بنفاذ مستويات

خطرة من األشعة فوق البنفسجية إلى سطح األرض.

من االحترار العاملي إلى التجمد السريعالتباين في درجة احلرارة )بالدرجة املئوية( تبعا ملتوسط احلرارة خالل الفترة من 1951- 1980.

80 220 400

تركيز األوزون )بوحدات الدوبسون(

الصراع النووي

الفعلي

املتوقع

منخفضعال

التوزيع النموذجي لألوزون)الشهر 2008/10(

األوزون بعد 17 شهرا من اندالع احلرب

حدود ثقب األوزون

)220 وحدة دوبسون(

Page 49: may-june-2010

48(2010) 6/5

الدخ������ان املتراكم في طبقات اجل������و العليا، إال أن الوضع بالقرب من س������طح األرض سيكون مختلفا متاما، حيث ستبدو جميع األيام مظلمة وملبدة متاما بالغيوم. وبالطبع لن يكون مبقدور املهندس������ني الزراعي������ني وال املزارع������ني تطوير البذور املطلوبة أو تعديل األساليب واملمارسات الزراعي������ة مبا يت������الءم مع الظ������روف اجلديدة واملختلف������ة جذريا عما هو معهود، اللهم إال إذا

كان لديهم علم مسبق مبا هو متوقع. وإضاف������ة إلى التبريد واجلف������اف واإلظالم الناجت، س������يترتب أيض������ا على ذلك اس������تنفاد طبقة األوزون بش������كل واس������ع، وهذا بس������بب ارتفاع درجة احلرارة في طبقة الستراتوسفير بفع������ل الدخ������ان، ذلك أن التفاعالت املس������ؤولة ع������ن عملية إنتاج األوزون وتكس������ره تعتمد في .J.M> األس������اس على درجة احل������رارة. وقد قامميلز> ]من جامعة كولورادو في بولدر بالواليات املتح������دة األمريكية[ بتطبيق منوذج آخر للمناخ منفص������ل ومختلف متام������ا عن ذل������ك النموذج الذي اس������تخدمه <روبوك>، إال أنه توصل - مع ذل������ك - إلى نتائ������ج مماثلة لتل������ك التي أظهرها من������وذج <روبوك> بخص������وص تصاعد الدخان إلى األعلى وتغي������رات درجة احلرارة في طبقة الستراتوسفير. وقد خلص <ميلز> إلى أنه على الرغم من ضآلة مقدار االنخفاض احلادث في درجة احلرارة على سطح األرض، إال أن طبقة الستراتوس������فير ميكن أن تتعرض للتس������خني بأكثر م������ن 50 درجة مئوي������ة نتيجة امتصاص جس������يمات الدخان الس������وداء ألشعة الشمس. وهذا االحترار سيؤدي بدوره إلى تغيير طبيعة الرياح في طبقة الستراتوسفير، وهو ما سيؤدي بالتبعية إلى حمل أكاس������يد النيتروجني املدمرة

لألوزون إلى األجزاء العليا من الستراتوسفير. كما ستتسبب املستويات املرتفعة لكل من درجة احلرارة وأكاس������يد النتروجني في تقليص كمية األوزون إلى املس������تويات اخلطرة نفسها التي عادة م������ا نصادفها كل ربيع فوق ثقب األوزون في الق������ارة القطبية اجلنوبية. أما على األرض، فس������وف تزيد كمية األش������عة فوق البنفس������جية بشكل ملحوظ نتيجة اضمحالل طبقة األوزون.كم������ا ينبغ������ي مالحظ������ة أن تقل������ص ضوء الشمس ونسبة األمطار وزيادة موجات البرد، وقص������ر مواس������م النمو، وزيادة كمية األش������عة فوق البنفسجية، كل ذلك سوف يؤدي بالتبعية إل������ى تقلص اإلنت������اج الزراعي على مس������توى العالم ورمبا القضاء عليه. وس������تكون تأثيرات التبريد وفق������د األوزون، أوضح ما يكون بصفة high خاصة في املناط���ق اجلغرافي���ة العلياlatitudes )البعيدة عن خط االستواء( واملناطق الوس���طى middle latitudes )احملص������ورة بني املناطق القطبي������ة واملناطق املدارية( في نصفي الكرة األرضية، في حني ستكون نسبة التقلص في نس������بة األمطار أكبر ما يكون فوق املناطق

.tropics االستوائيةوبطبيع������ة احلال، ف������إن األض������رار النوعية النات������ة من كل تغير بيئي من التغيرات البيئية الس������ابق ذكرها تعتمد عل������ى نوعية احملاصيل املزروعة، وطبيعة التربة وأسلوب الزراعة السائد في كل منطقة من املناطق املتأثرة، كما ستعتمد على أمناط الطقس اإلقليمي السائد، علما بأنه كن ألي باحث تقييم أمناط االس������تجابة ل������م ميجالزراعية املترتبة على مثل هذه التغيرات بشكل كامل أو مفص������ل. وحتى في الظروف املعتادة، فإن توفير الغذاء لألعداد املتزايدة من السكان

األحداث احلقيقية مثل الثورات البركانية املتفجرة وحرائق الغابات

الضخمة تساعد على التحقق من نتائج احملاكاة )احلاسوبية( التي

حتاول التنبؤ بتداعيات احلرب النووية. في عام 1991 قذف بركان

جبل پيناتوبو الرماد أمياال إلى أعلى في الهواء )الشكل في اليمني(، وقد

أدى هذا بدوره إلى إحاطة كوكبنا في حينه بطبقات مميزة من اجلسيمات

البركانية )الشكل في اليسار(.

طبقات من اجلسيمات البركانية

Page 50: may-june-2010

49 (2010) 6/5

يعتم������د بطبيعة احل������ال على نق������ل األغذية عبر األقالي������م املختلفة في أنح������اء األرض من أجل تعويض نقص اإلنتاج الزراعي احلادث بسبب اجلف������اف وتغيرات الطقس املوس������مية. بيد أن كمي������ة احلبوب املخزنة في كوكب األرض حاليا ال تكف������ي لتغذية س������كان الكوكب س������وى لنحو ش������هرين فقط ]انظر في هذا العدد: »هل ميكن لنقص األغذية أن يؤدي إلى انهيار احلضارة«[. وإضافة إلى هذا، فإن اإلم������دادات املتاحة من امل������واد الغذائية في معظم املدن والدول ال تكاد تكفيها س������وى لفت������رة قصيرة ج������دا، ومن هنا فق������د ارتفع العجز الغذائي )وكذلك األس������عار( بصورة ملحوظة خالل السنوات األخيرة. إذن، ميك������ن ألي حرب نووية أن تتس������بب في تقلص اإلنت������اج الزراعي في كل جهة تقريبا من أنحاء املعم������ورة دفعة واح������دة، وفي ه������ذه احلالة ال يس������تبعد أن يؤدي الذعر العاملي احلادث إلى توقف نظام التب������ادل الزراعي العاملي، وحدوث نق������ص حاد في احملاصيل ف������ي أماكن عديدة. ومن واقع جميع ما س������بق، ف������إن ما يقرب من بليون نسمة ممن يعيشون حاليا على إمدادات غذائية محدودة في أنحاء العالم، سوف يكونون مهددين مباشرة بخطر املجاعة في حالة نشوب حرب نووية إقليمية ما بني الهند وپاكس������تان أو

بني أي قوى إقليمية نووية أخرى.

مطلوب دليل مستقل)٭(ع������ادة ما يق������وم العلم������اء باختب������ار النماذج والنظري������ات العلمية، عن طري������ق إجراء التجارب الواقعية، ولكن في حالتنا هذه، فمن البديهي أنه ال ميكننا القيام بذلك، لذا كان علينا اللجوء إلى أمثلة واختبارات مناظرة analogues ميكن بواس������طتها

التحقق من صحة مناذجنا )املناخية(.م���دن محروقة. لس������وء احل������ظ، فقد اتضح أن العواص���ف الناري���ة firestorms الناتة من التفريغ الش������ديد للطاقة تؤدي ف������ي العادة إلى ض������خ كميات هائلة من الدخان إلى طبقات اجلو العليا. فقد احترقت مدينة سان فرانسيسكو من قبل بس������بب زلزال عام 1906، كما احترقت أكثر من مدينة بالكامل خالل احلرب العاملية الثانية، مب������ا في ذلك مدن درس������دن وهامبورگ وطوكيو

وهيروشيما وناگازاكي. وهذه األحداث تعزز من فك������رة أن الدخان الناجت أثن������اء احلرائق املدنية الكثيفة ميكنه الوصول إلى طبقات اجلو العليا.

دورة الفص���ول. في غمرة فصل الش������تاء ميكننا بوضوح مالحظة أن املناخ أبرد مما هو علي������ه في بقية الفصول، ويع������ود هذا إلى كون فترة النهار أقصر، وإلى كون أش������عة الشمس أقل سطوعا وش������دة. هذه احلقيقة املجردة قد س������اعدتنا على تقييم تأثيرات تقلص اإلشعاع الشمس������ي بطريق������ة كمية. وفي هذا الس������ياق، ف������إن مناذجنا املناخية مبا له������ا من قدرة على إعادة بناء دورة الفصول بشكل جيد، قد أكدت على وجود تباين واضح في مقدار اإلش������عاع

الشمسي بني كل فصل وآخر.االنفج���ارات )البركاني���ة(. هن������اك أمثلة عديدة لثورات وانفج������ارات بركانية ضخمة س������ابقة ميكن اخلروج منها بأكثر من درس مستفاد، ومن ذلك انفجار بركان تامبورا في عام 1815، وكراكاتوا في عام 1883، وپيناتوبو في عام 1991. وخالل هذه االنفجارات، قامت الرياح بنقل سحب اإليروسوالت الكبريتية sulfate aerosol clouds التي تشكلت في طبقة الستراتوسفير، إلى أرجاء مختلفة عبر العالم. كما حدث انخفاض سريع في درجة احلرارة على س������طح األرض بعد كل انفجار بركاني ومبقدار تناسب مع سمك السحابة املتكونة. وبعد انفج������ار ب������ركان پيناتوب������و، انخفض متوسط درجة احلرارة على املستوى العاملي بنحو 0.25 درجة مئوية، كما انخفضت أيضا نسبة تساقطات األمطار العاملية، والتدفقات املائية باألنهار ورطوبة التربة. وهذا ما بينته بالفع������ل مناذجنا )املناخية(، إذ اس������تطاعت

Independent Evidence Needed )٭(

إن السبيل الوحيد إللغاء احتمال حدوث كارثة مناخية هو إلغاء األسلحة النووية ذاتها.

الرئيسان األمريكي <باراك أوباما> والروسي <دميتري ميدڤيدوڤ> يوقعان

في الشهر 2009/7 اتفاقية لتحديد عدد الرؤوس النووية االستراتيجية التي

يحق لكل دولة نشرها. وبطبيعة احلال، فإن أي خفض إضافي في ترسانة

البلدين، ميكن أن يشكل دافعا جلميع الدول النووية األخرى على خفض

أسلحتها النووية مبا يعني تقليص حجم هذه األسلحة بشكل جذري عامليا.

Page 51: may-june-2010

50(2010) 6/5

محاكاة واستنتاج جميع هذه التأثيرات.حرائق الغابات. في بعض األحيان ميكن للدخان املتصاعد من حرائق الغابات الضخمة االرتفاع عاليا وبلوغ طبقة التروپوسفير، بل وإلى اجلزء السفلي من الستراتوسفير، كما ميكنه االنتقال إلى مسافات كبيرة جدا مسببا تبريد احلرارة على سطح األرض )كما سبق شرح ذلك(. وهذا أيضا ما أوضحته مناذجنا )املناخية(، إذ أمكنها استنتاج هذه التأثيرات

بشكل جيد.اندث���ار الدينوص���ورات. قبل 65 مليون عام من اآلن، ضرب نيزك ضخم شبه جزيرة يوكاتان املكس������يكية مخلفا س���حابة غبارية dust cloud ضخم������ة ومجموعة من احلرائق ودخان������ا كثيفا، أس������همت جميعا في حجب أشعة الشمس، ومن ثم فناء الدينوصورات. كما يحتمل أن تك������ون االنفجارات البركانية الضخم������ة الت������ي حدثت في الهن������د في وقت متزامن قد أس������همت أيضا في تفاقم اآلثار الناجمة. وهذه األحداث تعلمنا على أي حال أنه بإمكان الكميات الكبيرة من الهباء اجلوي واأليروس������والت املوجودة في الغالف اجلوي تغيير املناخ بش������كل ج������ذري وبدرجة تكفي

لهالك أعتى األجناس.وعلى ه������ذا النح������و، فقد جلأن������ا إلى هذه احل������االت املتناظرة الختب������ار مناذجنا املناخية وحتس������ني قدراته������ا، لكنن������ا نأم������ل أن يتمكن اآلخرون من تطوير هذا وبذل مزيد من العمل. وف������ي هذا اإلطار، فإننا نؤكد أن نتائج النماذج األخرى املس������تقلة س������واء توافقت م������ع نتائج منوذجنا املطبق هنا أم تعارضت معها، سوف تكون مرش������دة للغاية وبناءة. أيضا، فإن إجراء دراسات تقييم األثر الزراعي وهو ما لم ميكننا

القيام به هنا، سوف يكون محل ترحيب.

احلظر: السياسة الوحيدة)�(ينط������وي مفه������وم الش������تاء الن������ووي لدى العام������ة على أكثر من انطب������اع خاطئ. أحد هذه االنطباعات يق������وم على إنكار التأثيرات املناخية للش������تاء الن������ووي، وه������ذا أمر غير صحيح ]انظ������ر العمود في مي������ني الصفحة

46[. ومن االنطباعات اخلاطئة أيضا االعتقاد أن العالم س������يواجه خريفا - وليس شتاء - نووي������ا في حالة اندالع ح������رب نووية. بيد أن احلسابات التي أجريناها مؤخرا تشير إلى أن التأثي������رات املناخي������ة الناجمة عن صراع إقليمي س������تكون قاسية وواس������عة االنتشار. أيضا، فإن النماذج واحلواسيب التي كانت مس������تخدمة ف������ي ثمانينات الق������رن املنصرم لم يك������ن بإمكانه������ا محاكاة عملي������ة تصاعد الدخان للغالف اجل������وي وبقائه فيه، كما لم تكن قادرة على مح������اكاة طول الوقت الالزم لعودة احمليطات إلى سابق حالة الدفء التي كانت عليها، وذلك بعد انقشاع الدخان، لكن النم������اذج احلديثة بقدرتها عل������ى تقييم آثار النووية والتفاعالت الواسعة النطاق احلرب احلادثة خاللها تتوقع - في املقابل - ش������تاء

وليس خريفا نوويا.ثمة انطباع آخر خاط������ئ يتمثل باالعتقاد أن مشكلة الش������تاء النووي، حتى وإن وجدت في السابق، فقد انتهت بنهاية سباق التسلح الن������ووي. ولكن الواقع يش������ير إل������ى إمكانية حدوث ش������تاء ن������ووي في أي وقت وبس������هولة بسبب وجود الترسانتني النوويتني األمريكية والروس������ية واملقرر بقاؤهما حتى عام 2012. وفض������ال ع������ن ذلك، ف������إن تزايد ع������دد الدول النووي������ة يزيد من فرص نش������وب حرب نووية سواء بصورة مخطط لها أم بصورة عرضية. وعلى سبيل املثال، فقد هددت كوريا الشمالية بإعالن احلرب في حال قي������ام العالم بإيقاف سفنها وتفتيشها للتأكد من عدم حملها مواد نووية. وحلس������ن الطالع، فإن كوري��ا الشمالية ال متتل������ك في الوق������ت الراهن أس������لحة نووية جاهزة لالس������تخدام، بيد أنه قد ميكنها بلوغ ه������ذا الهدف في املس������تقبل القريب. وأيضا، دع������ا بعض الزعماء املتطرف������ني في الهند إلى مهاجم������ة پاكس������تان باألس������لحة النووية إثر الهجمات اإلرهابية األخيرة على الهند. ونظرا لقدرة الهند على اجتياح األراضي الپاكستانية بسرعة بقواتها التقليدية، فمن الوارد في هذه احلالة أن تلجأ پاكس������تان إلى مهاجمة الهند

Abolition: The Only Policy )٭( the Intergovernmental Panel on Climate Change )1(

<روبوك> أستاذ علم املناخ في جامعة

روتگرز ومدير مساعد مبركز التنبؤ البيئي التابع للجامعة، حيث يقوم

بدراسة جوانب عديدة تتعلق بالتغير املناخي. وهو أيضا زميل اجلمعية األمريكية لألرصاد اجلوية وأحد

أعضاء اللجنة الدولية للتغير املناخي (IPCC))1(. أما <توون>، فيرأس قسم

علوم الغالف اجلوي واحمليطات في جامعة كولورادو مبدينة بولدر، كما

أنه زميل مختبر فيزياء الغالف اجلوي والفضاء في اجلامعة. وهو زميل

اجلمعية األمريكية لألرصاد والرابطة األمريكية للجيوفيزياء.

املؤلفان

Owen Brian Toon Alan Robock

Page 52: may-june-2010

51 (2010) 6/5

بأسلحة نووية اس������تباقا العتداء الهند عليها. كما هددت إيران بتدمير إس������رائيل، التي تعد هي األخرى قوة نووية، والتي تعهدت بدورها بعدم الس������ماح إليران بأن تصبح دولة نووية. والواض������ح أن كل دولة من الدول املذكورة في األمثلة الس������ابقة تعتقد أن وجودها قد يكون عرضة للتهدي������د الكامل وبنذر قليلة. لذا فهي تجعد من بؤر الص������راع ومن الوارد انفجارها

بشكل مفاجئ في أي وقت.والواضح أيضا أن احلرب النووية األولى قد صدمت العالم بشدة وذلك إلى احلد الذي لم يتم فيه استخدام األسلحة النووية مرة أخرى، وهذا عل������ى الرغم من التخزين الهائل لهذه األس������لحة منذ ذلك احل������ني. ولكن الس������بيل الوحيد إللغاء إمكان حدوث كارثة نووية مناخية يكمن في إزالة األس������لحة النووية ذاتها. أيضا، فإن اإلس������راع في خفض الترس������انتني النوويت������ني - األمريكية والروس������ية - ميكن أن يش������كل مث������اال يحتذى ب������ه لبقية العالم بأنه ال ميكن واقعيا اس������تخدام

األسلحة النووية، ومن ثم ال حاجة إليها.وقد تعهدت كل من الواليات املتحدة األمريكية وروس������يا، مبوجب معاهدة تقليص اس������تخدام األسلحة الهجومية االستراتيجية، بخفض عدد ال������رؤوس احلربية النووية االس������تراتيجية إلى ما ب������ني 1700 و2200 مع نهاية عام 2012. وفي الشهر 2009/7 اتفق كل من الرئيس <أوباما> والرئيس الروس������ي <دميتري ميدڤيديڤ> على إجراء خفض إضافي في عدد الرؤوس النووية االس������تراتيجية وتقليصه������ا إلى م������ا بني 1500 و1675 وذلك بحلول عام 2016. ومع أن خفض حجم الترس������انات النووية االستراتيجية يعتبر من األمور التي تستحق اإلشادة، إال أن النتائج األخيرة التي توصلت إليها دراس������تنا تبني أنه حتى في ظل هذا اإلجراء، فإن عدد األس������لحة املتاح حاليا يكف������ي متاما لتدمير الزراعة على الصعي������د العاملي، وهذا ه������و املتوقع في حال نش������وب حرب نووي������ة إقليمية. أم������ا إذا ما مت استخدام جميع مخزون األسلحة النووية ضد أهداف مدنية، فس������وف ي����ؤدي ه����ذا إلى قت���ل مئ���ات املالي��ني من البش������ر ونش������ر كمية هائلة م������ن الدخان تقدر ب�Tg 180 (1Tg = 1012 g) في

طبقة الستراتوسفير؛ هذا فضال عن انخفاض متوس������ط درجات احلرارة في مناطق الزراعة الرئيس������ية إلى أقل من درجة التجمد حتى في فصل الصيف وذلك لعدة سنوات متتالية. وعلى ه������ذا املنوال، فإنه ميكن حتى لعدد محدود من الرؤوس احلربي������ة املوجودة على ظهر غواصة نووية واحدة حاملة للصواريخ أن يس������فر عن إنت������اج كمية من الدخان تكف������ي إلحداث كارثة

بيئية عاملية.لع������ل انتش������ار األس������لحة النووي������ة وعدم االس������تقرار السياس������ي واخت������الل التركيب������ة السكانية ميثل في املجمل أحد أعظم األخطار التي تهدد استقرار املجتمع البشري منذ فجر تاريخه. لذا، فإن مجرد إزالة األسلحة النووية س������يحول دون حتقق أحد الكوابيس احملتملة. كما أن التقليص الفوري للترسانتني النوويتني للواليات املتحدة وروس������يا إلى املستوى الذي علي������ه القوى النووية األخ������رى )أي بضع مئات فقط ال غير( سيحافظ على فكرة الردع املتبادل، وسيقلل كذلك من احتمال حدوث شتاء نووي، كما سيشجع سائر بلدان العالم على مواصلة جهودها من أجل التخلص من هذه األسلحة.

ويب������دو أن الرئي������س <أوباما> ي������درك هذا ������ر ف������ي أول مؤمت������ر صحفي املنط������ق، إذ عبنل������ه بتاري������خ 2009/2/9، أي بعد تولي������ه مقاليد الرئاسة، عن هذا بقوله »إنه من املهم للواليات املتح������دة، بالتناغم مع روس������يا... أن نواصل محادثاتن������ا حول كيف ميكنن������ا البدء بتقليص حجم الترسانة النووية في كال البلدين بطريقة فعالة، ومبا ميكننا من املضي قدما وإقناع بقية الدول من أجل التكاتف والعمل معا للوصول إلى معاهدة حتظر انتشار األسلحة النووية.« وبعد ذل������ك، وحتديدا بتاري������خ 2009/9/24 من العام نفس������ه، قاد الرئي������س <أوباما> مجلس األمن في هيئة األمم املتحدة إلى قبول مشروع قرار، ميكن أن يش������كل نقلة مهمة على طريق تسريع اجلهود الرامية إلى تخليص العالم من األسلحة النووية. وفي هذا اإلطار، فإننا نعتقد أن نتائ������ج النمذجة التي توصلن������ا إليها متثل دعما لألسباب املؤيدة لهذه السياسة وسبيال

لتحقيق مزيد من التقدم فيها. <

مراجع لالستزادة

Scientific American, January 2010

Page 53: may-june-2010

52

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

بزوغ الشبكات الالسلكية الفورية)٭(سوف تتيح الشبكات الالسلكية، التي ال تعتمد على بنية

حتتية ثابتة، اتصاالت في كل مكان)1( بغض النظر عن الظروف.<M. إفروس> - <A. گولدسميث> - <M. مدارد>

مفاهيم مفتاحية< ال تتطلب الشبكات الالسلكية التلقائية بنية حتتية ثابتة،

فهي مترر املعلومات من نة شبكة جهاز إلى آخر مكو

من الوصالت.

< ميكن استخدام الشبكات التلقائية حيث تكون إقامة

بنية حتتية للشبكات اخللوية املعهودة شديدة الصعوبة

أو عالية التكلفة، خاصة في املناطق النائية أو في

ساحات املعارك على سبيل املثال.

< نظرا إلى أن الشبكة التلقائية في حالة حركة

ر دائمني، يجب اللجوء وتغيإلى طرائق خالقة لتجنب

ضياع املعلومات وتخفيض التداخل.

محررو ساينتفيك أمريكان

ر واآليفون)2( في حقبة الفيسبوك والتويتهذه، من الس������هل االفتراض أن مقدرتنا على االتص������ال بأي م������كان من العالم هي ش������يء بديهي. إال أن االتصاالت تصبح حرجة جدا في األوق������ات التي تنهار فيها بنيتها التحتية. ففي جزي������رة هاييتي، مث������ال، كانت الهواتف الفضائية التي قدمتها وكاالت اإلنقاذ وسيلة االتصال الرئيس������ية طوال األيام التي أعقبت الزلزال املأس������اوي الذي ضرب هذه اجلزيرة ف������ي بداية ه������ذا العام. وحتى ف������ي الظروف ل العادي������ة، ميكن النقطاع الكهرب������اء أن يعطالبنية التحتية للش������بكات اخللوية عن العمل، مما يجعل جتهيزات اتصاالت حاالت الطوارئ

مجرد أثقال ملنع األوراق من التطاير.في مثل تل������ك الظروف، فإن اخليار الذي يلقى قبوال متزايدا هو إنشاء شبكة مخصصة ن شبكة كهذه ملواجهة هذه الظروف)3(. تتكوتلقائيا وسنسميها شبكة تلقائية حيثما تكون ثمة هواتف خلوية أو أي وس������ائل اتصاالت أخرى، مبرمجة له������ذا الغرض، ضمن مدى االتصال فيما بينه������ا. ويعمل كل جهاز فيها مرسال ومستقبال، وأكثر من ذلك، وسيطا بني األجهزة األخرى القريبة منه. حينئذ تستطيع األجهزة البعي������دة عن بعضها االتصال فيما بينها إذا كانت األجهزة الوس������يطة مستعدة ملس������اعدتها على مترير الرس������ائل من جهاز إلى آخر، كما مترر مجموعة من األشخاص أوعية املاء من ش������خص إلى آخر. وبكلمات أخرى، تعم������ل كل عقدة node في الش������بكة

بوصفها متصال، ترس������ل وتستقبل رسائلها وبنية حتتية تنقل رسائل اآلخرين.

ليس اإلنقاذ في حاالت الطوارئ س������وى واح������د م������ن التطبيق������ات املمكنة للش������بكات التلقائية. فه������ي ميكن أن تعمل في أي مكان يك������ون فيه إنش������اء بنية حتتية ثابتة ش������ديد البطء أو صعبا أو عال������ي التكلفة. وقد أنفق اجليش األمريكي مبال������غ طائلة على تصميم مثل هذه النظم ملصلحة االتصاالت في ميدان ن الشبكات التلقائية في منزلك ك املعركة. ومتماألجهزة م������ن العثور على بعضها واالتصال رة إي������اك من حزم فيما بينه������ا تلقائيا، محراألس������الك املمدودة في غرفة معيش������تك وفي مكتبك. وميكن للق������رى النائية، وملناطق ذوي الدخ������ل املنخفض التي تفتقر إلى بنية حتتية لالتص������االت العريضة احلزم������ة، أن تتصل باإلنترن������ت عبر الش������بكات التلقائية. وميكن للعلماء املهتمني بدراسة البيئات امليكروية)4( في رؤوس األش������جار أو فتحات املاء احلار ات)5( في في قاع احمليط، أن ينش������روا محسالبيئ������ة التي يرغبون في دراس������تها من دون االهتمام بكيفي������ة اتصالها مع������ا، أو بكيفية انتق������ال املعلومات من تل������ك البيئات الصعبة

إلى حواسيب الباحثني.وقد بقيت تلك الشبكات قيد التطوير مدة تزي������د على ثالثة عق������ود، إال أن أولى أمثلتها

The rise Of insTanT wireless neTwOrks )٭(ubiquitous )1(

facebook, Twitter and the iPhone )2(«ad-hoc» network )3(

)microenvironments )4 أو بيئة صغرية.sensors )5(

Page 54: may-june-2010

53 (2010) 6/5

العملي������ة الواس������عة النطاق ل������م تظهر إال في الس������نوات القليل������ة املاضية بع������د التطورات التي حصلت في نظرية الشبكات. ففي سان Meraki ن الشبكات اجلديدة فرانسسكو، تؤماالتصال ل�000 400 ش������خص باإلنترنت عبر Free »مش������روعها املسمى »حترير الش���بكةthe Net، وال������ذي يعتمد على تقانة التش���بيك

نات البلوتوث في التلقائي)1(. وتستخدم مكوالهواتف اخللوية )النقالة(، وفي نظم األلعاب احلاس������وبية واحلواس������يب، تقنيات التشبيك التلقائي لتمكني التجهيزات من االتصال معا من دون توصيالت أو تشكيالت محددة. وقد نمشرت الشبكات التلقائية في بيئات متنوعة، نائي������ة أو قاس������ية، جلمع بيان������ات علمية من ات السلكية منخفضة استهالك الطاقة. محسومع ذلك، فإنه ما زال من الضروري حتقيق عدد من الفتوح التقانية األساسية كي تصبح هذه الشبكات شائعة االستخدام وذلك على ق في هذا املجال م الذي حتق الرغم من التقد

على جبهات عدة.

الشبكة اخللوية?)٭(ال ت������زال الش������بكات التلقائي������ة ن������ادرة. ولفهم س������بب ب������طء انتش������ارها، م������ن املفيد النظر إلى الفوارق ب������ني هذا النهج اجلديد، وبني التقانات الالس������لكية األخرى من قبيل الواي-فاي وش������بكات اخل�لوي����ة الهوات������ف Wi-Fi. فحينما تس������تخدم هاتفا خلويا عاديا

لالتصال بصديق، تكون اإلرساالت السلكية فقط بني كل من الهاتفني وأقرب برج للخلية. أما األب������راج فهي ثابت������ة، واالتصاالت فيما بينها متر عبر ش������بكات ضخمة من األسالك والكبال. والش������بكات الالسلكية احمللية، من قبيل الواي-فاي، تعتمد أيضا على هوائيات ثابتة، وعلى جتهيزات اتصال س������لكية فيما

بني الهوائيات.وتنطوي تلك الش������بكات عل������ى مجموعة من املزايا والعي������وب. ومن مزاياها ما يتعلق بتوفي������ر الطاقة لنقل املعلومات. فالش������بكات الالسلكية الش������ائعة جتعل استهالك الطاقة

في التجهي������زات احملمولة الت������ي تتغذى من البطاري������ات )كالهوات������ف واحلواس������يب( في حده األدنى، وذلك بوض������ع أكبر قدر ممكن من أعباء عملية االتص������ال على كاهل البنية التحتي������ة الثابتة، التي تس������تجر طاقتها من ش������بكة الكهرباء. يمضاف إلى ذلك أن عرض احلزم������ة الراديوي������ة املتاحة هو م������ورد ثابت ومحدود، وجتعل تلك الشبكات استخدام ذلك املورد أمثليا عادة بإرس������ال معظم املعلومات ن استخدام البنية التحتية على أسالك. وميكالثابتة من بناء ش������بكات اتص������االت هاتفية، وشبكات واي-فاي، كبيرة وموثوق بها غالبا

في املناطق حيث احلاجة القصوى إليها.إال أن اس������تخدام البني������ة التحتية الثابتة يجعل هذه الشبكات عرضة النقطاع الكهرباء ولألعط������ال املركزية األخ������رى التي ميكن أن توقفه������ا عن العمل، حتى وإن كانت الهواتف واحلواسيب املوجودة في املنطقة قادرة على العمل. وباملقارنة، تمعتبر الش������بكات التلقائية منيعة عل������ى نحو فري������د من ه������ذه الناحية. إذا نف������دت طاقة جهاز نق������ال، أو أمطفئ، فإن ل تش������كيلة الش������بكة التجهيزات األخرى تعدللتعوي������ض عن اجلهاز اخل������ارج من اخلدمة بق������در اإلمكان. فالش������بكة تتكيف و»تتعافى« على نحو طبيعي مع دخول التجهيزات فيها

وخروجها منها.The Cellular network )٭(

ad-hoc networking )1(

Page 55: may-june-2010

54(2010) 6/5

إال أن هذه املق������درة على التعافي الذاتي ليس������ت مجانية. فالش������بكة يجب أن ترس������ل ن من إعادة تركيب معلومات بطريقة ذكية متكالرس������الة حتى ولو انقطعت بعض الوصالت بني املرس������ل واملستقبل أثناء اإلرسال. وعلى د أفضل مس������ار إليصال املنظوم������ة أن حتدالرسالة إلى املستقبل، حتى وإن لم تكن ثمة طريقة يعرف بها اجلهاز املرسل مكان وجود املس������تقبل. وأخيرا، على الش������بكة أيضا أن تتعامل مع الضجيج املنتش������ر في كل مكان، والناجم عن إرسال عدد من األجهزة رسائل

في وقت واحد.

استراتيجيات التوصيل)٭(تمعد مش������كلة توجيه املعلوم������ات توجيها فعاال عبر ش������بكة متغيرة باس������تمرار صعبة احلل ألس������باب عدة. ففي الشبكات اخللوية أو الالس������لكية الش������ائعة األخ������رى، تالحق البني������ة التحتي������ة املركزية الس������لكية املواقع ن س������جال لها. العام������ة لألجهزة النقالة وتكولذا ميكنها أخذ رسالة من مرسل وتوجيهها

مباشرة إلى املستقبل.أما في الشبكات التلقائية، فعلى األجهزة د بنفس������ها أفضل املس������ارات النقالة أن حتدلتوصي������ل املعلوم������ات إلى مس������تقبلها. وتلك

األجهزة محدودة اإلمكانات من حيث الطاقة احلاس������وبية وس������عة الذاكرة واملق������درة على حتقيق االتصاالت، ولذا ال يستطيع أي منها وحده جمع أو معاجلة املعلومات التي ميكن للحواسيب املركزية في الشبكات الالسلكية

املعهودة جمعها ومعاجلتها.ميك������ن إيضاح احلالة باملثال التالي: أنت في مدينة كبيرة، ولتكن لندن، وتريد االتصال بصديق������ك املوجود في م������كان غير معروف ف������ي الطرف اآلخر للمدين������ة. في هذه احلالة لي������ة، تكون البني������ة التحتية لالتصاالت التخيمثبتة على أس������طح س������يارات األجرة، ومدى كل مس������تقبل مركب على سيارة يقل عن ميل واحد، والسيارات تتحرك بسرعة تقل كثيرا عن حركة االتصاالت، ولذا عليها العمل معا إليصال رس������التك إلى صديقك. ومع جتوال الس������يارات عبر املدينة، تتواصل املستقبالت القريبة من بعضها معا، ثم تفترق عددا غير محدد من املرات فيما بعد. لذا على رسالتك القف������ز عبر املدين������ة على ظهر هذه الش������بكة املتغي������رة، وأن تعث������ر على صديقك لتس������لمه

محتواها من املعلومات.وهذه مهمة صعبة حتى لرس������الة واحدة فق������ط تتحرك ضمن ش������بكة صغيرة. وتزداد الصعوب������ة بازدياد عدد األجهزة والرس������ائل في الشبكة. لذا، كي تكون هذه التقانة مفيدة فع������ال، يجب أن تعمل بكفاءة بقطع النظر عن

احلجم الذي تؤول إليه الشبكة.لقد جرى تطوير كثير من التقنيات ملعاجلة هذه املش������كلة. وجميعها يتضمن، من حيث اجلوهر، استعالمات كثيرة عن االجتاهات. فكل جهاز يس������تعلم من األجهزة املجاورة له عن األجه������زة املجاورة له������ا، وهذه األجهزة تس������تعلم م������ن جوارها، وهك������ذا حتى تصل الرس������الة إلى صديقك. وميكن لرد صديقك أن يعود إليك على املس������ار نفس������ه، أو على غيره. وبهذه الطريقة يولد كل جهاز وس������يط الئحة باملسارات املتاحة بينك وبني صديقك. ن هذه اللوائح رسالتك من الوصول إلى ومتك

انقطاع املكاملة: تقطع الكوارث التي تشابه زلزال هاييتي خطوط االتصال،

ولذا ميكن استخدام الشبكات التلقائية لتأمني اتصال الضحايا بفرق اإلنقاذ

وبالعالم اخلارجي.

Delivery strategies )٭(

Page 56: may-june-2010

55 (2010) 6/5

صديقك حتى وإن كان جهازك ال يعرف مكان صديقك. ونظرا إلى أن الشبكة متحركة، على التجهيزات تكرار عملية االستعالم باستمرار

لتحديث الئحة املسارات املتاحة.ومن املفيد أيضا إرس������ال املعلومات عبر مس������ارات عدة في وقت واحد، وذلك لتحسني فرص وصول الرسالة إلى املرسل إليه. إال أن ثمة سؤاال يطرح نفسه ويتعلق مبقدار التكرار الذي يجب أن تتضمن������ه املنظومة. من ناحية أولى، ميكن املبالغة وجعل الش������بكة ترس������ل كامل الرس������الة على جميع املس������ارات فيها. وتزيد هذه الطريقة من فرص وصول الرسالة إلى املستقبل، إال أن تطبيقها على كل رسالة س������وف يؤدي س������ريعا إلى اختناق الش������بكة باحلرك������ة. وف������ي الطرف اآلخر م������ن املبالغة، ميك������ن جتزئة املعلوم������ات إل������ى مجموعة من األجزاء، وإرسال كل جزء عبر مسار يخصه. وفي ه������ذه الطريقة، يمس������تخدم مقدار صغير من م������وارد الش������بكة، إال أن كثيرا من أجزاء املعلوم������ات ميكن أن يضيع أثناء اإلرس������ال،

تاركا للمستقبل مجرد رسالة مبتورة.إال أن تقني������ة تس������مى تكويد الش���بكة)1( توفر حال وسطا. تتضمن هذه التقنية جتزئة الرس������الة إلى أجزاء، وحتدي������د معلومات كل جزء، ثم إرس������ال تلك األجزاء عبر مسارات عدة على نحو ميكن فيه إعادة بناء الرس������الة في طرف املس������تقبل حت������ى ولو ضاع بعض

أجزائها ]انظر املؤطر في هذه الصفحة[. ويتضم������ن أحد أوج������ه تكويد الش������بكة حتديد عدد املس������ارات التي س������وف تمرسل الرسالة عبرها. وتقلل زيادة عدد املسارات من مفعول انقطاع أي مس������ار، إال أنها تزيد من عدد األجهزة املنخرطة في حتقيق املكاملة الواح������دة. وتوزع ه������ذه الطريقة املكاملة على عدد كبير من أجهزة املشاركني، مقللة بذلك عبء الطاقة املستهلكة في كل منها، ولكن مع

زيادة مقدار التنسيق الالزم فيما بينها.وم������ع تزايد ع������دد األجهزة الت������ي تقوم باإلرسال، س������واء ملصلحة مكاملة واحدة أو

]كيفية العمل[استخدام التكرار الذكي إلرسال الرسائل)٭(

Using smart redundancy to send Messages )٭(network coding )1(

ي�م��ك�����ن ألي مس��������ار ي�ح��م�����ل م��ع�ل��وم�������ات ف���ي الش�������ب��ك����ة الالس���لكية التلقائية أن ينهار في أي حلظة. لذا على املرس���ل جتزئ���ة الرس���الة بطريق���ة م���ا ن من إعادة تركيبها بغض متكالت���ي املس���ارات ع���ن النظ���ر تنقطع. في هذا املثال البسيط، الرس���الة ه���ي الرقم���ان 1 و 3. وثم���ة أربع���ة مس���ارات ممكنة ف���ي الش���بكة احتم���ال انقطاع ف���ي .%50 يس���اوي منه���ا أي الطريقة غير الذكية، إرس���ال 1 على مس���ارين وإرس���ال 3 على مس���ارين ميكن أن ي���ؤدي إلى ضي���اع جزء م���ن الرس���الة إذا انقطع كال مس���اري ال� 1 أو كال مساري ال� 3. إال أن ثمة طريقة أخ���رى )انظر الش���كل( تضمن

وصول الرسالة سليمة.

ثمة 000 400 مقيم في سان فرانسسكو

ينفذون إلى اإلنترنت باستخدام

شبكات تلقائية.

،بدال من إرسال الرقمني ذاتهمابني يرسل املرسل مقدارين مركمنهما )x و y(. ويرسل x = 1 على املسار األول، وy = 3 على املسار الثاني، واملجموع y + x = 4 على املسار الثالث، و y2 + x = 7 على املسار الرابع.

لنفترض أن املسارين الثاني والرابع قد أخفقا في نقل معلوماتهما.

يستقبل املستقبل قطعتني من .4 = y + x 1 و = x :املعلوماتن احلساب البسيط وهنا ميكاملستقبل من إعادة بناء الرسالة األصلية.

Page 57: may-june-2010

56(2010) 6/5

ملصلحة مكاملات عدة، يزداد احتمال التداخل فيما بينها أيضا. عندئذ، وعلى غرار صعوبة فه������م كالم حينما يتحدث كثير من الناس في آن واح������د، يصبح من الصع������ب على جهاز السلكي أن يكش������ف املعلومات املرسلة حني حصول إرس������االت أخرى بالقرب منه. وهذه مش������كلة عويصة في الش������بكات الالسلكية التلقائي������ة خاصة، وذلك بس������بب عدم وجود نظام حتكم مركزي يعمل على التنسيق فيما

بني األجهزة املشاركة في الشبكة.وميك������ن معاجلة التداخل في الش������بكات الالس������لكية بطريقتني. ف������ي الطريقة األولى، يجري جتنب التصادم. فإذا كانت اإلرساالت نادرة، كان احتمال تداخل رسالة مع أخرى صغيرا. لذا، يقوم كل جهاز في هذه الطريقة بتجزئ������ة املعلوم������ات إل������ى أج������زاء صغيرة وإرسالها على شكل رشقات قصيرة. ونظرا إل������ى أنه من غير احملتم������ل أن تقوم األجهزة املج������اورة، الت������ي ال يوج������د تنس������يق معها، باإلرس������ال في الوقت نفسه فإن هذه الطريقة

تول������د تداخال أق������ل مما يحصل لو أرس������ل املس������تخدمون املعلوم������ات على ش������كل تيار standard مستمر بطيء )يعتمد أكثر مقايسشبكات احلواس������يب الالسلكية شيوعا على

طريقة الرشقات هذه.(أما الطريقة الثانية، فتس������مح ملرس������لني بإرس������ال معلومات إلى مس������تقبل واحد في الوق������ت نفس������ه، إال أنه������ا تتطل������ب أن يكون إرس������ال أحدهما أضعف من إرسال اآلخر. ف������إذا تكلمت بص������وت عال حينم������ا يهمس شخص آخر، فإنني أستطيع كشف رسالتك ������ر في هذه م������ن دون صعوب������ة ]انظر املؤطالصفحة[. وإذا كان لدي تس������جيل صوتي، فإني أستطيع إس������قاط رسالتك منه لكشف

الرسالة الضعيفة.لقد تب������ني أن الطريقة الثاني������ة تتفوق في الش������بكات التي يرس������ل فيها جه������ازان فقط رس������ائل يس������تقبلها جهاز ثالث، لكن أداءها يتدهور بس������رعة مع ازدياد عدد املمرس������لني.

Vary the Volume to avoid interference )٭(

]كيفية العمل[ر استطاعة اإلرسال لدرء التداخل)٭( غي

على الشبكات الالسلكية التلقائية أن تتعامل مع مشكالت التداخل العويصة التي حتصل عندما يقوم كثير من األجهزة باإلرسال في آن واحد، حيث يصبح من ة إشاراتها. وتعمل هذه الطريقة بنجاح ر شد الصعب استخراج تيار بيانات واحد من ضجيج التداخل. وإحدى طرائق جتاوز هذه العقبة هي جعل األجهزة تغي

في حالة وجود مرسلني ومستقبل واحد. أما جعلها تعمل مع عدد أكبر من املرسالت واملستقبالت، فهو موضوع بحث جار.

Michelle Effros - Andrea Goldsmith -Muriel Médard

صديقات ومتعاونات منذ مدة طويلة. و<إفروس> أستاذة الهندسة

الكهربائية في معهد كاليفورنيا للتقانة. و<گولدسميث> أستاذة الهندسة

الكهربائية في جامعة ستانفورد، وهي Quantenna املؤسس املشارك للشركة

Communications التي تطور تقانة التشبيك الالسلكي. و<مدارد> هي

عضو الهيئة التدريسية في قسم الهندسة الكهربائية وعلم احلاسوب في

اشوستس للتقانة. معهد ماس

املؤلفات

يقوم جهازان بإرسالمعلومات، إرسال أحدهما »قوي«، وإرسال اآلخر »ضعيف«.

تشابه اإلشارة املختلطة الناجتة من اإلرسالني كثيرا اإلشارة القوية.

لذا يستطيع املستقبل كشف ما أرسله املرسل القوي، فيطرح إشارته من اإلشارة املختلطة ويحصل على اإلشارة الضعيفة.

Page 58: may-june-2010

57 (2010) 6/5

التأخير املنخفض في حالة املكاملات الهاتفية، أو معدل ضياع رزم املعلومات املنخفض في

حالة إرسال الوثائق املهمة.إال أنه من الصعب حتقيق هذا النوع من الفهم للشبكات التلقائية، ألنها دائمة التغير. ل��ذا، ولفه������م اإلمكان���ات النهائي���ة للش������بكة، ال ميكن االعتماد على مج������رد قياس أدائها احلال������ي، بل يج������ب حتديد أدائه������ا في كل

تشكيلة ممكنة لها.وقد اتبعنا نهجا جديدا في معاجلة هذه املشكلة يمنمذج الشبكات الالسلكية التلقائية بشيء أش������د وضوحا نس������تطيع فهمه، أي الشبكات السلكية العادية. ففي جعبتنا من األدوات التي ابتكره������ا علماء املعلومات ما يزيد على نتاج عمل دام ستة عقود لدراسة تدفق املعلومات عبر الش������بكات الس������لكية. وهذه الشبكات ال تعاني مشكالت التداخل ق������د االتصال فيها ال تغير interference، وعم

مواقعها. فإذا أردنا دراسة شبكة السلكية معين������ة، منذجناه������ا أوال باعتبارها ش������بكة سلكية متتلك بعض السمات األساسية من سمات الشبكة الالس������لكية. وبعدئذ ميكننا توصي������ف إمكانات األداء الكاملة للش������بكة التلقائية باس������تخدام مواصف������ات النموذج

باعتبارها دليال.وتس������اعدنا ه������ذه اإلجرائي������ة عل������ى بناء شبكات ذات أداء أفضل، ألننا نستطيع فهم مضامني خياراتنا التصميمية. وهي تس������مح لنا أيضا بتحدي������د املواضع التي تعمل فيها طرائقنا على نحو جي������د، وأين ميكن إدخال

حتسينات جديدة.ر تل������ك األدوات، فإننا ولكن حت������ى بتوفال نتوقع أن حتل الش������بكات التلقائية محل الشبكات اخللوية املوجودة. أما في احلاالت االس������تثنائية التي تك������ون فيها الش������بكات التلقائية ضرورية، فإن تلك األدوات س������وف ������ن من الفه������م الكام������ل لإلمكانات التي متكسوف متتلكها الشبكة، خاصة حيث توجد حاجة ماسة إليها. <

د، يض������اف إلى ذلك أن على املنظومة أن حتدبطريق������ة ما، من يرس������ل بصوت ع������ال ومن يرسل بصوت منخفض. والتنسيق بحد ذاته يتطلب اتصاالت، وكلما ازداد اجلهد املبذول bandwidth في التنسيق، قل عرض احلزمةالترددية املتاح لك لالتصال. وحتديد الطريقة املمكنة الفضلى ما زال موضوع بحث جار.

أدوات جديدة)٭(صحيح أن الشبكات التلقائية مفيدة في كثير من احلاالت، إال أنه قد يكون من الصعب حتدي������د مدى تلك الفائدة متاما؛ حتى إنه ملن الصعب اإلجابة عن األس������ئلة البسيطة التي تخ������ص حدود أدائها. ما هو معدل إرس������ال املعلومات الذي ميكننا استخدامه فيها؟ كيف يعتمد هذا املعدل على عدد األجهزة املوجودة في الش������بكة، وعلى مقدار التداخل فيما بني إرس������االتها؟ م������اذا يحصل عندم������ا تتحرك جمي������ع األجهزة التي في الش������بكة؟ وما هي املقايضات املمكنة بني معدل نقل املعلومات، والتأخير املترتب على وصولها إلى مصبها،

ومناعة املنظومة؟إن أهمي������ة احلصول على ح������دود األداء اجلوهري������ة تلك كبيرة ج������دا. فتلك املعلومات توفر ملصممي الش������بكة تقنيات جديدة ميكن تضمينها في تصاميمهم، وتساعد الباحثني على حتديد أي������ن ميكن حتقيق أكبر ربح في الشبكات القائمة. ويمضاف إلى ذلك أن معرفة ن مصممي الش������بكات من تل������ك احلدود متكحتديد األفضليات املتنافس������ة من قبيل معدل نقل املعلوم������ات والتأخي������ر واحتمال ضياع املعلومات. وعلى سبيل املثال، تتأثر املكاملات ع������د كثيرا بتأخر الهاتفي������ة واملؤمترات من بموصول املعلومات. فالتأخير الطويل، ومعدل وصول رزم املعلومات غير املتناس������ق، ميكن عات في الص������وت والصورة أن يمحدث������ا تقطاملنقولني جتعل التخاطب صعبا. لذا، عندما يفه������م املصممون بنية الش������بكة املعنية التي يعمل������ون بها، يس������تطيعون برمجة كل تطبيق لتحديد أفضليات احتياجاته، من قبيل معدل

لفهم اإلمكانات النهائية للشبكة، عليك حتديد الكيفية التي سوف تتصرف بها في كل تشكيلة ممكنة.

new Tools )٭(

مراجع لالستزادة

Scientific American, April 2010

Page 59: may-june-2010

58

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

هل ميكن لنقص األغذيةأن يؤدي إلى انهيار احلضارة؟)٭(

إن أكبر خطر يهدد االستقرار العاملي هو احتمال حدوث أزمات في تأمني األغذية للبلدان الفقيرة يؤدي إلى انهيار حكوماتها. تلك األزمات التي يسببها استمرار تفاقم التدهور البيئي.

<R .L. براون>

مفاهيم مفتاحية< تتسبب ندرة األغذية وما ينتج منها من ارتفاع في

أسعارها في انزالق البلدان الفقيرة نحو حالة من

الفوضى.

< هذه »الدول الفاشلة« ميكن أن تصدر املرض واإلرهاب

واملخدرات واألسلحة والالجئني.

< إن النقص في املياه وفقدان التربة الزراعية وارتفاع درجات احلرارة نتيجة

الحترار األرض، تفرض قيودا قاسية على إنتاج األغذية.

< يرى الكاتب أنه بغير التدخل بقوة وسرعة ملواجهة هذه

العوامل البيئية الثالثة، فإن سلسلة من انهيار احلكومات ميكن أن تهدد النظام العاملي.

محررو ساينتفيك أمريكان

م������ن أصعب األمور على اإلنس������ان التنبؤ بتغي������ر مفاجئ. فنحن نتنبأ باملس������تقبل عادة من خالل استقرائنا لالجتاهات التي سادت في املاضي. ويعمل هذا األسلوب بنجاح في معظم األحيان. غير أن إخفاقه يكون ش������ديدا في بعض األحيان، ويفاجأ الناس ببس������اطة بأحداث من قبيل األزمة االقتصادية احلالية.

وبالنس������بة إل������ى معظمنا قد تب������دو فكرة انهي������ار احلضارة ذاتها منافية للمنطق. فمن ذا ال������ذي ال يجد صعوبة ف������ي أن يأخذ على محمل اجلد فكرة االنفصال التام عما نتوقعه من حياتن������ا العادية؟ ما األدلة التي ميكن أن جتعلن������ا نكترث بتحذير عل������ى هذا القدر من الكآبة - وكيف س������يكون تصرفنا حياله؟ لقد اعتدنا على قائمة طويل������ة من الكوارث التي نعتب������ر احتمال حدوثها ضئي������ال لدرجة أننا أصبحنا عمليا مبرمجني على رفض احتمال وقوعها جميعا بإش������احة م������ن اليد: بالتأكيد ميك������ن حلضارتن������ا أن تنقلب إل������ى حالة من الفوضى - كما أن األرض ميكن أن تصطدم

بأحد الكواكب السيارة أيضا!لس������نوات عدي������دة، درس������ت االجتاهات والبيئي������ة والس������كانية الزراعي������ة العاملي������ة واالقتصادية وما يحدث بينها من تفاعالت. وتش������ير اآلثار املجتمعة لهذه االجتاهات وما ينجم عنها من توترات سياس������ية إلى انهيار حكوم������ات ومجتمعات. ومع ذلك، فقد قاومت أيضا فكرة أن������ه من املمكن لنقص الغذاء أن

يؤدي إل������ى تقويض ليس احلكومات املنفردة فحسب، بل حضارتنا العاملية أيضا.

ول������م يعد بوس������عي جتاه������ل ذاك اخلطر. فإخفاقنا املس������تمر في التعامل مع أش������كال التدهور البيئي الذي يقوض أسس االقتصاد الغذائي العاملي - وأهمها انخفاض منسوب املي������اه اجلوفية، وتده������ور الترب������ة، وارتفاع درجات احلرارة - يحملني على أن أس������تنتج

أن حدوث هذا االنهيار أمر ممكن.

مشكلة دول فاشلة)٭٭(إن مج������رد نظ������رة عابرة إلى املؤش������رات األساسية لنظامنا العاملي احلالي تقدم دعما غي������ر مرغوب فيه لالس������تنتاج الذي توصلت إليه. وق������د دخل من يعمل������ون منا في مجال البيئ������ة في العق������د الثالث من رس������م خريطة اجتاه������ات التدهور البيئ������ي من دون أن نرى جهدا ملموسا يبذل لتصحيح مسار أي من

هذه االجتاهات.في ست من الس������نوات التسع املاضية، قل إنت������اج العالم من احلب������وب الغذائية عن استهالكه، مما س������بب بالضرورة انخفاضا مط������ردا في الكميات املخزون������ة. وعندما بدأ موسم احلصاد في العام 2008، كان املخزون املرح������ل م������ن احلب������وب الغذائي������ة )الكميات املوج������ودة في الصوامع عن������د بدء احلصاد اجلديد( يكفي الس������تهالك 62 يوما، وهو رقم

COULD FOOD SHORTAGES BRING DOWN CIVILIZATION? )٭(The Problem of Failed States )٭٭(

Page 60: may-june-2010

59 (2010) 6/5

يقترب من املستوى القياسي األدنى. ونتيجة لذل������ك، ارتفعت األس������عار العاملي������ة للحبوب الغذائية في ربيع عام 2008 وصيفه إلى أعلى

مستوى لها على اإلطالق.ومع تزاي������د الطلب على األغذي������ة بوتيرة أس������رع من تزايد الكميات املعروضة، فرض تضخم أسعار األغذية الناجت من ذلك ضغوطا قاس������ية على حكومات بلدان تتأرجح مسبقا على حافة الفوضى؛ حيث خرج اجلياع غير القادري������ن على ش������راء احلب������وب الغذائية أو زراعتها بأنفس������هم إلى الشوارع. وبالتأكيد، حتى قبل االرتفاع السريع في أسعار احلبوب الغذائية عام 2008 ازداد عدد الدول الفاشلة ]انظر العمود في ميني الصفحة 60[. ويرجع السبب في كثير من مشكالت هذه الدول إلى اإلخف������اق في كبح جماح الزيادة الس������كانية. غي������ر أن اس������تمرار تدهور احلال������ة الغذائية سيس������رع من معدل انهيار دول بأكملها. لقد دخلنا حقبة جديدة من اجلغرافيا السياسية. وعلى حني كان التهديد األكبر لألمن العاملي في القرن العش������رين هو الصراع بني القوى الكبرى، بات هذا التهديد اليوم يتمثل بالدول الفاش������لة. لم نعد نتع������رض للتهديد من تركز

السلطة، بل من غيابها.تنه������ار ال������دول عندما تعج������ز احلكومات الوطنية عن توفير األمن الش������خصي واألمن الغذائ������ي واخلدمات االجتماعية األساس������ية كالتعليم والرعاي������ة الصحية. وغالبا ما تفقد احلكومات س������يطرتها على أرضها كلها أو عل������ى جزء منه������ا. وعندما تفق������د احلكومات احتكارها للس������لطة، يبدأ القان������ون والنظام بالتفكك. وبعد نقط������ة معينة، ميكن للدول أن تصل إلى درجة م������ن اخلطورة ال يجد معها موظفو اإلغاثة الغذائية األمان ويضطرون إلى وقف برامجهم. ففي الصومال وأفغانستان، بات������ت األحوال املتدهورة ف������ي هذين البلدين

تهدد هذه البرامج فعال.وتثير الدول الفاشلة القلق على املستوى الدول������ي ألنه������ا تع������د مص������درا لإلرهابيني واملخدرات والس������الح والالجئني، مما يهدد االس������تقرار السياس������ي في كل م������كان. وقد

أصبح������ت الصوم������ال، وهي الدول������ة األولى في قائمة الدول الفاش������لة عام 2008، قاعدة للقرصن������ة. وأصب������ح العراق، ال������ذي احتل املرتبة اخلامسة، مركزا لتدريب اإلرهابيني. كما تعد أفغانس������تان، الت������ي تأتي في املرتبة الس������ابعة، املورد األول للهيروين في العالم. وفي أعقاب اإلبادة اجلماعية التي جرت عام 1994 في رواندا، أس������هم الالجئون من هذه

الدولة املضطربة، وبينه������م آالف من اجلنود املس������لحني، في حرمان جمهوري������ة الكونگو الدميقراطية املجاورة )والتي تأتي في املرتبة

أطفال يتزاحمون على الطعام في قرية دوبي Dubie، بجمهورية الكونگو الدميقراطية. التقطت هذه الصورة في

الشهر 2005/12.

Page 61: may-june-2010

60(2010) 6/5

Numbers That Go the Wrong Way )٭(FAILING STATES )٭٭(

A New Kind of Food Shortage )٭٭٭(

السادسة( من االستقرار.تعتمد حضارتنا العاملية على شبكة عاملة من الدول - القومية التي تعيش حياة سياسية صحيحة، ف������ي مكافحة انتش������ار األمراض املعدي������ة، وإدارة النظ������ام النق������دي العاملي، والس������يطرة على اإلره������اب الدولي، وحتقيق عشرات من األهداف املشتركة األخرى. وإذا انهارت منظومة مكافحة األمراض املعدية - كشلل األطفال، أو املتالزمة التنفسية احلادة الوخيم������ة )س������ارس SARS(، أو إنفلون������زا الطيور - فس������وف تواجه البش������رية متاعب. ومع انهيار الدول، لن يكون هناك من يتحمل مسؤولية تسديد ديونها للمقرضني األجانب. وإذا تفكك عدد كاف من الدول، فسوف يهدد

انهيارها استقرار احلضارة العاملية ذاتها.

نوع جديد من نقص األغذية)٭٭٭(اكتس������ب االرتفاع املفاجئ في األسعار العاملية للحبوب في 2007 و 2008 - وما ميثله م������ن تهديد لألمن الغذائ������ي - طابعا مختلفا يثير من القلق أكثر مما أثارته الزيادات التي حدثت في املاضي. وكانت أس������عار احلبوب الغذائية قد ش������هدت ارتفاعا ش������ديدا مرات عدة في النصف الثاني من القرن العشرين. فف������ي عام 1972، على س������بيل املث������ال، أدرك

الس������وڤييت ضعف موس������م احلصاد لديهم مبكرا، ولذا حاصروا س������وق القمح العاملي بهدوء. ونتيجة لذلك، ارتفعت أس������عار القمح ف������ي مناط������ق أخ������رى بأكثر م������ن الضعف، ورفعت معها أس������عار األرز والذرة. غير أن هذه الصدمة وغيرها من صدمات األس������عار كانت تعود إلى حوادث معينة، كاجلفاف في االحتاد الس������وڤييتي الس������ابق، وعدم هبوب الرياح املوس������مية في الهند، وارتفاع درجة احلرارة ال������ذي أدى إلى انكماش احملاصيل في حزام الذرة في الواليات املتحدة. وكانت هذه االرتفاعات تستمر لفترات قصيرة : فقد كانت ع������ادة تعود إلى حالته������ا الطبيعية في

موسم احلصاد التالي.وعل������ى العكس م������ن ذلك، ف������إن االرتفاع الضخم األخير في أس������عار احلبوب الغذائية ف������ي العالم ناج������م عن اجتاهات ف������ي التغير، ولذلك فم������ن غير احملتمل أن تعود األس������عار إلى سيرتها األولى من دون عكس مسار هذه االجتاهات. وعلى جانب الطلب، تش������مل هذه االجتاه������ات اإلضافة اجلارية إل������ى أكثر من 70 مليون نس������مة كل ع������ام؛ والزيادة في عدد

األش������خاص الذين ينتقلون إلى درجات أعلى

دول فاشلة)٭٭(في كل عام، يشترك صندوق السالم

ومؤسسة كارنيگي للسالم الدولي في إعداد حتليل وتصنيف لدول العالم بناء

على 12 مؤشرا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا لبيان درجة

الرفاهية القومية. وفيما يلي قائمة بالعشرين بلدا األقرب إلى االنهيار في العالم صنفت من األسوأ إلى األفضل وفقا للدرجات املجمعة التي حصلت

عليها هذه البلدان في عام 2007:< الصومال< السودان

< زميبابوي< تشاد

< العراق< جمهورية الكونگو الدميقراطية

< أفغانستان< ساحل العاج

< پاكستان< جمهورية إفريقيا الوسطى

< غينيا< بنگالديش

< بورما )ميامنار(< هاييتي

< كوريا الشمالية< إثيوپيا< أوغندا< لبنان

< نيجيريا< سري النكا

«The Failed States Index 2008,» :املصدر by the Fund for Peace and the Carnegie Endowment for International Peace, inForeign Policy; July/August 2008

املئوي���ة والنس���بة املطل���ق الع���دد يرتف���ع لألش���خاص الذين يعانون نقص تغذية مزم���ن ف���ي ال���دول الس���بعني األق���ل من���وا في العالم، ف���ي حني تتراجع كمي���ات األغذي���ة االحتياطي���ة في العال���م الت���ي تتمث���ل باملخ���زون املرح���ل )كمية احلبوب الغذائية املوج���ودة ف���ي الصوامع عند بداية احلصاد اجلديد(.

]اإلجهاد الغذائي في ازدياد[أرقام تسير

في االجتاه اخلطأ)٭(زيادة اجلوع في الدول السبعني األقل منوا في دول العالم

عدد األشخاص الذين يعانون نقص التغذية: 775 مليونا العدد اإلجمالي للسكان 2550 مليونا

عدد األشخاص الذين يعانون نقص التغذية: 980 مليونا العدد اإلجمالي للسكان 3080 مليونا

عدد األشخاص الذين يعانون نقص التغذية: 1200 مليون )املتوقع( العدد اإلجمالي للسكان 3650 مليونا )املتوقع(

مخزون احلبوب الغذائية املرحل في العالم: 108 أيام

متثل صورة كل إنسان 200 مليون نسمة

مخزون احلبوب الغذائية املرحل في العالم: 62 يوما

مخزون احلبوب الغذائية املرحل في العالم: لم يتم حتديد الكمية املتوقعة

1997

2007

2017

0

0

10

10

20

20

30

30

40

40

50

50

60

60

708090100

U.S. Department of Agriculture, 2008; U.S. Census Bureau :املصدر

Page 62: may-june-2010

61 (2010) 6/5

في سلس������لة الغذاء ليستهلكوا منتجات الثروة احليوانية التي تعتمد على االستهالك الكثيف للحب������وب)1(؛ وحتويل جزء كبي������ر من احلبوب

الغذائية األمريكية إلى إنتاج وقود اإليثانول.يتباي������ن الطلب اإلضافي عل������ى احلبوب الغذائية املقترن بزيادة الرفاه، تباينا واسعا من بل������د إل������ى آخر. فالن������اس ف������ي البلدان املنخفضة الدخل حيث توفر احلبوب الغذائية 60 في املئة من الس������عرات احلرارية، كالهند مثال، يستهلكون مباشرة أكثر بقليل من 454 غراما من احلبوب الغذائية يوميا للفرد. أما في بلدان الرف������اه، كالواليات املتحدة وكندا، فيبلغ اس������تهالك الفرد من احلبوب الغذائية أربع������ة أضعاف ذلك تقريب������ا، وإن كان نحو 90 في املئة منه يس������تهلك بشكل غير مباشر على شكل حلوم وألبان وبيض من حيوانات

تتغذى باحلبوب الغذائية.ثم������ة احتم������ال كبي������ر لزيادة اس������تهالك احلبوب الغذائية نتيجة الرتفاع الدخل بني املستهلكني من أصحاب الدخل املنخفض. ولكن هذا االحتمال يتضاءل إذا ما قورن بالطلب الذي ال يتوقف على وقود السيارات

������ع من احملاصي������ل الزراعية. فصناعة املصنوقود السيارات في الواليات املتحدة األمريكية س������وف تس������تهلك ربع محاصي������ل احلبوب الغذائية لهذا العام، وهي كمية تكفي إلطعام 125 ملي������ون أمريكي أو نصف بليون هندي مبستويات االستهالك احلالية. ومع ذلك، ه محصول احلبوب الغذائية وحتى إذا وجإل������ى صناعة اإليثانول، األمريكية بأكمله

فإنه ل������ن يكفي إال لتلبي������ة 18 في املئة فقط من احتياجات وقود السيارات األمريكية. في حني أن كمية احلب������وب الغذائية الالزمة مللء خزان سيارة عائلية سعة 25 گالونا ميكن أن

تطعم إنسانا ملدة عام كامل.يوح������ي الدمج احلديث ب������ني اقتصاديات األغذي������ة واقتصاديات الطاق������ة أنه إذا كانت قيمة احلبوب كغ������ذاء أقل من قيمتها كوقود، فس������يعمل الس������وق على نقل احلب������وب إلى اقتصاد الطاق������ة. ويؤدي ازدواج هذا الطلب إلى تنافس حاد بني السيارات والناس على

إم������دادات احلب������وب، كما ي������ؤدي إلى ظهور قضية سياس������ية وأخالقي������ة ذات أبعاد غير مس������بوقة. فالواليات املتحدة األمريكية، في محاولته������ا املضللة للحد م������ن االعتماد على

Key Factors in Food Shortages )٭( «The Greenhouse Hamburger,» by Nathan Fiala; :1( انظر(Scientific American, February 2009

]األسباب واآلثار[العوامل الرئيسية في نقص األغذية)٭(

تظهر الندرة املنتش����رة لألغذية كس����بب رئيس����ي النهيار الدول. وينش����أ النقص في األغذية عن ش����بكة معق����دة من األس����باب واآلثار والنتائج تزي����د تفاعالتها غالبا من اش����تداد تأثير أي عامل واحد منها منفردا. وتظهر في الشكل بعض أكثر العوامل شيوعا. ويذهب الكاتب إلى أن حاالت نقص األغذية اليوم ليست وليدة إخفاق احملصول ملرة واحدة أو ألسباب تتعلق بحالة الطقس، بل هي نتيجة ألربعة اجتاهات حاس����مة على املدى الطويل )في األس����فل(: النمو السريع في عدد

السكان وفقدان التربة السطحية وانتشار حاالت نقص املياه وارتفاع درجات احلرارة.

يؤدي إلى احلرث اجلائر والرعي اجلائر،

فيتسبب فيزيادة أعداد

السكان

ارتفاع درجات احلرارة

انخفاض في غلة احملصول

الضخ من آبار أعمق

متلح مكامن املياه الساحلية

ارتفاع مستوى سطح البحر زيادة الطاقة املولدة

من الوقود األحفوري

ارتفاع درجةحرارة العالم

جفافوفيضانات

نقصفي األغذية

دول فاشلة

فقدان التربة السطحية تزايد حاالت نقص املياه

ي ب ف

سبفيت

ة، ذي

ألغى ا

علب

طل ال

دةزيا

ى إل

دييؤ

يستدعي

لىي إ

ؤدي

ري ال

لى ع

لبلط

ا

فيب

سبتت

ة، حلي

سات

اناض

فيى

إلدي

يؤ

ثمن

ومة،

طاق ال

لى ع

لبلط

ة اياد

ى ز إل

دييؤ

Page 63: may-june-2010

62(2010) 6/5

النفط األجنبي بإحالل أنواع الوقود القائمة على احلب������وب الغذائية مح������ل النفط، تخلق حالة من انعدام األمن الغذائي على الصعيد

العاملي لدرجة لم يشهدها العالم من قبل.

نقص املياه يعني نقصا في األغذية)٭٭(إذن، ما الوضع بالنس������بة إل������ى الكميات املعروضة؟ إن االجتاهات البيئية الثالثة التي ذكرتها من قبل - نقص املياه العذبة ، وفقدان التربة الس������طحية، وارتفاع درجات احلرارة )واآلثار األخ������رى( لالحترار العاملي - جتعل من الصعب بصورة متزايدة زيادة املعروض العاملي من احلبوب الغذائية بالسرعة الكافية ملواكبة الطلب. ومن بني جميع هذه االجتاهات، ميثل انتش������ار نقص املي������اه التهديد األقرب. والتحدي األعظم هنا هو الري الذي يستهلك 70 في املئ������ة من املياه العذبة في العالم. فثمة ماليني من آبار ال������ري في بلدان كثيرة تضخ )٭( Irrigation Can Lead to Severe Water Shortagesاملياه اآلن من مصادر جوفية مبعدل أس������رع

Water Shortages Mean Food Shortages )٭٭(

]انخفاض مناسيب املياه[ميكن للري أن يؤدي إلى حاالت نقص حاد في املياه)٭(

إن أكثر ما يستنفد كميات املياه العذبة هو الري الذي يستهلك 70 في املئة من هذه املياه. وللري أهمية كبرى في معظم أشكال الزراعة

ذات الغلة العالية، غير أن كثيرا من مكامن املياه التي تزود محاصيل الري باملياه تستنفد بسرعة أكبر من قدرة

املطر على إعادة تغذيتها. إضافة إلى ذلك، فعندما يستغل املزارعون مكامن املياه

»األحفورية« التي تختزن املياه من األزمنة القدمية في صخر ال تنفذ

فيه مياه األمطار، فإنهم يستخرجون موردا

غير قابل للتجدد. كما أن ضخ املياه من آبار تزداد عمقا باستمرار

ميثل مشكلة أخرى أيضا: فهو يستهلك الكثير من

الطاقة. ففي بعض واليات الهند، يستخدم نصف

الكهرباء امل�تاحة للوالية ف���ي ضخ املياه.

م������ن قدرة األمطار على إعادة ملئها. والنتيجة هي انخفاض مناسيب املياه في بلدان يسكنها نصف سكان العالم، مبا فيها أكبر ثالث دول منتج������ة للحب������وب الغذائية - الص������ني والهند

والواليات املتحدة األمريكية.عادة ما تكون مكامن املياه اجلوفية قابلة للتجدد، غير أن ع������ددا من أهم هذه املكامن ليس كذل������ك: كاملكام������ن »األحفورية«، والتي يطلق عليها هذا االس������م ألنها تختزن مياها قدمية ال تتجدد بهطل املطر. وبالنس������بة إلى Ogallala ه������ذه املكامن - مثل مكمن أوگاالالمبساحته الشاسعة والذي يقع حتت السهول العظمى في الواليات املتحدة، واملكمن املوجود ف������ي اململكة العربي������ة الس������عودية، واملكامن املوجودة حتت س������هل الصني الش������مالي - سيكون نضوبها مبثابة نهاية لعملية الضخ. وف������ي األقاليم القاحلة ميكن أن يس������بب هذا

النضوب أيضا نهاية الزراعة بالكامل.وفي الصني ينخفض منسوب املياه حتت س������هل الصني الشمالي بسرعة، وهي منطقة تنت������ج أكثر من نصف كمية القمح وثلث كمية الذرة ف������ي ذاك البلد. وقد اس������تهلك الضخ املفرط معظم املي������اه في مكمن ضحل هناك، مم������ا أجبر حفاري اآلبار عل������ى التحول إلى املكم������ن العميق في اإلقلي������م وهو مكمن غير قاب������ل للتج������دد. ويتنبأ تقرير للبن������ك الدولي »بعواق������ب كارثية لألجيال القادمة« ما لم يتم بسرعة استعادة التوازن بني استخدام املياه

والكميات املتاحة منها.ومع انخفاض مناس������يب املي������اه اجلوفية وجفاف آبار الري انخفض محصول القمح في الصني، وه������و أكبر محصول في العالم، بنسبة 8 في املئة منذ وصل إلى ذروته ب�123 ملي������ون طن في عام 1997. وفي الفترة ذاتها، انخفض إنتاج الصني من األرز بنسبة 4 في املئ������ة. وقد تلجأ هذه الدولة، وهي أكبر بلدان العالم من حيث عدد الس������كان، إلى استيراد

كميات هائلة من احلبوب الغذائية.أما ف������ي الهند، ف������إن نقص املي������اه يثير ق������درا أكبر من القلق. فالهامش الفاصل بني

احملصول

طبقة صخرية كتيمةمكمن مائي أحفوري )مستنفد تقريبا(

مكمن مائي ميكن جتديده

مضخة

Page 64: may-june-2010

63 (2010) 6/5

وهي بلد غير ساحلي صغير يؤوي مليوني نس������مة ويق������ع كل������ه داخل ح������دود جنوب أفريقيا. كان������ت النتيجة التي توصل إليها الفري������ق واضحة متام������ا: »تواجه الزراعة في ليس������وتو مس������تقبال كارثي������ا؛ فإنتاج احملاصيل يتراج������ع وقد يتوقف متاما في مساحات شاس������عة من البلد إذا لم تتخذ اخلطوات الالزمة لتغيير مسار تآكل التربة

وتدهورها وتناقص خصوبتها.«وفي النص������ف الغربي للك������رة األرضية، حققت هاييتي - وهي واحدة من أولى الدول التي عرفت بأنها دولة فاش������لة - قدرا كبيرا من االكتفاء الذاتي من احلبوب الغذائية قبل أربعني س������نة. غير أنها فقدت في الس������نوات التالي������ة جمي������ع غاباتها تقريب������ا والكثير من تربتها الس������طحية، األمر الذي اضطرت معه إلى اس������تيراد أكثر من نصف ما حتتاج إليه

اس������تهالك األغذية والبقاء عل������ى قيد احلياة هن������اك أقل ثبات������ا. فقد انخفضت مناس������يب املي������اه في املاليني من آبار الري في كل والية تقريبا. وكم������ا ذكر <F. پيرس> في مجلة نيو

:New Scientist ساينتيست

ج������ف نصف اآلب������ار التقليدي������ة احملفورة يدويا وماليني من اآلبار األنبوبية الضحلة ف������ي الهند مس������بقا، وأدى ذلك إلى موجة م������ن حاالت االنتح������ار بني م������ن يعتمدون على هذه اآلب������ار. ووصلت حاالت انقطاع التي������ار الكهربائي إلى مس������تويات وبائية ف������ي الواليات التي يس������تخدم فيها نصف الكهرباء لضخ املياه من أعماق تصل إلى

كيلومتر واحد.

وتذكر دراس������ة للبن������ك الدولي أن 15 في املئ������ة م������ن كمي������ات األغذية في الهن������د تنتج باستخراج املياه اجلوفية. وبعرضها بطريقة أخرى، يستهلك 175 مليون هندي حبوبا تنتج باستخدام ماء من آبار ري سوف تستنفد في املس������تقبل القريب. وميكن أن يؤدي التقلص املستمر في إمدادات املياه إلى حاالت نقص ف������ي األغذية وصراع������ات اجتماعية ال ميكن

السيطرة عليها.

نقص التربة يعني زيادة اجلوع)٭( إن مجال االجتاه الثان������ي املثير للقلق - وه������و فقدان التربة الس������طحية - يثير الفزع أيضا. فالتربة السطحية تتآكل بوتيرة أسرع من تش������كل الترب������ة اجلديدة ف������ي نحو ثلث األراضي الزراعية ف������ي العالم. فهذه الطبقة الرقيقة من العناصر املغذية احليوية للنبات، والت������ي متثل بحد ذاتها أس������اس احلضارة، استغرقت عصورا جيولوجية طويلة لتتكون، وم������ع ذل������ك فعمقها ال يزيد عادة على س������ت بوص������ات. وكان فق������دان ه������ذه الطبقة بفعل احلت الناجت من حركة الرياح واملياه س������ببا

في انهيار حضارات سابقة.وفي عام 2002، أجرى فريق تابع لألمم املتحدة تقييما للحالة الغذائية في ليسوتو،

كيف تهدد الدول الفاشلة اجلميع)٭٭٭(

عندما تعجز حكومة دولة من الدول عن توفير األمن أو اخلدمات األساسية

ملواطنيها، ميكن أن تترتب على الفوضى االجتماعية الناجتة من ذلك آثار سلبية

خطيرة تتجاوز حدود هذه الدولة:

< انتشار األمراض.............................................................

< توفير مالذ آمن لإلرهابيني والقراصنة

.............................................................< انتشار بيع املخدرات واألسلحة

.............................................................< دعم التطرف السياسي

.............................................................< توليد العنف والالجئني الذين ميكن

أن يتدفقوا إلى الدول املجاورة.Less Soil, More Hunger )٭(

Arable Land Is Disappearing )٭٭(HOW FAILED STATES THREATEN EVERYONE )٭٭٭(

]تربة متآكلة[األرض الصاحلة للزراعة تختفي)٭٭(

إن التربة السطحية، وهي عامل حيوي آخر في احملافظة على كميات األغذية في العالم، هي أيضا في جوهرها مورد غير متجدد: وحتى

في نظام بيئي صحي تتوفر له الرطوبة الكافية واملواد العضوية وغير العضوية،

قد يتطلب األمر مئات السنني لتكوين بوصة واحدة من التربة السطحية. وإذا اختفى الغطاء النباتي املثبت

للتربة - عندما تقطع الغابات أو تتحول املراعي إلى أراض صحراوية بسبب اإلفراط في

الرعي - ستفقد التربة السطحية بفعل

الرياح واألمطار. كما تتعرض

األرض الزراعية أيضا للتهديد نتيجة إنشاء

الطرق واملباني واالستعماالت غير

الزراعية األخرى.

الرياح

محيط أو بحيرة

مسيل أخدودي

Page 65: may-june-2010

64(2010) 6/5

من احلبوب الغذائية.أما التهديد البيئي الثالث، والذي يعد أكثر التهديدات الت������ي يتعرض لها األمن الغذائي انتش������ارا - وهو ارتفاع درجة حرارة سطح األرض - فق������د يؤثر ف������ي غلة احملاصيل في كل مكان. ففي بلدان كثيرة تزرع احملاصيل في درجات حرارته������ا املثالية أو قريبا منها، وميك������ن ألقل ارتفاع في درجة احلرارة أثناء موسم الزراعة أن يؤدي إلى نقص احلصاد. لقد أكدت دراسة نشرتها األكادميية الوطنية للعلوم في الواليات املتحدة األمريكية قاعدة يعرفها جميع علم������اء إيكولوجيا احملاصيل: فمقاب������ل ارتف������اع درج������ة مئوي������ة واحدة من درجات احل������رارة )1.8 درجة فهرنهيت( فوق املعتاد، تنخفض غلة محاصيل القمح واألرز

والذرة بنسبة 10 في املئة.وف������ي املاض������ي، كما هو مش������هور متاما عندم������ا أدت االبت������كارات ف������ي اس������تخدام األسمدة والري واألصناف العالية الغلة من القم������ح واألرز إلى »الث������ورة اخلضراء« في الستينات والس������بعينات من القرن املاضي،

كانت االستجابة للطلب املتزايد على األغذية هي التطبيق الناج������ح للزراعة العلمية: احلل التقان������ي. أما هذه املرة، فمما يؤس������ف له أن عددا كبيرا من أكثر الوسائل املتقدمة إنتاجا في مجال التقانة الزراعية قد وضعت مسبقا موضع التنفيذ، وهكذا تتباطأ باطراد الزيادة في إنتاجية األرض على األجل الطويل. وبني عامي 1950 و 1990 حقق مزارعو العالم زيادة في غلة احلبوب الغذائية بنسبة أكثر من 2 في املئة سنويا عن كل فدان، وكانت هذه النسبة أعلى من نس������بة الزيادة السكانية. ولكن منذ ذلك الوقت تناقص معدل النمو الس������نوي في الغلة حتى وصل إلى نس������بة تزيد قليال على واحد في املئة. وفي بعض البلدان تظهر غلة احملاصيل قريبة من حدودها العملية، مبا في

ذلك غالل األرز في اليابان والصني.يش������ير بع������ض املعلق������ني إلى س������الالت احملاصيل احملورة وراثيا كمخرج من مأزقنا. غير أنه مما يؤس������ف له أن أيا من احملاصيل احملورة وراثيا لم يحق������ق زيادات مؤثرة في الغل������ة، مقارنة مبا حدث من زيادة غلة القمح واألرز إلى الضعفني أو ثالثة أضعاف أثناء الثورة اخلضراء. وال يب������دو أن ثمة احتماال ألن يحدث ذلك، ببس������اطة ألن تقنيات تهجني النباتات التقليدية قد اس������تنفدت فعال معظم

احتماالت زيادة غلة احملاصيل.

املناورة من أجل الغذاء)٭٭٭(مع انهيار األمن الغذائ������ي العاملي بدأت تظهر سياس������ة أمن غذائي تتسم باخلطورة: ففرادى البل������دان التي تتص������رف بدافع من مصاحله������ا الذاتية الضيقة تزي������د فعال من تفاقم احلالة الس������يئة للكثي������ر من الدول. في عام 2007 بدأ هذا االجتاه عندما جلأت بلدان مصدرة رئيس������ية للقمح كروسيا واألرجنتني إلى احلد من صادراتها أو حظرها على أمل زيادة كميات األغذية املتاحة محليا، ومن ثم خفض أسعار الغذاء بشدة. وحظرت ڤيتنام، ثان������ي أكبر البلدان املصدرة لألرز في العالم

Hotter Climate Will Reduce Yield )٭(SIDE BETS IN THE GAME OF FOOD POLITICS )٭٭(

Jockeying for Food )٭٭٭(

رهانات جانبية في لعبة سياسة

األغذية)٭٭(حترص دول عديدة على تأمني كميات

األغذية التي ستحتاج إليها في املستقبل عن طريق عقد الصفقات سرا مع الدول

املنتجة للحبوب الغذائية للحصول عل حقوق الزراعة فيها. ويؤدي هذا

األسلوب إلى انكماش العرض بالنسبة إلى الدول املستوردة األخرى وارتفاع

األسعار. ومن أمثلة ذلك:

< تسعى الصني إلى استئجار أراض في أستراليا والبرازيل وبورما )ميامنار(

وروسيا وأوغندا..............................................................

< تبحث اململكة العربية السعودية عن أراض زراعية في مصر وباكستان

وجنوب أفريقيا والسودان وتايالند وتركيا وأوكرانيا.

.............................................................< تبحث املؤسسات التجارية الزراعية

الهندية عن أراض زراعية في باراغواي وأورغواي.

.............................................................< تستأجر ليبيا 000 250 فدان في

أوكرانيا مقابل التنقيب عن النفط في حقول النفط الليبية.

.............................................................< تسعى كوريا اجلنوبية إلى عقد صفقات

للحصول على أراض في مدغشقر وروسيا والسودان.

تشكلت الزراعة كما نعرفها اليوم بفعل نظام مناخي لم

يتغير إال قليال عبر تاريخ ال����زراعة ال���ذي يرجع إلى

000 11 عام. ومت تطوير معظم احملاصيل لتحقيق أقصى

إنتاج في ظل هذه الظروف الثابتة. غير أن ارتفاع

درجات احلرارة املتوقع بسبب االحترار العاملي سوف

يؤدي إلى انخفاض غلة احملاصيل مقيسة بإنتاجية

كل فدان يحصد. ويعتقد علماء إيكولوجيا احملاصيل أنه في مقابل ارتفاع درجة

احلرارة مبقدار درجة مئوية واحدة )1.8 درجة فهرنهيت(

عن املعتاد تنخفض غلة محاصيل القمح واألرز والذرة

بنسبة 10 في املئة.

نبات ذرة في حالة صحية جيدة

نبات ذرة في حالة إجهاد

]ارتفاع درجات احلرارة[ املناخ احلار يؤدي إلى انخفاض الغلة)٭(

Page 66: may-june-2010

65 (2010) 6/5

بعد تايالند صادراتها ألش������هر عدة للسبب نفس������ه. وقد تبعث هذه التحركات الطمأنينة في نفوس من يعيشون في البلدان املصدرة، غي������ر أنها تخلق حالة م������ن الهلع في البلدان املس������توردة التي تضطر إل������ى االعتماد على م������ا يتبقى من احلب������وب الغذائية التي ميكن

تصديرها على املستوى العاملي.وإزاء ه������ذه القيود، يس������عى مس������توردو احلبوب الغذائي������ة إلى إبرام اتفاقات جتارية ثنائية طويلة األجل ميكن أن تؤمن احلصول على احلبوب الغذائية في املستقبل. فالفلپني، التي لم يعد بوسعها االعتماد على احلصول عل������ى األرز من الس������وق العامل������ي، تفاوضت مؤخرا مع ڤيتنام على صفقة تنفذ على مدى ثالث س������نوات للحصول على 1.5 مليون طن من األرز كل س������نة بطريقة مضمونة متاما. بل إن قلق اس������تيراد الغ������ذاء أدى إلى إقدام البلدان املستوردة لألغذية إلى اتباع طرائق

جديدة متاما لش������راء األراضي الزراعية في بلدان أخرى أو اس������تئجارها ]انظر العمود

في ميني الصفحة املقابلة[.وعلى الرغم من هذه التدابير املؤقتة، بدأ االرتفاع الشديد في أسعار األغذية وتفشي اجل������وع في بل������دان أخرى كثي������رة بتقويض أس������س النظام االجتماعي. وف������ي مقاطعات عديدة من تايالند، أجبرت عمليات الس������رقة التي يقوم به������ا »لص������وص األرز« القرويني على حراس������ة حقولهم لي������ال بالبنادق املعبأة بالذخيرة. وفي پاكس������تان يرافق كل شاحنة حبوب جندي مس������لح. وف������ي النصف األول من ع������ام 2008 اختطفت 83 ش������احنة محملة باحلبوب الغذائية في السودان قبل أن تصل

إلى مخيمات اإلغاثة في دارفور.ال يوجد بلد واحد في مأمن من آثار ندرة كمي������ات األغذية، وال حتى الواليات املتحدة

WHAT IS TO BE DONE? )٭(

ماذا ينبغي أن نفعل؟)٭(]احللول[

تتأل����ف اخلط����ة B، وه����ي خارط����ة طريق مس����ار لتصحي����ح الكات����ب يقترحه����ا العوامل التي تهدد حضارتنا، من أربعة عناص����ر رئيس����ية: جه����د هائ����ل خلفض انبعاث����ات الكرب����ون بحل����ول ع����ام 2020 بنس����بة 80 في املئة من املستويات التي وصلت إليها في عام 2006؛ وتثبيت عدد سكان العالم عند 8 باليني نسمة بحلول عام 2040؛ واستئصال الفقر؛ واستعادة الغابات والتربة ومكامن املياه. ويوضح ه����ذا اإلطار عددا م����ن اإلجراءات الالزمة

لتحقيق هذه األهداف.

استعملوا أنواع الطاقة املتجددة بدال من الوقود األحفوري ألغراض توليد الكهرباء والتدفئة.

ازرعوا األشجار للحد من الفيضانات، وحافظوا على التربة، واعزلوا

الكربون، وأوقفوا إزالة الغابات.

وفروا الرعاية الصحية األساسية الشاملة، والرعاية الصحية اإلجنابية وتنظيم األسرة.

أعيدوا تدوير ماء الصرف لرفع إنتاجيته، كما تفعل هذه احملطة ملعاجلة مياه الصرف الصحي في مقاطعة أوراجن، بوالية كاليفورنيا.

Page 67: may-june-2010

66(2010) 6/5

األمريكية، التي تعد س������لة حب������وب العالم. وإذا ما اجتهت الصني إلى السوق العاملي للحصول على كميات ضخمة من احلبوب الغذائي������ة، كما فعلت مؤخرا للحصول على فول الصويا، س������يتعني عليها الش������راء من الواليات املتحدة األمريكية. وبالنس������بة إلى املستهلكني في الواليات املتحدة األمريكية، ف������إن ذلك يعن������ي التنافس عل������ى محصول احلبوب الغذائي������ة األمريكي مع 1.3 بليون مس������تهلك صيني ترتفع دخولهم بسرعة - وهو سيناريو أش������به بالكابوس. وفي هذه الظروف س������وف تتعرض الواليات املتحدة األمريكية إلغراء فرض قيود على صادراتها، كم������ا فعلت، مثال، بالنس������بة إل������ى احلبوب الغذائية وفول الصويا في الس������بعينات من القرن املاض������ي عندما ارتفعت األس������عار احمللية ارتفاعا شديدا. غير أن هذا اخليار غير وارد بالنسبة إلى الصني. فاملستثمرون الصينيون ميتلكون ف������ي الوقت الراهن ما يزيد كثيرا عل������ى التريليون دوالر أمريكي، كما أنهم كانوا في أغلب احلاالت املشترين األهم على املستوى الدولي لسندات اخلزانة األمريكية الص������ادرة لتمويل العجز املالي. وشئنا أم أبينا، فإن املستهلكني األمريكيني سوف يقتس������مون حبوبهم مع املستهلكني الصينيني، بصرف النظر عن مدى ارتفاع

أسعار األغذية.

اخلطة B: خيارنا الوحيد)٭(ومبا أن النقص احلالي في الغذاء العاملي هو نقص متلي������ه اجتاهات التغير، فإنه يجب عكس مسار االجتاهات البيئية التي تسببه. ويتطلب ذلك إجراءات قاسية إلى درجة غير عادي������ة، ونقلة جبارة تبتعد بنا عن أس������لوب العمل املعتاد - ال������ذي نطلق عليه في معهد B إلى اخلطة - A سياس������ات األرض اخلطة

إلنقاذ احلضارة.تش������به اخلطة B في أبعادها وضرورتها عملي������ة التعبئ������ة األمريكية للح������رب العاملية الثاني������ة، فهي تتكون من أربعة عناصر: جهد هائل خلف������ض انبعاثات الكربون بحلول عام

2020 بنسبة 80 في املئة من املستويات التي

وصلت إليه������ا في ع������ام 2006؛ وتثبيت عدد سكان العالم عند 8 باليني نسمة بحلول عام 2040؛ واستئصال الفقر؛ واستعادة الغابات

والتربة ومكامن املياه.وميك������ن خف������ض انبعاث������ات غ������از ثاني أكس������يد الكربون الصافية ع������ن طريق رفع كفاءة اس������تهالك الطاقة بص������ورة منتظمة وضخ اس������تثمارات هائلة ف������ي مجال تنمية مصادر الطاق������ة املتجددة. كما يتعني علينا أيض������ا حظر إزالة الغابات في جميع أنحاء العال������م، كم������ا فعلت بلدان عديدة مس������بقا، وغرس باليني األشجار إلزاحة الكربون من الغ������الف اجلوي. وميكن دع������م االنتقال من أنواع الوقود األحفوري إلى أشكال الطاقة املتج������ددة من خ������الل ف������رض ضريبة على الكربون، وتعويض ه������ذه الضريبة بخفض

ضرائب الدخل.يواكب تثبيت عدد السكان استئصال الفقر. وفي احلقيقة، فإن مفتاح التعجيل باالنتقال إلى أسر أقل عددا هو استئصال الفق������ر - والعكس صحيح. ومن وس������ائل حتقيق ذلك، تأمني احلصول على التعليم االبتدائ������ي عل������ى األقل جلمي������ع األطفال، بنني وبنات. ومن الوسائل األخرى توفير الرعاي������ة الصحية األولية على مس������توى القرية، حتى يطمئن الناس إلى أن أبناءهم سيعيشون حتى سن البلوغ. كما يتعني أن حتصل املرأة ف������ي كل مكان على الرعاية في مج������ال الصحة اإلجنابي������ة وخدمات

تنظيم األسرة.يش������مل العنصر الرابع، وهو اس������تعادة ل������ألرض ومواردها، مبادرة النظم الطبيعية عاملية لوقف انخفاض مناس������يب املياه وذلك عن طريق زيادة إنتاجية املاء: أي اس������تعمال كل قط������رة ماء فيما يفي������د. إن معنى ذلك أن نتحول إلى أنظمة ري أكثر كفاءة، ومحاصيل ذات كفاءة مائية أعظم. كما يعني، بالنس������بة إلى بعض البل������دان، زراعة )وتن������اول( قمح

Plan B: Our Only Option )٭(Plan B 3.0: Mobilizing to Save Civilization (1)

كما تصفه الواشنطن بوست هو »واحد من أكثر مفكري العالم تأثيرا«. أطلقت عليه جريدة التلگراف التي تصدر في

كلكتا »املرشد الروحي للحركة البيئية«. Worldwatch وقد أنشأ <براون> معهد

)في سنة 1974( ومعهد سياسات األرض Earth Policy Institute (2001 في سنة(

الذي يرأسه اليوم. وقد ألف أو شارك في تأليف خمسني كتابا؛ وأحدث أعماله هو:

اخلطة 3B: احلشد إلنقاذ احلضارة)1(. وقد حصل <براون> على العديد من

اجلوائز وشهادات التقدير، تشمل 24 درجة علمية فخرية وزمالة ماك آرثر.

املؤلف

Lester R. Brown

Page 68: may-june-2010

67 (2010) 6/5

أكثر وأرز أقل، إذ إن األرز محصول يحتاج إل������ى كثير من املاء. وفيما يتعلق بالصناعات وامل������دن، فإنه يعني أن نفع������ل ما بدأ البعض يفعله مس������بقا، وه������و إعادة اس������تخدام املاء

بصفة مستمرة.وفي الوقت نفس������ه، يجب علينا أن نطلق حملة على املس������توى العاملي للمحافظة على التربة، ش������بيهة بتلك التي ش������نتها الواليات املتحدة عالج������ا لظاهرة البوتق���ة الغبارية Dust Bowl في الثالثينات من القرن املاضي.

ومن أه������م تدابير احملافظة على التربة زراعة املصاطب، وزراعة األشجار لتكون مصدات للري������اح ملكافحة ت������آكل الترب������ة بفعل حركة الري������اح، والت������زام احلد األدنى م������ن حراثة األرض - بحي������ث ال تقتلع التربة وتترك بقايا

احملاصيل في احلقل.ليس ثمة جديد في هذه األهداف األربعة املتداخل������ة. فق������د نوقش كل منه������ا على حدة لس������نوات. بل لقد أنش������أنا ف������ي واقع األمر مؤسسات كاملة ملعاجلة بعض هذه األهداف، كالبنك الدولي للتخفيف من وطأة الفقر. وقد أحرزن������ا تقدما ملموس������ا ف������ي بعض مناطق العالم فيم������ا يتعلق بواحد منها على األقل - وهو تعميم خدمات تنظيم األسرة وما يتصل بذلك م������ن التحول إلى األس������ر األقل عددا،

األمر الذي يؤدي إلى تثبيت عدد السكان.وي������رى كثيرون ف������ي مج������ال التنمية أن األه������داف األربع������ة للخطة B ه������ي أهداف إيجابية، تش������جع عل������ى التنمية م������ا دامت ال تترت������ب عليها تكاليف ضخم������ة. ويراها آخ������رون أهداف������ا إنس������انية - صحيحة من الناحي������ة السياس������ية ومالئمة م������ن الناحية األخالقية. ويظهر اآلن أساس منطقي ثالث أكثر رسوخا: وهو أن حتقيق هذه األهداف ق������د يكون ضروري������ا للحيلول������ة دون انهيار حضارتنا. ومع ذلك، فالتكلفة التي نتوقعها إلنقاذ احلضارة قد تصل إلى مبلغ يقل عن 200 بليون دوالر سنويا، أي سدس اإلنفاق

العسكري العاملي. والواقع أن اخلطة B هي ميزانية األمن اجلديدة.

الوقت: أكثر مواردنا ندرة)٭(ال يتمثل التحدي ال������ذي نواجهه بتنفيذ اخلطة B فحس������ب، ب������ل بس������رعة تنفيذها. فالعالم في سباق بني نقاط التحول السياسية ونقاط التحول الطبيعية. هل نستطيع إغالق محطات تولي������د الطاقة الت������ي حترق الفحم احلجري بالس������رعة الكافي������ة للحيلولة دون انزالق الغط������اء الثلجي لگرينالند في البحر وإغراق س������واحلنا؟ وهل نس������تطيع خفض انبعاثات الكربون بالس������رعة الكافية إلنقاذ املثالج اجلبلية في آس������يا؟ إن املياه الناجتة من ذوبان ه������ذه املثالج تبق������ي على األنهار الكب������رى في الهن������د والصني أثناء موس������م اجلف������اف - ومن ثم تبق������ي على حياة مئات املاليني من األش������خاص. هل ميكننا تثبيت عدد الس������كان قبل أن يدهمن������ا نقص املياه التي حتتاج إليها بلدان كالهند وپاكس������تان

واليمن لري محاصيلها؟ال ميكن أن تكون هناك ثمة مبالغة في تقديرنا ملدى خطورة املأزق الذي نواجهه. فكل يوم له أهميته. ولس������وء احلظ، فإننا ال نعرف املدى الزمني الذي سنس������تمر فيه بإن������ارة مدننا بالفحم احلجري، على س������بيل املثال، قبل أن ال نس������تطيع إنقاذ صفيح������ة گرينالند اجلليدية. إن الطبيعة ه������ي التي حتدد مواعي������د ذلك، فالطبيعة هي احلافظة للزمن. ولكننا نحن البش������ر

ال نستطيع رؤية الساعة.إننا بحاجة ش������ديدة إل������ى طريقة جديدة في التفكير، إلى توجه عقلي جديد. فالتفكير ال������ذي أوصلنا إلى هذا امل������أزق لن يخلصنا منه. وعندما سألت <E. كولبيرت> ]وهي كاتبة في مجلة نيويوركر New Yorker[ املرش������د الروحي في ش������ؤون الطاقة <A. لوڤينز> عن التفكير خارج نطاق املألوف، رد عليها قائال:

»ال يوجد ما هو مألوف«.ال يوجد ما هو مأل������وف، هذه هي طريقة التفكي������ر التي يتعني علينا االنطالق منها إذا

أردنا للحضارة أن تبقى. <Time: Our Scarcest Resource )٭(Scientific American, May 2009

مراجع لالستزادة

Page 69: may-june-2010

68

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

الدور احليوي املزدوج للجزيء ATP)٭()ثالثي فوسفات األدينوزين()1(

إضافة إلى الدور املعروف للجزيء ATP)1( كمصدر أساسي للطاقةداخل خاليا اجلسم، فإنه يعمل أيضا كناقل لإلشارات املهمة بينها .

ويطرح هذا الدور املزدوج أفكارا جديدة حملاربة األمراض في اإلنسان. <S .B. خاخ> ـــ <G. بيرنستوك>

مفاهيم مفتاحية< إضافة إلى الدور املعروف

للجزيء ATP، باعتباره املصدر املشترك العام للطاقة احليوية

داخل اخلاليا، فإنه يعمل أيضا كحامل وناقل لإلشارات

التي تعمل على مستوى اجلزيئات وتؤثر في أسلوب

أداء اخلاليا لوظائفها.

< يصف أحد الباحثني الرواد ومكتشف الدور الناقل

إلشارات اجلزيء ATP آلية عمل نقله للرسائل، كما يشرح ضرورتها لنمو اجلسم وأدائه

لوظائفه األساسية.

ATP نظرا لوجود اجلزيء >في كل مكان في اجلسم،

ومبا أن تأثيراته تختلف من نسيج إلى آخر، فهو يتيح بذلك

مجاال واسعا لتأمالت عميقة جديدة هادفة إلى فهم طبيعة

عدد هائل من األمراض وسبل متنوعة ملعاجلتها.

محررو ساينتفيك أمريكان

لعل واحدة من احلقائق األولى الراسخة الت������ي يتعلمها معظم الطلب������ة في دروس علم األحياء هي أن جميع اخلاليا احلية تس������تمد وقودها احليوي من اجلزيء الصغير املعروف .)1((ATP) باسم ثالثي فوسفات األدينوزينويتيح التعامل بتلك العملة املوحدة العامة بدء وتشغيل التفاعالت الكيمائية احليوية الالزمة لوظيفة اخللية والزده������ار احلياة، مما يجعل للجزيء ATP دورا حاسما في عالم احلياة.

وأما املعلومة األخرى، واألقل ش������يوعا ، فهي قيام هذا اجلزيء الذي رمبا يكون أكثر اجلزيئات التي ينتجها ويس������تهلكها اجلسم، ب������دور آخر من خارج اخلالي������ا وال عالقة له بدوره األول ، وإن كان ال يقل أهمية عنه. وقد أوضحت سلسلة طويلة من االكتشافات، مبا اليدع مجاال للش������ك ، أن للجزيء ATP دورا حيويا كناقل لإلشارات، مما يتيح التواصل بني مختلف خاليا وأنس������جة اجلسم. وبذلك ميكن اعتباره بحق الوقود احليوي املنتش������ر

في كل مكان، مثل اللغة العامة. ،ATP قوبلت فكرة الدور املزدوج للجزيءعندم������ا طرحت ألول مرة قبل نحو خمس������ني عاما، بكثير من الشك واالعتراض، غير أن كم املعلومات الهائل املستخلص من األبحاث التي أجريت خالل اخلمس������ة عشر عاما املاضية، ATP أوضح بالتفصي������ل كيفية عمل اجلزيءعلى ج������دران اخلاليا م������ن خارجها، وكيف

يس������هم في منو مختلف اخلاليا واألنس������جة وفي أس������لوب عملها اليوم������ي . ونظرا لوفرة اجلزيء ATP، فإن إش������اراته ورسائله تتميز بتأثيرها الواسع في الوظائف الفسيولوجية، ومتنح فرصا واحتم������االت متنوعة ومتعددة، وغي������ر عادية، لتحس������ني صحة اإلنس������ان . وتتس������ابق حاليا العديد من املراكز البحثية من جميع أرجاء العالم، من أجل حتويل تلك

االحتماالت إلى وسائل عالجية.

الكشف عن خبايااجلزيء ATP مرتني)٭٭(

كان الباحث������ون في العالم يس������عون إلى معرفة املصدر املبهم واحملير للطاقة الالزمة حلي������اة اخللية، عندما مت اكتش������اف اجلزيء ATP في ع������ام 1929. ففي وقت متقارب، قام كل من <K. لومان> ]الذي كان يعمل حينها، مع <A. مايرهوف> احلائز على جائزة نوبل ع������ام 1922، مبعهد كاي������زر فيلهلم لألبحاث الوطنية في مدين������ة هايدلبرگ بأملانيا[، وكذا <H .C. فيس������ك> مبعاونة طالب الدراس������ات العليا <W. سوبارو> ]من كلية الطب بجامعة هارڤارد[، بالتوصل إلى أن التفاعالت التي تتم داخل اخلاليا والت������ي متهد الطريق إلى انقب������اض اخلالي������ا العضلي������ة، تعتمد على

THE DOUBLE LIFE OF ATP )�(ATP Unmasked, Twice )��(

)Adenosine Triphosphate )1؛ ثالثي فوسفات األدينوزين.

Page 70: may-june-2010

69 (2010) 6/5

”purinergic nerves” )1(

وجود م������ادة كيميائية مصنع������ة من اجلزيء املعروف باس������م پيورين purine، وهي عبارة عن األدينوزين adenosine الناجم عن احتاد امل������ادة القاعدية »أدين���ني« adenine مع أحد الس������كريات، مضافا إليه ثالثة جزيئات من الفوسفات. ومضت سنوات حتى عام 1935 حيث طرح <K. ماكينو> ]من مستشفى ديلني في منشوريا[ تصورا لتركيب اجلزيء، وهو ما أيده بعد ذلك بعش������ر س������نوات الباحثان <B. ليثك������و> و <R .A. ت������ود> من املختبرات

الكيميائية في كامبريدج.لم يخطر ببال أحد في ذلك احلني أن يكون للج������زيء ATP أي دور خ������ارج اخلاليا. وبقي احل������ال كما هو عليه حتى عام 1962، حيث كان أحدنا )<بيرنستوك>( مازال باحثا شابا في علم وظائف األعصاب بجامعة ملبورن في أستراليا وكان يقوم بدراس������ة األعصاب التي تتحكم في انقباض وارتخاء األنس������جة العضلية امللس������اء. وف������ي أثناء جتاربه على اإلش������ارات النابعة من اجلهاز العصبي ال������الإرادي )الذي يتحكم في الوظائف األساس������ية للعضالت امللس������اء، مثل انقباض األمعاء واملثانة(، وجد دليال على صدور بعض اإلش������ارات وانتقالها من دون استعمال امل������واد الكيميائية التقليدية الناقلة لإلش������ارات acetylcholine العصبية، وهي األسيتيل كولنيوالنورأدرينال���ني noradrenaline. وق������د أثارت اهتمامه النتائج التي نشرتها <P. هولتون> ]من مختبر الفسيولوجيا في جامعة كامبريدج[ عام ATP 1959 والتي تش������ير إلى إف������راز اجلزيئاتبواس������طة بعض األعصاب احلس������ية. بعد ذلك، عقد <بيرنس������توك> العزم على إجراء األبحاث بهدف حتديد ما إذا كان اجلزيء ATP مسؤوال أيضا ع������ن انتقال اإلش������ارات م������ن األعصاب املس������ؤولة عن احلركة إلى العضالت. ومن هذا املنطلق، ش������رع في إجراء سلسلة من التجارب التي اس������تعمل فيه������ا بعض امل������واد الكيميائية املعروف������ة بقدرتها عل������ى منع إف������راز األطراف العصبي������ة لناقالت اإلش������ارات املعروفة آنذاك، وم������ن ثم من������ع تأثيرها في أنس������جة العضالت امللساء. وقد استطاع بذلك أن يبني أن ما تبقى من فعل إلثارة األعصاب على العضالت ، البد وأن يك������ون معتمدا على إف������راز األعصاب ملادة

اجل������زيء ATP. ومبتابعة ه������ذا اخليط ألكثر من عشر سنوات، استجمع فيها <بيرنستوك> ثقته بعمله، قام في عام 1972 باإلفصاح عن اقتراحه بوجود »األعص���اب الپيورينية«)1( التي تفرز اجلزيء ATP كمادة ناقلة لإلشارات العصبية.

جت������در اإلش������ارة هن������ا إل������ى أن اخلاليا العصبية تولد في بداية األمر إش������ارات على هيئة موجات كهربائي������ة ، تنتقل بطول الفرع الرئيسي للخلية حتى نهايته، وال تنتقل اإلشارة إلى ما يلي ذلك من خاليا بطريقة مباش������رة . حيث تنتهي املوجة الكهربائية بوصولها إلى نهاية الف������رع . وال تتخطى الفجوة الصغيرة بني نهاية العصب واخللية املس������تهدفة ، تلك الفجوة املعروفة باسم synaptic cleft مبعنى الفج������وة بني نهاي������ة العصب وبداية س������طح اخللية املغذاة بالعصب، أو الفجوة املشبكية. ومن ثم، تنتقل اإلش������ارة من خلية إلى أخرى بإط������الق نهاي������ة العصب املث������ار لبعض مما يحتوي������ه من مواد كيميائية ناقلة لإلش������ارات مث������ل األس������يتيل كول������ني، وأم������الح حمض الگلوتاميك والدوپام���ني dopamine وغيرها. بعد ذلك، تقوم تلك الكيميائيات بعبور الفجوة املش������بكية لتتحد بپروتينات املستقبالت على جدار اخلاليا املقابلة، حيث تؤثر فيها وتبدأ سلس������لة من التفاعالت داخل اخللية، يحدث عل������ى أثرها تغيير في نش������اط اخلاليا، فإذا كانت اخللية املس������تقبلة خلية عصبية أخرى، فإنها تنشط وتبدأ بإطالق إشارتها اخلاصة، أما إذا كانت خلية عضلية فإنها تس������تجيب

Page 71: may-june-2010

70(2010) 6/5

في النهاية إما باالنقباض أو االرتخاء. وعلى ذلك، فإن الرسالة تنتقل عبر رحلتها من خلية عصبية إلى أخرى من خالل تناوب إرس������ال اإلش������ارات الكهربائية وإط������الق كميات من

املواد الكيميائية الناقلة لإلشارة.وقد ساد االعتقاد ملدة طويلة أن األطراف والنهايات ألفرع خالي������ا األعصاب املفردة، تطل������ق نوعا واح������دا فقط م������ن الكيميائيات الناقلة لإلش������ارة. وتبعا لذلك، فقد س������ميت اخلالي������ا العصبي������ة تبع������ا لن������وع الناق������ل العصب������ي الذي تس������تخدمه، فس������ميت تلك التي تفرز األس������يتيل كولني باس������م اخلاليا ،cholinergic neurons العصبية الكوليني����ةوتل������ك التي تطلق الدوپام������ني بالدوپامينية dopaminergic neurons وهكذا. جدير بالذكر أن مفهوم <بيرنستوك> عن اخلاليا العصبية الپيوريني������ة لم يب تأسيس������ا على مالحظاته فق������ط بهذا الش������أن، بل تأس������س أيضا بناء على األعمال السابقة لسلسلة من الدارسني

واملعاونني املتميزين، مبن فيهم <M. بينيت> و<G. كامپل> و<D. ساتشل> و<M. هوملان> و<M. راند> ]من جامعات ميلبورن ولندن[.

وعل������ى الرغم من الك������م الهائ������ل لنتائج ATP األبح������اث التي تبني انط������الق ال�جزيءمن أط������راف اخلاليا العصبية إلى أنس������جة العضالت امللس������اء واألمعاء واملثانة، إال أن الشك ظل مالزما لعدد كبير من املتخصصني بعل������م وظائف األعصاب حول وجود مثل تلك اخلاليا. يرجع ذلك أساسا إلى تفكيرهم في اس������تبعاد احتمال قيام هذه املادة الواس������عة االنتش������ار، مبثل هذا الدور النوعي احملدد. إضافة إلى ذلك، وحتى يتس������نى ألي جزيء أن يق������وم بدور ناق������ل كيميائي لإلش������ارات العصبية، فالبد من وجود مستقبلة مالئمة له على سطح اخلاليا املستهدفة. هذا ويوضع في االعتبار أن تعرف أول مستقبلة لناقالت

ATP INSIDE CELLS... AND OUTSIDE )�(Adenosine Diphosphate )1(

مصدر هو الصغير األدينوزين( فوسفات )ثالثي ATP اجلزيء أن تقليدي بشكل الطلبة يتعلم أساسي للطاقة اخللوية؛ فهو يقدم الوقود الالزم لألنشطة الكيميائية املختلفة على مستوى تفاعل اجلزيئات، مما يتيح جلميع اخلاليا القيام بوظائفها وازدهارها )انظر الشكل أدناه(. وال تستهلك أنشطة اخللية جميع اجلزيء ATP املوجود داخلها. وتفرز كافة أنواع اخلاليا اجلزيء ATP إلبالغ

رسائل إلى اخلاليا املجاورة )انظر الشكل األيسر(.

]أدوار مزدوجة[

تقوم اجلسيمات املعروفة باسم املتقدرات mitochondria داخل اخلاليا بتصنيع اجلزيء ATP من مواد خام كالپروتونات (+H) الناجمة

عن تعرض الگلوكوز ملراحل متعددة من التفاعالت الكيميائية. وحتدث التفاعالت اآلتية داخل املتقدرات:

(1) تقدم الپروتونات الطاقة الالزمة إلضافة جزيء فوسفات إلى األدينوزين الثنائي الفوسفات (ADP))1(؛ ثم يخرج اجلزيء ATP من املتقدرات إلى السيتوپالزم cytoplasm (2). تستمد أنشطة اخللية، مثل تصنيع

ATP الپروتينات، الطاقة الالزمة لها من اجلزيئاتوذلك بفصل جزيئات الفوسفات الطرفية (3). يعاد تدوير اجلزيء ADP الناجت بإضافة جزيئات الفوسفات احلر

.(4) ATP ليتحول مرة أخرى إلى اجلزيء

وخارجها)٭(اجلزيء ATP داخل اخلاليا . . .

يختزن اجلزيء ATP الطاقة في الروابط بني فوسفاتاته الثالث، التي ترتبط باألدينوزين املنتمي إلى جزيء »الپيورين«.

فوسفاتأدينوزين

ADP اجلزيء )H+( پروتون

خلية

حويصلة

ناقل عصبي

تفتيت إنزميي

املستقبلة P2Y

املستقبلة P2X

ADP اجلزيء

ATP اجلزيء

اجلزيء ATP

خلية مفرزة

فوسفات

متقدرة

ATP اجلزيء

ATP اجلزيء

ADP اجلزيء

نواة

طاقة منطلقة

فوسفات متحررة

اجلزيء ATP )ثالثي فوسفات األدينوزين(

الطاقة الكامنة1 في الروابط

1

1

2

3

2

3

4

2

3

4

Page 72: may-june-2010

71 (2010) 6/5

اإلش������ارات عموما، لم يتم إال في عام 1970، ومن������ذ ذلك احل������ني انطلق الس������باق لتعرف

.ATP مستقبالت اجلزيءوعلى أية حال ، وقبل تعرف املستقبالت وحتديده������ا، فقد دأب العدي������د من الباحثني الفارماكولوجية الوس������ائل على اس������تخدام ATP الدوائي������ة( لتقصي كيفية قيام اجلزيء(املنطلق من نهاي������ات اخلاليا العصبية، بنقل رس������ائل األعص������اب إلى اخلالي������ا العضلية وغيرها في اجلس������م. وبناء على هذه النوعية من األبح������اث، تقدم <بيرنس������توك> في عام 1978 باقتراحه بوجود أكثر من نوع مختلف

من مس������تقبالت اجل������زيء ATP، أطلق على األول اسم املستقبلة P2 )نسبة إلى الپيورين وهو النواة األساسية في اجلزيء ATP( وهي خاص������ة بالتفاعل مع اجل������زيء ATP، وأطلق على اآلخر اس������م املستقبلة P1، وهي خاصة بالتفاع������ل م������ع األدينوزين باعتب������اره املنتج

النهائي بعد حتلل اجلزيء ATP وتكس������يره. وقد أظهرت الدراس������ات الت������ي تلت ذلك أن ATP بواسطة اجلزيء P2 تنبيه املس������تقبالتميك������ن أن يؤدي إل������ى تأثي������رات متفاوتة في اخلاليا. مما أتاح ل� <بيرنس������توك> ومعاونه <Ch. كينيدي> توقع وجود أمناط فرعية من .P2Y و P2X فأطلقوا عليها P2 املستقبالت

وظل اخل������الف قائما حول فك������رة وجود كناق������ل ATP اجل������زيء تطل������ق أعص������اب لإلشارات، بل ومت رفضها من قبل الكثيرين لعدة سنوات تالية، وفي التسعينات من القرن املاض������ي تطورت الوس������ائل البحثية وأتيحت األبحاث اجلزيئية، مما س������مح لعدد كبير من الفرق البحثية باستخالص وعزل املستقبالت اخلاص������ة باجل������زيء ATP، ومن ثم دراس������ة واستكش������اف التأثيرات املتعددة املدهشة في خاليا اجلهاز العصبي وغيره من األنسجة.

تداخل التأثيرات واآلليات)٭(شهد مطلع التسعينات من القرن املاضي the Human بداية مشروع اجلينوم البشريGenome وبداية عصر االكتش������افات الغزيرة للجين������ات املس������ؤولة عن تش������كيل وتصنيع پروتينات مهمة كثيرة في جس������م اإلنس������ان والتي تضمنت ع������ددا كبيرا خاصا بتصنيع مس������تقبالت اجلزيء ATP، مما أتاح للعلماء حتديد مواقع املس������تقبالت ذاتها على خاليا كثيرة متنوعة. وبهذا دخلت دراسات انتقال اإلش������ارات العصبي������ة باس������تعمال اجلزيء ATP إل������ى عصر جديد مل������يء باإلثارة. وقد أثبت������ت محاوالت حتدي������د التركيب اجلزيئي للمس������تقبالت الپيورينية وج������ود كم كبير من أنواع تلك املس������تقبالت، كما مت تعرف عدد من القنوات واإلنزميات املنتشرة على جدران اخلاليا والتي تش������ارك في تكوين إش������ارات

.ATP اجلزيءوكما كان متوقعا، فقد مت تعرف وحتديد مجموعتني عريضتني من املستقبالت، كذلك كش������فت األبحاث ع������ن وجود أمن������اط فرعية عديدة منها، تف������وق ما كان متصورا وجوده

Interplay and Dynamics )�(ATP SIGNALING: A BRIEF HISTORY )��(

Adenosine Monophosphate )1(

1945تأكيد تركيب البنية الكيميائية للجزيء

.ATP

1959كشفت <P. هولتون> عن إطالق األعصاب

.ATP احلسية للجزيء1962

برهن <G. بيرنستوك> على انتقال الرسائل من نهايات األعصاب إلى العضالت

.بوساطة ناقل عصبي جديد

كثيرا ما يتحول اجلزيء ATP إلى إشارة حينما تطلقه نهاية خلية عصبية نشطة من حويصالتها (1)، على املنوال نفسه

إلطالق جزيئات النواقل العصبية؛ تطلق أيضا كثير من اخلاليا غير العصبية اجلزيء ATP من حويصالت أو آليات مشابهة ، (2) ATP بها. وسرعان ما تبدأ اإلنزميات بتفتيت اجلزيء

وتزال جزيئات الفوسفات، واحدة تلو األخرى فينتج من )1((AMP) وأدينوزين أحادي الفوسفات ،ADP ذلك اجلزيء

وأدينوزين. ينقل اجلزيء ATP ونواجت تفتته اإلشارات عن طريق االرتباط مبستقبالت نوعية محددة على اخلاليا (3).

نوعان متميزان من املستقبالت هما: P2X و P2Y ، يتعرفان .ADP أيضا اجلزيء P2Y تتعرف املستقبالت .ATP اجلزيء

.P1 واألدينوزين فيرتبطان باملستقبالت AMP أما اجلزيءوميكن لإلشارات املسببة بنواجت حتلل اجلزيء ATP أن تضاد

أو تعزز تأثيراته، فعلى سبيل املثال، ميكن لألدينوزين أن يرتبط أيضا باملستقبالت

P1 على جدار اخللية النابع منها اإلشارة، مسببا تقليل أو

منع إط�الق املزي���د من .ATP اجلزيء

املستقبلة P1

اجلزيء AMP

أدينوزين

خلية مستقبلة

1972اقترح <بيرنستوك> وجود أعصاب تبعث

.ATP إشاراتها باستخدام اجلزيء1976

ATP اقترح <بيرنستوك> عمل اجلزيءكناقل مشارك مع نواقل اإلشارات

العصبية األخرى.1994و1993

P2Yو P2X مت فصل وحتديد املستقبالتمن اخلاليا.

1998مت طرح الكلوپيدوگريل في األسواق، وهو دواء يؤثر في املستقبالت P2Y املوجودة

على الصفائح الدموية، ملنع تكوين اجللطات في األوعية الدموية.

2009مت الكشف عن تكوين البنية

البلورية للمستقبلة P2X؛ األمر الذي يتوقع أن يساعد

.على اكتشاف أدوية جديدة

<A. زنت - جيورجي>

املستقبلة P2X4

:ATP إشارات اجلزيءحملة تاريخية)٭٭(

1929اكتشف أن اجلزيء ATP هو مصدر

الطاقة في النسيج العضلي.1929

وجد <A. زنت- جيورجي> أن للپيورينات )مجموعة اجلزيء ATP الكيميائية(

.تأثيرات قوية في القلب

1

2

3

<بيرنستوك> و <M. هوملان>، 1962

Page 73: may-june-2010

72(2010) 6/5

ف������ي إطار هات������ني املجموعت������ني. ودل وجود هذا التنوع عل������ى إمكانية اس������تعمال أدوية عل������ى درجة عالية من الكف������اءة االنتقائية في تأثيراتها بحيث ميكن تعديل فعل إش������ارات اجلزيء ATP في نوع معني فقط من األنسجة أو اخلاليا. وقد بدأت ثمار هذا العمل تظهر

اليوم ]انظر اجلدول في الصفحة 75[.أفادت نتائج دراس������ات مختلف الباحثني ،ATP بعد العزل األولي ملس������تقبالت اجلزيءأن أسلوب عمل املس������تقبالت يختلف بشكل جذري في كلتا املجموعتني العريضتني. فمن املعروف أن املستقبالت املسماة باملستقبالت P2X تنتمي إلى عائلة كبيرة من املس������تقبالت

التي تتحكم في فتح وإغالق القنوات املنتشرة على أس������طح اخلاليا والتي تتحكم في مرور األيونات م������ن وإلى داخل اخلاليا، وجميعها تقع حتت التحكم املباشر لناقالت اإلشارات. وقد أوضح أحدنا )<خاخ>( وباحثون آخرون P2X باملس������تقبالت ATP أن احت������اد اجلزيءينتج منه إعادة تش������كيل مكونات املستقبلة، لتنفت������ح فعليا قناة في جدار اخللية تس������مح باندفاع أيونات الصوديوم وكميات كبيرة من أيونات الكالس������يوم إلى داخل اخلاليا. وفي املقابل، فإن املستقبالت P2Y ال تنفتح بذات األس������لوب، ولكن احتاد اجلزيء ATP بطرف

ONE SIGNAL, MANY MESSAGES )�(

]اجلزيء ATP في أثناء العمل[إشارة واحدة، رسائل عديدة)٭(

في بادىء األمر مت تعرف اجلزيء ATP كحامل لإلشارات بني خاليا األعصاب والنسيج العضلي، صار من املعروف اآلن أنه يعمل ضمن أمناط خلوية متنوعة جدا في اجلسم. وتوضح األمثلة املختارة من جهاز القلب واألوعية الدموية كيف ميكن

ATP تأثيرات اجلزيءة في األوعية الدموي

C جتلط الدم ATP في حالة حدوث جرح ما، يتفتت اجلزيء

املتناثر من اخلاليا التالفة في مكان اجلرح ويتحول إلى اجلزيء ADP، الذي يتحد

باملستقبالت على سطح الصفائح الدموية، فتتجمع سويا لتشكل جلطة دموية تغلق اجلرح.

التوسيع Bحتدث التغيرات في منط سريان الدم إجهادا مستمرا متلفا shear stress للخاليا املبطنة جلدر األوعية

الدموية، مما يجعلها تفرز اجلزيء ATP الذي ينشط بدوره مستقبالته على اخلاليا البطانية املجاورة. فتستجيب اخلاليا بإطالقها أكسيد النيتريك الذي

يرخي عضالت اجلدران ويجعل األوعية تتسع.

A االنقباضتفرز خاليا اجلهاز العصبي التعاطفي

ATP اجلزيء )Sympathetic السمپثاوي(مع الناقل العصبي، النورأدرينالني. يتحد

اجلزيء ATP باملستقبالت على اخلاليا العضلية التي تشكل جدر األوعية الدموية،

مسببا سرعة تضييق الوعاء. C

B

A

A

B

C

D

تكاثر اخلاليا Dبعد إجراء عملية جراحية إلزالة انسداد جزئي من أحد

الشرايني، يتحد اجلزيء ATP الذي ينثره النسيج املتضرر، مبستقبالت على اخلاليا البطانية والعضلية،

محفزا إياها على التكاثر. وقد ينتج من ذلك تضييق دائم .restenosis للشريان، يعرف باسم التضيق العائد

P2X باملستقبلة ATP يرتبط اجلزيءعلى خلية عضلية

ATP يفرز العصب اجلزيءمع النورأدرينالني

تطلق اخلاليا البطانية اجلزيء ATP بتأثير

إجهاد سريان الدم ATP يرتبط اجلزيءباملستقبلة P2Y على اخلاليا

البطانية القريبة

خاليا بطانية

موقع اجلرح

وعاء دموي

صفيحة دموية

شريان

جرح

شريان

القلب

وريد

تتكاثر اخلاليا

عصب

ATP اجلزيء

يسترخي الوعاء

ينقبض الوعاء

يطلق النسيج ATP املتضرر اجلزيء

ATP يرتبط اجلزيء P2Y باملستقبالتو P1 على اخلاليا البطانية والعضلية

تتكون اجللطة إلغالق اجلرح

A باملستقبالت DP يتحد اجلزيءP2Y على الصفائح الدموية

تسكب اخلاليا ATP التالفة اجلزيء

خاليا عضلية

D

Page 74: may-june-2010

73 (2010) 6/5

وعلى سبيل املثال، وكما أوضح <خاخ> في نسيج املخ، فإن تدفق أيونات الكالسيوم عبر قنوات املستقبالت P2X إلى داخل اخلاليا، قد يحث اخللية على حترير وإطالق نواقل أخرى لإلش������ارات، أو أن يؤدي الكالسيوم املتحرر P2Y داخل اخللية نتيجة تنشيط املستقبالتإلى تغيير نش������اط اجلينات املس������ؤولة جزئيا عن منو وتكاثر اخلاليا فتحدث تغييرات في األنسجة تستمر عواقبها طوال العمر. وعلى ذلك، ومع ش������دة قصر م������دة وجود اجلزيء ATP ف������ي املناطق خارج اخلاليا إال أن آثاره

البيولوجية قد تنتشر على نطاق واسع. ATP تبدو آليات نقل اإلشارات باجلزيءأكثر إدهاشا عندما تؤخذ تفاعالتها مع نظم نقل اإلش������ارات األخرى خ������ارج اخلاليا في احلسبان. فهناك، على سبيل املثال، مجموعة م������ن اإلنزميات التي تقبع على س������طح معظم اخلالي������ا ومعروفة في مجمله������ا باإلنزميات ectoATPases )أي اإلنزمي������ات املوجودة على س������طح اخلاليا والتي تفتت وحتلل اجلزيء ATP وهي تقوم بنزع وجتريد اجلزيء ،)ATPمن جزيئات الفوس������فات، الواحد تلو اآلخر، ADP إلى اجلزيء ATP محولة بذلك اجلزيءوم������ن ثم إل������ى اجل������زيء AMP، وأخيرا إلى أدينوزين فقط. وقد يكون لكل من هذه النواجت تأثيره اخلاص في إح������دى اخلاليا، مثل ما يحدث عندما يتحد األدينوزين باملس������تقبالت

.P1 املعروفة باالسموعلى س������بيل املثال، فق������د بني <F. كاتو> ]من كلية الطب بجامع������ة جيكي في طوكيو[ أن اجل������زيء ATP يعمل بتناس������ق دقيق مع األدينوزي������ن في الش������بكة املوجودة في جذع املخ واملس������ؤولة عن تنظيم وظائف اجلس������م احليوي������ة مثل التنفس وتنظيم ضربات القلب ووظائف املع������دة واألمعاء. من ناحية أخرى، ATP هناك حاالت يتضاد فيها فعل اجلزيءم������ع فع������ل األدينوزين، مثل ما يح������دث أثناء انتقال اإلش������ارة العصبية م������ن عصب إلى آخر، حيث يس������تطيع األدينوزين تثبيط ومنع إفراز اجلزيء ATP في الفجوة املشبكية. بناء ATPعلى ذلك، ميكن النظر إلى قيام اجلزيء

املس������تقبلة اخلارجي على سطح اخللية، يبدأ سلس������لة م������ن التفاع������الت الكيميائية داخل اخلاليا ينتج منها في النهاية حترر وانطالق الكالس������يوم من مخازنه اخللوي������ة. وفي كلتا احلالتني ، فإن باس������تطاعة زيادة الكالسيوم إحداث تأثيرات جزيئية تالية تؤثر في أسلوب

ومنط عمل اخللية.ومع قصر املدة الت������ي يقضيها اجلزيء ATP في الفجوة املشبكية، إال أن نتيجة تأثير وتفعيل املس������تقبالت في نش������اط اخلاليا قد يظه������ر في بعض األحيان بس������رعة قد تصل إلى بضعة أج������زاء من األلف من الثانية، في حني يكون األثر بطيئا فيستغرق سنوات عدة.

األصل املبكر)٭( إن اكتشاف مستقبالت اجلزيء

ATP في النباتات وفي أشكال احلياة

البدائية كاألميبات والديدان يوحي أن هذا اجلزيء اضطلع بدور ناقل

لإلشارات في مرحلة مبكرة جدا في تطور احلياة. ففي الفطر الغروي

Dictyostelium discoideum )انظر

ATP أدناه(، تقوم مستقبالت اجلزيءلة املشابهة لقنوات P2X البشرية، املفع

بالتحكم في انسياب املاء من وإلى داخل اخلاليا.

EARLY ORIGIN )�(

لتأثيرات اجلزيء ATP أن تكون متنوعة في طبيعتها وفي مدة استمرارها.

أمناط املستقبالتتأخذ املستقبالت اخللوية اجلزيء ATP شكلني أساسيني. تتكون

املستقبلة من النمط P2X من قناة تخترق جدار اخللية، وهي تنفتح حينما يتحد اجلزيء ATP بقسمها الواقع على اجلدار من

خارج اخللية؛ مما يسمح أليونات الكالسيوم والصوديوم باالندفاع إلى داخل اخللية. وعندما يتحد اجلزيء ATP باملستقبلة التابعة

للنمط P2Y، حتدث سلسلة من اإلشارات والتفاعالت الداخلية، تنتهي بتحرير أيونات الكالسيوم من مخازنه داخل اخللية. وفي

كلتا احلالتني، بوسع ارتفاع الكالسيوم الناجت، أن يطلق زناد أحداث قصيرة األمد كانقباض العضالت. كما ميكن أيضا لتنشيط

املستقبالت P2Y أن يحدث مزيدا من التفاعالت الكيميائية ويؤثر في نشاط اجلينات مما يؤدي إلى تأثيرات طويلة األمد، كتكاثر اخلاليا.

أيون كالسيوم

أيون صوديوم

نواة

خلية مستقبلة

دنا

ATP اجلزيء

P2X القناة

املستقبلة P2Y

تسلسل اإلشارات

تأثيرات قصيرة املدى

تأثيرات بعيدة املدى مخزن أيونات

الكالسيوم

اجلزيء ATP

Page 75: may-june-2010

74(2010) 6/5

ومكونات������ه، إضافة إلى اإلنزميات املس������ؤولة عن تفتيته واملوجودة على السطح اخلارجي للخاليا ، بأدوارها املتشابكة وكأنها منظومة

حلقية ذاتية التنظيم إلرسال اإلشارات.جت������در اإلش������ارة إل������ى أن ن������واجت تفتيت اجلزيء ATP، ليست وحدها املؤثرة في عمله على اخلاليا. ففي اجلهاز العصبي مثال، تقوم اخلاليا العصبية بإف������راز اجلزيء ATP ومعه غيره من ناقالت اإلشارات، حيث تعمل سويا في تناغم دقيق، وهنا يج������وز اعتبار اجلزيء ATP ناقال مش������اركا. وقد س������اعد اكتش������اف هذه الظاهرة بواس������طة <بيرنستوك> في عام 1976 على مراجعة النظرية التى رس������خت ملدة طويلة حينذاك، والقائلة إن باستطاعة كل خلية عصبية واحدة أن تصنع وتختزن وتطلق نوعا واحدا فقط من نواقل اإلشارة العصبية. وفي ض������وء البراهني املتعددة، فق������د تغيرت النظرة ATP حاليا، حيث بات من املعروف أن اجلزيءيفرز بشكل عام مع غيره من نواقل اإلشارات العصبي������ة مث������ل النورأدرينالني أو األس������يتيل كولني. ومع أن مس������ألة النواقل املش������تركة مت طرحها وإثباتها في بداية األمر بالنس������بة إلى اجل������زيء ATP، إال أن الظاهرة أصبحت اآلن معروفة بالنس������بة إلى عدد متنوع من اخلاليا العصبي������ة األخرى، مثل إطالق حمض الگاما أمين���و بيوتيريك (GABA))1( مع الگاليس������ني glycine وك������ذا الدوپامني مع الس���يروتونني serotonin، واألس������يتيل كولني باملش������اركة مع أمالح حم������ض الگلوتاميك. يتضح بذلك كيف قادت األبحاث التى أجريت على دور اجلزيء ATP ف������ي نق������ل اإلش������ارات العصبي������ة بهذا الطريق إلى الكش������ف عن قواعد فس������يولوجية أكثر عمومية، كما أس������هم في تصميم وقيادة

األبحاث في مجاالت أخرى.

اجلزيء ATP في الصحة واملرض)٭(لم يعد مس������تغربا ، في ضوء املعرفة بدور اجل������زيء ATP في نقل اإلش������ارات بني اخلاليا العصبية للجهاز العصبي، أن يقوم أيضا بدور مهم في أداء احلواس اخلمس لوظائفها. وعلى

تشريح اجلزيء ATP)٭٭(يتدخل اجلزيء ATP كناقل لإلشارات العصبية، تدخال مباشرا في وظيفة

الدماغ، واإلدراك احلسي، وحتكم اجلهاز العصبي في العضالت وفي األعضاء. وحينما تفرزه اخلاليا غير العصبية، فغالبا ما تنشط االستجابات الوقائية كبناء العظام وتكاثر اخلاليا. وفيما يلي بعض مناطق اجلسم حيث تبذل

اجلهود لفهم أدوار اجلزيء ATP املتعددة واستثمارها.

الدماغ: يقوم اجلزيء ATP بتعديل وضبط التواصل بني اخلاليا العصبية، وكذلك بينها

وبني اخلاليا الداعمة لها التي تدعى »دبق« glia. تتدخل إشارات اجلزيء ATP وأحد نواجت تفتيته، األدينوزين، في النوم والذاكرة والتعلم واحلركة وفي أنشطة أخرى للدماغ. وقد يكون

رع لفرط إطالق اإلشارات دوره في حدوث داء الصوبعض االضطرابات النفسية. يحفز اجلزيء

ATP أيضا منو األنسجة وإصالح الضرر بعد اإلصابات واجلروح ، ولكنه قد يعزز موت

اخلاليا في أمراض ضمور األعصاب وحتللها .neurodegenerative diseases

ة ومسارات األلم: األعضاء احلسيينظم اجلزيء ATP، وينقل في بعض احلاالت،

قة من األعضاء احلسية في املعلومات املتدفالعينني واألذنني واألنف واللسان إلى الدماغ.

كذلك تستخدم أعصاب اإلحساس باأللم هذا اجلزيء لنقل اإلشارات إلى النخاع الشوكي.

القلب: يقوي اجلزيء ATP الذي يفرز مشاركا للنورأدرينالني من أعصاب اجلهاز العصبي

الالإرادي انقباضات عضلة القلب. واخللل الذي ميكن أن يصيب مسار هذه اإلشارات يسبب اضطرابات في إيقاع وانتظام ضربات القلب

وتغيرات في ضغط الدم.

أعضاء أخرى: تتأثر االنقباضات الطبيعية لألمعاء وكذا إفراز اإلنزميات أثناء عملية الهضم،

تأثرا كبيرا بإشارات اجلزيء ATP املنطلقة من ATP األعصاب املغذية لألمعاء. كما أن اجلزيء

ينظم أيضا انقباضات املثانة والتحكم فيها، كما أن انتصاب القضيب واسترخاءه يتطلب إشارات اجلزيء ATP من األعصاب إلى العضالت امللساء

وإلى اخلاليا املبطنة لألوعية الدموية، التي تطلق بدورها أكسيد النيتريك املرخي للعضالت.

ATP العظام: ينبه تنشيط مستقبالت اجلزيءاخلاليا البانية للعظم ويكبح اخلاليا الهادمة له.

اجللد: تؤدي مستقبالت اجلزيء ATP دورا وسيطا في التجدد الطبيعى خلاليا اجللد، وفي التئام اجلروح، ورمبا في اضطرابات

التكاثر اخللوي مثل حاالت أمراض الصدفية وتصلب اجللد.

اجلهاز املناعي: إن اجلزيء ATP الذي تفرزه األنسجة املصابة بأذى يثير خاليا املناعة

فيحدث االلتهاب، وهو في حقيقته رد فعل إيجابي نحو الشفاء، وقد يتسبب أيضا في حدوث ألم؛

ولكن يراعى أن االلتهاب الشديد الذي يستمر فترة طويلة، ميكنه أن يؤذي األنسجة، كما يحدث في

داء املفاصل الروماتويدي. كما أن إشارات اجلزيء ATP تساعد اخلاليا املناعية على قتل اخلاليا

املصابة بالبكتيريا.ATP in Health and Disease )�(

ANATOMY OF ATP )��(Gama Amino Butyric Acid )1(

اجللد

العظام

القضيب

املثانة

األمعاء

القلب

األعصاب

النخاع الشوكي

الدماغ

Page 76: may-june-2010

75 (2010) 6/5

وم������ن املثي����ر لل��دهش������ة أن املس������تقبالت P2X2 وP2X3 املوجودة عل������ى براعم التذوق،

ه������ي ذاتها املش������اركة في نق������ل بعض أنواع اإلش������ارات املسؤولة عن اإلحس������اس باأللم. ومنذ عش������رات السنني عرف العلماء أن حقن اجلزيء ATP حت������ت اجللد يس������بب األل������م. وحديث���ا توص�ل <S .B. ماكماهون> وزمالؤه ]من مجمع العلوم الطبية )گاي، كينگ، سانت توماس( في لندن[ إلىأن األلم ينش������أ نتيجة تنش������يط النمط الفرعى P2X3 من مستقبالت اجلزيء ATP الواقعة على نهايات األعصاب احلس������ية ف������ي اجللد، واملس������ؤولة ع������ن نقل إشارات اإلحس������اس باللمس واأللم. وهناك نوع آخر من األل������م يصاحب تلف األعصاب ويع������رف باأللم الناجم عن اعتالل األعصاب،

ATP س������بيل املثال، فإن مس������تقبالت اجلزيءاملوجودة عل������ى اخلاليا العصبية في ش���بكية الع���ني retina، تؤثر في اس������تجابة تلك اخلاليا لإلشارات الواردة إليها من اخلاليا العصوية واملخروطية rods and cones التي تتعرف الضوء عند دخوله العني. حيث تقوم أعصاب الشبكية بدورها بإطالق كل من اجلزيء ATP واألسيتيل كولني كنواقل عصبية مشتركة، لنقل املعلومات إلى املراكز احلس������ية املسؤولة عن التعامل مع تلك اإلش������ارات في الدم������اغ. وقد أظهرت فرق بحثي������ة عديدة، أن������ه إضافة إلى ه������ذه الوظيفة اليومية للجزيء ATP، فإن إش������اراته العصبية، تؤدي دورا محوريا في مرحلة معينة مهمة أثناء تط������ور العني في املرحل������ة اجلينية مما قد متتد آثاره طوال احلياة. وفي الواقع، فقد أوضحت األبح������اث التي قام بها <N. ديل> وزمالؤه ]من جامع������ة وورويك في إنگلترا[ أن إفراز اجلزيء ATP في مرحلة حرجة معينة أثناء بداية احلياة

اجلنينية، ميثل اإلشارة الالزمة لتطور العني. يعد إفراز اجلزيء ATP ضروريا لسالمة cochlea منو اجلزء املعروف باس������م القوقعةفي األذن الداخلية، وهو اجلزء املس������ؤول عن السمع، وتستمر إشارات اجلزيء ATP بالقيام بدور حاسم ومهم لوظيفة األذن الداخلية عند البالغني. يالحظ أن القوقعة في أذن اإلنسان، مبطن������ة بنح������و 000 50 م������ن اخلالي������ا ذوات الش������عيرات، وهي اخلالي������ا العصبية الناقلة لذبذبات الصوت في األذن الداخلية. وتوجد مس������تقبالت اجلزيء ATP على نحو النصف ATP من تلك اخلاليا، حيث يبدو أن اجلزيءييسر انطالق اإلش������ارات العصبية منها في بعض األحيان. إضافة إلى ذلك، فقد وجدت املستقبالت P2X على أطراف اخلاليا العصبية املس������ؤولة عن التذوق في اللس������ان واملعروفة باس������م براعم التذوق. وفي إحدى الدراسات اجلي������دة التخطيط، توصلت <S .C. كينامون> وزمالؤها ]من جامعة والي������ة كولورادو[ إلى أن اجل������زيء ATP ي������ؤدي دورا حيويا كناقل لإلش������ارات من براعم الت������ذوق إلى أعصاب التذوق، ه������ذا وتنتفي القدرة على التذوق في الفئران املفتقرة إلى كل من النمطني الفرعيني

.P2X3 و P2X2 من املستقبالتTARGETING ATP RECEPTORS )�(

]األدوية[استهداف مستقبالت اجلزيء ATP)٭(

إن تعرف أمناط املس���تقبالت الفرعية النوعية واملس���ؤولة عن تأثير إش���ارات اجلزيء ATP في أنس���جة مختلفة ، قد أتاح لشركات الدواء البدء بتطوير أدوية ملعاجلة عدد من االضطرابات. وقد مت طرح اثنني

من األدوية املذكورة في اجلدول أدناه في األسواق، وال تزال األدوية الباقية قيد الدراسة.

االضطراب

التليف الكيسيCystic fibrosis

جفاف العني

االلتهاب

األلم

التهاب املفاصل الروماتويدي

اخلثار )جتلط الدم غير التقليدي(

العقار

Denufosol

Diquafosol

EVT 401

GSK1482160

مركبات ال اسم لها بعد )Evotec AG من(

CE-224,535

AZD9056

Clopidogrel

Prasugrel

PRT060128

Ticagrelor

اآللية

P2Y2 ينشط املستقبالت

P2Y2 ينشط املستقبالت

P2X7 يثبط املستقبالت

P2X7 يثبط املستقبالت

P2X3 تثبط املستقبالتP2X2/3 و

P2X7 يثبط املستقبالت

P2X7 يثبط املستقبالت

P2Y12 يثبط املستقبالت

P2Y12 يثبط املستقبالت

P2Y12 يثبط املستقبالت

P2Y12 يثبط املستقبالت

مرحلة االختبار

املرحلة النهائية من اختبارات الفاعلية على البشر قيد اإلجراء

املرحلة النهائية من اختبارات الفاعلية على البشر قيد اإلجراء

اكتملت اختبارات السالمة على البشر

اختبارات السالمة على البشر قيد اإلجراء

قيد االختبار على اخلاليا واحليوانات

اكتملت املرحلة النهائية من اختبارات الفاعلية على البشر

اكتملت اختبارات السالمة على البشر

متت املوافقة عليه

متت املوافقة عليه

جترى حاليا اختبارات السالمة والفاعلية على البشر

جترى حاليا املرحلة النهائية من اختبارات الفاعلية على البشر

Page 77: may-june-2010

76(2010) 6/5

مما يؤدي في النهاية إلى تكون اجللطات. ومن البديهي أن هذه التأثيرات نفس������ها تسهم في تكوين اجللطات داخل األوعية الدموية، والتي ميكن أن تتسبب في األزمات القلبية والسكتات الدماغي������ة. ويتوفر حاليا أح������د األدوية الفعالة clopidogrel الكلوپيدوگري���ل باس������م ويعرف ويعمل على غلق املستقبالت P2Y12 على سطح الصفائح الدموية، ومين������ع ذلك بدوره، حدوث اجللطات الناجمة عن تأثير اجلزيء ATP. كما يتوف������ر اآلن عدد ال بأس به م������ن األدوية التي تعمل بأسلوب مشابه لعالج أمراض الشرايني التاجية بالقلب وهي متر حاليا مبراحل متقدمة من اختبارها على املرض������ى متهيدا إلقرارها

وطرحها في األسواق.على صعيد آخر، أوضحت نتائج أبحاث <J .J. گاليگان> ]من جامعة والية متشيگان[ وغيره، أن اجلزيء ATP املفرز من األعصاب P2Yو P2X املغذية لألمعاء، ينشط املستقبالتوبذل������ك يتحكم في تناس������ق وإيقاع انقباض عضالت األمعاء التي تدفع بالطعام قدما في رحلته عبر األمعاء. كذلك، فإن احتاد اجلزيء ATP مبستقبالت P2Y املنتشرة على اخلاليا املبطنة للجدار الداخلي لألمعاء، يتسبب في إفرازها لإلنزمي������ات الالزمة للهضم. ولذلك، تتس������ابق ش������ركات األدوية حاليا لتتبع هذا اخليط من أجل التوص������ل إلى أدوية جديدة لع������الج مرض القولون العصبي، وكذا النوع األش������د منه قس������وة، واملعروف باسم مرض

.Crohn’s disease كرونإن الدور الذي يق������وم به اجلزيء ATP في أداء األعضاء واألنس������جة األخ������رى لوظائفها الصحية السليمة، يجعله هدفا مأموال به لعالج قائمة طويل������ة من االضطراب������ات، مبا في ذلك بعض أمراض الكل������ى والعظام واملثانة واجللد وحتى بع������ض األمراض العصبية والنفس������ية. إضافة إلى ذلك، فقد يكون اجلزيء ATP أحد أسلحة اجلسم الطبيعية ملقاومة السرطان. فقد كشف <E. راپاپورت> ]من كلية الطب بجامعة بوسطون[ ألول مرة في عام 1983، عن التأثير القاتل للجزيء ATP في اخلاليا الس������رطانية. وقد قوبل أيضا باالعتراض والتش������كيك، غير أن نتائج األبحاث الت������ي أجرتها مراكز بحثية

<خاخ> أستاذ مساعد في

الفيسيولوجيا والبيولوجيا العصبية في كلية طب <D. گيفن> بجامعة كاليفورنيا في لوس أجنلوس. قام بتطوير وسائل

مبتكرة ، مثل تصميم مستقبالت ال�جزيء ATP التى ميكن مراقبتها

بالضوء الختبار كيفية إحساس اخلاليا واستجابتها لل�جزيء ATP. أما

<بيرنستوك> فكان أول من أظهرعمل

ال�جزيء ATP كجزيء ناقل لإلشارات، وقد شغل منصب رئيس قسم التشريح

والبيولوجيا التطورية في الكلية اجلامعية في لندن مدة 22 عاما، وهو

اآلن رئيس مركز علوم اجلهاز العصبي الال إرادى في كلية طب جامعة رويال فري والكلية اجلامعية في لندن. كما حصل على جوائز ودرجات شرف

عديدة. التقى <بيرنستوك> و <خاخ> في مقهي بڤيينا عام 1994، حيث ناقشا

موضوع اجلزيء ATP، وهما يتناوالن فطيرة تفاح.

املؤلفان

Baljit S. KhakhGeoffrey Burnstock

ويسهم اجلزيء ATP في حدوثه ولكن بوسيلة مختلفة. فقد أوضحت الدراس������ات الرشيقة التي أجراها <K. إينو> ]من جامعة كيوش������و ف������ي اليابان[ و<M. س������ولتر> ]م������ن جامعة تورنتو[ أن إحدى اخلطوات األساس������ية في تطور ه������ذا النمط م������ن األلم تتطل������ب تفعيل مستقبالت اجلزيء ATP على اخلاليا املناعية، غير العصبية املوجودة في النخاع الش������وكي وتس������مى بالدبق امليكروي microglia، وهي تف������رز بدورها جزيئات أخرى تس��������تثير به���ا األلي�����اف العصبي������ة املج����اورة، مم���ا ي��ؤدي ف������ي النهاية إلى األلم املزمن ]انظر: »متهمون ج������دد في إح�������داث اآلالم املزمن������ة«، ،

العددان 4/3(2010)، ص 38[.وبسبب تلك املعلومات عن نقل اإلشارات بواسطة اجلزيء ATP واحتماالتها املستقبلية، تس������عى كثير من ش������ركات األدوية اآلن إلى دراس������ة ومالحقة املستقبالت P2X كأهداف الس������تنباط أدوية جديدة لعالج األلم الناجم عن اعت������الل األعص������اب أو اآلالم املصاحبة لاللتهابات. وال يشكل األلم إال جانبا واحدا م������ن جوانب صحة اإلنس������ان التي ميكن أن تستفيد كثيرا في املستقبل القريب من أدوية

موجهة نحو اجلزيء ATP ومستقبالته.كذلك يقف مرضى القلب واألوعية الدموية في انتظار االستفادة من أدوية املستقبل املؤثرة في مس������تقبالت اجلزيء ATP. ويبدو الس������بب واضحا حني ننظر إلى سلس������لة األحداث التي تعقب اإلصاب������ة بأحد اجلروح، فباس������تطاعة اخلاليا املصاب������ة أو التالفة عضويا، إفراز أو س������كب ما بها من اجل������زيء ATP إلى املجال احمليط باخلاليا من اخلارج. في تلك املواقف، ATP غالبا ما تؤدي إشارات ورسائل اجلزيءإلى ردود فعل إيجابية نحو الوقاية أو الشفاء، مبا في ذلك الدور الذي تؤديه اخلاليا الصغيرة في الدم، املعروفة باسم الصفائح الدموية، وهي اخلاليا املسؤولة عن جتلط الدم لوقف النزيف من أي ج������رح حديث. ذلك أن تل������ك الصفائح حتمل على س������طحها مس������تقبالت تنتمي إلى املجموعة الفرعية P2Y12 والتي تنشط باحتادها م������ع اجلزيء ATP الذي يف������د إليها من املجال احمليط باخلاليا، فيحدث فيها تغييرات معينة،

Page 78: may-june-2010

77 (2010) 6/5

متعددة ومس������تقلة عن بعضه������ا، أظهرت قدرة اجل������زيء ATP على كبح جم������اح منو عدد من السرطانات مثل س������رطان الپروستاته والثدي والقولون واملس������تقيم واملبي������ض واملريء وكذا خاليا أحد أنواع سرطان اجللد املعروف باسم ميالنوم���ا melanoma. هذا وتعمل إش������ارات اجل������زيء ATP جزئيا من خ������الل تعزيزها قتل اخلاليا السرطانية لذاتها )انتحارها(، وجزئيا م������ن خالل دعم عملية تط������ور ونضوج اخلاليا )متايز اخللية cell differentiation( مما يبطئ

تكاثر اخلاليا السرطانية.وم������ازال األمر في حاجة إل������ى كثير من العمل لترجمة ما مت جمعه من معلومات حتى اآلن حول مسألة إشارات اجلزيء ATP، إلى أدوية جديدة قابلة لالس������تخدام البش������ري. وجتدر اإلش������ارة إل������ى أن العمل يجري على قدم وساق في العديد من املختبرات وشركات األدوي������ة من أجل التوصل إل������ى أدوية يكون مبقدورها تنش������يط أو تثبيط األمناط الفرعية ملستقبالت اجلزيء ATP بطريقة انتقائية، أو تثبي������ط أو تعزيز إفراز اجلزيء ATP، أو منع

تفتيته بعد إفرازه من اخلاليا.

ناقل اإلشارات املنشود)٭( ATP إن اتس������اع دائ������رة قيام اجل������زيءبنقل اإلش������ارات والرس������ائل، يط������رح حتديا واحدا كبيرا على األقل، يتمثل بإيجاد أدوية تس������تهدف التأثير في عضو أو نسيج واحد فقط، من دون التس������بب ف������ي آثار جانبية في أجهزة اجلسم األخرى. وال يعد هذا الشاغل مقص������ورا عل������ى اجلزيء ATP وح������ده، فمن ش������أن وجود أمناط متعددة من مس������تقبالته على من������اذج مختلفة م������ن اخلاليا أن يجعل احتمال استهداف أنسجة بعينها أكثر قابلية للتحقي������ق. أمضى <خ������اخ> زمنا يجرب فيه احتمال تصميم وصنع مس������تقبالت للجزيء ATP، ميكن إدماجها في اخلاليا املستزرعة أو حتى في فئران التجارب احلية، ليس������جل أثر إجراء أي تغيير طفيف في وظيفة الپروتني املكون للمستقبالت P2X. وما هذا إال إحدى الوسائل التي تتيح للباحثني إدخال تعديالت ATP محسوبة ومحددة في إشارات اجلزيء

ودراسة نتائجها في الكائنات احلية.هذا، ويتمثل أح������د أهم اإلجنازات خالل العش������رين عاما املاضية مب������ا حتقق حديثا P2X من حتدي������د التركي������ب البل������وري لقناة zebra fish في جدران خاليا س���مكة ال���زردبواس������طة <E. گواكس> وزمالئه من جامعة أوريگون للصحة والعلوم. يظهر هذا اإلجناز احملوري، تفاصيل أس������لوب عمل مستقبالت اجلزيء ATP على املستوى الذري، كما ميهد الطريق لفهم دقائق انتقال اإلشارات بواسطة اجلزيء ATP بداية من مس������توى اجلزيئات ونهاية باألنظمة الفسيولوجية الشاملة . هذا إضافة إلى إس������راعه املتوقع بشكل ملحوظ

في عملية اكتشاف أدوية جديدة.على صعيد آخر، فإن األدلة احلديثة، تشير إلى وجود مستقبالت اجلزيء ATP في بعض النبات������ات والكائنات البدائي������ة مثل الطحالب اخلضراء ومختلف أنواع األميبا وغيرها من الطفيلي������ات. وهو ما يفتح الباب أمام احتمال التدخل مع إش������ارات اجل������زيء ATP بطرق نافعة في الزراعة وفي عالج بعض األمراض املعدية. كذلك، فإن وجود إش������ارات اجلزيء ATP على ه������ذا النمط الواس������ع في مختلف ATP أشكال احلياة، يوحي أن وظيفة اجلزيءكناقل لإلش������ارات، ظهرت مبكرا في مسيرة تط������ور احلياة، ورمبا بالتزام������ن مع االعتماد عليه كمصدر للطاقة. كذلك تش������ير التقارير الكثيرة عن قوة تأثير اجلزيء ATP ومشتقاته في معظم احليوانات الالفقارية أو احليوانات الفقارية الدنيا، إلى أن تأثير اجلزيء ATP قد

يكون واسع االنتشار بالفعل.ويس������عدنا الي������وم أن نرى كيف س������ارت مس������ألة دور اجلزيء ATP كناقل لإلشارات، ومنت من كونها مجرد فكرة مش������كوك فيها ومنبوذة منذ خمس������ني عام������ا مضت، وكيف تط������ورت حتى صارت مجاال نابضا باحلياة، ومثيرا جلميع املتصلني بعالم األحياء اليوم، وله احتماالته املستقبلية املهمة في عالم الطب. وإننا لنتطلع بش������وق إل������ى أن نرى املزيد من االكتش������افات على طريق فهم الدور احليوي املزدوج للجزيء ATP واس������تغالله لتحسني

نوعية حياة اإلنسان. <

مراجع لالستزادة

Scientific American, December 2009 The Ultimate Messenger )�(

Page 79: may-june-2010

78

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

فن احلرب البكتيري)٭(تظهر الدراسات احلديثة، كيف تستغل البكتيريا خاليا جسمنا وتتمكن

من التفوق على نظامنا املناعي، وكيف ميكننا استخدام أسلحتها ضدها.<B .B. فيناالي>

مفاهيم مفتاحية< تتكاثر املمرضات البكتيرية وتفرز داخل املضيف البشري، ولكننا لم نفهم بعد بشكل واف كيف تراوغ

البكتيريا دفاعاتنا وتصيبنا بسمومها.

< أظهرت دراسة التفاعالت رض استراتيجيات مضيف - ممعقدة تتبعها البكتيريا لتستغل خاليا املضيف وتتالعب بها مبا

يخدم احتياجاتها.

< يتيح الفهم اجلديد لطرائق البكتيريا وأدواتها الوصول إلى

مقاربات جديدة حملاربتها.

محررو ساينتفيك أمريكان

إن أغلب البكتيريا رفاق طيبون لنا. فعال، عندما تش������عر بالوحدة تذكر بأن تريليونات امليكروب������ات التي تعيش داخل وعلى س������طح اجلسم البش������ري في احلالة الطبيعية، تفوق عدد اخلاليا البشرية بعشر مرات. ومن بني عش������رات آالف األنواع البكتيري������ة املعروفة، تخرق مئة منها فقط قواعد التعايش السلمي

مسببة لنا األمراض.وميكن له������ذه املمرض���ات pathogens أن تس������بب الكثير م������ن املش������كالت. فاألمراض اخلمجي������ة )املعدية( تأتي ف������ي املرتبة الثانية من بني األسباب املؤدية إلى املوت في العالم. والبكتيريا من أهم العوامل املميتة. فالس������ل وحده يس������بب مليوني حالة وفاة سنويا، وقد حصدت اليرسينية الطاعونية)1( وهي التي تس������بب الداء الشنيع الطاعون الدبلي)2( في القرن الرابع عشر، ما يقارب ثلث عدد سكان أوروب������ا. لقد حقق الباحث������ون تقدما ملحوظا خالل الق������رن املاض������ي في الس������يطرة على بعض األنواع البكتيرية من خالل املضادات احليوية، ولكن البكتيريا املؤذية وجدت سبال ملقاوم������ة العديد من هذه األدوية. إنه س������باق تس������لح تأخر فيه اإلنس������ان، وأسهم في ذلك

أننا لم نفهم عدونا بشكل جيد.تاريخيا، س������عى متخصصو البيولوجيا امليكروية إلى معرفة كيف تس������بب البكتيريا املرض، وذلك من خالل زرعها في أوس������اط مغذية، ثم عزل اجلزيئات من احمليط اخلارجي

للب���ق bugs، أو اس������تخالص إفرازاتها من الوسط، ودراسة تأثير هذه املواد في اخلاليا البشرية أو في احليوانات. لقد أسهمت هذه الدراس������ات في حتديد خصائص الذيفانات البكتيري������ة املتنوعة. ولكن معظم الدراس������ات التي اس������تهدفت اآلليات اإلمراضية، أهملت التفاعل بني املمرضات البكتيرية ومضيفيها. وعلى مدى العش������رين س������نة املاضية تنامت األبحاث الت������ي تبني أن البكتيري������ا املمرضة غالبا ما تبدي س������لوكا يختلف في األوساط

املغذية، عنه داخل جسم املضيف.رات وقد تطورت البكتيري������ا لتصبح مدمsubversives متمرس������ة، وذل������ك لتتمك������ن من

اخت������راق األعضاء واألنس������جة املتنوعة، ومن البقي���ا)3( والنمو في أجس������امنا، حيث تعمل عل������ى اس������تغالل اخلاليا وأنظم������ة االتصال اخللوية، وإجبارها على تعديل س������لوكها مبا يتوافق مع غاياتها. ينجح العديد من البكتيريا في الس������يطرة، من خالل اس������تخدام أدوات متخصص������ة بحق������ن پروتينات تق������وم بإعادة برمج������ة اآلليات اخللوية لتنف������ذ أوامرها.كما تس������تخدم بعض البكتيريا خططا وتكتيكات لتخليص اجلس������م من البكتيري���ا احلميدة benign bacteria أو املفي������دة، مما يس������اعدها

على الس������يطرة على البيئ������ة احمليطة. وعندما متكن الباحثون من حتديد االس������تراتيجيات

The ArT of BAcTeriAl WArfAre )�(Yersinia pestis )1(

bubonic plague )2(Survival )3(

Page 80: may-june-2010

79 (2010) 6/5

العدائية، واألسلحة البارعة التي تستخدمها البكتيريا املمرضة في غزو مضيفها والتغلب عليه، بدأنا فورا بالعمل على استنباط عالجات

توجه هذه األسلحة إلى امليكروبات نفسها.

اقتحام ودخول)٭(

تنتج بعض أعراض األخم������اج البكتيرية مباش������رة من اس������تراتيجيات البكتيريا للبقاء حية. فالذيفانات الت������ي تنتجها البكتيريا هي أحد األسباب العديدة املسببة لألمراض. ومبا

أن املمرضات تسبب مجموعات متشابهة من األعراض - اإلسهال، احلمى، وغيرها - بدا من املنطقي االعتقاد أنها تس������بب األمراض بآليات متش������ابهة أيضا. ومع أن العديد من املمرضات تعتمد على العناصر األساس������ية نفسها من اآلليات اخللوية - كپروتينات معينة تس������هم في بناء اجلدار اخلل������وي - إال أنها

تستخدم أساليب متنوعة ومعقدة للهجوم.ف������ي أي هج������وم إن اخلط������وة األول������ى بكتيري، على س������بيل املث������ال، هي االلتصاق

Breaking and entering )�(

Page 81: may-june-2010

80(2010) 6/5

بخاليا املضي������ف. ومتتلك إحدى س������الالت Escherichia coli القولوني���ة اإلش���ريكية واملعروفة باملدمية املعوي���ة)O157 )1، طريقة جديرة باملالحظة في إلصاق نفس������ها بخاليا املضيف. وتنتقل هذه املمرضات عبر الطعام امللوث، وعندما تصل السبيل املعدي املعوي، تلتصق املدمي������ة O157 بجدار األمعاء وتنتج ذيفانا يس������بب إس������هاال دمويا. وق������د اعتقد العلم������اء س������ابقا أن هذه الس������اللة املمرضة من اإلش������ريكية القولونية، تتثبت على جزيء مس������تقبل موجود مسبقا في خاليا املضيف امللتصق���ة املمرض���ات كجمي������ع املعوي������ة،

adherent pathogens. ولكن الدراسات احلديثة

أظه������رت أن املدمي������ة O157 تق������وم بصن������ع املستقبل اخلاص بها، وحتقنه في اخللية من خالل ما يعرف بالنظام اإلفرازي من النمط الثال���ث)2( T3SS )يسمى نظام اإلفراز حسب

ترتيب اكتشافه(.يقوم النظام البكتيري T3SS بحقن جزيء يدعى تير Tir، م������ع 40 أو أكثر من جزيئات لة« effector، مباش������رة في الپروت������ني »املفعالغش������اء اخللوي للخلية املضيف������ة، ثم يثبت

how Bacteria hijack host cells )�(enterohemorrhagic )1(

Type 3 Secretion System )2(

]تكتيكات وأدوات[كيف تتمكن البكتيريا من استغالل خاليا املضيف)٭(

حتسن البكتيريا املسببة للمرض من فرص بقائها، من خالل االستيالء على آليات واتصاالت خاليا املضيف لتنفيذ أوامر البكتيريا، وذلك من خالل تعديل الوسط داخل وخارج خاليا املضيف لتالئم حاجاتها. وفي املثال باألسفل تستخدم البكتيريا الغازية لألمعاء أدوات متخصصة )الصورة

في أقصى اليمني(، لتتالعب بأنواع عدة من اخلاليا مبا فيها اخلاليا الظهارية، وخاليا املناعة والبكتيريا غير الضارة التي تسكن األمعاء.

أنظمة اإلفرازأجهزة متخصصة تسمح للبكتيريا

بحقن جزيئات مفعلة تتحكم في اخلاليا، مباشرة داخل خاليا

املضيف. ونظام اإلفراز من النمط الثالث T3SS الظاهر في األعلى

منوذجي. ينزل جهاز اإلفراز الرئيسي في الغشاء البكتيري اإلبرة املجوفة

إلى اخللية املضيفة، ويتم حقن پروتينات مثبتة لتثبيت اإلبرة، ومن

ثم الپروتينات املفعلة.

جهاز اإلفراز

الغشاء اخلارجي إبرة احلقنللميكروب

پروتينات مثبتة

خلية مضيفة

خلية ظهارية

الساملونيال

جتعدات

T3SSپوليمر األكتني

مفعلة

Tir

T3SS➊ تستخدم اإلشريكية القولونية

املمرضة النظام T3SS حلقن أكثر من 40 نوعا من الپروتينات املفعلة

عبر الغشاء اخللوي. ويعمل أحدها تير Tir كمرساة السفينة

ليساعد البكتيريا على االلتصاق. وتنظ�م املفعالت األخرى أكتني

actin اخللية ليشكل پوليمرات ترفع الغشاء لتشكل قاعدة.

➋ تستخدم أنواع الساملونيال النظام T3SS حلقن املفعالت

التي تشكل پوليمرات األكتني. تشكل ألياف األكتني »جتعدات« في غشاء اخللية تعمل على ابتالع البكتيريا وسحبها إلى داخل اخللية.

➌ تنتج املفعالت اخلاصة ببكتيريا الشيگيال پوليمرات أكتني على

شكل ذيل متطاول يدفع امليكروب عبر سيتوپالزما اخللية لغزو

خلية مناعية مجاورة.

بلعم

الشيگيال

أكتني مفعلة

إشريكية قولونية

خلية متغصنة

Page 82: may-june-2010

81 (2010) 6/5

أحد جزيئاته الس������طحية على »التير«. ولكن هذه هي اخلطوة األولى فقط في االس������تيالء عل������ى اخللية. ويقوم اجلزيء Tir مع عدد من اجلزيئات الپروتينية املفعلة األخرى التي مت حقنها في اخللية، بإجب������ار اجلدار اخللوي على التصرف بش������كل غي������ر طبيعي. يتفاعل األكت���ني actin، وهو أحد العناصر األساسية الداخلة ف������ي الهيكل اخللوي، مع الپروتينات polymers البكتيري������ة، مش������كال پوليم���راتتبدأ بالضغط على اجلدار اخللوي مش������كلة نتوءا على ش������كل قاعدة التمثال، ترتكز عليه اإلشريكية القولونية بأمان خارج اخللية، في

الت والذيفانات التي حقنتها حني تقوم املفعفي اخللي������ة »بعمله������ا الق������ذر«. إن الوظيفة األكيدة له������ذه القواعد غي������ر معروفة، ولكن الباحث������ني بين������وا أن لها دورا أساس������يا في

القدرة اإلمراضية لهذه البكتيريا.من املمرضات األخرى، امللوية البوابية Helicobacter Pylori، والت������ي تلصق نفس������ها

باخلالي������ا الظهارية املبطن������ة للمعدة، ومن ثم تبدأ بتعديل الوسط احمليط مبا يالئم بقياها. تفرز امللويات البوابية إنزميا يسمى اليورياز urease الذي يعاكس موضعيا الوسط املعدي

العالي احلموضة، والذي يقتل في العادة أغلب البكتيريا. ليس������ت جميع السالالت ممرضة، ولكن املمرض منها قد يسبب قرحا معدية أو حتى س������رطان املعدة، مما يجعلها البكتيريا الوحيدة املعروفة التي تسبب السرطان. تنتج السالالت املمرضة نظاما إفرازيا من النمط الراب���ع (T4SS))1( يقوم بحق������ن پروتني مفعل خ������اص يدعى CagA. إن وظيفة هذا الپروتني الدقيقة غير معروفة، ولكن الدراسات احلديثة تش������ير إلى أنه يحمل اخلاليا الظهارية على إنتاج عدد أكبر من املس������تقبالت التي تتثبت عليه������ا امللوي������ات البوابية. كم������ا ميكن لهذا الپروتني أن يؤثر بشكل مباشر في اإلشارات داخ������ل اخللوية ف������ي خاليا املعدة، مس������ببا تطاولها وتبعثرها، وف������ي النهاية متوتها مما

يسهم في تشكيل القرحة. ،O157 ال حتت������اج اإلش������ريكية القولونيةوامللوية البوابية الدخول إلى اخللية لتس������بب املرض، عل������ى عك������س الس���املونيال)2( التي تخترق جدار اخللية: وهي بكتيريا قريبة من اإلشريكية تسبب اإلس������هال ملا يقارب بليون إنس������ان حول العالم. ف������ي احلقيقة، حتتاج الس������املونيال إلى املرور إل������ى داخل اخلاليا الظهارية التي تبطن األمعاء، وذلك لتتمكن من التف���وع )النم���و( thrive. تبدأ هذه البكتيريا الغزو باس������تخدام منط مختل������ف من النظام البكتيري T3SS يعرف باجلزيرة اإلمراضية

Type 4 Secretion System )1(salmonella )2(

امليكروبايولوجيا البشرية

تركيب جسم اإلنسان

10 تريليوناتخلية بشرية

100 تريليونخلية بشرية

.............................................................

األنواع البكتيرية التيتعيش في اإلنسان ...

35 000 - 5000... األمعاء

500 - 300... الفم

120... اجللد

.............................................................

األنواع البكتيريةاملمرضة لإلنسان

100.............................................................

نسبة األشخاص الذين تستعمرهم البكتيريا

املمرضة )مع أو من دون مرض(

%33املفطورة السلية

%50امللوية البوابية

%50العنقودية املذهبة

بكتيريا األمعاء املفيدة

تفاعل التهابي

T3SS

فيلقية مستروحةجسيم حال

فجوة

T4SS

نواة اخللية

➍ الرودنتية الليمونية - وهي نوع من اإلشريكية القولونية يصيب الفئران - تستخدم مفعالت

پروتينية لتغيير اإلشارات اخللوية مسببة التهابا موضعيا يقتل بعض أنواع البكتيريا غير املؤذية التي

تعيش في األمعاء والتي تنافسها على موارد الغذاء.

➎ تستخدم الفيلقية املستروحة النظام T4SS)1( عندما تبلعها

وحتتجزها إحدى البالعم داخل الفجوة. وتغير

املفعالت غشاء الفجوة بحيث ال تستطيع جسيمات احلالة القاتلة للممرضات الوصول

إلى الداخل، فتستطيع الفيلقية أن تتكاثر بأمان قبل

أن تغزو خلية أخرى.

مفعلة

مفعلةإشارات

رودنتية ليمونية

Page 83: may-june-2010

82(2010) 6/5

حي������ث (SPI-1) بالس���املونيال)3( اخلاص���ة حتقن اخلاليا الظهارية مبفعالت تعيد تنظيم بلم������رة )متاثر( األكتني لتش������كل »تغضنات« في الغشاء اخللوي ش������بيهة بقواعد التمثال التي تشكلها اإلشريكية القولونية، متتد هذه التغضنات وتلتف ح������ول البكتيريا امللتصقة بغش������اء اخللية من اخل������ارج، وجتبر اخللية فعليا على سحب امليكروب إلى الداخل. ينتج اإلسهال املرافق لهذه األخماج من اجلزيئات .SPI-1 الت������ي مت حقنها باجلزيرة اإلمراضية

ولكن الساملونيال ال تتوقف عند هذا احلد.تق������وم البالع���م macrophages الكبي������رة واخلاليا األخ������رى التي تنتمي إلى ما يدعى

بالسالح األولي للجهاز املناعي، كاملعتدالت واخلاليا املتغصن���ة)4(، عادة بهضم وتدمير )بلعم( أي جس������م غازي. وتبتلع هذه البالعم البكتيري������ا وحتتجزها في فج������وات مرتبطة بغشائها، حيث تقوم اجلزيئات القاتلة بتدمير الضحي������ة. ولكن أنواع الس������املونيال تخترق البطانة املعوية مارة عب������ر اخلاليا الظهارية إلى اخلاليا املناعية التي تنتظر على اجلانب اآلخ������ر. حاملا تصبح البكتيري������ا في فجوات البالعم، تقوم باستخدام نوع ثان من النظام

outwitting the Guards )٭(immunoglobulin A )1(

Neisseria meningitidis )2(Salmonella pathogenicity island 1 )3(

)4( dendritic cells؛ أحد أشكال الكريات البيض. )التحرير(

]جتنب املمانعة[خداع احلراس)٭(

يفترض باخلاليا املناعية واألجسام املضادة التي تنتجها أن تعمال معا على حتييد الغزاة، ولكن البكتيريا املمرضة تستطيع جتنب دفاعات املضيف تلك وذلك بآليات وتكتيكات مختلفة، كالتي وصفت في األمثلة املعروضة أدناه.

آلية التعطيلعندما يحاول بلعم macrophage ابتالع اليرسينية الطاعونية، تستخدم البكتيريا نظامها T3SS حلقن مفعالت تقوم بشل آلية

االبتالع لدى اخللية املناعية. ومتتطي اليرسينية اخللية إلى العقدة اللمفاوية حيث تتكاثر مسببة تورم العقد ومشكلة الدبل

املميزة للطاعون الدبلي.

تدمير األجسام املضادةمتنع الگلوبولينات املناعية من النمط (IgA))1( البكتيريا من

االلتصاق باخلاليا الظهارية التي تبطن املجرى األنفي واألسطح املخاطية املماثلة في اجلسم. إال أن النيسيريا السحائية)2(، إحدى مسببات التهاب السحايا، تستطيع استعمار هذه اخلاليا بإفراز

إنزمي پروتياز يدمر األجسام املضادة.

قدح التدمير الذاتيتقوم خاليا مناعية محددة كالبالعم بتدريب اخلاليا املناعية األخرى salmonella على تعرف املمرضات. ولكن الساملونيال األنتريكية T3SS تستطيع منع حدوث ذلك، حيث تستخدم نظامها entericaحلقن اخللية بالفالگيلني flagellin، وهو پروتني يطلق شالل

إشارات يؤدي في النهاية إلى تفعيل آلية انتحار خلوية.

خلية محتضرة

نواة

شالل اإلشارة

)پروتني يوجد في السوائط(فالگيلني

ساملونيال أنتريكية

نيسيريا سحائية

پروتياز

مخاط

غشاء اخللية

عقدة ملفية متورمة

بلعم

T3SSمفعلة

يرسينية طاعونية

IgA

Page 84: may-june-2010

83 (2010) 6/5

بكتيري������ة قنوات نظام التهوية ووصلت إلى رئات املجتمعني. وكما تفعل األميبات، فإن البالعم في األس���ناخ الرئوي���ة)2( البشرية ابتلعت الفيلقيات. وقد أدى الداء التنفسي الن������اجت إلى وفاة 34 ش������خصا، وبذلك مت

اكتشاف داء الفيلقيات.

مراوغة احلراس)٭(إن ق������درة البكتيريا عل������ى تهيئة الظروف احمليط������ة داخل اخلالي������ا املناعية - التي من املفت������رض أن تق������وم بقتل تل������ك البكتيريا - تبرهن على ق������درة األجه������زة البكتيرية على االستيالء على اآلليات اخللوية. وإن التشابه ب������ني اخلاليا املناعية البش������رية واملتعضيات املفترس������ة له������ذه البكتيريا خ������ارج املضيف البشري، يفس������ر استراتيجيات البقيا لديها. وم������ن أكثر ه������ذه اآلليات التي تس������تخدمها البكتيريا تعقيدا، هي تلك املخصصة لتجنب دفاعات املضيف، أو لتجنيد اخلاليا املناعية

لتساعد على فوعتها.وعلى س������بيل املثال، تنتقل اليرس������ينيا الطاعونية من اجلرذان إلى اإلنس������ان، عن طريق عضات )قرص������ات( البراغيث التي تدخل امليكروب مباش������رة إلى الدم. عندما حتاول البالعم اجلائلة ف������ي الدم أن تبتلع T3SS وتقت������ل املمرض������ات، يقوم النظ������اماخلاص باليرس������ينيا بحق������ن مجموعة من الت على األقل تعمل على ش������ل أرب������ع مفعاآللية البلعمية متاما قبل أن تتمكن البالعم من ابت������الع فريس������تها. ترتش������ح البالعم حاملة اليرس������ينيا على سطحها، إلى العقد اللمفاوية، حيث تبدأ البكتيريا بالتضاعف مسببة التورمات املؤملة أو الدبل التي تعطي

الطاعون الدبلي اسمه.لقد طورت العدي������د من املمرضات أنظمة حقن/إف������راز ق������ادرة عل������ى إع������ادة برمجة اإلش������ارات اخللوية واالس������تجابات املناعية

البكتي������ري T3SS يس������مى SPI-2 وهو يحرر پروتينات مفعلة حتول هذه الفجوات إلى مالذ آمن تستطيع الس������املونيال التكاثر فيه. تقوم هذه الپروتينات بتحويل »غرفة اإلعدام« إلى ملجأ آمن من خالل تعديل غش������اء الفجوات بحيث تصبح اجلزيئ������ات القاتلة عاجزة عن

الدخول إليها.لنج������اح ض������روري SPI-2 النظ������ام إن ،Salmonella typhi التيفي���ة الس���املونيال الس������اللة التي تس������بب حمى التيفوئيد. فمن خالل متك������ني البكتيري������ا من البق������اء داخل اخلاليا البلعمية، والتي تنتقل ضمن اجلسم عبر املجرى الدموي واجلهاز اللمفي، يسمح النظ������ام SPI-2 لهذه املتعضي������ات بالوصول والتكاثر في أنسجة أبعد بكثير من األمعاء،

كالكبد والطحال.إن الق������درة عل������ى البق������اء داخ������ل خاليا املضيف، هي ميزة مش������تركة بني العديد من املمرضات التي تس������بب أمراض������ا خطيرة، Legionnaires’ الفيلقي���ات وداء كالس������ل املس���تروحة الفيلقي���ة تتمي������ز .disease

Legionella pneumophila بأنها حتقن 80 نوعا

مختلفا من املفعالت في اخلاليا البلعمية من خ������الل النظام T4SS اخلاص به������ا. ومع أن وظيف������ة القليل منها معروف������ة، إال أن العديد منه������ا يعمل على حتويل الفج������وات البلعمية

إلى مالذ آمن.يقدم لنا سلوك الفيلقيات نافذة تطلعنا عل������ى األصل احملتم������ل ألجه������زة اإلفراز البكتيرية، التي لم تتطور لتس������بب املرض لإلنس������ان، وإمن������ا لتحم������ي البكتيريا من هجوم املتعضي������ات الوحي������دة اخللية في T4SS التربة. وتستخدم الفيلقيات النظاملتستطيع النجاة عندما تبتلعها أميبات)1( التربة التي متتلك آليات مش������ابهة للخاليا البلعمي������ة عند اإلنس������ان. وه������ذا الترابط باألميب������ات أعطى هذه البكتيريا اس������مها. وفي لقاء عس������كري في أمريكا عام 1967 عبرت بعض األميبات احلاوية على فيلقيات

لقد تطورت أنظمة اإلفراز، ال لتتسبب في مرض البشر وإمنا لتحمي احلشرات من مهاجمتها من قبل متعضيات organisms وحيدة اخللية في التربة.

Dodging the Sentries )٭(amoebas )1(

the humans′ alveoli )2(

Page 85: may-june-2010

84(2010) 6/5

بشكل نوعي. تعطي الشيگيال الزحارية)1(، العامل املسبب للزحار)2(، مثاال على مجموعة من االستراتيجيات التي ميكن لنوع بكتيري واحد اس������تخدامها خالل اخلم������ج. ومع أن الش������يگيال تش������به إلى حد كبير من الناحية اجلينية س������الالت غير مؤذية من اإلشريكية القولوني������ة، إال أنها متتلك النظام T3SS الذي يقوم بحق������ن 25 إلى 30 مفعل������ة تدفع خاليا املضيف إلى احتواء البكتيريا، بطريقة تشابه تلك التي تس������حب بها الساملونيال. ومن ثم، تقوم الش������يگيال باس������تغالل اآللية الهيكلية للخلية لتنتقل عبر اخللي������ة وتخترق اخلاليا املج������اورة، متجنب������ة بذلك اخلالي������ا املناعية وجزيئات األجس������ام املضادة التي قد تكون

بانتظارها خارج اخلاليا.لم يتم اكتشاف وسائل الشيگيال األخرى ف������ي املراوغة وإع������ادة البرمج������ة، ولكن من املعروف أن العديد من املفعالت تتآثر مباشرة م������ع أنظمة اإلش������ارة اخللوي������ة الداخلية في اخلاليا املضيفة مسببة حتييد بعض نداءات االستغاثة التي ترسلها اخللية املخموجة في احلال������ة الطبيعية، ومع ذلك، ال يتم إس������كات جميع اإلش������ارات اخللوية. ويعتمد امليكروب عل������ى جزء من اإلش������ارات اخللوية الجتذاب اخلاليا املتغصنة إل������ى موقع اخلمج، ليقوم بعدها باختراق هذه البالعم، واس������تخدامها »كأحصن������ة ط������روادة« لتحمله������ا عبر جدار األمعاء مما يؤدي إلى متزقه مسببة اإلسهال

احلاد املميز للزحار.وال يقتصر خداع البكتيريا على اجلهاز املناع������ي األول������ي )الالنوع������ي(، حي������ث تعلم بعضها جتنب االستجابة املناعية املكتسبة، T cells والت������ي تتألف من اخلالي���ا التائي���ةواخلاليا البائية B cells املنتجة لألجس������ام املضادة والتي دربتها اخلاليا املناعية األولية )الالنوعي������ة( لتتعرف ممرض������ات نوعية من )املستضدات( السطحية خالل اخلصائص لهذه املمرضات. ميك������ن للميكروبات تفادي هذه الدفاعات، إما من خالل التغيير املستمر

لپروتيناته������ا الس������طحية لتتجنب األجس������ام املضادة، أو من خالل إفراز إنزميات حتطم هذه األجس������ام املضادة. والشيگيال واحدة رضات عدة قادرة عل������ى منع تكوين م������ن مماألجس������ام املضادة، من خ������الل منع اخلاليا البلعمية، من إيصال املستضدات إلى خاليا جهاز املناعة املكتس������بة. والساملونيال أيضا ق������ادرة على قدح trigger ش������الل إش������ارات داخلي، يحمل اخلاليا البلعمية على االنتحار قبل أن تتمكن من التواصل مع خاليا اجلهاز

املناعي املكتسب.

مجتمع تنافسي)٭(حتت������اج املمرضات إلى أكثر من التالعب باإلش������ارات اخللوية والتغلب على الدفاعات املناعي������ة، لتتمكن من النمو داخل اجلس������م. فعليها أيضا التفوق على حش������ود البكتيريا غي������ر املؤذية الت������ي مت جتاهله������ا حتى وقت قري������ب، م������ن قبل أغل������ب علم������اء البيولوجيا امليكروي������ة واملناعة. وحتتوي جميع س������طوح اجلس������م املفتوحة على البيئة اخلارجية، مبا في ذلك بطانة الس������بيل املعدي املعوي، على أعداد هائلة م������ن هذه البكتيريا املتعايش���ة commensal. فعلى س������بيل املثال، يحتوي كل

غرام من احملتوى املعوي الهائل تقريبا على 60 بليونا من البكتيريا، أي ما يساوي عشرة

أضعاف تعداد سكان األرض.وأحد أس������هل الطرق إللغاء املنافس������ة هو التسبب في اإلسهال، ومن ثم طرد املنافسني خارج اجلس������م، بش������كل مؤقت عل������ى األقل. وقد بينت مع زمالئي أن س������اللة اإلشريكية القولونية، والت������ي تصيب الفئران الليمونية تق������وم ،Citrobacter rodentium الرودنتي���ة بتحريض متعمد اللتهاب األمعاء، حيث يؤدي اندفاق خاليا املناعة األولية إلى القضاء على مجموعة معينة من ميكروبات النبيت املعوي gut microbiota الطبيعي������ة. وبع������د التخل������ص

A competitive community )٭(Shigella dysenteriae )1(

dysentery )2(

تطورت العديد من املمرضات ابتداء من بكتيريا غير مؤذية وذلك من

خالل اكتساب جينات genes )مورثات(تنقل خصائص

جديدة.

Page 86: may-june-2010

85 (2010) 6/5

]عالجات[استهداف أسلحة البكتيريا)٭(

من منافسيها، تس������تطيع املمرضات التكاثر بسرعة، وتدوم س������يطرتها إلى أن يتم تفعيل جهاز املناعة املكتس������بة. وف������ي النهاية، تقوم اخلالي������ا املناعية بالتخلص م������ن املمرضات؛ ليعود بعده������ا النبيت الطبيعي إلى إش������غال

األمعاء مستعيدا تركيبه وتعداده السابق.بشكل مش������ابه، تتبنى ساللة الساملونيال الت������ي تصيب الفئ������ران، س������لوكا يتالءم مع تركي������ب النبي������ت املعوي املضيف. وتس������بب هذه البكتيريا عادة عند الفئران داء جهازيا مش������ابها للتيفوئيد؛ ولكن ف������ي حال التعديل املس������بق للنبي������ت بواس������طة جرع������ات عالية من املض������ادات احليوية، تقتص������ر اإلصابة على الس������بيل املعدي املعوي. فاملنافسة من قب������ل البكتيري������ا القاطنة في األمع������اء، تدفع الس������املونيال إلى غزو اجلسم مسببة مرضا جهازيا)systemic )1. ولكن عند تعديل النبيت املقيم تفضل الس������املونيال، البقاء في السبيل

املعدي املعوي.ب������ني امليكروبات، احلميدة يوفر التفاعل واملمرض������ة داخل جس������م املضي������ف، فرصة لتبادل األس������لحة. في احلقيقة، تطور العديد

من البكتيريا احلمي������دة إلى بكتيريا ممرضة من خالل اكتس������اب جين������ات تنقل خاصيات جدي������دة. وميكن اعتب������ار األمع������اء، في هذا للبكتيريا، اإلطار، كش������بكة اتصال جيني������ة دة لعوامل تسمح مبش������اركة اجلينات املكوالفوع���ة virulence factors، كأنظم������ة اإلفراز

والپروتينات املفعلة.إن اكتساب جزر جينية إمراضية جديدة

Targeting Bacterial Weapons )٭()1( املرض اجلهازي هو مرض يصيب البدن ككل وال يقتصر

على عضو منه.econiche )2(

لقاح حيوي:حتمل املاشية اإلشريكية القولونية E.coli O157:H7 من دون أن تصاب

باملرض. ولكن هذه البكتيريا تسبب فشال كلويا ميتا لدى اإلنسان.

اإليكونيش)2(، لقاح للماشية ضد هذه ح باستخدامه في كندا البكتيريا، صر

وينتظر التصريح في الواليات املتحدة. يحمي اإلنسان بإبعاد املمرضات عن

مصادر طعامه.

من خالل فهم أعمق لوسائل البكتيريا في تدمير خاليا املضيف ودفاعاته، يطور العلماء العديد من املقاربات من الثانية أو األولى املرحلة في زالت ما األسفل في األمثلة من بعض البكتيريا، هجمات لصد املتنوعة

االختبارات على اإلنسان، ولكن أغلبها مازال في الطور ما قبل السريري.

االلتصاق بخاليا املضيف

T3SS األنظمة

جينات )مورثات( الفوعة

خاليا املضيف املناعية

االتصاالت

املادة )كيف تعمل(الهدفاملرحلة الثانية٭گلوبولني مناعي )مينع وظيفة پروتينات االلتصاق البكتيرية(

ما قبل السريري

ما قبل السريري

ما قبل السريري

ما قبل السريري

ما قبل السريريما قبل السريري٭

املرحلة األولى )كندا(

املرحلة الثانية

الپوليمرات )املتماثرات( املتغصنة السكرية )تعمل كأفخاخ لپروتينات االلتصاق البكتيرية(

الپيليسايد )يعيق تصنيع پروتينات االلتصاق(

حمض هيدرازايد الساليسليدين )يحصر النظام اإلفرازي بكامله(

ڤيرستاتني )يعيق اصطناع جزيئات الذيفانات وااللتصاق(

الپپتيدات املثبطة الذاتية التولد )تعيق اصطناع جزيئات التواصل(

أزيترومايسني )يتداخل على مستويات عدة في التواصل بني البكتيريا(

IMX942 )يغير االتصاالت والتفاعل االلتهابي(

بوتيرات الصوديوم )حتفز تصنيع الپپتيدات املضادة للبكتيريا(

املرحلة االختبارية

٭ موافق عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء األمريكية الستخدامات أخرى.

Page 87: may-june-2010

86(2010) 6/5

مينح امليكروب مي������زة إضافية تعطيه القدرة على اس������تعمار مضيف جدي������د، أو تزيد من عدائيت������ه. ويعتق������د أن اإلش������ريكية القولونية املميت������ة O157، على س������بيل املث������ال، ظهرت للمرة األولى في أواخر الس������بعينات، عندما اكتس������بت إحدى الس������الالت احلميدة نسبيا د من اإلش������ريكية جزيرة جينية إمراضية تكونظام������ا جديدا من النظام T3SS؛ فاكتس������بت بذل������ك اجلني اخلاص بصنع ذيفان الش���يگا الزحارية)1(، وهي خاصية تس������بب اإلسهال الش������ديد واإلصابة الكلوية املرافقني ألخماج

.O157 النظام

اكتساب أسلحة جديدة)٭(طرح اكتش������اف أنظمة احلقن واألدوات األخرى التي تساعد املمرضات على البقيا والنمو داخل املضي������ف، أفكارا جديدة في الع������الج تتخطى اس������تراتيجيات املضادات احليوي������ة التقليدي������ة ف������ي تخريب مباش������ر للخالي������ا البكتيري������ة. وق������د اس������تفاد فريق البحث الذي أنتمي إليه من معرفتنا بأنظمة احلقن، لتصميم لقاح جديد ضد اإلشريكية

.O157 القولونيةيحتوي اللق������اح على أجزاء م������ن النظام T3SS اخلاص باملمرض، إضافة إلى العديد

م������ن مفعالته، وبذلك يس������تطيع جهاز املناعة املكتس������بة تعرف الپروتينات مباشرة ويقوم بتحييدها، مانعا البكتيريا من اس������تخدامها. ويحم������ي ه������ذا اللقاح البش������ر بش������كل غير مباش������ر حيث إنه مخصص لألبقار. وتعيش اإلش������ريكية القولونية O157 في نحو نصف أعداد املاش������ية الداجنة من دون أن تس������بب له������ا املرض، ولك������ن براز األبق������ار ميكن أن ينقلها إلى مصادر الطعام واملاء البش������رية، مما يجعل هذه البكتيريا تس������بب املرض من خالل اللحوم واحملاصيل امللوثة. ومن خالل القضاء على اإلش������ريكية القولونية O157 في موطنه������ا، مينع هذا اللقاح هذه اإلش������ريكية م������ن االنتق������ال نهائيا إلى مضيف بش������ري،

وهو اآلن يستخدم في كندا وجترى دراسته الستخدامه في الواليات املتحدة.

يدرس العديد من الباحثني استراتيجيات خالقة أخ������رى إلضعاف املمرض������ات. فعند معرفة عوامل الفوعة البكتيرية، ميكن تطوير عالجات جتعل البكتيري������ا غير مؤذية، وذلك من خالل إيق������اف اجلينات الت������ي تولد هذه وتقوم مقاربة من هذا النوع بتكوين العوامل. جزيئات تقوم بحصار جزيئات االلتصاق في اخللية البكتيرية، مانعة إياها من اكتس������اب موطئ ق������دم ف������ي املضيف. وق������د مت إكمال دراس������ة الفعالي������ة لدى اإلنس������ان ملضادات التصاق تستهدف اإلشريكية القولونية، وما زال������ت بعض العقاقير األخ������رى في مراحل

تطوير مبكرة.ويعتبر التدخل في قدرة املتعضيات على التواص������ل مع بعضها احتماال واعدا أيضا، حيث تقوم البكتيريا كاإلش������ريكية القولونية بتقييم وضعه������ا في األمع������اء بالتجاوب مع اإلش������ارات الكيميائية من النبي������ت الطبيعي وخالي������ا املضي������ف، بحيث تس������اعدها هذه اإلش������ارات على اتخاذ قرارها في املهاجمة. وتش������كل الزائفة الزجنارية)2( مس������تعمرات تدع������ى أغش���ية بيولوجي���ة biofilms ف������ي باحث������ون ]من جامعة الرئت������ني، ومؤخرا بنينكوپنهاگن[ أن مكونات هذه األغش������ية تطلق إشارات لتحذر من اقتراب اخلاليا املناعية، مما يحفز البكتيريا األخرى على إفراز پپتيد

قاتل للخاليا املناعية.إحدى مزايا استهداف العوامل البكتيرية املمرضة، هي أن هذه اجلزيئات ال تكون عادة ضروري������ة لبقيا البكتيريا خارج أجس������امنا. وعلى عك������س املضادات احليوي������ة التقليدية الت������ي حتاول قتل املمرضات بش������كل كامل، ف������إن العالجات اجلديدة التي متنع االتصال وآلي������ات الفوعة األخ������رى، تعمل على حتويل املمرض������ات إلى بكتيريا غير مؤذية ، وتبقيها

Building New Weapons )٭(Shiga toxin )1(

Pseudomonas aeruginosa )2(

أستاذ مرموق في مختبرات ميشيل سميث، قسم الكيمياء احليوية

والبيولوجية اجلزيئية وقسم البيولوجيا امليكروية واملناعة في جامعة بريتيش

كولومبيا. تتمحور أبحاثه حول التفاعل رض على املستوى مضيف - مم

اجلزيئي. وقد توصل إلى العديد من االكتشافات األساسية. وقد حاز العديد

من اجلوائز العلمية، وهو مؤسس مشارك لشركة إمنيكس الصيدالنية.

إضافة إلى كونه مدير مبادرة لقاح سارس SArS املتسارع.

املؤلف

B. Brett Finlay

Page 88: may-june-2010

87 (2010) 6/5

حية؛ مم������ا يقلل من إمكاني������ة تطوير مقاومة لهذه العالجات وإن كانت موجودة أصال.

وتهدف طرائق أخرى حملاربة املمرضات إل������ى جعل البيئة غير مالئم������ة لها. ويدرس العديد م������ن الباحثني إمكانية تعديل النبيت املمرضات. ليناف������س للمضيف الطبيع������ي وإن مب������دأ إعط������اء الطالئ����ع البيولوجية probiotics )وه������ي بكتيري������ا غي������ر مؤذي������ة

مث������ل العصي����ات اللبني����ة)1((، والداعمات البيولوجي����ة prebiotics )س������كريات تعزز منو البكتيريا املفيدة( للحماية من األمراض معروف بشكل واسع، وقد استخدم العديد م������ن الناس اللنب ليحاولوا حتس������ني نبيتهم الطبيع������ي. ولك������ن لم تدرس ه������ذه الطرائق بش������كل دقيق وكاف لتحدي������د أي البكتيريا املفيدة س������تكون أكثر نفع������ا أو قادرة على

التنافس مع إصابة خمجية.ويجري البحث بش������كل أعمق عن س������بل لتعزيز قدرة اخلاليا املناعية البش������رية على محارب������ة البكتيري������ا حي������ث تس������تخدم مواد منشطة للمناعة بشكل واسع كمضافات إلى اللقاحات من دون أن تسبب تأثيرات جانبية تذك������ر. م������ازال العديد من ش������ركات التقانة احليوية في مراحل مبكرة من األبحاث وفي التجارب الس������ريرية، وهي تعمل على تعزيز الطبيعية. املناعية االس������تجابات وحتس������ني وميكن اس������تخدام ه������ذه املقاربة لتحس������ني عالجات أخرى أو منع األخماج أو معاجلتها

على األقل.رمب������ا تك������ون العقبة األكبر الت������ي تواجه اجله������ود الرامية إلى تطوي������ر عقاقير جديدة في ه������ذا اإلطار، هي الفص������ل بني الوظائف املفيدة لاللتهاب - فدوره الطبيعي هو حشد اخلاليا املناعية الالزمة حملاربة الغزاة - عن املس������تويات الضارة التي قد تؤذي املضيف. إال أن األدلة تش������ير إلى إمكانية جتاوز هذه العقب������ة. وأحد األمثلة هو عق������ار يعتمد على األبح������اث التي يقوم به������ا فريق البحث الذي أنتمي إلي������ه مع زميلي ف������ي جامعة بريتيش

كولومبيا <R. هانكوك> حول الپپتيدات الدفاعية لدى املضيف: وهي پروتينات صغيرة تنتجها خاليا املناعة األولية كرد فعل على املمرضات. وبعض هذه الپپتيدات تخترق غش������اء اخللية البكتيرية وتقتلها، في حني يتصرف بعضها اآلخر كجزيئ���ات إش���ارة)2( تدعو إلى املزيد من التعزيزات من اخلاليا املناعية. وقد قمنا باكتش������اف پپتيد من املجموعة الثانية، يدعى الپپتي���د (IDR-1)، يدف������ع اخلاليا املتغصنة إلى إصدار إش������ارات كيميائية الس������تدعاء البالع������م حملاربة املمرضات، ولكنه ال يدفعها إلى إطالق أن������واع محددة من اإلش������ارات، وهي مواد كعامل التنخر الورمي ألفا، الذي ميك������ن أن يفعل ش������الال التهابيا خارجا عن السيطرة. وفي احلقيقة، قللت هذه اجلزيئات في التج������ارب على احليوانات االس������تجابة االلتهابية، في حني عززت استجابة اخلاليا

املناعية املرغوب فيها في موقع اخلمج.وإذا كانت البكتيريا قادرة على التالعب بإشارات اخلاليا املناعية البشرية، فيحق لنا القيام باملثل طاملا نحن قادرون على ذلك. فبعد التط������ور الكبير الذي حقق������ه العلماء في فهم كيف تسبب البكتيريا املرض خالل العقدين املاضي������ني، توضحت اآللية املعق������دة للفوعة البكتيرية بش������كل أكبر. وتطورت املمرضات بالت������وازي مع مضيفيه������ا، وصقلت أدواتها إلى ح������د كبير. ولك������ن، وكم������ا أن للبكتيريا مجموعة مدهش������ة من احلي������ل املخبأة حتت أكمامها االفتراضية، كذلك نحن. فدراس������ة الطرائق املدهشة التي تستخدمها البكتيريا لغزو املضيف والتغلب عليه، قد طورت فهمنا للمناع������ة وكذلك لآللي������ة اإلمراضية. وقد بدأ العلم������اء باس������تغالل ه������ذا اإلدراك املتنامي للتفاع������ل بني املضي������ف واملمرضات والنبيت الطبيعي، لهندسة طرق جديدة ملنع ومعاجلة األخم������اج البكتيرية، إال أن ه������ذه احللول ال

ميكن أن تتحقق في القريب العاجل. <lactobacillus )1(

signaling molecules )2(

مراجع لالستزادة

Scientific American, February 2010

Page 89: may-june-2010

88

املجلد 26 العددان 6/5مايو/ يونيو 2010

غاز سام منقذ للحياة)٭(لقد تبني أن سلفيد الهدروجني)1( - وهوغاز مميت تشبه رائحته رائحة البيض

الفاسد - يؤدي أدوارا رئيسية في جسماإلنسان، وقد يقود هذا االكتشاف إلى

عالج جديد للمعرضني للنوباتالقلبية وملرضى آخرين أيضا.

<R. وانگ>

مفاهيم مفتاحية< ينتج اجلسم كميات ضئيلة من غاز سلفيد الهدروجني

)1()H2S( السام

< يشير الدليل الثابت إلى أن الغاز يؤدي دورا مفيدا في

صحة اجلهاز القلبي الوعائي وأجزاء أخرى من اجلسم.

< استنادا إلى هذه النتائج، يقوم الباحثون بتطوير

املعاجلات احملتوية على سلفيد الهدروجني للحاالت التي تتراوح من األمراض

القلبية إلى متالزمة األمعاء املتهيجة.

محررو ساينتفيك أمريكان

لنتصور أننا نتجول في قس������م الطوارئ التابع ألحد املستش������فيات واملتميز بجدرانه املزهوة بالتعقيم اليدوي وقد نظف كل سطح فيه بدقة متناهية ليصبح خاليا من امللوثات، في حني نش������م رائحة البيض الفاس������د أينما اجتهن������ا. عل������ى الرغم م������ن ه������ذا االقتران املتناقض غير املس������تحب إال أن الغاز السام املتميز بتلك الرائحة - سلفيد الهدروجني)1( - قد يصبح في املستقبل من البنية األساسية في ذلك القسم من املستشفى. فقد اكتشف العلم������اء على م������دى العقد املاض������ي أن غاز س������لفيد الهدروجني ضروري فعال لعدد من السيرورات في اجلس������م، مثل ضبط ضغط ال������دم وتنظيم األيض. لقد دلت اكتش������افاتنا عل������ى أن اس������تخدام الغاز بش������كل صحيح ميكن أن يساعد على عالج مرضى النوبات القلبية واحملافظة على حياة ضحايا األذيات الرضي���ة trauma حتى ينق������ل إليهم الدم أو

يخضعون للجراحة.

نشقة سم)٭٭(وقد ع������رف العلماء منذ قرون التأثيرات السامة لغاز سلفيد الهدروجني في اإلنسان.

وهو يشكل اليوم اخلطر األول في سلسلة مخاطر الس������المة املهنية ف������ي منابع حقول النفط والغاز، وعلى امتداد خطوط األنابيب في معامل التصنيع ومعامل تكرير النفط. وتس������تطيع حاسة الش������م لدينا أن تكشف غاز س������لفيد الهدروجني عند تركيز مقداره 0.0047 ج���زء في امللي���ون (ppm))2(، ويعيق

التنفس عند التركيز ppm 500، ويؤدي إلى الوفاة عن������د التعرض لتركيز ppm 800 مدة

TOXIC GAS, LIFESAVER )�(A Whiff of Poison )��(

hydrogen sulfide )1(part per million )2(

Page 90: may-june-2010

89 )2010( 6/5

خم������س دقائق. ومع ذل������ك، وبغرابة نحتاج إلى غاز س������لفيد الهدروجني أحيانا للبقاء

على قيد احلياة.وملعرفة كيف أصبح جس������م اإلنسان معتمدا على هذا الغ������از الكريه الرائحة، لنع������د 250 مليون س������نة إلى ال������وراء، أي إلى الزم������ن الذي كان في������ه احتمال بقاء احلياة عل������ى األرض ضعيف������ا جدا. في ذلك الزمن كانت احلقب���ة اجليولوجية الپيرمية)1( توش������ك عل������ى االنتهاء، وكان ح������دث االنقراض الوحي������د األكثر تدميرا

من أي حدث جرى في أي زمن في بدايته. في ذلك الزم������ن، أدت إصدارات غاز ثاني أكس������يد الكربون الناجتة من االنفجارات البركانية الهائلة في س������يبيريا إلى إحداث سلس������لة من التغي������رات البيئي������ة نتج منها انخفاض مستوى األكسجني في محيطات العالم بشكل خطير، وتبعا إلحدى نظريات االنقراض الريادية)2(، فإن هذا االنخفاض في مس������توى األكس������جني كان املس������ؤول ع������ن املوت ]انظر: »أس������باب غي������ر نيزكية

the Permian era )1(leading extinction )2(

Page 91: may-june-2010

90)2010( 6/5

لالنقراض������ات اجلماعية القدمي��ة«، ، العدد 1 (2007)، ص 8[.

وكان لهذا التغير ف������ي كيمياء احمليطات أش������د الضرر على األنواع species البحرية الهوائي������ة أو الت������ي تتنفس األكس������جني. في حني أن الكائن������ات احلية الالهوائية املعروفة ببكتيري������ا الكبريت اخلض������راء ازدهرت في تلك الظروف التي تتميز مبعدل منخفض من األكس������جني. وقد أدى جناح ه������ذه البكتيريا إل������ى جعل احمليط أقل مالءم������ة لعيش معظم الكائنات الهوائية املتبقية فيه، بسبب إنتاجه كمي������ات كبيرة من غاز س������لفيد الهدروجني. وأخيرا، وكما تبني النظرية، فإن الغاز املميت املوجود في احمليط انتشر إلى الهواء، فمسح

من عل������ى وج������ه األرض جمي������ع احليوانات والنباتات. وعند نهاية االنقراض الپيرميني، كانت نحو 95% م������ن األنواع البحرية و%70

من األنواع األرضية قد أصابها الفناء.من احملتمل أن تكون أهمية غاز س������لفيد الهدروجني للسيرورات الفيزيولوجية البشرية قد نشأت منذ ذلك العهد البعيد. واملخلوقات التي جنت من هذه الكارثة هي التي بإمكانها حتمل س������لفيد الهدروجني وأن تستهلكه في بعض األحيان، ونحن البشر احتفظنا ببعض

من اإللف لهذا الغاز.

اتبع أنفك)٭٭(إن سلفيد الهدروجني ليس الغاز الضار الوحيد الذي وجد فاعال في جسم اإلنسان. ففي ثمانينات القرن العشرين بدأ الباحثون بالكش������ف عن دلي������ل يثبت أن غاز أكس������يد النتريك (NO)، واملعروف أيضا بأول أكسيد النتروجني، ينتجه اجلسم بتراكيز منخفضة signaling مؤش����ر ج����زيء ب������دور ويق������وم molecule يؤثر في سلوك اخللية. ولقد تبني

من العمل الذي أدى إل������ى منح جائزة نوبل للفيزيولوجيا والطب لعام 1998 أن أكس������يد النتريك يوسع األوعية الدموية، وينظم اجلهاز املناعي، وينقل اإلش������ارات بني النورونات )العصبون����ات()1( كما يقوم بوظائف أخرى. وإن أول أكس������يد الكرب������ون (CO)، وهو غاز ع������دمي الل������ون والرائح������ة ويع������رف »بالقاتل

الصامت« يتصف بالتأثيرات نفسها.واقتنعت نتيجة لدراس������تي غازي أكسيد النتري������ك وأول أكس������يد الكرب������ون، بأنه من احملتمل أن اجلس������م يقوم بإنتاج واستخدام ناق���ات غازي���ة)2( أخ������رى. وفي ع������ام 1998 أجهدت فكري باستمرار في معرفة ماهية هذه الغازات. في ذل������ك الصيف خطرت لي فكرة عندما كنت عائ������دا إلى البيت عقب يوم عمل ش������اق، وإذ بي أشتم رائحة نتنة. قمت بتتبع

تشير النتائج إلى أنه ميكن استخدام سلفيد الهدروجني

في منع أو عاج فرط ضغط الدم،

والنوبات القلبية واجللطة الدماغية

في اإلنسان.A Vital Vapor )�(

Follow Your Nose )��(neurons )1(

gasotransmitters )2(

]اكتشاف[بخار حيوي)٭(

قرر العلماء أنه على الرغم من أن سلفيد الهدروجني (H2S) غاز سام، إال أنه في احلقيقة ينتج بكميات ضئيلة في اجلسم ومن احملتمل أن يسهم في الصحة بطرق عدة، مدرجة باألسفل. على أي حال ليس جميع التأثيرات مفيدة، فعلى سبيل املثال: تستطيع كمية كبيرة من سلفيد

الهدروجني أن حتبط إنتاج األنسولني، وتبني بعض األدلة أنه ميكن أن يفاقم االلتهاب.

الدماغ

اجلهاز الدوراني

الرئتان

األمعاء

القضيبيرخي النسيج القضيبي، ومن ثم يساعد على جريان الدم الذي يؤدي إلى النعوظ )االنتصاب(.

يرخي اخلايا العضلية امللساء في األمعاء الدقيقة، منظما حركة املواد خال األمعاء.

ميكن أن يساعد على تنظيم تقلص اخلايا العضلية امللساء في الرئة، فاحتا املسالك الهوائية.

يوسع األوعية الدموية، ومن ثم يضبط ضغط الدمويحافظ على القلب.

يعزز الگلوتاثيون إنتاج مضاد التأكسد، ومن ثم من احملتمل أن يحافظ على العصبونات املجهدة.

يزيد من استجابة الدارات العصبية، ولذلك من احملتمل أن يساعد على التعلم والذاكرة.

Page 92: may-june-2010

91 )2010( 6/5

مصدرها ألجده أخيرا في اخلزانة الزجاجية التي تعرض بها مقتنيات األسرة. لقد كانت الرائحة منبعثة من بيضة متش������ققة ومتعفنة، وهي إحدى بيضات عيد الفصح التي كانت ابنتي الكبرى قد صبغتها لتقدميها مشروعا مدرس������يا. عندئذ بدأت أتساءل عما إذا كان غاز البيض������ة املتعفنة، س������لفيد الهدروجني،

تنتجه أيضا أعضاء جسمنا أو أنسجته. ومب������ا أن عملي كان منصب������ا على تأثير غازي أكسيد النتريك وأول أكسيد الكربون في اجله������از القلبي الوعائي، قررت أن أبدأ البحث في تأثير غاز سلفيد الهدروجني في هذا اجله������از أيضا. لق������د كان مكانا جيدا للبدء به، حيث كشفت سلسلة من التجارب

نشاطا مهما.وسرعان ما بينت التجارب التي أجريتها مع زمالئي وجود كمي������ات ضئيلة من الغاز في جدران األوعية الدموية للجرذان. ومبا أن فيزيولوجيا القوارض ش������بيهة جدا بنظيرتها لدى اإلنس������ان، فإن هذا االكتشاف بال شك يعني أن األوعية الدموية البشرية تقوم بصنعه أيضا. كانت ه������ذه النتيجة مش������جعة ولكن ملعرفة م������ا إذا كان غاز س������لفيد الهدروجني مهما لعمل اجلس������م كان البد من إثبات أكثر

من مجرد وجوده في اجلدران الوعائية.وكانت اخلطوة التالية معرفة كيف ينتج اجلسم غاز سلفيد الهدروجني. قررنا أن نفحص إنزميا يدعى سيستاثيونني - گاما - لياز (CSE))1(، وهو معروف باملساعدة على إنتاج الغاز في البكتيريا. CSE لقد أثبتت الدراسات السابقة وجود اإلنزميفي الكبد، حيث يقوم بتنس������يق تركيب العديد من األحماض األمينية، أو وحدات بناء الپروتني التي حتتوي عل������ى الكبريت. ولكن ل������م يدرك أحد هل يوجد اإلنزمي CSE في األوعية الدموية. وما لبثنا أن تأكدنا من وجود اإلنزمي فيها، حيث كان يتحد (L-cysteine) L-مع حمض أميني يدعى سيستئنيإلنتاج غاز س������لفيد الهدروج������ني ومركبني آخرين

هما األمونيوم وپيروڤات.وبعد إثبات مصدر غاز سلفيد الهدروجني

ف������ي األوعية الدموي������ة، اجت������ه اهتمامنا إلى الكش������ف عن دوره هناك. وملا كان قد عرف عن غاز أكس������يد النتريك دوره في استرخاء األوعي������ة الدموي������ة، افترضن������ا أن س������لفيد الهدروجني ميكن أن يؤدي وظيفة مش������ابهة. وقد أثبتت التج������ارب الالحقة هذا احلدس: حيث توس������عت األوعية الدموي������ة للجرذ عند

نقعها مبحلول سلفيد الهدروجني.لقد بدأنا باالعتقاد أن سلفيد الهدروجني ميك������ن أن يك������ون منظما لضغط ال������دم، كما ه������و احلال في أكس������يد النتريك. ولكن اآللية اجلزيئي������ة لهذه الظاهرة كان������ت ال تزال غير معروف������ة. وأخيرا أتت اإلش������ارات من خالل أبحاثنا على خاليا مفردة أخذت من األوعية الدموي������ة حلي������وان. برهن������ت النتائ������ج التي نش������رت في عام 2001 حقيقة مدهش������ة. ففي حني يؤدي أكس������يد النتريك إلى اس������ترخاء ج������دران األوعية الدموية بواس������طة تنش������يط guanylyl cyclase اإلنزمي گوانيليل س���يكازاملوجود في اخلاليا العضلية امللس������اء، يقوم سلفيد الهدروجني أيضا بالعمل نفسه ولكن بطريقة أخرى مختلفة بالكامل. يقوم سلفيد الهدروجني حتديدا بتنشيط پروتينات تدعى )K ثالثي فوسفات األدينوزين( KATP قنواتوالتي تتحكم في تدفق أيونات الپوتاس������يوم خ������ارج اخلاليا العضلية امللس������اء. يولد هذا التدفق تي������ارا كهربائيا يق������وم بتحديد كمية أيون������ات الكالس������يوم التي تس������تطيع دخول اخللية مما يؤدي إلى اس������ترخاء العضالت

وتوسع األوعية. ولالنتق������ال م������ن اخلالي������ا املعزول������ة إلى احليوان������ات احلي������ة، قمنا بحق������ن اجلرذان مبحلول س������لفيد الهدروجني، وكانت النتيجة انخفاض ضغط الدم لديها - رمبا ألن الغاز أدى إلى فتح الشرايني، فسهل بذلك جريان ال������دم. لقد أصبح لدينا دلي������ل ثابت على أن س������لفيد الهدروجني يرخ������ي األوعية الدموية ومن ثم يس������هم في ضبط ضغط الدم. ولكننا

Why Garlic Is Good For You )�(cystathionine-gamma-lyase )1(

ملاذا يعدالثوم مفيدا)٭(

تدل الدراسات على أن الثوم يستطيع تليني جدران األوعية الدموية، ومينع تالصق الصفيحات بعضها ببعض،

ويخفض ضغط الدم، ومن ثم يقلل احتمال النوبة القلبية وجلطة الدماغ

وأمراض الكلى. كما أن األبحاث ربطت أيضا تناول الثوم بتحسن وظيفة

اجلهاز املناعي وانخفاض مخاطر بعض أنواع السرطان.

إن السر في فوائد الثوم الصحية الظاهرية ميكن أن يكمن في عالقته

بغاز سلفيد الهدروجني. في عام 2007 قدم <W .D. كروس> ]من جامعة

آالباما[ تقريرا يفيد أن املركبات احملتوية على سلفيد واملوجودة في

الثوم تتحول إلى سلفيد الهدروجني بواسطة جزيئات موجودة في غشاء كريات الدم احلمراء. وطبقا للنتائج

التي نش����ره���ا ف�ي الع����ام نفس����ه <Y. زو> وزمالؤه ]من جامعة فودان

في شانگهاي[ فإن الثوم يحتوي L-سيستئني S-على مركب يدعى آليل)S-allyl-L-cysteine(، يدعم إنتاج غاز

سلفيد الهدروجني في الدم ودورانه.

Page 93: may-june-2010

92)2010( 6/5

ل������م نكن متأكدين م������ن أن إضافتنا للغاز في األوعي������ة الدموية تعكس بش������كل صحيح ما يحدث حينما تقوم األوعية بإنتاج غاز سلفيد

الهدروجني اخلاص بها. لتحديد تأثيرات الغاز بشكل أفضل، قمت مع زمالئي في عام 2003 بتطوير خط إلنتاج فئران معدلة هندسيا بحيث ينقصها اإلنزمي CSE، ومن ثم عدم القدرة على إنتاج سلفيد

الهدروجني ف������ي األوعية الدموي������ة. أمضينا الس������نوات اخلمس التالية في دراس������ة هذه الفئران التي تعرف بالفئ���ران املصروعة)1( ب�التع��������اون مع ف���رق البح��������ث التي يقوده�����ا <S. س���������نايدر> ]من جامع��ة ج������ون هوپكنز[

و<L. واو> ]م������ن جامعة ساسكاتش������وان في كن������دا[. وفي النهاية أثم������رت جهودنا، فقمنا Science في عام 2008 بنشر مقالة في مجلةنفصل فيها اكتش���افن��ا. فمع تق���دم العمر في الفئران امل�حورة تق�لص�������ت أوعيتها الدموية وأدى ذلك إلى ارتفاع ضغط الدم لديها إلى مس������توى أعلى من الطبيعي بش������كل ملحوظ )جرى القي������اس بكفات ضغ������ط دم صغيرة

ج���������دا ثبت��ت ح��ول ذي��وله��������ا(. ولكن ضغ�ط ال������دم لديه������ا انخفض عند حقنه������ا مبحلول

سلفيد الهدروجني.رسخ العمل بهذه الفئران املصروعة دون أدنى ش������ك في أن س������لفيد الهدروجني يؤدي دورا حيوي������ا ف������ي اجلهاز القلب������ي الوعائي، إضافة إلى تفس������يره لغزا قدمي������ا. لقد عرف الباحثون، في الس������نوات التي تلت سنة الفوز بجائزة نوبل نتيجة العمل على أكسيد النتريك، أن الس������بب في توسع األوعية الدموية اليعود كله إلى ذلك الناقل الغازي؛ وذلك لسبب واحد ه������و أن األوعية الدموية احمليطي������ة )تلك التي ال تؤدي مباش������رة إلى القلب أو تنش������أ عنه(، في احليوان������ات احملورة جينيا ك������ي ال تنتج غاز أكس������يد النتريك في اخلالي������ا البطانية املبطن������ة جل������دران األوعية، ال ت������زال قادرة على االس������ترخاء. ولكن ما هو املس������بب لهذا

االسترخاء في غياب غاز أكسيد النتريك؟دلت دراس������اتنا على أنه من احملتمل أن

Relaxing Gas )�()knockout mice )1 فئران مصابة بالصرع.

)hibernation )2 إسبات أو إشتاء حالة تشبه النوم مير بها الكثير من احليوانات في فصل الشتاء. )التحرير(

]كيف يعمل غاز سلفيد الهدروجني[غاز مرخ)٭(

يؤدي سلفيد الهدروجني دورا رئيسيا في تنظيم ضغط الدم. فقد بينت الدراسات السابقة أن هناك غازا آخر، أكسيد النتريك، يرخي األوعية الدموية عن طريق تنشيط إنزمي يعرف باإلنزمي گوانيليل سيكاز، موجود في اخلايا العضلية امللساء لألوعية. وحديثا، قرر العلماء أن سلفيد الهدروجني له التأثير

املوسع نفسه في األوعية الدموية، ولكنه يعمل من خال مسلك مختلف كليا، كما هو موضح هنا.

مازال علينا أن نستكشف هل

بإمكان اإلسبات)2( بسلفيد الهدروجني اإلبقاء على احلياة

في حالة انتظار مع احملافظة على

وظائف الدماغ احلرجة مثل

الذاكرة والتفكير.

شريان

جريان الدم

عضلة ملساءبطانة

ضغط على جدار الوعاء

قناة KATP

قناة كالسيوم

H2S)سلفيد الهدروجني(

كالسيوم

جريان دم متزايد

ضغط منخفض

يؤدي توسع األوعية الدموية إلى انخفاض ضغط الدم وازدياد جريان الدم.

التيار الكهربائي املولد بتدفق أيونات الپوتاسيوم خارج اخللية يقلل تدفق أيونات الكالسيوم إلى اخللية. هذا التغير يرخي اخللية

ويوسع الوعاء الدموي.

يقوم سلفيد الهدروجني بتنشيط پروتينات قنوات KATP في غشاء اخللية

العضلية امللساء، مشجعا أيونات الپوتاسيوم على اخلروج من اخللية.

يتكون غاز سلفيد الهدروجني بواسطة اخلايا العضلية امللساء واخلايا البطانية،

واللتني تشكان األوعية الدموية.

غشاء اخللية العضلية امللساء

پوتاسيوم

Page 94: may-june-2010

93 )2010( 6/5

الدموي������ة وم������ن ثم مينع عنها ه������ذا احمللول لتقليد نوبة قلبية، وجدوا أن تقدمي س������لفيد الهدروجني له������ذه القلوب املعزولة قبل وقف تدفق احمللول امللحي يخفض من نسبة تلف العضلة القلبية. كما أوضح <D. ليفير> ]من جامعة إميوري[ في السنة التالية أن الفئران احملورة هندس������يا إلنتاج املزيد من س������لفيد الهدروج������ني في القلب كانت قادرة بش������كل أفضل على حتمل حرمان األكسجني الناجت من اجللطة وأكثر مقاومة للضرر الذي عادة ما ينش������أ عن إعادة جريان الدم لألنس������جة عق������ب فترة من احلرمان )تعرف هذه احلالة

أذية إعادة التروية(. تش������ير مثل ه������ذه النتائج إل������ى إمكانية اس������تعمال س������لفيد الهدروجني في منع أو ع������الج فرط الضغ������ط، والنوب������ات القلبية وجلطات الدماغ في اإلنسان. ولكن قدرة الغاز على إرخاء األوعي������ة الدموية تعني أن تطبيقات������ه احملتملة ميكن أن تتوس������ع لتشمل مشكالت األوعية الدموية األخرى متضمن������ة اخلل����ل الوظيف����ي االنتعاظ����ي erectile dysfunction. فاالنتع������اظ القضيبي

يع������زز بتوس������يع األوعية الدموي������ة. وتعمل الڤياگ����را Viagra عل������ى إطالة فت������رة تأثير أكس������يد النتريك في القضي������ب حيث يقوم الغاز بإرخاء أوعيته الدموية معززا جريان

سر اللغز يكمن في سلفيد الهدروجني. وعلى الرغم من أنه منذ البداية كنا قد أوضحنا أن إنتاج اإلنزمي CSE بواسطة سلفيد الهدروجني يحدث في اخلاليا العضلية امللس������اء، إال أن الدراس������ات الالحقة بينت أن اخلاليا املبطنة واملأخ������وذة م������ن الفئران، والبقر واإلنس������ان حتتوي أيضا على اإلنزمي CSE بكميات أكبر من تلك التي في اخلاليا العضلية امللس������اء. إن كيفية تقس������يم مسؤولية استرخاء األوعية بالضبط بني غازي أكس������يد النتريك وسلفيد الهدروج������ني ال تزال غير واضحة على الرغم من وجود بعض األدلة التي توحي أن معظم العم������ل في األوعية الكبيرة يقوم به أكس������يد النتريك، أما ف������ي األوعية الصغيرة فيقوم به

سلفيد الهدروجني.

قنطار عاج؟)٭٭(لف������ت اكتش������اف إنت������اج غ������از س������لفيد الهدروج������ني ف������ي اجلهاز القلب������ي الوعائي ومس������اعدته على تنظيم ضغ������ط الدم انتباه العدي������د م������ن الباحثني الذي������ن يبحثون عن طرائق جديدة حلماية القلب من ضرر نقص األكسجني، الذي يحدث عندما متنع اجللطة الدموية نقل األكس������جني إلى القلب مسببة موت النس������يج القلبي )نوبة قلبية(. ففي عام 2006 ق������دم <F .G. باكس������تر> ]وهو اآلن في

جامع������ة كارديف في ويلز[ وزمالؤه تقريرا يفيد أنه������م لدى العمل عل������ى قلوب جرذان معزولة تزود مبحل������ول ملحي لتقليد الدورة

مفتاح طول العمر؟)٭٭٭( يشير العمل األولي إلى أن سلفيد الهدروجني ميكن أن يؤثر في طول العمر. فقد وجد <روث> وزمالؤه

]من جامعة واشنطن[ من التجارب التي أجريت على الدودة الشريطية)1( كينورهابديتيس إيليگانس)2( أن تلك

التي تعيش في بيئة حتتوي على تركيز منخفض من الغاز تعيش مدة أطول

مبقدار 70% من التي التعيش في تلك البيئة. وبشكل فضولي، يبدو أن

سلفيد الهدروجني ال يعمل بأي طريقة من الطرق الثالث الرئيسية املعروفة في تنظيم طول عمر هذه املخلوقات. وال تزال اآللية التي يقوم بها الغاز بتمديد عمر الدودة غير واضحة، ولكن من احملتمل أنه يقوم بتنظيم اجلني sir-2 املرتبط باحلياة الطويلة

للديدان والكائنات احلية األخرى. وقد ل الباحثون نتائجهم في مجلة فص

Proceedings of the National Academy of.Sciences USA in 2007

H2S To The Rescue )�(A Pound of Cure? )��(

A Key To Longevity? )���(the nematode worm )1(

Caenorhabditis elegans )2(

]معاجلات حتتوي على غاز سلفيد الهدروجني[غاز سلفيد الهدروجني لإلنقاذ)٭(

م مطورو األدوية باستمرار إمكانية املركبات احملتوية على سلفيد يقيالهدروجني في عاج عدد من احلاالت.

احلالة

داء األمعاء االلتهابيآالم املفاصل احلادة واملزمنة

متازمة األمعاء املتهيجةالتهاب املفاصل

< جراحة القلب< النوبة القلبية

< أذيات الكلى

املركب

ATB-429

ATB-429

ATB-429

ACS-15

IK-1001الشركة

Antibes أنتبسAntibes أنتبسAntibes أنتبس�CTG Pharma

Ikaria إكاريامرحلة التطوير

املرحلة I جتارب أمانالتجارب قبل السريريةالتجارب قبل السريريةالتجارب قبل السريرية

املرحلة II جتارب كفاءةاملرحلة II جتارب كفاءة

املرحلة I جتارب أمان

٭ سوف يختبر املؤلف مركبات لشركة GTC فارما.

Page 95: may-june-2010

94)2010( 6/5

الدم فيها. وتظهر الدراس������ات أن س������لفيد الهدروجني يستطيع أن يعطي التأثير نفسه، ولكن املزيد من العمل مطلوب لتحديد دوره بدقة في نس������يج القضيب البش������ري. )أول أكس������يد الكربون ينتج أيضا في القضيب

ل القذف وليس االنتعاظ(. ولكنه يسهال يقتص������ر وج������ود س������لفيد الهدروجني عل������ى اجله������از القلب������ي الوعائ������ي فق������ط، بل ويصنع أيضا في اجلهاز العصبي بواس������طة س���ينثيتاز بيت���ا سيس���تاثيونني اإلن������زمي (cystathionine beta synthetase) وليس بواسطة

اإلن������زمي CSE. إن ما يق�وم به الغاز غير مؤكد متام������ا، ولكن بع������ض الدراس������ات تقترح أن يك������ون معدال عصبيا)1( ل������ه القدرة على جعل الدارات العصبية متجاوبة للمنبهات بالزيادة والنقص������ان. وقد يش������ارك ف������ي عملية تعرف بالتكم���ني potentiation الطوي������ل األمد الذي يس������هل االتصال اخللوي ومن ثم من املمكن أن يع������زز التعلم والذاك������رة. إضافة إلى ذلك، فقد تبني أن الغاز يزيد من مس������تويات مضاد التأكسد الگلوتاثيون في اخلاليا العصبونية مما يدل عل������ى حمايته لها من الكرب. وكذلك قد يساعد اجلسم على حتسس األلم، ومن ثم

يعزز قدرته على االستجابة وفقا لذلك.ويب������دو أيض������ا أن الغاز يس������اعد على تنظيم األيض، وهو سيرورة كيميائية تنظم اس������تهالك الطاقة واصطناعها. في سلسلة من التجارب املذهلة، قام <B .M. روث> ]من جامعة واش������نطن[ مع زمالئ������ه بإعطاء غاز س������لفيد الهدروجني للفئ������ران بتراكيز قليلة بغي������ة تقليل األيض ومن ث������م إحباط ازدياد فاعلي������ة بعض األم������راض. ووجد أن معدل ضرب������ات القلب ف������ي احليوان������ات املجرب عليها قد انخف������ض فورا إلى النصف، مما suspended نقلها إلى حالة إنع����اش معلقةanimation يتباطأ فيه������ا األيض كثيرا دون

أي أذى أو تأثي������ر س������لبي واض������ح، وذلك بجعلها تستنش������ق مزيجا من األكس������جني وغاز سلفيد الهدروجني. ويبدو في إسبات

سلفيد الهدروجني »H2S hibernation« هذا أن اجلس������م يحافظ على املستوى القاعدي لأليض الذي يحم������ي األعضاء احليوية من الضرر إلى أن تعود مستويات تزويد الطاقة إلى املعدل الطبيعي. تس������تطيع احليوانات بع������د ثالثني دقيق������ة من إيقاف استنش������اق س������لفيد الهدروج������ني أن تس������تعيد معدل أيضها املعتاد ]انظر: »زيادة الوقت املتاح ف������ي إيقاف مؤق������ت ملظاهر احلياة«، ،

العددان 11/10 (2005)، ص 16[.م������ن املمك������ن أن يكون إس������بات س������لفيد الهدروجني هدي������ة لطب الطوارئ إذا ما ثبت أنه آمن وفعال. إذ ميكن أن يوفر استنش������اق املص������اب في موقع حادث س������ير أو املصاب بنوب������ة قلبية لغاز س������لفيد الهدروجني الوقت الالزم لنقل املريض بنجاح إلى املستش������فى لتلقي العالج املنقذ للحياة. كما ميكن أيضا لغاز س������لفيد الهدروجني ف������ي حالة النعاش املعل������ق أن يبقي املريض على قيد احلياة إلى أن يصبح العضو ال������الزم للزراعة متوافرا. )ميكن للغاز أيضا أن يبقي األعضاء املتبرع بها حية فت������رة أطول(. إضافة إلى ذلك، فإنه ميكن االس������تفادة م������ن توفر عالج س������لفيد الهدروج������ني في مناطق احل������روب والكوارث الطبيعية، حيث ميك������ن أن يخفف من الطلب على نقل الدم إلى حني توفيره بش������كل كاف. وفي عام 2008 ق������دم <روث> وزمالؤه تقريرا يفيد أن حالة اجلرذان التي استنش������قت غاز س������لفيد الهدروجني عق������ب فقدانها 60% من دمائها أصبحت بش������كل أفضل من تلك التي لم تتلق عالج������ا، حيث تعرض فقط 25% من اجلرذان املعاجلة للرضح مقارنة بنحو %75

من غير املعاجلة.

تفاؤل حذر)٭(عل������ى الرغم من ذلك، ليس كل ما يالمس س������لفيد الهدروجني يتحول إلى ذهب. فعلى س������بيل املث������ال، ال يزال من غي������ر املؤكد هل

هو أستاذ علم األحياء ونائب الرئيس لألبحاث في جامعة ليكهيد في ثاندر

بي بوالية أونتاريو. كما أنه رئيس جمعية الفيزيولوجيا الكندية وضليع في دراسة األيض والوظائف الفيزيولوجية

ملجموعة صغيرة من اجلزيئات للغاز تعرف بالناقالت الغازية والتي تتضمن

أكسيد النتريك وأول أكسيد الكربون وسلفيد الهدروجني. في عام 2008، حاز <وانگ> جائزة »فايزر سينيور

ساينتست« رفيعة املستوى من اجلمعية الكندية لعلم األدوية واملداواة.

املؤلف

Rui Wang

Cautious Optimism )�(neuromodulator )1(

Page 96: may-june-2010

95 )2010( 6/5

يحس������ن الغاز االلته������اب أم يزيده س������وءا. وتظهر الدراس������ات التي جرت في مختبري وف������ي أماكن أخرى أن للغاز دورا أساس������يا في الداء السكري من النمط 1، الذي غالبا ما يح������دث في الطفولة ويترك املرضى معتمدين على حقن األنسولني للبقاء على قيد احلياة. وينتج سلفيد الهدروجني في اخلاليا املنتجة لألنس������ولني في البنكري������اس وتعرف بخاليا بيتا، إضافة إلى أماكن أخرى. ويكون إنتاج س������لفيد الهدروجني في هذه اخلاليا مرتفعا جدا في احليوانات املصابة بالداء الس������كري من النمط 1. كما يكون لهذه الزيادة من الغاز تأثي������ران مرضيان. األول، قتل عدد كبير من خاليا بيتا، وترك عدد قليل جدا منها إلنتاج األنس������ولني الالزم لتفكي������ك الگلوكوز إلنتاج الطاقة. والثاني، إعاقة إطالق األنسولني من خاليا بيت������ا املتبقية. مبعنى آخر، ميكن إلقاء اللوم بش������كل جزئي على سلفيد الهدروجني ف������ي س������بب وجود مس������توى غي������ر كاف من األنس������ولني بالدم في حاالت الداء السكري

من النمط 1. إضافة إلى ذل������ك، فإن بعض التأثيرات اإليجابية املوثقة لغاز س������لفيد الهدروجني ف������ي اجل������رذان والفئ������ران ل������م تالحظ في الثديي������ات األكبر. فعلى س������بيل املثال، في عام 2007 بينت الدراسة التي أجراها فريق فرنس������ي أن األغنام التي استنشقت الغاز لم تدخل في حالة اإلس������بات املالحظة في القوارض. وفي دراسة أخرى أيضا، تبني أن اخلنازير الصغيرة التي أعطي لها غاز سلفيد الهدروجني قد ازداد معدل أيضها

بدال من انخفاضه.م������ن غي������ر الواضح هل ي������ؤدي حتريض إسبات سلفيد الهدروجني إلى اختالل وظيفة الدماغ أم ال. على الرغ������م من أن التقييمات املختبرية ل������م حتدد مثل هذا اخللل الوظيفي ف������ي احليوان������ات املعاجل������ة، إال أن تغيرات الوظيف������ة الدماغي������ة أصع������ب قلي������ال من أن حتدد في حيوان������ات التجارب. ومازالت قيد

الدراس������ة مسألة هل يستطيع إسبات سلفيد الهدروجني إيقاف احلياة، وفي الوقت نفسه احملافظة على وظائ������ف الدماغ احلرجة مثل

الذاكرة والصحة العقلية.وم������ع ذلك، فإن قدرة س������لفيد الهدروجني العالجي������ة الرائع������ة قد ول������دت اهتماما بالغا لدى الصناعة الصيدالنية. وتقوم اآلن العديد من الش������ركات بتطوير منتج������ات تهدف إلى إعطاء جرع������ات من س������لفيد الهدروجني في اجلس������م. على س������بيل املثال، أنتجت شركة CTG فارما اإليطالية مركبات متعددة هجينة

لألدوية الاس���تيرودية املض���ادة لالتهاب (NSAIDs))1( وغاز س������لفيد الهدروجني. دلت

التجارب عل������ى احليوانات أن ه������ذه األدوية فعالة في عالج االلتهابات العصبونية واملعدية املعوية وخل������ل الوظيفة االنتعاظي������ة، والنوبة القلبي������ة والتغيرات املرضي������ة لبنيان األوعية الدموية. في غضون ذلك، أطلقت حديثا شركة إيكاريا في نيوجرسي واملشارك في تأسيسها <روث> جتارب املرحلة II، أو املرحلة الفعالة،

لنموذج من س������لفيد الهدروجني قابل للحقن في األش������خاص الذين يعانون نوبات قلبية أو

يخضعون جلراحة قلبية أو رئوية.على الرغم من ميل األشخاص الطبيعي إلى جتنب التعرض لغاز سلفيد الهدروجني، فإن������ه م������ن الواض������ح م������ن األبح������اث التي أجري������ت على مدى العق������د املاضي أن هذا الغاز يؤدي دورا حرج������ا في صحة القلب وبشكل محتمل في صحة الدماغ وأعضاء أخ������رى. كما أنه من احملتم������ل أن يؤثر في ق������درات أخرى ال بد من تعرفها أيضا. هذه اإلجنازات الكبيرة س������وف تقود أخصائيي الفيزيولوجيا إلى تطوير فرضية جديدة في األساس اجلزيئي)2( لصحة اإلنسان. ومع أن العمل املس������تمر على سلفيد الهدروجني مازال فتيا، إال أن الفرص التي ستقود حتما إلى عالجات لبعض األمراض التي يراوغنا

شفاؤها، تبدو جيدة. <

مراجع لاستزادة

Scientific American, March 2010nonsteroidal anti-inflammatory drugs )1(

the molecular basis )2(

Page 97: may-june-2010

96(2010) 6/5

يس������تعمل ال������رادار املوج������ات الراديوي������ة لتمك������ن الطائرات والس������فن واحملطات األرضية من الرؤية بعيدا عب������ر ما يحيط بها، حتى في الليل وفي الطقس الرديء. ولكن الهوائيات املعدنية التي تش������ع تلك املوجات تعكس أش������عة الرادار بقوة أيضا، وهذا يجعلها مرئية جدا من قب������ل اآلخرين، وتلك صفة مميتة أثن������اء احلرب. غير أن فئة جديدة م������ن هوائيات الرادي������و الالمعدنية ميكن أن فها تصب������ح غير مرئي������ة من قبل الرادارات، بس������بب توقع������ن عكس املوجات الراديوية ح������ن إيقافها عن العمل. ى تقانة هوائيات الپالزما، إن هذا االبتكار، الذي يس������ميقوم على تهييج غازات ضم������ن أنابيب محكمة اإلغالق لتكوين س������حب م������ن اإللكترونات واأليونات املش������حونة

احلرة احلركة.صحي��ح إن فك�رة ه�وائيات الپالزما قد طرق��ت أب�واب املختب��رات عق��ودا ع��دة، إال أن <T. أندرس������ون> ]رئيس الشركة Haleakala Research and Development، وهي اشوستس[ والفيزيائي شركة صغيرة في بروكفيلد مباس������ي في نوكسڤيل[ أعادا <I. ألكس������ف> ]من جامعة تنس

إحي������اء هذا املفهوم في املدة األخي������رة. فأبحاثهما تفتح من جديد إمكان صنع هوائيات صغيرة احلجم، ممانعة للتشويش، تستعمل مقادير متوسطة من الطاقة، وتولد قليال من الضجيج، وال تتداخل مع الهوائيات األخرى،

وميكن توليفها بسهولة مع كثير من الترددات.حن تطبيق نبضة كهربائي������ة راديوية على أحد طرفي األنبوب )استعمل <أندرس������ون> و<ألكسف> مصابي������ح فلوري������ة(، تؤين طاقة النبض������ة الغاز فيه لتولي������د الپالزما. ويقول <أندرس������ون>: »إن الكثافة العالية لإللكترونات ضمن الپالزما جتعلها موصال ممتازا للكهرباء، متاما كاملعدن.« وتستطيع الپالزما، حينما تكون في حالة التهيج، إش������عاع وامتصاص وعكس املوجات الراديوية فورا. ويؤدي تعديل كثافة الپالزما، بواس������طة التحكم في الق������درة املطبقة على األنبوب، إلى تغيير الت������رددات الراديوية التي تبثها وتلتقطها. يضاف إلى ذلك، أن الهوائيات املولفة مع كثافات الپالزما املناس������بة ميكن أن تكون حساسة للت������رددات الراديوية املنخفضة، م������ع بقائها عدمية االس������تجابة للترددات العالية املس������تعملة في معظم الرادارات. ولكن خالفا للمعادن، وفور فصل اجلهد الكهربائي عن الپالزما، تعود بس������رعة لتصبح غازا

طبيعيا، ولذا يختفي الهوائي.

قد يكون لفعل االختفاء هذا تطبيقات عديدة، وفق Lockheed قول <ألكسف>. فشركة تعهدات الدفاعMartin األمريكية سوف تختبر في اجلو قريبا هوائي

پالزما )موضوع������ا ضمن حاضن متن من الپوليمر م ليكون منيعا على الكش������ف من غير املوصل( صمقبل الرادار حتى أثناء إرس������اله واستقباله موجات راديوية منخفضة التردد. وفي األثناء يأمل س������الح اجل������و األمريكي بأن تكون ه������ذه التقانة قادرة على حتجيب إلكترونيات السواتل حلمايتها من إشارات ه من صواريخ التش������ويش القوية التي ميكن أن توجالعدو نحوه������ا. ويرعى اجليش األمريكي أبحاثا في مصفوفات هوائي������ات پالزمية قابل������ة للتوجيه يكون فيها مرس������ل ومس������تقبل الرادار محاطن بعواكس نة من هوائيات پالزمية. ويقول <ألكسف>: »عند مكوإيقاف تشغيل أحد الهوائيات، فإن إشارات املوجات ة من مركز املصفوفة سوف متر عبر امليكروية املشعالنافذة املفتوحة ضمن حزمة شديدة التوجيه.« ومن ناحية أخرى، ميكن استعمال اجلهاز نفسه مستقبال

ها لتحديد مواقع املرسالت الراديوية بدقة. موجن بهذه التقانة ولك������ن، ليس جميع الباحثن امللمواثقن من فرص جناحها. فقد اس������تقصت البحرية األمريكي������ة تقان������ة هوائي������ات الپالزما قب������ل ما يزيد ره <W. مانهامير> على عشر س������نوات، وفق ما يتذك]فيزيائ������ي الپالزما ل������دى مختبر أبح������اث البحرية[ ر وقابل آملة بأن متثل الپالزما أساس������ا لبديل مصغلإلخفاء ل������رادارات مصفوف������ات الهوائيات الطورية املس������تعملة حاليا في ط������رادات منظوم���ة البحرية األمريكي���ة)Aegis )1 وغيره������ا م������ن ال������زوارق. فمن املمكن توجيه حزم املوجات امليكروية التي تش������عها مصفوفات عناصر الهوائي������ات تلك باجتاه أهدافها بطريق������ة إلكتروني������ة. ويتابع <مانهامي������ر> قائال إن الباحث������ن ل������دى البحري������ة حاولوا اس������تعمال تقانة هة بواسطة حقول مغنطيسية هوائيات الپالزما املوجلتش������كيل مصفوفة »مرايا قفازة« أش������د دقة. ولكي تعمل احلزم الناجتة جيدا، فقد تطلبت توجيهها في بعدين اثنني)2(. ولكن العلماء لم يستطيعوا حتريكها إال ف������ي اجتاه واحد، ولذا ألغ������ت البحرية األمريكية

ذلك البرنامج. <<S. آشلي>

إخفاء الهوائيات)٭(هوائيات الپالزما تختفي حن إطفائها.

يختفي الهوائي عن الرادار حني فصل الكهرباء التي تغذي األنبوب املمتلئ

بالپالزما.

سحب اإلشارة)٭ ٭(بعد إصابتك بخسائر فادحة، بقي فريق االستطالع التابع لك معزوال في عمق أراضي العدو. وأنت تريد إنقاذه بسرعة، لكن اجلبال احمليطة

تعيق اتصاالتك. فماذا تفعل؟ قد يكون ثمة حل لدى الباحثن في هوائيات ل العديد منهم الپالزما. وقد سج

براءات اختراع ملفهوم ميكن مبوجبه للهوائيات املعتمدة على غاز الپالزما

إرسال واستقبال اإلشارات حن انقطاع واحدة أو أكثر من وصالت

االتصاالت التقليدية. ومن حيث املبدأ، ميكن لشحنات متفجرة أن تطلق نفثات

من الپالزما عاليا في اجلو، وحينئذ ميكن لغيمة الغاز املتأين الناجتة أن

تنشر بقوة إشارات كهرمغنطيسية من جهاز راديوي خاص.

AERIAL STEALTH )٭(Signal Clouds )٭٭(

)1( منظوم������ة الدف������اع البحري������ة األمريكية املضادة للصواريخ الباليس������تية، وهي آخر خط دفاعي يعمل في الطور األخير من رحلة الصاروخ املهاجم قبل عودته

إلى الغالف اجلوي.)2( أي يج������ب أن متس������ح اجل������و أفقي������ا وعموديا. )التحرير(

أخبار علمية

Page 98: may-june-2010

97 (2010) 6/5

يجيب عن هذا السؤال >A .A. آلـن<)1(الذي طـرحه >A. هادهازي<

نبدأ أوال باس������تجواب ال�م�ب�ل�غني ع�ن ال�مش������كلة. ونحاول معرف������ة مكان وزمان وق������وع ركاب الزورق في مصاعب. متى غادروا ال�مين������اء وإلى أين كانوا ين������وون الذهاب، وفيما عدا ذلك أي������ن م�ن ال�ممك������ن أن يتوجهوا - أي ه������ل كانت لديهم خطة بديل������ة. ون�ريد أيضا مع�رفة نوع ال�������زورق الذي أخذوه ة اإلنقاذ التي معهم. وب�عب������ارة مخ�تص�رة، ن�ري�د وم������ا هي عدن حتديد جميع السيناريوهات ال�ممكنة حول احلادث كي نك�و

ألنفسنا صورة عما علينا أن نبحث عنه.بعدئ������ذ، ن�ش�������رع اعتمادا عل������ى هذه املعلوم������ات في بناء اس������ت�راتيجية البحث مبس������اعدة ب�رنامج حاس������وبي لتخطيط البحث اسمه »منظومة التخطيط األمثل للبحث واإلنقاذ.« وهو

ب�رنامج ي�رم�ز إليه اختص������ارا باحلروف (SAROPS))2( ويعمل على محاكاة مس������ارات مخ�تلف أنواع األشياء وهي ت�نج�رف بتيار ال�مياه. إن هذا البرنامج مبني على أس������س مونتي كارلو اإلحصائي������ة التي حتاكي وحدات تس������مى جس������يمات. متثل بعض اجلس������يمات أش������خاصا في البح�ر، ومتث������ل األخ�رى ال�������زورق. ميك������ن أن تبدأ جميع اجلس������يمات باالجنراف عند مختلف األوقات وفي مختلف األمكنة. ونس������تطيع باالستعانة ب�البرنام������ج SAROPS وض������ع أكث�ر م�������ن 000 10 تخمني حول م������كان وقوع ركاب الزورق ف������ي ال�مصاعب ومتى وأي�ن ميكن أن يك������ون األم�ر انتهى بهم. ويق������وم الب�رنامج بت�قي�يم مختلف الس������يناريوهات ويشي�ر إلى أي م�نها أكث�ر ت�رجيحا. وبطب�يعة

اسألوا أهل اخلبرة

How does tHe Coast Guard find people lost at sea? )�()artur a. allen )1 فيزيائي في علوم احمليطات، ويعمل لدى مكتب خف�ر سواحل

الواليات املتحدة األم�ريكية للبحث واإلن�قاذ في واشنط�ن العاصمة. the search and rescue optimal planning system )2(

ك�ي�ف يعثر خ�ف�ر ال�سواحل على ال�مف�قودي�ن في ال�بح�ر؟)٭(

مـروحية خـفـر السواحل وهي في غمرة بحثها.

Page 99: may-june-2010

(2010) 6/5 98

احلال، ي�بقى هنالك باستم�رار مجال للشك. SAROPS ولغ�رض البدء باتخاذ تداب�ي�ر البحث بالبرنامجنختار م�ن قائمة أش������ياء سبق أن نذجت بوسائل رياضياتية س������رع اجنرافها حت������ت مختل������ف الظ�������روف. وت�تواف�ر لدينا معلومات ع�ن الصفات ال�ممي�زة الجنراف كثي�ر م�ن األش������ياء: م�ن البش�������ر إلى ب�راميل نفط ذات سعة 55 گالون وإلى شتى أنواع ال�م�راكب مثل قوارب اإلنقاذ املطاطية والكياك البحـري sea kayaks وال�مراك������ب الش�������راعية واإلســـكف skiffs ورمـــث

الالجئني refugee rafts. وعلى س������بيل ال�مثال، علمنا في حالة حديث�ة أن األش������خاص ال�مف�قودين قد انطلقوا بقارب رياضة

ذي م�ركز للراديو، فأدخلنا ذلك اخليار في النموذج.ويأخذ البرنام������ج SAROPS باالعتبار تأثي�رات ال�ريح على مختل������ف التيارات ف������ي ال�محيط. ل�نض�رب مث������ا: أنا جالس في مكتبي عند الساعة العاش�������رة والنصف صباحا وأخطط للطي�ران ب�م�روحية )هيليكوپتر( م�ن الساعة الثانية عش�رة إلى الثالث������ة بعد الظه�ر وأحتاج إلى مع�رف������ة أناط ال�رياح خال ط������وال الفت�������رة منذ وقوع احل������ادث وإلى بعد الظه�������ر للت�نبؤ بال�مكان ال�ممك�ن أن يكون الناجون قد اجن�رفوا إليه أثناء هذه رنا جهازا الفت�رة. وكي نعالج أمثال تلك األمور ال�مطلوبة، ط�وم البيانات الب�يئية« ال������ذي يغذى ب�ب�يانات اال يس������مى »مخد فعث������ة م�رات عدة يوميا ع�������ن ال�رياح والتيارات م�ن مصادر محدمت�نوع������ة م�نه������ا اإلدارة ال�محيطية واجلوي������ة الوطنية والقوة م على البح�ري������ة األم�ريكية ومصادر أكادميي������ة. ويعمل املخدت�رجم������ة جميع تلك الب�يانات إلى صيغ������ة عامة بحيث ميك�ن�نا

.SAROPS إدخال املعلومات في البرنامج وعندما تكون أفضل تقديراتنا حول مكان احتمال وجود ال�منكوب�ي�������ن حتت تص�رفنا نقوم عادة بنش�������ر م�روحيات م�ن نوع C-130 وزوارق تس������مى قاطعات وزوارق جناة مبحركات في محاولة إليجادهم. نعرف احتمال الكش������ف لكل نوع م�ن الطائ�رات وال�������زوارق إذا اتبعت مس������ارا مع�ي�نا. وندخل في حساباتنا النتائج ال�مت�رتبة لت�نبؤاتنا؛ ألن أمواج البح�ر ال�مزبدة تخ�فض م�ن مدى ال�رؤية. فس������طح ال�محيط مكان عسي�ر جدا إليجاد ش������خص. وعلى الرغم م�ن إج�رائنا البحث في منطقة شاسعة ال�مساحة تبلغ عددا كب�ي�را جدا م�ن األميال امل�ربعة، فإن ال�محيط واسع جدا جدا ونح�ن صغار جدا. ولعل بحث�نا يش������به الت�ف�تي������ش ع�ن ك�رة قدم )رأس إنس������ان فوق املاء( في

منطقة مساحتها بقدر والية كونيك�ت�يكت األم�ريكية. وإذا حدد البحث واملنقذون مكان أحد ما، فإننا عندئذ نعمد إلى سؤال الشخص، عندما يكون ذلك ممكنا، ونعود أدراجنا إلى بداية الس������يناريوهات لنعدلها وفقا ألقواله. وفي جميع األحوال،

ث باستمرار ناذجنا وجنعل طرق بحثنا أمثل ما تكون فإننا نحدآخذين باالعتبار الزمن الذي مر وتغير الظروف.

وهنال������ك جانب آخ�ر للعمليات ال�متعلق�ة ب�بحث�نا وبأس������اليب اإلن�قاذ ي�رتبط بنماذج البقيا. وم�ن أمثال ما لدينا نوذج حلساب درجة احل�رارة احملتملة لش������خص وهو ف������ي ماء بارد مع األخذ باالعتبار ما ف�قد م�ن ح�رارة إلى ال�ماء وما تولد م�ن ح�رارة بسبب االرجتاف. هذا موقف يس������ت�فيد منه اإلنسان ذو اجلسم الكب�ي�ر أو ال�ممت�لئ أو ذو العضات. كما ميكن أن يت�فاقم وهن الناس بالتي�بس بس������بب ف�قدانهم ال�ماء. إضافة إل������ى فقدان احل�رارة، يفقد الضحية ال�ماء باالست�قاب والت�ن�فس والتع�رق وهي حاالت حتص������ل غالبا في ال�مياه الداف��ئ��������ة. وهن��ال���ك تهدي��دات أخ�رى للحياة ال ت�تواف�ر لدينا ناذج لها حتى اآلن ت�ش������مل من ب�ي�ن ما

ت�شمل التعرض لاف�ت�راس ون�فاد الطعام.وإذا أنبأتنا ناذجن������ا أن األمل في بقاء الضحايا على قيد احلي������اة قد ف�ق�د م�ن الناحية الواقعية، ف�رمبا ندعو إلى التوق�ف ع�ن البحث حتى ولو كانت الظروف اجلوية تسمح لنا باالستم�رار فيه. وعلى ال�رغم م�ن ت��قاناتنا وأفضل جهودنا، فمن ال�مؤسف

أنه ال ميك�ن إيجاد جميع م�ن فقدوا في البح�ر.

زماالت علمية تقدمها

اأكادميية العلوم للعامل النامي )TWAS()٭(

TWAS Fellowships: 2010 Call for ApplicationsPostgraduate, postdocloral, visiting,

scholar and advanced research

> تستضاف هذه الزماالت في مراكز التميز في مختلف بلدان اجلنوب

ومنها: البرازيل، الصني، الهند، ماليزيا، املكسيك، تاياند، ...> وتشمل احلقول العلمية التالية: الزراعة، العلوم البيولوجية،

علوم الطب والصحة، الكيمياء، الهندسة، الفلك، علوم الفضاء واألرض، الرياضيات والفيزياء.

> وهذه الزماالت متاحة للعلميني العاملني في البلدان النامية

والراغبني في تعزيز قدراتهم العلمية بالدراسة والبحث العلمي.وملزيد من املعلومات، يرجى زيارة املوقع:

www.twas.org > programmes > exchange(*) the academy of sciences for the developing world

iCtp Campus, trieste (italy)http://www.twas.org/

email: [email protected]

هل لديك سؤال؟... ابعث به إلى العنوان التالي: [email protected]

أو قم بزيارة املوقع:www.ScientificAmerican.com/asktheexperts

Page 100: may-june-2010

EVOLUTION

The Evolution of Primate Color VisionBy Gerald H. Jacobs - Jeremy Nathans

Analyses of primate visual pigments show that our color vision evolved in an unusual way and that the brain is more adaptablethan generally thought.

INFORMATION TECHNOLOGY

Real Money from Virtual WorldsBy Richard Heeks

Online fantasy games enable developing world entrepreneurs tomake a living by trading stashes of make-believe gold for hard cash.

ENVIRONMENT

Local Nuclear War, Global SufferingBy Alan Robock - Owen Brian Toon

A nuclear war between India and Pakistan could cool the globeand starve much of the human race.

PHYSICS

Adventures in Curved SpacetimeBy Eduardo Guéron

The possibility of «swimming» and «gliding» in curved, empty space shows that, even after nine decades, Einstein′s theory of generalrelativity continues to amaze.

MEDICINE

Boosting Vaccine PowerBy Nathalie Garçon - Michel Goldman

Modern insights into the immune system have revived interest in a set of ingredients that can supercharge oldvaccines and make entirely new ones possible.

4

14

22

32

42

May / June - 2010 Volume 26 Number 5/6

Page 101: may-june-2010

MEDICINE

The Double Life of ATPBy Baljit S. Khakh - Geoffrey Burnstock

Famous as an essential energy source inside cells, the molecule ATP also carries critical messages throughout the body. That dual role suggests freshideas for fighting diseases.

ENVIRONMENT

Could Food Shortages BringDown Civilization?By Lester R. Brown The biggest threat to global stability is the potential for food crises in poor countries to cause government collapse. Those crises are brought on by ever worseningenvironmental degradation.

TECHNOLOGY

The Rise of Instant Wireless Networks By Michelle Effros - Andrea Goldsmith - MurielMédard

Wireless networks that form on the fly bring communications to the mostforeboding environments.

MEDICINE

The Art of Bacterial WarfareBy B. Brett Finlay

New research reveals how bacteria hijack our body′s cells and outwit our immune system–and how we can usetheir own weapons against them.

MEDICINE

Toxic Gas, LifesaverBy Rui Wang

Though lethal, hydrogen sulfide turns out to play key roles in the body–a finding that could lead to new treatmentsfor heart attack victims and others.

ADVISORY BOARD

Ali A. Al-Shamlan(Chairman)

Adnan Hamoui(Editor - In Chief)

Abdullah S. Al-Fuhaid(Deputy)

Ask the Experts How does the Coast Guard find peoplelost at sea?

News Scan Plasma antennas disappearwhen shut off.

EDITOR IN CHIEF: Mariette DiChristina MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam SEnIor writeR: Gary Stix EDITORS: Davide Castelvecchi, Graham P. Collins, Mark Fischetti, Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser, Christine Soares, Kate WongCONTRIBUTING EDITORS: Mark Alpert, Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs, Marguerite Holloway, Christie Nicholson, Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer, Sarah Simpson

ASSOCIATE EDITORS, ONLINE: David Biello, Larry Greenemeier NEWS REPORTER, ONLINE: John MatsonART DIRECTOR, ONLINE: Ryan Reid

ART DIRECTOR: Edward Bell ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley

COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller

EDITORIAL ADMINISTRATOR: Avonelle Wing SENIOR SECRETARY: Maya Harty

COPY AND PRODUCTION, NATURE PUBLISHING GROUP: SENIOR COPY EDITOR, NPG: Daniel C. Schlenoff COPY EDITOR, NPG: Michael Battaglia EDITORIAL ASSISTANT, NPG: Ann Chin MANAGING PRODUCTION EDITOR, NPG:  Richard Hunt SENIOR PRODUCTION EDITOR, NPG: Michelle Wright

PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli ADVERTISING PRODUCTION MANAGER:  Carl Cherebin PREPRESS AND QUALITY MANAGER:  Silvia De Santis CUSTOM PUBLISHING MANAGER:  Madelyn Keyes-Milch

PRESIDENT: Steven Inchcoombe VICE PRESIDENT, OPERATIONS ANDADMINISTRATION: Frances Newburg

VICE PRESIDENT, FINANCE AND BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek BUSINESS MANAGER: Marie Maher

Letters to the EditorScientific American 75 Varick Street, 9th Floor, New York, NY 10013-1917 or [email protected] Letters may be edited for length and clarity. We regret that we cannot answer each one. Post a comment on any article instantly at www.ScientificAmerican.com/sciammag

52

58

68

78

88

9796