كارلكسمار

النظرية والممارسة

مايك جونزاليس

ترجمة: ضي رحمي - أشرف عمروحدة الترجمة – مركز الدراسات االشتراكية

1

- مولد "المناضل الجريء"1 كان كارل ماركس ثوريا. وقبيل وفاته، ردد بض//ع م//رات قول//ه أن//ه حين ينظ//ر له//ؤالء ال//ذين يس//مون

، اس/تخدم اس/م1883أنفسهم ماركسيين، يتساءل إن ك/ان ه/و نفس/ه ماركس/ي. ومن/ذ وفات/ه ع/ام ماركس، في مناسبات عدة، كمبرر لالستبداد واالستغالل – أي االستراتيجيات التي كانت تماما عكس كل آمن به. ظل "البيان الشيوعي" الذي كتبه مع رفيق عمره فريدريك إنجل//ز متص//درا قائم//ة الكتب األكثر مبيع//ا ح//تى نهاي//ة تس//عينيات الق//رن العش//رين، وفي بداي//ة الق/رن الح//ادي والعش//رين، أظه//ر استطالع للرأي بين جمهور البي بي سي أن ماركس ال يزال محتفظا بمكانته ك//أعظم فيلس//وف ع/بر

العصور. لكن، وصفه بالفيلسوف ليس وصفا دقيقا، خاصة بعد قوله أن: "ك//ل م//ا فعل//ه الفالس//فة ه//و تفس//ير العالم؛ لكن األهم هو تغييره". لقد مثلت هذه العبارة الشهيرة عالمة فارقة ولحظة حاسمة في تطور

فكر ماركس نفسه، اللحظة التي تحول فيها من فيلسوف إلى مفكر ثوري. ، ابنا لعائلة يهودية ميسورة الحال ببلدة ترير، في راينالند بألمانيا. كانت1818ولد كارل ماركس عام

جيوش ن//ابليون ق//د احتلت البل/دة لف/ترة وج//يزة في مطل/ع الق/رن، قب/ل أن تع//ود م//رة أخ/رى تحت سيطرة الدولة البروسية بحكمها الملكي المستبد. كانت إقام//ة ن//ابليون بالبل//دة قص//يرة، لكن//ه خل//ف

وراءه بعض األفكار حول الحرية والتغيير، أفكار ومبادئ الثورة الفرنسية. هيرشيل، والد ماركس، كان يحفظ عن ظهر قلب كتابات فولت//ير وروس//و، وك//ان معروف//ا بتص//ريحاته العلنية في المناسبات العامة حول ضرورة وجود نظام سياسي ممثل بشكل صحيح، فضال عن شجبه للتمي//يز ال//ذي ع//انى من//ه اليه//ود في بروس//يا. ه//اينريش )بع//د أن ب//دل ديانت//ه من اليهودي//ة إلى البروتستانتية وغير اسمه( لم يكن ثوريا – لكنه لم يكن في مأمن من رياح التغيير التي هبت على كل

أرجاء أوروبا في ذلك الحين. ولم يكن بوسع كارل الشاب إال أن يتأثر ببعض أفكار أبيه الليبرالية. ، في عامه السابع عشر، بدأ م//اركس دراس//ة1835أصر األب أن يدرس كارل القانون. وبحلول عام

القانون في جامعة بون. لكن الحقيقة أنه كان مهتما بالشعر والنبيذ والفلسفة أك//ثر )ليس بالض//رورة بنفس الترتيب(. إلى حد ما كان هذا تأثرا بلودفيج فون ويستفالين، أحد أصدقاء العائلة األثرياء، ال//ذي

، ستص//بح ابنت//ه، جي//ني، زوج//ة1843عرف كارل الشاب على شكسبير وشعراء اليوناني//ة. )في ع//ام ماركس ورفيقته مدى الحياة(.

لم يكن حماس ماركس للفلسفة حماسا دراسيا فقط. فعندما كان طالبا، كانت النقاش//ات الفلس//فية فرصة جيدة للفت االنتباه لقضايا المجتمع والتاريخ وتطور اإلمكانات البش//رية. ولق//د هيمن فيلس//وف بارز على كل تلك النقاشات الشغوفة، وهو هيجل. كان هيجل واحدا من المؤيدين المتحمسين للثورة الفرنسية؛ وك/ان مؤمن/ا ب/أن الع/الم س/يدخل عص/را جدي/دا عن/دما يب/دأ العق/ل في تط/وير العالق/ات اإلنسانية. لكن عندما جاء الوقت الذي اختلف فيه ماركس مع أفكار هيجل، كان األخير ق//د أص//بح من المفكرين المحافظين، مقتنعا ب//أن الل//ه يمث//ل المنط//ق المطل//ق – وأن الدول//ة البروس//ية – القمعي//ة

السلطوية – هي أوضح تعبير عن هذا المنطق اإللهي. قدم ماركس من ترير ومعه أفكاره الليبرالية، لذا فقد لفت انتباه مجموعة من شباب الطالب كرسوا جهودهم "للتغيير باألفكار" – الهيجليين الشبان. هيجل، الذي كان ثوريا في وقت سابق، هو من اقتدوا به. كانوا ليبرالين ملحدين وبوهيميين وصحبة مناسبة جدا للشراب، تماما مثلم//ا ك//ان م//اركس عن//دما انتقل إلى برلين وانض//م لن//ادي األس//اتذة، حيث ك//ان ذو لحي//ة وش//عر طوي//ل وهي عالم//ات متعارف//ة

ومقبولة عن المفكر الراديكالي. ك/ان الهجيلي//ون الش//بان والمحيط//ون بهم متفقين في ع/دائهم لالس/تبداد القمعي للدول/ة البروس/ية؛ فبالنسبة لهم كانت الثورة الفرنسية تعني التنوير والتغيير واألفك//ار التقدمي//ة ال//تي من ش//أنها تحوي//ل ألمانيا اإلقطاعي/ة إلى الرأس/مالية الديمقراطي/ة الحديث/ة. في ذل/ك ال/وقت ك/ان م/اركس ق//د تخطى

2

بالفعل األفكار التي سبق وأن تأثر بها في تجمعات والده المنزلية. رغم ذلك ف//إن مع//ارف وال//ده من رج/ال األعم//ال التق/دميين وأمث/الهم ك/انوا هم من مول/وا جري//دة "راينش تس/ايتونج" التقدمي//ة ال/تي عارضت استمرار الشكل اإلقطاعي للدولة البروسية، وهي الجري//دة ال/تي ب//دأ م//اركس في تحريره//ا

.1841فور عودته لترير عام وكان لحادثة صغيرة أثرا في تطور تفكير ماركس. فكان قد ألغي مؤخرا ح//ق الفالحين التقلي//دي في جمع األخشاب من الغابة بموجب قانون جديد عرف هذا الفعل بأنه سرقة ألن تل//ك األخش//اب ملكي//ة خاصة. واف//ق ورحب به//ذا الق/انون ك/ل من مالك األراض/ي والطبق/ة الص/ناعية الجدي//دة ممن مول/وا إصدار جريدته. وهكذا بدا األمر، فاالقتصاد الرأسمالي الجديد القائم على الملكي//ة الخاص/ة ع/اجز عن توفير أية ض//مانات للفق//راء واألج//راء. وعلى نفس المن//وال، أدرك م//اركس أن الدول//ة ال//تي وج//دت

لتحمي الملكية الخاصة لن تحمي الطبقة العاملة. بالنسبة لماركس، كانت تلك هي الخطوة األولى نحو إدراك المجتمع من منظور طبقي. وحينم//ا نش//ر بعض أفكاره الجديدة على صفحات جريدت//ه، ك//انت فرص//ة جي//دة ألن يظه//ر رقيب الدول/ة البروس//ية اعتراض//ه ويمن//ع نش//رها، ويتخلص من "وقاح//ة المح//رر المتزاي//دة". والقت بقي//ة الص//حف التقديم//ة األلمانية نفس المصير. كان الوقت قد حان للمضي قدما، وبعد هنيهة انتقل ماركس وجي//ني، زوجت//ه، إلى باريس. عائلة جي//ني األرس//تقراطية لم تكن س//عيدة بالص//حفي المفلس المتط//رف ال//ذي ربطت

ابنتهم مصيرها به. لكن موقف العائلة لم يمثل شيئا لهما.

3

- االنتقال إلى باريس2 رحل عدد من المنفيين إلى باريس، حيث يمكن نشر األفكار التقدمية عبر جريدة جديدة. في أكت//وبر، دعا ماركس الفيلسوف لودفيج فيورباخ لكتاب//ة مق//ال ح//ول أن األفك//ار هي نت//اج الوج//ود االجتم//اعي وليس العكس. ولقد كان المقال مهما وملهما للغاية، وأمد ماركس بالزخم الالزم للمضي بأفكاره لما هو أبعد من هيجل والهيجليين الشبان. كانت النقاشات، حتى تلك اللحظة، مجردة إلى ح//د م//ا، لكنه//ا وضحت أن تغير العالم هي عملي//ة مادي//ة، تغي//ير ج//ذري للش//روط الفعلي//ة للحي//اة؛ وفي س//ياق تل//ك

العملية تنشأ أفكار وإمكانيات جديدة. هذا التغير في تفكير ماركس، لم يكن مجرد طفرة فكرية. ففي فرنسا وج//د نفس//ه وجه//ا لوج//ه م//ع حقيق//ة واق//ع الطبق//ة العامل//ة في المجتم//ع الص//ناعي الن//امي، حيث األفك//ار الش//يوعية واالش//تراكية متأصلة ومتجذرة بالفعل. ليس فق/ط وس/ط الطبق/ة العامل/ة الفرنس/ية، ولكن أيض//ا في أوس/اط م//ا يقرب من أربعين ألف عامل ألماني من المهاجرين هناك. لقد تأثر ماركس ب/ "حيوية وعظمة" ه//ؤالء

العمال. "من بين "براب//رة" مجتمعن//ا المتحض//ر يعم//ل الت//اريخ على إع//داد العنص//ر األساس//ي لتحري//ر الجنس

البشري". واجهت الجريدة مشكلة وحيدة؛ فالنسخ التي أرسلت سرا إلى ألمانيا أثارت غضب الرقابة الحكومية. وسرعان ما صدرت األوامر بالقبض على م//اركس وآخ//رين، وتمل//ك الخ//وف من الناش//رين. ولم تكن تلك هي المرة األولى، وبالتأكيد لم تكن األخيرة، ال//تي يج//د فيه//ا م//اركس نفس//ه أم//ام ف//رص قليل//ة وميزانية أسرية متضائلة. لكن من منظور آخر، كانت تلك بمثابة فرص//ة جي//دة وغ//ير متوقع//ة لق//راءة وتطوير أفكاره أثناء المناقشات الكثيرة والغاضبة بينه وبين أعضاء الحرك//ة اآلخ//رين. لم يكش//ف عن مذكرات//ه ح//ول تل//ك الف//ترة في ب//اريس إال بع//د م//رور وقت طوي//ل، عن//دما نش//رت تحت عن//وان

االقتصادية والفلسفية" )أو مخطوطات باريس(.1844"مخطوطات عام في ذلك الوقت كان ماركس في السادسة والعشرين من عمره. لكن هذه الكتاب//ات عكس//ت طف//رة فكري//ة لألم//ام في فهم//ه لتجرب//ة العم//ل في المجتم//ع الص//ناعي الرأس//مالي. ولم يكن "االغ//تراب" مصطلحا من اختراع ماركس؛ لكن بينما فسر فالسفة مثل هيجيل االغ//تراب بوص//فه حال//ة نفس//ية أو

سمة من السمات المشتركة بين جميع البشر، فإن ماركس أرجعه للظروف المادية للعمل: "بقدر ما ينتج العامل من سلع أكثر بقدر ما يصبح هو نفسه السلعة األبخس ثمنا. ويوازي انهيار قيم//ة العالم اإلنساني تنامي قيمة العالم الم//ادي.. إذ أن في ان//تزاع المنت//وج اغ//تراب للعام//ل وإقص//اء ل//ه. فالعمل ال ينتج سلع فحسب، بل إنه ينتج ذاته أيضا، وينتج العام//ل باعتب//اره س//لعة. إن ش//عور العام//ل باالغتراب تجاه ما ينتجه يع//ني أن الش//يء ال/ذي ينتج بالعم//ل، يق//ف اآلن في مواجه//ة العم//ل كك//ائنب، كقوة مستقلة عن المنتج. إن نتاج العم//ل ه//و العم//ل ال//ذي تجس//د في موض//وع وتح//ول إلى مغر شيء مادي، وبالتالي، فإن العامل ال يحقق ذاته في عمله، بل ينفي ذاته، ويكون لديه ش//عور ب//البؤس

أكثر من شعوره ككائن طبيعي". وهذا التناقض الكبير يعد واحدا من أسس نظريات ماركس؛ حيث يعيد البشر تشكيل العالم ويبتكرون وسائل تحريرهم عن طري//ق العم//ل. لكن، في ظ//ل الرأس//مالية، يبع//د العم//ل إلى ح//د كب//ير العم//ال المنتجين عن تلك الحرية المحتملة، ألن ما ينتجونه ينتزع منهم ومن ثم يباع ويشترى كسلع، بعيدا عن سيطرتهم. وهذا كله بسبب العالقات االجتماعية الس//ائدة في المجتم//ع - النظ//ام الطبقي ال//ذي يمنح طبقة واحدة الحق في تملك اإلنتاج، في حين أن الطبق/ات األخ//رى، أي الغالبي//ة ال/تي تنتج الس/لع، ال يمتلكون شيئا باستثناء أجسادهم وقوة عملهم التي تشتريها وتبيعها الرأسمالية كم//ا ل//و ك//انت مج//رد

سلعة. وال تحدد احتياجات المجتمع ما ينتج، ولكن تحدده رغبة صاحب المصنع في مراكمة األرباح. وبذلك تكون الوسيلة الوحيدة أمام العمال للتغلب على االغتراب هي نض//الهم ض//د الرأس//ماليين. في نفس العام، ضرب نضال عمال النسيج في سيس/يليا بألماني//ا مثال حي//ا لم//اركس لق/درة العم//ال على محاربة النظام. وبالنظر إلى الحال في بل//ده، أدرك م//اركس أن طبق//ة الرأس//ماليين ومالك المص//انع

4

ضعيفة بشكل ال يهيئها لتحدي الدولة وهزيمتها وانتزاع السلطة منها كما فعلت نظيرتها الفرنسية عام1789.

ولهذا، فإن الطبقة العاملة وحدها القادرة على التغيير. عندما كان يجادل//ه بعض معاص//ريه ويس//وقون حجتهم األثيرة بأن العمال األلمان ليسوا على قدر كاف من ال//وعي السياس//ي، ك//ان م//اركس يجيبهم بازدراء قائال أن لديهم ما يكفي من الوعي الطبقي، ويستشهد خالل ذلك بالمعارك التي خاضها عمال النسيج في سيسيليا كدليل دامغ على وجه//ة نظ//ره. إن دف//اع م//اركس الش//غوف عن عم//ال النس//يج

أوضح مقدار المسافة التي قطعها ماركس بعيدا عن زمالء السنوات األولى. لقد ساهمت دراسة االقتصاديين اإلنجليز، الذين وصفوا طريق//ة عم//ل نظ//ام اإلنت//اج الرأس//مالي، في تقديم منحنا جديدا في فهم ماركس. حيث بدأ اآلن في الحديث عن "التحرر الذاتي للطبقة العامل//ة"، أي أن فهمه لطبيعة النظام كان في خدمة قضية الث//ورة. والت//اريخ، كم//ا يعرف//ه م//اركس اآلن، ك//انت تقوده دائما قوى اجتماعية تسعى لغايات اقتصادية – وليس أية قوة خارجية أخرى، سواء كان اإلله أو

في نقده للدين، س//ار الفيلس//وف ل//ودفيج فيورب//اخ في نفس اتج//اه م//اركس لبعضالعقل والمنطق. الوقت؛ ولكن كان أمام ماركس مسافة أخرى ليقطعها، ليؤك//د أن الت//اريخ يت//أثر بعم//ل اإلنس//ان، وأن

التحول في اإلدراك اإلنساني يتمثل في النضال من أجل تغيير العالم المادي وظروف اإلنتاج.

5

- عشرة أيام هزت العالم3 ، التقى م//اركس ألول م//رة ب//أكبر معاوني//ه فري//ديريك إنجل//ز. باعتب//اره ابن//ا ألح//د1844في ع//ام

الصناعيين، قضى إنجلز بعض الوقت في مصنع والده في مانشستر، واختبر عن قرب "أحوال الطبقة العاملة" - فقرهم واستغالل مصانع الشمال الجديدة لهم، بؤس أولئك ال//ذين يق//ودون اآلل//ة اإلنتاجي//ة للرأسمالية الصناعية. كان إنجل//ز أيض//ا على اتص//ال وثي//ق بالحرك//ة الجماهيري//ة المتنامي//ة – الحرك//ة

التشارتية - والتي كانت بداية لتنظيم الطبقة العاملة لمقاومة أهوال المجتمع الجديد. كان الشابين )كان ماركس يكبر إنجلز بثالث سنوات( قد تعرف//ا بالفع//ل على كتاب//ات بعض//هما البعض قبل لقاءهما في أغسطس في باريس، أي أن هذا كان لقاء العق//ول، أول لق//اء بين الث//وريين االث//نين اللذين اقتنعا بأن مهمتهما هي بناء وتطوير رؤية شيوعية جديدة للعالم يمكنها تحف//يز النض//ال الث//وري للطبقة العاملة. ولكن أوال كان أمامهما معركة كسب الحركة العمالية، خاصة في وجود آولئ//ك ال//ذين ال يزال لهم نفوذ بين العمال األلم//ان. الج//دل المس//تمر، والغ//امض في بعض األحي//ان، ح//ول العائل//ة المقدسة كان يدور بين أوساط الهيجليين الش//بان ال//ذين رافق//وا م//اركس في الب//دايات المبك//رة من رحلته، اآلن يعرف ماركس وإنجلز نفس//يهما من خالل رفض//هما لمناقش//ة تل//ك األفك//ار إال في س//ياق

سياسي. "ليس بمقدور األفكار وحدها تنفيذ ش//يء على اإلطالق. إن تنفي//ذ األفك//ار بحاج//ة لرج//ال بمق//دورهم

ممارسة القوة العملية". منذ هذه اللحظة فصاعدا، ك//رس م//اركس وإنجل//ز جهودهم//ا لبن//اء المنظم//ة ال//تي بوس//عها التحض//ير للثورة، والتي سماها إنجلز "ح//رب الفق/راء المفتوح/ة ض/د األغني//اء". ولم يخ//ف نش//اطهما عن أعين مخبري السلطة وعمالئها س//واء في فرنس//ا، حيث ال ي//زال يعيش م//اركس، أو في ألماني//ا حيث ك//ان

1844إنجلز يتحدث إلى المجموعات السياسية والعمالية. منعت السلطات الفرنسية في أواخر ع//ام نشر جريدة "فوروارتس" الناطقة باأللمانية، والتي كان ماركس أحد كتابها؛ وفي غضون أسابيع قليلة

، طرد ماركس من فرنسا تحت ض//غط من الس//لطة األلماني//ة. وبع//د1845الحقة، تحديدا في فبراير مرور شهرين على تلك الواقعة، غ//ادر إنجل//ز ألماني//ا متيقن//ا أن أم//را مم//اثال بش//أنه ك//ان في طريق//ه

للحدوث بالفعل. التقى الثوريان مرة أخرى في بروكسل، حيث كان ال يزال هن//اك ق//درا من التس//امح السياس//ي، وإن ظال تحت أعين البوليس السياسي دائم//ا. ك//ان م//اركس ق//د ص//اغ بالفع//ل أطروحات//ه ح//ول فيورب//اخ واأليديولوجيا األلمانية. يقوم العمال بالثورات في ظروف حقيقية ملموسة – ووفر إنجلز الدليل الحي من كل من نضاالت العمال والظ//روف المادي//ة ال//تي وص//فها م//اركس بالفع//ل في مخطوط//ات ع//ام

. الفلسفة – التعامل مع الع//الم من خالل األفك//ار - اس//تبدلت اآلن ب//التطبيق العم//الي للث//ورة،1844 وبن//اء الوس//ائل واألدوات ال//تي بمق//دورها إس//قاط الرأس//مالية ووض//ع ح//د لالغ//تراب، أي أن تك//ون

الماركسية هي نظرية وممارسة الثورة العمالية. أوضح كل من ماركس وإنجلز رؤيتهما الجديدة تلك في األيديولوجيا األلمانية، التي ع//رفت الش//يوعية بأنها "مبادئ وشروط تحرر الطبقة العاملة". أطروحات مخادعة في بساطتها عن فيورباخ، فقط ثالثة صفحات وأحد عشر تعريف//ا واض//حا، بين//وا بجالء مث//ير التغي//ير ال//ذي يص//نعه ال//رجالن. لطالم//ا ج//ادل الهيجليين الشبان بأن األفكار والوعي هم//ا ال//دافع لألفع//ال؛ وله//ذا الس//بب ازدروا واحتق//روا إض//راب عمال النسيج بسيسيليا، ألنهم لم يكونوا "على قدر كاف من الوعي" بعد. وبنفس الق//در من االزدراء واالحتقار، كان رد ماركس بأن الوعي هو جزء من دورة الحياة وأنه من أجل تغيير العالم، يغير البشر

تفكيرهم. والعملية التاريخية، يقول ماركس: كانت "التقاء بين تغيير الذات وتغيير الظروف"."ليس الوعي هو ما يحدد الوجود االجتماعي، بل الوجود االجتماعي هو الذي يحدد الوعي".

الخالصة، والكلمة األخيرة جاءت في نهاية "أطروحات عن فيورباخ" وعبرت بقوة وبساطة عن صميم"كل ما فعله الفالسفة هو تفسير العالم؛ المهم هو تغييره".الفكرة الشيوعية:

ومنذ تلك اللحظة، كان هذا هو المشروع الذي كرس من أجله، كل من الرجلين، حياتهما وطاقاتهما. 6

، رافق ماركس إنجلز إلى إنجلترا، حيث التقى مع ق//ادة التش//ارتيين وآخ//رين غ//يرهم،1845في عام وكانا مصرين على الدعوة الجتماع يضم جميع االشتراكيين الذين يعيشون في لندن. وعلى الرغم من عدم مشاركتيهما، إال أن هذه الدعوة قدمت لمحة عن ما هو مقبل في المستقبل. شدد الرجالن على الطابع الع//المي للرأس//مالية، وق//اال أن رد فع//ل موح//د للطبق//ة العامل//ة ق//ادر على أن يع//بر الح//دود. وبالعودة لبروكسل، نجد أنهم قد شكلوا لجان المراسلة الشيوعية، طليعة األممية؛ التي ك/ان الغ/رض

منها بدء عملية "كسب البروليتاريا األوروبية على مبادئنا وقناعتنا". ويمكننا القول بأن تلك كانت نواة لحزب سياسي جديد قادر على االتصال المباش//ر بنض//االت الطبق//ة العاملة. وعلى الرغم من بديهية الفكرة، يجدر هنا اإلشارة إلى أن اإليمان ب//أن على الث//وريين العم//ل مع وداخل الطبقة العاملة، حيث أن عملية تحريرها هي الدافع للثورة، لم يؤمن بها ك//ل أولئ//ك ال//ذين

أطلقوا على أنفسهم شيوعيين. في هذه المرحلة، في حين أن ماركس، بشكل خاص، لم يتراجع عن كتاباته الدوري//ة، ك//انت مس//ألة

الثورية، إال أنه كان1848التنظيم هي ما تشغله هو وإنجلز. وبينما لم يكن بمقدور أحد التنبؤ بأحداث هناك تغيرا في األجواء بالفع//ل حيث جمع//وا ق//ادة االش//تراكية األوروبي//ة مع//ا لتحدي//د طبيع//ة عالقتهم بحركة الطبقة العاملة. فعلوا هذا، كما فعلوه دائما، من خالل مناقشات ح//ادة وعنيف//ة داخ//ل الحرك//ة مع التيارات األخرى التي كانت أفكارها من شأنها أن تؤدي إلى أشكال تنظيمية أخرى مختلفة تمام//ا. أفكار برودون، على سبيل المثال، بينت قناعات الحرفيين والعمال المهرة ودفاعهم عن قضية إنش//اء جمعيات تعمل خارج دوائر رأس المال. لكن ب//رودون نفس//ه ك//ان رافض//ا للنقاب//ات العمالي//ة و"مع//اد للثورة". األفكاراألخطر صدرت من أناس مثل "فيتلينج" الذي، مث/ل أوجس/ت بالنكي الفرنس/ي، ك/ان غير مقتنع ب//أن العم//ال مس//تعدون للث//ورة اآلن، إال إذا ألقيت المهم//ة على ع//اتق مجموع//ات تآمري//ة

صغيرة تعمل بالنيابة عنهم. إال أن لم كل ذلك لم يؤد إلى تثبيط همة ماركس وإنجلز. ، جذبت أفكارهما متع//اطفين ج//دد، خاص//ة داخ//ل رابط//ة العدال//ة بلن//دن وال/تي1846في أواخر عام

تأثرت بالتشارتيين أك//ثر من الرواب//ط والف//رق األوروبي//ة األخ//رى. ك//انت هن//اك بعض الش//كوك ح//ول "المثقفين القاريين" الذين بدوا مهيمنين على أوروب/ا؛ ولكن القض//ية األهم بالنس//بة لم//اركس وإنجل/ز

كانت إنشاء "الحزب"، أو على األقل شكال جماعيا من أشكال التنظيم. كانت تلك هي الطريقة التي ستجعل أفكارهما مقبولة. لقد حرضا من بروكسل على عق//د اجتماع/ات دورية للجان المراسلة وبدءا مناقشات حول قضايا االستراتيجية والتكتيك؛ على سبيل المث//ال، كيفي//ة تواصل الشيوعيين األلمان مع الليبراليين اإلصالحيين. هذا النش//اط ك//ان أبل//غ رد على اته//ام م//اركس وإنجلز بأن أداءهما مثل المثقفين. مع زيادة حدة التوتر في ألمانيا، واس//تمرار الحرك//ة التش//ارتية في إنجلترا في النمو، استغرق الرجالن بالكامل في قضية التنظيم السياسي – وك/انت كتاباتيهم//ا تس/اهم

في هذه المهمة األساسية. ، دعا فرع العصبة في لندن لعق//د م//ؤتمر أممي في لن//دن. لم يستش//يروا م//اركس1847 مايو 1في

وإنجلز في هذا األمر، ولكن أرسلوا مبعوثا إلى بروكسل إلقناعهما باإلنضمام للعصبة وحض/ور اجتم//اع مايو. وكان هذا دليال واضحا على نفوذهما السياسي المتزايد داخل الحركة. عق//د االجتم//اع في أوائ//ل

؛ وكان بمثابة المؤتمر األول لرابطة الشيوعيين الجديدة، التي عرفت نفس//ها في الكلم//ة1847يونيو االفتتاحية "نهاجم النظام االجتماعي القائم والملكية الخاصة، وهدفنا مجتم//ع الملكي//ة العام//ة". وك//ان

شعارها "يا عمال العالم، اتحدوا". لم يتمكن من حضور الم//ؤتمر س//وى إنجل//ز ومعاون//ه الوثي//ق ويلي//ام وول//ف؛ بينم//ا بقى م//اركس في بروكسل. ورغم ذلك ك//ان ت//أثير ح//زب م//اركس وإنجل//ز بادي//ا بوض//وح، كم//ا ازداد نفوذهم//ا م//ع عق//د المؤتمر الثاني للعصبة في نوفم//بر من نفس الع//ام. وفيم//ا يخص الرابط//ة، فق//د أخ//ذت أه//دافها في

الوضوح أكثر فأكثر. حيث وصفها إنجلز قائال: "الشيوعية حركة وليست مذهبا؛ تنبثق من الحقائق ال من المعتقدات. وبقدر ما هي نظرية، بق//در م//ا

هي تعبير نظري عن موقف البروليتاريا داخل هذا الصراع.. وشروط تحررها".

7

حضر المؤتمر المنعقد في نوفمبر وفود العديد من الدول تناقشت لمدة عشرة أيام حول نوع الحركة التي هم بصدد بناءها. ماركس وإنجلز كان//ا من بين الحض//ور، وعن//د التوص//ل التف/اق نه//ائي في نهاي//ة المطاف، كانا هما اللذين كلفا بكتابة البيان التأسيسي للمنظمة الجدي//دة. في بروكس//ل ب//دا م//اركس مترددا، أو متأخرا في الكتابة – وهو الرجل الذي باستطاعته كتابة مئات الصفحات في ف//ترة وج//يزة.

، ك//ان البي//ان1848لكن الموعد النهائي المتفق عليه في لندن دفعه للعم//ل. هك//ذا، في أواخ//ر ع//ام الشيوعي في طريقه للمطبعة، ورغم أن ماركس كتب الجزء األكبر من//ه لكن//ه حم//ل اس//ميهما مع//ا -

ماركس وإنجلز. وبوصوله للشارع، وفقط خالل أيام قليلة الحقة اجتاح اللغط أوروبا.

- السباحة مع التيار الثوري4 تعد واحدة من أعظم إنجازات ماركس وإنجلز كتابتهما للعمل ال//ذي ع//بر بوض//وح عن ال//روح الثوري//ة

حتى من قبل أن تتحقق. وهو دليل على النهج السياس//ي ال//ذي اعتم//داه كنقط//ة إنطالق1848لعام لهما نحو الواقع المادي في ذلك الوقت، فضال عن تحديد الت//وترات والص//راعات الكامن//ة في العم//ق، التي بالكاد ترى. لق/د رأوا، كم/ا ج//اء في االفتتاحي//ة الش//هيرة للبي//ان الش/يوعي أن:"ش/بح يخيم على

أوروبا. شبح الشيوعية". لم يكن كتيبا سياسيا معتادا؛ بل كان بيانا عميقا يحمل رؤية. ولقراء القرن الحادي والعشرون، ولك//ل الذين قرأوه منذ كتابته وحتى اآلن، يبدو البيان معاصرا بشكل مذهل. فه//و يص//ف الع//الم كم//ا ندرك//ه اليوم، لكن عندما كتب البيان الشيوعي كان العالم اليزال في مراحل//ه األولى.لق//د ك//انت الرأس//مالية الصناعية التي استوعبها ماركس بتبصر وعمق فقط في المرحلة األولى من تطوره//ا المحم//وم. لق//د كشفا النقاب عن االستغالل المقيت الذي هو أساس النظام برمت//ه، واألث//ر الالإنس//اني المهين الن//اتج

8

عن الرغبة في مراكمة األرباح؛ ومع ذلك، فقد فعال الكثير قبل أن يدركا بالفعل مدى تأثيرهم//ا الكب//يرعلى األجيال الالحقة.

"البرجوازية ال تستطيع البقاء دون التثوير المستمر ألدوات وعالقات اإلنتاج.. ه//ذا االنقالب المتواص//ل في اإلنتاج، والتزعزع الدائم في كل األوضاع االجتماعية، والقلق وعدم االستقرار الدائمان، كلها أمور ميزت البرجوازية عما س//بقها من العص//ور. فالعالق//ات الجام//دة، البالي//ة، م//ع ك//ل م//ا يتعل//ق به//ا من إنحيازات وأفكار قديمة مهيبة، تتفكك كلها، وكل جديد ينش//أ س/رعان م//ا يص//بح عتيق/ا قب//ل أن يش//تد عوده، كل ما هو قائم يتبدد هباء، وكل ما هو مق//دس ي//دنس، ويج//د الن//اس في نهاي//ة األم//ر أنفس//هم

مجبرون على النظر ألوضاعهم المعيشية، وعالقاتهم المتبادلة بمزيد من التبصر. والبرجوازية في حاجة لسوق واسع دائم لتصريف منتجاتها في جميع أرجاء الكرة األرضية، ل//ذا عليه//ا

أن تعشش وتتجذر وأن تبني عالقات في كل مكان". يتطلب هذا جهدا من جانب القاريء ليتذكر أن هذا العمل كتب قبل أن تبدأ عملية التنقيب عن النف//ط في ابتالع الشرق األوسط وتحويله إلى ساحة ح//رب لمص//الح الج//انب اآلخ//ر من الك//وكب، وقب//ل أن تترك نايك وكوكاكوال بصاماتهما على آالف الثقافات المختلفة، كتب قب//ل إنش//اء بورص//ة لن//دن لت/دمر حياة ماليين البشرعلى بعد آالف األميال. ومكمن القوة الهائلة هنا ليس نابعا من دقة التحلي//ل فق//ط، ولكن يتجلى في الوصف الدقيق لطريقة عمل النظام الرأسمالي والقوى الدافعة له. في النهاية، إنه

بيان شيوعي، لم يصاغ ليشيد بالرأسمالية، ولكن ليدفنها. لكن، من هم حفارو قبرها؟ اإلجابة على هذا السؤال ترد بعد قليل في البيان ذاته. فعندما برزت الرأسمالية من المجتم//ع الق//ديم ابتلعت ورش العمل الصغيرة لحسابالمصانع كبيرة، وح//ولت ص//غار الم//زارعين والفالحين إلى عم//ال في نظام اإلنتاج المكثف للمزارع الحديثة التي تلبي احتياجات المدن النامية، كما أزاحت المجموعات التجارية الوطنية والدولية المتنامية صغار التجار جانب//ا. ك//ل ه//ذا ق//د ذاب لص//الح الص//ناعات الناش//ئة

داخل وحول المدن. "يتم تنظيم جموع العمال في المصانع تنظيما عسكريا. فالعمال، جنود الص//ناعة البس//طاء، يوض//عون//ة كامل//ة، من ض/باط وص/ف ض/باط. هم ليس//وا عبي//دا الطبق/ة والدول/ة البرجوازي//ة تحت رقابة تراتبي فحسب؛ بل هم أيضا في كل يوم وفي كل ساعة عبيدا لآللة، ولمراقب العمل، وقبل كل شيء عبي//دا

للبرجوازي صاحب المصنع نفسه". في البداية، ضغطوا عليهم لالنتق//ال من عم//ل إلى آخ//ر، وبس//بب تخوي//ف وتهدي//د أص//حاب المص//انع ومالحظي العمال، لم يقاموا بشكل منظم، رغم أنهم من وقت إلى آخر، وتحت وطأة الغضب واأللم، قاموا بتحطيم اآلالت.المفارقة هنا، بالطبع، أن اآلل//ة ليس//ت الع//دو – أنه//ا من فق//ط وس//ائل خدمت//ه. والتناقض كما فسره م/اركس بوض/وح أن/ه؛ كلم/ا زادت ق/درة البش/ر على اإلنت/اج، كلم//ا اق/تربوا من إمكانية التحرر من عبودية العمل. لكن الرأس//مالية ان//تزعت ه//ذا الح//ق، والميكن//ة، ال//تي حلت مح//ل تحرير البشر، استعبدتهم أكثر وأكثر.لكن أيضا هناك شيء آخر يحدث، البروليتاريا، الطبقة العامل//ة، ال تدفع صوب المدن فحسب؛ أنها تتركز أكثر وأك//ثر كلم//ا أص//بح اإلنت//اج آلي//ا وأك//ثر تط//ورا. وه//ذا يمنح

العمال القوة الجماعية التي تمكنهم من تنظيم أنفسهم ومواجهة أصحاب اآللة. كتب ماركس البيان الشيوعي في بروكسل، وكتب الجزء األك//بر من//ه وه//و ج//الس في مقهى الببغ//اء

؛ وح//ال وص//وله للش//ارع، ت//واردت1848األزرق بالميدان الرئيسي. أرسل البيان للطباعة في فبراير األنباء من فرنسا حول متاريس وإقتتال في الشوارع؛ وأن رئيس الوزراء المكروه "ج//يزو" ق//د تق//دم بإستقالته وفي صبيحة اليوم التالي تبعه الملك بالتنازل عن العرش. وفي غضون أسابيع الحقة، كانت روح الث//ورة والتم//رد ق//د حلت على ب//رلين وس//قطت حكوم//ة أخ//رى. وبحم//اس كتب إنجل//ز: "لهيب إش//تعال القص//ور الملكي//ة الفرنس//ية يض//يء فج//ر البروليتاري//ا.. تنه//ار اآلن في ك//ل مك//ان س//يطرة

البرجوازية.. وفي إنتظار، كما نأمل، أن تتبعهم ألمانيا". أثارت الحرائق التي إندلعت في أرجاء أوروبا خوف السلطات في بروكس//ل، وأدى ه//ذا لوض//ع نهاي//ة مفاجئة لتسامحها مع ماركس. وبحلول شهر مارس، طرد ونفي إلى باريس، حيث أعلن ماركس اآلن أنها ستكون مقر العصبة الش//يوعية.انض//م ل//ه إنجل//ز هن//اك، وب//دأ ال//رجالن في التحض//ير للع//ودة إلى

9

ألمانيا؛ لكن كانتهناك جداالت محمومة بين المنفيين العائدين، بعضهم، من عرفوا ب/ "الفيلق األلماني" أرادوا أن يشنوا حملة مسلحة، وقد عارضهم ماركس بقوته المعهودة. بالنس//بة لم//اركس ك//ان الح//ل

يكمن في الدفع لتنظيم الحركة العمالية، لكن داخل الحركة األوسع الساعية للديمقراطية. بحلول أبريل، عاد ماركس مرة أخرى إلى ألمانيا وبدأ في اإلعداد لنشر جريدة يومية بإسم "الريناني//ة الجديدة" في كولوني//ا، وكنتيج//ة العتي//اده الت//دخل في النقاش/ات السياس/ية الجاري//ة داخ/ل الحرك/ات

ك/ان اإلص/دار األول للجري/دة ال/ذي ك//انالثورية، باعت الجريدة في أوج رواجها، خمسة آالف نس/خة. قبل ذلك بأربع سنوات، قد حظى بدعم الطبقات األلمانية الوسطى المحبطة؛ بينما هذه الم//رة ك//انوا أكثر ترددا في دعم مش//روعه ال//ذي ك//ان ش//ديد النق//د للمؤسس//ات الجدي//دة الناش//ئة عقب س//قوط

النظام القديم – مثل الجمعية الوطنية الجديدة. شكلت المجموعات العمالية في جميع أنحاء ألمانيا، لكن مطالبهم كانت تمي//ل لالقتص//ار على ال//دفاع عن قضايا الديمقراطية. بصدور الجريدة في يونيو، اعتبره//ا ك//ل من م//اركس وإنجل//ز مح//ور لتنظيم الشيوعيين. لكن ماذا عن الرابطة الشيوعية؟ شعروا انه//ا أص//غر من أن تك//ون ذات ت//أثير كب//ير على

ففي أوق//ات االض//طراب والتغ//يرات الس//ريعة، األم//راألحداث التي تدفع باآلالف نحو النشاط الع//ام. الهام هو التحلي بقدرة على التأثير على الحركات األوسع بدال من االنعزال أو معاداة الحرك//ة. وص//ف م//اركس الث//ورة في وأق//ات س//ابقة بأنه//ا "ت//زامن بين التغي//ير ال//ذاتي وتغي//ير الظ//روف المحيط//ة" فالتحوالت الكبيرة في الوعي تأتي في سياق تغييرات مادية، لكنها ال تحدث تلقائي//ا. واعتم//اد األفك//ار الجديدة واستيعابها مرتبط إرتباطا وثيقا بوجودها داخل الحركة. ك//انت تل//ك هي الحج//ة ال//تي حف//زت جدال ماركس الغاضب مع االشتراكي األلماني جوتشاك الذي كان يحظى بشعبية كبيرة بين العم//ال،

لكنه كان يشجع فكرة االختالف واالنفصال. الحقيق/ة أن الحرك//ة العمالي/ة األلماني/ة ك//انت في مرحل/ة من مراح//ل تطوره/ا حيث خ/رجت لتن//تزع الحق//وق الديمقراطي//ة. في بريطاني//ا، وعلى النقيض من ذل//ك، وص//لت الحرك//ة التش//ارتية إلى ذروة نفوذها، وبالتأكيد نظر إليها ماركس وإنجل//ز بإعتباره//ا طليع//ة النض//ال العم//الي في أوروب//ا.وعلى ح//د سواء ك//انوا متفقين في أن العم//ل الموح//د م//ع العناص//ر الليبرالي//ة ال يع//ني التن//ازل لهم عن القي//ادة السياسية للحركة. وعند توزيع العدد األول من جريدة "الرينانية" في إصدارها الجديد، كانت األح//داث

في أوروبا تقفز نحو مرحلة جديدة مرة أخرى. في فرنسا لم يكن هناك أثر للوعود التي قطعتها الحكومة الليبرالية التي حلت مح//ل النظ//ام الملكي في فبراير؛ وبحلول يونيو، اجتاحت الجماهير الغاضبة الشوارع احتجاجا على ذلك. كان في إنتظ//ارهم تلك المرة قمع وحشي، وصف ماركس سلوك الربجوازية الفرنس//ية بالجب//ان، أم//ا نظ//رائهم األلم//ان فاعتبروا إدانته تلك موجهة ضدهم ومن ثم تراجعوا عن دعمهم للجريدة. وفي يولي//و، ش//هدت ألماني//ا أيضا إحالل الحكومة الليبرالية نسبيا، بأخرى أكثر قربا من الرجعية؛ وك//ان م//اركس وجريدت//ه من أول أهداف القمع، ومنعت من النشر إال لم//رة واح//دة طيل//ة الش//هور الالحق//ة. لكن، كلم//ا ازداد م//ا يه//دد الحقوق الديمقراطية، من فيينا إلى برلين، كلما ازداد صخب ماركس وجريدت//ه في المطالب//ة بحق//وق العمال. كان ماركس يضع نصب عينيه استراتيجية كسب العمال وبن//اء الحرك//ة العمالي//ة – م//ا أطل//ق عليه فيما بعد "ديمومة الثورة". لكنه في الوقت نفسه كان يرفض ويجادل ض//د الخط//وات المتعجل//ة التي تؤدي إلى نزول الرجعية بثقلها قبل أن تستعد الحركة للمقاومة. كان ذلك وقت "التمهل الث//وري وضبط النفس" كما أشار ماركس وإنجلز، إذ كان من الواضح بالنسبة لهم أن الثورة المضادة تس//تعد

للهجوم. في فيينا، واجهت الحركة هذا القمع في الشوارع، أما في ألماني//ا فق//د ط//البت مظ//اهرات جماهيري//ة بدعم إخوتهم وأخواتهم في العاصمة النمساوية. هزمت الحركة في أكتوبر، لكن تطلب األمر ش//هرين آخرين قبل أن تعلن الثورة المضادة انتصارها في برلين، وفي ألمانيا كله//ا، ب//انقالب فري//دريك الراب//ع وتربعه على رأس الحكم. وخالل الشهور التالي//ة، عم//ل م//اركس وإنجل//ز بال كل//ل، ب//األخص من خالل الجريدة، لدعم القوى الديمقراطية، ولتوطيد التحالفات بين العمال والفالحين، واألكثر أهمية من ذلك

كان لتحليل وفهم الحركة في ألمانيا كجزء من الصورة العامة.

10

وعلى الرغم من سلسلة التراجعات داخل ألمانيا، حمست النضاالت، التي كانت ال تزال مستمرة في أرجاء أخرى من أوروبا، ماركس، وجعلته يشعر بالتف/اؤل باإلمكاني//ات الثوري//ة وي//دعم منظم//ات مث/ل

جمعيات بادن وفرانكفورت المؤقتة، والتي كانت ال تزال تقاوم. ، كانت الحركة الثورية تعاني من حالة تراجع شديد، حيث سحقت قوات1849وبحلول منتصف العام

//ر16القيصر االنتفاضة المجري//ة، وفي ألماني//ا ك/ان ال/تراجع يس//يطر على ك//ل ش/يء. في م//ايو، أجب ماركس على مغادرة كولونيا، ليتجه إلى ب/اريس في الي//وم الت//الي. انض//م إنجل/ز في تل/ك األثن//اء إلى القوات المتمردة في بادن. وقبل رحيلهما، طبع العدد األخير من جري//دة "الريناني//ة الجدي//دة" بكامل//ه

بالحبر األحمر. "ك//ان علين//ا أن نستس//لم وننس//حب من قلعتن//ا، لكنن//ا نفع/ل ذل/ك ومعن//ا أس/لحتنا وعتادن/ا... وراياتن//ا

ترفرف... كلمتنا األخيرة ستكون دائما وفي كل مكان: تحرر الطبقة العاملة".

11

- النظر إلى الخلف.. وإلى األمام5 كانت اشتهار ماركس كمحرض وكزعيم فكري لالنتفاضة الثورية يعنون االشتباه ب//ه أينم//ا ذهب. وبع//د

. وبعد ذلك بف//ترة قص//يرة،1849إجباره على مغادرة باريس، عاد مع عائلته إلى لندن في أغسطس انضم إليه صديقه ورفيقه فريدريك إنجلز هناك. في الحلقات الداخلية، ك//ان يطل//ق علي//ه "الج//نرال"،

حيث انصب تركيز واهتمام إنجلز على مسألة تنظيم العصيان الثوري إثر خبراته في ألمانيا. بالرغم من الهزائم التي منيت بها الحركات الثورية في أوروبا، إال أن م//اركس وإنجل//ز كان//ا متف//ائلين بآفاق انتفاضات جديدة في ألمانيا وفرنسا. عاشت عائل//ة م//اركس، كم//ا يتض//ح من مراس//الت جي//ني بشكل جلي، في ضائقة مادية عصيبة، وما كان لديها من أموال كان يصرف بسخاء لمساعدة الرف//اق

. عادت1850المهاجرين من ألمانيا ولتأسيس جريدة أخرى صدرت أعدادها الخمسة األولى في يناير جيني حامال إلى لندن في الخريف، في سبتمبر، إال أن ماركس لم يكن مهتما سوى بآفاق بن//اء حرك//ة

. 1849 و1848ثورية تخرج من رحم األحداث االستثنائية لعامي ، رأى ماركس وإنجلز أن العصبة الش//يوعية ينبغي أن تح//ل، فق//د ك//انت هن//اك مه//ام أك//ثر1848في

إلحاحا على االش//تراكيين حيث االن//دماج في حرك//ات أوس//ع في س//ياق الث//ورات، والنض//ال من أج//ل ، ب//ات من الواض//ح أن المه//ام1850تحقيق نف/وذ أي//ديولوجي داخ//ل ه//ذه الحرك/ات. وبحل/ول الع//ام

األساسية صارت مختلفة، حينها جادال بنفس القوة بأن العصبة يجب أن تؤسس من جديد. لق//د أدرك//ا//ة في أذه//ان أن من المهم للغاية فهم األح//داث والتعلم منه//ا، تل//ك األح//داث ال//تي ك//انت ال ت//زال حي نشطاء الطبقة العاملة واالشتراكيين ع//بر أوروب//ا. حل//ل م//اركس تل//ك األح//داث في عملين ت//اريخين،

(، وسلس//لة من1850وهم//ا "عريض//ة المجلس المرك//زي إلى عص//بة الش//يوعيين" )م//ارس ويوني//و المقاالت المطولة نشرت في الجريدة التي لم تستمر طويال )من يناير إلى أكتوبر( جمعت بع//د ذل//ك

". األخير كان عمال تاريخيا مذهال، ولم يكن1850 –/ 1848وأطلق عليها "النضال الطبقي في فرنسا مجرد مجموعات من التفسيرات يقدمها مراقب حيادي منعزل عن األحداث أو لم يكن له ض//لع فيه//ا. فماركس، قبل كل ش/يء، انتخب رئيس/ا للجن/ة التنفيذي//ة للعص//بة الش//يوعية، وك//ان مس/اهما نش/طا

وبنت عليه//ا، وكم//ا ق//ال م//اركس1848وواعيا في بناء منظم//ة اش//تراكية تعلمت من خ//برة ث//ورات "ماتت الثورة – تحيا الثورة". الكثير من االستنتاجات والرؤى التي تبدو معاص//رة بش//كل يث//ير1848استخلص ماركس من خبرات

اب والمعلقين ال//ذي كتب//وا عن ، ن//اقش م//اركس ه//ذه1848الفض//ول. وعلى عكس الكث//ير من الكت األحداث من وجه//ة نظ//ر الطبق/ة العامل/ة بقص//د اس//تخالص النت//ائج السياس/ية والتنظيمي//ة للمنظم//ة االشتراكية ال/تي يمكن بناءه//ا في المس//تقبل. االس/تنتاج األول ه//و أن الث/ورة في البداي//ة ق//د ج/ذبت قطاعات هامة من الطبقة الوسطى في حركة موحدة مع الطبقة العامل//ة. إال أن ه//ذه الوح//دة أثبتت أنها قصيرة األمد في كل من ألمانيا وفرنسا. في كلتا الحالتين، ف//زعت البرجوازي//ة – وهي المس//تفيد

( – من أن األم//ور1848األساسي من إدخال الديمقراطية البرلمانية )المكسب الرئيسي من ث//ورات قد ال تتوقف عند هذا الحد، ومن أن الطبقة العاملة وحلفاءها قد يقودوا العملية الثورية بشكل أس//رع أبعد من ذلك، حيث تهديد الملكية الخاصة نفسها. ل//ذا فق/د انقلبت البرجوازي//ة على حلف//اء الماض//ي، وسعت لعقد المساومات والصفقات في حاالت عدي//دة م//ع الطبق//ات الحاكم//ة القديم//ة ال//تي أرادت

إسقاطها باألمس القريب. وباألخذ في االعتبار أن المجتمع الرأسمالي ال يمكن أن تسقطه الطبقة التي لها مصلحة في الحف//اظ عليه، فقد صار جليا أن الطبقة العاملة قادرة على استكمال مسارها في استقالل عن حلف//اء األمس. "إنه لفي مصلحة البرجوازية الصغيرة إنه/اء الث/ورة بأس/رع م/ا يمكن... بينم/ا في مص/لحتنا، ب/ل إنه//ا مهمتنا، أن تكون الثورة دائمة". هذه األفكار عن الثورة الدائمة صارت مميزة لتفكير ليون تروتسكي،

. في تلك األثناء ال//تي كتب فيه//ا1848لكن أصلها هو ها هنا في تناول ماركس للخبرات الثورية لعام ماركس ذلك، كان منخرطا في جدال حاد مع البالنكيين، الذين استنتجوا أن على الث//وريين أن يعمل//وا اآلن في السر. شدد ماركس وإنجلز على هذه النقطة، وكان لزام//ا أن تنظم الطبق//ة العامل//ة نفس//ها بشكل مستقل عن البرجوازية، وضعا في االعتبار أن البرجوازي//ة س//تدعو، آجال أم ع//اجال، لوض//ع ح//د

12

للحركة. من الممكن أن يحدث ذلك بالقدر الذي تعي به الحركة العمالية مص//الحها الطبقي//ة وت//دركها جيدا، وتعي في الوقت نفسه مصالح الطبقات األخرى في المجتمع، وكيف تتحقق الثورة. هذا الوعيل ويبلور استجابة الطبقة العاملة للحظات الثوري//ة ال يتحقق فقط خالل اللحظات الثورية، بل أنه يشك

حينما تأتي )أو حينما تأتي مجددا(. صار اآلن بناء حزب ثوري للطبقة العامل/ة مهم//ة اللحظ//ة. ربم//ا، كم/ا أدرك إنجل/ز وكتب في مقدم/ة جديدة لكتاب "النضال الطبقي في فرنسا" بعد وفاة ماركس، كان ماركس مفرطا في التفاؤل بآفاق الثورة في ذلك الوقت. لكنه كان محقا في إص//راره على أن مهم//ة الث//وريين هي بن//اء الح//زب ال//ذي/ر عن/ه م/اركس هن/ا، يحوز قيادة الحرك/ة الثوري/ة ويقوده/ا إلى منتهاه/ا. وه/ذا المنتهى ك/ان، كم/ا عب

"ديكتاتورية البروليتاريا". قليل/ة هي كلم//ات م//اركس ال/تي تعرض/ت لس/وء الفهم وس/وء التفس//ير مثلم//ا تعرض//ت ل/ه العب//ارة السابقة. اتخذت كلمة "ديكتاتورية" معنى متجهما وكئيب//ا في ع//الم ش//هد النازي//ة والس//تالينية وش//تى أشكال االستبداد التي أفرزتها الرأسمالية في المائة ع//ام األخ//ير تقريب//ا. لم يكن له//ذه الكلم//ة نفس الوقع حينما استخدمها ماركس. فق//د ك//ان على س//بيل المث//ال يتح//دث في الحقيق//ة عن الدول//ة حين اس//تخدم وص//ف األداة الحاس//مة في الحكم الطبقي ب///"اللجن//ة التنفيذي//ة للبرجوازي//ة". في ألماني//ا وفرنسا، الكثير من الوزراء في حكومات ما بعد الثورة كانوا لوقت قصير حلفاءا للطبق//ة العامل//ة في النضال من أجل الديمقراطية، لكنهم انقلبوا ضد العمال بشراسة ووحشية قصوى. تس//اءل م//اركس، أي دولة يمكن أن تحمي مصالح األغلبية؟ وقد أج//اب "الحكم السياس//ي للطبق//ة العامل//ة وح//دها م//ع كافة التغييرات الثورية في الظروف االجتماعي//ة ال//تي ال تنفص//م عن//ه". فق//ط ه//ذه الدول//ة هي ال//تي تس//تطيع ال/دفاع عن مكتس/بات العم//ال، واإلش/راف على تح//ول الظ//روف االجتماعي//ة لض//مان ه//ذه المكتسبات. في هذه المرحلة، كان لدى ماركس فكرة عامة عن األم//ر؛ أي نظري//ة. وك//ان لكوميون//ة

أن تكشف الحقيقة. 1871باريس في بالطبع كان ماركس ماديا. وبرغم أن وعي وتنظيم العمال، أي الطبقة الثوري//ة، يمث//ل الق//وة الدافع//ة في إسقاط النظام القديم وبناء الجديد، إال أن ذلك وحده ليس كافيا. وكما كتب ماركس فإن "البش//ر يصنعون التاريخ، لكنهم يفعلون ذلك في ظروف لم يختاروها بأنفس/هم". تثبت الظ/روف المادي//ة أنه/ا حاسمة في العمليات الثورية أيضا؛ مستوى تطور االقتصاد الرأسمالي، وحجم الطبقة العامل//ة وثقله//ا النسبي، استمرار األزمة االقتصادية، كل هذه اعتبارات حاسمة. إن نضج الطبقة العامل/ة ال ينتج هك/ذا فقط بمجرد التثقيف السياسي، لكن أيضا بثقلها الموضوعي بين الطبقات المستغلة. وكلم//ا تط//ورت الصناعة وتقدمت الرأس/مالية، ينم/و ترك/يز العم/ال في مواق/ع عم/ل أك/بر وأك/بر، وتح/ول الفالح/ون والحرفيون إلى عمال ليس لديهم مص//در عيش آخ//ر س//وى ق//وة عملهم، ه//ذا ك//ل م//ا ل//ديهم لبيع//ه. وبنفس الكيفية، هؤالء وحدهم هم منتجو الثروة، لكنهم ال يتلقون شيئا يذكر منها. هذا هو التناقض في

القلب من الرأسمالية. وبالنظر إلى ذلك الوقت الذي كان يموج في//ه الع//الم ب//التغيرات، أوض//حت تحليالت م//اركس الدقيق//ة الرابط بين الثورة واألزمة داخل النظام االقتصادي. هذه األزمة ليست نتيج//ة خط//أ ع//ابر في النظ//ام وليست مجرد صدفة، ب//ل نتيج//ة للص//راعات الداخلي//ة في الرأس//مالية. أش//ار م//اركس من قب//ل إلى تناقض//ات الرأس//مالية على نح//و مبه//ر في "البي//ان الش//يوعي" ال//ذي ن//اقش الحاج//ة الدائم//ة ل//دى الرأس//مالية لتث//وير اإلنت//اج. لق//د اس//تنتج أن غي//اب األزم//ات، أو بتعب//ير آخ//ر موج//ة الرخ//اء والنم//وغ الحركة التش//ارتية من االقتصادي، في إنجلترا في نهاية عقد أربعينات القرن التاسع عشر، هو ما فر مضمونها الثوري. وفي المقابل، في فرنسا، لم تكن الطبقة العاملة قوية أو مركزية في االقتصاد بم//ا

فيه الكفاية لتضمن فرصتها الثورية. دت في ق//وى بالنسبة لمادي ثوري مثل ماركس، كان واضحا أن "األفكار ال تغير الت//اريخ" إال إذا تجس// اجتماعية حية وفاعلة في الظروف المادية التي تجعل مثل هذا التغيير ممكنا. وقد كان فهم العوام//ل التي تدفع بالرأسمالية إلى األمام، والظروف التي تنتج األزمة، مهم/ة جوهري//ة لم/اركس، تمام/ا مث//ل

بناء منظمات الطبقة العاملة واإلعداد السياسي ألعضائها.

13

14

- التراكم.. التراكم6 ، بات من الواضح لكارل ماركس أن الثورة لم تعد على ج//دول األعم//ال.1850بحلول منتصف العام

كانت الرأسمالية في أوروبا تتحرك تجاه مرحلة من النم/و والتم/دد، وكم//ا أثبتت األح/داث في ألماني/ا في ذلك العام، كانت الديمقراطية البرجوازي//ة تح//رر نفس//ها من بقاي//ا النظ//ام الق//ديم. دبت ج//داالت مريرة داخل العصبة الشيوعية، حيث كان هناك الكثيرين في قيادة التنظيم على قناعة ب//أن الث//ورة ال

بغت1848تزال إمكانية راهنة، وكل ما تحتاجه هو االستعداد بالس//الح. وح//تى أثن//اء بع//د أح//داث ، ص//الجداالت بصبغة قومية، حيث أصر الرفاق األلمان على التجذير المستمر لطبقتهم العاملة القومية.

أما بالنسبة لماركس وإنجلز، فقد كانت هناك قضيتين أساسيتين. أوال، كما ذك//را بوض//وح في "البي//ان الشيوعي"، ينبغي أن تتخذ الحركة الثوري//ة للعم//ال طابع//ا أممي//ا. ثاني//ا، ق/امت الث//ورة نتيج//ة تش/ابكالعوامل الذاتية )وعي العمال ونفوذ األفكار الثورية بينهم(، مع العوامل الموضوعية )أزمات النظام(. "استبدل المنظور الشامل واألممي للبيان الشيوعي بوجهة النظر القومية األلمانية، كما ك//انت هن//اك محاباة للمشاعر القومية لدى الحرفيين األلمان. تم التخلي عن وجه//ة النظ//ر المادي//ة المتض//منة في البيان، لصالح المثالية. فيما لم يعد ينظر للثورة باعتباره//ا نت//اج للحق//ائق الملموس//ة في الواق//ع، ب//ل

عاما من الحرب األهلية لتحوي//ل50 أو 20 أو 15نتيجة للجهود اإلرادية. وبينما نقول للعمال: أمامكم األوضاع ولتدريب أنفسكم على ممارسة السلطة، يقولون: علين//ا أن نأخ//ذ زم//ام الس//لطة اآلن أو أن

تنا". نخلد إلى أسر كانت تلك أوقاتا عصيبة بالنسبة لماركس؛ كان وضعه المالي ضائقا، وكان يضطر وعائلته لالنتقال من مكان إلى آخر، لقد بدا أن الشيء الوحيد الذي أنقذ ماركس وعائلته هو الدعم ال//دائم والمتف//اني من جانب إنجلز. وبحلول نهاية العام، ت//وفي ابنهم الح//بيب ه//اينريتش )ال//ذي أطل//ق م//اركس علي//ه إس//م فاوكسي(، وبعدها بستة أشهر أنجبت خادمتهم المقيمة معهم ولدا سمي فريدي، في األغلب كان ابن/ا لماركس، إال أنه لم يعترف به قط، فيما أعلن إنجلز أبوته له بغية حماية صديقه وزميله م//اركس - لم

تكن تلك المرة األولى التي يقدم فيها إنجلز تضحيات من أجل ماركس، وال األخيرة. اتخذ اآلن ماركس مكانه المعتاد في غرفة القراءة في المتحف البريطاني، وكان ق//د ب//دأ بالفع//ل في المشروع الطموح لتعريف وتوصيف السمات العامة للنظام الرأسمالي ككل، حيث تطوره الت//اريخي، واالتجاه الذي يسير فيه. بعض ممن شاركوا في الحركة )ب//األخص أولئ//ك ال//ذين يقض//ون اللي//الي في التخطيط للمؤامرات والتمردات( رفضوا ذلك، واعتبروه تخليا عن السياسة. إال أن ماركس وإنجلز لم يتخلي//ا على اإلطالق عن المنظم//ة السياس//ية، ب//ل في الحقيق//ة لم يتوقف//وا ق//ط عن مح//اوالت بن//اء

. لم يتوقف ماركس بالطبع عن السجال مع االشتراكيين1864الحزب حتى إنشاء األممية األولى في اآلخ//رين، ولم يتوق//ف أيض//ا عن كتاب//ة أو إص//دار الكراس//ات والمق//االت. وفي الحقيق//ة، ك//انت تل//ك //بر ج//زءا السجاالت والنقاشات، التي جرت في فترة الركود بعد انفصالهما عن العصبة الشيوعية، تعت

من عملية بناء حزب جديد. لكن ما ال شك فيه أن ماركس قد اعتبر، في هذه المرحلة، دراساته وأبحاث//ه في النظ//ام الرأس//مالي المهمة السياسية الرئيسية. لم يكن ذلك بغرض التعرف على العدو، بل كان اله//دف ه//و فهم الق//وى الدافعة للنظام الرأسمالي والتوترات والتناقضات التي تنتج عن تطوره. وبالوضع في االعتب//ار حتمي//ة أزمات النظام، كان من الضروري أن يكون ق//ادرا على ت//رقب - أو ح//تى توق//ع - م//تى وأين س//تحدثالتشققات. كل ذلك كان جزءا من مهام إعداد الشيوعيين للمعارك المستقبلية في النضال الطبقي.

كان ذلك وقت الدراسة والقراءة، وقد غدا ماركس وجها معتادا في المتحف البريطاني. ك//ان المهم//ة التي رسمها لنفسه جامحة الطموح؛ أن يفهم الطريقة ال//تي تعم//ل به//ا الرأس//مالية، كنظ//ام ع//المي، وتتطور عبر الزمن، بغرض الكشف عما أطلق عليه "قوانين الحركة". لكن ذل//ك لم يكن ك//ل ش//يء، فالمشكلة أن ما قد يظهر على السطح ربما ليس هو ما يحرك النظام بشكل فعلي من داخله. ف//أوال وأخيرا، استفاض ماركس في أعماله األولى في تحليل الط//رق ال//تي غالب//ا م//ا أخفت به//ا الكث//ير من األفكار والتفسيرات آليات وقوانين الرأسمالية - وهذا ما كان يعنيه ب/"األيديولوجيا". نحن ندرك تماما، من العصر الذي نعيش فيه اليوم، أن القرارات االقتصادية التي تتخذها أطراف قوي//ة تتمت//ع بالس//لكة

15

بغرض خدمة مصالحها، تقدم إلى العالم بوصفها عملية طبيعية. حينما تعرض تلك اإلحصاءات المبهمة في خاتم كل نشرة أخبار، لتصف "حركة السوق"، تحشر بين أنباء الكوارث ونشرة األرص//اد الجوي//ة،

وكأنهم جميعا يندرجون في نطاق األمور التي ال نملك قدرة التحكم فيها. يقول ماركس: "يتحدث االقتصاديون البرجوازيون عن العالقات داخل عملية اإلنتاج البرجوازي وكأنه//ا ثابتة وأبدية غير قابلة للتغيير". لكن ماركس نفسه كان قد أوض//ح أيض//ا أن حرك//ة رأس الم//ال تح//ددر بناءا على مصالح طبقة واحدة تع//ارض من ينتج//ون ثرواته//ا ال//ذين على ال//رغم من ذل//ك ليس وتقر

لديهم أي سيطرة على النظام أو على الطريقة التي يعمل بها. وفي الكتابات التي أنجزها أثناء فترة شبابه، وص//ف م//اركس، في األغلب على نح//و متع//اطف كث//يرا، خبرات العمال في ظل الرأس/مالية، حيث يمث//ل االغ/تراب ال/ذي يعيش//ونه داخ//ل المجتم//ع حال/ة من فقدان الق//وى يش//عرون به//ا. الس//ؤال هن/ا؛ أي ظ/روف ترس/خها الرأس/مالية في المجتم//ع تنتج ه//ذه العالقة بين مالكي رأس المال من ناحية ومنتجي الثروة من ناحي//ة أخ//رى؟ وم//ا هي الق//وى الدافع//ة الحقيقي//ة ال//تي تح//رك النظ//ام بكليت//ه إلى األم//ام، بغض النظ//ر عن األمثل//ة الفردي//ة لس//لوك ه//ذا الرأسمالي أو ذلك أو معاملتهم للعمال؟ ما هي العالق//ة بين طبق//ة الرأس//ماليين وطبق//ة العم//ال في

النظام الرأسمالي العالمي؟ اإلجابة على هذه األمثلة بالطبع ال يمكن إيجادها في الص/يغ المج//ردة، فم//اركس ك/ان قب/ل أي ش/يء ماديا، وهكذا رسم أطروحاته وأرس//اها بن//اءا على مراقب//ة س//لوك الق//وى الحي//ة الفاعل//ة في الت//اريخ الحقيقي، فيم//ا ك//ان اختب//ار النظري/ة عن طري/ق الممارس/ة ه/و منهج//ه الستيض/اح الحقيق/ة المادي/ة وتطوراتها عبر الزمن. وهذه التطورات، كما في كل حركة تاريخية، هي تطورات جدلية تنتج تناقضات وصراعات ال يمكن حسمها إال من خالل تغيير المجتمع. وتظهر هذه التناقضات والت//وترات في ص//ورة أزمات دورية يمكن خاللها أن تحقق الحركة الثورية مكاسب هامة، فقط إذا ترقبته//ا وفهمت طبيعته//ا وأعدت نفسها تنظيميا النته//از الف//رص ال//تي تق//دمها. ل//ذا، بالنس//بة لم//اركس، ك//انت ف//ترة الدراس//ة

والبحث تمثل إسهاما ماديا مباشرا لهذا المشروع السياسي. "يسر حزبنا أن يحظى بالفرصة مرة أخرى من أجل الدراسة. إنها لميزة عظيمة أن أسس//ه النظري//ة تمثل رؤية علمية جديدة تطويره//ا يش//غله بم//ا يكفي. وله//ذا الس//بب وح//ده ال يمكن أن يك//ون حزبن//ا

محبطا وهامدا مثل "الرجال العظام" في المنفى". كلمة "حزبنا" هنا يقصد بها ماركس فقط نفسه وإنجلز. وعلى الرغم من البعد الشديد آلفاق النضال، إال أن معنوياتهما لم تنهار. بالطبع كان صمود ماركس ومرونته ملحوظين، بالوضع في االعتب//ار األي//ام السوداء التي قضاها هو وعائلته في الفقر وانع/دام األم/ان، عالوة على االنتق/ال المس/تمر من م//نزل آلخر، والمرض المتكرر ألفراد العائلة، انتهاءا بوفاة إدجار الصغير. وفقط كان الدعم المتف//اني الن//اكر

للذات من جانب إنجلز هو ما حفظهم من االنهيار. قضى ماركس األعوام العشرين التالية في كتابة "رأس المال" الذي لم يصدر الجزء األول من//ه ح//تى

( ك//ان1859، ولم يتوفر بكامله للجمه//ور ح//تى بع//د وف//اة كاتب//ه. أول ج//زء طب//ع وص//در )في 1867"مساهمة في نقد االقتصاد السياسي".

16

- تحديد الوحش7إذن، ما هي األفكار األساسية لهذا العمل االستثنائي؟

"المجتمع البرجوازي العصري، الذي قام على أنقاض المجتمع اإلقطاعي، لم يلغ التناحرات الطبقي//ة، بل أحل فق//ط مح//ل الطبق//ات القديم//ة طبق//ات جدي//دة، وح//االت اض//طهاد جدي//دة، وأش//كاال جدي//دة

للنضال". أوال، الرأسمالية هي مرحلة في تطور وتغير التاريخ. لق/د ظه//رت في ظ/روف تاريخي/ة معين/ة، ومث//ل كافة المجتمعات الطبقية السابقة عليها، كانت تناقضاتها الداخلية تفسخها. ثانيا، البحث عن الوس//ائل التي تجعل العمال أكثر إنتاجا بشكل متزايد، حيث "التثوير الدائم لإلنت//اج" ال//ذي عل//ق علي//ه م//اركس بأسلوب أدبي في "البيان الشيوعي". ثالثا، المصدر اآلخر للربح هو العمل نفسه، أو باألحرى استغالل العمل. يميل العالم المعاص//ر لتن//اول مس//ألة االس//تغالل كقض//ية أخالقي//ة، باعتب//اره إس//اءة اس//تخدام للسلطة، بينما تناول ماركس هذا المصطلح خصيصا لتوصيف العالقة بين رأس المال والعم//ال، حيث يسعى رأس المال الستخالص قيمة أكبر وأكبر من العاملين، القيمة التي تزيد عما هو ضروري لإلبقاء

عليهم أحياءا يعملون – أي فائض القيمة. تلخصت إجابة ماركس في المجتمع الطبقي، حيث تملك طبقة ص/غيرة وس/ائل اإلنت//اج )أطل/ق عليه//ا اس//م البرجوازي//ة، أي الطبق//ة الرأس//مالية(، وأغلبي//ة عظمى ال تمل//ك س//وى ق//وة عمله//ا )وه//ذه هي

البروليتاريا أو الطبقة العاملة(. داخل كل طبقة هناك الكثير من التنوع، في الجنس والعرق والمظهر. هناك رؤساء خ/يريون وآخ//رون مستبدون، ليبراليون وعنصريون وقومي//ون ومنفتح//ون. وك//ذلك بين العم//ال، هن//اك المتعلم//ون وغ//ير المتعلمين، الماهرون وغير الماهرين، بعضهم سود وآخرين من البيض، رج//ال ونس//اء. إال أنهم جميع//ا ينتمون إلى نفس الطبقة بسبب عالقتهم بموارد المجتمع والطريقة التي ينظم//ون به//ا؛ ال//برجوازيون جميعهم يتحرك//ون بش//كل موح//د لل//دفاع عن ملكيتهم ل//ثروات المجتم//ع، عالوة على اس//تخدامهم لسلطتهم وسطوتهم لتنظيم عملية اإلنتاج االجتماعي من أجل تحقي//ق أرب//احهم. "ال//تراكم، ال//تراكم..

هذه هي كلمة السر". بهذه العبارة البسيطة، لخص ماركس العوامل المحرك//ة للرأس//مالية. أولئ//ك ال//ذين يملك//ون وس//ائل اإلنتاج ينتمون إلى نفس الطبقة، لكنهم أيضا خصوم يتنافسون على األرب//اح والهيمن//ة على األس//واق. تعمل الرأسمالية من أج//ل ال//ربح. لكن الرأس//مالي ليس مج//رد ش//خص يمل//ك وس//ائل اإلنت//اج، فه//و يستخدمها لجلب المزيد من ال//ربح والم//ال وللتق//دم على منافس//يه، والرأس//مالية هي طريق//ة تنظيم

النظام االقتصادي التي تجعل ذلك ممكنا. بالطبع هذا النظام )الذي أطلق عليه ماركس نمط اإلنتاج( يتسم ب//الكثير من التعقي//د، فه//و ال يتطلب فقط طريقة معينة في اإلنتاج نفسه، بل أيضا أشكاال وهياكل متنوع//ة للحف//اظ علي//ه قائم//ا، ب//دءا من الوسائل التي تنقل الناس من وإلى العمل، إلى تعليمهم كي//ف يس//تخدمون الميكن//ة الجدي//دة، م//رورا بخلق سلسلة من األدوات الثقافية التي تقنع أولئك المفترض بهم القيام باإلنتاج أن هذا الع//الم ال//ذي يعيشون فيه هو أفضل ما يمكن تحقيق/ه، ب//رغم الفق//ر ال/ذي يعانون//ه. ه//ذه هي األبع/اد ال/ذي تناوله/ا

ماركس وعكف على تحليلها. لكن في القلب من كل ذل//ك يقب//ع اإلنت//اج نفس//ه. كي//ف يمكن للرأس//ماليين أن يجن//وا أرب//احهم؟ من الواضح أنهم ال يقومون بأي عمل بأنفسهم، فكل ما عليهم هو أن يستثمروا أموالهم، ويش//تروا اآلالت ويوظفوا بعض الناس ويقرروا ما ينتج وكيف. أما اإلنتاج الحقيقي فيق/وم ب/ه العم//ال ال/ذين يتقاض/ون أجورا مقابل العمل على اآلالت. في الوقت الذي عاش فيه م//اركس، ك//انت أع//داد من يعمل//ون على اآلالت تنمو بش/كل مط//رد. ب//الطبع ك/ان من الس/هل على م//اركس أن يتخي//ل المص//انع الض//خمة في القرن العشرين حيث يعمل اآلالف في إنتاج البضائع على خطوط إنت//اج ك//برى. أم//ا الي//وم، فخط//وط اإلنتاج هذه يمكن أن تعمل بواسطة عدد قليل للغاية من الناس على خطوط إلكتروني//ة – حيث يق//وم

الروبوت بأغلب العمل، حتى أنه يمكن أن يرسم اللوحات مثل بيكاسو. 17

إال أن الحال يبقى على ما هو عليه، قديما واليوم على حد سواء، فاإلنتاج عملية دقيق//ة يش//ارك فيه//ا أناس من مختلف أنواع العمل. مص//انع القطن في الق//رن التاس//ع عش//ر، على س//بيل المث//ال، ك//انت تس//تخدم القطن ال//ذي يجمع//ه عم//ال الس//خرة في مص//ر والهن//د، ومن ثم ينقل//ه عم//ال آخ//رون إلى النكاشاير في بريطانيا، باإلضافة إلى آخرين )بأعداد أقل مم//ا ه//و الح//ال الي//وم( يعمل//ون على تغذي//ة وتعليم وتمريض األيدي العاملة في المصانع، وبالتالي فقد قامت جيوش من الناس للتعامل مع ضحايا نظام وحشي وغير إنساني. ما وحد ويوحد كل هؤالء الناس في مختلف مراحل سلسلة اإلنت//اج – من العاملين بمراكز االتصاالت إلى عمال الخدمات االجتماعية إلى سائقي الحافالت – ه//و عالقتهم ب//ذاك

النظام. إنهم جميعا يبيعون قوة عملهم لمن يملكون وسائل اإلنتاج مقابل أجر. النقطة األساسية بالنسبة لإلنت/اج الرأس/مالي هي أن العم//ال ينتج/ون أك/ثر بكث/ير مم//ا يتقاض/ون من أجور. والفرق بين قيمة ما ينتجون وما يتلقون من مال في صورة أجر، ه//و م//ا أطل//ق علي//ه م//اركس

"فائض القيمة". وهذا ما يذهب إلى خزائن الرأسماليين. يرى الرأسماليون أن هذه األموال من حقهم، إذ أنهم بحاجة إلى االستثمار مرة أخرى، وبحاج//ة أيض//ا إلى التعويض عن "المخاطر" التي يتعرضون لها في استثمار تلك األموال. الخبرة الحديث//ة توض//ح لن//ا بشكل جلي أن االستثمار حينما ينه//ار، ويفق/د العم//ال وظ//ائفهم، يتلقى رؤس/اء الش//ركات وم//ديروها

تعويضات كبرى، وينعمون بالحماية من آثار "المجازفة"، بعكس العمال. في الحقيقة، بعدما يقومون بتجديد اآلالت ويدفعون ما عليهم للبن//وك، تتبقى لهم األرب//اح ال//تي ينف//ق ج/زء منه//ا على الحف/اظ على أس/لوب حي//اة البرجوازي//ة. لكن ج//زء آخ//ر يس/خر لالس/تثمار في آالت وميكنة جديدة تنتج قدر أكبر من فائض القيمة وتمنح المستثمر األسبقية في المنافسة. من المفترض أن كل رأسمالي يفعل الشيء نفسه، لكن م//ا ال//ذي ي//دفع بأح//دهم للتق//دم على اآلخ//ر؟ اإلجاب//ة هن//ا

بسيطة؛ الرأسمالي القادر على اعتصار عماله المنتجين، من أجل إنتاج أكبر، يسبق منافسيه. يساق اإلنتاج الرأسمالي بالحاجة العنيدة الجامح//ة لمراكم//ة األرب//اح أك//ثر من الرأس//ماليين اآلخ//رين. كلمات السر إذن هي التراكم والمنافسة. وإذا كان العمال في أحد المصانع ينتجون أك//ثر من زمالئهم في مصنع آخر، مقابل نفس األجر، فهذا يعني زيادة أرباح المصنع األكثر إنتاجا. كما أن هذا يعني أيضا

السيطرة بشكل أكبر وأكبر على موارد األرض، استهالكها وتدميرها، في سباق السوق. تزال الغابات، ويح//رق الوق//ود الحف//ري، ويك//اد النف/ط والغ//از أن ينف//ذا من األرض، وتس//تنفذ المزي//د والمزيد من األراضي في هذه العمليات. المص//انع الك//برى، بع//د أن ك//انت موج//ودة فق//ط في أوروب//ا وأمريكا، صارت اليوم أيضا في الصين وكوريا والمكسيك، إلخ، تستخدم وتستهلك الي//وم كاف//ة م//وارد الغد. لماذا ال يلتفتون لذلك؟ لم//اذا ي//رفض رئيس الوالي//ات المتح//دة إدراك م//ا ه//و جلي للماليين من الناس؟ في الحقيقة، خالل السباق المحموم في السوق، ال يفكر الرأسمالي في أي من هذه األم//ور، ألن كل منافسيه يفكرون بنفس الطريقة. هذه واحدة من الق//وى الدافع//ة للرأس//مالية ال//تي ش//رحها ماركس، وهي بالتأكيد لها أثر شديد التدمير على العالم بأسره. وب//الطبع ال تهتم ش/ركات ك/برى مث/ل هاليبرتن أو بيتشيل بما سيحدث العام المقبل، طالما أن أرباحا طائلة يمكن تحقيقها الي//وم. ه//ذه هي

كلمة السر. سؤال أبعد من ذلك يطرح نفسه؛ من أجل من تنتج هذه المنتجات؟ في مجتم//ع يس//تجيب الحتياج//ات الناس ويلبيه//ا، من الط//بيعي أن يتعل//ق ق//رار م//ا ينتج بم//ا يحتاجون//ه - تنتج المص//انع غ//ذاءا للج//وعى والمحرومين، وسيارات إسعاف للمرضى، إلخ. إال أنه من الواضح بجالء أن الرأس//مالية له//ا اعتب//ارات أخرى تسيطر عليها، وهكذا نجد أن النقص الهائل في سيارات وإعدادات اإلسعاف يتوازى م//ع ف//ائض ضخم من السالح، وبينما يجوع الماليين في العالن نتيجة نقص الغذاء، يتم التخلص من كميات غزي//رة بشكل يصعب تخيله من الغذاء غير الضروري وغير المرغوب فيه. ذلك ألن الس//لع تب//اع وتش//ترى في السوق، وليس هناك عالقة مباشرة بين المنتج والمستهلك، عالوة على أن قرار واختيار ما ينتج يتحدد بشكل حصري فقط على ما يدر األرباح. لكن هذا السوق تنافسي أيضا؛ أكثر من شركة )رغم تناقص أعداد هذه الشركات( تنتج نفس السلع، وما يعطي األسبقية لشركة على أخرى في السوق هو تكلفة العمالة. وهذا هو السبب وراء نقل الشركات متعددة الجنسيات اإلنتاج من أوروبا والواليات المتح//دة،

18

حيث التنظيمات النقابية القوية والتاريخ الطويل من النض//ال أدى إلى زي//ادة األج//ور، إلى بل//دان ذاتمستويات معيشية منخفضة وأجور أقل، ومقاومة اجتماعية أكثر تراجعا.

لذا ف//إن الرأس//ماليين، في س//باقهم وتنافس//هم المحم//وم على الس//يطرة على الم//وارد وق//وة عم//ل البشر، يتجازون الح//دود القومي//ة ويمت//دون عبره//ا، ويتص//ارعون على الهيمن//ة على إم//دادات الم//واد

الخام. إن طبيعة الرأسمالية قائمة باألساس على التصارع والتناقض.

- األزمة والفرصة8 حين تمخضت األزمة الرأسمالية عن ردة فع//ل ثوري//ة. وب//رغم1848نظر ماركس إلى الماضي، إلى

أن النتيجة النهائية لم تأت بما كان يأمله، إال أنها أظهرت بوضوح كال من قوة الطبقة العاملة وجبروت الحكام. كانت تلك دروسا هام//ة يمكن االس/تفادة منه//ا في األزم/ة المقبل/ة، ال/تي أوض/حت دراس/ات ماركس أنها نتيجة ال مفر منها لفوضى النظام الرأسمالي. وفي المرة المقبلة، ينبغي أن تكون حركة

الطبقة العاملة مستعدة. ، دبت أزمة اقتص//ادية في أرك/ان النظ//ام. ك/ان األم//ر مث//يرا للس//خرية بالنس/بة لم//اركس؛1857في

نهم من تس//ديد دي//ونهم واالنتق//ال إلى فجيني كانت قد تلقت قبل ذل//ك بع//ام واح//د ميراث//ا ص//غيرا مك س//كن أفض//ل. ه//ذه األزم//ة لم تس//فر عن أي موج//ة من النض//ال، في حين ك//انت بعض التحرك//ات، باألخص في أوروب//ا حيث تنم//و الطبق/ة العامل//ة بأع/داد كب//يرة في فرنس//ا وألماني//ا، وتول/دت أش/كال سياسية جديدة مألت الفراغ السياسي الذي خلفه غياب تنظيم الطبقة العاملة األك//ثر راديكالي//ة قب//ل

19

، تجمه//ر العم//ال في تجمع//ات1863ذلك بعقد من الزم//ان – الحرك//ة التش//ارتية. في بريطاني//ا ع//ام كبيرة لتأييد الشمال في الحرب األهلية األمريكية – ما كان يعني دالالت هامة بالنسبة لماركس. قوبل الراديكالي اإليطالي جاريبالدي ب//ترحيب ش//ديد في تجمع//ات جماهيري//ة في لم//دن، وان//دلع تم//رد في بولندا حظى بتأييد هائل، كل هذه التجمعات قد نظمها مجلس نقابات لندن ال//ذي عم//ل م//ع م//اركس

وإنجلز لسنوات. ، دعت نفس المجموعة من القيادات العمالية إلى اجتم//اع أممي، من أج//ل تحف//يز1864في سبتمبر

التض//امن ع//بر الح//دود القومي//ة، وللتأكي//د على أن العم//ال من مختل//ف القومي//ات لن يتالعب بهم الرأسماليون ض/د بعض//هم. ورغم أن م//اركس لم يكن عض/وا مؤسس/ا لم/ا أص/بح فيم//ا بع/د "جمعي/ة الشغيلة األممية"، إال أنه دعي فيما للمشاركة. لم يكن منخرطا في النشاط منذ ع//ام أو اث//نين، لكن//ه انتهز الفرصة ألن الكيان الجديد كان، على حد تعبيره، "يضم أناسا ذوي ثق//ل"، مش//يرا إلى القي//ادات العمالية – رغم أن من حضروا االجتماع لم يكونوا كلهم من الطبقة العاملة، أو ح/تى مل/تزمين جميع/ا بقضية العمال األممية. كان عليه أن يسرع، أك//ثر من أي وقت مض//ى، في إرس//اء القواع//د والمب//ادئ التي طلبت من//ه كتابته//ا. ح/تى أولئ//ك ال/ذين أدرك/وا ال/دور الرئيس//ي لم//اركس وال/دور ال/ذي يمكن//ه االضطالع به، كانوا متشككين في االشتراكية، وغير مقتنعين على اإلطالق بالحاجة إلى الثورة. الق//ادة النقابيون اإلنجليز، مثال، كان هدفهم هو حق االقتراع العام. الحاضرون من فرنسا كانوا متأثرين بشدة بخصم ماركس الق//ديم ب//رودون، أم//ا اإليط//اليون فق//د ك//انوا على قناع//ة بأفك//ار م//ازيني الجمهوري//ة

الراديكالية. إال أن تلك مثلت فرصة سياسية استثنائية لبسط نفوذ األفكار الثوري//ة بين قي//ادات الحرك//ة العمالي//ة، حتى برغم أن الحركة في هذه المرحلة كانت ال تزال في طور الجنين. كما أن دراسات ماركس أثناء كتابته "رأس المال" وطدت لديه فهمه لفك//رة أن نش//أة الرأس//مالية األوروبي//ة ت//ؤدي أيض//ا إلى نم//و الطبقة العاملة عدديا، وإلى تعميق الصراعات بين رأس المال والعم//ال على نح//و ال مف//ر من//ه. وق//د كشف تناوله لخبرات نضاالت العمال في "خطاب إلى األممية" أن األم//ور تتط//ور بالفع//ل ح//تى قب//ل

. ما أسفر عنه ذلك التحليل هو القناعة التامة والمركزية بأن أممية حركة الطبقة العاملة، حتى1848 في تلك المرحلة، أمر ال غنى عنه في النضال من أجل االشتراكية. أوضح ماركس، في القواعد ال//تي كتبها، أن ما من قواعد ثابتة وجامدة ستطبق على القطاعات المختلفة، لكن بنفس الق//در أيض//ا ك//ان واضحا لماركس وإنجلز أن الحاجة إلى اتجاه مركزي موحد في الحركة ستظهر في النقاش//ات داخ//ل

األممية. وبالفعل، أظهرت مقدمة قائمة القواعد الجديدة أكثر أفكار ماركس مركزية: "تحرر الطبقة العاملة ينبغي أن تنجزه الطبقات العاملة نفسها... والنض//ال من أج//ل تح//رر الطبق//ات العاملة ال يعني النضال من أجل امتيازات طبقية، بل من أجل حقوق وواجبات متساوية، ومحو الحكم

الطبقي برمته". شدد الخطاب على أن الهدف هو "ظفر الطبقة العاملة بالسلطة السياسية"، تلك العبارة التي فهمها المشاركون المختلفون بطرق مختلفة، وقد فتح ذلك الكثير من النقاشات المطولة. وبعد ذل//ك بع//ام، حينما أنكر بعض المندوبين الفرنس//يين ح//ق م//اركس في الحض//ور، س//عى أح//د المن//دوبين النق//ابيين اإلنجليز لتذكيرهم بأن "ماركس قد كرس حياته كلها لنصرة الطبقات العاملة"، وط//البهم آخ//ر بإتاح//ة "كل الطرق الممكنة لكل من درس االقتص//اد السياس//ي من منظ//ور الطبق//ة العامل//ة لالنض//مام إلى

مؤتمراتنا". قوبل ماركس بمعارضة من قبل أتباع برودون، ال//ذين ك//ان أغلبهم عم//اال، لكن ليس//وا في الص/ناعات الرئيسية الكبرى للرأسمالية الحديثة. امتهن ه//ؤالء الح//رف الم//اهرة، وك//انوا م//رتبطين بش//كل كب//ير بأفكار برودون، حيث تأسيس مجتمعات مشتركة كبديل مواز للرأسمالية. وكان ذلك ب//الطبع يتع//ارض مع إصرار ماركس على إنشاء منظمة ثورية للعمال لتح//دي س//لطة الطبق//ة البرجوازي//ة وبن//اء نظ//ام

ل المجتمع وتنظمه. جديد للمجتمع تسوده األغلبية وال يكون فيه الربح هو القوة الدافعة التي تشك

20

في ألمانيا، اشتعلت المعركة مع حزب الزعيم االشتراكي السال )الذي كان قد توفى قبل ذلك(، فيما كان إصدار جريدة "العمال االشتراكيون الديمقراطيون" بقيادة كارل ليبكنيخت، ال//ذي ق//اد فيم//ا بع//د

، يمثل خطوة كبرى لألمام بالنسبة لحزب ماركس. 1919الثورة األلمانية عام

21

- يوم توقف فيه الزمن: كوميونة باريس9 ، جسد التاريخ هذه النقاشات بشكل مثير، وحفز ماركس لتناول هذه األحداث بتحليل قوي1871في

، أعلن لويس نابليون حاكم فرنس//ا الح//رب على بروس//يا وعلى بس//مارك1870ومتماسك. في يوليو ذي النفوذ المتزايد. لكن بحلول سبتمبر أسر لويس نابليون. في ب//اريس، أعلنت الجمهوري//ة بحكوم//ة دفاع وطني، لم تستمر مقاومة هذه الحكومة طويال، فانتخبت جمعية وطنية بغرض إج//راء مفاوض//ات سالم مع ألمانيا. ظلت الحكومة بقيادة الرجعي تيير، الذي مكث في مدينة فرساي، بين يدي الحرس الوطني. وحينما استسلم تيير وتراج/ع، تمكن البروس/يون من االس/تيالء على العاص/مة ب//اريس، فيم//ا

أعلن السكان تأسيس الكوميونة. ظل ماركس مندهشا، مسحورا بالكوميونة طوال الشهرين الل//ذين اس//تمرت فيهم//ا. ك//انت انتقادات//ه ورفضه لجمهورية لويس نابليون الثانية بنفس قوة وثقة تنبؤه بث//ورة جدي//دة في فرنس//ا. لكن للح//ق، لم تكن تلك الظروف هي األفض//ل لالنتفاض//ة العمالي//ة، بع//د ش//هور من الحص//ار واختب//اء البرجوازي//ة بعيدا. لقد خشى ماركس أيضا من أن تؤدي عزلة العمال الباريسيين إلى الهزيمة إن لم يتحركوا ض//د

فرساي. وفي تحليله الملهم للكوميونة، رأى ماركس صورة واضحة لسلطة العمال، والعقبات التي ستواجهها، والحدود التي ينبغي أن تتجاوزها، واإلبداع الذي يمكن أن تظهره في بنائها لنظام جديد ومختلف. وقد

. 1871بدأ بالفعل عصر جديد في باريس في مايو ما الجديد إذن في الكوميونة؟ يجيب ماركس على ذلك في كتابه "الحرب األهلي//ة في فرنس//ا" ال//ذي يقدم في//ه تحليال لم//ا ج//رى في ب//اريس، ويق//دم ه//ذه اإلجاب//ة لجيل//ه ولألجي//ال المقبل//ة. "ك//انت تل//كف أخ//يرا، وال//ذي في ظل//ه يتحق//ق باألساس حكومة الطبقة العاملة.. الشكل السياس//ي ال//ذي اكتش// التح//رر االقتص//ادي للعم//ل". األك//ثر أهمي//ة من ذل//ك ه//و أن الكوميون//ة ق//د محت أدوات الهيمن//ة البرجوازي//ة، حيث اس//تبدل الجيش النظ//امي بالميليش//يات الش//عبية )الش//عب المس//لح(، وأزيحت الديمقراطية البرجوازي//ة وح//ل محله//ا ديمقراطي//ة مباش//رة ال يتمت//ع فيه//ا المن//دوبين أو الن//واب بأي//ة مميزات بسبب دورهم السياسي، بل ويمكن استدعاؤهم في أي وقت. كانت تل//ك دول//ة جدي//دة، أم//ا الدولة القديمة فهي تبقى، كما كتب لينين، معتمدة ح//تى في لحظاته//ا األخ//يرة على "القم//ع الع//نيف لألغلبية". لقد استبدلت هذه الدولة في باريس بنوع جديد من الحكم ليس منعزال عن هذه األغلبية وال يقبع فوقها، بل مكشوفة لها في كل شيء. هذه هي ديكتاتورية البروليتاريا كم//ا تخيله//ا م/اركس قب//ل

الكوميونة بكثير. لكن في الش/هرين الل/ذين قض/تهما الكوميون/ة قي/د الحي/اة، لم يكن ل/دى الكوميوني/ون م//ا يكفي من الوقت لتفعيل النظام الجديد، أي لترسيخ تحرر النساء ومح//و االس/تغالل وبن//اء هياك/ل الكوميون/ة في الحياة االجتماعية. وكما وصف ماركس، فإن "اإلنجاز األعظم للكوميون//ة ه//و وجوده//ا في ح//د ذات//ه". ومنها توصل ماركس إلى استنتاجه، الذي ربم//ا يك//ون أك//ثر اس//تنتاجاته اتس//اعا في األف//ق وبع//دا في

المدى: "ال يمكن للطبقة العاملة ببساطة أن تستولى على جهاز الدولة القائم بالفعل وأن تستخدمه لتحقي//ق

أغراضها الخاصة". الدولة البرجوازية قائمة في األصل من أجل الدفاع عن حكم الطبقة الرأسمالية، بينما من أج//ل بن//اء مجتمع قائم على إعادة توزيع ال//ثروة االجتماعي//ة، وتحقي//ق المس//اواة ووض//ع ح//د لالس/تغالل، يتطلب بالطبع أجهزته الخاصة في الس/لطة - الدول/ة العمالي//ة. في ب/اريس، في ه/ذين الش/هرين، أظه/ر لن/ا التاريخ لمحة مما قد يكون عليه المجتمع، كيف يمكن بناء أجهزة العمال الديمقراطي//ة، وأيض//ا النت//ائج

الفاجعة لغياب رؤية عن العالم البديل في لحظات النهوض الثوري. عضوا من األممية. لقد كانت الجمعي//ة تش//مل طيف//ا واس//عا من17في جمعية الكوميونة، كان هناك

الرؤى، وباستثناء الدفاع عن الكوميونة ورفض الجمهوري//ة الرجعي//ة، ك//ان هن//اك القلي//ل من الوض//وح حول األمور. أنصار برودون كانوا منقسمين - حتى أن بعضهم ذهب إلى فرساي راكعا خالل األحداث.

22

وآخرون كانوا من أتباع بالنكي وباكونين، الفوضوي الروسي الذي نازع ماركس في ت//راث الكوميون//ة وتسبب في فناء األممية األولى واندثارها. كان ب//اكونين مت//آمرا نش//طا واف//ر الحم//اس، وع//دوا ل/دودا للدولة، لكنه لم يكن صديقا للطبقة العاملة. وبالطبع ك//ان ب//اكونين يج//ادل ب//أن ال ينبغي على الطبق//ة العاملة أن تنظم نفسها وتع//د الع//دة لإلجه//از على الس//لطة، ف//ذلك من وجه//ة نظ//ره يع//د ش//كال من أشكال السلطوية. وبدال من ذلك، وهذا م//ا يث//ير الس//خرية، أن تت//ولى الخالي//ا التآمري//ة الس//رية ش//ن

الهجوم على الدولة - في تجاهل تام لمن تدعي تلك الخاليا تمثيلهم. المهم في هذا األمر أن باكونين كان يتحدى أكثر مبادئ ماركس مركزية - تحرر الطبقة العاملة ينبغي

، هاجم باكونين فكرة بن//اء1872أن تنجزه الطبقات العاملة نفسها. وفي المؤتمر الثاني لألممية، في منظمة مركزية منضبطة، فيما أجاب ماركس وإنجلز على ذلك بأكثر العبارات تأكيدا على أن األممية،

كما ذكرا: "أداة حاسمة للثورة، وليست ناد للنقاش... إنها منظمة للنضال، وليس للنظريات". . وللمفارقة، خلت سنواته األخيرة من الضغوط المادي//ة ال//تي ح//الت1883توفي ماركس في مارس

حياته جحيما هو وجيجي وأوالدهما. لكن برغم الراح//ة النس//بية ال//تي نعم به//ا في ش//يخوخته، لم يكن شيء يعوضه عن فراق أطفاله ووفاة زوجته قبله بع//امين. ك//ان إنجل//ز ب//الطبع بج//انب م//اركس على فراش الموت، تماما كما كان مالزم//ا ل//ه في ك//ل خط//وة في طريقهم//ا الث//وري من//ذ لقاءهم//ا األول.

عاما التي عاشها إنجلز بعد وفاة ماركس، كرس الرجل هذه الفترة لنشر أعمال رفيق//ه12وخالل ال/ وصديقه. وبكل تق//دير وإنك//ار لل//ذات، أعلن إنجل//ز ل//دى وف//اة م//اركس أن "توق//ف أعظم مفك//ر عن

التفكير". كانت االنقسامات الداخلية بين باكونين وماركس تعني أن ه//ذه المنظم//ة األممي//ة ال يمكن أن تحق//ق

. 1876الهدف منها، وقد انهارت بحلول العام أظهرت الكوميونة شجاعة وإبداع الطبقة العاملة، كما قدمت لمح//ة من نظ//ام اش//تراكي جدي//د، كم//ا أوض//حت بجالء الحاج//ة إلى مح//و الدول//ة البرجوازي//ة من أج//ل بن//اء النظ//ام الجدي//د. وفي هزيمته//ا، واالنتقام المريع الذي لحق بها بعد ذلك، والمذابح التي ارتكبتها الطبقة الحاكم//ة الم//ذعورة، أوض//حت أيضا لمحة عن المستقبل، أظهرت الحاجة الماسة لألممية. سقطت الكوميون//ة، لكن م//اركس أوض//ح أن ذلك كان بسبب "أنها لم تظهر في ك//ل المراك//ز، في ب//رلين ومدري//د، إلخ، الحرك//ة الثوري//ة ال//تي

(. والمهم//ة المطروح//ة في25تستجيب وتتماش//ى م//ع االنتفاض//ة القص//وى للبروليتاري//ا الباريس//ية" )المستقبل، والتي يجب أن نتعلمها من الكوميونة، هو عدم تكرار ذلك.

- ماركس اليوم10 هناك دائما من يرددون "ليس لدى ماركس ما يقدمه لنا في القرن الحادي والعش//رين". هن//اك دائم//ا

من يجادل، في كل مرحلة، بأن هذه األفكار كان لها وقتها، ووقتها هذا كان في الماضي. إال أن فهم القوى القوانين والعوامل التي توضح كيف تعمل الرأسمالية، وبأي غرض، يدفعنا مرة بع//د أخرى للعودة إلى ماركس. والمساعي ال/تي ال مهادن//ة فيه//ا من أج//ل تحقي//ق ف//ائض القيم//ة ال ت//زال جارية تفوق كل االعتبارات األخرى، والعالم اليوم يتش//كل، أو ب//األحرى يتش//وه، بالس//يطرة المطلق//ة لرأس المال. ص/حيح أن العملي/ة كله//ا تتغ/ير، والبرجوازي/ة ق//د تتخ//ذ أش/كاال مختلف//ة أو تحي//ا بط//رق مختلفة، وأعداد غفيرة من العمال يرتدون الياقات البيضاء أو المالبس الرسمية بدال من زي العم//ال.

23

إال أن العالقة بين من يملكون ويسيطرون ويديرون ثروات المجتمع وم//وارده، وأولئ//ك ال//ذين يحي//ون على األجور التي يتلقونها إلنتاج الثروة، باقية ومستمرة تماما كما وص/فها م/اركس. التغ/يرات الح//ادة في العالم اليوم، حتى وص/ل إلى حاف/ة ال/دمار، نراه//ا في انبعاث//ات االحتب/اس الح//راري، والبح//يرات

المسمومة، والتصحر الذي يأكل العالم. لكن ماركس كان مهتما بفهم الرأسمالية وما تقوم به من نهب، ليس من أجل النقد األخالقي لها، بل من أجل اإلعداد لتحرر الطبقة العاملة. وكما محت الرأسمالية الح//دود أم//ام توس//عها وتم//ددها، على حركة الطبقة العاملة هي األخرى أن تصير أممية، وبقوتها المنظمة ستكتسح هياكل السلطة وتقتضي على الدولة نفسها يوما ما. لكن ذل/ك لن يح//دث تلقائي//ا، ب//ل بواس/طة النض//ال العم//الي. وخالل ه//ذا النضال، لن يتجاوز العالم الرأسمالية فحسب، بل سيولد مجتمع جديد تصير فيه موارد البش/ر ض/مانة

لحريتهم. لم تكن هذه المهمة أكثر إلحاحا بقدر ما هي عليه اليوم.

24