· web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية –...

66
www.alukah. 2

Upload: others

Post on 10-Jan-2020

7 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

1

Page 2:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

فن الرسالةدراسة أسلوبية حجاجية

د. ياسر عبدالحسيب رضوان

2

Page 3:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

فن الرسالةدراسة أسلوبية حجاجية

مقدمة: تعددت الفنون النثري��ة لألدب الع��ربي من��ذ العص��ر الج��اهلي حيث وج��دنا الحكم واألمث��ال والوص��ايا والخطب والرس��ائل، وق��د تش��كلت ه��ذه الفن��ون النثري��ة بم��ا لألدب الع��ربي من خص��ائص ومالمح متعلق��ة بطبيع��ة الش��كل الف��ني والخص��ائص األس��لوبية المتعلق��ة بالص��ياغة الفني��ة، ومن حيث الموض��وعات أو األغ��راض التي ظهرت فيها هذه الفنون، فكان فيها الم�دح والفخ��ر والهج��اء والعت��اب والوص��ف والتع��ازي والته��اني واالس��تعطاف واالعت��ذار، واس��تنجاز الوع��ود وغيره��ا من األغ��راض والموض��وعات ال��تي ارتبطت بصورة أو بأخرى بطبيع��ة الحي��اة العربي��ة، وق��د تط��ورت هذه الفنون النثرية مع تطور الحياة العربية في مراحلها المختلفة

من حيث الموضوعات والبنية الفنية واألسلوبية. وكان فن الرسائل واحدا من تلك الفنون النثرية التي ب��دأت منذ العصر الجاهلي متوسلة في وجودها بدواعي ظهورها، ولعلن��ا نتذكر رسالة عمرو بن هند التي حوت سطورها مقت��ل طرف��ة بن العبد، وغيرها من الرسائل التي تش��ير فيم��ا تش��ير إلي��ه أن كث��يرا من العرب في عص��ر الجاهلي��ة ك��انوا يعرف��ون الكتاب��ة ويمه��رون

فيها، ويدركون خصائصها الفنية واألسلوبية والموضوعية. ونحن في ه��ذا البحث ن��روم دراس��ة فن الرس��الة دراس��ة أسلوبية حجاجية تق��ف عن��د مس��تويات البني��ة األس��لوبية للرس��الة�ة من خالل نص رس��الة متبادل�ة بين س��ليمان بن وقيمه��ا الحجاجي عبد الملك بن مروان والحجاج بن يوس��ف الثقفي، وهي الرس��الة التي أوردها ابن سماك العاملي في كتابه الزه��رات المنث��ورة في

نكت األخبار المأثورة. وق��د اتخ��ذ البحث من األس��لوبية منهج��ا لدراس��ة مس��تويات البني��ة الف��ني في الرس��الة وهي: الص��وتية والمعجمي��ة والداللي��ة والتركيبية والبديعي��ة والمجازي��ة، ثم وظ��ف القيم الحجاجي��ة ال��تي تنتجها هذه تلك المس��تويات، ال��تي انتبهت إليه��ا البالغ�ة الجدي��دة، وإلى ما تنتجه من القيم الحجاجية التي رأى البحث صلتها الوثقى

بموضوع الرسالة. الدراسات السابقة:

لم يعثر الب��احث على دراس��ات خاص��ة برس��الة س��ليمان بن عبد المل�ك إلى الحج��اج الثقفي، ورد ه��ذا األخ�ير علي��ه، وك�ل م�ا هنالك دراسات عامة منها ما تناول النثر في العص��ر األم��وي مث��ل دراسة الباحثة لعاني غانية: بالغة الن��ثر في العص��ر األم��وي، وهي بحث للماجس��تير بكلي��ة اآلداب والفن��ون بجامع��ة بن بل��ة الجزائ��ر

م، وبحث بعنوان: الرس��ائل في العص��ر العباس��ي: أنواعه��ا2015

3

Page 4:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

وخصائصها الفنية، للباحثة أسماء عبد ال��رؤوف عطي��ة الل��ه، وه��و بحث للدكتوراه بكلية اللغة العربي��ة بجامع��ة أم درم��ان اإلس��المية

م وبحث بعن��وان الرس��ائل النثري��ة الشخص��ية في العص��ر2009 العباسي للب�احث خال�د الحلب�وني منش�ور بمجل�ة جامع�ة دمش�ق

م، 2009، العددان األول والثاني 25المجلد مدخل:

ـ الرسالة:1 الرس��ائل فن أدبي ظه��ر في األدب الع��ربي من��ذ العص��ر الج��اهلي، واس��تمر حض��وره متط��ورا م��ع تط��ور الحي��اة العربي��ة،ا إلى الجذر اللغوي رسل وهو " أص��ل واح��د والرسالة تنتمي لغويل: الس��ر س�� مطرد منق��اس ي��دل على االنبع��اث واالمت��داد، فالرا: لين��ة لة أيض�� ف��ك س��ياقا، وناق��ة رس�� لة: ال تكل السهل، وناقة رس��ل ل: م�ا أرس�� س�� المفاصل، وشعر رسل، إذا ك��ان مسترس�ال، والر

ل في1من الغنم إلى ال��رعي " ) ل، والترس�� س�� ل كالر ( والترس�� القراءة والترسيل واحد وهو التحقيق بال عجل��ة وقي��ل: بعض��ه فيأد فيه��ا، وتراس��ل الق��وم: أرس��ل أثر بعض، وترسل في قراءته: ات بعضهم إلى بعض، وسمي الرسول رسوال ؛ ألنه ذو رسول، أي ذو

(. 2رسالة، والرسول اسم من أرسلت وكذلك الرسالة ) وتس��تدعي ه��ذه ال��دالالت اللغوي��ة أن تك��ون الرس��الة بينق ابن وهب طرفين أولهما: مرسل، وثانيهما: مرسل إليه، وقد فرل، حيث جعل الترسل لمن تكرر لديه الكاتب بين الرسالة والترس فعل المراسلة أما الرسالة، فإنها لمن فعل ذلك م��رة واح��دة ؛ إذ يقال له: " أرسل يرسل إرساال، وهو مرسل واإلسم: الرسالة، أول، وذل��ك إذا ك��ان ه��و ومن لة، وه��و مراس�� ل مراس�� ل يراس�� راس��

لة " ) ( وه��ذه لمح��ة طيب��ة حيث3يراسله قد اش��تركا في المراس�� شاع اصطالح الترسل والرس��الة في األدب الع��ربي الق��ديم، ومن ثمة كانت التفرقة بينهما من األهمي�ة بمك�ان، وإن ك�ان ق��د جع�لاألصل االشتقاقي لهما واحدا من حيث إنه كالم يراسل من بعيد. أم��ا إذا توقفن��ا عن��د المع��نى االص��طالحي للرس��الة، فيمكن القول إنها: " تحميل جملة من الكالم إلى المقصود بالداللة، وه��و حد صحيح لما أن كل رس��الة فيم��ا بين الخل��ق هي الوس��اطة بين

( وغيرها مم��ا يري��د4المرسل والمرسل إليه في إيصال األخبار " ) - ابن فارس: مقاييس اللغة – تحقيق وضبط عبد السالم ه��ارون – اتح��اد 1

. 2/392م – 2002الكتاب العرب – دمشق –285-�� 283/�� 11- ابن منظور: لسان العرب – دار صادر – ب��يروت – 2

مادة رسل. - ابن وهب: البرهان في وجوه البيان – تق��ديم وتحقي��ق د/ حف��ني محم��د 3

. 152م – ص 1969شرف – مكتبة الشباب – القاهرة - الكف�وي: الكلي��ات: معجم في المص�طلحات والف�روق اللغوي�ة – أع�ده 4

م –2/1998للطبع ووضع فهارسه د/ عدنان درويش ومحمد المص��ري – ط.476مؤسسة الرسالة – بيروت – ص

4

Page 5:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

ل إلي��ه مم��ا يتض��من األغ��راض أو ل إيص��اله إلى المرس�� المرس�� الموضوعات التي تتناولها الرسالة " من حكاي��ة ح��ال من ع��دو أو صيد أو مدح وتقريض، أو مف��اخرة بين ش��يئين، أو غ��ير ذل��ك مم��ا

( ومن ه��ذه الموض��وعات أو األغ��راض5يج��ري ه��ذا المج��رى " ) ك��ذلك " اإلحم��اد واإلذم��ام والثن��اء والتقري��ظ وال��ذم واالستص��غار

( وكلها موضوعات تشترك فيها الرسائل م��ع6والعدل والتوبيخ " ) الخطب، ومنها كذلك أنها تستعمل في إصالح ذات ال�بين، وإخم�اد نيران الحرب، واحتمال الدماء وعقود اإلمالك واإلشادة والمناقب، ويس����تعمل الترس����ل " في االحتج����اج على من زاغ من أه����ل األطراف، وذكر الفتوح، وفي االعتذارات والمعاتب��ات، وغ��ير ذل��ك

(.7مما يجري في الرسائل والمكاتبات " ) وفي تحدي��د ه��ذه األغ��راض أو الموض��وعات أم��ام الخطب��اء والكت��اب دلي��ل على اهتم��ام النق��اد الع��رب به��ذه الفن��ون النثري��ة ومنها الرسائل التي " وضعوا له��ا رس��وما وبين��وا طريق��ة كتابته��ا،

،أما بعدفقد كانوا في الزمان األول يكتبون في صدور رسائلهم: سالم عليــك إني أحمــدوكانوا يس��تفتحون رس��ائلهم بق��ولهم:

( وقال الش��يباني: "8، ثم تفنن الناس، وكثر التعمق " )الله إليك، ح��تى أن��زلت س��ورة ه��ود لم تزل الكتب تستفتح: باس��مك اللهم

فكتب بسم[41] هود [بسم الله مجراها ومرساها] وفيها قل ادعوا الله أو ادعــوا] الله، ثم نزلت سورة بني إسرائيل:

حمن حمن، ثم ن��زلت[110] اإلسراء [الر فكتب بسم الل��ه ال��رحمن] سورة النم��ل: م اللــه الــر إنه من سليمان وإنه بســ

حيم فاستفتح بها رسول الله صلى الله علي��ه [30] النمل [الرة ن ( كم��ا ك��ان الس��لف يكتب��ون في ص��دور9)" وسلم وص��ارت س��

رس����ائلهم: " من فالن ابن فالن إلى فالن، ك����ذلك ج����رت كتب رسول الله صلى الله عليه وس��لم إلى العالء بن الحض��رمي وإلى أقيال اليمن، وإلى كسرى وقيصر، وكتب أصحابه والتابعين كذلك،اب ه���ذه المح���دثات من ب���دائع الص���دور، ح���تى اس���تخلص الكتة ن بوا لكل رتبة وجروا على تل��ك الس�� واستنبطوا لطيف الكالم ورت

. (10الماضية " )

- القلقشندي: صبح األعش�ى – الهيئ�ة العام�ة لقص�ور الثقاف�ة – ال�ذخائر 5 م مص���ورة عن طبع���ة دار الكتب الس���لطانية – مص���ر –2004 – ط143

14/138. - أبو هالل العسكري: الصناعتين – تحقيق علي محم��د البج��اوي و محم��د 6

م – دار الفك��ر الع�ربي – الق�اهرة – ص2/1971أب�و الفض��ل إب�راهيم – ط162 .

. 150- ابن وهب: البرهان في وجوه البيان � سابق � ص 7 م – دار1/1989- د/ أحم��د مطل��وب: معجم النق��د الع��ربي الق��ديم – ط 8

. 2/16الشؤون الثقافية العامة – بغداد – - ابن عب��د رب��ه: العق��د الفري��د – تحقي��ق د/ عب��د المجي��د الترحي��ني – ط 9

. 4/240م – دار الكتب العلمية – بيروت – 1/1983 - الشيباني: الرسالة العذراء في موازين البالغة وأدوات الكتابة – تحقيق 10

ودراس��ة د/ يوس��ف محم��د فتحي عب��د الوه��اب – دار الطالئ��ع – الق��اهرة

5

Page 6:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

ن النقاد القدامى ما يجوز للمرسل في الكتابة وم��ا ال كما بي يجوز، من ذلك أنهم " لم يجيزوا أن يكتبوا بمثل أبقاك الله وأمت��ع بك إال إلى الحرمة واألهل والتابع والمنقط��ع إلي��ك، وأم��ا في كتب

( ووضعوا أم��ام11اإلخوان، فغير جائز، بل مذموم مرغوب عنه " )اب كل الوسائل التي تعينهم على اإلجادة في الكتابة بدءا من الكتاب العقلي��ة اإلخالص في ص��ناعتها وس��بل التحص��يل وص��فات الكت والجس��دية والبالغ��ة والفص��احة، وكيفي��ة الكتاب��ة ورعاي��ة من��ازل المخ��اطبين، ومناس��بة األلف��اظ والمع��اني للمقام��ات، وطريق��ة محاكاة ما جاء في القرآن الكريم من الحذف واالتصال، وما يجب أن يكون في صدور الرسائل من الداللة الواضحة على المراد من

(.12الرسالة، وانتهاء بأدوات الكتابة وغير ذلك ) ولم يقف األمر عند هذا الحد، بل ذهبوا إلى تحديد الص��فات الواجب توفرها في الرسول، فمن ذلك أن يختار المرسل رسوله بحيث " يك��ون أفض��ل من بحض��رته في عقل��ه وض��بطه وأدب��ه وعارضته، ودينه ومروءته ؛ فقد كان يقال: ثالثة ت��دل على أهله��ا:ل، والكت��اب على ة على المه��دي، والرس��ول على المرس�� الهدي الكاتب، وكان يقال: رسول الرجل مكان رأيه، وكتابه مكان عقل��ه

( "13. )ـ ابن سماك العاملي:2

لم يكن ثم��ة ب��د مم��ا تح��دثنا عن��ه فيم��ا س��بق إذ إن��ه ممه��د للح��ديث عن موض��وع ه��ذا البحث،وه��و رس��الة س��ليمان بن عب��د المل��ك بن م��روان إلى الحج��اج بن يوس��ف الثقفي، ورد الحج��اج عليه والرسالتان مما اختاره ابن س��ماك الع��املي وه��و محم��د بنماك الم�القي الغرن�اطي ال�ذي ع��اش في أبي العالء محمد بن س� النصف الثاني من القرن الثامن الهجري،وقد وصفه لس��ان ال��دين بن الخطيب بقول���ه عن���ه: " فاض���ل نجيب،ول���دواعي المج���ادة واإلجادة مجيب،ونوارة م��رعى خص��يب،وف��ائز من س��هام اإلدراك بنصيب،خصاله بارعة ونصاله شارعة،وشمائله إلى ن��داء الفض��ائل مسارعة،على حداثة يندر معها الكمال،وتس��تظرف األعم��ال،ف��إن

( وهي أوصاف ترفع من ق�در14انفسح مداه،بلغت السماك يداه ")رة تؤهل��ه ليك��ون ه��ذا ��ا وطبيع��ة خي ابن سماك عقال وفهما وإدراك الك��اتب الش��اعر من كت��اب الدول��ة وص��احب مؤلف��ات منه��ا ه��ذافر الرصين " الزهرات المنث��ورة في نكت األخب��ار الم��أثورة " الس

. 41م – ص 2005. 40- السابق ص 11 وما بعدها. 33- السابق ص 12. 173- ابن وهب: البرهان في وجوه البيان � سابق � ص 13 - لسان الدين بن الخطيب: الكتيبة الكامنة في من لقين��اه باألن��دلس من 14

ش��عراء المائ��ة الثامن��ة – تحقي��ق د/ إحس��ان عب��اس دار الثقاف��ة – ب��يروت. 300-299م ص 1983

6

Page 7:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

( وهو عب��ارة عن مجموع��ة من األخب��ار والطرائ��ف والمواع��ظ15) التي قصد الكاتب من ورائه��ا تثقي��ف المت��أدبين من أبن��اء األم��راء

(. 16والسالطين )(:17 )نص الزهرة

ام أبيه وأخي��ه يكتب كان سليمان بن عبد الملك بن مروان أي��ة، فال يلتفت إلى ��ة أو حاج��ة داعي إلى الحجاج بن يوسف في عناي فس، ال كتابه، وال يعتذر إليه بجوابه ؛ إذ كان عظيم الهمة ق��وي النليمان وى من أمره، فأحف��ظ س�� ��يرا س�� غيرا وال كب را ص�� يخاف بش��

ــك إلىوأجج غيظه، فكتب إليه: " ــد المل من سليمان بن عبدتك النعمــة، ا بعــد ؛ فإنك عبــد أفســ اج المعلم ؛ أم الحجتخف اب الحــق، مســ أك الحلم، مهتــوك عنــدك حجــ ر وجــخطه، ب بســ ر اه، متقــ ، مباعــد لرضــ بأوامر الله عز وجلــة تحــل يحة مردي ــك من صــ متبع لهواك، وأيم الله البد لوء ــ بك، ويسوء صباحك، ثم يكون مصيرك في اآلخرة س

ــابفراجع��ه الحجاج: المصير " ل كت د وصــ ا بعــد ؛ فقــ " أمــل التثبت، ولعمــري ، قلي ن األمير بهتف صبي حدث الساد عقلــك، وحملتـك ألنا لقد عذرتك في سوء أدبك لفسـلطان يملي ــ ــؤمنين، فكتبت والس ــير الم ول أم ــا خــ كلنعاب، ة بين عينيك، ولطالمــا ذللت لكم الصــ عليك، والعز

الم " . قاب، والس وأخضعت لكم الرمقدمة الزهرة:

أول ما يلفت المتلقي في مقدمة هذه الزه��رة ه��و اقتب��اس ابن سماك العاملي لص��در مقدمت��ه من كت��اب العق��د الفري��د البن عبد ربه ؛ إذ جاء في��ه: " ك��ان س��ليمان بن عب��د المل��ك يكتب إلى الحجاج في أيام أخيه الوليد بن عبد الملك كتبا فال ينظر ل��ه فيه��ا،

( ويبدو أن الزيادة التي زاد بها ابن سماك على م��ا18فكتب.... " ) جاء عند ابن عبد ربه، قد ج��اءت ؛ لتكش��ف من��ذ البداي��ة عن س��ر العالقة بين سليمان بن عبد الملك مع الحجاج بن يوسف الثقفي، وكيف كان هذا األخير من الكبر والتع��الي وق��وة الشخص��ية بحيث��ره يتجاهل األم��ير بن الخليف��ة األم��وي ذي الص��ولة والجول��ة، وكب وتعاليه يبدو في ع��دم رده علي��ه، وعن��دما رد علي��ه، فإنم��ا لي��وعز لألمير أال تأخذه اإلمارة، فيخاطب القائد األغر مثل ه��ذا الخط��اب المعاتب حد الذم واالس��تهجان واالستص��غار والت��وبيخ ؛ فق��د ك��ان الحجاج عظيم الهمة قوي النفس، ال يهاب بشرا مهما كان حجم��ه

ر في مجل��ة 15 - الكت��اب حقق��ه وق��د ل��ه ال��دكتور محم��ود علي مكي، ونش�� المعهد المصري للدراس�ات اإلس�المية في مدري�د في المجل��د العش�رين –

-1981م، والمجل���د الح���ادي والعش���رين – مدري���د 1980-1979مدري���د م، وهي الطبعة التي رجعنا إليها في دراستنا هذه. 1982

. 26- السابق المجلد العشرون ص 16. 8- 7- السابق – المجلد الحادي والعشرون ص 17. 299/ 5- ابن عبد ربه: العقد الفريد � سابق � 18

7

Page 8:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

أو كانت مكانته، ولعل ذلك كله ما يفسر س��وء عالق��ة الحج��اج بن يوسف بسليمان بن عبد الملك، وأن الحجاج كان قد وافق الولي��د بن عبد الملك على خل��ع أخي��ه من والي�ة العه��د وتع��يين ابن��ه عب��د

(. 19العزيز بن الوليد ) وإذا كان ابن سماك قد أفاض في مقدم��ة زهرت��ه الكاش��فة عن علة مضمونها ؛ إذ إنها أشبه شيء بالمصاحبات السردية التياب بين يدي القصص التي ينوون اإلخبار عنه��ا، أق��ول: يقدمها الكت رغم اإلفاض��ة في ه��ذه المقدم��ة، فإن��ه ق��د أتى بنص الرس��التين مختصرا موجزا ؛ ربما ليومئ إلى طبيعة س��ليمان بن عب��د المل��ك وخلقه، فإنه ق��د افتتح خالفت�ه ب�الخير عن�دما رد المظ�الم وأخ�رج المسجونين من السجون وختمها بخ��ير عن��دما عه��د إلى عم��ر بن

( ومم��ا يؤك��د س��وء العالق��ة بين��ه وبين20عب��د العزي��ز بالخالف��ة )نا الحجاج بن يوسف اختالف طباع كل منهما، فقد كان سليمان دي

ا للغزو ) ( وإلى جانب ه�ذه الصفات نج�د21فصيحا مفوها عادال محبب��اع للق��رآن أنه قد ك��ان في��ه دين وخ��ير ومحب��ة للح��ق وأهل��ه، وات

ن�ا22والسنة، وإظهار للشرائع اإلسالمية ) ( إلى ج�انب كون�ه ع�اقال دي متوقف��ا عن ال��دماء، وكث��ير من ه��ذه الص��فات مم��ا ال يتف��ق م��ع الحجاج بن يوس��ف ال��ذي ت��برزه رس��الة س��ليمان بن عب��د المل��ك طاغية، بعيدا من رضا الله تعالى قريبا من سخطه، والح��ق عن��ده منتهك، ولعل في رسالة الحجاج التي رد بها على رسالة س��ليمان بن عبد الملك ما يؤكد تلك الطباع رغم ما في رده ه��ذا من بعض الص��فات اإليجابي��ة المرتبط��ة ب��دوره في تث��بيت دع��ائم الخالف��ة األموي��ة خاص��ة عن��د خ��روج عب��د الل��ه بن الزب��ير على األم��ويين واستفحال أم�ره ؛ إذ ي�روي ابن قتيب�ة أن الحج��اج طلب من عب��د الملك بن مروان أن يوجه��ه إلى ابن الزب�ير لقتال��ه، فوجه��ه إلي��ه،

(. 23وأمره بقتاله " فحاصره حتى قتله، ثم أخرجه فصلبه " ) ومن صفاته الطيبة التي ربم��ا وقفت أم��ام االتهام��ات ال��تي وجهت إليه وهي ال تحصى حفظه القرآن الكريم وفهم��ه وقراءت��ه والمواظبة على ذلك، وقد روي عن عمر بن عبد العزي��ز قول��ه: " كانت في الحجاج خلتان وددت أنهما لم تكون��ا في��ه: حب��ه للق��رآن وأهل��ه، وقول��ه عن��د موت��ه: اللهم إنهم يزعم��ون أن��ك ال تغف��ر لي،

( . 24فاغفر لي " ) - ابن كثير: البداية والنهاية – تحقيق د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي 19

. 613/ 12م – دار هجر – القاهرة - 1/1998– ط. 172/ 5- ابن عبد ربه: العقد الفريد � سابق � 20 م –1982/� 2- الذهبي: سير أعالم النبالء – تحقيق شعيب األرنؤوط – ط 21

. 5/111مؤسسة الرسالة – بيروت – . 12/642- ابن كثير: البداية والنهاية 22 - ابن قتيبة: المعارف – تحقيق وتقديم د/ ثروت عكاشة – ذخائر الع��رب 23

. 397م – دار المعارف – القاهرة – ص 4/1981 – ط44 - ابن العديم: بغية الطلب في تاريخ حلب – تحقيق وتقديم د/ سهيل زكار 24

. 5/2041م- 1988– دار الفكر – بيروت

8

Page 9:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

موضوع الزهرة: رأينا الزي�ادة ال��تي زاده��ا ابن س��ماك الع�املي على مقدم�ة الرسالتين، وهي زيادة كاش��فة عن س��ر العالق��ة بين س��ليمان بن عبد الملك والحج��اج بن يوس��ف، وليكش�ف في ال��وقت عين��ه عن بالغته وفصاحته في التقديم للرسالتين، وبالرغم من تلك الزي��ادة إال أنه جاء بنص الرسالتين مختصرا غاية االختصار، بيد أنه اختصار محافظ على مض��مون الرس��التين من حيث الدالل��ة على الص��راع ال��ذاتي بين الس��لطة العلي��ا الماثل��ة في األم��ير س��ليمان بن عب��د الملك شقيق الخليفة الوليد بن عبد المل��ك، وبين الس��لطة ال��دنيا الماثلة في الحجاج بن يوسف باعتب��اره واح��دا من ق��ادة الخالف��ة، وهو يمثل السلطة الدنيا ؛ ألن أم��ر عزل��ه عن منص��به من األم��ور الواردة في سبيل الحفاظ على وحدة األسرة المرواني��ة الحاكم��ة

للدولة األموية. ومن األمثلة على هذا االختصار أن نص رسالة سليمان عن��د ابن س��ماك ق��د ج��اءت غفال عن الوعي��د ال��ذي توع��د ب��ه س��ليمان

ــهالحجاج، فقد جاء في العقد الفريد ق��ول س��ليمان: " فايم اللا ة تلين منهـــ نك دوســـ لئن أمكنني اللـــه منـــك ألدوســـريدا في الجبــال، تلــوذ بــأطراف فرائصك، وألجعلنك شــ

ــدييها ومية الحمــراء بث مال، وألعلقن الر ( كم��ا25" )الشــ غفل نص الزهرة عن رد الحجاج على ذلك الوعي��د من س��ليمان ؛

ــوفق��د ج��اء في العق��د الفري��د ق��ول الحج��اج: " ا قولك: ل وأمأرجو أن ملكك الله لعلقت زينب ابنة يوسف بثدييها ؛ فــق ذلك لك، إن كان ذلــك مها الله بهوانك، وأن ال يوف يكريطان بين رأيــك مــع أني أعــرف أنك كتبت إلي والشــأحر يك، فشر ممل على شر كاتب راض بالخسف، فــ كف

إلى ردى ــردك إال يدلك على هــدى، وال ي (26" )بالحق أال وهذا مثال دال على مدى اإليج��از أو االختص��ار ال��ذي ق��ام ب��ه ابن سماك لنص الرسالتين كما وردتا في كتاب العقد الفريد البن عبد

ربه. بناء الرسالة:المقدمة:

إن أول م��ا يلفت النظ��ر في الرس��التين الل��تين أثبتهم��ا ابن��ا غفال من االفتتاحي��ة الش��هيرة ال��تي ك��ان س��ماك ه��و أنهم��ا جاءتاب منذ الجاهلية يفتتحون بها مكاتباتهم ورس��ائلهم، وق��د ذك��ر الكت المس���عودي أن أمي���ة بن أبي الص���لت الثقفي ه���و أول من كتب

بسم اللــه الــرحمن إلى أن أنزل الل��ه تع��الى باسمك اللهم

. 5/300- ابن عبد ربه: العقد الفريد � سابق � 25. 5/301- السابق 26

9

Page 10:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

اب على كتابته��ا في ص��در رس��ائلهم27 )الرحيم ( ال��تي درج الكت منذ بدأ النبي صلى الله عليه وسلم البدء به��ا " ليب��ارك لهم فيم��ا

( ومن ثم��ة ذك��ر القلقش��ندي أن��ه "28يحاولون وي��ؤجروا علي��ه " ) يجب تق��ديمها في أول الكالم المقص��ود: من مكاتب��ة أو والي��ة أو��ا ب��ذكرها " منشور إقطاع، أو غير ذلك ؛ تبركا باالبت��داء به��ا، وتيمن

( ولعلنا في هذا المق��ام ن��درك س��ر ع��دم إثب��ات البس��ملة ؛ إذ29) ( ؛ ليت��واءم وموض��وع30يب��دو أن ابن س��ماك ه��و ال��ذي أس��قطها )

الرسالة المحمل بنبرة هجائية غاضبة من سليمان بن عبد الملك، وكذلك من الحجاج الذي استقبل هذا الهجوم الشديد من سليمان بن عبد الملك، وربما كان إسقاط البسملة لم��ا فيه��ا من الرحم��ة والس��كينة ال��تي تخل��و عنهم��ا الرس��الة ؛ لم��ا فيه��ا من التهدي��د

والوعيد. ل ك���ذلك ج���اءت رس���الة الحج���اج غفال عن ذك���ر المرس���ل إلي��ه، وه��و م��ا اش��تملت علي��ه رس��الة س��ليمان ال��ذي والمرس�� ص��درها بقول��ه من س��ليمان بن عب��د المل��ك إلى الحج��اج المعلم، وهذا ما كان عليه السلف في بدء رسائلهم، إذ كانوا يكتبون " من فالن بن فالن إلى فالن، كذلك جرت كتب رسول الله ص��لى الل��ه

(،31علي��ه وس��لم إلى العالء بن الحض��رمي، وإلى أقي��ال اليمن " )ل الرس��الة وعدم اشتمال رسالة الحجاج على ه��ذا اإلعالم بمرس�� والمرسل إليه يفسره الغض��ب والحن��ق من رس��الة س��ليمان وم��ا فيها من التهدي�د والوعي��د وال�ذم والس�خر ال�ذي يب�دو م�ع وص�ف الحجاج بالمعلم، وهي وظيفت��ه ال��تي قي��ل إن��ه ك��ان يمتهنه��ا قب��ل انتقال��ه إلى العم��ل في س��لك س��لطة الخالف��ة األموي��ة، ووص��فه ب�المعلم هن�ا إنم�ا ي�أتي في س�ياق االزدراء واالحتق�ار ؛ ألن مهن�ة��ر من أمث��ال العام��ة المعلم ك��انت من المهن المحتق��رة ؛ حيث أث

أحمــق منكما يقول الجاحظ في البيان: " ومن أمث��ال العام��ة: ، وقد ذكرهم صقالت فقال:معلم كتاب

أي والعقل عند من وكيف يرجى الر(32 )يروح على أنثى ويغدو على طفل

ومن ثم��ة نلمح ه��ذه الن��برة الغاض��بة من س��ليمان بن عب��د الملك وهو يرس��ل رس��الته إلى الحج��اج بن يوس��ف ؛ ألن��ه وج��ده متكبرا ومتعاليا عليه في عدم إجابته ورده على رسائله التي ك��ان

- المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر – اعت��نى ب��ه وراجع��ه كم��ال 27. 1/58م – المكتبة العصرية – بيروت – 1/2005حسن مرعي – ط

اب – تصحيح وتعليق محمد بهجة األثري – طبع على 28 - الصولي: أدب الكت. 1/32ه – 1341نفقة المكتبة العلمية ببغداد - المطبعة السلفية – مصر

. 6/222- القلقشندي: صبح األعشى 29 - أثبت ابن عبد ربه البسملة في صدر الرس�التين: انظ�ر العق�د الفري�د � 30

. 301- 5/300سابق � . 15- الشيباني: الرسالة العذراء � سابق � ص 31- الجاحظ: البيان والتبيين – تحقيق وشرح عبد السالم محمد هارون – ط 32

. 1/248م – مكتبة الخانجي – مصر – 5/1985

10

Page 11:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

يرسلها إليه ؛ مما أوغر صدره، ومن ثمة بعث بهذه الرسالة ال��تيدها من البسملة بداللتها على الرحمة، ولم يرع مكانة الحج��اج جر ودوره في تث��بيت دع��ائم حكم األس��رة المرواني��ة ؛ ول��ذلك خلت رسالة الحجاج إلى سليمان من البس��ملة، وخلت ك��ذلك من ذك��ر المرسل والمرسل إليه ؛ ربما ألن رسالته كانت ردا على رس��الة، وليست مرسلة ابتداء، بيد أن ال��ذي ال م��راء في��ه أن الحج��اج أراد أن يبادل نبرة األمير الغاضبة الساخرة بن��برة مثله��ا أو أش��د منه��ا حدة، وذكر المرسل والمرسل إليه في صدر الرسالة من األسس البنائية لفن الرسائل التي ربما رجعت إلى عصر ما قبل اإلسالم ؛ فق����د قي����ل: إن أول من كتب: من فالن إلى فالن ه����و قس بن

(. 33ساعدة ) ومما يؤكد حدة الغض��ب واش��تعاله بين ط��رفي الرس��التين، أنهما قد خلتا كذلك من حم��د الل��ه تع��الى والثن��اء علي��ه، والص��الة والسالم على الن��بي ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم، وهم��ا من الث��وابت البنائية الموروثة عن السابقين، بيد أننا ندرك سر خلو الرس��التين منهما، وهو ما يسيطر على رس��الة س��ليمان من الحن��ق واالزدراء والتهديد والوعيد الذي يتوعد به الحجاج، والغضب المس��يطر على

هذا األخير من مضمون رسالة سليمان إليه. فصل الخطاب:

ومن خصائص بناء الرسالة أن يفصل المرسل بين البس��ملةا بعدوالتعريف به وبالمرسل إليه أن يذكر هذه العبارة األثيرة أم

التي قيل إن " أول من نطق بها من البلغاء آدم عليه السالم قال [ ومن جملته��ا31] البق��رة [وعلم آدم األسماء كلها ]تعالى:

( وقيل: إن نبي الل��ه داود علي��ه الس��الم ه��و أول من34أما بعد " ) ( وقي��ل: قس35قالها، وروي أن أول من ق��ال به��ا كعب بن ل��ؤي )

( وقد36بن ساعدة عندما أوصى ولده فذكر الله ثم قال: أما بعد )ل به��ا بين ميت ه��ذه العب��ارة فص��ل الخط��اب ؛ ألنه��ا " يفص�� س��

( فهي37الخط��اب المتق��دم وبين الخط��اب ال��ذي يجيء بع��د " )��ؤتى به��ا " فاصل بين البسملة والمرسل والمرسل إليه، أو أنه��ا ي لالنتقال من غ��رض أي: معنى مقص��ود للمتكلم، إلى غ��رض آخ��ر،

(.38أي: مغاير لألول ")

- أبو هالل العسكري: األوائل – تحقيق وضبط د/ محمد الس�يد الوكي�ل – 33. 69م – دار البشير – طنطا – مصر – ص 1/1987ط

- الجوهري: إحراز السعد بإنجاز الوعد بمسائل أما بعد – تحقيق أبي عبد 34 م – المكتبة العص��رية – ب�يروت1/2011الله الداني بن منير آل زهوي – ط

.32– ص اب � سابق � ص 35 . 36- الصولي: أدب الكت. 68- أبو هالل العسكري: األوائل – ص 36. 37- السابق ص 37. 30- الجوهري: إحراز السعد بإنجاز الوعد بمسائل أما بعد – ص 38

11

Page 12:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

ويب���دو أن الحج���اج بن يوس���ف ك���ان يلتزمه���ا في خطب���ه ومكاتباته ؛ فقد روي أن أي��وب بن يزي��د بن قيس المش��هور ب��ابنحب الحج��اج، قب��ل أن يقتل��ه لخروج��ه علي��ه، ة وهو ممن ص�� القري

( س��أله الحج��اج ذات39وكان " رأسا في البالغة والبيان واللغة " ) مرة عن رأيه في خطبه، أو عما ينكره في خطاب��ه، فق�ال ل��ه ابن

ة: " إنك تكثر ال��رد، وتش��ير بالي��د وتس��تعين بأم��ا بع��د " ) (40القري وهي فصل الخطاب الذي وج��دناه في الرس��التين وه��و م��ا يش��يراب الرسائل في العصر األم��وي ك��انوا يل��تزمون ب��ه في إلى أن كت

رسائلهم كما ورثوه عن السابقين.قين: أولهم��ا ـ أما بعد ـ وفصل الخطاب ايتكون من ش�� أم

وهي " بمعنى مهما الشرطية وال تعمل عملها، ويكون فيها مع��نى وهي من " الظ��روف المبني��ة علىبعد( وثانيهم��ا 41التفص��يل " )

( وهي ق��د تك��ون للزم��ان أو42الض��م المنقطع��ة عن اإلض��افة " ) للمكان بحسب ما تض��اف إلي��ه، " ويص��ح اعتبارهم��ا ��� أي: ظرف��ا الزمان والمكان � في الواقع في صدر الكتب، فهو زماني باعتب��ار

( ومع��نى ت��ركيب43زمن النطق، ومكاني باعتبار مك��ان ال��رقم " ) فصل الخطاب هذا الذي يأتي في ابتداء الكتب والرسائل " مهم��ا

( ال��ذي خلت من��ه الرس��التان44يكن من شيء بع��د حم��د الل��ه " )كلتاهما.

��ردف ومم��ا يختص ت��ركيب فص��ل الخط��اب في جملت��ه أن ي بالفاء ؛ " ألن أم��ا ال عم��ل له��ا إال اقتض��اء الف��اء واكتس��ابها، ف��إن الفاء تصل بعض الكالم ببعض وصال ال انفصال بينه وال مهل��ة في��ه، ولما كانت أما فاصلة أتيت بالف��اء بع��دها ل��ترد الكالم على أول��ه "

( وه��ذا م��ا وج��دناه في الرس��التين كلتيهم��ا مم��ا يع��ني ال��تزام45) المرسلين بالبنية اللغوي��ة الص��حيحة في كتاب��ة الرس��ائل، رغم م��ا

يسيطر عليهما من الشعور بالغضب والغيظ كل تجاه صاحبه. ولفصل الخطاب قيمة بالغية ؛ ألنه يدخل في األرك��ان ال��تي البد منها لكل كتاب بالغي ترجى له قيم��ة، ومن ه��ذه األرك��ان أن يكون خروج الكاتب من معنى إلى معنى برابط��ة ؛ لتك��ون رق��اب

( وذل�ك م�ا46المعاني آخ�ذة بعض�ها ببعض، وال تك�ون مقتض�بة " ). 4/197- الذهبي: سير أعالم النبالء � سابق � 39 - القلقشندي: نهاية األرب في معرفة أنس�اب الع�رب – تحقي�ق إب�راهيم 40

. 191م – دار الكتاب اللبناني – بيروت – ص 2/1980اإلبياري – ط - المالقي: رصف المباني في شرح ح�روف المع�اني – تحقي�ق د/ أحم�د 41

. 181م – دار القلم – دمشق – ص 3/2002محمد الخراط – ط - الفاكهي: شرح كتاب الحدود في النح��و – تحقي��ق د/ المت��ولي رمض��ان 42

.47م – مكتبة وهبة – القاهرة – ص 2/1993الدميري – ط.53- الجوهري: إحراز السعد بإنجاز الوعد بمسائل أما بعد � سابق � ص 43. 182- المالقي: رصف المباني في شرح حروف المعاني ص 44. 38- الصولي: أدب الكتاب ص 45 - ابن األثير: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر – قدمه وعلق علي��ه 46

م – دار نهضة مص��ر –2/1973د/أحمد محمد الحوفي، د/ بدوي طبانة – ط

12

Page 13:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

يعرف في البالغة العربية بالتخلص واالقتض��اب، وه��و " أن يقط��ع الشاعر كالمه الذي هو فيه، ويستأنف كالما آخ��ر غ��يره من م��ديح

( أم��ا47أو هجاء أو غ��ير ذل��ك، وال يك��ون للث��اني عالق��ة ب��األول " ) ، فإن��ه ي��دخل في ب��اب التخلص أو يق��ربأما بعدفصل الخطاب

منه، يقول بن األثير: " وال�ذي أجم�ع علي��ه المحقق��ون من علم�اء البيان أنه أما بعد ؛ ألن المتكلم يفتتح كالمه في كل أمر ذي شأن بذكر الله وتحميده، فإذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق إلي��ه،

( . 48فصل بينه وبين ذكر الله تعالى بقوله أما بعد " ) الموضوع:

جاء موضوع رسالة سليمان بن عبد الملك في نبرة هجائي��ة عالية مرتبطة بالمثير غير اللفظي الدافع لها، وه��و ترف��ع الحج��اج وتعاليه عن الرد على مكاتبات سليمان بن عبد المل��ك إلي��ه، ومن ثمة كانت رسالة سليمان بمثاب��ة االس��تجابة اللفظي��ة للمث��ير غ��ير اللفظي، وجاءت هذه االستجابة اللفظي��ة محمل��ة بك��ل المش��اعر الغاضبة والحانقة التي حملتها األلفاظ التي صاغها فيه��ا، في حين ج��اءت رس��الة الحج��اج بمثاب��ة االس��تجابة اللفظي��ة على المث��ير اللفظي الماث��ل في رس��الة س��ليمان بن عب��د المل��ك، ولم تق��ل االس��تجابة اللفظي��ة للحج��اج عن الغض��ب والحن��ق ال��ذي حملت��ه رسالة سليمان، وإن أكدت استجابته أو رده ذلك التعالي وال��ترفع

الذي كان عليه الحجاج بن يوسف. الخاتمة:

هي آخر جزء من الرسالة، وقد عني به��ا البالغي��ون عن��ايتهم بالبداية والموضوع وحسن التخلص إليه، يقول ابن أبي اإلص��بع: " يجب على الشاعر والناثر أن يختما كالمهما بأحسن خاتمة ؛ فإنه��ا آخ��ر م��ا يبقى في األس��ماع ؛ وألنه��ا ربم��ا حفظت من دون س��ائر الكالم في غالب األحوال، فيجب أن يجته�د في رش�اقتها ونض�جها

( وه�و ما يستدعي مناسبة الخاتمة لمقدمة49وحالوتها وجزالتها " ) الرسالة، ولموضوعها كذلك، وهو ما تحقق في كثير من الخ��واتيم التي تنوعت ما بين لفظ المش��يئة والحس��بلة والحوقل��ة والس��الم

( . 50والدعاء، وغير ذلك )

1/97 .. 3/121- ابن األثير: المثل السائر � السابق 47. 3/139- السابق 48 - ابن أبي اإلصبع: تحرير التحبير في صناعة الش�عر والن�ثر وبي��ان إعج�از 49

القرآن – تقديم وتحقيق د/ حفني محمد شرف – المجلس األعلى للش��ئون. 616م – ص 1995اإلسالمية – القاهرة

- نبيل خالد رباح أبو علي: نقد النثر في تراث العرب النقدي ح�تى نهاي�ة 50 م – ص1993ه – الهيئ��ة المص��رية العام��ة للكت��اب 656العص��ر العباس��ي

291 -292 .

13

Page 14:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

ا من ه���ذه ولم تتض���من رس���الة س���ليمان إلى الحج���اج أي الخواتيم، وإنما تضمنت التهديد والوعي��د بس��وء المص��ير، وهي م�ا جاءت مناسبة لموضوعها ومق��دمتها على النح��و ال��ذي م��ر، بينم��ا تضمنت رسالة الحجاج إلى سليمان خاتمة ج��اءت مقتض��بة تم��ام االقتضاب ؛ فقد ختمه��ا بالس��الم ال��ذي ربم��ا ال يتف��ق وخ��ط س��ير المقدمة والموضوع، بيد أن إيجازها على هذا النح��و ي��دل على أن الحجاج لم يكن لينسى أنه يخاطب األمير أخا الخليف��ة، ومن ثم��ة آثر أن يختمها بالسالم الدال على ما تحويه العاطف��ة من مش��اعر

الغضب والسخط على رسالة األمير إليه. الدراسة األسلوبية:البنية الصوتية:

يتكئ النص األدبي في بنيته الفنية على األص��وات باعتباره��ا أصغر لبنة في بنائه، وهي تسهم بشل واض��ح في تش��كيل إيقاع��ه سواء كانت مفردة معزول��ة من دواله��ا اللغوي��ة، أو محص��ورة في دوالها، وكلما كان تردد الصوت كبيرا داخل النص، كلما ك��انت ل��ه دالالته اإليحائية والفنية التي ترتبط بخصائص��ه الص��وتية المنتوع��ةر، إلى ج��انب الخص��ائص بين الجه��ر والهمس والط��ول والقص�� النوعية األخرى من مثل الصفير والحفيف والرقة والفخامة، وغير ذلك من الخصائص الصوتية التي تشير إلى أهمي��ة علم األص��وات والبحث الصوتي في توجيه الدالل�ة ال�تي ال ش�ك ترتب��ط بالس�ياق

والتراكيب اللغوية. وإذا كانت الخصائص الصوتية من األهمية بمك��ان في البحث الداللي، فإن ذلك مما يتأكد من خالل التردد والتواتر ال��ذي يك��ون علي��ه الص��وت اللغ��وي داخ��ل النص، وق��د قمن��ا بعملي��ة إحص��ائية صوتية لنص الرسالتين للوق��وف على أب��رز األص��وات ذات ال��تردد

العالي فيهما، وبدا ذلك في الجدول التالي:

المرسل

الصوت اللغوي وتردده في النصالالم

الميم

النون

األلف

الباء

الكاف

التاء

سليمان

2421161312

1111

الحجاج

251381110

1110

لقد توخى البحث أن يقف عند العدد خمسة وعشرين ؛ ألنه أعلى تردد وصل إليه صوت من األصوات الواردة في النص، كم��ا وقف عند العدد عشرة ؛ ألن األعداد األقل منه جاءت متفاوتة بين

14

Page 15:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

األصوات األخرى، ومن ثم��ة ارتأين��ا أنه��ا ال تمث��ل ظ��اهرة ص��وتية،ومن خالل قراءة هذا الجدول يمكن لنا الوقوف على ما يلي:

جاء صوت الالم في أعلى نسبة تردد عند المرسلين كليهما، وزاد الحجاج على سليمان في��ه م��رة واح��دة مم��ا يع��ني التق��ارب شبه التام في استخدام هذا الصوت اللغوي المجهور ال��ذي يمث��ل م��ع الن��ون والميم وال��راء خاص��ية ص��وتية غالب��ة على غيره��ا من

ال��ذيsonorityالصوامت وهي خاص��ية ق��وة الوض��وح الس��معي يعرف " بأنه طاقة الصوت النطقي��ة ال��تي تجع��ل الص��وت واض��حا

( ول��ذلك أش��بهت51للس��مع غ��ير ملتبس بغ��يره من األص��وات ) ( ومن خصائص�ه اإليحائي�ة52الحركات في هذه الخاص�ية اللغوي�ة )

االلتصاق ؛ ولذلك فقد استخدمه العربي للدالل��ة على االختص��اص ( وق��د ورد في ه��ذه الدالل��ة في رس��الة53أو النس��بة والتمل��ك )

سليمان بن عبد الملك مرة واحدة مقترنا بضمير الخطاب المفرد��ا بض��مير الخط��اب:لك ، في حين ورد عند الحج��اج م��رتين مقترن

؛ ألنه يتح��دث عن فض��له على ال��بيت الم��رواني كل��ه، وه��ذهلكم الالم ال��تي تجيء بمع��نى المل��ك واالس��تحقاق في الخ��بر وغ��يره، تسمى الم اإلضمار لدخولها على الضمائر، وتكون مفتوح��ة إال إذا

( . 54اتصلت بضمير المفرد المتكلم، فإنها حينئذ تكون مكسورة ) وإذا كان األصل في معنى الالم " هو االختصاص، وهو معنى

( يس��تدعيها الس��ياق، فإن��ه55ال يفارقها، وقد يصحبه معان أخر " ) يمكننا استنباط بعض المعاني ال��تي ج��اءت عليه��ا الالم حرف��ا من

في ق��ول س�ليمانمنحروف المعاني، فهي بمعنى ح�رف الج�ر ، مخاطبا الحجاج: مباعد لرضاه، أي بعيد من رض��ا الل��ه ع��ز وج��لا: وجاءت الالم بمعنى العاقبة والص��يرورة في ق��ول س��ليمان أيض�

بع لهواك، والتقدير تصير عبدا لهواك أو خادما له ) ( وهو ليس56مت عب��دا أو خادم��ا له��واه، وإنم��ا لم��ا دخلت الالم فق��د دلت على أن عاقبة اتباعه هواه أن صار عبدا له " والعرب ق��د تس��مي الش��يء

ر خمــراباس��م عاقبت��ه كم��ا ق��ال تع��الى: ﴾إني أراني أعصــ ﴿ ��ا ت��ؤول عاقبت��ه إلى أن يك��ون36] يوسف [ إنم�ا ك��ان يعص��ر عنب

- د/ سمير ش�ريف إس�تيتية: األص�وات اللغوي�ة – رؤي�ة عض�وية ونطقي�ة 51 م- دار وائل للنشر والتوزيع – عم��ان – األردن – ص1/2003وفيزيائية – ط

169 . م – ص2000- د/ كم��ال بش��ر: علم األص��وات – دار غ��ريب – الق��اهرة 52

366. - حسن عباس: خصائص الحروف العربية ومعانيها – اتحاد الكتاب العرب 53

. 80م – ص 19989– دمشق م- دار2/1985- الزجاجي: كتاب الالمات – تحقيق د/ مازن المبارك – ط 54

. 98الفكر – دمشق – ص - المرادي: الجنى ال�داني في ح�روف المع�اني – تحقي�ق د/ فخ�ر ال�دين 55

م – دار الكتب العلمي��ة – ب��يروت –1/1992قباوة ومحمد نديم فاضل – ط. 109ص

مادة تبع. 8/29- ابن منظور: لسان العرب � سابق � 56

15

Page 16:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

( وه��ذه ال��دالالت ال��تي اس��تخدمها فيه��ا57خمرا فسماها بذلك " )سليمان تتواءم ونبرته الهاجية الساخرة من الحجاج بن يوسف.

أما الحجاج، فقد اس��تخدم الالم حرف��ا من ح��روف المع��اني في غير ما سبق ؛ إذ استخدمها في معنى االبتداء والقسم عن��دمام ب��ه ف��يرتفع كقول��ك: لعم��رك ت��دخل " على ض��رب من المقس�� ألفعلن، هو مرفوع باالبتداء والخ��بر مض��مر والتق��دير: لعم��رك م��ا

( وه��ذه الالم للتوكي�د والتحقي�ق، ومن ثم�ة ت�دخل58أقسم ب�ه " ) على جواب القسم، وإذا كان الجواب فعال ماضيا جاءت معه��ا ق��د

د عـذرتك،( قال الحجاج في رده على سليمان: 59) ولعمـري لقـ عذرتككما استخدم الالم في مع��نى التعلي��ل م��رتين في قول��ه:

ول اد عقلــك، وحملتــك ألنا كلنــا خــ في سوء أدبك لفســ واس��تخدامه إياه��ا في س��ياق التعلي��ل كوس��يلةأمير المؤمنين،

ك من وس��ائل اإلقن��اع والمحاجة دلي��ل على ثب��ات النفس، وتمل لناصيتها رغم ما يسيطر على نبرة خطابه من لهجة غاض��بة، وه��و

ما ال نجده عند سليمان بن عبد الملك. وإذا ك��ان الحجاج ق��د تف��وق على س��ليمان في اس��تخدام صوت الالم بمرة واحدة، فإننا نجد األمر مختلفا م��ع ص��وت الميم المجه��ور ال��ذي يتف��ق م��ع الالم في ش��دة الوض��وح الس��معي ؛ إذا عن الحج��اج وه��و ثم��اني اس��تخدمه س��ليمان بف��ارق كب��ير نس��بي مرات، والمالحظ أن هذا الص�وت يح��دث بانطب��اق الش�فتين على بعض��هما انطباق��ا يس��د مج��رى اله��واء المنطل��ق من الج��وف، ثم تنفرج الشفتان فجاءة، وهذا االنطباق " يماثل األح��داث الطبيعي��ة

( ولع��ل ذل��ك مم��ا يناس��ب60ال��تي يتم فيه��ا الس��د واالنغالق " ) مضمون رسالة سليمان من حيث الهجمة الشرس��ة على الحج��اج بم��ا وص��فه ب��ه من ص��فات تكش��ف عن انغالق قلب��ه وعقل��ه عن

الرحمة بمخالفيه، أو الخارجين على دولة الخالفة . ولع��ل تل��ك ال��دالالت تتف��ق م��ع مجيء الميم في أواخ��ر الكلم��ات كم��ا ق��ال العق��اد، فهي " ت��دل دالل��ة ال ش��ك فيه��ا عن��د االس��تماع إلى كلم��ات ك��الحتم والحس��م والج��زم والحطم والختم والكتم والعزم والقضم والقطم والكظم وأمثاله��ا كلم��ات ال تخل��و من الداللة على التوكيد والتشديد والقطع الذي يدل على المعاني الحسية، كما يستعار أحيانا لمعاني القط��ع ب��الرأي واإلص��رار على

( وإذا كان ذل��ك يتف��ق وم��ا ج��اء من بعض الكلم��ات61العزيمة " ). 119- الزجاجي: كتاب الالمات ص 57- الهروي: كتاب الالم�ات – تحقي�ق وتعلي�ق يح�يى عل�وان البل�داوي – ط 58

. 80- 79م – مكتبة الفالح – الكويت – ص 1/1980 - الرماني: معاني الحروف مذيال باإلعجاز اللغوي لحروف القرآن المجيد 59

م –1/2005– تحقيق وتعليق الشيخ عرفان بن س��ليم العش��ا حس��ونة – ط. 33المكتبة العصرية – بيروت – ص

. 78- حسن عباس: خصائص الحروف العربية ومعانيها � سابق � ص 60 م- دار المع�ارف6/1988- العقاد: أشتات مجتمعات في اللغة واألدب ط 61

. 46– القاهرة – ص

16

Page 17:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

المختومة بالميم في رسالة سليمان من مثل الحلم الذي يكتسبأك الحلم، ومث��ل دال��ة أمثال تلك الدالالت من فعله في قوله: ج��ر القس���م: أيم ب���داللتها على اإلص���رار والعزيم���ة أو ب���داللتها على

( وما تستدعيه من دالالت الهالك والش��ر ال��تي62الثعبان و الحية ) ارتبطت به��ا في الم��وروث الع��ربي، إال أنه��ا ال تتف��ق م��ع وص��ف المعلم المنتهي بالميم، إال إذا استدعى الوص��ف الغلظ��ة والش��دة

م. في ممارسة مهنة المعل أم��ا الميم في أوائ��ل الكلم��ات من رس��الة س��ليمان، فق��د جاءت زائدة للداللة على اس��م الفاع��ل من غ��ير الثالثي، أو اس��متخف المفعول من الثالثي، وذلك في خمسة مواضع: مهتوك- مس����ع، وكله��ا ج��اءت في س��ياق الس��خر ب ب – مت – مباع��د – متق��ر، وإن زادت على ذلك كلم��ة مهت��وك من واالستهزاء والهجو والذم الدالل��ة على القط��ع المرتب��ط بالش��دة والحس��م وغلب��ة الس��وء المرتب��ط بم��ا اش��تهر عن شخص��ية الحج��اج بن يوس��ف ال��ذي لم يستخدم الميم في أواخر الكلمات إال في ثالثة مواضع ج��اء اثن��ان منها للداللة على الجمع في ضمير الخط��اب لكم، والم��رة الثالث��ة م��ع كلم��ة الس��الم ال��تي ت��دل على ثبات��ه وحكمت��ه في ال��رد على رسالة سليمان رغم ما يسيطر عليه من الغضب والحنق، كما أنه لم يس��تخدم الميم في أوائ�ل الكلم�ات في غ��ير المواض�ع الثالث�ة

السابقة، وإنما استخدمها في ثناياها . وأم��ا ص��وت الن��ون، فق��د اس��تخدمه س��ليمان ض��عفي م��ا اس��تخدمه الحج��اج، وق��د تن��وع اس��تخدامه عن��دهما بين الش��دة � مشددا � والخفة � غير مشدد � والخنخن��ة ��� خارج��ا من األن�ف فية � وه��و ص��وت مجه��ور متوس��ط الش��دة، ومن إيحاءات��ه حالة الغن التعب��ير عن البط��ون في األش��ياء أو التعب��ير عن الص��ميمية، وهيا ينبعث من إيحاءات صوتية مستمدة من��ه باعتب��اره " ص��وتا هيجاني

( وهي الدالل��ة63الصميم للتعبير عفو الفطرة عن األلم العميق " ) التي ربما ندركها من استشعار سليمان لأللم تجاه موقف الحجاج من��ه وإهمال��ه ال��رد على رس��ائله، أو من س��لوك الحج��اج وش��دته

وبطشه بمعارضيه ومعارضي الدولة دون هوادة منه أو رحمة. وق��د ورد ص��وت الن��ون في الرس��التين على الص��ور الثالث��ة الس��ابقة م��ع اختالف في م��رات ال��تردد ؛ إذ اس��تخدمه س��ليمان��ا مشددا مرتين ومثلهما عند الحجاج، واس��تخدمه س��ليمان مخنخن في ستة مواض�ع ومن إيحاءات�ه في ه�ذه الحال�ة النطقي�ة الدالل�ة

ة ) ( وهي إيح�اءات ربم�ا رآه�ا س�ليمان في64على النتان�ة والخس���ا، في حين لم الحج��اج، ف��أكثر في اس��تخدام ه��ذا الص��وت مخنخن

- ورد في لسان العرب البن منظور أن األيم واألين هو الثعب��ان ال�ذكران 62- مادة أيم. 12/40من الحيات

. 160- حسن عباس: خصائص الحروف العربية ومعانيها ص 63. 161- حسن عباس: خصائص الحروف العربية ومعانيها � سابق � ص 64

17

Page 18:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

يستخدمه الحجاج كذلك، وجاء مخفف��ا في غ��ير ذل��ك من مواض��ع وروده عندهما، مما يعني تساويهما في نطق الحرف مخفف��ا غ��ير��ا عن��د الحج��اج ؛ مخنخن، ونستطيع استشفاف عدم وروده مخنخن ربما ألنه يخاطب األمير، أو لتعالي��ه عن أن يس��لك مس��لك األم��ير

في التعبير عن غيظه وغضبه. كما تفوق سليمان في استخدام صوت األلف على الحج��اج، وإن ضاق الفرق بينهما عما كان عليه في األصوات السابقة وكلها أصوات مجهورة متميزة بق��وة الوض��وح الس��معي، وهي الخاص��ية الصوتية نفسها التي يتم��يز به��ا ص��وت األل��ف، ب��ل إن��ه يمث��ل م��ع صوتي الواو والياء الممدودين قمة الوضوح السمعي ؛ إذ " تمل��ك

( إلى65قوة إسماع عالي��ة ج��دا تف��وق ق��وة إس��ماع الص��وامت " ) جانب مدة زمنية طويلة في نطقها، وهذه المدة الزمنية الطويل��ة تخص صوت األلف المم��دود عن��د اس��تخدامه في س��ياقات الت��أوه والتفجع والحزن، بيد أننا نرى أنها جاءت موافقة لما يسيطر على نص الرسالتين من عاطفة غاضبة شديدة مص��حوبة بص��وت ع��ال يناسبه األل�ف المم�دود ؛ لينتج بم�ده مزي�دا من التقري�ع والت�وبيخ للحج��اج من س��ليمان المفتق��ر إلى وس��يلة ص��وتية تلفت س��مع الحجاج ؛ لذا أكثر من اس�تخدام األل�ف، أم�ا الحج�اج فيب��دو واثق�ا ثابتا في رده، لم يلجئه غضبه إلى مواجهة سليمان بنبرته الغاضبة المغتاظة نفسها ؛ ل��ذا ك��ان اس��تخدامه لألص��وات ذات اإليح��اءات

السابقة أقل من سليمان. إن األص��وات الس��ابقة كله��ا تنتمي إلى فص��يلة األص��وات المجهورة التي رأينا تفوق س��ليمان في اس��تخدامها على الحج��اج باستثناء صوت الالم ال�ذي رأين�ا الحج�اج يزي�د في�ه على س�ليمان مرة واحدة، ونختم الحديث عن األصوات المجهورة بصوت الب��اء، لنجده عند سليمان أكثر منه عن��د الحج��اج، والب��اء ص��وت ش��فوي انفجاري مجهور، وهو " بحكم انفجاره الصوتي ب��انفراج الش��فتين س��ريعا بع��د ض��مة ش��ديدة، فه��و أوحى م��ا يك��ون بمع��اني البعج والحفر والقط��ع والش��ق والتحطيم والتبدي��د والمفاج��أة والش��دة،

( وال66وذلك حذوا لمسموع األصوات على محسوس األح��داث " ) شك أن تل��ك المع��اني واإليح��اءات جميعه��ا تتف��ق وم��ا ع��رف من شخصية الحجاج، وما وصفه به سليمان بن عب��د المل��ك ال��ذي م��ا فارقه الغضب والغيظ في خطاب الحجاج المكتوب، وقد بدا ذل��ك في استخدامه صوت الباء حرفا من ح��روف المع��اني ج��اء فيهم��ا للتعدي���ة مص���احبا الس���مي فاع���ل من فعلين الزمين ال يتع���ديان

،67بنفس��يهما ) ��أوامر الل��ه ع��ز وج��ل تخف ب (، وذل��ك قول��ه: مس��تق أولهم���ا من السداس���ي الالزم خطه، حيث اش��� ب بس��� متق���ر

- د/ غالب المطل�بي: في األص�وات اللغوي�ة – دراس�ة في أص�وات الم�د 65. 45م – ص 1984العربية – دار الشئون الثقافية والنشر – بغداد

. 101- حسن عباس: خصائص الحروف العربية ومعانيها ص 66. 221- المالقي: رصف المباني في شرح حروف المعاني � سابق � ص 67

18

Page 19:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

تق الث��اني ، وهذا أق��رب إلى مع��نى التعدي�ة، في حين اش�� استخفب، وإن كنا نرى أن الباء مع اسم الفاعل من الخماسي الالزم تقرخط آل��ة أو وس��يلة متق��رب هن��ا دال على االس��تعانة باعتب��ار الس�� للتقرب، وهذا المعنى: االستعانة في الباء " هو أقرب إلى معانيها الفطري��ة في الحف��ر والبق��ر، بم��ا يتواف��ق م��ع إيح��اءات ص��وتها االنفجاري، فكان الطعن والنشر والحفر والشق يتم بالباء، وليس

(. 68أداة أخرى " ) واس��تخدمها حرف��ا مص��حوبا ب��ألف الم��د المنتج��ة المت��داد الصوت با في موضعين: مباعد، صباحك، وإذا نط��ق بص��وت الب��اء ممدودا مصحوبا بألف المد، فإن يصلح " لتمثيل األشياء واألحداث التي تنطوي معانيها على االتساع والضخامة واالرتفاع، بما يحاكي واقعة انفتاح الفم على مداه عند خروج صوته من بين الشفتين "

( وال شك أن معاني االتساع والضخامة واالرتفاع مم��ا يتناس��ب69)وما أثر عن الحجاج من صفات قصدها سليمان في رسالته.

ا مع األصوات المهموسة، نجد أن رس��الة وعندما نقف صوتيا تفوق��ا على رس��الة الحج��اج، باس�تثناء سليمان ق��د تض�منت أيض� صوت الكاف الذي جاء تردده واح��دا عن��دهما وه��و إح��دى عش��رةا من مرة، وقد تساويا في نوع استخدامه حيث جاء ص��وتا أساس��ي بني��ة الكلم��ة في ثالث��ة مواض��ع، وج��اء ض��مير خط��اب في ثماني��ة مواضع كلها للمفرد المخاطب عند سليمان ؛ ألنه يخاطب الحجاج��ا للمف��رد س��ليمان في س��تة مواض��ع، ال��ذي اس���تخدمه خطاب وموضعين لخطاب المجموع الذي يض��م س��ليمان وأه��ل بيت��ه من

الخالفة المروانية. وص��وت الك��اف ش��ديد مهم��وس " يح��اكي ص��وت احتك��اك

( عند النطق به، واالحتك��اك ي��وحي ب��القوة70الخشب بالخشب " ) والشدة وربما ألجل ذلك ناسب طبيعة خطاب الحجاج ذي الش��دة والبطش، وناسب أيضا شدة الحجاج وعنفه في الرد على األمير ؛ إذ لم يكن الحجاج يخشى أحدا، أو يعمل حس��ابا ألح��د إال للخليف��ةر وحده وهو آنئذ الوليد بن عبد الملك أخو سليمان، وهذا م��ا يفس�� غلبة استخدامه في خطاب المفرد لس��ليمان وح��ده على خط��ابالمجموع الذي يستدعي من الحجاج على سليمان وأهله جميعا.

ويأتي صوت الت��اء المهم��وس من بين األص��وات المهموس��ة ذات التردد الواض��ح في الرس��التين ؛ فق��د ورد عن��د س��ليمان في إحدى عشرة مرة، في حين ج��اء عن��د الحج��اج في عش�ر م�رات، وأبرز ما ميز استخدامهما لصوت التاء أن الحجاج اس��تخدمه أرب��ع مرات للداللة على ذاته المتكلم��ة ؛ ألن��ه فيه��ا يمن على س��ليمان

- حسن عباس: حروف المعاني بين األصالة والحداثة – منشورات اتح��اد 68. 57م – ص 2000الكتاب العرب – دمشق

. 101- حسن عباس: خصائص الحروف العربية ومعانيها � سابق � ص 69. 70- السابق ص 70

19

Page 20:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

وأهله بما قدمه لهم من خدمات، وما تحمل��ه من غلظ��ة س��ليمان وفظاظت��ه في خطاب��ه، في حين اختفت ه��ذه الدالل��ة الذاتي��ة في رسالة سليمان الذي بالغ في استخدام ض��مير الخط��اب، واختف��اء الذات السليمانية مما يعضد من علو نبرة التهدي��د والوعي��د ال��ذي على الم�ؤنث أرب�ع وجه�ه إلى الحج�اج، كم�ا ج�ا ص�وت الت�اء داال مرات عند سليمان في حين لم يرد عند الحج��اج إال م��رة واح��دة، أما باقي المرات عن��دهما، فق��د ورد فيه��ا ص��وت الت��اء حرف��ا من

على المضارعة. حروف الكلمة أو داال البنية المعجمية:

مما يميز البنية المعجمية في رسالة سليمان بن عبد المل��ك غلبة المشتقات، فاسم الفاعل ورد عنده خمس مرات كلها كانت

(، وكله�ا أوص�اف س�لبية متس�اوقة وس�ياق الهج�و71أوصافا للحجاج ) والذم، حتى تلك التي ال تدل على السلب مثل المعلم ق��د ج��اءت في س��ياق الس��خر واالس��تهزاء على م��ا م��ر من قب��ل، واس��تخدم سليمان اس��م المفع��ول م��رة واح��دة لم يبتع��د فيه��ا عن أس��لوب السخر واالس��تهزاء والهج��اء وهي كلم��ة مهت��وك ال��تي نس��بها إلى��ا عن��ده، الحق، لتستدعي الداللة الضدية، ف��إذا ك��ان الح��ق مهتوك فإن الظلم موصول لديه، ومن ثم��ة ك��انت ص��يغة اس��م المفع��ول سلبية عنده كما كانت صيغ اسم الفاع��ل الدال��ة على اس��تمرارية الحدث، وكأن الصفات التي وصفه بها إنما كانت مالزم��ة ل��ه غ��يرا من المش��تقات في مفارق��ة الس��مه، ولم يس��تخدم الحج��اج أي على المجم��وع رسالته س��وى اس��م الفاع��ل ال��ذي اس��تخدمه داال

مرة واحدة عندما ذكر أمير المؤمنين. أما األفعال، فقد لوحظ أن الفعل الماضي جاء عند سليمان م��رتين مش��يرا ب��ه إلى وص��ف الحج��اج بنع��وت ليس��ت حادث��ة أو جديدة، وإنما هي أوصاف قديمة: أفسدتك النعم�ة وج�رأك الحلم، في حين اس��تخدم س��ليمان الفع��ل المض��ارع ثالث م��رات ؛ ألن��ه يتوعد الحجاج ويتمنى له الص��يحة المردي��ة وس��وء الص��باح وس��وء المصير، وهي أمنيات أو تهديدات لم تقع للحج��اج ال��ذي اس��تخدم الفعل الماض�ي س��ت م�رات كاش�فة عن تريث�ه وتعقل�ه في ال�رد على رسالة سليمان، ولم يستخدم الحجاج الفع��ل المض��ارع، ولم

يستخدما كالهما الفعل األمر. البنية التركيبية:

يتجاوز البحث في هذا المستوى حدود الكلمة ومناحي النظر إليها من صرفية لغوية وداللية، إلى حيث تركبها في جمل

وتراكيب مخصوصة أو مقصودة من شأنها االنتقال باللغة األدبية " من مستوى الصحة الذي تفرضه األعراف اللغوية إلى مستوى

- ليس المراد هنا الصفة المعروفة في باب التوابع من علم النحو، وإنم��ا 71يراد بها مطلق الوصف للشخصية المعنية.

20

Page 21:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

( والصحة والجمال، أو72الجمال الذي يفرضه األسلوب األدبي " ) المثالي والمنحرف، أو المعياري والبالغي كلها ثنائيات لغوية

تلفت النظر إلى الدور الذي يقوم به علم النحو في هذا االنتقال السلس بين مستويي اللغة، وهو األمر الذي يستدعي نظرية

النظم وعالقتها الوثقى بالنحو، فليس النظم " إال أن تضع كالمك الوضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله "

( التزاما وتطبيقا يضمن الصحة اللغوية التي يصدعها المبدع أو73) األديب عندما يعمد إلى إنتاج نص أدبي همه األساس هو المتعة

الجمالية التي يبحث عنها البالغيون والمبدعون، فإذا كان اللغويون والنحاة العرب قد " أقاموا مباحثهم على رعاية األداء

المثالي، فإن البالغيين ساروا في اتجاه آخر، حيث أقاموا مباحثهم على أساس انتهاك هذه المثالية والعدول عنها في األداء الفني "

( المتعلق بالعمل األدبي المتوسل في إنتاجه بلغة فنية هي74) في الحقيقة " ابتعاد عن اللغة المسماة بالنمطية أو الشائعة،

وهذا االبتعاد أو االنحراف يكون كذلك بالنسبة للقواعد التي(.75تتحكم في االستخدام اليومي التوصيلي للغة " )

وألن اللغة الفنية في األعمال األدبية بعيدة من النمطية المثالية المعيارية، ومتوسلة في اآلن عينه بصدع كل ما هو ثابت

أو مثالي واالنحراف عنه ؛ بغية إنتاج الجمالية المقصودة، فإننا يمكن أن نلمح في نص الرسالتين مجموعة من البنى الفنية أو األدبية التي تشكل هذه اللغة الفنية التي ال تغض الطرف عن

األطراف المشاركة في إنتاج النص األدبي، وهذه األطراف هي: المرسل � سليمان / الحجاج � والمرسل إليه � الحجاج / سليمان � ثم الرسالة أو النص المرسل، والمرسل يقوم هو اآلخر برعاية

الطرفين اآلخرين، وهذه البنى هي: العدول، التقديم والتأخير، الحذف، ثم بنية التحول التي يتغير معها مسار البنية الشكلية

للنص إلى بنية داللية تستدعيها التجربة الفنية للنص. بنية العدول:

ال يقوم المرسل بإرسال رسالته كيفما اتفق، وإنما يقوم برعاية حال المرسل إليه أو المسقبل الذي قد يكون متحيرا

ا مترددا في قبول ما يلقى إليه، أو أنه غير منتبه إليه، أو ربما شاك كان المبدع نفسه هو من يريد لفت النظر إلى رسالته، خاصة

وأن المصاحبات السردية التي سبقت نص الرسالتين قد أوقفتنا م – دار1988/� 2 - د/ محمد فتوح أحمد: شعر المتنبي قراءة أخرى – ط72

.97المعارف – القاهرة - ص . 81م - ص2000شاكر – مكتبة الخانجي – القاهرة – - عبد القاهر الجرجاني: دالئل اإلعجاز – قرأه وعلق عليه محم��ود محم��د73.269القاهرة � ص م- لونجم��ان –1/1994 - د/ محمد عبد المطلب: البالغة واألس��لوبية ��� ط74. 27م – ص 1992– مكتبة غريب – القاهرة - خوسيا ماريا إيفانكوس: نظرية اللغة األدبية – ترجمة د/ حامد أبو أحم�د75

21

Page 22:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

على موقف الحجاج من رسائل سليمان، هذا الموقف المتعالي غير اآلبه للرسائل المرسلة إليه، كل ذلك دفع سليمان إلى زيادة النشاط الكالمي، كما دفع الحجاج كذلك ؛ ألنه رأى صلف األمير وغروره، ومن ثمة أراد كل منهما أن يستعين بالبنى التوكيدية ؛

إليصال رسالته على النحو الذي يريد. تتكون الجملة في أية لغة من مجموعة من الدوال التي

تترابط فيما بينها ببعض الروابط مثل اإلسناد " وهو أهم عالقة في الجملة العربية ؛ فهو نواة الجملة ومحور كل العالقات

األخرى ؛ ألن في استطاعته وحده تكوين جملة تامة ذات معنى ( واإلسناد في المركب76داللي متكامل هي الجملة البسيطة " )

الفعلي يكون الفعل أو الحكم أو القضية مسندا، بينما يكون الفاعل المحكوم عليه مسندا إليه، وفي الجملة اإلسمية يكون

المبتدأ محكوما عليه، ومن ثمة فهو المسند إليه، والخبر هو الحكم أو القضية وهو المسند، وقد اقتضت اللغة المعيارية أن

يكون طرفا اإلسناد مرتبين على الترتيب اإلسنادي السابق، ففي الجملة الفعلية يكون الترتيب هو فعل ) مسند ( + فاعل ) مسند

إليه ( + مكمالت الجملة، وفي الجملة اإلسمية يكون الترتيب:مبتدأ ) مسند إليه ( + الخبر ) مسند (.

التقديم والتأخير: وقد استخدم كل من سليمان والحجاج بنية التقديم في

رسالتيهما من ذلك تقديم المفعول به على الفاعل، قد بدا ذلك بصورة واضحة في رسالة سليمان عندما ألحق كاف الخطاب

أك المفعولية بالفعل وأخر الفاعل في مثل: أفسدتك النعمة، وجر الحلم، ومثل هذا التقديم فيه من السخر واالستهزاء ؛ ألنه أراد

أ بالمفعول مباشرة دون أن ربط الداللة السلبية: أفسد، جر يفصل الفاعل بينهما، وفي التقديم هنا توكيد للداللة وتخصيص لها

بالمفعول دون غيره، ولم يستخدم الحجاج هذه الصورة من تقديم المفعول على الفاعل، وإنما وجدناه يقدم الجر والمجرور

لكم على المفعول به مرتين في سياق المن بفضله على سليمانوأهله، ولم نر مثل هذا التقديم عند سليمان.

كما قدم سليمان الخبر النكرة مهتوك، على الفاعل المعرف باإلضافة حجاب الحق ؛ ليفجأه بالسوء، وليفصل بين هذا

السوء وبين معنى الحق بالظرف عندك، وكذلك نراه قد فصل بين المبتدأ � اسم يكون � مصيرك، وخبره � سوء المصير � بالجر

والمجرور � في اآلخرة � ألنه يتوعده ويتهدده ويأمل له بهذا األمل الذي يدخره في اآلخرة حيث الحساب والعقاب اإللهي، وهي

الداللة المباشرة لآلخرة، وقد يكون المراد آخرة عملك أو خاتمتها سوء المصير، ولم يلجأ الحجاج إلى هذه الصورة من تقديم الخبر

164م – لونجمان – ص 1997/ 1ط - د/ مصطفى حميدة: نظام االرتباط والربط في تركيب الجملة العربية – 76

22

Page 23:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

على المبتدأ أو الفصل بينهما ؛ ألنه انشغل بتبيين فضله وسعة صدره ورجاحة عقله وفطنته عن االندفاع فيما اندفع إليه

سليمان. وإذا كان التقديم والتأخير منتجا لداللة التخصيص والتوكيد ؛

مع سليمان،إنفقد لجأ كالهما إلى وسيلة توكيدية مباشرة هي مع الحجاج، وصحيح أنهما أصل في الحروف الناسخة، لكنأنو

تختص دائما بمبادئ الكالم أو افتتاحياته، وال تكون معإن ؛أنمعموليها مصدرا مؤوال تئول إليه جملتها كما هو الحال مع

ولذلك زادها سليمان في صدر رسالته بعد فصل الخطاب زيادة من شأنها أن تكون توكيدا " مفيدا من زاوية بالغية وداللية، ال

نحوية بطبيعة الحال معاني تضاف إلى المعنى األول الحاصل من أصل الجملة، وهذه المعاني المضافة لم يفدها اإلسناد الخبري،

وإنما أفادتها الزيادة اللفظية التي جيء بها للتأكيد، وأدخلت على ( الخبري الذي ال شك في أنه كان يفتقد خاصية77هذا اإلسناد " )

التوكيد قبل دخولها عليه. ولقد قلنا من قبل إن الحجاج بن يوسف كان في رده على

سليمان أكثر حنكة وتريثا رغم ما في رسالته من نبرة غاضبة، وقد بدت حنكته وظهر تريثه في أسلوب رده الذي تضمن هجاء

سليمان وذمه من خالل بعض الوسائل الحجاجية، أو " تقنيات الخطاب التي من شأنها أن تؤدي باألذهان إلى التسليم بما

(78يعرض عليها من أطروحات، أو أن تزيد في درجة التسليم " ) ليس من سليمان المرسل إليه وحده، وإنما لكل من يقرأ رسالة

الحجاج الذي استعان من اآلليات الحجاجية بأسلوب التعليل وفائدته في قول اإلمام السيوطي: " التقرير واألبلغية ؛ فإن

لة من غيرها " ) ( وقد79النفوس أبعث على قبول األحكام المعل بحرف الالم التعليلية فيأناستخدم الثقفي التعليل عندما سبق

، وقد ساق هذا التعليل ؛ألنا كلنا خول أمير المؤمنينقوله: ليؤكد له أنه لم يتحمله إال ألنه وإياه � الحظ التوكيد المعنوي

بكلمة كلنا � من حاشية أمير المؤمنين وخدمه، ومن قبل ذلك استخدم الالم التعليلية ؛ ليحاججه بأنه � الحجاج � قد عذره

والتمس له العذر لفساد عقله. قد وإذا كانت إن وأن تختصان بتأكيد الجملة اإلسمية، فإن

من أدوات توكيد الجملة الفعلية، فهو ال يليه إال الفعل، وال يفصل ( إال بالقسم، وربما ألجل ذلك قيل: إنه جزء80بينه وبينه بغيره )

- عبد الله صولة: الحجاج في القرآن من خالل أهم خصائصه األسلوبية – 77. 254م – دار الفارابي – بيروت – ص 2/2007ط

- عب��د الل��ه ص��ولة: في نظري��ة الحج��اج – دراس��ات وتطبيق��ات – ط 78.13م- مسكيلياني للنشر والتوزيع – تونس – ص 1/2011

- السيوطي: اإلتقان في علوم القرآن – تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 79.3/224م – دار التراث – القاهرة – 3/1985– ط

23

Page 24:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

( ؛ ألن فيه معنى من معانيه وهو خصوصية وثبوت81من الفعل ) " ثالثة معان مجتمعة:قدهذا الفعل وتحققه، ومن ثمة كان في

( وهي معان ربما وجدناها مع82التحقيق والتوقع والتقريب " ) مرتين في رسالته التي ردقدالحجاج بن يوسف الذي استخدم

بها على رسالة سليمان، المرة األولى بعد فصل الخطاب مباشرة حيث قوله: فقد وصل كتاب األمير، ففيه تحقيق وتأكيد لوصول الكتاب أو الرسالة وتوقع لما تضمنته سطورها أو توقع

لوصولها ؛ لسابق سيرة الحجاج مع األمير سليمان، والمرة الثانية هي قوله له: ولقد عذرتك حيث اتصلت قد بالم جواب القسم

( واتصالها بالالم إنما هو زيادة في نشاط الكالم لزيادة تأكيد83) � رغبة في إقناع المرسل إليه بهذاعذرتكمضمون الجملة �

المضمون، ومن المعلوم أن التأكيد وسيلة من الوسائل اللغوية ( كما84لإلقناع اللغوي كالتراكيب الدالة على الثوابت والحقائق )

أن هذه األداة المركبة من الالم التعليلية مع أن التوكيدية تعد " من ألفاظ التعليل، بل هي من أهمها ؛ فقد يبدأ المرسل خطابه

الحجاجي بها في أثناء تركيبه، وتستعمل لتبرير الفعل، كما ( وال شك أن استعمالها في هذا85تستعمل لتبرير عدمه " )

السياق يدل على ما كان الحجاج يتمتع به من ملكة لغوية أتاحت له استخدام األدوات اللغوية بصورة كاشفة عما يتمتع به من

الحنكة والحكمة التي اختفت من رسالة سليمان مع اختفاء هذهالوسائل اإلقناعية.

الحذف: الحذف نوع من نوعي اإليجاز في البالغ�ة العربي�ة، والن�وع الث�انية هو اإليجاز بالقصر، حيث يك��ون النص الم��ذكر من الناحي��ة الكمي أقل من المعنى الذي ينتج ذلك النص المذكور ؛ " قص��دا للبالغ��ة، واإلتي��ان ب��المعنى الكث��ير باللف��ظ القلي��ل ؛ ليك��ون للكالم حالوة،

( ومن أب��رز الش��واهد القرآني��ة على86وعلي��ه باإليج��از طالوة ")ر قول��ه تع��الى: ﴿ ولكم في القصاص حيــاة يــااإليجاز بالقص��

[ إذ لم يكن هناك حذف في البنية179] البقرة ﴾أولي األلباب

م –3/1988- سيبويه: الكتاب – تحقيق وشرح عبد الس��الم ه��ارون – ط 80. 114/ 3الخانجي – مصر –

.456- المالقي: رصف المباني � سابق � ص 81 - الرضي: شرح الرضي على الكافية– تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر 82

.. 445/ 4م – منشورات جامعة قار يونس – بنغازي - ليبيا - 2/1996– ط. 125- المرادي: الجنى الداني في حروف المعاني � سابق � ص 83- د/ محمود عكاشة: تحليل الخطاب في ضوء نظرية أح�داث اللغ�ة – ط 84

. 48م – دار النشر للجامعات – القاهرة – ص 1/2014 - عبد الهادي بن ظافر الشهري: استراتيجيات الخطاب – مقارب��ة لغوي��ة 85

. 478م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت ص 1/2004تداولية – ط- ابن األثير: جوهر الكنز – تحقي�ق وتعلي�ق د/ محم�د زغل�ول س�الم – ط 86

.234م - منشأة المعارف – األسكندرية – ص 1/2000

24

Page 25:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

اللغوية لآلية الكريمة، ومع ذلك جاء معناها كبيرا يزيد على اللفظر عنه. الذي عب

أشرنا من قبل إلى أن رعاية الترتيب بين طرفي اإلسناد في الجملة العربية هو الصورة الواقعية للمستوى المثالي من

اللغة، هذا المستوى الذي يستدعي كذلك أن يكون طرفا اإلسناد مذكورين في الجملة، وال يحذفا إال بقرينة مسوغة لهذا الحذف،

فإذا ما اختل الترتيب أو حذف أحد الطرفين وهو ما يعرف باإليجاز بالحذف، فقد تم العدول أو االنحراف عن مثالية اللغة، وال يكون ذلك إال عندما يريد المبدع االنتقال برسالته من مجرد

الصحة اللغوية إلى المستوى الجمالي المعبر عن مكنون نفسه، إلى جانب القيمة الحجاجية من حيث إعانته المتلقي على عدم

الشعور بالملل والسأم ؛ كناتج لزيادة كالم يمكن حذفه دون تأثر المعنى، أو لفت المتلقي إلى المحذوف وجذب انتباهه إلى

مضمون التركيب اللغوي قبل الحذف وبعده، مما يثير شعورهنحو النص.

والشك أن التوتر المسيطر على رسالة سليمان، قد جعله يتغاضى عن بعض أدبيات الرسالة التي أشرنا إليها من قبل ؛ فقد

أسقط من صدر رسالته البسملة والحمدلة واألدعية التي كانت الرسائل تعتمدها منذ عهد النبوة الكريمة، وقنع المرسل من بناء

، وعللنا هذامن، إلىرسالته أن يبدأها مباشرة بتسمية طرفيها الحذف بالحالة النفسية والشعورية التي كان عليها سليمان وهو

اج الثقفي، وهذا التعليل يؤكد ما قاله عبد القاهر يراسل الحج الجرجاني عن القيمة الفنية للحذف ؛ حيث " إنك ترى به ترك

الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن اإلفادة أزيد لإلفادة، وتجدك (87أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبن " )

وله قيمته التدوالية وبالغته الحجاجية ؛ إذ من المفترض " أن كل متلفظ بخطاب يسعى إلى إيصالنا إلى نتيجة أو عدة نتائج عامة

( ولعل في سكوت سليمان عن ذكر88هي مقصده اإلجمالي " ) هذه االفتتاحيات ما يكشف عن مقاصده اإلجمالية، ويجسد حالته

النفسية التي ارتبط بها النص في الذكر والحذف، واألمر كذلك مع حذفه ما بعد فصل الخطاب ؛ ألن " معناه: أما بعد قولنا بسم

( وهو لم يذكر89الله الرحمن الرحيم فقد كان كذا وكذا " ) البسملة أوال، فكيف يذكرها ثانيا، وهي تتضمن الرحمة المنافية

لمضمون رسالته الغاضبة الساخطة.

. 146- عبد القاهر الجرجاني: دالئل اإلعجاز � سابق � ص 87 - آن روبول، جاك موشالر – التداولية اليوم – علم جديد في التواصل – 88

م- دار1/2003ترجمة د/ سيف الدين دغفوس، د/ محمد الشيباني – ط. 216الطليعة للنشر والتوزيع – بيروت – ص

. 38- الصولي: أدب الكتاب � سابق � ص 89

25

Page 26:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

وقد كان األمر كذلك مع رسالة الحجاج إلى سليمان هذه الرسالة التي مثلت رد الفعل، أو االستجابة الكتابية للمثير الذي مثله رسالة سليمان، لقد سيطر الغضب والسخط على الحجاج،

ومن ثمة كانت رسالته التي استغنى فيها عن األدبيات البنائية للرسالة كما فعل سليمان في الموضعين: األول بدء الرسالة بالبسملة والحمدلة والدعاء، والثاني بعد فصل الخطاب، وهذا

الحذف يشير إلى أن الحجاج قد بادل سليمان مشاعره الغاضبة، حتى وإن بدا الحجاج � كما قلنا من قبل � أكثر حنكة وتعقال من

سليمان في رسالته. ومن مواضع الحذف التي اتفقا غيها كذلك حذف الخبر مع أسلوب القسم عند سليمان في قوله: وأيم الله، وعند الحجاج

في قوله: ولعمري، وهما من األلفاظ الصريحة الموضوعة للقسم ( من األساليب،90فهي ألفاظ خاصة بالقسم، وال تكون مع غيره )

وتقدير الخبر المحذوف: قسمي، أو ما أقسم به، والحذف هنا لإليجاز وتسليط الضوء على جملة الجواب التي يقسم عليها،

وهي التهديد والوعيد واألمنيات بسوء العاقبة من سليمان للحجاج، والعذر الذي التمسه الحجاج لسليمان بسبب فساد

اج الثقفي كصورة لغوية تنتمي عقله، وهو ما أقسم عليه الحج إلى القسم الحجاجي من حيث هو " مجموعة الحجج المتطابقة

التي توجه وجهة معينة في سبيل الوصول إلى نتيجة واحدة يروم(.91الباث إذعان متقبله لها وتسليمه لها " )

وثمة موضع آخر للحذف ورد في رسالة الحجاج، ولم يرد في رسالة سليمان، وهذا الموضع هو حذف المفعول به في قول

الحجاج مخاطبا سليمان: فكتبت والسلطان يملي عليك، والمفعول المحذوف هو رسالتك، إذ التقدير: فكتبت رسالتك،

وواضح أن داللة الحذف هنا تنصرف إلى االزدراء وصيانة رسالتها � رسالة يتم فيها مهاجمته على هذا النحو. من أن تضم � كتابي

لقد أكثر الحجاج من الحذف في رسالته مقارنا برسالة سليمان إليه، ولهذا داللته على عمق الغضب المسيطر على

اج حتى إنه قد ختم رسالته بهذا الحذف الدال على عمق الحج الغضب، وعدم االعتناء بشخصية سليمان وال مكانته كأمير شقيق

للخليفة الوليد بن عبد الملك وولي للعهد ؛ فقد ختم رسالته بكلمة السالم غفال ممن يلقي عليه السالم أو يدعو له، حيث كان

متوقعا أن يقول: والسالم عليكم، أو على األمير بيد أنه خالف هذا التوقع واستغنى عن الجر والمجرور المقصود بالدعاء، وهذاة بالغة يضعها في وجه سليمان ؛ ليؤكد له الحذف بحد ذاته حج

. 166م – مكتبة الخانجي – القاهرة – ص 5/2001- عبد السالم محمد هارون: األساليب اإلنش��ائية في النح��و الع��ربي – ط 9091 – : / ط- العربية اللغة في الحجاجية العوامل الناجح الدين عز ص – – – 1/2011د تونس الدين عالء مكتبة م

159 .

26

Page 27:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

العلة وراء إهماله وعدم الرد على رسائله السابقة، هذا العدمالذي وقف دافعا للرسالة المردود عليها.

بنية التحول: في هذه البنية يجاوز األسلوب اللغوي ظاهره الشكلي

باعتباره مجموعة من الدوال اللغوية المترابطة فيما بينها ترابطاا منتجا لدالالت كالتي رأيناها في التقديم والتأخير والحذف، نحوي

أقول: يجاوز البنية السطحية تلك إلى حيث بنية العمق التي يتحول عندها تحوال من الخبر إلى اإلنشاء كالذي نراه في قول

تحل بك، البد لك من صيحة مرديةسليمان للحجاج: ويسوء صباحك، ثم يكون مصيرك في اآلخرة سوء

فتلك التراكيب اللغوية اإلخبارية تجاوز بنية السطحالمصير، الخبرية هذه متحولة إلى بنية العمق اإلنشائية المنتجة لداللة

الدعاء المتراكم بسبب هذه التراكيب التراتبية التي يحاجج بها المرسل إليه، فالصيحة المردية التي يتمناها للحجاج يترتب عليها

سوء صباحه هذا السوء الذي يترتب عليه السوء في اآلخرة، وكأننا هنا أمام عالقة حجاجية باعتبارها " عالقة داللية تربط بين

األقوال بحيث يقوم االشتغال الحجاجي على تقديم المتكلم لقول معين يعتبر حجة يستهدف من خالله حمل المخاطب على القبول

(.92بقول آخر " ) والمالحظ أن مثل هذا التحول من البنية السطحية إلى

البنية العميقة يستدعي فكرة المواربة، وعدم المباشرة والمواجهة، فليس النص هنا صريحا في الدعاء على الحجاج الذي لم نجد في رسالته إلى سليمان هذه البنية المتحولة ؛ وذلك مما

ناسب شخصية الحجاج الصارمة البعيدة من المواربة، وهذه الصرامة ظهرت في أسلوب القسم الذي استخدمه في رسالته:

حيث إسناد دالة القسم اإلسمية إلى الذات المتعاليةلعمري المؤثرة لها دون غيرها، في حين كان قسم سليمان: بالذات

ة: التي تزيد األسلوب شرفا وقيمة وكشفا عنايم اللهالعلي ذاتية المقسم اللينة البعيدة من غلظة القلب، وقد جعلنا أسلوب

القسم بنية متحولة ؛ ألنه ال يقف عند حد داللة التوكيد، وإنما يجاوزها إلى القيمة الحجاجية باعتباره أعلى درجات السلم

( حيث يتم93الحجاجي من حيث "هو عالقة ترتيبية للحجج " ) ترتيب الحجج بشكل عمودي يبدأ من األضعف وينتهي باألقوى من

تلك الحجج وذلك على النحو التالي:عذرتك-لقد عذرتك-

م –1/2013- د/ عب�د اللطي�ف ع�ادل: بالغ�ة اإلقن�اع في المن�اظرة – ط 92. 98منشورات االختالف – الجزائر – ص

م – العمدة في الطبع1/2006- د/ أبو بكر العزاوي: اللغة والحجاج – ط 93. 20– الدار البيضاء – ص

27

Page 28:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

لعمري لقد عذرتك- ومن خالل هذا الترتيب من األضعف إلى األقوى في هذه

األقوال المنتمية إلى فئة حجاجية واحدة بدا أسلوب القسم المتوسل بأكثر من دالة توكيدية هي: الالم االبتدائية واسم القسم

والالم المؤكدة، ثم قد، وهذه القوة الحجاجية البد أنها توجه المتلقي إلى التسليم واقتناع بصدق ما يقوله الحجاج الثقفي،

وايم الله البد لك منوهو ما لم نجده في قسم سليمان: حيث اكتفى بدالة القسم منفردة. صيحة مردية،بنية البديع:

ارتبط البديع في الذاكرة النقدية والبالغية العربية باعتباره علما " يعرف به وجوه تحسين الكالم، بعد رعاية تطبيقه على

( المرتبطة بالحالة النفسية94مقتضى الحال ووضوح الداللة " )، وكذلك حالة المتلقي الخاص الذي تم إنتاج والشعورية للباث

النص من أجله، أو المتلقي العام الذي يتلقى النص، وإذا حاولنا تخصيص المقال بالرسالتين اللتين نحن بصددهما في هذا

السياق، وربطنا ذلك بنظرية المقاصد التي يرتكز دورها " بوجه عام على بلورة المعنى كما هو عند المرسل، إذ يستلزم فيه مراعاة كيفية التعبير عن قصده، وانتخاب اإلستراتيجية التي

( رأينا95تتكفل بنقله مع رعاية العناصر السياقية األخرى " ) طبيعة الرسالة السليمانية التي كشفت عن حالة سليمان بن عبد

الملك النفسية، وحالة الحجاج الثقفي النفسية كذلك، وأثر ذلك في صياغة رسالتيهما اللتين تفاوتتا في استخدام البديع، وإن كان

قليال فيهما. المقابلة:

هي من المحسنات البديعية التي ضمها علم البديع العربي، وينصرف مفهومها إلى " أن يؤتى بمعنيين أو معاني متوافقة، ثم

( ولها قيمتها البالغية من حيث96يؤتى بما يقابلهما، أو يقابلها " ) الجمع بين الشيء وضده أو ما يقابله بحيث يبرز حسنه في

المأثور البالغي القديم، ولها قيمتها الحجاجية واإلقناعية التي لم تنفلت كذلك من أسر الفكر البالغي القديم الذي رأى في الطباق والمقابلة داللة أخرى غير التحسين الجمالي البديعي، وهي داللة

إبراز المعنى وتوكيده، فعندما يقول سليمان في رسالته إلىك عبد. ب بسخطه 000الحجاج: فإن ،مباعد لرضاه، متقر

نجده قد قابل بين البعد والتقرب، وبين رضا الله عز و جل وسخطه ؛ ليكشف عن مدى سوء أوصاف الحجاج، والجمع بين

- القزويني: اإليضاح في علوم البالغ�ة – وض�ع حواش�يه إب�راهيم ش�مس 94. 255م – دار الكتب العلمية – بيروت – ص 1/2003الدين – ط

. 180- عبد الهادي الشهري: استراتيجيات الخطاب � سابق � ص 95 .238م – ص 1997تحقيق د/ عبد القادر حسين – مكتبة اآلداب – القاهرة - محم��د بن علي الجرج��اني: اإلش��ارات والتنبيه��ات في علم البالغ��ة – 96

28

Page 29:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

المتقابلين هنا ال يقف عند أداء وظيفته البالغية وحدها، وإنما يتحول " ألداء أغراض تواصلية، وإلنجاز مقاصد حجاجية، وإلفادة

( تتجاوز القيمة اللغوية أو البالغية الرتباطها97أبعاد تداولية " ) بكل ما يحيط بها من سياقات نفسية واجتماعية ومقاصد

للمتكلمين، هذه المقاصد التي نراها واضحة في ذم الحجاج الثقفي، والسخرية منه، ونعته بكل النعوت القبيحة التي تجعل

منه شخصية مستقبحة. السجع:

من محسنات البديع اللفظي وهو يشير في مدلوله إلى " ( وهي98تواطؤ الفواصل في الكالم المنثور على حرف واحد " )

إشارة تستدعي التوازن اإليقاعي بين الفواصل التي ال ترتبط بالكلمة الخاتمة، وإنما بكل كلمات الفاصلة، فتكون الفاصلتان

متساويتين في الكلمات، وفي نهاية الفاصلة حيث تشابه الحرف األخير وحركته، وهو ما يفهم من قول السكاكي عن السجع: إنه "

( وهو بهذه الداللة لم يرد99في النثر كما القوافي في الشعر " ) فكتبتعند سليمان، وإنما ورد عند الحجاج في قوله:

ة بين عينيك، ولطالما لطان يملي عليك، والعز والسقاب عاب، وأخضعت لكم الر ، حيث جاءتذللت لكم الص

الفاصلة األولى مختومة في طرفيها بالياء المتصلة بكاف الخطاب للمفرد المذكر، في حين ختمت الفاصلة الثانية في طرفيها بالباء المفتوحة، والمالحظ أن القيمة اإليقاعية التي

ينتجها السجع هنا مردوفة بقيمة حجاجية مردها التهكم بسليمان في األولى، والمن عليه وأهله في الثانية، إلى جانب ذيوع هذا

المن على األلسنة التي تستسيغ اإليقاع الصوتي، فتقوم بترديدهكلما سنحت لها المناسبات المماثلة لعلة القول.

وإذا كان سليمان لم يستخدم السجع في رسالته، فإنه استخدم آلية إيقاعية الفتة هي تقسيم بعض جمل الرسالة إلى

أجزاء متساوية في عدة الكلمات من مثل قوله في خطابأك الحلم، مهتوك عندكالحجاج: أفسدتك النعمة، وجر

، مباعد حجاب الحق، مستخف بأوامر الله عز وجلب بسخطه، فنجدها مجموعة من الفواصللرضاه، متقر

ا ما بين ثنائي الكلمات، وما زاد على اإلثنين، المتواطئة إيقاعيويمكن مالحظة ذلك من خالل الجدول التالي:

الجزء الثانيالجزء األولالنعمة / فاعل أفسدتك/ فعل+

. 50صفحات للدراسات والنشر – دمشق – ص م –1/2008- صابر الحباشة: التداولية والحجاج – مداخل ونص��وص – ط 97.210/ 1- ابن األثير: المثل السائر � سابق � 98 م –1/1982- السكاكي: مفتاح العلوم – تحقيق أكرم عثمان يوسف – ط 99

672دار الرسالة – بغداد – ص

29

Page 30:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

مفعولالحلم / فاعلمفعول جرأك / فعل +

+ مضاف لرضاه / جر ومجرورفاعل / خبر مباعد/ اسمب/ اسم ومجرور + مضاف بسخطه / جرفاعل / خبر متقر

ومثل هذا التوازن بين مكونات كل فاصلة من الفواصل قد ( وقد100يطلق عليه الموازنة باعتبارها " توازنا غير مسجوع " )

يطلق عليه ازدواج أو مزاوجة مع اختالف بين البالغيين في ( وفي كل101حقيقته وطبيعته وقربه أو بعده من مفهوم السجع )

األحوال فنحن أمام تراكيب لغوية أو فواصل مختلفة الخاتمة اختالفا قد ينتقص القيمة اإليقاعية بيد أنه ال يلغيها، ومع هذه

ا مرتبطا بتوالي هذه الفواصل القيمة اإليقاعية نلمح بعدا حجاجيا بترتيب أجزاء القول وأنواعها ما بين الفعلية المتوازنة نحوي

واإلسمية وما يرتبط بهما من دالالت التجدد والثبات، وكأن هذه الصفات السلبية التي يصم بها الحجاج قد كانت متجددة مرافقة

ومالزمة له. بنية المجاز:

يقول اإلمام عبد القاهر الجرجاني: " المجاز مفعل من: جاز الشيء يجوزه إذا تعداه، وإذا عدل باللفظ عما يوجبه أصل اللغة،

وصف بأنه مجاز، على معنى أنهم جازوا به موضعه األصلي، أو ( واعتماد النقل ومجاوزة102جاز هو مكانه الذي وضع فيه أوال " )

الموضع األصلي للفظ إلى موضع آخر لداللة بالغية هو األصل في مفهوم المجاز وقيمته التي ال تقف فقط عند القيمة البالغية، وإنما تتعداها إلى قيمة حجاجية إقناعية مردها إلى صدع توقع

المتلقي ولفت نظره إلى الداللة الجديدة التي تأخذ حكم المواضعة النافية للتردد في قبول الحكم أو الداللة المرادة من

عملية نقل الشيء من موضعه األول في أصل اللغة، إلى الموضع الثاني المنقول إليه ؛ ألن " جريه على الثاني إنما هو

(. 103على سبيل الحكم يتأدى إلى الشيء من غيره " )

- د/ محمد العمري: الموازنات الصوتية في الرؤي�ة البالغي�ة والممارس�ة 100. 15م – أفريقيا الشرق – الرباط – ص 1/2001الشعرية – ط

- د/ أحم��د مطل��وب: معجم المص��طلحات البالغي��ة وتطوره��ا – المجم��ع 101 10- 97/ 1م – 1983العلمي العراقي

- عبد القاهر الجرجاني: أسرار البالغة – قرأه وعلق عليه محمود محمد 102. 395م – المدني – القاهرة – ص 1/1991شاكر – ط

. 396- السابق ص 103

30

Page 31:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

وقد عدت االستعارة من المجاز ؛ ألن مدارها " نقل االسم ( في الوصف104عن أصله إلى غيره للتشبيه على حد المبالغة " )

المتعلق بنقل الشيء عن أصل وضعه اللغوي إلى الوضع المنقول إليه على سبيل االستعارة التي " هي ادعاء معنى االسم

( واالدعاء أسلوب105للشيء، ال نقل االسم عن الشيء " ) إقناعي حجاجي يحاول المدعي من خالله إكراه المدعى عليه

على قبول ادعائه والتسليم به، أو على األقل لفت انتباهه إليه، ومن ثمة كانت " العالقة االستعارية هي أدل ضروب المجاز على

( ولذلك لجأ سليمان بن عبد الملك إلى106ماهية الحجاج " ) محاججة الحجاج وإكراهه على تقبل وا وصمه به من العيوب

أك الحلم،كقوله له: فإنك عبد أفسدتك النعمة، وجر مهتوك عندك حجاب الحق، مستخف بأوامر الله عزب بسخطه، متبع لهواك ، مباعد لرضاه، متقر ، حيثوجل

استعار للنعمة فعل اإلفساد، واستعار للحلم فعل التجريء، وجعل الحق المجرد محسوسا له حجاب مهتوك عند الحجاج، وجعل

ا يبتعد عنه الحجاج، كما جعل السخط رضا الله عز وجل شيئا مادي وسيلة مصاحبة له يتقرب بها إلى الله عز وجل، ثم إنه في األخير

جعل هواه شيطانا يتبعه، وكلها استعارات متكئة على فكرة االدعاء التي يحاجج بها سليمان غريمه ؛ ليقنعه والمتلقي معه

بأنها أوصاف حقيقية مالزمة له، وليست مستعارة، أو ملفقة له. وأمر االدعاء عينه نجده في رسالة الحجاج التي يرد بها

م والسخرية الالذعة التي على سليمان ردا يحمل في طياته التهكلطان يملي عليك،تبدو في قوله لسليمان: فكتبت والس

ة بين عينيك ، حيث جعل السلطان � العزة والتكبر �والعز إنسانا يملي عليه ما يكتبه، وكأن شخصيته معدومة القدرة على

اإلمالء والكتابة من ذاتها، بل هو في حاجة دائمة إلى من يوجهه ؛ن قليل التثبتألنه ، كما جعل العزةصبي حدث الس

المعنوية مرئية يراها متجسدة أمام عينيه في إشارة واضحة إلىل لهم غروره وصلفه في مخاطبة القائد المغوار الذي كثيرا ما ذل

الصعاب وأخضع لهم الرقاب، ومن ثمة كانت هذه االستعارات مثلما كانت ري رسالة سليمان من االستعارات الحجاجية " التي

تهدف إلى إحداث تغيير في الموقف الفكري أو العاطفي ( فقد رغب سليمان من الحجاج أن يعدل من107للمتلقي " )

صفاته وغير من سلوكه، وبالمثل أراد الحجاج تغيير أسلوبسليمان، أو تعديله بلفته إليه.

. 398- السابق ص 104. 437- عبد القاهر الجرجاني: دالئل اإلعجاز � سابق � ص 105- د/ ط��ه عب��د ال��رحمن: اللس��ان والم��يزان أو التك��وثر العقلي – ط 106

. 233م – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – ص 2/2008 م – أفريقي��ا الش��رق –1/2001- عم��ر أوگ��ان: اللغ��ة والخط��اب – ط 107

.134المغرب – ص

31

Page 32:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

الخاتمة في ضياء ما تقدم من مدارسة نص الرسالتين خلص البحث

إلى ما يلي: تنتمي الرسالتان كلتاهما إلى فن الرسائل اإلخواني " نسبة إلى اإلخوان جمع أخ، والمراد المكاتبات الدائرة بين األصدقاء "

( من حيث كونهما كانتا بين شخصيتين اثنتين لغرض واضح108) هو العتاب والوعيد من الطرف األول وهو سليمان بن عبد الملك،

والسخط الغاضب من الطرف الثاني وهو الحجاج بن يوسفالثقفي.

التزم المرسالن كالهما أدبيات بناء الرسالة في أثر عن السابقين من حيث االعتماد على فصل الخطاب � أما بعد، ثم

موضوع الرسالة، واتفقا كالهما في إسقاط مقدمة الرسالة من حيث البسملة والحمدلة والصالة على النبي صلى الله عليه

وسلم، وقد عللنا ذلك بطبيعة موضوع الرسالتين وما فيهما من حدة وشدة وقسوة وغلظة ال تناسبها رحمة البسملة وال الصالة

على النبي صلى الله عليه وسلم. نجح المرسالن في توظيف األصوات اللغوية، ومعانيها وقيمها اإليحائية في التعبير عن موضوع الرسالتين، والتعبير

كذلك عن العاطفة المسيطرة عليهما عند كتابة الرسالة، كما جاءت ألفاظ الرسالتين مناسبة لموضوعهما وللعاطفة، وجاءت

البنية التركيبية من حيث التقديم والتأخير والحذف والتوكيد وغيرها معبرة كذلك عن الموضوع وقد بدا ذلك عند تعريجنا على القيم الفنية والحجاجية اإلقناعية لتلك الظواهر التركيبية التي لم

تنفصل من العاطفة المسيطرة على المرسلين. نجح المرسالن في توظيف البنى البديعية والمجازية، بحيث ظهرت القيم الفنية واألسلوبية والحجاجية التي حاول من خاللها

كل طرف أن يؤكد ما يذهب إليه في مواجهة اآلخر بالذم والهجو ؛ نتيجة لتوتر العالقة بينهما، وخلفياته السياسية حيثاج وتأييده للوليد بن عبد الملك في عزل أخيه مساندة الحج

سليمان من والية العهد. اتسمت رسالة سليمان بالحدة والعصبية واللهجة المتعالية

باعتبار الخلفية االجتماعية له من حيث كونه من البيت الحاكم وهو كذلك ولي العهد، وربما كان السبب في ذلك إحساسه الكبر

والتغطرس في شخية الحجاج بن يوسف الذي أهمله من قبل ولم يجبه في رسائله التي كان يرسلها إليه من قبل، ولم تبرأ رسالة الحجاج من هذا التعالي، ومن الغضب، وإنما سيطرت

عليه الحنكة والخبرة والحكمة والدربة، بحيث إنه بادل سليمان بعضا من األوصاف السلبية التي اتهمه بها، وقد بدت هذه الحنكة

. 126/ 8- القلقشندي: صبح األعشى � سابق � 108

32

Page 33:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

وتلك الدربة في خاتمة رسالته حيث كلمة السالم العارية عمنيوجه إليه الدعاء بالسالم، وهو أمر خلت منه رسالة سليمان.

33

Page 34:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

المصادر والمراجعالقرآن الكريم

المراجع العربية القديمة: ابن األث��ير: ض��ياء ال��دين نص��ر الل��ه بن محم��د بن محم��د بن عب��د

ه [ 637الكريم ] ت � المثل السائر في أدب الكاتب والش��اعر – قدم��ه وعل��ق علي��ه1

م – دار2/1973د/أحم��د محم��د الح��وفي، د/ ب��دوي طبان��ة – طنهضة مصر.

ه[. 737ابن األثير: نجم الدين أحمد بن إسماعيل ]ت ��� ج��وهر الك��نز – تحقي��ق وتعلي��ق د/ محم��د زغل��ول س��الم – ط2

م - منشأة المعارف – األسكندرية. 1/2000 ابن أبي اإلص���بع: عب���د العظيم بن عب���د الواح���د بن ظ���افر ] ت

ه [654 � تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعج��از الق��رآن –3

تقديم وتحقيق د/ حفني محمد شرف – المجلس األعلى للش��ئونم.1995اإلسالمية – القاهرة

ه [255الجاحظ: أبو عثمان عمرو بن بحر ] ت � البيان والتبيين – تحقيق وشرح عبد السالم محمد ه��ارون – ط4

م – مكتبة الخانجي – مصر 5/1985الجرجاني: اإلمام عبد القاهر

� أسرار البالغة – قرأه وعل��ق علي��ه محم��ود محم��د ش��اكر – ط5م – المدني – القاهرة. 1/1991

� دالئل اإلعجاز – قرأه وعلق عليه محمود محمد شاكر – مكتب��ة6م.2000الخانجي – القاهرة –

ه[ 729الجرجاني: محمد بن علي بن محمد ]ت � اإلشارات والتنبيهات في علم البالغة – تحقي��ق د/ عب��د الق��ادر7

م.1997حسين – مكتبة اآلداب – القاهرة ه [ 1165الجوهري: الشيخ إسماعيل بن غنيم ] ت

� إحراز السعد بإنجاز الوعد بمسائل أما بع��د – تحقي��ق أبي عب��د8 م- المكتبة العص��رية2011/�� 1الله الداني بن منير آل زهوي – ط

– بيروت. ابن الخطيب: لسان الدين أبو عبد الل��ه محم��د بن عب��د الل��ه ] ت

ه[ 776 ��� الكتيب��ة الكامن��ة في من لقين��اه باألن��دلس من ش��عراء المائ��ة9

الثامن���ة – تحقي���ق د/ إحس���ان عب���اس - دار الثقاف���ة – ب���يروتم.1983

ه [748الذهبي: شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان ] ت ه – مؤسس��ة الرس��الة –1402/�� ���2 س��ير أعالم النبالء – ط10

بيروت.

34

Page 35:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

ه [686الرضي: محمد بن الحسن االستراباذي ] ت � شرح الرضي على الكافي��ة– تص��حيح وتعلي��ق يوس��ف حس��ن11

م – منشورات جامع��ة ق��ار ي��ونس – بنغ��ازي –2/1996عمر – طليبيا.

ه [384 الرماني: أبو الحسن علي بن عيسى ] ت ��� مع��اني الح��روف م��ذيال باإلعج��از اللغ��وي لح��روف الق��رآن12

المجيد – تحقيق وتعليق الشيخ عرفان بن سليم العشا حس��ونة –م – المكتبة العصرية – بيروت. 1/2005ط

ه [ 337الزجاجي: أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق ] ت م- دار�2/1985 كتاب الالمات – تحقيق د/ مازن المبارك – ط13

الفكر – دمشق. ه[626السكاكي: أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر بن محمد ]ت

م –�1/1982 مفتاح العلوم – تحقيق أكرم عثمان يوسف – ط14دار الرسالة – بغداد.

ه [180سيبويه: أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر ] ت ��� الكت��اب – تحقي��ق وش��رح عب��د الس��الم محم��د ه��ارون – ط15

م – مكتبة الخانجي – مصر.3/1988ه [911السيوطي: اإلمام جالل الدين عبد الرحمن ] ت

� اإلتقان في علوم القرآن – تحقيق محمد أبو الفضل إب��راهيم16م – دار التراث – القاهرة.3/1985– ط

ه[ 298الشيباني: أبو اليسر إبراهيم بن محمد ] ت � الرسالة العذراء في موازين البالغة وأدوات الكتابة – تحقي��ق17

ودراس��ة د/ يوس��ف محم��د فتحي عب��د الوه��اب – دار الطالئ��ع –م. 2005القاهرة

ه [336الصولي: أبو بكر محمد بن يحيى ] ت اب – تصحيح وتعليق محمد بهجة األثري – المطبع��ة18 � أدب الكت

ه. 1341السلفية – مصر ه[ 8 ] قمحمد بن أبي العالء محمد بن سماكالعاملي:

� الزهرات المنثورة في نكت األخبار المأثور – تق��ديم وتحقي��ق19 د/ محمد علي مكي – مجلة المعهد المصري للدراسات اإلسالمية

م – إسبانيا. 1982- 1980 – 21- 20في مدريد – المجلدان ه[328ابن عبد ربه: الفقيه أحمد بن محمد ] ت

��� العق��د الفري��د – تحقي��ق د/ عب��د المجي��د الترحي��ني – ط20م – دار الكتب العلمية – بيروت. 1/1983

ابن الع��ديم: كم��ال ال��دين عم��ر بن أحم��د بن أبي ج��رادة ] ته [660

� بغية الطلب في تاريخ حلب – تحقيق وتقديم د/ س��هيل زك��ار21م1988– دار الفكر – بيروت

ه[ 395العسكري: أبو هالل الحسن بن عبد الله بن سهل ] ت � الصناعتين – تحقيق علي محمد البجاوي و محمد أبو الفض��ل22

م – دار الفكر العربي – القاهرة. 2/1971إبراهيم – ط

35

Page 36:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

��� األوائ��ل – تحقي��ق وض��بط د/ محم��د الس��يد الوكي��ل – ط23م- دار البشير – طنطا – مصر.1/1987

ه�[395ابن فارس: أبو الحسين أحمد ] ت � مقاييس اللغة – تحقيق وضبط عب��د الس��الم ه��ارون – اتح��اد24

م. 2002الكتاب العرب – دمشق ه [972الفاكهي: عبد الله بن أحمد ] ت

� شرح كتاب الحدود في النح��و – تحقي��ق د/ المت��ولي رمض��ان25م – مكتبة وهبة – القاهرة. 2/1993الدميري – ط

ه [276ابن قتيبة: أبو عبد الله محمد بن مسلم ] ت � المعارف – تحقيق وتقديم د/ ثروت عكاشة – ذخ��ائر الع��رب26م – دار المعارف – القاهرة. 4/1981 – ط44

ه739القزويني: جالل الدين محمد بن عبد الرحمن بن عمر ] ت ]

� اإليضاح في علوم البالغ��ة – وض��ع حواش��يه إب��راهيم ش��مس27م – دار الكتب العلمية – بيروت. 1/2003الدين – ط

ه[ 821القلقشندي: أبو العباس أحمد ] ت �143 صبح األعشى – الهيئة العامة لقصور الثقافة – ال��ذخائر 28

م مصورة عن طبعة دار الكتب السلطانية – مصر. 2004– ط ��� نهاي��ة األرب في معرف��ة أنس��اب الع��رب – تحقي��ق إب��راهيم29

م – دار الكتاب اللبناني – بيروت. 2/1980اإلبياري – طه[ 774ابن كثير: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر ] ت

� البداية والنهاية – تحقيق د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي30م – دار هجر – القاهرة1/1998– ط

ه� [1094الكفوي: أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني ] ت � الكليات: معجم في المص��طلحات والف��روق اللغوي��ة – أع��ده31

للطبع ووض��ع فهارس��ه د/ ع��دنان درويش ومحم��د المص��ري – طم – مؤسسة الرسالة – بيروت. 2/1998

ه [702المالقي: أحمد بن عبد النور ] ت � رصف المباني في شرح حروف المع��اني – تحقي��ق د/ أحم��د32

م – دار القلم – دمشق. 3/2002محمد الخراط – طه [ 749المرادي: الحسن بن قاسم ] ت

� الجنى الداني في ح��روف المع��اني – تحقي��ق د/ فخ��ر ال��دين33 م – دار الكتب العلمي��ة –1/1992قباوة ومحمد نديم فاض��ل – ط

بيروت.ه [346المسعودي: أبو الحسن علي بن الحسين بن علي ] ت

� م�روج ال�ذهب ومع�ادن الج�وهر – اعت�نى ب�ه وراجع�ه كم�ال34م – المكتبة العصرية – بيروت. 1/2005حسن مرعي – ط

ابن منظ��ور: أب��و الفض��ل جم��ال ال��دين محم��د بن مك��رم ] ته� [711

� لسان العرب – دار صادر – بيروت.35ه [ 415الهروي: أبو الحسن علي بن محمد النحوي ] ت

36

Page 37:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

� كتاب الالمات – تحقيق وتعلي��ق يح��يى عل��وان البل��داوي – ط36م – مكتبة الفالح – الكويت.1/1980

ه[4ابن وهب: أبو الحسين إسحاق بن إبراهيم بن سليمان ] ق � البرهان في وجوه البيان – تق��ديم وتحقي��ق د/ حف��ني محم��د37

م.1969شرف – مكتبة الشباب – القاهرة المراجع العربية الحديثة:

أحمد: د/ محمد فتوح م – دار المعارف –1988/� �2 شعر المتنبي قراءة أخرى – ط38

القاهرة.إستيتية: د/ سمير شريف

��� األص��وات اللغوي��ة – رؤي��ة عض��وية ونطقي��ة وفيزيائي��ة – ط39م- دار وائل للنشر والتوزيع – عمان – األردن. 1/2003

أوگان: عمر م – أفريقيا الشرق – المغرب.�1/2001 اللغة والخطاب – ط40

بشر: د/ كمال محمد م. �2000 علم األصوات – دار غريب – القاهرة 41

الحباشة: صابر م –���1/2008 التداولي��ة والحج��اج – م��داخل ونص��وص – ط42

صفحات للدراسات والنشر – دمشق الشهري: عبد الهادي بن ظافر

م�1/2004 استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط43– دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت.

صولة: عبد الله � الحج��اج في الق��رآن من خالل أهم خصائص�ه األس��لوبية – ط44

.م – دار الفارابي – بيروت2/2007 م-���1/2011 في نظري��ة الحج��اج – دراس��ات وتطبيق��ات – ط45

مسكيلياني للنشر والتوزيع – تونس.عادل: د/ عبد اللطيف

م – منش��ورات���1/2013 بالغ��ة اإلقن��اع في المن��اظرة – ط46االختالف – الجزائر.

عباس: أ- حسن ��� ح��روف المع��اني بين األص��الة والحداث��ة – منش��ورات اتح��اد47

م.2000الكتاب العرب – دمشق � خصائص الحروف العربية ومعانيها – اتح��اد الكت�اب الع�رب –48

م. 19989دمشق عبد الرحمن: د/ طه

37

Page 38:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

م – المركز�2/2008 اللسان والميزان أو التكوثر العقلي – ط49الثقافي العربي – الدار البيضاء.

عبد المطلب: د/ محمد م- لونجمان – القاهرة. �1/1994 البالغة واألسلوبية � ط50

العزاوي: د/ أبو بكر م – العم��دة في الطب��ع – ال��دار�1/2006 اللغة والحج��اج – ط51

البيضاء. العقاد: عباس محمود

م- دار����6/1988 أش���تات مجتمع���ات في اللغ���ة واألدب ط52المعارف – القاهرة.عكاشة: د/ محمود

م�1/2014 تحليل الخطاب في ضوء نظرية أحداث اللغة – ط53– دار النشر للجامعات – القاهرة.

أبو علي: نبيل خالد رباح � نقد النثر في تراث العرب النقدي حتى نهاية العصر العباسي54

. م1993ه – الهيئة المصرية العامة للكتاب – مصر 656العمري: د/ محمد

� الموازنات الصوتية في الرؤية البالغية والممارسة الشعرية –55م – أفريقيا الشرق – الرباط 1/2001ط

المطلبي: د/ غالب فاضل � في األصوات اللغوية – دراسة في أصوات المد العربية – دار56

.م1984الشئون الثقافية والنشر – بغداد مطلوب: د/ أحمد

��� معجم المص��طلحات البالغي��ة وتطوره��ا – المجم��ع العلمي57م.1983العراقي

م – دار الش��ؤون���1/1989 معجم النق��د الع��ربي الق��ديم – ط58الثقافية العامة – بغداد.

الناجح: د/ عز الدين م – مكتب��ة�1/2011 العوامل الحجاجية في اللغة العربية – ط59

عالء الدين – تونس.المراجع المترجمة:

إيفانكوس: خوسيا ماريا � نظري��ة اللغ��ة األدبي��ة – ترجم��ة د/ حام��د أب��و أحم��د – مكتب��ة60

م.1992غريب – القاهرة روبول: آن وجاك موشالر

38

Page 39:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

� التداولية اليوم – علم جديد في التواص��ل – ترجم��ة د/ س��يف61 م- دار الطليع��ة1/2003الدين دغفوس، د/ محم��د الش��يباني – ط

للنشر والتوزيع – بيروت.

39

Page 40:  · Web view43ـ استراتيجيات الخطاب – مقاربة لغوية تداولية – ط1/2004م – دار الكتاب الجديد المتحدة – بيروت

www.alukah.net

المحتويات4...............................................................مقدمة:

4................................................الدراسات السابقة:5................................................................مدخل:

5.........................................................� الرسالة:17...........................................� ابن سماك العاملي:2

10......................................................بناء الرسالة:11...................................................فصل الخطاب:

13..........................................................الموضوع:13............................................................الخاتمة:

14...............................................الدراسة األسلوبية:19..................................................البنية المعجمية:20...................................................البنية التركيبية:

21.......................................................بنية العدول:21.................................................التقديم والتأخير:

23............................................................الحذف:25.......................................................بنية التحول:26.........................................................بنية البديع:

27...........................................................المقابلة:27.............................................................السجع:

28........................................................بنية المجاز:30.............................................................الخاتمة

32..................................................المصادر والمراجع

40