حقوق غير المسلمين

24
١ ﺗﺼﺤﺢ ﺃﻥ ﳚﺐ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻫﺎﺩﺋﺔ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﻏﲑ ﺣﻘﻮﻕ ﻭﺍﳉﻬﺎﺩ. ﻛﺎﻣﻞ ﺍﷲ ﻋﺒﺪ ﻋﻤﺮ

Upload: drrifai

Post on 14-Nov-2014

93 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: حقوق غير المسلمين

١

سلسلة مفاهيم جيب أن تصحح

كلمة هادئة يف

حقوق غري املسلمني واجلهاد

عمر عبد اهللا كامل . د

Page 2: حقوق غير المسلمين

٢

احلمد هللا الذي أمر بالوفاء بالعهد وألزم به عباده وأصلي وأسلم علىخري رسله وخامتهم ،،،وبعد . لكل مؤمن الذي وفا بكل عهد قطعه فكان قدوةسيدنا حممد "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " عز وجل لقد قال اهللا

"كلكم آلدم وآدم من تراب " وقال ن افترقوا يف األديان لذا فغري املسلمني يف الدولة املسلمة هلم إ جتمعهم أخوة اخللق وفالبشر

حقوق وعليهم واجبات وينبغي للدولة املسلمة أن تم حبقوقهم كما تم حبقوق املسلمني سلمني وعليهم ما عليهم ، يؤدون واجبام ويفي املسلمون هلم حبقوقهم سواء فلهم ما للم

انوا من أهل البالد أكانوا من املعاهدين الذين تربطنا م عالقات دبلوماسية ثنائية أو كالذين يقيمون معنا يف وطن واحد وهم أهل الذمة وليس هذا اللفظ حمتقرا فهو يف اللغة

مان واألمان ومسوا بذلك ألن هلم عهد اهللا وعهد رسوله والشرع مبعىن العهد والضوعهد مجاعة املسلمني أن يعيشوا موفوري الكرامة مطمئنني على أنفسهم وأمواهلم وأهليهم وهم بلغة العصر مواطنني ال تابعون فاتمع املسلم يقيم العالقة بني مكوناته كلها

رمحة ومينع كل ما يؤدي إىل صراع بينهما على أسس وطيدة من التسامح والعدالة والرب والفيمنع اإلعتداء على املختلف مذهبا أو دينا أو جنسا أو لونا وهلذا فأعلى العالقات

. تتوافر حتت ظل شريعة اإلسالمنسانيةاإل .اهلم أرنا احلق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطال وارزقنا إجتنابه

عمر عبد اهللا كامل/ د

Page 3: حقوق غير المسلمين

٣

:ستور العالقة مع غري املسلمني دال ينهاكم اهللا عن الذين مل : " ىلا غري املسلمني قوله تععوأساس هذه العالقة م

ن اهللا حيب إهم ييقاتلوكم يف الدين ومل خيرجوكم من دياركم أن تربوهم وتقسطوا إلجوكم من دياركم إمنا ينهاكم اهللا عن الذين قاتلوكم يف الدين وأخر* املقسطني

٠"وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتوهلم فأولئك هم الظاملون

ولو كانوا كفارا بدينه مامل يقفوا يف ( فالرب والقسط مطلوبان من املسلم للناس مجيعا ٠) وجهه وحياربوا دعاته

عن ىن ينهآ فالقر٠يع وألهل الكتاب من غري املسلمني مرتلة خاصة يف املعاملة والتشر ٠جمادلتهم يف دينهم إال باحلسىن

ا قولوال الذين ظلموا منهم وإوال جتادلوا أهل الكتاب إالباليت هي أحسن : "قال تعاىل ٠"وحنن له مسلمون واحد كم وإهلنا وإهلكمينا وأنزل إلينزل إلأ يمنا بالذآ

كما أباح مصاهرم ،ل من ذبائحهم إلسالم مؤاكلة أهل الكتاب واألكاويبيح ٠والتزوج من نسائهم احملصنات والعفيفات

االسالم ، حيث أباح للمسلم أن تكون ربة بيته من وهذا يف الواقع تسامح كبري والده غري مسلمة وأن يكون أخوال أوالده وخاالم من غري أم أوشريكة حياته و

وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل هلم " :ىلاوقال تع٠املسلمني تيتموهن آ إذا مواحملصنات من املؤمنات واحملصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلك

٠) أخدانيأجورهن حمصنني غري مسافحني وال متخذ

Page 4: حقوق غير المسلمين

٤

:حقوق غري املسلمني يف ديار اإلسالم حق احلماية:أوالً

ل محايتهم من كل عدوان خارجي ومن كل ظلم داخلي حىت وهذه احلماية تشم ٠ينعموا باألمان واالستقرار

:احلماية من االعتداء اخلارجي .أ

جيب على اإلمام حفظ أهل الذمة : من كتب احلنابلة) النهى يف مطالب أويل( قال دار ومنع من يؤذيهم ، وفك أسرهم ، ودفع من قصدهم بأذى إن مل يكونوا ب

٠حرب بل كانوا بدارنا ولو كانوا منفردين ببلدذلك كما د عقدهم فلزمهبسالم وتأجرت عليهم أحكام اإل(وعلل ذلك بأم

) مراتب اإلمجاع( ابن حزم يف كتابه يمام الظاهروقول اإل)١( ) نييلزمه للمسلمونه وجب علينا أن ن من كان يف الذمة وجاء أهل احلرب إىل بالدنا يقصدإ( :

تعاىلت دون ذلك ، صونا ملن هو يف ذمة اهللا منخنرج لقتاهلم بالكراع والسالح و )٢() ٠ذلك إمهال لعقد الذمة ن تسليمه دونإف وذمة رسوله

:احلماية من الظلم الداخلي .ب وجاءت أحاديث خاصة حتذر من ظلم غري املسلمني أهل العهد والذمة، يقول

من ظلم معاهدا أو انتقصه حقا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ : ( هللا رسول ا )٣( ) فأنا حجيجه يوم القيامةه غري طيب نفس منمنمنه شيئا

من آذى ذميا فأنا خصمه ، ومن كنت خصمه خصمته يوم ( : ويروى عنه ويف )٥()ذى اهللاآفقد ذاينآذاين ومن آمن آذى ذميا فقد :( وعنه ايضا )٤(٠)القيامة

٦٠٢ ص ٢ مطالب أويل النهى ج )١( ١٤ ص ٣ الفروق للقرايف ج )٢( ٢٠٥ ص ٥السنن الكربى للبيهقي ج )٣(

بإسناد حسن رواه اخلطيب )٤( رواه الطرباين يف األوسط )٥(

Page 5: حقوق غير المسلمين

٥

ال يؤخذ منهم رجل بظلم ( اهللا عليه وسلم ألهل جنران أنه ىعهد النيب صل )١( ٠)آخر

ل هم عن حال أيلا يسأل الوافدين عليه من األق– رضي اهللا عنه –وكان عمر مانعلم : (هم بأذى فيقولون لهي إلىني قد أفضمالذمة خشية أن يكون أحد من املسل

)٢(٠)فاءإال و

إمنا بذلوا اجلزية لتكون أمواهلم ( يقول - رضي اهللا عنه – وعلي بن أيب طالب ٠)٣() كدمائناودماؤهمكأموالنا ،

صاروا به ألن املسلمني حني أعطوهم الذمة قد التزموا دفع الظلم عنهم وهممن ظلم املسلم من أهل دار اإلسالم ، بل صرح بعضهم بأن ظلم الذمي أشد

٠إمثا

بدانمحاية الدماء واأل .ج ن إمن قتل معاهدا مل يرح رائحة اجلنة و(يقول الرسول صلى اهللا عليه وسلم

)٤(٠)ربعني عاماأرحيها ليوجد من مسرية

ىل أن إأبو حنيفة وأصحابه و وابن أيب ليلى وعثمان ي والنخعوذهب الشعيبلنصوص املوجبة للقصاص من الكتاب والســنة املسلم يقتل بالذمي لعموم ا

قتل مسلما مبعاهد النيب أنيرو ا يف عصمة الدم املؤيدة ، وملاموالستوائه أن يوما رو) رواه عبدالرزاق والبيهقي) ( بذمته أنا أكرم من وىف:( وقال ٠

عليه البينة فأمر برجل من املسلمني قتل رجال من أهل الذمة فقامت عليا أيت .بقتلهأخرجه (ه كدمنا وديته كديتنا أنت أعلم من كانت له ذمتنا فدم:وقال

٠)يالطرباين والبيهق

. ٧٢رواه أبويوسف يف اخلراج ص ) ١(

.٢١٨ ص٥تاريخ الطربي ج ) ٢(

.٤٤٥ ص٨املغين ج) ٣( ).١٥٣ ص٦فيض القدير ج(رواه البخاري وأمحد يف اجلزية ) ٤(

Page 6: حقوق غير المسلمين

٦

أنه كتب إىل بعض أمرائه يف مسلم قتل : وقد صح عن عمر بن عبد العزيز ه ي إلن شاء عفا عنه فدفع إن شاء قتله وإىل وليه فإذميا، فأمره أن يدفعه

)١(. فضرب عنقهمها املختلفة يلا اعتمدته اخلالفة العثمانية ونفذته يف أقيوهذا هو املذهب الذ

٠منذ عدة قرونسالم أنفسهم من القتل محى أبدام من الضرب والتعذيب فال وكما محى اإل

٠ذى بأجسامهمحلاق األإجيوز ذا قدمت عليهم فال إ(ته على اخلراج ىل بعض والإ اهللا عنه ي رضيوكتب عل

تبيعن هلم كسوة شتاء وال صيفا وال رزقا يأكلونه وال دابة يعملون عليها وال تضربن أحدا منهم سوطا واحدا يف درهم ، وال تقمه على رجله يف طلب

نا منا أمرإء من اخلراج ، فييف ش) متاعا( وال تبع ألحد منهم عرضا .درهمن إ و،ن أنت خالفت ما أمرتك به يأخذك اهللا به دوين إ ف،أن نأخذ منهم العفو

ك كما خرجت من يإذن أرجع إل: قال الوايل(بلغين عنك خالف ذلك عزلتك )٢(. ن رجعت كما خرجتإقال و ٠)ال بالشدةإالناس ال يدفعون أن يعين (عندك

موالمحاية األ .د

هذا مما اتفق عليه املسلمون يف و .بدان محاية األموال األنفس وومثل محاية األ .مجيع املذاهب

ألهل صلى اهللا عليه و سلمروى أبو يوسف يف اخلراج ما جاء يف عهد النيب على -ولنجران وحاشيتها جوار اهللا وذمة حممد النيب رسول اهللا ( جنران

)٣(٠)يديهم من قليل أو كثري وكل ماحتت أ.أمواهلم وملتهم وبيعهم

.١٠١ ص١٠مصنف عبد الرازق ج) ١(

١٥اخلراجي أليب يوسف ص) ٢(

.٧٢سف صاخلراجي أليب يو) ٣(

Page 7: حقوق غير المسلمين

٧

منع املسلمني من ا( اهللا عنهما أن يويف عهد عمر إىل أيب عبيدة بن اجلراح رض ٠)ال حبلهاإضرار م وأكل أمواهلم ظلمهم واإل

سالم حلرمة أمواهلم وممتلكام أنه حيترم ما يعدونه حسب وبلغ من رعاية اإل ٠ يف نظر املسلمني االًن مل يكن مإدينهم ماال و

ما ماالن عنده بل من أنفس إذا ملكهما غري املسلمني ، فإأما اخلمر واخلرتير ٠قيمتها غرم ياألموال ، كما قال فقهاء احلنفية فمن أتلفها على الذم

عراضمحاية األ .ه إن ) (وقالفر( شهاب الدين القرايف يف كتاب ييقول الفقيه األصويل املالك

) محايتنا(عقد الذمة يوجب هلم حقوقا علينا ألم يف جوارنا ويف خفارتنا سالم فمن اعتدى عليهم ودين اإل ىل وذمة رسول اهللا اوذمتنا وذمة اهللا تع

ولو بكلمة سوء أو غيبة فقد ضيع ذمة اهللا وذمة رسوله وذمة دين )١(٠)سالماإل

٠) وحترم غيبته كاملسلميذى عن الذمب كف األجي (-ويف الدر املختارألنه بعقد الذمة وجب له ما : ويعلق العالمة ابن عابدين على ذلك بقوله

ي ، بل قالوا إن ظلم الذمته املسلم حرمت غيبةذا حرمت غيبإلنا ف )٢(٠أشد

التأمني عند العجز والشيخوخة والفقر .و

كانوا من وكتبه خالد بن الوليد ألهل احلرية بالعراق ففي عقد الذمة الذي اآلفات فة منآأصابته وجعلت هلم أميا شيخ ضعف عن العمل ، أو (:النصارى

تأو كان غنيا وصار أهل دينه يتصدقون عليه ، طرحت جزيته وعيل من بي )٣(٠)ني هو وعياله ممال املسل

١٤ ص٣الفروق ج )١( ٢٤٤ ص ٣ حاشية ابن عابدين ج )٢( ١٤٤ اخلراج ص )٣(

Page 8: حقوق غير المسلمين

٨

٠مجاعاإمل ينكر عليه أحد ومثل هذا يعد ىل الصديق وإوقد كتب خالد به ورأى عمر بن اخلطاب شيخا يهوديا يسأل الناس فسأله عن ذلك ، فعرف أن

مال تتاه إىل ذلك ، فأخذه وذهب به إىل خازن بيأالشيخوخة واحلاجة أجلني وأمره أن يفرض له وألمثاله من بيت املال ما يكفيهم ويصلح ماملسلاجلزية شابا مث خنذله منه ذا أخذناإما أنصفناه : وقال يف ذلك ٠م شأ

)١(٠عند اهلرمقوم جمذومني من بمن أرض دمشق مر يف طريقه ) اجلابية ( وعند مقدمه

تتوىل ي عليهم القوت ، أيالنصارى فأمر أن يعطوا من الصدقات وأن جير ٠بصفة منتظمةالدولة القيام بطعامهم ومؤم .نيمني وغري مسلماتمع مجيعا مسلأبناء يف يوذا تقرر الضمان االجتماع

) ىل شرح املنهاجإاية احملتاج ( يف ي الشافعيووضح العالمة مشس الدين الرمل )٢(ب أن أهل الذمة كاملسلمني يف ذلك فدفع الضرر عنهم واج

حرية التدين .ز

كراه إال :"، فيقول اهللا تعاىل م حق احلرية وحرية االعتقاد والتعبد سالوحيمي اإلنت تكره الناس أ أف:" وقوله سبحانه ٠" ييف الدين قد تبني الرشد من الغ

٠"حىت يكونوا مؤمنني ٠سالم ال تكرهوا أحدا على الدخول يف دين اإلي أوىلية األواآل

حريتهم الدينية ىنص عل) القدس( إيلياء ىل أهل إويف عهد عمر بن اخلطاب هذا ما أعطى عبد اهللا عمر أمري املؤمنني ( ، وحرمة معابدهم وشعائرهم

أعطاهم أمانا ألنفسهم وأمواهلم وكنائسهم : أهل إيلياء من األمان ال وصلبام وسائر ملتها ، ال تسكن كنائسهم وال دم وال ينتقص منها و

ء من أمواهلم وال يكرهون على دينهم يمن حيزها وال من صليبها وال من ش

١٢٦ اخلراج ص )١( ٤٦ ص ٨ اية احملتاج ج )٢(

Page 9: حقوق غير المسلمين

٩

كما رواه ٠)هوديلايلياء معهم أحد من إوال يضار أحد منهم وال يسكن ب )١(ي الطرب

ساعة يوهلم أن يضربوا نواقيسهم يف أ(ويف عهد خالد بن الوليد ألهل عانات أوقات الصالة ، وأن خيرجوا الصلبان يف أيام ال يفإشاؤوا من ليل أو ار ،

)٢(. عيدهمويبدو أن العمل جرى على هذا يف تاريخ املسلمني ، وذلك منذ عهد مبكر فقد

) مار مرقص ( ، مثل كنيسة يبنيت يف مصر عدة كنائس يف القرن األول اهلجر حارة كما بنيت أول كنيسة بالفسطاط يف) هـ ٥٦ – ٣٩( باإلسكندرية مابني

كما ) هـ ٦٨ – ٤٧ ( يالروم ، يف والية مسلمة بن خملد على مصر بني عامببناء كنيسة فيها ، ومسح ) حلوان ( مسح عبد العزيز بن مروان حني أنشأ مدينة

.كذلك لبعض األساقفة ببناء ديرين

:حرية العمل والكسب .ح ر العقود واملعامالت فقد قرر الفقهاء أن أهل الذمة يف البيوع والتجارات وسائ

.ة كاملسلمني ومل يستثنوا من ذلك إال عقد الربا ، فإنه حمرم عليهم كاملسلمنييلاامل

: وظائف الدولة تويل .ط وظائف الدولة كاملسلمني ، إال ما غلب عليه الصبغة وألهل الذمة احلق يف تويل

أن لتسامح باملسلمنيالدينية كاإلمامة ورئاسة الدولة والقيادة يف اجليش ، وقد بلغ ا ( يجبواز تقليد الذم) األحكام السلطانية ( يف يصرح فقهاء كبار مثل املاورد

ما يووزير التنفيذ هو الذي يبلغ أوامر اإلمام ويقوم بتنفيذها وميض) وزارة التنفيذ اليت يكل فيها اإلمام إىل ) وزارة التفويض ( يصدر عنه من أحكام وهذا خبالف

٦٠٩ ص ٣ تاريخ الطربي ج )١( ١٤٦ اخلراج ص )٢(

Page 10: حقوق غير المسلمين

١٠

بري األمور السياسية واإلدارية واالقتصادية مبا يراه ، وقبل ذلك كان الوزير تد ٠ملعاوية بن أيب سفيان كاتب نصراين امسه سرجون

:ضمانات الوفاء ذه احلقوق .ي

ني كل تلك احلقوق وكفلت هلم كل مسالميه لغري املسللقد قررت الشريعة اإلسن معاملتهم ومعاشرم تلك احلريات وزادت على ذلك بتأكيد الوصية حب

٠ن باليت هى أحسط ــمنوا كونوا قوامني هللا شهداء بالقسآيا أيها الذين " :وقال سبحانه "ن قوم على أال تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى آ شنوالجيرمنكم

:ضمان اجملتمع املسلم

بيق أحكامها يف كل األمور مسؤول بالتضامن عن تنفيذ الشريعة ، وتطيواتمع اإلسالم ٠ومنها ما يتعلق بغري املسلمني

ضرب ابن مصر ، حنييلا مع عمرو بن العاص ويوأشهر األمثلة على ذلك قصة القبط إال أن ذهب يأنا ابن األكرمني ما كان من القبط: بالسوط وقال له يعمرو ابن القبط

فاستدعى اخلليفة عمرو بن العاص : ه ي إلإىل أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب يف املدينة وشكااضرب ابن األكرمني ، فلما انتهى من ضربه : وقال له ي وأعطى السوط البن القبط،وابنه

: يأدرها على صلعة عمرو فإمنا ضربك بسلطانه ، فقال القبط: ه عمر وقال له يالتفت إليا عمرو مىت ( ة ، مث التفت عمر إىل عمرو وقال كلمته الشهريإمنا ضربت من ضربين

.)استعبدمت الناس وقد ولدم أمهام أحراراً يف زمنه ، ي العباس من الوايليموقف اإلمام األوزاع: ومن األمثلة البارزة على ذلك

عندما أجلى قوماً من أهل الذمة من جبل لبنان ، خلروج فريق منهم على عامل اخلراج بذنوب خاصة ، حىت خيرجوا من ديارهم فكيف تؤخذ عامة: ( كان مما قال فيها ف

: إىل أن يقول يف رسالته ) أال تزر وازرة وزر أخرى : ( وأمواهلم ؟ وحكم اهللا تعاىل

Page 11: حقوق غير المسلمين

١١

فإم ليسوا بعبيد ، فتكون يف حل من حتويلهم من بلد إىل بلد ، ولكنهم أحرار أهل ( )١() ذمة

النصارى ، وأدخلها يف املسجد من) يوحنا ( ومثل ذلك أخذ الوليد بن عبد امللك كنيسة ه ما فعل الوليد م يف كنيستهم ، ي، فلما استخلف عمر بن عبد العزيز شكا النصارى إل

على أساس ه يف املسجد عليهم ، لوال أم تراضوا مع الوايلدفكتب إىل عامله برد ما زا ٠)٢(أن يعوضوا مبا يرضيهم

ص من الذميني ، وأرسلهم إىل الشام خمافة ومثل ذلك أجلى الوليد بن يزيد من كان بقربمحلة الروم ، ورغم أنه مل يفعل ذلك إال محاية للدولة ، واحتياطاً هلا يف نظره فقد غضب

دعليه الفقهاء وعامة املسلمني واستعظموا ذلك منه ، فلما جاء يزيد بن الوليناقبه ، كما وردهم إىل قربص ، استحسنه املسلمون ، وعدوه من العدل وذكروه يف م

)٣( .ي ذلك املؤرخ البالذرييرو اهللا عنه ، فوجدها عند ي طالب رض بن أيبيومثل ذلك سقطت درع أمري املؤمنني عل

يا أمري : يسأله ي شريح ، فالتفت شريح إىل علي فاختصما إىل القاضرجل نصراين وقضى بينة ،أصاب شريح ، مايل: وقال ياملؤمنني ، هل لك من بينة ؟ فضحك عل

خبالف ذلك ، يد عليها ، ومل تقم بينة عليلا، ألنه صاحب بالدرع شريح للنصراين أشهد أن هذه أما إين: فأخذها هذا الرجل ومضى ، ومل ميش خطوات ، حىت عاد يقول

أشهد أن ال إله إال اهللا وأن ! عليه يلي إىل قاضيه فيقضأحكام أنبياء ، أمري املؤمنني يدينينتبعت اجليش وأنت منطلق من صفني ال اهللا ، الدرع درعك يا أمري املؤمنني ، حممداً رسو

)٤(٠ لك يأما إذ أسلمت فه: اهللا عنه ي رضيفخرجت من بعريك األورق ، فقال عل

٢٢٢ فتوح البلدان للبالذري ص )١( ١٧١فتوح البلدان للبالذري ص )٢( ٢١٤الذري ص فتوح البلدان للب )٣( ٥-٤ ص ٨ البداية والنهاية البن كثري ج)٤(

Page 12: حقوق غير المسلمين

١٢

:املفهوم الصحيح للجهاد يف اإلسالم

كمة غين عن البيان القول إن املسلمني يواجهون هجوما شرسا من القوى احلاوما ( وذلك بسبب العنف املسلح حىت بلغ حد احلرب ٠واملتحكمة يف العامل املعاصر

وما كان هذا األمر ٠) اليوم دليل واضح على ذلك ولبنانوالعراقوقع يف أفغانستان ليكون لو أننا كبتنا اجلماعات املتطرفة وأوقفناها عند حدودها ، وقمنا ببث ثقافة

سالمية صحيحة تقوم على احلوار واحلكمة واملوعظة احلسنة واجلدال باليت هي إادع إىل سبيل ربك باحلكمة واملوعظة احلسنة وجادهلم (: حسن مصداقا لقوله تعاىلأ

٠)تدينهباليت هي أحسن إن ربك هو أعلم مبن ضل عن سبيله وهو أعلم بامل

:)١( لعنف املسلحاجلدوى السياسية الستعمال اإن استقراء جتارب العنف املسلح على املستوى العاملي يظهر مبا ال يقبل اجلدل ، أن

وإذا استعرضنا جتارب العنف املسلح ٠العنف املسلح وسيلة فاشلة يف العمل السياسي انتصار اليت خاضتها احلركة اإلسالمية يف العقود األخرية ، نراها مل تؤد إىل أي

٠سياسي حقيقيوأحيا التهم ) اإلرهاب(لقد ألصق هذا األسلوب باإلسالم وباحلركة اإلسالمية مة

القدمية عن انتشار اإلسالم بالسيف ، وعن عجز املسلمني وختلفهم يف بناء لمي يف الوقت الذى تترسخ فيه على مستوى ع) باحلوار(العالقات وتكوين القناعات

٠فكرة التغيري باحلوار وبالتراضي وباألساليب الدميقراطية واإلسالم حيرم اإلرهاب والغيلة حىت يف حالة احلرب ، وهو حيمل أعظم وأوسع

اليت ) األمة( ومن البديهي أن اتمع األهلي هو ٠دعوة للحوار عرفها تاريخ البشريةساس القوة والنجاح واالستمرار ، ولن يتمكن أ) التنظيم(تعترب تالمحها مع

٠معه) األمة(من حتقيق أي نصر من دون تالحم ) التنظيم(

فقه العنف املسلح يف اإلسالم :(عمر عبد اهللا كامل وكتاب: د -املتطرفون خوارج العصر : راجع كتاب )١( ) الشيخ حممد مهدي مشس الدين-

Page 13: حقوق غير المسلمين

١٣

إن االعتقاد السائد هو أن اإلسالميني ال يؤمنون بالتعاون مع غريهم ، وال يؤمنون تالف ، وال بشرعية التعددية احلزبية والسياسية ، وال يؤمنون حبق املخالفة واالخ ٠يؤمنون باملشاركة يف احلكم مع غريهم إذا متكنوا من االنفراد به ولو بالقوة

وهذا حق ، فلم يظهروا مشروعا سياسيا مبنيا على تداول السلطة وعلى حق اآلخرين يف إبداء آرائهم ، بل حجروا حىت على املذاهب اإلسالمية املعتربة اليت

كل ذلك جعل احلركة ٠)السلفية(كرين حقها ، وكل ذلك يتم حتت ادعاء ختالفهم منإن أسلوب العنف : وقد يقال٠اإلسالمية معزولة عن ارى السياسي العام يف بلدها

املسلح حقق للحركة اإلسالمية حضورا سياسيا على الساحة ، ومن دونه ما كانت ٠ هذا احلضور احلركة اإلسالمية لتحقق لنفسها

ائم على احلكمة واملوعظة فما الربهان على العمل السياسي السلمي الواعي الق ذات األهداف ، على املستوى الشعيب وتعبئة اجلماهري ، والتعاون مع القوىاحلسنة

) اعتراف(السياسي، وإىل ) احلضور(املشتركة ولو بصورة جزئية ، ال يؤديان إىل اتمع والنظام والقوى السياسية األخرى باحلركة اإلسالمية ؟؟ بل إن العكس هو

٠الصحيح ، استنادا إىل التجارب الكثرية للحركة اإلسالمية وغريهان العمل السياسي السلمي بطيئا يف حتقيق النتائج ، ويتطلب جهودا قد يكو

٠وتضحيات أكثر ، لكنه يؤدى إىل نتائج أكثر ثباتا وأسلم عاقبة بالتأكيدكاسـب جدال أنه حيقـق بعـض امل -عنف املسلح وحىت لو فرضنا أما استخدام ال

مع األضرار واخلسائر اليت يسببها للحركة ال تتناسب - بالتأكيد - فإا ،السياسيةلنظرة املـسلمني إىل اإلسالمية، وللمجتمع األهلي املسلم ، وللمشروع اإلسالمي و

٠اإلسالم

Page 14: حقوق غير المسلمين

١٤

:أقسام العنف املسلح املشروع حبسب األدلة الشرعية الواردة ا الفقهاء أربعة عناوين بوىيندرج حتت هذا املسم

:وهيفيها ٠احلرب اجلهادية ضد الكفار -١ ٠)العصيان املسلح(اخلارجني بالسيف ) البغاة(قتال -٢استعمال القوة ضد مرتكب ( عن املنكر والنهياألمر باملعروف -٣

٠)املنكر ٠الدفاع عن النفس -٤

إن اوزين الستعمال العنف املسلح يدعون أن اجلهاد هو عنوان أسلوم ، وقد زين على أي عمل ) اجلهاد(من رافعي الشعار، أن يطلقوا عنوان ) العلماء(هلم بعض

) استعمال العنف لغرض ديين( ولعل تسميته ب٠مسلح يقوم به حزب إسالمي ٠أصوب من أي تسمية أخرى

: مفهوم اجلهاد

يكون إال ضد اتفق فقهاء املسلمني على أن اجلهاد باملعىن االصطالحي الفقهي الالكفار الذين ال تربطهم باملسلمني معاهدات ، وال يعيشون بني املسلمني بعالقات

.الذمة :وهؤالء الكفار على قسمني

أهل الكتاب ، إذ ال سبيل إىل إعالن اجلهاد عليهم طاملا أن هناك -١ ٠الدنامعاهدات دولية تربطنا معهم، ومل يقدموا على غزو ب

من يعبدون غري اهللا كاألصنام والنار والكواكب وغريها : املشركون ، ويقصد م -٢، وهؤالء بيننا وبينهم فواصل كثرية ، ونرتبط ببعضهم مبعاهدات ومواثيق متنع

٠قيام حرب جهادية ضدهم

Page 15: حقوق غير المسلمين

١٥

ن وأما املسلمون ، وهم كل من شهد الشهادتني ، ومل ينكروا ضروريا ملمون ، وهم جزء من األمة اإلسالمية سن هؤالء مجيعا مإضروريات الدين ، ف

٠ واالجتماعي- السياسيباملعىن ضد املسلمني بوجه من الوجوه إال - باملعىن املصطلح عليه -وال يشرع اجلهاد

قتال على حنو من التجوز ، كما يف إطالقه يف كلمات بعض الفقهاء على ٠البغاة وعلى بعض موارد األمر باملعروف والنهي عن املنكر

، حيث ) هـ ٥٧٣ت ( سعيد بن عبد اهللا يوإىل هذا ذهب الفقيه الراوند وإنكار املذاهب الفاسدة ال يكون إال بإقامة احلجج والرباهني، ٠٠٠: ( قال

٠)٠٠٠ الذمة إىل احلق، وكذا إنكار أهلوالدعوة

:العنف ضد األنظمةيف البالد ) العلمانية(إن مشروعية استخدام العنف املسلح ضد األنظمة احلاكمة

باملعىن املصطلح ، يتوقف على احلكم بكفر ) جهاد(اإلسالمية ، باعتبار أنه كن القول أشخاص اهليئة احلاكمة وخروجهم عن اإلسالم ، ومن دون ذلك ال مي

٠ املصطلحباملعىن) جهاد(مبشروعية حماربتهم وقتاهلم بقصد قتلهم بعنوان أن ذلك وهؤالء احلكام وأعوام مسلمون ظاهر احلال ، معترفون بنبوة حممد صلى اهللا عليه

وسلم ورسالته ، فال ميكن احلكم بكفرهم ، وعلى هذا األساس فقد حقن اإلسالم ٠دماءهم

وخمالفتهم لإلسالم من جهة كوم يتولون احلكم على أساس نظام غري إسالمي ليس

سببا كافيا للحكم بكفرهم اوز شرعا جلهادهم باملعىن املصطلح ، ألن موقفهم ناشئا من تكذيب النيب صلى اهللا عليه وسلم اً ، وليس كفراليس كفرا مباشرا صرحي

:ألن حاهلما معترفون بأن هذا النظام خمالف لإلسالم ، وهم حيكمون على طبقه عصيانا ، أو إم

٠ضرورة بدعوى عدم التمكن من تطبيق اإلسالم

Page 16: حقوق غير المسلمين

١٦

كانوا عصاة ، فحكمهم حكم العصاة وليس حكم الكفار الذين جيوز فإنأوهلم استنادا إىل وإن كانوا متأولني ، فإما أن يكون ت٠جهادهم بالقتل والقتال

دعوى الضرورة فحكمهم حكم املتأولني وليس حكم الكفار الذين جيوز جهادهم ٠بالقتل والقتال

ليس - على األقل –وإما أن يكونوا متأولني بأن هذا النظام موافق لإلسالم أو بكفرهم اوز خمالفا لإلسالم ، فحكمهم أيضا حكم املتأولني ، وال ميكن احلكم

٠جلهادهم بالقتل والقتالولو سلمنا جدال بكفر هؤالء احلكام ، فال دليل على مشروعية جهادهم بالقتل والقتال ، مع وجود املندوحة للتوصل إىل ذلك بالعمل السياسي السلمي، والدعوة

ا يوافق الشريعة اإلسالمية إىل اهللا باحلكمة واملوعظة احلسنة لتغيري النظام احلاكم إىل م .ولو تدرجيياملتيقن هو كون هذه األنظمة غري إسالمية من حيث كوا ال تعتمد الشريعة اإن القدر

٠اإلسالمية مصدرا وحيدا يف التشريع القانوينوالشعوب اليت حتكمها هذه األنظمة شعوب مسلمة متارس فيها شعائر اإلسالم ،

إلدخاهلم يف - باملعىن املصطلح -مون ، فال معىن جلهاد هؤالء وحكامها مسل ٠اإلسالم ، وهو الغاية من اجلهاد االبتدائي كما نص على ذلك الفقهاء

وال دليل على مشروعية ذلك بل الدليل على عدم املشروعية قائم فيتعني العمل ٠ السلمي والدعوة باحلكمة واملوعظة احلسنةللتعامل مع هذه األنظمة بالعمل السياسي

Page 17: حقوق غير المسلمين

١٧

:أنظمة اجلور وأئمة اجلورويراد ا احلكام املسلمون الظاملون للشعب بعد تطبيق الشريعة اإلسالمية ومراعاة أحكامها يف سياستهم الداخلية ، وأبرز هؤالء هم احلكام الذين استولوا على السلطة

٠)راء التغلبأم(بالقوة وإذا ثبت اإلمام بالقهر والغلبة مث جاء ٠٠٠٠: (قال التفتازاين يف شرح املقاصد

إن املشهور بني الفقهاء املسلمني هو عدم ٠)آخر فقهره انعزل وصار القاهر إماما وقد ادعى بعضهم ٠باستعمال العنف املسلح) أئمة اجلور (ىعل) اخلروج(مشروعية

٠اإلمجاع على حرمة اخلروج بالسيف على اإلمام اجلائر ٠ ابن حزم الظاهرياإلماموقد خالف املشهور بعض الفقهاء القدماء منهم

ولكن من أجاز اخلروج على أئمة اجلور واستعمال العنف املسلح ، فقد قيد وشيوع ) تمع السياسيأو ا(مشروعية ذلك بشرط عدم حصول الفتنة وانقسام األمة

الفوضى واختالل النظام العام حلياة اتمع ، مع العلم أو الوثوق بكون النتيجة هي ٠إقامة احلكم اإلسالمي العادل

:العنف ضد األجانب غري املسلمني يف بالد املسلمني

هليئات األخرى، األشخاص ، والسفارات وا (م باألجانب غري املسلمني هنا هاملراداملوجودون يف البالد اإلسالمية بإجازات دخول وإقامة ) والشركات التجارية وغريها

وعمل من قبل حكومات البالد اإلسالمية ، وال تضر إقامتهم وعملهم باملسلمني وال ٠توجد حالة حرب فعلية بني املسلمني وبينهم

وقد دخلوا إىل البالد ٠صطلح الشرعيبامل) غري مسلمني(إن هؤالء األجانباإلسالمية مبقتضى إجازات دخول وإقامة وعمل من قبل سلطات متثل البالد

٠اإلسالمية ذات العالقة

Page 18: حقوق غير المسلمين

١٨

وذا االعتبار ينطبق عليهم ما ذكره الفقهاء مجيعا ، وأمجعت عليه املذاهب ذا -، وهم ليسوا ) األمان وأهل الذمةأهل العهد، وأهل (اإلسالمية من كوم

)١( موضوعا للجهاد قطعا –االعتبار يوجب شرعا محايتهم ، وحفظ أنفسهم وأمواهلم وأعراضهم ، االعتباروهذا

. وهذا واجب على الدولة وعلى سائر املسلمني٠ويعصمهم من كل اعتداء عليهم ب والسنة على وجوب محاية وحفظ من دخل الكتوالشك يف أن كل ما دل من ا

ني من الكفار واألجانب ، ويشمل األجانب غري املسلمني موأقام يف بالد املسل ٠املوجودين اآلن يف البالد اإلسالمية بإجازة من حكومات هذه البالد

عهدها وعقدها شرعا والقول بأن أنظمة البالد اإلسالمية اآلن ال ذمة هلا ، وال يعترب يف أمثال هذه األمور بالنسبة إىل األجانب غري املسلمني الذين ال توجد حالة

ن عدم شرعية هذه األنظمة من إحرب فعلية بني املسلمني وبينهم قول مردود ، ف إلجازة دخول إقامة وعمل هؤالء األجانب ما) صالحيتها(الناحية الفقهية ال ينفي

دامت عقودها وعهودها سليمة عن إيقاع الضرر باملسلمني أو تقتضيها مصلحتهم ن األشخاص إ هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، ف٠على أساس املعاملة باملثل

الرمسيني الذين أعطوا إجازات الدخول واإلقامة والعمل مسلمون ، فلهم ذمة حمترمة ٠)يسعى بذمتهم أدناهم(دلة الدالة على أن املسلمني عند الشارع تشملها األ

وكون هؤالء األجانب ينتمون إىل حكومات تتبع سياسات خمالفة ملصلحة املسلمني ال جيعلهم مسؤولني عن سياسة حكومام بنحو يربر قتلهم أو جرحهم أو

بالدهم ليسوا من أعضاء وهم بالنسبة إىل حكومة ٠أسرهم أو مصادرة أمواهلم ٠اهليئة احلاكمة يف ذلك البلد

وجب الوفاء به حبسب ما فيه من وقت إذا انعقد األمان : الرابع( قال العالمة احللي يف حترير األحكام )١(

ولو انعقد فاسدا مل جيب الوفاء به لكن جيب رد احلريب إىل مأمنه وكذا كل حريب دخل اإلسالم ٠٠وغريه )٠٠بشبهة األمان

بعهد– يعين سائر بالد املسلمني –فيجوز للكافر أن يقيم فيها ٠٠ (٤٣٧ ص ١ج: وقال النووي يف اموع ٠)٠٠وأمان وذمة

Page 19: حقوق غير المسلمين

١٩

أعضاء سفارات والبعثات (وأما من كان منهم جزءا من اهليئة احلاكمة يف بالدهم فإن واقتضت مصلحة املسلمني قطع العالقة مع حكومتهم وخماصمتها ، ) العسكرية

املسلم بالطرق واألساليب املتعارف غاية ما يقتضيه ذلك هو إخراجهم من البلد عليها يف اتمع الدويل ، ويف املهل املتعارفة حسب املعاهدات واملواثيق الدولية

٠اآلخرى باملواثيق املذكورة همواملسلمون يف عصرنا ملزمون مبراعاا من جهة التزام

٠وعالقتهم باملنظمات الدولية يدل عليه ، أننا مل جند يف السرية النبوية وسرية اخللفاء الراشدين ويؤيد ما ذكرنا ، بل

ممارسة لالغتيال السياسي ولإلرهاب السياسي مع توافر الدواعي إىل ذلك ، يأ ٠اب التمكن منه والقدرة عليه ، ومع طول الزمان واختالف األحوالبوتوافر أس

لشريفة وتضافرت مبا قد يبلغ حد التواتر يف بل لقد وردت الروايات يف السنة االنهي عن الغدر والغيلة يف حالة احلرب ، فيكون النهي عن ذلك يف حالة السلم

٠بطريق أوىلمث إن تقدير املوقف يف هذه احلالة ، واحلكم بأن سياسة هذه الدولة األجنبية أو تلك

، وأنه يكون بقطع السياسة كيفية الرد على هذه خمالفة ملصلحة املسلمني ، وتقدير العالقات أو احملاربة أو غريمها ، ال يكفي فيه تقدير وفهم شخص واحد ورأيه ، وال جمموعة من األشخاص ذات هوى واحد ورؤية واحدة ، وال حزب من األحزاب

ات متنوعون يف يشترك فيها أشخاص وهيئ) شورى(مبفرده ، بل ال بد لذلك من الشأن واألهلية يف املسلمني يف البالد اليت يقوم ي رؤيتهم السياسية ، من ذو

٠اإلسالميون فيها بالعنف املسلح ضد هؤالء األجانب

:العنف املسلح ضد األجانب يف بالدهم ،صوأما استعمال العنف املسلح ضد األجانب يف بالدهم ، من قبيل قتل األشخا

وأعمال التفجري والنسف ضد احملالت التجارية واملرافق العامة، وخطف الطائرات

Page 20: حقوق غير المسلمين

٢٠

والسفن وما إىل ذلك ، فان األمر فيه كما تقدم يف املوارد األخرى ، حيث إنه ال ٠ املصطلح ، فال يكون مشروعا ذا العنوانىنينطبق عليه عنوان اجلهاد باملع

على أن املسلم- استنادا إىل األدلة اخلاصة والقواعد العامة -فقهاء وقد نص الومها يف عصرنا ما تعارف بني الدول (أمان منهمب غري اإلسالميةبالد الإذا دخل إىل واإلقامة اليت تعطيها احلكومات للوافدين إىل بالدهم من ) visa(من مسات الدخول

ووفيا بالعهد واألمان هلم يف بالدهم ، اًب عليه أن يكون ملتزمفيج) البالد األخرى ٠وال جيوز له أن يغدر م بسرقة أمواهلم وإتالفها ، فضال عن قتلهم أو جرحهم

٠هلهأوإذا أتلف هلم ماال أو نفسا فهو ضامن ملا أتلفه وجيب عليه أداء احلق إىل

:اخلالصةباملعىن ) جهادا(ن استعمال العنف السياسي املسلح باعتباره ظهر من مجيع ما تقدم أ

٠املصطلح يف داخل البالد اإلسالمية وخارجها يف مجيع املوارد غري مشروعإال ما جرت عليه األمة اإلسالمية يف تارخيها ضد االحتالل األجنيب يف مجيع بقاع

فلسطني من جهاد دفاعي مشروع ضد اآلن يف يومثله ما جير(العامل اإلسالمي ٠)االحتالل

ومن الثابت فقهيا أن أدلة مشروعية دفع الظلم ال تشمل صور الرد باألعمال احملرمة ومن قتل (ىلشرعا من قتل األبرياء وتدمري األموال العامة واخلاصة ، لقوله تعا

)١() لقتلمظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فال يسرف يف ا

حتت هذا التفجري بالسيارات املفخخة ألا قد تصيب األطفال والنساء ويندرج والشيوخ والعجزة واملرضى وهذا من قبيل اإلفساد باألرض وحمرم يف قواعد

٣٣: اإلسراء – )١(

Page 21: حقوق غير المسلمين

٢١

النفس أي اجلهاد األسالمي ومثله تفجري النفس ألنه مفسدة متحققة بقتل فهو يقتل األطفال ، من يقتل نونة فهو ال يدري ظاإلنتحار مقابل مصلحة م

نفسه قتل األبرياءقتل فيضيف اىل والنساء واملساملني والعجزة

Page 22: حقوق غير المسلمين

٢٢

ثقافة احملبة والسالم-٦

ينبغي إجراء دراسات تبث يف مناهجنا التعليمية توضح أن ديننا دين السالم ، ودين الدعوة إىل اهللا حبسن تعاملنا مع غرينا التعامل باحلكمة واملوعظة احلسنة ، فهي سبيلنا إىل

. بعيداً عن الفظاظة والغلظة املنفرة إن ديننا اإلسالمي هو دين السالم ، وينبغي علينا نشر تعاليمه الداعية إىل السالم يف مدارسنا وجامعاتنا ، والتركيز عليها يف وسائل اإلعالم ، والضرب على يد من يتجاوزها

.ء على املدنيني إىل العنف واالعتدافاإلسالم حيرم حىت يف احلرب االعتداء على النساء والشيوخ واألطفال وقطع الشجر

. وخلفائه الراشدين واملنافع، كما جاء يف وصايا رسول اهللا يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل : " قال اهللا تعاىل -١

" اهللا أتقاكم إن اهللا عليم خبري لتعارفوا إن أكرمكم عندومن هذه اآلية الكرمية يظهر حرص اإلسالم على تذكري املسلم بأنه إنسان أوالً ، وأن

.اختالف البشر وتفرقهم إىل شعوب وقبائل ال ينفي التعارف بأنواعه بينهم باحلسىن اة والتعارف كلمة منبثقة من املعرفة والتعرف ، وهذا يشمل مجيع نواحي احلي

االقتصادية والسياسية والتجارية ، واحترام اإلنسانية ، وتبادل املنافع ، واليت منها باحلكمة واملوعظة احلسنة ، والتعرف خلري ما ) وهو اإلسالم(نصحهم خبري ما عندنا

.عندهم من منتجات حضارية ال تتصادم مع عقائدنا وال جتادلوا أهل الكتاب إال باليت : "أمرنا اإلسالم مبجادلتهم باحلسىن ، فقال تعاىل -٢

ليكم وإهلنا إنزل الينا وأنزل أ يمنا بالذآ لواال الذين ظلموا منهم وقوإهي أحسن "وإهلكم واحد وحنن له مسلمون

.وفيها دستور التعامل فيما خيص األديان بال ازدراء وال احتقار وال انتقاص بوا الذين يدعون من دون اهللا فيسبوا اهللا عدواً وال تس: "ومما يؤيد ذلك قوله تعاىل

قل يا أهل الكتاب تعالوا إىل كلمة سواء بيننا وبينكم أال : " وقوله تعاىل " بغري علم "نعبد إال اهللا وال نشرك به شيئاً وال يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون اهللا

Page 23: حقوق غير المسلمين

٢٣

الدين ومل خيرجوكم من عن الذين مل يقاتلوكم يفال ينهاكم اهللا : " وقوله تعاىل إمنا ينهاكم اهللا عن * ن اهللا حيب املقسطني إليهم ، إدياركم أن تربوهم وتقسطوا

الذين قاتلوكم يف الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن "تولوهم ومن يتوهلم فأولئك هم الظاملون

.يف بسط الدعوة إىل اهللا بال إكراه وكل هذه اآليات تدل على التودد والتراحم والرب أمر عظيم ، والقسط أمر أعظم ، فالعدل يتساوى فيه مجيع البشر ، والرب تعامل يفوق العدل مبعايري الرأفة ، رأفة اإلنسان بأخيه اإلنسان ، بغض النظر عن اختالف

.املعتقد والدين "ى اهللا وإن جنحوا للسلم فاجنح هلا وتوكل عل: " وقوله تعاىل "وال نوا يف ابتغاء القوم إن تكونوا تأملون فإم يأملون كما تأملون : " وقوله تعاىل

مبعىن عدم املبالغة يف االعتداء ، فلكل إنسان مشاعر جيب أن حتترم ، فكما أننا نتأمل .فهم يتأملون

. ني واخللفاء الراشدون على احترام حقوق غري املسلموجرى تطبيق رسول اهللا

إن املهاجرين واألنصار من : ( يف املدينة بل جاء يف أول وثيقة أبرمها رسول اهللا بني األمة على أساس فلم مييز ) أوس وخزرج واليهود ومن واالهم أمة واحدة

. دين أو عرق ومن هذه اآليات القرآنية والتطبيقات النبوية جند أن املنهج األساسي للتعامل بني

.ة وحب اخلري للجميع ، ونبذ الظلم وغريهم مبين على العدل واحملبة اإلنسانياملسلمني

وال نعتقد . وما كان اجلهاد قط إال وسيلة ، ومل يكن هدفاً ، وله شروط وضوابط جهاد : (أن اجلهاد املشروع القائم اآلن سوى جهاد الدفاع عن النفس وما يسمى

مكان له ألن إمكانية تبليغ الدعوة بالوسائل ، أما جهاد الطلب ففي عصرنا ال ) الدفعاحلديثة متاحة ، بل إن كل الدول تسمح بإقامة املساجد وأداء الشعائر فيها ، ونشر

Page 24: حقوق غير المسلمين

٢٤

الدعوة اإلسالمية باحلسىن ، وال متانع يف ذلك ، فانتفى غرض اجلهاد الذي كان . اعي لهأساساً لتوفري املناخ الصاحل للدعوة ، فإن توفرت بغري اجلهاد فال د

مث إن أهل األرض اليوم جيري عليهم حكم املعاهدين ، وذلك لوجود التمثيل .الدبلوماسي املتبادل ، واالشتراك يف هيئة األمم واملعاهدات الدولية