كريشنامورتي - مقالات

142
ى يجوز لؾ ا أبد أف تظؿ ىنا أكثر مما ي نبغي؛ كف مف البعد بحيث ى يكوف بمستطاعيـ أف يجدوؾ، أف يمسكوا بؾ موؾ، ليشك لبوؾ و ق لي. كف ا بعيد ا، جد كالجباؿ،ليواء كا غيرموث؛ الم كف مف البعد بحيث ى يكوف لؾ أىؿ، وى عيقات، وى أسرة، وى وطف؛ كف مف البعد بحيث ى تعرؼ حتى أيف أنت. إياؾ أف تدعيـ يعثروف عميؾ؛ إياؾ أف تحتؾ بيـ ا حتكاك ا ألصؽ ممانبغي ي. ؽ اب ا بعيد ا جد حيث حتى أنت ى تقدر أف تجد نفسؾ... Articles

Upload: ahmed-mekki

Post on 10-Aug-2015

186 views

Category:

Documents


11 download

TRANSCRIPT

كف نبغي؛ي مما أكثر ىنا تظؿ أف أبدا لؾ يجوز ال أف يجدوؾ، أف بمستطاعيـ يكوف ال بحيث البعد مف

كالجباؿ، جدا، بعيدا كف. ليقولبوؾ ليشكموؾ، بؾ يمسكوا لؾ يكوف ال بحيث البعد مف كف المموث؛ غير كاليواء البعد مف كف وطف؛ وال أسرة، وال عبلقات، وال أىؿ، يعثروف تدعيـ أف إياؾ. أنت أيف حتى تعرؼ ال بحيث. ينبغي مما ألصؽ احتكاكا بيـ تحتؾ أف إياؾ عميؾ؛ ...نفسؾ تجد أف تقدر ال أنت حتى حيث جدا بعيدا ابؽ

Articles

Emar
Sticky Note
لقد جمعت هذه المقالات من موقعين تحديدا هما: معابر وسماوات... http://maaber.50megs.com/ أعتقد أن أغلب هذه المقالات قام مشكورا بترجمتها الاستاذ ديمتري أفييرينوس... أحببت أن أضمها في ملف بي دي إف وأقدمها للمهتمين بكتابات كريشنامورتي... طبعا أنا حريص جدا على التذكير بالجهد الرائع والقيم الذي قام به السيد ديمتري... والشكر بالنهاية دائما إلى هذا الإنسان الرائع حقا كريشنامورتي... مع تحياتي للجميع إيمار

ال يجوز لؾ أبدا أف تظؿ ىنا أكثر مما ينبغي؛ كف مف البعد بحيث ال يكوف بمستطاعيـ أف يجدوؾ، أف يمسكوا بؾ ليشكموؾ، ليقولبوؾ. كف بعيدا جدا، كالجباؿ، كاليواء غير المموث؛ كف مف

وال وطف؛ كف مف البعد بحيث ال تعرؼ حتى البعد بحيث ال يكوف لؾ أىؿ، وال عبلقات، وال أسرة، أيف أنت. إياؾ أف تدعيـ يعثروف عميؾ؛ إياؾ أف تحتؾ بيـ احتكاكا ألصؽ مما ينبغي. ابؽ بعيدا جدا حيث حتى أنت ال تقدر أف تجد نفسؾ؛ حافظ عمى مسافة ال يستطاع اجتيازىا أبدا؛ حافظ عمى

أتي عبره. إياؾ أف تغمؽ الباب؛ إذ ال باب أصبل، بؿ ممر ممر مفتوح دوما ال يستطيع أحد أف يذ ذاؾ فأنت ضائع. مفتوح وحسب، ال نياية لو؛ إذا أغمقت أي باب، سيكونوف قريبيف جدا منؾ، وا

وأنفاسيـ تسافر بعيدا جدا وعميقا جدا؛ إياؾ أف تدع عدواىـ –ابؽ بعيدا جدا حيث ال تبمغؾ أنفاسيـ عدوى كبلميـ، إيماءاتيـ، معرفتيـ العظيمة؛ عندىـ معرفة عظيمة، لكف كف بعيدا جدا تصيبؾ،

عنيـ حيث حتى أنت ال تقدر أف تجد نفسؾ. إذ إنيـ ينتظرونؾ، عند كؿ زاوية، في كؿ بيت، ة، ىي ليشكموؾ، ليقولبوؾ، ليقطعوؾ إربا، ثـ يعيدوا تجميعؾ عمى صورتيـ. آليتيـ، الصغيرة والكبير

صور عف أنفسيـ، نحتيا ذىنيـ أو نحتتيا أيدييـ. إنيما بانتظارؾ، رجؿ الديف والشيوعي، المؤمف والممحد، وكبلىما سياف: إنيما يظناف أنيما مختمفاف، لكنيما ليسا كذلؾ؛ فكبلىما يغسؿ دماغؾ،

حدثيف؛ عندىـ جيوش حتى تصير منيـ، حتى تكرر كمماتيـ، حتى تتعبد لقديسييـ، القدماء منيـ والم ابؽ بعيدا جدا؛ لكنيما بانتظارؾ، المربي ورجؿ .تذود عف آليتيـ وعف أوطانيـ، وىـ خبراء في القتؿ

–األعماؿ: أحدىما يروضؾ مف أجؿ اآلخر لتنصاع لمتطمبات مجتمعيما، وىو شيء مميت؛ –الشبكة التي ستعمؽ فييا؛ عندىما شيء اسمو المجتمع واألسرة: ىذاف ىما إلياىما الحقيقياف،

سيجعبلف منؾ عالما، ميندسا، خبيرا في كؿ شيء تقريبا، مف الطبخ إلى العمار إلى الفمسفة. ابؽ بعيدا، بعيدا جدا؛ إنيما بانتظارؾ، السياسي والمصمح: األوؿ يجرؾ إلى القاع حتى البالوعة، وعندئذ

ممات، ولسوؼ تتوه في قفرىما. ابؽ بعيدا جدا؛ إنيما بانتظارؾ، يصمحؾ الثاني؛ إنيما يتبلعباف بالكوما أكثر الطرؽ لبلىتداء –الخبير في اهلل ورامي القنابؿ: أحدىما سييديؾ واآلخر ]يدلؾ[ كيؼ تقتؿ

إلى اهلل، وما أكثر طرؽ القتؿ، ما أكثرىا! ولكف إلى جانب ىؤالء جميعا، ىناؾ جحافؿ مف اآلخريف قينؾ ما تفعؿ وما ال تفعؿ؛ ابؽ بعيدا عنيـ جميعا، بعيدا إلى حد أف ال تقدر أف تجد نفسؾ وال لتم

أحدا سواؾ. أنت أيضا تود أف تمعب مع جميع ىؤالء الذيف ينتظرونؾ، لكف المعبة تغدو عندئذ مف بغي؛ كف مف البعد بحيث التعقيد والتسمية بحيث تضيعؾ. ال يجوز لؾ أبدا أف تظؿ ىنا أكثر مما ين

.حتى أنت ال تقدر أف تجد نفسؾ

كنا نتحدث عف النزاع، وعما إذا كاف جميع البشر الذيف عاشوا عمى ىذه األرض، بكؿ كنوزىا الشاسعة، في نزاع عمى حد زعمنا، مابرحنا في مستمر. ليس خارجيا مع البيئة، مع الطبيعة فحسب، لكف مع بعضنا بعضا، وداخميا، "روحيا"

نزاع دائـ. مف المحظة التي نولد فييا حتى نموت، نحف في نزاع. ونحف نصبر عميو؛ صرنا نتعوده، نحتممو. ترانا نجد أسبابا أو –التقدـ الخارجي –كثيرة لتسويغ لماذا يجب أف نعيش في نزاع. نحسب أف الصراع والكفاح المستمر يعنياف التقدـ

.الداخمي باتجاه اليدؼ األسمى اإلنجاز

ىي التبلؿ البديعة، الجباؿ الرائعة، األنيار اليائمة التدفؽ. ولكف بعد ألوؼ السنيف مف –اليند –ىذه الببلد الجميمة الشقاء والصراع والطاعة والقبوؿ وتدمير بعضنا بعضا، ىذا ما اختزلناىا إليو: قفر موحش مف البشر المتوحشيف الطائشيف،

يبالوف باألرض، وال بأشياء األرض البديعة، بجماؿ بحيرة، بالنير الجاري سريعا. ال أحد منا يبدو عميو االكتراث. كؿ ما النيتـ بو ىي ذواتنا الصغيرة نحف، مشكبلتنا الصغيرة نحف. يود المرء أف يبكي عمى ما نفعمو بيذه الببلد، وعمى ما تفعمو

!البمداف األخرى

ة خارقة الخطورة، عديمة األماف، ببل معنى إطبلقا. تراؾ قد تخترع الكثير مف المغزى، لكف الحياة لقد صارت الحيا .اليومية الفعمية فقدت كؿ معنى، ماخبل جمع الماؿ، بموغ المناصب والنفوذ، إلى ما ىنالؾ

تنا. فرجاؿ السياسة ليسوا وما مف سياسي، سواء كاف مف اليسار أو مف اليميف أو مف الوسط، سوؼ يحؿ أيا مف مشكبلالمعمموف الروحيوف[ واألدياف ىي ] گورومباليف بحؿ المشكبلت؛ إنيـ مبالوف بأنفسيـ فقط وبالحفاظ عمى مناصبيـ. والػ

نيا لمعبة الگورو أف يقرأىا بصوت مرتفع عمى األخرى خانت اإلنساف. لقد اتبعتـ األوپنشاد والبرىماسوترا والبيگڤدگيتا، وا جميور يفترض فيو أف يكوف مستنيرا، ذا فطنة. ومنو، ليس بإمكانكـ مطمقا أف تتكموا عمى السياسييف، أي الحكومة، مسامع

وال عمى الكتب الشريفة، وال عمى أي گورو إطبلقا، ألنيـ ىـ الذيف جعموا ىذه الببلد عمى ما ىي عميو اآلف. إذا كاف أحدكـ يقودكـ أيضا إلى الدرب الخاطئ. وبما أنو ما مف أحد بمقدوره أف يساعدنا، عمينا أف يسعى في المزيد مف الزعامة، فذلؾ س

.نكوف مسؤوليف مسؤولية كمية، تامة، عف مسمكنا، عف سموكنا، وعف أفعالنا

*

البلعنؼ ليس مابرحت ىذه الببلد تتكمـ عمى البلعنؼ. مازاؿ يبشر بو مرارا وتكرارا، سياسيا ودينيا، مختمؼ الزعماء؛ لكفونحف لسنا قادريف عمى فيـ .ما ىوواقعا، بؿ ىو مجرد فكرة، نظرية، جممة مف الكممات. الواقع الفعمي ىو أنؾ عنيؼ. ذاؾ

.ما يجب أف يكوفوبيف ما ىو، ولذلؾ ترانا نخترع ىذا اليراء الذي نسميو "البلعنؼ". بذا يؤوؿ األمر إلى نزاع بيف ماىوالػي البلعنؼ، تراؾ تزرع بذور العنؼ طواؿ الوقت. وذاؾ أيضا واضح لمغاية. فيؿ ترانا نستطيع، معا، أف بينما أنت تسعى ف

ببل أي ميرب، ببل أي مثؿ، دوف كبتو أو تفاديو؟ نحف عنيفوف بالوراثة عف الحيواف، عف القرد وغيره. ماىوننظر إلى الػإنيا قضية معقدة لمغاية. العنؼ ىو المحاكاة، االمتثاؿ، الطاعة؛ والعنؼ يتخذ أشكاال عديدة، ال الفعؿ الوحشي فحسب؛

فذاؾ شكؿ مف أشكاؿ العنؼ. انظر، رجاء، إلى منطقية ىذا كمو. فاألمر ليس مجرد –العنؼ ىو ادعاؤؾ أنؾ غير ما أنت ديعة، معا، ونتقصى العنؼ، نحف نسير قدما عمى درب، في غابة، بيف الحراج الب .إدالئنا بتصريحات لكي تقبميا أو تنفييا

مثؿ صديقيف يتحادثاف في أمور الحياة سوية، مف غير أي إقناع، مف غير أي استباؽ لحؿ المشكمة. نحف نتحادث معا، .نرصد معا. نحف نسير عمى الدرب نفسو، ال عمى دربؾ أو عمى دربي، بؿ عمى درب تقصي ىذه المشكبلت

*

، حمدا هلل! ليس [گورو] فية الرصد. أنتـ لستـ أتباع المتكمـ، وىو ليس معممكـ الروحيعمينا، إذف، أف نتعمـ، معا، كيحيف يكوف ذىنؾ كسيحا مف جراء المرجعية، فمف .ىناؾ مف أعمى أو أدنى في ىذا التقصي، ليس ىناؾ مف مرجعية

في العالـ: البؤس، البمبمة، النفاؽ، الصعب لمغاية أف تنظر إلى العنؼ. لذا فمف األىمية بمكاف فيـ كيفية رصد ما يحدث [گورو] انعداـ الذمة، األعماؿ الوحشية التي ما انفكت مستمرة، اإلرىابييف، الناس الذيف يحتجزوف رىائف، والمعمميف الروحييف

مف أصحاب معسكرات االعتقاؿ الخصوصية! ىذا كمو عنؼ. كيؼ يجوز ألحدىـ أف يقوؿ: "أنا أعرؼ، فاتبعوني"؟! ذلؾ ذف، فنحف نرصد معا ما ىو العنؼ، ونسأؿ: "ما ىو الرصد؟" ما معنى أف ترصد البيئة مف حولؾ: تصر يح مخز! وا

، القمر الوليد، الزىرة المتوحدة، نجمة المساء، مجد شروؽ الشمس؟ كيؼ تراقب األشجار، بركة الماء عند الزاوية، النجـومنشغبل بنفسؾ، بمشكبلتؾ أنت، بأفكارؾ، بتفكيرؾ المعقد. صحيح؟ ال ذلؾ؟ تراؾ ال تستطيع أف تراقب، أف ترصد، إذا كنت

تستطيع أف تراقب إذا كانت عندؾ أحكاـ مسبقة، أو إذا كاف ىناؾ أي نوع مف النتيجة أو الخبرة الخاصة التي تتشبث بيا. بيذه األشجار؟ ىؿ رأيت فكيؼ ترصد ىذا الشيء البديع المسمى "شجرة"؟ كيؼ تنظر إليو اآلف، وأنت جالس ىناؾ محاطا

ذف، ىؿ تستطيع أف تراقب شجرة، أو أوراقيا، مرفرفة في الريح، جماؿ الضياء عمى الورقة؟ ىؿ سبؽ لؾ أف شاىدتو؟ وا القمر الوليد، أو نجمة وحدىا في السماوات، مف غير الكممة؟ إذ إف الكممة ليست النجمة الفعمية أو القمر الفعمي. ىؿ

ي ال كممة وتنظر؟بوسعؾ أف تنح

ىؿ بوسعؾ أف تنظر إلى زوجتؾ مف غير الكممة؟ مف غير ذكريات عبلقتكما برمتيا، ميما تكف حميمة، مف دوف الذاكرة المبتناة؟ ىؿ بوسعؾ أف تنظر إلى زوجتؾ، أو أف تنظري إلى زوجؾ، مف دوف ذاكرة الماضي؟ ىؿ سبؽ لؾ أف فعمت ذلؾ

نرصد زىرة. إذا عرفت كيؼ تنظر إلى زىرة، فذاؾ يحوي األبدية. ال تنجرفوا بكمماتي! إذا يوما؟ رجاء، ىمموا نتعمـ معا كيؼ عرفت كيؼ تنظر إلى نجـ، إلى غابة كثيفة، ففي ذلؾ الرصد حينذاؾ فضاء، فيو األبدية. عمينا أف نكتشؼ، معا، كيؼ

نو. عميؾ أف تبدأ قريبا جدا لكي تمضي ترصد زوجتؾ أو ترصدي زوجؾ مف دوف الصورة التي شكمتيا عنيا أو شكمتيا عبعيدا جدا. إذا لـ تبدأ قريبا، تراؾ ال تستطيع أبدا أف تمضي بعيدا. إذا أردت أف تتسمؽ الجبؿ أو تذىب إلى القرية المجاورة،

ذف، فنحف نقوؿ بأن ؾ لكي تمضي بعيدا فإف الخطوات األولى ميمة لمغاية: كيؼ تسير، بأي رشاقة، بأي يسر، بأي غبطة. وا جدا جدا، حتى األبدية، يجب عميؾ أف تبدأ قريبا جدا، وىو عبلقتؾ مع شريكؾ. ىؿ تستطيع أف ترصد أسرتؾ بعينيف

مف دوف الكممة، مف دوف الجروح المتراكمة وتذكر –صافيتيف مف دوف كممات "زوجتي" أو "زوجي"، "ابف أخي" أو "ابني"؟ ارصد. وعندما يكوف بمقدورؾ أف ترصد مف دوف الماضي، أي مف دوف الصور التي .عؿ ذلؾ اآلفاألشياء الماضية. اف

.بنيتيا عف نفسؾ وعنيـ، إذ ذاؾ توجد العبلقة الصحيحة

*

، ليس في الخارج ىناؾ وحسب، بؿ داخميا، إذ ذاؾ ستخمؽ مجتمعا يكوف ببل ماىووترصد الػ ماىوعندما تحيا يوميا مع الػ .نزاع

1981كانون األول 27مدراس،

[1983]نيسان 26

رأى المرء طائرا يموت، وقد أطمؽ رجؿ عميو النار. كاف يطير طيرانا جميبل، يضرب بجناحيو ضربات موقعة، بكؿ حرية الحياة. ثـ جمبو كمب، وراح الرجؿ يجمع طيورا وعدـ خوؼ، حتى اخترقو رصاص البندقية، فسقط عمى األرض وقد فارقتو

ميتة أخرى. كاف ييذر مع صديقو، وبدا أنو عديـ االكتراث تماما؛ كؿ ما يشغؿ بالو كاف إسقاط أكبر عدد ممكف مف الرائعة تمؾ الحيوانات البحرية العظيمة :الطيور، واألمر فيما يخصو ينتيي عند ىذا الحد. إنيـ يقتموف في أنحاء العالـ كميا

تقتؿ بالمبلييف، والنمر وغيره كثير مف الحيوانات باتت اآلف أنواعا ميددة باالنقراض. وحده اإلنساف ىو الحيواف –الحيتاف – !الذي ال يؤمف لو جانب

منذ مدة، حيف كاف نازال في ضيافة صديؽ في موضع مرتفع عمى التبلؿ، جاء رجؿ وأخبر المضيؼ أف نمرا قتؿ بقرة الميمة الفائتة وسأؿ إف كنا نود رؤية النمر ذلؾ المساء. كاف بمقدوره ترتيب األمر ببناء منصة عمى شجرة وربط معزاة؛ في

أف يجتذب النمر فنستطيع أف نراه. رفض كبلنا إشباع فضولو بيذه القسوة. –الحيواف الصغير –وبذا يمكف لثغاء المعزاة ، اقت رح المضيؼ أف نأخذ السيارة وندخؿ الغابة لرؤية النمر إف أمكف. وىكذا، بحموؿ لكف في وقت الحؽ مف ذلؾ اليـو

المساء، ركبنا سيارة مكشوفة يقودىا سائؽ وتوغمنا عدة أمياؿ في الغابة. بالطبع لـ نبصر شيئا. كانت الظممة قد حمت اثما عند وسط الطريؽ منتظرا الستقبالنا. دامسة، ومصابيح السيارة األمامية مضاءة؛ وبينما نحف ندور عائديف، أبصرناه ج

كاف حيوانا ضخما جدا، بديع الخطوط، عيناه، ومصابيح السيارة مسمطة عمييما، تممعاف متؤللئتيف. ثـ أقبؿ ىادرا صوب شديد السيارة، وبينما كاف يمر عمى بعد بضعة أصابع فقط مف اليد الممدودة خارجا، قاؿ المضيؼ: "إياؾ أف تممسو، فيو

الخطورة؛ حذار ألنو أسرع مف يدؾ!" لكنؾ كنت تستطيع أف تشعر بطاقة ذلؾ الحيواف، بحيويتو؛ كاف دينامو ضخما لمطاقة! .ثـ ما لبث أف توارى في األدغاؿ .وبينما ىو يمر عف كثب، شعر المرء بانجذاب ىائؿ نحوه

شبابو، منذ أمد بعيد، عمى قتؿ أحدىا، وظؿ منذ ذاؾ كاف الصديؽ، عمى ما يبدو، قد رأى العديد مف النمور وساعد في نادما عمى الفعمة النكراء. القسوة بكؿ أشكاليا تتفشى في العالـ اآلف، ولعؿ اإلنساف لـ يكف يوما عمى ىذا القدر مف القسوة،

درجات اليرمية مف العنؼ، كما ىو اآلف. كنائس العالـ وكينتو ما برحوا يتكمموف عمى السبلـ عمى األرض؛ مف أعمىالمسيحية نزوال حتى كاىف أفقر القرى، ما برح الحديث يدور حوؿ عيش حياة طيبة، مف غير أذية شيء أو قتمو. البوذيوف واليندوس باألخص قالوا مف قديـ الزماف: "ال تقتؿ الذبابة، ال تقتؿ أي شيء، ألنؾ في الحياة المقبمة سوؼ تدفع ثمف

بارة صياغة فجة بعض الشيء، لكف بعضيـ حافظ عمى ىذه الروح، عمى ىذه النية بعدـ القتؿ فعمتؾ." لقد صيغت تمؾ العوبعدـ أذية إنساف آخر. لكف القتؿ في الحروب ما زاؿ متواصبل. الكمب سرعاف ما يقتؿ األرنب؛ أو اإلنساف يطمؽ النار عمى

قتؿ ما برح متواصبل آالفا عمى آالؼ مف السنيف. بعضيـ وىذا ال .سواه بآالتو المرعبة، وربما ىو اآلخر يرديو سواه قتيبل يتخذه رياضة، بينما يقتؿ بعضيـ اآلخر عف نقمة أو غضب أو غيرة، ناىيؾ عف استمرار الجرائـ المنظمة التي تقترفيا

مة، فبل يقتؿ مختمؼ األمـ بأسمحتيا. يتساءؿ المرء إف كاف اإلنساف سوؼ يعيش يوما عمى ىذه األرض الجميمة حياة مسال .أبدا شيئا حيا، أو يقتؿ، أو يقتؿ سواه، بؿ يحيا في سبلـ وفي قمبو شيء مف األلوىية والمحبة

في ىذا الجزء مف العالـ، الذي ندعوه الغرب، ربما قتؿ المسيحيوف أكثر مف سواىـ قاطبة. إنيـ ما برحوا يتكمموف عمى ضي أف يحيا المرء مسالما، وذاؾ يبدو مف المحاؿ إطبلقا. ىناؾ حجج السبلـ عمى ىذه األرض! لكف إحبلؿ السبلـ يقت

مؤيدة لمحرب وأخرى معارضة ليا، حجج مف قبيؿ أف اإلنساف ما انفؾ يقتؿ وسيظؿ كذلؾ دوما، وحجج القائميف بأنو يستطيع

حى عادة، معادلة مقبولة، عمى الرغـ أف يحدث تغييرا في نفسو فبل يقتؿ. ىذه حكاية قديمة لمغاية. لكف الجزر المتواصؿ أض .مف األدياف جميعا

منذ بضعة أياـ، كاف المرء يراقب صقرا أحمر الذيؿ، يحمؽ عاليا في السماوات، يرسـ دوائر مف غير جيد، مف غير ـ ضربة مف جناح، مف أجؿ متعة الطيراف فحسب، فقط مف أجؿ أف تحممو تيارات اليواء. ثـ ما لبث صقر آخر أف انض

إليو، وراحا يطيراف معا مدة طويمة. كانا مخموقيف بديعيف في تمؾ السماء الزرقاء، وأذيتيما بأي شكؿ جريمة بحؽ السماء. ثمة؛ فقد اخترع اإلنساف السماء بدافع األمؿ؛ إذ إف حياتو صارت جحيما، نزاعا ال ينتيي مف الوالدة "بالطبع ما مف "سماء

جنيا لمماؿ، عمبل مف دوف توقؼ. ىذه الحياة صارت دوامة، عذاب كدح ال ينتيي. يتساءؿ المرء جيئة وذىابا، –إلى الموت داخؿ الجمد –سوؼ يحيا عمى ىذه األرض يوما في سبلـ. ما برح النزاع أسموبو في الحياة –كائف بشري –إف كاف إنساف

.نفسوخارج الجمد، في منطقة النفس وفي المجتمع الذي أوجدتو تمؾ ال

المحبة تتضمف الكـر والرعاية، عدـ جرح اآلخر، عدـ إشعار .أغمب الظف أف المحبة قد اختفت كميا مف ىذا العالـاآلخر أنو آثـ، بؿ الكـر والدماثة والسموؾ بحيث تولد كمماتؾ وأفكارؾ مف الرحمة. بالطبع ال تقدر أف تكوف رحيما إذا انتميت

تصر عمى اإليماف. فالحب يقتضي الحرية. وذاؾ الحب –ة، قديرة، تقميدية، عقائدية ضخم –إلى مؤسسات دينية منظمة .ليس لذة أو رغبة، ليس استذكارا لؤلشياء الماضية. الحب ليس نقيض الغيرة والكراىية والغضب

ليو وحسب. لكنؾ إذا كنت قد يبدو ىذا كمو، نوعا ما، مف قبيؿ اليوطوپيا والمثالية، شيئا ال يستطيع اإلنساف إال أف يتوؽ إتصدؽ ذلؾ، تراؾ عندئذ سوؼ تستمر في القتؿ. الحب واقعي وقوي واقعية الموت وقوتو. إنو ال يمت بصمة إلى الخياؿ أو العاطفة أو الرومانسية، وبطبيعة الحاؿ، ال يمت بصمة إلى السمطاف والمنصب والنفوذ. إنو ساكف سكوف مياه البحر، قوي

مثؿ المياه الجارية لنير غني يتدفؽ تدفقا متواصبل، مف غير بداية وال نياية. لكف الرجؿ الذي يقتؿ صغار قوة البحر؛ إنوالفقمة، أو الحيتاف العظيمة، ال يشغؿ بالو غير أسباب عيشو. تراه يقوؿ: "أنا أرتزؽ مف ذلؾ، تمؾ تجارتي." إنو ال يشغؿ

وال تشغؿ بالو كثيرا وسيمة –أو يظف أنو يحب أسرتو –عمو يحب أسرتو ل ."بالو مطمقا بذاؾ الشيء الذي ندعوه "محبةف تكف ثمة –ارتزاقو. ولعؿ ىذا واحد مف األسباب التي تجعؿ اإلنساف يعيش حياة مجزأة؛ ال يبدو عميو أبدا أنو يحب عممو وا

لكاف المرء تفيـ كمية الحياة. لقد –بيرا مف الناس ربما تفعؿ. لو كاف المرء يرتزؽ مف عمؿ يحبو الختمؼ األمر اختبلفا كقسمنا الحياة إلى أجزاء: عالـ األعماؿ، عالـ الفف، عالـ العمـ، عالـ السياسة، عالـ الديف. لكأننا نظف أنيا جميعا منفصمة

ا، ثـ نعود إلى بعضيا عف بعض ويجب أف تبقى منفصمة. وبذا نصير منافقيف: نفعؿ في عالـ األعماؿ شيئا بشعا، فاسد .وىذا يولد النفاؽ، حياة نكيؿ فييا بمكياليف – البيت لنعيش في سبلـ مع أسرتنا

إنيا ألرض رائعة حقا! دأب ذلؾ الطائر الجاثـ عمى أعمى شجرة أف يجثـ ىناؾ كؿ صباح، راصدا العالـ، مرتقبا ظيور ، والظؿ العابر، والمدى العظيـ ليذه األرض الغنية، ليذه األنيار والغابات، وجميع طائر أكبر، طائر قد يقتمو، مراقبا الغيـو

.إذا اتفؽ لممرء أف يتفكر أصبل في العالـ النفساني، لوجده مميئا باألسى .الرجاؿ الكادحيف مف الصباح حتى ىبوط الميؿعمى القمة القميمة وحدىا. إذ ذاؾ ما ويتساءؿ المرء أيضا إف كاف اإلنساف سوؼ يتغير يوما، أـ أف ذاؾ يقتصر عمى القمة،

.ىي عبلقة القمة بالكثرة؟ أو ما ىي عبلقة الكثرة بالقمة؟ الكثرة ال عبلقة ليا بالقمة؛ أما القمة فميا عبلقة قطعا

، تراؾ ال تجرؤ عمى تحريؾ ساكف لئبل ينزعج لى جانبؾ ضب وأنت جالس عمى تمؾ الصخرة، ناظرا إلى الوادي تحت، وا والضب أيضا يراقب. وىكذا يستمر العالـ: مخترعا اآللية، تابعا ليرمية مندوبي اآللية. وزيؼ األوىاـ .أو يفزع الضب

وعارىا كمو سوؼ يستمر عمى األغمب، فتصير آالؼ المشكبلت أكثر فأكثر تعقيدا وتشابكا. وحدىا فطنة المحبة والرحمة

فتمؾ الفطنة ىي األداة الوحيدة التي ال يمكف ليا أبدا أف تصير بميدة، عديمة بمقدورىا أف تحؿ مشكبلت الحياة جميعا. .الجدوى

يمكف لمعبلقة أف توجد فقط حيف يكوف ىناؾ نزوؿ كمي عف الذات، عف الػ"أنا". فحيف تنعدـ األنا، إذ ذاؾ تكوف عمى ، –ال عقميا، بؿ فعميا –رء لـ يشعر بذاؾ قط: النفي التاـ عبلقة؛ وفي ذاؾ ال يوجد فصؿ مف أي نوع. أغمب الظف أف الم

، أي –أكرر –الزواؿ التاـ لؤلنا. ولعؿ ذلؾ ما يسعى إليو أغمبنا، جنسيا أو عبر التماىي مع شيء ما أعظـ. لكف ذلؾ ني، نتيجة األمس؛ إنو دوما سيرورة التماىي تمؾ مع شيء أعظـ، ىو نتاج الفكر؛ والفكر قديـ: إنو، مثؿ األنا، األنية، اإل

قديـ. ومف ثـ يبرز السؤاؿ: كيؼ يمكف التخمي تخميا تاما عف ىذه السيرورة العازلة، ىذه السيرورة المتمركزة عمى األنا؟ كيؼ ب أنا الذي ينبع كؿ نشاط مف نشاطات حياتي اليومية مف الخوؼ والكر –يمكف ليذا أف يتـ؟ أتفيـ السؤاؿ؟ كيؼ يمكف لي

عبر التماىي مع اإللو، مع إشراطيا، مع –، كيؼ يمكف لؤلنا التي تفصؿ نفسيا عف اآلخر –واليأس واألسى والبمبمة واألمؿ ، كيؼ يمكف لذلؾ أف يموت، أف يتبلشى، بحيث –مجتمعيا، مع نشاطيا االجتماعي والخمقي، مع الدولة، إلى ما ىنالؾ

بلقة؟ إذ إننا، إذا لـ نكف عمى عبلقة، سنعيش عندئذ متحاربيف بعضنا مع بعض. يستطيع الكائف اإلنساني أف يكوف عمى عقد ال يقع قتؿ لبعضنا بعضا، ألف ذلؾ بات أخطر مف أف نجرؤ عميو، إال في البمداف النائية! فكيؼ يمكف لنا أف نحيا بحيث

ال يكوف ىناؾ فصؿ، بحيث يمكف لنا حقا أف نتعاوف؟

بو في العالـ: القضاء عمى الفقر؛ الحياة في سعادة؛ الحياة في بيجة بدال مف العيش في عذاب ما أكثر ما يجب القياـوخوؼ؛ بناء نوع مختمؼ كميا مف المجتمع، أخبلؽ تعمو عمى كؿ أخبلؽ. لكف ىذا ليس بالمستطاع أف يكوف إال حيف تنكر

ب القياـ بو؛ وليس بالمستطاع القياـ بو مادامت ىذه السيرورة العازلة أخبلؽ المجتمع الراىف برمتيا إنكارا كميا. ما أكثر ما يجمستمرة. ترانا نتكمـ عمى الػ"أنا" والػ"لي" والػ"آخر": اآلخر موجود فيما وراء الجدار، األنا والمي في ىذه الناحية مف الجدار.

ذف، كيؼ يمكف ألساس المقاومة ذاؾ خمى عنو تماما؟ ألف تمؾ المسألة ىي ، كيؼ يمكف لذاؾ أف يت–وىو األنا –وا األساس الحؽ مف كؿ عبلقة؛ إذ يرى المرء أف العبلقة بيف صور ليست عبلقة عمى اإلطبلؽ، وأنو حينما يوجد ذلؾ النوع

!ونكوف ال محالة ممسكيف بخناؽ بعضنا بعضا، مف العبلقة ىناؾ نزاع حتما

أيجب عمي أف أعيش في خواء، في حاؿ مف الفراغ؟" أتساءؿ " :ماعندما تطرح عمى نفسؾ ذلؾ السؤاؿ، تراؾ ستقوؿ حت، وىو حيز صغير جدا. والحيز "إف كنت اختبرت يوما ماىية أف يكوف لؾ ذىف فارغ تماما. لقد عشت في حيز أوجدتو الػ"أنا

الحيز الواقع بينو وبيف –بيف شخص وآخر ىو كؿ ما نعرؼ مف حيز –السيرورة العازلة لمذات –الذي بناه الػ"إني" المحيط، الحد الفاصؿ الذي بناه الذىف. في ىذا الحيز نعيش، وفي ىذا الحيز ىناؾ انقساـ. تراؾ تقوؿ: "إذا تخميت عف ذاتي، أو إذا نزلت عف مركز أناي، سأعيش في خواء." ولكف ىؿ تراؾ يوما تخميت حقا عف األنا، فعميا، بحيث ال تكوف

ا؟ ىؿ تراؾ عشت يوما في ىذا العالـ، ذىبت إلى المكتب بتمؾ الروح، عشت مع زوجتؾ أو مع زوجؾ؟ إذا ىناؾ أنا بتات كنت قد عشت عمى ىذا النحو، ستعرؼ أف ىناؾ حاال مف العبلقة تنعدـ فييا األنا؛ وىي ليست يوطوپيا، ليست شيئا يحمـ

.ا: الحياة عمى بعد توجد فيو عبلقة مع البشر كافةبو أو خبرة صوفية تافية، بؿ شيء يمكف القياـ بو فعمي

ولكي يكوف المرء في تمؾ الحاؿ، لكي يحيا فييا، عميو أف .لكف ذاؾ يمكف لو أف يوجد فقط حيف نفيـ ماىية المحبةى بممح البصر. يتفيـ لذة الفكر وآليتو برمتيا. إذ ذاؾ فإف كؿ آلية معقدة ابتناىا المرء لنفسو، حوؿ نفسو، يمكف ليا أف تر

ليس المرء مضطرا أف يخوض ىذه السيرورة التحميمية كميا نقطة بعد نقطة. كؿ تحميؿ فيو مجزأ، وبالتالي ليس ىناؾ مف .جواب يأتي عبر ذلؾ الباب

ف يحميا. ىناؾ مشكمة الوجود المعقدة اليائمة ىذه، بكؿ مخاوفيا وأتراحيا وآماليا وسعادتيا الزائمة وأفراحيا، لكف التحميؿ لال بنظرة مطولة مدربة، – تنظرما سيحميا ىو اإلحاطة بيا إحاطة خاطفة، ككؿ. تراؾ تعرؼ أنؾ تفيـ أمرا ما فقط حيف

النظرة المدربة لمفناف أو العالـ أو المرء الذي تمرس بػ"كيفية النظر". تراه إف نظرت إليو بانتباه تاـ؛ ترى األمر ككؿ في لمحة ذاؾ أنؾ خارجو. وعند ذاؾ، تكوف خارج الزمف؛ الزمف يتوقؼ واألسى، بالتالي، ينتيي. امرؤ يعاني أسى واحدة. وسترى عند

أو خوفا امرؤ ليس عمى عبلقة. كيؼ يمكف لرجؿ يطمب النفوذ أف يكوف عمى عبلقة؟! قد يكوف صاحب أسرة، قد يناـ مع لو البتة. وبنياف مجتمعنا كمو، ببلأخبلقيتو، يقـو عمى زوجتو، لكنو ليس عمى عبلقة. رجؿ يتنافس مع غيره رجؿ ال عبلقة

.العبلقة األساسية، الجوىرية، إنما تعني إنياء األنا التي تولد الفصؿ واألسى .ىذا

1968نيسان 25باريس،

[1961]تشرين األول 24

ـ كاف القمر موشكا عمى الصعود فوؽ التبلؿ، عالق ا في غيمة متموية طويمة تضفي عميو ىيئة خرافية. كاف ضخما، يقزالتبلؿ واألرض والمراعي الخضراء؛ الفضاء حيث يصعد كاف أصفى، مع عدد أقؿ مف الغيمات، لكنو سرعاف ما توارى بيف

ييطؿ المطر ىنا وكؿ قطرة السحائب القاتمة المحممة بالمطر. ثـ بدأت السماء تمطر رذاذا وكانت األرض مسرورة؛ إذ قممايحسب ليا حساب. بوسع ]شجرات[ البنياف الكبيرة والتمر اليندي والمنگة أف تناضؿ لمبقاء، أما صغار النباتات ومحصوؿ الرز فكانت مبتيجة حتى بمطر شحيح. لسوء الحظ، حتى القطرات القميمة توقفت، والقمر اآلف كاف يسطع في سماء صافية.

طؿ غزيرا عمى الساحؿ، لكف ىنا، حيث الحاجة إليو ماسة، ترى السحائب المحممة بالمطر قد ولت. كاف كاف المطر ييمساء جميبل، وكانت ثمة ظبلؿ داكنة القتامة ذات أشكاؿ عديدة. كاف القمر شديد البريؽ والظبلؿ ساكنة لمغاية، وأوراؽ

.الشجر، وقد اغتسمت، تتؤلأل

ـ، كاف التأمؿ متواصبل تحت الكممات وجماؿ الميؿ. كاف يتواصؿ عمى عمؽ عظيـ، يفيض عمى في أثناء السير والكبلالخارج والداخؿ، يتفجر ويتسع. كاف المرء واعيا بو؛ كاف يحدث؛ لـ يكف يختبر، فاالختبار يحد منو؛ كاف يحصؿ. لـ تكف

شيء أتفو وأكثر آلية في كؿ األحواؿ مف أف يفعؿ، وال ثمة مشاركة فيو؛ إذ ما كاف بوسع الفكر أف يساىـ فيو، ألف الفكركاف يحدث في غور مجيوؿ أعمؽ مف أف .العاطفة كاف بوسعيا أف تتورط فيو؛ إذ كانت قوتو تفوؽ إقبلقا طاقة كمييما

.يحيط بو قياس. لكف كانت ثمة سكينة عظيمة. كاف مفاجئا تماما وليس عاديا بتاتا

ع، والقمر قد تسمؽ إلى عمو كبير؛ كاف عمى مساره الغربي غامرا الغرفة. الفجر ال يزاؿ عمى بعد األوراؽ الداكنة تممساعات عديدة، وما مف نأمة؛ فحتى كبلب القرية، بنباحيا الصاخب، كانت ىادئة. عند االستيقاظ كانت حاضرة، في وضوح

. اآلخريةودقة؛ كانت ]اليقظة[ مقصودة، وذلؾ لوعي ما كاف يحدث، لوعي كانت حاضرة، فكانت اليقظة ضرورية، ال النـو .ما كاف يحصؿ وعيا تاما

لو أف المرء نائـ لكاف مف الجائز أف يكوف األمر حمما، تمميحا مف البلوعي، حيمة مف حيؿ المخ؛ أما وأف المرء كاف مموسة، كانت واقعة وليست وىما أو حمما. كانت الغريبة وغير القابمة لممعرفة كانت حقيقة م اآلخريةيقظا تماما، فإف ىذه

انعداـ وزف وقوة ال نفاذ إلييا. ىذه الكممات أيضا ذات مدلوؿ –إذا جاز ليذه الكممة أف تنطبؽ عمييا –تتصؼ بخاصية مات رموز، في كممات؛ فالكم اآلخريةمحدد، معرؼ وقابؿ لمتوصيؿ، لكف ىذه الكممات تفقد معناىا كمو عندما يتعيف إيصاؿ

لكف ما مف رمز يقدر يوما عمى إيصاؿ الحقيقة. كانت حاضرة بقوة ىي مف عدـ الفساد بحيث إف ال شيء يقوى عمى تدميرىا؛ إذ كاف االقتراب منيا متعذرا. بوسعؾ أف تقترب مف شيء سبؽ أف ألفتو، وال بد لكما لمتواصؿ مف االشتراؾ في

يرورة الفكرية، المفظية أو غير المفظية؛ وفوؽ ذلؾ كمو، ال بد مف وجود تعارؼ متبادؿ. ال المغة نفسيا، في نوع ما مف السشيء مف ذلؾ بتاتا. مف جانبؾ، يجوز أف تقوؿ إنيا ىذا أو ذاؾ، إنيا تتصؼ بيذه الخاصية أو تمؾ؛ لكف في لحظة الحدث

غير اآلخريةدوف أي حركة فكر عمى اإلطبلؽ. لكف لـ تكف ىناؾ أي صياغة لفظية، حيث إف المخ كاف ساكنا تماما، مفنتيجة؛ ومنو، لـ يكف ىناؾ أي فيـ ليا وال أي عبلقة -ذات عبلقة مع أي شيء، بينما كؿ فكر ووجود ىو سيرورة سبب

انت ىناؾ. معيا. كانت شعمة يتعذر االقتراب منيا، فمـ يكف بوسعؾ إال أف تحدؽ إلييا وتمـز حدؾ. وعند االستيقاظ، فجأة، كومعيا جاء وجد غير متوقع، فرح غير معقوؿ؛ لـ يكف ثمة سبب لو ألنو لـ يطمب ولـ يسع إليو أبدا. كاف ىذا الوجد حاضرا

لة مف الوقت .عند االستيقاظ مف جديد عند الساعة المعتادة؛ كاف حاضرا واستمر فترة مطو

مف األعشاب، تنمو في الحديقة نموا بريا، وىي ذات أزاىير مريشة، بموف ذىبي ىناؾ حشائش طويمة الساؽ، نوعمحروؽ، تومض مع النسيـ، وتترنح حتى تكاد أف تنكسر، لكف مف غير أف تنكسر أبدا، إال عند اشتداد ىبوب الريح. ىناؾ

كؿ ساؽ إيقاعيا الخاص، بياؤىا الخاص، أجمة مف ىذه الحشائش ذات لوف بيج ذىبي، وعندما ييب النسيـ فإنو يراقصيا؛ لوىي أشبو بالموجة عندما تتحرؾ جميعا معا. والموف إذ ذاؾ، في ضوء المساء، ال يوصؼ؛ إنو لوف الغروب، لوف األرض،

ة، تسألؾ أف تنظر إلييا. كانت لتمؾ الح شائش لوف التبلؿ والغيـو الذىبية. الزىور بجانبيا كانت شديدة البروز، شديدة القحرىافة غريبة، تفوح منيا طفيفة رائحة القمح واألزمنة القديمة؛ كانت أبية وطاىرة، مترعة بفيض مف الحياة. غيمة مسائية تعبر، مميئة بالضياء، فيما الشمس تغرب خمؼ التؿ الداكف. كاف المطر قد منح األرض رائحة طيبة واليواء لطيؼ اإلنعاش.

.ض أمؿكانت األمطار قادمة وفي األر

وفجأة حدثت، عائدة إلى الغرفة؛ كانت حاضرة، معانقة الترحيب، مف حيث لـ يكف المرء يتوقعيا؛ فمـ يكد يدخؿ حتى اآلخريةاضطر إلى الخروج مف جديد. كنا نتحدث في أمور متنوعة، ال شيء جديا لمغاية. كاف صدمة ومفاجأة وجود ىذه

بة في الغرفة؛ كانت تنتظ ، بعيدا 1ر ىناؾ في ترحيب مفتوح بحيث إف االعتذار بدا نافبل. عدة مرات، في الحديقة العامةالمرحمف ىنا تحت بعض األشجار، عمى طوؿ درب يطرقو كثيروف، كنت تراىا منتظرة عند انعطاؼ الدرب بالضبط؛ فكاف المرء

لـ يكف األمر .ا، عاجزا عف الكبلـ، مف غير حراؾيقؼ ىناؾ مذىوال، عمى مقربة مف تمؾ األشجار، منفتحا، مكشوفا تمام مف بنات المخيمة، وىما ذاتي اإلسقاط؛ فاآلخر، الذي اتفؽ لو أف يكوف موجودا، شعر ىو كذلؾ بيا. في عدة مناسبات كانت

يدة، حاضرة، في ترحاب محبة يعانؽ كؿ شيء، فكاف األمر ال يصدؽ عمى اإلطبلؽ. كؿ مرة، كانت تتصؼ بخاصية جدبجماؿ جديد، بصرامة جديدة. فكانت ىكذا في ىذه الغرفة: شيئا جديدا كميا وغير متوقع مطمقا. كانت جماال جعؿ الذىف برمتو ساكنا والجسـ ال يبدي حراكا؛ لقد جعمت الذىف والمخ والجسـ شديدي التيقظ والحساسية، ]حتى إنيا[ جعمت الجسـ

بة قد ذىبت في خفة ال تقؿ عف خفتيا حيف أتت اآلخريةكانت تمؾ يرتعش. وفي غضوف بضع دقائؽ، .المرح

ما مف خاطر وال مف انفعاؿ متوىـ يمكف لو أبدا أف يستحضر حدثا كيذا. فالفكر، ميما فعؿ، ىزيؿ، والشعور شديد فعظمتيا أعظـ بما ال يقاس، اليشاشة والمخادعة؛ ما مف واحد منيما يستطيع، في أبعد شطحاتو، أف يختمؽ ىذه األحداث.

وىوؿ قوتيا ونقائيا أكبر مف طاقة الفكر أو الشعور؛ فيذاف ذوا جذور، بينما ىي ال جذور ليا البتة. ليس بالوسع استدعاؤىا الشعور أف يمعبا كؿ نوع مف أنواع الحيؿ الذكية والتخيمية، لكنيما ال يستطيعاف أف يخترعا -أو التشبث بيا؛ بمقدور الفكر

.أو يحتوياىا. إنيا موجودة بحد ذاتيا وال شيء يقوى عمى لمسيا خريةاآل

تشرين األول 28

ثمة زىرة حمراء بيف األوراؽ الخضراء الداكنة، ومف الشرفة ال ترى إالىا. ىناؾ التبلؿ، الرمؿ األحمر عمى مجاري نؾ ال ترى إال تمؾ الزىرة؛ فما أشد بيجتيا وامتبلءىا النير، شجرة البنياف الكبيرة العالية، وأشجار التمر اليندي العديدة، لك

ىذه كميا – بالموف! ما مف لوف آخر؛ رقع السماء الزرقاء، غيمات الضياء النارية، التبلؿ البنفسجية، خضرة حقؿ الرز الغنيةوتسقط؛ تراىا ستتبلشى، تبيت، وال يبقى سوى لوف تمؾ الزىرة المدىش ىذا. تراىا تمؤل السماء بأسرىا والوادي. إنيا ستذبؿ

لكنيا، ىذا الصباح، كانت األبدية، أبعد مف كؿ زمف وفكر. كانت تحمؿ الحب والفرح كمو؛ لـ يكف فييا .والتبلؿ سوؼ تبقى

1 .[ في منزؿ في ومبمدف1961ىي حديقة ومبمدف العامة. كاف يتذكر لندف حيث أقاـ في شير أيار ]

أي مشاعر وسخافات رومانسية، وال كانت رمزا إلى شيء آخر. كانت ذاتيا، مقيضا ليا أف تموت في المساء، لكنيا تحوي لـ تكف شيئا تتعقمو، وال كانت شيئا ال يعقؿ، تخيبل رومانسيا ما؛ كانت واقعية واقعية تمؾ التبلؿ وتمؾ الحياة بأسرىا.

األصوات التي ينادى بعضيا بعضا. كانت تأمؿ الحياة بأسره، والوىـ يوجد فقط حيف يكؼ وقع الواقع. تمؾ الغيمة المترعة .ع صاخب عمى ذىف يجعمو التأثير والعادة والبحث الدائـ عف األماف بميدا وعديـ الحساسيةبالضياء حقيقة ليس لجماليا وق

أما تمؾ الزىرة، تمؾ التبلؿ، والبحر األزرؽ .األماف في الشيرة، في العبلقة، في المعرفة، يخرب الحساسية، فيتسرب التمؼنووية، ووحده ذىف حساس قادر أف يستجيب ليا استجابة الذي ال يعرؼ الكمؿ، فيي تحدي الحياة، شأنيا شأف القنابؿ ال

.كمية؛ وحدىا استجابة كمية ال تترؾ عبلمات نزاع، بينما النزاع يدؿ عمى استجابة جزئية

المزعوموف في تبمد الذىف وفي تخريب الحساسية. كؿ عادة، كؿ تكرار، كؿ [النساؾ] سنياسيلقد ساىـ القديسوف والػيو – طقس يو االستجابة الحسية يقو يمكف صقمو وىو يصقؿ فعبل؛ أما الوعي المتيقظ، أما –االعتقاد والعقيدة، تقو

الحساسية ضرورية ضرورة مطمقة لمنظر العميؽ في الداخؿ. وحركة التوغؿ في الداخؿ ىذه .الحساسية، فقضية أخرى تماماإنيما ليسا منفصميف. إف تقسيـ ىذه الحركة إلى ظاىر – كة ذاتياليست رد فعؿ عمى الظاىر؛ فالظاىر والباطف ىما الحر

وباطف يولد انعداـ الحساسية. التوغؿ في الداخؿ ىو التدفؽ الطبيعي لمظاىر؛ ولحركة الباطف فعميا الخاص الذي يعبر عنو .خارجيا، لكنو ليس رد فعؿ عمى الظاىر. ووعي ىذه الحركة ككؿ ىو الحساسية

ألولتشرين ا 31

كاف مساء جميبل؛ اليواء نظيؼ، التبلؿ زرقاء وبنفسجية وأرجوانية داكنة؛ حقوؿ الرز نالت نصيبا وافرا مف الماء، وخضرتيا الغنية تتراوح بيف األخضر الفاتح والداكف الوىاج مرورا بالمعدني. بعض األشجار كاف قد انسحب لقضاء الميؿ،

آلخر ال يزاؿ مفتوحا ومحتفظا بضياء النيار. كانت الغيمات فوؽ التبلؿ الغربية فكانت داكنة وصامتة، بينما بعضيا اسوداء، وشماال وشرقا كانت الغيـو ممتمئة بانعكاس شمس المساء التي غربت وراء التبلؿ األرجوانية الجاثمة. ما مف أحد

تتجمع لقضاء الميؿ. مع ذلؾ، بدا كؿ شيء يقظا: عمى الطريؽ، والمارة القبلئؿ صامتوف، وما مف رقعة سماء زرقاء، والغيـو .الصخور، مجرى النير الجاؼ، الشجيرات في الضوء الخافت

التأمؿ، عمى طوؿ ذلؾ الطريؽ اليادئ والخالي، جاء مثؿ مطر لطيؼ عمى التبلؿ؛ قدومو كاف في مثؿ سيولة حموؿ ناؼ تركيزىا وأليياتيا؛ لـ يكف ىناؾ أي نيج ومسعى، الميؿ وطبيعيتو. لـ يكف ىناؾ جيد مف أي نوع وال أي سيطرة، بأص

أي إنكار أو قبوؿ، وال أي استمرار لمذاكرة في التأمؿ. كاف المخ واعيا بما يحيط بو، لكنو ىادئ مف غير استجابة، عديـ ر. وكانت حاضرة تمؾ التأثر، لكنو يتعرؼ ]إلى األشياء[ مف غير أف يستجيب. كاف ىادئا لمغاية، والكممات قد توارت مع الفك

، عميقة الفعؿ، مف دوف أي غرض أو قصد؛ كانت –سميا أي اسـ آخر تشاء، فبل أىمية لذلؾ إطبلقا –الطاقة الغريبة إبداعا، مف دوف القماش والرخاـ، ومدمرة؛ لـ تكف وليدة المخ البشري، تعبيرا وتمفا. لـ يكف يجوز االقتراب منيا بغرض

ميا، والفكر والشعور ليسا أداتي فيميا. لـ تكف عمى عبلقة مطمقا بأي شيء وفريدة كميا في اتساعيا وىوليا. تصنيفيا وتحميولدى السير عمى طوؿ ذلؾ الطريؽ الذي تخيـ عميو الظممة، كاف ىناؾ وجد المحاؿ، ال وجد اإلنجاز، الوصوؿ، النجاح،

ادة المحاؿ. الممكف آلي والمحاؿ يمكف النظر فيو، تجريبو، وربما بموغو، وسائر تمؾ الطمبات الفجة واستجاباتيا، بؿ فر فيصير بدوره آليا. لكف ذاؾ الوجد كاف ببل سبب، ببل عمة. كاف ببساطة حاضرا، ال كتجربة بؿ كواقع، ال لكي يقبؿ أو ينكر،

ف درب يؤدي إليو. عمى كؿ شيء أف يموت حتى يكوف، ال لكي يشبع نقاشا وتشريحا. لـ يكف شيئا يسعى في طمبو، إذ ما م .موتا، دمارا، ىو المحبة

.كاف فبلح فقير مكدود، في ثياب متسخة، عائدا إلى بيتو مع بقرتو النحيمة

تشرين الثاني 2

ف رقعة زرقاء صارت السماء غائمة جدا، والتبلؿ كميا مثقمة بالغيـو المتكدسة في كؿ اتجاه. السماء تبصؽ مطرا، وما مفي أي مكاف؛ الشمس قد غربت في الظممة، واألشجار أبية ونائية. ىناؾ نخمة عريقة واقفة صامدة أماـ السماء المدليمة، متمسكة بكؿ ما تبقى مف الضوء. مجاري النير صامتة، رمميا األحمر رطيب، لكف األغنية انعدمت؛ الطيور قد سكتت،

نسيـ ييب مف الشماؿ الشرقي، ومعو جاء المزيد مف الغيـو القاتمة ورشيش المطر، لكف مستجيرة باألغصاف الكثيفة. كافاليطوؿ لـ يكف قد بدأ غزيرا بعد؛ فذاؾ سيأتي الحقا في ضراوة متصاعدة. الطريؽ أمامنا خاو؛ كاف أحمر، وعرا، رمميا،

ع فيو عمى سيارات، والقرويوف مع عرباتيـ التي تجرىا والتبلؿ الداكنة تشرؼ عميو مف عؿ. كاف طريقا لطيفا تكاد ال تقالثيراف يمضوف مف قرية ألخرى. كاف القرويوف متسخيف، ىزيمي األبداف، يرتدوف أسماال، بطونيـ ضامرة، لكنيـ أشداء وذوو

القـو كانوا ذوي بأس؛ لقد عاشوا عمى ىذا النحو قرونا، وما مف حكومة ستغير ىذا كمو بيف ليمة وضحاىا. بيد أف ىؤالء ابتسامة، عمى الرغـ مف عيونيـ المرىقة. كاف بمقدورىـ أف يرقصوا بعد عمؿ يـو شاؽ؛ كانت فييـ نار، وليسوا مغموبيف عمى أمرىـ حتى اليأس. فاألرض لـ تكف قد نالت نصيبا طيبا مف األمطار منذ سنوات عديدة، ولعؿ ىذه السنة واحدة مف

ومضى الطريؽ وانضـ عند فـ الوادي إلى .تجمب طعاما أكثر ليـ وعمفا أكثر لمواشييـ القميمة السنوات الميمونة التي قدالطريؽ األوسع الذي تسير عميو بضع حافبلت وسيارات. وعمى ىذا الطريؽ، بعيدا، كانت تجثـ المدف بقذارتيا، مصانعيا،

الطريؽ المفتوح، فيناؾ الوحدة والتبلؿ العديدة، مميئة بالعمر منازليا الغنية، معابدىا، وأذىانيا البميدة. أما ىنا، عمى ىذا .وبعدـ االكتراث

* * *

ولدى السير عمى ذلؾ الطريؽ، كاف ىناؾ فراغ تاـ لممخ، والذىف خالص مف كؿ خبرة، مف معرفة األمس، مع أف ألؼ كة قبؿ وبعد؛ لـ يكف ثمة أي ذىاب أو أمس انقضت عميو. الزمف، وليد الفكر، كاف قد توقؼ؛ حرفيا لـ تكف ىناؾ أي حر

وصوؿ أو وقوؼ ساكف. المكاف كمسافة انعدـ؛ كانت ىناؾ التبلؿ والشجيرات، لكف ليس بوصفيا عالية أو واطئة. لـ تكف ثمة عبلقة مع أي شيء، ولكف كاف ىناؾ وعي بالجسر وبعابر السبيؿ. كمية الذىف، بما فيو المخ بخواطره ومشاعره، كانت

غة؛ وألنيا كانت فارغة، كانت ىناؾ طاقة، طاقة متعمقة ومتسعة مف غير قياس. كؿ مقارنة، كؿ مقياس، فيو ينتمي إلى فار كانت الذىف ببل زمف؛ كانت نسمة البراءة والشساعة. الكممات ليست الحقيقة؛ إنيا مجرد اآلخرية .الفكر، وبالتالي إلى الزمف

.البلمقيس. وحده كاف الفراغوسائؿ لمتواصؿ، لكنيا ليست البراءة و

ىؿ لؾ أف تشرح لي كيؼ يتغمب الذىف عمى الجسـ بحيث يستطيع أف يرتفع عف األرض؟ :السائل

ىؿ أنت ميتـ بيذا حقا؟ ال أدري لماذا تريد أف ترتفع عف األرض؟ تعرفوف، أييا السادة، أف الذىف يطمب :كريشنامورتيتراؾ تصير –خفيا، شيئا لف يكتشفو أحد إالؾ، ويمنحؾ ذلؾ إحساسا ىائبل باألىمية، بالغرور، بالنفوذ دوما شيئا سريا، شيئا

"الصوفي"! غير أف ىناؾ سرا حقيقيا، شيئا قدسيا حقا، حيف تتفيـ كمية ىذه الحياة، ىذا الوجود بأسره. وفي ذاؾ جماؿ .لكف عميؾ أف تتفيـ المقيس ]أوال[. والبلمقيس ليس ضد المقيس .قيسالبلمثمة شيء ىائؿ يدعى .عظيـ، فرح عظيـ

ىناؾ صور متوفرة ألناس ارتفعوا عف األرض. لقد شيد المتكمـ ذلؾ وغيره مف األمور عديمة األىمية. فإذا كنت ميتما مف أف تكوف صاحب جسـ عالي ال مناص لؾ –وال أدري لماذا تيتـ بو أصبل، لكنؾ إذا كنت ميتما –باالسترفاع حقا

الحساسية: عميؾ أف تقمع عف الشرب والتدخيف، عف تعاطي المخدرات وعف أكؿ المحـ. يجب أف تكوف ذا جسـ طيع تماما، جسـ صحيح، يتحمى بذكائو الخاص، ال بالذكاء الذي يمميو الذىف عمى الجسـ. فإذا قمت بذلؾ كمو، لعمؾ واجد عند ذاؾ أف

! قيمة لو عمى اإلطبلؽاالسترفاع ال

1970أيار 16لندن،

يبدو لي ىاما فيـ أف النزاع، مف أي نوع كاف، ال يثمر تفكيرا مبدعا. فإلى أف نفيـ النزاع وطبيعة النزاع، وما ىو جدوى منو إطبلقا. فكما الشيء الذي يتنازع المرء معو، فإف مجرد التصارع مع مشكمة، أو مع خمفية أو بيئة بعينيا، ال

أف جميع الحروب تسبب التدىور وتثمر حتما مزيدا مف الحروب، مزيدا مف البؤس، كذلؾ مصارعة النزاع تقود ىي األخرى إلى مزيد مف البمبمة. بذا فإف النزاع ضمف النفس، مسقطا عمى الخارج، يسبب البمبمة في العالـ. لذا مف

فيـ النزاع ورؤية أف النزاع، مف أي نوع كاف، ليس مثمرا لتفكير مبدع، لكائنات إنسانية –أليس كذلؾ؟ –الضروري ومع ذلؾ، فإف حياتنا برمتيا ميدورة في الصراع، وترانا نظف أف الصراع جزء ضروري مف الوجود. ىناؾ نزاع .سميمة

مع الناس ومع األشياء ومع األفكار. ىذا البيئة بوصفيا المجتمع، الذي بدوره ىو عبلقتنا –ضمف النفس ومع البيئة الصراع يعتبر حتميا، وترانا نظف أف الصراع ال غنى عنو لسيرورة الوجود. واآلف، ىؿ األمر كذلؾ فعبل؟ وىؿ ثمة طريقة حياة تستغني عف الصراع، وتوجد فييا إمكانية الفيـ مف دوف النزاع المعتاد؟ ال أدري إف كنت لحظت أنؾ كمما

عنت في مصارعة مشكمة نفسانية، تراؾ تزداد بمبمة وتعمؽ فييا أكثر، وأف الفيـ ال يأتي إال حيف يكؼ الصراع، حيف أمذف، فعمينا أف نتحرى عما إذا كاف النزاع ال غنى عنو، وعما إذا كاف النزاع مثمرا .تتوقؼ سيرورة الفكر برمتيا. وا

البيئة ىي ما ىو المرء إياه في نفسو. أنت والبيئة لستما .ع البيئةواآلف، نحف نتكمـ عمى النزاع في أنفسنا وموىذه واقعة واضحة. أنت مولود ضمف جماعة مف الناس بعينيا، –سيرورتيف اثنتيف مختمفتيف؛ أنت البيئة، والبيئة أنت

المناخ والتقاليد واألعراؼ سواء في اليند أو أمريكا أو روسيا أو إنكمترا، وتمؾ البيئة بالذات، بمؤثراتيا الناجمة عفوأنت تمؾ البيئة. ولمتحري عف وجود شيء أكثر مف مجرد نتاج البيئة، عميؾ أف –االجتماعية والدينية، ىي التي تخمقؾ

تتحرر مف البيئة، أف تتحرر مف إشراطيا. ذلؾ واضح، أليس كذلؾ؟ إذا نظرت في نفسؾ متأنيا، سترى أف والدتؾ في ثمرتو أو نتاجو. أي أنؾ مشروط. ولمتحري عف وجود – مناخيا، اجتماعيا، دينيا، واقتصاديا – ىذا البمد جعمت منؾ

شيء أكثر، شيء أعظـ مف مجرد نتاج شرط، عميؾ أف تتحرر مف ذلؾ الشرط. أما وأنؾ مشروط، فإف االستفسار عف ضح أننا يجب أف نتحرر مف الشرط، مف وجود شيء أكثر، شيء أعظـ مف مجرد ثمرة البيئة، ال معنى لو. مف الوا

البيئة، وعندئذ فقط يمكف لنا أف نكتشؼ إذا كاف ىناؾ شيء أكثر. والجـز بوجود شيء أكثر أو بعدـ وجوده ىو قطعا .طريقة مغموطة في التفكير. عمى المرء أف يكتشؼ بنفسو، وليكتشؼ، عميو أف يختبر

*

نصب أعيننا أننا ننيض لرحمة معا الكتشاؼ األشياء معا؛ –رجاء –إذف، ونحف نتمعف في ىذه المسائؿ، فمنضع لذا، ال خطر ىنا مف عبلقة التمميذ والمعمـ. أنت لست ىنا بصفتؾ المشاىد لتراني أمثؿ دورا؛ كبلنا يمثؿ، وبالتالي، ما

.مف أحد منا يستغؿ اآلخر

1948تشرين الثاني 28نيودلهي،

1983تشرين الثاني 1

مف المؤكد تماما أف المربيف واعوف لما يحدث فعميا في العالـ. الناس منقسموف عرقيا، دينيا، سياسيا، اقتصاديا، وفي ىنالؾ. ىذا االنقساـ تفتيت؛ إنو يسبب فوضى ىائمة في العالـ: الحروب، وشتى أنواع التضميؿ السياسي، إلى آخر ما

ىذه ىي الحاؿ الفعمية لمبمبمة في العالـ، في المجتمع الذي نعيش فيو. ىذا – ىناؾ تفش لمعنؼ، اإلنساف ضد اإلنسافالمجتمع يخمقو البشر أجمعوف بثقافاتيـ، بانقساماتيـ المغوية، بانفصاليـ اإلقميمي. وىذا كمو ال يولد البمبمة وحسب، بؿ

.لعداء، والمزيد مف التباينات المغوية. ىذا ما يحدث، ومسؤولية المربي عظيمة لمغاية حقاالكراىية، كـ ىائؿ مف ا

*

؟ أتراىا ماذا تفعؿ ىذه التربية فعميا؟ أتراىا حقا تساعد اإلنساف أو أبناءه أف يصبحوا أكثر مباالة، ألطؼ أو أكـرلـ وخبثو الماضييف؟ إذا كاف ]المربي[ مباليا حقا، كما يجب تساعده أف ال يرتد إلى النموذج القديـ، إلى بشاعة ىذا العا

أف يكوف، عميو عندئذ أف يساعد الطالب عمى اكتشاؼ عبلقتو بالعالـ، ال بعالـ الخياؿ أو العاطفة الرومانسية، بؿ جار القميمة التي تحيط بالعالـ الواقعي الذي تجري فيو األشياء كميا؛ وكذلؾ بعالـ الطبيعة، بالصحراء، بالغاب، أو باألش

ليست قومية: إنيا ال تصطاد إال لمبقاء حية. فإذا فقد المربي والطالب –لحسف الحظ –الحيوانات .بو، وبحيوانات العالـ .عبلقتيما بالطبيعة، باألشجار، بالبحر المائج، فإف كبل منيما سيفقد قطعا عبلقتو مع اإلنساف

الكبلـ عمى الطبيعة والسعي في حمايتيا، الحيوانات، الطيور، الحيتاف والدالفيف، ما ىي الطبيعة؟ ىناؾ كـ كبير مففي تنظيؼ األنيار المموثة، البحيرات، الحقوؿ الخضراء، إلى ما ىنالؾ. الطبيعة ليست مف تجميع الفكر، كما ىو شأف

بحسو العظيـ بالقوة. الطبيعة ىي الشجرة الديف، كما ىو شأف المعتقد. الطبيعة ىي النمر، ذلؾ الحيواف الخارؽ بطاقتو، المتوحدة في الحقؿ، ىي المروج والبساتيف؛ إنيا ذلؾ السنجاب المختبئ عمى خفر وراء غصف. الطبيعة ىي النممة

.الطبيعة ىي النير، ال نير بعينو، سواء كاف الغانج أو التامس أو الميسيسيپي .والنحمة وسائر أشياء األرض الحيةعمى … ىي تمؾ الجباؿ كميا، المكممة بالثمج، مع الودياف الداكنة الزرقة وسمسمة التبلؿ التي تبلقي البحر. الطبيعة

.المرء أف يعطؼ عمى ىذا كمو، فبل يدمره، وال يقتؿ مف أجؿ لذتو

*

فقد اإلحساس الطبيعة جزء مف حياتنا. لقد نشأنا مف البذرة، مف األرض، ونحف جزء مف ذلؾ كمو؛ لكننا مابرحنا نبأننا حيوانات كسائر الحيوانات األخرى. ىؿ بوسعؾ أف تعطؼ عمى تمؾ الشجرة؟ انظر إلييا، عايف جماليا، أصغ إلى الصوت الصادر منيا؛ كف حساسا بالنبتة الصغيرة، بالعشبة البرية الضئيمة، بتمؾ الدويبة التي تتسمؽ الجدار، بالضوء

يفة. عميؾ أف تعي ىذا كمو وتتصؼ بذلؾ اإلحساس بالوصاؿ مع الطبيعة مف حولؾ. عمى أوراؽ الشجر وبالظبلؿ الكثقد تعيش في بمدة، لكف عندؾ أشجار متناثرة ىنا وىناؾ. قد تعاني زىرة في الحديقة المجاورة سوء العناية، فتختنؽ وسط

إذا آذيت الطبيعة فأنت .الحية كميا األعشاب البرية، لكف انظر إلييا، اشعر بأنؾ جزء مف ذاؾ كمو، جزء مف األشياء .تؤذي نفسؾ

ىذا كمو، كما تعمموف، قيؿ مف قبؿ بأساليب مختمفة، لكف ال يبدو عمينا أننا نولي الكثير مف االنتباه. فيؿ إننا ا، ال نراقب عالقوف في شبكة مشكبلتنا نحف، رغباتنا نحف، دوافعنا نحف إلى المذة واأللـ، إلى حد أننا ال ننظر حولنا أبد

القمر أبدا؟ راقبو. راقب بعينيؾ وأذنيؾ جميعا، بحاسة الشـ لديؾ. راقب. انظر كما لو أنؾ تنظر لممرة األولى. إذا استطعت أف تفعؿ ذلؾ، فأنت ترى تمؾ الشجرة، ذاؾ الدغؿ، نصؿ العشب ذلؾ، لممرة األولى. إذ ذاؾ تستطيع أف ترى

قيقتؾ، لممرة األولى. ىناؾ عند ذاؾ شعور خارؽ: العجب، الغرابة، معجزة صباح طازج مدرسؾ، أمؾ وأباؾ، شقيقؾ وشلـ يكف مف قبؿ قط، ولف يكوف أبدا. كف حقا عمى وصاؿ مع الطبيعة، غير عالؽ لفظيا في وصفيا، بؿ كف جزءا منيا،

ة لذاؾ كمو، أف تعجب لمرأى غزاؿ، لمرأى الضب كف واعيا، اشعر بأنؾ تنتمي إلى ذاؾ كمو، كف قادرا أف تكف محبعمى الجدار، لمرأى ذلؾ الغصف المكسور المرتمي عمى األرض. انظر إلى نجمة المساء أو القمر الوليد، مف غير

ما أجممو!"، ثـ تدبر عنو، وقد جذبؾ شيء آخر، بؿ راقب تمؾ النجمة " :الكممة، مف غير أف تكتفي بمجرد قولؾوالقمر الوليد الرقيؽ كما لو لممرة األولى. إذا كاف ثمة وصاؿ كيذا بينؾ وبيف الطبيعة، يمكف لؾ عندئذ أف المتوحدة

تتواصؿ مع اإلنساف، مع الصبي الجالس إلى جانبؾ، مع مربيؾ، أو مع والديؾ. ترانا لـ نفقد فقط كؿ حس بالعبلقة حساس بالوصاؿ الذي ليس لفظيا. إنو إحساس بأننا جميعا معا، خاؿ مف التصريح المفظي بالمودة والمباالة، بؿ وىذا اإل

بأننا جميعا بشر، غير منقسميف، غير مفتتيف، غير منتميف إلى أي جماعة بعينيا أو عرؽ بعينو، أو إلى تصورات .مثالية ما، بؿ بأننا جميعا بشر، نحيا جميعا عمى ىذه األرض الخارقة، البديعة

*

العالـ، عالـ –تكمـ عمى ىذه األشياء كميا، ليس لفظيا فقط، بؿ يجب عميو أف يشعر بو بنفسو عمى المربي أف يفيما مترابطاف. ليس بمستطاع اإلنساف أف يتيرب مف ذلؾ. عندما يدمر الطبيعة فيو يدمر .الطبيعة وعالـ اإلنساف

الحياة عمى مثؿ ىذا التناغـ مع الطبيعة، مع .أنتنفسو. عندما يقتؿ سواه فيو يقتؿ نفسو. العدو ليس اآلخر، بؿ ىو .العالـ، يجمب، بطبيعة الحاؿ، عالما مختمفا

1983تشرين الثاني 15

، –إنؾ لتتعمـ الكثير مف المراقبة مراقبة األشياء مف حولؾ، مراقبة العصافير، األشجار، مراقبة السماوات، النجـوعمـ مف مجرد المراقبة، ال مف مراقبة األشياء مف حولؾ وحسب، بؿ ومف كوكبة الجبار، الدب، نجمة المساء. إنؾ لتت

مراقبة الناس أيضا: كيؼ يمشوف، كيؼ يومئوف، أي كممات يستعمموف، ماذا يمبسوف مف ثياب. وأنت ال تراقب ما ىو اتؾ اليومية، في الخارج وحسب، بؿ وتراقب نفسؾ أيضا، لماذا تفكر في ىذا أو ذاؾ، كيؼ تتصرؼ، كيؼ تسمؾ في حي

. إذا قاومت فمف تتعمـ. أو تراؾ إذا توصمت إلى نوع مف لماذا يريدؾ الوالداف أف تفعؿ ىذا أو ذاؾ. أنت تراقب، وال تقاـواالستنتاج النيائي، إلى رأي ما تظنو صائبا، وتشبثت بو، إذ ذاؾ، بطبيعة الحاؿ، لف تتعمـ أبدا. الحرية ضرورية لمتعمـ،

طبلع، اإلحساس بأنؾ تريد أف تعرؼ لماذا تتصرؼ أنت أو اآلخروف عمى نحو بعينو، لماذا يغضب وكذلؾ حب االست .الناس، لماذا يعتريؾ انزعاج

*

يأمرانؾ بمف يجب أف تتزوج ويرتبوف لؾ أمر الزيجة؛ يأمرانؾ بما يجب أف تكوف –خصوصا في الشرؽ –والداؾ أتساءؿ إف .الطريؽ السيؿ، والطريؽ السيؿ ليس الطريؽ الصائب دوماعميو سيرتؾ المينية. وىكذا فإف المخ يقبؿ ب

كنت قد لحظت بأنو لـ يعد أحد يحب عممو، ماعدا، ربما، ثمة مف العمماء والفنانيف واآلثارييف. لكف اإلنساف العادي، ـ أف .الماؿالمتوسط، قمما يحب ما يفعؿ؛ إنو عبد مأمور لممجتمع، لوالديو، أو لمدافع إلى كسب مزيد مف ذف، تعم وا

.أي عالـ نفسؾ –تراقب العالـ الظاىري مراقبة دقيقة لمغاية، العالـ خارجؾ، والعالـ الباطني

كيؼ يمكف لمواحد منا أف يعيش عمى ىذه األرض مف غير أذى أو تدمير لجماليا، مف غير جمب الشقاء :السائل والموت عمى اآلخريف؟

ىؿ سبؽ لؾ أف طرحت ىذا السؤاؿ يوما؟ فعميا؟ ليس نظريا، بؿ فعميا، ىؿ تراؾ طرحت ذاؾ :ورتيكريشنامالسؤاؿ، واجيتو؟ ال تتيرب منو، ال تفسره بأف الشقاء ضروري، وما إلى ذلؾ، بؿ انظر إليو، جابيو. ىؿ سبؽ لؾ أف

بمظاىرة ضد سياسي بعينو يريد أف يدمر حديقة وطنية، أو طرحت مثؿ ىذا السؤاؿ يوما؟ ليس جماىيريا، ليس لمقياـ ىذا أو ذاؾ. طرحؾ مثؿ ىذا السؤاؿ يعني أنؾ تحترؽ بو، أنو شيء ىائؿ الواقعية، ال مجرد سؤاؿ تخيمي تصرؼ بو

قتؿ إنياء األسى، وعدـ [المسألة ىي[ الحياة عمى ىذه األرض، بجماليا الخارؽ، وعدـ تدميرىا، ]ىي] .وقت النيارإنساف آخر، عدـ قتؿ أي شيء حي. ىناؾ طائفة معينة في اليند وسيمة النقؿ عندىـ ىي المشي؛ إنيـ ال يستقموف قطارات، وال طائرات، وال عربات، ويضعوف قناعا لكيبل يقتموا حشرة بالتنفس. بعض تمؾ الجماعة أتوا لرؤية المتكمـ

.وساروا ثمانمائة ميؿ! وىـ يأبوف القتؿ

صناعة المحـ برمتيا. –ف يقتموف: يقتموف عمى سبيؿ الرياضة، يقتموف عمى سبيؿ التسمية، يقتموف لبلنتفاع وىناؾ م ىذا ما بتنا نفعمو .ىناؾ مف يدمروف األرض، يبثوف الغازات السامة، يموثوف اليواء والمياه، ويموثوف بعضيـ بعضا

.باألرض وبأنفسنا

بجماليا العظيـ، وال نجمب الشقاء أو الموت عمى اآلخريف؟ إنو سؤاؿ جدي فيؿ بوسعنا أف نحيا عمى ىذه األرض،ذاؾ يعني عدـ قتؿ إنساف، كما يعني عدـ قتؿ –لمغاية. أف نحيا حياتنا مف غير أف نتسبب بالشقاء أو الموت لآلخريف

.أي حيواف عمى سبيؿ الرياضة، أو مف أجؿ طعامؾ. فيؿ تفيـ ىذا كمو؟ ىذه ىي المسألة

ت ىناؾ طبقة معينة مف الناس في اليند لـ يأكموا لحما قط، إذ يعتقدوف أف القتؿ خطيئة؛ وكانوا يسموف آنذاؾ كانبالبراىمة. والمدنية الغربية لـ تستفسر قط إف كاف القتؿ صوابا، إف كاف قتؿ أي شيء حي مبررا. لقد دمر العالـ الغربي

دمرت الينود، اكتسحتيـ ألنيـ يريدوف أرضيـ، إلى آخر القصة. فيؿ بوسعنا عروقا برمتيا مف الناس. صحيح؟ أميركا أف نحيا عمى ىذه األرض مف دوف قتؿ، مف دوف حرب؟ بوسعي أف أجيب عف ىذا السؤاؿ، ولكف ما قيمة الجواب

لمذىب النباتي بنظرؾ عندئذ إذا كنت تقتؿ؟ ال أقوؿ ىذا تأييدا لممذىب النباتي. )كتب أحد الكتاب منذ مدة: "بات ايسري سرياف الوباء في ببلدنا"!( لكنؾ تقتؿ الممفوفة؛ ومنو، أيف ترسـ الخط الفاصؿ؟ وىؿ تراؾ تجعؿ األمر مشكمة؟

أتفيـ سؤالي؟

مثمما يعارضيا بعض البشر، والمتكمـ منيـ، يعارضوف قتؿ بشر سواىـ ميما يكف السبب –إذا كنت تعارض الحرب لة بالبريد! إذ إف جزءا مف ثمف الطابع البريدي الذي تشتريو، مف ثمف الطعاـ الذي تحصؿ ال يجوز لؾ أف ترسؿ رسا –

كما يقاؿ[ في ىذا البمد(، فإف جزءا مف ثمنو يموؿ ذلؾ، إلخ، ] "عميو، يذىب لمدفاع، لمتسمح. إذا اشتريت بنزينا )"غازاإذا لـ تشتر طوابع أو غازا، .ف تغرـ أو تودع السجفإلخ. فماذا ستفعؿ إذف؟ إذا امتنعت عف دفع الضرائب، فمصيرؾ أ

تراؾ ال تقدر أف تكتب رسائؿ وال أف تسافر، وبذلؾ تحشر نفسؾ في زاوية؛ والعيش محشورا في زاوية يبدو نوعا ما ببل

الجيش طائؿ. فماذا ستفعؿ إذف؟ ىؿ تراؾ تقوؿ: "لف أسافر، لف أكتب رسالة"؟ فيذا كمو يساعد عمى اإلنفاؽ عمى عممية االبتزاز كميا. أـ تراؾ تقارب المسألة مقاربة مختمفة؟ –أتتابع؟ –واألسطوؿ والتسمح

لماذا نقتؿ؟ قتمت األدياف، والسيما المسيحية، عددا غفيرا مف الناس؛ لقد عذبوا الناس، رموىـ بالزندقة، أحرقوىـ. فدينيـ –اليندوس والبوذييف ىـ وحدىـ القـو الذيف لـ يقتموا تعرفوف تاريخ األمر كمو. المسمموف كذلؾ فعموا ذلؾ. لعؿ

.يحرـ القتؿ

كيؼ يمكف لمواحد منا أف يحيا عمى ىذه األرض مف غير أف يقتؿ سواه ويتسبب في شقائو؟ التوغؿ في ىذه المسألة ؤاؿ؟ إذا أحببت إنسانا آخر، توغبل عميقا حقا عممية جدية لمغاية. فيؿ توجد صفة المحبة تمؾ التي تجيب عف ىذا الس

إال عندما تحتاج إلى طعاـ بعينو، خضارا –أتطاوعؾ نفسؾ عمى قتؿ ذلؾ الشخص؟ أتراؾ عند ذاؾ تقتؿ أي شيء؟ وبقوال إلخ، ولكف، ماعدا ذلؾ، أتراؾ تقتؿ أي شيء؟ توغؿ في ىذه المسائؿ كميا، وعش األمر، بحؽ اهلل، وال تكتؼ

!بمجرد الحديث عنو

ف ما يقسـ العالـ ىي المثؿ، إيديولوجيا جماعة بعينيا ضد أخرى، ىذا التقسيـ المستمر عمى ما يبدو بيف الرجؿ إوالمرأة، إلى آخر ما ىنالؾ. لقد حاولوا ردـ ىذه اليوة عبر المنطؽ، عبر العقؿ، عبر مختمؼ الييئات والمؤسسات

المعرفة بمعنى –والمعرفة ىي األخرى لـ تحؿ ىذه المشكمة .قعوالمنظمات، ولـ يفمحوا في ذلؾ مف أي سبيؿ. ىذا وا .الخبرة المتراكمة، إلى آخر ما ىنالؾ. والفكر قطعا لـ يحؿ ىذه المشكمة

ىنالؾ إذف مخرج واحد منيا: اكتشاؼ ماىية الحب. الحب ليس الرغبة، الحب ليس االستئثار، الحب ليس النشاط أوال وأنت ثانيا. ولكف تمؾ المحبة، عمى ما يبدو، ال معنى ليا بنظر أغمب الناس؛ قد أنا :األناني المتمركز عمى الذات

يكتبوف فييا الكتب، لكف ال معنى ليا ]بنظرىـ[. لذا يحاولوف أف يخترعوا تمؾ الصفة، ذاؾ العطر، تمؾ النار، تمؾ ودة مف الرحمة، مف المحبة، إذ ذاؾ تنحؿ ىذه الرحمة. ولمرحمة فطنتيا، أي الفطنة العميا. وحيف تسود تمؾ الفطنة، المول

المشكبلت كميا حبل بسيطا، ىادئا. لكننا ال نتابع السؤاؿ حتى آخره؛ قد نتابعو فكريا، لفظيا فقط. أما إذا فعمت ذلؾ .بقمبؾ، بذىنؾ، يؤيدىما شغفؾ، إذ ذاؾ فإف األرض ستبقى جميمة. وعند ذاؾ يسود شعور عظيـ بالجماؿ في النفس

1984أيار 24أوهي،

–حينما يرصد المرء ما يحدث في العالـ، الشواش والبمبمة وتوحش اإلنساف باإلنساف الذي لـ يقو أي ديف أو نظاـ اجتماعي يف االجتماعييف في عمى الحيمولة دونو، حينما يرصد نشاطات رجاؿ السياسة واالقتصاد والمصمح –أو ربما فوضى اجتماعية!

العالـ أجمع، يرى بأنيـ جمبوا المزيد المزيد مف البمبمة، المزيد المزيد مف البؤس. األدياف، أي المعتقدات المنظمة، قطعا لـ تساعد قمية مف أي وجو عمى جمب النظاـ والسعادة العميقة المقيمة إلى اإلنساف. وال اليوطوپيات، سواء الشيوعية أو تمؾ المجموعات األ

ويحتاج المرء إلى ثورة ىائمة في العالـ أجمع؛ .التي شكمت جماعات، أفمحت في جمب أي وضوح عميؽ دائـ إلى اإلنسافونحف ال نعني بذلؾ ثورة خارجية، بؿ ثورة داخمية عمى المستوى النفسي، أضحت بوضوح .فحصوؿ تغيير عظيـ أمر ضروريلئلنساف. لقد جمبت اإليديولوجيات الوحشية، جمبت – ا أف نستعمؿ ىذه الكممةإذا جاز لن –األمؿ األوحد، الخبلص األوحد

مختمؼ صنوؼ القتؿ والحروب؛ فاإليديولوجيات، ميما بدت نبيمة، ىي في الواقع وبيمة لمغاية. ال بد مف طفرة كمية في بنية خبليا أو التغيير العميؽ الدائـ، يحتاج المرء إلى مقدار كبير مف مخنا نفسيا، في بنية الفكر نفسيا. وإلحداث مثؿ ىذه الطفرة أو الثورة

الطاقة. يحتاج المرء إلى دافع، إلى عزيمة متواصمة ثابتة، ال إلى االىتماـ العارض أو الحماس الزائؿ الذي يولد نوعا مف الطاقة، لمقاومة، عبر االنضباط، المحاكاة، االنصياع وتمؾ الطاقة ما برح اإلنساف يأمؿ أف يحصؿ عمييا عبر ا… لكنيا ال تمبث أف تتبدد

ومع ذلؾ، فإف تمؾ المقاومة، ذلؾ االنصياع أو االنضباط، مجرد التكيؼ مع فكرة، لـ يمنح اإلنساف تمؾ الطاقة والقوة … الدائـ .الضروريتيف. لذا عمى المرء أف يجد عمبل مختمفا مف شأنو أف يجمب ىذه الطاقة الضرورية

نساف، كمما زاد عممنا، تناقص مقدار الطاقة لدينا. إذ إف في ذلؾ في بنية المجتم ع الراىنة ىذه، في عبلقتنا بيف إنساف وا عمى المرء أف يجد الطاقة المستديمة، الثابتة، التي .العمؿ تناقضا، تجزئة؛ وبيذا يكوف العمؿ جالبا لمنزاع، وبالتالي، ييدر الطاقة

.لعمؿ الذي يولد ىذه الخاصية الحيوية الضرورية إلحداث ثورة جذرية في الذىف متاحال تتبلشى. وأعتقد أف مثؿ ىذا ا

. إذا رصدت نشاطاتؾ، حركتؾ –أي "الفعؿ"، النشاط –العمؿ ، عند غالبيتنا، يحدث تبعا لفكرة، لوصفة جاىزة أو مفيـوا. ومنو، ىنالؾ انقساـ بيف فكرتؾ عما يجب عميؾ أف اليومية فاعمة، لرأيت أنؾ صغت فكرة أو إيديولوجيا، فتراؾ تعمؿ تبعا لي

؛ بوسعكـ أف تروا ذلؾ في أنفسكـ رؤية الفعميتفعؿ، أو عما يجب عميؾ أف تكوف، أو كيؼ يجب عميؾ أف تعمؿ، وبيف العمؿ ، مف المثاؿ. وىناؾ انقساـ، فصؿ، بيف ما يجب أف يكوف واضحة لمغاية. فالعمؿ، إذف، ىو دوما تقريب مف الوصفة، مف المفيـو

.، مما يسبب الثنائية، وبالتالي ىناؾ نزاعماىووبيف

فالكممات ال معنى ليا بحد ذاتيا، الكممات لـ تحدث قط أي تغيير – رجاء، ال تكتؼ بمجرد االستماع إلى سمسمة مف الكمماتلبيتنا، فتقتات بالكممات، لكنيا مجرد رماد، جذري في اإلنساف؛ بمقدورؾ أف تكدس الكممات، أف تضفر منيا إكميبل، كما تفعؿ غا

ذا اكتفيت بمجرد االستماع إلى سمسمة مف األفكار أو الكممات، إذ وىي ال تجمب الجماؿ إلى الحياة. الكممات ال تجمب المحبة، وا نت، أصغيت ذاؾ، أخشى ما أخشاه ىو أنؾ ستذىب خالي الوفاض. أما إذا أصغيت، ال إلى المتكمـ وحسب، بؿ إلى خواطرؾ أ

أو –إلى طريقتؾ في الحياة، أصغيت إلى ما يقاؿ، ال كشيء خارجؾ، بؿ كشيء يحدث فعميا في باطنؾ، لرأيت عند ذاؾ حقيقة ما يقاؿ. عمى المرء أف يرى ما ىو صادؽ وما ىو كاذب بنفسو، ال عبر سواه. ولكي تكتشؼ ذلؾ، عميؾ أف تصغي، –زيؼ

نتباىؾ، ما يعني أف تكوف جديا لمغاية. والحياة تتطمب أف نكوف جدييف، ألف الذىف الجدي عميؾ أف تولي عنايتؾ، مودتؾ، ا .يناؿ فيضا مف الحياة؛ أما الفضولي، المفكر، االنفعالي، العاطفي، فميس لو مف الحياة نصيب –لمغاية وحده يناؿ الحياة

شر، ألننا طالما عشنا في عالـ مف التظاىر، في عالـ مف نحف بحاجة إلى طاقة ىائمة إلحداث تغيير نفساني في أنفسنا كبالوحشية، العنؼ، اليأس، القمؽ. فمكي يحيا المرء حياة إنسانية، صحيحة، عميو أف يتغير. ولكي يحدث تغييرا في باطف نفسو،

المجتمع ىو الفرد والفرد ىو وبالتالي ضمف المجتمع، فيو بحاجة إلى ىذه الطاقة الجذرية؛ إذ إف الفرد ال يختمؼ عف المجتمع:

ال بد مف تغيير في قمب اإلنساف –وىو فاسد، فاجر – المجتمع. وإلحداث التغيير الجذري، الجوىري، الضروري في بنية المجتمعا وذىنو. وإلحداث ذاؾ التغيير، تراؾ تحتاج إلى طاقة عظيمة؛ وتمؾ الطاقة تنتفي أو تحرؼ أو يتبلعب بيا حيف تعمؿ وفق

، وىو ما نفعمو في حياتنا اليومية فالمفيـو يقـو عمى التاريخ الماضي، أو عمى استنتاج ما، وىو، بالتالي، ليس عمبل عمى .لمفيـو .اإلطبلؽ، بؿ تقريب مف وصفة جاىزة

.ومنو، يتساءؿ المرء إف كاف ىناؾ عمؿ ال يقـو عمى فكرة، عمى استنتاج تشكمو أشياء الماضي الميتة

*

قرار ىذا ليس خمؽ فكرة جديدة. عمى المرء أف يكتشؼ ذاؾ العمؿ بنفسو؛ ولكي يكتشؼ، عميو أج ؿ، يوجد مثؿ ىذا العمؿ. وا أف يبدأ بالضبط مف بداية سموكنا البشري، مف خاصية ذىننا البشري نفسيا. أي أننا لسنا وحدنا أبدا: قد نتمشى في غابة بمفردنا،

وف مع أسرتؾ، في المجتمع، لكف الذىف البشري مف اإلشراط بالخبرة والمعرفة والذاكرة الماضية بحيث لكننا لسنا وحدنا أبدا. قد تكأف يكوف المرء خارج –أال تقتضي؟ –إنو ال يعرؼ ماىية أف يكوف المرء وحده. والمرء يخشى أف يكوف وحده ألف الوحدة تقتضي

ف خارجا عمى المجتمع. وحتى يكوف خارجا عمى المجتمع، عميو أف قد يعيش المرء في المجتمع، لكف عميو أف يكو .المجتمعيكوف حرا مف المجتمع. المجتمع يتطمب منؾ أف تعمؿ تبعا لفكرة؛ فيذا كؿ ما يعرفو المجتمع، ىذا كؿ ما يعرفو البشر:

منموذج الذي وضعو المجتمع )ما يعني االنصياع، المحاكاة، القبوؿ، الطاعة. وعندما يتقبؿ المرء ما يمميو الموروث، تراه ينصاع لأف البشر ىـ الذيف وضعوه(، فيكوف جزءا مف كؿ ىذا الوجود البشري المشروط الذي ييدر طاقتو عبر الجيد الدائـ، عبر النزاع

والبمبمة والبؤس الدائـ. فيؿ مف الممكف لمبشر أف يكونوا أحرارا مف ىذه البمبمة، مف ىذا النزاع؟

اسا، ىو بيف العمؿ وبيف ما يجب أف يكونو ذلؾ العمؿ. والمرء يرصد داخؿ نفسو، كما يجدر بو أف يفعؿ، كيؼ ىذا النزاع، أسالتي يجب أف تكوف تنافسية، عدوانية، ]تتضمف[ مقارنة المرء –ال ينفؾ النزاع يستنزؼ الطاقة. إف البنية االجتماعية بكامميا

ثـ نقوؿ: "إذا .تقـو عمى النزاع، ليس داخؿ المرء وحسب، بؿ في الخارج أيضا –ذا نفسو بغيره، قبوؿ إيديولوجيا، معتقد، وىكوىو ليس الواقع الفعمي. ترانا ال –انعدـ النزاع ضمف النفس، إذا انعدـ الصراع والقتاؿ، سنصير كالحيوانات، سنصير كسالى"

ائـ مف المحظة التي نولد فييا حتى نموت؛ ىكذا كؿ ما نعرؼ أي نوع آخر مف الحياة غير الحياة التي نعيشيا، وىي الصراع الد .نعرفو

لذا عمى المرء أف يستخمص نفسو مف ىذه الفوضى .حينما يرصد المرء ذلؾ، يمكف لو أف يرى أي ىدر لمطاقة ىوأنت لـ تعد ما يعني أف عمى المرء أف يكوف وحده. مع أنؾ قد تعيش في المجتمع، ف –االجتماعية، مف ىذا الفجور االجتماعي

وبالتالي، أنت وحدؾ، وحيف تكوف وحدؾ فأنت ناضج. النضج ال –الوحشية، الحسد، الغيرة، روح التنافس –تتقبؿ بنيتو وقيمو .يمت إلى العمر بصمة

أي أف في العالـ أجمع، ىنالؾ تمرد، لكف ذلؾ التمرد ال يتـ عبر فيـ بنية المجتمع برمتيا، وىي ذاتؾ أنت. ذلؾ التمرد مجزأ؛ المرء قد يتمرد عمى حرب بعينيا، أو يقاتؿ سواه ويقتمو في حربو المفضمة، أو يكوف مؤمنا دينيا ينتمي إلى ثقافة أو جماعة بعينيا

، ال عمى جزء بعينو مف تمؾ الثقافة. برمتياكاثوليكية، پروتستانتية، ىندوسية، أو ما شئتـ. لكف التمرد يعني التمرد عمى البنية –مف أي أف يكوف واعيا بيا –يفيـ المرء ىذه البنية برمتيا، عميو أف يكوف واعيا بيا أوال، عميو أوال أف ينظر إلييا، أف يعييا وحتى

ال يجوز لؾ أف تختار جزءا بعينو مف المجتمع وتقوؿ: "أستحب ىذا، ال أستحب ذاؾ، ىذا يسرني وذاؾ ال يسرني"؛ .غير اختياراع لنموذج بعينو وحسب وتقاـو النموذج اآلخر، وبالتالي، ال تزاؿ عالقا بالصراع. لذا فإف الميـ ىو أوال رؤية فأنت عندئذ تنص

، بؿ وعييا فعميا كما يعي المرء أنو جائع. –صورة ىذا الوجود اإلنساني برمتيا، وجود حياتنا اليومي؛ رؤيتيا ال كفكرة، ال كمفيـو، بؿ ىو واقع. بالمثؿ، فإف رؤية ىذه البمبمة، ىذا البؤس، الصراع الدائـ الذي ال ينتيي، عندما الجوع ليس فكرة، ليس مفيوما

يكوف المرء واعيا مف غير اختيار بيذا األمر كمو، إذ ذاؾ، ينعدـ النزاع تماما؛ إذ ذاؾ يكوف المرء خارجا عمى البنية االجتماعية .ألف الذىف قد استخمص نفسو مف عبثية المجتمع

*

يريد، كما تعمموف، أف يجد حاال ذىنية، حاال مف العيش، ليست كدحا، ليست –أي كؿ واحد منا، أينما كنا نعيش –اإلنساف معركة. أنا واثؽ مف أننا جميعا، ميما نكف متواضعيف أو ميما نكف مثقفيف، نريد أف نجد طريقة حياة تكوف منظمة، مميئة

انت مدار بحث اإلنساف طواؿ آالؼ السنيف، وبدال مف أف يجدىا، تراه استظيرىا، وضعيا في بالجماؿ والحب العظيـ. فيذه كالخارج ىناؾ، خمؽ آلية، مخمصيف، الكينة بأفكارىـ، وبذلؾ فوت عمى نفسو المسألة برمتيا. عمى المرء أف يتنكر لذلؾ كمو، أف

سواه. ما مف أحد في العالـ وال في السماء بوسعو أف ييبؾ تمؾ الحياة. يتنكر كميا لمقبوؿ بوجود السماء عبر سواه، أو عبر اتباع .إلى ما ال نياية –عمى المرء أف يشتغؿ في سبيميا

*

أتساءؿ عما نعنيو بالموقؼ. لماذا نريد اتخاذ موقؼ؟ وماذا يعني الموقؼ؟ اتخاذ موقع، التوصؿ إلى استنتاج. عندي موقؼ إلى استنتاج بعد دراسة المسألة، بعد التدقيؽ فييا، بعد التخطيط ليا، بعد سبرىا. لقد توصمت مف شيء ما، ما يعني أنني توصمت

إلى ىذه النقطة، إلى ىذا الموقؼ، ما يعني أف مجرد اتخاذ موقؼ ىو مقاومة؛ لذا فإف ذاؾ بحد ذاتو عنؼ. ال نقدر أف نتخذ ليا تبع ا الستنتاجؾ الشخصي، ليواؾ، لخيالؾ، لفيمؾ. ما نسألو ىو التالي: ىؿ موقفا مف العنؼ أو العداوة. فذاؾ يعني أنؾ تؤو

مف الممكف لممرء أف ينظر إلى ىذه العداوة في نفسو، ىذا الخمؽ لمعدوانية في نفسو، ىذا العنؼ، ىذه الوحشية في نفسو، مف دوف تكوف منحازا لجية ما، وبالتالي، ال تنظر، ال ؟ فأنت ما إف تتخذ موقفا حتى تحكـ سمفا، حتى كما ىوأي موقؼ، أف يرى الواقع

.تتفيـ ذاؾ الواقع داخؿ نفسؾ

*

النظر إلى النفس مف دوف موقؼ، مف غير أي رأي أو حكـ أو تقييـ، ىو واحد مف أشؽ األمور. ففي ىذا النظر ىناؾ .لعداوة ىذه برمتياوضوح؛ وذاؾ الوضوح الذي ليس استنتاجا، ليس موقفا، ىو الذي يبدد بنية الوحشية وا

1968أيار 22أمستردام،

في وجو جميؿ، في أسموب –والجماؿ ليس في شكؿ بعينو .االتصاؼ بذىف ديف يتطمب أو يقتضي الجماؿ أوال ف حس عيش جميؿ، إلى آخره. فما ىو الجماؿ؟ مف دوف ذاؾ ما مف حقيقة ثمة، ما مف محبة؛ مف دوف الجماؿ ما م

خمقي. فالجماؿ بحد ذاتو ىو الفضيمة. سنتقصى اآلف معا ماىية الجماؿ. قد يصوغو المتكمـ في كممات، لكف عميؾ أف .تتحمؿ مسؤولية تقصي ماىية الجماؿ بنفسؾ

في بومباي، إلى 2ىؿ الجماؿ في لوحة، في منحوتات المصرييف واإلغريؽ القديمة الرائعة، أـ في المييشامورتي، أو السماء الجميمة في المساء أو 3آخره؟ ما ىو الجماؿ؟ وما معناه بنظرؾ؟ ىؿ ىو الثوب مع الزركشة الجميمة لمساري

الصباح الباكر، جماؿ الجبؿ والحقوؿ والودياف، جماؿ المروج والسواقي، جماؿ عصفور أو األشجار القديمة الرائعة؟ راث بعينو؟ لنساجي اليند تراث تناقموه؛ إنيـ ينتجوف أقمشة وتصاميـ ومنو، ىؿ يتوقؼ الجماؿ عمى ثقافة معينة أو ت

رائعة. فيؿ ذاؾ ىو الجماؿ؟ أـ أف الجماؿ شيء مختمؼ كميا؟

حيف ترصد جباال عظيمة ذات ثموج أبدية وأودية عميقة، ىيئة جبؿ شامخ، جميؿ، عمى خمفية سماء زرقاء، حيف لمئة، ماذا يحدث فعميا؟ ماذا يحدث حيف ترى النير في ضوء الصباح، والشمس طالعة تدرؾ ذاؾ لممرة األولى أو لممرة ا

ما، أـ أنؾ مؤقتا 4منترالتوىا، راسمة سبيبل ذىبية عمى طوؿ المياه؟ حيف تنظر إلى المشيد، ماذا يحدث؟ أتراؾ تردد مؾ، كؿ شيء آخر، بضع ثواف أو صامت تماما؟ جماؿ ذاؾ الضياء عمى الماء ينحي جميع مشكبلتؾ، جميع ىمو

بضع دقائؽ أو ساعة، ما يعني أف الذات ليست موجودة: الذات، النشاط األناني المتمركز عمى الذات، االىتماـ الذاتي ىذا كمو يطرده الجماؿ العظيـ لغيمة مميئة بالضياء والجبلؿ، وفي تمؾ المحظة تغيب الذات. ومنو، أال يوجد الجماؿ –

ات؟حيف تنعدـ الذ

ال توافقوا عمى ذلؾ أو تومئوا برؤوسكـ فتقولوا: "إنو مصيب تماما، ما أروع ما يقوؿ!"، ثـ تستمروا بعدئذ في أنانيتكـ واىتمامكـ الذاتي وتتكمموا حسب المنطؽ الرمزي أو نظريا عمى الجماؿ. فالجماؿ شيء يجب أف يدرؾ، ال أف يختزف في

2ر تمثاؿ لئللو شيڤا )مييش( مثمث الوجوه )كيوؼ إليفانتا، قرب بومباي( يعد (مف قمـ النحت اليندي الكبلسيكي. )المحر

3ر ر (الثوب التقميدي لمنساء الينديات. )المحر (الثوب التقميدي لمنساء الينديات. )المحر

4ر (مقطع لفظي أو كممة أو جممة ذات مفعوؿ، الغاية مف ترداده استحضار قوة إلو معيف. )المحر

لجماؿ شيء أبطف بكثير، أعمؽ وأوسع بكثير مف مجرد صورة أو نقش أو وجو حسف الذىف بوصفو ذكرى. ومنو، فإف ا .أو آداب سموؾ كيسة. ىناؾ جماؿ فقط حيف تنعدـ الذات. وذاؾ ىو أوؿ شيء مطموب لفيـ ماىية الذىف الديف

يو أيضا أف يكوف دماغا شامبل، وليس دماغا ضيؽ األفؽ، طائفيا، محدو دا. عميو أف يتفيـ ويجب عمى متقصالمشكمة اإلنسانية اليائمة المعقدة: أي أف يكوف ذىنا كبلنيا، دماغا يحيط بكمية الوجود، ال بوجودؾ الخاص، بمشكبلتؾ

نحف … الخاصة، ألنؾ حيثما ذىبت، سواء في أميركا أو في أوروبا، في اليند أو في آسيا، ترانا نحف البشر نتألـوف، نطمب الراحة، تعساء، مكتئبوف، ساخطوف، مع شيء مف الفرح أو المذة مف حيف آلخر، مستوحشوف، جزعوف، خائف

.إلى آخر ما ىنالؾ

إف دماغا كبلنيا دماغ ييتـ لئلنسانية ككؿ، ألننا جميعا متشابيوف. وال بد لنا كذلؾ مف أف نكتشؼ بأنفسنا ماىية مف الديف. قد ال توافقوف، لكف انظروا في األمر، توغموا فيو. ىؿ فذاؾ جزء –العبلقة بيف الطبيعة وبيف كؿ واحد منا

ثيا يتفاقـ تفاقما أنت عمى عبلقة أصبل مع الطبيعة، مع الطيور، مع ماء ذلؾ النير؟ األنيار كميا مقدسة، لكف تموباألشجار، –قتؾ بذاؾ كمو؟ خطيرا: قد تدعوه الغانج أو الثيمس، النيؿ أو الرايف، الميسيسيپي أو الڤولگا. فما ىي عبل

بالطيور، باألشياء الحية كميا التي ندعوىا الطبيعة. ألسنا جزءا مف ذاؾ كمو؟ ألسنا البيئة إذف؟ أتساءؿ إف كنت أتفوه بيراء، وأنتـ تكتفوف باالستماع عرضا. ىؿ يعني ىذا كمو شيئا بنظركـ، أـ أني غريب آت مف المريخ يتحدث عف شيء

.لكـ معو البتة؟ ىؿ يعني شيئا ما؟ األمر عائد إليكـال عبلقة

2891تشرين الثاني 21راجگهة،

نحف نتحادث حوؿ طبيعة الذىف وقدراتو الخارقة. إذ مافتئنا، نحف البشر، طواؿ اآلالؼ تمو اآلالؼ مف السنيف، الطاقة الذىنية اليائمة أشياء مدىشة مف الناحية نختزؿ ىذه القدرة إلى حقؿ ضيؽ ومحدود لمغاية. لقد اخترعت ىذه

التكنولوجية: لقد ذىب الناس إلى القمر، واستكشفوا أعماؽ البحر، واخترعوا أكثر األشياء شيطانية؛ وقد جمبوا كذلؾ اتت منافع جمة في مجاؿ الطب والجراحة. لكف ىذه الطاقة اليائمة مافتئت تقمص، يحد منيا، يضيؽ عمييا، حتى ب

حقؿ صراع، حقؿ نزاع، منطقة يتعادى فييا البشر، يدمروف بعضيـ –إذا رصدىا المرء عف كثب –حياتنا أساسا ربعضا؛ وىـ لـ يدمروا بشرا وحسب، بؿ تراىـ يسخروف األرض والبحار أيضا. فعؿ يعني استخداـ اآلخر قيرا سخ

.مف حقوؿ الحياةلممنفعة الشخصية. وىذا التسخير يستمر في كؿ حقؿ

العراؾ، النزاع، البمبمة، البؤس التاـ واألسى، والمذة :ويتساءؿ المرء لماذا يعيش البشر بالطريقة التي نعيش بياواألفراح التي سرعاف ما تتبلشى. ترانا متروكيف صفر األيدي، مريريف، متيكميف، ال نؤمف بشيء، أو نموذ بالتقميد.

ذا اتفؽ لؾ أف ترصد عف كثب شديد، لرأيت الذىف يعيش اآلف، ولكف حتى ذلؾ التقميد بات اآلف يفقد إحكاـ قبضتو؛ وا ليس فيزيائيا وحسب بؿ أكثر بكثير نفسانيا، عمى الشروح والكتب واألسفار المقدسة، كالتوراة واإلنجيؿ والقرآف. فماذا

دينيسب، لكف دينيا أيضا؟ )أستعمؿ كممة يحدث لذىف يعيش عمى الكتب، ليس في المدارس والمعاىد والجامعات وحىنا بالمعنى العادي لمكممة.( عندما يعيش المرء حسب الكتاب، تراه يقتات بالكممات، بالنظريات حوؿ ما سبؽ لآلخريف

دياف أف قالوه. وعندما يعيش المرء عمى ىذا النحو، ال بد لمتدىور أف يقع حتما. تراؾ تعود إلى الكتاب، كما تفعؿ األتراؾ تعيش حسب الكتاب، حسبما قالو اآلخروف .فظة، عقائدية، قاسية، مدمرة –المنظمة، وتستعممو بوصفو مرجعية

وقبمتو: الشروح، والشروح عمى الشروح، إلخ إلخ إلخ! وعندما تواجو ىذه الحضارة، التي مضى عمى وجودىا ربما ثبلثة المعمموف الروحيوف[ ] گورو – ع التدىور والفساد عمى جميع أصعدة الحياةآالؼ سنة أو تزيد، أزمات، فإنيا تنيار. يق

.والصرح برمتو ينيار –العصر الصناعي، رجاؿ السياسة، رجاؿ األعماؿ، رجاؿ الديف

لقد سأؿ المرء مختمؼ الناس عف سبب ىذا التمؼ، ىذا التدىور، ولـ يجد عندىـ أي جواب حقيقي. إنيـ يعطونؾ واالختصاصييف والعمماء، [ور، لكف عمى الرغـ مف أف المرء ناقش األمر مع مختمؼ الپانديت ]األساتذةأمثمة عمى التدى

ال يبدو عمييـ أنيـ وجدوا جذر ىذا التمؼ. ال أدري إف كنتـ قد فكرتـ في األمر. فإذا كنتـ خصصتموه شيئا مف التفكير لناس، مذاىب غيركـ مف الناس، معتقدات غيركـ مف الناس؟ الجدي، أال يصح القوؿ إنكـ عشتـ عمى أفكار غيركـ مف ا

ذف، فالنتيجة، عمى ما يبدو، ىي أنؾ حينما تعيش حياة مستعممة –حياة قائمة عمى الكممات واألفكار والمعتقدات –وا بية، ىذه نعني جميع الحواس الفاعمة بردود فعميا العص ذىففإف ذىنؾ، كمية ذىنؾ، تضمر بطبيعة الحاؿ. وبكممة

.جميع االنفعاالت، جميع الرغبات، المعرفة التكنولوجية، وتنمية الذاكرة، وىي مقدرة التفكير تفكيرا واضحا أو مشوشا

ما انفؾ الذىف يطمب تمؾ الجرثومة التي زرعيا اإلنساف منذ قديـ الزماف والتي لـ تتفتح قط: بذرة التديف الحقيقي يمكف ألي حضارة جديدة أو ثقافة جديدة أف تكوف. قد تنوجد منظومات جديدة، تمؾ. فمف دوف ذاؾ النوع مف الديف ال

را مف جديد المرة تمو المرة تمو المرة .فمسفات جديدة، بنى اجتماعية جديدة، لكف سيظؿ النموذج نفسو مكر

بيعية البديعة، ببحارىا فماذا سنفعؿ إذف؟ أنت، بوصفؾ إنسانا يحيا عمى ىذه األرض الرائعة، بجباليا ومناظرىا الط)وىذا ليس شاعرية، فأنا أشير إلى األمر فقط.( ماذا بوسعنا أف نفعؿ معا لنخترؽ ىذا الوضع؟ أي لئبل … ومياىيا

نخمؽ منظومات جديدة: منظومات اجتماعية جديدة، مذاىب دينية جديدة، جمبل جديدة مف المعتقدات والمثؿ والعقائد، إذا كنتـ جدييف –ؾ المعبة نفسيا مافتئت تمعب مف جديد المرة تمو المرة. إف إحداث عالـ مختمؼ طقوسا جديدة، ألف تم

تعني الكمية، عدـ التفتت، عدـ التجزؤ؛ اإلنساف الطيب يتضمف انعداـ طيبيتطمب إيجاد صفة الطيبة. كممة –أصبل .حس التجزئة فيو: إنو في ذاتو تاـ، كمي، مف غير أي حس بالنزاع

ال األزمة االقتصادية أو االجتماعية وحسب، بؿ األزمة في –نحف نستكشؼ معا الشيء الذي ىو أزمتنا الحالية إنيا أزمة في كياف .وعينا، في كياننا بالذات، ال أزمة منظومة جديدة، ال أزمة الحرب، إلى آخر ما ىنالؾ مف أزمات

تحوؿ؟البشرية بالذات. وبأي وسيمة يمكف ليذا الوعي أف ي

ما الذي سيجعمؾ تتحوؿ؟ أىي أزمة؟ مصيبة تحؿ بؾ؟ األسى؟ الدموع؟ لقد حدث ذلؾ كمو، في أزمة تمو األزمة. لقد ذرفنا الدموع ببل انقطاع، وما مف شيء يبدو أنو يغير ما باإلنساف ألنكـ تتكموف عمى سواكـ لمقياـ بالعمؿ: عمى سادتكـ،

أصحاب النظريات الجديدة مف أناسكـ األذكياء الماكريف. ال أحد يقوؿ: ، كتبكـ، أساتذتكـ، عمى[گورو] معمميكـأبدا! كؿ شيء مدوف كتابنا"سأحاوؿ أف أكتشؼ بنفسي." فمع أف تاريخ الجنس البشري برمتو موجود فينا، ترانا ال نقرأ

يش في ىذه الفوضى، في ىذا فيو، لكننا ال نكمؼ أنفسنا المشقة أو نتجمؿ بالصبر والتقصي الدؤوب. ترانا نفضؿ أف نع .البؤس

فماذا سيجعمؾ تتغير؟ رجاء، اسأؿ نفسؾ ىذا السؤاؿ،احترؽ بو، ألننا وقعنا أسرى العادة. بيتؾ يحترؽ، لكنؾ عمى ما يبدو ال تبالي. فإذا لـ تتغير، سيبقى المجتمع عمى ما ىو عميو. والناس األذكياء يقبموف قائميف إف عمى المجتمع أف

.ما يعني بنية ]اجتماعية[ جديدة؛ والبنية عند ذاؾ تصير أىـ مف اإلنساف، كما برىنت جميع الثورات يتغير،

بعد النظر في ىذا كمو، ىؿ ثمة تعمـ، ىؿ ثمة يقظة لمفطنة، ىؿ ثمة حس بالنظاـ في حياتنا، أـ ترانا سنعود إلى الحس بالمحبة العظيمة، إذ ذاؾ ستبدعوف مجتمعا جديدا الروتيف نفسو؟ إذا كانت عندكـ تمؾ الفطنة، تمؾ الطيبة، ذاؾ

رائعا تحيوف فيو جميعا حياة سعيدة. األرض أرضنا، وليست األرض اليندية أو األرض اإلنكميزية أو األرض الروسية؛ ف، ىب قمبؾ إنيا أرضنا التي بوسعنا أف نحيا عمييا حياة سعيدة، ذكية، مف غير أف نحز رقاب بعضنا بعضا! رجاء، إذ

حتى في األمور الصغيرة. رجاء، تنبو لحياتؾ. عندؾ مقدرات خارقة، وكميا بانتظار –وذىنؾ لتكتشؼ لماذا ال تتغير .فتحؾ الباب

، فيؾ. الػ"أنت لذات مركبة مف العديد مف والػ"أنا" عبارة عف أجزاء عديدة. ا "ترانا ندرؾ وجود انقساـ في الحياة، فيالراصد ىو اآلخر األجزاء. أحد األجزاء ىو الراصد وبقية األجزاء ىي المرصود. الراصد يصير واعيا باألجزاء، لكف

؛ إنو ليس مختمفا عف بقية األجزاء. لذا يجب عميؾ أف تكتشؼ ما ىو الراصد، المختبر، المفكر: مـ واحد مف األجزاءيحدث ىذا االنقساـ بيف الراصد والمرصود؟ الراصد، نقوؿ، ىو واحد مف األجزاء. فمماذا فصؿ نفسو، ىو مكوف؟ وكيؼ

حاصؿ … فتولى صفة المحمؿ الذي يعي، القادر أف يسيطر، يغير، يكبت، إلى آخر ما ىنالؾ. الراصد ىو الرقيبت الثقافية قررت أنؾ مختمؼ عف الشيء الذي اإلشراطات االجتماعية والبيئية والدينية والثقافية. أي أف االنقساما

لو سمطة أف … ترصده أنت "الذات العميا" وتمؾ ىي "الذات الدنيا"، أنت المستنير وتمؾ ىي غير المستنيرة. فما الذي خويدعو نفسو "مستنيرا"؟ أألنو صار الرقيب؟ والرقيب يقوؿ: "ىذا صواب، ىذا خطأ، ىذا جيد، ىذا سيء، يجب أف أفعؿ

وىي حصيمة ىذا اإلشراط، إشراط المجتمع، إشراط الثقافة والديف واألسرة، إشراط العرؽ –ا، يجب أال أفعؿ ذاؾ" ىذ .بأسره، إلى آخر ما ىنالؾ

الراصد، إذف، ىو الرقيب، مشروطا تبعا لبيئتو، وقد تولى سمطة المحمؿ. وكؿ مف باقي األجزاء يتولى ىو اآلخر فحتى تتحرر مف ىذا .سمطتو، وبالتالي، ىنالؾ صراع. ومنو، يوجد نزاع بيف الراصد والمرصودسمطتو؛ لكؿ جزء

النزاع، عميؾ أف تكتشؼ إف كاف بوسعؾ أف تنظر مف غير عيني الرقيب؛ أي أف تكوف واعيا، أف تعي بأف عيني را نظرا بريئا، حرا؟الرقيب ىما حصيمة إشراطو. فيؿ يمكف لتمؾ العينيف أف تنظرا في حرية، أف تنظ

*

فيؿ … أنا مشروط بثقافة ما برحت موجودة منذ ألوؼ السنيف… ىؿ يقوى الذىف عمى التحرر مف ىذا اإلشراط كمو؟يمكف لخبليا المخ نفسيا أف تتحرر مف اإلشراط كمو، بوصفو الراصد، بوصفو كيانا ينصاع، بوصفو كيانا مشروطا

، بالعرؽ؟ إذا لـ يتحرر الذىف مف اإلشراط فيو ال يستطيع أبدا أف يتحرر مف النزاع، وبالتالي، بالبيئة، بالثقافة، باألسرةما لـ نتحرر تحررا تاما، فنحف أناس غير متوازنيف؛ ومف جراء عدـ توازننا، ترانا نتسبب في مختمؼ … مف العصابية .صنوؼ األذى

لحرية ليست قطعا حصيمة الراصد، الذي ىو بالذات مصدر كؿ ومنو، فإف النضج ىو التحرر مف اإلشراط. وتمؾ افتمؾ ىي خاصية العقؿ السميـ. ىؿ بوسعؾ –ذاكرة، كؿ فكر. ىؿ بوسعي أف أنظر بعينيف لـ يمسسيما الماضي قط؟

أف تنظر إلى الغيمة، إلى الشجرة، إلى زوجتؾ، زوجؾ، صديقؾ، مف دوف صورة؟ وعيؾ أف عندؾ صورة ىو أوؿ وىي –أليس كذلؾ؟ أف تعي أنؾ تنظر إلى الحياة مف خبلؿ وصفة جاىزة، مف خبلؿ صورة، مف خبلؿ مفاىيـ شيء،

فماداـ الراصد يعي ىذه، ىناؾ عندئذ تحريؼ. لذا، ىؿ .مف دوف أي اختياروأف تعي ذلؾ –جميعا عوامؿ تحريؼ تصغي ببل أي تأويؿ، ببل أي مقارنة أو بوسعؾ أف تنظر، ىؿ بوسع الذىف أف يرصد مف دوف الرقيب؟ ىؿ بوسعؾ أف

حكـ أو تقييـ، أف تصغي إلى ذاؾ النسيـ، إلى تمؾ الريح، ببل أي تدخؿ مف الماضي؟

1970أيمول 10بركوود پارك،

، عمى ما أعتقد، المزيد المزيد مف نفاذ النظر، ال، كنا بصدد استقصاء طبيعة الحب مزيد المزيد وقد توصمنا إلى نقطة تستمـزمف وعي المسألة. ولقد اكتشفنا أف الحب، بنظر أغمب الناس، يعني الراحة، األماف، ضمانة طواؿ بقية العمر لئلشباع العاطفي

فتحاوؿ أال تنظر ألف األمر .المستمر. ثـ يأتي واحد مثمي ويسأؿ: "ىؿ ذاؾ حب حقا؟"، ويسألؾ أف تنظر إلى دخيمة نفسؾ؛ لكنؾ، حيف تحشر في زاوية لتنظر، تدرؾ –تفضؿ مناقشة الروح أو الوضع السياسي أو االقتصادي الراىف تراؾ –مزعج جدا

.أف ما خيؿ إليؾ دوما أنو حب ليس حبا عمى اإلطبلؽ، بؿ ىو ترضية متبادلة، استغبلؿ متبادؿ

الحب"، فميذا القوؿ واقعية بنظري، لكف ليس حيف أقوؿ: "ليس لمحب غد وال أمس" أو: "عندما ال يوجد مركز، عندئذ يوجد لو إلى وصفة، لكف ذلؾ ال يصح؛ إذ عميؾ أف تتحقؽ مف األمر بنفسؾ. لكنؾ حتى تفعؿ ال بد مف بنظرؾ. قد تستشيد بو وتحو

ر مف كؿ إدانة، مف كؿ حكـ، مف كؿ موافقة أو مخالفة .وجود حرية لمنظر، تحر

حد مف أصعب األمور في الحياة؛ النظر والسمع ىما األمر نفسو. إذا كانت عيناؾ معميتيف وا –أو السمع –واآلف، النظر بمخاوفؾ، ال تستطيع أف ترى جماؿ مغيب الشمس. أغمبنا فقدوا صمتيـ بالطبيعة، والحضارة تتجو أكثر فأكثر صوب المدف

ندنا حتى غير حيز ضيؽ جدا لمنظر إلى السماء الكبرى. لقد صرنا أناسا مدنييف أكثر فأكثر، نعيش في شقؽ مزدحمة وليس عالمسائية والصباحية، وليذا ترانا نفقد الصمة بقدر كبير مف الجماؿ. ال أدري إف كنتـ الحظتـ كـ تضاءؿ عدد الذيف ينظروف منا

.إلى شروؽ الشمس أو غروبيا، أو إلى ضوء القمر، أو إلى انعكاس الضوء عمى صفحة الماء

الصمة مع الطبيعة، ترانا بطبيعة الحاؿ ننزع إلى تنمية قدراتنا العقمية. ترانا نقرأ عددا كبيرا مف الكتب، نذىب إلى أما وقد فقدنا الكثير جدا مف المتاحؼ والحفبلت الموسيقية، نشاىد التمفزيوف، ونتسمى بطرؽ أخرى شتى؛ ترانا نقتبس إلى ما ال نياية مف أفكار

التفكير في الفف وفي الحديث عنو. فما الذي يجعمنا نتكؿ عمى الفف كؿ ىذا االتكاؿ؟ أىو شكؿ مف غيرنا مف الناس ونغالي فيأشكاؿ اليروب أو اإلثارة؟ إذا كنت عمى صمة مباشرة بالطبيعة، إذا راقبت حركة طائر يحمؽ، ورأيت جماؿ كؿ حركة في السماء،

ؾ سترغب بعد في الذىاب إلى أي متحؼ لتنظر إلى لوحة ما؟ ربما وشاىدت الظبلؿ عمى التبلؿ أو جماؿ وجو إنساف آخر، أتظن .ألنؾ ال تعرؼ كيؼ تنظر إلى األشياء كميا حواليؾ، تراؾ تموذ بنوع مف أنواع المخدر لتنبييؾ إلى الرؤية رؤية أفضؿ

صة وكاف عمى ىناؾ قصة عف معمـ ديني تروي أنو كاف مف عادتو أف يعظ تبلميذه كؿ صباح. وذات صباح، اعتمى المنوشؾ أف يبدأ عندما جاء عصفور صغير وحط عمى حافة النافذة وبدأ يغرد، وراح يغرد بكؿ قوتو. ثـ توقؼ وطار مبتعدا، فقاؿ

"!المعمـ: "موعظة ىذا الصباح انتيت

لحياة الداخمية. يبدو لي أف واحدة مف أشد صعوباتنا ىي أف نرى بأنفسنا رؤية واضحة حقا، ال األشياء الخارجية فقط، بؿ احيف نقوؿ إننا نرى شجرة أو زىرة أو شخصا، ىؿ ترانا نراىـ فعميا؟ أـ ترانا ال نرى إال مجرد الصورة التي أوجدتيا الكممة؟ أي أنؾ، حيف تنظر إلى شجرة أو إلى غيمة ذات مساء مميء بالبيجة والضياء، ىؿ تراىا فعميا، ال بعينيؾ رؤية عقمية، بؿ رؤية

، تامة؟كمية

ىؿ اتفؽ لؾ يوما أف تختبر النظر إلى شيء موضوعي كالشجرة مف دوف أي مف التداعيات، أي مف المعمومات التي اكتسبتيا عنيا، مف دوف أي ىوى، أي حكـ، أي كممات تشكؿ شاشة بينؾ وبيف الشجرة وتحوؿ بينؾ وبيف رؤيتيا كما ىي فعميا؟

صؿ فعميا عندما ترصد الشجرة بكيانؾ كمو، بكمية طاقتؾ. في ذاؾ االستغراؽ، ستجد أنو ال يوجد جرب ذلؾ وانظر ما الذي يحوحسب. ال يوجد الراصد والمرصود إال عندما ينعدـ االنتباه. أما حيف تنظر إلى شيء في انتباه تاـ، انتباهراصد بتاتا، بؿ يوجد

فيـ ىذا مف األىمية بمكاف، ألننا نتباحث في شيء يستمـز تقصيا شديد فبل يوجد حيز ألي تصور، ألي صيغة، ألي ذاكرة. إف .الدقة

وحده ذىف ينظر إلى شجرة أو إلى النجـو أو إلى مياه نير براقة في ذىوؿ تاـ عف النفس ذىف يعرؼ ماىية الجماؿ؛ وحيف بر ما قاـ اإلنساف بتجميعو، ما يعني أننا نعزو نرى فعميا نكوف في حاؿ محبة. نحف نعرؼ الجماؿ عموما مف خبلؿ المقارنة أو ع

الجماؿ إلى غرض ما. أرى ما أعتبره مبنى جميبل، وتراني أقدر ذلؾ الجماؿ بسبب معرفتي بالمعمار وبمقارنتو بمباف أخرى سبؽ ر، المفكر، ال حيف يوجد راصد ىو الرقيب، المختب "لي أف رأيتيا. لكني اآلف أسأؿ نفسي: "ىؿ ىناؾ جماؿ مف غير غرض؟

وىذا يستمـز قدرا كبيرا –جماؿ ىناؾ، ألف الجماؿ شيء خارجي، شيء ينظر إليو الراصد ويحكـ عميو. ولكف حيف ينعدـ الراصد ي .إذ ذاؾ يوجد الجماؿ مف غير الغرض –مف التأمؿ، مف التقص

ال –نفس أف يكوف إال حيف يوجد تقشؼ تاـ يكمف الجماؿ في التخمي التاـ عف الراصد والمرصود؛ وال يمكف لمذىوؿ عف الإنما تقشؼ البساطة –تقشؼ رجؿ الديف، بخشونتو وروادعو وقواعده وطاعتو، ال التقشؼ في الممبس والفكر والطعاـ والسموؾ

األولى ىي الكمية، الذي ىو التواضع التاـ. إذ ذاؾ ال إنجاز ىناؾ، ال سمـ يجب تسمقو؛ ىناؾ الخطوة األولى فقط، والخطوة .الخطوة األبدية

ىب أنؾ تسير بمفردؾ أو مع أحدىـ وتوقفت عف الكبلـ. أنت محاط بالطبيعة، وال كمب ينبح، وال ضجيج سيارة عابرة، وال أنت صامت تماما، والطبيعة حواليؾ صامتة كميا ىي األخرى. في تمؾ الحاؿ مف الصمت المستتب في .رفرفة طائر حتىيتصؼ ذاؾ الصمت بخاصية جماؿ مختمفة. ليس ىناؾ –حيف ال يترجـ الراصد ما يرصده إلى فكر –كمييما الراصد والمرصود

، ال في عزلة، بؿ في سكوف، وذاؾ السكوف جماؿ. حيف تحب، وحدهالطبيعة وال الراصد. ىناؾ حاؿ ذىف وحده كميا، تماما؛ إنو لذة. أما حيف ال تقترف الرغبة والمذة بالحب، إذ ذاؾ يكوف الحب شديدا. ىؿ يوجد راصد؟ يوجد راصد فقط حيف يكوف الحب رغبة و

. وكما قمت، ليس لو اليـو وال الغد .إنو، كالجماؿ، شيء جديدا كميا كؿ يـو

فقط حيف نرى مف دوف أي تصور مسبؽ، مف دوف أي صورة، نستطيع أف نكوف عمى صمة مباشرة مع أي شيء في الحياة. إذا كانت عندي صورة عنؾ وكانت .مف تشكيؿ الفكر صورةبمعنى أنيا قائمة عمى –ي الواقع عبلقات "صورية" جميع عبلقاتنا ف

عندؾ صورة عني، فنحف بطبيعة الحاؿ ال يرى كؿ منا اآلخر بتاتا كما نحف فعميا. فما نراه ىي الصور التي شكميا كؿ منا عف .فإف عبلقاتنا تنتيي باإلخفاؽاآلخر والتي تمنعنا مف التواصؿ؛ وليذا

كؿ ما أعرفو ىو صورتي عنؾ. .اآلفعندما أقوؿ إنني أعرفؾ، إنما أعني أني كنت أعرفؾ باألمس. فأنا ال أعرفؾ فعميا وتمؾ الصورة تجميع لما سبؽ لؾ أف قمت في مدحي أو في ذمي، لما سبؽ أف فعمتو بي؛ إنيا تجميع لمجموع الذكريات التي في

عنؾ. وصورتؾ عني تجميع بالطريقة ذاتيا؛ وىاتاف الصورتاف ىما المتاف تعقداف العبلقة وتحوالف بيننا وبيف التواصؿ حوزتي .الحقيقي معا

لدى كؿ مف شخصيف تعايشا مدة طويمة صورة عف اآلخر تحوؿ بينيما وبيف أف يكونا عمى عبلقة حقيقية. إذا فيمنا العبلقة التعاوف ال يمكف لو أف يوجد أصبل عبر صور، عبر رموز، عبر تصورات إيديولوجية. بينما فقط حيف بوسعنا أف نتعاوف، لكف

ال –نفيـ العبلقة السوية بيف بعضنا بعضا توجد إمكانية الحب، والحب يمتنع عندما تكوف عندنا صور. لذا مف الميـ أف تفيـ ا عف زوجتؾ، عف زوجؾ، عف جارؾ، عف ولدؾ، عف وطنؾ، عف قادتؾ، كيؼ بنيت صور –عقميا، بؿ فعميا في حياتؾ اليومية

!ليس عندؾ شيء غير صور –عف سياسييؾ، عف آليتؾ

ذف، فما سنعمؿ عمى اكتشافو اآلف سوية ىو إف ىذه الصور توجد الحيز بينؾ وبيف ما ترصد، وفي ذلؾ الحيز يوجد نزاع. وا نوجده، ليس خارج أنفسنا وحسب، بؿ في أنفسنا، الحيز الذي يجزئ البشر في كاف مف الممكف لنا أف نتحرر مف الحيز الذي

.جميع عبلقاتيـ

وأعني: بكؿ –واآلف، فإف االنتباه بالذات الذي توليو لمشكمة ما ىو الطاقة التي تحؿ تمؾ المشكمة. فحيف تولي انتباىؾ كامبل لتي ىي طاقة كمية، وتمؾ الطاقة الكمية ىي أعمى أشكاؿ الفطنة. ال يوجد راصد بتاتا. ىناؾ فقط حاؿ االنتباه ا –شيء فيؾ

وبطبيعة الحاؿ، تمؾ الحاؿ الذىنية يجب أف تكوف صامتة صمتا تاما؛ وذاؾ الصمت، ذاؾ السكوف، يأتي حيف يستتب انتباه كمي، الذىف الديني. لكف ما يحصؿ ال سكوف منضبط. ذاؾ الصمت الكمي الذي ليس فيو راصد وال الشيء المرصود ىو أسمى أشكاؿ

.في تمؾ الحاؿ ال يعبر عنو بكممات، ألف ما يقاؿ بكممات ليس الواقعة. فحتى تكتشفو بنفسؾ عميؾ أف تكابده

وال ييـ أييا مف –كؿ مشكمة فيي مرتبطة بكؿ مشكمة أخرى، بحيث إنؾ إذا استطعت أف تحؿ مشكمة واحدة حبل تاما عؾ أف تواجو سائر المشكبلت األخرى جميعا في سيولة وتحميا. نحف نتكمـ، بالطبع، عمى المشكبلت لرأيت أف بوس – المشكبلت

ذف فيجب عمينا، .النفسانية. لقد سبؽ لنا أف رأينا أف المشكمة توجد في الزمف فحسب، أي عندما نواجو القضية مواجية ناقصة وا مة، بؿ وأف نواجييا عند ظيورىا ونحميا عمى الفور بحيث ال تتجذر في ال أف نعي طبيعة المشكمة وبنيتيا فقط، فنراىا رؤية تا

ذف، فيؿ مف الممكف .الذىف إذا أجاز المرء لمشكمة أف تدـو شيرا أو يوما، أو حتى بضع دقائؽ فحسب، فإنيا تشوه الذىف. وا حررا تاما، فبل يجيز لذكرى، لخدش طفيؼ لممرء أف يواجو المشكمة عمى الفور، مف غير أي تحريؼ، ويتحرر منيا عمى الفور ت

في الذىف، أف يبقى؟ ىذه الذكريات ىي الصور التي نحمميا معنا، وىذه الصور ىي التي تواجو ىذا الشيء الخارؽ المسمى الصور تنشأ وحيف تواجييا ب –فالحياة ليست تجريدا –بالحياة، وبالتالي يوجد تناقض، ومنو ينشأ النزاع. الحياة حقيقية لمغاية

.مشكبلت

فيؿ مف الممكف لممرء أف يواجو كؿ قضية مف دوف ىذا الفاصؿ الزمكاني، مف دوف الفجوة بينو وبيف الشيء الذي يخشاه؟ إنو الراصد بوصفو باني الصورة، الراصد الذي ىو كوكبة مف الذكريات واألفكار، الذي –ممكف فقط حيف ال تكوف لمراصد استمرارية

.لتجريداتىو حزمة مف ا

، ىناؾ أنت الناظر إلى النجـو في السماء؛ السماء مترعة بنجـو ساطعة، ىناؾ ىواء منعش، وىناؾ حيف تنظر إلى النجـو ، أنت، الراصد، المختبر، المفكر، بقمبؾ الموجوع، أنت، المركز، موجد الحيز. تراؾ لف تفيـ أبدا حقيقة الحيز بينؾ وبيف النجـو

زوجؾ أو صديقؾ، ألنؾ لـ تنظر قط مف دوف الصورة، وليذا تراؾ ال تعرؼ ماىية الجماؿ أو ماىية الحب. بينؾ وبيف زوجتؾ أو تراؾ تتكمـ فيو، تكتب عنو، لكنؾ لـ تعرفو قط، ماعدا ربما عند فواصؿ نادرة مف الذىوؿ التاـ عف نفسؾ. فماداـ ىناؾ مركز

أنتينعدـ المركز والمحيط، فإذ ذاؾ يوجد الحب. وحيف تحب تكوف يوجد حيزا مف حولو، ال يوجد حب وال جماؿ. أما حيف .الجماؿ

حيف تنظر إلى وجو قبالتؾ، فأنت تنظر انطبلقا مف مركز، والمركز يوجد الحيز بيف الشخص والشخص؛ وليذا فإف حياتنا الحقيقة؛ أما إذا كنت واعيا طواؿ الوقت بما بيذا الخواء والقسوة. ليس بمقدورؾ أف تنمي الحب أو الجماؿ، وال بمقدورؾ أف تخترع

أنت فاعؿ، فبمقدورؾ أف تنمي الوعي. واعتبارا مف ذاؾ الوعي ستبدأ برؤية طبيعة المذة والرغبة واألسى، ووحشة اإلنساف وسأمو ."حيزا"المرعبيف، وعندئذ ستبدأ بمباغتة ذاؾ الشيء المسمى

ذي ترصده، ستعرؼ أف الحب يغيب؛ ومف دوف الحب، ميما اجتيدت في إصبلح عندما توجد حيزا بينؾ وبيف الغرض الالعالـ أو في إحداث نظاـ اجتماعي جديد، أو ميما أسيبت في الكبلـ عمى تحسينات، لف تتسبب إال في العذاب. فاألمر منوط

.ا العالـ المتوحش المجنوفبؾ. ليس ىناؾ مف قائد، ليس مف معمـ، ليس مف أحد يخبرؾ بما أنت فاعؿ. أنت وحدؾ في ىذ

لماذا اتفؽ في ميزاف الطبيعة أف يكوف ىناؾ دوما موت وشقاء؟ :سؤال

أتفيـ؟! ومع ذلؾ، ال نزاؿ نعمؿ –لماذا اتفؽ لئلنساف أف يقتؿ خمسيف مميوف حوت؟ خمسوف مميونا :كريشنامورتي: النمور المخططة آيمة إلى االنقراض، وكذلؾ الفيود الصيادة والنمور والفيمة، مف أجؿ جمودىا، مف في األنواع كميا قتبل

تعرفوف ذلؾ كمو. أليس اإلنساف حيوانا أخطر بكثير مف سائر الحيوانات؟ وتراؾ تريد أف تعرؼ لماذا – أجؿ أنيابيا: ذلؾ ىو أسموبيـ الطبيعي في الحياة؛ لكننا ما إف نتدخؿ يوجد في الطبيعة موت وشقاء! ترى نمرا يفترس بقرة، أو غزالة

فيو حتى يصير األمر وحشية حقيقية. لقد رأيتـ صغار الفقمة وىي تضرب عمى رؤوسيا، وحيف يتعالى االحتجاج عمى .أنتـ تعرفوف ىذا كمو –ذلؾ، تقوؿ النقابات: "نحف مضطروف إلى االرتزاؽ عمى ذاؾ النحو"

ذف، فمف أيف ن بدأ في فيـ العالـ مف حولنا والعالـ داخمنا؟ العالـ داخمنا مف ىوؿ التعقيد بحيث إننا نريد أف نفيـ وا لعمنا لو استطعنا أف نبدأ بأنفسنا، فبل نؤذي، ال نكوف عنيفيف، ال نكوف قومييف، بؿ نتعاطؼ مع … عالـ الطبيعة أوال.

بيننا وبيف الطبيعة. نحف اآلف نمعف في تدمير األرض، اليواء، اإلنسانية ككؿ، لربما غدت عبلقتنا عندئذ صحيحة فيما .جميع صنوؼ ىذه األمور، كما تعمموف –أعظـ خطر ييدد العالـ، بقنابمنا الذرية نحفالبحر، كائنات البحر، ألننا

ؿ يمكف ألقمية مف ، لكف أكثرية العالـ، عمى ما يبدو، متجية رأسا نحو الدمار الشامؿ. فينحف العالـتقوؿ إننا :سؤال الناس األسوياء أف ترجح كفتيا عمى األكثرية؟

ىؿ أنتـ "األقمية"؟ ال، أنا ال أمزح! إنو ليس سؤاال قاسيا. ىؿ نحف األقمية؟ أـ ىؿ بيننا واحد خاؿ كميا :كريشنامورتيكوف قادريف عمى منع روسيا أو أميركا، نفسانيا. قد ال ن –مف ىذا كمو؟ أـ ترانا نساىـ جزئيا في كراىية بعضنا بعضا؟

متحرروف مف إرثنا المشترؾ، وىو قوميتنا القبمية – نفسانيا –إنكمترا أو الياباف، مف مياجمة بمد آخر ما، لكف ىؿ نحف دة؟ ىؿ نحف خالوف مف العنؼ؟ يوجد العنؼ حيثما نطوؽ أنفسنا بجدار. رجاء، افيموا ىذا كمو نينا فنحف قد ب .الممج

ألنفسنا جدرانا، تبمغ عشر أقداـ ارتفاعا أو خمس عشرة قدما سماكة! نحف جميعا مطوقوف بجدراف. ومف ذلؾ ينشأ إذا استطاعت ثمة منا أف تتحوؿ نفسانيا .أنتالعنؼ، ىذا اإلحساس اليائؿ بالوحشة. ومنو، فإف األقمية واألكثرية ىي

.بدا، ألننا نكوف عند ذاؾ شيئا مختمفا كؿ االختبلؼمف األساس، فإنؾ لف تطرح ىذا السؤاؿ أ

إذا كانت ىناؾ حقيقة أسمى ونظاـ، لماذا تسمح لمبشرية أف تتصرؼ في األرض بيذه الطريقة الفظيعة؟ :سؤال

حف لو وجد مثؿ ىذا الكياف األسمى، فبل بد أنو غريب األطوار لمغاية، ألنو لو كاف ىو الذي خمقنا فن :كريشنامورتيصحيح؟ ولو كاف منظما، عاقبل، عقبلنيا، رحيما، لما كنا عمى ىذه الشاكمة! بوسعؾ أف تقبؿ سيرورة –إذف جزء منو

ىو النظاـ، –ذلؾ الكياف األسمى – تطور اإلنساف، أو تؤمف بأف اإلنساف ظير إلى الوجود فجأة مف خمؽ إلو؛ واإللوذف، فمديؾ ىذاف الخياراف: إما أف ىناؾ كيانا أسمى الطيبة، الرحمة، إلى آخر ما ىنالؾ مف صف ات نخمعيا عميو. وا

ما أف ىناؾ سيرورة تطور اإلنساف الذي جاءت بو الحياة منذ البدء مف جزيئات ضئيمة جعؿ اإلنساف عمى صورتو، وا .وىكذا، إلى أف صار إلى ما ىو عميو اآلف

نظاـ كمي، وكنت جزءا مف ذلؾ الكياف، إذ ذاؾ ال بد أف ذلؾ إذا قبمت فكرة اإللو، الشخص األسمى الذي يوجد فيو .خارؽ التعصب، حتى يجعمنا نتصرؼ كما نفعؿ، مدمريف بعضنا بعضا –صحيح؟ – الشخص خارؽ القسوة

ىو الذي جعؿ العالـ عمى ما ىو عميو: البشر ىـ الذيف صنعوا ىذا اإلنسافىناؾ االحتماؿ اآلخر، وىو أف … أوالذيف نحف .عبلقة بعضنا ببعض –العالـ االجتماعي، عالـ العبلقة، العالـ التكنولوجي، عالـ المجتمع، –لـ، العا

صنعناه، وليس إلو أو كياف أسمى ما. وحدنا مسئولوف عف ىذه الفظاعة التي مافتئنا نديميا. واالتكاؿ عمى قوة خارجية لسنيف وال تزالوف عمى حالكـ! لعمكـ تغيرتـ تغيرا طفيفا، أصبحتـ ما لتحويؿ ىذا كمو، تمؾ المعبة لعبت طواؿ ألوؼ ا

.لكف التسامح شيء بشع –ألطؼ قميبل، أكثر تسامحا بقميؿ

1980أيمول 4بروكوود پارك،

ليست المدينة أو البمدة أو القرية سنناقش، معا، العبلقة بيف اإلنساف والطبيعة، وىي عينيا العبلقة بيف ذاتؾ والبيئة. البيئة التي تعيش فييا وحسب، بؿ ىي البيئة الطبيعية أيضا. فإذا انعدمت عبلقتؾ مع الطبيعة، انعدمت عبلقتؾ مع اإلنساف. الطبيعة ىي المروج والبساتيف واألنيار، ىي األرض الرائعة بأسرىا، ىي األشجار وجماؿ األرض. إذا انعدمت عبلقتنا مع

، انعدمت عبلقة بعضنا مع بعض. إذ إف الفكر لـ يخمؽ الطبيعة، الفكر لـ يصنع النمر، وال المياه المسائية، ذلؾ كمووالنجـو منعكسة عمى صفحتيا؛ لـ يخمؽ الفكر الجباؿ الشاىقة المكممة بالثمج عمى خمفية السماء الزرقاء، وال غروب الشمس

.، إذف، لـ يخمؽ الطبيعةوالقمر المتوحد حيف ال يوجد أي نجـ آخر. الفكر

الطبيعة واقع. وما خمقناه بيف البشر ىو اآلخر واقع، لكنو واقع فيو نزاع، فيو صراع، حيث يحاوؿ كؿ واحد أف يصير جسمانيا وداخميا عمى حد سواء، وكذلؾ "روحيا"، إذا جاز لي أف أستعمؿ تمؾ الكممة. عندما يحاوؿ أحدىـ – شخصا مرموقا

ؿ مكانة ما، سياسيا أو دينيا، إذ ذاؾ تنعدـ عبلقتو مع اآلخر، ومع الطبيعة أيضاأف يصير يعيش .، يحاوؿ أف يحصكثيروف منكـ في مدف، بكؿ حشودىا وضوضائيا وقذارة بيئتيا. أغمب الظف أنؾ لـ تبلؽ الطبيعة مرارا. لكف ىناؾ ىذا البحر

ليو، ولعمؾ تسبح فيو؛ أما الشعور بيذا البحر، بحيويتو وطاقتو اليائمتيف، بجماؿ الرائع، وعبلقتؾ معو معدومة. تراؾ تنظر إالتواصؿ معدـو بيف حركة البحر الرائعة تمؾ وبينؾ. إذا انعدمت عبلقتؾ بذاؾ، كيؼ يمكف لؾ … موجة تتكسر عمى الشاطئ

اج، حيوية المد والجزر العظيمة منداحا أف تكوف عمى عبلقة مع إنساف آخر؟ إذا لـ تكف تدرؾ البحر، خاصية الماء، األمو ومنحسرا، كيؼ يمكف لؾ أف تعي العبلقة اإلنسانية أو تكوف حساسا بيا؟ رجاء، مف الميـ لمغاية أف يفيـ ىذا، ألف الجماؿ،

صية إذا جاز لممرء أف يتكمـ عميو، ليس في محض الشكؿ الفيزيائي، لكف ماىية الجماؿ ىي خاصية الحساسية تمؾ، خا .رصد الطبيعة

1982كانون الثاني 24بومباي،

كانت الطائرة مزدحمة، تطير عمى ارتفاع نيؼ وعشريف ألؼ قدـ فوؽ األطمسي، وسجادة كثيفة مف السحب تحتيا. جيئة السماء مف فوؽ شديدة الزرقة، والشمس خمفنا، ونحف نطير باتجاه الغرب رأسا. كاف األطفاؿ قد لعبوا، متراكضيف

وذىابا عمى طوؿ الممشى، واآلف، بعد أف نفدت قواىـ، كانوا نائميف. بعد الميمة الطويمة، كاف جميع اآلخريف أيقاظا، يدخنوف ويشربوف. أمامنا رجؿ يحدث آخر عف مينتو، وعمى المقعد خمفنا امرأة تصؼ بصوت مسرور األشياء التي اشترتيا وتخمف

ييا دفعو. عمى ذلؾ االرتفاع، كاف الطيراف سمسا، مف غير مطبات، مع أف رياحا عاتية تيب مبمغ الرسـ الذي سيكوف عمتحتنا. كاف جناحا الطائرة يمتمعاف في ضياء الشمس الصافي، والمراوح تدور دورانا سمسا، قاضمة اليواء في سرعة خيالية؛

.اعةالريح كانت خمفنا، وسرعتنا تزيد عمى الثبلثمائة ميؿ في الس

رجبلف عمى الطرؼ اآلخر بالضبط مف الممشى الضيؽ يتكمماف بصوت مرتفع نوعا ما، فكاف مف الصعب عدـ استراؽ السمع لما يقوالف. كانا رجميف ضخميف، وجو أحدىما أحمر، لفحتو ونفحتو تقمبات الجو. كاف يشرح مينة قتؿ الحيتاف، مقدار

ميوؿ ثوراف البحار. بعض الحيتاف يزف مئات األطناف. األميات ذوات العجوؿ المخاطر فييا، حجـ المكاسب منيا، وكـ ىولـ يكف يفترض قتميف، كما ليس مباحا ليـ قتؿ أكثر مف عدد محدد مف الحيتاف في أثناء فترة معينة. ويبدو أف قتؿ ىذه

رائحة .يفة خاصة تدربت عمييا تدريبا فنياالوحوش العظيمة مبرمج برمجة عممية فائقة، بحيث تكمؼ كؿ مجموعة أداء وظالمصنع تكاد ال تطاؽ، لكف المرء ال يمبث أف يتعودىا، مثمما يقدر أف يتعود أي شيء. لكف األرباح العائدة ]مف قتؿ -السفينة

محظة جيء الحيتاف[ أرباح ضخمة إذا سار كؿ شيء عمى ما يراـ. ثـ راح يشرح االفتتاف الغريب بالقتؿ، لكف في تمؾ ال .بالشراب، فتغير موضوع الحديث

البشر مولعوف بالقتؿ، سواء كاف قتؿ بعضيـ بعضا، أو قتؿ غزاؿ بريء المع العينيف في أعماؽ الغابة، أو قتؿ نمر افترس الماشية. ثعباف يدىس عمدا عمى قارعة الطريؽ؛ فخ ينصب فيعمؽ فيو ذئب أو قيوط. رجاؿ متأنقوف، متضاحكوف،

رجوف ببنادقيـ الثمينة ويقتموف طيورا كانت لتوىا يناجي بعضيا بعضا. صبي يقتؿ أبا زريؽ ثرثارا ببندقيتو اليوائية، يخوالراشدوف مف حولو ال يفوىوف أبدا بكممة شفقة، وال يوبخونو، بؿ عمى العكس، يينئونو عمى ميارتو في الصيد. القتؿ عمى

التبرير ليس .ال فارؽ يذكر بيف ىذه كميا –الطعاـ، في سبيؿ الوطف، مف أجؿ السبلـ سبيؿ الرياضة المزعومة، مف أجؿ رة مف أجؿ بطوننا، مف أجؿ لذة القتؿ، أو مف أجؿ الجواب. ىناؾ فقط: ال تقتؿ. في الغرب، ترانا نظف أف الحيوانات مسخ

ال تقتؿ، كف شفيقا، كف رحيما. ىنا، الحيوانات ال نفوس فرائيا؛ أما في الشرؽ، فكؿ والد مافتئ يعمـ، طواؿ قروف، مكررا: ليا، وبالتالي يجوز قتميا مف غير عقاب؛ أما ىناؾ، فممحيوانات نفوس، فراعيا ودع قمبؾ يعرؼ المحبة. أكؿ الحيوانات

، فميس كذلؾ، والمبالوف، الدينوف، عف تمسؾ والطيور يعد ىنا أمرا سويا، طبيعيا، تقره الكنيسة وتروج لو الدعاية؛ أما ىناؾبالموروث والثقافة، ال يأكمونيا أبدا. لكف ىذا ]الموقؼ[ ىو اآلخر في طريقو إلى الزواؿ السريع. ىنا، لـ ننفؾ قط نقتؿ باسـ

القديمة تكتسح جانبا، اإللو والوطف، وىذا بات ساريا في كؿ مكاف. القتؿ يتفشى؛ وبيف ليمة وضحاىا تقريبا، ترى الثقافاتر القمب ووسائؿ التدمير بات يحرص عمى تعزيزىا وتقويتيا .والفعالية وتحج

السبلـ ليس بحوزة السياسي أو رجؿ الديف، وال ىو بحوزة المحامي أو رجؿ الشرطة. السبلـ حاؿ ذىنية توجد حينيا .المحبة

ييف، عاش اإلنساف عمى ىذه األرض، عمى ما يبدو، طواؿ حوالى مميونيف مف السنيف. بحسب أحدث مكتشفات األنثروپولوجوقد ترؾ اإلنساف في الكيوؼ، طواؿ حوالى سبعة عشر ألؼ سنة، سجبلت عف الكفاح، عف الصراع، عف أسى الوجود الذي ال

وعمى ما يبدو، لـ يستطع اإلنساف حؿ .الحب :الصراع بيف الخير والشر، بيف الوحشية والشيء الذي ما انفؾ يطمبو أبدا –ينتيي ال مشكبلت الرياضيات، ال المشكبلت العممية أو اليندسية، بؿ المشكبلت البشرية لمعبلقة: كيؼ يحيا في ىذا العالـ –مشكبلتو

.حياة مسالمة، كيؼ يكوف عمى صمة حميمة مع الطبيعة ويرى جماؿ طائر عمى غصف أجرد

ذا ما انحدرنا إلى األ ما انفكت تتفاقـ أكثر فأكثر؛ وترانا نحاوؿ أف –مشكبلت اإلنساف –زمنة الحديثة، لوجدنا أف مشكبلتنا وا نحؿ ىذه المشكبلت، بحسب أنماط بعينيا مف األخبلقيات أو السموؾ، وبحسب مختمؼ االلتزامات التي وىبنا أذىاننا ليا. وبحسب

ا الدينية، ترانا نحاوؿ أف نحؿ مشكبلتنا، عذاباتنا، يأسنا، تقمباتنا، وتناقضات حياتنا. التزاماتنا، أنماط سموكنا، وصفاتنا ومرجعياتنترانا نأخذ بموقؼ معيف بوصفنا شيوعييف، اشتراكييف، ىذا أو ذاؾ؛ ومف ذلؾ الموقؼ، مف تمؾ "المنصة"، إذا جاز التعبير،

.عمو في حياتناىذا ما نف –نحاوؿ أف نحؿ مشكبلتنا متفرقة، واحدة بعد األخرى

قد يكوف أحدىـ عالما عظيما، لكف ذلؾ العالـ بالذات، في مختبره، مختمؼ كميا عف العالـ في منزلو، القومي، المرير، الغضوب، الغيور، الحسود، المتنافس مع أترابو العمماء عمى اسـ أعظـ، عمى شعبية أعظـ، وعمى المزيد مف الماؿ. إنو غير

.ت البشرية بتاتا، بؿ معني فقط باكتشاؼ مختمؼ أشكاؿ المادة وبحقيقة ذلؾ كمومعني بالمشكبل

ممتزموف نمطا معينا مف السموؾ، –بما نحف بشر عاديوف ولسنا خبراء وال اختصاصييف في أي مجاؿ بعينو –ونحف كذلؾ .بلت المتكاثرة، المتفاقمة أبدامفاىيـ دينية معينة، أو سما قوميا ما، ومف التزامنا ذاؾ نكدح لحؿ المشك

بالوسع تكديس الكممات عمى الكممات، واألسموب البميغ، جماؿ المغة، .الكبلـ، كما تعمموف، ال نياية لو، القراءة ال نياية لياما أف تثنيؾ. لكف الميـ ليس تكديس الكممات، ليس االستماع إلى األ حاديث عقبلنية ما يقاؿ أو المنطقيتو، إما أف تقنعؾ وا

ال مجزأة، ال عندما تظير، ال بحسب الظروؼ، ال –مشكمة اإلنساف، مشكمتؾ أنت –والخطب والقراءة، بؿ بالحري حؿ المشكمة بحسب ضغوط الحياة الحديثة وتوتراتيا، لكف انطبلقا مف فاعمية مختمفة كميا. ىناؾ المشكبلت البشرية: الطمع، الحسد، ببلدة روح

مب الموجوع، االنعداـ المروع لحساسية اإلنساف، الوحشية، العنؼ، اليأس والعذاب العميقاف. وطواؿ مميونيف مف السنيف الذىف، القمعمميف روحييف[ ] گوروعشناىا ونحف نحاوؿ أف نحؿ ىذه المشكبلت بحسب وصفات مختمفة، مذاىب مختمفة، مناىج مختمفة،

يف. ومع ذلؾ، فنحف حيث نحف، عالقوف في ىذه السيرورة التي ال تنتيي مف مختمفيف، طرائؽ لمنظر مختمفة، مستفسريف، متقص .العذاب والبمبمة واليأس المستديـ

ذا حدث وظيرت، نستطيع أف نواجييا آنيا فيؿ ىناؾ وسيمة لحؿ المشكبلت حبل جذريا، تاما، بحيث ال تظير أصبل، وا ال نمط –ال تربة فييا لنبات المشكبلت أصبل؟ ىؿ ىناؾ سبيؿ لمعيش كميةسيمة حياة ونحميا، نبددىا، نتخمص منيا؟ ىؿ ىناؾ و

ذا حدث ونبتت، يستطاع حميا آنيا؟ –لمعيش كميطريقة أو منيج أو مذىب، بؿ سبيؿ بحيث ال تنبت أية مشكمة في أي وقت، وا . ال أدري إذا اتفؽ لكـ أف تراقبوا ذىنكـ وأذىاف زوجاتكـ وأزواجكـ إف ذىنا مثقبل بعبء المشكبلت يصير ذىنا بميدا، ثقيبل، غبيا

حتى مشكبلت الرياضيات، ميما تكف معقدة، – وجيرانكـ. عندما يعاني الذىف مشكبلت مف أي نوع، فإف تمؾ المشكبلت بعينيابة، عبلقة صعبة، قضية صعبة أعني مسألة صع مشكمةتبمد الذىف. وبكممة –ميما تكف مؤلمة، ميما تكف مستعصية، عقمية

ذف فنحف نسأؿ إف كاف ىناؾ سبيؿ عيش، إف كانت ىناؾ حاؿ ذىنية، ألنيا تتفيـ . وا تبقى غير محمولة وتحمؿ مف يـو إلى يـو

–فما إف تحمؿ مشكمة مؤجمة .كمية الوجود، خالية مف المشكبلت، وكذلؾ، حيف يحدث وتظير مشكمة، تستطيع أف تحميا فورا .حتى تجعؿ الذىف ثقيبل، بميدا، والذىف يعدـ كؿ حساسية لمنظر، لمرصد –يوما واحدا حتى، دقيقة واحدة حتى

ىؿ يوجد فعؿ كمي، حاؿ ذىنية تحؿ كؿ مشكمة عند ظيورىا، وخالية في ذاتيا مف المشكبلت، عمى أي عمؽ كاف، واعية أـ ؾ ىذا السؤاؿ. أغمب الظف أنؾ لـ تفعؿ، ألف غالبيتنا غارقوف، عالقوف في خافية؟ ال أدري إذا اتفؽ لؾ يوما أف تسأؿ نفس

إلى –طمب الرزؽ وتمبية متطمبات مجتمع يبني نفسانيا بنية قائمة عمى الطموح، الجشع، االستئثار، –مشكبلت العيش اليومي، يؾ، مدى جدية أنتحد أنو ليس عندنا وقت لمتقصي. ىذا الصباح، سنتقصى في ىذا األمر، وعميؾ يتوقؼ مدى عمؽ تقص

.طمبؾ، مقدار وضوح رصدؾ وشدتو

نيا لفكرة رىيبة! ولعمنا سوؼ نعيش، كما يفعؿ البشر، مميونيف آخريف –لقد عشنا، عمى ما يبدو، طواؿ مميونيف مف السنيف وا ره تماما، بحيث ال مف السنيف، عالقيف في األلـ المستديـ لموجود. فيؿ توجد وسيمة، ىؿ يوجد شيء يحر ر اإلنساف مف ىذا، يحر

يعيش ثانية واحدة حتى في العذاب، ال يخترع فمسفة ترضيو في عذابو، ال يضع وصفة يطبقيا عمى جميع المشكبلت التي تظير، حد ذاتو، يخمو فيزيد بذلؾ مف تمؾ المشكبلت؟ يوجد! توجد حاؿ ذىنية تستطيع أف تحؿ المشكبلت فورا؛ وبالتالي، فإف الذىف، ب

.مف المشكبلت، واعية أو خافية

أنتسنتقصى في ىذا األمر. ومع أف المتكمـ سيستعمؿ كممات وينفذ إلى أبعد ما يمكف عبر ما تبمغو الكممات، يتعيف عميؾ ىناؾ فرديةبة. ال أف تصغي وتفيـ. أنت إنساف، ولست فردا، ألنؾ مازلت العالـ، الجميور؛ أنت جزء مف بنية ىذا المجتمع الرىي

إال حيف توجد حاؿ ذىنية يخمو الذىف حينيا مف المشكبلت، حيف يستخمص ذاتو تماما مف البنية االجتماعية لبلستئثار، لمجشع، .لمطموح

نقوؿ إف ىناؾ حاال ذىنية بوسعيا أف تحيا مف دوف أية مشكمة، وبوسعيا أف تحؿ آنيا أية مشكمة تظير. عميؾ أف ترى مدى ية عدـ حممؾ مشكمة مؤجمة، وال حتى يوما واحدا أو ثانية واحدة، ألنؾ كمما كانت عندؾ مشكمة غير محمولة، زودتيا بتربة أىم

.يمكف ليا أف تتجذر فييا، فتخرب الذىف والقمب والحساسية العصبية. لذا فمف البلـز أف تحؿ المشكمة عمى الفور

ىؿ مف –مميونيف مف السنيف مع النزاعات، مع البؤس، مع تذكار اآلماس الكثيرة ىؿ مف الممكف، بعد أف عشنا طواؿ الممكف لمذىف أف يتحرر مف ذلؾ، بحيث يكوف تاما، سميما، غير مفتت؟ ومف أجؿ اكتشاؼ ذلؾ، ال بد لممرء مف أف يتقصى في

.الزمف، ألف الصمة وثيقة بيف المشكبلت والزمف

ذف، فسنتقصى في الزمف. أي أننا، بعد أف عشنا طواؿ مميونيف مف السنيف، ىؿ يتعيف عمينا أف نواصؿ العيش مميونيف وا ؟ المجتمع يتقدـ، يتطور عمى ذلؾ النحو آخريف مف السنيف في األسى، األلـ، الكرب، الصراع المستديـ، الموت؟ ىؿ ىذا محتـو

ب، عبر سائر خبلفات القوميات، السوؽ المشتركة، كتؿ يتطور عبر الحرب، عبر الضغط، عبر ىذا الصراع بيف الشرؽ والغر –بطيئا، غافيا بمعنى ما، لكنو يتحرؾ. طيب، لعؿ المجتمع، بعد مميونيف –ىذه القوة وتمؾ القوة. المجتمع يتحرؾ، يتحرؾ، يتحرؾ

، في رفؽ، في طمأنينة، مف السنيف، سوؼ يصؿ إلى نوع مف الحاؿ يعيش فييا ]اإلنساف[ مع إنساف آخر مف دوف تنافس، بمحبةبحس جمالي رفيع. ولكف ىؿ يتعيف عمى المرء أف ينتظر مميونيف مف السنيف حتى يتوصؿ إلى ذلؾ؟ أال يجب عمى المرء أف

بالمعنى السميـ: نفاد الصبر بمعنى عدـ الصبر عمى الزمف. أقصد: أال نستطيع نفاد الصبريكوف نافد الصبر؟ أنا أستعمؿ عبارة ؿ شيء، ليس مف خبلؿ الزمف، بؿ فورا؟أف نحؿ ك

–تفكر في ىذا األمر فعبل. ال تقؿ إنو غير ممكف أو إنو ممكف. ما ىو الزمف؟ ىناؾ الزمف الميقاتي، الزمف بتوقيت الساعة أي: "سوؼ –وذلؾ واضح، ذلؾ ضروري: حيف يكوف عميؾ أف تبني جسرا، تراؾ تحتاج إلى زمف. لكف أي شكؿ آخر مف الزمف

ليس حقيقيا؛ إنو مجرد اختراع ذىف يقوؿ: "سوؼ أفعمو." أما إذا لـ يكف ىناؾ –…" ، "يجب عمي أال…"، "سوؼ أفعؿ…"أكوف

فحيف تكوف جائعا أو شبقا أو –فإف موقفؾ برمتو إذ ذاؾ يختمؼ. وفعميا ال يوجد مثؿ ىذا الزمف –وليس ىناؾ غد – غد .ريد ذاؾ الشيء عمى الفور! ومنو، فإف فيـ الزمف ىو حؿ المشكبلتشيوانيا، ال زمف عندؾ: تراؾ ت

ال األسى –عايف، أرجوؾ، العبلقة الوثيقة بيف المشكمة والزمف. عمى سبيؿ المثاؿ، ىناؾ أسى. أنت تعرؼ ما ىو األسى باط، أسى فقدانؾ المطمؽ، بؿ أسى الوحشة، أسى عدـ حصولؾ عمى شيء تريده، أسى عدـ رؤيتؾ رؤية واضحة، أسى اإلح

شخصا تظف أنؾ تحبو، أسى رؤيتؾ شيئا رؤية واضحة لمغاية، عقميا، مع عجزؾ عف فعمو. وفيما يتعدى ىذا األسى، ىناؾ أسى أعظـ أيضا: أسى الزمف. إذ إف الزمف ىو الذي يولد األسى. أصغوا إلى ىذا، أرجوكـ. لقد قبمنا الزمف، وىو سيرورة الحياة

طريقة المتدرجة في التطور، التغير المتدرج مف ىذا إلى ذاؾ، مف الغضب إلى حاؿ مف عدـ الغضب، بالتدريج. لقد المتدرجة، القبمنا سيرورة التطور المتدرجة، وترانا نقوؿ إنيا جزء مف الوجود، إنيا جزء مف الحياة، إنيا خطة اهلل، أو الخطة الشيوعية، أو

.عايش مع ذلؾ، ال تخيميا، بؿ فعمياخطة أخرى ما. لقد قبمناىا، وترانا نت

واآلف، ذاؾ، بنظري، ىو األسى األعظـ: السماح لمزمف بأف يممي التغيير أو التحوؿ. أعمي أف أنتظر عشرة آالؼ سنة وأكثر، يبل، فآخذ وقتي، أتحرؾ أعمي أف أتكبد ىذا البؤس، ىذا النزاع، عشرة آالؼ سنة أخرى، وببطء، أتغير بالتدريج، شيئا قميبل فشيئا قم

.ببطء؟ قبوؿ ذلؾ والعيش عمى تمؾ الحاؿ ىو األسى األعظـ

األسى بالمعنى األعمؽ لتمؾ –ذلؾ ىو لب المسألة. إذ إنني بمجرد أف أحؿ األسى –ىؿ مف الممكف إنياء ذاؾ األسى فورا؟ .أف يعرؼ ما يعنيو الحبينتيي كؿ شيء. ذلؾ أف ذىنا يعاني األسى ليس بوسعو أبدا – الكممة

ذف، فعمي أف أتعمـ عف األسى فورا، وفعؿ التعمـ بعينو ىو القطع التاـ لمزمف. رؤية شيء عمى الفور، رؤية الزائؼ عمى وا .رؤية الزائؼ تمؾ ىي بعينيا فعؿ الحقيقة الذي يحررؾ مف الزمف –الفور،

نا، كاف ىناؾ ببغاء: أخضر، المع، بمنقاره األحمر، جاثـ سأتوغؿ بعض الشيء في مسألة الرؤية ىذه. بينما كن ا داخميف لتوعمى غصف ميت عمى خمفية السماء الزرقاء. نحف ال نراه بتاتا؛ فنحف أكثر انشغاال، أكثر تركيزا مف أف نراه، نحف مف

سوؼ "ال –زرقاء. فعؿ الرؤية فوري االضطراب بحيث ال نرى أبدا جماؿ ذلؾ الطائر عمى الغصف الميت عمى خمفية السماء الذف، ليس رؤية ذلؾ الطائر وحسب، بؿ وسماع ذلؾ القطار أتعمـ كيؼ أرى". إذا قمت: "سوؼ أتعمـ"، فقد أقحمت الزمف سمفا. وا

ن –أيضا، سماع السعاؿ، ىذا السعاؿ العصبي المتواصؿ كؿ الوقت ىنا، و سماع ذلؾ الضجيج، اإلنصات إليو، ىو فعؿ فوري. وا رؤية ذلؾ الطائر، رؤية المرء ما ىو إياه، فعميا، ال النظريات حوؿ – مف دوف المفكرلفعؿ فوري أف ترى رؤية واضحة لمغاية،

.لما ىو المرء إياه فعميةالذات العميا[ الفائؽ إلى ما ىنالؾ مف نظريات، بؿ رؤية ] اآلتمف

ذاؾ –صفات. إذا كانت عندؾ وصفة في ذىنؾ، لف ترى أبدا ذلؾ الطائر، تتضمف الرؤية ذىنا خاليا مف اآلراء، خاليا مف الو لف ترى جمالو الكمي. ستقوؿ: "نعـ، ذاؾ ببغاء مف النوع –الببغاء الجاثـ عمى ذلؾ الغصف الميت عمى خمفية السماء الزرقاء،

وء المنتثر عبر ىباء الغبار"، لكنؾ لف الفبلني، والغصف الميت غصف شجرة مف النوع الفبلني، وزرقة السماء زرقاء بسبب الضترى أبدا كمية ذلؾ الشيء الخارؽ. وإلدراؾ كمية ذاؾ الجماؿ، ال زمف ىناؾ. بالطريقة عينيا، لرؤية كمية األسى، يجب عدـ إقحاـ

.الزمف بتاتا

إدراكو. فعميا، ليس عندنا حب؛ ذاؾ شيء رىيب –انظر إلى األمر، رجاء، بطريقة أخرى. كما تعمـ، فعميا، ليس عندنا حب عندنا العاطفة؛ عندنا االنفعالية، الحسية، الجنس؛ عندنا ذكريات عف شيء ظنناه حبا. لكننا فعميا، بصراحة فظة، ليس عندنا حب. ألف وجود الحب يعني عدـ العنؼ، عدـ الخوؼ، عدـ التنافس، عدـ الطموح. لو كاف عندؾ حب لما قمت أبدا: "ىذه

رتي." قد تكوف عندؾ أسرة وتوفر ليا أفضؿ ما تستطيع، لكنيا لف تكوف "أسرتؾ" أنت، في مقابؿ العالـ. إذا أحببت، إذا وجد أسلو أنؾ أحببت، لربيت ولدؾ عمى أف ال يكوف قوميا، عمى أف ال يكوف فقط صاحب مينة تقنية، فيرعى شؤونو .الحب، يوجد سبلـ

لؾ قومية. ما كانت االنقسامات الدينية لتوجد لو أنؾ أحببت. ولكف بما أف ىذه األمور موجودة فعميا الصغيرة التافية؛ لما كانت في ىذا العالـ البشع، فيذا يبيف أنو ال حب عندؾ. حتى حب أـ لولدىا ليس حبا. لو أف األـ –ليس نظريا، بؿ بواقعية موجعة –

ه الصورة يا ترى؟ ]لو أحبتو[ لحرصت عمى أف يحصؿ عمى الطعاـ السميـ، عمى التربية أحبت ولدىا حقا، ىؿ كاف العالـ عمى ىذالصحيحة، لربتو عمى أف يكوف حساسا، عمى أف يقدر الجماؿ، عمى أف ال يكوف طموحا، طامعا، حاسدا. فاألـ، إذف، ميما ظنت

.أنيا تحب ولدىا، ال تحب الولد حقا

ذف، فميس عندنا ذاؾ .الحبوا

، فأنت تفوت عميؾ القطار بالمرة. لكف عميؾ أف ترى أىمية تمؾ "فماذا ستفعؿ إذف؟ إذا قمت: "قؿ لي أرجوؾ ماذا أفعؿولرؤية ذاؾ، يجب أف .اآلفليس غدا، ليس في اليـو التالي أو في الساعة التالية، بؿ أف تراىا –المسألة، رحابتيا، إلحاحيا،

ره عمى الفور ال يفعؿ فعمو إذا أدخمت الزمف، –عايف فورا فحسب إذف، .طاقةتكوف عندؾ فالحفاز الذي يجمد السائؿ أو يبخ .غدا، غدا، غدا. إباحة حياتنا لمزمف ىي األسى األعظـ –مجرد ثانية واحدة حتى. وجودنا كمو، كتبنا كميا، أممنا كمو، مؤجؿ

ذف فالقضية عندؾ، ال عندؾ المتكمـ الذ وذاؾ جماؿ األمر. بوسعؾ –ي تتوقع منو الحصوؿ عمى جواب. إذ ال جواب ىناؾ وا أف تجمس متربعا، أف تتنفس التنفس الصحيح، أو أف تقؼ عمى رأسؾ طواؿ العشرة آالؼ سنة القادمة. لكنؾ ما لـ تطرح ىذا

تعيش عمى ذلؾ طواؿ مميونيف مف السنيف. سوؼ –ليس سطحيا، ليس لفظيا، ليس عقميا، بؿ بكيانؾ كمو –السؤاؿ عمى نفسؾ ذف، فالصمة وثيقة بيف المشكبلت والزمف ؟اآلففيؿ ترى األمر –تمؾ السنوف المميوناف قد تكوف غدا فحسب. وا

أيضا، بحيث يستطيع أف ينفي ذاتوإف ذىنا يطمب جوابا عف ىذا السؤاؿ ليس عميو أف يفيـ أنو نتاج الزمف وحسب، بؿ وأف ليس لفظيا وحسب، –ف خارج بنية الزمف، خارج المجتمع. لو أنؾ استمعت، استمعت حقا بإلحاح، بشدة، لتوصمت إلى ىذا يكو

: أنؾ لـ تعد عالقا في براثف الزمف. فالذىف، مع أنو نتاج مميونيف أو أكثر مف السنيف، يكوف قد أفمت، ألنو رأى –بؿ فعميا ذاؾ واضح تماما. حيف يرى المرء ىذا الشيء، يكوف –لفور. بوسع المرء أف يتوصؿ إلى ىذا السيرورة برمتيا وفيميا عمى ا

األمر أشبو بمعب األطفاؿ. فمع أنكـ جميعا أناس راشدوف، لحظة ترى األمر تقوؿ: "ماذا كنت أفعؿ بحياتي طواؿ ىذه المدة؟!" .عندئذ فإف الذىف يخمو مف المخادعة، يخمو مف الضغوط

الذىف مف المشكبلت، مف التوترات، ويكوف ببل اتجاه، إذ ذاؾ فإف لذىف كيذا فضاء، فضاء النيائيا في الذىف حيف يخمووفي القمب كمييما؛ وفقط في ذاؾ الفضاء البلنيائي يمكف لمخمؽ أف يكوف. وألف األسى والحب والموت والخمؽ ىي جوىر ىذا

ذف، يكوف ىذا الذىف في حاؿ محبة، وحيف يوجد الحب، يوجد الجماؿ. الذىف، يكوف ىذا الذىف حرا مف األسى، حرا مف الزمف. وا –"أبعد" ال بمعنى الزمف –في حس الجماؿ ذاؾ، في الشعور بذاؾ الفضاء الرحب، البلنيائي، يوجد خمؽ. وأبعد مف ذلؾ أيضا

.يوجد شعور بحركة شاسعة

مثمما ال تستطيعوف أف تمسكوا –أف تمسكوا بو لفظيا، لكنكـ لف تستطيعوا واآلف، أنتـ جميعا تستمعوف إلى األمر، آمميف بالحب بمجرد االستماع إلى خطبة عف الحب. حتى تفيـ المحبة، يجب عميؾ أف تبدأ مف األقرب إليؾ، وىو نفسؾ. ومف ثـ حيف

، بوسعؾ إذ ذاؾ أف تمضي بعيدا –يضا وتمؾ الخطوة األولى بعينيا ىي الخطوة األخيرة أ –تفيـ، حيف تخطو الخطوة األولى .وىذا، في كميتو، ىو الذىف الديف .لمغاية، أبعد بكثير مف الصواريخ المنطمقة إلى القمر أو الزىرة أو المريخ

1964تشرين الثاني 28ڤارنسي،

1975نيسان 6

تمؾ؛ فمميادي زرقة أثيرية، خصوصا حيف ييب نسيـ لطيؼ مف الغرب وأنت تقود إنيا ليست زرقة المتوسط الخارقة شماال عمى طوؿ الطريؽ الساحمي. ما أحنو، ما أبيره، ما أصفاه، وما أبيجو! وبيف الحيف والحيف، ترى حيتانا تنفث وىي في

الماء. كاف ىناؾ سرب كامؿ منيا، ينفث؛ طريقيا إلى الشماؿ، وقمما تحظى برؤية رؤوسيا الضخمة وىي تمقي بنفسيا خارج، كاف البحر أشبو بالبحيرة، ساكنا وىادئا ىدوءا تاما، مف دوف موجة واحدة؛ لـ تكف ال بد أنيا حيوانات قوية لمغاية. ذاؾ اليـو

قيـ في ماليبو[ يطؿ عمى ىناؾ تمؾ الزرقة الصافية المتراقصة. كاف البحر غافيا وأنت تشاىده ذاىبل. كاف البيت ]حيث كاف يالبحر. إنو بيت جميؿ، ذو حديقة ىادئة ومرجة خضراء وأزىار؛ بيت واسع، تضيئو شمس كاليفورنيا. واألرانب كانت تحبو أيضا، ومف عادتيا أف تأتي في الصباح الباكر وفي وقت متأخر مف المساء، فتمتيـ أزىار البنفسج والقطيفة المزروعة حديثا

مزىرة الصغيرة. ما كنت لتستطيع أف تبقييا خارجا، عمى الرغـ مف وجود شبكة أسبلؾ تطوؽ الحديقة، كما أف والنباتات القتميا جريمة. لكف قطة وبومة صومعة أحبل النظاـ في الحديقة؛ راحت القطة السوداء تجوؿ في الحديقة، بينما جثمت البومة

أف تراىا، ال تحرؾ ساكنا، مغمضة عينييا المدورتيف الكبيرتيف. اختفت طواؿ النيار بيف أوراؽ الكينا الكثيفة. كاف بوسعؾ .األرانب وازدىرت الحديقة، واليادي األزرؽ يجري ببل جيد

وحده اإلنساف يجمب الفوضى إلى الكوف. إنو عديـ الرأفة وعنيؼ لمغاية. تراه، حيثما حؿ، يجمب البؤس والشواش عمى يخرب ويدمر، وال رحمة عنده. في نفسو ال يوجد نظاـ، وبذا فإف كؿ ما يممسو يغدو مموثا نفسو وعمى العالـ مف حولو. إنو

ومشوشا. سياساتو صارت ضربا ميذبا مف نشاط العصابات الدائر حوؿ النفوذ والخداع، الشخصي والقومي، جماعة ضد ف ويتعبد ويؤدي شعائر ال تنتيي وال معنى ليا. جماعة. اقتصاده محصور وبالتالي ليس عالميا. إنو غير ديف، مع أنو يؤم

متوحشا، غير مسؤوؿ، وبيذا التمركز التاـ عمى ذاتو. لماذا؟ ىناؾ مئة تفسير، وأولئؾ المفسروف، –فمماذا صار ىكذا؟ غرور تفسيرا حاذقا بكممات متولدة مف معرفة كتب واختبارات كثيرة عمى الحيواف، واقعوف في شباؾ األسى والطموح وال

آمبل –إذ البيئة تشرط اإلنساف –والكرب. فالوصؼ ليس الموصوؼ، والكممة ليست الشيء. أألنو يفتش عف أسباب خارجية أف يحوؿ التغير الخارجي باطف اإلنساف؟ أألنو شديد التعمؽ بحواسو، تسيطر عميو متطمباتيا اآلنية؟ أألنو يعيش بكمو في

مف الرومانسية، مف العاطفية، بحيث صار عديـ الرأفة، بمثمو وادعاءاتو ومزاعمو؟ أألنو دوما حركة الفكر والمعرفة؟ أـ ألنو معمما روحيا[؟] گورومنقاد، تابع، أو يصير قائدا أو

ىذا التقسيـ إلى الخارجي والداخمي ىو بداية نزاعو وبؤسو؛ إنو واقع في شرؾ ىذا التناقض، في ىذا الموروث العريؽ. إذ يقع في شرؾ ىذا التقسيـ عديـ المعنى، تراه يضيع ويصير عبدا لآلخريف. الخارجي والداخمي مف بنات المخيمة ومف وىو،

افتعاؿ الفكر؛ ولما كاف الفكر مجزأ، فيو يؤدي إلى الفوضى والنزاع، وىو تقسيـ. ليس بوسع الفكر أف يجمب نظاما، دفقا المعرفة يقيد بالزمف. الفكر، بحكـ طبيعتو -الفكر .ارا متواصبل لمذاكرة، لمممارسةعفويا مف الفضيمة. فالفضيمة ليست تكر

المعرفة ال يمكف لو أف يكوف بصيرا بيذه الكمية؛ -وبنيتو نفسيا، ال يستطيع أف يحيط بجرياف الحياة ككؿ، كحركة كمية. الفكرالمعرفة ال -بوصفو المدرؾ، الدخيؿ الناظر إلى الداخؿ. الفكر إنو ال يستطيع أف يعي ىذا وعيا غير اختياري ماداـ باقيا

.مكاف لو في اإلدراؾ. فالفكر ىو الفكرة؛ المدرؾ ىو المدرؾ. إذ ذاؾ فقط توجد حركة ببل جيد في حياتنا اليومية

.التوضيح ىاـ لمغاية بنظري لقد تكممت عمى الوقوؼ في وجو المجتمع الفاسد والفاسؽ. المزيد مف :السائل

؟ ىناؾ الفساد الفيزيائي المتعمؽ بتمويث اليواء، فسادىؿ نحف، قبؿ كؿ شيء، متأكداف مما تتضمنو كممة :كريشنامورتيفي المدف، في البمدات الصناعية. ترانا ندمر البحار، نقتؿ مبلييف الحيتاف وصغار الفقمة. ىناؾ التموث المادي في العالـ،

االنفجار السكاني. ثـ ىنالؾ الفساد السياسي، الفساد الديني، إلى آخر ما ىنالؾ مف فساد. فعمى أي عمؽ يوجد ىذا وىناؾالفساد في المخ البشري، في النشاط البشري؟ عندما نتكمـ عمى "الفساد"، عمينا أف نكوف متأكديف تماما مما نعني بتمؾ

.الكممة، ومف عمى أي مستوى نتكمـ عميو

تمرير الماؿ مف تحت الطاولة، –ؾ فساد عبر العالـ أجمع؛ وباألكثر، لسوء الحظ، في ىذا الجزء مف العالـ ىنايعني "خرب"، ليس أفسداضطرارؾ إلى الرشوة إذا أردت شراء تذكرة؛ تعرفوف األالعيب الدائرة في ىذا البمد كميا! فعؿ

عني أساسا تخريب المخ والقمب. لذا يجب عمينا أف نتأكد مف عمى مختمؼ األجزاء فقط ضد الطوائؼ والدوؿ األخرى، بؿ يأي مستوى نتكمـ عمى ىذا الفساد: أىو عمى المستوى المالي، عمى المستوى البيروقراطي، المستوى السياسي، أو المستوى

فقدت كؿ معنى، وىذا في كبل الذي باتت تستحوذ عميو أنواع الخرافة كافة، ببل أي مغزى بتاتا: مجرد كممات كثيرة –الديني .العالميف المسيحي والشرقي؛ تكرار الطقوس، تعرفوف كؿ ما يجري. أليس ذلؾ فسادا؟ دعونا، أرجوكـ، نناقش األمر

أليست المثؿ شكبل مف أشكاؿ الفساد؟ قد تكوف عندنا مثؿ؛ ولنقؿ، عمى سبيؿ المثاؿ، البلعنؼ: عندما تكوف عندؾ مثؿ بعيا، تراؾ تظؿ في أثناء ذلؾ عنيفا. صحيح؟ أليس ذلؾ، إذف، فساد مخ ال يبالي فعبل بالعمؿ عمى إنياء العنؼ؟ لبلعنؼ تت

.يبدو ذلؾ واضحا لمغاية

ثـ أال يوجد فساد عندما ال يوجد الحب بتاتا، بؿ المذة فقط، بكؿ عذابيا؟ كممة "حب" ىذه، عبر العالـ كمو، باتت محممة عندما تقرف بالجنس، بالمذة، بالقمؽ، بالغيرة، بالتعمؽ، أليس ذلؾ فسادا يا ترى؟ أليس التعمؽ بحد ذاتو فسادا؟ بثقؿ باىظ، و

.عندما يتعمؽ المرء بمثاؿ أو ببيت أو بشخص، فإف العواقب ىي الغيرة والقمؽ واالستئثار والسيطرة

ذف، فإف المسألة تتعمؽ أساسا بالمجتمع الذي نعيش فيو، القائـ أصبل عمى عبلقة بعضنا ببعض. إذا خمت ىذه العبلقة وا مف المحبة، ولـ يكف ثمة إال مجرد استغبلؿ متبادؿ، مجرد تبادؿ لممواساة بيف الواحد واآلخر، جنسيا وبوسائؿ أخرى متنوعة،

ستفعؿ، كإنساف يعيش في ىذا فإنيا تكوف مجمبة لمفساد حتما. فماذا ستفعؿ حياؿ ىذا كمو؟ تمؾ ىي المسألة حقا: ماذانحف ندمر األرض، مثمما ندمر أنفسنا! أنت، – العالـ، وىو عالـ رائع؟ جماؿ األرض، اإلحساس بالخاصية الخارقة لمشجرة

كإنساف يعيش ىنا، ماذا ستفعؿ؟ ىؿ نحرص، كؿ واحد منا، عمى أف ال نكوف فاسديف؟ نحف الذيف نخمؽ ذاؾ المفيـو المجرد فبل بد أف نخمؽ –االقتتاؿ الدائـ، الصراع، األلـ، اليأس – "المجتمع". إذا كانت عبلقة بعضنا ببعض مدمرةالذي نسميو

–فقداف حس األمانة ىذا –حتما بيئة تمثؿ ما نحف إياه. فماذا سنفعؿ حياؿ األمر، ماذا سيفعؿ كؿ واحد منا؟ ىذا الفساد ؟ ىؿ ما نريد أف نغي .أنتره ىو مجرد فكرة أـ أنو أمر فعمي؟ األمر متوقؼ عميؾ ىؿ ىو مجرد مفيـو

ؿ"؟ وما ىو الشيء الذي يجب "تحويمو"؟ :السائل ىؿ يوجد حقا شيء اسمو "تحو

حيف ترصد، حيف ترى مف حولؾ القذارة عمى الطريؽ، سياسييؾ وكيؼ يتصرفوف، سموكؾ حياؿ زوجتؾ :كريشنامورتيذاؾ ىو التحوؿ، وليس –في الحياة اليومية النظاـأتفيـ؟ إحداث نوع معيف مف .حاضر وأبنائؾ، إلى ما ىنالؾ، فالتحوؿ

شيئا خارقا، خارج العالـ. أي أف المرء، حيف ال يفكر تفكيرا واضحا، موضوعيا، سميما، عقبلنيا، يجب عميو أف يعي ذلؾ كمو د ذلؾ، ال أف أتيح لو الوقت لمتفتح، أف أغيره فورا. ذاؾ ىو ويغيره، يكسره. ذاؾ ىو التحوؿ. أنا غيور، فعمي أف أرص

انظر –سواء كنت تحاوؿ أف تصير نوعا مف اإللو أو القديس، أـ في مينتؾ، –حيف تكوف جشعا، عنيفا، طموحا، .التحوؿبصيرا بيذا كمو. التنافس يدمر العالـ، إلى آلية الطموح برمتيا، كيؼ تخمؽ عالما ميوال في خموه مف الرأفة. ال أدري إف كنت .الذي يصير أكثر فأكثر عدوانية. إف كنت بصيرا، غيره عمى الفور. ذاؾ ىو التحوؿ

*

ؿ العالـ. مع ذلؾ، عمى الرغـ مف إخبلصؾ، محبتؾ، :السائل تقوؿ بأف الفرد الواحد، إف تغير، يستطيع أف يحووصؼ ]فيؾ[، ما انفؾ العالـ يمضي مف سيء إلى أسوأ. فيؿ ىناؾ شيء ما اسمو وضوحؾ، ومف تمؾ القدرة التي ال ت

"القدر"؟

-ما ىو العالـ؟ ما ىو الفرد؟ ماذا فعؿ األفراد وأثر في العالـ؟ ىتمر أثر في العالـ. صحيح؟ ماو تسو :كريشنامورتيف يكف تأثيره مختمفا تماما. شخص واحد تسبب في مقتؿ تونگ وستاليف ولينيف ولنكولف أثروا فيو؛ وكذلؾ البوذا أثر فيو، وا

المبلييف والمبلييف مف الناس؛ جميع أمراء الحرب، الجنراالت، ما انفكوا يقتموف، يقتموف، يقتموف. وقد أثر ذلؾ في العالـ. في سنة، مؤثرة في المبلييف مف غضوف الخمسة آالؼ سنة التاريخية األخيرة، منذ أف بدئ بتدويف التاريخ، نشبت حرب كؿ

فوا الناس. ثـ عندكـ البوذا: ىو اآلخر أثر في الذىف البشري، في المخ البشري، عبر الشرؽ كمو؛ ثـ جاء كذلؾ الذيف حرؿ في المجتمع، أعتقد أف طرح السؤاؿ عمى ىذا النحو ] تعاليمو[. ومف ثـ عندما نسأؿ إف كاف التغير "الفردي" يجمب أي تحو

.ح مغموططر

ؿ المجتمع يا ترى؟ إذا توغمت في األمر توغبل جديا، ىؿ ترانا ميتميف حقا؟ المجتمع الفاسد، ىؿ نحف ميتموف حقا بتحو، ىؿ أنت ميتـ عمقيا بتغييره، كفرد إنساني –ذلؾ المجتمع الذي نعيش فيو –الفاسؽ، القائـ عمى التنافس وانعداـ الرأفة

ت ميتما حقا، عميؾ عندئذ أف تستفسر عف ماىية المجتمع. ىؿ "المجتمع" كممة؟ ىؿ ىو واقع، أـ أنو واحد حتى؟ إف كن؟ مفيـو مجرد عف العبلقة اإلنسانية. إف العبلقة اإلنسانية ىي المجتمع. تمؾ العبلقة، بكؿ تعقيداتيا –أتفيـ؟ –مجرد مفيـو

تبدؿ ذلؾ كمو يا ترى؟ تستطيع. تستطيع أف تكؼ عف القسوة، كما تعمـ، ىؿ تستطيع أف –وتناقضاتيا وألواف الكراىية فييا إلى آخر ما ىنالؾ. كما تكوف عبلقتؾ كذلؾ تكوف بيئتؾ: إذا كانت عبلقتؾ عبلقة استئثار، متمركزة عمى الذات، فأنت

ي. ال أدري إف كنت تدرؾ ىذا تخمؽ مف حولؾ شيئا يكوف مدمرا بالمقدار نفسو. فالفرد ىو أنت؛ أنت سائر النوع البشر أنت قمؽ، أنت مستوحش، أنت تنافسي؛ تراؾ تحاوؿ أف تصير ذا شأف، وىذا ىو العامؿ :األمر. نفسيا، داخميا، تراؾ تتعذب

ذف فأنت سائر النوع البشري. إذا أدركت فعمياالمشترؾ الساري عبر العالـ أجمع. كؿ إنساف عبر العالـ كمو يفعؿ ىذا، وا ذا أحدثت في نفسؾ طريقة حياة جديدة، فأنت تؤثر في وعي النوع البشري ككؿ ذل عمى أف تكوف جديا حقا، فتتوغؿ –ؾ، وا

.أنتفي األمر توغبل عميقا. أما إذا لـ تفعؿ، فبل بأس! األمر متوقؼ عميؾ

1981كانون الثاني 6مدراس،

، كؿ صباح إنو لعالـ رائع، ونحف مابرحنا ندمره، في عبلقة بعضنا مع .جديد، ألعجوبة العالـ كف متيقظا لجماؿ كؿ يـو .بعضنا اآلخر وفي عبلقتنا بالطبيعة، بأشياء ىذه األرض الحية كافة

ىبل تقصينا ماىية مخ صامت؟ تراؾ ال تتعمـ، ال ترصد، إال عبر صمت عظيـ، ال وأنت تحدث الكثير مف الضجيج. فحتى تمؾ التبلؿ، وىذه األشجار الجميمة، حتى ترصد أسرتؾ وأصدقاءؾ، ال بد لؾ مف فضاء وال بد مف وجود صمت. أما إذا ترصد

كنت تيذر، تثرثر، فبل فضاء لديؾ وال صمت. ونحف بحاجة إلى فضاء، ليس فيزيائيا وحسب، بؿ نفسانيا أكثر بكثير. وذاؾ توجد حيوية –فضاء شاسع نفسانيا –ألمر شديد البساطة. إذ إنو حيف يوجد فضاء الفضاء ينتفي عندما نفكر في أنفسنا. ا

عظيمة. ولكف عندما يحد المرء ذاؾ الفضاء بذاتو الصغيرة، فإف تمؾ الطاقة اليائمة تحتجز كميا ضمف حدودىا. وليذا السبب فإف .التأمؿ ىو إنياء الذاتية

لى ما ال نياية، لكنؾ إف لـ تفعؿ ىذا، فما الجدوى مف استماعؾ؟ إف لـ تكف فعميا واعيا يمكف لممرء أف يستمع إلى ىذا كمو إإف لـ تكف –بنفسؾ، بكمماتؾ، بحركاتؾ، بمشيتؾ، بطريقة أكمؾ، بأسباب شربؾ وتدخينؾ، وبسائر األشياء كميا التي يفعميا البشر

يجري عميقا؟ إف لـ يكف المرء واعيا، فإنو عندئذ يصير مدعيا، مف طبقة واعيا باألمور المادية كميا، كيؼ يمكف لؾ أف تعي ما تمؾ ىو "صعود طريؽ التمة حتى منتصفو"، mediocreإف المعنى األصمي لكممة .[mediocre] وسطى، متوسط الجودة

أي عدـ تطمبنا مف أنفسنا :[mediocrity]صعود طريؽ الجبؿ حتى منتصفو، عدـ بموغ قمتو أبدا. تمؾ ىي الجودة المتوسطة ال حرية أف نفعؿ ما يحمو لنا )فتمؾ ليست حرية، تمؾ –االمتياز أبدا، عدـ تطمبنا مف أنفسنا أبدا الجودة الكاممة أو الحرية التامة

.تفاىة(، بؿ التحرر مف ألـ صنوؼ الجزع والوحشة واليأس، إلى سائر ما ىنالؾذف، لكي نكتشؼ ذاؾ، أو لكي نقع ال الصمت المفتعؿ، –عميو، أو مف أجؿ يوجد ذاؾ، ال بد مف فضاء وصمت عظيميف وا

يجب أف أصمت". الصمت شيء خارؽ؛ إنو ليس الصمت بيف ضجتيف. سبلـ بيف حربيف ليس سبلما. الصمت " :ليس قوؿ الفكرمف الطمب، بؿ محض المراقبة، ورؤية جماؿ شيء يحؿ حموال طبيعيا عندما تراقب: عندما تراقب مف غير دافع، مف دوف أي نوع

نجمة متوحدة في السماء، أو مراقبة شجرة بعينيا في حقؿ، أو مراقبة زوجتؾ أو زوجؾ، أو أي شيء تراقبو. المراقبة في صمت .وفضاء عظيميف. إذ ذاؾ، في تمؾ المراقبة، في ذاؾ االنتباه، ثمة شيء يتعدى الكممات، يفوؽ كؿ قياس

مات لنقيس البلمقيس. لذا يجب عمى المرء أف يعي شبكة الكممات أيضا، كيؼ تغشنا الكممات، كيؼ تعني نحف نستعمؿ كم، عند رأسمالي، تعني شيئا رىيبا! تصير الكممات خارقة األىمية. أما وعي تمؾ الكممات شيوعية [الكممات كؿ ما تعنيو: ]كممة

ىي الصمت، بؿ الحياة مع تمؾ الكممة ورؤية وزف تمؾ الكممة، مضموف تمؾ ، مع العمـ بأف الكممة ليستصمتوالحياة مع كممة بذا يبدأ المرء يدرؾ، حيف يكوف الفكر ىادئا، مراقبا، أف ىناؾ شيئا يفوؽ كؿ خياؿ وشؾ وبحث. … الكممة، جماؿ تمؾ الكممة!

إذا أصغيت، تعممت، راقبت، كنت حرا كؿ .لسواهعمى األقؿ بنظر المتكمـ. لكف ما يقولو المتكمـ ال يصمح –ويوجد شيء كيذا الحرية مف صنوؼ جزع الحياة كميا، إذ ذاؾ فقط يكوف ثمة ديف مف شأنو أف يولد ثقافة جديدة، مختمفة كميا. نحف لسنا أناسا

يا، قد تكوف طبيبا أو أستاذا جامعيا؛ مثقفيف بتاتا. قد يتفؽ لؾ أف تكوف بارعا جدا في األعماؿ، قد تكوف خارؽ البراعة تكنولوج .لكننا نبقى مع ذلؾ محدوديف لمغاية

تعني "ال شيء": ال شيء مف خمؽ الفكر. أف تكوف الشيء، فتعدـ كؿ الشيءإنياء الذات، "األنا": أف تكوف الشيء. كممة أي نوع، كؿ وىـ، أف تكوف الشيء عمى صورة عف نفسؾ. لكف عندنا صورا عديدة جدا عف أنفسنا. أف تعدـ كؿ صورة مف

اإلطبلؽ. الشجرة ليست شيئا بنظر نفسيا: إنيا موجودة. وىي، في وجودىا بحد ذاتو، أجمؿ شيء، مثؿ تمؾ التبلؿ: إنيا موجودة؛ –أو فاكية أخرى إنيا تفاح؛ تراىا ال تحاوؿ أف تصير أجاصا :إنيا ال تصير شيئا ]آخر[، ألنيا ال تستطيع. مثؿ بذرة شجرة تفاح

.تكوفأتفيـ؟ ىذا ىو التأمؿ. ىذا ىو إنياء البحث، والحقيقة .كائنةإنيا

1983أيار 22أوهي،

ر عمى أساس عقبلني، موضوعي، :السائل كيؼ يمكف لفكرة "أنت العالـ وأنت مسؤوؿ كميا عف النوع البشري بأسره" أف تبر عاقؿ؟

واثقا مف إمكاف عقمنتيا عمى أساس عاقؿ، موضوعي. لكننا سنفحص عنيا أوال قبؿ أف نقرر عدـ إمكاف لست :كريشنامورتي !ذلؾ

صحيح؟ إنيا ليست األرض البريطانية، وال األرض الفرنسية، أو –بادئ ذي بدء، األرض التي نعيش عمييا ىي أرضنا تي نحيا عمييا جميعا. ذاؾ واقع. لكف الفكر جزأىا عرقيا، جغرافيا، ثقافيا، األلمانية، الروسية، اليندية، الصينية، بؿ ىي أرضنا ال

بكؿ وضوح. ذاؾ أمر ال سبيؿ إلى إنكاره؛ ذاؾ التصريح تصريح عقبلني، –اقتصاديا. وتمؾ التجزئة تسبب الخراب في العالـ – ألسباب أمنية، ألسباب مختمفة، وطنية، سياسية، وىمية –موضوعي، عاقؿ. إنيا أرضنا التي نحيا عمييا جميعا، لكننا جزأناىا

.األمر الذي يسبب الحرب ال محالة

قمنا أيضا بأف الوعي البشري كمو متشابو. ترانا جميعا، ميما كاف جزء األرض الذي نعيش عميو، نكابد الكثير مف العذاب، ربما أحيانا كثيرة، نعرؼ المذة. ىذه ىي األرضية المشتركة التي يقؼ األلـ، القمؽ، الريبة، الخوؼ؛ وترانا في بعض األحياف، أو

صحيح؟ ىذا واقع ال سبيؿ إلى دحضو. قد نحاوؿ أف نتفاداه، قد نحاوؿ أف نتجاىمو بقولنا إنو غير –عمييا البشر أجمعوف –شخصية، ستجد أف وعينا يماثؿ موجود، ]كأف أقوؿ[ إنني "فرد"، إلى ما ىنالؾ؛ لكنؾ حيف تنظر إليو نظرة موضوعية، غير

وعي البشر أجمعيف. قد تكوف طويؿ القامة، قد تكوف أشقر البشرة، قد تكوف بني الشعر؛ وقد أكوف أسود البشرة، أو –نفسيا قانطة. قد لكننا، داخميا، نعاني جميعا معاناة فظيعة. ترانا جميعا نعاني شعورا بوحشة –أبيض، أو قرنفمي الموف، أو ما شاكؿ

يكوف عندؾ أبناء، زوج، أسرة، لكنؾ عندما تكوف وحدؾ، يستبد بؾ الشعور بأف ال عبلقة لؾ بأي شيء؛ تراؾ تشعر بأنؾ معزوؿ كميا. أغمبنا عنده ذلؾ الشعور. ىذه ىي األرضية المشتركة بيف البشر أجمعيف. وميما يحدث في حقؿ ىذا الوعي، فنحف

عنيفا، فأنا أضيؼ مزيدا مف العنؼ إلى ذلؾ الوعي المشترؾ بيننا جميعا؛ أما إذا لـ أكف عنيفا، فبل مسؤولوف. أي أنني، إف كنت .أضيؼ إليو، بؿ أجمب عامبل كمي الجدة إلى ذلؾ الوعي

ما أقر عميقا إذ –ومنو، فأنا مسؤوؿ مسؤولية عميقة: إما أساىـ في ذلؾ العنؼ، في تمؾ البمبمة، في تمؾ التجزئة الرىيبة، وا أصبح، –في قمبي، في دمي، في أعماؽ كياني، أنني سائر العالـ، أنني النوع البشري، أنني العالـ، أف العالـ ليس منفصبل عني

إذ ذاؾ، كمي المسؤولية. ىذا واضح كؿ الوضوح! ىذا عقبلني، موضوعي، عاقؿ. ]الموقؼ[ اآلخر ىو الجنوف بعينو: أف يسمي !فيذه مجرد لصاقات –ا، بوذيا، مسيحيا، إلى آخر ما ىنالؾ مف تسميات المرء نفسو ىندوسي

حيف يختبر المرء ذاؾ الشعور، ذاؾ الواقع، حقيقة أف كؿ إنساف يعيش عمى ىذه األرض ليس مسؤوال عف نفسو وحسب، بؿ –ستنتاج عقمي، ال كمثاؿ، إلى آخره؟ وعف كؿ ما يحدث، ترى كيؼ يترجـ ذلؾ في الحياة اليومية؟ ىؿ تشعر ذاؾ الشعور، ال كا

ال فميس لو مف الواقع نصيب. لكف إذا كانت الحقيقة ىي أنؾ تقؼ عمى األرضية المشتركة بيف النوع البشري بأسره، وكنت وا تشعر بأنؾ كمي المسؤولية، ما ىو عندئذ عممؾ حياؿ المجتمع، حياؿ العالـ الذي تعيش فعميا فيو؟

مميء بالعنؼ. ىب أنني أدركت بأني كمي المسؤولية. ما ىو عممي؟ ىؿ سأنضـ إلى جماعة مف العالـ كما ىو اآلفمف الواضح أف التنافس بيف األمـ بات يدمر العالـ. حيف أشعر بأني مسؤوؿ عف ىذا، تراني بطبيعة الحاؿ .اإلرىابييف؟ بالطبع ال

واالجتماعي، عمى حد سواء، يقوـ عمى مبدأ التراتب. فيؿ سآخذ أنا أكؼ عف المنافسة. وكبل العالـ الديني والعالـ االقتصادي أعرؼ" يتخذ موقعا مستعميا، ويكوف صاحب مرتبة. فإذا كنت " :اآلخر بيذا المفيـو عف النظرة التراتبية؟ بالطبع ال، ألف مف يقوؿ .تريد تمؾ المرتبة، اسع في نيميا، لكنؾ بذلؾ تساىـ في بمبمة العالـ

ذ ف، فيناؾ أعماؿ فعمية، موضوعية، عاقمة، حيف تدرؾ، حيف تتحقؽ في أعماؽ قمبؾ، أنؾ سائر النوع البشري، وأننا جميعا وا 1981تموز 29زانن، .نقؼ عمى األرضية نفسيا

آخره، لكف قميبل منيا البيئة، المجتمع، السياسة، االقتصاد، إلى :كثيرة ىي المجمدات التي كتبت في حاؿ العالـ خارجنامقتتميف، متبعيف مرجعية ما، أو كتابا ما، –فقط تجشـ عناء اكتشاؼ ما نحف عميو فعميا: لماذا يسمؾ البشر كما يفعموف

ولماذا ليسوا عمى عبلقة صحيحة مع أصدقائيـ وزوجاتيـ وأزواجيف وأطفاليـ. لماذا صار البشر –شخصا ما، مثاال ما ر مف السوقية، مف الوحشية، مفتقريف تماما إلى االكتراث باآلخريف، نافيف سيرورة ما يعتبر حبا برمتيا؟عمى ىذا القد

ولقد عاش اإلنساف مع الحروب طواؿ آالؼ السنيف. ترانا نحاوؿ أف نمنع وقوع حرب نووية، لكننا لف نفمح أبدا في إيقاؼ القامع الذي يصير بدوره مقموعا. ىذه ىي دورة الوجود البشري التي الحروب. فيذه تستمر في الناس المستغميف، وفي

يتخمميا األسى والوحشة واإلحساس الرىيب باالكتئاب والقمؽ المتصاعد والفقداف التاـ لؤلماف وانعداـ عبلقة المرء مع المجتمع العالـ الذي نعيش فيو والذي أنا واثؽ أو مع أصدقائو المقربيف. ما مف عبلقة مف غير نزاع، مشاحنات، إلى آخره. ىذا ىو

.أنكـ جميعا تعرفونو

رجاء، ال ترفضوا أي شيء يقولو المتكمـ أو تقبموه، بؿ .وخبلؿ آالؼ السنيف ىذه بطوليا، أشرطت المعرفة أدمغتناذا استفسروا عنو، شككوا فيو، كونوا شكاكيف. وفوؽ كؿ شيء، ال تدعوا المتكمـ يؤثر فيكـ؛ فما أسيؿ أف نتأثر وننخدع! وا

شئنا أف نتكمـ جديا حوؿ ىذه القضايا، عمى المرء أف يكوف صاحب ذىف ومخ يتصفاف بحرية الفحص، بالخمو مف التحيز، مف أي نتائج، مف أي رأي أو عناد. عمى المرء أف يكوف صاحب مخ دائـ االستفسار والشؾ. فعند ذاؾ فقط يكوف

.نا مع بعض وبالتالي أف نتواصؿبمستطاعنا أف نكوف عمى عبلقة بعض

1982كانون األول 26مدراس،

لسنا ننظر إلى الحياة أبدا بوصفيا حركة ىائمة، ذات عمؽ عظيـ، ذات شساعة. لقد اختزلنا حياتنا إلى شأف بالغ الزراية. وكذلؾ الغضب عمى إنساف أو العنؼ – ائع كفراوالحياة ىي حقا أكثر األشياء حرمة في الوجود. قتؿ إنساف ىو أشد الفظ

.بو

*

لسنا نرى العالـ أبدا بوصفو كبل ألننا ممعنوف في التجزؤ. فما أرىب محدوديتنا، ما أشد تفاىتنا! وليس لدينا أبدا ىذا فبوسعؾ –التخيؿ ليس عمى سبيؿ .الشعور بالكمية، حيث أشياء البحر، أشياء األرض والسماء، الطبيعة، الكوف، جزء منا

أف تسترسؿ في نوع ما مف الخياؿ المتوىـ وتتخيؿ أننا الكوف، فتصير عندئذ معتوىا! لكنؾ، إذا حطمت ىذا االىتماـ الصغير، المتمركز عمى الذات، ونفضت عنؾ كؿ شيء مف ىذا القبيؿ، إذ ذاؾ تستطيع انطبلقا مف ىناؾ أف تتحرؾ إلى ما

.ال نياية

1983أيمول 4بروكوود پارك،

[1983]شباط 25

ثمة شجرة قرب النير، مافتئنا نراقبيا يوما بعد يـو طواؿ عدة أسابيع والشمس عمى وشؾ الشروؽ. بينما تشرؽ الشمس اة، وفيما أنت بطيئة فوؽ األفؽ، فوؽ األشجار، تصير ىذه الشجرة بعينيا، عمى حيف غرة، ذىبية. األوراؽ كميا ساطعة حي

، تبدو المراقبة وكأنيا تنشر –تمؾ الشجرة التي ال ييـ اسميا، فما ييـ ىو تمؾ الشجرة الجميمة –تراقبيا والساعات تمر خاصية خارقة فوؽ األرض كميا، فوؽ النير. وبينما الشمس ترتفع أعمى قميبل، تبدأ األوراؽ بالرفرفة، بالرقص. وتبدو كؿ

مؾ الشجرة صفة مختمفة. تراىا قبؿ أف تشرؽ الشمس تتصؼ بشعور داكف، ىادئة، نائية، ممتمئة عزة. ساعة وكأنيا تمنح تومع بدء النيار، فإف األوراؽ، والضياء يحؿ عمييا، تتراقص وتمنحيا ذاؾ الشعور العجيب الذي يشعر بو المرء حياؿ الجماؿ

ف تجمس فيو متقيا الشمس، غير شاعر بالوحشة أبدا، العظيـ. وعند انتصاؼ النيار، يكوف فيؤىا قد دكف، وبوسعؾ أ .مستأنسا برفقة الشجرة. وأنت جالس ىناؾ، تنعقد عبلقة أماف عميؽ مستديـ وحرية وحدىا األشجار بمستطاعيا أف تعرفيا

، وتنغمؽ عمى وحوالى المساء، حينما تضيء الشمس الغاربة السماوات الغربية، تصير الشجرة رويدا رويدا داكنة، قاتمة .نفسيا. لقد أمست السماء حمراء، صفراء، خضراء، لكف الشجرة تظؿ ىادئة، مختبئة، وتستريح لقضاء الميؿ

إذا أقمت عبلقة معيا، فأنت إذ ذاؾ عمى صمة بالنوع اإلنساني. وأنت عندئذ مسؤوؿ عف تمؾ الشجرة وعف أشجار العالـ. ىذه األرض، فقد تخسر ما عندؾ مف عبلقة مع البشرية، مع البشر. نحف لكنؾ إذا انعدمت صمتؾ مع األشياء الحية عمى

ال ننظر عميقا في خاصية شجرة أبدا، ال نممسيا حقا أبدا، فنشعر بصبلبتيا، بمحائيا الخشف، ونسمع الصوت الذي ىو جزء ىي، صوت الجذع وصوت ال صوت الريح تتخمؿ األوراؽ، ال نسيـ الصباح يداعب األوراؽ، بؿ صوتيا –مف الشجرة

الجذور الصامت. ال بد لؾ مف أف تكوف خارؽ الحساسية لتسمع الصوت. ىذا الصوت ليس ضوضاء العالـ، ليس ضجيج .الذىف مثرثرا، ليس سوقية مشاجرات البشر وحروبيـ، بؿ الصوت كجزء مف الكوف

ا والبـو ناعبا بيف التبلؿ مناديا رفيقتو. يبدو وكأننا مف العجب أننا قمما نعقد صمة مع الطبيعة، مع الحشرات والضفدع واثب عديمو الشعور أبدا بجميع األشياء الحية عمى األرض. لو أمكف لنا أف نقيـ عبلقة عميقة مستديمة مع الطبيعة، لما قتمنا أبدا

ا حيا لمنفعتنا، ولوجدنا طرقا أخرى إلبراء جروحنا، حيوانا إشباعا لشييتنا، لما آذينا أو شرحنا أبدا قردا أو كمبا أو خنزيرا غيني لشفاء أجسامنا. غير أف شفاء الذىف أمر مختمؼ تماما. وذلؾ الشفاء يتـ رويدا رويدا إذا كنت مع الطبيعة، مع تمؾ البرتقالة

.وتخفييا عمى الشجرة، ومع نصمة العشب التي تنتأ مف خبلؿ اإلسمنت، ومع التبلؿ التي تغطييا السحب

ىذا ليس مف قبيؿ العاطفة أو الخياؿ الرومانسي، بؿ واقع عبلقة بكؿ ما يحيا ويتحرؾ عمى األرض. لقد قتؿ اإلنساف مبلييف الحيتاف وال يزاؿ يقتميا. كؿ ما نجنيو مف ذبحيا يمكف الحصوؿ عميو عبر وسائؿ أخرى. لكف اإلنساف، عمى ما يبدو،

يؽ والغزالة البديعة والفيؿ العظيـ. ونحف نستحب قتؿ بعضنا بعضا. وىذا القتؿ لسوانا مف يستحب قتؿ األشياء، الظبي الرشأف نقيـ عبلقة عميقة طويمة –ويجب عمينا –البشر لـ يتوقؼ قط طواؿ تاريخ حياة اإلنساف عمى ىذه األرض. لو أمكف لنا

شب والسحب السريعة الحركة، إذ ذاؾ لما ذبحنا أبدا مستديمة مع الطبيعة، مع األشجار الفعمية والشجيرات واألزىار والع .إنسانا آخر ألي سبب كاف. الجريمة المنظمة ىي الحرب

–ما ىي العبلقة بينؾ وبيف البؤس، البمبمة، فيؾ وحواليؾ؟ ىذه البمبمة، ىذا البؤس، لـ ينشأ قطعا مف تمقاء ذاتو؛ أنت وأنا بؿ أنت وأنا أوجدناه في عبلقة كؿ منا باآلخر. ما أنت –ي وال الشيوعي وال الفاشي ىو الذي أوجده ليس المجتمع الرأسمال

إياه في الداخؿ أسقط خارجا، عمى العالـ؛ ما أنت إياه، ما تفكر فيو وما تشعر بو، ما تفعمو في حياتؾ اليومية، يسقط ف العالـ. إذا كنا بائسيف، مب ـ، ذاؾ يصير –بإسقاطو –مبميف، فوضوييف في الداخؿ، فإف ذاؾ يصير خارجيا، وذاؾ يكو العال

ذا كانت عبلقتنا –المجتمع ىو نتاج العبلقة بيننا –المجتمع، ألف العبلقة بينؾ وبيني، بيني وبيف اآلخر، ىي المجتمع ، وا .الفوضى إلى العالـمبمبمة، متمركزة عمى األنا، ضيقة، محدودة، قومية، فإننا نسقط ذلؾ ونجمب

واقع بسيط وأساسي، أليس كذلؾ؟ –قطعا –يكوف العالـ. ومنو، فإف مشكمتؾ ىي مشكمة العالـ. ىذا أنتكما تكوف

*

قد كؼ عف – أنت – لماذا يتداعى المجتمع، ينيار، كما ىو فاعؿ قطعا؟ واحد مف األسباب األساسية ىو أف الفردمقمديف؛ ترانا ننسخ، خارجيا وداخميا. خارجيا، حيف نتعمـ تقنية ما، حيف –أنت وأنا –رنا اإلبداع. سأشرح ما أعنيو: لقد ص

نتواصؿ بعضنا مع بعض عمى المستوى المفظي، ال بد بطبيعة الحاؿ مف وجود شيء مف التقميد، مف النسخ. تراني أنسخ ، ثـ أستعمؿ ىذه التقنية لبناء جسر. ال بد مف وجود مقدار الكممات. لكي أصير ميندسا، يجب عمي أوال أف أتعمـ التقنية

، نكؼ قطعا عف اإلبداع. تربيتنا، نفسانيمعيف مف التقميد، مف النسخ، في التقنية الخارجية، ولكف حيف يوجد تقميد داخمي، ماعية أو دينية بعينيا، وبذلؾ ال بنية مجتمعنا، حياتنا الدينية المزعومة، تقـو كميا عمى التقميد؛ أي أنني أنصاع لصيغة اجت

رة ذات استجابات مشروطة معينة، سواء كانت استجابات –نفسانيا –حقيقيا. تراني أصير فرداأعود مجرد آلة مكراستجاباتنا باتت مشروطة طبقا لنموذج المجتمع، سواء كاف .اليندوسي أو المسيحي أو البوذي أو األلماني أو اإلنكميزي

ا أو غربيا، دينيا أو ماديا. ومنو، فإف التقميد ىو واحد مف األسباب األساسية لتفكؾ المجتمع؛ وواحد مف العوامؿ المفككة شرقي .ىو القائد، الذي جوىره بالذات ىو التقميد

ما معنى العبلقة الصائبة مع الطبيعة؟ :سؤال

ف كنت قد اكتشفت عبلقتؾ مع الطبيعة. ليست ىناؾ عبلقة "صائبة"، ىناؾ فقط فيـ العبلقة. ال أدري إ :كريشنامورتيالعبلقة الصائبة، شأنيا شأف الفكر "الصائب"، تممح إلى مجرد قبوؿ صيغة جاىزة. الفكر الصائب والتفكير السميـ أمراف

، ب ينما التفكير السميـ عبارة عف حركة؛ إنو وليد الفيـ، مختمفاف: الفكر الصائب مجرد انصياع لما ىو صواب، لما ىو محتـروالفيـ ال ينفؾ يجري عميو تعديؿ، تغيير. بالمثؿ، ىناؾ فرؽ بيف العبلقة الصائبة وبيف فيـ عبلقتنا مع الطبيعة. فما ىي

ء، المعادف في جوؼ الطبيعة بما ىي األنيار، األشجار، الطيور الرشيقة الطيراف، األسماؾ في الما –عبلقتؾ مع الطبيعة؟ ذا األرض، الشبلالت والبرؾ الضحمة. ما ىي عبلقتؾ بيا؟ أغمبنا غير واع لتمؾ العبلقة. ترانا ال ننظر أبدا إلى شجرة، وا ما لتقطيعيا إلى ألواح. بعبارة أخرى، ننظر إلى األشجار بقصد فعمنا، فبقصد استعماؿ تمؾ الشجرة، إما لمجموس في فيئيا وا

ا؛ ال ننظر أبدا إلى شجرة مف غير إقحاـ أنفسنا واالستفادة منيا لمصمحتنا. ونحف نعامؿ األرض ومواردىا االنتفاع منيبالطريقة عينيا. ليست ىناؾ محبة لؤلرض، ىناؾ تسخير لؤلرض وحسب. فمو أحب المرء األرض حقا القتصد في استعماؿ

ع األرض، لوجب عمينا أف نكوف شديدي الحرص في استعمالنا أشياء أشياء األرض. أي أننا، لو كاف لنا أف نفيـ عبلقتنا ماألرض. إف فيـ عبلقة المرء مع الطبيعة صعب صعوبة فيـ عبلقتو مع جاره، زوجتو، وأوالده. لكننا لـ نوؿ األمر أي

ية أو السياسية! ومف تفكير، لـ نجمس قط لمنظر إلى النجـو أو القمر أو األشجار. فما أشد انشغالنا بنشاطاتنا االجتماعالواضح أف ىذه النشاطات ىي وسائؿ فرار مف أنفسنا، وعبادة الطبيعة ىي األخرى مفر مف أنفسنا. إننا نستعمؿ الطبيعة

ما لمآرب نفعية ال نتوقؼ فعميا أبدا ونحب األرض أو أشياء األرض. ترانا ال نبتيج أبدا –دوما إما كميرب مف أنفسنا وا فنحف نخجؿ مف –ية، مع أننا نستغميا لتوفر لنا المأكؿ والممبس. ترانا ال نستحب أبدا فبلحة األرض بأيدينا بالحقوؿ الغن

العمؿ بأيدينا. ىناؾ شيء خارؽ يحصؿ عندما تفمح األرض بيديؾ. لكف ىذا العمؿ تقـو بو الطوائؼ الدنيا وحسب؛ أما .أرفع مف أف نستعمؿ أيدينا! وبيذا فقدنا عبلقتنا مع الطبيعةنحف، أبناء الطوائؼ العميا، فمقامنا، عمى ما يبدو،

لو اتفؽ لنا مرة أف نفيـ تمؾ العبلقة، مغزاىا الحقيقي، إذ ذاؾ لما جزأنا الممكية إلى "ما لؾ" و"ما لي"؛ وحتى إذا اتفؽ أو "لؾ" بالمعنى الحصري. لي" "ألحدىـ أف يمتمؾ قطعة أرض ويبني عمييا منزال، فسيكوف المنزؿ وسيمة مأوى أكثر منو

رىا وحسب، ال نحس بجماؿ شبلؿ، وترانا أضعنا لمسة الحياة، فمـ نجمس أبدا وألننا ال نحب األرض وأشياء األرض، بؿ نسخوظيورنا متكئة عمى جذع شجرة. وبما أننا ال نحب الطبيعة، ترانا ال نعرؼ كيؼ نحب البشر والحيوانات. انزؿ إلى الشارع

ة. تراؾ تيز رأسؾ وتقوؿ: "ىذا محزف جدا." لكننا فقدنا حس وراقب كيؼ تعامؿ الثيراف المخصية، وأذنابيا كميا معوجالحناف، تمؾ الحساسية، تمؾ االستجابة لؤلشياء الجميمة، ولف يكوف بوسعنا أف نناؿ فيـ ماىية العبلقة الحقة ما لـ تتجدد تمؾ

د تعميؽ بضع لوحات، أو برسـ شجرة، أو بوضع بضع أزىار في شعرؾ؛ الحساسية الحساسية. وتمؾ الحساسية ال تأتي بمجر ى ىذه النظرة النفعية. وىذا ال يعني أنؾ ال يجوز أف تستعمؿ األرض، بؿ إنؾ يجب أف تستعمؿ األرض تأتي فقط حيف تنح

ئ يا إلى "لؾ" و"لي". حماقة أف تزرع شجرة كما ينبغي ليا أف تستعمؿ. فاألرض موجودة لكي نحبيا، لكي نرعاىا، ال لكي نجزفي رقعة أرض مسيجة وتسمييا "لي"! فقط حيف يتحرر المرء مف الحصرية توجد إمكانية االتصاؼ بالحساسية، ال لمطبيعة

.وحسب، بؿ ولمبشر ولتحديات الحياة المتواصمة

1948تشرين األول 17پونا،

1975نيسان

إذا انعدمت عبلقتؾ مع الطبيعة، صرت عندئذ قاتبل؛ لذا تراؾ .إذا فقدت الصمة مع الطبيعة، فقدت الصمة مع اإلنسانيةما طمبا لممعرفة. إذ ذاؾ، ترتعب تقتؿ صغار الفقمة والحيتاف والدالفيف واإلنساف، إما طمبا لمربح، "لمرياضة"، لمطعاـ، وا

، فتسحب جماليا. قد تتنزه نزىات طويمة ماشيا في الحراج أو تعسكر في أماكف بديعة، لكنؾ قاتؿ، فتفقد الطبيعة منؾصداقتيا. ولعمؾ لست عمى تواصؿ مع أي شيء، ال مع زوجتؾ وال مع زوجؾ؛ فأنت أكثر انشغاال بربحؾ وخسارتؾ،

عيش في عزلتؾ الذاتية المظممة؛ وفي اليروب منيا بخواطرؾ وممذاتؾ وأوجاعؾ الذاتية الخاصة، مف أف تتواصؿ. تراؾ تالمزيد مف الظممة. اىتمامؾ منصب في بقاء طائش قصير األمد، سمس أو عنيؼ. واآلالؼ يموتوف جوعا أو يجزروف بسبب

راؾ تبني مجتمعا انعداـ مسؤوليتؾ. تراؾ تترؾ ترتيب العالـ لمسياسي الكذاب الفاسد، لممثقفيف، لمخبراء. وألنؾ عديـ الذمة، تفاسقا، عديـ الشرؼ، مجتمعا قائما عمى األنانية المطبقة. وعند ذاؾ تيرب مف ىذا كمو، الذي تتحمؿ وحدؾ مسؤوليتو، إلى

!"الشواطئ، إلى الحراج، أو تحمؿ بندقية عمى سبيؿ "الرياضة

ىذا الشعور بالكؿ، فسوؼ تكوف متصبل قد تعرؼ ىذا كمو، لكف المعرفة ال تحدث فيؾ تحوال. أما عندما يكوف لديؾ .بالكوف

ال –حسبنا أف ننظر إلى العالـ مف حولنا حتى نرى البمبمة والبؤس والرغبات المتنازعة. وأغمب الناس المباليف والجدييف، العالمي، سوؼ يروف بطبيعة الحاؿ إذ يدركوف ىذا العماء –الناس الذيف يمعبوف لعبة التظاىر، بؿ الناس الميتموف حقا،

أىمية التفكر في مشكمة العمؿ. ىناؾ العمؿ الجماىيري والعمؿ الفردي؛ و"العمؿ الجماىيري" صار مفيوما مجردا، ميربا أف يمكف لمعمؿ الجماىيري –ىذا البؤس، ىذه النكبة التي ال تنفؾ تتصاعد، –مبلئما لمفرد. فالفرد، إذ يظف أف ىذا العماء،

لو أو أف يحؿ فيو النظاـ، تراه يصير غير مسئوؿ. "الجماىير" قطعا كياف متخيؿ؛ فالجماىير ىي أنت وأنا. ففقط حيف يحووبذا نصير غير مسئوليف –عبلقة العمؿ الصحيح، ترانا نموذ بالمفيـو المجرد المسمى بػ"الجماىير" –أنت وأنا –ال نفيـ

ما عف العمؿ المنظـ الجماعي، وىو عمؿ "جماىيري" ىو في عممنا. ومف أجؿ اإلص بلح في العمؿ، نبحث إما عف قائد وا اآلخر. وعندما نموذ بقائد طمبا لمتوجيو في العمؿ، ترانا ال محالة نختار شخصا نظف أنو سوؼ يعيننا عمى تجاوز مشكبلتنا

قائد مبمبؿ ىو اآلخر. فنحف ال نختار قائدا إال –ا مف بمبمتنا ألننا نختار قائدنا اعتبار –نحف، بؤسنا نحف. لكف القائد نفسو ال نستطيع إال أف نختار قائدا مبمببل مثمنا؛ لذا فإف أمثاؿ ىؤالء القادة، أمثاؿ ىؤالء المرشديف … ويشبو أنفسنا؛ إذ ال نستطيع

مبمة، إلى مزيد مف البؤس. وبما أف ما نختار ال المعمميف[ الروحييف المزعوميف، يقودوننا ال محالة إلى مزيد مف الب] گورووالػلذا فإف مثؿ ىذا العمؿ، مع أنو .بد أف نختاره اعتبارا مف بمبمتنا، فإننا حيف نتبع قائدا ترانا ال نتبع إال إسقاطنا الذاتي المبمبؿ

.قد يثمر عف نتيجة فورية، يقود ال محالة إلى مزيد مف النكبات

يقود حتما إلى النكبة، إلى البمبمة، –مع أنو قد يكوف ذا قيمة في بعض الحاالت –ماىيري ومنو، نرى أف العمؿ الجويجمب انعداـ المسئولية مف جانب الفرد، وأف التبعية لقائد ال بد أف تزيد مف البمبمة ىي األخرى. ومع ذلؾ، عمينا أف نحيا.

عبلقة، وال يمكف لنا أف نحيا معزوليف. ليس ىناؾ شيء اسمو الحياة ىي العمؿ؛ الوجود ىو العبلقة. ال عمؿ ثمة مف دوفالعزلة. فالحياة ىي أف نعمؿ وأف نكوف عمى عبلقة. ومنو، حتى نفيـ العمؿ الذي ال يفتعؿ المزيد مف البؤس، المزيد مف

نفؾ يتصارع بعضيا مع بعض. البمبمة، عمينا أف نفيـ أنفسنا، بكؿ تناقضاتنا، بعناصرنا المتضادة، بأوجينا العديدة التي ال ت .فإلى أف نفيـ أنفسنا، ال بد لمعمؿ مف أف يقود حتما إلى مزيد مف النزاع، إلى مزيد مف البؤس

مشكمتنا، إذف، ىي العمؿ المصحوب بالفيـ؛ وذاؾ الفيـ ال يمكف لو أف يحصؿ إال عبر معرفة النفس. فالعالـ، في كونو العالـ؛ العالـ ليس مختمفا عني، العالـ ليس مضادا لي. العالـ وأنا لسنا كيانيف النياية، ىو إسقاط لنفسي: ما أنا إياه ي

اثنيف منفصميف. المجتمع ىو نفسي؛ ليست ىناؾ سيرورتاف مختمفتاف. العالـ امتداد لنفسي، ولفيـ العالـ، عمي أف أفيـ الفرد بالذات. المجتمع ىو العبلقة بينؾ وبيني وبيف نفسي. الفرد ليس متعارضا مع الجماىير، مع المجتمع، ألف المجتمع ىو

ىناؾ أزمة .اآلخر. ال يوجد تضاد بيف الفرد والمجتمع إال حيف يصير الفرد غير مسئوؿ. مشكمتنا، إذف، ال يستياف بيامف أيف بتمؾ األزمة، وكيؼ سنعمؿ؟ –أنت وأنا – ميولة تواجو كؿ بمد، كؿ شخص، كؿ جماعة. فما ىي طبيعة عبلقتنا

نبدأ مف أجؿ أف نحدث تحوال؟ كما قمت، إذا لذنا بالجماىير لف نجد مخرجا، ألف الجماىير تقتضي وجود قائد، والجماىير يستغميا دوما السياسي والكاىف والخبير. وبما أنؾ وأني نصنع الجماىير، ال مناص لنا مف تحمؿ المسئولية عف عممنا؛ أي

ا نحف، عمينا أف نفيـ أنفسنا. وفيـ أنفسنا ال يتـ باالنسحاب مف العالـ، ألف االنسحاب يقتضي أف عمينا أف نفيـ طبيعتنالعزلة، وال نستطيع أف نعيش معزوليف. ومنو، عمينا أف نفيـ العمؿ في العبلقة، وذاؾ الفيـ يتوقؼ عمى وعينا طبيعتنا نحف،

يسودىا السبلـ بوسعنا أف نتطمع إلييا. ال يمكف أف يوجد سبلـ المتنازعة والمتناقضة. أعتقد أف مف الحمؽ أف نتصور حاال وطمأنينة إال حيف نفيـ طبيعة أنفسنا وال نفترض سمفا حاال ال نعرفيا. قد تكوف ىناؾ حاؿ سبلـ، لكف مجرد التكيف حوليا ال

.جدوى منو

ال بد مف معرفة النفس؛ ومعرفة النفس ال مف أجؿ العمؿ السميـ، ال بد مف التفكير السميـ؛ ومف أجؿ التفكير السميـ،تحصؿ إال عبر العبلقة، ال عبر العزلة. التفكير السميـ ال يمكف لو أف يأتي إال بفيـ أنفسنا، الذي ينبجس منو العمؿ السميـ.

و، طبائعنا العمؿ السميـ ىو العمؿ الذي ينبع مف فيـ أنفسنا: ال فيـ جزء واحد مف أنفسنا، بؿ فيـ محتوى أنفسنا برمتالمتناقضة، كؿ ما نحف إياه. ونحف، حيف نفيـ أنفسنا، يتـ العمؿ السميـ؛ ومف ذلؾ العمؿ توجد السعادة. وفي الحاصؿ، فإف

ميارب النشاط االجتماعي، –السعادة ىي ما نريد، ىي التي يطمبيا أغمبنا عبر أشكاؿ متنوعة، عبر مختمؼ الميارب سمية، العبادة وتكرار العبارات، الجنس، وميارب أخرى ال تحصى. لكننا نرى أف ىذه الميارب ميارب العالـ البيروقراطي، الت

ال تجمب سعادة مستديمة، بؿ تجمب تسكينا مؤقتا وحسب. فما مف شيء حقيقي فييا، ما مف بيجة مستديمة أساسا. أعتقد ، فقط حيف نفيـ أنفسنا. لكف فيـ أنفسنا ىذا ليس سيبل، أننا سنجد تمؾ البيجة، تمؾ النشوة، فرح الوجود المبدع الحقيقي ذاؾ

ر، ألنو لحظة نديف بؿ يتطمب تيقظا، وعيا معينا. وذاؾ التيقظ، ذاؾ الوعي، يمكف لو أف يأتي فقط حيف ال نديف، حيف ال نبرر، نضع حدا لسيرورة الفيـ. حيف نديف أحدىـ، نكؼ عف فيـ ذلؾ الشخص، وحيف نتماىى مع ذلؾ الشخص، نكؼ أو نبر

عف فيمو أيضا. واألمر مماثؿ مع أنفسنا. رصد نفسؾ، وعي ما أنت إياه وعيا سالبا، مف أصعب ما يكوف، ولكف مف ذاؾ ؿ لمػ .، ووحده ذاؾ التحوؿ يفتح الباب لمحؽماىوالوعي السالب يأتي فيـ، يأتي تحو

س لمتفكير الصحيح ما لـ نعرؼ أنفسنا. مف غير أف أعرؼ نفسي ال مشكمتنا، إذف، ىي العمؿ والفيـ والسعادة. وال أساوىو عالـ –بوسعي فقط أف أعيش في حاؿ تناقض، كما يفعؿ معظمنا. حتى أحدث تحوال في العالـ –أساس عندي لمتفكير

ؿ في العالـ بتمؾ الطريقة –عبلقتي يستغرؽ وقتا طويبل ال ينتيي." ال بد لي مف أبدأ بنفسي. رب قائؿ يقوؿ: "إحداث تحوإذا كنا نطمب نتائج فورية، فبطبيعة الحاؿ سنظف أف األمر يستغرؽ وقتا أطوؿ مما ينبغي. النتائج الفورية يعد بيا الساسة،

ؿ، ال العمؿ الفوري؛ وو حده أما اإلنساف الذي يطمب الحقيقة فأخشى أال توجد عنده نتيجة فورية. الحقيقة ىي التي تحوالعالـ، ىي مفالعالـ، لكف مف غير أف نكوف فياكتشاؼ كؿ واحد لمحقيقة سيجمب السعادة والسبلـ إلى العالـ. الحياة

نيا لمشكمة سعي مخمص، ألننا ال نستطيع أف ننسحب، ال نستطيع أف نزىد، بؿ عمينا أف نفيـ أنفسنا. فيـ المرء مشكمتنا؛ وا فإلى أف نفيـ مغزى عبلقتنا كامبل .لمرء نفسو ىو فيمو عبلقتو مع األشياء والناس واألفكارنفسو ىو بداية الحكمة. وفيـ ا

سيجمب حتما النزاع والصراع. لذا فإف اإلنساف –وىو العبلقة –مع األشياء والناس واألفكار ومعناىا التاـ، فإف العمؿ يا وعيا سالبا بكؿ أفكاره ومشاعره وأفعالو. لممرة الثانية، ىذه ليست المخمص حقا ال بد لو أف يبدأ بنفسو؛ عميو أف يكوف واع

فمعرفة النفس ال نياية ليا. معرفة النفس ىي فقط مف لحظة لمحظة، وبالتالي، ىناؾ سعادة خبلقة مف لحظة .قضية زمف .لمحظة

*

ياكـ سوؼ نتفكر في المسألة. إذا فيالمسألة معا ونجد الجواب حيف أتعامؿ مع أسئمتكـ، رجاء ال تنتظروا جوابا؛ ألني وا فالحياة ليس عندىا "نعـ" أو "ال" قاطعتاف، مع أف ىذا ما .انتظرتـ جوابا وحسب، أخشى ما أخشاه أف أممكـ سوؼ يخيب

نتمنى. الحياة أعقد مف ذلؾ وأرىؼ. ومنو، حتى نجد الجواب، عمينا أف نتدارس المسألة؛ ما يعني أننا يجب أف نتحمى .بالصبر والذكاء لمتعمؽ فييا

ما ىي مكانة الديف المنظـ في المجتمع الحديث؟ :سؤال

دعنا نتحرى عما نعنيو بػ"الديف" وما نعنيو بػ"المجتمع الحديث". ماذا نعني بالديف؟ ماذا يعني الديف :كريشنامورتيعبادة[، تكرار كممات، آماال مبيمة، ] پوجا، جممة معتقدات، شعائر، عقائد، خرافات عديدة –أال يعني؟ –بنظرؾ؟ إنو يعني

المعمميف الروحييف[، الذىاب إلى المعبد في بعض المناسبات، إلى ] گوروغير مستجابة، محبطة، قراءة كتب بعينيا، تبعية لمػ

تقميد؟ ذاؾ كمو، قطعا، ىو الديف بنظر أكثر الناس عندنا. ولكف ىؿ ذاؾ ىو الديف؟ ىؿ الديف عرؼ، عادة، .ما ىنالؾالديف، قطعا، شيء أبعد مف ىذا كمو بكثير، أليس كذلؾ؟ الديف يقتضي البحث عف الحؽ، وىو ال يمت بأية صمة إلى االعتقاد المنظـ، المعابد، العقائد، أو الشعائر؛ ومع ذلؾ، فإف تفكيرنا، قواـ وجودنا بالذات، عالؽ، واقع في شرؾ المعتقدات

الواضح أف اإلنساف الحديث ليس دينا؛ لذا فإف مجتمعو ليس مجتمعا صحيحا، متوازنا. قد نتبع والخرافات إلى ما ىنالؾ. مفمذاىب بعينيا، أو نتعبد لصور بعينيا، أو نبتكر ديف دولة جديد، لكف مف الواضح أف ىذه األشياء كميا ليست مف الديف في

؛ إنو ليس الحؽ القابع في الكتب، ليس خبرة اآلخريف. شيء. قمت إف الديف ىو البحث عف الحؽ، لكف ذاؾ الحؽ غير معمـوولمعثور عمى ذاؾ الحؽ، لمكشؼ عنو، لدعوتو، ال بد لممعمـو مف أف يتوقؼ؛ كما يجب إمعاف النظر في المغزى مف جميع

اف الديف حقا ال ينتمي إلى التقاليد والمعتقدات، فيميا، ونبذىا. ولفعؿ ىذا، ال معنى لتكرار الشعائر. لذا مف الواضح أف اإلنس .أي ديف، إلى أي تنظيـ؛ إنو ليس ىندوسيا وال مسمما؛ إنو ال ينتمي إلى أية طبقة

واآلف، ما ىو العالـ الحديث؟ العالـ الحديث قوامو التقنية وفعالية التنظيمات الجماىيرية. ىناؾ تقدـ ىائؿ في التكنولوجيا، ؛ وسائؿ اإلنتاج حكر عمى أيدي ثمة صغيرة. ىناؾ جنسيات متنازعة، حروب متكررة عمى مع سوء توزيع لحاجات الجماىير

الدواـ تفتعميا حكومات "ذات سيادة"، إلى ما ىنالؾ. ذاؾ ىو العالـ الحديث، أليس كذلؾ؟ ىناؾ تقدـ تقني مف غير تقدـ ذف، فيناؾ حالة اختبلؿ توازف؛ ىناؾ إنج ازات عممية خارقة، وفي الوقت نفسو، بؤس بشري، نفساني مساو لو في الحيوية، وا

والعديد مف التقنيات التي تعممناىا يتصؿ ببناء الطائرات، بقتؿ بعضنا بعضا، إلى ما ىنالؾ. .قموب خاوية، وأذىاف فارغةذف، فذاؾ ىو العالـ الحديث، الذي ىو أنت نفسؾ و عالـ ى –الذي ىو أنت نفسؾ –العالـ ليس مختمفا عنؾ. عالمؾ .وا

العقؿ النامي والقمب الخاوي. إذا أمعنتـ النظر في أنفسكـ، ستروف أنكـ بالذات نتاج المدنية الحديثة: أنتـ تعرفوف كيؼ لكنكـ لستـ كائنات إنسانية مبدعة. أنتـ تنجبوف أطفاال، لكف ىذا ليس مف اإلبداع –حيؿ تقنية، مادية، –تؤدوف بضع حيؿ،

رء أف يبدع، يحتاج إلى غنى داخمي خارؽ، وذاؾ الغنى ال يمكف لو أف يحصؿ إال حيف نفيـ في شيء! فحتى يستطيع الم .الحقيقة، حيف نكوف قادريف عمى استقباؿ الحقيقة

ذف، فالديف والعالـ الحديث متبلزماف، كبلىما ينمي القمب الخاوي وذاؾ ىو الجانب المؤسؼ مف حياتنا. نحف –وا ادروف عمى اختراعات عظيمة وعمى إنتاج أكثر الوسائؿ تدميرا لتصفية بعضنا بعضا، وعمى سطحيوف، المعوف عقميا، ق

إيجاد مزيد ومزيد مف االنقساـ بيف بعضنا بعضا، لكننا ال نعرؼ ما معنى أف نحب، ليست ىناؾ أغنية في قموبنا. ترانا وية. لقد خمقنا عالما مبمببل تماما، بائسا، وعبلقاتنا نعزؼ الموسيقى، نستمع إلى الراديو، ولكف ال غناء ثمة، ألف قموبنا خا

ميميمة، سطحية. أجؿ، الديف المنظـ والعالـ الحديث متبلزماف، ألف كبلىما يقود إلى البمبمة، وبمبمة الديف المنظـ والعالـ ؿ في العالـ الخارجي ما لـ الحديث ىذه ىي جنى أيدينا. إنيما التعبيراف المسقطاف ذاتيا عف أنفسنا. ومنو، ال مجاؿ ألي تحو

حداث ذاؾ التحوؿ ليس مشكمة الخبير أو االختصاصي أو القائد أو الكاىف، بؿ ؿ في صميـ كؿ واحد منا؛ وا يحدث تحومشكمة كؿ واحد منا. إذا تركناىا لآلخريف، بتنا غير مسئوليف، وبالتالي فإف قموبنا تصير خاوية. والقمب الخاوي مع عقؿ

قني ليس كائنا إنسانيا مبدعا؛ وألننا أضعنا حالة اإلبداع تمؾ، أنتجنا عالما بائسا، مبمببل تماما، تحطمو الحروب، تمزقوتنيا لمسئوليتنا أف نحدث تحوال جذريا في أنفسنا .التمييزات الطبقية والعرقية. وا

1948تشرين الثاني 14نيودلهي،

[1983]أيار 6

يبدو لؾ أف الطبيعة بأسرىا، –ثنائييف اثنيف أو ثبلثة وامرأة بمفردىا –وأنت جالس عمى الشاطئ تراقب الناس عابريف ننتظر، كؿ شيء حواليؾ، مف البحر ذي الزرقة الداكنة إلى تمؾ الجباؿ الصخرية الشامخة، يراقب ىو اآلخر. ترانا نراقب، ال

ال نتوقع حدوث أي شيء، بؿ نراقب ببل نياية. وفي تمؾ المراقبة تعمـ، ليس مراكمة المعرفة عبر تعمـ يكاد أف يكوف آليا، إذ ذاؾ ينعدـ المراقب. عندما يوجد مراقب فالمراقبة –إنما المراقبة عف كثب، ال سطحيا أبدا، بؿ عمقيا، في خفة ولطؼ

يراقب؛ وتمؾ ليست مراقبة، بؿ تذكر وحسب، وىو شيء ميت نوعا ما. المراقبة نابضة بالحياة، وكؿ تكوف محض الماضي لحظة تخمية. تمؾ السرطانات الصغيرة وتمؾ النوارس وجميع تمؾ الطيور الطائرة قريبا تراقب. إنيا تراقب طمبا لمفريسة،

ى. يمر أحدىـ عمى مقربة منؾ ويتساءؿ عما تراقب. أنت ال تراقب لمسمؾ، تراقب طمبا لشيء تأكمو؛ إنيا تراقب ىي األخر .شيئا، وفي تمؾ البلشيئية يوجد كؿ شيء

رجؿ أميؿ إلى الشيخوخة، ذو لحية حسنة –منذ بضعة أياـ، أتى رجؿ سافر كثيرا، رأى الكثير، كتب أشياء وأشياء و، بثيابو. كاف يتقف اإلنكميزية، مع أنو أجنبي. وقد قاؿ لمرجؿ التشذيب، محتشـ الينداـ مف غير غمو مبتذؿ، معتنيا بحذائ

الجالس عمى الشاطئ يراقب إنو قد تحدث إلى عدد كبير مف الناس، تناقش مع بعض األساتذة والمثقفيف، وحيف كاف في د قولو، ليسوا ممتزميف الفقياء[. وأغمبيـ، عمى ما يبدو، ليسوا مباليف بالمجتمع، عمى ح] پندتاليند، تحدث إلى عدد مف الػ

التزاما عميقا أي إصبلح اجتماعي وال أزمة الحرب الحالية. كاف عميؽ االىتماـ حياؿ المجتمع الذي نحيا فيو، مع أنو ليس مصمحا اجتماعيا. لـ يكف واثقا تماـ الثقة إف كاف تغيير المجتمع أمرا ممكنا، إف كاف باإلمكاف فعؿ شيء بيذا الخصوص.

.لكنو كاف يرى ماىيتو: الفساد المستشري، عبثية رجاؿ السياسة، الحقارة والتفاىة والوحشية المتفشية في العالـ

ليس إصبلحات صغيرة تافية ىنا وىناؾ، استبداؿ رئيس آخر بالرئيس –قاؿ: "ماذا بوسعنا أف نفعؿ حياؿ ىذا المجتمع؟ مف الصنؼ نفسو بدرجة أو بأخرى؛ ليس بوسعيـ أف يفعموا الكثير ألنيـ فجميعيـ –الحالي، أو برئيس الوزراء الحالي سواه

يمثموف الوضاعة، أو حتى أقؿ مف ذلؾ: االبتذاؿ؛ إنيـ يريدوف المظاىر، ولف يفعموا شيئا أبدا. سوؼ يحدثوف إصبلحات قب مختمؼ المجتمعات صغيرة وضيعة ىنا وىناؾ، لكف المجتمع سوؼ يستمر عمى حالو عمى الرغـ منيـ." كاف قد را

والثقافات، ووجدىا ال يختمؼ بعضيا عف بعض كثيرا مف حيث األساس. بدا رجبل جديا لمغاية وصاحب ابتسامة، وتكمـ عمى جماؿ ىذه الببلد، اتساعيا، تنوعيا، مف الصحارى الحارة إلى جباؿ الروكي العالية البيية. كاف المرء يصغي إليو كمف

.اقبويصغي إلى البحر وير

ىـ الذيف أوجدوا ىذه المجتمعات أجياال بعد –أنت وسواؾ – ال يتغير ما بالمجتمع حتى يتغير ما باإلنساف. البشرأجياؿ؛ نحف جميعا الذيف جعمنا ىذه المجتمعات مف تفاىتنا وضيقنا، مف محدوديتنا، مف جشعنا وحسدنا ووحشيتنا وعنفنا

غار، الغباء، االبتذاؿ، عف جميع السخافات القبمية وعف الطائفية وتنافسنا، إلى آخر ما ىنالؾ. نحف الم سؤولوف عف الصإنو موجود، ونحف الذيف صنعناه، ومف ثـ فيو الذي .الدينية. فما لـ يتغير كؿ منا تغيرا جذريا، لف يتغير المجتمع أبدا

.ب يوضع في إطار، وىو المجتمعيصنعنا. إنو يشكمنا، مثمما شكمناه؛ إنو يضعنا في قالب، والقال

ومنو، فإف ىذا الفعؿ يتواصؿ إلى ما ال نياية، مثؿ البحر، جزرا ومدا، ينحسر بعيدا ثـ يعود فيمتد، أحيانا في بطء ما لـ يكف –شديد، وأحيانا أخرى سريعا، خطيرا. مد وجزر؛ فعؿ، رد فعؿ، فعؿ. يبدو ىذا وكأنو مف طبيعة ىذه الحركة

ناؾ نظاـ عميؽ في الذات. وذاؾ النظاـ ىو الذي سيولد النظاـ في المجتمع، ليس عبر التشريع والحكومات وذلؾ اليرج ى

مع أنو مادامت ىناؾ فوضى، بمبمة، فإف القانوف، السمطة التي توجدىا فوضانا، سوؼ يستمر. القانوف مف صنع –كمو .القانوف ثمرة اإلنساف ىي –اإلنساف، شأنو شأف المجتمع

ومنو، فإف الباطف، النفس، يجعؿ الظاىر بحسب محدوديتو؛ ثـ يعود الظاىر فيسيطر عمى الباطف ويقولبو. لقد ظف نشاء بعض –ولعميـ مازالوا يظنوف –الشيوعيوف أف بوسعيـ، بالسيطرة عمى الظاىر، بسف بعض القوانيف واألنظمة وا

يغيروا ما باإلنساف. لكنيـ لـ ينجحوا حتى اآلف، ولف ينجحوا أبدا. وىذا ىو دأب المؤسسات، أشكاؿ بعينيا مف االستبداد، أفاالشتراكييف أيضا. الرأسماليوف يفعموف ذلؾ بطريقة مختمفة، لكف األمر يبقى ىو ىو. الباطف يتغمب عمى الظاىر دوما؛ إذ

.إف الباطف أقوى بكثير، أكثر حيوية بكثير، مف الظاىر

الباطف خالقا البيئة الظاىرة نفسانيا؛ والظاىر، القانوف، المؤسسات، –لحركة أف تتوقؼ يوما؟ فيؿ يمكف ليذه ا، الباطف، النفس، مغيرة إذ ذاؾ الظاىر، محتالة التنظيمات، محاولة تشكيؿ اإلنساف، المخ، بحيث يعمؿ بطريقة معينة؛ والمخ

ا، سطحيا، المعا أحيانا عميو. ىذه الحركة مافتئت مستمرة ما ظؿ اإلنس ما انفؾ الباطف –اف عمى ىذه األرض، استمرارا فجيتغمب عمى الظاىر، كالبحر بجزره ومده، ينحسر ويمتد. عمى المرء أف يسأؿ حقا إف كاف مقيضا ليذه الحركة أف تتوقؼ

تنتيي حيف تكوف ىناؾ مراقبة فحسب، مف غير فعؿ ورد فعؿ، كره ومزيد مف الكره، عنؼ ومزيد مف العنؼ. إنيا –يوما .باعث، مف غير استجابة، مف غير اتجاه

فيي ذات ذكاء تختص بو. –وفييا انتباه ووعي وشعور عظيـ بالرحمة –ينشأ االتجاه عندما يوجد تراكـ. أما المراقبة ـز تيقظا عظيما، لرؤية األشياء مف دوف ىذه المراقبة والذكاء يفعبلف؛ وذاؾ الفعؿ ليس فعؿ الجزر والمد. لكف ىذا يستم

.وفي تمؾ المراقبة حيوية، شغؼ عظيـ – الكممة، مف دوف االسـ، مف دوف أي رد فعؿ

فيصعقني تصريح أو تصريحاف مما جاء في الكتاب، ،5أنا إنساف عادي. أصادؼ كتابا مف كتب ؾ :كريشنامورتيالمزعومة. وىو "المؤسسات والمنظمات "الروحية –أو أنو ال يؤيد –المزيد عف األمر. أرى أنو يعارض فأرغب في معرفة

لست سعيدا في –يحدثني عف مشكبلتي. إنو يدؿ عمى ماىية مشكبلتي وعمى حؿ تمؾ المشكبلت. وىب أف عندي مشكمة ا ما بالحياة ككؿ ألني وجدت أف معناىا فعميا ضئيؿ جدا. عممي، لست سعيدا في عبلقتي مع اآلخريف، تراني برما نوع

أذىب إلى العمؿ، أتعاطى الجنس، عندي أسرة، أو ال أسرة عندي، وتراني أشرب، وغير ذلؾ. إذا كنت في اليند، فأنا مقيد سواء كنت غربيا، بالتراث، وأرى أنو "ضد التراث"، إذا جاز لي أف أستعمؿ ىذا التعبير. وىو ال يعطيني أي توجييات؛

[ أوروبيا، أو شرقيا، ىنديا، فيو ال يعطيني أي توجييات، وتراني أريد توجييات، فأنا متعود ذلؾ. وألنو ال توجد ]عنده "!توجييات، قد أطرح الكتاب وأقوؿ: "أي ىراء ىذا الذي يتحدث عنو

وجييات؟ لماذا ال يأمرني بما يجب أف أفعؿ؟" وأبدأ أما إذا كنت محبا لمبحث بعض الشيء، فأسأؿ: "لماذا ليس عنده تباالستفسار وقراءة المزيد. أكتشؼ أف التوجييات تجعؿ المرء أكثر آلية، أكثر غفمة بنفسو فحسب، فأواصؿ التقصي. أرى أنو

ية بعض مصيب تماما. أرى حماقة التوجييات. وأرى كذلؾ أنو كانت ىناؾ توجييات مف قبؿ ألني درست األمور الدينأنا الذي يعيش حياة عادية: أذىب إلى –واآلف، ماذا أنا فاعؿ؟" ذلؾ ىو سؤالي األساسي. ماذا أنا فاعؿ؟ " :الشيء، فأقوؿ

ماذا أنا فاعؿ؟ مف خبلؿ قراءتي لمكتاب، ىؿ يأمرني بما يجب أف أفعؿ؟ – المكتب أو المصنع، أو أمارس نوعا مف العمؿفماذا يحاوؿ أف يقوؿ لي يا ترى؟ إنو يحاوؿ أف يقوؿ لي: "كف واعيا بنفسؾ، تعرؼ إلى شرطؾ، وأجد أنو ال يفعؿ ذلؾ بتاتا.

.الفخ الديني، االقتصادي"، إلخ، إلخ –انظر ما ىي الفخاخ وتقص تمؾ الفخاخ

إنو يحاوؿ أف يقوؿ ال ذكاءه أو الذكاء الذي يتجمى في الكتاب؛ –إف ما يحاوؿ أف يقولو لي أساسا ىو أف أوقظ ذكائي لي: "كرمى لمحؽ، أيقظ ذكاءؾ، أشيره، تساءؿ، حاجج، ناقش، شكؾ." إنو يقوؿ لي ذلؾ كمو. لذا أبدأ باكتشاؼ أني نوعا ما شخص غبي، فظ، جمؼ. لكني لست عديـ الحساسية تماما، وىو يقوؿ لي: "استيقظ، إنيا حياتؾ، أحمؿ النظاـ فييا في

نشئتي كميا قامت عمى "مرني بما أفعؿ"؛ لذا تراني أقاـو ىذا، فأرتد إلى تمؾ الػ"مرني بما أفعؿ". ومع ذلؾ فيو حذاقة." لكف تـ تنشأ في المقاومة في مقابؿ ما قرأت. وىكذا يوجد نزاع يقوؿ: "ال تسؿ عما أنت فاعؿ، بؿ غص في األمر، ناقش." ومف ث

.بيف ما قرأت وبيف مقاومتي

إلى مأزؽ، بسبب كسمي، بسبب حياتي األسرية وسائر تمؾ المشكبلت، فأنصرؼ عف األمر مدة، قد تكوف عاما ثـ أصؿ، بذرة أف "المسئوؿ عف أفعالؾ ىو وال أحد أنتأو ستة أشير أو يوما واحدا. أنصرؼ عنو مدة ما. لكف البذرة زرعت في

فأقبؿ ذلؾ. لكف عندي عمبل، أذىب إلى المكتب أو المصنع، أنا نجار سواؾ!" ذاؾ ما يقولو لي وأوافؽ عميو. أرى منطقيتو،أو عالـ أو ما شاكؿ، وأرى أكثر فأكثر التناقض في حياتي بيف ما قرأت وبيف ما أنا عميو. وىكذا يجري نشاط فصامي: تقبؿ

.لفظي لمكتاب ولما قرأت مف ناحية، وحياتي اليومية مف ناحية ثانية

بالنزاع. أعي فجأة بأف حياتي ككؿ قائمة عمى النزاع. واآلف أقوؿ مجددا: "مرني، أرجوؾ، بما أفعؿ حياؿ فأنا اآلف ميتـ ـ أعي تدريجيا بأني ىذا النزاع الرىيب عندي." فيناؾ في مف جديد ىذا التناقض الواقع: "مرني، دعني أتقبؿ أفكارؾ." ومف ث

5 ير إلى نفسو بحرؼ "ؾ" تجنبا الستعماؿ ضمير المتكمـ.كاف مف عادة كريشنامورتي أف يش

ف ما أريده حقا ىو السمطة، شخصا يرشدني. وىو ذا يقوؿ: "ال تفعؿ ذلؾ، كف نورا أنشئ سمطة. أصير تدريجيا واعيا بأفاألمر عمى غاية مف الصعوبة. فتراني تائيا ببل أمؿ. أنا تائو، ولعمي مكتئب، فأقوؿ: "طيب، األمر ال –لنفسؾ." وأستسمـ

".ؿ ذات يـو إلى مكاف ما أو سواهيستحؽ الجيد، فمننسو. ليس عندي الطاقة، ليس عندي الحافز، ولعمي أص

وقد أكوف مخطئا. ىناؾ الذيف بمغوا ىذه النقطة ويستمروف، ال –ىذا ما يحدث عموما مع غالبيتنا، كما أفيمو ولعؿ تمؾ ىي حاؿ غالبيتنا. ثـ أرى أىمية إيقاظ الذكاء والتيقظ لواقع أني يجب أف أكوف –يستسمموف، ال يقروف باليزيمة

ي. أنا لست شديد الفطنة؛ أنا فعاؿ إلى حد ما في نشاطي الدنيوي؛ لكف ىذا األمر يستدعي نوعا مختمفا تماما مف نورا لنفس .الذكاء، نوعا مختمفا تماما مف التفتح

مة فأيف أنا اآلف؟ عمي أف أعيش في ىذا العالـ. عمي أف أجني الماؿ. عندي عائمة، وعمي أف أعيميا. زوجتي غير ميتأوالدي يذىبوف إلى المدرسة، يزدادوف جبلفة وفظاظة وقمة حساسية، وليس بيني وبينيـ عبلقة. فأرى المخبطة .بيذا كمو

الرىيبة التي افتعمتيا لنفسي ولآلخريف. واآلف، كيؼ لي أف أوقظ ذلؾ الذكاء بحيث يكوف بوسعي التعامؿ مع ىذا كمو؟ لقد ب[ ؾ وحسب بؿ كتب أخرى أيضا؛ أصبت قميبل مف الفمسفة اليندية ومما قالو سبؽ لي أف قرأت كتبا عديدة، ال ]كت

البوذيوف. لست ميتما بصفة خاصة بالمسيحية ألنيا ال تتأسس عمى فمسفة، بؿ تقـو عمى االعتقاد واإليماف والسمطة، بحيث سي عما أنا فاعؿ. كيؼ لي أف أوقظ ذاؾ إنيا ال تستيويني كثيرا. وىكذا بت أدرؾ بأني أتخبط في ىذه الفوضى وأسأؿ نف

كف واعيا بالعالـ الخارجي، … الذكاء الذي سيتعامؿ في وضوح مع قضايا العبلقة ىذه كميا، إلخ، إلخ؟ فيو يقوؿ: "كف واعيا. بما يحدث فيو، انظر إليو مف دوف أي تحيز." أجد ذلؾ صعبا نوعا ما، لكني أسعى في وعي أحكامي المسبقة، إشراطي

وأصير واعيا بأفعالي، بخواطري، بمشاعري، بالمجاالت التي أعدـ فييا الحساسية: أنا تافو نوعا ما، أنا طموح، إلى ما ذف فأنا أكتشؼ في نفسي عوامؿ، مصادر انعداـ حساسيتي وبداية ىذا الذكاء الذي ينسؿ انسبلال طفيفا. إنو ليس ىنالؾ. وا

بدايتو. وأبدأ فعميا برؤية األشياء التي ليست حقيقية في حياتي، األشياء الزائفة، النفاقية نوعا ما، كامؿ اإلزىار بعد، لكنو فيفأبدأ أقوؿ: "ىؿ مف الممكف أال أكوف منافقا، أال أدعي، أال أضع أقنعة بحسب البيئة، بحسب الناس الذيف أقابميـ؟" أرى أنو

.وعي الزائؼأت أدرؾ أف الذكاء ليس إنكار الزيؼ، بؿ ىو باألحرى ، وأبدأ بنبذ ىذا كمو. لقد بدفعبل ممكف

لقد بدأت أدرؾ أف األشياء التي ظننتيا قيمة، أو ذات مغزى ما، ال معنى ليا فعميا عمى اإلطبلؽ. القيـ، المثؿ التي يجعؿ الزائفة منيا أو التي ال مغزى ليا اتخذتيا، ال قيمة ليا فعميا، ال عمؽ فييا. وذاؾ اإلدراؾ بالذات بأنيا عديمة العمؽ

تتبلشى. لـ أصارعيا، لـ أقؿ بأنيا صحيحة أو خاطئة، بؿ إف مجرد إدراؾ عدـ معناىا، عدـ صحتيا، مجرد ذاؾ اإلدراؾ أنا صائر أكثر فأكثر وعيا، –ال، لست صائرا؛ بمى، سأستعمؿ كممة "صيرورة" –يبدأ في كشح ما ليس حقيقيا. فأنا صائر

.أكثر فأكثر تنبيا، أكثر فأكثر يقظة

وىو يقوؿ أيضا في ذلؾ الكتاب شيئا غريبا نوعا ما، ال أفيمو تماما. يقوؿ: "ال تخض تمؾ السيرورة كميا، اقفز إلييا! ال تمض خطوة فخطوة فخطوة، فتمؾ مضيعة لموقت. ففي عممية الخطوة فخطوة ىذه يمكف لؾ أف تستمر إلى ما ال نياية

ـ يقوؿ: "ال تسمح بمرور زمف بيف الرؤية والفعؿ." وذاؾ بنظري ".مكتشفا مختمؼ أشكاؿ خداع النفس وىكذا دواليؾ ومف ث مسرؼ في الخروج مف مجاؿ إدراكي. بذا أجدني أتقصى: ماذا يعني بذلؾ؟

ذف فيؿ أنا بادئ برؤية أىمية اإلدراؾ وعبلقتو بالفعؿ؟ ذاؾ ىو موقفي. ذاؾ ما سأقر ره. ذاؾ ما سيقولو شخص عادي وا وقد بمغ تمؾ النقطة وعمؽ فييا. أدور وأدور في دوائر، لكني عمى نحو ما غير قادر عمى كسر تمؾ الدائرة. –ىو أنا –

ماذا أنا فاعؿ؟" فتراه يكرر الشيء نفسو: "ال تتكؿ عمى سواؾ." " :فأسألؾ، أنت الذي كتب ذلؾ الكتاب أو صرح بيذه األقواؿذف، تراني أسأـ ذلؾ بعض الشيء، وقد أقوؿ: "أواه، اذىب إلى الجحيـ، أنا عالؽ وأنت ال إنو ال ينفؾ يحيمني إلى نفسي. وا

تساعدني!" فيقوؿ: "ما مف أحد يستطيع أف يساعدؾ، ما مف مؤسسات، وال منظمات، وال سمطة أو ضغوط خارجية مف أي ف جزعي مف كسر الدائرة مف اليوؿ بحيث إني ال أصغي حتى إلى نوع تستطيع أف تساعدؾ." فيؿ تراني أصغي إليو؟ أـ أ

ما يقوؿ؟

ذف، فأنا ىاىنا. لست مصغيا. وتراؾ تأتي وتقوؿ لي بأف أصغي. عندما تكوف عندي مشكمة خطيرة مع نفسي، فأريد وا مغاية، عميقة اإلزعاج لمغاية، جوابا، فأكوف عميؽ االىتماـ بالمشكمة لمغاية، أجد نفسي عاجزا عف اإلصغاء. المشكمة الذعة ل

وأنت تقوؿ لي: "أصغ"، فبل أستطيع. ال أعرؼ كيؼ أصغي. لكنؾ أخبرتني عف فعؿ اإلصغاء، وتمؾ البذرة قد زرعت. أظنني سأتعمـ اإلصغاء، "…وىكذا أصغي، أتعمـ. وأجدني أفعؿ الشيء الذي حذرني منو بالذات: "ال تسمح بمرور زمف

ذف فقد بمغت تمؾ النقطة. أتعمـ كؿ شيء عنو، تدري جيا، ببطء، عمى راحتي. وىو يقوؿ: "تمؾ مضيعة لموقت فحسب." وا .تابعوا اآلف

1982تموز 23زانن،

أود أف أناقش نقطة قد تكوف عمى شيء مف األىمية. في مؤتمر انعقد في نيويورؾ أوؿ ىذا الربيع، كاف :كريشنامورتيتحوؿ إلى الجراحة العصبية. ومما قالو بدا أنو رجؿ ذكي نوعا ما. )أنا ال –ال أعرؼ اسمو –في الفمسفة حاضرا أستاذ

أتعالى، رجاء.( وعند نياية النقاش، قمت إف الشيء الميـ، الجدير باالىتماـ حقا، ىو إف كاف بإمكاف خبليا المخ، التي لي ىذا الجراح العصبي: "تمؾ ىي النقطة التي أريد أف أصؿ إلييا. لو فقاؿ .طالما أشرطت، أف تحدث في نفسيا طفرة

أمكف لذلؾ أف يحدث لكاف أروع األشياء. فنحف نحاوؿ، بطرؽ متنوعة، أف نغير الخبليا." وأضاؼ: "أود أف أتحدث معؾ .حوؿ األمر." لكف ذاؾ كاف آخر لقاء، وكاف الوقت قد نفد، فافترقنا

: مسألة إف كاف بإمكاف خبليا المخ التي أشرطت طواؿ قروف عمى الكاثوليكية أو الپروتستانتية، أود أف أناقش ىذا معكـليس عبر –عمى اليندسة، عمى الفمسفة، إلى آخر ما ىنالؾ، أف تصير واعية لنفسيا، فتخترؽ بالتالي إشراطيا جذريا

فنحف نتكمـ –االختبار مف الخارج لمتأثير عمى الداخؿ المصادفة، أو عبر اليندسة الوراثية، أو عبر صدمة كيربائية، عبر .عمى شيء مختمؼ كؿ االختبلؼ عف ذلؾ

مخي ليس منفصبل عني. فإذا أشرط مخي كيندوسي، ومف بعد عبر أشكاؿ متنوعة مف القسر، أشكاؿ متنوعة مف ية بأسرىا(، ما الذي سيجعمو واعيا بنفسو الضغط )ليس مخي تحديدا، ولكف ىب أف ىذا المخ قد أشرط إشراطو عند البشر

مف غير ضغط مف الخارج، مف غير أي أزمة، مف غير أي شقاء أو تضحية؟ ما الذي سيحدث ذلؾ، بحيث تعي الخبليا مف غير ضغط، ألنؾ إذا مارست ضغطا، انصاع ذلؾ لفعؿ شيء آخر؛ إذا اتكمت –نفسيا وضعيا، فتتفجر مف الداخؿ؟

قد يحرؼ ذلؾ البنية بأسرىا. إذا تعاطيت مخدرا لكي أغير خبليا المخ، فذاؾ ىو اآلخر تحريؼ. أما وأني أرى عمى حادث، فمف – ما يحدث في العالـ، أكنت ىندوسيا أو كاثوليكيا أو ميما كنت، أقوؿ لنفسي: "ىؿ مف الممكف تغيير خبليا المخ تمؾ

…كوف ىناؾ اتجاه، ومف ثـ يكوف؟" إذا وجد باعث، إذ ذاؾ يدوف أي باعث

فمنتحدث عف ذلؾ قميبل. ىب أنني مشروط ككاثوليكي أو بوذي )أنا في منطقة أكثر أمانا ىناؾ(. أنا بوذي، ومنذ الطفولة ، أف أكرر عبارات بعينيا. وىكذا مافتئت أكرر؛ وذلؾ التكرار، ذلؾ البرنامج أشرط خبل ، يوما بعد يـو يا قيؿ لي يوما بعد يـو

المخ، العممية كميا. واآلف، تظير أنت وتقوؿ إف كوف المرء بوذيا أو مسيحيا أو ميما كاف ىو منظار ضيؽ جدا إلى الحياة، إنو يحد الذات. فأرى، مف غير مجادلة مسيبة، أنؾ عمى حؽ. تراني أتقبؿ األمر لفظيا، لكنو لـ يغير في األمر شيئا؛ لـ

مف دوف انضباط ذاتي، إلى –اآللية، ال بد مف طفرة." وأنا أسأؿ: "ما الذي سيحدث ىذه الطفرة؟" يجعؿ المخ يقوؿ: "بحؽ .ما ىنالؾ

اف متوسطاف، أصابا حظا طيبا مف التعميـ، مف الذكاء، مف التيقظ ياي مخ ا متوسطا. ىب أنؾ وا أنا آخذ كمثاؿ مخياي عانينا الكثير مف المشكبلت، األسرة، دوامة الحياة؛ وأنت وأنا بتنا ندرؾ أننا مشروطاف، ألحداث العالـ، إلخ. لنقؿ إنؾ وا

أو شيء ما. ثـ تراه يظير ويقوؿ: "انظرا إلى ما تفعبلف. ىذه السيرورة ، 6أنت كمسيحي، أنا كبوذي، أو كعالـ مسيحيطة التركيز الخادع لمنفس برمتيا. وتراني أرى المحددة لمذات شديدة التخريب." وىو يورد لؾ األسباب كافة، فيبسط بذلؾ خري

6العمـ والصحة مع ووضعت قواعده في كتابيا 1866مذىب ديني أسستو ماري بيكر إدي في العاـ :Christian Science "نسبة إلى "العمـ المسيحي

وأف الحؽ والخير حقيقياف، بينما الشر والباطؿ ليسا حقيقييف. ويعتقد "العمماء ؛ ومفادىا أف اإلنساف والكوف ككؿ مف طبيعة روحية (1875) مفتاح الكتاب المقدس المسيحيوف" أف كؿ شيء ممكف في سبيؿ الخير، عبر اهلل، بالصبلة والعمـ والفيـ، بما ذلؾ الشفاء مف األمراض المستعصية.

لـ يحدث انقبلبا كميا ]في السيرورة[. ما فعمو ىو أني – جذرياحقيقة األمر، لكف ىذا لـ يؤثر في الخبليا تأثيرا جذريا؛ وكممة – ال نوعا ماسطحيا تحولت عف البوذية، وتحولت أنت عف الشيء الذي أنت متعمؽ بو، وترانا نشعر أننا أفضؿ حا

"أفضؿ" تمؾ، ىي األخرى، شيء رىيب بنظري. لكني أسأؿ: "كيؼ يمكف لؾ وكيؼ يمكف لي أف نحدث فعبل أو عدـ فعؿ "مف شأنو أف يغير الخبليا؟

…إنيا طاقة :س

ال تستطيعيف أف إياؾ. أال تريف أنؾ ال تتقصيف؟ إذا قمت إنيا طاقة، فأنت تضعيف نفسؾ في موقؼ يشعرؾ بأنؾ :كتفعمي شيئا. عمى العكس، قد يكوف بمقدورؾ أف تفعمي شيئا خارقا! يقع التمؼ عمى خبليا المخ عندما يكوف ىناؾ أي نوع

.مف اإلجياد، أي نوع مف النزاع، أي نوع مف محاولة أف تكوني شيئا، فتخفقيف ثـ تتباكيف عمى ما فاتؾ

تراؾ تقوؿ: "بينو لي، برىف لي عميو." فأقوؿ: "ال أستطيع أف .كنؾ ال تقبؿ قوليواآلف، أقوؿ لؾ إف فعؿ ذلؾ ممكف. ل، –األرانب البشرية واألرانب العادية – أبرىف عميو بطريقة البرىاف العممي"، بمعنى وضع فرضية، ثـ تجريبيا عمى األرانب

أقوؿ إف ذلؾ العمؿ مف الخارج .الخارجمف –الخارج فالقوؿ: "ىو ذا، لقد حصمنا عمى النتيجة!" فالنتيجة عممية مأخوذة مفذف، ليس ىناؾ اتكاؿ عمى الخارج: اإلرادة، األمؿ، الصبلة، بالذات ىو أحد عوامؿ التمؼ، ألنؾ عندئذ متكؿ عمى الخارج. وا

فتحدث تغييرا في االسترشاد، كما تعمموف، األشياء كميا التي نميو بيا نحف السخفاء! فما الذي سيجعؿ خبليا المخ تتغير،ىب أنني قطعتو، .نفسيا إذ تقطع كؿ نوع مف أنواع التأثير اآلتي مف الخارج؟ فيؿ قطعتموه يا ترى؟ ىب أنكـ قطعتموه

بحيث ال يكوف ثمة اعتماد عمى المخدرات، عمى اإلرادة، عمى وسيط خارجي، اهلل أو سواه. القياـ بيذا كمو يستمـز انتباىا ذاؾ، ماذا يحدث؟ ىائبل. إذ

أف أي شكؿ مف أشكاؿ ترى، صحيح؟ أنت اآلفقبؿ كؿ شيء، ىؿ ذاؾ ممكف؟ ىؿ ىو ممكف بنظرؾ؟ وأعني الفعؿ والتحريؼ ىو إشراطنا ألنو سكب فينا برمتو: أنؾ كاثوليكي، أنؾ .الوساطة الخارجية يتدخؿ في خبليا المخ إنما ىو تحريؼ

جب أال تفعؿ ذاؾ، يجب أف تنجح، يجب أف تشقى، أو ال تشقى. أي أف الخارج قد ىندوسي، أنؾ يجب أال تفعؿ ىذا، يواإلشراط تحريؼ. ومنو، يجب عمى –الخبرة الخارجية، الحوادث الخارجية، الپروپاگاندا ]الدعاية[ الخارجية –أشرط المخ

ا –االتكاؿ عمى الخارج أف ينعدـ …وىذا متناسى تناسيا تام

…ألمر ىو أنؾ قد تفيـ، لكف قد يظؿ ىناؾ عنصر أمؿ فيو. تمؾ ىي المشكمةأصعب ما في ا :س

.فكأنؾ تستأصؿ سرطانا، تزيمو تماما :ك

.ببل باعث مطمقا :س

.ببل باعث مطمقا :ك

.قد يكوف ذلؾ ىو الشيء الذي ال أستطيع أف أتتبعو :س

اسمع، .أنت ذاؾ. إنو يمفت النظر إلى شيء، وأنت تفيـ، ال، ال، أنت ال تتتبعو. إنو جزء منؾ، ال تقدر أف تتبعو :كأف ينتيي. األمر منوط بؾ، أنت ال تتبع ؾ. يجبإنو .تعميماإف الشقاء يجب أف ينتيي. صحيح؟ ذاؾ ليس كسيدي: يقوؿ

عندئذ جزء منؾ؛ ذلؾ." فيو أرى .أنت تقوؿ: "نعـ، ما يقولو صائب. بوسعي أف أرى ذلؾ. ما لـ ينتو الشقاء تنعدـ المحبة وأنت ال تتبع ذلؾ الرجؿ المسكيف وال تعميمو. ذاؾ جزء منؾ. ىؿ أوضحت األمر؟

ومنو، ىؿ أستطيع، ىؿ يستطيع إنساف أف يكوف بيذه الحرية التامة مف الوساطة الخارجية؟ أجؿ، سيدي، ذاؾ ىو الشيء ال فأنت تميو بألعاب –األىـ !وا

…المدارس والقياـ بالعمؿ في المجاف وأمور مف ىذا القبيؿ اىتمامنا منصب أكثر عمى بناء :س

تراني أصرؼ معظـ .آ، تمؾ قضية جانبية وحسب. عندما تكوف ىذه ]الرؤية[ موجودة فإف ذاؾ ]العمؿ[ أيضا يتـ :ك .وىذا الشيء –وقتي متجوال، مكمما المدارس، مكمما الطبلب، مكمما العمماء

مف الخارج، أال يعني أنني أصير سمبيا؟عدـ اتكالي عمى أي شيء :س

أنت ال تتكؿ عمى شيء البتة. دعنا، سيدي، ننظر في األمر. سيدي، ما ىو اإليجاب وما !آه، ال، ال. عمى العكس :كالحب ليس الغيرة؛ الحب ليس الغضب؛ الحب ليس وطني، :ىو السمب؟ وكيؼ تصؿ إلى اإليجاب؟ لنقؿ، عمى سبيؿ المثاؿ

ا أكشح الكره تماما؛ أنفي الكره، أبعده. ثـ أقوؿ أيضا: الحب ليس الطمع، فأكوف قد أبعدت الطمع. ومنو، وىكذ… وطنؾ .عبر السمب تصؿ إلى اإليجاب. نبدأ بالنفي وننتيي باإلثبات

ندئذ؟ مخي ال فيؿ باستطاعة المخ البشري أف ينفي االتكالية كميا، أي نوع مف االتكالية؟ ىب أنو يستطيع، فماذا يحدث عذف، فمف ينفؾ يشرط مف الخارج؛ ومف الخارج كذلؾ يوجد رد فعمو الخاص، ورد الفعؿ ذاؾ بعينو يشرط المخ جزئيا. وا

ياب، فعؿ ورد فعؿ. اآلف، ىؿ يمكف لذاؾ أف يتوقؼ؟ .الخارج، وكذلؾ مف ردود فعمي، تراه مشروطا إنيا حركة ذىاب وا ي، فأركمؾ. ذاؾ ىو الفعؿ ورد الفعؿ. واآلف ىؿ مف الممكف لمفعؿ/رد فعؿ أف ينعدـ؟ قد تركمني، لكف تكرىني، فأكرىؾ؛ تركمن

ليس ىناؾ رد فعؿ. عندما ال يوجد رد فعؿ فإف ركمتؾ ال أىمية ليا، واألمر ينتيي. إذا قبمتني، قبمتؾ؛ إذا فعمت شيئا، أرد .ولـ أرد فعمؾ بتاتا؟ أنا حساس، حي، لست ميتا، لست مشموال، لكني ال أردعميؾ. ولكف ماذا لو فعمت بي شيئا

ماذا يحدث فبل أرد؟ (:إيطاليا)س

ألنني أرى عبثية األمر؛ أرى غباوتو. لقد ركمني الناس فعميا، ضربوني فعميا، وال أرد الفعؿ. بذا ماذا يحدث؟ إذا :كد أنتمي إلى عنفؾ. األمر، اآلف، أشبو بمد داخؿ وبمد خارج، فعؿ منؾ ورد فعؿ لكني، إذا لـ أرد، لـ أع… رددت الركمة

.مني. الفعؿ منؾ مثيؿ رد فعمي عميؾ. ىذا واضح. الفعؿ منؾ ورد فعمي عميؾ متماثبلف

الذي يجعمني ال أرد الفعؿ؟ العبلجعبارة طبية، ما ىو (: إيطاليا)س

"ال تكف سخيفا!" ليس ىناؾ عبلج، إنو يقوؿ فقط: "انظر كيؼ تستمر الحروب." أنا العبلج ىو ذكائي الذي يقوؿ: :كترانا ال نجمس ونقوؿ: . 7بريطاني وأنت فوكبلندي، أرجنتيني؛ أنت تريد تمؾ الجزيرة وأنا أريد تمؾ الجزيرة، فنتصارع عمييا

إذا كنت تريدىا، خذىا، فأنت أقرب إلييا بكثير مني." تستطيعاف أف تناقشا ."انظر، كرمى هلل، لنكف عاقميف، لنتكمـ في األمر .األمر، لكنكما إذا ىرعتما إلى األسمحة فات األواف

7 .زر الفوكبلند )المالڤينا( في عيد رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشربيف إنكمترا واألرجنتيف عمى ج 1982إشارة إلى الحرب التي نشبت في العاـ

لقد قاؿ إف حكاية . 8ىؿ سمعتـ بتمؾ القصة الظريفة؟ أرجو أال تمانعوا أف أكررىا. تعرفوف الكاتب األرجنتيني، ڤارغاس !يف أصمعيف يقتتبلف عمى مشطالفوكبلند عبارة عف رجميف ىرم

إف حجتي، سيدي، كما ترى، ىو أف الفعؿ ورد الفعؿ متماثبلف؛ ومفادىا: تصفعني، فأرد بالتالي الصفعة، … فمنواصؿذف، ففعمؾ وردي عميو متماثبلف: فعمؾ قائـ عمى رد وكبل الفعميف مثيؿ اآلخر. فعمؾ ىو صفعي، فأرد فعمؾ بصفعؾ؛ وا

ليس ألنني فاضؿ، أمارس البلعنؼ، –ؾ فعمي. فماذا يحدث إذا لـ أرد الفعؿ؟ تصفعني فبل أرد الفعؿ عندئذ الفعؿ، وكذل .تمؾ الميزلة كميا. ال أرد وحسب. أرى عبثية رد الفعؿ

ذف، ال فارؽ أنا ألفت النظر إلى شيء شديد البساطة: فعمؾ كاف قائما عمى رد الفعؿ، وفعمي كذلؾ قائـ عمى رد الفعؿ. و ا ثمة، ثمة رد الفعؿ فقط. إذا كنت في پولونيا وكاف أناس بغيضوف يتسمطوف عمي، مانعيف الحرية، أرد الفعؿ. بطبيعة الحاؿ،

.طيب، لف أرد!" عميؾ أف ترد الفعؿ" :يجب أف أرد الفعؿ. ال أستطيع أف أقوؿ

!لكف ذاؾ عنؼ :س

"!سيا أف تسيطر عمى پولونيا، تقوؿ پولونيا: "إليكـ عني إلى الجحيـسيدي، كما ىي حاؿ األمور، حيث تحاوؿ رو :ك، عمييـ أف يقولوا: "إليكـ عنا إلى الجحيـ". لكنني إنساف. نحف نتكمـ عمى بشر، ال عمى پولونيا أو كما ىي حاؿ األمور

!روسيا

ؿ بنظري. إذف، أرى العبثية، وبذلؾ اآلف، دعونا ننظر في األمر. الفعؿ ورد الفعؿ مف طبيعة واحدة. ذاؾ اكتشاؼ ىائ؛ فيؿ يمكف لذاؾ أف يتوقؼ؟ تمتدحني، –فعؿ/رد فعؿ، فعؿ/رد فعؿ –ينعدـ الفعؿ/رد فعؿ. مخي أشرط عمى رد الفعؿ

فأشعر بأني عمبلؽ؛ تسبني، فأقوؿ: "ما أبشع ذلؾ!" عدـ رد الفعؿ إطبلقا. لست مشموال، لست في حاؿ غيبوبة أو شيء مف ذا انعدـ رد الفعؿ، أال تكوف قد غيرت بنية خبليا المخ؟ األمر ىذا القبيؿ، أنا حي، لكني لف أرد الفعؿ. ينعدـ رد الفعؿ. وا

.بيذه البساطة

.لـ أعد محدودا :س

، في خبليا المخ. وخبليا المخ قد أشرطت عمى الفعؿ/رد الفعؿ طفرةال، ال تختزؿ األمر إلى ذلؾ. نحف نتكمـ عمى :كتقوؿ إني متوحش، فأنعتؾ بأسوأ؛ أو تنعتني بالتوحش، فأقوؿ إني يجب أال أكوف متوحشا. إنو الشيء نفسو. .فعؿ/رد فعؿ

ذف، فخبليا المخ قد أشرطت عمى الفعؿ ورد الفعؿ. وخبليا المخ ترى أف كمييما قائـ عمى رد الفعؿ. لحظة تعي ذلؾ، تكوف وا .مختمؼ كؿ االختبلؼخبليا المخ قد تحركت في اتجاه

ا شديد التعقيد، فبل نبدأ بأشياء بسيطة. كف بسيطا. إذا كنت إف واحدة مف صعوباتنا ىي أننا نممؾ ذىنا شديد التعقيد، مخطماعا، فأنا طماع! أقوؿ ذلؾ، فأكوف بسيطا لمغاية. ال أقوؿ إنني يجب أال أكوف طماعا، أو إنني ىذا أو ذاؾ. أنطمؽ مف

.وىو انطبلؽ مف البساطة. وفيما أنت تتقدـ، يصير األمر أعقد فأعقد. والتعقيد ال ينحؿ إال عبر البساطة – وما ىالػ

1983تموز 23زانن،

8 لعمو الكاتب الپيروڤي ماريو ڤارغاس يوسا.

الفكر ىو استجابة الذاكرة كخبرة ومعرفة، بحيث إننا نعمؿ دوما في حقؿ المعرفة. لكف المعرفة لـ تغير اإلنساف. لقد شننا ماعدا كيفية –ؼ الحروب، وتألـ مبلييف البشر وبكوا، وال نزاؿ عمى ىذه الحاؿ مستمريف! معرفة الحرب لـ تعممنا شيئا آال

إتقاف القتؿ عمى نطاؽ أوسع. المعرفة لـ تغير اإلنساف؛ فنحف ال نزاؿ نتقبؿ االنقساـ إلى قوميات. ترانا نتقبؿ ذلؾ االنقساـ، زاع بيف بعضنا بعضا؛ ترانا تقبمنا الظمـ، الوحشية التي أدى الفكر إلييا عبر المعرفة. ما برحنا مع أنو سيؤدي حتما إلى الن

كؿ ما يمسو اإلنساف يؤدي إلى الدمار. ![ندمر أنواع الحيواف: خمسوف مميونا مف الحيتاف قتمت منذ بداية القرف ]العشريف .لـ يغير اإلنساف، مع أنو أوجد عالما تكنولوجيا خارقا –المعرفة وىو استجابة الذاكرة، الخبرة، –ومنو، فإف الفكر

*

حيف يدرؾ الذىف محدودية الفكر، ضيقو، تناىيو، إذ ذاؾ فقط يستطيع أف يسأؿ السؤاؿ: ما ىي الحقيقة؟ ىؿ ىذا واضح؟ ، ال محبة الفكر؛ ومنو، ليس ىناؾ مف ةمحبة الحقيقفتمؾ ىي لعبتيـ. الفمسفة تعني –ال أقبؿ الحقيقة التي يقدميا الفبلسفة

ال سقراط، وال أفبلطوف، وال بوذا. والمسيحية لـ تتوغؿ عميقا في ىذا األمر؛ لقد تبلعبت بالكممات والرموز، –مرجعية .صنعت مف العذاب مسخرة، إلى آخر ما ىنالؾ. فالذىف، إذف، ينبذ ذلؾ كمو

*

ـ بيذا األمر، عميؾ أف تيبو قمبؾ، ال أف تكتفي بقبوؿ شيء سخيؼ ما. عميؾ أف تتعرؽ دمؾ لمقيا… فما ىي الحقيقة؟ال القدرة التي ينمييا الزمف، كما في تعمـ تقنية ما، بؿ ىذه القدرة التي تأتي حيف –عميؾ أف تتصؼ بالقدرة عمى التقصي

أتفيـ؟ –تيتـ اىتماما حقيقيا عميقا، حيف يكوف االكتشاؼ قضية حياة وموت

1975تموز 13، زانن

ألتقط كتابا وأقرؤه. إما .أذىب إلى دار لمكتب وألتقط كتابا، أو أسمع شريطا أو أشاىد تسجيبل مرئيا :كريشنامورتيما أقرؤه قراءة متأن ية لمغاية. أريد أف أفيـ أوال إذا أتصفحو، أقمب الصفحات تقميبا سريعا جدا وأقوؿ: "أجؿ، ىذا معقوؿ"، وا

أو شيئا مف ىذا …" كاف ما يقولو شيئا ما جديدا، ليس تكرارا لمموروثات، لمعبادات، لمصموات، قائبل: "أنا الممثؿ المباشر لػضالعاف في ىذا القبيؿ. لقد أصبت حظا ال بأس بو مف التعميـ، وتراني أقرأ ىذا الكتاب. وفي الكتاب جاء: "أنت والتعاليـ

.األمر؛ التعاليـ ليست منفصمة عنؾ. أنت المعمـ والتمميذ." وألني ميتـ بذلؾ، تراني، بالتالي، أتعمـ، أكتشؼ، أستكشؼ .ىنافالتعميـ ليس شيئا ىناؾ، إنو

ما فإذا كاف .إدراؾ آنيوىكذا، عبر سيرورة الفيـ، أو ربما في ثانية واحدة، سأرى األمر برمتو. ىو إما ىضـ بطيء وا أما إذا كاف مجرد سيرورة مراكمة لممعرفة التي يتضمنيا .تبصرا تاما، إذ ذاؾ ليس عمي أف أفعؿ أي شيء، واألمر حاضر

إشعيا أو نشيد األنشاد [الكتاب، تراني أجمع المعرفة وأقوؿ إني فيمت. لكف مغزى ذلؾ ضئيؿ جدا؛ إنو أشبو بحفظ ]سفرذا بدأت أصغي إلى الكممات، أفيـ، أدرؾ، أتبصر، إذ ذاؾ أصير المعمـ ألنني أتعمـ. وبذلؾ أكوف عف ظير قمب. لكني، إ

ذف، فأنا كبل المعمـ والتمميذ. إذا استطعت أف تفيـ ىذا، صار األمر بسيطا لمغاية. إذ إني أتعمـ التمميذ أيضا الذي يمتقط. وا .ا جديداطواؿ الوقت، وما مف لحظة أبدا إال وأرى فييا شيئ

ىؿ يصح قولنا أيضا إنو ليس مف الضروري دوما الرجوع إلى الكتاب؟ :سائل

آه، ال، ليس ضروريا. إذا قرأت الكتاب كمو، قرأتو قراءة متأنية لمغاية، تراني أفيـ ما يحاوؿ أف يبمغو، فأكتشؼ أنو :كإذا كاف ذلؾ واقعا، إذ ذاؾ فأنا حواري حقا، ال لمكتاب، يتحدث عني أنا، ال عف الكتاب. إنو يتحدث عني؛ فالكتاب ىو أنا.

بؿ لنفسي. بذا أصير المعمـ. ال يوجد فصؿ في التعاليـ بيف التمميذ والتعاليـ؛ األمر كمو حركة واحدة. بذا أحيا عمى ذلؾ .النحو؛ سواء في الجنس أو في كسب الماؿ، إنو جزء مف الحياة

ما اليضـ البطيءتكممت قبؿ قم، 9كريشناجي :س .يؿ عمى سيرورتيف اثنتيف: إما التبصر اآلني وا .نعـ، إنو عموما ىضـ بطيء :ك

طيب، ىو كذلؾ. فأنت ال تنكر أىمية اليضـ البطيء؟ :س

األمر يتوقؼ عمى استطاعة المرء، عمى مدى تعمقو فيو جديا، عمى مدى عمؽ اىتمامو باإلنسانية، .ال أنكر شيئا :كسواء كانوا يجزروف في لبناف، أو في ليبيا، أو في أيرلندة الشمالية، أو في أفغانستاف، فيذا مف شأني، وأنا جزء مف وىي أنا. .ذلؾ كمو

لكف ىذا اليضـ البطيء الذي نتكمـ عميو، أليس، نفسانيا، سيرورة زمنية؟ :س .ال. فاإلنساف الذي يفيـ حقا طبيعة الزمف يكوف خارجو :ك

يرورة[ لحظة فمحظة؟أليس ]س :س

9 إلى أسماء العمـ في اليند احتراما. جيتضاؼ الحقة

متوالية مف الحركات. لقد ناقشت ىذه القضية مع عدة –ذلؾ ىو الموقؼ العممي بخصوص الزمف .ال. ذلؾ فظيع :ك .عمماء. الزمف، بنظري، ىو عدو اإلنساف

إسقاطاتو إذف؟ :سبالطبع كنت طفبل، ثـ صرت .نفسانيا –بنظري، ذاؾ ىو النقيض التاـ لمفعمية … نعـ. عندئذ تتطور، تنمو، تتكاثر :ك

…ذاؾ طبيعي. لكف داخميا، نفسانيا، ذاتيا، صيرورتؾ شيئا تستغرؽ زمنا، لذا أقوؿ ال –رجبل، وىكذا .ىذا صحيح، لكف قد يقع تشويش. عمى المرء أف يكوف شديد الحذر في األمر :س

و مف :كممتيف –كما قيؿ لي –تعني منترا 11گورومثؿ لقد صارت جزءا مف المغة اإلنكميزية، 10؛منتراتعرفوف كممة :كـ النظر، تأمؿ في عدـ الصيرورة. ىؿ تفيموف، أييا السادة؟ مف .ترا –ليا عدة معاف، لكف المعنى الرئيس ىو تفكر، أنع

تعني كشح االىتماـ بالنفس تماما، رات .عدـ الصيرورة شيئا. التأمؿ فيو، التفكر فيو، النظر فيو، التمتع بو، رؤية ما يتضمنواألنا ونشاطيا. ذاؾ ىو المعنى الحقيقي لتمؾ الكممة: إنعاـ النظر في عدـ الصيرورة. نحف دوما نصير: أنا ىذا، وسأكوف

ى. بطريقة أخر كذاؾ. أنعموا النظر في ذلؾ. ال تتخطوه. ال تنكروه. ال تقتموه، بؿ انظروا إلى ما يتضمنو. ذاؾ ما يقولو تعني، في جممة ما تعني، إىبلؾ، تدمير أي شكؿ مف أشكاؿ األىمية الذاتية أو الفعؿ الذاتي. لكننا اآلف جعمنا منو شيئا تراو

!فيصير طفوليا –راـ راـ"، أو "كوكاكوال"، أو ىذا الشيء أو غيره " – منتراسخيفا: تراؾ تردد

ىذا اليضـ البطيء، إذف، ىو عممية صيرورة؟ :س .طبعا :ك

.قد ال يكوف كذلؾ :سلماذا ترى ذىني يتقبؿ ذلؾ؟ لماذا –انظر إلييا فقط، سيدي، إلى عممية الصيرورة البطيئة، سيرورة ىضـ التعاليـ :ك

يتقبؿ ذىني فكرة التعمـ البطيء ىذه؟ .قد ال أكوف قادرا عمى إدراؾ األشياء فورا :س لماذا إذف؟ :ك

.ألنو ذىف بطيء :ساذا، إذف، ىو ذىف بطيء؟ لف أقبؿ ذىنا بطيئا. لماذا ذىني بطيء؟ عمى رسمؾ دقيقة! أىو الشرب؟ تريث، تريث، لم :ك

سأتوغؿ في األمر. أىو الجنس؟ أىي ىذه الشيوة اليائمة ألف أعرؼ وأعرؼ وأعرؼ، ألف أتشرب المعرفة؟ …ربما ألف بعض الناس في الحياة سريعوف، بينما غيرىـ :س أقبؿ سيرورة النمو أو اليضـ البطيء ىذه؟ لماذا أتقبميا؟ لماذا :ك

.ما إف تضع كممة "سيرورة" عمييا، بالطبع، حتى يتغير األمر برمتو :س

فتئت السيرورة تشرط اإلنساف. عف نفسي، لف أتقبؿ فكرة السيرورة. يجب أف أتأنى ىنا. لقد كابد ؾ خبرات نفسانية ما :كتب عف ىذا كمو؛ فمف أتطرؽ إليو. لقد فقدت فعبل ذاكرة ذلؾ كمو؛ لست أبالغ؛ إنو ال ييمني. ولسوء الحظ، ك 12؛مزعومة

10 كممة سنسكريتية تعني لفظة أو عبارة ذات تأثير ذبذبي حيف تتمى عف قصد وفؽ إيقاع معيف.

11 كممة سنسكريتية تعني "ذو الوزف" أو "كاشح الظبلـ" وتشير إلى المعمـ الروحي.

12ره الروحي النيائي؛ وقد تواضع المقربوف منو عمى تسميتيا بػ the ""السيرورةإشارة إلى الخبرات النفسانية القاسية التي كابدىا كريشنامورتي قبؿ تحر

process

واآلف، يقرأ أحدىـ شيئا، وليكف، عمى سبيؿ المثاؿ، "إنياء الشقاء" أو "معرفة النفس أعظـ حكمة في العالـ". تراه يقوؿ شيئا بميد يا ترى؟مف ىذا القبيؿ. فمماذا ال أدركو عمى الفور؟ ىؿ ذىني

كاف إنسانا رائع المواىب. –كاف صديقا مقربا. كاف مف عادتو أف يرسـ ويعزؼ عمى الپيانو 13تعرفوف أف ألدوس ىكسميوكاف مف عادتو أف يقوؿ: "عندي كـ ىائؿ مف المعرفة، عف الڤيدنتا، عف البوذية، عف المسيحية، عف العمـ." وقاؿ: "عندي

وىكذا تعاطى العقاقير ليختبر ".بحيث إني ال أدري إف كنت أستطيع يوما أف أختبر الشيء األصمي كـ معرفة ىو مف الحجـ .ذلؾ. كنت معارضا لذلؾ كمو

ذف، لماذا عمي ، لماذا عمي أف أقبؿ التدرج، صفحة بعد صفحة، صفحة –أنا اإلنساف العادي، وقد سمعت شيئا كيذا –وا …بعد صفحة؟

ما أف ال تفيـ شيئا؟ نعـ، ولكف ىؿ :س يعني ذلؾ، إذف، أنؾ إما أف تفيـ كؿ شيء في لمحة وا .أجؿ، سيدي، ىو ذاؾ فعبل :ك

ما الشيء؟ :س ىو إما كؿ شيء وا …ال، عايف فقط، سيدي، األىمية :ك

ما أبيض؟ :س إما أسود وا عمى الكاثوليكية، نشأت عمى ذلؾ ال. ال أسود ىناؾ وال أبيض. انظر إلى األمر وحسب. أنا إنساف عادي. أشرطت :ك

النحو. ثـ تظير أنت وتقوؿ: "انظر، ىناؾ ىندوس يقاتموف مسمميف." تدلني عمى ىذا كمو. فمماذا ال أدركو سريعا؟ .عمي ىذا سيؿ :س ال. عمى رسمؾ! تريث. لماذا ىو سيؿ؟ :ك

.ألنو واضح طبعا :س واضحا بالمقدار نفسو؟ حذار، حذار، حذار! لماذا ليس ]اإلدراؾ[ اآلخر :ك

.ذاؾ ما أسأؿ عنو :س

لماذا؟" فمـ ال تسأؿ أنت؟! لماذا ال يرى مخي األمر كمو في لمحة؟ عندي خارطة ألوروبا. أريد أف " :ال، أنا أسأؿ :كلى رواف. شاپيؿ أو أي مكاف آخر، بؿ أريد أف أذىب إ-ال-أذىب إلى رواف، وما تبقى ال ييـ. تراني ال أىتـ حقا بموقع إكس

و ويستبعد ]األماكف[ األخرى. فمماذا يفعؿ ذلؾ؟ ألف عندي ىدفا، عندي قصدا، عندي شيئا أريد نيمو. لذا لذا فإف مخي موجشني الخارطة. فما الشيء الذي أريد نيمو؟ ما الشيء الذي أريد الحصوؿ عميو؟ لذا أتقصى ذلؾ فإما أف أتقصاه .ال تشو

، ألتقط نتفا صغيرة مف ىنا وىناؾ، ألف ذىني منشغؿ بزوجتي، أو بزوجي، أو بأمور أخرى ما، تقصيا بطيئا، يوما بعد يـوليس عندي وقت ليذا؛ عندي مسؤوليات." لكف ىذا الشيء فاعؿ ىو اآلخر، طواؿ الوقت. وليذا السبب " :أو تراني أقوؿ

الحرب –ى األمر رؤية واضحة، آنيا، ليس خارجيا فقط أسأؿ دوما: "لماذا مخي بطيء إلى ىذا الحد الرىيب؟ لماذا ال أر "بؿ داخميا؟ –وما شاكميا

13اىتـ الحقا بالتراث .(1932)عالـ جديد جسورإنكميزي المع ووصاؼ ساخر لمعالـ الحديث، كما في روايتو (: كاتب1963-1894ألدوس ىكسمي )

الحرية األولى ، وكتب مقدمة ممتازة لكتاب كريشنامورتي (1944) الحكمة الخالدةالروحي العالمي، مبوبا مختارات مف نصوصو ومعمقا عمييا في كتاب بعنواف ، كما نظر تنظيرا دقيقا (1956) النعيـ والجحيـو. (1954)أبواب اإلدراؾ :في كتابيف صغيريف LSD وصؼ خبرتو مع العقار المبدؿ لموعي. (1954) واألخيرة

.(1962)جزيرةلما يجب أف يكوف عميو المجتمع الطيب في "مدينة فاضمة" في روايتو الرائعة

كريشناجي، أرى أف الصعوبة المركزية، فيما يخصني، ىي قوة الماضي. إذا كانت عندي مشكمة، مثبل، (: الدنمرؾ)س حة في نفسي. لكني، ما إف أنشغؿ بشيء يتدخؿ الماضي. مادمت مركزا عمييا، واعيا بيا، ىناؾ فكاؾ معيف، ىناؾ مسا

!آخر حتى تستولي تمؾ السيرورة ]عمى المساحة[، فأجد نفسي في المآؿ وسط كركبة كبيرة. ال أدري ماذا أفعؿ

نعـ، سيدي. ىؿ تأذف لي أف أشرح؟ ال توجد "أنا" تنظر إلى الوراء. أنت، "األنا" ىي الماضي؛ ما مف انقساـ. ال :كح ما أعني. سيدي، بسط األمر لمغاية: ىؿ أنا مختمؼ عف غضبي؟ ىؿ أنا مختمؼ؟ أنا غاضب. ىذه أدري إف كنت أوض

ىؿ ذاؾ الغضب مختمؼ عني؟ .زوجتي، وأنا غاضب عمييا

.ال(: الدنمرؾ)س .فالغضب ىو أنا :ك

.نعـ(: الدنمرؾ)س .بمجرد أف أدرؾ ذلؾ مرة واحدة ينتيي االنقساـ :ك

ـ ليس عمى المرء أف يبذؿ الجيد طواؿ الوقت؟فيمت. ومف ث(: الدنمرؾ)س

أعني، إذا فيمت حقا أف .ال. إذا رأيت مرة واحدة نيائية أف الغضب ىو أنا، فعبل، ينعدـ االنقساـ عندئذ. إنو أنا :كوكذلؾ ىو اإلنسانية ىي أنا، أنني لست منفصبل عف اإلنسانية، فيذا تطور ىائؿ. اإلنسانية ىي أنا، ألنني غاضب، عنيؼ،

.اإلنسانية أنا .الرجؿ في قرية باليند

ليست رؤية أف الغضب ىو أنا بيذه السيولة ألف الغضب يذىب ويأتي، بينما أنا دوما حاضر. لذا يراودني (:إيطاليا)س …انطباع بأف

.ال، فأنا أيضا أذىب وآتي :ك أنا أيضا أذىب مع الغضب؟ (:إيطاليا)س .اضب، وفي اليـو التالي أنا مسالـ. إنو الشيء نفسوطبعا. ذات يـو أنا غ :ك

؟ (:إيطاليا)س أال يوجد شيء آخر يبقى دوما فيعندما تتخطى ىذا كمو، يوجد شيء غير قابؿ لمتحريؾ. وىو ال يأتي ألنؾ بيف مد وجزر، مبتيج يوما، مشاكس في :ك

.اليـو الذي يميوؽ بيف الصيرورة شيئا واليضـ البطيء. وأعني أف كبل الفيـ البطيء سيدي، ال أزاؿ غير فاىـ الفر (: الدنمرؾ)س

.والصيرورة شيئا يستغرؽ زمنا. لذا فإف العديد مف الناس محتاجوف إلى عاميف أو ثبلثة، إلى عمر كامؿ ربما، لفيـ التعاليـ

، استمعت بانتباه شديد إلى سيدي، أنا بحاجة إلى زمف لتعمـ لغة. لـ أكف أفقو اإليطالية، لكني صرفت وقتا :كالسياسييف، قرأت القصص المصورة، إلخ، فتراني أجدت تعمـ اإليطالية بعض الشيء. ذاؾ يستغرؽ زمنا. تمؾ سيرورة جمع مت الكثير مف الكممات اإليطالية، وتراني بطيء، لمختمؼ األفعاؿ، لؤلفعاؿ الشاذة، إلى ما ىنالؾ؛ وفي آخر المطاؼ، حص

ما ىو الحب؟ ببطءمف ىو أنا؟ ىؿ أفيـ ببطءطالية. واآلف، ىؿ تجري تمؾ السيرورة نفسيا في الداخؿ؟ ىؿ أجمع أجيد اإليباغتناـ جماؿ شيء؟ ىؿ ىو كذلؾ؟ أشؾ في ذلؾ، ال أقبمو. لكننا قبمنا ذلؾ، تقبمنا التطور بوصفو وسيمة ببطءىؿ أبدأ .لئلنجاز

.انطباع بأني، عقميا، أفيـ ما تقوؿلكني كثيرا ما يراودني (: الدنمرؾ)س

آ، ىو ذاؾ. فيؿ أستطيع أف أصغي مف دوف العممية العقمية التي تتدخؿ دوما؟ ىؿ بوسعي أف أصغي إلى ما قمت :كؾ اآلف: "عقميا أفيـ." لماذا؟ لماذا تقوؿ: "عقميا أفيـ"؟ ماذا تقصد بػ"عقميا"؟ ؾ اآلف؟ أعني قولؾ لتو لتو

.أرى منطقية ذلؾ(: ؾالدنمر )س فمماذا ترى منطقيتو فحسب؟ ترى منطقيتو؛ فمـ ال تتخطاىا؟ :ك

.ذاؾ صحيح. تمؾ ىي المحظة اآلنية :سأتشاحف؟ لماذا؟ [أجؿ، سيدي. أنا أسأؿ: لماذا يتفؽ لي أف أفيـ بأني يجب أال أتشاحف مع زوجتي، لكني ]مع ذلؾ :ك

ذف، عمي أف أتقصى أىي العادة؟ أىي البلمباالة التامة؟ أىو أنني منشغؿ بأمور ىي مف الكثرة بحيث إف زوجتي تستفزني؟ وا ي المخ فكرة التقبؿ –المخ مستقصيا ذاتو – : "لماذا ترى المخ يتقبؿ أمورا بعينيا وينكر أمورا بعينيا؟" لماذا؟ أو لماذا ال ينح

ما يعني وجود –؛ إذا أنكرت شيئا، فأنت تتقبؿ شيئا آخر واإلنكار ىذه برمتيا؟ إذا تقبمت شيئا، فأنت تقاـو شيئا آخر .مقاومة أريد أف أطرح سؤاال بسيطا: لحصوؿ ىذه الممحة مف الفيـ التاـ، أال يمكف أف يوجد عمؿ تحضيري؟(: إيطاليا)س .بالطبع ال :ك

قمية لتقرأ، أليس كذلؾ؟أنت بحاجة إلى سيرورتؾ الع –لنقؿ إنؾ تقرأ شيئا، تقرأ بعض أقواؿ كريشناجي :س طبعا، سيدي، عمى رسمؾ دقيقة. أنا أقرأ. فيؿ أقرأ حقا، أو ىؿ أقرأ ما وراء الكممات؟ :ك

.طيب، ذاؾ ىو السؤاؿ الذي أردت أف أسألو :سأصغ، أصغ! ىؿ أنا أقرأ صفحة بعد صفحة فحسب؟ ىب أني أقرأ رواية بوليسية، أعني رواية !عمى رسمؾ، تريث :ك، أقرأ سريعا: إنيا كميا عف فتى، فتاة، خونة، تعرفوف الحبكة القديمة إياىا، الكثير مف الجنس، فأجوز عنو. ىكذا أقرأ جيدة

أقرأ ما يكمف وراء الكممة؛ وأنا أصغي أيضا إلى صوت الكممة؛ ومخي كذلؾ يترجـ ما يقاؿ بما ىنارواية أو ما شابو. لكني أنت فاعؿ: أنت ال تصغي، ال تتعمـ، بؿ تتكيؼ، تتبلءـ مع ما يقاؿ." فأتوقؼ عمى الفور؛ يبلئمو. لذا أقوؿ: "انظر إلى ما

أكؼ عف القراءة؛ فأنفذ إلى ذاؾ. أتوقؼ عف القراءة؛ أمضي وأراقب وأقوؿ: "ماذا أفعؿ؟" أراني أترجـ شيئا قرأتو بحسب ما ذف أعود إلى نفسي؛ أجد االىتماـ بالنفس فاعبل. لذا أ قوؿ: "بحؽ اآللية، انظر إلى ما أفعؿ!" ال أكؼ عف يبلئمني. وا

.المراقبة أبدا

عندي إحساس عف الذىف. يموح لي أف الذىف أشبو بالنافذة: أرى شيئا في الخارج، وأرى الشيء الواحد بعد (: إيطاليا)سكؿ شيء يحدث في وقت اآلخر، لذا يبدو لي أف ىناؾ زمنا. لكني إذا استطعت أف أرى فورا، إذا استطعت أف أشعر أف

…واحد

ال، سيدي. ىذا موضوع معقد نوعا ما. ىؿ المخ مختمؼ عف الذىف؟ ال، ال، ال تجب. أنا أطرح عميؾ سؤاال: ىؿ :كما ىو نشاط المخ؟ الحواس، –دعنا مف الذىف مؤقتا –المخ مختمؼ عف الذىف؟ أـ أنيما متبلزماف؟ ىؿ األمر كذلؾ؟ أو

…االستجابات

.رؤية شيء واحد بعد آخر(: الياإيط)س

ال، ال. انظر إلى المخ، سيدي. لست اختصاصيا في المخ، لكف انظر إليو. المخ ىو مركز جميع ردود فعمنا :كالعصبية، األوتوماتيكية، اآللية، االستجابات الجسمية، االستجابات الغدية. إنو مركز جميع االنفعاالت؛ إنو مركز جميع

األشغاؿ، الترجمة، الكبلـ، الثرثرة، الجنس؛ إنو مركز –وردود فعمنا. إنو مركز الفكر كمو. إنو مركز نشاطنا كمو استجاباتنا وجودنا الجسماني كمو. ىؿ تقبؿ أف المخ ىو مركز نشاطنا كمو، سواء االنفعالي منو أو النفساني إلخ؟ يبدو أنو كذلؾ، وقد

ذف، ىؿ الذىف مثؿ ذلؾ أي ضا؟ أـ أنو مختمؼ كميا؟ إذا كاف كذلؾ، فيو مجرد رد فعؿ جسماني، انفعالي، أكوف مخطئا. وا مركز لذلؾ كمو. أرصد شجرة؛ أود ىذا ]الشخص[، لكني ال أود ذاؾ؛ سوؼ أصير رجؿ أعماؿ كبيرا؛ ال، ال، سأكوف

ذلؾ، فما الفرؽ إذف؟ ومنو، ال بد أنو ىذه العممية مستمرة طواؿ الوقت. إذا كاف الذىف جزءا مف –متواضعا، وذاؾ حسبي .شيء مختمؼ، صحيح؟ ىؿ ىو مختمؼ؟ ال يجوز لي أف أفترض

لذا عمي أف أكتشؼ إذا كاف بوسع المخ أف يكوف ىادئا يوما. ىؿ يمكف لممخ يوما أف يكوف صامتا، ىادئا، ساكنا، ليس وانس –ئ، ىادئ ىدوءا مطمقا؟ ذاؾ ىو أوؿ شيء سأسألو لنفسي ، بؿ ىاد–كممات، كممات –ممتمئا بالموسيقى أو الثرثرة

، ذاؾ أوؿ شيء –ما قمنا عف الذىف إلى ما ىنالؾ ، ذاؾ أوؿ شيء سأسألو لنفسي. مادمت أرى ما يحدث مف حولي، فيمكف لذاؾ أف يكوف ، ىؿ ي–يراقب، يتعمـ، يسمع، إلى ما ىنالؾ –ىؿ يمكف ليذا الشيء الذي ىو بكؿ ىذا النشاط " :سأسألو

.، بؿ ىادئ بحد ذاتو–فتمؾ كميا أمور طفولية! –ىادئا؟" ليس ىادئا قسرا، بالجيد، بالسيطرة

1985تموز 19زانن،

إذا لـ تكف في وصاؿ مع أي شيء، فأنت إنساف ميت. عميؾ أف تكوف في وصاؿ مع النير، مع العصافير، مع لخارؽ، مع ضوء الصباح عمى صفحة الماء؛ عميؾ أف تكوف في وصاؿ مع جارؾ، مع األشجار، مع الضوء المسائي ا

ؿ الماضي، بحيث تنظر إلى كؿ شيء نظرة طازجة، جديدة، وصاؿزوجتؾ، مع أوالدؾ، مع زوجؾ. وأعني بالػ –عدـ تدخف؟ عمى المرء أف وتمؾ ىي الطريقة الوحيدة لموصاؿ مع شيء ما، بحيث تموت عف كؿ شيء مف األمس. وىؿ ىذا ممك

كيؼ لي أف أفعؿ ىذا؟" وىذا " :فما أحمؽ ىذا السؤاؿ! الناس يسألوف دوما –يكتشفو، ال أف يسأؿ: "كيؼ لي أف أفعمو؟" .يفضح ذىنيتيـ: تراىـ لـ يفيموا، لكنيـ يريدوف أف يتوصموا إلى نتيجة وحسبف كنت ع ذف، فأنا أسألؾ إف كنت عمى صمة أصبل مع أي شيء، وا ال مع "ذاتؾ العميا" –مى صمة أصبل مع ذاتؾ وا

ال أف تمقف –و"ذاتؾ الدنيا" وسائر التقسيمات التي ال عد ليا والتي اختمقيا اإلنساف لمتيرب مف الواقع. وعميؾ أف تكتشؼ عميؾ أف إذ ليس ىناؾ "كيؼ"، ليس ىناؾ منيج، ليس ىناؾ مذىب؛ ال يمكف تمقينؾ. .الفعؿ الكميكيؼ تتوصؿ إلى ىذا

نعمؿوذاؾ واحد مف ىواجسنا: أننا يجب أف –؛ فالناس يعشقوف العمؿ عمؿ :تعمؿ في سبيمو. آسؼ، ال أقصد تمؾ الكممةلمتوصؿ إلى شيء. إنؾ ال تستطيع أف تعمؿ؛ فحيف تكوف في حاؿ وصاؿ، ليس ىناؾ عمؿ: األمر حاضر؛ العطر حاضر،

.وليس عميؾ أف تعمؿلتكتشؼ بنفسؾ إف كنت في وصاؿ مع أي شيء، إف كنت في –جزت لي أف أطمب منؾ إذا أ –اسأؿ نفسؾ إذف

وصاؿ مع شجرة. ىؿ اتفؽ لؾ يوما أف تكوف في وصاؿ مع شجرة؟ ىؿ تعرؼ ما معنى أف تنظر إلى شجرة، خالي الباؿ مف بحيث ال توجد إال الشجرة –بشعورؾ، بحساسيتؾ، بحاؿ انتباىؾ المرىفة، –أية فكرة، مف أية ذاكرة تتدخؿ في رصدؾ،

فقط، ال أنت الناظر إلى تمؾ الشجرة؟ أغمب الظف أنؾ لـ تفعؿ ىذا قط، ألف الشجرة بنظرؾ ال معنى ليا. جماؿ الشجرة ال مدلوؿ لو عندؾ بتاتا، ألف الجماؿ بنظرؾ يعني الجنس فقط. لذا فقد أغمقت بابؾ دوف الشجرة، دوف الطبيعة، النير، الناس.

ت عمى صمة مع أي شيء، وال حتى مع نفسؾ. أنت عمى صمة مع أفكارؾ أنت، مع كمماتؾ أنت، شأنؾ شأف وأنت لسإنساف عمى صمة مع الرماد. أتراؾ تعمـ ما يحدث حيف تكوف عمى صمة مع مجرد رماد؟ تكوف ميتا، تكوف محترقا عف

.آخرؾذف فإف أوؿ شيء ال بد لؾ مف إدراكو ىو أف عميؾ أف تكتشؼ الذي لف يفتعؿ تناقضا عمى أي الفعؿ الكميما ىو وا

ال مع الذات العميا، ال مع اآلتمف ]الذات –مستوى مف مستويات وجودؾ، ما ىو أف تكوف في وصاؿ، وصاؿ مع ذاتؾ، مع طمعؾ، حسدؾ، طموحؾ، وحشيتؾ، –عمى صمة مع نفسؾ، فعميابؿ أف تكوف –، أو مع إلو، إلى ما ىنالؾ، [الكميةأف ىناؾ فعبل كميا –، وال تمقف، فذلؾ ال معنى لو تكتشؼ – ومف ثـ مف ىناؾ تنطمؽ. عندئذ ستكتشؼ بنفسؾ –ادعتؾ؛ مخ

.فقط حيف يكوف صمت ذىني تاـ ينطمؽ منو الفعؿ، أو يحاوؿ في حالة غالبيتنا، كما تعمـ، الذىف صاخب، ال ينفؾ أبدا يثرثر مع نفسو، يناجي نفسو أو يمغو حوؿ شيء ما

أف يكمـ نفسو، أف يقنع نفسو بشيء ما؛ إنو دوما متحرؾ، صاخب. ومف ذلؾ الصخب، نفعؿ. أي فعؿ وليد الصخب ينتج المزيد مف الصخب، المزيد مف البمبمة. لكنؾ إذا رصدت وتعممت ما ىو معنى التواصؿ، صعوبة التواصؿ، عدـ حشو الذىف

إذ ذاؾ، بما أف الحياة حركة، ستراؾ، في فعمؾ، تتحرؾ قدما –يتصؿ ويتمقى االتصاؿ، أف ذاؾ ]الذىف[ ىو ما –باأللفاظ، إذا تقصيت تقصيا أعمؽ –حركة طبيعية، حرة، سيمة، مف غير أي جيد، نحو حاؿ الوصاؿ تمؾ. وفي حاؿ الوصاؿ تمؾ

.في وصاؿ مع ذاتؾ أيضا ستجد أنؾ لست في وصاؿ مع الطبيعة، مع العالـ، مع كؿ شيء مف حولؾ وحسب، بؿ –الوصاؿ مع ذاتؾ يعني الصمت التاـ، بحيث إف الذىف يمكف لو أف يكوف في وصاؿ صامت مع نفسو حوؿ كؿ شيء.

.ومف ىناؾ، يوجد فعؿ كمي. فمف الفراغ فقط ينبع الفعؿ الذي ىو كمي وخبلؽ 1964تشرين الثاني 22ڤارنسي،

، األزمة فينا، األزمة في وعينا. فإلى أف نفيـ فيما –الحرب، القنبمة، رجاؿ السياسة، العمماء –ادية األزمة ليست اقتصعميقا جدا طبيعة ذاؾ الوعي، فنشكؾ ونغوص عميقا فيو ونكتشؼ بأنفسنا إف كاف بالمستطاع إحداث طفرة كمية في ذاؾ

زيد مف البمبمة، المزيد مف الرعب. ومنو، فإف مسؤوليتنا ليست نوعا ما الوعي، سيواصؿ العالـ اختبلؽ المزيد مف البؤس، الممف العمؿ الغيري، السياسي أو االقتصادي، بؿ اإلحاطة بطبيعة كياننا: لماذا صرنا ىكذا، نحف البشر الذيف مافتئنا نعيش

.عمى ىذه األرض الجميمة البديعة

، بوسعنا أف ندرؾ، معا، طبيعة وعينا، طبيعة كياننا. ىذه ليست فإذا كنتـ مستعديف، إذا كانت المسؤولية مسؤوليتكـأف نرصد حركة ىذا الوعي وعبلقتو بالعالـ، سواء كاف ذاؾ –أنتـ والمتكمـ معا، غير منفصميف –محاضرة، لكننا نحاوؿ

أف نكوف أفرادا، ذوي نفوس الوعي فرديا، منفصبل، أو كاف ذاؾ الوعي وعي النوع البشري بأسره. منذ الطفولة، نربى عمىبت، ربيت، أشرطت عمى التفكير كفرد. فؤلف لنا أسماء –منفصمة إذا اتفؽ لكـ أف تؤمنوا بمثؿ ىذا النوع مف األفكار. لقد در

ا ، وألننا نختص بميوؿ وخبرات بعينيا، تران–سمر، شقر، طواؿ، قصار، بيض، سود، إلى آخره – منفصمة، ىيئات منفصمة نظف أننا أفراد منفصموف. لكننا اآلف سنشكؾ في ىذه الفكرة بالذات: ىؿ نحف أفراد؟

ال يعني ىذا أننا نوع مف الكائنات اليبلمية، ولكف، فعميا، ىؿ نحف أفراد؟ يقوؿ العالـ أجمع، دينيا وبطرؽ أخرى عمى حد ، ورب ما مف ذلؾ الوىـ، إذ يحاوؿ كؿ واحد منا أف ينجز، أف يصير سواء، بأننا أفراد منفصموف. واعتبارا مف ذلؾ المفيـو

ومنو، إذا بقينا عمى أسموب الحياة ذاؾ، ال بد لنا حتما مف التشبث بالجنسيات، بالقبمية، .شيئا، فإنو ينافس اآلخر، يقاتموكؿ ىذه األىمية الخارقة عمى بالحرب. فمماذا نتمسؾ بالقومية وباليوى الذي يحرضيا، وىو ما يحدث اآلف؟ لماذا نضفيال األماف المادي، بؿ األماف –القومية، وىي أساسا قبمية؟ لماذا؟ أألف في تمسكنا بالقبيمة، بالجماعة، نوعا مف األماف؟

ا النفسي، اإلحساس الباطف باالكتفاء، باالمتبلء. إذا كاف األمر عمى ىذا النحو، فإف القبيمة األخرى أيضا تحس إحساس .مماثبل؛ ومنو ينجـ االنقساـ، تنجـ الحرب، النزاع

ذا شاء أف يعيش عمى ىذه األرض وىي أرضنا جميعا، ال أرضؾ أنت أو –إذا رأى المرء حقيقة ىذا فعميا، ال نظريا، وا بؿ الوجود ، إذ ذاؾ ليس ىناؾ مف قومية عمى اإلطبلؽ،–أرضي أنا، ال األرض األميركية أو الروسية أو اليندوسية

ليست حياتؾ أنت أو حياتي أنا، بؿ الحياة في كميتيا. لكف ىذه الفردية الموروثة ما –اإلنساني فحسب. إنيا حياة واحدة .انفكت األدياف تديميا، في الشرؽ وفي الغرب عمى حد سواء

د جدا أف نتصؼ بذىف يشكؾ، ال واآلف، ىؿ األمر عمى ىذا النحو؟ إنو ألمر جيد جدا، كما تعمموف، أف نشؾ، أمر جييقبؿ، ذىف يقوؿ: لـ يعد بإمكاننا أف نواصؿ الحياة ىكذا، عمى ىذا النحو الوحشي، العنيؼ. ومنو، فإف لمشؾ، لمتشكيؾ أىمية خارقة، ال االكتفاء بتقبؿ أسموب الحياة الذي اتبعناه ربما طواؿ ثبلثيف عاما، أو أسموب الحياة الذي اتبعو اإلنساف

ذف، فنحف نشكؾ في واقعية الفردية .طواؿ مميوف سنة. وا

الوعي يعني التيقظ، المعرفة، اإلدراؾ، الرصد. ومحتوى الوعي ىو معتقدؾ، لذتؾ، خبرتؾ، المعرفة المعينة التي جمعتيا، ف شيء أكثر مف سواء مف خبلؿ الخبرة الخارجية أو مف خبلؿ مخاوفؾ، تعمقاتؾ، ألمؾ، عذاب الوحشة، األسى، البحث ع

ذاؾ كمو ىو وعي المرء وما يحتويو. قواـ الوعي ىو محتواه. مف غير محتوى، ينعدـ الوعي كما –مجرد الوجود الجسماني ىؿ ىو وعيؾ أنت؟ ىؿ الفكر فكرؾ؟ أـ أنو ال –وىو معقد لمغاية، متناقض، يتصؼ بحيوية خارقة –ذاؾ الوعي .نعرفو

الشرؽ وال مف الغرب؟ يوجد التفكير وحسب، تشترؾ فيو البشرية جمعاء، أغنياؤىا وفقراؤىا يوجد سوى التفكير، وىو ليس مف .عمى حد سواء. فالتقنيوف، بمقدرتيـ الخارقة، أو الرىباف الذيف ينسحبوف مف العالـ ويكرسوف أنفسيـ لفكرة ما، مازالوا يفكروف

تراه يشيد الشقاء، األلـ، القمؽ، الوحشة، الجنوف، الخوؼ، فيؿ تشترؾ البشرية جمعاء في ىذا الوعي؟ أينما ذىب المرء،ىذا كمو مشترؾ بيف الجميع؛ إنو األرضية التي يقؼ عمييا كؿ إنساف. وعيؾ أنت ىو وعي البشرية، بقية .إلحاح الرغبة

ختمفة مف العالـ، نربى أنؾ بقية النوع البشري، مع أف أسماءنا مختمفة، نعيش في أجزاء م –البشر. إذا فيـ المرء طبيعة ىذا ، حيف تنظر خمؼ القناع، تجدؾ مثؿ باقي البشر: عصابيا، موجوعا، –بطرؽ شتى، نكوف ميسوري الحاؿ أو مدقعي الفقر

تعاني الوحشة والقنوط، تؤمف بوىـ ما، إلى آخر ما ىنالؾ. وسواء ذىبت إلى الشرؽ أو إلى الغرب، وجدت األمر عمى ىذا ، فرد. لكنؾ حيف ترصد رصدا عميقا لمغاية، تجد النحو. قد ال ت ستحبو، بؿ قد تستحب التفكير بأنؾ كمي االستقبللية، حر

.أنؾ بقية البشرية

1982أيار 1أوهي،

أكوف عمى ليتني أجد نفسي، فجأة، في عالـ مختمؼ تماما، رفيع الذكاء، سعيد، ذي حس عظيـ بالمحبة. أود أف :السائلالشاطئ اآلخر مف النير، ال أف أضطر إلى قطع طريقي جاىدا، سائبل الخبراء أف يدلوني عمى الطريؽ. لقد جبت العديد مف ني مستعد ألف أنحاء العالـ المختمفة، ونظرت إلى مساعي اإلنساف في مختمؼ مجاالت الحياة. ال شيء جذبني إال الديف. وا

.الشاطئ اآلخر، لمدخوؿ إلى بعد جديد ورؤية كؿ شيء كما لو لممرة األولى بعينيف صافيتيف أفعؿ أي شيء لموصوؿ إلى !ال بد مف وجوده –أشعر شعورا قويا جدا بأنو ال بد مف وجود اختراؽ مفاجئ لكؿ بيرجة الحياة ىذه

رت فجأة بإحساس خارؽ بالوحدة حيف كنت في اليند مؤخرا، سمعت جرس معبد يرف، وكاف لو أثر عجيب عمي. شعوالجماؿ كما لـ أشعر بو مف قبؿ. كاف حدوث األمر مف المفاجأة بحيث إنو أصابني بالدوار؛ وكاف حقا، وليس مف قبيؿ الشطح أو الوىـ. ثـ جاءني دليؿ وسألني إف كاف يستطيع أف يريني المعابد، وفي تمؾ المحظة عدت إلى عالـ الضجيج

ـ ال قيمة لو. فماذا .ديدواالبتذاؿ مف ج أريد أف أقبض عميو مرة أخرى، لكنو بالطبع، كما تقوؿ، مجرد ذاكرة ميتة، ومف ث أستطيع أف أفعؿ، أو ال أفعؿ، كي أصؿ إلى الشاطئ اآلخر؟

ما مف طريؽ إلى الشاطئ اآلخر. ما مف عمؿ، ما مف سموؾ، ما مف وصفة جاىزة تفتح الباب إلى :كريشنامورتي. ليس األمر سيرورة تطورية؛ إنو ليس نياية طريقة؛ محاؿ شراؤه أو منحو أو دعوتو. إذا كاف ىذا واضحا، إذا نسي اآلخر

الذىف نفسو ولـ يعد يقوؿ "الضفة األخرى" أو "ىذه الضفة"، إذا توقؼ الذىف عف تممس طريقو والتفتيش، إذا كاف ىناؾ فراغ ذ ذاؾ فقط، يكوف ىناؾومساحة تاماف في الذىف نفسو، إذ .ذاؾ، وا

أفيـ ما تقوؿ لفظيا، لكني ال أستطيع الكؼ عف التممس والحنيف، ألني في أعماؽ سريرتي ال أؤمف بأنو ما مف :السائل .طريؽ، ما مف طريقة، ما مف عمؿ سوؼ ينقمني إلى الشاطئ اآلخر

تعني أف معمما سوؼ يأخذ بيدؾ ويحممؾ إلى ىناؾ؟ ماذا تعني بقولؾ "ال أؤمف بأنو ما مف طريؽ؟" ىؿ :كريشنامورتي

ال. غير أني آمؿ بأف أحدىـ ممف يفيموف سوؼ يدؿ عميو مباشرة، ألنو ال بد أف يكوف موجودا فعميا طواؿ :السائل .الوقت، بما أنو حؽ

حيف سمعت جرس المعبد، ىذا كمو قطعا مف قبيؿ االفتراض. لقد حصؿ لؾ ذاؾ الشعور المفاجئ بالحؽ :كريشنامورتيلكف تمؾ ذاكرة، كما قمت، ومنيا أنت تستنتج بأنو ال بد أف يكوف موجودا دوما ألنو حؽ. الحؽ شيء عجيب؛ إنو يكوف

الحؽ شيء حي وال يمكف .موجودا حيف ال تنظر؛ لكنؾ حيف تنظر جشعا فإف ما تقبض عميو ىو نفاية جشعؾ، وليس الحؽىناؾ درب فقط إلى ما ىو مستتب، إلى نقطة ثابتة، ساكنة. أما .يمكف لؾ أف تقوؿ إنو دوما موجودالقبض عميو، وال

الشيء الحي، المتحرؾ عمى الدواـ، الشيء الذي ليس لو مكاف يستقر فيو، فكيؼ يمكف أف يوجد دليؿ أو درب إليو؟ الذىف ي ذاكرة تمؾ الحالة التي مف التميؼ إلى بموغو، إلى القبض عميو، بحيث إنو يجعمو شيئا ذف، ىؿ تستطيع أف تنح ميتا. وا

ييا تنحية تامة، بحيث يفرغ ذىنؾ مف ىذا السعي كمو؟ إف ي المعمـ، الدرب، الغاية، أف تنح حصمت لؾ؟ ىؿ تستطيع أف تنحا. أنت تطمب، تسأؿ، ذىنؾ في الوقت الحاضر مف االنشغاؿ بيذا الطمب الغامر بحيث إف ىذا االنشغاؿ بالذات يصير عائق

تتوؽ إلى السير عمى الشاطئ اآلخر. الشاطئ اآلخر يقتضي وجود ىذا الشاطئ، ومف ىذا الشاطئ، لموصوؿ إلى الشاطئ اآلخر، ىناؾ مكاف وزمف. وىذا ما يكبحؾ ويجمب عميؾ ىذا التوؽ الموجع إلى الشاطئ اآلخر. وتمؾ ىي المشكمة الحقيقية

ف الذي يفصؿ، الزمف الضروري لموصوؿ إلى ىناؾ، والمكاف الذي ىو المسافة بيف ىذا وذاؾ. الزمف الذي يجزئ، المكا –ىذا يريد أف يصير ذاؾ، فيجده غير ممكف بسبب المسافة والزمف المطموب لقطع تمؾ المسافة. وفي ىذا ال توجد المقارنة

ا. ىذا التقسيـ لممكاف والزمف بيف ىذا وذاؾ أيض الوىـوحسب، بؿ القياس أيضا، وذىف قادر عمى القياس ذىف قادر عمى ىو طريؽ الذىف، الذي ىو الفكر. حيف توجد المحبة، كما تعمـ، يختفي المكاف ويختفي الزمف. فقط حيف يتدخؿ الفكر

.والرغبة توجد ىوة زمنية ال بد مف ردميا. حيف ترى ىذا، يكوف ىذا ىو ذاؾ

.و صحيح، لكنو يتممص منيلكني ال أراه. أشعر بأف ما تقول :السائل

. لست :كريشنامورتي سيدي، أنت شديد نفاد الصبر، وفي نفاد صبرؾ ىذا تكمف عدوانيتو نفسيا. أنت تياجـ، تجـزىادئا لتنظر، لتسمع، لتشعر بعمؽ. تريد الوصوؿ إلى الشاطئ اآلخر بأي ثمف، فتسبح سباحة مسعورة، غير عالـ أيف يوجد

ذف فأنت تسبح مبتعدا عنو. إذا أجزت لي أف أقترح، كؼ عف ىذاآلخر قد يكوف الشاطئ اآلخر. الشاطئ ا الشاطئ، وا السباحة. وىذا ال يعني أنؾ يجب أف تصير بميدا، فتعيش عيشة خاممة وال تفعؿ شيئا، بؿ بالحري أنؾ يجب أف تكوف منفعؿ

قد ال يحدث شيء، لكنؾ إذا كنت تتوقع مف ذلؾ اإلدراؾ مف غير أي اختيار، ميما كاف، وال قياس. ثـ انظر ما يحدث.الجرس أف يرف مرة أخرى، إذا كنت تتوقع عودة ذلؾ الشعور والبيجة كميما، فأنت تسبح في االتجاه المعاكس. اليدوء

راغ يتطمب طاقة عظيمة؛ والسباحة تبدد تمؾ الطاقة. وأنت في حاجة إلى طاقتؾ كميا لصمت الذىف، وفقط في الفراغ، في الف .التاـ، يمكف لشيء جديد أف يكوف

لدى الناس المتدينيف المزعوميف جميعا شيء ما يشتركوف فيو، وأرى ىذا الشيء نفسو عند معظـ الناس القادميف :السائلبدية، لبلستماع إليؾ. إنيـ جميعا يفتشوف عف شيء ما يسمونو بأسماء متنوعة: نيرڤانا، التحرر، االستنارة، تحقيؽ الذات، األ

أو اهلل. ىدفيـ معيف سمفا، يضعونو نصب أعينيـ في تعاليـ مختمفة، ولكؿ مف ىذه التعاليـ، مف ىذه الطرؽ، مجموعتو مف درب مستقيـ ضيؽ يستبعد باقي العالـ ويعد عند آخره –الكتب المقدسة، مناىجو، معمموه، أخبلقياتو، فمسفتو، وعوده ووعيده

ه. غالبية ىؤالء الطالبيف يتنقموف مف طريقة ألخرى، مبدليف آخر تعميـ بالتعميـ الذي تخموا عنو مؤخرا؛ بفردوس ما أو سوايتنقموف مف عربدة عاطفية إلى أخرى، غير متبصريف بأف العممية نفسيا جارية في ىذا البحث كمو. بعضيـ يبقى ضمف

خر يحسب في آخر المطاؼ أنو حقؽ ما كاف يريد تحقيقو، طريقة واحدة مع مجموعة بعينيا ويرفض التزحزح؛ وبعضيـ اآلومف ثـ يصرؼ أيامو في غبطة منقطعة ما، مستدرجا بدوره مجموعة تبلمذة يبدءوف الدورة برمتيا مف جديد. وفي ىذا كمو،

حباطو المريريف. ىذا كمو يبدو لي غير صحي لمغاية. ىؤالء نجد الجشع القسري لبموغ تحقيؽ ما، وغالبا، خيبة اإلخفاؽ وا وف بالعيش العادي في سبيؿ ىدؼ متخيؿ ما، وىناؾ شعور كريو لمغاية ينبعث مف ىذا النوع مف األوساط: الناس يضح

ب، ىستيريا، عنؼ، وغباء ويندىش المرء حيف يجد بينيـ بعض الكتاب الجيديف الذيف يبدوف فيما عدا ذلؾ سميمي .تعصينا؛ واألمر كمو يفوح منو النتف حتى السماء العميا! ىذا ىو بخور التقوى؛ ولقد رصدتو في كؿ العقؿ نسبيا. ىذا كمو يسمى د

ى بيـ في أعقابو. واآلف أود أف أسألؾ: ىؿ يوجد في الواقع مكاف. ىذا البحث عف االستنارة يسبب خرابا ىائبل، والناس يضحذا كاف يوجد، ما ىو؟ شيء ما كاالستنارة، وا

عندئذ فإف ىذا – العيش اليومي بوصفو الحركة الخارقة لمعبلقة –إذا كاف ىروبا مف العيش اليومي :كريشنامورتي، ىذه االستنارة المزعومة، أو أي اسـ تود أف تطمقو عميو، ىو وىـ ونفاؽ. كؿ ما ينفي المحبة وفيـ الحياة التحقيؽ المزعـو

إنو يشوه الذىف، والحياة تغدو قضية مروعة. فإذا اتخذنا ذلؾ كمسممة والعمؿ يؤدي ال محالة إلى إيقاع قدر كبير مف األذى.أف توجد في فعؿ العيش –ميما يكف معناىا –عندئذ قد نستطيع، ربما، أف نتابع لنكتشؼ فيما إذا كاف يمكف لبلستنارة

ؼ ما ىو العيش ترانا نخترع ىذه المفاىيـ بذاتو. فالعيش، في النياية، أىـ مف أي فكرة أو ىدؼ مثالي أو مبدأ. فؤلننا ال نعر الرؤيوية وغير الواقعية التي تتيح لنا الفرار. المسألة الحقيقية ىي: ىؿ يستطيع المرء أف يجد االستنارة في العيش، في

ارة تعني نشاطات الحياة اليومية، أـ أف األمر مخصص فقط لمقمة الموىوبيف قدرة ما خارقة عمى اكتشاؼ ىذه الغبطة؟ االستنأف يكوف المرء نورا لذاتو، لكنو نور ليس ذاتي اإلسقاط وال متخيبل، ليس مزاجية شخصية ما. ثـ إف ىذا مافتئ أبدا تعميـ

ف لـ يكف تعميـ االعتقاد والخوؼ المنظميف .الديف الصحيح، وا

ف واالختصاصييف في مقابؿ باقي العالـ. فيؿ تقوؿ تعميـ الديف الصحيح! ىذا عمى الفور يخمؽ معسكر المحترفي :السائل تعني، إذف، أف الديف منفصؿ عف الحياة؟

إف ىذا التفريؽ بيف الديف والحياة ىو الذي ولد .الحياة ذاتياالديف ليس منفصبل عف الحياة؛ إنو، بالعكس، :كريشنامورتيساسي حوؿ إمكانية العيش في الحياة اليومية في حالة ىذا البؤس كمو الذي تتحدث عنو. وىذا يعيدنا، إذف، إلى السؤاؿ األ

.دعنا نسميا، مؤقتا، االستنارة

.مازلت ال أعمـ ما تعنيو باالستنارة :السائل

حالة نفي. النفي ىو الفعؿ األكثر إيجابية، ال الجـز اإليجابي. ىذا أمر ىاـ لمغاية ال بد مف فيمو. أغمبنا :كريشنامورتييجابية، يقبؿ معتقدا إيجابيا بسيولة بالغة، ألننا نريد أف نكوف آمنيف، أف ننتمي، أف نتعمؽ، أف نتكؿ. الموقؼ يقبؿ العقيدة اإل

اإليجابي يجزئ ويجمب الثنائية. وعندئذ يبدأ النزاع بيف ىذا الموقؼ وبيف اآلخريف. لكف نفي جميع القيـ، جميع األخبلقيات، العبارة اإليجابية، مف حيث تعريفيا .حدود، فيو ال يمكف لو أف يتعارض مع أي شيء جميع المعتقدات، بما أنو مف غير

نفسو، تفصؿ، والفصؿ مقاومة. ونحف معتادوف عمى ىذا؛ ىذا ىو إشراطنا. إنكار ىذا كمو ليس منافيا لؤلخبلؽ، بؿ إنكار في قيمو وأخبلقو وآليتو جميعا، ىو أف تكوف كؿ تجزئة ومقاومة ىو، بالعكس، ذروة األخبلؽ. نفي كؿ ما اخترعو اإلنساف، ن

في حالة ذىنية ال ثنائية فييا، وبالتالي، ال مقاومة وال نزاع بيف األضداد. ففي ىذه الحالة ال توجد أضداد، وىذه الحالة ليست .نقيض أي شيء آخر

؟ ماذا يحوؿ بيني وبيف الجريمة فكيؼ لنا أف نعرؼ ما ىو الخير وما ىو الشر؟ أـ أنو ال يوجد خير وشر أصبل :السائل أو حتى القتؿ؟ إذا لـ تكف عندي معايير، ماذا يحوؿ بيني وبيف يعمـ اهلل أية ضبلالت؟

نفي ىذا كمو ىو نفي المرء ذاتو، والذات ىي الكياف المشروط الذي يسعى سعيا مستمرا إلى خير مشروط. :كريشنامورتيألننا ال نعرؼ النشاط إال في سجف إشراطنا وخوفنا وبؤسنا. وانطبلقا مف ذلؾ، ننظر يبدو النفي بنظر غالبيتنا وكأنو خواء

إلى النفي ونتخيؿ أنو حالة رىيبة ما مف النسياف أو الفراغ. فبنظر اإلنساف الذي نفى جميع إثباتات المجتمع والديف والثقافة تماعية ىو إنساف شقي. النفي ىو حالة استنارة فاعمة في واألخبلقيات، اإلنساف الذي ال يزاؿ قابعا في سجف التبعية االج

ر مف الماضي. فالماضي، بتقميده ومرجعيتو، ىو الذي يجب نفيو. النفي حرية، واإلنساف الحر جميع نشاطات إنساف قد تحر .ىو الذي يحيا ويحب ويعرؼ ما معنى أف يموت

ار بالمتعالي، باإلليي، أو ما تشاء أف تطمؽ عميو مف ىذا القدر واضح؛ لكنؾ ال تقوؿ شيئا عف أي إشع :السائل .األسماء

اإلشعار بذاؾ ال يمكف لو أف يوجد إال في الحرية، وأي تصريح عنو إنما ىو إنكار لمحرية؛ أي تصريح :كريشنامورتيحرى حبسو في أية طريقة، أو عنو يصير تبميغا لفظيا عديـ المعنى. إنو موجود، لكف ال يمكف العثور عميو أو دعوتو، وال باأل

اإليقاع بو بأية حيمة ذكية مف حيؿ الذىف. إنو ليس في الكنائس وال في المعابد وال في المساجد. ما مف درب إليو، وال معمـ، .وال طريقة تستطيع أف تكشؼ عف جمالو؛ وجده يأتي فقط حيف توجد المحبة. ىذه ىي االستنارة

د لطبيعة الكوف أو الوعي أو الوجود؟ جميع النصوص الدينية تغص بيذا النوع مف فيؿ يجمب أي فيـ جدي :السائل .األشياء

ىذا أشبو ما يكوف بسؤاؿ المرء عف الضفة األخرى بينما ىو يعيش ويشقى عمى ىذه الضفة. عندما تكوف :كريشنامورتيألسئمة المشابية مصدرىا ىذه الضفة وحقا ال عمى الضفة األخرى فأنت كؿ شيء والشيء، وال تسأؿ أسئمة كيذه أبدا. جميع ا

.معنى ليا بتاتا. ابدأ بالعيش، وستجد نفسؾ ىناؾ مف غير سؤاؿ، مف غير سعي، مف غير خوؼ

أرى أىمية إنياء الخوؼ، األسى، الغضب، وكؿ كدح اإلنساف. أرى أف عمى المرء أف يحرص عمى وضع أسس :السائلا باالستقامة، وعمى أف ال توجد في ذلؾ كراىية وال حسد وال شيء مف الوحشية التي يعيش السموؾ الطيب، الذي يدعى عموم

، وأف المرء يجب أال الحرية في ذاتيافييا اإلنساف. أرى كذلؾ أنو ال بد مف الحرية، ال بمعنى التحرر مف شيء بعينو، بؿ ف تكف ربما قد ال تحب كممة "محاولة" –ا وأحاوؿ يبقى دوما حبيس متطمباتو ورغباتو. أرى ىذا كمو رؤية واضحة جد أف –وا

أعيش عمى ىدي مف ىذا الفيـ. استغرقت في ذاتي إلى حد ما. لـ يعد يقيدني أي شيء مف أشياء ىذا العالـ، وال أي ديف مف كؿ بؤس الحياة وبمبمتيا، مف األدياف. واآلف أود أف أسأؿ: إذا سممنا جدال أف المرء حر، ليس خارجيا وحسب بؿ داخميا،

ماذا يوجد ىناؾ فيما يتعدى الجدار؟ حيف أقوؿ "الجدار"، أعني الخوؼ، األسى، والضغط الدائـ لمفكر. ماذا يوجد ىناؾ مما يمكف أف يرى حيف يكوف الذىف ىادئا، وليس ممتزما أي نشاط بعينو؟

، يختبر، أو يفيـ؟ أتراؾ تسأؿ ما ىي ماذا تعني بقولؾ: "ماذا يوجد ىناؾ"؟ أت :كريشنامورتي عني شيئا يدرؾ، يحساالستنارة؟ أـ أنؾ تسأؿ ماذا يوجد ىناؾ حيف يتوقؼ الذىف عف شروده كمو ويؤوؿ إلى اليدوء؟ ىؿ تسأؿ ماذا يوجد ىناؾ

عمى الجانب اآلخر حيف يكوف الذىف ساكنا حقا؟

الذىف ساكنا يبدو وكأنو ال يوجد شيء. ال بد أف ىناؾ شيئا عمى جانب أسأؿ ىذه األشياء كميا. فحيف يكوف :السائلىائؿ مف األىمية يكتشؼ خمؼ الفكر كمو. البوذا، وواحد أو اثناف سواه، تكمموا عمى شيء ىو مف الشساعة بحيث لـ يكف

رفنا لحظات كاف الذىف فييا ساكنا سكونا بوسعيـ التعبير عنو بكممات. البوذا قاؿ: "ال تقيسوا بالكممات ما ال يقاس." كمنا عكامبل، ولـ يكف في األمر حقا شيء بيذه العظمة كميا؛ كاف مجرد فراغ. ومع ذلؾ، ينتاب المرء شعور بأف ىناؾ شيئا شديد

ؿ الحياة بأسرىا. ولعمو يبدو، مما قالو الناس، أف ذىنا ساكنا ضروري الكت شاؼ ىذا. أرى، القرب، بمجرد أف يكتشؼ، يحوكذلؾ، أف وحده ذىف غير مزدحـ، ساكف، يستطيع أف يكوف فعاال ونافذ البصيرة بحؽ. لكف ال بد أف ىناؾ شيئا أكثر مف

.مجرد ذىف غير مزدحـ، ساكف، شيئا أكثر بكثير مف ذىف طازج، ذىف بريء، أكثر حتى مف ذىف محب

بأف ذىنا ىادئا، حساسا، يقظا، ضروري، ال لتكوف فعاال وحسب، بؿ فما ىو السؤاؿ اآلف؟ لقد صرحت :كريشنامورتي .لتدرؾ األشياء مف حولؾ وفي نفسؾ أيضا

جميع الفبلسفة والعمماء يدركوف شيئا ما طواؿ الوقت. بعضيـ ذكي ذكاء ممحوظا، والعديد منيـ مستقيـ حتى. :السائل .عبروا عنو، تجده ببل قيمة تذكر، وليس فيو قطعا أي إشعار بشيء إليي لكنؾ حيف تنظر في كؿ ما أدركوه أو اخترعوه أو

أتراؾ تسأؿ إف كاف ىناؾ شيء مقدس فيما يتعدى ىذا كمو؟ ىؿ تسأؿ إف كاف ىناؾ بعد مختمؼ يستطيع :كريشنامورتيإف كاف يوجد شيء ساـ أو ال الذىف أف يحيا فيو ويدرؾ شيئا ليس مجرد صياغة عقمية لممكر؟ ىؿ تسأؿ بطريقة مواربة

يوجد؟

لقد قاؿ عدد كبير مف الناس بأكثر ما يمكف مف اإلقناع بأف ىناؾ كنزا ىائبل ىو منبع الوعي. جميعيـ متفقوف :السائلعمى أنو عصي عمى الوصؼ؛ لكنيـ مختمفوف عمى كيفية إدراكو. ويبدو أنيـ جميعا يعتقدوف أف الفكر يجب أف يتوقؼ قبؿ

جميعيـ متفؽ عمى أنؾ ال تحيا .تاح لو أف يتجمى. بعضيـ يقوؿ إنو المادة المصنوع منيا الفكر بالذات، وىكذا دواليؾأف ي گوروحقا ما لـ تكتشفو. وأنت نفسؾ، عمى ما يبدو، تقوؿ نوعا ما الشيء نفسو. غير أني ال أتبع أية طريقة أو منيج أو

مف ىذه األمور لتخبرني بوجود شيء متعاؿ. حيف تنظر إلى ورقة نبات أو إلى وجو، معمـ[ أو معتقد. ال أحتاج إلى أي ]تراؾ تدرؾ أف ىناؾ شيئا أعظـ بكثير مف التفسيرات العممية أو البيولوجية لموجود. يبدو أنؾ شربت مف ىذا الينبوع. نحف

نستمع، نتفكر، ونقع عمى سكوف جديد. النزاع نستمع إلى ما تقوؿ. وأنت حريص عمى تبييف تفاىة الفكر ومحدوديتو. ونحف ولكف ماذا بعد؟ .ينتيي فعبل

لماذا تسأؿ ىذا؟ :كريشنامورتي

!أنت تسأؿ رجبل أعمى لماذا يريد أف يبصر :السائل

ف أنؾ لـ يسأؿ السؤاؿ كمناورة ذكية، أو لمفت النظر إلى أف ذىنا صامتا ال يسأؿ شيئا بتاتا، بؿ لمتأكد م :كريشنامورتيالفضوؿ، إلحاح االكتشاؼ، أو الرغبة في –تبحث فعبل عف شيء متعاؿ. فإذا كنت تبحث، ما ىو الدافع وراء ذلؾ البحث؟

رؤية جماؿ لـ تر مثيمو مف قبؿ. أليس ميما بنظرؾ أف تكتشؼ بنفسؾ فيما إذا كنت تطمب المزيد، أـ أنؾ تحاوؿ أف ترى ي المزيد، فإننا عندئذ نكوف ميتميف فقط بالػبالضبط؟ اإلثناف متنافرا ماىوالػ حيف يكوف الذىف ماىوف. فإذا استطعت أف تنح

صامتا. ماذا يحدث فعميا حيف يكوف الذىف ىادئا حقا؟ ذلؾ ىو السؤاؿ الحقيقي، أليس كذلؾ، وليس ما ىو متعاؿ أو ما يكمف أبعد؟

.سؤالي ىو عما يكمف أبعد :السائل

ما يكمف أبعد ال يمكف إيجاده إال إذا كاف الذىف ساكنا. قد يكوف ىناؾ شيء، وقد ال يكوف ىناؾ شيء :كريشنامورتيذف فإف الشيء الوحيد الميـ ىو أف يكوف الذىف ساكنا. مرة أخرى، إذا كنت ميتما بما يكمف أبعد، فأنت عندئذ ال بتاتا. وا

السكوف بنظرؾ غير مجرد باب إلى ما يكمف أبعد، فأنت غير ميتـ بذلؾ تنظر إلى ماىية حالة السكوف الفعمي. إذا لـ يكف الباب، في حيف أف الميـ ىو الباب بالذات، ىو السكوف بعينو. لذا ال يمكف لؾ أف تسأؿ ماذا يكمف أبعد. الشيء الوحيد

.مف الصمتالميـ ىو أف يكوف الذىف ساكنا. إذ ذاؾ ماذا يحدث؟ ذاؾ كؿ ما ييمنا، ال ما يكمف أبعد

.أنت عمى حؽ. فميس لمصمت مف أىمية بنظري إال كبوابة :السائل

، وىما ليستا شيئيف منفصميف. الوسيمة ىي الغايةبحد ذاتو؟ الشيءكيؼ لؾ أف تعرؼ أنو بوابة وليس :كريشنامورتي – تمؾ الواقعة. مف عظيـ األىميةالصمت ىو الواقعة الوحيدة، وليس ما تكتشؼ مف خبللو. فمنبؽ عند الواقعة، ولنر ما ىي

ضا –ولعمو مف أعظـ األىمية ضا كوسيمة إلى غاية، ليس شيئا محر أف يكوف ىذا الصمت صمتا بحد ذاتو وليس شيئا محر .مف خبلؿ المخدرات أو المنيج أو ترداد الكممات

.الصمت يأتي مف تمقاء ذاتو، مف غير دافع ومف غير سبب :السائل

!لكنؾ تستعممو كوسيمة :مورتيكريشنا

.ال، فقد عرفت الصمت، وأجد أنو ال يحدث شيء :السائل

ىذه ىي المسألة برمتيا. ليس ىناؾ مف واقعة أخرى غير الصمت الذي لـ يستدع، لـ يحرض، لـ يسع :كريشنامورتيـ حواليو. و في ىذا لـ يكف ىناؾ مف دافع جمب الصمت. إذا إليو، بؿ ىو النتيجة الطبيعية لمرصد ولفيـ المرء نفسو والعال

دا، وبالتالي فيو ليس صمتا عمى اإلطبلؽ. إذا يا ومتعم وجد أي ظؿ أو شؾ في وجود دافع، إذ ذاؾ يكوف ىذا الصمت موجنا الوحيد. ما ، إذ ذاؾ فإف ما يحدث فعميا في ذلؾ الصمت ىو ىم حركنت تستطيع أف تقوؿ صادقا إف ذلؾ الصمت صمت

ىي صفة ذلؾ الصمت وما ىو جوىره؟ ىؿ ىو سطحي، عابر، قابؿ لمقياس؟ ىؿ أنت تعيو بعد أف ينتيي أو في أثناء الصمت؟ إذا وعيت أنؾ كنت صامتا، فيي ذاكرة وحسب، وبالتالي ميتة. إذا وعيت الصمت وىو يحدث، ىؿ ىو صمت؟ إذا

ىؿ ىو صمت؟ ىؿ ىو شيء متقطع يجيء ويذىب بحسب –الذاكرات أي ما مف حزمة مف –لـ يكف ىناؾ مف راصد كيمياء جسمؾ؟ ىؿ يجيء وأنت وحدؾ، أو مع الناس، أو عندما تحاوؿ أف تتأمؿ؟ ما نحف نحاوؿ أف نكتشفو ىو طبيعة ىذا

حؿ؟ ىؿ ىو بريء الصمت. ىؿ ىو غني أـ فقير؟ )ال أعني غنيا بالخبرة، أو فقيرا ألنو غير متعمـ(. ىؿ ىو ممتمئ أـ ضأـ ىو مركب؟ مف شأف الذىف أف ينظر إلى واقعة وال يرى جماؿ تمؾ الواقعة، عمقيا، خاصيتيا. فيؿ مف الممكف رصد الصمت مف غير الراصد؟ حيف يوجد الصمت، ىناؾ صمت وحسب، وال شيء سواه. ثـ في ذلؾ الصمت ماذا يحدث؟ أىذا

ما تسأؿ؟

.أجؿ :السائل

ىناؾ رصد لمصمت بالصمت في الصمت؟ىؿ :كريشنامورتي

.ىذا سؤاؿ جديد :السائل

إنو ليس سؤاال جديدا لو أنؾ كنت تتابع. الدماغ بكاممو، الذىف، المشاعر، الجسـ، كؿ شيء ىادئ. فيؿ :كريشنامورتيتشاىد كميتيا ىي؟ يمكف ليذا اليدوء، ليذا السكوف، أف ينظر إلى نفسو، ال كراصد ساكف؟ ىؿ يمكف لكمية ىذا الصمت أف

الصمت يصبح واعيا لذاتو. وفي ىذا ليس ىناؾ أي تقسيـ بيف راصد ومرصود. تمؾ ىي المسألة الرئيسية. ىذا الصمت ال .يستعمؿ ذاتو الكتشاؼ شيء يتعداه. يوجد ذلؾ الصمت وحسب. واآلف انظر ما يحدث

ذات أىمية أقؿ. مازلت أكافح ىذه العادة حصرا منذ عندي عادة واحدة مستحكمة؛ عندي عادات أخرى، لكنيا :السائلأف وعيت نفسي. أغمب الظف أنيا تشكمت في طفولتي المبكرة، ويبدو أف ال أحد اىتـ اىتماما كافيا لتصحيحيا آنذاؾ؛

مف جديد. ويبدو وبالتدريج، مع تقدمي في السف، صارت متجذرة أكثر فأكثر عمقا. وىي ال تختفي أحيانا إال لتعاود الظيورأني غير قادر عمى التخمص منيا. أود أف أكوف سيدا عمييا تماما؛ فقد صار التغمب عمييا ىوسا عندي. فماذا يسعني أف

أفعؿ؟

يبدو مما تقوؿ أنؾ استسممت لعادة طواؿ سنيف عديدة عديدة، وتراؾ نميت عادة أخرى، عادة مكافحتيا. :كريشنامورتيذف فأنت تريد ال تخمص مف عادة بتنمية عادة أخرى ىي إنكار األولى. أنت تكافح عادة بعادة أخرى. وحيف ال تقدر عمى وا

التخمص مف العادة األولى تشعر بالذنب، بالعار، بالكآبة، وربما بالغضب مف نفسؾ عمى ضعفؾ. لكف كبل العادة األولى لمثانية؛ ومنو، فإف الثانية ىي حقا استمرار لؤلولى كرد فعؿ. والثانية وجو مف وجيي العممة نفسيا: مف دوف األولى ال وجود

ذف فمديؾ اآلف مشكمتاف، في حيف كانت لديؾ في البداية مشكمة واحدة فقط .وا

.أعرؼ ما سوؼ تقوؿ ألنني أعرؼ ما تقوؿ عف الوعي، لكنني ال أستطيع أف أكوف واعيا طواؿ الوقت :السائل

ذف فمديؾ اآل :كريشنامورتي ف عدة أشياء في الوقت ذاتو: لديؾ في البدء العادة األصمية، ثـ الرغبة في التخمص منيا، وا ثـ الشعور باإلحباط مف فشمؾ، ثـ العـز عمى أف تكوف واعيا طواؿ الوقت. وىذه الشبكة نشأت ألنؾ في قرارة نفسؾ تريد أف

طواؿ الوقت بيف العادة وبيف مكافحتيا. لست ترى أف تتخمص مف تمؾ العادة بالذات؛ ذلؾ ىو دافعؾ األوحد، وأنت تتأرجحذف فإف المسألة حقا ىي: المشكمة الحقيقية ىي في التعود أصبل، حسنا كاف أو سيئا، وليس في مجرد عادة واحدة بعينيا. وا

ىي مقاومة؟ ىؿ مف الممكف كسر عادة ما دوف بذؿ أي جيد، دوف تنمية ضدىا، دوف قيرىا عبر المراقبة المستمرة، و .فالمراقبة المستمرة ىي ببساطة عادة أخرى، بما أنيا تتولد مف العادة التي تحاوؿ ىذه المراقبة التغمب عمييا

أتعني أنني أستطيع أف أتخمص مف العادة مف غير توليد ىذه الشبكة المعقدة مف ردود الفعؿ عمييا؟ :السائل

إرادة التخمص منيا ىي .الشبكة المعقدة مف ردود الفعؿ تعمؿ فعميامادمت تريد التخمص منيا فإف تمؾ :كريشنامورتيذف فأنت حقا لـ توقؼ رد الفعؿ العبثي عمى العادة ىذا .تمؾ الشبكة الرجعية. وا

!لكني، مع ذلؾ، يجب أف أفعؿ شيئا حياليا :السائل

دود الفعؿ عمييا ليست مختمفة عف العادة؛ إذ إف ذاؾ يشير أنؾ محكـو بيذه الرغبة الواحدة. ىذه الرغبة ور :كريشنامورتي !بعضيا يقتات ببعض. الرغبة في التفوؽ ليست مختمفة عف الدونية؛ فالمتفوؽ ىو المتدني، القديس ىو الخاطئ

فيؿ يجب عمي فقط أال أفعؿ شيئا حياليا بتاتا؟ :السائل

.ؿ العادة القديمةما أنت فاعمو حياليا ىو تنمية عادة أخرى في مقاب :كريشنامورتي

!فإذا لـ أفعؿ شيئا، سأظؿ عمى العادة، ونعود إلى حيث ابتدأنا :السائل

ىؿ نعود فعبل؟ حيف تعي بأف ما تفعمو لكسر العادة ىو تنمية عادة أخرى، ال مجاؿ عندؾ إال لعمؿ :كريشنامورتيالب العادات، وبالتالي فإف عدـ فعمؾ شيئا، شعورؾ واحد، وىو أال تفعؿ شيئا ضد تمؾ العادة بتاتا. كؿ ما تفعؿ يقع ضمف ق

بأنؾ غير مضطر إلى مكافحتيا، ىو أعظـ أفعاؿ الذكاء. إذا فعمت أي شيء إيجابي فأنت واقع مف جديد في مجاؿ العادات. أما إذا رأيت ىذا رؤية واضحة جدا، يكوف ىناؾ شعور فوري بارتياح عظيـ وبخفة عظيمة. فأنت اآلف ترى أف

.افحة العادة الواحدة بتنمية أخرى ال ينيي العادة األولى، فتكؼ عف مكافحتيامك

.عندئذ وحدىا العادة تبقى، وليس مف مقاومة ليا :السائل

لكف ىذا ال يعني أنؾ ستستمر عمى العادة. فأنت تصبح –أي شكؿ مف أشكاؿ المقاومة يغذي العادة :كريشنامورتي، وىذا الوعي يبيف لؾ أنؾ ميما فعمت حياؿ العادة ىو مف قبيؿ – وىي عادة ىي األخرى –واعيا لمعادة ولتنمية ضدىا

فاآلف، وقد رصدت ىذه السيرورة برمتيا، يقوؿ ذكاؤؾ: "ال تفعؿ شيئا حياؿ العادة، ال توليا أي انتباه، ال .تشكيؿ عادة أخرىيعمؿ، وىو يشاىد. وىذه المشاىدة مختمفة اختبلفا تاما عف تأبو ليا، ألنؾ كمما أبيت ليا صارت أكثر فاعمية." الذكاء اآلف

مراقبة مقاومة العادة، رد الفعؿ عمييا. فإذا راودؾ الشعور بيذا الذكاء وىو يشاىد، إذ ذاؾ فإف ىذا الشعور ىو الذي سوؼ ذف فالميـ ليس العادة، بؿ لذي يولد الذكاء. وىذا الذكاء يبقى العادة ا فيـيعمؿ ويعالج العادة، ال رقابة التصميـ واإلرادة. وا

وذلؾ –متيقظا مف غير وقود الرغبة، وىو اإلرادة. في الحاؿ األولى تواجو العادة بالمقاومة، وفي الحاؿ الثانية ال تواجو بتاتا .ىو الذكاء. فعؿ الذكاء يصعؽ المقاومة لمعادة التي تتغذى عمييا العادة

صت مف عادتي؟ىؿ يعني قولؾ أني تخم :السائل

، وال تتسرع في افتراضؾ أنؾ تخمصت منيا. فاألىـ مف العادة ىو ىذا الفيـ، وىو الذكاء. ىذا الذكاء :كريشنامورتي تأفويجب، بالتالي، أف يمس بيديف طاىرتيف، ال أف يستغؿ في أالعيب صغيرة تافية. عادتؾ الصغيرة ال أىمية ليا مقدس

.اضرا فالعادة تافية؛ أما إذا لـ يحضر الذكاء فإف عجمة العادة ىي كؿ ما لديؾمطمقا. إذا كاف الذكاء ح

أجدني أتعمؽ بالناس تعمقا مرعبا وأتكؿ عمييـ. وىذا التعمؽ يتطور في عبلقاتي إلى نوع مف التطمب االستئثاري :السائلذ أراني متكبل، مدركا إلزعاج ذلؾ ولؤللـ ال ناجـ عنو، أحاوؿ أف أكوف غير متعمؽ. عندئذ أشعر يولد شعورا بالسيطرة. وا

ذ أعجز عف مواجية الوحشة، أتيرب منيا عف طريؽ الشراب وبطرؽ أخرى. ومع ذلؾ، ال أريد بالوحشة شعورا رىيبا؛ وا .لعبلقاتي أف تكوف مجرد عبلقات سطحية عابرة

مف ىذا نزاع أعمؽ، ىو الخوؼ مف الوحشة. فما ىناؾ التعمؽ، ثـ ىناؾ الصراع لفؾ التعمؽ، ثـ يتولد :كريشنامورتيىي مشكمتؾ إذف، ما الذي تحاوؿ أف تكتشفو، أف تتعممو؟ ىؿ ىو أف كؿ عبلقة ىي قضية اتكاؿ؟ أنت متكؿ عمى البيئة

أي ، بحيث ال تتكؿ عمى في ذاتؾوالناس. فيؿ مف الممكف لؾ أف تكوف حرا، ال مف البيئة والناس وحسب، بؿ أف تكوف حرا ذا اتكمت عمييـ شيء أو أي أحد؟ ىؿ مف الممكف أف يوجد فرح ليس نتيجة البيئة أو الناس؟ البيئة تتغير، الناس تتغير، وا

ذف أليست القضية قضية إف كنت تستطيع أف –فأنت واقع في مصيدتيـ ال فإنؾ تصير المباليا، عنيفا، متيكما، قاسيا. وا وا نتيجة البيئة، بشرية كانت أو غير ذلؾ؟ ىذه مسألة ىامة لمغاية. أغمب البشر عبيد ألسرتيـ أو تحيا حياة حرية وفرح ليست

لظروفيـ، وىـ يريدوف تغيير الظروؼ والناس، آمميف بذلؾ أف يجدوا الفرح، أف يحيوا حياة حرة وأكثر انفتاحا. لكنيـ حتى إذا

ة، سرعاف ما ينتيي بيـ األمر إلى االتكاؿ ثانية عمى البيئة الجديدة أوجدوا فعبل بيئتيـ الخاصة أو اختاروا عبلقاتيـ الخاصوعمى األصدقاء الجدد. فيؿ االتكاؿ، ميما يكف شكمو، يجمب الفرح؟ وىذا االتكاؿ ىو أيضا حافز المرء إلى التعبير، الحافز

برمتيا تراه يرتبؾ ويصير بائسا إلى أف يكوف شيئا. فصاحب موىبة أو قدرة بعينيا يتكؿ عمييا، وحيف تنقص أو تزوؿ مدعاة لؤلسى. لذا يتساءؿ المرء: –الناس، الممتمكات، األفكار، المواىب –وقبيحا. ومنو فإف االتكاؿ نفسانيا عمى أي شيء

ىؿ ىناؾ فرح ال يتكؿ عمى أي شيء؟ ىؿ ىناؾ نور ال يضيئو آخر؟

فبل أستطيع اإلجابة عف ىذا السؤاؿ؛ ولعمي ال أجرؤ –ذاتي فرحي إلى اآلف أضاءه دوما شيء أو أحد خارج :السائلحتى عمى سؤالو، ألنني عند ذاؾ قد أضطر إلى تغيير أسموب حياتي. أنا قطعا متكؿ عمى الشراب والكتب والجنس

.والصحبة

تسأؿ حتما لكنؾ حيف ترى بنفسؾ، في وضوح، أف ىذا االتكاؿ يولد مختمؼ أشكاؿ الخوؼ والبؤس، أال :كريشنامورتي السؤاؿ اآلخر، الذي ليس عف كيفية التحرر مف البيئة والناس، بؿ بالحري عما إذا كاف ىناؾ فرح، غبطة، ىي نور ذاتيا؟

.قد أسألو، لكنو ال قيمة لو. بما أني واقع في شرؾ ىذا كمو، فيذا كؿ ما ىو موجود فعميا لدي :السائل

منطوياتو، وىو أمر واقع. ثـ ىناؾ واقعة أعمؽ، ىي الوحشة، ذلؾ الشعور ما ييمؾ ىو االتكاؿ، بكؿ :كريشنامورتيبالعزلة. فحيف نشعر بالوحشة، نتعمؽ بالناس، بالشراب، وبسائر أنواع الميارب األخرى. التعمؽ ميرب مف الوحشة. فيؿ

ة الحقيقية، ال ما يجب فعمو يمكف ليذه الوحشة أف تفيـ، وىؿ يمكف لممرء أف يكتشؼ بنفسو ما يتعداىا؟ ىذه ىي المسألبخصوص التعمؽ بالناس أو بالبيئة. ىؿ يمكف تجاوز ىذا اإلحساس العميؽ بالوحشة، بالفراغ؟ إف أية حركة بإطبلؽ بعيدا عف الوحشة تعزز الوحشة، وبذلؾ تزداد الحاجة إلى اإلفبلت منيا أكثر مف ذي قبؿ. وىذا يعمؿ التعمؽ الذي يجمب مشكبلتو

إف مشكبلت التعمؽ تشغؿ الذىف إلى حد أف الوحشة تغيب عف نظره فيستخؼ بيا. بذا نستخؼ بالسبب وننشغؿ الخاصة.؛ وىو ال يصير سببا إال حيف ماىوىناؾ فقط .بالنتيجة. لكف الوحشة فاعمة طواؿ الوقت ألنو ال فرؽ بيف السبب والنتيجة

ـ فيي نتيجتويبتعد عف ذاتو. لذا فمف الميـ فيـ أف ىذه الحركة ال يوجد، بالتالي، سبب وال .بعيدا عف ذاتو ىي ذاتو، ومف ثألنؾ تتشبث بالنتيجة. ىناؾ وحشة، والحركة ماىوأنت ال ترى الػ .ماىونتيجة بتاتا، ال حركة إلى أي مكاف بتاتا، بؿ فقط

اتو، مف األىمية، مف السيطرة، بحيث يحوؿ الظاىرة بعيدا عف ىذه الوحشة نحو التعمؽ؛ ثـ يصير ىذا التعمؽ، بكؿ منطويىي الخوؼ، ونحف نحاوؿ أف نصرفو بميرب آخر. ىذه حركة ماىووالحركة بعيدا عف الػ .ماىوبيف المرء وبيف النظر إلى

ذف فوحده ذىف يرى ماىومستديمة، تظير وكأنيا تبتعد عف دا عنو وال يتحرؾ بعي ماىو، لكف فعميا ليس ىناؾ حركة بتاتا. وا وبما أف سمسمة السبب والنتيجة ىذه ىي فعؿ الوحشة، فمف الواضح أف اإلنياء الوحيد .ماىوفي أي اتجاه ذىف متحرر مف الػ

.لموحشة ىو إنياء ىذا الفعؿ

.سوؼ يتعيف عمي أف أتمعف في ىذا تمعنا عميقا جدا جدا :السائل

ير انشغاال يصير بدوره ميربا. إذا رأيت ىذا كمو في وضوح تاـ فرؤيتؾ ولكف ىذا أيضا يمكف لو أف يص :كريشنامورتي .أشبو بطيراف النسر الذي ال يترؾ أثرا في الجو

جئتؾ ألكتشؼ لماذا يوجد انقساـ، فصؿ، بيف ذات المرء وبيف كؿ شيء آخر، وحتى بيف زوجة المرء وأوالده :السائلليس في ذاتو وحسب، بؿ وفي كؿ واحد آخر. الناس يسرفوف في الكبلـ عمى وبينو. حيثما يذىب المرء يجد ىذا الفصؿ،

الوحدة واإلخاء، لكني أتساءؿ إف كاف مف الممكف أصبل التحرر حقا مف ىذا االنقساـ، مف ىذا الفصؿ الموجع. بوسعي، ليس بيف اإلنساف واإلنساف –ت، عقميا، أف أدعي أنو ال يوجد فصؿ حقيقي؛ أستطيع أف أعمؿ لنفسي أسباب ىذه االنقساما

لكني أعرؼ، فعميا في نفسي، أف ىناؾ ىذا االنقساـ الذي ال –وحسب، بؿ وبيف النظريات ومذاىب البلىوت والحكومات، ، ىذه اليوة الواسعة التي تفصمني عف اآلخر. أشعر دوما بأني واقؼ عمى ىذه الضفة وبأف اآلخريف جميعا واقفوف عمى يحؿ

فة األخرى، وبأف ىناؾ ىذه المياه العميقة الفاصمة بيننا. وتمؾ ىي مشكمتي: لماذا توجد ىوة الفصؿ ىذه؟الض

لقد نسيت أف تذكر الفرؽ، التناقض، اليوة، بيف الفكرة الواحدة واألخرى، بيف الشعور الواحد واآلخر، :كريشنامورتيميز األضداد الذي ال ينتيي. وبعد تقرير ىذا كمو، يكوف سؤالنا: لماذا التناقض بيف األفعاؿ، االنقساـ بيف الحياة والموت، دى

وبيف ما كاف أو ما يجب أف يكوف؟ نحف نسأؿ لماذا عاش اإلنساف في ىذه الحالة ماىويوجد ىذا االنقساـ، ىذه الشقة بيف نحاوؿ أف نتخطى السبب والنتيجة معا؟ ىؿ الثنوية، لماذا فتت الحياة إلى قطع متنوعة؟ وىؿ نحف نسأؿ لنجد السبب، أـ أننا

ىي عممية تحميمية أـ ىو إدراؾ، فيـ لحالة ذىنية ال يعود فييا االنقساـ موجودا؟ حتى نفيـ حالة ذىنية كيذه، ال بد لنا مف ضي. الماضي النظر إلى بداية الفكر. عمينا أف نعي الفكر وىو ينشأ، كما يجب أف نعي منشأه أيضا. الفكر ينشأ مف الما

لمفكر، ال مجرد واقعة المعنى الفعميىو الفكر. وحيف نقوؿ إننا يجب أف نعي الفكر وىو ينشأ، نعني أننا يجب أف نعي حدوث التفكير. إف معنى الفكر ىو الماضي. ليس ىناؾ فكر مجرد مف معناه. الفكرة أشبو بخيط في قطعة قماش. لكف

، أف نشكمو، –وىو فكرة –، فنحاوؿ أف نسيطر عمى معنى خيط واحد –لذىف ككؿ وىو ا – أغمبنا غير واعيف لمقماش كموذا صح ذلؾ، ما ىو ذاؾ الجوىر؟ ىؿ يقـو عمى فكر أو نفيمو. عبلـ يقـو نسيج األفكار ككؿ؟ ىؿ يقـو عمى جوىر ما؟ وا

أعمؽ أـ ال يقـو عمى شيء بتاتا؟ وما خامة ىذا النسيج؟

.ح األسئمة. لـ يخطر ببالي شيء مف ىذا مف قبؿ، لذا عمي أف أتأنى نوعا ماأنت تكثر مف طر :السائل

ىؿ الفكر ىو سبب كؿ تقسيـ، سبب كؿ تجزئة في الحياة؟ مـ الفكر مصنوع؟ ما ىو جوىر قطع الخيوط :كريشنامورتيقابؿ لمقياس. وىو حصيمة الذاكرة تمؾ المنسوجة في ذلؾ القماش المركب الذي نسميو الذىف؟ الفكر مادة، وىو عمى األرجح

المختزنة في المخ. يستمد الفكر أصمو مف الماضي، القريب أو البعيد. فيؿ يقدر المرء أف يعي –وىي مادة – المتراكمةالفكر وىو ينشأ مف الماضي، مف ذكريات الماضي، أفعاؿ الماضي؟ وىؿ يقدر المرء أف يعي فيما يتعدى الماضي، وراء

ي؟ وىذا ال يعني التوغؿ رجوعا في الزمف، بؿ يعني المساحة التي لـ يمسسيا الزمف أو الذاكرة. فإلى أف جدار الماضنكتشؼ ىذا، ال يمكف لمذىف أف يرى ذاتو بمغة أي شيء آخر غير الفكر، وىو الزمف. أنت ال تستطيع أف تنظر إلى الفكر

فإف كؿ ما يفعمو الفكر، أو كؿ ما ينفيو، ال يزاؿ ضمف حدوده القابمة بالفكر، وال تستطيع أف تنظر إلى الزمف بالزمف. ومنو .لمقياس

لئلجابة عف جميع األسئمة التي طرحنا، ال بد لنا مف طرح سؤاؿ إضافي: ما ىو المفكر؟ ىؿ المفكر منفصؿ عف الفكر؟ إذا كاف الراصد مختمفا عف ىؿ المختبر مختمؼ عف الشيء الذي يختبره؟ ىؿ الراصد مختمؼ عف الشيء الذي يرصده؟

ـ نزاع. فحتى نتخطى ىذه الشقة، عمينا أف نفيـ ماىية الشيء الذي يرصده، عندئذ سيكوف ىناؾ دوما انقساـ، فصؿ، ومف ث

الذي يفتعؿ ىذا االنقساـ. أنت، مف يرصد، مفتعؿ ىذا االنقساـ، سواء كاف بينؾ وبيف زوجتؾ، ىوالراصد. مف الواضح أنو .جرة، أو أي شيء آخرأو الش

واآلف، ما ىو ىذا الراصد، أو المفكر، أو المختبر؟ الراصد ىو الكياف الحي الذي ال يكؼ عف الحركة، الذي يعي وىذا الوجود الذي يعيو ىو عبلقتو باألشياء، بالناس، وباألفكار. ىذا الراصد ىو آلية الفكر .األشياء، ويعي وجوده ىووىو جياز عصبي واإلدراؾ الحسي أيضا. الراصد ىو اسـ الراصد، إشراطو، وىو العبلقة بيف برمتيا، وىو الرصد أيضا،

وىي صورة مبنية ىي األخرى مف اإلشراط، –ذلؾ اإلشراط وبيف الحياة. ىذا كمو ىو الراصد. وىو فكرتو عف نفسو أيضا رتو عف نفسو ولصورتو عف العالـ. وعمؿ الراصد مف الماضي، مف التراث. الراصد يفكر ويعمؿ. وعممو يتـ دوما وفقا لصو

ىذا، في العبلقة، يولد االنقساـ. ىذا العمؿ ىو العبلقة الوحيدة التي نعرفيا. وىذا العمؿ ليس منفصبل عف الراصد، بؿ ىو عممو ىو، الراصد بالذات. إف الراصد ىو الذي يتحدث عف العالـ وعف نفسو في العبلقة، فيخفؽ في رؤية أف عبلقتو ىي

ـ ىي ىو بالذات. ومنو فإف سبب االنقساـ كمو ىو عمؿ الراصد. الراصد نفسو ىو العمؿ الذي يقسـ الحياة إلى الشيء ومف ثليو ىو ]الراصد[ كشيء منفصؿ عف المرصود. ىو ذا السبب األساسي لبلنقساـ، ومنو النزاع .المرصود وا

عمؿ الراصد الذي يظف نفسو منفصبل. وىو، إلى ذلؾ، يفكر في نفسو االنقساـ في حياتنا ىو بنية الفكر، التي ىي بوصفو المفكر، بوصفو شيئا مختمفا عف فكره. لكف ليس مف الممكف لفكر أف يوجد مف غير المفكر، وال لمفكر أف يوجد مف

ذف فاالثناف في الواقع واحد. وىو المختبر أيضا، وىو كذلؾ يفصؿ نفسو عف ا –غير الفكر لشيء الذي يختبره. الراصد، وا المفكر، المختبر، ليسوا مختمفيف عف المرصود، الفكر، المختبر. وىذا ليس استنتاجا لفظيا. فمو كاف استنتاجا، فيو عندئذ فكرة أخرى تصنع االنقساـ مرة أخرى بيف االستنتاج وبيف العمؿ الذي يفترض فيو أف يتبع ذلؾ االستنتاج. حيف يرى الذىف

اقعية ىذا األمر، فإف االنقساـ ال يمكف لو أف يستمر بعد. ىذا ىو مدلوؿ كبلمنا كمو. كؿ نزاع فيو العراؾ بيف الراصد و فقط نقدر أف نتخطى جدار الزمف اآلففقط يمكف لنا أف نجيب عف أسئمتنا؛ اآلف .والمرصود. وىذا أعظـ شيء متاح فيمو

فقط يعجز الفكر عف توليد االنقساـ. أما الفكر اآلفيمكف لمفكر أف ينتيي؛ إذ إنو اآلفألنو فقط –وىي الفكر –والذاكرة االستقامة ىي .الذي يقدر أف يعمؿ مف أجؿ التواصؿ، الفعؿ، العمؿ، فيو نوع آخر مف الفكر ال يولد االنقساـ في العبلقة

.الحياة مف غير العمؿ الفاصؿ لمراصد

لؾ الشيء الذي يوجد بو نسيج الفكر؟فما ىو إذف، أيف ىو إذف ذ :السائل

دراؾ ىذه الحقيقة ىو محبة عظيمة. وىذا اإلدراؾ ممكف :كريشنامورتي إنو ذلؾ الشيء الذي ليس مف عمؿ الراصد. وا .وذلؾ ىو التأمؿ – الراصد ذاتو ىو المرصودفقط حيف تفيـ أف

وحسب، بؿ وعمى صعيد الداخؿ أيضا. بوسعي نوعا أنا في نزاع حوؿ أمور كثيرة جدا، ال عمى صعيد الخارج :السائلما أف أتعامؿ مع النزاعات الخارجية، لكني أريد أف أعرؼ كيؼ أقدر أف أنيي النزاع، تمؾ المعركة المتواصمة في نفسي

عؿ؟ يبدو لي معظـ الوقت. أريد أف أنتيي منو. أريد، بطريقة أو بأخرى، أف أتحرر مف ىذا العراؾ كمو. فماذا ينبغي لي أف أف: إذ إني أراه في الصراع عمى البقاء، حيث الكبير يقتات بالصغير، والعقؿ الكبير يسيطر عمى أحيانا أف النزاع أمر محتـوالعقوؿ األصغر، والمعتقدات يقير بعضيا بعضا ويحؿ محمو، واألمـ يحكـ بعضيا بعضا، وىكذا دواليؾ إلى ما ال نياية.

نو بطريقة ما ال يبدو صوابا؛ ال يبدو أنو يتصؼ بأي خاصية محبة، وأشعر أني إذا استطعت أف أنيي أرى ىذا وأقبمو، لك

ىذا العراؾ في نفسي فقد تنجـ المحبة عف ىذا اإلنياء. لكني في ريبة شديدة، في لبس شديد مف األمر كمو. جميع المعمميف جاد الحقيقة، أو اهلل، يمر عبر االنضباط والسيطرة والتضحية. وىذه الكبار قالوا بأف عمى المرء أف يجاىد، بأف الطريؽ إلى إي

المعركة، بشكؿ أو بآخر، يضفى عمييا التقديس. وىا أنت ذا تقوؿ بأف النزاع ىو جذر الفوضى بعينو. فكيؼ لي أف أعرؼ ما ىي حقيقة النزاع؟

. إف أي نزاع النزاع، أيا كاف شكمو، يشوه الذىف. ىذه واقعة، و :كريشنامورتي ليست رأيا أو حكما ما يطمؽ مف غير تروىو وحده الشيء الميـ، ال صياغة ما ماىوبيف شخصيف يحوؿ دوف تفاىميما. فالنزاع يحوؿ دوف اإلدراؾ. لذا فإف فيـ الػ

الفكرة والعمؿ تولد وبيف ما يجب أف يكوف ىو أصؿ النزاع. كذلؾ فإف الفاصمة بيف ماىويجب أف يكوف. وىذا التقسيـ بيف النزاع ىي األخرى. الواقعة والصورة شيئاف مختمفاف. والسعي وراء الصورة يقود إلى جميع أشكاؿ النزاع والوىـ والنفاؽ، بينما

.يقود إلى حالة ذىنية مختمفة تماما –وىو الشيء الوحيد الذي في حوزتنا حقا – ماىوفيـ الػ

؛ معارضة اإلرادة الواحدة لشكؿ آخر مف أشكاؿ الرغبة ىي نزاع. معارضة ذاكرة ما كاف الدوافع المتناقضة تسبب النزاعالمحاكاة، االمتثاؿ، الطاعة، اتخاذ نذر، .وىذا ىو الزمف –وىذا ىو الزمف. الصيرورة، اإلنجاز، نزاع –ىي نزاع ماىولمػ

نفسيا، التي تطمب األمف، األماف، التي تتنبو لمخطر، ىذا كمو يجمب النزاع بدرجات متفاوتة. إف بنية المخ –الندـ، الكبت ىي مصدر النزاع. ال يوجد شيء اسمو "أمف" أو "ديمومة". ومنو فإف كياننا برمتو، عبلقاتنا، نشاطاتنا، أفكارنا، أسموب

الزاىد ] سنياسيالراىب والػالقديس و .حياتنا، كميا مولد لمصراع، لمنزاع، لمعراؾ. وىا أنت ذا تسألني كيؼ يمكف ليذا أف ينتيينزاع بيف الصورة –الجواؿ[ يحاولوف التيرب مف النزاع، لكنيـ ال يزالوف في النزاع. إف كؿ عبلقة، كما نعمـ، ىي نزاع

والواقع. ليست ىناؾ عبلقة بيف شخصيف، وال حتى بيف الصورتيف المتيف يشكبلنيما كؿ عف اآلخر. يعيش كؿ منيما في ذف، فأينما نظر المرء، سواء نظر نظرة سطحية أو نظرة عميقة عزلتو، وال عبلقة عبارة عف مجرد نظر مف فوؽ الجدار. وا

وفي إرادتو ماىوجدا جدا، وجد عذاب العراؾ والوجع ىذا. إف حقؿ الذىف برمتو، في أشواقو، في رغبتو في التغير، في قبولو الذىف نفسو نزاع، الفكر نزاع؛ وحيف يقوؿ الفكر: "لف أفكر"، فيذا أيضا نزاع. كؿ تخطيو، ىو في حد ذاتو نزاع. ومنو فإف

نزاع. وحيف تسأؿ كيؼ تقدر أف تنيي النزاع فأنت تسأؿ حقا –وىي جزء مف الذىف –نشاط مف نشاطات الذىف والمشاعر كيؼ تقدر أف تنيي التفكير، كيؼ يمكف لذىنؾ أف يتخدر لييدأ؟

أريد ذىنا مخدرا، غبيا. أريده أف يكوف عالي النشاط، مفعما بالطاقة، شغوفا. فيؿ يتعيف عميو أف يكوف لكني ال :السائلما في نزاع؟ إما مخدرا وا

تريده أف يكوف نشيطا، مفعما بالطاقة، شغوفا، وتريد مع ذلؾ أف تنيي النزاع؟ :كريشنامورتي

ال يكوف نشيطا وال شغوفا. حيف يوجد نزاع، فكأف الذىف يتأذى مف جراء نشاطو بالضبط، فحيف يوجد نزاع فإنو :السائل .ويفقد حساسيتو

ذف فقد صار واضحا أف النزاع يدمر الشغؼ والطاقة والحساسية :كريشنامورتي .وا

.ذلؾ، لكنو ال يمضي بي شوطا أبعد أعرؼال حاجة لؾ إلى إقناعي. فأنا :السائل

ي بػ"المعرفة"؟ماذا تعن :كريشنامورتي

.أعني أف حقيقة ما قمت بينة. لكف ىذا ال يمضي بالمرء شوطا أبعد :السائل

ىؿ تدرؾ حقيقة األمر، أـ تراؾ تدرؾ بنيتو المفظية فقط؟ أتدرؾ الواقعة الفعمية أـ التفسير؟ ال بد لنا مف :كريشنامورتيس الواقعة، الوصؼ ليس الموصوؼ؛ وحيف تقوؿ "أعرؼ" قد أف نكوف واضحيف لمغاية بخصوص ىذا األمر، ألف التفسير لي

.يكوف أنؾ ال تدرؾ إال الوصؼ

.ال :السائل

رجاء، ال تكف بيذا التسرع ونفاد الصبر! إذا لـ يكف الوصؼ ىو الموصوؼ، ليس ىناؾ عندئذ غير :كريشنامورتيوالنزاع ىو كمية التفكير والشعور، .د نزاعوالموصوؼ ىو واقعة أف الشغؼ والحساسية والطاقة تضيع حيف يوج .الموصوؼ

وىي الذىف برمتو. الذىف كمو عبارة عف ممذوذات ومكروىات، أحكاـ، تحامؿ، إدانة، تبريرات، وىكذا. وواحد مف نشاطات اقعة، الذىف الميمة جدا ىو الوصؼ، الذي يوقع الذىف في شراكو: الذىف يرى وصفو ويقع في شراكو، فيظف أنو يرى الو

ذف، أيف نحف اآلف، حيف ال يوجد إال وليس الوصؼ؟ ماىوبينما ىو في الواقع محتجز في نطاؽ حركتو ىو. وا

كنت تقوؿ إف ىناؾ النزاع، وىو أعماؿ الذىف كميا؛ وىذا النزاع يدمر حساسية الذىف نفسو وطاقتو وشغفو. وبذا :السائل .يتبمد الذىف بالنزاع، بالعمؿ ضد نفسو

فسؤالؾ إذف يصبح: كيؼ يقدر الذىف أف يكؼ عف العمؿ ضد نفسو؟ :امورتيكريشن

.نعـ :السائل

ىؿ ىذا السؤاؿ إدانة، تبرير، ميرب إضافي آخر، واحد آخر مف نشاطات الذىف المقحمة ىذه التي تجعمو :كريشنامورتيمتخمص مف النزاع؟ إذا كاف كذلؾ فيو المزيد يعمؿ ضد نفسو؟ إذا كاف كذلؾ فيو إذف مولد لمنزاع. ىؿ ىذا السؤاؿ محاولة ل

إنياء النزاع، بؿ رؤية كيفيةمف النزاع، وأنت باؽ إلى األبد في ىذه الحمقة المفرغة. ومنو فإف السؤاؿ الصحيح ليس عف حقيقة أنو حيثما توجد الحساسية والشغؼ يغيب النزاع. ىؿ ترى ىذا؟

.نعـ :السائل

ذف فمـ يعد ييم :كريشنامورتي ؾ إنياء النزاع؛ فيو سوؼ يذوي مف تمقاء ذاتو. لكنو لف يذوي أبدا ماداـ الفكر يغذيو. وا .فما ييـ ىو الشغؼ والحساسية، ال إنياء النزاع

.أرى ىذا، لكنو ال يعني أف عندي الشغؼ؛ ال يعني أنني أنييت النزاع :السائل

ذات ىو الشغؼ، الحساسية، الطاقة. وفي ىذه الرؤية ال يوجد ذاؾ بال فعؿ الرؤيةإذا رأيت ىذا حقا، فإف :كريشنامورتي .نزاع

ىجرت جميع .ألني أردت أف أحيا حياة روحية –عالـ احتراؼ الكتابة الذي يخصني –لقد غادرت العالـ :السائلقو. لقد مكثت تحت شيواتي ومطامحي إلى الشيرة، مع أني كنت أممؾ الموىبة الضرورية، وجئتؾ آمبل أف أجد األسمى وأحق

شجرة البنياف ]تيف البنگاؿ[ العظيمة ىذه مدة خمس سنوات حتى اآلف، وأجدني فجأة بميدا، مستنزفا، مستوحشا في الداخؿ،

ونوعا ما بائسا. أستيقظ في الصباح ألجد أنني لـ أحقؽ شيئا بتاتا، أنني كنت، ربما، في حاؿ أفضؿ مني اآلف قبؿ حوالى ذ ضحيت بأشياء العالـ سنتيف، يـو كاف عندي بعد شيء مف الحمية الدينية القوية. واآلف لـ يبؽ عندي مف الحمية شيء، وا

أـ أنني عديـ القدرة –التعاليـ، أنت، بيئتؾ، –ألجد اهلل، أجدني عديـ كمييما. أشعر كأني برتقالة معصورة. فما ىو المبلـ في الجدار الذي سيكشؼ عف السماء؟ أـ أف األمر ببساطة ىو أف ىذا المسعى كمو، عمى ىذا األمر، أنني لـ أجد الشرخ

مف أولو إلى آخره، محض سراب، وأنو كاف مف الخير لي لو أني لـ أفكر في الديف أصبل، بؿ تمسكت بالممموس، ذا فعمت باإلنجازات اليومية لحياتي السابقة؟ أيف الخطأ في ذلؾ، وماذا يتعيف عمي أف أفعؿ اآلف ؟ ىؿ أترؾ األمر كمو؟ وا

فمف أجؿ ماذا؟

ىؿ تشعر أف حياتؾ تحت شجرة البنياف ىذه، أو أية شجرة أخرى، تدمرؾ، تمنعؾ مف الفيـ، مف الرؤية؟ :كريشنامورتيألف –ة كميا عالـ الكتابة وأشياء الحياة اليومي –ىؿ ىذه البيئة تدمرؾ؟ إذا غادرت ىذا العالـ وعدت إلى ما كنت تفعؿ قببل

تدمرؾ أشياء تمؾ الحياة وتبمدؾ وتعصرؾ حتى الجفاؼ ىناؾ أيضا؟ أنت ترى ىذه السيرورة المدمرة تتواصؿ في كؿ مكاف لدى الناس الذيف يطمبوف النجاح، ميما كانوا يفعموف، وألي سبب كاف؛ تراىا في الطبيب، في السياسي، في العالـ، في

ي أي مكاف مف ىذا التدمير أصبل؟الفناف. ىؿ ينجو أي واحد ف

نعـ، أرى أف الجميع يعصروف حتى الجفاؼ. قد يتمتعوف بالشيرة وبالثراء، لكنيـ إذا نظروا إلى أنفسيـ نظرة :السائلموضوعية ال مناص ليـ مف االعتراؼ بأنيـ ليسوا بالفعؿ شيئا أكثر مف واجية مبيرجة مف األعماؿ والكممات والصيغ

.وتحتيا يوجد الفراغ والتشويش، اليـر ومرارة الفشؿ –المواقؼ والتفاىات واآلماؿ والمخاوؼ والمفاىيـ و

وىؿ ترى أيضا أف المتدينيف الذيف تخموا زعما عف العالـ ال يزالوف حقا فيو ألف سموكيـ محكـو بالمطامح :كريشنامورتييؽ، إلى الوصوؿ، إلى اإلمساؾ والتمسؾ؟ أغراض ىذا الدافع نفسيا، بالدافع نفسو إلى اإلنجاز، إلى الصيرورة، إلى التحق

توصؼ بأنيا "روحية"، فتبدو وكأنيا مختمفة عف أغراض الدافع في العالـ، لكنيا ليست مختمفة بتاتا ألف الدافع إلييا ىو ينيات المبيمة، التي ليست إال الحركة نفسيا بالضبط. ىؤالء المتدينوف ىـ أيضا سجناء الصيغ والمثؿ والخياؿ واآلماؿ واليق

ذف فالعالـ ألؼ الذي غادروه ىو عينو العالـ باء عالـ –معتقدات وحسب، وىـ أيضا يشيخوف ويصيروف قبيحيف ومجوفيف. وا بالضبط: ألؼ ىو باء، وباء ىو ألؼ. ففي ىذا العالـ الروحي المزعـو أنت مدمر تماما مثمما –الحياة الروحية المزعومة

.مدمرا في العالـ اليومي اآلخر ذاؾ كنت

فيؿ تظف أف ىذا الموات، ىذا الدمار، آت مف بيئتؾ أـ مف نفسؾ؟ ىؿ ىو آت مف غيرؾ أـ منؾ؟ ىؿ ىو شيء يفعؿ بؾ أـ ىو شيء تفعمو أنت؟

في البيئات كميا، في كنت أظف أف ىذا الموات، ىذا الدمار، كاف نتيجة بيئتي، لكنؾ وقد بينت كيؼ أنو يحصؿ :السائلكؿ مكاف، ويستمر حتى عندما تغير البيئة مف ألؼ إلى باء، أو رجوعا مف باء إلى ألؼ مف جديد، أجدني بدأت أرى أف ىذا الدمار ليس نتيجة البيئة. ىذا الموات تدمير ذاتي. إنو شيء أفعمو بنفسي. أنا الذي أفعمو، أنا ىو المسئوؿ، وىو ال يمت

.ى الناس وال إلى البيئةبصمة إل

ىذه أىـ نقطة يجب إدراكيا. ىذا التدمير يأتي منؾ، وال يأتي مف أحد أو مف شيء آخر، ال مف بيئتؾ، ال :كريشنامورتيمف الناس، ال مف األحداث أو الظروؼ. أنت المسئوؿ عف تدمير نفسؾ وعف بؤسؾ، عف وحشتؾ، عف أمزجتؾ، عف خوائؾ

ما متبمد الحس باألمر كمو، مدعيا بأف كؿ شيء عمى ما يراـ؛ أو تصير الفارغ. وعندما تدرؾ ىذا تصير إما مريرا وا

عصابيا، تتأرجح بيف ألؼ وباء، حاسبا أف ىناؾ فرقا ما بينيما؛ أو تراؾ تدمف الشراب أو المخدرات، كما فعؿ أناس كثيروف .جدا

.أفيـ ىذا اآلف :السائل

، سوؼ تيجر كؿ أمؿ في إيجاد حؿ بمجرد تغيير البيئة الخارجية لحياتؾ، بمجرد التغيير في تمؾ الحالة :كريشنامورتيمف باء رجوعا إلى ألؼ، ألنؾ سوؼ تعمـ أف ألؼ وباء متماثبلف: ففي كمييما توجد الرغبة في اإلنجاز، في الوصوؿ، في

قة، في الحب، في رصيد مصرفي ضخـ، أو في أي الفوز بالمذة القصوى، سواء في االستنارة المزعومة، في اهلل، في الحقي .شكؿ آخر مف أشكاؿ األماف

أرى ىذا، ولكف ماذا يتعيف عمي أف أفعؿ؟ ال أزاؿ أموت، ال أزاؿ أدمر نفسي. أشعر بأني ممصوص حتى :السائل .الجفاؼ، فارغ، عديـ النفع. فقدت كؿ ما كاف عندي ولـ أكسب مقابمو شيئا

فيـ إذف! حيف تشعر بذلؾ وتقولو، فأنت ال تزاؿ تسمؾ الطريؽ نفسو الذي تكممنا عميو، طريؽ فأنت لـ ت :كريشنامورتياإلنجاز الذاتي ذاؾ في أي مف ألؼ أو باء. ذاؾ الطريؽ ىو مقتؿ الذات، ذاؾ الطريؽ ىو عامؿ الموات. شعورؾ بأنؾ

ىو الدمار: الطريؽ بالذات ىو غاية نفسو، وىي فقدت كؿ شيء ولـ تكسب لقاءه شيئا ىو سموكؾ ذاؾ الطريؽ؛ ذاؾ الطريؽ ذف فإف السؤاؿ اآلف ىو: ىؿ أدرت ظيرؾ حقا لذاؾ الطريؽ؟ دمار الذات، اإلحباط، الوحشة، عدـ النضج. وا

كيؼ لي أف أعمـ إف كنت أدرت ظيري لو أـ ال؟ :السائل

، –وىي مثؿ نيايتو –ال نيايتو وحسب، بؿ بدايتو أنت ال تعمـ، لكنؾ إذا رأيت ماىية ذاؾ الطريؽ فعميا، :كريشنامورتيإذ ذاؾ مف المحاؿ عميؾ أف تسمكو. قد يتفؽ لؾ، وأنت تعرؼ خطره، أف تشرد أحيانا فيو في لحظة عدـ انتباه، ثـ تباغت

قفاره ىي إنياء ذاؾ الطريؽ لؾ، يجب أف ال تقؿ: "أنا ال أفيـ ذ .وذلؾ ىو الفعؿ األوحد –نفسؾ فيو. لكف رؤية الطريؽ وا ، "أفكر فيو، يجب أف أشتغؿ عميو، يجب أف أتمرف عمى الوعي، يجب أف أكتشؼ ماىية االنتباه، يجب أف أتأمؿ وأتعمؽ فيو

إف رؤيتؾ ىذا األمر ىي ىجر لذاؾ الطريؽ. .بؿ تبيف أف كؿ حركة تحقؽ أو إنجاز أو اتكاؿ في الحياة ىي ذاؾ الطريؽدث لغطا كثيرا محاوال أف تقرر ما يجب عميؾ فعمو بخصوصو. إذا قمت، وأنت تواجو الخطر، حيف ترى الخطر فإنؾ ال تح

ذف فما يجب عميؾ فعمو ببساطة "يجب أف أتأمؿ فيو، أف أعيو، أف أتعمؽ فيو، أف أفيمو"، فأنت ىالؾ، وقد فات األواف. وا .كوف أصبل سالكا في اتجاه مختمؼىذا الطريؽ، ماىيتو، إلى أيف يؤدي، وما تشعر حيالو، فت رؤيةىو

نعني وعي الطريؽ وكؿ مغزى ذاؾ الطريؽ، وعي سائر الحركات المختمفة في :الوعيىذا ما نعنيو حيف نتكمـ عمى .الحياة التي توجد عمى الطريؽ نفسو. إذا حاولت أف ترى "الطريؽ اآلخر" أو تسمكو فأنت ال تزاؿ عمى الطريؽ القديـ نفسو

أقدر أف أتيقف مف أنني أرى ما يجب فعمو؟ كيؼ :السائل

فقط. فالنفي التاـ لذاؾ الطريؽ ىو عدـ فعموال تقدر أف ترى ما يجب فعمو، بؿ تقدر أف ترى ما يجب :كريشنامورتيالبداية الجديدة، الطريؽ اآلخر. وىذا الطريؽ اآلخر ليس عمى الخارطة، بؿ ال يمكف وضعو عمى أية خارطة أصبل. كؿ

.طة فيي خارطة الطريؽ الخاطئ، الطريؽ القديـخار

لماذا نذىب إلى المدرسة، لماذا نتعمـ مواد متنوعة، لماذا نجتاز .أتساءؿ فيما إذا سألنا أنفسنا يوما عف معنى التربيةساسيا؟ ىذه حقا مسألة ىامة امتحانات ونتنافس فيما بيننا عمى درجات أفضؿ؟ ماذا تعني ىذه التربية المزعومة، وما ىو أ

لمغاية، ليس لمطبلب وحسب، بؿ ولؤلىؿ والمدرسيف أيضا، ولكؿ مف يحب ىذه األرض. لماذا نحتمؿ كؿ ىذه المشقة في سبيؿ التعميـ؟ ىؿ نفعؿ لمجرد النجاح في بعض االمتحانات والحصوؿ عمى وظيفة؟ أـ أف دور التربية ىو تأىيمنا، مادمنا

ولكف ىؿ ذلؾ كؿ –، لفيـ سيرورة الحياة بأسرىا؟ إف الحصوؿ عمى وظيفة وكسب العيش أمر ضروري في ريعاف الصباشيء؟ ىؿ نتربى مف أجؿ ذلؾ فقط؟ الحياة ليست قطعا مجرد وظيفة أو صنعة؛ الحياة شيء خارؽ االتساع والعمؽ؛ إنيا

كسب العيش، سيفوتنا معنى الحياة ككؿ؛ وفيـ الحياة فإذا كنا نستعد لمجرد .سر عظيـ، مجاؿ شاسع، نؤدي فيو دورنا كبشر .أىـ بكثير جدا مف مجرد االستعداد لبلمتحانات لنصير بارعيف جدا في الرياضيات أو الفيزياء أو ما شئتـ

؟ إذف، سواء كنا مدرسيف أـ طبلبا، أليس مف الميـ أف نسأؿ أنفسنا لماذا نربي اآلخريف أو نتربى؟ وماذا تعني الحياة، األنيار وما تحويو مف أسماؾ ىذه –أليست الحياة شيئا خارقا؟ الطيور، األزىار، األشجار المزدىرة، السماوات، النجـو

األشياء كميا ىي الحياة. والحياة ىي الفقراء واألغنياء؛ الحياة ىي المعارؾ المستمرة بيف الجماعات واألجناس واألمـ؛ الحياة الحسد، الطموح، األىواء، –نسميو الديف، كما أنيا تشمؿ أيضا تمؾ األشياء الدقيقة الخفية لمذىف ىي التأمؿ؛ الحياة ىي ما

المخاوؼ، اإلنجازات، القمؽ. ىذه كميا وأكثر منيا بكثير ىي الحياة. لكننا عموما نستعد لفيـ زاوية واحدة صغيرة منيا فقط. ـ نصير أكثر فأكثر أشبو باآلالت. نظؿ خائفيف، نجتاز بعض االمتحانات، فنجد وظيفة، ثـ نتزوج، ونن جب أطفاال، ومف ث

قمقيف، مرعوبيف مف الحياة. إذف، ىؿ دور التربية أف تساعدنا عمى فيـ سيرورة الحياة بأسرىا، أـ مجرد تأىيمنا عمى مينة، عمى أفضؿ وظيفة يمكف لنا أف نحصؿ عمييا؟

جاال ونساء؟ ىؿ سألتـ أنفسكـ يوما ماذا ستفعموف عندما تكبروف؟ عمى ماذا سيحدث لنا جميعا عندما ننمو لنصير ر األرجح ستتزوجوف، وقبؿ أف تعرفوا أيف أنتـ، ستجدوف أنفسكـ آباء وأميات؛ وعندئذ ستتقيدوف بوظيفة ما، أو بالمطبخ، حيث

لسؤاؿ؟ أال يجب عميكـ أف تسألوه؟ إذا كانت ؟ ىؿ سألتـ أنفسكـ يوما ىذا اأنتـستذووف تدريجيا. أىذا ما ستكوف عميو حياتكـ أسرتؾ ثرية فقد تضمف لنفسؾ سمفا منصبا جيدا نوعا ما، أو قد يدبر لؾ أبوؾ وظيفة مريحة، أو قد تصاىر أسرة غنية؛

أتدركوف ذلؾ؟ .لكنؾ ىناؾ أيضا ستتعفف وتفسد

لحياة الشاسع، بكؿ دقائقيا، بجماليا الخارؽ، بأحزانيا بالتأكيد، ال معنى لمتربية بتاتا ما لـ تساعدكـ عمى فيـ مدى الكف ماذا بعد؟ ما –وأفراحيا. قد تنالوف شيادات، وقد يكوف اسمكـ مسبوقا بسمسمة مف األلقاب، فتتصيدوف وظيفة مرموقة

ذف، أال يجدر بكـ، مادمتـ في ريعاف الصبا، أف تبحثوا فائدة ىذا كمو إذا صار ذىنكـ مف جراء ذلؾ بميدا، خامبل، غبيا؟ وا لتكتشفوا ما ىو جوىر الحياة؟ ثـ أليس دور التربية الحقيقي أف ينمي فيكـ الذكاء الذي سيحاوؿ أف يجد اإلجابة عف ىذه المسائؿ كميا؟ ىؿ تعمموف ما ىو الذكاء؟ إنو قطعا القدرة عمى التفكير الحر، مف غير خوؼ، مف غير صيغة جاىزة، بحيث

ؼ بنفسؾ ما ىو حقيقي، ما ىو صحيح؛ لكنؾ إذا كنت خائفا فمف تكوف ذكيا أبدا. إف أي شكؿ مف أشكاؿ تبدأ باالكتشاالطموح، روحانيا كاف أـ دنيويا، يولد القمؽ والخوؼ؛ لذا فإف الطموح ال يساعد عمى إيجاد ذىف واضح، بسيط، مباشر، ومف

ـ ذكي .ث

وف، أف تحيوا، مادمتـ في ريعاف الصبا، في بيئة ال خوؼ فييا. فأغمبنا، كمما تقدـ بنا حقا إنو مف الميـ لمغاية، كما تعممالعمر، نصير خائفيف: نخاؼ مف العيش، مف فقداف الوظيفة، نخاؼ مف التقاليد، نخاؼ مما قد يقولو الجيراف أو الزوجة أو

د الخوؼ ال يوجد ذكاء. أفميس مف الممكف لنا الزوج، نخاؼ مف الموت. أغمبنا لديو خوؼ بشكؿ ما أو بآخر؛ وحيثما يوجالحرية، ال مجرد حرية –جميعا، مادمنا في ريعاف الصبا، أف نكوف في بيئة ال خوؼ فييا، بؿ باألحرى في جو مف الحرية

قبيح الذي أف نفعؿ ما يحمو لنا، بؿ حرية فيـ سيرورة الحياة بأسرىا؟ الحياة حقا جميمة جدا، وىي ليست ىذا الشيء العمى الديف المنظـ، –صنعناه نحف بيا؛ وال يمكف لؾ أف تقدر غناىا، عمقيا، فتنتيا الخارقة، إال عندما تثور عمى كؿ شيء

بحيث تكتشؼ بنفسؾ أنت، كإنساف، ما ىو حقيقي. ال أف تقمد، بؿ أف تكتشؼ –عمى التقاليد، عمى المجتمع الحالي العفف ست كذلؾ؟ مف السيؿ جدا أف تمتثؿ لما يأمرؾ بو مجتمعؾ أو والداؾ ومدرسوؾ. ىذه طريقة آمنة ىي التربية، ألي تمؾ –

الحياة ىي أف تكتشؼ بنفسؾ ما ىو حقيقي، وتراؾ ال .وسيمة لمعيش؛ لكف ىذه ليست الحياة، ألف فييا خوؼ، تحمؿ، موت .ة مستمرة، في داخمؾتستطيع أف تفعؿ ىذا إال عندما توجد حرية، عندما توجد ثورة داخمي

عوف عمى فعؿ ىذا؛ ال أحد يقوؿ لكـ أف تتساءلوا، أف تكتشفوا بأنفسكـ ما ىو اهلل، ألنكـ إذا اتفؽ لكـ أف لكنكـ ال تشجتتمردوا صرتـ خطرا عمى كؿ ما ىو زائؼ. أىمكـ والمجتمع يريدونكـ أف تعيشوا عيشة آمنة، وأنتـ أيضا تريدوف عيشة آمنة.

ـ في خوؼ. دور التربية قطعا ىو مساعدة كؿ منا أف يعيش في حرية والعيشة اآل منة تعني عموما أف تعيشوا مقمديف، ومف ثيجاد جو ال خوؼ فيو يتطمب قدرا كبيرا مف التفكر مف جانبكـ، كما ومف جانب المعمـ ومف غير خوؼ، أليس ىذا دورىا؟ وا

.أو المربي

عمينا أف نوجد مثؿ ىذا الجو، ألننا نرى يجبي شيء خارؽ ىو إيجاد جو ال خوؼ فيو؟ وأ –أتعرفوف ماذا يعني ىذا أف العالـ مشتبؾ في حروب ال تنتيي؛ إنو عالـ يقوده رجاؿ سياسة يسعوف دوما إلى النفوذ؛ إنو عالـ مف المحاميف ورجاؿ

ب ويتقاتؿ لمحصوؿ عميو. ثـ ىناؾ القديسوف الشرطة والجنود، عالـ مف الرجاؿ والنساء الطموحيف، كميـ يطمب المنصالمعمموف[ الدينيوف مع أتباعيـ؛ وىـ أيضا يطمبوف النفوذ والمنصب، سواء في ىذه الدنيا أو في اآلخرة. ] گوروالمزعوموف، الػ

دي أحدا آخر، إنو عالـ مجنوف، مشوش تماما، يحارب فيو الشيوعي الرأسمالي، ويقاـو االشتراكي كمييما، وكؿ واحد يعاقو معتقدات متنازعة، تمييزات طائفية وطبقية، انقسامات كادحا لموصوؿ إلى مكاف آمف أو منصب نافذ أو رخاء. العالـ تمز

عوف عمى التكيؼ ضمف –قومية، وسائر أشكاؿ الحماقة والقسوة وىذا ىو العالـ الذي تربوف عمى التكيؼ معو. إنكـ تشج .كارثي؛ أىمكـ يريدونكـ أف تفعموا ذلؾ، وأنتـ أيضا تريدوف التكيؼ معوإطار ىذا المجتمع ال

–واآلف، ىؿ دور التربية ىو مجرد مساعدتكـ عمى االمتثاؿ لقالب ىذا النظاـ االجتماعي العفف، أـ ىو منحكـ الحرية ال – اآلفحرية، ليس في المستقبؿ، بؿ الحرية المطمقة لتنموا وتخمقوا مجتمعا مختمفا، عالما جديدا؟ نحف نريد نيؿ ىذه ال وا

فقد ندمر جميعا. ال بد لنا فورا مف إيجاد جو مف الحرية، بحيث يمكف لكـ أف تحيوا وتكتشفوا بأنفسكـ ما ىو حقيقي، بحيث يا، نفسيا، في تصبحوف أذكياء، بحيث تستطيعوف مواجية العالـ وفيمو، وليس مجرد االمتثاؿ لو، بحيث تكونوف داخميا، عمق

ثورة دائمة؛ ألف أولئؾ الثائريف دوما وحدىـ يكتشفوف ما ىو حقيقي، وليس المرء الذي يمتثؿ أو يتبع تقميدا ما. فقط حيف تكوف دائـ االستفسار، دائـ الرصد، دائـ التعمـ، تراؾ تجد الحقيقة أو اهلل أو المحبة؛ لكنؾ ال تستطيع االستفسار والرصد

داخميا – تستطيع أف تكوف واعيا وعيا عميقا، إذا كنت خائفا. لذا فإف دور التربية، قطعا، ىو استئصاؿ الخوؼ والتعمـ، ال .، ىذا الخوؼ الذي يدمر الفكر اإلنساني والعبلقة اإلنسانية والمحبة–وخارجيا عمى حد سواء

تفشي الفوضى في العالـ؟ إذا ثار جميع األفراد، أال ترى أف ذلؾ قد يؤدي إلى :سؤال

السؤاؿ ىو: إذا ثار جميع .أصغوا إلى السؤاؿ أوال، ألف مف الميـ جدا فيـ السؤاؿ، ال مجرد انتظار إجابة :كريشنامورتياألفراد، أال يؤدى ذلؾ إلى حدوث فوضى في العالـ؟ ولكف ىؿ نظاـ المجتمع الحالي كامؿ أصبل بحيث تنجـ الفوضى إذا

؟ ىؿ كؿ شيء جميؿ، غير فاسد؟ ىؿ يعيش الجميع حياة سعيدة، ممتمئة، اآلفناس عميو؟ أليست ىناؾ فوضى ثار جميع ال

ذلؾ أوؿ شيء ال –غنية؟ أليس اإلنساف معاديا لئلنساف؟ أليس ىناؾ طموح وتنافس ال يرحـ؟ إذف فالعالـ أصبل في فوضى منظـ كقضية مسمـ بيا؛ ال تنبيروا بالكممات. فسواء ىنا أو في بد مف إدراكو. ال تأخذوا قضية أف ىذا المجتمع مجتمع

والتحدي :أوروبا، في أمريكا أو في روسيا، العالـ داخؿ في طور انحطاط. فإذا كنتـ تروف ىذا االنحطاط فأمامكـ تحد ، أليست كذلؾ؟ إذا استجبت أمامكـ ىو أف تجدوا طريقة لحؿ ىذه المشكمة العاجمة. وكيفية استجابتكـ ليذا التحدي ىامةوىى مثؿ عدميا. تستطيع –لمتحدي كيندوسي أو كبوذي، كمسيحي أو كشيوعي، تكوف استجابتؾ عندئذ محدودة لمغاية

االستجابة استجابة تامة ومبلئمة فقط عندما ال يكوف فيؾ خوؼ، فقط عندما ال تفكر كيندوسي، كشيوعي أو رأسمالي، بؿ يحؿ ىذه المشكمة؛ وأنت ال تستطيع حميا ما لـ تكف أنت نفسؾ في ثورة عمى الوضع كمو، عمى كإنساف كمي يحاوؿ أف

الجشع الطموح الذي يقـو عميو ىذا المجتمع. عندما تكوف أنت نفسؾ غير طموح، غير جشع، وغير متمسؾ بأمانؾ .الشخصي، عندئذ فقط تستطيع أف تستجيب لمتحدي وتخمؽ عالما جديدا

ىؿ ىذه ثبلث سيرورات منفصمة أـ أنيا تتـ في آف واحد؟ –رة، التعمـ، المحبة الثو :سؤال

بالطبع ليست ثبلث سيرورات منفصمة؛ إنيا سيرورة متكاممة. مف الميـ، كما تروف، اكتشاؼ ما يعنيو :كريشنامورتيـ فبل يصمح. إنساف ال يعرؼ السؤاؿ. ىذا السؤاؿ قائـ عمى التنظير، ال عمى الخبرة؛ إنو مجرد سؤاؿ لفظي، عقمي، وم ف ث

إنساف كيذا ال يسأؿ إف كانت سيرورة واحدة أو ثبلث –الخوؼ، ثائر حقا، مجاىد الكتشاؼ ما يعنيو التعمـ والمحبة .سيرورات. إننا حاذقوف جدا في استعماؿ الكممات، ونظف أننا بمجرد تقديـ تفسيرات نكوف قد حممنا المشكمة

يو التعمـ؟ عندما تتعمموف حقا، فأنتـ تتعمموف طواؿ حياتكـ، وال يوجد أستاذ خاص بعينو تتعمموف منو. ىؿ تعرفوف ما يعنمف ورقة شجر ميتة، مف طائر يحمؽ، مف رائحة، مف دمعة، مف األغنياء والفقراء، مف –إذ ذاؾ تتعمموف مف كؿ شيء

ـ ليس ىناؾ مرشد، وال فيمسوؼ، وال الباكيف، مف ابتسامة امرأة، مف غطرسة رجؿ. إنكـ تتعمموف مف گوروكؿ شيء، ومف ث .معمـ روحي[. الحياة نفسيا تغدو معممكـ، وأنتـ في حاؿ تعمـ دائـ]

صحيح أف المجتمع الحالي قائـ عمى الجشع والطموح؛ ولكف إذا لـ يكف عندنا طموح ألف نضمحؿ؟ :سؤال

.يحتاج إلى انتباه كبير ىذا سؤاؿ ىاـ لمغاية حقا، وىو :كريشنامورتي

ىؿ تعرفوف ما ىو االنتباه؟ فمنكتشؼ معا. في غرفة الصؼ، حيف تحدؽ خارج النافذة أو تشد شعر أحدىـ، يأمرؾ وىذا ليس انتباىا – المدرس أف تنتبو. ماذا يعني ىذا؟ ىذا يعني أنؾ لست ميتما بما تدرس، فيرغمؾ المدرس عمى االنتباه

أتي عندما تكوف ميتما بشيء ما اىتماما عميقا، ألنؾ عندئذ تحب اكتشاؼ كؿ شيء عنو؛ عندئذ يكوف ذىنؾ بتاتا. االنتباه يسؤاؿ ىاـ لمغاية –إذا انعدـ طموحنا ألف نضمحؿ؟ –كمو، كيانؾ كمو، حاضرا. بالمثؿ، فإنؾ لحظة تدرؾ أف ىذا السؤاؿ

.حقا، تراؾ تيتـ وتريد اكتشاؼ حقيقة األمر

أليس اإلنساف الطموح مدمرا نفسو؟ ذلؾ أوؿ شيء ال بد مف اكتشافو، وليس السؤاؿ عما إذا كاف الطموح صوابا أـ واآلف،خطأ. أنظر حواليؾ، الحظ جميع الناس الطموحيف. ماذا يحدث عندما تكوف طموحا؟ تفكر في نفسؾ فقط، أليس كذلؾ؟

ي غيرؾ مف الناس ألن ؾ تسعى في تحقيؽ طموحؾ، تسعى في أف تصير شخصا ميما، فتوجد بذلؾ تكوف عديـ الرأفة، تنحفي المجتمع النزاع بيف الناجحيف وبيف المتخمفيف عف الركب، فتنشب معركة دائمة بينؾ وبيف اآلخريف الساعيف ىـ أيضا في

مف أف تفيمو؟الحصوؿ عمى ما تريد. فيؿ ىذا النزاع منتج لحياة مبدعة؟ ىؿ تفيـ، أـ أف ىذا أصعب

ىؿ تكوف طموحا حيف تحب أف تفعؿ شيئا مف أجؿ ذاتو؟ حيف تفعؿ شيئا بكيانؾ كمو، ال ألنؾ تبتغي الوصوؿ إلى في ذلؾ، ال وجود لمطموح، أليس –منصب ما، وال لتحقؽ مزيدا مف الربح، أو نتائج أعظـ، بؿ ببساطة ألنؾ تحب أف تفعمو

فأنت ال تصارع أحدا عمى المركز األوؿ. أال ينبغي لمتربية أف تساعدؾ عمى اكتشاؼ ما كذلؾ؟ في ذلؾ، ال وجود لمتنافس:تحب حقا أف تفعمو، بحيث إنؾ، مف بداية حياتؾ إلى نيايتيا، تعمؿ عمى شيء تشعر أنو يستحؽ العناء ولو بنظرؾ مغزى

ال فستكوف بائسا بقية عمرؾ. فما لـ تكف تعرؼ ما تريد فعمو –عميؽ؟ حقا، يسقط ذىنؾ في رتابة بحتة ليس فييا إال وا حقا تحبوفالضجر واالضمحبلؿ والموت. لذلؾ فمف الميـ لمغاية أف تكتشفوا، مادمتـ في ريعاف صباكـ، ما ىو الشيء الذي

.أف تفعموه؛ وىذا ىو السبيؿ األوحد إلى خمؽ مجتمع جديد

التربية لرقابة الحكومة. فيؿ مف الممكف، في ظؿ ظروؼ كيذه، في اليند، كما في معظـ البمداف األخرى، تخضع :سؤال تنفيذ تجربة مف النوع الذي تصفو؟

إذا لـ تكف ىناؾ مساعدة مف الحكومة، ترى ىؿ مف الممكف لمدرسة مف ىذا النوع أف تنجو؟ ذاؾ ما :كريشنامورتيخضوعا لرقابة الحكومات، رجاؿ السياسة، أو يسألو ىذا السيد. إنو يرى أف كؿ شيء في العالـ بأسره يصير أكثر فأكثر

الناس مف ذوي النفوذ الذيف يريدوف تشكيؿ أذىاننا وقموبنا، يريدوننا أف نفكر بطريقة معينة. الميؿ السائد، سواء في روسيا أو النوع الذي أتكمـ في أي بمد آخر، ىو نحو الرقابة الحكومية عمى التربية؛ وىذا السيد يسأؿ عما إذا كاف ممكنا لمدرسة مف

.عميو أف تنشأ مف دوف دعـ حكومي

؟ أتدري، إذا اعتقدت أف شيئا ما ميـ، أنو يستحؽ العناء حقا، فإنؾ ستنذر لو قمبؾ، بصرؼ النظر أنتاآلف، ماذا تقوؿ ذا النوع مف وعندئذ سوؼ ينجح. لكف أغمبنا ال ينذروف قموبيـ ألي شيء، وليذا نطرح ى –عف الحكومات وأحكاـ المجتمع

نشعر شعورا حيويا أف عالما جديدا يمكف لو أف يوجد، عندما يكوف كؿ واحد منا في حالة ثورة –أنت وأنا –األسئمة. إذا كنا إذ ذاؾ سننذر قموبنا وأذىاننا وأجسامنا في سبيؿ إنشاء مدرسة ليس فييا شيء يسمى الخوؼ، –تامة، داخميا ونفسيا وروحيا،

.منطوياتو بكؿ

سيدي، إف أي شيء ثوري حقا يخمقو قمة يروف ما ىو حقيقي وينذروف أنفسيـ لمحياة وفقا لتمؾ الحقيقة. لكف اكتشاؼ ما .ىو حقيقي يتطمب التحرر مف التقميد، ما يعني التحرر مف المخاوؼ كميا

ة، تحتاج إلى دراسة وفيـ عميقيف. إننا نسمع كبلما كثيرا يقاؿ أود أف أناقش معكـ مشكمة الحرية. إنيا مشكمة معقدة لمغايحوؿ الحرية، الحرية الدينية وحرية فعؿ المرء ما يحمو لو أف يفعؿ. لقد كتب البحاثة في ىذا كمو مجمدات ضخمة. لكني أظف

.حقيقيأننا نستطيع مقاربة الموضوع مقاربة بسيطة جدا ومباشرة، ولعؿ ذلؾ سيوصمنا إلى الحؿ ال

أتساءؿ فيما إذا توقفتـ يوما لرصد الوىج الرائع في الغرب عند غروب الشمس، وىبلؿ القمر الخجوؿ يطؿ مف فوؽ الجسر، القطار الذي :األشجار؟ في تمؾ الساعة غالبا ما يكوف النير ىادئا جدا، فينعكس عندئذ كؿ شيء عمى سطحو

آلف، مع اشتداد الظممة، النجـو أيضا. ىذا كمو جميؿ لمغاية. ولرصد شيء يسير فوقو، القمر الحنوف، وكما ىي الحاؿ اعطاء انتباىؾ كامبل إليو، ال بد لذىنؾ مف أف يكوف خاليا مف االنشغاالت، أليس كذلؾ؟ يجب عمى جميؿ ومشاىدتو وا

لمغاية تستطيع أف ترصد حقا، ألف الذىف أال يكوف مشغوال بمشكبلت أو ىمـو أو تخمينات. إذ فقط حيف يكوف الذىف ىادئا .الذىف يكوف عندئذ حساسا لمجماؿ الخارؽ. ولعؿ ىاىنا دليبل إلى مشكمتنا مع الحرية

واآلف، ما معنى أف يكوف المرء حرا؟ ىؿ الحرية ىي قضية أف تفعؿ ما يتفؽ لو أف يبلئمؾ، أف تذىب إلى حيث يحمو نو في كؿ األحواؿ. مجرد الحصوؿ عمى االستقبلؿ، ىؿ يعني ذلؾ الحرية؟ أناس لؾ، أو أف تفكر فيما تشاء؟ ىذا ما تفعمو

الحرية تقتضي ذكاء عظيما، أال تقتضيو؟ أف تكوف حرا ىو أف تكوف .كثيروف في العالـ مستقموف، لكف قميموف جدا أحراريـ بيئتؾ كميا، بفيـ المؤثرات االجتماعية والدينية ذكيا؛ لكف الذكاء ال يوجد بمجرد تمني الحرية، بؿ يوجد فقط عندما تبدأ بف

تأثير أبويؾ، حكومتؾ، –وتأثيرات األبويف والتقاليد التي تضيؽ عميؾ الخناؽ باستمرار. لكف فيـ ىذه المؤثرات المختمفة إف فيـ –يا مف دوف تفكير المجتمع، الثقافة التي تنتمي إلييا، تأثير معتقداتؾ، آليتؾ وخرافاتؾ، تأثير التقاليد التي ترضخ ل

ىذه المؤثرات كميا والتحرر منيا يتطمب نفاذ بصيرة عميؽ؛ لكنؾ في الغالب تستسمـ ليا ألنؾ داخميا مرعوب: تراؾ تخشى .عدـ الحصوؿ عمى منصب جيد في الحياة؛ تخشى ما سوؼ يقولو رجؿ الديف؛ تخشى عدـ اتباع التقميد وعدـ فعؿ الصواب

.الحقيقة حالة ذىنية ال خوؼ فييا وال إكراه، وال دافع إلى الشعور باألمفلكف الحرية في

أال يريد أغمبنا أف يشعروا باألماف؟ أال نريد أف يقاؿ لنا: كـ نحف أناس رائعوف، كـ نبدو محببيف، أو أي ذكاء خارؽ ىو نوع تمنحنا ثقة بالنفس، إحساسا باألىمية. نريد فموال ذلؾ لما وضعنا ألقابا قبؿ أسمائنا. تمؾ األشياء مف ىذا ال – ذكاؤنا؟

.ذوي شأف ال نعود أحرارا نكوفوبمجرد أف نريد أف – جميعا أف نكوف أناسا مشيوريف

أرجوكـ أف تدركوا ىذا، ألنو الدليؿ الحقيقي إلى فيـ مشكمة الحرية. فسواء في عالـ رجاؿ السياسة والنفوذ والمناصب سمى "العالـ الروحي"، حيث تتشوؽ إلى اكتساب الفضيمة أو النبؿ أو القداسة، بمجرد أف تريد أف والسمطة ىذا، أو فيما ي

تكوف شخصية مرموقة ال تعود حرا. لكف الرجؿ أو المرأة الذي يرى عبثية ىذه األشياء كميا ويكوف قمبو بالتالي بريئا، إذا فيمتـ بساطة األمر سوؼ .ص كيذا إنساف حرشخ –وبالتالي غير مدفوع بالرغبة في أف يصبح شخصية مرموقة

.تدركوف أيضا جمالو وعمقو الخارقيف

وفي الحاصؿ، وضعت االمتحانات لذاؾ الغرض بعينو: لمنحؾ منصبا، لجعمؾ شخصية مرموقة. األلقاب والمناصب ؿ شيئا ما في الحياة، إنؾ والمعرفة تشجعؾ أف تكوف ذا شأف. ألـ تمحظ أف أبويؾ ومدرسيؾ يقولوف لؾ إنؾ يجب أف تح ص

يجب أف تكوف ناجحا مثؿ عمؾ أو جدؾ؟ أو تراؾ تحاوؿ أف تقتدي ببطؿ ما، أف تكوف مثؿ السادة المعمميف أو القديسيف؛

ومنو فأنت لست حرا أبدا. فسواء حذوت حذو سيد معمـ أو قديس أو مدرس أو أحد أقاربؾ، أـ التزمت تقميدا معينا، ينطوي .ذا شأف؛ وفقط عندما تفيـ ىذا األمر حؽ فيمو توجد الحرية تكوفىذا كمو عمى طمب مف جانبؾ بأف

دور التربية، إذف، ىو مساعدتؾ منذ الطفولة عمى أف ال تقمد أحدا، بؿ أف تكوف نفسؾ طواؿ الوقت. وىذا شيء فعمو أف .تفيموعمى أف –ورا، أف تكوف ما أنت إياه دوما صعب لمغاية: سواء كنت قبيحا أو جميبل، سواء كنت حسودا أو غي

تكوف نفسؾ ىو شيء صعب جدا، ألنؾ تظف أف ما أنت إياه خسيس، وأنؾ إذا استطعت وحسب أف تغير ما أنت إياه إلى ، فإف في ذلؾ ووفيمتشيء نبيؿ سيكوف ىذا رائعا؛ لكف ذلؾ ال يحدث أبدا. في حيف أنؾ إذا نظرت إلى ما أنت إياه فعميا،

ذف فالحرية ال تكمف في محاولتؾ أف تصير شيئا مختمفا، وال في فعؿ كؿ ما يتفؽ لؾ أف تشتيي .الفيـ بعينو تحوال جذريا وا .، بؿ في فيـ ما أنت إياه مف لحظة لمحظة[گورو] فعمو، وال في اتباع سمطة التقاليد أو أبويؾ أو معممؾ الروحي

لكف ذلؾ ليس فيـ نفسؾ. إف –ربى ليذه الغاية: فتربيتؾ تشجعؾ أف تصير ىذا الشيء أو ذاؾ وكما ترى، أنت ال ت"نفسػ"ػؾ شيء معقد جدا؛ إنيا ليست فقط الكياف الذي يذىب إلى المدرسة، يتشاجر، يمعب ألعابا، يخاؼ، لكنيا أيضا شيء

فييا وحسب، ولكف أيضا مف كؿ األشياء التي وضعيا خفي، ليس ظاىرا. إنيا ليست مركبة مف كؿ األفكار التي تفكراآلخروف والكتب والجرائد والقادة في ذىنؾ؛ ومف الممكف فيـ ذلؾ كمو فقط عندما ال تريد أف تصبح شخصية مرموقة، عندما

أف تصير ذا شأف. تمؾ ما يعني، حقا، عندما تكوف متمردا عمى التقميد برمتو الذي يحثؾ عمى –ال تقمد، عندما ال تتبع أحدا .ىي الثورة الحقيقية الوحيدة التي تؤدي إلى حرية خارقة. إف تنمية ىذه الحرية ىي دور التربية الحقيقي

آباؤكـ ومدرسوكـ ورغباتكـ الخاصة يريدونكـ أف تتماىوا مع ىذا الشيء أو ذاؾ مف أجؿ أف تكونوا سعداء، آمنيف. لكنكـ، يكـ أف تخترقوا كؿ المؤثرات التي تستعبدكـ وتسحقكـ؟لكي تكونوا أذكياء، أال يجب عم

األمؿ في عالـ جديد يكمف في أولئؾ منكـ الذيف يبدؤوف في رؤية ما ىو زائؼ ويتمردوف عميو، ليس لفظيا وحسب، بؿ ا جديدا ليس فعميا. ولذلؾ عميكـ أف تطمبوا التربية الصحيحة؛ ألنو فقط عندما تنموف في حرية تستطيعوف أف تخمقوا عالم

قائما عمى التقاليد وال مشكبل بحسب رغبة الفيمسوؼ الفبلني أو مزاجية مفكر مثالي ما. ولكف ال مجاؿ لمحرية مادمت تحاوؿ .فقط أف تصير شخصية مرموقة أو تقمد مثاال نبيبل

ما ىو الذكاء؟ :سؤال

ال أدري إف كنتـ تدركوف .كتشاؼ ليس التوصؿ إلى نتيجةفمنغص في المسألة بتأف وصبر، ولنكتشؼ. اال :كريشنامورتيالفرؽ. لحظة تتوصؿ إلى نتيجة حوؿ ماىية الذكاء تكؼ عف كونؾ ذكيا. ذلؾ ما تفعمو غالبية الناس األكبر سنا: لقد

ذف فقد اكتشفتـ في الحاؿ شيئا واحدا: وىو أف الذىف الذكي ذىف يتعمـ توصموا إلى نتائج، وبالتالي كفوا عف كونيـ أذكياء. وا .تعمما مستمرا، وال يستنتج أبدا

ما يفضموف تفسيرىـ .ما ىو الذكاء؟ أغمب الناس يكتفوف بتعريؼ بماىية الذكاء فيـ إما يقولوف: "ىذا تفسير جيد"، وا .الخاص؛ وذىف يكتفي بتفسير ما ذىف سطحي لمغاية، وبالتالي ليس ذكيا

ا ذكيا ذىف ال يكتفي بالتفسيرات، باالستنتاجات؛ وال ىو ذىف يسمـ بمعتقد ما، ألف االعتقاد ىو لقد بدأتـ تدركوف أف ذىن أيضا شكؿ آخر مف االستنتاج. الذىف الذكي ىو ذىف دائـ التقصي، ذىف يراقب، يتعمـ، يدرس. ما يعني ماذا؟ ما يعني أف

ا لمتمرد، لمعارضة البنية االجتماعية برمتيا، لكي تكتشؼ ما ىو الذكاء يوجد فقط عندما ينعدـ الخوؼ، عندما تكوف مستعد .اهلل، أو لتكتشؼ حقيقة أي شيء

الذكاء ليس المعرفة. فحتى لو استطعت أف تقرأ كتب العالـ كميا لما أعطاؾ ىذا ذكاء. الذكاء شيء حاذؽ لمغاية، وليس ال الذىف بحسب رأي فيمسوؼ أو معمـ ما، بؿ ذىنؾ –يتيا إنو يوجد فقط عندما تفيـ سيرورة الذىف بكم .لو مكاف يرسو فيو

فذىنؾ نتاج لمبشرية جمعاء، وحيف تفيمو، لست بحاجة ألف تدرس كتابا واحدا حتى، ألف الذىف يشتمؿ عمى معرفة .أنتذف، يوجد الذكاء مع فيمؾ نفسؾ؛ وتستطيع فيـ نفسؾ فقط في عبلقتؾ مع عالـ الناس وا ألشياء الماضي بأسرىا. وا

ما يعني، حقا، –واألفكار. الذكاء ليس شيئا تستطيع اكتسابو، كالتعمـ؛ إنو ينبثؽ مع التمرد العظيـ، أي عندما ينعدـ الخوؼ .عندما يكوف ىناؾ شعور بالمحبة. فحيثما ينعدـ الخوؼ توجد المحبة

ؾ. فالسؤاؿ عف ماىية الذكاء كالسؤاؿ عف إذا كنت ميتما بالتفسيرات وحسب، أخشى أنؾ ستشعر بأني لـ أجب عف سؤالالحياة ىي –الحياة ىي الدراسة، المعب، الجنس، العمؿ، الشجار، الحسد، الطموح، الحب، الجماؿ، الحقيقة .ماىية الحياة

.كؿ شيء، أليست كذلؾ؟ ولكف، كما ترى، فإف غالبيتنا ليس لدييـ الصبر الجاد والدءوب لمتابعة ىذا التقصي

يمكف لمذىف الفج أف يصبح حساسا؟ىؿ :سؤال

أصغ إلى السؤاؿ، إلى المعنى وراء الكممات. ىؿ يمكف لذىف فج أف يصير حساسا؟ إذا قمت إف ذىني فج :كريشنامورتيوأحاوؿ أف أصير حساسا، فالجيد ألصير حساسا بحد ذاتو ىو الفجاجة بعينيا. أرجوؾ أف تدرؾ ىذا. ال تتعجب، بؿ عاينو!

أنني، إذا أدركت أنني فج مف غير أف أريد التغير، مف غير أف أحاوؿ أف أصير حساسا، إذا بدأت أفيـ ماىية في حيف ، الطريقة النيمة التي آكؿ بيا، الفظاظة التي أعامؿ بيا الناس، الغرور، –الفجاجة، ورصدتيا في حياتي مف يـو ليـو

ؿ الػعندئذ فإف ىذا ا –التكبر، خشونة عاداتي وأفكاري، .جذريا ماىولرصد بعينو يحو

بالمثؿ، إذا كنت غبيا وقمت في نفسي إف عمي أف أصير ذكيا، فالجيد ألصير ذكيا ىو مجرد شكؿ أعظـ مف أشكاؿ الغباء؛ ألف الميـ ىو فيـ الغباء. فميما حاولت أف أصير ذكيا فإف غبائي سيبقى. قد أكتسب طبلء الثقافة السطحي، قد

مف اقتباس الكتب أو ترديد مقاطع مف كتاب عظاـ، لكني سوؼ أظؿ مف حيث األساس غبيا. لكني إذا رأيت الغباء أتمكف كيؼ أتعامؿ مع خادمي، كيؼ أنظر إلى جاري، إلى الرجؿ الفقير، إلى –وفيمتو كما يعبر عف ذاتو في حياتي اليومية،

.عي نفسو يجمب تحطيـ الغباءإذ ذاؾ فإف ذلؾ الو –الرجؿ الغني، إلى الموظؼ،

جرب ىذا بنفسؾ: راقب نفسؾ وأنت تكمـ خادمؾ، الحظ االحتراـ البالغ الذي تعامؿ بو مسؤوال حكوميا وقمة االحتراـ التي تبدييا لمرجؿ الذي ليس لديو شيء يعطيكو. عندئذ تبدأ باكتشاؼ مقدار غبائؾ؛ وفي فيـ ذلؾ الغباء ذكاء، حساسية. لست

.حساسا. فالمرء الذي يحاوؿ أف يكوف ذا شأف امرؤ قبيح، غير حساس؛ إنو شخص فج تصيررا ألف مضط

كيؼ يستطيع الطفؿ اكتشاؼ ما ىو دوف مساعدة أبويو ومدرسيو؟ :سؤال

يئة ىؿ قمت إنو يستطيع، أـ أف ىذا تأويمؾ أنت لما قمت؟ سيكتشؼ الطفؿ أمورا عف نفسو إذا كانت الب :كريشنامورتيالتي يحيا فييا تساعده عمى فعؿ ذلؾ. إذا كاف األبواف والمدرسوف ميتميف حقا بأف يكتشؼ الشخص الفتي ما ىو، لف

.يجبروه عمى شيء، بؿ سيوجدوف لو بيئة يتوصؿ فييا إلى معرفة نفسو

مف الميـ لمطفؿ أف لقد سألت أنت ىذا السؤاؿ؛ لكف ىؿ ىي مشكمة حيوية بنظرؾ؟ لو كنت تشعر شعورا عميقا أفيكتشؼ أمورا عف نفسو، وأنو ال يستطيع أف يفعؿ ىذا مادامت تسيطر عميو سمطة ما، ألف تساعد في إيجاد البيئة الصحيحة؟ إنو مرة أخرى الموقؼ القديـ إياه: قؿ لي ماذا أفعؿ وسأفعمو. نحف ال نقوؿ: "ىيا نتشارؾ في حؿ األمر معا."

اآلباء والمدرسيف واألطفاؿ –ستطيع الطفؿ فييا تحصيؿ معرفة عف نفسو قضية تخص الجميع مشكمة كيفية إيجاد بيئة ي

ذا كانت ىذه مسألة حيوية بنظرؾ وبنظري، بنظر أنفسيـ. لكف معرفة الذات ال يمكف فرضيا، الفيـ ال يمكف اإلجبار عميو؛ وا .يحاآلباء وبنظر المدرسيف، فإننا معا سوؼ ننشئ مدارس مف النوع الصح

أخبرني األطفاؿ أنيـ رأوا في القرى بعض الظواىر العجيبة، كالتمبس، وأنيـ خائفوف مف األشباح واألرواح وما :سؤال شابو. وىـ يسألوف أيضا عف الموت. فماذا ينبغي أف يقاؿ في ىذا كمو؟

يب. لقد أخبركـ، أييا في الوقت المناسب سنتقصى ماىية الموت. ولكف، كما تروف، الخوؼ شيء عج :كريشنامورتيولوال ذلؾ عمى األرجح لما رأيتـ أشباحا. لقد أخبركـ أحدىـ عف تمبس األرواح. –األطفاؿ، آباؤكـ وكبار السف عف األشباح

أنتـ أصغر مف أف تدروا بتمؾ األمور. إنيا ليست خبرتكـ الشخصية، بؿ ىي انعكاس لما أخبركـ بو الكبار. والكبار أنفسيـ ا ال يفقيوف شيئا عف ىذه األمور؛ لقد قرأوا عنيا في بعض الكتب وحسب، ويظنوف أنيـ فيموىا. وىذا يثير سؤاال غالبا م

مختمفا تماما: ىؿ ىناؾ خبرة ال يشوبيا الماضي؟ إذا كانت الخبرة مشوبة بالماضي فيي مجرد استمرار لمماضي، وبالتالي .ليست خبرة أصيمة

كـ الذيف يتعامموف مع األطفاؿ أال يفرضوا عمييـ أضاليميـ، مفاىيميـ الشخصية عف الميـ ىو أف عمى أولئؾ مناألشباح، أفكارىـ وخبراتيـ الخاصة. ىذا شيء مف الصعب تفاديو، ألف الكبار يطيموف الكبلـ عمى كؿ ىذه األمور غير

ر األطفاؿ ما الجوىرية التي ال أىمية ليا في الحياة؛ وبذا يمقنوف األطفاؿ تدريجيا قمقيـ ومخاوفيـ وخرافاتيـ، وبالطبع يكرسمعوه. مف الميـ لمكبار، الذيف عموما ال يفقيوف شيئا عف ىذه األمور، أال يتكمموا عنيا أماـ األطفاؿ، بؿ أف يساعدوا، بدال

.مف ذلؾ، في إيجاد مناخ يستطيع فيو األطفاؿ أف ينموا في حرية وببل خوؼ

لـ يفيـ بعضكـ كؿ ما قمت حوؿ الحرية كؿ الفيـ؛ ولكف، كما سبؽ لي أف أشرت، مف الميـ جدا أف تكونوا عرضة ربما دوه. رؤية أشياء الحياة الجميمة أمر حسف، لكنكـ يجب كذلؾ أف ترصدوا أشياءىا القبيحة ألفكار جديدة، لشيء لعمكـ لـ تتعو

يء. بالمثؿ، ينبغي لكـ أف تكونوا عرضة ألشياء لعمكـ ال تفيمونيا بعد تماـ أيضا، ينبغي لكـ أف تكونوا متيقظيف لكؿ ش .الفيـ؛ فكمما تفكرتـ في ىذه األمور التي قد تصعب عميكـ نوعا ما وتدبرتموىا، زادت قدرتكـ عمى عيش حياة غنية

طافة خارقة ىي لطافتو، ال أدرى إف كاف أحدكـ قد لحظ، في الصباح الباكر، ضوء الشمس عمى سطح المياه: أية لأتراكـ تمحظوف أي .وكيؼ تتراقص المياه الداكنة، ونجمة الصبح تطؿ مف فوؽ األشجار، تمؾ النجمة الوحيدة في السماء

شيء مف ذلؾ أبدا؟ أـ أنكـ مف االنيماؾ، مف االنشغاؿ بروتينكـ اليومي، بحيث إنكـ تنسوف، أو لـ تعرفوا قط، كـ ىو غني ىذه األرض التي عمينا أف نعيش عمييا جميعا. فسواء سمينا أنفسنا شيوعييف أـ رأسمالييف، ىندوسا أـ – جماؿ ىذه األرض؟

بوذييف، مسمميف أـ مسيحييف، سواء كنا عميا، عرجا، أـ أصحاء وسعداء، فيذه األرض لنا. ىؿ تفيموف؟ إنيا أرضنا، ال لمحكاـ ذوي النفوذ أو ألشراؼ اإلقطاعييف حصرا، بؿ ىي أرضنا أرض سوانا؛ إنيا ليست أرض الغني فقط، وال ىي ممؾ

جميعا، أرضكـ وأرضي. نحف نكرات، لكننا نحف أيضا نعيش عمى ىذه األرض، وعمينا جميعا أف نعيش سوية. إنيا عالـ أرى أنو لفي غاية األىمية أف ، و عالمناالفقراء بقدر ما ىي عالـ األغنياء، عالـ األمييف وعالـ المتعمميف عمى حد سواء؛ إنيا

نشعر بيذا وأف نحب األرض، ال في بعض المناسبات وحسب، كأف نحبيا في صباح رائؽ، بؿ طواؿ الوقت. وال يمكف لنا .أف نشعر بأنيا عالمنا فنحبيا إال حيف نفيـ ماىية الحرية

يو الحرية. نود أف نكوف أحرارا، لكف ليس ىناؾ في الوقت الحاضر شيء يميؽ بو اسـ "حرية"؛ فنحف ال نعرؼ ما تعنيفعموف شيئا ما، كؿ –المدرس، الوالد، المحامي، الشرطي، الجندي، السياسي، رجؿ األعماؿ، –جميع الناس، إذا لحظتـ،

ة في زاويتو الضيقة، لمحيمولة دوف تمؾ الحرية. الحرية ليست مجرد فعؿ ما يحمو لؾ، وال ىي القطيعة مع الظروؼ الخارجي؟ أنت متكؿ عمى أبويؾ، ألست كذلؾ؟ أنت تتكؿ االتكاؿالتي تقيدؾ، بؿ فيـ مشكمة االتكاؿ في كميتيا. ىؿ تدروف ما ىو

عمى مدرسيؾ، تتكؿ عمى الطباخ، عمى ساعي البريد، عمى الرجؿ الذي يأتيؾ بالمبف، وىكذا دواليؾ. ذاؾ النوع مف االتكاؿ ما. لكف ىناؾ نوعا مف االتكاؿ أعمؽ بكثير ال بد لممرء مف فيمو قبؿ أف يقدر أف بوسع المرء أف يفيمو بسيولة إلى حد

يكوف حرا: إنو اتكاؿ المرء عمى سواه مف أجؿ سعادتو. ىؿ تدري ما يعنيو اتكالؾ عمى أحدىـ مف أجؿ سعادتؾ؟ إف مجرد نفساني، الذي تستمد منو سعادة مزعومة؛ فحيف اتكالؾ المادي عمى سواؾ ليس ىو ما يقيد بقدر ما ىو اتكالؾ الداخمي، ال

تتكؿ عمى أحدىـ بتمؾ الطريقة تصير عبدا. إذا ظممت، وأنت تتقدـ في العمر، متكبل عاطفيا عمى أبويؾ، عمى الزوجة أو ف غالبيتنا، مع أ –معمـ روحي[، أو عمى فكرة ما، فبداية العبودية تكوف موجودة سمفا. نحف ال نفيـ ىذا ] گوروالزوج، عمى

.والسيما في ريعاف الشباب، تتوؽ إلى الحرية

لكي نكوف أحرارا ال بد لنا مف التمرد عمى صنوؼ االتكاؿ الداخمي كافة؛ وليس بوسعنا أف نتمرد إذا لـ نفيـ لماذا نحف ا أبدا، ألف في ذلؾ الفيـ فما لـ نفيـ صنوؼ االتكاؿ الداخمي كميا، ونفمت منيا حقا، ال نستطيع أف نكوف أحرار .متكموف

؟ إذا قمت لؾ شيئا جارحا، إذا ردة الفعؿوحده يمكف لمحرية أف توجد. لكف الحرية ليست مجرد ردة فعؿ. ىؿ تعرفوف ما ىي ردة فعؿ ناجمة عف االتكاؿ؛ واالستقبلؿ ىو اآلخر مزيد مف رد الفعؿ. –نعتؾ بصفة قبيحة فغضبت مني، فتمؾ ردة فعؿ

.ية ليست ردة فعؿ، وما لـ نفيـ ردة الفعؿ ونتجاوزىا، لف نكوف أحرارا أبدالكف الحر

أحدىـ؟ ىؿ تدري معنى أف تحب شجرة، أو عصفورا، أو حيوانا أليفا، بحيث تعتني بو، تحبىؿ تدري ما يعنيو أف ع أنو قد ال يتبعؾ، أو يتكؿ عميؾ؟ تغذيو، ترعاه، مع أنو قد ال يعطيؾ شيئا في المقابؿ، مع أنيا قد ال تقدـ لؾ الظؿ، م

ؽ دوما بالقمؽ، بالغيرة، بالخوؼ، ما –أغمبنا ال يحب عمى ذلؾ النحو، ونحف ال نعرؼ ما يعنيو ذلؾ بتاتا ألف حبنا مطوه؛ مضمونو أننا نتكؿ داخميا عمى سوانا، نريد أف نكوف محبوبيف. نحف ال نحب وحسب، ونكتفي بذلؾ، بؿ نطمب شيئا لقاء

.وبمجرد أف نطمب نصير متكميف

ذف فالحرية والمحبة متبلزمتاف. المحبة ليست ردة فعؿ إذا أحببتؾ ألنؾ تحبني فيي مجرد مقايضة، سمعة تشترى في :وا ووحدىا محبة –السوؽ؛ إنيا ليست محبة. أف تحب ىو أف ال تطمب شيئا في المقابؿ، وال أف تشعر حتى بأنؾ تعطي شيئا

ع أف تعرؼ الحرية. لكنكـ، كما تروف، ال تربوف عمى ىذا: تعميمكـ يقتصر عمى الرياضيات والكيمياء والجغرافيا كيذه تستطيذا اتفؽ والتاريخ فحسب، ألف شغؿ آبائكـ الشاغؿ ىو مساعدتكـ عمى نيؿ وظيفة مناسبة وعمى إصابة النجاح في الحياة. وا

لى الخارج، لكف كؿ قصدىـ، مثميـ كمثؿ باقي الناس في العالـ، ىو أف ليـ أف يكونوا مف أصحاب الماؿ فقد يرسمونكـ إيوفروا لكـ الغنى والحصوؿ عمى مكانة محترمة عمى سمـ المجتمع؛ وكمما أمعنتـ في الصعود تسببتـ في مزيد مف البؤس

أبناءىـ إلى مدارس فييا الطموح لآلخريف، ألف بموغ تمؾ المكانة يضطركـ إلى المنافسة، إلى عدـ الشفقة. وىكذا يرسؿ اآلباءوالتنافس، لكنيا تخمو تماما مف المحبة؛ ولذلؾ فإف مجتمعا كمجتمعنا يتدىور تدىورا مستمرا، يعاني صراعا دائما. ومع أف

.رجاؿ السياسة والقضاة ونخبة القـو المزعوميف يتكمموف عمى السبلـ، فإف كبلميـ ال معنى لو البتة

أنتـ وأنا، أف نفيـ مشكمة الحرية ىذه في كميتيا. ال بد لنا مف أف نكتشؼ بأنفسنا ما تعنيو المحبة؛ ألننا ما و اآلف، عمينا،؟ كأف المباالةلـ نحب لف نستطيع أبدا أف نكوف ميتميف، منتبييف، لف نستطيع أبدا أف نكوف مباليف. ىؿ تعرفوف ما تعنيو

–ـ حافية كثيرة فتزيمو، ال ألف أحدىـ طمب منؾ أف تفعؿ، بؿ ألنؾ تشعر بشعور سواؾ ترى حجرا حادا عمى درب تطؤه أقداال ىـ مف يكوف، ولعمؾ لف تصادفو أبدا؛ كأف تزرع شجرة وترعاىا، تنظر إلى النير وتستمتع بامتبلء األرض، ترصد طائرا

لحصوؿ ىذا كمو ال –لحركة الخارقة المسماة بالحياة يحمؽ وترى جماؿ طيرانو، تتصؼ بالحساسية وتكوف منفتحا عمى ىذه ابد مف الحرية؛ ولتكوف حرا ال بد لؾ مف أف تحب. مف دوف محبة ال توجد حرية؛ مف دوف المحبة، تكوف الحرية مجرد فكرة

ذف، فوحدىـ الذيف يفيموف االتكاؿ الداخمي ويفمتوف منو، ويعرفوف، بالتالي، وحدىـ –ما ىي المحبة، ال قيمة ليا بتاتا. وا .ىؤالء بوسعيـ أف يكونوا أحرارا؛ وعمى أيدييـ وحدىـ سوؼ تقـو حضارة جديدة، عالـ مختمؼ

ما أصؿ الرغبة، وكيؼ أقدر أف أتخمص منيا؟ :سؤال

ـ عميو لو أف يتخمص مف الرغبة أصبل؟ أتفيموف؟ إنو ال يزاؿ شابا، –إنو شاب يسأؿ السؤاؿ :كريشنامورتي مفعما ولنو بالتحرر مف ـ عميو أف يتخمص مف الرغبة؟ لقد قيؿ لو إف التحرر مف الرغبة مف أعظـ الفضائؿ، وا بالحياة، بالحيوية؛ فمالرغبة سيحقؽ اهلل أو ذلؾ الشيء األسمى، ميما تكف تسميتو؛ لذا تراه يسأؿ: "ما أصؿ الرغبة، وكيؼ يمكف لي أف أتخمص

مص مف الرغبة بعينو ال يزاؿ جزءا مف الرغبة، أليس كذلؾ؟ فالخوؼ في الواقع ىو الذي يحض منيا؟" لكف الدافع إلى التخ .عميو

ما ىو أصؿ الرغبة، مصدرىا، بدايتيا؟ ترى شيئا جذابا، فتريده؛ ترى سيارة، أو قاربا، فتريد امتبلكو؛ أو تراؾ تريد أف تبمغ الرؤية، التماس، ومنو ينشأ اإلحساس، ومف :. ىذا ىو أصؿ الرغبةناسكا زاىدا[] سنياسيمنزلة رجؿ ثري، أو تصير

ذف فإف ما "اإلحساس تتولد الرغبة. واآلف، حالما تقر بأف الرغبة تجمب النزاع، تسأؿ: "كيؼ أقدر عمى التحرر مف الرغبة؟ وا ، القمؽ، الوجع الذي تسببو ا لرغبة. تراؾ تريد التحرر مف ثمار تريده حقا ليس التحرر مف الرغبة، بؿ الخبلص مف اليـ

فمو أمكف لؾ أف تنتزع مف الرغبة الوجع، .وىذا شيء ىاـ جدا ال مناص لؾ مف فيمو –الرغبة المرة، ال مف الرغبة ذاتيا

العذاب، الصراع، وسائر صنوؼ القمؽ والمخاوؼ المصاحبة ليا، بحيث ال يبقى منيا إال المذة، أتراؾ كنت تريد عندئذ أف تتحرر مف الرغبة؟

مادامت باقية الرغبة في الكسب، في اإلنجاز، في الصيرورة، عمى أي مستوى كانت، فيناؾ حتما القمؽ، األسى، الخوؼ. فالطموح إلى الغنى، إلى أف نكوف ىذا أو ذاؾ، ال يتبلشى إال عندما نرى نتانة الطموح ذاتو وطبيعتو المفسدة.

معمـ ] گوروسواء كانت في نفوذ رئيس وزراء أو قاض أو كاىف أو –وذ، أيا كاف شكمو، ولحظة نرى أف الرغبة في النفىي شر مف حيث األساس، تزوؿ رغبتنا في أف نصير أصحاب نفوذ. لكننا ال نرى أف الطموح مفسد، أف الرغبة –، [روحي

ذا كمو محض ىراء. فالوسيمة الطالحة ال وى –في النفوذ شريرة، بؿ نقوؿ، عمى العكس، إننا سوؼ نستعمؿ النفوذ لمخير يمكف ليا أف تستعمؿ أبدا لبموغ غاية صالحة: إذا كانت الوسيمة شريرة فالغاية ستكوف شريرة ىي األخرى. الخير ليس نقيض

.الشر؛ إنو يوجد فقط حيف يبطؿ ما ىو شرير تماما

ذف، إذا لـ نفيـ مدلوؿ الرغبة بكميتو، بنتائجيا وعواقبيا، .فإف مجرد محاولة التخمص مف الرغبة ال معنى لو وا

كيؼ نقدر أف نتحرر مف االتكاؿ مادمنا نعيش في المجتمع؟ :سؤال

ىؿ تعمـ ما ىو المجتمع؟ المجتمع ىو العبلقة بيف اإلنساف واإلنساف، أليس كذلؾ؟ ال تعقد األمر، ال :كريشنامورتيوسوؼ ترى أف المجتمع ىو العبلقة بينؾ وبيني وبيف اآلخريف. العبلقة تقتبس مف كتب كثيرة؛ فكر فيو ببساطة شديدة،

اإلنسانية ىي التي تصنع المجتمع؛ ومجتمعنا الحالي مبني عمى عبلقة استحواذ، أليس كذلؾ؟ أغمبنا يريد الماؿ، النفوذ، استحواذيا. ومادمنا استحواذييف، مادمنا األمبلؾ، السمطة؛ عمى ىذا المستوى أو ذاؾ، نريد المكانة والجاه، وبذا بنينا مجتمعا

نريد مكانة وجاىا ونفوذا وما إلى ذلؾ، فإننا ننتمي إلى ىذا المجتمع، وبالتالي، نتكؿ عميو. لكف المرء، إذا لـ يكف يريد أيا مى المجتمع مف ىذه األشياء، وبقي ببساطة عمى ما ىو عميو بتواضع عظيـ، يكوف عندئذ خارجو؛ إذ ذاؾ يتمرد المرء ع

.ويفمت منو

تيدؼ إلى جعمؾ تنصاع ليذا المجتمع االستحواذي، تدخؿ في قالبو، وتتكيؼ معو. ذاؾ –لسوء الحظ –التربية حاليا كؿ ما يشغؿ باؿ أبويؾ ومدرسيؾ وما تنص عميو كتبؾ. فمادمت تنصاع، مادمت طموحا، استحواذيا، تفسد اآلخريف

محترما". إنؾ تربى عمى الدخوؿ في قالب المجتمع؛ لكف "مكانة والنفوذ، فأنت تعتبر مواطنا وتحطميـ في سعيؾ لتحصيؿ الذلؾ ليس تربية، بؿ مجرد عممية تشرطؾ عمى االنصياع لنموذج ما. لكف الدور الحقيقي لمتربية ليس أف تحولؾ إلى موظؼ

العفف في كميتو وتتيح لؾ فسحة النمو في حرية، أو قاض أو رئيس وزراء، بؿ أف تساعدؾ عمى فيـ بنياف ىذا المجتمعبحيث تفمت منو وتخمؽ مجتمعا مختمفا، عالما جديدا. ال مناص مف وجود مف يتمردوف، ليس تمردا جزئيا، بؿ تمرد كمي

.عمى النفوذ والجاه عالـ ال يقـو عمى االستحواذ، –عمى القديـ البالي؛ فوحدىـ أمثاؿ ىؤالء الناس بوسعيـ خمؽ عالـ جديد

بوسعي أف أسمع كبار السف بينكـ يقولوف: "ىذا ليس بالمستطاع أبدا. فالطبيعة البشرية ىي ما ىي، وأنت تقوؿ كبلما التربية قطعا عبلج ووقاية في آف معا. .لكننا لـ نفكر قط في إبطاؿ إشراط الذىف الراشد، وال في عدـ إشراط الطفؿ ".فارغا

ب األكبر سنا، مقولبوف سمفا، مشروطوف سمفا، طموحوف سمفا؛ تراؾ تبتغي النجاح مثؿ أبيؾ، مثؿ الحاكـ، أو أي أنتـ، الطبلذف فدور التربية الحقيقي ليس مساعدتؾ عمى إبطاؿ إشراطؾ وحسب، بؿ وعمى فيـ سيرورة الحياة ىذه مف يـو واحد آخر. وا

عالما يجب أف يكوف مختمفا كؿ االختبلؼ عف –نمو في حرية وتخمؽ عالما جديدا ليـو في كميتيا، وذلؾ لكي تتمكف مف الالعالـ الحالي. لسوء الحظ، فإف آباءكـ غير ميتميف ليذا، وال أساتذتكـ، وال عمـو الجميور. لذا ال بد لمتربية مف أف تكوف

.سيرورة تربية لممربي ولمطالب عمى حد سواء

لبشر؟لماذا يتعارؾ ا :سؤال

لماذا يتعارؾ الصبية الصغار؟ أنت أيضا تتعارؾ أحيانا مع شقيقؾ، أو مع الصبية اآلخريف ىنا، أال :كريشنامورتيتفعؿ؟ لماذا؟ أنت تعارؾ عمى لعبة. ربما أخذ صبي آخر كرتؾ، أو كتابؾ، وليذا تعارؾ. والراشدوف يتعاركوف لمسبب نفسو

أو الغنى أو النفوذ. إذا كنت تريد النفوذ، وكنت أنا أيضا أريد النفوذ، ترانا نتعارؾ، ولذلؾ بالضبط، إال أف لعبتيـ ىي المكانة تنشب الحروب بيف األمـ. األمر عمى ىذا القدر مف البساطة، إال أف الفبلسفة والساسة ورجاؿ الديف المزعوميف يعقدونو.

أف تعرؼ غنى الحياة، جماؿ الوجود، الصراعات، الببليا، –، أتعرؼ، إنو لفف عظيـ أف تتمتع بوفرة مف المعرفة والخبرة .وتحتفظ مع ذلؾ بذىنؾ بسيطا لمغاية؛ وليس بوسعؾ أف تتمتع بذىف بسيط إال حيف تعرؼ كيؼ تحب –الضحؾ، الدموع،

ما ىي الغيرة؟ :سؤال

قناعتؾ بما أنت إياه ىو تتضمف الغيرة السخط عمى أنت عميو وحسد اآلخريف، أال تتضمنيما؟ عدـ :كريشنامورتيبالذات بداية الحسد. تريد أف تكوف مثؿ واحد آخر يفوقؾ معرفة أو جماال، أو عنده بيت أكبر، نفوذ أكثر، أو مكانة أفضؿ مف مكانتؾ. أو لعمؾ تريد أف تكوف أكثر فضيمة، تريد أف تعرؼ كيؼ تتأمؿ تأمبل أفضؿ، تريد أف تصؿ إلى اهلل، تريد أف

إف فيمؾ ما أنت إياه أمر عمى قدر ىائؿ مف الصعوبة، ألنو .مختمفا عما أنت عميو؛ لذا تراؾ تحسد، تغار تكوف شيئايتطمب تحررا تاما مف كؿ رغبة في تغيير ما أنت إياه إلى شيء آخر. فالرغبة في تغيير نفسؾ تولد الحسد والغيرة؛ في حيف

ياه. ولكف، كما ترى، تربيتؾ كميا تحثؾ أف تحاوؿ أف تكوف مختمفا عما أنت أف فيمؾ ما أنت إياه يحدث تحوال في ما أنت إإياه. عندما تغار يقاؿ لؾ: "ال تكف غيورا، فالغيرة شيء فظيع." فتراؾ تجاىد كي ال تكوف غيورا؛ لكف تمؾ المجاىدة بعينيا

.ىي جزء مف الغيرة، ألنؾ تريد أف تكوف مختمفا

كيؼ، وردة بديعة؛ لكننا، نحف بني البشر، وىبنا القدرة عمى التفكير، وترانا نسيء التفكير. معرفة الوردة البديعة، كما تعمـنفكر ماذانفكر فيو سيمة بالمقارنة. تربيتنا الحالية تممي عمينا ماذانفكر تتطمب قدرا عظيما مف النفاذ والفيـ، لكف معرفة

يفكر، تكوف كيؼنستكشؼ؛ وفقط حيف يعرؼ المدرس، ناىيؾ عف التمميذ، نفكر، كيؼ نتعمؽ، كيؼفيو، لكنيا ال تعممنا .المدرسة جديرة باسميا حقا

لماذا ال يرضيني شيء أبدا؟ :سؤال

طفمة صغيرة تسأؿ ىذا السؤاؿ، وأنا واثؽ مف أنو لـ يحضيا عمى سؤالو أحد. إنيا في ريعاف عمرىا، :كريشنامورتيبالرضا أبدا. فما قولكـ، أييا الراشدوف؟ ىذا جنى أيديكـ: لقد أوجدتـ ىذا العالـ الذي تسأؿ فيو وتريد أف تعرؼ لماذا ال تشعر

طفمة صغيرة لماذا ال يرضييا شيء أبدا. يفترض فيكـ أنكـ مربوف، لكنكـ ال تروف مأساة ىذا األمر. إنكـ تمارسوف التأمؿ، .لكنكـ بميدوف، منيكوف، أموات في الداخؿ

رضى البشر أبدا؟ أليس ألنيـ يطمبوف السعادة، ظانيف أنيـ، عبر التغيير الدائـ، سيكونوف سعداء؟ إنيـ يتنقموف لماذا ال يمف عمؿ آلخر، مف عبلقة ألخرى، مف ديانة أو إيديولوجيا ألخرى، ظنا منيـ أنيـ، عبر حركة التغيير الدائمة ىذه، سوؼ

ال فإنيـ يختاروف بقعة –يجدوف السعادة حياة منعزلة وينتنوف فييا. القناعة قطعا شيء مختمؼ تماما. إنيا توجد فقط حيف وا األمر الذي ال يعني أف تكتفي بتقبؿ ما –مف دوف أية رغبة في التغير، مف دوف أية إدانة أو مقارنة، كما أنتترى نفسؾ

. لكف الذىف، حيف يكؼ عف المقارنة والحكـ والتقييـ، في مف لحظة ماىوكوف بالتالي قادرا عمى رؤية الػترى وتذىب لمنـو .في ذلؾ اإلدراؾ بالذات يوجد األبدي –لمحظة دوف أف يريد تغييره

لماذا يجب عمينا أف نقرأ؟ :سؤال

لماذا يجب عميؾ أف تقرأ؟ أصغ بيدوء وحسب. أنت ال تسأؿ أبدا لماذا يجب أف تمعب، لماذا يجب أف :كريشنامورتيأـ أنؾ تسأؿ؟ أنت ال تتمرد وتسأؿ لماذا يجب عميؾ أف تفعؿ شيئا –أف تنظر إلى النير، لماذا فيؾ قسوة، تأكؿ، لماذا يجب

ىذه كميا جزء مف –ما إال عندما ال تستحب أف تفعمو. لكف القراءة، المعب، الضحؾ، القسوة، الطيبة، رؤية النير، السحب، ذا كنت ال تجيد القراءة، إذا لـ تكف .تحسف المشي، إذا لـ تكف قادرا عمى تقدير جماؿ ورقة الشجر، فأنت لست حياالحياة؛ وا

ال بد لؾ مف فيـ الحياة في كميتيا، ال مجرد جزء صغير واحد منيا. لذلؾ يجب عميؾ أف تقرأ، لذلؾ يجب أف تنظر إلى .ميا ىي الحياةفتمؾ ك –السماوات، لذلؾ يجب أف تغني، وترقص، وتكتب القصائد، وتتألـ، وتفيـ،

ما ىو الحياء؟ :سؤال

أال تشعر بالحياء حيف تقابؿ شخصا غريبا؟ ألـ تشعر بالحياء وأنت تسأؿ ذلؾ السؤاؿ؟ أما كنت ستشعر :كريشنامورتيلى مخاطبة جميور؟ أال تشعر بالحياء، أال تشعر بشيء مف بالحياء لو اضطررت إلى الجموس عمى ىذه المنصة، مثمي، وا

فتود الوقوؼ ساكنا، حيف تقع عيناؾ فجأة عمى شجرة بديعة، أو زىرة رقيقة، أو عصفور جاثـ عمى عشو؟ أال ترى االرتباؾ،مثؿ وجدإف –أنو أمر حسف أف تكوف حييا؟ لكف الحياء بنظر أغمبنا ينطوي عمى خجؿ بالنفس. عندما نقابؿ رجبل مرموقا

فترانا نفكر: "كـ ىو ميـ، كـ ىو مشيور، وأنا نكرة!" وبذا نستحي، بمعنى أننا نصير خجميف بنفسنا. –ىذا الشخص أصبل نخجؿ بنفسنا. لكف ىناؾ نوعا مختمفا مف الحياء، وىو أف يكوف المرء لطيفا حقا، حييا؛ وفي ذلؾ ليس ىناؾ أي خجؿ

.بالنفس

طريقو إلى المحرقة. كاف ممفوفا بقماش أرجواني زاه، يترنح عمى ذات صباح، منذ بضعة أياـ، رأيت جثمانا محموال في إيقاع الفانيف األربعة الذيف يحممونو. ترى ما نوع االنطباع الذي يتركو مشيد الجثماف فيؾ؟ أال تتساءؿ لماذا يوجد التمؼ

يبمى؛ ولكف ىؿ تراؾ تستفسر أصبل؟ تراؾ تشتري محركا جديدا مف الوكالة، وفي غضوف بضع سنيف يبمى. والبدف أيضا أكثر قميبل لتكتشؼ لماذا يتمؼ الذىف؟ الجسـ ميت ال محالة، عاجبل أو آجبل، لكف أغمبنا أصحاب أذىاف ميتة سمفا؛ لقد

فمماذا يتمؼ الذىف؟ الجسـ يتمؼ ألننا نستعممو دوما، فيبمى الجياز العضوي: المرض، الحوادث، –جرى عمييا التمؼ سمفا ىذه ىي العوامؿ التي تسبب تمؼ الجسـ وموتو. لكف لماذا يتعيف –خوخة، الطعاـ الرديء، البنية الوراثية الضعيفة، الشي

عمى الذىف أف يتمؼ، يشيخ، يتثاقؿ، يتبمد؟

مؼ حيف تروف جثمانا، ألـ تتساءلوا يوما حوؿ ىذا األمر؟ فمع أف أجسامنا فانية ال محالة، لماذا يتعيف عمى الذىف أف يتال نرى األمر عند كبار السف وحسب، بؿ عند الشباب – فعبل أصبل؟ ألـ يخطر ببالكـ ىذا السؤاؿ قط؟ إذ إف الذىف يتمؼ

أيضا: نرى عند الشباب سمفا كيؼ يصير الذىف متبمدا، ثقيبل، عديـ الحساسية؛ ولو استطعنا معرفة سبب تمؼ الذىف لربما الفناء حقا؛ وقد نفيـ ما ىي الحياة األبدية، الحياة التي ال نياية ليا، الحياة التي ال تدخؿ في اكتشفنا عندئذ شيئا ال يمسو

أرصفة مخصصة لحرؽ الجثث عمى ضفاؼ ] گيت نطاؽ الزمف، الحياة التي ال تفسد وال تتفسخ كالجثة التي تحمؿ إلى الػ .الگنگا[، فتحرؽ ويمقى بالبقايا في النير

عمى افتراض أف والديؾ –يتمؼ الذىف؟ ىؿ سبؽ لؾ أف تفكرت في األمر يوما؟ بما أنؾ في ريعاف الصبا واآلف، لماذاتراؾ تريد معرفة لماذا وجدت .فإف لديؾ ذىنا نضرا، متميفا، محبا لبلستفسار –والمجتمع والظروؼ لـ تصيرؾ بميدا سمفا

، لماذا تموت الطيور، لماذا تتساقط أو وما أكثر األشياء التي تريد معرفتيا! –راؽ الشجر، كيؼ تطير الطائرة النفاثة، النجـولكف ذلؾ الدافع الحيوي إلى االستقصاء، إلى االكتشاؼ، سرعاف ما يخمد، أليس كذلؾ؟ يخمده الخوؼ، عبء الموروث، –

سرعة تتحطـ ليفتؾ بكممة جارحة، عجزنا الشخصي عف مواجية ىذا الشيء الخارؽ الذي يسمى الحياة. ألـ تمحظ بأية ى سمفا والذىف يصير – بإيماءة استخفاؼ، بالخوؼ مف امتحاف، أو بتيديد مف أحد الوالديف؟ ما معناه أف الحساسية تنح

.بميدا

اعد؛ والتقميد سبب آخر مف أسباب الببلدة. فالتراث يجعمؾ تقمد، عبء الماضي يدفعؾ إلى االنصياع، إلى التقيد بالقو وعبر االنصياع، يشعر الذىف بالطمأنينة، باألماف، فيستقر في أخدود جيد التشحيـ بحيث يستطيع أف يجري جريانا سمسا مف

راقب الراشديف مف حولؾ، وسوؼ ترى أف أذىانيـ ال تريد أف يكدرىا شيء؛ إنيـ .غير إزعاج، مف غير أدنى رعشة شؾف يكف سبلـ الموت .. لكف السبلـ الحقيقي شيء مختمؼ كؿ االختبلؼيريدوف السبلـ، وا

ألـ تمحظوا أف الذىف، حيف يستقر في أخدود، في قالب جاىز، مدفوع دوما بالرغبة في األماف؟ لذلؾ فإنو يتبع مثاال، تب تاريخكـ عف قادة معمما روحيا[. إنو يريد أف يكوف مطمئنا، ال يكدره شيء، وليذا يقمد. عندما تقرؤوف في ك] گوروقدوة،

ال بمعنى أنو ال يوجد في العالـ أناس عظماء، لكننا –عظاـ، قديسيف، محاربيف، أال تجدوف أنفسكـ راغبيف في محاكاتيـ؟ نندفع بالغريزة إلى تقميد العظماء، فنحاوؿ أف نتمثؿ بيـ؛ وذلؾ عامؿ مف عوامؿ التمؼ ألف الذىف عندئذ يضع نفسو في

.قالب

ف المجتمع ال يريد أفرادا أيقاظا، متوقديف، ثورييف، ألف أمثاؿ ىؤالء لف ينصاعوا لمقالب االجتماعي وفوؽ ذلؾ، فإالموضوع، وقد يحطمونو. ولذلؾ فإف المجتمع يسعى في احتجاز ذىنؾ في قالبو، وتشجعؾ تربيتؾ المزعومة عمى التقميد،

.عمى االتباع، عمى االنصياع

كؼ عف التقميد؟ بعبارة أخرى، ىؿ بوسعو أف يكؼ عف تشكيؿ عادات؟ وىؿ بوسع الذىف، واآلف، ىؿ بوسع الذىف أف ي الواقع سمفا في شرؾ العادة، أف يتحرر مف العادة؟

الزمف بوصفو التكرار، بوصفو استمرارا لمماضي. –الذىف ىو نتاج العادة، أليس نتاجيا؟ إنو نتاج الموروث، نتاج الزمف أف يتوقؼ عف التفكير بمغة ما كاف، وبمغة ما سوؼ يكوف، الذي ىو حقا إسقاط لما كاف؟ – أنتنؾ ذى –فيؿ بوسع الذىف

ىؿ بوسع ذىنؾ أف يتحرر مف العادات ومف ابتكار عادات؟ لو تعمقت متبحرا في ىذه المشكمة ستجد أف بوسعو ذلؾ؛ ف يقع مرة أخرى في أخدود التقميد، يبقى عندئذ وعندما يتجدد الذىف مف غير أف يشكؿ أنماطا وعادات جديدة، مف غير أ

.نضرا، فتيا، بريئا، وبالتالي قادرا عمى فيـ النيائي

إف ذىنا كيذا ال يعرؼ الموت ألنو لـ تعد فيو سيرورة تراكـ. إف سيرورة التراكـ ىي التي تنشئ العادة، التقميد؛ والذىف ، كؿ دقيقة، الذي يراكـ ذىف يتمؼ، يموت. لكف ذىنا ال ذىنا كيذا ال يعرؼ الموت. إف –يراكـ، ال يمممـ، بؿ يموت كؿ يـو

.حالو حاؿ فضاء النيائي

ذف، فبل بد لمذىف مف أف يموت عف كؿ ما لممـ عف العادات كميا، عف الفضائؿ المزيفة، عف كؿ ما اتكؿ عميو –وا تفكيره. فالذىف، إذ يموت عف الماضي مف لحظة لمحظة، يصبح ليكفؿ لو شعوره باألماف. إذ ذاؾ ال يعود واقعا في شباؾ

.نضرا، وبالتالي ال يمكف لو أف يتمؼ أبدا أو أف يطمؽ موجة الظبلـ

كيؼ يمكف لنا وضع ما تقولو لنا موضع التطبيؽ؟ :سؤال

د فجوة بيف ما تعتقد وبيف تراؾ تسمع شيئا تظنو صحيحا، فتريد أف تطبقو عمى حياتؾ اليومية؛ وبذا توج :كريشنامورتيـ .ما تفعؿ، أال توجد؟ تعتقد شيئا، فتفعؿ شيئا آخر لكنؾ تريد تطبيؽ ما تعتقد، فتحصؿ ىذه الفجوة بيف العمؿ والفكر؛ ومف ث

.تسأؿ عف كيفية سد الفجوة، عف كيفية الربط بيف تفكيرؾ وعممؾ

أال تفعؿ؟ حيف تريد الذىاب لمعب بالكرة أو تفعؿ شيئا آخر ما واآلف، عندما تتحمس لفعؿ شيء ما، تراؾ تيب لفعمو، –ييمؾ حقا، تراؾ تجد السبؿ والوسائؿ لفعمو؛ إنؾ ال تسأؿ أبدا عف كيفية تطبيقو. إنما تفعمو ألنؾ متقد، ألف كيانؾ كمو

.يكوف فيو –ذىنا وقمبا

شيئا وتفعؿ شيئا آخر. تراؾ تقوؿ: "ىذه فكرة ممتازة، لكنؾ بخصوص ىذه القضية األخرى صرت ماكرا لمغاية، تعتقدما معناه أنؾ ال تريد أف –أوافؽ عمييا عقميا، لكنى ال أدري ما أفعؿ حياليا، فرجاء قؿ لي كيؼ أضعيا موضع الممارسة" مف ىذا القبيؿ، فتراؾ تقوؿ: تفعميا بتاتا. ما تريده حقا ىو تأجيؿ العمؿ، ألنؾ تستحب كونؾ حسودا بعض الشيء، أو شيئا

لكنؾ إذا كنت حقا ال تريد أف ."الناس غيري كميـ يحسدوف، فمـ ال أكوف مثميـ؟"، وتواصؿ حياتؾ كما في السابؽ وحسبتكوف حسودا وترى حقيقة الحسد مثمما ترى حقيقة كوبرا ]أفعى سامة[، إذ ذاؾ تكؼ عف الحسد وتنتيي منو، وال تسأؿ أبدا

.التحرر مف الحسدعف كيفية

ذف، فالميـ ىو رؤية ألف سؤالؾ معناه حقا أنؾ ال ترى حقيقتو. عندما –الشيء، وليس التساؤؿ عف كيفية تنفيذه حقيقةوا تصادؼ كوبرا عمى الطريؽ ال تسأؿ: "ماذا عمي أف أفعؿ؟" إنؾ تفيـ جيدا خطورة األفعى فتتفاداىا. لكنؾ لـ تفحص أبدا عف

د حقا، إذ لـ يكممؾ عنو أحد قط أو تعمؽ معؾ فيو. لقد قيؿ لؾ إنؾ يجب أال تكوف حاسدا، لكنؾ لـ كؿ مضاميف الحستمعف النظر في طبيعة الحسد، لـ ترصد أبدا كيؼ أف المجتمع وجميع األدياف المنظمة قائمة عميو، عمى الرغبة في أف

.و حقا، تراه يتبلشى عمى الفورتصير شخصا مرموقا. لكنؾ لحظة تتعمؽ في الحسد وترى حقيقت

سؤالؾ: "كيؼ لي أف أقـو بذلؾ؟" سؤاؿ أرعف، ألنؾ عندما تكوف ميتما حقا بشيء ال تعمـ كيؼ تقـو بو، تراؾ تعمؿ ذىنؾ فيو، وسرعاف ما تبدأ باالكتشاؼ. أما إذا تقاعست وقمت: "دلني، أرجوؾ، عمى طريقة عممية لمتخمص مف الطمع"،

ذا أعممت كيانؾ كمو في األمر، ستظؿ عمى طمعؾ. لكنؾ لو تحريت عف الطمع بذىف يقظ، مف دوف أي حكـ مسبؽ، وا رؾ، ال بحثؾ عف طريؽ لمتحرر –ستكتشؼ بنفسؾ حقيقة الطمع .والحقيقة ىي التي تحر

ؿ ما نتمنى؟لماذا ال تتحقؽ رغباتنا تحققا تاما أبدا؟ لماذا توجد دوما عقبات تمنعنا مف فعؿ ك :سؤال

لو كانت رغبتؾ في فعؿ شيء ما رغبة تامة، وأعممت فيو كيانؾ برمتو مف دوف أف تطمب نتيجة، مف :كريشنامورتيتوجد العقبة، التناقض، فقط حيف تكوف رغبتؾ ناقصة، .، إذ ذاؾ تنعدـ العقبات–أي دوف خوؼ –دوف أف تريد إشباعا

تخشى أف تفعمو، أو تريد مناصفة فعؿ شيء آخر. عدا عف ذلؾ، ىؿ مشتتة: تريد فعؿ الشيء، وفي الوقت نفسو .باستطاعتؾ يوما تحقيؽ رغباتؾ تحقيقا كامبل؟ ىؿ تفيـ؟ سوؼ أشرح

ال يريدؾ أف تكوف لديؾ رغبة تامة ألنؾ، لو كانت لديؾ مثؿ – وىو العبلقة الجماعية بيف اإلنساف واإلنساف –المجتمع فيذه ال –، كالطموح والحسد، "إزعاج، خطرا عمى المجتمع. إنما يسمح لؾ برغبات "محترمةىذه الرغبة، لغدوت مصدر

ضير منيا بتاتا! فؤلف المجتمع مؤلؼ مف بشر حاسديف، طموحيف، يصدقوف ويقمدوف، يقبؿ المجتمع الحسد والطموح اتؾ تتناسب مع النمط السائد فأنت مواطف والتصديؽ والتقميد، عمى الرغـ مف أف ىذه كميا تشي بالخوؼ. فمادامت رغب

ذف، فالمجتمع يتربص بؾ عمى "؛ لكف لحظة تكوف لديؾ رغبة تامة، ليست مف النمط السائد، تراؾ تصير خطرا. وا "محتـر .الدواـ ليمنعؾ مف أف تكوف لديؾ رغبة تامة، رغبة تكوف تعبيرا عف كمية وجودؾ، فتحدث عمبل ثوريا

مختمؼ كؿ االختبلؼ عف العمؿ الناتج عف الصيرورة. العمؿ النابع مف الوجود ىو مف الثورية الوجود العمؿ النابع مف" ألنو يتناسب مع النمط السائد. لكف أية بحيث إف المجتمع ينبذه وييتـ حصرا لمعمؿ الناتج عف الصيرورة، وىو عمؿ "محتـر

ال إشباع ليا. لذا فإنيا عاجبل أو –و شكؿ مف أشكاؿ الطموح وى –رغبة تعبر عف نفسيا في العمؿ الناتج عف الصيرورة .آجبل تخذؿ، تعرقؿ، تحبط، فننتفض عمى ىذا اإلحباط بطرؽ مؤذية

ىذه مسألة مف الميـ جدا أف تتعمؽ فييا ألنؾ، وأنت تتقدـ في العمر، ستجد أف رغباتؾ ال تشبع في الواقع أبدا. ففي في أف تصير رجبل –ف اإلحباط، وفي قمبؾ ال توجد أغنية بؿ صرخة. إف الرغبة في الصيرورة اإلشباع ثمة دوما ظؿ م

، ومثؿ "ال نياية ليا، وبالتالي ال إشباع؛ إف ما تطمبو أبدا ىو "األكثر –عظيما، قديسا عظيما، ىذا الشخص العظيـ أو ذاؾ، دما يتحرر المرء مف كؿ رغبة في الصيرورة، تستتب حالة وجود ىذه الرغبة مولدة دوما لمكرب، لمبؤس، لمحروب. ولكف عن

يكوف العمؿ النابع منيا مختمفا كؿ االختبلؼ. إنيا موجودة؛ والموجود ال زمف لو. إنو ال يفكر بمغة اإلشباع؛ فوجوده بالذات .ىو إشباعو

: رؤيتي أـ قوليـ؟أراني بميدا، لكف آخريف غيري يقولوف إني ذكي. فأييما يجب أف يؤثر في :سؤال

اآلف، أصغ إلى السؤاؿ في حرص شديد، في ىدوء تاـ، ال تحاوؿ أف تجد إجابة. إذا قمت لي إني رجؿ :كريشنامورتيذكي، بينما أعمـ في قرارة نفسي جيدا أنني بميد، ىؿ سيؤثر في ما تقوؿ؟ سيؤثر إذا كنت أحاوؿ أف أكوف ذكيا، ألف يؤثر؟

متأثرا بمبلحظتؾ. لكني إذا رأيت أف الشخص البميد ليس بوسعو أبدا أف يكؼ عف ببلدتو بمجرد عندئذ سأعجب بنفسي، محاولتو أف يكوف ذكيا، ماذا يحدث عند ذاؾ؟

قطعا، إذا كنت غبيا، وحاولت أ ف أكوف ذكيا، سأظؿ عمى غبائي، ألف محاولتؾ أف تكوف أو أف تصير شيئا ىي جزء لمشخص الغبي أف يكتسب زركشة النباىة، وقد ينجح في بضعة امتحانات، فيحصؿ عمى وظيفة، لكنو مف الغباء. قد يتفؽ

بذلؾ ال يكؼ عف أف يكوف غبيا. )تابعوا ىذا، أرجوكـ، فيو ليس بيانا عمى سبيؿ التيكـ.( لكف لحظة يعي المرء أنو بميد، .في تمؾ المحظة بالذات تكوف يقظة الذكاء –ئو ويفيمو غبي، وبدال مف أف يحاوؿ أف يكوف ذكيا يبدأ بالفحص عف غبا

دونؾ الطمع. ىؿ تعمـ ما ىو الطمع؟ إنو أكمؾ مف الطعاـ أكثر مف حاجتؾ، إرادتؾ أف تبز اآلخريف في األلعاب، إرادتؾ س عمى تكوف طماعا، فتتمر الالحصوؿ عمى مزيد مف األمبلؾ، كسيارة أفخـ مف سيارة غيرؾ. ثـ تقوؿ إنؾ يجب أف

وىو أمر سخيؼ حقا، ألف الطمع ال يمكف لو أف يتوقؼ بأف يحاوؿ أف يصير الطمعا. لكنؾ إذا بدأت تفيـ –البلطمع جميع منطويات الطمع، وبذلت ذىنؾ وقمبؾ إليجاد حقيقتو، فأنت عندئذ حر مف الطمع ومف نقيضو عمى حد سواء. إذ ذاؾ

.أف يكوف يجبوال تقمد ما ماىودى لػتكوف حقا إنسانا ذكيا، ألنؾ تتص

ذف، إذا كنت بميدا، ال تحاوؿ أف تكوف ذكيا أو نبييا، بؿ افيـ ما الذي يجعمؾ بميدا: التقميد، الخوؼ، محاكاة أحدىـ، وا ما تكوف ىذه كميا تجعؿ الذىف بميدا. أما عندما تكؼ عف التبعية، عندما تتخمص مف الخوؼ، عند –اتباع قدوة أو مثاؿ،

أفمست عندئذ ألمع البشر؟ لكنؾ إذا كنت بميدا، وحاولت أف تكوف نبييا، فستنضـ إلى –قادرا أف تفكر بنفسؾ تفكيرا واضحا، .صفوؼ أولئؾ المتبمديف في نباىتيـ

لماذا نتشاقى؟ :سؤال

لكنؾ حيف تغضب، .زى، ذا معنىإذا سألت نفسؾ ىذا السؤاؿ وأنت تتشاقى يكوف السؤاؿ عندئذ ذا مغ :كريشنامورتيعمى سبيؿ المثاؿ، تراؾ ال تسأؿ أبدا لماذا أنت غاضب، أـ أنؾ تفعؿ؟ إنؾ ال تسأؿ ىذا السؤاؿ إال الحقا وحسب. فبعد أف تغضب تقوؿ: "ما أغباني! ما كاف عمي أف أغضب." في حيف أنؾ، لو كنت واعيا، حاضر البديية لحظة الغضب، دوف أف

.عندما يطرأ الييجاف عمى ذىنؾ، سترى عندئذ بأية سرعة يتبلشى حاضرا بكميتؾت تدينو، لو كن

ألنيـ مفعموف طاقة وحيوية ونشاطا، وال بد ليذه مف أف تتفجر في –ويجب أف يتشاقوا –يتشاقى األطفاؿ في سف معينة التشاقي قد يكوف الطعاـ الخاطئ أو قمة النـو شكؿ ما أو آخر. ولكف ىذه المسألة، كما تروف، مسألة معقدة حقا، ألف سبب

أو الشعور بعدـ األماف وما إلى ذلؾ. فإذا لـ تفيـ جميع العوامؿ الداخمة في المسألة حؽ فيميا، إذ ذاؾ فإف الشقاوة مف .جانب األطفاؿ تصير تمردا ضمف المجتمع، ليس ليـ فيو مف متنفس

يـ أطفاؿ يفعموف أشياء مريعة مف شتى الصنوؼ؛ إنيـ في حاؿ تمرد ضمف ىؿ تعمموف مف ىـ األطفاؿ "الجانحوف"؟ إنسجف المجتمع ألنيـ لـ يساعدوا أبدا عمى فيـ مشكمة الوجود في كميتيا. ما أشد حيويتيـ، وبعضيـ خارؽ الذكاء، وتمردىـ

ب." لذلؾ فإف ىذه مسألة ىامة لمغاية ىو طريقة لمقوؿ: "ساعدونا عمى الفيـ، عمى اختراؽ ىذا اإلكراه، ىذا االنصياع الرىي .بنظر المربي، الذي تفوؽ حاجتو إلى التربية حاجة األطفاؿ إلييا

.تعودت شرب الشاي. يقوؿ أحد المدرسيف إنيا عادة سيئة، بينما يقوؿ مدرس آخر إنيا ال ضير منيا :سؤال

وأصغ –قد تكوف أقواليـ مف قبيؿ الحكـ المسبؽ ف –؟ نح مؤقتا ما يقولو غيرؾ مف الناس أنتماذا ترى :كريشنامورتيسواء كاف شرب الشاي أو التدخيف أو التنافس عمى األكؿ، إلى ما ىنالؾ. قد –لمسؤاؿ. ما رأيؾ في فتى "يتعود" شيئا سمفا؟

حدى قدميؾ في القبر؛ ال يكوف ىناؾ ضير مف الوقوع في شرؾ عادة فعؿ شيء وأنت في السبعيف مف عمرؾ أو الثمانيف، وا دؾ شيئا سمفا ىو أمر فظيع، أليس كذلؾ؟ تمؾ ىي المسألة الميمة، ال مسألة وجود أما وأنؾ في مستيؿ عمرؾ، فإف تعو

.ضير مف شربؾ الشاي أو ال

تراؾ حيف تتعود شيئا، يكوف ذىنؾ في طريقو سمفا إلى المقبرة. إذا فكرت كيندوسي أو كشيوعي أو ككاثوليكي أو تي، فإف ذىنؾ في طريقو سمفا إلى االنحطاط والتمؼ. أما إذا كاف ذىنؾ يقظا، مستفسرا ليكتشؼ لماذا أنت واقع في كپروتستن

شرؾ عادة معينة، لماذا تفكر بطريقة بعينيا، إذ ذاؾ فإف المسألة الثانوية حوؿ وجود ضير مف تدخينؾ أو شربؾ الشاي .تغدو يسيرة المعالجة

(، عمى االجتماع الدوري بأعضاء لجاف مؤسسة كريشنامورتي الدولية في زانف بسويسرا، وذلؾ 1986دأب ج. كريشنامورتي، في السنوات التي سبقت وفاتو ) .لتربية بعد أف يغيبليكمميـ ويناقش معيـ رؤيتو بخصوص صوف تعميمو وشروط نشره األميف وأفضؿ السبؿ الزدىار المدارس التي استميمتو في ا

ت مؤسسة سنعمد في الشيور المقبمة إلى نشر ترجمات لمقتطفات مف أحاديثو إلى المجاف الدولية وحواراتو مع أفرادىا، نقبل عف نصوص معدة لمقاءا .2000كريشنامورتي الدولية في بروكوود پارؾ، إنكمترا، في أيار

* * *

اؿ! ليت بعضكـ يصرؼ ىمتو إليو، فبل ييدأ لو باؿ حتى يجيب عنو. ىب ليتكـ تجيبوف عف ىذا السؤ :كريشنامورتيوىو أمر خارج –، ال في الشخص وحسب مقدسما ىي مسؤوليتي؟ لقد شعرت بشيء ، كأني أعمؿ في ىذا كمو، ومات

ترى؟ كيؼ تراني ، بؿ وبشيء شعرت بو شعورا عميقا لمغاية، في كبلمو، في حضوره. فماذا أنا فاعؿ يا–عف الموضوع سأحافظ عمى حرارة، عمى نار ذاؾ الشيء المقدس الذي شعرت بو، فأصونيا، أغذييا، حتى ال تخبو؟ وكذلؾ، ما ىي مسؤوليتي نحو باقي األفراد الذيف يعمموف في ىذا االتجاه، ومسؤوليتي الشخصية في حياتي اليومية؟ تمؾ ىي مقاربتي

.لممسألة برمتيا

ا ما يجري الكبلـ عميو، أـ أف األمر لـ يتعد التفسير المفظي والتحمس؟ ىؿ تخطيت مجرد األلفاظ؟ وما فعمي أحياأتراني ىي مسؤوليتي األولى حياؿ بقية األفراد الذيف يعمموف معا؟ ىؿ عندي روح، صفة التعاوف العميؽ الفعمية مع أي كاف؟ ىؿ

وؿ عف مسؤوليتي: ىؿ عندي يا ترى صمة حقيقية، ال مجرد صمة عندي حس بالتواصؿ معيـ؟ ذلؾ سيكوف استفساري األ مادية عبر الرسائؿ أو عبر ىذا النشاط أو ذاؾ، بؿ ىؿ عندي صمة حقيقية مع غيري ممف يتحركوف في االتجاه نفسو؟

لماذا عمينا أف نتصؼ بذلؾ؟ لماذا عمي أف أشعر بالمسؤولية؟ :سؤال

صحيح؟ ال أدري إف كنت قد فيمت ذلؾ. أشعر بأني مسؤوؿ .أشعر بأني العالـميبل. أنا مسؤوؿ ألنني :كريشنامورتيعف سائر العالـ؛ ميما حدث في العالـ فأنا مسؤوؿ، سواء كاف في بمفاست، في إنكمترا، أو كاف تيديد الحرب في الشرؽ

مسؤولية – مسؤوؿأشعر بأني األوسط، أو المجاعة في اليند، إلخ، إلخ. تراني كإنساف، ىو جزء مف سائر اإلنسانية،عميقة. إنيا ليست مجرد نتيجة لفظية، بؿ تراني أشعر بذلؾ شعورا قويا جدا. ولقد عممت معكـ جميعا، فأشعر بأني مسؤوؿ عنكـ جميعا. وتراني ال أريد لتمؾ المسؤولية أف تخبو، تذوي، تموت. أريد أف ألتقيكـ، أريد أف أتناقش معكـ. ذلؾ كؿ ما

.نيوأع

وما سييمني أيضا ىو إف كانت مجرد مجموعة صغيرة ىي التي تحمؿ اإلناء الذي تنمو فيو الزىرة؛ ربما كاف أفراد يحممونو في مجموعة صغيرة، لكني أريد أف أنثر البذور في العالـ بأسره. تمؾ ىي مسؤوليتي. ال ييمني مف يفيـ أو مف ال

سواء عمى قطعة أرض بور أو في تربة خصبة. تمؾ ىي مسؤوليتي، ذاؾ – رة حيثما تقعيفيـ، لكنيا مسؤوليتي أف أزرع البذ .ما سييمني إذا مات ؾ وكنت أعمؿ مثمكـ جميعا

ذف فإف جؿ اىتمامي وسييمني، كذلؾ، الحرص عمى الشيء الذي شعرت بأنو مافتئ مقدسا وعمى صوف حرمتو. وا دة كؿ احتراـ ألي شيء. صحيح؟ ال يزاؿ ىناؾ بعض احتراـ متبؽ في اليند؛ إنو سينصب عمى ىذا. إذ إف البشرية باتت فاق

ضحؿ بعض الشيء، لكف ال يزاؿ ىناؾ بعض االحتراـ. إنيـ يشعروف باحتراـ نحو الشخص الديف. قد ال يفعموف أي شيء

ا يقولو ال ييمؾ مادمت في حضرتو، ماداـ حياؿ األمر، فيكتفوا بتطويؽ رأسو بأطواؽ الزىور وال يفعموا شيئا حياؿ األمر؛ معندؾ ىذا الشعور باالحتراـ. ال يزاؿ ذلؾ موجودا نوعا ما في اليند. أما باقي العالـ، فبل يصح فيو قولي ىذا. ربما في

.الشرؽ ال يزاؿ موجودا بعض الشيء. أما في الغرب، فقد تبلشى، وال أحد يحتـر أحدا

راـ ىذه لذاؾ الشيء المقدس الذي شعرت بو، فأساعد عمى الحرص بأف يكوف عند فكيؼ لي أف أتصؼ بصفة االحتغيري مف الناس حس االحتراـ ىذا لما ىو مقدس؟ ال أدري إف كنت أحسف نقؿ ما أشعر بو. ذاؾ سيكوف كؿ ىمي عندما

يـ تمؾ التعاليـ. بطبيعة يموت ؾ. لف ينصب عظيـ اىتمامي عمى نفسي، عمى تقدمي، عمى سعادتي، ألف ذلؾ يتحقؽ بفالحاؿ، أنا أعمؿ عمى إذابة فوارقي كميا، خصوصيات مزاجي والحدود التي تميزني كميا. لكف بفعؿ الدراسة، بفعؿ االستماع

عددا مف السنيف، فتشربت حسا معينا بما ىو عظيـ ونبيؿ، إلى –ؾ –بالذات، تعممت الكثير ألني استمعت إلى ذلؾ الرجؿ لؾ. فيذا بات جزءا مني، بات في داخمي، كالجرثومة، كالبذرة النامية، المزىرة. فتراني أود أف ألتقي غيري مف الناس ما ىنا

وىذا ال يعني بأننا سوؼ نصير عصبة، مجموعة صغيرة تيتـ بذاؾ .الذيف يتصفوف بالحركة نفسيا وأتناقش وأكوف معيـى عرضيا ألنيا نفيسة لمغاية. فذاؾ تصرؼ شديد الضيؽ، شديد الزيؼ، فحسب، فتحتفظ بو لنفسيا كالجوىرة، ال تجرؤ عم

ذف، لو كانت عندي موىبة الكممة، موىبة الكتابة، أو أي موىبة أخرى، لعبرت عنو بقدر استطاعتي في شديد المحدودية. وا .الخارج، مف دوف أف أختمؽ كؿ التوافو عف عبادة الشخص والسمطة وسائر ما ىنالؾ مف سخافات

التي كانت حقا ، 14كما تروف، كنت منذ الطفولة في جمعية، لعمكـ تعرفونيا، ىي الجمعية الثيوصوفية. الدكتورة بيزانتإباف حياتيا شخصية عظيمة جدا، فكريا وكخطيبة مفوىة، جعمت الجمعية شيئا خارقا، حيويا، حيا، في العالـ بأسره. وعندما

بدد التدريجي. فكما في المنظمات كميا، عندما يغيب القائد يصير الشيء عقيما؛ قد يكوف حسف ماتت، انتيى األمر إلى التالتنظيـ، لكف الحياة تغادره. ال أقوؿ ىذا بخصوص رادىا بورنييو، الرئيسة الحالية لمجمعية الثيوصوفية، ألني أعرفيا حؽ

.المعرفة

ذف، أشعر بأف مؤسسة ؾ ىذه في مختمؼ أرجاء العا لـ يجب أال تختفي، أال تفقد حيويتيا. أعرؼ بأف مؤسسة ؾ مجرد وا لطباعة الكتب، لتنظيـ األحاديث؛ إنيا ليست شكبل –جميعنا يعرؼ ذلؾ، ولست مضطرا إلى الخوض فيو مجددا –تنظيـ

مدارس يجب جديدا مف الكنائس. لكني، عمى نحو ما، أشعر بأنو حيف يموت ؾ ىناؾ خاصية معينة في جميع ىذه ال .صونيا

1981تموز 17زانن،

14رية مناضمة في الحركة االشتراكية الفابية، ثـ تتممذت في الثيوصوفيا عمى السيدة ببلڤاتسكيا. آلت (. بدأت حياتيا الفك1933-1847ىي آني بيزانت )

شمؿ عمميا في اليند مجاالت التربية واإلصبلح االجتماعي والسياسي. ىي .وظمت عمى رأسيا حتى وفاتيا 1907إلييا رئاسة الجمعية الثيوصوفية في العاـ تي وعاء لتجسد "المعمـ العالمي"، فأقامت نفسيا وصية عميو وعمى تربيتو الروحية وتعميمو، وكانت لو بمثابة األـ. لكنو في العاـ التي أعمنت الفتى كريشنامور

تقو عمى عا، في أعقاب تحولو الروحي الحاسـ، حؿ "أخوية النجمة" المعدة الستقباؿ المعمـ، واستقاؿ مف الجمعية الثيوصوفية، وأخذ تعميمو المستقؿ 1929 لذكراىا.ومسؤوليتو، معمنا أف الحقيقة ال يحتوييا أي معتقد وال تقبؿ تنظيما مف أي نوع. يجمع مؤرخو سيرتو أنو ظؿ عمى محبتو ليا واحترامو

نح الكتاب، الوصؼ، التقميد، المرجعية، " ج. كريشنامورتي". وامض في سبيمؾ مكتشفا بمفردؾ

تقديم

.في أوىي، كاليفورنيا 1986فبراير/شباط 17وتوفي في 1895مايو/أيار 12ولد جدو كريشنامورتي في قرية صغيرة مف جنوب اليند في

الروحية" التي طوقتو، منطمقا في ميمة، "، تخمى كريشنامورتي عف الدور الذي أنيط بو بوصفو "المعمـ العالمي" المنتظر، مفككا التنظيمات 1929في العاـ ، بما فييا القيود واإلشراطات التي يفرضيا الديف المنظـ، ومف نذر ليا حياتو كميا، لػ"تحرير اإلنساف تحريرا مطمقا غير مشروط" مف القيود واإلشراطات كافة

سنة، ممقيا العديد مف األحاديث والمطارحات العامة ومجريا لقاءات وحوارات خاصة مع 65االتكاؿ عمى المرجعيات الدينية والروحية المختمفة، فجاب العالـ طواؿ ت، مصرا دائما أنو فقط "مف خبلؿ تغيير كامؿ في قموب األفراد وعقوليـ يمكف لتغير في المجتمع ولمسبلـ آالؼ الناس مف جميع األعمار والخمفيات واالختصاصا

.في العالـ أف يحدث". وقد ظؿ عمى ىذا حتى قبيؿ وفاتو بأسابيع قميمة

نصرافا كميا إلى رصد دائـ آلليات الذىف البشري في لـ يعتنؽ كريشنامورتي أي مذىب، كما لـ يبشر بأية عقيدة، بؿ صاغ تعميمو الفريد وحده، منصرفا الغة. والقضايا الدائمة 50كتابا وفي آالؼ التسجيبلت الصوتية والمرئية وترجمت إلى حوالى 80كتابات ومحاضرات ومحاورات ويوميات جمعت في أكثر مف

باإلدراؾ التاـ لمعممية الذىنية، بوأتو مكانة خاصة بوصفو واحدا مف أكثر متكممي القرف التي تصدى ليا، والتي تتناوؿ أصؿ المشكبلت البشرية والتحرر النفسي مع أنفسيـ وأشباىيـ ومع العشريف وكتابو تشكيكا في الفكر المستكيف إلى يقينياتو: إذ إف كريشنامورتي كاف يريد تحرير البشر نفسيا لكي يكونوا عمى تناغـ

ية. ـ أف اإلنساف ىو صانع البيئة التي يعيش فييا وأف إيقاؼ كابوس العنؼ المستمر منذ آالؼ السنيف ال يتـ إال بتحوؿ جذري في النفس البشر الطبيعة. وقد عم يقـو بالعمؿ بمفرده، الحقيقة أرض ببل دروب": عمى كؿ واحد أف"وقد اكتفى بإعطاء إشارات حوؿ "فف" القياـ بيذا التحوؿ؛ إذ ما مف طريؽ وال منيج لبموغو ألف

.دوف المجوء إلى أي معمـ أو مرجعية مف أي صنؼ كانت؛ فالحياة بأسرىا ىي المعمـ

ذىبية واالجتماعية إلخ ليذه األسباب مجتمعة، كانت التربية واحدة مف اىتماماتو الرئيسية: إذا استطاع الطفؿ أف يتعمـ رؤية اإلشراطات القومية والدينية والميتصؼ بذكاء رفيع يا، والتي تقوده حتما إلى النزاع، فإنو يقدر عندئذ أف يعي أنو العالـ وأف العالـ فيو؛ ولعمو يستطيع بذلؾ أف يصبح كائنا بشرياالتي ينشأ عمي

.يميمو السموؾ السميـ آنا بآف. فاألحكاـ المسبقة وسائر المعتقدات تحوؿ بيف الذىف وبيف لمس الحقيقة والحرية والمحبة

طورا وتكاثرا في أسمحة د القرف الذي عاش فيو كريشنامورتي حربيف عالميتيف، عنفا قوميا وطائفيا وسياسيا مستمرا، مجازر جماعية لـ يسبؽ ليا مثيؿ، تشيث كميا زرعت الخوؼ في قموب البشر واليأس الدمار الشامؿ، باإلضافة إلى التضخـ السكاني وانييار البيئة الطبيعية وتفتت المؤسسات االجتماعية. وىذه الكوار

و إلى أف يولوا انتباىيـ مف قدرة اإلنساف عمى حؿ مشكبلتو. لذا خص كريشنامورتي ىذه األزمة العالمية باىتماـ كبير في أحاديثو كميا، داعيا المستمعيف إلي .الجدي لمبنى واالستعدادات النفسية التي تولد العنؼ واأللـ في حياتيـ

لـ يجز ألحد بعينو أف أصر كريشنامورتي طواؿ عمره عمى أنو ال يريد أتباعا؛ ولذلؾ لـ يؤسس أية منظمة ولـ يحط نفسو بجماعة مف األتباع أو المريديف، و ة ىذه أف يحافظوا، بع د موتو، عمى سجؿ أميف ألحاديثو وكتاباتو يخمفو أو يفسر تعاليمو أو يشرحيا، بؿ اكتفى بأف يطمب مف الذيف يشاركونو اىتماماتو الممح

.لؤلجياؿ القادمة، بما يجعميا متوفرة لمجميور عمى أوسع نطاؽ

ـ األمـ المتحدة لمسبلـ لمعاـ ، لكنو اعتذر عف قبولو 1984بعد إلقاء الخطاب التالي مف عمى منبر األمـ المتحدة، كاف مف المقرر تقميد كريشنامورتي وسا .اليمو التي لـ يراع فييا التشريفات الدنيوية مف أي نوعانسجاما مع تع

* * *

.مطموب مني أف أتكمـ عمى السبلـ العالمي فيما يتعدى الذكرى األربعيف لميبلد األمـ المتحدة :كريشنامورتي

ير، أو مدة عمى ىذه األرض طواؿ ما يزيد عف الخمسيف ألؼ عاـ، وربما مدة أطوؿ بكث –اإلنساف –عاش النوع البشري باف ىذا التطور الطويؿ كمو، لـ يجد اإلنساف "السبلـ عمى األرض ظؿ يبشر بو، قبؿ 15 السبلـ في األرض :"أقؿ. وا

باف ىذا الزمف كمو، ما انفؾ اإلنساف يعيش في نزاع، ال في نزاع مع المسيحية بوقت طويؿ، قدماء اليندوس والبوذيوف. وا و، مع مجتمعو ىو، مع أسرتو؛ مافتئ يقاتؿ، يصارع ضد اإلنساف، طواؿ الخمسة آالؼ سنة جيرانو وحسب، بؿ ومع قومو ى

األخيرة، وربما أكثر. تاريخيا، ظمت الحروب تنشب عمميا كؿ عاـ. ونحف ال نزاؿ في حالة حرب. أعتقد أف ىناؾ أربعيف تكمموا عمى "السبلـ –الجماعات األخرى أيضا ليس الكاثوليؾ وحسب، بؿ –حربا مندلعة في الوقت الحالي. ورجاؿ الديف

لـ ننعـ بالسبلـ عمى األرض. تكمموا فقط عمى السبلـ عند –في األرض" وعمى النية الطيبة بيف البشر؛ لكنو لـ يحؿ قط !الموت، حيث يذىب المرء إلى الجنة وينعـ بالسبلـ ىناؾ

باسـ اهلل، باسـ السبلـ، باسـ –ذا يقتؿ إنساف إنسانا آخر والمرء يتساءؿ، إذا كاف عمى شيء مف الجدية أصبل، لماإيديولوجيا ما، أو في سبيؿ "وطنو"، ميما يكف معنى ىذه الكممة، أو مف أجؿ الممؾ أو الممكة، إلى آخر ما ىنالؾ مف

مافتئت تدمر تدميرا مساخر. لعمنا جميعا نعرؼ ىذا الواقع: واقع أف اإلنساف لـ يعش قط في سبلـ عمى ىذه األرض، التيوىي في –لماذا توجد أمـ منفصمة [بطيئا، ولماذا ال يستطيع اإلنساف أف يحيا في سبلـ مع كائف إنساني آخر. و]نعرؼ

مة. واألدياف، سواء المسيحية أو اليندوسية أو البوذية، ىي األخرى يحارب بعضيا بعضا األمـ .النياية عصبية قبمية مضخماعات تتحارب، اإليديولوجيات جميعا، سواء كانت الروسية أو األمريكية أو أية فئة أخرى مف اإليديولوجيات، تتحارب، الج

في حرب، في نزاع، بعضيا مع بعض. وبعد العيش عمى ىذه األرض طواؿ ىذه القروف العديدة، ما الذي يحوؿ دوف ا السؤاؿ يطرح مرارا وتكرارا. تـ إنشاء منظمة كيذه ]األمـ اإلنساف والحياة في سبلـ عمى ىذه األرض البديعة؟ ما انفؾ ىذ

المتحدة[ حوؿ ىذه الفكرة. فما ىو مستقبؿ ىذه المنظمة بالذات؟ بعد السنة األربعيف ]عمى نشوئيا[، ما الذي يخبئو المستقبؿ؟

المستقبؿ ىو اآلف، ألف :رالزمف عامؿ غريب في الحياة. الزمف ىاـ جدا بنظرنا جميعا. والمستقبؿ ىو ما ىو حاضال تزاؿ دورة الزمف، مسار الزمف، ىو ىو. واآلف، .الحاضر، الذي ىو الماضي أيضا، معدال نفسو اآلف، يصير المستقبؿ

، في الوقت الحاضر، إذا لـ يحصؿ أي تغيير جذري، طفرة اآلفليس فيما يتعدى األربعيف سنة مف عمر ىذه المنظمة، بؿ وف المستقبؿ عمى ما ىو الحاضر اآلف. ذلؾ مبرىف عميو تاريخيا، وبوسعنا أف نبرىف عميو في حياتنا أساسية ما، سيك

.اليومية

وأعتذر عف مجمسي المرتفع –إذف فالسؤاؿ في الواقع ىو: ىؿ الكائنات البشرية، أنتـ ونحف، الجالسوف عمى المنصة، في نزاع دائـ، لف يكوف سبلـ عمى ىذه –بضع، أو الرجؿ مع المرأة بعضنا مع –كائنات إنسانية حقا؟ فمادمنا –ىنا،

الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تتكمـ عمى "السبلـ في األرض"، لكنيـ كانوا .األرض. قد يتكمـ المرء عميو إلى ما ال نيايةلفظائع التي أساؤوا بيا إلى أيضا مسئوليف عف حروب مروعة في الماضي: مئة عاـ مف الحرب والتعذيب وسائر ألواف ا

اإلنساف. ىذه كميا حقائؽ، وقائع، وليست مف بنات أفكار المتكمـ. واألدياف، بما فييا اإلسبلـ واليندوس والبوذيوف إلى .آخرىا، شف كؿ منيا نوعو الخاص مف الحرب. وىكذا فإف المستقبؿ فيما يتعدى الذكرى األربعيف ىو ما يجري اآلف

15لمناس السبلـ في األرض، وإشارة إلى تسبيح المبلئكة مبشريف الرعاة بميبلد المسيح: "المجد هلل في العمى :pacem in terrisبالبلتينية في الخطاب

(؛ وقد تسمت إحدى الجمعيات المنبثقة عف األمـ المتحدة بيذه العبارة.14: 2أىؿ رضاه" )إنجيؿ لوقا

ما إذا كاف الناس يدركوف ذلؾ. الحاضر ليس الماضي وحسب، بؿ ىو ينطوي عمى المستقبؿ أيضا: يتساءؿ المرء عالماضي معدال نفسو عمى الدواـ عبر الحاضر ومسقطا المستقبؿ. إذا لـ نكؼ عف الخصومات والنزاعات والخبلؼ والكراىية

.لغد ألؼ سنة، لكنو مع ذلؾ سيظؿ الغدفسيظؿ األمر عمى حالو غدا. بوسعؾ أف تمدد ذلؾ ا اآلف

عما إذا كنا نستطيع أف نحيا في –أفرادا أو طوائؼ، أو في أسرة، –لذا يجب عمينا أف نتساءؿ عما إذا كنا، كبشر، سبلـ بعضنا مع بعض؟ المنظمات لـ تحؿ ىذه المشكمة. بوسعؾ أف تعيد التنظيـ، لكف الحرب تظؿ مستمرة. المنظمات،

المنظمات العالمية أو أي صنؼ خاص مف المنظمات اليادفة إلى إحبلؿ السبلـ، مثؿ ىذه المنظمات لف تفمح إذف، سواء –أبدا ألف البشر، فرديا، جماعيا، قوميا، مافتئوا في نزاع. األمـ القوية، مثؿ أمريكا أو روسيا، في حرب بعضيا عمى بعض

يديولوجيا وفعميا ف –اقتصاديا وا لـ يصؿ األمر إلى سفؾ الدماء. إذف فالسبلـ ال يمكف لو قطعا أف يوجد عمى ىذه األرض وا القوميات تمنح شيئا مف األماف: اإلنساف في حاجة إلى األماف، .عصبية قبمية معظمةبوجود قوميات، وىي، كما قمنا،

ديولوجيات، إلى ما ىنالؾ، جزأت اإلنساف. فيستثمر في القومية، أو في إيديولوجيا أو معتقد معيف. المعتقدات، اإليوالمنظمات ال يمكف ليا قطعا أف تحؿ السبلـ بيف اإلنساف واإلنساف ألنو يؤمف بشيء معيف، يؤمف بإيديولوجيات معينة،

.يؤمف باهلل، فيما غيره ال يؤمف

تصير متعصبة، –كالقرآف أو الكتاب المقدس – أتساءؿ إذا كاف المرء قد انتبو يوما إلى أف األدياف القائمة عمى كتابضيقة، وأصولية جدا. وأدياف مثؿ الديف اليندوسي والبوذي لدييا عدد ال يحصى مف الكتب، تعتبر جميعا مقدسة، حقيقية،

الدائر بيف ىؤالء نازلة رأسا مف فـ اهلل! إنيا ليست بيذا القدر مف التعصب، إنيا متسامحة، تستوعب. إذف، ىناؾ ىذا النزاعالذيف يتكئوف في إيمانيـ عمى الكتب وبيف أولئؾ الذيف ال يتكئوف في إيمانيـ عمى أي كتاب؛ ونزاع، إذف، بيف أىؿ الكتاب

.وبيف الذيف يقبموف كتبا عديدة. أتساءؿ عما إذا كاف المرء عمى وعي بيذا كمو

–أنتـ وأنا وأولئؾ المنخرطوف في منظمات –، إف كنا ونحف نتساءؿ في عمؽ، إذا كنتـ عمى شيء مف الجدية أصبل ، وليس مجرد التظاىر ضد شكؿ معيف مف الفطنةنستطيع أف نحيا في سبلـ بعضنا مع بعض؟ السبلـ يتطمب قدرا كبيرا مف

يف مف أشكاؿ الحرب، ضد قنبمة نووية أو ذرية، إلى ما ىنالؾ. تمؾ نواتج أذىاف وأدمغة متحصنة بالقومية، بشكؿ مع]تزود[ –الدوؿ القوية، سواء روسيا أو أمريكا أو إنكمترا أو فرنسا –االعتقاد أو اإليديولوجيا؛ وبذا فإنيا تزود باألسمحة

!باألسمحة بقية دوؿ العالـ، وىي كذلؾ تتكمـ عمى السبلـ، فيما ىي تزود باألسمحة

صفة –والرعاية والمحبة. أظننا فقدنا تمؾ الخاصية إنو لعالـ شاسع صفيؽ، والصفاقة ال يمكف ليا أف تطيؽ العطؼفيي يمكف تحميميا في سيولة بالغة. ليس بمقدوركـ تحميؿ المحبة؛ فالمحبة ال تقع ضمف –ال تحمموا ماىية الرحمة .الرحمة

د السبلـ والمحبة نطاؽ الدماغ، ألف الدماغ ىو أداة اإلحساس، ىو مركز سائر ردود األفعاؿ واألفعاؿ، ونحف نحاوؿ أف نجوعمى المعرفة –وىي محدودة – الفكر ليس المحبة ألف الفكر قائـ عمى التجربةضمف ىذا النطاؽ المحدود. وىذا يعني أف

وىي دوما محدودة، سواء اآلف أو في المستقبؿ. المعرفة، إذف، محدودة دوما. وبالحصوؿ عمى المعرفة، المحتواة في –فكر مف تمؾ الذاكرة. وىذا يمكف لممرء رصده في بساطة وسيولة بالغتيف إذا فحص عف نفسو، إذا نظر الدماغ كذاكرة، ينبع ال

.ليس المرء مضطرا إلى قراءة أي كتاب أو إلى أف يصير اختصاصيا لكي يفيـ .في نشاط فكره وتجربتو ومعرفتو

ف نحؿ مشكبلتنا كميا، التكنولوجية والدينية ونحف نحاوؿ أ .الفكر، إذف، محدود دوما، سواء اآلف أو في المستقبؿوالشخصية جميعا، عبر نشاط الفكر. الفكر ليس المحبة جزما؛ فالمحبة ليست اإلحساس أو المذة، وىي ليست نتاجا لمرغبة؛

ميو أف إنيا شيء مختمؼ كؿ االختبلؼ. فحتى يجد المرء تمؾ المحبة، التي ىي الرحمة، والتي تتصؼ بفطنتيا الخاصة، ع .ليس مف خبلؿ التحميؿ، بؿ بفيـ مآسينا نحف، ممذاتنا نحف، معتقداتنا نحف –يفيـ نفسو، أف يفيـ ما نحف

أينما ذىبتـ في العالـ قاطبة، كما تعمموف، تجدوف البشرية، البشر، يتألموف، ألسباب متنوعة: قد تكوف تافية، أو تعود ي األلـ أو األسى. وكؿ إنساف عمى ىذه األرض يكابد ىذا، بدرجة صغرى أو إلى حادثة ماضية عميقة جدا جدا تسببت ف

نتيجة حادثة ىائمة، كالموت. األسى قاسـ مشترؾ بيف البشر أجمعيف؛ إنو ليس أساؾ أو أساي، بؿ ىو أسى البشرية، جزع لسنا كائنات بشرية منفصمة. قد تكوف البشرية، وجعيا، عزلتيا، يأسيا، عدوانيتيا. إذف، أنتـ ونحف بقية البشرية؛ نفسانيا،

امرأة أو رجبل، قد تكوف طويبل أو أسمر أو قصيرا، إلى ما ىنالؾ؛ لكننا داخميا، نفسانيا )وىو األىـ بكثير(، نحف بقية نسانا آخر، فأنت مدمر نفسؾ ال محالة. تستطيع أف ترصد البشرية. أنت بقية البشرية: فإذا قتمت إنسانا آخر، إذا تنازعت وا

.ىذا في دقة شديدة جدا إذا نظرت إلى نفسؾ مف دوف مواربة

إذف، ال يمكف أف يحؿ سبلـ إال حيف البشرية، حيف أنت وأنا، يزوؿ كؿ نزاع مف أنفسنا. رب قائؿ يقوؿ: "حيف يحقؽ سؤاؿ قديـ جدا جدا. لقد طرح قبؿ المسيح المرء، أو يضع حدا لكؿ نزاع في نفسو، كيؼ سيؤثر ىذا في بقية البشرية؟" ىذا

وعمينا أف نسأؿ إف كاف مف الممكف لؤلسى واأللـ والجزع إلى ما ىنالؾ أف تنتيي فينا .بآالؼ مف السنيف –إف وجد أصبل –طيف شعرؾ، أو أنت، يوما؟ إذا انكب المرء فاحصا، راصدا، في انتباه عظيـ، كما تنظريف أنت في انتباه شديد، حيف تمش

المرآة ىي عبلقتؾ بيف بتبلوينيا ودقائقيا كميا. و –حيف تحمؽ ذقنؾ، بخاصية االنتباه تمؾ، محتدة، تستطيع أف ترصد نفسؾ لكف غالبيتنا ترتعب مف رؤية ما نحف؛ وبيذا ننمي فينا .كما أنت بالضبطفي تمؾ المرآة تستطيع أف ترى نفسؾ :البشر

ال حرية أف تفعؿ ما –ة واإلحساس بالذنب وسائر المساخر األخرى. وبذلؾ ال نطمب أبدا الحرية الكاممة بالتدريج المقاوم .فحيثما توجد خيارات متعددة توجد التباسات عديدة .التحرر مف االختياريحمو لؾ، بؿ

ؾ فيما عميقا لمغاية، ليس وىو فيـ نفس –فيؿ بمقدورنا أف نحيا السبلـ عمى ىذه األرض في تفيـ كبير لئلنسانية؟ بحسب عالـ نفس أو محمؿ ما )فيؤالء أيضا يحتاجوف إلى تحميؿ!(. إذف، نحف نستطيع، مف دوف المجوء إلى المينييف، بوصفنا أناسا عادييف بسطاء، نستطيع أف نرصد أمزجتنا الخاصة، ميولنا. ىؿ في إمكاف دماغنا )والمتكمـ ليس اختصاصيا

ودماغنا مافتئ مشروطا عمى الحرب، عمى الكره، عمى النزاع؛ إنو مشروط خبلؿ ىذه الفترة الطويمة مف –مخ( في مادة الىؿ في إمكاف ذلؾ المخ بخبلياه، التي تختزف الذاكرات كميا، أف يتحرر مف إشراطو بالذات. مف السيؿ جدا، كـ –التطور

االتجاه شماال أياـ حياتؾ كميا، مثمما أف البشرية طاؿ بيا المضي في تعمموف، الجواب عف مثؿ ىذا السؤاؿ. إذا طاؿ بؾ ثـ قاؿ: –وىو جاد، وربما كنت أنت جادا –اتجاه معيف، وىو نزاع، وأتاؾ أحدىـ وقاؿ: "ىذا ال يقود إال إلى طريؽ مسدود"

تحدث طفرة في خبليا المخ عف تمؾ الجية ، حيف تتحوؿ فعبل ""امض جنوبا أو امض شرقا أو إلى أية جية أخرى غير ىذه .، وليس بعد أربعيف سنة أو مئةاآلفوذلؾ القالب يجب أف يكسر .نفسيا ألنؾ تكوف بذلؾ قد كسرت القالب

فيؿ يمكف لمبشر أف يتصفوا بالحيوية والطاقة عمى تحويؿ أنفسيـ إلى كائنات إنسانية متحضرة، فبل يقتتموف؟

أسئمة؟ىؿ لنا أف نطرح :الرئيس

!أجؿ، سيدي، اسألوا ما بدا لكـ. يسرني ذلؾ :ك

الوقت متاح لنا لطرح بعض األسئمة، والسيد كريشنامورتي تمطؼ بالموافقة عمى اإلجابة عف أية أسئمة :الرئيس .تطرحونيا. حيف تطرح سؤاال الرجاء أف ترفع يدؾ لكي يتـ توصيؿ الصوت. شكرا

أشعر أني متصؿ بو. ىؿ أنا مسموع؟ ال أظف ذلؾ. أشعر روحيإلى تعبير أنا أسأؿ سؤاال يخص حاجتي :سؤالبإحساس بانعداـ الصمة ما انفؾ يصمني. أتشوؽ إلى اتصاؿ روحي، مع نفسي ومع غيري مف الناس في ىذه المجموعة،

حدة، بدال مف التعبير ييبنا إحساسا بالتسامي. ىذا ما أتشوؽ إلى اختباره في ىذه المحاضرة: إحساسا روحيا أرقى بالو .الفكري

بادئ ذي بدء، ال أفيـ كممة "روحي". ىؿ األمر عاطفي، رومانسي، إيديولوجي، أو شيء ما مبيـ في الجو، أـ ىو :ك، لستـ منفصميف عف العالـ. نحف أوجدنا أنتـ العالـ، في أنفسنا وفي العالـ جميعا؟ ذلؾ أنكـ اآلفمواجية الواقع، ما يجري

–ما يسمى الخبرات الدينية والروحية –تمع، وبالتالي، نحف ذلؾ المجتمع. وميما تكف الخبرات التي تحصؿ لممرء ىذا المج –عميو أف يشكؾ في تمؾ الخبرات بالذات؛ عمى المرء أف يتحرى، أف يكوف شكاكا. أتساءؿ إف كنتـ تدركوف أف كممة "شكية"

في العالـ المسيحي، بينما ىي في البوذية واليندوسية واحدة مف األمور الجوىرية: ال تمقى تأييدا –التحري، االستقصاء عميؾ أف تشكؾ في كؿ شيء، حتى تكتشؼ تمؾ الحقيقة أو تقع عمييا؛ وىي ليست حقيقتؾ أو حقيقة أي آخر كاف، بؿ

.الحقيقة

عمى المرء أف ينظر إلى العالـ .نسانية الكميةوىذا االستقصاء ليس "فكريا". فالفكر ليس إال جزءا وحسب مف البنية اإللى نفسو ككائف كبلني والحقيقة ليست شيئا قيد االختبار. إذا سمحت لي أف أنوه، مف ىو المختبر في معزؿ عف الخبرة؟ .وا

؛ المفكر الختبارالمختبر ىو األيس المختبر جزءا مف االختبار؟ لوال ذلؾ لما استطاع أف يعرؼ أية خبرة حصمت لو. إذف، وحيثما وجد فرؽ، فصؿ، ىناؾ يتسمؿ النزاع. ومع إنياء .ىو الفكرة؛ الراصد، بمعناه النفساني، ىو المرصود. ال فرؽ ثمة

ذ ذاؾ فقط يمكف لمحقيقة أف تنوجد. وىذا كمو ليس "فكريا"، كرمى هلل! ىذا شيء يحياه المرء، ويكتشفو – حريةالنزاع ثمة .وا

يمعب دورا في ذلؾ اإليمافشددت كثيرا عمى االستقصاء والتشكيؾ. أتساءؿ إف كنت تستطيع أف تخبرني إف كاف :سؤال .أيضا

ما ىو اإليماف؟ بماذا تؤمف؟ يؤمف أحدىـ بتجربة ما، فيما يؤمف آخر بمعتقد ما، أو برمز، إلى ما ىنالؾ. لماذا يؤمف :كوؼ، مف جراء عدـ اليقيف، مف جراء إحساس بعدـ األماف؟ حيف تؤمف، كيندوسي اإلنساف أصبل؟ ىؿ يؤمف مف جراء الخ

مثبل، برمز مف الرموز، وتتمسؾ بذلؾ اإليماف، أو بذلؾ الرمز، إذ ذاؾ تكوف في حرب مع بقية العالـ. أما االستقصاء في .لفيـ ما ىو أبديال بد مف الوضوح رفؽ، في تؤدة، التحري، التساؤؿ، فمنو عندئذ ينبثؽ الوضوح. و

في الختاـ قمت إننا في حاجة إلى كسر قالب النزاع بيف البشر. وسؤالي لؾ ىو: ىؿ ترى ذلؾ كشيء أشبو :سؤالبالسياؽ التطوري سيحصؿ ال محالة؟ أـ تراه كشيء عمينا جميعا أف نكد كدا شديدا في سبيؿ تحقيقو؟ وثمة عبارة تجري عمى

ألف األمر، بمعنى ما، إما سوؼ – وقات الظبلـ تبدأ العيف ترى". ولماذا تراني أطرح عميؾ ىذا؟مثؿ ىذا النحو: "في أما لف يحصؿ. ولكف كيؼ تراه سيحصؿ في نظرؾ؟ يحصؿ، وا

.ال أفيـ سؤالؾ تماما، سيدي :ك

كي يحؿ سبلـ في طيب. أنت تتحدث عف كسر القالب: لئلنساف قالب، لممخ قالب، وعمى ىذا القالب أف يكسر ل :س .العالـ

.جزما :ك

فيؿ ترى كسر ذلؾ القالب كحركة فاعمة أـ كتقدـ طبيعي في تطور اإلنساف؟ :س

أترانا، سيدي، تطورنا أصبل؟ :ك

.أظننا نتطور تطورا متواصبل :س

التطور –التطور التقني التطور النفساني، إذ نحف ال نتكمـ عف التطور البيولوجي أو –إذف، فأنت تقبؿ التطور :كبعد مميوف سنة، بعد خمسيف ألؼ سنة، ىؿ تغيرنا تغيرا عميقا؟ ألسنا بدائييف جدا، ىمجييف؟ إذف، فأنا أساؿ إف .النفساني

كنت ستدقؽ في إمكانية وجود تطور نفساني أصبل. أنا أشكؾ في ذلؾ. شخصيا، في نظر المتكمـ، ال وجود لتطور نفساني: ذا ىناؾ فقط إنياء األسى، األلـ، الجزع، العزلة، اليأس، إلى آخر ما ىنالؾ. لقد تعايش اإلنساف وذلؾ طواؿ مميوف سنة. وا

إذا اتكمنا عمى التطور، إذ ذاؾ فإف ألؼ سنة أو أكثر سوؼ –فالزمف والفكر متواكباف –اتكمنا عمى الزمف، وىو الفكر، !تمضي، وسنبقى عمى ما نحف عميو مف ىمجية

سؤالي ىو: ماذا يجب أف يحصؿ حتى يمكف لمتطور النفساني، كما يفيمو المتكمـ، أف يبدأ؟ :ؤالس

.ماذا عف التطور النفساني؟ ال أفيـ السؤاؿ تماما :ك

قمت إنؾ ال تعتقد بأف تطورا نفسانيا قد حصؿ. سؤالي ىو: ماذا يمكف أف يحصؿ حتى يكوف، حتى يمكف لتطور :س نفساني أف يحصؿ؟

سيدتي، أخشى أال نكوف قد فيمنا واحدنا اآلخر. لقد عشنا عمى ىذه األرض، كما نعمـ مف التاريخ، كما ومف التحري :كباف فترة التطور الطويمة تمؾ، ظممنا، نفسانيا، –القديـ، عشنا عمى ىذه األرض مدة خمسيف ألؼ سنة أو أكثر أو أقؿ. وا

نكره بعضنا بعضا، نقتؿ بعضنا بعضا. والزمف، بما ىو التطور، لف يحؿ تمؾ –د أو ذاؾ داخميا، ذاتيا، ىمجييف إلى ىذا الحىؿ يمكف لتمؾ الحركة النفسانية أف تتوقؼ –المشكمة. فيؿ مف الممكف، كما نسأؿ، لكؿ كائف إنساني، بما ىو بقية العالـ،

حتى نرى شيئا جديدا؟

ة مختمفة: ماذا يجب عمينا أف نفعؿ حتى نفعؿ ىذه المقاومة حياؿ التطور؟ أردت أف أسألؾ السؤاؿ نفسو في عبار :سؤالأود أف أقوؿ شيئا واحدا آخر. كاف الدكتور ]ديڤيد[ بوىـ حاضرا ىنا في الشير الماضي، وقاؿ الشيء نفسو الذي تقولو أنت

إمكاننا أف نفعمو حاال لكي نفعؿ ىذا؟في عبارة أخرى؛ إنو عالـ، وقد شرح المشكمة نفسيا. أتساءؿ عما تظف أف في

ا :ك –نفسانيا وخارجيا في آف معا. الثورة النفسانية أوال – !فيمت. ماذا يمكف لؾ أف تفعؿ حاال؟ صحيح؟ تغير تغيرا تام .ي عنو بأمور ثانويةتغير تماما. ذلؾ ىو العمؿ الحقيقي لئلنسانية، وليس محاولة التمي – الثورةليس التطور، بؿ

لقد قررت أف شرطا ىاما مف شروط فيـ البشرية ىو البدء في فيـ أنفسنا فيما واضحا. ىؿ تتوقع تحقؽ ذلؾ :سؤالبحيث إف فيـ البشرية، مف خبلؿ فيمنا أنفسنا، –ضمف ىذه الغرؼ، في غضوف األربعيف سنة المقبمة، في األمـ المتحدة؟

.القرار عمى الصعيد العالمي سيصير جزءا مف صنع

!ال أستطيع أف أجيب عف ىذا السؤاؿ ألنني ال أنتمي إلى المنظمة. اسأؿ الرؤساء :ك

إلى سؤالي. لقد أشرت إلى أف المنظمات قد ال تأتي بالجواب؛ –نبرة تشجيع أكبر ربما –أود أف أضيؼ نبرة أخرى :سالتشاـؤ حوؿ المستقبؿ أو الخبلص. أعتقد أف األمر يعتمد عمى طبيعة وأشرت كذلؾ إلى أف تاريخ البشرية ينزع بؾ إلى

المنظمات وعمى ما إذا كانت ىذه المنظمات تمبي مصالح البشرية وعمى استعدادىا لمتطور، كما تتطور األمـ المتحدة

مى افتراض أننا نستطيع أف عمى افتراض أننا لف نبيد أنفسنا عف بكرة أبينا، وع – وسواىا مف الجماعات، وكما يتطور البشرنيف في جيناتنا أيضا. ال نياية لما قد نستطيع أف نفعمو عمى ىذا الكوكب نتواصؿ بواسطة ذلؾ التعاطؼ واالحتراـ المدووخارجو. والمعنى المتضمف ىنا، الذي أعتنقو، ىو أننا تطورنا ألف لدينا المقدرة عمى الحب وعمى التعاوف، وأننا لسنا ىالكيف

وسا منيـ لمجرد أننا نظير الكره والخوؼ والجشع وأننا استسممنا في الماضي لمثؿ ىذه الشرور. لكف لدينا في وجود األمـ ميئالمتحدة، في حد ذاتو، مثاال عمى مقدرة اإلنساف عمى النمو وعمى اتخاذ أىداؼ مشتركة. أعتقد أف الحاضر ال يتضمف

ط في الحاضر، أف نؤثر في مستقبمنا وفي نجاتنا. لذا أسأؿ: ما ىو الجواب عف السؤاؿ المستقبؿ وأننا نستطيع، بالعمؿ النشيالذي طرحتو حوؿ أف المرء، حيف يحقؽ السبلـ في نفسو، كيؼ سيؤثر عمى بقية البشرية، بالنظر إلى الميمة الزمنية

المحدودة؟

ما ىو السؤاؿ، سيدي؟ :ك

فسو، كيؼ سيؤثر ذلؾ في بقية البشرية مف دوف وجود بنى تنظيمية؟سؤالي كاف: حيف يحقؽ المرء السبلـ في ن :س

لقد شرحت ذلؾ، سيدي، شرحتو. قولؾ: إذا تغيرت، كيؼ سيؤثر ذلؾ في البشرية، في بقية العالـ؟ أليس ىذا ىو :ك .السؤاؿ، سيدي؟ عمى رسمؾ، سيدي

.أجؿ، ىذا ىو السؤاؿ :س

ىذا شيء ىاـ لمغاية .تغير، تر ما يحدث .احتراـ، أف ىذا السؤاؿ سؤاؿ خاطئ أعتقد، إذا أجزت لي أف أنوه بكؿ :كي جانبا جميع القضايا الجانبية أنت .نفسانيا –أرجوؾ أف تدرؾ ىوؿ ىذا األمر: أنؾ أنت بقية اإلنسانية .حقا. عمينا أف ننح

ريكا أو أوروبا، أنت بقية اإلنسانية، ألنؾ تتألـ، وألف فسواء كنت تعيش في اليند، روسيا، الصيف، أو في أم .اإلنسانيةأنا. إذف، فأنت، حيف تطرح ألمينحف نتشارؾ في ىذا األلـ؛ إنو ليس .الجميع عمى ىذه األرض يتألـ بطريقتو الخاصة

ىري. أنت سؤاؿ: أي فارؽ سينجـ عف تغيري أو تغيرؾ، إذا أجزت لي أف أنوه بكؿ تواضع، ينـ سؤالؾ ىذا عف خطأ جو تتجنب القضية المركزية. ويبدو أننا ال نواجو أبدا القضية المركزية، التحدي المركزي الذي يتطمب منا أف نحيا حياة مختمفة

.تماما، ليس كأمريكييف، روسييف، ىنود، بوذييف، أو مسيحييف

أية ممة دينية أخرى بكثير. ال تغضبوا، أتساءؿ فيما إذا كنتـ تدركوف أف المسيحييف كانوا مسئوليف عف قتؿ بشر أكثر مف أرجوكـ! ثـ جاء اإلسبلـ، العالـ اإلسبلمي؛ ثـ اليندوس والبوذيوف جاؤوا بعد ذلؾ بكثير. إذف، إذا قاؿ المسيحيوف

ـ إذا قاؿ ىؤالء: "كفانا حروبا"، سيكوف لكـ السبل –وىـ حوالى ثمانمائة مميوف إنساف، –المزعوموف، بمف فييـ الكاثوليؾ، وىـ يؤمنوف بالتقمص –عمى ىذه األرض. لكنيـ لف يقولوا ذلؾ. وحدىما البوذية واليندوسية قالتا: "ال تقتؿ، ألنؾ إف قتمت

لذلؾ ال تقتؿ، ال تقتؿ أقؿ األشياء ضآلة، باستثناء ما يجب عميؾ أف تتغذى بو مف ."سوؼ تدفع الثمف في العمر التالي –. نحف، كبراىمة، لـ ننشأ عمى ىذا النحو، عمى أال نقتؿ ذبابة، أال نقتؿ الحيوانات لنقتات بيا. خضار وما إلييا، لكف ال تقتؿ

لكف ىذا كمو مضى. لذا، أرجوكـ، نحف ننوه بأف القضية المركزية إليقاؼ الحروب ىي أنؾ يجب أف تضع حدا لصراعاتؾ .أنتأنت، لنزاعاتؾ أنت، لبؤسؾ وألمؾ

بيف قماشيف جيديف، ممبسيف، بيف سيارتيف. أنت تختار عندئذ بسبب وظيفة –ء األشياء المادية باستثنا –لماذا نختار؟ ىذه األشياء، سرعتيا، إلى ما ىنالؾ. لكف نفسانيا، لماذا تختار أصبل؟ لماذا يوجد ىذا الخيار؟ ىناؾ خيار طبعا: تستطيع

روسيا، ليس في العالـ االستبدادي؛ ففي العالـ التوتاليتاري أنت ليس في –أف تنتقؿ مف بمدة إلى أخرى، مف عمؿ إلى آخر

، لديؾ خيار في . 16عالؽ في مكانؾ، ال يسمح لؾ بالتنقؿ إال بموافقة رؤسائؾ وفي ىذه الببلد، في مجتمع ديمقراطي مزعـولديؾ في ذلؾ خيارات ال .أف تشبع رغباتؾ، أف تصيب نجاحا عظيما –وأف تسمي ذلؾ حرية –أف تفعؿ كؿ ما يحمو لؾ

إذا كنت ترى األشياء رؤية واضحة جدا ينعدـ الخيار. ومف سوء .تحصى! لكننا نتكمـ عمى الخيار في المجاؿ النفسانيالحظ أننا ال نرى األشياء رؤية واضحة. ال نرى في وضوح أف القومية أحد أسباب الحرب؛ ال نرى في وضوح أف

سواء كانت اإليديولوجيات الماركسية، أو لينيف، أو لونؾ اإليديولوجي الخاص. إذف فنحف اإليديولوجيات تنسؿ الحروب،ىذا، عمى العكس، يشي بالتشوش. !ونتوىـ أننا أحرار –نختار بيف إيديولوجيا وأخرى، بيف ديف وآخر، بيف مجموعة وأخرى

شة، وبالتالي، نضاعؼ التشويش، شيف نتصرؼ تصرفات مشو !سامحوني –كما يفعؿ السياسيوف وحيف نكوف مشو

لدينا ىنا سؤاؿ مكتوب لمسيد كريشنامورتي: ىؿ تؤمف بما يسمى الروح المتحققة؟ :سؤال

.ىؿ تؤمف بما يسمى أرواحا متحققة؟ ال أعرؼ ماذا يعني ذلؾ. تميؿ، سيدي :ك

اضرة سوؼ تعود ربما إلى خموة لعميا عزيزة أنا آسؼ. أنت اآلف تتكمـ مف عمى منبر عاـ، وحالما تنتيي ىذه المح :سؤالىؿ لؾ أف .جدا عميؾ. إذف، ىناؾ عند الغالبية مف الكائنات البشرية في ىذا العالـ فصؿ بيف الحياة العامة والحياة الخاصة

تعمؽ عمى ىذا التقسيـ؟ ىؿ تشعر بأنو يقود إلى النزاع؟ ىؿ ىو ضروري؟

لخاصة؟ ىؿ ىذا ىو السؤاؿ؟ لماذا تفصؿ بينيما؟ لماذا نفصؿ بيف الحياة العامة، وكأنيا بيف الحياة العامة والحياة ا :ك، إذ ذاؾ ال كبلنياشيء ما في الخارج، وبيف الحياة الخاصة؟ لو كاف المرء يحيا حياة صحيحة، منضبطة، ليس فكريا، بؿ

، ليس كطائفي، ليس كفرد، ليس كذىف، أو نساني كميككائف إ، يعني أف تحيا كبلنيا .تعود ثمة حياة خارجية وحياة خاصة دماغ، ضئيؿ وضيع، يتصرؼ لمصمحتنا الذاتية. آسؼ إذا كنت بيذا اإللحاح. ىؿ انتيينا، سيدي؟

.ىناؾ سؤاالف آخراف :الرئيس

إذا كنت تعيش في سبلـ، واتفؽ لمطاغية أف ييجـ، أال تدافع؟ :سؤال

في سبلـ وىاجمؾ طاغية أو لص، ماذا ستفعؿ؟ ىذا ىو السؤاؿ. ىؿ تحيا في ماذا ستفعؿ عند ذاؾ؟ إذا كنت تعيش :كسبلـ ليـو أو يوميف فحسب، أـ تحيا حياتؾ كميا في سبلـ؟ لو أنؾ عشت في سبلـ لسنوات عديدة، إذ ذاؾ سوؼ تتصرؼ

.التصرؼ السميـ حيف تياجـ

في العالـ أجمع، باستثناء ما وراء –األخيرة، وأكثر أييا السادة، لقد دأب المتكمـ عمى ىذا الكبلـ طواؿ الستيف سنةوىذه األسئمة طرحت عمى المتكمـ طواؿ ستيف عاما. النموذج نفسو –الستار الحديدي؛ فقبؿ الحرب كاف يطوؼ أوروبا كميا

ره مدنية فتية، مثؿ أمريكا؛ األسئمة نفسيا، بالنية نفسيا: اإل ره الجيؿ الشاب، تكر يقاع بالمتكمـ، أو فيـ المتكمـ حقا، بات يكرالكبلـ طواؿ ستيف سنة فستعرؼ اإلجابات كميا واألسئمة كميا. – أو حسف حظ –أو فيـ أنفسيـ. فمو أنؾ حظيت بسوء حظ

.ليس ىناؾ فارؽ بيف السؤاؿ والجواب: إذا فيمت السؤاؿ فيما عميقا حقا ألدركت أف الجواب كامف في السؤاؿ

.السيد روبرت ميممر يود أف يطرح سؤاال :الرئيس

16 ألقى كريشنامورتي ىذا الخطاب قبؿ انييار جدار برليف وسقوط المنظومة االشتراكية.

طيب، ال أود أف أطرح سؤاال، بؿ أف أىنئؾ عمى تصريحؾ، وأف أؤكد أنني، وقد عايشت ىذه المنظمة ما :روبرت ميممريناىز األربعيف عاما وبمغت مف العمر أكثر مف ستيف عاما، توصمت إلى النتيجة نفسيا التي توصمت إلييا أنت. نحف جميعا

وجميع ىؤالء كائنات بشرية متشظية. استغرقني األمر أربعيف سنة –نبرمج عمى أمة، عمى إيديولوجيا، عمى ديف :مبرمجوفمف اإلقامة في ىذا البيت لكي أبطؿ برمجتي عمى الجنسيتيف االثنتيف أو الثبلث التي فرضت عمي؛ وفي كؿ مرة كنت

ي االتجاه اآلخر! وىاىنا، بعد أف قدر لي أف أرى العالـ في كميتو وأرى اإلنسانية في أحصؿ كذلؾ عمى سبلح لكي أطمؽ ف .مف أف تكوف ييوديا أو كاثوليكيا أو فرنسيا أو روسيا أو أبيض أو أسود إنساناكميتيا، استخمصت أف األىـ ىو أف تكوف

.صحيح تماما :ك

ـ عمي :ر م أف أقتؿ ميما كاف السبب، ال في سبيؿ أمة، وال في سبيؿ ديف، وال في سبيؿ وفي معتقدي أنو محر .إيديولوجيا. وىذه ىي الخبلصة التي ىي خبلصتؾ أنت أيضا

ىؿ ىي خبلصة، سيدي، أـ أنيا واقع؟ :ك

.ىذا ىو واقعي :ر م

.ىذا صحيح! ليست خبلصة :ك

المسيح، عمى .ف وسف بسف" ليست بالضبط وصية مسيحيةلف أحاجج حوؿ األدياف، بؿ سأذكر بأف "عيف بعي :ر مالعكس، رأى أف الطريقة السبلمية ىي االىتماـ برفاقؾ البشر، واتصافنا بالرحمة والمحبة تجاه بعضنا بعضا. لكني أود أف

لحكومات أيضا؛ أعرؼ كيفية كسر قالب المواجية ىذا بيف البشر. ال أتكمـ عمى الدوؿ، ألف الدوؿ تتشكؿ مف البشر، وافالبشر ىـ الذيف يحكموف البمداف. كيؼ يمكف لنا أف نحطـ ىذا القالب؟ كيؼ لـ تتمكف اإلنسانية مف ممارسة مبادئ بيذا ت عمييا جميع األدياف أيضا؟ أود فعبل أف أتبيف فيما إذا كنا نستطيع أف نجد الوىج كالتي كرز بيا المسيح مف أجمنا، ونص

كسر قالب المواجية والكره الرىيب ذاؾ، حتى بيف األسر، كما نوه بذلؾ كريشنامورتي، ألف األمر ليس مجرد صيغة أو حبل لحرب بيف أمـ وحسب. ثمة دوما مواجية، حتى بيف األطفاؿ: ترى أحدىـ مع ماما، فيما اآلخر يريد أف يكوف ىو معيا. ذلؾ

القالب، كيؼ نكسره؟

نحف كاثوليؾ، پروتستانت، بوذيوف، إلخ. فكما نوه –نحف مبرمجوف، كالكمپيوترات ىؿ لي أف أجيب عف سؤالؾ؟ :كىؿ نرى فعميا أننا مبرمجوف؟ أـ أنو –، وليس نظريا أو إيديولوجيا فعمياالسيد )؟(، نحف مبرمجوف. ىؿ ندرؾ أو نرى فعميا، ج، ىؿ تدرؾ عواقب كونؾ مبرمجا؟ واحدة مف ىذه العواقب كانت ليس إال تصريحا عرضيا؟ إذا رأيت أنؾ فعميا مبرم

ذا رأى المرء ذلؾ الكراىية، أو الحرب، أو فصؿ نفسؾ عف اآلخريف. إذا أدرؾ المرء أنو مبرمج، مضغوط، يكاؿ لو الوعظ، وا ذ ذاؾ فإنؾ تصير حقا، فإنو يتخمى عنو وحسب، وال يحتاج إلى "صيغة" لو. حالما تشكؿ صيغة فإنؾ تق ع في شراكيا؛ وا

مبرمجا مف جديد ألنؾ تممؾ برنامجؾ الخاص وذاؾ اآلخر يعطيؾ برنامجا آخر. الميـ، إذف، ىو إدراؾ واقع أنؾ مبرمج، .ليس فكريا، بؿ بدمؾ وطاقتؾ جميعا

السبلـ في األرض" وعف بسبب ضيؽ الوقت، لف نتمكف مف طرح المزيد مف األسئمة. بالنيابة عف "جمعية :الرئيس"الحركة مف أجؿ عالـ أفضؿ"، نود أف نشكر ضيفنا المحاضر الموقر واألخ الزميؿ والسفير باري، وىما الرئيساف الفخرياف

.لمجمعية، ونشكركـ جميعا عمى تجشمكـ مشقة المجيء لحضور محاضرة اليـو

نيساف، 17السيد كريشنامورتي ىنا في العاـ الماضي في كاف .يبقى عمي أف أؤدي مراسيـ بسيطة جدا قبؿ أف تغادرواحوالى الوقت الذي احتفمنا فيو بيـو "السبلـ في األرض". وىذا العاـ حبانا حسف الطالع أف نستقبمو بمناسبة الذكرى الثانية

األرض" في األمـ وقد سبؽ لكـ أف سمعتـ باألمر. بالنيابة عف "جمعية السبلـ في –والعشريف لػ"السبلـ في األرض" ـ األمـ المتحدة لمسبلـ لمعاـ .1984المتحدة، نتشرؼ بتقميدؾ، سيد كريشنامورتي، أييا المعمـ العالمي، وسا

ديمتري أڤييرينوس :المترجـ عف اإلنكميزية

1980أكتوبر/تشرين األول 21يتمخص في النص التالي الذي كتبه في * * *

لحقيقة أرض ببل دروب. ليس بمستطاع اإلنساف أف يدنو منيا عبر أي تنظيـ، عبر أي مذىب، عبر اأي عقيدة أو كاىف أو طقس، وال عبر أية معرفة فمسفية أو تقنية نفسانية. عميو أف يجدىا عبر مرآة العبلقة،

.ستبطانيعبر فيـ محتويات ذىنو، عبر الرصد، وليس عبر التحميؿ العقمي أو التشريح االصورا دينية وسياسية وشخصية. وتتجمى ىذه –لقد بنى اإلنساف في نفسو صورا جعميا سياج أماف

ىذه .الصور عمى ىيئة رموز وأفكار ومعتقدات، فيسيطر عبؤىا عمى تفكير اإلنساف وعبلقاتو وحياتو اليوميةاإلنساف لمحياة مشكؿ وفقا الصور ىي سبب مشكبلتنا، حيث إنيا تفصؿ اإلنساف عف اإلنساف. إدراؾ

لممفاىيـ التي رسخت مسبقا في ذىنو. محتوى وعيو ىو وجوده كمو، وىو يشترؾ في ىذا المحتوى مع البشرية جمعاء. الفردية ىي االسـ والشكؿ والثقافة السطحية التي يكتسبيا مف التقاليد والبيئة. لكف فرادة

اـ مف محتوى وعيو الذي يشترؾ فيو مع البشرية بأسرىا. اإلنساف ليست في السطحي، بؿ في التحرر الت .ومنو فإنو ليس فردا

الحرية ليست ردة فعؿ؛ الحرية ليست خيارا. يزعـ اإلنساف أف تمتعو باالختيار يجعمو حرا. الحرية ىي عند نياية الرصد الصافي ببل اتجاه، ببل خوؼ مف عقاب وثواب. الحرية مجردة مف أي دافع؛ الحرية ليست

تطور اإلنساف، بؿ تكمف في الخطوة األولى مف وجوده. بالرصد يبدأ المرء باكتشاؼ انعداـ حريتو. توجد .الحرية في وعينا غير االختياري بوجودنا وبنشاطنا اليومييف

الفكر ىو الزمف. الفكر وليد التجربة والمعرفة المبلزمتيف لمزمف ولمماضي. الزمف ىو العدو النفساني فعمنا قائـ عمى المعرفة، وبالتالي عمى الزمف، بحيث إف اإلنساف عبد دوما لمماضي. الفكر محدود .ئلنسافل

.أبدا، ولذلؾ نعيش في نزاع وصراع دائميف. ليس ىناؾ تطور نفساني

حيف يغدو اإلنساف واعيا لحركة أفكاره، سوؼ يرى االنقساـ بيف المفكر والفكرة، بيف الراصد والمرصود،بيف الخبرة والمختبر، فيكتشؼ أف ىذا االنقساـ ما ىو إال وىـ. عندئذ فقط يوجد الرصد المحض الذي ىو

.بصيرة ال يشوبيا ظؿ مف الماضي أو الزمف. وىذه البصيرة البلزمنية تحدث طفرة جذرية عميقة في الذىف

ياء التي أحدثيا الفكر نفسانيا، النفي المطمؽ ىو جوىر اإليجاب. عندما يكوف ىناؾ نفي لكؿ تمؾ األش .عندئذ فقط توجد المحبة، التي ىي الرحمة والفطنة

* * *

عمينا المضي يجببما أننا سنمتقي سبع مرات، بعضا مف أصدقائي القدامى بيف الحضور، وأنا سعيد لرؤيتكـ ىنا. أرىبكثير مف الدقة فيما أريد الحديث عنو وىو: الحياة، بكؿ مجاالتيا ومحتوياتيا. لذا ألتمس الصبر ممف سمعوا كمماتي ىذه مف

ألف لما سوؼ أكرره بعض األىمية.قبؿ،

ار. إذ يفترض بنا أف نكوف قادريف عمى التفكير ىناؾ شيء مشترؾ يجمع اآلراء المسبقة مع المفاىيـ والمعتقدات واألفكمعا، إال أف آراءنا المسبقة وتصوراتنا الذىنية تحد مف القدرة والطاقة الضروريتاف لمتفكير والمبلحظة واالختبار المشترؾ،

لـ. ولنفيـ، ليس لنكشؼ ألنفسنا ما يستتر وراء كؿ الفوضى، والبؤس، الرعب والدمار والعنؼ الميوؿ الموجود في ىذا العا، بؿ لنفيـ أيضا ما يجري عمى المستوى العميؽ، لنفيـ معنى ما يجري، فقط الحقائؽ المجردة الظاىرة التي تحصؿ كؿ يـويجب أف نكوف قادريف عمى تفحص األمور معا، وفيميا معا، ال أف تفيميا أنت عمى ىواؾ وأنا عمى ىواي، ولكف أف نفيـ

نا التشبث باعتقاداتنا المسبقة وخبراتنا وفيمنا الخاص عف المبلحظة والفيـ الصحيح لؤلمور. التفكير معا المعنى ذاتو. سيعيقالمشترؾ ىاـ جدا اآلف، ألننا نواجو عالما ينحؿ بسرعة، ينحدر ويتحوؿ إلى مكاف ال أخبلؽ فيو، ال مقدس فيو، حيث ال

ىذا، وليس بشكؿ سطحي، عمينا الغوص فيو إليجاد ما يقبع خمفو. يحتـر فيو اإلنساف أخاه اإلنساف. لكي نفيـ جذور كؿ ؿ اإلنساف، أنت والعالـ كمو، بعد مبلييف السنيف مف التطور، إلى ىذا العالـ العنيؼ والقاسي يجب أف نسأؿ أنفسنا: لماذا تحو

ؿ اإلنساف والمدمر، المميء بالحروب وبالقنابؿ النووية المروعة؟ ربما كاف التطور التكنولوجي لمعالـ أحد األسباب التي تحوإلى ىذا الكائف العنيؼ. لذا، دعونا نفكر معا، ليس وفقا لطريقتي، ليس وفقا لطريقتكـ، بؿ، بكؿ بساطة، عبر استعماؿ القدرة

عمى التفكير.

ىناؾ فقط القدرة المشتركة الفكر ىو القاسـ مشترؾ بيف البشر كميـ. ال يوجد شيء اسمو الفكر الشرقي، أو الفكر الغربي. عمى التفكير. وسواء كاف اإلنساف فقير الحاؿ أـ غنيا سميبل لعائمة ميسورة، سواء كاف جراحا أـ نجارا أـ عامبل في حقؿ أـ

ىو العامؿ المشترؾ بيننا جميعا. ويبدو أننا ال ندرؾ ذلؾ، إذ يفكر كؿ إنساف تبعا thoughtشاعرا عظيما، فإف الفكر لقدرتو، لطاقتو، لخبرتو ومعارفو، بينما يفكر اآلخر بشكؿ مختمؼ تبعا لخبرتو وحالو الخاص. نحف جميعا أسرى في شبكة

الفكر. وىذه حقيقة واقعية ال جداؿ فييا.

رمج لقد تمت برمجتنا بيولوجيا، جسديا، ذىنيا، وفكريا أيضا. يجب أف ندرؾ أننا مبرمجوف، تماما كالحواسيب. وقد بالخبراء الحواسيب لمحصوؿ عمى النتائج التي يريدونيا. وىذه الحواسيب ستتفوؽ عمى اإلنساف في التفكير يوما ما، ألنيا تستطيع جمع الخبرات، ومف تمؾ التجارب ستتعمـ وتكدس المعرفة حسب برنامجيا تماما، ستتجاوز تفكيرنا بدقتيا وسرعتيا

الموسيقى كبيتيوفف، أو كتابة الشعر مثؿ كيتس. لكنيا ستتفوؽ عمينا في قدرتيا عمى الفائقة. لف تكوف قادرة عمى تأليؼ التفكير.

ليذا، ما ىو اإلنساف؟ لقد تمت برمجتو ليكوف كاثوليكيا، بروتستانتيا، وليكوف إيطاليا أو بريطانيا وىكذا. لقد تمت برمجتو، حددة، ليكوف وطنيا بما فيو الكفاية ليقاتؿ في الحروب. ليذا تحوؿ عقمو لقروف، ليعتقد ويؤمف ويتبع عقائد معينة، مبادئ م

رغـ –اإلبداع، ألف فكره محدود، بينما الحاسوب –إلى ما يشبو الحاسوب دوف أف تكوف لو قدرة الحاسوب عمى التفكير يو بكؿ سيولة.قادر عمى التفكير بشكؿ أسرع بكثير مف اإلنساف، ويستطيع التفوؽ عم –محدوديتو أيضا

ذا كانت اآلالت ىذه حقائؽ، ىذا ما يجري حقا. واآلف، بعد ىذا كمو، ماذا يبقى لئلنساف؟ ماذا سيكوف اإلنساف؟ وا –والحواسيب قادرة عمى القياـ بغالبية ما يفعمو البشر فما ىو شكؿ المجتمع المستقبمي لئلنساف؟ إلى ماذا سيتحوؿ اإلنساف

تصنع اآلالت والحواسيب السيارات بشكؿ أفضؿ مف البشر؟ ىذه ىي التساؤالت التي تواجينا عندما س –ككائف اجتماعي اآلف باإلضافة إلى إشكاالت أخرى. لـ يعد بوسعؾ بعد اآلف أف تفكر كمسيحي أو كبوذي أو كيندوسي أو كمسمـ. فنحف

تفكير بطريقة معينة. كما ال يستطيع العمماء فيميا نواجو أزمة ىائمة ال يستطيع السياسيوف حميا أبدا، ألنيـ مبرمجوف عمى الأو حميا، وال رجاؿ األعماؿ الذيف يعيشوف في عالـ الماؿ. إف نقطة التحوؿ أو القرار الصحيح، التحدي، ليس في السياسة

ف عميو! وعميو أف أو في الديف أو في مياديف العمـ، بؿ في وعينا. عمى المرء أف يفيـ وعي البشرية الذي أوصمنا إلى ما نحيكوف جديا تماما في تعاممو مع ىذا الموضوع، ألننا نواجو حقا وضعا خطيرا حوؿ العالـ، نواجو تكاثر القنابؿ النووية التي

سيقـو مجنوف ما بتفجيرىا. يجب أف ندرؾ ىذا جميعا وأف نفيمو.

ليا، بؿ ميتما بحؽ، كي يفيـ ىذا السموؾ ويفيـ كيؼ أوصمنا عمى اإلنساف أف يكوف جديا لمغاية، وليس ثرثارا فارغا والمباالفكر اإلنساني إلى ىذه النقطة. عمينا التقدـ خطوة خطوة وبحذر شديد، وبمبلحظة دقيقة، لنكشؼ معا ما يجري خارجا

خارجية، فميما كانت القرارات ىناؾ، وداخمنا أيضا. دائما تتغمب الفعالية السيكولوجية المنعكسة نحو األعماؽ عمى الفعالية الوالقوانيف واألنظمة التي تتبناىا خارجيا، فيي في النياية أمور تدمرىا رغباتنا النفسية، تحطميا مخاوفنا وقمقنا وليفتنا وتوقنا ، إلى الشعور باألماف. وما لـ نفيـ ىذا، ستتغمب الفوضى الداخمية باستمرار عمى أي نظاـ خارجي نسير وفقو في حياتنا

ميما بدا مطابقا ومنضبطا ومبلئما ظاىريا لجميع القوانيف. قد توجد مؤسسات مبنية بكؿ حذر وعناية )سياسية أو دينية أو اقتصادية(، ولكف ميما كاف بناؤىا متينا ستكوف عرضة لبلنييار ما لـ يكف وعينا الداخمي في حالة انتظاـ تاـ. لقد رأينا ىذا

ؿ اليـو أماـ أعيننا. ىذه حقيقة.في التاريخ، وىا ىو يحص

تكمف نقطة التحوؿ في وعينا. ووعينا مسألة معقدة لمغاية، ليذا كتبت حولو المجمدات في الشرؽ وفي الغرب. نحف لسنا مدركيف لوعينا. ولكي يختبر الفرد ىذا الوعي المعقد عميو أف يكوف حرا في أف ينظر أنى يشاء وأف يدرؾ تحركات الوعي. ال

يدكـ أف تفيموا أني أقصد اإلنصات إلى جميع تحركات الوعي الداخمية بشكؿ خاص. فالوعي موجود لدى الناس جميعا. أر حباط مف الوحدة. ىناؾ شعور بانعداـ في كؿ أنحاء العالـ يشعر اإلنساف بالمعاناة داخميا وخارجيا. ىناؾ قمؽ، شؾ، خيبة وا

ذاب. الوعي البشري كؿ واحد ال يتجزأ. ال يخصؾ وحدؾ أو يخصني وحدي. إنيا حقيقة األماف، بالغيرة، بالجشع والحسد والعمنطقية وعقبلنية: أنى ذىبت، وميما كاف الطقس الذي تعيش فيو، وسواء كنت ميسورا أـ فقيرا، سواء كنت مؤمنا باهلل أو بأي

قد تختمؼ التصورات والرموز كميا مف مكاف –البشر كياف آخر، فإف اإليماف واالعتقاد بوجود شيء ما مشترؾ لدى جميع إلى آخر إال أنيا تنبع مف المكنوف المشترؾ لدى البشر جميعا. ىذا ليس مجرد حكـ نظري. فإف اعتبرتو كذلؾ، إف تعاممت

، فإنؾ لف تتممس المعنى العميؽ المتضمف فيو. وىذا يعني أف وعيؾ ىو وعي البشر ية كميا معو كمجرد فكرة، أو كمفيـوألنؾ تعاني وتقمؽ وتشعر بالوحدة وبالخوؼ وباالرتباؾ تماما كالباقيف، حتى لو كانوا يعيشوف عمى بعد عشرات آالؼ األمياؿ. إف إدراؾ ىذه الحقيقة، واإلحساس بيا، الشعور بيا في أعمؽ األعماؽ، يختمؼ كميا عف القبوؿ بحرفيتيا. وعندما

ءا واحدا منيا فقط ستشعر بطاقة عارمة تممؤؾ ألنؾ انعتقت مف الحيز الفردي الضيؽ الذي تدرؾ أنؾ البشرية كميا ولست جز تعيش فيو، مف دائرة "األنا" و"األنت"، مف مفاىيـ "نحف" و"ىـ" المحدودة. نحف نشيد معا تفتح الوعي اإلنساني المعقد، ال

ائية كانت تجري في الوعي عبر الزمف لمبلييف السنيف.الوعي األوروبي، أو اآلسيوي أو الشرؽ أوسطي، وىي عممية استثن

أرجوكـ ال تقبموا ما أقولو، ألف القبوؿ وحده يفرغ كبلمي مف معناه. إذا لـ تشؾ وتتساءؿ وتبحث لتجد بنفسؾ، إذا تمسكت يمانؾ وتجربتؾ أو معارفؾ المتراكمة عبر السنوات، ستعتبر الموضوع تافيا غير ذي أىمية أو معنى. بمعتقداتؾ األصمية وا

ذا فعمت ذلؾ، لف تواجو المسألة اليائمة التي تواجو الجنس البشري. وا

عمينا أف نفيـ حقا ماىية الوعي، وأف الفكر وجميع تشكيبلتو جزء مف وعينا )الثقافة التي نشأنا ضمف شروطيا والقيـ أو نجارا أو متخصصا بمينة ما فإف وعي تمؾ األخبلقية والضغوطات االقتصادية والموروثات القومية(. إذا كنت جراحا

الجماعة جزء مف وعيؾ. إذا كنت تعيش في بمد ما، لو عاداتو وموروثاتو الدينية، فإف ذاؾ الوعي الجمعي ىو جزء مف وعيؾ. ىذه حقائؽ. عميؾ التمتع ببعض الميارات إذا كنت نجارا. عميؾ فيـ طبيعة الخشب والتمرس في استعماؿ أدوات تمؾ المينة حتى تنتمي بالتدريج إلى الجماعة التي حافظت عمى تمؾ المينة ومياراتيا، وليذا الوضع وعيو الخاص. وكذلؾ العالـ واالختصاصي في اآلثار. لكؿ جماعة وعييا الخاص، كما لمحيوانات وعي جمعي خاص بكؿ نوع منيا. إذا كنت ربة منزؿ

ربات البيوت. لقد انتشر التحرر عبر العالـ منطمقا مف أقاصي الغرب إلى فمديؾ وعيؾ الجمعي الخاص الذي يضمؾ وكؿ كؿ أصقاع الدنيا. وىذه حركة وعي جماعية. ىؿ تممح معناىا؟ اختبرىا بنفسؾ، ألجمؾ، لترى ماذا تعني.

المتعة كذلؾ يتضمف الوعي مخاوفنا في أعمؽ أعماقو، ألف اإلنساف عاش برفقة الخوؼ جيبل بعد جيؿ. عاش برفقة والحسد وكؿ عذابات الوحدة واإلحباط والتخبط، مع الحزف العظيـ، مع ما يسميو حبا، ومع خوفو األزلي مف الموت. يتكوف وعي اإلنساف مف كؿ ىذه األشياء المألوفة لدى جميع البشر. ىؿ تفيـ ماذا يعني كؿ ىذا؟ إنو يعني أنؾ لست فردا منعزال

مفيـو ال نستوعبو بسيولة مطمقا ألنو تمت برمجتنا كالحواسيب تماما لنعتقد أننا أفراد منفصموف وحيدا كما كنت تعتقد. وىذا عف بعضنا البعض. لقد برمجنا دينيا لنعتقد أف لكؿ منا روح منفصمة عف بقية األرواح األخرى. وىكذا عمؿ الدماغ البشري

بو. قرنا بعد آخر مكررا النمط نفسو الذي برمج ليعمؿ

عندما يفيـ اإلنساف طبيعة الوعي تتحوؿ معاناتي الخاصة )أناي المنفردة( إلى شيء جماعي، وعندىا سيحصؿ شيء . لقد تمت برمجتنا، ونحف ال نستطيع التعمـ إال ألننا مبرمجوف مختمؼ تماما. تمؾ ىي األزمة العالمية التي نمر بيا اليـو

مكرريف أنفسنا المرة تمو األخرى. فكر فقط بيذه الحقيقة: يكوف اإلنساف مسيحيا أو )ماريف بيف الحيف واآلخر بومضة إلياـ( بوذيا أو ىندوسيا، وقد يكوف معاديا لمشيوعية أو شيوعيا أو ديمقراطيا، وكميا أنماط مكررة. وفي خضـ حالة التكرار ىذه

تحصؿ الصحوة.

الواقع البشرية بأكمميا( أف يواجو األزمة ونقطة التحوؿ؟ كيؼ ليذا نتساءؿ: كيؼ بوسع كائف بشري وحيد )والذي ىو في، كيؼ –وىذا مفيـو وىمي ومضمؿ –ستواجو أنت، يا إنساف، يا مف تطورت ألفية تمو األخرى، يا مف تفكر كفرد وحيد

ؾ لمحقيقة؟ستواجو نقطة تحوؿ مفصمية في وجودؾ؟ كيؼ ستعرؼ الحؽ وكيؼ ستتخذ مسارا جديدا مختمفا بعيد اكتشاف

لنحاوؿ أوال أف نفيـ معا ماذا تعني الرؤية الحقة، بعيف البصيرة، كي نرى ونفيـ حقيقة الفكر. جميعكـ تفكروف. وليذا أنتـ ىنا. جميعكـ تفكروف، والفكر يعبرعف نفسو بالكممات أو باإليماءات، مف خبلؿ نظرة، أو عبر لغة الجسد. وعمى اعتبار أف

ىو –يننا، نحف نفيـ مف خبلؿ الكممات معاني ما يقاؿ. إال أف الفكر عامؿ مشترؾ بيف البشر جميعا الكبلـ لغة مشتركة بشيء استثنائي يفوؽ تصوراتؾ إذا اكتشفتو، وعندما تفعؿ ستعرؼ أنو ليس فكرؾ وحدؾ، وأنو ال يخصؾ وحدؾ. ألنو الفكر.

جت لتعتقد. ىؿ ترى الفرؽ؟ ىؿ نستطيع التحرر مف برمجتنا عمينا أف نتعمـ كيؼ نرى األشياء كما ىي حقا، وليس كما برم –وىي جميعيا تحيزات مسبقة –والنظر؟ لو فكرت كمسيحي، أو كديمقراطي، أو كشيوعي، أو ككاثوليكي، أو كبروتستانتي

، أو كنت ممتزما فمف تفيـ مقدار الخطر الضخـ، واألزمة التي نواجييا. إذا انتميت إلى فئة معينة، أو كنت تتبع معمما مابنوع معيف مف السموؾ، فإنؾ لف تستطيع اكتناه األمور كما ىي حقا ألنؾ تكوف قد برمجت مسبقا. بوسعؾ أف تمحظ الحقيقة

ف كنت قد اكتسبت الكثير مف المعرفة مف فقط إذا كنت حرا وغير منتـ إلى أي منظمة أو جماعة أو ديانة أو جنسية. وا اتية، فإف دماغؾ اآلف مترع، مزدحـ بالتجارب والمواقؼ الخاصة، وكؿ ىذا يمنعؾ مف الفيـ. ىؿ الكتب والتجارب الحي

لى اإلرىاب والجماعات الدينية الطائفية بوسعنا التحرر مف كؿ ما سبؽ لننظر إلى حقيقة ما يحصؿ حقا في العالـ ونفيمو، وا لى التفاىات التي تبطنيا السمطة والمكانة والثروة؟ المتعصبة الرىيبة حيث نجد معمما أحمؽ يقؼ ضد معمـ أحمؽ آخ ر، وا

سنجد أنيا مروعة. ىؿ تستطيع النظر بنفسؾ لترى ذاتؾ كإنساف ىو حقا كؿ البشرية وليس مجرد كائف بشري منفصؿ؟ إف امتبلؾ ىذا الشعور يعني أنؾ تمتمؾ محبة ىائمة لمبشر كميـ.

في الرؤية، ستبدأ بالتساؤؿ وبتقصي طبيعة الوعي، بما في ذلؾ عندما تستطيع النظر بوضوح، ومف دوف تشوىات طبقاتو العميقة جدا. عميؾ أف تبحث في حركة الفكر بكامميا، ألف الفكر ىو المسؤوؿ عف كؿ محتويات الوعي، السطحي

زماف. ألف الفكر ىو منو والعميؽ. ألنو إذا لـ يكف لديؾ فكر فيذا يعني أنؾ ببل مخاوؼ، وببل قدرة عمى االستمتاع، وببل المسؤوؿ. الفكر ىو المسؤوؿ عف جماؿ كاتدرائية عظيمة، لكنو مسؤوؿ أيضا عف كؿ الجنوف الذي يجري تحت سقفيا. كؿ إنجازات الرساميف العظاـ والشعراء والموسيقييف ىي مف إبداعات الفكر. يسمع المؤلؼ الصوت الرائع في داخمو ويكتبو عمى

كات الفكر. والفكر مسؤوؿ عف كؿ اآللية المعبودة عمى األرض، عف كؿ المخمصيف والمعمميف، الورؽ. ىذه حركة مف حر وكؿ الطاعة وعف كؿ التكريس الموجود. ألف كؿ ما تراه حولؾ ىو نتيجة الفكر الذي يتوؽ إلى الرضى واليرب مف الوحدة.

قروي ىندي كما يفكر أكبر المدراء التنفيذييف ىنا، كما فالفكر ىو العامؿ المشترؾ بيف أبناء الجنس البشري. حيث يفكر أفقر يفكر القائد الديني. ىذه حقيقة يومية وعادية. إنيا األرضية التي يستند إلييا كؿ البشر. لذلؾ ال تستطيع اليرب منيا.

الـ. لذلؾ عمينا أف قاـ الفكر بكثير مف األمور الرائعة التي ساعدت اإلنساف، لكنو جمب أيضا الدمار اليائؿ والرعب لمعنفيـ طبيعة وحركات الفكر؛ لماذا تفكر بطريقة ما بعينيا؛ لماذا تتشبث بأنواع محددة مف التفكير؛ لماذا تتمسؾ بتجارب

ليس فكرؾ أنت وحدؾ، ألنو واضح –معينة؛ لماذا لـ يفيـ الفكر أبدا طبيعة الموت؟ عمينا أف نستقصي بنية الفكر ذاتيا أنؾ مبرمج. ولكف إذا تساءلت بجدية عف ماىية التفكير بحد ذاتو فإنؾ ستمج بعدا مختمفا كميا، وىو ليس المكونات، باعتبار

ال كفيمسوؼ، وال كشخص متديف، –بعد مشكمتؾ الصغيرة المحددة. عميؾ أف تفيـ تحركات الفكر الميولة، طبيعة التفكير اط التفكير العظيـ االتساع.وال كفرد منتـ إلى مينة معينة أو كربة منزؿ؛ بؿ نش

والفكر ىو المسؤوؿ عف كؿ الوحشية والحروب وأدواتيا القاسية، عف كؿ القتؿ والرعب ورمي القنابؿ واحتجاز الرىائف باسـ قضية أو ببل قضية. كما ىو مسؤوؿ أيضا عف الكاتدرائيات وعف روعة بنائيا وعف القصائد الشعرية البديعة، وعف

لحاسوب وقدرتو الفائقة عمى التعمـ والتفوؽ عمى التفكير البشري. فما ىو التفكير؟ إنو استجابة، ردة فعؿ التطور التقني واالذاكرة. ألنؾ لو لـ تمتمؾ ذاكرة لما كنت قادرا عمى التفكير. يخزف الدماغ الذكريات كمعرفة، كنتيجة لمتجربة. وىذه ىي

التجربة قد تعود لبداية وجود اإلنساف عمى األرض، وىي ما ورثناه. وىذه طريقة عمؿ أدمغتنا. في البدء كانت التجربة، و لى الفعؿ، التجربة تنتج المعرفة التي يخزنيا الدماغ؛ ومف المعرفة تمد الذاكرة ومنيا يولد الفكر. والفكر يدفعؾ إلى التفاعؿ وا

: الخبرة، المعرفة، الذاكرة، الفكر، الفعؿ، التعمـ مف ومف ذاؾ الفعؿ تتعمـ المزيد. ليذا فأنت تدور باستمرار في الدائرة نفسياالفعؿ وىمـ جرا. ىكذا تمت برمجتنا. وىذا ما نفعمو: نحف نتذكر األلـ، وليذا نتفادى في المستقبؿ الشيء الذي سبب لنا ىذا

، يممي عميؾ الفكر أف األلـ، ما يعني أف ىذا السبب قد تحوؿ إلى معرفة ومف ثـ أصبح يكرر. والمتعة الجنسية مثاؿ آخرتكررىا. إنيا حركة الفكر. ىؿ ترى جماؿ الطريقة الميكانيكية التي يعمؿ الفكر وفقيا؟ يقوؿ الفكر لنفسو: أنا حر، وأعمؿ كما أشاء. إال أنو ليس حرا أبدا ألنو مبني عمى المعرفة، والمعرفة محدودة دوما، ويجب أف تكوف محدودة دوما ألنيا بعض مف

. أريد أف أتعمـ أكثر، وكي أتعمـ أكثر يجب أف أحظى بالوقت. أنا ال أعرؼ الروسية لكني سأتعمميا، أحتاج إلى ستة الزمف

أشير أو إلى عاـ أو إلى عمري كمو. المعرفة ىي حركة الزماف. والزماف والمعرفة والفكر والفعؿ ىي الدائرة التي نعيش فييا. نو محدود أيضا، وىكذا محدودية تولد، بشكؿ حاسـ، صراعا.الفكر محدود، ليذا فإف كؿ فعؿ ناجـ ع

لو قمت إني ىندوسي، ىندي، فأنا محدود بقولي ىذا، وىذه المحدودية ال تجمب الدمار فقط بؿ الصراع أيضا ألف آخرا عات والتمزقات التي سيقوؿ: أنا مسيحي، أو أنا بوذي. وليذا ترانا نتناحر. وحياتنا مف الوالدة حتى الموت سمسمة مف الصرا

نحاوؿ التيرب منيا دوما وببل انقطاع، مما يسبب مجددا المزيد مف الصراع. نولد ونعيش ونموت في قمب ىذا الصراع المستمر واألبدي. ال نبحث أبدا عف جذوره، التي ىي الفكر، ألف الفكر ىو المحدود. لكف أرجوكـ ال تسألوا: كيؼ أوقؼ

ة. إنما الغاية ىي فيـ طبيعة الفكر، فيمو كما ىو حقا.الفكر؟ فيذه ليست الغاي

1981تموز 12

تعيش، في الشرؽ أو في الغرب، فإف الوعي يتألؼ مف عدة نقوؿ إف الوعي متشابو لدى جميع البشر. وأينما كنت كناطبقات ىي المخاوؼ واألمور التي تدعونا لمقمؽ والرغبات واآلالـ وكؿ أشكاؿ اإليماف. وبيف الحيف واآلخر نجد الحب أيضا

مف االندثار، مف في الوعي، والحناف والشفقة، ومف ىذا الحناف بالذات يتولد نوع مختمؼ تماما مف الذكاء. أما الخوؼ الموت فيو موجود دوما. ومنذ فجر التاريخ حاوؿ اإلنساف حوؿ العالـ أف يجد شيئا مقدسا يتجاوز كؿ فكر، شيئا ال يفسد وال

يتخرب، شيئا أزلي الوجود.

ريف، يوجد الوعي الجماعي لدى مختمؼ المجموعات، مثؿ وعي مجموعة رجاؿ األعماؿ، ووعي مجموعة العمماء والنجاوغيرىـ. وىذه كميا تصوغ جزءا مف محتويات الوعي الكمي، وىي حتما نتيجة لمفكر، حيث قاـ الفكر بخمؽ أمور رائعة الجماؿ مف الحواسيب ذات التقنية الفائقة، إلى االتصاالت، إلى اآللييف، وصوال إلى أدؽ العمميات الجراحية واألدوية. وقاـ

ف كؿ المنظومات الدينية حوؿ العالـ موجودة وتتراكب مع بعضيا بسبب الفكر.أيضا باختراع الديانات، حيث أ

اخترع الفكر الحاسوب، ليذا عمينا أف نفيـ تعقيداتو وأف نحاوؿ تصور مستقبمو، ألنو سيتفوؽ عمى فكر اإلنساف، وسيغير ىو حقا أمر يحدث اآلف، وقد ال تكوف بنية المجتمعات والحكومات. وىذا ليس استنتاجا مذىبل مني، وليس فكرة خيالية، بؿ

عمى عمـ بو. لمحواسيب ذكاء ميكانيكي، فيي تستطيع التعمـ واالختراع. كما سيجعؿ الحاسوب مف جيد اإلنساف أمرا ال لزـو ر ربما سيكوف عمؿ اإلنساف ساعتيف مثبل يوميا. إف كؿ ىذه تحوالت قادمة دوف شؾ. قد ال تحبذىا، وقد تثو –لو عمميا

ضدىا، لكنيا قادمة دوف شؾ.

لقد اخترع الفكر الحاسوب، لكف فكر اإلنساف محدود والذكاء الميكانيكي لمحاسوب سيتجاوز ذكاء صانعو، ليذا سيقـو بإحداث تغييرات ثورية في حياتنا. وليذا أيضا أسأؿ: ماذا يبقى لئلنساف؟ ماذا سيحدث لئلنساف في تمؾ الحالة؟ إف كؿ ىذه

ئؽ، وىي ليست نتائج خاصة بالمتكمـ.األمور حقا

عندما أفكر بمقدرة الحاسوب وقابميتو وسعتو أجد أننا يجب أف نسأؿ أنفسنا: ماذا يجب عمى اإلنساف أف يفعؿ؟ وما الذي سيحصؿ لمدماغ عندما يتولى الحاسوب القياـ بمعظـ نشاطاتو؟ عندما يحتؿ الحاسوب أو الرجؿ اآللي حيز اإلنساف ومكانتو،

ذا سيبقى لئلنساف؟ لقد تمت برمجتنا بيولوجيا وذىنيا وعاطفيا ونفسيا عبر مبلييف السنيف، وما نفعمو ىو أننا نكرر النمط فماالمبرمج نفسو مرارا وتكرارا. لقد توقفنا عف التعمـ، وعمينا التحقؽ مف قدرة الدماغ، الذي برمج لقروف عديدة، عمى التعمـ

مياـ –الذي يمتمؾ قدرات وسرعة ودقة أكثر منا –د. إذا لـ نكف قادريف عمى ذلؾ سيتولى الحاسوب واالىتداء إلى بعد جدي الدماغ ونشاطاتو.

وىذا ليس أمرا عابرا وعاديا. ىذا موضوع ىاـ جدا جدا. ألف الحاسوب قادر عمى اختراع ديف جديد، حيث يستطيع باحث أو مسمـ، برمجتو ليقـو بيذه الميمة، وقد ينتج عف ذلؾ ديف جديد بديع البنية! ىندوسي خبير، أو كاثوليكي أو بروتستانتي

ونحف، إف لـ نكف واعيف لما يجري، فإننا سنتبع تمؾ الرسالة الجديدة التي تمخض عنيا الحاسوب. انظر إلى جدية كؿ ىذا، أرجوؾ.

انات منفصمة تجاىد في صراع يبدأ مف لحظة لقد تمت برمجة وعينا آلالؼ وآالؼ السنيف بحيث نعتبر أنفسنا فرادى، كيالوالدة وال ينتيي سوى بالموت. ىذا ما برمجنا لنعتقده. وىو ما نقبمو عموما. لكننا لـ نختبره أبدا، ولـ نسأؿ مرة عف احتماؿ

وجودنا مفطور عمى العيش دوف صراع. وبما أننا لـ نسأؿ ذاؾ السؤاؿ فإننا لف نتعمـ شيئا عف اإلجابة. ونكرر، إف كياننا و

فالطبيعة دوما في حاؿ مف الصراع: ىذه ىي حجتنا. لذلؾ نحف ال نرى العممية التطورية إال مف منظور الصراع. –الصراع لقد حافظت المؤسسات الدينية عبر التاريخ عمى فكرة الخبلص الفردي. ونتسائؿ بكؿ جدية: ىؿ ىناؾ وعي فردي؟ ىؿ لديؾ

صؿ عف وعي بقية البشر؟ عميؾ أف تجيب عمى السؤاؿ ال أف تحتاؿ عميو.وعي منف –أنت كإنساف –

وبما أننا ربينا، وبرمجنا، وكيفنا لنكوف فرادى، فإف وعينا محدود بنشاط الفكر ىذا. والخوؼ والسعي حثيثا لمحصوؿ عمى الجراح، وأحماؿ القروف الماضية المثقمة السعادة ىي إمبلءات الفكر. المعاناة والقمؽ والشؾ واألسؼ الذي يمؤل أعماقنا، و

بالندـ، ىذه كميا أجزاء مف الفكر. إنو المسؤوؿ عما نسميو الحب الذي تحوؿ إلى متعة حسية بحتة، إلى شيء تتمناه وترغبو.

يجب كما قمنا، وسنكرر المرة تمو األخرى حتى نتأكد بشكؿ نيائي أننا نفكر معا، ال يحاوؿ المحاضر أف يممي عميكـ ما فالدعاية أمر فظيع، إنو ال يحاوؿ تعميمكـ كيفية التصرؼ، وال ما –أف تفكروا بو، فما يقـو بو ليس دعاية عمى اإلطبلؽ

عميكـ اإليماف بو، ولكف معا لنحاوؿ استقصاء الكارثة التي تحصؿ في العالـ الخارجي، تمؾ القسوة الرىيبة وذلؾ العنؼ الذي كما قد –اع الميوؿ الدائر في داخؿ كؿ إنساف. لنحاوؿ معا دراسة ما يجري، فاألمر ليس ال يرحـ، باإلضافة إلى الصر

أنؾ تستمع إلى بعض األفكار أو النتائج الجاىزة، فنحف ال نتحدث عف أفكار ونتائج أو معتقدات، نحف في –يشير البعض ميما كانت سوية استيعابنا –ينا أف نفيـ بوضوح الحقيقة نتقصى ىذا العالـ الذي صنعو البشر، فجميعنا مسؤولوف عنو، وعم

أننا وصمنا –وفيمنا، سواء كاف ىذا الفيـ عقبلنيا حرفيا أـ فيما حقيقيا لممعنى العميؽ ما يجعمنا قادريف عمى فيـ األفعاؿ الذي يأتي لوحده إلى نقطة مفصمية توجب عمينا اتخاذ قرار. وىذا لف يكوف عف طريؽ الممارسة، إنما سيكوف ذلؾ القرار حيف نبدأ بفيـ الطبيعة الكمية لبنية العالـ، الخارجي والداخمي معا. ومثؿ ىذا الفيـ سينجـ عنو قرار وفعؿ.

لقد خمؽ الفكر المعضبلت المحيطة بنا، وتدربت أدمغتنا وتعممت وتكيفت لحؿ ىذه المشاكؿ. خمؽ الفكر معضبلت كالنزاعات القومية. كما خمؽ الفكر النزاعات والصراعات بيف البنى االقتصادية المختمفة. وخمؽ الفكر الديانات المتباينة

وقد درب الدماغ ليحاوؿ حؿ تمؾ الصراعات الناتجة عف الفكر. لذلؾ فإف الفيـ واالختبلفات بينيا، ليذا يوجد الصراع. العميؽ لطبيعة التفكير وطبيعة ردود أفعالنا الناتجة عف تفكيرنا يعتبر أمرا أساسيا. يييمف الفكر عمى حياتنا أيا كانت

يعمؿ دائما سواء كانت الفعالية حسية أـ ذىنية أـ األعماؿ التي نقـو بيا. ليذا فإنو وراء كؿ أفعالنا. ليذا فإف الفكربيولوجية. لقد برمج الدماغ وكيؼ بيولوجيا طواؿ قروف )بينما يتصرؼ الجسد بطريقتو الخاصة مف خبلؿ التنفس وضربات

مو األخرى. الفكر القمب وىكذا(، لذا، حيف تكوف كاثوليكيا، ىندوسيا أو بوذيا، فإنؾ تكرر تمؾ اإلشراطات المسبقة مرة تسيرورة زمانية ومكانية. الفكر ىو الذاكرة، وتذكر الماضي. الفكر ىو األفعاؿ الناجمة عف المعرفة المتراكمة عبر مبلييف السنيف والمختزنة كذاكرة في الدماغ. لذلؾ فإنؾ إف راقبت نشاط تفكيرؾ لوجدت أف التجربة والمعرفة ىما أسس حياتؾ.

أبدا، وىي دوما تترافؽ مع الجيالة. ونحف نعتقد أف المعرفة كفيمة بحؿ كؿ مشاكمنا، فسواء كانت المعرفة والمعرفة ال تنتيي حؿ عف إمكانية المعرفة فيىي معرفة القس أـ المعمـ أـ العالـ أـ الفيمسوؼ أـ آخر األطباء النفسييف. نحف لـ نتساءؿ أبدا

نية منيا.ما عدا ربما تمؾ التق –أي مف مشاكمنا

وتتراكـ المعرفة عبر الزمف. فمكي تتعمـ لغة ما تحتاج إلى الوقت. كما أف التمكف مف ميارة ما كقيادة السيارة بكفاءة يتطمب وقتا. وىذا ينطبؽ أيضا عمى المجاؿ السيكولوجي. فيناؾ أيضا نقوؿ: أحتاج إلى وقت كي أعرؼ ذاتي، أحتاج إلى

عميو اآلف إلى ما يجب أف أكوف عميو. إف تطبيؽ نشاط العالـ الخارجي عمى العالـ النفسي وقت كي أغير نفسي مما أنا المستقبؿ منو والماضي والحاضر. والزمف ىو فكر. –الداخمي يعني أف عامؿ الزمف ىو عامؿ كبير األىمية في حياتنا

أو في داخؿ النفس. ىكذا تمت برمجتنا.الزمف ضروري مف أجؿ تحصيؿ المعارؼ عبر الخبرات، سواء في العالـ الخارجي

وألننا برمجنا بيذا الشكؿ، فإننا نعتبر أف الوقت ىو عامؿ ىاـ إلحداث تغيير أصيؿ عميؽ وأساسي في البنية البشرية. ونحف نستعمؿ الوقت كفكر. فكما تقوؿ )أنا ذاؾ، أو سأكوف كذا(، كذلؾ تقوؿ في العالـ التقني )ال أعرؼ كيفية بناء حاسوبلكنني سأتعمـ(. الوقت والمعرفة والذاكرة والفكر شيء واحد. ىي ليست أبدا نشاطات منفصمة بؿ إف حركتيا واحدة. والفكر الناجـ عف المعرفة سيبقى دائما غير مكتمؿ، ليذا فيو محدود كما أف المعرفة غير مكتممة. وكؿ ما ىو غير مكتمؿ يولد

اف الديني محدود، التجارب التي مررت بيا أو التي تتوؽ إلى تجربتيا جميعيا محدودة. الصراع حتما. القومية محدودة، اإليم كؿ تجربة مشروطة بمحدوديتيا.

لماذا؟السائل:

ألف ىناؾ المزيد مف التجارب. قد تكوف لي تجربة جنسية، أو قد تكوف لدي خبرة في جمع الماؿ، أو خبرة كريشنامورتي:معيش في دير. لكف ىذه كميا تجارب محدودة. وبالتالي فإف الفكر محدود. وبما أف الفكر في الزىد فأتخمى عنو وأذىب ل

، ومف ثـ يأتي ليقوؿ: "عمي حؿ ىذه –مشاكؿ وطنية واقتصادية وانقسامات دينية –محدود فإنو يولد المشاكؿ عمى الدواـ أتساءؿ إف كنت فيمت ىذا؟ أما الحاسوب )الذي المسائؿ". وىكذا فإف الفكر مشغوؿ دوما بحؿ المشاكؿ. ىؿ فيمت؟ أنا

تمت برمجتو( فإنو يستطيع التفوؽ عمينا جميعا ألف ال مشاكؿ لديو، إنما ىو يتطور، ويتعمـ ويتحرؾ. لف أغوص اآلف في ىذا الموضوع.

الذي نسمـ –لقد تمت برمجة وعينا بحيث يرى أنو وعي فردي، صحيح؟ ونحف نبحث اليـو فيما إذا كاف ىذا الوعي فرديا تماما. ال تقؿ: ما الذي سيحدث إذا لـ أكف فردا متميزا؟ ألف ما قد يحصؿ ىو شيء مختمؼ تماما. قد –بفردانيتو

تكوف لؾ تجربتؾ الخاصة، أو عممؾ الخاص في مينة ما، وقد تكوف جراحا أو طبيبا أو ميندسا... إلخ، إال أف كؿ ما سبؽ . قد يكوف لؾ اسمؾ الخاص المختمؼ، وشكمؾ الخاص المختمؼ، لكنيا ال تعني فرديتؾ، كما ال يؤكدىا ال يجعؿ منؾ فرديا

أيضا تسميـ ذىنؾ بيا وقبولو ليا عبر الزمف قائبل: "أنا ذو شخصية مميزة، وأرغب أف أتحقؽ عبر الصراع". فذلؾ الشيء اإلنسانية جمعاء.الذي يسمى الوعي الفردي، ذلؾ الوعي الخاص بؾ وحدؾ، ىو وعي

ذا كاف وعيؾ، الذي تعتبره منفصبل، ىو غير منفصؿ فما ىي طبيعة وعيؾ؟ تشكؿ االستجابات الحسية جزءا منو، وىي وا استجابات مبرمجة مف أجؿ الدفاع عف النفس بشكؿ طبيعي وبالضرورة، كالجوع فيما يتعمؽ بالبحث عف الطعاـ وكالتنفس

وجيا؛ كما يتضمف وعيؾ كؿ أذى وكؿ جرح تعرضت لو منذ طفولتؾ المبكرة، وأشكاؿ عديدة مف البلإرادي، ألنؾ مبرمج بيولمشاعر الذنب؛ ويتضمف األفكار المختمفة والحقائؽ الخيالية والتجارب العديدة، الحسية منيا والنفسية. ىنا توجد أسس وجذور

لى جانب الخوؼ، بشكؿ طبيعي، توجد ال كراىية. وأنى وجد الخوؼ وجد العنؼ، والعداء، الخوؼ بأشكالو المتعددة. وا واالندفاع الرىيب لمفوز في العالميف المادي والنفسي عمى حد سواء. كما يتضمف الوعي السعي إلى تحقيؽ السعادة والمتعة

ضخمة أو كمتعة االمتبلؾ، أو السيطرة، أو متعة امتبلؾ الثروة التي تعطي صاحبيا السمطة، أو متعة الفيمسوؼ بمعرفتو المتعة المعمـ )الغورو( مف خبلؿ سيركو، ألف لممتعة أشكاال ال تنتيي. كما يحتوي الوعي أيضا عمى األلـ والقمؽ واإلحساس العميؽ بالوحدة وباألسى. وال يقتصر ىذا عمى األسى الشخصي بؿ يمتد ليشمؿ األلـ الجماعي اليائؿ الذي تسببو الحروب

سمة التي ال تنتيي، كاحتبلؿ الجماعات لجماعات أخرى. إف ىذا الوعي يحتوي عمى العنصرية واإلىماؿ مف خبلؿ تمؾ السم والفئوية، وفي النياية يحتوي عمى الموت.

إنو معتقداتنا، ويقينياتنا، وشكوكنا، وىواجسنا، ووحدتنا، وشقاؤنا البلنيائي. ىذه حقائؽ. وبعد كؿ ىذا –ىذا ىو وعينا ي!. ىؿ ىو كذلؾ حقا؟ اذىب إلى الشرؽ األقصى أو األدنى، إلى أميركا أو إلى أوروبا... إلى أي نقوؿ: ىذا ىو وعيي الفرد

مكاف يعيش فيو الناس، وستجد أنيـ جميعا معذبوف، وقمقوف، ووحيدوف ومحبطوف ومكتئبوف، ويعيشوف في حاؿ صراع

–عرؼ أف قبوؿ الناس ليذه الفكرة صعب جدا ونضاؿ دائـ. سترى أنيـ مثمؾ تماما. لذلؾ، ىؿ يختمؼ وعيؾ عف وعييـ؟ أفقد يقبميا العقؿ وقد يقوؿ المرء لنفسو: "نعـ. ربما ىذا صحيح"، لكف اإلحساس بالوعي اإلنساني الجماعي والكمي، والشعور

ميؾ حميا. بأنؾ البشرية بأكمميا ولست جزءا صغيرا منيا يتطمب مقدارا ىائبل مف الحساسية. إنيا ليست مشكمة يتوجب عالمشكمة ليست في أف عميؾ القبوؿ بأنؾ لست شخصا منفردا، وأف عميؾ المجاىدة لتشعر بيذا الكياف البشري الكوني. ألنؾ لو فعمت ذلؾ فإنؾ ستحوؿ ما تبتغيو إلى مشكمة أخرى يكوف دماغؾ بالطبع فييا أكثر مف جاىز لمحاولة حميا! ولكف، مف

مؾ، ولمستيا بقمبؾ، وحاولت إدراكيا بكامؿ كيانؾ فإنؾ ستحطـ البرنامج. سيتحطـ بشكؿ ناحية أخرى، إف تمعنت بيا بعقطبيعي. ولكف إف قمت: "سأتخمص منيا" فإنؾ ستجد نفسؾ أسيرا لمنمط نفسو. مف يتحدث أمامكـ ىو حقيقة واقعية، وليس

نا، إنو شيء واقعي. قد تفكر بيذه المسألة ب شكؿ منطقي عقبلني لتجد أنيا حقيقية. لكف دماغؾ أمرا نقبمو كبلميا ألنو يسرالذي برمج ليشعر بالفردانية واالنفصالية سيثور ضدىا )وىذا ما يدور داخمؾ اآلف(، ألف الدماغ ال يريد التعمـ. الحاسوب

ا اإلنساف فيخاؼ مف فقداف شيء ما. سيتعمـ ألنو لف يخسر شيئا، أم

ي المسألة برمتيا. لذلؾ سنخوض اآلف في ىذا السؤاؿ الذي ىو ماىية التعمـ. ألف ىؿ يستطيع الدماغ التعمـ؟ تمؾ ى ، التعمـ، كما يبدو لمكثير منا، ىو عممية اكتساب لممعرفة. فأنا ال أعرؼ المغة الروسية لكني سأتعمميا. سأتعمـ يوما بعد يـو

ف طوعت نفسي فإن ي سأكوف قادرا عمى تعمـ أية لغة خبلؿ وقت سأحفظ، وأكتسب المفردات والعبارات وقواعد المغة. وا معيف. بالنسبة لنا، ليس التعمـ بشكؿ أساسي سوى تراكـ المعارؼ أو الميارات. وأدمغتنا مشروطة بيذا النمط الذي ىو

وعيي، مراكمة المعرفة ومف ثـ الفعؿ. عندما أتعمـ لغة فإنني أحتاج إلى المعرفة. ولكف، عندما أختبر نفسيا محتوى ذىني، و فيؿ يعني التعمـ ىنا البحث في كؿ سوية منو ومراكمة المعرفة عنو والتفاعؿ حياتيا بناء عمى تمؾ المعرفة، بمعنى اتباع النمط نفسو وكأنني أتعمـ لغة ما؟ إذا كرر الدماغ النمط نفسو لدى تعرفو عمى محتويات الوعي، فإف ىذا يعني أنني أحتاج

ي، ولوعيي. بعدىا أحدد المصاعب التي تواجيني فيصبح دماغي قادرا عمى وضع حموؿ ليا إلى الوقت ألكدس معرفتي لذاتفيو مدرب عمى حؿ المعضبلت. ما يعني أنو يكرر ذلؾ النمط الذي ال ينتيي والذي أسميو )التعمـ(. لكف ىؿ يوجد تعمـ –

آلية ال تتضمف تراكـ المعرفة؟ ىؿ تروف الفرؽ؟آخر غير ذلؾ الذي تحدثنا عنو؟ ىؿ توجد آلية مختمفة لمتعمـ غير ىذه،

فؤلصغ كبلمي بطريقة أخرى: نحف نحصؿ عمى المعرفة مف خبلؿ التجربة، مخزنيف المعرفة بشكؿ ذاكرة، تستجيب ا. الذاكرة مف خبلؿ الفكر، ومف الفكر ينتج الفعؿ، ومف الفعؿ والتفاعؿ تتعمـ المزيد، تبدأ الدورة مف جديد. ىذا ىو نمط حياتن

ؿ المزيد مف المعرفة مما قد يقودنا إلى أفعاؿ وىذا الشكؿ مف التعمـ لف يحؿ مشاكمنا إطبلقا ألنو مبني عمى التكرار. قد نحصأفضؿ. لكف أفعالنا تبقى محدودة وىذا ما نكرره دوما. لذا، لف يحؿ الفعؿ الناتج عف تمؾ المعرفة مشاكمنا اإلنسانية عمى

حميا حقا، وىذا واضح جدا. ورغـ مضي مبلييف السنيف نحف ما زلنا نعاني مف المشاكؿ، وما زلنا نجز اإلطبلؽ. ألننا لـ نأعناؽ بعضنا، ونتنافس، ونكره بعضنا، ونريد النجاح. إننا نكرر النمط ذاتو مذ وجد اإلنساف األوؿ. وعبر تكرارنا لمنمط ذاتو

ة أـ اقتصادية، ألف مف يعمؿ عمى حميا ىو الفكر.لف تحؿ أي مف مشكبلتنا، سواء كانت سياسية أـ ديني

واآلف، ىؿ يوجد شكؿ آخر لمتعمـ، ونحف ال نقصد ىنا التعمـ بمعنى المعرفة، بؿ شكبل آخر لو، بمعنى التعمـ الذي يعتمد الـ مف دوف عمى الفيـ غير التراكمي؟ مف أجؿ اكتشاؼ ذلؾ، عمينا البحث في إمكانية استكشاؼ محتويات وعينا ومراقبة الع

أدنى قدر مف التحيز. ىؿ ىذا ممكف؟ ال تجب بالنفي. فقط اطرح السؤاؿ. وتمعف ىؿ بوسعؾ إف كنت متحامبل أف ترصد بوضوح. وسترى أف ذلؾ مستحيؿ. وكذلؾ إذا كاف لديؾ حكـ مسبؽ عف الحياة، جممة مف المعتقدات والمفاىيـ واألفكار،

النحيازات المسبقة، كؿ تمؾ النتائج واالعتقادات واألفكار والمفاىيـ، ستمنعؾ مف وأردت رؤية ماىية العالـ فإف كؿ تمؾ ارؤيتو بوضوح. والسؤاؿ ىنا ليس كيفية التخمص مف آراءؾ المسبقة، بؿ كيفية الرؤية الصافية، والفيـ الذكي. ألف أي شكؿ

. عندما تفيـ ىذا سيتبخر االنحياز. فالميـ ىو مف االنحياز لرأي ما، ميما كاف نبيبل أو وضيعا، سيمنعؾ مف الفيـ الصحيح الرؤية الصافية وليس التخمص مف اآلراء المسبقة.

لف أستطيع أف أكوف جراحا ماىرا إف كنت متحيزا لمجراحيف، وحامبل أفكار مسبقة عنيـ. عمي ممارسة الجراحة كي والمعرفة البلتراكمية جائز وممكف، معرفة ستوقؼ التكرار أصبح جراحا جيدا. ىؿ تتممس معي أف نوعا جديدا مف النشاط، النمطي العاـ، كما ستكسر البرنامج، لمتفاعؿ بشكؿ مختمؼ تماما؟

لـ تكف الطريقة التي عشنا تبعا ليا مبلييف السنيف سوى تكرار لمعممية نفسيا مف أجؿ اكتساب المعرفة والتفاعؿ بناء ؾ النشاط المبني عمييا محدوديف، وتمؾ المحدودية قادت إلى خمؽ المشكبلت اعتاد عمييا. وليذا كانت تمؾ المعرفة وذل

الذىف عمى وضع حموؿ ليا، وىي المشكبلت نفسيا التي داومت المعرفة عمى تكرار خمقيا، وأصبح الدماغ أسير ذلؾ النمط، ننا لـ نحؿ مشكبلتنا بعد، لذلؾ ال بد مف وىذا النمط لف يحؿ أيا مف مشكبلتنا اإلنسانية ميما كانت الظروؼ. مف الواضح أ

حدوث حركة مختمفة تماما، حركة معرفية مبنية عمى فيـ غير تراكمي لؤلشياء. ما يعني التوقؼ عف اتخاذ أصناـ مف اآلراء يوما. المسبقة، التجرد مف كؿ أنواع المفاىيـ والعقائد والمسممات، ألنيا كميا تسببت في دمار اإلنساف، ولـ تحؿ مشكبلتو

لذا، ىؿ لديؾ أي رأي مسبؽ؟ ىؿ يشترؾ رأيؾ المسبؽ مع فكرة ما، أو ىدؼ ما؟ طبعا، ألف الغايات واألىداؼ ىي ما نصبو إلى تحقيقو في المستقبؿ، والمعرفة ىامة جدا لتحقيؽ ىذه الغايات. لذلؾ، ىؿ بوسعؾ الرؤية دوف مراكمة لمعارفؾ،

سبقة ولممفاىيـ والمعتقدات ولبلستنتاجات الشخصية المبنية عمى تجاربؾ الخاصة؟ يوجد ومف دوف الطبيعة المدمرة لآلراء الموعي جماعي، وعي وطني، وعي لغوي، وعي حرفي، وعي عنصري، كما يوجد خوؼ وقمؽ وأسى ووحدة وسعي لتحقيؽ

ى الوعي اإلنساني العالمي كما السعادة والحب، وأخيرا يوجد الموت. لذلؾ إف تابعت الخوض في تمؾ الدائرة فإنؾ ستحافظ عمىو. حاوؿ فقط أف تفيـ حقيقة األمر. ألنؾ جزء مف ىذا الوعي وأنت تعزز ذلؾ بقولؾ: أنا فرد، وآرائي ىامة، وكذلؾ رغباتي ومفاىيمي أساسية، مكررا األمر ذاتو مرارا وتكرارا. واآلف، كمما صنت ذاؾ الوعي بتأكيدؾ عميو ازدىر وعاش بتكرارؾ لو.

ولكف عندما تنعتؽ مف ىذا الوعي فإنؾ ستدخؿ عميو كميا عامبل جديدا.

واآلف، إف فيمنا طبيعة وعينا، وتفحصنا الطريقة التي يعمؿ بيا في قمب ىذه الدائرة التي ال تنتيي )المعرفة ثـ الفعؿ ثـ كؿ مف االنحياز المسبؽ، حتى لو االنقساـ والتجزئة(، وىو وعي مدعـ ومعزز منذ ألؼ عاـ، إف الحظنا أف كؿ ىذا ىو ش

ىربنا منو واستبدلنا عامبل جديدا بالعامؿ القديـ، ما يعني أنؾ كإنساف، يحتوي عمى جزء مف الوعي الكمي اإلنساني، قادر عمى التخمص مف نمط الطاعة والقبوؿ القديميف قدـ الزمف. وىذه ىي نقطة التحوؿ الحقيقية في حياتؾ. ألنو ال يمكف

االستمرار في تكرار النمط القديـ نفسو، ألف ىذا النمط فقد معناه )في العالـ النفسي عمى وجو الخصوص(، حيث لئلنساف مف ييتـ بتحقيقؾ لذاتؾ، ما أىمية أف تصبح قديسا، بينما يؤثر ابتعادؾ الكامؿ عف ىذه األمور عمى وعي البشرية جمعاء.

1981تموز، 14

لكـ أننا ال نحاوؿ إقناعكـ بأي شيء، يجب أف يكوف ىذا واضحا، فنحف ال نحاوؿ إقناعكـ بقبوؿ وجية نظر أكرر

التأثير عميكـ، كما ال نحاوؿ الدعاية ألي شيء. نحف ال نتحدث عف شخصيات، كما ال نتساءؿ عمف ىو معينة، وال نحاوؿ المصيب ومف ىو المخطئ، بؿ نحاوؿ معا فيـ ورؤية ماىية العالـ وماىية أنفسنا، ماذا فعمنا بالعالـ وماذا فعمنا بأنفسنا.

فيـ داخؿ اإلنساف وخارجو. سنحاوؿ معا

ؤية الواضحة الوحيد. حيث مف الواضح أنو إذا ما تعمؽ المرء بتجربة معينة وأحكاـ وآراء مسبقة معينة التحرر شرط الر فإنو لف يكوف قادرا عمى التفكير بصفاء. تدفعنا األزمة العالمية الماثمة أماـ أعيننا وتحثنا عمى التفكير معا لنجد حموال

وؼ أو لمعمـ )غورو(. نحف نحاوؿ ىنا أف نرى معا، ألنو مف الياـ أف لمشاكمنا الراىنة، ليس تبعا لشخص معيف، لفيمسنتذكر دوما أف المتحدث إليكـ إنما يشير إلى شيء نختبره معا، فيو ليس منحازا إلى طرؼ معيف، بؿ نحف نتعاوف في

محاولة لمفيـ، في رحمة تجمعنا، وليذا فنحف نعمؿ مع بعضنا.

ا ليس وعيا فرديا يخصنا وحدنا، كما أنو ال يخص فئة خاصة أو جنسية معينة، بؿ ىو مف الميـ جدا أف نفيـ أف وعينأيضا كؿ المخاض اإلنساني المتضمف الصراع والشقاء والفوضى واأللـ. نختبر معا ذلؾ الوعي اإلنساني، وعينا اإلنساني،

ليس وعيؾ وحدؾ أو وعيي وحدي، بؿ وعينا جميعا.

امؿ المطموبة في ىذا البحث. فالعقؿ ىو القدرة عمى التبياف والفيـ والتفريؽ، كما أنو القدرة عمى قدرة العقؿ ىي أحد العو مبلحظة وموضعة كؿ ما جمعناه مع بعضو ثـ االنطبلؽ مف ىنا تحديدا. ومع ذلؾ، مف الممكف أف يتعرض كؿ ما جمعناه

نتفي حيف يكوف ىناؾ تحيز. عندما تتبع شخصا آخر يقصى بفطنتنا واكتناىنا لؤلمور وتفكرنا بيا لئلجحاؼ. إذ إف الذكاء يعقمؾ بكؿ بساطة، فاتباع اآلخر )ميما كاف نبيبل( ينكر عميؾ قدراتؾ الذىنية ومبلحظاتؾ الخاصة لتصبح مجرد تابع

المراقبة، ال لشخص ما يخبرؾ ما تفعؿ ويممي عميؾ ما تفكر بو. ولدى فعمؾ ىذا يمحى عقمؾ مف الوجود، إذ عندما تختفي يبقى ىناؾ فكر. يقتضي العقؿ الشؾ والتساؤؿ، ال التأثر باآلخريف وبحماسيـ وطاقتيـ. كما يقتضي أيضا الدراسة المجردة الموضوعية. ال يعني العقؿ القدرة عمى فيـ كؿ ما ىو عقبلني ومنطقي فقط، بؿ يعني أيضا تقصي كؿ ما يمكننا مف

عمومات الموجودة في العالـ غير مكتممة، ولف تكتمؿ يوما في أي موضوع أو أي شيء. معمومات، ونحف نعمـ بأف كؿ الموأنى وجد العقؿ وجدت الحيرة والمبلحظة والتفكير المجرد المنطقي. إف إدراؾ اإلنساف ككؿ، وفيـ كؿ تعقيداتو واستجاباتو

بممحة واحدة ىو إدراؾ أسمى. ومع ىذا، لـ يتجاوز الفيزيولوجية والعاطفية، وقدرتو الذىنية، شغفو وآالمو، إف فيـ كؿ ذلؾ العقؿ حتى اآلف مسألة الصراع والنزاع. لذا سنحاوؿ أف نكتشؼ معا ىؿ بوسع العقؿ تجاوز الصراع. فاإلنساف يعيش في

ا كم –صراع منذ المحظة التي يولد فييا إلى لحظة موتو. حيث توجد دائما معركة مف أجؿ التحقؽ، مف أجؿ أف تتحوؿ روحيا، أو نفسيا، بمعنى أف تصبح ناجحا في الحياة، وأف تتحقؽ. كؿ ىذا يشكؿ حركة التحقؽ: أي أف ىذه ىي –يقولوف

حالي اآلف لكني سأصؿ مبتغاي، سأصؿ إلى المبدأ األسمى ميما كاف اسمو )اهلل، البراىماف، أو أي اسـ آخر...(. إف ىي األمر عينو. ولكف عندما يحاوؿ اإلنساف أف يصبح شيئا ما، باتجاىات –وف أو ألف تك –المحاولة المستمرة ألف تصبح

مختمفة، فإنو في ذات الوقت ينكر وجوده. بينما عندما تحاوؿ أف تكوف فإنؾ تتحقؽ أيضا. انظروا إلى حركة العقؿ، والفكر ف أثبت وجودي في مجاؿ ما، وأتحرؾ بشكؿ ىذه: أنا أفكر، أنا موجود، وألنني غير راض، وغير سعيد بما أنا عميو أحاوؿ أ

مباشر في اتجاه ىدؼ محدد؛ قد يؤلمني الطريؽ، لكني أعتقد أف الغاية مرضية. ىناؾ صراع موجود دائما مف أجؿ أف أكوف وأف أتحقؽ.

ذ ا لـ نكف جميعنا يحاوؿ التحقؽ، جميعنا يريد بيتا أفضؿ ومركزا أكبر مع ما يحممو مف سمطة أوسع، ومكانة أعمى. وا بيولوجيا بوضع جيد فإننا نسعى ألف نصبح بوضع أفضؿ. ونفسانيا، تتولد كؿ المسارات الفكرية الداخمية وكؿ تطورات الوعي وجميع الدوافع مف إدراؾ اإلنساف أنو ال شيء في الحقيقة، وأنو بوسعو حيف يصؿ تجاوز ىذه الحالة نفسيا، داخميا، حيث

ما ىو كائف، ىروب دائـ مما أنا عميو، مف حالتي التي ال ترضيني إلى ما يرضيني. وميما كانت ىناؾ دوما ذلؾ اليروب مرا روحيا )وىذا ليس سوى تصور فكري متحوؿ( أو أىدافي المنشودة، سواء كانت راحة داخمية عميقة أو سعادة أو تنو

، وذاؾ ما سأصبحو غدا. وىذه العممية بمع –اكتساب معرفة أكبر، فإنيا تبقى جميعا مجرد رغبة في التحقؽ نى ىذا أنا اليـوتعتمد عمى الوقت، فالدماغ مبرمج عمى ىذا األساس. كؿ حضارتنا وتشريعاتنا الدينية وجميع ما يحيط بنا يقوؿ: "تحقؽ".

. أف يكوف، أو وىذه ظاىرة موجودة حوؿ العالـ. يحاوؿ الجميع أف يصبح شيئا ما. ليس في الغرب فقط بؿ في الشرؽ أيضايتفادى أف يكوف. واآلف، ىؿ ىذا ىو سبب الصراع، داخميا وخارجيا؟ داخميا، ىناؾ التقميد األعمى والمنافسة ومحاولة مطابقة الذات مع المثاؿ. أما خارجيا فيناؾ التنافس بيف ما يسمى بأفراد الجماعة الواحدة ضد جماعة أخرى، بيف أمة وأخرى. أي

ألف أصبح، وأف أكوف شيئا ما، موجودة داخميا وخارجيا.أف ىذه النزعة

طواؿ حياتو عمى ىذه األرض الرائعة –أف يعيش ونتسأؿ: ىؿ ىذا ىو السبب الرئيسي لمصراع؟ ىؿ حكـ عمى اإلنساف ارع ألجؿ في صراع مستمر؟ يستطيع الفرد منا أف يبرر ويمنطؽ الصراع قائبل إف الطبيعة ذاتيا في صراع، فالشجرة تص –

نو جزء مف طبيعتنا، فقد تطورنا عبره، ونمونا وتحولنا إلى ذلؾ الكائف الرائع الذي ىو اإلنساف. الوصوؿ إلى أشعة الشمس، وا وأنا ال أقوؿ ىذا ساخرا. فدماغنا مبرمج ليتصارع. ولدينا مسألة لـ نستطع حميا مطمقا. فقد تستطيع اليروب ذىنيا إلى وىـ

تخيؿ أنؾ قد حققت شيئا ما داخميا وتسعد بذلؾ. لكف يجب عمى الذىف العاقؿ البحث في كؿ ىذا. يجب أف يسعدؾ، أو قد تيشعر بالشؾ واالرتياب. لماذا عاشت المخموقات البشرية منذ نشأتيا ولمبلييف السنيف وصوال إلى الحاضر في حاؿ مف

ف طبيعتنا، كما ىو العنؼ والتقميد والتكيؼ والخضوع. لقد قررنا أنو الصراع؟ لقد قبمنا بو، واحتممناه، وقمنا إف التنافس جزء م جزء مف نموذج الحياة األبدي.

لماذا يكوف اإلنساف المتطور إلى حد كبير في اتجاه ما غبيا إلى ىذه الدرجة في اتجاىات أخرى؟ ىذا يدفعنا إلى ، المادة والتعمـ عف المجتمعات لموصوؿ إلى تنظيمات معرفة الذات أو العالـ –التساؤؿ: ىؿ ينتيي الصراع عبر المعرفة

ومراكز أفضؿ، لمتوصؿ إلى معرفة أكبر فأكبر؟ ىؿ يحؿ ىذا صراعنا البشري؟ أـ أف التحرر مف الصراع ال عبلقة لو أبدا بالمعرفة؟

بأنفسنا. ىؿ تستطيع ىذه نمتمؾ الكثير مف المعرفة عف العالـ والمادة والكوف، كما لدينا الكثير مف المعرفة التاريخية المعارؼ تحرير اإلنساف مف الصراع، أـ أنو ال عبلقة لمتحرر مف الصراع بتحميؿ واكتشاؼ األسباب والعوامؿ المختمفة لو؟

ذلؾ الصراع الذي يدور داخمنا طواؿ نيارنا والمستمر –ىؿ بوسع االستكشاؼ التحميمي لؤلسباب تحرير الذىف مف الصراع ـ اإلنساف عموما، لكف ىؿ يحؿ ىذا ذلؾ الصراع؟ أثناء نومنا؟ ن ـ يحم ستطيع دراسة وتفسير األحبلـ، ونستطيع أف نسأؿ ل

ىؿ يستطيع الذىف التحميمي الذي يحمؿ بوضوح شديد وبمنطقية وعقبلنية التوصؿ إلى تحديد أسباب الصراع، ىؿ بوسعو الصراع، وىكذا فإنو يفصؿ ذاتو عف الصراع، ىؿ يحؿ ىذا الفعؿ إنياء الصراع؟ أثناء عممية التحميؿ يحاوؿ المحمؿ تحميؿ

الصراع؟ أـ أف الحرية ال عبلقة ليا بأي مف تمؾ العمميات؟ لو تبعت شخصا يقوؿ: "سأريؾ الطريؽ، لقد تحررت مف بالشخص الصراع، لذلؾ سأريؾ الطريؽ". ىؿ يساعدؾ ىذا؟ لقد كاف ىذا دور الكاىف، والمعمـ )الغورو( وكؿ مف يسمى

المستنير، أولئؾ الذيف يقولوف: "اتبعوني... سأنير لكـ الدرب"، أو: "سأحدد لكـ اليدؼ". لقد كرر التاريخ ذلؾ ألفية بعد أخرى، ومع ذلؾ لـ يستطع اإلنساف إيجاد حؿ لمصراع المتجذر داخمو.

ا إدراؾ ما، فعؿ ما، قادر عمى إف كاف يوجد حق –ال أف نوافؽ كما عمى مفيـو نظري مجرد –دعونا نستكشؼ معا إنياء الصراع، حاال وليس تدريجيا، وما ىي آثار ذلؾ؟ فالدماغ المبرمج عمى الصراع ىو مف دوف شؾ أسير ذلؾ النمط. ونتساءؿ عف إمكانية إيقاؼ ىذا النمط مباشرة، وليس بشكؿ تدريجي. قد تعتقد أنؾ قادر عمى الخبلص منو باليروب عبر

ت أو الكحوؿ أو الجنس أو أشكاؿ عديدة أخرى مف الضوابط، أو عبر استسبلمؾ لشيء ما. لقد جرب اإلنساف إدماف المخدراآالؼ الطرؽ المختمفة لميروب مف حالة الرعب التي يفرضيا الصراع. ونحف نسأؿ اآلف: ىؿ يستطيع الدماغ المشروط

نو مجرد االنعتاؽ مف الشرطية بشكؿ فجائي ومرة واحدة؟ قد يكوف ىذا الس ؤاؿ نظريا وغير واقعي، قد تقوؿ إنو مستحيؿ وا كبلـ، مجرد أمنية أو رغبة في التحرر مف ىذا الصراع. ولكف، إف فكرت في الموضوع بتعقؿ ومنطقية، مستخدما كامؿ

يوجد غد قدراتؾ الذىنية، ستكتشؼ أف الزمف غير قادر عمى تخميصؾ مف ىذه الحالة. وأوؿ ما يجب عميؾ إدراكو ىو أنو السيكولوجي. إف اكتشفت ىذا حقا، ال نظريا، إنما بقمبؾ وعقمؾ، في أعمؽ أعماؽ وجودؾ فإنؾ ستكتشؼ أف الزمف ليس بوسعو حؿ ىذه المعضمة. ومجرد إدراؾ ىذا يعني أنؾ كسرت النمط وبدأت ترى شقوقا وثغرات في النمط الذي فيمناه عف

الدماغ المبرمج واالنفصاؿ عنيا. وعندما تفيـ ذلؾ في قرارة نفسؾ بوضوح وتعرؼ أف الوقت كوسيمة وكأداة لحؿ ألغاز ىذا مرور الوقت لف يحررؾ حتما فستبدأ بمحظ التصدعات في السياج المحيط بالعقؿ. لقد قاؿ العمماء والفبلسفة: "الوقت عامؿ

ي محاولة فيـ الطبيعة النفسية لمزمف، ألف كؿ بحث أساسي لمنمو البيولوجي والمغوي والتكنولوجي"، لكنيـ لـ يتعمقوا مطمقا فىذا ما أنا عميو اآلف، لكني –يستيدؼ فيـ الزمف مف الناحية النفسية يعني البحث في مجمؿ عقدة التحقؽ السيكولوجي

ي الصراع سأصبح ىكذا؛ أنا تعيس، لـ أحقؽ شيئا، وحيد ببل أمؿ، لكف غدي سيكوف مختمفا. إف مجرد فيمؾ بأف الوقت يعذ ألف اإلدراؾ بحد ذاتو ىو في الوقت نفسو سموؾ وقرار. –ليس عميؾ أف تقرر –ىو بحد ذاتو سموؾ وقرار تـ اتخاذه

لمصراع أشكاؿ متعددة، إذ توجد آالؼ اآلراء وليذا توجد آالؼ األشكاؿ مف الصراع. لكننا ال نتكمـ عف أشكاؿ عديدة مثؿ عدـ توافقؾ مع زوجؾ، أو عدـ راحتؾ في –تحدث عف صراعؾ الشخصي منو، إنما عف الصراع بحد ذاتو. ال ن

غير ناتج عف الذاكرة –ولكننا نتحدث عف صراع الذىف البشري في وجوده. ىؿ يوجد إدراؾ –عممؾ، أو أي شيء آخر ىؿ وجد أبدا إدراؾ يشمؿ الطبيعة بكميتيا وبنية الصراع المتخمؿ فييا؟ ىؿ يوجد إدراؾ يعي كؿ ىذا؟ –وتراكـ المعرفة

مماثؿ، غير تحميمي، أو ناتج عف المبلحظة العقبلنية ألشكاؿ الصراع المتعددة، أو يشكؿ استجابة انفعالية عاطفية لمصراع بحد ذاتو؟ ىؿ يوجد إدراؾ غير ناتج عف الذاكرة، التي تعني الوقت، وتعني الفكر؟ ىؿ يوجد إدراؾ غير ناتج عف الزمف أو

فيـ الطبيعة الكمية لمصراع، وقادر بسبب ذاؾ الفيـ عمى الخروج بنتيجة تنيي الصراع؟ الفكر ىو الزمف. الفكر وقادر عمىفأنا لـ أكف أعرؼ –الفكر ىو التجربة والمعرفة المتاف تتجمعاف في الدماغ عمى شكؿ ذاكرة. وىذه الذاكرة مف نتاج الزمف

وىذا ينطبؽ –سعيا وتعمقيا ناتج عف الزمف، لذلؾ فإف الفكر ىو الزمف قبؿ أسبوع لكني أعرؼ اآلف. إف ازدياد المعارؼ وتو عمى كؿ نشاط نفسي. كما أنني أحتاج الوقت إذا قررت الذىاب إلى مدينة أخرى، أو قررت تعمـ لغة جديدة، أو أردت لقاء

لذلؾ فإف الفكر ىو الزمف، أحدىـ في مكاف بعيد. كؿ ىذا المنيج الخارجي موجود داخميا، فأنا لـ أصبح، لكنني سأكوف. ونحف ال نستطيع فصميما أبدا.

إدراؾ مختمؼ كميا عف النمط المألوؼ الذي اعتاده –وىا نحف نسأؿ: أيوجد إدراؾ غير متمخض عف الفكر والزمف اـ مف الدماغ؟ ىؿ يوجد شيء مماثؿ قادر ربما عمى حؿ ىذه المشكمة؟ لـ نتخمص مف ىذه المشكمة عمى مدى مبلييف األعو

الصراع، وما زلنا نكرر النمط ذاتو. يجب أف نبحث بعقمنا وبكؿ روية عف طريقة، وعف إدراؾ يغطي الصراع بأكممو. عف فيـ يكسر النمط وتكراره. لقد وضع المتحدث ىذا السؤاؿ أمامكـ. ونتساءؿ اآلف: كيؼ نستطيع التصدي ليذا معا؟ قد أكوف

استمعتـ إلي بانتباه فقد تحولت ىذه إلى مسؤولية منوطة بكـ كما ىي منوطة بي، بأف نرى مخطئا، والعقبلنيا، ولكف بعد أفإف كاف األمر ىكذا، وكاف الحؿ ممكنا. ال تجيبوا: ليس ىذا ممكنا في الواقع ألني لـ أقـ بذلؾ، وألنو ليس ضمف دائرة

و مطمقا ألنني راض عف صراعي وألنني متأكد مف أف البشرية اىتماماتي، وألني لـ أتعمؽ بو مميا، أو ألني ال أريد التفكير ب

ستتحرر يوما ما مف الصراع كمو. كؿ ىذه اإلجابات ىي محاوالت لميرب مف المشكمة. لذلؾ، فإننا وقد أصبحنا مدركيف معا الجسد. ىؿ أدركنا، ومف دوف لكؿ تعقيدات ىذا الصراع، ترانا ال نستطيع التنكر لو، ألنو موجود وحقيقي تماما كاأللـ في

وجود أي خيار آخر، أف األمر ىكذا. وفي الوقت نفسو ىؿ تساءلنا عف إمكانية وجود طريقة مختمفة أخرى لمقاربتو سوية؟

مف دوف تسميات ومف دوف االستعانة بالذاكرة؟ انظر إلى صديقؾ أو إلى –وال ييـ ما ىو –واآلف، ىؿ نستطيع مراقبتو ي شيء آخر وحاوؿ مراقبة ذلؾ الشخص مف دوف تمؾ المسميات )زوجتي( أو )صديقي( أو )نحف ننتمي زوجتؾ أو إلى أ

إلى تمؾ الجماعة(، بمعنى التفكير بالشخص دوف النظر إليو مف خبلؿ الذكرى. ىؿ جربت ىذا مرة واحدة وبشكؿ مقصود؟ إلى تمؾ الصورة التي –أيضا إلى نفسؾ النظر إلى الشخص مف دوف تسميتو، مف دوف زمف ومف دوف ذكريات، والنظر

لى الصورة التي بنيتيا عف اآلخريف، النظر إلييا وكأنؾ تراىا لممرة األولى، كما تنظر إلى الوردة ألوؿ كونتيا عف ذاتؾ، وا معي بقصد مرة. تعمـ أف تنظر. تعمـ أف تبلحظ مف دوف عمميات فكرية. ال تقؿ إف ىذا ليس ممكنا. لو ذىبت إلى أستاذ جا

التعمـ منو ومف دوف أف تعرفو فأنت حكما ذاىب لبلستماع إليو. ال تقؿ لو: "أعرؼ ىذا عف الموضوع"، أو "أنت مخطئ"، أو "أنت مصيب"، أو "ال يعجبني موقفؾ"، بؿ انصت إليو، واكتشؼ. ألنؾ عندما تبدأ باالستماع إليو بكؿ حواسؾ وبكؿ إدراؾ

ىؿ ىو أستاذ مزيؼ يستعمؿ العديد مف المصطمحات أـ ىو معمـ متعمؽ حقا في أغوار مادتو. فإنؾ تبدأ باكتشاؼ حقيقتو: واآلف، ىؿ نستطيع االستماع والمراقبة معا دوف كممات وال ذكريات، دوف كؿ نشاطات الفكر، بمعنى االنتباه التاـ، ذلؾ

ية نظر خاصة تدفعؾ لمحضور فاعمـ أف ذلؾ ىو االنتباه الذي ال ينبع مف مركز إنما ىو ببل مركز. إذا كانت لديؾ وجشكؿ مف أشكاؿ التركيز. ولكف، إذا حضرت مف دوف وجية نظر، فإف ىذا يعني أنؾ تمنح الموضوع انتباىؾ التاـ، إذ ال

يوجد زمف لمثؿ ىذا االنتباه.

أف إيقاؼ برمجة الدماغ سمع الكثيروف منكـ المتحدث، لحسف الحظ أو لسوئو، لسنوات طويمة، ومع ذلؾ يبلحظ اإلنسافلـ يحصؿ بعد. ولطالما استمعتـ لجممتي ىذه ومع ذلؾ لـ تتوقؼ البرمجة الدماغية عف العمؿ. ىؿ يحصؿ ىذا ألنكـ تريدوف التحصيؿ، وتريدوف أف تصبحوا، تريدوف التوصؿ إلى حالة ذىنية جاىزة ال برمجة فييا؟ لقد استمعتـ ولـ يتغير شيء، وأنتـ

وىذا ليس سوى شكؿ آخر مف محاولة التحقؽ. لذا، فأنكـ ما زلتـ في حاؿ صراع. وىكذا –يؽ ىذا يوما ما تأمموف في تحقترموف كؿ شيء جانبا وتقولوف بأنكـ لف تحضروا مجددا ألنكـ لـ تحصموا عمى ما كنتـ تريدوف )أريد ىذا لكنني لـ أحققو(.

ي سبب الصراع. إنيا رغبة نابعة مف الدماغ المبرمج. ونحف ندعو وىذه اإلرادة ىي الرغبة في التحوؿ إلى حالة ما، وىلى التمعف مف دوف االستعانة بحركة الفكر. األمر يبدو بسيطا جدا. لكف حاوؿ إليقاؼ سير ذلؾ البرنامج، وذلؾ النمط، وا

منؾ أف تفعؿ، بؿ ألنو فعؿ أف تفيـ المنطؽ الذي يتضمنو والعقبلنية المنضوية في داخمو، وال تفعؿ ىذا ألف المتحدث طمبعقبلني، ألنو عمى اإلنساف أف يختبر القدرة عمى المنطؽ والعقبلنية لكي يعرؼ محدوديتيما، ألف التفكير العقبلني المنطقي ليس سوى بعض مف الفكر. وحيف تدرؾ أف الفكر محدود، وتتممس محدوديتو، ال تحاوؿ أف تحصؿ منو عمى المزيد ألنو

يما تعمقت بتفكيرؾ. بينما لو نظرت إلى وردة، مف دوف تسميتيا ومف دوف التفكير بمونيا، لو نظرت إلييا سيبقى محدودا مفقط فإف تمؾ النظرة ستوقظ فيؾ حساسية عالية، حساسية قادرة بحد ذاتيا عمى إيقاؼ ذلؾ الشعور بثقؿ الدماغ، وستمنحؾ

نقيا فإنؾ ستحصؿ عمى نوع مختمؼ كميا مف الطاقة، وبعيد كؿ حيوية غير عادية. ألنو عندما يكوف فيمؾ لؤلشياء خالصا البعد عف الفكر وعف الزمف.

1981تموز، 16

إلى الترتيب في نشاطاتنا اليومية، وفي عبلقاتنا. ولكف يجب عمى اإلنساف أف يفيـ الفرؽ ويرى االختبلؼ بيف نحتاجوليس –خاصية الترتيب مف جية، وبيف القواعد أو االنضباط مف جية أخرى. إذ ينتج الترتيب عف فيمنا المباشر ألنفسنا

نفسي. فنحف نكتشؼ الترتيب والنظاـ الخاص بنا عندما نتحرر مف الشعور باالضطرار واإلكراه تبعا لفيمسوؼ ما أو لعالـ مف كؿ جيد التزمنا بو لتحصيؿ النظاـ وتطبيقو في مجاؿ ما مف حياتنا. يأتي الترتيب المنشود بشكؿ طبيعي محمبل

الذي تحوؿ إلى الفوضى بكميتو، بؿ يصؿ حتى باالستقامة. إنو نظاـ بعيد عف النمطية، وىو ال يشمؿ فقط العالـ الخارجيعالمنا الداخمي، إلى أعماؽ نفوسنا، إلى حيث نحف مربكيف وغير واضحيف. ألنؾ إف اتبعت سواؾ، وميما كنت واسع

االطبلع فستكوف عاجزا عف فيـ ذاتؾ.

عبلقة، فميما شعر الفرد منا بأنو لفيـ ماىية النظاـ، عمينا البدء بفيـ طبيعة عبلقاتنا. فحياتنا بكامميا ىي حركة ضمفيعيش وحيدا، إال أنو متصؿ دوما بشيء ما أو بشخص ما، بالماضي أو بتصور ما عف المستقبؿ. وليذا فإف الحياة ىي

سواء –حركة ضمف عبلقة، وفي العبلقة ىناؾ فوضى. لذلؾ يجب التمعف لنرى لماذا نعيش مثؿ ىذه الفوضى في عبلقاتنا سطحية. كانت حميمة أو

ال يحاوؿ المتحدث أف يدفعكـ إلى التفكير في اتجاه معيف، أو الضغط عميكـ بأي وسيمة حذقة إلقناعكـ. بؿ بالعكس، نحف نفكر معا بمشكبلتنا اإلنسانية لنكتشؼ ماىية عبلقاتنا ببعضنا وما إذا كنا قادريف عمى ترتيب تمؾ العبلقات. ولكي نفيـ

نا، وسواء كنا قريبيف مف بعضنا أو بعيديف عف بعضنا، عمينا أف نبدأ في فيـ سبب خمؽ الذىف المعنى الكامؿ لعبلقتنا ببعضلمتصورات. إذ نمتمؾ جميعا تصورات عف أنفسنا وعف اآلخريف عمى حد سواء. لماذا يمتمؾ كؿ منا تصورا فريدا خاصا يعرؼ

باألماف؟ أال تكرس التصورات الخاصة االنفصاؿ بيف نفسو مف خبللو؟ ىؿ التصور ضروري؟ ىؿ يمنح اإلنساف إحساسا البشر وتؤدي إليو بالضرورة؟

لننظر مميا إلى عبلقتنا بالزوجة أو بالزوج أو بالصديؽ. انظروا بتمعف وال تحاولوا تفادي النظر. ألنو عمينا أف نستكشؼ لتصورات والرموز واألنماط. أترى ألننا نجد أمانا معا لماذا توجد لدى البشر حوؿ العالـ ىذه القدرة االستثنائية عمى خمؽ ا

كبيرا في تمؾ األنماط والرموز والتصورات؟

إف راقبت نفسؾ فستجد أف لديؾ تصورا عف نفسؾ، تصور قد يكوف متغطرسا ومتكبرا، أو بالعكس. أو قد تكوف ممف موا الكثير مف المعارؼ والخبرات، وىذه تقود بشكؿ طبيعي إلى خمؽ تصورىا عف الذات، أال وىي صورة الخبير. لماذا حص

لدينا تصورات عف أنفسنا؟ إف ىذه التصورات تفرؽ الناس عف بعضيـ، ألنو إف نظرت إلى نفسؾ كسويسري أو كبريطاني أو كفرنسي أو كأية جنسية أخرى، فإف تمؾ الصورة ال تشوه فقط رؤيتؾ لمبشرية، بؿ أيضا تفصمؾ عف اآلخريف. وأنى وجد

كذلؾ الذي نراه في كؿ مكاف حوؿ العالـ: العرب ضد االسرائيمييف، –النفصاؿ ووجدت الفرقة ال بد أف يوجد الصراع االمسمموف ضد اليندوس، والكنيسة المسيحية ضد األخرى. كذلؾ فإف الفروقات القومية واالقتصادية ىي نتاج ليذه التصورات

ؾ التصورات ويتعمؽ بيا؟ ىؿ يعود السبب إلى تربيتنا وثقافتنا التي ترى بأف أىمية والمفاىيـ واألفكار. لماذا يتشبث الذىف بتمالفرد تفوؽ كؿ شيء آخر كما ترى أف المجتمع شيء مختمؼ تماما عف الفرد؟ ىذا جزء مف حضارتنا، ومف ممارساتنا الدينية

يمنحو شعورا باألمف. ىذا شيء واضح جدا. وخبراتنا اليومية. حيف ينظر الفرد إلى نفسو كبريطاني أو كأميركي فإف ىذاوعندما تتكوف الصورة عف الذات تصبح ىذه الصورة شبو دائمة، إلنو خمؼ ىذا التصور أو مف خبللو، يحاوؿ اإلنساف إيجاد األماف والسكينة، وشكؿ مف أشكاؿ المقاومة. ألنو حيف يكوف الفرد مرتبطا بشكؿ محدد بشخص آخر، وسواء كاف ىذا

رتباط جسديا أو نفسيا، تكوف ىناؾ استجابة مبنية عمى تصور. فإذا كاف اإلنساف متزوجا أو مرتبط عاطفيا بشخص آخر االتتشكؿ صورة ما في حياتو اليومية، وسواء كنت تعرؼ ىذا الشخص منذ أسبوع أو منذ سنوات خمت فإف الصورة الذىنية عنو

التي يمكف –فتضيفيا إلى الصورة وتخزنيا في دماغؾ، ما يجعؿ العبلقة تتشكؿ خطوة خطوة، حيث تتذكر أدؽ ردات فعمو عبلقة بيف تصوريف ذىنييف ىما تصورؾ الخاص عنو وتصور الشخص اآلخر عنؾ. –أف تكوف مادية أو جنسية أو نفسية

ت، إنيا موجودة، ال يتفوه المتحدث اآلف بأمور متطرفة أو غريبة أو مذىمة، بؿ ىو يشير فقط إلى وجود ىذه التصوراوبسببيا ال نستطيع معرفة اآلخر تماما. فحتى عندما تتزوج أو تربطؾ بأحدىـ عبلقة حميمة، فإنؾ لف تعرفو حؽ المعرفة أبدا، بؿ أنت تعتقد أنؾ عرفتو ألنؾ عشت معو طويبل وبالتالي راكمت ذكريات تتعمؽ بحوادث مختمفة، ومحفزات مختمفة،

يحدث في الحياة اليومية، كما اختبر ىو استجاباتو مشكبل تصورات ذىنية خاصة بو. إف جميع باإلضافة إلى كؿ ما كافتمؾ التصورات تمعب دورا فائؽ األىمية في حياة كؿ إنساف. كما يبدو جميا فإف القميؿ منا فقط مف ال يحكمو التصور.

مبنية عمى تصورات تفرؽ. فإذا كاف اإلنساف ىندوسيا، والحرية الحقيقية ىي االنعتاؽ مف التصورات. ألف ىذه الحرية ليست مولودا في اليند، وخاضعا لجميع إشراطات الحياة ىناؾ، كاشتراطات العرؽ أو الجماعة مع كؿ خرافاتيا ومعتقداتيا الدينية

ىذه تشكؿ شروطو. فإف اإلنساف يعيش مع شبكة التصورات تمؾ، و –أي كامؿ بنياف ىذا المجتمع –ومبادئيا وشعائرىا ليذا، ميما تكمـ ىذا اإلنساف عف األخوة والوحدة والكمية، فإف كمماتو تبقى فارغة مف أي معنى، ألنيا ببل معنى حقيقي ويومي. ولكف إذا حرر اإلنساف نفسو مف كؿ تمؾ األحماؿ الثقيمة الخادعة، مف كؿ تمؾ اإلشراطات والخرافات والترىات، فإنو

لتصور. وأيضا في العبلقة الخاصة، حيف يكوف المرء متزوجا أو يعيش مع أحدىـ، فيؿ مف الممكف أال سيعطؿ عمؿ ذلؾ اأال تسجؿ ذاكرتو أية حادثة سارة أو أليمة، في تمؾ العبلقة الخاصة، وأال يسجؿ اإلىانة –يكوف لديو تصور عمى اإلطبلؽ أو المديح، التشجيع أو الخيبة؟

ي شيء عمى اإلطبلؽ؟ ألنو إف كاف الدماغ مشغوال باستمرار في تسجيؿ كؿ ما يحدث فإنو ىؿ مف الممكف أال نسجؿ ألف يكوف حرا عمى اإلطبلؽ ليشعر بالسكينة واليدوء، بالصمت. ألنو إذا عممت ماكينة العقؿ دوف توقؼ فإنيا ترىؽ ذاتيا

ذا ما كاف ىناؾ تسجيؿ متواصؿ أيا كاف –وتبمى. ىذا واضح جدا. ىذا ما يحدث في عبلقاتنا مع بعضنا شكؿ العبلقة. وا لكؿ شيء فإف الدماغ سيذوي، وىذه ىي الشيخوخة.

وىكذا نصؿ مف خبلؿ بحثنا إلى السؤاؿ التالي: ىؿ مف الممكف، خبلؿ عبلقاتنا بكؿ انفعاالتيا وحساسياتيا وردود تسجيؿ األحداث نفسيا، بؿ تسجيؿ األشياء األفعاؿ التي تكتنفيا، أال نتذكر؟ ونحف نتساءؿ ىنا ىؿ مف الممكف عدـ

الضرورية جدا فقط؟ ال يخفى أف تسجيؿ األمور شيء ىاـ جدا في بعض مجاالت الحياة. فعمى سبيؿ المثاؿ، يجب عمى ذا ما كنت أريد أف أصبح ميندسا، فعمي أف أسجؿ في الفرد أف يسجؿ في ذاكرتو كؿ ما ىو ضروري لتعمـ الرياضيات. وا

ذا كنت سأصبح طبيبا عمي تذكر كؿ ما أنجز في ذاؾ المجاؿ. كي أقود ذاكرتي كؿ الحسابات البلزمة لمبناء، وىكذا. وا سيارة عمي أف أسجؿ وأذكر، ولكف ىؿ مف الضروري أف نذكر كؿ شيء في عبلقاتنا، سيكولوجيا وداخميا؟ وىؿ يسمى تذكر

األحداث والمعاناة –، ىؿ تنبع كممتي مف تذكر كؿ ما مررنا بو معا أحداث الماضي حبا؟ عندما أقوؿ لزوجتي "أحبؾ" ، ىؿ يسمى تذكر كؿ ىذا حبا؟–والكفاح التي سجمت جميعا في الدماغ

وىكذا، ىؿ مف الممكف أف تكوف حرا مف تذكر ومف تسجيؿ األحداث نفسيا؟ إف ىذا ممكف فقط لدى تمتعنا باالنتباه التاـ. متع باالنتباه الكمي فإف ذاكرتؾ ال تسجؿ أي شيء.ألنؾ عندما تت

ـ ال تتمتع عقولنا بالسرعة الكافية لتمتقط وتفيـ المعنى الكمي مباشرة. ـ نحتاج إلى التفاسير، كما ال أعرؼ ل ال أعرؼ لف في أدمغتنا لماذا ال نرى ىذا الشيء، وال نفيـ حقيقة كؿ ىذا، ولـ ال نترؾ تمؾ الحقيقة تفعؿ فعميا، وبيذا تنظؼ الموح المدو

لنحظى أخيرا بدماغ ال يسجؿ أي شيء نفسيا؟. معظـ البشر بميدوف راكدوف، ويفضموف مواصمة الحياة بشخصياتيـ النمطية القديمة، بعاداتيـ التفكيرية ذاتيا، ويرفضوف كؿ ما ىو جديد ألنيـ يعتقدوف أف العيش مع المألوؼ أفضؿ بالنسبة ليـ مف

، ولذا يتابعوف تكرار ما يقوموف بو ويعمموف ويكافحوف ضمف المحيط –كما يعتقدوف –وؿ، فيو يمدىـ باألماف المجي المألوؼ بالنسبة ليـ. لكف، ىؿ بوسعنا الرصد مف دوف الخوض في آلية عمؿ الذاكرة وعممياتيا؟

أو تجاه أمتنا أو اهلل، أو تجاه عمؿ ما ىو الحب؟ ىذا سؤاؿ معقد جدا. فجميعنا نشعر بالحب تجاه شيء أو شخص ما، ما أو ىواية )كالعمؿ في الحدائؽ أو حب الطعاـ مثبل(. لقد أسأنا استعماؿ كممة الحب كثيرا إلى درجة أننا لـ نعد نعرؼ ما

كرة. ىو الحب حقا، ولذا يجب عمينا إعادة اكتشافو مف جديد. ليس الحب فكرة. إف محبة اهلل فكرة، ومحبة رمز ما تبقى فألنؾ عندما تذىب إلى الكنيسة وتركع مصميا، فإنؾ ال تصمي في الواقع سوى لشيء ابتدعتو فكرا. ليذا، تمعف في ما يجري.

، ما يعني )وبصورة ممطفة جدا( أنؾ تعبد ذاتؾ. قد يبدو ىذا الكبلـ تدنيسا، لكنو –وىذه حقيقة –أنت تعبد ما ابتدعو الفكر حوؿ العالـ. يخمؽ الفكر الرمز مع كؿ ما مرفقاتو، وبما أنؾ خمقتو فإنؾ تقع في حبو )بشكؿ حقيقي. وىذا ما يجري

رومانسي أو منطقي عقبلني(، وتصبح ال تتقبؿ سواه. إف كؿ الغوروات، والقساوسة، وكؿ البنى الدينية مبنية عمى ىذه د ما، ومف ثـ يحارب اإلنساف ألجميا، ويقتؿ غيره ألجميا، الحقيقة. تمعف في ىذه المأساة. حيث يخمؽ الفكر الراية، كرمز لبم

لتدمر أمتؾ األرض في خضـ تنافسيا مع أمة أخرى، لتتحوؿ الراية إلى رمز لما تحبو. لقد عاش اإلنساف مبلييف السنيف بيذه الطريقة، وما زلنا ليذا السبب تدميريف، عنيفيف، متوحشيف، ومتكالبيف بشكؿ رىيب.

الممتعة لنشاطات الفكر المختمفة. لذا، فإف ننا نحب شخصا ما، فإف ىذا الحب يتضمف الرغبة، التصوراتعندما نقوؿ إعمى اإلنساف أف يفيـ إف كاف الحب مجرد رغبة، أو متعة، أو إف كاف الحب يتضمف خوفا مف شيء ما، فأنى حؿ الخوؼ

لسيطرة. ىناؾ جماؿ في العبلقة الحقيقية، الكوف كمو حركة في وجدت برفقتو الكراىية والحسد والقمؽ واليوس والرغبة في االعبلقة، الكوف نظاـ، وعندما يمتمؾ الفرد نظاما ذاتيا نرى انعكاس ذلؾ جميا في عبلقاتو وبالتالي احتماؿ أف يسود النظاـ في

ذا ما حاوؿ اإلنساف استقصاء طبيعة العبلقات سيجد أف وجود النظاـ ىاـ جد ا، ومف ذاؾ النظاـ ينبع الحب. ما مجتمعنا. وا ىو الجماؿ؟ أنتـ تروف الثمج الطازج عمى الجباؿ ىذا الصباح، نظيفا ومشكبل منظرا خبلبا. وتروف تمؾ الشجرات المتوحدة

ذا ما نظرنا إلى عالمنا نجد اآلالت الرائعة والحواسيب الفائقة بجماليا الخاص. وتر وف الجماؿ في التي تتخمؿ ذاؾ البياض. وا وجو، وفي لوحة، وفي قصيدة. ويبدو أننا نبلحظ الجماؿ في كؿ مكاف، في المتاحؼ أو لدى حضورؾ لحفؿ موسيقي تستمع فيو أللحاف بيتيوفف أو موتسارت. أنت ترى الجماؿ حولؾ في كؿ مكاف. تراه في التبلؿ والودياف ومياىيا الجارية، في خفقة

الصباح. ولكف ىؿ يوجد الجماؿ حولنا فقط؟ أو أنو شيء يوجد، فقط، عندما تتبلشى أناي؟ جناح الطير وصوتو في باكورة فعندما ترنو لتمؾ الجباؿ في صباح مشمس وتراىا تبرؽ صفاء تحت السماء الزرقاء، تأخذؾ روعتيا ويسحبؾ جبلليا بعيدا

الروعة والسحر وجبروت الجباؿ كؿ مشكبلتؾ عف كؿ ذكرياتؾ الشخصية لوىمة. وىكذا يمسح الجماؿ الخارجي في العالـ و ولو لمحظة، وتنسى نفسؾ. وىكذا يوجد الجماؿ عندما تغيب ذاتؾ مف الوجود. إال أننا لـ نتحرر مف أنفسنا، فنحف أنانيوف،

ى إلى التماىي مستغرقوف في ذواتنا، وفي أىميتنا أو في مشكبلتنا، معاناتنا، وآالمنا ووحدتنا. وبسبب ىذه العزلة اليائسة نسعمع شيء ما ونتعمؽ بفكرة ما، بمعتقد أو بشخص، خصوصا بشخص ما. ولدى تبعيتنا لو تولد كؿ مشاكمنا. أينما حمت

التبعية واالتكاؿ يولد الخوؼ. فالفساد يبدأ عندما تتعمؽ بأي شيء.

ة بحد ذاتيا، وليس عف الرغبة في إف الرغبة ىي الدافع األقوى واألكثر حيوية في حياتنا. ونحف نتحدث ىنا عف الرغبشيء محدد. لقد قالت كؿ الديانات: إنؾ إذا ما أردت خدمة اإللو فإنو عميؾ أف تتخمص مف نير الرغبة، وأف تدمرىا وتتحكـ

ذلؾ التصور الذي لدى المسيحييف ولدى اليندوس، وىمـ –بيا. كؿ الديانات قالت: استبدؿ رغبتؾ بتصور مف نسج خيالؾ بدؿ ما ىو حقيقي بالتصور.جرا. است

لكف الحقيقي ىو الرغبة. ويتصوروف أف اإلنساف قادر عمى مقاومتيا والتغمب عمييا باستبداليا بشيء آخر، أو بأف يسمـ وىذا ما يعيدنا إلى نشاط فكري آخر. ىذا ىو نمط كؿ التفكير الديني السائد –نفسو لمف يعتقده معمما أو مخمصا، لغورو ما

لعالـ. لذا، يجب عمى اإلنساف أف يفيـ كميا ماىية الرغبة، وىي ليست الحب بكؿ وضوح، كما أنيا ليست التعاطؼ وال في االحنو. وعندما يفتقد الحب والحناف يغدو التأمؿ خاليا مف المعنى، فممحب ولمتعاطؼ ذكاؤىما الخاص البعيد كؿ البعد عف

الفكر المخاتؿ.

فائؽ األىمية في حياتنا؛ كيفية تشويييا كؿ ىذا الدورلماذا تمعب ة أمر في غاية األىمية، و لذا، فإف فيـ طبيعة الرغبخمادىا، لموضوح، ومنعيا لميزة الحب الرائعة مف الظيور. ألنو مف األىمية بمكاف أف نفيميا مف دوف أف نحاوؿ قمعيا وا

منحنا السبلـ.وأال نحاوؿ السيطرة عمييا أو توجيييا في اتجاه معيف نعتقد أنو ي

أرجو أف تذكروا أف المتحدث ال يحاوؿ أف يؤثر عميكـ وال أف يوجيكـ في اتجاه ما. ولكننا نستكشؼ معا ممرا شديد الحساسية والتعقيد. وبالتالي عمينا االستماع إلى بعضنا لنكتشؼ حقيقة الرغبة. فعندما يفيـ المرء مغزى ومعنى وسعة وحقيقة

مختمفة تماما في حياة اإلنساف. الرغبة، يصبح ليا قيمة

ىؿ بوسع المرء حيف يرصد الرغبة، أف يدرسيا كمشاىد خارجي، أـ أنو ال يرصدىا سوى عندما تظير، وىكذا ال يراىا بشكؿ منفصؿ عف ذاتو فيتحوؿ بذاتو إلى رغبة؟ ىؿ تروف الفرؽ؟ إما أف يرصد اإلنساف الرغبة )كتمؾ التي تعتريو لدى

في واجية محؿ ويرغب بالحصوؿ عميو(، وىكذا تكوف الرغبة شيئا منفصبل عف األنا وعف الذات، أو أف تكوف رؤيتو شيئا ما الرغبة متحدة مع الذات، مع األنا، وىكذا يكوف ىناؾ إدراؾ لمرغبة مف دوف أف يكوف ىناؾ مراقب يرصدىا.

إلى ذاؾ الشيء المنتصب في الحقؿ، لكنو بوسع المرء أف ينظر إلى شجرة، وكممة )شجرة( ىي المصطمح الذي يشير يعمـ أف كممة )شجرة( ليست الشجرة ذاتيا. كذلؾ ليست زوجة اإلنساف تمؾ الكممة الدالة عمييا، ألف اإلنساف اخترع ىذه

يست الكممة. ال أدري إذا ما كنتـ تمحظوف معي دقة ىذا األمر. ألنو عمى المرء أف يفيـ بوضوح ومف البداية أف الكممة لوىو ذلؾ الشعور غير العادي الذي يدفع إلى االستجابة. وليذا عمى –الشيء، وبالتالي فإف كممة )رغبة( ليست الشعور بيا

المرء أف يكوف شديد الحذر كي ال يقع فريسة لمكممة. كما عمى الذىف أف يكوف حاضرا بما يكفي ليرى أف األشياء قد تولد فصمة عف األشياء. ىؿ يدرؾ اإلنساف أف الكممة ليست الشيء وأف الرغبة ليست منفصمة الرغبات، تمؾ التي تكوف عادة من

عف المشاىد الذي يراقب الرغبة؟ ىؿ يدرؾ المرء أف الشيء قد يخمؽ الرغبة، وأف الرغبة مستقمة عف الشيء؟

ميؽ فسنبقى أبدا في حالة صراع كيؼ تتفتح الرغبة؟ لـ توجد خمفيا تمؾ الطاقة اليائمة؟ إف لـ نفيـ طبيعة الرغبة بشكؿ عمع بعضنا. قد يرغب المرء شيئا، وترغب زوجتو بشيء آخر، وأوالده بأشياء مختمفة. وىكذا نكوف عمى خبلؼ مع بعضنا.

وتسمى ىذه المعركة وىذا الصراع حبا وعبلقة.

ة شديدة المكر والخداع، ما لـ نفيـ ونتساءؿ: ما ىو مصدر الرغبة؟ عمينا أف نكوف صادقيف وأمناء جدا ىنا. ألف الرغبأسسيا. كؿ استجاباتنا الحسية ىامة )البصر، الممس، التذوؽ، الشـ، والسمع(، وقد تفوؽ أىمية أحدىا أىمية األخريات لدى

ذا، ال البعض، إذ نرى األمور بطريقة خاصة إذا كانت ميولنا فنية، أما إذا كاف الفرد ميندسا فسيراىا بطريقة مختمفة. ولينرى أبدا األمور بكميتيا رغـ استخدامنا لكؿ الحواس، إذ يستجيب كؿ واحد منا بطريقتو الخاصة والمنفصمة عف األخرى. فيؿ مف الممكف أف نستجيب بكؿ حواسنا؟ تنبيوا ألىمية ىذه النقطة، ألنو عندما يستجيب المرء بكؿ حواسو يكوف ىناؾ إلغاء

. لكف عندما يستجيب المرء لشيء ما بطرقة معينة تبدأ الفروقات. حاوؿ أف تسكتشؼ centralizedلممراقب المتمركز بنفسؾ عندما تغادر ىذه الخيمة، عندما تنظر إلى مياه النير الجارية، ذلؾ الضوء المتؤللىء عمى سطح الماء الجاري،

ؿ استجابتؾ إلى شيء حاوؿ أف ترى ما إذا كنت قادرا عمى النظر إليو بكؿ حواسؾ. ال تسألني كيؼ، ألنؾ بذلؾ تحو ميكانيكي. لكف بدال مف أف تسألني تعمـ فيـ كامؿ االستجابة الحسية.

حيف تنظر إليو فإف المشاىد يولد االستجابة. حيف ترى قميصا أو ثوبا أخضر فإف المنظور يولد االستجابة، ثـ يحصؿ ديا ذاؾ القميص أو الثوب، وىكذا تبزغ الرغبة. أو أنؾ تشاىد سيارة في التواصؿ، ومنو يخمؽ الفكر صورة لديؾ وأنت مرت

الطريؽ وترى شكميا الجميؿ ولمعانيا وتشعر بالقوة الكامنة فييا، فتدور حوليا وتتفحصيا، ثـ يخمؽ الفكر لديؾ تصورا بأنؾ ف تصورات الفكر؟ حتى تمؾ النقطة ال تركبيا وتدير المحرؾ، وتضع قدمؾ عمى دواستيا لتقودىا. لذا، ىؿ تولد الرغبة م

توجد الرغبة حقا، بؿ ىناؾ االستجابات الحسية الطبيعية. ىكذا يخمؽ الفكر التصور، واعتبارا مف تمؾ المحظة تتصاعد الرغبة. فقبؿ تمؾ المحظة لـ تكف ىناؾ رغبة، ألنو توجد استجابات حسية، وىذا طبيعي. ثـ يتدخؿ الفكر فيخمؽ التصور،

ا مف تمؾ المحظة تولد الرغبة. واآلف، ىؿ مف الممكف أال يتدخؿ الفكر ويخمؽ التصورات؟ يعتبر فيمنا لمرغبة انضباطا، وبدء وال يعني تحكما بالرغبة وسيطرة عمييا. كؿ ما تتعممو ينتيي. أما إف قمت بأنؾ تريد السيطرة عمى الرغبة فاعمـ أنؾ تبحث

رؤيتؾ وفيمؾ ليذه الحركة ككؿ أف الفكر بخيالو سيتوقؼ عف التدخؿ، بعدىا سترى فقط تماما في حقؿ آخر. وستجد لدى وتشعر، فما الخطأ في ذلؾ؟. نحف جميعنا مأخوذيف بالرغبة، ونريد أف نحقؽ ذواتنا عبر تحقيؽ رغباتنا، لكننا ال نرى ما

المكاسب وفي النجاح وفي السمطة والمكانة تمؾ الرغبة في تحقيؽ األمف لؤلفراد وفي إحراز –خمفتو مف خراب في العالـ االجتماعية. ال نشعر مطمقا أننا مسؤولوف عف كؿ ما نقـو بو. عندما نفيـ الرغبة وطبيعتيا فماذا ستكوف مكانتيا بالنسبة لنا؟

، أـ ىؿ سيكوف ليا مكاف بوجود الحب؟ ىؿ يقع الحب خارج نطاؽ الوجود اإلنساني بحيث يصبح ببل قيمة عمى اإلطبلؽأننا ال نرى الجماؿ والعمؽ العظمة والقدسية في حقيقة وجوده، أـ ترانا ال نممؾ الطاقة البلزمة والوقت لندرس ونثقؼ أنفسنا،

ونفيـ ماىيتو؟

في غياب الحب والتعاطؼ وما يتضمنو مف إدراؾ يتضاءؿ معنى التأمؿ. ال نستطيع عمى اإلطبلؽ دوف ذلؾ إيجاد ذلؾ ا، مف الضروري أف نرتب تماما "منزؿ" حياتنا وكياننا وصراعاتنا.العطر األبدي. وليذ

1981تموز، 19

إذا كاف الدماغ الذي يعمؿ جزئيا اآلف قادرا عمى العمؿ كميا وتماما. نحف نستعمؿ جزءا منو اآلف أف نفكر فيما عمينافقط، وىذا أمر تمحظونو بأنفسكـ، وتروف أف التخصص )الذي قد يكوف ضروريا( يؤدي إلى تشغيؿ جزء مف الدماغ فقط.

لدماغ فقط بشكؿ طبيعي. الشيء نفسو إذا كاف المرء فإذا كاف المرء عالما متخصصا في مجاؿ ما فسيعمؿ جزء مف امختصا بالرياضيات، حيث يجب عمى اإلنساف في العالـ الحديث أف يتخصص في مجاؿ ما، ونتسأؿ رغـ ذلؾ: ىؿ مف

الممكف إتاحة المجاؿ لمدماغ ليعمؿ كميا وبشكؿ كامؿ؟

يعا، عندما يتفوؽ الحاسوب عمى اإلنساف بدقتو والسؤاؿ اآلخر الذي نطرحو ىو: ما الذي سيحوؽ بالبشرية، بنا جمكما يتنبأ خبراء التقانة العالية؟ فمع تطور الروبوتات قد يعمؿ اإلنساف ساعتيف ربما يوميا. قد يتحقؽ ىذا في –وسرعتو

ع الوقت المستقبؿ القريب. وعندىا، ماذا سيفعؿ اإلنساف؟ ىؿ سيغرؽ في مجاؿ التسمية؟ ىذا ما يحصؿ اآلف، إذ تزداد مأىمية الرياضة، وكذلؾ مشاىدة التمفاز، والترفيو الديني المنتشر؛ أـ أف اإلنساف سيرتد داخميا، وىذا ليس ترفييا أو ترفا، بؿ ىو أمر يحتاج إلى قدرة ىائمة عمى المبلحظة والدراسة واإلدراؾ البلشخصي؟ ىذاف ىما االحتماالف الممكناف. يتضمف

ي اإلنساني السعي إلى تحقيؽ السعادة ومحاولة تفادي الخوؼ. لذا، ىؿ ستنغمس البشرية أكثر في المحتوى األساسي لموع مجاؿ التسمية؟ يأمؿ المرء أال تكوف ىذه التجمعات نوعا مف التسمية.

واآلف، أيمكف لمدماغ أف يكوف حرا تماما بحيث يعمؿ كميا؟ ألف أي تخصص أو تمذىب، أو انضواء تحت أي نمط، ميندسيف، –ي ببل شؾ أف الدماغ يعمؿ بشكؿ جزئي، وبالتالي بطاقة محدودة. نعيش اليـو في مجتمع التخصصات يعن

فيزيائيف، جراحيف، نجاريف، وكذلؾ متخصصيف في معتقدات معينة أو مفاىيـ فكرية بعينيا باإلضافة إلى الشعائر الدينية. لؾ، ىؿ يستطيع الدماغ العمؿ بكميتو، مما يعني العمؿ بطاقة بعض التخصصات ضرورية، مثؿ الجراحة والنجارة. رغـ ذ

ىائمة؟ ىذا في اعتقادي سؤاؿ جدي جدا يجب أف نتقصى عنو معا.

إذا تمعف المرء في نشاطو الخاص لوجد أف الدماغ يعمؿ بشكؿ مشايع ومجتزأ، وأف النتيجة ىي تناقص طاقة المرء أكثر ا، جسمانيا، يكوف اإلنساف في قمة حيويتو في مرحمة الشباب، ولكف، مع ازدياد عمـو فأكثر مع التقدـ في السف. بيولوجي

المرء وما يمييا مف تخصص في مجاؿ ما تضيؽ نشاطات الدماغ، ليصبح مع الوقت محدودا ومتناقص الطاقة أكثر فأكثر.

–ي االتجاه الديني ألف ىذا خرافة ليس بالضرورة ف –مع ذلؾ، لربما توجب األمر أف يكوف لمدماغ شكبل مف التخصص كأف يكوف، عمى سبيؿ المثاؿ، جراحا، فيؿ يستطيع دماغو العمؿ بشكؿ كمي؟ بوسعو أف يعمؿ بشكؿ كامؿ، حامبل معو كؿ تمؾ الحيوية اليائمة التي تعود لمبلييف السنيف، عندما يكوف حرا بالكامؿ. لف يكوف التخصص، الضروري اآلف مف أجؿ

لرزؽ، ضروريا إذا ما تولت الحواسيب العمؿ عف اإلنساف. ىي لف تقـو طبعا بالجراحة عوضا عف اإلنساف، كما تحصيؿ ا لف تشعر بالجماؿ لدى النظر إلى النجـو ليبل، لكف بوسعيا القياـ بمياـ أخرى بالكامؿ.

كالتعمؽ ببعض المعتقدات والتجارب وما – ىؿ يستطيع الذىف البشري أف يكوف حرا بالكامؿ مف أي نوع مف أنواع التعمؽإلى ذلؾ؟ إذا لـ يكف بوسع الدماغ أف يتحرر بالكامؿ فإنو سيتدىور. فعندما تشغمو مشكبلت التخصص ومشكبلت العيش يكوف نشاطو محدودا. لكف إذا ما تولت الحواسيب األمر فإف ىذا النشاط سيتناقص أكثر فأكثر وبالتالي فإنو سيتدىور

ا. ىذا ليس تنبؤا مستقبميا، بؿ ىو أمر يحصؿ اآلف ويستطيع أي منكـ تممسو حيف يتمعف بنشاطو الفكري.تدريجي

ىؿ بوسع وعيكـ، رغـ ما يحممو مف مخاوؼ ورغبات في تحقيؽ السعادة، مع كؿ األحزاف واآلالـ والمحف، ورغـ كؿ األذيات الداخمية التي تعرض ليا، االنعتاؽ كميا؟ قد يكوف لدينا أنواع أخرى مف الوعي، كوعي المجموعات، والوعي العرقي،

إال أف أساس كؿ محتويات الوعي يبقى الخوؼ باإلضافة إلى السعي إلى والقومي، كوعي الكاثوليؾ، واليندوس، وىكذا، تحقيؽ السعادة، واأللـ والببليا المتبلحقة التي تكوف خاتمتيا الموت. كؿ تمؾ األمور تشكؿ المحتوى المركزي مف وعينا. فيا

ألف وعينا، سواء كنا مسيحييف يعيشوف في نحف معا ندرس ظاىرة الوجود اإلنساني بكامميا، ألنيا ظاىرة وجودنا. نحف بشر العالـ الغربي، أو مسمميف يعيشوف في الشرؽ األوسط أو بوذييف يعيشوف في آسيا، يتضمف بشكؿ رئيسي الخوؼ، والمياث لتحقيؽ السعادة، واألحماؿ السرمدية مف اآلالـ والمحف. فوعي الفرد ليس وعيا خاصا بو عمى اإلطبلؽ. وىذا أمر مف

أف نقبمو، ألنو ىكذا كانت اشتراطاتنا، وألننا ربينا بحيث نقاـو الواقع الفعمي الذي يقوؿ أننا لسنا فرادى عمى اإلطبلؽ الصعبوأننا البشرية جمعاء. وىذه ليست فكرة رومانسية وال مفيوما فمسفيا، وليست قطعا فكرة مثالية، بؿ ىي حقيقة. لذا عمينا أف

قادرا عمى أف يتحرر مف محتويات وعيو. لماذا تنصتوف إلى المتحدث أييا السادة؟ أألنكـ نستكشؼ ما إذا كاف الدماغ تنصتوف إلى أنفسكـ عندما تسمعوف إليو؟ أىذا حقا ما يحدث؟ ألف كؿ ما يفعمو المتحدث ىو اإلشارة إلى نقطة ما والتصرؼ

صؼ، فالوصؼ سرعاف ما يتحوؿ إلى فكرة مجردة كمرآة تعكس لكـ أنفسكـ، وواقع وعيكـ. ألف المتحدث ال يحاوؿ أف يأخرى إذا ما اتبعناه. أما إذا تممست عبر الوصؼ حالتؾ الذىنية ووعيؾ الخاص، فسيكوف لبلستماع إلى المتحدث بعض

يف عاما األىمية. أما إذا تساءلت بعد انتياء ىذه األحاديث: "لماذا لـ أتغير؟" فإف الخطأ يكوف خطأؾ. أنت تحدثت خمسومع ذلؾ أنا لـ أتغير. فيؿ الخطأ ىو خطأ المتحدث؟ أو أف تقوؿ لممتحدث: "أنا لـ أستطع تطبيؽ نصائحؾ"، لذلؾ فإف الخطأ ىو طبعا خطأ المتحدث. وتصبح مف ثـ متيكما وتفعؿ كؿ األشياء السخيفة. لذا، تذكروا دائما أنكـ ال تستمعوف إلى

التي ىي في النياية وعي البشرية جمعاء. قد -انعكاسا لوعيكـ عبر ما تتحدث عنو الكممات المتحدث بقدر ما تتممسوف يؤمف العالـ الغربي برموز وشعائر دينية معينة، وقد يفعؿ العالـ الشرقي األمر ذاتو. لكف، خمؼ كؿ ىذا نجد الخوؼ ذاتو،

ة والرغبة في االنجاز نفسيا. وىذه جميعيا مشتركة لدى ونجد السعي نفسو لتحقيؽ السعادة، وأثقاؿ الجشع واأللـ واألذي اإلنسانية جمعاء.

ىكذا، نحف باستماعنا نتعمـ عف ذواتنا، وال نتابع الوصؼ فقط. نحف نتعمـ حاليا أف ننظر إلى أنفسنا إلحداث حرية كمية والتعاطؼ ىي مف فعؿ الدماغ بكميتو. تعتؽ الذىف وتمنحو القدرة عمى العمؿ بكامؿ طاقتو. وفي النياية، فإف التأمؿ والحب

وعندما يعمؿ الكؿ يكوف ىناؾ نظاـ متكامؿ. وحيف يكوف ىناؾ نظاـ داخمي متكامؿ تكوف ىناؾ حرية كمية. عندئذ فقط يمكف أف يتحقؽ شيء مقدس أزلي. لكف ىذا لف يكوف مكافأة وال أمرا يجب إنجازه، بؿ يموح ذاؾ السرمدي المقدس فقط عندما

الذىف متحررا بالكامؿ ويكوف بوسعو أف يعمؿ بكميتو.يصبح

تمتئـ محتويات وعينا عبر نشاطات الفكر. ىؿ مف الممكف يوما أف يتحرر ذاؾ المحتوى لنجد بعدا جديدا تماما؟ لنتمعف ؾ، في جني الماؿ، معا في صيرورة المتعة، إذ ليس ىناؾ فقط متعة بيولوجية، ومتعة جنسية، بؿ نحف نجد المتعة في التمم

وتمؾ التي نجدىا لدى تحقيقنا ألمر عممنا ألجمو طويبل؛ كما توجد متعة في السمطة السياسية والدينية، وفي التسمط عمى أفراد آخريف، ومتعة في اكتساب المعرفة واستعراضيا كبروفسور أو ككاتب أو كشاعر؛ كما ىناؾ إشباع ناجـ عف عيش حياة

عة ناجمة عف تحقيؽ شيء داخمي عظيـ ال يحققو الناس العاديوف. ىكذا كاف نمط وجودنا لمبلييف أخبلقية صارمة، ومتالسنيف. وقد تكيؼ الذىف عمى ىذا ولذا بات محدودا. وألف كؿ مشروط محدود حتما، فإف الذىف يتقمص ويضيؽ ويصبح

مف خبلؿ أشكاؿ المتعة المتعددة )كالجنس مثبل أكثر محدودية مع الوقت عندما يميث لتحقيؽ مختمؼ أشكاؿ المتعة. ولربماأو مختمؼ أشكاؿ التحقؽ( يسعى المرء كي يرفو عف نفسو. رجاء الحظ ىذه األمور في ذاتؾ، في نشاطؾ اليومي. ألنؾ عندما تتمعف سترى أف الذىف مشغوؿ دوما بشيء أو بآخر، يثرثر ببل توقؼ وييذر ويمغو كآلة ال تناـ. وىكذا، يستيمؾ

لذىف نفسو بالتدريج ليصبح عاجزا الفعاال عندما تأخذ الحواسيب مكانو.ا

لذا، لماذا يعيش البشر أسرى سعييـ المستديـ وراء مصادر المتعة، لماذا؟ أترى ألنيـ يشعروف بمقدار ىائؿ مف الوحدة؟ قا ليذه اإلشراطات؟ أيحدث ىذا ألف أترى ألنيـ يحاولوف اليرب مف ذلؾ الشعور بالعزلة؟ أترى ألنيـ عاشوا منذ الطفولة وف

الذىف يخمؽ تصورا عف السعادة ويسعى بعدئذ لتحقيقو؟ ىؿ الذىف ىو مصدر السعادة؟ مثبل، يشعر المرء بشكؿ مف السعادة لدى تذوقو طعاما شييا جدا أو متعة جنسية أو عندما يسمع إطراء جميبل، ويقـو الذىف بتسجيؿ ما حدث. يسجؿ الدماغ الوقائع التي أدت إلى الحصوؿ عمى ىذا الشعور الممتع. وتذكر ما حدث البارحة أو األسبوع الماضي ىو حركة الفكر. والفكر ىو محرؾ السعادة، يسجؿ الدماغ األحداث الممتعة والمثيرة التي تستحؽ أف تذكر ويخطط الفكر لتحقيقيا مستقببل

ـ يعيد الفكر ذكرى حادثة ما حصمت وانتيت؟ أال يعود السبب إلى أنيا ويتصور حصوليا مجددا ويطاردىا. ونتسأ ؿ اآلف: لجزء مما يشغمنا؟ فاألمواؿ والسمطة والمكانة تشغؿ دوما الشخص الذي يبحث عنيا. وبشكؿ مشابو، لربما شغؿ الدماغ بذكرى

سيحاوؿ تحقيقيا فيما بعد. إف تكرار ما ممتعة حصمت األسبوع الماضي. مما يعني أف الذىف سيسقطيا عمى المستقبؿ و يرضي ويشبع ويسر ىو صيرورة الفكر وليذا فيي صيرورة محدودة؛ ليذا فإف الفكر ال يمكف عمى اإلطبلؽ أف يعمؿ بشكؿ

كمي، بؿ فقط بشكؿ جزئي.

الفكر، كيؼ ىنا يبرز سؤاؿ: إذا كاف ىذا نمط عمؿ الذىف، فكيؼ يمكف أف نوقؼ الفكر، أو بشكؿ أدؽ: كيؼ نوقؼـ يطرحو اإلنساف؟ لماذا؟ أألنو نوقؼ الدماغ عف تسجيؿ الحدث الممتع الذي حدث البارحة؟ ىذا ىو السؤاؿ البيف. ولكف، ليحاوؿ دوما اليرب مف مبلحقة السعادة، وألف ىذا اليرب نفسو ىو شكؿ آخر مف أشكاؿ السعادة؟ بينما لو الحظت أف

عة والبيجة واإلثارة قد انتيت وأنيا لـ تعد موجودة وأنيا شيء حدث منذ أسبوع مضى أو أكثر )أي الحادثة التي منحتؾ المتنياءىا وعدـ تكرارىا؟ لكف السؤاؿ ليس كيؼ أنيا كانت أمرا حيا وقتئذ ولـ تعد كذلؾ اآلف( أال يكوف بوسعؾ االنتياء منيا، وا

ريقة التي يعمؿ وفقيا الدماغ والفكر. إذا أدرؾ اإلنساف ىذا فسيصؿ الفكر أنيييا أو كيؼ أوقفيا، إنو فقط أف ترى حقيقة الط بحد ذاتو إلى نياية. وسينتيي معو تسجيؿ المتعة.

الخوؼ ىو الحالة العامة الموجودة لدى كؿ الناس، وىو متجذر بعمؽ لدى الجميع. فسواء كنت تعيش في كوخ أو في كنت عارفا أو جاىبل، وسواء كنت راىبا بسيطا أو أعمى ممثؿ هلل عمى األرض، قصر، سواء كنت عاطبل أو مشغوال، سواء

أو أي شيء آخر، فإف الخوؼ يبقى األرضية المشتركة التي يقؼ عمييا كؿ البشر. ىذا مما ال شؾ فيو، فيو حقيقة مطمقة مف الخوؼ تبقى فعالياتو محدودة وليذا فإنو ال يمكف إلغاؤىا، كما ال يمكف ألحد دحضيا. وما داـ الدماغ أسيرا ليذا النمط

لف يعمؿ بشكؿ كمي. لذلؾ مف الميـ والضروري )إذا كانت البشرية ترغب في البقاء كبشرية وليس كآالت( أف يجد كؿ منا لنفسو إمكانية التحرر مف الخوؼ.

ما يكوف ىناؾ خوؼ، ىؿ نتعرؼ وما يعنينا ىنا ىو الخوؼ بحد ذاتو، وليس كيؼ يعبر عف نفسو. فما ىو الخوؼ؟ وعندعميو في تمؾ المحظة كخوؼ؟ ىؿ مف الممكف وصؼ الخوؼ في لحظة ردة الفعؿ؟ أـ أف الوصؼ يأتي بعد الحدث؟ وما بعد ىو زمف. ثـ لنفترض أف أحدىـ خائؼ، فإما أف ينتج شعوره ىذا عف شيء اقترفو فيما مضى وال يريد أف يعرفو أحد، أو

دث في الماضي وما زاؿ يوقظ الخوؼ في نفسو، أـ أنكـ تعتقدوف بوجود خوؼ ببل سبب؟ وفي أنو خائؼ مف شيء حالمحظة التي يكوف ىناؾ خوؼ، ىؿ نسميو كذلؾ؟ أـ أف ذلؾ يحدث فقط فيما بعد؟ بالطبع نحف ال نسميو خوفا إال في ما

بعد حدوث ردة الفعؿ، حيف تعترؼ الذاكرة أف بعد. ما يعني أف الدماغ الذي سجؿ األحداث المخيفة السابقة يذكرىا تماماىذا خوؼ. فحيف تحدث ردة الفعؿ المباشرة، نحف ال نسميو خوفا. فقط بعدما يحدث نسميو خوفا. وتأتي تسميتو بالخوؼ مف

ا إياىا تذكر أحداث قديمة أخرى أيقظتيا مشاعر الخوؼ. حيث يتذكر المرء مخاوؼ الماضي واستجاباتو الحديثة ليا مسمي مباشرة بالخوؼ. وىذا بسيط لمغاية. بمعنى أف ىناؾ دوما الذاكرة التي تؤثر عمى الحاضر.

لذا، ىؿ الخوؼ ىو الزمف؟ فالخوؼ مف شيء حدث األسبوع الماضي وسبب تمؾ المشاعر التي أسميناىا خوفا، والتفكير و قابؿ لمتكرار، وبالتالي يبقى المرء خائفا منو. لذا يسأؿ الضمني بأف ىذا ال يجب أف يحدث مرة أخرى في المستقبؿ، رغـ أن

اإلنساف نفسو: أيكوف الزمف ىو جذر الخوؼ؟

وبالتالي، ما ىو الزمف؟ ىو مفيـو بسيط إف قيس بالساعة، حيث تشرؽ الشمس في ساعة محددة وتغرب في ساعة اقب زمني طبيعي. كما يوجد أيضا زمف نفسي محددة أخرى. ىذا ما حصؿ البارحة، ويحصؿ اليـو وسيحصؿ غدا. إنو تع

قد أخسر منصبي، –داخمي، حيث يتـ تذكر الحادثة السارة أو المخيفة التي وقعت منذ أسبوع ويتـ إسقاطيا عمى المستقبؿ قد أخسر مالي، قد أخسر زوجتي. لذا، ىؿ الخوؼ جزء مف الزمف النفسي؟ يبدو أنو كذلؾ. ثـ ما ىو الزمف النفسي؟ حيثال يحتاج الزمف المادي لممدى فقط، بؿ يحتاجو الزمف النفسي أيضا، فالبارحة واألسبوع الذي مضى تحوؿ اليـو والغد. ىناؾ زمف ومكاف. وىذا بسيط. لذا ىؿ الخوؼ ىو حركة الزمف؟ وىؿ حركة الزمف ىي، مف الناحية النفسية، حركة الفكر؟ وىكذا

بالتأكيد. شخص ما شعر باأللـ عند طبيب األسناف. وىذه المشاعر تخزف، ويتـ – يكوف الفكر ىو الزمف والزمف ىو الخوؼالفكر يتحرؾ. لذا فإف الخوؼ ىو صيرورة الفكر في الزماف -تذكرىا وتعكس، ويأمؿ اإلنساف بأال يشعر بيا في المستقبؿ

النتباه الكمي التاـ لمخوؼ لدى تبيانو( عندئذ لف والمكاف. فإذا ما فيـ اإلنساف ىذا وأدركو ال كفكرة بؿ كحقيقة )ما يعني اـ أحدىـ وقاؿ: ف قد ؿ الخوؼ. جرب ىذا لتتبينو بنفسؾ. عندما تولي إىانة ما انتباىؾ الكامؿ، لف يكوف ىناؾ إىانة. وا يسج

ة الخوؼ ىي الفكر ما أروعؾ مف شخص؟ وانتبيت أنت تماما لكمماتو لوجدت أنيا كالماء المتطاير وراء بطة تسبح. حركفي الزماف وفي المكاف. ىذه حقيقة. ليست مجرد كممات يتفوه بيا المتكمـ أمامكـ. فإذا ما تمعنت فييا بنفسؾ، ستممس حقيقتيا، ولف يكوف بوسعؾ اليروب منيا. ال يمكنؾ اليروب مف حقيقة، ألنيا دائما ىنا. قد تحاوؿ تفادييا أو إلغاؤىا، وقد

مختمؼ األشكاؿ، إال أنيا ستبقى موجودة دائما. عندما وعيت بشكؿ كامؿ أف الخوؼ ىو حركة الفكر، تحاوؿ اليرب منيا بفإف الخوؼ لف يكوف نفسيا، ألف مضموف وعينا ىو صيرورة الفكر في الزماف وفي المكاف. وسواء كاف فكرنا محدودا جدا،

المكاف.أو واسع األفؽ شامبل، فإنو سيبقى حركة في الزماف وفي

لقد خمؽ الفكر نفسيا أشكاال متعددة مف السمطة فينا، إال أنيا جميعيا محدودة. فعندما تتحرر مف الحدود ستشعر بقدر مذىؿ مف السمطة، وال تظير ىذه القوة عمى شكؿ قوة ميكانيكية بؿ عمى شكؿ طاقة ميولة تشعر بيا. وىذه الطاقة ال عبلقة

استخداميا بشكؿ خاطئ. لكف إذا قاؿ الفكر: "إني سأستخدميا"، فإف ىذه الطاقة ستتبدد.ليا بالفكر، ليذا ال يمكف

كما يوجد عامؿ آخر في الوعي، أال وىو األسؼ والندـ، واأللـ والجراح التي ال تندمؿ، والموجودة لدى البشر جميعا، تمسؾ الناس بيا، وينتج عنيا األسى والندـ. يوجد شعور ومنذ الطفولة. تذكر تمؾ األذيات النفسية واأللـ الناتج عنيا دوما، وي

كوني باألسى لدى البشرية جمعاء التي قاست وواجيت آالؼ الحروب وانتحب عمييا مبلييف الناس. وما زالت آلة الحرب ف الباقيف، أننا موجودة بيننا، يديرىا السياسيوف، ويعززىا الشعور الوطني القومي، ويدعميا ويقوييا شعورنا بأننا منفصميف ع

غيرىـ. )نحف( ضد )ىـ(، و)أنا( ضد )أنت(. يبني السياسيوف ىذه األحزاف والمآسي العالمية ويبنوف منيا المزيد. نحف قد ال يحصؿ في الشرؽ األوسط، -جاىزوف لحرب جديدة، وعندما نتحضر لشيء ما ال بد أف يحصؿ انفجار في مكاف ما

فاألمر يشبو تحضير الطعاـ. ولكننا شديدو الغباء ألننا نسمح -مى ما نتحضر لو إنما قد يحصؿ ىنا. ألننا سنحصؿ ع بحدوث كؿ ىذا، بما فيو اإلرىاب.

نتساءؿ اآلف عف إمكانية إنياء كؿ ما نعاني منو، كؿ أنماط التعرض لؤلذى، والوحدة، واأللـ، ومقاومتيا، واالنطواء عمى ونتساءؿ إذا ما كانت توجد نياية لؤلسى الناجـ عف فقداف معتقد ثميف احتفظنا بو الذات، والعزلة، ما يسبب مزيدا مف األلـ؛

طويبل، أو عف خيبة األمؿ، والخيبة التي تأتي لدى خسارة شخص تبعناه وناضمنا مف أجمو وسممناه أرواحنا؟ ىؿ يمكف أف

وليا. تماما كما يحدث عندما ندرؾ األذية ليس بالحديث الذي ال ينتيي ح –نتحرر مف كؿ ىذا؟ ىذا ممكف إف كرسنا أنفسنا التي لحقت بنا في سني الطفولة، ونرى كؿ نتائج ذلؾ األذى الذي نقاومو، ونتراجع عنو، ألننا ال نريد أف نؤذى مف جديد،

فنشجع العزلة، ونبني حولنا جدرانا. نحف نفعؿ الشيء نفسو في عبلقاتنا.

لـ والمقاومة واالنسحاب مف الحياة والعزلة والمخاوؼ العميقة جدا. وكما قاؿ نتيجة األذى الحاصؿ في الطفولة ىي األالمتحدث مف قبؿ، نالؾ األسى الكوني لمبشر، فالبشر في مختمؼ أنحاء العالـ تعذبوا في الحروب، وعمى أيدي

وا األدبار أو ماتوا، واألسى الناجـ الديكتاتوريات، والحكومات الشمولية. وأيضا، ىنالؾ أسى األخ أو االبف أو الزوجة الذيف ولعف الفرقة، واألسى الناجـ عف االىتماـ بأمر ال يكترث لو الطرؼ اآلخر. وفي كؿ ىذا األسى ال يوجد أي مقدار مف الشفقة

ليس المتعة أو الرغبة، بؿ الحب. فأنى وجد الحب وجدت العاطفة التي يرافقيا –أو الحب، ألف إنياء األسى يجمب الحب الذكاء، ذلؾ الذي ال يمت بصمة إلى الذكاء الناجـ عف الفكر.

ـ مؤلنا حيواتنا بكؿ تمؾ األشياء، لماذا لـ ننتو مف تمؾ األحواؿ المؤلمة؟ أترى بسبب عمينا التأمؿ مميا في أنفسنا كبشر. لوسعنا أف نفعؿ؟. أما كيؼ سأتخمص مف تمؾ الكسؿ أـ بسبب العادة؟ نقوؿ عموما: لقد تعودنا وتكيفنا مع ىذه الحاؿ. فماذا ب

االشتراطات، فأنا ال أستطيع إيجاد الجواب، لذا تراني أتوجو إلى الغورو الساكف بقربي، أو إلى القس أو إلى ىذا أو ذاؾ. ال ـ ال نتمعف في أنفسنا لنرى إذا ما كنا قادريف عمى تجاوزىا، كما نتجاوز أية عادة أخرى، مث ؿ كؿ العادات نقوؿ أبدا: ل

األخرى، إذ يمكف إنياء التدخيف واإلدماف عمى المخدرات وتعاطي الكحوؿ. لكننا نقوؿ: ما أىمية ىذا، فأنا أزداد سنا في جميع األحواؿ، وجسدي يدمر ذاتو، فما المانع مف بعض المتعة؟. وىكذا نستمر في الحياة، وال نشعر بمسؤولية ما نفعمو،

لتي حولنا أو المجتمع أو أىمنا أو الموروث ونجد بعض األعذار، لكننا ال نمـو أنفسنا، ألننا إف كنا حقا فإما أف نمـو البيئة انمتمؾ الحافز والدافع لنكتشؼ سبب تعرضنا لؤلذى فبوسعنا ذلؾ. لقد أوذينا ألننا رسمنا تصورا عف أنفسنا. ىذه حقيقة.

تأذى ىو الصورة التي صنعناىا عف أنفسنا، ألف أحدىـ يأتي ويدوس عندما يقوؿ أحدىـ: "لقد لحقت بي األذية"، فإف مفالصورة بحذائو الثقيؿ فيشعر أحدىـ باألذى، كما يجرح البعض بسبب المقارنات )حيف تقوؿ لنفسؾ: "ىذا حالي لكف أحدىـ

ف لـ ينتبو المرء إلى أفضؿ مني"(. طالما ممؾ المرء يممؾ تصورا ذىنيا عف نفسو فإنو سيبقى عرضة لؤلذى. ىذه حقي قة. وا ىذه الحقيقة واحتفظ بتصور ذىني ما عف ذاتو سيأتي أحدىـ يوما ليدؽ المسامير في تمؾ الصورة وستمحؽ بو األذية. كذلؾ عندما يكوف لممرء تصورا عف نفسو بأنو مشيور ومعروؼ لجماىير عريضة، وأنو لو سمعة ومكانة يريد ليا االستمرار،

–شخص لديو جميور أكبر. لكف إذا ما أعطى المرء االنتباه التاـ لتصوره عف نفسو –ويخرب تمؾ الصورة فسيأتي أحد فسيرى أف تمؾ الصورة ببل معنى ولف تمبث أف تتبلشى. –وأعني ىنا االنتباه وليس التركيز

1981تموز، 21