العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

35
والمخدراتة لمروجي الخمرت الشرعيلعقوبا السعد أحمد ه سعد الدين م1 لقاهرةون ــ القانة الشريعة وا مجل تمهيد:اب من الشبت عندما طاح كثخدرا انمر وايث إل خطورة إدمان انتبه الفكر الغرة والشرقي امدت عل شد العقو ناديئث، فراح ينباب تلك اسبيات ب والفتتسبب ى ا من مهرب ساعديهم وتار ومتاج م الذي يئةيه والضحية اله علطي هو اتعاة، وأن الناء فقط هم ا أن هؤ ذلك الصنف، مدعج.بة والعداعسة والسيا إل الحرث وكة لهلب والشباة ارة ميادمهرة الظاتلك اق لق انطر ا الرعب منث وثتنسل، ال بعض آخر بعقوبة، ولمروجعدام ل بعقوبة ا قوان ة شديدينات ةماس وغكومصدرت بعض ام استى دول بعينهالقضاء عل ل ون حر ويج، ويشنلة، وآخرون يدبرون ل بة متهاونلث بعقو لشاقة، وبعضل امشغا ا تلك امسلحة انفيفة انبيثة. مستخدموقف الشريعة تتبع والد زجرال لعقابسألة واه من ا تسلم ا يرى أتعاطيمية من اس افسه من تلكماية نتعاطي متخدير، وعلى الة ال حا لتعزير مناسباامم يراه السكر، ومال ا حا ونكاج نفسه.ثة ويسعى لعدته انبي عن عاقوبة أن يقلع العلفاسقروج ا هذا ا أما2 ، الذي كاول أنا نن ويج، فإن ال جوارحهانه وسائرلشيطان ولسن يد ا اله، والذي لردعه وزجر أمثامس له الث رصدهات ا ك العقو ـ على تل تعال ذن هذا البحث ـ نقفبتة الثال ا تعا ا هي أحكامم ليست وليدة العصر، وإمحكا أن تلك ا هناشارة إليه أحب اة منذ كم نعمث ورضيتت عليكممت لكم دينكم وأ أكمل ـ "اليومه ـ تبارك تعال قولمي ونزولس التشريع ا ار استقرم دينا".س لكم ا3 لبشرية،ة امقيقية لدايم هو اسكتشف أن اظل نت سنستحد الزمن، وكثرة ا ورر ذلك أنهصام الث ترعى محكامم وأنه ملئن وأوان.ل مكا ك البشر منشطة ومنعشةاق صورة عق روج يقدمها، وا مهلكاا قات امقيقة خدراتن بعض اا كا وب.لسب قتلل نتهي غالبا ي الذيلع ال هو يعلم أثرهامياة، ووم ا تداوي أمراض النفس وا بزعم أ1 لقاهرة.ون ــ القانة الشريعة وامقارن ــ كليعد بقسم الفقه اللمساذ استا ا2 نهرجمع ا ــ مفر إن كان مستح والك يكن مستحور الفسق إن لمئع المخدرات والخملفقهاء لبا أثبت ا1 / 45 ، سمس بل ا3 / 1221 . 3 لثالثة.ية ائدة: من الما سورة ا

Upload: shobromy

Post on 07-Feb-2016

26 views

Category:

Documents


0 download

DESCRIPTION

العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

TRANSCRIPT

Page 1: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

1سعد الدين مسعد أحمد هالل

مجلة الشريعة والقانون ــ القاهرة

تمهيد:انتبه الفكر الغريب والشرقي احلديث إىل خطورة إدمان اخلمر واملخدرات عندما طاح كثري من الشباب

وجتار ومساعديهم يف من مهربني ى املتسببني والفتيات بسبب تلك اخلبائث، فراح ينادي أبشد العقوابت علذلك الصنف، مدعني أن هؤالء فقط هم اجلناة، وأن املتعاطي هو اجملين عليه والضحية الربيئة هلم الذي حيتاج

إىل السياسة واملداعبة والعالج.النسل، وحتت أتثري الرعب من اخلطر احملقق لتلك الظاهرة املدمرة حلياة الشباب واملهلكة للحرث و

استصدرت بعض احلكومات حبماس وغرية شديدين قوانني بعقوبة اإلعدام للمروجني، وبعض آخر بعقوبة األشغال الشاقة، وبعض اثلث بعقوبة متهاونة، وآخرون يدبرون للرتويج، ويشنون حراب للقضاء على دول بعينها

مستخدمني تلك األسلحة اخلفيفة اخلبيثة.اإلسالمية من املتعاطي يرى أهنا مل تسلمه من املسألة والعقاب ابجللد زجرا واملتتبع ملوقف الشريعة

ونكاال يف حال السكر، وما يراه اإلمام مناسبا ابلتعزير يف حالة التخدير، وعلى املتعاطي حلماية نفسه من تلك العقوبة أن يقلع عن عادته اخلبيثة ويسعى لعالج نفسه.

ان يد الشيطان ولسانه وسائر جوارحه يف الرتويج، فإننا حناول أن ، الذي ك2أما هذا املروج الفاسق نقف يف هذا البحث ــ إبذن هللا تعاىل ــ على تلك العقوابت اليت رصدها له اإلسالم لردعه وزجر أمثاله، والذي

كمة منذ أحب اإلشارة إليه هنا أن تلك األحكام ليست وليدة العصر، وإمنا هي أحكام هللا تعاىل الثابتة احملاستقرار التشريع اإلسالمي ونزول قوله ــ تبارك تعاىل ــ "اليوم أكملت لكم دينكم وأمتمت عليكم نعميت ورضيت

3لكم اإلسالم دينا".ذلك أنه مبرور الزمن، وكثرة االستحداثت سنظل نكتشف أن اإلسالم هو اهلداية احلقيقية للبشرية،

البشر يف كل مكان وأوان. وأنه ملئ ابألحكام اليت ترعى مصاحلوملا كان بعض املخدرات يف احلقيقة مسا قاتال مهلكا، واملروج يقدمها يف صورة عقاقري منشطة ومنعشة

بزعم أهنا تداوي أمراض النفس ومهوم احلياة، وهو يعلم أثرها اللعني الذي ينتهي غالبا ابلقتل ابلسبب.

األستاذ المساعد بقسم الفقه المقارن ــ كلية الشريعة والقانون ــ القاهرة. 1، 45/ 1أثبت الفقهاء لبائع المخدرات والخمور الفسق إن لم يكن مستحال والكفر إن كان مستحال ــ مجمع األنهر 2

.3/1221بل اإلسالم س سورة المائدة: من اآلية الثالثة. 3

Page 2: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

يت جيب على كل مسلم أن حيافظ علي نفسه منها، ألن وأيضا فإن اخلمر واملخدرات من احملرمات ال اجملتمع املسلم جمتمع طاهر حيل ما أحل هللا من الطيبات وحيرم ما حرم هللا من اخلبائث فإذا ظهر يف هذا اجملتمع

النظيف من يدعو إىل الفساد إبتيان احملرمات فإنه يكون قد صال عليهم حبيله مما يستوجب على كل مسلم وعلى إمام املسلمني بصفة خاصة أن يدفع هذا الصيال واالعتداء مبا يقطع شره وأذاه، فنبحث يف بصفة عامة

حكم الصيال.كما أن انتشار اخلمر واملخدرات بني قطاع الشباب والفتيات يف سن التكوين واإلنتاج أكرب كارثة،

استباحة ما حرم هللا ورسوله ووراء وهو سبيل للدمار وتفشي الفساد. فالذين يروجون لتلك اخلبائث هم أداة فساد األمة يف حكم احلرابة واإلفساد.

من هنا ينقسم هذا البحث إىل أربعة مباحث: املبحث األول: املروج والقتل.

املبحث الثاين: املروج والصيال.

املبحث الثالث: املروج واحلرابة. للمروج(.املبحث الرابع: خامتة الفصل، )العقوبة الشرعية املناسبة

املبحث األول املروج والقتل

: هو إزهاق الروح، تقول: قتله قتال: قضى على حياته، ويقال: قتل اخلمر: مزجها ابملاء ليكسر 4القتل حدهتا.

وأمجع املسلمون على حترمي القتل بغري حق، وهو من الكبائر العظام، قال تعاىل: "وال تقتلوا النفس اليت .5من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطاان فال يسرف يف القتل إنه كان منصورا"حرم هللا إال ابحلق و

قال تعاىل: "وما كان ملؤمن أن يقتل مؤمنا إال خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية ن من مسلمة إىل أهله إال أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ودية وإن كا

قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إىل أهله وحترير رقبة مؤمنة فمن مل جيد فصيام شهرين متتابعني توبة من هللا وكان هللا عليما حكيما، ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب هللا عليه ولعنه وأعد له

6عذااب عظيما". :7أنواع ثالثةوذهب مجهور الفقهاء إىل أن القتل

.594المعجم الوجيز ص 54/ 1، تاج العروس 34/ 5القاموس المحيط 5 .33سورة اإلسراء: اآلية 4 .93، 92سورة النساء اآليتان 6مد وشبه عمد، وخطأ، وفي رواية عند اإلمام مالك القتل نوعان فقط: عمد وخطأ، وعند الحنفية خمسة أنواع: ع 5

. مواهب 2/122، مجمع األنهر 4/22وما أجري مجرى الخطأ، والقتل بالسبب، أنظر في فقه المذاهب: االختيار

وما بعدها. 9/321، المغني والشرح الكبير 5/2،3مغني المحتاج 235، 6/234الجليل والتاج واإلكليل

Page 3: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

قتل خطأ: وهو أن حيدث فعال ال يريد به إصابة املقتول فيصيبه ويقتله، وهذا ال قصاص فيه، وعلى -1 عاتقه الدية، وعليه الكفارة.

قتل شبه عمد: وهو أن يقصد ضربه عدواان أو أتديبا مبا ال يقتل غالبا فيموت، وهذا أيضا ال قصاص -2 الك عمدا موجبا للقصاص.فيه، وجتب فيه الدية، وجعله اإلمام م

قتل عمد: ويتحقق يف صورتني: -3

األوىل: أن يضربه بسالح مما جيرح ويقتل فيموت. الثانية: القتل بغري السالح مما يغلب على الظن حصول الزهوق به عند استعماله كالسم أو محل مثقل حديد.

صورة األوىل فقط أما القتل وهذا مذهب اجلمهور، وقال أبو حنيفة دون صاحبيه: العمد يتحقق يف ال مبثقل والقتل ابلسم فشبه عمد فيه الدية وال قصاص إال أن يتكرر فيقتل سياسة، والقتل العمد يوجب القصاص مع اإلمث، سواء مات املقتول يف احلال أو بسراية جراحه، إال أن حيدث العفو من األولياء أو يتصاحلوا مع القاتل

على مال فال قصاص.: " ا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص يف القتلى احلر ابحلر والعبد ابلعبد واألنثى قال تعاىل

ابألنثى فمن عفي له من أخيه شئ فإتباع ابملعروف وأداء إليه إبحسان ذلك ختفيف من ربكم ورمحة فمن 8اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم، ولكم يف القصاص حياة ا أويل األلباب لعلكم تتقون".

وتصح توبة القاتل عمدا أي بعد عفو ويل الدم، ألن الكافر تصح توبته فهذا أوىل، وال يتحتم عذابه، بل هو يف خطر املشيئة وخيلد عذابه إن عذب إال إذا استحله وهو مذهب الشافعية، وعند املالكية قوالن، ألن

قاتل حىت يسلم نفسه للقود، وأن أبرئ ال تصح توبة ال 10وعند احلنفية 9الصحابة اختلفوا يف توبته ومن بعدهم نفسه من القوة ال يربأ عن الظلم والعدوان د انة.

ويف هذا املبحث أتكلم عن عشر مسائل متس موضوع البحث، على أساس أن مروج بعض أنواع افا تضر املخدرات اخلطرية والقاتلة يقدمها يف صورة دواء ومنشطات ال يف صورة مسوم قاتلة، وكثريا ما يقدم أصن

العقل وسائر منافعه أبلغ الضرر، ويتضح ذلك يف التفصيل اآليت:

املسألة األوىل: عدم العفو يف الغيلة: هي الفجاءة والغفلة، يقال: قتله غيلة أي: على غفلة منه.11الغيلة واالغتيال

: أصحابنا يوردوه على وجهني: 12يقول القاضي الباجي خلديعة.أحدمها: القتل على وجه التحيل وا

الثاين على وجه القصد الذي ال جيوز عليه اخلطأ.

.159، 151سورة البقرة اآليتان: 1 .231/ 6، مواهب الجليل: 5/2ج: مغني المحتا 9

.652/ 2بدر المتقي هامش مجمع األنهر: 14 .545، المعجم الوجيز: ص 43/ 1، تاج العروس: 26/ 5القاموس المحيط: 11 .116/ 5المنتقى شرح موطأ مالك: 12

Page 4: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

ومن صور قتل الغيلة: أن خيدع اجلاين اجملين عليه فيعطيه مشة قوية من )اهلريوين( على غرة ليقتله.والقتل الغيلة قتل عمد فيه القصاص، وحيق لويل اجملين عليه أن يعفو عن القصاص إىل الدية، فهذا

حقه ال حق احلاكم. . 16وبه قال ابن املنذر 15وأمحد 14والشافعي 13وهذا قول أيب حنيفة ، وألنه قتيل يف غري احملاربة فكان أمره لوليه كسائر 17ودليلهم: قول هللا تعاىل: "فجعلنا لوليه سلطاان"

القتلى. : األمر عندان أن يقتل به، وليس لويل الدم أن يعفو عنه، وذلك إىل السلطان.18وقال اإلمام مالك عن سعيد بن املسيب: أن عمر بن اخلطاب قتل نفر 19وحجة هذا القول: ما رواه مالك يف املوطأ

مخسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة، وقال عمر: لو متاأل عليه أهل صنعاء لقتلتهم به.م عن ابن عمر قال: قتل غالم غيلة، فقال عمر: لو اشرتك فيه أهل صنعاء لقتلته20وعند البخاري:

به.: حدثين جرير بن حازم أن املعرية بن حكيم 21وللحديث قصة أخرجها الطحاوي والبيهقي عن ابن وهب قال

الصنعاين حدثه عن أبيه: "أن امرأة بصنعاء غاب عنها زوجها، وترك يف حجرها ابنا له من غريها يقال له: حنا فاقتله، فأىب، فامتنعت منه فطاوعها، أصيل فاختذت املرأة بعد زوجها خليال، فقالت له: إن هذا الغالم يفض

فاجتمع على قتل الغالم: الرجل ورجل آخر واملرأة وخادمها فقتلوه، مث قطعوه أعضاء وجعلوه يف عية ــ بفتح العني وسكون الياء: وعاء من آدم ــ وطرحوه يف ركية ــ بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء: البئر مل تطو ــ يف

ة ليس فيها ماء ــ وذكر القصة وفيها ــ فأخذ خليلها فاعرتف مث اعرتف الباقون فكتب يعلي وهو انحية القرييومئذ أمري بشأهنم إىل عمر ــ رضي هللا عنه ــ فكتب عمر بقتلهم مجيعا وقال وهللا لو أن أهل صنعاء اشرتكوا يف

قتله لقتلتهم أمجعني. وألن قتل الغيلة يشبه احلرابة فيأخذ حكمها. قلت: وقول اإلمام مالك هو األوىل ابلرتجيح حىت ال يتغالب القاتل على أهل اجملين عليه ويطلب

منهم العفو أو يصاحلهم على الدية وتقوى شوكته ويعظم خطره، ولعل هذا من ابب قتل السياسة الذي قال به أبو حنيفة يف شبه العمد.

.24/ 4االختيار: 13 .124، 119/ 5مغني المحتاج: 15 .336/ 9المغني والشرح الكبير: 14 .336/ 9المغني والشرح الكبير: 16 .33سورة اإلسراء من اآلية رقم 15واشترط بعض المالكية أن يكون قتل الغيلة على مال، قال صاحب مواهب الجليل: ونقل هذا عن بعض 11

. 233/ 6أصحابنا أظنه البوني ــ أنظر مواهب الجليل: .1415رقم 621موطأ مالك: ص 19 .1144رقم 1242/ 3سبل السالم: 24 .1243رقم 1242/ 3سبل السالم: 21

Page 5: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

اآلية "فال يسرف يف القتل إنه كان منصورا" والسلطان يف اآلية هو حق طلب القصاص بدليل بقية أي ال يزيد عن حقه يف القصاص، فإن عفي حق لإلمام أن يعرتض ألنه الويل العام للمسلمني وقياس قاتل غيلة

على احملارب أوىل خلطره.

املسألة الثانية:لناس، أو حيبس القتل ابلسبب: يكون بغري مباشرة، مثل: أن حيفر بئرا يف غري ملكه ليهلك فيه ا

شخصا ومينعه الطعام والشراب أو أحدمها حىت ميوت، أو يقتله ابلدخان أبن حيبسه يف بيت وسد منافذه .22فاجتمع عليه الدخان فضاق نفسه فمات أو أن يسقيه مسا مكرها فيموت

الناس قلت: أو يطرح يف األسواق كميات من األطعمة واملشروابت واألدوية السامة القاتلة ليهلك هبا بعد شرائها أبنفسهم، ودون أن يقوم القاتل إبطعامهم أو سقيهم مباشرة.

فمن تسبب يف قتل غريه هل يعترب قتله هذا عمدا يوجب القصاص أم شبه عمد يوجب الدية ال القصاص؟إىل أن القتل ابلسبب ال يكون عمدا، وبذلك ال يثبت القصاص ولكن جتب 23ذهب أبو حنيفة

اقلة، لكن إن تكرر منه ذلك فلإلمام قتله سياسة، ألنه سعى يف األرض ابلفساد، أو أن يكون الدية على الع . 24قتله ابلنار، وهو قول احلسن والشعيب، وقال ابن املسيب وعطاء وطاوس: العمد ما كان ابلسالح

لبنية وحجة أيب حنيفة: أن القصاص يتعلق ابلعمد احملض، وهو أن تقتل آبلة جارحة تعمل يف نقض ا ظاهرا وابطنا، ومل يوجد والقود يستويف ابلسيف وفيه جرح الظاهر والباطن، فال يتماثالن.

وذهب مجهور الفقهاء إىل أن القتل ابلسبب يوجب القصاص كالقتل ابملباشرة، وهو قول أيب يوسف ن سريين ومحاد وعمرو ، وبه قال النخعي والزهري واب28، واحلنابلة27والشافعية 26، واملالكية25وحممد من احلنفية

.29بن دينار وابن أيب ليلى، وإسحاق، وهبذا قضى شريح، كما روى ذلك عن عليوجيب القصاص يف القتل ابلسبب عند اجلمهور سواء كان السبب شرعيا كشهادة الزور فيما يوجب

القتل، أو كان السبب حسيا كاإلكراه على القتل، ألن كل هذا يؤثر يف اهلالك.ن اجلواب عن قول أيب حنيفة أبنه ال يشرتط لوجوب القصاص أن يكون القاتل موافقا قلت: وميك

لصورة القصاص، ألن القتل اعتداء مقصود منه إزهاق الروح مع اإليالم، أما القصاص فهو حق شرعي مقصوده الزجر حلماية الناس، كما أن السبب من فعل املسبب فيكون كاملباشرة.

.156/ 2، المهذب: 4،6/ 5، مغني المحتاج: 22/ 4االختيار: 22 .622/ 2، مجمع األنهر: 22/ 4االختيار: 23 .23/ 4االختيار: 25 .622/ 2مجمع األنهر: 24 .251، 232/ 6التاج واإلكليل هامش مواهب الجليل: 26 .6/ 5غني المحتاج: م 25 .466، 464/ 9المغني والشرح الكبير: 21 .466، 323/ 9المغني والشرح الكبير: 29

Page 6: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

املسألة الثالثة:

خلط السم بطعام وقدمه للمجين عليه: إن إن خلط اجلاين السم ابلطعام وقدمه إىل اجملين عليه كطعام وأخذ مثنه، أو خلط السم بطعام رجل

ليقتله دون علمه، فأكله ومات ضمن قيمة الطعام ألنه أتلفه ابلسم، والقود من اجلاين على مذهبني، وكذلك لو رد البغوي القولني فيما لو قال: كل، وفيه شئ من السم، لكنه ال يضرك، قدمه إليه وضيفه به فأكله ومات، و

.30وفيما إذا جعل السم يف جرة ماء على الطريق فشرب منه ومات

املذهب األول: أنه قتل العمد يوجب القصاص. واستدل أصحاب هذا املذهب ابلسنة واملعقول. 33وأحد قويل الشافعي 32واحلنابلة 31وهو قول املالكية

أما السنة: -1: اليت أتت النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ بشاة مسمومة فأكل منها، فإن أاب سلمة قال 34فخرب اليهودية

فيه: فمات بشر بن الرباء بن معرور فأمر هبا النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ فقتلت.ا يعلم به دون أكله فمات به : فيه دليل على أن من قدم لغريه طعاما مسموم35قال ابن القيم اجلوزية

أقيد منه، وال ينايف هذا ما يف الصحيحني أنه ــ صلى هللا عليه وسلم ــ عفا عنها، ألن ذلك كان يف االبتداء، فلما مات بشر أمر بقتلها.

: اختلف اآلاثر والعلماء هل قتلها النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ أم ال؟ فوقع يف 36قال القاضي عياض مسلم أهنم قالوا: أال نقتلها؟ قال: ال. ومثله عن أيب هريرة وجابر.صحيح

وعن جابر من رواية أيب سلمة أنه ــ صلى هللا عليه وسلم ــ قتلها، ويف رواية ابن عباس أنه ــ صلى هللا أمجع أهل عليه وسلم ــ دفعها إىل أولياء بشر بن الرباء، وكان أكل منها، فمات هبا، فقتلوها وقال بن سحنون:

احلديث أن رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ قتلها.

يقول النووي: ولتكن الصورة فيما إذا كان على طريق شخص معين إما مطلق وإما في ذلك الوقت وإال فال 34

.5/ 5، ومغني المحتاج: 134/ 9تتحقق العمدية ــ روضة الطالبين: .2512/ 6التاج واإلكليل: 31 .329/ 9المغني والشرح الكبير: 32 .329/ 9روضة الطالبين: 33وأخرجه مسلم ــ صحيح مسلم بشرح النووي هامش 214/ 3قال ابن القيم: رواه أبو داوود، زاد المعاد: 35

ث أخت مرحب اليهودي.واسم اليهودية كما يقول النووي: زينب بنت الحر 22، 21/ 9إرشاد الساري: .214/ 3زاد المعاد: 34 .22/ 9صحيح مسلم بشرح النووي: 36

Page 7: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

قال القاضي: وجه اجلمع بني هذه الروا ات واألقاويل أنه مل يقتلها أوال حني اطلع على مسها، وقيل ، له: اقتلها، فقال: ال، فلما مات بشر بن الرباء من ذلك سلمها ألوليائه فقتلوها قصاصا، فيصح قوهلم مل يقتلها

أي: يف احلال، ويصح قوهلم: قتلها، أي: بعد ذلك. أما املعقول: -2

فإن السم وأمثاله يقتل غالبا، ويتخذ طريقا إىل القتل كثريا، فأوجب القصاص كما لو أكرهه على شربه، أو كالقتل ابلسالح.

وألنه أجلأه إىل ذلك، وتسبب به فكان كما لو ابشر القتل بنفسه.

املذهب الثاين:مطلقا والقول 37أنه ال يدخل مع القتل العمد وعليه فال قصاص وجتب الدية وهو مذهب احلنفية

الثاين للشافعي إذا كان املقتول ابلغا عاقال، أما إذا كان صبيا أو جمنوان فيلزمه القصاص ويف حكمهما األعجمي .38صيب املميز وغريهالذي يعتقد أنه البد من الطاعة يف كل ما يشار عليه به، وال فرق بني ال

ودليل هذا املذهب السنة واملعقول:

أما دليل السنة: -1أن يهودية أتت النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ بشاة مسمومة فأكل منها 39فما رواه أنس بن مالك

فقالت: أردت النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ وجيئ هبا إىل رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ فسأهلا عن ذلك ألقتلك، قال: ما كان هللا ليسلطك على ذاك، قالوا: أال نقتلها؟ قال: ال، قال: فما زلت أعرفها يف هلوات

رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم. أما املعقول: -2

فألن اجملين عليه أكل الطعام املسموم ابختياره، فأشبه لو قدم إليه سكينا فطعن هبا نفسه. .40ب القود فقد وجبت الدية لتعديه، وقيل: ال جتبوإذا مل جي 41أجاب ابن قدامة على هذا الدليل مبا أييت:

.622/ 2، مجمع األنهر: 26/ 4االختيار: 35، مغني المحتاج: 134/ 9وفي قول: ال شئ من قصاص أودية تغلبا للمباشرة على السبب ــ روضة الطالبين: 31

.156/ 2، المهذب: 5/ 5 .21/ 9بشرح النووي: صحيح مسلم 39 .131/ 9، روضة الطالبين: 26/ 4االختيار: 54 .334/ 9المغني والشرح الكبير: 51

Page 8: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

أوال: حديث أنس مل يذكر فيه أن أحدا مات منه، وال جيب القصاص إال أن يقتل به وجيوز أن يكون النيب ــ سل إليها النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ صلى هللا عليه وسلم ــ مل يقتلها قبل أن ميوت بشر بن الرباء، فلما مات أر

فسأهلا فاعرتفت فقتلها، فنقل أنس صدر القصة دون آخرها، ويتعني محله عليه مجع بني اخلربين.وجيوز أن يرتك قتلها لكوهنا ما قصدت بشر بن الرباء، إمنا قصدت قتل النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ،

فاختل العمد ابلنسبة لبشر.نقال عما يف "البحر". واالستدالل بذلك ــ أي ابحلديث ــ ضعيف، ألهنا مل 42اخلطيب الشربيينوقال

تقد الشاة إىل األضياف بل بعثتها إليه ــ صلى هللا عليه وسلم ــ وهو أضاف أصحابه وما هذا سبيله ال يلزمه القصاص.م إىل إنسان ليقتل هبا نفسه، إمنا تقدم خيالف تقدمي السكني؛ ألهنا ال تقديا: تقدمي الطعام املسموم اثن

إليه لينتفع هبا وهو عامل مبضرهتا ونفعه، فأشبه ما لو قدم إليه السم وهو عامل به.قلت: وهبذه اإلجابة تتضح قوة دليل القائلني بوجوب القصاص، وهو ما نرجحه، حلماية أرواح

لمرض النفسي، أو الراغبني يف اليقظة واالنتعاش، األبر اء، بعد ظهور وانتشار مسوم العصر، وتقدميها كعالج ل وهي يف احلقيقة مسوم قاتلة، موجهة للقضاء على املسلمني.

وحتت أتثري الرغبة يف اهلروب من مشاكل الواقع يقبل اجملين عليه جرعة من تلك السموم فتكون بداية النهاية.

قيم الجوزية قصة اليهودية بتفصيل مفيد يحسن ذكره هنا، قال: في هذه ــ وقد ذكر بن 5/ 5المحتاج: مغني 52

م ــ، أهدت له زينب بنت الحرث اليهودية امرأة سالم بن الغزوة ــ أي خيبر ــ سم رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسل

مشكم شاة مشوية قد سمتها، وسألت: أي اللحم أحب إليه فقالوا: الذراع، فأكثرت من السم في الذراع، فلما انتهش

لهم: من ذراعها أخبره الذراع بأنه مسموم، فلفظ األكلة ثم قال: اجمعوا إلي من هاهنا من اليهود، فجمعوا له، فقال

"أني سائلكم عن شئ فهل أنتم صادقي فيه؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم، فقال لهم رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ:

"من أبوكم"؟ قالوا: أبونا فالن، قال: "كذبتم أبوكم فالن"، قالوا: صدقت وبررت، قال: "هل أنتم صادقي عن شئ

وإن كذبنا عرفت كما عرفته في أبينا، فقال رسول هللا ــ صلى هللا عليه إن سألتكم عنه"؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم

وسلم ــ: "من أهل النار"؟ فقالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها.

فقال لهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم: " اخسئوا فيها فوهللا ال نخلفكم فيها أبدا".

ه"؟، قالوا: نعم. قال: "أجعلتم في هذه الشاة سما"؟ قالوا: نعم. قال ثم قال: "هل أنتم صادقي عن شئ إن سألتكم عن

: "فما حملكم على ذلك"؟ قالوا أردنا إن كنت كاذبا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك، وجئ بالمرأة إلى

ال نقتلها؟ قال: رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ، فقالت: أردت قتلك، فقال: "ما كان هللا ليسلطك علي"، قالوا أ

"ال" ولم يتعرض لها، ولم يعاقبها، واحتجم على الكاهل وأمر من أكل منها فاحتجم، فمات بعضهم، واختلف في

قتل المرأة، فقال الزهري: أسلمت فتركها، ذكره عبد الرازق عن معمر عنه، ثم قال معمر والناس تقول: قتلها

النبي ــ صلى هللا عليه وسلم.

: حدثنا وهب بن بقية قال: حدثنا خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن رسول هللا ــ صلى هللا وقال أبو داوود

عليه وسلم ــ أهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية، وذكر القصة، وقال: فمات بشر بن البراء بن معرور، فأرسل

صلى هللا عليه وسلم ــ فقتلت، قلت: إلى اليهودية: ما حملك على الذي صنعت؟ قال جابر: فأمر بها رسول هللا ــ

كالهما مرسل، ورواه حماد بن سلمة عن محمد بن عمر: عن أبي سلمة عن أبي هريرة متصال أنه قتلها لما مات

بشر بن البراء، وقد وفق بين الروايتين، بأنه لم يقتلها أوال فلما مات بشر بن البراء قتلها، وقد اختلفت هل أكل

ليه وسلم ــ منها أو لم يأكل؟ وأكثر الروايات أنه أكل من ها وبقي بعد ذلك ثالث سنين حتى النبي ــ صلى هللا ع

قال في وجعه الذي مات فيه: "ما زلت أجد من األكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر، فهذا أوان انقطاع األبهر

.154، 2/139د المعاد: هـ زا14مني قال الزهري: فتوفى رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ شهيدا

Page 9: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

املسألة الرابعة: م:إن أخرب اجملين عليه أبن الطعام مسمو

إن خلط اجلاين السم بطعام اجملين عليه، أو قدم إليه طعاما مسموما وأخربه يف احلالني أن الطعام مسموم، ومع ذلك أكله اجملين عليه ومات.

كان صبيا أو جمنوان لزمه القصاص، أما إن كان ابلغا عاقال فال ضمان على واضع السم، ألنه فإن ه اجملين عليه بعد علمه حباله، كان قاتل نفسه، ال يضمنه أحد، وهو أشبه أخربه وأعلمه بضرره وهالكه فإذا أكل 43مبا لو قدم إليه سكينا فوجأ هبا نفسه.

: كل هذا الطعام وفيه سم، فأكله فمات فال قصاص وال دية، كما نص عليه 44ولو قال العاقل الشافعي، وجزم به املاوردي.

ين عليه وأكله خمتارا عاملا بسمه.قلت: هذا، إذا مل يكن هناك إكراه على اجمل

املسألة اخلامسة: إن خلط السم بطعام نفسه ومل يقدمه إىل اجملين عليه: ابلسم الستعماله الشخصي، فدخل اجملين عليه منزله، إن خلط اجلاين السم بطعامه أو كان حمتفظا

ه ومل يقدمه، وإمنا الداخل الطاعم فأكله ومات، فال ضمان على صاحب الطعام وال على عاقلته، ألنه مل يفعلهو الذي قتل نفسه، فأشبه ما لو حفر يف داره بئرا فدخل رجل فوقع فيها، وسواء قصد بذلك قتل الداخل مثل أن يعلم أن ظاملا يريد هجوم داره فرتك السم يف الطعام ليقتله فهو كما لو حفر بئرا يف داره ليقع فيها اللص إذا

دخل ليسرق منها.فإن كان الرجل ممن يدخل 45دخل رجل إبذنه فأكل الطعام املسموم بغري إذنه مل يضمنه لذلك ولو

. 46داره، وأيكل انبساطا فهل جيري القوالن يف القصاص أم يقع بنفيه؟ طريقان

املسألة السادسة: السم الضعيف الذي ال يقتل غالبا: دمه له يف طعام فأكله ومات.إن سقى اجلاين إنساان مسا ضعيفا ال يقتل غالبا، أو ق فقد ذهب مجهور الفقهاء إىل عدم القصاص ألنه شبه عمد.

وهو عمد فيما دون النفس، يف حال ما إذا هلك عضو، ألن إلتالف النفس خيتلف ابختالف اآلية، وما دوهنا 47ال خيتص آبلة دون آلة فبقي املعترب تعمد الضرب. وقد وجد فكان عمدا.

.331، 334/ 9، المغني والشرح الكبير: 5/ 5، مغني المحتاج: 134/ 9روضة الطالبين: 53 .5/ 5مغني المحتاج: 55، المغني والشرح 5/ 5، مغني المحتاج: 131/ 9، روضة الطالبين: 156/ 2، المهذب:26/ 4االختيار: 54

.334/ 9الكبير: .131/ 9: روضة الطالبين 56

Page 10: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

إنه جيب : 48: اإلمث والكفارة والدية مغلظة على العاقلة، وحكى ابن كج قوالوموجب شبه العمد القصاص، ألن للسم نكاية يف الباطن كاجلرح.

وعلى قول اجلمهور: لو كان السم ال يقتل غالبا، لكن أوجره ضعيفا مبرض أو غريه، ومثله يقتل مثله غالبا، وجب القصاص.

ا اجملروح حىت مات، وجب القصاص على اجلارح، ألن جمرد وإذا جرحه جراحة مهلكة فلم يعاجله .49اجلراحة مهلك

قلت: وجيري هذا فيما لو سقاه مسا فلم يعاجل نفسه حىت مات.

القتل سياسة يف شبه العمد:وملا رواه أنس بن عند احلنفية مىت تكرر شبه العمد، فلإلمام أن يقتله سياسة، ملا أظهره من فساد.

أن جارية وجد رأسها قد رض بني حجرين فسألوها: من صنع بك هذا؟ فالن، حىت 50 عنه ــ مالك ــ رضي هللاــ أن يرض بني ذكروا يهود ا، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي، فأقر، فأمر رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم

حجرين.ل هذا اليهودي قتل سياسة ملا ووجه االستدالل من هذا احلديث: أن النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ قت

.51روي أنه كان اعتاد ذلكوالقتل مبثقل عند أيب حنيفة ال يكون عمدا موجبا القصاص، ألنه قتل مبا ال يفرق األجزاء خالفا أليب

يوسف وحممد ومجهور الفقهاء، كما سبق بيانه.ي مسألة القتل ابملثقل، : وال قصاص يف التخنيق والتغريق خالفا هلما، وه52يقول صاحب "االختيار"

فإن تكرر منه ذلك فلإلمام قتله سياسة ألنه سعى يف األرض الفساد.: ومن خنق يف املصر غري مرة، أي صار عادته، قتل بسبب ذلك 53ويقول صاحب "جممع األهنر"

سياسة، ألنه ذو فتنة، ساع يف األرض ابلفساد، ويقتل دفعا لفتنته وشره عن العباد.

بعة:املسألة السا

. 129/ 9، روضة الطالبين: 5/ 5، مغني المحتاج: 24/ 4االختيار: 55 .129/ 9روضة الطالبين: 51، فائدة: قال النووي: المريض المشرف على الموت يجب القصاص على قاتله، قال 131/ 9روضة الطالبين: 59

: أن المريض لو انتهى إلى سكرات الموت، وبدت القاضي وغيره: سواء انتهى إلى حالة النزع أم ال، ولفظ اإلمام

أماراته، وتعثرت األنفاس في الشارسيف، ال يحكم له بالموت، بل يلزم قاتله القصاص وإن كان يظن أنه في مثل

حال المقدود، وفرقوا بينهما بأن إنهاء المريض إلى تلك الحالة غير مقطوع به، وقد يظن به ذلك، ثم يشفى،

وألن المريض لم يسبق فعل بحال القتل وأحكامه عليه حتى يهدر الفعل الثاني والقود ونحوه بخالف المقدود،

.156/ 9هـ روضة الطالبين: 14بخالفه .24/ 4، االختيار: 1491رقم 1194/ 3متفق عليه واللفظ لمسلم ــ سبل السالم: 44 .24/ 4االختيار: 41 .29/ 4االختيار 42 .631 / 1مجمع األنهر: 43

Page 11: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

االختالف يف شدة السم أو العلم به: عن اختلف الساقي وأهل اجملين عليه يف أتثري السم يف قتله نظران: فإن أتى ببينة تثبت قوله عمل هبا. وإن قال أهل املعرفة: أن هذا القدر من السم يقتل النضو الضعيف دون القوي، أو غري هذا، عمل

على حسب ذلك.ا بينة فالقول قول الساقي، ألن األصل عدم وجوب القصاص، فال يثبت فإن مل يكن مع أحدمه

54ابلشك، وألنه أعلم بصفة ما سقى.أما إن ثبت أن السم الذي سقاه اجملين عليه قاتل، وادعى اجلاين أنه مل يكن يعلم أتثريه ابملوت، وقال:

، ووجهان عند 55قوالن عند الشافعيةمل أعلم أنه سم، أو مل أعلم أنه يقتل غالبا، فهل يصدق يف ادعائه، .56احلنابلة

من جنس ما يقتل به غالبا، فأشبه ما لو جرحه وقال مل األول: ال يقبل قوله، وعليه القود، ألن السم أعلم أنه ميوت منه.

الثاين: ال قود عليه، ألنه جيوز أن خيفي عليه أنه قاتل، وهذه شبهة يسقط هبا القود. ال يصح، إال أن يكون الساقي ممن جيهل مثله ذلك السم، وال توجد دالئل تشري قلت: والوجه الثاين

إىل اهتامه، كما أنه ال يقبل قول مدعي جهل السم فيما اشتهر من أصناف قاتله يف هذا العصر، حتذران اهليئات الصحية منها، حىت أصبحت معلومة من الواقع ابلضرورة.

ما قاله املتويل: أنه إن كان مما خيفى عليه ذلك صدق وإال فال.: واألوجه: 57وقال اخلطيب الشربيين

املسألة الثامنة: القصاص من شريك قاتل نفسه: وصورة ذلك: أن جيرح نفسه عمدا مث جيرحه غريه عمدا فيموت منهما، أو تعاطى مسا ليموت مث سقاه

غريه مسا آخر فيموت منهما. فهل جيب على املشارك له قصاص؟ قوالن:

األول: ال قصاص وعليه نصف الدية.وحجة هذا القول: أنه شارك من ال جيب القصاص 60واحلنابلة 59وأحد قولني عند املالكية 58وهو قول احلنفيةقصاص كشريك اخلاطئ، وألنه قتل تركب من موجب وغري موجب فلم يوجب كالقتل احلاصل عليه، فلم يلزمه

. 331/ 9، المغني والشرح الكبير: 5/ 5، مغني المحتاج: 129/ 9روضة الطالبين: 45 .155/ 2، المهذب: 5/ 5، مغني المحتاج: 134/ 9روضة الطالبين: 44 .331/ 9المغني والشرح الكبير: 46أظهرهما ال يصدق فيجب القصاص ــ ، وقال الروياني فيما إذا قال: لم أعلم كونه قائال 5/ 5مغني المحتاج: 45

.134/ 9روضة الطالبين: .623/ 2، مجمع األنهر: 21/ 4االختيار: 41 .6/252التاج واإلكليل: 49 .311/ 9والوجهان عند الحنابلة ذكرهما أو عبد هللا بن حامد ــ المغني والشرح الكبير: 64

Page 12: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

فألن ال جيب على شريك من ال يضمن فعله طئ وفعله مضمونمن عمد وخطأ، إذا مل جيب على شريك اخلا أوىل.

الثاين: عليه القصاص.وقول أيب بكر من احلنابلة، وروى عنه اإلمام أمحد أنه قال: إذا جرحه رجل مث 61وهو مذهب الشافعية

فوجب القصاص على الشريك فيه متمخضجرح الرجل نفسه فمات فعلى شريكه القصاص، ألنه قتل عمد 62كشريك األب.

وهذا القول، هو األوىل ابلرتجيح ألن الشريك قاتل بذاته، واملقتول حكمه إىل ربه يف فعل نفسه. أما إن جرح الرجل نفسه خطأ كأن أراد ضرب جارحه فأصاب نفسه، أو خاط جرحه فصادف اللحم

هو مذهب احلنفية نابلة و احلي، أو تناول دواء فوجده مسا، فال قصاص على شريكه يف أصح الوجهني عند احل: إذا داوى اجملروح نفسه بسم قاتل، بن شربه، أو وضعه على 64يقول اإلمام النووي 63فعية.واملالكية والشا

اجلرح، فإن كان السم مذففا فاجملروح قاتل نفسه، وليس على اجلارح قصاص يف النفس، وإمنا عليه أرش أو القصاص إن تعلق هبا قصاص طرف.جراحته، كان السم مما ال يقتل غالبا: فاجلارح شريك لصاحب شبه عمد، فال قصاص عليه يف النفس، بل وإن

عليه نصف الدية املغلظة، أو القصاص يف الطرف إن اقتضته.وإن كان السم قاتال غالبا: فإن مل يعلم اجملروح ذلك، فهو كاحلالة الثانية، وإن علمه: ففي وجوب

أصحهما أنه كشريك جارح نفسه، والثاين: ال جيب قطعا، ألنه شريك خمطئ القصاص على اجلارح طريقان، لكونه قصد التداوي ال اإلهالك.

املسألة التاسعة:

صفة القصاص يف حال القتل ابخلمر واملخدرات: إذا مت القتل ابلتغريق، أو ابلضرب ابحلجارة، أو بسقي السم، أو بكثرة اللواط والزان، أو إبجيار اخلمر،

هل يقتص منه بنفس الصفة؟:ففالواجب أن يتم القود بنفس إىل أن وسيلة القتل إن مل تكن حمرمة لعينها، 65ذهب مجهور الفقهاء

ومبا أخرجه البيهقي 66الصفة كالتغريق وسقى السم وغريمها، لقوله تعاىل: "فاعتدوا عليه مبثل ما اعتدى عليكم"ــ: "من غرض غرضنا له ومن حرق حرقناه ومن غرق غرقناه" يقول وسلم هليهللا عن حديث الرباء عنه ــ صلى م

.21/ 5مغني المحتاج: 61 .311/ 9ير: المغني والشرح الكب 62 .312/ 9، المغني والشرح الكبير: 24/ 5، مغني المحتاج 252/ 6، التاج واإلكليل: 21/ 4االختيار: 63 .165/ 9روضة الطالبين: 65هـ، 545/ 2من المالكية والشافعية والحنابلة والهادوية واختلف أصحاب مالك فيمن حرق ــ بداية المجتهد: 64

.391/ 9، المغني والشرح الكبير: 1192/ 3، سبل السالم: 54 / 5مغني المحتاج: .195سورة البقرة اآلية: 66

Page 13: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

: "أي من اختذه غرضا للسهام وبقصة اليهودي رض رأس جارية بني حجرين فأمر النيب ــ صلى هللا 67الصنعاين عليه وسلم ــ أن يصنع به ذلك.

قولني: أما إذا قتله مبحرم ال جيوز فعله كاللواط وشرب اخلمر فقد اختلف الفقهاء على األول: يكون القود مبا يشبه ذلك مما ال حيرم يف ذاته ففيمن قتله ابللواط وجتريع اخلمر، يكون القود

أبن يدخل يف دبره خشبة يقتله هبا، وجيرعه املاء واخلل حىت ميوت لتتحقق املثلية يف القصاص، وإن قتل ابلسيف صح.

، وألن املقصود من القصاص التشفي وهو ال 68به" قال تعاىل: "وإن عاقبتم فعاقبوا مبثل ما عوقبتم .69يكمل إال ابملثلية وهذا القول وجد عند الشافعية

الثاين: يكون القود ابلسيف، وال جيوز أن يكون بشئ من هذا احملرم، وهو مذهب املالكية واحلنابلة واألصح عند الشافعية.

، فوجب العدول عنه إىل القتل ابلسيف كما لو وحجة هذا القول: أن اللواط واخلمر والزان حمرم لعينه أنه ال جيوز القصاص حبال إال ابلسيف سواء كانت أداة ووسيلة القتل حمرمة 70قتله ابلسحر، ومذهب احلنفية

بعينها أو ال.أنه قال: عنه ــ صلى هللا عليه وسلم ــ 71وحجتهم: ما أخرجه البزار وابن عدي ــ من حديث أيب بكرة

: واملراد به: السالح.72 ابلسيف" قال صاحب "جممع األهنر""ال قود إالقال رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ "إن هللا 73وابلنهي عن املثلة فيما رواه شداد بن أوس قال:

كتب اإلحسان يف كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذحبتم فأحسنوا الذحبة، وليحد أحدكم شفرته ولريح ذبيحته؟

: 74وقد أجاب الصنعاين عن هذين الدليلني مبا أييت حديث أيب بكرة ضعيف، قال ابن عدي: طرقه كلها ضعيفة. -1 حديث شداد الناهي من املثلة خمصوص مبا ذكره ــ أي من أدلة اجلمهور. -2

ن قلت: واألوىل ابلرتجيح قول اجلمهور أبن يكون القود مبثل م كان من اعتداء، إال أن يكون حمرما فيكو لسيف ألنه األصل. اب

املسألة العاشرة: إزالة املنافع:

.1192/ 2سبل السالم: 65 .126سورة النحل اآلية رقم 61 .54/ 5مغني المحتاج: 69 .624/ 2، مجمع األنهر: 61/ 4االختيار: 54 .1192/ 3سبل السالم: 51 .624/ 2قى: مجمع األنهر وبدر المت 52 .1264رقم 1511/ 5رواه مسلم ــ سبل السالم: 53 .1192/ 3سبل السالم: 55

Page 14: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

: العقل، والسمع، والبصر، والشم، والنطق، والصوت، 75واملقصود إبزالة املنافع ثالثة عشر شيئا هي والذوق، واملضغ، واإلمناء، اإلحبال، واجلماع، وإفضاء املرأة والبطش، واملشي.

حدة مما سبق، وتتعدد الد ات بتعدد املنافع، ألن كل واحد منها وجتب الدية كاملة إبزالة منفعة وا منفعة مقصودة.

أن عمر ــ رضي هللا تعاىل عنه ــ قضى لرجل على رجل أبربع د ات بضربة واحدة وقعت 76وقد روي على رأسه فذهب عقله ومسعه وبصره وكالمه.

ة يتعلق بتفويت جنس املنفعة وال وكل عضو ذهب نفعه ففيه الدية وإن كان قائما، ألن وجوب الدي جتب أجرة 77عربة للصورة بال منفعة لكوهنا اتبعة، ويف إزالة بعض منفعة قدره من الدية وعند حممد بن احلسن

الطبيب ومثن األدوية.وأذكر هنا قول الفقهاء يف إزالة العقل واملنافع اجلنسية، ألهنا أكثر أتثرا ابخلمور واملخدرات، وسائر

ع مثلها.املناف

إزالة العقل: :أوال: ويف العقل الدية إذا ذهب ابلضرب لفوات منفعة اإلدراك، ألن 78يقول صاحب "جممع األهنر"

اإلنسان ابلعقل ميتاز عن غريه من احليوان وبه ينتفع يف معاذه ومعاشه.عواقب وعلى هامش "جممع األهنر" يقول صاحب بدر املتقي" العقل وهو نور يبصر به اإلنسان

األمور.: العقل يذهب بعضه فإن الدية تسقط على ذلك حبسب االجتهاد، ألنه 79ويقول القاضي الباجي

منفعة خبالف اجلوارح فإن الدية تسقط على عددها دون منافعها.: جتب إبزالة العقل كمال الدية، وال جيب فيه قصاص لعدم اإلمكان، ولو 80ويقول اإلمام النووي

ستقم أحواله، نظر: إن أمكن الضبط، وجب قسط الزائل، والضبط قد أييت ابلزمان أبن جين نقص عقله، ومل تيوما، ويفيق يوما، فتجب نصف الدية، أو يوما ويفيق يومني فيجب الثلث، وقد أييت بغري الزمان أبن يقابل

ل.صواب قوله ومنظوم فعله ابخلطأ املطروح منهما، وتعرف النسبة بينهما، فيجب قسط الزائوإن مل ميكن الضبط، أبن كان يفزع أحياان مما يفزع، أو يستوحش إذا خال، وجبت حكومة يقدرها

احلاكم ابجتهاده، وذكر املتويل: أن الدية إمنا جتب عند حتقق الزوال، أبن يقول أهل اخلربة: ال يزول العارض

وقد فصلهما في الشرح لكل واحد 13، وقد ذكر النووي البطش والمشي تحت رقم 219/ 9روضة الطالبين: 54

، 14/ 5المنتقي: ، 521/ 2، بداية المجتهد: 654/ 2وانظر أيضا مجمع األنهر: 344منهما كمال الدية ص

.414/ 9المغني والشرح الكبير .654/ 2مجمع األنهر: 56 .654/ 2مجمع األنهر: 55 .654/ 2مجمع األنهر وبدر المتقي: 51 .14/ 5المنتقي شرح موطأ مالك: 59 .294، 219/ 9روضة الطالبين: 14

Page 15: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

امة، ففي الدية وجهان، كما لو قطع سن احلادث، أما إذا توقعوا زواله، فيتوقف ي الدية، فإن مات قبل االستق مثغور، فمات قبل عودها.

: يف ذهاب العقل الدية، ال نعلم يف هذا خالفا، وقد روي عن عمر وزيد ــ رضي 81ويقول ابن قدامة هللا عنهما ــ وإليه ذهب من بلغنا قوله من الفقهاء، ويف كتاب النيب ــ صلى هللا عليه وسلم لعمرو بن حزم "ويف

قل الدية"، وألنه أكرب املعاين قدرا وأعظم احلواس نفعا فإن به يتميز من البهيمة، ويعرف به حقائق العاملعلومات، ويهتدي إىل مصاحله، ويتقي ما يضره، ويدخل به يف التكليف، وهو شرط يف ثبوت الوال ات،

ن نقص عقله نقصا معلوما وصحة التصرفات، وأداء العبادات، فكان إبجياب الدية أحق من بقية احلواس، فإمثل أن صار جين يوما ويفيق يوما فعليه من الدية بقدر ذلك، ألن ما وجب فيه الدية وجب بعضها يف بعضه

بقدره كاألصابع، وإن مل يعلم مثل أن صار مدهوشا أو يفزع مما ال يفزع منه، ويستوحش إذا خال، فهذا ال ميكن تقديره فتجب فيه احلكومة.

املنافع اجلنسية: ذهاب :اثنيا

: إذا كسر صلبه، فأبطل قوة إمنائه، وجب كمال الدية ولو قطع أنثييه، فذهب 82يقول اإلمام النووي ماؤه، لزمه ديتان، كذا لو أبطل من امرأة قوة اإلحبال لزمه ديتها ولو جىن على ثديها، فانقطع لبنها، لزمه

حكومة، فإن نقص وجبت حكومة تليق به.صلبه، فذهب مجاعه، وجبت الدية، ألن اجملامعة من املنافع املقصودة عليه بيمينه، ألنه ولو جىن على

ال يعرف إال منه، مث إهنم صوروا ذهاب اجلماع فيما إذا مل ينقطع ماؤه وبقي ذكره سليما، وذكروا أنه لو كسر ان الشخص قادرا على صلبه وأشل ذكره، فعليه دية الذكر وحكومة لكسر الصلب، وإذا كان الذكر سليما، ك

اجلماع حسا، فأشعر ذلك أبهنم أرادوا بذهاب اجلماع والرغبة فيه، ولذلك صور اإلمام ــ أي الرافعي ــ والغزايل املسألة يف إبطال شهوة اجلماع مع أن اإلمام استبعد ذهاب الشهوة مع بقاء املين.

املبحث الثاين: املروج والصيال

تعريف الصيال:

صوال، وصوالان: سطا عليه ليقهره. 83ال عليهيف اللغة: ص صاوله مصاولة وصياال: غالبه وانفسه يف الصول. تصاوال: تنافسا يف الصول. الصولة: السطوة يف احلرب

وحنوها. ويقال هو ذو صولة مقدام. والصيال يف االصطالح: هو فعل الصائل يف حمل معني )املصول عليه(.

.634، 635/ 9المغني والشرح الكبير: 11 ، وما بعدها.621/ 9، وانظر أيضا المغني والشرح الكبير 342/ 9 روضة الطالبين: 12 .355، المعجم الوجيز: ص 549/ 5، تاج العروس: 5/ 5القاموس المحيط 13

Page 16: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

: كل من عرض إلنسان يريد ماله أو نفسه، أما اإلمام النووي فقد 84فقالوقد أوجز ابن قدامة تعريفه : الصائل هو كل قاصد مسلم وذمي، وعبد وحر، 85فصل التعريف ببيان أركانه )الصائل واملصول عليه( فقال

وصيب، وجمنون، وهبيمة. واملصول عليه هو: كل معصوم من النفس، والطرف ومنفعته والبضع ومقدماته، واملال. وحكى اإلمام أبو القاسم الرافعي قوال قدميا أنه ال جيوز الدفع عن املال إذا مل حيصل الدفع إال بقتل، وقطع

طرف، واملشهور: األول: وبه قطع اجلمهور.فإن عرض الصائل وقصد املصول عليه مما ذكر جاز دفعه مبا يرده، وال ضمان فيه ال بقصاص وال

بدية وال بكفارة وال بقيمة.: إن علما احلديث كاجملمعني على استثناء السلطان لآلاثر الواردة ابألمر ابلصرب على 86قول الصنعايني

جوره، فال جيوز دفاعه عن أخذ املال وجيب الدفع عن البضع ألنه ال سبيل إىل إابحته.

بني املروج والصائل:وزع يف دار اإلسالم هو يف احلقيقة املروج للخمور واملخدرات ــ سواء كان هو املنتج أو اجلالب أو امل

صائل على املسلمني ألنه قصدهم وتعرض هلم يريد الفتك بعقوهلم وأبداهنم وأمواهلم وإفساد دينهم.وقد رتب الشارع أحكاما تتعلق بدفع هذا الصائل اخلطر، ويف هذا املبحث أتكلم عن بعض تلك

فع وحكمه، ومن له حق الدفع، وكيفيته، كما أبني األحكام اليت تتعلق مبوضوع البحث فأبني مشروعية الد حكم رميه قبل إنذاره وأخريا أبني هدر الصائل وضمانه.

مشروعية دفع الصائل: :أوال استدالال ابلكتاب والسنة واملأثور واملعقول. 87ذهب مجهور الفقهاء إىل جواز ومشروعية دفع الصائل

88ليكم فاعتدوا عليه مبثل ما اعتدى عليكم".أما دليل الكتاب: فقوله تعاىل: "فمن اعتدى ع -1ووجه االستدالل من هذه اآلية الكرمية: أن هللا تعاىل أذن ملن يعتدى عليه أن يرد هذا االعتداء مبثله،

وتسمية دفع االعتداء اعتداء من ابب املشاكلة.ب الظاملني، وملن انتصر بعد ظلمه وقال هللا تعاىل: "وجزاء سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على هللا إنه ال حي

89فأولئك ما عليهم من سبيل".يقول ابن كثري عن اآلية األوىل أنه تعاىل: شرع العدل وهو القصاص وندب إىل فعل الفضل وهو

.90العفو

.355/ 14المغني والشرح الكبير: 15 ، وقال الشرواني : هو االستطالة والوثوب على الغير ــ حاشية الشرواني116/ 14روضة الطالبين 14

.111/ 9والعبادي: .1334/ 5سبل السالم: 16 5، سبل السالم: 354/ 14، المغني والشرح الكبير: 116/ 14، روضة الطالبين: 649/ 1مجمع األنهر: 15

/1329. .195سورة البقرة: اآلية: 11 (. 51، 54سورة الشورى اآليتان: ) 19

Page 17: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

ويقول عن اآلية األخرى: أي ليس عليهم جناح يف االنتصار ممن ظلمهم. ويف ترك الصائل هالك هنى هللا عنه. 91تهلكة"وقال تعاىل: "وال تلقوا أبيديكم إىل ال

: قال رسول 92وأما دليل السنة فأحاديث كثرية منها ما روي عن سعيد بن زيد ــ رضي هللا عنه ــ قال -2 هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ: "من قتل دون ماله فهو شهيد".

هو عام لقليل املال وكثريه.يقول الصنعاين يف شرحه للحديث هو دليل على جواز الدفاع عن املال، و ــ رضي هللا عنه ــ: أنه جاء رجل إىل النيب ــ صلى هللا عليه وسلم ــ فقال: ا رسول هللا: 93وعن أيب هريرة

هللا: أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مايل؟ قال: فال تعطه. قال فإن قاتلين؟

قال: فاقتله. قال أرأيت إن قتلين؟

قال: فأنت شهيد. ه؟قال: فإن قتلت

قال: فهو يف النار.عنه ــ صلى هللا عليه وسلم ــ: "من قتل دون دينه فهو شهيد، 94وأخرج أبو داوود وصححه الرتمذي

ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد". ويف الصحيحني ذكر املال فقط.

: وجه الداللة أنه ملا جعله ــ صلى هللا عليه وسلم شهيدا، دل يقول الصنعاين بعد أن ذكر هذا احلديث على أن له القتل والقتال قال يف "النجم الوهاج" وحمل ذلك: إذا مل جيد ملجأ كحصن وحنوه، أو مل يستطع

اهلرب، وإال وجب عليه. يقول الصنعاين: قلت: ال أدري ما وجه وجوب اهلرب عليه. : 95لكثري عن السلف يف هذا املعىن من ذلكوأما املأثور: فقد روى ا -3

ــ روي عن ابن عمر أنه رأى لصا فأصلت عليه السيف، قال: فلو تركناه لقتله. ــ وجاء رجل إىل احلسن فقال: لص دخل بييت ومعه حديدة أقتله؟

قال: نعم، أبي قتلة قدرت أن تقتله. القتال. ــ وقال عطاء يف احملرم يلقى اللصوص قال: يقاتلهم أشد

ــ وقال ابن سريين: ما أعلم أحدا ترك قتال احلرورية واللصوص أتمثا إال أن جينب.

.119/ 5تفسير ابن كثير: 94 (.194ن اآلية رقم )سورة البقرة م 91. وقال النووي حديث صحيح روضة 1156رقم 1329/ 5رواه األربعة وصححه الترمذي ــ سبل السالم: 92

.116/ 14الطالبين: .1329/ 5رواه مسلم ــ سبل السالم: 93 .1334/ 5سبل السالم: 95 .355، 356/ 14المغني والشرح الكبير: 94

Page 18: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

ــ وقال الصلت بن طريف: قلت للحسن: إين أحرج يف هذه الوجوه، أخوف شئ عندي: يلقاين اللصوص يعرضون يل يف مايل، فإن كففت يدي ذهبوا مبايل، وإن قاتلت اللص ففيه ما قد علمت؟

ي بين، من عرض لك يف مالك "فإن قتلته فإىل النار، وإن قتلك فشهيد، وحنو ذلك عن أنس قال: أ والشعيب والنخعي.

ــ وقال أمحد يف اللصوص يريدون نفسك ومالك: قاتلهم متنع نفسك ومالك. ، وقتله من وأما املعقول: فإن الصائل يقوم أبعمال إجرامية منافية للدين واألخالق فدفعه من ابب رد املنكر -4

ابب االضطرار كاملخمصة اليت تبيح امليتة.: إنكار املنكر واجب على من يقدر عليه، فمن أعان احملق أصاب، ومن أعان املبطل 96قال الطربي

أخطأ.وذهب قليل من العلماء إىل عدم مشروعية الدفاع عن النفس إن كان الصائل مسلما ووجوبه إن كان

كافرا.: قال القرطيب ذهب سعد بن أيب وقاص، وعبد هللا بن 97ابب قتال الصائل ما نصه قال الصنعاين: يف

عمر، وحممد بن مسلمة، وغريهم إىل أنه جيب الكف عن املقاتلة، فمنهم من قال: إنه جيب عليه أن يلزم بيته، اجلمهور، وشذ وقالت طائفة: جيب عليه التحول من بلد الفتنة أصال، ومنهم من قال يرتك املقاتلة، وهو قول

من أوجبه حىت لو أراد أحدهم قتله مل يدفعه عن نفسه، ومنهم من قال: يدافع عن نفسه وعن أهله وعن ماله وهو معذور إن قتل أو قتل.

قال األوزاعي ابلتفصيل: وهو أنه إذا كان القتال بني طائفتني ال إمام هلم فالقتال حينئذ ممنوع. ائل املسلم السنة واملأثور واملعقول:ودليل من ذهب إىل عدم قتال الص

: مسعت أيب يقول: مسعت ــ صلى 98أما دليل السنة: فما روي عن عبد هللا بن خباب ــ رضي هللا عنه ــ قال -أهللا عليه وسلم ــ يقول: "تكون فنت، فكن عبد هللا املقتول وال تكن القاتل". وأخرج أمحد من حديث ابن عمر

إذا جاء أحد يريد قتله أن يكون مثل ابين آدم القاتل يف النار واملقتول يف اجلنة". : "ما مينع أحدكم99بلفظ قالوا هذا دليل على أنه ال جيب الدفاع عن النفس.

وأما املأثور: فقد صح أن عثمان ــ رضي هللا عنه ــ منع عبيده أن يدافعوا عنه وكانوا أربعمائة وقال: "من -ب . 100ألقى سالحه فهو حر"

فإن يف املوت شهادة، خبالف ترك األكل حىت املوت يف املخمصة. -ج

وميكن اجلواب عن دليل هذا القول مبا أييت:

.1329/ 5سبل السالم: 96 .1329/ 5سبل السالم: 95 .1325/ 5أخرجه ابن أبي خيثمة والدار قطني وأخرج أحمد نحوه عن خالد بن عرفطة ــ سبل السالم: 91 .1321/ 5سبل السالم: 99

.1334/ 5سبل السالم: 144

Page 19: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

: قد أخرج من طرق كثرية وفيها كلها راو مل يسم، وهو 101حديث عبد هللا بن خباب قال عنه الصنعاين -1 رجل من عبد القيس كان مع اخلوارج مث فارقهم.

ذلك الرجل: إن اخلوارج دخلوا قرية فخرج عبد هللا بن خباب صاحب رسول وسبب احلديث: أنه قال هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ ذعرا جير رداءه، فقال: وهللا أرعبتوين مرتني قالوا: أنت عبد هللا بن خباب؟ قال:

عليه وسلم ــ: "أنه نعم، قالوا هل مسعت من أبيك شيئا حتدثنا به؟ قال: مسعته حيدث عن رسول هللا ــ صلى هللا ذكر فتنة القاعد فيها خري من الساعي فإن أدركك ذلك فكن عبد هللا املقتول".

قالوا: أنت مسعت هذا من أبيك حيدث عن رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم؟ قال: نعم. فقدموه على ضفة النهر فضربوا عنقه وبقروا أم ولده عما يف بطنها.

د ففيها علي بن زيد جدعان وفيه مقال، ولفظه عن خالد بن عرفطة "ستكون وأما رواية اإلمام أمح فتنة بعدي وأحداث واختالف فإن استطعت أن تكون عبد هللا املقتول ال القاتل فافعل".

إن صح احلديث فإنه وارد يف الفنت الدينية القائمة على التأويل هبدف إمخادها ألن الضرر -2 عم، وليس واردا يف غري املتأول، يقول الصنعاين يف شرحه للحديث: واحلديث األخص يقدم على الضرر األ

دليل على ترك القتال عند ظهور الفنت والتحذير من الدخول فيها وقيل: إن النهي إمنا هو يف آخر الزمان حيث تكون املقاتلة لطلب امللك.

نعاين: وقوله: "إن استطعت" وليس معىن ذلك عدم مشروعية الدفاع عن النفس يف الفنت. يقول الص يدل على أهنا ال حترم املدافعة ــ أي على النفس ــ وأن النهي للتنزيه ال التحرمي.

قلت: وحمل هني التنزيه إن اعتقد أن يف عدم الدفاع عن النفس إمخادا لنار الفتنة بني املسلمني، أو ني إىل وجوب نصر احلق وقتال الباغني، الضعف عن القتال. يقول الصنعاين: ذهب مجهور الصحابة والتابع

ومحلوا هذه األحاديث على من ضعف عن القتال أو قصر نظره عن معرفة احلق.وأما فعل عثمان بن عفان ــ رضي هللا عنه ــ فلعله رأى حبنكته أن يف وضع السيوف هتدئة للوضع -3

وقتال للفتنة، وإال فإن قتال الباغي مشروع بنص القرآن الكرمي.قال تعاىل: "وإن طائفتان من املؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحدامها على األخرى فقاتلوا

.102اليت تبغي حىت تفئ إىل أمر هللا فإن فاءت فأصلحوا بينهما ابلعدل وأقسطوا إن هللا حيب املقسطني"فس، بل إن دفع الظامل رد وأما القول أبن يف القتل شهادة فهو ال مينع مشروعية الدفاع عن الن -4 للمنكر.

اثنيا: حكم دفع الصائل:

إذا قلنا مبشروعية دفع الصائل كما هو قول مجهور الفقهاء فهل جيب أم جيوز االستسالم وترك الدفع؟ : 103أجاب اإلمام النووي عن هذا السؤال ابلتفصيل اآليت

.1321/ 5سبل السالم: 141 .9سورة الحجرات: اآلية 142

Page 20: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

فع، ألن إابحة املال جائزة وهو مذهب إن قصد أخذ املال، أو إتالفه ومل يكن ذا روح: مل جيب الد -1احلنابلة يقول ابن قدامة: فإن قيل فقد قلتم يف املضطر إذا وجد ما يدفع به الضرورة لزمه األكل منه

يف أحد الوجهني، فلم مل تقولوا ذلك هاهنا؟

ه، فلم قلنا: ألن األكل حييي به نفسه من غري تفويت نفس غريه، وها هنا يف إحياء نفسه فوات نفس غري جيب عليه.

فأما إن أمكنه اهلرب فهل يلزمه؟ وجهان: أحدمها: يلزمه ألنه أمكنه الدفع عن نفسه من غري ضرر يلحق غريه، فلزمه كاألكل يف املخمصة.

.104والثاين: ال يلزمه، ألنه دفع عن نفسه فلم يلزمه، كالدفع ابلقتال التحصن مبوضع حصني، أو على االلتجاء إىل : لو قدر املصول عليه على اهلرب، أو 105ويقول النووي

فئة هل يلزمه ذلك؟ أم له أن يثبت ويقاتل؟ فيه اختالف ولألصحاب طريقان: أصحهما على قولني أظهرمها جيب اهلرب، ألنه مأمور نفسه ابألهون.

والطريق الثاين: محل نص اهلرب على من تيقن النجاة ابهلرب، واآلخر على من مل يتيقن. قصد أهله: وجب عليه الدفع ما أمكنه، ألنه ال جمال فيه. وشرط البغوي للوجوب: أن ال وإن -2

خياف على نفسه.يقول ابن قدامة: يف املرأة: جيب عليها أن تدفع عن نفسها، إن أمكنها ذلك، ألن التمكني منها

. 106حمرم، ويف ترك الدفع نوع متكني ، سواء كان مقصودا يف نفسه، أو يف عرضه، أو يف ماله.األول: املصول عليه، وهو املقصود ابلصيال : إن الرجل إذا دخل منزل غريه بغري إذنه، فلصاحب الدار أمره ابخلروج من منزله، 107يقول ابن قدامة

سواء كان معه سالح أو مل يكن، ألنه متعد بدخول ملك غريه، فكان لصاحب الدار مطالبته برتك التعدي، كما لو غضب منه شيئا.

الثاين: كل أحد سوى املصول عليه. : وهذا ألنه من ابب إزالة املنكر ابليد، والشارع وىل كل أحد ذلك حيث 108يقول الكمال بن اهلمام

: "من رأى منكم منكرا فليغريه بيده فإن مل يستطع فبلسانه وإن مل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإلميان". 109قال

.111/ 14روضة الطالبين: 143 .351/ 14والشرح الكبير: المغني 145 .111، 115/ 14روضة الطالبين: 144 .351/ 14المغني والشرح الكبير: 146 .356/ 14المغني والشرح الكبير: 145 .356/ 4فتح القدير: 141من حديث أبي بكرة قال أول من بدأ بالخطبة يوم 69/ 1جـ 51رواه مسلم في صحيحه كتاب األيمان رقم 149

ل الصالة مروان فقام إليه رجل فقال: الصالة قبل الخطبة، فقال قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد الخدري: العيد قب

/ 3أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ يقول: وذكر الحديث مسند اإلمام أحمد:

هللا عليه وسلم ــ: "إن هللا ال يضرب العامة بعمل . وأخرج اإلمام أحمد عن عدي بن عميرة عن النبي ــ صلى 24

وذكر ابن كثير أحاديث كثيرة في 192/ 5الخاصة حتى يروا المنكر بين العامة والخاصة". مسند اإلمام أحمد:

.14، 15/ 2هذا المعنى ــ تفسير ابن كثير:

Page 21: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

للوالة، خبالف التعزير الذي جيب حقا للعبد ابلقذف وحنوه فإنه لتوقفه خبالف احلدود فإهنا تثبت توليتها إال على الدعوى ال يقيمه إال احلاكم إال أن حيكما فيه.

: ولو كان مع امرأته رجل، وهو يزين هبا، أو مع حمرمة، ومها 110ويقول صاحب "جممع األهنر" ومجيع الظلمة 111ع الطريق، وصاحب املكسمطاوعتان قتلهما مجيعا مطلقا وعلى هذا املكابر ابلظلم وقطا

أبدىن شئ قيمة، وبقيمة كل مسلم حال مباشرة املعصية، وبعدها ليس ذلك لغري احلاكم.: وجيوز لغري املصول عليه الدفع، وله دفع مسلم صال على ذمي، وأب صال على 112ويقول النووي

ابنه، وسيد صال على عبده، ألهنم مظلمون. جاريته ما دون الفرج، فله دفعه، وإن أتى على نفسه، ولألجنيب دفعه كذلك ولو وجده ينال من

حسبة.، 113وجيوز أن يكون املدفوع عنه ملك القاصد، فمن رأى إنساان يتلف مال نفسه، أبن حيرق كدسه

ويغرق متاعه، جاز له دفعه. وإن كان حيواان، أبن رآه يشدخ رأس محاره، وجب على األجنيب دفعه على وبه قطع البغوي، حلرمة احليوان. األصح،

: إذا صال على إنسان صائل يريد ماله أو نفسه ظلما، أو يريد امرأة ليزين هبا، 114ويقول ابن قدامة فلغري املصول عليه معونته يف الدفع، ولو عرض اللصوص لقافلة، جاز لغري أهل القافلة الدفع عنهم، ألن النيب

: "إن املؤمنني يتعاونون على 116ر أخاك ظاملا أو مظلوما" ويف حديث: "انص115صلى هللا عليه وسلم ــ قالالفتان"، وألنه لوال التعاون لذهبت أموال الناس وأنفسهم ألن قطاع الطريق إذا انفردوا أبخذ مال إنسان مل يعنه

غريه، فإهنم أيخذون أموال الكل واحدا واحدا، وكذلك غريهم. ري املصول عليه الصيال، فهل جيب أم يستحب؟ فرع: إذا قلنا جبواز دفع األجنيب غ : هل جيب الدفع عن الغري؟ فيه ثالث طرق117يقول اإلمام النووي

أصحها: أنه كالدفع عن نفسه، فيجب حيث جيب، وال جيب حيث ال جيب. الثاين: القطع ابلوجوب، ألن له اإليثار حبق نفسه دون غريه.

القطع ابملنع، ألن شهر السالح حيرك الفنت، وليس ذلك من شأن اإلمام إىل األصوليني: 118والثالث: ونسبه أحاد الناس. إمنا هو وظيفة اإلمام.

.649/ 1مجمع األنهر وبدر المنتقى: 114 415اكس ممن يدخلون البلد من التجار والجمع مكوس ــ المعجم الوجيز ص المكس: الضريبة يأخذها الم 111

والمكس: النقص والظلم، دراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في األسواق في الجاهلية ــ وتماسكا في البيع:

.259/ 5، تاج العروس: 242/ 2كشاكسا ــ القاموس المحيط: .115، 116/ 14روضة الطالبين: 112لكدس الحصيد والتمر والدراهم ــ كدسا وضع بعضها فوق بعض تكدست األشياء: تراكمت. القاموس ا 113

.429، المعجم الوجيز: ص 234/ 5، تاج العروس: 254/ 2المحيط: .351/ 14المغني والشرح الكبير: 115سول هذا ننصره مظلوما من حديث أنس بن مالك وتكملة الحديث: "قالوا يا ر 5البخاري كتاب المظالم رقم 114

.161/ 3فكيف ننصره ظالما؟ قال: "تأخذ فوق يديه" . 114/ 3جـ 36سنن أبي داوود إمارة 116 .119/ 14روضة الطالبين: 115

Page 22: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

وعلى هذا هل حيرم أم جيوز؟فيه خالف عنهم، فإن أوجبنا، فذلك إذا مل خيف على نفسه. مث قال اإلمام: اخلالف يف أن آحاد

قدم على حمرم من شرب مخر أو غريه. هل الناس هل هلم شهر السالح حسبة ال خيتص ابلصيال، بل من أ آلحاد الناس منعه مبا جيرح وأييت على النفس؟ فيه وجهان: أحدمها: نعم هنيا عن املنكر، ومنعا من املعصية.

والثاين: ال، خوفا من الفنت.ونسب الثاين: إىل األصوليني، واألول: إىل الفقهاء وهو املوجود لألصحاب يف كتب املذهب، حىت

الفوراين والبغوي والرو اين وغريهم: من علم مخرا يف بيت رجل، أو طنبورا، وعلم شربه، أو ضربه، فله أن قال يهجم على صاحب البيت ويريق اخلمر، ويفصل الطنبور، ومينع أهل الدار الشرب والضرب.

فإن مل ينتهوا، فله قتاهلم، وإن أتى القتال عليهم، وهو مثاب على ذلك. شيخ إبراهيم املروزي: أن من رآه مكبا على معصية من زىن أو شرب مخر، أو رآه يشدخ ويف تعليق ال

شاة أو عبدا فله دفعه وإن أتى الدفع عليه، فال ضمان.

رابعا كيفية دفع الصائل:سئل أبو جعفر اهلنداوي عمن وجد رجال مع امرأة أحيل له قتله؟ قال: إن 119يقول الكمال بن اهلمام

ينزجر عن الزان ابلصياح والضرب مبا دون السالح ال يقتله، وإن علم أنه ال ينزجر إال ابلقتل حل كان يعلم أنه له قتله، وإن طاوعته املرأة حيل قتلها أيضا.

: جيب على املصول عليه التدريج والدفع ابألهون فاألهون.120ويقول اإلمام النووي ره ثة ابلناس، مل يكن له الضرب، وكذا لو اندفع شفإن أمكنه الدفع ابلكالم، أو الصياح، أو االستغا

سرت رجله مل يضربه وكذا لو حال بينهما جدر أو خندق أو هنر عظم، فإن حال أبن وقع يف ماء أو انر أو انك هنر صغري وغلب على ظنه أنه إن عرب النهر عليه، قال ابن الصباغ: فله رميه ومنعه العبور.

أما إذا مل يندفع الصائل إال ابلضرب، فله الضرب، ويراعي فيه الرتتيب، فإن أمكن ابليد، مل يضرب بسوط، وإن أمكن بسوط، مل جيز ابلعصا، ولو أمكن بقطع عضو، مل جيز إهالكه.

ومىت غلب على ظنه أن الذي أقبل عليه ابلسيف يقصده، فله دفعه مبا ميكنه، وإن مل يضربه املقبل. و كان الصائل يندفع ابلسوط والعصا، ومل جيد املصول عليه إال سيفا أو سكينا، فالصحيح أن له ول

الضرب به، ألنه ال ميكنه الدفع إال به، وال ميكن نسبته إىل التقصري برتك استصحاب سوط.واملعترب يف حق كل شخص حاجته، ولذلك نقول: احلاذق الذي حيسن الدفع أبطراف السيف من

رح يضمن إن جرح.غري ج

هو أبو القاسم الرافعي كما سبق ذكره. 111 .649/ 1، وانظر أيضا مجمع النهر: 356/ 4فتح القدير: 119 .194، 111، 115/ 14روضة الطالبين: 124

Page 23: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

ولو عض شخص يده، أو عضوا آخر، فليخلصه أبيسر املمكن، فإن أمكن رفع حلييه، وختليص ما عضه، فعل، وإال ضرب شدقه ليدعه، فإن مل ميكنه رسل يده، فسقطت أسنانه، فال ضمان.

ه، وال وسواء كان العاض ظاملا أو مظلوما، لن العض ال جيوز حبال، ومىت أمكنه التخلص بضرب فم جيوز العدول إىل غريه، فإن مل ميكنه إال بعضو آخر، أبن يبعج بطنه، أو يفقأ عينه، أو يعصر خصيتيه، فله ذلك

على الصحيح، وقيل: ليس له قصد عضو آخر.وإذا وجد رجال يزين ابمرأته أو غريها، لزمه منعه ودفعه، فإن هلك يف الدفع، فال شئ عليه، وإن اندفع

قتله، لزمه القصاص إن مل يكن الزاين حمصنا، فإن كان، فال قصاص على الصحيح.بضرب غريه مث : إن أمكن إزالة العدوان بغري القتل مل جيز القتل، كما لو غضب شيئا، فأمكن 121ويقول ابن قدامة

أخذه بغري القتل.رج ابلعصا مل يكن كثر منه، فإن علم أنه خيـ أي من الضرب ــ فال حاجة إىل أفإن اندفع الصائل بقليل ـ

له ضربه ابحلديد، ألن احلديد آلة للقتل خبالف العصا، وإن ذهب موليا، مل يكن له قتله وال اتباعه كأهل البغي. وكل من عرض إلنسان يريد ماله أو نفسه، فحكمه ما ذكران يف دفعهم أبسهل ما ميكن دفعهم به. وال دية، ملا روي عن عمر ــ رضي هللا عنه ــ بينما وإذا وجد رجال يزين ابمرأة فقتله، فال قصاص عليه

هو يتغذى يوما، إذا أقبل رجل يعدو ومعه سيف جمرد ملطخ ابلدم، فجاء حىت قعد مع عمر فجعل أيكل. وأقبل مجاعة من الناس، فقالوا: ا أمري املؤمنني: إن هذا قتل صاحبنا مع امرأته. فقال عمر: ما يقول هؤالء؟ خر فخذي امرأته ابلسيف، فإن كان بينهما أحد فقد قتله.قال: ضرب اآل فقال هلم عمر: ما يقول؟ قالوا: ضرب بسيفه فقطع فخذي امرأته، فأصاب وسط الرجل فقطعه ابثنني. فقال عمر: إن عادوا فعد. وإن رواه هشيم عن مغرية عن إبراهيم، أخرجه سعيد، وإذا كانت املرأة مطاوعة فال ضمان عليه فيها،

كانت مكرهة فعليه الضمان.، فإن مل يندفع ءابتداوليس لصاحب الدار رمي الناظر ــ أي إىل بيته من ثقب أو شق ابب ــ مبا يقتله

املطلع برميه ابلشئ اليسري، جاز رميه أبكثر منه حىت أييت ذلك على نفسه، وسواء كان الناظر يف الطريق أو ملك نفسه أو غري ذلك.

عمر واحلسن يف مسألة دخول اللص البيت جواز مبادرته ابلقتل دون تدرج، لكن ابن وروي عن ابن .122على قصد الرتهيب قدامة قال: حيمل ذلك

خامسا: حكم رمي الصائل قبل إنذاره:

.341، 351، 356/ 14المغني والشرح الكبير: 121 .355، 356/ 14المغني والشرح الكبير: 122

Page 24: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

: هل جيوز رميه قبل إنذاره؟ وجهان:123يف مسألة النظر من ثقب الباب، يقول اإلمام النووي حامد، والقاضي حسني: ال، بل ينذره ويزجره وأيمره ابالنصراف، فإن أحدمها: حيكي عن الشيخ أيب

أصر، رما، جر ا على قياس الدفع ابألهون، وألنه قد يكون له عذر. وأصحهما: وبه قال املاسرجسي: والقاضي أبو الطيب، وجزم به الغزايل: جيوز رميه قبل اإلنذار. اإلنذار على أنه: ال جيب تقدمي الكالم يف دفع كل واستدل صاحب "التقريب" جبواز الرمي هنا قبل

صائل، وأنه جيوز للمصول عليه االبتداء ابلفعل.قال اإلمام: جمال الرتدد يف كالمه هو موعظة قد تفيد وقد ال تفيد، فأما ما يوثق بكونه دافعا من

ختويف وزعقة ومزعجة، فيجب قطعا، وهذا أحسن.ونه دافعا، وخياف من االبتداء به مبادرة الصائل ال جيب االبتداء به وينبغي أن يقال: ما ال يوثق بك

قطعا.ولو دخل دار رجل بغري إذنه، فله أمره ابخلروج ودفعه، كما يدفعه عن سائر أمواله، واألصح: أنه ال

.124سرجسيكسائر أنواع الدفع، وبه قال املايدفعه قبل اإلنذار،

سادسا: هدر الصائل وضمانه:كن دفع الصائل بدرجة، فدفعه مبا فوقها ضمن، واحلاذق الذي حيسن الدفع أبطراف السيف إذا أم

من غري جرح يضمن إن جرح، ومن ال حيسن، ال يضمن ابجلرح، وحيث جاز دفع الصائل امتنع الضمان، ألن زوجة املشروع املقصود دفعه، ويف حكمه كل تعذير، ألن الواجب ال جيامعه الضمان، وأما إذا تلف من أتديب ال

يف النشوز شئ فال ضمان. .125وقال أبو حنيفة والشافعي يضمن لتقيد تعزيره بشرط السالمة فبفواته يضمن

املبحث الثالث املروج واحلرابة

التعريف ابحلرابة وشروطها:: تقول حربه حراب: طعنه ابحلرب، وحراب: سلبه مجيع ما ميلك. واحلربة: أداة قصرية من 126يف اللغة

ديد حمددة الرأس تستعمل يف احلرب واجلمع: حراب.احل ويف اصطالح الفقهاء: احلرابة هي قطع الطريق.

.192، 191/ 14روضة الطالبين: 123 .195/ 14روضة الطالبين: 125 .354، 355/ 14، المغني والشرح الكبير: 115/ 14، روضة الطالبين: 612/ 1مجمع األنهر: 124 .152، المعجم الوجيز: ص344/ 1، تاج العروس: 43/ 1لمحيط: القاموس ا 126

Page 25: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

: كوهنم ذوو شوكة ويف دار اإلسالم، وخارج املصر، 127واشرتط احلنفية يف قطاع الطريق مثانية شروط خذوا قبل التوبة.وعلى مسافة السفر، وأجانب، ومن أهل وجوب القطع، وأن أيخذوا قدر النصاب، وأن يؤ

وممن اشرتط أن تكون احلرابة خارج املصر، الثوري وإسحاق، وهو ظاهر كالم اخلرقي، فقد توقف . واحلكمة يف اشرتاط أيب حنيفة أن تكون احلرابة خارج املصر، أن يف داخل 128أمحد فيمن قاتل داخل األمصار

ولذلك أطلق احلنفية على احلرابة أو قطع املصر يكون األمان إبمكان الغوث مما يضعف شوكة احملاربني، الطريق: السرقة الكربى.

: أطلق على قطع الطريق اسم السرقة جمازا لضرب من اإلخفاء، وهو 129يقول الكمال بن اهلمام اإلخفاء عن اإلمام ومن نصبه اإلمام حلفظ الطريق من الكشاف وأرابب اإلدراك فكان السرقة فيه جمازا، ولذا ال

ة عليه إال مقيدة، فيقال: السرقة الكربى، ولزوم التقيد من عالمات اجملاز.تطلق السرقأما املالكية والشافعية وأكثر احلنابلة فلم يشرتطوا أن يكون قطع الطريق يف الصحراء، ألن ذلك إذا

وجد يف املصر كان أعظم خوفا وأكثر ضررا، فكان بذلك أوىل. .130يوسف وأبو ثور وممن قال بذلك: األوزاعي والليث وأبو : وعن أيب يوسف اعتبار الشرط األول فقط، فيتحقق يف املصر ليال، 131يقول صاحب "بدر املتقي"

وعليه الفتوى ملصلحة الناس.ويف بعض املتأخرين: إن هذا يف زماهنم، وأما يف زماننا فيتحقق يف القرى واألمصار، وعن أيب يوسف:

كان ابلسالح حد، وإن كان بغريه فال إال ابلليل.عن زاحم يف املصر أو بني القرى فإن ويشرتط الشافعية يف قاطع الطريق داخل املصر: الشوكة مبعىن قوة املغالبة، وهو ما ذكره أيضا ابن

قدامة عن القاضي، فالذين ال يعتمدون قوة، ولكن ينتهزون وخيتلسون، ويولون معتمدين على ركض اخليل، أو يتعرض الواحد والنفر اليسري ألخذ القافلة فيلبسون شيئا، يقول عنهم اإلمام النووي: العدو على األقدام، كما

ليسوا بقطاع وحكمهم يف الضمان والقصاص حكم غريهم، ومل يشرتط املالكية هلم الشوكة بل يكفي إشهار . 132السالح

شوكة وقوة، فهن ويقول اإلمام النووي ال يشرتط يف قاطع الطرق الذكورة، بل لو اجتمع نسوة هلن قاطعات طريق، وال يشرتط أيضا شهر السالح بل اخلارجون ابلعصي واحلجارة قطاع، وذكر اإلمام ــ أي الرافعي ــ أنه يكفي القهر وأخذ املال ابللكن، والضرب جبمع الكف ويف "التهذيب" حنوه، وكالم مجاعة يقتضي أنه البد

.629/ 1بدر المتقي: 125 .س452، العدة شرح العمدة: ص 291/ 14المغني والشرح الكبير: 121 .629/ 1، وانظر أيضا مجمع األنهر: 522/ 4فتح القدير: 129، المغني والشرح الكبير: 145/ 14البين: ، روضة الط544/ 2، بداية المجتهد: 629/ 1مجمع األنهر: 134

452، العدة شرح العمدة: ص 291/ 14 .629/ 1بدر المتقي: 131، بداية 452، العدة شرح العمدة: ص 291/ 14، المغني والشرح الكبير: 145/ 14روضة الطالبين: 132

.544/ 2المجتهد:

Page 26: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

ن له فضل قوة يغلب هبا اجلماعة، وتعرض للنفوس، واألموال من آلة، وال يشرتط العدد، بل الواحد إذا كا جماهرا، فهم قاطع طريق.

وعند احلنفية قوالن يف املرأة: يقول صاحب "جممع النهر": ويف التنوير: العبد يف حكم قطع الطريق دون الرجال مل تقل كغريه وكذا املرأة يف ظاهر الرواية. ويف السراجية: ولو كانت فيهم امرأة فقتلت وأخذت املال

. 133املرأة وقتل الرجال وهو املختار

املروج واحملارب:املروج للخمر واملخدرات قد يستخدم األسلحة النارية يف عمله، وقد يستغل أتثري تلك املواد ابإلدمان

عصابة كسالح له ويف هذه احلال يكون أكثر سيطرة على املدمن، كما أن املروج ال يعمل وحده إمنا هو فرد يفخطرية تعمل بروح الفريق الواحد، داخل وخارج القرى واملصر، وهم يستولون على أموال الناس بغالء أسعار

تلك املواد اليت ال تكلفهم الكثري، لكنهم يستغلون أتثري اإلدمان، كما أهنم ال يتورعون عن قتل من مترد منهم أو دمان وقعت صرعى بسبب تلك السموم.من استشعروا بضعفه، فضال عن أن كثري من حاالت اإل

فبكل املقاييس تنطبق شروط احلرابة اليت ذكرها الفقهاء يف زمنهم على أفعال املروجني ألصناف من اخلمور واملخدرات يف زمننا، فاملعىن واحد حىت لو كان هناك اختالف يف نوع السالح وأسلوب االعتداء ألن

تلك مسألة متغرية.

رب:ما جيب على احملا اتفق الفقهاء على أنه جيب على احملارب حقان:

األول: حق هلل تعاىل، وهو: القتل، والصلب، وقطع األيدي وقطع األرجل من خالف، والنفي. الثاين: حق لآلدميني من مال ودم.

ون هللا والدليل على حق هللا تعاىل ما نص هللا تعاىل عليه يف آية احلرابة بقوله: "إمنا جزاء الذين حيارب ورسوله ويسعون يف األرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خالف أو ينفوا من األرض ذلك هلم خزي يف الدنيا وهلم يف اآلخرة عذاب عظيم، إال الذين اتبوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن هللا

.134غفور رحيم" القصاص والنهي عن أكل أموال الناس ابلباطل.أما الدليل على حق اآلدميني فآ ات

وذهب مجهور الفقهاء إىل أن هذه العقوبة مرتبة على اجلنا ات املعلوم من الشرع ترتيبها عليه، فال يقتل من احملاربني إال من قتل، وال يقطع إال من أخذ املال، وال ينفي إال من مل أيخذ املال، وال ينفي إال من مل أيخذ املال

قتل ويفارق األخذ هنا األخذ يف السرقة، فهنا أغلظ حيث كان جماهرة ومكابرة مع إشهار السالح لذلك وال

. 631/ 1مجمع األنهر: 133 .35، 33 سورة المائدة: اآليتان 135

Page 27: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

ثوالليجعل املرة منه كاملرتني يف السرقة، فقطع يف األخذ مرة اليد والرجل معا وهذا قول أيب حنيفة والشافعي .135وإسحاق وقتادة وأصحاب أمحد

لى اإلطالق، وسواء قتل أو مل يقتل، أخذ املال أو مل أيخذه، : بل اإلمام خمري فيهم ع136وقال قوم : هل حرف "أو" يف اآلية للتخيري أو للتفصيل على حسب جنايتهم؟ 137وسبب اخلالف كما يقول ابن رشد

ومالك محل البعض من احملاربني على التفصيل والبعض على التخيري. أحوال: وعلى قول اجلمهور خيتلف اجلزاء الشرعي ابختالف مخسة

واألوىل: أن يتم القبض عليهم قبل أن أيخذوا ماال ويقتلوا نفسا، بل مل يوجد منهم سوى جمرد إخافة الطريق إىل أن يتم القبض عليهم .

، 138فحكمهم: أن يعززوا وحيبسوا إىل أن تظهر توبتهم يف احلبس أو ميوتوا، وهذا مذهب احلنفية . 139والشافعية

هذه احلال يف غري موضعهم أوىل، ألنه أحوط وأبلغ يف الزجر : واحلبس يف 140قال ابن سريج: أن اإلمام خمري يف قتله أو صلبه، أو قطعه، أو نفيه ومعىن التخري عنده أن 141واإلحياش، وأما اإلمام مالك فريى

صلبه، األمر راجع يف ذلك إىل اجتهاد اإلمام، فإن كان احملارب ممن له الرأي والتدبري، فوجه االجتهاد قتله أوألن القطع ال يرفع ضرره، وإن كان ال رأي له وإمنا هو ذو قوة وأبس قطعه من خالف، وإن كان ليس فيه شئ

من هاتني الصفتني أخذ أبيسر ذلك فيه وهو الضرب والنفي.وأما احلنابلة: فيقول ابن قدامة: إن احملاربني إذا أخافوا السبيل ومل يقتلوا ومل أيخذوا ماال،

.142فون من األرض، لقول هللا تعاىل: "أو ينفوا من األرض"فإهنم ين ويروى عن ابن عباس أن النفي يكون يف هذه احلالة، وهو قول النخعي وقتادة وعطاء اخلراساين.

والنفي هو: تشريدهم عن األمصار والبلدان، فال يرتكون أيوون بلدا. ى من بلده إىل بلد غريه، كنفي ويروى حنو هذا عن احلسن والزهري، وعن ابن عباس أنه ينف

الزاين، وبه قال طائفة من أهل العلم، قال أبو الزاند: كان منفى الناس إىل ابضع من أرض احلبشة، وذلك . 143أقصى هتامة اليمن

الثانية: أن يتم القبض عليهم بعد استيالئهم على املال مبا إذا قسم على مجاعتهم بلغ نصيب كل واحد نصاب السرقة.

.299/ 14، المغني والشرح الكبير: 146/ 14، روضة الطالبين: 533/ 4فتح القدير: 134/ 4ومنهم عطاء وسعيد بن المسيب ومجاهد والحسن والضحاك والنخعي وأبو ثور وداود ــ فتح القدير: 136

.546/ 2، بداية المجتهد: 533 .533/ 4بداية المجتهد: 135 .533/ 4فتح القدير: 131 .215/ 2: ب، المهذ146/ 14روضة الطالبين: 139 .146/ 14روضة الطالبين: 154 .544/ 2بداية المجتهد: 151 .33سورة المائدة: اآلية 152 .345/ 14المغني والشرح الكبير: 153

Page 28: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

م أن تقطع أيديهم وأرجلهم الباقية. وإمنا يقطع من خالف لئال يفوت جنس املنفعة، وهذا فحكمه .146. واحلنابلة145والشافعية 144مذهب احلنفية

ارب أبكثر من وجه واحد، ألن هذه جناية تعلقت هبا عقوبة يف حق غري احملارب، فال تتغلظ يف احملجل معها، وإن كان املأخوذ دون النصاب فال تتغلظ كالقتل يغلظ ابالحنتام، كذلك هاهنا تتغلظ بقطع الر

العقوبة وعليه فال قطع، وهو املذهب عند الشافعية واحلنابلة أو القياس عند احلنفية. : فيه قوالن:147وقال ابن خريان

: أن أخذ املال ومل يقتل فال ختري يف نفيه، وإمنا التخيري يف قتله أو صلبه أو قطعه 148وقال اإلمام مالك ف.من خال

الثالثة: أن يتم القبض عليهم بعد ما قتلوا مسلما أو ذميا ومل أيخذوا ماال فحكمهم: أن يقتلوا حدا، ومعىن حدا: أنه لو عفى أولياء املقتولني، ال يقبل عفوهم ألن احلد خالص حق هللا تعاىل ال يسمع فيه عفو وال

واألصح عند 150والشافعية 149فيةغريه، فهو قتل حمتم ليس سبيله، سبيل القصاص، وهو مذهب احلن .151احلنابلة

وروي عن اإلمام أمحد رواية أخرى أهنم: يصلبون ألهنم حماربون جيب قتلهم، فيصلبون كالذين أخذوا املال.

واألول أصح: ألن جنايتهم أبخذ املال مع القتل تزيد على اجلناية ابلقتل وحده، فيجب أن تكون الستو ا. اهاهنعقوبتهم أغلظ، ولو شرع الصلب

: أن احملارب إن قتل فالبد من قتله، وليس لإلمام ختيري يف قطعه وال نفيه، وإمنا 152ويرى اإلمام مالك التخيري يف قتله أو صلبه.

الرابعة: أن يتم القبض عليهم بعد أن قتلوا وأخذوا املال. وإن شاء قتلهم بال صلب فحكمهم: أن اإلمام خمري إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خالف وقتلهم وصلبهم،

.153وقطع، وإن شاء صلبهم أحياء مث قتلهم، والقتل هنا متحتم ال يدخله عفو، وهذا قول أيب حنيفة وزفر .155: اإلمام خمري بني القتل فقط أو القتل والصلب، وهو قول حممد بن احلسن154وقال مالك

.629/ 1، ومجمع األنهر: 623/ 4فتح القدير: 155 .215/ 2، المهذب: 146/ 14روضة الطالبين: 154 .346/ 14المغني والشرح الكبير: 156 .146/ 14روضة الطالبين: 155 .544/ 2بداية المجتهد: 151 .629/ 1، مجمع األنهر: 623/ 4فتح القدير: 159 .215/ 2، المهذب: 146/ 14روضة الطالبين: 144 .345/ 14المغني والشرح الكبير: 141 .544/ 2بداية المجتهد: 142 .629/ 1، مجمع األنهر: 524/ 4القدير: فتح 143 .544/ 2بداية المجتهد: 145 .634/ 1، مجمع األنهر: 524/ 4فتح القدير: 144

Page 29: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

حلد كالقتل، وهو املذهب عند لصلب للنص يف احلد، وال جيوز ترك ا: البد من ا156وقال أبو يوسف .158، واحلنابلة157الشافعية

:أمجع على هذا كل من حنفظ عنه من أهل العلم، وروي عن عمر وبه قال سليمان 159قال ابن املنذر بن أيب موسى والزهري.

وحجة أيب حنيفة: أن هذه اجلناية وإن كانت واحدة ابعتبار أنه قطع الطريق، فهذا اجملموع، من القطع ل عقوبة واحدة وإمنا تغلظت لتغلظ سببها حيث بلغ النهاية يف تفويت األمن وحيث فوت األمن على والقت

املال والنفس ابلقتل وأخذ املال، وكوهنا أمورا متعددة ال يستلزم تعدد احلدود يف قطع الطريق، أال ترى أن قطع ان وألن مقتضى التوزيع الذي لزم اليد والرجل فيها حد واحد وهو يف الصغرى ــ أي السرقة الصغرى ــ حد

اعتباره أن يتعني القطع مث القتل، ألن التوزيع أدى إىل أن من أخذ املال قطع، وهذا قد أخذه فيقطع، وأن من قتل يقتل أو يصلب، وهذا قتل فيجب أن جيمع له بني القطع والقتل، إال من ذلك كان فيما إذا فعل ذلك

ول حممد بن احلسن أنه ال يقطع: أنه جناية واحدة هي جناية قطع الطريق، على االنفراد ذلك لإلمام ودليل ق فال توجب حدين، وألن ما دون النفس يف ابب احلد يدخل يف النفس.

وأجاب الكمال بن اهلمام على قول حممد أبن ما دون النفس يدخل يف النفس هو ما إذا كاان حدين أحدمها غري النفس واآلخر النفس.

ان ذلك حدا واحدا فالبد من إقامته، فهي أجزاء حد واحد، غري أنه إن بدأ ابجلزاء الذي ال أما إذا ك تتلف به النفس فعل اآلخر، وإن بدأ مبا تتلف به ال يفعل اآلخر النتفاء الفائدة وهو الضرب بعد املوت.

وا أو "أن يقتلمن حتم الصلب أبن ظاهر النص ال حيتم الصلب فإن قوله: كما أجاب ابن اهلمام على وا بال صلب أو يصلبوا بال قتل، لكن يقتل بعد الصلب مصلواب ابإلمجاع.يصلبوا" إمنا يفيد أن يقتل

. 160ومل ينقل أنه ــ صلى هللا عليه وسلم ــ صلب العرنني، وال غريه صلب أحدا

اخلامسة: أن يتم القبض عليهم بعد إعالن توبتهم:

.524/ 4فتح القدير: 146، وخرج ابن سلمة قوال: أنه تقطع يده ورجله ويقتل ويصلب، وحكى صاحب 146/ 14روضة الطالبين: 145

ذ دون نصاب لم يقطع بل يقتل ويصلب، وفي كيفية القتل والصلب إذا اجتمعا "التقريب" قوال: أنه إن قتل وأخ

، وانظر أيضا المهذب: 145/ 14قوالن: أحدهما: يقتل ثم يصلب، والثاني: يصلب حيا ثم يقتل، روضة الطالبين:

2 /215. .342/ 14المغني والشرح الكبير: 141 .342/ 14المغني والشرح الكبير: 149كثير منها: عن أنس قال: قدم المدينة تين أخرجه الطحاوي برواياي، وحديث العرن524/ 4قدير: فتح ال 164

ثمانية رهط من عكل )قبيلة( فاستوخموا المدينة، فبعثهم النبي رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ إلى ذود له )هي

من اإلبل ما بين الثالثة إلى العشرة( فشربوا من ألبانها.

حوا ارتدوا عن اإلسالم، وقتلوا راعي اإلبل، وساقوا اإلبل، فبعث رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ في فلما ص

آثارهم فأخذوا فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم حتى ماتوا، وفيهم نزلت آية المحاربة، يقول

فعل بهم من هذا، فلما حل له له من سفك دمائهم الطحاوي: ففعل رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ بالعرنيين ما

فكان له أن يقتلهم كيف أحب وإن كان ذلك تمثيال بهم، ألن المثلة كانت حينئذ مباحة ثم نسخت بعد ذلك ونهى عنها

.111/ 1، 114/ 3رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ فلم يكن ألحد أن يفعلها ــ شرح معاني اآلثار:

Page 30: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

بة عند مجهور الفقهاء لقوله تعاىل: "إال الذين اتبوا من قبل أن يف هذه احلال يسقط حد احلرا -1 . 161تقدروا عليهم"

فأوجب عليهم احلد، مث استثىن التائبني قبل القدرة، فمن عداهم يبقى على قضية العموم، وألنه إذا اتب قبل اط احلد عنه قبل القدرة القدرة فالظاهر أهنا توبة إخالص، وبعدها الظاهر أهنا تقية وألن يف قبول توبته وإسق

ترغيبا يف توبته، الرجوع عن حماربته وإفساده فناسب ذلك اإلسقاط عنه، وأما بعدها فال حاجة إىل ترغيبه، ألنه قد عجز عن الفساد واحملاربة.

: قال ذلك من قال إن اآلية مل تنزل يف احملاربني، وإمنا نزلت يف 162وقيل: لن تقبل توبتهم، قال ابن رشد دين، ألن حماربة هللا ورسوله إمنا تكون من الكفار ال من املسلمني.املرت

بقوله تعاىل: "إال الذين اتبوا وأصلحوا من قبل أن تقدروا 163وأجاب ابن قدامة على هذا القول بعد القدرة كما تقبل قبلها، ويسقط عنهم القتل والقطع يف كل حال، واحملاربة قد توبتهمعليهم"، والكفار تقبل

ون من املسلمني بدليل قوله تعاىل: " ا أيها الذين آمنوا اتقوا هللا وذروا ما بقي من الراب إن كنتم مؤمنني فإن مل تك . 164تفعلوا فأذنوا حبرب من هللا ورسوله"

وأما صفة التوبة اليت تسقط احلكم: فقد اختلفوا فيها قال ابن رشد: -2

فيها ثالثة أقوال: ه تكون بوجهني: أن توبت القول األول:

أحدمها: أن يرتك ما هو عليه وإن مل أيت اإلمام. والثاين: أن يلقي سالحه وأييت طائعا، وهو مذهب ابن القاسم.

أن توبته إمنا تكون أبن يرتك ما هو عليه وجيلس يف موضعه ويظهر جلريانه، وإن أتى والقول الثاين:

هذا هو قول ابن املاجشون.اإلمام قبل أن تظهر توبته أقام عليه احلد، و إن توبته إمنا تكون ابجملئ إىل اإلمام، وإن ترك ما هو عليه مل يسقط ذلك عنه حكما والقول الثالث:

من األحكام إن أخذ قبل أن أييت اإلمام.وحتصيل ذلك: هو أن توبته قيل: أبنه تكون أبن أييت اإلمام قبل أن يقدر عليه، وقيل: إهنا إمنا تكون

.165ظهرت توبته قبل القدرة فقط، وقيل: تكون ابألمرين مجيعاإذا

/ 14، روضة الطالبين: 545/ 2، بداية المجتهد: 521/ 4وانظر فتح القدير: 35ائدة من اآلية: سورة الم 161

.349، 341/ 14، المغني والشرح الكبير: 149، والذين قالوا أن اآلية لم تنزل في المحاربين، قالوا أنها نزلت في قصة العرنيين 545/ 2بداية المجتهد: 162

، وعدم قبول توبة 295/ 14: رالحسن وعطاء وعبد الكريم انظر: المغني والشرح الكبيالمرتدين وهم ابن عمر و

.141/ 14المحارب قول ضعيف عند الشافعية، روضة الطالبين: .295/ 14المغني والشرح الكبير: 163 .259، 251سورة البقرة: اآليتان 165 .545/ 2بداية المجتهد: 164

Page 31: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

: ويف توبته وتوبة الزاين والسارق وجهان:166ويقول اإلمام النووي أحدمها: إبظهار التوبة كإظهار اإلسالم حتت السيف.

وعليه: فالتوبة مبجردها تسقط احلد. رتط مع التوبة إصالح العمل ليظهر صدقه فيها.والثاين: يش

ليه: اشرتط مضي زمن يظهر فيه الصدق فال تكفي التوبة بعد الرفع.وع ونسب اإلمام ــ أي الرافعي ــ هذا الوجه إىل القاضي، واحتجوا بظاهر القرآن. ، مل يذكروا غري التوبة. وقال 167قال تعاىل يف قطاع الطريق: "إال الذين اتبوا من قبل أن تقدروا عليهم"

. 169، ويف السرقة "فمن اتب من ظلمه وأصلح"168حا فأعرضوا عنهما"يف الزان: "فإن اتاب وأصلقال اإلمام: معرفة إصالح العمل أبن ميتحن سرا وعلنا فإن بدا الصالح أسقطنا احلد عنه، إال حكمنا

أبنه مل يسقط. قال اإلمام: وهذا مشكل ألنه ال سبيل إىل حقيقته، وإن خلى فكيف يعرف صالحه. يعا على هذا: إذا أظهر التوبة، امتنعنا من إقامة احلد، فإن مل يظهر ما خيالف ويشبه أن يقال تفر

الصالح، فذلك وإن ظهر، أقمنا عليه احلد.

وأما صفة احملارب الذي تقبل توبته فقد اختلفوا فيه أيضا: -3 : 170ذكر ابن رشد يف صفته ثالثة أقوال أحدها: أن يلحق بدار احلرب. فئة: الثاين: أن تكون له الثالث: كيفما كانت له فئة أو مل تكن حلق بدار احلرب أو مل يلحق.

واختلف يف احملارب إذا امتنع فأمنه اإلمام على أن ينزل. فقيل له: األمان، ويسقط عنه حد احلرابة، وقيل: ال أمان له ألنه إمنا يؤمن املشرك.

ال: ما يسقط ابلتوبة: فاختلفوا يف ذلك على أربعة أقو -4 مبا سوى ذلك من حدود هللا تعاىل وحقوق أن التوبة تسقط حد احلرابة فقط، ويؤخذ القول األول:

هللا تعاىل وحقوق اآلدميني. .174ووجه عند احلنابلة 173واألظهر عند الشافعية 172واملالكية 171وهو قول احلنفية

.149/ 14روضة الطالبين: 166 .35سورة المائدة: من اآلية 165 .16سورة النساء: اآلية 161 .39سورة المائدة: اآلية 169 . 545/ 2بداية المجتهد: 154 .529/ 4فتح القدير: 151 .545/ 2بداية المجتهد: 152

Page 32: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

وقياسا على الكفارة. وأما حقوق أما حقوق هللا تعاىل: فألهنا ال تسقط مطلقا إال يف احلرابة ابلنص، اآلدميني: فإن كان ماال وجب رده، ألن رد املال من متام توبتهم لتنقطع به خصومة صاحبه. واألخذ قبل رد

املال أخذ قبل التوبة.وإن كان قصاصا فحق العفو ألولياء الدم إن شاءوا طلبوا القصاص وإن شاءوا تساحموا على الدية أو

مطلقا.أن التوبة تسقط عنه حد احلرابة، ومجيع حقوق هللا من الزان والشراب والقطع يف السرقة، ثاين:القول ال

ويتبع حبقوق الناس من األموال والدماء والقذف إال أن يعفوا أولياء املقتول.وقول ضعيف عند احلنفية أشار إليه حممد بن 176، واملشهور عند احلنابلة175وهو قول عند الشافعية

وحجتهم قول هللا تعاىل: "واللذان أيتياهنا منكم فآذومها فإن اتاب وأصلحا فأعرضوا عنهما إن هللا كان . 177احلسن . فهذا يدل على سقوط حد الزان على التائب.178توااب رحيما"

: وحنن نقطع أبن رجم ماعز والغامدية كان بعد 179وأجاب الكمال بن اهلمام على هذا الدليل بقوله سوخة، إمنا كان ذلك يف أول األمر.توبتهما، واآلية من

أن التوبة ترفع مجيع حقوق هللا تعاىل، ويؤخذ ابلدماء ويف األموال مبا وجد بعينه يف القول الثالث: .180أيديهم وال تتبع ذممهم

القول الرابع: إن التوبة تسقط مجيع حقوق هللا تعاىل وحقوق اآلدميني من مال ودم، إال ما كان من .181لعني بيدهاألموال قائم ا وإن أتى حدا قبل احملاربة، مث حارب واتب قبل القدرة عليه، مل يسقط احلد األول، ألن التوبة إان -5

.182يسقط هبا الذنب الذي اتب منه دون غريه

املبحث الرابع خامتة

العقوبة الشرعية املناسبة للمروج

ة ، وصحح هذا القول اإلمام الرافعي والبغوي وغيرهما وهو منسوب إلى الجديد ــ روض214/ 2المهذب: 153

.141/ 14الطالبين: . 314/ 14المغني والشرح الكبير: 155 .214/ 2، المهذب: 141/ 14روضة الطالبين: 154 .314/ 14وذكره القاضي ــ المغني والشرح الكبير: 156 .521/ 4فتح القدير: 155 .16سورة النساء: اآلية 151 .529/ 4فتح القدير: 159 .541/ 2بداية المجتهد: هذا القول ذكره ابن رشد، 114 .541/ 2وهذا القول ذكره أيضا ابن رشد، في بداية المجتهد: 111 .314/ 14المغني والشرح الكبير: 112

Page 33: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

ة سواء كان منتجا، أم جالبا، أو موزعا، املروج للخمر واملخدرات بني العامة ويف غري حاالت املشروعي أو من يقوم بعمليات مساعدة لتلك املراحل جزء من الفساد الذي جيب أن يدفع عن األمة اإلسالمية ألنه

يقوم بعمل حرمه الشرع، بقصد ينكره الشرع والعقل فهو يهدف إىل استنزاف أموال الناس مستغال طيبتهم وهو عقوهلم وحياهتم.أهم أيضا يقصد إفساد دينهم و

لذلك وجدان الفقهاء حيكمون عليه ابلفسق إن مل يكن مستحال لعمله، وابلكفر إن كان مستحال. وبعد دراسة أحكام القتل، والصيال، واحلرابة على ضوء عملية ترويج اخلمر واملسكرات ميكن

استخالص بعض النتائج بعد أن نقسم تلك املواد إىل نوعني: واد ال تقتل غالبا كبعض أنواع اخلمور وبعض أنواع املخدرات أو املروج هلذا النوع جيب م النوع األول:

أن يعزر مبا دون القتل ألنه مل يقتل وإن تسبب يف ضياع املال، ألن النفس أعظم منه ــ ويصح أن يكون التعزير ابجللد مبا دون احلد أو ابلسجن أو ابلنفي، وأي ضرر كان بسببه ضمنه.

ل إن تلك املواد تؤثر يف القتل على طول الزمن، ألن املدمن يكون قد تسبب يف قتل نفسه.وال يقا مواد تقتل غالبا، أو تدعو إىل اإلدمان الشديد الذي ال ينفك عنه. النوع الثاين: واملروج هلذا النوع ال خيرج عن صفة من الثالث اآلتية: سواء قلنا إن القتل عمد أو شبه عمد ففيه القصاص قاتل النفس الربيئة ابلسم، إن مات املتعاطي، و -1

سياسة كما سبق.

وقد يكون قاتل املنافع كما لو ذهب العقل أو أية منفعة جنسية بسبب ذلك الصنف وجتب بذلك د ات، وأجرة الطبيب ومثن األدوية.

ي صائل على معصوم، ألنه أبصنافه من املخدرات القاتلة يفسد الدين والعقل والنفس وينبغ -2على كل مسلم أن يدفعه مبا يقطع شره حال الرتويج، أما يف غري حال التلبس فأمره إىل اإلمام وحيق له أن يدفعه بكل وسيلة تضمن شره، لكن ال حيكم بعقوبة أشد يغين عنها ما هو أخف

منها.قاطع طريق السالمة والنجاة للمسلمني أو أهل الذمة، فهو يفسد عليهم صحتهم وتقدمهم -3

هلم ونفوسهم، بل ودينهم، وهو ال يعمل وحده بل إنه جزء من شبكة خطرية تشكل قوة وعقو ال يستهان هبا، أسلحتهم العنف عند اللزوم، والغالب أهنا أنوع معينة من املخدرات تسبب إدماان عنيفا، فينبغي أن يطبق عليهم حد احلرابة إلفسادهم فإن اتبوا، قبل أن يقدر عليهم

عليهم حد احلرابة، ألنه حق هلل، وبقي حقوق العباد من القصاص أو اإلمام، سقط من تعويض عن إتالف أمواهلم وغري ذلك.

ويف مجيع األحوال يصح لويل األمر أن يتخذ من التدابري املناسبة والرادعة ما يطمئن هبا على سالمة رعيته كإفساد أموال املروجني زجرا وردعا.

Page 34: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

أيب عبيد قالت: وجد عمر بن اخلطاب يف بيت رويشد عن صفية ابن 183أخرج عبد الرازق الثقفي مخرا، وقد كان جلد يف اخلمر، فحرق بيته، وقال ما امسك؟

قال: رويشد. قال: بل أنت فويسق.

: "حرق رسول هللا ــ صلى هللا عليه وسلم ــ خنل بين 184وعن ابن عمر ــ رضي هللا عنهما ــ قال النضري وقطع".

شرح هذا احلديث: إنه يدل على جواز إفساد أموال أهل احلرب ابلتحريق قال الصنعاين يف والقطع ملصلحة.

قال املشركون: إنك تنهي عن الفساد يف األرض فما ابل قطع األشجار وحتريقها؟ .185فنزل قول هللا تعاىل: "ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصوهلا فبأذن هللا وليخزي الفاسقني"

واز التحريق والتخريب يف بالد العدو، وكرهه األوزاعي وأبو ثور.ذهب اجلمهور إىل جوقد واحتجا: أبن أاب بكر ــ رضي هللا عنه ــ وصى جيوشه أن ال يفعلوا ذلك. وأجيب: أبنه رأى املصلحة يف بقائها ألنه قد علم أهنا تصري للمسلمني فأراد بقاءها هلم، وذلك يدور

.186حةعلى مالحظة املصلوينبغي التنبيه إىل أن املروج للخمور واملخدرات احملرمة |إذا كان مسلما، وليس له مال حالل أنه ال

جيوز التعامل معه خللوص ماله حراما إذا علمنا بذلك، فإن مل نعلم فال أبس، ألن الظاهر أن ما يف املسلم مكله من احلالل.فيما هو حالل فقط، فإن عجز عن فيجوز التعامل معه ماله احلرام،وإذا كان للمروج مال حالل غري

التمييز بينهم فاحلكم عند اإلمام الشافعي واإلمام أمحد: كراهة األخذ منه، إلمكانية احلالل، قل احلرام أم كثر.: تكره مبايعة من اشتملت يده حالل وحرام، وسواء كان احلالل أكثر، أو 187قال اإلمام النووي

صح.ابلعكس، فلو ابعه أن النيب ــ صلى هللا عليه 189: ال يعجبين أن أيكل منه، ملا روى النعمان بن بشري188وقال اإلمام أمحد

وسلم ــ قال: احلالل بني واحلرام بني وبينهما أمور مشتبهات، ال يعلمها كثري من الناس، فمن اتقى الشبهات

.15439، 15434، رقمي 234/ 9المصنف: 113 .1196رقم 1359/ 5متفق عليه ــ سبل السالم: 115فعله من اللون ويجمع على ألوان. وقيل: من اللين ومعناه ، قال في معالم التنزيل: اللينة 4سورة الحشر: آية 114

النخلة الكريمة وجمعها لين. سبل السالم: المرجع السابق. سبل السالم المرجع السابق. 116 .516/ 5روضة الطالبين: 115 .333/ 5المغني والشرح الكبير: 111 1جـ 39صحيح البخاري كتاب إليمان رقم ،1311رقم 1459/ 5متفق عليه واللفظ لمسلم ــ سبل السالم: 119

.265/ 5، مسند اإلمام أحمد: 1221، 1219/ 3جـ 141، 145، صحيح مسلم مساقاة 24/

Page 35: العقوبات الشرعية لمروجي الخمر والمخدرات

اعي يرعى حول احلمى يوشك أن يقع فيه، أال استربأ لدينه وعرضه، ومن وقع يف الشبهات وقع يف احلرام، كالر وإن لكل ملك محى ومحى هللا حمارمه".

هذا وهللا تعاىل أسأل أن يرزقنا احلالل وجينبنا احلرام كما اسأله سبحانه أن يتقبل مين هذا اجلهد الذي قمت به ابتغاء مرضاته، راجيا عفوه ومغفرته لزاليت وهفوايت.

قائمني على أمور املسلمني للنهل من إسالمهم يف تشريعات بعملي هذا الدعوه سبحانه أن ينفع كما أاخلمور واملخدرات، وأن يلهم املسلمني الرشد والصواب للقضاء على ظاهرة تلك اخلبائث، وأن تعود األمة

اإلسالمية إىل عرش اجملد والقوة إبسالمهم وقرآهنم.سلم على سيدان حممد وعلى آله وأصحابه إنه سبحانه نعم املوىل ونعم النصري، وصلى هللا و

والتابعني إىل يوم الدين.