المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في...

42
راء ش ل ا ر ب م لآ ل ة ح ب را م ل ا واعدة م ل ع ا ي ب ة ي م لآ س% الآ صارف م ل ا ي ف ة ح ب را م ل ا)) 0 دك ن ع س لي ع ما ي ب لآ(( ث ي وحداد عد% ا لة ل د ا ن ع@ ن ب ر ك ب ور ت ك الد د ب و ر بJ ا دة ج ب ي م لآ س% الآM ة ق ف ل ع ا م ج م س ل ج م س يJ ئ ر

Upload: -63

Post on 02-Jan-2016

56 views

Category:

Documents


2 download

TRANSCRIPT

Page 1: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

المرابحة لآلمر بالشراءبيع المواعدة

المرابحة في المصارفاإلسالمية

وحديث )) ال تبع ما ليسعندك ((

إعدادأبو زيدالدكتور بكر بن عبد الله

رئيس مجلس مجمع الفقه اإلسالمي بجدة

Page 2: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصالة والسالم على رسول الله وبعد: فهذه مجموعة أبحاث في تصور، وحكم بيع المواعدة الجاري في المصارف اإلسالمية باسم ) بيع المرابحة لآلمر بالشراء ( في بعض صوره،

وإنما اخترت تلقيبها باسم ) بيع المواعدة ( ألنها في جميع صورها مبنية على الوعد ملتزما به

كان أو غير ملتزم به، ولئال تختلط على البعض مع )بيع المرابحة( المحرر عند متقدمي الفقهاء

- رحمهم الله تعالى - في )بيوع األمان(. على أن صورتها تدخل تحت اسم )السلم الحال(

المنهي عنه في قصة حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه كما في )زاد المعاد( ويأتي نقله في السادس، وسترى في المبحث الثاني( بعد

موقعها الصحيح من مباحث الفقهاء. وهذه المجموعة من األبحاث معقودة في

البحوث اآلتية: المبحث األول : بيع المرابحة في اصطالح-1

متقدمي الفقهاء. المبحث الثاني: في مدى لزوم الوفاء بالوعد.-2 المبحث الثالث: المؤلفات والبحوث فيها.-3 المبحث الرابع: صور بيع المرابحة في-4

المصارف اإلسالمية. المبحث الخامس: سبب وجودها في-5

المصارف اإلسالمية . المبحث السادس: حكمها.-6 المبحث السابع: في ضوابطها الشرعية.-7

فإلى بيانها والله ولي الهداية والتوفيق.__________

  المبحث األول: بيع بالمرابحة عند متقدمي

( .1الفقهاء )

Page 3: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

يستقرئ بعض أهل العلم أنواع البيوع بأنهاأربعة:

بيع المساومة ، ويقال: المماكسة، ويقال:-1المكايسة .

بيع المزايدة .-2 بيع المرابحة .-3 بيع أمانة .-4

ومنهم من يجعل بيع المرابحة منه، فتكونأقسامه ثالثة:

بيع المرابحة: وهو البيع بأزيد من رأس المال .بيع الوضيعة: وهو البيع بأنقص من رأس المال.

بيع التولية: وهو البيع برأس المال سواء. وإنما سميت هذه )بيوع أمان( لالئتمان بين

الطرفين على صحة خبر رب السلعة بمقداررأس المال.

فبيع المرابحة مثال : حقيقته بيع السلعة بثمنها المعلوم بين المتعاقدين، بربح معلوم بينهما ،

( .2ويسمى أيضا )بيع السلم الحال( ) فيقول رب السلعة : رأس مالي فيها مائة ريال،

أبيعك إياها به وربح عشرة رياالت. وهذا هو معنى ما هو جارs على األلسنة من قولهم: اشتريت السلعة مرابحة، أو: بعتها

مرابحة. وركن هذا العقد: هو العلم بين المتعاقدين

بمقدار الثمن ومقدار الربح، فحيث توفر العلمفيهما فهو بيع صحيح، وإال فباطل.

__________ ( أبحاثها منتشرة عند الفقهاء في كتاب1)

البيوع كما ستراه في المراجع الالحقة4/265( زاد المعاد: 2) 

وهذه الصورة من البيوع ) بيع المرابحة ( جائزةبال خالف بين أهل العلم، كما ذكره ابن قدامة )

Page 4: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

( : اإلجماع عليه،2( ، بل حكى ابن هبيرة )1( .3وكذا الكاساني )

والخالف في الكراهة تنزيها، وهو رواية عن اإلمام أحمد رحمه الله تعالى، وروي عن ابن

عمر ، وابن عباس رضي الله عنهم، وعن الحسن ، ومسروق وعكرمة ، وعطاء بن يسار رحمهم

الله تعالى. وقد علل الكراهة تنزيها بأن فيه جهالة، فيما إذا

قال: بعتكه برأس ماله مائة ريال، وربح درهم في كل عشرة، فالجهالة أن المشتري يحتاج إلى

جمع الحساب ليعلم مقدار الربح، لكن هذه الجهالة مرتفعة ؛ ألنها تعلم بالحساب ، بل ال ينبغي وصفها بالجهالة، وليس فيها تغرير وال

مخاطرة . وهذه العلة هي مستند ما يحكى عن ابن راهويه

رحمه الله تعالى، من قوله بعدم الجواز. وقد علمت ارتفاعها بالحساب، على أن من وراء

ذلك الوقوف على صحة السند للمروي.ا على الجواز، وطرد|ا فصح االتفاق إذ|ا حكم|

لقاعدة الشريعة من أن األصل في المعامالتل{ حتى يقوم دليل على المنع . الجواز والح~

هذا هو بيع المرابحة المسطر في كتب أهل العلم تحت هذا اللقب في: أبواب البيوع، وفي مطاويه صور وفروع، وما زال الناس يتوارثون

العمل به في معامالتهم بأسواقهم من غيرنكير.

لكن هذه الصورة غير مرادة في هذه الرسالة، وإنما جاء الحديث عنها لالشتراك اللفظي مع

) بيع المرابحة لآلمر بالشراء ( في صورته الحادثة المتعامل بها في المصارف اإلسالمية،

لينظر: هل يشتركان في الحكم : الجواز، كما اشتركا

في االسم أم أن حكمه التحريم بإطالق أم

Page 5: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

بتفصيل؟ هذا ما ستراه إن شاء الله تعالى فيأبحاث هذه الرسالة.

__________4/259( المغني: 1)350/ 2( اإلفصاح: 2)7/92( بدائع الصنائع: 3) 

المبحث الثاني: في مدى لزوم الوفاء بالوعد ( . بحث مدى لزوم الوفاء،1ديانة وقضاء )

أساس في معرفة الحكم في هذه المعاملة. بيع المواعدة ألن الوعد أساس في صورها كافة،

وعليه فاعلم أنه قد أجمع المسلمون أنه على العموم فإن الوفاء بالوعد )العهد( محمود، وأن

إخالف الوعد )العهد( وعدم الوفاء به مذموم، وقد أثنى الله تعالى على رسوله ونبيه إسماعيلاذ�ك�ر� ف~ي � بأنه كان صادق الوعد فقال سبحانه } و

�اد~ق� ال�و�ع�د~ و�ك�ان �~ن�ه� ك�ان� ص اع~يل� إ �م ال�ك~ت�اب~ إ~س�وال| ن�ب~ي�ا { . ] مريم آية : س� � [ .54ر

__________ ( مباحثه مشتركة بين المفسرين، والمحدثين،1)

والفقهاء، وكتب الرقائق فانظر: تفسير قولهود~ { وا ب~ال�ع�ق� و�ف�

�ن�وا أ �ا ال�ذ~ين� آم ��ي�ه تعالى : } ي�ا أاذ�ك�ر�1] سورة المائدة : � [ ، وقوله تعالى : } و

�اد~ق� ال�و�ع�د~ و�ك�ان �~ن�ه� ك�ان� ص اع~يل� إ �م ف~ي ال�ك~ت�اب~ إ~س�وال| ن�ب~ي�ا { ] سورة مريم : س� � [ تفسير55 ، 54ر

مهم.328- 4/322القرطبي. أضواء البيان / ، وغيرها. وفتح2/363أحكام القرآن للجصاص

كتاب فرض الخمس -6/242الباري في السلفية كتاب الشهادات5/289 كتاب الهبة 5/222 . وكتاب الوصايا5/359 كتاب الشروط 5/319

منه . المقاصد الحسنة للسخاوي. الجامع الصغير للسيوطي. كشف الخفاء للعجلوني في أطراف

ي� الواعد د�ي�ن�أ� � إلخ ....األحاديث: العدة دين . و

Page 6: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

مهم.214 -3/206التمهيد البن عبد البر . الفروق2/260. شرح المنهاج 8/28والمحلى . فتاوى214 الفرق رقم /25- 4/21للقرافي

. المجلة6/284. كشاف القناع 1/254عليش -1/385. إعالم الموقعين 1/238بشرح األتاسي

. الغرر وأثره في العقود للصديق الضرير ص387 . األدب المفرد.270 . األذكار للنووي ص/ 10 -7

وللسخاوي رسالة باسم )التماس السعد في الوفاء بالوعد( كما في مادة )وعد( من )تاج العروس( ولغيره: القول السديد في خلف

الوعيد للقاري. إخالص الوداد في صدق الميعاد لمرعي الكرمي الحنبلي. القول السديد في عدم

جواز خلف الوعيد للنابلسي. كما في حروفهامن )كشف الظنون( وذيليه.

  وهو بدليل مخالفته يفيد أن إخالف الوعد

مذموم، وهذا المفهوم قد جاء مصرحا به فيا ��ي�ه آيات من الكتاب كما في قوله تعالى: } ي�ا أ

( �ع�ل�ون ا ال� ت�ف� �ول�ون� م ن�وا ل~م� ت�ق� � ( ك�ب�ر�2ال�ذ~ين� آ�مع�ل�ون� { ]الصف : ا ال� ت�ف� �ول�وا م ن�د� الل�ه~ أ�ن� ت�ق� ت|ا ع~ ق� � م

ا ف~ي2-3 اق| �م� ن~ف ب�ه� �أ�ع�ق � [ . وقال تعالى: } فا �وا الل�ه� م ل�ف� ا أ�خ� �ن�ه� ب~م و� �م� إ~ل�ى ي�و�م~ ي�ل�ق ل�وب~ه~ ق�

ا ك�ان�وا ي�ك�ذ~ب�ون� { . ] التوبة : �ب~م � [ .77و�ع�د�وه� و والسنة طافحة بهذا، ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال: )) آية المنافق ثالث: إذا وعد (( الحديث ....أخلف

هذا من حيث الوفاء بالوعد بصفة عامة . أما )الوعد المالي( فإن العلماء يجرون الخالف في

حكم الوفاء به )قضاء( على أساس حقيقته االصطالحية التي تواضعوا عليها وهي كما قال

( )الوعد:1ابن عرفة المالكي رحمه الله تعالى ) إخبار عن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل(.

Page 7: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

فهو )الوعد المعروف( وعلى هذا يدور كالمهم في حكم اإللزام به كما حكى الشيخ عليش

الخالف بعد بيان الحقيقة المذكورة له . وعليه تجده مبحثا مشتركا بين: المفسرين،

والمحدثين والفقهاء، وكتب الرقائق وفضائل األعمال، كما ساق البخاري رحمه الله تعالى بعض األحاديث في )الع~د�ة( في كتابه )األدب

المفرد( والنووي في ) األذكار(. أما هذا النوع الجديد من )الوعد التجاري( الذي

يريد به العميل مع المصرف: تداول سلعة بالثمن والربح ولما تحصل ملكيتها بعد، فإن خالفهم في

)الوعد( ال ينسحب على هذا بل هو يتنزل على حد حديث حكيم بن حزام وما في معناه )ال تبعما ليس عندك(، وعلى مسألة ) البيع المعلق (.

__________ ،270. األذكار ص/ 1/254( فتاوى عليش1)

األدب المفرد مع شرحه ، بيع المرابحة للشيخاألشقر: وهو مهم.

  فتحرر من هذا أن عقود المعاوضات ، وهي التي يقصد بها تحصيل المنافع وإدرار الربح ال تدخل

في المواعدة هذه وخالفهم فيها، إذ جميع األمثلة التي يسوقها العلماء على إثر الخالف في )لزوم الوفاء بالوعد من عدمه ( إنما هو

فيما سبيله اإلرفاق المعروف ال الكسب( .1التجاري( )

ولهذا فإن ) عقد االستصناع ( وهو: عقد على بيع عين موصوفة في الذمة مطلوب صنعها

يقرر من قال به إنه عقد ال وعد، فهو من عقود( .2المعاوضات الخالية من الغرر )

وبناء على جميع ما تقدم فإن أهل العلم يذكرون هذه الصورة من المبيع في )بيوع المعاوضات

المحرمة( فيذكرونها في:

Page 8: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

بيع العينة .-1 وفي الحيل المحرمة.-2 وفي شرح حديث حكيم وغيره )) ال تبع ما-3

ليس عندك (( . وفي: بيوع الغرر.-4 وفي: تعليق العقود بالشروط.-5

لهذا: فإن جماعة من الباحثين المعاصرين وهموا بإجراء البحث فيها تفريعا على )حكم الوعد هل

هو ملزم أم غير ملزم؟( فأوهموا الدارسين لهذه المعاملة والذي نعرفه نجا من هذا ممن كتب

فيها بحثا أو فتيا: شيخنا العالمة الشيخ عبد العزيز بن باز في-1

فتواه حيث خرجها على حديث )ال تبع ما ليسعندك(.

وتلميذه الشيخ العالمة محمد األشقر في-2رسالة )بيع المرابحة(.

__________ -32( تحرير هذا في: بيع المرابحة لألشقر ص/1)

مهم33458- 457( الغرر ص/2)

فإذا أخلف الواعد وعده، هل يلزم به قضاءوحكما؟ الخالف في هذا على أقوال ثالثة:

القول األول: عدم اإللزام بالوفاء به مطلقا.. وهو مذهب الجمهور منهم: الثالثة ورواية عن

مالك، ومذهب داود، وابن حزم ، وقد حكى عليه اإلجماع : المهلب ، وابن بطال ، وابن عبد البر ،

وتعقبه الحافظ ابن حجر بوجود المخالف لكنهقليل.

القول الثاني: اإللزام بالوفاء بالوعد مطلقا. قال به: عمر بن عبد العزيز ، وابن األشوع

الهمداني الكوفي ، وابن شبرمة .

Page 9: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

القول الثالث: التفصيل: إن أدخل الواعد بوعده في )ورطة( لزم الوفاء به وإال فال يلزم الوفاء

به، وهو رواية عن مالك رحمه الله تعالى. ومثاله : من قال لرجل : تزوج، فقال: ليس

عندي ما أصدق به الزوجة، فقال: تزوج وألتزم لها الصداق وأنا أرفق عنك، فتزوج على هذا

األساس فقد احتمل الوعد )ورطة( فيلزمبالوفاء به.

وأدلة القول األول: وهو قول الجمهور من عدم اإللزام بالوعد قضاء مطلقا، فقد استدل له

باإلجماع على أن الموعود ال يضارب بما وعد به مع الغرماء، حكاه المهلب ، وابن بطال ، وابن

( : )إنجاز الوعد مأمور1عبد البر ، قال المهلب ) به مندوب إليه عند الجميع، وليس بفرض

التفاقهم على أن الموعود ال يضارب بما وعد بهمع الغرماء( اهـ .

( ) لم يرو أحد من السلف2وقال ابن بطال : ) وجوب القضاء بالعدة، أي مطلقا، وإنما نقل عن

مالك أنه يجب منه ما كان بسبب( اهـ . وذكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى- تعقب

( : )ونقل اإلجماع في3اإلجماع في ذلك فقال ) ذلك مردود فإن الخالف مشهور لكن القائل به قليل، وقال ابن عبد البر ، وابن العربي: أجل

من قال به عمر بن عبد العزيز ( اهـ . ووجه هذا القول من حيث النظر: أنه وعد

( ، وال سبيل عليه باإللزام في4بمعروف محض )المعروف. والله أعلم.

واستدل له أيضا بالهبة فإنها ال تتم عند الجمهور إال بالقبض خالفا للمالكية، وذلك يقتضي على مذهب الجمهور: عدم الحكم بها قضاء فيما لو

رجع الواهب عنها قبل قبض الموهوب له إياها.__________

5/290( فتح الباري 1)

Page 10: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

5/222( فتح الباري 2)5/290( فتح الباري 3)4/325( أضواء البيان 4) 

وعليه: فإذا كانت الهبة ال تلزم إال بالقبض فكيف يلزم

بالهبة لو وعده بها مجرد وعد إذا قال له: سوف( .1أهبك إياها )

ولهذا استدل بهذا الفرع على عدم وجوب الوفاء بالوعد: ابن قدامة في )المغني( والنووي في

)األذكار( وقال: )واستدل من لم يوجبه بأنه في معنى الهبة، والهبة ال تلزم إال بالقبض عند الجمهور وعند

المالكية تلزم قبل القبض ( اهـ . وأدلة القول الثاني: اإللزام به: النصوص

المتقدمة، ومنها أيضا حديث " ال�ع~د�ة� د�ي�ن� " رواه عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا الطبراني في )األوسط ( والقضاعي وأبو نعيم ، والبخاري

في: )األدب المفرد(، والديلمي ، والخرائطي في )مكارم األخالق( وأبو داود في )المراسيل(، وابن أبي الدنيا في )الصمت(، وغيرهم جميعهم

بألفاظ متقاربة وأسانيده ال تخلو من ضعف )2. )

( : إن احتمل3وأما القول الثالث بالتفصيل ) ورطة ألزم به قضاء وإال فال، فحجته عموم حديث رفع الضرر في قوله صلى الله عليه

وسلم )) ال ضرر وال ضرار (( . قال شيخنا األمين رحمه الله تعالى في )أضواء

البيان( بعد أن ساق الخالف محررا: )الذي يظهر لي في هذه المسألة، والله تعالى أعلم أن

إخالف الوعد ال يجوز لكونه من عالماتن�د� الل�ه~ ت|ا ع~ ق� � المنافقين ؛ وألن الله يقول } ك�ب�ر� م

ع�ل�ون� { ]الصف : ا ال� ت�ف� �ول�وا م [ وظاهر3أ�ن� ت�ق�

Page 11: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

عمومه يشمل إخالف الوعد، ولكن الواعد إذا امتنع من إنجاز الوعد ال يحكم عليه به وال يلزم

به جبرا، بل يؤمر به وال يجبر عليه ؛ ألن أكثر علماء األمة على أنه ال يجبر على الوفاء به ألنه

وعد بمعروف محض، والعلم عند الله تعالى(اهـ .

__________ .270 . األذكار للنووي ص/4/594( المغني 1)

،25ورسالة الشيخ األشقر : بيع المرابحة ص/41.

( كشف الخفاء، وفيض القدير، وأضواء البيان2) ، والمقاصد الحسنة للسخاوي وقد324- 4/323

أفرد هذا الحديث بجزء كما ذكره في: المقاصد. وفي تاج العروس للزبيدي في مادة )وعد( ذكر

اسمها )التماس السعد في الوفاء بالوعد( .290، 5/222( فتح الباري: 3) 

المبحث الثالث: البحوث والمؤلفات في هذهالنازلة.

تم الوقوف على المؤلفات واألبحاث اآلتية: بيع المرابحة كما تجريه البنوك اإلسالمية.-1

تأليف: محمد بن سليمان األشقر.هـ. نشر مكتبة الفالح بالكويت.1404طبع: عام

فقه المرابحة في التطبيق االقتصادي-2المعاصر.

تأليف: عبد الحميد بن محمود البعلي.نشرر: مكتبة السالم العالمية بالقاهرة.

بيع المرابحة لآلمر بالشراء كما تجريه-3المصارف اإلسالمية .

تأليف: يوسف القرضاوي. هـ.1405طبع: دار القلم بالكويت عام

المرابحة / أصولها وأحكامها وتطبيقاتها في-4المصارف اإلسالمية.

Page 12: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

تأليف: أحمد علي عبد الله.هـ.1407نشر: الدار السودانية. الخرطوم . عام

كشف الغطاء عن بيع المرابحة لآلمر بالشراء.-5تأليف: رفيق المصري.

الموسوعة العلمية والعملية للبنوك-6اإلسالمية.. االتحاد الدولي للبنوك اإلسالمية.

المرابحة في البنوك اإلسالمية ومناقشة-7وضعها على ضوء األدلة.

تأليف: بدر بن عبد الله المطوع.نشر: مطبعة الجذور بالكويت.

االستثمار الالربوي في نطاق عقد المرابحة .-8بحث: حسن بن عبد الله األمين.

تطوير األعمال المصرفية بما يتفق والشريعة-9اإلسالمية.

سامي حمود. األردن . الودائع المصرفية واستثمارها في اإلسالم-10 .330-325ص/

حسن عبد الله األمين، السودان. وقد عقد لمناقشتها عدد من الندوات وفي عدد

من مؤتمرات المصارف اإلسالمية والمجامعوصدرت فيها عدة فتاوى منها:

المؤتمر الدولي الثاني لالقتصاد اإلسالمي-1 المنعقد في: إسالم أباد في باكستان عام

م.1983 مؤتمر المصرف اإلسالمي األول بدبي عام-2

هـ.1399 مؤتمر المصرف اإلسالمي الثاني بالكويت-3

هـ.1403عام المجمع الملكي لبحوث الحضارة اإلسالمية /-4

هـ.1407عمان عام فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز/-5

السعودية.

Page 13: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

فتوى الشيخ بدر المتولي عبد الباسط/-6الكويت.

 المبحث الرابع: صور بيع المواعدة

وفيه : الصورة الجارية في المصارف اإلسالمية ) بيع المرابحة لآلمر بالشراء (. بالتتبع يمكن أن

تكون صور بيع المواعدة، أو يقال )صور بيعالمرابحة لآلمر بالشراء ( كما يلي:

الصورة األولى: وتنبني على التواعد غير الملزمبين الطرفين مع عدم ذكر مسبق لمقدار الربح.

وصورتها: أن يرغب العميل شراء سلعة بعينها فيذهب إلى المصرف ويقول: اشتروا هذه البضاعة ألنفسكم ولي رغبة بشرائها بثمن

مؤجل أو معجل بربح، أو سأربحكم فيها. الصورة الثانية: وتنبني على التواعد غير الملزم

بين الطرفين، مع ذكر مقدار ما سيبذله من ربح. وصورتها: أن يرغب العميل شراء سلعة معينة ذاتها أو جنسها، فيذهب إلى المصرف ويقول:

اشتروا هذه السلعة ألنفسكم، ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل، وسأربحكم زيادة

عن رأس المال : ألف ريال مثال. الصورة الثالثة: وتنبني على المواعدة الملزمةباالتفاق بين الطرفين ، مع ذكر مقدار الربح. وصورتها: أن يرغب العميل شراء سلعة معينة

ذاتها أو جنسها المنضبطة عينها بالوصف، فيذهب إلى المصرف ويتفقان على أن يقوم المصرف ملتزما بشراء البضاعة من عقار أو آالت أو نحو ذلك، ويلتزم العميل بشرائها من

المصرف بعد ذلك، ويلتزم المصرف ببيعهاللعميل بثمن اتفقا عليه مقدارا وأجال وربحا.

__________المبحث الخامس: سبب وجودها

Page 14: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

تئن الديار اإلسالمية من المعامالت الربوية الضاربة بجرانها في البنوك والمصارف الربوية ،

دور المحاربة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وأكبر مركز يهز االقتصاد ويخرب الديار، ويمتص روح الحياء والحياة، ويؤول باألمة إلى:

جمع فقير غارم. وفي طليعة معامالته التي يهرع إليها كثيرون )صريح الربا( المجلل باالسم الكاذب )القرض

بفائدة(. وإن من مآثر المد اإلسالمي المعاصر: حركة

المصارف والبنوك اإلسالمية، فكان حقيقا عليها إيجاد المعامالت اإلسالمية لرد األمة في

معامالتها إلى دين الله وشرعه، وكف الدخيلعليها.

فكما ولد المسلم من نكاح بعقد شرعي فليسر في حياته وكسبه وما فيه قوام دينه ودنياه على

جادة العقود الشرعية المتخلصة من الرباووضره.

ا لذلك الربا الصريح )القرض بفائدة(، صار فرفض| إيجاد المصارف اإلسالمية لهذه المعاملة التي

أطلق عليها اسم: بيع المرابحة ، أو: بيع المرابحة لآلمر بالشراء والذي يناسب أن يطلق عليه اسم: )بيع المواعدة( ؛ ألن فيه وعدا من

الطرفين: وعدا من العميل بالشراء من البنك ، ووعدا من البنك بشراء السلعة وبيعها عليه.

والمواعدة في هذا البيع ملزمة أو غير ملزمةال� وحرمة فصارت هي أساس في االختالف فيه ح~

تسميته )بيع مواعدة( أولى، واألسماء قوالبللمعاني.

فهل هذه المعاملة كالقرض بالفائدة في التحريم ، أم تجوز مطلقا أم فيها تفصيل

يوضحه المبحث بعده؟ والله أعلم.المبحث السادس: حكمها.

Page 15: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

و�هل� جماعة من الباحثين في أبحاثهم فحسبوها من نوازل العصر وقضاياه، فصار الوقوع في أنواع من الغلط والوهم، سيأتي التنبيه عليها

بعد إن شاء الله تعالى، في هذا المبحث. والحال أن هذا الفرع الفقهي بصوره مدون عند الفقهاء المتقدمين في مباحث الحيل، والبيوع، فهو عند: محمد بن الحسن الشيباني في كتاب

، ومالك في )الموطأ(127، ص/79)الحيل( ص/ ، والشافعي39-5/38ومعه )المنتقى( للباجي

، وابن القيم في )إعالم3/39في )األم( . وغيرها كثير.4/39الموقعين(

وهذه نصوصهم فيها: الحنفية:-1

ففي كتاب )الحيل( لمحمد بن الحسن الشيبانيقال:

)قلت: أرأيت رجال أمر رجال أن يشتري دارا بألف درهم، وأخبره أنه إن فعل اشتراها اآلمر بألف درهم ومائة درهم ، فأراد المأمور شراء الدار، ثم خاف إن اشتراها أن يبدو لآلمر فال يأخذها،فتبقى في يد المأمور، كيف الحيلة في ذلك؟

قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار فيها ثالثة أيام، ويقبضها، ويجيء اآلمر ويبدأ فيقول:

قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم. فيقول المأمور: هي لك بذلك، فيكون ذلك لآلمر الزما، ويكون استيجابا من المأمور للمشتري: أي وال يقل المأمور مبتدئا : بعتك إياها بألف ومائة ؛

ألن خياره يسقط بذلك فيفقد حقه في إعادة البيت إلى بائعه، وإن لم يرغب اآلمر في شرائها

تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار ، فيدفععنه الضرر بذلك( اهـ .

ففي الموطأ لإلمام رحمه الله تعالى في: باببيعتين في بيعة:

Page 16: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

)أنه بلغه أن رجال قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك

عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه ( اهـ.(1والمسألة مبسوطة لدى المالكية كما في: )

، والكافي39 - 5/38المنتقى ألبي الوليد الباجي ،2/537البن عبد البر ، )والمقدمات( البن رشد وخليل في ) المختصر ( وشراحه كافة.

__________34( انظر بيع المرابحة لألشقر ص/1) 

( :1وهذا نص ابن رشد في )المقدمات( ) )فصل( والعينة على ثالثة أوجه جائزة ومكروهة ومحظورة ، فالجائزة أن يمر الرجل بالرجل من

أهل العينة، فيقول له : هل عندك سلعة كذا ابتاعها منك؟ فيقول له : ال ، فيخبره أنه قد

اشترى السلعة التي سأل عنها فيبيعها بما شاء من نقد أو نسيئة ، والمكروهة أن يقول له :

اشتر سلعة كذا وكذا فأنا أربحك فيها وأشتريها منك ، من غير أن يراوضه على الربح ،

والمحظورة أن يرواضه على الربح، فيقول له : اشتر سلعة كذا وكذا بعشرة دراهم نقدا ، وأنا

أبتاعها منك باثني عشر نقدا ، والثانية أن يقول له : اشترها لي بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك

باثني عشر إلى أجل ، والثالثة عكسها ، وهي أن يقول له : اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا

أشتريها منها بعشرة نقدا ، والرابعة أن يقول له : اشترها لنفسك بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك

باثني عشر نقدا، والخامسة أن يقول له : اشترها لنفسك بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك

باثني عشر إلى أجل، والسادسة عكسها، وهي أن يقول له : اشترها لنفسك، أو : اشتر ، وال

يزيد على ذلك باثني عشر إلى أجل، وأنا ابتاعها منك بعشرة نقد، فأما األول: وهو أن يقول :

Page 17: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

اشترها لي بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر نقدا، فالمأمور أجير على شراء السلعة

لآلمر بدينارين ؛ ألنه إنما اشتراها له، وقوله : وأنا أشتريها منك ، لغو ال معنى له ؛ ألن العقدة

له بأمره ، فإن كان النقد من عند اآلمر أو من عند المأمور بغير شرط فذلك جائز ، وإن كان

النقد من عند المأمور بشرط فهي إجارة فاسدة ؛ ألنه إنما أعطاه الدينارين أن يبتاع له السلعة وينقد من عنده الثمن عنه فهي إجارة وسلف ويكون للمأمور إجارة مثله إال أن تكون إجارة مثله أكثر من الدينارين، فال يزاد عليهما على

مذهب ابن القاسم في البيع والسلف ، إذا كان السلف من غير البائع وفاتت السلعة أن للبائع

األقل من القيمة بالغة ما بلغت ، يلزم أن يكون لألمور ههنا إجارة مثله بالغة ما بلغت ، وإن

كانت أكثر من الدينارين ، واألصح أن ال تكون له أجرة ؛ ألنا إنا جعلنا له األجرة كانت ثمن|ا للسلف

فكان تتميما للربا الذي عقدا فيه، وهو قول سعيد بن المسيب ، فهي ثالثة أقوال فيما يكون

له من األجرة، إذا نقد المأمور الثمن بشرط ، وهذا إذا عثر على األمر بحدثانه ورد السلف إلى المأمور قبل أن ينتفع به اآلمر ، وأما إن لم يعثر على اآلمر حتى انتفع اآلمر بالسلف قدر ما يرى

أنهما كانا قصداه فال يكون في المسألة إال قوالن ، )أحدهما( أن للمأمور إجارته بالغة ما

بلغت ، )والثاني( أنه ال شيء له، ولو عثر على اآلمر قبل االبتياع وقبل أن ينقد المأمور الثمن،

لكان النقد من عند اآلمر، ولكان فيما يكون لألجير قوالن : )أحدهما( أن له إجارة مثله بالغة

ما بالغة ما بلغت .__________

539- 2/537( المقدمات: 1) 

Page 18: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

)والثاني( أن له األقل من إجارة مثله أو الدينارين ، وابن حبيب يرى أن المأمور إذا نقد

فقد تقدم الحرام بينهما فتدبر ذلك، )وأما الثانية( وهو أن يقول : اشتر لي سلعة كذا

بعشرة نقدا ، وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل ، فذلك حرام ال يحل وال يجوز ؛ ألنه رجل ازداد في سلفه ، فإن وقع ذلك لزمت السلعة

لآلمر ؛ ألن الشراء كان له، وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ به منه أكثر منه إلى أجل ، فيعطيه العشرة معجلة ويطرح عنه ما أربى ، ويكون له

جعل مثله بالغا ما بلغ في قول ، واألقل من جعل مثله أو الدينارين اللذين أربى له بهما في قول، وفي قول سعيد بن المسيب : ال أجرة له

بحال ؛ ألن ذلك تتميم للربا ، كالمسألة المتقدمة، قال في سماع سحنون : وإن لم تفت

السلعة فسخ البيع، وهو بعيد ، فقيل : معنى ذلك إذا علم البائع األول بعملهما، وأما الثالثة

وهي أن يقول له : اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقدا فذلك أيضا حرام ال يجوز ، ومكروهه أنه استأجر المأمور على أن يبتاع له السلعة بسلف عشرة دنانير

يدفعها إليه ينتفع بها إلى األجل ثم يردها إليه، فيلزم اآلمر السلعة باثني عشر إلى أجل وال

يتعجل المأمور منه العشرة النقد ، وإن كان قد دفعها إليه صرفها عليه ، ولم تترك عنده إلى

األجل ، وكان له جعل مثله بالغ|ا ما بلغ في هذا الوجه باتفاق، وأما الرابعة وهي أن يقول له : اشتر سلعة كذا بعشرة نقدا وأنا اشتريها منك

باثني عشر نقدا، فاختلف في ذلك قول مالك : فمرة أجازه إذا كانت البيعتان جميعا بالنقد

وانتقد، ومرة كرهه للمراوضة التي وقعت بينهما في السلعة قبل أن تصير في ملك المأمور، وأما

الخامسة وهي أن يقول : اشتر لي سلعة كذا

Page 19: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل، فهذا ال يجوز إال أنه يختلف فيه إذا وقع،

فروى سحنون عن ابن القاسم ، وحكاه عن مالك أن اآلمر يكره الشراء باثني عشر إلى

أجل ؛ ألن المشتري كان ضامنا لها لو تلفت في يده قبل أن يشتريها منه اآلمر، ولو أراد أن ال

يأخذها بعد اشتراء المأمور، كان ذلك له، واستحب للمأمور أن يتورع فال يأخذ من اآلمر إال ما نقد في ثمنها، وقال ابن حبيب : يفسخ البيع

الثاني إن كانت السلعة قائمة، وترد إلى المأمور، فإن فاتت ردت إلى قيمتها معجلة يوم قبضها اآلمر، كما يصنع بالبيع الحرام ؛ ألنه كان على مواطأة بيعها قبل وجوبها للمأمور، فدخله بيع ما ليس عندك، وأما السادسة وهي أن يقول

له : اشترها لنفسك باثني عشر إلى أجل، وأنا أبتاعها منك بعشرة نقدا، فروى سحنون عن ابن القاسم أيضا، أن البيع ال يرد إذا فات، وال يكون على اآلمر إال العشرة ، وأحب إليه أن لو أردفه

الخمسة الباقية ؛ ألن العقدة األولى كانت للمأمور، ولو شاء المشتري لم يشتر، وقال ابن

حبيب : يفسخ البيع الثاني على كل حال، كما يصنع بالبيع الحرام للمواطأة التي كانت للبيع

قبل وجوبها للمأمور، فإن فاتت ردت إلى قيمتها يوم قبضها الثاني، وهو ظاهر رواية

سحنون أن البيع الثاني يفسخ ما لم تفت السلعة، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق وهو

الهادي إلى أقوم طريق .__________

( قال:3/129وقال الدردير في )الشرح الصغير (1)

) العينة : وهي بيع - من طلبت منه سلعة للشراء وليست عنده، لطالبها بعد شرائها - جائزة ، إال

أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقدا، وأنا

Page 20: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

آخذها منك باثني عشر إلى أجل، فيمنعه لما فيه من تهمة )سلف جر نفعا( ؛ ألنه كأنه سلفه ثمن

السلعة يأخذ عنها بعد األجل اثني عشر ( اهـ.وفي ) األم( لإلمام الشافعي رحمه الله تعالى: )إذا أرى الرجل� الرجل� السلعة�، فقال: اشترها وأربحك فيها كذا ، فاشتراها الرجل، فالشراء

جائز، والذي قال: أربحك فيها بالخيار ، إن شاءأحدث فيها بيع|ا، وإن شاء تركه.

وهكذا إن قال: اشتر لي متاعا ووصفه له، أو متاعا أي متاع شئت وأنا أربحك فيه فكل هذا

سواء. ويجوز البيع األول، ويكون فيما أعطى من نفسه بالخيار، وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال:

ابتعه وأشتريه منك بنقد أو د�ي�ن، يجوز البيع األول، ويكون بالخيار في البيع اآلخر، فإن جدداه

جاز، وإن تبايعا به على أن الزما أنفسهما فهومفسوخ من قبل شيئين:

أحدهما: أنه تبايعاه قبل أن يملكه البائع. والثاني: أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على

كذا أربحك فيه كذا(. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في )إعالم

الموقعين(: )المثال الموفي مائة - أي من أمثلة الحيل-:

رجل قال لغيره: اشتر هذه الدار أو هذه السلعة من فالن بكذا وكذا وأنا أربحك فيها كذا وكذا،

فخاف إن اشتراها أن يبدو لآلمر فال يريدها واليتمكن من الرد.

فالحيلة: أن يشتريها على أنه بالخيار ثالثة أيام، أو أكثر ثم يقول لآلمر: قد اشتريتها بما ذكرت، فإن أخذها منه وإال تمكن من ردها على البائع

بالخيار، فإن لم يشترها اآلمر إال بالخيار فالحيلة: أن يشترط له خيارا أنقص من مدة

Page 21: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

الخيار التي اشترطها هو على البائع، ليتسع لهزمن الرد إن ردت عليه ( اهـ.

هذه جملة من نصوص العلماء في هذا الفرع الفقهي الذي تبنته المصارف اإلسالمية للتعامل

به مع العميل لها مستبعدة معاملة البنوك التجارية الربوية من معاملة صريح الربا ) القرض

بفائدة (. ومن هذه النقول يتضح الحكم في كل واحد من

الصور الثالث المتقدمة على ما يلي: فالصورة األولى: التي تنبني على التواعد بين

الطرفين - غير الملزم مع عدم ذكر مسبق لمقدار الربح وتراوض عليه - فالظاهر الجواز:

عند الحنفية والمالكية والشافعية، كما تقدم نقله من كالم ابن رشد في المذهب المالكي ؛ وذلك ألنه ليس في هذه الصورة التزام بإتمام الوعد بالعقد أو بالتعويض عن الضرر لو هلكت السلعة فال ضمان على العميل فالبنك يخاطر بشراء السلعة لنفسه وهو على غير يقين من شراء العميل لها بربح، فلو عدل أحدهما عن رغبته فال إلزام وال يترتب عليه أي أثر فهذه

الدرجة من المخاطر هي التي جعلتها في حيز( .2الجواز والله أعلم )

__________37( بواسطة بيع المرابحة لألشقر ص / 1) مهم47( انظر: بيع المرابحة لألشقر ص /2)

والصورة الثانية: التي تنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين مع ذكر مسبق لمقدار ما

سيبذله من الربح ومراوضته عليه فقد تقدم في كالم ابن رشد أنها من العينة المحظورة ؛ ألنه رجل ازداد في سلفه وتقدم نقل كالم الشرح

الصغير. والله أعلم. والصورة الثالثة: التي تنبني على المواعدة

وااللتزام بالوفاء بها باالتفاق بين الطرفين،

Page 22: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

قبل حوزة المصرف للسلعة، واستقرارها في ملكه، مع ذكر مقدار الربح مسبقا واشتراط أنها

إن هلكت فهي من ضمان أحدهما بالتعيين، فهذه حكمها البطالن والتحريم فهي أخية

القرض بفائدة ، وذلك لألدلة اآلتية : أن حقيقتها عقد بيع على سلعة مقدرة-1

التملك للمصرف مربح قبل أن يملك المصرفالسلعة ملكا حقيقيا وتستقر في ملكه.

عموم األحاديث النبوية التي نصت على النهي-2عن بيع اإلنسان ما ليس عنده.

منها حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني

المبيع لما ليس عندي فأبيعه منه ثم أبتاعه من السوق، فقال صلى الله عليه وسلم )) ال تبع ما

ليس عندك (( رواه أصحاب السنن وقالالترمذي : حديث حسن

، فسبب الحديث نص في بيع اإلنسان ما ال يملك فحكم صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه، قال

( .1ابن قدامة في " المغني " )" ال نعلم فيه خالفا " اهـ.

وعلته والله أعلم " الغرر في القدرة على( .2التسليم وقت العقد " )

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )) : ال يحل سلف

وبيع وال شرطان في بيع ، وال ربح ما لم يضمن، وال بيع ما ليس عندك (( . رواه أصحاب السنن

وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .( :3قال ابن القيم رحمه الله تعالى )

)فاتفق لفظ الحديثين على )) نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عنده (( فهذا هو

المحفوظ عن لفظه صلى الله عليه وسلم وهو يتضمن نوعا من الغرر فإنه إذا باعه شيئا معينا وليس في ملكه ، ثم مضى ليشتريه ويسلمه له

Page 23: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

كان مترددا بين الحصول وعدمه فكان غررا يشبه القمار فنهى عنه، وقد ظن بعض الناس

أنه إنما نهى لكونه معدما فقال: ال يصح بيع المعدوم، وروى في ذلك حديثا )) أنه صلى الله

عليه وسلم نهى عن بيع المعدوم (( ، وهذا الحديث ال يعرف في شيء من كتب الحديث وال

له أصل ( اهـ.__________

(1 )4/206319( الغرر وأثره في العقود ص 2)4/262( زاد المعاد 3)

( :1وقال الخطابي رحمه الله تعالى ) )قوله )) : ال تبع ما ليس عندك (( يريد بيع العين

دون بيع الصفة أال ترى أنه أجاز السلم إلى اآلجال، وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل

ل�ه� �م � الغرر، وذلك مثل أن يبيعه عبده اآلبق، أو ج الشارد ويدخل في ذلك: كل شيء ليس بمضمون

عليه، مثل أن يشتري سلعة فيبيعها قبل أنيقبضها.( اهـ.

عموم األحاديث النبوية التي نصت على نهي-3( .2اإلنسان عن بيع ما اشتراه ما لم يقبضه )

وقد صحت األحاديث في هذا من حديث ابن عمر ، وابن عباس وابن عمرو وزيد بن ثابت ،

وحكيم بن حزام ، وجابر رضي الله عنهموغيرهم رضي الله عن الجميع .

منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: )) من

ي�ه� (( رواه ت�و�ف~ ابتاع طعاما فال يبعه حتى ي�س�الستة إال الترمذي .

وعن ابن عمرو رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم )) نهى عن ربح ما لم

Page 24: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

يضمن وعن بيع ما لم يقبض (( رواه الترمذيوغيره .

وقد حكى: ابن المنذر والخطابي، وابن القيم ، وغيرهم: اإلجماع على أن من اشترى طعاما

فليس له بيعه حتى يقبضه. وأما بيع ما يشتريه اإلنسان قبل قبضه من غير الطعام من مكيل أو موزون أو عقار وغير ذلك

ففيه خالف على أقوال أربعة، والذي عليه المحققون هو: أنه ال يجوز بيع شيء من

المبيعات قبل قبضه بحال وهو مذهب ابن عباس ومحمد بن الحسن ، وإحدى الروايات عن أحمد .

( .3حكى ذلك ابن القيم واختاره فقال ))وهذا القول هو الصحيح الذي نختاره ( اهـ.

ثم حرر ابن القيم رحمه الله تعالى الخالف في( .4علة المنع من بيع ما لم يقبض وقال )

) فالمأخذ الصحيح في المسألة أن النهي معلل بعدم تمام االستيالء وعدم انقطاع عالقة البائع

عنه، فإنه يطمع في الفسخ واالمتناع عن ( اهـ ....اإلقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه

ووجه االستدالل من هذا في مسألتنا هذه : أن النصوص إذا كانت صريحة صحيحة عن النبي

صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع ما لم يقبض، وأنه على عمومه ، وأن العلة عدم تمام

االستيالء واالستقرار في ملك المشتري ، فكيف يجوز للمصرف أن يبيع ما لم يملك أصال ويصافق

ويربح فيه ؟ فملكه تقديري ال حقيقي ، واستيالؤه عليه تقديري ال حقيقي . المنع من

هذا يكون من باب األولى والله أعلم .__________

5/143( معالم السنن مع التهذيب 1) . تهذيب السنن265 - 4/262( زاد المعاد 2)

5/130 -140. 5/132( تهذيب السنن 3)

Page 25: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

137- 5/136( تهذيب السنن 4) 

أن حقيقة هذا العقد: بيع نقد بنقد أكثر منه-4 إلى أجل بينهما سلعة محللة فغايته ) قرض

بفائدة (. ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في بيع

( .1ما لم يقبض ) ) أنه يكون قد باع دراهم بدراهم والطعام

ى( رواه البخاري ومسلم والترمذي ج{ �ر م�والنسائي وأبو داود وابن ماجة .

قال الخطابي : ) وهو غير جائز ؛ ألنه في التقدير بيع ذهب

( اهـ....بذهب والطعام مؤجل غائب غير حاضر والذي عليه المحققون هو شمول النهي عن بيع

ما لم يقبض من طعام وغيره وإن ذكر الطعام( .2خرج مخرج الغالب والله أعلم )

أن البيوعات المنهي عنها ترجع إلى قواعد-5ثالث:

الربا.-1 الغرر.-2 أكل أموال الناس بالباطل.-3

وقد روى الجماعة إال البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه )) أن النبي صلى الله عليه

وسلم نهى عن بيع الغرر . (( وفي معناه أحاديث أخرى ، وهذا الحديث ليس

من باب إضافة الموصوف إلى صفته فيكون صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذي هو غرر

وإنما من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، فالمبيع نفسه هو الغرر كبيع الثمار قبل بدو صالحها )وبيع ما ال يملكه ( وهذا اختيار شيخ

اإلسالم ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى(3. )

Page 26: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

ولهذا لما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أقسامالمعدوم وهي:

معدوم موصوف في الذمة ) السلم ( وهو جائزاتفاقا.

ومعدوم تبع للموجود مثل بيع الثمار بعد بدو صالحها وهو جائز اتفاقا. ومثل بيع المقاثي

والمباطخ فهذا جائز على التحقيق ، وأما الثالث( :4فقال )

)الثالث: معدوم ال يدري يحصل أو ال يحصل وال ثقة لبائعه بحصوله بل يكون المشتري منه على

خطر فهذا الذي منع الشارع بيعه ال لكونه معدوما بل لكونه غررا فمنه صورة النهي التي تضمنها حديث حكيم بن حزام وابن عمر رضي

الله عنهما، فإن البائع إذا باع ما ليس في ملكه وال له قدرة على تسليمه ليذهب ويحصله

ويسلمه إلى المشتري كان ذلك شبيها بالقمار والمخاطرة من غير حاجة بهما إلى هذا العقد

وال تتوقف مصلحتهما عليه ( اهـ.__________

. بيع المرابحة لألشقر5/139( معالم السنن 1)8ص/

330-329( الغرر وأثره في العقود ص /2) -62. والغرر للضرير ص / 4/467( زاد المعاد 3)

634/263( زاد المعاد 4) 

وجهة نظر المخالف: يتضح مما تقدم أنه ليس من خالف يؤثر عند أهل

العلم في أن البيع في )الصورة الثالثة( باطل محرم، لكن لما أثريت في العصر الحاضر، وكتب فيها من كتب وجرى الخالف بين الكاتبين فيها بين الجواز والمنع قرر المجيزون الجواز لعدة

وجوه وهي أن الوعد ملزم وأن العين مرادة

Page 27: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

) حقيقة( في هذا العقد، فالعقد حقيقي، وليس صوريا: فالعميل يقصد االنتفاع بالعين وال يريدها للتوصل إلى دراهم يحتاجها ، وأن النهي عن بيع اإلنسان ما ليس عنده: خاص فيما كان فيه البيع حاال� بتسليم العين المباعة ، أما إذا كانت العين

المباعة مؤجلة إلى أجل محدود فال، وينسحب عليهما حكم بيوع اآلجال وإن النهي عن بيع

المعدوم: هو ما كان المعدوم فيه مجهول الوجود في المستقبل ، أما العين هنا فهي

( .1محققة الوجود مستقبال حسب العادة ) وأنه في هذه الصورة لو تأخر العميل في أداء

الثمن لم يفرض عليه أي زيادة في الثمن . وأنه على أقل األحوال فإن الحاجة في التعامل

داعية إليه كما دعت إلى السلم ، واالستصناع واغتفر ما يعتريهما من الغرر تقديرا للحاجة،

والحاجة هنا داعية التساع رقعة التعامل وتضخم رؤوس األموال وحاجة المنشآت إلى دعمها

باآلالت والمباني التي ال قوام لها إال بها، فإن لم تتم تلك المعاملة وقع المسلم في حرج

ومشقة الفوات لمصالح يريد تحقيقها ، فإن لم تكن من هذا الباب، اضطر إلى ) القرض بفائدة( ودينه يعصمه من هذا الربا المحرم، فليقرر هذا

التعامل تحت وطأة الحاجة )الضرورة( واالنتشالمن المحرم وتحقيق مصالح المسلمين.

المبحث السابع: في الضوابط الكلية التي تجعل )بيع المواعدة ( أي ) المرابحة لآلمر بالشراء كما

تجريه المصارف اإلسالمية ( - في دائرة الجوازوهي على ما يلي:

خلوها من االلتزام بإتمام البيع كتابة أو-1 مشافهة قبل الحصول على العين بالتملك

والقبض.

Page 28: المرابحة للآمر بالشراء-بيع المواعدة-المرابحة في المصارف الإسلامية وحديث لا تبع ما ليس عندك

خلوها من االلتزام بضمان هالك )السلعة( أو-2 تضررها من أحد الطرفين: العميل أو المصرف

بل هي على األصل من ضمان المصرف. أن ال يقع العقد للمبيع بينهما إال بعد قبض-3

المصرف للسلعة واستقرارها في ملكه.والله أعلم

بكر بن عبد الله أبو زيد__________

358( الغرر وأثره في العقود ص/1)