القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

131
طاهر شمسان

Upload: mohamed-al-sarari

Post on 08-Mar-2016

229 views

Category:

Documents


4 download

DESCRIPTION

من لم يقرأ هذا الكتاب لا يعرف شيئا عن جوهر القضية الجنوبية

TRANSCRIPT

Page 1: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

طاهر شمسان

Page 2: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

Page 3: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

3

إىل شهداء وجرحى الحراك السلمي

والثورة الشبابية الشعبية السلمية

الذين قضوا من أجل أن نعيش بكرامة

Page 4: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

يف معنى الوحدة.

الوحدة مشرتك إنساين يقوم عىل كثري من القواسم التي تكونت من خالل التعايشات

املعنى بهذا القدم..وهي يف املوغل الطويل تاريخهم عرب الواحد الشعب أفراد بني التلقائية

ظاهرة وجدانية عاطفية تنشأ عفويا يف تركيبة املجتمع يف سياق تفاعل أفراده مع بعضهم البعض

التي تهدد وجودهم يف املتوهمة أو الحقيقية التحديات بيئتهم ومع وتفاعلهم مجتمعني مع

هذه البيئة..ويف سياق هذا التفاعل تتولد املصالح املتبادلة ويستأنس األفراد والجامعات بعضهم

وأيديولوجية ومعرفية ثقافية مشرتكات وجود إىل االستئناس هذا يفيض الزمن ببعض..ومع

مرحلة األجيال..ويف استمرارها عرب وتعمل عىل وترسخها التعايشات ونفسية...الخ متجد هذه

االجتامعي املفاهيم وتضع االصطالح التي تصوغ النخب يأيت دور الصريورة متأخرة من هذه

لكثري من تلك التعايشات..وعن هذا العمل النخبوي ينتج »الشعار« الذي يحول ظاهرة الوحدة

تأخذ التي من حالة »إستئناس« إىل »راية« سياسية تجتمع تحتها كثري من األهداف واملبادئ

انطالقا من مدينة اليمنية، الوطنية الحركة به قامت ما بالرضورة..وهذا تعبويا وعمليا طابعا

عدن التي لعبت دور الحاضنة لتعايشات اليمنيني املعارصين من الجنوب ومن الشامل..فمنذ

ثالثينيات القرن املايض وحتى مطلع ستينياته أخذ رواد الحركة الوطنية اليمنية األوائل ينظرون

لقضية الوحدة ويضعون شعاراتها بالتزامن مع املد القومي العرويب املناهض لإلستعامر وتأثري

هذا املد عىل اليمن..ويف عملية التنظري هذه جرى استدعاء الوحدة من إرشيف املايض البعيد

إلسناد وتغلباته وانقساماته وحروبه الرصاعية محطاته من ذهنيا تنقيته بعد مثالية بصورة

تصاعدي امتداد التعايشات هذه وكأن عدن مستعمرة يف الحي الوئامي الحارض تعايشات

طبيعي لتعايشات وئامية جرت أيضا يف املايض.

بهذه الطريقة املثالية أيقظت الحركة الوطنية اليمنية الوحدة يف وعي الناس كحلم تغيريي

وال األجنبي املستعمر اليمني صنعها التاريخ يف شاذة حالة وكأنها القامئة التجزئة معه بدت

بد إذن من إخراج هذا املستعمر وإعادة االعتبار لهذا التاريخ من خالل الوحدة..والحقيقة أن

املستعمر احتل عدن عام 1839 والجنوب قد اعتاد التجزئة وألف العيش الطويل يف فسيفساء من

السلطنات واإلمارات واملشيخات، بينام كان الشامل يعيش حالة فوىض ناجمة عن تعدد اإلمامات

املتصارعة..وعام 1849 عادت الخالفة العثامنية إىل اليمن ولكن إىل شامل البالد هذه املرة..وإذا

كان االستعامر الربيطاين قد تعامل مع واقع التجزئة يف الجنوب كام هو وأبرم اتفاقيات حامية

مع السلطنات واملشيخات واإلمارات فإن العثامنيني سعوا إىل فرض حكم مركزي عىل الشامل

4

Page 5: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

ساعد عىل بقائه موحدا بعد رحيلهم عنه وقيام مملكة اإلمام يحي يف أعقاب الحرب العاملية

األوىل: ومن املفارقات امللفتة لإلنتباه أن مركزية العثامنيني واجهت دامئا مقاومات مسلحة يف

الشامل بالرغم من الرشاكة يف املعتقد الديني بينام مالت دويالت الجنوب يف األعم الغالب إىل

االستقرار والتكيف مع واقع الحامية والوصاية األجنبية رغم اختالف املعتقد..فاملامثلة يف الدين

مل تحبب دولة الخالفة اإلسالمية عند زعامات الشامل التقليدية الطامحة يف الحكم..ويف املقابل مل

ير سالطني الجنوب يف املغايرة الدينية مع املستعمر ما يوجب كراهيته مادام مل يهدد حكمهم..

يأت االستعامر املقابل مل العثامنيون..ويف الشامل مل يكن يعيش فراغا دينيا حتى ميأله أن ثم

الربيطاين إىل الجنوب إلفراغه من الدين..لهذا السبب مل تر زعامات الشامل التقليدية أي تناقض

بني الدين وبني مقاومتها للحكم العثامين يف اليمن..وباملثل مل يجد سالطني الجنوب يف الدين من

حرج مينعهم من التعاطي مع واقع االستعامر الذي مل يهدد نفوذهم الفعيل عىل األرض وساكنيها.

للعثامنيني يف الشامل..وقد الدينية مل تشفع الرابطة تأسيسا عىل ما تقدم يالحظ أن

رابطة وطنية إىل احتاج فقد الجنوب األوىل..أما العاملية الحرب إثر هزميتهم يف البالد غادروا

رصيحة ضامنة للتعبئة والحشد ومن ثم تحريك املقاومة من أجل التحرير والتوحيد..ومن غري

الرابطة ما كان مبقدور الجنوب أن يجمع بني تحرير األرض وتوحيدها يف دولة واحدة.. هذه

من االستعامر ضد مزدوجة..فهي معركة إىل خوض والتوحيد التحرير بني الجمع احتاج وقد

أجل التحرير..وهي يف الوقت نفسه ضد السالطني واملستوزرين من أجل تثبيت الهوية اليمنية

للجنوب والتعبري عنها يف دولة واحدة قامت عىل أنقاض 22 سلطنة ومشيخة وإمارة..ومثلام كان

التحرير هدفا وطنيا مقدسا كان التوحيد أيضا هدفا وطنيا عىل املستوى نفسه من القداسة..لهذا

السبب وضعت الجبهة القومية االستعامر والسالطني واملستوزرين يف خانة واحدة..ومن غري هذا

الفعل امللحمي الذي بدأ يف أكتوبر 1963 ما كان مبقدور اليمنيني أن يصلوا إىل 22 مايو 1990..

وما مل ندرك هذه الحقيقة سيتعذر علينا فهم الطبيعة الكارثية لحرب 1994 وقياس حجم الرضر

الذي ألحقته بالتاريخ الوطني للجنوب وبالوحدة اليمنية كقضية وطنية.

لقد فتحت حرب 1994 – مبقدماتها ونتائجها - األبواب عىل مصارعها لتسفيه التاريخ

الثأرية من هذا النزعات اكتوبر 1963 و22 مايو 1990 وأيقظت الواقع بني للجنوب الوطني

نوفمرب 30 لوحدة معادية نزعات الجنوب يف وخلقت والتوحيدي التحريري ببعديه التاريخ

1967 تعرب عن نفسها حاليا من خالل العداء لوحدة 22 مايو 1990.

ففي البعد األول –التحريري- أعادت حرب 1994 االعتبار لالستعامر الربيطاين الذي جعل

من عدن مدينة املدائن ونقل ساكنيها من العصور الوسطى إىل العرص الحديث بينام ذهب أمراء

5

Page 6: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

حرب 1994 ميارسون التدمري املمنهج للقيم املدنية والحداثية التي راكمتها املدينة لعقود طويلة

وتعاملوا مع متنفساتها وجبالها وشواطئها ومعاملها ومنشآتها كام يتعامل الغزاة البدائيون مع

الغنائم واعتدوا حتى عىل أسامء مدارسها وشوارعها..وخالل 129 عاما من االستعامر مل يسمع

الجنوبيون كلمة واحدة جارحة بينام تعرضوا خالل العرشين عاما األخرية لرتسانة إعالمية ضخمة

مل تتوقف يوما واحدا عن مخاطبتهم كمهزومني عليهم أن يستسلموا لواقع التهميش واإلقصاء

املناسبات أن املؤملة املفارقات العامة..ومن والوظيفة واألمن الجيش من الجامعي والترسيح

القاعات الوطني وتحولت تاريخه الوطنية للجنوب تحولت هي األخرى إىل مناسبات لتسفيه

التي غنى فيها الحزب االشرتايك للوحدة قبل قيامها إىل مقاصل أيديولوجية إلعدامه بعد قيامها..

ومل يسلم قادة الدولة والحزب يف الجنوب من التشهري املنظم وكأن تاريخ الجنوب مل يبدأ إال مع

»الفاتحني« يف 7 يوليو 1994.

ويف البعد الثاين- التوحيدي- إستدعى أمراء حرب 1994 كل األحقاد والعداوات القدمية

ضد الجبهة القومية والحزب االشرتايك الناجمة عن معركة توحيد الجنوب وأعادوا االعتبار لزعامء

السلطنات واملشيخات واإلمارات وأعطوهم الضوء األخرض لإلنتقام من ثورة 14 اكتوبر 1963

مع واملرأة..وبالتواطؤ واملهمشني والفقراء للفالحني ومعنوية مادية مكاسب من حققته وما

بعض زعامات الجنوب التقليدية القدمية تحايل أمراء حرب 1994 عىل أرايض الدولة يف الجنوب

أبناء الجنوب يف بعض واستولوا عىل مساحات مهولة وبوثائق مزورة وأصبح من املتعذر عىل

املناطق أن يعرثوا عىل قطعة من األرض لبناء مدرسة.

من حق السالطني أن يعودوا إىل وطنهم وأن يستأنفوا حياتهم كمواطنني لهم حقوق

وعليهم واجبات يكفلها وينظمها الدستور..وحق العودة ميتد ليشمل أيضا بيت حميد الدين يف

الشامل..وهذا كله ممكن يف إطار مصالحة وطنية تاريخية ليس فيها شبهة االنتقاص ال من ثورة

سبتمرب وال من ثورة أكتوبر..لكن سلطة حرب 1994 تعاملت مع هذه القضية تعامال إنتقائيا غري

معلن..فالطرف الذي أطاحت به ثورة سبتمرب اليعود وليس من حق أي من أفراد بيت حميد

الدين أن يوارى الرثى يف وطنه إذا مات..أما أولئك الذين أطاحت بهم ثورة اكتوبر فمن حقهم

ومن واجبهم أن يعودوا بل وأن ينتقموا ممن أطاح بهم..إننا هنا أمام مفارقة تكشف عن عداء

دفني لثورة 14 أكتوبر..فأمراء حرب 1994 ال تربطهم بهذه الثورة أية عالقة وجدانية وعاطفية

عىل اإلطالق والجنوب بالنسبة لهم ليس وطنا له أمجاد وله تاريخ وله شعب وذاكرة وطنية بقدر

ما هو جغرافيا وغنائم وفيد وهيمنة ونفوذ.

الجنوب يف التوحيدية القوة وإضعاف وإقصاء ترشيد عىل الحرب أمراء عمل لقد

6

Page 7: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

ممثلة بالحزب االشرتايك اليمني وأقاموا تحالفات مع القوى التفكيكية التي ترضرت من ثورة 14

أكتوبر..وليس معني هذا أن النية كانت معقودة من أجل تفكيك الجنوب..ما نقصده أن سلطة

والسطو الجنوب جغرافية عىل قبضتها إلحكام واألمنية العسكرية األساليب اعتمدت الحرب

عىل مقدراته بينام ذهبت تستدعي جراحات املايض لتفكيك متاسكه االجتامعي والسيايس..ويف

إطار هذا النهج دخلت يف تعاقدات إنتقائية مع من تريد لضامن التمثيل الشكيل للجنوب يف

الواقع قوبل القرسي..لكن هذا الضم واإللحاق املركزية والتغطية عىل واقع الدولة مؤسسات

بالرفض الذي بدأ همسا ليتحول إىل حراك سيايس اجتامعي منذ العام 2007.

واملالحظ أن الحراك الجنويب مل يبدأ إال بعد نحو ثالثة عرش عاما من حرب 1994..وخالل

هذه السنوات عاشت اليمن أجواء التمجيد الرسمي اليومي للحرب ونتائجها..وكان أهل الجنوب

يرون أغلب أهل الشامل يجارون هذا التمجيد ويرفعون نتائج الحرب إىل مستوى » فتح مكة »

األمر الذي خلق حالة إحباط عند أهل الجنوب افتقروا معه إىل الشعور بالتضامن والتعاطف من

قبل أهلهم يف الشامل. وضاعف من هذا اإلحباط أن معظم الكتابات والتنظريات التي تصدت

لتفسري أسباب الحرب ونتائجها وانعكاساتها عىل حياة السكان يف الجنوب كانت تنافق املنترص

وتربر سياساته وترصفاته يف املحافظات الجنوبية ويف أحسن األحوال تسميها مجرد » أخطاء » –

مع أنها نهج مقصود ومخطط له - وتستكرث عىل الجنوبيني التعبري عن أوجاعهم بحجة أن املعاناة

واحدة والظلم الواقع عىل املحافظات الجنوبية هو نفسه الواقع عىل املحافظات الشاملية. وكأن

الوحدة ال تستقيم إال إذا متاثل السكان يف الشامل والجنوب مثلام يتامثل املوىت يف املقابر!!! ونيس

هؤالء أو تناسوا أن الجنوب جزء من اليمن وليس جزءا من الشامل وأنه كان دولة محمية بقوة

القانون الدويل وأن مقارنته بتهامة أو أي من محافظات الشامل غري جائز من الناحيتني املنطقية

واملنهجية.

إن غياب تعاطف أهل الشامل مع أهل الجنوب أو ضعفه يف أحسن األحوال وتواطؤ معظم

نخب الشامل مع املنترص خلق مع الوقت حالة انسداد عند بعض تجنحات الحراك الجنويب تجىل

من خالل التمحور حول الذات الجنوبية والحديث عن جنوب عريب وعن فك االرتباط.. وهذا رد

فعل طبيعي ألن العصبية التي تحتكر املشرتك الوطني تنتج عصبيات مضادة متمردة عىل هذا

املشرتك.

ويف مواجهة شعار »فك االرتباط« جرى االستنجاد بشعار »الوحدة فريضة إسالمية« ما

العمل عىل ونتائجها..وبدال من الحرب الوطنية قد أصيبت يف مقتل بسبب الرابطة أن يعني

إعادة بناء هذه الرابطة جرى ويجري قمعها بشعارات اختلطت فيها السياسة بالدين وغري قادرة

7

Page 8: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

عىل الصمود أمام أي نقد..فاليمنيون مل يتوحدوا ألنهم مسلمون وإمنا ألنهم مينيون..توحدوا ألنهم

جامعة وطنية واحدة بغض النظر عن معتقدها الديني..والتفكري بإعادة بناء الوحدة ال يستقيم

منطقيا ومنهجيا ما مل ينطلق من هذه الحقيقة.

كنا قد أسلفنا بأن الوحدة يف مبتداها تعايشات عفوية تنشأ تحت السطح. والنخب

هي التي تبلورها وتؤطرها نظريا ومعرفيا وتلفت نظر املجتمع إليها من خالل »الشعار« الذي

العياين الواقع التجريد.من مستوى إىل التجسيد مستوى من وينقلها الناس وعي يف يوقظها

امللموس إىل التنظري املجرد..ومن هنا تبدأ املسميات واملفاهيم واالصطالحات التي يجري صكها

لتعزيز حالة االستئناس وتعميق املشرتكات وإثرائها..غري أن املفاهيم واملصطلحات والشعارات

التي من قبيل »الوحدة« ال تصك داخل مختربات علمية وإمنا يف فضاءات مجتمعية ال يندر أن

تتباين فيها مصالح الجامعات والطبقات والفئات بغض النظر عن إدراك منتسبيها لهذا الرصاع

معربة دامئا والشعارات واملفاهيم املصطلحات تكون ال السبب التباين..ولهذا بهذا ووعيهم

بدقة وإخالص عن أصولها وجذورها املادية التي انبثقت منها..فأحيانا تتدخل األهواء واملصالح

والرغبات لتحميل املفاهيم املجردة مبعان مضافة تنحرف بالوحدة عن أصلها مبعنى »االستئناس«

املتولد عن معايشات تلقائية عرب التاريخ إىل معان ليست لها عالقة بهذا األصل..وشعار »الوحدة

فريضة دينية« واحد من األمثلة التي ميكن التدليل بها عىل هذا اإلنحراف..فهذا الشعار مل يكن له

وجود يف اليمن قبل حرب 1994.وإمنا جرى صكه يف مناخ رصاعي لتسويغ الهروب من املعالجة

السياسية السلمية ألزمة الوحدة إىل الحرب..وكام هو معروف أجهزت الحرب عىل رشاكة الجنوب

يف اتفاقية الوحدة وفرضت عليه واقعا جديدا يسميه املنترص »وحدة معمدة بالدم« بينام تقول

قوى الحراك الجنويب جهارا نهارا بأنه إحتالل..ونحن ال نطلب من القارئ أن يتمرتس وراء هذا

التوصيف أو ذاك لكن عليه أن يالحظ أن الواقع الراهن يف الجنوب ال عالقة له بالوحدة مبعنى

الوحدة عن يعرب ال أنه لليمنيني..كام التلقائية اإلنسانية التعايشات عن الناجم »االستئناس«

كرشاكة وطنية حقيقية بني الشامل والجنوب.

ومن نافلة القول أن تعايشات اليمنيني تعمدت فعال بالدم ولكن ليس يف حرب مينية-

مينية ال ميكن تربيرها وطنيا وإنسانيا وأخالقيا وإمنا يف حرب التحرير ضد االستعامر الربيطاين..

وهي حرب أفضت ال إىل الكراهية واملفاصلة يف النفوس وإمنا إىل الحب الذي رفع التعايشات

التلقائية من أس االستئناس إىل أس اإلنصهار الوطني الذي أنتج دولة مستقلة يف الجنوب ال تفرق

بني شاميل وجنويب..فعدن التي كانت زمن االستعامر مالذا آمنا لكل الشامليني ال تفرق بني هارب

من شظف العيش وبني باحث عن نسمة حرية عزت عليه يف الشامل اإلمامي هي نفسها عدن

التي رأست عبد الفتاح إسامعيل الشاميل الذي ذهب إليها حافيا ال عىل ظهر دبابة..وهذا ما مل

8

Page 9: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

يحدث يف صنعاء التي عجزت عن أن تكون عاصمة لكل اليمنيني منذ أن قتل نافذوها ورشدوا

مثنى وعيل الوهاب عبد الرقيب وعبد فرحان صالح محمد الجمهوري: عهدها أسامء أجمل

العوايض... والشيخ الوحش مهيوب ومحمد الحريب الرقيب وعبد سعيد ناجي وحمود جربان

الخ. وأضافت إىل هؤالء الرئيس إبراهيم محمد الحمدي الذي دفع مثن وحدويته وتقاربه مع

الجنوب وذبح عىل نحو مناف لكل القيم واألخالق بتهمة الخيانة العظمى لدستورها العصبوي

غري املعلن.

لقد قام شعار »الوحدة فريضة دينية« بعملية مناقلة من بند املقدس الديني ممثال يف

اإلميان بالله واألخوة يف الدين إىل بند املقدس الوطني ممثال يف اإلميان بالوحدة واألخوة يف الوطن

ليشحن هذا األخري مبعان دينية ليست من أصل املفهوم..وعن طريق هذه املناقلة يقوم الحامل

السيايس لهذا الشعار بعملية إزاحة وإحالل..فهو أوال يزيح الرابطة الوطنية ليحل محلها الرابطة

الحامل يزيح ثالثا املؤمن..وهو مفهوم محله ليحل املواطن مفهوم يزيح ثانيا الدينية..وهو

السيايس الوطني لقضية الوحدة ليحل محله وكأنه هو حامل هذه القضية، مع أنها مطروحة عىل

جدول أعامل الحركة الوطنية لعقود سابقة قبل ظهور اإلسالم السيايس.

وإذا كانت »الوحدة فريضة دينية« كام يقال اليوم فلامذا تشدد البعض يف تكفري من أحيا

هذه الفريضة وظل يتعبد بها زمن التشطري؟..ملاذا قيل عن دستور دولة الوحدة بأنه »يساوي

بني من كان مؤمنا وبني من كان كافرا«؟..كيف نفرس استعداء الرأي العام ضد دستور 1990 الذي

من غري التوافق عليه ما كان مبقدور اليمنيني أن يؤدوا »فريضة« الوحدة؟..تؤكد هذه التساؤالت

أننا أمام شعار اختلطت فيه السياسة بالدين..أو قل هو شعار سيايس بقناع ديني..وهذا الشعار

ال يصنع وحدة وطنية وإمنا يتطفل عىل وحدة وطنية مصنوعة..إنه ال يحقق الوحدة الوطنية

وإمنا يحاول استثامرها لصالحه بعد أن تحققت..إنه شعار متأخر عينه عىل دولة الوحدة ال عىل

الوحدة..شعار يريد أن يخطف دولة الوحدة باسم الوحدة..وهو بهذا املعنى شعار إقصايئ متسرت

بالدين.

إن الرابطة الوطنية تقوم عىل األخوة يف املواطنة بينام تقوم الرابطة الدينية عىل األخوة

يف اإلميان بالله..والرابطة الوطنية ال تنتقص من الرابطة الدينية وال تطمح إىل الحلول محلها بل

تتعزز بها إذا كان املجتمع يدين بعقيدة واحدة ومبذهب واحد..وباملقابل تتمكن الروابط الدينية

واملذهبية من التعايش بسالم يف ظل رابطة وطنية واحدة لشعب متعدد األديان أو املذاهب..

وإذا كانت الرابطة الدينية تقوم عىل فرضية أن األصل يف املجتمع هو اإلجامع بني »املؤمنني« فإن

الرابطة الوطنية تقوم عىل فرضية أن األصل يف املجتمع هو االختالف بني »املواطنني« حتى وإن

9

Page 10: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

كان املجتمع يدين بعقيدة واحدة..ومن البديهي والحال كذلك أن تنرصف الرابطة الدينية إىل

تعزيز إجامع املؤمنني بينام تنرصف الرابطة الوطنية إىل تنظيم اختالف املواطنني..لذلك تحتاج

الرابطة الوطنية إىل الدميقراطية لتنظيم االختالف بينام تحتاج الرابطة الدينية إىل الوعظ واإلرشاد

إىل الدينية الرابطة تنتمي بينام السيايس املجال إىل تنتمي الوطنية اإلجامع..فالرابطة لتعزيز

املجال األخالقي..واملجاالن ال يتداخالن إال عندما تتعرث الرابطة الوطنية يف تنظيم االختالف..ومن

السيايس الدينية وتتمدد من مجالها األخالقي إىل املجال الرابطة تنفذ الوطنية الرابطة عرثات

فتتضاعف عرثات الرابطة الوطنية..ويتجىل ذلك من خالل بروز خطاب سيايس وطني مرتبك..

فهو إما أن ينافق الرابطة الدينية ويتحول إىل خطاب وعظي، وإما أن يصادمها ويخلق لنفسه

عداوات هو يف غنى عنها..ويف الحالتني ال يكون خطابا ناضجا ومستقال بذاته وال يكون مؤهال

للتعبري الدقيق والسليم عن الرابطة الوطنية..أي أنه يفشل يف أن يكون خطابا جامعا.

والفشل يكون أيضا من نصيب الخطاب الديني املسيس أو قل الخطاب السيايس املقنع

بالدين..فهو أيضا يعجز عن تحويل االختالف يف املجتمع إىل إجامع..يفشل يف تحويل املواطنني

إىل كتيبة متجانسة من املؤمنني الذين يصدقون كل ما يقال لهم ويترصفون كأتباع ومريدين..

الذي يريد.. املثايل الخطاب ال يستطيع أن يجد تفسريا لفشله يف تحقيق اإلجامع ومنتج هذا

لذلك يستسهل تكفري اآلخر املغاير له..وعندما يقع هذا تكون الرابطة الوطنية يف أزمة حقيقية..

أزمة تظافر يف إنتاجها الخطاب السيايس الوطني املنافق للدين أو املصادم له والخطاب الديني

املسيس.

اليمني معقدا..ومن الصعب أن نفك تعقيداته ما السيايس لهذا السبب نرى املشهد

تخليصها من بعد الدميقراطية بواسطة االختالف لتنظيم املؤهلة الوطنية الرابطة بناء نعد مل

املشهد هذا تعقيدات نفك أن الصعب ونتائجها..من 1994 بسبب حرب طالها الذي الزيف

املواعظ توحدهم ولن مل والنواصب« يأيت..ف«الروافض لن الذي اإلجامع بأوهام تعلقنا إذا

والواجبات.. الحقوق يف متساوين مواطنني إىل تحولهم التي الوطنية الرابطة وإمنا والخطب

واألمر نفسه يرسي عىل »الوحدويني واإلنفصاليني«..فاإلنفصايل مل يظهر إال عندما دمرت الرابطة

الوطنية بفعل الحرب ونتائجها..فال يوجد إنفصاليون وإمنا توجد سياسات تصنع إنفصاليني..وهذه

حقيقة ال يراها البعض بسبب وجود وحدويني يف الجنوب..وكأن عىل الجنوب كله أن يجمع عىل

اإلنفصال يك نعرتف بجرمية الحرب وفضاعة نتائجها..ومثل هذا اإلجامع مستحيل ألن األصل يف

املجتمع هو االختالف كام أسلفنا..والقول بأن »الوحدة فريضة دينية« ال يساعدنا عىل تفسري

وجود وحدويني وإنفصاليني يف الجنوب..ألن مثل هذا القول يضع اإلنفصاليني تلقائيا يف مربع

الكفر ويضع الوحدويني يف مربع اإلميان..ونحن ال نعتقد إطالقا أن األمر كذلك عندما يتعلق األمر

10

Page 11: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

بالنسبة لهم تقلص الوطن بشعب..فهناك إنفصاليون ملتزمون دينيا ومستقيمون أخالقيا لكن

وانحرص يف الجنوب..ونتائج الحرب هي التي أنتجت هذا الشعور..وهناك وحدويون غري ملتزمني

دينيا وال هم مستقيمون من الناحية األخالقية لكنهم استفادوا من الحرب وفسادها.

وشعار »الوحدة أو املوت« ينتمي أيضا إىل هذا النوع من التحريف الذي يولد وعيا زائفا

بالوحدة مبا هي »استئناس« يكرس مبشرتكات ثقافية ونفسية..فوحدة الحرب وحدة متولدة عن

القوة والغلبة..واملتغلب عادة ال يأيت إال يف مرحلة متأخرة جدا بعد أن تكون التعايشات التلقائية

قد وحدت األفراد والجامعات نفسيا وثقافيا عىل نحو يسمح مبخاطبتهم سياسيا ككتلة شعبية

واحدة..ويف هذه اللحظة املتأخرة يعمد املتغلب إىل قيادة الكتلة طوعا أو كرها إىل حيث يريد

ومن أجل ما يريد يف لحظة عابرة مرتدة عن املسار التصاعدي للتاريخ تقدم عىل أنها هي التاريخ

بعد أن وضع يف مساره الصحيح..ويقدم رموز هذا االرتداد عىل أنهم صناع التاريخ..وحرب 1994

هي لحظة مرتدة عن املسار التصاعدي لتاريخ الوحدة اليمنية وصناع هذه اللحظة هم قوى

اإلرتداد.

إن الوحدة مبعنى االستئناس هي وسيلة النهوض املادي والروحي لطرفيها..أما وحدة

الحرب فليست سوى غاية املتغلب الذي يريد أن يبني لنفسه أمجادا عىل حساب هذا النهوض..

وشعار » الوحدة أو املوت » تعبري متوحش عن هذا املعنى..وتعميمه يف كتب املطالعة املدرسية

ينم عن انحطاط النخبة التي صكته وإرصارها عىل تصدير انحطاطها إىل املجتمع وتحويله إىل

عقيدة مجتمعية.

إن الوحدة وسيلة للنهوض بطرفيها وليست غاية مطلوبة لذاتها..والوحدة مرتبطة مبصلحة

يجري التي الوحدة والجنوب..أما الشامل اليمني يف الشعب طرفيها وجودا وعدما وهام هنا

تغري وإمنا الحروب تنهي ال وحدة فهي نتحارب« سنظل نتوحد مل »إذا مقولة عىل تأسيسها

رشوطها فقط..لذا يالحظ أن الحرب الساخنة املتقطعة بني دولتي الشطرين قبل الوحدة تحولت

إىل حرب باردة ودامئة يف ظل الوحدة..وإذا كان للحرب بني دولتي الجنوب والشامل محركاتها

ومثرياتها يف زمن الحرب الباردة فام هي محركات ومثريات املواجهة القامئة بني السلطة املركزية

يف صنعاء والشعب اليمني يف الجنوب؟..أال يدل هذا عىل أن الوحدة تحولت إىل ملصق إعالين

للتغطية عىل واقع ليس من جنس الوحدة؟..أال يدل هذا عىل أننا إزاء مشكلة يجب البحث عن

جذورها يف الشامل ال يف الجنوب؟.

11

Page 12: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

حماولة لتقييم جتربة الوحدة اليمنية )1990 – 1994(

ال ميكن لنا أن نتحرك صوب املستقبل، ما مل نعمل عىل تصحيح ماضينا، بتحريره من أرس

القراءات املتحيزة التي تسعى لتوظيفه يف رصاعات الحارض..ونحن هنا ال نشري إىل املايض البعيد

املمتد إىل الفتنة الكربى وحروب عيل ومعاوية، وإمنا إىل املايض القريب جدا الذي مازال حارضا

بشخوصه وعاشه معظم اليمنيني األحياء الذين شهدوا يومي 22 مايو 1990 و7 يوليه 1994، ومل

يستوعبوا بعد ما جرى خالل الفرتة الزمنية الواقعة بني هذين اليومني، وما بعدها بسبب غلبة

الرواية عىل الدراية..فالرواية كانت ومازالت صاحبة الصوت املرفوع الذي أشاع يف الناس أن يوم

7 يوليه هو يوم النرص العظيم وأنه يوم مشهود من أيام الوطن ال من أيام العصبيات املدمرة

لألوطان.

واليمنيون اليوم عىل أعتاب مؤمتر للحوار الوطني الذي يفرتض أن يكرس للبحث يف مسألة

بناء الدولة..والقضية الجنوبية هي القضية الكربى بني القضايا املطروحة عىل جدول أعامل هذا

املؤمتر من حيث أن حلها حال عادال هو – وليس غريه – بوابة الولوج إىل الدولة..والخوف كل

الخوف أن يجري التعامل معها إنطالقا من ثنائية الوحدة واإلنفصال التي كرستها الرواية للتسرت

لكل دولة لبناء مامنعة عصبيات حركتها حربا باعتبارها 1994 لحرب الحقيقية الدوافع عىل

اليمنيني..ويف هذه القراءة سنبدأ بتصحيح بعض املفاهيم املمهدة لعرض تجربة الوحدة وبيان

معنى القضية الجنوبية.

إن ما حدث يوم 22 مايو 1990 هو اإلعالن عن تأسيس جديد لوحدة بني مينني سياسيني

تفصل بينهام قرون من التشظي، وليس إعادة تحقيق وحدة مين سيايس واحد، انشطر يف لحظة

زمنية منظورة إىل شطرين أحدهام أصل متبوع واآلخر فرع تابع..و«اإلعالن عن التأسيس« هو

لحظة التدشني يف عملية التوحيد التي تحتاج بالرضورة إىل وقت وإىل رعاية وتفاهم وتوافق من

كل األطراف..أما »إعادة التحقيق« فهو تعبري مخادع يوحي بأن ما حدث يف 22 مايو 1990 هو

لحظة التتويج يف عملية توحيدية بدأت يف وقت ما وانتهت يف هذا اليوم.

ثالثة الوحدة مل تكن بني حزبني وال بني سلطتني وإمنا كانت بني دولتني لصالح دولة

بحقائق عسكرية وأمنية وسياسية وإدارية مختلفة الهي حقائق دولة الشامل والهي حقائق

دولة الجنوب..وهذه الدولة الثالثة ذات نظام سيايس دميقراطي يتضمن إدانة رصيحة للنظامني

ومامرسة التمدد حق السابقتني الدولتني من أي دون وحدها ويعطيها السابقني، السياسيني

السيادة عىل كامل جغرافية اليمن الحضاري الثقايف الواحد..ومن غري هذه الدولة الثالثة ذات

12

Page 13: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الحقائق املختلفة والنظام السيايس الدميقراطي املغاير تكون الوحدة باطلة وغري مؤهلة للبقاء

واإلستمرار.

ويف مفهوم الوحدة منيز - منطقيا ومنهجيا- بني سياقني..األول: هو الوحدة كحالة عاطفية

وجدانية إستدعتها الحركة الوطنية اليمنية من أرشيف التاريخ بصورة مثالية بعد تنقيته ذهنيا

من حروبه ورصاعاته وتغلباته وانقساماته وأيقظتها يف نفوس وعقول الجامهري كحلم تغيريي

منذ ثالثينيات القرن املايض إنطالقا من مدينة عدن..والثاين: هو الوحدة كمرشوع سيايس وطني

نخبوي معيار نجاحه الوحيد أن يتجسد يف دولة – ثالثة – ذات نظام سيايس دميقراطي حقيقي

يضمن أن تكون الدولة لكل مواطنيها ال دولة يغتصبها حزب أو مراكز قوى متكئة عىل عصبيات.

وعىل أساس هذا التمييز بني الوحدة كحالة عاطقية شعبوية والوحدة كمرشوع سيايس

نخبوي نرى أن الذين وقفوا ضد مرشوع دستور دولة الوحدة وقاطعوا االستفتاء عليه مل يكونوا

ضد الوحدة باملعنى األول لكنهم كانوا ضدها باملعنى الثاين..أي أنهم كانوا ضد »الدولة الثالثة«

دفاعا عن دولة الشامل..ضد الجمهورية اليمنية دفاعا عن الجمهورية العربية اليمنية..واألرجح

أن يوم 22 مايو 1990 كان سيتأخر كثريا لو أن حملة تكفري مرشوع دستور دولة الوحدة كانت

سابقة عليه وليست الحقة له..لذا نالحظ أن تأجيل االستفتاء عىل مرشوع الدستور إىل ما بعد

22 مايو 1990 تحول من الناحية العملية إىل تبكري بالحرب.

أما التحالف الذي أشعل حرب 1994 فقد استثمر الوحدة كحالة عاطفية شعبوية لتدمريها

بناء لصالح الجامهري لدى الوحدة عاطفة تجييش من نخبوي..فبدال وطني سيايس كمرشوع

»الدولة الثالثة« جرى تجييشها لصالح حرب 1994...وبالحرب تحولت عاطفة الوحدة إىل دماء

وجراح أشاعت الكراهية ونقلت براميل التشطري من الجغرافيا إىل النفوس..وهنا بالتحديد يكمن

جذر القضية الجنوبية باعتبارها قضية وطنية نجمت عن انقالب عسكري عصبوي موجه ضد

مرشوع دولة الوحدة..واألنكأ من كل ذلك أن اإلنقالبيني ظلوا يستخدمون عاطفة الوحدة لرشعنة

نهب واستباحة الجنوب األمر الذي دمر هذه العاطفة عند سكان املحافظات الجنوبية وأشاع

اليمنيون جغرافيا بني كاره للوحدة الخوف عليها عند سكان محافظات الشامل..وبهذا انقسم

جنوبا وخائف عليها شامال..ومع أن سبب الكراهية والخوف يف الحالتني واحد وهو حرب 1994

التي دمرت الوحدة كمرشوع سيايس وطني إال أن نخبا يف الجهتني تتهرب من االعرتاف بهذه

الحقيقة..فالتي يف الجنوب تعمق الكراهية وتعطيها بعدا جهويا رصيحا..والتي يف الشامل توسع

مساحة الخوف وتحرضه بشعارات وطنية ودينية للتسرت عىل جهويتها وعصبويتها الضيقة..األوىل

تستشهد بنتائج الحرب لرشعنة فك اإلرتباط وتستعدي الكارهني ضد الخائفني..والثانية تتمسك

13

Page 14: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

بالضم واإللحاق تحت شعار الوحدة لرشعنة ما تقدر عىل رشعنته من نتائج الحرب وتستعدي

الخائفني ضد الكارهني..والحقيقة متوارية يف املسافة الواقعة بني هذين القطبني.

والحرب التي أنتجت القضية الجنوبية مل تكن بني جهتني يف الجغرافيا وإمنا بني اتجاهني يف

والجنوب..والذين خرسوها هم الشامل مثارها هم من الحرب وجنوا السياسة..فالذين كسبوا

الكاره بشقيه اليمني الشعب فهو فيها واألكرب األول املهزوم والجنوب..أما الشامل من أيضا

والخائف.

والحرب يف شكلها املبارش والرصيح كانت ضد الحزب االشرتايك اليمني يف الشامل والجنوب

بسبب هروب يكن مل الحرب إىل أدى الذي وشعبا..والخالف الجنوب جغرافية تكن ضد ومل

قيادة الحزب االشرتايك من الوحدة وإمنا بسبب هروب قيادة املؤمتر الشعبي العام وحلفائها من

استحقاقات بناء دولة الوحدة..وهذه حقيقة يدركها دعاة فك االرتباط مثلام يدركها أمراء الحرب

الطرفني من مقبولون صالح عيل جانب إىل قاتلوا الذين الجنوبيني أن نالحظ ورموزها..لهذا

ألنهم قاتلوا ضد الحزب االشرتايك وأن الشامليني الذين أدانوا الحرب مرفوضون من الجهتني ألنهم

إشرتاكيون أو قريبون من االشرتايك.

وإذا كانت الحرب قد طالت يف الشامل جيش الجنوب املحارص بعيدا عن خطوط إمداده

فإنها طالت أيضا مقار الحزب االشرتايك يف كل املحافظات مع أنها ليست أهدافا عسكرية..كام

املعلنة النفسية والحرب والتهميش لإلقصاء تعرضوا الذين أعضائه وكوادره اآلالف من طالت

وغري املعلنة حتى أصبح االشرتايك القابض عىل قناعاته كالقابض عىل الجمر.

أما يف الجنوب فقد طالت الحرب كل يشء من األرض وما عليها إىل اإلنسان العادي وما

ألفه واعتاد عليه وتعلق به من تاريخ ورمزيات ومن حضور حقيقي للدولة والنظام والقانون..

وتفسري ذلك أن النظام الذي حرك الحرب ليس نظام دولة وإمنا نظام عصبيات مغتصبة للدولة..

والعصبيات حينام تنترص عسكريا ال تكتفي بهزمية الخصم وإمنا تذهب بعيدا يف استباحة مناطق

حضوره التاريخي وتأديبها لتكون عربة ملن يريد أن يعترب..وهذه ظاهرة تكررت كثريا يف التاريخ

اليمني حيث كان الطرف املنترص يستبيح معقل الطرف املهزوم عىل نحو همجي مثلام فعل

عندما أحمد اإلمام فعل آبارها، ومثلام نخيلها وردم عندما قطع يام قبائل الهادي مع اإلمام

استباح مدينة صنعاء عام 1948..يضاف إىل ذلك أن اتساع حجم الطبقة الفاسدة داخل نظام

العصبيات جعل عيل صالح يعتمد عىل العطاءات واملكافآت يف اسرتضاء مراكز النفوذ ويف كسب

الوالءات ورشاء الذمم..وهذا ما كان قد حصل مع تهامة التي استبيحت أراضيها بالكيلومرتات

14

Page 15: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

وتحول أبناؤها إىل عامل يومية يف مزارع املتنفذين ولصوص األرايض..مع مالحظة أن املقارنة بني

الجنوب أما الشامل الجنوبية غري جائزة منطقيا ومنهجيا..فتهامة جزء من تهامة واملحافظات

فجزء من اليمن..وتهامة مل تكن دولة وال مرشوعا سياسيا بينام الجنوب كان حتى األمس القريب

دولة ذات سيادة ومرشوعا سياسيا منظورا عىل املستويات املحلية واإلقليمية والدولية.

اإلمعان يف إطار فتندرج يف الجنوب قادة ومسئويل دولة منازل وبيوت استباحة أما

اإلهانة ومامرسة اإلذالل..وهذه ثقافة متأصلة يف ذاكرة أمراء الحرب..وقد سبقهم إىل ذلك بيت

حميد الدين عندما أعدمت كبار آل الوزير عام 1948 ثم ذهبت إىل بني حشيش تهدم منازلهم

وتنقل حجارتها إىل صنعاء لتبني بها قرصا للعباس..ومثلام كانت بيت حميد الدين قادرة عىل

بناء عرشات القصور دون أن متد يدها إىل حق الغري فقد كان مبقدور أمراء حرب 1994 أن يبنوا

ألنفسهم قصورا فارهة يف مدينة عدن دون أن يقتحموا بيوتا يعلمون أنها ليست لهم..لكننا يف

الحالتني أمام ترصفات ال يوجد لها تفسري آخر غري الذي ذهبنا إليه.

الجنوبية منيز منطقيا ومنهجيا بني االعرتاف بطابعها الحقوقي واالعرتاف القضية ويف

أحسن يف السبب..يتحدث إىل اإلشارة ويتجنب النتائج عند يتوقف السيايس..األول بطابعها

األحوال عن سوء إدارة نتائج الحرب مع اإلقرار الضمني برشعية دوافعها ومحركاتها..أما الثاين

فيتجه إىل السبب مشريا إىل طبيعة املصالح املتكئة عىل عصبيات نافذة ما قبل وطنية تعجز عن

تربير نفسها وإدارة شئونها بوسائل أخرى غري الوسائل العسكرية..والتعتيم عىل الطابع السيايس

للقضية الجنوبية يخلق العقبات أمام أية مقرتحات ورؤى وطنية لحلها حال عادال يقتلع أسباب

الحروب الداخلية ويشكل مدخال لبناء دولة ضامنة ملصالح كل اليمنيني يف الشامل ويف الجنوب..

ومن بديهيات األشياء أن تكون هذه الدولة متحررة متاما من أي نفوذ عصبوي..لهذا السبب نرى

االنتصار للقضية الجنوبية انتصارا لليمن برمته.

واليمنيون إزاء القضية الجنوبية أمام خيارين ال ثالث لهام: إما حلها حال عادال يف ظل

وحدة قامئة عىل الندية والرشاكة الحقيقية بني اليمن السيايس الشاميل واليمن السيايس الجنويب

عىل النحو الذي يحقق مصلحة املواطن العادي يف الشامل والجنوب ويخلق رشوطا موضوعية

اليمن جنوبا الكامل والطوعي يف ظل مين سيايس واحد وجديد وإما تفكك الوطني لإلندماج

وشامال إىل عدة مينات سياسية قد ينكر بعضها مينيته..ومعنى ذلك أن الحديث عن بعد وطني

للقضية الجنوبية حديث غري مستقيم..فهي يف شكلها ومضمونها قضية وطنية بامتياز..بل هي

كقضية السطح الطافية عىل بالقضايا مساواتها يجوز وال اليوم إلحاحا األكرث الوطنية القضية

صعدة، مثال.

15

Page 16: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

والحل العادل للقضية الجنوبية لن يكون ممكنا إذا ظلت النخب النافذة يف الشامل

متمرتسة حول خطابها السيايس الذي رشع لحرب صيف 1994 وبقي يربرها إىل اليوم..وإذا كانت

الثورة الشبابية الشعبية قد خلعت عيل صالح وأسقطت رشعية نظامه املنتج للحروب واألزمات

فإن كل من يدافع عن حرب 1994 كليا أو جزئيا بعد كل الذي صار يثبت أن يده مازالت عىل

النظام يضع أصحابه الزناد وأنه مخلص لنظام الحرب وإن من غري عيل صالح..واإلخالص لهذا

خارج مدخالت الحل العادل للقضية الجنوبية..فهم جزء من املشكلة باعتبارهم من مدخالت

النظام الذي أنتجها..وال ميكن أن يكونوا جزءا من الحل إال إذا تخلوا عن منط تفكريهم السيايس

القديم وقبلوا بتقويض النظام السيايس القائم لصالح نظام سيايس جديد مؤهل لبقاء الوحدة

ونتائجها 1994 لحرب الدامغة اإلدانة من يبدأ القديم التفكري منط عن وازدهارها..والتخيل

وينتهي ببناء دولة ذات نظام سيايس قادر عىل عزل وتحييد الجوانب السلبية للعصبيات املنتجة

للحروب الداخلية واملعيقة لتطور وتنمية البالد.

16

Page 17: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الوحدة اليمنية قبل عام 1990 :

عندما حصل الجنوب عىل االستقالل يف 30 نوفمرب 1967 كان الشامل يعيش حربا أهلية

حقيقية بني امللكيني والجمهوريني ومل تكن الوحدة ممكنة من الناحية العملية يف تلك الظروف.

يف أغسطس عام 1968 شهدت صنعاء أحداثا دامية أصبح بعدها النظام السيايس يف

الجنوب من غري رشكاء وحدويني يف الشامل الرسمي.. يف العام 1970 حصل املنترصون يف أحداث

القبلية والتقليدية عىل اللحمة للقوى التي أعادت أغسطس عىل جائزة املصالحة مع امللكيني

املجلس يف ممثلني امللكيون أصبح املصالحة هذه للشامل..ومبوجب الوطنية اللحمة حساب

الجمهوري والحكومة ومجلس الشورى واإلدارة املحلية والقضاء والسلك الدبلومايس.

غري أن املصالحة مع امللكيني مل تجلب االستقرار والسالم لليمن الشاميل ألنها قبل أن تبدأ

كانت مرشوطة بالعداء للجبهة القومية يف الجنوب وترشيد رشكائها الوحدويني يف الشامل الذين

أعادوا ترتيب أوضاعهم فيام بعد يف إطار الجبهة الوطنية الدميقراطية.

إذن نحن عىل مستوى الشامل أمام نظام سيايس صاغته نتائج أحداث أغسطس 1968

واملصالحة مع امللكيني عام 1970..ومل تكن الوحدة اليمنية من بني أهداف وأجندة هذا النظام.

ومبا أن الوحدة كانت القضية األكرث جاذبية عىل املستوى الشعبي فقد كان من املتعذر عىل

النخبة الحاكمة يف الشامل أن تتجاهل هذه الحقيقة..لهذا رفعت شعار الوحدة وزايدت به عىل

أصحابه الحقيقيني وكأنه شعارها..لكنها مل تستطع أن تتصور الوحدة مع الجنوب خارج النموذج

الذي تريده هي وهو نظام الجمهورية العربية اليمنية كام صاغته نتائج أحداث أغسطس 1968

واملصالحة مع امللكيني.

وباملقابل مل تكن النخبة الحاكمة يف الجنوب تقبل بوحدة خارج منوذجها الذي جسدته

جمهورية اليمن الدميقراطية الشعبية باعتبارها دولة العامل والفالحني واملثقفني الثوريني وسائر

منوذج وعصبويا..بينام جهويا متحيز الشامل منوذج أن هنا الكادحة..واملالحظ الشعب فئات

الجنوب متحيز أيديولوجيا..األول قبيل عصبوي..والثاين ميني شعبوي.

إن متسك كل طرف بنموذجه الذي أراده لدولة الوحدة جعل تحقيقها أمرا مستحيال إال

إذا أطاح أحد النظامني بالنظام اآلخر وفرض منوذجه بالقوة وهو مامل يكن ممكنا يف ظل النظام

17

Page 18: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الدويل القائم عىل مبدأ سيادة الدول وسالمة أراضيها واحرتام حدودها..لهذا تحول شعار الوحدة

إىل وسيلة لتدخل كل نظام يف الشئون الداخلية للنظام اآلخر..وكان من نتائج ذلك أن العالقة بني

عدن وصنعاء ظلت تراوح بني الرصاع املسلح والتعايش السلمي.

يف يونيو 1974 جاء إبراهيم الحمدي إىل السلطة يف صنعاء..وحاول أن يعيد تأهيل النظام

السيايس يف الشامل وطنيا ووحدويا..لكن الرجل ذبح عىل النحو الذي نعرفه..أما أحمد حسني

الذي ال النحو الشامل عىل النظام يف أوراق ترتيب يعاد الغشمي فقد كان رئيسا عابرا ريثام

يسمح بتكرار ظاهرة الحمدي..وقبل أن يقع االنفجار الكبري يف مبنى القيادة العامة كانت األمور

قد رست عىل عيل عبد الله صالح الذي حرص منذ أيامه األوىل يف الحكم أن يثبت ملن جاء به

أنه مل ولن يكون إبراهيم الحمدي.

الباردة وتراجعت املؤثرات اإلقليمية وظل األمر عىل هذا لنحو إىل أن انتهت الحرب

والدولية عىل العالقات املتبادلة بني شطري اليمن وحينها تهيأت الظروف لتأسيس الوحدة سلميا

عىل النحو الذي بدأ يف 22 مايو 1990 وسط تأييد شعبي واسع النطاق..واملتغري الداخيل الحاسم

أرادته للوحدة، الذي النموذج السياسية يف عدن عن القيادة الذي ساعد عىل ذلك هو تخيل

مقابل أن تتخيل القيادة السياسية يف صنعاء عن منوذجها..لكن تبني فيام بعد أن نخبة الحكم

يف صنعاء دخلت الوحدة وهي تضمر فرض منوذجها عىل اليمن كله، ومل تكن خطوة 22 مايو

السلمية بالنسبة لها سوى إجراء تكتييك لتغيري رشوط الحرب القدمية بني الشطرين من حرب بني

دولتني إىل حرب داخلية بني »رشعية« و«متمردين عىل الرشعية«.

نظام وعممت الوحدة عىل منوذجها الحكم يف صنعاء نخبة فرضت الطريقة بهذه

الجمهورية العربية اليمنية عىل اليمن كله..وبدال عن وحدة 22 مايو الطوعية السلمية أقامت

وحدة 7 يوليو »املعمدة بالدم« معتقدة أن نظام الجمهورية العربية اليمنية هو النموذج الذي

انترص عىل صعيد عاملي يف الحرب الباردة ويجب أن ينترص عىل صعيد محيل وأن نظام جمهورية

أن يخرسها الباردة عامليا ويجب الحرب الذي خرس النموذج الشعبية هو الدميقراطية اليمن

محليا وكأن دولة الشامل هي أملانيا الغربية ودولة الجنوب هي املانيا الرشقية..علام بأن املقارنة

بني الحالة اليمنية والحالة األملانية غري جائزة ال منطقيا وال منهجيا فالرشوط يف الحالتني مختلفة

من األلف إىل الياء.

إن حرب 1994 هي انقالب عىل الوحدة كمرشوع سيايس وطني نخبوي باسم الوحدة

كحالة عاطفية شعبوية..والوحدة باملعنى األول بدأت عمليا يف 22 مايو 1990..بينام هي باملعنى

18

Page 19: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الثاين مفتوحة عىل الزمن..لكن نتائج الحرب أفضت إىل تدمري الوحدة باملعنى الثاين أيضا عىل

ملشعيل جاز األول..وإذا باملعنى الوحدة طريف أحد هي التي الجنوبية املحافظات يف األقل

حرب 1994 أن ينقلبوا عىل وحدة 22 مايو 1990 السلمية كمرشوع سيايس وطني مستخدمني

الشعارات الشعبوية املدغدغة لعاطفة جامهري الشامل املحبة للوحدة فإنه من الجائز – وفقا

لهذه القاعدة – لدعاة فك االرتباط أن يرفضوا وحدة 7 يوليه املعمدة بالدم كمرشوع سيايس

عصبوي غري وطني مستخدمني الشعارات الشعبوية املدغدغة لعاطفة جامهري الجنوب الكارهة

للوحدة..وعىل الذين يشككون بوجود هذه الكراهية أن يذهبوا إىل مغامرة االستفتاء.

إننا هنا ال ننظر لدعوات فك االرتباط ولكننا نفضح املنطق الواهي للوحدة املعمدة

بالدم ونبني أن الدم ليس من جنس الوحدة التي حلم بها الشعب اليمني..ويف سياق هذا التبيني

الوحدة عن يدافعون مبن مقارنة أخالقية أكرث االرتباط فك دعاة بأن القول حد إىل نذهب

املعمدة بالدم..فدعاة فك االرتباط ليسوا إنقالبيني وال هم يرفضون الوحدة املتوافق عليها يف 22

العسكرية بالقوة املفروضة عليهم الوحدة يقاومون مايو 1990 كمرشوع سيايس وطني..إنهم

كمرشوع عسكري عصبوي غري وطني ويسمونها جهارا نهارا »إحتالل«..وهم يف مقاومتهم يتبعون

نهجا سلميا غري عنفي..يضاف إىل ذلك أنهم الطرف املظلوم الواقف عىل الجمر الذي يرى ثروات

ومقدرات الجنوب عرضة للهدر والنهب املمنهج.

بالدم املعمدة الوحدة أنهم ال يقاومون االرتباط يكمن يف إن اختالفنا مع دعاة فك

كمرشوع عسكري عصبوي إلحاقي لصالح الوحدة كمرشوع سيايس وطني..ولكن حتى يف هذه ال

نستطيع أن نذهب بعيدا يف الوقوف ضدهم ما دامت األطراف التي ضغطت عىل الزناد وصنعت

أي تقدم حتى اآلن عىل الوحدة كمرشوع سيايس وطني ومل تتهرب هي األخرى من املشكلة

خطوة عملية تثبت أن املشكلة كلها يف عيل عبد الله صالح وليس يف العصبية التي أنتجت نظامه.

تجربة الوحدة )1990 – 1994 (

عام 1990 وضعت الحرب الباردة أوزارها..وكان هذا متغريا عامليا فتح الطريق إلعادة

هيكلة العالقات الدولية وهيأ لليمنني الجنويب والشاميل فرصة تاريخية يك يؤسسا وحدتهام عىل

أساس الربط بينها وبني الدميقراطية..فالدولة الدميقراطية إرتبطت بالوحدة..والوحدة غري قابلة

لإلستمرار من غري دولة دميقراطية..وهذا هو جوهر وحدة 22 مايو 1990.

19

Page 20: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

غري أنه عندما أطل عام 1990 مل يكن النظام السيايس يف صنعاء مؤهال ألي مستوى من

مستويات الدميقراطية ال يف إطار دولة بسيطة وال يف إطار دولة مركبة..فالنخب النافذة يف هذا

النظام مل تكن مؤمنة بالوحدة كقضية وطنية بقدر ما اعتربتها توسيعا ملساحة األرض ليس إال.

ويف املقابل كانت عدن تعاين من آثار أحداث يناير 1986 املأساوية التي أحدثت رشخا كبريا

يف الوحدة الوطنية للجنوب..وكان أمام نخبته خياران كالهام غري ممكن بدون الدميقراطية..األول

خيار املصالحة الجنوبية- الجنوبية قبل الرشوع يف مصالحة مينية- مينية..والثاين خيار املصالحة

نظامه أسس اإلشرتايك الحزب أن جنوبية..ومبا جنوبية- مبصالحة املرور دون اليمنية-اليمنية

السيايس منذ البداية عىل إسرتاتيجية الوحدة اليمنية وعىل النظرة الدونية للتشطري فإن الجنوب

الهائل املعنوي املخزون ضغط تحت اإلسرتاتيجية هذه بفعل واقعا كان والشعبي الرسمي

لعاطفة الوحدة، األمر الذي جعل أمني عام الحزب االشرتايك عيل سامل البيض يستسهل الذهاب

إىل مصالحة مينية- مينية غري مدروسة إعتقد أنها تعفيه عن الرشوع يف مصالحة جنوبية-جنوبية

كانت تبدو حينها صعبة وغري ممكنة بسبب اتساع مساحة الجروح التي خلفتها األحداث ونزوح

الطرف املهزوم باآلالف إىل الشامل يف انتظار أية فرصة ممكنة لألخذ بالثأر..وكأنه تحتم عىل فرقاء

13 يناير أن ميدوا أيديهم لرجل مثل عيل عبد الله صالح ليكتشفوا متأخرين أنه كان عليهم أن

ميدوا أيديهم لبعضهم البعض أوال.

عربت املصالحة اليمنية - اليمنية عن نفسها من خالل الوحدة..وكان عيل سامل البيض

املحارص بركام أحداث يناير جاهزا نفسيا ومعنويا لهذه املصالحة..واألرجح أنه هو الذي وضع

مفرداتها التأسيسية وقبل بها عيل صالح يف صفقة بنيت عىل تفاهم رسي غري موثق بني الرجلني،

أدى إىل تقديم موعد إعالن الوحدة ستة أشهر عن املوعد املحدد يف اتفاقية 30 نوفمرب 1989

وترحيل االستفتاء عىل الدستور إىل ما بعد إعالن 22 مايو 1990 ليتم بأثر رجعي جعل بعض

األطراف السياسية تعارضه دون أن تخىش إتهامها بإعاقة إعالن تأسيس الوحدة..

ويبدو أن التحريك املتبادل لوحدات أساسية من الجيش من الجنوب إىل الشامل والعكس

قبل دمجه جاء يف إطار التفاهم الرسي بني البيض وعيل صالح..واملالحظ أن الوحدات الجنوبية

وجاورتها إمدادها مناطق عن وبعيدة عسكرية قيمة ذات غري مناطق يف شامال متوضعت

ذات مناطق الشاملية جنوبا يف الوحدات أماكن متوضعها..بينام متوضعت وحدات شاملية يف

قيمة عسكرية تضمن لها تلقي الدعم واإلسناد خالل ساعات..وهذا ما أثبته مسار الحرب فيام

بعد.

20

Page 21: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

أما املفردات التأسيسية التي قام عليها التفاهم الرسي فهي: »الرشاكة« و«الدميقراطية«

و«اإلصالح« و«التحالف« وقد وردت بكثافة يف كل خطابات البيض منذ 30 نوفمرب 1989 مبا يف

ذلك خطاب فك اإلرتباط يف 21 مايو 1994 ..وفيام يتعلق بالتفاهم الرسي نفسه كواقعة حدثت

بالفعل فقد ذكره عيل صالح يف سياق حديث طويل نرشه نجيب رياض الريس عام 1999 يف

كتابه »رياح الجنوب«.

والقبض عىل مفردات التفاهم الرسي هو مدخلنا لتقييم تجربة وحدة 22 مايو 1990 التي

قامت عىل أساس الدولة البسيطة..ما يعني أن استخدام كلمة »إندماجية« يف وصف وحدة 22

مايو 1990 هو استخدام غري موفق يوحي بأن الدولة املركبة ال تحقق اإلندماج الوطني..وهذا ما

ال تقره تجارب الشعوب والدول يف معظم الخارطة السياسية للعامل.

1 – الرشاكة: األصل يف وحدة 22 مايو 1990 هو الرشاكة وليس الدميقراطية..وقد تأسست فكرة

الرشاكة موضوعيا عىل حقيقة تاريخية وجغرافية مؤداها أن الجنوب جزء من اليمن الحضاري

الثقايف وليس جزءا من اليمن الشاميل السيايس..مثلام أن الشامل جزء من اليمن الحضاري الثقايف

أمام متكافئتان الجنوب الشامل ودولة السيايس..وعليه فدولة الجنويب اليمن وليس جزءا من

اليمننة ويجب أن تكونا متكافئتني أمام الوحدة نظريا وعمليا..نظريا: يف التوافق عىل مرشوع

دولة الوحدة وعقدها االجتامعي.. وعمليا: يف تطبيقه..ومبا أن دولة الوحدة مل تقم عىل أساس

فيدرايل يعرب عن هذه الحقيقة املوضوعية يف العالقة املتكافئة بني الشامل والجنوب فإن التعبري

عنها تم من خالل الوضع اإلستثنايئ الذي منحه التفاهم الرسي للنائب عيل سامل البيض يف عالقته

الوظيفية بالرئيس عيل صالح خالل الفرتة اإلنتقالية الالزمة لإلنتهاء من تطبيق مخطط الوحدة

اإلنجاز وحجم بنوع وإمنا بالزمن تقاس ال فرتة التشطريي..وهي املايض مع النهايئ والطالق

املتحقق عىل صعيد بناء دولة الوحدة وترسيخ نظامها السيايس الدميقراطي..وهنا يجب أن نفرق

بني هذه الفرتة والفرتة اإلنتقالية املحددة يف اتفاقية الوحدة بسنتني ونصف..فهذه األخرية لها

بعد قانوين يغلب بنودا يف اإلتفاقية عىل مواد يف الدستور وال عالقة لها بالتطبيق النهايئ ملخطط

بعد نيابية إنتخابات أول بإجراء تنتهي وناضجة..وهي ناجزة دميقراطية دولة وقيام الوحدة

دميقراطي إشتغال إال يف ظروف األول باملعنى االنتقالية الفرتة تنتهي ال الوحدة..بينام إعالن

طبيعي لكل مؤسسات الدولة واملجتمع املدين عىل النحو الذي يسمح ألي حزب إذا خرج من

السلطة بآلية الدميقراطية أن يعود إليها باآللية نفسها..وعىل هذا األساس مل يكن خروج البيض

من السلطة أمرا واردا ما مل ينته اليمنيون من بناء هذه الدولة..كام أن طبيعة دوره ووزنه النوعي

الجنوب التكافؤ بني الربملان وإمنا عىل الفرتة عىل عدد مقاعد حزبه يف يتوقف خالل هذه ال

والشامل يف تأسيس الوحدة وبناء دولتها..وهذا يعني أننا إزاء نائب رئيس إستثنايئ إلنجاز برنامج

21

Page 22: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

إستثنايئ..إنه نائب رئيس مل يخرته ومل يعينه الرئيس وإمنا إختارته وعينته اللحظة التاريخية التي

ناضل هو والجنوب كله من أجلها..وهو ال يستمد مكانته من قرار جمهوري صادر عن الرئيس

وإمنا من موقعه السابق يف دولة الجنوب الذي تنازل عنه لصالح الوحدة..وهو أيضا ليس نائب

رئيس يف دولة ناجزة ليقوم مبهام اعتيادية وإمنا نائب رئيس يف مرشوع دولة مل تنجز بعد ويقوم

معه.. والندية الرشاكة قاعدة الدولة عىل ببناء هذه معني الرئيس مثل استثنائية..فهو مبهام

وعالقته بالرئيس هي من الناحية العملية تجسيد للعالقة املتكافئة التي أقامها مخطط الوحدة

بني اليمن الشاميل واليمن الجنويب.

واملالحظ هنا أن الوحدة التي يفرتض أنها قامت موضوعيا عىل أساس الدولة البسيطة

الكيان إختزل منهام والنائب..فكل الرئيس بني الوظيفية العالقة مستوى عىل كذلك تكن مل

تعبريا عن لوكانت بينهام كام العالقة التي كان ميثلها يف شخصه حتى بدت للدولة االعتباري

وحدة كونفدرالية..وتفسري ذلك أن النموذج املتوافق عليه لدولة الوحدة مازال يف حالة جنينية

ويحتاج إىل وقت وإىل ثقة متبادلة يك يشتد عوده وينضج..ولضامن عملية نضوجه اقتىض األمر

وال تفاضلية ال تكاملية بينهام العالقة تكون وأن الرئيس بصالحيات الرئيس نائب يكون أن

تنافسية..وهذه حالة إنتقالية مؤقتة تنتهي بانتهاء عملية التوحيد ونضوج منوذج دولة الوحدة

ورسوخ نظامها السيايس الدميقراطي.

ومبا أن الوحدة مل تكن بالنسبة للرئيس مرشوعا وطنيا فقد تعامل مع هذه املسألة تعامال

تكتيكيا وفتح لنفسه ثغرات يف جدار الوحدة الغض نفذ منها لتجريد نائبه من أي ندية معه بحجة

عدم جواز أن يكون هناك سيفان يف غمد واحد وأن الدولة ال ميكن أن تدار برأسني..ويف املقابل مل

يكن النائب يحوز عىل ضامنات موثقة تحد من قدرة الرئيس عىل تحجيم دوره والتالعب مبصري

دولة الوحدة..وقد حصل البيض عىل هذه الضامنات بأثر رجعي ولكن يف الوقت الضائع..فبعد

22 مايو 1990 اكتشف البيض أن املرياث التاريخي للرصاع بني الشطرين ميأل العاصمة صنعاء..

فدستور دولة الوحدة »يفتح الباب أمام رشكاء لله يف الحكم..ويساوي بني من كان مؤمنا ومن

العلامء«..والقيادة وقاتل »ملحد اإلشرتايك عادل«..والحزب تقاسم غري « كافرا«..والرشاكة كان

الجنوبية »هربت إىل الوحدة ال حبا فيها ولكن يك تتجنب مصري تشاوشيسكو رومانيا«.. والجنوب

»جائع جاء يتطفل عىل خزائن الشامل بجيش جرار من املوظفني ومديونية عالية للخارج«..وهذه

كلها شعارات تم ترويجها آنذاك متهيدا لإلنقضاض عىل الحزب اإلشرتايك فيام بعد..ومع كل طلقة

رصاص يسكب فيها الدم كان يقال:«اإلشرتاكيون يثأرون من اإلشرتاكيني«..هكذا من غري حاجة إىل

دليل..فالعاصمة تقرر كل يشء وتفرض إرادة املهيمنني فيها عىل القادمني إليها..ويف هذا املناخ

املأزوم إختار الرئيس صالح مؤقتا أن يأكل الثوم بأفواه فقهاء التجمع اليمني لإلصالح ليبقى هو

22

Page 23: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

يرتبص متدثرا بقميص الوسطية واإلعتدال.

ارتاب البيض من »اعتدال ووسطية« الرئيس ومارس »إعتكافني« صامتني يف معاشيق..وأثناء

اإلعتكاف الثاين كان موعد اإلنتخابات النيابية يطرق األبواب والشامل يحتوي عىل 80% من دوائر

الجمهورية..وهذه نسبة عالية وواعدة تستوجب أن يذهب الرئيس شخصيا إىل معاشيق يسرتيض

نائبه..ويبدو أن النائب قال له: لن تكون هناك إنتخابات حتى نوثق ما تعاهدنا عليه يف تفاهمنا

الرسي..ومن رحم هذا اللقاء اإلسرتضايئ خرجت »وثيقة التنسيق والتحالف عىل طريق التوحيد

بني الحزب االشرتايك واملؤمتر الشعبي العام« التي أنهت اإلعتكاف الثاين وهيأت املناخ السيايس

إلجراء انتخابات أبريل 1993 النيابية.

نصت الوثيقة عىل إدخال تعديالت جوهرية يف الدستور بعد اإلنتخابات تتضمن إلغاء

مجلس الرئاسة واستبداله برئيس ونائب ينتخبان من الشعب يف قامئة واحدة، وتشكيل مجلس

شورى متثل فيه املحافظات بالتساوي ويشكل مع مجلس النواب جمعية وطنية يرأسها نائب

الصالحيات وأن املحافظات وما دونها بحكم محيل كامل تتمتع أن أيضا عىل الرئيس..ونصت

يجري انتخاب املجالس املحلية فور استكامل التقسيم اإلداري للبالد.

عند النظر إىل مضامني هذه الوثيقة نالحظ أن الرئيس والنائب اللذين كانا ينتخبان من

مجلس الرئاسة سينتخبان من الشعب يف قامئة واحدة..ومن الوهلة األوىل يبدو أن هذا مخالف

لقواعد الدميقراطية والتنافس بني حزب الرئيس وحزب النائب..وهذا صحيح لو أننا إزاء دولة

ناجزة..فالحديث هنا يدور تأسيس دولة غري الرشاكة يف ناجزة..لكنه من مرتكزات دميقراطية

حول تأسيس الدولة وليس حول التنافس الدميقراطي عىل السلطة..ويف عملية التأسيس يكون

الرئيس ممثال لدولة الشامل وليس للمؤمتر الشعبي العام ويكون النائب ممثال لدولة الجنوب

وليس للحزب االشرتايك اليمني.

يالحظ أيضا أن رئاسة الدولة للشامل وأن نائب الرئيس ورئاسة الجمعية الوطنية للجنوب..

وكان منتظرا من التعديالت الدستورية املتفق عليها حينها أن تحقق قدرا كبريا من التوازن بني

رئاسة الدولة والجمعية الوطنية..أما ما يتعلق بالحكم املحيل كامل الصالحيات فكان يتوخى نقل

السلطة الفعلية إىل املحافظات وما دونها وإنتاج رشوط موضوعية لرشاكة حقيقية بني اليمنيني

يف السلطة والرثوة.

وبعد اإلنتخابات تشكلت حكومة إئتالفية من الثالثة األحزاب التي حازت عىل معظم

يتاح خاللها أشهر الرئاسة ملدة خمسة بالتمديد ملجلس املنتخب الربملان الربملان..وقام مقاعد

23

Page 24: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الوقت الكايف إلجرا التعديالت الدستورية املتفق عليها بني الرئيس والنائب يف »وثيقة التنسيق

والتحالف«..ويف هذه األثناء سافر البيض يف رحلة عالجية إىل الواليات املتحدة األمريكية..وأثناء

غيابه استثمر الرئيس صالح تحالفه القوي مع التجمع اليمني لإلصالح ووجه األغلبية الشاملية يف

الربملان بالتصويت عىل مسودة تعديالت دستورية تجاوزت كل ما أتفق عليه يف الوثيقة املشار

إليها أعاله..فال صالحيات دستورية للنائب..وال إنتخاب للنائب مع الرئيس يف قامئة واحدة..وال

جمعية وطنية يرأسها النائب..ويف هذه اللحظة بالذات اكتشف البيض أن انقالبا أبيضا قد تم

وأنه مل يقد الجنوب إىل الوحدة والرشاكة والدميقراطية واإلصالح وإمنا إىل بيت الطاعة..وعليه

اآلن أن يسلم برشوط أرباب البيت ممثال للجنوب مقابل تعيينه نائبا يدعو الله أن يحفظ الرئيس

وميثله يف احتفاالت الكشافة واملرشدات وإال »فالصميل خلق من الجنة«.

مل يقبل البيض بهذا اإلنقالب وعاد من واشنطن إىل عدن ليكشف عن وجود أزمة داخل

اإلئتالف الثاليث الحاكم أساسها عدم قدرة أطرافه عىل التوصل إىل تفاهم وتوافق حول بناء دولة

الوحدة..وكان الربملان املؤسسة املنتخبة الوحيدة التي ميكن أن يعول عليها يف حل هذه األزمة

كان الربملان ذلك العليا..لكن الوطنية للمصلحة املتساوي الخضوع ونائبه عىل الرئيس بإرغام

محكوما بأغلبية عددية شاملية ناجمة عن التفاوت الكبري يف عدد السكان وناتجة عن إنتخابات

جرت يف بلد مازال يعاين من آثار التشطري ويفتقر إىل االندماج الوطني الحقيقي..ومعظم هذه

األغلبية تشكل من شيوخ القبائل وخطباء املساجد والعسكريني فكان جزءا من املشكلة ومل يكن

جزءا من الحل..ثم أن القضايا الخالفية حول بناء الدولة ال ميكن تسويتها بعد األصوات داخل

برملان يتلقى التعليامت من خارجه وإمنا بروح التفاهم والتوافق الوطني عىل النحو الذي يحقق

املصلحة العليا للشعب اليمني بعيدا عن مفهوم األغلبية واألقلية وحسابات الربح والخسارة..

لهذه األسباب رفض البيض االحتكام إىل برملان مشطور ومتحيز.

وبينام كانت األزمة تتفاقم أوشكت الخمسة األشهر التي مددها الربملان ملجلس الرئاسة

أساس الرئاسة عىل إنتخاب مجلس أعيد فراغ دستوري البالد يف تدخل ال اإلنتهاء.وحتى عىل

2-2-1 حيث حل الشيخ عبد املجيد الزنداين عن التجمع اليمني لإلصالح محل املؤمتري القايض

عبد الكريم العريش..وظل نصيب الشامل يف عضوية مجلس الرئاسة ثالثة مقاعد مقابل مقعدين

للجنوب..لكن وسائل اإلعالم يف صنعاء كانت توزع هذه املقاعد بني األحزاب الثالثة وليس بني

الجنوب والشامل، وتتحدث عن نصيب للحزب االشرتايك أكرب من حجمه يف الربملان وليس عن

نصيب للجنوب أقل من حجمه يف عملية توحيد البالد..وهذه قضية مازالت األطراف املعنية يف

اليمن تتغافل عنها إىل اليوم وهي تفكر يف حل أزمات البالد.

24

Page 25: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

وبانتخاب مجلس الرئاسة عىل هذا النحو ملعت يف األفق بارقة أمل..لكنها رسعان ما تالشت

عندما أذاعت وسائل اإلعالم الرسمية أن مجلس الرئاسة إنتخب عيل عبد الله صالح رئيسا وأن

الرئيس عني عيل سامل البيض نائبا له..وهذا مخالف إلتفاق قىض بإخراج موقع نائب الرئيس عىل

النحوالتايل: »إجتمع مجلس الرئاسة بأعضائه الخمسة وانتخب عيل عبد الله صالح رئيسا وعيل

سامل البيض نائبا للرئيس«..وقد ترتب عىل مخالفة هذا اإلتفاق أن اعتذر البيض عن الحضور إىل

صنعاء ألداء اليمني الدستورية يوم 16 اكتوبر 1993 .

ونائبه خرجت الرئيس من واحدة للوقوف عىل مسافة يكن مؤهال مل الربملان وألن

األزمة من أقبية اإلئتالف الثاليث إىل فضاء الحوار الوطني املوسع..ونتج عن ذلك تشكيل لجنة

حوار القوى السياسية التي شخصت الطابع الوطني العام لألزمة وصاغت الحل يف وثيقة العهد

واإلتفاق املوقع عليها بشكل نهايئ يف العاصمة األردنية بتاريخ 20 فرباير 1994..لكن ميزان القوى

االندفاع الذي يفرس األمر الوثيقة الدولة من خالل تطبيق بناء البالد وقتها مل يكن لصالح يف

الرسيع نحو الحرب.

2 – الدميقراطية: معروف أن الرشاكة بدأت عمليا بقسمة السلطة عىل إثنني..أي بني الحزب

اإلشرتايك اليمني واملؤمتر الشعبي العام..ومل يكن هناك حزب ثالث يستطيع أن يقول أنا حارض

لإلنتقال كآلية الدميقراطية إعتمد الوحدة مخطط القسمة..لكن يف طرفا أدخل أن ويجب

التدريجي واملتواصل بالرشاكة من مستوى القسمة عىل إثنني إىل مستوى القسمة عىل جميع

إثبات إىل والنزيه واآلمن املنتظم تعاقبها يؤدي أن يفرتض دورية إنتخابات بواسطة اليمنيني

وثبات نقاء مبادئ الدولة الجديدة ومصداقية الخيار الدميقراطي لنظامها السيايس..وقد أثبت

مرتكز الدميقراطية مصداقيته يف أول إنتخابات نيابية جرت بعد الوحدة عندما نقل الرشاكة من

مستوى القسمة عىل إثنني إىل مستوى القسمة عىل ثالثة وجاء بحزب التجمع اليمني لإلصالح

إىل السلطة كرشيك يف الربملان والحكومة ومجلس الرئاسة..فضال عن رشكاء آخرين أقل وزنا يف

الربملان كالبعث واألحزاب النارصية وحزب الحق وعدد كبري من املستقلني.

لكن مبا أن هذا الفهم للدميقراطية مل يكن موثقا فقد كان من السهل اإللتفاف عليه واعتبار

نتائج انتخابات أبريل 1993 النيابية الكلمة النهائية يف تقرير مصري دولة الوحدة..وحينها تحركت

مخطط تخدم التي بالطريقة العام للرأي االنتخابات نتائج لتفسري صنعاء يف اإلعالمية اآللة

اليمني عىل االشرتايك الحزب والجنوب حيث صنف الشامل بني الفعلية الرشاكة التخلص من

أنه حزب األقلية وأن صناديق االقرتاع هي التي حددت الحجم الذي يستحقه ونقلته من رشيك

باملناصفة إىل رشيك يف املرتبة الثالثة بعد املؤمتر الشعبي العام والتجمع اليمني لإلصالح وعليه

25

Page 26: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

أن يقبل برتاجع وزنه ودوره يف تقرير مصري دولة الوحدة وصياغة نظامها السيايس وإال سوف

يواجه بتهمة الخروج عىل الرشعية.

صحيح أن انتخابات أبريل 1993 كانت نزيهة نسبيا..لكن هذه النزاهة مل تكن كافية

للحكم لصالح وجود دميقراطية حقيقية يف البالد..فالواقع املوضوعي حينها مل يكن متوافرا عىل

رشوط حقيقية للدميقراطية..مل يكن الوعي الدميقراطي قامئا عىل استقاللية الفرد وعدم تزوير

إرادته..وحرية االختيار الفردي كانت مندغمة يف املجموع العصبوي القبيل واملناطقي ومتأثرة

إىل حد كبري بالتحريض األيديولوجي الديني ومحموالت الرتاث التاريخي للرصاع بني الشطرين..

االنتخابات وأفرزت برملانا عصبويا غري دميقراطي وغري نتائج العددية عىل الكرثة لذلك غلبت

وطني أيضا..ومبا أن 80 % من الدوائر االنتخابية يقع يف الشامل الذي هو يف الوقت نفسه املعقل

التاريخي لخصوم الحزب االشرتايك فمن الطبيعي أن يكون هؤالء هم أصحاب األغلبية العددية

الشاملية يف الربملان وأن يكون الحزب االشرتايك صاحب األقلية العددية الجنوبية..غري أن األغلبية

أغلبية دميقراطية معربة لو كانت السكان ترصفت كام التفاوت يف عدد الناجمة عن العددية

عن وجود إندماج وطني حقيقي يف ظروف طبيعية زالت معها كل آثار التشطري..وعىل قيادة

االشرتايك أن تقبل بحسم كل القضايا الخالفية من خالل رفع األيدي داخل الربملان املمثل إلرادة

الشعب..وهذا ما مل يقبل به عيل سامل البيض ملا فيه من خلط بني قضايا بناء الدولة التي ال تحل

إال من خالل التوافق السيايس بني كل األطراف وقضايا التنافس الحزيب االعتيادي التي تحسم بعد

األصوات داخل الربملان.

3 – اإلصالح: ينرصف هذا املرتكز يف مخطط الوحدة إىل تحقيق مبدأ الدمج وبناء املؤسسات

أو امليكانييك بالجمع إما بدأت فالوحدة الوحدة.. إعالن عند عمليا تحقق قد يكن مل الذي

باملجاورة بني حقائق دولتني عىل أن يتم دمجها خالل الفرتة اإلنتقالية املقدرة يف إتفاقية الوحدة

بسنتني ونصف بحيث تفيض عملية الدمج إىل حقائق جديدة نوعيا هي حقائق دولة الوحدة ال

حقائق دولة الشامل وال حقائق دولة الجنوب..ما يعني أن الوحدة قامت أيضا عىل مبدأ اإلدانة

الضمنية لدولتي الشامل والجنوب والتخيل عن حقائقهام وعن نظاميهام السياسيني لصالح دولة

جديدة ذات حقائق مغايرة ونظام سيايس مختلف قائم عىل التعددية الحزبية والتداول السلمي

للسلطة.

وألن الوحدة مل تقم إبتداء عىل الدمج وإمنا عىل الجمع امليكانييك أو املجاورة بني حقائق

وتلفزيون عدن اليمنية لطريان اليمدا مجاورا للدينار وطريان الريال مجاورا بقي فقد دولتني

مجاورا لتلفزيون صنعاء وصحيفة 14 اكتوبر مجاورة لصحيفة الثورة، وقس بقية الحقائق عىل

26

Page 27: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

هذا املنوال مبا يف ذلك الربملان والحكومة اللذين مل يدمجا وإمنا جمعا ميكانيكيا.

وبسبب املجاورة والجمع امليكانييك احتفظت حقائق كل دولة بتبعيتها البنيوية للنظام

الذي أنتجها..وكان مجلس الرئاسة يدير حقائق دولتني يتوقف نوع العالقة بينها عىل نوع العالقة

بني الرئيس صالح ونائبه عيل سامل البيض..لذلك قيل إن الوحدة مل تتحقق عمليا إال من خالل

العلم والنشيد الوطني..لكن الخطورة الكبرية يف هذا اإلجراء مثلتها وحدات الجيش التي تجاورت

من غري دمج ثم انزلقت بسهولة نحو الحرب متأثرة مبناخ األزمة السياسية ألتي أعقبت إنتخابات

أبريل 1993 النيبابية.

هنا نالحظ أن دولة الوحدة املفرتضة كانت عمليا دولة منقسمة..وهذا االنقسام بني بناء..

وكأننا إزاء اتحاد كونفدرايل..وألن نظام الشامل مل يكن مؤمنا بقضية الوحدة كمرشوع سيايس

وطني فقد أعاق عملية دمج حقائق الدولتني يف إطار مخطط مدروس لتصفية الكيان االعتباري

لدولة الجنوب مبختلف مكوناته وشخوصه من خالل التطويق اإلداري وعدم التمكني من مامرسة

الصالحيات والتحريض األيديولوجي بشقيه السيايس والديني ثم االغتياالت التي طالت العرشات

من كوادر االشرتايك..ثم جاء حرب 1994 لتقيض عىل دولة الجنوب وتكرس دولة الشامل وتقيض

عىل وحدة 22 مايو 1990 وتفرض عىل الجنوب وحدة 7 يوليه 1994 التي يرفضها كل الجنوبيني

تقريبا.

4 - التحالف: مبا أن الوحدة قامت عىل الدور املحوري لكل من املؤمتر الشعبي العام والحزب اإلشرتايك اليمني فمن البديهي أن يتوقف مستقبلها عىل نوع العالقة ألتي ستنشأ بينهام..لذلك

جاء مرتكز »التحالف« يف مخطط الوحدة ليعالج هذه اإلشكالية..واملقصود به إبتداء التحالف بني

الحزب اإلشرتايك اليمني واملؤمتر الشعبي العام كنواة لتحالف وطني واسع ميارس دور الربان الذي

يجب أن يقود سفينة الوحدة إىل بر األمان..أي أن ميكن مرتكزات »الرشاكة« و«الدميقراطية«

و«اإلصالح« من التحقق الفعيل والطالق النهايئ مع أزمنة التشطري عىل كل األصعدة.

األيديولوجية الحساسيات تراجع إىل بالرضورة سيؤدي التحالف أن ذلك إىل يضاف

القدمية بني األحزاب السياسية إىل حدودها الدنيا وسيعزز عوامل الثقة فيام بينها..وهذا من أهم

متطلبات الدميقراطية يف أي بلد..فالدميقراطية غري ممكنة، داخل/ وبني األحزاب ما مل تقم العالقة

بينها عىل قدر كبري من الثقة املتبادلة.

لنهج وفقا تسري كانت العام الشعبي املؤمتر قيادة أن تبني بالتحالف يتعلق وفيام

التاريخي للرصاع القدمية واملوروث الحساسيات األيديولوجية مختلف متاما قائم عىل استثامر

27

Page 28: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

بني الشطرين من أجل تأزيم الحياة السياسية ودفع البالد بقوة نحو الحرب..وهذا ما كشفت

عنه مذكرات الشيخ عبد الله بن حسني األحمر )ص(.. فضال عام صدر عن عيل صالح نفسه من

ترصيحات فيام بعد أكد فيها أنه خالل الفرتة االنتقالية كان يستخدم التجمع اليمني لإلصالح

ورقة يف الرصاع السيايس.

يضاف إىل ذلك أن قيادة املؤمتر الشعبي العام ذهبت تلتف عىل الرشاكة بني الشامل

الرشاكة ليست بني أن الشعار بالدمج«..وفحوى هذا إال والجنوب من خالل شعار »ال رشاكة

دولتي الشامل والجنوب اللتني يجب أن تدمجا يف دولة ثالثة ال هي دولة الشامل وال هي دولة

الجنوب وإمنا بني الحزب االشرتايك واملؤمتر الشعبي العام اللذين يجب أن يدمجا يف حزب واحد..

الحزبني هذين دمج معتربة وتفصيال جملة االشرتايك للحزب املركزية اللجنة رفضته ما وهذا

والتحالف« التنسيق والجنوب..ويف »وثيقة الشامل بني الرشاكة الدميقراطية وعىل إنقالبا عىل

التي أرشنا إليها أعاله جرى الحديث عن تنسيق وتحالف عىل طريق التوحيد بني الحزب االشرتايك

واملؤمتر الشعبي العام اقرتحه عيل سامل البيض يك يقبل عيل صالح مبا تبقى من بنود الوثيقة.

واآلن إذا قدر لنا أن نتخيل مخطط الوحدة وقد تحقق بنجاح فإن صورة املشهد السيايس

يف اليمن ستكون مختلفة متاما عن املشهد الراهن الذي رسمته نتائج حرب صيف 1994..لكن

اليمن كله.. الجنوب وفرضت حقائق دولة الشامل عىل حرب 1994 قضت عىل حقائق دولة

وبذلك حكمت عىل مخطط الوحدة بالفشل وكرست النظام السيايس للجمهورية العربية اليمنية

مع اإلبقاء عىل بعض مكتسبات الوحدة كالتعددية السياسية واإلنتخابات الدورية لإليحاء بأن

الوحدة القامئة هي وحدة 22 مايو 1990 السلمية املقرتنة بالدميقراطية وبأن حرب 1994 كانت

إضطرارية للقضاء عىل خطر اإلنفصال وليس إلفشال مخطط الوحدة وابتالع الجنوب.

وعند النظر إىل مخطط الوحدة املشار إليه يف ضوء نتائج حرب صيف 1994 يبدو أنه عىل

قدر كبري من املثالية ورمبا السذاجة السياسية..فاليمنيون أحزابا ونخبا ومجتمعا مل يكونوا عام

1990 مؤهلني للدميقراطية..وهذا صحيح مبدئيا..ولكن يف املقابل مل يكن من املمكن أن تتحقق

الوحدة وأن تبنى هياكل دولتها ومؤسساتها بآليات الدميقراطية إبتداء ألن هذا يقتيض أن تكون

نخبتا الحكم يف الشامل والجنوب جاهزتني لتقديم تنازالت كبرية قد تصل إىل حد تخليهام عن

السلطة لصالح حكومة تكنوقراط مستقلة تنجز برنامج التوحيد الدميقراطي للدولتني خالل فرتة

إنتقالية تفيض إىل قيام دولة مؤهلة للوقوف عىل مسافة واحدة من كل األحزاب..وعند نهاية

هذه الفرتة يدخل املؤمتر الشعبي العام والحزب اإلشرتايك اإلستحقاق اإلنتخايب األول إنطالقا من

خط سباق واحد يساوي بني كل األحزاب أمام مؤسسات الدولة..ومبا أن عيل صالح وعيل البيض

28

Page 29: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

ليسا رجلني من طراز غاندي أو مانديال فإن بناء دولة الوحدة بآليات الدميقراطية إبتداء مل يكن

ممكنا ال نظريا وال عمليا..ومن ثم ال بأس أن تكون الوحدة قد تحققت وفقا للمخطط املشار

إليه.

لكن نجاح هذا املخطط كان بحاجة إىل قيادة إستثنائية مقتنعة به وراعية له حتى يعرب

مرحلة الخطر..كان بحاجة إىل قيادة متناغمة وجامعة مؤهلة للتوفيق بني كل األطراف وتعزيز

عوامل الثقة فيام بينها..وإذا كان البيض هو صاحب مفردات مخطط الوحدة فإن عيل صالح مل

يعرتض عليه بل تظاهر بالحامس لهذا املخطط وتعهد للبيض بأنه سيسري معه يدا بيد من أجل

تنفيذه وأنهام شيشكالن ثنائيا متناغام ومتكامال من أجل إنجاز هذا املرشوع وسيدخالن التاريخ

معا من أوسع أبوابه..بينام كان يف قرارة نفسه يضمر اإلنقالب عىل املخطط وعىل الرجل وعىل

دولة يف للدولتني الدولية الشخصية تذوب أن له بالنسبة برمته..واملهم الجنوب وعىل حزبه

واحدة لتصبح الحرب القادمة املحتملة بينهام شأنا داخليا..وأن يكون هو رئيسا لدولة الوحدة

ليضع البيض يف خانة الخروج عىل رئيسه..وأن تكون صنعاء وليس عدن هي العاصمة..فالعاصمة

هي مركز الرشعية وهي التي تفرض رشوطها ونهجها ومنط حياتها ولها سياجاتها األمنية املمتدة

يف حيا مازال الشطرين بني للرصاع التاريخي الحواز..واملوروث قبائل إىل واألمن الجيش من

القابلة لإلستخدام ضدا عىل مبدأ: »الوحدة تجب ما الذاكرة تغذيه الحساسيات األيديولوجية

قبلها«.

لقد كان عيل صالح مخلصا لنظامه الشطري القديم بتحالفاته القامئة حينها ومل يكن يف

واستوجب الشطريني للنظامني الضمنية اإلدانة عىل بني الذي الوحدة مبخطط يقبل أعامقه

زوالهام الطوعي يف النظام السيايس الدميقراطي املفرتض لدولة الوحدة..وكان لديه مخطط آخر

بني عىل تصنيف نظام الشامل يف املعسكر الدويل الذي انترص يف الحرب الباردة وتصنيف نظام

وعىل إنتصاره أجل من يستميت أن يجب املنترص أن املهزوم..مايعني املعسكر يف الجنوب

املهزوم أن يستسلم لقدره..لهذا إعترب صالح ذهاب البيض إىل الوحدة ترحيال لهزمية حتمية يجب

أن تلحق به وبحزبه بأثر رجعي..ومل يكن يف قرارة نفسه يعرتف للجنوب بأي دور يف تحقيق

الوحدة. ونظر إليه عىل أنه الولد الضال الذي هرب من ضياعه أو الفرع

الذي عاد إىل األصل..وعليه أن يذوب يف أصله طوعا أو كرها وأن يتخلص من اآلثار التي تركتها

عليه سنوات الضياع..عليه أن ينىس أنه كان دولة وأن يترصف كام لو كان محافظة من محافظات

الشامل..وكانت رموز نظامه وتحالفاته تقاسمه هذه النظرة إىل الجنوب.

29

Page 30: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

إن عدم أهلية نظام عيل صالح للوحدة مع الجنوب عام 1990 ال تنسحب فقط عىل

الدولة البسيطة وإمنا أيضا عىل الدولة املركبة..فلو أن دولة الوحدة قامت عىل أساس فدرايل من

إقليمني فقط- شامل وجنوب- فإنها ال محالة ستتحول إىل ساحة حرب..فالحرب كانت مضمرة

يف حالة الدولة البسيطة أو يف حالة الدولة املركبة..ورمبا جرى تحميل الشكل الفيدرايل للدولة

مسئولية إشتعال فتيل الحرب لتربير خيار اإلنتقال إىل الدولة البسيطة كام صاغتها حرب 1994..

أما الدولة الفدرالية متعددة األقاليم- وهو الخيار اآلمن للوحدة وقتها- فقد كانت من محرمات

اليمنية ألنها لن تقوم إال عىل أنقاض املصالح املستقرة النظام السيايس يف الجمهورية العربية

لتحالفات ذلك النظام..ومن املفارقات امللفتة لإلنتباه أن البعض يف الحراك الجنويب اليوم يرفض

فكرة الدولة الفيدرالية متعددة األقاليم مع أنه الخيار األفضل للشامل وللجنوب ولليمن كله، ألنه

الخيار القادر عىل تحييد املؤثرات السلبية للعصبيات املعيقة لبناء الدولة وللتنمية، سواء كانت

هذه العصبيات يف الشامل أو يف الجنوب.

30

Page 31: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الخالصة:

من العرض السابق يالحظ أن نظام الشامل دخل الوحدة وهو يضمر الحرب..وقد بنى

مخططه عىل استدراج نظام الجنوب إىل الشامل واستخدام العصبيات والكرثة العددية وعامل

لدولة تجسيدا باعتباره العصبيات من أعزال الجنوب نظام كان عليه..بينام لإلجهاز الجغرافيا

قامت عىل أساس القانون..وكان أعزال من جغرافيا الشامل التي ال ميلك سلطانا عليها..وكان أيضا

أعزال من الكرثة العددية..ولو أن روح الوحدة كانت متوفرة لتم دمج الجيش مبكرا وسيكون قرار

الحرب منعدما.

من وجهة نظر القانون الدويل كانت حرب 1994 حربا داخلية..ومن الناحية الفعلية جرت

الحرب بني حقائق دولتني تعذر دمجها..وقد انقسمت مؤسسات الدولة عىل أساس شطري إبتداء

من مجلس الرئاسة والحكومة مرورا بالربملان وانتهاء بالجيش واإلعالم..ففي كل هذه املستويات

ويغلبوا الحقيقة بهذه يعرتفوا أن الشامل يف الساسة دولتني..وعىل حقائق بني الحرب كانت

املتحدة.. العربية واألمم الجامعة املودعة يف بالوثائق الواقع وأن يكفوا عن االستقواء حقائق

فمثل هذه الوثائق تكون ذات قيمة حاسمة عندما يتعلق األمر بنزاع مع آخرين خارج حدود

الوطن..أما يف الداخل الوطني فالحلول الحقيقية ال تكون ممكنة إال منذ اللحظة التي تبنى فيها

السياسة عىل االعرتاف مبصالح كل أبناء الوطن ومنافعهم.

أدار الجانب الذي فيه الرئيس الحرب باسم الرشعية الدستورية ضد متمردين عليها..

أبريل 1993 انتخابات أنتجتها التي الرشعية كان جزءا من كليهام الحرب أن طريف والحقيقة

النيابية والفارق بينهام هو يف الكم الناجم عن الفارق الكبري يف عدد السكان بني الشطرين..وهذا

يعني أن الجنوب دفع مثن كونه أقلية سكانية مع أنه األكرب يف املساحة واألوفر يف الرثوة عىل

املدى النظور..يضاف إىل ذلك أن الواليات املتحدة األمريكية وإىل حد كبري فرنسا كانتا مع اإلجهاز

عىل قوات الحزب االشرتايك وتقليم أظافره العسكرية..وقد شاركتا يف اللجنة العسكرية الرباعية

إىل جانب األردن وعامن من أجل منع االحتكاك بني قوات الطرفني..واألرجح أنهام من خالل هذه

املشاركة كانتا تدرسان خارطة توزيع القوى وتتأكدان من سالمة حسابات الرئيس صالح وقدرته

عىل حسم املعركة برسعة.

إن الحزب االشرتايك كان مغيبا عن اتفاق الوحدة مثلام كان مغيبا عن قرار فك االرتباط الذي

أعلنه البيض عام 1994 يف ظروف الحرب التي رفض الطرف اآلخر إيقافها والعودة إىل طاولة

31

Page 32: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

املفاوضات قائال إنه لن يقبل بأقل من أن يسلم البيض نفسه ألقرب قسم رشطة..ومثلام ذهب

البيض إىل الوحدة تعارضه أقلية يف قيادة االشرتايك فقد ذهب إىل إعالن فك االرتباط تدعمه أقلية

أيضا..واالشرتايك الذي تحمس للوحدة مل يتحمس للحرب ومل يكن مهيئا لها كحزب رغم أنها كانت

الحرب وتهيأ لها وخاضها لكانت أخذت مسارا الحزب االشرتاك أجمع عىل حربا عليه..ولو أن

مختلفا ومعقدا جدا.

خالفا للحروب التي شهدها اليمن يف القرن العرشين نتجت القضية الجنوبية عن حرب

اندلعت يف توقيت مختلف يتسم باالنفتاح وزوال الحدود، األمر الذي يرس من ذيوعها وشيوعها

وأكسبها بعدا إعالميا عىل املستويني اإلقليمي والدويل مل تستطع معه سلطة الحرب أن تنفرد

يف صياغة أسبابها ونتائجها إعالميا كام تريد..لقد التفت العامل كله إىل حرب 1994..وإذا كانت

التي تلك األقل فإن القضية إعالميا عىل الحرب قد عملت عىل تدويل التي رشدتها القيادات

أشعلتها كشفت عن مامرسات إقصائية وإلغائية عمقت من جروح الحرب عىل املستوى الشعبي

وخلقت نزعات معادية للوحدة وأيقظت هويات املايض السالطيني التي ترفع اآلن راية الجنوب

العريب يف مواجهة الهوية اليمنية للجنوب التي انترصت لها ثورة 14 أكتوبر 1963.

إن الوحدة ال تكون إال بني متحابني تواقني إىل العيش املشرتك ومستعدين لحل مشاكلها

أوال بأول عىل قاعدة التكافؤ والندية..أما الوحدة التي يجري تسويغها عىل مبدأ :«إذا مل نتوحد

سنظل نتحارب« هي وحدة ال تنهي الحرب وإمنا تغري رشوطها..وهذا ما فعلته وحدة 22 مايو

1990 عندما نقلت السيادة عىل الجنوب من عدن إىل صنعاء وحولت الحرب الباردة - الساخنة

أحيانا - بني النظامني الشطريني من حرب دولية إىل حرب داخلية استمرت باردة خالل الفرتة

االنتقالية لتتحول إىل ساخنة صيف 1994..ثم عادت حربا باردة مرشحة ألن تصبح ساخنة..ولهذا

يلزم أن نتأمل يف الحقائق التالية:

دولة هو الجنوبية الناحية من الحرب أن طرف هذه لنا يبدو كان 1990 مايو 22 قبل - 1

1994 صيف حرب حاكم..وقبل وحزب سيايس كنظام الشعبية الدميقراطية اليمن جمهورية

وأثناءها بدا هذا الطرف عىل أنه الحزب االشرتايك..أما اليوم فالجنوب األعزل كله يكاد أن يكون

طرفا يف هذه الحرب بإستثناء املنتفعني من النظام

2 - قبل 22 مايو 1990 كان يقال للناس يف صنعاء إن الحزب االشرتايك يتهرب من الوحدة حتى

يظل متحكام برقاب أبناء الشعب اليمني يف الجنوب وإن الوحدة هي طريق خالصهم الوحيد

من ومستاءة اإلرتباط بفك تطالب الجنوب يف واسعة فئات هناك الكابوس..واليوم هذا من

32

Page 33: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الحزب اإلشرتايك الذي قاد الجنوب إىل »كابوس الوحدة«!!!

3 - خالل حرب صيف 1994 قيل إن الحزب االشرتايك يريد أن يفرض اإلنفصال بالقوة ضدا عىل

إرادة أبناء الشعب اليمني يف الجنوب..واليوم يتحدث الجنوب عن »إحتالل« فرض عليه بوضاعة

الحرب ال عن وحدة جاءته برشف الدميقراطية!!!

4 – يف 21 مايو 1994 ويف ظروف صعبة أصبحت فيها عدن تحت وطأة راجامت الصواريخ وبال

ماء وكهرباء استنجد البيض بقشة فك االرتباط وقرأ إعالنا سياسيا أبقى عىل قضية الوحدة كهدف

الجمهورية دستور السليمة..واعترب املوضوعية رشوطه تتوفر عندما للتحقيق قابل مستقبيل

أساسا واالتفاق العهد وثيقة اعترب الدميقراطية..كام اليمن دولة جمهورية اليمنية هو دستور

لبناء نظامها السيايس واالقتصادي..واليوم يتحدث طارق الفضيل – الذي خاض تلك الحرب تحت

راية عيل صالح وباسم الوحدة – عن مؤامرة ليمننة الجنوب العريب عمرها أكرث من ألف عام

ويطالب برحيل االحتالل!!!

5 – خرجت أزمة الوحدة إىل العلن يف أغسطس 1993 واعتقد كثريون أنها انتهت بحرب 1994..

غري أن الحرب مل تنه األزمة وإمنا عمقتها وأفرزت العبني سياسيني جددا وبدلت متوضعات فاعلني

قدامى، فبدت اآلن أكرث تعقيدا حيث أصبح جزء كبري من أبناء الجنوب يجاهر يف زمن الوحدة

مبا مل يهمس به أحد يف زمن التشطري..وهذا دليل قاطع مانع عىل أن حرب 1994 أصابت الوحدة

اليمنية بجروح لن تندمل إال بتغيري النظام املنتج للحروب وإعادة صياغة الوحدة اليمنية عىل

الكبري يف بالتفاوت السلطة والرثوة غري مهددة للجنوب يف الذي يضمن رشاكة حقيقية النحو

تعداد السكان.

6 – نتائج حرب 1994 تؤكد أن دولة الوحدة وليس الوحدة هي موضوع الخالف الذي كان..

ومعنى ذلك أن ميزان القوى عند إعالن الوحدة كان مامنعا لبناء الدولة..وإذا كان الشامل حينها

هو الطرف األقوى يف معادلة القوة فاملامنعة كانت شاملية ومن قبل أطراف ومراكز نفوذ لها

مصلحة يف أن ال تكون هناك دولة تساوي بني كل اليمنيني..أما عيل صالح فهو ابتداء نتيجة لهذه

هذه مثار جنى من انتهاء وهو الشامل، يف والجمهورية الثورة صادرت التي املبكرة املامنعة

املامنعة لصالح مرشوعه العائيل الخاص ثم أدار ظهره للجميع.

7 – مافعله عيل البيض قبل حرب 1994 فعلته أحزاب اللقاء املشرتك قبل ثورة 11 فرباير 2011..

وقد بنينا هذا الحكم يف ضوء املقارنات التالية:

33

Page 34: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الثاليث االئتالف داخل سياسية أزمة وجود عن البيض أعلن 1993 أبريل انتخابات بعد – 1

الحاكم سارع الطرف اآلخر إىل إنكارها وقال إن البيض افتعلها لتحقيق مكاسب أكرب من حجمه

يف الربملان..وبعد االنتخابات الرئاسية لعام 2006 رفعت أحزاب اللقاء املشرتك صوتها يف الحديث

عن وجود أزمة أنكرها الطرف اآلخر أيضا وقال إنها غري موجودة إال يف رؤوس قادة املشرتك الذين

يخشون املنازلة الدميقراطية أمام صناديق االقرتاع.

2 – يف األزمة األوىل رفض البيض االستقواء باألكرثية العددية يف الربملان..وكانت أكرثية شطرية

باألكرثية االستقواء املشرتك أحزاب الثانية رفضت األزمة واإلصالح..ويف املؤمتر لتحالف والؤها

املريحة اململوكة لشخص الحاكم رغم أنها مل تعد أكرثية جهوية.

3 – أثناء األزمة األوىل دعا البيض إىل حوار وطني موسع للتوافق عىل دولة بنظام سيايس يحل

أزمات البالد فكانت لجنة حوار القوى السياسية التي أن أنتجت وثيقة العهد واالتفاق..وأثناء

األزمة الثانية تبنت أحزاب املشرتك الدعوة إىل مؤمتر حوار وطني يشمل كل األطراف ويناقش

كل القضايا ويستمد رشعيته من إجامع وطني ملزم..واليمنيون اليوم ذاهبون إىل هذا الحوار.

4 – يف األزمة األوىل طالب البيض برعاية إقليمية ودولية للحوار ضامنة لتطبيق نتائجه..وحينها

أحزاب طالبت الثانية األزمة الوطني..ويف إطارها عن وإخراجها األزمة لتدويل بالسعي اتهم

املشرتك بضامنات من هذا القبيل..واليوم هناك تسوية سياسية برعاية إقليمية ودولية.

5 – يف األزمة األوىل اختلف صالح والبيض يف تفسري معنى التوقيع عىل وثيقة العهد واالتفاق يف

العاصمة األردنية عامن..ويف األزمة الثانية اختلفت قيادات املشرتك مع قيادة حزب املؤمتر حول

تفسري ديباجة اتفاق فرباير 2009.

6 – يف األزمة األوىل وصف الرئيس صالح وثيقة العهد واالتفاق بأنها وثيقة الخيانة وذهب إىل

الحرب..ويف األزمة الثانية وصف اتفاق فرباير 2009 بأنه خطأ ال يجب أن يتكرر وذهب يحرض

النتخابات نيابية إنفرادية بعد أن أصدرت قيادة حزبه بيانا سياسيا يف 30 اكتوبر 2010 وجهت

من خالله لقيادات أحزب املشرتك تهام كلها تستوجب عقوبة االعدام..ولو أن أحزاب املشرتك

متتلك جيشا نظاميا عىل غرار ما كان لدى االشرتايك لكانت الحرب مؤكدة.

هذه املقارنات وغريها تثبت أن املشكلة ليست يف الجنوب وال عند الحزب االشرتايك اليمني

وال عند مكونات الحراك وإمنا يف النظام السيايس للجمهورية العربية اليمنية كام صاغته ثالثة

أحداث هي إنقالب 5 نوفمرب 1967 ضد الرئيس السالل وأحداث أغسطس 1968 واملصالحة مع

34

Page 35: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

امللكيني عام 1970 التي أعادت اللحمة للقوى التقليدية عىل حساب الوحدة الوطنية للشامل

وجعلت من نظامه السيايس نظاما عصبويا منتجا لألزمات والحروب ومعيقا لبناء دولة وطنية

لكل اليمنيني.

بعد كل هذا العرض أمام القوى السياسية يف الشامل رأيان عىل األخذ بأي منهام تتوقف

طبيعة معالجات وحلول القضية الجنوبية:

األول: هو الرأي القائل بأن حرب 1994 كانت بسبب خالف حول الوحدة..وبالتايل كانت الحرب دفاعا عن الوحدة..أما النتائج التي أفرزتها فسببها سوء إدارة قيادة املؤمتر الشعبي العام للبالد

بعد الحرب..ويف هذه الحالة من الصعب أن نلوم قوى الحراك الجنويب ومعارضة الخارج عندما

أو صالح عيل ضد الشعبية الشبابية الثورة نارصت التي القوى بعض مصداقية يف يشككان

شاركت يف اإلطاحة به.

الثاين: هو الرأي القائل بأن حرب 1994 كانت بسبب خالف حول دولة الوحدة..وبالتايل كان الحالة هذه واستقراره..ويف وأمنه ووحدته الوطن لصالح تنازالت بتقديم تجنبها املمكن من

عىل القوى الحية يف الشامل أن تتوجه بإدانة دامغة لحرب 1994 كخطوة البد منها للسري عىل

طريق املصالحة الوطنية الحقيقية مع الجنوب وقواه السياسية وعىل النحو الذي ال يدع مجاال

للحديث عن هوية الشامل يدع مجاال يف للحرب وال للحديث عن هوية شاملية الجنوب يف

جنوبية للحراك ويهيء بالتايل لتفاهم وطني عريض يضع اليمن عىل عتبة التغيري الحقيقي من

خالل الرشوع يف إعادة بناء دولة الوحدة املنقلب عليها عىل قاعدة الندية والتكافؤ بني الشامل

والجنوب.

35

Page 36: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

القضية اجلنوبية..خلفية تارخيية

القضية الجنوبية هي نتاج فشل النخب السياسية اليمنية يف تحويل وحدة 22 مايو 1990

لكل دولة نخبوي مجسد يف إىل مرشوع سيايس عاطفية شعبوية حالة من الطوعية السلمية

مواطنيها..ومعنى ذلك أن العالقة بينها وبني بناء الدولة عالقة ارتباط ورضورة..فالقضية الجنوبية

هي قضية بناء الدولة..وهي من هذه الزاوية القضية اليمنية املركزية األكرث إلحاحا رغم اإليحاء

الجهوي للتسمية.. وحلها يبدأ من البحث الجاد واملوضوعي يف أسباب ومظاهر فشل بناء هذه

الدولة وينتهي ببنائها فعليا عىل أرض الواقع..وهذا مستحيل عىل املدى املنظور مامل يشارك فيه

الجنوب عىل قاعدة الندية الكاملة مع الشامل..واملشاركة تقتيض أن ميثل بنسبة 50% يف مؤمتر

الحوار الوطني القادم كحق تاريخي له وليس اسرتضاء أو منة من أحد..وعىل مختلف مكونات

مؤمتر الحوار الوطني أن تستوعب هذه املسألة وأن توزع أنصبتها مناصفة بني الجنوب والشامل

وإال فمصري هذا املؤمتر أن يكون يف مدخالته شامليا..ويف هذه الحالة ستكون مخرجاته منقوصة

املرشوعية يف الجنوب حتى وإن كانت وطنية مينية وعىل قدر كاف من اإلنصاف.

وفيام ييل سنحاول تسليط الضوء عىل القضية الجنوبية باعتبارها إتجاها يف السياسة

يستقطب التأييد شامال وجنوبا وليس جهة يف الجغرافيا تهم ساكنيها فقط..كام وسنحاول إيضاح

يتعسف البعض أن أو الكفاية فيه مبا مفهومة أنها غري نرى القضية الجوانب يف هذه بعض

إنفصالية أو إلحاقية شامال سياقات إىل العام الوطني سياقها عن يخرجها نحو عىل تفسريها

جنوبا.

لفهم القضية الجنوبية علينا أن منيز تحت مسمى اليمن بني اليمن الحضاري الثقايف واليمن

السيايس..األول هو نتاج تفاعل الجغرافيا والتاريخ يف هذه املنطقة من العامل املعروفة باليمن

واملخالف الشعبية الدميقراطية اليمن وجمهورية اليمنية العربية الجمهورية أرايض وتشمل

السليامين..وهناك من يضيف إليها ظفار عامن..هذا التفاعل بدأ يف لحظة ما من التاريخ واستمر

اليمني..ولهذا الشعب هوية حقبا زمنية طويلة ونتج عنه بروز جامعة برشية إسمها الشعب

جامعة متعددة األبعاد برموزها املستقرة يف الذاكرة الجمعية لليمنيني..ومن غري الجائز إختزال

الثقايف واحد ال يقبل الهوية يف بعد واحد ديني أو مذهبي أو جهوي..واليمن الحضاري هذه

التجزئة وال يعرتف بأي حدود سياسية داخل الجغرافيا اليمنية وليس مبقدور األفراد وال الجامعات

الحدود هذه مثل وجدت القبيل..وإذا هذا من نهائية حدودا له ترسم أن الدول حتى وال

36

Page 37: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

سيقاومها من جهتيها وليس من جهة واحدة عاجال يف املدى املنظور أم آجال يف املدى البعيد..

وهذه املقاومة هي وظيفته غري القابلة للتعطيل..وأي محاولة لتعطيلها هي الحكم عىل اليمن

بعدم االستقرار..واليمن الحضاري الثقايف يندرج يف إطار الالمختار ألن اليمنيني ليسوا أحرارا يف

قبوله أو عدم قبوله..إنه قدرهم الذي ال فكاك منه..ومثلام ال يختار املرء أمه وأباه فالشعوب ال

تختار إنتامءاتها الحضارية الثقافية.

لكن علينا أن نستدرك بأن اليمن الحضاري الثقايف ال ميارس وظيفته املقاومة للتجزئة

تلقائيا إال إذا ظل يف حالة يقظة دامئة أو إذا وجد من يوقظه عندما يدخل يف حالة سبات طويل..

ودليلنا عىل ذلك أن املخالف السليامين الذي يضم جيزان وعسري ونجران أصبح تحت السيادة

أن - الشامل اليمنيني – وخاصة يف الثقايف..وعىل الحضاري اليمن أنه جزء من السعودية مع

يتعمقوا يف دراسة األسباب التي أدت إىل ضياعه وتضييعه، ال من أجل أن يستعيدوه، ولكن عىل

األقل من أجل أن يستوعبوا األسباب التي أيقظت يف الجنوب هويته يف إطار اليمن الحضاري

الثقايف وحالت دون ضياعها..وأيضا من أجل أن يتفهموا املوقع الذي يجب أن يشغله الجنوب يف

التسوية السياسية الراهنة باعتباره مرشوعا سياسيا وطنيا وليس فضاء جغرافيا كبريا واعدا قليل

السكان ميكن ضمه وإلحاقه..وسنبني يف هذا السياق أن صنعاء العصبيات التي ضيعت املخالف

مع السلمية الطوعية الوحدة انقلبت عىل التي التي العصبيات نفسها صنعاء السليامين هي

الجنوب ورفعت يف وجهه شعار »الوحدة أو املوت« وحاولت أن تحوله من رشيك بإرادته إىل

ملحق منزوع اإلرادة دون أن تكون لها يد يف محافظتة عىل هويته اليمنية..وكأن عىل الجنوب

أن يخرس نفسه بسبب متسكه بهويته أو أن يدفع دفعا إىل إنكارها ويبحث له عن مصري آخر

خارج انتامئه اليمني.

املجسد السيايس التعبري فهو السيايس اليمن الثقايف..أما الحضاري اليمن عن هذا

السياسية هي وتعبرياته األصل الثقايف هو الحضاري اليمن يكون األساس دولة..وعىل هذا يف

كل يف والتعدد الوحدة بني السياسية تعبرياته تراوحت بينام دامئا واحدا كان الفرع..واألصل

القديم والوسيط والحديث..وهذه املراوحة كانت دامئا نتاجا لرصاع العصبيات التاريخ مراحل

عىل السلطة والرثوة والنفوذ يف بلد ذي جغرافية صعبة مل تكن حينها قادرة عىل إسناد التاريخ

بقدر كاف من الفاعلية التي تحول دون تعدد التعبريات السياسية..فعندما يكون مستوى التساند

بني الجغرافيا والتاريخ قويا يكون هناك يف الغالب األعم تعبري سيايس واحد عن الكيان الحضاري

الثقايف الواحد بغض النظر عام إذا كان هذا التعبري متوافقا مع الكيان أو مهيمنا عليه..وأقرب

مثال عىل ذلك مرص التي حكمت دامئا بدولة مركزية واحدة وأدى التساند القوي بني تاريخها

وجغرافيتها إىل نشوء شعب متجانس نسبيا يعيش يف منطقة مستوية عىل امتداد النيل..وبسبب

37

Page 38: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

عصبوي.. طابع ذات هيمنة عن املعارصة مرص يف الحديث الصعب من غدا التجانس هذا

كانته مرص..ولهذا الذي النحو عىل قويا والتاريخ الجغرافيا بني التساند يكن مل اليمن يف أما

تعددت يف كثري من األحيان التعبريات السياسية داخل الكيان الحضاري الثقايف الواحد..وعوضا

وتعددية الثقايف الحضاري كيانه وحدة تنازعته شعب نشأ نسبيا متجانس شعب نشوء عن

تعبرياته السياسية..ومن هنا جاءت الوحدة يف إطار التعدد والتعدد يف إطار الوحدة..فاليمنيون

ثقافات فرعية..والتعدد هو مصدر غنى ثقافة واحدة جامعة مع وجود تنتظمه شعب واحد

وإثراء مادي ومعنوي للمجتمع..لكن ميكن أيضا أن يكون عامل إفقار..وهذا يتوقف عىل طبيعة

التعبري السيايس املهيكل يف دولة واحدة..فحني تكون هذه الدولة متوافقة ومتسقة ومنسجمة مع

تعددية اليمن الحضاري الثقايف يكون الرثاء والغنى..أما إذا قامت عىل الغلبة والهيمنة وتهميش

وتعود التاريخ مساندة عن تكف الجغرافيا فإن أكرث أو وأحد عصبوي مكون لصالح التعدد

لتشتغل ضدا عليه..ويتجىل هذا االشتغال من خالل تضخم الثقافات الفرعية وتحولها إىل آلية

حامئية ضد الغلبة والهيمنة والتهميش..وكلام تطرف املركز يف مامرسة الغلبة والهيمنة والتهميش

واإلقصاء كلام تضخمت الثقافات الفرعية وتطرفت يف املقاومة..ويف حاالت اليأس تحاول الثقافات

نوعيا يف مواجهة ثقافة مختلفة كانت لو تعسفية كام بطريقة نفسها تعريف إعادة الفرعية

الثقافة الجامعة سواء أدركت ذلك أم مل تدرك..وألن إعادة التعريف غري ممكنة ثقافيا بسبب

الثقايف فإن ما يتم عمليا هو االستنجاد اليمن الحضاري الفكاك من واحدية القدرة عىل عدم

باليمن السيايس واستدعاء تعدديته للتخلص من التهميش واإلقصاء املتدثر بالوحدة..لهذا يالحظ

عىل الخطاب املقاوم للتهميش واإلقصاء أنه سيايس دامئا وليس ثقافيا..وهذا يعني أنه ال يستطيع

التنقيب عن السياسة ولكن من خالل ينترص يف فضاء أن فيحاول الثقافة ينترص يف فضاء أن

اختالفات يف الثقافة..وألن هذه االختالفات فرعية تنتمي إىل الدرجة ال إىل النوع فإن الخطاب

يكون صداميا معينة مقنعا..ويف حاالت يكون وال متسقا يكون ال عليها يتكئ الذي السيايس

إقصايئ إذن خطاب والتهميش..إنه لإلقصاء الذي يرشعن املضاد الخطاب مثل مثله وانفعاليا

مظلوم يف مواجهة خطاب إقصايئ ظامل..األول يستدعي اليمن السيايس لتربير اإلنفصال..والثاين

يتدثر باليمن الحضاري الثقايف لتسويغ الهيمنة واإلقصاء والتهميش..وكالهام ماضوي ال يلتفت

إىل حاجات الحارض.

والحراك الجنويب هو عبارة عن تكوينات اجتامعية سياسية يوحدها اإلحساس بأوجاع وآالم

التهميش واإلقصاء ويفرقها االختالف يف وعي املشكلة وتعقلها..فاإلحساس باألمل يشء وتعقله يشء

آخر..لهذا أمكن التمييز داخل الحراك بني مواقف عقالنية وآخرى إنفعالية..ومنتسبو تكوينات

الحراك عموما ال ينتمون إىل ثقافة فرعية واحدة وإمنا إىل ثقافات فرعية يف جزء من جغرافية

38

Page 39: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الشعبية.. الدميقراطية اليمن جمهورية يسمى 1990 عام حتى كان الثقايف الحضاري اليمن

الثقافات الفرعية ومعطى والتكوينات االنفعالية داخل الحراك تحاول أن تشتغل عىل معطى

الجغرافيا ومعطى الدولة التي كانت وتعمل عىل دمج هذه املعطيات ذهنيا ولكن بعد أن أعادت

تعريفها وتأويلها عىل النحو الذي يربر لها املطالبة بفك االرتباط ال القضاء عىل أسباب ونتائج

حرب 1994 بشقيها الحقوقي والسيايس وحل القضية الجنوبية حال عادال يف ظل الوحدة اليمنية

ومتكني الجنوب من مامرسة فاعليته كرشيك حقيقي يف املعادلة السياسية..وعىل هذا األساس

الجنوب وهي ثقافة واحدة جامعة لشعب املكونات الفرعية يف نظر هذه الثقافات أصبحت

يف أساس هويته املغايرة لهوية شعب الشامل!! أما الجغرافيا فلم تعد جزءا من جغرافية اليمن

معطى تعريف املكونات هذه أعادت وعندما العريب!! الجنوب جغرافية وإمنا هي الطبيعية

الدولة إحتاجت إىل تجريدها من مينيتها ومن الحزب االشرتايك الذي أدارها..فالحزب االشرتايك هو

حزب صاغته مؤثرات شاملية يف نظر هؤالء جعلته يتعلق »إرادويا« بالوحدة اليمنية املسئولة عن

ضياع هوية الجنوب..أما الدولة فيجري التعبري عنها بجملة خفيفة: »نحن كنا دولة«!! ويتناسون

عىل أسست رشعيتها التي الشعبية الدميقراطية اليمن جمهورية كانوها هي التي الدولة أن

اإلخالص لليمن الحضاري الثقايف الواحد ودفعت مثن انتصارها له يف رصاعها مع الدولة الشطرية

األخرى التي ظل نظامها السيايس خالل سنوات الحرب الباردة يتكسب من كبح هذا اإلنتصار.

ما نريد أن نقوله إن الحراكيني اإلنفعاليني يخوضون معركة غري مربرة مع اليمن الحضاري

الثقايف..وهم يف هذا يلتقون مع سلطة الحرب والضم واإللحاق التي تعاملت مع الجنوب ال كجزء

من اليمن الحضاري الثقايف وإمنا كفرع من اليمن السيايس الشاميل عاد إىل أصله أو كإبن ضال

عاد إىل رشده ومل تدخر وسيلة إال واستخدمتها لإلعتداء عىل تاريخه الوحدوي املتسق مع اليمن

الحضاري الثقايف..وتاريخ الجنوب املعتدى عليه من الطرفني يقع داخل الفرتة الزمنية املمتدة من

14 اكتوبر 1963 حتى 22 مايو 1990 وهي الفرتة التي أعادت لليمن الحضاري الثقايف عافيته..

الضال اإلبن ضياع فرتة أنها عىل الفرتة هذه إىل واإللحاق والضم الحرب سلطة تنظر فبينام

ومترد الفرع عىل األصل تنظر مكونات الحراك اإلنفعالية إليها عىل أنها فرتة تزوير ممنهج لتاريخ

الجنوب وفرض هوية غريبة عليه لتربير إحتالله من قبل الشامل..ومعنى ذلك أن سلطة الحرب

أنتجت يف الجنوب أشباها لها يغايرونها يف املظهر ويجانسونها يف الجوهر..فهم مثلها ال يرون

إال ما يريدون..هي تقرأ تاريخ الجنوب بعيون الضم واإللحاق وأشباهها يقرؤنه بعيون مصابة

برمد االنفصال..وما تسميه سلطة الحرب ب« فرتة »الضياع والضالل« هو يف الواقع فرتة صحوة

ويقظة..وما تزعم أنه »عودة الفرع إىل األصل« هو يف الحقيقة عودة متساوية للشامل والجنوب

السياسيني إىل اليمن الحضاري الثقايف الواحد..وحرب 1994 ليست إال خيانة همجية لهذه العودة

39

Page 40: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

ومحاولة ملصادرة مجد وتاريخ الجنوب والحركة الوطنية اليمنية التي أوصلت اليمنيني إىل 22

مايو 1990..أما »التزوير املمنهج لتاريخ الجنوب« كام يراه الحراكيون اإلنفعاليون هو يف الحقيقة

تصحيح ممنهج لهذا التاريخ كان من أبرز نتائجه نفض غبار أزمنة التشظي عن الهوية اليمنية

للجنوب ومتكينها من استئناف مامرسة فاعليتها يف إعادة صياغة اليمن السيايس املتشظي عىل

النحو الذي يتوافق مع اليمن الحضاري الثقايف الواحد..وهذا ما يؤكده السياق التاريخي العام

لليمن.

ففي األزمنة القدمية نشأت الدولة اليمنية عن اتحاد تجمعات قبلية عصبوية..وعندما

اختلف أصحاب النفوذ فيها تفككت الدولة وتعددت التعبريات السياسية املتصارعة داخل اليمن

الحضاري الثقايف الواحد..وبسبب هذا الرصاع غاب األمن واالستقرار وتراجع االقتصاد واضمحلت

الحضارة..وعندما انترص اإلسالم يف جزيرة العرب مل يكن اليمنيون مستقرين يف ظل تعبري سيايس

واحد مجسد يف دولة واحدة..وعندما أسلموا كان قاسمهم املشرتك األعظم هو اليمن الحضاري

الثقايف الواحد وليس اليمن السيايس املتشظي..فهم أهل اليمن رغم تعدد مسمياتهم وعصبياتهم

لليمن القبلية من كندة إىل مذحج إىل همدان وغريها..ما يعني أن اإلسالم هو قيمة مضافة

الله والتوحد يف تنامي مشاعر األخوة يف الواحد عربت عن نفسها من خالل الثقايف الحضاري

الطقوس الدينية..وعندما نقول » قيمة مضافة » فإننا نؤكد أنه ليس » قيمة منتجة«..فاليمن

الحضاري الثقايف موجود قبل ظهور اإلسالم وليس من الجائز أبدا إختزاله يف البعد الديني وتغييب

الرابطة الوطنية باسم الرابطة الدينية املمتدة خارج الوطن اليمني إىل عرشات األوطان واألمم

والثقافات..فاإلسالم طارئ عىل اليمن الحضاري الثقايف ومضاف إليه وليس مؤسسا له..واليمنيون

معتقدهم عن النظر بغض مينيون ألنهم وإمنا مسلمون ألنهم 1990 مايو 22 يف يتوحدوا مل

الديني..وشعار »الوحدة فريضة إسالمية« ليس من شعارات الهوية وإمنا من شعارات السياسة..

وهو بهذا املعنى ليس شعارا توحيديا وإمنا شعار متزيقي حركته عصبيات جهوية توظف الدين

سياسيا للتسرت عىل واقع الضم واإللحاق الذي طال الجنوب بسبب حرب 1994..أو قل هو من

شعارات الرصاع بني الهوية واملصلحة الضيقة حيث تعمد هذه األخرية إىل اختزال الهوية يف بعد

واحد يحقق لها التطابق مع األوىل بعد أن اختزلت.

اليمن عبارة عن مخاليف عىل رأس كل منها »عامل« معني من الراشدة كان الخالفة يف زمن

قبل أمري املؤمنني يف املدينة املنورة..وكان دور »عامل« املخاليف معنويا تربويا ومل يكن جبائيا

املعنوي الدور تراجع مع األمويني زمن تقريبا عليه هو ما عىل الحال استمر تسلطيا..وقد

والرتبوي لعامل دمشق لصالح الدور الجبايئ..ويف زمن العباسيني شكلت جغرافية اليمن الصعبة

عامل إغراء للطامحني يف الخروج عىل مركز الخالفة يف بغداد..وحينها عاش اليمن عرصه الوسيط

40

Page 41: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

املعروف بعرص الدويالت التي حكمت متعاقبة أحيانا ومتزامنة متصارعة أحيانا أخرى..ويف هذا

العرص ظهرت تعبريات سياسية جديرة مبسمى الدولة سواء من حيث االمتداد الجغرايف والزمني

أو من حيث االنجازات املتحققة عىل األرض..وإىل هذه التعبريات تنتمي دولة الرسوليني ودولة

التفاوت يف مساحة بعض مع الطاهرية والدولة فرتاتها بعض الزيدية يف والدولة الصليحيني

النفوذ والسيطرة واالمتداد الزمني.

غري أن أهم ملمح ميز العرص الوسيط هو الرصاع بني الدويالت..وهنا يجب أن نالحظ أن

القوة وليست الجغرافيا هي التي كانت ترسم حدود هذه الدويالت وأن الوحدة واالنفصال مل

تكن من بني الشعارات التي حركت رصاعاتها وحروبها..لهذا السبب كانت حدود اليمن السيايس

املتعدد متغرية ومتنقلة داخل فضاء اليمن الحضاري الثقايف الواحد..وكان الشعب اليمني الواحد

موزعا كسكان- وليس كشعوب - عىل الدويالت التي رسمت القوة حدودها..لكن هذه الحدود

مل تكن صارمة أو مغلقة أمام حركة السكان وهجراتهم الداخلية وتعايشاتهم املشرتكة ومل تكن

ينظرون دويلة كل يف ظل السكان الثقايف..وكان الحضاري اليمن إىل العفوي انتامءهم تهدد

الثقايف الواحد ويحاكمونها اليمن الحضاري اليمن السيايس املنقسم وليس بعيون إليها بعيون

من خالل مقولتي العدل والظلم وليس من خالل مقولتي الوحدة واإلنفصال..بينام نتعامل نحن

اليمنيني املعارصين مع دول تاريخنا القديم والوسيط كامض ال عالقة له بالرصاع عىل السلطة

والرثوة يف حارضنا..وهذا يجعلنا- من حيث ندري أو ال ندري- نقف عىل مسافة واحدة منها

ناظرين إليها بعيون اليمن الحضاري الثقايف الواحد وحاكمني عليها من خالل مقولتي الوحدة

املدرسية املطالعة كتب يف كبرية مساحات لها نفرد أن تستحق عظيمة دول والتجزئة..فهي

الجغرافيا مع تفاعل كامل الثقايف مبا هو الحضاري تتمدد داخل كامل فضائنا لها أن إذا قدر

إذا ذهبنا نفاضل بني التمدد..أما إذا مل تسعفها قوتها عىل التاريخ..وهي مجرد دويالت كامل

دول ماضينا الوسيط التي قدر لها أن تتمدد داخل كامل فضائنا الحضاري الثقايف منطلقني من

مقوالت العدل والظلم واإلنجاز فسوف يكون من الصعب علينا أن نتفق عىل رأي واحد خاصة

إذا كان لتحيزاتها املذهبية حضور يف حياتنا الراهنة..وهذا يعني أن اليمن السيايس هو قطب

التعدد الذي قد يؤدي إىل الفرقة بينام اليمن الحضاري الثقايف هو قطب الواحدية الذي ال ينفي

التعدد..واليمن السيايس ال يؤدي إىل الفرقة والتفكك إال عندما يتمدد داخل الفضاء الحضاري

الغاشمة ويفرض نفسه ككيان عصبوي متغلب ومهيمن عىل ما يف هذا بالقوة الواحد الثقايف

والوسيط القديم التاريخ يف اليمنية الدول وترشذم تفكك يفرس ما تعدد..وهذا من الفضاء

حيث كان التعدد املهمش يتكئ عىل ضعف التساند بني الجغرافيا والتاريخ ويعمل عىل تفكيك

واحدية الدولة أو تالشيها لتأيت عىل أنقاضها دويالت أو دولة أخرى قوية كانت هي أحد عوامل

41

Page 42: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

ضعف واضمحالل األوىل..وهذه قاعدة شذت عنها الدولة الزيدية التي كانت تتوسع عىل حساب

غريها وعندما يظهر منافس قوي تنكمش ويرتاجع حاملها االجتامعي السيايس إىل جبال شامل

الشامل حيث يجد موطئ قدم دائم يرتبص داخله وعندما تأيت فرصة مواتية ينقض ويتمدد..

لهذا تعددت نسخ الدولة الزيدية بتعدد األرس الهاشمية التي حكمت اليمن..وقد تراوحت بني

املسلحة الحويث نقرأ حركة أن أيضا نستطيع الزاوية والظهور حتى 1962..ومن هذه الضمور

وقضية صعدة..فهي رد فعل عصبوي عىل فشل اليمنيني يف بناء الدولة وبروز مرشوع التوريث

بعد حرب 1994 وفقدان النظام الجمهوري ملصداقيته يف ظل نظام سيايس عصبوي إقصايئ منتج

للحروب واألزمات..غري أن حركة الحويث ال تستطيع أن تتمدد كمليشيات مسلحة أو أن تتحول

إىل دويلة حتى يف إطار صعدة نفسها ألنها تفتقر إىل عوامل نجاح كثرية جدا داخلية وخارجية

كانت متوفرة ألسالف الحويث من أمئة الدولة الزيدية وغري متوفرة اليوم..نكتفي هنا فقط بذكر

تطور إىل بالنظر املايض عليه يف كان يعد ضعيفا كام الذي مل والتاريخ الجغرافيا بني التساند

وسائل االتصال واملواصالت التي جعلت الحكومات املركزية املعارصة قادرة عىل الوصول برسعة

إىل حيث تريد داخل بلدانها وفرض سيادة الدولة عىل األرض وعىل السكان..لكن من غري الجائز

منطقيا ومنهجيا قياس الجنوب عىل صعدة..فالجنوب مرشوع سيايس وطني كبري بحجم اليمن

جرى االلتفاف عليه مبشاريع عصبوية صغرية مامنعة لبناء الدولة..وليس أمام هذا املرشوع إال

أن يحول هزميته العسكرية عام 1994 إىل إنتصار سيايس لكل اليمن متكئا عىل الحراك السلمي

وعىل نتائج الثورة الشبابية الشعبية..فالحراك والثورة الشبابية الشعبية أسقطا كل شعارات حرب

والدين والوطنية السياسة مقاييس بكل مربرة غري حرب أنها والخارج للداخل وأثبتا 1994

واألخالق..والذين يقولون إنهم سيضحون بثورة الشباب من أجل الوحدة هم إما من رموز تلك

الحرب أو ممن استفاد من نتائجها عىل أقل تقدير..وألن ثورة الشباب تنادي بحل عادل للقضية

الجنوبية فهم يفضلون التضحية بها عىل هذا الحل ولكن باسم الوحدة التي يقدسها الشباب.

آخر تعبري سيايس إستطاع أن يتمدد داخل كامل جغرافية اليمن هو الدولة الزيدية يف

عهد املتوكل عىل الله إسامعيل ولكن ملدة 42 عاما فقط )1644- 1686(..وبعدها تفكك اليمن

إىل مشيخات وإمارات وسلطنات يف الجنوب وإمامات متصارعة يف شامل الشامل بينام مالت

مناطق الوسط إىل االستقرار النسبي يف ظل األعراف التي مكنت الوجهاء املحليني من مامرسة

السلطة االجتامعية يف مناطقهم ومل يشذ عن ذلك سوى البيضاء التي أسس فيها آل الرصاص إمارة

لهم كان ظهورها أول خروج عىل دولة املتوكل يف عهد خلفه قبل أن تخرج عليه أي من مشيخات

وإمارات وسلطنات الجنوب.

وقد استمر اليمن متشظيا عىل هذا النحو ألكرث من قرن ونصف قبل أن تحتل بريطانيا

42

Page 43: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

عدن عام 1839..وعىل إثرها عادت الخالفة العثامنية إىل اليمن يف العام 1849 ولكن فقط إىل

شامل البالد هذه املرة إبتداء من املناطق الساحلية والسهلية..وهنا يجب أن نالحظ أن العثامنيني

استخدموا القوة لفرض حكم مركزي عىل كامل الشامل مل تخرج عليه إال املناطق الزيدية مبوجب

صلح دعان عام 1911 الذي منح اإلمام يحي سلطة دينية كانت نوعا من الحكم الذايت ملناطق

العاملية األوىل إال وقد الحرب الشامل بعد العثامين مل يرتكوا الجيش الشامل..لكن قادة شامل

ساعدوه عىل البقاء موحدا تحت سلطة اإلمام يحي.

أبقى اإلمام يحي عىل التقسيم اإلداري الذي وضعه العثامنيون لكنه مل مينح املناطق

الشافعية ولو حدا أدىن من اإلدارة الذاتية التي كان قد قاتل العثامنيني من أجلها..واألنكأ من

كل ذلك أنه أذلها بحروب »الفتوحات« التي مل يكن لها ما يربرها سوى تحويل هذه املناطق

إىل مناطق خراجية أسلمت بحد السيف بعد أن أصبح سكانها كفار تأويل حسب فتاوى تلك

الحروب..وهي امتداد لفتاوى املتوكل عىل الله إسامعيل الذي قال إن الله لن يحاسبه عىل ما

أخذه من أموال الشوافع وإمنا عىل ما أبقى لهم..وفتاوى حرب 1994 ال تختلف عن هذه إال يف

املذهب..فاألوىل متوكلية متمسحة باإلمام زيد والثانية وهابية.

اإلمام يحي سكان مملكته إىل عدنانيني حاكمني وقحطانيني محكومني..وصنف قسم

العدنانيني إىل درجات حسب حظ أرسهم من السلطة والنفوذ يف املايض ومن الرثوة والوجاهة

يف الحارض..لذلك وجدت القاعدة الكبرية من العدنانيني نفسها تقف ضد بيت حميد إىل جانب

مزارعني.. زيود محاربني وشوافع إىل تصنيفهم فقد جرى القحطانيون ثورة سبتمرب 1962..أما

وللمحاربني تراتبية هرمية تبدأ بالشيخ ثم القايض وبعده يأيت الفقيه وتنتهي بالقبييل..وتحت

ثورة سبتمرب 1962 الذين يعيشون عىل خدمتهم..وقد مثلت املهمشني فئة واسعة من هؤالء

إنقالبا عىل هذا الركود القروسطي وأحدثت حراكا مجتمعيا كبريا..غري أن عوامل داخلية وخارجية

كثرية تظافرت وكبحت املسار التصاعدي للثورة وحالت بينها وبني تحقيق كامل أهدافها وانتهى

األمر بنظام سيايس عصبوي دخل طرفا يف معادلة الوحدة اليمنية سلميا عام 1990 وانقلب عليها

عسكريا عام 1994 يف حرب ال تختلف يف أهدافها وشعاراتها وفتاواها عن »فتوحات« اإلمام يحي

يف املناطق الشافعية ململكته..والفارق الجوهري الوحيد أن هذه املناطق مل تكن مرشوعا سياسيا

للجنوب..لذلك بالنسبة الحال هو كام اليمن بحجم مستقبلية وتطلعات دولة وله تاريخ له

اجتامعي الجنوب عن حراك بينام متخض عليها كمناطق خراجية املفروض للواقع استسلمت

سيايس واسع رافض ملبدأ الحرب وشعاراتها وفتاواها ونتائجها.

خالفا للعثامنيني يف الشامل فضلت بريطانيا يف الجنوب أن تتجنب املزيد من أعامل

43

Page 44: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

املقاومة واكتفت بعدن وأقامت إتفاقيات حامية مع مشيخات وإمارات وسلطنات الجنوب الذي

مل يصبح دولة واحدة إال يف 30 نوفمرب 1967 أي بعد نحو 286 عاما من تفكك دولة املتوكل عىل

والجمهورية الشعبية الدميقراطية اليمن أصبحت جمهورية األساس هذا إسامعيل..وعىل الله

العربية اليمنية هام آخر تعبريين سياسيني يتزامنان داخل اليمن الحضاري الثقايف.. مع مالحظة

أن الجغرافيا وليست القوة هي التي رسمت الحدود بينهام ألول مرة يف تاريخ اليمن..وهذا فعل

سيايس غري ميني وإمنا عثامين بريطاين كرسه النظام الدويل املعارص القائم عىل مبدأ سيادة الدول

وأضفى عليه طابعا قانونيا أصبحت معه الوحدة اليمنية مستحيلة بواسطة القوة وإمنا عىل أساس

طوعي وباإلرادة الحرة لكل من الدولتني وعىل قاعدة الندية والرشاكة بينهام..وإذا كانت دولة

اليمن الشامل قد عاشت منذ ما بعد أغسطس 1968 عىل كبح قيام مين سيايس واحد داخل

الحضاري الثقايف الواحد – باستثناء فرتة الرئيس الحمدي - فإن دولة الجنوب هي التي تحملت

أعباء اإلخالص لوحدة هذا اليمن وهي التي أوصلت اليمنيني إىل 22 مايو 1990..والوصول إىل

وأثرها ونوعها الشامل حجمها اليمنيني يف يعي معظم ال ملحمية إنجازات اليوم سبقته هذا

اإليجايب الكبري عىل حارض ومستقبل اليمن..ولو أن هذه الحقيقة كانت مستقرة ومستوعبة يف

عقولهم وضامئرهم ملا كان مبقدور مراكز القوى العصبوية أن تزيف وعيهم بالشعارات الوطنية

والدينية وأن تجر البالد إىل حرب 1994 تحت شعار الدفاع عن الوحدة..وسيسجل التاريخ أن تلك

الحرب كانت يف مقاصدها ويف نتائجها خيانة عظمى لليمن الحضاري الثقايف ولإلنجازات امللحمية

التي اجرتحها شعب الجنوب والحركة الوطنية اليمنية عموما للوصول إىل 22 مايو 1990..وفيام

ييل إشارة إىل أهم هذه اإلنجازات امللحمية التي لوالها لكان يف صنعاء أربع سفارات جنوبية

عىل أقل تقدير:

1 – إستدعاء الهوية اليمنية للجنوب من إرشيف التاريخ وتخليصها من غبار أزمنة التشظي:

من خالل أنفسهم يعرفون الجنوب يف اليمنيون أصبح التشظي أزمنة تطاول فمع

إنتامءاتهم إىل فسيفساء الكيانات السياسية التي مثلتها املشيخات واإلمارات والسلطنات ونام

السياسية التعبريات لهذه االنتامء لصالح الثقايف الحضاري لليمن باإلنتامء اإلحساس عندهم

املتناثرة داخل خارطة الجنوب..وأصبح اليمني هناك إما عبدليا أو فضليا أو حوشبيا أو عولقيا أو

عوذليا أو واحديا أو كثرييا أو قعيطيا...الخ..وكان عىل الحركة الوطنية اليمنية أن توقظ اإلنتامء

يف عدن يف بدأ ملحمي عمل واإلمارات..وهذا والسلطنات املشيخات سكان وعي يف لليمن

ثالثينيات القرن املايض وامتد خالل األربعينيات والخمسينيات..وما كان مبقدور الكفاح املسلح

أنحاء كل يف الواسع الشعبي التأييد يستقطب أن الستينيات مطلع الربيطاين االستعامر ضد

الجنوب من غري هذا العمل امللحمي الذي ظل يستدعي الهوية اليمنية من إرشيف التاريخ..

44

Page 45: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

ولهذا العمل رموزه الثقافية والسياسية والنقابية..وليس صحيحا أن مينية الجنوب قضية حمل

لواءها منذ البدء الحزب االشرتايك اليمني..فالحزب االشرتايك ليس رائدا يف التنظري لقضية الوحدة

ولكنه الحزب الذي أخلص نظريا وعمليا ملا بدأه الرواد حتى تحققت الوحدة سلام وطواعية يف

22 مايو 1990..ومن غري مدينة عدن ما كان لهذا العمل امللحمي أن يتم..فعدن هي الحارضة

احتوى عىل السليامين املخالف أن اليمنية..ولو الوحدة املعارص وهي صانعة لليمن الحقيقية

مدينة مناظرة لعدن ملا كان مبقدور صنعاء العصبيات أن تضيعه لتضمن استقرار هيمنتها عىل

الشامل.

2 - إسقاط مرشوع إتحاد الجنوب العريب وتوحيد الجنوب وتثبيت هويته اليمنية:

يف السنوات التي أعقبت الحرب الكونية الثانية أصبح حق تقرير املصري الشعار األكرث

رواجا يف العامل ويف أروقة األمم املتحدة..وقد اعرتفت بريطانيا بهذا الحق لجنوب اليمن ولكن

بها أرادت »..وهذه تسمية العريب الجنوب « منه تحت مسمى تعريف جزء أعادت أن بعد

بريطانيا أن ترسخ خارطة اليمن السيايس املتشظي عىل النحو الذي يقتل ومييت فاعلية اليمن

الحضاري الثقايف الواحد..وبالفعل رشعت يف تنفيذ هذا املخطط وحددت موعدا إلنسحابها سلميا

اختارت بينام الغربية فقط فيدرايل يضم عدن واملحميات إتحاد إىل حكومة السلطة وتسليم

حرضموت الكثريية وحرضموت القعيطية ومعهام املهرة البقاء كدول بسيطة قامئة بذاتها..وكان

معلومة حدود منها لكل مستقلة دول أربع وراءها تاركة الجنوب بريطانيا تغادر أن مقررا

املسلح ضد الكفاح فكرة نشأت املخطط هذا الدويل..وإلسقاط القانون بقوة محمية وسيادة

االستعامر الربيطاين..فالغرض من هذا الكفاح ليس تحرير الجنوب فقط وإمنا – وهو األهم –

توحيده والدفاع عن هويته اليمنية وتثبيتها يف إطار دولة واحدة كخطوة البد منها عىل طريق

االنتصار لليمن الحضاري الثقايف الواحد..وهذا ما فعلته الجبهة القومية من خالل ثورة 14 اكتوبر

.1963

وباستثناء قطاع الفدائيني يف مدينة عدن الذي ضم مينيني من الشامل والجنوب تشكلت

خاليا وتنظيامت الجبهة القومية يف كل مشيخة وإمارة وسلطنة من أبنائها وتم إسقاطها بأيادي

أبنائها..كام امتد نشاط الجبهة القومية إىل وحدات الجيش االتحادي واستطاعت أن تضمن والء

والرحيل االستقالل بريطانيا عىل تفاوض ذهبت الثورة..وعندما لصالح وقادته معظم ضباطه

من عدن كانت عمليا قد أسقطت كل الكيانات السياسية يف الجنوب ووحدتها تحت سلطتها مبا

يف ذلك حرضموت واملهرة وفرضت نفسها كقوة وحيدة مؤهلة النتزاع االستقالل عن بريطانيا..

والقول بأن وثيقة االستقالل نصت عىل »جنوب عريب« قول ال ننكره لكنه من عمل االستعامر

45

Page 46: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

وليس من حقائق التاريخ..والذين فاوضوا االستعامر يف جنيف فاوضوه باعتبارهم قادة الجبهة

القومية لتحرير جنوب اليمن املحتل وليسوا قادة الجنوب العريب..أما القول بأن بريطانيا سلمت

السلطة للجبهة القومية يف إطار مؤامرة فمصدره العصبية املهيمنة يف صنعاء التي توجست خيفة

من املرشوع السيايس الوطني املبكر للجنوب واخرتعت حكاية »املؤامرة« للدفاع عن إنعزاليتها

كام اخرتعت حكاية »الفرع واألصل« لتجعل من نفسها قيمة مركزية يف املشهد السيايس لليمن

الحضاري الثقايف دون سند ال من التاريخ وال من الجغرافيا وال من اإلقتصاد وال من الثقافة..وهي

إىل جانب ذلك تنكر التاريخ الوطني البطويل للجنوب..وحينام تضطر لإلعرتاف به فمن قبيل املن

العصبيات الذي لقيته من ثورة الشامل وكأن هذه اكتوبر والتغني بالدعم واإلسناد عىل ثورة

هي مصدر هذا اإلسناد..وهذا مام يسهل دحضه..فليس بني رموز حرب 1994 وأمرائها من شيوخ

القبائل ورجال الدين وجرناالت الجيش من يستطيع أن يثبت أنه قدم لثورة اكتوبر مسدسا أو

حتى رصاصة واحدة.

إن الدعم واإلسناد الذي تلقته ثورة الجنوب من ثورة الشامل هو عمليا دعم وإسناد

بدرجة الدعم هذا وراء وقف الجنوب..والذي يف الوطنية للحركة الشامل يف الوطنية الحركة

األهلية الحرب اثناء الجيش قوي يف لها حضور كان التي العرب القوميني أساسية هي حركة

بني امللكيني والجمهوريني..وغالبا ما اتخذ الدعم طابعا رسيا ألنه مل يكن محل إجامع بني القوى

املحسوبة عىل ثورة سبتمرب..واألطراف التي أشعلت حرب 1994 ومارست أعامل النهب املنظم

بالسالح خالل معظم القومية الجبهة إمداد التي وقفت ضد الجنوب هي نفسها األطراف يف

فرتة الكفاح املسلح ضد االستعامر الربيطاين..وهي نفسها التي أغرقت صنعاء بالقبائل املسلحة

الجيش بناء وأعادت 1968 عام الدامية أغسطس أحداث يف العرب القوميني بحركة للتنكيل

عىل أسس قبلية إىل اليوم..واملعروف أن حركة القوميني العرب تأسست منذ البدء كتنظيم واحد

لعموم اليمن وله قيادة واحدة موحدة ضمت جنوبيني وشامليني أبرزهم املؤسس فيصل عبد

عىل الفقري عمودها وشكلت القومية الجبهة أسست التي هي الشعبي..والحركة اللطيف

اليمنية الوحدة مع مواجهة أول كانت 1968 أغسطس والقاعدي..وأحداث القيادي املستوى

حيث أصبح الجنوب بعدها بدون رشكاء وحدويني يف الشامل الرسمي.

3 - بناء دولة االستقالل عىل اسرتاتيجية الوحدة اليمنية والنظرة الدونية للتشطري:

والنظرة اليمنية الوحدة اسرتاتيجية عىل االستقالل دولة بناء هي الثالثة امللحمة

جمهورية والجنوب..فدستور الشامل يف اليمنيني لكل معروفة قضية للتشطري..وهذه الدونية

بني يفرق مل السيايس اليمنية..ونظامها الجنسية واحدية نص عىل الشعبية الدميقرطية اليمن

46

Page 47: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

شامليني وجنوبيني يف كل حقوق املواطنة رغم أنه مل يكن نظاما دميقراطيا..وحزبها الحاكم كان

عابرا للعصبيات القبلية وللحدود الشطرية..وشعاره املركزي » لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة

اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية«..وإذاعة عدن كانت دون أدىن مبالغة

إذاعة الوحدة اليمنية مبا ظلت تبثه من برامج وأغان وأناشيد..أما عدن نفسها فقد كانت ورشة

عمل يومية مشتغلة عىل قضية الوحدة..وعموما النظام السيايس يف الجنوب وليس نظام الشامل

هو الذي جعل اليمنيني يتعلقون بحلم الوحدة ويرونها آتية ال ريب فيها..أما يف صنعاء فقد كان

الحديث عن الوحدة من مؤرشات االنتامء للحركة الوطنية اليمنية وموجبا العتقال صاحبه بتهمة

العاملة للجنوب..ومل يكن مسموحا التحدث عن الوحدة إال يف األطر الرسمية ويف سياق سيايس

جوهره ليس الوحدة وإمنا التحريض عىل النظام السيايس يف الجنوب.

وبسبب إخالصه لليمن الحضاري الثقايف قوبل النظام السيايس يف الجنوب بالكراهية والعداء

املبكر حتى قبل أن يعلن عن توجهه األيديوجي ذي البعد االشرتايك..فعندما استقل الجنوب يف

30 نوفمرب 1967 كان الشامل يعيش حربا أهلية بني الجمهوريني وامللكيني وكانت صنعاء محارصة

من كل الجهات..ومع ذلك رفضت العصبيات القبلية االعرتاف بدولة االستقالل بذريعة أنه ليس

من حق الجبهة القومية أن تعلن دولة مستقلة يف الجنوب وعىل قحطان الشعبي أن يأيت إىل تعز

أو الحديدة ويسلم مفاتيح الجنوب لشيوخ القبائل..وهذا هو املنطق نفسه الذي واجه به اإلمام

يحي مساعي عبد العزيز الثعالبي حني حاول أن يقنعه مبقرتحات سلطان لحج من أجل الوحدة..

وللتاريخ كان السلطان صاحب أول برنامج لتحقيق الوحدة لكنه اصطدم بإمام مل يكن يقبل بأقل

من أن يكون سالطني الجنوب رعايا يف دولته املتوكلية..واملالحظ هنا أنه ال فرق بني عقلية بيت

اعرتاف دولة الشامل..أما الرشعيني يف حكم أنفسهم ورثتها يعتربون الدين وعقلية من حميد

الشامل بدولة االستقالل يف الجنوب فقد حسمه رئيس املجلس الجمهوري القايض عبد الرحمن

اإلرياين العتقاده حينها أن صنعاء مرشحة للسقوط يف أيدي امللكيني وأن الجنوب سيكون قاعدة

اإلنطالق ملواصلة الحرب ضدهم وال يجوز إستعداءه..وكان اإلرياين يعلم علم اليقني أن اعرتاض

شيوخ القبائل عىل وجود دولة مستقلة يف الجنوب ليس بسبب الفائض الوحدوي عندهم وإمنا

التي أعلنت هذه الدولة وليس املستوزرون القوميني العرب املكروهة سعوديا هي ألن حركة

وسالطني املحميات..ولو أن االستقالل حصل تحت راية الجنوب العريب الذي تأسست فكرته عىل

استبعاد الهوية اليمنية للجنوب لكان االعرتاف به جاهزا من غري قيد أو رشط..والسبب أن زعامء

العصبيات القبلية يفضلون جنوبا متنصال من مينيته عىل جنوب ميني يتطلع إىل وحدة تليق به

كمرشوع سيايس وطني يهدد بالنتيجة ما يعتربونه »حقهم التاريخي« يف الحكم والهيمنة عىل

تفاعالته له إستثنايئ تاريخي وإمنا حدث بسيطة عملية جمع ليست الشامل..فالوحدة كامل

47

Page 48: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

توازنات جديدة بني والنفوذ والرثوة وستخلق القوة توزيع إعادة بالرضورة عىل التي ستعمل

مناطق البالد ومكونات املجتمع..والنتيجة املنطقية والحتمية لهذه التفاعالت هي سقوط »الحق

التاريخي« املزعوم يف الحكم..وهذا أمر يدركه زعامء العصبيات القبلية متام اإلدراك ومنذ وقت

مبكر..لذلك وجدوا أنفسهم إزاء الجنوب أمام ثالثة خيارات نبسطها كام ييل:

1 -رفض مبدأ الوحدة اليمنية رصاحة: واعتبارها اخرتاعا شيطانيا وعمال من أعامل العدوان

ضد الجمهورية العربية اليمنية وأمنها واستقرارها..وهذا خيار خارس ألن الحركة الوطنية اليمنية

كانت قد أفلحت منذ وقت مبكر يف استدعاء الوحدة من أرشيف التاريخ وأيقظتها يف نفوس

الجامهري وحولتها إىل حالة عاطفية شعبوية جارفة يف الشامل والجنوب..وأي سياسة تصادم هذه

الحالة العاطفية محكوم عليها بالسقوط سلفا..لذلك مل يكن أمام زعامء العصبيات سوى متلق

هذه العاطفة واملزايدة عىل الجنوب بشعار الوحدة.

وأمنه اليمن ووحدته لصالح الحكم يف املزعوم التاريخي« »الحق عن -التخيل 2

مناخا أوجدت الشعبية الشبابية الثورة طواعية..لكن يتم يتم..ولن مل ما وهذا واستقراره: جديدا جعلت هذا األمر ممكنا من خالل مؤمتر الحوار الوطني القادم..مع مالحظة أن املمكن

ال يتحول إىل واقع من تلقاء نفسه ما مل تكن هناك قوى اجتامعية وسياسية تعمل بجدية واعية

عىل تحويله.

3 - القضاء عىل الجنوب كمرشوع سيايس وطني يهدد »حقها التاريخي« املزعوم يف الحكم: وذلك من خالل متزيقه لصالح املايض السالطيني أو احتالله بالقوة العسكرية وضمه إىل نظام الشامل..وهذا هو الخيار الذي استقرت عليه وحكم كل تفاصيل عالقاتها بالجنوب رغم

صعوبته بالنظر إىل النظام الدويل الذي يجرم مثل هذا الفعل..لكن هذا الخيار العصبوي تقاطع

مع إرادة إقليمية قوية ظلت تغذيه ومتوله طوال سنوات الحرب الباردة األمر الذي دفع الجنوب

إىل مضاعفة االهتامم بجاهزيته العسكرية واألمنية..وهذا الخيار الثالث هو طرف الخيط الذي

إذا أمسكنا به نستطيع أن نتعرف عىل جوهر القضية الجنوبية.

أول محاولة الحتالل الجنوب كانت حرب 1972 التي عارضها القايض اإلرياين يف رسالة

خطية غري معلنة إىل كبار قادة الجيش نرشها مؤخرا محمد عبد الله اإلرياين يف مذكراته..الرسالة

فضحت طبيعة تلك الحرب وأهدافها واألجندة التي حركتها..وقد عارض القايض اإلرياين حرب

1972 رغم عدائه للنظام السيايس يف الجنوب..لكنه عداء السيايس املثقف الذي ال ميارس عداواته

عىل نحو أرعن..وقد ظل اإلرياين يدفع مثن ذلك املوقف إىل أن أطاح به شيوخ القبائل يف يونيو

48

Page 49: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

إبراهيم خلفه أن اكتشفوا عندما صدموا الشيوعية..لكنهم مكافحة يف الرتاخي بتهمة 1974الحمدي اختار لنفسه نهجا وطنيا يضع اليمن شامله وجنوبه فوق العصبيات..لذلك تآمروا عليه إىل أن قتل بالطريقة التي أصبحت مكشوفة لكل اليمنيني..وقد دفع أحمد حسني الغشمي مثن أنها بخلده يدر مل رئاسية بفرتة عليها والتغطية نجاحها وتوفري رشوط الجرمية ترتيبه ملرسح ستكون قصرية..وعندما وقع اإلنفجار الكبري يف مبنى القيادة العامة كان القرار اإلقليمي قد رسا عىل الرائد عيل عبد الله صالح الذي حرص منذ أول أيامه أن يثبت ملن جاء به ولشيوخ القبائل أنه الرجل املؤهل لطي ملف الحمدي ومحوه من ذاكرة الناس..ومعنى ذلك أن صالح جاء إىل السلطة لتكريس حالة الالدولة وإدارة البالد بعقلية رئيس عصابة..والنتيجة املنطقية إلدارة من هذا النوع هي حادثة جامع النهدين التي طالت آخر وأقوى مربعاته األمنية دون أن ميلك دليال

مقنعا واحدا عىل من يتهمهم بتدبري الحادثة.

إستهل عيل صالح عهده بقرع طبول الحرب مع الجنوب..لكن ما أن دوت أصوات املدافع حتى أعلنت الرياض حالة االستنفار واستدعت االحتياطي العام ومثل هذا تقريبا حدث يف عراق بالقوة.. عليها الوحدة فرض جواز عدم يف صنعاء مع أنه أعلن السادات..الكل ومرص صدام

واتخذت الجامعة العربية حزمة عقوبات ضد دولة جمهورية اليمن الدميقراطية الشعبية التي الشامل ووصل إىل مشارف ذمار.. أرايض توغل جيشها خالل ساعات يف مساحات واسعة من

واملعروف أن حرب 1979 آلت إىل إبرام إتفاقية الكويت وتشكيل لجنة مشرتكة لصياغة مرشوع دستور لدولة الوحدة..عىل أن يوقع عليه رئيسا الشطرين كام هو دون تعديل فور انتهاء اللجنة من صياغته..واعتربت االتفاقية توقيعهام عليه إعالنا للوحدة ملزما للدخول مبارشة يف ترتيباتها

التنفيذية.

إنتهت اللجنة من صياغة مرشوع الدستور عام 1981 لكن التوقيع عليه مل يتم إال يف 30 نوفمرب 1989..وبني هذين العامني فاصل زمني كبري مل نجد تفسريا موثقا له إال يف حديث مطول أدىل به عيل عبد الله صالح لنجيب رياض الريس ونرش يف كتاب »رياح الجنوب« الصادر عام 1998 أي بعد حرب 1994 بأربع سنوات كان صالح خاللها مهووسا بنشوة النرص معتقدا أنه الصقر السبئي الذي أوقع الجنوب يف فخ الوحدة وحوله من رشيك بإرادته إىل ملحق بغري إرادته..قال صالح لرياض الريس ما معناه:«إن قيادة الجنوب جاءت إىل الكويت وهي منتشية بنرصها العسكري وتريد أن تحقق الوحدة معنا من موقع القوي لكن اإلخوة يف القيادة نصحوين

أن ال أترسع يف الذهاب إىل الوحدة حتى نرتب أوضاعنا«.

ال يحتاج املرء إىل ذكاء خاص يك يفهم أن الوحدة بالنسبة للنظام العصبوي يف الشامل هي

املعنى املرادف للحرب وأن تفوق نظام الشامل عىل نظام الجنوب يجب أن يتمثل يف الجيش

49

Page 50: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

وليس يف مرشوع سيايس وطني من أجل الوحدة..فاألوضاع املراد ترتيبها هي األوضاع العسكرية

أوال ولها بعد ذلك ما يليها يف األهمية..وتحت مربر إعادة بناء الجيش متكن صالح من سنحنته

برسعة قياسية وحوله إىل إقطاعيات كبرية تستنزف معظم الدخل القومي للبالد وتراكم ثروات

مهولة بطرق غري مرشوعة وجاهزة للوقوف ضد أية إصالحات متس مصالحها..وقد شكل قادة

الجيش املنتمون إىل ثالث أو أربع قرى يف سنحان مجلس الحكم الفعيل يف الجمهورية العربية

العداء الشكلية..وكان الرسمية األقنية عرب إخراجها قبل الهامة القرارات يتخذ الذي اليمنية

تحالفات التي شكلت األطراف بقية مع املجلس هذا يوحد مغاير سيايس للجنوب كمرشوع

النظام ويف املقدمة كبار شيوخ القبائل وكبار رجال الدين وكبار ممثيل البريوقراطية يف الجهاز

املدين للدولة.

باستثناء الخالف عىل مناطق تنقيب النفط بني مأرب وشبوة بدت العالقة بني عيل نارص

وعيل صالح جيدة وعىل نحو خاص بعد قمة تعز عام 1982..فبعد هذا التاريخ انسحبت الجبهة

الوطنية الدميقراطية من املناطق الوسطى ومتكن جهاز األمن السيايس من توجيه ظربات موجعة

ملنظامت الحزب االشرتايك »الوحدة الشعبية« يف صنعاء واملدن الرئيسية واألرياف وزج باملئات

من كوادره إىل املعتقالت حيث تعرضوا لشتى صنوف التعذيب الجسدي والنفيس ولقي بعضهم

حتفه يف غياهب السجون وشاعت أجواء الخوف والرعب يف البالد..ويف املقابل شاعت حالة من

الزهو واإلنتشاء داخل نظام عيل صالح وأسهب إعالمه يف الحديث عن انتصارات » قائد املسرية

»..ومل يدر بخلد أحد حينها أن عدن كانت عىل موعد مع أحداث يناير 1986 التي أحدثت رشخا

كبريا يف الوحدة الوطنية للجنوب.

كانت أحداث يناير عيد األعياد بالنسبة ألطراف تحالف نظام عيل صالح العصبوي..وكانوا

يتوقعونها قبل أن تقع..بل وينتظرون لحظة االنفجار باليوم والساعة ويتأهبون لدخول عدن..

ويؤكد الشيخ عبدالله بن حسني األحمر يف مذكراته )ص 242 ( أن التدخل أثناء أحداث يناير كان

فرصة فوتها تذبذب موقف عيل نارص محمد الذي » كان يطلب منا عدم القيام بأي تدخل أو

تحرك وعدم اإلفصاح عن أي حوار بيننا وبينه ».

ال أحد يستطيع أن يؤكد أو ينفي ما ورد يف مذكرات الشيخ بشأن عيل نارص سوى عيل

نارص نفسه..لكن املذكرات تكشف بجالء عن ذهنية سياسية عصبوية إزاء الجنوب أرادت أن مترر

نفسها تحت شعار الوحدة واإلنقاذ..فهي – املذكرات - توحي للقارئ بأنه كان متفقا مع عىل

عيل نارص أن يعلن من موقعه كرئيس رشعي للجنوب الوحدة مع الشامل مبجرد انفجار املوقف

داخل عدن ويطلب تدخله فورا إلنقاذ املدينة من الدمار وسكانها من املوت..وبحسب الشيخ

50

Page 51: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

فإن التدخل تحت راية الوحدة املعلنة رسميا من عدن كان سريبك السوفييت ولن ميكنهم من

االعرتاض عليه..والسؤال الذي يطرح نفسه يف هذا السياق: هل يوجد إنسان عاقل عىل كوكب

األرض يقبل بهذا النهج املغامر لتحقيق وحدة بني دولتني تفصل بينهام قرون من التشظي؟ ثم

ما هي الوحدة التي أريد لها أن تتحقق بهذه الطريقة؟

من رواية الشيخ عبد الله التي ال نستطيع أن نؤكدها أو ننفيها يبدو أن عيل نارص كان

يجاري رغبات عيل صالح إىل حدود معينة ويحاول أن يستفيد منه دون أن يثق به من الناحية

العملية لعلمه أن الوحدة ال تتحقق بتدخل عسكري يف غامر أحداث دامية وأن ما يريده عيل

صالح هو ابتالع الجنوب عسكريا وضمه إىل الشامل بغطاء رشعي يقدمه عيل نارص ليصبح هو

نفسه أول ضحاياه بعد هزمية خصومه..يضاف إىل ذلك أن عيل نارص مل يكن يتوقع أنه سيخرس

أناس الوحدة مع أنه كسبها فمن املستبعد متاما أن يذهب إىل تلك املواجهات..وعىل افرتاض

خربهم جيدا ويعلم أن الوحدة هي آخر يشء ميكن أن يفكروا به ويخلصوا له وأن ما يريدونه

هو ابتالع الجنوب وهظمه..ثم أن رجال يفعل ما فعله يف يناير من أجل السلطة ال ميكن أن يثق

مبن يعلم يقينا أنهم يعتربون السلطة حقا تاريحيا لهم..لهذا السبب أدرجوا عيل نارص يف القامئة

السوداء مبكرا واستحسنوا فكرة خروجه من اليمن عشية إعالن الوحدة عام 1990 لكنهم جعلوا

عيل سامل البيض يأكل الثوم نيابة عنهم..ومل يفصحوا عن موقفهم الكاره لعيل نارص إال عندما رأوا

فرقاء يناير يتصالحون يف جمعية ردفان..هنا بدأ اإلحساس بالخطر وبدأت عملية نبش املقابر

ونكأ الجراح خوفا من جنوب بدأ يتخلص من صدمة حرب 1994.

كانت أحداث يناير مبثابة الزلزال الذي تصدعت بسببه الوحدة الوطنية للجنوب..ثم أن

ميزان القوى العسكري مال بعد تلك األحداث لصالح الشامل الذي استقبل نصف جيش الجنوب

تقريبا..وبعد األحداث عاش نظاما الشطرين حالة قطيعة رشع النظام السيايس يف الجنوب خاللها

يف إجراء مراجعة لتجربته عربت عن نفسها من خالل برنامج اإلصالح االقتصادي والسيايس الشامل

الذي ألقى بالالمئة كلها عىل الواحدية الحزبية وغياب الدميقراطية..وحينها بدأ الجنوب الخارج

من ركام أحداث يناير يهيء نفسه لإلصالح وما سريتبه من تعددية حزبية وتداول سلمي للسلطة

فضال عن تعددية اقتصادية موازية يتعايش فيها القطاع العام مع القطاعني املختلط والخاص.

يف هذا الوقت كان الخطاب السيايس واإلعالمي يف الشامل يتحدث عن دورات عنف رضورية

يف الجنوب وعن قبائل ماركسية غري مؤهلة للحكم والتعايش من غري رصاعات ومواجهات..وكأن

العنف ثقافة متيز الشعب اليمني يف الجنوب عن الشعب اليمني يف الشامل..ويرتتب عىل هذا

قول آخر مؤداه أن الجنوب غري مؤهل ألن يستمر كدولة بنظام سيايس مستقر وعليه يك ينجو

51

Page 52: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

من رصاعاته »الحتمية« أن يذهب إىل الوحدة كام يريدها أصحاب الحق التاريخي يف الحكم..

وهذا قول ال يصمد أمام كثري من حقائق الرصاعات العنيفة التي شهدها الشامل..والفارق أن

واحتكارها والسلطة الدولة واحدة عىل استحواذ عصبية إىل أفضت الشامل الرصاع يف مآالت

للجيش واألمن دون غريها من مكونات مجتمع الشامل وعصبياته بينام قام النظام السيايس يف

الجنوب عىل الحضور املتكافئ للمكونات والعصبيات يف الجيش واألمن ويف الحزب الحاكم ويف

مختلف أجهزة الدولة..غري أن هذا التكافؤ تم يف ظل نظام سيايس وطني غري دميقراطي غابت

عنه اآلليات السلمية لحل الخالفات التي ال يخلو منها بلد يف العامل..وهذا استنتاج توصلت إليه

قيادة الحزب والدولة يف الجنوب بعد أحداث يناير 1986..ومن هذا االستنتاج جاء الربط بني

الدميقراطية والوحدة فيام بعد..فالجنوب هو الذي حمل الدميقراطية إىل الوحدة..ومعنى ذلك

تؤكده خربة ما غابت..وهذا وإذا غاب الدميقراطية الوحدة حرضت الجنوب يف إذا حرض أنه

السنوات التي أعقبت حرب 1994.

نظر النظام السيايس يف الشامل إىل اإلصالح املنشود يف الجنوب بحذر شديد ولكن غري

معلن..ورست اسرتاتيجيته عىل تعطيل هذا اإلصالح بعصا الوحدة قبل أن يسرتد الجنوب أنفاسه

ويستقيم عىل قدميه..ومبا أن الوحدة هي قضية مركزية يف الجنوب فإن ذهابه إليها غري مشكوك

فيه يف حال أبدى نظام الشامل الجدية واملصداقية يف التعاطي مع هذه القضية.

يف 30 نوفمرب 1989 تم االتفاق يف عدن بني عيل صالح وعيل البيض عىل إعالن دولة الوحدة

يف 30 نوفمرب 1990 وفقا ملرشوع الدستور املنجز عام 1981..وكان مقررا عرضه لإلستفتاء الشعبي

خالل الستة األشهر التالية التفاق 30 نوفمرب 1989..ومبا أن التفاهم بني عيل البيض وعيل صالح

كان لحظتها يف أعىل مستوياته فقد استجاب األول لرغبة الثاين بتقديم موعد إعالن الوحدة إىل

22 مايو 1990 وترحيل االستفتاء عىل مرشوع الدستور إىل ما بعد هذا التاريخ..واليوم أصبح هذا

الرتحيل مدخال للطعن برشعية إعالن الوحدة من قبل بعض مكونات الحراك الجنويب.

الشامل والجنوب سيصوت اليمني يف الشعب أن كان واضحا بعد 30 نوفمرب 1989

ب«نعم« للدستور قبل الذهاب إىل الوحدة..لكن ال أحد يعلم ما إذا كان إعالن الوحدة سيتم أم

ال..واألرجح من وجهة نظرنا أنه كان سيتعرث بسبب اعرتاض اإلسالميني عىل مرشوع الدستور..فقد

كان من شأن هذا االعرتاض أن يكشف للقيادة يف الجنوب عدم أهلية النظام السيايس يف الشامل

بتهمة البيض سامل عيل من التخلص جرى الوحدوي..ورمبا إندفاعها ويكبح السلمية للوحدة

املغامرة مبستقبل الجنوب يف وحدة غري مدروسة مع شامل مازال جزء كبري ومؤثر من نخبه يكفر

الدستور املتوافق عليه ويرفض ألف باء الدميقراطية..ومن غري املستبعد أن يتكرر الحدث نفسه

52

Page 53: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

يف الشامل لصالح عيل صالح أو ضده.

وللهروب من هذا املأزق تفاهم العليان عىل فرض األمر الواقع والتبكري مبوعد إعالن

دولة الوحدة وترحيل االستفتاء إىل ما بعد 22 مايو 1990..ويف هذا التبكري كان عيل البيض رجال

رومانسيا بسذاجة وضع بيضه كلها يف سلة عيل صالح معلقا اآلمال عىل تفاهامته الشخصية مع

املواجهة مع يتجنب أن املبكر بالذهاب أراد إنتهازيا كان عيل صالح املقابل الرجل..ويف هذا

يتهرب من عملية أن الوقت نفسه الوثيق معهم وأراد يف اإلسالميني وأن يحافظ عىل تحالفه

دمج الجيش التي كان مقررا أن تتم قبل إعالن دولة الوحدة..فالرجل تعامل مع الوحدة كوسيلة

لإليقاع بالطرف اآلخر وليس كمرشوع وطني.

يف 22 مايو 1990 وقع البيض لعيل صالح عىل ورقة بيضاء..ومن الصعب عىل القارئ اللبيب

أن يتقبل هذه الحقيقة إال إذا علم أن اتفاقية الوحدة األملانية تألفت من 1200 صفحة مقابل

صفحة ونصف التفاقية إعالن قيام الوحدة اليمنية..وبينام كان اليمنيون يطلقون زغاريد أفراح

إعالن قيام دولة الوحدة كان عيل صالح يضع حجر األساس لحرب 1994..تؤكد هذا رواية الشيخ

عبد الله بن حسني األحمر يف مذكراته)ص248( حيث يقول:« طلب الرئيس منا بالذات مجموعة

االتجاه اإلسالمي وأنا معهم أن نكون حزبا يكون رديفا للمؤمتر ونحن وإياكم لن نفرتق وسنكون

كتلة واحدة ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلام املؤمتر.إضافة إىل أنه قال: إن االتفاقية التي

متت بيني وبني الحزب االشرتايك وهم ميثلون الحزب االشرتايك والدولة التي كانت يف الجنوب وأنا

أمثل املؤمتر الشعبي والدولة التي يف الشامل وبيننا إتفاقيات ال أستطيع أمتلمل منها ويف ظل

وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو

األمور التي اتفقنا عليها مع الحزب االشرتايك وهي غري صائبة ونعرقل تنفيذها.وعىل هذا األساس

أنشأنا التجمع اليمني لإلصالح ».

من الخطأ جدا االعتقاد بأن التجمع اليمني لإلصالح تأسس عىل هذه الخلفية التآمرية

التي جاءت مع إعالن قيام دولة الحزبية الله األحمر..فالتعددية الشيخ عبد الواردة يف رواية

طلب سواء بهم خاص حزب تأسيس عىل اإلخوان وبالذات اإلسالميني ستجرب كانت الوحدة

منهم عيل صالح ذلك أم مل يطلب..لكن رواية الشيخ عبد الله تؤكد أن التجمع اليمني لإلصالح

عند تأسيسه يف سبتمرب عام 1990 كان ينفذ أجندة مؤسسيه من شيوخ القبائل ورجال الدين

املتحالفني مع عيل صالح وعىل رأسهم الشيخ عبد الله األحمر والشيخ عبد املجيد الزنداين ومل

يكن حينها يعمل عىل تحقيق تطلعات قواعده وأنصاره التواقني إىل حياة كرمية ومستقرة وآمنة

وإىل سالم اجتامعي دائم يف ظل الوحدة.

53

Page 54: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الذي سارت عليه منذ 30 النحو بالوحدة عىل يقبل الله األحمر الشيخ عبد مل يكن

نوفمرب 1989 وحتى 22 مايو 1990..ففي )ص 244( من مذكراته يقول إنه عندما عاد عيل صالح

والوفد املرافق له من عدن بعد التوقيع عىل اتفاق 30 نوفمرب » قلنا لهم: ما داهاكم؟ قالوا نحن

وضعناهم أمام أمر واقع فاملبادرة جاءت من الرئيس فوضعهم يف ورطة.إذا قالوا:ال فالجامهري

عن يبحثون إنهم أوقعناهم.قلنا: ونحن ويحرقون وسينتهون ستندلع واملظاهرات محتشدة

أنقاضهم عىل لكن ستأيت فكانت جميعا مطلبنا وهي الوحدة أما أنقذمتوهم!! وأنتم مخرج

ولصالح الشعب وليس لصالحهم!«..واملالحظ من هذا املقطع الحواري أن الوحدة التي أرادها

الرئيس هي وحدة »التوريط واإليقاع« بالطرف اآلخر وأن الوحدة التي أرادها الشيخ هي وحدة

»عىل أنقاض الطرف اآلخر«..ويف الحالتني الهدف واحد والوسيلة مختلفة.

إن الشيخ الذي يلوم عيل نارص عىل عدم إعالن الوحدة يف غامر أحداث يناير الدامية هو

الصارخ..فالشيخ التناقض اتفاق 30 نوفمرب 1989..وال غرابة يف هذا الذي يرفض الشيخ نفسه

أن يف الرغبة بدافع وليس الحكم يف املزعوم التاريخي حقه من بوحي يترصف الحالتني يف

تأيت الوحدة لصالح الشعب يف الجنوب وعىل أنقاض الحزب االشرتايك..فالشيخ هنا ال ينطلق يف

كراهيته لالشرتايك من موقف أيديولوجي أصيل وإمنا من موقف جهوي عصبوي متسرت بقشور

عندما ذكيا كان وأنه حق عىل كان بأنه صالح لعيل اعرتف 1994 حرب األيديولوجيا..فبعد

حقق الوحدة مع الجنوب عىل النحو الذي تحققت به عام 1990..لقد تبني له يف ضوء النتائج

الفعلية للحرب أنه كان أسريا ألماين إنهيار االشرتايك بينام ذهب عيل صالح مذهبا عمليا فاستدرج

االشرتايك إىل الوحدة ثم انقلب عليه وحقق حلم املركز العصبوي يف ضم الجنوب وإلحاقه عىل

غرار محافظات الشامل.

أما الشيخ الزنداين ومن معه من رجال الدين فليس مبقدورهم – وهم أحياء – أن ينكروا

الشطرين..لقد رفعوا الرتاخي للرصاع بني الرتاث استثامر األكرب يف العطاء كانوا أصحاب بأنهم

شعار » نريد الوحدة وال نفرط باإلسالم: نعم للوحدة ال للدستور » واعتربوا قبول الدستور تفريطا

باإلسالم وأن املعركة بني كفر وإميان وحق وباطل..بل قالوا يف بيان وقع عليه أكرث من 400 من

رجال الدين إن مرشوع الدستور اشتمل عىل ما ييل:

1 – أغفل هوية اليمن العربية اإلسالمية.

2 – اإلرشاك بالله يف الحكم.

3 – إلغاء الدفاع عن الدين والوطن.

54

Page 55: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

4 – إلغاء فريضة الزكاة.

5 – إلغاء القصاص.

6 – إلغاء الفوارق الرشعية بني املسلم والكافر والرجل واملرأة.

7 – إلغاء رشوط اإلسالم فيمن يتوىل والية عامة.

8 – إلغاء مقومات األرسة.

9 – إلغاء الضامنات بحفظ األموال والدماء واألعراض.

وقالوا: إن املادة )33( ترد جميع النصوص القطعية الواردة يف الكتاب والسنة؛ وتسخر من

الحدود والقصاص عندما تصفها بالبشاعة؛ فهي تتهم رشع الله وتطعن مبارشة يف ذات الله عز

وجل..واملعروف أن املادة )33( كانت تنص عىل:« ال يجوز استعامل وسائل بشعة غري إنسانية يف

تنفيذ العقوبات وال يجوز سن قوانني تبيح ذلك«.

ويف تلك الفرتة كان رجال الدين يرفضون رفضا قاطعا الربط بني الوحدة والدستور..

فرفض الدستور يف نظرهم ليس رفضا للوحدة..والحقيقة أنهم مل يكونوا يرفضون الوحدة باملعنى

العاطفي الشعبوي..لكنهم كانوا - وما زالوا - يرفضونها كمرشوع سيايس نخبوي مجسد يف دولة

الجنوبية كام عرفناها يف مستهل هذه القضية الجوهري يف الجانب لكل مواطنيها..وهذا هو

الورقة..واملعروف أن الزنداين ومن معه من رجال الدين كانوا األكرث حامسا لحرب 1994 التي

أوصلت اليمنيني إىل ما هم عليه اليوم من إنقسام بني كاره للوحدة جنوبا وخائف عليها شامال..

وال يوجد سيايس ناضج ميكن أن يقبل بتحميل عيل عبد الله صالح وحده كامل املسئولية..فكل

األطراف التي هيأت لحرب 1994 وتحمست لها وبررتها ملزمة تاريخيا ووطنيا وأخالقيا باالعتذار

عن تلك الحرب كخطوة رضورية للرشوع يف إعادة بناء الدولة والنظام السيايس عىل النحو الذي

السلطة والعدالة يف توزيع اليمنيني الرشاكة يف الداخلية ويضمن لكل الحروب يجتث أسباب

الرثوة.

ويف حكمنا عىل حرب 1994 يجب أن نلتفت إىل النتائج التي أفرزتها، ال إىل املقدمات التي

بررتها..واليمنيون اختلفوا فيام يتعلق باملقدمات لكن ال يوجد بينهم اليوم من يجرؤ عىل رفع

صوته دفاعا عن النتائج..إمنا يوجد من يلقي بالالمئة كلها عىل الطريقة التي أدار بها عيل عبد الله

صالح البالد بعد الحرب..فاملشكلة عند هؤالء ليست يف الحرب وإمنا يف طريقة إدارة البالد بعد

55

Page 56: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الحرب..وهذا رأي من الصعب عىل العقل أن يتقبله إال إذا استطاع أصحابه أن يثبتوا أن طريقة

إدارة عيل صالح للبالد قبل الحرب تختلف عن طريقة إدارته لها بعد الحرب..أما نحن فلدينا من

الوقائع ما يكفي إلثبات أن حرب 1994 مل تكن دفاعا عن الوحدة وإمنا دفاعا عن هذه الطريقة

يف إدارة البالد..الطريقة التي قامت عىل اختزال الدولة يف شخص الرئيس..ومبقدور أي باحث يك

يتأكد من ذلك أن يعود إىل املصادر التالية:

1- إىل موضوعات الخالف بني طريف الوحدة خالل الفرتة االنتقالية وحتى إندالع األزمة بينهام

علنا يف أغسطس 1993.

2- إىل مبادرة الحزب االشرتايك يف النقاط ال)18( التي تقدم بها ملعالجة تلك األزمة..

3- إىل مضامني وثيقة العهد واالتفاق.

4- إىل بيان فك االرتباط الذي قرأه عيل سامل البيض يف 21 مايو 1994..

واملعروف أن النقاط ال)18( هي األساس الذي اعتمدت عليه لجنة حوار القوى السياسية

يف صياغة وثيقة العهد واالتفاق التي عرفت حينها بوثيقة االجامع الوطني والتي جاءت وكأنها

الرشعية عىل متمردا البيض إعالن من البد كان تطبيقها من للوحدة..وللهروب جديد إتفاق

وخوض الحرب تحت شعار الوحدة..والنتيجة أن اليمنيني ضيعوا وقتا طويال امتد من عام 1994

إىل اليوم ليكتشفوا أنهم بحاجة إىل اتفاق آخر جديد للوحدة..وهذه هي املهمة املنتصبة أمام

استوعبوا املؤمتر وقد إىل هذا األبواب..فهل سيذهبون أصبح عىل الذي الوطني الحوار مؤمتر

دروس املايض؟.

كان هذا السئوال الحافز األهم الذي دفعنا إىل البحث يف الخلفية التاريخية للقضية

الجنوبية..وعندما عدنا إىل »رؤية اإلنقاذ الوطني« التي صاغتها اللجنة التحضريية ملؤمتر التشاور

الوطني يف سبتمرب 2009 وجدنا أن أطراف هذا املؤمتر قد توافقت عىل رضورة املعالجة الشاملة

والنهائية ملشاكل البالد ويف مقدمتها القضية الجنوبية بشقيها الحقوقي والسيايس، وأكدت عىل

خيارات ثالثة وقدمت السيايس ونظامها الدولة لتطوير شكل منها ينطلق كقاعدة الالمركزية

الفدرالية. خيار –2 واالتفاق. العهد وثيقة يف ورد كام املحيل الحكم خيار –1 هي حوارية

3– خيار الحكم املحيل كامل الصالحيات.

واألرجح أن اليمنيني سريسون عىل الخيار الثاين ألن الجنوبيني لن يقبلوا بأقل من ذلك بسبب

56

Page 57: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

مرارات حرب 1994 ونتائجها املأساوية..لكن اليمنيني ليسوا عىل كلمة واحدة فيام يتعلق بهذا

الخيار حتى اآلن..فهم يف الشامل منقسمون بني قابل للفدرالية ورافض لها..القابلون يريدونها

للتخلص من املركزية العصبوية التي استأثرت بالسلطة وصادرت الدولة وهمشتهم.. والرافضون

نوعان: أقلية صغرية من أصحاب النفوذ والتأثري تنظر إىل الفيدرالية بحسابات الربح والخسارة

الفدرالية ملاهية فهم نعرف حجمها تخشاها عن سوء املنطلق..وأغلبية ال وتخشاها من هذا

تريدها جنوبية نخب بني منقسمون اليمن مستوى عىل فهم الفيدرالية دعاة وجوهرها..أما

فدرالية من إقليمني وأخرى شاملية تريدها من عدة أقاليم..ويف اعتقادنا أن خيار الفدرالية من

إقليمني لن يقدم حلوال حقيقية للمشكلة ال يف الجنوب وال يف الشامل..ولنا عدة مالحظات عليه:

إقليمني ملا كان مبقدورها الوحدة قامت عام 1990 عىل أساس فيدرالية من لو أن دولة – 1

أن تجنب اليمن حرب 1994..فالحرب كانت مبيتة ورمبا جرى تحميل الشكل الفيدرايل للدولة

مسئولية إندالعها.

2 – يتحدث أصحاب هذا الخيار عىل أنه خيار إنتقايل عىل طريق فك االرتباط بواسطة استفتاء

دولة سيصبح ذلك بعد الجنوب وأن الفيدرالية إىل االنتقال من سنوات خمس بعد شعبي

فيدرالية من عدة أقاليم..وهنا يربز سؤال جوهري: ملاذا يقبل هؤالء بتقسيم الجنوب إىل أقاليم

يف إطار فيدرالية خاصة به ويرفضون ذلك يف إطار فيدرالية لكل اليمن؟ هل هم واثقون أنه ال

يوجد يف الجنوب اليوم من يقول:أنا ميني؟.أم ألنهم مدركون سلفا أن بقاء الشامل إقليام واحدا

سيوفر لهم عرشات الحجج لصالح النتيجة التي يريدونها من االستفتاء؟.

3 – ينطلق أصحاب هذا الخيار من القول بأن حرب 1994 كانت بني الشامل والجنوب..وهذا

السياسة اتجاهني يف الخيار..فحرب 1994 كانت بني اعتامده كحجة لصالح هذا قول ال ميكن

وليس بني جهتني يف الجغرافيا..والذين كسبوا الحرب واستفادوا منها هم من الشامل والجنوب

والذين اكتووا بنارها هم أيضا من الشامل والجنوب..وبدون وزير دفاع الحرب الجنويب عبد ربه

يتجاوز أن الله صالح ماكان مبقدور عيل عبد التي معه الجنوبية منصور هادي واملعسكرات

الرشيجة أو عقبة مكرياس..ثم أن صوت وزير خارجية الحرب الجنويب محمد سامل باسندوة كان

أعىل إعالميا من صوت الشاميل عبد الكريم اإلرياين..ومل يكن الجنويب طارق الفضيل أقل حامسا

للحرب من الشاميل عبد املجيد الزنداين.

العريب مغايرة الجنوب الخيار عن جنوب عريب وعن هوية لشعب 4 – يتحدث أصحاب هذا

لهوية الشعب اليمني يف الشامل..لكنهم يعجزون عن صياغة خطاب ثقايف يؤكد ما يذهبون إليه..

57

Page 58: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

وهم يتحدثون عن الهوية املغايرة بخطاب سيايس إنفعايل شعارايت..ثم أن الجنوب العريب الذي

يتحدثون عنه ال يشمل كل الجنوب فحرضموت واملهرة ليستا جزءا منه.

الثقايف سنجد أن أبني 5 – إذا صنفنا مكونات مجتمع الشامل والجنوب باالعتامد عىل املعيار

وشبوة أقرب إىل مأرب والجوف من لحج..وأن هذه األخرية أقرب إىل تعز وإب من حرضوت..

وأن عدن حارضة مينية وليست جنوبية فقط.

6 – يتحدث أصحاب هذا الخيار عن تزوير لتاريخ الجنوب بدأ يف 30 نوفمرب 1967 من خالل

اليمننة..وهذا زعم ليس له سند من التاريخ القديم والوسيط والحديث..فالجنوب قبل االستقالل

كان عبارة عن فسيفساء من الكيانات السياسية..والجبهة القومية التي أسقطتها ووحدتها فعلت

هذا بأفق ميني معلن منذ انطالق الثورة يف 14 اكتوبر 1963 ومل يظهر يف الجنوب حينها من

نسمع أن دون وتواروا الصمت لزموا الذين أنفسهم السالطني ذلك يف مبا ذلك عىل يعرتض

إىل أشالء.. الجنوب السلطنة ومتزيق استعادة بدأ بعضهم يجاهر بحقه يف عنهم شيئا..واليوم

القدمية من أجل العصبيات املال ومبقدورهم أن يوظفوه إلحياء الحال ميتلكون وهم بطبيعة

مشاريعهم السياسية.

مزاج لصناعة ووظفوها 1994 لحرب املخزية النتائج استثمروا الخيار هذا أصحاب إن – 7

شعبوي عام يف الجنوب كاره للوحدة وينظر إىل البائع املتجول يف شوارع عدن عىل أنه محتل

ملجرد أنه شاميل..لكن هذا املزاج عابر ومؤقت وميكن أن يتحول 180 درجة لصالح الوحدة يف

حال أقدم الرئيس هادي عىل اتخاذ سلسلة من القرارات التي تزيل آثار الحرب وترفع مظاملها

عن الشعب يف الجنوب..ونحن هنا ال نجايف الحقيقة إذا قلنا بأن دعاة فك االرتباط يتمنون أن

ال يقدم الرئيس هادي عىل إجراءات من هذا القبيل ألنهم ال يستطيعون أن يكونوا زعامء إال إذا

ظل اإلنسان اليمني يف الجنوب مهانا بنتائج حرب 1994.

8 – إن فك االرتباط هو مرشوع ثأري يف مواجهة وحدة تحولت إىل مرشوع قهري..ومثلام ال

الثأر.. ارتباط عىل قاعدة أيضا مستقبل لفك القهر ال يوجد يوجد مستقبل لوحدة قامئة عىل

فمصري حياة الشعوب ال يقرر بهذه الطريقة والكراهية ال تؤسس ملستقبل..واأليادي التي امتدت

قذرة إىل الجنوب يف حرب 1994 وما بعدها مل تكن يف يوم من األيام أياد نظيفة يف الشامل..ويف

املقابل ال ميكن ملن يكرهون أهل الشامل أن يكونوا محبني ألهل الجنوب ومفيدين لهم، فاألخالق

الرفيعة والقيم النبيلة ال تتجزأ.

9 – إن الشامليني متمسكون بالوحدة عىل املستوى العاطفي لكنهم غري مؤهلني لها عىل املستوى

58

Page 59: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

السيايس..وعىل افرتاض أن كل الجنوبيني يكرهون الوحدة عىل املستوى العاطفي فاملؤكد أنهم

غري مؤهلني لفك االرتباط عىل املستوى السيايس..وعدم أهلية الشامليني للوحدة تعرب عن نفسها

من خالل قبولهم بشعار »الوحدة أو املوت« وشعار »الوحدة فريضة إسالمية«..ويف املقابل تعرب

عدم أهلية الجنوبيني لفك االرتباط عن نفسها من خالل إنكار مينية الجنوب وكأنه ليس من حقه

أن يفك ارتباطه بدولة الوحدة املشوهة إال إذا تنصل من مينيته..وهذا ظرب من الجنون ال عالقة

له بالسياسة.

ظل ويف جدا صعبة ظروف يف االرتباط فك البيض سامل عيل أعلن 1994 مايو 21 يف – 10

الحوار.. الحرب والعودة إىل طاولة املبذولة لوقف الطرف اآلخر ورفضه لكل املساعي تصلب

ومع كل ذلك فالدولة يف بيان فك االرتباط مينية ودستورها هو دستور الجمهورية اليمنية ووثيقة

العهد واالتفاق هي أساس بنائها والوحدة اليمنية بقيت مفتوحة للمستقبل عندما تتوفر رشوط

موضوعية مالمئة لتحقيقها..ومعنى ذلك أن البيض مل يعلن عن فك االرتباط باليمن وبالوحدة

وإمنا بنظام عيل صالح املدمر للوحدة..لكن إعالن البيض مل يكتب له النجاح..وقد توارى الرجل

للوحدة كارها مزاجا رأى واحدة..وعندما كلمة عنه تصدر مل عاما عرش لخمسة األنظار عن

قد تشكل يف الجنوب خرج إىل العلن لريكب املوجة..ونحن هنا أمام منوذج مكشوف للسيايس

للوحدة ليست أصيلة وإمنا هي يريد أن يجاري مزاجا عاما يعلم أن كراهيته الذي االنتهازي

كراهية مصنوعة تغذيها نخب تبحث عن مستقبل سيايس بأي مثن.

11 – عىل افرتاض ان اليمنيني ذهبوا إىل فدرالية من إقليمني، وأن مصري الجنوب سيتقرر من

خالل االستفتاء بعد خمس سنوات، من يضمن أن أصحاب هذا الخيار سيقبلون بتطبيع الحياة يف

الجنوب عىل النحو الذي ميكن الشعب هناك من الذهاب إىل االستفتاء يف ظروف طبيعية متكنه

من املفاضلة العقالنية بني الوحدة واالنفصال؟

12 – ليس مبقدور الجنوب أن يذهب إىل فك االرتباط إال من بوابة الوحدة باعتباره صانعها

شعار:« هو اآلن يرفعه أن الجنوب عىل يجب الذي الشعار أن ذلك ظريبتها..ومعنى ودافع

الدولة مقابل الوحدة«..وعىل الشامل إن هو يريد الوحد أن يثبت مصداقيته من خالل القبول

بالدولة..ويف هذه الحالة عىل الجنوب أن يقدم مرشوع الدولة لينتقل به من موقع الدفاع إىل

موقع الهجوم..ومن هذا املوقع إما أن يقود الشامل إىل الدولة وإما أن يذهب إىل فك إرتباط

آمن وسط احرتام إقليمي ودويل يعرتف له بالنضج السيايس واألهلية للعيش يف ظل دولة لكل

مواطنيها.

59

Page 60: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

13 – إذا تشدد الجنوبيون يف الذهاب إىل فدرالية من إقليمني فسوف يتشدد الشامليون يف رفض

االستفتاء عىل النحو الذي يريده دعاة فك االرتباط..واالستفتاء الذي ميكن القبول به بعد فرتة

معقولة من الزمن: هل نبقى دولة فدرالية من إقليمني أم نعيد النظر يف هذا اتقسيم؟.

14 – إن الشعب اليمني يف الجنوب ال يحتاج إىل فك ارتباط بعد االنتقال إىل الفدرالية..وما يحتاج

إليه هو إمتيازات لفرتة زمنية ال تقل عن عرشين عاما تتاح للجنوبيني خاللها أن يتخلصوا من

آثار حرب 1994 ونتائجها وأن يحسنوا أوضاعهم املعيشية والحياتية..ويف هذا ميكن االستفادة من

التجربة األملانية حيث أصدرت الدولة هناك قانونا مينع سكان القسم الغريب من الرشاء واملضاربة

يف القسم الرشقي ملدة عرشين عاما يتاح خاللها للرشقيني أن ينتقلوا من امللكية االشرتاكية العامة

إىل امللكية الخاصة وأن يكون هذا االنتقال لصالحهم دون منافسة من سكان القسم الغريب.

15 – ستكون مأساة اليمنيني كبرية إذا ظلوا يناقشون الوحدة واالنفصال وعيونهم عىل البرتول..

فال الشامل سيموت جوعا إذا حصل االنفصال وال الجنوب سيصبح ماليزيا ثانية..فالرثوة الحقيقية

هي اإلنسان إذا وجدت الدولة التي تحسن تنظيمه..ثم أن الشامل ال يخلو من الرثوات ومصادر

الدخل املتنوعة..ومين موحد ومتنوع يف مناخه وتضاريسه ويحوز عىل طاقة برشية كافية هو

أفضل للجنوب وللشامل من مين مجزأ.

60

Page 61: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

يف عدم أهلية النظام السياسي يف الشمال للوحدة مع اجلنوب عام 1990

فرضت ثورة 26 سبتمرب 1962م عىل اليمن الشاميل حارضا جمهوريا غري مستقر بسبب

االنقسام يف اإلمامة..وقد كان هذا الثورة ضد نظام الكبري حول مرشوعية املجتمعي االنقسام

الحرب يف جزء تلك كانت الظروف تلك وامللكيني..ويف الجمهوريني بني األهلية الحرب أساس

كبري منها حربا إقليمية بالوكالة بسبب الفرز الحاصل داخل مكونات النظام اإلقليمي العريب إىل

أنظمة قومية راديكالية مناهضة لالستعامر وأخرى قطرية محافظة تدين يف نشأتها وبقائها لهذا

االستعامر.

وبينام كان امللكيون يشكلون كتلة ميينية واحدة كان الجمهوريون منقسمني إىل يسار

وميني..وكانت القواسم املشرتكة بني امللكيني واليمني الجمهوري أكرث من تلك التي بني هذا األخري

واليسار الجمهوري..لذلك كانت هناك معركة مؤجلة بني اليمني واليسار يف املعسكر الجمهوري..

والذي أجلها هو الوجود املرصي يف اليمن من ناحية والدعم املايل والعسكري السعودي للملكيني

الجمهوري خطة مبكرة جعل اليمني املعركة وضع بهذه الترسيع أجل أخرى..ومن ناحية من

الرسمية األقنية اتصال مبارشة خارج بيد مملكة آل سعود وفتح معها قنوات مفاتيح نجاحها

وبنى منطقه اإلقناعي عىل النحو التايل:

1 – الوجود املرصي يف اليمن يهدد أمن اململكة، وهو أيضا يهدد مستقبلنا السيايس يف وراثة بيت

حميد الدين..إذن لنا مصلحة مشرتكة مع اململكة يف خروج القوات املرصية من اليمن.

2 – كلام طال أمد الوجود املرصي يف اليمن كلام تضاعفت قوة اليسار الجمهوري ويف صدارته

يف القومية الجبهة مع والتنظيمية والسياسية الفكرية الروابط ذات العرب القوميني حركة

الجنوب..ومن شأن هذا أن يرجح ميزان القوى يف صنعاء لصالح اليسار وميكنه من االستحواذ

عىل السلطة بشكل نهايئ بعد رحيل املرصيني..وهذا ليس يف صالح اململكة التي ستجد نفسها

مهددة بيمن موحد يحكمه القوميون ومحالف ملرص عبد النارص..إذن لنا مصلحة مشرتكة مع

اململكة يف التخلص من القوميني وحسم مسألة السلطة يف صنعاء لصالحنا.

3 – الجيش املرصي لن يغادر اليمن إال إذا انتهت الحرب األهلية التي تهدد النظام الجمهوري..

والحرب لن تنتهي إال إذا أوقفت اململكة الدعم املايل والعسكري للملكيني وسعت إىل مصالحة

وطنية بيننا وبينهم..واملصالحة إذا متت سرتجح ميزان القوى لصالحنا يف حسم معركة االستحواذ

61

Page 62: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

عىل السلطة.

4 – اليسار يرفض فكرة املصالحة مع امللكيني بحجة الخوف عىل النظام الجمهوري..ونحن نسقط

هذه الحجة عندما نشرتط أن تكون املصالحة مع امللكيني تحت مظلة الجمهورية والتخيل عن

بيت حميد الدين.

5 – رهان اململكة عىل عودة بيت حميد الدين واإلمامة إىل اليمن هو رهان عىل جواد خارس..

ومن مصلحة اململكة أن تشيد جسور التعاون معنا لتضمن جارا جنوبيا محالفا لها حريصا عىل

أمنها واستقرارها..ثم أنه لن يكون مبقدورنا أن نسري دفة األمور يف البالد بدون عون اململكة الذي

يجب أن يغنينا عن الحاجة إىل غريها من األنظمة غري مأمونة الجانب.

بهذه الطريقة بدت مملكة آل سعود كمن كان يبحث عن سمكة صغريه فساق الله

إقليميا يعتمد الجمهوري حليفا لليمني إليه حوتا كبريا من حيث ال يحتسب..وباملقابل أصبح

عليه..ثم جاءت هزمية العرب أمام إرسائيل يف يونيو حزيران 1967 لصالح هذا التحالف، حيث

رشع الجيش املرصي يف اإلنسحاب من اليمن..ويف 5 نوفمرب 1967 نفذ اليمني الجمهوري إنقالبا

ضد الرئيس عبدالله السالل وشكل مجلسا جمهوريا برئاسة القايض عبد الرحمن اإلرياين..لكن

رغم هذا اإلنقالب ظل اليسار الجمهوري صاحب الحضور األقوى يف وحدات الجيش واملقاومة

الشعبية..لذلك كان البد من حصار صنعاء.

حارص امللكيون صنعاء من كل الجهات..وخالل سبعني يوما من الصمود واملقاومة سقط

الحصار..لكن هل كان هدف الحصار أن تعود بيت حميد الدين لحكم اليمن؟.هذا هو االعتقاد

السائد إىل اليوم يف كل ما كتب وما يكتب عن ملحمة السبعني يوما..أما نحن فلنا رأي مغاير..يف

اعتقادنا أن حصار صنعاء كان من أجل إستنزاف وإنهاك اليسار الجمهوري الذي تحمل العبء

األكرب يف الدفاع عن العاصمة وفك حصارها..وكان أيضا من أجل اختبار أهلية اليمني الجمهوري

وجاهزيته ملنازلة اليسار..وليس من قبيل املصادفة حصول بعض املواجهات املسلحة بينهام أثناء

عدو واحدة ضد معركة يخوضان أنهام يفرتض بني طرفني مربرة غري مواجهات الحصار وهي

مشرتك مدعوم إقليميا)إنظر مذكرات الشيخ عبد الله األحمر ص 169(.

صنعاء شهدت نفسه العام من أغسطس 1968..ويف فرباير يف صنعاء إنتهى حصار

أحداثا دامية إنتهت بهزمية اليسار وترسيحه من الجيش وترشيده..وجراء هذه األحداث أصبح

الجنوب الرسمي من غري رشيك وحدوي يف صنعاء..وأصبح التعلق بالوحدة يف صنعاء قرينة عىل

شبهة االنتامء إىل اليسار الذي أعاد تنظيم نفسه فيام بعد يف إطار الجبهة الوطنية الدميقراطية

62

Page 63: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

املدعومة من عدن..ومقابل هزمية اليسار يف أغسطس 1968 حصل اليمني الجمهوري عىل جائزة

املصالحة التدريجية مع امللكيني الذين أصبحوا منذ العام 1970 حارضين يف املجلس الجمهوري

ومجلس الشورى والحكومة والسلطة املحلية والقضاء والسلك الدبلومايس.

معروف أنه عندما حصل الجنوب عىل االستقالل يف 30 نوفمرب 1967 كان الشامل يعيش

الجهات..ومع كل من محارصة صنعاء وكانت وامللكيني الجمهوريني بني حقيقية أهلية حربا

ذلك كان االعرتاف بدولة مستقلة يف الجنوب محل معارضة شديدة من قبل بعض رموز اليمني

الجمهوري الذي أنكر عىل الجبهة القومية هذا الحق..غري أن القايض اإلرياين كان صاحب رأي

مغاير رجح أفضلية االعرتاف..وما هو جدير باإلشارة هنا أن اعرتاض رموز اليمني الجمهوري عىل

الوحدوي عندهم وإمنا ألن سلطة الفائض الجنوب مل يكن بسبب االعرتاف بدولة مستقلة يف

واملستوزرين السالطني إىل ال سعوديا املرغوبة غري القومية الجبهة إىل آلت املستقلة الدولة

أصحاب إتحاد الجنوب العريب..وموقف اليمني الجمهوري املناوئ للجبهة القومية يعود إىل فرتة

الذي جعل األمر بالسالح يعارض دعمها كان الربيطاين..فاليمني االستعامر املسلح ضد الكفاح

هذا الدعم يأخذ طابعا رسيا وتحديدا بعد اختالف الجبهة القومية مع قيادة الجيش املرصي يف

اليمن..والحديث بإطالق عن الدعم الذي قدمته ثورة 26 سبتمرب لثورة 14 أكتوبر يتسرت عىل

هذه الحقيقة..والرموز التي وقفت ضد الدعم بالسالح واعرتضت عىل االعرتاف هي نفسها التي

أشعلت حرب سبتمرب 1972 بني شطري البالد رغم معارضة القايض اإلرياين للحرب..وإذا كانت

تلك الحرب قد آلت إىل توقيع اتفاقية الوحدة بالقاهرة يف أكتوبر 1972 فإن محسن العيني دفع

برسعة مثن التوقيع عىل تلك االتفاقية مع عيل نارص محمد وفيام بعد دفع القايض اإلرياين مثن

الدفاع عنها )مذكرات الشيخ عبد الله األحمر ص 205 - 206(.

لقد فقد النظام السيايس يف الشامل أهليته الكاملة للوحدة مع الجنوب منذ أحداث

أغسطس 1968..فعقب تلك األحداث أصبحت النخبة السياسية الحاكمة يف الجنوب بدون رشكاء

نفسه تأهيل يعيد الرسمي الشامل بدأ الحمدي إبراهيم الرسمي..ومع الشامل يف وحدويني

وحدويا عىل كل املستويات..ويف عهده تلقى تالميذ املدارس يف الشامل والجنوب دروسا موحدة

باتت معروفة بطريقة التوجه وذبح الحمدي دفع مثن هذا الوطنية..لكن والرتبية التاريخ يف

ملعظم اليمنيني..أما أحمد حسني الغشمي فقد كان رئيسا عابرا ريثام يعاد ترتيب أوراق النظام

عىل النحو الذي ال يسمح بتكرار ظاهرة الحمدي..وعندما جاء عيل عبد الله صالح إىل السلطة

يف يوليو 1978 حرص منذ أيامه األوىل يف الحكم أن يثبت ملن جاء به أنه مل ولن يكون إبراهيم

الحمدي..ومبا أن الوحدة تحققت يف عهد الرئيس صالح فسوف نتناول هذا العهد بقدر أكرب من

التفصيل.

63

Page 64: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

جاء عيل صالح إىل السلطة من فراغ سيايس شبه مطلق..فقبل 17 يوليو 1978 مل يكن

هذا الرجل يتمتع بأية شعبية- ال داخل النظام وال خارجه- تجعل منه صاحب حضور حتى من

واإلعالمي السيايس الخطاب يستطع مل عاما مضت وثالثني ثالثة مدى العارشة..وعىل الدرجة

الرسمي أن يقدم تفسريا مقنعا للطريق الذي سلكه هذ الرجل من أجل الوصول إىل السلطة..

غري أن مالبسات هذا الحدث خرجت بالتدريج إىل دائرة الضوء وتبني أنه وصل إىل رئاسة البالد

بإرادة سعودية قوية لها نفوذ كبري يف اليمن الشاميل الذي كان حينها يعيش حالة إنكشاف أمني

اتكأ عيل الله ص 226 - 227(..وقد الرياض )مذكرات الشيخ عبد وعسكري وسيايس تام عىل

صالح عىل هذه اإلرادة يف فرض نفسه عىل مراكز القوى والتأثري، التي مل تكن هي األخرى متحررة

من النفوذ السعودي، أو عىل األقل يستحيل عليها أن تضمن إستقرار النظام ورمبا بقاءه، من غري

دعم الرياض..ولهذا تعاملت مع رئاسة عيل عبد الله صالح كأمر واقع وتركت للزمن أن يحدد

نوع عالقاتها املستقبلية معه.

ومن جانبه مل يكن عيل صالح حينها يحوز عىل الخربة واملعرفة التي تؤهله إلدارة شئون

الدولة..كام مل يكن صاحب مرشوع يربر وصوله إىل السلطة ويؤسس عليه رشعية إنجاز تضفي

املقبولية الشعبية عىل نظامه..فالسلطة بالنسبة له كانت طموحا شخصيا، وغاية مطلوبة لذلتها..

وكان تفكريه منذ البداية منصبا عىل تأمني بقائه من غري تهديد..وهاتان نقطتا ضعف مفصليتان

حتمتا عليه منذ بداية عهده بالحكم أن يسرتيض مراكز القوى وأهل النفوذ والتأثري ومجموعات

الحكم عموما، فأرىس العالقة بينه وبني هؤالء عىل مبدأ توافقي مضمر – ورمبا رصيح - قائم عىل

اعتبار الدولة »غنيمة مشرتكة ملراكز القوى يف النظام«.

إنقالبا عىل السلطة مل يكن املفاجئ إىل أن مجيئ عيل صالح باملالحظة هنا والجدير

النظام السيايس وإمنا كان للمحافظة عليه بأركانه وشخوصه وتوجهاته السياسية واأليديولوجية

وتحالفاته اإلقليمية والدولية..فهو جاء ليكون رشيكا آلخرين مؤمتنا من الدولة الراعية ال كبديل

لغريه..ولهذا مل يأت بطاقم خاص به، وإمنا إعتمد يف إدارة البالد عىل الطبقة السياسية نفسها التي

سبقته يف الحضور السيايس والجامهريي وتحقيق املكانة..فهو طارئ عليها وبحاجة إىل خرباتها

وإىل شعبيتها، ومل يكن واردا من الناحية املوضوعية حينها أن يدخل مع أي من مراكز القوى يف

خالفات ال يستطيع أن يربرها يف ضوء توجهات النظام و«ثوابته«..ومن بديهيات األشياء أن يقدم

نفسه لها كرشيك حقيقي..وقد عرب عن رشاكته مع الجميع من خالل القبول مبا يريدون- يف إطار

التوجه العام للنظام داخليا وخارجيا- ليقبل الجميع أيضا مبا يريد الرئيس يف إطار التوجه نفسه..

السيايس، وجميعهم النظام غنيمة ألطراف ورشكاء الدولة أصبحت التفاهم قاعدة هذا وعىل

معني بدوامها والحفاظ عليها كمصلحة مشرتكة أسست لتحالف وثيق فيام بينهم..وأصبح عيل

64

Page 65: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

صالح قطب الرحى يف هذا التحالف وقاسمه املشرتك..فهو يقبل القسمة عىل الجميع، والجميع ال

يقبل القسمة إال عليه..وقد تشكل هذا التحالف من خمس دوائر هي: دائرة كبار قادة الجيش،

ودائرة كبار شيوخ القبائل، ودائرة كبار رجال الدين، ودائرة كبار ممثيل البريوقراطية يف الجهاز

ثروات راكموا الذين أولئك وبخاصة واألعامل، املال رجال كبار بعض دائرة ثم للدولة، املدين

بطرق غري مرشوعة.

وبينام كان الكل داخل النظام يفعل ما يريد يف حدود الدور املوكل إليه إنرصف عيل صالح

لبناء املتاريس اإلستخباراتية واألمنية والعسكرية، لتحصني مؤسسة الرئاسة وتعزيز دورها يف إطار

النظام السيايس..وقد بنى تلك املتاريس إبتداء عىل قاعدة الرشاكة بني نخب النظام العسكرية

والقبلية..ومل يكن الرئيس حينها سوى رمز هذه الرشاكة وراعيها املؤمتن املقبول من أركان النظام

يف الداخل ومن الدولة الراعية يف اإلقليم.

وقد ترتب عىل هذا النوع من الرشاكة املغلقة عىل أطراف النظام، وألول مرة، أن أصبح

للفساد دولة يف اليمن، وتحول نافذوها إىل فاسدين يتمتعون بسلطات مادية ومعنوية واسعة ال

رقيب عليها، تهمش، وتقيص، وتقمع، كل من ال يرىض عنها، أو يعارضها بأي شكل من األشكال..

وكانت املزاوجة والخلط بني السلطة والرثوة من أبرز مظاهر دولة الفساد حيث ميزت طبقات

الحكم نفسها بنمط حياة إستهاليك تريف يفتقر إىل الحد األدىن من العقالنية..ويف سياق املواجهة

األيديولوجية بني صنعاء وعدن جرى تسويق هذا النمط وتربيره عىل أنه من سامت وأفضليات

النظام الرأساميل يف مواجهة النظام اإلشرتايك..وبذلك تم تحصني الفساد، أيديولوجيا وسياسيا، ضد

أي نقد، من داخل أو من خارج النظام، فتحول إىل ثقافة جرى تعميمها عىل مختلف مستويات

التي املحسوبية والرشوة واملداخيل غري املرشوعة للدولة، فشاعت فيه ظاهرة اإلداري الجهاز

دمرت منظومة قيم املجتمع..وأصبح املحذور الوحيد الذي يخشاه املوظف الرسمي ويرتعد منه

هو اإلفصاح عن أي رأي سيايس مغاير قد يضعه تحت مجهر شبكة األجهزة األمنية التي أحكمت

وأشاعت الناس، مبصائر وتحكمت الدبلومايس، والسلك والقضاء املدنية الخدمة عىل قبضتها

ثقافة الخوف والرعب داخل أجهزة الدولة العسكرية واملدنية ويف املجتمع.

وبسبب ثقافة الخوف هذه تأسست رشوط موضوعية للنفاق السيايس، فتكاثر املنافقون

وأسهلها الطرق أقرص و«مناقبه« ب«مواهبه« والتغني الدولة رئيس متلق يف وجدوا الذين

لإلندماج يف النظام وتحقيق مكاسب مادية ومعنوية كل حسب حجم ونوع الخدمة التي يقدمها

للرئيس ونظامه..وكانت التنمية هي الخارس األكرب جراء النهج الذي سار عليه عيل صالح يف إدارة

التوسع النظام ورفاه نخبه وإثرائها عىل حساب املوارد ذهبت لصالح تحصني البالد.. فمعظم

65

Page 66: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الكمي والنوعي يف البنى التحتية الالزمة إلحداث تنمية حقيقية وشاملة.

وعندما أطل عام 1990 كان نظام عيل صالح قد أنتج شبكة مصالح واسعة وتحالفات

متداخلة جعلت النظام السيايس يف الشامل غري مؤهل، ال لوحدة إندماجية، وال لوحدة فيدرالية،

بسياجاتها والتحالفات املصالح تلك شكلت الدميقراطية..وقد مستويات من مستوى ألي وال

األمنية والعسكرية والسياسية واأليديولوجية واإلدارية والقبلية حقل ألغام حقيقي تفجر برسعة

يف طريق وحدة 22 مايو 1990 السلمية ودميقراطيتها وقاد البالد إىل حرب صيف 1994..وبسبب

تلك الحرب ونتائجها نشأت القضية الجنوبية كأحد مكونات املشهد السيايس املعقد يف اليمن

اليوم.

هذه إذن فرتة حكم عيل صالح زمن الجمهورية العربية اليمنية..الزمن الذي تأسس عىل

تحالف خمس دوائر كل منها كان جزءا من بنية النظام السيايس لدولة الشامل..وكانت سلطة

والقضاء الجيش واألمن إبتداء من الدولة التحالف مستحوذة عىل كل هياكل وفضاءات هذا

والسلك الدبلومايس، مرورا بالخدمة املدنية والجهاز اإلداري، وانتهاء باإلعالم والتعليم املدريس

والجامعي وحتى دور العبادة..مايعني أن الدولة الوطنية املفرتضة ممثلة بالجمهورية العربية

اليمنية كانت نظاما سياسيا ألطراف هذا التحالف، ومل تكن دولة لكل أبناء الشامل..وألن عيل

صالح كان شديد اإلخالص لنظام الجمهورية العربية اليمنية بتحالفاته املذكورة فقد اعتربنا الفرتة

التحالف هذا ألطراف بالنسبة العسل شهر فرتة 1990 مايو وحتى 1978 يوليو من املمتدة

وأطلقنا عليها إسم »الصيغة األفقية« لنظام عيل صالح يف مقابل »الصيغة العمودية« التي بدأت

بعد حرب 1994..ومن أجل اكتامل صورة هذا النظام يف ذهن القارئ سنتحدث أيضا عن صيغته

الثانية التي بدونها ال نستطيع أن نفرس أسباب تصدعه أثناء الثورة الشبابية الشعبية.

اليمنية( ودولة الجنوب يف 22 مايو 1990 توحدت دولة الشامل )الجمهورية العربية

)جمهورية اليمن الدميقراطية الشعبية( سلميا يف إطار الجمهورية اليمنية..وكانت الدميقراطية

لصيقة بالوحدة ومرادفة لها..فالدميقراطية مل تكن ممكنة بدون الوحدة..والوحدة ال تستطيع أن

تصمد يف حال التخيل عن الدميقراطية..وأية تشوهات تصيب الدميقراطية، تلقي بظاللها الكثيفة

الجديدة..وكرشيك يف الدولة الوحدة أصبح عيل صالح رئيسا ملجلس رئاسة الوحدة..ومع عىل

توحيد شطري اليمن إكتسب عيل صالح شعبية كبرية يف أوساط الجامهري..وعىل املستوى الرسمي

مل يكن هناك ما يهدد بقاءه يف السلطة..فقد كان مقبوال من قبل رشكائه القدامى يف دولة الشامل،

ومن الرشيك الجديد القادم من عدن..وكان هذا يؤهله ألن يكون شخصية جامعة توفق بني كل

األطراف وتعزز عوامل الثقة فيام بينها لصالح الوحدة والدميقراطية..لكن الرجل مل يقرأ اللحظة

66

Page 67: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

التاريخية التي شكلتها الوحدة عىل هذا النحو..فقد رأى يف الدميقراطية خطرا عليه وتعامل معها

تعامال تكتيكيا، وأخذ منها فقط ما يعزز مركزه ويقوي تحالفاته القدمية يف إطار الصيغة األفقية،

لإلجهاز عىل رشيك الوحدة القادم من عدن..ومل يكن يف هذه اللحظة قد أدرك أن الدميقراطية

ستحرره من الحاجة إىل التحالفات القدمية وستعفيه من منة أطرافها عليه.

أكرث مام الدميقراطية كانت عليه أن له بدا النيابية عام 1993 أبريل إنتخابات وبعد

كانت له..فالحزب اإلشرتايك الذي قاسمه مجد الوحدة أصبح يقاسمه مجد الدميقراطية..بل إن

النجاح اإلنتخايب الذي حققه اإلشرتايك كان مفاجئا لعيل صالح..فقد كان نجاحا متميزا من حيث

النجاح الجغرايف مل يقترص هذا النوع وناجام عن إختيار جمهور يعي ما يريد..وعىل املستوى

الشامل ووقفت اقترص نجاح حزب عيل صالح عىل الشامل..بينام إمتد إىل الجنوب وإمنا عىل

وراءه عصبيات قبلية ومناطقية وتفوق كبري يف املال السيايس، فضال عن الفارق املهول يف عدد

الشامل..وكان دور رشكاء لنظام التاريخي النفوذ ينتمي 80% منهم إىل مناطق السكان، حيث

الصيغة األفقية أيضا كبريا يف تحقيق ذلك النجاح، وبالذات حزب التجمع اليمني لإلصالح الذي

الرئيس النيابية..ومع كل ذلك مل يحصد حزب العام يف إنتخابات 1994 عاضد املؤمتر الشعبي

صالح سوى 49% من مقاعد املحافظات الشاملية أي مايعادل 41% من إجاميل مقاعد الجمهورية

اإلشرتايك والحزب لإلصالح اليمني التجمع لصالح الشامل مقاعد بقية ذهبت اليمنية..بينام

وحزب البعث واألحزاب النارصية وحزب الحق واملستقلني..فالنجاح االنتخايب الذي حققته هذه

األحزاب يف املحافظات الشاملية جاء خصام من رصيد املؤمتر الشعبي العام باعتبار املحافظات

الشاملية معقله التاريخي..بينام حصد الحزب االشرتايك كل مقاعد املحافظات الجنوبية تقريبا..

أصوات من نصيبه يكن مل إذ حزبا شامليا، العام الشعبي املؤمتر بدا األصوات مستوى وعىل

املحافظات الجنوبية سوى 9% من إجاميل أصواته يف عموم الجمهورية..ويف املقابل جاءت %49

من أصوات الحزب االشرتايك من املحافظات الشاملية مقابل 51% من املحافظات الجنوبية..ومن

العام.. خالل هذه األرقام تجلت بوضوح مينية الحزب االشرتايك مقابل شاملية املؤمتر الشعبي

يضاف إىل كل ذلك أن الذين صوتوا ملرشحي الحزب االشرتايك يف املحافظات الشاملية كانوا عمليا

يصوتون للحزب بينام الذين صوتوا للمؤمتر الشعبي العام كانوا عمليا يصوتون ملرشحني من أهل

املال والوجاهة والنفوذ بغض النظر عن الحزب الذي ترشحوا تحت يافطته..ويف معظم الحاالت

األصوات.. عدد بسيط يف بفارق الشاملية خرسها املحافظات دوائر االشرتايك فيها التي خرس

والخسارة يف املجمل مل تكن بسبب ضعف قاعدته الجامهريية وإمنا بسبب التنسيق والتحالف

بني املؤمتر الشعبي العام والتجمع اليمني لإلصالح.

إن الحزب اإلشرتايك الذي قاسم عيل صالح مجد تحقيق الوحدة ومجد الدميقراطية سيقاسمه

67

Page 68: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

أيضا مجد التنمية والنهوض باليمن يف ظل إستقرار مفرتض بفضل الوحدة والدميقراطية..وهذا

يعني أن هذا الحزب سيتمكن من تصحيح الصورة الذهنية التي ألصقها خصومه به يف سنوات

الرصاع بني شطري البالد وسيستأنف حياة جديدة يف ظل الوحدة والدميقراطية ..وبدا لعيل صالح

أن كل ذلك سيكون عىل حسابه وخصام من رصيده الشخيص..لذلك بنى سياسته تجاه الحزب

اإلشرتايك منذ األيام األوىل للوحدة عىل إستدعاء املوروث التاريخي للرصاع بني الشطرين، وذهب

األطراف.. كل بني الوقيعة ويحدث األوراق، ويخلط القدمية األيديولوجية الحساسيات يغذي

وترتب عىل كل ذلك أزمة سياسية مل تخل من أعامل عنف طالت العرشات من كوادر الحزب

اإلشرتايك..وبعد إنتخابات أبريل 1993 النيابية دفع عيل صالح البالد برسعة قياسية نحو حرب

صيف 1994 التي خاضها تحت شعار الدفاع عن الوحدة.

وألن العربة يف السياسة هي يف النتائج وليس يف املقدمات، فقد تبني فيام بعد أن أهداف

عيل صالح من وراء حرب 1994 كانت شخصية، وأن اإلنتصار العسكري الذي تحقق تحول إىل

هزمية سياسية لكل اليمنيني يف الشامل ويف الجنوب. فالتشطري إنتقل من الجغرافيا إىل النفوس..

بينام أصيبت الدميقراطية الجنينية بالشلل التام، وأصبح التداول السلمي للسلطة مجرد شعار ال

أساس له يف الواقع.

بعد حرب 1994 إنفتح أمام عيل صالح فضاء دميغرايف جديد يف الجنوب أكسبه مصادر

قوة جديدة أتاحت له اإلستقاللية عن حلفائه التقليديني يف إطار الصيغة األفقية للزمن األول

والتحول إىل صيغة عمودية خالصة له ولعائلته ومسنودة بتحالفات بديلة من إبتكاره تدين له

بالوالء مقابل إدماجها يف النظام وما يحققه لها ذلك من إمتيازات مادية ومعنوية..وشيئا فشيئا

بدأ يحس أنه بتحالفاته الجديدة يستطيع أن يضعف أو يهمش أو يقيص أو يتخلص من رشكاء

األمس الذين نارصوه منذ بداية عهده..وبالتوازي مع هذا النهج الجديد تجاه رشكاء األمس بدأ

يكشف عن تطلعاته الشخصية لتوريث الحكم عرب الدميقراطية التي اختزلها يف صندوق اإلقرتاع

بعد أن إعتقله ووضعه تحت اإلقامة الجربية.

وبواسطة صندوق اإلقرتاع املعتقل حقق عيل صالح أغلبية برملانية مريحة عام 1997،

املوت«..وبواسطة أو »الوحدة شعار يحايك شعارا الصندوق 2003..وأصبح عام إنتاجها وأعاد

هذين الشعارين قدم عيل صالح نفسه عىل أنه صاحب الريادة يف الوحدة والدميقراطية، وكأنهام

منة منه عىل الشعب اليمني..وبعد أن نجح يف اختزال الدميقراطية يف الصندوق، ذهب يرسخ

قناعة لدى الرأي العام بأن هذا الصندوق هو الحكم يف تقرير من يحكم اليمن، وأن نجله أحمد

مواطن ميني ومن حقه أن يصبح رئيسا لليمن إذا اختاره الشعب عرب الصندوق..مع أن عيل صالح

68

Page 69: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

يدرك أكرث من غريه أن صندوق اإلقرتاع ليس إال قميص عثامن الذي من خالله يكتسب الرشعية

الشكلية ثم يكسبها ملن يشاء من األقارب واألعوان واألزالم الذين يحققون له مرشوعه الشخيص.

إن إستمرار عيل صالح يف السلطة خالل الفرتة املمتدة من عام 1990 وحتى يوم تنحيته

يعود الفضل فيه إىل الصيغة األفقية لنظامه التي استوعبت بأشكال مختلفة كل القوى واألطراف

التي القوة معادلة من اليمني اإلشرتايك الحزب وأخرجت 1994 معه يف حرب تحالفت التي

األفقية الصيغة عىل والتف الحرب نتائج إستثمر صالح عيل الوحدة..لكن دولة عليها تأست

لصالح صيغة عمودية مغايرة خالصة له ولعائلته.

لقد إنقلب عيل صالح أوال عىل الحزب اإلشرتايك وأخرجه بواسطة الحرب من الرشاكة يف

دولة الوحدة وحوله إىل حزب محظور من الناحية العملية..ثم استثمر نتائج الحرب لإلنقالب

تدريجي إنقالبه هذا بشكل لصالح صيغة عمودية معدلة..ومارس األفقية الصيغة عىل رشكاء

كعملية قامت عىل التصفية الجسدية لبعض رموز التحالف القديم عىل ذمة حوادث مؤسفة،

السيايس نظامه أوزار كل وحده وتحميله وخارجيا داخليا اآلخر البعض صورة تشويه وعىل

ليتقمص هو دور الحاكم الذي كان فيام مىض مغلوبا عىل أمره..وقد أدرك حزب التجمع اليمني

السلطة عىل نحو هادئ وعقالين الرشاكة يف اإلنقالب مبكرا وانسحب من أبعاد هذا لإلصالح

وأصبح أكرب حزب معارض يف إطار تحالف اللقاء املشرتك..ومن باب اإلنصاف كان إنسحاب هذا

الحزب من السلطة مساحة ضوء يف ليل حالك الظالم.

لقد انقلب عيل صالح إذن عىل أطراف التحالف القديم – أي عىل رشكائه يف الجمهورية

عائيل صغري..إنقلب أجل مرشوع من وإمنا كبري، وطني أجل مرشوع من ال اليمنية- العربية

إال تتسع ال عمودية صيغة لصالح وإمنا سع، أو أفقية صيغة لصالح ال األفقية، الصيغة عىل

العام واألمن السيايس الفرقة األوىل مدرع واىل حد ما األمن القول إن نافلة له ولعائلته..ومن

العمودية املعدلة بعد الصيغة العسكرية واألمنية للصيغة األفقية..بينام ذهبت املتاريس هي

حرب 1994 تؤسس لنفسها متاريس عسكرية وأمنية بديلة ممثلة بالحرس الجمهوري والحرس

الخاص والقوات الخاصة واألمن املركزي واألمن القومي..ما يعني أن عيل صالح أقام هياكل دولته

العائلية داخل ما كان مفرتضا أنه الدولة الوطنية التي يرأسها منذ عام 1978، منقلبا بذلك عىل

القدمية وعىل الدولة وعىل تحالفاتها..لقد أسس دولة عائلية خاصة داخل دولة الرشاكة هذه

حسابها..ونفذ إنقالبه تحت يافطة الجمهورية اليمنية التي كان قد انقلب عليها بحرب صيف

عام 1994.

69

Page 70: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

وعندما رشع عيل صالح يف إقامة هياكل دولته العائلية كان من الناحية العملية يؤسس-

ويعلم أنه يؤسس- لرشوط أزمة عميقة يف البالد..فأطراف التحالف القديم لن تقبل أبدا بدولة

البالد موارد ينفق صالح أخذ مامنعة أو مقاومة ألي املرشوع..وتحسبا هذا وستقاوم عائلية

بالقدرة عىل هزمية خصوم ثقته تضاعفت فشيئا والعسكرية..وشيئا السياسية جاهزيته لرفع

دولة العائلة يف مربع السياسة أو يف مربعات الحرب إذا احتاجت السياسة إىل مساندة البنادق

واملدافع..وكان بحاجة فقط إىل إنتخابات برملانية يجريها برشوطه لتجديد رشعية أغلبيته املريحة

التي ستعدل الدستور وفقا لرغباته وستقلع »عداد الرئاسة« ليفعل هو بعد ذلك ما يريد.

كانت أحزاب املعارضة يف إطار اللقاء املشرتك مدركة ملضامني هذا املخطط..ومن أجل

عرب اإلنتخابية املنظومة وإصالح السيايس النظام إصالح أوال إشرتطت اإلنتخابات يف املشاركة

حوار وطني يشمل كل األطراف الفاعلة- مبا يف ذلك الحراك الجنويب ومعارضة الخارج والحوثيني-

ويناقش كل القضايا وعىل رأسها القضية الجنوبية وقضية صعدة..وبعد أن فشل صالح يف اختزال

أطراف الحوار باألحزاب املمثلة يف مجلس النواب وقع مع أحزاب املشرتك عىل اتفاق فرباير 2009

الذي مدد للربملان سنتني إضافيتني تتاح خاللهام الفرصة إلجراء الحوار الوطني الشامل والتوافق

عىل اإلصالحات املطلوبة.

أمىض عيل صالح هاتني السنتني يف املناورات القاتلة للوقت..ويف النهاية رمى بإتفاق فرباير

عرض الحائط وذهب يحرض لإلنتخابات الربملانية برشوطه ليفرض عىل أحزاب املشرتك سياسة

األمر الواقع بحجة أن اإلنتخابات إستحقاق دستوري للشعب اليمني ويجب أن تجري يف موعدها

وأنه لن يضيع الوقت يف حوار الطرشان كام قال..وأشاع يف كل مكان أن أحزاب املشرتك ضعيفة

وتخىش اإلحتكام إىل الشعب أمام صناديق اإلقرتع.

قررت أحزاب املشرتك أن تقاطع اإلنتخابات وذهبت إىل جامهريها يف كل مكان ترشح

األسباب وتكشف عن مخطط التمديد والتأبيد والتوريث الذي يريد عيل صالح أن ميرره عىل

الشعب اليمني بواسطة إنتخابات إنفرادية ينافس فيها حزبه حزبه..وأوضحت أن عيل صالح ال

يريد إنتخابات نزيهة وشفافة ومتكافئة تحل مشاكل البالد..وكل ما يريده هو إنتخابات متنحه

رشعية شكلية لتمرير مرشوع التوريث.

أعلن عيل صالح أن مقاطعة االنتخابات إنتحار سيايس محتوم ألحزاب املشرتك وتحديدا

تهديدا مبطنا املعارض..وكان هذا اإلئتالف األقوى يف الحزب باعتباره اليمني لإلصالح للتجمع

بأن اإلخوان املسلمني سيلقون املصري نفسه الذي لقيه اإلشرتاكيون والنارصيون من قبل..ويف هذا

70

Page 71: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

العائلية عسكريا التي قطعها قطار دولته الطويلة املسافة التهديد كان عيل صالح يعول عىل

وأمنيا معتقدا أن اإلخوان املسلمني هم العقبة األخرية التي يجب اإلجهاز عليها يك يتمكن القطار

من مواصلة السري فوق قضبان آمنة..أما ما تبقى من الهياكل العسكرية للصيغة األفقية فليس

أمامها إال أن ترفع الراية البيضاء أو أن تسحق تحت طائلة اإلنشقاق والتمرد عىل الرشعية.

هكذا خطط عيل صالح..غري أن متغري الثورة الشبابية الشعبية السلمية فاجأه من حيث

ال يحتسب وأربك كل حساباته األمنية والعسكرية فألفى نفسه أمام شعب أعزل قرر أن يطرد

صانع األزمات سلميا وأن يسقط نظامه من غري عنف..وهذه لعبة جديدة مل يتوقعها، وبقواعد

جديدة مل تكن واردة يف حساباته املتكيفة عىل اللعب يف مربعات الحرب.

لقد وضعت الثورة الشبابية الشعبية عيل صالح أمام خيارين كالهام أمر من العلقم: إما

أن يقبل بالسقوط السيايس ويرحل، وإما أن يجر البالد إىل مربع العنف ويسقط إنسانيا وأخالقيا

ويتحول إىل مجرم حرب مالحق من قبل القضاء الدويل..وخالل أشهر الثورة استخدم عيل صالح

كل ما تبقى لديه من أوراق وأولها ورقة العنف، وورقة العقاب الجامعي للشعب اليمني من

بدأ الذي السيايس السقوط يتجنب أن يستطع مل والكهرباء..لكنه الوقود أزمة افتعال خالل

بتجريده من كل صالحياته ونقلها إىل نائبه وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

والنجاح الذي إستطاع عيل صالح أن يحققه متثل يف اختزال الثورة الشبابية الشعبية إىل أزمة

سياسية بني الصيغتني األفقية والعمودية..وهذا واضح من خالل التسوية التي اقرتحتها املبادرة

الخليجية وآليتها التنفيذية التي دخلت قيد التطبيق يف 23 نوفمرب من العام املايض بتوقيع عيل

صالح عىل املبادرة الخليجية بعد أن ألفى نفسه محارصا بإرادة إقليمية ودولية تلح عىل توقيعه

ومغادرته للحياة السياسية باعتباره أصل املشكلة وسبب رئيس يف عدم اإلستقرار.

وهنا يجب أن نالحظ أن الصيغة العمودية التي دخلت طرفا يف التسوية قد أصبحت من

غري عيل صالح صيغة أفقية - إىل حد ما- يف مقابل صيغة أفقية أخرى..وهذا من بني أهم رشوط

نجاح التسوية..غري أن هذه الصيغة ستظل تعاين من آثار طابعها العمودي مادام عيل صالح مرصا

عىل الظهور يف املرسح السيايس، ومادام الجيش الذي بناه محتفظا بهيكليته القدمية.

71

Page 72: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

حرب صيف 1994

اجلهود املبذولة لوقفها..إدارتها سياسيا وإعالميا..نتائجها السياسية.

كانت وإمنا أساس شامل وجنوب، الجغرافيا عىل بني جهتني يف تكن حرب 1994 مل

بني اتجاهني يف السياسة..ومحور الخالف بني طريف الحرب مل يكن الوحدة وإمنا دولة الوحدة..

فالوحدة كانت قد أعلنت طوعا وسلام يف 22 مايو 1990..أما تأسيس دولة الوحدة فهو عملية

يفرتض أنها دشنت يوم 22 مايو 1990، لكنها مل تستمر بسبب حرب 1994 التي فرضت دولة

الشامل ونظامها السيايس عىل اليمن كله خالفا التفاقية الوحدة التي قضت بأن ال تكون دولة

الوحدة هي دولة الشامل أو دولة الجنوب وإمنا دولة ثالثة ذات نظام سيايس دميقراطي مغاير

هذه حتى اليمنيون عنها يبحث التي الدولة الوحدة..وهي قبل قامئني كانا اللذين للنظامني

الحظة..وعىل هذا األساس سنستخدم تعابري مثل »القوات الشاملية والقوات الجنوبية« »القيادة

الشاملية والقيادة الجنوبية« و«صنعاء وعدن« عىل سبيل التجاوز ليس إال.

أوال: حرب صيف 1994:

بدأت الحرب الشاملة يف 4 مايو 1994م واستغرقت 70 يوما، غري أن مؤرشات البداية

الفعلية تعود إىل 27 فرباير من العام نفسه عندما » قامت قوات شاملية بتدمري اللواء الخامس

مشاة الجنويب الذي غادر الجنوب إثر هزمية الرئيس الجنويب السابق عىل نارص محمد يف أحداث

يناير 1986م »)1 ( ورابط منذ ذلك الوقت يف منطقة حرف سفيان ) 100كم شاميل صنعاء(.

ويف 27 أبريل 1994م جرى تدمري اللواء الثالث مدرع الجنويب ولواء من الفرقة األوىل

املدرعة الشاملية يف معركة دارت بينهام عىل مساحة من األرض تعد باألمتار املربعة تعايش

التي أوردتها جريدة الرشق األوسط عليها أفرادهام بسالم ملدة أربع سنوات..وبحسب األرقام

عدد ) 28 و29 أبريل 1994( أسفرت هذه املعركة عن تدمري)150( دبابة و)22( عربة مدرعة

وحوايل )200( قتيل و) 300( جريح فضال عن إلحاق أرضار بحوايل ) 159( منزال يف مدينة عمران

والنرش، للدراسات العربية )بريوت:املؤسسة الوطن عىل تنترص القبيلة اليمن: حرب البكر، بشري -1

1995(، ص 36

72

Page 73: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

) 50 كم شاميل صنعاء( املجاورة للوائني .. ورغم أن مكربات الصوت بثت نداءات بصويت الرئيس

املعركة مل تتوقف وجرى الدماء، إال أن التوقف عن سفك الطرفني تناشد البيض صالح ونائبه

إسناد اللواء الشاميل بكتائب من األمن املركزي والحرس الجمهوري أرسلت من صنعاء.

وامللفت لالنتباه أن تلك املعركة بدأت يف وقت كانت فيه لجنة عسكرية مشرتكة مكلفة

اللواءين وتظم يف عضويتها ضباطا أردنيني الطرفني تزور هذين مبنع االحتكاك بني معسكرات

وعامنيني باإلضافة إىل امللحقني العسكريني األمرييك والفرنيس..ومل تستطع هذه اللجنة كام قيل

أن تحدد بدقة من الذي أشعل فتيل املعركة..غري أنه من الصعب األخذ برواية الجانب الشاميل

مهام بدت محكمة اإلخراج ألن اللواء الجنويب ال ميكن أن يكون البادئ يف معركة يعلم مسبقا

أنها مذبحة محققة بالنسبة له بالنظر إىل استحالة حصوله عىل أي إمداد فضال عن أنها متت يف

وقت كانت فيه الحرب الشاملة يف أسوأ األحوال مجرد احتامل ميكن تجنبه عىل األقل من وجهة

نظر الجنوبيني.

ومن بني املعسكرات الجنوبية التي انتقلت إىل الشامل بداية الوحدة كان هناك لواءان

مشاة أحدهام يف خوالن واآلخر يف أرحب تطوقهام قوة شاملية مشابهة، ومثلام هو الحال مع

اللواء املدرع الجنويب الثالث يف عمران مل يكن لتموضع هذين اللواءين يف هاتني املنطقتني أي

قيمة عسكرية، ولهذا قبال أن يكونا يف حامية قبائل بكيل رشيطة عدم اشرتاكهام يف الحرب وبهذا

القبول ضمنا ألفرادهام السالمة.

ويف مساء 4 مايو 1994م تفجر املوقف يف منطقة ذمار الشاملية ) 10كم جنويب صنعاء(

وعدة..ويف عددا تفوقه بقوات تطويقه تم الذي الجنويب املدرع باصهيب لواء يعسكر حيث

هذه اللحظة بالذات بدأت ساعة الصفر بالنسبة للقوات الجنوبية التي فقدت- بعد تدمري لواء

باصهيب- كل قواتها يف الشامل..وأصبح عليها أن تفعل يف وقت متأخر ما فعلته القوات الشاملية

يف وقت مبكر، أي أن تصفي القوات الشاملية يف الجنوب ثم تنقل املعركة إىل الحدود الشطرية

السابقة يف مجهود دفاعي مينع تقدم قوات الطرف اآلخر ويرغمه عىل التسليم باستحالة الحسم

العسكري ومن ثم العودة إىل الحلول السياسية لألزمة .

القتال يف تحقيق هذا الجنوبية طيلة مراحل القوات تفلح وباستثناء مدينة عدن مل

73

Page 74: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الهدف وخاصة يف أبني) 50 كم رشقي عدن( رغم رضاوة املعارك التي دارت هناك بني خمسة

النتيجة ارتبطت بحقيقة ألوية جنوبية ومعسكر العاملقة الشاميل ) 4 ألوية(..ويبدو أن هذه

أن« خارطة متركز القوات الشاملية يف املحافظات الجنوبية أخذت يف االعتبار منذ البداية إمكانية

أماكن يف هائلة دفاعية تحصينات بإقامة مبكرا لها واستعدت عسكرية، مواجهات حدوث

متركزها« التي أختريت بعناية يسهل معها – يف حال صمودها – أن تتلقى اإلمدادات..وهذا ما

حصل بالفعل حيث اندفعت القوات الشاملية برسعة من الجبال نحو السهول لتحقيق االلتحام

وبالتايل الشطرية الحدود إىل املعارك نقل إمكانية الطريق عىل وقطع الجنوب قواتها يف مع

منازلة القوات الجنوبية داخل أراضيها.

وقد تشكلت ساحة القتال من جبهتني األوىل يف الغرب وهدفها عدن مرورا مبحافظتي

أبني ولحج الجنوبيتني..والثانية يف الرشق وهدفها محافظة شبوة ومنها إىل محافظتي حرضموت

واملهرة..ويف الجبهة الغربية سارت القوات الشاملية عىل أربعة محاور أحدهام باتجاه أبني والبقية

باتجاه عدن.أما يف الجبهة الرشقية فقد سارت عىل محور واحد إىل شبوة ومنها تفرع إىل ثالثة

محاور باتجاه حرضموت..وبينام ساعد تعدد املحاور عىل تشتت القوات الجنوبية قليلة العدد

استثمرت القوات الشاملية تفوقها البرشي ودفعت بأعداد هائلة من أفراد الجيش واإلسالميني

والجهاديني واألفغان العرب ومجاميع قبلية باحثة عن غنائم.

ومنذ بداية الحرب الشاملة شاركت القوات الجوية للطرفني يف قصف األعامق املعادية

يف عدن وصنعاء وتعز والحديدة مستهدفة يف املقام األول املطارات، واستفادت القوات الجنوبية

من تفوقها النسبي يف هذا املجال ومن تفوقها الكامل يف القوات البحرية واستطاعت توظيف

هذه القدرات خالل املرحلة األوىل من الحرب الشاملة يف قصف القوات الشاملية املوجودة يف

الجنوب عن طريق الجو فضال عن استخدام القوات البحرية يف كافة العمليات العسكرية القريبة

من السواحل.

أوىل تحقيق يف تبدأ ليك أسبوعني حوايل إىل احتاجت الشاملية القوات أن ورغم

انتصاراتها عىل الجبهة الغربية إال أنها أشاعت منذ األيام األوىل للحرب أنها استولت عىل قاعدة

العند االسرتاتيجية )50 كم شاميل عدن( وأنها أصبحت عىل مشارف عدن وذلك يف محاولة للفت

األنظار عن املعارك الضارية التي تدور يف أبني ولإليهام بأن الزحف مستمر نحو عدن التي بدت

74

Page 75: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

هدفا اسرتاتيجيا للقوات الشاملية.

وإذا أمكن تقسيم الحرب إىل مراحل فيمكن القول إن املرحلة األوىل هي مرحلة تصفية

الجيوب الداخلية وفيها أخذ الشامل زمام املبادأة ودمر القوات الجنوبية املرابطة يف الشامل..أما

املرحلة الثانية فهي مرحلة الزحف نحو الجنوب من الرشق ومن الغرب عىل عدة محاور، ويف

هذه املرحلة دارت املعارك عىل األرايض الجنوبية، وأخذت فيها القوات الجنوبية وضعا دفاعيا

املرحلة هذه يف واملادية البرشية خسائرها معظم تكبدت الشاملية القوات أن ويبدو قويا،

املمتد من باب الساحيل أبني وعىل الرشيط الجنويب يف للطريان املناطق املكشوفة وخاصة يف

املندب مرورا بخرز باتجاه عدن..وقد استمرت هذه املرحلة من القتال حتى سقوط قاعدة العند

يف 19 مايو 1994 لتبدأ بعد ذلك املرحلة الثالثة وهي مرحلة الزحف الفعيل نحو عدن من أربعة

محاور واجهت القوات الشاملية مقاومة قوية يف بعضها ومحدودة يف البعض اآلخر إىل أن متكنت

من حصار عدن التي أصبحت يف مرمى صواريخها وستتعرض فيام بعد النقطاع املاء والكهرباء..

وقد استمرت هذه املرحلة حوايل 46 يوما لتنتهي بسقوط عدن واملكال دون مقاومة يف 7 يوليو

الحسم إمكانية البداية منذ استبعدوا الذين واملحللني املراقبني معظم دهشة وسط 1994م

العسكري لألزمة .

ثانيا: الجهود التي بذلت إليقاف الحرب:

بعد نحو عرشة أيام من بدء الحرب الشاملة قدم عيل سامل البيض مبادرة من مثاين نقاط

نرشتها جريدة الرشق األوسط يف عدد )14 مايو 1994( وتضمنت ما ييل :

1 - وقف الحرب فورا .

2 - تشكيل حكومة إنقاذ وطني تزيل آثار الحرب.

3 - عدم الرتاجع عن الخيار الدميوقراطي.

4 - عدم الرتاجع عن تنفيذ وثيقة العهد واالتفاق.

5 - تخويل حكومة اإلنقاذ الوطني سلطة التحقيق مع املتسببني يف الحرب.

75

Page 76: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

غري أن الطرف اآلخر مل يكن يقبل بأقل من أن » يسلم البيض نفسه للعدالة » أو ألقرب

قسم رشطة..علام بأن كل أقسام الرشطة يف الجنوب كانت مع البيض ويف الشامل كلها مع عيل

صالح والحرب دائرة بني دولتني مل تندمجا إال عىل مستوى العلم والنشيد الوطني فقط.

ومبا أن املجهود العسكري الشاميل مل يكن حاسام ورسيعا كام أعلن عن ذلك يف بداية

الحرب، فقد استمرت املناشدات الخارجية الداعية لوقف الحرب وتحكيم العقل وعدم تعريض

مكتسبات الشعب اليمني للدمار..غري أن هذه املناشدات مل تستطع عىل مدى شهر كامل من

املعارك الضارية أن تفعل أكرث من ذلك، باستثناء املبادرة التي قامت بها مرص ودول مجلس

التعاون الخليجي وأسفرت عن صدور قرار مجلس األمن رقم ) 924( بتاريخ 6/1 / 1994 الذي

نص عىل وقف إطالق النار وحرض توريد السالح للطرفني وحثهام عىل الدخول فورا يف مفاوضات

سياسية لحل األزمة، وطلب من األمني العام لألمم املتحدة إرسال بعثة تقيص حقائق إىل اليمن.

عىل القامئة للحالة تبعا اختلف األمن مجلس قرار مع القتال طريف تجاوب أن إال

األرض والتي كانت تشهد تدهورا مستمرا للدفاعات الجنوبية، ولهذا تعاملت صنعاء مع القرار

األرض تقدمها عىل تواصل ناحية بالقرار، ومن التزامها تعلن ناحية فهي من تعامال مزدوجا،

عىل مختلف محاور القتال يف سباق مع الزمن لفرض األمر الواقع قبل أن تبدأ مهمة مبعوث

النحو أثار تعامل صنعاء مع قرار األمم املتحدة عىل ذلك األمم املتحدة لتقيص الحقائق..وقد

دول مجلس التعاون الخليجي- باستثناء قطر- فلوحت يف بيان صادر عن الدورة )51( للمجلس

الوزاري الذي عقد يف مدينة » أبها« السعودية يوم الخامس من يونيو 1994م باتخاذ إجراءات

ضد الطرف الذي مل يلتزم بقرار مجلس األمن يف إشارة واضحة إىل صنعاء، والنظر إىل األمر من

زاوية أنه يتضمن واقعا انفصاليا، وأنه إزاء هذا األمر ال ميكن للطرفني الذين اتفقا عىل الوحدة

التعامل يف إطارها إال بالطرق السلمية.)2(

وعندما بدأ األخرض اإلبراهيمي مهمته يف 9 يونيه، أي بعد عرشة أيام من صدور قرار

مجلس األمن، كان الواقع يشهد تفوقا كبريا لقوات صنعاء مقابل تدهور شديد لدفاعات الطرف

2- عيل عبد القوي الغفاري , الوحدة اليمنية: الواقع واملستقبل، )صنعاء:كتاب الثوابت،1997(،ص 281.

76

Page 77: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

اآلخر..ويف أوضاع كهذه كان من البديهي أن متيض صنعاء يف مخططها حتى النهاية، ولهذا رفضت

األفكار الداعية لوضع مراقبني، كام رفضت الحوار مع سامل البيض، وتعاملت مع مطالب إقامة

هدنة باستخفاف شديد، واستمرت يف تحركاتها العسكرية ناحية حرضموت بعد اشتداد الحصار

عنارص مع حوار إىل الدعوة مثل التنفيذ مستحيلة املبادرات من عددا وطرحت عدن، عىل

غري انفصالية ملدة خمسة أيام متتالية يف صنعاء..وقد ساهم كل ذلك يف إفشال مهمة األخرض

اإلبراهيمي الذي مل يستطع أن يحقق الحد األدىن مام تضمنه القرار الدويل.

يف ظل هذه التطورات صدر قرار مجلس األمن رقم ) 93( بتاريخ 1يوليو 1994 متضمنا

تسع فقرات شملت: إعادة املطالبة بوقف إطالق النار فورا وبآلية مقبولة من الجانبني ؛ التعبري

عن األمل من جراء اإلصابات التي تقع بني املدنيني يف عدن ؛ دعوة األمني العام ومبعوثه الخاص إىل

مواصلة املحادثات تحت رعايتهام ؛ وأن الخالفات السياسية ال تحسم بالسالح ؛ وأن يقدم األمني

العام تقريرا مرحليا عن تنفيذ القرار بأرسع ما ميكن ؛ وأن تبقى املسألة قيد النظر.

الثانية جاء قرار مجلس األمن خاليا من أية صيغة إلزامية، خاصة يف الجزئية وللمرة

القوات القرار استطاعت التايل من صدور اليوم النار..ويف آلية لوقف إطالق الخاصة بتشكيل

الشاملية الدخول إىل عدن والسيطرة عىل نصفها يف الوقت الذي كثفت فيه من هجومها عىل

حرضموت..وعىل هذا األساس تشكل عىل األرض واقع جديد أصبح فيه التعامل عىل أساس وجود

طرفني متقابلني غري ذي بال..وبعد ستة أيام من صدور ذلك القرار كان قادة الجنوب قد تركوا

عدن واملكال إىل املنايف اإلجبارية وأصبحوا هدفا يوميا لحرب معنوية طويلة عرب وسائل اإلعالم مل

ينقذهم منها إال الحراك السلمي يف املحافظات الجنوبية الذي عرى حقيقة حرب 1994 وكشف

عن طبيعتها املعادية لوحدة الشعب اليمني واملنافية ألخالقه وقيمه.

ثالثا: اإلدارة السياسية واإلعالمية للحرب:

الحرب، وتفوق يف العسكري الجانب املبادرة يف زمام الشاميل التحالف أخذ مثلام

تفوق أيضا يف التخطيط والجاهزية إلدارتها سياسيا وإعالميا..فالبيض الذي رفض »ثوابت« نظام

الجمهورية العربية اليمنية وطريقة عيل عبد الله صالح يف إدارة البالد ظهر يف الخطاب السيايس

واإلعالمي للحرب متمردا عىل »الرشعية الدستورية« التي احتاج إسقاطها فيام بعد إىل ساحات

للحرية والتغيري تحول معها عيل صالح من »بطل« إىل منبوذ حتى من أقرب حلفائه يف الحرب،

77

Page 78: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

وهذا ما مل يستوعبه عيل سامل البيض حتى اليوم.

أثناء الشاميل التحالف اعتمده الذي السيايس واإلعالمي الخطاب تتبع ومن خالل

الحرب الحظنا أنه ارتكز عىل مجموعة من األفكار املحورية التي مل تختلف كثريا قبل إعالن فك

اإلرتباطفي 21 مايو 1994 وبعده..وهذه األفكار لخصها وزير خارجية الحرب »الجنويب« محمد

سامل باسندوة يف عدد )17 مايو 1994( من جريدة الرشق األوسط كام كام ييل:

1 - اإلعالن برسعة وبعد ساعات من انفجار الوضع العسكري أن قوات »الرشعية« باتت عىل

أبواب عدن وأن سقوط هذه املدينة أصبح وشيكا.

2 - اإلرساع إىل اإلعالن عن رفض أية وساطة عربية أو دولية، واعتبار األمر » مسألة داخلية«.

3 - رفض أية حلول سلمية وربط وقف إطالق النار بتسليم » القيادة االنفصالية« نفسها لتحاكم

محاكمة » عادلة« أو الخروج من البالد بعد أن تلقي أسلحتها.

4 - رفض أي توصيف للحرب عىل أنها بني شامليني وجنوبيني والقول بأنها حرب بني » قوات

الرشعية« وقوات »متمردة » عىل الرشعية.

5 - القول بأن » االنفصاليني« افتعلوا األزمة السياسية لتحقيق االنفصال سلميا، وعندما تعذر

عليهم ذلك لجأوا إىل استخدام الورقة العسكرية عىل أمل حصول تدخل خارجي يطلب من كل

جانب العودة ملواقعه قبل الوحدة.

6 - التأكيد عىل أن » قوات الرشعية« هي قوات كل اليمن وأنها تضم شامليني وجنوبيني وأن

وزير الدفاع عبد ربه منصور هادي هو من محافظة أبني الجنوبية.

وبعد إعالن فك االرتباط بيومني أصدر الرئيس صالح »عفوا عاما« ودخلت عىل الخطاب

السابق بعض التعديالت واإلضافات وعرب عنها وزير الخارجية محمد سامل باسندوة يف ترصيح

لجريدة الرشق األوسط )عدد 1 يونيه 1994( تضمن ما ييل:

1 - نستجيب لوقف إطالق النار فور إلغاء إعالن االنفصال، وإعالن« العنارص الوحدوية« يف قيادة

78

Page 79: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

االشرتايك االلتزام بالرشعية الدستورية.

2 - ال نريد فرض الوحدة بالقوة ألنها قامئة طوعا منذ أربع سنوات، والطرف اآلخر يريد فرض

االنفصال بالقوة.

3 - نحاول فرض النظام والقانون يف أرضنا وداخل حدودنا.

4 - لن نتعامل إال مع العنارص غري الضالعة يف املخطط االنفصايل.

5 - البيض والعطاس يريدان االنفراد مبنطقة حرضموت إلقامة دولة انفصالية هناك.

6 - الحرب طالت ألننا مل نكن نعلم أن مجموعة الردة واالنفصال لديها من األسلحة ما اكتشفناه

حاليا، ومل نكن نعلم أنها متلك من القوة العسكرية الهامة التي أطالت أمد القتال، وكانت تدخر

ذلك رمبا لفرض هيمنتها عىل كامل املنطقة وليس لتهديد معارضيها يف اليمن فقط.

7 - نعارض بحث مجلس األمن ما يجري يف اليمن باعتباره شأنا داخليا، لكننا ال نستطيع منع

مجلس األمن بحكم الوضع العاملي الجديد.

8 - رشحنا موقفنا لعدد من دول مجلس األمن..ثم أننا أخذنا بالدميوقراطية كام نصحنا البعض،

فكيف ميكن أن يأتوا اآلن ليصدروا قرارا دوليا يتجاهلون فيه احرتام الرشعية الدستورية.

وبينام اتسم خطاب القيادة الشاملية بطابع هجومي جاء خطاب القيادة الجنوبية دفاعيا

وكأنه يعكس األوضاع التي فرضتها الحرب عىل األرض، لكنه رغم ذلك احتفظ بحجيته إىل اليوم

ذا اآلخر الطرف بينام مل يكن خطاب انتصار سيايس، أدىن من تحقيق أو وأصبح قاب قوسني

حجية عىل اإلطالق وإمنا كان غوغائيا يستمد قوته ال من ذاته وإمنا من قوة املجهود العسكري..

وقبل إعالن فك االرتباط تضمن خطاب القيادة الجنوبية األفكار التالية، كام لخصها عضو مجلس

الرئاسة سامل صالح محمد يف عدد )13 مايو 1994( من جريدة الرشق األوسط:

1 - نحن جزء من الرشعية ومل نأت من خارج الدولة أو السلطة.

واألزمة القائم الخلل تصحيح هو طرحناه ما وكل األيام، من يوم يف يطرح مل االنفصال - 2

الجمهورية القامئة يف نظام اليمنية، فاملنظومة واآللية الوحدة التي تؤثر عىل مسار التاريخية

79

Page 80: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

اليمنية متخلفة وبحاجة إىل تغيري.

3 - مل نستطع خالل الفرتة االنتقالية توحيد املؤسسات، فبقي هناك نظامان وجيشان، ومن أجل

إنهاء هذا الوضع البد من وجود اعرتاف متبادل، وهذا ما يرفضه الطرف اآلخر.

4 - شعرنا أن هناك التفافا عىل كل ما جاء يف اتفاقية الوحدة.

5 - الرصاع قائم بني عقليتني إحداهام تريد التحديث واألخرى تريد اإلبقاء عىل هيمنة وسائل

مل تعد صالحة.

6 - إن من يقف موقف الدفاع ال يستطيع أن يهاجم عسكريا.

7 - حاولنا بقدر اإلمكان تغيري مواقع القوات بهدف إنهاء الوضع املتفجر، وطرحت ذلك أطراف

عربية وأجنبية، ولكن الطرف اآلخر أرص عىل تنفيذ خطته التي بدأت بتدمري لواء شالل يف حرف

سفيان يف فرباير 1994م.

8 - من الذي فجر منازلنا – يف صنعاء- واغتال وزراءنا وقام بعمليات تصفية جسدية لكوادرنا؟.

وبعد إعالن فك االرتباط يف 21 مايو 1994 مل يتغري خطاب القيادة الجنوبية كثريا إال من

حيث تربير ذلك القرار، وقد متحورت أهم أفكاره فيام ييل، كام لخصها حديث عيل سامل البيض

إىل جريدة الرشق األوسط عدد )9 يونيه 1994(:

1 - الوحدة متت بقرار سيايس وانتهت بقرار الحرب ضد الجنوب، واملطلوب وقف القتال وخلق

ظروف طبيعية أوال، ثم إجراء املفاوضات بني طرفني متساويني يف الحقوق والواجبات.

2 - صالح أعلن حالة الطوارئ وألغى العمل بالدستور من طرف واحد وقام بالحرب.

3 - الجنوب يدافع وال يهاجم، وما يحصل هو غزو يهدف إىل تدمري املؤسسات العسكرية واملدنية

للجنوب ثم احتالله وفرض نظام عسكري عىل اليمن بشطريه.

4 - التمسك بأية جهود عربية أو دولية من شأنها وقف الحرب باملفاوضات أو بإرسال مراقبني

أو قوات لحفظ السالم.

5 - رفض الضم واإللحاق الذي يتعامل مع الجنوب عىل أنه فرع التحق باألصل.

80

Page 81: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

رابعاً : النتائج السياسية التي أسفرت عنها الحرب :

تزامنا مع آخر طلقة يف الحرب وتحديدا يوم 7 يوليو 1994 بعثت حكومة الجمهورية

اليمنية رسالة إىل األمني العام لألمم املتحدة أكدت فيها » التزامها الثابت بالنهج الدميوقراطي،

والتعددية السياسية واحرتام حقوق اإلنسان، واعتزامها مواصلة الحوار الوطني يف ظل الرشعية

الحديثة اليمنية الدولة لبناء كأساس واالتفاق العهد وثيقة يف جاء مبا والتزامها الدستورية،

»..وتزامنا مع تلك الرسالة أخذ الخطاب السيايس واإلعالمي الرسمي املوجه إىل الداخل ينعت

» وثيقة العهد واالتفاق » بأنها »وثيقة الخيانة« األمر الذي حول االنتصار العسكري إىل هزمية

أخالقية وكشف عن افتقار املنترصين إىل أي مرشوع سيايس حقيقي يربر التضحيات الجسام التي

تكبدتها البالد يف الحرب.

وفيام يخص » مواصلة الحوار الوطني » الذي أشارت إلية الرسالة املذكورة ، مل تسجل

سنوات ما بعد الحرب أن مثل هذا الحوار قد تم، وعىل العكس من ذلك ظلت قيادة املؤمتر

الشعبي العام تترصف كمنترص وتستعرض بطوالتها العسكرية عرب التلفاز وكأنها قاتلت إرسائيل

وحررت فلسطني..ويدل إرتفاع حاالت إيقاف الصحف املعارضة يف سنوات ما بعد الحرب عىل أن

هذه القيادة كانت تبدي ضيقا شديدا من أي رأي مغاير .

أما ما يتعلق ب«الرشعية الدستورية« فقد جرى تكريسها يف املامرسة العملية عىل أنها

رشعية »القوة« و«الغلبة« و«القهر« و«اإلذل« و«النهب«..غري أن أبرز نتائج الحرب هو تعميم

نظام الجمهورية العربية اليمنية عىل اليمن بأكمله مع اإلبقاء عىل الوجود الشكيل ملؤسسات

محتوياتها من إفراغها بعد ولكن واالنتخابات، والصحفية الحزبية كالتعددية الدميوقراطية

الحقيقية بحيث غدت نوعا من الدميوقراطية املقيدة التي تضمن لحزب الحاكم أغلبية » مريحة

» و »دامئة« يف الربملان، وتضمن للحاكم مترير مرشوع التوريث الذي أسقطته ثورة فرباير 2011

الشبابية الشعبية.

81

Page 82: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

القضية الجنوبية يف صحيفة األهرام القاهرية

رؤى مبكرة

كانت الوحدة اليمنية واألزمة السياسية التي أعقبتها وحرب 1994 من بني أهم القضايا

يف وردت التي املبكرة األفكار القاهرية..وألهمية األهرام صحيفة بها انشغلت التي العربية

افتتاحيات هذه الصحيفة وأعمدة كتابها ومقاالتهم رأينا أن نضمنها هذا الكتاب..فقيمتها اليوم

اآلذان.. تصم الحرب شعارات كانت عندما نرشها، وقت كذلك يكن مل نحو عىل جلية تبدو

أن قبل الجنوبية املحافظات يف السلمي بالحراك تنبأت »األهرام« أن القارئ يالحظ وسوف

يظهر بوقت طويل، دون أن تطلق عليه هذه التسمية، وأكدت أن الجنوبيني لن يقبلوا بنتائج

الحرب وسيقاومونها عاجال أم آجال.. وهذا ما مل تتنبأ به عرشات الرسائل الجامعية التي ناقشها

باحثون مينيون يف أكرث من جامعة عربية..والسبب أن بعض هؤالء الباحثني تأثر كثريا بخطاب

الكافية للتمييز بني الزعم والحقيقة..والبعض اآلخر البحثية الحرب ومل يكن يحوز عىل الخربة

وقع تحت إغراءات لحظة اإلنتصار العسكري فبدا له أن الكتابة عن حرب 1994 فرصة ذهبية

نهاية أنها عىل 1994 حرب قدمت الحالتني الحرب..ويف نظام ود وكسب السيايس لإلستثامر

التاريخ وملحمة وطنية تستحق التمجيد والتخليد..لكن سنوات ما بعد الحرب أثبتت أنها مل تكن

سوى وصمة عار يف تاريخ اليمن.

إقترص عرضنا ملا نرشته »األهرام« عىل مواد الرأى فقط ممثلة ىف اإلفتتاحيات واألعمدة الصحفية

واملقاالت وذلك بغرض الكشف عن اآلراء واألفكار التى تكررت أكرث من غريها..ومن أجل تحقيق

هذه الغاية قمنا بقراءة متأنية لكل مواد الرأى التى نرشتها الصحيفة داخل حيز القضايا اليمنية

مختلف 2000(..وعملنا عىل حرص مايو 22 – مايو 1990 22( التسعينيات عقد كامل خالل

األفكار واآلراء كام وردت بصياغات منتجيها دون أن نتدخل يف التعليق عليها أو إبداء الرأي.

وقد الحظنا أن مضامني بعض مواد الرأى تدور حول فكرة واحدة يرددها منتجها بصياغات

الوقت نفسه هناك الجريدة..وىف له عىل صفحات املخصصة باملساحة مختلفة وكأنه محكوم

مواد دارت مضامينها حول أكرث من فكرة داخل اإلطار العام للقضية التى يتعرض لها منتج املادة

82

Page 83: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

83

..وإزاء ذلك استقرينا عىل اعتامد الفكرة – وليس املوضوع - أساساً للتصنيف ووحدة للقياس.

وعىل هذا االساس فإن مادة الرأى )إفتتاحية، عمود، مقال( التى بنيت عىل فكرة واحدة

أحتسبت مرة واحدة من خالل الجملة أو الفقرة التى رأينا أنها أقدر من غريها عىل التعبري عن

مضمون املادة..أما مادة الرأى التى بنيت عىل أكرث من فكرة فقد احتسبناها بعدد ما فيها من

أفكار ومن ثم ظهرت ىف التحليل الكيفى ممثلة بأكرث من جملة أو فقرة..ومن شأن ذلك أن يجعل

عدد تكرارات األفكار ىف التحليل الكيفى غري مطابق كميا لعدد مواد الرأى التي بلغت )187(

مادة..وهذا أمر طبيعى بالنظر إىل اختالف وحدات القياس ىف الحالتني الكيفية والكمية.

أما بالنسبة للفئات التى تم عىل أساسها جمع املعلومات وتصنيفها وتبويبها، فقد فرضت

به.. الخاصة فئاته ينحت بحث كل أن اعتبار عىل الرأى، ملواد قراءتنا سياق علينا ىف نفسها

وعموماً كشف هذا البحث عن فئات أساسية وأخرى فرعية ظهرت ىف صحيفة األهرام القاهرية

عىل النحو التايل :

الفئة األوىل:اإلشادة بالوحدة اليمنية:)3()*(

عندما قامت الوحدة اليمنية أشادت بها »األهرام« كام ييل:

1- سارت أوراق الوحدة بني الجانبني سرياً هيناً كرمياً عرب مباحثات استغرقت فرتة طويلة.)3 (

2- استكملت الجمهورية الجديدة مؤسساتها الرئاسية والتنفيذية ونظمها الدستورية والقانونية

عىل البالد واستقامت الخارج.. سفارات عىل الواحد العلم ورفع الجيشان وأدمج واإلنتخابية

طريق استحداث كل ما يهيئ للجمهورية الجديدة مقومات حياتها ىف عرص الوحدة واإلندماج.

) 4(

3- كانت الوحدة اليمنية أسبق من الوحدة األملانية ومتت بهدوء وبالعقل والصدق، وهى قادرة

عىل حسم مشاكلها الكثرية.) 5 (

)*( يشري مثل هذا الرقم إىل عدد تكرارات الفكرة يف الفئة الرئيسية أو الفرعية.

3- رأي األهرام , 1990/5/26

4- املصدر السابق

5- أنيس منصور , مواقف , 1990/5/28

Page 84: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الفئة الثانية: تفسري األزمة السياسية التي أدت إىل حرب صيف 1994:) 97(

وعندما احتدمت األزمة السياسية بني أطراف اإلئتالف الحاكم ذهبت »األهرام« تقول:«

بعد أقل من ثالث سنوات نرى الوحدة مهددة بشكل مل يتوقعه أحد إىل درجة أن الشعور العام

هو أن اليمن ال يزال دولتني متصارعتني بشكل مل يكن قامئاً من قبل أن يوقع إتفاق الوحدة بينهام

) 6 (.«

ومن أجل تفسري األزمة ساقت »األهرام« مجموعة كبرية من األسباب أمكن تصنيفها إىل

احدى وعرشين مجموعة )فئات فرعية( عىل النحو التايل:

املجموعة األوىل: القول بأن الوحدة مل تقم عىل أسس سليمة: )14(

1- ان الوحدة مل تنب عىل أساس واقعي متني يقوم عىل التدرج واالنتقال الطبيعي السليم.)7(

2 - جزء كبري من األزمة يعد نتيجة طبيعية للطريقة التي متت بها الوحدة والتي مل تراع يف جانب

كبري منها خصوصيات كل شطر.)8(

3 - إن الترسع يف إعالن الوحدة دون إعداد كاف ودون وضع خطة عملية تدريجية سوف يكون

هو السبب يف فشلها لتضاف بدورها إىل مشاريع الوحدة العربية السابقة التي سقطت يف زوايا

التاريخ.)9(

4 - إن البدايات الخاطئة ال تفيض إال إىل نهايات أمعن يف الخطأ والضالل )10(

وقد تعاقبت األفكار نفسها أيضاَ يف ظل الحرب:

6 - أحمد نافع : أزمة اليمن ورصاع الهوية , 1993/12/17

7- سالمة أحمد سالمة : اليمن والفرصة األخرية , 1/22/ 1994

8- حسن أبو طالب : مالمح فرز سيايس جديد يف اليمن , 1994/2/9

9- سالمة أحمد سالمة:حتى ال منوت بالشعارات , 1994/4/7

10 - سالمة أحمد سالمة , وحدة وبأي مثن ؟ 1994/2/1

84

Page 85: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

85

القامئون عىل إنجاز مراحله أن اليمنى، مل يراع التحضري لتنفيذ هذا املرشوع القومي 5 - عند

قواعده مهتزة ، وأن ركائزه مخلخلة ومن ثم وضعوه يف إطار »املقامرة« عىل مصري هذه التجربة.

)11(

6 - من الواضح أن العرب مل يتعلموا الكثري من الدروس القاسية التي مرت عليهم طوال تاريخهم

الحديث وها هم يقيمون الوحدة بني أبناء الشعب الواحد يف اليمن منذ سنوات ولكنهم يعودون

عنها.)12(

7- لقد تعجل الجنوبيون الوحدة وذهبوا إىل اختيار أعمق أشكالها دفعه واحدة ودون إعداد

حقيقي جاد لها : وهو شكل الوحدة االندماجية.)13 (

8- لو كانت الوحدة قد متت بأسلوب تدريجي متصاعد، لكان من املمكن مواجهة الخالفات عن

طريق إجراء بعض التعديالت يف النظم أو األساليب املتبعة يف البلدين للتقريب بني األوضاع يف

الشطرين.)14 (

تنجح بإرادة شعوب..مل وليست رؤساء بقرارات كانت ألنها واحدة عربية تنجح وحدة مل -9

وحدة عربية واحدة ألن كل الوحدات كانت تقوم عىل فكرة »اإللتهام« وليس »اإلندماج«)15 (

تحكمها مام أكرث الرباقة، الشعارات تحكمها عاطفية مظهرية شكلية جاءت الوحدة -10

السياسات العملية والواقعية وتتحكم فيها األطامع الشخصية -عند القمة- لإلنفراد بالحكم يف

دولة متسعة ذات موقع اسرتاتيجي وعمق تاريخي ومستقبل واعد أكرث مام تتحكم فيها السياسة

الصادقة يف بناء دولة راسخة راكزة قوية .) 16(

11 - زكريا نيل : اىل أي مستقبل مجهول يتجه الشعب اليمني , 1994/7/7

12 - رأي األهرام : درس اليمن القايس , 1994/5/7

13 - محمد السيد سعيد : مفتاح الحل السيايس املمكن يف اليمن , 1994/5/11

14 - ابراهيم نافع : التدخل العسكري العريب مستحيل يف اليمن . ملاذا؟ 1994/5/14

15- حسن املستكاوي : أي وثيقة وأي عهد واتفاق , 1994/5/17

16- صالح الدين حافظ : دراما الهزمية يف حرب األشقاء األعداء , 1994/5/8

Page 86: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

يف االثنان يدخل أن والجنويب الشاميل اليمن بني الوحدة اتفاق توقيع يف املفروض كان -11

عملية دمج حقيقة إىل جانب املوضوعات املظهرية مثل تشكيل الوزارة إال أن االثنني عمدا إىل

»التظاهر« بتحقيق الوحدة ولكن دون سعى حقيقي.) 17(

اليمنية يف كىل الشطرين مدانة ومسئولة حني الذت بالوحدة هرباً من مشكالت القيادة -12

إىل احتكمت البساطة مبنتهى ثم لها كاف إعداد دون ضاغطة وخارجية واقتصادية سياسية

السالح إلصالح ما تكشف من خالفات وثغرات وعيوب.)18 (

13- الوحدة مل تنب منذ يومها األول عىل أساس صلب فبقيت مؤسسات الدولتني يف حقيقة األمر

منفصلة يجمع بينها رابط شكيل، وأخطر هذه املؤسسات الجيش.)19 (

بأنها جاءت واالتفاق« العهد »وثيقة املعلقني عىل بعض به ما عقب إىل أن نشري 14-حسبنا

وكأنها اتفاق جديد للوحدة.) 20(

املجموعة الثانية: القول بأن األزمة والحرب التي تلتها هام نتاج رصاع سيايس بني دعاة التحديث

وبني من يريدون اإلبقاء عىل األوضاع القدمية كام هي: )8(

ففي ظل األزمة السياسية وقبل الحرب بأكرث من ستة أشهر كتبت »األهرام« ما ييل:

1- ميثل هذا الغياب )غياب البيض عن صنعاء( الذي بات يعرف مييناً باالعتكاف السيايس نوعاً

من اإلرصار الشخيص والحزيب إىل حد ما عىل أن الوضع اليمنى مل يعد يقبل الدخول يف مساومات

عىل حساب الحد األدىن من املطالب أل )18(• التي يتمسك بها الحزب االشرتايك ومتثل رؤية لدفع

التنمية وتحسني األوضاع يف البالد وخلق مين موحد يتسم بالحداثة والدميقراطية.)21 (

17- صالح منترص : كل يف طريق , 1994/5/25

18 - سالمة أحمد سالمة : فريوس حرب الخليج , 1994/5/26

19- أحمد نافع : املمكن واملستحيل يف أزمة اليمن , 1994/5/27

20 - صالح الدين عامر: القانون الويل وخصوصية الوضع اليمني الراهن , 1994/6/1

التي السياسية األزمة من للخروج االشرتايك الحزب بها تقدم التي )18( ال النقاط بها املقصود •سبقت حرب 94

21- حسن أبو طالب : الوحدة أو الصوملة , 1993/10/20

86

Page 87: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

87

2- االستقطاب قائم بني دعاة الدميقراطية والتحرر من رواسب املايض، وبني من يريدون اإلبقاء عىل األوضاع القدمية كام هي) 22(.

3- وثيقة العهد واالتفاق احتوت فعاًل عىل تصور شامل إلقامة دولة مركزية حديثة ودميقراطية ولكنها ليست الحل السحري الذي سيعيد الوفاق بني طريف األزمة.) 23(

4- وثيقة العهد واالتفاق عكست روح النقاط أل)18( التي تقدم بها الحزب االشرتايك للخروج من األزمة وبناء اليمن وفق أسس حديثة عرصية..وهي تحمل هموم القوي السياسية األخرى)24 (

5- إن العملية الجديدة تفرز بني اتجاهني عريضني بغض النظر عن املوقع الجغرايف أو االنتامء املؤسسات وذات والناهضة الحديثة املوحد اليمن دولة لبناء املؤيد االتجاه أولهام الحزيب، تعدد صيغة عن فضاًل االختصاصات واسع محىل حكم نظام عىل والقامئة الفعالة السياسية دميقراطية غري قابلة لالحتواء، واالتجاه الثاين الرافض ملضمون الوثيقة أو عىل األقل القانع بوضع

البالد الحايل إن مل يكن يدفع به إيل املزيد من التدهور والتخلف.) 25(

6- القضايا املطروحة من الطرفني ال تتعلق باملوقف من الوحدة بل بكيفية بناء هذه الوحدة.. مشكلة أية صالح عبدالله عىل الرئيس وبني بينة ليس فإنه البيض سامل عىل قول حد وعىل شخصية بل إن املشكلة تكمن يف أن »هناك من يريد إقامة دولة عرصية، دولة مؤسسات ميكن الدخول بها أبواب القرن أل 21 يف حني أن هناك من يرص عىل إبقاء الوضع الحايل بكل مساوئه

وعيوبه.)26 (

وعندما اندلعت الحرب تعاقبت األفكار نفسها عىل النحوالتايل:

7- كان عنرص الصدام األسايس الحقيقي هو أسس بناء الدولة املوحدة الدميقراطية، وهل تبنى إال يف متحف له بات ال مكان الذي القديم النمط أم تؤسس عىل ذلك الحديث النمط عىل التاريخ اإلنساين؟ هل تقوم الدولة عىل قاعدة مؤسسية واضحة املهام والحدود واملسئوليات أم

22- عبد العاطي محمد : شبح التقسيم , 1994/1/11

23- عبد العاطي محمد : أزمة ثقة , 1994/1/25

24- حسن أبو طالب : 1994/1/26

25- حسن أبو طالب :مالمح فرز سيايس جديد يف اليمن , 1994/2/9

26- احسان بكر : حتى ال تنهار دولة الوحدة , 1994/3/13

Page 88: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

تستمر القبائل مصدراً للنفوذ والسلطة االجتامعية وبالتايل السلطة السياسية يف البالد.)27(

وقد لوحظ هذا النسق من األفكار حتى بعد أربع سنوات من انتهاء الحرب، وبعد تحسن ظرفية حالة ليس الصحفية املعالجة يف االتجاه هذا أن يعني ما واليمن، بني مرص العالقات مرتبطة مبوقف سيايس معني فقط، ولكن له عالقة ما باالتجاهات الفكرية والثقافية للكتاب عىل

النحو الذي تكشف عنه الفكرة التالية:

8- التاريخ لن ينىس أبداً أن البيض والعطاس هام صانعا الوحدة اليمنية الحديثة بعد عدة آالف من السنني والترشذم واالنقسام والضياع، ومن عجائب اليمن أن يحكم عليهام باإلعدام ألنهام

دافعا عن بناء الدولة الحديثة.)28 (

املجموعة الثالثة: القول بأن ما يجرى هو رصاع شخيص عىل السلطة : )7(

يف ظل األزمة السياسية تعاقبت عىل صفحات »األهرام« األفكار التالية :

1- مبعرفة طبيعة الرصاع يتأكد أنه ال يستهدف الرجوع إىل املايض، فاالنفصال ال يريده أحد وال يسعى إليه، وإمنا الذي يريده املتصارعون هو السلطة والسيطرة عىل مقدرات األمور.)29 (

2- هي مشكلة عدم القدرة عىل التعايش بني هويتني كل منهام تسعى ألن تكون لها مناطق نفوذ وتابعون..وهى مشكلة طموح وتطلع إىل اإلنفراد بأحادية السلطة.) 30(

وعندما كان سالمة أحمد سالمة يدفع بالفكرة التالية اىل الطبع كان االنهيار الذي توقعه قد حصل بالفعل، ألن الحرب الشاملة بدأت يف 4 مايو 1994 :

3- تزداد احتامالت اإلنهيار الوشيك بسبب استمرار الرصاع عىل السلطة بني عيل عبد الله صالح

وعيل سامل البيض، أى بني اليمن الشاميل واليمن الجنويب.)31(

27- أمينة شفيق : أزمة مرشوع اليمن الدميوقراطي املوحد , 1994/5/8

28- حسن أبو طالب : عجائب مينية , 1998/4/3

29- أحمد نافع : أزمة اليمن ورصاع الهوية , 1993/12/17

30- زكريا نيل : مشكلة اليمن ال تحل اال عىل أرض اليمن , 1994/3/9

31- سالمة أحمد سالمة : حتى ال منوت بالشعارات , 1994/4/5

88

Page 89: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

89

4- تبدو اليمن مقبلة عىل حرب رضوس يف مواجهة أعداء ال خيار سوى إبادتهم، واملثري للحزن

أن هذه األجواء تتم بني أبناء بلد واحد يدفع به للدخول يف معركة من أجل إبادة نفسه ألغراض

ضيقة وشخصية إىل حد كبري.)32 (

5- من املؤسف أن الرصاع الحايل هو يف صميمه رصاع شخيص عىل السلطة تسانده نزعات قبلية

عشائرية ويجرى فيه استغالل القوات املسلحة واملؤسسات واألحزاب والقبائل ويدفع الشعب

اليمنى الثمن.)33 (

6- اليمن يقاتل اليمن بال سبب منطقي اللهم إال الرصاع القبيل والشخيص عىل السلطة.)34 (

7- رمبا كانت املسألة كلها يف البداية توزيع الغنائم الوحدوية، وحينام اختلفت األنصبة تنازع

القادة وقرر كل طرف أن مبقدوره بالسالح الظفر بالغنيمة وحده..أمل تنشب حرب البسوس كلها

من أجل جمل.)35 (

املجموعة الرابعة: القول بأن ما يجرى هو بسبب غياب الدميقراطية: )6(

1- حاولت كل قيادة أن تحتفظ لنفسها بالسلطة وأن تتآمر يف قرارة نفسها عىل إقصاء الطرف

اآلخر..وظلت الدميقراطية مجرد لعبة للتغطية عىل النوايا الحقيقية وخداع اآلخرين، حتى إنهار

املعبد عىل رؤوس الجميع.) 36(

2- املذهل أن عقدة األزمة يف بساطة حلها، ذلك لو أنهم جربوا عن طواعية واختيار أن يرتكوا

لشعبهم أن يختار ويقرر..لكن القبول بذلك أحياناً هو لب املشكلة.) 37(

32- حسن أبو طالب :لكل اختيار مثن , 1994/5/4

33- سالمة أحمد سالمة : مرض عريب غامض , 1994/5/9

34- صالح الدين حافظ : دراما الهزمية يف حرب األشقاء األعداء , 1994/5/18

35- عبد املنعم سعيد : عىل من يطلق الرصاص ؟ , 1994/5/19

36- سالمة أحمد سالمة..مانديال..درس للعرب, 1994/5/11

37- عاطف الغمري : حرب اليمن ضد اليمن , 1994/5/11

Page 90: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

3- إن املنطق السائد يف مجال السياسة بدول العامل الثالث ال يعرف إال تقاليد اإلنفراد بالسلطة

وأن من حق من يجلس عىل كريس الحكم أن يستخدم كل الوسائل ودون قيد أو رشط ليك يوطد

أركان سلطانه...صحيح أن هذا يؤدي إىل مآس مفجعة ولكن يجب أن نعرتف بالواقع املر، طاملا

ظلت عملية صناعة القرار السيايس خالية من أي دميقراطية حقيقية.) 38(

4- الثابت أن قيادة اليمن مل يكن لديها أي تصور واضح إلنجاز عملية التحول يف إتجاه الدميقراطية

والسياسية الدينية وبالعصبيات القبيل بالفهم ملتبساً ظل الدميقراطية مفهوم وأن والوحدة

القامئة يف اليمن.)39(

5- ما الذي يجعل األوضاع الداخلية تنفجر يف بلد مثل اليمن بالصورة الراهنة هناك، بينام تظل

وحرية السيايس النشاط وحرية الحكم دميقراطية إنها الهند؟ مثل بلد يف متامسكة األوضاع

الصحافة.) 40(

6 - عندما جاءت الوحدة جاءت بقرار فوقي تم إحاطة الشعبني به يك تخرج مظاهرات الفرح،

أحدهام إعالن تم القيادتني بني العالقة ساءت وعندما نفاق، مظاهرات الحقيقة يف وهي

لالنفصال ويف كال الحالتني مل يكن الشعب مشاركاً وال صاحب قرار.) 41(

املجموعة الخامسة: القول بأن األزمة نشأت بسبب الفوارق بني الشطرين: )4(.

38- حازم عبد الرحمن : سلطة بال تقاليد , 1994/5/11

39- سالمة أحمد سالمة : الرسب يف اليمن , 1994/5/19

40- محمد عبد الاله : اليمن والهند , 1994/5/19

41- صالح منترص : املأزق واملأساة , 1994/5/26

90

Page 91: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

91

1 – يف الجنوب كانت قد أقيمت بالفعل املؤسسات الجديدة التي نظمت آليات عمل الدولة

والتي أثرت بالفعل عىل قدرة ونفوذ التقسيمه القبيلة القدمية وهو ما مل يحدث يف الشامل...

ويف الجنوب تواجدت كوادر فنية وإدارية تستطيع أن تكون األساس اإلداري واملهني يف البالد كام

تستطيع املساهمة يف إعداد البناء العام القومي الذي يراعى مصالح الوطن ككل دون إعطاء

الرعاية والعناية الكاملني للتقسيمه القبلية الضيقة األفق..يف الجنوب كان البرش قد تعودوا عىل

القبلية..هذا التكتالت عىل وليس املواطنة عىل القامئة الحزبية الحياة وانضباط وعمل فكرة

التفوق يف التطور وازن التفوق العددي يف الشامل.)42 (

2- تبدو الخالفات يف أن التجربة الحزبية يف الجنوب استطاعت احتواء التقاليد القبلية وتطويقها

وهو أمر مناقض متاماً للتجربة القبلية والحزبية يف الشامل..ولقد استطاع الحزب االشرتايك، ومن

الحزب يومياً، وكان القات السالح ومضغ السيطرة مثاًل عىل عادة حمل القومية، الجبهة قبل

مهيمنا متاماً عىل الحياة السياسية وهي تجربة تختلف متاماً عن تجربة املحافظات الشاملية

نوفمرب االرياىن يف قاده الذي القبيل االنقالب التقليدية..فمنذ القبلية بكل قيمها حيث تسود

1967 استطاعت القبلية أن تسود كل مؤسسات الدولة وتفرغها من مضامني التحديث والتطور

واالنضباط اإلداري.) 43(

3- اصطدام الحزب االشرتايك باإلرث القبيل التاريخي الذي متت إذابته يف املحافظات الجنوبية

أثناء الحكم الشمويل، بينام ظل عىل حاله متاماً يف املحافظات الشاملية.)44 (

4- التناقضات يف اليمن كثرية والخصومات أكرث والقواسم املشرتكة قليلة إن مل تكن غري موجودة

أصاًل بني الشامل والجنوب.)45 (

النفط ورغبة كل طرف يف القول بأن األزمة تعود يف جزء منها إىل ظهور السادسة: املجموعة

42- أمينة شفيق : أزمة مرشوع اليمن املوحد الدميوقراطي , 1994/5/8

43- حسن أبو طالب : رصاع املبادئ واملصالح يف اليمن , 1994/5/8

44- أحمد نافع : املمكن واملستحيل يف أزمة اليمن , 1994/5/27

45- احسان بكر : هل تنجح الوساطة ؟ , 1994/6/19

Page 92: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

االستئثار به: )6(

1- أثناء الحوارات السياسية قبل تدهور األمور طالب قياديون من املؤمتر الشعبي بتخصيص جزء

من موارد النفط يف حدود 10% بحيث تكون خارج املوازنة العامة للدولة وتخصص ملصاريف

الرئيس..وهو ما كان محاًل للرفض من كل القوى السياسية األخرى.) 46(

2- ال يبدو النفط بعيداً عن تفسري قرار الحرب حتى يف حالة اليمن...وهنا تصدق التكهنات

الرئيس الشاميل قد يستخدم الهجوم الحايل عىل الشطر الجنويب لالستيالء عىل التي أكدت أن

املناطق النفطية يف الجنوب والقريبة من الحدود السابقة فيام لو عجز عن الدفاع عن الوحدة

بأي مثن.)47 (

3- يبدو أن إحساس الجنوبيني بوفرة النفط يف أراضيهم قد شجعهم عىل الرتاجع عن الوحدة مع

الشامليني، مثلام شجع الشامليني عىل رضورة التمسك بالوحدة – أعنى التمسك بالنفط- حتى

بقوة السالح عىل الطريقة البسامركية.) 48(

4- ظهر النفظ مبثابة جائزة كربى تغري كل طرف مبحاولة حشد التأييد له والتمسك بسلطاته أماًل

يف الحصول عىل خريات النفط ومرساته.)49 (

5- وهكذا ظهر أن القضية مل تكن األمن الشخيص لقادة الحزب االشرتايك يف عاصمة الوحدة وإمنا

القضية هي بضع آبار للبرتول قرر الحزب االشرتايك االستئثار بها يف رقعة أضيق من اليمن.)50 (

األسود الكنز للسيطرة عىل هذا كبرياً الجنوب ميثل هدفاً بالنسبة لعيل صالح كان برتول - 6

املكتشف حديثاً.)51(

املجموعة السابعة: القول بأن سبب األزمة هو اختالف طرفيها يف فهم وتفسري نتائج االنتخابات

46- حسن أبو طالب : رصاع املبادئ واملصالح يف اليمن , 1994/5/8

47- محمد السيد سعيد : مفتاح الحل السيايس املمكن يف اليمن , 1994/5/11

48- صالح الدين حافظ : دراما الهزمية يف حرب األشقاء األعداء , 1994/5/18

49- سالمة أحمد سالمة : الرساب يف اليمن , 1994/5/19

50- عبد املنعم سعيد : حالة اليمن..عىل من يطلق الرصاص؟ , 1994/5/19

51- صالح منترص : البداية من الوحدة , 1994/5/24

92

Page 93: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

93

النيابية )6(

بعد ظهور نتائج االنتخابات النيابية يف مايو 1993 نرشت األهرام ما ييل:

1- مل يحقق املؤمتر الشعبي كل أهدافه يف االنتخابات فهو مل يحصل عىل األغلبية ومل يستطع

إبعاد الحزب االشرتايك أو تحجيمه متاماً رغم كل الجهود والضغوط التي بذلها طوال عام ونصف

إعالمية عنيفة، القيادات، وحمالت لبعض استقطاب أمنية وعمليات بينها ضغوط العام ومن

وطرح أفكار الدمج الفوري وهى أمور كان لها دورها بالفعل يف تفتيت جهود الحزب االشرتايك

ورصفها بعيداً عن الرتكيز املطلوب ملواجهة متطلبات الحملة االنتخابية.) 52(

2- ألول مرة يشهد اليمن انتخابات نيابية نزيهة عىل أساس التعدد الحزيب، مل يحقق فيها حزب

مبفرده األغلبية املطلقة.)53 (

3- املالحظ أن الحزب االشرتايك يطالب بتمثيل قوي يف الحكومة بحجة أن استمرار مسرية الوحدة

تتطلب ذلك بعد أن فاز الحزب بـ 90% من الدوائر االنتخابية يف املحافظات الجنوبية والرشقية،

مام يعني أن رواسب التشطري مل تنته بعد.)54 (

ويف ظل الحرب تواصلت نفس األفكار كام ييل:

4- املؤمتر الشعبي يؤمن بأن النتائج تكرس اعتباره الحزب األول واألقوى وتسمح له بإقامة نظام

رئايس قوى خاصة بعد تحالفه مع »التجمع اليمنى لإلصالح« بينام الحزب االشرتايك وقد سيطر

عىل املحافظات الجنوبية والرشقية فإنه يكون بذلك الرشيك األسايس يف الحكم.)55(

نفسه الوقت ويف للسيطرة، يريدها كان التي القوة صالح عيل تعط مل االنتخابات نتائج -5

وضعت البيض يف موقف أضعف مام كان يبدو عليه قبل االنتخابات.)56(

6- شعر الحزب االشرتايك بخيبة أمل إثر إجراء االنتخابات فقد كان يتطلع لعدد أكرب من املقاعد

52- حسن أبو طالب : مهام الربملان الجديد , 1993/5/5

53- محمد مصطفى شحاته : اليمن واملسرية نحو الدميوقراطية , 1993/5/14

54- املصدر السابق

55- احسان بكر : الذين هزموا أنفسهم , 1994/5/15

56- صالح منترص : البداية من الوحدة , 1994/5/24

Page 94: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

يف الربملان التي تؤهله ملركز الرشيك الحقيقي الذي يستطيع »مترير« سياسات تحديث الدولة

وفرض سيادة القانون وهو ما تفتقده بالفعل املحافظات الشاملية التي ال ترقى سيادة الدولة

فيها إال يف حدود املدن الكربى.) 57(

الوحدة نحو توجهه يف صادقاً يكن مل اليمنى االشرتايك الحزب بأن القول الثامنة: املجموعة

اليمنية.)5(

1- لوال انقطاع املعونات املالية والتسليحية عن النظام يف الجنوب بعد انكامش االتحاد السوفيتي

ثم سقوطه، ملا كان يف تقديري قد اندمج مع الشامل تحت علم دولة واحدة.)58 (

2- كان قرار الذين يحكمون الجنوب بالوحدة مدفوعاً بالرغبة يف إنقاذ الحزب الوحيد الحاكم من

رياح تهب يف اتجاهه بقوة، من مركز الدائرة التي يدور يف نطاقها، مل تكن الوحدة هي القضية

ولكن إنقاذ الذين يحكمون هو القصد واملبتغى.)59 (

3- رمبا كانت الحقيقة أن الوحدة كانت غطاء ألزمة دولة ماركسية بعد سقوط االتحاد السوفيتي

وبعد زاول األزمة تحت غطاء الوحدة مل يعد هناك مربر الستمرارها.)60 (

4-كان هدف القيادة السياسية يف اليمن الجنويب من تحقيق الوحدة هو الخروج من العزلة التي

وجدت نفسها فيها بعد تغري األوضاع يف موسكو.) 61(

5-الحزب االشرتايك هرب إىل الوحدة من مأزق »التصفية« التي كانت ستلحقه ال محالة نتيجة

املتغريات التي حدثت يف الثامنينيات لكل األنظمة الشمولية وكان الحزب االشرتايك إحدى قواها

الفاعلة عىل املستوى العاملي.)62(

أقلق الذي النحو عىل األمنية األوضاع تردي هو األزمة سبب بأن التاسعة:القول املجموعة

57- أحمد نافع : املمكن واملستحيل يف أزمة اليمن , 1994/5/27

58- زكريا نيل : أزمة الثقة بني الرشكاء ونقاط الخالف يف مسرية دولة الوحدة , 1994/11/7

59- عاطف الغمري : حرب اليمن ضد اليمن , 1994/5/11

60- عبد املنعم سعيد : حالة اليمن ..عىل من يطلق الرصاص؟ , 1994/5/19

61- صالح منترص : البداية من الوحدة , 1994/5/24

62- أحمد نافع : املمكن واملستحيل يف أزمة اليمن , 1994/5/27

94

Page 95: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

95

الجنوبيني )5(

صنعاء يف االشرتايك الحزب مقار االغتياالت..وتعرض محاوالت وكرثة األمنية األوضاع تردي -1

وخمر وعمران ملحاوالت اعتداء.) 63(

الذين الجنوبيني القلق عند 2-إن عدم ضبط أجهزة األمن وإعادة تنظيمها يف وعاء أمني يثري

يرون يف أخطارها تهديداً للوحدة والتنمية واالستقرار بصورة عامة.)64(

وعجز اليمنيني للسياسيني االغتيال ومحاوالت حوادث زيادة الخالف أسباب أبرز بني من -3

األجهزة األمنية عن مالحقة جناتها.)65 (

4- ثم إن لب األزمة كلها لخصتها كلمة قالها نائب الرئيس إىل العاهل األردين وتداولتها املصادر

الصحفية: »إن املشكلة تكمن يف أنه ال يستطيع هو ورفاقه من قادة الحزب االشرتايك اإلقامة يف

صنعاء حتى لو لليلة واحدة إذا مل يسبق ذلك تنفيذ كل البنود األمنية الواردة يف وثيقة العهد

واالتفاق«.) 66(

5- »وثيقة العهد واالتفاق »تعرتف بأن هناك قتلة فارين يف عمليات اغتياالت واسعة، وأن هناك

قتلة غريهم مقبوضاً عليهم، ولكن مل تستطع أن تطولهم يد العدالة..وأن الفارين منهم يف حامية

قوى داخلية لها صالت قرابة ببعض رموز السلطة.) 67(

املجموعة العارشة: القول بأن األزمة نتاج مؤامرة خارجية تستهدف الوحدة والدميوقراطية. )5(

1-هناك أيدي تتحرك لرضب ونسف هذه الوحدة. األطامع واملخططون جاهزون لتفجري الساحة..

واملوقف كله بيد قيادات اليمن ..إذا مل يساعدوا أنفسهم فلن يساعدهم أحد.)68(

63- حسن أبو طالب : الوحدة يف اختبار حاسم , 1992/3/4

64- زكريا نيل : أزمة الثقة بني الرشكاء ونقاط الخالف يف مسرية دولة الوحدة , 19992/11/7

65- حسن أبو طالب : جدل حول رشعية الحكم , 1992/11/11

66- احسان بكر : حتى ال تنهار دولة الوحدة , 1994/3/13

67- زكريا نيل : اىل أي مستقبل مجهول يتجه الشعب اليمني , 1994/5/7

68- احسان بكر : اليمن واالحتامالت الصعبة , 1994/4/17

Page 96: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

2- إجراء االنتخابات وإعالن دستور ، وقيام برملان عرب تصويت دميقراطي أو حتى شبه دميقراطي

يف اليمن تحديداً، أقلق كثريين، خافوا من عدوى هذا الوباء، فعملوا عىل اغتياله بأيدي أصحابه

أنفسهم حتى ال تتهم جهات خارجية باغتياله.) 69(

3- لقد ابتلع الطرفان الشاميل والجنويب الطعم الذي ابتلعه بعث العراق، ومل يكن أحد منهام

اليمن يف الوليدة الدميقراطية ونسف الحزبية التعددية تجربة رضب هو الهدف أن يدري

واإلجهاز عىل دولة الوحدة التي كانت تخطو بثقة لألمام.)70 (

4- إن ما يجرى يف اليمن هو مشهد جديد مكرر ملأساة الخليج، وإن الفرقاء يف حرب الخليج

متداخلون بشكل أو بآخر الستكامل تصفية الحسابات، ويبقى التساؤل مرشوعاً: هل هي حرب

باإلنابة فعاًل ؟)71 (

5- لكل جانب حججه وأسبابه ومؤيدوه الرسيون والعلنيون من الدول العربية.)72 (

املجموعة الحادية عرشة:القول بأن سبب األزمة هو عدم كفاية الفرتة االنتقالية )4(

1-جدل سيايس عقيم حول الفرتة االنتقالية وقابلية متديها.) 73(

2- إنه من أجل أن تنهض دولة موحدة متامسكة ومرتابطة، عليها أوالً أن تهيئ األرضية الصالحة

التي تبدأ منها مشوارها الطويل وتتحرك عليها جامهريها يف ثبات وثقة، دون أن ترتك عىل ترابها

رواسب األحقاد والخالفات..وتتحسب خطاها خطوة خطوة حتى لو قطعت يف سبيل سالمتها

عرشات العقود.) 74(

3- تحددت فرتة انتقالية قصرية مل ينجح فيها الطرفان يف تحقيق الدمج.)75(

69- صالح الدين حافظ : دراما الهزمية يف حرب األشقاء األعداء , 1994/5/18

70- احسان بكر : الذين اغتالوا اليمن , 1994/5/22

71- عبد العاطي محمد : حرب باالنابة : 1994/5/24

72- سالمة أحمد سالمة : فريوس حرب الخليج , 1994/5/26

73- حسن أبو طالب : الوحدة أمام اختبار حاسم , 3/4/ 1992

74- زكريا نيل: أزمة الثقة بني الرشكاء ونقاط الخالف يف مسرية دولة الوحدة , 1992/11/7

75- أحمد نافع : املمكن واملستحيل يف أزمة اليمن , 1994/5/27

96

Page 97: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

97

التي انرصفت منذ الوحدة مل تكن كافية 4- مثة من الشواهد ما يشري إىل أن السنوات األربع

لتحقيق جميع مقومات الدولة املوحدة.)76 (

املجموعة الثانية عرشة:القول بأن سبب األزمة هو عدم دمج الجيش )4(

تعزيز إىل يؤدى مبا وتوحيده ودمجه وتنظيمه الجيش بناء بإعادة يتمسكون 1-الجنوبيون

إىل خارج نقله وأن لتمركزه يف كل من صنعاء وعدن، أنه ال رضورة ويرون الوطنية، الوحدة

املدينتني وتحديد الحجم املناسب له يؤدى إىل إشاعة االطمئنان.) 77(

القوات املسلحة لهام مع، وقد اليمنني منذ أربع سنوات مل يتم دمج الوحدة بني 2-عند قيام

دفعت الوحدات من كال الشطرين إىل اآلخر كاملة كنوع من أنواع مظاهر الوحدة يف حني أن كاًل

منهام مىض إىل اآلخر يحمل معه عقائده العسكرية وتوجهاته التي تختلف طبعاً عن اآلخر.)78 (

3- منذ إعالن الوحدة مل تجر أي محاولة لدمج القوات املسلحة فكل قوة لها قياداتها وعقائدها

تخطيط إىل لدمجها تحتاج التي مواصالتها ووسائل وإعاشتها تدريبها وطرق تسليحها ونظم

معقد وبرامج زمنية تحتاج إىل وقت طويل لهظم كل مرحلة يف التوقيت املحدد لها.) 79(

برغم الحرب نحو الرسيع إنزالقهام سهل مام البعض بعضهام عن مستقالن جيشان 4-هناك

انتشار وحدات من كل منهام يف الشطر األخر.)80 (

املجموعة الثالثة عرشة:القول بأن سبب األزمة هو عدم تحديد صالحيات نائب الرئيس )3(

1- من الناحية الظاهرية البحتة هناك االختالف حول مسألة التعديالت الدستورية التي تشمل

شكل مؤسسة الرئاسة وصالحيات نائب الرئيس إىل جانب املواد الخاصة مبصدر الترشيع وقضية

الحكم املحيل ذي الصالحيات الواسعة.)81(

76- صالح الدين عامر : القانون الدويل وخصوصية الوضع اليمني الراهن , 1994/6/1

77- زكريا نيل : أزمة الثقة بني الرشكاء ونقاط الخالف يف مسرية دولة الوحدة , 1992/11/7

78- كامل شديد : الحرب اليمنية الدائرة وتغيري املسارات االسرتاتيجية لألزمة , 1994/5/10

79- أمني هويدي : مالذي يجري يف اليمن ؟ , 18 /1994/5

80- محمد السيد سعيد : مفتاح الحل السيايس املمكن يف اليمن , 1994/5/11

81- حسن أبو طالب : تعديل الدستور أم تعديل االئتالف , 1993/9/22

Page 98: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

2-عيل سامل البيض مل يؤد القسم القانونية حتى اآلن وهو يطالب بتحديد صالحياته وما هو دوره

يف ظل وجود الرئيس وما هو دوره يف حالة ما إذا حدث شئ للرئيس.) 82(

العهد وثيقة يف ونائبه الرئيس اختصاصات تحديد عىل إرصار أكرث االشرتايك الحزب كان -3

واالتفاق..وبالفعل هناك فقرات مطوله حول هذه االختصاصات لكل منهام.)83 (

املجموعة الرابعة عرشة : القول بوجود مراكز قوى تعطل أي حل لألزمة )3(

1- القوى النافذة التي تستفيد من غياب هيبة القانون وفساد املؤسسات ستعمل بكل قوة من

أجل تعطيل تنفيذ وثيقة العهد أو عىل إفراغها من مضمونها التحديثي، ويربز هنا بعض قادة

التي تقام عليها معسكراتهم هي الوحدات العسكرية الشاملية سابقا والذين يرون أن األرض

ملك شخيص لهم ويترصفون بها لحسابهم الخاص.) 84(

2- قام مسئولون محسوبون عىل حزيب املؤمتر الشعبي العام والتجمع اليمني لإلصالح بتعطيل•

إصدار بيان مشرتك عن لقاء صاللة بني الرئيس ونائبه، وهذا يثري أسئلة صعبة عن حقيقة وجود

مجموعة من السياسيني والعسكريني من هنا أو هناك هدفهم األول االلتفاف عىل أي جهد بناء

الحتواء األزمة.)85 (

3- ال نريد من أحد طريف الرصاع يف صنعاء وعدن أن ينتهي موقفة عند متجيد دور مبارك زايد

،ثم تبقى األمور معلقة بإرادة من يوصفون بأنهم رموز الحكومات الخفية الذين يف يدهم خيوط

حل العقدة اليمنية وال يريدون أن يصل أحد إىل أماكنهم املوغلة يف التضليل.)86(

82- أحمد نافع : أزمة اليمن ورصاع الهوية , 1993/12/17

83- حسن أبو طالب : رصاع املبادئ واملصالح يف اليمن ,1994/5/8

84- حسن أبو طالب : 1994/1/26

صنعاء:مكتبة اليرس , 1995 (ص 74يف افشال ذلك اللقاء (. انظر , عبد الويل الشمريي : ملحمة الوحدة اليمنية : ألف ساعة حرب , ج2 , ط 3 ) • - رصح الدكتور عبد الكريم االرياين بأنه فعال أسهم يف افشال لقاء صاللة قائال: ) ويل الرشف أنني كنت سببا

85- حسن أبو طالب : عقبات أمام املبادرات العربية , 1994/4/13

86- زكريا نيل : يف يد من خيوط العقدة يف حل األزمة اليمنية , 1994/4/16

98

Page 99: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

99

املجموعة الخامسة عرشة: السكوت والتعمية عىل عوامل الضعف. )2(

1- قطب الثنائية يف إدارة شئون الحكم يف دولة الوحدة انسحب إىل الجنوب منذ أكرث من ثالثة

أشهر وأعتكف، ثم امتنع عن الكالم واعتزل الناس، ومؤخراً ظهر يف عدن يلتقى بالفرقاء من رفاق

الثنائية األول يف الحزب االشرتايك ويتلقى االنتقادات والتذمر من تدهور األحوال. بينام قطب

صنعاء يقول : كل شئ هادئ عىل الجبهة.) 87(

2- قد ال تكون املشكلة كبرية إذا وجدت عوامل الضعف يف مجتمع ما ولكن املشكلة الحقيقية

هي ىف السكوت عىل هذه العوامل إنطالقاً من الحرص عىل مصالح ضيفة. واملشكلة الحقيقية

البالد قوة عن الدائم والحديث املجتمع، ىف والفرقة الضعف عوامل عىل التعمية يف تتمثل

وتقدمها املطرد يف مختلف امليادين دون أن يكون هناك ظل كبري يف الحقيقة ملا يقال.) 88(

املجموعة السادسة عرشة: ميل حزب املؤمتر الشعبي العام إىل تحجيم الحزب االشرتايك أو إلغائه.

)2(

1- يكاد يلمح املراقب لألوضاع اليمنية استمرار نربة غري توحيدية يف الخطاب السيايس للمؤمتر

الشعبي حتى بعد مرور 32 شهراً عىل قيام الوحدة، واستمرار كونه أسرياً لرغبة دفينة يف تحميل

رشيكه الحزب االشرتايك خاصة الوزراء الذين ينتمون إليه، مسئولية كل أسباب التدهور، وكأنه

غري مشارك يف املسئولية يف تردى األوضاع يوماً بعد يوم.) 89(

2- توحيد أو دمج حزيب املؤمتر واالشرتايك هو يف األصل رغبة وقرار قيادة املؤمتر الشعبي العام،

طرحته كخيار وحيد ليس عىل الحزب االشرتايك سوى القبول به. وقد توالت الضغوط عىل الحزب

االشرتايك خاصة ذات الطابع االمني، وبدا املؤمتر الشعبي أقرب إىل التضحية باستقرار البالد يف

سبيل تحقيق هدفه بإجبار الحزب االشرتايك عىل قبول خيار الدمج الذي يتضمن عدة معان:

87- زكريا نيل أزمة الثقة بني الرشكاء ونقاط الخالف يف مرسة دولة الوحدة , 1992/11/7

88- رأي األهرام : بني القوة والضعف , 1994/5/10

89- حسن أبو طالب : اللعب بالنار , 1992/12/23

Page 100: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

*احتواء الحزب االشرتايك يف وقت استطاع فيه هذا الحزب أن يطرح نفسه كقوة تحديث وتغيري

مام ساهم، يف اتساع شعبيته.

*التغطية عىل فشل املؤمتر الشعبي العام، وعدم قدرته عىل تطوير نفسه مبا يتناسب مع الواقع

التعددي.

*رضب أحد أساسني قامت عليهام وحدة اليمن، وهو الدميقراطية والتعددية السياسية.) 90(

املجموعة السابعة عرشة: لألزمة أبعاد قبلية وخصوصية عشائرية )2(

1- العديد من املحللني لعنارص األزمة اليمنية يرون فيها خصوصية عشائرية، ومن ثم فإن أي

الجانبني بني الدخول يف حوار أو القتال بوقف قرار إىل بالوصول ليست محكومة لها تسوية

فحسب..ولكن بسبب هذه الخصوصية العشائرية سيظل ملف األزمة مفتوحاً، ما دامت الكيانات

القبلية الشمولية والضاربة يف أعامق املجتمع اليمنى اصبحت متثل »املرجعية« ألي نظام قبيل

والذي البد وأن يأخذ منها الضوء األخرض لتحركه وخاصة يف حالة التحوالت املصريية أو التوجهات

السياسية الكربي.) 91(

2- الخالف بني الشامل والجنوب خالف قبىل.)92 (

املجموعة الثامنة عرشة: القول بوجود أبعاد اقتصادية لألزمة )2(

1- ال ميكن فهم ما يجرى يف اليمن بدون الحديث عن األزمة االقتصادية فقد اندلعت انتفاضة

الخبز وتظاهر آالف املواطنني يف شوارع العاصمة صنعاء وتعز واملدن األخرى بعد أسبوع من

مترد لواء املظالت احتجاجاً عىل ارتفاع األسعار وتأخر رواتب املواطنني والجنود وارتفاع معدل

البطالة ال سيام بعد عودة أكرث من مليون ميني من دول الخليج إثر موقف اليمن املؤيد للغزو

العراقي للكويت، مام حرم البالد من نحو 1.5 مليار دوالر سنوياً هي جملة تحويالت اليمنيني

من العملة الصعبة.) 93(

90- حسن أبو طالب : تراجع عن التعددية , مارس 1993

91- زكريا نيل : اآلمثون واملحرضون والغائبون يف محنة الشعب اليمني ,1994/6/4

92- أنيس منصور : مواقف , 7/3 /1994

93- محمد مصطفى شحاته : مع بداية 1993..أعراض صومالية يف اليمن , 1993/1/1

100

Page 101: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

2- كان متوقعاً وطبيعياً أن تتخذ الدول الخليجية الست موقفاً مضاداً لليمن بقدر ما اتخذت اليمن موقفاً مضاداً من القضية الكويتية الخليجية األمر الذي متت ترجمته عرب سياسات ومواقف عديدة من وقف املعونات واملساعدات إىل نزوح اليمنيني من هذه الدول وصوالً إىل القطيعه

والخصومة حتى اليوم.)94 (

التاسعة عرشة: املركزية الشديدة وعدم األخذ بأفضليات النظامني السابقني للوحدة املجموعة )3(

1- يزيد من الخوف عىل مستقبل الوحدة ذلك األحساس يف الجنوب بأن هناك من يريد اإلخالل باالتفاق الذي تم بأال يطغى نظام عىل آخر تدعياًم للوحدة.)95 (

2- هناك تباين شديد يف عمل اإلدارة يف املحافظات الشاملية عنها يف محافظات الجنوب .. ويبدو ذلك يف سطوة األسلوب املركزي الشديد والدور الكبري للعاصمة صنعاء يف كل شئون املناطق واملدن اليمنية األخرى، وهو أمر يختلف متاماً عن عمل اإلدارة يف املناطق الجنوبية ، والذي يعود إىل أسباب تاريخية، بحيث تبدو أكرث إعتامداً عىل ذاتها يف إدارة شئونها املبارشة... وقد أدى مد أسلوب املركزية الشديدة من الشامل إىل الجنوب إىل بروز العديد من املشكالت الحياتية اليومية

للمواطنني، وهو ما أثار قدراً من النقمة الشعبية عىل الوحدة.)96 (

3- الجنوبيون جميعاً لديهم تحفظاتهم القوية عىل مركزية املامرسة السياسية يف دولة الوحدة وعىل الجوانب القبلية والشخصية ىف هذه املامرسة.)97 (

املجموعة العرشون : بروز حزب تجمع اإلصالح كقوة متطلعة للسطلة )2(

1- إن االستقطاب القبيل واملذهبي والدينى املتمثل يف »تجمع اإلصالح« يلعب دوراً رئيسياً يف إذكاء رصاع األشقاء األعداء الراهن بهدف أن يصفي هؤالء أنفسهم يف حرب املهزومني ليبقى هو يف النهاية القوة املؤهلة الوحيدة لتسلم السلطة بعد تدمري دولة الوحدة، ورمبا بعد ارتداد اليمن

إىل سلطة القبيلة بدالً من سلطة الدولة.)98 (

94- صالح الدين حافظ : دراما الهزمية يف حرب األشقاء األعداء , 1994/5/18

95- أحمد نافع : أزمة اليمن ورصاع الهوية , 1993/12/17

96- حسن أبو طالب : رصاع املبادئ واملصالح يف اليمن , 1994/5/8

97- عبد العظيم حامد : ال غالب وال مغلوب , 1994/5/9

98- صالح الدين حافظ : دراما الهزمية يف حرب األشقاء األعداء , 1994/5/18

101

Page 102: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

القبلية منها والدينية، السلفية، القوى اليمن وقفت الوحدة بني شطري أعلنت دولة 2- حني

الخالف وقع عدن..وحني يف الحاكمني الشيوعيني واملالحدة الكفار مع تتم ألنها الوحدة ضد

داخل دولة الوحدة إنحازت القوى السلفية بكل اجنحتها لدولة الشامل وحاربت معها بالرجال

والسالح ضد قوات وكوادر الحزب االشرتايك يف الجنوب بل أصدرت الفتوى الشهرية بأنهم كفار

يجب إهدار دمهم.)99 (

املجموعة الواحدة والعرشون : أسباب أخرى )4(

1-االختالف يف النشأة السياسية والسامت الشخصية للرئيس ونائبه:

بالنسبة للرئيس هناك الخلفية العسكرية التي استندت فيام بعد إىل تنظيم سيايس شمويل

مل يكن سوى مظلة لتيارات سياسية متناقضة فيام بينها، لكنها منعت من العمل السيايس العلني.

وقد إنعكس هذان العامالن عىل طريقة إدارة الدولة التي اعتمدت عىل دور الرئيس ورغبته

الفردية. وبالنسبة للنائب فقد تدرج يف الكفاح املسلح ضد الوجود الربيطاين، ثم تدرج يف العمل

الحزيب تحت مظلة الجبهة القومية ثم الحزب االشرتايك..وقد أدت هذه النشأة، إىل جانب سامت

املسئولني اختصاصات تتحدد خاللها التي الجامعية كالقيادة االشرتاكية األحزاب العمل داخل

وأدوارهم السياسية والتنفيذية إىل وجود تباينات كبرية بني الرئيس ونائبه كان لها دور يف إدارة

األزمة وتصعيدها إىل حد االقتتال املسلح.) 100(

2-محاولة الجنوبيني إصالح مسار الوحدة بأثر رجعي:

عندما صار من الواضح للجنوبيني أن الحصيلة الحقيقية لتجربة الوحدة ظاملة لهم، مل يجدوا

وسيلة ملراجعتها وتصحيحها سوى بإجبار الساسة والعسكر وشيوخ القبائل يف الشامل عىل تغيري

كامل نهجهم يف إدارة الدولة والسياسة العامة بل وذهنياتهم، ناهيك عن إجبارهم عىل التخيل

عن مصالحهم الذاتية، وهو ما كان مستحياًل بأي مقياس.)101 (

99- صالح الدين حافظ : يف جنة املخطوفني واملتطرفني , 1999/1/27

100- حسن أبو طالب : رصاع املبادئ واملصالح يف اليمن , 1994/5/8

101- محمد السيد سعيد : مفتاح الحل السيايس املمكن يف اليمن , 1994/5/11

102

Page 103: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

3-إنعدام الثقة بني القيادات :

من الواضح أن أزمة انعدام الثقة بني القيادات واألحزاب هي العقبة الرئيسية يف إنهاء

األزمة اليمنية.)102 (

4-الحراك السيايس الذي ولدته الوحدة يف الشامل:

تتداخل أبعاد األزمة مع عملية اجتامعية ذات طابع تاريخي، حيث تتبلور رشائح اجتامعية

جديدة يف طول البالد وعرضها، وخاصة يف املناطق الوسطى وأبرزها »تعز« األكرث سكاناً واألكرث

البالد، وهم يف النشاط االنتاجي والصناعي يف للرضائب، والتي يرتكز فيها أغلب تعلياًم ودفعاً

نفس الوقت محرومون من أي حضور سيايس يف أجهزة السلطة، األمر الذي يزيد من نقمتهم عىل

األوضاع... وقد وجد هؤالء يف الوحدة ما يعزز مطالبهم يف الحكم املحيل وتأكيد مبدأ املواطنة

واملساواة بني املناطق... ورمبا كان الوجود العسكري املكثف من قوات الحرس الجمهوري حول

مدينة تعز مرتبطاً بقمع مثل هذه املطالب املرشوعة.) 103(

الفئة الثالثة: اقرتاح صيغ بديلة للوحدة االندماجية )5(

1- عىل الحزب االشرتايك يف حال تبنيه لخيار الفدرالية أن يعمق طرحه بصورة تعكس التزامه

الفدارلية بدرجة أكرب من يناقش خيار الشعبي أن الرتاجع عنها...وعىل املؤمتر بالوحدة وعدم

العقالنية والهدوء خاصة وأن هناك العديد من تجارب الفدرالية الناجحة، والتي مل تعرب ابدا عن

أي منحي انفصايل وميكن االقتداء بها عند الحاجة.)104 (

2- إذا مل يكن بد من التخىل عن الوحدة يف هذه املرحلة فمن السهل أن يتم االتفاق عىل فدرالية

تجمع بني الدولتني اليمنيتني.) 105(

102- عبد العاطي محمد : أزمة ثقة , 1994/1/25

103- حسن أبو طالب : رصاع املبادئ واملصالح يف اليمن ,1994/5/8

104- حسن أبو طالب : طرح جديد , 1993/12/1

105- سالمة أحمد سالمة : حتى ال منوت بالشعارات , 1994/4/5

103

Page 104: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

3- هل يكون الخيار هو الدعوة إىل إقامة اتحاد بني الدولتني بدياًل عن دولة الوحدة؟ وعندئذ

الذي يحقق ذاتية كل منهام يكون لكىل الطرفني الشامل والجنوب كيانه املستقل، وهو األمر باالنفرد بالسلطة داخل بلده؟ هذا الخيار كان مطروحاً بصورة جادة من جانب الزعيمني العربيني حسنى مبارك وزايد بن سلطان الحتواء األزمة يف بدايتها وتفادي حدوث مضاعفات قد تؤدي إىل

صدام مسلح.) 106(

األساس تدمج للوحدة حيث الدستورية األشكال وأنسب أفضل الفدارلية هي الوحدة إن -4)الدفاع – السياسة الخارجية – التعليم والثقافة( وتحافظ عىل الشخصية الوطنية الخاصة لكل طرف من أطراف الوحدة وذلك للتوفيق بني فعالية نوع من املركزية وواقعية ترعى معطيات

تاريخ األمة وجغرافيتها ووضعها االجتامعي.)107(

5- هناك خيارات متاحة بني الوحدة بصيغتها االندماجية التى أخفقت وبني االنفصال أو التشطري، وطاملا ثبت أن الحرب ال تحمل حاًل فمن الواجب البحث عن حل يف إحدى هذه الخيارات.)

)108

الفئة الرابعة: مناهضة الحرب: )86(

عندما كانت حرب صيف 1994م يف اليمن مجرد احتامل كانت »األهرام« تحذر من ناهضتها »األهرام« بشدة ودعت إىل إيقافها، إمكانية تحولها إىل واقع..وعندما أصبحت واقعاً

وقد أمكن تصنيف األفكار التي ناهضت الحرب إىل أربع عرشة فئة فرعية عىل النحو التايل:

املجموعة األوىل: القول بأن الحرب ليست من جنس الوحدة وإن الوحدة ال تفرض بالحرب)13(

1- يف التاريخ القريب والبعيد مل نسمع عن وحدة كتب لها االستمرار والدوام تم فرضها بقوة السالح.) 109(

العسكرية سواء كان ذلك عىل املستوى املنظور أو القوة 2- ال يفرتض ثبات وحدة من خالل

املتوسط أو البعيد.)110(

106- زكريا نيل : املقامرة أن تستمر صنعاء يف فرض الوحدة بالقوة , 1994/5/14

107- أحمد يوسف القرعي : املأزق اليمني من منظور قومي , 1994/6/21

108- وحيد عبد املجيد : الخيار الثالث , 1994/6/22

109- سالمة أحمد سالمة : مرض عريب غامض , 1994/5/9

110- كامل شديد : الحرب اليمنية الدائرة وتغيري املسارات االسرتاتيجية لألزمة , 1994/5/10

104

Page 105: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

3- القضايا الكربى مثل قضية الوحدة الوطنية ال ميكن يف أي بلد أن تفرض بقوة الحديد والنار،

وإن أمكن ذلك بعض الوقت فإنه لن يكون ممكناً طوال الوقت.) 111(

4- من األخطاء املدمرة يف تداعيات األزمة اليمنية أن تقدم صنعاء عىل فعل ما تراجع عنه عبد النارص يف معالجة كارثة انفصال الوحدة السورية املرصية، وترتكب مغامرة قاتلة يف محاولتها

فرض الوحدة بقوة السالح.) 112(

5- وضع الرئيس عبد النارص قاعدة قومية يصعب إنكارها، قاعدة أن الوحدة ال تفرض بالقوة وإمنا بالرضا بني الشعوب والعمل املشرتك ملواجهة العقبات..ولعل قادة اليمن هم يف حاجة ماسة

إىل تذكر تلك القاعدة والعمل بها.) 113(

6- ان رجل الشارع العادي ضد االنفصال وهو يف نفس الوقت ضد الوحدة التي تتم بالقوة، ألن الوحدة تقوم أساساً عىل التفاهم واملصالح املشرتكة فإذا قامت عىل القهر تحولت إىل احتالل عسكري وهو احتالل يؤدي بالرضورة إىل خلق مقاومة ضده..وهكذا تستمر السلسلة الخبثية يف العمل وتزهق أنفس اآلالف واملاليني ليك يستمتع الطاغية بوضع مؤخرته عىل كريس الحكم.

)114 (

7- خيار فرض الوحدة بالقوة سيزيد من عوامل التمزق الداخىل يف الشامل والجنوب عىل السواء ويفتح الباب عىل مرصاعيه أمام املزيد من عوامل التدخل الخارجى.) 115(.

8- إن استخدام القوة للمحافظة عىل الوحدة هو أمر خاطئ ألن دخول القوة العسكرية القهرية يف هذا املجال يحول الوحدة إىل احتالل ويثري نزعات املقاومة التي لن تجلب عىل الشعب اليمني يف الشامل والجنوب سوى الخسارة والدمار وتبدد املوارد يف حرب أهلية ال تبقى وال تذر.)116 (

9- حتى لو كانت األزمة تتضمن مترداً سياسياً جنوبياً، فإن الحق يف التطور السلمي املتكامل يعلو

يف مرشوعيته عن الحق يف فرض الوحدة بالوسائل الدموية.)117(

111- رأي األهرام : وما زال أمام العقالء متسع , 1994/5/14

112- زكريا نيل : املقامرة أن تستمر صنعاء يف فرض الوحدة بالقوة , 1994/5/14

113- ابراهني نافع : وحدة اليمن بني الحوار والقوة العسكرية , 1994/5/26

114- أحمد بهجت : مرسح العبث , 1994/5/26

115- أحمد نافع : املمكن واملسحيل يف األزمة اليمنية , 1994/5/27

116- رأي األهرام : الخطوة األوىل النقاذ اليمن , 1994/5/27

117- محمد السيد سعيد : رشعية السلم ال رشعية الحرب , 1994/6/1

105

Page 106: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

10- اعرتفت الحكومة اليمنية يف صنعاء بالخسائر الكبرية واألعداد الضخمة من القتىل والجرحى

واملرشدين نتيجة استخدام القوة العسكرية يف فرض الوحدة اليمنية.)118 (

11- إن أحداً ال يقف مع االنفصال، ولكن أحداً يف نفس الوقت ال يقف مع الوحدة التي تؤسسها

الدبابات واملدفعية.)119 (

12- إن أسلوب الوحدة البد أن يتكافأ رشفاً مع غاياتها، ومن ثم فإن القرس بأية وسيلة عمل

مضاد للوحدة فضاًل عن كونه عماًل غري أخالقي وخطراً عىل الوحدة الوطنية داخل كل شعب من

شعوب أطراف الوحدة.)120 (

13- يف الوقت الذي يطالب الجميع بوقف القتال مل يعرتف أحد باالنفصال..وعرب مسئول أمرييك

عن هذا املعنى بقوله إن الوحدة ال ميكن فرضها بالقوة مثلام أن قرار االنفصال ال ميكن اتخاذه

وسط الحرب.)121 (

املجموعة الثانية: القول بأن الوحدة ال تربر القتل )4(

1- قد يبدو من الرضورى أن يعرتف الجميع بأن شعار الوحدة ينبغى أن ال يكون سبباً يف دفع

البالد إىل حرب أهلية.)122 (

2- أي وحدة هذه التي تؤدي إىل سقوط عرشة آالف قتيل يف أسبوع واحد.)123 (

3- املحزن حقاً أن تنتهى تجربة ما للوحدة سواء يف اليمن أو غري اليمن، غري أن من األفضل ألف

118- زكريا نيل :اآلمثون واملحرضون والغائبون يف محنة الشعب اليمني , 1994/6/4

119- احمد بهجت : اليمن السعيد ,1994/6/6

120- أحمد يوسف القرعي : املأزق اليمني من منظور قومي , 1994/6/21

121- وحيد عبد املجيد الخيار الثالث ,1994/6/22

122- سالمة أحمد سالمة حتى ال منوت بالشعارات , 1994/4/5

123- صالح منترص : أي مين نؤيد , 1994/5/11

106

Page 107: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

مرة أن نضمن »االنفصال باحسان عن أن ميوت آالف البرش بسبب عبارة »شعار الوحدة« يف ظروف تجعل الحرب األهلية انفجارأً دورياً.)124(

4- لقد تطورت االنسانية أخالقياً وقانونياً بحيث مل يعد من املمكن القبول بشعار الشأن الداخيل عندما يتصل األمر بأرواح آالف البرش... فيحاة اإلنسان يف كل مكان وبقاؤه املادي واملعنوي وحقه

يف الحياة ليس شأناً داخلياً محضاً وإمنا شأن عاملي.) 125(

املجموعة الثالثة: القول بأن األسلوب الوحيد للدفاع عن الوحدة هو الحوار والتفاوض )6(

1- سيكون أخطر شئ يلجأ إليه أي من األطراف هو تحكيم السالح، فاألزمة ال يوجد لها حل عسكري والسبيل إىل إنهائها هو الحوار املتصل بعيداً عن غرور القوة.)126 (

2- ان درس لبنان ليس بعيداً...فبعد 14 عاماً من الحرب املهلكة عاد الجميع راضخني إىل صيغة ال غالب وال مغلوب التي ينبغي أن تحل عىل أساسها أزمة اليمن.)127 (

3- يف قضايا الوحدة الوطنية ال ميكن اعتبار الحوار السلمي والبناء تنازالً أو رضوخا أو تهاوناً بل عني العقل، والقادة العظام يف كل مكان وأوان هم القادرون عىل جعل الوحدة يف أوطانهم نسيجاً

ملموساً ومحسوساً دون شجار أو قتال.)128 (

4- الوحدة الحقة هي التي تحمي نفسها بالحوار وبرضا الجميع ومشاركتهم يف بنائها والحفاظ عليها.)129 (

5- كان األسلوب الوحيد للدفاع عن الوحدة هو التفاوض الجاد لوضع أسس حقيقة لتحديث إدارة الدولة واملجتمع وبعث عوامل الوحدة والرتابط الحي بني خالياه وأقسامه من خالل توازن

وتكامل املصالح.) 130(

6- ان الحرب مل تكن أبداً وسيلة لحسم األزمات السياسية الداخلية وأن الحوار السيايس املبارش يظل هو املخرج العميل الوحيد، مع عدم استبعاد أي طرف.)131(

124- محمد السيد سعيد : مفتاح الحل السيايس املمكن يف اليمن , 1994/5/11

125- محمد السيد سعيد : رشعية السلم ال رشعية الحرب , 1994/6/1

126- أحمد نافع : أزمة اليمن ورصاع الهوية , 1993/12/17

127- عبد العظيم حامد : ال غالب وال مغلوب , 1994/5/9

128- رأي األهرام : وما زال أمام العقالء متسع , 1994/5/14

129- ابراهيم نافع : وحدة اليمن بني الحوار والقوة العسكرية , 1994/5/26

130- محمد السيد سعيد : رشعية السلم ال رشعية الحرب , 1994/6/1

131- حسن أبو طالب : مفاوضات نيويورك والطريق اىل تكريس االنفصال , 1994/7/6

107

Page 108: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

املجموعة الرابعة: القول بأن الحرب عبثية وليس لها مربر مقبول )12(

اليمن الخوة يف النفس أن يرى العرىب هذا الدم املسفوك يف انه لشيئ صعب وثقيل عىل -1

الوطن الواحد، بل أنه لشئ مر أن يقتتل االشقاء وأن يتبادلو تدمري ما ميلكه الشعب الواحد يف

شامل اليمن وجنوبه.) 132(

2- هي حرب بال غالب، فليس هناك شعب ضد شعب آخر، بل هو الشعب يحارب نفسه متاماً

كام أن اليد اليمنى تفقأ العني اليرسى لنفس الشخص.)133 (

3- هذا الذي يحدث يف اليمن حوار باملدافع والصواريخ وغارات الطائرات يتباهى خالله حكام

اليمن يف الجنوب ويف الشامل بأن هذا أسقط لذاك طائرات ودمر له منشآت، وأنزل به الخسارة

لهو مشهد درامى يتخطى تراجيديا األغريق.)134 (

4- ما يجرى يف اليمن حرب خارسة النها تدور بني أشقاء وأبناء بلد وحد، ومن ثم فإنها لن تنتهي

أبداً مبنترص ففي مثل هذه الحروب املجنونة نخرس فيها جميعاً بجدارة .) 135(

5- اليمن اليوم يخوض حرباً أهلية عبثية ضد مصالح الشعب اليمني واليمنيون وحدهم يدفعون

الثمن من دمائهم وأقواتهم ووحدتهم واحتامالت تقدمهم وانفتاحهم.)136 (

6- لن يستطيع أحد يف العامل العريب وخارجه أن يعرف املنترص من املهزوم يف الحرب التي يحصل

فيها املنترص عىل جثة هامدة.)137 (

7- ال الشامل انترص وال الرشعية التي ارتدوها كقميص عثامن حققت سيطرتها، فكلهم جميعاً

مهزومون.)138(

132- األهرام : درس اليمن القايس , 1994/5/7

133- صالح منترص : أي مين نؤيد , 1994/5/11

134- عاطف الغمري : حرب اليمن ضد اليمن , 1994/5/11

135- رأي األهرام : 1994/5/13

136- صالح الدين حافظ : دراما الهزمية يف حرب األشقاء األعداء , 1994/5/18

137- عبد املنعم سعيد , حالة اليمن ..عىل من يطلق الرصاص , 1994/5/19

138- احسان بكر : الذين اغتالوا اليمن , 1994/5/22

108

Page 109: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

8- ال أعرف من هو الذي أطلق عبارة »اليمن السعيد«، فتاريخ اليمن ال يعكس هذه السعادة

بتطوراته وأفكاره العرص التخلف عن معايشة اعتبار القصد هو إذا كان إال اسمه، البالغة يف

واخرتاعاته هو قمة السعادة.) 139(

9- مل تكن هناك مشكالت مصريية يصعب حلها، وال رصاع عىل األرض أو السيادة أو الرثوات

الطبيعية بني دولينت متنازعتني ميكن تربيره، وال عدوان خارجي من قوى معادية يستدعي اللجوء

إىل السالح لصدها..ومع ذلك سمعنا ترصيحات ونداءات من شخصيات مينية ترفض الجنوح إىل

السلم وتتعهد مبواصلة القتال ولو امتد مئة عام!!) 140(

10- ترص القيادة السياسية يف صنعاء عىل رفض وقف العمليات العسكرية مزهوة بانتصارات

حققتها يف املعركة دون التفات إيل مصلحة اليمن املاثلة يف أن استمرار الحرب سيؤدي إىل مزيد

تعلن الجانبني حيث الشعبية يف القيادات تحسه ما البالد، وهذا به تكتوي الذي الدمار من

رصاحة »بأن املنترص يف هذه الحرب مهزوم«)141 (

11- اليد اليمني تطعن الصدر األيرس، واليد اليرسى تطعن الصدر األمين، وكانت الصورة ىف نهاية

األمر صورة رجل يطعن نفسه بنفسه وميزق جسده بيديه.)142 (

توقف منوها التي الدول يف إال السلطة والرصاع عىل األهلية الحروب مثل هذه تقع ال -12

السيايس والحضاري عند القرون الوسطي... واألمثلة من حولنا كثرية.) 143(

املجموعة الخامسة: القول بأن أي حل يجب أن يبدأ من نقطة وقف القتال )9(

1- الحل الذهبى من وجهة نظري ملعالجة األزمة اليمنية الحالية هو تكثيف الجهود العربية

والدولية اليقاف النريان أوالً، وفصل القوات املتحاربة عن بعضها ، ومن ثم الجلوس إىل مائدة

املفاوضات برصف النظر عن أن الطرفني ميثالن دولة واحدة من الناحية القانونية.)144(

139- صالح منترص : حكاية اليمن السعيد , 1994/5/22

140- سالمة أحمد سالمة : هدنة الستئناف القتال , 1994/5/23

141- أحمد نافع : املمكن واملستحيل يف أزمة اليمن , 1994/5/27

142- أحمد بهجت : اليمن السعيد , 1994/6/6

143- سالمة أحمد سالمة : عواقب حروب األشقاء , 1994/7/9

144- كامل شديد : الحرب اليمنة الدائرة وتغيري املسار االسرتاتيجي لألزمة , 1994/5/10

109

Page 110: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

عىل اليمنية األطراف قدرة مدى يف تكمن املأساة هذه لوقف الحقيقية البداية نقطة -2

القتال حتى لكليهام واملتمثلة يف رضورة وقف الرئيس مبارك التى وجهها للنصيحة األستجابة

ميكن إعطاء الفرصة الكافية لصوت العقل والضمري الذي ينترص للمصلحة اليمنية.) 145(

الوحدات القوات املتحاربة وعودة جميع والفصل بني القتال فوراً البدء هى إيقاف 3- نقطة

املتحاربة إىل قواعدها.)146 (

4- أي حل يبدأ من نقطة وقف القتال ال من نقطة غريها حتى لو كانت سقوط عدن – الذي

يبدو قريبا- يف أيدي الشامل.)147 (

5- ليس رساً أن البعض وضع رشوطاً تعجيزية للتجاوب مع املبادرة املرصية بوقف القتال أيام

عيد األضحى املبارك منها عىل سبيل املثال رضورة أستسالم الجنوب مع حتمية تسليم القيادة

الجنوبية نفسها للقيادة الرشعية ملحاكمتهم.) 148(

6- الحل يبدأ بوقف القتال والفصل بني القوات وعقد مؤمتر وطنى النقاذ البالد.) 149(

7- ان وقف إطالق النار يف اليمن يعد رشطاً أولياً ال غنى عنه لتسوية الجوانب األخرى لألزمة

والقضاء عىل مسببات اشتعالها...وال يزال مطلباً عربياً ودولياً جامعياً.) 150(

انجازات حاسمة من الحرب دون أمد فقد طال الحوار بديل سوى تجدى وال لن الحرب -8

الناحية العسكرية.)151 (

9- عىل األطراف اليمنية أن تثبت أنها مسئولة ولو عىل مستوى وقف إطالق النار فقط.)152(

املجموعة السادسة: القول بأن الحرب أجهضت الوحدة وقضت عليها )10(

145- رأي األهرام , 1994/5/13

146- احسان بكر , الذين هزموا أنفسهم , 15 /1994/5

147- رأي األهرام : الحل ال يزال ممكنا , 1994/5/24

148- ابراهيم نافع : وحدة اليمن بني الحوار والقوة العسكرية , 1994/5/26

149- أحمد نافع : املمكن واملستحيل يف أزمة اليمن , 1994/5/27

150- رأي األهرام : الفرصة األخرية , 1994/6/20

151- عبد العاطي محمد : املهمة الصعبة , 1994/6/21

152- رأي األهرام : حرب ال تريد أن تتوقف , 1994/6/23

110

Page 111: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

قبل الحرب حذرت »األهرام« من عسكرة األزمة وكتبت.

1- أي تدخل بالقوة لحسم األزمة عسكرياً سيكون مغامرة ال يعرف حجم نتائجها، وهى أيضاً

متثل رضبة قاضية ألي أمل يف قيام وحدة بعد ذلك ، إال بعد عدة أجيال.)153 (

2- من املؤكد أنه لن يكون من السهل العودة ببساطة من حالة »الحرب األهلية« إىل »الوحدة

االندماجية« من جديد.)154 (

3- كل املؤرشات تؤكد أن الحفاظ عىل الوحدة االندماجية الكاملة أصبح أمراً صعباً للغاية.)155 (

4- يف اللحظة التى تحركت فيها قوات من الشامل وقوات من الجنوب من اليمن املوحد لتواجه

بعضها بعضاً أدرك العامل العرىب أن قضية الوحدة العربية – وهى ال تزال أعز وأغىل أماين العرب

قاطبة – قد تراجعت إىل الوراء لسنوات طوال.)156 (

5- يتأسف املواطن العرىب عىل الخسائر التي لحقت بالطرفني وعىل السالح العرىب الذي يقتل

العهد الذى مل يجف يف وثيقة الحرب الوحدة املستحيل وعىل يتأسف عىل حلم العرىب.. مثلام

واالتفاق.) 157(

6- أخريا وقع املحظور... أنفصل اليمن الجنويب عن دولة الوحدة.)158 (

الحل استخدام ويجئ والصعاب العقبات من الكثري أمامها زالت ما الحقيقية الوحدة ان -7

العسكرى كام هو جار عرب األسابيع الثالثة املاضية ليضيف إليها ابعاداً مأساوية جديدة ، وليس

كام يقول البعض ليفرض حاًل نهائياً نراه بعيداً متاماً إن مل يكن مستحياًل.)159 (

8- استمرار القتال معناه وأد الوحدة وتقطيع أوصال اليمن.) 160(

153- زكريا نيل : مشكلة اليمن ال تحل اال عىل أرض اليمن , 1994/3/19

154- محمد السيد سعيد : مفتاح الحل السيايس املمكن يف اليمن , 1994/5/11

155- ابراهيم نافع : التدخل العسكري العريب مستحيل يف اليمن ,ملاذا , 1994/5/14

156- احسان بكر : الذين هزموا أنفسهم , 1994/5/15

157-حسن املستكاوي : أي وثيقة وأي عهد واتفاق , 1994/5/13

158- احسان بكر : الذين اغتالوا اليمن , 1994/5/22

159- ابراهيم نافع : وحدة اليمن بني الحوار والقوة العسكرية , 1994/5/26

160- احسان بكر : بعد صدور القرار الدويل , 1994/6/5

111

Page 112: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

تآكلت فرص النار اطالق استمر الوحدة، وكلام الحفاظ عىل القتال ال ميكن معه استمرار -9

الوحدة.)161 (

10- وصلت الوحدة اليمنية إىل نقطة الالعودة بعد أن سال الدم غزيراً عىل رىب اليمن وجباله

ووديانه دون سبب مقنع أو عذر مقبول من الطرفني سوى املصلحة الشخصية للنخب الحاكمة.

) 162(

املجموعة السابعة: القول بأن النرص العسكرى إذا تحقق لن يحل املشكلة )4(

الجانبني.. بني للمرارة جديد سبب يضاف فسوف ، عدن الشامليون ودخل حدث إذا -1

فالجنوبيون لن يسعدوا أن يبقوا مغلوبني ، والشامليون سوف يترصفون ترصف الغالبني.)163 (

النتيجة تعدو الحزب االشرتايك فلن الجنوب وأسقطوا الشامليون يف هزمية قوات اذا نجح -2

انتصاراً عسكرياً يف جولة ، وإذا ذاك سوف يلجأ الجنوبيون املتمرسون يف حرب العصابات منذ

حرب التحرير إىل هذا النوع من الحرب .. وهناك من هم مستعدون للتمويل والتسليح.) 164(

تثبيت دعائم السيايس من قيامها وهو الغرض الحرب هو تحقيق 3- معنى االنتصار يف هذه

الوحدة والعودة إىل املوقف الدستوري والرشعية القامئة وهو ما ال ميكن تحقيقه بعد استخدام

القوة الذى أدى إىل تعميق عدم الرضا للشعب ىف الجنوب الذى سوف يعترب وجود قوات الشامل

لديهم عملية غزو واحتالل البد من مقاومتها.) 165(

العسكرى- حتى الحسم بعد السيطرة وأن للغاية، ذاته صعب بحد العسكرى الحسم ان -4

بافرتاض حدوثه – لن تكون ممكنة وسيؤدى ذلك إىل مزيد من التمزق.)166(

161- رأي األهرام : الفرصة األخرية , 1994/6/20

162- أحمد يوسف القرعي : املأزق اليمني من منظور قومي , 1994/6/21

163- عبد العظيم حامد : ال غالب وال مغلوب , 1994/5/9

164- املصدر السابق

165- أمني هويدي : ما الذي يجري يف اليمن , 1994/5/18

166- رأي األهرام : حرب ال تريد أن تتوقف , 1994/6/23

112

Page 113: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

املجموعة الثامنة: تقييم املوقف العسكرى عىل األرض وترجيح تحول املعارك إىل حرب استنزاف

طويلة لقدرات الجانبني عىل حساب الشعب اليمني الذي سيدفع الثمن. )10(

1- املوقف العسكرى الحايل يشري إىل بداية حرب استنزاف كبرية – لكنها لن تستمر طوياًل ألن

من يتقدم ملن الغلبة تفرض والجنوب والرشق الغرب نحو وإنحدارها الجبلية األرض طبيعة

األراىض املرتفعة تجاه األراىض املنخفضة سيام يف حالة وجود تفوق أو حتى توازن عسكرى بني

الطرفني.)167 (

بني العسكرية القوى توازن إىل تستند وواضحة قوية مؤرشات أعطى الحرب هذه مسار -2

الشامل والجنوب وعدم قدرة أي طرف عىل حسم الحرب املأساوية لصالحه ، وهو األمر الذي

يهدد بأن تتحول إىل حرب استنزاف طويلة.) 168(

3- انه من غري املتوقع أن يتمكن أحد الطرفني من حسم املوقف عسكريا بصورة تجعل الطرف

اآلخر يرضخ ملوقفه رضوخاً كاماًلً ويكف عن الحرب ... وكل ما هنالك أن املعارك الدائرة حالياً

.. فضاًل عام تولده من سوف يرتتب عليها إضعاف الطرفني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ومالياً

نوازع الثأر واالنتقام لدى الجانبني.)169 (

4- يقول الخرباء إن الحرب طويلة ألن الشامل ال ميلك قوة االنتصار وألن الجنوب ال ميلك القدرة

عىل الرد، وإن كان قادراً عىل الصمود والتصدى.)170 (

5- نحن إذن بإزاء حرب استنزاف طويلة األمد لن يوقفها غري معجزة شعبية مينية تنحي عن

قياداتها كل العنارص املسئولة عن هذه النكسة السياسية.) 171(

6- يجمع الخرباء العسكريون عىل أن القتال الناشب لن يحسم لصالح أحد الطرفني.)172(

167- كامل شديد : الحرب اليمنية الدائرة وتغيري املسار االسرتاتيجي لألزمة , 1994/5/10

168- رأي األهرام , 1994/5/13

169- ابراهيم نافع : التدخل العسكري العريب مستحيل يف اليمن , ملاذا , 1994/5/14

170- حسن املستكاوي , 1994/5/17

171- سالمة أحمد سالمة : الرساب يف اليمن , 1994/5/19

172- سالمة أحمد سالمة : هدنة الستئناف القتال , 1994/5/23

113

Page 114: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

7- كان تصور عيل صالح منذ بداية القتال أن األمر لن يتجاوز بضع ساعات ثم قيل بضعة أيام

وتسقط عدن يف أيدي عيل صالح، ولكن األيام طالت وليس هناك ما يشري إىل قرب انتهاء املعركة

بانتصار رسيع يحققه الشامل.)173 (

8- الواقع أن عدم دقة بيانات الحرب الدائرة يف اليمن وكذا عدم توفر بيانات حديثة عنها البد

أن يؤدى إىل تحليالت عسكرية غري صحيحة ومن ثم يلحق بها توقعات سياسية ىف نفس االتجاه.

ويشكلون بالفعل يقاتلون الجنوبيني أن يعنى بدون حسم األن حتي املعارك استمرار ولكن

ثم ومن الدفاع خالل من العسكرية أهدافهم تحقيق ميزة من ويستفيدون عالية مقاومة

استنزاف الطرف اآلخر.)174 (

9- التوازن النسبي يف القدرات العسكرية لألطراف املتصارعة حال دون نجاح الجانب الشاميل يف

تحقيق الحسم الكامل للرصاع لصالحه.) 175(

10- تحاول بعض القوى يف اليمن حسم قضاياها بالقتال وهم ال يدركون أنهم قد يعرفون موعد

الطلقة األوىل لكن يصعب عليهم أو يستحيل معرفة موعد الطلقة األخرية وإعالن إنهاء الحرب.

) 176(

املجموعة التاسعة: القول بأن الحرب خيار شاميل مدروس ومفكر فيه مسبقاً )7(

صنعاء إيل توجه الذي العربية الجامعة وفد لقاء صالح الله عبد عيل الرئيس رفض -1

كام رفض املناشدة التى وجهها األمني العام للجامعة العربية بوقف القتال والعودة إىل مائدة

املفاوضات.. ورفض كذلك مبادرة من مثاىن نقاط قدمها الحزب االشرتايك تتضمن الوقف الفوري

للقتال والعودة إىل املفاوضات لتنفيذ وثيفة العهد واالتفاق والحفاظ عىل ما تبقى من القوات

املسلحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية ومحاكمة املتسببني عن إندالع القتال.)177(

173- صالح منترص : موضوع داخيل , 1994/5/23

174- كامل شديد : بيانات الحرب اليمنية وأدوات التحليل العسكري , 1994/5/25

175- رأي األهرام : حرب اليمن بني الجمود والتصعيد , 1994/5/31

176- احسان بكر : بعد صدور القرار الدويل , 1994/6/5

177- حسن أبو طالب : االحتفال يف ظل املدافع , 1994/5/18

114

Page 115: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

2- يسجل لعيل عبد الله صالح أنه بدهائه استطاع أن »يضحك« عىل البيض عندما أقنعه بتبادل

مع ولكن الوحدة تحقيق والجنوب كمظهر من مظاهر الشامل من املسلحة القوات تحريك

بقاء كل وحدة تابعة لقيادتها... ونتيجة لذلك قام عيل صالح بتحريك قوات من الشامل أرسلها

مثل الشامل قوات أقوى هي القوات هذه تكون أن بالطبع مصادفة تكن ومل الجنوب، إىل

قوات العاملقة التي متثل القوة املدرعة األويل ىف الشامل... قام عيل صالح بنقل هذه القوات

إىل محافظة أبني القريبة من عدن..ويف الوقت نفسه تم نقل قوات من الجنوب إىل الشامل تم

مراعاة وضعها يف أماكن يسهل عند اللزوم محارصتها وعزلها. وهكذا استخدم عيل صالح الفرتة

موقفاً اللزوم عند له بطريقة تضمن املسلحة القوات توزيع الوحدة يف توقيع بعد االنتقالية

عسكرياً متفوقاً.) 178(

3- السلطة الرشعية يف اليمن املوحد ليست فقط للرئيس وإمنا ملجلس رئاسة مل يدع التخاذ هذا

القرار )قرار الحرب(.)179 (

4- تقوم اسرتاتيجية صنعاء عىل شقني: األول سيايس إعالمي يعلن االلتزام الشفهي بقرار االمم

املتحدة ، وهو شق موجه أصاًل ملواجهة الضغوط السياسية الرمزية التى ميارسها املجتمع الدويل،

والتي أثبتت عجزها عن حامية أهل عدن وعن إلزام صنعاء بوقف كامل إلطالق النار... والثاىن

واالستعداد العسكرى البرشى التفوق وتوظيف الزحف ىف االستمرار قوامه واقعي عسكرى

املسبق للحرب ومواصلة حصار عدن وتدمري بنيتها التحتية وأخرياً االجهاز املتدرج عىل مواطنيها

عرب التحكم يف مصادر املياه النقية ومنع تدفقها إىل مرافق املدينة.)180 (

5- ان الرئيس صالح كان أكرث املستفدين من دروس أزمة الكويت، وأهم الشواهد عىل ذلك هو

قبوله العلني لقرارات مجلس األمن حتى ولو مل يكن ينوي تنفيذ القرارات.)181(

6- لن ينيس التاريخ أن عيل عبد الله صالح وهو الرجل الثاىن يف صنع الوحدة هو نفسه صاحب

قرار بدء الحرب كام أعلنها بنفسه يوم 27 أبريل 1994 وصاحب سياسة الحسم العسكري ملشكلة

سياسية معقدة تحتاج أوالً وأخرياً إىل الحوار الوطني وإىل االنفتاح عىل كل القوى السياسية وإىل

178- صالح منترص : كل يف طريق , 1994/5/25

179- محمد السيد سعيد : رشعية السلم ال رشعية الحرب , 1994/6/1

180- حسن أبو طالب : مفاوضات نيويورك والطريق اىل تكريس االنفصال , 1994/7/6

181- عبد العظيم حامد : اليمن ليست الكويت , 1994/7/11

115

Page 116: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

تحكيم العقل.)182 (

6- ان كثرياً من الدالئل يشري إىل وجود مسئولية مبارشة لصنعاء يف بدء الحرب كمخرج أخري إلنهاء

دور الحزب االشرتايك وإعادة صياغة الوضع اليمني وفقاً ألهداف بعيدة املدى.)183 (

7- املجموعة العارشة: القول بأن الحرب مل تكن رضورية وال حتمية ، وإمنا هي فرض حل عسكري

ألزمة سياسية وليس لردع انفصال )7(

1- تقارير دولية موضوعية تؤكد أن القوات الشاملية هي التي بادرت بإطالق النار يف إطار خطة

شاملة ومدبرة عمداً وعن سابق إرصار وترصد لفرض »حل عسكري« نهايئ لألزمة اليمنية.)184 (

السالم )عبد ميني شاميل مسئول لسان خارجية عىل إذاعة عرب ما سمعناه أغرب من انه -2

العنيس( »أن الجهود العربية جاءت متأخرة وبعد أن تطور املوقف عسكرياً« .) 185(

3- ان آمال صنعاء تقوم عىل أساس تحقيق السيطرة عىل عدن عسكرياً قبل حلول الذكرى الرابعة

للوحدة اليمنية يف 22 مايو الحايل، وتأكيد رشعيتها يف حكم الجنوب ليس من خالل الرتايض العام

وإمنا بالدبابات والصواريخ.) 186(

4- بدأت قوات الشامل القتال يف 94/4/27 بالهجوم عىل قوات الجنوب يف عمران 50كم شاميل

صنعاء.)187 (

5- كانت هناك فرصة حقيقية قبل اإلقدام عىل قرار الحل العسكرى إلعادة بناء مؤسسات اليمن

املوحد وفق »وثيقة العهد واالتفاق«.)188(

182- حسن أبو طالب : صفحات امللف ما زالت مفتوحة , 1994/7/13

183- حسن أبو طالب : اعادة فتح امللف , 1994/5/13

184- محمد السيد سعيد : مفتاح الحل السيايس املمكن يف اليمن , 1994/5/11

185- زكريا نيل : املقامرة أن تستمر صنعاء يف فرض الوحدة بالقوة , 1994/5/14

186- حسن أبو طالب : االحتفال يف ظل املدافع , 1994/5/18

187- أمني هويدي : ما الذي يجري يف اليمن , 1994/5/18

188- ابراهيم نافع : وحدة اليمن بني الحوار والقوة العسكرية , 1994/5/26

116

Page 117: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

6- صحيح أن الوحدة يف اليمن قد تحققت عن طريق استفتاء شعبي عام ودستور دميقراطي

مقبول من عموم اليمنيني إال أن اإلخالل الجسيم بالتوازن السيايس واالقتصادى قد ادى إىل أزمة

سياسية أوقفت البناء الدستوري والقانوين كله عن العمل وكان من الواجب إعادة تشغيل هذا

البناء باتفاق سيايس وليس بغزو عسكرى.) 189(

7- الحرب التي يشنها الرئيس صالح ليست ضد غزو عسكرى يقوم به اتجاه سيايس... مل يكن

للحرب ضد وليس سابقاً تالياً هناك غزو عسكرى وإمنا احتجاج سيايس..وإعالن االنفصال جاء

الجنوب.) 190(

املجموعة الحادية عرشة: مناشدة العرب أن يعملوا أي شئ من أجل وقف الحرب )6(

1-لن ينفع البكاء اليوم عىل اللنب املسكوب وإمنا ما ينفع الناس هو التدخل بحسم وبشدة وبكل

اإلمكانيات والطاقات من جانب العرب اجمعني حتى يتوقف نزيف الدماء والخراب.)191 (

2- ال ميكن ألي عرىب أن يرى هذا الدم املسفوح يف اليمن وهذا الخراب الكبري يف بلد عرىب شقيق

أن تغض أن أي حكومة عربية تستطيع البال، وال ميكن فيام نظن العني هادئ ينام قرير ثم

الطرف عن املجازر التي تروع أبناء الشعب الواحد وتقول أن ما يحدث ىف اليمن شأن داخيل.

)192 (

3- وحتى مع التسليم بصحة ما يقول به البعض بأن هذه الكارثة تعد شأناً داخلياً ، فإننا يف نفس

الوقت ال نستطيع أن نتجاهل أنها شأن عريب اسالمى عام.) 193(

بالدم مباراة عىل متفرجني جميعاً يبدوا وأن شئ عمل العرب يستطيع أال كبرية مأساة -4

والقنابل واملدافع والصواريخ.)194(

189- محمد السيد سعيد : رشعية السلم ال رشعية الحرب , 1994/6/1

190- محمد السيد سعيد : رشعية السلم ال رشعية الحرب , 1994/6/1

191- رأي األهرام : درس اليمن القايس , 1994/5/7

192- محمد عبد الاله : الشأن الداخيل , 1994/5/12

193- رأي األهرام : 1994/5/13

194- صالح منترص : أي مين نؤيد , 1994/5/11

117

Page 118: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

جبال يف املشتعلة والنار ... للجنوب املقاومة حق أو الشامل من رشعية أكرب الكارثة ان -5

وهضاب اليمن ينبغى اإلرساع بإطفائها قبل أن ميتد الرشر منها ، وقبل أن تضيع إمكانات الحل

اليمني الذايت وقبل أن تتبدد فرصة العمل العريب للتدخل واالنقاذ.)195 (

6- انه عار عىل اليمن أن يستمر القتال.. وعار عىل األمة العربية كلها أن تعجز عن وقف الحرب..

وال يبقى أمامنا سوى أن يفيق عقالء األمة يك يضعوا حداً لنزيف الدم.)196 (

املجموعة الثانية عرشة: القول بأن تداعيات الحرب ستؤدي إىل التدويل )2(

1- البد أن يتنبه القادة اليمنيون إىل احتامل وقوع تدخل دويل بسبب حساسية وأهمية املوقع

االسرتاتيجي لليمن وقرب مرسح الحرب من منابع البرتول يف دول الجوار.) 197(

2- التدويل قادم لألزمة اليمنية .. نراه رأي العني – ونرجو أن نكون مخطئني- ونعتقد أن تداعي

األحداث سيؤدى حتاًم إليه ال محالة .. وما زلنا نقول إنه باإلمكان حقن الدماء حتى ال يتكرر

أوزار القادمة األجيال وتتحمل سنوات أربع وخالل العربية املنطقة ويف الثانية للمرة الخطأ

مامرسات قادة تصارعوا عىل السلطة وأهملوا مصالح الشعب العليا.) 198(

املجموعة الثالثة عرشة: اإلشارة إىل ضعف النظام العرىب وتربير اللجوء إىل مجلس األمن)3(

1- جاءت األزمة اليمنية بينام العامل العرىب مير بأسوأ ظروف ممكنة، فدول الخليج يف حالة شقاق

عصيبة مع العراق، وباقي دول املرشق العريب مشغولة إىل حد أقيص بعملية السالم مع إرسائيل،

والجزائر يعاين من محنة داخلية تلقي بظاللها عىل الجزء الغريب من العامل العريب، والسودان يعاين

من ويالت التمرد يف الجنوب .... وبالتايل فإن من يتحدثون عن دور للجامعة العربية ال يتحدثون

وهم عىل بصرية كافية، فقوة الجامعة العربية هي محصلة قوة الدول العربية مجتمعة.. وها

نحن نرى رأي العني كم هي القوة العربية منهكة.)199(

195- مريس عطا الله , 1994/5/26

196- احسان بكر : هل تنجح الوساطة , 1994/6/19

197- رأي األهرام , 1994/5/13

198- احسان بكر : بعد صدور القرار الدويل , 1994/6/5

199- رأي األهرام : يف أسوأ الظروف , 1994/5/11

118

Page 119: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

2- واضح متاماً منذ بداية األزمة أنه كانت هناك خطوط اتصال غري مرئية بني صنعاء وبني بعض

دول التعاطف مع مغامرة غزو الكويت الجهاض أي دور تقوم به الجامعة العربية يف احتواء

األزمة..ومل يكن هناك من خيار أمام الدول العربية الحريصة عيل احتواء األزمة وتطويق املعارك

بني الجانبني سوى اللجوء إىل مجلس األمن.)200 (

عىل الضغوط من املزيد مامرسة الدولية القوى من تقتىض اليمن يف املوقف تعقيدات -3

األطراف املتصارعة مبا يساعد عىل تبديد أوهام القوة والتفوق والسيطرة عىل سلوكها الفعيل،

وأيضاً للمساعدة يف دفع هذه األطراف إىل الوصول إىل تسوية مقبولة من كال الجانبني.) 201(

املجموعة الرابعة عرشة: القول بأن الحرب دائرة بني دولتني )3(

باعتبارها اليمن اآلن يف الدائرة الحرب يستبعد تشخيص والدستوري القانوين األساس إن - 1

إىل حد أعامالً حربية تقوم بها دولة ضد دولة أخرى ذات سيادة ، غري أن ذلك يبدو صحيحاً

بعيد من الناحية القانونية ... أما من الناحية الفعلية فهناك استقالل سيايس فعيل برز رسيعاً يف

سياق األزمة السياسية والدستورية التى نشبت مع اعتكاف نائب الرئيس ورفضه القيام بسلطاته

الدستورية من عاصمة الوحدة يف الشامل.)202 (

2- قد يقول قائل إن الوضع اليمني له خصوصية، وهو قابل الستخدام القوة بكل معانيها لفرص

الوحدة وتثبيتها يف مواجهة مجموعة من االنفصاليني املتمردين عىل الرشعية الدستورية..ومثل

هذه املقوالت تبدو غري قابلة للجدل يف ظل أوضاع طبيعية ويف دول موحدة قومياً وإقليمياً ... أما

يف حالة اليمن فإن الوضع مل يصل بعد إىل مرحلة األوضاع الطبيعية رغم مرور أربعة أعوام عىل

قيام الوحدة، واليمنيون أنفسهم وقبل غريهم يتحدثون عن واقع اجتامعى واقتصادى مل يتوحد

يقابله نفوذ آخر لرشائح الشاملية بعد، وعن نفوذ لرشائح اجتامعية وقبلية معينة يف األجزاء

اجتامعية ذات سامت مختلفة متاماً يف املناطق الجنوبية.)203(

200- زكريا نيل : اآلمثون واملحرضون والغائبون يف محنة الشعب اليمني , 1994/6/4

201- رأي األهرام : حرب اليمن اىل أين , 1994/6/5

202- محمد السيد سعيد : مفتاح الحل السيايس املمكن يف اليمن , 1994/5/11

203- ابراهيم نافع : وحدة اليمن بني الحوار والقوة العسكرية , 1994/5/26

119

Page 120: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

3- لو أن األمر تعلق بتمرد صغري أو قيام مجموعة من األفراد يف وجه السلطه الحاكمة يف صنعاء

... الدولية الدستورية الرشعية إطار النظام يف تعمل عىل حفظ الدولة بأن القول قبول لجاز

ولكن عندما يبلغ االقتتال هذا الحد الذي بلغه بني قوات الشامل وقوات الجنوب – وكالهام ما

زال يحتفظ برتكيبته وتكوينه قبل الوحدة – فإن األمر ال ميكن أن ينظر إليه إال ىف ضوء املبادئ

القانونية السابقة )يقصد الدولية(.)204 (

الفئة الخامسة: تأييد جانب الرئيس صالح: )4(

1-إن اإلرادة الجلية لشعب اليمن املوحد قد ارتضت الرئيس عيل عبدالله صالح رئيساً رشعياً

لكل البالد والعباد يف الشامل والجنوب .... والرجل من موقعه هذا عىل رأس الدولة يكون ملزماً

باتخاذ كل اإلجراءات واألفعال الالزمة، مبا فيها استعامل القوة املسلحة من أجل حامية الوطن

اليمني واالبقاء عىل وحدته ... ففعل القوة يف اليمن ال يستهدف صنع الوحدة وإمنا يستهدف

حاميتها.) 205(

2- ال نتوقع من مرص إال أن تكون مع الرشعية طاملا وأن األساليب السياسية قد استنفذت أغراضها

وتجاوزتها األحداث.)206 (

3- إن الحديث يجب أن يجرى اآلن عن مين واحد فقط وليس عن مينني ألن موروث التجزئة قد

انتهى منذ أربع سنوات.) 207(

4- عيل سامل البيض- وإن كان قد وقع وثائق الوحدة مع الرئيس صالح – إال أنه ال ميلك حق

أو سلطان إعالن االنفصال إذا ما ضاقت عليه سبل التعامل مع الرئيس الرشعي للبالد، وإذا ما

الذي يهوى الفظة التي ينكفئ عليها بكل ثقل األيديولوجيا السياسية املناورة أفلست أرصدة

دوماً إىل القاع.)208(

الفئة السادسة: اعتبار االنفصال نتيجة منطقية وطبيعية لقرار الحرب )12(

204- صالح الدين عامر : القانون الدويل وخصوصية الوضع اليمني الراهن , 1994/6/1

205- محمد رضا محرم : الرشعية تستخدم القوة للدفاع عن الوحدة , 1994/6/1

206- محمد رضا محرم , املصدر السابق

207- املصدر السابق

208- نفس املصدر

120

Page 121: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

والقائلة بأن التأكيدات من قبل بعض قادة الحزب االشرتايك مؤخراً للنظر تلك 1- من الالفت

البحث هو يف حامية الوحدة وليس ىف النكوص عنها... وتبدو أهمية هذه التأكيدات يف الرد عىل

املقوالت التي أشاعتها بعض األطراف األخرى حول أن موقف الحزب األشرتايك بات يقوم عىل

الفدرالية كحل لألزمة، وهي مقوالت زعمت أن الحزب االشرتايك يتجه للتخيل عن طرح خيار

الوحدة اليمنية بصيغتها االندماجية القامئة بالفعل منذ مايو 1990.)209(

2- يؤسس الرئيس عيل صالح مواقفة يف سياق رؤية ذات شقني : األول منها أنه ميثل القيادة

وأنه الرشعية« املتمردين عىل االشرتايك »هم الحزب قادة وأن الدستور إىل املستندة الرشعية

يحق له بالتايل معاقبتهم إما بالقتل من خالل الحرب أو املحاكمة التي يصفها بالعادلة أو عىل

األقل بالسامح لهم مبغادرة البالد.... والشق الثاين ، فهو أنه يخوض القتال »دفاعاً عن الوحدة ضد

محاوالت االنفصاليني من الحزب االشرتايك الذين غرروا بالقوات املسلحة«، وكىل الشقني يتجاهل

مسألة حيوية وهى مسألة البدء بالقتال وإهدار كل هذه املوارد املادية والبرشية وإدخال اليمن

يف دوامة ال يعلم سوى الله متى وكيف تكون خامتتها.)210(

3- كان من املفروض أن يتم وقف إطالق النار يف اليمن دون رشوط استجابة للنداء الذي وجهه

الرئيس مبارك .. لكن األستجابة الرسيعة من الرئيس صالح إقرتنت برشوط أجهزت عىل الهدف

منها... حيث أعطى مهلة محددة بثالث أيام تتوقف خاللها العمليات العسكرية برشط أن يسلم

املتمردون أنفسهم للمثول أمام القضاء، وكان معنى ذلك أن يسلم عيل سامل البيض نائب الرئيس

نفسه ومعه سبعة آخرون من كبار املسئولني يف اليمن الجنوىب بينهم رئيس الوزراء .... وقد كان

من الطبيعي أن يأىت رد الزعامء الجنوبيني عىل موقف صنعاء املتشدد بإعالن االنفصال والنكوص

عن الوحدة وأن ترفض صنعاء موقف عدن ويستأنف القتال بعد أن استبعد الرئيس صالح الحوار

واعترب الهدنة مثناً ليك يسلم البيض ورفاقه أنفسهم.)211(

4- بالرغم من إعالن جنوب اليمن انفصاله فقد لوحظ أن ظالل الوحدة ال تزال تخيم عىل التفكري

اليمني يف الجنوب من خالل اإلعالن عن أن الوحدة ستظل هدفاً للجنوبيني.. ولوحظ أيضاً أن

الجنوبيني يتحدثون عن الدستور الذي سيحكم جمهورية اليمن الدميقراطية هو نفس دستور

209- حسن أبو طالب : مبادرات شخصية , 1993/11/10

210- حسن أبو طالب : االحتفال يف ظل املدافع , 1994/5/18

211- سالمة أحمد سالمة : هدنة الستئناف القتال , 1994/5/23

121

Page 122: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

اليمن املوحد... إذن من الواضح أن الخالفات السياسية داخل قيادة اليمن املوحد هى السبب

املبارش يف الحرب التي أندلعت قبل إعالن االنفصال الجنويب بحوايل ثالثة أسابيع.) 212(

5- ال أحد يف اليمن ميثل رشعية الوحدة ، فالذين رفضوا يف صنعاء تنفيذ »وثيقة العهعد واالتفاق«

وفضلوا الخيار العسكرى وفرض حالة الطوارئ وإقالة املسئولني الجنوبيني دون سند سوى الروح

الشطرية واعتقال السياسيني والصحفيني املخالفني يف الرأي، ويضعون نصب أعينهم تدمري عدن

العرب القادة نداءات يرفضون زالوا العريب ككل، وما التاريخ وما تحمله من رموز مضيئة يف

بوقف القتال واالحتكام إىل العقل والحكمة، ويضعون رشوطاً ذات طابع مرسحي كأن يسلم قادة

الحزب االشرتايك أنفسهم إىل أقرب قسم رشطة ويرصون عىل دفع اآلالف من أبناء الشعب اليمنى

يف أتون املعارك دون تدريب كاف ودون قضية سوى البقاء يف السلطة ، هؤالء هم يف رأيي الذين

انقلبوا عىل الوحدة وانتهكوا رشعيتها وهم املسئولون الحقيقيون عن االنفصال.) 213(

6- إن مظاهر االحتفال التي أبداها أبناء عدن ومناطق جنوبية أخرى بحدث االنفصال يكشف

عن حجم التأييد الشعبي لهذه الخطوة وقدر من الرتابط العضوي بني أبناء تلك املناطق والحزب

االشرتايك.)214(

7- إن االنفصال جعل للعسكريني الجنوبيني هدفاً واضحاً يدافعون عنه بعد أن كان هدفاً غامضاً.

) 215(

8- أخطأ البيض ألنه ترسع يف قرار الوحدة عام 1990 وأبطأ يف قرار االنفصال عام 1994..وأخطأ

عيل صالح ألنه يرص عىل تحويل القضية إىل موقف شخيص ضد البيض برصف النظر عن الضحايا.

)216 (

9- إن املسئولية القومية تدعونا إىل تكرار املطالبة واإللحاح عىل رضورة وقف القتال وأن نرتك

مهمة الوحدة ألجيال قادمة تستطيع أن تحقق حلم الوحدة بعد أن تزول رائحة البارود الذى

مهد لخطوة االنفصال.)217(

212- رأي األهرام :الحل ال يزال ممكنا , 1994/5/24

213- حسن أبو طالب : اليمن املوحد ..وداعا , 1994/5/25

214- املصدرنفسه

215- املصدر نفسه

216- صالح منترص : املأزق واملأساة , 1994/5/26

217- رأي األهرام : الخطوة األوىل النقاذ اليمن , 1994/5/27

122

Page 123: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

10- مل يكن املوقف السياسيى يف اليمن قبل إشعال الحرب عمداً هو إعالن انفصال تحتم دفعه

بالوسائل العسكرية، وإمنا كانت هناك أزمة سياسية كشفت عن خالفات حقيقية حول أسلوب

إدارة الدولة املوحدة.)218 (

11- الحوار الدائر يف نيويورك )بني العطاس واالرياين( هو نكسه بكل املعاين لفكرة اليمن املوحد

القوي والقادر كام أنه نكسة لدعاة الحرب وتحقيق انتصار عسكري حاسم وفرض منوذج حكم

يقوم عىل التسلط السيايس، والهيمنة العسكرية عىل كل األنشطة املدنية.)219 (

12-قدمت السلطات اليمنية طلباً لالنرتبول الدويل ملالحقة أربع شخصيات مينية جنوبية وهم:

البيض والعطاس والسييل والجفري، وذلك بتهم تتعلق بإثارة الفوىض وخرق الدستور واإلعداد

ملناقشة أخرى مرة الباب الطلب هذا ويفتح ... األمنية االختالالت وافتعال االنفصال لجرمية

قضية أساسية وهى طبيعة ما قام به هؤالء املعارضون للحكم يف صنعاء وهل هى قضية سياسية

أم أنها قضية جنائية تستحق املالحقة القضائية ... وترتبط بهذا مسألة نحجت صنعاء يف التعتيم

أمام يتحمل مسئوليتها وبالتاىل من االنفصال بخطوة وما عالقتها الحرب بدأ عليها وهى من

الشعب.)220(

الفئة السابعة: القول بصعوبة االعرتاف باالنفصال )4(

1-لن يكون سهاًل أن تتفق الدول العربية عىل االعرتاف بالدولة الجديدة ما مل يكن ذلك عىل الطريق إىل إنهاء القتال.)221(

3- من الصعب أن يحدد العامل موقفاً واضحاً من التطورات األخرية يف األزمة اليمنية قبل أن يحدد العرب أنفسهم موقفاً واضحاً من هذه التطورات وخاصة إعالن انفصال جنوب اليمن.)222(

4- تدل بعض املؤرشات عىل أن العامل العرىب مقبل عىل وضع شبيه ملا حدث أثناء غزو العراق للكويت قبل أربعة أعوام ، فهناك من سيؤيد صنعاء ىف أطروحاتها، وهناك من سيقف مؤيداً

للدولة اليمنية الجديدة.)223(

218- محمد السيد سعيد : رشعية السلم ال رشعية الحرب , 1994/6/1

219- حسن أبو طالب : مفاوضات نيو يورك والطريق اىل تكريس االنفصال , 1994/7/6

220- حسن أبو طالب : اعادة فتح امللف

221- رأي األهرام : قدر مشئوم , 1994/5/23

222- املصدر السابق

223- حسن أبو طالب : اليمن املوحد ..وداعا , 1994/5/25

123

Page 124: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

4- تشري الدالئل إىل أن املشكلة اليمنية يف طريقها لتصبح كارثة عربية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من انشقاقات يف العامل العريب نحن يف غني عنها.)224(

الفئة الثامنة: التأكيد عىل حياد مرص يف أزمة اليمن )4(

1-ال يوجد خالف عىل أن إلحاح الرئيس مبارك يف مطالبة قادة اليمن بوقف القتال والعودة إىل الحوار إمنا ينبع عن موقف مرصي غري منحاز ألي من جانبى الرصاع وعن رغبة مخلصة يف تجنيب

الشعب اليمني مغبة االنقسام والتمزق والحرب األهلية.)225(

2-عندما تدخلت مرص ملحاولة وقف نزيف الدم كان تصور عيل صالح عن خطأ تم تصحيحه أن مرص تسعى إىل وقيعه لتحقيق االنفصال ...لكن مرص نبهته إىل أن مساحات كبرية من أرض

اليمن روتها دماء مرصية ذهبت قبل أن يوجد عيل صالح بهدف تحرير اليمن ووحدته.)226(

3- إن ما تلح عليه مرص هو أن تبقى القوات املسلحة بعيداً، ألنه إذا اقتتل الجيشان فسوف يؤدي هذا إىل االنفصال، وإذا انفصال فسوف يؤدي هذا إىل االقتتال.)227(

4- إذا أيدت )مرص( عيل صالح كان معنى ذلك أنها تؤيد سفك الدماء العربية، وإذا أيدت عيل سامل كانت ترجمة ذلك أنها مع االنفصال..وهذا يعني أن بلداً مثل مرص يف مأزق تجاه املأساة.

)228(

الفئة التاسعة: القول بأن القيادة الجنوبية خاضت معركتها الخارسة قياساً عىل معركة الكويت الرابحة: )1(

*إن الكويت مل تكن جزءا من دولة واحدة مع العراق مثل اليمن الجنويب.

*ال توجد يف اليمن الجنويب مصالح حيوية ألحد يتهددها الحرب للقضاء عىل االنفصال.

*استبقاء الوحدة بالقوة ال يخل بالتوازن االقليمي.

* الحرب للقضاء عىل االنفصال يف جنوب اليمن ال يهدد حقيقة األوضاع يف الدول املجاورة.)229(

224- ابراهيم نافع : وحدة اليمن بني الحوار والقوة العسكرية , 1994/5/26

225- سالمة أحمد سالمة : هدنة الستئناف القتال , 1994/5/23

226- صالح منترص : موضوع داخيل , 1994/5/23

227- املصدر السابق

228- صالح منترص : املأزق واملأساة , 1994/5/26

229- عبد العظيم حامد : اليمن ليست الكويت , 1994/7/11

124

Page 125: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

الفئة العارش: الدعوة إىل مصالحة وطنية إلنهاء آثار الحرب )13(

عندما سقطت عدن بأيدى القوات املوالية للرئيس صالح كتبت األهرام:

1- لن تكون املسألة هنا كام كانت يف زمن الرسول صىل الله عليه وسلم »اذهبوا فأنتم الطلقاء«

وإمنا ستتحول إىل تصفية للحسابات ضحاياها األتباع والجنود واألنصار.. أما الزعامء فلهم مالجئهم

وحساباتهم يف الخارج.)230(

ويف اليوم التايل عاد الكاتب نفسه وكتب:

2- ال يحق للزعامء السياسيني الذين فروا من القتال يف جنوب اليمن وتركوا شعبهم وراءهم أن

يزعموا أن الحرب مل تنته... وال يحق لحكومة صنعاء بعد أن فرضت سلطانها بالقوة العسكرية

تحت شعار الوحدة عىل الجنوب أن تلجأ إىل أية إجراءات انتقامية ضد قواته املستسلمة أو ضد

أعضاء الحزب االشرتايك وإمنا عليها أن تسلك سبيل الرشعية طبقاً للمواثيق الدولية وأن تسعى إىل

انتهاج سياسة حكيمة تقوم عىل املصالحة والعفو وحل املشكالت التي تسببت يف نشوب الحرب

بالحوار والتفاهم«.)231(

وىف السياق نفسه كتبت »األهرام« :

3- يقتىض الجهاد األكرب من القيادة اليمنية أن تنترص عىل انتصارها العسكرى وتسعى ألن تكون

بحق قيادة لكل اليمنيني شامالً وجنوباً ومؤيدين ومعارضني ، ولن يتحقق ذلك إذا أحس املواطن

العفو ... وأول الخطوات نحو تحقيق هذه الخطوة هو أنه يعامل كمغلوب اليمن يف جنوب

العام، ثم السعي بكل الوسائل لتوحيد صفوف الشعب اليمني بكل فئاته وتياراته السياسية يف

عملية مصالحة وطنية ويف إطار نظام دميقراطي تعددى.)232(

وحول صعوبات إجراء مصالحة وطنية كتبت »األهرام« ما يىل:

230- سالمة أحمد سالمة : عواقب حروب األشقاء , 1994/7/9

231- سالمة أحمد سالمة : عدم التدخل يف اليمن , 1994/7/10

232- رأي األهرام : وقت للسالح ووقت للسياسة , 1994/7/11

125

Page 126: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

233- حسن أبو طالب : صفحات امللف ما زالت مفتوحة , 1994/7/13

234- احسان بكر : امللف مل يغلق بعد , 1994/7/17

235- حسن أبو طالب : عقبات أمام الوفاق , ؟/؟/1994

236- رأي األهرام : اليمن واحتواء تداعيات الحرب , 1994/8/7

4- ان تجاوز آثار الحرب يف اليمن )املصالحة( يحتاج إىل طريقة تفكري جديدة تختلف عن تلك

الشهرين الفرتة االنتقالية وتجسدت خري تجسيد طوال التي حكمت نخبة صنعاء يف الطريقة

املاضيني، وقامت عىل استبعاد قوى وتيارات سياسية بكاملها من معادلة الحكم يف اليمن.)233(

واستمرت »األهرام« تلح عىل املصالحة الوطنية كام يىل:

5- كلهم يف اليمن مهزمون – وجميعهم اآلن مطالبون بفتح صفحة جديدة لعالج الجراح وإزالة

األحقاد... والخطوة األوىل واألساسية هي تحقيق مصالحة وطنية حقيقية تقوم عىل ركائز متينة

آخذة يف األعتبار القوى السياسية العديدة داخل البالد.)234(

ومن بني العقبات التى تقف أمام املصالحة الوطنية أشارت »األهرام« إىل حزب اإلصالح:

الحزب متاماً تستبعد باتت اليمن مستقبل إزاء اإلصالح يحملها حزب التي التوجهات إن -6

الطرفني عىل السلطة قرص عىل والعمل السياسية العملية من فصائله بجميع االشرتايك

»املنترصين« يف محنة اليمن ونكبتها.)235(

وبعد شهر من انتهاء الحرب كتبت »األهرام« :

7- إذا كانت مثة فائدة ما بقيت من وراء التجربة األليمة التي شهدها اليمن، فهي تتمثل فقط

االستتباب واالستقرار عرب املزيد من إىل زالت يف حاجة ما الوحدة الوحدة، ولكن استمرار يف

إجراءات حقيقية لتحقيق التوازن بني شطري البالد الستكامل مسرية التطور الدميقراطي.)236(

»كتبت« الحرب أثناء االنفصال أعلنوا الذين القادة باعدام قضائية أحكام وعندما صدرت

األهرام:

8- املنطق يقول أن السيايس يتم احتواءه بالسياسة لكن األمر مختلف يف هذا البلد، فبدالً من

أن يتم إحتواء األزمة الطاحنة عرب تفعيل نداء أو إقرار املصالحة السياسية الشاملة فإذا باألمر

126

Page 127: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

ينتهي بزيادة حدة األزمة ومداها عرب قرارات »قضائية« شملت اعداماً أو سجناً ملدد متفاوته...

أين الحكمة اليمنية؟)237(

ويف السياق نفسه نظرت »األهرام« إىل التعديالت الدستورية والتشكيلة الحكومية التي متت

بعد الحرب عىل أنها من قبيل اقتسام الغنيمة وأن املصالحة الوطنية ليست واردة:

9 - من الناحية اإلجاملية فإن التعديالت الدستورية وتشكيل الحكومة اليمنية القادمة عىل هذا

النحو هي انعكاس حقيقى للدوافع الكامنة التي قادت إىل الحرب بالصورة التي حدثت عليها.

)238(

وعندما انتخب الربملان الرئيس صالح عىل أثر التعديالت الدستورية التي الغت مجلس

الرئاسة الجامعي كتبت »األهرام« :

10 - إن انتخاب الرئيس صالح جاء بصورة تزكية، إذ مل يرشح النواب أحداً غريه، ويأىت األمران –

التعديالت الدستورية وانتخابات الرئيس – كجزء من إعادة ترتيب األوضاع السياسية الداخلية

بعد الحرب.)239(

وقبيل إجراء االنتخابات النيابية للعام 97م كتبت »األهرام« :

11 - يتضح من مجمل عنارص املشهد السيايس اليمني أن االنتخابات القادمة ال تخرج عن كونها

سيناريو معداً سلفاً لتأكيد نتائج ومرياث الحرب األهلية صيف 94م ، ومن ثم فلن تكون حلقة

ىف مسرية التعدد الحزيب، أو حتى تجميد الوضع الراهن عىل ما هو عليه ، وإمنا ستكون خطوة

للوراء شأنها شأن كل الرتتيبات املناهضة لحق الشعوب ىف التطور والحرية.)240(

237- حسن أبو طالب : عجائب مينية , 1998/4/3

238- حسن أبو طالب : اقتسام املغانم , 1994/8/31

239- حسن أبو طالب : سباق ترتيب األوضاع , 1994/10/5

240- حسن أبو طالب : االنتخابات اليمنية سابقة التجهيز , 1997/4/18

127

Page 128: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

وعندما ظهرت نتائج االنتخابات النيابية وحصل املؤمتر الشعبي العام فيها عىل أغلبية

مريحه وكاسحة كتبت »األهرام« :

الداخلية اليمن توجهات عىل تؤثر سوف جديدة حقائق اليمنية االنتخابات كرست - 12

والخارجية عىل السواء ... واألكرث من هذا أعطت لنا مثاًل بارزاً عىل أن السلطة ىف عاملنا العرىب

ميكنها أن توظف أكرث اآلليات الدميقراطية ليس فقط إليجاد حقائق جديدة، وإمنا لتوفري معطيات

لالستمرار واإلنفراد بالحكم عىل نحو غري مسبوق.) (

وعندما امتنع الربملان عن تزكية مرشح املعارضة النتخابات الرئاسة يك ينافس الرئيس صالح

، كتبت »األهرام«:

اليمنية تعكس يف الواقع، استمرار محدودية التعددية التي تجرى بها االنتخابات 13 - صيغة

عملية التوجه الدميقراطي، حيث أن هذه التعددية تبدو ذات طابع شكيل محض، بل إنها قد

البارزين يف حزب الرئيس صالح هو أحد األعضاء الشئ، فمنافس الشئ لزوم تكون من قبيل

املؤمتر الشعبي )حزب الرئيس(.)242(

241- حسن أبو طالب : االنتخابات اليمنية تكرس حقائق جديدة , 1997/5/9

242- أحمد منييس : االنتخابات اليمنية وحدود التحول الدميوقراطي , 1999/9/17

128

Page 129: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

129

احملتوياتالصفحةاملوضوع

4 يف معنى الوحدة 12 محاولة لتقييم تجربة الوحدة

36 القضية الجنوبية : خلفية تاريخية

61 يف عدم أهلية النظام السيايس يف الشامل للوحدة مع الجنوب عام 1990

72 حرب صيف 94

82 القضية الجنوبية يف صحيفة األهرام القاهرية

Page 130: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

Page 131: القضية الجنوبية بين الرواية والدراية

القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية القضية اجلنوبية بني الرواية والدراية

طاهر شمسان