1

2

3

www.icfr.info

00447899806000

info@icfr.info

InternationalFreedomCoalition

@icfrar

International Coalitionfor Freedoms & Rights

4

أدوات القمع في مصردور » القضاء المصري« كأداة من أدوات القمع

االئتالف العالمي للحريات و الحقوق

الملخص 5

المقدمة 6

أوال : القضاء أهميته واستقالله 77 أوال: تعريف أهمية القضاء واستقالله

9 ثانيا: استقالل القضاء والقانون الدولي

ثانيا : مدي تمتع القضاء المصري باالستقاللية 11أوال: العالقة بين استقالل السلطة القضائية ومبدأ سيادة القانون في مصر 11

ثانيا: بعض مظاهر العدوان على السلطة القضائية 12

أواًل: من السلطة التشريعية: 12

ثانيًا: من السلطة التنفيذية 12

ثالثا: مظاهر االنتهاكات المرتكبة من قبل القضاء المصري بعد االنقالب 14انتهاك الحق في النظر المنصف للقضايا 14

انتهاك الحق في محاكمة منصفة في فترة زمنية معقولة 16

عدم استبعاد األدلة المنتزعة نتيجة للتعذيب أو غيره من ضروب اإلكراه 19

انتهاك مبدأ افتراض براءة المتهم 20

رد السلطات المصرية 21

التوصيات 22

5

أدوات القمع في مصردور » القضاء المصري« كأداة من أدوات القمع

االئتالف العالمي للحريات و الحقوق

الملخص :القضــاء كأداة مــن أدوات القمــع ... لــم يكــن ببــال الكثيــر مــن المتابعيــن للشــأن الحقوقــي والقضائــي بمصــر أن يكــون القضــاء الــذي كان حصــن الحريــات والحقــوق والمــاذ األخيــر للمضطهديــن فــي عهــد حســني مبــارك أن يضــاف أداة

مــن أدوات القمــع التــي ُيرتكــب وُيشــرعن باســمها االنتهــاكات بحــق المواطنيــن.

يناقش التقرير كيف أصبح القضاء أداة من أدوات القمع بعد 3 يوليو وحتى اآلن، وينقسم إلى أربعة أقسام:

القســم األول منــه، يبحــث فــي تعريــف أهميــة القضــاء واســتقاله وعلــى هــذا األســاس، حيــث يذهــب فقهــاء القانــون إلــى الحديــث عــن مســتويين مــن اســتقال القضــاء، األول شــخصي أو فــردي، والثانــي موضوعــي أو مؤسســي.

ثــم بعــد ذلــك يتطــرق إلــى اســتقال القضــاء فــي القوانيــن والمعاهــدات الدوليــة التــي تؤكــد علــى مبــدأ اســتقال القضــاء، ــدم ــى ق ــكل إنســان عل ــأن » ل فاإلعــان العالمــي لحقــوق اإلنســان الصــادر مــن األمــم المتحــدة عــام 1948 يقضــى بالمســاواة التامــة مــع اآلخريــن الحــق فــي أن تنظــر قضيتــه محكمــة مســتقلة ومحايــدة نظــرا منصفــا وعلنيــا للفصــل فــي

حقوقــه والتزاماتــه وفــى أي تهمــة جنائيــة توجــه إليــه«.

وقــد بذلــت جهــود متتابعــة مــن قبــل المجتمــع الدولــي لضمــان اســتقال القضــاء، وهــذه الجهــود أثمــرت » اإلعــان العالمــي حــول اســتقال العدالــة “ثــم أعقبــه إعــان »المبــادئ األساســية الســتقال القضــاء«، كمــا تمــت بلــورة مشــروع

إعــان »اســتقال وحيــاد القضــاة والمحلفيــن والمستشــارين ».

ــرد، ــتقال القاضــي كف ــا: اس ــن هم ــن متازمي ــة -بعدي ــق الدولي ــذه المواثي ــا له ــتقال القضــاء -وفق ــدأ اس ــن مب ويتضمــة. ــاء كمؤسس ــتقال القض واس

أمــا القســم الثانــي، فيبحــث فــي مــدى تمتــع القضــاء المصــري باالســتقالية. ويعــرض أوال فــي العاقــة بيــن اســتقال ــاتير ــر الدس ــي آخ ــاء ف ــتورية للقض ــة الدس ــي الحماي ــر ف ــر فينظ ــي مص ــون ف ــيادة القان ــدأ س ــة ومب ــلطة القضائي السالمصريــة المعمــول بهــا، وفــي بعــض مظاهــر العــدوان علــي الســلطة القضائيــة مــن قبــل الســلطة التشــريعية والتنفيذيــة

والتــي تســاهم بشــكل كبيــر فــي التــزاوج الحــادث مــا بيــن القضــاء والســلطات األخــرى.

فيمــا يتحــدث القســم الثالــث حــول أبــرز االنتهــاكات المرتكبــة مــن قبــل الهيئــات القضائيــة أو بســبب تدخــل الســلطات التنفيذيــة فــي عمــل القضــاء ممــا يجعلهــا ترتكــب انتهــاكات عديــدة.

وبحــث المعاييــر الدوليــة الخاصــة بالمحاكمــات العادلــة التــي تحيــل األحــكام مــن دائــرة العدالــة إلــى دائــرة البطــان مــن قبيــل انتهــاك الحــق فــي النظــر المنصــف للقضايــا، وعــدم توافــر عناصــر الحياديــة واالســتقالية والشــفافية والنزاهــة فــي الوقــت الــذي تقــوم بــه الهيئــات القضائيــة منــذ 3 يوليــو وحتــى اآلن؛ خصوصــا مــا كان منهــا متعلــق باالختصــاص وأيضــا عــدم اســتبعاد األدلــة المنتزعــة مــن قبــل الشــرطة والنيابــة العامــة تحــت التعذيــب وعــدم تصــدي المحكمــة إلــى

هــذه االنتهــاكات.

القســم الرابــع، الخــاص بــرد الســلطات المصريــة علــى مــا قدمــه االئتــاف مــن أســئلة حــول مــا ذكــر فــي التقريــر أثنــاء زيــارة وفــوده المتكــررة إلــى مصــر والتــي لــم يصــل لــه أي نــوع مــن أنــواع الــردود بخصوصهــا.

ــه ــات الواجــب اتباعهــا لضمــان قضــاء نزي ــوق التوصي ــات والحق ــدم االئتــاف العالمــي للحري ــر، ق ــام التقري وفــي ختوعــادل.

6

المقدمة :القضــاء كأداة مــن أدوات القمــع ... لــم يكــن ببــال الكثيــر مــن المتابعيــن للشــأن الحقوقــي والقضائــي بمصــر أن يكــون القضــاء؛ الــذي كان حصــن الحريــات والحقــوق، والمــاذ األخيــر للمضطهديــن فــي عهــد حســني مبــارك أن يضــاف أداة

مــن أدوات القمــع التــي ترتكــب وتشــرعن باســمها االنتهــاكات بحــق المواطنيــن.

إن القضــاء ســلطة هامــة فــي أي مرحلــة انتقاليــة سياســية، ألن القضــاء هــو الضمانــة الوحيــدة التــي مــن خالهــا يســتطاع أن تكــون هنــاك حمايــة لهــذا التغييــر السياســي اإليجابــي أو النيــل مــن هــذا التغييــر والحــط مــن قدراتــه، ذلــك أن القضــاة ــوق اإلنســان ــى حق ــة، والمحافظــة عل ــات الفردي ــوا ســدنة للحري ــن يســتطيعون أن يكون ــدون الذي المســتقلين هــم الوحيوالكرامــة، فــي الوقــت الــذي تتغــول فيــه الســلطات السياســية واألمنيــة علــى باقــي الســلطات بعيــدا عــن ذلــك فــإن القضــاة

الخاضعيــن للســلطة السياســية يتــم اســتخدامهم كأداة للقمــع.

بعــد االنقــاب الــذي قــام بــه الجيــش علــى الرئيــس المنتخــب محمــد مرســي فــى الثالــث مــن يوليــو مــن العــام 2013 ، وضــح جليــا أن القضــاء أصبــح ركنــا ركينــا مــن هــذا االنقــاب ؛ بوجــود أكبــر رأس فــي الســلطة القضائيــة وقتهــا فــي

المشــهد الــذي أعلــن فيــه وزيــر الدفــاع عبــد الفتــاح السيســي انقابــه علــي الرئيــس المنتخــب .

ــد ــل قائ ــن قب ــي منصــور م ــار عدل ــا المستش ــتورية العلي ــة الدس ــس المحكم ــب رئي ــم تنصي ــي ت ــت اللحظــة الت ــل كان بالجيــش ووزيــر الدفــاع كرئيــس انتقالــي للبــاد، مشــهد آخــر مــن مشــاهد االنقــاب علــى الدســتور والقانــون، الــذي مــن

ــا فــي البــاد أن يصونــه ويحميــه ال أن ينتهكــه. المفتــرض علــي رئيــس المحكمــة الدســتورية العلي

ــد ــام العســكري الجدي ــتطاع النظ ــا اس ــن خاله ــي م ــخ القضــاء المصــري الت ــي تاري ــة ف ــت اللحظــات الفارق ــك كان تلتطويــع الســلطة القضائيــة بجانــب اســتحواذه علــى الســلطة التشــريعية بعــد أن قــام بحــل آخــر مجلــس منتخــب فــي مصــر

)مجلــس الشــورى( والســلطة التنفيذيــة بحــل الحكومــة.

فــي هــذه اللحظــات أصبــح القضــاء فــي المعادلــة بممثليــه وبأحكامــه؛ المئــات مــن القضايــا واالنتهــاكات التــي ارتكبــت ــا دور ــب القضــاء فيه ــى اآلن لع ــو وحت ــذ 3 يولي ــن من ــش أو الشــرطة ضــد المعارضي ــق الجي ــي مصــر عــن طري ف

ــل. المحل

ورغــم أن الســلطة القضائيــة فــي مصــر ومنــذ قبــل االنقــالب تعانــي حالــة مــن عــدم االســتقاللية إال أنهــا دائمــا مــا كانــت تدافــع عــن نفســها وتتحــرك فــي مطالبتهــا لالســتقاللية التامــة عــن الســلطة التنفيذيــة عــن طريــق أحكامهــا

التــي كانت

إلــى أن وقــع االنقــاب وأصبــح مشــهد التــزاوج بينهــا وبيــن الســلطة التنفيذيــة ومؤسســات الدولــة حالــة واضحــة المعالــم مكتملــة األركان بأيــدي ممثلــي الســلطة القضائيــة نفســها.

فــي هــذا التقريــر نوضــح لمــاذا أصبــح القضــاء أداة مــن أدوات القمــع بعــد انقــاب 3 يوليــو 2013 ومــا تمخــض عنــه مــن انتهــاكات وجرائــم.

نوضــح بدايــة أهميــة اســتقال القضــاء والمواثيــق والمعاهــدات الدوليــة التــي توجــب مثــل هــذا االســتقال كمــا نناقــش أيضــا مــدى االســتقال الــذي عليــه القضــاء فــي مصــر االن وندلــل بوضــوح علــي أبــرز االنتهــاكات التــي يتــم ارتكابهــا

مــن قبــل القضــاء المصــري أثنــاء نظــر القضايــا الخاصــة بالمعارضــة فــي مصــر.

ــادئ ــم المب ــي وأه ــون الدول ــي القان ــاء ف ــتقال القض ــه واس ــاء وأهميت ــتقال القض ــف اس ــح تعري ــم األول، نوض القســتقلة. ــا مس ــة فيه ــلطة القضائي ــل الس ــدول بجع ــزم ال ــي تل ــة الت ــق الدولي والمواثي

امــا فــي القســم الثانــي، فنناقــش مــدى تمتــع القضــاء المصــري باالســتقالية الازمــة التــي تجعلــه يــؤدي دوره، ونظهــر مــدى العاقــة بيــن اســتقال الســلطة القضائيــة ومبــدأ ســيادة القانــون فــي مصــر. فيمــا نبيــن بعــض مظاهــر العــدوان علــى الســلطة القضائيــة مــن قبــل الســلطات األخــرى التنفيذيــة والتشــريعية التــي تجعــل مــن القضــاء جهــة غيــر مســتقلة.

القســم الثالــث، نناقــش فيــه أبــرز االنتهــاكات التــي يتــم ارتكابهــا مــن قبــل القضــاء، حينمــا يقــوم بالنظــر فــي القضايــا الخاصــة بمعارضــي النظــام االنقابــي والتــي تحيلهــا مــن محاكمــات عادلــة إلــى محاكمــات غيــر عادلــة ال يمكــن الوثــوق

بهــا وتحيلهــا إلــى دائــرة البطــان.

7

أوال : القضاء أهميته واستقاللهأوال: تعريف أهمية القضاء واستقالله:

فــي معنــى اســتقال القضــاء يقصــد باســتقال القضــاء، عــدم وجــود أي تأثيــر أو تدخــل مباشــر أو غيــر مباشــر بــأي وســيلة فــي عمــل الســلطة القضائيــة، بالشــكل الــذي يمكــن أن يؤثــر فــي عملهــا المرتبــط بتحقيــق العدالــة، كمــا يعنــي أيضــا منــح القضــاء ســلطة حقيقيــة تســمح لــه بــأن يحظــى بنفــس القــوة المتاحــة للســلطتين التشــريعية والتنفيذيــة؛ وتجعلــه مختصــا علــى مســتوى طبيعــة الهيئــة القضائيــة والصاحيــات المخولــة؛ مــع توفيــر الشــروط الازمــة لممارســتها فــي جــو مــن الحيــاد والمســئولية، باإلضافــة إلــى وجــود ضمانــات خاصــة بحمايــة القضــاة مــن أي تدخــل يمكــن أن تباشــره

الســلطتان التشــريعية والتنفيذيــة فــي مواجهــة أعمالهــم أو ترقيتهــم أو عزلهــم)1( .

ولضمــان االســتقالل التــام للقضــاء، وتحصينــه فــي مواجهــة الضغــوط والمغريــات، وضمــان نزاهتــه وفعاليتــه، البــد مــن توفيــر الشــروط الماديــة والمعنويــة الضروريــة لحســن ســير العمــل القضائــي، وتوفيــر الضمانــات الكافيــة لتنفيــذ األحــكام والقــرارات القضائيــة فــي مواجهــة كل الجهــات التــي ُيحكــم ضدهــا علــى قــدم المســاواة، وإســناد كل مــا يتعلــق بتســيير الجهــاز القضائــي، إلــى هيئــة عليــا تتكــون مــن القضــاة أنفســهم، وال تتدخــل فــي شــئونها أي ســلطة أخــرى، وال أي جهــة مــن خــارج القضــاء، وتتولــى هــذه الهيئــة البــت فــي الوضعيــات اإلداريــة والماديــة للقضــاة بجميــع مســتوياتهم، واتخــاذ القــرارات المتعلقــة بترقياتهــم، أو بتغييــر أماكــن عملهــم، أو بتأديبهــم عندمــا يثبــت لهــا مــا يدعــو إلــى ذلــك، دون أن يكــون ألي ســلطة أخــرى حــق التدخــل أو التأثيــر أو التوجيــه فــي تســيير الجهــاز القضائــي، وال فيمــا يزاولــه القضــاة

مــن عمــل، ومــا يصدرونــه مــن أحــكام)2( .

ــث عــن مســتويين مــن اســتقال القضــاء، األول شــخصي أو ــى الحدي ــون إل ــاء القان ــى هــذا األســاس، يذهــب فقه وعلــي)3( . ــي أو مؤسس ــي موضوع ــردي، والثان ف

1-االستقالل الفردي أو الشخصي

ويقصــد بــه توفيــر االســتقال للقضــاة كأشــخاص، وعــدم وضعهــم تحــت رهبــة أي ســلطة مــن الســلطات الحاكمــة، وأن يكــون خضوعهــم لســلطان القانــون فقــط، عبــر إحاطــة القضــاة ببعــض الضمانــات التــي مــن شــأنها تحقيــق ذلــك الهــدف، وتوفيــر قــدر مــن الضمانــات الوظيفيــة لهــم بمــا يكفــل اســتقالهم وعلــى وجــه الخصــوص تجــاه الســلطة التنفيذيــة، مثــل أن يكــون اختيــار القضــاة مــن قبــل الســلطة القضائيــة، وتوفيــر الحمايــة القضائيــة للقضــاة، وعــدم جــواز عزلهــم بقــرار

مــن الســلطة التنفيذيــة.

كمــا يعنــي المفهــوم الشــخصي، عــدم مســاءلة القاضــي تأديبيــًا أو مدنيــًا عــن األخطــاء التــي تصــدر منــه فــي أثنــاء تأديــة عملــه، إال إذا وصلــت إلــى حــد الغــش أو الخطــأ المهنــي الجســيم، وذلــك حتــى تتوافــر لــه حريــة االجتهــاد فــي إصــدار األحــكام وإبــداء اآلراء، ولمنــع الدعــاوى الكيديــة ضــد القاضــي، باإلضافــة إلــى عــدم جعــل ترقيــة القاضــي أو راتبــه

بيــد الســلطة التنفيذيــة أو التشــريعية، وإنمــا بيــد

ــاد ــك ســيوفر الحي ــا إن ذل ــاده، كم ــى حي ــر عل ــن التأثي ــه م ــة ل ــر الحصان ــن أجــل توفي ــًا، م ــة حصري الســلطة القضائيــواها)4( ــة أو س ــة أو فئوي ــح حزبي ــر لمصال ــاد أي تأثي ــر إبع ــي للقاضــي، عب السياس

)1( إدريس لكريني، »رهان االنتقال الديموقراطي في المغرب: استقاللية القضاء واالنتقال نحو الديمقراطية«، مغرس، 1 يونيو 2010: http://www.maghress.com/essanad/3680

)2( عبدالقادر العلمي، »استقالل القضاء وسيادة القانون«، منشور على منبر عبدالقادر العلمي، 6 ديسمبر 2011 :http://www.elalami.net/index.php?option=com_content&view=article&id=58:2010-01-08-19-5

John Ferejohn, “Independent Judges, Dependent Judiciary: Explaining Judicial Independence”, Southern )3(.California Law Review ,Vol. 72, No.353,1999,p. 355

)4( خالد الكيالني،«استقالل القضاء. ضرورته، ومفهومه، ومقوماته«، الحوار المتمدن، 9 يونيو 2008:-http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=137258 5 المرجع السابق.

8

ــات الســلطتين التشــريعية ــد صاحي ــردي والشــخصي للقضــاة، يجــب تقيي ــق االســتقال الف ــارة أخــرى، لكــي يتحق بعبــا ــي وحده ــح ه ــرض أن تصب ــن المفت ــي م ــة، الت ــلطة القضائي ــة بالس ــور الخاص ــن األم ــة م ــة إزاء مجموع والتنفيذي

ــا: ــور، وأبرزه ــذه األم ــي ه ــة تول المخول

تعييــن القضــاة: وهنــا يجــب أن تراعــي الســلطة القضائيــة توافــر الشــروط الــازم توافرهــا فــي القضــاة، مثــل الكفــاءة والعدالــة والنزاهــة والحيــاد.

األمــن الوظيفــي: بمعنــى ضمــان اســتقرار القضــاة فــي مناصبهــم القضائيــة لفتــرات طويلــة دون عــزل وال فصــل، ممــا يجعــل مــن القاضــي شــخصا ال يرضــخ لمــا قــد يتعــرض لــه مــن ضغــوط، كمــا أن ذلــك يزيــد ثقــة المتخاصميــن

بنزاهــة القضــاء. األمــن المالــي: بمعنــى إعطــاء الهيئــة القضائيــة األجــور المائمــة لمكانتهــم ووضعهــم، ومــا قــد يتعرضــون لــه مــن

مغريــات. ترقيــة القضــاة وتوقيــع الجــزاءات والعقوبــات عليهــم: إذ يجــب أن تعتمــد الســلطة القضائيــة فــي ذلــك علــى معاييــر

محــددة ومعروفــة ســلفا. ضمــان حــق القضــاة فــي حريــة التعبيــر: ألن األحــكام القضائيــة تخضــع بنســبة كبيــرة إلــى رأي القاضــي؛ فــإن تقيــد

رأيــه أصبــح الحكــم مقيــدا بالســلطة التــي قيــدت الــرأي.

2-االستقالل الموضوعي أو المؤسسي أو الوظيفي:

ويقصــد بــه اســتقال القضــاء، كســلطة وكيــان عــن الســلطتين التشــريعية والتنفيذيــة، وعــدم الســماح ألي جهــة بإعطــاء أوامــر أو تعليمــات أو اقتراحــات للســلطة القضائيــة تتعلــق بتنظيــم تلــك الســلطة، كمــا يعنــي عــدم المســاس باالختصــاص األصلــي للقضــاء، وهــو الفصــل فــي المنازعــات بتحويــل االختصــاص فــي الفصل لجهــات أخــري كالمحاكم االســتثنائية، أو المجالــس التشــريعية أو تفويــض صاحيــات القضــاء إلــى اإلدارات التنفيذيــة، وكذلــك بالتعامــل مــع القضــاء كســلطة

وليــس كوظيفــة)5( .ويمكن تأمين هذا المستوى من االستقال عبر مجموعة من اإلجراءات منها:

- عدم تحصين أي عمل من أعمال سلطات الدولة من رقابة القضاء.- عــدم تدخــل الســلطتين التشــريعية والتنفيذيــة فــي عمــل الســلطة القضائيــة أو أمورهــا اإلداريــة؛ كالتنظيمــات الداخليــة

وتقســيم االختصاصــات.- االستقال في األمور المالية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.

- ضمان احترام حجية األحكام وتنفيذها.- ضمــان اســتقال المدعيــن العمــوم والمحققيــن لتحقيــق نزاهــة واســتقال القضــاء، وهــو مــا يتطلــب مراعــاة توافــر المؤهــات العلميــة والمهنيــة المطلــوب توافرهــا فيهــم أثنــاء تعيينهــم، فضــا عــن عــدم ممارســة الســلطتين التشــريعية أو التنفيذيــة ألي مــن الضغــوط علــى أي مــن المدعيــن العمــوم، بحيــث يمارســون عملهــم دون تدخــل مــن أي شــخص

يضــر بســير التحقيــق وعرقلــة االدعــاء بالحــق العــام.

Office of The United Nations Commission of Human Rights, “Basic Principles on the Independence of the )5(Judiciary”, available at: http://www2.ohchr.org/english/law/indjudiciary.htm 7- Ibid

9

ثانيا: استقالل القضاء والقانون الدولي:تؤكــد جميــع المواثيــق الدوليــة علــى مبــدأ اســتقال القضــاء، فاإلعــان العالمــي لحقــوق اإلنســان الصــادر مــن األمــم المتحــدة عــام 1948 يقضــى بــأن » لــكل إنســان علــى قــدم المســاواة التامــة مــع اآلخريــن الحــق فــي أن تنظــر قضيتــه محكمــة مســتقلة ومحايــدة؛ نظــرا منصفــا وعلنيــا للفصــل فــي حقوقــه والتزاماتــه وفــى أي تهمــة جنائيــة توجــه إليــه«)6(

وقــد بذلــت جهــود متتابعــة مــن قبــل المجتمــع الدولــي لضمــان اســتقالل القضــاء، وهــذه الجهــود أثمــرت » اإلعــالن العالمــي حــول اســتقالل العدالــة)7( » ثــم أعقبــه إعــالن المبــادئ األساســية الســتقالل القضــاء)8( ، كمــا تمــت بلــورة

مشــروع إعــالن اســتقالل وحيــاد القضــاة والمحلفيــن والمستشــارين)9( .

ويتضمــن مبــدأ اســتقال القضــاء – وفقــا لهــذه المواثيــق الدوليــة – بعديــن متازميــن همــا: اســتقال القاضــي كفــرد، واســتقال القضــاء كمؤسســة.

ويتجســد اســتقال القضــاة كأفــراد عبــر مجموعــة مــن المؤشــرات؛ يتعلــق أولهــا بكيفيــة التعييــن فــي ســلك القضــاء، ــاءة، ــة والكف ــن ذوي النزاه ــرادًا م ــة أف ــف القضائي ــغل الوظائ ــار لش ــم االختي ــع عليه ــن يق ــون م ــن أن يك ــث يتعي حيوحاصليــن علــى تدريــب أو مؤهــات مناســبة فــي القانــون، ويجــب أن تشــتمل طريقــة اختيــار القضــاة علــى ضمانــات تحــول دون التعييــن فــي المناصــب القضائيــة لدوافــع غيــر ســليمة، ويرتبــط ثانيهــا بأســلوب النقــل حيــث أن »القضــاة ال ينقلــون مــن محكمــة أو مــن مهمــة ألخــرى إال بموافقتهــم، علــى أال يكــون الرفــض إال ألســباب معقولــة » أمــا ثالثهــا، فيتعلــق بالتأديــب أو اإليقــاف أو العــزل حيــث ينبغــي أن تحــدد جميــع اإلجــراءات التأديبيــة وفقــا للمعاييــر المعمــول بهــا

فــي الســلوك القضائــي.

ــن أساســيين؛ يكمــن المعطــى األول فــي اســتقال الســلطة ــى اســتقال القضــاء كمؤسســة مــن خــال معطيي كمــا يتجلالقضائيــة عــن الســلطتين التشــريعية والتنفيذيــة؛ فاســتقال الســلطة القضائيــة عــن الســلطة التشــريعية يبــرز فــي عــدم تدخــل هــذه األخيــرة فــي شــئون األولــى عبــر عــدم إصــدار أي تشــريع يهــدف إلــى نقــض قــرارات قضائيــة محــددة ــة عــن ــر فــي اتخــاذ قراراتهــا، أمــا اســتقال الســلطة القضائي ــر شــكل المحكمــة بقصــد التأثي بمفعــول رجعــى أو تغييالســلطة التنفيذيــة فيبــدو مــن خــال عــدم جــواز ممارســة هــذه األخيــرة أليــة ســلطة مــن شــأنها التدخــل فــي العمليــة القضائيــة وال ممارســة أيــة رقابــة علــى الوظائــف القضائيــة للمحاكــم، وال امتناعهــا عــن القيــام بعمــل، أو إغفالهــا القيــام

بــه اســتباقا لحــل قضائــي لنــزاع محــدد، أو إحباطــا لتنفيــذ ســليم لقــرار إحــدى المحاكــم.

أمــا المعطــى الثانــي فيعــود إلــى واليــة القضــاء علــى األمــور ذات الطابــع القضائــي حيــث » تكــون للســلطة القضائيــة الواليــة علــى جميــع المســائل ذات الطابــع القضائــي، كمــا تنفــرد بســلطة البــت فيمــا إذا كانــت أيــة مســألة معروضــة

عليهــا للفصــل فيهــا تدخــل فــي نطــاق اختصاصهــا مــن عدمــه حســب التعريــف الــوارد فــي القانــون«.

ويمكن تحديد عناصر استقالل القضاء في المواثيق الدولية في ثالثة عناصر؛

ــا أن » النــاس جميعــا ســواء أمــام القانــون، وهــم العنصــر األول يتمثــل فــي ســمو القانــون، فمــن المتفــق عليــه عالمييتســاوون فــي حــق التمتــع بحمايــة القانــون دونمــا تمييــز«)10( .

العنصــر الثانــي وجــود النــص القانونــي، فمــن المتعــارف عليــه أنــه » ال جريمــة وال عقوبــة إال بنــاء علــى نــص)11( «, كمــا ال يمكــن تطبيــق النــص القانونــي بأثــر رجعــى لذلــك فإنــه » ال يــدان أي فــرد بأيــة جريمــة بســبب فعــل أو امتنــاع

عــن فعــل لــم يكــن وقــت ارتكابــه يشــكل جريمــة بمقتضــى القانــون الوطنــي والدولــي «.

)6( انظر الماده العاشرة من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان )7( الصادر عن مؤتمر مونتريال عام 1983

)8( الصادر عن مؤتمر األمم المتحدة السابع بشأن منع الجريمة ومعاملة المذنبين بميالنو سنة 1985 )9( تم تقديمة إلى الجمعية العامة لألمم المتحدة سنة 1988

)10( انظر اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان المادة 7-https://www1.umn.edu/humanrts/arabic/Egypt-SCC-SC/Egypt-SCC العليــا الدســتورية المحكمــة حكــم انظــر )11(

lmth.71Y-94

10

العنصــر الثالــث يتعلــق بوجــود آليــات محــددة ومؤهلــة للتقاضــي، فمــن المقــرر أنــه » لــكل شــخص الحــق فــي اللجــوء إلــى المحاكــم الوطنيــة المختصــة إلنصافــه الفعلــي مــن أيــة أعمــال تنتهــك الحقــوق األساســية التــي يمنحهــا إيــاه الدســتور أو القانــون)12( « كمــا أن » لــكل فــرد الحــق فــي أن يحاكــم أمــام المحاكــم العاديــة أو الهيئــات القضائيــة القائمــة، وال يجــوز إنشــاء هيئــات قضائيــة اســتثنائية أو خاصــة تنتــزع الواليــة القضائيــة التــي تتمتــع بهــا أصــا المحاكــم العاديــة أو

الهيئــات القضائيــة)13( «.

وقــد تــم تقريــر مجموعــة مــن القواعــد الدوليــة يجــب مراعاتهــا واحترامهــا؛ منهــا أوال: حــق كل متهــم بارتــكاب جريمــة أن يعتبــر بريئــا حتــى تثبــت إدانتــه)14( ، وثانيــا: يتمتــع كل متهــم أثنــاء النظــر فــي قضيتــه بضمانــات المحاكمــة العادلــة، ومــن هــذه الضمانــات إخبــاره بســرعة وبتفصيــل عــن طبيعــة التهمــة الموجهــة إليــه وبلغــة يفهمهــا ومنحــه وقتــا كافيــا للتمكــن مــن إعــداد دفاعــه أو االســتعانة بمــن يدافــع عنــه، وأن تجــرى محاكمتــه دون تأخيــر غيــر مبــرر، وأن تجــرى محاكمتــه حضوريــا، إضافــة إلــى تمكينــه مــن مناقشــة شــهود االتهــام بنفســه أو مــن قبــل مــن يدافــع عنــه، وعــدم إكراهــه

علــى االعتــراف)15( .

ووفقــا للمواثيــق الدوليــة تــم االتفــاق علــى مجموعــة مــن القواعــد الواجــب مراعاتهــا فــي التشــريعات الوطنيــة لتحقيــق مبــدأ اســتقال القضــاء أهمهــا:

حــق كل شــخص أديــن بجريمــة طبقــًا للقانــون اللجــوء إلــى محكمــة أعلــى لتعيــد النظــر فــي قــرار إدانتــه، وحــق الشــخص ــل ــدة تحمــل الدلي ــى أســاس واقعــة جدي ــا أبطــل الحكــم الصــادر ضــده عل ــى تعويــض إذا م ــي الحصــول عل المــدان فالقاطــع علــى وقــوع خطــأ قضائــي مــا لــم يثبــت أنــه يتحمــل كليــا أو جزئيــا المســئولية فــي عــدم إفشــاء الواقعــة المجهولــة فــي الوقــت المناســب، كمــا ال تجــوز إعــادة محاكمــة شــخص علــى جريمــة ســبق أن أديــن بهــا أو بــرئ منهــا بحكــم

نهائــي وفقــا للقانــون واإلجــراءات الجنائيــة المتبعــة فــي كل بلــد)16( . وعلــى صعيــد حريــة الدفــاع ... فقــد وردت فــي »الميثــاق الدولــي لحقــوق الدفــاع » مجموعــة مــن القواعــد تشــكل فــي

مجموعهــا دعامــات حريــة الدفــاع:

القاعــدة األولــى؛ باعتبــار التمتــع بحقــوق الدفــاع مــن الدعامــات األساســية التــي ال غنــى عنهــا لحســن ســير العدالــة، وهــو مبــدأ يرتبــط ارتباطــا وثيقــا بمبــدأ اســتقال القضاء.

القاعــدة الثانيــة؛ فتعتبــر الدفــاع الفعــال عــن المتقاضيــن الوســيلة الضروريــة والقاعــدة األساســية للحفــاظ علــى الحقــوق األساســية.

وتكفل القاعدة الثالثة حق كل شخص في االستعانة بمن يدافع عنه وبشكل حر... القاعدة الرابعة أن تكون مشاركة المحامي مشاركة فعالة.

القاعــدة الخامســة تشــدد علــى عــدم جــواز إخــال القوانيــن المتعلقــة باإلجــراءات بحقــوق الدفــاع األساســية طبقــا لمبــدأ ال عقوبــة بغيــر نــص قانونــي.

ــة التامــة ــة والحري ــة الفرصــة الكامل ــة جنائي ــكل محــام فــي قضي ــر ل ــى ضــرورة أن تتوف القاعــدة السادســة فتنــص علــة. ــات العدال ــاع يتفــق مــع مقتضي إلعــداد دف

القاعــدة الســابعة تضــع مجموعــة مــن الواجبــات التــي ينبغــي أن يلتــزم بهــا المحامــي نحــو موكلــه ومنهــا إســداء المشــورة إلــى المــوكل، فيمــا يرتبــط بحقوقــه وواجباتــه القانونيــة واتخــاذ التدابيــر القانونيــة التــي يراهــا مائمــة لحمايــة مصالحــه عنــد االقتضــاء، ومســاعدته أمــام الهيئــات القضائيــة والســلطات اإلداريــة والشــرطة خــال مرحلــة التحقيــق األولــى إلــخ

أمــا القاعــدة الثامنــة واألخيــرة فتكفــل للمحاميــن جميــع الحقــوق الضروريــة للممارســة الفعالــة لمســئولياتهم المهنيــة.

)12( اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الماده 9 )13( اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الماده 8

)14( مــادة )69( الدســتور المصــري المعــدل لعــام 2013 المتهــم بــرئ حتــى تثبــت إدانتــه فــي محاكمــة قانونيــة عادلــة، تكفــل لــه فيهــا ضمانــات ــن ــم والشــهود والمتهمي ــى عليه ــة للمجن ــة الحماي ــر الدول ــات. وتوف ــى الجناي ــون اســتئناف األحــكام الصــادرة ف ــاع عــن نفســه. وينظــم القان الدف

والمبلغيــن عنــد االقتضــاء، وفقــًا للقانــون. )15( أنظــر العهــد الدولــي للحقــوق المدنيــة و السياســية اعتمــد وعــرض للتوقيــع والتصديــق واالنضمــام بموجــب قــرار الجمعيــة العامــة لألمــم

المتحــدة 2200 ألــف )د-21( المــؤرخ فــي 16 كانون/ديســمبر1966 تاريــخ بــدء النفــاذ: 23 آذار/مــارس 1976، وفقــا ألحــكام المــادة 4 )16( أنظــر مجموعــة المبــادئ األساســية بشــأن اســتقالل الســلطة القضائيةوالتــي اعُتمــدت فــي مؤتمــر األمــم المتحــدة الســابع حــول منــع الجريمــة ومعاملــة المجرميــن، المعقــود فــي ميــالن فــي الفتــرة مــن 26 آب/ أغســطس إلــى 6 أيلــول/ ســبتمبر 1985، ووافقــت عليهــا الجمعيــة العامــة فــي

قرارهــا 32/40، المــؤرخ 29 تشــرين الثانــي/ نوفمبــر 1985، وقرارهــا 146/40، المــؤرخ فــي 13 كانــون األول/ ديســمبر 1985.

11

ثانيا: مدي تمتع القضاء المصري باالستقالليةأوال: العالقة بين استقالل السلطة القضائية ومبدأ سيادة القانون في مصر

اعتبــر الدســتور المصــري الصــادر عــام 2013، اســتقال الســلطة القضائيــة هــو الضمانــة األساســية لتحقيــق العدالــة وحمايــة الحقــوق والحريــات العامــة... حيــث أكــدت المــادة 94 مــن الدســتور علــى أن)17( :

»ســيادة القانــون أســاس الحكــم فــي الدولــة. وتخضــع الدولــة للقانــون، واســتقال القضــاء وحصانتــه وحيدتــه ضمانــات أساســية لحمايــة الحقــوق والحريــات«.

ــى أن » التقاضــي حــق ــة اســتقال القضــاء، فنصــت المــادة )97()18( عل ــى كفال ــد حــرص الدســتور المصــري عل وقمصــون ومكفــول للكافــة. وتلتــزم الدولــة بتقريــب جهــات التقاضــي، وتعمــل علــى ســرعة الفصــل فــي القضايــا، ويحظــر ــم ــي، والمحاك ــه الطبيع ــام قاضي ــخص إال أم ــم ش ــاء، وال يحاك ــة القض ــن رقاب ــرار إداري م ــل أو ق ــن أي عم تحصي

االســتثنائية محظــورة«.وأكــدت المــادة )98( علــى كفالــة حــق الدفــاع. كمــا نظمــت المــواد مــن 184 -199)19( الضمانــات الكفيلــة باســتقال القضــاء، فنصــت المــادة )184()20( الســلطة القضائيــة مســتقلة، تتوالهــا المحاكــم علــى اختــاف أنواعهــا ودرجاتهــا، وتصــدر أحكامهــا وفقــًا للقانــون، ويبيــن القانــون صاحياتهــا، والتدخــل فــي شــئون العدالــة أو القضايــا، جريمــة ال تســقط

بالتقــادم«.ــون، ــر القان ــم لغي ــي عمله ــم ف ــزل، ال ســلطان عليه ــن للع ــر قابلي ــتقلون غي ــادة )186()21( »القضــاة مس وجــاءت الموهــم متســاوون فــي الحقــوق والواجبــات، ويحــدد القانــون شــروط وإجــراءات تعيينهــم، وإعاراتهــم، وتقاعدهــم، وينظــم مســاءلتهم تأديبيــًا، وال يجــوز ندبهــم كليــا أو جزئيــا إال الجهــات وفــى األعمــال التــي يحددهــا القانــون، وذلــك كلــه بمــا ــات ــوق والواجب ــون الحق ــن القان ــح. ويبي ــارض المصال ــم، ويحــول دون تع ــتقال القضــاء والقضــاة وحيدته ــظ اس يحف

والضمانــات المقــررة لهــم«.وهــذه الحمايــة الدســتورية الســتقالل القضــاء، وحــق المواطــن فــي اللجــوء إليــه، وحقــه فــي المحاكمــة أمــام قاضيــه الطبيعــي تعــد مــن الحقــوق الطبيعيــة التــي تســمو فــوق الدســاتير نفســها وال يمكــن تغييرهــا، وذلــك لضمــان حمايــة الحقــوق والحريــات األساســية للمواطنيــن. وهــو األمــر الــذي أكــدت عليــه كافــة المواثيــق الدوليــة والمؤتمــرات الدوليــة ــد حــق ــى القضــاء أو تقيي ــإن حظــر اللجــوء إل ــك، ف ــى ذل ــة. وتأسيســًا عل ــور العدال ــة بأم ــة المعني ــة والوطني واإلقليمياللجــوء إلــى القضــاء بــأي شــكل يعتبــر تغــواًل علــى جوهــر رســالته فــي حراســة حقــوق األفــراد وحرياتهــم والتــي تعتبــر

رهنــًا باســتقال القضــاء وحصانتــه.ــن النصــوص ــد م ــتورية العدي ــدم دس ــي مصــر بع ــا ف ــتورية العلي ــة الدس ــى قضــت المحكم ــذا المعن ــى ه ــدًا عل وتأكيالتشــريعية التــي حظــرت الطعــن فــي كثيــر مــن القــرارات وحالــت دون التظلــم منهــا أمــام القضــاء. تأسيســًا علــى أن الحقــوق ال تقــوم وال تؤتــى ثمارهــا إال بقيــام الحــق فــي التقاضــي باعتبــاره الوســيلة التــي تكفــل حمايتهــا والتمتــع بهــا ــى ــة عل ــي الرقاب ــى ســلطاته ف ــا تمــس اســتقال القضــاة وتتغــول عل ــة، ولكونه ــا مــن ناحي ــع عليه ــدوان الواق ورد العمشــروعية مــا تســنه الســلطة التشــريعية مــن قوانيــن ومــا تصــدره الســلطة التنفيذيــة مــن لوائــح وقــرارات مــن ناحيــة

أخــرى.ويوصــم بعــدم الدســتورية كذلــك كل قانــون أو قــرار مــن شــأنه أن ينتــزع المتهــم مــن قاضيــه الطبيعــي ويجعــل محاكمتــه مــن اختصــاص محكمــة اســتثنائية علــى ســند مــن القــول بــأن » كفالــة حــق المواطــن فــي اللجــوء إلــى قاضيــه الطبيعــي ــن األصــول ــبانه م ــتقاله بحس ــى اس ــي عل ــر بغ ــه بغي ــم من ــان المته ــن حرم ــة القضــاء«، وال يمك ــق بوالي ــر يتعل أم

الدســتورية األصيلــة.كمــا يوصــم بعــدم الدســتورية أيضــًا إعطــاء جهــة غيــر قضائيــة ســلطة اختيــار محكمــة دون ســواها لنظــر قضايــا معينــة أو لمحاكمــة طائفــة مــن المتهميــن، ممــا يســتتبع انتــزاع بعــض القضايــا مــن قاضيهــا الطبيعــي، مساســًا بــدور القضــاء ــة. وال ــي المحاكمــة العادل ــم إهــدارًا الســتقاله وإخــااًل بحــق المتهــم ف ــراد وحرياتهــم، ومــن ث ــوق األف كحــارس لحقشــبهة فــي أن اإلخــال يكــون جســيمًا حينمــا تكــون المحكمــة التــي أحيلــت إليهــا الدعــوى أقــل ضمانــًا مــن المحكمــة

المختصــة أصــًا.

)17( أنظر الدستور المصري المعدل لعام 2013 المنشور في الجريده الرسمية بتاريخ 18 يناير 2014)18( أنظر المصدر السابق )19( أنظر المصدر السابق)20( أنظر المصدر السابق )21( أنظر المصدر السابق

12

ثانيا: بعض مظاهر العدوان على السلطة القضائية

أواًل: من السلطة التشريعية:تملــك الســلطة التشــريعية وفقــًا لنــص المــادة 185 مــن الدســتور)22( ، مســألة ترتيــب جهــات القضــاء، واختصاصاتهــا. وبرغــم أن حــدود ســلطة المشــرع العــادي فــي ترتيــب جهــات القضــاء، تقــف عنــد حــدود تنظيــم هــذا االختصــاص، ال

االنتقــاص منــه أو االفتئــات عليــه، ســوف نتعــرض هنــا فقــط إلــى أبــرز عــدوان علــى الســلطة القضائيــة واســتقال القضــاء، والــذي يمثــل فــي ذات الوقــت ــة القضــاء العــادي وإهــدار حــق المواطنيــن فــي ــه يتمثــل فــي ســلب والي أكبــر عــدوان علــى المواطــن المصــري ألناللجــوء لقاضيهــم الطبيعــي مــا نصــت عليــه المــادة )9( مــن قانــون الطــوارئ رقــم 162 لســنة 1958 مــن أنــه »يجــوز لرئيــس الجمهوريــة أو لمــن يقــوم مقامــه أن يحيــل إلــى محاكــم أمــن الدولــة الجرائــم التــي يعاقــب عليهــا القانــون العــام«.فهــي تعــد مــن أبــرز تطبيقــات حجــب اختصــاص المحاكــم العاديــة -صاحبــة االختصــاص األصيــل بنظــر المنازعــات طبقــًا للدســتور -بقــرار غيــر قضائــي اعتــداء علــى اســتقالها وحرمانــًا للمتهــم مــن حقــه فــي أن يحاكــم أمــام قاضيــه

الطبيعــي وإهــدارًا لمبــدأ المســاواة بيــن المواطنيــن.ثانيًا: من السلطة التنفيذية

هــذا عــن مظاهــر اعتــداء الســلطة التشــريعية علــى القضــاء، أمــا عــن اعتــداءات الســلطة التنفيذيــة فحــدث وال حــرج، ولكــن يمكــن إيجــاز أهــم هــذه االعتــداءات علــى النحــو التالــي:

1 – الندب واإلعارة منــذ ســنوات طويلــة، والقضــاة المطالبــون باســتقال القضــاء وإصــاح شــؤونه، يعتبــرون قــرارات نــدب رجــال القضــاء إلــى وظائــف غيــر قضائيــة -والــذي ينظــر إليــه علــى أنــه أحــد أكبــر أبــواب التدخــل فــي شــؤون القضــاء، بــل وإفســاده أيضــا – أكبــر عــدوان للســلطة التنفيذيــة علــى القضــاء، ألنــه ال ينــال فقــط مــن اســتقال القضــاء، ولكــن ينــال أيضــًا

مــن كرامــة القضــاة.2 – سلطات رئيس الجمهورية في القضاء

ــى الســلطة ــًا عل ــة ســلطات كثيــرة تعــد فــي حــد ذاتهــا عدوان ــد مــن القوانيــن لرئيــس الجمهوري يمنــح الدســتور والعديالقضائيــة، مــن أبرزهــا رئاســته للمجلــس األعلــى للهيئــات القضائيــة، وتعييــن رؤســاء هــذه الهيئــات القضائيــة، كرئيــس ــون الســلطة ــة بموجــب قان ــس الجمهوري ــام. ولرئي ــب الع ــا، والنائ ــة الدســتورية العلي ــس المحكم ــة، ورئي ــس الدول مجلالقضائيــة ســلطات واســعة فــي مجــال نــدب القضــاة وإعارتهــم. وال يمكــن أن يــرد علــى ذلــك بــأن هــذه االختصاصــات

يمارســها رئيــس الجمهوريــة بصفتــه رئيســَا للدولــة وليــس رئيســًا للســلطة التنفيذيــة ألنــه يجمــع بيــن الصفتيــن.3 – سلطات وزير العدل في القضاء

يتمتــع وزيــر العــدل بســلطات واســعة فــي اإلشــراف علــى جميــع المحاكــم والقضــاة بموجــب نصــوص قانــون الســلطة القضائيــة، وقانــون المجلــس األعلــى للهيئــات القضائيــة. وهــذه االختصاصــات الواســعة تبــدأ بعضويتــه للمجلــس األعلــى للهيئــات القضائيــة، ورئاســته عنــد غيــاب رئيــس الجمهوريــة، وحــق اإلشــراف العــام علــى جميــع المحاكــم والقضــاة وحقــه فــي إعــادة قــرارات الجمعيــات العموميــة للمحاكــم االبتدائيــة، ونــدب رؤســاء المحاكــم االبتدائيــة، وال تنتهــي بنــدب رؤســاء المحاكــم والقضــاة للعمــل بغيــر محاكمهــم، وحقــه فــي تنبيــه الرؤســاء بالمحاكــم االبتدائيــة والقضــاة وأعضــاء النيابــة العامــة كتابــة وشــفاهة. وهــذه الســلطات الواســعة لوزيــر العــدل تســمح لــه بالتدخــل فــي توزيــع العمــل بالمحاكــم، والعبــث بحصانــة مرتــب القاضــي عــن طريــق إعطــاء حوافــز لبعــض القضــاة فــي بعــض القضايــا، أو زيــادة المكافــآت

للمنتدبيــن منهــم لــوزارة العــدل، أو للقضــاة الذيــن يتولــون اإلشــراف علــى االنتخابــات العامــة4 -عدم احترام تنفيذ أحكام القضاء

ــل ــن، ب ــح المواطني ــذ األحــكام الصــادرة ضدهــا لصال ــة بتجاهــل تنفي ــام الســلطة التنفيذي ــي قي ــى هــذا العــدوان ف ويتجلواالستشــكال فــي تنفيذهــا أمــام محاكــم غيــر مختصــة مــا يجعــل القــول بــأن هنــاك اســتقااًل حقيقيــًا للســلطة القضائيــة ليــس إال لغــوًا. كمــا أن عــدم احتــرام أحــكام القضــاء أيضــا، يتــرك أثــارًا كبيــرة فــي نفســية القاضــي الفــرد، لمــا قــد يعنيــه

ذلــك فــي المحصلــة مــن أن األحــكام التــي يصدرهــا ال تنفــذ.ــلطتين ــن الس ــتقال القضــاء ع ــام 2013 اس ــدل لع ــتور المصــري المع ــن الدس ــواد 184 – 199 م ــت الم ــد أوجب وقــان ــه ضمانت ــون , وأن اســتقال القضــاء وحصانت ــة للقان ــه مــن أن تخضــع الدول ــة بمــا نصــت علي التشــريعية والتنفيذيــا ــاف أنواعه ــي اخت ــم عل ــا المحاك ــتقلة ، وتتواله ــة مس ــلطة القضائي ــات ، وأن الس ــوق والحري ــة الحق ــيتان لحماي أساسودرجاتهــا ، وتصــدر أحكامهــا وفــق القانــون ، وأن القضــاة مســتقلون ، ال ســلطان عليهــم فــي قضائهــم لغيــر القانــون ، وال يجــوز أليــة ســلطة التدخــل فــي القضايــا أو فــي شــئون العدالــة . ومفــاد ذلــك أن اســتقال القضــاء ركــن أساســي فــي مبــدأ

الشــرعية بوجــه عــام وضمــان لســيادة القانــون ) أي المشــروعية (.

)22( أنظر الدستور المصري المعدل لعام 2013 المنشور في الجريده الرسمية بتاريخ 18 يناير 2014

13

واســتقال القضــاء يعنــي تحــرر ســلطته مــن أي تدخــل مــن جانــب الســلطتين التشــريعية والتنفيذيــة ، وعــدم خضــوع القضــاة لغيــر القانــون .

وليــس مــن شــك فــي أن هــذه النصــوص تســتمد أصولهــا ممــا ورد فــي المذكــرة اإليضاحيــة لقانــون اســتقال القضــاء ــن ــا ، فم ــم يخلقه ــة اســتقال القضــاء ول ــرز حقيق ــا أن »الدســتور المصــري أب ــي جــاء فيه ــم 66 لســنة 1943 والت رقطبيعــة القضــاء أن يكــون مســتقا واألصــل فيــه أن يكــون كذلــك ، وكل مســاس بهــذا األصــل مــن شــأنه أن يعبــث بجــال القضــاء ، وكل تدخــل فــي عمــل القضــاء مــن جانــب أيــة ســلطة مــن الســلطتين األخرتيــن يخــل بميــزان العــدل ، ويقــوض دعائــم الحكــم، فالعــدل كمــا قيــل قديمــا »العــدل أســاس الملــك«، وأردفــت المذكــرة إن الضمانــات التــي كفلتهــا نصــوص ذلــك القانــون ال تعــدو أن تكــون خطــوة يجــب أن تتبعهــا خطــوات ، ومــن ثــم أناطــت بالقضــاة أنفســهم واجــب متابعــة

الســعي دومــا الســتكمال أســباب اســتقالهم ، وهــو مــا صــارت تنــادي بــه اليــوم المواثيــق الدوليــة. كمــا أن قضــاء المحكمــة العليــا قــد أســتقر علــي أن الســلطة القضائيــة هــي ســلطة أصيلــة تقــف علــي قــدم المســاواة مــع الســلطتين التشــريعية والتنفيذيــة , وتســتمد وجودهــا وكيانهــا مــن الدســتور ذاتــه ال مــن التشــريع , وقــد أنــاط بهــا الدســتور وحدهــا أمــر العدالــة مســتقلة عــن باقــي الســلطات , ومــن ثــم فــا يجــوز - عــن طريــق التشــريع - إهــدار واليــة تلــك الســلطة كليــا أو جزئيــا . ولئــن كان الدســتور قــد نــص فــي المــادة )167( منــه علــي أن يحــدد القانــون الهيئــات القضائيــة واختصاصاتهــا فــإن المقصــود بذلــك أن يتولــى الشــارع توزيــع واليــة القضــاء كاملــة علــي تلــك الهيئــات علــي نحــو يكفــل تحقيــق العدالــة ويمكــن األفــراد مــن ممارســة حــق التقاضــي دون مســاس بالســلطة القضائيــة فــي ذاتهــا أو عــزل ــو ــد الدســتوري وانتقــص مــن واليــة القضــاء ول لجانــب مــن المنازعــات مــن واليتهــا ، فــإن تجــاوز القانــون هــذا القي

جزئيــا كان مخالفــا للدســتور . الخاصــة؛ أن وجــود ســلطة قضائيــة مســتقلة هــو ضــرورة ملحــة فــي أي مجتمــع، ألنــه يعنــي وجــود ضمانــة قويــة لســامة تطبيــق القانــون فــي حيــدة وموضوعيــة وفــي مواجهــة كل أطــراف المنازعــات. وســواء كانــت تلــك المنازعــات

بيــن األفــراد وبعضهــم البعــض، أو كانــت بيــن األفــراد وبعــض أجهــزة الدولــة ومؤسســاتها.

ــن ــي المنازعــات والدعــاوى بي ــون عل ــق القان ــتقلون » بتطبي ــن » يس ــم الذي ــم دون غيره ــم وحده أواًل: أن القضــاة هاألفــراد وبعضهــم، أو بيــن األفــراد وأجهــزة الســلطة. وأنهــم دون غيرهــم هــم الذيــن يقضــون بتجريــم أفعــال معينــة – وفقــا للقوانيــن الجنائيــة – ويحكمــون بعقوبــات معينــة تطبيقــا لتلــك القوانيــن، وال يجــوز لجهــة فــي الدولــة أيــا كانــت أن تتداخــل فــي أعمــال القضــاة أو أن تطلــب تطبيقــا معينــا لنــص معيــن أو أن تفــرض حكمــا معينــا فــي قضيــة معينــة . ويتفــق مــع مــا تقــدم ويجــري مجــراه أنــه ال يجــوز لغيــر القضــاة أن يحكمــوا فــي الدعــاوى، ألن القاضــي الطبيعــي – القاضــي العــادي – هــو الــذي يجــب أن ينــاط بــه وحــده الفصــل فــي القضايــا والمنازعــات فــي الدولــة القانونيــة، أمــا أن تنتــزع بعــض القضايــا ألهميــة خاصــة تقــوم فــي نظــر الســلطات ويعطــي االختصــاص بالفصــل فــي تلــك القضايــا لغيــر

جهــة القضــاء العاديــة فهــو أمــر يتعــارض مــع مفهــوم اســتقال القضــاء تمامــا. وذلــك ال يمنــع إطاقــا أن غالبيــة دول العالــم – إن لــم تكــن كلهــا – يوجــد لديهــا إلــى جــوار القضــاء العــادي قضــاء اســتثنائي فــي قضايــا معينــة كالقضــاء العســكري الــذي يفصــل فــي الجرائــم العســكرية التي يرتكبها أشــخاص عســكريون داخــل الوحــدات أو األماكــن العســكرية، ولكــن هــذا القضــاء االســتثنائي يســتمد واليتــه مــن قوانيــن قائمــة قبــل ارتــكاب األفعــال يعلــم بهــا ســلفا المخاطبــون بأحــكام القانــون أو يفتــرض فيهــم العلــم بهــا، وهــذا القضــاء االســتثنائي يأخــذ معنــى القضــاء العــادي؛ مــن ناحيــة أنــه وإن اختــص بنــوع معيــن مــن الدعــاوى اســتثناء مــن األصــل العــام، إال أن وجــوده نفســه مقــرر فــي قوانيــن عاديــة معلومــة للكافــة، ويجــب علــي الكافــة أن تســلك فــي حياتهــا مســلكًا يتفــق مــع وجــود

تلــك القوانيــن. ثانيــًا: ال شــك أنــه ممــا يؤكــد اســتقال القضــاة ويجعلهــم يــؤدون أعمالهــم علــي النحــو المبتغــى أن يكــون أمــر القضــاء كلــه بيــد القضــاة، فــإذا كان تعييــن القضــاة يتــم وفقــا إلجــراءات معينــة يراعــى فيهــا قــدر مــن التدقيــق الواجــب، فإنــه ومــن ناحيــة أخــرى أكثــر أهميــة فــإن تأديــب القضــاة ونقلهــم وعزلهــم يجــب أن تســتقل بــه الجهــة القضائيــة وحدهــا وأن يعطــى القاضــي أوســع الضمانــات للدفــاع عــن نفســه، ومــن المبــادئ التــي توشــك أن تكــون مســتقرة فــي غالبيــة دســاتير الدولــة الحديثــة عــدم قابليــة القضــاة للعــزل إال فــي أحــوال محــددة ووفقــا إلجــراءات معينــة يرســمها القانــون بوضــوح

وقــد نــص الدســتور فــي المــادة )186( علــى أن »القضــاة غيــر قابليــن للعــزل«)23( .

)23( أنظر الدستور المصري المعدل لعام 2013 المنشور في الجريده الرسمية بتاريخ 18 يناير 2014

14

ثالثا: مظاهر االنتهاكات المرتكبة من قبل القضاء المصري بعد االنقالبانتهاك الحق في النظر المنصف للقضايا

يشــمل الحــق فــي النظــر المنصــف للقضايــا جميــع اإلجــراءات والضمانــات الخاصــة بالمحاكمــة العادلــة المحــددة فــي ــع ــق م ــة شــريطة أن تتف ــر الوطني ــال للمعايي ــذا الحــق االمتث ــًا. ويشــمل ه ــداه أوســع نطاق ــن م ــة، ولك ــر الدولي المعاييالمعاييــر الدوليــة. وربمــا تفــي المحاكمــة بجميــع الضمانــات اإلجرائيــة الوطنيــة والدوليــة، ومــع هــذا فقــد ال تفــي بمعيــار النظــر المنصــف ويكمــن الحــق فــي النظــر المنصــف للقضايــا فــي صميــم مفهــوم المحاكمــة العادلــة، ومــن ثــم، فمــن

حــق كل إنســان أن ُتنظــر قضايــاه بعيــن اإلنصــاف)24( . ــي ــل الحــق ف ــوق المحــددة، مث ــن الحق ــي عــدد م ــه ف ــة منصــوص علي ــي النظــر المنصــف للدعــوى القضائي الحــق فــه، والحــق فــي إعــداد الدفــاع، وحــق المــرء فــي افتــراض البــراءة، والحــق فــي المحاكمــة دون إبطــاء ال ضــرورة لأن يدافــع عــن نفســه بشــخصه أو عــن طريــق محــام، والحــق فــي اســتدعاء الشــهود واســتجوابهم، والحــق فــي الحمايــة مــن تطبيــق القوانيــن بأثــر رجعــي. ومــع هــذا، فالمعاييــر الدوليــة التــي تحكــم إجــراء المحاكمــات توضــح أن الحقــوق المذكــورة تمثــل الحــد »األدنــى« مــن الضمانــات الواجــب توافرهــا. ومراعــاة كل ضمــان منهــا، فــي جميــع الظــروف ــة أوســع مــن مجمــوع ــي المحاكمــة العادل ــل النظــر المنصــف للدعــوى. ولكــن الحــق ف والحــاالت، مــن شــأنه أن يكف

الضمانــات الفرديــة، ويتوقــف علــى الطريقــة التــي أديــرت بهــا المحكمــة بأكملهــا.

وقــد أوضحــت اللجنــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان)25( أن النظــر المنصــف للدعــوى يتطلــب عــددًا مــن الشــروط، مــن بينهــا، معاملــة الدفــاع واالدعــاء علــى قــدم المســاواة واحتــرام مبــدأ الحــق فــي رفــع دعــاوى االختصــام وســرعة التقاضــي)26( .

كذلــك مــن بيــن المعاييــر األساســية للنظــر المنصــف للدعــاوى مبــدأ تكافــؤ الفــرص بيــن طرفــي الدعــوى. وهــذا المبــدأ، الــذي يجــب مراعاتــه فــي جميــع مراحــل الدعــوى، يعنــي أن يعامــا علــى قــدم المســاواة مــن الناحيــة اإلجرائيــة علــى مــدار المحاكمــة، وأن لــكل منهمــا حــق متســاو فــي عــرض حججــه، أي أن تتــاح لــكل منهمــا فرصــة معقولــة لعــرض

دعــواه فــي ظــل أوضــاع ال تضــع أي منهمــا فــي موقــف ضعيــف. ــاع ــن الدف ــرص بي ــؤ الف ــدأ تكاف ــدو مب ــا وراءه، يغ ــة كله ــزة الدول ــاء أجه ــد االدع ــث يج ــة، حي ــاوى الجنائي ــي الدع وفواالدعــاء ضمانــًا هامــًا لحــق المتهــم فــي الدفــاع عــن نفســه، كمــا أنــه يضمــن أن تتوفــر للدفــاع فرصــة معقولــة إلعــداد

وتقديــم مرافعتــه فــي الدعــوى علــى قــدم المســاواة مــن االدعــاء.

وتشــمل الشــروط األساســية لتطبيقــه؛ الحــق فــي الحصــول علــى وقــت كاٍف، وتســهيات مناســبة إلعــداد الدفــاع، ومنهــا أن يفصــح االدعــاء عــن جميــع المعلومــات الماديــة المتعلقــة بالقضيــة. ومــن ضمنهــا أيضــًا االســتعانة بمحــام والحــق فــي اســتدعاء الشــهود واســتجوابهم، وحــق المتهــم فــي حضــور محاكمتــه، وقــد يتعــرض هــذا الحــق لانتهــاك بوســائل شــتى، كأن ال تتــاح الفرصــة للمتهــم لاطــاع علــى المعلومــات الازمــة إلعــداد دفاعــه بحرمانــه مــن اســتدعاء خبيــر

للشــهادة، أو باســتبعاده مــن حضــور جلســة اســتئناف يكــون االدعــاء حاضــرًا فيهــا.

)24( المادة 14)1( من »العهد الدولي«»... مــن حــق كل فــرد، لــدى الفصــل فــي أيــة تهمــة جزائيــة توجــه إليــه أو فــي حقوقــه والتزاماتــه فــي أيــة دعــوى مدنيــة، أن تكــون قضيتــه محــل

نظــر منصــف وعلنــي مــن قبــل محكمــة مختصــة مســتقلة حياديــة، منشــأة بحكــم القانــون.«ــاق ــة والسياســية)ICCPR(.ويعتبر ميث ــي للحقــوق المدني ــاق الدول ــة تســمى الميث ــة حقــوق اإلنســان بموجــب معاهــدة دولي ــم إنشــاء لجن )25( تــى ــي يجــب عل ــراد والت ــوق اإلنســان األساســية لألف ــز حق ــوق اإلنســان. وهــي تضــع ركائ ــة بحق ــة المتعلق ــق المكتوب ICCPR أحــد أهــم الوثائالحكومــات احترامهــا. انقــر هنــا لالطــالع علــى النــص الكامــل لميثــاق ICCPR ويتعيــن دور لجنــة حقــوق اإلنســان فــي ضمــان أن تلتــزم الــدول األعضــاء )الــدول التــي شــاركت فــي ميثــاق ICCPR( باحتــرام حقــوق اإلنســان التــي نــص عليهــا ميثــاق ICCPR.وتعتبــر اللجنــة هيئــة لتنفيــذ الميثــاق، وهــي لهــا ســلطات الميثــاق )الدوليــة والقانونيــة(. وتمنــح هــذه الســلطات اللجنــة صالحيــة التحقــق ممــا إذا كانــت البلــدان تنفــذ التزاماتهــا بحمايــة حقــوق اإلنســان كمــا نــص عليــه ميثــاق ICCPR أم ال.وتتألــف اللجنــة مــن 81 شــخصًا يعملــون بصفتهــم الشــخصية. وتجتمــع هــذه اللجنــة

ثــالث مــرات فــي العــام بمقــر األمــم المتحــدة فــي جنيــف وفــي نيويــورك. )26( وقــد انتهــت اللجنــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان إلــى أن الحــق فــي النظــر المنصــف قــد تعــرض النتهــاك عــام، وذلــك فــي حالــة تعــرض فيهــا ثمانيــة مــن الخصــوم السياســيين للرئيــس الزائيــري الســابق موبوتــو سيســي ســيكو ألحــكام بالســجن لمــدد طويلــة، بعــد محاكمــات لــم تتوفــر فيهــا الضمانــات اإلجرائيــة. وكان هــؤالء المتهمــون، وكلهــم ســبق أن نفــوا إلــى الخــارج أو فرضــت عليهــم اإلقامــة الجبريــة فــي المنــازل فــي عــام 1891، قــد قبــض عليهــم مــن جديــد وقدمــوا للمحاكمــة -فيمــا بعــد - أمــام محكمــة أمــن الدولــة بتهمــة التآمــر علــى قلــب نظــام الحكــم. ولــم ُيســتدع المتهمــون إلــى المحكمــة، ولــم يســتجوب ثالثــة منهــم فــي المراحــل الســابقة علــى المحاكمــة، وقــد أرغمــوا هــم وأســرهم علــى تغييــر محــل إقامتهــم بموجــب »تدبيــر إداري خــاص«. وانتهــت اللجنــة إلــى جملــة نتائــج، كان مــن بينهــا، أنهــم تعرضــوا لالحتجــاز تعســفًا، وأنهــم حرمــوا مــن نظــر

منصــف علنــي لدعواهــم بســبب آرائهــم )المعارضــة(«.

15

وقــد قابــل وفــد االئتــالف العالمــي للحريــات والحقــوق أعضــاء هيئــة الدفــاع)27( عــن أكثــر مــن 1000 متهــم تــم محاكمتهــم أمــام محكمــة جنايــات المنيــا بتهــم تتعلــق بالقتــل والشــروع فــي قتــل واالعتــداء علــى ضبــاط شــرطة إحــدى األقســام فــي محافظــة المنيــا بصعيــد مصــر، واســتمع الوفــد إلــى التعليقــات الخاصــة بأعضــاء هيئــة الدفــاع عــن ســوء

المعاملــة وعــدم التقيــد بالقانــون والحقــوق مــن قبــل هيئــة المحكمــة

فيمــا كانــت القــرارات الصــادرة مــن وزيــر العــدل بتحويــل أماكــن انعقــاد جلســات المحاكمــات الخاصــة بمعارضــي ــة ــوزارة الداخلي ــة ل ــن أخــرى تابع ــى أماك ــة للقضــاء إل ــا التابع ــا ومبانيه ــن أماكنه ــي مصــر م ــام العســكري ف النظللدرجــة التــي معهــا يتــم نظــر القضايــا بداخــل معســكرات األمــن المركــزي)28( فــي مشــهد أوضــح مــا يكــون علــي مــدى مــا وصــل إليــه الحــال مــن التبعيــة والتــي تضــرب بعــرض الحائــط أي حديــث علــى إنصــاف أو اســتقالية أو حياديــة ، خصوصــا و أن جميــع القضايــا الخاصــة بالمعتقليــن كانــت وزارة الداخليــة هــي الخصــم فيهــا، ومــا تقــوم بــه وزارة الداخليــة مــن أمــور وتحكــم بمجريــات عانيــة الجلســات بأنهــا تمنــع مــا تشــاء مــن حضــور الجلســات وتمنــح مــن تشــاء إذنــا بالدخــول ، فــي حيــن أنهــا تقــوم بالتجســس علــي مــا يتــم مــن جلســات خاصــة بيــن المحاميــن و بيــن موكليهــم .

عدم توافر عناصر الحيادية واالستقالية واحترام مبدأ التخصص في المحاكم والهيئات القضائية

ــم ــطة محاك ــل بواس ــية، ب ــات سياس ــن مؤسس ــكام ع ــة أال تصــدر األح ــة العادل ــي األول للمحاكم ــان المؤسس إن الضملة بحكــم القانــون. وحــق الفــرد فــي أن تنظــر قضيتــه محكمــة عندمــا يتهــم بارتــكاب فعــل مختصــة مســتقلة محايــدة ُمشــكَّجنائــي، مــع توفيــر الضمانــات الازمــة لتأميــن العدالــة، إنمــا هــو أمــر مــن صميــم التطبيــق الصحيــح للقانــون ولــكل مــن يواجــه محاكمــة جنائيــة أو دعــوى قضائيــة الحــق فــي أن يحاكــم أمــام محكمــة مختصــة ومســتقلة ومحايــدة مشــكلة

بحكــم القانــون)29( .

كمــا أن الحــق فــي المحاكمــة أمــام محكمــة مســتقلة ومحايــدة أساســي حتــى أن اللجنــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان ــة ــام محكم ــة أم ــي المحاكم ــق ف ــب الح ــتثناءات« ويتطل ــة اس ــوز أن يخضــع ألي ــق ال يج ــق مطل ــه »ح ــه بأن وصفت

ــى تحقيقــه« ــل العمــل عل ــدة مؤسســة بحكــم القانــون »عــدم االكتفــاء بالحكــم بالعــدل، ب مختصــة مســتقلة محاي

يجــب أن تكــون المحكمــة التــي تنظــر أيــة قضيــة مشــكلة بحكــم القانــون، ويجــوز تأســيس هــذه المحكمــة)30( وفــق أحــكام الدســتور أو أي تشــريع آخــر تصــدره الســلطة المختصــة بســن القوانيــن أو تشــكل بموجــب أحــكام القانــون العــام.

والهــدف مــن هــذا الشــرط األساســي فــي القضايــا الجنائيــة هــو ضمــان عــدم محاكمــة المتهميــن فــي قضيــة مــا أمــام محكمــة تشــكل خصيصــًا مــن أجــل قضيتهــم.

والناظــر إلــى المحاكــم وتشــكيلها منــذ 3 يوليــو وحتــى اآلن خصوصــا فيمــا يخــص القضايــا التــي لهــا عاقــة بمعارضــي النظــام العســكري يجــد أنهــا قــد شــكلت بشــكل يجعلهــا مخالفــة لــكل األعــراف والمبــادئ القانونيــة.

فمنــذ البدايــة اعتمــدت الســلطات االنقابيــة فــي مصــر أن تكــون تلــك القضايــا أمــام هيئــات بعينهــا بعدمــا رأت بــأن الكثير ــا لمــا فيهــا مــن شــواهد الخصومــة مــن الدوائــر القضائيــة و الجنائيــة فــي مصــر تنحــت عــن نظــر مثــل تلــك القضايالسياســية خصوصــا مــا كان منهــا متعلــق بقيــادات المعارضــة فــي حيــن وصــل األمــر الــي إصــدار قــرار مــن رئاســة مجلــس الــوزراء بتحديــد دوائــر خاصــة لنظــر قضايــا اإلرهــاب وهــو مــا يعــد مخالفــة واضحــة وصريحــة للقانــون و

الدســتور؛ فيمــا صــدر القــرار مــن وزيــر العــدل المصــري بتحديــد دوائــر خاصــة باإلرهــاب)31( .

)27( قــام االئتــالف العالمــي للحريــات والحقــوق بإرســال وفــد الــي مصــر مكــون مــن 9 اعضــاء مــا بيــن محاميــن وحقوقييــن وإعالمييــن قامــوا بحضــور جلســة المحاكمــات التــي تمــت فــي المنيــا بحــق أكثــر مــن 1000 متهــم والتــي اصــدرت المحكمــة فيهــا احكامهــا باإلعــدام

)28( أنظــر الملحــق رقــم 1 قــرار وزيــر العــدل بتحويــل نظــر جلســات الــي معســكر االمــن المركــزي بمدينــة 6 اكتوبــر والــي اماكــن اخــري تابعــة لــوزارة الداخليــة ممــا يفقدهــا شــرط اساســي مــن شــروط المحكمــة العادلــة

)29( المادة 10 من »اإلعالن العالمي«“لــكل إنســان، علــى قــدم المســاواة التامــة مــع اآلخريــن، الحــق فــي أن تنظــر قضيتــه محكمــة مســتقلة ومحايــدة، نظــرًا منصفــًا وعلنيــًا، للفصــل

فــي حقوقــه والتزاماتــه وفــي أيــة تهمــة جزائيــة توجهــه إليــه.“ــي ــع ف ــي تق ــون للفصــل فــي األمــور الت ــة يحددهــا القان ــة تمــارس وظائــف قضائي ــة هــي هيئ ــة األوروبي )30( والمحكمــة فــي تعريــف االتفاقي

ــررة. انظــر أيضــًا القســم الخــاص باســتخدام المصطلحــات. ــًا إلجــراءات مق ــة، ووفق ــى القواعــد القانوني ــاًء عل ــا بن اختصاصه)31( طالع الملحق رقم -2- -الجريده الرسمية – قرار وزير العدل

16

كمــا ويســتلزم الحــق فــي نظــر الدعــوى أمــام محكمــة مختصــة أن يكــون للمحكمــة واليــة قضائيــة علــى نظــر القضيــة المطروحــة أمامهــا والمقصــود باالختصــاص هنــا أن يمنحهــا القانــون ســلطة نظــر الدعــوى القضائيــة المقصــودة، أي ــي إطــار حــد ــى أن تجــري المحاكمــة ف ــى موضــوع الدعــوى والشــخص المقامــة ضــده، عل ــة عل أن تكــون لهــا واليزمنــي مناســب مــن الحــدود المقــررة فــي القانــون إال أن هــذا المعيــار ايضــا أصيــب بمقتــل بعدمــا تدخلــت محاكــم غيــر ــا ــة لهــا خصوصــا فــي قضاي ــة الشــرعنة المطلوب ــل الســلطة التنفيذي ــة صــادرة مــن قب ــرارات إداري ــح ق مختصــة لتمن

متعلقــة بالمعارضيــن.وهــذا بالضبــط مــا تــم مــن قبــل محكمــة األمــور المســتعجلة)32( مــن أحــكام أصدرتهــا فــي أمــور غيــر مختصــة أن تنظــر فيهــا فــي عــدد مــن القضايــا رفعــت أمامهــا وقبلــت النظــر و البــت فيهــا وهــي ليســت مــن اختصاصهــا طبقــا لمــا قــرره

العديــد مــن فقهــاء القانونــي المصــري .ــا ومــدى صحــة ــوط بهــا قانون ــدور المن ــة جــددت الجــدل حــول ال ــة قضائي حيــث أن هــذه األحــكام الصــادرة مــن هيئاالتهامــات التــي توجــه إليهــا باالعتــداء علــى اختصاصــات محاكــم مجلــس الدولــة، ال ســيما أن الفتــرة القصيــرة الماضيــة شــهدت إصدارهــا العديــد مــن األحــكام فــي منازعــات ذات طبيعــة إداريــة يقــول قضــاة مجلــس الدولــة إنهــم مختصــون بهــا خصوصــا وأن القضايــا الخاصــة بالقــرارات اإلداريــة يجــب أن تصــدر فــي مواجهــة جهــة حكوميــة محــددة لتكــون مكلفــة مــن قبــل المحكمــة بتنفيــذ الحكــم، وهــذا لــم يتوافــر فــي معظــم الدعــاوى التــي أصــدرت فيهــا محكمــة األمــور

المســتعجلة أحكامهــا، وهــو مــا يعتبــر ســببا إضافيــا لعــدم اختصاصهــا بنظــر الدعــوى.كمــا أن أحــكام محكمــة األمــور المســتعجلة فــي المســائل التــي تصــدى لهــا مجلــس الدولــة مــن قبــل أو فــي المســائل ــا الفصــل ــس مــن اختصاصه ــة لي ــي، ألن هــذه المحكم ــر قانون ــا أي أث ــس له ــة ولي ــر »معدوم ــه تعتب المعروضــة عليفــي أيــة منازعــة إداريــة، وأن تصديهــا لهــذه الدعــوى يعتبــر افتئاتــا مــن جهــة قضائيــة علــى اختصــاص جهــة قضائيــة أخــرى بالمخالفــة للدســتور و ال يجــوز إعــادة النظــر فــي موضــوع حكــم بــات ونهائــي غيــر قابــل للطعــن أو اإليقــاف، ــام أي ــى أم ــاب أول ــن ب ــة وم ــس الدول ــي مجل ــة ســواء ف ــى أي محكم ــرة أخــرى عل وال يجــوز عــرض الموضــوع ممحكمــة أخــرى« مؤكــدا أن »مجلــس الدولــة اســتنفد واليتــه فــي بعــض هــذه القضايــا، ولــم يعــد أمــام الجهــة اإلداريــة

غيــر تنفيــذ الحكــم«.كل هــذا أظهــر أن أحــكام محكمــة األمــور المســتعجلة باتــت مــن الخطــورة بمــا حولهــا مــن محكمــة قانــون إلــى محكمــة سياســية، تحكــم فــي المســائل التــي تهــم الــرأي العــام وتتعلــق بعمــل ســلطة الحكــم واإلدارة، كمــا أن األمــر وصــل بهــا لوقــف تنفيــذ أحــكام يصدرهــا شــيوخ قضــاة اإلداريــة العليــا، رغــم أنهــا مكونــة مــن قضــاة شــبان، ويصــدر كل حكــم

بأمــر قــاض واحــد.كمــا أن تصــدي محكمــة األمــور المســتعجلة لقضايــا خارجــة عــن اختصاصهــا عمــا بالسياســة يقتضــي تدخــل الجهــات القائمــة علــى القضــاء العــادي وعلــى رأســها مجلــس القضــاء األعلــى التخــاذ إجــراءات ضــد القضــاة الذيــن يتعــدون اختصاصاتهــم ويصــدرون أحكامــا تتعلــق بالسياســة مؤكــدا أن بعــض القضايــا التــي حكمــت فيهــا هــذه المحكمــة تعــد

مــن أعمــال الســيادة التــي تخــرج عــن اختصــاص القضــاء عمومــا.ففــي ســبتمبر مــن العــام 2013 أصــدرت المحكمــة حكمهــا الشــهير بحظــر نشــاط جمعية اإلخوان المســلمين والمؤسســات ــي إصــدار قرارهــا بحظــر ــة ف ــاوى االنقابي ــه حكومــة د. حــازم البب ــذي اســتندت إلي ــة منهــا، وال والشــركات المنبثق

نشــاط اإلخــوان وتجميــد أموالهــم الســائلة والمنقولــة والعقاريــة.ثــم أصــدرت المحكمــة بهيئــة اســتئناف فــي ينايــر 2014 حكمــا بإلغــاء حكــم أول درجــة برفــع اســم الرئيــس األســبق

حســنى مبــارك مــن المبانــي الحكوميــة والمــدارس والشــوارع.ــة إلــى الجامعــات ــوزارة الداخلي ــة فبرايــر 2014 حكمهــا بعــودة الحــرس الجامعــي التابــع ل وأصــدرت المحكمــة نهايبالمخالفــة لثاثــة أحــكام ســابقة بشــأن الحــرس الجامعــي صــدرت مــن مجلــس الدولــة؛ األول صــدر مــن القضــاء اإلداري ــا، ــي نهائي ــاء الحــرس الجامع ــم أول درجــة وإلغ ــد حك ــا بتأيي ــة العلي ــن اإلداري ــي صــدر م ــه والثان ــام 2009 بإلغائ عوالثالــث صــدر مــن القضــاء اإلداري الشــهر الماضــي بعــدم قبــول دعــوى المحامــي مرتضــى منصــور بعــودة الحــرس

والتأكيــد علــى أحقيــة الشــرطة فــي دخــول الجامعــات لممارســة ســلطة الضبــط اإلداري للجرائــم.

)32( هيئــة قضائيــة تختــص أساســا بالفصــل فــى المســائل العاجلــة المتعلقــة بالموضوعــات التــى يختــص بهــا القضــاء العــادى مــن منازعــات ــة ــة اإلداري ــا الدعــاوى ذات الصف ــا إطالق ــى اختصاصه ــة، وال يدخــل ف ــة األمان ــس وخيان ــون والتدلي ــالس والدي ــا اإلف ــة كقضاي ــة وتجاري مدنيوالسياســية، ألن األولــى مــن اختصــاص مجلــس الدولــة حصريــا وفقــا لنــص المــادة 091 مــن الدســتور، والثانيــة خارجــة عــن اختصــاص جميــع

الهيئــات القضائيــة.

17

ــى مقارهــا ــظ عل ــل والتحف ــف وحظــر أنشــطة حركــة 6 إبري ــا بوق ــل 2014 حكمه ــى إبري ــة ف ــا أصــدرت المحكم كمــة. ــة إرهابي ــا منظم ــة واعتباره ــع محافظــات الجمهوري بجمي

وقالــت المحكمــة فــي حيثيــات حكمهــا إن حركــة 6 إبريــل حصلــت علــى مــال مــن دون والء لوطــن وال إحســاس بذنــب تجــاه مــا يحــدث مــن آثــار مــا يقومــون بــه مــن إراقــة دمــاء والتعــدي علــى جهــات أمنيــة، واســتخدام المعلومــات التــي جمعوهــا بخصــوص االحــوال االقتصاديــة و االجتماعيــة الخاصــة بمصــر فــي أغــراض شــخصية لتحقيــق أهدافهــم، واســتغال وســائل اإلعــام إلحــداث الفوضــى، وإن أعضــاء تلــك الحركــة يســتقوون بدولــة عظمــى، هــي أمريــكا لقطــع ــزي عســكري، ويحمــل ســاحا ــا ســبق أن ظهــر ب ــى أن أحــد أعضائه ــة إل ــة عــن مصــر، باإلضاف ــة األمريكي المعونناريــا، األمــر الــذى أصبحــت معــه الحركــة تنشــر الفوضــى وتهــدد األمــن الوطنــي، واتضــح ذلــك عقــب صــدور أحــكام ــم اإلســام، ــة لتعالي ــن ومخالف ــا للمواطني ــد إرهاب ــا يع ــات؛ مم ــوق والحري ــم عــن الحق ــم دفاعه ــم، بزع ــة ضده قضائي

ولكونهــم يتآمــرون علــى الوطــن لصالــح جهــات خارجيــة.ــعب ــاء ش ــل أعض ــي المنح ــزب الوطن ــادات الح ــع قي ــو 2014 بمن ــي ماي ــا ف ــة حكمه ــرا المحكم ــدرت أخي ــا أص كموشــورى والمحليــات ولجنــة السياســات، مــن الترشــح لانتخابــات المقبلــة، ووصفتهــم بـــلعب الــدور السياســي فــي اختيار

الحكومــات الفاســدة وتحريــر القوانيــن المتناقضــة مــع الدســتور وتعطيــل تنفيــذ األحــكام القضائيــة.بهــذا الشــكل أصــدرت محكمــة القاهــرة لألمــور المســتعجلة حتــى اآلن أكثــر مــن 6 أحــكام مثيــرة للجــدل فــي منازعــات إداريــة بحتــة، ممــا أعــاد إلــى األذهــان ســيناريو تناقــض األحــكام القضائيــة بيــن محاكــم األمــور المســتعجلة ومجلــس ــرات ــي فت ــاز إلســرائيل، أو ف ــر الغ ــف تصدي ــم وق ــا حك ــر ســواء بإلغائه ــورة يناي ــل ث ــادا قب ــذي كان معت ــة، وال الدولاالنتخابــات البرلمانيــة، حيــث كانــت تلجــأ إليهــا لجــان االنتخابــات ووزارة الداخليــة للحصــول علــى أحــكام بوقــف تنفيــذ

أحــكام القضــاء اإلداري واإلداريــة العليــا بعــودة مرشــحين مســتبعدين أو إدراج آخريــن.

انتهاك الحق في محاكمة منصفة في فترة زمنية معقولة

لــكل فــرد اتهــم بارتــكاب فعــل جنائــي الحــق فــي أن يحاكــم دون تأخيــر ال مبــرر لــه)33( ، علــى أن يتوقــف تقديــر الوقــت المعقــول علــى مابســات الحالــة بحيــث أن تبــدأ اإلجــراءات الجنائيــة وتنتهــي فــي غضــون مــدة معقولــة. ومعنــى هــذا الشــرط األساســي هــو ضــرورة مراعــاة التــوازن بيــن حــق المتهــم فــي مســاحة زمنيــة وتســهيات كافيــة إلعــداد دفاعــه، وضــرورة البــدء فــي نظــر الدعــوى وإصدارالحكــم )بعــد جميــع مراحــل االســتئناف( دون أي تأخيــر ال مبــرر لــه. ويلــزم هــذا الحــق الســلطات بضمــان االنتهــاء مــن جميــع اإلجــراءات، بــدًءا مــن المراحــل الســابقة للمحاكمــة حتــى النقــض،

إلــى أن يصبــح الحكــم نهائيــًا فــي غضــون فتــرة زمنيــة معقولــة. وضمــان المحاكمــة العاجلــة فــي الدعــاوى الجنائيــة مرتبــط بالحــق فــي الحريــة، وافتــراض البــراءة، وحــق المــرء فــي الدفــاع عــن نفســه. والهــدف مــن هــذا ضمــان البــت فــي مصيــر المتهــم دون أي تأخيــر ال مبــرر لــه، وكذلــك ضمــان ــل ــد تتاشــى تفاصي ــي الطــول ق ــة مفرطــة ف ــرة زمني ــاع عــن نفســه بســبب انقضــاء فت ــي الدف ــه ف عــدم المســاس بحقالوقائــع مــن ذاكــرة الشــهود أو تتشــوه، أو قــد يتعــذر إيجادهــم، أو تتلــف األدلــة األخــرى أو تختفــي. كمــا يهــدف هــذا أيضــًا إلــى ضمــان اختصــار فتــرة القلــق التــي يكابدهــا المتهــم خوفــًا علــى مصيــره والمعانــاة التــي يقاســيها مــن جــراء ــي ســرعة ــه. ويجســد الحــق ف ــراض براءت ــي، رغــم افت ــكاب فعــل جنائ ــه نتيجــة اتهامــه بارت ــي تلحــق ب الوصمــة الت

المحاكمــة فــي عبــارة موجــزة الحكمــة القائمــة إن »العدالــة البطيئــة نــوع مــن الظلــم.« ويغــدو االلتــزام الواقــع علــى الدولــة باإلســراع فــي نظــر الدعــاوى القضائيــة أكثــر إلحاحــًا بالنســبة ألي شــخص يتهــم بارتــكاب فعــل جنائــي ويحتجــز علــى ذمــة قضيــة، فعندمــا يكــون المــرء محتجــزًا، يغــدو التأخيــر معقــواًل كلمــا قلــت ــكاب فعــل جنائــي مــن االحتجــاز ــة باإلفــراج عــن أي شــخص متهــم بارت ــر الدولي ــة. وتقضــي المعايي مســاحته الزمنيريثمــا تتــم محاكمتــه، إذا تجــاوزت فتــرة احتجــازه علــى ذمــة القضيــة الحــد الــذي يعتبــر معقــواًل وفقــًا لمابســات الحالــة.

)33( المــادة 14)3()ج( مــن »العهــد الدولــي« “لــكل متهــم بجريمــة أن يتمتــع أثنــاء النظــر فــي قضيتــه، وعلــى قــدم المســاواة التامــة، بالضمانــات الدنيــا اآلتيــة: … )ج( أن يحاكــم دون تأخيــر ال مبــرر لــه.«

18

وال يعتمــد الحــق فــي المحاكمــة فــي غضــون فتــرة زمنيــة معقولــة علــى مطالبــة المتهــم للســلطات بــأن تســرع فــي نظــر الدعــوى، ورغــم أن عــبء إثبــات أن اإلجــراءات لــم تتــم فــي غضــون فتــرة زمنيــة معقولــة)34( يقــع بوجــه عــام علــى

المتهــم، إال أن المتهــم ليــس مضطــرًا ألن يدلــل علــى أن التأخيــر قــد ألحــق بــه ضــررًا معينــًا. وتبــدأ الفتــرة الزمنيــة التــي تؤخــذ فــي االعتبــار عنــد تحديــد مــا إذا كان حــق المتهــم فــي اإلســراع بنظــر دعــواه قــد احتــرم أم ال منــذ اللحظــة التــي يخطــر فيهــا بــأن الســلطات تتخــذ خطــوات محــددة إلقامــة الدعــوى القضائيــة ضــده. وتنتهــي عندمــا تســتنفد جميــع ســبل اســتئناف الحكــم الصــادر ويصبــح الحكــم نهائيــًا. وقــد قالــت اللجنــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان)35( عــن هــذا: »ال يتصــل هــذا الضمــان فحســب بالوقــت الــذي ينبغــي أن تبــدأ فيــه المحاكمــة، بــل بالوقــت الــذي

ســوف تنتهــي فيــه كذلــك ويصــدر الحكــم، ويجــب أن تتــم جميــع المراحــل »دون تأخيــر ال مبــرر لــه«. ولتفعيــل هــذا الحــق، يجــب وضــع إجــراء يمكــن االســتعانة بــه مــن أجــل ضمــان بــدء المحاكمــة »دون تأخيــر ال مبــرر

لــه« أمــام المحكمــة االبتدائيــة وأمــام محاكــم االســتئناف علــى الســواء. ــا اإلجــراءات ــي تمــت خاله ــرة الت ــت الفت ــا إذا كان ــد م ــار، لتحدي ــي االعتب ــي تؤخــذ ف ــر مــن العوامــل الت توجــد الكثيمعقولــة فــي ضــوء تعقيــد المابســات، ومــن بينهــا طبيعــة وخطــورة الجريمــة المتضمنــة، وعــدد التهــم المنســوبة للمتهــم

وطبيعــة التحقيــق المطلــوب، وعــدد األشــخاص المزعــوم تورطهــم فــي ارتــكاب الجريمــة وعــدد الشــهود. إن علــى الســلطات واجــب اإلســراع بنظــر الدعــوى. وإذا تقاعســت عــن مباشــرة اإلجــراءات فــي أيــة مرحلــة بســبب ــًا يجــاوز الحــد المعقــول اإلهمــال، أو ســمحت بالتباطــؤ فــي التحقيــق أو فــي وقائــع نظــر الدعــوى، أو اســتغرقت وقتإلتمــام بعــض التدابيــر المعينــة، فتعتبــر المســاحة الزمنيــة لنظــر القضيــة قــد اســتغرقت فتــرة تجــاوز الحــد المعقــول. وبالمثــل، فــإذا أعــاق نظــام العدالــة الجنائيــة نفســه النظــر الســريع للقضايــا، فيجــوز أن يعتبــر هــذا انتهــاكًا لحــق المتهــم

فــي االنتهــاء مــن محاكمتــه فــي غضــون فتــرة زمنيــة معقولــة)36( . والواضــح أن القضــاء فــي مصــر بــات ليــس لــه معيــار فيمــا يخــص تأخيــر المحاكمــات مــن تعجيلهــا، فرأينــا محاكمــات وقضايــا تكــون أوراقهــا بــآالف الصفحــات والمتهمــون فيهــا بالمئــات و تصــدر األحــكام فيهــا بواقــع جلســة أو جلســتين كل جلســة ال تزيــد عــن 10 دقائــق فيمــا يتــم تأجيــل قضايــا وعــدم النظــر و التســويف فــي إصــدار األحــكام فيهــا بــدون

أي داع .حيــث وعلــي ســبيل المثــال أصــدرت محكمــة جنايــات المنيــا أحكامهــا بحــق 1211 معتقــل فــي أقــل مــن شــهر واحــد بإحالــة أوراقهــم إلــى مفتــي الديــار المصريــة بعدمــا رات بأنهــم مذنبــون فــي قضيتيــن منفصلتيــن فــي محاكمــة مــن أربــع جلســات كل جلســة وحســب مــا قالــه أهالــي المتهميــن واعضــاء هيئــة الدفــاع مــا بيــن 15 دقيقــة إلــى 20 دقيقــة وفقــط .ــي ــا يخــص األحــكام الصــادرة ف ــم فيم ــوق جلســة النطــق بالحك ــات والحق ــاف العالمــي للحري ــد االئت ــد حضــر وف وقالقضيــة الخاصــة ب825 متهــم والتــي حكــم فيهــا القاضــي علــي 73 مــن المعتقليــن باإلعــدام شــنقا فيمــا أصــدر أحكامــه النهائيــة بحــق 194 معتقــل أخــر بالحبــس المؤبــد، وقــال وفــد االئتــاف أن هــذه المحاكمــات دليــل علــى عــدم مصداقيــة وحياديــة و اســتقالية القضــاء كمــا أنهــا تضــرب بعــرض الحائــط جميــع المعاييــر الدوليــة لمبــادئ المحاكمــات العادلــة .فيمــا يــزال أكثــر مــن 003 معتقــل قابعيــن بداخــل ســجن دمنهــور العمومــي منــذ أكثــر مــن 9 اشــهر كاملــة فــي انتظــار

ان يتــم إحالتهــم إلــى المحاكمــة بتهــم تتعلــق بالقتــل والشــروع فــي القتــل و إحــراق المبنــى اإلداري لمحافظــة البحيــرة.

)34( مــا المقصــود بالوقــت المعقــول. قيــم الحــد الزمنــي المعقــول بنــاًء علــى مالبســات كل حالــة علــى حــدة، واألركان التــي يلتفــت لهــا فــي هــذا الســياق تشــمل مــا يلــي: التشــريع الوطنــي، واحتجــاز المتهــم أو عــدم احتجــازه )الفصــل 7(، وتعقيــد القضيــة، وســلوك المتهــم وســلوك الســلطات. وقــد اعتبــرت بعــض المحاكمــات التــي اســتغرقت فتــرات طويلــة، قــد تصــل إلــى عشــر ســنوات، أنهــا لــم تتجــاوز الحــد الزمنــي المعقــول لهــا، ــة لرجــل اتهــم ــر. ففــي حال ــول للتأخي ــد تجــاوزت الحــد المعق ــل مــن عــام أنهــا، ق ــي اســتغرقت أق بينمــا رؤى بالنســبة لبعــض المحاكمــات، التبارتــكاب جريمــة قتــل فــي بنمــا احتجــز بــدون كفالــة ألكثــر مــن ثــالث ســنوات ونصــف قبــل صــدور الحكــم ببراءتــه، اعتبــرت اللجنــة المعنيــة ــد وقائــع الدعــوى بحقــوق اإلنســان أن الفتــرة الفاصلــة بيــن صــدور الئحــة االتهــام والمحاكمــة »ال يمكــن تبريرهــا باالســتناد فحســب إلــى َتَعقُّوطــول التحقيقــات« ولكــن المحكمــة األمريكيــة الدوليــة، بعــد أن فحصــت التشــريع الوطنــي والمالبســات المعقــدة التــي تكتنــف الحالــة، وســير اإلجــراءات وســلوك الســلطات، انتهــت إلــى أن فتــرة الخمســين شــهرًا التــي اســتغرقها نظــر الدعــوى إلــى حيــن انتهائهــا قــد تجــاوز بشــدة الشــروط

األساســية المحــددة فــي المــادة 8)1( مــن »االتفاقيــة األمريكيــة«. )35( لجنة حقوق اإلنسان-مجلس حقوق اإلنسان –األمم المتحدة-المصدر السابق.

ــا نظــر دعــوى ــة اســتغرق فيه ــي حال ــد انتهكــت ف ــي« ق ــوق اإلنســان أن المــادة 41 مــن »العهــد الدول ــة بحق ــة المعني ــد وجــدت اللجن )36( وقــر هــو أن إعــداد محاضــر جلســات المحاكمــة اســتغرق 92 ــك التأخي ــي ذل ــي ثــالث ســنوات، وكان الســبب األول ف ــدا حوال ــي كن االســتئناف فشــهرًا. واعتبــرت المحكمــة األوروبيــة أن انقضــاء 51 شــهرًا ونصــف، بيــن رفــع دعــوى االســتئناف وإحالتهــا إلــى مســجل محكمــة االســتئناف

ذات الصلــة، فتــرة تجــاوز الحــد المعقــول حيــث قدمــت الســلطات تفســيرات غيــر مرضيــة لتبريــر هــذا التأخيــر.

19

عدم استبعاد األدلة المنتزعة نتيجة للتعذيب أو غيره من ضروب اإلكراهيجــب أن تســتبعد المحاكــم األدلــة المســتمدة مــن التعذيــب أو اإلرغــام، بمــا فــي ذلــك االعترافــات المنتزعة مــن المتهمين، وال يجــوز أن تســتخدم المحاكــم فــي نظــر الدعــاوى القضائيــة أي دليــل، بمــا فــي ذلــك اعترافــات المتهميــن، ينتــزع تحــت وطــأة التعذيــب أو أي ضــرب آخــر مــن ضــروب المعاملــة القاســية أو الاإنســانية أو المهينــة، إال عنــد إقامــة الدعــوى

القضائيــة علــى هــؤالء األشــخاص المزعــوم أنهــم انتزعــوا تلــك األدلــة قســرًا. وتســتبعد أيــة أقــوال تســتمد عــن طريــق التعذيــب، إال عنــد محاكمــة األشــخاص المزعــوم أنهــم مارســوا هــذا التعذيــب، وال تكتفــي بعــض المعاييــر الدوليــة األخــرى باســتبعاد أيــة أقــوال تنتــزع تحــت وطــأة التعذيــب، بــل ترفــض أيضــًا األخــذ بأيــة أقــوال تنتــزع عــن طريــق المعاملــة أو العقوبــة القاســية أو الاإنســانية أو المهينــة. وال تنطبــق هــذه المعاييــر علــى

األقــوال المنتزعــة مــن المتهميــن وحدهــم، بــل علــى أيــة أقــوال أخــرى تنتــزع مــن الشــهود. توجــد صــور مــن اإلرغــام ال تمثــل لونــًا مــن التعذيــب، ولكــن اســتعمالها مــع ذلــك النتــزاع األدلــة يظــل محظــورًا، وهــي

تفســد أي دليــل يتــم الحصــول عليــه بواســطتها)38( . ــة المنتزعــة قســرًا حيــث تقــول: وقــد مــدت اللجنــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان)39( نطــاق الحظــر ليشــمل اســتخدام األدل»يجــب أن يحظــر القانــون األخــذ فــي اإلجــراءات القضائيــة بأيــة أقــوال أو اعترافــات يتــم الحصــول عليهــا عــن طريــق التعذيــب أو أي ضــرب آخــر مــن ضــروب المعاملــة المحظــورة «. وقالــت اللجنــة أيضــًا: »يجــب أن ينــص القانــون علــى أن األدلــة المنتزعــة عــن طريــق أي ضــرب مــن ضــروب اإلرغــام غيــر مقبولــة برمتهــا.« وقالــت اللجنــة أيضــًا

إن »االعترافــات المنتزعــة عــن طريــق اإلكــراه يجــب أن تســتبعد بانتظــام مــن اإلجــراءات القضائيــة...«بــل وصــل األمــر إلــى أنــه حينمــا توجــد مزاعــم بشــأن انتــزاع أقــوال نتيجــة التعذيــب أو ضــرب مــن المعاملــة القاســية أو الاإنســانية أو المهينــة أو عــن طريــق اإلكــراه، فيجــب أن تنظــر المحكمــة علــى حــدة فــي هــذه األدلــة قبــل أن تقبــل األخــذ بهــا. ويجــب علــى المحكمــة فــي تلــك الحالــة أن تنظــر فــي األدلــة التــي تثبــت أو تنفــي طواعيــة اإلدالء باألدلــة موضــع النظــر. فــإذا مــا انتهــت إلــى أن اإلدالء بهــا لــم يكــن طوعيــًا، فيجــب أن تســتبعدها مــن قائمــة األدلــة فــي جميــع

اإلجــراءات، فيمــا عــدا تلــك اإلجــراءات التــي تتخــذ ضــد األشــخاص المتهميــن بأنهــم انتزعوهــا قســرًا.وعندمــا يتحصــل االدعــاء علــى أدلــة ضــد المشــتبه فيهــم ُيعــرف أو ُيعتقــد، بنــاًء علــى أســباب معقولــة، أنهــا انتزعــت عــن طريــق اللجــوء إلــى أســباب غيــر مشــروعة تمثــل انتهــاكًا جســيمًا لمــا لهــم مــن حقــوق اإلنســان؛ فيجــب أن يتخــذ

جميــع الخطــوات الازمــة لضمــان تقديــم جميــع المســؤولين عــن اســتخدام هــذه الوســائل إلــى العدالــة .ــل ــي قدمــت لهــا مــن قب ــب الت ــى أي مــن ادعــاءات التعذي ــا إل ــم تتطــرق مطلق ــة ل ــا أن المحاكــم المصري الواضــح جلي

ــا. ــر مــن القضاي ــي الكثي ــع ذاتهــم ف ــة الداف ــل أعضــاء هيئ ــا أمامهــا أو مــن قب ــي القضاي ــا المتهمــون ف الضحاي

)37( المبدأ 16 من » المبادئ التوجيهية بشأن أعضاء النيابة العامة «.ــة، أن ــباب وجيه ــى أس ــتنادًا إل ــدوا، اس ــوا أو اعتق ــم وعلم ــتبه فيه ــة ضــد أشــخاص مش ــة أدل ــة العام ــي حــوزة أعضــاء النياب » إذا أصبحــت فالحصــول عليهــا جــرى بأســاليب غيــر مشــروعة تشــكل انتهــاكًا خطيــرًا لحقــوق اإلنســان بالنســبة للمشــتبه فيــه، وخصوصــًا باســتخدام التعذيــب أو المعاملــة أو المعاقبــة القاســية أو الالإنســانية أو المهينــة، أو بواســطة انتهــاكات أخــرى لحقــوق اإلنســان، وجــب عليهــم رفــض اســتخدام هــذه األدلــة ضــد أي شــخص غيــر الذيــن اســتخدموا األســاليب المذكــورة أو إخطــار المحكمــة بذلــك، واتخــاذ كافــة التدابيــر الالزمــة لضمــان تقديــم

المســؤولين عــن اســتخدام هــذه األســاليب إلــى العدالــة «. )38( المــادة 21 مــن »إعــالن مناهضــة التعذيــب««إذا ثبــت أن اإلدالء ببيــان مــا كان نتيجــة للتعذيــب أو غيــره مــن ضــروب المعاملــة القاســية أو العقوبــة القاســية أو الالإنســانية أو المهينــة، ال يجــوز اتخــاذ ذلــك البيــان دليــاًل ضــد الشــخص المعنــي أو ضــد أي شــخص آخــر فــي أيــة دعــوى.« المــادة 51 مــن »اتفاقيــة مناهضــة التعذيب««تضمــن كل دولــة طــرف عــدم االستشــهاد بأيــة أقــوال يثبــت أنــه تــم اإلدالء بهــا نتيجــة للتعذيــب،

كدليــل فــي أيــة إجــراءات، إال إذا كان ذلــك ضــد شــخص متهــم بارتــكاب التعذيــب كدليــل علــى اإلدالء بهــذه األقــوال.« )39( لجنة حقوق اإلنسان باألمم المتحدة –المصدر السابق

)40( المــادة 96)7( مــن »النظــام األساســي للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة««ال يؤخــذ باألدلــة المســتمدة عــن طريــق انتهــاك هــذا النظــام األساســي أو معاييــر حقــوق اإلنســان المعتــرف بهــا دوليــًا فــي الحــاالت اآلتيــة: أ( إذا ألقــى االنتهــاك ظــاًل خطيــرًا مــن الشــك علــى مصداقيــة الدليــل. ب(

إذا تعــارض قبــول الدليــل مــع صحــة إجــراءات الدعــوى وأضــر بهــا ضــررًا خطيــرًا.

20

علــي ســبيل المثــال قــدم الشــاب إســام أحمــد ســليمان إلــى المحاكمــة بتهــم تتعلــق باالعتــداء بالقــوة ومقاومــة أحــد رجــال ــي ــدة والت ــح القاهــرة الجدي ــى محكمــة جن ــدم إل ــة الجيــش والشــرطة، وق ــا هيئ ــول علن ــة بالق ــي واإلهان ــط القضائ الضبنظــرت قضيتــه فــي جلســتين حيــث حكمــت عليــه بالحبــس عــام مــع الشــغل ولــم تتطــرق إلــى أن مــا جــاء فــي مذكــرة التحريــات مــن قبــل الضابــط ليــس لــه أســاس مــن الصحــة وأن الشــهود والتقاريــر الطبيــة الخاصــة بــه تؤكــد تعرضــه للتعذيــب بداخــل قســم شــرطة القاهــرة ثــان بعــد أن تــم القــاء القبــض عليــه وإجبــاره علــى االعتــراف و اإلمضــاء علــى

التهــم الموجهــة لــه)41( .

انتهاك مبدأ افتراض براءة المتهممــن المبــادئ األساســية للحــق فــي المحاكمــة العادلــة، افتــراض بــراءة أي شــخص يتهــم بارتــكاب فعــل جنائــي إلــى أن

تثبــت إدانتــه طبقــًا للقانــون بعــد محاكمــة عادلــة، ويجــب أن يظــل افتــراض البــراءة قائمــًا مــا لــم يثبــت العكــس. لــكل فــرد الحــق فــي أن يعتبــر بريئــًا، وأن يعامــل أثنــاء المحاكمــة باعتبــاره بريئــًا، إلــى أن يصــدر الحكــم بإدانتــه وفقــًا للقانــون فــي ســياق محاكمــة تتفــق ـ علــى أقــل تقديــرـ مــع الحــد األدنــى للشــروط األساســية المقــررة للعدالــة، ويجــب أن

يظــل افتــراض البــراءة قائمــًا مــا لــم يصــدر هــذا الحكــم.وال ينطبــق الحــق فــي افتــراض البــراءة علــى معاملــة المتهــم فــي المحكمــة وتقييــم األدلــة فحســب، بــل ينطبــق أيضــًا ــدًا ــة جريمــة تمهي ــكاب أي ــل اتهامهــم رســميًا بارت ــم قب ــى المشــتبه فيه ــق عل ــل المحاكمــة. فهــو ينطب ــه قب ــى معاملت عللتقديمهــم للمحاكمــة، ويســتمر هــذه الحــق قائمــًا إلــى أن يتــم تأييــد حكــم اإلدانــة بعــد اســتنفاد مراحــل االســتئناف. كمــا أن حــق المــرء فــي أال ُيجبــر علــى أن يديــن نفســه أو يعتــرف بذنبــه، ومــا يترتــب عليــه مــن حــق فــي التــزام الصمــت،

إنمــا ينبعــان مــن مبــدأ افتــراض البــراءة. ــذا فــإن ويقتضــي الحــق فــي افتــراض البــراءة أن يتحاشــى القضــاة والمحلفــون أي تحيــز مســبق ضــد المتهــم)42( لاعتبــار المتهــم بريئــًا إلــى أن تثبــت إدانتــه فــي ســياق محاكمــة تتوفــر لــه فيهــا جميــع ضمانــات المحاكمــة العادلــة؛ إنمــا هــو شــرط لــه أبلــغ األثــر علــى العدالــة الجنائيــة، فهــو يعنــي أن عــبء اإلثبــات يقــع علــى االدعــاء. وإذا توفــرت أســباب

معقولــة للشــك، فيجــب أال يــدان المتهــم. وطبقــًا لمبــدأ افتــراض البــراءة، يجــب أن تضمــن قواعــد اإلثبــات وطريقــة إجــراء المحاكمــة أن يتحمــل االدعــاء عــبء

اإلثبــات فــي جميــع مراحــل المحاكمــة)43( . ومــن ثــم، يتعيــن علــى القاضــي أن يديــر المحاكمــة دون أن يكــون لــه رأي مســبق حــول إدانــة أو بــراءة المتهــم الماثــل

أمامــه، ويجــب أن يضمــن أن يتفــق ســير المحاكمــة مــع االلتــزام بهــذا المبــدأ. ــى ــر عل ــد يؤث ــا ق ــاء المحاكمــة مم ــب أثن ــه مذن ــى أن ــى أال يحــاط المتهــم بســمات تشــير إل ويجــب الحــرص بشــدة علافتــراض براءتــه . ومــن بيــن هــذا األوضــاع وضعــه فــي قفــص بقاعــة المحاكمــة، وتكبيــل يديــه أو قدميــه باألصفــاد أو األغــال، أو إرغامــه علــى ارتــداء ثيــاب الســجن فــي قاعــة المحكمــة، أو حاقــة شــعر رأســه قبــل إرســاله إلــى المحكمــة

فــي البلــدان التــي تقضــي فيهــا اإلجــراءات بحاقــة شــعر الســجناء بعــد إدانتهــم.

)41( أنظــر الملحــق رقــم 3 تقريــر طبــي خــاص باإلصابــات التــي تعــرض لهــا الشــاب اســالم ســليمان بعدمــا تــم تعذيــب بداخــل قســم شــرطة القاهــرة الجديــدة ثــان حســبما افــادت عائلتــه

)42( وتقــول المــادة 66)3( مــن النظــام األساســي للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة: »يجــب أن تقتنــع المحكمــة بــأن المتهــم مذنــب بصــورة ال تــدع أي مجــال معقــول للشــك قبــل أن تدينــه.« ورغــم أن معيــار اإلثبــات ليــس منصوصــًا عليــه بصراحــة فــي المعاييــر الدوليــة األخــرى، إال أن اللجنــة المعنيــة بحقــوق اإلنســان قالــت »يقــع عــبء إثبــات التهمــة علــى االدعــاء ويفســر الشــك لصالــح المتهــم بســبب افتــراض براءتــه.« وال يجــوز

افتــراض أنــه مذنــب بأيــة صــورة حتــى تثبــت عليــه التهمــة بمــا ال يــدع أي مجــال معقــول للشــك.« ــى المتهــم، قبــل أن ــة األوروبيــة عــن رأيهــا فــي بعــض الحــاالت التــي زود فيهــا المســؤولون عــن تقريــر الحكــم عل )43( وقــد أعربــت اللجنيصــدر عليــه الحكــم، بمعلومــات عــن أحــكام اإلدانــة التــي ســبق أن صــدرت عليــه، ورأت أن ذلــك اإلجــراء ال ينتهــك ضمانــات المحاكمــة العادلــة، بمــا فــي ذلــك افتــراض بــراءة المتهــم. وفــي إحــدى تلــك الحــاالت، أطلــع رئيــس المحكمــة فريــق المحلفيــن، قبــل صــدور الحكــم علــى شــخص متهــم بارتــكاب جريمــة ســطو، علــى معلومــات عــن األحــكام التــي ســبق صدورهــا عليــه. وفــي حالــة أخــرى أشــير فــي المحكمــة إلــى أن المتهــم قــد ســبقت إدانتــه بارتــكاب جريمــة ســرقة، وفــي حالــة ثالثــة أبلغــت النيابــة العامــة المحكمــة بــأن المتهــم ســبقت إدانتــه مــن قبــل فــي عــدد كبيــر

مــن القضايــا، وذلــك قبــل أن يتوصــل المحلفــون إلــى قــرار بشــأن تهمــة االغتصــاب التــي وجهــت لــه.

21

إذا ُبرئــت ســاحة شــخص مــا مــن تهمــة جنائيــة، بموجــب حكــم نهائــي مــن محكمــة، يصبــح هــذا الحكــم ملزمــًا لجميــع الســلطات الرســمية. ومــن ثــم، يجــب أن تمتنــع الســلطات العامــة، خاصــًة النيابــة العامــة والشــرطة، عــن اإليحــاء بأيــة ــم ــًا لحك ــراءة، واحترام ــراض الب ــدأ افت ــب اإلخــال بمب ــًا، لتجن ــون مذنب ــل أن يك ــذا الشــخص يحتم ــى أن ه ــارة إل إش

المحكمــة وســيادة القانــون. وتفصــل النظــم القانونيــة فــي بعــض الــدول بيــن القضــاء الجنائــي والمدنــي. ومــن ثــم؛ فــإن حكــم البــراءة فــي قضيــة

جنائيــة ال يمنــع مــن مقاضاتــه مدنيــًا بنــاًء علــى نفــس الوقائــع، ولكــن باســتخدام معيــار )أدنــى( لإلثبــات.ــة مــع أعضــاء وفــد االئتــاف علــي ســبيل المثــال فــي مصــر وكمــا أوضحــت هيئــة الدفــاع عــن المعتقليــن فــي مقابلالعالمــي للحريــات والحقــوق فــي زيارتــه التــي قــام بهــا لمصــر مــا بيــن 27 إلــى 29 إبريــل الماضــي أن قاضــي محكمــة ــن ــت المعتقلي ــه، نع ــا منظــورة أمام ــي قضاي ــن 1000 شــخص ف ــر م ــى أكث ــدام عل ــم باإلع ــذي حك ــا ال ــات المني جنايوأعضــاء هيئــة الدفــاع بأنهــم إرهابييــن، وأنهــم يجــب أن يتــم إعدامهــم فــي إشــارات واضحــة الداللــة علــى انتهــاك مبــدأ

افتــراض بــراءة المتهــم .

رد السلطات المصرية

فــى الزيــارة التــي قــام بهــا وفــد االئتــاف العالمــي للحريــات والحقــوق إلــى القاهــرة مــن 11مــارس إلــى 14 مــارس ــر ــد الســيد المستشــار ني ــر العــدل األمريكــي الســابق والســادة أعضــاء الوف ــل الســيد رامــزي كارك وزي 2014، قابــن ــد م ــه العدي ــوا من ــئلة و طلب ــن األس ــد م ــه العدي ــوا ل ــاب و قدم ــة االنق ــي حكوم ــدل المصــري ف ــر الع ــان وزي عثمالمعلومــات التــي بنــى عليــه التقريــر ووعــد الســيد المستشــار وزيــر العــدل المصــري بإرســال كافــة المعلومــات المطلوبة

إال أنــه لــم يقــم بارســال أي شــئ.ــى 29 ــى القاهــرة مــن 27 حت ــوق إل ــات و الحق ــد االئتــاف العالمــي للحري ــام بهــا وف ــي ق ــة الت ــارة الاحق ــي الزي و فإبريــل 2014، قــدم االئتــاف طلبــات إلــى مكتــب الســيد وزيــر العــدل للمقابلــة إال أنهــم لــم يتلقــوا أي رد بخصــوص

ــارة إال أّن طلباتهــم ُقوبلــت بالرفــض. ــاء الزي ــوا التواصــل مــع المكتــب مباشــرة أثن ذلــك وحاول

)44( وقــد وجــدت المحكمــة األوروبيــة أن افتــراض البــراءة قــد انتهــك عندمــا أثــارت محكمــة نمســاوية، بعــد تبرئــة أحــد المتهميــن، الظنــون حــول براءتــه فــي حيثيــات حكمهــا برفــض منحــه تعويضــًا عــن الفتــرة التــي قضاهــا محتجــزًا قبــل محاكمتــه كمــا وجــدت اللجنــة األوروبيــة أن افتــراض البــراءة قــد انتهــك عندمــا أمــرت محكمــة سويســرية المتهــم بــأن يدفــع جــزًءا مــن نفقــات التحقيــق والمحاكمــة؛ ألنهــا اعتبرتــه قــد ارتكــب

األفعــال الجنائيــة التــي حوكــم مــن أجلهــا، رغــم أن الدعــوى الجنائيــة كانــت قــد حفظــت بســبب تجاوزهــا للحــد الزمنــي المقــرر لهــا.

22

التوصيات

فيما يخص المحاكمات التي تتم حاليا :1- إيقــاف كل المحاكمــات التــي تنظــر فيهــا المحاكــم المشــكلة طبقــا لقــرارات إداريــة صــادرة مــن وزيــر العــدل )دوائــر

اإلرهــاب ( و الســلطة التنفيذيــة ، وإعــادة تشــكيل تلــك الدوائــر علــى أســس قانونيــة ســليمة .2- إعــادة محاكمــة كل المتهميــن فــي قضايــا تــم نظرهــا أمــام مــا تســمى دوائــر اإلرهــاب مــرة أخــرى وإعطائهــم كافــة

حقوقهــم المنصــوص عليهــا فــي القانــون مــن مبــادئ المحاكمــات العادلــة.3- إيقــاف نظــر أّي نــوع مــن أنــواع القضايــا التــي تمــت بداخــل منشــئات تابعــة لــوزارة الداخليــة أو أّي جهــة أخــرى

ال تدخــل فــي حــوزة الســلطة القضائيــة.فيما يخص شأن القضاة:

ــل ــة وعم ــا عــدم حياديت ــر جلي ــة، وظه ــات قانوني ــدون منطلق ــا ب ــع القضاي ــل م ــن تعام ــن كل َم ــر القضــاء م 1- تطهيــون. ــح القان ــقة وصحي ــر متناس ــا غي ــية وأصــدر أحكام بالسياس

2- أن ينتهــي ضلــوع وزيــر العــدل فــى تعييــن قضــاة التحقيــق، وفــي نــدب القضــاة و أن تتأهــل هيئــة قضائيــة لنــدب القضــاة إلــى المحاكــم.

3- أن يحظر على القضاة تولي إعارات أو إدارات في مناصب غير قضائية مالم يكونوا تقاعدوا.4- أن يحظر على القضاة التعيين أو الندب في أماكن ووظائف حكومية بجانب وجودهم على منصة القضاء.

5- أن ُيكفل للمحامين من غير أعضاء النيابة العامة فرصة متكافئة لدخول سلك القضاء. 6- أن ينتهي أّي دور لوزير العدل في السلطة القضائية، وأن ينتقل هذا إلى مجلس القضاء األعلى كجهة وحيدة.

23

24