جدلية القيم al keam.doc · web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة...

201

Upload: others

Post on 24-Jan-2020

0 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر
Page 2: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

يمــالق يةــجدل

الجاهلي الشعر يفرةـمعاص ةـنقدي ةـــرؤي

-2-

Page 3: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

:[email protected] E-mail: االلكتروني البريد [email protected]

اإلنترنت شبكة على العرب الكتاب اتحاد موقعhttp://www.awu-dam.o rg

مقداد : نسرين للفنانة الغالف تصميم

-3-

مـحــــفــــوظـة كافة الحقوق الـكـتـاب التـحــاد

الــعـرب

Page 4: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

بوبعيو بوجمعةكتور: دال

يمــالق يةــجدل ليــــــالجاه عرـــالش يــف

رةـمعاص ةـنقدي ةـــرؤي- - دراســــة

العرب الكتاب اتحاد منشورات من -4-

Page 5: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

2001- دمشق

-5-

Page 6: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الرحيم الرحمن الله بسم

-6-

Page 7: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

المقدمة

في تختمر فكرة مجرد كان أن منذ– البحث هذا اعتمد التي تلك هي هل مساءلة؟ أية ولكن المساءلة، الذهن- على

تنتهي ثم ما، منهجي منظور من اإلشكاليات من مجموعة تطرح لم ما كشف إلى تتطلع التي المساءلة هي أم بدأت، ما حيث من

االستمرارية على المحافظة قصد يثر لم ما وإثارة بعد، يكتشف على ليطل بالحاضر الماضي يربط ا،م تراث مع التعامل في

الفكر لذلك تشويه ودون هوة، هناك تكون أن دون المستقبل في اإلنساني الفكر إليه وصل ما قمة يعدان اللذين واألدبزمانه.

العميق انشغالنا تولد الطرح هذا ووفق االقتناع، هذا من الذي العربي الشعري تراثنا من جزء معالجة في الملحة ورغبتنا

العصور عبر صور جانبا في اإلنسانية الحياة جوانب من هاما بطتتر التي الفنية بالنظرة عليه نصطلح أن يمكن ما ضوء ارتباطا الواقع. أرض على نحياها التي بالحياة وثيقا

الجاهلي(( الشعر في القيم ))جدلية وضع إلى عمدنا وقد الدراسة لهذه عنوانا مقدمتها، في فرضيات مجموعة من انطالقا بالكتابة، يدون لم حيث الجاهلية الشفوية مثل الشعر هذا إن

قد الذاكرة هذه كانت وإذا اإلنسانية، الذاكرة في دون وإنما ليدون أجيال عبر تناقلته أن بعد إلينا وأوصلته جله على حافظت

بعضه، االنتقال- حرف هذا عبر– فإنه مكتوبا، ويصلنا ذلك بعدالحقيقيين. قائليه غير إلى اآلخر بعضه ونسب بعضه وضاع

فذلك والوضع، النحل قضية في الخوض بصدد هنا ولسنا والحديث، القديم نقدنا فيه أسهب موضوع جهود عن فضال

هذا أن إلى اإلشارة بصدد ولكننا تنكر، ال التي المستشرقين اإلنسان عبقرية منتوج كل ليس الفكري، أو األدبي الموروث الموروث هذا بصحة الجزم إمكانية عدم إلى باإلضافة الجاهلي،

جله. في وليس بعضه في والنسب والمكان الزمان حيث من تعني هنا فالجدلية استفهاما يظل استفساريا ما مطروحا

معها نتعامل التي الشعرية للنصوص التاريخية الحقيقة دامت حول والرد األخذ من شيء فيها الرسمية الوثيقة أنها على

من آخر على جانب يقو ومهما الحقيقي، ومنشئها مصدرها -7-

Page 8: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

دام ما اآلخر، إلغاء يمكنه ال أحدهما فإن الشأن هذا في اآلراءيدون. أن قبل إنسانية بذاكرة مر الموضوع- قد– النص هذا

من القيم حقيقة في فيكمن التساؤل من اآلخر الشق أما رفضها أو وتحبيذها تقبلها حيث ومن والمكان، الزمان حيث

بصفتها المألوف عن خروجا السائدة. لألعراف وخرقا هذا لدى بنسبيتها االعتقاد تعنيه، فيما يتعن القيم، جدلية إن

عاش الذي اإلنسان صراعا أبصر التي األولى اللحظة منذ وجوديا طالسم وواجهته وأهوال، مخاطر صادفته فقد الحياة، نور فيها

والتأهب والخوف الحيرة دائم وتجعله ترهبه ظلت ألي استعداداطارئ.

– األحيان غالب في- تأخذ الجاهلي لدى فالقيم هنا ومن في الخير بذور يحمل فهو متضادين، أو متناقضين مفهومين

تلك يمجد أن نفسه على آل فقد ثمة محالة- ومن ال– أعماقه أخالقه، وسمو ونبله، وسخائه وكرمه طيبته عن تنم التي القيم معطيات ذلك- هناك –مقابل ولكن وشهامته، وأصالته همته وعلو

القيم تلك بعض من تجعل خارجية نفس داخل يعيش لها نقيضا يبدل أن الضرورة تقتضي حين اإلنسان، هذا أخرى بقيم قيما أو وجوده على حفاظا لمكروه. درءا

بتطوره، وتطورت األزل منذ اإلنسان إذن- صاحبت– فالقيم العاقل الحي الكائن هذا به الله ميز الذي العقلي بالناموس بدءا األخرى، الكائنات من غيره دون اكتسبها التي القيم إلى وصوال

يترك وقد ببعضها يؤمن أصبح وبذلك السماوية، األديان بوساطة أو أحيانا، ونزواته نزعاته أو ميوله مع ينسجم لم إذا اآلخر بعضها آلخر أو لسبب تطبيقها على قدرته لعدم أخرى. أحيانا

عامل في التأرجح هذا ومن الشعري تراثنا نجد القيم مع الت إلى فيها الجوهري السبب يعود التي التناقضات ببعض حافال الرغبة االقتصادي، الزاد قلة الطبيعة، قسوة منها عدة أسباب

في تفاوت، من يولده وما الطبقي، التفاوت والتفوق، البروز في هو ما منها أخرى أسباب وهناك ذاتها، حد في القيمة إلى النظر

داخلي هو ما ومنها مثال، الطبيعية والكوارث كالحروب خارجينفسها. الذات هذه أعماق من متأتية إنسانية عوامل إلى يرتد

األمم من أمة أية لدى يمثل التراث أن من وانطالقا تواصال فكريا واآلتية، والحاضرة السابقة األمة تلك أجيال بين ومعرفيا تجارب من تفيد قد الحاضرة األجيال أن على وبناء هوة، وليس

))فكري-أدبي- علمي- التراث هذا فإن األوائل، ذاكرة دونته ما فلو فحسب، األجيال تركة أنه على معه يتعامل تاريخي(( ال

التراث لكان االعتقاد أو اإلحساس هذا مجرد على األمر اقتصر األجداد هؤالء حققه ما عند والوقوف والركود، الجمود إلى سبيال ولعل جديدة، وعوالم أخرى، إنسانية اكتشافات إلى تجاوزه دون

لتقديس وسيلة خير أن هو التحديد وجه على هنا نقصده ما التطور استمرارية لتحقيق المعرفي التواصل وضمان الموروث من اإليجابي عن نبحث كأن الموضوعي، التعامل هو والتجدد

-8-

Page 9: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

إلى ونشير السلبي ونتأمل إيجابيته، إلى ونشير الموروثنفسه. الوقت في وأنفسنا تراثنا نخدم وبذلك سلبيته،

أن كما جيل، إلى جيل من تختلف اإلنسانية فالحاجات فما لذلك األخرى، هي تختلف الحاجات تلك عن التعبير وسائل األمم من ألمة الحضاري اإلرث إن سابقتها، إرث من أمة عاشت

يكون أن يجب تلك تجديد أجل من التالية األمة أبناء لدفع حافزا بأمجاد التغني عند يظلوا أن ال سبقوهم، بمن أسوة الحضارة

السابقين. هؤالء وخصائص قيم من يخلو العربي- مثال- ال أدبنا فإن ثمة ومن

اإلنسانية اآلداب أمام بها التفاخر من خجلن ال وموضوعية فنية هذا، ليومنا صالحة كلها تعد لم الخصائص هذه لكن العالمية،

وبذلك وترو تمحيص دون بماضينا يربطنا ما بكل نتشبث فعبثا القوة ومواطن ضعفنا مواقف نتحسس ألنفسنا بنقدنا ألنه ونقد، بوسائل ال الخاصة بوسائلنا العصر مواجهة نستطيع وبذلك فينا،

.)أنانا( هو الذي الغير هذا نهمل أال على غيرنا، حين التاريخي المنهج على الدراسة هذه في اعتمدنا وقد

بالبعد عالقتها في الشعرية الظواهر بعض برصد األمر يتعلق نرى عندما الوصفي المنهج آليات بعض استعملنا كما الزمني، نظر وجهة تقرب التي التفسيرات بعض إلعطاء ملحة ضرورة من االجتماعية الظواهر بعض بوصف األمر يتعلق حين أو معينة، دون النقدية، الرؤى بعض خالل من أو الشعرية النصوص خالل

مع التعامل أثناء في التحليلي المنهج أدوات بعض نهمل أنالقيمية. األحكام بعض الستخراج الشعرية المادة

عند الوقوف الدراسة، هذه في المنشودة الغايات ومن بين تتراوح كانت وكيف الجاهلي، شعرنا في التراثية القيم بعض

تولد مما واالستهتار التمجيد وبين والرفض، القبول لدى إحساسا هناك بأن الشعر هذا على المطلع لدى القيمة في تناقضا العصر ذلك عاش الذي واإلنسان بخاصة، الجاهلي الشاعر ليست المسألة أن في يتمثل حكم إلى نصل أن وحاولنا بعامة، لظروف تخضع- ذاتها حد في– القيمة ولكن تناقض، مسألة لدى ثابتة غير يجعلها مما أحيانا، قبلية وعصبية ومكانية، زمنية

وأخرى خارجية اآلخر- مؤثرات هو– فيه تتحكم الذي اإلنسان هذا يبدوان الحتمالين قابلة تظل القيمة فإن ثم ومن داخلية،

فيما– الحقيقة لكن سلبيا، واآلخر إيجابيا، يبدو أحدهما متناقضين، إنسانية طبيعة هي الجاهلي اإلنسان طبيعة أن في نرى- تكمن

له ما كل وتفضيل السامية، القيم تمجيد على جبلت وأنها خيرة، أصال، البدوي خصائص من هي التي والشهامة بالمروءة عالقة

يضطر أنه غير استجابة اآلخر، بوجهها القيمة مع للتعامل أحيانا مكانته، وعن وجوده، عن اإلعالن في اجتماعية أو ذاتية لرغبات

إما لديه يولد ما وهذا وهيمنته، أو القيم بتلك استهتارا عن خروجاجوهرية. له تبدو غاية لبلوغ فيها المألوف

المرحلة بداية إلى تعود الجاهلي باألدب عالقتنا أن والحقيقة والشعر عامة باألدب شغفنا كان حيث بقليل، قبلها وما الثانوية

-9-

Page 10: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

بعد واعية وبدرجة أكثر، توطدت العالقة تلك ولكن شديدا، خاصة األدب مادة تدريس بعد سيما ال الدكتوراه، أطروحة إنهاء

وتحددت الدفين، الحنين عاد وحينئذ الليسانس، لطلبة الجاهلي الزمن، من عقد زهاء كامنة ظلت التي التساؤالت من مجموعة

اختصرت التي التساؤالت، تلك لبعض أجوبة إيجاد من بد ال وكانالدراسة. هذه شملتها التي الفصول من عدد في

وقد الجاهلي، الشعر في الشفوية األول الفصل في عالجنا فكان األول الجانب أما جانبين، على المعالجة تلك اقتصرت جانبا نظر زاوية من الموضوع هذا مناقشة إلى عمدنا حيث نقديا

ناقش الذي أدونيس نظر وجهة من سيما ال بحته، نقدية في الذاكرة عنصر على ركزت معمقة رؤية ضوء في الموضوع

مخزون من ينهل ظل الذي الشعري التراثي المنتوج ذلك ليؤلف الذاكرة شعرا غنائيا الشعري الفن فيه يمتزج سماعيا

الكلمة صاحب الذي باإلنشاد المصحوب الموسيقي بالفنالمقفاة. الموزونة

المنظور من انطلق فقد الفصل هذا من الثاني الشق أما عند ووقف الشفوية، مفهوم كرس الذي النقدي التاريخي

عبر وانتقاله تطوره حركة في الشعر هذا به مر الذي التطور الزمن، بحركة اشتهر الذي الهجري الثاني القرن إلى وصوال من جيدة فئة خالله وظهرت والتدوين، الكتابة مجال في نشطةبخاصة. بالشعر والمهتمين الرواة

عملنا حيث القيمة، مفهوم فيه تناولنا فقد الثاني الفصل أما حد الشعر- في كان فإذا إيضاحها، المراد الصورة تقريب على

من مجموعة تكمن الشعر هذا ظل ففي كبرى، قيمة ذاته- يمثل عنها وعبر بعامة، الجاهلي المجتمع في تبلورت التي القيم

الذي العام اإلطار ضمن ولكن الخاصة، بطريقته كل الشعراء االجتماعي بالواقع الفنية الجوانب اختلطت وهكذا يحكمها،

جديدة قيم توليد عن تمخض الذي والسياسي واالقتصاديالمؤثرات. لتلك خاضعة القيم فكانت قديمة، وأخرى

الثالث الفصل ويأتي الدراسة، هذه في هام لجانب ممثال النفسية االستجابة بين الطللية المقدمة قضية تناول بحيث

شعرية ظاهرة مثلت قد المقدمة هذه كانت فإذا الفني، والتقليد الفني الشكل خلق في وأسهمت الجاهلي، الشعر في متميزة

شيء المقدمة هذه فهل القديمة، القصيدة معمارية يميز الذي يعايشها، أو يعيشها بحيث الجاهلي الشاعر نفس في متأصل

قد التي مطولته أو قصيدته في عنها التخلي يستطيع ال ثمة ومن القصيدة تجمعها التي المختلفة األغراض من مجموعة إلى تتفرع

ال كي بها االستهالل من بد ال فنية سنة مجرد أنها أم الواحدة،الشعر؟ دعمو قدسية عن الشاعر يخرج

اآلراء من بمجموعة نلم أن الطبيعي من كان ذلك ضوء وفي بنتيجة نخرج أن نحاول ثم الموضوع، هذا عالجت التي النقدية

خاصة. نقدية رؤية خالل من

-10-

Page 11: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

)أنا ضوء في الجاهلي بالشعر الرابع الفصل اهتم حين فيو ،وشموخها القبيلة الشاعر( واعتداد الشاعر قول من انطالقا

والجماعية الفردية بالنفس واالعتداد الشموخ ذلك يصور الذي الذي والفخر الحماسة شعر يمثله االعتداد ذلك أن سيما ال معا، العام الناموس بمنزلة هي التي السائدة القيم من مجموعة يمثل القبائل أبناء بين وفيما بينهم، فيما القبيلة أبناء يحكم الذي

اإلحساس ظل في القبلية العصبية فيهم تتحكم وكيف األخرى، القيم ثمة من فتخضع والغلبة بالقوة التظاهر أو النصر، بنشوة

فتكتسب أحيانا، طارئة لظروف لكنها والثبات، الديمومة من شيئا نسبية فتصبح القيم تلك إلى النظرة تتغير ما سرعان أحياناأخرى.

نماذج على الفصل هذا في اقتصرنا فقد الحال وبطبيعة أو الذاتي الفخر من معينة جوانب صور الذي الشعر من مختارة القبيلة بمآثر الفخر معالجتها نريد التي الفكرة طبيعة مع تماشيا أشكاله في الفخر غرض في نسهب لم وبذلك القيم، فكرة وهي

المختلفة. وضروبه التي الصعلكة ظاهرة لدراسة الخامس الفصل خصصنا ثم

والمعنوي الفني المستوى على القوي حضورها لها كان الوقت في– تعد والتي واالجتماعي، لحركية نفسه- استمرارا

تناقضات من يخلو ال الذي العصر ذلك في السائدة القيم تلكوطبقية. قبلية وصراعات وتناحرات

فنية ظاهرة عام- يمثل بوجه– الصعاليك شعر أن عن وفضال فإن بخاصة، الفنية جوانبها حيث من متأنية وقفة تستحق راقية األخرى- بالتأمل هي– جديرة الموضوعية الشعر هذا قيمة

إلينا- وصل جزئه- الذي في– الصعاليك شعر أن إذ والتروي، كان اعم ينبئ واالقتصادي، االجتماعي المستوى على سائدا

األفراد مع تعامله في المجتمع طبيعة عن ما فكرة ويعطينامعينة. اجتماعية مفاهيم ظل في والجماعات

بروز إلى أدت التي الخفية الجوانب عند نقف أن حاولنا وقد مجرد في تكمن ال المسألة أن بحيث الشعر في الصعلكة ظاهرة الغير مال وأخذ والسلب بالنهب عرفوا طرق قطاع ظلما

الظاهرة لهذه ولكن وعدوانا، هؤالء من فئة جعلت أخرى أسبابا ويتمردون القبلية، مجتمعاتهم على يثورون الفرسان الشعراء

القبيلة أعراف لتسلط رفضهم ويعلنون الجائرة، القيم جل على تكونت أن فكان والخلع، بالطرد يسمى ما عليه ترتب مما

وطالبت الصعلكة، امتهان أعلنت اءعالخل أولئك من مجموعات العدالة إلى منها أقرب الفوضوية مبدأ إلى هي اجتماعية بعدالة

والنهب. السلب مبدأ على العتمادها الحقيقية االجتماعية جلي، طبقي تفاوت من الجاهلي العصر به تميز لما ونظرا

تخلو ال بصفتها ةعنتر شعر مثلها التي الذاتية السيرة على وبناء التي النفسية المعاناة وبحكم الوجودي الطبقي الصراع ذلك من

الفصل نجعل أن حبذنا فقد الملحمي، الشاعر هذا شعر صورها السادس مؤثرات هناك أن سيما ال الصراع، هذا بمعالجة خاصا

-11-

Page 12: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

كان التي العبودية إزاء العنصري االتجاه تظهر وخاصة، ةعام ةعنتر هذا به عرف ما بحكم اإليجابي الرمز ولكنه لها رمزا

بين وجوده لفرض دائب وعمل والخنوع، للذل رفض من الشاعر رفض من لقيه ما كل ورغم األسود لونه رغم القبيلة، أسياد

خارقة فروسية ذلك كل في ووسيلته وقبلي، أسري وتعنتعالية. وأخالق يؤلف -إذن- أن الفصل هذا حاول لقد موقفا نقديا انطالقا

عمه بابنة عالقته في ةعنتر مثلها التي الشعرية الملحمة تلك من المنشودة الغاية هي ثمة ومن شعره، جل موضوع هي التي عبلة الهجاء عالجنا ثم قيوده، وتفك حريته تتحقق بتحقيقها التي

الشخصي الهجاء خالل من واإليجابية السلبية جوانبه مبرزينوالقبلي. من عدد إلى يعود فإنه الدراسة هذه على فضل من كان وإذا

منها، واإلفادة عليها الحصول استطعنا التي والبحوث الدراسات تاريخي منظور من الجاهلي الشعر بدراسة يتعلق ما فمنها

من سواء الشعر هذا موضوعات عالجت ما ومنها وصفي، بين الدراسات هذه تراوحت وقد الموضوعية، أو الفنية الوجهة في ولكنها أحيانا، والقصور التكرار وبين أحيانا، والخلق الجودة

الموروث بهذا المهتمين قبل من حميدة جهود عن تنم مجموعهاوفنونه. بموضوعاته الغني الشعري

قضايا من والبحوث الدراسات هذه أثارته عما النظر وبغض التي النقدية والمواقف األفكار من عدد إلى نبهتنا فقد وآراء، هذا بحثنا على أضفت في وأسهمت والتروي، الدقة من شيئا الجوانب ببعض المتعلقة واألحكام النقدية المواقف بعض تعميق

هذه جميع ذكر نستطيع ال كنا ولئن التاريخية، أو االجتماعية ومنها: الشعراء فحسب بعضها ذكر على نقتصر فإننا المراجع

وقيمتها الجاهلي الشعر مصادر خليف، ليوسف الصعاليك القصيدة في التقليدي المطلع األسد، الدين لناصر التاريخية

صوره الجاهلي الهجاء البلداوي، النبي عبد لعدنان العربية وكتابه البستاني بطرس عجالن، بيومي لعباس الفنية وأساليبه حمودي لنوري الجاهلي الشعر في الفروسية الفرسان، الشعراء الجبوري، ليحيى وفنونه خصائصه الجاهلي الشعر القيس، الزبيدي، خضر المنعم لعبد الجاهلي الشعر لدراسة مقدمة صادق لمحمد المتجددة ومعاناتها الجاهلية القصيدة خصوبة عبد لنصرت الجاهلي الشعر في الفنية الصورة الله، عبد حسن

الكتب من وغيرها حسين، لمحمد والهجاؤون الهجاء الرحمن، نناقش أو فكرة منها نقتبس لم كنا وإن حتى فضلها ننكر ال التي والنقد، والتحليل بالدراسة إليها تطرقت التي القضايا بعض فضال استشهدنا التي الكتب أمهات وبعض الشعرية الدواوين عن

األغراض. مختلف في شعرية نماذج من نقلته ما ببعض من نوينا فيما وفقنا قد يكون أن الله نسأل الختام وفي

العلمي الجهد هذا خالل من العربي الشعري لتراثنا خالصة خدمة لم التي الجوانب على أيدينا نضع أن استطعنا فإن المتواضع،

-12-

Page 13: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أو الواسع، المعرفي الحقل هذا في سبقونا ممن غيرنا إليها يشر المجال هذا في يشتغل ممن لغيرنا تمهد قد فكرة إلى ننبه أن

وإن ومبتغانا، المنشودة غايتنا فتلك والتنقيب البحث سبيل بذلنا أننا فعزاؤنا المراد بلوغ في قصرنا خالصا. جهدا

القصد. وراء من والله

-13-

Page 14: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

األول الفصلالجاهلي الشعر شفوية

1 على أحكامنا أن إلى نذهب البدء- حين نبالغ- منذ ال قد

وتطوراته- تظل بداياته حيث العربي- من الشعري الموروث لهذا الكاملة النصية الوثيقة نسبية ضوء في وذلك نسبية،

الباحثين لدى المطلوب بالشكل تتوفر لم والتي الموروث،ومؤرخين. نقاد من والمختصين التاريخي، فالنص يقول ال قد أدبيا، أم فكريا، أم كان، تاريخيا

بعد منها، مقربة األقل- على على– يضعنا ولكنه مجردة، الحقيقة نملك ما ضوء في غربلته يمكن ما ونغربل ونستقرئه، نتأمله أنثقافية. ومرجعيات منهجية آليات من

توفره عدم أو النص هذا غياب في أما فإن أيدينا، بين كامال– يظل أحكام من نقرره ما دوما- نسبيا غير والرد، لألخذ وقابال كشف قصد واستمراريته البحث ديمومة على يحفزنا ذلك أن

الذي بالموروث دائم احتكاك على نظل ثمة ومن المجهول، ذلكومستقبله. وحاضره اإلنسان ماضي بين الوصل همزة يمثل

يدع ال ومما مرت الجاهلية العربية القصيدة أن للشك مجاال وصلت الذي الشكل إلى وصلت حتى والتطور النمو من بمراحل

يكون أن منذ الطفل على ينطبق ما عليها ينطبق وقد إلينا، به الوالدة. مرحلة يبلغ أن إلى أمه بطن في جنينا سلمى، أبي بن وزهير القيس، امرئ مطوالت فإن وهكذا

من حال بأي– تمثل ال وغيرها العبد، بن وطرفة شداد، بن ةوعنتر إليه وصل ما ذروة تمثل ولكنها الجاهلي، الشعر األحوال- بدايات

زمنه. في الشعر هذا– عبر الذي الجاهلي الشاعر أن هنا االنتباه يلفت ومما بشعره- تعبيرا مناحي ومختلف وحبه وأحالمه وجوده عن ذاتيا

-14-

Page 15: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الشعر ذلك- يتصور رغم– يكن لم حياته، من يعبر فرديا، عمال يتصوره كان بل الفردية، ذاته عن خالله في النبوغ من نوعا

.(1)ومخاوفها وأمالها القبيلة أحالم عن التعبير الذات عن للتعبير وظفت الفردية الذاتية هذه فمثل– ليكون وقومه الشاعر بين التالحم عالقة ظل في الجماعية

إلى الصدى ذلك تنقل التي الفردية للنفس بذلك- صدىخطاب. أو رسالة لتبليغ وسيط مجرد وكأنها الجماعة، في المتمثلة وهي أهم، قضية إلى يجرنا الحكم هذا ومثل

ينظم مثال- أنه– صحيح فهل شعره، وماهية الشاعر هذا نوعية الشعر امتلك وهل فطرته؟ على اعتمادا نصيبا الثقافة من وافراقومه؟. باقي عن ويتميز يتفرد أن من مكنته

الموهبة تلك من الجاهلي الشاعر حق نجحد ال كنا ولئن المواهب أن حيث قبيلته، أبناء بقية عن بها تميز التي الفطرية الجاهلي، الشاعر أن إال والجماعات األفراد بين تتفاوت عن فضال امتلك فقد موهبته تكتسب الرؤية- وقد -ثقافة الثقافة، من شيئا

المعارف من غيره منتوج على بإطالعه المثاقفة من الثقافة هذه الحياتية والعبر التجارب من تكتسب وقد المختلفة، اإلنسانية

فحين ثمة ومن وسلوكاته، تجاربه وفي حياته، في منها يفيد التي يقول يقول ال فهو شعرا به يحس عما يعبر ولكنه غامضا، شيئا فيه نوافق ما وهذا ه،ـقول يستطيعون ال أنهم بيد قبيلته، أبناء بقية

ما يقول كان اإلسالم قبل ))الشاعر أن يرى "أدونيس" الذي مآثرهم وتقاليدهم، عاداتهم يقول ألنه إليه، يصغون الذين يعرفه

التي الثقافة هذه أن بيد.(2)وهزائمهم(( انتصاراتهم وحروبهم الشعري األصل أن حيث شفوية، ثقافة ظلت الشاعر، امتلكها ))نشأ العربي من أنه وإلى سماعية، صوتية ثقافة ضمن شفويا

إلينا يصل لم ثانية جهة وصل بل ،جاهلي كتاب في مخطوطا .(3)الرواية(( عبر الذاكرة في مدونا يعتمد لم لكنه الشاعر، هذا لدى موجود الثقافي فالعنصر

ومن سماعيا، استمدها ولكنه الكتابة، على الثقافة تلك تدوين مرحلة في لتظل نفسها بالوسيلة تمت غيره إلى نقلها فحين ثمة

العطاء صوتية- سماعية. أيضا يعرفوا لم الشعراء هؤالء جميع أن الجزم نستطيع ال كنا وإن مناقشته، في اإلفاضة مجال هنا ليس آخر أمر فهذا الكتابة الرواية طريق عن جاء غيره إلى نقله الذي شعره بأن نقر ولكننا

والمشافهة. الجاهلي العربي الشعر ولد نشأ إذن- فقد– نشيدا مسموعا

فهو الجسدية، الموسيقى بمنزلة كان يكتب، ولم غني مقروءا، ال يتجاوز قد آخر، وشيء كالم لب كالما، كونه على يقتصر لم

الدارســين، أثر في الجــاهلي األدب الــرحمن، عبد عفيف)?(1 قــديما.24ص/ وحديثا،

.5ص/ العربية، الشعرية أدونيس، مقدمة)?(2.5ص/ السابق، المرجع)?(3

-15-

Page 16: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ما هذا وفي المكتوب، وبخاصة الكالم، نقله عن يعجز وما الكالم، وبين والكالم، الصوت بين وتعقدها وغناها العالقة عمق على يدل

الكشف يتعذر التي الذات فردية بين عالقة إنها وصوته، الشاعر نسمع حين تحديده يتعذر الذي الصوت وحضور أعماقها، عن

الكالم الكيان كذلك نسمع وإنما وحدها، الحروف نسمع ال نشيدا.(1)بها(( ينطق الذي

الجاهلي الشعر في الكلمة عن للحديث يضطرنا ذلك ولعل ليست أنها أي محالة، ال مقترنة فهي ودالالتها، وظيفتها حيث من

هناك أن حيث الموسيقى- النشيد،– الكلمة ففي عنه، معزولة تالحما التي المعنوية الداللة حيث من الكلمة بين وانسجاما ))هو هنا الدال إن الكلمة، هذه تحدثه الذي الصوت وبين تؤديها غناء-– كالم إلى تحولت وقد الذات إنه اإلشارات، متعددة طاقة

العميق التوافق هذا ومن لغوي، شكل في الحياة- لغة- أو إنه ومضموناته الجاهلي الشعر في الصوتية الكالم قيم بين

.(2)واالنفعالية(( العاطفية األذن، يستدعي الصوت ألن السماع تفترض الشفوية إن القول في خاص بفن الجاهلي الشعر في الشفوية تميزت ولهذا

التعبير، طريقة في بل عنه، المعبر في يقوم ))ال الشعري يعرفه إجماال- ما– يقول كان الجاهلي الشاعر أن خصوصامسبقا. السامع انتصاراته ومآثره، حروبه وتقاليده، عاداته يقول كان

تكن لم الشاعر قراءة أن كيف يوضح ما هذا وفي وانهزاماته،.(3)إفصاحه(( طريقة في بل عنه، يفصح فيما

العصر في الشعرية الشفوية بين حميمة عالقة هناك إذن، اعتقاد على بناء– يرتد ذلك ولعل السماع، وبين الجاهلي

مبدأ على أسس الجاهلي الشعري النقد أن أدونيس- إلى يكن ولم وسامعه، الشعر بين الصلة مستوى وعلى السماع، لمن لغيره، بل لنفسه، الشعر ينشئ– إذن- الجاهلي الشاعر الذي االبتكار على الشاعر قدرة كانت هنا ومن به، ويتأثر يسمعه

.(4)السامع نفس في يؤثر "أدونيس" رأي تقبل من لنا مندوحة ال فإنه األمر كان وأيا ال مكان أو زمان أي في شاعر أي أن إذ التحفظ، من بشيء

ينظم حين نتصوره إال شعرا الخاصة رؤاه ومن ذاته، من منطلقا الغير، إلى أي الخارجي، العالم إلى ذلك بعد الشعر هذا ليخرج

ما مع ينسجم قد ولكنه الشاعر، ذات عن المنفصل الغير هذا بشعره يؤثر فقد ثمة ومن ومشاعر، رؤى من الذات هذه تنتجه

ألف قد الشاعر ألن ال المتلقي، أو السامع هو الذي الغير هذا في شعره الشاعر ارتباط من الرغم على اآلخر، لذلك خصيصا

.5ص/ نفسه، السابق المرجع)?(1.6ص/ السابق، المرجع)?(2.6ص/ نفسه، المرجع)?(3.22ص/ نفسه، السابق المرجع)?(4

-16-

Page 17: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الشعر ذلك في وجد قد اآلخر هذا ألن ولكن ،همجتمع بمفاهيم أصال- صدى– فردي منتوج هو الذي الشاعر ألن نفسه، في مؤثرا

أسلفنا- ليس كما– الجاهلي فردا ضمن يعيش إنه بل منعزالبه. ويتأثر فيه يؤثر قبلي مجتمع على خاصة بقدرة تميز قد الجاهلي الشاعر أن شك وال ال الشعر، منه يتلقى الذي سامعه في يؤثر ألنه أهله الذي االبتكار

ينشئ أن عليه كان الشاعر، هذا أن سيما شعرا في لما مطابقا نجاح مدى في تكمن الجوهرية المسألة أن حيث سامعه، نفس يظل الذي النجاح هذا الشاعر، شعر السامع فهم بمدى مرتبطا

هناك فإن ثمة ومن الشاعر، يقوله بما وتأثيره قاسما مشتركا الذي المشترك العام الذوق يمثله شعره، ومتلقي الشاعر بين

أحدهما يجعل واآلخر التصوير على قادرا هذا فهم على قادراوتذوقه. التصوير

-3- شعرنا منه انبثق الذي الشعر أصل الجاهلي الشعر ويعد

عمود دعائم أرسى ألنه وذلك عصوره، مختلف في العربي القصيدة نظام وثبت الشعر، القيم أهم مثل كونه عن فضال وشكل األصيلة، الفنية إنه ثم الدراسة، مصادر من مصدرا

في التاريخية الفترات أصعب من فترة لنا يصور أن استطاع.(1)وتطورها نموها مراحل تجتاز وهي ويرسمها العربية حياتنا

– ارتبط الجاهلي الشعر أن إلى قبل من أشرنا أن سبق وقد نموه- بالغناء مراحل بداية في الشعر إن حتى وثيقا، ارتباطا

يمثالن أصبحا والغناء شيئا المرحلة تلك في العرب عند واحدا الشاعر وكان المتقدمة، مغنيا ومن نفسه، الوقت في وقاصا

كانوا القدماء العرب أن االرتباط ذلك على القاطعة األدلة يلقبون مدى عن تنم بألقاب صيتهم ذاع الذين الشعراء من عددا

التغلبي ربيعة بن عدي لقب فقد والغناء، الشعر بين التالحم ذلك وهو به، التهليل أو بالشعر الغناء من بالمهلهل، وائل كليب أخي كذلك سمى وقيل ،(2)الوقائع وذكر القصائد قصد من العرب عندوغناه. رققه أي الشعر هلهل من أول ألنه

العرب بصناجة األعشى لقب كما يغني كان أنه من انطالقا.(3)شعره

به اتهم عندما الوقوف إلى تجرنا الجاهلي الشعر أولية ولعل.207 ص الجاهلي الشعر في الفروسية القيس، نوري)?(1 ص الجــاهلي الشــعر لدراسة مقدمة الزبيــدي، خضر المنعم عبد)?(2

15.ــرج أبو)?(3 ــاني، األصــفهاني الف ــ األغ ص المصــرية، الكتب دار9جـ

109. -17-

Page 18: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

وتوارد مشافهة من به عرف ما بحكم ارتجال من الشعر هذا قد الرواة إن حيث الواحدة، القصيدة حول الشفهية الروايات

يحدث مما مختلفة بروايات الواحدة القصيدة ينقلون أنساقا يقول راوية نجد حين سيما ال القصيدة، تراكيب في مختلفة

عبارة ويستعمل آخر راوية يأتي ثم كذا، "أنشدني" فالن إلى نميل يجعلنا مما مخالفة برواية ولكن أيضا، "أنشدني" هو

أنه على الشعر هذا إلى ينظران ومونرو" اللذين "زويتلر رأي.(1)أغنية

ما أو الجاهزة، اغاتيالص عملية إلى يرتد هنا االرتجال ولعل اللغوي المعجم أن الصياغي" حيث "بالقالب عليه اصطلح

فتأتي السابقون، منه متح الذي المعين نفس من يمتح التصويريمكررة. التراكيب ثمة من

الشعر بعض يكون أن نستبعد ال أننا فمع اإلنشاد مسألة أما الكتب أمهات ذلك إلى تشير كما وغني، أنشد قد الجاهلي بعض وصفت أو القديم، العربي لألدب أرخت التي العربية تطوره، و نموه مراحل ضوء في مالمحه ال اإلنشاد لفظة أن إال

تعني رواية اختالف أن حين في مموسقا، الشعر ينشد أن دوماحوله. خالف ال أمر الشعر الشعراء جميع أن يعني ال الشعر قول في االرتجال أن إال

في التصرف حيث من اإلبداعية القدرة في سواء الجاهليين وليس المعاني، وابتكار اللغوي البناء هؤالء يكون أن شرطا

لكل أن إذ األغراض، جميع في بعينه معين من نهلوا الشعراء يفسر ما ذلك ولعل محالة، ال الشعرية وشخصيته موهبته شاعر

أن كيف لنا أبي بن زهير عن يختلف الذبياني النابغة مثل شاعرا األغراض حيث من القيس امرئ عن يختلف وعنترة سلمى، التصوير حيث ومن أحيانا، – ينفي ال ذلك كان أخرى. وإن أحيانا

موذج مثل الصياغي(( الذي ))القالب بالضرورة- وجود النالمحتذى: الشعري موجودة المتكررة المتداولة العبارة– الصياغي القالب ))إن

الشعر ناقد بها يتسلح أن يجب التي التجهيزات إحدى وهي حقا، الواقع- في– إننا غيرها، كثيرة إمكانيات له تتهيأ حين القديم أنفسنا نفرض تنقصنا ذلك ومع عرب، ونحن الشعر لذلك نقادالألقدمين. تتوفر كانت كثيرة خبرات غير هو الجاهلي الشعر فيها جاء التي باللغة إحساسنا إن

جعل في نتسرع ذلك ومع واألصمعي، أحمد ابن الخليل إحساس أنفسنا لقد منحولة، غير أو منحولة القطعة هذه كون على حكاما

.(2)بالشعر(( العلماء عليهم أطلق من القدماء في كان قد الشفوية، الرواية بواسطة الجاهلي الشعر إتيان ولعل

ذلك سبب الرسمي، واألدب الشعبي األدب بين اللبس من شيئا ص ترجمة الجــاهلي، الشــعر في الشــفوي النظم مــونرو، جيمز)?(1

10..11 ص السابق، المرجع)?(2

-18-

Page 19: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

عن بلغنا فما الشعر، من النوعين هذين بين التمييز من بد ال وهنا "المفضليات" و "األصمعيات" و مثل المؤلفة المصادر طريق

هذا ألن محالة، ال الرسمي األدب من هو سالم "طبقات" ابن ليالي في تقال التي الشعبية األشعار تلك عن يختلف الشعر.(1)الشعبية والمجالس السمر المشافهة طريق عن منقول أدب كل إلى ننظر أن أما

أدب أنه على األجيال عبر نقل وسيلة هي التي الذاكرة وبواسطة أن وهو بسيط لسبب وتعميم مبالغة من يخلو ال فقول شعبي،

ويصبح واستقالليته، خصائصه األيام مع يفقد األدب هذا أدبا من الذاكرة تسببه قد ما ننكر ال إذ ونحن ومتداخال، خليطا زيادات أو تحويرات من الرواة يتحمله وما تصحيف، أو تحريف

ال ذلك كل أن إال سوئها، عن أو نية حسن عن الشعر بعض في الدعامة يعد الذي الشعري التراث هذا في التشكيك على يحملنا

ما منذ ولغته العربي أدبنا خصائص على حافظت التي الجوهرية عشر أربعة عن يزيد الدعوة بين نفرق أن وعلينا الزمن، من قرنا من الزائف معرفة خاللها، من نستطيع التي المناهج امتالك إلى

دعوة النهاية في هي التي التشكيكية الدعوة وبين الصحيح، أهم من أن فيه ريب ال ومما عامة العربي للتراث تدميرية النسبة ضياع بفكرة أخذوا الذين بهؤالء أدت التي الدوافع في الكتابة استعمال عدم على اعتمادهم هو النص وفقدان في يتم استعمالها أن أو مستعملة، غير الكتابة دامت فما الشعر،

مدون، غير بالمقابل- كان– الشعر فإن ومحدود، ضيق إطار أميين العرب كان فإذا ،(2)العلمية الحفظ وسيلة انعدمت وبذلك

أبيات عن اآلن حتى تكشف لم النقوش أن سيما ال يكتبون، الاألمية. مفيه تشيع كانت العرب أن يؤكد ما فهذا مكتوبة، شعرية

القديمة العربية األوساط في األمية شيوع مسألة أن والواقع الشعر شيوع عدم أن حيث نسبية، تظل ليس مدونا دليال قاطعا شيوعها، قلة من الرغم فعلى للكتابة، العرب معرفة عدم على العربية، المصادر وبعض القرآنية، اآليات ذلك إلى تشير كما

ضعف وفي الكتابة تلك محدودية في تكمن رأينا في فالمسألةوجودها. عدم في وليس انتشارها، إمكانيات الجاهلي الشعر فهم فإن سبق، ما ضوء وفي فهما صحيحا

مشافهة، ينظم كان أنه على إليه النظر ضرورة على يتوقف للتعديل ويخضع تركيبه يعاد فقد تقليدية، مواد من جله ويؤلف

تناقلوه الرواة إن ثم باستمرار، مستمرة إعادة مع جيل بعد جيال لصياغته ناقل مجرد يكن ))لم الشعر هذا راوي أن عن فضال

الوقت في– كان وإنما عليه، غريب سابق لنص نفسه- شاعرا مؤلفا وفنانا ينقله ما نظم الحرية من قليل غير بقدر يعيد محترفا.(3)قديمة(( شعرية ومواد نصوص من

.12 ص نفسه، المرجع)?(1.13 ص السابق، المرجع)?(2 ص الجــاهلي، الشــعر لدراسة مقدمة الزبيدي، خضر المنعم عبد)?(3

285. -19-

Page 20: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

في انحصرت بمراحل مر الجاهلي الشعر أن شك وال اإلنشاء مرحلة هما بارزتين مرحلتين التجميع مرحلة إلى وصوال

والتدوين. من الغامضة الفترة تلك في فتتمثل األولى المرحلة أما

وسيلة هي الشفوية الرواية كانت حين الشعر، هذا نمو تاريخ أشعارهم رواية في الوحيدة تكن لم إن المثلى، الجاهليين الشعر، هذا جل إلينا وصل الرواية هذه طريق عن إذ وحفظها،

الثاني القرن رواة بعناية ظفر الذي الشعر من القدر هذا.(1)ويدونونها ويشرحونها نصوصه يجمعون فتئوا ما الذين الهجري

تنقل الشعر هذا أن يالحظ الجاهلي الشعر تاريخ تتبع ومن زمنية دورة شبه ))في العربية الجزيرة شبه في القبائل بين

ثم ربيعة، في األمر، أول في كان فقد واضحة، وقبلية ومكانية.(2)تميم(( في األمر آخر استقر ثم قيس، في الشعر تحول

الرواة عن نتحدث وحين الهجري، الثاني القرن من بدءا ويحفظون يكتبون، كانوا هؤالء أن االنتباه يسترعي ما فأول

التدوين، بمجرد يكتفون ال أنهم غير ودواوين، صحف في الشعر في ينقلونه ثم وذاكرتهم صدورهم في الشعر هذا يحفظون بل

في ذلك تم وقد إنشادا، والمحافل األدبية المجالس مختلف.(3)اإلسالمية العصور جميع

طبقة الطبقات تلك وأولى طبقات، إلى الشعر رواة وينقسم شعر يروون شعراء طائفتان: منهم أو قسمان وهم الشعراء

ينسجون ثم به، ويتأثرون الشعر هذا فيحفظون بعينه، شاعر بادئ في يقلدون بذلك وهم وتمثلوه، حفظوه بما متأثرين شعرا يصدرون وفطرة طبيعة إلى الواعي التقليد ذلك يتحول ثم األمر، عنها الفئة، هذه الرواة، الشعراء فئة هي وتلك فنيا، صدورا

.(4)شعرية(( ))مدرسة تسمى أن بموجبها يمكن فقد ثم ومن فائقة، عناية بالشعر إذن- تعنى– القبيلة كانت

بدورها هي كانت شعرائها شعر مصادر من مصدرا ))ومصدرا ومن األخرى، القبائل شعراء به يمدحها الذي الشعر مصادر من

بعض الهجري الثاني القرن في الرواة العلماء أخذ ذلك أجل شعر من منها رواة يرويه ومما القبائل هذه من الجاهلية شعر

.(5)شعرائها(( ثالث إلى ينقسمون الذين الشعر رواة طبقة جانب وإلى

القبيلة، ورواة الشاعر، ورواة الرواة الشعراء هي: طبقة طبقاتــراهيم)?(1 ــرحمن عبد إب الفنية قضــاياه الجــاهلي الشــعر محمــد، ال

.67 ص والموضوعية،. 32ص سالم، ابن طبقات وانظر7ص نفسه، السابق المرجع)?(2 ،التاريخية وقيمتها الجـاهلي الشـعر مصـادر األسـد، الـدين ناصر)?(3

.191 ص األدب في حســـين، وانظـــر: طه ،222 ص نفســـه، المرجع)?(4

.292 ص ،4طـ الجاهلي.232 ص الجاهلي، الشعر مصادر األسد، الدين ناصر)?(5

-20-

Page 21: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ذاته، الجاهلي العصر في ظهرت اخسنال من طبقة هناك فإن وقد األسواق، في بيعها ثم الصحف بتدوين الفئة هذه اشتغلت

وليس عليها، ويؤجرون النساخة يحترفون هؤالء بعض كان بحيث واسع بشكل منتشرة كانت الكتابة أن ذلك من قصدال

أن على لندلل ولكن الجميع، متناول في ويجعلها القصائد يوفر يكن لم الكتابة أمر ينسخ كان وممن الجاهلي، العصر في منعدما الله "رضي الخطاب بن عمر مولى نافع بن عمرو الصحف في

أكتب وأنا زيد بن جابر علي دخل ))قال دينار بن ومالك عنه"، فقال: نعم الشعثاء؟ أبا يا هذه صنعتي ترى كيف فقلت مصحفا،.(1)صنعتك(( الصنعة خالل وجوده في جدال ال أمر التدوين أو الكتابة مسألة إن تكمن القضية أن غير كثيرة، أعمال نسخت وقد الجاهلي، العصر

أن نتوقع ال حيث وذيوعها، الكتابة انتشار مدى في ما إنسانا ينسخ أن قصير زمن ظرف في يستطيع نسخه تتجاوز كتابا

ينسخ ال الناسخ هذا أن إلى يذهب من هناك أن بل اليد، أصابعواحدة: نسخة من أكثر

بل هوجود من كان ما على ذكرناه، الذي التدوين هذا ))إن نسخ وجود يتيح ما االنتشار هذا سعة من له يكن لم انتشاره،

ذيوع وأن آنذاك القارئين بحاجة تفي الواحد، الديوان من كثيرة يكن لم ومآثرها القبيلة أخبار أو الشاعر شعر القراءة على قائما من الشفهية الرواية على ميقو كان وإنما الكتاب، أو الديوان من أو الشعر هذا كان لقد جيل. أجل إلى جيل ومن فرد إلى فرد

بعضه كان تدوينه ولكن– بينا كما- مدونا نسخة على مقصورا ينسخها محدودة قليلة نسخ على أو المرجع، أو األم هي واحدة أو الشاعر قبيلة أبناء أو الشعراء أو الرواة من قالئل أفراد

هؤالء يحفظ ثم األشراف، سادة من الممدوحين أو جميعا ويساجلونه الشعر هذا بعضهم مجالسهم في قراءة، ال إنشادا

.(2)وأسواقهم(( ومشاهدهم العربية المدونة يمثل الذي الجاهلي الشعر إن القول وجملة

سماعيا، نشأ الشعري تراثنا في األصيلة توفر عدم إلى قياسا كان ثمة ومن زمنه، في وكتابته تدوينه من تمكن التي اإلمكانيات

هذا لظهور تؤرخ التي الزمنية المدة تحديد بمكان الصعوبة من بهذا والمهتمين المؤرخين جعل مما له، نشأة أول في الشعر

ظهور قبل ونصف قرن إلى تعود زمنية فترة يحددون الموروث مما ،البارزين الجاهلية شعراء من وغيره القيس امرئ شعر الذين ونالجاهلي الشعراء مثلها التي الجاهلية القصيدة أن يعني تمثل ولكنها الجاهلي، الشعر بدايات تمثل ال شعرهم إلينا وصل

الفني. واكتمالها نضجها مرحلة في الجاهلية القصيدة يبدو السابقة المعطيات ضوء وفي طبيعيا يختلف أن جدا

أو بيت ينسب فقد الجاهلي، الشعر بعض نسبة تحديد في الرواة.136 ص نفسه، السابق المرجع)?(1.190 ص السابق، المرجع)?(2

-21-

Page 22: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أو سياسية ألسباب كثير شعر يضيع وقد قائله، غير إلى أكثر شعر بعض يهمل كأن به واالحتفال حفظه لعدم أو اجتماعية التشرد حياة يعيشون فراحوا قبائلهم، خلعتهم الذين الصعاليك

قيمتها عن النظر بصرف أشعارهم وضاعت الصحراء أعماق في هناك أن كما الموضوعية، أو الجمالية – محالة ال أخرى أسبابا

الدراسات أن من يقين على كنا غزير- ولئن شعر ضياع إلى أدت في والوضع النحل قضية حول أنشئت التي والحديثة القديمة

وأتت يستحقه، ما الموضوع هذا أعطت قد عامة العربي األدب تضعف التي والبراهين بالحجج وتقوي هنا، موقفا إال هناك، رأيا

الموروث هذا من إلينا وصل ما أن ههنا إليه اإلشارة نود ما أن التي الرسمية النصية الوثيقة مجموعه في يمثل العربي األدبي ورثته نحن الذي التراث هذا على ضوئها في نحكم أن يمكن

ونقده. بغربلته األولى ونحن الشرعيون،

-22-

Page 23: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

: الثاني الفصلالقيمة مفهوم في

كوني نظام وفق فيه بما الكون هذا– قدرته جلت الله خلق حين، إلى حياة فيه وبث والتناسق، الدقة من متناهية غاية في

الكائن الله ووهب األخرى، الكائنات وبقية اإلنسان بها ينعم والمشاعر األحاسيس العقل هذا على وأضفى العقل، اإلنسانيالكائنات. من غيره دون عليه اقتصرت التي واألفكار والرؤى األولى- نفسه نشأته منذ– اإلنسان وجد وقد أمام لوجه وجها ومن كنهها، معرفة فكره مقدور في ليس وألغاز كونية حقائق

حقيقة إلى تهتدي بصيرته لعل الروية ويعمل النظر ينعم راح ثمة في قيمة لإلنسان ))وألن حوله، من األشياء وحقيقة وجوده، يفكر فهو األول المكان ولعقله الحياة، عما ويبحث حرا، تفكيرا.(1)اإلنسان(( هذا حقيقة فما آلهة، من يشاء ما ويخلق يشاء،

عقله اإلنسان وظف ونشاطاته ضروبه متعددة توظيفا تكونت وهكذا عامة، الوجود وحقائق اإلنسانية الذات لمعرفة

ذهنه، في ترسخت ما سرعان الكون، لهذا ومفاهيم قيم لديه وأصبحت شيئا الفناء شر وتجنيبه وبقائه توازنه لحفظ ضروريا

والتالشي. مع– لوجدناه اليوناني الفكر على عجلى نظرة ألقينا فلو فكره أجهد "أفالطون" الذي ظهور عن األجيال- تمخض تعاقب

يكشف أن وحاول المثل، بواسطة الحقيقة عن البحث في عالقة ماله على واقتصر المادة، فجرد وكوامنه اإلنسان أسرار عهده في الروح لتبلغ العليا، اإلنسانية وبالمثل بالروح شأنا منحها التي المطلقة األهمية ضوء في الصدارة يحتل عظيما من تصعد ))المعرفة أن إلى ذهب وقد ذاك، بحثه في للروح

ــه، قديمه العــربي الشــعر في الروحية القيم ملحس، ثريا)?(1 وحديث.14ص/

-23-

Page 24: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

.(2)للثاني(( األول وتخضع العقول إلى المحسوس المحسوسات من تنطلق األفالطونية الفكرة بهذه وكأننا

كلما التجريد مرحلة تبلغ ثم اإلنسان، وطفولة تتماشى التي لتظل الفكرية، مداركه وتوسعت زمانيا، اإلنسان هذا تطور

بعد، ينكشف لم ما لكشف البحث استمرارية على محافظة من "أرسطو" البحث واصل وهكذا خلقه، في الله حكمة وتلك فامتزجت الروح إلى المادة وقرب "أفالطون"، انتهى حيث

الذاتي. بالجانب الطبيعة حفظ ومازالتاألزل- منذ– اإلنسان حياة في القيم مثلت ولوال الله، إال كنهها يدرك ال سامية غاية وتلك الحياتية، التوازنات

غاية لحياته وتجعل اإلنسانية، النفس في تتأصل التي القيم تلك ناتجة أكانت سواء معينة نواميس ظل في تحقيقها ينشد سامية

أن اإلنسانية استطاعت لما دينية، بتعاليم متأثرة أو عقله عنهذا. يومنا حتى بلغته ما تبلغ

مثال- كانت الجاهلي العصر سبقت التي– الخالية فالعصور الشأن هو كما ما، أسس على بنيت خاصة قيم هاخالل أهلها تحكم

آمن التي العقيدة طبيعة عن النظر فبصرف ودهر، عصر كل في يمكن ما منها قيم، حياته تخللت فقد اإلنسان، طبقها أو بها

هذا لنا بدا وكيفما بالشريرة، نسميها ما ومنها بالخيرة وسمها اإلنسان نزعة ذو فهو أحيانا، القيم تلك تعامله- مع في– متناقضا

ألن الشريرة، على الخيرة القيم تغليب دائمة- تقريبا- إلىالخير. على مجبولة طبيعته

بغيرها أسوة– الجاهلية العصور إذن- أن– نتصور أن ويمكن أن ريب وال ودينية، وأخالقية اجتماعية قيم العصور- سادتها من

بها والتزم القيم، تلك لتصورات خضع اإلنسان وقد ثابتا، التزاما أن ذلك يعني وال أجلها، من والحروب المعارك لخوض اضطر أو زمان ظل في ثابتة أو متفقة– أشكالها مختلف على- القيم معينين، ومكان زمان على يقتصران الثبات أو فاالتفاق ما، مكان الذي المجتمع اتفاق من يتأتيان وقدسيتها القيمة ثبات ولكن

القيم فتنشأ متقاربة، أو واحدة وحضارية جغرافية أواصر تربطه االنحالل من المجتمع ذلك لحماية افرضتت التي المؤشرات لتمثل

واالنهيار. في– لنا يبدو ما خالية عصور في سادت التي القيم تلك فمن

الحديث عصرنا اختالف إلى بالنظر بال ذي غير مثال- شيئا وكثرت مشاربه تعددت عصر في الحياتية النظر وجهات

ولكن تناقضاته، وتشابكت ومالبساته، أحداثه وتنوعت تعقيداته،قيم هناك هذا أصل مع وتماشيها انسجامها بحكم باقية مازالت ا

الله وهبه الذي الكائن اآلخر، في منهما كل يؤثر وعاطفة عقال يتقبل اإلنسان أن الحكم هذا وراء من الغاية وليست قيما اإلنساني التطور ولكن خاص، مزاج على بناء أخرى ويرفض اآلخر وبعضها نسبية، القيم بعض يجعل الحضارات وتعاقب ثابتا

.8ص/ اليونانية، الفلسفة تاريخ كرم، يوسف)?(2 -24-

Page 25: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

وطموحاته اإلنسان هذا تطلعات مع تناقضها أو انسجامها وفقالمحدودة. غير

ليست النسبية وهذه نسبية، القيم تبدو سبق، ما ضوء وفي هذه حول النظر وجهة في ذاتها- ولكن حد في– القيمة في

بالقيم أحيانا- اإليهام– عليه يترتب ما وهذا تلك، أو القيمة إثر ينشأ قد التضاد أو التناقض هذا فمثل المتناقضة، أو المتضادة

فالقوة بعينه، وزمان معينة بيئة ظل في بعينه ظرف أو موقف تكون قد وعدته الغير حرمات على واالعتداء للبطش، رمزا

التي الوسائل من وسيلة أنها على إليها ينظر وبذلك وعتاده، هذه تتحول وقد وطمأنينته، حياته لضمان اإلنسان يستخدمها

آخر. موقف في والنبل التسامح من ءشي إلى القوة القيمة نجد قد وبذلك آخر، في وممقوتة ظرف، في ذةمحب

تظل وهكذا للغير، األذى يجلب عليها يترتب ما كان إذا السيما التي الوجهة هذه حولها، النظر وجهة تتغير لم ما ثابتة القيمة تخلفه ما على يترتب الذي الضرر أو االنتفاع بمبدأ تتأثر ما غالبا

القيمة. تلك نتائج نفسه الجاهلي اإلنسان وجد لقد وجودية، بصراعات محاصرا

من أوتي ما بكل والمخاوف الصراعات تلك يقاوم أن عليه وكان الذي والرعب الخوف شبح وطرد وجوده، على للمحافظة قوة آثر ثمة ومن كيانه، يهدد الرغم على أخرى قيم حساب على قيما معرفته من الحياة ظروف لكن لديه، محبذة غير قيم أنها ضمنيا

التي المقولة حرفية بذلك يطبق وكأنه بذلك، اإلقرار عليه تحتمالوسيلة". تبرر "الغاية أن إلى تذهب

توظف خفية قوة بوجود ارتبطت اإلنسانية القيم أن والشك عبر األمم اختلفت وإن اإلنسان، لخدمة القيم تلك بمقتضاها

التي األمم تأثرت فقد الغيبية، القوة تلك تحديد في العصور التوراة من مستمدة عليا بمثل السماوية باألديان آمنت

قريب من– تأثر الجاهلي العربي يكون أن نستبعد، وال واإلنجيل، ديني، لصأ من المنبثقة والمفاهيم القيم تلك بعيد- بمثل أو

بكونه الجاهلي العصر يسم الذي العام الرأي من الرغم فعلى هناك أن حالمرج فمن وثنيا، عصرا بالتعاليم تأثر ممن كثيرا من معتبرة نسبة هناك أن كما اإلسالم، نزول قبل السماوية

تعاليمها وطبقت المسيحية اعتنقت الجاهلية عرب وفعال، قوالمحالة. ال القيم إرساء في أثره ولذلك

جلت قدرته- قد فهم بالمعنىولعل األهم في كل ذلك أن الله – الذي يؤكد وحدانيته وقدرته المطلقة التي ال تضاهيها قدرة أخرى، فهو رب الكون

وخالقه، ولئن لم نعثر على أشعار كثيرة في العصر الجاهلي تبلور هذا المفهوم، فإن القليل الذي بين أيدينا يؤكد ما ذهبنا إليه، ذلك أن هذه األشعار محملة بأثر ال

ينكر من "اإلنجيل والتوراة"، فمثل أولئك الشعراء إما أنهم اعتنقوا الدين المسيحي وألفوا شعرا في ظل اإليمان بهذا الدين، أو أنهم اطلعوا على تعاليمه

مثال:وألفوا شعرا بناء على ما تأثروا به، فحين يقول لبيد بن ربيعة (1)عالمها بيننا الخالئق قسم فإنما المليك قسم بما فاقنع

-25-

Page 26: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

بوحدانية آمن رجل من متأتية إال المعاني هذه مثل نخال الأرزاق. من عباده بين الله قسم بما الرضا وبضرورة الله،

وليس هذا فحسب، بل إن شاعرا مثل عبيد بن األبرص يقف خاشعا مقتنعا بين يدي الله موقنا برحمته الواسعة التي وسعت كل شيء، والله وحده الكفيل بإضفاء النعم على عباده، فمن يسأل الله فإنه ال يخيب رجاءه، ومن يسأل غير

يريد:الله فال هادي له، وال طمع له في نيل ما يخيب" ال الله وسائل يحرموه الناس يسأل "من(1)تلبيب" بعضه في والقول خير كل يدرك "بالله

وإيمان ديني، إحساس من نابع الشعري القول هذا أن ويبدو كونه من أكثر الواسعة، الله برحمة الشاعر خبرة من متأتيا البشري الضعف يربط أن استطاع ألنه منها، تعلمه ومن بالحياة

الضعف ذلك عن تتنزه التي اإلله قوة وبين اإلنساني، تعامله فيخلقه. به الله وسم الذي

بالتعاليم تأثرهم في الجاهليين الشعراء هؤالء أمر كان وأيا– يعني ال فذلك أشعارهم، بعض يف ذلك وظهور الدينية،

رسخوا بالضرورة- أنهم الجاهلي المجتمع خطاها على سار قيما األخرى المجتمعات بقية مثل ذاك أو المجتمع هذا ألن عامة، المجتمع هذا وصور وحاجات تتفق وتقاليد وعادات أخالق حكمته

ثمرة كانت وقيم بأخالق الجاهلي الشاعر افتخر ذاك. فقد أو العصبية وقوة العنصر ))بكرم أشاد فقد معيشته، وصور حاجاته وما والمروءة، والوفاء واإلباء والكرم والشجاعة الجانب ومنعة

.(2)بالتعقل(( فخروا ثم …ذلك إلى حد إلى الجاهلي مجدها سامية أخالقية قيمة فالكرم

به، شعرائها- تتباهى ألسنة على– القبائل وراحت المبالغة، إظهاره في وتتنافس فيها، المتأصلة صفاتها من لصفة ممثال

الكريم الخلق هذا العربي مجد ))فقد شيء، كل يفوق تمجيدا االجتماعية العرب حياة واقع وكان دافعا هذا من يجعل أساسيا

كان لذلك اجتماعية، وضرورة الناس، حاجات من حاجة الخلق وكان الفخر، باب أو المديح باب في الفضائل من يذكر ما أول.(3)الهجاء(( باب في القوم أو الفرد من يسلب ما أول

التأثير لها اجتماعية معايير تحكمه الجاهلي فإن أدق، وبكلمة تلك تطبيق يجيد حين الجماعة أو الفرد شأن من الرفع في البالغ

وال الهجاء، أو والعتاب باللوم الشعراء ألسنة عليه وتنزل القيمة، أو الجماعة إلى يتعداه بل فحسب، الفرد على ذلك ينطبق

ــيى)?(1 ــبريزي، علي بن يحـ ــائد شـــرح التـ ــر، القصـ المطبعة العشـ.147ص/ المصرية،

ــرة القرشــي، الخطــاب بن محمد)?(1 ــرب، أشــعار جمه مصــر، الع.372ص/ المصرية، المطبعة

.9ص/ المعارف دار الباحثين، من مجموعة والحماسة، الفخر)?(2.39ص/ العربية، الخطابة في الخلقية، القيمة منصور، سعيد)?(3

-26-

Page 27: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

القبيلة. إنسانية قيمة يمثل الذي الكريم الخلق هذا مقابل وفي

أو المناقض بالخلق عليه االصطالح يمكن ما هناك فإن سامية القبلي تجاوزا- بالتوسع– نسمه والذي المناقضة، القيمة

وحياته ماله ويقدم حماه، عادة- يحمي– فالعربي الجاهلي، الحمى هذا على اإلبقاء أجل من رخيصين يتردد ال لكنه مهابا، نقيا تمكنه التي القوة لديه توفرت إن غيره حمى استباحة في– أحيانا

ما وهذا جيرانه، لدى واالستكانة الضعف الحظ أو ذلك، من جاهدة تسعى القبائل جل كانت وبذلك التوسع، إلى يدعوه

.(1)ذلك وسعها كلما رقعتها لتوسيع الذي الشمولي المعنى يأخذ ال التوسع هذا أن والحقيقة

يأخذ الجاهلي، لدى التوسع من فالمراد عصرنا، على ينطبق والكأل الماء مصادر على االستيالء يتعدى ال بحيث ضيقا، حيزا في رغبة– اإلنسان هذا فيضطر بعطاءاتها، الصحراء تبخل حين

أسباب ويحمل أرحب مكان عن يبحث وألنعامه- أن له البقاءالحياة. طبيعة عن ناتجة ولكنها تناقضا، تحتمل ال هنا القصة إن ثم أعماق في يعيش الذي البدوي على تحتم التي الجغرافية البيئة

يواجه أن الصحراء صراعا الهدف فإن وبذلك مستمرا، وجوديا ليس هدفا توسعيا ومن وجودي، هدف ولكنه نفسه، في متأصال

يألو ال الحياتي المصدر هذا على عثر كلما فإنه هنا نيله في جهدا يمثل دام ما بالقوة، للبقاء. مصدرا

وفي ضوء ما سبق ليس من باب اإلنصاف أن نحكم حكما قاطعا باستهتار الجاهلي بالقيم اإلنسانية النبيلة، حتى وإن بدا لنا كذلك في بعض مواقفه التي صورها الشعر، والمتأتية من

العصبية القبلية، ثم إن الشعر هو بمنزلة الهيئات اإلعالمية في عصرنا الراهن، لذا فهو ال ينقل واقعا حرفيا، وإنما يعكس بعض الصور االجتماعية والسياسية، وربما االقتصادية واألخالقية التي

تظل الحقيقة الواقعية في ثناياها نسبية، كأن نقرأ –مثال- األبيات التالية التي هي –في نظرنا- إلى الترهيب وإبداء روح الحقد والتشفي أقرب منها إلى الواقع، ألن نفسية الجاهلي األبية، وروحه المتسامحة المنبثقة من شهامته البدوية تأبى

عليه الوقوع فيما أعلنه الشاعر الذي قدم صورة شعرية دمويةالجاهلي. أقرب منها إلى روح فروسية نحهي، إلى خياله المج

*وجثعما نهدا الريح بفيف خيطنا بعدما شنوءة من الحبالى بقرناالمقوما جالوشي مراخيها تبارى امبعد الغزو الحها قد محنية

.79ص/ العرب، وأيام الشعر الرحمن، عبد عفيف)?(1 اليمن. خيطنا: ضــربنا من وجثعم: حيان نهد* شـديدا. الحهـا: ضـربا

المسرعة. الناقة وهي رخاء غيرها. المراخي: جمع -27-

Page 28: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

(2)دما فخافتنا حياالها تبيل غارة نجران حي صبحنا ونحن يعد الذي الكالم هذا مثل كون عن وفضال ضروب من ضربا

أو الشاعر لقبيلة يحسب الخصم تجعل التي الكالمية الحرب إبداء أحيانا- إلى– تؤدي التي الدواعي إلى باإلضافة حسابا، قومه

صفة يضع الجاهلي أن فكما والحمق، والجهل الصلف معاني هذا مثل فإن حياته، في والقداسة الصدارة موضع والسخاء الكرم أخذ في مستقل وأنه سيد، حر أنه يحس حين إال يتأتى ال الكالم

يبدو قد ولكنه واجبا، الكرم يصبح فحينئذ القرار، بخيال شحيحا يجد عندما للدماء سفاكا أو حماه في يستباح كأن لذلك، مبرراعام. بوجه كرامته في أو عرضه، في يمس

شديد كان الجاهلي اإلنسان إن القول إلى ذلك يقودنا وقد بنفسه، االعتداد يعيش إنه ثم لالفتخار، محبا قبيلة كنف في غالبا فإذا والكأل، الماء بجانب وهناك هنا منصوبة خيام عمادها صغيرة

وراح الخيام أوتاد اقتالع إلى سارع الماء، وقل المرعى جف لغزو مضطر والترحال الحل هذا في وهو أخرى، أماكن ينتجع

يحيا التي األرض لطبيعة وكان عندها، ما وسلب األخرى، القبائل مختلف بين مستطيل عداء في المباشر السبب ثراها بين

القبائل المنافسة ذلك كل عن فنتج المتبادلة، الغارات عن فضال باالنكسارات، والتهاجي االنتصارات بتحقيق التفاخر في القبلية

الفخر فأصبح واإلقدام، بالشجاعة والتمدح للشاعر مالزما.(1)القبلية عصبيته أو أنانيته به يرضي الجاهلي،

ه عالقةـفذلك جانب مما صوره الشاعر الجاهلي، مما ل ببعض مناحي حياته في حل القبيلة وترحالها وحروبها وأيامها، ولكن، -بالمقابل- ال يمكن أن نتصور المجتمع الجاهلي مجتمعا

غابيا، يأكل فيه القوي الضعيف بالمفهوم المطلق لهذا المعنى، ففي الشعر الجاهلي ما يصور مواقف إنسانية راقية، تنم عن إحساس حضاري سابق لزمانه، فعلى ما في هذا الشعر من

في أحيان كثيرة- على شعر يطفح بمواقف إنسانيةافتخار ومبالغة نقع – نبيلة، ويصور مآثر اجتماعية قد تندر في زماننا هذا، فهذا الشاعر مالك بن جريم الهذاني يفخر بآبائه وبشهامته التي هي شهامة كل بدوي حر أصيل، وبذلك نقف

سامية:عند صورة اجتماعية تمثل مثال أعلى وقيمة إنسانية مطمعا المؤثل المجد غير إلى ابتغي المشي من ألستحي وإني

كثيرة أمور عن نفسي وأكرم ها هيوأن حفاظا تطلعا أن شحعانتم ما إذا اآلبي االعيط من ه ضيم ذاإ للمولى وآخذ حق

.1180ص/ الطفيل، بن عامر ديوان)?(2.9ص/ الفرسان، الشعراء البستاني، بطرس)?(1

-28-

Page 29: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أربعا مناقب نفسي على أبيت فإنني مني الرأس شاب يك فإن

تضوعا حولي الحي وامس ما إذا بغرة أبيت ال أن فواحدة

األضياف أنزل إذا لنودعا حرصا كلبنا أصمت ال أن وثانية

مقذعا فيهم القوم جار كان إذا جارتي تقذع ال أن وثالثة(1)لنشبعا الشتاء حين لحمها على قدرنا أحجل ال أن ورابعة

يحبذها، ال مثالب في الوقوع عن بنفسه يربأ ههنا فالشاعر لغيره المساعدة تقديم عن يتردد ال أن منها به، جديرة يراها وال حضورهم، ويكرم بالضيوف يرحب وأنه لذلك، الحاجة دعت إذا

أصيلة، جاهلية عادة وتلك القرى، فيقدم ال فهو ذلك عن وفضال بالفاحشة ترمى بأن يسمح وال جارته، عن األذى دفع في يتوانى يهبه بل القدر، يستر ال إنه ثم جارها، لدن من القول وسوء

نكران إلى دعوة ذلك وفي وحده، به االستئثار دون للجميع غير وعطاءاته الجاهلي لسخاء ورمز األنانية ونبذ الذات

المحدودة. ومثلهم القوم أخالق تصوير من يخل لم الجاهلي فالشعر

بالقيم حافل سجل أنه كما القيم، تلك بمثل يزخر فهو العليا، تمثل التي ناموسا هذا كان وإذا وتقديسه، احترامه يتحتم طبيعيا

الشعر جوانبها، مختلف في الشاملة مظاهرها في للحياة تصويرا فهو ومن اآلخر، عن ليعبر الذات من ينطلق ذاتي تصوير أيضا يبدو ثمة .(2)الجماعي إلى الرسالة إيصال عبر لينتهي فرديا

الشاعر يعد– ذلك على وبناء الجاهلي- راويا في ومؤلفانفسه: الوقت

ييحتذ فهو نفسه الوقت في خالق ومؤلف وراو مغن ))إنه شعرهم على اطلع أو لهم روى قد آخرين شعراء قصائده في

وتعابير وصور معان من وعقله وجدانه في استقر ما ويستخدم ومشاهد ومواقف مواضيع من فيها ألفه وما تراكيب، أو وصيغ

.(3)وقصص(( وأحداث مبناه حيث من تناصي نص هو الجاهلي الشعري فالنص

أخرى نصوص من ومضمونه شكله في ينطلق نهإ ومعناه، بصماته يترك وبذلك وتفرده، تميزه الشاعر لهذا ولكن سابقة،

.58ص/ األصمعيات، األصمعي،)?(1ص/ العربيــة، الخطابة في الخلقية القيم منصــور، حســين سعيد)?(2

16..283ص/ الجاهلي، الشعر لدراسة مقدمة الزبيدي، المنعم عبد)?(3

-29-

Page 30: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

بالمضمون يتعلق فيما سواء اإلبداعي، المنتوج هذا في ترسيخها على فعمل استساغها مواقف يمثل )الموضوع( الذي

ويتأثروا شعره يشجعوا أن يفترض الذين قومه ذاكرة في وإثباتها وتلك المعاني، هذه فيه يصب الذي بالشكل يتعلق فيما أو به،

ما وهذا نفسه، الوقت في ومبدع إذن- راو– فهو المواقف،القول: حد إلى صاحبه يذهب الذي الرأي هذا مع نتفق يجعلنا

يمثل الجاهلي ))فالشعر أدبا موروثا فيه الفرد نصيب مأثورا تتناقله القبائل وكانت الجماعة، نصيب من بكثير أقل تناقال أو الكتابة دون ائبةدال والممارسة الذاكرة على يعتمد شفهيا

فرد من تنتقل موروثة تقليدية منها يتألف التي والمواد التدوين، جيل إلى جيل ومن آخر، إلى دون المنطوقة الكلمة على اعتمادا

الجاهلية القصائد إن نقول أن يصح هذا وعلى المكتوبة، الكلمة متعلمة خاصة طبقة أو معلومين أفراد نتاج ليست بلغتنا التي.(1)كثيرة(( أجيال عبر واكتمل ونما نشأ جماعي نتاج هي وإنما

رأيه، في جاء مما شق في الباحث هذا مع نتفق إذ ونحن الجاهلي الشعر يمثل فأن اآلخر، الشق في وإياه نختلف دفق أدبا وتكون والتداول، الحفظ بوساطة األجيال تتناقله موروثا

أن أما فيه، خالف ال فأمر بقائه، في المتبعة الوسيلة المشافهة المناقشة، يقتضي ما فهذا الجماعة، نصيب من أقل الفرد نصيب بطوالتها ويصور أيامها، يخلد الذي الشعر تحفظ القبائل أن نعتقد األشعار هذه وتتوارثها، باألشعار القبائل تلك تتغنى كما ذلك وغير يجول ما ضوء في يصوغها الذي الشاعر لهامإ مصدر هي التي فإن وبذلك قبيلته، مآثر من نفسه في يعتمل وما خاطره في

ويحافظ الشاعر، هو األصلي منبعه يظل الشعري القول مصدر فرديته على يحافظ فإنه آخر بمعنى اإلبداع، فردية على الشاعر فالشاعر التناص، بقضية سلمنا إذا ما صورة في وحتى وتميزه،

هي الناس من محدودة فئة هناك فإن ثمة ومن الصفوة يمثل هنا ذاته حد في الموضوع بصفته ليس الموروث، هذا تصنع التي بصفته ولكنه بعينهم، قوم ومثله وزمان مكان في وقع الذي العريضة الطبقات تلك ذلك بعد لتأتي حدث، الذي لذلك وصفا أو الشاعر يظل الذي حدث الذي هذا وصف تتناقل المجتمع من

مبدعه. هو األديب لها، وأخلص قبيلته، خدمة في الجاهلي الشاعر تفانى لقد به يعلي الذي الشعري القول بوساطة شأنها من رفع وبذلك تصوير في والغلو المبالغة حد إلى لها يتعصب حين كلمتها خارج األخرى الصفات من ذلك خالف وما والحروب، الوقائع العطاء هذا لقاء الشاعر جزاء يكون ذلك ومقابل الحرب، دائرة

فيظل بينهم، الئقة بمكانة يحظى وجعله وبشعره به االحتفال حيا النفوس في الذي الشعر هذا خالل من موقف كل في حاضرا

المآثر. وسجل الفخر وبؤرة الذكرى مصدر يمثل

.284ص/ السابق، المرجع)?(1 -30-

Page 31: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

-31-

Page 32: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

: الثالث الفصل االستجابة بين الطللية المقدمة

النفسية

الفني والتقليد

النقدي: المنظور أ- لها ما منها مختلفة، قضايا بمعالجة الجاهلي الشعر حفل

وداخلها القبيلة خارج به يحيط ما مع تعامله في بالمجتمع، عالقة الموروث هذا أن كما وسياسية، وإنسانية اجتماعية قيم من

الذي الغزل شعر في المتمثلة وهي بارزة ظاهرة مثل الشعري الشعراء نقش وقد الشعرية، الثروة تلك من األوفر الجزء يعد

وما وأحاسيسهم، عواطفهم الحب عاطفة خالل من الجاهليونوعفة. ولذة وشقاء وسعادة وهجر وصل من ذلك يتبع

للنظر، الفت بشكل الغزلي الشعر ظاهرة وطغت قياسا.(1)والرثاء والهجاء المدح مثل األخرى الشعرية األغراض إلى

أضاءت شعرية بأغراض الجاهلي الشعر زخر ما وبقدر الحروب أثناء في القبيلة أو الجماعة حياة صور من جوانب

هذا حفظ فقد األخرى، القبائل مع واختالفها وائتالفها والغزوات القلوب ونبضات النفوس الغزلية- خبايا فنونه في– الشعر

على أيدينا وضعت هائلة ثروة بذلك فمثل الذكريات، ومسارح يتعلق حين الذات مع الجاهلي الشاعر بها تعامل التي الكيفية

عامة. العاطفية وبجوانبها الخاصة، بحياته األمر

.23ص ،5ط واإلسالم، الجاهلية بين الغزل تطور فيصل، شكري)?(1 -32-

Page 33: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

يدع ال ومما في الغزلي الشعر غزارة ظاهرة أن للشك مجاال في أو مجمله، في الشعر هذا ذاتية عن تنم الجاهلي العصرفرديته. عن وكذا العام، منحاه

غنمه بين الصحراء أعماق في يعيش إنسان من نابع فشعر أن البديهي من ترحم، ال وطبيعة زرقاء، سماء وتحت وإبله،

شئني شعرا ذاتيا. غنائيا عن عبرت اجتماعية صور من الشعر هذا في تجلى ما وعلى

وعلى الفردي، المستوى على االجتماعية البدوي ذلك حياة الذاتية الفردية ذلك- الصفة مقابل– طغت فقد القبيلة مستوى كان فإنه قبيلته، عن عبر ما فبقدر الجاهلي، للشاعر أيضا يكن لم إنه …الخاصة وعواطفه النفسي، وجوده عن ))معبرا

بعد لقبيلته وصدى نفسه، قيثارة كان ولكنه فقط، القبيلة بوق.(1)ذلك(( الغزل بفن ارتبطت األخرى الشعرية األغراض بعض إن ثم ارتباطا ما، شعري غرض في ينظم قد الشاعر أن بحيث وثيقا والعكس الغزل غرض إلى وصوال الدارسين أحد ويقول أحيانا

لها عرض التي األخرى األغراض نإ الشأن: ))بل هذا في من كثير في– تكن لم الجاهليون الشعراء إليها األحيان- مقصودا وال قصدا متعمدا هي الهوى وعواطف الحب روح كانت …تعمدا

هذه كانت آخر، وبتعبير …وراءها تكمن التي وهي هاثتبتع التي أو الواضح بالسبب بذاك، أو السبب بهذا بالغزل تتصل األغراض.(2)الغامض(( بالسبب

ليس الجاهلية، القصيدة في إليه اإلشارة يجدر ما أهم ومن الذي الجاهلي الشعر موضوعات ثنايا في ييأت الذي الغزل شعر

ولكن مثال، بالفخر والرثاء الحب، بشعر الحرب شعر فيه طتليخ لدى عنها والخروج عليها القفز أو تجاوزها يتعذر سنة تسن أن

ومحاولة عندها الوقوف نريد التي فتلك بعامة، الجاهلي الشاعر أو الطللية، بالمقدمة عليها اصطلح ما بها ونعني معالجتهاالدارسة. الديار وبكاء األطالل على الوقوف كلهم- في نقل لم إن– الجاهلية شعراء جل عالج لقد وحددوا فوصفوها الدارسة، الدار قصائدهم- قصة مستهل

التي مالمحها إلى واإلشارة مواضعها تحديد في وتفننوا معالمها، حميمة عالقة له الذي الماضي، الزمن في وجودها على تدل

فما بذهابها، ديارها وزالت امحت والتي الحبيبة، مع بذكرياتهمذكرياتها. واسترجاع أطاللها على البكاء إال بقي

تساؤالت يثير هذا، يومنا إلى مازال الموضوع هذا أن الواقع يظل حين في معينة، زاوية من ا،هنظر وجهة تقنعنا فقد عديدة،

التساؤل آخر. جانب في مطروحا فمع تسليمنا بشفوية النص الشعري الجاهلي، فذلك يعني بالضرورة أن تحديد األزمنة واألمكنة تحديدا دقيقا يظل أمرا

.27 ص، السابق، المرجع)?(1.24 ، ص نفسه، المرجع)?(2

-33-

Page 34: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ألخذ والرد، كما أن أمر أسبقية شاعر على آخر منلقابال الناحية الزمنية نسبيا بسبب افتقادنا للنص المدون، ما دام

التدوين يتم على مستوى الذاكرة فحسب، وهذا يمثل نقطة البداية في طرح مجموعة من التساؤالت ومن أوالها أن

المقدمة الطللية هي من ابتكار شاعر جاهلي أراد أن يعبر عن حاجة من حاجاته النفسية، ويعرب عن خبايا هذه النفس التي نظرت فيما حولها، فوجدت الديار قد زالت وامحت، وما كان يزينها ويضفي عليها شيئا من المؤانسة واإلحساس بالجمال

المكانا هو اآلخر، وال نستبعد أن هذا هوباالطمئنان، قد غادر قد ربطته بالشاعر مشاعر عاطفية ما، فجاشت عواطفه، وراح

يصفها ويتأسى على الزمن الذي تحول إلى مجرد ذكرى، عله زمن الشاعر، فجاءت المقدمة معبرة عن تلك المشاعر

بعد ذلك- إن كان امرؤ القيس- هو صاحبواألحاسيس ولم يعد مهما – الريادة في هذه الظاهرة الشعرية، أو أنه ابن حذام، كما يصرح بذلك امرؤ القيس

يقول:نفسه حين (1)حذام ابن بكى كما الديار نبكي لعلنا المحيلى الطلل على عوجا

تعد الطللية، المقدمة رائد عند الوقوف مسألة إن أمرا شاعر في وحصرها الريادة، هذه تأكيد حيث من المنال عسير االختالف إن حتى جدا، متأخرة جاءت التدوين عملية ألن بعينه يبدو امرؤ إليه أشار الذي االسم هذا تحديد مستوى على بينا

قائل حذام" ومن "ابن قائل فمن السابق، البيت في القيسخدام". "ابن قائل حزام" ومن "ابن

إنشاء ريادة بإسناد الجزم بمكان الصعوبة من كان وإذا وهي أهمية، أكثر قضية هناك فإن بعينه، لشاعر الطللية المقدمة هذه وضع ما شاعر هناك التالي: مادام االفتراض في المتمثلة وقاسوا الشعراء من غيره عليها أطلع فهل مرة، أول المقدمة

في لغاية منوالها على ونسجوا حميدة، سنة وجعلوها عليها هناك أن أو نفسية، لحاجات تستجيب ألنها أو نفوسهم، أسبابا

مثال: الرأي لهذا قراءتنا فعند أخرى؟ ووصفوها الديار ذكروا الذين الشعراء ))من وصفا ال حقيقيا الجاهليون الشعراء هم تكلف أو معاناة ودون تصورا، أو تخيال

هذه في ماكان ذلك إلى دفعهم بأمانة، صورتها لنا نقلوا ألنهم هذه إن حتى الصحراء حياة خلقتها كثيرة ذكريات من الديار

من وكأنه الطلل يخاطبون- بها شغفهم لشدة– جعلتهم الذكريات.(2)الناطقين((

القيس:ثم يستشهد هذا الدارس على رأيه بقول امرئ (3)الخالي؟ العصر في كان من ينعمن وهل أنعم أال البالي الطلل أيها صباحا

.200القيس. ص امرئ ديوان)?(1 القصــيدة في التقليــدي المطلع البلــداوي، النــبي عبد عــدنان)?(2

.13ص العربية،.1ص القيس، امرئ ديوان)?(3

-34-

Page 35: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

بعض تزيل التي المالحظات بعض إبداء هنا- من– فالبد الشطط بعض فيها لنا يبدو آراء من القول هذا حمله فيما اللبس

الديار الشعراء هؤالء صور كيف نتساءل، فنحن والمبالغة، تصويرا يصورون راحوا بذلك وكأنهم تخيل، أو تصور دون حقيقيا الديار وطبيعة يتنافى وهذا "فوتوغرافيا" "حرفيا"، تصويرا

إنسانية خواطر من تخلو ال معقدة إنسانية رؤية هو الذي الشعر افترضنا- جدال- أن وإن حتى ما، درجة على وخياالت ذاتية،

عبر الشاعر معايشته يصور وأنه واقعية فعلية تجربة عن فعال بقية من لغيره تتوفر ال قد فنية أدوات خالل من التجربة لتلك

شعراء. البشر جميع لعددنا وإال الناس، الشاعر أن يعني وهذا معاناة، الشعر فإن ذلك، عن وفضال

التعبيرية األساليب وابتكار إحساسه، تعميق من يتمكن لم إن شعره ألتى المناسبة سطحيا الطللية والمقدمة فيه، ماء ال ضحال

متنوعة تجارب يقدمون أصحابها جعلت التي التجارب بتلك حافلةالمواقف. وتشابه الموضوع أحادية رغم وابتكار، خصوبة فيها

جغرافيتها حيث من تتغير لم الصحراوية، البيئة إن ثم المقدمة هذه نقصر بنا فكيف مناخها، حيث ومن وتضاريسها،

منصوبة ظلت الخيام أن عرفنا فإذا غيرهم دون نيالجاهلي على إن بل الجاهلي، العصر بعد بعيد زمن إلى الصحراء أعماق في

مازال بعضها ذلك- بعد– الحق لنا فهل هذا، يومنا حتى منصوبا ليس لكونه وترحاله، حله عن التعبير من البدوي ذلك نحرم أن

صدق وإلى التعبير أصالة إلى رأينا-ترتد في– فالقضية جاهليا؟ الزمني، بالسبق مرتبطة وليست الشاعر، لدى الفنية التجربة

ينظم قد نفسه الجاهلي ألن به يقلد شعرا سبقه. شعرا يجرد فهو التعميم، بعض من السابق الرأي في ما وعلى هذه أن وبخاصة الفنية، خصائصها من كثير من الطللية المقدمة تمثل المقدمة مظهرا تجربة تثري إلهامية ووسيلة إبداعيا بوظيفة تقوم األطالل هذه االبتكار: ))كانت على وتحفزه الشاعر والذين عليها، وقفوا الذين للشعراء والمبدع والمرشد، الملهم،

ويستثمروا الشعرية مواهبهم يستدروا حتى عليها، يقفوا لم.(1)الفني(( إحساسهم

الوقت كانت- في– األطالل هذه إن ثم نفسه: ))قناعا فنيا ويتخذها أحاسيسه، جملة عليها الشاعر يسقط لمواضيعه، ستارا

فيصف قصائده، ينشئ حين الذبياني النابغة مقدمات لنا تبدو كما أثر أي نم فتخلو االعتذار، موضوعها يكون حين بالوحشة أطالله.(2)ونواميسها(( الحياة لحركة

جاءت الطللية المقدمة أن السابقين الرأيين من ونستشف موهبته لتفتيق ومدعاة اإلبداعية، الشاعر لحاجة استجابة لتمثل

ما إلى الوصول في الشاعر به توسل فني قناع هي ثم الشعرية،ــادق محمد)?(1 ــه، عبد حسن ص ــيدة مقدمة الل ــة، القص ص الجاهلي

192..193ص السابق، المرجع)?(2

-35-

Page 36: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أن إذ منها، البد التي التمهيدية األرضية تلك بعد قوله يمكن الشعرية، قريحته لوازم من الزمة منها جعل الجاهلي الشاعر

أو المدح أو بالفخر حديثه يستهل أن بنفسه يربأ أصبح وكأنهالفنية. السنة بتلك التقيد دون الوصف المقدمة، هذه على الحكم نستطيع ال فإننا األمر كان وأيا

فقد نفسية، استجابة محض هي أو ب،سفح فني تقليد أنها على تكون وقد ذاك، تكون وقد هذا تكون بعض هناك ولكن آخر، شيئا

الشاعر تجربة بصدق القارئ إقناع في يجتهد ممن الباحثين أن إلى يذهب حين الواقعية، تجربته وربما والمكانية، النفسية أتى التي األمكنة تلك خالل من تجربته سجل الجاهلي الشاعر

نفسه في وتركت وعاشها، لفهاأ أن بعد ،تهمقدم في ذكرها على وصدى حية، آثار من تركته ما تلك تجربته نفسيا ويرى عميقا يتفقون أنهم بيد بعينه مكان عند يقفوا لم الشعراء أن– هؤالء بعيد- واقعية أو قريب من– يعني وهذا الطلل، سنة على

.(1)تجربتهم وصدق ممعاناته حيث ومن وتحديدها، األمكنة ذكر حيث من نختلف ال وقد

ولكن جوهرا، يمثل نظرنا- ال في– فهذا متخيلة، أو واقعية كونها الواقعية، فالتجربة نفسه، الطلل سنة أصال- في– تكمن المسألة

السطحية، الضحالة إلى تؤدي فهي الحرفي، بمعناها أخذناها إن كانت الخيالية مداركه أن رغم الجاهلي الشاعر أن ويبدو

هذا خاللهما وجد اللذين والمكان الزمان بحكم محدودة، الشاعر، التي والحضارية الفكرية المرجعيات طبيعة عن فضال

مع– إنه األخرى- إال هي– محدودة كانت والتي اكتسبها، قد كان لنا ذلك- قدم الرتباطه ليس وهذا ومؤثرة، موحية شعرية صورا

على اعتماده نتيجة ولكن المعيش، الحرفي الواقع بتصوير هذا أكسبت التي المتميزة الفنية وبصماته الخيال، عنصر إضفاء الشعر وجماال. رونقا على الشاعر أسقطها التي الفنية الدالالت صعيد على أما

على فهي تخيلها أو واقعيتها عن النظر بغض المسميات تلكمحالة. ال واإليحاء التأثير من درجة

طللية بروافد الشاعر تمد كانت بيئة ))فكل لمسميات تبعا أسقط حتى فيه فأثرت ذكرياته، خالصة أودعها التي أمكنتها

ذكرها في أسرف لذلك أصحابها، يريد ألنه ووجدانه، نفسه عليها في األمكنة لهذه كان كما وأحالمه، عواطفه متنفس ألنها

الشاعر كان بحيث العلم من هو فنية، دالالت الطللية المقدمات يقصدها سنة كانت بل فحسب طللية سنة ليست فهي قصدا

.(2)ونفسية(( فنية الطللية المقدمة بأن االعتقاد حد إلى الباحثين أحد ويذهب

الصعبة، المواقف تحمل على تساعد حيث التطهير، بعملية تقوم ذهولها من وتلطف وحشتها، ظلمات وتبعد نفسه، طاقات فتجدد

.194ص/ السابق، المرجع)?(1.295ص السابق، المرجع)?(2

-36-

Page 37: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ولكنه للبكاء، الشاعر بكاء يأت لم هنا ومن صفوها تعكر كلما درجة النفس هذه تبلغ حيث الملتاعة، نفسه لشفاء علة أتى

الدموع إلى تلجأ وأخرى والتجلد، التماسك تتلمس فتارة التأزم، المعاناة تلك من التخفيف قصد ذلك وكل واالستفهام، والنداء

.(1)النفسية في الشاعر يكون عندما يصح الحكم هذا مثل أن شك وال ذكريات على الدموع يذرف حين أنه إذ حقيقية، معاناة موقف الجميل ماضيه خضم في الحبيبة التعابير تلك مستعمال

تشخصها التي النفسية اإلمدادات من تخلو ال التي االستفهامية النفسية، أزمته من تخفف التوسالت هذه فمثل وآهاته، نداءاته أن نرى ال ولكننا والمآسي، اللواعج تلك أدران من نفسه وتطهر

المعاناة. تلك في سواء الشعراء هؤالء كل بعامة- غني الجاهلي الشعر في– الطللي البعد أن كما

اعتمد فقد بخاصة، النفسية الوجهة من الرمزية بالمعاني خبايا تفتقها التي الطاقات على الفنية صياغتهم في الشعراء المقدمات هذه تلونت وهكذا الشاعرة، الذات وتجارب النفس ثم الحياة، مالبسات مع تعاملها في اإلنسانية النفس بتلونات

تختزن الطلل رمزية كانت هنا ومن األطالل، على كلها أسقطت حين الشاعر فكان تجربتها، من وتعمق النفسية المعالم هذه

اآلرام وبعر وأتافي، ى"نؤ من األطالل مخلفات إلى يشير ظل ما كل الواقع- إلى في– يشير الدار، وعرصات في خامدا

من المعالم هذه تعف لم ))لذلك الباطني شعوره في أو نفسه واستحدثت الزمن غامر مهما اآلثار هذه عفت كما ذكرى

وتجربتها عواطفها وأن تفنى، ال النفس ألن حياتنا في المعطيات.(2)نفوسنا(( في والكائنة المقدسة األشياء هذه تخلد التي هي

تمثل الطللية المقدمة أن فيرى الجبوري يحيى أما من جزءا الذكريات هذه ذكرياته، يستحضر وقوفه عند فهو الجاهلي حياة فيندفع والحنين، والشجى األسى مكامن نفسه في تثير التي الحبيبة، ديار مناجيا أحاسيس يصور فهو ثم ومن آثارها، مخاطبا

المهجور الوطن تمثل الديار أن السيما جياشة، وعواطف صادقة.(3)وأهل وصحب ةأحب من الوطن هذا يحويه وما

نختلف لم ولئن آراء من يماثله وما الرأي، هذا مع جوهريا أن إلى يذهب مما ذاك، أو المعنى هذا في تصب أخرى نقدية

يمثل الطلل حيزا الحل حياة اعتاد الذي الجاهلي حياة من واسعا وحزنه أساه عن يعبر ال الطلل عند يقف حين إنه حتى والترحال،

الوطن إلى الحنين ذلك يتجاوز أن يمكن بل الحبيبة لفراق وضنى وعذاب وفرح، لهو من نفسه في يثيره ما بكل المصغر

الغابر. الزمن في بالضرورة هل الصدد، بهذا طرحه يمكن الذي التساؤل لكن

.109ص نفسه، المرجع)?(1.203ص/ السابق، المرجع)?(2.6/350ط وفنونه، خصائصه الجاهلي، الشعر الجبوري، يحيى)?(3

-37-

Page 38: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أو التجربة عاشوا باألطالل تغنوا الذين الشعراء جميع أن فوقفوا حبيباتهم عنهم رحلت بالضرورة وهل عايشوها؟ أم واستبكوا؟ وبكوا محددة، وأماكن بعينه زمن في واستوقفوا

ما، شاعر قبل من رسمت-أسلفنا كما– فنية سنة تلك أن صدى فوجدت نفسيا مقبوال الشعراء من لفيف لدى ومؤثرا

األول الشاعر هذا به أتى بما وأتوا المطلع، بهذا تأثروا الذين لتصبح العاطفية، مأساته ولوعة تجربته صدق في نشك ال الذي تقليدا فنيا النموذج يمثل أنه على الجميع منواله على يسير متبعا

أن الطرح هذا إلى نميل جعلنا ما ولعل المحتذى، المثال أوالتالية: المواصفات من تخلو جملتها- ال في– الطللية المقدمات

على– تعطينا أنها اختالفها- نصا شعريا تناصيا فعلى مكرورا تدل التميز، بعض متميزة شعرية خصائص من النص هذا في ما

هذا أن إال الشعرية شخصيته وعلى شاعر، كل فردية على معاني حوله تدور الذي العام السياق أو العام، الموضوع عن ناهيك األحيان، أغلب في نفسه يكون يكاد وتراكيبها المقدمة

أخرى أبيات في متضمنة أبياتها بعض تأتي التي المقدمات بعض هناك إن ثم أخرى، مقدمة من ذكرا وبقاياها الدار آلثار مكررا

والبكاء الطلل، مثل: ))ذكر متشابهة بأساليب تتكرر ولوازمها أو األماكن وذكر واآلتافي اآلرام وبعر والنوى، والوشم، عليه،

الذكريات((. هذه منبع كانت التي المواضع هذا في طرحه مشروعية يحمل الذي التساؤل أن ويبدو

استجابة الطللية المقدمات هذه دامت ببساطة- ما– هو المجال متنوعة تأت لم مل والفنية، النفسية الشعراء لحاجات نفسية نقرأ لم مول والتجربة؟ األسلوب بتنوع والرؤيا المنهج في اختالفا البنيتين في واحد بنمط التزموا الذين الشعراء هؤالء لدى

ذاته- حد في– الموضوع يتنوع لم مل بل والمعنوية؟، التركيبية جوهر ولوازمها- بصفتها المرأة مع تعامله طريقة وفي

خصوبة الشعرية الظاهرة هذه تكتسب وبذلك الموضوع؟ وتنوعا وتطور الزمني، التطور عبر الشعر لتطور حقيقية واستجابة

متميز. شعري إبداع على أيدينا نضع أن نستطيع وبذلك األخيلة، قد المطالع تلك أن يعني ال ذكرناه ما فإن الحال، وبطبيعة

تدل التي اإلنسانية واألحاسيس الجمالية، الجوانب من خلت المطالع تجربته:))أما وصدق الجاهلي، الشاعر شعور رقة على

.المرأة لمحاسن وتذوق بالجمال، دقيق إحساس ففيها الغزلية ورهبة شوق من بهزة يشعر والفراق، االرتحال لمشاهد والقارئ

نجد محاسنها، وتوصف المرأة، تذكر وحين الفراق، لهذا وحنين الشعر هذا في الحياة على إقباال بها وامتزاجا بمباهجها(( وتعلقا

(1). الجاهلي الشعر ثنايا في عالقة ظلت التي المشكلة أن بيد الحسية الجوانب تصوير في دقته على الشعر هذا أن بعامة، التي الرغبة تلك فيها، رغبته تصوير على المفرط وإقباله للمرأة

.150ص السابق، المرجع)?(1 -38-

Page 39: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

جوانبها على اإلطاللة دون المادي الجانب تقريبا- عند– تقف اإلنساني بجوهرها توحي وجمالية وروحية نفسية من األخرىالحسية. الجوانب عن البعيد

وأنها للرجل، متاع أنها على المرأة الجاهلي الشعر صور فقد جوانبها أهمل حين في منها، وطره يقضي حين تزول فتنة- قد أنه الشعر هذا نقرأ حين إحساسنا من الرغم على األخرى، يعترف ليست المرأة أن ضمنا هي بل فحسب، للمتعة جسداأيضا. أخرى أشياء

التطبيقي: المنظور ب- الطللية المقدمة معالجة نقسم أن الدراسة هذه في حبذنا

اآلراء مختلف على موجزة نظرة يلقي نقدي جانب قسمين، إلى تارة، بالنقد الشعرية الظاهرة هذه تناولت التي النقدية

وجانب أخرى، تارة والموضوعية التاريخية جوانبها عند وبالوقوف قصائدهم استهلوا الذين الشعراء أهم عند يقف تحليلي تطبيقي

إلى ذلك وراء من ساعين األطالل، على ))مطلوالتهم( بالوقوف مبنى المقدمات هذه بين المشتركة القواسم أهم استعراض

وربما ومعنى أيضا. فنيا تمثل زمنية حقبة نتاج هي التي الطللية المقدمة نتأمل حين

وآراء مالحظات بعدة الخروج يمكن الجاهلي، الشعر نضج مرحلة المقدمات تلك أن المالحظات هذه أولى قصوى، أهمية ذات تبدو شعراؤنا استهل ثحي قلقة، مضطربة شاعرية روح عن تنم

على والتحفيز األمر أساليب فيها بمقدمات قصائدهم الجاهليون على رفيقيه يحث راح الذي القيس امرؤ فعل كما ما، شيء فعل

استعمل اآلخر بعضهم إن ثم الرحيل، قبل البكاء أسلوبا استفهاميا أن على إيماننا يزيد مما والحيرة، القلق مالمح من فيه ما فيه

يبدو كما أشعارهم، في الشعراء واكبت حزينة قلقة نفسية هناك من الشعراء غادر : ))هلةعنتر قول في المثال سبيل على ذلك

لم دمنة أوفى مأ سلمى: ))أمن أبي بن زهير قول وفي متردم((، الذبياني: ))يا النابغة قول يمثله الذي النداء أسلوب وفي تكلم،

فالسند((. بالعلياء مية دار مالحظته يمكن ما إن ثم قد الطللية المقدمات أن أيضا تتسم األبيات هذه أن إال مقدمة، كل أبيات عدد حيث من تختلف الذي للشاعر النفسية الحالة عن ينم وذلك الغالب، في بالقلة بأيامه رحل غابر، ماضي على وتنهداته آهاته يسجل أن يريد

ليظل وحنين عذبة ذكريات من به احتفظ بما وجدانه في ساكنا موضوعات طرق إلى يعود ما سرعان الشاعر هذا أن بيد جارف، مطولته يستهل بالشاعر وكأننا الواحدة، ةالقصيد داخل أخرى

وأصبح فيه فرطت فيما النفس ومعاودة الذات على باالنطواء من يستفيق أن بعد جديد من يعود ثم جميل، عابر حلم مجرد بها، نفسه يشغل التي القضايا من غيرها في لينغمس غفلته مثل هنا فهو الملتاعة، نفسه في الماضي ذلك أثر ينسى عساه

-39-

Page 40: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

يتذكر حين نفسه من الهارب بماضيه حميمة عالقة له شيئاالجميل. أن في فتكمن هنا، بها التنويه أردنا التي الثالثة المالحظة أما

يعد لم التي الراحلة المرأة بكاء وهو عليه الوقوف أو الطلل بكاء الذي الصغير الوطن هذا المتنقل، الوطن بكاء وهو أثر، من لها

يمثل بوطن يستبدله ما سرعان ولكنه الجاهلي، حياة من جزءا أصيب جماعية بلعنة يتعلق األمر وكأن والكأل، الماء يعز حين آخر الصورة، هذه على ليس األمر أن والواقع الشعراء، جميع بها

ومغالبة الوجود، مع اإلنسان صراع في تتلخص المسألة أن حيث الطلل فإن ثم ومن األبدية، النهاية نحو يسير الذي الزمن

هذا تجعل التي الرمزية المعاني من يحويه ما بكل الدارسالطلل. لهذا النهاية تلك أو الفناء لهذا يرمز الشاعر المعاني تكرار في الرابعة المالحظة تتمثل حين في

– نفسه الطلل يظل بحيث والتراكيب هؤالء جل لدى-تقريبا مما عليه الدالة أو آثاره بقايا تمثل التي أدواته وتظل الشعراء،

التقيد ذلك أمام تساؤل من أكثر يضع المتمعن القارئ يجعل أملت التي فيه وما الطلل واقعية هي فهل بعينها، نغمة بتكرار

أو ذكرها يجب سنة هي أم التكرار، بهذا التقيد الشاعر على الشاعر يكلف ال ثمة ومن آخر، غرض إلى االنتقال قبل تذكرهاوتركيبية؟ معنوية بدائل عن البحث عناء نفسه خيالية قدرات من عليه فطر بما الجاهلي الشاعر أن أم

بما مكررة أو مشابهة بطريقة يتغنى أن على أجبرته محدودةالقولي؟ المجال هذا في سبقه من به تغنى

هناك أن أم الشعراء، به يحتفظ الظاهرة هذه في سرا شكل يأتي- أحيانا- على التكرار مثال- أن– نالحظ حين والسيما

بآخر شاعر بتأثر يتعلق الحالة هاته مثل في األمر "اقتباس" فهل والمعنى المبنى حيث من بيتين أو ببيت اإلعجاب حد إلى مما معا

كامن ذلك في السر أن أم شعره، في ويدمجهما ينقلهما يجعلهلزيد؟ وماهو لعمر ماهو بين خلط من الرواة به يقوم ما في

قبل طرحها مشروعية رأينا التي األسئلة من مجموعة تلك المقدمات هذه عند الوقوف ثانية قراءة نم وذلك، ونقدا، تحليال

زال ما الذي العربي الشعري لتراثنا ما بحكم نفوسنا في حيا يجتاز ألن أهلته وجمالية موضوعية خصائص من يحمله أطوارا قيم من به يزخر وما وإنسانيته، أصالته يؤكد ذلك وكل زمنية،وفنية. جمالية

التي الطوال القصائد الطللية- إذن- صدارة المقدمة تحتل في تأتي كما والمشهورات، المذهبات أو بالمعلقات تسمى لم أم بالمعلقات ألحقت مما األخرى الجاهلية القصائد مقدمة اختالف في للخوض هنا يتسع ال المجال كان وإذا تلحق،

هذه أن هو إليه اإلشارة يمكن ما إنف المعلقات، وعدد التسمية، ويمكن الجاهليين، الشعراء خيال أنتجه ما أنفس من تعد القصائد

المبنى حيث من المكتمل البناء تعد أنها على إليها النظر

-40-

Page 41: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الجاهلي. الشعري للنص والمعنىقائال: وفي مقدمة هذه القصائد مطولة امرئ القيس التي يستهلها

فحومل الدخول بين اللوى بسقط ومنزل حبيب ذكرى من نبك قفاوشمأل جنوب من نسجتها لما رسمها يعف لم فالمقراة فتوضح

فلفل حب كأنه وقيعانها عرصاتها في األرام بعر ترىحنظل ناقف الحي سمرات لدى لوا يوم البين غداة كأني تحم

ل أسى تهلك ال يقولون وتجم مطيهم يعل صحبي بها وقوفا(1)معول من دارس رسم عند هلف مهراقة عبرة شفائي نإو

القيس امرؤ أخاطب وسواء فقد رفيقين، أو واحدا، رفيقا الذي الموحش الداثر المنزل ذلك وإياه ليبكي غيره استوقف

والشمال، الجنوب رياح بفعل عليه شاهدة بقاياه بعض ظلت آثاره لتبقى تغطيته، تعيد وأخرى األتربة عنه تزيل فواحدة بين جمعت أنها يفترض التي السعيدة الذكريات تلك على شاهدة الوجود على يستدل أن إال القيس امرؤ ويأبى وحبيبته، الشاعر أصبحت التي اآلرام رعب ذكر على يأتي حين البالي للطلل الفعلي كان الذي المكان ذلك في تسرح وصار بأهله، عامرا مرتعا أثر عن ليعبر جديد من الشاعر يعود ثم البرية، والوحوش للظباء

ظل فقد نفسه، في الرحيل يوم تائها أزمته اشتدت حين حائرا تجتمع حيث وأقسى أشد مرحلة تأتي البكاء فبعد النفسية

بناقف عنها عبر التيه من مرحلة اإلنسان ويعيش الذكريات، كما المنهارة الشاعر دموع الحيرة هذه رافقت وربما الحنظل،

ذلك وأمام لحرارتها، العيون تدمع التي الحنظل حبة تفعل يجد الطلل، أمام الشاعر موقف المؤثر، النفسي الموقف

أن إياه بدعوتهم عنه يخففون الذين أصحابه من المواساةوالتجلد. بالصبر يتجمل

إال يعانيه مما له شفاء ال أن الصحب، هؤالء يجيب وكأنهمدرارا. دموعه بإراقة

أنه السامع ليوهم األماكن وصف القيس امرأ أن إلينا ويخيل جاء حديثه وأن الفعلية، مأساته عن عبر فقد صريحا، مباشرا وجودها على استدل ثم الحبيبة، ويؤت كانت التي المواضع حدد ظل الذي المكاني الحيز ذلك في آثار عن ينبئ ما ببعض محتفظا

الدار هذه خلو منه نستشف ما وصف إلى ذلك بعد لينتقل الدار، القصائد . وشرح8 ،7 ،6 ص، السبع، المعلقات شرح الزوزني،)?(1

.25-5ص األنباري، القاسم ألبي الجاهليات الطوال السبع -41-

Page 42: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

بقاياها. على تدل التي المالمح تلك من إال أبيات فينا تثيرها التي الغريبة المعاني به توحي ما ذلك ولعل ال الشاعر أن إلى يذهب من الدارسين من هناك أن غير الشاعر،

القديم حيها وغادرت منازلها، درست حبيبة يبكي إذ يبكي يبكي ))ولكنه جدية، وإحساسات مصيرية، ومواجد قلبية، حروقا اآلفل المجد تبكي حقيقية، عاطفة عن صدر مأساوية، وأحداثا

واألب المشبع واألمل المسفوحة والدماء المعفى والعز وشجي خلي كل الباكية العواطف هذه مع وليبكي المغدور،.(1)وبعيد(( وقريب وصديق من بد فال جوانبـــه، بعض في الـــرأي هـــذا نشـــاطر أننا ومعــارة ــعر مع التعامل أن إلى اإلش ــمو قد الش من درجة إلى بنا يس

ما الشاعر لنقول ال بعيدة، مذاهب نذهب تجعلنا التخيل أو التمثلــير قد الشــعر طبيعة ألن ولكن باله، على يخطر أو يقله لم في تث

على للشــاعر تخطر ال قد ورؤى خواطر الدارس أو القارئ نفســال، ــلمة فتلك ب ــتطيع ال مس ــيء مع نتعامل ونحن إنكارها نس ش

القيس امــرئ مقدمة مع نتعامل حين أننا ويبــدو شــعر، اســمه أو تاريخية خلفية من نمتلكه ما نوظف أن دون من الســــــــابقة

بها حملنا الــتي األعبــاء هــذه فــإن الشاعر، هذا حياة عن مرجعية خلفية على بني السابق الرأي أن حيث تخيل، مجرد تبدو مقدمتهــاة لمالبســات معرفية ــاره ما على يبن ولم الشــاعر، حي النص أث

ــذا نفس في الشــعري مقدمة دارس أي تنــاول فلو البــاحث، هاع بصفتها القيس امرئ معرفية مفــاتيح يســتعمل فإنه مغلقا، لما

النص، صــاحب حيــاة عن بمعلومـات المتـأثر يسـتعملها التي غير المفـترض الثــاني الـدارس يسـتعملها التي المفاتيح فإن ثم ومن

ــذا ومن المفاتيح، نفس بالضرورة ليس النص لدخول المنطلق ه إذا إال اللهم البعيــد، التأويل ذلك فينا تثير ال الطللية المقدمة فإن

نفســية مــآس من اكتنفها وما الشــاعر حيــاة أعيننا نصب وضــعناوعاطفية.

أما طرفة فيقف على األطالل كما وقف امرؤ القيس من قبل ويناجي أماكنها بعد تحديدها ))ببرقة ثهمد(( حيث كانت حبيبته ))خولة(( التي ظل يبكي

ذكرياتها، ويعد البكاء إلى اليوم التالي، وهو هنا ينسجم مع امرئ القيس فييقول: البكاء، لكنه يختلف عنه في طريقة هذا البكاء، فهو حين

اليد(( ظاهر في الوشم كباقي تلوح ثهمد ببرقة أطالل ))لخولة الطلل هذا بقايا يصور ما بقدر نفسه في الطلل أثر ينقل الاليد. ظاهر في الوشم يبرق كما عليه، تدل التي

للبيت تكرار هو الذي طرفة مقدمة من الثاني البيت يأتي ثم ضئيل فرق مع القيس، امرئ مقدمة في الخامس بين جدا

ويبدو طرفة، و))تجلد(( عند القيس، امرئ ))تجمل(( عند كلمتي شعرية لضرورة تجلدا استعمل طرفة أن حرف مع تماشيا

الروي.ص الجاهليــة، القصــيدة خصــوبة اللــه، عبد حسن صــادق محمد)?(1

151. -42-

Page 43: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

األشعار من كثير في الرواة تصرف على يدل ما ذلك وفي – نعتقد ال إذ آخر، شاعر إلى شاعر شعر بنسبة أو بالتحريف ماإ أن – مثال ليقحمه كامل بيت نقل إلى يعمد طرفة مثل شاعرا

شعرية بموهبة يتميز بالذات الشاعر هذا دام ما معلقته، في الخاصة، بطريقته غيره عنه عبر الذي المعنى عن يعبر ألن تؤهله سبيل على ونقله القيس امرئ ببيت طرفة أعجب إذا إال اللهم

التضمين. وأيا كان األمر، فإن الشاعر بعد أن يصور موقف الرحيل، وما ينتابه من

إحساس باألسى واللوعة، يصف مركب الحبيبة، وهي على أهبة الرحيل، ويسم هذا المركب بالسفن العظام، وكأني به أراد أن يشيد بذلك الركب الذي يشمل

أخرى.نساء وأوالدا، وهو يتجه نحو أمكنة *الغد إلى وأبكي أبكي بها ظللت ثهمد ببرقة أطالل لخولة

وتجلد أسى تهلك ال يقولون مطيهم على صحبي بها وقوفا(1)دد من بالنواصف سفين خاليا غدوة المالكية حدوج كأن

يختلف سلمى أبي بن زهير أن نالحظ حين في اختالفا طفيفا يستهل إذ المعلقات، أصحاب من غيره أو القيس امرئ عن

الدالة األماكن تحديد حول الشك يعتريه الذي بالتساؤل مقدمته تلك تحديد إلى يهتدي ما سرعان ولكنه الدارس، طلله على

األماكن بصدق يقنعنا أو يوهمنا أن يريد وكأنه دقيقا، تحديدا – االهتداء هذا فبعد المواضع، تلك وبواقعية الشعرية، التجربة

التي المعالم تلك بين الحبيبة طلل الطلل، يسائل راح – إذن ال اآلن هو وها سعيدة، حياة تخللته ماض على شاهدة ظلت

صار فقد يجيب، مكانا آثار بقايا هنالك ما وكل موحشا، قفرا تعميق قصد ذلك وكل البيت، أثاث مخلفات وبعض الدار

وقوفه أثناء اإلنسان تنتاب التي النفسية بالوحشة اإلحساس في السعيدة حياته من بجزء قبل من ارتبطت التي األطالل على تطفح إنسانية عالقة ظل إلى – فجأة – وتحولت وهياما، حبا

ذكرى. مجرد ويأبى زهير إال أن يحدد الزمان، كما حدد المكان، فقد

عاوده الحنين إلى حبه القديم بعد مضي عشرين سنة، تعرف بعدها إلى آثار الدار من خالل ما تبقى من أثافي ونؤى، وحينها

ذلك الطلل البالي تلك التحية التي ترمزيلم يتمالك نفسه، فراح يحي إلى تحية الحبيبة التي أضفت على تلك األماكن رونقا وأنسا وجماال فجملت الحياة

ذهابها.بوجودها، وأصابتها الوحشة والرهبة بعد فالمتثلم الدراج بحومانة تكلم لم دمنة أوفى أم أمن

الزوزني: رواية في*اليـــــــد(( ظـــــــاهر في الوشـــــــم كبـــــــاقي تلـــــــوح ثهمـــــــــــــــد ببرقـــــــــــــــة أطالل ))لخولـــــــــــــــة

.135 ،132ص األنباري، الطوال، السبع القصائد شرح)?(1 -43-

Page 44: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

معصم نواشر في وشم مراج كأنها بالرقمتين لها ديارمجثم كل من ينهضن وأطاللها خلفة يمشين واآلرام العين بها

توهم بعد الدار عرفت فأليا حجة عشرين بعد من بها وقفتيتثلم لم الحوض كجذم ونؤيا أثافي مرجل معرس في سفعا

انعم أال (1)واسلم الربع أيها صباحا لربعها قلت الدار عرفت فلما المطوالت مع تعاملنا كلما بإلحاح يطرح الذي السؤال ولعل

اإللحاح ذلك في السر ما وهو بخاصة، الطللية والمقدمات بعامة، المقدمة في والمعنوية اللغوية األدوات نفس استخدام على

الطللية؟ ال الطللي الشعر به عني الذي الجاهلي البيت أن صحيح

يختلف احتواؤه حيث ومن المعمارية، هندسته حيث من كثيرا نتصور ال إذ محالة، ال كبير فالتشابه البساطة، في غاية أثاث على لكن عموما، طينية وبيوت منصوبة خيام من أكثر البيوت هذه

تصويره طريقة في تكمن ما بقدر البيت في تكمن ال المسألة منبع من مستقاة التشابيه جل أن نالحظ إذ خباياه، عن والتعبير

الطلل على كالوقوف المواقف حيث من تشابه فهناك واحد، اليد ظاهر في بالوشم الطلل وتشبيه التوهم، بعد عليه، والبكاء

…الخ المعصم أو السمة وهو أهم، شيء إلى يقودنا هذا فإن الحال وبطبيعة

سائد، تعبيري بنموذج واضح تأثر على تدل التي الغالبة التعبيرية إلى يتجاوزها أن الجاهلي يستطع لم محدودة معاني عن فضال أن أو واالبتكار، بالجدة تتسم التي الشعرية التراكيب من غيرها

أنها على الجاهزة التراكيب هذه مثل إلى ينظر كان الشاعر هذا أن يشأ لم ثمة ومن والمعنوي، الداللي والثراء األصالة تمثل بعض من المقدمات هذه بعض تخلو ال ذلك ومع بديال، لها يصنع

مقدمة في الشأن هو كما الرمزية، والتعابير الشعرية، الصور اإلحساس وتصوير النفسي، االكتئاب بمعاني الغنية زهير

الوقت في– يعني الذي الحبيب منزل غياب ظل في بالوحشةالحبيب. نفسه- غياب الغابر، الشاعر ماضي إلى ترمز مثال- قد– السوداء فالدمنة

– رمز هي السود األثافي أن كما واالجتماعية، النفسية وتجربته(2)التجدد. إمكانية يحمل يعد لم الذي البائد كذلك- للعهد

.243-237ص األنبـــاري، الطـــوال، الســـبع القصـــائد شـــرح)?(1.79 ،78 ،77ص السبع، المعلقات شرح والزوزني،

.183ص الجاهلية، القصيدة خصوبة الله، عبد حسن محمد)?(2 -44-

Page 45: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

بن شداد فيسائل الطلل مساءلة إنكارية، ولكنهةأما عنتر يؤكد بذلك قدسية الوقوف على الطلل، فالشاعر يعي تماما أن

الشعراء لم يتركوا موضعا مسترقعا إال ورقعوه وأصلحوه، وبذلك لم يعد هناك مجال لقول غير ما قالوه، ومن هنا فإن استفهامه هو استفهام إنكاري مقصود لذاته، إذ أن الشعراء

قبله لم يتركوا لألواخر شيئا يذكر على سبيل الجدة واالبتكار، وهذا ما يجعلنا نميل إلى االعتقاد بأن الشعراء الجاهليين قد أثر

بعضهم في شعر بعضهم اآلخر من حيث الشكل والمضمون نفسه الذي يقر بأنه يعيد صيغة ما كانةمعا، ويؤكد ذلك عنتر

قد صيغ من قبل، فمعرفة الدار بعد التوهم –على سبيل المثال ال الحصر- ليست بالشيء الجديد، كما أن مخاطبة الطلل أو

الحبيبة، وتحيتها من خالل تحية الربع هي من األدوات التعبيرية التي استعملت بإسهاب، كما أن مسألة تقادم الطلل، ووحشته،

وانتشار بعر اآلرام وغيرها من الحيوانات الوحشية بعد رحيل الحبيبة –هي أيضا- من األدوات التعبيرية التي استعملت بشكل

دا دون غيره؟ ويبدوةجماعي، فهل هذا يعني أن عنتر كان مقل فحسب، وإنماةأن المسألة هنا ليست مقتصرة على عنتر

تتعلق بهذا المثل الفني المحتذى الذي أصبح نموذجا يقاس:ةعلى منواله، يقول عنتر

توهم بعد الدار عرفت هل أم من الشعراء غادر هل متردم وعمي واسلمي عبلة دار صباحا تكلمي بالجواء عبلة دار يا

المتلوم حاجة ألقضي فدن وكأنها ناقتي فيها فوقفت فالصمان بالحزن (1)فالمتثلم وأهلنا بالجواء علبة وتحل

أم بعد وأقفر أقوى الهيثم عهده تقادم طلل من حييت أما الحارث بن حلزة فيستهل مطولته على نمط من سبقوه من أصحاب المعلقات إذ يقف جزعا حائرا بعد أن أعلمته الحبيبة بساعة الفراق، وأمام هذا النبأ المحزن ربما هناك مقيم يمل منه إقامته، ولكن الشاعر ال يمل ثواء هذه

الحبيبة، ولعل ما جعله يذهب ذلك المذهب يعود إلى العهد السعيد الذي قضاه صحبة تلك المرأة بتلك المواضع التي أضحت اليوم أطالال تثقل كاهليه وتزيد من أعباء حياته ذكرياتها، السيما حين يتذكر مختلف األماكن التي كانت مسرحا لحياة

مفعمة بالحب والطمأنينة، ولكن أين الشاعر من تلك األيام فما له بد اليوم إال البكاء حبا وشوقا إلى تلك األيام الخوالي، ولكن أنى لهذا البكاء أن يرد ما فات،

فراقها:ومع ذلك فهو يشفي ما به من أسى وحزن على الثواء منه يمل ثاو رب أسماء ببينها آذنتنا

الخلصاء دارها فأدنيء شما ببرقة لها عهد بعد

.. والزوزني198-194 ص األنباري، الطوال، السبع القصائد)?(1 -45-

Page 46: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

فالوفاء فعاذب فتاق ذي فأعلى فالصفاح فمحياةفاأليالء فالشعبتان بب الشر فأودية القطا فرياض

اليوم (1)البكاء يرد وما دلها فأبكي فيها عهدت من أرى ال من سابقاتها مثل نجدها الشاعر، أبيات نتأمل فحين

موطن تمثل التي األماكن ذكر على إصرار فيها المقدمات، الشاعر بنا ويتجول الهوى، ومراتع الذكريات الهضاب إلى صاعدا

تارة، والمرتفعات – ويبدو واألودية، الشعاب إلى فجأة بنا ونازال الموقف هذا مثل في الشعراء قبل- أن من أشرنا أن سبق كما

على الوقوف خالل من الشعرية الصور تكثيف إلى يسعون ال أو القارئ إيهام إلى يهدفون ما بقدر واألماكن، المواضع تحديد

بأنه الشاعر يخبرنا ثمة ومن وواقعيتها، تجاربهم بصدق السامع كان الدموع سكب في سخيا مدرارا هياما الحبيبة إلى واشتياقا باألمس مثلت التي العذبة، والذكريات السعيدة، الحياة من فيضا تمثل اليوم وهي إلهاميا. فيضا

الدارسة الديار تستوقفه ال الشاعر أن هنا المالحظ ولكن يستوقفه ما أن غير فهو األماكن، تلك خالل من ذكرياته هو حقا

أن دون الذكرى داللة طياتها في تحمل التي المواضع إلى يشير بشيء يحتفظ عساه وتخريب، دمار من أصابها ما على يطلعنا الذكرى جمال لظي أن وهو أثمن نفسه، في حيا كا في متحر

شيء. جماليته من ينقص أو صورته، يشوه أن دون وجدانه، ومن الشعراء الجاهليين الذين صنفوا ضمن أصحاب

المعلقات، لبيد بن ربيعة، والذي لم يختلف –هو اآلخر- عن بقية زمالئه في بناء قصيدته من حيث هيكلها المعماري، إذ استهل مطلع معلقته بالحديث عن الديار الدارسة التي امحت وزالت

جل معالمها مما جعل كل ما بقي فيها يوحي بالوحشة والرهبة، ليصنع بذلك صورة سوداوية قاتمة لتلك الديار سواء ما كان منها للحلول دون اإلقامة، وما كان منها لإلقامة، وال ينسى

تحديدها حيث يخبرنا أنها كانت بالموضع الذي يدعى ))منى(( ايهوقد توحشت الديار الغولية والرجامية منها الرتحال قطان

عام.ولعل الغولية والرجامية كناية عن الديار بشكل فرجامها غولها تأبد بمنى فمقامها محلها الديار عفت

الوحي ضمن كما القخ سالمها رسمها عري الريان فمدافع(2)وحرامها حاللها خلون حجج م دمن أنيسها عهد بعد تجر

-433 ص األنبـاري، الجاهليـات، الطـوال السـبع القصـائد شـرح)?(1436.

-46-

Page 47: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

وقد ال نجد كبير عناية أو احتفال بالطلل –في حد ذاته- لدى األعشى، إذ ال يصور في مقدمته بقايا األطالل –كما فعل غيره-

ته، فتبدو ولكنه يصور موقفه النفسي، حين يقف مودعا أحب الحسرة واألسى ولواعج األلم ومن ثمة فهو يصورلحظات

أكثر مما يصور الطلل، وهو حين يستعمل ))فعللحظة الفراق األمر(( ال يستعمله آمرا صاحبه بضرورة هذا الوداع، ولكن

ليفاجئ المتلقي أو السامع بالموقف الذي جاء اضطراريا، فهو ال يرغب في تلك اللحظة المؤثرة ))لحظة الوداع(( ولكنها

فرضت عليه فرضا، فالحبية بصدد المغادرة، ومن هنا، فالشاعر ال يمتلك حق إبقائها في الموضع الذي يقيم به، لهذا فهو ال

يخاطب –في الواقع- إال نفسه، إذ ال مناص من هذا الوداع ما إذن- ال يحتملدام الركب قد أعد العدة للرحيل، فالخطاب –

المؤثر:االزدواجية، اللهم إال من باب المواساة، ومشاطرته ذلك الموقف اإلنساني تطيق وهل الرجل؟ أيها وداعا مرتحل الركب إن هريرة ودع

الوحل الوجي يشيم كما الهوينا تمشي اء عوارضها مصقول فرعاء غرعجل وال ريث ال السحابة مر جارتها بيت من مشيتها كأن

لجز عشرق بريح استعان كما انصرفت إذا اسواسو لحليا عتسم(1)تختتل الجار لسر تراها وال طلعتها الجيران يكره كمن ليست

بقية نسبيا- عن– يختلف األعشى أن إلى هنا اإلشارة ويمكن وقفوا، حيث وقف فقد الطللية، المقدمة تناولوا الذين الشعراء

تصوير على التركيز حيث من عنهم اختلف ولكنه بكوا كما وبكى من تشمله وما األطالل تصوير في إسهاب دونما الوداع، موقف المرتحل(( ))الركب وصف فقد وجودها، على تدل عارضة مالمح

التخيل حرية القارئ أعطى بذلك وكأنه الطلل، يصف أن دون يأخذ لم هنا فالموضع والتصور، حيزا الشاعر، اهتمام من واضحا

نفسي حيز هو حيزه أن حيث لحظة عن تعبير وأنه أساسا يتساءل جعله الذي الحبيبة وداع الوداع، تساؤال مدى عن إنكاريا هذه دون من العيش على وقدرته الفراق، للحظة احتماله رسم الذي هو المقدمة من األول البيت سياق ولعل الحبيبة، تلك في– الشاعر راح حيث األبيات، لبقية العام المنحى

الجمالية، حبيبته مالمح علينا المؤثرة- يسرد النفسية اللحظات لما محبوبة متميزة فتاة جعلتها التي النبيلة، اإلنسانية وخصالها

ذلك وكل طيبة، بشمائل مزدانة جمالية خصائص من فيها توفرالشاعر. نفس في بمكانتها تليق أوصاف خالل من

األعشى، مقدمة في انتباهنا لفت الذي فحسب هذا وليس ائدصــالق . وانظر97 ،96ص الســبع، المعلقــات شرح الزوزني،)?(2

.520 ،517ص األنباري، الجاهليات، الطوال السبع.184 ،183ص السبع، المعلقات شرح الزوزني،)?(1

-47-

Page 48: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الطلل على يركزون أنهم الجاهليين الشعراء لدى فالمعهود صحبة الجميل ماضيهم على وهيامهم حبهم تصوير إلى وصوال بين يجمع أن حاول هنا، األعشى الشاعر ولكن بالطبع، المرأة

الفراق، ساعة اعترته التي الذاتية النفسية لألجواء تصويره فضال إحساسه يجعل مما لحبيبته، الكريمة الخالل بتلك اإلشادة عن إحساسا العفيف المعنوي الجانب نتصور ويجعلنا جهة، من عفيفا يمثل ال اإلنساني الكائن هذا أن حيث أخرى، جهة من المرأة إزاء

أخرى أشياء يمثل ما بقدر الغرائز وإشباع الحسية المتعة مجردذلك. من أهم

ارتبطت الطللية المقدمة أن نستشف سبق ما ضوء ففي ارتباطا بالمعلقات عليه اصطلح ما أو الطويلة بالقصيدة عضويا الشعرية قريحته ويشحذ الرؤية يعمل الشاعر فكان خاصة، المقدمة تلك لصنع أو األصلي الموضوع لطرق استعدادا

الواحدة. المطولة تشملها التي الموضوعات التي الجاهلية، القصيدة نضج تؤكد التي المقولة على وبناء

بن وزهير الذبياني والنابغة القيس امرئ أيدي على إلينا وصلت تلك فإن وغيرهم، والمهلهل كلثوم بن وعمرو وطرفة سلمى أبي

أو متبعة حميدة سنة مثلت المقدمة في– يجوز ال محتذى مثاالوالفنية- تجاوزه. الزمنية المرحلة تلك

المقدمة هذه كانت إذا شيئا صاغها فهل للمطوالت، مالزما في هنا نتردد ال قد سابق؟ فني نمط تقليد لمجرد الشعراء هؤالء عنده، الوقوف يفرض ال المحتذى المثال من االنطالق إن القول

ويأتي يبدع أن يضيره ال األطالل على يقف الذي فالشاعر وبكائها، عليها الوقوف في سبقه من هناك أن لمجرد بالجديد

ثمة ومن وآخر، شاعر بين ومتفاوتة مختلفة الشعرية فالمواهب يقف حين نفسية مواقف تصوير في معاصر شاعر يبدع فقد المالمح من يحمل ال ماض إلى تحولت التي حبيبته أطالل على

الرغم على الشاعر، ذلك نفس في ذكرى ومضات إال والمعالم عشرة منذ الطلل تناولوا الذين الشعراء عشرات هناك أن من

ونيف. قرون بشأنه نقدم لم الذي التساؤل أما جوابا إلى فهو بعد، شافيا

الطلل نموذج يتجاوزوا أن الجاهليون الشعراء استطاع حد أي وتعبيريا؟ فنيا تتأتى ال التساؤل هذا مثل عن اإلجابة أن من الرغم فعلى

تحاول التي النظر وجهة ولكنها القائمة، اإلشكالية ننهي بحيثإزاءها. رؤية أو موقف تقديم

وجد أنه يفترض الذي الجاهلي الشاعر إن شكال معماريا الشكل، ذلك على يثور أن األولى الوهلة منذ يفكر لم للقصيدة

على يعمل ثم النمط، ذلك يحاكي أن هو فيه يفكر ما أول بل يكون الشاعر فإن الموقف هذا ومن تجاوزه، مهيئا نفسيا يجد حين سيما ال عدائية، غير بطريقة موروث هو ما مع للتعامل

الذي الوجداني االنسياق بذلك مرتبطة وأحاسيسه مشاعره

-48-

Page 49: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ومشاعر الشباب ذكريات من يشمله وما الطلل، موضوع يمليه– الطلل فموضوع معينين وزمان مكان ظل في والهوى الصبابة

والرموز اإليحاءات بمختلف الحافلة الموضوعات إذن- من أن من ذلك ضوء في للشاعر مناص وال النفسية، والدالالت

لواعج على وبالوقوف الذات، بمساءلة شعره موضوع يستهل الموضوعات إلى االنتقال مثل الوجدانية والمؤثرات النفساألخرى. الجانبية

النفسية وبدالالته الفني بغناه إذن- حفل– الطلل فبكاء المتنوعة، والرمزية كونه عن فضال استطاع فهل شعريا، نمطا الفنية دالالته مستوى في يكونوا أن الجاهليون الشعراء اتصف الذي العام مظهره عند وقفوا أنهم أم الكثيفة والرمزية

وصفه؟ من أول به التركيبية البنية طبيعة حول االتفاق من البداية في بد ال

الذين الشعراء جل بين ومتقاربة متشابهة جاءت التي اللغوية هؤالء بين والمكانية الزمنية المسافة أن بحيث الطلل، تناولوا

بنية على واضح تحول يطرأ ال ولذلك جدا، متقاربة كانت الشعراءالموسيقى. أو اللغة

-49-

Page 50: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

:الرابع الفصلالجاهلي فروسية

بينالقبيلة واعتداد الشاعر أنا

ببيئته اإلنسان ارتبط األزل- منذ– فتشبث وثيقا، ارتباطا بمختلف حوله من بالطبيعة وتأثر فيها نشأ التي باألرض

جنسه بني من حوله من وأحب والمتحركة، السكونية مظاهرها اآلخر الطرف مع وتجاوب تجاوبا عاطفيا الله لسنة استجابة قويا

خلقه. في وإشباع األكل بمجرد المفكر الحي الكائن هذا يكتف ولم

اإلنسانية غاياته يجسد راح ما سرعان بل الحسية، ئزهاغر وتبرر وجوده، تؤكد التي الحياة في طموحاته ويحدد السامية،

له والكأل الماء إلى احتاج ما فبقدر ةمث ومن الغايات، تلك أشياء إلى أكثر- بدرجة وربما – نفسه الوقت في احتاج وألنعامه،

النفسية الحاجات تلك عن التعبير في تمثلت ونفسية معنوية وفرح وألم، حزن من نفسه في يختلج عما خاللها من أعرب التي

نطق أن بذلك فكان وكره، وحب ورهبة، ورغبة وسعادة، شعراالمخلوقات. باقي عن ميزته التي الحاجات تلك عن ليعرب يمثل الذي اإلنسان هذا الجاهلي، اإلنسان نجد أن غرابة وال يبدي اإلنسان، طفولة وما المكانية، لبيئته التعصب من شيئا من يكتنفها وما وحيوان، ونبات زرع من البيئة هذه يشمل التي بالمهنة يسمو أن إلى به أدى مما مختلفة، طبيعية مظاهر من ويعلي قومه، وبني عشيرته أفراد بين بيئته في تمارس(1)أحيانا. غيره عند ما قيمة من يحط حين في شأنها،

أكثر جعله الذي الضيق التعصب نتيجة ذلك تولد وقد تشبثا ،71ص وأسـاليبه، صـوره الجـاهلي الهجــاء جالل، بيـومي عباس)?(1

72. -50-

Page 51: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

في زالت ما اجتماعية مفاهيم ظل في ما، مكاني بحيز والتصاقااألولى. مراحلها

في القوة مبدأ تعتمد عالقات خلق في الفاعل أثرها وللبيئة أعماق في يعيش أن عليه كتب الذي فاإلنسان والعدة، العدد

هو حارقة، شمس لهيب وتحت ة،يالضار الوحوش بين الصحراء االجتماعية، العالقات من النوع هذا إلى الحاجة أمس في كل من بهم تحيط التي األخطار لدرء بينهم فيما األفراد فتوتكا

جانب. ماسة الحاجة كانت البدائي، القبلي المجتمع هذا ظل وفي الحياة وضمان السيادة، لتحقيق والصراع التنافس إلى أيضا

هذه إلى ينتمون الذين أولئك بين والجماعة للفرد الكريمة الحرةتلك. أو القبيلة

التنافس، ذلك بلورة في والمواسم األسواق أسهمت وقد للتباهي ملحة برغبة يحس الفرد فبدأ والتفاخر، المباهاة وتلك

قيم عنه نشأ مما للنظر، الفت بشكل الظهور وحب والزهو المناداة تجد ناحية فمن النقيض، تمثل وأخرى سامية إنسانية المساعدة يد ومد المعروف، صنع مثل العليا المثل بتمجيد

ومن الجار، وحفظ الضيف وإكرام الملهوف وإغاثة للضعيف،- نجد أخرى ناحية الحماقات، بعض ارتكاب– لذلك مقابال

التي بالقيم واالستهتار (1)الويالت. إلى تجر ما غالبا

الجاهلي الشاعر يكون أن وبديهي طرفا بلورة في مباشرا والتنافس بالتناحر اإلحساس يحرك ما ألن المضادة القيم تلك

الكالم على يقتصر ال أغمادها من السيوف سل إلى والتسابق واألسواق النوادي في والجماعات األفراد بين ينشأ الذي العادي تلك يحرك ما ولكن أحيانا، وجوهري غالبا، تافه خالف بسبب

الذي المقفى الموزون الكالم الغالب- إلى في– يعود السواكن حرب أو معركة قيام إلى يؤدي قد هجاء فبيت شعرا، يسمى

واتفاق. تصالح إلى آخر بيت يؤدي قد كما ضروس، بذاته عالقة ماله تصوير على يقتصر ال الشاعر فإن وبذلك

جله- في– الجاهلي الشعر ارتباط من بالرغم فحسب، الفردية المعاصر- عالمنا في– اإلعالمية الهيئة يعد فالشاعر الجانب، بهذا تطلعاتها، وعن القبيلة هموم عن المعبر اللسان فهو عن فضال

قاطبة، القبلي المجتمع عن التعبير في المثلى، الوسيلة كونه األخرى القبلية المجتمعات لدى المجتمع هذا يمثل الذي وهو

التمثيل ذلك أكان سواء النائية، أو منها المجاورة بأيام متعلقاالسلم. أيام أم الحرب

– يعبر كونه فبرغم قومه، بين مرموقة إذن- مكانة– للشاعر أن إال ووجدانه، بمشاعره ويتغنى الفردية، ذاته الغالب- عن في إن قومه لدى موجود هو كما يتجسد ذلك فهو تصريحا، أو تلميحا

بذاته تغنيه خالل من يعكس االجتماعية المظاهر من كثيراالذاتية. هذه خالل من الجماعة إحساس بذلك وينقل السائدة،

.70 ،69ص ،1ط العرب، وأيام الشعر الرحمن، عبد عفيف)?(1 -51-

Page 52: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

مثال- يبدو– فالفخر ذاتيا بنفسه الشاعر يفخر حين بحتا الفردية الذات من ينطق الذي الفخر هذا ومثل وأجداده، وبآبائه

الشاعر بين والقربى بالرحم صلة لها ذوات من بها يحيط وما اإلحساس إلى ليصل الفردي اإلحساس فيها يتنامى وقومه،

الجماعي. ومن ضمن األسباب التي جعلت الشاعر ينطلق من الذات الفردية، ما عرف

به من ميل فطري إلى التغني بالذات وبالقيم التي تتأجج في نفسه، ثم الحنين إلى الماضي والتغني بأمجاده بصفته وسيلة ناجحة لربط هذه الذات بذوات غيره،

وتقوية اإلحساس باالنتماء الذي يمثل ديمومة الحياة ال سيما أن أواصر القرابة التي تمثلها اآلباء واألجداد تجعل الشاعر يعيش إحساسا شديدا، بتلك الصلة

الوثيقة بينه وبين هؤالء الذين يمثلون األهل والعشيرة عبر الماضي والحاضر معا،مثال:فحين ينشد طرفة بن العبد

أرفد القوم يسترفد متى ولكن مخافة التالع بحالل ولست(1)تصطد الحوانيت في تقتنصني وإن تلقني القوم حلقة في تبغني فإن

عالم ويصور الفردية بالنفس االعتداد عن يعبر هنا فهو- يستجيب الذي الفتوة متطلبات لكل واعية وبإرادة – تلقائيا أداء في يتردد ال الذي الفتى إنه والعادية، منها الطارئة الحياة

وهو ذلك، الضرورة تقتضي حين قومه نحو به المنوطة واجباته يمكن وما ولذاته، غرائزه إشباع في يتوانى ال الذي الفتى أيضا الشاعر أن هنا، استخالصه يظل ما غالبا بقومه مرتبطا ارتباطا ظل في ذاته عن يعبر ألنه وذلك ومكان، زمان كل في مباشرا

أمام بذلك وكأننا منها، التنصل يستطيع ال سائدة جماعية قيم عنها يرضى ال التي الخاصة قيمه له شاعر تمثل بصفتها بديال

في دونها، من الحياة يستعذب ال التي والمادية النفسية حاجاته يستطيع ال قومه بني مع فيها يشترك أخرى قيم هناك حين

بها. االستهتار أو عنها الخروج من متأت العرب أيام مثل الذي الفخر دواعي أبرز ولعل وخيالء زهو من النشوة هذه تحدثه وما النصر، بنشوة اإلحساس

الفخر يكون حين الشاعر نفس في أبناء نفوس وفي فرديا، ذاتيا كان إن القبيلة قوة من عليه هي بما العشيرة افتخار على قائما في سيما ال األخرى، القبائل بين مرموقة ومكانة وعزة،

حياة لضمان األولى الوسيلة فيها القوة تمثل قبلية مجتمعات(2)كريمة. حرة

والجماعي الذاتي الفخر بين الفصل صعوبة من الرغم وعلى أنه على إليه ينظر من هناك فإن عامة، الجاهلي الشعر في

وهو القبلي، الفخر متناقضين، وال متباعدين غير قسمين يقسم األكثر النوع به يشيد الذي الفخر ذلك وهو وانتشارا، ذيوعا

وعلو مكانتها حيث من بقبيلته العرب أيام خالل من الشاعر وبذلك القتال، في وحنكتهم وتمرسهم أبنائها وشجاعة شأنها

.30ص طرفة، ديوان)?(1.236ص ،1ط العرض وأيام الشعر الرحمن، عبد عفيف)?(2

-52-

Page 53: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الحميدة الخصال وأفضل اإلنسانية، القيم أنبل قومه إلى ينسب فيمثل الحرب زمن في الفروسية القيم وأهم السلم، زمن في

القيم. بتلك اإلشادة في قبيلته حال لسان بذلك الشاعر الفخر التقسيم- فهو هذا وفق– الفخر من الثاني النوع أما وبشجاعته، الشاعر بفروسية اإلشادة على يقتصر الذي الفردي

أو بقومه عالقة له مما الفخر بعض يتشرب وقد همته وبعلو(2)فحسب. الفردية بالذات الفخر على يقتصر وقد قبيلته،

فإذا والجماعي- منطلقات منه الفردي– الذاتي وللشعر السلم مستوى على درجات الشعراء البدء- أن منذ– سلمنا

الفروسية يمثلون نالذي الفرسان الشعراء فيهم إذ االجتماعي، مكانتها لها قبائل إلى المنتمون الشعراء ومنهم وفعال، قوال ممن ليسوا ولكنهم األخرى، القبائل بين والسياسية االجتماعية

ومنهم الوغى ساحات في المعارك ويخوضون األهوال يركبون وأدق مظاهرها أجل في الفروسية يمثلون الذين العبيد الشعراء يجعلهم مما قيمتهم، من ينقص الطبقي انتماءهم لكن معانيها،

يواجهون صراعا تختلف المنطلق، هذا فمن وجوديا، طبقيا على سواء األساس هذا وفق آلخر شاعر من الفخر طريقة

الفخر من يجعل من فمنهم الجماعي، أو الفردي المستوى أنكره الذي الشخصي وجوده إثبات إلى للوصول وسيلة بالذات

في والقبيلة الفردية الذات بين يجمع من ومنهم غيره، عليهنفسه. الوقت ضمن المثال- يصنف سبيل على– كلثوم بن عمرو إن

ظل في السيادة معاني بكل يعتزون الذين الفرسان الشعراء شعره جاء ثمة ومن الجاهلي، القبلي المجتمع سيل عن معبرا

تقطر أنها نالحظ معلقته نتصفح فحين األعداء، دماء من جارف وتحمل دما، تمثل جاهلية قيما في سائدة أخرى لقيم نقيضا

نفسه المجتمع وزمنيا. مكانيا يمثل الشاعر هذا عنه عبر ما فهل تناقضا به ابتلي قيميا التي القيم من مجموعة دون الشاعر أن أو الجاهلي؟ المجتمعآخر؟ ظرف في ويمقتها زماني ظرف في الجاهلي يحبذها بخاصة- كلثوم بن الشاعر- عمرو إن– هنا القول من بد وال

هرم تحتل اجتماعية طبقة ليسل فهو وفصله، بأصله معتد أصالة تعنيه فيما تعني الهرمية، القمة وهذه القبلي، الهيكل القبلي، المنبت اكتسب ومن والشجاعة، بالقوة تميزها عن فضال المجد اكتسب فقد المجتمع ذلك مثل في والشجاعة القوة

إباءه يعلن ألن تؤهله تلك وضعيته فإن وبذلك والسيادة، لألقوى الرضوخ عدم ثمة ومن وشموخه، ألن منزلته، كانت أيا

تمثل ولكنها وضعيف، قوي بين قائمة تعد لم هنا المسألة صراعاالمجال. هذا في الريادة الحتالل األقوياء بين

أوغلت التي مواقفه كلثوم بن عمرو بنى المنطلق هذا فمن نفسيا، إلضعافه الخصم بقوة واالستهتار القوة مبدأ تقديس في

.236ص نفسه، المرجع)?(2 -53-

Page 54: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

- الهدف هذا ولتحقيق في أو مباحة القيم من كثير تصبح– ميدانيا في المتمثلة وهي األسمى القيمة لبلوغ وذلك المباح، حكم

المطلقة. السيادة فرض فعلى ما في قول الشاعر من مبالغات مفرطة، فهي –في

نظرنا- وسيلة ))سيكولوجية(( لنسف الطرف اآلخر –معنويا- والذي يمثل العقبة أمام بلوغ الغاية المنشودة، لذا فإن الشاعر الفارس يصور شدة بطش قبيلته، هذه القبيلة التي اعتادت في

أثناء غاراتها الحربية أن تصدر الرايات البيض حمرا، وفي ذلك كناية عن شدة بطش قومه وجبروتهم، وكل ذلك قصد الوصول

إلى إدخال اإلحساس بالرعب والفزع في نفوس األعداء، ثم نجد الشاعر يشيد باأليام المجيدة ذات الرصيد التراثي الفني لتلك القبيلة ضمن أيام العرب، فهي ذات تاريخ عريق حافل

إلى قومه وقد تمكنوا من سيدبعد ذلك –-باألمجاد والبطوالت، ليصل القوم المتوج بتاج الملك، وأحاطوا برأس هذا الملك، وجعلوا جيادهم عاكفة عليه،

وكيف استطاعوا أن يزرعوا الرعب في النفوس إلى درجة أن كالب الحي أصبحت ترهبهم وتخشاهم، وتتحاشى سبيلهم خشية قوتهم الضاربة، واألهم في كل ذلك

أن آلتهم الحربية ال تبقي على شيء، إذ تجعل من أجساد األعداء لها طحينا،الشاعر:ويتجلى ذلك كله في قول

اليقينا نخبرك وأنظرنا علينا تعجل فال هند أبا ونصدرهن روينا قد حمرا بيضا الرايات نورد بأنا

ندينا أن فيها الملك عصينا طوال غر لنا وأيام

المحجرينا يحمي الملك بتاج توجوه قد معشر وسيدصفونا أعنتها مقلدة عليه عاكفة الخيل تركنا

الموعدينا تنفي الشامات إلى طلوح بذي البيوت وأنزلنايلينا من قتادة وشذبنا منا الحي كالب هرت وقد(1)طحينا لها اللقاء في يكونوا رحانا قوم إلى ننقل متى

والالفت لالنتباه في قراءة الشعر الجاهلي الذي له عالقة بالفخر أو الحرب عامة، أن جل الخصائص الحربية تتكرر سواء

على مستوى المعاني أو الصور الشعرية، وذلك من شاعر بن شداد، وهيةآلخر، كأن نقرأ مثال أبياتا منسوبة إلى عنتر

قريبة مبنى ومعنى من النص السابق لعمرو بن كلثوم، فالشاعران ينسجان على نفس المنوال، وهنا ال بد من اإلشارة

.133ص الزوزني، المعلقات، شرح)?(1 -54-

Page 55: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

إلى أن مبدأ التأثر والتأثير واضح جلي في الشعر الجاهلي من قصيدة يفتخر فيها بنفسه وبقومه وبما حققه منةعامة، يقول عنتر

نصر:ودابالك فوارسها من شفينا لما الفزاريين عنا سليالخدودا يلطمن الصبح قبيل حيارى نساءهم وخلينا

عبيدا لنا العالمون فأضحى خوفا األقطار سائر مألناوفودا لقاصدنا نترك ولم عالها في الثريا وجاوزناسجودا أعادينا هـل تخر صبي لنا الفطام بلغ إذاأسودا جبابرة منا يرى إلينا بداهية يقصد فمن األرض اونمل (1)وجودا إحسانا ملكنا ما نعطي البذل ويوم

شعر أن بعامة، الجاهلي الشعر في مالحظته تجدر ومما له لما وذلك الجاهليون، أنتجه ما جل يمثل والحماسة الفخر الحياة إن حيث اإلسالم، قبل العرب حياة بتصوير وطيدة عالقة

أبنائها على فرضت الجاهلية نسقا حياتيا ما أول يتجلى خاصا من الجاهلي المجتمع عليه نشأ لما بالفروسية التغني في يتجلى وترحال، وحل دائمة شبه حروب والتنازع العداء عن فضال

الفقر نتيجة األيام مع يزداد راح والذي القبائل، بين الدائمين القبلي ))التنافس باب نشأ أن ذلك كل من فكان األرض، وجدب

األبطال وبكاء باالنكسارات والتهاجي باالنتصارات، والمفاخرة.(2)الوغى(( ساحة في القتلى

نابع ألنه الجاهلي الشعر جل على االنفعال روح طغت وقد كونه إلى باإلضافة الذات، من أصال شعرا عن يعبر غنائيا الجمعي الوجدان كما– الفردي الوجداني التعبير من انطالقا أحد يقول السياق هذا قبل- وفي من ذلك إلى اإلشارة سبقت

الدارسين: روح من فيه ما الجاهلي الشعر من نسقط أن شئنا ))ولو

إال يصور ال ضئيل شبح سوى منه إلينا خلص لما والحماسة الفخر نزرا .(3)اإلسالم(( قبل العرب حياة من يسيرا من عدد مجمله- على في– الحماسة شعر ويحتوي الشعراء لدى والمعنى المبنى حيث من المتقاربة الموضوعات

.56ص ،ةعنتر ديوان شرح)?(1.235ص ،1ط العرب، وأيام الشعر الرحمن، عبد عفيف)?(2.8ص الفرسان، الشعراء البستاني، بطرس)?(3

-55-

Page 56: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

القتال، على معظمه- بالتحريض في– يتميز إذ الجاهليين، المحققة باالنتصارات والتنويه بالثأر األخذ إلى الملحة والدعوة

الوغى، اتحسا في باألحساب بالتغني احتفاله عن فضال تمجيد مبدأ ذلك من نسقط أن دون ،(1)واألمجاد واألنساب،

القوة. من يعده من هناك فإن الشعر، من النوع هذا كثرة وعلى

أشده ومن ،وأقواه الشعر أصدق وحجة النفوس، في تأثيرا نظموا الذين الشعراء أن ذلك في هؤالء الفخر في شعرا

المعارك خاضوا فقد ثمة ومن الفرسان، من كانوا والحماسة تمرسوا نفسية وتجارب عايشوه، واقع عن وعبروا والحروب،

.(2)بها ومن الحماسي، الشعر كثرة حيث من الرأي هذا وافقنا ولئن

بعض لدينا فإن نسبي، بشكل ولو النفوس في تأثيره حيثهنا: باإلثارة جديرة لنا تبدو التي المالحظات

أثره، بقوة الحماسي الشعر وسم إلى نذهب : حينأوال الحماسة موضوعه شعر كل أن معناه ذلك فليس

المتلقي وجعل اإلنسانية النفس أغوار سبر قد والفخر يتجاوب نفسيا ذلك يرتد قد إنما الشعر، هذا مع وفنيا

الناس يخاطب حين يحدثها التي االنفعاالت طبيعة إلى الذين هؤالء لدى صداه يجد قبلي عصبي منظور من

نفوسهم في فيحدث يسمعوه، أن يفترض أثرا انفعاليا التأثير، من النوع هذا يتركه بما إقرارنا ومع حماسيا،

والسطحية. بالتكرار يتسم بعضه فإن الذين الشعراء جميع يكون أن بالضرورة : وليسثانيا

فإن هنا ومن الفرسان، من الحماسة فن في نظموا تعني ال المعايشة قضية أو التصوير في الجودة دوما

في آية فنية لوحة ما شاعر يصور فقد الفني، الصدق ليرى الوغى ساحة إلى يحضر أن دون والتميز اإلبداع

وسط القتلى وسقوط واألتربة الغبار تناثر عينه بأمالسيوف. وقرقعة الجياد صهيل

جهده قصارى الحماسة شعر في الشاعر : يبذلثالثا ال صاف نبع من أنهم على قومه أو نفسه لتصوير األقوام أعرق ومن شائبة، تشوبهم كرما وشرفا تبلغ قد مبالغات يحمل ما ذلك كل وفي ومجدا، حدا عشيرته مثال- أهل– الشاعر يجعل حين مفرطا

والشهامة والنسب الحسب في الصدارة ونؤيتبو من ترفع التي القيم من ذلك إلى وما والمروءة،

الصدارة. مركز ونؤيتبو وتجعلهم شأنهم يتطلع التي المنشودة الغاية إلى الوصول إن ثم

العصر ونصـــوص أدب في دراســـات أحمـــد، القـــادر عبد محمد)?(1.163ص الجاهلي،

.171ص وفنونه، خصائصه الجاهلي الشعر الجبوري، يحيى)?(2 -56-

Page 57: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

حيث ويغالي، يبالغ أن منه تقتضي تحقيقها إلى الشاعر السماء يطاولون قومه من يجعل والكواكب مجدا كرما

على بناء– الصدق عنصر يضعف ذلك وفي وسخاء، الفني الصدق إلى نظرنا إذا إال السابق- اللهم الرأي

الواقعي. الصدق عن بمعزل الوحيدة الوسيلة يكون يكاد الشعر أن على : بناءرابعا

هنا فالشاعر جاراتها، بين القبيلة مكانة عن للتعبير في غيره به يأت لم بما يأتي ألن وسعه في ما يبذل

التجربة، صدق من ينقص بدوره وهذا التفاخر، مجال بذلك ليصبح في فنية نظر جهةو من إليه منظورا وليس الصور، وخلق المعاني ابتكار على القدرة

حيث من الحقيقي حجمها ضمن القبيلة لتصنيفمثال. والحربية االجتماعية المكانة

إلضفاء- النفس يجهدون حين الشعراء يصل : قدخامسا من مستوى إلى– قبائلهم على الرهبة من شيء

مرحلة ليبلغ العادي الخيال درجات يتجاوز الذي التخيل– للحديث يضطرنا ما هذا ولعل اإليهام، أو الوهم

ال فمما والفخر، الحماسة قيم توليد أسباب بإيجاز- عن خلق في أسهمت مختلفة عوامل هناك أن فيه شك

وفي الجاهلي، العصر في السائدة القيم من مجموعة هو ما ومنها عاما، يبدو ما منها أخرى على قيم تغليب أعماق في يحياها الجاهلي كان التي فالحياة خاص،

والترحال الحل كثير يكون ألن اضطرته الصحراء بحثا ذلك ويتطلب وألنعامه، له ألوالك الماء عن تنافسا قبليا

إلى يتحولوا أن على القبيلة أهل يجبر حيث أحيانا، الفيافي في فيشردون أخرى، زوينغم وإلى تارة، غزاة

فجاء الكثير، المفاجآت من لهم تحمل التي والقفار، على بناء– شعرهم ثرهم،آوم لحروبهم ذلك- مصورا (1)وأهوال. مصائب من يالقونه لما ووصفا

ومما ال يختلف فيه اثنان أن الشعر الجاهلي لم يخل من اإلشادة بالقيم النبيلة سواء ما تعلق منها بالشهامة والكرم

ما تعلق بالمآثر اإلنسانية األخرى، تلك )المآثر( الصادرةأووالصدق والعفة عن شاعر بسيط ذي نزعة إنسانية سامية، وصاحب إحساس مرهف يجعله يمنح غيره أعز ما يملك دون منة أو تردد، فالكرم الذي تغنى به الجاهليون يختلف من حيث الدرجة، فأن يعطى اإلنسان شيئا ما وهو ميسور الحال، ليس بنفس درجة

الشاعر:العطاء حين يكون ذلك اإلنسان أولى بهذا العطاء، وفي هذا المعنى يقول عودها واصفر القطر عنها وأقحط ت سنة إذا طوالها وطال عز

جليدها المنزالت فوق جف إذا وجدنا ضيفنا يحول ال كراما قومه وكرم كرمه يصور هنا فالشاعر يتميز عما ينم تصويرا

في حتى أسخياء كرماء فهم مطلق، سخاء من وقومه هو به.9 ،8ص الفرسان، الشعراء البستاني، بطرس)?(1

-57-

Page 58: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

طول بعد األرض وتجدب المطر ينقطع حين اتقاألو أحرج في متأصل شيء الكرم أن على كناية ذلك وفي انتظار،

والضراء. السراء في تالزمهم التي الخصال من هو إذ نفوسهم، وليس ذلك فحسب، بل إن هناك شعرا غزيرا ألف لتمجيد

قيم إنسانية واجتماعية أقرها المجتمع الجاهلي، ففي ضوء الحياة القاسية التي عاشها هذا اإلنسان في صحرائه الواسعة، كان لزاما عليه أن يظل يقظا حادا في تعامله مع الحياة عامة،

ليستطيع التفوق على غيره ويشبع شعوره بالعزة والقوة، ويرضي بذلك نفسه أوال، وقومه ثانيا، ومع ذلك فإن هذا

الشاعر الفارس يحافظ على هدوئه واتزانه، ويحترم حرية غيره، ما لم يتطاول غيره عليه، فإن ظلم فإنه يرد بقوة وبأس شديدين، وفي ظل ذلك يظل متمتعا بجل شمائله التي يعتز بها

بن شداد الذيةكل إنسان كريم النفس، كما هو األمر عند عنتريقول:يخاطب الناس من خالل مناجاة عبلة، مبينا بعضا من تلك الخصال حين

أظلم لم إذا مخالقتي سمح فإنني علمت بما علي اثنيالعلقم كطعم مذاقته مر باسل ظلمي فإن ظلمت فإذا

بالمشوف الهواجر ركد المعلم بعدما المدامة من شربت ولقد لم وافر وعرضي مالي، يكلم مستهلك فإنني شربت فإذامي شمائلي علمت وكما (1)وتكر ر فما صحوت وإذا ندى عن أقص

الخصال من مجموعة السابقة األبيات في الشاعر يصور حل أينما تالزمه وأضحت نفسه، في تأصلت التي اإلنسانية النفس، كريم المعشر، وطيب نبيلة، أخالق ذو فهو وارتحل،

حين شديد بأس ذو أنه بيد حوله، من للناس معاملته في سمح من نستشفه ذلك وكل مشروعا، الرد يصبح فوقتئذ عليه، يعتدى لها يثبت أن على باستمرار يعمل التي الحبيبة مخاطبة خالل

يبذلها التي وحياته تقهر، ال التي وفروسيته المتفردة، شهامته رخيصة ومهرها. لحبها ثمنا الصفات تعداد الشاعر ىيتحاش حين الفخر يحسن وقد مدح في واإلفراط والغرور، التكبر رائحة منها شمي التي الذاتية

يشيد حين معانيه وتتألق الفخر قيمة تسمو حين في النفس، الكريمة، الخلقية والصفات السامية اإلنسانية بالخصال الشاعر

االفتخار أو المادية، بالقوة التباهي اإلمكان- عن قدر– وينأى(2)والقبائل. واألنساب باألصول

وأيا كان األمر، فإن الفخر يعد من األغراض الشعرية التية.عنتر ديوان)?(1.74ص وفنونه، خصائصه الجاهلي الشعر الجبوري، يحيى)?(2

-58-

Page 59: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

يتجلى فيها اإلحساس القبلي والتعصب للقبيلة، وبناء على ذلك فإن الشاعر غالبا ما يخرج عن حدود القيم اإلنسانية المحبذة

غالبا- علىقبيلته ينشأ –بأو المستساغة –أحيانا- ألن فخر الشاعر مثال:حساب قبيلة أو قبائل أخرى، كأن يقول الشاعر

كالب وبني عامر قبائل زرنا يوم عنا عبل يا سليخضاب بال الراحتين خضبت ملقى خليت فارس م وكمكالشهاب يلمع الرمح سنان ك رجله يحر وفيه رعبا(1)الهضاب وفي ابغال في وألفا حرا مائتين منهم قتلنا

هذا ويقيم ثانيا، وبقومه أوال، بنفسه يفتخر هنا ةعنتر إن غايته لبلوغ وسيلة مثلت التي القبائل تحديد على بناء الفخر

هذا واألحرار، األسياد من باألعداء الفتك في والمتمثلة المنشودة الحرب، بفنون والتمرس القتالية، القدرة على المعتمد الفتك تكتف لم القبيلة هذه ألن المنتصرة، القبيلة قيمة من يرفع

فالمادي معا، والمعنوي المادي النصر ولكنه عادي، نصر بتحقيق القوم صفوة من هم الذين القتلى من الهائل العدد في يكمن

الوغى ساحات في أسقطوا الذين هؤالء وأحرارهم وقادتهم، األهم- وهو– النوعي أما وقومه، الفارس الشاعر أيدي على

شجاعة على يدل ما ذلك وفي القوم، هؤالء انتقاء في فيتمثلالحرب. فنون في وتمرسهم المتميز الشاعر قوم

ذكرى، لتصور تنشأ ذاتها- فقد حد في– الفخر قصيدة أما الشاعر، قوم وبسالة الحرب صور تدوين عمادها ويكون

وال الموت، يهابون ال الذين المغاوير الفرسان بصفات سمهموو على تنشأ وقد والرماح، بالسيوف األعداء مقارعة في يترددون

من معاملتهم أسيئت قومه الشاعر يرى وكأن الغضب، ثورة ثرإ وتتأجج ثائرته فتثور وكرامتهم، سمعتهم في ومسوا غيرهم، لدن

قبيلته أيام ذكر في فيسترسل وانفعاله، غضبه ويشتد عاطفته بطوالت، من حوزتها في أصبح ما ويعدد تمحى، ال التي وآثارها

ذلك وكل الوصف، يفوقان وإقدام شجاعة من به تتميز وما(2)القبائل. بقية بين الصدارة مكانة تتبوأ قبيلته ليجعل

فهذا المهلهل يعبر عن سورة الغضب التي انتابته بعد مقتل أخيه كليب، ويتوعد قبيلة بكر، بأن يصوم عن كل متع الحياة الدنيا وملذاتها، من خمر وغانيات

حسان، وعن اللباس األنيق، وأال يضع السيف في غمده إال بعد أن يشفي غليلهبكر:ويأخذ بثأره من أعدائه، وما ذلك إال بإبادة سراة قبيلة

الديار حوت ما كل بتركي عمري علي أكيدال العهد خذ

.14ص ،ةعنتر ديوان شرح)?(1.203ص الحرب، شعر الجندي، على)?(2

-59-

Page 60: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

تستعار ال جبة ولبسي كأس وشرب الغانيات وهجريالنهار الليل يخلع أن ىإل وسيفي درعي بخالع ولست

لها تبقى فال (1)آثار أبدا بكر سراة تبيد أن وإال

ولعل ارتباط الجاهلي ببيئة صحراوية قاسية تقل فيها أسباب الحياة الهادئة المستقرة، جعلت منه إنسانا قاسيا ال يتوانى في طلب ما يوجد وما ال يوجد، فبقدر ما كان إنسانا يقدس المثل اإلنسانية العليا فهو –أيضا- يخترق هذه القيم

عندما تقتضي الضرورة ذلك، ويقتحم المخاطر واألهوال غير مكترث بما يصيبه، فيهاجم ويغزو، ويدافع عن حياضه بكل ما أوتي من جهد وقوة، ولكنه يخترق حياض غيره –أحيانا- فقد

بيد ويسلب بأخرى، وقد يتسلط على بيت آمن ويسلبييعط منه نساءه وأنعامه، وبالمقابل قد يهاجم –هو اآلخر- في عقر داره، وذلك ما يجعل هذا اإلنسان متقلبا ال يقر له قرار، حتى أنه يبدو متناقضا في حياته وفي قيمه، ألنه ينتقل دون سابق

وعلى ما في هذه من تناقض،إنذار من النقيض إلى النقيض، مثال:فحين نقرأ قول الشاعر إال أن لكل ذلك أسبابه ومسبباته،

(2)طعاما لنا فكن وأذواد مردفات بالنساء وجئنا هؤالء وراء مردفات وهن السبايا أولئك مشهد نتخيل أن لنا

إال نملك فال جبلة((، ))شعب يوم بنصرهم المزهوين الفرسان من يحمل ما يحمل مؤثر مشهد من له يا متعجبين، نصرخ أن

يتعدى اعتقادنا- ال في– األمر ولكن والوحشية القسوة معاني مهابة قبيلته لجعل الشاعر يتعمدها التي الخيالية الصورة تضخيم

الجانب. يدع ال ومما أنتجت الجاهلي الشاعر قريحة أن للشك مجاال

يفتخر األبرص بن عبيد الشاعر فهذا مثيرة، مرعبة شعرية صورة تجعلهم التي األوصاف انتقاء في ويتفنن األبطال، بقومه

شجاعة الفرسان من غيرهم عن يتميزون وإقداما وفتكا الفرسان قتل على يقدمون ال الوغى ساحات في فهم باألعداء،والضيم. الذل ويأبون والسادة، القادة ينتقون ولكنهم العاديين،

الشعر نظمه في اعتمد الجاهلي الشاعر أن القول وصفوة الموهبة أن إذ أيضا، المثاقفة على اعتمد كما السليقة، على

يفرض الذي الشاعر خلق من الشاعر تمكن ال وحدها الفطريةاألخرى. القبائل شعراء وبين قبيلته داخل وجوده وأفكار آداب بالضرورة- على– االطالع هنا المثاقفة تعني وال الجاهلي العصر في بسهولة يتيسر لم أمر فذلك األخرى، األمم

.164ص النصرانية، شعراء)?(1.444ص الطفيل، بن عامر ديوان)?(2

-60-

Page 61: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

هو نعنيه ما لكن هنا، فيها لإلفاضة ضرورة نرى ال عدة ألسباب الشاعر يكون أن والقبائل قبيلته تحياها التي الحياة بطبيعة ملما

يكون وأن حوله، من األخرى وتطلعاتهم أفكارهم على مطلعا غاياته يصيب أن ذلك- يستطيع ضوء في– ألنه عيشهم، وكيفية

كان سواء شعره خالل من وأهدافه أو األخرى للقبائل موجهافحسب. لقبيلته بشكل القبلي الواقع جسد قد الجاهلي الشعر أن نعتقد ال

يمثل قد بعامة األدب بأن إيماننا فبرغم حرفي، صور من كثيرا إال واالقتصادية، والفكرية واالجتماعية منها السياسية المجتمع

الواقع ذلك ينقل أو األحداث واقعية يعطينا ال ذلك أن نقال– ذاك أو األدب لهذا المحلل أو القارئ أن حين في مباشرا،

الشعر. يقله لم ما حقائق يستنتج ونثره- قد شعره من سلمنا الذي الجاهلي الشاعر أن إلى لنصل ذلك نقول

ليصور الفردية الذات من الشعر هـقول في انطلق بأنه قبل التي والعامة الخاصة المؤثرات فطبيعة الجماعية، الذات

التي يمقال لنا يحمل جعلته التي هي الشعري تكوينه في أسهمت شعره- في– عنها عبر التي فالقيم بعيد، أو قريب من بها آمن

تطرف أو مبالغة من يكتنفها ما برغم اإلحساس وليدة هي أحيانا العام القانون لتؤلف تجتمع التي األعراف بمنزلة وهي القبلي،

القبيلة. ألبناء وسرحات فنية بأدوات الشعري خطابه في يتوسل فالشاعر

كالمه من ليجعل خيالية الحقائق فإن ثم ومن شعريا، قوال التي القيمة أن بمعنى الفنية، األدوات تلك داخل تكمن القيمية

الراقي المستوى ذلك ضمن موجودة العادي اإلنسان بها يؤمنالشعري. الخطاب من

شاعر بميالد تسعد كانت الجاهلية القبيلة أن نعلم وحين قيمها ترسيخ إلى مرده فذلك الوالئم، بسببه تقيم وربما جيد،

واحد، بدور ال أدوار بعدة يقوم هنا الشاعر وكأن مآثرها، وتسجيل فالقبيلة أيضا، وفنان ومصور، مؤرخ، وهو إعالمي، بوق فهو

يكن لم وما والشموخ، باالعتداد اإلحساس نفسها في يعتمل الجميل الكالم من حقيقة إلى اإلحساس ذلك ينقل شاعر هناك

تعتز أن القبيلة لهذه كان لما أعمالها يصور الذي المنتقىمفاخرها. وبسجل أيامها، وبعظم وكبريائها بشموخها وليدة الجاهلية الشعرية األغراض أن االنتباه، يسترعي ومما

كان سواء شعره، الشاعر يصوغ ضوئها في معينة قيم أم مدحا أم هجاء أم رثاء أم فخرا وصفا. أم غزال

-61-

Page 62: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

:الخامس الفصل الصعلكة ظاهرة

."…يلةـــوالوس الغاية "

الصعلكة ظاهرة الصعلكة لظاهرة التأويلي ءستقراال ا-1

الذي العربي الشعر بأن نجزم أن بمكان الصعوبة من لعله الذين الشعراء هؤالء قبل من ألف قد الصعاليك إلى ينسبنا فمع فعال، إليهم ينسب قد الشعرية الظاهرة هذه أن ننكر ال أن

لدن من نظم الشعر هذا وأن الجاهلي، العصر خالل انتشرت بالضرورة ليس الشعر هذا بعض أن نرى أننا إال جاهليين، شعراء

األدبي، التاريخ كتب عنهم تحدثت الذين الصعاليك هؤالء من ذلك السيما نسبا، إليهم بعضه نسب وإنما المنقولة، والروايات

المغامرات بين تتأرجح التي الخيالية للقصص يروج الذي الشعر الصعاليك شعر نجد أننا ذلك في والحجة العقل، يتصورها ال التي الرواة، كتب ثنايا في مبعثرا نسبة في البين االختالف عن فضال ما ذلك وفي الشفوية، الرواية بوساطة وصلنا الذي رشعال هذا

الشنفرى إلى المنسوبة األشعار تلك مثل في نتحفظ يجعلنا وتأبط بيد ،وغيرهم السلكة بن والسليك الورد بن وعروة شرا

قصد إلينا بها وصل التي الصورة ضوء في الشعر هذا سنعالج أنناالمتضاربة. ومثله الفنية خصائصه عند الوقوف التراث بجمع عنيت التي العربية المصادر حفلت لقد

حيث الصعاليك، أشعار من نتف بتدوين الجاهلي العربي الشعري الشعر هذا جل على نحصل لم مستقلة، دواوين في مطبوعا

نجده ولكننا ألبي الحماسة وفي لألصفهاني األغاني في متناثرا متفرقة، أخرى كتب وفي تمام، في المطبوع بعضه عن فضال

تأبط شعر مثل دواوين شعر أن االنتباه يسترعي ومما ، شرا -62-

Page 63: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

مستوى يمثل الصعاليك فنيا من هعد إلى نميل يجعلنا مما راقيا نسجل أن يمكن وبذلك ومعنى، مبنى الجاهلي الشعر عيون

ل التالي: هل التساؤل ثورتها أعلنت مثقفة نخبة الصعاليك مث والسياسية، والفكرية االجتماعية األصعدة مختلف على وتمردها

ولصوص الطرق قطاع من مجموعة يتعدى ال األمر أن أم الفيافي؟ أن ويبدو من األول الشق في يتوفر الحقيقة من جزءا التساؤل من الثاني الشق يحتوي حين في السابق، التساؤل

المجتمع أن ذلك الحقيقية، هذه من اآلخر الجزء على نفسه غير القيم من مجموعة يمثل قبلي مجتمع هو الجاهلي

من المرحلة تلك بلغوا قد أهله أن نتصور ال ثم ومن مستقرة،ال ويضعون يجتمعون يجعلهم الذي واالجتماعي، الفكري النضج مشروعا اجتماعيا وسياسيا الوقت وفي سائد، هو عما بديال ليس نفسه مجرد أنهم على الصعاليك هؤالء عن ينقل ما صحيحا من وازع دون الغنائم القتسام الفرص يتحينون طرق قطاع

ضمير. بن وعروة شرا، وتأبط الشنفرى، أشعار على نطلع فحين

تنم ال شعرية ظاهرة نجد وغيرهم، السلكة، بن والسليك الورد، اجتماعية فئة يمثلون ولكنهم صعاليك، مجرد أصحابها أن على

فأعلنت القبلية، والتجاوزات االجتماعية المظالم راعتها مستنيرة استفحال مثل الجائرة، القيم تلك بعض على وتمردها ثورتها

ضوء في مظالم، من ذلك على يترتب وما والفقر، الغنى ظاهرة ولو وعرفي، طبقي صراع من الجاهلي، المجتمع في ظهر ما

تلك الشعراء هؤالء صور ثمة ومن نسبيا، ضيق مستوى على مبالغة من التصوير هذا اكتنف ما برغم السائدة، األوضاع

أحيانا. مجنحة أخيلة من أضفوه وما وتطرف، غير ظلت الصعلكة ظاهرة أن إلى يذهب من مع ونتفق

هؤالء أشعار من إلينا وصل ما ألن مطلق، بشكل المعالم واضحة فكرة تكوين إلى بالحاجة يفي قد أنه من الرغم على ـ الصعاليك

يفرض ذلك أن الإ ـ وأخبارهم ومشاربهم أهدافهم عن عامة ـ الرواة اعتنى فهل السابق، بالتساؤل عالقة له آخر تساؤال ـ مثال شعر جمع على اقتصروا أنهم أم الصعاليك، أشعار جميع بجمع

حقائق ذلك وراء تكمن أنه شك وال فحسب، منهم المشهورين بغياب غابت وموضوعية فنية جوانب هناك أن ضمنها من عدة،ها أو أصال، عليها يطلعوا لم أنهم إما الرواة ألن األشعار، تلك ال ألن

هؤالء إن ثم األسباب، من لسبب هموأهداف ميولهم مع تنسجم مثلوا الشعراء تمردا وزن كبير يقيموا ولم المجتمع، عن وخروجا تحفل ولم لفظتهم القبائل هذه فإن ثمة ومن لقبائلهم،

الصعاليك بين االتصال وسائل تضعف هنا ومن بأشعارهم،الصحراء. أعماق في يضيع الشعري المنتوج جعل مما وقبائلهم، حيث من الصعلكة مادة عند نقف لم أننا القارئ الحظ وإذا

التي المستفيضة الدراسات إلى مرده فذلك واالصطالح، اللغة

-63-

Page 64: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

اللفظة هذه تطور تتبعت أنها السيما ،(1)الجانب هذا تناولت في تعني الصعلكة أن إلى نشير أن من ضير ال ذلك ومع لغويا، ظل في والحرمان بالعوز عالقة من له وما الفقر العام معناها

الرزق، سبيل فيها يتعذر قاسية حياة االجتماعية الداللة عن فضال ظل في الفرد يحياه الذي االجتماعي بالوضع عالقة لها التي

يسلك أن الفرد هذا على تفرض قد ثمة ومن مجتمعه، أسلوبا منه رغبة أو ضيم من لحقه لما فعل كرد الخاصة حياته في معيناوالمعنوية. المادية غاياته بلوغ أو ما، وضع تغيير في

على ـ جلية بصورة ـ تدل الظاهرة هذه فإن األمر، كان وأيا الجاهلي القبلي المجتمع في وتفشت تبلورت التي التناقضات

بلغ الذي شأوا الغنى بين الفاحشة الطبقية الفوارق في بعيدا بخاصة نالشبا من الفرسان الشعراء هؤالء راح وهكذا والفقر،

مثل من فمنهم جانبين، يمثلون الرزق سبل لم تبتسم مهل ممن النبيلة، اإلنسانية بالقيم التحلي حيث من معانيها بأدق الفروسية

الملهوف، وإغاثة والمروءة الشهامة قيم على حافظ ثم ومن الوسيلة عن النظر بغض عامة، والضعيف الفقير ومساعدة

والسلب النهب سبيل سلك من ومنهم ذلك، تطبيق في المتبعة تحتم جغرافية طبيعة ظل في بغيته لنيل القوة بمبدأ والتمسكالمبدأ. بذلك التشبث

الصعلكة امتهان إلى الدوافع اختالف من الرغم وعلى الوضع هو تفشيها على المساعدة العوامل همأ فإن وتعددها،

في بعامة الجاهلي اإلنسان يحياه الذي واالقتصادي االجتماعي الفت وتعسف جائرة، قيم من يخلو ال الذي القبلي مجتمعه

تميز التي االجتماعية العالقات بناء في للنظر تمييزا بين واضحا عليه يفرض بما الفرد هذا يرضى أن فإما الواحدة، القبيلة أبناء الواقع ذلك على يثور أن وإما أحيانا، وجوع وحرمان ذل من

الصعاليك هؤالء اختار فقد وبذلك القيم، تلك ويرفض الصعب، يمثل الذي سبيلهم العام القبيلة لقانون االستسالم أبوا الذين ويرسمون قواعد في يتمركزون جعلتهم ثورية، خاليا خططا

والسلب القوة مبدأ على معتمدين وأهدافهم رغباتهم لتحقيق(2)والنهب.

ارتبطت فقد المدقع، بالفقر الصعلكة ظاهرة ارتبطت ولئن في ـ الجاهلي العصر في ـ انتشروا الذين الطرق بقطاع أيضا يجدونه ما كل ويسلبون ينهبون العربية، الصحراء أرجاء مختلف

الفتوة على تدل الصعلوك لفظة أصبحت هنا ومن سبيلهم، في النهب أسلوب يعتمد الفتى هذا تجعل التي الخارقة والشجاعة

يضطر حين العدو في وسرعة قوة من يمتلكه ما ضوء في الهروب يعتمد فهو أحيانا، للفرار يجد ال عندما حياته في أسلوبا في قواعد له لص القبيل هذا من فهو للمواجهة، مسوغا

غيره. دون صفاته من فأصبحت اعتمدها اللصوصية،.153/ ص ، الصعاليك الشعراء ،خليف يوسف)?(1 ص وشـعره، حياته الـورد، بن عـروة الخواجـة، شـحادة إبــراهيم)?(2

17. -64-

Page 65: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ل أن ـ سبق ما ضوء في ـ لنا فهل الصعلكة مفهوم نتقب في انتشروا الطرق قطاع من مجموعات أنهم على والصعاليك

إلى ويأوون ويغنمون، يغيرون فراحوا العربية، الجزيرة أنحاء تفلت فال الفرصة فيتحينون والجبال، والكهوف واألودية الشعاب

شجاعة في ـ ونضوينق أصابوها، إال واردة، وال شاردة منهم ويقتلون، ويسلبون فينهبون ضحاياهم على ـ نادرتين وحماسة للجوع ويتعرضون غنموا، إن وطيبه العيش رغد بذلك فيصيبون

..(1)عليه يغيرون ما يجدوا لم إن والحرمان ومسبباتها، أسبابها لها إنسانية اجتماعية ظاهرة الصعلكة إن الصعاليك الشعراء هؤالء أن هو حقا، االنتباه يلفت ما ولكن جمعوا والقلم، السيف بين جمعوا الذين في التشرد بين أيضا وصور فنية بطرق التشرد ذلك عن وعبروا والفيافي، القفار نجد ال قد نقدية، اجتماعية ورؤية فنية، قدرة عن تنم شعرية مثيال

هؤالء عاصروا الذين الفرسان الشعراء من كثير شعر في لها تلك مع التعامل في نتروى يجعلنا ما ذلك ولعل الصعاليك،

والروية. بالتمعن الجديرة الظاهرة قيم عن خارجون أنهم على الصعاليك إلى ننظر وقد النظرة حيث من نسبية القيم أن هو نراه ما أن إال قبائلهم،

وجهات تختلف فقد ثم ومن ـ اإلشارة سبقت كما ـ إليها الخارجية يثور حيث صعلوك إلى يتحول قد العادي فاإلنسان حولها، النظر يتخذ حين وذلك القيم، تلك على من لسبب قبيلته من موقفا

طاعتها، عن خروجه نتيجة دمه تهدر أو فتطرده األسباب، بكل ويكفر قانونها، عن الصريح خروجه ويعلن بالمثل، فيقابلها قومه ويهجر زاده يحمل ألن يضطره مما قيمها، تائها في مشردا فيتم حاله، مثل في هم من يجد وقد الغامضة، الحياة مناحي وينهجون الصعلكة، تحترف عصابة ويؤلفون وبينهم بينه التآلف نهجا ذلك سنفصل كما األغنياء، من للثأر أو الحاجة لسد جديدا

بعد. فيما إنسان هو الصعلوك أن على الصعلكة إلى النظر ويمكن

ضاق دأبت التي القبلية وبالتقاليد بالحياة، ذرعا كبح على دوما الفردية الفروسية جهدت وبذلك طموحاته، دون وحالت جماحه،.(2)القبلية الفروسية على تثور أن على الفارس هذا في المتمثلة

مثلت الجماعية فالفروسية العام المفهوم داخل قيما الفتوة مظاهر من مظهر جوانبها بعض في هي أنها وبما للقبيلة،

ـ اآلخر هو ـ يحمل الذي الفارس هذا فإن والسيادة، فردية قيما يراها حقا التي الحواجز بتلك اصطدم فيه، للقبيلة دخل ال شرعيا تلك على ـ هنا من ـ فثار وطموحاته، نزعاته تحقيق دون تحول تمثل التي الجماعية القيم إطارا بحرية، التنفس من يمنعه مغلقا

المبرر هذا ضوء في لينشئ وتعمل القبيلة، تناهضها جديدة قيما باعتبارها إزالتها على الفرد يراها حين في المألوف، عن خروجا

/ ص ، الجــاهلي للشــعر الفنية األصــول شــلبي، إســماعيل ســيد)?(1392.

.18/ ص وشعره، حياته الورد، بن عروة شحادة، إبراهيم)?(2 -65-

Page 66: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

اآلخر. للطرف المطلق وجوده وإعالن الذات، إلثبات وسيلة في تفشت اجتماعية ظاهرة هناك فإن سبق، عما وفضال

الصعلكة نشوء في الفاعل األثر لها كان القبلي، المجتمع ذلك لقوانين خضع الذي الطبقي التمييز بها ونعني وبلورتها، وشعرهم بالصعاليك عنوا الذين الدارسون علل فقد المجتمع،

تمثل بأنها الظاهرة تلك نشوء احتجاجا التمييز على صارخا ـ عللوها كما الثروات، توزيع وسوء الطبقي، ـ ذلك عن فضال

وتتوعد المستضعفين، الفقراء مساعدة إلى تسعى بكونها إن حتى ملتوية، بطرق الطائلة، ثرواتهم كونوا الذين المترفين

(1)الحديثة. االشتراكية إلى أقرب يجعلونها الدارسين هؤالء بعض

الصعاليك هؤالء فر أن كله لهذا الطبيعية النتيجة ))وكانت بأنفسهم ألنفسهم ليقيموا النظامي مجتمعهم من مجتمعا

السلب وهدفه واإلغارة، الغزو ووسيلته القوة، شريعته فوضويا، تقيدها ال التي الواسعة الفسيحة الصحراء في ووجدوا والنهب،

يخترق أن قانون يستطيع وال حدود، حريتها من تحد وال قيود، عليها، سلطانه ليفرض نظامها فيه يمارسون له حدود ال مجاال

الصعاليك، دولة الفوضوية، دولتهم ويقيمون اإلرهابي، نشاطهم االجتماعية العدالة تسودها متمردة، حرة حياة يحيون حيث

..(2)الجميع(( أمام العيش فرص فيها وتتكافأ ظاهرة يمثلون ال الصعاليك الشعراء أن إلى خلصنو

ـ ذاتها حد في ـ القبيلة ألن القبلي، مجتمعهم في شاذة اجتماعية الصعاليك هؤالء إليه يلجأ ما إلى تلجأ قد الحياة مع صراعها وفي

واألهداف، الغايات لنفس ويسلبوا وينهبوا يغزوا كأن أنفسهم، بوسائل ويتذرعون الصعاليك إليها يصبو التي الوسائل وبنفس عمل هو القبيلة عمل أن في ينحصر قد فاالختالف مماثلة، ال األفراد من مجموعة أو فرد عمل أن حين في منظم، جماعي

يعتمد طريقة في تناقض هناك يبدو ال وبذلك معينا، نظاما من أبنائها نفوس في اختلقت التي هي فالقبيلة الصعلكة، مرتبطة ـ الواقع في ـ ألنها الظاهرة، هذه الصعاليك ارتباطا بالعصبية اإلحساس تنامي ولكن البقاء، أجل من بالصراع شديدا

أحد إليه يشير ما وهذا الصعاليك، لدى صالتناق في يأخذ القبلية حياة في النظر تلفت التي المهمة قائال: )الظاهرة الدارسين القبلية بالعصبية اإلحساس فقد هي االجتماعية العرب الصعاليك

إلى نفوسهم في وتطورها الجاهلي المجتمع قوام كانت التي فهمنا بعدما تعليلها السهل من ظاهرة مذهبية( وهي )عصبية

الخلعاء فأما الصعاليك، هؤالء فيها وجد التي االجتماعية الظروف الجنسية، منهم وسحبت قبائلهم، عنهم تخلت فقد والشذاذ معاني بكل إيمانهم يفقدوا أن الطبيعي من فكان القبلية، قيمة لها تعد لم التي القبلية العصبية بتلك يكفروا وأن القبيلة،

/ ص ، الجــاهلي الشــعر في الفروســية القيســي، حمــادي نوري)?(1312.

.53/ ص الصعاليك، الشعراء خليف، يوسف)?(2 -66-

Page 67: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

.(1)حياتهم(( في ذلك يتالشى القبيلة أعراف عن الصعلوك خروج فبعد وهكذا يمثل الذي القبلي باالنتماء اإلحساس إذا السيما عظيما، شرفا

اإلحساس هذا كان بين الذروة مكانة ولها عريقة قبيلة من نابعا وعظمة فرسانها وشجاعة الهمة علو حيث من األخرى القبائل هو ـ الفارس هذا يعلن وخلعه، لفارسها القبيلة تنكر عدبف أيامها، (2)لها.. تنكره ـ اآلخر

الجاهلي االجتماعي السلم مستوى على الصعاليك ويمثلاجتماعية: طبقات ثالث بنقاء يتمتعون ممن القبيلة أبناء الصرحاء: وهم طبقة ـ أ

األبناء هم هؤالء أن أي شائبة، تشوبه ال الذي الدم هذه مثل وفي سيد، وأب حرة، أم من المنحدرون

األصيلة. القبلية الطبقة تكمن الطبقة العربي، عنصرين: العنصر من العبيد: وتتألف طبقة ـ ب

أخرى قبيلة قبضة في يقعون الذين األسرى ويمثلهم بينها، فيما العربية القبائل تخوضها التي الحروب خالل

البلدان من يجلبون كانوا الذين الثاني:فهم العنصر أماالعربية. للجزيرة المجاورة

بعض من الطبقة هذه وتتألف الموالي، طبقة تأتي ثم ـ ج الظروف من ظرف بتأثير لجؤوا الذين األحرار العرب

أو لحقهم، ضيم من النجدة طالبين أخرى قبيلة إلى الذين العبيد ثم الخلعاء، يسمون وكانوا أصابهم، ظلم

.(3)السادة لهؤالء موالين ظلوا ولكنهم سادتهم أعتقهمفئتين: إلى الصعاليك تقسيم يمكن المفهوم هذا ضوء وفياألولى: الفئة أما

جائرة، اجتماعية بمظالم أحست التي الفئة فهي عن فضال بين مساواة هناك تكن لم بحيث القسرية، االقتصادية المظالم

الشروط حيث من القبيلة تشملها التي والجماعات األفراد عدم إلى باإلضافة كريمة، حرة حياة بتأمين الكفيلة االجتماعية

للجميع. رغدة بحياة الفرص فيها تتكافأ اقتصادية مساواة وجود على غضبها جام الفئة تلك صبت الواقع ذلك ضوء ففي تسببوا ممن والثأر نفسها، عن للدفاع السيف وجردت األثرياء،

جماعات من ـ عادة ـ الفئة هذه وتتألف وحرمانها، تشريدها في وتخلت قبائلهم لهم تنكرت الذين واألغربة والشذاذ الخلعاء ذلك أثر على فكونوا عنهم، مجتمعا فوضويا، فرديا عن عوضا

.115/ ص السابق، المرجع)?(1 / ص الجــاهلي، للشــعر الفنية األصــول شــلبي، اســماعيل سعيد)?(2

393..103ص الصعاليك، الشعراء خليف، يوسف)?(3

-67-

Page 68: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

..(1)القبلي مجتمعهم بسبب ـ األخرى هي ـ نشأت فقد ،الثانية الفئة أما الطبقي التفاوت وتسلب، تغزو فراحت واقتصاديا، اجتماعيا

وسيلة ذلك من لتتخذ بل ذاته حد في الغزو بهدف ليس ولكن بهذا وكأنها الحال، وضعفاء والمعوزين للفقراء تغنمه ما لتقديم على الثروات توزيع وإعادة األوضاع، لتصحيح تسعى العمل الذين الصعاليك من العديد وهناك ،(2)عادلة اجتماعية أسس ثأروا ممن الكثير هناك أن كما قبائله، أيدي على نهايتهم كانت

قومهم. أبناء من ألنفسهم في ـ المخلوع يرتكبه جرم أثر على يتم الخلع كان وإذا نفسه الرجل ذلك يجد فقد ـ الغالب مصير أمام لوجه وجها

ألن يضطره مما والنكبات، بالمفاجآت مفعمة وحياة مجهول، مما قريب وهذا يالحقونه، ممن وتحميه تأويه قبيلة إلى يلجأ هذا يخضع وقد السياسي، باللجوء ـ المعاصر عالمنا في ـ ىيسم

من حين في وتحركاته، حريته من وتحد تكبله قد لشروط الالجئ أعماق في يرتمي جديد، من القبيلة لقوانين الخضوع نفسه تأبى

نفسه، عن الذود في المثلى وسيلته سيفه من ويجعل الصحراء، خطوة كل وفي لحظة، كل في حياته يهدد الذي الموت ومواجهة

في يتردد فال شاكلته، على هم من يجد قد ثم ومن عليها، يقبلالصعاليك. من خاليا تكوين في معهم واالشتراك إليهم االنضمام

**** الصعلكة أبعاد- 2الشعري النص في

فق أنتجه الذي الجاهلي الشعري النص أن-البدء منذ ـ لنت التمرد "أو" نص الرفض نص ـ جله في ـ يمثل الصعاليك الشعراء

ينطلقان ال التمرد ذلك أو الرفض، هذا ولكن القبيلة، قيم على الجاهلية في استعملت التي اللغة أن أي اللغوي، المنظور من

وظيفتها حيث من تختلف لم الشعري التشكيل لصياغة كأداة وغير الصعاليك لدى وجدانيتها على تحافظ فاللغة وتراكيبها، ماهية هو اختلف الذي ولكن الجاهلية، شعراء من الصعاليك ثورة مثل الذي الموضوع طبيعة في المتمثل الجديد الخطاب

ائدة المفاهيم على ـ يصل والذي الس اختراق درجة إلى ـ أحيانامنشودة. غاية تحقيق في بالرغبة األمر يتعلق عندما القيم

ل الصعاليك شعر فإن أخرى، وبعبارة مث ال زمانه، في جديدا على ولكن الشعرية، للجملة التركيبية البنية مستوى على

ظلت فالتراكيب ذاتها، الجملة هذه يحمل الذي الخطاب مستوى الشاعر لكن الجاهليون، عليه تعارف فيما المتمثلة وهي نفسها

لنفسه خلق الصعلوك موقفا اللغة- خالله من ـ أخضع ثوريا / ص وشـعره، حياته ، الــورد بن عـروة الخوجــة، شحادة إبراهيم)?(1

14..14/ ص نفسه، السابق المرجع)?(2

-68-

Page 69: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

عنه. لتعبر الشعرية أنه على النص هذا مع نتعامل أن يمكن النهج هذا ضوء وفي

الشعري النص عن يختلف فهو ـ هروبية ـ ثورية نزعة يمثل ـ الرومانسي يصور الذي ـ مثال أو المثل، من عالما عالما خياليا

يختلف الشعراء به ضاق الذي الواقعي العالم عن جذريا الرومانسيون هذا ظل في وبحثوا الغاب عالم فنشدوا ذرعا

الرومانسي، النص في كانت فالثورة البديل، عن الضبابي العالم خلق على اقتصرت الثورة هذه ولكن الهروبية، النزعة وكذا

بذلك لتمثل والمعنوية التركيبية البنيتين في جمالية خصائص مذهبا أدبيا فكريا اجتماعية معطيات ظل في بذاته، قائما من ـ تبلغ لم الصعاليك لدى النزعة هذه معينة. لكن وحضارية

تلتقي كانت وإن الرومانسية، بلغته ما- الفكرية أو الفنية الوجهة تغيير التغيير، في رغبة من ـ األخرى هي ـ تخلو ال كونها في معها

تغيير وكذا ـ ذاته حد في ـ للشاعر والمعنوي المادي الواقعالسائد. القبلي الوضع

تصعلكوا إذ تصعلكوا ما الصعاليك فالشعراء يأسهم بعد إالها التي الرتيبة الحياة تلك من فأعلنوا القبلي، مجتمعهم سن

انسجامهم لعدم إما االجتماعية، القيم تلك بعض على سخطهم كان ثمة ومن وخلعهم، عزلهم عن القبيلة إعالن بعد أو معها،المقاطعة. إعالن

إذن، ـ يكاد النص الذي أنتجه الصعاليك عموما ـ يتميز إعالن القطيعة والبحث عن البديل، كأن يقوليبظاهرة فنية عامة، وه

مثال:عروة بن الورد همذاهب أين الصعلوك يسأل ومن حيل أين وسائلة وسائل الر

(1)أقاربه بالفعال عنه ضن إذا عريضة الفجاج مذاهبه: أن فالشاعر، هنا لم يعد يحتمل ذلك الناموس الطبيعي الرتيب الذي سنته القبيلة، فمادام أن هذا اإلنسان الفرد ال يستطيع أن

يغير ماهو سائد وموروث، فعليه أن يعلن القطيعة، وإعالن البديل خارج إطار القبيلة، إنه هروب يمتزج بالرفض، رفض

:القيم التي لم تعد تنسجم وطموحات الفرد وحريتهألميل سواكم قوم إلى فإني مطيكم صدور أمي بني أقيموا

مقمر والليل الحاجات حمت فقد وأرحل مطايا لطيات دتشو سرى أو راغبا (2)يعقل وهو راهبا امرئ على ضيق األرض لعمري! مافي

.15/ ص عروة، ديوان)?(1 -69-

Page 70: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

فقد يبدو مثل هذا الموقف عاديا، ولكن الشاعر أراد ـ في الواقع ـ تأكيد عمق إحساسه بالهوة التي أصبحت تفصل بينه وبين بني قومه، ومن ههنا فقد

اختار قوما ليسوا من بني جلدته ليوحي من وراء ذلك بمدى المعاناة النفسية التي جعلت الشاعر ال يفضل التشرد في أعماق الصحراء فحسب، بل إنه يصبو إلى

البديل حتى في نوعية الكائن الحي الذي سيتعامل معه في المستقبل، وفي ذلك داللة قوية على الرغبة في المقاطعة النهائية من جهة، ولما تتميز به هذه الكائنات

يقول: من خصال قد ال تتوفر في بني جنسه من جهة أخرى، وفي ذلك جيأل وعرفاء زهلول وأرقط عملس سيد أهلون دونكم ولي(1)يخذل جر بما الجاني وال لديهم ذائع السر مستودع ال األهل هم

ذلك تعتري التي النفسية المعاناة حقيقة نتصور أن ولنا ـ غفلة حين على ـ نفسه يجد حين المخلوع الصعلوك منبوذا الحال هذه مثل في فالشاعر والفيافي، الصحارى في مشردا

لنا بدا مهما داخله يخفي فهو سعيدا يندمل ال جرحا مبرحا. وألما وحتى إن وجدنا بعض الشعراء قد انسجموا ـ بعد خلعهم ـ مع أقوام آخرين

وعاشوا في كنفهم راضين منعمين، فإن هذا االنسجام ال يمكن أن يرقى إلى مستوى اإلحساس بالعيش في كنف أهلهم وأصحابهم، ألن اإلنسان يظل ـ دوما ـ

مرتبطا بأحاسيس ومشاعر تشده إلى مسقط رأسه ومرتع صباه، وثرى أحالمطفولته وذكرياته العذبة الجميلة، ومن ثمة فإن قول الشاعر: ـ

(2)أهلي ونسيت منهم كأني ثيابي كالبهم عرفت وقد الضيافة كرم بمدى يقنعنا ما والصدق العاطفة من يحمل قد القوم هؤالء بين بها حظي التي المعشر وحسن العيش وطيب النفسية الصلة قطع إلى يرقى لن كله ذلك ولكن آووه، الذين

وأهله. عشيرته وبين بينه ونرجح أن أسباب الخلع ارتبطت ـ في مجملها ـ بالتفاوت

الطبقي، وبحكم انتماء الشعراء الطبقي أيضا، والشنفرى وتأبط شرا وعروة بن الورد، والسليك بن السلكة هم من ذوي

فوا ـ في عرف القبيلة الجاهلية -البشرة السوداء، وقد صن ضمن فئة العبيد، وفي ذلك أكثر من داللة نفسية ومعنوية،

وا وارتحلوا، ى حل فاإلحساس بالذل وبالدونية ظل يالحقهم أن ومن ثمة فإن هذا اإلحساس أجبرهم على أن يبذلوا قصارى جهدهم لتغيير تلك النظرة المجحفة في حقهم إما بوساطة السلوك االجتماعي المستقيم من علو الهمة وسمو األخالق وطيب األعمال، وإما بتجريد السيوف إن اقتضت الضرورة

ذلك، فهذا عروة بن الورد ال يتردد في تسمية األشياء بأسمائها، جا سرعان ما يعبر عنه تصريحا الفهو يعيش صراعا داخليا متأج عله يخفف من وطأته على نفسه، ويدحض بذلك ما،تلميحا

لحقه من احتقار وازدراء جراء ذلك االنتماء الذي ال ذنب لهأثره: الرأس على ئفيه، وال يمثل عيبا أو عارا يجعل المرء يطأط

.57/ ص الروائع، الشنفرى،)?(2. الشنفرى)?(1.380/ / ص1 الحيوان، ـ الجاحظ)?(2

-70-

Page 71: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

نهد نسبوا إذا أخوالي أن سوى علمته إخال عار من بي وما

(1)المجد يقاربني ال أن على فأعيا مجدهم قصر المجد أردت ما إذا وأيا كان األمر فإن عروة يستميت في الدفاع عن انتمائه،

بويتشبث بأصله رغم ما لحقه من ضيم وجور، ولعل انتماءه كان سببا جوهريا في اضطراره الختيار عالم الصعلكة قصد إعادة التوازن النفسي من جهة، وليتبوأ

مكانته الجديرة به بين أفراد قبيلة من جهة أخرى، فضال عن رغبته الملحة فيإصالح مايمكن إصالحه: ـ

(2)يعير ما ماجد كريم في وهل غريبة أمي أن عيروني هم

نه يعمل جاهدا على محو تلك الصورة القاتمة، صورة أمهإ األمة التي جلبت له االحتقار واالزدراء في ضوء المفاهيم

االجتماعية القبلية السائدة، والتي تنزل طبقة العبيد منزلة دنيا، كر النتمائه، بل يذهب إلى إجالء الصورةنلكن الشاعر ههنا ال يت

الحقيقية ألصله النقي، تلك الصورة التي تمثل ـ في كنهها ـ جوهرا إنسانيا ساميا، بصرف النظر عن لون بشرته وانحدار

ل ذلك يتالشى أمام فروسيته وشهامته ونبله وحسنفكأمه من قبيلة نهد، أخالقه: ـ

المفاصل تحتهن تثنى خفاف بأعظم الرجال خلق على بنيت

(3)فاعل أنت ما الغيب ظهر يخبرك تشأ فإن الشكوك عنه جال وقلب

وقد ارتبطت ظاهرة الصعلكة في أهم جوانبها بالوضعاالقتصادي الس يء، الذي ساد المجتمع الجاهلي بعامة، وفئة الصعاليكي

بخاصة، حيث أدى عامل الجوع والحرمان إلى جعل هؤالء الفقراء ال يترددون في اإلقبال على النهب والسلب حين يتعلق األمر بما يسد الرمق، فالسليك بن

السلكة، يعطينا صورة جلية عن سوء الوضع االقتصادي المعيش، فرغم مافي هذه الصورة من مبالغة وغلو، إال أن ذلك يؤكد ـ على أقل تقدير ـ استفحال تلك

وانتشارها: الظاهرة أعرف المنية ألسباب وكدت حقبة تصعلكت حتى نلتها وما

(4)فأسدف ظالل يغشاني قمت إذا يف الجوع رأيت ولما ني بالص ضر العيش لقمة أجل من الشاعر بذل كيف لنا يتراءى فهكذا

لنيل الخطط ويرسم يترقب ظل حيث الجهيد، الجهد ذلك تهديده درجة إلى قواه ويضعف أحشاءه يمزق والجوع الغنيمة، ألن التردد أسباب كل زالت أن بعد إال نالها إذ نالها وما بالموت،

.87/ ص عروة، ديوان)?(1.101/ ص نفسه، المصدر)?(2.86/ ص نفسه، السابق المصدر)?(3.السلكة بن السليك)?(4

-71-

Page 72: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أضحت المسألة صراعا .…البقاء أو الموت بين حقيقيا ويكثر الصعاليك من الوقوف عند ظاهرة الفقر والحرمان، وكأنهم بذلك يبررون إقدامهم على عمليات السطو والقرصنة،

فهذا عروة يرسل صيحة مدوية لرفاقه يحثهم على اجتناب الخمول واالستكانة للراحة التي تقعدهم عن طلب أرزاقهم ويهيب بهم أن يكونوا متأهبين للنهب والسلب لضمان عيش كريم يقيهم شر الموت الذي يهدد حياتهم في كل لحظة، ما

واألخذ دورهم في الحياة، وهذا ما يجعلنا نؤكد نسبية القيمة لدى هذاوالم يتهيأ الفارس، كأنه يخبرنا بالمقولة التي تذهب إلى أن "الغاية تبرر الوسيلة"، إذ ال ضير

غيرهم: على هؤالء الصعاليك إن غزوا ونهبوا أرزاق (1)الهزل.. من خير القوم منايا فإن ركابكم صدور أمي بني أقيموا

عد عروة بن الورد من الشعراء الصعاليك الرواد الذينيو أنتجوا شعرا مبنيا على دعامة فلسفية متينة، ال من حيث عمق

الرؤية فيها، أو األبعاد الفلسفية المعقدة، ولكن من حيث المبدأ القيمي الذي نهجه في حياته، فقد سن هذا الشاعر قواعد الصعلكة، وجعل النهب والسلب والكر والفر أسلوبا متبعا،

في كل ذلك ـ على األثرياء من-وطريقة مثلى، ولكنه ركز القوم، ليصل إلى توزيع الثروات توزيعا عادال حتى إن هذا النهج

، وما ينبئنا به من شعره أضحى يمثل قيمة من-ـ حسبما تحدثنا الروايات القيم المحبذة لدى الصعاليك، وربما لدى أولئك الفقراء المحرومين أيضا، والشك

أن هذه القيمة تنم ـ في جوهرها ـ على الفروسية الفردية، وعدم االتكال أو القعود عن طلب الرزق، ولو اختلف األسلوب الذي يتبعه اإلنسان للحصول على

هذا الرزق، إال أن ذلك يعد سبيال سليما في ضوء المفاهيم االجتماعية السائدة وماالقوة: يكتنفها من تقديس لمبدأ

قبيح العيال مع القعود إن غنيمة تصيب كي بنفسك خاطرونضوح مذلة فيه والفقر وتجلة مهابة فيه المال

تمثل فردية ظاهرة أنها على الظاهرة هذه لنا تراءت ومهما ـ الواقع في ـ تصور فإنها منعزلة قيما وضعا خضع اجتماعيا من وتجريده الغير مال ابتزاز في الشاذة األساليب تلك لهيمنة جنسه بني من غيره تملك الذي اإلحساس ظل في ثرواته

أن يعتقدون الذين وهم وقومه، يقيم ال مجتمعا وال لفقير، وزنا يرحم يسعف وال ضعيفا مال وينهب يغزا أن به أولى محتاجا

والمحتاج. المعوز منه ليستفيد أفراده ويصور الشنفرى ـ في مواقف مختلفة ـ شبح الجوع الذي استبد به وراح يهدده ليمثل بذلك صراعا وجوديا مع الشاعر، فعبر عن هذا الصراع من جوانب عدة، فقد صوره شبحا مخيفا

نهايته الموت المحتوم، ثم صوره مظهرا اجتماعيا يجعل الفقير ذليال منبوذا، ليصل الشاعر ـ في مقابل ذلك ـ إلى االعتقاد

بشرعية جمع المال بأية وسيلة مادام تحقيقه هو الغاية. 135-18 األغاني،)?(1

-72-

Page 73: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

المال حفاظ على كرامة اإلنسان وعدمكتالمالمنشودة، ومادام في ا ظهوره بمظهر الخانع الذليل، وقد عبر الشاعر عن مستوى معيشي بلغة يبيح له

أي وسيلة للخروج بشرف من تلك الضائقة، ويتجلى ذلك في الصورة الشعريةالتالي: الكلية التي نسجها على النحو

فأذهل صفحا الذكر عنه وأضرب أميته حتى الجوع مطال أديم

متطول امرؤ الطول من علي له يرى ال كي األرض ترب وأستفومأكل لدي إال به يعاش مشرب يبق لم الذام اجتناب ولوالأتحول ريثما إال الضيم على ولكن بي تقيم ال حرة نفسا

(1)وتفتل غارت يمار خيوطه انطوت كما الحوايا الخمص على وأطوي وقد اجتهد الشعراء الصعاليك ـ وفي صدارتهم عروة ـ ليجعلوا من الصعلكة

مهنة اقتضتها ظروف حياتهم، وذلك إلنقاذ العيال، فأما أن ينال الصعلوك حظه منها، وبذلك يحسن من مستواه المعيشي، وأما أن يلقى حتفه دون أن يحقق غايته المنشودة، لتصبح هذه الظاهرة بناء على هذا المعطى مبدأ حياتيا يهون

أمامه: الموت مطرح كل نفسه يطرح المال من ومقترا عيال ذا مثلي يك ومن

(2)منجح مثل عذرها نفس ومبلغ ليبلغ بهارغ يصيب أو عذرا ويبدو أن الصعاليك خبروا الحياة، وتمرسوا بتجاربها، والحظوا ذلك التفاوت الطبقي الذي تفشى في المجتمع

وعية الحياة المادية التي يحياها كل مننالجاهلي من حيث الغني والفقير، ناهيك عن طبيعة المعاملة االجتماعية التي

يحظى بها كل صنف من هذين الصنفين، ومن هنا فإن القيم ـ سموا قيم على حسابتفي حد ذاتها ـ تختل اختالال جليا بحيث

قيم أخرى في ضوء معايير الطبقة االجتماعية أو المرتبة االجتماعية التي يمثلها اإلنسان بصفته ينتمي إلى سلم

اجتماعي ما، ومن ثم فإن هؤالء الشعراء ـ وفي مقدمتهم عروة بن الورد ـ راحوا يبتغون المال بشتى الوسائل، ليس حبا في المال لذاته، ولكن ألن المال يقوم بدور جوهري في تحديد

القيم ـ وفي تصنيف الطبقات ـ االجتماعية نفسها، فضال عن تمكين صاحبه من ضمان مستوى معيشي جيد، وكأن الشاعر

في األبيات التالية، ينقد تلك الظاهرة ألنها تحط من قيمة الفقير مهما عظمت أعماله وحسنت أفعاله، وتجعله ذليال ال

فين الذين يحتفظون بمنزلتهمرشأن له بين طبقة األغنياء والمت مهما انحط سلوكهم وتعددت رذائلهم، ال لشيء إال ألن المجتمع

.204/ ص ، النواور القالي،)?(1.88/ ص عروة، ديوان)?(2

-73-

Page 74: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

غض النظر عن هفواتهم وسقطاتهم، ويرفع مكانتهم ويستر عوراتهم بحكم ماي يكتنزون من أموال، ضمن هذا المنطلق ـ إذن ـ يلخص الشاعر موقفه، ويوضح األسباب التي جعلته يرمي بكل ثقله قصد تحصيل المال الذي يمكنه من إقامة

التوازن الحياتي الذي يقيه شر الوقوع في حياة العوز والحرمان، تلك الحياة التيالبطيء.تعني فيما تعنيه الموت

هم الناس رأيت الفقير شر يفإن أسعى للغنى دعينيوخير كرم هـل ىأمس وإن عليهم وأهونهم وأبعدهم،

الصغير وينهره ، حليلته وتزدريه الدني ويقصيه

يطير صاحبه فؤاد يكاد جالل هـول الغنى ذو ويلفى(1)غفور رب للغنى ولكن جم والذنب ذنبه قليل

والواقع أن األمر ال يقتصر على المظاهر االجتماعية، حكم األشخاص فيما بينهم داخل المجتمع،تونوعية العالقة التي

ولكنه يمثل صراعا وجوديا فعليا، لذا فإن الشاعر يضرب على نفسه عهدا أال يرضى بحياة الفقر والذل له ولعياله، فأما أن

صفة من، وتلك يحيا حياة حرة كريمة، وأما أن يموت دون ذلك الورد: صفات الفروسية التي هي في مستوى عروة بن

أقاربه عليه تعطف ولم عليه، يرح ولم سواما يبعث لم المرء إذاعقاربه دبت مولى ومن فقيرا حياته من ىفتلل خير فللموت

(2)شاربه الماء يترك ال أنه كما للردى عشت ما األخوان أترك فال تصوير على يقتصر لم الصعاليك شعر في األمر أن ريب وال

النهب مثل طبيعية أفعال ردود من عليها يترتب وما الجوع آثار ـ الصعاليك شعر ولكن والسلب، ل ـ ذلك عن فضال ظاهرة مث

قطاع من فئة على مقتصرة تعد لم فالمسألة حقا، متميزة حيث وأعمق، ذلك من أبعد ماهو إلى تعدتها ولكنها الطرق،

بين يجمعوا أن المتمردين الشعراء من الفئة تلك استطاعت يكون وأن الفروسية، وبين ـ فوضويته رغم ـ الثوري الخطاب

ذاك أو الصعلوك هذا قومه، على ثائرا قاطع أو منهم غاضبا والقلم، السيف بين يجمع أن أما طبيعي جد يبدو فأمر طريق بدائي مجتمع في البشر بين االجتماعية العدالة نشر إلى ويدعو مازال قبلي، للتأمل يدعو ما فذلك ضيقة، قبلية لعصبية خاضعا

الفقراء ))أولئك أن يرى الباحثين أحد إن حتى والتروي،158/ ص السابق، المصدر)?(1.86/ ص نفسه، المصدر)?(2

-74-

Page 75: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

االشتراكية الحياة فيهم تتمثل بأن غيرهم من أولى الصعاليك بالبؤس وشعورهم الرزق، إلى وسعيهم تعاونهم في الحرة، ودعوتهم وأصحابه، البخل على نقمتهم في ثم مشتركا، شعورا

فالكسب بثرواتهم، األغنياء يستأثر ال وأن األموال، اقتسام إلى منهم نبغ وقد واالغتصاب، فبالكره بالرضى يكن لم إن مشاع حر

الخيول على يغزون الجياد، تلحقهم ال وعداؤون وشعراء فرسان القفار عرض في السائرة القوافل ويهاجمون األقدام وعلى

(1)واعتداد((.. فخر أنفسهم وملء ويغنمون فيفتكون

من فيه ما إلى نشير تجعلنا السابق للنص قراءتنا ولعل اإلقرار من مناص ال إنه ثم ومبالغة تعميم به أحيطت ما بأن أيضا

والزيادة التهويل، بعض من الدارسين لدن من الصعلكة ظاهرة أخبار جل بذلك لتصبح الرواة قبل من أخبارهم رواية في

ما سواء الواقع، إلى منها أقرب واألساطير الخيال إلى الصعاليك فمثل وغزواتهم، بشجاعتهم تعلق ما أو عدوهم بأخبار منها تعلق الدقة وتحري الواقع بعين إليها نظرن أن يجب القضايا هذه

ألن العلمية، فيها الصعاليك بشأن وصلتنا التي األخبار من كثيراالكثير. الشيء والوضع الزيادة من

المذهب بهذا عالقة ماله أو ـ االشتراكية موضوع أما أذهان في الشعراء هؤالء أثاره والذي-االقتصادي الفلسفي

من ولعله تماما، مختلف هنا فاألمر المحدثين، الدارسين بعض الشعراء هؤالء ـ الصعاليك إليه ذهب ما نحلل أن اإلجحاف عند ونقف الحديثة، االشتراكية النظرية ضوء في ـ البسطاء وأحالم ورؤى مفاهيم من به بشرت ما وفق العلمية مفاهيمها

في جميعها نصبت واقتصادية اجتماعية فلسفية أسس على بنيت الناس بين المساواة ونشر البشر، بين اجتماعية عدالة تحقيق ألخيه اإلنسان استغالل على القضاء ومحاولة تمييز، دون قاطبة

(2)اإلنسان.

تأبط أو الشنفرى أو عروة شعر نستنطق أن حاولنا فلو شرا االشتراكية النظرية في المتمثل السابق المنظور على بناء

لهم يكن ومالم يقولوه مالم الشعراء هؤالء نقول فقد العلمية اإلحسان نقصد ونحن الشعر هذا إلى نسيء وبذلك به، دراية

أنها على الصعلكة إلى ننظر أن ينبغي لذا ،شأنه من والتعظيم تلك مثل تحتمل وال ضيقة، أبعاد ذات اجتماعية ظاهرة

هؤالء نشده ما حقيقة عن تبعدنا التي والتأويالت االحتماالت االجتماعية، العدالة نشر إلى دعا عروة أن صحيح الشعراء،

هناك ولكن إليه ذهب ما بين والغاية، الوسيلة بين اختالفاالحديث. االقتصادي المذهب ذلك سنه ما وبين الصعاليك،

عروة شعر مثل لقد تمردا حينا، فرديا وجماعيا في آخر، حينا وهي واألرزاق، الخيرات توزيع في المساواة لعدم تهمناهض من تخلو ال ولكنها والمفاهيم، األهداف حيث من ضيقة نظرة

.196ص/ ، الفرسان الشعراء البستاني، بطرس)?(1ــوري)?(2 ــودي ن ــاهلي، الشــعر في يةســوالفر القيس، حم / ص الج

313. -75-

Page 76: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

االشتراكية. المالمح بعض حظ ال بخاصة الصعلوك والشعر ـ بعامة ـ الجاهلي فاإلنسان

ومن المعيشة، مستوى في التفاوت وذلك الطبقية، الفوارق تلك يتضور ألن أهلته التي والدوافع األسباب عن يتساءل راح ثم

لديه نشأ هنا ومن وطاب، لذ بما غيره ينعم حين في جوعا، مالديهم، وأخذ المترفين هؤالء محاربة بضرورة اإلحساس ألفراد وليست للجميع، مشاع حق الخيرات هذه أن منه اعتقادا

الرمق. هب يسدون ما يمتلكون يكادون ال ممن غيرهم دون وهكذا نصادف شعرا غزيرا مرتبطا بحياة الفقر والحرمان إلى حد المبالغة وهو ـ في مجمله ـ ال يخلومن دعوة إلى نشر العدالة االجتماعية التي ينبغي أن

الشاعر: تعم بين األفراد والجماعات، وفي ذلك يقول واحد إنائك يعاف امرؤ وأنت شركة إنائي يعاف امرؤ إنيو

جاهد والحق الحق مس بجسمي ترى وقد سمنت نأ مني أتهزأ

(1)بارد والماء الماء قراح وأحسو كثيرة جسوم في جسمي أقسم

لتحصيل ـ حياته نقل لم إن ـ جهده قصارى عروة بذل لقد الذين هؤالء عشيرته، أبناء من الفقراء حاجة به يسد الذي المال بأن الفارس هذا وآمن الحاجة، وقت قوتهم مصدر فيه وجدوا الفقر أن واقتنع والعوز، الفقر ظل في طعمها تفقد الحياة يحدث اجتماعيا، شرخا وخلال لذلك اإلنسان، حياة في معيشيا

الفقير إحساس من منطلقه كان حاول إذ وتمرده، لثورته دافعا طغيان ضد وقف فقد االجتماعية، الطبقات بين التوازن يعيد أن

دون بها واستأثروا طائلة ثروات جمعوا الذين الموسرين بعض(2)غيرهم.

ثم إن عروة حارب البخل بشتى ضروبه، ورأى أنه صفة ال تتالءم مع نفسه ومع مجتمعه، ومن ثم عمل بشتى الوسائل

ه-من أجل القضاء عليه أو الحد من استفحال على األقل ـ مستعمال في ذلك وسيلته المتمثلة في النهب والسلب والغزو، ثم توزيع الغنائم على

مستحقيها من الفقراء، ويخاطب زوجته مبينا مقته الشديد للبخل، تلك الصفة اإلنسانية الذميمة التي ال تتالءم مع طبيعته التي جبلت على اإلحساس الجماعي

األنانية: ونبذ يتتش مختلف البخل ورأي رأيي أن سلمى علمت وقد(3)رويت إنو عطشت إن سواء ارأي البخل يريني ال يوأن

ومما يحكى أن رجال بلغ من الثراء شأوا عظيما، وهو ينتمي إلى قبيلة كنانة في خزيمة، وكان بخيال شحيحا على سعة ثروته، فبلغ ذلك عروة فأغار على إبله

وأنشد: واستقاها ثم قسمها في قومه، .141-138/ ص ، الورد بن عروة ديوان)?(1.103/ ص وشعره، حياته الورد، بن عروة شحادة، إبراهيم)?(2. عروة، ديوان)?(3

-76-

Page 77: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

يسود بالفعال ولكن مثر مسود كل يسود بالثراء ماتصريد عيشه في إذ وأصد يسرة في صاحبي أكاثر ال بل

معهود وميسري نائلي من نيله جارى فإن رتباخت فإذا

(1)مكدود معروفة غنى ألخي رىأ فلن افتقرت فإذا متخشعا وبغض النظر عن كون هذه الرواية صحيحة أم موضوعة،

فإن مضمونها يدل داللة ال يعتريها ريب في التوجه الذي يتميز به هذا الشاعر، وهو الذي يكمن في مناهضته للبخل والبخالء،

السيما ممن بلغوا مستوى من الثراء الفاحش على حساب طبقات الفقراء والمعوزين، ولكن هذه المناهضة قد ال تكون

ذات أثر يذكر لوال تلك النزعة اإلنسانية الخيرة التي أجهد الشاعر نفسه من أجل بلورتها وجعلها قيمة إنسانية سامية

أهلته ألن يتبوأ مركز األب الروحي والمادي للصعلكة والصعاليك، فهو فضال عن توزيعه للغنائم بين الفقراء يكرم

الضيف ويمنحه فراشه وفي ذلك من النبل والكرم ما يؤهلهبها: ظي ألن يكون جديرا بتلك المكانة التي ح

مقنع غزال عنه يلهني ولم بيته والبيت الضيف فراش فراشي

القرى من الحديث إن أحدثه يهجع سوف أنه نفسي وتعلم

بظاهرة يقترن حين الفروسية مفهوم يضطرب وقد مثلوا أنهم أو الفرسان، من الصعاليك أولئك أن باعتبار الصعلكة

لها فالفروسية قبائلهم، لواء تحت منضوين كانوا حين الفروسية صاحبها يجعل ما والخصائص الصفات من بطال تعوزه ال مغوارا

صفات تشمله كما القتال بفنون التمرس وال واإلقدام، الشجاعة منه تجعل لدى األمر لكن معا، والسلم الحرب أيام في فارسا

يقتضي الصعلكة عالم ألن الشيء، بعض يختلف قد الصعاليك القتال، في منهجا بنا ابتعد مهما إذ والفر، الكر في وأسلوبا إال الصعلوك تصورن فال الخيال السلب أسلوب يعتمد إنسانا والفرار وسيلة، والنهب لذلك. يضطر حين للنجاة مسلكا

الصعاليك شعر بها جاء التي المفرطة المبالغات أن ونرجح لديهم، العدو سرعة تصور أخبار من الشعر هذا حمله وما

ـ ارتبطت من خاصة أصبح الذي الفرار بأسلوب ـ أصال يعد فالصعلوك خصائصهم، أو لصا الصعب ومن باللص، شبيها

السطو على رزقه اكتساب في يعتمد دام ما ذلك غير تصوره بما ـ فرارهم تحول وقد شرعية، غير بطريقة الغير مال ونهب

.87/ ص ، عروة ديوان على السكيت ابن شرح)?(1 -77-

Page 78: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أسلوب إلى-والخفة السرعة في وغلو مبالغات من عليه يأضف عالم بذلك الصعلوك ليدخل الصعلكة، مع التعامل أساليب من

ح، الخيال لةياألص الجياد يسبق أنه نعلم حين السيما المجن خيالية فنية الظاهرة هذه فأصبحت عروة، بسرعة الريح ويسابق

واقعية. هامن أكثر-فالمالحظ أن تصوير الصعاليك للخيل مثال ـ أتى تصويرا

عابرا، وإن تعرضوا لذلك فلقصد اإلشارة إلى سرعة عدوهم التي تتجاوز سرعة الخيل، هذه السرعة التي مثلت بديال عن استعمال الخيل ـ في حد ذاتها ـ ويظل ذلك ضربا من التفنن :الخيالي الذي يجعل من الصعلوك عداء خارقا يسابق الريح

(1)المتدارك هشد من بمخرق ينتحي حيث من الريح وفد ويسبق ولنا أن نتخيل سباقا بين تأبط شرا ومجموعة من الخيل

المطهمة، وكيف أن هذا الصعلوك ال يكتفي بمجرد سبقه لها، يترك وراءه-واحتالله مكان الصدارة، ولكنه ـ فضال عن ذلك

غبارا متناثرا يغشى الطريق أمام طالئع الخيل التي تسابقه أو تالحقه، والواقع أننا نؤخذ بجمالية الصورة الشعرية، وبخصوبة

بواقعيتها. الصعوبة بمكان أن نقتنع منخيالها، لكن (2)*القسطال هواديها ويكسو بتقريبه الجياد يفوت

يجد فال الهذلي خراش أبو أما الفرارب ـ اإلقرار من بدا قبضة في يقع لئال عدوه، سرعة على واالعتماد به، والجهر

ابنه حليلته، سير الذي مالحقيه حياة أن على مايدل وذلك خراشا تأبط ويتفنن المناسبة الفرص انتهاز على يعتمد الصعاليك شرا

الصعلوك موقف خاللها من يلخص حية شعرية صورة خلق في مداهمة يقيت تجعله التي المفاجئة الحرجة المواقف إزاء بعامة

بمالحقيه يفاجأ حين لساقيه، العنان يطلق بأن وذلك له، األعداء فإذا عطشه يروي جاء الذي المذعور بالظيلم نفسه مشبهاجانب. كل من به يتربص بالموت

.1/48 ، تمام ألبي الحماسة،)?(1= الغدار. القسطل*.176/ ص والشعراء، الشعر ، قتيبة ابن)?(2

-78-

Page 79: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

:السادس الفصل ةعنتر فروسية

الطبقي الصراع ظل في

عن متميزة شعرية ظاهرة ـ اعتقادنا في ـ عنترة يمثل ال المعنى، أو المبنى حيث من الجاهليين، الشعراء من غيره أشعار

ووصفوا، بكوا كما الدارسة، الديار ووصف األطالل، بكى فقد هناك أن غير شكوا، كما الهوى لواعج وشكا افتخروا، كما وافتخر إلى ترتد الدراسة، هذه في خاصة بوقفة يحظى جعلته ظاهرة

من بغيرها أشبه شعرية ملحمة نسجت التي األصيلة فروسيتهعامة. اإلنسانية اآلداب في المالحم الذي شعره خالل من فردية شعبية سيرة عنترة مثل لقد

حقه، القبيلة أجحفته مغمور فارس حياة مجمله في صور اجتماعية ألعراف إرضاء الطبيعي، النسب حق أبوه وهضمه التي القيم تلك على الفارس هذا فثار قاسية، وتقاليد جائرة، ليتبوأ بحياته ويغامر النفس، يجهد وراح العبيد، منزلة أنزلته ينفث أصيل شعر ذلك في ووسيلته قومه، بين الحر السيد منزلة

بأسلوب يحسه ما نقل في فنية قدرة على ماينم خالله من مؤثر، عذب شاعري بهما عرف نادرين وإقدام شجاعة عن فضال

حيث ،والصعاب بالمغامرات الحافلة حياته أيام طوال الناس بين حين في األعداء، ومواجهة األخطار درء في تردد دون استعملها

النفوس ذوي وشيم منبته طيب على الكريمة أخالقه دلتالكبيرة.

ــترة انطلق ــاته مواجهة في عن ــع، من االجتماعية مأس الواق إلى عمد بل المواجهـــة، تلك في الـــوراء إلى الهـــروب يحبذ ولم

حضوره وأنكر رفضه، الذي االجتماعي الكيان داخل الذات إثبات كــان الفــارس الشــاعر هــذا أن ذلك في وحجتنا األســياد، ضــمن الشــعراء من بغــيره الصــعلكة-مثال- أســوة عـالم يختار أن يمكنه

اختار ولكنه الصعاليك، الفرسان مشكلته، مواجهة في آخر سبيال

-79-

Page 80: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

مقاطعة أو فرار دونما عليه سلطت التي المظالم يصارع ظل إذوعشيرته. قومه بين أخوته واعتبار اعتباره عيديل

كانوا الجاهليين الشعراء أن كيف قبل، من الحظنا وقد القبلية االجتماعية المفاهيم ظل في بفروسيتهم يفتخرون بالرصيد يفتخر وذاك وقومه، بنفسه يفتخر شاعر فهذا السائدة، شعر مثل وبذلك إليها، ينتمي التي للقبيلة والبطولي التاريخي

ارتبطت حياتهم ألن الجاهليين، شعر جل والحماسة الفخر ارتباطا أسلفنا. كما والخالفات بالنزاعات وثيقا بالقبائل عالقتها في وأعراف قيم تجمعها القبيلة كانت وإذا لها فإن والسلم، الحرب أوقات في األخرى قيمها أيضا

التماسك حيث من القبلي البناء يحكم الذي وقانونها االجتماعيةواالقتصادي. واالجتماعي األسري

شرفه على الجاهلي النوع-مثال- يحافظ مستوى فعلى المرأة إن بل فحسب، المرأة على بالمحافظة ليس وكرامته،

التي القبيلة ابن فإن وبذلك ونسبه، حسبه من يتجزء ال جزء هي الزواج ألن الحرائر، من إال يتزوج ال األشراف األسياد من تتألف

األمة، من القانون ناموس مع يتناقض أو يخالف كونه عن فضال في تكافؤ وجود لعدم وذلك أصال، مرفوض فهو للقبيلة، العام طبقي تمييز بوجود اإلقرار إلى يقودنا وهذا الزواج، هذا مثل

والعبيد، السادة بين بالمساواة االعتراف عدم يتمثل-أصال- في تحكمه أرستقراطي مجتمع بداوته- هو الجاهلي-رغم فالمجتمع

عنها. يحيد يكاد ال ثابتة ومعايير قيم يحدث قد ولكن سيد ينجب أن أحيانا فمع أمة، من أطفاال

السادة بين القبلي العرف في الجنسي االتصال تحريم عدم ممتلكات من أنهن إليهن-دوما- على ينظر اللواتي اإلماءو

العتق أو والبيع التمتع حيث من نفيه التصرف حق وله السيد، هؤالء بنسب االعتراف هو العرف هذا يحرمه ما فإن شاء، متى

يظل أمة من يولد الذي االبن فإن وبذلك إليه، األبناء ألنه عبداندر. فيما إال الوالد يلحق-البتة- بصلة ال ثمة ومن هجين، ابن

أثر قد االجتماعي، القانون ذلك أن شك وال تأثيرا في عميقا جائر، تواضعي لعرف خاضعين يظلون الذين األبناء هؤالء نفوس القدرة وعدم واإلباء، العزة على نفوسهم جبلت ممن السيما

والخنوع. الذل تحمل على حقوقهم أبسط العبيد يسلب الذي التمييز ذلك ضوء وفي في الجائر األسلوب ذلك بمقت اإلحساس نشأ الطبيعية إلى تحول ما سرعان اإلحساس هذا لكن االجتماعية، المعاملة

بعض ذلك ومثل األفراد، من كثير لدى والمناهضة الثورة إعالن لىع الثورة إعالن في يترددوا لم الذين الفرسان الشعراء النسب هذا على يترتب وما بنسبهم، االعتراف أبت التي قبائلهم

بل وكرامتهم، شرفهم عن للدفاع سيوفهم وجردوا حقوق، من عرف فيما مظاهرها أجلى في الثورة هذه وتمثلت وجودهم، عن

استفحال المباشرة أسبابها من أن نعتقد التي الصعلكة بظاهرة

-80-

Page 81: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أطراف أحد هؤالء مثل فقد وبذلك القبلي، الطبقي التمييز هم ممن أو العبيد، طبقة إلى جلهم انتماء بحكم الطبقي الصراع

عنهم وتخلت طردتهم، أو القبيلة أهملتهم حين العبيد حكم فيخلعهم. بعد

ليس هأن وهي عنها، التغافل بنا يجدر ال حقيقة هناك ولكن سلكوا للعبودية االنقياد رفضوا الذين الفرسان الشعراء كل

ظل في العبسي-مثال- عاش شداد بن ةفعنتر الصعلكة، سبيل األسياد طبقة تمجد أرستقراطية قبلية اجتماعية طبقة

وتعتد واألشراف، اعتدادا لم ثمة ومن والنسب، بالحسب مفرطا القبلي، االنتماء حق لعبيدا من شاكلته على ومن عنترة تمنح

يعني- ببساطة- فذلك القبلي، االنتماء حق اإلنسان يفقد وحين هذا نفسية أن غير طبيعية، تبدو التي الحقوق أبسط يحرم أنه

ومن والمسكنة، للذل الخضوع وعدم اإلباء على فطرت الرجل الحبشية، أمه بسبب بها يابتل التي العبودية حياة يحتمل لم هنا

واالنصياع والذل الفقر حياة يعني فذلك العبودية نذكر وحينالمالك. للسيد المطلق

الحرية مرحلة إلى العبودية مرحلة تخطي على عنترة عمل من بدأ صراعه ولكن التصعلك، سبيل يسلك لم ولكنه والسيادة،

مرتبط وظل القبيلة منحه على المطاف نهاية في ليجبرها بها ا الشرعي، حقه التي الوسائل من بمجموعة ذلك في متوسال

الدراسة. من الجزء هذا بداية في أهمها إلى أشرنا من إلينا وصل ما عنترة- حسب يعد أخباره- فارسا جاهليا ذلك، الفوارس" وهو-فضال- عن "بأبي لقب إنه حتى مقداما،

لتجعلها ونكدتها حياته، عليه ألبت سوداء بشرة ذو أصيل شاعر األهوال ويجابه يناضل ألن اضطره مما مضطربة قلقة حياة

عن يبحث ذلك- أن ضوء عليه-في وكان هدفه، لبلوغ والصعاب نيل في المتمثل المنشود هدفه بلوغ من تمكنه التي الوسيلة

المسلوب. حقه المنظور هذا من كان لقد عبدا أبوه كان فإذا منبوذا، حقيرا

شداد حبشية ةأم مجرد أمه فإن عبس قبيلة سادة من سيدا وأنجب الغزوات، إحدى في شداد "زبيبة" غنمها تدعى سوداء

عنترة. منها طفولته- يعيش نفسه-منذ عنترة يجد وهكذا صراعا حادا

مما الحياة تحرمه حين حدته، وتزداد الصراع هذا ويكبر ومزمنا، القيم من بعدد ويصطدم الشرعية، حقوقه من حق أنه يعتقدبتحقيقه. النفس يمني ما أعز وبين بينه تحول التي

العصر في السائدة المفاهيم وفق الطبقي الصراع أن ويبدو أعطانا الذي هو الجاهلي عنترة اسمه شاعرا وشعرا غزيرا

وشهامة النفس وعزة اإلباء مثل الذي اإلنسان هذا إلى ينسبتمثيل. أحسن العربي الفارس

،اإلماءلقد كان سادة العرب-قبل اإلسالم- يستبعدون أبناء وال يعترفون بحق نسبتهم إليهم إال في حاالت نادرة، ومن ثمة كان على عنترة أن يتحول من مجرد راع البل سيده )أبيه( إلى فارس صنديد يفرض نفسه على والده

-81-

Page 82: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أوال، وعلى قومه ثانيا، ويعد ذلك أمرا عسير المنال ألنه خرق للقيم أو إلغاء لماوقومه.هو سائد، ومن هنا تبدأ قصة عنترة في صراعه مع أهله (1)نكبوا كلما حماهم أحمي واليوم جمالهم أرعى مضى فيما كنت قد

والتخلص الكريم، الحر الوجود تحقيق إلى الوصول وأمام غمار خوض من البد عنترة لدى البديل تمثل التي العبودية من

فقد وبالفعل الملحمة، بمنزلة هي النفس، طويلة معركة من روى ألنه ال شعرية، ملحمة يؤلف أن الشاعر هذا استطاع

الحروب عند ووقف شعب، أو قبيلة وتقاليد عادات خاللها تحفل التي المالحم مصطلح عليه ينص ما حسب واالنتصارات

ملحمتي في األمر هو كما وأيامها، وبطوالتها الشعوب بميثولوجياهوميروس" –" الكبير اليوناني واألوديسا" "للشاعر "اإللياذة إنسان ذات من نابعة فردية ملحمة هي عنترة ملحمة ولكن-مثال

يرتكب لم بحيث األعماق، في طعن ولكنه إثما، يقترف أو جرما ممارسة أراد فلما األرض، قدماه وطئت أن منذ بالخطأ حمل لتقف القيم من مجموعة ذلك دون حالت البشر، بقية مثل حياته ال الذي المحظور بذلك وتمثل اإلنسانية، وتطلعاته رغباته أمام

يخترق. من اإلنسان تمكن التي المثلى الوسيلة هي الفروسية كانت

تعتمد- على تعتمد-فيما التي الفروسية ،أخرى بقيمة قيمة تغيير حميدة خصال من يكتنفها وما الخارقة، الفارس شجاعة

ما إلى والظلم، الباطل ونبذ الحق ونصرة النبيلة، كاألخالق بوساطة األخرى الواحدة تزيل التي القيمية البدائل من هنالكاألخرى. السليمة الوسائل فشلت إن الفتوة

الشروط هذه ألهم عنترة امتالك على وبناء ذلك، ضوء وفيذاته. إلثبات بارزين محورين على صارع

بحريته إيمانه وهي مبدئية قضية في األول الصعيد تمثل الضيم قبول عدم على نشأ فقد وبذلك الطبيعية، بحقوقه واقتناعه

أن باستمرار أبيه على يلح وكان والذل، العبودية بحياة الرضا أو عرفنا وإذا المأل، أمام ذلك ويعلن بنسبه، ويلحقه بأبوته، له يعترف

ابنه، عود اشتد أن بعد السيما االعتراف هذا في الوالد تردد يعتمل كان الذي الصراع مقدار نتصور أن يمكن فروسيته وتجلت

في الوسائل هذه إحدى الفروسية كانت وبذلك عنترة، نفس فيالمنشودة.. غايته بلوغ

الذي شعره في يصوره ما فإن الثاني المحور صعيد على أما وعلو األخالقي النبل بصفات الفروسية صفات فيه امتزجت

الفائقة والشجاعة الهمة قوال قلب إلى الوصول بهدف وفعال ذلك وراء من قصد بحيث الثانية، وسيلته )عبلة( كانت الحبيبة

عاطفية. وأخرى وجودية أمنية تحقيق إلى الوصول يعني الذي(2)القبلي باالعتراف ظفره يعني بعبلة فظفره

.57ص ة،عنتر ديوان )?( شرح1.177ص الفرسان، الشعراء البستاني، بطرس)?(2

-82-

Page 83: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

زواجه رفض عدم ثم االنتماء، مشكلة الجوهرية، المشكلة حلعبلة. من

من ويكثر مدرارا، الدموع يذرف عنترة رأينا إن غرابة وال له، وظلمهم وقومه عشيرته جور من لحقه ما نتيجة الشكوى

قسوة النفسية معاناته وتزداد ما إنه الشاعر يخبرنا حين وألما قصر بنفسه، يفديهم كان أنه وكيف قومه، نحو واجباته في يوما

يتيهون وجعلهم شأنهم، لرفع حياته ويقدم فخرا أمام ومجدا يقابل ولكنه األخرى، القبائل والنكران. بالجحود دوما

ومع إقرار عنترة بسواد لونه، إال أنه ما يشفي نفسه ويخفف من حدة آالمها أنه فارس مقدام له فضل وأي فضل على أبناء عشيرته الذين يستنجدون به حين

إليه.تضيق بهم السبل، ويتركون سبيله أو يتجاهلونه حين لم تعد بهم حاجة السعدي العلم إلى شوقي وجاذبني خدي على واستهل دمعي فاض إذا

والبعد القرب على إنصافي وقلة وبغيهم لي ظلمهم قومي أذكرمجدي هدموا مجدهم قصاتن فلما بالسيف لهم بنيت مشيدا مجدا

جلدي من أسود بالخبث فعالهم وإنما بالسواد لوني يعيبون(1)بعدي من يالقون ماذا المدى وطال عنهم، غبت إذا جيراني ذل فوا

والفخر النفسية، المعاناة تصوير بين يمزج هنا ةعنتر إن القبيلة لدى المكتسب الموروث من الفخر هذا يتأتى وال بنفسه،

نفسه. الشاعر من يتأتى ولكنه إليهم، المنسوب القوم أو وليس قبيلته به حظيت الذي المجد هذا مصدر هو فالشاعر

فإن وبذلك قبل، من شأن ذات تكن لم القبيلة وكأن العكس، وال النفسية، أزمته من يخفف ما ذلك وفي كبير، عليها فضله األمر يصبح حين سيما بصفته بوجوده، متعلقا لحياض حاميا

القبيلة، األخرى. القبائل بين ومكانتها، قيمتها من ورافعا حين ومعنوية، فنية موازنة يوازن أن الشاعر استطاع وقد

سواد وهو قبيلته، أبناء به عيره الذي جلده سواد ذكر على أتى جوهره في يحمل قد بالطبع، مظهره بياضا نبله في يتمثل ناصعا

حقد من يكتنفه وما قومه فعال بسواد ذلك قابل ثم وسماحته، تعبر حية شعرية صورة وتلك وأقبح، أخطر وذلك ونفاق، وخبث

ذلك نتخيل أن ولنا السمحة، الشاعر نفسية عن الشاسع نوالب أعماقها في تستقر سوداء بشرة يحمل الذي اإلنسان ذلك بين

يتخف بيضاء بشرة وبين والتسامح، والطهارة النبل معاني يقول: انظروا هنا الشاعر وكأن ممقوتة، إنسانية صفات داخلها

مظهره. إلى ال اإلنسان جوهر إلى بذلك يمثل ألن أهلته سامية أسلفنا- بأخالق عنترة-كما تميز

.62ص ،ةعنتر ديوان شرح)?(1 -83-

Page 84: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

مواقفه في كله ذلك ويتجلى األصيل، العربي الفارس نموذج والسلم الحرب زمن كريم خلق على فهو والمختلفة، المتعددة

أن بعد جاهلية- يشربها عادة الخمر-مثال- وتلك شرب فإذا معا، غيره إلى يسيء ال حتى المناسب الوقت ويختار ثمنها، يدفع

يخوض التي الحرب تنتهي وحين بعقله، الخمرة هذه تلعب عندما ذلك وأمثلة الغنائم، أخذ عن نفسه تعف قبيلته، أبناء مع غمارها بمكانة يحظى جعله مما مواقفه، وفي عنترة شعر في كثيرة

أخالقه. وبنبل بفروسيته جديرة اجتماعية أفراده بعض ساد قد الجاهلي القبلي المجتمع كان فإذا

الحياة ومغريات النفس لشهوات واالنصياع التهور من شيء يصور هنا، عنترة فإن الدنيا، موقفا اجتماعيا جوهر من نابعا

اإلسالم، إدراكه عدم من الرغم على السمحة، اإلسالمية التعاليم في إال تتوافر ال خالل من الرجل لهذا ما على داللة ذلك وفي

الكبيرة. النفوس ذي من الرجال عظماء إن أخالق عنترة تأبى عليه أن يغشى جارته في غياب بعلها، فحين يغيب

الزوج يربأ الشاعر بنفسه االقتراب من مسكن الجارة خشية أن يسبب لها ولنفسه الشبهات والريب، ثم إنه يغض الطرف خجال وحياء حين تبدو هذه الجارة،

وتلك لعمري من صفات اإلنسان السوي الذي يكبح جماح نفسه اللجوج األمارةبالسوء!.

الحرب في غزا وإذا أغشاها ال حليلها عند الحي فتاة أغشىمأواها جارتي يواري حتى جارتي لي بدت ما طرفي وأغض

(1)هواها اللجوج النفس أتبع ال ماجد الخليقة سمح امرؤ إني أحبها أنه صحيح غاية، لبلوغ وسيلة عبلة عنترة جعل وقد حبا بطلة عبلة أن إلى مرده ليس الحب هذا أن نعتقد لكننا مفرطا،

تلك مثل تتوافر وال الوصف-مثال-، تفوق جمالية بخصائص تتميز أشعار في عليه نعثر لم ما فذلك جنسها، بنات لدى الخصائص

وهي عمه، ابنة ألنها ولكن الشاعر، هذا سيدة ذلك عن فضال من ابنته يزوج أن رفض. بإصرار والدها إن ثم كريمة، حرة

األسرة تهجين شداد- يأبى فهو-أي العبيد، بطبقة الملحق عنترة الصراع ينشأ المنطلق هذا فمن المتكافئ، غير الزواج بذلك

في ومؤثرة مثيرة عاطفية قصة خالل من الخالف ويحتدم سامية، غاية لبلوغ وسيلة الحبيبة هذه وتصبح نفسه، الوقت بحب هام قد عنترة أن من الروايات تتوارده عما النظر فبغض

عبلة من منه يطلب ما كل تحقيق على يعمل وراح شديدا، هياما امتزج التي والمجحفة القاسية الشروط برغم بها، الظفر أجل

الشاعر هذا أن ههنا االنتباه يلفت ما أن إال بالخيال، فيها الواقع يأبه أن دون مرة غير للخطر نفسه وعرض ذاته أفنى الفارس

بحبه يتعلق األمر دام ما ومخاطر ويالت من يصادفه قد لماالتائهة. الضائعة، الذات يمثل الذي الحب هذا لعبلة،

.409ص األعلم، مجموعة ،ةعنتر ديوان)?(1 -84-

Page 85: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

القيم ظل في وتوازنها اهانسجام تحقق لن الشاعر ذات إن زواجه على الموافقة نيل من يتمكن أن بعد إال القبلية الجاهلية

فحبه العبودية، من تحرره يعني منها، زواجه قبول ألن عبلة، من وهو المادي هدفه بلوغ يعني مما أكثر واالنطالق التحرر يعني هنا

أحب. بمن االقتران مجرد الهالة من بشيء أحيطت قد العاطفية عنترة قصة كانت فإذا

أو المجنحة الخياالت عالم في القصة هذه أدخلت األسطورية، ولما وأهوال، خوارق من صورته بما األسطورية الشعبية السير

المنشودة غايته بلوغ بدون للحيلولة مكائد من لبطلها دبر متكافئ غير زواج في المتمثلة أن وكيف وطبقيا، اجتماعيا

الخارق- يخرج عنترة-البطل االنتباه يلفت ما فإن منتصرا، دائما وطبقة السادة طبقة بين الفاصلة الهوة واقع هو ذلك كل في

العبيد. عمد أهل عبلة-بعد أن اشتد عود عنترة وذاع صيته بصفته فارسا ال يقهر- إلى

اختالق الحجج وافتعال الشروط تلو األخرى قصد منع حدوث ذلك الزواج كأن يطلب منه أن يقدم ألف ناقة مهرا لعبلة-مثال- ومع ذلك فإنه يخرج من تلك

المآزق منتصرا حيث يحقق ما يطلب منه من شروط، ولكن مقابل معاناة وجهودمضنية:

العراق أرض في األهوال من أالقي ما عبيلة علمت ترى نظم عنترة الشاعر فإن األمر، كان وأيا شعرا يكاد غزيرا

التي األشعار هذه مثل في نجد وال جله، من يخلو ال عبلة اسم نجد ولكن عامة، الغزلي الشعر في نجده ما بعبلة فيها يتغزل

منه انطلق الذي للمنطلق ممثلة بها المتغزل المرأة هذه الدائم، صراعه عن أو القبيلة، مع معاناته عن للتعبير الشاعر بالوصول ألن عشيرته، من المنشود همطلب عبلة ظلت وهكذا

لحياته. غاية جعله الذي الحلم يتحقق بعبلة االقتران إلى الفارس الشاعر كان وإذا البطولة عالم في مميزا

الفروسية تلك جسد فإنه بذلك، الروايات تخبرنا والفروسية- كما الذاتي الفخر نغمة من قصائده معظم تخلو ال إذ شعره، جل في

أن إلى نذهب يجعلنا مما الحرى، والدمعة األلم، بنغمة الممزوجة للمعادلة يخضع والحماسي منه الغزلي شعره في عبلة اسم

عبلة= أهلها ة))عنترالتالية: القبيلة((

دوما. الوسيط تمثل فعبلة إنه حين يفتخر، يرسم صورته من خالل نظرية اآلخر "األهل" ثم يشيد

اآلخر.بأخالقه السامية، وبشجاعته وفروسيته ليدحض الرأي السوادا تمحو خصائلي وبيض جلدي بسواد العدا يعيرنيوالطرادا الوقيعة حضر ومن فعالي عن قومك عبل يا سليالصعادا السمر هاأكف تهز حولي واألبطال الحرب وردت

-85-

Page 86: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

اتقادا تتقد الحرب ونار المنايا بحر بمهجتي وخضتالجوادا مضت قد الركض وكرب وعدت با األعادي بدم مخضالفؤادا تشجي نواحها بصوت رداح بكر من خلفت وكم

(1)الجمادا رخالص شفاره تقد ماض الحدين مرهف وسيفي مع له كان التي القبائل بعض مع عديدة مواقف ولعنترة

المواقف هذه ضمن ومن الوغى، ساحات في لقاءات فرسانها الحيرة" ليسجل "ملك المندر بن النعمان توعد أنه من يروى ما

بنفسه الفخر بذلك بقومه. الفخر إلى وصوال يستهل الشاعر كالمه ببيت تفوح منه رائحة الحكمة

المنبسطة مما اكتسبه من تجربة الحياة، ويصور من خالل البيت التالي علو قدره ومكانته المرموقة بين قومه، ومن ثم

، ال ينال منه الحقد مقصدا،-فإن فارسا مثله- كبير النفس عالي الهمة وال يعرف إليه سبيال، السيما وهو المتطلع إلى المعالي، الباني مجد القبيلة، وكل

ذلك ليصل إلى أنه-برغم ذلك- كان راعي اإلبل لسيده، ولكنه سرعان ما نال الحظوة بحلمه وصبره، وتبوأ المكانة الجديرة بمقامه، ولن يجد بعد ذلك بأسا من أن يشيد بقومه "بني عبس" الذين أنجبوا فرسانا شجعانا أمثاله، ولئن عاب عليه األعداء سواد جلده، فإن ذلك مفخرة له يوم النزال، حين تلتقي السهام بالسهام، ليكني بذلك عن فروسيته المتفردة، وذلك أعظم نسب حين يعز النسب، ويتوعد

منه:النعمان بأنه سيأتي اليوم الذي يظفر برقبته وينال انتقامه ينال وال الغضب طبعه من العال تب به تعلو من الحقد يحمل ال الرعتبوا إذا ويسترضي جفوه إذا يخالفهم ال قوم عبد يكن ومن

نكبوا كلما حماهم أحمي واليوم جمالهم أرعى مضى فيما كنت قدالعرب تنسل قد ما األكارم من نسلوا لقد عبس بني در للهالنسب فاتني ما إذا النزال يوم نسب لي فهو سوادي تعيبوا لئن

(2)تنقلب فاأليام عنك قصيرة يدي أن نعمان يا تعلم كنت إن أما حين يتحدث عن الحرب التي يخوضها مع قومه ضد القبائل المجاورة-

كما هو الشأن- عندما التقت قبيلة عبس بقبيلة تميم في معركة حامية، فإن الشاعر-مثل عادته- ينطلق من الذات أو من فروسيته المتفردة، ليقدم صورة

.57ص ،ةعنتر ديوان شرح)?(1.10ص السابق، المصدر)?(2

-86-

Page 87: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

شعرية تنضح دما، يمثل هو البطل المغوار، فبعد أن يطيح برأس قائد بني تميم، يعود من ساحة الوغى وسيفه يتسربل دما، وفي تلك العودة الظافرة ما يجعل

بني عبس- وهم قوم الشاعر- يتيهون عجبا وخيال بما أنجزه فارسهم من بطولة، وتحقيق لنصر يضاف إلى سجل أيامهم مما يجعلهم يحتلون الصدارة بين بقية القبائل العربية، ويعبر الشاعر-في الوقت نفسه- عن إسقاطاته النفسية، من

خالل إشارته إلى أن ذلك العبد قد رفع هامة قومه، بما وهب من شجاعة وقوة،عنترة؟ومهارة حربية، وأي فتى هذا الذي بلغ ذلك المبلغ إن لم يكن

أحمر القوم دم من وسيفي توعد هزمت كبشهم جندلت ثم تميمامنبر السماكين فوق له بعبد وافخروا القبائل في سودوا عبس بني

تعثر بالجماجم المنايا وخيل أجبته نادى الحي منادي ما إذا(1)عنتر أنا أنني عني يخبرك يدي في الهندواني المشرفي سل

ويحافظ الشاعر في جل قصائده على ديمومة الفخر بالذات إلقناع قومه بضرورة اإلقرار بمكانة فروسيته، جاعال من عبلة وسيلته في إيصال خطابه، وكأنه

ال يتوقع أثرا إيجابيا لشعره في نفوس قومه ما لم يأت على ذكر عبلة، ثم يستفيض في ذكر خصاله الحربية، وما يكتنفها من رهبة تبعث اإلحساس بالهزيمة

األعداء:واالنكسار في نفوس يقطر الدم افرنده من ويصبح العدا دم من صارمي أرو لم إذا

مخبر عبلة طيف من جاءني وال بالكرى عيني أجفان كحلت فاليقصر عني الشرق باع زال وما لهيبتي ذل الغرب رآني ما إذا

(2)يصبر والموت األبطال أنفس على صابر غير أنني إال الموت أنا لقد أنشأ الشاعر صورة شعرية تنم على خلق مقابلة بين

الشاعر الفارس الذي يتقمص شبح الموت، وفي ذلك كناية عن على أحد،يبطشه باألعداء، وبين الموت الحقيقي الذي ال يبق

ولكن إجادة الشاعر الفنية تكمن في كونه جعل من نفسه الصورة األكثر قوة ورهبة إذ أنه ال يسعف خصمه، بل يسارع إلى قتله والفتك به، في حين أن الموت

اآلخر ال يستعجل في قطع الرقاب، وفي ذلك مبالغة-بالطبع- ولكنها المبالغة المقبولة، على األقل من الوجهة الفنية التي جسدتها صورة شعرية ناجحة، مادام األمر يتعلق بالفخر والحماسة، فال غرابة في ذلك-إذن- ما دام الشاعر جعل من شجاعته سبيله في خوض المخاطر واألهوال، ومن سيفه الرفيق الوفي الذي ال يفارقه في خضم الليالي الدامسة وسط الصحارى والفيافي، ووسيلته المفضلة في إراقة الدماء، وهذا ما يجعله يحذر الطامعين في هالكه من مغبة األمل في

النيل منه، حيث أن هذا األمل سيتحول إلى كأس حتف من سيف الشاعرالمسلول:

نوائبه عندي ما أهون والدهر نائبة األيام من أخشى وكيف.82ص نفسه، السابق المصدر)?(1.81ص نفسه، المصدر)?(2

-87-

Page 88: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

كواكبه مالت قد للغرب والليل البيداء في سرت ليلة كم منفرداجانبه مال إليها الرمال أسد نهمت كلما ورمحي أنيسي سيفي فيه الماء مزجت غدير وكم طالبه الوحش وراح الصباح عند دما(1)شاربه أنت حتف كأس ترد وال يا طمع بال عد هالكي في طامعا

مثلت التي ةعنتر قصة فإن وهكذا صراعا لم قاسيا، طبقيا ولكن أخوته، وبتحرير وقسوتها العبودية جور من بتحرره إال تنته

ظل لونه سواد جميع رغم نسبه، واعتالل عبوديته على شاهدا وفي ماء،إال إلى تنتمي مادامت أمة زبيبة أمه وبقيت االعتبارات،

الزنوج من أخواله أن حيث هجين، أنه على للناس حجة ذلك سجله وما للقبيلة، خدمات من قدم فمهما ثم ومن الحبشيين،

بشجاعته قومه واعتراف سيفه مةاصر فإن مواقف، من من تخلصه لم أخالقه، وسمو معشره، وبطيب وإقدامه،

ظل الذي الداخلي اإلحساس دائم وجعله نفسه، على مسيطرا هذا أن ذلك النفسي، التحرر عدم أو الدونية بعقدة الشعور ظل النفس مع الصراع سجل كلما حدته خفة رغم له مالزما المتأسي. موقف في يضعه موقفا

الملحمة تلك زينت التي األخيلة حجم عن النظر وبصرف شعر من خيوطها والمؤرخون الرواة استمد والتي الشعبية،

الشاعر هذا أن هو هنا، إليه اإلشارة نود ما فإن نفسه، ةعنتر المالحم ضمن تصنف أن لها حق قصته- التي خيوط نسج وتشابكت تظافرت التي المحاور من عدد على الشعبية- اعتمادا

لم لكنه كبير بدور الخيال فيها قام درامية، قصصية بنية لتؤلف الذي الوجودي الصراع ظل في اإلنسانية قيمتها من ينقص أخرى، اإلنسان أخيه ومع تارة الطبيعة مظاهر مع اإلنسان خاضهالمحاور: تلك أهم ومن

مثلت التي الشاعر عبوديةأ- موضوعا لتلك رئيسا يصور الشاعر جعلت التي العبودية تلك الملحمة،

من يتحرج أن دون الذاتية وإحباطاته النفسية معاناته يشير-مثال- إلى كأن الخارجية، مظاهرها بعض ذكر

منه يجعل أن استطاع الذي السواد ذلك لونه، سواد مظهرا أخالقه، ونبل أفعاله بطيب يقرنه حين إيجابيا شجاعته وفرط معشره، وحسن نفسه، وعزة

عنصر شعره على أضفى ما ذلك كل ففي وإقدامه، الحية الشعرية الصور عن ناهيك واإلثارة، التشويق

والمعنوية. الفنية قيمته إثراء في أسهمت التي عبلة قلب إلى الوصول وراء من الحقيقية ايةغال إن ثمب-

.9ص نفسه، السابق المصدر)?(1 -88-

Page 89: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ولكن ما، فتاة ود كسب مجرد تعني ال بها، والظفر ذاته، تحقيق في يكمن ذلك وراء من المنشود الهدف

ألن ذاتها، حد في عبوديته من التحرر يعني أمله فتحقيق االعتراف معناه بعبلة االقتران المسلوبة. بحريته ضمنيا

ل الثالث المحور أماجـ- لنيل المسخرة الوسيلة في فيتمث وركوب الدائب، الصراع وهو المنشود، الهدف ذلك

بدت ومهما نادرة، فروسية ظل في واألهوال المخاطر أسهمت- فإنها مجنح خيال من المستمدة المواقف لنا تلك لخيوط العامة الصورة إثراء محالة- في ال

عليها وأضفت الملحمة، عنصرا مثيرا. تشويقيا ةعنتر شعر قراءة بصدد ونحن االنتباه يلفت ومما- د

ه الملحمي ذاته من جعل أن أن أي القبيلة، لفخر سبيال ألن الجماعي، الفخر منه يستمد الفردية بالذات الفخر

إلى الحاجة أمس في ، قبيلته تجعل ةعنتر فروسية وليس قومه، شأن ترفع التي البطولية مواقفه

العكس. على إصراره عن ينبئ شعره في عبلة، السم تكرارههـ-

االسم هذا أن إلى نميل ولذلك الوجودية، حريته تحقيق كما للحبيب، ذكر مجرد إلى منه أقرب الرمز إلى هو

الشعراء. من كثير لدى العادة جرت في الخالدة اإلنسانية القصص من ةعنتر قصة تظل وهكذا

اإلنسانية اللغات إلى تنقل بأن جديرة وهي األدب، مجال أنل يؤهلها وأدبية إنسانية خصائص من فيها يتوافر لما المختلفة

األخرى. اإلنسانية اآلداب بين مكانتها تتبوأ

-89-

Page 90: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

:السابع الفصل السلبية المظاهر بين الهجاء

واإليجابية

عن الشعر بوساطة األولى طفولته منذ اإلنسان عبر لقد وترح، فرح ومن وغبطة ألم من نفسه يف يختلج وعما وجدانه

الشعر- فكان واإلحباط، باليأس وشعور بالسعادة إحساس ومن حياة في إذن هذا صيرورة وعن البقاء، تنازع عن اإلنسان- تعبيرا

الغبطة حيث من تختلف أحواله كانت الوجود. وإذا في اإلنسان يعاني بدوره الشعر هذا والتشاؤم-مثال- فإن والتفاؤل والرضا

ويحقد ينقم وأخرى ويلين، يحب تارة فهو واالنقباض الوحشة منحوله. من الناس تصرفات على ويقسو

من والعداوة الحقد أو والوحشة النقمة تلك تتحول وقد الشاعر نفس في تتفاعل داخلية وجدانية إحساسات مجرد

الفردي، الوجدان أعمال في تنصهر ثم وتتطور لتضاعف وتتعقد من بكثير مشفوع بهجاء الخارجي، العالم إلى الشاعر يخرجها ثم

محسوس مادي ))تعبير الواقع في هي التي المشوهة المالمح(1)النفس(( أبعاد في الغائرة الموحشة الشعرية الظالل تلك عن

واكب أصيل شعري غرض المنظور هذا على بناء فالهجاء على– هو أو شعرا، فيها نطق التي األولى الوهلة منذ اإلنسان

يدل "ومما(2)الجاهلية في الشعرية األغراض أقدم األقل- من كان الهجاء أن على منشودة وغاية الشعر، أصول من أصال

بالصالبة الشعر ووصف بالهجاء التهديد االجتماعي البناء يتطلبها.(3)باألوابد" الهجاء قصائد ونعت والنزال الحرب وأدوات

.7ص العرب، عند وتطوره الهجاء فن حاوي، ايليا)?(1.125ص الجاهلي، الهجاء عجالن، بيومي عباس)?(2.133ص نفسه، السابق المرجع)?(3

-90-

Page 91: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

نجدها القديمة النقدية الكتب بعض نتفهرس فحين وهكذا، غرض تهمل ال القديم العربي الشعر ألغراض تقسيمها في

مدح أقسام خمسة إلى األغراض تلك بعضها يقسم كأن الهجاء، هذا في العسكري هالل أبو قال وقد فرثاء، فوصف فغزل فهجاء

خمسة: المديح الجاهلية في الشعر أقسام كانت الشأن: "وإنما فيها النابغة زاد حتى المراثىو التشبيبو والوصف والهجاء قسما .(3)فيه" فأحسن االعتذار وهو سادسا

يمثل الهجاء بأن إيماننا من الرغم وعلى غرضا في أصيال يكن لم الغرض هذا أن إال بعامة، الجاهلي الشعر يمتاز غرضا الفخر إلى بالقياس األمر هو كما الشعرية المادة بغزارة

يبدو- ينصرف-فيما لم الجاهلي والتشبيب-مثال- فالشاعر انصرافا التهاجن من نوع هناك كان وإنما الهجاء، فن إلى ظاهرا في تشهدها مما بصور يحفل الجاهلية، األيام يعقب كان الذي.(4)والمنكرات الرذائل من النقيض إلى تتحول حيث الفخر، شعر

ما وأقدم أصفى وهي المعلقات، إلى عجلى نظرة ولعل الفخر أغراض على نقف تجعلنا الجاهلي الشعر من وصلنا

الهجاء. لغرض التعرض يندر حين في والوصف والخمرة والغزل والجماعية الفردية بالذات الفخر إلى الجاهلي حاجة ولعل

الفخر غرض غلب فقد لذا الهجاء، إلى الحاجة من أمس كانت يغشى ال يكاد الهجاء. "فالبدائي على البدائية البيئات في وطغى نراه لذا المادية، الهموم على غالبا، ويقتصر األشياء، سطح إال الوجود، على الجديد واطالعه زهوه في ألنه بالتفاخر يسرف

الصاخبة باالنتصارات ويترنح واالستغراب بالدهشة يؤخذ االنفعال الشديدة والعتمة الفراغ بهاوية التحديق عن متجاوزا من يرضى يعد لم الذي الحضري نفس في تدلهم التي والوحشة

.(5)الوجود" ولغز نفسه لغز ضفي أن يريد بل يحيا، بأن الحياة يقيم أن الدارسين أحد ويحاول في الهجاء نوعية بين وزنا

أن فيالحظ الحضرية البيئات في الهجاء هذا وبين البدائية البيئات البدائية البيئات في الهجاء يكون ما غالبا بحيث بالفخر مرتبطا يكون الحضرية البيئات في األمر يختلف حين في له، امتدادا أن تحسبن يقول: وال كأن أخرى، غايات الهجاء يمثل بحيث فإنه العكس على بل البدائية، الجاهلية البيئات في يقوم الهجاء

له امتداد ألنه الفخر، نباج إلى كثيرة أحيان في يظهر قد يظهر ال سلبي، هجاء هو الهجاء من النوع هذا لكن فيه، ومبالغة

الفارغة أحداقه وال المتجهمة، سويداؤه وال اإلنسان، رأس فيه الهجاء على نقبل فإننا لهذا الوجود، جمجمة في المظلمة سبيل في اإلنسان حياة من صورة إال فيه نشهد ال ونكاد الجاهلي معنى، لحياته أن يشعر تجعله التي الكبرى الغاية اكتشاف.(6)والالجدوى" والعقم بالتفاهة الشعور من وتحرره

.91ص ،1ج المعاني، ديوان)?(3.11ص العرب، عند وتطوره الهجاء فن حاوي، ايليا)?(4.8ص ،السابق المرجع)?(5.8ص ،نفسه السابق المرجع)?(6

-91-

Page 92: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

في الهجاء مناحي مناقشة بصدد ونحن مالحظته، تجدر ومماتمثل- والهجاء المدح بين جدلية عالقة هناك أن الجاهلي الشعر

اإلنساني، الكائن عمق في اإلنسانية القيم الواقع- تصارع في بكونه المدح يتسم فحين السامية، اإلنسانية المثل نع بحثا

نفسه- يعني الممدوح- وربما على يضفي ألن الشاعر ومطمح جل في المدح على يتكئ الهجاء فإن وأسماها، الصفات أنبل

الهجاء فالشاعر والصفات، الصور لتلك الضد يمثل ألنه صوره ينقض المدح. في يصوره ما تماما

أو بنفسه يفتخر حين الشاعر سبق- إن قلنا-فيما وقد إنسانية قيم من هنالك ما أرقى إلى تطلعه يصور فهو بقومه، ينشد فهو محبذة، وحتى الحميدة، القيم تلك تجسدها عليا مثال

فإنها منشدها يحياه الذي الواقع في القيم تلك نظائر قلت إن المؤدية الوسائل بكل اإلنسان يتشبث سامية إنسانية غاية تظلبلوغها. إلى

الشعرية األغراض من هو إذ المدح، مجال في األمر وكذلك األمم شعر في غيره من أكثر القديم الشعر بها عرف التي

نجدها ال قد الشعرية، الظاهرة هذه نتأمل وحين األخرى، االستعارات خلق في الفنية المهارة إبداء مجرد على مقتصرة

نجدها بل الممدوح على المثالية الصفات وإضفاء والتشبيهاتبكثير. ذلك من أعمق

لدى الحظوة ونيل للتكسب وسيلة مجرد يبدو قد فالمدح ليس ولكنه الممدوحين، واألمراء الملوك فصفات كذلك، دائما

)الشاعر( اإلنسان شعور ال في تعيش وجودية رغبة هي الممدوح والوسائل السبل دامت وما لنفسه، بلوغها على النفس ويوطن

األقل- بتصويرها يكتفي-على فإنه ذلك من لتمكينه مهيأة غير ذوي من أو فارسا، الشاعر هذا كان إذا أما بغيره، مقترنة

إلى الممدوح-حينئذ- يتحول فإن المعالي، إلى المتطلعة النفوس نفسه ويقصد تصريحا، غيره يمدح الشاعر أن أي نفسه المادحالدولة- سيف يمدح حين نخاله ال المتنبي مثل فشاعر تلميحا، مثال- إال صورة األمير ذلك شخصية في يرى ألنه نفسه قاصدا

حب على جبلت الشاعر نفس وألن جهة، من هشخص عن سامية غايات بلوغ قصد واألهوال المخاطر وركبت المعالي على ليتحقق ذلك يكن لم وإذا أخرى، جهة من عليا ومراتب

خالل من الشاعر عنها عبر التي القيم تلك فإن الواقع، أرض المادح بين مشترك األقل- قاسم على– هي المدح غرض

والممدوح. النقيض يمثل ما اإلنسانية الصفات من يحمل الهجاء لكن

الكريمة والخصال ذميمة، قيم تقابلها المحبذة فالقيم تماما، إلى يميل اإلنسان هذا كون في السر فما قبيحة، صفات تقابلها

وأرذل؟ أقبح هو ما وسعادتها وهدوئها صفائها حالة في اإلنسانية النفس لعل الوجود ترى ونشوتها اإلحساس، ذلك ضوء في فتصوره جميال

تصور فإنها أحاسيسها وتضطرب صفوها يعتكر حين ولكنها -92-

Page 93: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

هو ما فتبدي الحسية، االنفعاالت تلك نقيض عن معبرة انفعالها هو واإلنسان وذميم، قبيح بمعناه اإلحساس هذا مصدر دوما

معا. واإليجابي السلبي القبلية بالعصبيات ارتباطه من متأتية الهجاء نشأة أن ويبدو

أحقاد، من تخلفه وما حروب، من العصبيات تلك تثيره وما بلسانه حياضها عن يذود الذي فهو قبيلته، حال لسان فالشاعر

ارتبط ثمة ومن ذلك، الضرورة تقتضي حين خصومها ويهجو بالفخر الهجاء الهجاء، يكون فحين وثيقا، ارتباطا فإن قبليا

يكون إنه ثم تحركه، التي هي االنتقام في والرغبة الحروب مدح إلى الشاعر يتوجه نفسه- حين الوقت في- بالمدح مرتبطا على هجاء ذلك وراء من ليقيم ممدوحه بخصم فيعرض شخص.(1)المفاضلة عنصر

ومثل تلك العصبية العمياء للقبيلة، واالنقياد ألهوائها ونزواتها يعبر عنهاالتالي:الشاعر الجاهلي أصدق تعبير من خالل البيت

(2)شدرأ ()غزية ترشد وإن غويت غوت إن )غزية( من إال أنا وما ليس بذلك فهو الحروب، بكثرة ارتبط قد الهجاء كان وإذا قصائد في تمتزج وقد الحماسة، شعر عن معانيه في بعيدا

يهجو الذي الشاعر ألن معا، والفروسية الفخر معاني الهجاء أو قبيلة جبن من ميمةذال الصفات الواقع- عن في– يبحث فردا األخرى للصفات نقيض هي وغيرها الصفات وتلك وخوف، وبخل

أكان سواء الشاعر وكأن اإليجابية، الفردية لذاته أو لقبيلته ممثال في الصدارة مكان هو ليتبوأ غيره إلى الذميمة الصفات ينسب بالجبن غيره يتهم فحين لسابقتها، المناقضة الصفات تطبيق

الكريم فهو بالبخل غيره يصف وحين وشجاع، فهو-ضمنيا- شهم…وهكذا والمعطاء والسخي

يذهب ممن الدارسين بعض هناك بل فحسب، ذلك وليس غير الشعر أغراض من يبق يقول: "فلم حيث ذلك من أبعد إلى

أساس قام المحورين هذين وعلى والهجاء الفخر، …غرضين ما الوشائح من الغرضين هذين وبين به، وارتبط الجاهلي، الشعر

رحابة إلى يؤدي ما والعمق االتساع من وفيهما ترابطهما يؤكد.(3)أغراضه" وسماحة الشعر

الجاهلي حماسة يمثل الفخر غرض دام قائل: ما يقول وقد معاني يدخل مما بالنصر، الظفر ولذة القوة ينشد تجعله التي

غرض إلى النظر يمكن فكيف نفسه، إلى والنشوة الغبطةللشاعر؟ األعلى المثل يمثل أنه على بالمقابل الهجاء األعلى مثله الهجاء في يصور األديب إن "ألن حقا قد شيئا يكون قد الشيء وهذا المثل، هذا عارض األشخاص من شخصا

.191ص ،وفنونه خصائصه الجاهلي، الشعر الجبوري، يحيى)?(1 /دار3ط هــارون، الســالم وعبد شــاكر أحمد تحقيق االصمعيات،)?(2

.107المعارف/ ص.124ص الجاهلي، الهجاء عجالن، بيومي عباس)?(3

-93-

Page 94: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أو الشاعر صور فإذا األفكار، من فكرة أو النظم من نظاما هذا أو الشخص هذا على منصبة يصورها فقد عاطفته.(1)النظام" الناحية من الهجاء مصطلح عند الوقوف نحاول حين أما الشتم معنى عن يخرج ال يكاد الشعري الغرض هذا فإن اللغوية،.(2)بالشعر يعرفه القيرواني رشيق ابن فإن النقدي المستوى على أما

المدح.. والهجاء خالف وهو بالشعر، الشتم هو قائال: "الهجاء أو والمهج سوءات من معانيه يتخذ …والسخرية السخط ظاهرة مادته منها ليشتق نفسه إلى يلتفت فالمفتخر قومه، مثالب

مساوئه لينشر خصمه إلى ينظر اجيهوال ساخرا، أو مقررا الهجاء من كان ما السابقون النقاد ويفضل عفا الفحش من خاليا

.(3)بمثلها" يقبح فال خدرها في العذراء تنشده بحيث رشيق ابن أن إلى يخلص السابق القول في فالمتأمل

معاني يضفي ما سرعان ولكنه اللغوي، المعنى من ينطلق السوقة لدى عليه المتعارف الشتم غير الهجاء هذا تجعل جديدة

والسخرية، السخط معاني من يخلو ال أنه بحيث الدهماء، أو من العذراء تخجل الذي الفاحش البذيء الكالم ذلك ليس ولكنه

من أعلى فني مستوى الهجاء أن ذلك من ونفهم ، ترديده واألنساب األعراض يمس قد فالشتم الشتم، غير هو بل الشتم،

يخرجان اللذين واالنفعال الغضب من حالة أثناء واألشخاص لكن وعي، دون الكالم فيطلق الطبيعية حالته من اإلنسان الفرد قيمة من ويحط الناس، عورات يبرز قولي فن هو الهجاء

بدرجة يتم ولكنه ذميمة، وصفات مثالب من يلصقه بما القبيلة أو الجماعة أو الفرد في تؤثر بحيث أعمق تأثيرا بصرف عميقا أضفى قد الشاعر أن أو حقيقية الصفات تلك كون عن النظر عليها عنده. من شيئا

وليس غريبا أن نجد تفريقا بين الشتم والهجاء في الشعر القديم نفسه، كأنمثال:يقول حسان بن ثابت

هجاء أو سباب، أو قتال، معد من يوم كل في لنا(4)الدماء تختلط حين ونضرب هجانا من بالقوافي فنحكم

وهو الجاهلي، الشعر في االنتشار ذائع شعري فن فالهجاء القيم إبراز هو المدح كان فإذا النقيض، يمثل إذ المدح خالف

فإن القبيلة أو الفرد مكانة من ترفع التي المثالية اإلنسانية الحط قصد لها المناقضة معانيها في القيم تلك تصوير هو الهجاء

.16ص والهجاؤون، الهجاء حسين، محمد م،)?(1ص ،14جـــ الــزاوي، أحمد الطــاهر المحيــط، القــاموس تــرتيب)?(2

487..2/138 العمدة)?(3.8 ديوانه/ ص)?(4

-94-

Page 95: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

المهجو من نفسه إلى يلتفت فالمفتخر وإنسانيا، اجتماعيا ليصور خصمه إلى يالهاج يلتفت حين في مادته منها ليشتق من المهجو مخاطبة إلى تنفذ مؤثرة ساخرة قوالب في نقائصه

ذلك أكان سواء(1)ضعفه نقاط خالل أو الجماعة أو بالفرد متعلقا الناس على تلك الغضب عاطفة تقتصر ال إذ(2)والمذاهب األخالق

تلقى ال حين والمذاهب األخالق إلى تتجاوزهم بل ذواتهم حد في استحسانا .يالهاج لدى وتفهما والغضب، السخط عاطفة عن تعبير هو الهجاء أن عن وفضال

يعد فإنه أسلفنا كما الشاعر يعمل إذ القتال، أسلحة من سالحا ويضعف العزائم، يثبط أن على المعادية للقبيلة هجائه أثناء

والوعيد التهديد على التركيز مع األعداء، معنويات لتنهار الهمم الهجاء ارتباط كان المنطلق هذا ومن قدرهم، من واالنتقاص

.(3)الحرب بأيام الوثيق على النفس يوطن بطبعه ناقد المنظور، هذا من والهجاء

أفضالهم، تسترعيه مما أكثر أخطائهم أو الناس حماقات إظهار وغضبه، حقده إلى يدفعه الذي بالقدر إال لنفسه يهتدي ال "فكأنه

مات فإذا السخط، طريق عن إال ومواهبه ذوقه، يكتشف ال فهو من ظل كل معهما فقد الغضب عنه وسكت السخط نفسه في

.(4)ملكاته" إلى يحتاج فإنه الفن، هذا في مبلغه يبلغ أن الهجاء ويستطيع

الناس خلفيات معرفة من تمكنه ومصادر عميقة اجتماعية ثقافة عنصر يكون أن النقاد ويحبذ النفسية، وميوالتهم وعوراتهم

الهجاء في الصدق سب إلى يتحول أن عن بذلك ليبتعد متوفرا إلى منه أقرب السب إلى هو الذي العامة كالم وعن وقذف،قبل. من أشرنا كما الهجاء

ويرتبط الواقع، من يقترب شعر هذا على ))فالهجاء منه وتؤخذ االجتماعي التطور يؤرخ الذي الشعر وهو بالمجتمع

.(5)السادة(( ومثالب الحياة صورة وال والعورات للمساوئ كشف من يخلو ال الهجاء كان وإذا

عالقته مدى فما والغضب، السخط وإبداء السخرية من يتورع آمنوا الذين أيها الحجرات: "يا سورة في قدرته جلت الله بقول

يكونوا أن عسى قوم من قوم يسخر ال من نساء وال منهم، خيرا يكن أن عسى نساء تنابزوا وال أنفسكم تلمزوا وال منهن، خيرا

فأولئك يتب لم ومن اإليمان، بعد الفسوق االسم بئس باأللقابالعظيم. الله صدق(6)الظالمون" هم

مكارم على تحث الكريمة اآلية هذه فإن الحال وبطبيعة.255ص ،الجاهلي الشعر في الفروسية القيسي، حمودي نوري)?(1.12ص ،والهجاؤون الهجاء حسين، محمد م،)?(2.190 ،وفنونه خصائصه الجاهلي، الشعر الجبوري، يحيى)?(327ص ، حسين محمد م،)?(4143ص الجاهلي، الهجاء عجالن، بيومي عباس)?(5.11 اآلية الحجرات، سورة الكريم، القرآن)?(6

-95-

Page 96: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

اآلية هذه عالقة ما قائل يقول وقد اآلداب، ورعاية األخالقالشعر؟ في الهجاء وموضوع

نزول بأسباب يتعلق ال إليه الوصول نريد ما أن والحقيقة بظاهرة يتعلق ولكنه بالتحديد، نزلت فيمن وال المذكورة، اآلية

القرآن أقرها وقد الجاهلي المجتمع في متفشية اجتماعية هو الذي واللمز باأللقاب، والتنابز السخرية ظاهرة وهي الكريم، فإن ثم ومن واإلشارة، واللسان والعين باليد يكون وقد العيب

الله، عنها نهى والمعنوية منها المادية االجتماعية الظواهر هذهتجنبها. على المسلمين وحث

جوانبه بعض في يخل لم الذي الهجاء أن ذلك من نفهم فهل باأللقاب" و"اللمز" و"السخرية" "التنابز مثل العورات إبراز من

مناسبات في والجماعات باألفراد األعراض" والتشهير و"هتك أشار التي النظرة بنفس إليه منظور متعددة بابوألس مختلفة،

السابقة؟ اآلية معاني في الله إليها الجاهلي المجتمع إن وجل، أو تردد دون نقول أن يجب هنا

بإيجابيات، يتسم كما بسلبيات يتسم البدائية المجتمعات كبقية ليس ثمة ومن السلبيات هذه بعض عند نقف حين مثلبة أو عيبا النص هذا أن السيما نفسه، الجاهلي الشعري النص خالل من

ليس الخلقية أو االجتماعية العيوب بعض بإفشاء يعن الذي دائما الخصم من النيل أو السخرية لمجرد العيوب تلك مثل يفشى أكان سواء بل جماعة، أم فردا التوجيه بغرض يكون ما غالبا تعاليم أو قيم تحكمهم تكن لم اإلسالم قبل العرب أن حيث

تروعه كانت، الجاهلي نعتقد-مثال- أن فال السماء، من مستمدة تحكمه وال السماوية(، )الشريعة اإللهي القانون من الخشية الهجاء فإن لذا )الدولة(، األرض من سلطة يكبح كان ما غالبا

ا إن وحتى معينة، قيم باحترام هويلزم هحجما بشكل نتفق ال كن والمبالغة التصميم من شيء فيه يبدو إذ التالي الرأي عم مطلق

رساالد هذا وذهب الحقيقة، من هام جانب من يخلو ال أنه إال من شيء حركتهم يحكم يكن لم إن: ))العرب القول حد إلى

العورات، عن يكشف الذي الفن ذلك الهجاء غير يبق فلم ذلك،.(1)األشراف(( سوءات من خفي ما ويهتك

لهجاءل فإن األمر يكن ومهما على المحافظة في ينكر ال دورا سيما ال العربية، الحياة توجيه وفي واالجتماعية، اإلنسانية القيم ديني وازع الجاهليين للعرب يكن لم حين اإلسالم ظهور قبل

معينة. بأحكام التقيد عليهم يملي سياسي نظام أو حياتهم، ينظم لغيره يبدي أن على الحرص شديد كان العربي أن ويبدو

هذا لدى الحظوة وينال بالثناء ليظفر مواقف من لديه ما أحسن منه يبدو عما النظر بغض الغير، بغيره وبطش إساءة من أحيانا

أمام ويلبس أخالق، من يروقه بما يتدثر إنسان ))فكل نكال أو يتبين ولم األفاعيل، هذه راجت وربما الشيم، أحسن الناس الرشد يظهر ففيها كلمته، الهجاء يقول حتى الحق وجه الناس

.140ص الجاهلي، الهجاء عجالن، بيومي عباس)?(1 -96-

Page 97: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

يؤدي بذلك الهاجي الغي. والشاعر من دورا هتوجي في هاما.(1)الحياة((

اإلنصاف باب من ولعله توجيه في الهجاء شأن من نقلل أال هذا يأخذ حين الجاهلي العصر في العامة الحياة مناحي بعض

نظلم نفسه- قد الوقت لكننا- في والتقويم، التوجيه دور الهجاء يخشى يكن لم أنه على إليه ننظر حين الجاهلي هذا سوى عقابا

هذا غير إنسانية ومعايير قيم تحكمه ال بذلك وكأنه الهجاء، عقاب إنساني رادع أو أخالقي وازع أي من نجرده بذلك وكأننا الهجاء،

مناحي مختلف في وتوجهه فيه، تتحكم إنسانية قيمة أية أو ))العرب أن يرى حيث الدارسين أحد ذلك إلى يذهب كما حياته،

ذلك الهجاء غير يبق فلم ذلك، من شيء حركتهم يحكم يكن لم سوءات من خفي ما ويهتك العورات، عن يكشف الذي الفن

.(2)األشراف(( المجتمع، سلوكات وتهذيب توجيه في الهجاء هذا يسهم فأن

الذي الناموس بمنزلة يكون أن أما اثنان، فيه يختلف ال قد فأمر المبالغة من شيء فيه فأمر المجتمع هذا حركة في يتحكموالغلو.

في العربي المجتمع حركة يقود الذي الفن هو ))فالهجاء ويتتبع االنحراف ويقوم الناس زيف يكشف الذي وهو الجاهلية،

كان. أنى الفساد أمكن- ما– فتحاشوا للهجاء الدور هذا العرب عرف وقد ولم أنفسهم، عن عوراتهم وأخفوا الهجاء، شاعر أمام المثول

.(3)عندهم(( يعاب بما راهيج أن أحد يجرؤيصوره- عما نتساءل يجعلنا الرأي هذا مثل أن والحقيقة من يعبر الهجاء الشاعر سلمنا-جدال- أن نإ فحتى أصال- الهجاء،

اشمئزازه أو وسخطه غضبه خالل األعلى مثاله عن هجائه خالل شاعر أو المادح ذهن في يختمر ما يصور بحيث واحتقاره، الحماسة الهجاء أن إال الواقع، حماسة هو المدح أن باعتبار مثال

ليس كذلك، دوما ال وقد خاصة، نفسية ظروف عن يصدر فأحيانا يختص لظروف نتيجة يصدر فقد والتقويم، بالتوجيه دائما

النفسية الوجهة من الشاعر تكوين في تؤثر ومؤثرات سوداوي منظور من إال الحياة يرى ال يجعله مما واالجتماعية،

اس عيوب لتصيد االستعداد يكتسب ثمة ومن قبيح، وكشف الن أكان سواء نقص لمركب نتيجة يأتي أو عوراتهم، أو فسيولوجيا

الخلقة ذميم كان الذي الحطيئة الشاعر ذلك في ومثلنا نفسيا، والنسب النشأة متواضع كان الذي وجرير النسب، مغمور فضال

مولى كان أباه وبأن الخلق بتشوه عرف الذي برد بن بشار عن كان الجاحظ إن ثم مهينا، قصيرا .(4)هجائين هؤالء وكان ذميما

.140ص الجاهلي، الهجاء عجالن، بيومي عباس)?(1.140ص نفسه، المرجع)?(2.148ص نفسه، المرجع)?(3.27ص السابق، المرجع)?(4

-97-

Page 98: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الشعراء قيمة من حط ذلك في ليس الحال وبطبيعةائين ولكن االجتماعي، البناء في الهجاء دور من تقليل أو الهج

يمثل الهجاء والتهذيب التقويم هدفه يكون فقد حدين ذا سالحا والوعيد والتحذير لمجرد يتأثر وقد المألوف عن للخروج تحاشيا يوجه الذي الهجاء في األمر هو كما التفكه، أو والسخرية التجريح

مفتعلة تكون قد صفات بالمهجو يلصق أن فيحاول آلخر، فرد من أما والخيالية، الفنية الشاعر قدرة إلبراز أو الناس إلضحاك إما

الهجاء أنواع أكثر ذلك فهو إنسانية، تجربة وأعمقها "تعقيدا ما على وثورته المجموع، على الفرد نقمة يعلن الذي الهجاء.(1)والقيم" المقاييس في اختالل من فيه يشهد

عدة إلى القديم العربي النقد حسب الهجاء مسق وقد األفراد هجو على يعتمد ما وهو الشخصي منها: الهجاء أقسام

هذا يتأثر وقد الهجائي، الشعر أنواع أقدم من النوع هذا ويعد العدل عن ويبتعد الشخصية، األعم- باألجواء الغالب النوع-في في يتورط أن إلى وأدنى الشتم إلى أقرب وهو واإلنصاف

.(2)الفحش الجرائم عن التعبير حول يدور ما وهو األخالقي الهجاء ثم

وقد السيئة، والعادات االجتماعية والمفاسد الدينية أو األخالقية قصد تعميمي بأسلوب يتحدث بل بعينه، إنسان على يقتصر ال

يأتي ثم منها، االشمئزاز تصوير أو السلوكات تلك عن االبتعاد سابقيه عن يتميز الذي السياسي بالهجاء يعرف ما وهو ثالث نوع

وأ الطوائف من طائفة أو حزب في األعلى مثله "يرى بكونه المثل هذا مع يتعارض ما كل يهاجم فهو المذاهب، من مذهب

.(3)آخر" على حزب انتصار في تتمثل ومعايب نقائص من الجاهلي العصر على اقتصر قد هذا بحثنا أن إلى وبالنظر

الغرض هذا فيها أخذ التي األخرى التالية العصور من غيره دون جديدة ومفاهيم أخرى، دالالت الشعري وتغير العصر لتطور وفقا

ومفاهيم قيم من أحدثه وما اإلسالم ظهور بعد سيما ال العقليات،الجاهلية. الشعرية النماذج في ستنحصر معالجتنا فإن جديدة،

-2- للهجاء فإن األمر كان وأيا نفس في ومؤثرة فاعلة آثارا سواء والحقب األجيال مر على اآلثار تلك تمحى ال وقد المهجو

المهجو أكان بشموخها أطاح قبيلة من جماعة. فكم أم فردا وأضحى الرأس طأطأ فرد من وكم الشعر، من بيت واعتدادها ذليال وفضحت عوراته نع كشفت أبيات بضعة جراء من مهينامساوئه.

وبالنظر إلى ما تتميز به الكلمة من قوة وتأثير عميقين،ه الشعراء الهجاؤون منهم بخاصة على هذا الجانب، فقد نب

.9ص العرب، عند وتطوره الهجاء فن حاوي، إيليا)?(1.19ص والهجاؤون، الهجاء حسين، م. محمد)?(2.20ص ،نفسه المرجع)?(3

-98-

Page 99: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ة اللسان حيند النفس، حيث أن حفيوحذروا من صدى تأثيرها ينطلق من صمته ال تقل خطورة عن حد السيف البتار، وفي هذا المعنى يقول

خفاف:عبد القيس بن صقيال وعضبا بريئا، عرضا للنائبات أعددت وأصبحت(1)عسوال القناة طويل ورمحا اننالس كحد لسان ووقع

ثم إن شاعرا آخر هو سويد بن أبي كاهل يسم اللسان يمتاز به من هجاء الذع قدابالسيف، والذي هو في حقيقة األمر لم

وقطعا:يتجاوز حد السيف نفسه مضاء (2)قطع مس ما السيف كحسام صارما صيرفيا ولسانا

أكان سواء الفاعل أثره الشعر فللقول أو قطعة أو بيتا األفراد حياة في جوهرية أشياء يغير قد القول هذا أن إذ قصيدة،

يكونون ممن والجماعات كان إذا سيما ال ما، شاعر لهجاء هدفا النقائص كشف في حسابه لقولهم يحسب ممن الشاعر هذا

بطن. وما منها ظهر ما وتضخيمها، ومن هنا فال غرابة أن يجتهد الناس في إخفاء عيوبهم

وسقطاتهم عن الناس خشية بلوغها إلى مسامع الشعراء الذين يمثلون خصوما، وبالمقابل فإن من الشعراء من يهدد وينذر

ما لم يبتعد عن سبيله ألي سبب من األسباب،ئهغيره بأنه سيناله بهجاقائال:فهذا النابغة الذبياني يحذر يزيد بن الصعق الكالبي (3)لساني على يالرؤ بها يمر بمحكمات تهاض أن فحسبك

يقل لم هنا الشاعر فكأن نتأمل حين ولكننا بعد، يذكر شيئا الشاعر شكله )تهاض( قد الفعل أن لنا يتجلى بيته تشكيال شعريا

أحدث بحيث فزعا يدل الفعل هذا ألن المهجو، نفس في ورعبا البيت مفعول يتجلى ثمة ومن الجبر، بعد الكسر على لغويا جادة جانبن ال وقد أثر، من يتركه أن يمكن وما الكالمية وقيمته

أو التحذير هذا مثل يحدثه الذي األثر أن إليه نذهب حين الصواب ولذلك نفسه، الهجاء من أكثر المهجو نفس في الوعيد ما غالبا

الخصم وتخويف التهديد، أسلوب على يركزون الشعراء نجد مما أكثر أثره ذلك فيكون األوصاف، أقبح عليه سيسلطون بأنهم

األوصاف. تلك نع يبينون يكون الهجاء أن إلى قبل من أشرنا أن سبق وقد شخصيا

شاعر يهجو بحيث األخير هذا عليه فيرد آخر، شاعرا إياه هاجيا إلظهار الكالمية المبارزة من شيء عليه يترتب مما بدوره

القسم في للفرزدق الحماسة ديوان وشرح ،386 المفضليات،)?(1.746 ،الثاني

.201 ص المفضليات،)?(2ص إبــراهيم، الفضل أبو تحقيق ،المعــارف دار ط ،النابغة ديــوان)?(3

112. -99-

Page 100: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

على يتفوق أن طرف كل ويحاول العيوب، كشف في القدرة كما موجعة، ضربات من هجاؤه يحدثه ما خالل من اآلخر الطرف

ثابت. بن وحسان الخزاعي خلف بن أمية بين األمر هو فقد تعرض أمية لهجاء حسان بن ثابت، وحاول أن يصيبه في الصميم ال

سيما أنه أبرز عوراته، ويشكك في نسبه أمام الناس الذين يجتمعون في سوق عكاظ لسماع ذلك النوع من الكالم الموزون المقفى شكال ومضمونا، وفي ذلك ما

يجلب العار والفضيحة للمهجو، ولنا أن نتخيل كيف ينتشر الخبر بين الناس في مثل تلك األسواق األدبية، وما يحدثه التشهير بمثالب اإلنسان، ناهيك عن صدوره

عكاظ.في سوق مثل سوق عكاظ إلى تدب مغلغلة عني حسان مبلغ من أال

الحفاظ فسالفي تالقينا لدى قينا كان فينا أبوك أليسالشواظ لهب دائبا وينفخ كيرا يشد يظل يمانيا،

وأمام هذا الهجاء الالذع الذي ال يكثر أثره في نفس حسان ال سيما أنه مسه في نسبة العائلي وشهر بأبيه الذي كان مجرد قين بين القينات بين أهل الشاعر الهاجي، حاول حسان أن يرد، ولكن رده اقتصر على التهديد والوعيد، ومحاولة

تكذيب ما روجه الشاعر الخصم إذ لم نعثر على أوصاف أو نقائص تحط من قدر أمية هذا، ولكننا نجد أبياتا تحاول أن تخفف من أثر ما نسب إلى حسان، من كذب

وتلفيق ال يمتان إلى الحقيقة بصلة، في حين يهدد الشاعر بأنه سينشر كالما في مختلف المجامع من عكاظ، وسينال به من الشاعر وقومه بأبيات صالب غالظ وهكذا يبدو لنا حسان مدافعا عن نفسه، ومخففا عما أصابه من خصمه، على

الرغم مما في قوله من تهديد ووعيد، وتراكيب شعرية تنبئ عن شيء من الغلظةوالقوة:

حفاظ بذي بالمغيب هو وما قول زور أمية عن أتانيعكاظ من المجامع في ينشر كالما لكم بقيت إن سأنشر

الغالظ المعجرفة الصم من استمرت إذا كالسالم قوافي

بالمقاظ محلك في وترضح أرض بكل شتوت إذ تزورك(1)الشظاظب قعص الوسق كأمر عليك بنيت صالبا أبياتا

ويستوقفنا امرؤ القيس منذرا متوعدا زاعما أن دم أبيه لن يذهب هدرا، وأنه سيقتل من أعدائه ما يشفي غليله ثأرا وانتقاما، ويطلعنا على الكيفية التي أعد بها

العدة لهذه المهمة الكبرى، حيث جمع عددا هائال من النياق والرماح ليفتك بخصومه، وكل ذلك من خالل صورة كلية تجتمع فيها الصور الجزئية الفرعية

مؤلفة صورة عامة عمادها إعداد العدة للبطش باألعداء والنيل منهم انتقاما لدمالمقتول.:الملك

وكاهال مالكا أبتر حتى باطال شيخي يذهب ال والله

.241ص البرقوفي، ط حسان، ديوان)?(1 -100-

Page 101: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

القوافال القرح جلبنا نحن كاهال خطئن اذ نده يالهفجوافال بالحصى مستنفرات النواهال واألسل يحملننا

وقاتال غانما فيهم فصرت األوائال األواخر يستنفر تلك-إذن- الصورة األولى التي يمتزج فيها الترهيب والوعيد

بالفخر المتأتى من نشوة الظفر بالثأر والنيل من األعداء، بيد ويتهايأن هذه الصورة سرعان ما تفقد مصداقيتها، ومن مدى ح

وحماستها لدى القارئ حين يفاجأ برد الشاعر عبيد بن األبرص القيس قد جانبه الذي يفند تلك المزاعم، ويطلعنا على أن امرأ

الصواب فيما ذهب إليه، إذ أنه لم يفعل شيئا مما قاله وإنما ذلك مجرد توهم، وإن قومه من بنى أسد قد انتصروا على والد امرئ القيس وأردوه قتيال، فما كان من

امرئ القيس إال أن يستنصر قيصر الروم على األسديين، ولكنه لم يظفر ببغيته منه، وهذا ما يؤكده عبيد حين يدعو عليه بالهالك، وهو ال يزال في الشام قبل أن

يدرك القيصر، وكل ذلك من خالل أسلوب فيه شيء من التهكم والسخريةالجارحين:

األحالم صاحب تمنى حجر شيخه بمقتل المخوفنا ذا ياقطام أم البن بكاءك واجعل ساداتنا وال سفها تبكينا ال

وأحكام صفاصيف بين بالقاع رماحنا تعاورته غداة حجر…

يفلتهلكن (1)شامى وأنت إذا قيصرا؟ تأتى سوف أنك أزعمت رواية أخرى يخاطب عبيد بن األبرص امرأ القيس ساخرا مفندايوف

يقول: مزاعمه ومبطال تهديده باالنتقام ألبيه حين وحينا ال ال إذ أبيه ل بتقا المخوفنا ذا ياوحينا كذبا سراتنا ت قتلـ قد أنك أزعمت

أمـ بن حجر على هال علينا ال يتبك قطام م نسميها أن صح إن – الشعرية المحاورات تلك أن شك وال

أبرزها من التاريخية، الحقائق من مجموعة أمام كذلك- تضعنا سجل قد الشعر أن عالقة لها التي التاريخية األحداث من كثيرا

العرب أيام ولعل الجاهلية، العربية الحياة من مختلفة بجوانب هناك أن ثم ذلك، على دليل خير إن حيث الشعراء، بين تواصال

الشعر هذا كان وإذا األسماع تتلقفه ما سرعان الشعر من نابعا130-129ص بيروت دار دار األبرص بن عبيد دوان)?(1

-101-

Page 102: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

يأتي الرد فإن فيها، مشكوك أو مشبوهة حقائق ليدحض سريعا في الشأن هو كما السائدة، هي الحقيقة وتبقى زائف، هو ما

في مات أنه التاريخية األخبار تطلعنا حيث القيس امرئ قول عليه أطلعنا ما خالف ألبيه الثأر يستطع ولم القيصر، إلى طريقه وهو ذلك، من أبعد إلى نذهب قد بل فحسب، هذا وليس شعره،

تواصال هناك أن على تدل الشعرية المحاورات تلك مثل أن في نشطة شعرية حركة نتوقع يجعلنا مما الشعراء بين ثقافيا الجهل عليه يطغى متحجرا عصرا الكثير يتخيله الذي العصر ذلك

والرتابة. وما دام الهجاء قد ارتبط – في الغالب- بالفخر، وأن

الشاعر الهجاء يعمل قريحته إلصابة المهجو في موطن ضعفه فإن للمهجو حق الرد، وقد يكون رده أقوى بحيث يعيد اعتباره

تى امتلك الحجج الدامغة، بل إنه قد يجعل منمواعتبار قومه - الذيةالنقيصة موقفا إيجابيا، ومن العيب مزية، فهذا عنتر

عير بسواد لونه وبأمه األمة الحبشية- على الرغم مما يعتمل في نفسه من أسى وألم بسبب منبته الهجين، فإن فروسيته

بية تأبيان عليه الرضوخ لشماتة الحاسدين وسخرية المتطاولين، ويردألونفسه ا على من يعيره مقرا بما نسب إليه من هجائه في النسب بيد أنه يرد موقف

يقول:الضعف قوة حين غرابية أمي تكن فان عبتني بها حام أبناء من

جئتني إذا العوالي وسمر الضبي ببيض لطيف فإني(1)تنيدق أو الحرب في لقدتك الوغى يوم فرارك ولوال

في حين يخاطب الشماخ بن ضرار الربيع وقومه مهددا إياه تارة، وساخرا متهكما تارة أخرى، ثم يحذره من مغبة إثارة

ب هجائه وإال أمطره بصواعق من نفثاتنسخطه ناصحا إياه بضرورة تج لسانه تلصق به العار والمذلة، حاثا إياه على ضرورة االستقامة من غفلته وحمقه

إذ أن مهاجاته أيام لن تمر بسالم كما يتوهم، ولن تكون هينة مستساغة مثل اللبنيرعاها: الذي يشربه من نياقه البدينة التي

يسخط فاجتنب هجائي كرهت فان وتصعيدي ريعيقت يدركنك الاللغاديد لفاخ مراغم على قدمي واضع فإني أبيت وإن

(2)المقاجيد الكوم من الصريح برد مقارعتى علباء نبا يا تحسبن ال وقد يتلون التشكيل الشعري بتلون نوعية الهجاء ونوعية

المهجو فأحيانا يعتمد الشاعر على األسلوب الرصين واأللفاظ الغليظة التي تحدث فزعا ورهبة في نفس المهجو ال سيما إذا

.36ص ،ةعنتر ديوان)?(1.12- 10 ص/4 ضرار بن الشماخ ديوان)?(2

-102-

Page 103: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

كان هذا الهجاء مرتبطا بالفخر أو له عالقة بالحرب، كما الحظنا في بعض النماذج الشعرية السابقة، وقد يبتعد فيه الشاعر عن

الجدية المفرطة ال سيما حين يعمد إلى إظهار العيوب الخلقية، فيميل إلى إضفاء عنصر اإلضحاك والسخرية أو

، أو يرسم لشخصية المهجوبه مفارقات غريي، كأن يضفهالتفك صورا "كاركاتورية" وليس هذا فحسب، بل أن الشاعر يعتمد أحيانا تكثيف الصورة بحيث يصور في البيت الواحد أكثر من

مظهر أو أكثر من عيب خلقي أو اجتماعي، فهذا خداش يهجو عبد الله بن جدعان، فيصور عيوبه الخلقية المتمثلة في قصر

ليته حتى يبدو كأن ال عجز له، وقدإقامته وبدانة جسمه ودقة أصيب بفتق في أحدى خصيتيه فأضحى على قصره كثير

الشحم ما بين الرجلين، وإلى جانب هذا المظهر المضحك الذي يبدو عليه هذا الرجل، فإنه تاجر بطيء الحركة يعتمد أداء

اليمين في كل بيعة يبيعها، حيث يقضي يومه مستلق ال يطيقياالحركة:

(1)أعفل بمكة مستلق وآدر بيعة كل على حالف أريصع ويقول خداش أيضا في موضع آخر هاجيا رباح بن ربيعة

يالعقيل ، مبرزا عيوبه الجسدية، ومقلال من قيمة نسبه، مكثفا صورة الهجاء في بيت واحد ولكنه يحمل من المعاني ما يجعل المهجو يحتل أسفل المراتب االجتماعية إذ يكفيه مذلة ومهانة

النخاسة: وا أمه وهي حامل به، فباعوها في سوق أن قوم الشاعر سب(2)خنسا عرنيها في اللؤم من ترى عوارضها مخضر بطن في بعناك

ويفعل الحادرة قريبا من ذلك حين يهجو زبان بن سيار واصفا أياه بالخنعةحال: والغدر والفجور، وبأن به ميوعة واهتزازا في شخصيته بحيث ال يثبت على

شاعر من زبان الله لحا فاجر غادر خنعة يأخ

(3)الحائر طرف في الصبح مع رتون ةاحقف كأنك

أما األعشى فإنه يهجو عمير بن عبد الله بن المنذر بن عبدان حين جمع بينه وبين جهنام ليهاجيه قائال: أيا عمير متى تشرق بما أذعت من قول كما تشرق مقدم الريح بالدم. فال

أنت من أهل قريب أهل الحجون والصفا وزمزم، فيأتي شيء تحاول جاهدا النيل مني، وما أنت ممن جعل الله بيوتهم في

الصفا والعرمرم، وما دام األمر كذلكيالعلى بأجياد غرب بعد الدرجة التي تؤهلك ألنغفاألجدر بك أن تلزم الصمت ألنك لم تبل

ونسبا.تهدد أمثالك ممن يفوقونك مجدا وشرفا الذي بالقول وتشرق القناة صدر شرقت كما

.33ص ،الجاهليين العامريين أشعار)?(1.26ص ،السابق المصدر)?(2.37ص ،الحادرة شعر ديوان)?(3

-103-

Page 104: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أذعته قد الدم منالصفا وال الحجون أهل من أنت فما زمزم ماء من الشرب حق لك وال

والمحرم الصفا غربي بأجياد العلى في بيتك الرحمن جعل وما

(1)العرمرم الدخيس في بيتي الله بنى فانني بالفخار توعدني فال ضوئها في سار التي المسارات أهم من النماذج تلك وتعد

المكاشفات بين صوره تأرجحت وقد الشخصي، الهجاء وآخر شاعر بين الشخصية له عالقة ال وفرد شاعر وبين أحيانا

بالشعر التجريح من كال ليشمل زاتهخو وتعددت أخرى، أحيانا والحط األحيان من كثير في الشتم من يقترب حتى األنساب في المراتب عن يكشف حين وذلك والجماعات األفراد قيمة من

بالتهكم التعرض يهمل لم أنه كما لألفراد، الدنيا االجتماعية التي العيوب أهم إلى نتعرف أن ولنا الخلقية للعيوب والسخرية

.والبطون القبائل إلى الموجه الهجاء صورها3

وكيف الشخصي، الهجاء أساليب تنوعت كيف الحظنا لقد والعيوب الشخصية العورات كشف في يتنافسون الشعراء كان

يتجاوز الذي الهجاء وهو القبلي الهجاء عند اآلن ولنقف الخلقية، إلى هنا اإلشارة من بد وال بكاملها، القبيلة ليشمل الفردي الهجاء

ليس القبيلة به توصف ما أن هذا ولعل الحقيقة، يمثل دائما يبدو الهجاء غرض في الصدق صرنع بأن القول إلى يقودنا المبالغات تحكمه ألنه الشعر من النوع هذا جل في ضعيفا

ويحكمه والتطرف، القبيحة الصفات الصاق عن البحث أيضا الفعل ورد أحيانا، االنتقام طائلة تحت الرغم فعلى أخرى، أحيانا يقول قد الهجاء شعر أن من أو التاريخية الحقيقة من شيئا

المغالطات من بكثير ممزوجة الحقيقة هذه أن إال االجتماعية إيجابي مظهر هو مثال- مما– الشاعر ينطلق فقد والمهاترات،

ويجعله حقائقه ليعكس يتحين هنا فالشاعر سلبيا، مظهرا للحط الواهية الحجج ويختلق فريسته على لالنقضاض الفرصة

نقيصة، إلى والمزية مثلبة، إلى المكرمة ليحول خصومه، من على قدرة من ذاك أو الشاعر هذا يمثله ما ظل في ذلك وكل

الخاصة. بتلويناته األمور تلوين مثال – عادة مألوفة ارتبطت بحياة الجاهليين،-فالصيد

وليس فيها ما يعيب أو يشين، وال نجانب الحقيقة إذا عددناها من خصائص الفرسان وسادة القوم، لكن الشاعر يجهد النفس

يد إلى سبب من األسباب الجوهرية التي تقعد صاحبها عن بلوغصليحول ال المجد وركوب المعالي، كأن يزعم أن خصومه ما تأخروا عن نيل المكرمات إذ

.123 ص ،األكبر األعشى ديوان)?(1 -104-

Page 105: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

تأخروا وما قصروا عن بلوغ شرف الفوز في ساحات الوغى إذ قصروا اال ابتغاء الصيد ومطاردة الوعول بالكالب في حين لو أظهروا قوتهم في مقارعة األعداء

لكان األمر مختلفا، وبالطبع فإن الشاعر في مثل هذه المواقف يكيف األمر حسب ما يريد الوصول إليه بعد أن يسجل الموقف النقيض ليجعل قبيلته تتيه فخرا وتختال عجبا وخيالء على حساب القبيلة المهجوة التي ال تطاولها حسبا

ومجدا: طيب أصل فروع ونحن ذنب، قومكم في أنتم زياد أبنى

وأنتم الخميس إلى الخميس نصل بومكل مربق بين بالقمر

الكوكبم بحانة الحمير سوق حربنا طليعة بنو تحسبن الأبيهم يسع المعروف عن حيد (1)وبأكلب برفضة الوعول طلب

فالمتأمل في األبيات السابقة تتجلى له تلك المبالغات التي يصورها الشاعر الذي يتطاول بلسانه على القبيلة الخصم ويجردها من جل صفات البطولة والمجد لتتبوأ قبيلته تلك

المنزلة العليا، وحتى إن صور مثل هذا الشاعر وغيره بعض الحقائق فليست الحقائق كلها، وقد أكثر الشعراء –والفرسان

منهم بخاصة- من شعر الهجاء الذي يمتزج بالفخر كما هو الشأن عند عنترة بن شداد الذي يقف مزهوا بتفوقه على بني ضبة وتميم في إحدى إغاراته، مشيرا إلى فرار األعداء الذين فرطوا في نسائهم من أجل النجاة بجلدتهم، فقد أعطانا هذا الشاعر صورة عن بقايا معركة أبرز من خاللها صورة الجنود

المهزومين الذين تفرقوا وتالشى جمعهم لتقع عيوننا بعد ذلك على عدد من النساء منهن الحوامل ومنهن المرضعات من

حديثات الوالدة وفي ذلك ما ينم على وصمة العار وشر:الفضيحة التي وقع فيها هؤالء األعداء، وفي هذا يقول

وجببوا النساء عوز لنا فخلوا وجامح مستقيم منهم عبابيدطامح ضبة آل في منصب لها فخمة الساب خدلة كعاب وكل

النوائح عنه غاب قتيل وبين مكبل عان بين ضرارا تركنا(2)الكوالح الضباع فيها هما تعود بقفرة تركنا وحيانا وعمرا

بالهجاء ينزل أن إال األسدي خازم أبي بن بشر الشاعر ويأبى واشجع، وسليم، كالب، وبني ونمير، الرباب قبائل على الالذع وذبان ما القبائل تلك من قبيلة لكل يسند أن بذلك محاوال

والنقائض، العيوب من يناسبها قبيلته بأن ذلك وراء من زاعما.310-309 ص للجاحظ، - الحيوان(?)1.39ص ة،عنتر ديوان)?(2

-105-

Page 106: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

ليس ذلك ضوء وفي والمنعة، والعزة القوة صاحبة هي والسيادة، الصدارة مركز أسد بني قبيلة تحتل أن بمستغرب

حين في سبيلهم، وأخلوا المواجهة على الفرار فضلوا نمير فبنوا لينجيهم يكن لم الفرار ذلك أن على المعركة، قبل كالب بنو فرسيصيبهم. الذي العذاب من

ولكنها تهرب، لم فإنها سليم، قبيلة لدى كذلك األمر وليس صورة يستعمل أن هنا الشاعر استطاع وقد وانهارت، جفلت أصاب شلل من عليه دلت بما قوية، إيحائية داللة ذات شعرية في الفنية القدرة تلك وتتجلى حركتهم، تشل الذين القوم هؤالء حيث الصورة، تلك لخلق الشاعر به توسل )ضمز( الذي الفعل

نحوها أو الدابة تمسك أن الضموز أن تجتره، فال فمها في طعاما جمدوا خصومه أن ذلك خالل من ليبين عندها الحركة فتموت

الذي الخائف حال وتلك لهم مباغتتهم جراء من الحركة عنداهم. يدهمه

سمها بالخنثى، وهي ذلك الشذوذ الذي الوأما قبيلة "أشجع" فقد يحمل معنى الذكورة وال األنوثة وإنما هو بين بين، وفي ذلك معاني التحقير

واإلذالل ما ال يطاق، ولم يقتصر على ذلك فحسب، بل ذهب إلى أبعد من ذلكوفرارها: حين صور القوم وهم مثل التيوس في تفرقها

الغبار بها يستثار كسناب )نمير( من األباطح وبدلتالفرار هربوا- وإن– بمنجيهم )كالب( بني يح الحي وليسالحمار ضمز كما فخافتنا )سليم( بحيرتها ضمزت وقد

(1)تعار لهم يبالشظ تيوسا فولت )أشجع( خنثى وآما بالالئمة والهجاء الالذع على علقمةاألكبر وينزل األعشى

بن عالشة وقومه قائال: وما ذنبي يا علقمة ما دمت حكمتني فوجدتني عالما بما ظهر من مثالبكم وما بطن، فقد كان أبوكم وأبوهم شريفين ماجدين، وقد وطنا النفس من أجل بناء مجد

مؤثل غير أنكم هدمتم ما ورثتم من مجد لم تكونوا أهال له، شراف القاهرون لعدوهم، وأنتم آخر الثالثة من بيوتالفهم ا

قومكم تأكلون الميتة من الحيوان، وتبيتون في ليالي الشتاء بطونكم، في حين ال تبالون والاولؤخوالي البال بعد أن تم

تسألون عن جاراتكم من حولكم جوعى خاويات البطون، وما عزلن كذلك يتضورن جوعا يترقبن غفلة أهل الحي في الهزي

يقوتهن:األخير من الليل وطلوع النجوم ليخرجن بحثا عما غائصا الحكومة على عالما بكم فوجدتني حكمتني وقد أعلقم

ناقصا وأصبحت زادوا ولكنهم دعامة فرعا كان أبويكم كال.338ص ، المفضليات)?(1

-106-

Page 107: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

خمائصا تنبي غرثى وجاراتكم بطونكم الءم المشتى في تبيتون(1)الشواخصا الطالعات السماء نجوم مخافة خالل جوع من يراقبن

وليس هذا فحسب بل إنه يصعد من درجة تعنيفه وهجائه لعلقمة وقومه، متسائال تساؤال إنكاريا ليؤكد حقيقة مرة تنزل كالصاعقة على المهجو حين يقول فهل كنتم إال عبيدا تعدون من سفلة القوم ودهمائهم، وهل أنتم سوى مخادعين كذابين

يتجلى الحقد في عيونكم الخوص الغائرة للعيان ولن يشفع لكم نكوصكم عن حقكم، ولن يغنيكم ذلك نفعا يوم ال يحسن

ن التقىأللكريم األصيل أن ينكص على عقبيه. وإن صادف و قومي وقومك فترقب قتاال شديدا تتكسر فيه الرماح ويكثر فيه الطعان، وينتصر

الحال: الشاعر لقومه في نهاية المطاف بطبيعة لوامصا الصديق في خوصا تعدون كنتم فهل وإنما عبيدا إال

تخامصا فيها خلت ما ساعة على طائل غير حقكم نع تخامصكم

وتداعصا القنا وإكسار قتاال بينهم تر قومه قومي يلق فان

(2)وفصافصا ثابتا وزرعا نخيال بطنها أصبح العرض أن تر ألم أيامهم من جعلوا الجاهلية عرب أن كيف ذكرنا أن سبق وقد

قوم انتصار فان ثمة ومن ومفاخرهم، مجادهمأل حافال سجال فخر يمتزج وبذلك آخرين، قوم هزيمة بالضرورة ييعن

على أشد الهزيمة وطأة تكون وكم المنهزمين، بجهاد المنتصرين من الخروج أو – للفرار قوم يضطر عندما صاحبها نفس

شرفهم يمثل ما أعز أعقابهم في تاركين مستسلمين-المعركةللغانمين. سائغة لقمة نساؤهم وهو باءهمإو وعزتهم

ففي يوم )النسار( –مثال- هزمت قبيلة عامر من لدن بني أسد، فوقف بشر بن أبي خازم األسدي هاجيا العامريين، معيرا إياهم بتركهم لنسائهم من المرضعات سبيا لدى بني أسد، وقد كانت فرائص تلك النسوة ترتعد من شدة ما أصابهن من هلع

إليه: نوفزع، ومن المصير المجهول الذي سيؤلعجوبها تدمى رجافإلوا الشل من نساءكم تركنا ناإ عامر بنى

جيوبها بالزعفران مضرجة كالدمى البيض مستوطنو عضاربطنا

.149ص ،األعشى ديوان)?(1.151ص ،األعشى ديوان)?(2

-107-

Page 108: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

(1)قلوبها الجنان خوف من تفزع برهوة المرضعات النساء تبيت ومن المفارقات التي سجلها الشعر الجاهلي في مجال

ىالهجاء الذي يرتبط بتصوير النساء الالتي يقعن سبايا، ما يرو من أن بني عامر تمكنوا من أخذ امرأة من عبس من بني سكين فسبوها، وظلت

عندهم يوما أو بعض يوم ثم تمكن قومها من أن يستنقذوها، فبلغ عروة أن ابن الطفيل قد فخر بذلك، فانشد عروة معيرا إياهم بأخذ ليلى بنت شعواء الهاللية

قائال: أعجب عذراء وهى ليلى فمأخذ ليلة موقف أسماء تأخذوا إنأشيب والرأس شعواء إلى وردت لبسنا وشبابها حسنها زمانا(2)يتصبب مغصوبة، اللوى غداة ودمعها كرها حسناء كمأخذنا

حال لسان يعد بصفته الشاعر أن مالحظته تجدر ومما إال والضراء، السراء في ونصرتهم حياضهم، عن والمدافع قومه،

ولكن انتقاما، أو وتشفيا كرها ال ويهجوهم، عليهم ينقلب قد أنه يشين، أو يءيس ما له بدا إذا سيما ال البين ذات إصالح يكون قد

أبناء من فريقا يرى أن عليه يعز نويرة بن مالك الشاعر فهذا رحمة تحت أصحابهم ويتركون الوغى ساحة من يفرون قبيلته

فر أن وتميم بكر قشاوة( بين )نعف يوم في حدث إذ ،أعدائهم فهجاهم أصحابهم تاركين القتال ساحة من يربوع بن سليط بنو

سلموا أن بعد الوبال بشر عليهم داعيا تلك فعلتهم نتيجة شاعر صاغرين أتوه أن بعد عذرهم يتقبل ولم ىالقهقر ورجعوا

والذل العار وجلبوا ،همذمار فضحوا ذاك مفعلهب ألنهم معتذرين، داموا ما العتاب، يستحقون فال ثمة ومن كلهم، القبيلة ألبناء

والتطاول. للتجريح عرضة وجعلوهم بقومهم، الخزي ألحقوا وعلى ما في هذا القول من قسوة وتعنيف، فإنه يظل إلى اللوم والعتاب

والنقائص:أقرب منه إلى الهجاء الذي يغوص في البحث عن المثالب وآبوا سلموا أنهم خصوصا سليط من الفوارس الله لحا

إهاب فيها لكم يخرق ولم عندي العذر تطلبون أجئتم

اببالج أعاليها في تجازم فأجبتموها خلفكم دعتكمعذاب لقائكم من فهذا حي لوى داةغ كفعلكم

عتاب لكم فليس ذماركم متقي ال إذا فضحتم أبدا

96 رقم المفضلية)?(1.18ص ، والسمؤال الورد بن عروة - ديوان(?)2

-108-

Page 109: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

أخزيتموها وقد مبك فكيف والشباب الحفائظ ذكر إذا ثم إن القبيلة قد تجلب العار والمذلة لنفسها إن هي

خالفت القيم المتعارف عليها، وأتت بفعل يحط من قيمتها من هيبتها بين القبائل، كأن تتواطأ مع األعداء –مثال-صوينق

من بطونها، فذلك يعد خروجا عن ناموس القبيلةضد بطن دود" منعت "يربوع" الماء عن "بكر" ثموأعرافها، ففي يوم "ج

تراجعت عن قرارها فيما بعد فسمحت بورودها، ولكنها فتصدى"اشترطت لذلك بعض الغنائم وتعد "بكر" عدوا "لتميم

قائال:ا على أثر فعلتها تلك هقيس بن عاصم المنقري ليربوع وهجاأمورها النائيات في ذكرت إذا الله جزى سعيها بأسوأ يربوعا

نحورها تدمى والخيل وسالمتم أباكم فضحتم قد جدود ويومكورها رزيأ جرباء كمهنوءة ذاكم يفعل والله وأصبحتم يبق لم كمؤودة (1)زفيرها إال ذاكم يفعل والله وأصبحتم

وهناك حادثة شبيهة بسابقتها تتمثل في أن قبيلة شيبان فرطت في فارسها بسطام بن قيس الشيباني في يوم "العظالى" بعد أن أسرته تميم، فراح شاعر

القبيلة العوام الشيباني يهجو قومه من أبناء وائل، ويصب عليهم جام غضبه لسبب ذلك التخاذل والجبن اللذين ال يليقان بأمثالهم، خاصة أنهم كانوا فرسانا صناديد

في المعارك التي خاضوها من قبل، ولكنهم في ذلك اليوم كانوا نعاما، وذلك مما زاد من ألم الشاعر وحسرته وأساه من خالل الشعور بخيبة األمل التي يجسدها

قوله: سطاماب أسلموا اقةفاأل يوم وائل من عصابة اإلله قبح

وزحاما نفسه ييسل عرطا سوامهم دون الصهباء أبا ورأوا

(2)نعاما بالغبيط فاقةاأل يوم كنتم فوجدتم الوغى في أسودا وعلى الرغم من الرصيد التاريخي الذي تمتلكه بعض

القبائل الجاهلية، وما يحفل به سجل أيامها من مجد وفخارفإن لمثل تلك القبائل عثرات يتلقفها الشاعر الخصم ليطيح –

وكبريائها، فبعد أن ضويق بنو عبس فيبعزتهابعد ذلك- ديارهم جاوروا بني عامر فنزل بهم ضيم وأصابتهم مذلة،

فه يء للنابغة الذبياني أن يتهمهم – في ضوء ذلك – بالضعفي ل الموقف العام، فهم مجاورون،غوالجبن والهوان، بعد أن است

اورهم أو يضيفهم قوي شرس، فبنى الشاعر هجاءهيجومن .146/ 1/ النقائض)?(1.2/886 النقائض)?(2

-109-

Page 110: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

اعلى معنيين وأداه على أمرين كبيرين أولهما الهوان وثانيهم تفريط نسائهم في أعراضهن، ومنح أجسادهن لكل "من هب ودب" وفي ذلك

والسقوط. منتهى الذل فعل وقد العاويات الكالب جزاء الله جزى كلها المواطن في عبسا

1حجل ،مواليكم مولى يعزكم ذلكم يفعل والله فأصبحتم والقبيلة الجاهلية ال تفرط –عادة- في أبنائها فتفديهم بالماء

وبالدماء، وإال فقدت هيبتها وذمها الشعراء، وأصبحت عرضة للسخرية والتجزع، كما أنها- في الوقت نفسه- ال ترضى بأن يعتزل أحد أبنائها الحرب أو يفر من ساحة الوغى، ألن ذلك

يلحق األذى بها، ومن ثمه فحين اعتزل الحارث بن عباد الحرب وس، سارع سعد بن مالك بن ضبيعة البكري فهجاه وعرض بهبسفي حرب ال

معه: على فعلته تلك ومن واللقاح يشكر أوالد دناعب الخالئف سئب(2)نجاح ال قيس ابن وأنا نيرانها عن صد من

منه والنيل هجومال إلى اإلساءة به يقصد ال الهجاء هذا ومثل سلوكات من عوجا ما أصال- إلصالح– ينظم ولكنه اآلخرين أمام

الفرسان. فإن وتحريفات، مبالغات من فيه ما على الهجاء أن شك وال

الشعراء تصيب وال عواهنه، على الكالم يطلقون ال أحيانا المهجو يحددون وإنما والداني، القصي صواعقهم تحديدا دقيقا

ليس نمم غيره ايصيبو ال كي – الشأن هو كما بهجائهم، مقصودا اللئام يهجو وإنما كلها منولة بني يهجو ال الذي الحادرة مثال- عند بطونهم، فانتفخت النعمة أبطرتهم الذين أولئك منها، فحسب

في فراطهمإل نتيجة بالتخمة إصابتهم جراء من مالبش وأصابهموالتمر. العوارض لحم تناول

ونختتم دراساتنا لهذه النماذج الشعرية باإلشارة إلى أن بنفسية دعابية، فهو ينتبه إلى دقائقمالشاعر الجاهلي يتس

األمور، وتثير انتباهه مختلف أنواع السخافات التي تصدر عن الناس في حياتهم العادية ويسارع إلى تدوينها، مما يثير فينا

شواهد كثيرة شيئا من الضحك، وإذا كان المقام ال يتسع لذكر بيننا في هذا المجال، فقد نكتفي بما أورده أحد الشعراء مقار

فريقين من المتحاربين حين التقوا في ميدان المعركة، فقد شد انتباهه في ذلك اختالف هؤالء المتحاربين من حيث الطول والقصر، فعمل على النيل من الفريق الخصم الذي لم يكتف بتصويره وهو يجر أذيال الهزيمة واالنكسار، وإنما يضيف إلى

ملتهم مذلة ثانية، وذلك حين يسمذهزيمته هزيمة أخرى وإلى األجسام مقابل طول أجسام الفريقبقصرهؤالء الخصوم

.191ص ، إبراهيم الفضل أبو تحقيق ، النابغة - ديوان 12/500 المرزوقي، شرح تمام، أبي حماسة)?(2

-110-

Page 111: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

المشهديةخلق من وراء ذلك تلك المفارقة ياآلخر، لنهالها المنايا وأسباب نهاال، القنا واختلف الصفان، التقى ولما

طوالها الرجال أشداء وأن ذلة القماءة أن لي تبين تبين الجاهلي العصر في الهجاء صور من إذا- عينة – تلك يبدو ما الخاصة بطريقتهم يعالجون الشعراء كان كيف أو شاذا يمثل ثمة ومن المألوف، عن خروجا وخالصة القيم، في اختالال

تكريس في أسهم ما بقدر الشعري رضغال هذا مثل إن القول أسهم فقد معينة، إنسانية قيم مختلفة حقائق تشويه في أيضا

يكن لم الهجاء الشاعر أن بحيث ما تقويم عينيه نصب يضع دوما دوافع عن يصدر كان وإنما ،موسلوكاته الناس أخالق من أعوج

عكس الشعر من النوع هذا فإن وبذلك متنوعة، ونوازع مختلفة يكن لم ولكنه االجتماعية الحياة جوانب بعض ما كل في بريئا

لنا قدم الهجاء شعر أن إلى نطمئن أن لنا ذلك ومع صوره، كان عما وافيه شبه صورة التعامل في مستويات من سائدا

عام. بوجه البشرية والهنات السقطات نقد يوف االجتماعي استعمله قديم شعري غرض الهجاء أن ذلك كل في واألهم

والحرب السلم أوقات في الشاعر بصفته معا قد حدين ذا سالحا يمثل وقد ،واإلصالح التهذيب غرضه كان إذا الناس اعوجاج يقوم

إليه واإلساءة الخصم من النيل الشاعر غرض يكون حين النقيض من يحمل الغرض هذا فإن وبذلك ،باباألس من ببلس

الكثير. الشيء التناقضات

-111-

Page 112: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الخاتمة

لة،اءالمس البدء- على - منذسأس قد البحث هذا كان إذا بما أسوة إليها المتوصل النتائج رصد تعني ال هذه خاتمته فإن

أكانت سواء المتخصصة العلمية الدراسات جل عليه دأبت أم جامعية أطروحات التساؤل يظل قد وإنما مستقلة، بحوثا هناك، مستفيض بحث إلى حاجة في مسألة وتظل هنا، مطروحا

حيث العلمي، البحث رأينا- طبيعة في– وتلك دواليك، وهكذا إذ تقريبية، اإلنسانية القضايا في سيما وال العلمية، الحقيقة تظل جهة، من الحقائق بحرفية الجزم يتعذر ديمومة أن عن فضال

جهة من وجدة حيوية بعامة التراثية القضايا تمنح التي هي البحث والفكرية، األدبية القضايا مختلف في البحث تجدد فكلما أخرى،

الزمن مر على القضايا تلك اكتسبت النقدية الرؤى وتعددتالناس. نفوس في حية بقائها مؤثرات الثقافي الموروث إلحياء وسيلة خير فإن ثمة ومن

المناهج متعددة نقدية رؤى ضوء في دراسته هو والمعرفي الموروث، هذا في غمض ما سيزيح ذلك أن بحيث والمرجعيات،

إنسانية لرؤى وتطور استمرار هي معاصرة رؤى عليه وسيضفيجديدة. شعره – القديم العربي أدبنا بأن ههنا اإلقرار من مناص وال بعض في السطحية وبين والسمين، الغث بين يتأرجح – ونثره

أخرى. مناح في اإلنسانية الذات أغوار سبر في والتعمق مناحيه بدائي مجتمع هو الجاهلي المجتمع أن من الرغم وعلى

يحتك لم قبلي، احتكاكا اإلنسانية المجتمعات من بغيره عميقا لم ثمة ومن هنا، لتفصيلها المقام يتسع ال عدة ألسباب األخرى،

مراحل في إال األخرى األمم بآداب القديم العربي األدب يتأثر فإن ذلك ومع خاص، بشكل العباسي العصر إلى تعود متأخرة جله- على في – ينم األدب مجال في الجاهلي العصر منتوج وسمو العقل، ورجاحة السليقة ومساهمة القريحة صفاء

وسرعة والمشاعر، األحاسيس ةافوره اإلنسانية، العاطفةالبديهة.

حكم من متأتيان مبالغة أو غلو إليه نذهب فيما وليس ذلك تمثل التي الشعرية النصوص إن بل ذاتي، ميل أو اعتباطي

-112-

Page 113: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

تبطل ذلك ضوء وفي الحقيقة، تلك تؤكد التي هي الغزير النتاج جل من العربيين والفكر األدب تجريد تحاول التي المزاعم

اإليجابية. مظاهرهما بخاصة- منه الجاهلي- والشعر األدب البدء- أن منذ– ولنتفق

ما بعض صور بحيث الجاهلية الحياة من هامة جوانب جسد قد عاطفية ومغامرة وكره، حب من الوجدانية الجاهلي بحياة يتعلق

يتعلق ما أو أخرى، تارة مراده ونيل تارة، الفشل بين تتأرجح – السلم أثناء في غيره مع تعامله مثل العامة، حياته بمظاهر

أحالف وعقد تجارية، ومبادالت عالقات من ذلك يكتنف مثال- وما واآلخر، الحين بين تنشب قد التي الحرب أثناء في أو وموائيق إلى السيوف فتعاد والحكمة، العقل رجاحة تتغلب فأحيانا في الحرب، تلك عنها ترنجا التي الخالفات وتحسم أغمادها

التغلب وحب بالقوة التظاهر أحيانا- عامل– يطغى حين على وتأتي الحروب فتطول التعصب فتيل ويشتعل والتفوق،واليابس. األخضر

مختلف في دوما حاضرا الشعر يكون أن البديهي ومن أسطع األيام شعر ولعل الجاهلي، المجتمع سجلها التي المواقف

كانت فإذا الجاهليين، حياة في للشعر القوي الحضور على دليل الجاهليين هؤالء حياة في شأن لها التي المواقع تعني األيام

وتقريرها. بتخليدها حظي الذي هو الشعر فإن بعامة، الجاهلي الشعر في الشفوية أن إلى قبل من ألمحنا وقد دباإلنشا ارتبطت فقد كله الشعر يغن لم إن وحتى وثيقا، ارتباطا

ظل وبذلك جله، نيغ أن إلى الجماعية الذاكرة في محفوظا فدون الكتابة حركة نشطت يعود الذين الرواة قبل من مرويا

الضخم. الموروث هذا حفظ في األكبر الفضل إليهم لهذا مكنت التي األداة هي الشفوية الرواية دامت وما الطبيعي فمن إلينا، يصل أن من الشعر بعضه على يطرأ أن جدا ذلك كل أن إال ك،لهنا ونقص ،هناك التحريف وبعض هنا، زيادات

وصلت التي الشعرية النصوص تلك حقيقة في الشك يعني ال أن استطاع القديم فالنقد والمكاني، الزمني بعدها حيث من إلينا

نطمئن بحيث وتصنيفها تبويبها من مكنت غربلة النصوص يغربلصحتها. إلى

وأعراف مفاهيم تخللته الجاهلي المجتمع أن للنظر والالفت الثابتة منها مختلفة، جلها- لظروف في – خضعت متعددة قبلية

العامة القبلية فالمصلحة المتغيرة، الطارئة ومنها المستقرة تفرض ألن ماسة الحاجة تكون حين في معينة، بقيم التقيد أحيانا

بذلك وكأننا السائدة، القيم محل مناقضة أو مغايرة قيم تحل تبيح "الضرورات أن إلى تذهب التي بالمقولة نسلم

المحظورات". ذلك: إلى أدت التي األسباب من ولعل

تعاليم من مستمدة إنسانية قيم على الجاهلي اعتماد أ-عدم مجتمع هو الجاهلي المجتمع دام فما سماوية، دينية

-113-

Page 114: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

لما يخضعها فهو وبذلك حاجاته من نابعة قيمه فإن وثني،والطموحات. والرغبات الحاجات تلك مع يتناقض ال

تحتمه وما كنفها، في عاش التي القاسية للبيئة إن ب- ثم دائمين شبه وترحال حل من والكأل الماء عن بحثا أثرا

واإلنسانية. االجتماعية المفاهيم تحديد في ينكرال الجاهلي المجتمع كاهل أثقلت التي الحروب جـ- كثرة

يسلك ألن مهيى غير جعلته حياتية بصبغة حياته صبغت حيات سلوكا يا التحوالت تلك مع ينسجم أن حاول فقد ثابتاأحيانا. المفاجئة طوراتتوال إلى االطمئنان وعدم والنفسي المكاني االستقرار فعدم

الوجودية أزمته من وتخفف روعة من تهدئ أزلية حقيقة وغير المنظورة الطبيعة قوى مع تعامله في الدائمة ودهشته

مناحي بعض الجاهلي الشعر خالل من نقرأ جعلتنا المنظورة، ثم ومن الجاهلي، المجتمع حياة في الوجودي الصراع ذلك

القيم. اختالل وتعظيم والترهيب، للقوة تمجيد من الشعر هذا في ما وعلى

في تتركه وما غنائم، من المنتصر على تدره وما الحروب لمبدأ لم أخرى جوانب هناك فإن ومذلة، رهبة من المنهزم نفس

نبل من القيم لتلك اآلخر الوجه تصور والتي الشعر، يهملها ذلك على جميعها تدل والتي المقدرة عند وعفو وكرم وشهامةالمجتمع. ذلك ساد الذي القيمي التوازن الموضوعية بنيته حيث من الجاهلي الشعر صعيد على أما

خضع بحيث ،الموضوعاتية الوحدة من أساس على بني فقد جعل والمعنوية التركيبية بناه في لترتيب الجاهلي الشعري النص الواحد الوزن ذات الواحدة القصيدة داخل ينقسم الواحد النص

هذه أهم ومن موضوعات، أو أغراض عدة إلى الواحدة والقافية المقدمة وجودها وفرضت الصدارة مثلت التي الموضوعات

مثلت التي المقدمة تلك الطللية، موضوعا رغم بذاته، قائما الموضوعات تلك لكن مختلفة، بموضوعات النص داخل ارتباطها

أن وبما العكس، وليس المقدمة، لتلك الغالب- تكملة في – تأتي ولم ذاته حد في القيمة موضوع حول تركزت هذه دراستنا ومدى الشعري، النص بنية حيث من الفنية للقضايا نتعرض

موضوعات، عدة أو واحد موضوع عن التعبير في انسجامه غرض من االنتقال أثناء عدمه أو الموسيقي االنسجام بدأ وكيف

عنوا الجاهليين الشعراء أن هو هنا انتباهنا لفت ما فإن آخر، إلى وجعلوا قصوى، أهمية ومنحوها فائقة عناية الطللية بالمقدمة

القصيدة يكسب الذي الخارجي المظهر منها وجماال، رونقا دون من قصيدة جاهلي شاعر ينشئ أن يتصور ال أصبح أنه وحتى

ذلك في ألن طللية مقدمة المألوف. عن خروجا الخصائص من عدد على اشتملت المقدمة تلك أن ونرجح

وتصبح الجاهلية، القصيدة في الصدارة مكان تتبوأ جعلتها التي رأينا-: في – الخصائص هذه أهم ومن يحتذى، مثاال

-114-

Page 115: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الحنين لواعج من عنه تعبر ما بحكم المقدمة أ-كانت للحاجات نفسية استجابة عاطفية بذكريات المرتبط فقده اعم تعويض نهاإ قل أو والعاطفية، النفسية والسعادة باألمل مفعمة بحياة إحساس من الشاعر

الحبيبة. المرأة وبين بينه العاطفي التجاوب ظل في إلى الحنين عن الطللية المقدمات موضوع يخرج ب-لم

الموضوع ذلك كان ثم ومن ولوازمها، المرأة قاسما شاعر بين الحواشي في اختلف إن وحتى مشتركا،

الجوهر. حيث من يختلف لم فإنه وآخر متنوعة، وبدالالت متعددة، برموز األطالل بكاء جـ- حفل

إلى ننظر فقد وجدة، حيوية اكتسى فقد ثمة ومن الذات بكاء يمثل أنه على الطلل على الشاعر وقوف

المستقبل وعلى يعود، نل الذي الماضي على من اإلنسان هذا نفس في يعتمل ما وعلى المجهول،

البكاء أن يرى من هناك إن ثم مخيف، وجودي صراع ببكائه الشاعر أن حيث تطهيرية عملية الطلل علىأدران. من بها علق مما النفس ريطه

التي والعاطفية والرمزية النفسية الدالالت لهذه أن ويبدو الشعر محافظة حيث من أثرها الطللية المقدمات في توفرت

مثلت كونها جانب إلى عليها، الجاهلي نمنوذجا لم محتذى فنيا عاطفي، تجاوب من نفوسهم في ترك لما الشعراء عنه يحد

في المرهفة وأحاسيسهم ميوالتهم طبيعة مع نفسي وانسجام تتجلى التي العذبة وذكرياتهم الجميل ماضيهم مع التعامل هو الذي اآلخر بالطرف األمر يتعلق حين سيما ال وتزداد معانيها لفةإو أنسا الرجل حياة تمأل التي المرأة بمختلف للحياة وحبا

ورقتها. حبها من عليه تضفيه ما خالل من مظاهرها نجد أن وحاولنا الموضوع، هذا عالجنا سبق ما ضوء ففي بذلك تحظى الجاهلية القصيدة جعلت التي السائغة المبررات

اصطلح ما أو الطوال القصائد سيما ال التركيبية، بنيتها من النمط مثلت قد الطللية المقدمة أن إلى لنخلص بالمعلقات عليه

في السبق فضل له كان الذي الشاعر على وجدانية حقيقة فيما لتصبح الشاعر هذا هو من بالضبط نعرف ال والذي نسجها،

بعد تقليدا هذا خصوبة لكن ،الشعراء بقية منواله على نسج فنيا في أسهمت الفردي بالوجدان وارتباطه دالالته وتعدد الموضوع

وتكراره. بلورته الشعر غنائية حول النقدية اآلراء جل اتفاق من الرغم وعلى

الشاعر أن إلى هنا اإلشارة تجدر أنه إال وذاتيته الجاهلي مجال في ذلك تجلى وقد للوجود انفعالية برؤية تميز الجاهلي الشعريان الغرضان هذان طغى حيث والفخر، الحماسة قياسا

مؤثرات إلى يعود ذلك مصدر ولعل األخرى، األغراض إلى نبعد أن دون احتضنته، التي البيئة طبيعة وإلى واجتماعية نفسية

طبيعية ظواهر من بحياته أحاطت التي والمالبسات الظروف لتصقل المؤثرات تلك اجتمعت فقد ثمة ومن متقطعة، وحروب

-115-

Page 116: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

إلى االلتفات على تقتصر كادت وجهة وتوجهه الشعرية موهبتهالفردية. الذات

بصفته وجوده عن إعالنه يعني بنفسه فخره فكان كائنا فاعال تسميته يمكن ما ذلك عن فنتج حسابه، له يحسب أن يجب

القبيلة أبناء لكن إنسانية، بقيم تعتد التي الفردية بالفروسية تلك إظهار عليهم يتعذر ثمة ومن بالطبع شعراء جميعهم ليسوا

المآثر بتصوير يتسم فني قالب في الجماعية الفروسية المآثر تلك على الزمن عبر شاهدا يظل بحيث والبطوالت عن للتعبير الوحيد المؤهل هو هنا الشاعر فيكون والمواقف،

الفروسية تلك خصائص الفردية ذاته من منطلقا إلى وصوال في يعتمل ما لنقل المثلى الوسيلة بذلك ليصبح الجماعية، الذات

قبيلته. ألبناء الجمعي الوجدان التي المنفعلة الشعرية النغمة تلك فإن الحال وبطبيعة

الحماسة بشعر عليها نصطلح والتي الجاهلي، الشعر جل ميزت هذا عاشه الذي الوجودي الصراع أثر على تولدت والفخر حياته تهدد قاسية طبيعة ظل في حياته أيام طوال اإلنسان يقظا يظل أن عليه فكان لحظة، كل في ووجوده الستقبال دوما

المبادرة زمام يمتلك نفسه- أن الوقت في – وعليه طارئ، أي الحروب نشوب عليه ترتب مما وجوده، وفرض بقائه بضمان أجل ومن ،تارة والكأل الماء أجل من جيرانه، وبين بينه الدائمة

يالحماس الشعر فكان أخرى، تارة لحقه ضيم أو به أحس ذل استعداداو حزما المتوقدة اللحظات تلك كل في حاضرا

واستنفارا. والتأثر النفسية، بالتوترات المشحونة األجواء تلك ظل ففي شعر نشأ بالخصم باإلطاحة والنشوة بالغنيمة الظفر بلحظات الحماسة وصور قوالب في فجاء المنفعلة، المواقف بتلك متأثرا والوهم الخيال إلى أقرب لتصبح والغلو بالمبالغة تتصف ما غالبا

الواقع. إلى منها مجموعة فيصور الجماعة، بذوات الشاعر ذات تمتزج وهكذا

األيام مع تصبح التي القيم من داخل بها يعتد ومفاهيم أعرافا يحفظ الذي السجل هو بالمآثر الفخر ويصبح وخارجها، القبيلة

هو والشعر األيام، من رصيدها ويعلن القبائل، بين مكانتها لهامحالة. ال ذلك في الفصل الحكم

ليس الفارس الشاعر لكن دائما قبيلته عليه تمليه لما مواليا يرفض فقد ومفاهيم، قيم من قومه أو التقيد أو االمتثال أحيانا

كرامته من ينال أو حريته من يحد أنه خالله من يحس بما في اختالل عنه ينشأ ما وذلك الفردية، وسيادته الشخصية

– ذلك ينجم وقد قبيلته، وبين بينه وجفوة برودة يولد أو التعامل وإما الشاعر، يرتكبه قد ما خطأ أثر على األحيان- إما أغلب في

كان إذا سيما ال طبقي، بتفاوت نفسه الشاعر هذا إحساس نتيجة الشعرية، ومكانته فروسيته عن النظر بصرف العبيد، طبقة من عليها يترتب مما التفاهم سوء إلى المؤدية األسباب تتعدد وقدمنه. التبرؤ أو دمه وإهدار وطرده الشاعر خلع

-116-

Page 117: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

يختار من الحرجة المواقف تلك مثل في الشعراء فمن ليثبت القبيلة حدود إطار في الفروسية وإظهار المواجهة سبيل

االختيار هذا في مما الرغم على ظلها، في ذاته ويحقق وجوده يختار من ومنهم ومخاطر، صعوبة من يهجر نأك آخر، سبيال

عليها، الحرب إعالن وربما لها، ومقاطعته عداءه ويعلن القبيلةتغييرها. على ويعمل وقيمها مفاهيمها وعلى

نجد وهكذا عالم اختاروا الفرسان الشعراء من لفيفا تلتقي وقد القبيلة، قيم مع تتناقض قد قيم خلق وهو الصعلكة،ببعضها..

دون شعراء هم من على مقتصرة هنا الصعلكة وليست الصعاليك الشعراء أن في تكمن فالمسألة الفرسان، من غيرهم

فنية أدوات من يمتلكون ما بحكم الظاهرة تلك صوروا قد الصعاليك جميع أن ذلك يعني ال حين في تعبيرية، وأساليبشعراء. أنها على الصعلكة ظاهرة إلى ننظر أن البديهي ومن

وتعد ومسبباتها، أسبابها لها ظاهرة الطبقي التفاوت على تمردا كان ما رفض وعلى واالجتماعي، فجاءت وظلم، جور من سائدا

الثروات وتوزيع االجتماعية العدالة شعارها إصالحية ثورة لتمثل عادل، بشكل بشيء التطبيقية الوجهة من اتسم قد ذلك أن إال

العدالة ذلك- مبادئ بعد – لتختلط والتطرف الفوضى منالغير. أمالك وابتزاز والنهب السطو بمبادئ االجتماعية العقل يقرها ال كثيرة سلبيات من الظاهرة هذه في ما وعلى قيم جوانبها- من بعض في – تخلو ال فإنها الراجح، اإلنساني األرزاق تقسيم بمبدأ األمر يتعلق حين سيما ال سامية، إنسانية

الورد بن عروة لدى بخاصة ذلك ويتجلى بالمساواة، الناس بينالشعرية. الظاهرة هذه رواد أحد يعد الذي

في وغلو تهويل من وأشعارهم الصعاليك أخبار في ما وعلى ما االجتماعية الظاهرة تلك مثل في فإن والسلب، النهب مجال ما، حد إلى ولو والفقراء، األغنياء بين التوازن إعادة على يحمل

أخذت الصعلكة ظاهرة ألن ودعمت واالنتشار، الذيوع من حيزا والفوارق الطبقي الجور ضوء في وبلورتها بقائها أسباب

والمحرومين. المترفين بين الفاحشة من به حفل ما على الصعاليك شعر فإن ذلك عن وفضال

الحياة عن فكرة تكوين من مكننا الزيادات بعض وربما مبالغات هزات من تخللها وما الجاهلي، العصر في السائدة االجتماعية

والقفار الفيافي والؤم الذين الصعاليك هؤالء أحدثها رعباوتهديدا.

هذه على حسبوا الذين الشعراء أن ذلك كل في واألهم قدموا الظاهرة نموذجا شعريا بالشعر وسمه يمكن بذاته، قائما

صور الذي الثوري جانبا معرفته استطاعتنا في يكن لم مما حياتيا فأصبحوا قبائلهم خلعتهم أو طردتهم الذين الصعاليك هؤالء لوال

أي الستقبال لحظة كل في ويتأهبون سيوفهم يتوسدون منبوذين -117-

Page 118: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

طارئ. قصة الجاهلي للشعر قراءتنا ثنايا في انتباهنا لفت وقد

قضايا من القصة تلك تمثله أن يمكن وما شداد، بن ةعنتر الشعرية الملحمة درجة تتبوأ ألن يؤهلها مستوى تبلغ قد إنسانية

والشهامة البطولة من فيها إنسانية مالمح من حوته لما التسمية، بتلك جديرة يجعلها ما والخوارق مالمحها عن فضال

فذة. شاعرية قدرة عن تنم التي الفنية في– بني قبل من ذلك نتبين أن حاولنا كما ةعنتر فشعر

ذلك وحاول القبيلة، داخل الطبقي الصراع فكرة مجمله- على يقلب أن همة وعلو خارقة شجاعة من عليه فطر بما الشاعر

غايته بلوغ دون تحول كانت التي القيم بعض ويغير الموازينة. بالسلي حريته تحقيق النهاية في هي التي

إنسانية قيمة من الطبقي صراعه في ةعنتر انطلق لقد ونقاؤها، صفاؤها حيث من القيمة تلك على وحافظ نبيلة،

عبلة، عمه ابنة إزاء باأللم الممزوجة عاطفته في ذلك ويتجلى لها حبه صور فقد تصويرا عفيفا من جانب في يخدشه لم شريفا

مثلت ألنها وشرفا، سموا تتألق المحبوبة هذه جعل مما جوانبه الفروسية سماء في الفارس ذلك بهما يرفرف اللذين الجناحينوالمجد.

الرافض الموقف حقيقة يعي الشاعر أن من الرغم وعلى وجهة من طبقته غير طبقة من هي التي الحبيبة بتلك القترانه

ظل فإنه الدم، رابطة حيث من كذلك وليست الطبقية النظر موقفه على مصرا النهاية في يعني الذي األمل بذلك متشبثا

واالنعتاق. الحرية ضمن النقدية الدراسات بعض تصنفها التي ةعنتر قصة إن لم الشعرية، بالملحمة وسمها على هنا ونصر الشعبية السير والعبيد، السادة بين والتمييز الطبقي، الصراع حقيقة أمام تضعنا تحكم التي القيم تلك ظل في محظور هو وما مباح هو ما وبين

المعاناة حقيقة أمام تضعنا ولكنها فحسب، الجاهلي المجتمع ظل الذي الفارس الشاعر ذلك خاضها التي القاسية النفسية

له تعيد التي السامية الغاية تلك بلوغ أجل من يأس دون يكافح أحكام ظل في الضائع والحق المفقود األمل ذلك وألخوته

الدم رابطة في حقه اإلنسان على تنكر جائرة اجتماعيةوالنسب. على يديه يضع ةعنتر لشعر المتصفح أن القول وجملة

كريمة، نفس من النابعة السامية اإلنسانية القيم من مجموعة ذلك يكبر القارئ، هذا يجعل مما صاف، ومعدن مرهف وحس

معا. وشعره الشاعر شعري غرض عند البحث هذا ختام في الرجال حططنا وقد

طياته في وجمع غرض، من أكثر فيه امتزج المواقف من عددا أقدم من يعد الذي الهجاء غرض وهو المتناقضة، اإلنسانية كان وقد القديم، العربي شعرنا في األغراض أو للفخر مصاحبا

-118-

Page 119: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

مرتبط أنه كما به ممتزجا يكون يكاد ارتباطا لغرض مباشراالمدح. اإلنسانية الصفات من مجموعة بذم الهجاء شعر ارتبط لقد

إذا وأنقى صفىأ بصفات وتعويضها إبعادها قصد إما واالجتماعية القبيلة مستوى على حميدة صفات غرس إلى يرمي الهجاء كان

قيمة من التقليل قصد الهجاء يأتي وإما األفراد، مستوى على أو شأن من ينزل وبذلك المشوهة، الصورة ضمن وتصويره المهجو يقابل فهو هنا ومن منحطة، قيم من به يتميز ما بحكم المهجو الذميمة الصفات أن بحيث معكوسة بصورة ولكن المدح، غرضالمدح. مجال في مناقضة أخرى صفات تقابلها

الفخر، غرضب القدم منذ ارتبط الهجاء فإن ذلك عن وفضال مختلف بين الحروب بكثرة عرف قد الجاهلي المجتمع كان فإذا

الذي الفخر شعر ذلك صاحب فقد وتناحرها قتالها في القبائل ويشيد األبطال مآثر سجليو المتحاربين حماسة من يزيد

إلى نفسه- يلتفت الوقت في– فإنه بالئهم، وبحسن بشجاعتهم في مفرطين الوغى ساحات من الفارين أو المهزومين صورة

وبذلك وغنائمهم، متاعهم شعر مقطوعة كل في نعثر ما فغالبا أقل على الهجاء رائحة منه نشتم أو هجاء على الفخر غرض في

تقدير. يأتي قد الهجاء فإن الحال وبطبيعة يهجو بحيث شخصيا

إلى يوجه وقد بالشعر، له عالقة ال فرد أي أو آخر شاعرا شاعر إلى يشير كأن ضعفها، مواطن بعض في فيصيبها برمتها، قبيلة إلى أو حقوقها في تفريطها إلى أو القتال ساحات في جبنها أنواع من ذلك شابه وما بمكانتها، تليق ال التي الصفات بعض

عيوب أنها أو الخلقية بالعيوب متعلقة أكانت سواء العيوب نقص على شاهدة وظلت تاريخها عبر حدثت بمواقف مرتبطة

االجتماعي. أو التاريخي رصيدها في وتضخيمها العيوب اختالق في الهجاؤون الشعراء ويتفنن

الحسنة يحولون بحيث من ويجعلون مثلبة، أو نقيصة إلى أحيانا ذلك وكل ،واستخفاف سخرية مواقف النبيلة اإلنسانية المواقف

متميزة. نقدية وحاسة فنية قدرة من الشاعر يمتلكه ما ضوء في إلينا نقل الجاهلي الشعر في الهجاء فإن األمر كان وأيا

كان وعما المجتمع، ذلك في يعتمل كان عما حية صورة سائدا وعالقات قيم من هأفراد بين من الشعر هذا يحويه عما فضال

االجتماعية الصور ابتداع في الفنية القدرة عن تنبئ شعرية صورالكثير. الشيء والتناقضات المفارقات من تحمل التي

معالجتها على النفس اوطن التي القضايا أهم باقتضاب تلك قد نكون أن آملين والتحليل الدراسة من بشيء عندها والوقوفوالتمحيص. الدراسة من حقها أعطيناها

مثلوا هءشعرا أن رغمب الجاهلي الشعر - إنإذا– ولنقل عصرا اإلسالم يدركهم أن قبل شعرهم نظموا بحيث وثنيا

-119-

Page 120: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

جاء الشعر هذا أن إال السامية السماوية بتعاليمه بقيم طافحاصافية. مناهل من نهلت إنسانية طبيعة عن تنم نبيلة إنسانية عن ناتجة األولى للوهلة تبدو التي القيم بعض الحظنا وإذا تبدو أنها أو قبلي، تعصب أو طيش مالمح طياتها في تحمل قيما األدب في المشرفة الجوانب ينفي ال فذلك وتهور، حمق نزوات

ذلك أكان سواء الجاهلي مما المعنوية، أو التركيبية بالبنية متعلقا متقدمة مرحلة يمثل الذي الجاهلي األدب نضج نؤكد يجعلنا

ينم العام منحاه في األدب هذا أن إذ محالة، ال مراحل سبقتها يدحض حضاري مستوى وعن واألدب، الفكر في تطور عن كثيرا صادر بأدب وصفه أو شأنه من التقليل إلى تذهب التي اآلراء من التي الحضارية المستويات عن تكون ما أبعد بدوية بيئة عن

األخرى. اإلنسانية اآلداب بقية من األدب هذا تقرب

والشكر. الحمد ولله

-120-

Page 121: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

والمراجع المصادر ثبت

: المصادرأ- دار طبعة هارون، السالم عبد شاكر، أحمد تحقيق األصمعي، -األصمعيات،1

المعارف..صفهانيألا -األغاني،2. عصريةال المطبعة القرشي، خطاب بن محمد العرب، أشعار -جمهرة3- الجاحظ. 2-1 جـ -الحيوان،4.1 جـ المعاني، -ديوان5.الحلبي طبعة هشام، بنا -سيرة6. عروة ديوان على السكيت ابن -شرح7.األنباري القاسم أبو الطوال، السبع القصائد -شرح8. المصرية الكتب دار.1950-2ط للزوزني السبع، المعلقات -شرح9

المطبعة ريزي،بالت علي بن يحيى الطوال، العشر القصائد -شرح10. المصرية

. النصرانية -شعراء11.1 جـ ،للمبرد واألدب اللغة في الكامل-12.-المفضليات13.-النقائض14. -النوادر،القالي15

الشعرية الدواوين- ب الحوار دار اليعقوبي، الكريم عبد وتوثيق جمع الجاهليين، العامريين -أشعار1

. حسين، محمد.م وتعليق شرح قيس، بن ميمون الكبير األعشى -ديوان2

.اآلداب مكتبة تأبط -ديوان3 دار شاكر، الفقار ذو علي وشرح وتحقيق جمع وأخباره، شرا

.1984 ،1ط اإلسالمي، الغرب.1973 بيروت ،صادر دار ،األسد الدين ناصر تحقيق الحادرة، شعر -ديوان4 بيروت والنشر، للطباعة بيروت دار صادر، دار العبد، بن طرفة -ديوان5

1961. والنشر، للطباعة بيروت دار صادر، دار ل،وأوالسم الورد بن عروة -ديوان6

بيروت1964.

والنشر، للطباعة صادر دار البستاني، كرم تحقيق الذبياني، النابغة -ديوان7 -121-

Page 122: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

.1960 بيروت والنشر، للطباعة صادر دار بيروت، دار األبرص، بن عبيد ديوان -شرح8

.1958 بيروت تقديم شلبي، الرؤوف عبد المنعم عبد وشرح تحقيق ،ةعنتر ديوان -شرح9

الطباعة. فن مؤسسة األبياري، إبراهيم. لبنان بيروت صادر، دار ،ةعنتر ديوان -شرح10

المراجعج- فرانس، دو الكوليج في ألقيت محاضرات العربية، الشعرية -أدونيس،1

. لبنان – بيروت اآلداب دار ،1989 الثانية الطبعة ،1984 أيار باريس، والموضوعية، الفنية قضاياه الجاهلي الشعر محمد، الرحمن عبد -إبراهيم2

.1980 بيروت العربية، النهضة دار منشورات وشعره، حياته الورد، بن عروة الخواجة، شحادة -إبراهيم3

.1981األولى. الطبعة للنشر، الليبية الشعبية المنشأةلبنان. بيروت، ،الثقافة دار العرب، عند وتطوره الهجاء حاوي، -إيليا4 الثانية، الطبعة المكشوف، دار الفرسان، الشعراء البستاني، -بطرس5

.1966 لبنان وحديثه، قديمه العربي، الشعر في الروحية القيم ،سملح الفتاح عبد -ثريا6

بيروت. اللبناني، الكتاب دارترجمة. الجاهلي، الشعر في الشفوي النظم مونرو، -جيمز7 جامعة منشورات العربية، الخطابة في الخلقية القيمة منصور، -سعيد8

.1991 األولى الطبعة ازي،نغب س،نقاريوغريب. مكتبة الجاهلي، للشعر الفنية األصول شلبي، إسماعيل -سيد9

الخامسة، الطبعة ،واإلسالم الجاهلية بين الغزل تطور فيصل، -شكري10. لبنان بيروت، للماليين، العلم دار

الرابعة. الطبعة الجاهلي، األدب في حسين، -طه11 القديم العربي لألدب جديدة قيم الشاطئ(، )بنت الرحمن عبد -عائشة12

.1967 يناير الجديدة، مصر ،1967-66( 22) جـ ،والمعاصر مؤسسة الفنية، وأساليبه صوره الجاهلي الهجاء عجالن، بيومي -عباس13

. العربية مصر جمهورية – االسكندرية الجامعة، شباب منشورات الجاهلي، الشعر لدراسة مقدمة ،الزبيدي خضر المنعم -عبد14

.1980 ،يونس قار جامعة العربية، القصيدة في التقليدي المطلع داوي،لالب النبي عبد -عدنان15

بغداد. – الشعب مطبعة وتحليل، ونقد دراسة الطبعة ،الجاهلي العصر في العرب وأيام الشعر الرحمن، عبد -عفيف16

.1984 لبنان بيروت األندلس، دار األولى، األنجلو مكتبة ،1 جـ الجاهلي، العصر في الحرب شعر الجندي، -علي17

. القاهرة ،الرسالة مطبعة ،المصرية العربي، األدب فنون سلسلة والحماسة، الفخر الباحثين، من -مجموعة18

العربية. األقطار أدباء من لجنة ،المعارف دار ائي،نالغ الفن ومعاناتها الجاهلية القصيدة خصوبة الله، عبد حسن صادق -محمد19

العربي. الفكر دار المتجددة،الجاهلي. العصر ونصوص أدب في دراسات أحمد، القادر عبد -محمد20 اآلداب مكتبة الجاهلية، في والهجاؤون الهجاء حسين، -م- محمد21

-122-

Page 123: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

مصر. بالجماميزت، دار التاريخية، وقيمتها الجاهلي، الشعر مصادر األسد، الدين -ناصر22

.1966 الثالثة الطبعة بمصر، المعارف النقد ضوء في الجاهلي، الشعر في الفنية الصورة الرحمن، عبد -نصرت23

.1976 عمان األقصى، مكتبة الحديث، الكتب، دار الجاهلي، الشعر في الفروسية القيسي، حمودي -نوري24

.1984 الثانية، الطبعة مصر، نهضة مكتبة السادسة، الطبعة فنونه،و خصائصه الجاهلي الشعر الجبوري، -يحيى25

يونس. قار ةجامع منشورات المعارف دار ،الجاهلي العصر في الصعاليك الشعراء خليف، -يوسف26

بمصر.الفلسفة. تاريخ كرم، -يوسف27

-123-

Page 124: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الموضوعات فهرس5......................................................................المقدمة13................الجاهلي الشعر شفوية األول الفصل23...................القيمة مفهوم : في الثاني الفصل االستجابة بين الطللية : المقدمة الثالث الفصل

33................................الفني والتقليد النفسية33......................................النقدي: أ- المنظور

41.................................التطبيقي: ب- المنظور الشاعر أنا بين الجاهلي الرابع: فروسية الفصل53........................................القبيلة واعتدادوالوسيلة…". "الغاية الصعلكة الخامس: ظاهرة الفصل

..............................................................6767....................................................الصعلكة ظاهرة

67.....الصعلكة لظاهرة التأويلي االستقرار ـ174........الشعري النص في الصعلكة أبعاد- 2

الصراع ظل في عنترة السادس: فروسية الفصل87....................................................الطبقي السلبية المظاهر بين السابع: الهجاء الفصل

99..................................................واإليجابية124...................................................الخاتمة134...........................................والمراجع المصادر ثبت

134...............................................أ- المصادر134.................................الشعرية -الدواوين ب

135..............................................ج- المراجع

-124-

Page 125: جدلية القيم al keam.doc · Web viewوقد اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج التاريخي حين يتعلق الأمر برصد بعض الظواهر

الوطنية األسد مكتبة في اإليداع رقم

نقدية رؤية: الجاهلي الشعر في القيم جدلية دمشق: اتحاد –بعيو بو بوجمعة/ : دراسة معاصرة – 2001 العرب، الكتاب

سم.24 ؛ ص137

العنوان- 2ج ب و ب811.1009- 1بعيو - بو3

األسد مكتبة2421/12/2001ع-

-125-