ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥...

22
٥٥ * حمد الفتحي م اﻧﺘﻈﺎم ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎﻧﻴـﺎت اﻟﺒﻨﻴﻮﻳـﺔﻮية ﰲ الدرﺱ ﺣققتﻪ البنيﻮية، بالنﻈر ﺇﱃ ﻣات البنيلساﻧياﻐة ﰲ اللت الة ﻣستﻮياوﻝ الدراستنا تدة،لﻤية وﻣعرفية ﻣتعدت عا ﻐة ليﻤتد ﺇﱃل الود ﻗﻀايا تاوﺯ ﺣدادراكﻢ واﻣتدلﻐﻮﻱ ﻣن ت ال ﻣتكاﻣﻼ تﺼﻮرﹰابلﻮرﲥات اﳊديثة، بلساﻧياة وﻣنﻬجية أﻏنﺖ الث وفرت أدوات ﻧﻈري ﺣي ﻣرﺟعيﹰا لرسﻢ ﻣعاﱂرﹰ الﻐﻮية، وهﻮ ﻣا يﺸكﻞ ﺇﻃات الستﻮيات واكﻮﻧاﴏ والعناﻡ اﻧتﻈا ﻣنﻈﻮر لساﲏ ﺣديث.لﻐﻮية ﻣن اﳍندسة ال وفﻖ التﺼﻮر البنيﻮﻱ، وﺫلﻚﻧتﻈاﻣﻬالﻐة وات الة ﻣستﻮيالﺞ الدراسة هندسﻹﻃار، تعا ﰲ هﺬا اا، ﻣن ﻗبيﻞ:لقﻀايﻤﻮعة ﻣن ا ﺧﻼﻝ ﻣناﻗﺸة ﻣنﺸتﻐﻞ؛ﻈﻢ وتنتاﲥا؛ كيﻒ تﻮﻱ؛ ﻣستﻮي وفﻖ التﺼﻮر البنيلﻐة وﻣكﻮﻧاﲥا وعناﴏها ﻃبيعة اللبناءﱂ ﻣعﲈرية اﻮية ﰲ ﲢديد ﻣعات البنيقارباﻣﻞ اتكابﻄة بينﻬا؛ كيﻒ تت الرالعﻼﻗا ﻃبيعة اﺋيﹰا. وﺇﺟرا ﹰا وﻣنﻬجيﹰالساﲏ ﻧﻈري اللﻐﻮيةعﺖ الدراسة الستﻄانﻬﺞ وكيﻒ الية القﻀايا ﻣن ﺇشكاﳉة هﺬﻩ اسة ﰲ ﻣعاﻖ الدرا تنﻄللتﻲ شﻬدﲥا عبﻄﻮرات اة، وبفﻀﻞ التﺼلبﻮﻡ العل ﻣن الستفادﲥا بفﻀﻞ اﳊديثة تاوﺯها ااهات.تدارﺱ واﻤﻮعة ﻣن ا لعناﴏ التﻄرﻕ ﺇﱃ اﺐ سﻮسﲑ، ﺣيث ﺟرلﻐﻮية بحست الستﻮياحﻮر اﻷوﻝ عﲆ ا اﻧﺼﺐ افﻬﻮﻡ النحﻮ ﺬﻱ بلﻮرﻩ سﻮسﲑ، وكﺬا تﺼﻮرﻩنﻬجﻲ واﻹﺟراﺋﻲ ال النﻈرﻱ واﻷساسية لﻺﻃار استبدالية.ت العﻼﻗاركبية وات العﻼﻗاﺋية ا ﺛناﺧلﻬا ﺿﻤنلﻐﻮية وتدات الستﻮياﻡ اﻧتﻈا والقﻀايا هﻮ ااعتبار ﻣﻮﺿﻮعﻬاروبتسكﻮﻱ، بﻮفﻮﻧﻮلﻮﺟيا بحسﺐ تﲏ ﻣفﻬﻮﻡ الثاحﻮر اوﻝ ا وتنافﻬﻮﻡ. هﺬا التﻲ أفرﺯهانﻬجية اﺸكﻼت اة والﴫﻑ، ﻣﻊ استعراﺽ أهﻢ اﺸﱰكة بي الﺼﻮات اعية كاتاﻩ التﻮﺯيلساﻧياتﻐﻮية ﰲ اللت الستﻮيا االث عﲆ ﻗﻀاياحﻮر الثهتﲈﻡ ﰲ ا واﻧﺼﺐ الﻐة وﻣﺸكﻼﲥا. وتﻄرﻕ الستﻪ ﻗﻀايا ﰲ درا ﻣرﺟعيﹰارﹰ اسلﻮكﻲ ﺇﻃاﻢ النفﺲ الﲏ اﲣﺬ ﻣن عل لساهيﻢ واﻷدواتفاينﻲ، واستعرﺽ أهﻢ ا ﻣن ﺧﻼﻝ أ.ﻣارتﻮياتستحﻮر اﻷﺧﲑ ﺇﱃ هﺬﻩ ا الﻐةد ﺻﻮﻍ ﻣفﻬﻮﻡ الﺻﲇ أعاﲏ تﻮا ﻣنﻈﻮر لسادرسة الﻮﻇيفية، ﺿﻤن اتﻲ بلﻮرﲥانﻬجية ال ا ووﻇاﺋفﻬا وكيفية ﲤفﺼلﻬا.ﻮية ﻣن ﺟﻬة، وﺇﱃت البنيلساﻧيا البحث وﻣﺸكﻼتﻪ ﰲ السة ﺇﱃ أهﻢ ﺻعﻮباتﺼﺖ الدرا ﺧلﻬﺖ ﺇﱃ بلﻮرة تﺼﻮر دﻗيﻖ، ﺣيث اﻧتﻬجﻲ ﻣن ﺟﻬة أﺧرن النﻈرﻱ واﺯ ﻏنﻰ تﺼﻮرها ﺇبراﺸكﻞ أرﺿية ﺧﺼبة لتعﻤيﻖ البحث ﰲ اﳍندسةﻧتﻈاﻣﻬا، وهﻮ ﻣا يلﻐﻮية وات الستﻮيا ﳍندسة الﻐﻮية وتﻄﻮيرها. ال * ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺑﺎﺣﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ.

Upload: others

Post on 26-May-2020

1 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٥٥

محمد الفتحي*

انتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

تتناول الدراسة مستويات اللغة يف اللسانيات البنيوية، بالنظر إىل ما حققته البنيوية يف الدرس اللغوي من تراكم وامتداد تاوز حدود قضايا اللغة ليمتد إىل جماالت علمية ومعرفية متعددة، متكامال ا تصور ببلورهتا احلديثة، اللسانيات أغنت ومنهجية نظرية أدوات وفرت حيث معامل لرسم مرجعيا ا إطار يشكل ما وهو اللغوية، واملستويات واملكونات العنارص النتظام

اهلندسة اللغوية من منظور لساين حديث.يف هذا اإلطار، تعالج الدراسة هندسة مستويات اللغة وانتظامها وفق التصور البنيوي، وذلك

من خالل مناقشة جمموعة من القضايا، من قبيل:وتشتغل؛ تنتظم كيف مستوياهتا؛ البنيوي؛ التصور وفق وعنارصها ومكوناهتا اللغة طبيعة البناء البنيوية يف حتديد معامل معامرية املقاربات تتكامل بينها؛ كيف الرابطة العالقات طبيعة

اللساين نظريا ومنهجيا وإجرائيا. تنطلق الدراسة يف معاجلة هذه القضايا من إشكالية املنهج وكيف استطاعت الدراسة اللغوية عب شهدهتا التي التطورات وبفضل الصلبة، العلوم من استفادهتا بفضل تاوزها احلديثة

جمموعة من املدارس واالتاهات.العنارص التطرق إىل اللغوية بحسب سوسري، حيث جر املستويات املحور األول عىل انصب األساسية لإلطار النظري واملنهجي واإلجرائي الذي بلوره سوسري، وكذا تصوره ملفهوم النحو

وانتظام املستويات اللغوية وتداخلها ضمن ثنائية العالقات املركبية والعالقات االستبدالية.القضايا هو موضوعها باعتبار تروبتسكوي، بحسب املوفونولوجيا مفهوم الثاين املحور وتناول

املشرتكة بي الصواتة والرصف، مع استعراض أهم املشكالت املنهجية التي أفرزها هذا املفهوم.وانصب االهتامم يف املحور الثالث عىل قضايا املستويات اللغوية يف اللسانيات التوزيعية كاتاه ا مرجعيا يف دراسته قضايا اللغة ومشكالهتا. وتطرق لساين اختذ من علم النفس السلوكي إطاراملفاهيم واألدوات أهم أ.مارتيني، واستعرض املستويات من خالل إىل هذه املحور األخري املنهجية التي بلورهتا املدرسة الوظيفية، ضمن منظور لساين تواصيل أعاد صوغ مفهوم اللغة

ووظائفها وكيفية متفصلها.خلصت الدراسة إىل أهم صعوبات البحث ومشكالته يف اللسانيات البنيوية من جهة، وإىل دقيق بلورة تصور إىل انتهت واملنهجي من جهة أخر، حيث النظري إبراز غنى تصورها هلندسة املستويات اللغوية وانتظامها، وهو ما يشكل أرضية خصبة لتعميق البحث يف اهلندسة

اللغوية وتطويرها.

* أستاذ باحث من المغرب.

Page 2: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٥٦ل بنية النظام اللغوي حمور اهتامم متزايد للمقاربات اللسانية واحلاسوبية بالوقائع اللغوية، تشكوهي ختتلف بتنوع األجيال اللسانية وتعاقبها، حيث برزت مع ظهور اجليل الرابع أسئلة جديدة ، نظرية لسانية، أم إهنا مقاربة توفر أدوات من قبيل: إىل أي حد يمكن اعتبار اللسانيات احلاسوبية، مثاللساين رصف؟ منظور والتفسري من والتحليل الوصف استكامل عملية بعد وتقنيات مساعدة، توظف من ثم، فإن اللسانيات البنيوية حققت، عىل الرغم من أهنا كانت ترتبط بنشأة الدرس اللساين احلديث، ا إىل جماالت معرفية أخر منذ النشأة إىل اليوم، وال تزال أدواهتا النظرية واملنهجية ا واسع تراكام وامتدادالنتظام متكامال ا تصور وتوفر وحتليلها، واإلبداعية اللغوية الظواهر دراسة يف تستثمر واملفاهيمية العنارص واملكونات واملستويات اللغوية، يمكن اعتبارها أرضية خصبة لرسم معامل اهلندسة اللغوية من منظور لساين حديث. يف هذا اإلطار نتناول يف هذه الدراسة انتظام املستويات اللغوية من منظور بنيوي،

منكبني عىل جمموعة من األسئلة:

طبيعة ما وتشتغل؟ تنتظم كيف مستوياهتا؟ هي ما وعنارصها؟ اللغوية البنية مكونات هي ما العالقات الرابطة بينها؟ كيف تتكامل املقاربات البنيوية يف حتديد معامل معامرية البناء اللساين نظريا

ومنهجيا وإجرائيا؟

مرتكزات منهجيةصعوبة تطرح إذ املنهج؛ بإشكالية يرتبط ما عامة، بصفة اإلنسانية العلوم مشكالت أهم من لعل دراسة الظواهر اإلنسانية دراسة علمية دقيقة، كام هو الشأن بالنسبة إىل العلوم البحتة. وذلك راجع إىل ما تتميز به العلوم اإلنسانية من استثناءات وخصوصيات، وإىل تداخل أبعادها النفسية واالجتامعية

والثقافية واملعرفية.

أن استطاعت احلديث، العرص يف عرفتها التي اإلجيابية التطورات وجراء اللغوية، الدراسات أن بيد تتغلب إىل حد كبري عىل مشكلة املنهج. وبذلك استطاع البحث اللغوي أن يشارك العلوم الصلبة طابعها

العلمي وأدواهتا اإلجرائية.

والفيزياء والبيولوجيا كالرياضيات املختلفة، العلوم من استفادهتا بفضل اللسانيات، حققت واإلعالميات، نتائج مهمة، وصاغت آليات جتريبية وفرت هلا إمكانية وضع الفرضيات وجربتها وتعليمها اللغة اكتساب حول تطرح التي التساؤالت عىل مهمة أجوبة وقدمت ذاته. اآلن يف األنظمة اشتغال وآليات الذهن، يف املخزن اللغوي والربنامج امللكة مفهوم وحول وتعلمها،

اللغوية ومعاجلتها احلاسوبية.

تعترب سنة ١٩١٦، تاريخ نرش كتاب فردناند دو سوسري (F.de Saussure) حمارضات يف اللسانيات العامة، ا أثر بشكل عميق مرحلة حاسمة يف تاريخ البحث اللغوي. فمنذ تلك الفرتة، اختذ سوسري منحى جديداللغوي؛ فهي للنظام بطريقة وصفها التي متيزت البنيوية اللسانيات بينها الالحقة، ومن يف االجتاهات متيز يف عملية الوصف بني أربعة مستويات أساسية، إال أن هذا التقسيم يمكن أن يثري تساؤالت كثرية،

أمهها عىل الشكل التايل:

Page 3: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٥٧التقسيم وطبيعة التقسيم؟ ما هي معايري حتديد هذه املستويات؟ ما مد انسجام هذا ما مرشوعية هذا

النظام اللغوي؟ ما طبيعة العالقة التي تربط بني تلك املستويات؟

أننا تطرحها. غري التي القضايا مناقشة مع األسئلة، اإلجابة عن هذه الدراسة نحاول خالل هذه لن نقف عىل آراء مجيع اللسانيني البنيويني ومجيع الدراسات التي قدمت يف هذا املجال، بل نعتمد تناقش أهنا عن فضال البنيوية، االجتاهات أهم متثل كوهنا عىل اختيارها يف اعتمدنا حمددة، نامذج إىل سنشري اإلطار هذا ويف املوضوع. هذا من البنيوية اللسانيات موقف وتربز املستويات قضية مارتينيه وأندري (L.Bloomfield) بلومفيلد عىل ونركز (Troubetzkoy) وتروبتسكوي سوسري اإلطار مالمح أهم نتناول ذلك وقبل اللغوية، املستويات مع تعاملهم وكيفية (A. Martinet)

النظري واملنهجي للسانيات البنيوية.

وإذا كانت الدراسات اللغوية ليست حديثة العهد، فإن الدراسة العلمية للغة من منظور لساين اختذت السياق هذا يف سابقة. مراحل إىل إرهاصاهتا تعود التي البنيوية اللسانيات ظهور مع ا جديد منحى نستحرض قول فؤاد زكريا: «إن البنيوية من حيث هي منهج قديمة العهد، أما من حيث هي مذهب شامل

فهي ظاهرة حديثة يف الفكر املعارص»(١).

وحرصت البنيوية باستمرار عىل جتاوز مشكالهتا، فأثبت منهجها نجاعته وأثمر يف جماالت خمتلفة سعت إىل شرتاوس ليفي كلود سعى األنثروبولوجيا جمال ففي منها؛ االستفادة إىل خمتلفة معرفية اجتاهات تطبيق املنهج البنيوي، فنجده يف دراسته أساطري الشعوب البدائية يركز عىل األنساق اخلفية قصد حتديد البنية الالواعية للعقل. وقد جعلته هذه الدراسة ال يركز عىل مضمون األسطورة بل عىل العالقات التي جتمعها بغريها. واليشء نفسه بالنسبة إىل أنساق القرابة، إذ ير شرتاوس أهنا ال تفرس من خالل التجربة

واملالحظة، بل يؤكد كوهنا جمموعة من العالقات الرمزية، كام هي احلال يف جمال اللغة.

ويف جمال املعرفة نجد ميشيل فوكو يف كتابه الكلامت واألشياء يرصد للعقل األورويب ثالث مراحل، كل مرحلة هي عبارة عن حقبة معرفية متميزة. ويعترب األحداث التارخيية والسياسية والظروف االقتصادية

ا وثابتا. ا مغلق د احلقبة نسق ع واالجتامعية شيفرة معرفية تقوده إىل حتديد تلك احلقب، وي

اللسانيات رهتا التي سط املفاهيم الكثري من البنيوي، ووظف املنهج النقد األديب، فاستلهم بدوره أما البنيوي ومن املنهج االستفادة من ها اإلنسانية حاولت يف جل العلوم أن نستخلص من هذا البنيوية.

أسسه املعرفية.

«لقد أراد عامل النفس أن يصري بنيويا يف دراسته وحتليله للظواهر والوقائع النفسية، ورغب عامل االجتامع أن يكون بنيويا يف معاجلته للظواهر االجتامعية، وحاول ليفي شرتاوس أن يضع أسس البنيوية لألنرتبولوجيا، البنيوية عىل جمموعة من وكذلك فعل االقتصادي والناقد األديب وعامل الرتبية...»(٢). وتقوم اللسانيات

األسس، أمهها:

(١) فؤاد حسن زكريا، الجذور الفلسفية للبنائية، ط ٢ ([الكويت: جامعة الكويت، كلية اآلداب]، ١٩٨٦)، ص ٤.(٢) عبد العزيز حليلي، اللسانيات العامة واللسانيات العربية: تعاريف، أصوات (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة، ١٩٩١)، ص ٩.

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 4: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٥٨

مفهوم البنية

ا من العالقات التي جتمع بني العنارص وفق قواعد مضبوطة. معنى ذلك أن البنيوية تنظر عترب البنية نظام تإىل الظواهر باعتبارها مكونة من جمموعة من العالقات، و تستبعد كل تفكري خارجي يف دراسة املوضوع،

اليشء الذي جيعل البنية تتميز بالشمول والتحول والتنظيم الذايت.

اعتماد الوصف

ا وصفيا يعتمد مفهوم املحايثة (L’ immanence)، ويكتفي بوصف د املنهج البنيوي بصفة عامة منهج ع يا معطى من دون حماولة تفسريها أو احلكم عليها بأهنا صحيحة ا موضوعيا باعتبارها واقع الظواهر وصفل الذات يف الدراسة، وأن كل اللغات متساوية أمام البحث العلمي، وال فرق أو خاطئة؛ فال جمال لتدخبني لغة قديمة وأخر حديثة، وال فرق بني لغات األمم املتخلفة ولغات األمم املتحرضة. وليست هناك

ا من العالقات والعالمات الرمزية. لغة جيدة وأخر رديئة، فاملقياس الوحيد هو كوهنا نسق

التركيز على المنطوق

هتتم البنيوية بام هو منطوق، فهو األصل يف اللغة، أما الكتابة فمرحلة الحقة، يشكل هذا املوقف ثورة عىل النحاة القدامى الذين هيتمون باللغات املكتوبة، ألن املتن املكتوب يعكس مظاهر جتليات املالمح املعيارية

املتعلقة الفصاحة.

اعتماد المتن

تستعيص إليها يف عمومها، حيث النظر بدل متن حمدد من اللغة دراسة البنيوية يف اللسانيات تنطلق ا منه. ويقوم اللساين بدور فعال يف النظرة الشاملة؛ إذ تعتمد عينات لغوية تعكس نظام اللغة أو جزءحرص هذه العينات، والرتكيز يف الوصف والتحليل عىل ما هو مهم ومفيد فقط، ومن ثم يعتمد مفهوم

.(la pertinence) املفيدية

السانكرونية/ الدياكرونية

ميزت اللسانيات البنيوية بني التحليل السانكروين الذي يدرس اللغة دراسة تزامنية يف فرتة زمنية معينة، من التحليل الدياكروين الذي ينظر إىل اللغة يف تطورها. وهبذا يركز البعد السانكروين عىل النسق وعنارص إىل إال ينظر ال لكونه األول، التحليل البنيوية وتنهج بالتطور. الدياكروين البعد هيتم بينام فيه، الثبات

ا للدراسة التطورية التي هلا أفق تعاقبي ضمن ثنائية املايض/املستقبل. الواقع احلايل، خالف

السانكرونية وفق هذا التصور حلظة مقتطعة من الزمن وبناء عقيل جتريدي. ومع ذلك، ال تتصور البنيوية الدياكرونية، وهذه األخرية عبارة عن سانكرونيات وجود قطيعة بني املنهجني، فالسانكرونية جزء من

متتالية، وهذا ما عرب عنه مارتينيه بالسانكرونية الدينامية.

Page 5: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٥٩

المحور األفقي/ المحور العمودي

ـا بـني املحـور املركبـي (Axe Syntagmatique) واملحـور االسـتبدايل البنيويـة أيض اللسـانيات متيـز (Axe Paradigmatique)، فـاألول حييـل إىل العالقات التي جتمع بني العنـارص يف املتوالية اللغوية، وهو حمور تأليفي جيسـد البنية األساسـية للغة. أما الثاين، فيحيل إىل العالقات بني العنارص احلارضة يف املتوالية

والعنارص التي يمكن أن تستبدل هبا وتربطها هبا عالقات داللية وصوتية خمتلفة.

المستويات اللغوية بحسب سوسير ال يمكن احلديث عن اللسانيات البنيوية من دون استحضار جهود سوسري الذي عمل عىل وضع أسس الدرس اللغوي احلديث، فوجدت بذلك االجتاهات الالحقة أرضية خصبة نظريا ومنهجيا. وقد اعترب املادة اللغوية ذات طبيعة غري متجانسة، ويمكن النظر إليها من جهات متعددة، فمن املمكن دراستها من الوجهة النفسية أو االجتامعية أو الفيزيائية والبيولوجية، ولذلك، ال يمكن أن تكون موضوع اللسانيات، متيز قضية سوسري فطرح منهجها. وضبط موضوعها حرص إىل تسعى العلمية الدراسة أن ا خصوصاللغة، ووجهة نظر ا ملجال ا، خالف العلوم؛ فالعلوم الصلبة موضوعها موجود سلف اللسانيات من باقي التي حتدده، ومن هنا أعطيت األمهية للسان باعتباره ظاهرة اجتامعية، وباعتباره، عىل حد الباحث هي عت نسخه بالتساوي عىل أفراد املجتمع، وهو ذو طبيعة خفية وجمردة: «إنه نتاج تعبري سوسري، معجام وزاجتامعي مللكة اللغة وجمموعة من االصطالحات الرضورية التي يتبناها املجتمع ليتمكن أفراده من التعبري

بواسطته عن ملكتهم اللغوية»(٣).

يعترب اللسان مقابال للكالم (Parole) الذي هو عبارة عن استعامل فردي للغة يف سياق معني، وتتضح من خالله ثقافة الفرد ووضعيته االجتامعية وميوله النفسية. كام أنه جتسيد للسان (Langue)، وهو ما جعله ذا

طبيعة مادية قابلة للتجريب واملالحظة.

يف هذا السياق يشري سوسري إىل أن الدليل اللغوي (Signe) ذو طبيعة نفسية، وهو عبارة عن التحام صورة اللسانية ال جتمع بني اسم ذهنية بأخر سمعية، يف عالقة اعتباطية ورضورية واصطالحية؛ «فالعالمة ا، ا بصورة سمعية، وليست الصورة السمعية صوتا ماديا، أي شيئا فيزيائيا خالص ومسمى، بل تربط تصور

وإنام هي أثر سيكولوجي ناتج من الصوت»(٤).

إن طبيعة العالقة االعتباطية بني الدال واملدلول قد توهم بأهنا ختضع إلرادة الفرد، وبأن هذا الفرد يتمتع بحرية يف الربط بني الطرفني، غري أنه ال يستطيع تغيري الوضع واالختيار الذي وقع االتفاق عليه من طرف

ا ملبدأ التطور. ا متوارثا وإن يكن خاضع املجتمع، لكون اللسان نسق

ا تغري الداللة وثباهتا، إن البحث يف الدليل، من حيث عالقة الدال باملدلول وعالقة الدليل باملرجع وأيضبحث داليل، حيث نستشف من كالم سوسري أن من بني اهتامم اللسانيات البحث يف الداللة، إال أنه ال

يرصح بوجود مستو مستقل خيص هذا املوضوع.

(3) Ferdinand de Saussure, Cours de linguistique générale, publié par Charles Bally et Albert Sechehaye, avec la collaboration de Albert Riedlinger, Payothèque (Paris: Payot, 1972), p. 25.(4) Ibid., p. 98.

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 6: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٦٠تطور يف يبحث تارخيي فاألول الفونولوجيا، من األصوات علم سوسري يميز األصوات، جمال ويف األصوات وهو فرع من علم اللغة، بينام هتتم الفونولوجيا باجلانب الفيزيولوجي والفيزيائي للصوت، وهي ا مع التمييز بني السانكرونية والدياكرونية، يطلق سوسري عىل وصف حالة بالتايل علم مساعد. وانسجاممن حاالت اللسان تسمية علم النحو (Grammaire) لكونه يركز عىل اللغة كنظام. ويؤكد أن التعريف الذي أعطي ملفهوم النحو يف اللسانيات التقليدية ضيق؛ فقد كان يعنى بالدراسة الشكلية املرتبطة باإلعراب اهتم األساس هذا وعىل اللغة. بمفردات هتتم التي املعجمية الدراسة مقابل يف والرتكيب، والترصيف الرصف بأقسام الكلم وأصنافه، وبالصيغ الرصفية وبنائها، وهي، كام يبدو، دراسة شكلية، أما الرتكيب

فيشري إىل أن موضوعه هو كيفية التأليف بني الكلامت داخل اجلملة واآلثار النامجة عن تلك العملية.

يستخلص سوسري أن هذا التقسيم ومهي وغري مطابق للواقع اللغوي، وإن كان ذا فائدة معينة، فهو ال خيضع ألي منطق. ويلح عىل أن احلاالت التزامنية للسان من حيث العمق ذات طبيعة واحدة، وإىل تلك ا حلقيقة الطبيعة يعز التداخل بني الرصف والرتكيب واملعجم. بناء عليه، يظل كل تقسيم مسبق خمالفا من اللسان التي ينبغي النظر إليها يف إطار العالقة بني املحور األفقي واملحور العمودي: «ما قمنا به سابقالذي يوحى بطريقة تصنيف تفرض ذاهتا. وهو املركبية والعالقات االستبدالية هو العالقات متييز بني وحده الذي يمكن اعتامده كقاعدة لكل نظام نحوي. إن كل ما يمكنه أن يشكل حالة لسان ينبغي أن يرد النظرة يتضح رفض أمام هذه املركبي ونظرية حمور االستبدايل»(٥)، إىل ما سبق أن سميته نظرية املحور

سوسري للتقسيم الذي أقامته اللسانية التقليدية ملستويات الدرس اللغوي.

المورفونولوجيا بحسب تروبتسكويأطلق مصطلح مورفوفونولوجيا (Morphophonologie) عىل قضايا مشرتكة بني الرصف والفونولوجيا، صوتية تغريات من املورفيامت يعرتض ما ووصف حتليل إىل فيعمد الرصفية، الفونولوجيا إىل يرتجم

يمليها السياق الذي تقع فيه.

، ا إىل ما يتميز به هذا املصطلح من طول حيث يستثقل النطق به، أدخل عليه اللسانيون تعديال ونظرالدراسة من النوع هذا عىل أطلق من اللسانيني ومن .(Morphonologie) مورفونولوجيا فأصبح مصطلح مورفوفونيمكس (Morphophonemics أو Morphonemics)، ويفضل الذين يستعملونه مصطلح فونيمكس عىل مصطلح فونولوجيا. وقد جاء هذا املستو، عىل الرغم من املشكالت التي إىل هيدف أنه كام الصويت. الدرس يف والرصفية النحوية احلقائق استبعاد عىل فعل كرد يطرحها، فه معجم الروس ا بني الصواتة والرصف، تفاديا إلمهاهلا. يعر االهتامم ببعض القضايا التي تقع وسط

عىل الشكل التايل:

«املرفوفونولوجيا أو املرفونولوجيا هي بالنسبة إىل مدرسة براغ دراسة سبل استعامل املعطيات الصوتية للمورفيامت، الصوتية البنية للغة معينة يف جمال الرصف، واملرفونولوجيا بحسب تروبتسكوي، تدرس

والتغريات النامجة عن عملية التأليف بينها»(٦).

(5) Saussure, pp. 187-188.(6) Jean Dubois [et al.], Dictionnaire de linguistique (Paris: Larousse, 1972), p. 326.

Page 7: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٦١وكام يشري النص، يرتبط مصطلح مورفونولوجيا بمدرسة براغ وبرتوبتسكوي بصفة خاصة. لكن، هل يعترب هذا النوع من الدراسة مستو من مستويات البنية اللغوية، أم هو عىل العكس من ذلك، أي اختيار

منهجي من اخرتاع الدارس؟

لكل من الرصف والصواتة والرتكيب وحداته األساسية املستوحاة من البنية اللغوية، وبني تلك الوحدات عالقة تكوين (Composition)؛ فالصواتة تدرس الفونيم، والرصف يتمحور حول املورنيم، بينام هيتم

الرتكيب باجلملة.

فالوحدات املميزة الصغر تؤلف وحدة أكرب تقود إىل وحدة أكرب منها، من تم أمكننا احلديث عن التدرج من الفونيم إىل املونيم أو املورفيم، ومن الوحدات الرصفية إىل اجلملة.

بالنسبة إىل املورفونولوجيا، فإهنا بال وحدة أساسية خاصة هبا عىل غرار املستويات األخر، وهي هتتم يف الوقت ذاته بالفونيم واملورفيم، وتلك وحدات أساسية تنتمي إىل مستويني آخرين. فاستحدثت وحدة بة لفونيمني أو أكثر قابلني فه تروبتسكوي بكونه صورة مرك لح عليها باملورفونيم الذي عر جديدة اصط

ألن يعوض أحدمها اآلخر بحسب رشوط البنية الرصفية داخل املورفيم نفسه.

بة من فونيامت متعاقبة، غري وفق ذلك، يعطي هذا املستو األمهية للمورفيم باعتباره صورة مركأن اقرتاحات تروبتسكوي هذه مل حتظ بالقبول التام؛ فريفورماتسكي (Reformatski) يعلق عىل

ذلك بقوله:

دائام وأنا للغة... املوضوعية احلقيقة مستو عىل موجودة غري وحدة اللغة لبنية ابتدع «تروبتسكوي ا موقف يتبنى الرأي هذا .(٧)«(non pertinent) مفيد وغري أسطوري املورفيم مفهوم أن لتأكيد مستعد ا للمستو اجلديد وهيتم بقضايا دراسة البنية الصوتية للمورفيم، ودراسة التغريات الصوتية النامجة رافض

عن عملية التأليف بني الوحدات الرصفية واالهتامم بالتعاقب.

لكن إذا كانت التغريات التأليفية ذات طبيعة صوتية، فلامذا ال ترتك للصواتة؟ وملاذا ال يرتك للرصف ما يندرج ضمن جماله؟ واليشء عينه بالنسبة إىل الرتكيب؟

تلق اللسانيات، ومل املناسب داخل فإهنا مل جتد مكاهنا املورفونولوجيا، الرغم من أمهية أن عىل يتضح لقد مشكالت. من املورفونيم يطرحه ما إىل راجع ذلك ولعل تروبتسكوي، توخاه الذي االهتامم بعدت املورفونولوجيا من خالل الدراسات اللغوية الالحقة، خاصة االجتاه التوزيعي مع بلومفيلد استواللسانيات الوظيفية مع مارتينيه، حيث تم التشديد عىل منع التداخل بني املستويات اللغوية ورضورة التالية العبارة ولعل والتأويل. التفسري مبدأ ورفض للمالحظة القابلة الظواهر يف البحث حرص إال هي ما «املورفونولوجيا املستويات: باقي بني وموقعها املورفونولوجيا دور حتدد لريفورماتسكي

إحد مشكالت النحو الوصفي»(٨).

(7) Linguistique générale: Système et structure du langage, recueil d’ouvrages d’auteurs soviétiques de l’Institut de linguistique de l’Académie des Sciences de l’U.R.S.S. (Moscou: Editions du Progrès, 1981), p. 136.(8) Ibid., p. 137.

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 8: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٦٢ا يف اإلحاطة بكثري من القضايا التي من شأهنا أن هتمش من خالل ومع ذلك، فإن هلذا املستو أمهية ودور

الفصل الدقيق بني مستو وآخر.

بعد هذه اإلشارة إىل املرفونولوجيا وموضوعها وإىل بعض املشكالت التي تطرحها، نتساءل: كيف نظر بلومفيلد إىل مستويات الدرس اللغوي والعالقة التي يقيمها بينها؟

بلومفيلد والفصل بين المستويات اللغويةمجال الداللة من منظور اللسانيات التوزيعية

أطلق اسم التوزيعية عىل اجتاه لساين ظهر يف الواليات املتحدة يف حواىل سنة ١٩٣٠، فكانت الرغبة يف دراسة اللغات اهلندو – أمريكية ووصف نظامها، وبصفة خاصة كان االهتامم باللغة يف شكلها املنطوق، ا مع األساس النظري واملنهجي الذي أرساه سوسري. و تبلورت اللسانيات التوزيعية مع ليونارد انسجامالبحث، وأدوات املفاهيم من (Le langage) جمموعة اللغة كتابه (L.Blomfield) فحدد يف بلومفيلد بعلم بالتأثر االجتاه هذا متيز ولقد عامة. بصفة اللغات وصف عىل قادرة تكون أن ذلك من متوخيا النفس، لكونه عارص التيار السلوكي البيهابوري، واستلهم الكثري من مفاهيمه، فحاول تطبيق ذلك عىل

النظام اللغوي.

املتن، لكنه ا من اللغة يف ذاهتا ولذاهتا، منطلق البنيوي، سعى بلومفيلد إىل دراسة ا مع التصور وانسجامالفعالية من حيد متجانسة لغة إجياد فتعذر اللغوية، األنظمة مجيع عىل النتائج تعميم خطر من حذر التمثيلية للمتن. ولعل لنظرته هذه ما يربرها؛ فاللغات اهلندو- أمريكية متعددة وخمتلفة يف ما بينها. ومن الصعب تعميم النتائج التي يقدمها متن معني عىل تلك اللغات كلها. من جانب آخر، ركز بلومفيلد عىل الطابع العلمي للوصف، إذ يؤكد رضورة اعتامد متن مغلق يعكف عليه الباحث كام يعكف عامل الفيزياء

والبيولوجيا يف خمتربه عىل موضوع الدراسة العلمية.

ومتشيا مع املوقف البنيوي العام من علم الداللة، رفض بلومفيلد اعتامد هذا املستو يف الدراسة اللغوية، فأعرض عن كل حتليل قائم عىل االستبطان والنزعة الذهنية، لكوهنام عنرصين حييدان بالبحث عن الطابع العلمي الذي تتوق إليه البنيوية عامة وبلومفيلد خاصة. ويف مقابل ذلك، يقدم، كبديل، رضورة اعتامد قوانني باستخالص يسمح ال وكونه بتعقده فيتميز اللغة، من الداليل اجلانب أما واملادية. املوضوعية

صورية صارمة ومطردة.

ا عربه نظريته عىل الرغم من ذلك، خصص بلومفيلد يف كتابه فصال للحديث عن موضوع الداللة، عارضبشأن حتليل آليات الكالم وفق املراحل التالية:

املرحلة األوىل ترتبط باملتكلم الذي حتركه عوامل نفسية وفيزيولوجية ومتثل احلافز. أما املرحلة الثانية، فهي ا لد املتلقي، حيمله عىل االستجابة. لذا يلح بلومفيلد ل بدورها حافز استجابة لغوية لذلك احلافز، وتشكعىل رضورة الرتكيز عىل املقام، فالعملية التواصلية ال تفهم إال يف ضوء ما توفره من رشوط، وير أن من

Page 9: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٦٣مهامت اللسانيات البحث يف املقامات التي يستعمل فيها املتكلم اللغة. إال أنه يشري إىل أمهية متييز ما يدخل يف جمال اللغة مما ينتمي إىل جماالت أخر، كعلم النفس والبيولوجيا. فعىل اللغوي أن هيتم فقط بام هو من صميم جسم اإلنسان وكأنه آلة، ذلك أن أنشطته كلها مرتبطة بأسباب، كام هو الشأن بالنسبة إىل جمايل الفيزياء

والكيمياء. يقول بشأن هذا: «الكالم يتيح لشخص ما أن يظهر استجابة عندما يصدر عن املتكلم حافز»(٩).

بذلك، تقتيض دراسة الكالم البرشي دراسة توايل الدوافع وردود األفعال لد املتكلم، والتي ترتبط من جهة أخر بدوافع وردود أفعال لد املتلقي. وهكذا يصبح معنى ملفوظ لساين ما هو املقام الذي يوجه فيه املتكلم هذا امللفوظ يف عالقته بالسلوك اجلواب الذي يثريه لد املستمع، وهو ما جيعل مقام املتكلم

واستجابة املتلقي مرتابطني. يتضح ذلك عىل الشكل التايل:

مقام املتكلم اخلطاب استجابة املستمع

نتائج بلومفيلد، دراسته بدقة وموضوعية والتوصل إىل املقام، يستحيل، بحسب الرغم من أمهية وعىل حقيقية داللة نعطي ولكي اخلارجي. العامل يف املوجودة واألشياء الوقائع كل يشمل لكونه علمية،

للملفوظ، تتوجب اإلحاطة الشاملة واملعرفة العلمية بكل ما حييط بعامل املتكلم.

ا علميا، وير بلونفيلد أنه إذا كان الدارس يستطيع إعطاء تعريف حمدد للدالالت التي نلم بأشكاهلا إملامفإنه ال يستطيع تعريف كلامت مثل: حب، كراهية، شعور، فكر... وهي متثل جانبا مهام من اللغة، األمر دامت ما اللغوية، وستبقى كذلك الدراسة نقاط ضعف املدلول تشكل دراسة بأن الذي جعله يرصح عثرة تعترب حجر التي املعنى نستطيع جتاوز مشكلة بدقة، بالعامل تتسع وحتيط معارفنا حمدودة. وعندما أمام البحث الداليل. يزكي جورج مونا ذلك بقوله: «علم الداللة هو القسم من اللسانيات، حيث تطبيق

املبادئ البنيوية يصطدم بعراقيل عدة»(١٠).

ويستدرك بلومفيلد فيقول إننا حتى وإن استطعنا إعطاء تعريف دقيق لكل شكل لغوي، فإننا نبقى جاهلني ا أهنا تتميز بأبعاد نفسية معقدة، فال نستطيع تقديم إجابة الظروف اخلفية املتعلقة بعامل املتكلم، خصوصدقيقة وعلمية بشأن استعامل املتكلم تعابري دون أخر وكلامت دون أخر، فضال عن أن املقامات التي تدفعنا إىل التلفظ متعددة وخمتلفة، كام أهنا متغرية، علام أن الدالالت اللغوية أكثر خصوصية من الدالالت غري اللغوية. وبناء عليه، يشري بلومفيلد إىل صعوبة دراسة االنزياحات اللغوية؛ فلكل شكل لغوي داللة خاصة، واختالف الشكل يؤدي إىل اختالف املعنى، لكن هناك مشكالت أخر تتعلق باملشرتك اللفظي

والرتادف والتعدد الداليل واملعنى احلقيقي واملجازي.

هذه املشكالت جعلته يرصف اهتاممه عن جمال الداللة ويركز عىل دراسة الشكل، وبالتايل فإن حديثه املسألة. هذه حول مفصلة نظرية تقديم حياول وال صعوبات، من تطرحه عام حديث الداللة عن

(9) Leonard Bloomfield, Le Langage, traduit de l’américain par Janick Gazio; avant-propos de Frédéric François, bibliothèque scientifique (Paris: Payot, 1970), p. 28.(10) Georges Mounin, Clefs pour la sémantique (Paris: Presses Universitaires de France, 1995), p. 12.

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 10: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٦٤يلخص جورج مونان موقف بلومفيلد بالقول: «إذا كان بلومفيلد، وهو أحد اللسانيني الكبار يف القرن العرشين، قد خصص فصال يف كتابه – اللغة – للداللة، فذلك، بالضبط، ليشري إىل أن دراسة هذا اجلانب

تتعذر عىل املناهج العلمية اللسانية اخلالصة»(١١).

الدراسة الصوتية

الفيزيائية، وآثارها النطق عملية ثم املتكلم، حالة فهناك التكلم؛ لعلمية مراحل ثالث التوزيعية حتدد د احللقة الوسطى وسيلة التعبري عن احلافز، وهي التي يتم االهتامم هبا يف جمال ع ا استجابة املتلقي. وت وأخرياللسانيات. يقول بلومفيلد: «اللسانيات بحسب هذا املنظور النموذجي تتكون من دراستني مهمتني: علم األصوات الذي يدرس الظاهرة اللغوية من دون أن يرجع إىل معناها، وعلم الداللة الذي يدرس العالقة

بني الصوت واملعنى»(١٢).

إن علم األصوات عند بلومفيلد يدرس آليات إنتاج الصوت واآلثار الفيزيائية النامجة عن تلك العملية. ظ أن بعض أصناف األصوات ينطق يف مقامات خاصة، ويقود املتلقي إىل نوع معني من االستجابة. ويالحكام إن دراسة الصوت تقترص عىل الشكل دون االهتامم باملعنى، فام دامت معارفنا بالعامل الذي نعيش فيه غري كافية، ال يمكننا دراسة املعنى بدقة، بحسب تعبريه؛ فاإلملام الدقيق بحوافز النطق وما تثريه امللفوظات لد املتلقي رهني بام لدينا من معارف حول العامل، ذلك أن التصور التوزيعي يؤكد أن ليس يف إمكاننا أن نتوقع املقامات التي تدفع املتكلم إىل النطق، وال نعرف أي ألفاظ سيستعمل، وال ندري كيف ستكون

ا إىل ارتباطها بأبعاد نفسية خفية. استجابة املتلقي نظر

ويشتمل علم األصوات عىل فرعني أساسيني: علم األصوات املخربي وعلم األصوات الفيزيائي. ومن بني اهتاممات الفرع األول اجلانب الفيزيولوجي، حيث يركز عىل دراسة اجلهاز النطقي ومكوناته وآليات ا يف ذلك عىل جمموعة من اآلليات والتقنيات اخلاصة. أما علم األصوات الفيزيائي، فيهتم اشتغاله، معتمدبذلك املادية، وهو إىل تسجيل األصوات وحتديد خصائصها النطقية، ويعمد للعملية الفيزيائية باآلثار

يقوم عىل املالحظة والتجربة، فتيرس احلديث عن اختالفات صوتية متنوعة.

غري أن هذا النوع من الدراسة ال يستطيع ربط الصوت بالداللة، إذ إنه ال يدرس األصوات إال من حيث حركة اجلهاز النطقي والذبذبات الصوتية، من دون مراعاة عملية التواصل.

بدالالهتا»(١٣)، اخلطاب أصوات ربط من ننا يمك ال املخربي األصوات علم «إن بلومفيلد: يضيف ويشري إىل أن للصوت حتققات خمتلفة، وهو يتميز بمجموعة من املالمح التي تصنف إىل نوعني: مالمح مميزة وأخر غري مميزة، والتمييز بينهام يرتبط بنظام اللغة املدروسة، فام هو مميز يف لغة معينة قد ال يكون

.كذلك يف أخر

(11) Ibid., p. 12.(12) Bloomfield, p. 73. (13) Ibid., p. 75.

Page 11: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٦٥فه بأنه «دراسة ولتحديد املالمح املميزة، يقول بلومفيلد برضورة جتاوز علم األصوات إىل مستو آخر يعر

أصوات دوال اخلطاب تسمى الفونولوجيا أو علم األصوات التطبيقي»(١٤).

أما الفونولوجيا، وعىل خالف علم األصوات، فإهنا تأخذ الداللة بعني االعتبار، فإذا استبدلنا صوتا يعدو فال الداللة، تتغري مل إذا أما بالفونيم، يتعلق آنذاك فاألمر الداللة، تغيري إىل ذلك وأد بآخر حتديد يف يعتمد وهو مميزة، وسمة دنيا صوتية وحدة باعتباره نفسه، للفونيم ا حتقيق ذلك يكون أن يها يف أو كتلة نسم املميزة تظهر عىل شكل جمموعة الفونيامت االستبدال واملقارنة واملعنى: «املالمح

.(١٥)« كلتا احلالتني فونيام

إن دراسة األصوات من حيث املخارج واخلصائص الفيزيائية تقدم مادة غنية للقيام بدراسة البنية الصوتية د رضورية، وإن تكن أقل أمهية من علم األصوات التطبيقي؛ ع للغة معينة. وبالتايل، فإن املراحل األوىل هذه تفاليشء األسايس يف اللغة ليس الكيفية التي يتم هبا التصويت، أو حركات النطق أو عملية الضغط عىل د اهلواء أو تذبذب الوترين الصوتيني، بل هو وظيفة العالقة بني حافز املرسل واستجابة املتلقي. وال ترصهذه العالقة إال من خالل الفونيامت، ولكي تؤدي اللغة وظيفتها جيب أن يتميز كل فونيم من غريه: «لكي تؤدي اللغة وظيفتها، فبالرضورة جيب أن يتميز كل فونيم من باقي الفونيامت»(١٦)، وهذا ما جعل املالمح البنية الصوتية للغة الفيزيائية وحدها إىل وصف املعطيات املميزة غري مفيدة، وبناء عليه، ال تؤدي غري ما دام هلا سامت مميزة وأخر ليست كذلك، يف حني تستمد الفونولوجيا أمهيتها من الرتكيز عىل املالمح املميزة. أما الظواهر التطريزية، فيعتربها بلومفيلد ثانوية، وير أن الفونيم يمكن أن يتحقق بطرق خمتلفة،

ا من مفهوم التبادل. كام يمكن لتحققاته أن تتنوع، وحيدده انطالق

إن دراسة الفونيم ختضع بدورها ملفهوم التوزيع والقيود السياقية، فهناك قواعد مرتبطة بالنظام الصويت للغة املدروسة تقنن عملية التأليف بني األصوات. كام أن دراسة توزيع فونيم معني تعني دراسة متوضعات ،(Allophones) حتققاته يف السلسلة الكالمية، ويطلق بلومفيلد عىل التغريات الصوتية مصطلح التنوعات

وهي صنفان: اختالفات حرة واختالفات تكاملية.

جمردة وغري تارة جمردة الفونولوجي والتمثيل الصويت التمثيل بني العالقة نجد التصور، هذا ضوء يف تارة أخر، ومع ذلك نستخلص أن بلومفيلد خلف إرثا وصفيا يعتمد الشكل دون املعنى، وأكد دراسة يميز أن يستطع مل فإنه األصوات، عن للحديث كتابه من مهام ا حيز خصص أنه ومع املحقق. الكالم ا عن باقي الفونيامت، وبصفة عامة، سامهت املبادئ التي رسخها يف تطوير بوضوح ما جيعل فونيام خمتلف

النظريات اللسانية الالحقة.

مستوى الصرفاسم حتت والرصف الصوتيات بني جيمع مستو يقرتح الذي تروبتسكوي عند نجده ملا ا خالفا Morphonologie، فإن بلومفيلد يلح عىل رضورة الفصل بني هذين املجالني، فجعل للرصف موضوع

(14) Ibid., p. 75.(15) Bloomfield, p. 75.(16) Ibid., p. 122.

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 12: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٦٦تظهر التي التآليف به نقصد عندنا، ما لغة «ترصيف التايل: الشكل عىل فه يعر ، ا خاص وجماال ا حمددا خالهلا األشكال املقيدة ضمن املكونات واألشكال الناجتة، هو إما أشكال مقيدة وإما كلامت، وليس أبدا أن نقول إن الترصيف يشمل تأليف الكلامت أو أقسام تلك الكلامت، يف حني يشمل بات. يمكن إذ مرك

بات»(١٧). الرتكيب تآليف املرك

ا من هذا النص يتضح أن الرصف مستقل عن الصوتيات والرتكيب عىل السواء، وحموره األسايس انطالقد وحدة أساسية وفعالة يف القيام بتحليل مورفولوجي يف ضوء النظرية التوزيعية. ع يتعلق بالكلمة التي تا هلذا يف مقابل ا، شكل ناتج من التأليف بني وحدات أصغر منها، وهي تبع والكلمة، بحسب النص أيض

بات التي تشكل موضوع الرتكيب. املرك

،(Morphemes) «املورفيامت» بلومفيلد يها يسم أساسية وحدات عىل الكلامت تأليف عملية تقوم يتمثل منحنيني، الدراسة تأخذ هنا من .صغر داللية وحدات إىل تفكك أن ذاك إذ للكلمة ويتسنى األول يف كيفية التأليف بني املورفيامت لبناء الكلمة، ويقوم الثاين عىل أساس حتليل الكلامت إىل الوحدات

هنا. الداللية التي تكو

أ إىل وحدات أصغر منها، مع ف بلومفيلد املورفيم بأنه الوحدة الداللية الصغر التي ال تقبل أن جتز ويعراالحتفاظ بعنرص املعنى، والفرق بني املونيم والفونيم قائم عىل أساس الداللة، فاألول حيمل داللة معينة، أما الثاين فمجرد منها. لكن دراسة الكلامت واملورفيامت تصطدم بصعوبة التمييز بينهام، فوفق أي رشوط

نستطيع التمييز بني املورفيامت والكلامت؟ وكيف يتم الكشف عن هذه املورفيامت؟

طريقة الكشف

ا عىل معطيات داللية وصوتية، مراعيا حركية املوقع وقابلية يف البداية يلجأ بلومفيلد إىل التقطيع اعتامدا بني العزل. يقول جون ليونز وهو يتحدث عن التحليل التوزيعي: «متاسك الكلمة الذي يعترب تأليف

جمموعة من املورفيامت، غالبا ما يبارش بحسب معيارين يتمثالن يف حركية املوقع وقابلية العزل»(١٨).

تفيد هذه العملية بأن من سامت الكلمة حركية املوقع وقابلية العزل، فضال عن الثبات الداخيل، فمورفيامهتا ال تتبادل مواقعها عندما يتغري موقع الكلمة.

قابلية مبدأ نطبق بينها، وعندما ما املورفيامت مرتابطة يف فيجعل جمموعة من الداخيل، الثبات مبدأ أما العزل، نتأكد مما إذا كانت كل جمموعة تشكل كلمة واحدة، فإن تم العزل وتسنى لنا التشكيك يف الثبات

الداخيل، فإن املجموعة آنذاك ال تشكل كلمة.

من هنا، فإن الكلمة عند بلومفيلد هي عبارة عن مورفيم أو جمموعة من املورفيامت تتميز بالثبات الداخيل إىل درجة أنه يستحيل معها العزل بني املورفيامت املكونة هلا.

(17) Bloomfield, p. 195.(18) John Lyons, Linguistique générale: Introduction à la linguistique théorique, trad. par Françoise Dubois-Charlier et David Robinson, langue et langage (Paris: Larousse, 1970), p. 155.

Page 13: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٦٧ا هناك لغات كلامهتا قابلة للتقطيع ولغات أخر ال تسمح به. كام أن التمييز بني املورفيم واملورف مفيد جد

يف حتديد أشكال الكلامت وقوانني التأليف بني مكوناهتا.

ا؛ فلكل إن كان هذا التصنيف يتميز بكثري من الدقة والفعالية، فإنه ال ينطبق بشكل مطرد عىل اللغات مجيعا إىل تعدد لغة نظامها، واالستثناءات ال يمكن إبعادها، ومن الصعب القول بكليات يف هذا املستو نظر

د أنظمتها. اللغات وتعق

يراعي ال الذي التعميم خطورة من بلومفيلد حيذر عامة، بصفة اللغوية والدراسات الرصف جمال يف الفصل يف ويقول اللغوية، بالكليات يعرتف ال التحذير وفوق املدروسة، اللغوية األنظمة خصوصية

الذي خصصه ألقسام املورفولوجيا:

لغاهتم يف موجودة هي كام كليات، بة املرك الكلامت أصناف يعتربون عندما عادة خيطئون «اللسانيون الكلامت أن كام كذلك. ليست وأشكاله فبنيته كونية، طبيعة ذا املورفيم مفهوم كان فإذا اخلاصة»(١٩). بة تعترب صلة وصل بني ما هو رصيف وما هو تركيبي، فبني املستويني ظواهر ذات طابع رصيف وتركيبي. املرك

بة تعترب، عىل الرغم من طابعها الرتكيبي، أقرب إىل الرصف أكثر منها إىل الرتكيب. والكلامت املرك

كام يالحظ بلومفيلد كون الظواهر الرصفية مهيأة للتمثل أكثر من الظواهر الرتكيبية التي تتسم بالتعقيد، يميز الصدد هذا الرتكيبي. ويف باملستواها تتميز مما أكثر الرصيف بطابعها تتميز اللغات أن ويستخلص اللغات التي تضم أقل عدد من األشكال املقيدة وتسمى Agglutinantes من اللغات التي تضم األشكال

املقيدة بصفة أكثر.

الدرس التركيبي عند بلومفيلدقبل احلديث عن املستو الرتكيبي يف اللسانيات التوزيعية، وكيفية معاجلته هذا اجلانب من النظام اللغوي، نشري إىل مصطلح «نحو» (Grammaire)؛ فليونز ير أنه مصطلح يغطي جماال مهام من الدراسة اللغوية، حيث يضم اإلعراب (Flexion) والرتكيب، فالفرع األول يركز عىل البنية الداخلية للكلمة، ويعترب هذه

األخرية الوحدة األساسية يف اللغة.

أما الرتكيب، فكان يشمل طريقة التأليف بني الكلامت لبناء اجلمل والقوانني التي تضبط تلك العملية، أساسيان: فرعان النحو مفهوم حتت فينضوي باملعنى، يتعلق وما الصويت اجلانب إمهال دون من

الرصف والرتكيب(٢٠).

بالنسبة إىل بلومفيلد، فإنه ال هيتم بمصطلح «نحو» بل يستعمل مصطلح «تركيب»، وقد أفرد له فصال يف كتابه اللغة، فدرس يف هذا املستو توزيع املكونات املبارشة، وهي عبارة عن أشكال حرة. ويبدو أن هذا النوع من الدراسة عنده ذو طبيعة شكلية، وذلك نابع من تصوره للغة، كشكل ال كامدة، اليشء الذي جيعله هيمش االعتبارات الداللية. ومن هنا تبدو أمهية التمييز بني النحو املفهومي والنظرية الرتكيبية املعارصة.

(19) Bloomfield, p. 218.(20) Lyons, p. 103.

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 14: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٦٨املدروسة، اللغة ا مستقلة عن إذ املفهومي يقول بوجود مقوالت مسبقة وخارج لغوية، وهي النحو إن وتتميز بطابعها الكوين، يف حني تدخل املعاجلة الرتكيبية التوزيعية يف إطار النظرية الشكلية التي تقوم عىل

إلغاء التسليم بوجود مقوالت مسبقة، وتتعامل مع اللغة كشكل معطى.

وعندما نقول إن الرتكيب عند بلومفيلد ذو طابع شكيل، نعني إقصاءه للمقوالت التقليدية وتأكيد أن لكل لغة نظامها اخلاص. كام حييل مفهوم الشكلية إىل التعارض بني البنية الصوتية والرتكيبية من جهة، والبنية ا التعارض بني ما هو شكيل وما الداللية واملعطيات املادية التي تتحقق عربها اللغة من جهة أخر، وأيض

هو حديس.

القيود التوزيعية

من أهم املفاهيم التي يقوم عليها الدرس الرتكيبي عند بلومفيلد مفهوم التوزيع (Distribution)، ويقصد أن باعتبار اخلاص، توزيعها وحدة فلكل فيها؛ يرد أن لغوي لعنرص يمكن التي السياقات جمموع به العنارص اللغوية ال جيري توزيعها بطريقة عشوائية، وال يمكن أن ترد يف مجيع السياقات، ذلك أن العملية التوزيعية، وهي عبارة عن ضغوط القيود املدروسة وفق اللغة نظام تتم وفق قوانني مضبوطة يفرضها

رتم تلك القوانني نحصل عىل مجل غري مقبولة. سياقية تنظم عملية التوزيع، فإن مل حت

اللغوية، واحلديث عن العنارص التي تتوزع فيها الدراسة الرتكيبية حتديد السياقات إن من أهم أهداف السياقات والقيود التوزيعية يرتبط بمفهوم آخر يتمثل يف املقبولية والنحوية. ولكي تكون اجلملة مقبولة يف ضوء النظرية التوزيعية، جيب احرتام القوانني التوزيعية اخلاصة بكل عنرص يف املتوالية اللغوية، وهو ما

يؤكد صعوبة الظاهرة الرتكيبية وتعقدها.

مفهوم الجملة

إذا كانت الدراسات اللغوية القديمة تعتمد عنرصين أساسيني يتمثالن يف اجلملة والكلمة، فإن بلومفيلد يسعى إىل العكس من ذلك، أي إىل إجياد جهاز مفهومي يرتبط بنظريته اللغوية. وقد الحظ أن الوحدات املكونة للكلامت مل حتظ باالهتامم، لذا نجده يركز عىل املورفيم كوحدة أساسية للكلمة. كام يشري إىل الكلامت ا كون العالقة بني هذه العنارص عالقة تركيب (Composition)، فاجلملة وحدة بة واجلملة، موضح املرككرب، أما املورفيم فهو وحدة صغر، وبالتايل ثمة عالقة ترتيب هرمي بني املكونات هذه، والوحدات

.قابلة ألن حتلل إىل وحدات صغر الكرب

وبحسب بلومفليد، فإن اجلملة شكل لغوي مستقل ال يدخل يف تركيب شكل لغوي أكرب يعتمد كأساس القيود وتبعية ا وحدة نحوية بني مكوناهتا جمموعة من إذ للغة معينة، وهي الرتكيبي املستو يف معاجلة بني يرتاوح التحليل فإن كلامت، من تتكون واجلمل املورفيامت من تتكون الكلامت أن وبام توزيعية. بلومفيلد من يعتمده الذي العنرص األسايس متثل اجلملة أن إىل الصدد نشري املورفيم واجلملة. يف هذا أحيانا تتجاوز التوزيعية العالقات كانت وإن املدروسة، اللغة يف التوزيعية القيود استخالص أجل حدود اجلمل. ملعاجلة هذا املشكل، أعطى بلومفيلد للجملة معنيني: اعتبارها وحدة جمردة، تعالج عربها

Page 15: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٦٩العالقات التوزيعية املوجودة داخل القول من جهة، واعتبارها جمموعة من القطع تتميز بتوزيع مستقل

.من جهة أخر

أصناف الجمل

إىل لغة من ختتلف التوزيعية، بحسب وأقسامها، طبيعتها وبأن مستقلة، أشكاال بكوهنا اجلمل تتميز التقليدي الذي يقول بأقسام كونية، فيتحدث عن مجل استفهامية ومجل النحو أخر. هذا عىل خالف

بة ومجل بسيطة، مراعيا يف ذلك الوظيفة والبنية. تعجبية ومجل مرك

والعالقات للجمل الداخلية للبنية األولوية وتعطي املفهومية املقوالت تلك بعد فت التوزيعية، أما التوزيعية التي تربط بني مكوناهتا. بيد أن اعتبار االستقاللية التوزيعية غري كاف يف كل احلاالت لتحديد ؛ فاجلملة الرشطية مثال ال متثل مجلتني مستقلتني، بل هي عبارة عن مجلة واحدة اجلمل املكونة لقول معنيبلومفيلد معطيات أخر عىل التوزيعية، يعتمد العالقات تتكون من الرشط وجوابه. وباإلضافة إىل الرغم من أهنا أقل من املعيار السابق أمهية، وتتجىل يف املعايري الصوتية كالوقف والنرب. وهي تساعدنا بة يه األقدمون اجلمل املرك عىل معرفة ما إذا كان القول يقوم عىل مجلة واحدة أو أكثر. لذا، يصبح ما يسمالتمييز ا مهام يف هذا املتتالية ال مجلة واحدة. كام تؤدي االصطالحات اخلطية دور جمموعة من اجلمل

بالنسبة إىل بعض اللغات.

إذا كان بلومفيلد يلح عىل رضورة الفصل بني املستويات اللغوية، فام هو موقف املدرسة الوظيفية، وخاصة موقف مارتينيه، من هذا املوضوع؟

المستويات اللغوية من منظور مارتينيهالتمفصل ووظيفة اللغة

يعترب مارتينيه اللغة مؤسسة إنسانية ووسيلة ناجعة للتواصل بني األفراد واملجموعات. وعىل الرغم من اختالف اللغات يف ما بينها من حيث األشكال والبنى، فإهنا تلتقي بشأن هذه الوظيفة عند أن «الوظيفة السياسية هلذه الوسيلة – اللغة – هي التواصل»(٢١). ويشري إىل أن هناك وظائف أخر، غري أهنا ثانوية، وليست اللغة بالنسبة إليه مرآة تعكس الواقع، بل هي بنية ترتب الواقع بطريقة خاصة. وإذا كانت تتطور

عرب الزمن، فإهنا تسعى من وراء ذلك إىل ضبط الطريقة املثىل لتلبية حاجات التواصل.

إن املفهوم الوظيفي للغة ينطبق عىل العنارص اللغوية بدورها. لذا، تطرح أمهية دراستها يف إطار الوظائف املنوطة هبا من أجل الوقوف عىل آليات اشتغاهلا وكيفية نقلها التجارب واخلربات اإلنسانية؛ فام يميز اللغة ا ا، لكنه ظل غامض اإلنسانية قابليتها للتمفصل، غري أن مصطلح التمفصل اللغوي ظهر منذ زمن بعيد جدوقائام عىل احلدس. وقديام أشار أرسطو يف كتابه فن الشعر إىل أن الصوت اللغوي قابل للتمفصل، عكس

، بيد أنه مل يوضح ذلك بدقة. صوت احليوان مثال

(21) André Martinet, Eléments de linguistique générale, 3eme éd. (Paris : A. Colin, 1991), p. 9.

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 16: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٧٠اإلشارة عينها نجدها عند سوسري يف حمارضته، إذ أكد أن التمفصل يمكن أن جيزئ املتوالية اللغوية إىل التنبيه إليه يف هذا جمموعة من املقاطع، كام يمكن تقسيم املتوالية الداللية إىل وحدات داللية. وما جيب الصدد، هو أن مارتينيه مل ينطلق من فراغ بل استفاد ممن تقدموه، فصاغ نظرية لسانية أثبتت قيمتها العلمية

ونجاعتها يف التعامل مع الظاهرة اللغوية، فامذا يمثل التمفصل بالنسبة إليه؟

اللسانية، وإليه يعود الفضل يف حتديده التي بنى عليها فرضياته املبادئ األساسية يعترب هذا املفهوم من اللغوية الوحدات إىل تتمفصل أهنا يعني املزدوج بالتمفصل تتميز اللغة إن فالقول أبعاده. وتوضيح

الرتكيبية باعتبارها حتلل إىل وحدات داللية صغر («مونيامت») جتمع بني شكل وداللة معينة.

إن إمكانية التمفصل تيرس االقتصاد اللغوي الذي يقوم عىل إيصال أكرب عدد من املعلومات من طريق اعتامد جمهود أدنى من حيث الطاقة الالزمة لتلك العملية. هذه امليزة التي تنفرد هبا اللغة جتعلنا قادرين عىل

إنتاج عدد غري هنائي من التعابري بفضل عدد حمدود من الفونيامت واملونيامت.

المستوى الصوتي

ا أساسيا للسانيات ساهم يف تطوير أساليب البحث يف هذا العلم، من أجل يعترب مارتينيه الفونولوجيا فرعمع جمموعة العلمي التعامل إمكانية يقدم املستو هذا وما حققه اللغوية. للظاهرة وصف موضوعي وظيفيا، ا بعد مارتينيه، بحسب تتخذ، بدورها واألصوات املعرفية. واملجاالت اإلنسانية الظواهر من ومن ثم تعمل الصواتة عىل حتديد الوحدات الصوتية يف لغة معينة، كام أهنا تصنفها، بحسب وظائفها، د مصدر خالف وجدل بني الباحثني؛ فقد قدمت له ع وفق معايري ومفاهيم دقيقة كمفهوم الفونيم الذي يتعاريف خمتلفة، واعتربه البعض وحدة أساسية، بينام تبنى آخرون التحليل املقطعي. ويعود االختالف فيه إىل تنوع أساليب البحث وطرق املعاجلة، فامرتينيه يعتربه الوحدة األساسية يف التحليل الفونولوجي(٢٢)، ا بالعالقة التي تربطه بالعنارص وهو عبارة عن وحدة متييزية، اليشء الذي جيعل التعرف إىل هويته مرتبطاملجاورة له، وأنه خيتلف عن الصوت وعن احلرف. كام أن دراسته يف اللسانيات الوظيفية تقوم عىل مفهوم املفيدية (la pertinence) ، فاملالمح املفيدة بالنسبة إىل فونيم معني هي تلك التي متيزه من باقي الفونيامت. د غري مفيدة، ويتم التعرف إىل الفونيم يف السلسلة الكالمية عرب عملية العزل التي ع أما املالمح املشرتكة، فت

تعتمد مفهوم االستبدال.

عىل يدل ال املادي االختالف أن ذلك عدة؛ صعوبات عن تنم التي التحديد عملية تبدأ العزل بعد املادة وصف عىل ا اعتامد فونيم كل حتديد إن بقوله مونان جورج يؤكده ما وهو اللساين، االختالف

الصوتية أمر مستحيل(٢٣).

هبا، تقوم التي الوظائف من أمهيتها تستمد الصغر الوظيفية الصوتية الوحدة هذه أن ظ املالح ومن والتي تتمثل يف الوظيفة التمييزية والوظيفة التقابلية والوظيفة التعبريية.

(22) Martinet, Eléments de linguistique générale, p. 160.(23) Georges Mounin, Clefs pour la linguistique, Clefs, edition revue et augmentée (Paris : Seghers, 1971), p. 101.

Page 17: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٧١من اإلجراءات متكن بتحديد كل عنرص، وهذه تسمح التي اخلالفية القيم اعتامد يتم النهج، وفق هذا

عملية التصنيف، فتتم اإلشارة إىل ما بني العنارص من تشابه واختالف.

السياق أنه ال هيمل يتعامل مع األصوات كوحدات مستقلة، إال التحليل أن مارتينيه يتضح من الصوتية كالتنوعات السياقي، الطابع ذات القضايا من جمموعة عن يتحدث بل هنائية، بصفة الظواهر أما .(Neutralisation) واحلياد (Archiphonème) اجلامع والفونيم (Les Allophones)

الصوتية الفوق-مقطعية، فقد تناوهلا بالدراسة، إال أنه اعتربها هامشية.

المستوى الصرفي

الرصف علم إطار يف يدخل الذي األول املستو إىل يقودنا الثاين التمفصل عن احلديث إن ا، فأتى بمفاهيم جديدة ورسم حدوده بدقة. ا متميز (La Morphologie). هذا الفرع أواله مارتينيه اهتامم

كام ميزه من الدراسات املورفولوجية القديمة، حيث إن الدراسات اللغوية التقليدية تر تعريف بعض ا بدهييا، ومن مجلة ذلك مصطلح «كلمة»، وتعتربها عند تعريفها جمموعة من األصوات املصطلحات أمرظ أن هذا التعريف حمفوف باخللط والغموض مع افتقاده تتميز باستقالل تام وتدل عىل معنى. ومن املالحالدقة، فالقول بكون الكلمة جمموعة من األصوات يبعدنا عن تعريف سوسري للعالمة اللغوية التي هي

عبارة عن التحام صورة ذهنية بصورة سمعية.

املفهوم يغطي جماالت واسعة وال يتميز بصعوبات كثرية، ألن هذا الكلمة لقد أكد مارتينيه أن تعريف اللسانيني املعارصين بدوا بصفة عامة أقل يمكن رسم حدوده بدقة. لذلك، الحظ مارتينيه أن «معظم يف أخر وطرق جديدة مفاهيم اعتامد اقرتح املشكل، هذا ولتجاوز ‹كلمة›»(٢٤). بمصطلح انشغاال ن من بناء رسالة التحليل، تتجىل يف الوحدات الداللية الصغر التي تتيح دراستها إبراز العنارص التي متك

تستجيب حلاجات التواصل اللساين.

تربطها التي العالقة طبيعة وما حتديدها؟ يمكن وكيف الداللية؟ بالوحدات مارتينيه يعني فامذا بالفونيامت؟ وبالتايل ما هي احلدود الفاصلة بني علمي األصوات والرصف؟

الوحدات الداللية الصغرى

عليها مصطلح ويطلق الكالمية. السلسلة دال يف بكوهنا أصغر جزء الصغر الداللية الوحدة يعرف «مونيم» (Monème). وذلك يعني أن تلك الوحدة غري قابلة للتجزؤ، وتصنف بحسب جهاز مفاهيمي مستقل ب ومرك وظيفية ومونيامت مستقلة مونيامت بينها من املصطلحات، من جمموعة يتضمن دقيق

ودال متغري ودال متقطع ودال مندمج.

متثل التي (Morphèmes) النحوية واملونيامت (Leximes) املعجمية املونيامت بني مارتينيه يميز كام الصنف املغلق، إال أهنا تستعمل بكثرة. أما النوع األول، فيمثل الصنف املفتوح ويكون عدده إذ ذاك أكرب.

(24) André Martinet, Syntaxe générale, collection U (Paris : A. Colin, 1985), p. 71.

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 18: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٧٢من جمموعة إىل جيزأ فالتعبري إليها؛ والتعرف املونيامت حتديد يف فعال بدور املزدوج التمفصل يقوم العالمات التي تقسم بدورها إىل وحدات أخر، إىل أن نحصل عىل عنارص ال تقبل التجزؤ مع االحتفاظ

بداللتها، ومن أجل ذلك يعتمد مارتينيه مفهوم االستبدال.

يشمل العلم هذا أن يتضح الرصف، بشأن مارتينيه لنظرية األساسية اجلوانب استعراض من ا انطالقمرحلتني أساسيتني: مرحلة جرد أصناف املونيامت، ومرحلة رصد التغريات الشكلية للدوال مع وصفها

وتصنيفها بطريقة واضحة وعلمية.

ه إليها انتقادات يتضح أن مفهوم الرصف عنده خيتلف عام كان عليه يف اللسانيات التقليدية، حيث وجالدال، يؤكد أثناء دراسة ا يف اآلن ذاته مد قصورها يف معاجلة قضايا هذا املستو؛ ففي خمتلفة، مربزمارتينيه رضورة استحضار املدلول لكونه املستهدف، أما الدال فوسيلة فقط ألنه يتعامل مع اللغة كوعاء يف تغريات توازهيا التي الشكلية التغريات عن فضال هذا للتواصل، وكوسيلة اإلنسانية اخلربة حيمل

املعنى، لذا وجب عدم إمهال املدلول.

ا؛ ا مفاهيميا جديد التقليدية، وقدمت جهاز املفاهيم ا من لقد جتاوزت الوظيفية من خالل مارتينيه كثريأو مفرد مونيم الوظيفي، املصطلح بحسب عادة، هو كلمة، ى يسم «ما الكلمة: بخصوص يقول فهو

مصحوب بتنظيامته وعالمات وظيفته»(٢٥).

وبعد أن أشار إىل جمال كل من الرصف والصواتة، حدد العالقة الرابطة بينهام؛ فهام علامن من صميم الدراسة العلمية للغة، غري أهنام منفصالن بعضهام عن بعض، فالصواتة هتتم باألصوات ووظائفها، مصري ما ولكن، رضوري، أمر املستويات بني الفصل إن الداللية. الوحدات فموضوعه الرصف أما

ا بني الرصف والصواتة؟ جمموعة من القضايا التي توجد وسط

ا لتجاوز هذا املشكل اقرتح البعض مستو املورفونولوجيا، غري أن مارتينيه يرفض هذا االقرتاح، مستندإىل كون هذا املفهوم يتميز باخللط الذي طاملا حال دون التمييز الدقيق بني املستويات اللسانية. ومن أجل

الوضوح يدعو إىل استقاللية الرصف عن الصواتة.

مستوى التركيب

كان النحو يف العرف اللساين التقليدي يعني مجيع فروع البحث اللغوي، فتميز من مفهوم الرتكيب الذي فخصه باالهتامم، املستو هذا مارتينيه أوىل وقد والعمودي. األفقي مستواها يف اجلمل برتكيب هيتم Eléments de syntaxe fonctionnelles(تركيب عام) و Syntaxe Générale :بالدراسة يف كتابني مهمني(عنارص الرتكيب الوظيفي). وير أن هذا املجال هيتم بكيفية التأليف بني املونيامت لبناء متوالية لغوية صاحلة للتواصل، وهو ما جيعل البحث فيه يقتيض الوقوف عىل القواعد التأليفية يف اللغة، ألن الربط بني العالمات ال يتم بطريقة عشوائية بل خيضع لقوانني دقيقة، فإذا وضعنا مونيام مكان آخر ومل نحرتم تلك القواعد، فإننا سنحصل بال شك عىل مجلة غري سليمة، ألن العملية التأليفية ال تعني التجاور بني املونيامت

(25) Ibid., pp. 97-98.

Page 19: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٧٣ذاته؛ اآلن يف ومادة شكال اللغة دامت ما العالمات، مدلوالت بني دقيقة عالقات إىل حتيل بل فقط، ا، يعالج الطريقة التي يؤلف هبا املرسل بني الوحدات الداللية، بشكل يضمن التواصل بينه فالرتكيب إذا وظيفيا. وجييب عن جمموعة من األسئلة: ما هي وبني املتلقي. وبذلك يتخذ هذا املستو اللغوي بعد

العنارص التي يمكنها أن تتجاور؟ وكيف تتم عملية التجاور هذه؟ ووفق أي قواعد؟

داخل عالقته ورصد معني مونيم دور فتحديد متعددة، صعوبات القضايا هذه يف البحث يعرتض املتواليات التي يظهر هبا يصطدم باختالف تلك العالقات وتغريها بحسب السياق. وإذا كانت الفونيامت التي األصناف وال الرتكيب، يف بينها تربط التي العالقة طبيعة حتديد تستطيع ال فإهنا املونيامت، متيز

تنتمي إليها.

العالقات التركيبية

ب معه، والعالقات التي يمكن تقتيض دراسة اخلصائص الرتكيبية لعنرص معني حتديد العنارص التي تركأن جتمع بينهام، ومن بني تلك العالقات، يشري مارتينيه إىل عالقة االستدعاء املنطقي، فامللفوظ ال يقوم ا من مونيامت معينة ا، إذ انطالق عىل العنارص املكونة له فحسب، وإنام يقوم عىل العالقة بني عنارصه أيض

يمكن إنجاز ملفوظات متعددة.

كام أن مارتينيه يميز يف إطار الرتكيب بني طبيعة العنارص ووظائفها الرتكيبية، فالوظيفة هي ما يميز مونيام معينا داخل السياق من مونيم معزول، فخارج السياق يتحدد العنرص بطبيعته، أما داخله فيتم الرتكيز

عىل الوظيفة.

ا حق إنه وواقعي؛ وبنيوي وظيفي تركيب مارتينيه يقرتحه الذي الرتكيب أن يستخلص مونان أن غري ،ا موضوعيا وواقعيا، ويعمل عىل توظيف ما حققته جماالت أخر حياول وصف الظاهرة اللغوية وصفكانت فإذا خصوصيته؛ جمال فلكل الرتكيب، يف معاجلتها طرق إقحام دون من الصواتة، ا وخصوصالصواتة تركز عىل الفونيامت باعتبارها وحدات متييزية وفارغة من املعنى، فإن األمر خيتلف عندما نتحدث عن املونيامت كوحدات دالة. هذه الواقعية جعلت الباحث يقف عىل جمموعة من القضايا اجلزئية ويورد تطبيقات خمتلفة، خاصة بالفرنسية يف كثري من األحيان. ومع ذلك، فإن الدرس الرتكيبي عنده يقوم عىل أسس نظرية عىل قدر كبري من الصالبة، فالوحدات الرتكيبية يمكنها أن تكون مستقلة بالنسبة إىل التعبري، مواضع يف تظهر أن الوحدات لتلك ويمكن الداليل، املحتو عىل ا اعتامد العالقة حتدد احلالة هذه يف ا عىل الداللة بل عىل أساس وظيفة العنرص، حيث يعمل عىل خمتلفة. وقد ال حتدد العالقة بالتعبري اعتامد

ربط باقي العنارص بالتعبري، فنكون آنذاك أمام مونيامت وظيفية.

ا، وأرص عىل إقامة حدود فاصلة ا من هذا التحليل، خصص مارتينيه لكل مستو لغوي جماال حمدد انطالق «La morpho-syntaxe» مفهوم يرفض «La morpho-nologie» مفهوم رفض وكام املستويات. بني واضح، غري األخري املفهوم هذا موضوع أن إىل أشار وقد الرتكيب. عن الرصف استقاللية ويؤكد واإلحلاح عليه يشوبه اخلجل والشك، وأصحابه يستعملونه هروبا من استعامل املصطلح التقليدي «نحو»

ا إىل ما يثريه هذا األخري من مشكالت وانتقادات. نظر

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 20: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

العدد ١١ /٣شتاء ٢٠١٥ ٧٤

المستوى الداللي

ا علم النفس والفلسفة واملنطق وعلم إىل وقت قريب ظل البحث يف الداللة تتجاذبه علوم عدة، وخصوصاللغة، فكل اجتاه ينظر إىل هذا املوضوع من زاوية خاصة. من هنا، مل تدرس الداللة كعلم مستقل خالل املراحل السابقة، حيث يرجع تاريخ ظهور مصطلح علم الداللة (La Sémentique) إىل الفيلولوجي الفرنيس ميشيل بريل (M. Bryl) يف القرن التاسع عرش. أما مارتينيه، فقد عمل عىل ترسيخ مبادئ التحليل الوظيفي التي أتت ا يف الصواتة بل تعداه إىل الرصف والرتكيب، غري أنه مهش مستو هبا مدرسة براغ. ومل جيعل اهتاممه حمصورا خيص هذا املجال، وهو ما جعل تنظرياته جتنح نحو منهجية الداللة، فمؤلفاته ال حتمل ولو فصال واحدوصفية ال تعتمد املعنى. وكان كلام حتدث عن الداللة، يشري إىل العراقيل التي تعرتض الباحث وهو يعالج املدلول، وقد أكد أن هذا النوع من الدراسة حتوم حوله مشكالت عدة، وتبدو ختوفاته واضحة من خالل

النص التايل: «املعنى جمال من خالله تظهر التجربة أنه ليس من السهل ضبطه، أو حتى فهمه ووصفه»(٢٦) .

إن املعنى ينفلت من كل حماولة الصورنة، عىل خالف الظواهر الرصفية والصوتية والرتكيبية التي يمكن اجلانب ما جعل ودقيقة، وهو بنتائج صارمة دراستها واخلروج من خالل لصياغة صورية، إخضاعها ذا طبيعة شكلية، ويمكن لكونه والبنيويني عامة، مارتينيه خاصة، يستهوي اللسانية العالمة الدال من تتعارض ودراسته وخفية، ذهنية طبيعة ذو هو الذي للمدلول ا خالف واملالحظة، للتجربة إخضاعه

واهلدف البنيوي املنشود، ومن شأهنا أن توقع الباحث يف التخمني.

ا حاولت منذ ثالثني خيتزل مونان هذا املوقف بقوله: «جيب اإلشارة إىل أن اللسانيات البنيوية األكثر تقدمسنة أن تعمل، سواء يف املجال النظري أو يف املجال التطبيقي، من دون الرجوع إىل الدالالت»(٢٧).

عن خيتلف النظري املوقف هذا أن بيد لغوية، غري أخر لعلوم الداللة يف البحث ترك اإلقصاء هذا اجلانب التطبيقي الذي يطرح رضورة الرجوع إىل املعنى، فالصواتة رغم طابعها العلمي توظف الداللة، فال يمكن التمييز بني الفونيامت يف غياب املحتو الداليل، ذلك أن التمييز، بحسب مارتينيه، ال يكون املعنى إذا كان كفيال بإحداث متييز عىل مستو آخر، يقول: «كل تغيري يف ا عىل مستو معني إال مفيد

يوازيه بالرضورة تغري يف الشكل»(٢٨).

ا دراسة إذ املونيامت، فهذه األخرية يف حد ذاهتا ذات طبيعة داللية، فال يمكن يعالج وإذا كان الرصف لغة ال نستحرض حمتواها. ونستخلص من ذلك أن املوقف النظري الذي يعمل عىل إقصاء الداللة ال جيد مربراته عىل املستو العميل، فامرتينيه نفسه يؤكد فعالية الداللة ودورها يف الدرس اللغوي، كام جاء يف ا بصفة هنائية معنى تعليق مونان: «مارتينيه مل يستطع أن يصف لغة ما، وال حتى حاول أن يصفها، مبعدا، فهو مرتبط الوحدات الداللية»(٢٩). ويضيف أن سبب تعثر الدراسات الداللية جيب أال نبحث عنه بعيد

بطبيعة املعجم، إذ ال يمكننا أن نطبق يف دراسته مناهج الصواتة والرتكيب نفسها.

(26) Mounin, Clefs pour la sémantique, p. 19.(27) Ibid., p. 31.(28) Martinet, Syntaxe générale, p. 101.(29) Mounin, Clefs pour la sémantique, p. 31.

Page 21: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

٧٥كوتينو نظرية عدة: نظريات اقرتحت إذ ما، حد إىل تغري الداللة موضوع من البنيوية موقف أن غري الشكلية اخلصائص من ا انطالق املدلوالت تصنيف يف الشكلية الطريقة تعتمد التي (J. Cautineau)

للدال، ونظرية لود فيتغنشتني (Wittgenstein) التي تعتمد الطريقة السياقية يف دراسة املدلوالت، فمعنى الكلمة يتحدد من خالل استعامالهتا. كام تبنى بلومفيلد النظرية املقامية، فأكد أن معنى ملفوظ معني يرتبط باملقام الذي يوجه فيه املتكلم ذلك امللفوظ، يف حني سلك غريامس (Greimas) هنج التحليل املؤلفايت

(Analyse componentielle)، فاملدلول يوصف من خالل السامت الذرية التي متيزه. كام كانت نظرية دمت يف جمال الداللة. احلقول الداللية من مجلة االقرتاحات التي ق

رغم هذا االهتامم الذي أحيطت بالداللة من خالل هذه النظريات، فإن البنيوية ظلت حذرة يف تعاملها مع هذا املوضوع، فلبثت وفية هلدفها الرامي إىل اعتامد وصف يتميز بالبساطة والشمول واالطراد.

خاتـمة

إن البحث يف اللسانيات البنيوية يصطدم بمجموعة من املشكالت؛ فقد يبدو منذ الوهلة األوىل أن األمر باملفاهيم واألدوات نفسها، غري أن اللغوية بمختلف مستوياهتا الظاهرة يتعامل مع يتعلق باجتاه موحد هذه اللسانيات تغطي جماالت واسعة وتضم اجتاهات متعددة؛ ولئن كانت تتفق يف شأن األسس العامة فهي ختتلف يف ما بينها، من حيث املفاهيم وأدوات البحث وطرق التحليل. وجيب اإلشارة إىل أن تلك ا بني اللسانيني املنتمني إىل االجتاه ذاته، االختالفات ال تنحرص بني املدارس، بل يمكننا أن نلمسها أيضويبدو هذا االختالف جليا من خالل مقاربة موضوع املستويات اللغوية. ومع ذلك، فإن الدرس اللساين ر أدوات نظرية ومنهجية ومفاهيمية تتسم بالغنى والتنوع، وهو ما يتيح مرشوعية إعادة قراءهتا البنيوي وفا لآلليات التي تقرتحها. وهي بذلك توفر أرضية خصبة لتصور ا هلا وتطوير ومتحيصها باستمرار، تعميق

ا إجرائيا للمسامهة يف تطوير مناهج وطرق تعليم اللغة وتعلمها. أدق للنظام اللغوي، كام توفر إطار

مراجع إضافية

١- العربية

احلناش، حممد. البنيوية يف اللسانيات. الدار البيضاء: مطبعة النجاح اجلديدة، ١٩٨٠.كريوزيل، إديت. عرص البنيوية من ليفي شرتاوس إىل فوكو. ترمجة جابر عصفور. ط ٢. الدار البيضاء:

دار قرطبة، ١٩٨٦.مبارك، حنون. مدخل للسانيات سوسري. الدار البيضاء: دار توبقال للنرش، ١٩٨٧.

املصطلح. علم يف مقدمة مع فرنيس-عريب عريب-فرنيس، اللسانيات: قاموس السالم. عبد املسدي، تونس: الدار العربية للكتاب، ١٩٨٤.

٢- األجنبيةMahmoudian, Mortéza. La Linguistique. Introduction et conclusion de Georges Mounin. Paris: Seghers, 1981. (Clefs)

دراسات وأبحاثانتظام مستويات اللغة في اللسانيـات البنيويـة

Page 22: ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا … · ٥٥ *يحتفلا دمحم ﺔﻐﻠﻟا تﺎﻳﻮﺘﺴﻣ مﺎﻈﺘﻧا ﺔـﻳﻮﻴﻨﺒﻟا

نالعإ نيمأت ءاجرلااثيدح ردص

صدر حديثا

اإلسالم والسياسة ومأزق الحداثة األخالقي

وائل ب. حالق

الدولة المستحيلة