ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ...

434
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ: ﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ: ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺑﺤﺚ ﺍﻟﻨﺎﺋﻴﻨﻲ ، ﻟﻠﺨﻮﺍﻧﺴﺎﺭﻱ١ : ﺍﻟﺠﺰﺀ١٣٥٥ : ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ: ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ: ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ: ﺍﻷﻭﻟﻰ١٤١٨ : ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ: ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ: ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴﻦ ﺑﻘﻢ ﺍﻟﻤﺸﺮﻓﺔ٤-٠٠٧-٤٧٠-٩٦٤ : ﺭﺩﻣﻚ(١٣٥٥ ﻭﻓﺎﺓ) ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ: ﺗﻘﺮﻳﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻟﻤﻴﺮﺯﺍ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺋﻴﻨﻲ

Upload: others

Post on 15-Aug-2020

2 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الكتاب: منية الطالبالمؤلف: تقرير بحث النائيني ، للخوانساري

الجزء: ١الوفاة: ١٣٥٥

المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامنتحقيق: مؤسسة النشر اإلسالمي

الطبعة: األولىسنة الطبع: ١٤١٨

المطبعة:الناشر: مؤسسة النشر اإلسالمي التابع لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ردمك: ٩٦٤-٤٧٠-٠٠٧-٤مالحظات: تقريرات المحقق الميرزا محمد حسين النائيني (وفاة ١٣٥٥)

Page 2: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

منية الطالبفي

شرح المكاسبتأليف

الشيخ موسى بن محمد النجفي الخوانساري (قدس سره)المتوفى سنة ١٣٦٣ ه

تقريراتالمحقق الميرزا محمد حسين النائيني (قدس سره)

المتوفى سنة ١٣٥٥ هالجزء األول

مؤسسة النشر االسالميالتابعة لجماعة المدرسين قم المشرفة

(١)

Page 3: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

شابك ٤ - ٠٠٧ - ٤٧٠ - ٩٦٤٩٦٤ ISBN - ٤ - ٠٠٧ - ٤٧٠

منية الطالب(ج ١)

تقرير: المحقق الميرزا محمد حسين النائيني (قدس سره)المقرر: الشيخ موسى بن محمد النجفي الخوانساري (قدس سره)

تحقيق ونشر: مؤسسة النشر االسالميعدد الصفحات: ٤٥٢

الطبعة: األولىالمطبوع: ١٠٠٠ نسخة

التاريخ: ١٤١٨ ه.مؤسسة النشر االسالمي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

(٢)

Page 4: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله واهب الكمال ألهل الكمال، والصالة والسالم على المتسربل

بسربال الجمال والجالل، المتخلق بأسمى الصفات والخصال، أبي القاسم محمدالمصطفى، وعلى آله الدر الآلل، واللعنة المؤبدة على أعدائهم الجهال والضالل.

وبعد، فقد لمعت في سماء مدرسة الفقه األمامي على مدى القرون المتماديةنجوم ساطعة انبهرت بلمعانها في المنقول والمعقول عقول الفحول، فانحنت لهمنواصي أهل العلم واهتدوا بهم في سراهم، فبلغوا بفضل أفكارهم أسمى المقاصد،

وتفتحت أمامهم ببركة علومهم أبواب الفوائد، وترووا من نمير إفاضاتهم فيأعذب الموارد، فانثنوا مفلحين منجحين، فلله درهم وعليه عز شأنه جزيل أجرهم

وعظيم مثوبتهم.ومن هذه النجوم المشرقة العالمة العيلم والبحر الخضم، وحيد زمانه وفريد

أقرانه، الميرزا النائيني قدس الله سره العزيز، الذي سبق في علم الفقه واألصولسبقا بعيدا، فأتعب من جاء بعده، وأضحى يفتخر رجال العلم والتحقيق بعظم

أفكاره وفهم مراده وحل عباراته، كيف ال يكون كذلك وهو ابن بجدتها وحاملراية من سبقه من العلماء المحققين رضوان الله عليهم أجمعين.

والكتاب الماثل بين يديك - عزيزنا القارئ - يعد من أهم التقريراتوأجودها لمباحث هذا العلم في فقه المتاجر والمكاسب، كتبه أفضل تالميذه

وأبرزهم علما وعمال، وأعمقهم تحقيقا وتدقيقا، المرحوم آية الله الشيخ موسى

(٣)

Page 5: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

النجفي الخوانساري طيب الله رمسه، واسما إياه ب (منية الطالب في حلمشكالت المكاسب).

ونظرا ألهمية هذا الكتاب وحاجة المحصلين وفضالء الحوزة العلمية الماسةله قررت مؤسستنا طبع هذا الكتاب بعد تحقيقه وترتيبه، شاكرين بذلك لجميع

األخوة األفاضل الذين ساهموا في إخراج هذا الكتاب بهذه الحلة القشيبة،ونخص بالذكر منهم: شاكر محمود األحمدي، وجاسم التميمي وكريم الساعدي،

والسيد حسام شبر.كما ال يفوتنا تقديم الشكر لولده الفاضل األستاذ محسن النجفي الخوانساري

على إتحافه لنا بنبذة عن حياة والده المعظم قدس سره. سائلين الله جل شأنه أن يوفقالجميع لنشر علوم آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد

لله رب العالمين.مؤسسة النشر االسالمي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

(٤)

Page 6: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نبذة من حياة المقرربسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي رفع بالعلم درجات العلماء العاملين، وجعل مدادهم أفضل مندماء الشهداء الصالحين، والصالة والسالم على مؤسس قواعد الدين واألئمة

الهادين المهديين، واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى يوم الدين.اسمه ونسبه:

هو الشيخ موسى ابن الميرزا محمد بن... ابن الشيخ أبو عدنان، من أهاليخوانسار، من المدن الجميلة في إيران.

كان والده الميرزا محمد رجال وجيها، وكبير طائفة (شيخها)، ولهذا أطلقعليه لقب (شيخ الطائفة).

وكان من المعمرين والمكثرين في العلم والمال واألوالد، وكان معروفابالورع والتقوى، خادما لمجتمعه في خوانسار يومذاك (١).

أما جده األعلى الشيخ أبو عدنان فقد كان من أصحاب الكرامات، وله بقعةومزار في منطقة (سر چشمه) في خوانسار تعرف ب (بقعة پير) يقصدها العام

--------------------(١) نقال عن كتاب (خاندان مرحوم آقا ميرزا رحيم حاج شيخ ومرحومه هاجر بي بي

انصاريان) بالنص أو قريب منه، انتشارات أنصاريان، قم.

(٥)

Page 7: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والخاص (١).والدته:

ولد شيخنا المترجم له في مدينة خوانسار في العاشر من شهر الميزان (مهر)عام ١٢٥٤ ه. ش المصادف لسنة ١٨٧٥ م.

لقبه:لقب صاحب الترجمة هو (أنصاريان) لكنه استبدله إلى (النجفي

الخوانساري) تيمنا بمدينة النجف األشرف ونسبة إلى مسقط رأسه خوانسار.نشأته العلمية:

شرع في دراسة العلوم التمهيدية والمقدمات في اللغة واألدب في مدرسة(مريم بيگم) (٢) في خوانسار على العالم الفاضل العالمة الشيخ الميرزا حسين، ثمشد رحله وانتقل إلى أصفهان ودرس فيها مرحلة السطوح عند الحاج السيد جمالاألصفهاني، ثم هاجر إلى النجف األشرف، وأخذ يحضر في حلقات بحث الخارج

--------------------(١) أحتفظ آلية الله المرحوم السيد صفائي الخوانساري أعلى الله مقامه بكلمة بخطه المبارك

في أحوال الشيخ موسى، يقول فيها: (كان من بيوت القدس والورع والعبادة من آل الشيخأبي عدنان المدفون في...) ويرى الفاضل الحاج محمد حسن الفاضلي أيضا بأن الشيخ أباعدنان هو جدنا األعلى ويقول عن البقعة والشيخ: (تعتبر بقعة الشيخ المباركة إحدى اآلثارالتاريخية على أرض مدينة خوانسار الجميلة. ويكشف لنا تاريخ خوانسار أن صاحب هذه

البقعة - كما هو محفور على الصندوق الخشبي للبقعة - هو صدر الدين حسين. عاش فيأوائل القرن السابع الهجري، وكتب مريدوه أنه كان أول من أرسى أسس المذهب الجعفريالحق في أصفهان وضواحيها حتى بروجرد ونهاوند ولرستان وخوزستان. وقد بلغ من العلمفي زمانه مبلغا بحيث كان العلماء يكاتبونه ويشدون الرحال إليه من مختلف المناطق ومنها

الشام. (نقال عن بيان حول إعمار بقعة الشيخ في خوانسار بتوقيع السيد محمد حسن الفاضلي).(٢) ابنة الشاه سليمان الصفوي.

(٦)

Page 8: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

في الفقه واألصول لجهابذة الحوزة وأعالمها البارزين أمثال المرحوم آية اللهالسيد كاظم اليزدي صاحب العروة، والمرحوم اآلخوند الخراساني صاحب

الكفاية.وبعد وفاة هذين العلمين التحق بالحلقة الدراسية للمال محمد علي

الخوانساري - الذي صاهره فيما بعد - والشيخ آقا ضياء العراقي والسيد أبو ترابالخوانساري صاحب شرح نجاة العباد، وأخيرا الميرزا حسين النائيني أعلى الله

مقامهم الشريف.والمعروف أن المترجم له كان على عالقة وطيدة بكبير أساتذته المرحوم

النائيني، وكان هو من أبرز تالمذته وأقربهم عنده، إذ حرر التقريرات المهمةألبحاث الميرزا النائيني في شرح المكاسب والصالة واألصول.

منزلته العلمية وسجاياه:كان رحمه الله مثال العلم والتقى السامي ونموذج الزهد والعمل الصالح النامي.ولتحليه بالخصال الكريمة مضافا إلى مرتبته العلمية المرموقة خلف مرجع العصر

السيد أبا الحسن األصفهاني - قدس الله روحه - في إقامة الجماعة في أكبرمساجد النجف األشرف وهو المسجد الهندي، وذلك بعد أن عجز السيد األصفهانينتيجة الشيخوخة وكبر السن عن إقامة الجماعة والتدريس. فقد كان رحمه الله موضع

ثقة تامة من قبل مرجع الشيعة السيد أبي الحسن األصفهاني في أمر االستفتاءاتواإلجازات (١).

--------------------(١) إلثبات ذلك وبغية التعرف على إنشائه الجميل باللغة العربية نثبت بالنص اإلجازة التي

منحها إلى السيد عماد زاده رحمه الله والتي أوردها في مقدمة كتاب اإلمام الحسن العسكري عليه السالم.يقول المرحوم عماد زاده في المقدمة: (.... المرحوم الشيخ موسى بن محمد الخوانساري

من مدرسي الحوزة العلمية المبرزين في النجف األشرف، كان موضع ثقة آية اللهاألصفهاني قدس سره وقد طلب لدى تشرفي بحضوره من الشيخ موسى النجفي الخوانساري أن

يكتب لي إجازة بخطه، فكتب إجازة من جانبه وأخرى من جانب آية الله وأصلها محفوظةفي كتاب اإلجازات).

وفيما يلي نص اإلجازة:بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي رفع بالعلم درجات العلماء العاملين، وجعل مدادهم أفضل من دماءالشهداء الصالحين، والصالة والسالم على مؤسس قواعد الدين واألئمة الهادين المهديين،

واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى يوم الدين.وبعد، فإن جناب الفاضل الكامل والعالم العامل صاحب المصنفات البديعة والمؤلفات

اللطيفة عماد االسالم وثقة األعالم اآلقا ميرزا حسين المعروف بعماد زاده دامت تأييداتهممن استجازني رواية كتب األخبار ومصنفات األخيار فأجزت له أن يروي عني جميع ما

صحت لي روايته بحق إجازتي عن العالمين العاملين الحجتين اآليتين، فقيهي عصرناووحيدي دهرنا اآلقا ميرزا حسين النائيني واآلقا السيد أبو تراب الخوانساري بطرقهما

Page 9: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الكثيرة المنتهية كلها إلى آية الله أستاذ الكل اآلقا الوحيد البهبهاني والفقيه المحدث الشيخيوسف البحراني - نور الله ضريحيهما - بأسانيدهما المفصلة المنتهية إلى أرباب الجوامعالعظام والكتب واألصول ومنهم إلى أهل بيت النبوة ومهبط الوحي ومعدن العصمة صلوات

الله عليهم أجمعين.وأوصيه بمالزمة التقوى والتحذر من أن تغره الدنيا وأرجو منه أن ال ينساني من صالح

دعواته إن شاء الله تعالى، والسالم عليه ورحمة الله وبركاته.كتبه بيمناه الداثرة موسى النجفي الخوانساري في اثني عشر من شهر ربيع المولود سنةثالثمائة وثالث وستين بعد األلف من الهجرة المباركة. (كتاب اإلجازات: ١ / ٣٩).

(٧)

Page 10: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبعد توقف السيد أبي الحسن األصفهاني عن الجماعة والتدريس قام بهذهالمهمة مدرسو تلك المرحلة ومعظمهم من تالمذة الميرزا النائيني. واستمرت

حوزة النجف العلمية في النجف تشق طريقها بكل قوة وصالبة واستقامة، وكانعلى رأس المجموعة التدريسية الحاج الشيخ موسى رحمه الله، فكان يدير حلقة دراسية

مكتظة بالحضور على فترتين في الصباح وبعد الظهر. وقد اتسمت طريقته فيالتدريس باألسلوب الواضح الذي يشد المستمع إليه، مضافا إلى حسن خلقه

وتسلطه العلمي الكامل.وعن عالقته الوثيقة بالميرزا النائيني يقول الشيخ آقا بزرك الطهراني في

كتابه القيم نقباء البشر: (الشيخ الفاضل الورع التقي الشيخ موسى ابن شيخالمشايخ الميرزا محمد الخوانساري النجفي من الفضالء المبرزين، وهو صهر

(٨)

Page 11: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

العالمة الميرزا محمد علي الخوانساري، ورأيت بخطه جملة من النسخ التياستكتبها له في سنة ١٣٢٢ ه في النجف األشرف (١) وهو اليوم من خواصأصحاب موالنا الميرزا محمد حسين النائيني وكتب كثيرا من تقريراته. وطبع

بعضها مثل منية الطالب في حاشية المكاسب في جزءين في سنة ١٣٥٨ ه (٢).وصار مرجع التدريس بعد وفاة شيخه النائيني ويصلي في الجامع الكبير الشهير

بمسجد الهندي) (٣).وقد كان مستيقنا لدى علماء تلك الفترة أنه رحمه الله سيخلف السيد األصفهاني

في مرجعية الشيعة لوال أن امتدت إليه يد األجل وتوفي قبل السيد بعامين.واشتهر الشيخ ببساطة العيش وحسن المعاشرة االجتماعية وكثرتها حتى

نقلت عنه مواقف وقصص كثيرة ال زالت تتداولها ألسنة العلماء والفضالء.وكان الشيخ رحمه الله جميل الخط، كتب بيده نسخة من القرآن الكريم بخط النسخ

مع تذهيب في الحواشي وفاتحة الكتاب، إال أنها فقدت ولألسف (٤).--------------------

(١) المرحوم الميرزا محمد علي الخوانساري اإلمامي، المشهور ب (اآلخوند المال محمدعلي) والد زوجة المترجم له، وكانت له مكتبة عظيمة نادرة، نقلت بعد وفاته إلى منزل الحاج

الشيخ موسى للوقف، وقد تلف الكثير من الكتب بعد أن عاثت فيها دودة األرضة، وبعد أنتوفيت ابنته (زوجة الشيخ) وألجل تحديد وضع المكتبة في تقسيم اإلرث تم توزيع كتبالوقف وتقسيم الباقي بين الورثة، حيث أعطي القسم األعظم منها إلى المرحوم اآلقا ميرزا

محمد نجل المرحوم اآلخوند - والذي كان من علماء أراك حينذاك - فنقلها إلى إيران، وبعدمضي عقود عديدة عليها ابتاعها الحاج محمد حسن الفاضلي وعكف على تصليحها لوضعها

في المكتبة العامة التي أسسها في خوانسار ليعم نفعها الجميع.(٢) الصحيح أن منية الطالب طبع للمرة األولى سنة ١٣٥٧ ه. وقد كتب الشيخ آقا بزرك

الطهراني في ج ٢٣ ص ٢٠٥ من الذريعة - طبعة بيروت - ما يلي:(منية الطالب في شرح المكاسب) للشيخ موسى بن محمد النجفي، من تقريرات أستاذه

الشيخ الحجة ميرزا محمد حسين النائيني، أبرز للطبع سنة ١٣٥٧ وأشرنا إليه في (٦: ٢٢١)بعنوان (الحاشية على المكاسب).

(٣) نقال عن األجزاء المخطوطة من كتاب نقباء البشر (أعالم الشيعة) وهي موجودة عند كبيرأوالده الدكتور علي نقي منزوي.

(٤) كتبت العبارة التالية في هامش الصفحة الرابعة من كتاب (خاندان مرحوم آقا ميرزا رحيمحاج شيخ ومرحومه هاجر بي بي انصاريان): (نقل المرحوم السيد صفائي أنه كتب

قرآنا بخطه الجميل، ولما سئل (الحاج الشيخ موسى) عن سبب ذلك رغم كثرة مشاغلهالعلمية قال: لكي أمتلك كل وسيلة للنجاة غدا يوم القيامة عند الحساب).

(٩)

Page 12: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كان للشيخ حضور سياسي أيضا في الميادين المختلفة، منها مشاركته فيموكب اآلخوند الخراساني نحو الكوفة أثناء ثورة الدستور في إيران (المشروطة)فمرض هناك وربما دس إليه السم ثم التحق بالرفيق األعلى فاختل الموكب وعاد

من حيث أتى.مؤلفاته:

وهي كثيرة بعضها مخطوط وبعضها مطبوع، والمخطوط منها بعضها كاملوبعضها ناقص، وهي كما يلي:

١ - منية الطالب في شرح المكاسب:وهو الماثل بين يديك، ويعد هذا السفر المبارك من أهم المراجع الفقهية

العاكسة - وبدقة كبيرة وبأسلوب رصين - آراء الميرزا النائيني قدس سره في شرحهلمكاسب الشيخ األعظم - نور الله مضجعه - وهذا أمر متسالم عليه عند أهله، نقل

عن السيد البروجردي أعلى الله مقامه قوله: (إن منية الطالب هو من أفضلتقريرات النائيني) (١).

٢ - كتاب الصالة:نقل عن اإلمام الخميني الراحل قدس سره أنه قال حول كتاب الصالة: (صالة

المرحوم الحاج الشيخ موسى الخوانساري من أفضل المؤلفات في الصالة) (٢)وأعلن عن استعداده لطباعة هذا الكتاب على نفقته الخاصة. وقد سمعت ذلك -

ولألسف - بعد سنة من وفاته قدس سره مما شجعني على متابعة مؤلفاته وطباعتها.٣ - كتاب في األصول:

--------------------(١) حسب ما كتبه آية الله السيد مصطفى صفائي الخوانساري طاب ثراه.

(٢) جاء ذلك في الخطاب الذي وجهه لي حجة االسالم السيد محمد الموسوي البجنورديبحضور جمع من األقارب.

(١٠)

Page 13: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقد فقد قسم من هذا الكتاب والذي قبله ولم يبق منهما سوى مئاتالصفحات بخط يده الشريفة، آملين أن تدفعها يد العناية إلى المطابع للحفاظ عليها.

وهناك بحوث مخطوطة في أبواب مختلفة بعضها كامل وبعضها ناقص وهي:المقصد الرابع في الجماعة، والمقصد السادس في صالة المسافر (٢٣٤

صفحة).في قضاء الصالة (٣ صفحات).

الركن الثالث في التيمم (١٧ صفحة).المبحث الثالث في الشك (في أفعال الصالة) (٣٥ صفحة).

األدعية المأثورة بين التكبيرات ومباحث القراءة (٨٠ صفحة).فصل في الخلل الواقع في الصالة (١٢٠ صفحة).في ختام المسائل المتعلقة بالشك (٨ صفحات).

كتاب الطهارة (١٧٠ صفحة).كتاب القضاء (٧٠ صفحة).كتاب الصوم (٦٠ صفحة).صالة الجمعة (١١ صفحة).

في االجتهاد والتقليد (٢٢ صفحة).المقام الثاني في االستصحاب (األصول العقلية) (٢٨٠ صفحة).

قاعدة من ملك شيئا (٨ صفحات).مباحث األلفاظ، بحث الضرر، والخراج، والواجب المطلق

والمشروط، والنهي عن الضد (مئات الصفحات).األصول العقلية (٢٥٠ صفحة).

مواضيع أخرى متفرقة.وقد كتب المرحوم آية الله السيد الصفائي الخوانساري رحمه الله في مذكراته أن

الحاج الشيخ موسى ألف بعد سفره إلى مشهد المقدسة وإقامته فيها مدة قصيرةرسالة في اجتماع األمر والنهي وطبعها. وأضاف أنه كانت بحوزته نسخة منها

لكنه أعارها ألحد األشخاص ولم يعدها إليه.

(١١)

Page 14: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تالمذته:تتلمذ على يديه عدد كبير من الطلبة والفضالء منهم:

١ - الشيخ محمد شريف نوري (المعروف بالشاهرودي).٢ - الشيخ الحاج الميرزا كاظم التبريزي.

٣ - الشيخ محمود اآلشتياني (مؤلف كتاب الصالة) (١).٤ - الحاج الشيخ عبد الله تربتي (٢).

٥ - الشيخ الميرزا محمد بن رجب علي الطهراني العسكري (٣).٦ - الشيخ محمد الكفعمي.

٧ - الشيخ علي أكبر التسخيري الجيالني.هذا ما أسعفتنا به الذاكرة وإال فإن عددهم كثير كما قلنا، رحم الله الماضين

منهم وأطال في أعمار الباقين، ألنهم وجميع مدرسي الحوزات العلمية وفضالئهاحملة علوم أهل البيت عليهم السالم وناشروها في أصقاع العالم.

وفاته ومدفنه:توفي رحمه الله في ليلة الخميس السابع والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة

١٣٦٣ ه. ق المصادف للثاني عشر من آذر سنة ١٣٢٣ ه. ش (حسبما أرخهاالشيخ آقا بزرك الطهراني).

ودفن إلى جوار أستاذه الميرزا النائيني في صحن اإلمام أمير المؤمنين عليه السالم.وفي الختام أرجو أن تبادر دور النشر إلى طباعة مؤلفات هذا العالم القدير

ال سيما المخطوط منها لكي تعم فائدتها ويتسع نفعها إن شاء الله، وآخر دعواي أنالحمد لله رب العالمين.

--------------------(١) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه آية الله مرعشي: ١٨ / ٢٨٨.

(٢) گنجينه دانشمندان: ٣٣٣.(٣) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج ١١. (وقد أخذ إجازة منه أيضا).

(١٢)

Page 15: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كتاب المكاسب

(١٣)

Page 16: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بسم الله الرحمن الرحيموبه نستمد ونستعين

الحمد لله رب العالمين، والصالة والسالم على أشرف األولين واآلخرينمحمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين أبد األبدين.

وبعد: فيقول أفقر العباد إلى رحمة ربه الباري موسى بن محمد النجفيالخوانساري: هذا ما استفدته ممن انتهت إليه رئاسة اإلمامية في القرن الرابع عشر،

شمس سماء التحقيق، وقطب رحى التدقيق، شيخ الفقهاء والمجتهدين، أستاذالجهابذة األساطين، حجة االسالم والمسلمين، آية الله في العالمين، شيخنا

ومالذنا، الميرزا محمد حسين الغروي النائيني - متع الله العلماء ببقائه - في حكمالمكاسب، وحيث إن الفقهاء - جزاهم الله عن االسالم وأهله خير الجزاء - أفادوافي هذا الباب بما ال يخلو عن خلط وتخليط وإيجاز وتطويل، وإن كان بعضهم أتى

بما ال مزيد عليه ولكنه لم يدخله تحت جامع. فالمهم لنا تنقيح التكسب باعتبارنفس المعاملة، وباعتبار ما يتعلق الكسب به على نحو يدخل تحت ضابط عام

بعون الله الملك العالم. وتوضيح ذلك في ضمن مقدمة وفصول.أما المقدمة

فاعلم: أن التكسب باعتبار الحكم ينقسم إلى أقسام أربعة: الحرام والمكروه

(١٥)

Page 17: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والمستحب والمباح، وال يتصف بالوجوب ذاتا.نعم، قد يكون واجبا بالعرض، ومنه الواجبات النظامية الكفائية التي قد

يعرضها الوجوب العيني إذا انحصر من يقوم بها بشخص خاص. فإن الصنائع التيتجب كفائيا لم يتعلق األمر بها ابتداء بحيث تكون واجبات نفسية كالصالة على

الميت ونحوها، وإنما تجب لحفظ النظام.وقد جرت عادة غير واحد على تقسيمه: إلى محرم، ومكروه، ومباح،

لتوهمهم عدم وجود المستحب الذاتي في الكسب كالوجوب، ولكنه ال يخفى أنالزرع والرعي مما ندب إليهما شرعا أصالة، فتأمل هذا بحسب الحكم.وأما باعتبار نفس المعاملة فينقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بتبديل األعيانباألموال كباب البيع وما يلحق به، وقسم يتعلق بتبديل المنافع كاإلجارة

وما يلحق بها.ثم إن حقيقة المعاملة عبارة عن تبديل أحد طرفي اإلضافة بإزاء أحد طرفياإلضافة من أضافة أخرى في مقابل اإلرث، فإنه تبديل المالكين، أي باب

المعاملة تبديل المملوكين.وبعبارة واضحة: ال شبهة أن الملكية من األمور االعتبارية العقالئية التي

تكون لها نفس أمرية بنظر العقالء، وتكون منشأ لآلثار في عالم االعتبار.والمراد باالعتبارية في اصطالحنا هو األمر المتوسط بين األمور المتأصلة

العينية واألمور االنتزاعية. فاألول كاألعيان الخارجية، والثاني: كالقبلية والبعديةوالجزئية والشرطية، ونحو ذلك مما ليس له وجود إال باعتبار منشأ انتزاعه.

واألمور االعتبارية كالملكية والوجوب والحرمة والوالية ونحو ذلك، فإن ما اليكون له وجود في وعاء إال بتشريعه - أي: ما كان وجوده التكويني عين وجوده

اإلنشائي، وعين اعتباره ممن بيده اعتباره - فهو أمر اعتباري. وال شبهة أن الملكيةمن أوضح مصاديق األمور االعتبارية القابلة للجعل أصالة، وهي قد تحصل من

اإلرث، وأخرى من المعاملة. وهي: عبارة عن تبديل طرف اإلضافة بطرف إضافة

(١٦)

Page 18: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أخرى، الذي ينقسم إلى تبديل األعيان باألموال أو المنافع بها.ثم إن الحرمة المتعلقة بالمعاملة عبارة عن حرمة هذا المعنى، أي: حرمة

تبديل المال أو المنفعة، ال حرمة إنشاء المعاملة، وال حرمة آثارها كالتصرف فيالثمن والمثمن، وال قصد ترتب األثر عليها، وذلك ألن نفس اإلنشاء من حيث إنه

فعل من األفعال وتلفظ بألفاظ ال وجه ألن يكون حراما، إال إذا كان مزاحمالتكليف آخر كالبيع وقت النداء، وهكذا قصد تحقق المنشأ اإلنشاء من حيث إنه

أمر قلبي ال وجه لحرمته إال إذا كان تجريا أو إعانة على اإلثم.وأما حرمة اآلثار، فهي مترتبة على فساد المعاملة وحرمتها، ال أنها هي

المحرمة ابتداء، فما يكون محرما حقيقة ويكون متعلقا للنهي هو نفس التبديلالذي اعتباره بيد مالكه، لوال نهي الشارع الذي هو مالك الملوك، وينفذ اعتباره من

كال طرفي اإلثبات والنفي.وبعبارة أخرى: نفس المنشأ بالعقد الذي هو أمر اعتباري وفعل إيجادي من

المنشئ هو المحرم، ال آلة اإليجاد وهو التلفظ، وال القصد، وال اآلثار.ثم إن حجة الحرمة تارة راجعة إلى عدم كون ما يتكسب به ماال عرفا

كالحشرات.وأخرى راجعة إلى إسقاط الشارع جهة ماليته كالخمر والخنزير.

وثالثة إلى حرمة نفس المعاملة، لعدم صالحية المال، لوقوع المعاملة به علىهذا الطريق الخاص كالزيادة في المتجانسين.

ومحل بحثنا في المكاسب المحرمة راجع إلى حرمة التكسب باعتبار تعلقالكسب باألعيان الخارجية، فمثل المعاملة الربوية خارجة عن موضوع البحث.

ثم إن مالية المال إما باعتبار خاصيته: كالحبوبات والفواكه ونحوهما، فإنبذل المال بإزاء الحنطة أو بإزاء الماء إنما لكونه مما يؤكل أو يشرب، فاالنتفاع به

إنما يكون بإعدامه. وإما باعتبار منافعه كاألراضي والمستغالت (١) فاالنتفاع به--------------------

(١) المستغالت: وهي ما يحصل من الغالت من: الزرع والتمر واللبن واإلجارة والبناء، ونحوذلك. الحظ مجمع البحرين: مادة (غلل)، ج ٥ ص ٤٣٧.

(١٧)

Page 19: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بإبقائه.وعلى أي حال تتوقف صحة التكسب به على كونه ماال عرفا، وعدم إلغاء

الشارع جهة ماليته، فمثل الخنافس تدخل فيما يحرم االكتساب به، لعدم كونه ماالعرفا، أي لعدم وجود خاصية فيه وال منفعة له، لما عرفت أن مناط مالية المال

بأحدهما، ويندرج فيه جميع ما يستقذره الطبع من الحشرات واألبوال الطاهرة،فإن هذه األشياء وإن أمكن لها منافع نادرة وخاصية اتفاقية إال أنهما ليستا مناطين

لمالية المال، وال يقاس بالعقاقير واألدوية فإن لهما منافع معتد بها، ألن المرضطبيعي للحيوانات، فاالحتياج إلى األدوية في حال األمراض يوجب اقتناءها

لبيعها عقالئيا.وبالجملة: ليس المهم تنقيح الصغريات، وأن السباع والمسوخات واألبوال

أموال أم ال؟ فإن منافع هذه األشياء في زماننا هذا كثيرة جدا، بل وجود المكائنالموجودة التي تؤخذ بها أدهان الحشرات وتستعمل في الصابون أوجب إدخالها

في المكاسب العقالئية، فضال عن مثل دود القز والعلق وأبوال الحيوانات التييصبغ بها الصوف وجلود السباع إذا كانت مذكاة ونحو ذلك.

ثم إن دليل الحرمة التي هي في المقام عبارة عن عدم تحقق النقل واالنتقال،ال ما يترتب عليها العقاب، مضافا إلى االجماع المحقق كما يظهر للمتتبع في كالماألعالم (١) بعد إحراز الصغرى، وعدم االعتبار بالمنفعة النادرة، فإنها بحكم العدمهو: أن أكل المال بإزاء هذا الكسب أكل بالباطل، واألولى إدخال هذا القسم في

شرائط صحة البيع، ال في المكاسب المحرمة، وإنما ذكرناه تبعا لشيخنا األستاذ مدظله، فلنرجع إلى ما يكون االكتساب به محرما شرعيا إلسقاط الشارع جهة

ماليته. وتوضيحه في ضمن فصول:--------------------

(١) الحظ: التنقيح الرائع: كتاب التجارة، ج ٢ ص ٥، رياض المسائل: كتاب التجارة، ج ١ ص٤٩٨ س ٨. جواهر الكالم: كتاب التجارة، ج ٢٢ ص ٨.

(١٨)

Page 20: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الفصل األولال يجوز بيع األعيان النجسة، وال سائر أنحاء المعامالت، من غير فرق بين أن

يكون حيوانا أو مبدأ حيوان: كالكلب والخنزير والمني وغيره، ومن غير فرق بينأن يكون مائعا كالخمر والدم والبول. وأن يكون جامدا: كجلد الميتة والعذرة

واللحوم المحرمة النجسة.ويدل عليه النبوي المعمول به عند الفريقين: (إن الله إذا حرم شيئا حرم

ثمنه) (١).وفي الفقه الرضوي بعد تصريحه بما يجوز بيعه وشراؤه وهبته وعاريته قال:

(وكل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه من جهة أكله وشربه ولبسه ونكاحهوإمساكه لوجه الفساد، ومثل الميتة والدم ولحم الخنزير والربا وجميع الفواحش

ولحوم السباع والخمر وما أشبه ذلك فحرام ضار للجسم وفساد للنفس) (٢). فإنقوله عليه السالم: (فحرام) في مقابل قوله: (فهذا كله حالل بيعه وشراؤه) ظاهر في

حرمةاالكتساب بجميع أنحائه.

وفي دعائم االسالم: (وما كان محرما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه والشراؤه) (٣). ومقتضى ذلك تحريم بيع عذرة االنسان.

وما دل (٤) على جواز بيعها معارض بمثله، والجمع الداللي وإن لم يكن بينهماولكن بعد معارضة الطائفتين فالمرجع عموم ما دل على أن كل محرم حرم بيعه،

وال يمكن حمل أخبار الجواز على البالد التي ينتفع بها فيها، فإن مناط الحرمةليس لعدم كونها ماال عرفا، بل لكونها محرمة، فكونها مما ينتفع بها ال يوجب جواز

بيعها، فإن الخمر والميتة والخنزير أيضا مما ينتفع بها.--------------------

(١) مسند ابن حنبل: ج ١ ص ٢٤٧، عوالي الآللي: ج ١ ص ١٨١ ح ٢٤٠.(٢) فقه الرضا عليه السالم: باب ٣٦ في التجارات والبيوع ص ٢٥٠.

(٣) دعائم االسالم: ج ٢ ص ١٨ ح ٢٣.(٤) االستبصار: ج ٣ ص ٥٦ ح ١٨١.

(١٩)

Page 21: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبالجملة: لم يدل دليل غير مبتلى بالمعارض على استثناء بيع العذرة عنأنواع النجاسات.

نعم، لو قلنا: بأن النجاسة مانعة عن صحة البيع إذا توقف االنتفاع بالشئ علىطهارته، وأما إذا لم يتوقف على طهارته فال مانع من صحة بيعه. وال شبهة أن منافع

العذرة في بعض البالد من أهم المنافع، فعلى هذا يمكن الجمع بين المتعارضينباختالف البالد لمناسبة بين الحكم والموضوع، وال يبعد دعوى: كون المناسبة منالقرائن المكتنفة بالكالم، فبهذه المناسبة يخرج الجمع بينهما عن الجمع التبرعي أوالتورعي، ولكنه ال يخلو عن إشكال. وسيجئ ما هو األصل في جواز البيع وعدمه

في مطلق النجاسات.ثم إن هاهنا فروعا ينبغي التعرض لها.

األولالحق بالنجاسات المتنجسات في حرمة المعاوضة عليها، ومقتضى النبوي (١)ورواية الدعائم (٢) أن تكون كذلك، ولكن ينبغي تقييدها بما توقفت منافعها

المحللة المقصودة على طهارتها.وأما إذا لم يتوقف استيفاء منفعتها على طهارتها كالفرش واألمتعة ونحو ذلك،

أو أمكن تطهيرها بال خروجها عن عنوانها: كالماء المتنجس واألواني المتنجسةفال ينبغي اإلشكال في صحة المعاملة عليها، وذلك ألنه لو لم يمكن تطهيرها

وتوقف خاصيتها أو منفعتها على طهارتها كالخل النجس ونحوه فحيث إنه ليسماال شرعا فال يجوز المعاملة عليها. وأما لو لم يكن كذلك فحيث إن الشارع لم

يسقط ماليتها فال مانع من المعاملة عليها.بل يمكن أن يقال - وإن لم يكن مرضيا عندنا كما سيجئ -: لم يجب على

البائع إعالم المشتري بنجاستها، لعدم قيام دليل على وجوب إعالم الناس--------------------

(١) تقدم في الصفحة: ١٩.

(٢) تقدم في الصفحة: ١٩.

(٢٠)

Page 22: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بالنجاسات، وليس البائع سببا ألكل المشتري أو شربه النجس حتى يحرم من هذهالجهة.الثاني

استثني من عدم جواز بيع النجس أمور:األول: المملوك الكافر، وهذا في الجملة ال إشكال فيه بناء على أن مناط

حرمة بيع النجس عدم كونه قابال للمنفعة المقصودة منه.وبعبارة أخرى: إنما أسقط الشارع مالية النجس إذا توقف االنتفاع المعتد به

على الطهارة. وأما لو لم يتوقف عليها: كاالستخدام الذي هو مناط مالية العبد فالمانع عن بيعه. فعلى هذا ال فرق: بين أن يكون كافرا أصليا، وأن يكون مرتدا مليا

أو فطريا، ألن مناط الصحة لم يكن قابلية العبد للطهارة حتى يقال بأن المرتدالفطري ال تقبل توبته فال يطهر بالتوبة.

فما عن بعض األساطين (١) في شرحه على القواعد من ابتناء جواز بيعالفطري على قبول توبته، (٢) ال وجه له.

نعم، هنا إشكال آخر في بيع الفطري يجري في المحارب أيضا، وهو: كونه فيمعرض التلف، فإن المحارب بعد االستيالء عليه ال تقبل توبته: كالمرتد الفطري،ولكن هذا أيضا ال يوجب سلب ماليته، ألنه كالمريض المأيوس عن برئه، فتأمل.

الثاني: الكلب الصيود والحارس.أما الصيود، فيدل على جواز المعاملة عليه جملة من األخبار (٣) منطوقا

ومفهوما، وبعضهم (٤) قيده بالصائد السلوقي، وال وجه له إال دعوى االنصراف،--------------------

(١) هو الشيخ جعفر كاشف الغطاء في شرحه على بعض أبواب القواعد للعالمة الحلي غيرمطبوع ونسخته الخطية في المكتبة العامة للسيد المرعشي النجفي تحت الرقم: ٤٩٩٦.

(٢) شرح القواعد (مخطوط): الورقة ٤.(٣) وسائل الشيعة: باب ١٤ من أبواب ما يكتسب به، ج ١٢، ص ٨٣، أحاديث الباب.

(٤) كالشيخين: في المقنعة: المكاسب المحرمة، ص ٥٨٩، والنهاية كتاب المكاسب: ص ٣٦٤.والديلمي في المراسم: ص ١٧٠.

(٢١)

Page 23: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وال منشأ له إال غلبة الوجود. وال يخفى عدم إيجابها تقييد المطلقات.فاألقوى خروج مطلق الكلب المعلم على الصيد عن قوله: (ثمن الكلب

سحت) (١) وال يمنع نجاسته أيضا عن وقوع المعاملة عليه بعد تصريح األدلة بجوازبيعه.

هذا، مضافا إلى ما قيل: (٢) من أنه ال ينجس موضع عضه. وعلى فرضنجاسته ال يتوقف االنتفاع المقصود منه على طهارته.

والفرق بينهما: بأن السلوقي ال يأكل ما اصطاده دون غيره، ال يوجب تفاوتافي صحة المعاملة عليهما.

وأما الحارس - سواء كان للماشية أو للزراعة أو البستان أو الحائط أو الخيامونحو ذلك - فقد قيل (٣): إن األشهر بين القدماء هو المنع. بل ظاهر األخبار (٤)

الواردة في كلب الصيد هو حصر الجواز فيه.إال أن مقتضى ما أرسله شيخ الطائفة في المبسوط: من أنه روي ذلك (٥)

- يعني جواز البيع في كلب الماشية والحائط صحة بيعه، ألن إرساله منجبر بعملالمشهور مع عدم إحراز إعراض القدماء عنه، فإن الظاهر أن القدماء لم يظفروابهذه المرسلة، فشهرة المنع بين أرباب الفتاوى من القدماء وأصحاب الحديث

كالصدوقين والكليني قدس سرهم ال توجب األعراض عنها، فيمكن حمل األخبارالواردة

في الكلب الصيود على المثالية، بل ال يخفى أن المنفعة المقصودة من الحارس أهممن المنفعة المقصودة من الصائد.

--------------------(١) الكافي: ج ٥ ص ١٢٠ ح ٤، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٨٣ باب ١٤ من أبواب

ما يكتسب به ح ٢.(٢) قاله الشيخ الطوسي في الخالف: ج ٣ ص ٢٤٥ م ٨.

(٣) حكاه في المناهل: كتاب البيع، ٢٧٧، س ٧.(٤) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٨٢ - ٨٣ ب ١٤ من أبواب ما يكتسب به أحاديث الباب.

(٥) المبسوط: كتاب البيوع، ج ٢ ص ١٦٦.

(٢٢)

Page 24: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

هذا، مضافا إلى ما ثبت اتفاقا من جواز إجارتها وثبوت الدية لها.وما يقال: (١) ثبوت الدية كاشف عن عدم جواز المعاملة عليه، وإال ثبتت

القيمة فيها فهي كالحر ال قيمة له وله دية.ففيه: أن الدية وردت في الكلب السلوقي أيضا مع االتفاق على جواز

المعاملة عليه.وبالجملة: ظاهر عبارة جملة (٢) من المتأخرين ثبوت الجواز إجماعا، فيمكن

حمل أخبار المنع على خصوص كلب الهراش أو الكلب العقور.نعم، األحوط ترك بيعه وإن كان اقتناؤه للحرس ال إشكال فيه.

ففي الصحيح: (ال خير في الكالب إال كلب صيد أو ماشية) (٣).وفي الغوالي على ما في المستند: (أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بقتل الكالب فيالمدينة... إلى أن قال: فجاء الوحي باقتناء الكالب التي ينتفع بها، فاستثنى كالب

الصيد وكالب الماشية وكالب الحرث وأذن في اتخاذها) (٤).الثالث: العصير العنبي بعد الغليان وإن لم يذهب ثلثاه، فإنه تجوز المعاملة

عليه ولو على القول بنجاسته، وذلك لما ذكرنا (٥) في المتنجس أن سلب الماليةشرعا منوط بعدم قابلية المتنجس للتطهير، وعدم إمكان االنتفاع به في حال

النجاسة. وال يخفى قابلية العصير العنبي للطهارة بإذهاب ثلثيه، وال ينتقض ذلكبالخمر في أنه قابل للتطهير بصيرورته خال للفرق بينهما، فإن الخمر ال يقبل

الطهارة إال بتبدل موضوعه، وهذا بخالف العصير.وبالجملة: كفى للفرق بينهما ورود الدليل الخاص على حرمة بيع الخمر، والدليل

--------------------(١) قاله الشهيد الثاني في المسالك: كتاب التجارة، ج ١ ص ١٦٧ س ٢٣.

(٢) راجع: مجمع الفائدة والبرهان: كتاب المتاجر، ج ٨ ص ٩٥، مستند الشيعة: كتاب الكسب،ج ٢ ص ٣٣٤، س ٢٨.

(٣) الكافي: ج ٦ ص ٥٥٢ ح ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ٨ ص ٣٨٧ ب ٤٣ من أبواب أحكامالدواب ح ٢.

(٤) عوالي الآللي: ج ٢ ص ١٤٨ ح ٤١٤.(٥) مر في الصفحة: ٢٠.

(٢٣)

Page 25: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

العام وهو عدم جواز بيع ما كان محرما أصله، ولم يدل دليل بالخصوص على حرمةبيع العصير، وال تشمله األدلة العامة، فإنه ليس محرم األصل، وال من العناوين النجسة.

وقوله عليه السالم: (وإن غلى فال يحل بيعه) (١) محمول على ما إذا باعه بال إعالمللمشتري بأنه غلى، أو كناية عن حرمته حين الغليان.

ويشهد له ما ورد في رواية أبي كهمش: (إذا بعته قبل أن يكون خمرا وهوحالل فال بأس) (٢).

وما في مرسل ابن الهيثم: (إذا تغير عن حاله وغلى فال خير فيه) (٣) فإن قوله:(وهو حالل فال بأس) شاهد على أن جهة المانعية عن البيع هي الحرمة، فإذا بيع

لالستحالل بإذهاب ثلثيه فال مانع منه.واألنصاف: ظهور الروايات الخاصة في حرمة البيع، فلو ثبت إعراض

األصحاب عنها فهو، وإال فالجواز مشكل، وإعالمه بغليانه ال يؤثر في الجواز بعدظهور األخبار، ال سيما األولين في حرمة بيعه، فتأمل جيدا.

الفرع الثالثاستثنوا من المتنجسات الدهن، وال بد أن يجعل المستثنى األدهان المتوقف

استيفاء المنافع منها على طهارتها، أي إذا كانت المنفعة المقصودة من الدهن أكلهفنجاسته مع عدم قابليته للتطهير توجب عدم جواز االكتساب به. وأما إذا لم

تتوقف على طهارتها - كاألدهان المستعملة في المكائن - فال معنى الستثنائه، إالإذا قلنا بأن كل ما صار نجسا ولم يمكن تطهيره ال يجوز بيعه.

وكيف كان، فالدهن المتنجس على أقسام ثالثة:--------------------

(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٣٢ ح ١٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٦٩ - ١٧٠ ب ٥٩ من أبوابما يكتسب به ح ٦.

(٢) الكافي: ج ٥ ص ٢٣١ ح ٣. وفيه: (عن أبي بصير) وأما رواية أبي كهمس كما في المصدرفهي بهذا المضمون معنى مع االختالف لفظا، الحظ المصدر نفسه ح ١٢.

(٣) الكافي: ج ٦ ص ٤١٩ ح ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٧ ص ٢٢٦ - ٢٢٧ باب ٢ من أبواباألشربة المحرمة، ح ٧.

(٢٤)

Page 26: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قسم تكون منافعه المقصودة هو أكله: كالسمن ودهن اللوز ونحوه.وقسم مشترك بينه وبين إسراجه: كالزيت.وقسم يختص باإلسراج: كالنفط ونحوه.

وعلى أي حال، حيث دل الدليل على جواز بيع الزيت والسمن فيجوز بيع كلما كان مختصا باألكل أيضا. إنما الكالم في مقامات:

أحدها: هل يجب على البائع اشتراط االستصباح على المشتري، أم يصحمطلقا، أو يفرق بين ما كان منفعته مختصة باألكل أو مشتركة، وما كان منفعته

المقصودة هي االستصباح فال يعتبر االشتراط في الثاني دون األول؟ وجوه.واألقوى جواز بيع جميع األقسام بال شرط، لعدم دليل على اعتبار االشتراط

حتى فيما كان منفعته مخصوصة باألكل، ألن المفروض أنه بالنجاسة لم يسقطعن المالية، غاية األمر نقص عن قيمته، فإذا بيع بقيمة ما يسرج به فال مانع من

صحته، سواء كان المشتري عالما بأنه يمكن اإلسراج بدهن البنفسج أو ال يكونعالما به، ألنه إذا باعه بقيمة النفط فجهل المشتري بهذه المنفعة ال يسقطه عن هذه

المالية الواقعية.وبالجملة: لو اشترط البائع صرفه في األكل فيمكن القول بفساد البيع، ألنه أكل

للمال بالباطل، وأما لو لم يشترط هذا ولم يشترط صرفه في االستصباح أيضا فالوجه للبطالن.

الثاني: هل يجب إعالم المشتري بالنجاسة أم ال؟ ثم على الوجوب هل هوشرطي أو نفسي؟.

األقوى وجوب األعالم نفسيا، أما وجوبه فلقوله عليه السالم: (وأعلمهم إذا بعته) (١)وقوله عليه السالم: (بينه لمن اشتراه ليستصبح به) (٢).

--------------------(١) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ١٢٩ ح ٥٦٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٦٦ ب ٦ من

أبواب ما يكتسب به، ح ٣.(٢) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ١٢٩ ح ٥٦٣، عنه وسائل الشيعة: ب ٦ من أبواب ما يكتسب به

ح ٤ ج ١٢ ص ٦٦.

(٢٥)

Page 27: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما كونه نفسيا فألن قوله عليه السالم: (ليستصبح به) ظاهر في أن منشأ الوجوبعدم وقوع المشتري في محذور األكل، وإال ال مالزمة بين االشتراء واالستصباح،فاستفادة شرطية األعالم لصحة البيع ال وجه لها. ثم بناء على هذا يمكن استفادةوجوب إعالم المشتري في كل ما يتوقف استعماله على الطهارة كاألواني، فإنهاوإن صح بيعها مع نجاستها ولكن يجب األعالم بها نفسيا، لئال يقع المشتري في

استعمال النجس، بل يمكن استفادة وجوب إعالم المسلمين بنجاسة ما يتوقفاستعمالها على الطهارة من عدة من الروايات (١). وتمام الكالم موكول إلى محله.

ثم إنه قد ينسب (٢) إلى المشهور: أنه يجب االستصباح تحت السماء. والمدرك له سوى ما أرسله الشيخ في المبسوط، فقال: روى أصحابنا أنه يستصبح

به تحت السماء دون السقف (٣). وال يخفى أنه لو علمنا به ولم نحمله علىاالستحباب فال بد أن يحمل (٤) على التعبد الصرف، ألن السقف ال ينجس بدخان

النجس حتى يحمل على اإلرشاد، لعدم نجاسة دخان النجس، مع أنه ال محذورفي تنجسه حتى يرشد إلى تركه.

الثالث: هل يجوز االنتفاع بالدهن المتنجس لغير االستصباح بأن يعملصابونا أو يطلى به األجرب أو السفن أم ال؟ وتنقيح ذلك يتوقف على تأسيس

األصل في المتنجسات والنجاسات حتى يكون هو المرجع عند الشك.فنقول: أما المتنجسات فاألقوى جواز بيع كل ما ال يتوقف االنتفاع به على

طهارته، فإن هذا هو الذي يقتضيه استصحاب الحكم قبل التنجس، فإذا كانللشئ منافع مقصودة فعروض النجاسة عليه ال يمنع عن نفوذ بيعه، بل يمكناستفادة هذا المعنى من رواية تحف العقول والفقه الرضوي ودعائم االسالم.

--------------------(١) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٦٦ ب ٦ من أبواب ما يكتسب به ح ٣ و ٤.

(٢) كما في جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ١٥.(٣) المبسوط: كتاب األطعمة، ج ٦ ص ٢٨٣.

(٤) كما اختاره في الجواهر: كتاب التجارة، ج ٢٢ ص ١٥.

(٢٦)

Page 28: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ففي األول: (وكل شئ يكون لهم فيه الصالح من جهة من الجهات، فهذا كلهحالل بيعه وشراؤه وإمساكه واستعماله وهبته وعاريته (١).

وفي الثاني: (اعلم رحمك الله: أن كل مأمور به على العباد وقوام لهم فيأمورهم من وجوه الصالح الذي ال يقيمهم غيره - مما يأكلون ويشربون ويلبسون

وينكحون ويملكون ويستعملون - فهذا كله حالل بيعه وشراؤه وهبته وعاريته (٢).وفي الثالث: (أن الحالل من البيوع كل ما كان حالال من المأكول والمشروب

وغير ذلك مما هو قوام للناس ويباح لهم االنتفاع (٣).وال يعارض ذلك النبوي: (إذا حرم الله شيئا حرم ثمنه (٤)، ألنه بعد ما

أحرزنا جواز االنتفاع بالشئ ولو باالستصحاب فال يدخل تحت ما حرمه الله، بليمكن استفادة الجواز من األخبار الخاصة المتفرقة: كجواز بيع الدهن لالستصباح،

وجواز بيعه لمن يعمله صابونا، كما في كتاب النوادر للراوندي (٥) بإسناده عن أبيالحسن موسى بن جعفر عليهما السالم، وفيه: (سئل عليه السالم عن الشحم يقع فيه

شئ له دمفيموت؟ قال: (تبيعه لمن يعمله صابونا (٦).

وبالجملة: فاألقوى جواز بيع المتنجسات إذا كانت لها منافع معتدة بحيث إنالعقالء يبذلون بإزائها المال، سواء نقصت قيمتها بعروض النجاسة لها أم ال. نعم، لو

صارت بسبب عروض النجاسة مما ال ينتفع به عادة فهذا خارج عن موضوعالبحث، ألنه في حكم الخنفساء.

وأما النجاسات، فاألصل فيها أيضا جواز البيع لجواز التصرف فيها بما اليتوقف على الطهارة، لعموم قوله عليه السالم: (كل شئ) حالل حتى تعرف أنه

--------------------(١) تحف العقول: جهات معايش العباد، ص ٣٣٣.

(٢) فقه اإلمام الرضا (ع): باب التجارات والبيوع والمكاسب ص ٢٥٠.(٣) دعائم االسالم: فصل ٢ ذكر ما نهي عن بيعه ح ٢٣ ج ٢ ص ١٨.

(٤) مر تخريجه في الصفحة: ١٩.(٥) في األصل المطبوع: (من الراوندي) والصواب ما أثبتناه.

(٦) نوادر الراوندي: ص ٥٠ - ٥١. وفيه: (سئل عن الزيت).

(٢٧)

Page 29: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

حرام) (١)، فأصالة اإلباحة تخرجها عن موضوع قوله صلى الله عليه وآله: (إذا حرمالله شيئا

حرم ثمنه) (٢) وورد أخبار خاصة في بعض منها بالجواز:فعن القاسم الصيقل قال: (كتبت إلى الرضا عليه السالم: إني أعمل أغماد السيوف من

جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي أفأصلي فيها؟ فكتب إلي: اتخذ ثوبالصالتك) (٣). ونحوه ما روي عن أبي القاسم الصيقل وولده (٤).

وما ورد في صحيحتي الحلبي: (إذا اختلط المذكى بالميتة بيع ممن يستحلالميتة) (٥). ومثلهما ما ورد عن علي بن جعفر. (٦)

وما ورد عن الوشاء، قال ألبي الحسن عليه السالم: (جعلت فداك، إن أهل الجبلتثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها، فقال: حرام، هي ميتة، فقلت: جعلت فداك

فيستصبح بها؟ فقال: أما علمت أنه يصيب اليد والثوب وهو حرام) (٧)؟ فإنظاهره تقريره في جواز االستصباح إذا لم يصب اليد والثوب.

وما ورد في جواز بيع العبد الكافر (٨) وكلب الصيد (٩).--------------------

(١) الكافي: ج ٥ ص ٣١٣ ح ٤٠، مع اختالف يسير.(٢) مر في الصفحة: ١٩.

(٣) الكافي: ج ٣ ص ٤٠٧ ح ١٦، عنه وسائل الشيعة: ج ٢ ص ١٠٥٠ ب ٣٤ من أبوابالنجاسات ح ٤.

(٤) تهذيب األحكام: ج ٦ ص ٣٧٦ ح ١١٠٠، عنه وسائل الشيعة: ب ٣٨ من أبوابما يكتسب به ح ٤ ج ١٢ ص ١٢٥.

(٥) الكافي: ج ٦ ص ٢٦٠ ح ١، ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٦٧ - ٦٨ ب ٧ من أبوابما يكتسب به ح ١ و ٢.

(٦) مسائل علي بن جعفر: ص ١٠٩ ح ٢٠، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٦٨ ب ٧ من أبوابما يكتسب به ذيل الحديث ٢.

(٧) الكافي: ج ٦ ص ٢٥٥ ح ٣. وفيه (فنصطبح) عنه وسائل الشيعة: ج ١٦ ص ٣٦٤ ب ٣٢من أبواب األطعمة المحرمة ح ١.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب بيع الحيوان ج ١٣ ص ٢٧ أحاديث الباب.(٩) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٨٣ ب ١٤ من أبواب ما يكتسب به ح ١٢.

(٢٨)

Page 30: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إنه ال يستفاد من رواية تحف العقول (١). ودعائم االسالم (٢) والنبوي (٣)قاعدة كلية مطردة في جميع النجاسات بحيث ال تقبل التخصيص، ألن غاية األمرأنها عمومات، مع أن من نفس الخبرين األولين يستفاد أن مناط الفساد المعاملي

ليس مجرد حرمة الشئ ونجاسته، بل المدار على عدم كونه مما ينتفع به، وكونهمما فيه الفساد.

وبعبارة أخرى: ال يستفاد من هذه األخبار مجرد التعبد بحرمة بيعالنجاسات والمحرمات، بل منشأ فساد البيع توقف استيفاء منافعها على طهارتها،

فإذا فرضنا أن جلد الميتة ال يتوقف استيفاء المنافع المهمة منه على طهارته فالبأس ببيعه.

واألخبار (٤) الواردة في حرمة بيع جلد الميتة قابلة للحمل على بيعه لماتتوقف الطهارة عليه، فتكون إرشادا لعدم قابلية االنتفاع.

وكيف كان، فيعم البحث في المقام الموارد المنصوصة أيضا مثل الميتة والخمروالنبيذ ونحو ذلك، فإن المقصود: أنه إذا فرض هناك منفعة مهمة عقالئية ولم

يتوقف استيفاء المنفعة على طهارة الشئ كاالستقاء بجلد الميتة للزرع ونحوه،فمجرد كونه نجسا ال يمنع عن جواز بيعه. وعلى هذا فبيع العذرة في البالد التي

تنتفع بها ال بأس فيه، وهكذا نفس الميتة والخمر.نعم، ال يبعد أن يقال: إنه يجب في البيع قصد المنفعة المحللة. ويؤيده

األخبار (٥) الدالة على وجوب األعالم في الدهن المتنجس، فإن حمله على التعبد- كما تقدم (٦) - بعيد، بل الوجه فيه: أنه إذا كان للمال منافع مطلقة فال وجه لقصد

المنفعة الخاصة دون األخرى، بل عنوان المبيع هو ذات الشئ بذاته. وأما إذا كانله منافع خاصة وتوقف استيفاء هذه المنفعة على طهارته فليس ذات الشئ عنوانا

--------------------(١) مرت في الصفحة: ٢٧.

(٢) مر في الصفحة: ١٩.

(٣) مر في الصفحة: ١٩.(٤) وسائل الشيعة: ج ١٦ ص ٣٦٨ - ٣٦٩ ب ٣٤ من أبواب األطعمة المحرمة أحاديث الباب.

(٥) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٦٦ - ٦٧ ب ٦ من ابواب ما يكتسب به احاديث الباب.(٦) تقدم في الصفحة: ٢٦.

(٢٩)

Page 31: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

للمبيع، بل المنفعة الكذائية، والمفروض أن قصد المنفعة الكذائية يتوقف على العلمبالطهارة فيجب التنبيه على النجاسة.

وبعبارة أخرى: ال شبهة أن عناوين األشياء هي مناط ماليتها، ال الجسمالمطلق الذي هو المادة المشتركة بين ما ال قيمة له وما له قيمة، فإذا فرضنا أن نفس

العنوان بما أنه عنوان الخمر والميتة ال مالية لها إال باعتبار منفعته الخاصة فكمايجب تعيين العنوان في المبيع وال يصح بيع القدر المشترك بين الحمار الوحشي

والعبد الحبشي، فكذلك يجب تعيين عنوان كون العبد مسلما أو كافرا إذا فرضناأنه ال يبذل بإزاء الكافر ماال، أو أن الشارع سلب جهة ماليته من حيث كونه

كافرا، فعلى هذا إذا بيع الخمر ال بد أن يقصد منفعته التي ال تتوقف على الطهارة، أوبيع ممن يشتريه للتخليل، وال يصح بيعه ممن يشربه، ألن مع علم البائع بأن

المشتري يشربه ال يمكن أن يقصد العنوان الذي به يكون الخمر ماال.وبالجملة: حيث إن المسألة ليست إجماعية كما يظهر للمتتبع فيها، وال يستفادمن األخبار الواردة في المقام التعبدية الصرفة بحيث يفهم منها أن الشارع سلب

االنتفاع بالنجاسات رأسا وألغى ماليتها أصال، بل ظاهرها أن جهة حرمة بيعهاكونها مما ال ينتفع بها فأصالة الجواز وقاعدة حل االنتفاع بما في األرض جميعا ال

حاكم عليها إال فيما تتوقف منفعتها على طهارتها. وعلى هذا، فإذا جاز اقتناءالخمر للتخليل والعذرة للتسميد والميتة إلطعام جوارح الطير أو إيقادها، فبيعها

لهذه األمور ال مانع عنه (١).--------------------

(١) ولكن األقوى حرمته، ألن هذه المنافع منافع نادرة جدا، وال يمكن أن تكون منشأ ماليةهذه األمور، فإن مثل الخمر ليست المنفعة المقصودة منها إال شربها، وهو إذا كان محرما

فيحرم بيعه مطلقا، ومجرد قابليته للتخليل ال أثر له. نعم، بعض المسكرات المستحدثةكالسبرتو ونحوها ليس الشرب منفعة مقصودة منها، وإن كانت قابلة لذلك أيضا، فال مانع من

بيعها، ألن المقصود منها هو تحليل األدوية، وتطهير القذارات الدائية، وقتل الجراثيم الهوائيةونحو ذلك (منه عفي عنه).

(٣٠)

Page 32: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما القول بجواز الصلح دون البيع، فال وجه له، ألن الصلح في هذه األمورليس إال عبارة عن البيع وكونه عقدا مستقال أيضا ال يصحح الصلح بال عوض.

نعم، دفع المال لرفع ذي الحق حق اختصاصه أمر آخر.الفصل الثاني

ما يحرم التكسب به لوجود صفة محرمة فيه أو لغاية محرمة.ثم الصفة تارة خارجية، وأخرى معنوية. وتنقيح البحث فيه في ضمن مسائل:

األولىما كان جهة حرمته وجود صفة خارجية فيه وهو على قسمين:

قسم ال يقصد من وجوده على هذه الصفة إال الحرام. وقسم ال يختص به، بليستعمل فيه وفي الحالل.

أما األول: فكالصنم والصليب، واآلالت المعدة للقمار، واآلالت المختصةباللهو، وأواني الذهب والفضة، فإن هذه األشياء ال تكون لها منفعة محللة بهذه

الهيئات، فعلى هذا ال إشكال في حرمة االكتساب بها.ويدل عليه النبوي (١) ورواية تحف العقول في قوله: (نظير: البرابط والمزامير

والشطرنج وكل ملهو به، والصلبان واألصنام وما أشبه ذلك... إلى أن قال: فحرامتعليمه وتعلمه، والعمل به، وأخذ األجرة عليه، وجميع التقلب فيه) (٢).

ولكن ال يخفى أن المتيقن من حرمة االكتساب بها ما إذا باعها متشكلة بهذاالشكل ممن يقصد االنتفاع بهذه الصورة، من دون أن يشترط عليه كسرها. وأما لو

باع مادة هذه األشياء بشرط أن يغير المشتري هيئتها وكان المشتري ممن يوثقبديانته، فال إشكال في جواز بيعها، فإن الخشب الذي هو مادة هذه األشياء أو

--------------------(١) مر في الصفحة: ١٩.

(٢) تحف العقول: في تفسير الصناعات، ص ٣٣٥ - ٣٣٦.

(٣١)

Page 33: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

النحاس أو الذهب لم يخرج عن المالية بلحاظ عروض هذه الصورة عليه.نعم، إنما زادت قيمته، فإذا باع نفس المادة بهذين القيدين فال إشكال في

جوازه. إنما اإلشكال في صورتين:إحداهما: ما إذا باع المادة بشرط تغيير صورتها ممن ال يوثق بديانته.

وثانيتهما: بيع المادة ممن يوثق بديانته بال شرط التغيير.ولكن األقوى الجواز في الصورتين.

نعم، يتوهم في األولى حرمته من باب اإلعانة على اإلثم، وفيه ما سيجئ: أنمع قصد بيع المادة واالشتراط بتغيير الهيئة ال يدخل في موضوع اإلعانة، فإن

حرمتها مختصة بما إذا قصد بها اإلعانة على اإلثم.وال يشمل قوله عز من قائل: (وال تعاونوا (١) من يعلم بوقوع اإلثم من

المشتري ونحوه، وإال لحرم على الرجال إبراز رقابهم مع علمهم بأن النساءينظرن (٢) إليها.

وأما القسم الثاني: كالطبل الذي يمكن استعماله في اللهو والحرب، والدراهمالخارجة التي يمكن استعمالها في المحرم كالبيع والشراء بها مع المسلمين،

والمحلل كالتزين وبيعها وشرائها مع من ال حرمة لماله، فال إشكال في أنه يجوزالتكسب بها لو لم يقصد المنفعة المحرمة. نعم، إذا اكتسب بها مع المسلم يجب

إعالمه، لمدخلية قصد عنوان المبيع في الصحة.ويدل عليه، ما رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن مسلم، قال: (قلت ألبي عبد

الله عليه السالم: الرجل يعمل الدراهم يحمل عليها النحاس أو غيره ثم يبيعها، قال: إذابين ذلك فال بأس) (٣).

هذا، ولكن األقوى أن يقال: إن الدراهم على أقسام ثالثة:قسم ال ينقص عن السكة الرائجة من حيث الوزن واألصل.

--------------------(١) المائدة: ٢.

(٢) في األصل: (ينظرون)، والصحيح ما أثبتناه.(٣) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ١٠٩ ح ٤٦٧.

(٣٢)

Page 34: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقسم مغشوش.وقسم مغاير لها جنسا، كما إذا كانت الرائجة ذهبا وكانت هذه نحاسا.أما القسم األخير، فال يجوز المعاملة عليه ولو مع من يحل أخذ ماله بال

عوض، ألن ظاهر األخبار (١) الدالة على وجوب كسرها أو إلقائها في البالوعة هوعدم جواز المعاملة بها، فكأن وجه إلقائها في البالوعة كون وجودها منشأ للفساد.فعلى هذا، حيث إن المعاملة بها مع الكفار أيضا قد توجب وصولها إلى يد المسلم

فال يجوز المعاملة عليها.وأما المغشوشة، فال يجوز المعاملة معها إال إذا علم مقدار الغش، وأن ال يكون

العوض مجهوال. وفي مورد الجهل ال يمكن تصحيحه بتبعض الصفقة، فإن موردهضم ما ال يملك إلى ما يملك ونحوه، والمقام ليس إال موضوعا واحدا.

وأما الخالصة الغير الرائجة، فإن وقعت المعاوضة على نفس العين، فال إشكالفي صحتها، غاية األمر عند تبين الخالف يثبت خيار العيب أو التدليس لمن

وصلت بيده، وبعد وقوع المعاوضة على هذا الخاص ال يمكن القول ببطالنها،لتبدل العنوان، فإن العنوان في المقام ليس دخيال في المالية.

وعلى كل تقدير: فلو وقعت المعاملة على الكلي ووقعت هذه األقسام فيمقام اإليفاء فالمعاملة صحيحة. وأما في مثل الطبل فحيث إنه بنفسه مبين العنوان

فنفس عدم قصد العنوان المحرم كاف في الصحة.الثانية

ما كان جهة حرمته وجود صفة معنوية فيه: كالجارية المغنية والعبد الماهر فيالقمار واللهو والسرقة ونحو ذلك، وال إشكال في حرمة االكتساب به لو قصد

المنفعة المحرمة، وعليه يحمل ما ورد بأن: (ثمن الجارية المغنية سحت) (٢). وما--------------------

(١) وسائل الشيعة: ب ٨٦ من أبواب ما يكتسب به ح ٥ ج ١٢ ص ٢٠٩، والباب ١٠ من أبوابالصرف، ح ٥، ج ١٢، ص ٤٧٣.

(٢) قرب اإلسناد: ص ١٢٥، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٨٧ ب ١٦ من أبوابما يكتسب به ح ٤.

(٣٣)

Page 35: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ورد: (ما ثمنها إال كثمن الكلب) (١).وأما لو قصد نفس الموصوف دون الصفة، فال إشكال في الصحة، ألنه مال

عرفا وشرعا، ألن المبغوض هو إعمال الوصف فيما هو حرام شرعا، وأما ذاتالعبد والجارية، فلم يخرجا عن المالية.

ويدل عليه، ما في ذيل رواية الدينوري، عن أبي الحسن عليه السالم قال: (قلت:جعلت فداك، فأشتري المغنية أو الجارية تحسن أن تغني أريد بها الرزق ال سوى

ذلك؟ قال: اشتر وبع) (٢).الثالثة

ما إذا قصد في المعاملة غاية محرمة كبيع العنب بشرط أن يعمله خمرا، وبيعالخشب بشرط أن يعمله صليبا أو صنما، وال إشكال في حرمة هذه المعاملة

وفسادها، لكون األكل في مقابلها أكال للمال بالباطل.ويدل عليه عدة من األخبار:

منها: خبر جابر: (سألت أبا عبد الله عليه السالم عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيهالخمر؟ قال: حرام أجرته (٣). بناء على حمله على ما إذا شرط المؤجر في عقد

اإلجارة ذلك، أو حمله على ما إذا علم المؤجر أن المستأجر يعمله في ذلك، فيدلعلى ما نحن فيه باألولوية.

ومنها: مكاتبة ابن أذينة: عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلبانا، قال:(ال) (٤).

--------------------(١) الكافي: ج ٥ ص ١٢٠ ح ٤، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٨٨ ب ١٦ من أبواب

ما يكتسب به ح ٦.(٢) تهذيب األحكام: ج ٦ ص ٣٨٧ ح ١١٥١، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٨٦ ب ١٦ من

أبواب ما يكتسب به، ح ١.(٣) اإلستبصار: ج ٣ ص ٥٥ ح ١٧٩، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٢٥ - ١٢٦ ب ٣٩ من

أبواب ما يكتسب به ح ١. وفيه (عن صابر) في الموضع الثاني.(٤) الكافي: ج ٥ ص ٢٢٦ ح ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٢٧ ب ٤١ من أبواب

ما يكتسب به ح ١.

(٣٤)

Page 36: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ومنها: رواية عمرو بن حريث: (عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب أوالصنم؟ قال: ال) (١) بناء على اشتراط ذلك في البيع أو تواطئهما على ذلك، فإن

نفس القصد على ذلك أيضا كاف في الفساد، لما عرفت أن الصحة والفساد والحليةوالحرمة دائران قصد المحلل والمحرم.

الرابعةما إذا لم يقصد المعاملة لغاية محرمة، ولكنه يعلم بترتب الغاية المحرمة عليها

كبيع العنب ممن يعمله خمرا، وبيع الخشب ممن يعمله صنما أو صليبا، ومقتضىقواعد المعاوضة عدم حرمتها، لعدم دخولها في أحد العناوين المحرمة. ومجرد

ترتب محرم عليها مع وقوعها عن اختيار من المشتري ال يوجب حرمتها. ولكنظاهر رواية عمرو بن حريث (٢) ومكاتبة ابن أذينة (٣) حرمتها، ألن حملهما على ما

إذا اشترط البائع على المشتري ذلك بعيد. والتفصيل بين بيع العنب ممن يعملهخمرا وبيع الخشب ممن يعمله صنما فيقال بالصحة في األول والفساد في الثاني أبعد.

فيمكن حمل الروايتين على الكراهة، لمعارضتهما مع ما هو صريح في جواز بيعالعنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا أو مسكرا، كالمكاتبة األخرى البن أذينة، (٤)

ورواية أبي كهمش (٥) بعد عدم الفرق بين الخمر والصنم أو الصليب.ويشهد لهذا الجمع رواية رفاعة: (عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا، قال: بعه

--------------------(١) تهذيب األحكام: ج ٦ ص ٣٧٣ ح ١٠٨٤، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٢٧ ب ٤١ من

أبواب ما يكتسب به ح ٢.(٢) تقدم في الصفحة: ٣٤.(٣) تقدم في الصفحة: ٣٤.

(٤) الكافي: ج ٥ ص ٢٣١ ح ٨، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٦٩ ب ٥٩ من أبوابما يكتسب به ح ٥.

(٥) الكافي: ج ٥ ص ٢٣٢ ح ١٢ وفيه: (أبي كهمس)، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ص ١٦٩ - ١٧٠ ب ٥٩ من أبواب ما يكتسب به ح ٦.

(٣٥)

Page 37: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ممن يطبخه أو يصنعه خال أحب إلي، وال أرى به بأسا) (١)، فإن قوله: (أحب)ظاهر في أن بيعه ممن ال يذهب ثلثيه أو ال يصنعه خال غير محبوب، أو يلتزم

بالتفصيل وإن كان بعيدا بمقتضى التعبد.وكيف كان، مع معارضة األخبار الصريحة في الجواز لهذين الخبرين ال يمكنااللتزام بما هو ظاهرهما، فاألقوى جواز هذه المعاملة تكليفا، وصحتها وضعا.نعم، قد يقال (٢) بحرمتها من جهة كونها إعانة على اإلثم، ولكن األقوى عدم

دخولها في موضوع اإلعانة على اإلثم. وتوضيح ذلك يتوقف على إشارة إجماليةإلى حكم اإلعانة على اإلثم وتنقيح موضوعها.

فنقول: ال إشكال في حرمتها، لظاهر اآلية الشريفة. (٣) وال إشكال في عدمإمكان تخصيصها بعد تحقق موضوعها، ألن هذه من العناوين الغير قابلة

للتخصيص، فإنها كنفس المعصية، وكالظلم، فإنه كما ال يمكن أن يكون معصيةخاصة مباحة فكذلك ال يمكن أن تكون اإلعانة على المعصية مباحة.

فما عن الحدائق بعد ما حكى عن األردبيلي قدس سره من القول بالحرمة فيمسألتنا من جهة كونها إعانة على اإلثم: من أنه جيد في حد ذاته لو سلم من

المعارضة بأخبار الجواز (٤). ال وجه له، ألنه لو كان بيع العنب ممن يعلم بأنهيعمله خمرا داخال في عنوان اإلعانة فال يمكن أن يدل دليل على جوازه، فمع

ورود الدليل على الجواز نستكشف بأنه ليس داخال في هذا العنوان.وأما موضوعها فقد قيل: (٥) باعتبار أمرين فيه:

أحدهما: إيجاد فعل بقصد تحقق اإلثم من الغير.--------------------

(١) اإلستبصار: ج ٣ ص ١٠٦ ح ٣٧٥. وفيه: (عن الحلبي)، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ص ١٧٠ ب ٥٩ من أبواب ما يكتسب به ح ٩ مع اختالف يسير.

(٢) سوف يأتي منه قدس سره أنه اختيار األردبيلي كما في مجمع الفائدة: ج ٨ ص ٤٨.(٣) المائدة: ٢.

(٤) الحدائق الناضرة: كتاب التجارة ج ١٨ ص ٢٠٥.(٥) كما يظهر من النراقي في عوائده: ص ٢٦.

(٣٦)

Page 38: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الثاني: وقوع اإلثم من الغير بحيث لو لم يتحقق اإلثم لم يكن اإليجاد حرامامن جهة صدق اإلعانة وإن حرم من جهة قصد اإلعانة بناء على ما اختاره من أن

قصد المعصية بنفسه من المعاصي.وقد يقال (١): بكفاية نفس قصد تحقق اإلثم من الغير وإن لم يقع اإلثم.

وقد يقال: ال يعتبر القصد إذا تحقق اإلثم (٢).وقد يقال (٣): بعدم اعتبار تحقق اإلثم وال القصد، بل نفس بيع العنب ممن يعلمأنه يعمله خمرا حرام وإن لم يعمله خمرا، وال قصد البائع ببيعه وقوع الحرام من

المشتري.والحق أن يقال: إن الفعل الواقع من شخص تارة يقع في سلسلة علل فعل

فاعل اإلثم، وأخرى ال يكون كذلك وإن لم يمكن أن يصدر اإلثم بدونه، بل كانمن المبادئ البعيدة، وذلك كتجارة التاجر التي لوالها لم يمكن للعشار أن يأخذعشرها، وهذا في الحقيقة خارج عن المبادئ أيضا، فإن المبادئ هي التي تتحققبعد اإلرادة التقديرية من المريد، وهذا بمنزلة الموضوع لتحقق اإلرادة التقديرية،

فإنه لوال تجارة التاجر وغرس الكرم من الزارع لم يمكن حصول العشاروالخمار، فبعد تحققهما لو كان أحد خبيث النفس يصير عشارا أو مخمرا.

وبالجملة: لو لم يكن في العالم ما يمكن أن يجعل خمرا لم يمكن للخمار أنتحصل له إرادة تقديرية على تخمير العنب، أي: إرادته التخمير على تقدير اشتراء

العنب وتهيئة سائر المقدمات حاصلة في ظرف وجود العنب.وكيف كان، سواء كانت هذه من المبادئ أوال فهذه خارجة عن موضوع

البحث إذا كان قصد التاجر التجارة لتحصيل أغراضه النفسانية، وقصد الغارس--------------------

(١) والقائل به األردبيلي في زبدة البيان: كتاب الحج ص ٢٩٧.(٢) قاله اليزدي في حاشيته على المكاسب: في حرمة بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا

ص ٩.(٣) قاله اإليرواني في حاشيته على المكاسب: فيما يقصد منه المنفعة المحرمة ص ١٥

س ٣٦ - ٤٠.

(٣٧)

Page 39: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كذلك، ال إذا غرسه لذلك.وأما إذا كان واقعا في سلسلة علل فعل الفاعل ومن مبادئ فعله، فهذا على

قسمين: ألنه قد ال يتوقف فعل اإلثم إال على عمل المعين كمن كان بانيا علىضرب مظلوم فيناوله المعين العصا، وأخرى يتوقف على أمور أخر كتخمير

الخمار، فإنه بمجرد شراء العنب ال يمكن أن يحصل منه الخمر.فلو كان من األول فال إشكال في أنه يصدق عليه اإلعانة على اإلثم ولو لم

يقصد معطي العصا إعانته على الضرب.بل يمكن أن يقال: بأن مع عمله ببنائه على الضرب ال ينفك قصد اإلعطاء عن

قصد اإلعانة.ولو كان من القسم الثاني فيمكن أن يقال: بإلحاقه بالقسم األول، ويمكن أن

يقال: بأنه ملحق بتجارة التاجر.وعلى أي حال، موضوع البحث في اإلعانة ما إذا لم يكن فعل المعين علة

تامة لصدور الفعل عن اإلثم بال اختيار، وإال فيدخل في باب األسبابوالمسببات.

وبالجملة: بعدما فرض أن موضوع البحث هو اإلعانة في المقدمة المشتركةبين ترتب المحرم عليها والمحلل نقول: فرق بين بيع العنب وإعطاء العصا،

فالصواب أن يجعل البحث في أنه هل يلحق بيع العنب بباب إعطاء العصا الذيهو من قبيل الجزء األخير للعلة التامة، أو يلحق بتجارة التاجر، أو ال يلحق بشئمنهما؟ واألقوى هو الفرق بينهما وبين بيع العنب، فال يلحق بتجارة التاجر، وال

بإعطاء العصا.أما تجارة التاجر، فألنها بمنزلة الموضوع ألخذ العشر، وليست من مبادئه،

فال تحرم إال إذا قصد التوصل بها إلى وقوع الحرام من العشار، ألن كل ما وقعبقصد التوصل إلى صدور الحرام من الغير - ولو كان بيع الطعام ممن يعلم بأنه يشتريه

للتقوي به على المعصية - فهو داخل في اإلعانة على اإلثم، سواء أقلنا بأن شراء

(٣٨)

Page 40: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المشتري حرام أم ال.أما إذا قلنا بحرمته، فألنه إذا كان شراء من يتقوى بالطعام حراما من باب أنه

شروع في الحرام فال إشكال في أن البيع إعانة على الحرام ولو لم يقصد به التوصلإلى الحرام، فضال عما إذا قصد.

وأما لو لم نقل بأنه حرام من باب عدم حرمة مقدمة الحرام التي ال يترتبعليها الحرام قهرا، كما برهن ذلك في محله، وثبت الفرق بينها وبين مقدمة

الواجب، ولم يقم وجه آخر على حرمته أيضا إال ما يقال: إنه تجر إلى الحرام، وهوحرام، وهذا ممنوع، فإن الشراء بنفسه ليس تجريا حتى يكون البيع مقدمة

للتجري، بل التجري هو الشراء بقصد التوصل به إلى الفعل المحرم.وال يقال: إذا كان المجموع المركب من الشراء مع القصد تجريا فكل واحدمن أجزاء المركب مقدمة للمركب، فإذا كان التجري حراما فالشراء الذي هو

مقدمة للتجري أيضا حرام.ألنا نقول: أوال: ال تدخل أجزاء المركب في بحث مقدمة الحرام والواجب.وثانيا: أن مقدمة الحرام الذي هو التجري إنما تكون محرمة إذا كانت تجريا

أيضا، وإال فال دليل على حرمة مقدمة الحرام وكونها تجريا، لكونها مقدمة للتجرييتوقف على إتيانها بقصد التوصل إلى التجري، وهذا - مع أن المشتري ال يقصد

بشرائه التوصل إلى التجري - ال يمكنه أن يقصد ذلك، وإال لتسلسل، وذلك ألنه إذاكان القصد إلى التجري تجريا، والمفروض توقف التجري على القصد، فال بد أن

يقصد القصد... وهكذا.وبالجملة: ولو لم نقل بحرمة شراء الطعام للتقوي على المعصية إال أن البيع

بقصد التوصل إلى صدور الحرام من المشتري حرام.وعلى أي حال، بيع العنب ممن يعلم بأنه يعمله خمرا ال يشبه تجارة التاجر،

فإنه واقع في سلسلة أفعال الفاعل، دون التجارة فإنها خارجة وبمنزلة الموضوعلها، فال مالزمة بين حلية التجارة وحلية بيع العنب، فإذا قصد حصول الخمر وباع

(٣٩)

Page 41: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ممن يعلم بأنه يعمله خمرا فيحرم، ألن المفروض أن البائع يقصد ببيعه حصولالخمر من المشتري، فبيعه بقصد تخمير المشتري إعانة على اإلثم.

وبعبارة أخرى: ال نقول بحرمة البيع بقصد توصل الغير إلى الحرام، لكونهإعانة على الشراء حتى يقال بعدم المعان عليه، بل لكونه إعانة على التخمير.

وعلى هذا، فظهر الفرق بين اإلعانة بالعصا واإلعانة بالبيع أيضا، فإن األوليحرم ولو لم يقصد به توصل الغير إلى الحرام، بخالف الثاني.

فتحصل مما ذكرنا: أن كل فعل وقع من المعين ولم يكن بينه وبين فعل العاصيغير اختياره العصيان فهذا حرام ولو لم يقصد بفعله توصل العاصي به إلى العصيان،ويندرج فيه: إعطاء العصا ممن كان مصمما لضرب مظلوم، وبيع السالح من أعداء

الدين حين قيام الحرب، وإعطاء الكأس لمن أراد شرب الخمر، وبيع العصيرالمتنجس على مستحله، وإعطاء السيف لمن يريد أن يقتل أحدا... وهكذا.

وكل فعل ال يقع الحرام به، بل يتوقف على أمور أخر: كبيع العنب ممن يجعلهخمرا، فهذا ال يندرج تحت اإلعانة على اإلثم إال إذا قصد البائع به توصل

المشتري بالعنب إلى التخمير، فإن الشراء الذي هو مقدمة الحرام وإن لم يكنبحرام إال أن البائع حيث قصد من بيعه كون المشتري متمكنا من التخمير فيندرج

في اإلعانة على اإلثم.ثم إنه قد يستدل (١) بحرمة بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا: بأن دفع

المنكر كرفعه واجب، وال يتم إال بترك البيع فيجب تركه، فيحرم فعله.وال يخفى أن هذا االستدالل يصح إذا فرضنا أن ترك البيع يؤثر في ارتداع

الخمار عن التخمير، فبناء على تأثيره فيه يمكن دعوى حرمة البيع من باب ثبوتالمالزمة عرفا بين وجوب رفعه بعد تحققه والمنع عن تحققه، ولذا يقال بحرمة

تنجيس المسجد من جهة استكشافها عن وجوب إزالة النجاسة عنه.وأما لو لم يؤثر ترك البيع في ترك التخمير لوجود العنب عنده أو وجود مائع

--------------------(١) يظهر ذلك من األردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان: كتاب المتاجر، ج ٨ ص ٤٩.

(٤٠)

Page 42: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

آخر، فال وجه لحرمته.وال يقال: إن بيع بائع آخر ال يوجب حلية بيع هذا، فإن ظلم ظالم ال يسوغ

الظلم.ألنا نقول: فرق بين ما كان الشئ واجبا على نحو الكفائي، وبين ما كان

واجبا على جماعة بوصف االجتماع، فإنه لو كان ترك البيع واجبا على كل أحدكفائيا فيحرم البيع على كل من باع استقالال.

وأما لو كان قائما بالمجموع، فال وجه لحرمته على كل أحد. وفي المقام لميقم دليل على وجوب ترك البيع على كل واحد كفائيا، بل ال يمكن أن يدل دليل

كذلك، فإنه ال معنى لتعلق النهي على شئ كفائيا، وال على وجوب الترك كذلك، بلال بد إما أن يقوم دليل على وجوب الفعل كفائيا، أو حرمته استقالليا، أو وجوبالترك مجموعيا وفي المقام ال مناص عن األخير، فإن النهي عن المنكر إنما يكون

واجبا إذا كان مؤثرا، وتأثير ترك البيع في دفع المنكر متوقف على ترك الجميع،ألن ببيع واحد على البدل يتحقق المنكر.

الفصل الثالثما يحرم االكتساب به لغاية محرمة تترتب عليه شأنا من دون قصد البائع

ترتب هذه الغاية من شراء المشتري كبيع السالح من أعداء الدين مع عدم قصدتقويهم به، ومع عدم قيام الحرب بينهم وبين المسلمين.

وال يخفى أن حرمة هذا لقسم ال تدخل تحت العناوين الكلية والقواعد العامة،فال بد من االقتصار على مورد النص، وبعض النصوص الواردة في الباب وإن كان

مطلقا، إال أنه يجب تقييده بما إذا كان بيننا حرب ال في مورد الهدنة، كما هوصريح رواية هند السراج، فقال الباقر عليه السالم: (فإذا كانت الحرب بيننا فمن حمل

إلى عدونا سالحا يستعينون به علينا فهو مشرك) (١).--------------------

(١) الكافي: ج ٥ ص ١١٢ ح ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٦٩ - ٧٠ ب ٨ من أبوابما يكتسب به ح ٢.

(٤١)

Page 43: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبالجملة: يختص هذا القسم بما إذا حصل بالكسب تقوي الكفر علىاالسالم، وهذا عنوان آخر محرم بنفسه، ال من باب اإلعانة وإن دخل بعض

أقسامه في باب اإلعانة على اإلثم أيضا، كما إذا قصد البائع بالبيع غلبة الكافر، أوكان فعله الجزء األخير من علة اإلثم، وال يبقى بين البيع واألثم إال إرادة العاصي،

وفي غير عنوان اإلعانة يجب االقتصار على مورد النص، وهو السالحبالخصوص دون غيره.

خاتمةقد تقدم في صدر الكتاب (١): أن النهي المتعلق بالمعاملة على أقسام ثالثة:

ألن النهي تارة يتعلق بها من جهة عدم كون أحد العوضين ماال وال حقا، وعدمماليته إما لعدم ماليته عرفا، أو لسلب الشارع جهة ماليته.

وأخرى: من جهة نفس المنشأ بالعقد، ال من جهة عدم مالية العوض شرعا أوعرفا كالبيع الربوي، وبيع المصحف، والعبد المسلم من الكافر.

وثالثة: من جهة االنشاء إما لمزاحمته لواجب أهم، أو مضيق كالبيع وقتالنداء، وإما لدخوله تحت أحد العناوين المحرمة كاإلعانة على اإلثم وتقوي الكفر.

ففي القسم األول، ال إشكال في أن النهي يقتضي الفساد، ألن قوام المعاوضةبثبوت العوضين، فالبيع بال ثمن والشراء بال مثمن ال معنى له. وسيجئ تحقيقه - إن

شاء الله - في محله.واألقوى في الثاني أيضا هو الفساد، لما بينا في األصول (٢) أنه إذا خرج

المنشأ بالعقود عن تحت سلطنة المالك فال يعقل أن يصح التبديل والتبدل، ألناألمور االعتبارية تسقط عن االعتبار بمجرد إلغاء من بيده اعتبارها، فبنفس النهي

يخرج التبديل والتبدل عن سلطنة المالك، وال يقدر على إيجادهما من توجه النهيإليه. فالقول (٣) بأن الحرمة ال تالزم الفساد شطط من الكالم، واألقوى في الثالث

--------------------(١) تقدم منه قدس سره في الصفحة: ١٧ فراجع.

(٢) فوائد االصول: ج ١ - ٢ ص ٤٧١ - ٤٧٢.(٣) إشارة إلى قول المحقق الخراساني في الكفاية: ص ٢٢٥.

(٤٢)

Page 44: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

هو الصحة.أما البيع وقت النداء، فواضح، ألن كون التلفظ بهذه األلفاظ حراما ال يالزم

عدم وقوع المنشأ بها.وأما البيع الذي يكون إعانة على اإلثم أو تقوية للكفر، فألن المحرم هو إيجاد

األلفاظ بقصد توصل الغير بها إلى المحرم، فيتعلق النهي بأمر خارج عن المعاملة،ولذا ال يبطل البيع لو لم يقصد به التوصل.

نعم، لو كان الشراء بهذا القصد فاسدا لفسد البيع أيضا، ألن العقد ال يتبعض، إالأنه ال دليل على فساد الشراء، لما عرفت: أن مقدمة الحرام ليست محرمة، وال

تدخل تحت اإلعانة على اإلثم، النحصار موردها بإعانة الغير.ثم إن حكم القسم األول واضح لو علم موضوعه، وأما لو شك فلو شك في

أنه مال عرفا فاألقوى صحة المعاملة عليه إذا علم بتعلق غرض عقالئي به،وإثبات حق لمن في يده وحازه، للعمومات مثل قوله عز اسمه: (تجارة عن

تراض) (١) وقوله عليه السالم: (وكل شئ يكون لهم فيه الصالح من جهة من الجهاتفهذا كله حالل بيعه وشراؤه وإمساكه) (٢).

وعدم اندراج هذه المعاملة تحت أحد العناوين الخاصة: من البيع والصلحواإلجارة ونحوها بناء على أن يكون البيع هو تبديل مال بمال (٣)، ال يضر بالصحة،

لعدم الدليل على اختصاص المعاملة بأحد هذه العناوين.وبالجملة: وإن لم نقل بصحة التمسك بمثل قوله عز من قائل: (أحل الله

البيع) (٤) ألخذ مبادلة المال بالمال في مفهومه واختصاص المال بما يعد ماال عرفاومع الشك في المصداق ال يمكن التمسك بالعموم، وال التمسك ب (أوفوا

بالعقود)، (٥) ألنه ناظر إلى لزوم ما كان عقدا، وليس في مقام بيان: أن العقد ما هو--------------------

(١) النساء: ٢٩.(٢) مر تخريجه في الصفحة: ٢٧.

(٣) كما في المصباح المنير: ص ٦٩ مادة (بيع) وقد اختاره الشيخ األنصاري في كتاب البيعص ٧٩ س ٢.

(٤) البقرة: ٢٧٥.(٥) المائدة: ١.

(٤٣)

Page 45: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إال أنه ال مانع من التمسك بعموم (تجارة عن تراض) (١) ونحوه، ولم يقم دليلعلى اختصاصه بالمال حتى يكون في مورد الشك التمسك به تمسكا بالعام في

الشبهة المصداقية، فتأمل.وأما لو شك في أنه حرام شرعا حتى يحرم بيعه بناء على أن الشارع أسقط

مالية ما كان محرما، فمقتضى أصالة الحل أنه داخل فيما يجوز بيعه، ألن بهذااألصل ينقح موضوع العمومات.

نعم، كون الموضوع الثابت بهذا األصل موضوعا واقعيا كالم آخر، والحقعدمه.

وكيف كان، فما لم ينكشف الخالف ال إشكال في صحة المعاملة عليه.ثم إنه لو كان منشأ الشك في المالية الشك في التذكية لتوقف المنفعة المحللة

على طهارة الجلد - مثال - فلو دل دليل على قابلية الحيوان التذكية كالسباع - مثال -بل المسوخ مثل الفيل فال إشكال في جواز بيعه وبيع أجزائه كالعظم والجلد بعد

تذكيته.نعم، ال تقبل الحشرات التذكية، فإذا كانت لها نفس سائلة وتوقف استيفاء

منافعها على طهارة أجزائها بعد موتها فال يجوز بيعها.وكيف كان، فتحصل مما ذكرنا: أن جواز البيع منوط بأن يكون الشئ ماال

عرفا وشرعا، وأن تكون نفس المعاملة جائزة شرعا، سواء أحرز ذلك بالدليل أواألصل.

وعلى أي حال، أصالة الفساد التي هي األصل األولي المعول عليها فيالمعامالت محكومة بالدليل وأصالة الحل واإلباحة أما بالدليل فواضح، وأما

باألصل فألن به ينقح موضوع العمومات التي بها يرتفع الشك عن الصحة والفساد.هذا كله في تبديل األموال باألموال.

وأما تبديل المنافع بها، فحرمة االكتساب به تارة راجعة إلى إجارة األعيان--------------------

(١) النساء: ٢٩.

(٤٤)

Page 46: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وما يلحق باإلجارة لمنافع محرمة كإجارة الدابة أو السفينة لحمل الخمر عليها،وإجارة الدكان لبيع الخمر أو حرزه فيه.

وأخرى راجعة إلى إجارة األبدان، وهذا على قسمين:فتارة تقع اإلجارة أو الجعالة ونحوهما بإزاء عمل محرم في نفسه.

وأخرى بإزاء عمل واجب.وعلى أي حال، حرمة االكتساب في باب اإلجارة وما يلحق بها تقتضي

الفساد، لخروج العمل أو منفعة الدار عن تحت سلطنة المالك: إما لحرمته، أولوجوبه عليه كما سيجئ توضيحه.

ثم لما كان المقصود من التحرير بيان الضابط الكلي فال نتعرض لصغرياتاألبواب، وأن القمار - مثال - داخل في باب اإلجارة، أو أنها معاملة مستقلة التي

تسمى عند العرف بالمراهنة التي خرج السبق والرماية عن تحتها شرعا. والنتعرض لألعمال المحرمة وإن جرت عادة العلماء بذكر ما من شأنه االكتساب به

عرفا، وهو كل عمل يبذل بإزائه المال: كالتصوير ونحوه، بل بذكر ما ليس من شأنهأن يبذل بإزائه مال كالغيبة والكذب ونحوه. فالمهم بيان منشأ بطالن اإلجارة على

المحرمات والواجبات، وتوضيح ذلك في ضمن مقدمة وفصول:أما المقدمة: فهي أنه قد اعتبر في اإلجارة وما يلحق بها من الجعالة وإباحة

المنفعة بالعوض بناء على كونها من المعامالت المتعارفة أمران:األول: أن يكون العمل الذي يأخذ األجير أو العامل بإزائه األجرة والجعل

ملكا له، بأن ال يكون مسلوب االختيار بإيجاب أو تحريم شرعي عليه، ألنه إذاكان واجبا عليه فال يقدر على تركه، وإذا كان محرما عليه فال يقدر على فعله.ويعتبر في صحة المعاملة على العمل كون فعله وتركه تحت سلطنته واختياره.

الثاني: أن يكون العمل ممكن الحصول للمستأجر، فلو لم يكن كذلك - كما إذاتعلق تكليف عليه مباشرة - فال تصح اإلجارة عليه وإن انتفع به، فإن مجرد انتفاع

(٤٥)

Page 47: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المستأجر ال يصحح اإلجارة، فإن االنتفاع أمر آخر يعتبر في كل معاملة،وحاصله أن ال تكون المعاملة سفهية.

ثم إنه قد ينتفي كال الشرطين كصوم شهر رمضان أو الحج في سنة االستطاعةممن يجب عليه بالمباشرة، فإن األجير ليس مالكا لعمله، والمستأجر أيضا

ال يملك عمل غيره.إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى تعيين الصغرى في ضمن مباحث:

المبحث األولالمحرمات بأجمعها ال يمكن اإلجارة عليها، النتفاء الشرط األول، من غير

فرق بين ما جرت العادة بجعل األجرة والجعل عليه كالتصوير ونحوه، أو لم تجركالكذب ونحوه، فال يجوز لشاهد الزور أخذ األجرة على شهادته، لخروج عمله

عن تحت سلطنته لنهي الشارع فال يقدر على فعله، فأخذه األجرة أكل للمالبالباطل، ومصداق ل (وهب األمير ما ال يملك).

الثانيالواجبات النظامية كلها يجوز أخذ األجرة عليها ما عدا القضاء، سواء كانت

كفائية أو عينية، تعيينية كانت أو تخييرية. ونحن استوفينا البحث عنها في كتابالقضاء (١)، والغرض في المقام محض اإلشارة إليه.

ووجه ذلك حصول كال الشرطين، فإن األجير مالك لعمله، والمستأجر يمكنالحصول له. أما الثاني: فواضح.

وأما األول فألن الواجب على األجير هو بذل عمله، أي تعلق التكليف أوالوضع بالمعنى المصدري، ال بنتيجة عمله التي هي المعنى االسم المصدري، فإن

الطبيب وإن وجب عليه الطبابة عينا إال أنه مالك لعمله، واألجرة--------------------

(١) كتاب القضاء (مخطوط): ص ٦ - ٧.

(٤٦)

Page 48: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تقع بإزاء العمل الذي هو مناط مالية المال، ال بإزاء قوله من حيث اإلصدار،وهما وإن لم يكونا

أمرين خارجيين متمايزين إال أنهما شيئان اعتبارا، فللشارع التفكيك بين وجوبالمصدر وملكية اسم المصدر، وليس الطبيب والصباغ والخياط كالقاضي، فإن في

باب القضاء تعلق التكليف بنتيجة عمله وهو فصله الخصومة، وهذا إذا خرج عنملكه فال يجوز له األجرة عليه. وأما الصباغ ونحوه فما وجب عليه هو بذل عمله

وهذا الوجه وإن كان في النتيجة مشتركا مع ما يوجه به صحة األجرة بأنالواجب النظامي لم يتعلق الوجوب به مجانا، ولكنه ال يرجع إليه، ألنه لم يقم دليل

على أنه لم يجب مجانا، وال دليل في الواجبات الغير النظامية على أنها وجبتمجانا إال في بعضها كالقضاء ونحوه، بناء على عدم كونه نظاميا، وإال استثني منه،

بل الوجه الذي توجه به صحة األجرة عليه هو الموجب الستفادة عدم المجانية.وكيف كان، لو وجب بذل العمل وحرمة احتكاره فال مانع من أخذ األجرة

عليه وإن جاز أن يعمله تبرعا بال إشكال. ولو وجب عليه نتيجة العمل فال يجوزأخذ األجرة، ألن المعنى المصدري آلي وال يقابل بالمال، واسم المصدر خارج

عن ملكه.ونظير األعمال في كال الشقين األموال أيضا، فإنه قد يتعلق تكليف أو وضع

بنفس الملك كباب الخمس والزكاة، فال يجوز أخذ العوض من مصرفه أو مستحقه،وقد يتعلق تكليف بالتمليك واإلعطاء والبذل كوجوب بيع الطعام في المخمصة،

فإن التكليف المتعلق بصاحب الطعام هو حرمة حبسه واحتكاره الطعام، ولميتعلق بنفس المال.

ثم إن جواز أخذ األجرة عليه ليس لكونه توصليا مقابال للعبادي، لما سيجئأن التوصليات أيضا ال يجوز أخذ األجرة عليها، بل لكونه توصليا بمعنى آخر،

وهو أن جهة وجوبه معلومة.وبعبارة أخرى: مالك وجوبه ومنشأ تعلق األمر به حفظ النظام وما يتوقف

عليه تعيش بني آدم، ونظام العالم هو بذل عمله، ال كون نتيجة عمله خارجا عنملكه.

(٤٧)

Page 49: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، لو توقف النظام في مورد على هذا كما لو توقف حفظ نفس محترمةال ذمة لها - كالطفل أو المجنون الذي ال مال له وال ولي - على بذل النتيجة فال يبقى

محل ألخذ األجرة عليه.الثالث

في حكم الواجبات الغير النظامية، أي: ما يجب على المكلف لغير مالكتوقف نظام العباد والبالد عليه.

وهذا على قسمين: قسم يعتبر قصد األمر فيه، وقسم توصلي. وكل منهما إماعيني أو كفائي. وبتقسيم آخر: إما تعييني أو تخييري.

ثم إن الواجب تارة واجب على المستأجر دون األجير، وتارة بالعكس،وأخرى يجب على كليهما. فإذا كان واجبا على المستأجر دون األجير، فلو لميعتبر في عمل المستأجر المباشرة تصح اإلجارة مطلقا، تعبديا كان أو توصليا،

كان واجبا عليه عينا أو كفاية، كما إذا وجب القضاء عن الميت على وليه فيستأجرغيره، وكما إذا وجب الجهاد على شخص عينيا أو كفائيا دون غيره فيستأجر من

ال يجب عليه ليجاهد عنه، وال إشكال في هذا القسم، ألن األجير مالك لعمله،والمستأجر يملك عمل األجير.

نعم، في التعبديات يتوهم (١) تنافي أخذ األجرة مع قصد القربة. وسيجئ (٢)دفعه.

وإذا وجب على األجير دون المستأجر، فال تصح اإلجارة عليه، سواء كانعينيا أو كفائيا.

أما إذا كان عينيا: كالصالة اليومية، فالنتفاء كال الشرطين المعتبرين في صحةاإلجارة، فإن األجير ال يملك عمله، والمستأجر ال يملك أيضا عمل األجير.وأما إذا كان كفائيا، فالنتفاء الشرط الثاني، بل كل ما ال يملكه المستأجر ال

--------------------(١) التوهم من الكاشاني في المفاتيح: كتاب مفاتيح المعايش، ج ٣، ص ١٢.

(٢) سيأتي مختار المصنف من األجوبة على اشكال التنافي: ص ٥٢ - ٥٣.

(٤٨)

Page 50: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تصح اإلجارة عليه. وإن لم يكن واجبا على األجير بل كان مستحبا أو مباحا فالتصح إجارته لقراءة القرآن لنفسه، أو إلعادة صالته ليقتدي به المستأجر.

وأما إذا وجب على كليهما فتارة يجب على كل منهما عينيا، وأخرى كفائيا أوتخييريا.

فإذا وجب عينيا كصوم شهر رمضان فال تصح اإلجارة، سواء استأجره ألنيصوم عن المستأجر أو عن نفسه، النتفاء كال الشرطين، لوجوبه على األجير،

وعدم حصول الملك للمستأجر ولو آجره ألن يصوم نيابة عنه، ألن اعتبارالمباشرة على نفس المستأجر موجب لعدم حصول الملك له.

وأما لو وجب على كل منهما كفائيا أو تخييريا فإذا لم يعتبر المباشرة في عملالمستأجر - كالجهاد - واستأجره ألن يكون نائبا عنه فيصح، لوجود كال الشرطين،

فإن النائب حيث إنه يجب عليه كفائيا مالك لعمله، والمستأجر أيضا يملك عملاألجير. وأما لو اعتبر المباشرة كالصالة على الميت أو استأجره ألن يجاهد

األجير لنفسه فال يصح، النتفاء الشرط الثاني.ومجرد انتفاع المستأجر - وهو سقوط الوجوب الكفائي عنه - ال يصحح

اإلجارة بعد اعتبار إمكان حصول ملك المنفعة للمستأجر.وعليك باستخراج حكم سائر األقسام، كما إذا كان على كل منهما تخييريا، أوكان على أحدهما تخييريا وكان على اآلخر عينيا تعيينيا، مثل ما إذا وجب على

األجير: إما الصوم أو إطعام ستين مسكينا، ووجب على المستأجر قضاء صوم أبيهعينا تعيينيا، فإذا لم يعتبر المباشرة في عمل المستأجر يصح أن يستنيب غيره

للصوم ولو كان واجبا عليه تخييرا بينه وبين اإلطعام.نعم، لو تعذر عليه اإلطعام وضاق الوقت للصوم ال يجوز أن يصير نائبا، فتدبر

جيدا.إذا عرفت ذلك، فلنرجع إلى دفع ما يقال: من أن أخذ األجرة في الواجبات التييعتبر قصد القربة فيها ينافي التقرب، ولهم في التفصي عن هذا اإلشكال وجوه:

(٤٩)

Page 51: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

منها: ما نسب إلى صاحب الجواهر (١) قدس سره وهو: أن تضاعف الوجوب بسبباإلجارة يؤكد اإلخالص وال ينافيه.

وفيه: أنه لو كان المقصود: أن داعي األجير على العمل يصير آكد النضماماألجرة إلى أمر الله سبحانه فهذا عين االلتزام باإلشكال، العتبار الخلوص في

داعي العامل.ولو كان المقصود: أن وجوب العمل على األجير يوجب تأكد اشتراط

الخلوص في العبادة فكأن الشئ يصير واجبا من قبل الله سبحانه بوجوبين:األول وجوب الوفاء باإلجارة بإتيان العمل. والثاني: إتيانه ألمر الله سبحانه.ففيه: أن األمر األجاري ال يعتبر فيه القربة، فكيف يؤكد اإلخالص وال يتحد

مع األمر العبادي حتى يكتسب العبادية منه: كاألمر النذري، فإنه يتعلق بعين ماتعلق به األمر العبادي؟ ولذا يكتسب كل من األمر النذري والعبادي من اآلخر ما

هو فاقد له. فإذا نذر صالة الليل تصير بالنذر واجبة ويصير النذر قربيا، وهذابخالف األمر األجاري فإنه يتعلق بالصالة مع قصد القربة، واألمر العبادي يتعلق

بذات العمل.ولذا، لو تبرع متبرع عمن وجب عليه عبادة يجب عليه أن يقصد ما وجب

على المنوب عنه، مع أن أمره التبرعي استحبابي.وكذا لو استؤجر أحد لصالة الليل لو فرض صحة اإلجارة يجب أن يقصد

األمر االستحبابي المتوجه إلى المنوب عنه، ال األمر األجاري الذي يجب عليهوفاؤه.

نعم، قد يجتمعان في الوجوب واالستحباب، ولكنهما - على أي حال - اليتحدان.

ومنها (٢): أن أخذ األجرة من قبيل الداعي على الداعي، إذ ليس في عرض--------------------

(١) جواهر الكالم: كتاب التجارة في ما يحرم التكسب به، ج ٢٢، ص ١١٧.(٢) كما هو مختار اليزدي في مسألة دفع المنافاة، في حاشيته على المكاسب: ص ٢٤، س ١٣

وما بعده.

(٥٠)

Page 52: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

داعي االمتثال، بل في طوله، فالداعي على االمتثال هو: أمر الله المحرك إلتيانالفعل بداعي أمر الله هو األجرة.

وفيه: أنه لو كان هذا إشكاال لكان أولى وأحق من أن يكون جوابا، فإنه لوالاألجرة لما حصل للعامل الداعي إلى إتيان الفعل لله سبحانه، فصار محركه إلى

العمل باألخرة هو األجرة.وال تقاس األجرة بالغايات المترتبة على العبادات بجعل إلهي فإنه مع

الفارق، ألن سلسلة العلل إذا انتهت إلى الله سبحانه فال يخرج المعلول عن كونهعباديا، وهذا بخالف ما إذا انتهت إلى غيره، فإنه ليس من وظيفته جعل غاية للفعل

بقصد األمر.وبالجملة: فرق بين أن يؤتي الصالة ألمر الله سبحانه حتى يوسع رزقه، وأنيؤتي ألمر الله حتى يأخذ األجرة، واألول عبادة وإن لم تكن عبادة األحرار،

والثاني ليس عبادة.ومجرد توسيط أمر الله سبحانه في العمل ال يصحح العبادة، ألن حقيقة العبادة

ليست صرف اخطار كون العمل لله أو التلفظ بهذا العنوان، بل أن يكون محركالعامل هو أمر الله سبحانه ولو لغايتها المترتبة عليها منه سبحانه.

وأما إذا كان محركه األجرة فهذا عين كونه غير قربي، فإن من ال يكنس دارزيد أصال وال يعتني بأمره لو أمر عمرو بكنس دار زيد فكنسه داره ال يمكن أن

يكون ألمر زيد ولو أمره عمرو بامتثال أمر زيد.وبالجملة: لو وقع في سلسلة داعي العمل داع غير إلهي يخرج العمل عن كونهقربيا، والقول بأن ال يعتبر في العبادة أن يكون الداعي على الداعي قربيا مساوق

للقول بعدم اعتبار قصد التقرب في العبادة.ومنها: أن فعل النائب فعل تسبيبي للمستأجر، وقصد المستأجر التقرب في

استئجاره كاف في العبادة.وفيه: أنه ال إشكال في صحة التبرع عن الغير، مع أن المتبرع عنه غافل عن

(٥١)

Page 53: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فعل المتبرع فكيف يكون فعل النائب فعل المنوب عنه؟ وكيف يقصد المتبرعالقربة الكافية من المنوب عنه؟

ومجرد كون داعي العامل أمر المستأجر ال يجعل فعله مسببا توليديا، فإنالمسبب التوليدي هو الذي ال يكون بين فعل الفاعل واألثر المترتب عليه واسطة

اختيارية.نعم، قد يطلق المسبب التوليدي على البناء ألمر غيره به كقولهم: (فتح األمير

البلد) ولكن هذا االطالق بالعناية وخارج عن باب المسبب التوليدي، وال يمكنأن يتعلق تكليف بالجامع بين فعله وفعل غيره، بل ليس الجامع فيما ال يعتبر فيهالمباشرة إال األعم من الفعل بنفسه أو االستنابة، والقربة في االستنابة غير تقربالنائب، وفي باب العبادات تعتبر في نفس عمل العامل، وال يقاس المقام بوقف

المسجد في عدم اعتبار قصد التقرب من البناء، ألنه لم يقم دليل على اعتبار القربةإال من الواقف والواقف حيث إنه يملك هذه الهيئة الحاصلة من عمل البناء، كما

أنه يملك الجص واألجر فيوقف هذه الهيئة مع موادها قربة إلى الله. ولو فرضاعتبار القربة في عمل البناء لما كانت القربة الحاصلة لألمر في أمره بالبناء كافية

لعمل البناء.فالصواب في الجواب: هو ما أفاده شيخنا األنصاري قدس سره (١) وحاصله: أن

متعلق عقد اإلجارة غير متعلق األمر العبادي، فإن األمر العبادي متوجه إلىالمنوب عنه، واألمر األجاري إلى النائب، وال يتحد متعلقهما وإن اجتمع العنوانان

في الخارج في مصداق واحد، وال تقع األجرة في سلسلة داعي المنوب عنه أصال،وإنما تقع األجرة بإزاء قصد النائب النيابة في عمله، بحيث لو قصد النائب إتيان

العمل لألجرة أو قصد إتيان العمل بداعي أمره سبحانه بإزاء األجرة يقع عملهباطال، وال يقع للمنوب عنه، بل لم يأت بما تعلق اإلجارة به، ألن اإلجارة الحاصلةبينهما وقعت بأن يأتي العامل العمل للمنوب عنه، وهذا من غير فرق بين التوصلي

--------------------(١) المكاسب للشيخ األنصاري: كتاب البيع ص ٦٥.

(٥٢)

Page 54: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والتعبدي مثال: لو استأجره للجهاد وقلنا بعدم اعتبار قصد التقرب من المجاهد فلوجاهد األجير ال عن المستأجر بل بال عنوان ال يقع منه فلم يمتثل األمر األجاري،

بل يقع عمله إما لغوا أو عن نفسه.ويظهر توضيح ذلك بمالحظة حال المتبرع، فإنه إذا قصد األمر المتوجه إلى

المتبرع عنه يقع عن المنوب عنه، وال إشكال في أن التبرع منه مستحب، مع أناألمر المتوجه إلى المنوب عنه قد يكون واجبا، وال يقع داعي المتبرع في سلسلةداعي المنوب عنه، وال ربط ألحدهما باآلخر، فإن داعي المتبرع عنه هو أمر اللهسبحانه المتوجه إليه إما ببدنه، أو ببدنه التنزيلي، وداعي المتبرع هو تنزيل نفسه

منزلة غيره ونيابته عنه.والتعبير بالتنزيل إنما هو لتقريب المطلب وتوضيحه، وإال فما هو المعتبر فيتفريغ ذمة الغير ليس إال نيابته عنه، فإذا صح نيابته عنه تبرعا ولم يتعلق األمر

التبرعي بما تعلق به األمر العبادي فيصح أخذ األجرة بإزاء قصد الغاية في العمل،ألن األجرة لم تقع بإزاء العمل القربى، ألن التقرب يحصل للمنوب عنه، وال يعتبرفي النيابة أصال، فداعيه إلى النيابة إذا كان األجرة وأتى بالعمل القربى للمنوب عنه

فيحصل من عمله أمران: أحدهما: تفريغ ذمة المنوب عنه، وثانيهما: نيابته عنه.والعمل الخارجي وإن كان مجمع العنوانين إال أن أحدهما في طول اآلخر.

وال شبهة أن نيابته عنه متقدم في الرتبة على حصول فراغ الذمة والتقرب للمنوبعنه، فيترتب على فعله أثران أحدهما في طول اآلخر، وال إشكال في ذلك أصال.

وبالجملة: ما هو مناط العبادية لم تقع األجرة بإزائه، بل وقعت األجرة بإزاءمالكية المنوب عنه العمل من األجير، وإيقاع العمل عنه الذي هو قوام النيابة من

قبيل عناوين األفعال التي تتحقق بقصدها في العمل كعنوان التعظيم، وعنوانالظهرية والعصرية.

وال شبهة أن عنوان العمل ال يدخل في سلسلة الداعي، فإن الداعي هو معلولالفعل الذي يوجد العامل العمل ألجل ترتبه عليه. فإن كانت األجرة واقعة بإزاء

(٥٣)

Page 55: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

العمل وكان العمل ألجلها فهذا ينافي القربة، وال يمكن أن يكون توسيط قصداالمتثال بالخطرات القلبية مصححا له.

وما يحكى عن بعض األعاظم: (١) من أنه كان يعطي األجرة إلى األكرادليصلوا ليس من باب أنه قدس سره يحدث لهم الداعي على إتيان العمل لله، بل

غرضه قدس سره جعلهم متعودين بالعبادات حتى يحدث لهم بعد ذلك الداعي القربى.وهكذا وجوب األمر بالصالة من باب األمر بالمعروف، وليس من قبيل الداعي

على الداعي، بل المدار هو عدم انمحاء شعائر الله سبحانه صورة، وإال كيف يقصدالقربة من ال يخاف من الله سبحانه ويخاف من األمر بالمعروف؟

وحاصل الكالم: أن ما أفاده شيخنا األنصاري (٢) قدس سره من أجود األجوبة فيهذا الباب، ألنه بعد ما فرضنا عدم اعتبار المباشرة في فعل المنوب عنه، وأن فعلالنائب إذا قصد النيابة عنه يقع عنه، كما ال إشكال في أنه يجوز للغير التبرع في

إتيان الفعل بالنيابة عنه، وال يعتبر في األمر التبرعي قصد القربة وال يتحد األمرالتبرعي مع األمر العبادي فكذا ال ينبغي اإلشكال في أنه يجوز أن يأخذ األجرةبأن يجعل إتيان العمل للغير واجبا على نفسه، وهو إنما يخرج عن عهدة هذا

التكليف إذا أتى ما وجب على الغير، وما وجب عليه هو الذات مع قصد التقرب،وهذا متعلق اإلجارة، أي: ما ملكه المستأجر على األجير. فاألمر العبادي متعلق

بذات العمل، واألمر األجاري متعلق بإتيان العمل القربى نيابة عنه، والتقرب معتبرفي داعي المنوب عنه.

وأما اعتبار التقرب في داعي األجير على جعل عمل نفسه مملوكا للغير قربةإلى الله فلم يقم عليه دليل.

وبالجملة: األجرة تقع بإزاء هذا العنوان، وهو: اتيانه عمل الغير نيابة عنه،وهذا من غير فرق: بين أن يكون عمل الغير تعبديا أو توصليا، فإن وقوعه له

يتوقف على هذا العنوان، وإال ال يقع عنه وإن سقط عنه التكليف أحيانا، كما لو--------------------

(١) لم نعثر عليه.(٢) تقدمت اإلشارة إليه في الصفحة: ٥٢.

(٥٤)

Page 56: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

غسل ثوبه بال قصد عنه.وعلى هذا، فمتعلق األمرين في كل واحد مباين مع اآلخر، وال يبتنى على

مسألة االجتماع، وال على أن األجرة بإزاء نفس قصد النيابة بدون إيجاد العمل،لما عرفت أن الفعل مجمع العنوانين، وأحدهما في طول اآلخر، ال في عرضه، وال

على الداعي على الداعي فإنها ال تنفع.والعجب من السيد قدس سره في حاشيته (١) على المكاسب من قوله: أوال، وثانيا،

فإنه لم يدع شيخنا األنصاري أن األجرة بإزاء نفس قصد النيابة من دون العمل،وال أن الفعل من جهة واحدة قربي، ويجوز أخذ األجرة عليها، لما عرفت: أن له

جهتين، والحامل على العمل على جهة النيابة وإن كان هو األجرة إال أن الحامل لهعلى جهة المنوب عنه التي هي عبارة عن كونه بدال تنزيليا له هو أمر الله سبحانه

المتوجه إلى المنوب عنه.وملخص الكالم: أنه لو وقعت األجرة بإزاء اتيان ذات العمل بإزاء األجرة،

أو بإزاء اتيان العمل بقصد القربة بإزاء األجرة فهذا ينافي العبادية، مضافا بأنه اليسقط بهذا النحو من اإلجارة ما هو الواجب على المستأجر، ألنه لم يأت بداعي

األمر المتوجه إلى المنوب عنه، بل بداعي األمر األجاري.وأما لو وقعت األجرة بإزاء إتيان العمل بأمره المتوجه إلى المنوب عنه باألمر

األعم من المباشرة واالستنابة، فهذا ال ينافي القربة المعتبرة في العبادة، ألنه لميعتبر في األمر األجاري القربة، وال وقعت األجرة في طول داعي نفس العمل.

وببيان أوضح: ال إشكال في أن معنى عدم اعتبار المباشرة في فعل المنوبعنه مع أنه قد تعلق التكليف به هو أن الواجب عليه تحقق اسم المصدر عنه - أي:نتيجة الفعل واجبة عليه - دون جهة اإلصدار، فال يعتبر في جهة اإلصدار المباشرة،

وال شبهة أن هاتين الجهتين ممتازتان، فإذا كانت القربة معتبرة في جهة اسم--------------------

(١) حاشية المكاسب: في بيان أخذ األجرة ص ٢٨.

(٥٥)

Page 57: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المصدر ووقعت األجرة بإزاء الجهة المصدرية (١) فيجتمع الفعل القربى الذي بهيتحقق ما وجب على المنوب عنه، مع أخذ األجرة بإزاء إصدار هذا الفعل القربى.

وبعبارة أخرى: الفعل إذا اعتبر فيه المباشرة فمعناه أنه يجب أن تصدر هذهالنتيجة من نفس الفاعل الذي تعلق به التكليف.

وأما إذا لم يعتبر فيه المباشرة فمعناه أن الجامع بين إيجاد غيره نائبا تبرعيا أواجاريا وإيجاد نفسه متعلق للتكليف، فإذا كان الجامع متعلقا للتكليف ولم يجب

على الغير الجهة اإلصدارية (٢) فله أن يؤجر نفسه بإزاء أجرة لتحصيل ما هو واجبعلى الغير، فال بد أن يقصد في إيجاده نتيجة الفعل بفعله وقوعه عن الغير ليستحق

األجرة وليسقط عنه، فيترتب على فعله أمران متغايران:أحدهما: وقوع متعلق اإلجارة عنه، وهذا ال يعتبر فيه القربة، ألن إيجاده

العمل من حيث فعل نفسه ال يعتبر فيه القربة.وثانيهما: وقوع العمل عن الغير، لكونه فردا من أفراد الجامع، وبه يحصل

فراغ ذمته، وبه يحصل التقرب له، وهذا معتبر فيه القربة، ولكنه للمنوب عنه الللنائب.

ثم إنه ينبغي التنبيه على أمور:األول: مقتضى ما ذكرنا من اعتبار الشرطين في اإلجارة عدم صحة إجارة

من اشتغلت ذمته بعمل في وقت خاص لهذا العمل ولغيره. فمن وجب عليه حجةاالسالم أو المنذورة المضيقة أو الحجة المستأجرة بالمباشرة ال يصح أن يصيرأجيرا لغيره في هذه السنة، ال من باب أن األمر بالشئ يقتضي النهي عن الضدكما في العروة، (٣) بل ألن العمل خارج عن ملكه إما بالوجوب الشرعي، أو

النذري، أو لكونه أجيرا لغيره.--------------------

(١) في المطبوع من األصل: (المصدري) والصواب ما أثبتناه.

(٢) في المطبوع من األصل: (االصداري) والصواب ما أثبتناه.(٣) العروة الوثقى: كتاب الحج ج ٢ ص ٥٠٤.

(٥٦)

Page 58: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبالجملة: من لم يملك عمله ال يمكنه أن يملكه غيره، وعلى هذا، فلو كانالعكام (١) أجيرا ألحد حتى في المشي معه ال يمكنه أن يصير نائبا عن غيره،

لخروج أفعاله عن ملكه.نعم، لو كان أجيرا له في العمل في المنزل أو باألعم من المباشرة فيصح أن

يؤجر نفسه للحج، وهكذا في مسألة الطواف، فمن كان واجبا عليه إطافة غيره اليمكنه أن يحتسبه لنفسه، ألن حركاته ملك للغير.

نعم، لو كان أجيرا لحمله حال طواف نفسه فال مانع.الثاني: وردت روايات (٢) تدل على حرمة بيع المصحف وجواز شراء جلده

وحديده وكاغذه. وعلى هذا، فيشكل ما هو معمول في الخارج، ألن نفس الجلدوالكاغذ ونحوهما لو كانت متعلقة للبيع دون النقوش والكتابة فيقتضي بقاء الكتابة

على ملك البائع.ولكن يمكن التفصي عنه بأن يقال: إن الكتابة في األوراق نظير: كتابة عبد

الكاتب، (٣) فكما أن كونه كاتبا يوجب زيادة قيمة العبد مع أن الثمن ال يقع بإزاءالكتابة فكذلك بعدما نهى الشارع عن بيع نفس المنقوش ففي مقام المعاملة يوقعالعقد على نفس الكاغذ الذي فيه الكلمات المباركة، فتدخل الكلمات في ملكالمشتري تبعا، غاية األمر: أنه لوال النهي لكانت النقوش جزءا للمبيع، بل كانتهي المقصودة األصلية من المعاملة، وكانت غيرها تابعة، ولكنه بمالحظة النهي

ينعكس األمر.ورعاية التبعية أمر ممكن قصدها من المتعاوضين، بل من التوابع ما يكون

تابعا وإن لم تقصد تبعيته، نظير: دخول مفتاح الدار في الدار المبيعة.--------------------

(١) عكم المتاع يعكمه عكما: شده بثوب، وهو أن يبسطه ويجعل فيه المتاع ويشده. الحظلسان العرب: مادة (عكم) ج ١٢، ص ٤١٥.

(٢) وسائل الشيعة: ص ١١٤ - ١١٦ أحاديث الباب ب ٣١ من أبواب ما يكتسب به ج ٢ ١.(٣) كذا في األصل المطبوع، ولعل صوابه: العبد الكاتب.

(٥٧)

Page 59: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الثالث: قد وردت عدة روايات على جواز أخذ جوائز سلطان الجور وعماله،بل مطلق المال المأخوذ منهم مجانا أو عوضا، وبعضها صريح في صحة األخذ

منهما ولو لم يكن لهما مال آخر حالل:كصحيحة أبي والد، قلت ألبي عبد الله عليه السالم: ما ترى في رجل يلي أعمالالسلطان ليس له مكسب إال من أعمالهم وأنا أمر به وأنزل عليه فيضيفني ويحسنإلي، وربما أمر لي بالدراهم والكسوة وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال لي: (كل

وخذ منها، فلك المهنأ وعليه الوزر) (١).وبعضها ظاهر في ذلك: كمصححة أبي المعزى قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه

السالم ووحج بها (٢).

وبمثلها رواية محمد بن هشام (٣)، ورواية محمد بن مسلم وزرارة (٤).ثم ال يخفى أن بمضمون هذه األخبار أفتى األصحاب، ويستفاد من النص

والفتوى أنه ال تعمل قواعد العلم اإلجمالي في المأخوذ من السلطان وعماله، فإنحمل (٥) المأخوذ على خصوص ما أخذاه من الخراج والمقاسمة اللذين وردت في

األخبار (٦) الكثيرة إباحتهما للشيعة، بعيد جدا. وحمله ما إذا لم يكن بعضاألطراف مبتلى به أبعد.

--------------------(١) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ١٧٥ ح ٣٦٦٢، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ١٥٦ ب ٥١ من

أبواب ما يكتسب به ح ١ إال أن في الفقيه (خذ وكل).(٢) تهذيب األحكام: ج ٦ ص ٣٣٨ ح ٩٤٢، عنه الوسائل ج ١٢ ص ١٥٦ ب ٥١ من أبواب ما

يكتسب به ح ٢.(٣) تهذيب األحكام: ج ٦ ص ٣٣٨، ح ٩٤٣، عنه الوسائل ج ١٢ ص ١٥٧ ب ٥١ من أبواب

ما يكتسب به ح ٣.(٤) تهذيب األحكام: ج ٦ ص ٣٣٨ ح ٩٣١، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٥٧ باب ٥١ من

أبواب ما يكتسب به ح ٥.(٥) كما عند النراقي في مستنده: كتاب مطلق الكسب، ج ٢، ص ٣٥٢.

(٦) وسائل الشيعة: ج ١٢، ص ١٦١ - ١٦٢ أحاديث الباب، باب ٥٢ من أبواب ما يكتسب به.

(٥٨)

Page 60: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، ال بد من تقييد هذه األخبار بما إذا لم يكن المأخوذ معلوم الحرمةتفصيال، كما أن األصحاب أيضا أخرجوا هذه الصورة.

ويدل عليه موثقة إسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل يشتري من العاملوهو يظلم؟ فقال: (يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه (١).

ويدل عليه أيضا رواية علي بن أبي حمزة في قضية صديق له من كتاب بنيأمية، حيث قال له الصادق عليه السالم: (فمن عرفت منهم رددت عليه ماله) (٢)، فإنه

يدلعلى أن جوائز بني أمية ال يجوز التصرف فيها، فتأمل.

وعلى هذا، فإذا علم بكون هذا المأخوذ من الخراج والمقاسمة تفصيال فيحرمالتصرف فيه. وأما لو لم يعلم ذلك فنتيجة هذه األخبار تقييد المحرم بالمعلوم

التفصيلي، وال مانع عنه، ألن المعلوم باألجمال إنما يكون كالمعلوم بالتفصيل فيالتنجز إذا لم يقيد الواقع بقيد يختص بمورد المعلوم التفصيلي.

ثم إنه هل يلحق بجوائز السلطان وعماله جوائز مطلق من ال يتورع عنالمحارم كالسارق وآكل الربا ونحوهما أم ال؟ وجهان، مقتضى إطالق جملة من

الروايات: عدم الفرق بينهما.فعن أبي بصير (قال: سألت أحدهما عليهما السالم عن شراء الخيانة والسرقة؟ قال:

ال، إال أن يكون قد اختلط معه غيره (٣).وفي صحيحة الحلبي: (لو أن رجال ورث من أبيه ماال وقد عرف أن في ذلك

المال ربا ولكن اختلط في التجارة بغيره حالال (٤) كان حالال طيبا فليأكله، وإنعرف منه شيئا معزوال أنه ربا فليأخذ رأس ماله وليرد الربا) (٥).

--------------------(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٢٨ ح ٣، عنه الوسائل: ب ٥٣ من أبواب ما يكتسب به ح ٢ ج ١٢ ص

.١٦٣(٢) الكافي: ج ٥ ص ١٠٦ ح ٤، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ١٤٤ ب ٤٧ من أبواب ما يكتسب به ح ١.

(٣) تهذيب األحكام: ج ٦ ص ٣٧٤ ح ١٠٨٨، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ٦٠ ب ٤ من أبوابما يكتسب به ح ٦.

(٤) في المصدر: (حالل).(٥) الكافي: ج ٥ ص ١٤٥ ح ٤، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ٤٣١ ب ٥ من أبواب الربا ح ٢.

(٥٩)

Page 61: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وفي صحيحته األخرى: (وإن كان مختلطا فكله هنيئا فإن المال مالك) (١).وفي ذيل مكاتبة الحميري إلى الحجة أرواحنا له الفداء: (إن كان لهذا الرجل

مال أو معاش غير ما في يده فاقبل بره (٢).وبهذه المضامين وردت أخبار كثيرة، وال شبهة أن ظاهر هذه األخبار أن العلم

االجمالي غير مؤثر في التنجيز، وإنما المؤثر خصوص العلم التفصيلي.وال إشكال أيضا أن منشأ الحلية هو نفس االشتباه، ال لكونها مستندا إلى اليد

وحمل تصرف ذي اليد على الصحيح، وال من جهة خروج بعض أطراف المعلومباالجمال عن محل االبتالء من باب أن المتصرف ال يأذن في تصرف جميع أمواله

فال يكون جميع أمواله محال لالبتالء، بناء على كون المنع موجبا لخروجه عنمحل االبتالء، وذلك ألن األخبار (٣) الواردة في اإلرث ممن يأكل الربا ظاهرة في

أن مجموع األطراف محل االبتالء، وأن منشأ الجواز ليس تصرف ذي اليد، بلاإلرث من ذي اليد، فال معنى لحمله على الصحيح.

وبالجملة: ظاهر هذه األخبار أيضا كاألخبار الواردة في جواز أخذ عطاءالسلطان وعماله والشراء منهما، ولكن الذي ينبغي للفقيه التأمل فيه هو أن هذهاألخبار - مضافا إلى معارضتها بعدة أخبار أخر - غير معمول بها، فال توجبتخصيصا لقواعد العلم اإلجمالي، بخالف األخبار الواردة في جوائز السلطان

وعماله فإنها معمول بها.وكيف كان، بناء على التعميم فالمسألة من واد واحد، والصور المتصورة في

هذه األموال المأخوذة ممن ال يبالي بالحرام أربع، ذكرها شيخنا األنصاري قدس سرهفي

مكاسبه بما ال مزيد عليه، ونحن نذكرها إجماال:األولى: ما إذا لم يعلم أن في جملة أموال هذا الظالم ماال محرما يصلح لكون

--------------------(١) الكافي: ج ٥ ص ١٤٥ ح ٥، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ٤٣١ ب ٥ من أبواب الربا ح ٣.

(٢) اإلحتجاج: ج ٢ ص ٤٨٥، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ١٦٠ ب ٥١ من أبواب ما يكتسب بهح ١٥.

(٣) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٤٣٠ - ٤٣٣، أحاديث الباب ب ٥ من أبواب الربا.

(٦٠)

Page 62: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المأخوذ من ذلك المال، وهذا ال إشكال في جواز أخذه وسائر أنحاء التصرفاتفيه من المعاملة ونحوها، ألن مجرد كون الشخص ظالما ال يوجب حرمة المعاملة

معه وأخذ جوائزه.الثانية: ما إذا علم أن في أمواله محرما، وهذه على قسمين: ألنه قد يكون

جميع أمواله محال البتالء األخذ، كما إذا أذن له في التصرف في جميع أمواله. وقدال يكون كذلك. وعلى أي حال، يجوز التصرف فيما أخذ منه، وال تراعى قاعدة

المعلوم اإلجمالي إما مطلقا، أو فيما إذا كان المأخوذ منه سلطانا أو عامال.الثالثة: هذه الصورة مع علم األخذ بأن هذا المأخوذ مما ال يجوز التصرف فيه

بغير إذن مالكه على كل أحد تفصيال، كما إذا علم بأنه ليس من الخراجوالمقاسمة، أو علم بأنه مال الغير شخصا وسرق.

الرابعة: هذه الصورة مع علمه إجماال بأن في المأخوذ ماال محرما.أما الصورة الثالثة فال إشكال في حرمته، إنما البحث في أحكام الفروع

المتصورة فيها:فمنها: أنه قد يكون األخذ مع العلم بالحرمة ابتداء، وقد يكون مع الجهل بها.

ففي األول: تارة يكون مجبورا على األخذ، وأخرى يكون مختارا.أما إذا كان مجبورا: فإذا أخذه فأخذه بقصد الرد إلى المالك مع التمكن فال

إشكال في عدم ضمانه، ألنه حيث إنه مضطر إلى أخذه فأخذه من حيث الحدوثكالعدم، ومن حيث البقاء ال يقتضي الضمان مع قصده الرد إلى المالك.

بل يمكن أن يقال: لو قصد التملك بعد األخذ ثم ندم يرجح عدم الضمان، نظيرما إذا قصد الودعي التملك في الوديعة ثم تاب، أو فرط فيها بأن أخرجها من

الحرز ثم أعادها إليه.ولكن المسألة محل خالف بين األعالم، واألقوى هو الضمان، إال إذا حصل

من المالك إذن جديد، ألنه بعد أن استولى على مال الغير بغير إذنه فرافع ضمانهإما األداء أو ما يلحق به كاإلذن الجديد من المالك في التصرف. ومجرد التوبة

(٦١)

Page 63: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والندم ليس رافعا له.وكيف كان، لو كان مجبورا في األخذ ولكنه أخذه ال بنية الرد فاألقوى كونه

ضامنا، ألنه وإن كان مضطرا في األخذ إال أن رفع االضطرار يتحقق بمجرد األخذ،إال أن يقال: ال دليل على وجوب التفصي عن االكراه واالضطرار بالقصد، وعدمه.

نعم، لو أخذ بنية التملك فيكون ضامنا.وأما لو لم يقصد التملك وال الرد إلى المالك فال موجب لضمانه، ألن إطالق

على اليد ممنوع في مثل هذا األخذ.وما أفاده شيخنا األنصاري (١) قدس سره وتبعه السيد الطباطبائي في حاشيته (٢) على

المكاسب: من أن أخذه بغير هذه النية تصرف لم يعلم رضا صاحبه به، ال يفيدإلثبات الضمان، ألن هذا التصرف بلحاظ كونه عن تقية وكره كالعدم.وأما في الثاني: فحيث إنه قصد التملك من جهة جهله بكونه مال الغير

فاألقوى فيه الضمان، وإن قصد بعد علمه بأنه مال الغير رده إلى مالكه، ألن مجردالنية ال يرفع الضمان، بل يتوقف رفع الضمان على األداء أو ما بحكمه من إذن

المالك في التصرف.ويظهر من المسالك في المقام عدم الضمان، قال: ألنه مع الجهل يده يد

أمانة، (٣) فبعد علمه به لو لم يقصد التملك ال موجب للضمان.ويظهر منه التردد في الضمان أيضا، حيث قال: (لو استودعه الغاصب ماال

مغصوبا فلو أخذه منه قهرا ففي الضمان نظر) (٤). ولكنه ال يخفى ما في كالميه:أما في األول: فألن بمجرد الجهل ال يرتفع الضمان، سيما على القول بأن مجرد

وصول مال الغير بيد غيره بال إذن منه وال إذن من الشارع موجب للضمان كما هو--------------------

(١) المكاسب: ص ٦٩ س ٣٣.(٢) حاشية المكاسب: في حكم المال المجهول، ص ٣٤، س ١٥ وما بعده.

(٣) مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٦٨ س ٢٦.(٤) مسالك األفهام: كتاب الوديعة: ج ١ ص ٣١٠ السطر األخير، نقال بالمضمون ولم نعثر على

لفظ العبارة.

(٦٢)

Page 64: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كذلك على المشهور، بل هو مختاره أيضا في غير المقام.نعم، لو استشكل في أصل المبنى وقيل: إن عموم (على اليد) يختص بما إذا

كان األخذ عن قهر واستيالء على المالك ال مجرد الوصول ولو مع الجهل. فلهوجه، إال أن الظاهر أن الفتوى على خالفه. وسيجئ في قاعدة اليد - إن شاءالله - ما يمكن أن يكون مدركا للمشهور في استفادة األعم من القهر وغيره.

وعلى أي حال فهو قدس سره في مسألة (١) ترتب األيدي على مال الغير يحكمبضمان كل من وضع يده عليه، ولو مع الجهل بأنه مال الغير ومع تغرير غيره به.غاية األمر: في مسألة (٢) الغرور يقول: بأن المغرور يرجع إلى من غره، إال أن

يقال: كل مورد وقع التصرف في مال الغير جهال فنفس وضع اليد على مالهال يوجب الضمان، إال إذا دخل تحت عنوان آخر: كاالتالف أو قاعدة (ما يضمن)

ونحوهما، فإنه لو أتلف مال الغير يكون ضامنا، غاية األمر يستقر الضمان علىالغار.

وهكذا لو اشترى من الغاصب العين المغصوبة فإن الجاهل وإن أوقع العقدالموجب للضمان مع الغاصب إال أن التضمين في الحقيقة يقع بين المالكين بتنزيلالغاصب مالكا. فعلى هذا، لو أعاره الغاصب أو أودعه فتلف عنده بتلف سماوي

فال موجب للضمان، ألن نفس األخذ من دون استيالء وقهر من األخذ على المالكال يوجب الضمان. وقاعدة (ما يضمن) غير جارية إلقدام األخذ على المجانية.فما ذكرنا من فتوى المشهور بالضمان في مورد الجهل إنما المسلم منها ما إذادخل المورد في إحدى موجبات الضمان، غير جهة اليد، والمسألة محتاجة إلى

المراجعة.وأما في الثاني: فألن يد المقهور إذا كانت يد ضمان فال موجب لرفع الضمان

بمجرد قهر الغاصب، ألن ارتفاعه ال يتحقق إال باألداء أو ما بحكمه فللمغصوب--------------------

(١) مسالك األفهام: كتاب الغصب ج ٢ ص ٢٥٥ س ٢٢.

(٢) مسالك األفهام: كتاب الغصب ج ٢ ص ٢٦٢ س ٣٣.

(٦٣)

Page 65: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

منه الرجوع إلى كل منهما، غاية األمر قرار الضمان على الغاصب القاهر.ومنها: أنه يجب على المجاز رد الجائزة إلى مالكها فورا، وهل يتحقق الرد

بمجرد التخلية بينها وبين المالك، أو يجب إقباضها في المنقول؟ وجهان، واألقوىكفاية التخلية، فإن األداء الواجب في األمانات ومطلق مال الغير بمقتضى اآلية

الشريفة (١)، وقوله صلى الله عليه وآله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (٢) ليس إالعبارة عن

إدخاله تحت استيالء صاحبه، بل هذا هو الذي يعتبر فيما يجب قبضه، وفيمايترتب األثر على القبض: كانتقال ضمان المبيع من البائع إلى المشتري، بل لو قلنا

بعدم انتقال الضمان في األخير إال بوصول المبيع إلى يد المشتري، إال أنه ال إشكالفي أن اإلقباض والرد الذي يجب شرعا على الودعي ونحوه هو التخلية، ألن

الوجوب يتعلق بما هو مقدور من المكلف، وما هو مقدور من الغاصب ونحوه هورفع موانع استيالء صاحب المال على ماله، ال وصوله إلى يده. وسيجئ - إن شاء

الله - في حكم القبض مزيد توضيح لذلك.ومنها: أنه لو جهل صاحبه وجب الفحص مع االمكان، لتوقف أداء الواجب عليه.

ويدل عليه عدة من األخبار: كصحيح معاوية المروي في الفقيه، عن أبي عبدالله عليه السالم في رجل كان له على رجل حق ففقده وال يدري أين يطلبه، وال يدريأحي هو أم ميت؟ وال يعرف له وارثا وال نسبا وولدا (٣)، قال عليه السالم: (اطلب)،

قال:إن ذلك قد طال فأتصدق به؟ قال عليه السالم: (اطلب) (٤).

وكاألخبار (٥) الواردة في األمر بطلب األجير الذي بقي أجرة عمله عندالمستأجر إذا فقد.

--------------------(١) النساء: ٥٨.

(٢) مسند ابن حنبل: ج ٥ ص ١٢، عوالي اللئالي: ج ١ ص ٢٢٤ ح ١٠٦.(٣) كذا في المطبوع من األصل، وفي المصدر: (وال ولدا).

(٤) من ال يحضره الفقيه: ج ٤ ص ٣٣١ ح ٥٧١٠.(٥) وسائل الشيعة: ب ٦ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه ج ١٧ ص ٥٨٢ - ٥٨٥ أحاديث

الباب.

(٦٤)

Page 66: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إنه يتفرع ذلك على فروع:األول: لو توقف الفحص على أجرة فهل هي على من وجب عليه الفحص

أو على مالكه بأن يباع مقدار من المال ويصرف فيها، أو يستقرض على المالك، أويراعى األصلح منهما، أو من بيت المال؟ وجوه، واألقوى عدم وجوبه عليه، لمنع

إطالق الواجب على حد يجب عليه صرف مال فيه.هذا، مع أن قاعدة (ال ضرر) حاكم على الوجوب بناء على ثبوته.الثاني: هل يجب الفحص سنة، أو ال يتقيد بمقدار؟ فيه وجهان.

قد يقال بأن حكم مجهول المالك كلية حكم اللقطة.ويستفاد هذا المعنى من رواية حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبد الله عليه السالم عن

هل يرده عليه؟ قال: (ال يرده، فإن أمكنه أن يرد على صاحبه فعل، وإال كان فييده بمنزلة اللقطة بعينها يعرفها حوال، فإن أصاب صاحبها ردها عليه، وإال تصدقبها، فإن جاء بعد ذلك خيره بين األجر والغرم، فإن أختار األجر فله، وإن اختار

الغرم غرم له وكان األجر له (١).ولكن األقوى عدم اإللحاق.

أما أوال: فألن غاية األمر التعدي من اللص إلى كل غاصب، ال إلى كل مورد،حتى المال المجهول كأجرة األجير المفقود ونحوه.

وأما ثانيا: فألن التعدي عن مورد اللص إلى غيره أيضا ال موجب له أصال،هذا مع أن في باب اللقطة وفي مسألة اللص وإن كان ظاهر األخبار (٢) هو التعبد في

وجوب التعريف سنة إال أن الظاهر أنه ليس حكما تعبديا، حتى في مورد اليأسعن المالك.

--------------------(١) الكافي: ج ٥ ص ٣٠٨ ح ٢١، عنه الوسائل: ج ١٧ ص ٣٦٨ - ٣٦٩ ب ١٨ من أبواب

اللقطة ح ١.(٢) وسائل الشيعة: ج ١٧ ص ٣٤٩ - ٣٥٣ أحاديث الباب ب ٢ من أبواب اللقطة.

(٦٥)

Page 67: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ولذا حمل صاحب الوسائل (١) الخبر الدال على كفاية الفحص ثالثة أيام علىمورد اليأس.

وكيف كان، يمكن أن يدعى عدم وجوب الفحص رأسا إال بمقدار تحقق هذاالعنوان، وهو: كونه مجهول المالك، وعليه يحمل قوله عليه السالم: (اطلب) في

صحيح (٢)معاوية، وفي باب األجير (٣).

وعلى هذا بنينا في األصول (٤) في الشبهات الموضوعية، وقلنا: إن عدموجوب الفحص فيها إجماعا ليس على إطالقه، حتى فيما إذا توقف رفعها على

النظر ونحوه.ففي المقام: إذا توقف معرفة مالك المال على السؤال عن جماعة والتفحص

عن عدة فيجب، لعدم صدق عنوان مجهول المالك على مثل هذا المال.وأما لو توقف على أزيد من ذلك: كأجرة المنادي فال دليل عليه، هذا مضافا

إلى ما يدل على أن مجرد تحقق هذا العنوان يوجب التصدق به، أو دفعه إلى اإلمامبال تقييد بالفحص عن مالكه.

وما دل على الطلب قد عرفت أنه يمكن أن يكون بيانا لتحقق عنوان مجهولالمالك، بل لعل اإلمام عليه السالم كان مطلعا على خصوصية في المورد، وهي: أن

قصدذي اليد كان التصرف في مال الغير فقال عليه السالم له: (اطلب) (٥).

وبالجملة: مقتضى اإلطالقات عدم وجوب الفحص زائدا على تحقق عنوانالموضوع، فتدبر.

الثالث: في بيان مصرف هذا المال بعد اليأس عن صاحبه.فقيل: (٦) بأنه يمسكه حتى يتبين صاحبه، ويوصي به عند وفاته.

--------------------(١) وسائل الشيعة: ج ١٧ ص ٣٥١ ب ٢ من أبواب اللقطة ذيل ح ٧.

(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: ٦٤.(٣) تقدم في الصفحة: ٦٤ هامش (٥).

(٤) فوائد األصول: ج ٤ ص ٣٠١.(٥) تقدم تخريجه في الصفحة: ٦٤.

(٦) ذكره في الجواهر ولم ينسبه إلى أحد: كتاب التجارة: ج ٢٢ ص ١٧٧ وهو احتياط الحليفي السرائر: ج ٢ ص ٢٠٤.

(٦٦)

Page 68: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقيل: (١) بأنه مال اإلمام عليه السالم، فهو بمنزلة مال من ال وارث له.وقيل: (٢) بأنه يتصدق به.

وقيل: (٣) بالفرق بين األمانات المالكية من العارية والوديعة ونحوهما، وبينغيرها من المجهول المالك.

ففي األمانات يجب حفظها، وال يجوز دفعها إلى الحاكم أو اإلمام.وقال المفيد في باب الوديعة: إن لم يعرف صاحبها أخرج منها الخمس

وصرف البقية على فقراء المؤمنين (٤).ويدل على األول: ما ورد عن أبي إبراهيم عليه السالم في أجرة األجير المفقود،

قال عليه السالم: (اطلب واجهد، فإن قدرت عليه، وإال فكسبيل مالك حتى يجئ لهطالب، فإن حدث بك حدث فأوص به) (٥).

وما ورد عن أبي عبد الله عليه السالم حيث قال: (توصي بها، فإن جاء طالبها، وإالفهي كسبيل مالك) (٦).

ويدل على الثاني: رواية داود بن أبي يزيد، عن أبي عبد الله عليه السالم حيث قال لهرجل: إني قد أصبت ماال فكيف أتخلص عنه؟ قال عليه السالم: (والله ما له صاحبغيري). ثم إنه عليه السالم استحلفه أن يدفعه إلى من يأمره، فحلف، قال: (فاذهب

وقسمه بين إخوانك ولك األمن مما خفته) (٧).ويدل على الثالث: األمر (٨) بالتصدق بما يجتمع عند الصياغ من أجزاء النقدين.

--------------------(١) لم نعثر على قائله:

(٢) قاله المحقق الحلي في الشرائع: كتاب التجارة، ج ٢، ص ١٣، ونسبه إلى األصحاب فيالسرائر: ج ٢ ص ٢٠٤.

(٣) لم نعثر عليه.(٤) المقنعة: باب الوديعة، ص ٦٢٧.

(٥) الكافي: ج ٥ ص ١٥٣ ح ١، عنه الوسائل: ج ١٧ ص ٥٨٢ ب ٦ من أبواب ميراث الخنثى ح ١.(٦) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ١٧٧ ح ٧٨١، عنه الوسائل ج ١٧ ص ٥٥٣ ب ٤ من أبواب

ضمان الجريرة ح ٧.(٧) الكافي: ج ٥ ص ١٣٨ ح ٧، عنه الوسائل: ج ١٧ ص ٣٥٧ ب ٧ من أبواب اللقطة ح ١.

(٨) وسائل الشيعة: ج ١٧ ص ٤٨٤ - ٤٨٥ ب ١٦ من أبواب الصرف ح ١، ٢.

(٦٧)

Page 69: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وما ورد (١) من التصدق بغلة الوقف المجهول أربابه.وما ورد (٢) من التصدق بما حازه عامل بني أمية.

وما ورد (٣) من التصدق بأجرة األجير المفقود. ونحو ذلك: كمصححة يونسالواردة فيمن بقي عنده بعض متاع رفيقه وال يعرف صاحبه، فقال عليه السالم: (بعه

وأعطثمنه أصحابك، قلت: جعلت فداك، أهل الوالية؟ قال: نعم (٤).

وما ورد في اللقطة، وما ورد (٥) فيما أودعه رجل من اللصوص دراهم. ولمنظفر من األخبار ما يكون دليال لغير هذه األقوال.

ولكن األقوى بمقتضى الجمع بين األخبار، بل االحتياط هو: تسليمه إلىالحاكم الشرعي في عصر الغيبة ليتصدق به، أو اإلذن منه في التصدق عن مالكه،

ألن صريح رواية داود (٦): كون المال المجهول المالك مطلقا مال اإلمام عليه السالمصلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم (

واألدلة الواردة في التصدق ال تدل على أنه عليه السالم في مقام بيان الحكم الكلي أوفي مقام اإلذن في التصدق من حيث إنه ماله عليه السالم، بل ال يبعد األخير، كما يدل

عليه رواية داود، فإنه عليه السالم بعد أن حلف بأنه ماله أمره بالتقسيم.ويشهد لهذا األخبار الواردة في األجير، فإن جملة منها فرض السائل عدم

وجود وارث له، فقال عليه السالم: (تصدق، أو أوص، أو هو كسبيل مالك) (٧) فإنمع

فرض كون اإلمام عليه السالم وارث من ال وارث له قال عليه السالم: (تدفع إلىالمساكين).

وال ينافيه قوله عليه السالم: (اطلب)، إلمكان أن يكون المراد منه: أطلب مالكهالذي هو له في هذا الحال، وهو نفسه عليه السالم وال يبين له، للتقية.

--------------------(١) الكافي: ج ٧ ص ٣٧ ح ٣٥، عنه الوسائل: ج ١٣ ص ٣٠٣ ب ٦ من أبواب الوقوف ح ١.

(٢) الكافي: ج ٥ ص ١٠٦ ح ٤، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ١٤٤ ب ٤٧ من أبواب ما يكتسب به ح ١.(٣) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ١٧٧ ح ٧٨١، عنه في الوسائل: ج ١٧ ص ٥٥٣ ب ٤ من أبواب

ضمان الجريرة ح ٧.(٤) الكافي: ج ٥ ص ٣٠٩ ح ٢٢، عنه في الوسائل: ج ١٧ ص ٣٥٧ ب ٧ من أبواب اللقطة ح ١.(٥) الكافي: ج ٥ ص ٣٠٨ ح ٢١، عنه الوسائل: ج ١٧ ص ٣٦٨ ب ١٨ من أبواب اللقطة ح ١.

(٦) تقدمت في الصفحة: ٦٧.(٧) تقدم في الصفحة: ٦٧.

(٦٨)

Page 70: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وال قوله عليه السالم (أوص به، أو: كسبيل مالك)، ألن له عليه السالم أن يأذن له فيالتصرف، أو في اإليصاء به. هذا بالنسبة إلى العين.

وأما بالنسبة إلى الدين فاألمر أظهر، واالحتياط فيه أقوى، ألن الكلي اليتشخص إال بقبض الحاكم الذي هو ولي الغريم.

وكيف كان، فمقتضى االحتياط بناء على حرمة الصدقة على الهاشمي وإن لمتكن من زكاة األموال واألبدان هو أن يصرفه الحاكم، أو من بيده بإذن الحاكم فيما

ينطبق على كونه مال اإلمام عليه السالم وكونه صدقة: كإعطائه إلى العالم الغيرالهاشمي.

هذا، ولكن الظاهر أن الفقهاء ال يفتون برواية (١) داود بن أبي يزيد، واليلتزمون بأن مجهول المالك مطلقا مال اإلمام عليه السالم بل هنا عناوين ثالثة: األول:

المجهول المالك، والثاني: اللقطة، والثالث: ميراث من ال وارث له.وفي القسم الثالث يعتبر فيه أن يكون صاحب المال ميتا ال وارث له، غاية

األمر: يقع الكالم في أنه لو شك في وجود الوارث فهل يكفي استصحاب عدموجود من يرثه بالعدم المحمولي لكون الحكم مرتبا على نفس عدم الوارث، أو ال

يكفي ذلك، بل ال بد من إحرازه كما عليه صاحب الجواهر قدس سره (٢)؟وكيف كان، لم يعلم من األصحاب الفتوى بمضمون هذه الرواية، فاألقوى

بناء عليه هو التصدق بمقتضى األخبار الكثيرة، وبناء عليه مصرفه الفقراء،واألحوط أن ال يكون هاشميا.

الرابع: في حكم الضمان لو ظهر المالك.والكالم تارة بناء على كونه مال اإلمام، وأخرى بناء على عدمه.

ثم على الثاني تارة يقع البحث بناء على كون يد من كان المال عنده يدأمانة (٣)، وأخرى بناء على كونه يد ضمان.

أما على األول: فالظاهر أنه ال ينبغي التأمل في أن مجرد عدم العلم بمالكه ال--------------------

(١) مرت في الصفحة: ٦٧.(٢) جواهر الكالم: كتاب الفرائض في حكم أموال الغائب ج ٣٩، ص ٦٨ - ٦٩.

(٣) في المطبوع من األصل: (يد أماني) وما أثبتناه هو الصحيح.

(٦٩)

Page 71: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ينقلب الواقع عما هو عليه، بل كونه لألمام حكم ظاهري، فإذا وجد مالكه فهو له،بل لو قلنا باالنقالب كما هو الظاهر في أخبار إرث من ال وارث له، إال أنه كذلك

ما لم يوجد مالكه، فإذا وجد الوارث فينقلب األمر ويخرج عن موضوع من الوارث له.

وعلى هذا، فلو كان المال موجودا عند الحاكم الذي هو نائب اإلمام عليه السالمالعين باقية عند الفقير، وأخرى غير باقية. وعلى أي حال ال يمكن الحكم

بالضمان، ال على الحاكم، وال على الفقير.أما على الحاكم فلرواية أصبغ (١) الواردة في أن الحاكم ال يضمن فيما أخطأ

في دم أو قطع، والرواية وإن كانت مخصوصة بباب القطع والدم وال تشمل المالإال أن الظاهر اتحاد المناط.

نعم، في باب الدم والقطع قضى أمير المؤمنين عليه السالم: (أن ما أخطأت القضاة فيدم أو قطع فهو على بيت مال المسلمين (٢). وأما في باب المال فلم يدل دليل علىأنه على بيت المال، فمع كون الحاكم غير مقصر في التصدق ال وجه لكونه ضامنا.وأما على الفقير: فادعى شيخنا األنصاري قدس سره أنه لم يقل أحد برجوع المالك

إلى الفقير مع بقاء العين (٣).ثم على هذا ال فرق بين أن يتصدى الحاكم بنفسه للتصدق أو يوكل غيره.

ويشهد لهذا: رواية داود (٤)، فإن ظاهرها: أنه ال ضمان على المباشر أيضا،فإن قوله عليه السالم: (ولك األمن مما خفته) ظاهر في أنه ال شئ عليه بعد تقسيمه.

وأما على الثاني: بأن ال يكون مجهول المالك مال اإلمام وكانت اليد يدأمانية (٥) فاألقوى أيضا أنه لو كان المال باقيا عنده أو عند الحاكم يجب رده إلى

--------------------(١) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٧ ح ٣٢٣١، عنه الوسائل: ج ١٨ ص ١٦٥ ب ١٠ من

أبواب آداب القاضي ح ١.(٢) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٧ ح ٣٢٣١، عنه الوسائل: ج ١٨ ص ١٦٥ ب ١٠ من

أبواب آداب القاضي ح ١.(٣) المكاسب: ص ٧١ س ١٩.

(٤) مرت في الصفحة: ٦٧.(٥) في المطبوع من األصل: (وكان اليد يد أماني) والصحيح ما أثبتناه.

(٧٠)

Page 72: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المالك، وأما لو كان تالفا أو كان باقيا عند الفقير فال ضمان على أحد، سواء تصدقبه بنفسه أو أعطاه إلى الحاكم وهو تصدق به، وال يمكن قياسه بباب اللقطة، وال بما

أودعه اللص، وال يمكن إدراجه في قاعدة (من أتلف).أما عدم إمكان قياسه بباب اللقطة: فألن فيها لم يرد األمر بالتصدق المطلق،

بل الملتقط مختار في التملك أو الحفظ أو التصدق مع التعهد بالضمان.وأما باب اللص: فلما عرفت من عدم التعدي منه إلى مطلق مجهول المالك،

مع أنه لم يرد فيه األمر بالتصدق المطلق.وأما في المقام: فقد ورد األمر به مطلقا، من دون تعرض لتعهد الضمان، كما

في رواية داود، (١) ورواية علي بن أبي حمزة (٢) الواردة في صديق له كما تقدماإلشارة إليهما. فعلى هذا ال يمكن إدراجه في قاعدة (من أتلف)، ألن مجرد

اإلذن في اإلتالف وإن لم يقتض المجانية إلمكان كونه إذنا به مع التعهد بالضمانإال أنه لو كان في مقام البيان وسكت عن الضمان فيستكشف منه المجانية، كما لو

أذن صاحب الطعام لغيره في األكل من دون تقييده بالضمان، فإن الظاهر منه هواإلباحة مجانا، إال أن يكون قرينة على الضمان: كالمطابخ المعدة لبيع األطعمة.

وحيث إن في المقام ورد األمر من الشارع باإلتالف مع ظهوره في عدمالضمان فال وجه للضمان.

وبالجملة: نفس هذه األدلة حاكمة على قاعدة (من أتلف) مع أنه لو شك فيهولم يستظهر من األخبار المجانية مع عدم عموم في قاعدة (من أتلف) يشمل

المقام، أي: مقام اإلحسان إلى المالك، ال اإلتالف عليه، فمقتضى القاعدة: البراءةمن الضمان.

وال وجه لما عن شيخنا األنصاري (٣) قدس سره من عدم القول بالفصل بين هذهالصورة والصورة التي يستصحب الضمان فيها، لكون اليد مسبوقة به.

--------------------(١) تقدمت في الصفحة: ٦٧.(٢) تقدمت في الصفحة: ٥٩.

(٣) المكاسب: ص ٧١ س ٢٢ وما بعده.

(٧١)

Page 73: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وال للتمسك بمرسلة السرائر (١).أما عدم القول بالفصل ففيه:

أوال: يمكن العكس بأن يقال: عدم اقتضاء الضمان في هذه الصورة يقتضيعدمه لو كانت اليد يد ضمان.

وثانيا: أن عدم القول بالفصل إنما يتم في األحكام الواقعية، ال في مجارياألصول، فاقتضاء االستصحاب الضمان في مورد ال يقتضي ثبوته فيما ال يجري

فيه االستصحاب.وأما مرسلة (٢) السرائر: فالظاهر أنها رواية حفص (٣) الواردة فيمن أودعه

رجل من اللصوص دراهم.وقد تقدم منه (٤) قدس سره أنه ال وجه للتعدي منها إلى غير مورد السرقة.

ثم إن في هذه الصورة ال فرق بين أن يتصدق هو بنفسه أو يدفعه إلى الحاكمفيتصدق به، ألنه - على أي حال - ال ضمان، سواء كان الحاكم متصرفا بعنوان

الوالية بناء على وجوب الدفع إليه، أو كان من جهة الوكالة من باب أنه أعرفبموارد الصدقة، بناء على أن من كان المال عنده هو المكلف بالصدقة، كما هوالمشهور في الوديعة والعارية ونحوهما، حيث قالوا: بأن وجوب رد األمانة إلى

أهلها يقتضي تعلقه بمن وقع المال عنده، ولو لم يجده فيحفظه له أو يتصدق به.وكيف كان، ال موجب للضمان في هذه الصورة أصال.

وأما على الثالث - وهو: ما لو كانت اليد مسبوقة بالضمان، كما إذا تملك منالغاصب بعنوان الجائزة ثم علم بأنه مغصوب بناء على عدم الفرق في ضمان اليد

بين العلم والجهل، أو تملك منه مع علمه بأنه مال الغير ثم ندم وتاب، كما في مثلكاتب بني أمية - فالحق أيضا: عدم الضمان لو تصدق به، ألن الرد واألداء المعتبرفي باب األمانات واليد يتحقق بالرد إلى الفقير أو الحاكم بناء على كونه وليا، ألن

--------------------(١) السرائر: كتاب المكاسب ج ٢ ص ٢٠٤.(٢) السرائر: كتاب المكاسب ج ٢ ص ٢٠٤.

(٣) تقدمت في الصفحة: ٦٥.(٤) تقدم في الصفحة: ٦٥.

(٧٢)

Page 74: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األدلة الدالة على وجوب التصدق المطلق مع سكوتها عن الضمان حاكمة علىقوله: (حتى تؤدي)، فتجعل األداء أعم من األداء إلى المالك، أو من هو بمنزلته:

كالحاكم أو الفقير.ثم بناء عليه ال فرق بين أن يتصدق هو بنفسه أو يدفع إلى الحاكم فيتصدق به.

كما أنه بناء على الضمان لو قلنا بأن والية هذا المال للحاكم فلو دفعه إليهيخرج عن الضمان، ألن الدفع إلى الولي بمنزلة الدفع إلى المولى عليه، فال هو

ضامن وال الحاكم.نعم، لو قلنا بالضمان وقلنا بعدم الوالية للحاكم لكن يجوز الدفع إليه،

ألعرفيته بموارد الصدقة، فلو تصدق الحاكم فالضمان على من كان المال في يده،ألن الحاكم بمنزلة الوكيل له، وإتالف الوكيل ال يوجب ضمانا عليه، بل على

الموكل.ثم بناء على ما اخترناه من عدم الضمان مطلقا فال موقع للبحث عن الفروع

الثالثة التي فرعها شيخنا األنصاري قدس سره على الضمان:أولها: هل يثبت الضمان بمجرد التصدق وإجازة المالك رافعة له، أو يثبت

بالرد من حينه أو من حين التصدق؟وثانيها: أنه لو ماتا لمالك فهل لورثته اإلجازة والرد أو ال؟

وثالثها: أنه لو مات المتصدق ورد المالك فهل يتعلق المال بذمة الدافعويخرج من تركته أو ال؟ فإنه ال محل لهذه الفروع، لما عرفت: من أنه ال يقاس

المقام بباب اللقطة ووديعة اللص.نعم، بناء على الضمان في المقام مطلقا، أو على التفصيل، أو جعل موضوع

البحث باب اللقطة وما يلحق بها فللنزاع في هذه الفروع مجال، واألقوى في األولمنها هو الضمان بمجرد التصدق إذا كانت يده يد أمانة (١)، ألن به يتحقق اإلتالف،

غاية األمر: أن إجازته بمنزلة اإلبراء.--------------------

(١) في المطبوع من األصل: (إذا كان يده يد أماني) والصحيح ما أثبتناه.

(٧٣)

Page 75: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما إذا كانت يده يد ضمان فاألمر أوضح، ألنه كان ضامنا قبل التصدق،والتصدق موجب لفعلية تأثير الضمان، بناء على أن الضمان في القيميات بيوم

التلف. وأما بناء على كونه بيوم الغصب فالمدار على قيمة ذلك اليوم.وبالجملة: مع فرض الضمان قبل التصدق فالتصدق أو الرد ال يتحقق به

الضمان، كما أنه ليس موجبا لضمان مستقل.وأما في باب اللقطة فال إشكال في ضمان الملتقط، سواء قصد تملكه بعد

تعريفه حوال أو تصدق به.واختلفوا في وقت الضمان، فبعضهم (١) جعل في مورد قصد التملك الضمان

بنفس هذا القصد، وبعضهم (٢) بظهور المالك، وبعضهم (٣) بمطالبته.ثم إنهم اختلفوا في مورد بقاء العين في أن للمالك مطالبتها، أوليس له إال

المثل أو القيمة.وأما الضمان في مورد الصدقة فاالحتماالت الثالثة في المقام جارية فيه،

أي: الضمان بمجرد التصدق، أو برد المالك نقال أو كشفا.ولكن األقوى فيما إذا كان التصدق مستلزما للضمان أن يكون الضمان

حاصال به، ال برد المالك كشفا أو نقال وفيما إذا كان نية التملك مستلزما له أنيكون هو العلة له، وال ينافي ذلك كون المالك مستحقا لمطالبة نفس العين، ألن

الناوي يملكها ما دام.واألقوى في الفرع الثاني أن يكون الوارث قائما مقام مورثه، سواء قلنا

بتحقق الضمان بالتصدق أو برد المالك كشفا أو نقال.أما على األول: فواضح، ألن كون اإلتالف موجبا للضمان يقتضي أن تشتغل

ذمة المتلف بالمثل أو القيمة للمتلف عليه، سواء قلنا بانتقال التالف في ملك المتلف--------------------

(١) كالشيخ الطوسي في المبسوط: كتاب اللقطة، ج ٣، ص ٣٢٣. وتبعه جماعة بل نسب إلىالمشهور كما في الروضة البهية: كتاب اللقطة، ج ٧، ص ١٢٦.

(٢) ذهب إليه الشهيد الثاني في الروضة: كتاب اللقطة، ج ٧، ص ١٠٠.(٣) حكاه عن بعض كتب الشيخ في التحرير: كتاب اللقطة، ج ٢، ص ٢٧، س ٢٣ وما بعده.

(٧٤)

Page 76: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

آنا ما، أو قلنا بأن الضمان غرامة شرعية وجبت عليه ولو مع بقاء التالف في ملكصاحبه.

وأما على الثاني: فألن تحققه بالرد معناه: أن للمالك حق التضمين، كما اختارهذا المعنى صاحب الجواهر في ضمان الملتقط بالتصدق.

فقال قدس سره: (أما الضمان بالصدقة به فال يبعد كون المراد به استحقاق عليهبمجئ المالك وعدم إرادته األجر... إلى آخره) (١)، وذلك ألن الحقوق المالكية مما

يرثه الوارث.واحتمال أن يكون الضمان حكما شرعيا الحقا مالكيا فال يرثه الوارث

احتمال ال يعتنى به، ألنه ال شبهة في قابليته لإلسقاط لو جعل العوض له.واألقوى في الثالث إخراج الغرامة من تركته، ألنه متعلق بذمته، سواء باشر

التصدق بنفسه أو بوكيله.نعم، بناء على أن له التصدق والدفع إلى الحاكم لكونه وليا فلو دفعه إلى الحاكم

تبرأ ذمته. ولتوضيح هذه الفروع محل آخر، والغرض اإلشارة إلى الوجوهالمحتملة ومداركها، وعليك بالمراجعة إلى محالها. هذا كله حكم الصورة الثالثة.

وأما الصورة الرابعة: وهي: ما علم إجماال باشتمال ما دخل تحت يده علىالحرام: فإما أن يكون االشتباه موجبا لحصول اإلشاعة واالشتراك، أو ال يكون

كذلك.وعلى األول: فالقدر المأخوذ والمالك إما معلومان، أو مجهوالن، أو

مختلفان.فلو كان القدر والمالك معلومين فيجب دفع حصته إليه، سواء كانت اإلشاعة

حاصلة من أول األمر - كما إذا كان ثوب أو دار مشتركا بين اثنين ودفع الغاصبأو غيره مجموع المال إليه - أو طرأت اإلشاعة، كما إذا امتزج مائع بمائع بفعلالدافع أو بفعل المدفوع إليه، أو اختلطت حنطة مع مثلها اتفاقا أو بفعل أحدهما

--------------------(١) جواهر الكالم: كتاب اللقطة ج ٣٨ ص ٣٥٢.

(٧٥)

Page 77: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فالحكم في جميع الصور دفع حصة المالك إليه، غاية األمر: قد يحصل النقصبسبب المزج أو الخلط، وقد ال يحصل.

فإذا حصل النقص وكان المزج بفعل شخص فالضمان عليه، إال أن ال يكونيده يد ضمان.

ثم المزج قد يلحق بالتلف: كمزج ماء الورد بالنفط، وقد تتبدل صورةالممتزجين إلى صورة ثالثة، وقد يبقى الممزوجان على حالهما. وتفصيل األقسام

مع حكم كل واحد منها سيجئ - إن شاء الله تعالى - في خيار الغبن.ولو لم يعلم المالك وال المقدار فالمعروف إخراج الخمس، وال إشكال فيه

بمقتضى األخبار، إنما الكالم في أنه هل يؤخذ بإطالق األخبار ويطهر المالبالخمس - سواء علم بزيادة المحرم على الخمس أو نقيصته منه فيجب إخراجالخمس، ولو علم بنقص الحرام عنه وال يجب دفع الزائد عن الخمس، ولو علم

بزيادة الحرام منه - أو يختص بما إذا كان القدر مجهوال؟واألقوى هو األخير، النصراف األخبار إليه (١) واختصاصها به.

وتوضيح ما يتعلق به من األحكام من كون مصرفه هو مصرف الخمسالمعهود أوال، وأن الحكم ظاهري أو واقعي بحيث إنه لو ظهر المالك ال يجب دفع

القيمة إليه في محله، وأما إذا كان القدر معلوما والمالك مجهوال فقد تقدم فيالصورة الثالثة حكمه.

وأما إذا كان المالك معلوما والمقدار مجهوال فيجب التخلص عنه بالمصالحة،أو يحكم بالتنصيف بينهما قهرا.

ويدل عليه: صحيحة عبد الله بن المغيرة، عن أبي عبد الله عليه السالم في رجلين كانمعهما درهمان، فقال أحدهما: الدرهمان لي، وقال اآلخر: هما بيني وبينك، قال:

فقال أبو عبد الله عليه السالم: (أما الذي قال: هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحدالدرهمين

ليس له فيه شئ وأنه لصاحبه، ويقسم الدرهم الثاني بينهما نصفين) (٢).--------------------

(١) في المطبوع من األصل: سقط الواو واأللف.(٢) تهذيب األحكام: ج ٦ ص ٢٠٨ ح ٤٨١، عنه الوسائل: ج ١٣ ص ١٦٩ ب ٩ من أبواب

الصلح ح ١.

(٧٦)

Page 78: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فإن من هذا الخبر يستفاد: أن كل مال كان مشاعا بين شريكين ولم يعلممقدار حقهما فالحكم التنصيف، ومورده وإن كان مورد التنازع إال أن المناط مطرد

في مقامنا أيضا.وعلى أي حال، فالمصالحة لو أمكنت فهي مقتضى االحتياط بال إشكال.

وأما على الثاني - وهو: ما لو كان المال مفروزا واشتبه الحرام بالحالل -فيتعين بالقرعة، أو يباع المجموع ويشتركان في الثمن.

ويستفاد الوجه الثاني من خبر إسحاق بن عمار، عن الصادق عليه السالم في الرجليبضعه الرجل ثالثين درهما في ثوب، وآخر عشرين درهما في ثوب، فبعث

الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه وال هذا ثوبه، قال عليه السالم: (يباع الثوبان، فيعطىصاحب

الثالثين ثالثة أخماس الثمن، ولآلخر خمسا الثمن) (١).ثم لو كان المالك معلوما فيعطى ما تعين بالقرعة أو قيمة ما بيع بنسبة ماله. ولو

كان مجهوال فحكمه ما تقدم.هذا بناء على عدم شمول أخبار الخمس للمقام، وإال فلو قيل بأن مجرد

االشتباه، ولو لم يكن بالخلط واالمتزاج يوجب إخراج خمسه إذا كان مالكهمجهوال، فالحكم هو التخميس في المقام على التفصيل المتقدم، وتمام الكالم

موكول إلى باب الخمس.األمر الرابع: قد استفاضت النصوص بأن ما يأخذه السلطان باسم الخراج

والمقاسمة وما يأخذه باسم الزكاة وما يأخذه باسم جزية الرؤوس الموضوعةعلى الذمي يجوز شراؤه، بل مطلق التقلب فيه من قبول اتهابه ونحو ذلك، ويظهرذلك بالمراجعة إلى األخبار (٢) الواردة في هذا الباب فإن النصوص في كل واحد

من هذه العناوين األربعة وإن لم تكن مستفيضة إال أنها مستفيضة في المجموع، بل--------------------

(١) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٣٦ ح ٣٢٧٧، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ١٧٠ ب ١١ منأبواب الصلح ح ١.

(٢) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٦١ - ١٦٢ أحاديث الباب ب ٥٢ من أبواب ما يكتسب به.

(٧٧)

Page 79: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فوق حد االستفاضة.وادعى جماعة (١) من األعيان االجماع في المسألة.

والمناقشة في داللة األخبار من الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي (٢) رضي الله عنهصلى الله عليه وسلم (

ليست إال كسراب بقيعة، ومباحثاته مع المحقق الثاني معروفة، ورسالته في ردقاطعة اللجاج (٣) في حل الخراج مصداق لما يقال: قد أرعد وأبرق وترنم ولم يأت

بشئ.وكيف كان. فاالعتماد في الفتوى بذلك على األخبار، فإن من ظاهر األسئلة

واألجوبة يستكشف أن الحكم كان مفروغا عنه.وأما االجماع فالمناقشة فيه واضحة، وقاعدتا: (الضرر) و (الحرج) إنما

تفيدان لرفع األحكام الثابتة، ال الستفادة مالك الجعل منهما، فليس للفقيه وضعحكم أو رفعه إذا استلزم من عدمهما الضرر أو الحرج النوعي، فالتمسك (٤) بهما في

المقام مما ال أساس له.وبالجملة: أصل الجواز في الجملة ال إشكال فيه، إنما الكالم في تنقيح

موضوعه، وأن حكم السلطان حكم اإلمام العادل بحيث يحرم عدم دفع ما يضعهعلى األراضي والرؤوس، وأنه هل يختص بالسلطان الذي يدعي الخالفة أو يعمغيره وغير ذلك مما يتفرع عليه؟ وتوضيح ذلك على سبيل األجمال في ضمن

مسائل:األولى: قال في المسالك: المقاسمة: حصة السلطان من حاصل األرض

يؤخذ عوضا عن زراعتها. والخراج: مقدار من المال يضرب على األرض أو--------------------

(١) كالمحقق الكركي في جامع المقاصد: كتاب المتاجر، ج ٤ ص ٤٥. واألردبيلي في رسالتهالخراجية ضمن كتاب الخراجيات: ص ٢٣.

(٢) الحظ السراج الوهاج ضمن كتاب الخراجيات، ص ١٠٤ وما بعدها.(٣) رسالة ألفها المحقق الثاني في بيان حل الخراج طبعت ضمن عدة رسائل في المقام باسم

الخراجيات.(٤) كما يظهر من الشهيد الثاني في المسالك: ج ١ ص ١٦٨، س ٣١.

(٧٨)

Page 80: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الشجر (١).وقال المحقق األردبيلي قدس سره في رسالته الخراجية: الخراج على ما فهم من

كالمهم: أنه كاألجرة المضروبة على األرض التي فتحت عنوة وكانت عامرة حينالفتح، وفي معناه: المقاسمة، سواء كانت عين حاصل األرض كالثلث، أو من النقد،

بل غيره أيضا. وقيل: إنه مختص بالقسم الثاني، والمقاسمة باألول، وقد يفرقبالمضروب وعلى األرض والمواشي (٢).

وقال في المستند: المراد بالمقاسمة: الحصة المعينة من حاصل األرض يؤخذعوضا عن زراعتها، وبالخراج: المال المضروب عليها أو على البحر حيثما يراه

الحاكم (٣).وفي المجمع: وقيل: يقع اسم الخراج على الضريبة والفئ والجزية والغلة

ومنه خراج العراقين (٤)... إلى آخره.والظاهر أن الخراج هو األعم مما يؤخذ من حاصل األرض ومما يؤخذضريبة، المعروف في إيران ب (الماليات)، وفي العراق ب (الميري).

وكيف كان، مورد السؤال في األخبار يشمل كل ما يؤخذ من األرض جنساأو نقدا.

الثانية: أن األراضي التي هي موضوع البحث: هي األراضي المأخوذة منالكفار بالصلح، بأن تكون األرض للمسلمين ولهم السكنى، واألراضي المفتوحة

عنوة، والمسلم منها: هي أراضي العراق.وأما أرض مكة المعظمة فاألقوال فيها مختلفة وإن كان الظاهر أنها فتحت عنوة،

لصراحة جملة من التواريخ (٥) عليه، مع داللة عدة من األخبار (٦) على ذلك أيضا.--------------------

(١) مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٦٨ س ٢٩.

(٢) الخراجيات: الرسالة األولى للمقدس األردبيلي ص ١٧.(٣) مستند الشيعة: كتاب مطلق الكسب واالقتناء ج ٢ ص ٣٥٣ س ٩ وما بعده.

(٤) مجمع البحرين: مادة (خرج)، ج ٢، ص ٢٩٤.(٥) كالطبري في تأريخه: ذكر الخبر عن فتح مكة ج ٢ ص ٣٣٠ وما بعدها.

(٦) الكافي: ج ٣ ص ٥١٢ ح ٢، عنه الوسائل: ج ٦ ص ١٢٤ ب ٤ من أبواب زكاة الغالت ح ١.

(٧٩)

Page 81: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما بالد إيران: فالري ونهاوند فتحت عنوة، وأما باقي األمصار فالتواريخمختلفة فيها، سيما إصفهان وخراسان وآذربايجان. وأما بالد الشام ونواحيه

فكذلك.وكيف كان، فما هو متعلق للخراج هو األرض المعمورة حال الفتح. وأما

الموات منها فمحكومة ما لم يوجف عليها بخيل وال ركاب مخصوصة باإلمام عليهالسالم.

وعلى هذا، فيشكل إثبات الموضوع فعال، الحتمال أن يكون ما هو معمور فعالمواتا حال الفتح، ومقتضى ذلك عدم ترتيب آثار المفتوحة عنوة على األمالك

الفعلية في العراق، بل يحكم بملكية من بيده لظاهر اليد، وعدم أصل محرز لحالاليد.

وأما في عصرنا هذا فموضوع البحث ساقط كما ال يخفى.الثالثة: ظاهر جماعة (١) من األصحاب: وجوب دفع حصة السلطان إليه،

وحرمة منعه عنها وتناولها بغير إذنه.وبعضهم (٢) خص حرمة المنع بالخراج والمقاسمة دون الزكاة والجزية.

ولكن األقوى عدم وجوب الدفع إليه مع التمكن.ففي ذيل صحيحة العيص: (وال تعطوهم شيئا ما استطعتم) (٣). إال أن يقال:

يستفاد من ظواهر األخبار، أن حكم تصرف الجائر في األراضي الخراجية حكمتصرف اإلمام العادل.

وصحيحة (٤) عيص وما يقرب منها: كصحيحة هشام: (إن هؤالء المصدقينيأتونا فيأخذون منا الصدقة فنعطيهم إياها أتجزئ عنا؟ فقال: (ال، إنما هؤالء

--------------------(١) منهم شيخ المحقق الثاني كما نقل عنه في رسالته الخراجية ضمن كتاب الخراجيات ص ٩١

واختاره المحقق أيضا: والشهيد الثاني في المسالك: كتاب التجارة ج ١ ص ١٦٨ س ٣٣.(٢) حكاه النراقي عن ظاهر جماعة من األصحاب، راجع المستند: كتاب الكسب واالقتناء،

ج ٢ ص ٣٥٣ س ١١.(٣) الكافي: ج ٣ ص ٥٤٣ ح ٤، عنه وسائل الشيعة: ج ٦ ص ١٧٤ ب ٢٠ من أبواب

المستحقين للزكاة، ح ٣.(٤) المصدر السابق.

(٨٠)

Page 82: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قوم غصبوكم، أو قال: ظلموكم أموالكم، إنما الصدقة ألهلها) (١) مخصوصةبالصدقات. ولم يدل دليل على منع الخراج.

ولكن األقوى أنهم عليهم السالم أباحوها لمواليهم وشيعتهم، كما في األخبار (٢)الواردة في الخمس، ولم يجعلوا السلطان واليا منصوبا من قبلهم حتى يحرم مع

المذكورات عنه، بل ال إشكال أنه ظالم وغاصب حق اإلمام عليه السالم وحق من كانمنصوبا من قبله نصبا خاصا أو عاما.

فما عن ظاهر المسالك (٣) والمحقق الثاني (٤) وكاشف الغطاء (٥) قدستأسرارهم من حرمة سرقة الحصة وخيانتها واالمتناع من تسليم ثمنها إلى الجائر،ال بد من حمله على حرمة المنع مطلقا، بحيث ال يصرفه في مصالح المسلمين

أصال، وال يدفعه إلى الوالي عليهم شرعا، ال أنه يجب دفعه إلى السلطان مع تمكنهمن دفعه إلى الحاكم الشرعي من دون ضرر وحرج.

وبالجملة: يستفاد من مجموع األخبار الواردة في المقام واألخبار (٦) الواردةفي حل جوائز السلطان، واألخبار (٧) الواردة في تحليل األنفال للشيعة، وحرمة (٨)

إعانة الظلمة بأي وجه كان، أمور ال ينبغي التأمل فيها:األول: أن سالطين الجور ليسوا منصوبين من األئمة عليهم السالم، وليسوا مستحقين

للوالية بحيث يجوز التولي من قبلهم، ويحرم منع ما يضعونه على األراضيوالمواشي.

--------------------(١) اإلستبصار: ج ٢ ص ٢٧ ح ٧٨، عنه الوسائل: ج ٦ ص ١٧٤ - ١٧٥ وفيه: (عن أبي أسامة)

ب ٢٠ من أبواب المستحقين للزكاة ح ٦.(٢) وسائل الشيعة: ج ٦ ص ٣٧٩ - ٣٨٦ أحاديث الباب ب ٤ من أبواب األنفال.

(٣) مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٦٨ س ٣٣.(٤) جامع المقاصد: كتاب المتاجر ج ٤ ص ٤٥.

(٥) شرح القواعد (مخطوط): الورقة ٣٨.(٦) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٥٦ - ١٦٠ أحاديث الباب ب ٥١ من أبواب ما يكتسب به.

(٧) وسائل الشيعة: ج ٦ ص ٣٧٩ - ٣٨٥ أحاديث ٤ من أبواب األنفال.(٨) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٢٧ - ١٣٢ أحاديث الباب ب ٤٢ من أبواب ما يكتسب به.

(٨١)

Page 83: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الثاني: خروج من أخذ منه الزكاة والخراج عن عهدة ما يجب عليه إذا لميتمكن من دفعه إلى مستحقه وصرفه في مصالح المسلمين.

ففي صدر صحيحة العيص: (ما أخذ منكم بنوا أمية فاحتسبوا به) (١).وفي خبر أبي كهمش، عن الصادق عليه السالم (من أخذ منه السلطان الخراج فال

زكاة عليه) (٢).الثالث: عدم اختصاص جواز األخذ بمن كان مستحقا له، أو كان مصرفا له،

فإن بعض األخبار وإن كان ظاهره االختصاص: كقوله عليه السالم: (ما منع ابن أبيسماك أن يبعث إليك بعطائك؟ أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟) (٣).

إال أن ظاهر جملة من األخبار هو االطالق، ففي صحيحة الحذاء، عنالباقر عليه السالم: سألته عن الرجل منا يشتري من إبل الصدقة وغنمها وهو يعلم أنهم

يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم؟ قال: فقال: (ما اإلبل والغنم إالمثل الحنطة والشعير وغير ذلك، ال بأس به حتى يعرف الحرام بعينه فيجتنب)، قيل

له: فما ترى في مصدق يجيئنا فيأخذ منا صدقات أغنامنا فنقول: بعناها فيبيعناهافما تقول في شرائها منه؟ فقال: (إن كان قد أخذها وعزلها فال بأس)، قيل له: فماترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا ويأخذ حظه فيعزله بكيل؟فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال: (إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك

فال بأس بشرائه منه من غير كيل) (٤).وفي نوادر أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه قال: سئل أبو عبد الله عليه السالم عن

شراء الخيانة والسرقة؟ قال: (إذا عرفت ذلك فال تشتره إال من العمال) (٥).--------------------

(١) تقدم تخريجها في الصفحة:(٢) التهذيب: ج ٤ ص ٣٧ ح ٩٥، عنه الوسائل: ج ٦ ص ١٣٢ وفيه: (أبي كهمس) ب ١٠ من

أبواب زكاة الغالت ح ٣.(٣) التهذيب: ج ٦ ص ٣٣٦ ح ٩٣٣، عنه الوسائل ج ١٢ ص ١٥٧ ب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ح

.٦(٤) الكافي: ج ٥ ص ٢٢٨ ح ٢، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ١٦١ - ١٦٢ ب ٥٢ من أبواب

ما يكتسب به ح ٥.(٥) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١٦٢ ب ٥٢ من أبواب ما يكتسب به ح ٦.

(٨٢)

Page 84: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وفي صحيحة إسماعيل بن الفضل (١) أيضا ما يدل على ذلك، فراجع وتدبر.الرابعة: ال فرق في الجواز بين ما أخذه السلطان ووضعه في بيت المال وما لميأخذه، فيصح األخذ ممن في ذمته الخراج بأمر السلطان والحوالة عليه. ويدلعلى كليهما األخبار الواردة في باب قبالة األرض وتقبل الخراج، أو استئجار

أرض الخراج من السلطان ثم إجارتها للزارع بأزيد من ذلك.فعن العيص بن المختار قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: جعلت فداك، ما تقول

في األرض أتقبلها من السلطان ثم أواجرها أكرتي على أن ما أخرج الله تعالى عزوجل منها من شئ كان لي من ذلك النصف أو الثلث بعد حق السلطان؟ قال: (ال

بأس به، كذلك أعامل أكرتي) (٢).وعن إسماعيل بن الفضل، عن أبي عبد الله عليه السالم قال: سألته عن رجل يتقبل

خراج الرجال وجزية رؤوسهم وخراج النخل والشجر واآلجام والمصائدوالسمك والطير وهو ال يدري لعل هذا ال يكون أبدا، أو يكون اشتراه، وفي أي

زمان يشتريه ويتقبل منه؟ فقال: (إذا علمت أن من ذلك شيئا واحدا قد أدركفاشتره وتقبل منه) (٣).

فما عن السيد عميد الدين - على ما نقل عنه المقدس األردبيلي قدس سره: من أنهيحل بعد قبض السلطان أو نائبه (٤) - ال وجه له، ألنه لو جوز خصوص ما أخذه

السلطان فيرده كلتا الطائفتين ولو التزم بصحة تقبل األرض الخراجية منالسلطان، ولكن مع من تقبل نفس الخراج فيرده الطائفة الثانية، فإن قوله: (يتقبل

--------------------(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٧٢ ح ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ١٦١ ب ٢١ من أبواب أحكام اإلجارة

ح ٣، ٤.(٢) الكافي: ج ٥ ص ٢٦٩ ح ٢ وفيه (عن الفيض بن المختار)، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص

٢٠٨ ب ١٥ من أبواب المساقاة والمزارعة ح ٣.(٣) الكافي: ج ٥ ص ١٩٥ ح ١٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٢٦٤ ب ١٢ من أبواب عقد

البيع وشروطه ح ٤.(٤) كما في مجمع الفائدة والبرهان: كتاب المتاجر ج ٨ ص ١٠٧.

(٨٣)

Page 85: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

خراج الرجال... إلى آخره) صريح في جواز المعاملة بنفس المال قبل أخذالسلطان وعامله.

وكيف كان، إطالق كلمات بعض األصحاب في الصحة في نفس المأخوذليس ناظرا إلى االختصاص، فاألقوى عدم الفرق.

الخامسة: هل المراد من السلطان الوارد في هذه الروايات هو: السلطان الذييرى نفسه خليفة، أو يشمل كل سلطان مسلم، أو يشمل مطلق السالطين ولو لم

يكونوا مسلمين؟.يظهر من جماعة االختصاص، ويظهر من جملة منهم التعميم. وال يخفى ما في

استدالل الطرفين.فالقائل باالختصاص مثل: صاحب المسالك (١) وجهه بأنه يباح األخذ منه،

نظرا إلى معتقده.وفيه: أنه إذا كان منشأ الجواز اعتقاد السلطان باستحقاقه فال يكفي معتقد

موجده، بل يشترط أن يكون دافع الخراج أيضا يعتقد استحقاق السلطان، فلو كانمؤمنا أو كافرا، فال يجوز أخذ خراجه من السلطان. وعلى هذا، فمرجع توجيهه:

إلى أن المورد من صغريات قاعدة (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم). والحال أنهذا خالف منصرف األخبار، وصريح كلمات األخيار.

والقائل بالتعميم مثل: صاحب الجواهر (٢) وشيخنا األنصاري (٣) تمسكابمثل قاعدتي: (الحرج) و (الضرر) وإطالق األخبار. وزاد األول بأن وجه اإلذن

منهم عليهم السالم هو: توسل الشيعة إلى حقوقهم الثابتة في بيت مال المسلمين، كماأشعر

به الحسنة السابقة (٤).--------------------

(١) مسالك األفهام: كتاب التجارة، ج ١ ص ١٦٩، س ١.(٢) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ١٩٠.

(٣) المكاسب: ص ٧٦ س ١٤ وما بعده وفيه: أن الشيخ األنصاري في نتيجة كالمه قوىاالختصاص بالسلطان المخالف.

(٤) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ١٩٠.

(٨٤)

Page 86: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وغرضه من الحسنة قوله عليه السالم: (أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟) (١). واليخفى ما فيه:

أما أوال: فألن القاعدتين حاكمتان على األحكام الثابتة، وال يمكن إثباتالحكم بهما كما أشرنا إليه وظهر في محله (٢).

وأما ثانيا: فألنه لو كان المدار في الجواز على استحقاق األخذ لكونه مصرفالما أعد لمصالح المسلمين فيجب االقتصار على مثله، وموضوع البحث جواز

األخذ مجانا أو بالمعاملة لمطلق الشيعة.وأما ثالثا: فألنه لو كان المدار على الخراج واالستحقاق فال وجه إلخراج من

ال يكون له سلطنة عامة مستقلة: كالسلطان الذي تحت سطوة سلطان آخر ومنخرج على السلطان وتسلط على قرية أو بلدة، فاألولى التمسك بإطالق األخبار،

وكون المناط في الحلية هو: إذن من له األمر عليه السالم لمطلق شيعتهم.نعم، لو ادعي انصراف األخبار إلى الجائر الذي يرى نفسه مستحقا فله وجه،

فمقتضى االحتياط عدم جواز األخذ ممن ال يرى نفسه مستحقا للخالفة، أو كانتسلطنته باستظهار غير المسلم.

وبالجملة: ال يمكن الجزم بالتعميم وإن كانت األخبار مطلقة، فتدبر.السادسة: قد ظهر مما ذكرنا: أن موضوع البحث هو ما كان فيئا للمسلمين

ويصرف في مصالحهم بضميمة الزكوات وجزية الرؤوس، فإن الزكاة وإن كان لهامصرف خاص وال تدخل في مصالح المسلمين إال بعض مصارفها، إال أن مقتضىالنصوص دخولها في الخراج والمقاسمة حكما، وهذا ال إشكال فيه، إنما الكالم

في أنه هل للخراج حد معين بحيث لو زاد أو نقص منه ال يدخل تحت العنوان، أوال حد له؟.

--------------------(١) مر تخريجه في ص ٨٢.

(٢) كما سيأتي منه قدس سره في التنبيه الرابع عند بحثه في قاعدة (ال ضرر).

(٨٥)

Page 87: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األقوى كونه موقوفا على تراضي السلطان والمأخوذ منه.قال أبو الحسن عليه السالم: (واألرض التي أخذت عنوة بخيل (١) وركاب فهي

موقوفة متروكة في يد من يعمرها ويحييها، على صلح ما يصالحهم عليه الواليعلى قدر طاقتهم من الخراج: النصف والثلث والثلثان، وعلى قدر ما يكون لهم

صالحا وال يضر بهم) (٢).وعلى هذا فإذا زاد الجائر ظلما حرم تناوله، كما أنه لو خفف ال لمصلحة

راجعة إلى المسلمين بل تشهيا وصداقة مع المتقبل ونحو ذلك، يجب رد مقدارالنقص إلى الحاكم الشرعي.

وبالجملة: فئ المسلمين يجب أن يرجع إليهم، إال أن الشارع حكم بأنتصرف الجائر فيه كتصرف اإلمام العادل، ومقتضى ذلك: اختصاص اإلذن بما

يتصرف به اإلمام العادل، فالزائد والناقص غير نافذ منه.وكيف كان، فاختصاص الموضوع بالخراج والمقاسمة دون الزكاة والجزية

- كما عن بعض - (٣) ال وجه له.وعلى أي حال، قد عرفت أن البحث عنه في هذه األزمنة قليل الجدوى،

وإنما تعرضنا تبعا لما هو المعمول بين الفقهاء.فلنرجع إلى تحرير ما أفاده - مد ظله - في كتاب البيع. ولما كان عنوان بحثه

كتاب المكاسب لعلم التقى وخاتم الفقهاء الحاج الشيخ مرتضى األنصاريالتستري - أعلى الله مقامه - فلنحرر ما أفاده - مد ظله - بطريق الحاشية على

الكتاب.--------------------

(١) في المصدر: (أو).(٢) الكافي: ج ٥ ص ٤٤ قطعة من حديث ٤، عنه وسائل الشيعة: ج ١١ ص ٨٥ باب ٤١ من

أبواب جهاد العدو ح ٢.(٣) مر تخريجه في الصفحة: ٨٠.

(٨٦)

Page 88: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كتاب البيع

(٨٧)

Page 89: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كتاب البيعقال قدس سره: (كتاب البيع)

وقبل الخوض في مسائله ينبغي التنبيه على أمر ربما يكون له دخل في بعضمقاصد الكتاب، وهو: أن الفقهاء - رضوان الله عليهم - قسموا مسائل الفقه إلى

أقسام أربعة: عبادات وعقود، وإيقاعات وأحكام، وقد يعبر عنها بعباداتوعادات ومعامالت وسياسات.

والعبادات تطلق على معان ثالثة:أولها: ما يعتبر فيه قصد التقرب، وهي العبادات بالمعنى األخص.وثانيها: ما يمكن فيه قصد التقرب، وهي العبادات بالمعنى األعم.

وثالثها: الوظيفة التي شرعت على أشخاص خاصة، ويندرج في هذا القسم:باب الجهاد، واألمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وباب الواليات، والقضاء،

والشهادات. والمعنى الثالث متوسط بين المعنيين األولين، فإنه أعم من األولوأخص من الثاني.

ووجه إدراج المحقق باب الجهاد واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيالعبادات بلحاظ هذا المعنى، أو لمجرد مناسبة ما، كما أدرج أحكام المياه في هذا

القسم أيضا.وأما المعامالت فلها أيضا معان ثالثة:

(٨٨)

Page 90: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أولها: ما ال يعتبر فيه قصد التقرب، وهذا المعنى عام يشمل ما يتوقف علىاإلنشاء، وما ال يتوقف.

وثانيها: خصوص باب العقود، أي ما يكون قوامه بإنشاء طرفين.وثالثها: المتوسط بين األولين، أي ما يحصل باإلنشاء، سواء كان بين

الطرفين: كالعقود، أو ال كااليقاعات.ثم إنه قد يشك في كون شئ عقدا أو إيقاعا. وسيجئ تفصيل ذلك - إن شاء

الله - في محله.وكيف كان، فالقسم الثاني من مسائل الفقه هو الذي يتوقف على إنشاء

الطرفين ويسمى بالعقد.والعقود على أقسام ثالثة: عقود إذنية، وعهدية، وهي على قسمين: تعليقية

وتنجيزية.أما اإلذنية: فهي عقود باصطالح الفقهاء، ال بالمعنى اللغوي والعرفي، ألن

معنى العقد لغة (١) وعرفا هو العهد المؤكد، وما يكون فيه إلزام والتزام، وأما العقوداإلذنية فتسمى عقودا، ألنها ترتبط بشخصين، ال أن فيها عهدا وعقدا. فقوله عز من

قائل: (أوفوا بالعقود) (٢) ال يشمل هذه العقود، لخروجها عنه تخصصا.وبالجملة: ما كان قوامه باإلذن ومجرد رضاء ولي األمر ومالكه ال يكون فيه

عهد والتزام، وهذه كالوديعة والعارية، بناء على أن يكون مفادها اإلباحة المجانية.وأما بناء على كونها مفيدة للتمليك المجاني فتدخل في العهدية. وكالوكالة على

أحد القسمين فيها، فإنها بنوعها وإن كانت تفيد إباحة التصرف للوكيل إال أن قسمامنها عهدي، وهو الذي يتوقف على اإليجاب والقبول مع شرائط خاصة مذكورة

في محله.ومن أحكام هذا القسم: أنه لو تصرف الوكيل بشرائط التصرف ولم يعلم

بعزل الموكل ال يبطل تصرفه.--------------------

(١) مجمع البحرين: ج ٣ ص ١٠٣ (مادة عقد).(٢) المائدة: ١.

(٨٩)

Page 91: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقسما (١) منها إذني، وهو عبارة عن مجرد اإلذن في التصرف، بل مطلقالرضا به.

ومن أحكامه: أنه يبطل تصرف الوكيل بمجرد رجوع الموكل عن إذنه ولو لميطلع عليه الوكيل.

ثم إنه قد يكون العقد مركبا من عهدي وإذني باعتبار مدلوله المطابقيوااللتزامي كاإلجارة فإنها تدخل من جهة تمليك المنفعة بالعوض في العهدية،

ومن جهة تصرف المستأجر في العين في باب األمانات المالكية التي ترجع جميعالعقود اإلذنية إليها.

وأما التعليقية: فهي التي يكون المنشأ فيها معلقا على شئ كالسبق والرمايةوالجعالة بناء على كونها عقدا ومتوقفا على القبول ولو كان فعال. نعم، بناء على

كونه إيقاعا يخرج عن هذا الباب.وكيف كان، إذا كان المنشأ معلقا بأن وأخواتها فيكون من العهدية التعليقية.

وأما العهدية التنجيزية: فهي عبارة عن البيع واإلجارة ونحوهما مما كانالمنشأ منجزا ومتحققا بإنشاء الطرفين، سواء كان تمليكا للعين أو المنفعة، وسواء

كان بعوض أو بال عوض، فتمليك العين بالعوض بيع، وبال عوض هبة، وتمليكالمنفعة بالعوض إجارة، وبال عوض عارية بناء على كونها مفيدة للتمليك، ألبناء

على ما هو الحق من أنها مفيدة لإلباحة.ثم إن الصلح أيضا عنوان مستقل، ويكون المنشأ به هو التسالم على أمر. نعم،

قد يكون نتيجة التسالم هو تمليك العين بعوض أو بال عوض، أو تمليك المنفعةبعوض، أو بال عوض، ال أن يكون تابعا ألحد هذه العناوين األربعة بأن يكون إما

بيعا أو هبة أو إجارة أو عارية كما عليه الجمهور (٢)، وتبعهم من الخاصة جماعة (٣)--------------------

(١) معطوف على اسم أن في قوله: (إال أن قسما منها عهدي).(٢) الحظ المجموع للنووي: كتاب الصلح، ج ١٣ ص ٣٨٦ - ٣٨٧.

(٣) القائل به الشيخ في المبسوط: كتاب الصلح ج ٢ ص ٢٨٨. وحكى ابن فهد الحلي عنالقاضي ابن البراج أنه تبع الشيخ أيضا. الحظ المهذب البارع: كتاب الصلح ج ٢ ص ٥٣٦.

وليس فيما بأيدينا من المهذب للقاضي ابن البراج كتاب الصلح.

(٩٠)

Page 92: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وذلك ألن المناط في االستقاللية أو التبعية هو لحاظ المنشأ بالعقد بالمدلولالمطابقي ال االلتزامي.

فكون نتيجة الصلح أحد هذه األمور ال يوجب إرجاعه إليها، بل ال شبهة أنمدلوله المطابقي إنشاء التسالم على أمر، فقد يكون هذا الذي تسالما عليه أحد

هذه األمور، وقد يكون إسقاطا لحق غير قابل للبيع كما في بعض الحقوق، وقديكون إسقاطا لحق الدعوى الذي قد ال يكون المدعى به ثابتا في الواقع.

وحيث إن المنشأ به هو التسالم فيجب أن يتعدى ب (على)، ال بد (الباء). فلوقال: صالحتك هذا بهذا: فإما يكون بيعا فاسدا بناء على بطالن إنشاء عناوين العقود

باأللفاظ المجازية، وإما يكون بيعا صحيحا بناء على صحة إنشائها بغير ألفاظها.وعلى أي حال، ال يكون صلحا، ألن المنشأ به هو التباني على أمر والتسالمعليه. فيجب أن يقال: صالحتك على هذا بهذا، أو تصالحنا على هذا بهذا.

نعم، في صلح الدين ونحوه يصح تعديته ب (عن)، فيقال: صالحتك عما علمبما علم، لكونه بمعنى التجاوز، بل في صلح حق الدعوى تعديته ب (عن) أولى.

ثم إن مما ذكر في معنى الهبة علم أنه ال يصح أن يقال: وهبتك هذا بهذا حتىفي الهبة المعوضة، ألن التمليك بالعوض: إما بيع أو إجارة، فقوله في تمليك

األعيان: وهبتك هذا بهذا، وفي تمليك المنافع أيضا كذلك: إما بيع فاسد أو إجارةفاسدة لو لم نقل بكفاية كل لفظ إلنشاء عنوانهما به، أو صحيحتان لو قلنا بها، ألنفي حقيقة الهبة اعتبرت المجانية، فإنها عبارة عن تمليك مال منجزا من غير عوض.

والعوض في الهبة المعوضة ليس في مقابل المال الموهوب، سواء اشترطالتعويض أو لم يشترطه، ولكن المتهب عوض عنها، فإن في األول أيضا ليس العوضمقابال للمال الموهوب، بل إنما اشترط في التمليك المجاني أن يملكه شيئا مجانا.

(٩١)

Page 93: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قوله قدس سره: (البيع وهو في األصل - كما عن المصباح - مبادلة مال بمال (١)...إلى آخره).

ال يخفى أن تعريفات القوم كلها تقريبية، ال سيما في البسائط، فإنها ليستمركبة من جنس وفصل. والتعريف الحقيقي بحيث يكون جامعا ومانعا على فرض

إمكانه إنما يصح في المركبات.وعلى أي حال، هذا التعريف وتعريفه بأنه تمليك العين بالعوض ال يرجع

إلى معنى واحد، فإن ظاهر التعريف األول أن المعاملة تقع بين المملوكين، والتعريفالثاني أن المقابلة تقع بين السلطنتين، وال إشكال أن في مقام الخارج وما هو

المتعارف بين الناس ومن أعظم ما يتوقف عليه عيش بني آدم هو تبديل األموال،ال تبديل الملكية التي هي عبارة عن السلطنة على المال فإن الناس مسلطون علىأموالهم، وليس لهم السلطنة على سلطنتهم. وسيجئ في محله أن جواز األعراض

عن الملك ونفوذه ليس من جهة شمول (الناس مسلطون على أموالهم) (٢) له، فإناألعراض إذهاب موضوع السلطنة، وليس مندرجا في عموم السلطنة.

وبالجملة: قد أشرنا في أول (٣) المكاسب المحرمة أن باب المعاوضات مقابللباب اإلرث، فإن في اإلرث يتبدل المالكان دون المملوكين، وباب المعاوضات

بعكس ذلك، فيتبدل بها المملوكان.وحاصله: أن في عالم االعتبار كل من صاحب الطعام وصاحب الدراهم

واجد إلضافة، وأحد طرفي اإلضافة قائم بالمالك، وطرفها اآلخر بالمملوك،والتبديل عبارة عن حل اإلضافة القائمة بالطعام وجعلها قائمة بالدراهم، وهذا

الحل من آثار واجدية اإلضافة، ال أن اإلضافة بتمامها تتبدل بإضافة أخرى، فإناإلضافة عبارة عن السلطنة على المال، وإذا كان التبديل واقعا بين السلطنتين

--------------------(١) المصباح المنير: (مادة: بيع) ص ٦٩.

(٢) رواه الشيخ مرسال في الخالف: كتاب البيوع، ج ٣ ص ١٧٦ م ٢٩٠ وابن أبي جمهور فيعوالي اللئالي: ج ١ ص ٢٢٢ ح ٩٩.

(٣) تقدم في الصفحة: ١٦ فراجع.

(٩٢)

Page 94: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فيتوقف صحته على أن يكون ذو السلطنة له السلطنة على السلطنة... وهكذا.وعلى هذا فالحق أن البيع هو مبادلة مال بمال، أو تبديل مال بمال، وليس

عبارة عن تمليك العين بعوض، إال أن يكون المقصود من هذه العبارة التعريفبالالزم، فإن الزم تبديل العين تحقق الملكية للمشتري.

وحاصل الكالم: أن الملكية عبارة من إضافة حاصلة بين المالك والمملوك،وهي عبارة أخرى عن الجدة، غاية األمر أن الجدة الحقيقية والواجدية الواقعية

هي مخصوصة بمن له ملك السماوات واألرض، فإنه هو الذي يقدر على اإليجادواإلعدام، فهو الواجد الحقيقي، والتعبير عن هذه الجدة باإلضافة اإلشراقية يرجع

إلى هذا المعنى.وكيف كان، ال شبهة أن من أعلى مراتب الجدة هذه الواجدية، ونظيره في

المخلوقات واجدية النفس للصور العلمية، فإنها توجد بنفس إنشاء النفس لها،وتنعدم في هذا الصقع بنفس إعدامها. فإحاطتنا بمنشئات أنفسنا نظير ملكية الله

سبحانه وقدرته وعلمه.وأما الملكية االصطالحية التي هي من إحدى المقوالت فهي أضعف رتبة

وأنزل درجة من الجدة الحقيقية.وأما الجدة االعتبارية فهي أضعف من المرتبتين السابقتين، ولكن لها نحو

تحقق في عالم االعتبار، وتكون منشأ لآلثار، وبها تتبدل األموال. وأما هي بنفسهافليست قابلة للتبديل ابتداء، ألنه ليس للمالك ملكية على الملكية، من غير فرق

بين باب البيع وغيره، حتى في مثل الهبة المجانية، فإن الواهب ال يملك المتهبابتداء، بل يعطيه المال، فإذا أعطاه إياه تنخلع عنه اإلضافة ويلبسها اآلخر، فهو

يصير واجدا.وال مانع عن تعريف البيع بأنه تمليك عين بعوض، وعن الهبة بأنها تمليك

مجاني، إذا كان المقصود منه تبديل المال أو إعطاؤه، فإن مقصودنا أن ما هو الواقعخارجا والثابت في عالم االعتبار هو أن صاحب المال له إضافة وجدة كان

المالك في شرق العالم والمملوك في غربه، أو كان تحت يده وبلحاظ مالكيته

(٩٣)

Page 95: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

لهذه اإلضافة مسلط على تبديل ماله، وهكذا لو كان ذا حق أيضا فله إسقاط حقه أوتبديله بأمر آخر من جهة سلطنته عليه، ال تبديل نفس السلطنة.

فعلى هذا بين تعريف المصباح بأن البيع مبادلة مال بمال (١) وسائر التعاريفتفاوت معنوي، ولكن جميع هذه التعاريف ليس مطردا ومنعكسا، سيما تعريف

المصباح، فإن شأن اللغويين هو التسامح في بيان حقيقة معنى الشئ.فاإلشكال (٢) عليه بأن البيع تبديل ال مبادلة، وأن المبادلة تصدق في غير البيع

أيضا، إنما يتوجه لو كان بصدد بيان حد الشئ، وبعد ما عرفت من أن هذهالتعاريف تقريبية فال يرد عليها إشكال.

نعم، من كان بصدد بيان حقيقة البيع فينبغي تعريفه بما يكون جامعا ومانعا،وال يهمنا ذكر تعاريف القوم وما يرد عليها. ولعله سيجئ إجماله بعد ذلك. إنما

المهم بيان أمور ينبغي التنبيه عليها:األول: أن مقتضى ما ذكرنا في حقيقة المعاوضة أن البيع ونحوه من مقولة

المعنى، ال بمعنى أنه من الكالم النفسي الذي توهمه بعض (٣) المحشين تبعاألستاذه المحقق، بل بمعنى أن المنشأ باللفظ هو البيع، ال قول: بعت، وال المجموع

المركب من بعت واشتريت الذي يسمى عقدا.وبعبارة أخرى: البيع هو تبديل العين بالمال أو تمليكها به، غاية األمر تحقق

هذا المعنى خارجا موقوف على قبول المشتري.وإن شئت قلت: البيع هو التمليك المتعقب بالقبول. ولكن الظاهر أن عنوان

التعقب ليس جزءا من مدلول البيع، بل البيع هو نفس التمليك بالعوض في ظرفحصول القبول، فكون البيع هذا المعنى ال ينافي مع تبادر البيع المؤثر، وهو المتعقب

بالقبول من قوله: (باع فالن داره)، فإن الظاهر من هذا الكالم وقوع عقد البيع،وال شبهة أن عقد البيع مركب من االيجاب والقبول، ولكن الذي هو من فعل البائع

--------------------(١) تقدم تخريجه في الصفحة: ٩١.

(٢) الحظ حاشية المكاسب لآلخوند: ص ٣. وحاشية اإليرواني على المكاسب: ص ٧٢ س ١٩.(٣) يظهر ذلك من أبي القاسم الجيالني في حاشيته على المكاسب المسماة بغية الطالب: ص ٥ س ٨.

(٩٤)

Page 96: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

هو اإليجاب، ال المركب، فإن القبول من فعل المشتري.وبالجملة: البيع هو فعل البائع، ال المركب من فعله وفعل المشتري، وفعله

ال ينفك عن تحقق اسم المصدر منه، وإن لم يترتب عليه األثر خارجا فهو مثلالكسر الذي ال ينفك عنه االنكسار وإن كان من جهة ترتب األثر مثل اإليجاب

الذي ال يكون منشأ لآلثار إال إذا صدر ممن له األهلية له.والذي يدل على أن البيع من فعل البائع أنه لو وقع شرطا في ضمن العقد أو

نذره فمرجعه إلى إقدامه على البيع وجعل المبيع معرضا له، ال إيجاد ما هو منشألآلثار، وإال يكون شرطا ونذرا غير مقدور.

ففرق بين أن يكون المجموع من الفعلين أو الفعل المتعقب بالقبول بيعا، وأنيكون البيع هو فعل البائع في ظرف حصول القبول من المشتري.

وبالجملة: البيع أمر بسيط قائم بفعل شخصين بحيث لو لم يتحقق القبولال يحصل هذا المعنى، ولكن ال يدخل ما هو من فعل المشتري في فعل البائع،

ال بوجوده الخارجي، وال بعنوانه االنتزاعي، بل فعل البائع إيجاب له، وفعلالمشتري قبول له، فحيث إنه قائم بشخصين ال يمكن أن يقال: البيع يحصل

بإيجاب البائع، سواء حصل القبول أم ال.وعلى أي حال، إطالق البيع على العقد المركب من اإليجاب والقبول مبني

على عناية ورعاية عالقة غير خالية من االعتساف، فإن عالقة السببية والمسببيةحاصلة بين العقد وما يحصل من اإليجاب والقبول، أو من اإليجاب المتعقب

بالقبول، وإال ليس العقد سببا لما يحصل من فعل البائع، فإن التمليك منه يحصلبنفس إنشائه وإن لم يكن منشأ لألثر، إال إذا تعقبه القبول.

ثم إن جملة من األعالم - على ما في الجواهر والمتن - عرفوا البيع باألثرالحاصل من اإليجاب والقبول.

فقالوا: بأنه انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض مقدر على وجهالتراضي (١). فعلى هذا يستفاد من مجموع الكلمات إطالق البيع على معان ثالثة:

--------------------(١) منهم الشيخ في المبسوط: كتاب البيوع ج ٢ ص ٧٦. والحلي في السرائر: كتاب المتاجروالبيوع، ج ٢ ص ٢٤٠. والعالمة الحلي في القواعد: كتاب المتاجر ج ١ ص ١٢٣ س ١٧.

(٩٥)

Page 97: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األول: ما هو الحاصل من فعل البائع، وعبروا عن هذا المعنى بتعبيرات مختلفة:فمنهم: من عرفه بأنه مبادلة مال بمال (١).

ومنهم: بأنه نقل عين بعوض (٢).ومنهم: بأنه تمليك عين بعوض (٣).

ومنهم: من عرفه بأنه نقل العين بالصيغة المخصوصة، (٤) إلى غير ذلك ممايرجع إلى هذا المعنى.

الثاني: هو الحاصل من فعل الموجب والقابل كما في تعريفالمبسوط (٥) ومن (٦) تبعه، فعرفوه بأنه انتقال عين من شخص إلى غيره بعوض.

الثالث: هو العقد المشتمل على اإليجاب والقبول كما فيالوسيلة (٧) والمختلف (٨). وهذا االطالق هو المتعارف عن الفقهاء في أبواب

العقود،فقولهم: كتاب البيع ونحوه المقصود منه: هو العقد.

األمر الثاني: قد اشتهر بين الفقهاء أن باب ألفاظ العقود وما ينشأ بها باباألسباب والمسببات، فيريدون أن مثل بعت واشتريت سبب لحصول النقل

واالنتقال.ثم إن من الشهيدين (٩) يظهر أن عقد البيع وغيره حقيقة في الصحيح

ومجاز في الفاسد، فعلى هذا يتولد هنا إشكاالن:--------------------

(١) ارتضاه الشيخ األنصاري في المكاسب: كتاب البيع ص ٧٩ س ٢ وما بعده وجعله المحققاإليرواني من أمتن التعاريف كما في حاشيته على المكاسب ص ٧٤ س ٣٧.

(٢) كالشهيد األول في الدروس الشرعية: كتاب البيع، ج ٣ ص ١٩١.(٣) كالسيد اليزدي في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٥٣ س ٢٨.

(٤) كالمحقق الكركي في جامع المقاصد: كتاب المتاجر، ج ٤ ص ٥٥.(٥) المبسوط: كتاب البيوع في حقيقة البيع وبيان أقسامه ج ٢ ص ٧٦.

(٦) كابن إدريس الحلي في السرائر: كتاب المتاجر والبيوع، ج ٢ ص ٢٤٠.(٧) الوسيلة: كتاب البيع، ص ٢٣٦.

(٨) مختلف الشيعة: كتاب التجارة ج ٥ ص ٥١.(٩) ظاهر الشهيد األول في القواعد والفوائد: ج ١ ص ١٥٨، وصريح الشهيد الثاني في

المسالك: كتاب االيمان، ج ٢ ص ١٩٨، س ١٤.

(٩٦)

Page 98: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األول: أن كون العقد حقيقة في الصحيح معناه أن الشارع وضعه للصحيح، معأن المعامالت بأجمعها إمضائية.

الثاني: عدم صحة التمسك باإلطالق عند الشك في الصحة والفساد، كما اليصح التمسك به في العبادات.

نعم، لو قلنا كما قيل (١): بأن اإلمضاء الشرعي ورد على األسباب فال إشكالوأما بناء على ورود االمضاء على المسببات كما هو الظاهر من قوله عز من قائل:

(وأحل الله البيع) (٢) فالتمسك به مشكل، ألنه ال مالزمة بين إمضاء المسببوإمضاء السبب، فلو شك في صحة العقد الفارسي فكيف يمكن القول بصحته من

جهة إطالق قوله: (أحل الله البيع)؟.وقد أجيب (٣) عن األول: بأن معنى وضعه للصحيح أن الشارع أمضى

المعامالت العرفية، والعرف يسمي ما هو المؤثر ألثر كذا (بيعا) ال غيره، فيصيرالبيع شرعا هو البيع عرفا، أي المؤثر للنقل. غاية األمر قد يقع اختالف بين الشرعوالعرف في المصداق كالبيع الربوي مثال، فإن الشارع يخطئ العرف في تخيلهم

بأنه أيضا مؤثر في النقل.وبتعبير آخر: قد يسقط الشارع فردا عن الفردية، حيث إنه ممن ينفذ اعتباره،

واألمر االعتباري إسقاطه التشريعي هو إسقاطه التكويني.وبتعبير المصنف: قد يكون االختالف بين النظرين، فإن ما هو بنظر العرف بيع

ليس بنظر الشارع بيعا، ال أن معنى البيع عند العرف والشرع مختلف.وبالجملة: البيع عند الشرع والعرف واحد مفهوما وإن اختلف بينهما في بعض

المصاديق، فعلى هذا يصح دعوى كون العقد موضوعا للصحيح مع كونه إمضائيا.وأجيب (٤) عن الثاني: بأن ألفاظ المعامالت وإن كانت موضوعة للصحيح إال

--------------------(١) يظهر من الشيخ األصفهاني في حاشيته على المعالم: ص ١١٦ س ٣٠.

(٢) البقرة: ٢٧٥.(٣) المجيب هو األصفهاني في حاشيته على المعالم ص ١١٦ س ٢٦ وما بعده.

(٤) المجيب هو الشيخ األنصاري في المكاسب: كتاب البيع ص ٨١ السطر األول وما بعده.

(٩٧)

Page 99: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أن إطالقها لو كان مسوقا في مقام البيان ينزل على أن المؤثر عند الشارع هوالمؤثر عند العرف، ألن الخطابات لما وردت على طبق العرف حمل لفظ البيع

وشبهه في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثر عند العرف.وال يخفى ما في هذا الجواب، ألنه بعد ما عرفت بأن الخطابات الشرعيةواردة في مقام إمضاء المسببات وفرضنا أنه لم يدل دليل على صحة العقد

الفارسي، وال صحة الفصل بين اإليجاب والقبول فعد العرف هذا العقد صحيحا الأثر له، وال اتحاد بين المسبب والسبب، ال حقيقة وال عرفا حتى يقال: إمضاء

المسبب إمضاء للسبب، كما ال يخفى.فتنزيل ما هو المؤثر عند الشارع على ما هو المؤثر عند العرف لو كان إطالقالخطابات الشرعية مسوقا في مقام البيان إنما يصح لو كان الشك راجعا إلى

المفهوم العرفي الذي أمضاه الشارع، ال ما إذا كان الشك راجعا إلى المصداق، فإننظر العرف في تطبيق المفاهيم على المصاديق غير متبع، فلو فرضنا أن العرف

يرى مفهوم البيع هو المؤثر في النقل فتطبيقهم هذا المعنى على العقد الفارسي العبرة به، إال إذا رجع إلى توسعة في المفهوم.

وبالجملة: إذا فرضنا أن البيع موضوع لما هو المؤثر في النقل حقيقة وأنالشارع أمضى هذا المعنى فتخيل العرف بأن العقد الفارسي مؤثر في النقل ال أثر له.

وال يقال: إن الشارع إذا أمضى األثر الحاصل مما هو المؤثر واقعا فال محالةال ينفك عن إمضاء المؤثر ولو في الجملة، والمفروض أن العرف يرون جميع هذهالعقود مؤثرة، فلو لم تكن هذه مؤثرة عند الشارع لوجب عليه التنبيه. فقوله عز منقائل: (أحل الله البيع) (١) مع بناء العرف على أن العقد الفارسي بيع وعدم تخطئة

الشارع لهم يقتضي أن يكون هذا سببا أيضا عند الشارع.ألنا نقول: مقتضى كون البيع موضوعا للصحيح أن يكون كل ما هو سبب له

معنونا بعنوان ما يترتب عليه المسبب، بحيث لو تعلق الوضع أو التكليف به لكان--------------------

(١) البقرة: ٢٧٥.

(٩٨)

Page 100: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تحصيله الزما.وبعبارة أخرى: لوال حكم العقل بأن في مورد الشك في المحصل يجب

االحتياط لكان مقتضى جعل المسبب وعدم التنبيه على سبب خاص هو أن كل مايعده العرف سببا كان سببا عند الشارع. وأما بعد معلومية أسباب متيقنة عند العرفوالخارج ففي مورد الشك يجب االحتياط، والتمسك باإلطالق يتم لو كان الشك

في أمر زائد على المسمى.وبالجملة: غير خفي على الناقد أنه لو كان باب العقود وما ينشأ بها من باب

األسباب والمسببات لكانت األدلة الواردة في إمضاء المسببات غير كافية لرفعالشك في تحققها من األسباب المشكوكة سببيتها، واتحاد السبب والمسبب ليسبحد يكون أحدهما عين اآلخر، وال مالزمة بين إمضاء المسبب وإمضاء مشكوك

السببية، وال أثر لعد العرف مشكوك السببية سببا.وحاصل الكالم: أن التمسك باإلطالق يصح في مقامين:

األول: ما إذا كان مصداق داخال تحت الطبيعي يقينا وشك في اعتبار قيد زائدفيه كالشك في اعتبار األيمان في الرقبة مع العلم بانطباق المفهوم على الكافرة.

وأما إذا لم يكن شئ تحت هذا العنوان فعد العرف من باب المسامحة شيئامن أفراد هذه الطبيعة ال يفيد في صحة التمسك باإلطالق، فإذا كان موضوع الحكمثمانية فراسخ فمسامحة العرف وعد ثمانية إال ربع الفرسخ ثمانية فراسخ ال أثر لها.

والثاني: ما إذا كان ثبوت الحكم لعنوان مالزما لثبوته ألمر آخر، كما إذا قلنابأن قوله عز من قائل: (كلوا مما أمسكن) (١) في مقام بيان حل أكل ما اصطاده

الكلب المعلم فعال فالزمه طهارة موضع عضه، وال يبعد أن يكون نظر المصنف قدسسره و

راجعا إلى الوجه الثاني، بل هو المتعين.فإن قوله قدس سره: (فألن الخطابات الشرعية لما وردت على طبق العرف حمل

--------------------(١) المائدة: ٤.

(٩٩)

Page 101: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

(البيع) على ما هو الصحيح المؤثر عند العرف) ظاهر في أن إمضاء المسببإمضاء للسبب، ال أن المصداق المسامحي العرفي مندرج تحت االطالق.

وعلى أي حال، فلو كان مبنى التمسك باإلطالق هو الوجه األول فهو مما الكبرى له، ألن تطبيق العرف ال أثر له إال إذا رجع إلى المفهوم.

ولو كان هو الثاني فالصغرى ممنوعة، ألنه ال مالزمة بينهما مع التباين بينهماخارجا. نعم، إمضاء السبب إمضاء للمسبب، ولكن العكس ال يبتنى على أساس إال

إذا عدا واحدا خارجا، فتأمل جيدا.فالصواب في الجواب: هو أن المنشئات بالعقود ليست من باب المسببات، بل

هي أفعال من الموجب والقابل، وذلك ألن المسبب إما يكون أمرا مترتبا على فعلإعدادي من شخص بحيث ال يكون بين هذا الفعل واألثر المترتب عليه فعل فاعل

مختار وإن كان بين الفعل وهذا األثر وسائط كثيرة كالوقوع في البئر المترتب علىحفر الحافر في الطريق العام، فإن وقوع األعمى فيه مستند إلى الحافر وإن لم

يوجد إال فعال إعداديا (١).وإما يكون فعال توليديا من إيجاد الفاعل الجزء األخير من العلة التامة

كاإلحراق المترتب على األلقاء في النار، والملكية المترتبة على الحيازة.وال خفاء في أن المنشأ بالعقد ال يكون من كال القسمين، بل هو من قبيل

اإليالم الحاصل بالضرب، وعنوان ثانوي لفعل الفاعل، والفاعل ابتداء يوجد هذاالعنوان وتتعلق إرادته به أوال، لكونه تحت قدرته بال واسطة، فإن المتكلم ابتداء

يوجد المعنى واللفظ ليس بمنزلة السبب، والمعنى بمنزلة المسبب، بل حال المنشأبالعقد حال الكتابة التي هي ابتداء فعل الكاتب، وحال النجارة التي هي فعلالنجار. وكما أن خلق الصور الذهنية فعل من النفس كذلك كتابتها وتكلمهاوتجارتها ونجارتها أفعال منها، غاية الفرق أن خلق الصور ال يحتاج إلى آلة،

والتكلم يحتاج إلى تحريك اللسان، والكتابة إلى القلم، والنجارة إلى القدوم، فإذا--------------------

(١) في المطبوع من األصل: (عداديا) والصحيح ما أثبتناه.

(١٠٠)

Page 102: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كان تلفظه بهذه األلفاظ فعال له فاألثر الحاصل منها فعل له أيضا بال واسطة، ألنفي جميع المصادر اسم المصدر الحاصل منه ال يباينه إال اعتبارا فهو هو وجودا

وإن اختلفا اعتبارا.فأثر الفعل لو انتسب إلى الفاعل يسمى تأثيرا ومصدرا، ولو انتسب إلى

المفعول يسمى اسم المصدر وتأثرا.وبعبارة أخرى: ال تفاوت بين اإليجاد والوجود. فلو قلنا بتعلق اإلمضاء

بنفس اإليجاد كما هو المتعين في نحو (أوفوا بالعقود) فإن اإلمضاء تعلق بالعقدالذي هو آلة إيجاد عنوان المعاملة، وهو الظاهر من (أحل الله البيع) لو كان المراد

من الحلية الحلية التكليفية الراجعة إلى األفعال فال إشكال فيه، فإنه لو تعلقاإلمضاء بنفس هذه االيجاديات الواقعة من أهل العرف فيقتضي صحة جميع ما

يوجده العرف بحيث لو ردع عن إيجاد خاص فهو تخصيص وخارج عنااليجاديات حكما وإن دخل فيها موضوعا.

ولو تعلق اإلمضاء باألثر الحاصل من األفعال - كما يمكن أن يكون هو المرادمن (أحل الله البيع) بناء على ظهوره في الحلية الوضعية - فكذلك أيضا، التحاداألثر مع التأثير، فإمضاء األثر إمضاء للمصدر الحاصل منه هذا األثر، لعدم الفرق

بينهما خارجا.وبالجملة: فرق بين السبب والمسبب، وبين المصدر واسم المصدر، فإن

السبب والمسبب إذا تعلق الجعل بالمسبب ابتداء (١) أو إمضاء فال يكفي جعله كذلكلجعل السبب، وهذا بخالف إمضاء اسم المصدر، فإن إمضاءه مالزم إلمضاء

المصدر، بل هو عينه على وجه، فتدبر جيدا.األمر الثالث: ال إشكال وال خالف في اعتبار كون المبيع عينا فال يعم المنافع،

وال يبعد أن يكون منشأ االتفاق انصراف األدلة إلى ما هو المعهود خارجا من جعلالمعوض في البيع عينا، وال أقل من الشك في شمول المطلقات لغير العين،

--------------------(١) في المطبوع من األصل: (ابتالءا) والصواب ما أثبتناه.

(١٠١)

Page 103: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وادعي (١) التبادر وصحة سلب البيع عن تمليك المنفعة بعوض.وكيف كان، ال خالف في ذلك، وعليه استقر اصطالح الفقهاء. وإطالق البيع في

نقل غيرها في عدة من األخبار كالخبر (٢) الدال على جواز بيع خدمة المدبر،وبيع (٣) سكنى الدار، وبيع (٤) األراضي الخراجية التي ال يجوز فيها إال نقل منافعها

مبني على رعاية عالقة، كما أن اإلجارة التي جعلت شرعا بل عرفا لنقل المنافعقد تستعمل لنقل األعيان، بل في عصرنا هذا يطلق (الضمان) ويراد منه اإلجارة،

وهو مبني على المسامحة، فإن الضمان يمكن أن يطلق على مطلق تعهد الشئ، أوكونه في عهدته ولو من دون تعهد عقدي.

ثم إن المراد من العين في المقام ليس خصوص العين الخارجية المملوكةفعال، بل المراد منها ما يقابل المنفعة والحق، فتشمل العين الشخصية والكلي

المشاع كثلث الدار، والكلي في المعين كصاع من هذه الصبرة، والكلي في الذمةكمن من الحنطة سلما أو حاال، والكلي المستقر في الذمة كالدين، سواء باعه على

غير من هو في ذمته أو باعه عليه، ألن ذلك كله من األعيان، وال إشكال في شئمن ذلك إال في بيع الكلي، فإنه قد يتوهم أن المبيع يجب أن يكون ماال للبائع قبل

البيع حتى ينتقل منه إلى المشتري، ففي غير هذه الصورة المبيع ملك للبائع فعالفيصح نقله بالبيع إلى المشتري، وهذا بخالف هذه الصورة.

بل قد يستشكل في بيع الدين أيضا بأن الدين ليس ملكا، ألنه معدوم، والملكمن األعراض يتوقف وجوده على محل موجود.

--------------------(١) المدعي السيد اليزدي في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٥٣ س ٣٠.

(٢) تهذيب األحكام: ج ٨ ص ٢٦٠، ح ٩٤٥. عنه في الوسائل: ج ١٦ ص ٧٤ ب ٣ من أبوابكتاب التدبير، ح ٤.

(٣) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ١٣٠ ح ٥٧١، عنه في الوسائل: ج ١٢ ص ٢٥٠ ب ١ من أبوابعقد البيع وشروطه ح ٥.

(٤) تهذيب األحكام: ج ٤ ص ١٤٧ ح ٤١١. عنه في الوسائل ج ١١ ص ١١٩ ب ٧١ منأبواب جهاد العدو ح ٦.

(١٠٢)

Page 104: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ولكنه ال يخفى عدم ورود هذين اإلشكالين.أما إشكال عدم وجود المعروض في باب الدين والسلم فلما عرفت أن

الملكية من الجدة االعتبارية، فال تحتاج إلى معروض خارجي، ولم يدل دليلعلى اعتبار الملكية في المبيع.

وأما إشكال اعتبار المالية للبائع ففيه: أن المالية معتبرة في المبيع. وأما كونالمبيع قبل البيع ماال للبائع فال دليل عليه. وال شبهة أن منا من الحنطة مال عرفا

ويبذل بإزائه المال وإن لم يكن ملكا، فإن بينهما بحسب المورد عموما من وجه،فإن المباحات األصلية ومنا من الحنطة بعنوان الكلي مال وإن لم يكن ملكا، وحبةمن الحنطة ملك وإن لم تكن ماال، وليس البيع إال تبديل المال بالعوض، ال الملك.

وبالجملة: وإن لم يكن في ذمة البائع شئ وبنفس العقد يستقر مال علىعهدته، إال أن هذا كاف لتحقق المعاوضة وتبديل طرف اإلضافة االعتبارية، فإنالعقالء يعتبرون مالية هذا المال، وعمل الحر إذا صار عوضا يدخل في األموال

بهذا المعنى، فال يستشكل بأن الحر ليس مالكا على نفسه، وليس له على ذمة نفسهمال، وذلك لكفاية هذا المعنى، وهو جعله عوضا عرفا وكونه ماال اعتبارا في جعله

عوضا عن المبيع شرعا.نعم، بين عمل الحر والعبد فرق من غير هذه الجهة، كما إذا حبس العبد فإنه

يضمن منفعته، دون ما إذا حبس الحر فإنه ال يضمن إال إذا كان أجيرا، وغير ذلكمما هو مذكور في محله. هذا، مع أنه لو لم يكن عمله قابال لصحة جعله عوضا لما

صح إجارة الحر نفسه، فإن اإلجارة ال بد وأن تتعلق بالمال.وبالجملة: ال ينبغي اإلشكال في صحة بيع الكلي سلما أو حاال وجعل عمل

الحر عوضا، ال من باب أنه شبهة في مقابل البداهة، بل لعدم كونه شبهة أصال، فإنقوله عليه السالم: (ال بيع إال في ملك) (١) ونحوه (٢) ليس المقصود منه أنه يعتبر أن

يكون--------------------

(١) المستدرك للحاكم: كتاب البيوع ج ٢ ص ١٧. عوالي الآللي: ج ٢ ص ٢٤٧ ح ١٦ معاختالف يسير.

(٢) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٢٤٢ - ٢٤٣، ح ٣٨٨٦.

(١٠٣)

Page 105: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المبيع مملوكا قبل البيع، بل المراد منه أنه ال يجوز بيع مال الغير، أو ال يجوز بيعما ال يقبل التملك كالخمر ونحوه.

إن قلت: مقتضى ما ذكر في تعريف البيع من أنه تبديل طرف اإلضافة بمثلهأن يكون كل من المضاف إليهما موجودا فعال حتى يتبدل أحدهما باآلخر، والمن

من الحنطة التي يبيعها البائع حين البيع ليس ماال للبائع وبعده مال للمشتري.قلت: كما أن نفس اإلضافة ليس إال اعتباريا فكذلك المضاف إليه والتبديليقع بين الحنطة والثمن، فالحنطة التي هي مال عرفا وتقابل بالمال تنتقل إلى

المشتري، والثمن إلى البائع.وبالجملة: المن من الحنطة مال يبذل بإزائه مال، فيجعله البائع معوضا

ويملكه المشتري بإزاء الثمن، ولم يقم برهان على لزوم كون الحنطة ملكا للبائع أوماال له قبل البيع، فال إشكال في ذلك رأسا.

وال يقال: لو كان عمل الحر من األموال لكان حابسه ضامنا، كما أفادهالعالمة (١) في حبس الدار والعبد، ولم يفرق قدس سره بين استيفاء المنفعة أو فواتها

تحتاليد، ولزم كونه مستطيعا إذا كان قادرا على عمل يكون عوضه مما تتحقق به

االستطاعة، ولزم حجره عن عمله كحجره عن ماله.ألنا نقول: الضمان في مسألة الدار والعبد إنما هو من جهة أن منفعتهما يكون

تابعا لالستيالء عليهما، وأما الحر فال يدخل تحت استيالء غيره حتى يستولي علىمنفعته تبعا.

وبالجملة: المدار في الضمان هو دخول المضمون به تحت اليد، فمجرد كونمنافع العبد ماال ال يوجب الضمان، بل لكونها تحت االستيالء.

وأما مسألة االستطاعة فالمدار فيها هو المالية الفعلية ال القوة. ولذا ال نقولباستطاعة من عنده أمالك لو آجرها من غيره سنين عديدة الستطاع، فالمدار في

االستطاعة هو الواجدية الفعلية. نعم، االستطاعة الشأنية موجبة لعدم استحقاقه--------------------

(١) كما في التذكرة: كتاب الغصب، ج ٢ ص ٣٨١ س ٣٤ وما بعده.

(١٠٤)

Page 106: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الزكاة وإن قيل (١) في هذا الباب أيضا: إنه لو لم يشتغل الصانع بصنعته يجوزإعطاؤه الزكاة.

وأما مسألة الحجر فالظاهر أيضا عدم التزام األصحاب بحجر الشخص عنمنافع أمواله، وال يؤاجرون أراضي المفلس، فيدخلون منافعها فيما يتعلق به حق

الغرماء.وكيف كان، ال يعتبر في المعاملة إال انتقال أحد المالين بدال عما ينتقل إلى

اآلخر، أي ال يعتبر التبادل في مقام الخروج، بل يكفي التبادل في مقام الدخول،فيصح بيع الكلي بالكلي كما يصح في الشخصيين. هذا كله حال المعوض.

وأما العوض فيصح كونه عينا ومنفعة.وما يقال: إن البيع لنقل األعيان فالمقصود هو المبيع، فإن هذا الكالم في مقابل

اإلجارة التي هي لنقل المنافع.ثم إن العين التي تجعل عوضا ال فرق بين كونها شخصيا أو كليا بجميع

أقسامه. كما أن المنفعة التي تجعل عوضا للمبيع ال فرق بين كونها منفعة األموال أوعمل الحر، وال إشكال في ذلك كله، إنما الكالم في أنه هل يصح جعل الحقوق

عوضا، أو يعتبر أن يكون العوض عينا أو منفعة؟.وتحقيق األمر مع توضيح عبارة الكتاب في ضمن أمور:

األول: أن قول المصنف: (وأما الحقوق األخر) فالتقييد باآلخر (٢) - لو كانموجودا في نسخة األصل - إنما هو إلخراج العين والمنفعة، فإن الحق يطلق على

عنوان عام يشمل كل ما وضعه الشارع وجعله، فالحكم والعين والمنفعة والحقبالمعنى األخص داخل تحت هذا العنوان،فإن الحق معناه اللغوي (٣) هو الثبوت،

--------------------(١) قاله المولى النراقي في المستند: كتاب الزكاة ج ٢ ص ٤٥ س ٢٤.

(٢) التقييد باآلخر غير موجود في نسخ المكاسب المتوفرة لدينا، لكن أثبتها غير واحد منالمحشين عليه كاإلشكوري واآلخوند واليزدي، الحظ: بغية الطالب: ص ٣ س ٥، حاشية

اآلخوند: ص ٣، حاشية اليزدي: ص ٥٥ س ٢٣.

(٣) انظر المصباح المنير: (مادة حقق) ص ١٤٣.

(١٠٥)

Page 107: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وحق الجار على الجار والوالد على الولد ونحوهما من األحكام عبارة عن ثبوتها،وهكذا ملكية العين أو المنفعة من الحقوق واألمور الثابتة كحق الخيار، وحق

الشفعة.وبعبارة أخرى: إطالق الحق على العين والمنفعة إطالق شائع كإطالقه على

الحكم. نعم، الحق بالمعنى األخص مقابل لذلك كله، فإنه عبارة عن إضافة ضعيفةحاصلة لذي الحق، وأقواها إضافة مالكية العين، وأوسطها إضافة مالكية المنفعة.وبتعبير آخر: الحق سلطنة ضعيفة على المال، والسلطنة على المنفعة أقوى منها،

واألقوى منهما السلطنة على العين، فالجامع بين الملك والحق هو: اإلضافة الحاصلةمن جعل المالك الحقيقي لذي اإلضافة المعبر عنها بالواجدية، وكون زمان أمر

الشئ بيد من جعل له، وكونه ذا سلطنة وقدرة، وهذه اإلضافة لو كانت من حيثنفسها ومن حيث متعلقها تامة بأن تكون قابلة ألنحاء التقلبات فتسمى ملكا.ولو كانت ضعيفة إما لقصور نفس اإلضافة كحق المرتهن بالنسبة إلى العين

المرهونة، وإما لقصور في متعلقه: كحق التحجير وحق الخيار بناء على تعلقه بالعقدالغير القابل لما عدا الفسخ واإلجارة وحق االختصاص بالنسبة إلى األشياء الغير

المتمولة كالخمر القابل للتخليل فتسمى حقا.وعلى هذا، فلو لم يكن المجعول الشرعي مستتبعا لإلضافة والسلطنة فليس إال

حكما، وتسميته بالحق إنما هو بلحاظ معناه اللغوي، وأما االصطالحي فالفرقبينه وبين الحكم واضح جدا، فإن الحكم الشرعي هو المجعول المتعلق بعمل

المكلفين اقتضاء أو تخييرا، وهو وإن اشترك مع الحق في بعض اآلثار: كجوازرجوع الواهب عن الهبة وجواز فسخ ذي الخيار إال أنهما متباينان سنخا، فإن

الجواز في األول حكم شرعي، بخالف الثاني فإنه ملك وإضافة.وبالجملة: الجواز في الهبة كاللزوم في النكاح من األحكام الشرعية، وهذابخالف الجواز في البيع الخياري واللزوم في البيع الغير الخياري فإنهما من

(١٠٦)

Page 108: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الحقوق. وسيجئ إن شاء الله في المعاطاة وفي أحكام الخيار ما يوضح الفرقبين البابين.

وكيف كان، فإذا كان الحق عبارة عن اعتبار خاص الذي أثره السلطنةالضعيفة على شئ ومرتبة ضعيفة من الملك فهو بجميع أقسامه وأنحائه قابل

لإلسقاط كما أفاده شيخنا السعيد الشهيد (١) وجعل هذا هو الضابط التام في الفرقبين الحق والحكم.

فما أفاده السيد قدس سره في حاشيته (٢) على المتن - من تقسيم الحقوق أوال إلىما يقبل اإلسقاط وما ال يقبل، وجعل من الثاني حق األبوة، وحق الوالية للحاكم،

وحق االستمتاع بالزوجة، وحق السبق في الرماية قبل تمام النضال، وحقالوصاية - ال وجه له، فإن كون الشئ حقا وغير قابل لإلسقاط ال يعقل، وإطالق

الحق على ما ذكره من األمثلة مثل: إطالق الحق على سائر األحكام كحق المؤمنعلى المؤمن، وحق الجار على الجار فإن األبوة والوالية ونحوهما من األمثلة

ليس لعالقة حاصلة لألب والحاكم، إذ لم يجعل للولي إضافة أثرها السلطنة علىالمولى عليه أو على ماله فال يكون من مقولة الجدة، بل من األحكام الشرعية كما

هو قدس سره أيضا يحتمل هذا المعنى، حيث قال: ويمكن أن يقال: إنها أو جملة منهامن

األحكام ال من الحقوق (٣).والعجب أنه قدس سره في صدر المسألة يعرف الحق: بأنه نوع من السلطنة،

ومرتبة ضعيفة من الملك، بل نوع منه، وصاحبه مالك لشئ يكون أمره إليه! (٤)ومع هذا يقسم الحقوق إلى ما يقبل اإلسقاط وما ال يقبل، فإنه لو لم يقبل اإلسقاط

فكيف يكون له السلطنة؟ وكيف يكون زمام أمره بيده؟.وبالجملة: قوام الحق بقابليته لإلسقاط، وهذا بخالف الحكم فإنه بعكس ذلك.

--------------------(١) كما في القواعد والفوائد: ج ٢ ص ٤٣.

(٢) حاشية المكاسب للسيد اليزدي: كتاب البيع، ص ٥٦ س ٦ وما بعده.(٣) حاشية المكاسب للسيد اليزدي: كتاب البيع ص ٥٦ س ٧.

(٤) حاشية المكاسب للسيد اليزدي: كتاب البيع ص ٥٥ س ٢٦.

(١٠٧)

Page 109: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إنه لو شك في شئ أنه من الحق أو الحكم فليس هنا أصل يعين كونه منأي منهما فالمرجع هو األصول العملية، واألصل يقتضي عدم سقوطه، الستصحاب

بقاء ما كان قبل اإلسقاط.الثاني: بعد ما عرفت أن الحق بجميع أقسامه قابل لإلسقاط فيقع البحث عن

قابليته للنقل أو االنتقال إلى الغير أم ال.فنقول: منها ما ال يقبل لغير اإلسقاط: كحق القذف.

ومنها: ما يقبل النقل إلى الغير إما بال عوض: كحق القسم على ما ذكرهجماعة (١)، فإنه قابل للنقل إلى من هو مثله كالضرة، ولكن ال يجوز أخذ العوض

عليه. وإما مع العوض كحق التحجير.ثم ما كان قابال للنقل إما يجوز نقله إلى كل أحد: كحق التحجير، أو ال يكون

كذلك كحق القسم على ما عرفت من أنه ال يجوز نقله إال إلى الضرة.ثم إن منها ما يكون قابال لالنتقال إلى الغير، وال يكون قابال للنقل، إذ ال تالزم

بينهما، فإن الخيار ينتقل إلى الوارث وال يصح نقله إلى الغير، فإن المدار في قابليتهللنقل على عدم تقومه بشخص خاص، والمدار في انتقال الحق إلى الوارث على

دخوله تحت ما تركه الميت.ثم إن كون حق الخيار عبارة عن السلطنة على إمضاء الحق وفسخه، ال ينافي

كونه قابال لإلسقاط، وإن كانت نتيجة اإلسقاط موافقة إلمضاء العقد الذي هو أحدطرفي السلطنة إال أن اإلمضاء عبارة عن إعمال الحق، واإلسقاط: عبارة عن

التجاوز عن الحق.وبالجملة: كل ما كان حقا فهو قابل لإلسقاط وإن كان موافقا في النتيجة مع

إعمال أحد طرفي السلطنة.الثالث: أن كل حق كان قابال للنقل إلى الغير: كحق القسم - مثال - ال يقبل نقله

إلى من عليه الحق، ألن الحق لما كان نحوا من السلطنة على من عليه الحق فال--------------------

(١) كالشهيدين في اللمعة وشرحها: كتاب النكاح ج ٥ ص ٤٢٣.

(١٠٨)

Page 110: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يعقل نقله إلى نفس من عليه الحق، سواء نقله مجانا أو بالعوض بالبيع والصلحوغيرهما، ألنه ال يمكن أن يكون لإلنسان سلطنة على نفسه بالنحو الذي كان

لطرفه عليه. هذا، مع أن في بعض الحقوق خصوصية تمنع من نقلها إلى من عليهالحق: كحق الرهانة والشفعة والخيار.

فإن حق الرهانة عبارة عن سلطنة للمرتهن بها يستوفي دينه من الراهن، ألننتيجة الرهانة جعل العين المرهونة مخرجا لدين المرتهن، وهذا المعنى ال يمكن أن

يستحقه الراهن.وكذلك حق الشفعة سلطنة بها يقدر الشريك على أخذ الشقص من المشتري

بالقيمة التي دفعها إلى البائع، وهذا المعنى ال يعقل أن يتقوم بالمشتري.وهكذا الخيار فإنه لو كان للبائع فله سلطنة على فسخ العقد واسترجاع المبيع

إلى ملكه، وهذا المعنى ال يمكن أن يتسلط عليه المشتري، فإنه لو كان ذا خياريتسلط على استرجاع الثمن.

وبالجملة: ال يمكن نقل الحق إلى من هو عليه، ألن االنسان ال يمكن أنيتسلط على نفسه.

فعلى هذا، مراد المصنف قدس سره من قوله: (والسر أن الحق سلطنة فعلية ال يعقلقيام طرفيها بشخص واحد) (١) أن من له الحق ومن عليه الحق ال يمكن أن يكون

واحدا، وليس مقصوده أن الحق دائما قائم بشخصين، وإال النتقض عليه بحقالتحجير، فإنه ليس هناك شخص كان الحق عليه.

وعلى هذا، فمراده من قوله: (وال ينتقض ببيع الدين على من هو عليه) (٢)أيضا واضح.

وحاصله: أن امتناع نقل الحق إلى من هو عليه، لعدم معقولية تسلط االنسانعلى نفسه ال يرد عليه النقض ببيع الدين على من هو عليه، فإنه وإن استلزم تسلط

االنسان على ما في ذمته إال أنه فرق بين الملك والحق، فإنه يمكن أن--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٧٩ س ٩ وما بعده.

(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٧٩ س ٩ وما بعده.

(١٠٩)

Page 111: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يكون االنسان مالكا لما في ذمته، وال يمكن أن يكون مسلطا على نفسه.ولكنه ال يخفى عدم قابلية ما في الذمة ألن يكون مملوكا لمن هو عليه، وعدمقابلية نقل الغير إليه ولو آنا ما، فصيرورة االنسان مالكا على نفسه آنا ما حتى

يسقط عنه وتبرأ ذمته مستحيل أيضا.فالصواب أن يقال: بيع الدين على من هو عليه وإن كان صحيحا إال أن البيع

لم يقع على ما في الذمة بقيد كونه في الذمة ليكون من قبيل مالكية الشخص لما فيذمته، وذلك ألنه بهذا القيد ال يمكن تحققه في الخارج، وال شبهة أنه يعتبر في

المبيع أن يكون من األعيان الخارجية، بل يقع البيع على الكلي، وهو من منالحنطة مثال، فيصير المشتري - أعني المديون - مالكا لذلك الكلي على البائع.

وحيث إن البائع كان مالكا لمن من الحنطة على ذمة المديون - وهو المشتري -فينطبق ما على البائع على ما كان له على المديون المشتري، فيوجب سقوط ذمة

كليهما. وهذا وإن لم يكن من التهاتر حقيقة إال أنه أشبه شئ به.أو يقال: إن المبيع هو الكلي في المعين، وهو ما في ذمة المديون ال بقيد أن

يكون في الذمة حتى يرد عليه إشكال عدم االنطباق على ما في الخارج، وإشكالعدم معقولية مالكية االنسان لما في ذمته، بل بمعنى أن ظرفه الذمة وبالبيع ممن هو

عليه يسقط ما في ذمته، فتأمل (١).إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى إمكان جعل الحق ثمنا في المبيع.

فنقول: قد ظهر أن بعض الحقوق يمكن نقله إلى الغير بالعوض، ولكن بعدالفراغ من عدم إمكان جعل الحق مبيعا لما ظهر من اعتبار كونه من األعيان فال

يصح جعله منفعة فضال عن كونه حقا. فيقع البحث في أنه هل تنحصر المعاوضة--------------------

(١) ال يخفى ما فيه: أما أوال: فألن مجرد كون البيع في ذمة شخص معين ال يوجب دخوله فيالكلي في المعين، فإنه عبارة عن الكلي الخارجي المحدود كصاع من الصبرة.

وأما ثانيا: فألن سقوط ما في الذمة فرع دخول المبيع في ملك المديون ولو آنا ما، فإذا امتنعذلك امتنع البيع، إال أن يمنع عدم قابلية كون االنسان مالكا لما في ذمته بمقدار يستلزم

السقوط، ونظير ذلك ملك العمودين آنا ما الموجب لالنعتاق، فتدبر جيدا (منه عفي عنه).

(١١٠)

Page 112: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عليه بالصلح ونحوه، أو يمكن جعله ثمنا للمبيع؟ وجهان، بل قوالن، واألقوىعدم قابلية الحق، لوقوعه ثمنا في المبيع: كعدم قابلية وقوعه مثمنا، سواء جعل

نفس اإلسقاط والسقوط ثمنا، أو جعل نفس الحق.أما األول: فألن الثمن ال بد من دخوله في ملك البائع، واإلسقاط بما أنه فعلمن األفعال، والسقوط بما أنه اسم المصدر ليس كالخياطة وسائر أفعال الحر،والعبد مما يملكه البائع ويكون طرفا إلضافة ملكية البائع ويقوم مقام المبيع في

الملكية، فإن هذا المعنى معنى حرفي غير قابل ألن يتمول إال باعتبار نفس الحق،وسيجئ ما فيه.

وبالجملة: نفس اإلسقاط بما أنه فعل وأثره بما أنه اسم المصدر ال يقبلالدخول في ملك الغير بحيث يتحقق بالنسبة إليه الخروج عن ملك المشتري إلىملك البائع ويكون البائع مالكا لهذا العمل، وال يقاس بشرط اإلسقاط في ضمنعقد الزم، ألن في باب الشرط يملك المشروط له على المشروط عليه إسقاط

الحق أو سقوطه، وال مالزمة بين قابليته للدخول تحت الشرط، وبين قابلية وقوعهثمنا، ألن إسقاط الحق يصير بالشرط مملوكا للغير على صاحب الحق، ولكنه

ال يمكن أن يكون بنفسه مملوكا ويحل محل المبيع في الملكية.وأما الثاني - وهو جعل نفس الحق ثمنا بعد فرض كونه قابال للنقل إلى الغير:

كحق التحجير - فلما عرفت أن في باب البيع يعتبر أن يكون كل من الثمن والمثمندخال في ملك مالك اآلخر، وال شبهة أن الحق ال يكون قابال لذلك، فإنه مباين مع

الملك سنخا وإن كان من أنحاء السلطنة بالمعنى األعم ومن المراتب الضعيفةللملك، ولكن كونه كذلك غير كاف لوقوعه عوضا، ألنه ال بد من حلول الثمن

محل المثمن في الملكية، فال بد أن يكون كل منهما من سنخ اآلخر.خاتمة

قد ظهر إجماال أن الفقهاء عرفوا البيع بتعاريف مختلفة:

(١١١)

Page 113: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فمنهم: من عرفه بأنه انتقال عين من شخص إلى غيره بعوض مقدر على وجهالتراضي (١).

وال يخفى ما فيه، فإن االنتقال أثر البيع والشراء، ال أنه هو البيع.ومنهم: من عرفه باإليجاب والقبول الدالين على االنتقال (٢).

وفيه أيضا: أن البيع هو المنشأ باللفظ، ال أنه نفس اللفظ، مع أن القبول - الذيهو من فعل المشتري - ليس داخال في حقيقة البيع الذي هو من فعل البائع.

وعرفه المحقق الثاني بنقل العين بالصيغة المخصوصة (٣).وأورد عليه المصنف قدس سره:

أوال: بأن النقل ليس مرادفا للبيع، ولذا ال يقع بلفظ (نقلت).وثانيا: أن المعاطاة عند المحقق الثاني بيع مع عدم اشتمالها على الصيغة.

وثالثا: أنه لو كان معنى البيع هو نقل العين بالصيغة لزم أن تكون الصيغة منشأأيضا بالصيغة كما ينشأ النقل بصيغة خاصة، ألن البيع من مقولة المعنى فال بد أن

ينشأ بلفظ يكون آلة إلنشائه، فلو كان نفس الصيغة أيضا جزءا من مدلول البيع فالمحيص إال عن إنشائها باللفظ. ولو لم تكن الصيغة جزءا من مدلول البيع بل كانالبيع هو نفس النقل الذي ينشأ بصيغة خاصة فالصيغة التي ينشأ بها هذا القسم من

النقل ليس إال لفظ (بعت)، فيلزم الدور، ألنه في مقام تعريف البيع جعل منأجزاء الحد لفظ (بعت)، فكأنه قال: البيع هو نقل العين بلفظ (بعت). ولو قيل: إن

الصيغة التي ينشأ بها هذا النقل الخاص ليس خصوص بعت، بل يمكن إنشاؤهب (ملكت) فال دور (٤).

--------------------(١) مر تخريجه في الصفحة: ٩٥ فراجع.

(٢) منهم المحقق في المختصر النافع: ص ١١٨، والشهيد في الدروس: كتاب البيع ج ٣ص ١٩١، والفاضل السيوري في التنقيح: في البيع ج ٢ ص ٢٣.

(٣) كما في جامع المقاصد: كتاب المتاجر ج ٤ ص ٥٥. وفيه: (نقل الملك).(٤) المكاسب: كتاب البيع ص ٧٩ س ١٦ وما بعده مع اختالف يسير.

(١١٢)

Page 114: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يجاب عنه بأنه وجب االقتصار على مجرد التمليك والنقل. ولكنه ال يخفىعليك أنه بعد ما ظهر أن هذه التعاريف تقريبية ال يرد عليه هذه اإلشكاالت، مع

أن اإلشكال األول والثالث ال يردان عليه.أما األول: فألن النقل وإن لم يكن مرادفا للبيع إال أنه ليس مباينا له، بل هو

أعم من البيع، لشموله النقل المكاني دونه. وعدم صحة إنشاء البيع بلفظ (نقلت)ال يكشف عن تباين معناهما، فإن عدم إمكان إنشاء المعنى الخاص باللفظ العامإنما هو ألن المعنى أمر بسيط، وليس له جنس وفصل حتى يمكن إنشاء جنسه

أوال ثم فصله.وبعبارة أخرى: إنشاء األمر البسيط ال يعقل تحققه تدريجا، فال يمكن إنشاء

النقل الذي هو بمنزلة الجنس ثم إنشاء ما هو المميز بين البيع وغيره، بل ال محيصعن إنشاء المعنى الخاص باللفظ الموضوع لهذا المعنى.

ثم ال يخفى عليك ما في حاشية السيد (١) قدس سره في هذا المقام من توهم إمكانالتمليك بدون النقل، ولذا بنى على مغايرتهما.

وبالجملة: حقيقة البيع هو األمر االعتباري وتبديل المالين في أحد طرفياإلضافتين.

وأما الثالث: فليس مقصود المحقق إال بيان امتياز هذا النقل عن النقلالمكاني، وأن البيع ليس مجرد تبديل المالين في المكان، بل التبديل في عالم

االعتبار الذي يتوقف على إنشاء من بيده هذا األمر االعتباري، وليس مقصوده أنالنقل بالصيغة داخل في مفهوم البيع حتى تتوقف الصيغة على اإلنشاء أيضا، وإاللو رد هذا اإلشكال على المصنف أيضا، فإنه في مقام التعريف قال: (إنه إنشاء

تمليك عين بمال) (٢).--------------------

(١) حاشية السيد اليزدي على المكاسب: في تعريف البيع وبيان حقيقته ص ٥٩ س ٢٧.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٧٩ س ٢٠.

(١١٣)

Page 115: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فيرد عليه: أن اإلنشاء أيضا يتوقف حصوله على اإلنشاء.وأما ما أفاده من أنه لو كان مراده أن البيع نفس النقل الذي هو مدلول الصيغةفجعله مدلول الصيغة إشارة إلى تعيين ذلك الفرد من النقل، ال أنه مأخوذ في

مفهومه فيرد عليه إشكال الدور، فمندفع.أوال: بأنه ليس في مقام التعريف الحقيقي.

وثانيا: المراد من الصيغة هو لفظ (بعت)، فكأنه قال: البيع: هو النقل بلفظ(بعت)، وال يلزم العلم بمعنى بعت كما ال يخفى.

وكيف كان، فتعريف المصنف قدس سره بأنه إنشاء تمليك عين بمال (١) يرد عليه ماأورد (٢) على المحقق الثاني من أن اإلنشاء مستدرك. ولو كان غرضه التعريف بمايشمل البيع الفاسد - أي تعريفه بأنه التمليك اإلنشائي، سواء تحقق التمليك أم ال -

ففيه ما عرفت من أن المقصود لو كان التعريف بالحد فال وجه للتعريف بما ال يدخلفي حقيقة المعرف.

ثم إنه ظهر مما تقدم أن حقيقة الصلح والهبة المعوضة غير حقيقة البيع، وليسالمنشأ بهما تمليك العين بالمال. نعم، شبهة شمول هذا التعريف للقرض متطرقة،ولكن دفعها واضح، فإن القرض وإن كان مفيدا للتمليك إال أن العوض فيه ليس

عوض المسمى، بل العوض الواقعي، فكأنه مركب من تمليك وضمان.وبالجملة: األولى في تعريف البيع أن يقال: هو تمليك العين بالعوض في

ظرف تملك المشتري.وأما تعريفه بأنه إنشاء تمليك عين بمال. فيرد عليه:

أوال: ما أورد (٣) على المحقق الثاني: من أن اإلنشاء أيضا ال بد من إنشائه.وثانيا: يقتضي كون البيع إيقاعا وغير متوقف على القبول.

--------------------(١) مر آنفا.

(٢) تقدم في الصفحة: ١١٢.

(٣) تقدم في الصفحة: ١١٢.

(١١٤)

Page 116: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وثالثا: يلزم أنه لو أقر ببيع داره ثم قال: قصدت اإليجاب وحده أن يسمع قوله.قوله قدس سره: (الكالم في المعاطاة... إلى آخره).

ال يخفى أنه بعد الفراغ عن صحة إنشاء عناوين العقود بالقول وقع البحث فيصحة إنشائها بالفعل، وحيث إن محل األقوال وتنقيح البحث عنها يتوقف على

بيان ما يتصور من قصد كل واحد من المتعاطيين على طبق ما قصده اآلخر، فقدمهالمصنف عليها، ونحن نتبعه على ما رتبه.

فنقول: ينحصر قصدهما كذلك في وجهين:أحدهما: أن يقصد كل منهما إباحة التصرف لآلخر.

وثانيهما: أن يتعاطيا على وجه التمليك.وأما وقوع الدفع من غير قصد التمليك وال اإلباحة وال سائر العناوين الخاصة

فغير متصور، ألن اإلعطاء واألخذ من دون قصد عنوان من العناوين ال يتصور إالمن العابث والالعب.

كما أن قصد التمليك المطلق مع العوض المسمى ليس إال قصد البيع، لماعرفت (١) أن البيع عبارة عن تبديل العين بالعوض.

وأما األقوال فعمدتها أربعة - فإن القول: بأن الفعل حكمه حكم المقبوضبالعقد الفاسد ال يترتب عليه الملكية، وال اإلباحة، إال إذا أباح التصرف من دون

ابتناء على الفعل فشاذ -:األول: إفادته الملك الالزم.الثاني: إفادته الملك الجائز.

الثالث: إفادته اإلباحة المطلقة.الرابع: إفادته إباحة التصرفات الغير المتوقفة على الملك.

--------------------(١) الحظ ما تقدم منه قدس سره في الصفحة: ١١٤.

(١١٥)

Page 117: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إنه وقع البحث في أن مورد هذه األقوال هو ما إذا قصدا بالفعل التمليك، أوما إذا قصدا به اإلباحة. وبعضها مبني على األول، وبعضها مبني على الثاني.

ينسب (١) إلى المشهور إفادة التعاطي اإلباحة ولو قصدا به التمليك. وحيث إنهذا المعنى مناف ظاهرا لما هو المسلم عندهم من أن العقود تابعة للقصود وأن

ما لم يقصد ال يقع، حمل المحقق الثاني اإلباحة في كالمهم على الملك الجائز.فقال: (مقصودهم من أنه لو قصد التمليك يفيد اإلباحة أنه يفيد الملك

الجائز) (٢).وحمل صاحب الجواهر مورد كالمهم في إفادته اإلباحة على ما إذا قصد

اإلباحة (٣)، وتعجب ممن جعل محل الكالم ما إذا قصد التمليك! وال يخفى بعدهذين التوجهين.

أما األول: فألن حمل اإلباحة على الملك الجائز خالف الظاهر، مع أنه اليقبل هذا الحمل جملة من عبارات األساطين كعبارة الخالف (٤) ونحوها، فإن نفي

البيعية وإثبات اإلباحة ال يالئم القول بأن المقصود من اإلباحة هو الملك الجائز.وأما الثاني فأبعد وجها من األول.

أما أوال: فألنه ال يمكن أن يكون مورد قصد اإلباحة محال للنزاع في إفادتهاإلباحة أم ال، بل إفادة اإلباحة في صورة قصدها من األمور الواضحة.وأما ثانيا: فألن بعض عباراتهم صريح في أنه إذا قصدا التمليك تتحقق

اإلباحة: كعبارة الغنية (٥) والسرائر (٦).--------------------

(١) الناسب الشهيد الثاني في المسالك: كتاب التجارة ج ١ ص ١٦٩ س ٣٣.(٢) جامع المقاصد: كتاب المتاجر، ج ٤ ص ٥٨. ولم نعثر على العبارة نصا، بل مضمونا.

(٣) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢٢٤ - ٢٢٥.(٤) الخالف: كتاب البيوع ج ٣ ص ٤١ مسألة ٥٩.

(٥) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب البيع ص ٥٢٤ س ٢٣ وما بعده.(٦) السرائر: كتاب المتاجر والبيوع ج ٢ ص ٢٥٠.

(١١٦)

Page 118: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وعلى هذا، فتوجيه السيد قدس سره في حاشيته على المتن عبارة الجواهر منأنه قدس سره ال ينكر أن محل النزاع هو مورد قصد التمليك، إال أنه يقول: إن مرادهممن قولهم: إنها تفيد اإلباحة أنها تفيدها في صورة قصدها (١) فغير مفيد، ألن ما هو

محل النزاع الذي هو مورد قصد التمليك هو محل األقوال األربعة أو أزيد.وبالجملة: استبعاد هذا المعنى، وهو أنه كيف يقع ما لم يقصد؟ دعاهما إلى

توجيه أحدهما اإلباحة بالملك المتزلزل، وتوجيه ثانيهما إفادة التعاطي لإلباحةبما إذا قصداها، بل قال: الثاني: أن القول باإلباحة الخالية عن الملك مع قصد

الملك مما ال ينسب إلى أصاغر الطلبة فضال عن أعاظم األصحاب (٢).ولكنه ال يخفى أن االلتزام بإفادة التعاطي اإلباحة في صورة قصد التمليك ال

استبعاد فيه، وتوجيه ذلك بوجوه:األول: ما يظهر من بعض (٣) من أن الشارع رتب تعبدا اإلباحة على الفعل

الذي أوجد بقصد التبديل في طرفي اإلضافتين، وهذا نظير ما يقال: من أن الشارعرتب على النكاح بقصد التمتع إذا نسيا ذكر األجل النكاح الدائمي.

الثاني: أن تحقق التمليك مشروط بشرط متأخر، وهو تحقق أحد الملزماتنظير توقفه في بيع الصرف على القبض، وإنما يباح التصرف في باب المعاطاة، ولم

يجز في باب الصرف، للسيرة التي هي العمدة في الباب، دون باب الصرف والسلم.وبعبارة أخرى: هذا القائل يلتزم بحصول الملك من جهة قصد التمليك وإيجاد

ما هو مصداق للبيع، غاية األمر مشروطا بأمر متأخر على نحو صحيح فيؤول إلىالبيع، ويجوز التصرف قبل حصول الملك، لتضمن التمليك اإلباحة أيضا، أو

للسيرة.--------------------

(١) حاشية المكاسب للسيد اليزدي: كتاب البيع ص ٦٧ س ٣ وما بعده.(٢) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢٢٥.

(٣) يظهر من المحقق األردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان: كتاب المتاجر ج ٨ ص ١٤٠.

(١١٧)

Page 119: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الثالث: ما وجهه به شيخنا األستاذ (١) - مد ظله - على نحو ال ينافي تبعيةالعقود للقصود، وتوضيح ذلك يتوقف على بيان أمور:

األول: أن عناوين األفعال تارة تكون عنوانا أوليا لها كعنوان الصرف والقتلوالقيام والقعود. وأخرى تكون عنوان ثانويا، توليديا كانت أو لم تكن كاالحتراقالمترتب على األلقاء فإنه مسبب توليدي، والتألم المترتب على الضرب، والتعظيم

أو اإلهانة المترتب على القيام أو القعود، والتمليك والتملك المترتبين علىالتعاطي، ونحو ذلك من العناوين الثانوية المترتبة على األفعال كالرجوع في

الطالق الرجعي الحاصل بالوطئ وكاالجارة في العقد الفضولي، والفسخ أو الردفي العقد الخياري الحاصل بالتصرفات الفعلية.

ثم العنوان الثانوي تارة يترتب على الفعل قهرا، وأخرى مع القصد، وعلى كالالتقديرين تارة يكون من األمور الخارجية، وأخرى من األمور االعتبارية.

ثم ال يخفى أن العنوان الثانوي القصدي سواء كان تأصليا أو اعتبارياال يترتب على الفعل إال إذا قصد هذا العنوان الثانوي.

وأما إذا كان قهريا فال يعتبر قصده، بل نفس قصد الفعل كاف لصدور هذاالعنوان عن قصد واختيار من الفاعل، فإن من قصد الضرب ولو لم يقصد اإليالميترتب عليه قهرا، ويصدر عنه اختيارا بل عمدا ولو قصد خالفه. وسيجئ - إن

شاء الله - في باب خيار الحيوان أن التصرفات المالكية موجبة لتحقق اإلجازة ولولم يقصد منها عنوان اإلجازة. ويشهد له قوله عليه السالم (وذلك رضا منه) (٢)، أي:

ذلكاختيار منه. وتحقق في محله أن وطئ الزوجة المطلقة الرجعية يترتب عليه

الرجوع وإن قصد به الزنا.--------------------

(١) هو الميرزا الشيرازي الكبير، له كتاب في الفقه من أول المكاسب إلى آخر المعامالت، وهوغير متوفر لدينا.

(٢) الكافي: ج ٥ ص ١٦٩ ح ٢. عنه في الوسائل: ب ٤ من أبواب الخيار قطعة من ح ١ ج ١٢ص ٣٥٠ - ٣٥١.

(١١٨)

Page 120: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الثاني: أن العناوين المنشأة بالقول أو الفعل ال بد أن يكون القول أو الفعل فيهامصداقا لهذا العنوان بالحمل الشائع الصناعي، بحيث يحمل هذا العنوان عليه

كحمل الطبيعي على مصاديقه، فإذا لم يكن الفعل مصداقا لعنوان خاص فال يكاديتحقق هذا العنوان ولو قصد تحققه منه، فلو ضرب الرجعية بالعصا ال يتحقق

الرجوع ولو قصد بضربها الرجوع، فقصد عنوان من الفعل الذي ال يكون مصداقالهذا العنوان - ال محالة - يكون من الدواعي إليجاد الفعل، فإن فعل الفاعل لو لميترتب عليه هذا الداعي ال بال واسطة وال مع الواسطة فال يمكنه قصده من الفعل،

بل ال محالة يكون الفعل من العلل االعدادية لهذا الداعي، بل لو أخطأ الفاعلوتخيل ترتبه على الفعل فال يكون الفعل أيضا مصداقا لهذا الذي تخيل ترتبه عليه،

بل يكون داعيا ال محالة.وبالجملة: الدواعي هي التي توجب إيجاد األفعال التي يترتب عليها عنوان

آخر، ويكون هذا العنوان علة إعدادية لتحقق الداعي كالسقي والحرث والزرعلحصول الحنطة ونحوها.

الثالث: أن تخلف الدواعي وغايات األفعال ال يضر بتحقق عناوينها ولو قصدمن إصدار الفعل هذه الغاية، وال يخرج الفعل عن كونه قصديا وإراديا، ألنه إذا

فرضنا أن عنوانا قصديا قصد من الفعل ألجل غاية ولم يترتب عليه هذه الغاية- كما إذا اشترى شيئا ألجل الضيف ولم يجئ الضيف - فهذا العنوان القصدي

كالتملك يحصل من الشراء، وهكذا العنوان الثانوي القهري أيضا يترتب علىالفعل ولو لم يترتب عليه غايته، وذلك واضح.

إذا عرفت ذلك فيمكن أن يوجه ما أفاده المشهور: من أنه ولو قصدابالتعاطي التمليك ال يترتب عليه إال اإلباحة، بأن الفعل حيث لم يكن بالحمل

الشائع الصناعي مصداقا للبيع فقصده وإيجاد ما هو غير مصداقه ال يفيد الملك،وذلك ألن البيع - على ما عرفت - (١) هو التبديل، وحيث إن التبديل ليس تبديال

--------------------(١) تقدم في الصفحة. ١١٥

(١١٩)

Page 121: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

خارجيا، بل تبديل أحد طرفي اإلضافة بمثله، وهذا أمر اعتباري من سنخالمعاني، وما هو موجده وآلة إيجاده هو القول فقط، فإن الفعل الماضي - مثال - هو

آلة إلنشاء ما جعل مادة لهيئته، والفعل ليس مصداقا لهذا العنوان بالحمل الشائعالصناعي، فقصد عنوان التمليك وإيجاد ما ليس مصداقا له ال أثر له. وأما ترتب

اإلباحة عليه مع عدم قصدها فلما عرفت (١): من أنه إذا كان عنوان ثانوي مترتباعلى الفعل قهرا فقصد العنوان الثانوي غير الزم، بل قصد خالفه أيضا ال يضر.

وال إشكال أن اإلباحة المالكية ليست إال التسليط الخارجي وإدخال العينمن مالكها تحت استيالء الغير، والفعل هو بنفسه مصداق للتسليط الخارجي، فقصد

التمليك منه ال يخرجه عن التسليط الخارجي.فال يقال: إن ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد، ألن عدم وقوع ما قصد إنما يضر

إذا لم يكن ما قصد من دواعي الفعل، ووقوع ما لم يقصد إنما ال يصح إذا كان الواقعمن العناوين القصدية. وأما إذا كان من العناوين القهرية فنفس قصد الفعل كاف

لوقوع العنوان الثانوي القهري. هذا غاية ما يوجه به كالم المشهور.ولكن ال يخفى ما فيه:

أما أوال: فألنه يلزم على هذا أن يكون المقبوض بالعقد الفاسد أيضا مفيدالإلباحة، ال سيما إذا كان المعطي عالما بالفساد، فإن بين المقبوض بالعقد الفاسد

والمقام وإن كان فرق - إذ القبض هناك ال ينشأ به اإلباحة، بل يقع مبنيا على العقدووفاء به، وأما القبض في المقام فينشأ به التسليط ويقع نفس الفعل مصداقا

للتسليط المالكي - ولكن هذا الفرق غير فارق، ألن قصد الوفاء في ذلك البابكقصد التمليك في المقام، فإذا كان قصد التمليك لغوا لكونه من الدواعي فكذلك

قصد الوفاء، فإذا كان نفس الفعل مصداقا للتسليط وكان نفس قصد الفعل كافيالتحقق عنوان اإلباحة فال بد أن يكون كافيا في باب المقبوض بالعقد الفاسد، مع

--------------------(١) تقدم في الصفحة: ١١٨.

(١٢٠)

Page 122: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أنه ادعي (١) االجماع على أن المقبوض بالعقد الفاسد حكمه حكم المغصوب فيعدم جواز التصرف فيه.

وأما ثانيا: فألن الفعل بنفسه ال يفيد التسليط التمليكي، وال اإلباحة، ولذا قلنا:إن المتعاطيين لو لم يقصدا عنوانا من العناوين يقع الفعل لغوا فإفادته النقل أو

اإلباحة ونحوهما إنما هو بالقصد، فالفعل بمنزلة المادة المشتركة قابلة لقصد أحدالعناوين به.

وما قلنا: من أن الفعل ال بد أن يكون بالحمل الشايعي مصداقا لعنوان ينشأ بهال ينافي أن يكون الفعل مع القصد مصداقا لذلك العنوان.

وبعبارة أخرى: لم نقل: إن الفعل المجرد عن القصد ال بد أن يكون مصداقالعنوان ما ينشأ، فإذا كان مصداقيته لعنوان بقصد ذلك العنوان فكل عنوان كان الفعل

مع قصد هذا العنوان مصداقا له ينشأ به، إال إذا كان هذا العنوان من العناوين التيال يمكن أن ينشأ بالفعل كالصلح والنكاح مثال، فإن الصلح الذي هو التسالم على

أمر ال يكون الفعل مصداقا له، وال يمكن أن يكون مما ينشأ به، وهكذا النكاح، فإنالفعل سفاح ومصداق لضد النكاح.

وبالجملة: دعوى: أن الفعل مصداق للتسليط المالكي المفيد لإلباحة دونالتمليك ال تبتني على أساس، بل الفعل مشترك بين هذين العنوانين والقرض

والعارية ونحو ذلك، ويتميز كل عن غيره بالقصد، فإذا قصد به التمليك يتحقق بهالملكية.

نعم، التمليك الحاصل به ليس الزما كما سيظهر وجهه، ولكن هذا غير عدمإفادته التمليك، فقياس التمليك بالصلح والنكاح مع الفارق.

هذا، مع أنه لو قلنا بأن الفعل مع قصد التمليك أيضا ليس مصداقا لعنوان البيعفإن الفعل ليس من سنخ األلفاظ التي ينشأ بها المعاني، بل هو مصداق للتسليط

--------------------(١) ادعاه العالمة في التذكرة: كتاب البيع ج ١ ص ٤٩٥ س ٢١.

(١٢١)

Page 123: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المالكي ليس إال، إال أنه ال شبهة أن تسليط المالك على جميع أنحاء التصرفاتالمتوقفة على الملك الزم مساو للبيع. وسيجئ - إن شاء الله - أن عناوين العقود

واإليقاعات يصح إنشاؤها بما يكون الزما مساويا لها، وال يقاس باب الالزمالمساوي بباب الكنايات والمجازات واألجناس والفصول.

إن قلت: فعلى هذا يصح إنشاء البيع بلفظ (سلطتك) على جميع أنحاءالتصرفات.

قلت: الفرق بين الفعل ولفظ (سلطتك) أنه قامت السيرة على الفعل، ولم تقمعلى هذا اللفظ، ومجرد اشتراكهما في المنشأ ما لم يقم دليل على صحته ال يفيد،

فتأمل جيدا.وثالثا: إفادة الفعل اإلباحة إنما يستقيم لو كان المقصود منها اإلباحة بالعوض

الواقعي، فإن التسليط لو لم يقصد به المجانية ال يقتضي إال ضمان المتسلط بالمثلأو القيمة، وأما ضمانه بالمسمى فهذا خالف ما تقتضيه اإلباحة، ألن الضمان

بالمسمى من آثار التمليك، فتأمل.ورابعا: المشهور القائلون باإلباحة في مورد قصد التمليك ال يفرقون بين

إباحة التصرفات الغير المتوقفة على الملك والمتوقفة عليه، مع أن اقتضاء اإلباحةجواز التصرفات المالكية متوقف على دليل، ولذا استبعد الشيخ الكبير (١) هذا

المعنى.وكيف كان القول بأن قصد التمليك من الدواعي واإلباحة من العناوين

القهرية ال يرجع إلى محصل.فاألقوى أن يقال: إن التعاطي بقصد التمليك يفيد الملك الجائز، ولكن ال منجهة حمل اإلباحة في كالم المشهور على ذلك، بل ألن هذا مقتضى القواعدالشرعية واألدلة المأثورة. أما إفادته الجواز فلما سيجئ توضيحه، وإجماله أن

--------------------(١) شرح القواعد للشيخ كاشف الغطاء (مخطوط): الورقة ٥٠.

(١٢٢)

Page 124: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اقتضاءه الجواز من جهة عدم تحقق موجب اللزوم، فإن موجبه إما الحكم الشرعيالتعبدي كما في النكاح والضمان، وإما من جهة التزام المتعاقدين به مع اإلمضاء

الشرعي كما في البيع العقدي والمعاطاة فاقدة لكل منهما.والحاصل: أن الجواز على أقسام ثالثة:

أحدها: الجواز الحكمي، كالجواز في الهبة مقابل اللزوم في النكاح.ثانيها: الجواز الحقي، كالعقد الخياري، سواء كان الخيار بجعل شرعي كخيارالمجلس ونحوه، أو بجعل من المتعاقدين كخيار الشرط، فإن الجواز على كال

التقديرين حق مالكي في مقابل اللزوم العقدي، بمعنى: أن االلتزام العقدي يملكهأحدهما أو كالهما على ما سيجئ في مبحث الخيار، ويظهر في محله أن حقيقة

الخيار هو ملك كال االلتزامين.وثالثها: الجواز، لعدم تحقق منشأ اللزوم كما في المعاطاة، فإن الفعل بقصد

تبديل أحد طرفي اإلضافة بمثله ال يقتضي إال نفس هذا التبديل، وال يدل إال علىالتزام كل من المتعاقدين بما التزما به فال التزام فيه، فال موجب للزوم، وهذا

بخالف القول، فإن قوله: (بعت) ينشأ به معنيان:أحدهما بالمطابقة، وهو تبديل أحد طرفي اإلضافة بمثله الذي يحصل بالفعل

أيضا.وثانيهما بااللتزام، وهو التزام كل من المتعاقدين بما أوجداه من التبديل،

ومن هذه الجهة يسمى التبديل القولي (عقدا وعهدا مؤكدا). وهذا المعنى ال يمكنأن يتحقق بالفعل الذي يحصل به التبديل، ألنه ليس للفعل داللة االلتزام.

نعم، قد يوجد هذا المعنى بفعل آخر: كالمصافقة، كما هو المتعارف بينالداللين، أو بين المالك والمشتري.

وأما إفادته الملكية فألن تبديل أحد طرفي اإلضافة بمثله كما يتحقق بالقولكذلك يتحقق بالفعل، غاية األمر يتوقف تحققه به على قصد التمليك منه، والدليل

عليه صدق البيع عليه عرفا، فيدل على صحته جميع األدلة الدالة على صحة البيع

(١٢٣)

Page 125: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بالقول، عدا قوله عز من قائل: (أوفوا بالعقود) (١)، الختصاصه بما يتضمن العهدالمؤكد، وما يكون فيه عقد (٢) وشد. بل لو نوقش في صدق البيع عليه فيكفي في

إفادته التمليك قوله عز من قائل: (إال أن تكون تجارة عن تراض) (٣).ومنع كونه تجارة مكابرة محضة، فإن التجارة عبارة عن التكسب، ويكفي

أيضا السيرة القطعية من زماننا هذا إلى زمان الخاتم، بل إلى هبوط آدم، على نبيناوآله وعليه السالم، فإن الناس يعاملون في المأخوذ بالمعاطاة معاملة الملك.

ولكنه ال يخفى أنه لو نوقش في صدق البيع عليه فالسيرة وآية التجارةال تفيدان إلثبات المدعى، ألنه بناء على جواز التصرفات المتوقفة على الملك

على اإلباحة أيضا فغاية ما تفيده السيرة وآية التجارة هو: جواز التصرفاتالمالكية، وهو الزم أعم.

إال أن يقال: إن السيرة قائمة على إفادته الملك، أو أنه ال معنى لإلباحةبالعوض المسمى كما أشرنا إليه وسيجئ وجهه.

وكيف كان، منع صدق البيع عليه مكابرة واضحة. ودعوى االجماع في كالمبعضهم (٤) على عدم كونه بيعا فمؤول على البيع الالزم، ال على أصل البيع، فإذاصدق عليه البيع يكفي لصحته قوله تعالى: (إال أن تكون تجارة عن تراض)، (٥)فإن المستثنى المنقطع يفيد عموم نفوذ كل تجارة عن تراض، لخروجها عن أكل

المال بالباطل.وقوله تعالى: (أحل الله البيع) (٦) بناء على تعلق الحلية بالحاصل من المصدر

--------------------(١) المائدة: ١.

(٢) في األصل المطبوع: (عقدة) والصواب ما أثبتناه.(٣) النساء: ٢٩.

(٤) كما ادعاه صريحا السيد ابن زهرة في غنية النزوع (ضمن الجوامع الفقهية) كتاب البيعص ٥٢٤ س ٢٦.(٥) النساء: ٢٩.

(٦) البقرة: ٢٧٥.

(١٢٤)

Page 126: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ظاهر في الحلية الوضعية، كسائر األحكام المتعلقة بالموضوعات الخارجية.ولكن المصنف (١) قدس سره متأمل في ذلك، ووجه تأمله مقابلة الحلية في اآلية مع

الحرمة الظاهرة في الحكم التكليفي، فإن حرمة الربا يراد منها ما يستحق علىمخالفتها العقاب، ال الفساد.

ولكنه يمكن أن يجاب عنه بأن الربا هنا بمعنى الزيادة، وهي المال المأخوذزائدا على أحد العوضين، فالحرمة فيها أيضا وضعية.

وبالجملة: فالحق في المقام أن يقال: إن الفعل الواقع من المتعاطيين بقصدالتمليك والتملك مصداق للجدة االعتبارية ويتحقق به تبديل أحد طرفي اإلضافة

بمثله، كما يتحقق به الجدة االصطالحية، ويكشف عنه السيرة المستمرة بين أهلالشرائع في إنشاء التمليك والتملك به، وتصرف المتعاطيين فيما انتقل إليهما حتى

ما يتوقف على الملك، فمنع صدق البيع عليه ال وجه له أصال، فإذا صدق عليه البيعيكون من أفراد التجارة عن تراض، ومن مصاديق قوله عز من قائل: (وأحل الله

البيع) (٢)، من غير فرق بين أن يجعل االستثناء في اآلية األولى من االستثناءالمنقطع، أو من المتصل، بأن يكون االستثناء راجعا إلى مطلق األكل، ويكون معنىاآلية: ال تتصرفوا في أموا لكم بنحو من األنحاء فإنه باطل، إال التجارة عن تراض،

ألنه - على أي حال - يدل على نفوذ التجارة عن تراض، وأنها مما يجوز.ومن غير فرق في اآلية الثانية بين أن يراد من الحلية الحلية الوضعية، أو

التكليفية.أما على األول: فواضح، فإن تعلق الحل والحرمة باألعيان الخارجية بلحاظ

تعلق فعل المكلف بها ظاهر في صحتها ونفوذها بالمطابقة.وأما على الثاني فألن متعلق الحل هو المسبب، أي نفس التمليك والتملك،

فإذا كان التمليك حالال فمعناه: أنه يتحقق كما لو قيل: إن بيع المصحف من الكافر--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع: ص ٨٣ س ١٨.(٢) البقرة ٢٧٥.

(١٢٥)

Page 127: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

حرام، فإن معناه: أنه ال يقع، ألن معنى حلية التملك وحرمته أن إيجاد المسبب بيدموجده أوليس بيده. فعلى هذا يرد على المصنف قدس سره:

أوال: بأنه ال وجه للتأمل في كون الحل في اآلية ظاهرا في الحلية الوضعية.وثانيا: أن الحلية التكليفية أيضا تفيد الصحة وتحقق البيع، ألنه ال وجه ألن

يجعل متعلق الحلية التصرفات التي هي من آثار تحقق البيع، بل نفس المسببالذي هو عنوان ثانوي لفعل المكلف أو أمر توليدي منه متعلق الحل.

فال يرد على اآليتين ما أفاده قدس سره في قوله: (اللهم إال أن يقال: إنهما ال تدالنعلى الملك، وإنما تدالن على إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على

الملك) (١).وثالثا: أن إباحة التصرفات إذا اقتضت الملك في سائر المقامات تقتضيه في

المقام أيضا.وما أفاده (٢) من أن االقتضاء في سائر المقامات باالجماع وهو مفقود في

المقام ففيه أن اقتضاءها له في سائر المقامات أيضا يوجب االقتضاء بالمقدارالالزم، وهو الملكية آنا ما، ال من أول األمر.

وبالجملة: لو قلنا: إن اآليتين ال تدالن إال على جواز مطلق التصرفات حتىالمتوقفة على الملك، فااللتزام بأن في البيع بالصيغة يستلزم جواز مطلق تصرف

الملك من أول األمر دون البيع بالفعل فإنه يستلزم فيه جواز تصرف الملك آنا ما،ال وجه له، فإن االجماع في البيع بالصيغة أيضا ال يقتضي الملك إال آنا ما.

فعلى هذا: إما ال يقتضي البيع بالصيغة الملك من أول األمر، وإما ال فرق بينهوبين البيع بالفعل.

ثم يرد عليه أنه لو لم نقل بداللة اآليتين على حصول الملكية، بل على جوازالتصرفات فكما يمكن االلتزام بالملك آنا ما كذلك يمكن تخصيص األدلة الدالة

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٣ س ٢٤ - ٢٥.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٣ س ٢٤ - ٢٥.

(١٢٦)

Page 128: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

على عدم جواز البيع والوطئ والعتق في غير الملك.وبعبارة أخرى: االلتزام بالملك آنا ما بال موجب، ألنه يمكن أن تكون

اآليتان مخصصتين لقواعد أخرى.ورابعا: اإلشكال في السيرة في المقام موجب لهدم أساس السيرة أصال

ورأسا.ثم إن ثبوت السيرة على التوريث يكشف عن حصول الملك بالتعاطي منأول األمر، فإنه ال موجب لتقدير الملك آنا ما للمورث حتى يرثه الوارث.

ثم إنه قد يستدل على حصول الملكية بالمعاطاة بعموم (الناس مسلطون علىأموالهم) (١)، بتقريب أن من أنحاء سلطنة المالك تبديل ماله بمال غيره بالفعل.

ولكنه ال يخفى أن عموم أنحاء السلطنة إنما هو باعتبار أفراد السلطنة التيثبتت للمالك كالهبة والبيع والقرض واإلجارة، فلو شك أن نوعا آخر من أنحاءالسلطنة - كالصلح - من أفراد هذا العموم فيتمسك بعموم هذه الرواية، لصحته

ونفوذه. وأما لو علم بتسلط المالك على بيع ماله ولكنه شك أن الموجد له هو الفعلأيضا أو ينحصر بالقول فليس العموم ناظرا إليه.

وبعبارة أخرى: ال يمكن التمسك بهذا العموم للمقام، وال لما شك فيه منشروط الصيغة مثل كفاية الفارسية ونحوها. هذا كله بناء على حصول الملك

بالمعاطاة.وأما بناء على القول باإلباحة فهل يمكن التمسك له بقوله: (الناس مسلطون

على أموالهم) (٢)؟ والبحث فيه يقع من جهتين:األولى: في التمسك به لسلطنة المالك على إباحة ماله لغيره باإلباحة المطلقة،

حتى المتوقفة على ملك: كالبيع ونحوه.الثانية: لتسلطه على إباحة ماله بالعوض المسمى.

--------------------(١) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢.(٢) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢.

(١٢٧)

Page 129: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أما الجهة األولى: فستجئ في ذيل البحث عن كالم المصنف في التنبيه الرابعمفصال.

وأما الثانية: فإنا وإن اخترنا في الدورة السابقة إمكان إدراج هذا النوع مناإلباحة في عنوان الصلح إال أن األقوى أن اإلباحة بالعوض المسمى ليست من

أنحاء سلطنة المالك رأسا، ألن كون المسمى عوضا يتوقف على تضمين معاملي،وهو يتوقف على أن يكون ضامن المسمى مالكا لمال طرفه، ال كونه مباحا له.

وبالجملة: مالكية المبيح للمسمى مع عدم مالكية المباح له لما أبيح لهال يجتمعان، بناء على ما تقدم من أن حقيقة المعاوضة تقتضي تبديل أحد طرفي

اإلضافة بمثله في الملكية، أو تبديل نفس اإلضافة.وعلى أي حال، ال بد أن يكون كل واحد من الطرفين من سنخ اآلخر.

وسيجئ أيضا توضيح ذلك.نعم، يصح التمسك لصحة ذلك بالسيرة القائمة على اإلباحة بالعوض المسمى،كما هو المعمول في إجارة الدور والدكاكين، فإن المسافر يستأجر الدار منالمالك ليلة بمقدار ثم يبنيان على أن كلما بقي المستأجر يعطي األجرة بذلك

المقدار، فبناء عليه نفس هذه اإلباحة بالمسمى من إحدى المعاوضات المتعارفة،ويكفي في إمضائها قوله عز من قائل: (تجارة عن تراض) (١)، فتأمل (٢).

قوله قدس سره: (هذا، مع أن ما ذكر من أن للفقيه التزام حدوث الملك عند التصرفالمتوقف عليه ال يليق بالمتفقه، فضال عن الفقيه، ولذا ذكر بعض األساطين... إلى

آخره).ال يخفى أن كالم المصنف في هذا الباب ال يخلو عن تناقض واضطراب، فإنه

--------------------(١) النساء: ٢٩.

(٢) وجه التأمل: أن التجارة هي التكسب على نحو الملك، ال مطلق انتفاع شخص من مالالغير. (منه عفي عنه).

(١٢٨)

Page 130: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قبل هذا الكالم صرح بأن للفقيه االلتزام بإباحة جميع التصرفات، مع التزامهبحصول الملك آنا ما، ال من أول األمر، وفي المقام يقول: إنه (ال يليق بالمتفقه

فضال عن الفقيه) لما ذكره من التوالي الفاسدة تبعا لكاشف الغطاء (١) قدس سره وبعد ذلك

يمنع عن فساد التوالي ويصحح ذلك.وكيف كان، فالمهم بيان ما أورده الشيخ الكبير (٢) على القول باإلباحة فيمورد قصد المتعاطيين التمليك. وتخيله أن ما ينسب إلى المشهور من إفادة

المعاطاة اإلباحة في صورة قصد التمليك مستلزم لقواعد جديدة:منها: تخلف العقد عن القصد، وبالعكس، أي ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع،فإن اإلباحة غير مقصودة لهما فكيف تقع؟ والتمليك مقصود لهما فكيف ال يقع؟

وقد تقدم (٣) منا جواب هذا اإلشكال مفصال، وهو وإن لم يكن مرضيا عندناإال أنه يرفع اإلشكال، فإن القائل باإلباحة ال يلتزم بأن الفعل مصداق لعنوانالبيع، فقصد هذا العنوان وإيجاد ما ليس مصداقا له كقصد الزارع من الزرعصيرورته حنطة وتخلفه من قبيل تخلف الداعي. وأما وقوع اإلباحة مع عدم

قصدها فلما عرفت (٤): من أنه ال يعتبر في ترتب األمور المترتبة على األفعالقهرا قصدها، بل يكفي قصد نفس ا لفعل في صدق كونها صادرة عنه اختيارا.

وأما ما أجاب به المصنف قدس سره حال ونقضا فال يفي بدفع اإلشكال وال يستقيم.أما جوابه الحلي (٥): من أن تبعية العقود للقصود وبالعكس إنما هي العقود

اللفظية، وأما المعاطاة فعند القائل باإلباحة المجردة ليست عقدا، وال قائما مقامه،ومقتضى ذلك وإن كان فسادها إال أنه ال مانع من أن يحكم الشارع بترتب

--------------------(١) شرح القواعد لكاشف الغطاء (مخطوط): الورقة ٥٠.

(٢) هو الشيخ كاشف الغطاء في شرحه على القواعد (مخطوط): الورقة ٥٠.(٣) تقدم في الصفحة: ١٢٠.(٤) تقدم في الصفحة: ١١٨.

(٥) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٤ س ١٥ وما بعده.

(١٢٩)

Page 131: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اإلباحة عليها تعبدا. وبالجملة: تبعية العقد للقصد إنما هي ألجل دليل صحة ذلكالعقد، بمعنى: ترتب األثر المقصود عليه، فال يعقل الحكم بالصحة مع عدم ترتب

المقصود عليه. وأما المعاطاة: فلم يدل دليل على صحتها حتى ال يتخلف العقد عنالقصد.

ففيه: أن تبعية العقد للقصد وبالعكس في كلمات العلماء ال تختص بالعقدالذي هو من أفراد قوله عز من قائل: (أوفوا بالعقود) (١)، بل تجري في جميعالمنشآت. وليست هذه القاعدة حكما تعبديا حتى تختص بمورد دون آخر، بل

حكم فطري ارتكازي منشؤه أن الموجد االعتباري إنما يوجد بآلة إيجاده إذاصدر عن قصد، فتحقق غير ما قصد ال يعقل في طريقة العقالء، وليس حكم الشارعفي باب العقود إال إمضاء ما هو طريقتهم، فحكم الشارع بترتب غير ما قصد لم يقم

عليه دليل خاص تعبدي.وأما جوابه النقضي (٢): من أن تخلف العقد عن القصد في المقام نظير تخلفهفي الموارد الخمسة، وهي عدم ترتب الضمان بالمسمى على العقد الفاسد، بل

ترتب الضمان الواقعي عليه، مع أن قصد المتعاقدين هو المسمى وعدم تقييدالشرط الفاسد العقد مع أنهما لم يقصدا المعاملة إال مقرونة، وعدم اعتبار انضمام

ما ال يملك إلى ما يملك مع أنهما قصداهما منضما، وعدم تأثير قصد البائع الغاصبالبيع لنفسه، وترتب غير ما قصد وهو وقوعه للمالك مع إجازته، وعدم تأثير قصد

االنقطاع وترتب غير ما قصد عليه وهو الدوام.ففيه من الغرابة ما ال يخفى:

أما األول: فألن موضوع البحث هو العقود الصحيحة ال الفاسدة، فعدم ترتبالضمان بالمسمى في العقد الفاسد ال يفيد في إثبات جواز تخلف العقد عن القصد.

--------------------(١) المائدة: ١.

(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٤ س ١٨ وما بعده.

(١٣٠)

Page 132: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فال يقال: إنهما أقدما على الضمان بالمسمى ولم يترتب عليه ولم يقدما علىالضمان بالمثل أو القيمة فكيف يترتبان عليه؟

ألنه ال أثر إلقدامهما على المسمى إذا كان ملغى عند الشارع، الختاللشروط العقد. وسيجئ في قاعدة (ما يضمن) أن منشأ الضمان بالمثل أو القيمة

إنما هو قاعدة اليد، ال األقدام على الضمان حتى يقال: إنهما أقدما على الضمانبالمسمى ال الضمان الواقعي.

وما يظهر من الشيخ (١) والمسالك (٢) من كون منشأ الضمان هو االقدامفسيجئ أن تمسكهما بقاعدة األقدام إنما هو إلثبات عدم تحقق الرافع للضمان

وهو األقدام على المجانية، فحاصل كالمهما أن منشأ الضمان في العقد الفاسد هوقاعدة اليد مع عدم قصد التبرع.

وأما الثاني: فألن الشرط الفاسد لو كان غير موجب لألثر حتى الخيار لكانالنقض واردا، وصح أن يقال: إنهما لم يقصدا المعاملة إال مقرونة به فكيف تصح مع

عدم اقترانها به؟وأما بناء على المختار من صحتها مع الخيار فال يرد النقض أصال، ألن منشأ

صحة المعاملة عدم كونها مقيدة بحيث ينتفي القصد بانتفاء القيد. وأما الخيارفااللتزام العقدي حيث إنه مرتبط بااللتزام الشرطي فتخلفه يوجب الخيار.

وبالجملة: لو قيل: إن الشرط موجب لكون المنشأ أمرا خاصا فمقتضاه أنفساده يوجب فساد العقد، وأما لو كان هناك التزام في التزام - أي التزام مرتبط

بالتزام آخر - ففساد أحدهما ال يوجب إال الخيار.وعلى أي حال، القائل بالصحة: إما مع الخيار أو بدونه ال يلتزم بأن القصد

الخاص منشأ للعقد المشروط حتى يرد النقض عليه بأنه تخلف العقد عن القصد.--------------------

(١) المبسوط: كتاب البيوع ج ٢ ص ١٤٩.(٢) المسالك: كتاب الرهن ج ١ ص ٢٣٣ س ٢ وما بعده.

(١٣١)

Page 133: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، لو التزم بأنه ليس في العقد المشروط إال التزام واحد وقصد خاص ومعذلك ال يقتضي تخلفه فساد العقد لكان النقض واردا، وهذا مما لم يقل به أحد.

وكيف كان، األمر المختلف فيه ال يناسب جعله موردا للنقض.وأما الثالث: فألن صحة بيع ما يملك وفساد ما ال يملك - سواء كان المراد منه

ما ال يقبل التملك كالخمر والخنزير، أو كان ملك الغير - إنما هو النحالل العقد إلىعقدين: أحدهما صحيح، واآلخر إما فاسد أو موقوف على اإلجازة، وال وجه

لنقضه بالمقام، ألن في كل من الجزءين لم يتخلف العقد عن القصد، وإنما صحأحدهما لكونه واجدا للشرائط دون اآلخر، لكونه فاقدا لها، ومجرد انضمام ما

ال يملك إلى ما يملك ال يستلزم االتحاد، وذلك واضح.وأما الرابع: فألن قصد الغاصب البيع لنفسه إنما هو لبنائه على كونه مالكا،

فبعد هذا البناء يوقع البيع بين ملك المالكين، فعدم وقوعه له ال يقتضي إال تخلفاالعتقاد المقارن لقصد إنشاء التبديل بين الملكين.

وبتعبير آخر: الركن في المعاوضات هو العوضين دون العاقدين، وليس البيعكالنكاح في وجوب تعيين الزوجين، فكون المالك هو البائع أو غيره ال دخل له فيصحة المعاوضة، وقصد وقوعه لنفسه ليس إال لجعل نفسه مالكا، وتخلف هذا البناء

ال يستلزم تخلف العقد عن القصد.وأما الخامس: فمع كون المسألة خالفية ال يفيد انقالب االنقطاع دائما

إلثبات تخلف العقد عن القصد، ألنه يمكن أن يقال: إن النكاح حقيقة واحدة،فقصد االنقطاع ليس إال قصد هذه الحقيقة مع خصوصية زائدة يتوقف حصولها

على ذكر األجل، فإذا نسي ذكره يقع أصل الحقيقة التي ال تتوقف على مؤونة زائدةغير إيجادها بما هو آلة إليجادها.

ونظير ذلك ما إذا كان بناء المتعاقدين البيع مع شرط خاص ونسيا ذكرالشرط، فوقوع البيع وعدم وقوع الشرط ال يوجب تخلف العقد عن القصد.

قوله قدس سره: (ومنها: أن تكون إرادة التصرف من المملكات، فيملك العين أو

(١٣٢)

Page 134: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المنفعة بإرادة التصرف بها أو معه دفعة... إلى آخره).حاصل إشكاله قدس سره أنه الزم القول باإلباحة المطلقة أحد األمرين.إما االلتزام بأن إرادة التصرف من أسباب حصول الملك، مع أن حصوله

بأسباب مخصوصة ليست اإلرادة منها.وإما االلتزام بأن نفس التصرف مملك، وهذا مع أنه ليس من األسباب

المملكة مستلزم إلشكاالت أخر تجري في تصرف ذي الخيار والواهب فيماانتقل عنهما: كاجتماع العلة والمعلول في رتبة واحدة، فإن االنتقال إلى المشتري

مترتب على الملك، والملك مترتب على التصرف، فبالتصرف يحصل الملكواالنتقال.

وكالدور، فإن صحة البيع تتوقف على الملكية، والملكية يتوقف حصولها علىالبيع، ونظير هذين اإلشكالين يأتي في التكليفيات أيضا. مثال الوطئ في غير

الملك محرم، وبه تتحقق الملكية والحلية المترتبة عليها في رتبة واحدة.وأجاب عنه المصنف قدس سره: بأنه ال بأس بالتزام كون إرادة التصرف مملكا إذا

كان ذلك مقتضى الجمع بين األصل ودليل جواز التصرف، وأدلة توقف بعضالتصرفات على الملك (١).

ونحن نقول: أوال: ليس فيما ينقل (٢) عن الشيخ الكبير قدس سره كون إرادة التصرفمن المملكات، بل إنه (٣) جعل محط اإلشكال كون نفس التصرف مملكا، وإنما

جعل المحقق الثاني (٤) اإلرادة من المملكات دفعا لإلشكاالت الواردة علىتصرف ذي الخيار، فينبغي أن يجاب على طبق إشكاله.

وثانيا: الجمع بين األدلة ال يقتضي كون اإلرادة من المملكات إال في بعضالصور.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٤ س ٢٣ وما بعده.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٤ س ٢٣ وما بعده.

(٣) شرح القواعد للشيخ كاشف الغطاء (مخطوط) الورقة: ٥٠.(٤) جامع المقاصد: كتاب المتاجر ج ٤ ص ٥٨.

(١٣٣)

Page 135: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وتوضيح ذلك: أن تصرف أحد المتعاطيين فيما أبيح له، وكذا تصرف من لهالخيار، والواهب فيما انتقل عنهما إما تصرف متلف، أو ناقل، أو ما يتوقف على

الحلية: كالوطئ.أما المتلف: ففي المقام ال يتوقف على جعل اإلرادة من المملكات، وال على

تقدير الملك آنا ما، ألن إتالف المباح له مال المبيح ال يتوقف على كونه ملكا له،بل هو كأكل الضيف والغاصب، غاية الفرق أن الضيف ليس ضامنا، وفي المقام

المتلف ضامن للمسمى، والغاصب ضامن للمثل أو القيمة.نعم، لو قلنا: إن الضمان بالمسمى ال يصح إال إذا كان الضامن مالكا للعوض

فال بد من االلتزام بالملك له آنا ما قبل التلف، ألن المال التالف ال يمكن أن تتعلق بهالملكية حين التلف، فعلى هذا الفرض أيضا ال يقتضي الجمع بين األدلة جعل

اإلرادة من المملكات، بل حكم المقام حكم إتالف ذي الخيار والواهب ما انتقلعنهما، في أن مقتضى جواز اإلتالف منهما شرعا وانفساخ العقد به، هو رجوع

التالف إلى ملك المتلف آنا ما ووقوع التلف في ملكه.وأما الناقلة - كالبيع ونحوه - فإن قلنا: إن األدلة الدالة على عدم نفوذها إال فيالملك تقتضي اعتبار وقوع سبب النقل أيضا في الملك فال بد من االلتزام بكون

إرادة التصرف من المملكات، ألن العقد ال يمكن أن يقع في الملك إال إذا كان إرادةالبيع من المملكات، وال يمكن هنا دفع اإلشكال بتقدير الملك آنا ما، ألن التقدير

الذي هو: عبارة عن رجوع الملك عن ملك مالكه ودخوله في ملك الناقلوخروجه عن ملكه إنما يتحقق بنفس النقل، ألن الملك آنا ما مما تقتضيه نفس

المعاملة، أي خروج المعوض عن ملك من يدخل في ملكه العوض يقتضي التقديرآنا ما ال غيره. فقول ذي الخيار أو الواهب أو المباح له: (بعت) يقتضي أمرين:

دخول الملك في ملك البائع، وخروجه عن ملكه.وبعبارة أخرى: معنى الملك آنا ما - أي: الملك الغير المستقيم واالعوجاجي -

وهو يحصل بنفس التصرف النقلي ال قبل ذلك، فإذا التزمنا بأنه ال بد من وقوع نفس

(١٣٤)

Page 136: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قول: (بعت) في الملك فال بد أن يكون إرادة البيع من المملكات.وأما لو قلنا: إن األدلة ال تقتضي إال وقوع المنشأ في الملك ال السبب الناقل

- كما هو الحق، ألن قوله عليه السالم: (ال بيع إال في ملك) (١) ظاهر في نفسالمسبب - فال

يلزم االلتزام بجعل إرادة التصرف من المملكات، بل يحصل بنفس قوله: (بعت)أمران:

أحدهما: دخول الملك في ملك البائع، وهو يحصل بنفس االنشاء من حيثإنه فعل من أفعال البائع.

وثانيهما: خروجه عن ملكه إلى ملك المشتري، وهو يحصل من األثرالحاصل من اإلنشاء.

وبعبارة أخرى: الفسخ في تصرف ذي الخيار - مثال - عبارة عن حل التبديل،وهو يحصل بنفس السبب، أي يتملك الفاسخ بنفس الفعل اإلصداري، ولذا يتملكبالعقد الفاسد أيضا، ويتملك المشتري باألثر الحاصل منه، أي: باسم المصدر، فال

يلزم دور، وال كون العلة والمعلول في رتبة واحدة، ألن العلة في رتبة اإلنشاء،والمعلول في رتبة المنشأ، ففي رتبة اإلنشاء يدخل الملك في ملك البائع، ويخرج

عن ملكه في رتبة المنشأ. وسيجئ توضيح ذلك في محله.وأما الوطئ فأصل اإلشكال فيه غير وارد، ألن الوطئ ال يتوقف على ملك

الرقبة، فمع فرض جوازه شرعا فهو يملك الوطئ ولو لم يكن مالكا للرقبة: كموردالتحليل.

وما أفاده المحقق القمي في جامع الشتات (٢) من أن إباحة الوطئ له مع عدمكونه مالكا للرقبة يقتضي وقوع العوض في مقابل الوطئ وهو مستلزم لحلية إجارة

البضع.--------------------

(١) مر تخريجه في الصفحة: ١٠٣.(٢) جامع الشتات: كتاب التجارة ج ١ ص ١٧٢ س ٤١ وما بعده.

(١٣٥)

Page 137: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ففيه: أن العوض في باب المعاطاة لم يجعل مقابال للوطئ، بل عوض المسمىمقابل إلباحة المالك التصرفات، وإباحته يقتضي جواز الوطئ.

وما يقال: من أن سبب الوطئ منحصر بالملك أو التحليل أو الزوجية.ففيه: بعد قيام السيرة على نفوذ جميع التصرفات حتى الوطئ، وبعد قيام

الدليل على عدم إفادة الفعل التمليك فالزم هذين األمرين: أن مجوز الوطئ ليسمنحصرا بالتحليل وملك الرقبة والزوجية، بل من أسبابه إباحة المالك له التصرف

بالعوض بالتعاطي، ولو كان هناك كالم فال بد من المناقشة في أصل إفادة المعاطاةاإلباحة، أو أصل جواز كل تصرف حتى الوطئ. وأما بعد تسليم األمرين فال يرد

محذور أصال، ألن جواز المسبب وضعا كالوطئ مستلزم لحليته شرعا.قوله قدس سره: (ومنها: أن األخماس والزكوات واالستطاعة والديون والنفقاتوحق المقاسمة والشفعة والمواريث والربا والوصايا تتعلق بما في اليد مع العلم

ببقاء مقابلة... إلى آخره).حاصل إشكاله قدس سره أن في هذه الموارد العشرة، وهكذا بالنسبة إلى صفة الغنىوالفقر يلزم - بناء على إفادة المعاطاة اإلباحة - تأسيس فقه جديد، أي االلتزام في

موارد المعاطاة بأمور مخالفة للقواعد المسلمة في غير مورد المعاطاة.فإنه كيف يتعلق الخمس والزكاة بما في يد أحد المتعاطيين مع أنه ليس

مالكا؟وكيف يجب عليه الحج؟

وكيف يتعلق حق الديان به؟وكيف يجب عليه األنفاق على من يجب عليه؟

وكيف يجوز إلزام شريكه بالقسمة؟وكيف يجوز له األخذ بالشفعة؟

وكيف يرث منه وارثه؟وكيف يجري الربا فيه، أي إذا اشترى بجنس ما في يده مع الزيادة؟ وكيف

(١٣٦)

Page 138: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يحرم عليه مع أن الربا ال يجري في غير المعاوضات الموجبة لتبديل أحد طرفياإلضافة في الملك؟

وكيف يالحظ ثلث مال الميت بالنسبة إلى ما في يده مع أنه ليس مالكا له؟وكيف يكون غنيا ال يجوز له أخذ الزكاة أو الخمس مع أنه فقير ال مال له؟

هذا، والمحقق الخراساني قدس سره في حاشيته على الكتاب حمل بعض إشكاالتالشيخ الكبير قدس سره على غير ما بيناه، فإنه في مقام الجواب قال: (ففيه أنه ال

محذورفي كثير منها: كاالستطاعة وأداء الدين والنفقة... إلى آخره) (١). فتوهم أن الشيخ

استشكل بأنه كيف يجوز أداء الدين من هذا المال الذي ليس مالكا له؟ وهكذاكيف يجوز له األنفاق منه مع أن اتحاد السياق يقتضي أن يكون إشكاله في تعلق

حق الديان، وتعلق وجوب األنفاق به ال في جواز اعطاء الدين في مقام الوفاءمنه؟

وكيف كان، فقد أجاب المصنف عنه بما ال يخلو عن اضطراب وإشكال.أما االضطراب: فألن قوله: (وأما ما ذكره من تعلق األخماس والزكوات...

إلى آخره) (٢) فهو استبعاد محض، ودفعها بمخالفتها للسيرة رجوع إليها يحتملمعنيين:

أحدهما: أنه ال نلتزم بتعلق هذه األمور بما في يد أحد المتعاطيين مع بقاءمقابله في يد اآلخر وجدانا أو تعبدا. ودعوى أن عدم التعلق مخالف للسيرة فإنها

قائمة على التعلق، ففيه أنه بناء على هذا ال يستلزم التعلق مخالفة القاعدة فإنالسيرة دليل عليه.

وثانيهما: نلتزم بتعلقها به مع عدم كونه مالكا ودفع تعلقها بمخالفته للسيرة،ألنها قائمة على أن ما ليس ملكا ال يتعلق به هذه األمور رجوع إلى السيرة، وكالم

--------------------(١) حاشية المكاسب لآلخوند: كتاب البيع ص ١٢.

(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٤ س ٢٥.

(١٣٧)

Page 139: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الشيخ الكبير ناظر إلى مخالفته للقواعد، ال مخالفته للسيرة.وأما اإلشكال فألن الجواب على كال االحتمالين ال يستقيم.

أما على األول: فألن مجرد كون السيرة دليال على التعلق ال يرفع اإلشكال،ألن أصل اإلشكال هو أنه ال يمكن أن يكون في المعاطاة وغيرها فرق.

فجوابه: بأن في المعاطاة قامت السيرة بتعلق هذه األمور بما ال يكون ملكاال يستقيم، ألن حاصل إشكاله: أنه لو قيل بتعلق هذه األمور بما ليس ملكا فال بدمن االلتزام به مطلقا، ولو قيل بعدم تعلقها به فيقال: بأن السيرة قائمة على التعلق،

فال مناص عن االلتزام بإفادة المتعاطي الملك حتى ال يكون فرق بين موارداألمالك.

وأما على الثاني: فألنه إقرار باإلشكال، ألنه التزام بتعلق هذه األمور بما اليكون ملكا، وهذا فقه جديد.

ونحن نقول: ال يرد اإلشكال إال في ثالثة موارد، وهي تعلق الخمس والزكاة،وحق الشفعة بما ال يكون ملكا، فإن الظاهر من أدلتها اعتبار الملكية.

ويظهر من صاحب الكفاية (١) أنه ال يعتبر في تعلق حق الشفعة بما بيعبالمعاطاة أن تكون مفيدة للملكية، ألن الشفعة تتعلق ببيع أحد الشريكين شقصه،سواء باعه على نحو يفيد الملكية أو ال، فالشريك الذي يملك الشقص اآلخر لهاألخذ بما أباحه شريكه لغيره بالعوض المسمى. وال يخفى صحة ما أفاده، بناء

على أن يكون نظر الشيخ الكبير إلى هذه الصورة.وأما لو كان دار مشتركة بين من كان نصفها ملكا له ومن كان نصفها مباحا له

فباع مالك النصف من غير شريكه فهل يمكن االلتزام بأن للشريك الذي كاننصفها مباحا له األخذ بالشفعة؟ فتأمل.

وأما الموارد الباقية: فتعلقها بما في يد أحد المتعاطيين ال يكشف عن--------------------

(١) حاشية المكاسب لآلخوند: كتاب البيع ص ١٣.

(١٣٨)

Page 140: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الملكية، بل يمكن أن يكون مباحا ومع هذا تتعلق به.أما االستطاعة فلحصولها ببذل الزاد والراحلة أيضا.

وأما الغنى المانع عن استحقاق الزكاة فلعدم توقفه على الملك، ولذا ال يجوزأخذ الزكاة لألقارب إذا كان من يجب عليه األنفاق عليهم مليا.

وأما تعلق حق الديان به فألنه وإن لم يكن من بيده مالكا إال أنه لكونه مالكاألن يملك باسترداد العوض أو بالتصرف فيما عنده فللغريم إلزامه بأحدهما.

وأما تعلق حق األنفاق به فألن وجوب األنفاق يدور مدار الغنى، وهو حاصلبكون ما في يد المنفق مباحا له.

وأما حق التقسيم فلعدم اختصاص وجوب اإلفراز على الشريك في الشئالمشاع بين الشخصين بأن يكون كل منهما مالكا له، بل حيث إن المباح له لهالتصرف فيما أبيح له بأي نحو من أنحاء التصرف فله إلزام شريكه بإفراز حقه

الموجب لصيرورته ملكا له.وأما مسألة اإلرث فال يبعد أن يقال: إن الموت موجب للزوم: كموت الواهب،

واللزوم هنا مساوق للملكية، بناء على أن اإلباحة الالزمة غير متصورة، هذا مع أناإلرث ال يتوقف على الملك، ألن كل ما تركه الميت من حق أو ملك يرثه الوارث.

وأما مسألة الربا فال تختص حرمته بالبيع الموجب للملك، بل يجري حتى فيالضمان بالمثل والقيمة، فضال عن الضمان بالمسمى.

وأما مسألة الوصية فلو كان المراد من االستبعاد أنه كيف يكون ما ليس ملكامخرجا للثلث؟ ففيه أنه لو قلنا: بأن المال المباح يصير ملكا بموت المباح له فال

إشكال، ألن الثلث يخرج مما يملكه حين الموت.نعم، لو قلنا بعدم صيرورته بواسطة الحيلولة - إال أن هذا ال يقتضي إال ضمان

المنافع أو النقص: فإما يستحق أجرته أو أرشه - فاألولى االستدالل له بما

(١٣٩)

Page 141: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أشرنا (١) إليه في صدر المبحث، وهو أن (على اليد) (٢) يقتضي كون الضامن ضامناللمأخوذ بجميع خصوصياته الشخصية والنوعية والمالية والصفات والسلطنة، فإذا

كان ماليته في عهدته فإطالقه يقتضي عدم الفرق بين أن يكون التعذر دائميا ومؤقتا.نعم، يرد عليه أن مع بقاء العين ال وجه لدخول مالية المال في عهدة األخذ، بل

تعلق الضامن بماليته إنما هو في طول تعلق الضمان بالعين، فإن ظاهر الحديث أننفس المأخوذ في عهدته، غاية األمر أن وجوب الرد حيث إنه ليس حكما تكليفيا

محضا يقتضي أداء ما هو هو عند التلف، إال أن يقال: إنه بمناسبة الحكم والموضوعيستفاد عرفا من الحديث الشريف: أن األخذ إما يجب عليه رد المأخوذ بشخصه،وإما ما يصدق عليه أنه أداء له ما لم يتمكن من رد شخصه، وال يرى العرف فرقابين التلف والتعذر من حيث داللة الحديث، فإن استقرار العين في عهدة الضامن

يقتضي أن يخرج من تبعات ماليته.نعم، إذا كان زمان التعذر قصيرا جدا فليست هذه المناسبة متحققة، كما أنه

ال يصدق الضرر أيضا.األمر الثالث (٣): هل المدار في التعذر على التعذر المسقط للتكليف برد العين،أو األعم منه ومن التعذر العرفي؟ وجهان مبنيان على ما تقدم من االختالف فيتقريب األصل في المسألة ولكن مقتضى األدلة عدم الفرق بين الصورتين، فإنفوت سلطنة المالك والضرر عليه مشترك بينهما، ففي مورد التعذر العرفي وإن

وجب على الضامن السعي في تحصيل العين إال أن هذا ال ينافي وجوب البدل فيزمان السعي، وال وجه إلجراء استصحاب عدم تسلط المالك الذي كان قبل

التعذر، فإنه محكوم بإطالق (على اليد)، وعموم (السلطنة)، وقاعدة (ال ضرر)،وغير ذلك من األدلة التي أقاموها على ثبوت البدل واستحقاق المطالبة.

--------------------(١) تقدمت اإلشارة إليه في الصفحة: ٦٣ - ٦٤.

(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: ٦٤.(٣) لم يذكر المؤلف رحمه الله األمر األول والثاني، فالحظ.

(١٤٠)

Page 142: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كما أن مقتضى األدلة أيضا عدم الفرق بين العلم بحصول العين واليأس منهورجائه، وال وجه الختصاصه بمورد اليأس، وليس دليل بدل الحيلولة لبيا حتى

يكون المتيقن منه صورة اليأس.ثم ال يخفى أن جهة البحث في التعذر العقلي أو العادي غير جهة البحث في

تقييد التعذر بمورد اليأس أو إطالقه، ألن اليأس من الحصول قد ال يوجب سقوطالتكليف لعدم كونه متعذرا عقال. كما أن العلم بوجدانه فيما بعد أو رجاء وجدانه قد

يوجب سقوط التكليف فعال، لكونه متعذر الحصول عقال في هذا الحال: إما للمنعالشرعي الذي هو كاالمتناع العقلي كما في اللوح الذي يوجب نزعه تلف النفس

المحترمة: أو مال غير الغاصب، وإما للمنع الخارجي التكويني، فكل من مورداليأس والعلم قابل لتقسيمه إلى التعذر العقلي والعرفي، كما أن طول الزمان وقصره

أيضا قابل لتقسيمه إليهما وإلى اليأس والعلم،فما أورده السيد قدس سره في حاشيته - بعد قول المصنف: ثم الظاهر عدم اعتبارالتعذر المسقط للتكليف - بقوله: ال يخفى أن هذا ليس مطلبا آخر، بل هو نفس

األخير الذي أيده بأن فيه جمعا بين الحقين، كما أن تعبير البعض بالتعذر هو نفسالوجه األول وهو اليأس من الوصول، فال وجه للتكرار (١). غير وارد، فتدبر.وكيف كان، لو قلنا: بأن المالك يستحق المطالبة بالبدل من الضامن بمجردأخذ المبدل - غاية األمر أنه مشروط بالتلف أو التعذر - فال فرق بين أقسام

التعذر، إال أن يكون زمانه قصيرا جدا.األمر الرابع: في األحكام المتفرعة عليه بعد ثبوته، وهي في ضمن مسائل:األولى: هل البدل ملك للمالك، أو مباح له؟ وجهان، وجهه مما قررنا في

جواب االستبعاد.ومنها: أن التصرف إن جعلناه من النواقل القهرية.... إلى آخره. وفيه: أن هذا

--------------------(١) حاشية المكاسب لليزدي: كتاب البيع ص ١٠٧ س ١٥.

(١٤١)

Page 143: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يرجع إلى اإلشكال الثاني، وتقدم (١) الجواب عنه.ومنها: أن النماء الحادث قبل التصرف إن جعلنا حدوثه مملكا له دون العين

فبعيد، أو معها فكذلك، وكالهما مناف لظاهر األكثر، وشمول اإلذن له خفي.وحاصل إشكاله: أن النماء المتصل حكمه حكم العين، وأما المنفصل فحيث

إن تسليط المبيح للمباح له على ماله ال يشمل النماء المنفصل فيدور األمر بين أنيقال بعدم جواز تصرف المباح له فيه، لعدم كونه ملكا له وال مباحا، أو يقال: نفس

حدوث النماء في يد المباح له يقتضي أن يكون ملكا له، وكالهما مما ال يمكنااللتزام به.

أما األول: فألنه خالف السيرة.وأما الثاني: فألنه بال موجب، وقد أجاب عنه المصنف: بأن القائل باإلباحة

ال يقول بانتقال النماء إلى األخذ، بل حكمه حكم أصله، ويحتمل أن يحدث النماءفي ملكه بمجرد اإلباحة (٢). وفيه: ما ال يخفى، بعد ما ظهر أن استبعاده إنما هو في

النماء المنفصل، فاختيار االحتمال األول - وهو: عدم انتقال النماء بل إباحته -ال يصح، ألن إباحته فرع شمول اإلذن له، والشيخ الكبير أنكر ذلك، وقال: شمول

اإلذن له خفي (٣).وأما االحتمال الثاني فهو عين االستبعاد الذي ذكره، وهو أنه كيف يحصل

للمباح له ملك النماء بمجرد حدوثه، مع أنه ليس من أسباب الملك؟فالحق أن يقال: إن مقتضى قوله صلى الله عليه وآله: (الخراج بالضمان) (٤) أن يكون

النماءملكا له، بناء على ما سيجئ في معنى الخبر، وإجماله أن الضمان في النبوي ليسبمعنى االسم المصدري بأن يكون معناه: من كان ضامنا لشئ - سواء كان منشأ

الضمان هو الغصب أو غيره - فمنفعته له، ألن هذا المعنى هو الذي أفتى به أبو--------------------

(١) تقدم في الصفحة: ١٣٣، ١٣٤.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٤ س ٣٣.

(٣) شرح القواعد لكاشف الغطاء (مخطوط): الورقة ٥٠.(٤) سنن ابن ماجة: كتاب التجارات ج ٢ ص ٧٥٤ ح ٢٢٤٣. عوالي الآللي: ج ١ ص ٢١٩ ح ٨٩.

(١٤٢)

Page 144: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

حنيفة، وقال اإلمام عليه السالم: (من مثل هذا الفتوى تمنع السماء قطرها واألرضبركاتها) (١)، بل معناه هو الضمان المصدري، وهو التعهد المعاملي الذي أمضاه

الشارع.وحاصله: أن كل من تعهد ضمان شئ بالتضمين المعاملي فمنافعه له، وهذا

من غير فرق بين أن يكون التضمين على نحو يفيد اإلباحة أو التمليك، فإن مقتضىإطالقه كون منافعه للضامن، ومعنى كون الشخص ضامنا لما يتملكه أو لما أبيح له:

هو أنه لو تلف يكون دركه عليه، ويكون عوضه المسمى ملكا للطرف اآلخر،وهكذا لو طرأ عليه فسخ أو انفساخ حين كونه تالفا يضمن مثله أو قيمته على

ما تقتضيه المعاملة، وهذا هو معنى الضمان في قاعدة (ما يضمن بصحيحه يضمنبفاسده).

وبالجملة: مقتضى الضمان المعاوضي أن تكون المنافع ملكا للضامن،فااللتزام بأن النماء الحادث قبل التصرف ملك للمباح له دون العين ال بعد فيه،

وهذا المعنى في النبوي وإن كان منافيا لقاعدة تبعية النماء للعين ولكنه ال يخفىجهة تقديمه عليها وإن كان بينهما عموم من وجه.

أما أوال: فألن هذه القاعدة ليست مدلوال لنص، بل حكم لبي مدركه االجماعأو العقل وليس لها اطالق بحيث يقاوم النبوي.

وأما ثانيا: فألن النبوي بمنزلة الحكم المعلل، ألنه متعرض لمنشأ ملكيةالنماء، فإن الباء في قوله صلى الله عليه وآله، (بالضمان) (٢). بمعنى المقابلة، فإذا

كانت المنافعبإزاء الضمان فيكون النبوي حاكما عليها، ألن الحكم المعلل نص في مورداالجتماع، فيكون قاعدة تبعية النماء للعين ناظرة إلى اقتضائها بحسب طبعها

األصلي. وأما إذا اقتضت معاملة انفكاك النماء عن العين في الملك فال تنافي بينها--------------------

(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٩٠ - ٢٩١ ح ٦. عنه في الوسائل: ب ١٧ من أبواب أحكام اإلجارة، ج١٣ ح ١ ص ٢٥٥ - ٢٥٦ وفيه: (في مثل هذا القضاء تحبس السماء ماءها وتمنع األرض

بركتها).(٢) مر تخريجه في الصفحة: ١٤٢.

(١٤٣)

Page 145: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبين المالزمة في الملكية بحسب الطبع األصلي.قوله قدس سره: (فالقول الثاني ال يخلو عن قوة، وعليه فهل هي الزمة مطلقا... إلى

آخره؟)قد تقدم (١) وجه قوة القول الثاني، وهو: أن الفعل بنفسه مصداق للعنوان الذي

يقصد به، فإذا قصد به التمليك يترتب عليه لو كان واجدا للشرائط ما عدا القول،وعليه فهل هي الزمة ابتداء مطلقا كما عن المفيد، (٢) أو بشرط أن يقع قبل الفعل

مقاولة من المتعاطيين، أو جائزة مطلقا؟ وجوه، اختار المصنف (٣) قدس سره األولبدعوى أصالة اللزوم في الملك، فإن الملك بعد حصوله بالتعاطي لو شك في زواله

بفسخ أحدهما فمقتضى االستصحاب بقاؤه وال يرد على هذا األصل إال أمران:أحدهما: معارضة هذا األصل باستصحاب بقاء علقة المالك األول، فإذا

تعارضا فاستصحاب بقاء العلقة حاكم على استصحاب بقاء الملك، ألن منشأالشك في اللزوم والجواز ارتفاع علقة المالك وبقاؤها، فإذا استصحبت فيرتفع

الشك في المسبب.وثانيهما: أن الثابت هو الملك المشترك بين المستقر والمتزلزل، وبعد رجوع

أحدهما يرتفع لو كان متزلزال، وكونه مستقرا مشكوك الحدوث واألصل عدمحدوثه، وال يخفى اندفاع كل منهما.

أما األول: فللشك في ثبوت عالقة أخرى للمالك غير العلقة المالكية.وبعبارة أخرى: اإلضافة التي كانت بين المالك والملك ارتفعت قطعا بنقله إلىغيره، ولم يكن هناك إضافة أخرى حتى تستصحب ليكون حاكما على أصالةاللزوم، فالشك هنا في حدوث عالقة للمالك األصلي: بالفسخ ال في بقائها.

وبعبارة ثالثة: العقد الخياري يوجب بسبب الخيار أن يحدث عالقة لذيالخيار، فهو مالك ألن يملك، ال أن العالقة األولى باقية له.

--------------------(١) تقدم في الصفحة: ١١٩ - ١٢٠.

(٢) المقنعة: ص ٥٩١.(٣) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٥ س ٤.

(١٤٤)

Page 146: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما الثاني: ففيه أوال: على فرض االختالف في حقيقة الملك، وأن الملكالالزم مباين للجائز فال مانع من إجراء االستصحاب في المقام ولو كانالمستصحب مرددا بين مقطوع االرتفاع ومشكوك الحدوث، ألن تردد

المستصحب بين األمرين صار منشأ للشك في كون الحادث باقيا أو مرتفعا.وما يتوهم (١) من عدم جريان االستصحاب في هذا القسم - الذي جعله

المصنف قدس سره في أصوله (٢) قسما ثانيا من استصحاب الكلي بالتقريب الذي بينهقدس سره رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم (

فيه واختاره السيد الطباطبائي في حاشيته (٣) على المتن - مندفع جدا، ألن حاصلاإلشكال أحد األمرين:

أحدهما: أن الشك في بقاء القدر المشترك مسبب عن الشك في حدوث ذلكالمشكوك الذي لو كان هو الحادث لكان القدر المشترك باقيا، فإذا حكم بأصالة

عدم حدوثه فيلزمه ارتفاع القدر المشترك.وثانيهما: أن وجود الكلي بوجود فرده، وعدمه بعدمه فالكلي لو كان في

ضمن الحصة الزائلة فهو مقطوع الزوال، وكونه في ضمن الحصة األخرى مشكوكمن أول األمر، وكالهما مندفعان.

أما األول: فألن الشك في بقاء الكلي وارتفاعه ليس مسببا عن الشك فيحدوث ذلك المشكوك الحدوث، بل من لوازم كون الحادث ذلك الفرد الذي ارتفع

يقينا، أو الذي بقي يقينا، وال أصل يعين أن الحادث ما هو.مثال: لو شك في أن الحادث هو المني أو البول فبعد الوضوء إذا شك في بقاء

الحدث ال يترتب على أصالة عدم حدوث المني ارتفاع الحدث إال بضميمة القطعبارتفاع الحدث في ضمن البول. هذا، مضافا إلى معارضته بأصالة عدم حدوث

البول.--------------------

(١) ظاهر التوهم من السيد اليزدي في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٧٣ س ٨.(٢) فرائد األصول ج ٢ ص ٦٣٨.

(٣) حاشية المكاسب لليزدي: كتاب البيع ص ٧٣ س ٦ وما بعده.

(١٤٥)

Page 147: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبالجملة: العدم المحمولي ال يترتب عليه األثر في المقام، والعدم النعتي ليسله حالة سابقة، فجريان أصالة عدم تحقق الحدث األكبر غير مفيد، وأصالة عدم

كون هذا الحادث من الحدث األكبر غير جار.هذا، مضافا إلى أن مجرد السببية والمسببية ال يفيد في رفع الشك عن المسببإال إذا كان الترتب شرعيا: كترتب انغسال الثوب على طهارة الماء، ال في مثلالمقام ومسألة الحدث، فإن الشارع لم يرتب ارتفاع الملك على عدم حدوث

الملك الالزم، وال ارتفاع الحدث على عدم حدوث المني.وأما الثاني: فألن الكلي عين الفرد، ال أنه منتزع عنه، فوجود الكلي إذا كان

يقينيا فتردده منشأ للشك في بقائه، وتوضيح دفع اإليرادين موكول إلى األصول،وقد دفعناهما بما ال مزيد عليه في تنبيهات االستصحاب (١) فراجع.

وأما ثانيا: فألنه ال اختالف في حقيقة الملك، وليس الجائز مغايرا لالزم فيالماهية، وإنما االختالف بينهما في السبب المملك، وهو حكم الشارع في أحدهما

بجواز الرد، وفي اآلخر بعدمه.وتوضيح ذلك: أن منشأ االختالف إما اختالف إنشاء المنشئ، أو جعل

الشارع.أما األول: فواضح أن العاقد ينشئ معنى واحدا في البيع الخياري وغيره،

فإنه يفك أحد طرفي اإلضافة ويعطي ماله لغيره من دون قصد اللزوم والجواز، معأنه ال أثر لقصد المنشئ اللزوم والجواز في البيع.

وأما الثاني: فألنه يلزم تخلف العقد، عن القصد، فإن العاقد لو أنشأ نفس القدرالمشترك فإذا خصصه الشارع في بعض الموارد بإحدى الخصوصيتين: وفياآلخر بالخصوصية األخرى يلزم تخلف العقد عن القصد. هذا على ما أفاده

المصنف (٢) قدس سره.--------------------

(١) فوائد األصول: تنبيهات االستصحاب ج ٤ ص ٤١٣ - ٤١٧.(٢) الحظ المكاسب: كتاب البيع ص ٨٥ س ٧ وما بعده.

(١٤٦)

Page 148: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ولكنه ال يخفى أنه لو جعل الشارع القدر المشترك في كل مورد متخصصابخصوصية خاصة فال بد للعاقد أن يقصد هذه الخصوصية وإال لبطل العقد رأسا، الأنه يصح على خالف ما قصده العاقد، فاألمر يدور بين البطالن والصحة بال تخلفالعقد عن القصد، ال الصحة مع تخلفه عنه حتى يقال كما في المتن: هو باطل في

العقود، لما تقدم: من أن العقود المصححة عند الشارع تتبع القصود... إلى آخره (١).وكيف كان، فالصواب في المقام: هو المراجعة إلى الوجدان، ونرى وجدانا أن

العاقد في العقود المملكة ال يقصد إال التمليك، وال ينشئ إال ذلك.وبالجملة: فالحق في وجه جريان أصالة اللزوم هو اتحاد حقيقة الملك،

واالختالف إنما هو في السبب المملك حيث حكم الشارع باللزوم في بعضاألسباب وبالجواز في اآلخر، مع أنك قد عرفت أنه لو كان االختالف في حقيقةالملك أيضا، لجرى االستصحاب في مورد الشك في أن الواقع في الخارج لشبهة

حكمية أو موضوعية من أي القسمين؟نعم، قد يستشكل في جريان االستصحاب الكلي في المقام بعين اإلشكال في

جريان االستصحاب الشخصي إذا وجد أحد الرافعين.وتوضيح ذلك: أنا قد بينا في األصول (٢) أن في القسم الثاني قد يجري

استصحاب الشخصي كما يجري استصحاب الكلي، وقد ال يجري، فإذا شك فيأنه عمل عمال يرفع الحادث المردد أم ال فيجري استصحاب بقاء الشخص

الحادث الواقعي، ونتيجته: وجوب االحتياط، وإيجاد الرافع على أي تقدير مثلالجمع بين الوضوء والغسل في الحدث المردد بين البول والمني.

وأما إذا توضأ ثم شك في بقاء الحدث الشخصي الثابت واقعا فال يجرياستصحاب الشخص، ألن الشك ليس في البقاء، بل في حدوث أي واحد من

الشخصين، وفي كل واحد منهما أحد ركني االستصحاب منتف. أما في الحدث--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٥ س ٧ وما بعده.(٢) فوائد األصول: تنبيهات االستصحاب ج ٤ ص ٤١٩.

(١٤٧)

Page 149: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األصغر فللقطع بارتفاعه، وأما األكبر فللشك في حدوثه، فعلى هذا ال يجري فيمسألة الحدث بعد إيجاد رافع أحدهما - وهكذا في الظهر والجمعة والبق والفيل

ونحو ذلك - إال استصحاب الكلي.وأما في المقام فال يجري استصحاب الكلي أيضا، ألن اختالف الملك ليس

إال بنفس االرتفاع والبقاء، فالشك في بقاء الكلي: عبارة عن الشك في أن الحادثما هو؟ فإن تنوعه بنوعين ليس باختالف السبب المملك، وال باختالف حقيقته

وماهيته من غير جهة أن أحدهما يرتفع بالفسخ واآلخر ال يرتفع، فإذا كان تنوعهبنفس اللزوم والجواز فينتفي أحد ركني االستصحاب على أي حال، ألن الملك

الجائز مقطوع االرتفاع، والالزم مشكوك الحدوث من أول األمر.وبعبارة أخرى: يعتبر في كل قضية أن يكون المحمول خارجا عن الموضوع،

أي يعتبر أن يكون الموضوع في القضية مجردا عن عقد الحمل حتى يصلحالحمل، وفي المقام حيث أنه ليس تقسيم الملك إلى القسمين باعتبار الفصول

المنوعة، وليس كالحدث المشترك بين النوعين المتخصص كل منهما بخصوصيةخاصة من غير جهة البقاء والزوال، بل جهة تقسيمه إليهما منحصرة بالبقاءواالرتفاع، فلو شك في بقاء الملك وارتفاعه فمعنى استصحاب الملك هو

استصحاب الملك الباقي، فيصير البقاء الذي هو عقد الحمل داخال في عقد الوضع،وال شبهة في خروج هذا القسم من االستصحاب من عموم (١) (ال تنقض) عقال.

ومرجع هذا اإلشكال - في الحقيقة - إلى أن النوعين من الملك متباينان بتمامهويتهما، وفي كل واحد منهما أحد ركني االستصحاب منتف كما ال يخفى.

وعلى هذا، فيمكن أن يكون وجه التأمل في كالم المصنف راجعا إلىما ذكرنا، ال إلى أنه ليس للقدر المشترك أثر كما أشار إليه بعض المحشين (٢) فإن

--------------------(١) هذا العموم مستفاد من عدة روايات الحظ الوسائل: ب ١ من أبواب نواقض الوضوء، ج ١

ص ١٧٤ - ١٧٦.(٢) يظهر هذا من السيد اليزدي في حاشيته على الكتاب: ص ٧٣ س ٨.

(١٤٨)

Page 150: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

جواز التصرف أثر للقدر المشترك بين الالزم والجائز.وبعضهم (١) أرجعه إلى أن الشك هنا في المقتضي، فقاس الملك بالحيوان

المردد بين البق والفيل، وال يخفى ضعفه، فإن الشك في المقتضي هو الذي لم يحرزفيه عمر المستصحب بحسب أمد الزمان كالمردد بين البق والفيل.

وأما الملك فإذا تحقق فال يرتفع إال بالرافع، والشك في تأثير الفسخ شك فيرافعية الموجود (٢).

قوله قدس سره: (ويدل عليه مع أنه يكفي في االستصحاب الشك في أن اللزوممن خصوصيات الملك، أو من لوازم السبب المملك... إلى آخره).

ال يخفى أن بعض المحشين (٣) أورد على هذا الكالم: بأنه كيف يكفي فياالستصحاب الشك في أن اللزوم من منوعات الملك، أو من األحكام الشرعية

للسبب المملك والحال أن مع هذا الشك ليس المستصحب محرزا.؟وفيه: أن مرجع هذا الشك ليس إلى الشك في الموضوع، ألن القدر المشترك

بين ما إذا كان الملك على قسمين، وما كان الحكم في السبب المملك على نحوينمحرز قطعا، وهو أصل تحقق الملك، فإن كل من أنشأ أمرا يتحقق منشؤه خارجا

بنفس إنشائه، وتردده بين األمرين منشأ للشك في بقائه فيستصحب.--------------------

(١) يظهر ذلك من المحقق اإليرواني في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٧٩ س ٢٨.(٢) وال يخفى أنه يمكن إرجاع الشك في المقام إلى الشك في المقتضي، بتقريب أن للتأصل

في الجعل على مختار المصنف هو الحكم التكليفي، والملكية الباقية أو المرتفعة تنتزع عنحكم الشارع بجواز التصرف دائما أو إلى زمان الفسخ، فلو شك في أن الشارع حكم

بالتصرف المطلق أو المغيى بغاية خاصة ال يمكن استصحاب جواز التصرف بعد تحقق األمرالذي احتمل كونه غاية، إذا فرض كون الحكم مغيى فالشك في المقام نظير الشك في أن

للمستصحب غاية أم ال لشبهة حكمية أو موضوعية. ولكنه ال يخفى أن الفسخ رافع للمجعول،ال أنه حد له، فإن الحد منحصر بالزمان كالليل الذي غاية لوجوب الصوم، وآخر األيام

الثالثة الذي هو غاية لخيار الحيوان، فتدبر. (منه عفي عنه).(٣) يظهر هذا من السيد اليزدي في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٧٣ س ٣١ وما بعده.

(١٤٩)

Page 151: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وال يتوهم أن الشك في المقام نظير الشك في الشبهات المصداقية.وتقريب ذلك: أنه بعد ما ظهر في وجه التأمل خروج هذا القسم من الكلي من

عموم (ال تنقض) (١) عقال فإذا شك في أن اللزوم من خصوصيات الملك حتىال يجري االستصحاب - بناء على عدم جريانه في هذا النحو من الكلي أو من لوازم

السبب المملك أي من األحكام الشرعية حتى يجري - فيشك في أن المورد منموارد جريان االستصحاب، أوليس موردا له، وكل ما كان كذلك ال يجري فيه

االستصحاب، للشك في كون المورد من مصاديق العام، وهذا نظير اعتباراالتصال بين الشك واليقين، فإنه إذا شك فيه ال يجري االستصحاب، وحكمه

حكم العلم باالنفصال. هذا ملخص ما يتوهم في المقام.ودفعه واضح، وحاصله: الفرق بين المخصص اللفظي والمخصص اللبي،

والمخصص في المقام لبي، ألن عدم جريان االستصحاب إنما هو العتبار خروجعقد الحمل عن عقد الوضع عقال، ال لقصور في اللفظ، فإذا أحرز هذا المانع

ال يمكن إجراء االستصحاب، وأما إذا شك فيه فيؤخذ بالعموم، وليس من قبيلالشك في الموضوع والشبهة المصداقية.

فالحق جريان االستصحاب في مورد الشك في أن اللزوم من خصوصياتالملك، أو من لوازم السبب المملك، هذا مع ما عرفت من أن الملك حقيقة واحدة،

وإنما االختالف من جهة حكم الشارع في األسباب، فإذا كان كذلك ففي موردالشك يستصحب المنشأ بالعقد.

وال يقال: إن االختالف في األفراد أيضا كاف في عدم جريان استصحابنفس هذه الحقيقة الواحدة، كالفرد المردد بين زيد وعمرو، مع العلم بأنه لو كان

زيدا لم يبق يقينا.ألنا نقول: فرق بين المقام والمثال، فإن زيدا وعمرا وإن كانا متفقي الحقيقة

--------------------(١) مر تخريجه في الصفحة: ١٤٨.

(١٥٠)

Page 152: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إال أن الخصوصيات الفردية دخيلة في االستصحاب، وهذا بخالف المقام فإناالختالف ليس إال من ناحية حكم الشارع في بعض األسباب باللزوم، وفي

بعضها بالجواز كما يظهر من المراجعة إلى األدلة.قوله قدس سره: (وبالجملة: فال إشكال في أصالة اللزوم في كل عقد شك في لزومه

شرعا... إلى آخره).ال يخفى أن مراده قدس سره من (كل عقد) هو العقود العهدية، ال العقود اإلذنية،

فإنها ال تجري فيها أصالة اللزوم، ألن قوام هذه العقود باإلذن، فإذا ارتفعبفسخ المالك ونحو الفسخ يرتفع المنشأ بها قطعا، وال يبقى شك حتى يستصحب

أثر العقد والمنشأ به.وأما العهدية فال فرق فيها بين التنجيزية والتعليقية.

ومناقشة المصنف (١) قدس سره في جريان قاعدة اللزوم في نحو السبق والرمايةوالجعالة لو شك في تأثير فسخ من جعل السبق - مثال - للسابق قبل وصوله إلىالمحل المعين. غير جارية، ألن االستصحاب في هذه العقود كاستصحاب عدم

النسخ في األحكام، ويا ليت أنه قدس سره عكس األمر وناقش في جرياناالستصحاب التعليقي في مثل الزبيب والتمر، ال في العقود التعليقية، فإنها من

قبيل: القضايا الحقيقية في األحكام التكليفية، وأوضحنا تنقيح ذلك فياالستصحاب (٢) فراجع.

وبالجملة: ال إشكال في جريان أصالة اللزوم في كل عقد شك في لزومهوجوازه لشبهة حكمية وكذا فيما شك في لزومه وجوازه لشبهة موضوعية، كما لو

شك في أن الواقع في الخارج هبة أو بيع، مع العلم بكون األول جائزا والثاني الزما.نعم، في دوران األمر بين الوديعة والقرض ال تجري أصالة اللزوم، لعدم إحراز

تملك من بيده المال في وقت حتى يستصحب، فمورد البحث هو العقود المملكة--------------------

(١) المكاسب: كتاب الخيارات ص ٢١٦ س ١١ وما بعده.(٢) راجع فوائد األصول: تنبيهات االستصحاب ج ٤ ص ٤٦١.

(١٥١)

Page 153: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المشكوك جوازها أو لزومها، فمن يدعي اللزوم هو المنكر لمطابقة قوله لألصل،واحتمال كون المقام من باب التداعي إذا كان مصب الدعوى تعيين العقد الواقع

في الخارج - كما يظهر من صاحب الجواهر (١) قدس سره تبعا لبعض (٢) من تقدمعنه،

وتبعه السيد الطباطبائي في حاشيته (٣) على المتن، وفي بعض كلماته في كتاب (٤)القضاء - احتمال ال يعتنى به كما أوضحناه في كتاب (٥) القضاء.

وإجماله: أن باب التداعي هو ما كان قول كل منهما مطابقا لألصل أو مخالفا،وأما إذا كان قول أحدهما مطابقا لألصل دون اآلخر فهو باب المدعي والمنكر،

وكيفية تحرير الدعوى ال أثر لها، بل المدار على الغرض منها على وجه يرجع إلىأثر عقالئي كتأثير الفسخ، أو اشتغال ذمة اآلخر، أو نحو ذلك، ال إلى مجرد إثبات

أن العقد صلح بال عوض، أو هبة غير معوضة، وإال ال تسمع هذه الدعوى رأسا،فإنها كدعوى أن بر أفريقيا كذا مساحة.

ثم ال يخفى أن النزاع تارة في اللزوم والجواز، وأخرى في الضمان وعدمه.ففي األول المنكر هو مدعي اللزوم، وفي الثاني المنكر هو مدعي الضمان

على المشهور والمختار خالفا لمن تمسك بأصالة البراءة، وذلك ألن مقتضىقاعدة (اليد) مع أصالة عدم إقدام مالكه األصلي على المجانية هو الضمان، فإنموضوع الحكم مركب من عرضين لمحلين، وهو اليد على ملك الغير المحرزبالوجدان مع عدم إقدام مالكه على التبرع المحرز باألصل، فإذا تم الموضوع

يترتب عليه الحكم وهو الضمان.--------------------

(١) جواهر الكالم: كتاب القضاء ج ٤٠ ص ٤٥٨.(٢) كالشيخ في المبسوط: كتاب الدعاوي والبينات ج ٨ ص ٢٦٣. ونسبه في المسالك إلى

بعض المتأخرين، راجع مسالك األفهام: كتاب القضاء ج ٢ ص ٣٩٣ س ٣٧.(٣) حاشية المكاسب للسيد اليزدي: كتاب البيع ص ٧٤ س ٣ وما بعده.

(٤) كما في العروة الوثقى: كتاب القضاء ج ٣ ص ١٦٦.(٥) كتاب القضاء (مخطوط): ص ١٦.

(١٥٢)

Page 154: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقد بينا في األصول: (١) أن التمسك بقاعدة (على اليد) للحكم بالضمان فيموارد الشك في المجانية، ورافع الضمان ليس من باب التمسك بالعموم في

الشبهات المصداقية، وال من باب قاعدة (المقتضي والمانع) وال من باباستصحاب العدم النعتي في حال عدم الموضوع، بل لما ذكرنا من أن الضمان

مترتب على وضع اليد على مال الغير مع عدم إحراز المجانية الذي هو العدمالنعتي حال وجود الموضوع، فإن التبرع والتضمين من نعوت المالك، فلو لم يكن

متبرعا في وقت يستصحب عدم التبرع، وال يعارض بأصالة عدم قصد التضمين،فإن ضمان مال الغير ال يتوقف على القصد، فتدبر جيدا.

ويظهر من السيد الطباطبائي في كتاب القضاء من العروة (٢) أنه لو كان محلالنزاع هو البيع أو الهبة فاألصل البراءة، وأما لو كان النزاع في إذن المالك فيالتصرف في ماله مجانا أو مع العوض فاألصل االشتغال، لجريان قاعدة احترام

مال المسلم في الثاني دون األول، لالتفاق على حصول الملك للمتصرف في هذهالصورة.

ولكن ال يخفى عدم الفرق بين القسمين، فإن في األول وإن اتفقا على كونالمال ملكا للمتصرف إال أنه علم كونه ملكا لغيره سابقا، فمع عدم إحراز المجانية

يقتضي أن ال يخرج عن ملكه بال عوض.هذا، مع أن في مورد بقاء العين ال أثر لدعوى مدعي الهبة للعلم اإلجمالي إما

بتأثير فسخ الواهب لو كان مدعي الهبة متهبا واقعا، وإما بضمانه لو كان مشتريا.قوله قدس سره: (ويدل على اللزوم مضافا إلى ما ذكر: عموم قوله: (الناس

مسلطون على أموالهم) (٣).... إلى آخره).ال يخفى تمامية االستدالل بهذه المرسلة المعروفة بين الفريقين، وباآليتين (٤)

الشريفتين.--------------------

(١) فوائد األصول: ج ٢ ص ٥٣١ - ٥٣٣.(٢) العروة الوثقى: ج ٣ ص ١٧٣.(٣) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢.

(٤) النساء: ٢٩. والمائدة: ١.

(١٥٣)

Page 155: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أما المرسلة فألن مقتضى السلطنة التامة للمالك على ماله أن يجوز له جميعأنحاء التصرفات المباحة في ماله وقصر سلطنة الغير عنه، فالخبر الشريف متضمنلعقدين: إيجابي وسلبي، ولو لم يكن مفيدا للعقد السلبي فال يكون مثبتا للسلطنة

التامة للمالك، فاسترجاع المال عنه بال رضا منه بفسخ ونحوه مناف لسلطنته.والمناقشة (١) في العقد اإليجابي فضال عن السلبي - بتقريب أن الرواية في

مقام بيان عدم محجورية المالك ال في نفوذ جميع تصرفاته - غير مسموعة، فإنهال قصور في عموم الناس، وال في إطالق السلطنة، ومقتضى مقابلة الجمع بالجمع

أن يكون كل أحد مسلطا على ماله بأي نحو من أنحاء السلطنة، ومن أنحاءالسلطنة منع الغير عن التصرف في ماله.

وال يقال: إن سلطنة المالك ال ينافي الخيار بناء على كونه متعلقا بالعقد البالعين.

فإنا نقول: وإن كان الخيار على المختار متعلقا بالعقد دون العين إال أن تعلقهبه طريقي ال موضوعي، ألنه متعلق به طريقا السترجاع العين. فباآلخرة إذا كان

لغير المالك حق استرجاع العين يستلزم أن تكون سلطنة المالك ناقصة، وبالعمومندفع هذا الحق أيضا.

ثم إن مما ذكرنا في تقريب االستدالل ظهر أن التمسك به ألصالة اللزوم ليسمن قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية بأن يقال: مع الشك في تأثير الفسخيشك في بقاء اإلضافة، فالتمسك به من التمسك بالعام مع الشك في المصداق،

وذلك ألن العموم يرفع الشك في تأثير الفسخ، لتنافي تأثيره مع العقد السلبي، فإنمقتضى السلطنة التامة أن ال يكون لغيره التملك منه.

نعم، التمسك به في الشبهات الموضوعية تمسك بالعام في الشبهة المصداقية،فإنه مع الشك في أن الواقع بيع أو هبة ال يمكن رفع الجواز بعموم (الناس

--------------------(١) يظهر هذا من اآلخوند في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ١٢.

(١٥٤)

Page 156: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

مسلطون) (١)، الحتمال كونه من مصاديق ما ثبت فيه شرعا سلطنة غير المالك علىملك المالك، وهذا بخالف الشبهة الحكمية، والفرق بينهما واضح، فإن مرجعهما

إلى الشك في أصل التخصيص والشك في مصداق المخصص.وأما اآليتين: فآية التجارة عن تراض (٢) إفادتها اللزوم حتى في المعاطاة

ظاهرة - سيما بناء على ما تقدم من جعل االستثناء متصال - بأن يكون مفادها التتصرفوا في أموالكم بنحو من األنحاء فإنه باطل إال بالتكسب عن الرضا، فبدون

رضا المالك ال يمكن التصرف في ماله إال في الموارد التي رخص الشارعالتصرف فيها.

وأما آية (أوفوا بالعقود) (٣) فداللتها على اللزوم فيما عد عقدا ال إشكال فيه،سواء قلنا بأن الملكية ونحوها من األحكام الوضعية - كاللزوم في المقام - منتزعة

عن الحكم التكليفي كما هو مختار المصنف (٤)، أو قلنا بتأصلها في الجعل وانحصاراالنتزاعية في الشرطية والجزئية والمانعية والسببية على ما هو المختار. وسيجئ

في أول الخيارات توضيح ذلك.وإجماله: أنه بناء على التأصل فمفاد قوله عز من قائل: (أوفوا بالعقود) (٥)

هو أن العقد الزم ال ينحل، فيكون األمر فيه إرشادا إلى هذا المعنى وكناية عنه.وأما بناء على االنتزاعية فمفاده وجوب الوفاء بكل عقد في كل زمان بالنسبة

إلى كل طار، فإذا كان مطلقا بالنسبة إلى جميع األزمنة وبالنسبة إلى كل زمانيفالزمه بقاء وجوب الوفاء حتى بعد الفسخ، والزمه عدم تأثير الفسخ.

وال يقال: إذا بقي العقد يجب الوفاء به مطلقا، ومع الشك في بقائه الحتمالتأثير الفسخ فال موضوع حتى يجب الوفاء به.

ألنا نقول: بناء على االنتزاعية ال بد أن يكون الحكم التكليفي المتأصل على--------------------

(١) مر تخريجه في الصفحة:(٢) النساء: ٢٩.(٣) المائدة: ١.

(٤) المكاسب: كتاب الخيارات ص ٢١٥ س ١٨ وما بعده.(٥) المائدة: ١.

(١٥٥)

Page 157: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نحو يناسب انتزاع اللزوم منه، والمناسب له أن يتعلق الوفاء بالمعنى المصدري،أي االلتزام والتعقيد، ال العقدة والملتزم به، فإذا كان االلتزام بما التزم به واجبا

فمعناه أن كل واحد من المتعاقدين ليس مالكا اللتزامه الذي ملك صاحبه.وبالجملة: داللة اآلية على اللزوم في المعامالت اللفظية ال إشكال فيها، كما ال

إشكال في عدم داللتها عليه في المعاطاة، لعدم إمكان إفادتها له ثبوتا، مضافا إلىقيام االجماع على الجواز.

ومخالفة المفيد (١) قدس سره غير معلومة، والمصنف (٢) قدس سره وإن استشكلفي هذا

االجماع بأن قول األكثر بعدم اللزوم من باب عدم التزامهم بإفادتها الملكية إالأنه قدس سره أجاب عنه باالجماع المركب، فإن أصحابنا بين قائل بالملك الجائز،

وبينقائل بعدم الملك رأسا، فالقول بالملك الالزم قول ثالث، ألنه مخالف لالجماع

البسيط المتحصل من المركب، فإن مرجع القولين إلى عدم إفادتها اللزوم.وإشكاله عليه بقوله: (فتأمل) (٣) - الراجع ظاهرا إلى عدم جامع بين السالبة

بانتفاء الموضوع والسالبة بانتفاء المحمول حتى يكون هذا الجامع متفقا عليه بينالفريقين - غير وارد، فإن مجرد عدم وجود الجامع بين السالبتين ال يضر

باالجماع، إلمكان قيامه على عدم إفادة المعاطاة اللزوم.وكيف كان، فالحق عدم إمكان إفادتها له ثبوتا، وذلك ألن اللزوم المتصور في

باب العقد على قسمين: لزوم حكمي تعبدي، ولزوم حقي.فاألول: كما في باب النكاح والضمان والهبة لذي الرحم، ونحو ذلك من

القربات التي ال رجعة فيها، فإن في باب النكاح - مثال - يستكشف من عدم صحةاإلقالة، وعدم صحة جعل الخيار ألحد الزوجين أن اللزوم فيه حكم شرعي

تعبدي من لوازم ذاته، ويقابله الجواز في الهبة لغير ذي رحم فإنه أيضا حكم--------------------

(١) تقدم في الصفحة: ١٤٤.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٦ س ١ وما بعده.

(٣) المصدر نفسه.

(١٥٦)

Page 158: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تعبدي، وإال كان قابال لإلسقاط.والثاني: كما في باب العقود المعاوضية اللفظية، تنجيزية كانت: كالصلح والبيع

واإلجارة، أو تعليقية: كالسبق والرماية، فإن بقوله: بعت ينشأ أمران:أحدهما: مدلول مطابقي للفظ، وهو تبديل أحد طرفي اإلضافة بمثله الذيينشأ بالفعل أيضا، ألنه أيضا مصداق لعنوان البيع بالحمل الشائع الصناعي.

وثانيهما: مدلول التزامي له، وهو التزامهما بما أنشئ وهو يختص بما إذا أنشئالتبديل باللفظ دون الفعل، فإن الداللة االلتزامية بحيث ترى في العرف والعادة

مالزمة بين تبديل طرف إضافة بمثله، والتزام البائع بكون المبيع بدال عن الثمن،والتزام المشتري بكون الثمن عوضا عن المثمن تجري في اللفظ.

وأما الفعل فقاصر عن إفادة هذا المعنى فإن غاية ما يفيده هو تبديل أحدطرفي اإلضافة بمثله إذا قصد منه.

وأما التزام البائع ببقاء بدلية المبيع للثمن فليس الفعل داال عليه، فلو فرض أنالمتبايعين قصدا التبديل وقصدا بقاءه على ما هو عليه - فحيث إن البناء القلبي في

باب العقود ال أثر له إال إذا أتى بما هو مصداق لهذا العنوان، وليس الفعل وأما التزامالبائع ببقاء بدلية المبيع للثمن فليس الفعل داال عليه، فلو فرض مصداقا لهذا - فال

أثر له، فعلى هذا ال يمكن ثبوتا أن يفيد الفعل االلتزام العقدي، بل هو خارجبالتخصص عن عموم (أوفوا بالعقود) (١) فإن العقد إنما يسمى عقدا لكونه مفيدا

للعهد المؤكد والميثاق والتعهد والفعل قاصر عن إفادة هذا المعنى.نعم، يمكن إيجاد هذا المعنى بالفعل أيضا، إال أنه ال بالتعاطي، بل بالمصافقة

ونحوها.وأما باب األلفاظ: فحيث إن المالزمات العرفية من أنحاء المدلوالت والعرفيرى من أوجد البيع بلفظ (بعت) أنه التزم ببقائه على ما أنشأه فيمكن أن ينشأ

بلفظ (بعت) معنيان: أحدهما: نفس التبديل، وثانيهما: التزامهما بما التزما به منالتبديل.

--------------------(١) المائدة: ١.

(١٥٧)

Page 159: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إن هذا اللزوم العقدي حق مالكي أمضاه الشارع بقوله: (أوفوا بالعقود) (١)فإنه إذا كان من منشآت المتعاقدين ال من التعبد الصرف يصير حقا مالكيا، ولذايجري فيه اإلقالة وحق الفسخ، فإنه لو كان اللزوم من لوازم ذات المنشأ لما صح

جعل الخيار في مقابله، سواء كان بجعل شرعي كخيار الحيوان والمجلس، أوبجعل من المتعاقدين كخيار الشرط.

وعلى هذا، فأصالة اللزوم المستفادة من العمومات - مثل قوله صلى الله عليه وآله:(الناس

مسلطون) (٢) وقوله عليه السالم: (ال يحل) (٣) وقوله عليه السالم: (البيعان بالخيار)(٤) وقوله عز

من قائل: (أوفوا بالعقود) وقوله: (ال تأكلوا أموالكم) (٥) وقوله: (إال أن تكونتجارة عن تراض) (٦) - تختص بالعقود اللفظية، وال تشمل المعاطاة تخصصا.

أما آية (أوفوا) فواضح، لما ذكرنا من أنها ليست عقدا.وأما (البيعان بالخيار) فألن اللزوم الحاصل باالفتراق حيث إنه جعل مقابال

للخيار فيختص بالبيع الذي كان االلتزام الحاصل منه من منشآت المتعاقدين.وأما سائر األدلة فحيث إن المستفاد منها ليس اللزوم الحكمي بل اللزوم

الحقي فال تشمل المعاطاة، فعلى هذا ال تكون المعاطاة الزمة، ال بجعل شرعيتعبدي، وال بجعل شرعي حقي، فيكون جائزا بمعنى عدم تحقق موجب اللزوم.

وعلى هذا، فالجواز على أقسام ثالثة: الجواز الحكمي التعبدي كالهبة،والجواز الحقي كالبيع الخياري، والجواز من جهة عدم تحقق منشأ اللزوم

كالمعاطاة.--------------------

(١) المائدة: ١.(٢) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢.

(٣) مسند ابن حنبل: ج ٥ ص ٧٢، عنه وسائل الشيعة: ج ٣ ص ٤٢٤ - ٤٢٥ ب ٣ من أبوابمكان المصلي ح ١ - ٣.

(٤) الكافي: ج ٥ ص ١٧٠ ح ٥، ٦، عنه في الوسائل: ج ١٢ ص ٣٤٥ - ٣٤٦ ب ١ من أبوابالخيار، ح ١، ٢، ٣.

(٥) النساء: ٢٩.

(٦) النساء: ٢٩.

(١٥٨)

Page 160: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إنه ال تنافي بين كون اللزوم من مقتضيات ذات النكاح والضمان، وبينثبوت خيار الفسخ في بعض الموارد، كالعيوب في الرجل والمرأة، واشتراط بنتالمهيرة في النكاح، وإعسار الضامن مع عدم علم الدائن في باب الضمان، وذلك

إلمكان التخصيص، فإن كل حكم تعبدي قابل للتخصيص.وبالجملة: لو كان االلتزام فيهما حقيا ومن منشآت المتعاقدين لم يختص

الخيار بمورد خاص بل صح جعل الخيار مطلقا، ألنه لو كان منشأ اللزوم التزامالمتعاقدين لصح جعل ملكية كال االلتزامين ألحدهما أو لكليهما، ولصح اإلقالة

منهما، فمن عدم صحة جعل الخيار وعدم جواز اإلقالة يستكشف أن اللزومحكمي.

قوله قدس سره: (بقي الكالم في الخبر الذي تمسك به في باب المعاطاة... إلىآخره).

ال يخفى أن قوله عليه السالم: (إنما يحلل الكالم ويحرم الكالم) (١) حيث إنه ورد فيباب شراء الشئ ممن ليس مالكا له وفي باب المزارعة فال بد أن يكون له معنىيمكن تطبيقه على كال البابين بحيث يكون كبرى كليا لهما، وإال يلزم خروج

المورد.فيجب أوال بيان محتمالت هاتين الكلمتين في حد ذاتهما، ثم تطبيقهما على

محل ورودهما.فنقول: الوجوه المحتملة خمسة:

األول: أن يكون المراد انحصار المحلل والمحرم باللفظ دون القصد المجرد،ودون الفعل مع القصد، وبناء عليه يلزم عدم إفادة المعاطاة لإلباحة والتمليك.الثاني: أن يكون المراد أن المضمون الواحد يختلف حكمه باختالف األلفاظالمفيدة له، مثال: البينونة تتحقق بقوله: (أنت طالق) دون (أنت برية)، وعلقة

--------------------(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٠١ ح ٦، وسائل الشيعة: ب ٨ من أبواب أحكام العقود ح ٤ ج ١٢ ص

٣٧٦، و ج ١٣ ح ٤، ٦، ١٠ ص ٢٠٠.

(١٥٩)

Page 161: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الزوجية تحصل بقولها: (متعتك) دون (سلطتك على بضعي) وهكذا، وحاصل هذاالمعنى: أنه يختلف الحكم باختالف األداء والتعبير وإن كان كل واحد من اللفظين

بمعنى واحد.الثالث: أن يكون المراد أن الكالم الواحد قد يكون محلال إذا صدر في محل،

وقد يكون محرما إذا صدر في محل آخر، مثال: عقد النكاح يكون محرما إذا كانالعاقد محرما، بخالف ما إذا كان محال.

وأما ما أفاده (١) في المتن باعتبار الوجود والعدم ففي غاية البعد.الرابع: أن يراد منه أن العبارة الواحدة تختلف حكمها باعتبار قصد اإلنشاءمنها، أو صرف المقاولة والمواعدة - مثال - بناء على صحة النكاح بلفظ

(أزوجك)، فإذا وقع هذا اللفظ في زمان العدة بقصد إنشاء التزويج فيحرم، وإذاوقع مواعدة فال يحرم، وهكذا في الشراء من الدالل، فإذا أنشأ الدالل البيع قبل أن

يشتريه من مالكه يحرم، وإن كان مقاولة يحلل، أي ال يحرم.وبعبارة أخرى: يراد من الكالم المحلل األخبار والمقاولة، ومن المحرم

اإلنشاء وإيجاب البيع.الخامس: أن يراد من الكالم نفس معنى اللفظ، ال اللفظ بمعناه، فيصير حاصله

أن البيع قبل الشراء محرم، وبعده محلل، وهكذا في باب المزارعة جعل شئ بإزاءالبقر والبذر محرم، وجعله بإزاء عمل الزارع محلل.

ثم إن المعنى األول ال ينطبق على باب المزارعة، فإن الظاهر من الكالم فيالفقرتين أن المضمون الواحد يختلف حكمه باختالف التعبير، فإذا جعل في مقابلالبذر والبقر شيئا يفسد، وإذا جعل بإزاء عمل العامل يصح، مع أن المقصود واحد

في الحقيقة، فإن العامل لو لم يكن منه البذر والبقر ال يجعل بإزاء عمله هذا المقدار.وما يقال (٢) من كون المراد منهما في باب المزارعة أن القصد ال يؤثر بدون

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٦ س ٢٤ وما بعده.

(٢) كما عن السيد اليزدي في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٧٥ س ٧.

(١٦٠)

Page 162: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اإلنشاء اللفظي، وإنما المؤثر هو اإلنشاء. فخالف الظاهر، ألن مع فرض اإلنشاءعلى نحوين أجاب اإلمام عليه السالم بأن أحدهما محرم، فالظاهر من الكالم في كالالبابين هو المعنى الثاني، وهو أن الغرض الواحد - وهو الربح في باب البيع، وجعل

العوض للبذر والبقر في باب المزارعة - لو عبر عنه بكالم خاص يفسد، ولو عبربكالم آخر يصح، وهذا ال يدل على اعتبار اللفظ في الصحة والفساد، لعدم كونه

ناظرا إلى هذه الجهة أو المعنى الثالث، بناء على ما احتمله المصنف (١) قدس سر ه.من أن المحللية بالكالم باعتبار عدم البيع قبل الشراء، وباعتبار عدم الجعل

للبذر والمحرمية به باعتبار البيع والجعل للبذر، وهذا االحتمال وإن كان جامعابين البابين إال أنه ال يخفى ضعفه، ألن نسبة المحللية إلى عدم الشئ ال تصح، فإنالعدم ال يؤثر في الصحة، ولو أمكن التفكيك في معنى الفقرتين بين البابين لكاناألنسب بالنسبة إلى الشراء من غير المالك هو المعنى الرابع، بأن يكون األلف

والالم للعهد، أي يحلل الكالم وهو المقاولة، ويحرم الكالم وهو البيع.وعلى أي تقدير ال تدل الرواية على اعتبار اللفظ في المعامالت، إال أن يقال -

كما أفاده المصنف (٢) قدس سره -: إن هذه الفقرة على أي حال تدل على انحصارالمحلل

والمحرم باللفظ وإن لم يستظهر منها المعنى األول، وذلك ألنه لو انعقد البيعبالمعاطاة لم يصح حصر المحرم بالكالم، إلمكان بيع ما ليس عنده بالمعاطاة.

ولكنه قدس سره أجاب (٣) عن هذا اإلشكال بأن وجه انحصار المحرم بالكالم فيهذا المورد من باب عدم إمكان المعاطاة، إذ المبيع ليس عند الدالل، ثم أمر

بالتأمل، ووجهه ظاهر، وهو:أوال: إمكان كون المبيع عند الدالل فيبيعه من المشتري، ثم يشتريه من مالكه.

وثانيا: كفاية التعاطي من طرف واحد.--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٦ س ٢٤.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٦ س ٣٢ وما بعده.

(٣) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٦ السطر الثالث قبل األخير وما بعده.

(١٦١)

Page 163: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وكيف كان، فال يخفى أنه على فرض إفادة الرواية للحصر فالحصر إضافي،ألن حصر المحلل بالكالم إنما هو بالنسبة إلى إيجاب البيع قبل الشراء، وكذا حصر

المحرم بالكالم إنما هو بالنسبة إلى المقاولة، ال عدم تأثير الفعل رأسا.وبعبارة أخرى: إذا كان مفاد الرواية حصر كل من المحلل والمحرم بالمقاولة

والبيع - أي كل واحد بالنسبة إلى اآلخر، ال حصر أصل المحلل والمحرم باللفظ -فال يمكن التمسك بها، لبطالن المعاملة المعاطاتية، لعدم استفادة عدم تأثير الفعل

مع القصد منها، لعدم كونها ناظرة إليه.قوله قدس سره: (وينبغي التنبيه على أمور: األول... إلى آخره).

مقصوده قدس سره من هذا التنبيه أمران:أحدهما: بيان اعتبار جميع شروط البيع العقدي في المعاطاة مطلقا، أو عدمه

مطلقا، أو التفصيل.والثاني: لحوق أحكام البيع لها، وعدمه، ففيه مقامان:

أما المقام األول: فالحق اعتبارها فيها مطلقا. أما على المختار من إفادتهاالتمليك فألنها بيع عرفا فيشترط فيها ما يشترط في البيع.

ودعوى: انصراف البيع إلى البيع العقدي فتختص شروط البيع به، غيرمسموعة، ألن االنصراف إنما يتم إذا كان صدق المفهوم على المعاطاة ضعيفا

بحيث تكون خارجا عن حقيقة البيع بنظر العرف واقعا، وال شبهة أنها ليست كذلك.وبالجملة: اختصاص األدلة الدالة على اعتبار الشروط في العوضين أو

المتعاقدين بالبيع المنشأ باللفظ ال وجه له.وأما بناء على القول باإلباحة فعلى ما اختاره صاحب الجواهر: (١) من أن

إفادتها اإلباحة إنما هي في صورة قصد اإلباحة فألنه لو كان الدليل على صحةاإلباحة بالعوض هو قوله عليه السالم: (الناس مسلطون على أموالهم) (٢) لكان إطالقها

--------------------(١) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢١٧ - ٢١٨.

(٢) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢.

(١٦٢)

Page 164: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

مفيدا لصحتها ولو مع فقد الشروط.وأما بناء على ما تقدم وسيأتي من أن قوله عليه السالم: (الناس مسلطون) ليس

ناظرا إلى باب األسباب وال يدل على مشروعية صاحب المال وتسلطه علىاألحكام فينحصر دليلها بالسيرة، وال خفاء أن المتيقن فيها صورة استجماع

المعاطاة لجميع ما يعتبر في البيع إال الصيغة.وأما على ما وجهنا به قول المشهور: من أن المتعاطيين وإن قصدا التمليكولكن حيث إنهما يوجدان مصداق التسليط فيترتب عليه اإلباحة فألن دليلصحتها أيضا هو السيرة، والمتيقن منها صورة استجماعها لجميع الشرائط.

وأما على ما يستفاد من كالم الشيخ الكبير (١) واعترف به المصنف (٢) في المتن:من أن المتعاطيين يقصدان التمليك ويوجدان مصداق هذا العنوان - وإنما حكم

الشارع باإلباحة تعبدا على خالف ما قصداه - فألن الدليل على ذلك إما السيرة أواالجماع، وهما يقتضيان الصحة في مورد استجماع جميع شروط البيع.

وبالجملة: سواء قلنا بأن المعاطاة بيع أو معاوضة مستقلة كما ذكره الشهيد قدس سرهفي موضع من الحواشي (٣) فالحق اعتبار جميع الشروط فيها.

ثم إنه قد ظهر سابقا أن الوجه األخير - وهو حكم الشارع باإلباحة تعبداعلى خالف ما قصده المتعاطيان - وإن كان مستعبدا كما عده الشيخ الكبير (٤) منمستبعدات ما اختاره المشهور ولم يكن نقوض المصنف قدس سره عليه واردا إال أنه

بناء على كون مقصود المشهور هذا الذي استفاده الشيخ الكبير، ال ما وجهنا بهمقصودهم، فاعتبار الشروط فيها أيضا مما ال إشكال فيه، مع أنه يمكن توجيه

آخر لكالمهم بحيث ال يرد عليه هذا اإلشكال، وهو أنه يمكن أن يجعل الشارع--------------------

(١) شرح القواعد لكاشف الغطاء (مخطوط) الورقة ٥٠.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٥ س ١٣ وما بعده.

(٣) حكاه في الجواهر: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢٢٦.(٤) شرح القواعد للشيخ كاشف الغطاء (مخطوط): الورقة ٥٠.

(١٦٣)

Page 165: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

لحصول الملك شرطا آخر، وهو التصرف أو التلف ونحو ذلك من الملزمات، كمااعتبر لحصوله القبض في الصرف والسلم. فقول المشهور باإلباحة إنما هو قبلاألول إلى البيع، أي قبل حصول الشرط، فعلى هذا إذا قصد المتعاطيان التمليك

وأوجدا مصداق هذا العنوان واعتبر شرعا في تحققه شرط متأخر - وهو التصرفأو التلف، كشرطية القبض في حصول الملكية في الصرف والسلم - فال تنخرم

قاعدة (العقود تابعة للقصود). وعلى هذا فاعتبار الشروط أيضا ال إشكال فيه،ألنها بيع فيعتبر فيها ما يعتبر فيه.

وكيف كان، حيث إنه ال دليل على صحتها إال أدلة البيع أو االجماع والسيرةفيقتضي اعتبار جميع ما أعتبر في البيع بالصيغة، فتدبر جيدا.

وأما المقام الثاني: فالحق فيه هو التفصيل فيجري فيها الربا، سواء قلنا بكونهامفيدة للملك أو اإلباحة، ألن الربا يجري في جميع المعاوضات، بل في الغراماتوكذلك يجري فيها االنفساخ بالتلف قبل القبض، لما سيجئ من أن هذه القاعدةوإن استفيدت من النص (١) وهو يختص بتلف المبيع إال أن األقوى أنها ليستتعبدية صرفة، بل منطبقة على القاعدة ومنشؤها التزام المتعاملين بالتسليم ضمنا،

فإذا امتنع التسليم تنفسخ المعاملة فعلى القول باإلباحة أيضا تنفسخ المعاوضة، بلاالنفساخ هنا أولى، ألن المعاوضة المفيدة إلباحة (٢) العوض المسمى قوامها

بوجود المباح، فلو تلف ال يبقى مورد لإلباحة، وتعلق اإلباحة بالمثل أو القيمة الوجه له: وأما لحوق الخيارات لها فتارة يتكلم فيه قبل اللزوم، وأخرى بعده.

أما قبل اللزوم فاألقوى عدم جريان الخيارات مطلقا، سواء قلنا بالملك أواإلباحة، ألن الخيار هو ملك التزام نفسه مع كونه مالكا اللتزام طرفه.

وبعبارة أخرى: أثر إقالة الطرفين يملكه ذو الخيار، فهو مالك لكال االلتزامين،ومالكية االلتزام إنما تجري في العقد دون الفعل الذي ال ينشأ به إال

--------------------(١) عوالي الآللي: ج ٣ ص ٢١٢ ح ٥٩.

(٢) في األصل المطبوع: (لإلباحة) والصواب ما أثبتناه.

(١٦٤)

Page 166: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تبديل طرف اإلضافة دون البقاء على هذا التبديل وااللتزام به.وبالجملة: بعد ما عرفت أن الجواز في المعاطاة من باب عدم تحقق الملزم فال

يجري فيها الخيار، ألنه مقابل لاللتزام العقدي، فلو لم يكن التزام فال خيار.نعم، بناء على ما وجهنا به اإلباحة على القول المشهور يمكن جريان

الخيارات مطلقا على القول باإلباحة، وذلك ألن حكم المعاطاة قبل الملزماتحكم بيع الصرف والسلم قبل القبض، ومجرد جواز الرد ال يمنع عن جريان الخيار

حتى مثل: خيار المجلس والحيوان، ألنها بناء على هذا بيع يفيد اإلباحة شرعاقبل الملزمات، فإذا كانت بيعا فيدخل فيها الخيار، ولو كان مبناها على الجواز قبل

الملزمات فإن جوازها من وجه ال ينافي جوازها من وجه آخر. وأما حكم الخياربعد الملزمات فسيأتي إن شاء الله بعد ذكرها.

قوله قدس سره: (األمر الثاني: أن المتيقن من مورد المعاطاة هو حصول التعاطيفعال من الطرفين... إلى آخره).

ال يخفى أنه لم ترد المعاطاة في نص أو معقد إجماع حتى يقال: إن المتيقنمن موردها ما إذا كان التعاطي من الطرفين دون ما إذا كان اإلعطاء من طرف

واألخذ من الطرف اآلخر، فالمدار على إمكان إنشاء عنوان البيع أو اإلجارةونحوهما بالفعل من طرف واحد أم ال، وذلك لما أشرنا إليه سابقا وسيجئ في طي

المباحث اآلتية أن المناط في تحقق عنوان عقد من العقود بالفعل كون الفعلمصداقا لهذا العنوان بحيث يحمل عليه بالحمل الشائع الصناعي كحمل االنسان

على زيد، وأما مجرد قصد عنوان من الفعل من دون أن يكون هذا الفعل عرفا منمصاديق هذا العنوان فال أثر له في باب العقود، ألن عناوين العقود من المنشآت،

والمنشأ إنما يتحقق بما هو آلة إلنشائه.ومن هنا يظهر أن مثل الصلح والهبة المعوضة: والنكاح والضمان ونحو ذلك،ال يمكن إيجاده بالفعل، لعدم وجود فعل يكون مصداقا لهذه العناوين، فقصد

إيجادها بالفعل ال يفيد.إذا عرفت ذلك فعمدة اإلشكال في جريان حكم المعاطاة في اإلعطاء من

(١٦٥)

Page 167: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

طرف واحد أن االعطاء كذلك ليس مصداقا لخصوص تبديل أحد طرفي اإلضافةبمثله الذي يسمى بيعا وإن قصد به التعويض بالثمن الكلي أو الشخصي وأخذ

اآلخر المثمن بقصد القبول وأعطى الثمن بعد ذلك بعنوان الوفاء، ألن نسبة هذيناالعطاءين إلى البيع والهبة المعوضة متساوية، ومجرد مقاولتهما على كونه بيعا

وقصدهما البيع من إيجاد الفعل ال يفيد بعد عدم كونه مصداقا له.وبالجملة: حيث إنهما في مقاولتهما عينا عوضا معينا كليا كان أو شخصيا

فيخرج هذا اإلعطاء عن عنوان القرض، ألن العوض فيه هو المثل أو القيمة، إالأنه ال وجه لخروجه عن الهبة المعوضة، ألنها ليست إال هبتان مستقلتان

وتمليكان مجانيان وفي المقام يمكن ذلك، فجعله مصداقا للتبديل الملكي فيغاية اإلشكال، وال يقاس اإلعطاء من طرف واحد باإلعطاء من الطرفين ويقال:

كيف يستفاد البيع من إعطاء الطرفين؟ مع أنه يمكن أن يكون هبة معوضة، وذلكللفرق بينهما، فإنه لو كان في البين تعاط فنفس هذا التبديل المكاني بطبعه األصلي

تبديل ألحد طرفي اإلضافة االعتباري بطرف إضافة أخرى، والمفروض أنهماقصدا به التبديل البيعي وأوجدا ما هو مصداق له، فإخراجه عن البيع وإدخاله في

الهبة المعوضة يحتاج إلى مؤنة زائدة وهذا بخالف ما إذا كان اإلعطاء من طرفواحد، فإنه ليس هناك تبديل خارجي حتى يكون قصد إنشاء التبديل االعتباري

منه كافيا. (١)--------------------

(١) ولكنه يمكن أن يقال: ال فرق بين التعاطي واإلعطاء من طرف واحد في أن تشخص الفعلمع كونه ذا وجوه هو القصد.

ودعوى عدم كون الفعل الواحد مصداقا لتبديل أحد طرفي اإلضافتين ال وجه لها، ألنه لولم يتعقبه األخذ لكان كاإليجاب اللفظي بال قبول، وأما مع تعقبه فإعطاء المبيع إيجاب للبيع

وأخذ المشتري قبول منه، ثم تسليمه الثمن وفاء للمعاملة كتسليمه في المعامالت القولية.وبالجملة: لو قصد البائع من اعطائه المثمن تبديله بالثمن في ذمة المشتري أو بالثمن

المشخص الخارجي فعدم كونه هذا اإلعطاء مصداقا لتبديل أحد طرفي اإلضافة االعتباريال وجه له (منه عفي عنه).

(١٦٦)

Page 168: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إنه يقوى اإلشكال فيما لم يكن اإلعطاء واألخذ من طرف واحد أيضا، بلكان مجرد إيصال الثمن وأخذ المثمن، كوضع الدراهم في دكان صاحب المخضر

وأخذ المخضر بدال عنها مع غيبة صاحبه، وال يمكن تصحيحه بكونه وكيال منالطرفين في تبديل أحد طرفي اإلضافة بمثله، لوضوح عدم توكيل المالك شخصا

معينا.نعم، لو قلنا: إن البيع هو اسم المصدر ال المصدر صح عده بيعا، ألن نتيجة

اإلعطاء من الطرفين وصول العوضين إلى المالكين، إال أن هذا فرض ال واقع له،ألن البيع يتحقق بإنشائه بالفعل أو القول، ومجرد وصول كل عوض إلى مالك

اآلخر ليس بيعا ولو قصد من اإليصال تبديل أحد طرفي اإلضافة بمثله، ألنالقصد المجرد أو القصد مع إيجاد غير مصداق ما هو المقصود ال أثر له، فااللتزام (١)

بكونه إباحة بالعوض وأن الدليل عليه هو السيرة في خصوص المحقرات ال بأسبه، لعدم دليل على انحصار باب المعاوضات بالعناوين الخاصة.

ثم إن األقوى إشكاال منه ما إذا لم يكن وصول أيضا، كما إذا تقاوال علىمبادلة شئ بشئ وتلفظا باأللفاظ الغير المعتبرة في العقد، بأن تكون المعاملة

بنفس هذه المقاولة ال باإلعطاء الواقع بعدها، بل كان وفاء بالمعاملة.ووجه اإلشكال: أن المقاولة ليست إال التباني على أمر، ومجرد التباني ليس

بيعا.نعم، لو أنشأ بهذه األلفاظ مصداق التباني بحيث يخرج عن البناء القلبي

واألخبار والوعد فالصواب أن يقال: إنها مصالحة، لعدم اعتبار لفظ خاص فيالصلح، وكون حقيقته هو التسالم على أمر، ويدل عليه الخبر الوارد في قول أحد

الشريكين لصاحبه: (لك ما عندك ولي ما عندي) (٢) فإنه محمول على الصلح، ألن--------------------

(١) حكاه الشهيد الثاني عن بعض العامة، كما في مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٧٠س ٣٤.

(٢) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٣٣ ح ٣٢٦٨. عنه في الوسائل ج ١٣ ص ١٦٥ - ١٦٦ ب ٥من أبواب أحكام الصلح ح ١.

(١٦٧)

Page 169: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المنشأ في الصلح هو التباني على أمر والتسالم عليه، فتأمل.قوله قدس سره: (الثالث: تميز البائع من المشتري... إلى آخره).

محصل هذا التنبيه: أنه لو كان أحد المالين اللذين وقع التبديل بينهما مناألثمان واآلخر من العروض فصاحب الثمن هو المشتري، ولو كان كل منهما من

األثمان فالمشتري هو المعطي ثانيا، ولو كان كل منهما متاعا فتمييز البائع منالمشتري من وجهين:

أحدهما: ما تقدم، وهو: كون المعطي أوال هو البائع، والتالي هو المشتري.وثانيهما: من قوم متاعه بثمن وأعطى لكونه يسوى بدرهم كذا فهو المشتري،

والبائع من لم يالحظ ماله مقوما بقيمة خاصة، ولو لم يكن كل ذلك وال قصد والسبق مقاولة يدالن على كون أحدهما بائعا واآلخر مشتريا ففي كونه بيعا وشراءبالنسبة إلى كل منهما، أو كونه صلحا، أو معاملة مستقلة وجوه، واألقوى عدم

صحتها.أما األول: فإن في المعاملة الواحدة ال يمكن أن يكون كل واحد منهما بائعا

ومشتريا، لما عرفت: من أن البيع تبديل أحد طرفي اإلضافة بمثله، والبائع ينشئالتبديل والمشتري يقبل ذلك.

وإذا فرضنا أن الفعلين وقعا دفعة واحدة، وأن المالين كال منهما من األثمان أومن العروض ولم يكن سبق مقاولة منهما في تمييز البائع عن المشتري فال بد أن

يكون هناك معاملة واحدة قائمة بصرف الوجود من تبديل أحدهما وقبول اآلخر،وصرف الوجود يتحقق بأحدهما من دون مميز بينهما: ال ظاهرا كما هو ظاهر، وال

واقعا، لعدم خصوصية في أحدهما دون اآلخر.وبالجملة: التبديل بين المالين ال يتصور فيه أن يكون كل واحد بائعا ومشتريا

من جهة، إذ بعد حصول اإليجاب من أحدهما ال على التعيين والقبول من اآلخركذلك ال يبقى محل لإليجاب والقبول مرة أخرى، فإنه تحصيل للحاصل،

والمفروض أنه لم يقع هناك إقالة منهما حتى يحصل البيع ثانيا.

(١٦٨)

Page 170: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما كونه صلحا فهو موقوف على أن يكون قصدهما من اإلعطاء واألخذ هوالتسالم ال البيع، وعلى هذا ال وجه لكونه معاملة مستقلة، ألن مع قصدهما التبديل

ال يكون إال بيعا، فالحق: كون أحدهما ال على التعيين بائعا واآلخر مشتريا، مندون امتياز بينهما واقعا، فال يترتب على كل منهما اآلثار الخاصة الثابتة للمشتري

والبائع.قوله قدس سره: (األمر الرابع: أن أصل المعاطاة - وهي: إعطاء كل منهما اآلخر

ماله - يتصور بحسب قصد المتعاطيين على وجوه... إلى آخره).ال يخفى أن الوجه األول في كالمه هو أن يقصد المتعاطيان البيع والشراء، بأن

يقصد أحدهما تبديل ماله بمال اآلخر الذي هو بيع حقيقة ويقصد اآلخر تملك ماأعطاه البائع مطابقة، الذي الزمه تمليك ماله للبائع.

ثم ال يخفى أنه بناء على ما أفاده من أن اإليجاب والقبول يتحقق بدفع العينأوال من البائع وقبضها من المشتري، وخروج ما يدفعه المشتري ثانيا ويقبضه

البائع عن حقيقة المعاوضة فيلزمه أن تكون المعاملة حاصلة دائما بدفع العين أوالوقبضها، ويكون دفع المشتري دائما خارجا عن حقيقة المعاوضة.

وعلى هذا، فال وجه لما التزم به في األمر الثاني من أن المتيقن من موردالمعاطاة هو حصول التعاطي فعال من الطرفين، (١) ألنه ال وجه لتيقنه من بين

األفراد، ألن المفروض أن العطاء الثاني ال أثر له، وال يتحقق به إال عنوان الوفاءبالمعاملة، ألن دفع المشتري إنما هو من باب التزامه به على نفسه، ولذا قال قدس

سره:بأنه لو مات األخذ قبل دفع ماله مات بعد تمام المعاطاة. (٢) فاألقوى أن يقال: إن

المعاملة تتحقق بفعل كل منهما، وفعل البائع بمنزلة اإليجاب القولي، وإعطاءالمشتري بمنزلة القبول القولي، وأخذ كل منهما وفاء بالمعاملة والتزام بآثارها.وعلى هذا، فما يتعارف في قصد المتعاطيين بناء على الملك ال يخلو من ثالثة

على سبيل المنفصلة الحقيقية، بناء على عدم خروج المعاطاة عن المعامالت--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٨ س ٤.(٢) المصدر نفسه س ٢٩.

(١٦٩)

Page 171: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المتعارفة، ألن اإلعطاء إما من الطرفين أو من طرف واحد.وعلى األول: إما أن يكون إعطاء أحدهما مترتبا على إعطاء اآلخر أو في

عرضه، فلو كان من الطرفين طوليا فهو بيع ال غير، ألن األول قصد بإعطائه تمليكماله وتبديله بمال اآلخر، والثاني قصد بإعطائه قبول هذا المعنى وأخذ المعوض

من باب االستيفاء. كما أن األول يأخذ العوض كذلك.ولو كان عرضيا فلو تسالما على أن يكون تمليكا بإزاء تمليك فهو مصالحة أومعاملة مستقلة ليس بيعا، ألن البيع هو التبديل بين المالين ال التمليكين. وأما لو

قصد التبديل بين المالين فهو بيع. ولو كان من طرف واحد ال يكون إال هبةمعوضة.

أما كونه هبة ال بيعا فألن البيع تبديل مال بمال، فالماالن ال بد أن يكوناموجودين، أو بمنزلة الموجود كالكلي، والمفروض في المقام: أن أحدهما ليسموجودا، والكلي ال يمكن أن يكون عوضا في المعامالت الفعلية، لقصور الفعلعن إفادة جعل الكلي في ذمة المشتري بدال، والقرينة القائمة على عدم المجانيةإنما تقتضي اعتبار العوض، وهو يالئم مع الهبة المعوضة أيضا، فينحصر في الهبةبعد عدم كونه بيعا وال معاملة مستقلة. وأما كونها معوضة فلما عرفت من قيام

القرينة على عدم المجانية.فظهر أن في مورد قصد التمليك وإفادة المعاطاة الملكية ال يتصور إال ثالثة

أقسام كل قسم في مقام خاص، ال كما يظهر من كالمه قدس سره من جريان جميعاألقسام في جميع الموارد.

وبالجملة: لو ورد الفعل على المالين فهو إما بيع لو قصد أحدهما التمليكواآلخر التملك، أو مصالحة لو قصدا تمليكا بإزاء تمليك، وال يمكن أن يكونصلحا في مقام البيع، ألنه وإن قلنا بعدم كون الصلح عنوانا مستقال من عناوين

العقود، بل كان في كل مقام تابعا لما يقصد منه إال أن الصلح في مقام البيع معناه أنيكون المتصالح عليه هو البيع، وحيث إنه ال يمكن أن يكون في المقام بيعا فال

(١٧٠)

Page 172: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يمكن إنشاء التسالم عليه. ولو ورد الفعل على مال واحد فهي هبة ال غير، غايةاألمر قرينة أنه ال يملك مجانا تقتضي اشتراط العوض، وال يمكن أن يكون بيعا،

لما عرفت (١) من أن البيع تبديل مال بمال، والكلي ال يمكن أن يصير عوضا إالباللفظ، ومجرد القصد ال أثر له ما لم يتحقق على طبقه لفظ أو فعل يحمل عليه

عنوان التبديل، واالنشاء باللفظ مفقود على الفرض، والفعل ال يقع في مقام اللفظإال في تمليك المال بالمال الموجود ال بالكلي، والقرينة ال تقتضي إال عدم

المجانية، فتأمل.ثم ال يخفى أن الوجوه المتصورة فيما إذا قصد التمليك أو اإلباحة أزيد مما

ذكره قدس سره، وإنما لم يذكرها لخروجها عما هو المتعارف من قصد المتعاطيين،مع أن

منها ما ال دليل على صحته، كما لو قصد أحدهما تبديل ماله بتمليك اآلخر، وهوالفعل الخارجي الصادر من المشتري، فيكون من بيع األموال باألعمال، وكما لو

أوقعا المعاملة على وجه اإلباحة، أي تبديل المباح بالمباح.فلبطالنه في المقام. وإن صح بيع األموال باألعمال، وذلك ألن العمل الذي

يقابل بالمال يشترط كونه مقصودا باالستقالل ال آليا وطريقا لتحصيل المال كمافي المثال، ألنه ليس التمليك بالمعنى المصدري ماال، بل المال هو الحاصل من

المصدر، وليس هذا الفعل إال آلة لحصول اسم المصدر، فال يمكن أن يقابل بالمالوفرق بين البيع بإزاء التمليك وبيع المال على أن يخيط له ثوبا أو يجري له صيغة

عقد أو يبيع ماال من أموال البائع فإن الفعل في األول آلي بخالف الثاني فإنهاستقاللي يبذل بإزائه المال.

وبالجملة: األعمال التي تقابل بالمال هي ما تصح أن يتعلق به اإلجارة،وإجارة االنسان ألن يبيع ماله على المؤجر باطلة، والفرق بين التمليك وسائر

األعمال يظهر في وقوعهما شرطا في ضمن عقد الزم، فإنه لو تخلف من اشترطعليه التمليك ينوب عنه الحاكم، أو عدول المؤمنين، أو فساقهم، أو نفس المشترط

--------------------(١) تقدم في الصفحة: ٩٣، ١١٤.

(١٧١)

Page 173: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كل الحق بعد تعذر سابقة، وهذا بخالف سائر األعمال فإنه بمجرد التخلف يتعذرالشرط ويثبت الخيار. والسر فيه أن التمليك طريقي آلي ال يشترط فيه المباشرة.

فألن اإلباحة ليست بنفسها أمرا حاصال للمالك، ألن ما هو الحاصل له هوالملكية، وهي قابلة للتبديل، ألن زمام أمرها بيده، بخالف المباحية فإنها تحصل

بإباحة المالك لغيره، وليست هي حاصلة للمالك في عرض الملك، وجواز تصرفالمالك في ملكه من أثار مالكيته ال من آثار إباحته له.

قوله قدس سره: (وأما إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك فالظاهر أنهال يجوز... إلى آخره).

حاصل مرامه: أنه لو قصد أحدهما اإلباحة واآلخر التمليك أو قصد اإلباحةبإزاء اإلباحة يشكل صحة هذه المعاملة، ألن التصرفات المتوقفة على الملك ال

تسوغ لغير المالك بمجرد إذن المالك، وال يمكن التمسك لصحتها بعموم (الناسمسلطون على أموالهم) (١). وليس عمومه بمنزلة دليل خاص يدل على صحة

التصرف حتى يكون مخصصا ألدلة (ال بيع إال في ملك). (٢) مثال، أو يقدر الملكآنا ما، وذلك ألن عموم (الناس مسلطون) إنما يدل على تسلط الناس على

أموالهم ال على أحكامهم. فاألدلة الدالة على عدم صحة البيع والعتق ونحوهما- إال في الملك - حاكم على عموم (الناس). والموارد التي يقدر الملك فيها آنا ما

ال يخلو من ثالثة ليس اإلذن في التصرف منها:األول: استيفاء المال أو العمل باألمر المعاملي: كقول اآلمر لمالك العبد أعتق

عبدك عني، ونحو ذلك.والثاني: ملك العمودين.

والثالث: تصرف ذي الخيار فيما انتقل عنه.وتقدير الملك في هذه الموارد ليس بمجرد الخيار والتصور حتى يتصور في

كل مقام، بل له حقيقة تقتضي األدلة تقديره في هذه الموارد.--------------------(١) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢.

(٢) مر تخريجه في الصفحة: ١٠٣.

(١٧٢)

Page 174: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ومحصل وجه التقدير في أمثال العتق عن اآلمر: أن أمر اآلمر بإيجاد عملمحترم أو بإتالف مال محترم غير مجاني يرجع نفعه إلى اآلمر يقتضي وقوعه لو

أوجده المأمور في ملك اآلمر، ألنه استوفاه حقيقة بأمره، والمفروض عدمصدوره عن المأمور تبرعا، بل بالعوض المسمى لو عينه، أو المثل أو القيمة لو لميعينه، فال محالة يدخل هذا العمل أو المال في ملك اآلمر وينتقل عنه أو يتلف فيملكه. فلو أمره بعتق عبده عنه أو بإلقاء ماله في البحر وعليه ضمانه، أو بأداء دينه

من ماله أو بضمانه عنه، أو بحمل شئ له أو بحلق رأسه ونحو ذلك فباستدعائه عنالمأمور يصير شبه قرض في الجميع. أو يقال بأنه لو تعلق أمره باألعيان فكأنهاشتراها من المأمور، أو باألعمال فكأنه استأجر عاملها، أو بأداء الدين فكأنه

اقترض من المأمور، فيدخل العبد المأمور بعتقه حقيقة في ملك اآلمر وينعتق عنه،وهكذا يدخل المال الذي أمر بإلقائه في البحر في ملك اآلمر، ويتلف في ملكه إذالم تكن المعاملة سفهية، كما إذا توقف النجاة من الغرق على األلقاء، وهكذا في

مورد األمر بأداء الدين فبعد دخول المال في ملكه يوفى به دينه، وكذا الحوالةعلى البرئ، وهكذا األمر بحمل شئ له ونحو ذلك.

وبالجملة: كل هذه العناوين حيث إنها معاملة واقعة بين اآلمر والمأموروالمأمور امتثل ما أمر به اآلمر فتقع في ملك اآلمر، وإذا عين له العوض فال يستحق

إال المسمى، ولو لم يعين فيضمن له المثل أو القيمة.ومن أحكام هذه المعاملة أنه ليس للمأمور مطالبة العوض إال بعد االمتثال،

وال يضمن اآلمر إال بعد االستيفاء، فصحة هذه المعاملة، لعموم (تجارة عنتراض) (١) تقتضي تقدير الملك، فكأن العبد يدخل في ملك اآلمر وينعتق عنه.

ثم إن تقدير الملك آنا ما في مسألة العتق ليس، ألن العتق ال بد أن يقع منالمالك، ألنه إذا وقع من دون أمر آمر واستدعائه يقع من مالكه ولو قصده عن

غيره بعوض، فإن هذا القصد من دون أمر الغير لغو، وال ألن العتق ال يقع من المالك--------------------

(١) النساء: ٢٩.

(١٧٣)

Page 175: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عن الغير كما توهم، فإن الدليل الدال على وقوعه تطوعا معتبر داللة وسندا، لكونهمعموال به بين األصحاب، وبه يثبت التالزم بين صحة الوكالة وصحة النيابة في

خصوص العتق وإن لم نقل بأن كل ما يقبل الوكالة يقبل النيابة، بل لما ظهر من أناستيفاء مال محترم كالعبد باألمر المعاملي وباستدعاء التمليك بالعوض، وتمليك

المأمور جوابا عن االستدعاء يقتضي دخول العبد في ملك المستدعي وانعتاقهعنه دون مالكه األصلي. فمعنى التقدير في أمثال هذه الموارد ليس بمعنى الفرض،

بل ملك حقيقي غير مستقر كالملك الحاصل لذي الخيار، والواهب بالتصرفالناقل، والملك الحاصل لمشتري العمودين. وال وجه لما يظهر من المصنف من

الفرق بين الموارد.وحاصل الكالم: أن نفس استيفاء األموال أو األعمال باالستدعاء المعاملي

تقتضي وقوع ما استدعاه في ملك المستدعي، وهذا المعنى مفقود في إذن المالكللغير بالتصرف وإباحته له، ألن مجرد اإلباحة واإلذن ال يوجب وقوع المأذون فيهوالمباح في ملك المأذون والمباح له، فلو قال: أعتق عبدي عنك من دون إذن فيتوكيله في العتق عن المالك تبرعا عن الوكيل ومن دون إذن في شرائه العبد لنفسه

ثم عتقه في ملكه فال يقتضي وقوع العتق في ملك المأذون حتى يقدر الملك آنا ما،لعدم دليل يدل على جواز هذا النحو من التصرف من غير المالك بإذن المالك حتى

يقدر الملك آنا ما بداللة (االقتضاء) وعموم (الناس مسلطون) قاصر عن شمولهله، لحكومة األدلة الدالة على توقف هذه التصرفات على الملك عليه.

ثم ال يخفى أن داللة االقتضاء المستفادة في المقام ليست من مداليل األلفاظ،وال مما يتوقف صحة الكالم والخروج عن اللغوية عليه حتى تستفاد هذه الداللةفي عكس المقام، وهو: ما لو قال أعتق عبدي عنك، أو اشتر من مالي لنفسك

طعاما، بل وجه استفادة داللة االقتضاء هو أن استيفاء المال أو العمل المحترم مععدم قصد التبرع من المالك أو العامل يقتضي ضمان المستوفى، ومقتضى ضمانه

انتقال ما استوفاه إلى ملكه، ألن ضمانه من باب المعاملة، ال الغرامة حتى ال يقتضي

(١٧٤)

Page 176: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

دخول المضمون به في ملك الضامن، فداللة االقتضاء في المقام نظير اقتضاءإيجاب شئ إليجاب مقدمته، وهذه الداللة لو وجدت في عكس المسألة نلتزم

بها، كما لو فرض أنه قصد اإلعطاء مجانا بنفس الفعل وقال: اشتر لك من ماليطعاما، من دون أن يقصد بالقول إنشاء التمليك، ومن دون توقف التمليك على

اشتراء المأمور، بل داعيه تمليك المال للمأمور مجانا ألن يشتري به شيئا خاصا،أو قصد اإلقراض وكان القبول من المتهب بنفس األخذ، من دون مدخلية لالشتراء

في القبول، أو كان غرضه توكيله في االشتراء للمالك ثم أخذ الطعام قرضا، أواشتراء الطعام لنفسه في ذمته وإيفائه من مال األمر بإذنه، ويصح كل ذلك لو قلنا

بوقوعه باأللفاظ المجازية والكنائية، إال أن جميع ذلك خارج عن مفروضالمسألة، ألن المفروض هو حصول النقل واالنتقال بنفس األمر واالمتثال، وهذا

إنما يصح في (أعتق عبدك عني)، أو (أد ديني) أو (احلق رأسي)، ال في مثل:(أعتق عبدي عنك) و (اشتر لنفسك من مالي طعاما).

وتوضيح الفرق بينهما: أن في األصل - وهو العتق عن الغير وأداء دينه وحلقرأسه - يصح بنفسه من مالك المال والعمل، وإذا صح مجانا يصح مع العوض، فإذا

استدعى األمر صدوره من المالك والعامل مع التزامه الضمان وامتثل المأمورفيقتضي االستدعاء واالمتثال مع عدم قصد التبرع الضمان، والزم الضمانالتعهدي دخول المضمون به في ملك الضامن، وهذا هو الملك التقديري.

وأما في عكس المسألة: فاالشتراء للنفس بمال الغير وعتق عبد الغير ال يصححتى يكون األمر به استدعاء وامتثاله إيجابا، فال أثر هنا لالمتثال وال لألمر من

المالك وإباحته لغيره وإذنه في التصرف، ألنه ليس من أنحاء سلطنة المالك اإلذنبتصرف يتوقف على الملك، ألن اإلباحة المطلقة ال يباح بها إال ما هو جائز بذاته

شرعا كما عرفت في األصل، ال ما يباح باإلباحة، فإن اإلباحة بها فرع صحتهاوصحتها باإلباحة دور واضح فتقدير الملك في العكس دور واضح، لتوقفه على

صحة عتق المأمور، وصحته تتوقف على التقدير.

(١٧٥)

Page 177: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، لو قام دليل خاص على صحة هذه اإلباحة باإلذن كما ادعي (١) قيامالسيرة على صحة المعاطاة فيما لو قصد المتعاطيان الملك مع ترتب اإلباحة عليه،وكذا لو قصدا اإلباحة المطلقة وادعي اإلمضاء أيضا، أو قام دليل على عموم أنحاء

سلطنة المالك حتى إذنه في التصرفات المتوقفة على الملك لخصصنا به الدليلالدال على اعتبار وقوع هذه التصرفات في الملك لو كان شرعيا، أو نقدر الملك آنا

ما لو كان عقليا.وأما إذا لم يقم دليل خاص فبعموم (الناس مسلطون) (٢) ال يمكن إحراز كفاية

إذن المالك وإباحته في التصرف فيما يتوقف على الملك.وبالجملة: كون عكس المسألة من قبيل المسألة إنما هو فيما لو كان إذنه في

عتق العبد إذنا في توكيله باستيفاء العبد من قبل مالكه بأمر معاملي موجبللضمان، فوقوع العتق بمنزلة االستيفاء بالضمان، واإلذن بمنزلة القبول، والزم

االستيفاء بالضمان وقوع العتق في ملك المستوفي الضامن ووالئه له، بخالف ماإذا أذنه في عتقه من قبل مواله تبرعا منه للمأمور، فإن والءه لآلذن الذي خرج

العبد عن ملكه، وأما مجرد اإلذن في العتق بدون قصد التبرع وبدون وقوعالمعاملة بينهما فال يفيد في صحة وقوع العتق، ألن الناس غير مسلطين على إباحة

ما ال تؤثر اإلباحة فيه.ثم إن األمور التي تتوقف على الملك قطعا هو البيع والعتق والوطئ، وأما

الخمس والزكاة وثمن الهدي ففيها خالف كما سنشير إليه.أما البيع فلما تقدم (٣) من أن حقيقته تبديل المالين، والزمه خروج العوض

عن ملك من يدخل في ملكه المعوض، وبالعكس، فمع بقاء ما أخذ بالمعاطاة فيملك مالكه - أي المبيح - ال يمكن دخول العوض في ملك المباح له من دون

خروج المعوض عن ملكه، وليس اعتبار هذا الشرط إلخراج التمليك المجاني--------------------

(١) المدعي السيد اليزدي في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٨١ س ١٤ وما بعده.(٢) مر تخريجه في الصفحة: ٩٣.

(٣) تقدم في الصفحة: ٩٣.

(١٧٦)

Page 178: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

حتى يقال: يعقل تمليك االنسان مال غيره بعوض يملكه بإزائه كما يعقل تمليكماله بعوض يملكه غيره، بل لبيان حقيقة البيع وهو تبديل أحد طرفي اإلضافة

بمثله، فإذا كان في المثمن أحد طرفي اإلضافة مالكه والطرف اآلخر هو المثمنوكان في طرف الثمن أيضا كذلك فال بد أن يقوم العوض مكان المعوض في

الطرفية، والزمه أن يصير مالك المعوض مالكا للعوض، وبالعكس، فال يعقل أنيقع التمليك من غير المالك ويقع العوض ملكا لهذا الغير، وال يعقل أن يقع التمليكمن المالك بعوض يملكه غيره مع أن المعاملة مجانية بالنسبة إلى الغير الذي أخرج

منه المال في المثال األول والمالك في المثال الثاني وإن لم يخرج المال مجاناوبال عوض.

وبالجملة: ال يمكن أن تقع المعاملة بين ثالثة أشخاص أو أربعة بأن يخرجالمتاع من ملك زيد والعوض من عمرو، ويملك بكر العوض أو المعوض، أو يملك

بكر العوض وخالد المعوض بدون دخول العوض في ملك من خرج عنه المعوضوبالعكس ال يمكن أن يكون بيعا، بل هذا حال سائر المعاوضات أيضا فإن

حقيقتها تقتضي أن يكون طرف العقد ومن يقام به المعاوضة مالكا للعوض، فإنفي المصالحة بين اثنين أو غيرها من العقود تقتضي أن يكون المتعاقدان طرفي

اإلضافة، فلو صالح عن ماله زيدا على أن يكون عوضه الذي هو مال زيد لعمرويكون الصلح باطال، إال أن يكون بنحو االشتراط الذي الزمه مالكية المشترطالشرط على المشروط عليه دون عمرو. فالمعاوضة بين اثنين تقتضي أن يكوناألجنبي أجنبيا، وعلى هذا فيلحق بالبيع الهبة، لتوقفها على الملك، حتى صار

قولهم: (وهب األمير ما ال يملك) من األمثال، وهكذا الصلح ونحوه منالمعاوضات فإنها في حكم البيع في اقتضائها دخول العوض، شرطا كان أو ماال،

أو سائر االعتبارات العقالئية في ملك من يخرج المعوض عن ملكه.نعم، شبه المعاوضات كالنكاح والخلع ال يقتضي ذلك، فيصح أن يكون

الصداق من غير الزوج، وهكذا يصح أن يكون البذل من غير الزوجة، إال أنه في

(١٧٧)

Page 179: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الحقيقة خارج عن العقود المعاوضية.وأما العتق فألنه فك الملك ومن اإليقاعيات فال بد من تحققه ممن له إيجادهوإيقاعه. واإلذن في التصرف لو كان راجعا إلى توكيل المأذون في العتق عن

المالك ولو تبرعا عن المأذون فهو خارج عن محل الكالم، ألن العتق - حقيقة -واقع في ملك المالك، ال المباح له والمأذون، ولذا يكون والؤه للمالك، ولو رجع

إلى شرعية اإلذن في وقوع العتق عن غير المالك فال دليل عليها.وبالجملة: ال فرق بين البيع والعتق، فكما ال يجوز بيع مال الغير بحيث يدخل

الثمن في ملك البائع دون المالك فكذا ال يجوز عتق عبد الغير بحيث يكون المعتقغير المالك ويكون والؤه له أيضا.

وكما أن إباحة المالك وإذنه في بيع غيره وكذا إجازته بعد وقوع البيعال يجديان في أن يكون ثمن ماله للغير فكذا إباحته وإذنه للغير في عتق عبد اآلذن

أو إجازته بعد وقوع العتق منه ال يجديان في أن يكون والؤه للغير.نعم، بين البيع والعتق فرق من جهة أخرى، وهي أن في العتق حيث إنه يجوز

التبرع من مالك العبد عن غيره فينفذ إذنه للغير في أن يعتق عبد المالك عن نفسه،فحيث إنه تبديل طرف إضافة بطرف إضافة أخرى فال يؤثر إذن المالك في بيعالمأذون لنفسه وصيرورة الثمن له، لما عرفت: من أن هذا ليس معاوضة، ألنها

عبارة عن لبس بعد خلع، فكل من خلع يلبس بدله وال يمكن أن يكون الخلع منأحد واللبس لألجنبي.

وأما الوطئ: فألنه اعتبر بالنص (١) واالجماع (٢) وقوعه في ملك الواطئ، أيال بد أن يكون الواطئ مالكا للوطئ، سواء كان للزوجية أو لملك الرقبة، أو

للتحليل، وال يملك الوطئ باإلذن من المالك، العتبار ألفاظ خاصة في التحليلوالتزويج.

--------------------(١) المؤمنون: ٥ - ٦.

(٢) كما استظهره السيد اليزدي في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٧٩ س ٢٢.

(١٧٨)

Page 180: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما ثمن الهدي فال مانع من إعطائه من مال الغير بإذن مالكه، سواء كان فيالكفارات أو في حج القران أو اإلفراد، ألن نفس السوق ال بد أن يقع قربيا ومباشرة

من السائق لو قلنا باألخير، ال ثمن المسوق.وأما الخمس والزكاة فلو قيل (١) بتعلقهما بالذمة يجوز اخراجهما من مال غير

من تعلقا بذمته كسائر الديون التي يجوز أداؤها من مال المديون. ولو قيل بتعلقهمابالعين كما هو المشهور (٢) فيشكل جواز التبرع عمن عليه إما العتبار مباشرته أو

الختصاص والية األخراج من غير العين به فال يؤثر إذنه في األخراج.فتحصل مما ذكرنا: أن كل ما يتوقف صحته على الملك ال يجدي فيه اإلذن

واإلباحة، ألن صحته بهما تتوقف على عموم (الناس مسلطون)، وعمومه فرع عدمتخصصه بما دل على اعتبار الملك عقال، أو عدم تخصيصه بما دل على اعتباره

شرعا. وال وجه لاللتزام بالملك التقديري إال بعد صحته في نفسه كما عرفت مماذكرنا في موارد استيفاء األموال أو األعمال باألمر المعاملي، فإن إتالف هذه

األموال واإلتيان باألعمال بنفسها مشروعة من مالكها، ومقتضى األمر المعامليأن يكون ضمانها على المستوفي، ومقتضى الضمان وقوعها في ملك الضامن.

أما ما شك في صحته - كما في اإلذن واإلباحة - فالتقدير فيه فرع عمومالتسلط، وال عموم مع وجود الدليل الدال على لزوم وقوع هذه التصرفات في الملك.

والمورد الثاني من الموارد التي يقدر فيها الملك آنا ما تصرف ذي الخيارفيما انتقل عنه وما يلحق به: كتصرف الواهب في العين الموهوبة بالتصرف الذي

يتوقف على الملك، فإن دليل نفوذ هذا التصرف يقتضي وقوعه في ملك المتصرفثم خروجه عنه، فإن من وجود المعلول - وهو نفوذ بيع ذي الخيار والواهب

--------------------(١) حكاه الشهيد األول عن ابن حمزة الحظ البيان: ص ١٨٦. ولكن ليس في الوسيلة أثر له

وعن بعض أن القائل به مجهول، وآخر نسبته إلى الشذوذ. الحظ جواهر الكالم: كتاب الزكاةج ١٥ ص ١٣٨ - ١٣٩.

(٢) كما في الحدائق الناضرة: كتاب الزكاة ج ١٢ ص ١٤١.

(١٧٩)

Page 181: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وانتقال العين منهما إلى المشتري - يستكشف أن المبيع قبل البيع أو في زماناإلنشاء ملك لهما، كما أن في مثل: (أعتق عبدك عني) يستكشف الملك من العلة،

وهو الضمان الناشئ عن األمر المعاملي.والمورد الثالث: شراء من ينعتق على المشتري، وانعتاق أم الولد من نصيب

ولدها، وانعتاق العبد المسلم على الكافر في بعض الصور، فإن من المعلول - وهواالنعتاق - يستكشف الملك، أو يقال: ترتب االنعتاق من لوازم الملكية فعلية الملك

ألمر مترتب عليه، موجبة لثبوت الملك بالشراء أو التوريث ملكا غير مستقر.وعلى أي حال، تحقق أصل الملك في الموارد الثالثة ال إشكال فيه، ألنه

يستكشف: إما من علته، أو من معلوله، أو من أمر مالزم له مترتب عليه. وأما كونهآنا ما وغير مستقر فهو مقتضى الدليل القائم في كل مورد.

وكيف كان، فاإلباحة واإلذن ال يدخالن (١) تحت هذه العناوين، وال دليل علىنفوذهما حتى يستكشف منه الملك من جهة الجمع بينه وبين دليل توقف التصرف

على الملك.قوله قدس سره: (فليس ملكا تقديريا نظير: الملك التقديري في الدية بالنسبة إلى

الميت أو شراء المعتق عليه... إلى آخره).قد أشرنا إلى ما يرد على هذا الكالم، وقلنا في جميع هذه الموارد: إن الملك

حقيقي غير مستقر، وإن المراد من التقدير ليس مجرد الخيار، فال فرق بين الملكالمستكشف من نفوذ تصرف الواهب وذي الخيار، والملك المستكشف من انعتاق

األقرباء على المشتري، والملك المستكشف للميت القتيل من إرث وارثه، فإنهكما يستكشف من صحة بيع الواهب أو عتقه كونه مالكا قبل البيع أو العتق لو قلناباعتبار وقوع اإلنشاء في الملك، أو كونه مالكا حال البيع أو العتق لو قلنا باعتبار

وقوع المنشأ في الملك فكذلك يستكشف من وراثة الورثة من دية الميت المقتول:أن المقتول حال القتل أو آنا ما قبله مالك لديته حتى يرث الوارث منها.

--------------------(١) في األصل المطبوع: (ال يدخل) واألرجح ما أثبتناه.

(١٨٠)

Page 182: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، لو كان مراده قدس سره من الميت هو الذي قطع أحد أعضائه بعد الموت ومنالذي ينعتق عليه أقرباؤه هو الذي ال يملكهم - كما قيل (١) بعدم حصول الملك

لمشتري القريب نظرا إلى بعض األخبار (٢) الدالة على (أن العمودين ال يملكان) -لكان الفرق بين هذين المثالين وتصرف الواهب بالبيع ونحوه بينا، فإن نفوذ بيع

الواهب كاشف عن كون المبيع ملكا له. وأما الميت فال يملك إال حكما.كما أن االنعتاق على المشتري ليس إال تعبدا، جزاء لكونه بصدد شراء

أقربائه، وعلى هذا، تسويته قدس سره بين الميت والمنعتق عليه أقرباؤه ال يصح، ألنالميت يملك ديته حكما، والمنعتق عليه ال يملك رأسا.

كما أنه ال يصح كالمه لو كان مراده من الميت الذي قطع أعضاؤه بعد الموت،ومن المشتري من ينعتق عليه ما ملكه بالشراء كما في بعض األخبار (٣) الدالة على

(أنهما يملكان فينعتقان) بلحاظ الفاء الدال على الترتب، ألنه ال جامع بينهما، فإنالملك للمشتري ملك حقيقي، غاية األمر جعله الشارع علة لزواله في المرتبة

المتأخرة، أو جعل الشراء سببا ألمرين: الملكية واالنعتاق.وأما ملك الميت للدية فهو ملك حكمي دل عليه الدليل، وإنما النزاع في

تقديره من زمان الموت حتى يرث منه كل وارث حينه، أو من زمان ورود القطع.وهكذا النزاع في ملك الميت للصيد الواقع في الشبكة التي نصبها حال حياته

إنما هو في أن الوارث حين النصب يرث وحين االصطياد.قوله قدس سره: (فلم يبق إال الحكم ببطالن اإلذن في بيع ماله لغيره... إلى آخره).

قد تقدم: أن اإلذن بنفسه ليس مشرعا، فنفوذه لجواز تصرف المأذون إنما هوفيما ثبت لألذن شرعا.

--------------------(١) قاله الحلي في السرائر: كتاب العتق ج ٣ ص ٧.

(٢) تهذيب األحكام: ج ٨ ح ٨٧١ ص ٢٤١، عنه وسائل الشيعة: ج ١٦ ص ١٢ ب ٧ منأبواب العتق ح ٧.

(٣) تهذيب األحكام: ج ٨ ص ٢٤٠ - ٢٤١ ح ٨٦٦ و ٨٧٠.

(١٨١)

Page 183: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وتفصيل ذلك: أن ما كان من قبيل االتالفات التي كانت للمالك مباشرة أوتوكيال فينفذ اإلذن فيه، وما لم يكن له ذلك فال ينفذ، فإذا أذن في األكل والشرب

والعتق وأداء الدين ونحو ذلك فينفذ.أما األوالن فواضح، ألنه من آثار سلطنة المالك على ماله.

وأما العتق فلما ظهر من أن العتق عن الغير تبرعا جائز ونافذ ويقع عنه، سواءكان واجبا أو مستحبا على الغير، فإذن الغير به بمنزلة توكيله في عتقه عن مالكهللوكيل، ومقتضاه وقوعه مجانا لو لم يكن مسبوقا باالستدعاء من الغير، إال أنتقوم قرينة على التضمين فيضمن لو أعتقه، كما أن مقتضى االستدعاء أن يكونضمانه على المستدعي فيقتضي دخوله في ملكه آنا ما، إال أن تقوم قرينة على

عدم الضمان وعلى االستدعاء من المالك مجانا.وبالجملة: إذن المالك بالعتق عنه لغيره نافذ. ولكنه يحكى عن المسالك (١) فيباب الكفارات أنه ال بد أن يقع العتق في ملك المعتق وعن نفسه، ال عن غيره،

وإنما خرج عتق الولد عن الوالد تبرعا بالدليل.وال يخفى أن ما أفاده يتم لو قام إجماع عليه، وإال مقتضى القاعدة صحته منمالك العبد عن غيره، ألنه من قبيل سائر التبرعات كأداء الدين، وإعطاء ثمن

الهدي، ومهر زوجة الغير ونحو ذلك فحكمه حكم اإلذن في اإلتالف.نعم، تقدم (٢) وجه اإلشكال في الخمس والزكاة.

وبالجملة: كل ما كان للمالك إتالفه مباشرة يؤثر إذنه فيه، ألنه من الواضحعدم اعتبار المباشرة في مثل ذلك وما لم يكن للمالك مباشرته: كالشراء بمال

الغير، بل مطلق المعاوضات، فإذنه ال يؤثر في صحته إال أن يرجع إلى اإلذن فيالقرض ثم االشتراء لنفسه بماله، أو يكون مجرد مقاولة قبل البيع، كما في أخبار (٣)

العينة الدالة على أنه لو كان لآلمر الخيار وللمأمور كذلك فال بأس، أي إذا اشترى--------------------

(١) مسالك األفهام: ج ٢ ص ٩٢ س ٢٣.(٢) تقدم في الصفحة:

(٣) الكافي: ج ٥ ص ٢٠٢ - ٢٠٥.

(١٨٢)

Page 184: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أحد بماله لنفسه ولو كان داعيه أمر غيره بالشراء، ولذا كان مختارا في بيعه مناآلمر وعدمه فال محذور، فأخبار العينة ناظرة إلى جهة المرابحة، وإلى بيان أنه لوكان مقصود المتبايعين أخذ الربا يبطل البيع والشراء، وأما لو كان قصدهما البيعالحقيقي فال يبطل، وليست ناظرة إلى جواز شراء شئ بماله لغيره، ونحن نذكر

واحدا منها تيمنا.ففي رواية الحسين بن منذر قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: الرجل يجيئني

فيطلب العينة فأشتري له المتاع مرابحة ثم أبيعه إياه، ثم اشتريه منه مكاني، فقال:(إذا كان هو بالخيار إن شاء باع وإن شاء لم يبع، وكنت أنت بالخيار إن شئت

اشتريت وإن شئت لم تشتر فال بأس (١) فإنه عليه السالم في مقام بيان أنمقصودهما لو كان المعاوضة حقيقة فال بأس، ولو كان مقصودهما أخذ الربح فربا.

وأما أن شراء المستدعى منه من مال المستدعي بعد قرضه منه أو من نفسهفليس اإلمام - عليه السالم - بصدد بيانه.

ثم ال يخفى أنه لو باع المأذون المفروض يقع البيع للمالك إما الزما أوموقوفا على اإلجازة ثانيا، كما سيجئ إن شاء الله في الفضولي تفصيله.

وملخص وجه االحتمالين: أنه لو كان بيع المباح له مال غيره لنفسه من قبيلبيع الولد مال أبيه بظن حياته ثم تبين موته قبل البيع فيحتاج إلى اإلجازة، ألنه لم

يقصد بيع مال نفسه. ولو كان من قبيل من باع ماله على أن يصير الثمن ملكا للغيرفالقصد لغو، ويقع البيع لنفس البائع، وال يحتاج إلى اإلجازة، ففي المقام حيثقصد البائع بيع مال غيره لنفسه يكون هذا القصد لغوا كقصد الغاصب بيع مال

المغصوب منه لنفسه، وبيع الغاصب وإن توقف وقوعه للمالك على إجازته إال أنفي المقام يقع البيع للمالك بال إجازته، للتالزم فيما صح باإلجازة صح باإلذن،

فإنه لو أثر اإلجازة الالحقة يؤثر اإلذن السابق بطريق أولى.--------------------

(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٠٢ ح ١. عنه في الوسائل: ج ١٢ ص ٣٧٠ ب ٥ من أبواب أحكامالعقود ح ٤.

(١٨٣)

Page 185: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ولكن األقوى االحتياج إلى اإلجازة في المقام، ألن التالزم فيما صحباإلجازة صح باإلذن إنما هو لو وردا في محل واحد، وفي المقام اإلذن تعلق ببيع

المأذون مال غيره لنفسه، ال لمالكه. وفي باب صحة ما باعه الغاصب لنفسهباإلجازة إنما هو ألن الغاصب بنى على مالكيته فأوقع المعاملة بين ملكي

المالكين فاإلجازة ترد على تبديل المالين.فتلخص مما ذكرنا: أن اإلذن ليس شرعا، وال يباح به إال ما يجوز للمالك

مباشرته، فتأمل.قوله قدس سره: (ولكن الذي يظهر من جماعة منهم: قطب الدين... إلى آخره).

ال يخفى أنه وإن كان ظاهر جماعة أن شراء العالم بالغصبية من الغاصبيوجب تملك الغاصب الثمن ولما اشتراه بهذا الثمن إال أن هذا ال يمكن االلتزام به،

ولذا حمل بعض (١) تملك ما اشتراه الغاصب بالثمن الذي أعطاه العالم بالغصبيةعلى ما إذا وهبه العالم، ال على ما إذا أباح له، فإن مجرد اإلباحة ال أثر له. ويمكن

أن يكون قوله قدس سره: (فتأمل) إشارة إلى أن ما يظهر من جماعة لعله محمول علىهبة العالم، ال إباحته له.

قوله قدس سره: (وأما الكالم في صحة اإلباحة بالعوض... إلى آخره).إباحة أحد المالكين ماله لآلخر بعوض - أي تقابل اإلباحة مع الملك - يقع

على قسمين:األول: أن يبيح المالك ماله على أن يكون المباح له ضامنا بالمثل أو القيمة،

وهذا ال إشكال فيه فإنه نظير العارية المضمونة.الثاني: أن يبيح له بضمان المسمى كما هو مفروض البحث، وهذا تارة يقع

بالمعاطاة كما هو مفروض كالم المصنف، وأخرى بالقول، [و] على كال التقديرين الإشكال في خروج هذه المعاملة عن عنوان البيع، ألنه تبديل مال بمال، ال تبديلاإلباحة بالمال، إنما الكالم في أنها عنوان مستقل، أو داخلة في عنوان الصلح.

--------------------(١) يظهر هذا من صاحب الجواهر في جواهره: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٣٠٦.

(١٨٤)

Page 186: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم بناء على األول ما الدليل على صحتها ونحن في الدورة السابقة بينا علىأنها داخلة في عنوان الصلح ألنها بمعنى التسالم واالتفاق على أمر؟ وهذا العنوان

ال يشترط أن يكون منشأ بلفظ (صالحت أو تسالمنا على كذا)، بل يكفي كل لفظ أوفعل يدل عليه ولو بااللتزام، كما ورد في صلح الشريكين بقولهما: (لك ما عندكولي ما عندي) (١). إال أن األقوى عدم دخولها تحت عنوان الصلح ولو بناء على

تحققه بكل فعل أو لفظ يكون داال عليه، ألن مجرد االتفاق على أمر ال يوجبدخوله في عنوان الصلح، وإال كان البيع واإلجارة ونحوهما أيضا داخال فيه، بل

ال بد إما أن ينشأ عنوان الصلح بقولهما: (صالحت) و (قبلت)، أو بما يكشف عنهبالداللة السياقية كما في صلح الشريكين، فإنهما بعد نزاعهما لو تسالما على أمر

وقال أحدهما: (لك ما عندك ولي ما عندي) وقال اآلخر كذلك أو: (قبلت) فمنسوق كالمهما يستكشف أنهما في مقام التسالم.

وأما في المقام - وهي اإلباحة بالعوض - فال داللة لفظية أو فعلية على إنشاءالعنوان، وال سياقية، فكيف يقال: إنها صلح؟

ثم إنه ال يمكن التمسك لصحتها بقوله عز من قائل: (أوفوا بالعقود) (٢)، والبقوله: (تجارة عن تراض) (٣).

أما األول: فألنها إذا وقعت بالفعل فال تكون عقدا، وإن وقعت بالقول فالتكون من العهود المتعارفة حتى يكون قوله سبحانه إمضاء لها.

وأما الثاني: فألن التجارة وإن كانت مطلق التكسب إال أنه ال بد أن يكونالتكسب من الطرفين، والمباح له لم يكتسب ملكا، ومطلق استيفاء المنافع ليس

تكسبا، فتأمل.نعم، قد تقدم: (٤) أنه يمكن التمسك لصحته بعموم قوله عليه السالم: (الناس

مسلطون على أموالهم)، (٥) ألن هذه القاعدة وإن لم تجر في ناحية األسباب وال--------------------

(١) مر تخريجه في الصفحة: ١٦٧.(٢) سورة المائدة: ١.

(٣) النساء: ٢٩.(٤) تقدم في الصفحة: ١٦٢.(٥) تقدم في الصفحة: ٩٢.

(١٨٥)

Page 187: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تدل على كفاية العقد الفارسي - مثال - إال أنها جارية في ناحية المسببات، ومنآثار سلطنة الناس على أموالهم إباحة مالهم بالعوض المسمى، إال أن يناقش في

عموم القاعدة بحيث يشمل المقام، ألنه لو لم تكن اإلباحة بالعوض المسمىمندرجة تحت أحد العناوين المتعارفة التي أمضاها الشارع فليس للمالك التسلط

عليها.هذا، مع أن كل إجارة فاسدة وبيع فاسد ال محالة متضمن لإلباحة بالعوض

المسمى، فما معنى عده من العقود الفاسدة؟ فتأمل.قوله قدس سره: (وعلى تقدير الصحة ففي لزومها مطلقا... إلى آخره).ال يخفى أنه على فرض الصحة فالصواب هو التفصيل بين الواقع بالفعل

والقول على ما اخترناه من جواز المعاطاة، فلو وقع بالقول فالحق لزومه منالطرفين، لعموم (أوفوا بالعقود) بناء على أن مفاده هو الحكم الوضعي كما هوالحق، وتبين وجهه في محله، ألن نفوذ العقد وكونه ممضي يقتضي نفوذه من

الطرفين، فإن العقد هو العهد المؤكد الواقع بين المتعاملين، فال يمكن التفكيك إالإذا ثبت بالدليل كما في الجواز الثابت للمرتهن دون الراهن.

نعم، بناء على أن مفاده الحكم التكليفي فيمكن أن يجب الوفاء على أحدالمتعاقدين دون اآلخر، ولو وقع بالفعل فالحق جوازه من الطرفين، والتفصيل بين

الملك واإلباحة ال وجه له.قوله قدس سره: (األمر الخامس: في حكم جريان المعاطاة في غير البيع... إلى

آخره).ال يخفى أن االستدالل بأدلة المعامالت لصحة المعاطاة فيها يتوقف على

إثبات مقدمتين:األولى: كون الفعل بنفسه مصداقا لهذه العناوين ليصح االستدالل بأدلة

العناوين على صحته، أو كونه مصداقا ألمر مالزم ألحد العناوين، بحيث يترتبعليه بجريان العادة المألوفة والسيرة المستمرة ما يترتب على مالزمه، بأن كانت

(١٨٦)

Page 188: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

السيرة دليال على ترتب ما يترتب على مالزم الفعل، ال أن تكون دليال على أصلصحة المعاملة الفعلية، فبعد جريان العادة يدخل الفعل بالمالزمة في أحد

العناوين، ويصح االستدالل له بما يستدل به للعناوين، نظير القول، فإنه قد ينشأ بهأحد العناوين مطابقة، وقد ينشأ به أحدها التزاما.

ووجه اعتبار كون الفعل مصداقا لها أو مصداقا لمالزمها ما أشرنا إليه سابقامن أن مجرد قصد عنوان ووقوع الفعل عقيبه ال يؤثر في تحقق هذا العنوان إذا لم

يكن الفعل آلة اليجاده أو إيجاد مالزمه.والثانية: أن الفعل إذا كان مصداقا لعنوان خاص فال إشكال في تحقق هذا

العنوان بإيجاده مع القصد، وأما إذا كان مشتركا وكان ذا وجوه فتعين أحدالعناوين دون غيره إنما هو بالقرائن المكتنفة به. والقرينة في باب األفعال ليست

مما ينشأ بها جزء المعنى حتى يقال: إن المنشآت في باب المعامالت معان بسيطةال يمكن إنشاؤها تدريجا، وليست لها أجناس وفصول، ألن القرينة موجبة لتعين

وجه الفعل، فينشأ التمليك - مثال - بالفعل وحده.وبالجملة: وإن قلنا: بأنه ال يمكن إنشاء العقود بالمشترك المعنوي وال

بالمشترك اللفظي إال أنه ال يمكن قياس الفعل باللفظ، ألن القول في المشتركالمعنوي وضع لمعنى جامع، وفي المشترك اللفظي كل معنى مستقال، فإيجاد المعنى

المشترك بالقول المفيد لمعنى عام إيجاد للجنس، واللفظ الدال على الخصوصياتإيجاد للفصل، فيوجد المقصود بتعدد الدال والمدلول، وهكذا إيجاده باللفظ الذي

ال يستفاد منه معنى إال بالقرينة كالمشترك اللفظي إيجاد للمقصود بلفظين، وهذاوإن لم يخل عن المناقشة - كما سيجئ إن شاء الله من أنه ال مانع من إيجاد أحدالعناوين بالمشترك لفظا بين عناوين متعددة - إال أن هذا اإلشكال ال يرد في الفعل،ألن وجه الفعل ليس بمنزلة القرينة لينشأ بهما شيئا غير ما ينشأ بذي القرينة، بل ينشأالعنوان بنفس الفعل الموجه، فإذا كان المعطي في مقام البيع فينشأ البيع بنفس الفعل،

(١٨٧)

Page 189: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

مقام إعطاء ماله قرضا أو هبة ينشأ القرض أو الهبة بنفس الفعل.وبالجملة: فكما إذا كان الفعل موجها بعنوان واحد ينشأ العنوان به - كالوطئ

الذي به يتحقق الرجوع في العدة الرجعية وبه يتحقق الفسخ في البيع الخياري -فكذلك بنفس الفعل ينشأ العنوان إذا كان ذا وجوه.

إذا عرفت ذلك ظهر جريان المعاطاة في البيع والهبة والقرض، وفي اإلجارةوالعارية والوديعة، ألن الفعل إما بنفسه مصداق ألحد هذه العناوين، أو مالزم له،

فلو لو لم يكن إعطاء كل منهما ماله لآلخر بيعا فال أقل من كونه تسليطا، ومن جهةالعادة والسيرة المستمرة من قصد البيع به يقع البيع به وإن كان الفعل في الخارج

مالزما للبيع، وهكذا يصح إنشاء المضاربة ونحوها به، فإن الفعل وإن لم يكنإنشاء جميع ما يعتبر في المضاربة به من تعيين الربح ونحوه إال أنه كل ما يمكن

إنشاؤه بالفعل فينشأ به، وكل ما ليس الفعل مصداقا له يتعين بالقول وينشأ باللفظ،وال مانع من تركيب المعاملة من الفعل والقول إذا كانت المعاملة مشتملة على أمور

كلها ال بد من إنشائها إما بالفعل أو القول، كالشرائط التي في ضمن العقود.وما يقال: من أن منشآت العقود بسيطة ليس معناه أنه ال يمكن إنشاء أمرين

في معاملة واحدة، بل معناه أن األمر الواحد ال يمكن إنشاؤه تدريجا.وبالجملة: كل شرط في ضمن العقد منشأ مستقل، وتحققه في عالم االعتبار

بإنشائه قوال أو فعال، فال مانع من إنشاء المضاربة ونحوها من المزارعة والمساقاةبالفعل. نعم، ما ال يجري فيه المعاطاة أمور:منها: ما ال يمكن إال إنشاؤه بالقول خارجا.

ومنها: ما ال يصح إنشاؤه بالفعل شرعا.ومنها: مورد الخالف.

فمن األول: الوصية تمليكية كانت أو عهدية، والتدبير والضمان فإنها ال تنشأإال بالقول، لعدم وجود فعل كان مصداقا لهذه العناوين، فإن انتقال الدين من ذمةإلى أخرى ال يمكن أن يتحقق بالفعل، وال العتق أو الملكية أو القيمومة بعد موت

(١٨٨)

Page 190: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الموصي.ومن الثاني: النكاح، فإن الفعل فيه مالزم لضده، وهو الزنا والسفاح، بل

مصداق للضد حقيقة، فإن مقابل النكاح ليس إال الفعل المجرد عن اإلنشاء القوليوعما جعله الشارع سببا للحلية.

ومن الثالث: الوقف، ولكن األقوى هو التفصيل بين أقسامه، فما كان الفعلبنفسه مصداقا لحبس العين وتسبيل المنفعة كوقف المساجد والقناطر والمدارس

ووقف الحصر والبواري ونحوهما للمساجد والمشاهد يقع بالفعل كوقوعه بالقول.وما لم يكن الفعل مصداقا له كالوقف الخاص أو لمصرف خاص كالوقف لتعزية

سيد الشهداء - سالم الله عليه وعلى الدماء السائالت بين يديه - فال يقع بالفعل.وبالجملة لم يقم دليل خاص على اعتبار القول في مطلق الوقف: كباب

النكاح، بل النزاع صغروي.ثم مما ذكرنا ظهر أنه ال يمكن وقوع اإليقاعات بالفعل إال باب اإلجازة

والفسخ وما يلحق بهما من الرجوع في العدة، لعدم وجود فعل يكون مصداقاللطالق والعتق ونحوهما، فإن إلقاء القناع على الزوجة، وإخراج العبد من الدار

وأمثال ذلك من األفعال ليست مصداقا للطالق والعتاق، بل هي من آثارهما.ثم إن من القسم الثالث الرهن، فبعضهم (١) ادعى عدم تحققه بالفعل، النعقاد

االجماع على كونه من طرف الراهن الزما، وانعقاده على توقف العقود الالزمةعلى اللفظ.

وبتعبير آخر: حقيقة الرهن - وهي كون المال وثيقة للدين - تقتضي عدمإمكان الفسخ للراهن، مع أن المعاطاة سواء كانت مفيدة للملك أو اإلباحة جائزة:إما إجماعا أو لعدم ثبوت مقتضى اللزوم، فال بد إما من القول ببطالن المعاطاة في

الرهن، أو تخصيص ما دل على كون المعاطاة جائزة، أو تخصيص أدلة الرهن،وحيث إن االلتزام باألخيرين ممتنع، لالجماع على توقف العقود الالزمة على

--------------------(١) كابن إدريس الحلي في السرائر: ج ٢ ص ٤١٦ - ٤١٧.

(١٨٩)

Page 191: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اللفظ، ولمنافاة الجواز مع كون الشئ وثيقة فتعين األول.ولكنه ال يخفى أن االجماع على توقف العقود الالزمة على اللفظ ليس

إجماعا تعبديا قائما على حصر ما يفيد اللزوم باللفظ، بل غرض المجمعين أنحكم الشارع بلزوم المعاملة يتعلق بالمعاملة المنشأة باللفظ، لكونها مشتملة علىمدلول التزامي، وبهذا اللحاظ تسمى عقدا، وحيث إن المعاطاة ليست عقدا فالتكون الزمة، وهذا ال ينافي كون الرهن المعاطاتي الزما من جهة أخرى وهي

اقتضاء ذاته اللزوم، أي ال تنافي بين أن يكون الرهن من حيث وقوعه بالفعلجائزا ومن حيث الحكم الشرعي، أو اقتضاء ذاته الزما.

كما أن عدم معروفية الجواز من الشارع في الوقف ال ينافي جوازه من حيثوقوعه بالفعل، غاية األمر يقدم جهته الذاتية أو عدم المعروفية على جهة نفس

الفعل.وبالجملة: لو قلنا بأن المعاطاة جائزة من جهة عدم اقتضائها اللزوم أو

إجماعا فال ينافي طرو جهة اللزوم عليها.قوله قدس سره: (وفيه: أن معنى جريان المعاطاة في اإلجارة على مذهب المحقق

الثاني... إلى آخره).حاصل مرامه قدس سره في رد المحقق الثاني في اإلجارة هو أن من آثار اإلجارة

أن يكون المستأجر مالكا لعمل األجير ولمنفعة دار المؤجر، وأن يكون األجيرمالكا لألجر المعين، والمؤجر مالكا للعوض بإزاء المنفعة، بحيث يكون عمل

العامل أو تسليم الدار الستيفاء المنفعة وفاءا للحق الحاصل باإلجارة، مع أن اآلمرليس مالكا كذلك بال إشكال، ألن للمأمور أن ال يعمل بما أمره اآلمر وأن ال يسلم

داره، فأمر اآلمر وعمل المأمور ليس داخال في باب اإلجارة المتعارفة، بل يدخلفي باب استيفاء العمل باألمر المعاملي الموجب لضمان المثل أو القيمة لو لم يعين

له أجرة، ولضمان المسمى لو عين على إشكال فيه، ومنشأ اإلشكال أن مجردتعيين األجرة ال يوجب أن يكون ضامنا لما عين، ألن التعيين ليس بنفسه

(١٩٠)

Page 192: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عقدا ولذا ال يستحق العمل على المأمور، بل الضمان يتحقق بعد إتيان العامل بالعملبإذن اآلمر مع عدم قصده التبرع، فيدخل في ملك اآلمر آنا ما ويضمن.

وبالجملة: اختلفوا في أنه لو عين مقدار ما يضمن به فهل يتعين المسمى أويرجع إلى ضمان المثل أو القيمة، أو يضمن أقل األمرين من ضمان المسمى

والمثل أو القيمة؟ واألقوى هو الثاني، لما عرفت: من أن التعيين بنفسه ليس عقدا،بل التزام ابتدائي وال يشمله (المؤمنون عند شروطهم) (١)، بناء على ما هو الحق من

اختصاص الحديث بالشرط في ضمن العقد، ومنه ظهر ضعف وجه القول الثالث،فإن وجهه إقدام العامل ورضاه بما عين له اآلمر، ومع بطالن التعيين فلو كان هو

األقل فقد أقدم العامل به، ولو كان هو ثمن المثل فهو الذي يستحقه.وجه الضعف: أن إقدام العامل ال أثر له، ألنه ليس إال التزام بدوي.

وبالجملة: لو كان أمر اآلمر وعمل المأمور داخال في إجارة النفس للعمللكان المسمى متعينا، وأما مع عدم تحقق اإلجارة ال قوال وال معاطاة فالتعيين ال

أثر له.أما قوال فلعدم اإلنشاء باللفظ كما هو المفروض. وأما معاطاة فألن العمل

بنفسه ليس إجارة، ألن إجارة العمل ليست بنفسها صحيحة ولو بالقول، فضال عنالفعل، وإجارة النفس للعمل ال تتحقق بالفعل، ألن العمل الخارجي ليس مصداقالإلجارة المتعلقة بالنفس. ومجرد قرينية حرفته وصنعته على أنه ال يعمل مجانا اليوجب أن يكون عمله مصداقا إلجارة نفسه للعمل، فلو حمل المتاع بال أمر من

صاحبه وال رضاه الذي بمنزلة اآلمر ال يدخل عمله في عنوان اإلجارة واليستحق شيئا من صاحب المتاع ولو قصد األجرة.

نعم، في إجارة األموال تسليم المال الستيفاء المنفعة، وتسلم المستأجروإعطاء األجرة إجارة معاطاتية.

--------------------(١) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ٣٧١ ح ٦٦. عنه في الوسائل: ج ١٥ ص ٣٠ ب ٢٠ من أبواب

المهور ح ٤.

(١٩١)

Page 193: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وعلى هذا، فما أفاده المحقق الثاني: (من أن في كالم بعضهم ما يقتضياعتبار المعاطاة في اإلجارة، وذلك أنه إذا أمره بعمل على عوض معين وعمله

استحق األجرة) (١) غير وجيه، ألن هذا غير داخل في اإلجارة المعاطاتية، وإنمايدخل في باب استيفاء العمل باألمر المعاملي الموجب للضمان الواقعي، ال

المسمى كما ظهر.وحاصل مقصوده قدس سره في رد المحقق الثاني في الهبة هو أنه ال يمكن جريان

المعاطاة فيها على مختار المحقق (٢) الثاني القائل: بأن المعاطاة مفيدة للملكالجائز، لالجماع على عدم حصول الملك في الهبة إال باللفظ، فجريانها فيها إنما

يتم على القول بكونها مفيدة لإلباحة. وفيه: أن الظاهر عدم كون المسألة إجماعية،وعدم خصوصية للهبة في توقف حصول الملك فيها على اللفظ، بل لو توقف

حصوله على اللفظ لتوقف كل عقد عليه.قوله قدس سره: (وأما على القول باإلباحة فاألصل عدم اللزوم... إلى آخره).ال يخفى أن ما أختاره هنا ينافي ما ذكره في األمر الرابع في اإلباحة بالعوض

من أن األقوى اللزوم، فإن مدرك األقوال الثالثة جار في مطلق ما يفيد اإلباحة،سواء كان قصد المتعاقدين اإلباحة أو التمليك مع ترتب اإلباحة على فعلهما، فإن

وجه الجواز مطلقا هو أن العقود التسليطية دائرة مدار اإلذن والتسليط.ولذا استشكل في لزوم الوكالة في ضمن العقد الالزم بتقريب أن الوكالة ثابتة

ما دام اإلذن باقيا فإذا ارتفع ارتفعت، وال يجدي اشتراط عدم عزله ولو في ضمنعقد الزم.

ووجه اللزوم مطلقا كفاية عموم (المؤمنون عند شروطهم) (٣) إلثبات اللزوم،فإن العقود التسليطية لو خليت وطبعها دائرة مدار بقاء التسليط، ال فيما إذا اشترط

--------------------(١) جامع المقاصد: كتاب المتاجر ج ٤ ص ٥٩.(٢) جامع المقاصد: كتاب المتاجر ج ٤ ص ٥٨.

(٣) مر تخريجه في الصفحة: ١٩١.

(١٩٢)

Page 194: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اللزوم في ضمن عقد الزم، أو التزم وتعهد به ابتداء.ووجه التفصيل: أن المباح له أخرج ماله عن ملكه، فال دليل على إمكان

إرجاعه إليه ثانيا دون المبيح فإنه باق على سلطنته، فإذا كان مختار المصنفاللزوم فكيف يصح قوله: وأما على القول باإلباحة فاألصل عدم اللزوم (١)؟

فاألولى أن يقال: حيث إن الفعل ال ينشأ به إال نفس التبديل أو اإلباحةبالعوض وليس له مدلول التزامي فال تشمله أدلة العهود والعقود، بل يكون بالنسبةإلى (أوفوا بالعقود) (٢) و (المؤمنون عند شروطهم) (٣) و (البيعان بالخيار) (٤)

خارجا بالتخصص.أما األولين فلعدم كونه عقدا وال شرطا والتزاما بشئ.

وأما األخير فألنه وإن كان بيعا إال أن الحكم المترتب على البيع بمقتضى هذاالخبر من الخيار عند االجتماع واللزوم عند االفتراق ال يترتب عليه، ألنه ليسفيه التزام حتى يلزم بعد االفتراق، فليس فيه خيار أيضا، ألنه في مقابل اللزوم

الحقي، فكما أنه ليس الزما حكما - كالنكاح، لوضوح صحة اإلقالة فيه، وكل مايدخل فيه اإلقالة يدخل فيه خيار الفسخ واللزوم الحكمي ال يصح جعل الخيار فيه

من المتعاقدين - كذلك ليس الزما حقا أيضا، ألن اللزوم الحقي ينشأ من التزامالمتعاقدين، وفي الفعل ال ينشأ االلتزام فهو خارج عن عموم (البيعان). بالتخصص

أيضا.وبالنسبة إلى قوله عز من قائل: (وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) (٥) فهو

خارج بالحكومة، ألن بعد االجماع على الجواز أو لعدم موجب اللزوم يكونرجوع المتعاطيين أكال بالحق ال بالباطل.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٩٠ السطر األخير.

(٢) المائدة: ١.(٣) مر تخريجه في الصفحة: ١٩١.

(٤) تقدم تخريجه في الصفحة: ١٥٨.(٥) البقرة: ص ١٨٨.

(١٩٣)

Page 195: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبالنسبة إلى (الناس مسلطون) (١) و (ال يحل مال امرئ) (٢) و (إال أن تكونتجارة عن تراض) (٣) فهو خارج بالتخصيص، ألن بعد قيام االجماع على الجوازوعدم ما يوجب اللزوم يثبت حق للمالك األول أو المبيح، فيخرج رد المتعاطيين

عين مالهما: إلى ملكهما عن عموم تسلط الناس على أموالهم، وحرمة التصرف إالبطيب النفس، والتجارة ال عن تراض.

كما ال فرق بين القول باإلباحة بناء على الوجه الثامن وهو االستصحاب،ألنه بناء على ما قلنا: من عدم تحقق ما يوجب اللزوم فال يبقى شك في جواز الردحتى يتمسك باالستصحاب، إال أن يقال: وإن لم يتحقق موجب اللزوم إال أنه بناء

على حصول الملك منه، فجواز الرجوع أيضا ال دليل عليه.نعم، بناء على اإلباحة جواز الرجوع هو مقتضى بقاء سلطنة المالك.

وفيه: أنه ال فرق بينهما أما بناء، على الملك فيكفي التمسك باالجماعللجواز، فإنه وإن كان مقتضى االستصحاب بقاء أثر ما تحقق بالفعل إال أن

االجماع على الجواز يكفي للخروج عن أصالة اللزوم.وأما بناء على اإلباحة فأصالة سلطنة المالك الثابتة قبل المعاطاة حاكمة على

أصالة بقاء اإلباحة الناشئة من التعاطي لو سلم جريانها، مع أن جريانها ممنوع، اللما توهم من أن المقام من قبيل الشك في المقتضي فإنه فاسد، ألن الشك في

المقتضي هو الشك في بقاء المستصحب في عمود الزمان، ال الشك في مقداراستعداده بالنسبة إلى الزمانيات، وإال رجع الشك في رافعية الموجود بأقسامه إلىالشك في المقتضي، بل ألن قوام اإلباحة الثابتة بالفعل إنما هو باإلذن، فإذا ارتفع

ارتفعت قطعا، فال يبقى شك حتى يستصحب اإلباحة.وبالجملة: على فرض جريان أصالة اإلباحة فأصالة السلطنة حاكمة عليها.

وأما استصحاب الملك فاالجماع على الجواز كاف في عدم جريانه.--------------------(١) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢

(٢) مر تخريجه في الصفحة: ١٥٨(٣) النساء: ٢٩.

(١٩٤)

Page 196: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وكيف كان، بعد قيام االجماع أو عدم تحقق موجب اللزوم يثبت جوازالمعاطاة بال إشكال.

نعم، فرق بين المسلكين، وهو أنه لو قلنا: إن األصل هو اللزوم كما علىمختاره قدس سره (١) بناء على الملك فاالجماع على الجواز إنما يفيد في المتيقن منه

لوكان معقد االجماع مجمال، كما يظهر منه قدس سره ويقول: المتيقن منه مورد تراد

العينين (٢) مع بقاء صفاتهما، وعدم انتقالهما إلى غيرهما، فمع تلفهما أو تغييرهما أوتملك غير المتعاطيين لهما فالمرجع أصالة اللزوم، للشك في شمول دليل الجواز

لهذه الصورة.وأما لو قلنا: إن األصل عدم اللزوم كما على القول باإلباحة على مختارهفاألمر بالعكس، فتأسيس األصل على مختاره يترتب عليه آثار غير خفية.

نعم، يرد عليه إشكال، وهو أنه لو تمسكنا ألصالة اللزوم بغير االستصحابمن الوجوه السبعة األخرى فيقتضي أن يكون اللزوم فيها هو اللزوم الحقي، سيماإذا تمسكنا ب (أوفوا بالعقود) (٣) و (المؤمنون عند شروطهم) (٤) و (البيعانبالخيار) (٥) فاالجماع على الجواز أيضا يقتضي أن يكون حقيا، ومقتضاه بقاء

الخيار عند التلف، إال أن يدعى االجماع على الجواز مقيدا ببقاء العينين كماسيجئ توضيحه.

نعم، بناء على ما سلكناه من أن الفعل ال يقتضي اللزوم فالجواز المتصور فيهيرجع إلى الجواز الحكمي ال الحقي، ألنه يقع في مقابل اللزوم الحقي: كالخيارات

الشرعية، فينحصر أن يكون الجواز حكميا.قوله قدس سره: (إذا عرفت هذا فاعلم أن تلف العوضين ملزم إجماعا... إلى آخره).

ال يخفى أنا في تعليقتنا سابقا على هذا العنوان اخترنا ما هو ظاهر كالم--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٩٠ السطر األخير.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٩١ س ٣.

(٣) المائدة: ١.(٤) مر تخريجه في الصفحة: ١٩١.(٥) مر تخريجه في الصفحة: ١٥٨.

(١٩٥)

Page 197: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المصنف من تعلق جواز الرد بنفس العينين، ففي مورد تلفهما ال يبقى موضوعللجواز. وبينا عدم إمكان تعلق حق الرجوع بالمثل أو القيمة عند التلف، ألن

التعاطي إنما يقتضي التبديل بين المالين دون االلتزام بهذا التبديل، فلو لم يمكنرد نفس المالين إلى مالكهما األصلي فرد بدلهما ال وجه له، ألن تحقق المعاملة كمايتوقف على وجودهما فكذلك ردهما أيضا. ولكن الظاهر للمتأمل أن ما ذكرنا: من

عدم إمكان الرد إال مع بقاء العينين استحساني وال يبتنى على أساس، وذلك ألنهلو قلنا بأصالة اللزوم من جهة األدلة الثمانية فاالجماع على الجواز ال يقتضي إال

الجواز الحقي المقتضي لبقائه عند التلف.نعم، لو تردد الجواز بين معنيين متباينين - وهو جواز المعاوضة أو تراد

العينين - فال يمكن التمسك بالعمومات في مورد الشك، ألن المخصص وإن كانمنفصال إال أن تردده بين المتباينين يوجب سقوط ظهور العام في كل منهما. ولو

قلنا بها من باب االستصحاب فاالجماع على الجواز أيضا ال يقتضي انحصارهبمورد بقاء العينين إال أن يقوم االجماع عليه مقيدا، أو كان هناك إجماع تعبدي

آخر على أن تلف العينين ملزم كما هو ظاهره قدس سره في قوله: على الظاهر المصرحبه في بعض العبائر.

والظاهر عدم كون االجماع على الجواز مقيدا ببقاء العينين، وعدم قياماالجماع القطعي على أن تلفهما ملزم. ولو قلنا بأن الفعل ليس فيه جهة لزوم أصال

فاالجماع على الجواز ال أثر له إال إذا تحقق ما يوجب اللزوم من جهة، كما إذاتلف العينين فإن الجواز من جهة عدم تحقق الملزم إنما يؤثر في رد العين، فإذا

تلفت ال يبقى موضوع لهذا الجواز، فيؤثر الجواز من جهة أخرى ويقتضي ثبوتهعند تلف العينين، ألن الجواز من جهتين نظير ثبوت الخيار من جهتين، وأحدهما

مع وجود اآلخر ال أثر له، وإنما يؤثر مع سقوط اآلخر.وبالجملة: ال معنى لتعلق الجواز بنفس العين ابتداء، ألنه لم يقم دليل على

كون المقام من قبيل التقاص الثابت لغير المالك في تعلقه بنفس مال الغير، بل

(١٩٦)

Page 198: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الجواز هنا إما من قبيل جواز البيع الخياري، أو جواز الرجوع في الهبة. وعلى أيحال له مساس بالمعاوضة، ويسترجع العين تبعا للرجوع عنها، وإنما لم يمكن

الرجوع في الهبة عند تلف العين، ألنها ليست معاوضة، بل تسليط مجاني، فإذاتلفت العين التي لم يتعلق بها ضمان فرجوع مثلها أو قيمتها بال موجب فال يؤثر

رجوع الواهب، وهذا بخالف باب المعاوضة فإنها ليست تسليطا مجانيا، فلو رجعالمالك األصلي أو المبيح بمقتضى ثبوت جواز الرجوع له فال بد أن يرجع إليه عين

ماله عند بقائها، وبدلها عند تلفها.إال أن يقال: بناء على اإلباحة فبعد فرض إفادة المعاطاة الضمان بالمسمى

فمقتضاه أن يصير التالف آنا ما ملكا للمباح له، فإذا كان التالف ملكا لمن تلفعبده فال وجه ألن يكون عليه ضمان المثل أو القيمة، إال إذا ثبت جواز رجوع

المالك األصلي حتى بعد التلف، وفي خصوص اإلباحة قام االجماع القطعي علىأن المبيح ليس له الرجوع إلى المثل أو القيمة بعد التلف فال يؤثر فسخه، بل يمكن

تطبيقه على القاعدة أيضا، بتقريب أن الجواز على اإلباحة إنما يكون من جهةسلطنة المالك، فإذا تلف العينين ينتقل ملكه إلى طرفه، وإرجاعه إلى ملكه ثانيا

يتوقف على ثبوت الجواز بعد التلف، وهذا يتوقف على دليل خاص عليه.وبالجملة: حكم اإلباحة حال التلف حكم الملك فإنه على كل تقدير يحصل

الملك: إما آنا ما، أو من أول األمر، فإذا لم نقل بجواز الفسخ بعد التلف بناء علىالملك - كما سيجئ تقريبه - فعدم جوازه على اإلباحة أولى.

ثم مما ذكرنا ظهر ما في قوله قدس سره: ألن تلفه من مال مالكه، ولم يحصلما يوجب ضمان كل منهما مال صاحبه (١)، لما عرفت من أن التالف ملك لمن تلف

عنده، ال للمبيح، فإن كونه من مال المبيح مناف لكون كل من المالين مضمونا علىاآلخر بالضمان المعاملي، بل هو قدس سره أيضا صرح بما ذكرنا في جواب استبعاد

الشيخ الكبير كون التلف من الجانبين معينا للمسمى من الطرفين.--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٩١ س ٢.

(١٩٧)

Page 199: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فقال: ما حاصله: (١) إن هذا مقتضى االجماع على عدم ضمان المثل والقيمةمع رعاية عموم (على اليد) بحيث ال يلزم التخصيص فيه وأصالة عدم الملك إلى

حين التلف، فيصير التلف في المقام كتلف المبيع عند البائع قبل إقباضه.وبالجملة: ما ذكره في المقام مناف لما تقدم منه كما ال يخفى.

وأما على القول بالملك فلو ثبت االجماع على أن تلف العوضين ملزم فالإشكال، وهذا وإن لم يكن إجماعا تعبديا إال أنه يصير منشأ للشك في أن جواز

المعاملة دائمي أو مختص بما دام العين باقية، كما في باب خيار العيب، فبعد تلفالعين لم يحرز الجواز، وال يمكن استصحابه أيضا كما سيجئ وجهه.

وأما لو لم يثبت فإذا قلنا: بأن األصل في المعاطاة اللزوم للوجوه الثمانيةفاالجماع على الجواز لو كان مقيدا ببقاء العينين فالمرجع في مورد تلفهما هو

أصالة اللزوم، ولو لم يكن مقيدا وشك في بقاء الجواز حال التلف يدخل في النزاعالمعروف، وهو أن المرجع هل هو استصحاب حكم الخاص أو عموم العام؟ولو شك في موضوع الجواز فال يجري استصحاب حكم المخصص أيضا،

فإن الجواز وإن كان مرددا بين مقطوع البقاء ومقطوع االرتفاع فيدخل في القسمالثاني من االستصحاب الكلي إال أنه ال يجري في األحكام إذا كان منشأ الشك

فيها الشك في موضوعها.وفي المقام وإن لم نقل بأن جواز المعاملة عبارة عن تراد العينين بل قلنا بأنه:

عبارة عن رد المعاوضة إال أنه يمكن ثبوتا أن يكون ردها مشروطا ببقاء العين،ومع الشك يؤخذ بالمتيقن.

وعلى هذا، فعلى القول باإلباحة أيضا ال يمكن أحراز جواز الرد بعد التلف،ألن جواز الرد الثابت للمبيح قبل التلف كان من جهة سلطنة المالك، وحيث إنه

بالتلف خرج الملك عن ملكه ودخل في ملك المباح له فهذه السلطنة ارتفعتقطعا، ولم يثبت سلطنة أخرى إال ما ثبت باالجماع الذي دل على جواز المعاطاة.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٤ س ٢٦ وما بعده.

(١٩٨)

Page 200: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وعرفت أن هذا االجماع ال يفيد إلثبات الجواز بعد التلف.وال يقال: ال إشكال في إمكان اإلقالة منهما على كال القولين بعد التلف،

ومقتضاه إمكان الرد منهما على القولين بعد التلف.ألنا نقول: وإن ثبت المالزمة بين ما يجري فيه اإلقالة وما يجري فيه الخيار

إال أن ثبوت المالزمة إنما هو من حيث االقتضاء، أي ما يصح فيه اإلقالة يصح فيهجعل الخيار، ال المالزمة الفعلية، ولذا تجري اإلقالة بعد تلف المعيب أو تغيره مع

سقوط الخيار بهما.ثم إن من جريان اإلقالة بعد التلف ال يمكن استكشاف الجواز الحقي في

المعاطاة الذي هو بمعنى الخيار الثابت حتى بعد التلف.أما أوال: فلما عرفت: أن الجواز الحقي أيضا يمكن ارتفاعه بالتلف، كما في

خيار العيب.وثانيا: يمكن أن يكون الجواز حكميا كالجواز في باب الهبة وبقيام االجماع

على أن تلف العينين ملزم يثبت اللزوم الحقي الذي تجري فيه اإلقالة، وذلك لعدمانحصار اللزوم الحقي بما إذا كان االلتزام بالمعاوضة من منشآت المتعاقدين، بل

كما يمكن أن يكون كذلك يمكن أن يكون بجعل شرعي كما في الجواز الحقي فإنهيمكن أن يكون مالكيا كخيار الشرط، ويمكن أن يكون شرعيا كخيار المجلسوالحيوان، فإنه مع كونه شرعيا يكون حقيا. هذا إذا قلنا بأن األصل في المعاطاة

على القول بالملك هو اللزوم.وأما لو قلنا بأن األصل فيها الجواز، لعدم منشأ اللزوم فالجواز فيها كالجواز

الحكمي حكما وثبوته بعد تلف العينين يتوقف على قيام دليل عليه، وحيث إناالجماع عليه ال يفيد إلثباته بعد تلفهما فينحصر بمورد البقاء.

قوله قدس سره: (ومنه يعلم حكم ما لو تلف إحدى العينين... إلى آخره).بعد ما تقدم منا أنه يمكن ثبوتا أن يكون جواز المعاطاة مختصا بمورد قيام

العينين على حالهما فبعد تلف إحداهما أو تلف بعض من إحداهما يرتفع موضوعالجواز، وهذا على الملك مسلم.

(١٩٩)

Page 201: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وتقدم منا أن الحكم كذلك على اإلباحة أيضا حذو النعل بالنعل، ألنه بناءعليها يحصل الملك أيضا بتلف إحداهما لكل من المبيح والمباح له، فإنه إذا صار

من تلف المال عنده مالكا للتالف آنا ما يملك اآلخر العين الموجودة أيضا، فإذاملك كل منهما مال اآلخر فمقتضى االستصحاب بقاء ملكهما، واسترجاع العين

عمن بيده، حتى يرجع هو إلى مثل ماله أو قيمته الذي تلف عند طرفه يتوقف علىدليل، وحيث إنه ال دليل فيتعين المال الموجود للعوضية عن التالف.

إذا عرفت ذلك ظهر ما في كالم المصنف قدس سره في ذيل هذا العنوان من األموراألربعة.

فإنه أوال: ارتضى (١) ما استوجهه بعض مشايخه (٢)، وفاقا لبعض معاصريه (٣)،تبعا للمسالك (٤) من جريان أصالة بقاء سلطنة مالك العين الموجودة وملكه لها فله

الرجوع، واستشكل فيه بمعارضتها بأصالة براءة ذمته عن مثل التالف أو قيمته.وثانيا: جعل أصالة بقاء السلطنة حاكمة على أصالة البراءة.

وثالثا: ناقش في جريان األصلين من جهة العلم اإلجمالي بالضمان، والشكفي أن المضمون هو المسمى بحيث يتعين فال يمكن لمن تلف عنده الرجوع إليه أو

المثل أو القيمة بحيث يمكن له الرجوع، وال أصل يعين أحدهما (٥).--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٩١ س ١١.(٢) هو الشيخ صاحب الجواهر في جواهره: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢٣١، ٢٣٢.

(٣) هو الشيخ كاشف الغطاء في شرحه على القواعد (مخطوط): الورقة ٥١.(٤) مسالك األفهام: كتاب المتاجر ج ١ ص ١٧٠ س ٨.

(٥) وحمل العبارة على المناقشة بالنسبة إلى خصوص أصل البراءة خالف الظاهر، فإن قوله:فال أصل، ظاهر في أنه ال أصل يعين ضمان المسمى الذي هو موافق ألصل البراءة عن البدل

الواقعي، أو يعين ضمان الواقعي الذي هو موافق لبقاء السلطنة.ثم بناء عليه أيضا ال ترد المناقشة، كما ال ترد على الوجه الذي حملنا عليه عبارة الكتاب

كما سيجئ، وذلك ألن ضمان المسمى له حالة سابقة، وضمان الواقعي لم يكن حال بقاءالعينين، فال مانع من إجراء البراءة عن الضمان الواقعي. (منه دام ظله).

(٢٠٠)

Page 202: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ورابعا: تمسك بعموم (الناس) (١) لرد البراءة عن المثل أو القيمة. وقال:مقتضى عمومه: السلطنة على المال الموجود بأخذه، وعلى المال التالف بأخذ بدله.

أما في األول: فلما عرفت: أن السلطنة على المال من آثار بقاء الملك فيملك مالكه فإذا خرج عن ملكه بمقتضى الضمان المعاوضي انقطعت سلطنته أيضا،

فال يجري استصحاب حتى يعارض بأصالة البراءة.وبالجملة: مقتضى الضمان المعاملي - أي التعهد بكون المسمى عوضا - أن

تصير العين الباقية ملكا لمن هي في يده، ألن التالف يصير حين التلف ملكا لمنتلف عنده، فال محالة يصير عوضها ملكا لآلخر، فكيف يبقى سلطنة مالك العين

الموجودة؟ وال مجال الستصحابها قطعا.والعجب من السيد الطباطبائي قدس سره في حاشيته على المتن، حيث قال: إن

األولى التمسك بعموم القاعدة ال األصل، إذ ال مجرى مع العموم، (٢) وذلك لما ظهرمن أنه ال مجال للتمسك بالعموم وال األصل، ألن عموم (الناس) ال يثبت بقاء

العين الموجودة في ملك مالكها األصلي.وأعجب منه ما في المتن في رد ترجيح أصالة بقاء السلطنة على أصالة

البراءة بالتمسك بعموم (على اليد) من قوله: والتمسك بعموم (على اليد) هنا فيغير محله بعد القطع بأن هذه اليد قبل تلف العين لم تكن يد ضمان، بل وال بعده إذا

بنى مالك العين الموجودة على إمضاء المعاطاة (٣)، وذلك ألن ما ذكره هدمألساس باب المعاوضة، فإن (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) قاعدة

مستخرجة من قواعد المعاوضات، وأساسها يبتنى على الضمان قبل تلف العينوبعده. أما قبله فبالعوض المسمى، وأما بعده فبالعوض الواقعي من جهة عموم

(على اليد،) (٤) فإن اليد على مال الغير توجب ضمانه إذا لم يكن مجانيا، فما دام--------------------(١) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢.

(٢) حاشية المكاسب للسيد اليزدي: كتاب البيع ص ٨٢ س ١٦.(٣) المكاسب: كتاب البيع ص ٩١ س ١٠.

(٤) مر تخريجه في الصفحة: ٦٤.

(٢٠١)

Page 203: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

العين باقية فالتضمين يقتضي بدلية كل من العينين عن األخرى، فإذا رجعإحداهما إلى مالكها األصلي ترجع األخرى إلى مالكها أيضا إذا كانت باقية،

وعوضها إذا كانت تالفة.نعم، معنى ضمانها عند التلف هو الضمان عند الفسخ والرجوع، وأما مع

اإلمضاء وعدم الرجوع فال معنى للضمان.وبالجملة: معنى الضمان أنه لو تلفت وطرأ فسخ أو انفساخ فيرجع مثلها أو

قيمتها، وليس هذا إال مقتضى المعاوضة واليد، فإن المعاوضة تقتضي ضمان كلمن المالكين مال اآلخر قبل القبض بمقتضى شرط التسليم ضمنا، وبالقبض ينتقل

الضمان، أي ضمان كل ملك على مالكه، فإذا طرأ عليه الفسخ فمقتضى (اليد) أنيكون ضامنا لبدله لو كان تالفا.

وأما في الثاني فألن حكومة أصالة بقاء السلطنة على أصالة البراءة إنما تتمإذا كان مفاد أصالة بقاء السلطنة وأثرها الشرعي رفع البراءة، أو إثبات ضدها، أي

االشتغال، وإال فمجرد السببية والمسببية ال أثر له.وال شبهة أن أثر أصالة بقاء سلطنة مالك العين الموجودة ليس اشتغال ذمته

بالمثل أو القيمة أو عدم خلو ذمته عنهما، بل أثرها الشرعي هو: رجوع العين إلىملكه لو فسخ. نعم، الزم رجوعها إليه أن يضمن بدل التالف، لما ثبت من الخارجأنه لم يعط مالك التالف ماله مجانا، والمالزمة الخارجية غير مفيدة في رفع الشك

المسببي.وأما في الثالث: فألن قوله: (فال أصل) إنما يصح لو كان الشك في مرحلة

الثبوت بأن يكون الحادث مشكوكا، وأما لو كان الشك في مرحلة البقاء فيجرياالستصحاب فيتساقط األصالن للعلم اإلجمالي، وذلك ألنه ال إشكال في ثبوتسلطنة كل منهما على ماله، وبراءة ذمة كل منهما على البدل الواقعي ما دامتالعينان باقيتين، وإنما الشك في ارتفاع السلطنة والبراءة بعد تلف إحداهما، فإذا

استصحب بقاء سلطنة مالك العين الموجودة وبراءة ذمته عن المثل والقيمة

(٢٠٢)

Page 204: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فيتعارضان. وأصالة البراءة عن البدل الواقعي لها حالة سابقة، غاية األمر التجري إما للتساقط مع أصالة بقاء السلطنة، أو لعدم إمكان جعلهما في الجعل.

وبعبارة أخرى: في مورد بقاء العين ال معنى الشتغال الذمة بالبدل الواقعيحتى يقال: ال نعلم بعد التلف بأن الذمة مشغولة به أو بالمسمى، وال أصل يعين، بلالذمة لم تكن مشغولة به قطعا، وإنما الشك في أن عدم اشتغال الذمة به باق حتى ال

يمكن له الرجوع، بل يتعين المسمى للبدلية لئال يلزم الجمع بين العوضوالمعوض، أو ارتفع حتى يمكن له الرجوع، فاستصحاب عدم اشتغال الذمة بالبدل

الواقعي ال محذور فيه في حد نفسه، ونتيجته تعيين المسمى للبدلية. كما أناستصحاب بقاء السلطنة مع قطع النظر عما أوردنا عليه ال محذور فيه أيضا في حد

نفسه، ونتيجته اشتغال الذمة بالمثل أو القيمة.وأما في الرابع: فألن إبطال البراءة بعموم (الناس مسلطون) ال معنى له، ألن

العين الموجودة لو كانت ملكا لمالكها األصلي فال شبهة في ضمانه البدل الواقعي،ألن بقاءها في ملكه مالزم لبقاء التالف في ملك اآلخر، فإذا رجع مالك العين

الموجودة إلى عينه فيرجع اآلخر إليه ويأخذ منه بدل التالف، ألنه لم يكن مجانيا،ولو كانت ملكا لمن في يده فال سلطنة للمالك األصلي، وعموم السلطنة ال يحرز

موضوعه.قوله قدس سره: (ولو كان أحد العوضين دينا في ذمة أحد المتعاطيين... إلى آخره).

أي لو باع أحد المتعاطيين ماله من اآلخر بالعوض الذي في ذمته لآلخر أواشترى ما في ذمته فهل يوجب امتناع الرجوع على القول بالملك واإلباحة مطلقا،

أو ال يوجب مطلقا، أو يفصل بين القول بالملك فيمتنع دون القول باإلباحة؟وجوه. وتوضيح ذلك يتوقف على صحة المعاطاة في المقام، وإمكان تملك

االنسان لما في ذمته ولو آنا ما.أما صحتها في المقام فال إشكال فيها. أما على القول بكفاية اإلعطاء من

طرف واحد فواضح، وأما على القول بعدمه فللفرق بين المقام والبيع نسيئة، ألن

(٢٠٣)

Page 205: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

التعاطي متحقق في المقام، ألن الدين. بمنزلة المقبوض فال يحتاج إلى القبضثانيا.

وأما تملك االنسان لما في ذمته آنا ما وسقوطه به فهو نظير تملك المشتريلعموديه آنا ما وانعتاقهما عليه، والقول بعدم تعقل تملك االنسان لما في ذمته آنا مامساوق للقول ببطالن بيع الدين على من هو عليه وشراء مال المديون بالثمن الذي

في ذمته، ألنه لو قلنا بعدم تملك االنسان لعموديه وانعتاقه عليه فإنما هو لظاهربعض األدلة (١) الدالة على أنهما ال يملكان ومع هذا ينعتقان، وهذا الدليل موجب

لتخصيص (ال عتق إال في ملك) (٢).وأما في المقام فحيث لم يقم دليل خاص على صحة بيع الدين على من هو

عليه، وال على صحة شراء مال المديون بالعوض الذي في ذمته فال بد من تطبيقهماعلى القواعد العامة.

ومقتضى المعاوضة أن يدخل العوض في ملك من خرج عنه المعوض، فإذااشترى المشتري مال المديون بالثمن الذي في ذمته فيملك المديون - ال محالة -

الثمن الذي في ذمته. نعم، حيث إنه ال يعقل أن يتملك االنسان لما في ذمته فيسقط.وعلى أي حال، ال يترتب على النزاع في المقام وشراء العمودين ثمرة عملية،

ألنه ينعتق العمودين في ذلك الباب، ويسقط الدين في المقام.إذا عرفت ذلك فيقع النزاع في أنه بعد تملك االنسان ما في ذمته وسقوطه

فهل يجوز ألحدهما الرجوع، أو حكم الساقط حكم التالف في األعيان الخارجية؟وجهان:

من أن الدين ليس بمنزلة العين التالفة التي ال يمكن تملكها، ألن تملك--------------------

(١) الكافي: ج ٦ ص ١٧٧ - ١٧٨ ح ٣، ٧. عنه في الوسائل: ج ١٦ ص ٩ ب ٧ من أبواب العتقح ٢، ٥.

(٢) الكافي: ج ٦ ص ١٧٩ ح ١، ٢ مع اختالف يسير. عنه في الوسائل ج ١٦ ص ٧ ب ٥ منأبواب العتق ح ١، ٢.

(٢٠٤)

Page 206: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

االنسان ما في ذمة اآلخر من األمور االعتبارية العقالئية فإذا رد المشتري العينيملك الدين على البائع ثانيا.

هذا، مع أن الذمة لها عرض عريض، ولم يتشخص ما في الذمة حتى يمكن أنيعرض عليه التلف، وليس حكم الساقط حكم التالف، فال منافاة بين سقوطه

وإمكان الرجوع فيه.ومن أن تملك ما في ذمة الغير وإن كان ممكنا إال أنه يحتاج إلى موجب، فهو

فرع أن يملك، وملكيته فرع أن يمكن له الرجوع، وهذا دور.وبعبارة أخرى: إن كان جواز الفسخ مفروغا عنه كما في باب الخيارات لقلنا

بأن في مورد التلف يرجع إلى المثل أو القيمة، فإن الرجوع إلى العين التالفة غيرمعقول، وفي المقام إذا رجع المشتري ال يرجع أيضا إلى عين ما في الذمة الذي

كان سابقا فإنه إعادة للمعدوم، وهو ممتنع (١)، بل يرجع إلى مثله، وهذا يتوقف علىدليل.

واألقوى هو الثاني، فإنه مضافا إلى عدم الدليل على جواز الرجوع وتملكما في ذمة الغير ثانيا يمتنع لجهة أخرى، بناء على ما سيجئ في باب خيار

المجلس من أنه يعتبر في جواز الرجوع بالخيار ونحوه خروج الملك عن ملكمن انتقل إليه إلى ملك من انتقل عنه، نظرا إلى أن خروج أحد العوضين عن ملكأحدهما يستلزم دخول اآلخر فيه ولو آنا ما، وهذا ممتنع في المقام، ألنه إذا ردالمشتري العين الموجودة إلى المديون فال بد أن يخرج الدين عن ملكه ويدخل

في ملك المشتري، ودخول الدين في ملك المديون نتيجته السقوط دائما، نظير:انعتاق العمودين في ملك المشتري لهما، فإنه إذا ملكهما ينعتقان، فإذا كان نتيجتهالسقوط يمتنع الرجوع، بل ولو لم نقل باعتبار تلقي الفاسخ الملك من المفسوخ

--------------------(١) وفيه: أن ما في الذمة لم يتشخص بخصوصية حتى يكون رجوع المتخصص مستلزما

لرجوع مثله من جهة امتناع إعادة المعدوم، بل هي اعتبار عقالئي فيمكن أن يرجع علىما كان عليه. (منه عفي عنه).

(٢٠٥)

Page 207: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عليه لكان مجرد احتماله منشأ للشك في جواز الرجوع، والمتيقن غير هذهالصورة.

وأما على القول باإلباحة فقد يقال: إن إباحة الدين على من هو عليه اليستلزم السقوط، ألن كون الدين مباحا لمن عليه الدين معناه أنه يجوز له

التصرفات فيه بإسقاطه عما في ذمته والمصالحة عليه، وسائر أنحاء التصرفاتالجائزة على القول باإلباحة، فيرجع مالك ما في الذمة إلى ملكه الذي أباحه لمن

عليه، لعموم (الناس مسلطون) (١)، وسائر األدلة.ولكنه ال يخفى ما في هذا التقريب، ألن اإلباحة التي هي محل البحث في باب

المعاطاة ليست بالمعنى الذي حملها عليه صاحب الجواهر (٢) قدس سره: من أن إفادةالمعاطاة اإلباحة إنما هو فيما إذا كان قصد المتعاطيين اإلباحة، بل المراد منها

التسليط المالكي على التقريب المتقدم، فإذا أوجدا مصداق التسليط فال فرق بينهوبين الملك، فكما أنه ال يعقل أن يتملك االنسان ما في ذمته فكذلك ال يمكن أن

يكون مسلطا عليه، فنتيجة التسليط أيضا: السقوط، والتلف والتالف ال يعود.قوله قدس سره: (ولو نقل العينين أو إحداهما بعقد الزم فهو كالتلف... إلى آخره).

أقول: التصرفات الواقعة من أحد المتعاطيين إما أن ال تتوقف على الملك،وإما أن تتوقف عليه، وهذا على قسمين:قسم من التصرفات الخارجية كالوطئ.

وقسم من التصرفات في عالم االعتبار. وهذا أيضا على قسمين:قسم من العقود المعاوضية وشبهها كالبيع والرهن.

وقسم من اإليقاعات، أو عقد غير معاوضي كالعتق والهبة.والعقود المعاوضية تارة تقع على األعيان كالبيع ونحوه، وأخرى على

المنافع: كاإلجارة.--------------------(١) مر تخريجه في الصفحة: ٩٢.

(٢) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢١٤.

(٢٠٦)

Page 208: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أما اإلجارة وكل تصرف غير ناقل للعين: كالعارية والوديعة، أو غير متوقف،على الملك كالركوب واالفتراش فغير موجب لسقوط الرد، حقا كان أو حكما،

على الملك أو اإلباحة لبقاء العين على حالها.وأما التصرفات الناقلة أو الموقوفة على الملك: كالوطئ فموجبة لسقوط الرد

مطلقا، سواء كانت بالعقد الالزم أو الجائز على القول بالملك أو اإلباحة، عاد العينإلى من انتقل عنه بحق خيار أو إقالة أو معاوضة أم ال، والعقد جائز كان معاطاة أوعقدا، فسخ العاقد أم ال، وذلك ألن العين بمجرد الوطئ أو النقل إلى غيره خرجت

عما هي عليها، ألن حكم الرد في المعاطاة حكم الرد في باب خيار العيب يعتبرفي جوازه أن تكون العين قائمة بعينها، فإذا صارت موطوءة وملكا لآلخر لم تكن

قائمة بعينها.وبالجملة: المراد من الجواز في المقام هو رد العين عن ملك من انتقلت إليه،

أو أبيحت له بنفس هذه المعاملة إلى ملك مالكه األصلي أو المبيح، فرجوع العينثانيا إليه بأي نحو رجع ولو بالفسخ ال يفيد إمكان الرد، فإن الفسخ وإن قلنا بأنه

يوجب حل العقد من حينه ال من حين الفسخ إال أنه حيث يكون دخيال في انتقالالعين إلى ملك من انتقلت عنه يكون مالكية أحد المتعاطيين أو كونه مباحا له

بسبب غير السبب األول، وبمقوم غير المقوم األول.وبعبارة واضحة: المناط في جواز الرد في المقام هو تعلق الرد بالعين بما هيمتعلقة للمعاوضة، ال بذاتها، ورد المعاوضة والمنشأ بالفعل يتوقف على بقاء

المعاوضة حتى يرجع عما أوجده أوال، فمع عروض معاوضة أخرى مباينة لها أومثلها انتفى موضوع الجواز، ورجوع العين إلى محلها بسبب آخر غير كونها فيمحلها بالسبب األول، فالموضوع معلوم االرتفاع، وهذا من غير فرق بين الملكواإلباحة، ألن التصرفات الناقلة تكشف عن سبق الملك للمتصرف، ألن مقتضىالضمان المعاملي أن ينتقل الملك عن مالكه األصلي بتصرف المباح له أو إتالفه،ويدخل آنا ما في ملك المتصرف، ويخرج عن ملكه إلى ملك الثالث، فعوده إلى

(٢٠٧)

Page 209: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ملك المالك األول محتاج إلى دليل.وبعبارة أخرى: اللزوم الحاصل من التصرف كونه مشروطا بعدم رجوع

الملك إلى ملك المتصرف يتوقف على دليل، فاستصحاب اللزوم جار بال إشكال،وهذا من غير فرق بين ما إذا قلنا: بأن تصرفات من عليه الخيار ال يوجب سقوط

حق ذي الخيار عن العين بعد رجوعها إلى ملك من عليه الخيار ثانيا بالفسخ، أو لمنقل، وذلك ألن هذين القولين مبنيان على أن الزائل العائد كالذي لم يزل، أو

كالذي لم يعد. وفي المقام يقتضي أن يكون الزائل العائد كالذي لم يعد. ألنهبمجرد زواله أوجب سقوط حق الرد، ألن الموضوع في باب الخيار لم يكن نفس

العين، ولذا ال يسقط بالتلف.فيمكن أن يقال: تعلق الخيار بالمثل أو القيمة يدور مدار تعذر رد العين، فإذا

دخل العين في ملك من عليه الخيار فيتعلق الحق بها، وفي المقام التلف مسقطللجواز رأسا، والتصرف بالنقل في حكمه أيضا، فإذا بطل التصرف بفسخ ونحوه

فرجوع الجواز متوقف على دليل.قوله قدس سره: (نعم، لو قلنا بأن الكاشف عن الملك هو العقد الناقل... إلى آخره).

توضيح هذه العبارة يتوقف على بيان الوجوه المتصورة في نفوذ تصرف ذيالخيار فيما انتقل عنه، وهي أربعة:

األول: أن إرادة التصرف موجبة لنقل الملك عمن عليه الخيار إليه، فتصرفهبالبيع ونحوه كالوطئ يقع في ملكه، وهذا الوجه وإن لم يكن مرضيا عندنا - ألنالقصد المجرد عن إنشاء قولي أو فعلي ال أثر له في باب العقود واإليقاعات - إالأنه بناء على صحته يرتفع جميع اإلشكاالت حتى في الوطئ، ألنه يقع بعد تحقق

الملك للواطئ.الثاني: أن الفسخ يحصل بأول جزء من الفعل أو القول، وبتمامه يحصل الملكللمشتري، وهذا يصح في البيع ال الوطئ، ألن الجزء األول منه يكون محرما.والثالث: أن الفسخ والبيع يحصالن معا بالتصرف إال أن األول مقدم طبعا على

الثاني.

(٢٠٨)

Page 210: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبعبارة أخرى: التصرف سبب لترتب مسببين طوليين عليه.والرابع: أنه لو تحقق التصرف بالعقد الناقل فالفسخ يحصل باإلنشاء، والبيع

بالمنشأ، أي البيع من حيث إنه فعل من أفعال الفاسخ يتحقق به الفسخ، ألنه يحصلبكل ما هو مصداق للتشبث بالملكية، ولذا يعد إنكار البيع والعرض على البيع،

والبيع الفاسد فسخا. وأما االنتقال إلى المشتري فهو يحصل بالمنشأ، ألنه ال يعتبرفي انتقال الملك إلى الغير أن يكون إنشاؤه أيضا في ملك الناقل، وهذا أمتن الوجوه.وهذا وإن لم يجر في الوطئ إال أن اإلشكال في الوطئ أصال غير وارد، ألن جوازه

ليس موقوفا على تملك الرقبة، بل يكفي لحليته ملكية الوطئ كما في التحليل.وعلى أي حال، جميع هذه الوجوه ال يجري في تصرف أحد المتعاطيين فيما

انتقل إليه.أما على الملك فال يتوقف على شئ أصال، ألنه ملكه فيتصرف فيه كيف شاء.

وأما على اإلباحة فيجري فيها الوجه األول والثالث، ألن تصرف المباح لهبالبيع ونحوه الذي يتوقف على الملك إنما يؤثر االنتقال إلى الثالث لو جعلنا إرادةالتصرف المتوقف على الملك من المملكات، أو جعلنا العقد سببا ألمرين مترتبين

دخوله في ملكه وانتقاله إلى الثالث.وأما الوجهان اآلخران فال يجريان في المقام، ألن الجزء األول من اللفظ

وكذا تمام اللفظ ال يوجب تملك المباح له، ألنه لم يقم دليل في المقام على أن كلفعل من أفعال المباح له يوجب تملكه لما أبيح له، وهذا بخالف باب الفسخ، ألنه

يحصل حتى بالعقد الفاسد.وبعبارة واضحة: مجرد إنشاء المباح له ال يوجب تملكه مال المبيح فضال عن

الجزء األول من إنشائه، فتملكه لما أبيح له: إما بإرادة تصرفاته الناقلة، وإما بالعقدالناقل.

فعلى األول: لو رجع ما انتقل عنه إلى ملكه فال وجه لرجوع المالك األصليإليه.

(٢٠٩)

Page 211: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما على الثاني: فيمكن أن يقال: إن العقد الذي كان سببا لتملك المباح لهوانتقال المال عن ملكه إلى الثالث إذا ارتفع بالفسخ يرتفع كال مسببية.

وبتعبير آخر: لو قلنا: إن الملك الحاصل للمباح له إنما هو باقتضاء العقد الناقلالواقع بين المباح له مع الثالث فإذا بطل العقد بطل مقتضاه رأسا.

ثم إنه يمكن أن يقال: إنه ال يقتضي دخول الملك في ملك المباح له إال فيخصوص العقد المعاوضي، ال مطلق العقد الناقل حتى مثل الهبة، وذلك ألن العقدالمعاوضي يقتضي دخول العوض في ملك من خرج عنه المعوض، فعقد المباح له

مع المشتري يقتضي دخول الثمن في ملكه، وخروج المثمن عن ملكه إلى ملكالمشتري، والزمه أن يخرج المال عن ملك المبيح، ويدخل في ملك المباح له آناما حتى يمكن أن يخرج عن ملكه، فإذا فسخ المباح له ما أنشأه أصالة بطل الزمه،

فيرجع بفسخه إلى ملك المبيح.وبالجملة: لو كانت المعاوضة مقتضية للخروج وجب االلتزام بأمرين.

أحدهما: أن الخروج ثابت ما دام العوض باقيا على عوضيته، فإذا رجع عماهو عليه رجع إلى ملك مالكه األصلي.

وثانيهما: عدم اقتضاء ذلك في هبة المباح له، إذ ال عوض فيها، فيمكن أنيخرج المال رأسا عن ملك المبيح إلى المتهب.

هذا تمام الكالم في شرح العبارة، وتوضيح الفرق بين كون إرادة التصرفموجبة للملكية والعقد الناقل، ولكن الفرق بينهما ضعيف جدا، والفرق بين البيع

والهبة أضعف.أما األول: فألن تقدير الملك آنا ما للمباح له في المقام ليس ألجل وقوع

العقد بينه وبين الثالث، بل القتضاء المعاطاة ذلك، فإن الضمان بالمسمى الذي هومفاد المعاطاة يقتضي أن يكون تلف أحد العوضين أو نقله من ملك المتلف أو

الناقل، ودخول العوض اآلخر في ملك المبيح، والزمه رجوع المال بالفسخ إلىالناقل ال المبيح، فإنه لو رجع إليه يلزم أن يخرج العوض اآلخر عن ملكه، وأن

(٢١٠)

Page 212: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يكون الناقل ضامنا للمثل أو القيمة له، ال العوض الذي أعطاه إياه، وهذا خلف،فالمسببان المترتبان على العقد إذا كان أحدهما مسببا عن المعاطاة وناشئا عنها

فرفع العقد ال يقتضي إال رفع ما هو العلة له، ال رفع معلول علة أخرى.وبالجملة: العقد الصادر من المباح له ليس إنشاء ألمرين: أصلي وهو االنتقال

إلى المشتري مثال، وتبعي وهو االنتقال إلى نفسه حتى يكون التبعي مرتفعا برفعاألصلي، بل المنشأ ليس إال المعاملة مع المشتري. وأما دخول العين في ملك

المباح له فهو مقتضى الضمان بالمسمى، وهذا ال يرتفع بالفسخ مع المشتري.وأما الثاني: فلعدم انحصار تقدير الملك بما إذا كان التصرف المباح له تصرفا

معاوضيا، بل مطلق التصرف الناقل مقتض لدخول ملك المبيح في ملك المباح له،ألن نفوذه موقوف على التقدير، وهذا المعنى مشترك بين العقد المعاوضي: كالبيع،وغيره: كالهبة، وبين بقاء العوض في ملك المبيح وخروجه عن ملكه. فكما ال ينفذ

بيع غير المالك فكذا ال ينفذ هبته، وعلى هذا ال يمكن أن يكون جواز الرجوعللمالك األصلي دون الواهب، ألن الواهب لم يكن وكيال عن المالك، وال مأذونا

شرعا في أن يهب عنه، فيكون هبته من قبيل هبة األب والجد مال الصغير، ويكونحق الرجوع له، كما أن حق الرجوع للصغير بعد الكبر ال لوليه.

وبالجملة: الواهب يهب عن نفسه ال عن المبيح، فال يمكن أن يكون الهبةصحيحة وحق الرجوع للمبيح، ألن حق الرجوع إلى العين الموهوبة إن كان مع

بقاء المعاطاة على حالها - كما هو مفروض البحث وصريح كالم المصنف - ففيه: أنالعوض الذي عند المبيح عوض عن تصرفات المباح له من قبل نفسه فهو يهب

مال نفسه ال مال المبيح، فينتقل العين الموهوبة آنا ما إلى ملكه ويخرج إلىالمتهب، فإن الواهب ال يعطي ماله بإزاء أن يكون وكيال أو مسلطا على نقل مال

الناس إلى غيرهم. هذا، مضافا إلى أن الهبة عن قبل غيره خالف الحسوالوجدان، فالجمع بين بقاء العوض الذي عند المبيح على عوضيته، وثبوت حق

(٢١١)

Page 213: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الرجوع في الهبة للمبيح بأن يبطل الهبة، ويجعل العين الموهوبة مباحا للواهب كماكان كذلك قبل الهبة جمع بين طرفي النقيض.

وإن كان حق الرجوع بعد بطالن المعاطاة، فهذا خلف، ألن المفروض عدموقوع ما يوجب الفسخ قبل صدور الهبة.

وإن كان جواز الرجوع إلى الهبة عبارة عن فسخ المعاطاة ففيه: مع كونهخالف فرض المصنف أن ثبوت حق الفسخ للمبيح أول الكالم، الحتمال سقوط

الجواز بهبة المباح له.وحاصل الكالم: صحة هبة الواهب عن قبل نفسه وجواز رجوع المالك إلى

العين الموهوبة جمع بين طرفي النقيض، ووقوع الهبة في ملك المالك األصلي معبقاء العوض على ملكه جمع بين طرفي النقيض أيضا.

ثم إن المحقق الخراساني قدس سره في حاشيته (١) على المتن التزم بجواز الرجوعللمبيح إلى العين الموهوبة، ولكنه اختار: أن الرجوع في الهبة ليس فسخا للهبة

حتى يرجع األمر إلى ما كان سابقا، أي كأن لم يكن هناك هبة حتى تكون المعاطاةعلى ما كانت محال للتراد، بل تملك جديد، فإذا كان تملكا جديدا ال فسخا للهبة

ترتب عليه أمران:أحدهما: عدم إمكان رد المعاطاة، ألنه سقط بالهبة.

وثانيهما: أنه ال يجب على المبيح رد العوض الذي كان عنده، فالعينان وإناجتمعتا عنده إال أن إحداهما بالمعاطاة ابتداء أو بعد التصرف في إحداهما بالهبة،

وأخرى بالرجوع إلى العين في الهبة ال المعاطاة.فهو قدس سره جمع بين جواز رجوعه في الهبة وعدم جواز رد المعاطاة، وجمع بين

المعوضين، أحدهما لكونه بإزاء إباحة المالك ماله للمباح له، وثانيهما ألنه تملكجديد.

--------------------(١) حاشية المكاسب لآلخوند الخراساني: كتاب البيع ص ٢٥.

(٢١٢)

Page 214: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وال يخفى ما فيه، ألن العوض عوض عن صيرورة المال للمتهب، ال عن إنشاءالواهب، فإذا رجع المال عن المتهب فال بد أن يرجع ما عند المبيح من العوض إلى

ملك الواهب.وبعبارة أخرى: العوض في باب المعاطاة ليس بإزاء إباحة التصرف آنا ما

للمباح له مع عدم استقرارها، بل عوض عن نفوذ تصرفاته، فالتملك الجديد المعنى له في المقام.

قوله قدس سره: (ولو باع العين ثالث فضوال... إلى آخره).ال يخفى أنه ال وجه لما أفاده المصنف قدس سره من كون اإلباحة بعكس الملك

وضوحا وخفاء، بل على كل من القولين يجوز لكل منهما اإلجازة، ألن مبنىاإلشكال على القول بالملك هو: أن رد المعاطاة ليس كرد ذي الخيار ما انتقل عنهفي تحققه بكل فعل أو قول، بل ال بد أن يكون بالداللة المطابقية، وهي تتحقق برد

العين ال بإجازة عقد الفضولي فإنها الزمة للرد.ومبنى اإلشكال على اإلباحة: أن المبيح ما لم يبطل المعاوضة بالمسمى ولم

يجعل الضمان ضمان اليد ال يمكنه الرجوع إلى ماله، وال يخفى فساد كل منهما.أما على الملك: فألنه كما ال إشكال في أن المالك الثاني لو أجاز لنفذ - ألن

إجازته تصرف منه فيما انتقل إليه، فإن تصرفه فيه أعم من التصرف بنفسه أوتصرف الغير بإذنه أو إجازته - فكذلك ال إشكال في أن تصرف المالك األصلي

باألنحاء الثالثة فيما انتقل عنه فسخ منه للمعاطاة.ودعوى أنه يجب أوال رد ما عنده حتى يتحقق الفسخ دعوى بال برهان، فإنه

كما يتحقق به كذلك يتحقق بالتصرف فيما انتقل عنه.وأما على اإلباحة: فكما أن إبطال عوضية المسمى يتحقق برده إلى اآلخر

كذلك يتحقق بالتصرف فيما أباحه له مباشرة، أو إذنا، أو إجازة. وعلى هذا، فعلىكال القولين ينفذ إجازة كل منهما. أما على الملك فألن إجازة المالك الفعلي تصرف

فيما انتقل إليه، وبه يبطل موضوع جواز التراد للمالك األصلي، وإجازة

(٢١٣)

Page 215: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المالك األصلي تصرف فيما انتقل عنه، وبه تبطل المعاطاة.وأما على اإلباحة: فإجازة المباح له إتالف لما أبيح له، وبه يلزم المعاملة،

وإجازة المبيح رجوع عن اإلباحة.قوله قدس سره: (ولكل منهما رده قبل إجازة اآلخر... إلى آخره).

الكالم تارة على الملك، وأخرى على اإلباحة، والراد على األول: إما المالكاألصلي، أو الفعلي. وعلى الثاني: إما المبيح، أو المباح له.

أما رد المالك األصلي فال يفيد، ألنه أجنبي بالنسبة إلى ما باعه الفضولي،وليس كإجازته رجوعا إلى ملكه، ألنه ليس مصداقا للرجوع، وليس من قبيل

تصرف ذي الخيار بالبيع أو اإلجازة، والحق الثابت له إنما هو بمعنى جواز ردالملك عن المالك الفعلي إلى ملكه، ال رد الملك عن الثالث إلى ملك المالك الفعلي.

إال أن يقال بالمالزمة بين الرد وإرادة الرجوع عرفا، فينشأ به الرجوع التزاما.أما رد المالك الفعلي: فال إشكال في تأثيره، وينعكس األمر في رد المبيح

والمباح له، فإن رد المبيح يؤثر بال إشكال. وأما رد المباح له فليس كإجازتهتصرفا في المبيع، إال أن يقال بتلك المالزمة.

قوله قدس سره: (ولو رجع األول فأجاز الثاني... إلى آخره).أي لو رجع المالك األصلي أو المبيح عن المعاطاة فأجاز الثاني المعاملة

الصادرة من الفضولي فهل يؤثر الرجوع أو اإلجازة؟ال يخفى أن إطالق كالمه منزل على ما إذا رجع أحد المتعاطيين إلى ما انتقل

عنه الذي باعه الفضولي، وأجاز اآلخر المعاملة الواقعة على ما انتقل إليه ال مطلقا،ألن الرجوع قد يؤثر في بعض الصور، سواء قلنا بالكشف أو النقل، فإن الصور

المتصورة في المقام كثيرة.فإن الفضولي قد يبيع المثمن، وقد يبيع الثمن. والرد تارة يقع من البائع

واإلجازة من المشتري، وأخرى بالعكس. وهذا تارة على الملك، وأخرى علىاإلباحة. فلو باع الفضولي المبيع فرجع البائع وأجاز المشتري، أو باع الثمن فرجع

(٢١٤)

Page 216: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المشتري وأجاز البائع، وهذا هو محل الكالم.ولو انعكس كما لو كان المبيع هو المبيع والراجع هو المشتري والمجيز هو

البائع، أو كان المبيع هو الثمن والراجع هو البائع والمجيز هو المشتري فال إشكالفي تأثير اإلجازة، ألنها تقع على ملك مالكه.

وبالجملة: محل الكالم فيما لو وقعت اإلجازة على شئ لوالها ألثر الرجوعبحيث يبطل عقد الفضولي، وأما لو كان رجوعه عن المعاطاة إبطاال لوقوع عقد

الفضولي في ملك نفسه فال يؤثر الرجوع إال هذا المقدار، فيبقى موضوع اإلجازةاآلخر.

فإذا ظهر موضوع البحث، فلو رجع األول ثم أجاز الثاني فلو جعلنا اإلجازةكاشفة بمعنى عدم دخلها في العقد لكون السبب التام هو العقد بحيث كانت اإلجازة

طريقا صرفا إلى الواقع كالعلم - كما يظهر ذلك من بعض المحققين (١) - لغيالرجوع، لوقوعه في ملك الغير ولو كان سابقا على اإلجازة، لتأخره عن السبب

التام وهو العقد.نعم، لو قلنا بأن لها دخال في التأثير بنحو الشرط المتأخر أو بنحو آخر من

أنحاء الكشف غير الطريقية الصرفة فتلغو اإلجازة، لتأثير الرجوع قبلها، فيصيرالمقام نظير ما لو باع األصيل ما باعه الفضولي ثم أجاز فإن اإلجازة تقع من غير

المالك، وال يقاس بما إذا باع الفضولي الخل ثم وقع اإلجازة حين صيرورته خمراللفرق بينهما، فإن في هذا المثال وإن خرج المبيع عن قابلية التملك الفعلي إال أنالمجيز الذي هو ذو الحق هو المالك حال العقد، ولم يخرج من زمان العقد إلى

زمان اإلجازة عن األهلية لإلجازة، وهذا بخالف المقيس والمقام، فإنه لو باعاألصيل أو رد أحد المتعاطيين فليس المجيز مالكا لإلجازة هذا إذا قلنا بأن

اإلجازة كاشفة. وأما لو قلنا بأنها ناقلة فتلغو اإلجازة قطعا.--------------------

(١) منهم السيد الطباطبائي في الرياض: كتاب التجارة ج ١ ص ٥١٣ س ١٨ وقواه شيخالجواهر في جواهره: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢٨٥.

(٢١٥)

Page 217: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قوله قدس سره: (ولو امتزجت العينان أو إحداهما سقط الرجوع على القولبالملك... إلى آخره).

ليعلم أن: حكم االمتزاج حكم التغيير في باب رجوع صاحب المال علىالمفلس، وفي خيار العيب والغبن والهبة، فحكموا بأن التغيير أو المزج ال يوجبسقوط حق صاحب العين عن عينه في باب الفلس، ألن المناط فيه: وجود العين

بمقتضى النبوي: (إذا أفلس الرجل ووجد سلعته فهو أحق بها) (١). وهما اليخرجان العين عن إمكان رجوع صاحبها إليها، فال يضرب صاحب العين مع

الغرماء.نعم، في بعض الصور - كما في المزج باألجود - خالف الشيخ (٢) والعالمة (٣)

المشهور، فقاال بسقوط حقه من العين.وأما المشهور فجعلوا المناط وجود العين، فما لم يطرأ عليها التلف فصاحب

العين أحق بها، وأما في باب خيار العين فحكموا بسقوطه بالتغيير والمزج، ألنالمناط فيه: هو بقاء العين بعينها كما هو مقتضى مرسلة جميل، عن الصادق عليه السالم

قالقطع أو خيط أو صبغ رجع بنقصان العيب) (٤). وهذا المناط مشترك بين المزج

والتغيير، فيسقط الرد دون األرش.وأما الهبة والغبن فألحقوهما بباب العيب، بل ورد في صحيح الحلبي، عن أبي

عبد الله عليه السالم (إذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع فيها، وإال فليس له).(٥)

--------------------(١) صحيح مسلم: ج ٣ ص ١١٩٤ ح ٢٥. مع اختالف يسير.

(٢) كما في الخالف: ج ٣ ص ٢٦٦ م ٦.(٣) كما في التذكرة: كتاب الحجر ج ٢ ص ٦٩ س ١٥.

(٤) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٢١٧ ح ٣٨٠٣. عنه في الوسائل: ج ١٢ ص ٣٦٣ ب ١٦ منأبواب الخيار ح ٣.

(٥) الكافي: ج ٧ ص ٣٢ ح ١١. عنه في الوسائل ج ١٣ ص ٣٤١ ب ٨ من أبواب أحكامالهبات ح ١.

(٢١٦)

Page 218: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، عن المحقق (١): اختصاص سقوط الرجوع بالتلف الحقيقي دون التغيرواالمتزاج. وأما باب الغبن. فسيجئ حكمه في محله إن شاء الله. وعلى أي حال

لم يفرقوا بين التغير والمزج في األبواب األربعة.وأما في المقام: فحيث إن المصنف قدس سره بنى على أن الجواز في المعاطاة ليسبمعنى الجواز في باب الخيار، وال كالجواز في باب الهبة، بل بمعنى: تراد العينين،

فيمكن الفرق بين التغير واالمتزاج، فااليراد عليه: بأنه ال وجه للجزم باللزوم فيمورد المزج بناء على الملك والترديد في مورد التغيير. ضعيف.

نعم، األقوى عدم الفرق بين التغير والمزج في سقوط جواز الرد على القولبالملك واإلباحة. وما اخترنا في الدورة السابقة من الفرق بين القولين ال وجه له.

وتوضيح ذلك - مضافا إلى عدم الفرق بينهما بحسب السيرة المستمرة، وأنهلو رد أحد المتعاطيين المتاع الذي فصله أو صبغه أو مزجه بأي نحو من المزجينكرون عليه - أن اإلباحة الحاصلة بالمعاطاة ليست عبارة عما اختاره صاحب

الجواهر (٢) ويظهر من المصنف (٣) من كونها كإباحة الطعام، بل تسليط مالكيوتضمين معاوضي، وال تنقص عن الملك، ويترتب عليه جميع ما يترتب على

الملك، فإن المعاطاة بناء على الملكية موجبة لتبديل طرف إضافة بطرف إضافةأخرى، وبناء على اإلباحة وإن لم تتبدل نفس طرفي اإلضافتين إال أن جميع آثار

التبديل كالسلطنة على التصرف المالكي يحصل للمباح له، ويبقى الملك مسلوباألثر لمالكه، فإذا كان كذلك فعلى الملك: المزج، وكذا التغيير موجب لسقوط جواز

الرجوع.أما المزج: فالمتناع تراد األعيان المملوكة، فإذا امتنع التراد لزم المعاطاة،

واحتمال حصول الشركة للمالك األصلي فرع بقاء تعلق حقه بذات األجزاء، وبقاء--------------------

(١) شرائع االسالم: كتاب المفلس ج ٢ ص ٩٢.(٢) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢١٧ - ٢١٨.

(٣) المكاسب: كتاب البيع ص ٩١ السطر األخير.

(٢١٧)

Page 219: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الحق فرع إمكان امتيازها. وال يقاس المقام بما إذا بيعت األجزاء من الغير، ألنالبيع يقع على مقدار من هذه األجزاء، ال على نفسها، وإال ال يصح البيع أيضا.

وما أفاده المحقق الخراساني قدس سره: من أنه ال يمتنع التراد لو لم نقل بحصولالشركة بمجرد االمتزاج لبقاء األجزاء الممتزجة على ما كانت عليه من الملك أواإلباحة لمن صارت إليه من المتعاطيين (١) ضعيف، ألن مناط لزوم المعاطاة ليس

منحصرا بخروج المال عن قابلية التملك، بل مما يوجب اللزوم عدم بقاء العينعلى ما هي عليه من الوصف كما في خيار العيب.

وأما التغيير فلعين البرهان المتقدم آنفا، سواء كان تغييرا موجبا لزيادة القيمةكالسمن والصبغ والقصارة، أو لنقصانها كفصل الثوب أو تعيبه أو نسيان الكتابة

والطحن، أو لم يكن كذلك. وفي المزج أيضا ال يتفاوت المزج بالمساوي األجودأو األردأ وبما يوجب اإلتالف أو ال، أي ال يتفاوت في البابين بين أن يوجب

المزج أو التغيير ضمان المازج أو المغير، كما لو مزجه باألردأ أو غيره بما يوجبالنقص. وأن يوجب شركة المازج أو المغير، كما لو مزجه باألجود أو غيره بمايوجب زيادة القيمة، ألن المناط في مقامنا هذا عدم بقاء العين على ما هي عليه،

فال فرق بين جميع الصور.والسر في ذلك ما أشرنا سابقا أن الجواز هنا وإن لم يتعلق بالعين ابتداء بحيث

ال يكون له مساس بالمعاوضة إال أنه من الممكن أن يكون كخيار العيب الثابتفي مورد بقاء العين على ما هي عليه. والتغيير أو المزج يخرج العين عما هي عليه.

فإن في مرسلة جميل (٢): جعل قطع الثوب أو خيطه أو صبغه مقابال لبقاء العينوقيامها على ما هي عليه.

نعم، يمكن أن يكون كخيار المالك في باب المفلس، إال أن الشك في كونهملحقا بأيهما يكفي في لزوم المعاطاة وعدم جريان استصحاب الجواز، وليس

--------------------(١) حاشية المكاسب للمحقق الخراساني: ص ٢٥.

(٢) مر تخريجها في الصفحة: ٢١٦.

(٢١٨)

Page 220: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

منشأ الشك كون الموضوع عرفيا أو عقليا، وال يبتنى جريان االستصحاب وعدمهعلى الوجهين كما ال يخفى. هذا على الملك.

وأما بناء على اإلباحة: فحيث قد عرفت أنها ليست كإباحة الطعام دائرةمدار اإلذن حتى ترتفع برفعه، بل تسليط مالكي وتضمين معاوضي، فالمتيقن من

جواز الرد أيضا هو بقاء العين على ما هي عليه، فإذا تغير وصفها فيرتفع موضوعه.هذا، مضافا إلى أن استصحاب الجواز له معارض باستصحاب بقاء سلطنة

المباح له واستصحاب بقاء المسمى على العوضية، وليس بينهما سببية ومسببية،لكون كل منهما مسببا عن نحو الجعل الشرعي ثبوتا. هذا، مع ما تقدم من أن السيرة

المستمرة قائمة على اللزوم.قوله قدس سره: (ثم إنك قد عرفت مما ذكرنا: أنه ليس جواز الرجوع في مسألة

المعاطاة نظير الفسخ في العقود الالزمة حتى يورث بالموت... إلى آخره).ال إشكال فيما ذكره قدس سره سواء قيل بالملك أو اإلباحة.

أما على الملك: فألن الجواز في المقام ليس حقا مالكيا حتى ينتقل بموتالمورث إلى الوارث ويسقط باإلسقاط، بل هو نظير جواز الرجوع في الهبة،

فإثبات هذا الحكم للوارث يتوقف على دليل.وال يقاس الجواز الحكمي على حق اإلقالة الذي يرثه الوارث، ألنه عبارة

عن ملك االلتزام الذي كان للمالك، فإذا مات انتقل هذا الحق إلى الوارث، بخالفالحكم المحض، فإن المالك لم يترك شيئا حتى يرثه وارثه.

وال يقاس أيضا على حق الخيار، فإنه عبارة عن ملك التزام نفسه والتزامطرفه، فقوامه بملك كال االلتزامين.

ولذا قيل (١) بعدم ثبوت الخيار للزوجة في العقار الذي ال ترث منه، سواء كانمنتقال إلى زوجها أو منتقال عنه، ألنه لو انتقل إليه فالزوجة غير مالكة اللتزام

زوجها، ألن ملك التزام الزوج طريق لرد العقار، والمفروض أنها ال ترث العقار،--------------------

(١) قاله المحقق الثاني في جامع المقاصد: كتاب التجارة ج ٤ ص ٣٠٦.

(٢١٩)

Page 221: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فال ترث طريق رده، وإن كان منتقال عنه فهي غير مالكة اللتزام طرف زوجها،ألنها ال ترث العقار لو رد بالفسخ، فال ترث الفسخ أيضا. هذا على الملك.

وأما على اإلباحة: فلو قيل بأنها من قبيل إباحة الطعام كان مقتضاه بطالنالمعاطاة بموت المبيح والمباح له، فإنها لو كانت كذلك كانت من قبيل العقود

اإلذنية كالعارية والوديعة والوكالة التي تبطل بموت اآلذن والمأذون، وال يبقىموضوع لها حتى تكون جائزة أو الزمة. ولكنك خبير بأنها من المعاوضات، وال

تبطل بموت أحد المتعاطيين، فيقع الكالم في لزومها أو بقائها على الجواز.ثم على اللزوم هل تبقى على ما كانت عليه من اإلباحة، أو ينتقل المباح آنا ما

إلى ملك الميت وينتقل إلى الورثة؟ وجوه، واألقوى هو األخير.أما عدم بطالنها بالموت فللسيرة المحققة، وتفرع النزاع في اللزوم، أو البقاء

على الجواز على عدم البطالن بالموت فإنها لو بطلت بالموت كيف يفتي المحققوالشهيد الثانيان بأنها تصير الزمة بالموت؟ بل يظهر من المصنف (١) ذلك أيضا،

فإنه في جواب استبعاد الشيخ الكبير بأنها على اإلباحة كيف يرث الوارث؟أجاب بأنها استبعاد محض، ولم يجب بأنها تبطل بالموت، وال يرث الوارث ما

أخذه المورث معاطاة.وأما لزومها فلعين ما ذكرنا في الملك، فهو أن الجواز الحكمي ال ينتقل إلى

الوارث، فليس له فسخ المعاطاة.نعم، هنا شبهة ال تجري على الملك، وهي: أنها على الملك إذا بقي الجواز

للورثة فال بد أن يكون من جهة إرث نفس الجواز، وحيث إنه حكم شرعي فاليرثه الوارث.

وأما بناء على اإلباحة فحيث إن الملك باق على الملك المبيح فإذا مات انتقلإلى وارثه فللوارث رد المعاطاة من حيث إنه من آثار سلطنته على المال، ال منجهة إرثه الجواز، وذلك كما في اإلجازة في باب الفضولي، فإنها غير قابلة ألن

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٨٤ س ٢٥.

(٢٢٠)

Page 222: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يرثها الوارث، إال أنه إذا انتقل ما باعه الفضولي إليه باإلرث فله أن يجيز. وهكذافي وارث المستودع بناء على عدم بطالن الوديعة بالموت.

ولكنك خبير باندفاع هذه الشبهة أيضا في المقام، فإنه كما يعتبر في الجوازالثابت في المعاطاة بقاء العين على ما هي عليه كذلك يعتبر في المتعاطيين أيضا

بقاؤهما كذلك، فلو تبدل أحدهما أو كالهما يرتفع موضوع الجواز، بل لو شك فيهأيضا فالمتيقن منه ثبوته لخصوص المتعاطيين.

وأما انتقال المال إلى ملك الميت وانتقاله إلى الورثة فألن تقدير الملك عندالتلف هو الموجب للتقدير عند موت أحد المتعاطيين، وذلك ألنه لو كان المال

باقيا في ملك المبيح ولم يجز له التصرف بنحو من األنحاء فهو بمنزلة العدم، ألنهال معنى ألن يكون الشخص مالكا وال يتمكن من ترتيب آثار الملك على ملكه،فكما أنه في مورد التلف يقدر الملك من باب عدم إمكان تعلق الملك بالتالف

فكذلك إذا امتنع التملك يقدر الملك آنا ما.وبالجملة: لو فرضنا أن التسليط المالكي بقاء الملك للمالك مسلوب المنفعة

ولكنه كان مالكا ألن يرجع سلطنته إلى نفسه كان له أثر من آثار الملك. وأما إذاارتفع هذا األثر أيضا فليس إال كالتالف الحقيقي.

قوله قدس سره: (ولو جن أحدهما فالظاهر قيام وليه مقامه في الرجوع علىالقولين... إلى آخره).

قد اخترنا في تعليقتنا سابقا على هذا العنوان ما هو مختار المصنف، وقلنا: إنالجنون ال يقاس على الموت، ألن كل ما يقبل النيابة يقوم فيه الولي مقام المولى

عليه، ومباشرة المالك في الرد غير معتبرة - بال إشكال - لصحة توكيله، فيقوم وليهمقامه إذا جن.

ولذا قوينا في باب الطالق (١) صحة طالق الولي إذا جن المولى عليه بعدالكبر، ولكن ال يخفى فساد ذلك.

--------------------(١) لم نعثر عليه.

(٢٢١)

Page 223: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أما بناء على اإلباحة فعلى ما يظهر من المصنف قدس سره من أنها من قبيل إباحةالطعام فمقتضاه بطالن المعاطاة بالجنون، فإنها كالعقود اإلذنية تبطل بجنون اآلذنوالمأذون والمبيح والمباح له، بل لو جن الباذل للزاد والراحلة ال يجوز للمبذول له

التصرف في مال الباذل، خصوصا لو جن قبل إحرام المبذول له.ففي المقام: لو جن كل واحد منهما فال يجوز أن يتصرف اآلخر في مال

المجنون، وبقاء حق الرجوع للولي فرع بقاء المعاطاة على حالها.وأما على ما اخترناه من معنى اإلباحة، وهي كونها تسليطا مالكيا فحكمها

حكم الملك، وحكم المجنون على الوجهين حكم الموت في لزوم المعاطاة،الشتراط بقاء الجواز ببقاء المتعاطيين على حالهما حين المعاطاة، وقيام الولي

مقامهما فرع بقاء الجواز.قوله قدس سره: (األمر السابع: أن الشهيد الثاني ذكر في المسالك (١) وجهين في

صيرورة المعاطاة بيعا بعد التلف، أو معاوضة مستقلة... إلى آخره).توضيح المقام يتوقف على بيان حال المعاطاة قبل التلف بناء على الملك

واإلباحة حتى يعلم حالها بعده.فنقول: أما بناء على الملك فال إشكال في أنها بيع من أول األمر، غاية األمر

أنها جائزة وتلزم بعروض أحد الملزمات، فالوجهان المذكوران في المسالك اليجريان على القول بالملك.

وأما بناء على اإلباحة: فقد ظهر أنها متصورة على وجوه:األول: ما بنى عليه صاحب الجواهر (٢) قدس سره وحمل عليه كلمات األصحاب:

من أن المعاطاة تفيد اإلباحة فيما إذا قصدها المتعاطيان.الثاني: ما يستفاد من كلمات جماعة (٣) من أنها إباحة شرعية رتبها الشارع

--------------------(١) مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٧٠ س ٢١ وما بعده.

(٢) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢١٤.(٣) منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع: كتاب التجارة ج ٢ ص ٢٥ والسيد الطباطبائي في

رياض المسائل: كتاب التجارة ج ١ ص ٥١٠ س ٢٨ وما بعده.

(٢٢٢)

Page 224: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

على خالف ما قصده المتعاطيان من التمليك.الثالث: ما وجهنا به كلمات المشهور من أنهما قصدا التمليك، ولكنهما أوجدامصداق التسليط، فهي إباحة مالكية إليجادهما ما هو مصداق التسليط المالكي

وأمضاها الشارع أيضا.الرابع: ما قويناه أخيرا من أنهما قصدا التمليك وأوجدا ما هو مصداقه، إال أنحصول الملك مشروط بتعقبه بأحد الملزمات: كاشتراط حصول الملك في

الصرف، والسلم بالقبض، غاية األمر جوز الشارع قبل الملزمات تصرف كل منهمابأي نحو من أنحاء التصرف، سواء كان مما يوجب حصول الشرط: كالتصرفاتالمتلفة وما بحكمها، أو لم يكن فاإلباحة قبل حصول الشرط شرعية، وعلى هذا

فالفعل جزء السبب، وجزؤه اآلخر التصرفات المتوقفة على الملك أو التلف.وحيث إن جميع هذه الوجوه ال تخلو عن إشكال فاألقوى كونها مفيدة للملك

ابتداء.وعلى أي حال لو قلنا بما اختاره صاحب الجواهر قدس سره الذي إليه يرجع تنظير

المصنف قدس سره اإلباحة الحاصلة بالمعاطاة بإباحة الطعام، فال بد من االلتزام بأنهامعاوضة مستقلة وخارجة من أبواب العقود المتعارفة، فتكون نظير استيفاء المالأو العمل باألمر المعاملي الموجب لتقدير الملك آنا ما، وبأن التضمين بالعوض

المسمى ينشأ من أول األمر، ال عند التلف حتى يقال: إن التلف أو التصرف ليسمعاوضة، والزم جعل المسمى عوضا هو انتقال الملك آنا ما إلى ملك المتصرف،أو من تلف المال عنده. والدليل على هذا المعنى هو السيرة الموجودة، فال تقاس

المعاطاة على إباحة المالك التصرفات المتوقفة على الملك لغيره، التي منعنا كونهامن أنحاء سلطنة المالك وقلنا: إنه ليس للمالك السلطنة على األحكام الشرعية.

وبالجملة: بناء على اإلباحة بالمعنى األول فال بد من جعلها معاوضة مستقلةرتبها الشارع على قصد اإلباحة من المالك بالعوض المسمى إذا تحقق منه فعل

(٢٢٣)

Page 225: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

على طبق قصده ولم يرتبها على قوله.وأما جعلها بيعا بعد التلف فبعيد جدا، للزوم االنقالب، فإن ما ليس بيعا كيف

يصير بيعا؟ولو قلنا بالوجه الثاني فالصواب أن يقال أيضا: بأنها معاوضة مستقلة، ولكنها

قهرية شرعية وجعلها الشارع الزمة بأحد الملزمات، أو أن الشارع رتب عليهاأوال ما هو مخالف لما قصده المتعاطيان وحكم عند تحقق الملزمات بطبق

ما قصداه.ولو قلنا بالوجه الثالث فهو وإن كان يقتضي كونها معاوضة مستقلة ال بيعا إال

أنها الزم مساو للبيع، ألن التسليط المالكي عبارة عن إعطاء المالك جميع آثارالملك لغيره، وهذا مرجعه - في الحقيقة - إلى إعطاء نفس اإلضافة والسلطنة التيمنعنا سابقا كونها داخلة تحت سلطنة المالك، ألن ما هو داخل تحت سلطنته هو

طرف اإلضافة، ال نفس اإلضافة، إال أنها - على أي حال - مرجعه إلى البيع.ثم إن انتقال كل عوض إلى ملك من انتقل إليه بالتلف إنما هو من آثار جعل

الضمان بالمسمى، ال أنه بالتلف ينقلب عما هو عليه ويصير بيعا، فإن هذااالحتمال أبعد الوجهين المذكورين في المسالك (١).

ولو قلنا بالوجه الرابع فمقتضاه كونها بيعا من أول األمر، وال يجري فيهاالحتماالن، كما ال يجريان على ما هو المختار تبعا للمحقق (٢) الثاني: من حصول

الملك بنفس الفعل.ثم إنهم ذكروا (٣) نظير هذين الوجهين المذكورين في المسالك على القول

باإلباحة في مسألة القسمة واإلقالة، فاختلفوا في أن القسمة بيع أو إفراز حق، وأن--------------------

(١) مر في الصفحة: ٢٢٢.(٢) كما في جامع المقاصد: في المعاطاة ج ٤ ص ٥٨.

(٣) الحظ جامع المقاصد: في اإلقالة ج ٤ ص ٤٥٤، جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٤ص ٣٥٢.

(٢٢٤)

Page 226: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اإلقالة فسخ - أي حل - للعقد األول الذي الزمه رجوع كل مال إلى مالكهاألصلي، أو بيع، أي إنشاء تمليك عكس اإلنشاء السابق. وقيل (١) بالتفصيل بين ما

إذا أقيل بلفظ: (فسخت) فإنها فسخ، وما إذا أقيل بلفظ: (أقلت) فهي بيع.وكيف كان فعلى القول بالملك يلحقها من أول األمر جميع الخيارات الثابتة

للبيع عدا ما أستفيد من دليله اختصاصه بالبيع العقدي الذي مبناه على اللزوم لوالالخيار.

وال وجه للقول بلحوقها بها بعد لزومها بالتلف ونحوه خاصة، ال قبله، كما هوظاهر المصنف التفاتا إلى كونها جائزة قبل التلف وعدم الفائدة في الخيار حينئذ،

وذلك لعدم انحصار الفائدة في الرد، إلمكان إسقاطها والصلح عليها.وبالجملة: ال يلحقها خصوص خيار المجلس والحيوان، لظهور دليلهما في

اختصاصهما بالبيع العقدي الذي مبناه على اللزوم لوال الخيار.نعم، لو قلنا بثبوتهما لكل بيع الزم - سواء كان االلتزام من منشآت

المتعاقدين، أي كان عقديا أو حقيا من مجعوالت الشارع - فيلحقان بها بعد ماصارت بيعا الزما، ويلحقها خيار العيب والغبن والشرط، لعدم اختصاصها بالبيع

العقدي، فإن ثبوتها في البيع وشبهه من المهر وعوض الخلع إنما هو للشرطالصريح، أو للشرط الضمني الذي يتضمنه كل معاوضة عرفا وعادة فإن بناء النوععلى عدم االلتزام بالمعيوب وبما ال يتغابن بمثله. وال ينحصر دليل الخيار بقاعدة(ال ضرر) حتى يقال باختصاصه بالبيع العقدي لكونه متيقنا، كيف؟ ولوال الشرطالضمني لما أمكن إثبات الخيار بتلك القاعدة، لبناء المتعاملين على المعاملة كيف

ما كانت، وإقدامهما عليها مطلقا.وبالجملة: فكل عقد أو معاملة لم يكن اللزوم فيها حكميا ولم تكن من قبيل

النكاح والضمان يلحقها خيار العيب والغبن والشرط.نعم، الخيار في المعاطاة ليس بمعنى ملك فسخ االلتزام وإقراره، فإنها لم تكن

--------------------(١) حكاه الشهيد الثاني في المسالك: في اإلقالة والقرض ج ١ ص ٢١٨ س ٤ وما بعده.

(٢٢٥)

Page 227: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

متضمنة لاللتزام المنشأ من المتعاملين، بل بمعنى حل ما أوجداه، وهذا المعنىيمكن ثبوته للمتعاطيين من حين المعاطاة إلى ما بعد التلف.

وليس الجواز الثابت من أجل تخلف الشرط الصريح أو الضمني كالجوازالحكمي حتى يمتنع عند التلف، وال يكون قابال لإلسقاط واألرث، بل جواز حقيال يتوقف على بقاء العينين، فلو تلف عوض المعيوب جاز رد المعيوب، ولو تلف

المعيوب جاز أخذ األرش.وأما خيار الرؤية وخيار التأخير فبناء على عدم اعتبار التعاطي من الطرفين

يجريان فيها، سواء قلنا بأنهما من مصاديق تخلف الشرط الضمني أم قلنا بكونهماخيارين مستقلين.

وأما على اإلباحة - كما هي مبنى المسالك (١) - فتثبت لها الخيارات الثابتة فيكل معاملة، وكذا الخيارات الالحقة لكل بيع بعد ما صارت بيعا.

وأما الخيارات المختصة بالبيع العقدي كخيار المجلس والحيوان على مااستظهرناه من دليلهما فال تثبت لها، خالفا للمسالك (٢) فإنه التزم بثبوت خيارالحيوان له. وإنما استشكل في مبدئه، واحتمل أن يكون حين المعاطاة، وأوردعليه بأن المعاطاة على مبناه ليست بيعا قبل التلف فكيف يحتمل أن يكون مبدأ

خيار الحيوان من حين المعاطاة؟ ولكنه يمكن أن يوجه بأن البيع وإن تحقق حينالتلف إال أن منشأه والسبب الموجد له هو المعاطاة، وكأن ما يؤول إلى البيع بمنزلة

البيع.ولكن يرد عليه بأنه ال فرق بين خيار المجلس والحيوان، فإذا انتفى خيار

المجلس ينتفي خيار الحيوان أيضا ولو بعد تحقق اللزوم.نعم، بناء على الفرق بينهما فوجه تقييده رحمه الله ثبوت خيار الحيوان بما لو كان

التالف الثمن أو بعضه ظاهر، فإن ثبوت خيار الحيوان وإن لم يتوقف على بقاء--------------------

(١) مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٦٩ س ٣٠ وما بعده.

(٢) مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٧٠ س ٢٤ وما بعده.

(٢٢٦)

Page 228: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الحيوان في غير مقامنا هذا إال أنه يتوقف على بقائه في المقام حتى يثبت الخيار،ألنه يشترط في تعلقه بالتالف أن يتعلق به قبل تلفه ولو آنا ما حتى ال يكون تلفه

موجبا لسقوطه فيرد مثله أو قيمته، فلو كان التالف الثمن فبعد تلفه تصير المعاطاةبيعا فيتعلق به خيار الحيوان. وأما لو كان التالف نفس الحيوان فما لم يتلف لم يكن

خيار، لعدم صيرورتها بيعا. وإذا تلف تلف غير متعلق به الخيار فمن أين يثبتالمثل أو القيمة؟

وبالجملة: تعلق حق الخيار في المقام بالمثل أو القيمة يتوقف على تحققالخيار، وتحققه يتوقف على تعلقه بالمثل أو القيمة.

نعم، لو ثبت من الخارج ثبوت الخيار في المقام فال بد من تقدير تعلقه آنا مابالحيوان حتى يثبت المثل أو القيمة، ألن شرط تعلق الحق بالبدل أن يتعلق

بالمبدل ولو آنا ما، فلو لم يكن هناك دليل خاص فعمومات أدلة الخيار ال تفيدإلثبات التقدير آنا ما.

ولذا قيل (١): بامتناع تعلق حق الخيار بمن ينعتق على المشتري. وسيجئتوضيحه في محله إن شاء الله تعالى.

قوله قدس سره: (األمر الثامن: ال إشكال في تحقق المعاطاة... إلى آخره).ال يخفى أن ظاهر عبارته قدس سره أن المقصود في هذا العنوان تحقق المعاطاة

بالقول الغير الجامع لشرائط اللزوم فقط: كخلوه عن القبض في باب الوقف والهبةبذي رحم، ولكن بالتأمل في مجموع كلماته يظهر: أن المقصود أعم من فقد

شرائط اللزوم والصحة.وبالجملة: مقصوده الجمع بين ما هو المسلم بينهم من أن المقبوض بالعقد

الفاسد ال يترتب عليه شئ من آثار الملكية، بل يحرم التصرف فيه، ويجب ردهفورا إلى مالكه، ويضمن العين ومنافعها المستوفاة وغير المستوفاة، وبين ما يظهر

--------------------(١) قاله العالمة في التذكرة: كتاب البيع، ج ١ ص ٥٣٩ س ١٧.

(٢٢٧)

Page 229: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

من كالم غير واحد تبعا للمحقق والشهيد الثانيين (١) أنه لو أخال بالشروط المعتبرةفي الصيغة وأوقعا البيع خاليا عنها يكون معاطاة لو علم التراضي منهما.

ثم إن قوله قدس سره: أما إذا حصل بالقول الغير الجامع لشرائط اللزوم... إلى آخره.ليس المقصود منه خلو القول عن شرائط اللزوم عند كل أحد حتى يكون قوله: فإن

قلنا بعدم اشتراط اللزوم بشئ زائد على اإلنشاء اللفظي خلفا كما أورده عليهالمحقق الخراساني (٢) قدس سره بل مقصوده خلوه عن شرائط اللزوم عند المشهور،

فالترديد ال يكون خلفا.ثم إن ما ذكره هذا المحشي قدس سره في وجه الجمع من أن الحكم بضمان المقبوض

بالعقد الفاسد اقتضائي بمعنى أن قضية فساده إنما هو لكونه عقدا (٣) فال ينافيصحته بما هو معاطاة ال يخفى ما فيه، فإن هذا العنوان الطارئ دائما موجود في

المقبوض، بالعقد الفاسد، سيما إذا قلنا بأن العقد الفاسد حكمه حكم المعاطاة ولولم يتحقق معه قبض أصال، فترتيب األعالم هذه اآلثار عليه ال يبقى له موضوع.إذا عرفت ذلك فنقول: تارة يتحقق قبض العينين بعد القول الفاسد، وأخرى ال

يتحقق، فلو لم يتحقق فهذا خارج عن المعاطاة المصطلحة، وال بد من إخراجه منموضوع بحث الشهيد والمحقق الثانيين ومن تبعهما.

والقول (٤) بأن االنشاء القولي الغير الجامع لشرائط الصحة يرجع إلى حكمالمعاطاة مطلقا، ال وجه له.

ولو تحقق قبض العينين فتارة بناؤهما على اإلغماض عن القول السابقوإنشاؤهما التمليك أو التسليط بالفعل فهذا داخل في المعاطاة موضوعا، وليس

--------------------(١) المحقق الثاني في الرسائل: رسالة في صيغ العقود، ج ١ ص ١٧٨ والشهيد الثاني في

المسالك: في عقد البيع وشروطه، ج ١ ص ١٦٩ س ٣١ وما بعده.(٢) حاشية المكاسب للمحقق الخراساني: ص ٢٥.(٣) حاشية المكاسب للمحقق الخراساني: ص ٢٦.

(٤) استظهره الشيخ األنصاري قدس سره من كالم غير واحد من مشايخه المعاصرين، الحظالمكاسب: كتاب البيع، ص ٩٢، س ١٧ وما بعده.

(٢٢٨)

Page 230: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

هذه الصورة محط كالم المحققين ومن تبعهما، ألن مجرد وقوع المعاطاة بعد العقدالفاسد ال يوجب الشك في دخولها في عنوان المعاطاة.

وأخرى: ليس بناؤهما على اإلغماض، وهذا على قسمين، ألنهما قد يقبضانوفاء بما التزما به على البيع الفاسد بحيث لم يعلم منهما رضا بالتصرف إال الرضا

المعاملي الذي كان في ضمن اإلنشاء الفاسد ومقيدا به، وهذا أيضا خارج عنموضوع البحث، ألن هذا هو المقبوض بالعقد الفاسد الذي هو موجب للضمان

ويترتب عليه آثار خاصة. وقد يقبضان ال بما أن القبض وفاء، بل رضا جديدحاصل لهما على أي حال، وهذا هو موضوع كالمهما وكالم من تبعهما.

ثم الرضا كذلك تارة تحقيقي، كما لو علما بفساد الصيغة، ومع ذلك رضيابالتصرف.

وأخرى تقديري، كما لو جهال به ولكن استكشف من حالهما أنهما لو علمابفسادها لرضيا بالتصرف أيضا كالرضا المستفاد من شاهد الحال في غير المقام،

فمرجع كالمهما إلى أنه يكفي الرضا والطيب الذي يجوز معه التصرفات الغيرالمتوقفة على الملك للتصرفات المتوقفة عليه وسائر اآلثار المترتبة على المعاطاة

من اللزوم بالملزمات.وال يخفى أن إدخال هذا في المعاطاة يتوقف على أمرين:

األول: كفاية الرضا الشأني حتى يشمل كالمهما صورة الجهل بالفساد.الثاني: عدم اعتبار إنشاء عنوان العقود قوال وال فعال، بل كفاية مجرد وصول

كل من العوضين إلى المالك اآلخر، وهذا مما ال يمكن االلتزام به، سواء قلنا بالملكأو اإلباحة، ألن مجرد الرضا - سواء كان فعليا أو تقديريا وتحقق قبض بعده أو

قبله - ال أثر له في باب العقود واإليقاعات، فإن القبض الواقع بعد العقد الفاسد إذالم ينشأ به التمليك وال التسليط - كما هو المفروض وجوده: كالعدم والرضا

بالتصرف أيضا - ال أثر له إال جواز التصرفات الغير المتوقفة على الملك.وأما حصول الملك بمجرد الرضا أو األول إليه - أي تعين المسمى للبدلية

(٢٢٩)

Page 231: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بطرو أحد الملزمات - فلم يقم دليل على حصوله بمجرد الرضا، ألن عناوينالعقود إيجادية وال بد من حصولها بإنشائها قوال أو فعال، وال عموم في طرف

المستثنى في قوله عليه السالم: (إال بطيب نفسه) (١)، ألن عموم المستثنى منه اليقتضي

عموم المستثنى.هذا، مع أنه ولو قلنا بإباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك

بمجرد الرضا الباطني إال أنه كيف يتحقق الركن اآلخر وهو الضمان بالمسمىوانتقال التالف إلى ملك من تلف في يده؟ فإنه يتوقف على إنشاء ال محالة إمابقوله: أعتق عبدك عني وعلي عشرة، وإما بإعطائه الناشئ عن قصد التمليك أو

التسليط، وكفاية وصول كل واحد من العوضين إلى المالك اآلخر - كما في مسألةكوز الحمامي والسقاء ونحوهما وإن لم ينشأ إباحة أو تمليكا - ممنوعة.

أما أوال: فلعدم كون أمر الحمام والسقاء من باب المعاطاة.وأما ثانيا: فألن قيام السيرة على تحققها باإلنشاء من طرف واحد غير

موجب لتحققها ولو لم يكن هناك إنشاء أصال كما في المقام.تذنيبان

األول: في حكم النماء والمنافع على القول بالملك قبل الرجوع وبعده، وبيانهيتوقف على رسم أمور:

األول: أن النماء: عبارة عن األعيان المستخرجة من المال، أي: ما يمكناإلشارة الحسية إليه، لوجود ما بحذاء له في الخارج، سواء كان قابال لالنفصال

كاللبن والثمرة والنتاج والصوف ونحو ذلك، أو لم يكن كالسمن ونمو األشجار.والمنافع: ما ال يكون بحذائه شئ في الخارج كسكنى الدار، وركوب الدابة.

وقد يطلق كل منهما على اآلخر.الثاني: أن حكمهما في الرد بالخيار مختلف، سواء كان الخيار أصليا كخيار

المجلس والحيوان والشرط ونحو ذلك، أو عرضيا كخيار التفليس.--------------------

(١) مر تخريجه في الصفحة: ١٥٨.

(٢٣٠)

Page 232: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فذهب المشهور إلى أن النماء المنفصل والمنافع - مستوفاة كانت أو تالفة -ملك لمن انتقل إليه المال، فال ترد برد العين، والنماء، المتصل تابع للعين.

واختلفوا في مثل الصوف أو الشعر المتصل الذي يقبل االنفصال في أن حكمهحكم السمن، أو حكم المنفصل، والحق أنه قبل انفصاله أو جزه يتبع العين وإن بلغ

أوان جنائه أو زمان جزه.الثالث: أن مدرك الحكم في باب الرد بالخيار هو قوله صلى الله عليه وآله: (الخراج

بالضمان) (١).والمصنف (٢) وبعض من تبعه (٣) وإن ناقشوا في سنده إال أن المستفاد من كالمشيخ الطائفة (٤) وجماعة (٥) أنه من النبويات المتلقاة بالقبول عند الفريقين، فهو

نظير: (على اليد ما أخذت) (٦)، بل معناه في الجملة من االرتكازيات، وهذهالقاعدة هي مدرك فتوى أبي حنيفة (٧) في قضية البغلة في الحكم بأن منافع

المغصوب للغاصب، ألن ضمانه عليه، فالمناقشة في سنده ال وجه لها، إنما الكالمفي داللته، وقد استظهر منه أبو حنيفة أن المراد من الضمان: فيه هو الضمان بمعنى:اسم المصدر، فيشتمل الضمان الثابت بمقتضى قاعدة اليد. فتوهم أن كل من كان

ضامنا لشئ فخراجه - أي ما يستفاد منه - منفعة كان أو نماء له. وقد قالاإلمام عليه السالم في رده: (في مثل هذا القضاء وشبهه، تحبس السماء ماءها، وتمنع

--------------------(١) تقدم تخريجه في الصفحة: ١٤٢.

(٢) المكاسب: كتاب البيع، ص ١٠٤، س ٢٦.(٣) كاآلخوند في حاشيته على المكاسب: ص ٣٤.

(٤) كما في المبسوط: كتاب البيع، ج ٢، ص ١٢٦، والخالف: كتاب البيوع، المسألة ١٧٤ ج ٣،ص ١٠٧.

(٥) كابن حمزة في الوسيلة: في بيان البيع الفاسد، ص ٢٥٥ والسيد بحر العلوم في بلغة الفقيه:في تلف المبيع قبل القبض، ج ١ ص ١٧٧.

(٦) مر تخريجه في الصفحة: ٦٤.(٧) الكافي: ج ٥ ص ٢٩٠ - ٢٩١ ح ٦، عنه الوسائل: ج ١٣ ص ٢٥٥. مع اختالف يسير ب ١٧ من

أبواب اإلجارة ح ١.

(٢٣١)

Page 233: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األرض بركاتها) (١).هذا، مع أن من مناسبة الحكم والموضوع يستفاد أن كل من تعهد ماال وجعل

ضمانه في عهدته فخراجه له، ألن العاقل ال يتعهد ماال إال ألن يملك نماءه ومنافعهويصرفهما في حوائجه، وهذا يختص بالضمان الجعلي األصلي الفعلي الذي أمضاه

الشارع، فيخرج منه الضمان القهري كباب الغصب، والضمان التبعي كضمان البائعللمبيع والمشتري للثمن قبل القبض، ألن ما تعهده البائع أصالة هو ضمان الثمنالذي انتقل إليه. ومعنى ضمانه له أن دركه عليه بحيث أنه لو تلف ثم طرأ على

المعاوضة فسخ أو انفساخ يجب عليه رد مثله أو قيمته.وهكذا في طرف المشتري فإن ما تضمنه أصالة هو المثمن، وضمان كل منهمالما انتقل عنه إنما هو لشرط التسليم الذي يتضمنه كل عقد، فمناسبة الحكم معموضوعه تقتضي خروج الضمان التبعي، ألن هذا الضمان على عكس ما اقتضاه

المعاوضة، فإن البائع أقدم على المعاوضة ألن يملك منافع الثمن، وحيث إن هذااألقدام يقتضي تسليم المبيع فال يمكن أن تكون منافعه للبائع.

ويخرج عنه - أيضا - الضمان التقديري كالضمان في باب أعتق عبدك عني،والضمان في باب السبق والرماية قبل وصول السابق والرشق، فإن منافع العبد

والسبق والعوض ليس لآلمر والسابق والرامي، لعدم كونها فعال ملكا للضامن، معأن المضمون غالبا خارج عن تحت تصرف الضامن فال معنى ألن تكون منافعه له،

ويخرج عنه المقبوض بالعقد الفاسد، لعدم كون الضمان الجعلي ممضيا شرعا،فوجوده كالعدم.

إذا ظهر معنى الحديث إجماال فنقول: لو لم يرجع أحد المتعاطيين فنماء كلعين أو منافعها لمن بيده، سواء قلنا بالملك أو اإلباحة.

أما على الملك فواضح.--------------------

(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٩٠ - ٢٩١ ح ٦، عنه الوسائل: ج ١٣ ص ٢٥٥، ب ١٧ من أبواباإلجارة ح ١. مع اختالف يسير.

(٢٣٢)

Page 234: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما على اإلباحة فظاهر استبعاد الشيخ الكبير (١) قدس سره بأنه كيف يكون النماءلألخذ دون العين إن حدث والنماء في ملك المباح له مفروغ عنه؟ بل ال إشكال

في أن السيرة عليه أيضا، فإنه لم يعهد من أحد مطالبته النماء.وعلى أي حال قوله صلى الله عليه وآله: (الخراج بالضمان) (٢) يشمل كل ضمان

معاوضي،سواء كان بالتضمين الملكي أو اإلباحي، ألن كل مورد جعل ضمان مال بإزاء

عوض بضمان أصلي فعلي مع كونه ممضيا من الشارع فالخراج مسبب عن هذاالجعل. وأما لو رجع أحدهما فحكم الرجوع في المقام حكم الرجوع في باب

الخيار في أن النماء المتصل يتبع العين دون المنفصل والمنافع المستوفاة قبلالرجوع، فإنهما لمن كان العين بيده، وال وجه السترجاعهما منه ولو على القول

باإلباحة.وبالجملة: يشمل القاعدة المعاطاة على كال المسلكين وإن تقدم عن المصنف

القول بعدم انتقال النماء إلى اآلخذ نقال عن بعض القائلين باإلباحة، فراجع (٣).الثاني: يظهر من المحقق الثاني (٤) - على ما حكي عنه - الفرق بين المعاطاة

في البيع والقرض، فقال بحصول الملك في األول كما هو مختاره فيها، واإلباحة فيالثاني، ثم رتب عليها أن نماء المبيع للمشتري دون نماء العين في باب القرض فإنه

للمقرض ال للمقترض، وال يخفى ما فيه:أوال: من أنه ال فرق بينهما، فإن المعاطاة لو كانت مفيدة للملكية فال فرق بين

القرض والبيع.وثانيا: ال فرق بين اإلباحة والملك في مسألة النماء، لما عرفت أن قاعدة

الخراج بالضمان تشمل البابين، هذا مع أن السيرة قائمة في باب القرض أيضا فإنهلم يعهد مطالبة نماء العين من المقترض مطلقا.

--------------------(١) شرح القواعد لكاشف الغطاء (مخطوط): الورقة ٥٠.

(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: ١٤٢.(٣) راجع ما تقدم في الصفحة: ١٤٢.(٤) كما في رسائله: ج ١ ص ١٨٧.

(٢٣٣)

Page 235: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قوله قدس سره: (مقدمة في خصوص ألفاظ عقد البيع... إلى آخره).توضيح ما أفاده قدس سره في هذا العنوان وما يرد عليه يتم برسم أمور:

األول: قد عرفت في بحث المعاطاة: أن عدم إفادتها اللزوم على مسلكين:أحدهما: عدم كون الفعل مطلقا مصداقا لعناوين العقود، فيكون قاصرا عن

إفادة التمليك فضال عن اللزوم، ولذا قيل بإفادتها اإلباحة.وثانيهما: االجماع على اعتبار اللفظ في اللزوم مع صدق عنوان العقد على

الفعل، وإفادته اإللزام وااللتزام مثل القول، فلو قلنا باألول فما شك في اعتباره:فيه فاألصل اعتباره ألصالة الفساد، ألنه لو منعنا عن صدق العقد وعنوان أبواب

المعامالت عليه فال دليل على صحته إال ما قامت السيرة عليه، فلو شك في كونهموردا للسيرة فأصالة عدم ترتب األثر عليه هي المرجع، ولو قلنا بالثاني فاألصل

عدم اعتباره، لصدق عنوان العقد.وعلى هذا فال وجه لما أفاده المصنف من أن األصل يقتضي كفاية إشارة

األخرس في مورد العجز عن التوكيل، ال في مورد القدرة عليه (١)، ألنه قدس سرهاعتبر

اللفظ في اللزوم من جهة االجماع، ال من جهة عدم صدق البيع على الفعل، فإذاسلم صدق العنوان فاألصل يقتضي عدم االشتراط بالعجز.

وبعبارة أخرى: أصالة الفساد إنما تجري في مقابل الشك في أصل الصحةوالفساد، ال بعد إحراز الصحة والشك في اللزوم وعدمه.

وكيف كان، فسواء قلنا: بأن الفعل ليس مصداقا لعنوان العقود أو قلنا بأنهمصداق - ولكنما االجماع قام على اعتبار اللفظ في اللزوم - فاإلشارة من

األخرس تقوم مقام اللفظ وإن لم يقم معاطاته، أي أخذه وإعطاؤه مقام اللفظ كماسيظهر وجهه، وذلك ألن إشارة األخرس وإن كانت فعال من أفعاله إال أن قصورالفعل عن كونه إيجادا لعنوان العقد إنما هو في غير إشارته، فإن إشارته ال تقصر

عن قول غيره، ال سيما من يفهم مقاصده الكلية واألمور الغير المحسوسة--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ٩٣ س ٢٤.

(٢٣٤)

Page 236: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

باإلشارة. هذا بناء على األول.وأما بناء على أن اللزوم يتوقف على اللفظ إجماعا فاالجماع إنما قام في

مورد القدرة على التكلم، وأما مع العجز عنه فلم يقم اجماع.ثم هل تقوم إشارته مقام اللفظ مطلقا، أو مع العجز عن التوكيل؟ وجهان،

واألقوى هو األول.أما بناء على صدق عنوان العقد على إشارته فواضح، ألن األصل عدم

اشتراطه.وأما بناء على عدم الصدق فإلطالق األخبار في باب الطالق (١) المستفاد منهابالفحوى حكم عقده وإيقاعه في سائر األبواب، وحملها على صورة العجز عن

التوكيل حمل على الفرد النادر.هذا، مع أنه لو كانت إشارته كافية في التوكيل لكانت كافية في أصل طالقه.وال يقال: إن العقود اإلذنية يكفي فيها كل ما يدل على اإلذن والرضا بخالف

غيرها.ألنا نقول: وإن كان اإلذن المطلق يكفي فيه كل ما يدل عليه إال أن اإلذن في

التصرف بعنوان الوكالة ال بد في تحققه من إشارة خاصة، فإذا كانت إشارته مفيدةلعقد الوكالة فهي مفيدة لغيره من العقود واإليقاعات أيضا.

الثاني: أن محل البحث في إشارة األخرس إنما هو فيما إذا كانت المعاملةمنشأة بإشارته بحيث كان القبض واإلقباض وفاء بها، ال ما إذا كان اإلنشاء بهما،

فإن معاطاته ال خصوصية فيها.فما أفاده المصنف قدس سره في قوله: ثم لو قلنا: بأن األصل في المعاطاة اللزوم

فالقدر المخرج صورة قدرة المتبايعين على مباشرة اللفظ (٢). ال يستقيم، ألن جهة--------------------

(١) الكافي: ج ٦ ص ١٢٨، باب طالق األخرس، عنه وسائل الشيعة: ج ١٥ ص ٢٩٩ أحاديثالباب ب ١٩ من أبواب مقدمات الطالق.

(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ٩٣ س ٢٧.

(٢٣٥)

Page 237: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

البحث ليست في معاطاة األخرس حتى يبحث أنها الزمة أو جائزة، لعدم انعقاداالجماع هاهنا.

نعم، لو أراد من لفظ المعاطاة مطلق الفعل ال خصوص القبض واإلقباضالستقام ما أفاده.

الثالث: فيما يتحقق به اإلشارة وأنه هل تعتبر كيفية خاصة من تحريكاللسان أو األصبع أو غيرهما، أو ال تعتبر؟ األقوى هو الثاني، ألنه ال دليل على

اعتبارها بعد كون مطلق أفعاله مفهما لمراده، وبعد صدق عنوان العقد أو اإليقاععلى مطلق إشاراته واختالف األخبار في باب الطالق (١) من إلقاء القناع أو

اإلشارة باألصبع ناظر إلى هذا المعنى، ألن كال منهما من أنحاء إفهام المراد، ومنمصاديق العناوين، وليس لنوع األخرس كيفية واحدة نوعية حتى ال يتجاوز عنها.

الرابع: هل اإلشارة مقدمة على الكتابة، أو العكس متعين، أو كل منهما فيعرض األخرى؟

في بعض أخبار (٢) الطالق ما يدل على تقدم الكتابة، وبه أفتى الحلي (٣) قدس سرههناك.

وال يخفى أنه لو قلنا به هناك للتعبد ال يمكن التعدي منه إلى كل باب، ألنالكتابة ليست مصداقا في العرف والعادة لعنوان عقد أو إيقاع، فليست آلة إليجادعنوان بها، ولذا انعقد االجماع على عدم تأثيرها في غير الوصية وإن كان الحق

أنه ال ينشأ بها الوصية أيضا. نعم، هي معتبرة عند العرف من حيث الكاشفية،وتصير مدركا وسندا إلثبات البيع والدين والوصية ونحو ذلك.

وبالجملة: إذا لم يكن الفعل مصداقا لعنوان عقدي أو إيقاعي فقصد إيجاد هذاالعنوان ال يؤثر أثرا، ألنه إذا لم يكن مصداقا فليس هناك إال القصد المجرد، وهذا

ال أثر له في العناوين اإليجادية والموجدات االعتبارية التي هي منشأ اآلثار--------------------

(١) تقدم تخريجه في الصفحة: ٢٣٥.(٢) الكافي: ج ٦ ص ١٢٨ ح ١.

(٣) السرائر: ج ٢ ص ٦٧٨.

(٢٣٦)

Page 238: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الشرعية والعرفية.الخامس: هل الحكم مختص باألخرس الذي نشأ خرسه من صممه أو يشمل

كل من ال يتكلم ولو لعذر من نذر أو إكراه أو أخص من ذلك وأعم من األول،فيشمل كل من كان عاجزا خارجا، سواء كان لصممه، أو العتقال في لسانه، أولمرض مرجو الزوال؟ وجوه، األقوى هو األول، فإنه الذي يصدق عليه األخرسيقينا، ثم األخير. وأما الخرس لعذر فال تشمله األدلة قطعا، بل ليس هو خرسا.

وبالجملة: وإن قلنا بعموم األخرس لكل من كان عاجزا عن النطق وإن لميكن منشأ خرسه الصمم كما ال يبعد دعواه - وال وجه لألخذ بالقدر المتيقن، لعدم

إجمال في اللفظ - إال أن شموله لمن نذر ترك التكلم ونحوه ممنوع جدا، وعلىهذا فلو صدق عنوان العقد واإليقاع على إشارة كل عاجز فهو وإال فمن فحوىباب الطالق نتعدى إلى غيره، ونحكم بلزومه بإشارته كما نحكم بجواز معاطاته

التي هي في حكم معاطاة غيره.وعلى أي حال، كتابته ليست داخلة في إشارته، وال هي معاطاة منه.

قوله قدس سره: (ثم الكالم في الخصوصيات المعتبرة في اللفظ تارة يقع في مواداأللفاظ... إلى آخره).

توضيح البحث في هذا العنوان يتم بتمهيد مقدمات:األولى: أنه لو شك في صدق عنوان من عناوين العقود واإليقاعات على

لفظ صادر من الموجب والقابل أو الموقع فأصالة الفساد تقتضي عدم صحته. وأمامع صدق العنوان عليه عرفا فمقتضى اإلطالقات والعمومات عدم اعتبار ما شك

في شرطيته في مادة العقود واإليقاعات أو هيئتهما. فإن قوله عز من قائل:(أحل الله البيع) (١) - مثال - وإن كان ناظرا إلى المسببات بالمعنى الذي بيناه

- وهو الموجد باآللة - إال أن إمضاء اسم المصدر إمضاء للمصدر فيقتضيحلية جميع ما كان آلة عرفا إليجاد البيع، سواء كان بمادة البيع أو بغيرها من

--------------------(١) البقرة: ٢٧٥.

(٢٣٧)

Page 239: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المواد، وسواء كانت الهيئة التي توجد بها المادة ماضوية أو غيرها، وسواء أنشأهذا العنوان بألفاظ صريحة أو بغيرها، وباللغة العربية أو غيرها، كان اإليجاب

والقبول متواليين أو ال.نعم، لو منع من صدق البيع عرفا على ما إذا أنشأ بغير لفظ الماضي أو بما إذا لم

يكن بين اإليجاب والقبول مواالة، أو بما أنشأ بالكناية ونحوها، أو ادعياالنصراف عنها فال يفيد االطالق.

ثم إنه كما يصح التمسك باإلطالق فيما إذا كان الشك في ناحية األسبابكذلك يصح التمسك به فيما إذا كان الشك في ناحية المسببات، فلو لم يكن مسبب

متعارفا في زمان الشارع وصار متعارفا بعده كاألمر بإلقاء المتاع في البحر وتعهداألمر الضمان ونحو ذلك من استيفاء مال أو عمل بأمر معاملي لجاز التمسك

لصحته بعموم (أوفوا بالعقود) (١)، وال وجه لدعوى اختصاصه بالعقود المتعارفةوالمعامالت المتداولة إال إرادة العهد من الالم، وهو خالف ظاهر الالم في كل

مقام، ال سيما في مثل هذه األحكام.نعم، هنا إشكال في صحة التمسك بعموم (أوفوا) فيما إذا كان الشك راجعا

إلى الشك في الصحة والفساد.وتقريبه: أن العموم في هذه اآلية الشريفة وارد مورد حكم آخر، ألنه في

مقام بيان لزوم ما هو صحيح، وليس في مقام بيان أصل الصحة، فال بد أن تكونالصحة مفروغا عنها حتى يجب االلتزام بما أنشأه المتعاقدان. ولكن التمسك

بعموم (تجارة عن تراض) (٢) ال إشكال فيه.وبالجملة: إذا لم يكن سبب متعارفا في زمان الشارع كبعض اللغات

المستحدثة وصار إيجاد المسببات متعارفا بها وصدق عليها عنوان المعاملة، أوإذا لم يكن مسبب متعارفا في زمانه وصار متعارفا في عصر فيتمسك بإطالق أدلة

العناوين لصحتهما. وال وجه لدعوى االختصاص وال االنصراف.--------------------

(١) المائدة: ١.(٢) النساء: ٢٩.

(٢٣٨)

Page 240: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الثانية: ال شبهة في الفرق بين الحكايات واإليجاديات، فإن الحكايات اليتعلق غرض بها إال إظهار ما في الضمير وإلقاء المقصود إلى المخاطب، فكل لفظ

لم يكن خارجا عن أسلوب المحاورة يصح إظهار ما في الضمير به، سواء كاناالستعمال حقيقة أم مجازا، صريحا أم كناية، كانت قرينة المجاز حالية أو مقالية،كان المجاز بعيدا أو قريبا، وهذا بخالف اإليجاديات فإنها ال توجد إال بما هو آلة

إليجادها ومصداقا لعنوانها، فلو لم يكن شئ مصداقا لعنوان وآلة إليجاده، بلكان لالزمه أو مالزمه لم يوجد الملزوم أو المالزم اآلخر به وإن كان الغرض منايجاد الالزم أو المالزم إيجاد الملزوم أو المالزم اآلخر بحيث كان هو المقصود

األصلي، إذ ال عبرة بالدواعي واألغراض في اإليجادات، فلو قصد البيع وأتيبغير ما هو مصداقه فال أثر له، ولذا ال يرتبون اآلثار على الشروط البنائية التي لم

تذكر في متن العقد.ثم إن اإليجاد المعتبر في العقود غير اإليجاد الحاصل في سائر اإلنشائياتوغير اإليجاد الحاصل في معاني الحروف، فإن الهيئة في سائر اإلنشائيات

وضعت إللقاء الحدث على الفاعل، وإيجاد النسبة بين الفاعل والفعل وبإيجادالنسبة إذا كان المتكلم في مقام البعث والتشريع يتحقق مصداق لألمر، وإذا كان فيمقام السؤال يتحقق مصداق لالستفهام، وإذا كان في مقام إظهار المحبة في وقوع

النسبة يتحقق التمني والترجي ونحو ذلك.وأما الهيئة في باب العقود فمضافا إلى أن بها تتحقق النسبة توجد المادة بهاأيضا إذا كان المتكلم في مقام اإلنشاء، فإنه بقوله: (بعت) يوجد البيع. وأما

اإليجاديات في باب الحروف فقوامها بأمور أربعة:األول: كون معنى الحروف إيجاديا ال إخطاريا.

الثاني: كونه قائما بغيره.الثالث: عدم التقرر له في غير وعاء االستعمال.

الرابع: كون المعنى حين إيجاده مغفوال عنه.

(٢٣٩)

Page 241: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما اإليجادي في باب العقود - كالملكية مثال - فهو أمر متقرر في حد نفسه،وله وعاء غير وعاء االستعمال، فإنه موجود في عالم االعتبار، وليس بمغفول عنه،

وتمام الكالم موكول إلى بحث الحروف (١).الثالثة: ال شبهة في أن البيع بل كل عنوان من عناوين العقود واإليقاعات

عنوان بسيط ليس مركبا من الجنس والفصل، فإذا كان بسيطا فال يمكن إيجاد هذاالمعنى تدريجا، بل إما أن يتحقق آنا، أو ال يتحقق أصال، بل المركب من الجنس

والفصل أيضا ال يمكن أن يوجد تدريجا، فإن تحصل الجنس إنما هو بالفصل،وتحقق الهيولي إنما هو بالصورة فال يعقل أن يوجد المادة أوال ثم الصورة، فإذاكان هذا حال المركب الخارجي فكيف بما هو بسيط وما به امتيازه عين ما بهاشتراكه؟ فإن السواد الشديد بعين ما هو لون يكون سوادا، وبعين ما هو سواد

يكون شديدا، وهكذا التمليك البيعي والقرضي ونحوهما من الهبة واإلجارة يكونالتمليك في كل منها بعين كونه بيعا أو قرضا أو نحوهما، أي ال يكون التمليك في

البيع جنسا وبيعيته فصال، بل هو بيع بعين كونه تمليكا، بل ال شبهة أن التمليك ليسشيئا والبيع شيئا آخر، وإن قلنا بأن كل واحد من هذه األمور األربعة مباين في

السنخ مع اآلخر.مضافا إلى أن التمليك في جميع هذه األمور أمر واحد، وإنما االختالف بينها

كاالختالف بين أفراد البيع.وعلى أي حال، المعنى المنشأ بلفظ (بعت) أمر بسيط ليس مركبا من الجنس

والفصل، وال يمكن أن يوجد تدريجا كتدريجية الباء والعين والتاء.إذا عرفت ذلك فيقع البحث تارة في صحة إنشاء العناوين بالكنايات، وأخرى

بالمجازات، وثالثة بالمشترك اللفظي، ورابعة بالمشترك المعنوي.أما صحته بالكناية فلو قيل: إنها قسم من المجاز - كما عرفها بعضهم: (٢) من

--------------------(١) الحظ فوائد األصول: ج ١ ص ٤٤ - ٤٦.

(٢) كالتفتازاني في المطول: ص ٤٠٧.

(٢٤٠)

Page 242: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أنها ذكر الالزم وإرادة الملزوم - فحكمها حكمه. ولو قيل (١): إنها قسيم للمجاز- كما هو الحق - فإن قوله: زيد طويل النجاد استعمل في نفس معناه الحقيقي وألقي

معنى اللفظ إلى المخاطب لينتقل منه إلى ملزومه وهو طول القامة، وهكذا فيأمثال ذلك من قوله: زيد كثير الرماد، أو مهزول الفصيل، فإن االنتقال إلى الجودمن دواعي استعمال هذه األلفاظ في معانيها الموضوعة لها، ال أنها استعملت في

الجود، فاألقوى عدم صحة إنشاء العنوان بها، فإن إنشاء الالزم وإيجاده فياإلنشاء القولي ليس إيجادا للملزوم عرفا، وكون الملزوم مقصودا وداعيا من

إيجاد الالزم ال أثر له. بعد ما عرفت في المقدمة الثانية أن األغراض والدواعي الأثر لها في باب العقود واإليقاعات فلو قال كناية عن البيع: (ترى خيره) أو في

مقام النكاح: (ألف الله بين قلبيكما) وأمثال ذلك فال أثر له.وبالجملة: ما لم ينشأ عنوان العقد بما هو آلة إليجاده عرفا فال أثر له، وال يرى

العرف آلة إيجاد الالزم آلة إليجاد الملزوم.ثم لو قيل: بأن الملزوم وإن لم ينشأ أصالة إال أنه منشأ تبعا وفي المرتبة

الثانية من اإليجاد، وال وجه لالقتصار على المنشأ األول بعد إطالق أدلة العناوينفيقال: اإليجاد بهذا النحو في كمال الضعف من الوجود فينصرف االطالق عنه، وال

يشمله العمومات أيضا، لخروجه عن األسباب المتعارفة، ومع الشك في دخولهتحت العموم واالطالق فاألصل عدم ترتب األثر عليه (٢).

وأما صحته بالمجاز فإن كان مجازا مشهورا فاألقوى كفايته دون ما لم يكنكذلك، وذلك ألن الشهرة توجب أن ال يحمل اللفظ على معناه الحقيقي أو المجازي

إال بانضمام قرينة معينة ألحدهما، فعدم حمله على معناه الحقيقي بمجرد التلفظ--------------------

(١) حكاه التفتازاني عن السكالي كما في المطول: ص ٤٠٨.(٢) وفيه: أن الفرق بين القول والفعل ال وجه له، وتقدم أنه لو قصد البيع بما هو مصداق لالزمه

كالتسليط فال مانع من إنشاء البيع به نعم، ال يبعد اعتبار ألفاظ خاصة في بعض العقودكالنكاح. (منه عفي عنه).

(٢٤١)

Page 243: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يجدي في وقوعه به، وال يلزم إيجاد عنوان البسيط تدريجا، وهذا بخالف المجازالغير المشهور فإنه يحتاج إلى قرينة صارفة أيضا، فحاله أردأ من الكناية، ألن

ما يوجد به بحسب الداللة التصورية هو معناه الحقيقي، وبحسب الداللة التصديقيةمعناه المجازي فيتناقضان وليس باب اإليجاد كباب الحكاية كما عرفت.

ولذا قال المشهور: بأن (بعتك بال ثمن) و (آجرتك بال أجرة) ال يفيدان فائدةالهبة الصحيحة والعارية كذلك، وليس ذلك - مع أن القرينة الصارفة مقرونة باللفظ -

إال ألن ما أوجد أوال بال مجئ القرينة كان معاندا لما أوجد ثانيا، وال يمكنإرجاع ما أوجد عما هو عليه في اإليجاديات وإن أمكن في الحكايات.

نعم، لو قيل: بأن في باب المجاز ال ينشأ بالقرينة شئ حتى يكون بين القرينةوذي القرينة تناقض، بل عنوان العقد ينشأ بنفس ذي القرينة، والقرينة كاشفة عن

المعنى المقصود من ذي القرينة - ولذا التزمنا بصحة إنشاء العناوين بالمجازالمشهور - لصح إنشاؤها بالمجاز الغير المشهور أيضا، سواء كانت قرينته حالية أو

مقامية، إال أن يمنع كون المجاز الغير المشهور آلة اليجاد العنوان الذي قصدإيجاده به عرفا، فإن مجرد قصد العنوان من اللفظ مع عدم كون اللفظ آلة إليجاده

ال أثر له، فإنه في حكم القصد المجرد.ولذا قلنا في أول المعاطاة بالفرق بين الفعل واللفظ، وأن الفعل لو قصد به

التمليك يقع به وإن كان مصداقا للتسليط، وهذا بخالف قوله: سلطتك، وذلك ألنالتسليط الخارجي لو قصد منه البيع يصير مصداقا لهذا العنوان، لقيام السيرة عليه

دون التسليط اللفظي (١).وأما صحته بالمشترك اللفظي: فلو كان هناك لفظ مشترك لفظا بين عنوان

عقدين أو عقود كاشتراك لفظ الشراء بين البيع واالشتراء فال مانع عن إنشائه به،ألنه ال يوجب تعين معناه بالقرينة المعينة أن يوجد العنوان بالقرينة حتى يلزم

تدريجية المعنى البسيط، بل العنوان ينشأ بنفس اللفظ، والقرينة كاشفة عن وقوع--------------------

(١) قد تقدم أنه ال فرق بينهما، وأن التسليط القولي ال يقصر عنه التسليط الخارجي (منه عفي عنه).

(٢٤٢)

Page 244: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اللفظ في مقام إنشاء هذا العنوان الخاص، إال أن يقال: إن القرينة متمم المراد،والمعنى يستفاد من مجموع القرينة وذيها كاستفادة موضوع الحكم في العام

المخصص من مجموع العالم العادل (١).وأما صحته بالمشترك المعنوي: فلو كان مشتركا بين العقود التمليكية

ك (ملكت) صح إنشاؤها به، ويتعين كل واحد من العناوين المقصودة بالقرينةالمكتنفة به، وال يلزم إشكال إيجاد األمر البسيط تدريجا، ألنه لو فرض أن البيع

والقرض والهبة واإلجارة مفيدة للتمليك والتمليك الحاصل بكل منها حاصل بعينذلك العنوان ال بغيره فال يلزم التدريجية، فإن البيع بما هو بيع تمليك وهكذا الهبةبما أنها هبة تمليك، والخصوصيات الخارجية ككون البيع بعوض معين والهبة بالعوض كالخصوصيات الالحقة ألفراد البيع، فكما أن هذه الخصوصيات ال توجب

اختالفا في حقيقة البيع وال تضر ببساطته - فإن معنى بساطته بساطة أصلالحقيقة، ال مع الشروط المذكورة فيه، وال مع بيان عوضه ومعوضه ونقده ونسيئته -

فكذلك تلك الخصوصيات.ولو كان مشتركا بين العقود التمليكية وغيرها من النقل الخارجي كلفظ

(نقلت) فال يصح إنشاء التمليك العقدي به، ألن ما به امتياز النقل الخارجي عنالنقل االعتباري ليس بعين ما به اشتراكهما، فال يمكن إنشاء تمام معنى البسيط به،

بل ينشأ الجنس العالي أوال، ثم يميز بالفصل، فيلزم التدريجية في الوجود.قوله قدس سره: (إذا عرفت هذا فلنذكر ألفاظ االيجاب والقبول... إلى آخره).

--------------------(١) وفيه: أن استفادة كون موضوع الحكم مركبا في العام المخصص إنما هو بتعدد الدال

والمدلول، وأما المشترك اللفظي فحيث إنه وضع لجميع المعاني مستقال فلو قيل: عين جاريةفقد استعمل لفظ (العين) في هذا المعنى الخاص، ولفظ (جارية) ال يمكن أن يكون متمما

للمراد، وهكذا في قرينة المجاز، فإن (يرمي) في (رأيت أسدا يرمي) يكون عالمةالستعمال أسد في الرجل الشجاع، وال يمكن أن يكون متمما للمراد من األسد.

نعم، ما أفاده مد ظله إنما يصح بناء على ما قيل: من أن المشترك اللفظي يرجع إلى المشتركالمعنوي، لوجود الجامع بين المعاني حتى في المشترك اللفظي بين الضدين (منه عفي عنه).

(٢٤٣)

Page 245: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بعد ما نقل قدس سره األقوال التي هي بين إفراط وتفريط وبين اإلشكال في إنشاءالعناوين بالمشترك اللفظي والمعنوي والمجاز إذا كانت قرائنها غير اللفظ شرع في

بيان الصغرى وتعيين أن الشراء واالشتراء والبيع ونحو ذلك هل هو من المشتركاللفظي بين اإليجاب والقبول، أو من الحقيقة والمجاز، أو من المشترك المعنوي؟

والظاهر أن لفظ (شريت) مشترك لفظي وإن لم يستعمل في القرآن الكريم إالفي معنى البيع، واشتريت بعكس ذلك، كما هو معنى باب االفتعال، ومجيئه بمعنى

(شريت) كاكتسبت بمعنى (كسبت) على خالف ما وضع له، أو ما هو الظاهر.وعلى أي حال، قياسه قدس سره الهبة المعوضة بالصلح وابتناء صحة إنشائهما بلفظ

(ملكت) على صحة عقد بلفظ غيره مع النية قياس مع الفارق، ألن الهبة مطلقا منأفراد التمليك، لما عرفت: أن التمليك معنى يشترك فيه جميع أنواع العقود

التمليكية، سواء أكانت مع العوض أم بال عوض، كانت مجانية محضة أو مشروطافيها العوض.

وأما عنوان الصلح فهو عنوان آخر في مقابل التمليك، إذ به تنشأ المسالمةوالمصالحة، والتمليك في باب الصلح هو المصالح به.

ثم إنه لو كان لفظ مشتركا بين اإليجاب والقبول ولم يعلم تقديم أحدهما حتىيميز البائع من المشتري أو علم بالتقارن وقلنا بصحته ولم يكن هناك جهة مميزةأخرى فالحكم التحالف، وعدم ترتيب آثار البائعية والمشترية على واحد منهما،

لتعارض األصلين إذا كان الحكم مترتبا على وصف البيعية والثمنية، أو على البائعوالمشتري. وأما إذا كان األثر مترتبا على أحدهما دون اآلخر بأن علم عدم ثبوته

له وشك في ثبوته لآلخر كما لو كان أحد العوضين ثوبا واآلخر حيوانا وادعى منبيده الحيوان أنه اشتراه والثوب ثمن له وقال اآلخر: إن الحيوان ثمن فلو قلنا

باختصاص خيار الحيوان بالمشتري فأصالة عدم ثبوت خيار الحيوان له جاريةبال معارض.

قوله قدس سره: (المحكي عن جماعة... إلى آخره).

(٢٤٤)

Page 246: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ال يخفى أن اعتبار العربية في العقود مما يقطع بعدمه، وإال كان على كل مكلفتعلم صيغ العقود: كوجوب تعلم الصالة، ألن ابتالء الناس بالمعامالت كابتالئهمبالعبادات، وال يمكن توكيل العارف بلغة العرب غالبا، فيلزم سد باب المعاش،فكل ما صدق عليه عنوان العقد والعهد يصح إنشاؤه به، سواء كان عربيا أم لميكن، فضال عن العربي الملحون في األعراب الغير المغير للمعنى، وفضال عن

العربي المتعارف في زماننا.نعم، إذا كان التحريف في الحروف كجوزت بدل زوجت مفيدا لمعنيين كان

في حكم المشترك اللفظي.وعلى أي حال، منع صدق العقد على غير العربي مما ال يصغى إليه.

ثم إن العربية بناء على اعتبارها إنما تعتبر في نفس عنوان المعاملة وما هوركن فيها: كالعوضين في البيع، والزوجين في النكاح، وأما في غيرهما فال وجه

العتبارها، بل دلت رواية العالء على عدم اعتبارها في نفس العوضين وصحةالعقد بغيرها.

قال: قلت ألبي عبد الله عليه السالم: الرجل يريد أن يبيع بيعا يقول: أبيعك بده دوازده،فقال: (ال بأس، إنما هذه المراوضة، فإذا جمع جعل البيع جملة واحدة) (١).

إال أن يقال: إن هذه الرواية وردت في المقاولة قبل البيع.وعلى أي حال فالتركيب بين اللغات أيضا ال يضر بالعقد بعد صدق العنوان

عليه كما هو المتعارف اآلن بين الترك والكرد المختلطين مع العرب، ألن المدارعلى إنشاء عنوان العقود بما هو آلة له عرفا.

قوله قدس سره: (المشهور - كما عن غير (٢) واحد - اشتراط الماضوية... إلىآخره).

--------------------(١) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ٥٤ ح ٢٣٥، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٣٨٦ ب ١٤ من

أبواب أحكام العقود ح ٥.(٢) منهم األردبيلي في مجمع الفائدة: كتاب المتاجر ج ٨ ص ١٤٥ والكاشاني في المفاتيح

ج ٣ ص ٤٩ والعاملي في المفتاح كتاب المتاجر ج ٤ ص ١٦٢.

(٢٤٥)

Page 247: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أقول: وجه اعتبار الماضوية صراحة الفعل الماضي في إنشاء العناوين به،ألنه وضع للتحقق والثبوت، ولذا يستلزم المضي ووقوعه سابقا إذا كان المتكلم

في مقام األخبار عن تحقق المبدأ عن الفاعل، فإذا كان في مقام إيجاد المبدأبالهيئة كقوله: (بعت) كان صريحا في تحقق األمر االعتباري بما هو آلة له، وهذابخالف الفعل المضارع فإنه وضع لتلبس الفاعل بالمبدأ، وهذا مالزم للتحقق، ال

أنه صريح فيه، فإن ظهوره البدوي وإن كان تلبسه بالمبدأ حاال - ولذا يتوقفاستفادة االستقبال عنه (كالسين وسوف) - إال أن التلبس الحالي أيضا ليسصريحا في التحقق، بل الزمه كذلك، ألنه في معنى اشتغاله بإصدار المبدأ

فاستعماله وقصد اإلنشاء به دائر مدار القول بصحة اإلنشاء بالكنايات.وبالجملة: الفعل المضارع مع اسم الفاعل متحدان في المعنى وإن كان بينهما

ترتب في النسبة، فإن المضارع وضع لنسبة الفعل إلى الفاعل، وبعد تحقق هذه النسبةيتصف الفاعل بأنه ممن صدر عنه الفعل، ولذا يقال: ضرب يضرب فهو ضارب.

وكما ال يصح إنشاء عناوين العقود واإليقاعات باسم الفاعل فكذا ال يصحبالفعل المضارع، فقوله: أبيعك أو أطلقك أو أحررك بمنزلة قوله: أنا البائع، أنا

المطلق، أنا المعتق في عدم كونهما آلة إلنشاء العناوين بهما.نعم، في خصوص لفظ (طالق) دل الدليل على وقوع اإليقاع به. ومما ذكرنا

ظهر حال األمر أيضا فإنه وضع إللقاء نسبة المادة إلى الفاعل، فإذا لم يكن منالعالي فليس إال استدعاء والتماسا، فقولها: زوجني نفسك ال يفيد اإلنشاء وإيجاد

علقة الزوجية، بل يفيد االستدعاء وطلب اإلنشاء منه، فحكمه حكم المضارع،فكما أنه أشبه بالوعد فكذلك هو أشبه بالمقاولة واستدعاء اإليقاع.

واألخبار (١) الواردة في بيع اآلبق الظاهرة في كفاية قوله: (أشتري) في إنشاءالعنوان بالفعل المضارع، والواردة في باب النكاح (٢)، وبيع المصحف (٣) كذلك

--------------------(١) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٢٦٢ - ٢٦٣ ب ١١ من أبواب عقد البيع أحاديث الباب.(٢) وسائل الشيعة: ج ١٤ ص ١٩٤ - ١٩٧ أحاديث الباب ب ١ من أبواب عقد النكاح.

(٣) وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ١١٤ - ١١٦ أحاديث الباب ب ٣١ من أبواب ما يكتسب به.

(٢٤٦)

Page 248: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

محمولة على أن لفظ المضارع وقع مقاولة، ال أن به إنشاء المعاملة. كما أن األخبارالواردة في النكاح الظاهرة في كفاية األمر في اإلنشاء محمولة على ذلك، ويقيد

بما إذا وقع القبول بعد قوله: (زوجتكها)، (١) ال أنه إنشاء النكاح بقوله: (يا رسولالله (زوجنيها) إن لم يكن لك بها حاجة) (٢).

وبالجملة: المراجعة إلى رواية أبان بن تغلب (٣) وسهل الساعدي (٤) وغيرهمامما ورد في باب شراء العبد اآلبق وبيع المصحف، وما ورد عن أبي جعفر

الباقر عليه السالم في باب التزويج (٥) توجب القطع بأن الفعل المضارع واألمر فيهذه

األبواب وقعا مقاولة ووعدا واستدعاء، فاعتبار الماضوية ال إشكال فيه.قوله قدس سره: (األشهر - كما قيل (٦) - لزوم تقديم اإليجاب على القبول... إلى

آخره).توضيح هذا العنوان يتوقف على تمهيد المقدمة، وهي أنه ال إشكال في أن

تسمية العقد عقدا إنما هو بلحاظ ارتباط ينشئه أحد المتعاقدين بما ينشئه اآلخر،وإال كان كل عقد مركبا من إيقاعين.

ثم االرتباط الحاصل بينهما قد يتحقق بأن ينشئ أحدهما قبول ما أوجدهاآلخر بلفظ (قبلت) وما يشبهه من (رضيت) و (أمضيت). وقد يتحقق بغيرها

ك (اشتريت) و (ارتهنت) ونحو ذلك.والسر في ذلك هو أن العقود على أقسام:

قسم يتضمن اإلعطاء واألخذ من الطرفين، وهو العقود المعاوضية وما يشبههاكالنكاح، وجامعها ما يحتاج إلى أخذ وعطاء من كل منهما فيتوقف على اإللزام

وااللتزام من الطرفين.--------------------(١) سنن البيهقي: ج ٧ ص ٢٤٢.(٢) سنن البيهقي: ج ٧ ص ٢٤٢.(٣) الكافي: ج ٥ ص ٤٥٥ ح ٣.(٤) سنن البيهقي: ج ٧ ص ٢٤٢.

(٥) الكافي: ج ٥ ص ٣٨٠ ح ٥، عنه في الوسائل: ج ١٤ ص ١٩٥ ب ١ من أبواب النكاح ح ٣.(٦) قاله العالمة في المختلف: كتاب المتاجر ج ١ ص ٣٤٨ س ٤.

(٢٤٧)

Page 249: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقسم يتضمن اإلعطاء من طرف واألخذ من آخر كالهبة والرهن والصلحالمحاباتي.

وقسم ال يتضمن إعطاء وأخذا، بل إنما يفيد إباحة أو سلطنة على التصرف أوالحفظ كالعقود اإلذنية من الوكالة والعارية والوديعة.

ثم إن تمييز الموجب عن القابل في القسم األول تارة يكون بالقصدواالعتبار، وأخرى يكون بذاته، وذلك فيما إذا أتى القابل ما ينشئه بلفظ (قبلت)،

فإن اختالف الموجب والقابل في البيع والنكاح إنما هو باالعتبار، فإن العرفوالعادة بناؤهم على أن الزوجة معطية نفسها للزوج وهي الموجبة، والزوج يقبل

الزوجية ويعطي المهر بدال عن إعطائها، وبناؤهم على أن مالك العروض هوالموجب، ومالك الثمن هو القابل.

وإذا كان كل من العوضين عروضا أو ثمنا فمن قصد تمليك ماله من غيرهبعوض فهو البائع، ومن قصد تملك مال غيره بعوض فهو المشتري والقابل، فإن

الموجب والقابل في عقود المعاوضة كل منهما ينشئ أمرين: أحدهما بالمطابقة،وثانيهما بااللتزام، فالموجب ينقل ماله إلى ملك المشتري مطابقة، ويتملك مال

المشتري عوضا عن ماله التزاما، والقابل بعكس ذاك.وعلى هذا، فلو لم يكن هناك لفظ يدل على نحو القصد كما إذا أنشأ كل منهما

بلفظ (شريت) فنقول: المقدم هو الموجب، والمتأخر هو المشتري. ولو اشتبه أوتقارن وقلنا بصحته فال يترتب األثر الخاص على كل منهما كما أوضحنا في المعاطاة.

وأما في الصلح المعاوضي فالتفاوت بينهما ال يمكن إال بأن ينشئ أحدهماعنوان الصلح، واآلخر قبول ذلك العنوان، ألن كال منهما ينشئ المسالمة

والمصالحة على أمر، فإذا لم ينشئ أحدهما بلفظ القبول فال يرتبط إنشاء أحدهمابإنشاء اآلخر، ويصير كل من اإلنشاءين إيقاعا مستقال.

وأما في القسم الثاني والثالث فتمييز الموجب عن القابل في غاية الوضوح،فإن الواهب والراهن والمصالح هو الموجب، فإنه هو الذي يعطي ماله، والمتهب

(٢٤٨)

Page 250: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والمرتهن والمصالح له هو القابل، ألنه هو الذي يأخذ مال غيره، وهكذا فيالوكالة والعارية والوديعة كل من الموكل والمعير والمودع هو الموجب، وكل من

الوكيل والمستعير والمستودع هو القابل.إذا عرفت ذلك فنقول: أما العقود اإلذنية فيجوز تقديم القبول فيها على

اإليجاب، كأن يلفظ (قبلت) أو غيره، ألن المدار فيها ليس إال الرضا في التصرفوالحفظ، فإذا استدعى الوكيل االستنابة في التصرف وأظهر الموكل الرضا بها كفى

لتحقق هذا العنوان.والسر في ذلك: أنه ليس في العقود اإلذنية إلزام والتزام وإنشاء ومطاوعة، بل

نيابة، وتسميتها عقدا مسامحة، ومنشؤها ليس إال كونها بين الطرفين فيتحقق بكلما يظهر هذا العنوان، أي النيابة في التصرف والحفظ.

نعم، بعض اآلثار الخاصة مترتب على الوكالة العقدية كعدم انعزال الوكيل قبلوصول خبر العزل إليه. وأما في غير العقود اإلذنية فسواء أكان قبوله منحصرا بلفظ

(قبلت) أم لم يكن منحصرا به ولكنه أنشأه بهذا اللفظ ونحوه فال يجوز تقديمهعلى اإليجاب، ألنه ظاهر في مطاوعة شئ وإنفاذ أمر أوجده غيره، وهذا المعنىبحيث يكون جزءا من العقد وال يكون إيقاعا يتفرع على وقوع إيجاد من اآلخر

كتفرع االنكسار على الكسر، فإن إنشاء المشتري نقل ماله عوضا عن نقل البائع اليتحقق إال بعد وقوع النقل من البائع، وال يقاس على اإليجاب، فإن في مفهوماإليجاب لم يؤخذ إنفاذ أمر وإن توقف تأثيره خارجا على القبول، فإن مفهوماإليجاب هو تمليك مال بعوض، وهذا يمكن إنشاؤه في عالم االعتبار ولو لم

يتحقق قبول أصال، وما يتوقف على القبول هو تأثيره.وأما مفهوم القبول فال يمكن إنشاء النقل به اعتبارا أيضا فإن مطاوعة األمر

المتأخر فعال يمتنع عقال، وليس مفهومه مجرد الرضا بشئ حتى يقال: إن الرضا بأمرليس تابعا لتحقق ذلك األمر في الخارج، وال تابعا لرضا من يوجد ذلك األمر، بل

المراد منه ما هو ركن في العقد ومطاوعة لما أوجده البائع، فال يمكن أن يكون مقدما.

(٢٤٩)

Page 251: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبالجملة: تبديل المال بالعوض الذي هو فعل الموجب ال يتوقف على القبولفي ناحية اإلنشاء. وأما قبول هذا التبديل وإنفاذه فهو ال يمكن إال بعد وقوع التبديلسابقا، ال من جهة التعليق في اإلنشاء، فإنه ال يلزم من إنشاء القبول قبل اإليجاب،

فإن اإلنشاء خفيف المؤنة، فينشأ القبول فعال وإن توقف منشؤه على أمر متأخر كمافي الوصية والتدبير. وال من جهة التعليق في المنشأ، فإنه ال دليل على بطالنه إالاالجماع، واالجماع قام على اعتبار التنجيز في مقام التلفظ، ال على اعتباره فيواقع المعنى، وإال لفسد جميع المعاوضات واإليقاعات، ألن البيع يتوقف على

الملكية، والطالق على الزوجية، وهكذا، بل ألن المعنى معنى ال يمكن أن يتحققفي عالم االعتبار إال إذا كان متأخرا، فإن المطاوعة ال تتحقق إال بعد وقوع

اإليجاب من الموجب فإذا أريد من النقل الحاصل من (قبلت) ما يكون مرتبطابفعل غيره وإنشاء التملك ما أعطاه وإنفاذا لما أوجده فقوامه بأن يكون اإليجاب

صادرا من غيره قبل ذلك.وما قيل: من أن اإلنشاء خفيف المؤنة، فال يفيد في المقام، ألنه إذا اعتبر

المطاوعة في مفهوم القبول فإنشاؤه بحيث يخرج عن اإليقاع متوقف على وقوعاإليجاب قبل ذلك، وعلى هذا فالقبول في العقود العهدية الغير المعاوضية: كالهبةوالرهن أيضا ال بد أن يكون متأخرا ولو كان بغير لفظ (قبلت) كاتهبت وارتهنت،

ألنه لو قدم ال يكون إنفاذا لما أوجده غيره، وال يتضمن نقال حتى يمكن تقديمهبالهيئة الواردة على المادة المناسبة لهذا الباب.

بل التحقيق أنه ال يجوز تقديم القبول في باب المعاوضات أيضا ولو بالهيئةالواردة على المادة المناسبة لكل باب كاشتريت واستأجرت وتزوجت ونحو

ذلك، فإنها وإن لم تتضمن المطاوعة - ألن صيغة التفعل واالفتعال واالستفعالونحو ذلك ليست كصيغة االنفعال ومادة القبول متضمنة للمطاوعة دائما، بل إذاتأخرت عن اإليجاب - إال أنها من جهة خروجها عن اإليقاع وصيرورتها جزءامن العقد ال بد أن تكون متأخرة، فإن قوله: (اشتريت) لو لم يكن قبوال للشراء

(٢٥٠)

Page 252: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ال يرتبط بقول البائع: بعت، وعدم توقف مفهومه على بعت وإن كان مسلما إال أنتقديمه يوجب عدم ارتباطه بالبيع، فإنه لو لم يتضمن مطاوعة فال يرتبط

باإليجاب، ولو تضمن المطاوعة فال بد أن يكون متأخرا. فما أفاده قدس سره منالتفصيل وتبعناه في الدورة السابقة ال وجه له.

قوله قدس سره: (ومن جملة شروط العقد: المواالة... إلى آخره).اعلم: أن من العقود ما يعتبر فيه المواالة قطعا، ومنها ما ال تعتبر فيه قطعا،

ومنها: ما هو محل اإلشكال.أما القسم األول: فكالعقود العهدية المعاوضية كالبيع وما يلحق بها كالنكاح

ونحوهما. ووجه اعتبارها فيها أمران:األول: أنه لما كان فيها خلع ولبس أو إيجاد علقة فال بد أن يكون مقارنا

للخلع لبس، وهكذا مقارنا إليجاد العلقة قبول، وإال يقع اإلضافة أو العلقة بال محلومضاف إليه.

الثاني: أن اعتبار كونها عقدا يقتضي أن يرتبط إنشاء أحدهما بإنشاء اآلخربأن يصيرا بمنزلة كالم واحد، بل كل أمرين أو أمور يجمعها عنوان واحد: كالصالة

واألذان ونحوهما يجب أن ال يفصل بينها فأصل مخل بالجهة الجامعة، وإال يصيركل واحد عنوانا مستقال.

وبهذا المالك أيضا لو انفصل المستثنى عن المستثنى منه في باب االقرار صارإنكارا بعد االقرار، فقول الشهيد قدس سره: وهي - أي المواالة - مأخوذة من اعتبار

االتصال بين المستثنى والمستثنى منه (١). إنما هو بلحاظ أن باب المستثنى منشألالنتقال إلى اعتبار االتصال بين كل أمرين أو أمور يجمعها عنوان واحد، ال أن

باب االستثناء أصل وسائر األبواب فرع له بأن يكون اعتبار االتصال فياالستثناء ألزم وأقوى من غيره، ألن اعتبار االتصال في المقام آكد، فإن في باب

االقرار من المستثنى والمستثنى منه يصدر من متكلم واحد، وفي المقام من--------------------

(١) القواعد والفوائد: قاعدة ٧٣ ج ١ ص ٢٣٤.

(٢٥١)

Page 253: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

متكلمين، فارتباط كالم أحدهما باآلخر موقوف على اتصالهما، ألن المعنىالواحد ال يتحصل من كالمهما إال إذا اتصال عرفا.

وكيف كان، فوجوب الوفاء بالعقد موقوف على اتصال كالم الموجب بكالمالقابل، فإن العقد ال يتحقق وال يصدق إال معه.

وال يقال: إن لزوم المعاوضة يتوقف على عنوان العقدية المتوقف علىاالتصال، النحصار دليله بقوله عز من قائل: (أوفوا بالعقود) (١) وأما صحتها فال،لعدم انحصار دليل صحة العناوين ب (أوفوا بالعقود) فإن (أحل الله البيع) (٢) و

(تجارة عن تراض) (٣) وأدلة النكاح والصلح ونحو ذلك تدل على صحة العناوينمن دون اعتبار العقدية فيها فيكون االنشاءان المنفصالن بيعا صحيحا غير الزم.

ألنا نقول: ليس البيع والتجارة والصلح والنكاح إال العقود المتعارفة، مع أنهذا النحو من المطلقات ليس في مقام البيان من جميع الجهات.

هذا، مضافا إلى عدم إمكان التفكيك بين اللزوم والصحة إال بدليل خارجيمن االجماع ونحوه من جعل الشارع الخيار للمتعاقدين، أو جعلهما ألنفسهما، أو

لألجنبي، وإال فكل ما يقع صحيحا ويؤثر في النقل ال ينقلب عما وقع عليه إالبمقلب خارجي، فما أثر يؤثر دائما، وهو معنى اللزوم.

وأما القسم الثاني: فكالعقود اإلذنية من الوكالة والعارية والوديعة، فوجه عدماعتبار المواالة فيها ما عرفت أن إطالق العقد عليها مسامحة، كيف ويكفي فيها كل

ما يدل على الرضا؟ فال وجه العتبار االتصال بين مظهر اإلذن والتصرف البمعنى عدم اعتبار بقاء إذن الموكل حين تصرف الوكيل، بل بمعنى: عدم اعتباراتصال مظهر الرضا مع رضا المتصرف بالتصرف، مع أن هذه العقود ليس فيها

الخلع واللبس.وأما القسم الثالث: فكالعقود العهدية الغير المشتملة على المعاوضة كالهبة

--------------------(١) المائدة: ١.

(٢) البقرة: ٢٧٥.(٣) النساء: ٢٩.

(٢٥٢)

Page 254: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والرهن، ومنشأ اإلشكال فيها كونها من العقود، والعقد أمر وجداني يتحصل منكالمين فال بد أن يكون بينهما اتصال.

ومن قيام السيرة القطعية على عدم اعتبار المواالة في موارد المعاطاة منهافإنه قد ترسل الهدية والهبات من البالد البعيدة، ويتحقق القبول من القابل بعد

زمان طويل، ويدل عليه قضية (١) مارية القبطية سالم الله عليها الموهوبةللنبي صلى الله عليه وآله.

وإيجاد الواسطة والوكيل في اإلرسال متصال بالقبول بعيد جدا، والتفكيك بينالمعاطاة والعقد أبعد، ولكن الحق اعتبار االتصال فيها أيضا.

وإرسال الهدايا من البالد البعيدة ال يدل على جواز االنفصال، فإن تحققاألفعال مختلف: فمنها ما ال يحتاج إلى زمان ممتد كما لو وقعت في حضور

المتعاطيين. ومنها ما يحتاج إليه: كالهدايا المرسلة من األماكن البعيدة فإن الفعل اليتحقق إال بوصولها إلى يد المهدى إليه، وجميع هذه األفعال الصادرة من الواسطة

كأنها صادرة من الموجب، فهو بمنزلة من كان في المشرق وكانت يده طويلة تصلإلى المغرب فمد يده وأعطى شيئا لمن كان في المغرب فإن فعله يتم في زمان

وصول يده إلى المغرب، فتأمل جيدا.قوله قدس سره: (ومن جملة الشرائط التي ذكرها جماعة: التنجيز... إلى آخره).

ال يخفى أن بطالن العقد بالتعليق الذي هو ضد للتنجيز المعتبر في العقود ليسإال من جهة االجماع، أو لعدم صدق عناوين العقود واإليقاعات عليه، وإال فلم

ينهض دليل آخر من العقل والنقل على اعتبار التنجيز الذي يعبر عنه في كالمبعضهم بالجزم، وذلك ألن ما يمتنع عقال هو التعليق في اإلنشاء فإن اإليجاد سواء

كان اعتباريا أو تكوينيا يستحيل أن يعلق على شئ، أي كما ال يمكن أن يعلقوقوع الضرب على أحد على كونه عدوا فكذلك يستحيل أن يكون إنشاؤه شيئا

وإخباره به معلقا على شئ، فإن إيجاد المعنى المقصود باللفظ: إما ال يحصل رأسا،--------------------

(١) قرب اإلسناد: ص ٦ - ٧.

(٢٥٣)

Page 255: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وإما يحصل مطلقا، فوقوع اإليجاد معلقا مرجعه إلى التناقض.وبالجملة: فرق بين أن يكون المخبر به معلقا بأن يقول: أعطيك إن آتيتني،

وأن يكون نفس هذا األخبار معلقا، فإنه لو كان معلقا فال يتحقق األخبار. وهكذافرق بين أن يكون المنشأ معلقا بأن ينشأ البيع على تقدير كون اليوم يوم الجمعة،وأن يكون أصل إنشائه البيع معلقا، فإنه لو كان كذلك الستحال اإلنشاء، فما هو

محل الكالم التعليق في المنشأ، وصحته ال يخفى على أحد، بل وقوعه في األحكامالشرعية فوق حد اإلحصاء، فإن أغلب األحكام الشرعية بل جميعها - إال ما شذ -

قضايا حقيقية، وأحكام مشروطة على تقدير وجود موضوعاتها، ووقوعه فيالجملة في العقود واإليقاعات كالوصية والتدبير والنذر وأخويه مما ال إشكال فيه.

ثم إنه ال ينحصر التعليق في أداة الشرط، بل كل ما كان في معنى التعليق ولوبغير األداة كالتعليق بالزمان المعبر عنه في كلماتهم بالتعليق بالوصف، وفي

كلمات بعضهم بمعلوم الحصول كقوله: (أنت وكيلي في يوم الجمعة) يدخل في محلالنزاع، فبناء عليه التعليق إما على الزمان، أو على الزماني، وحيث إن صحة العقد

ال تتوقف على التعليق على الزمان لم يدخله المصنف قدس سره في مورد (١) التفصيلفنحن نتبعه أيضا في التقسيم.

فنقول: المعلق عليه العقد: إما أن يكون معلوم التحقق، وإما أن يكون مشكوكا.وعلى التقديرين: إما أن يكون حاليا، أو إستقباليا.

وعلى التقادير: إما أن يكون مما يتوقف عليه صحة العقد ثبوتا: كتوقفالطالق على الزوجية بناء على بطالن إيقاع الفضولي. وإما أن ال يتوقف عليه صحة

العقد: كتعليقه على مجئ الحاج.فاألقسام ثمانية، إال أن في توقف صحة العقد على األمر االستقبالي - سواء

كان مشكوكا أو متيقنا - مجرد تصوير، ألن الشروط المعتبرة في العقد ال بد أنتكون حاصلة حين اإلنشاء.

--------------------(١) الحظ المكاسب: كتاب البيع ص ٩٩ س ٢٥ وما بعده.

(٢٥٤)

Page 256: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إال أن يقال: في باب السلم يتوقف ثبوتا صحة العقد على األمر االستقباليبأن ال يكون المسلم فيه عزيز الوجود، فلو قال: (بعتك الحنطة سلما) إذا كان مبذوال

في ذاك الزمان دخل في التعليق على األمر االستقبالي المعلوم أو المشكوكحصوله ومما يتوقف صحة العقد عليه.

وكيف كان، فالمتيقن من االجماع بطالن التعليق بما كان مشكوك الحصول،ولم تتوقف صحة العقد عليه، حاليا كان أو استقباليا.

والظاهر أن االستقبالي المعلوم الحصول زمانا كان أو زمانيا إذا لم يتوقفصحة العقد عليه ملحق بالصورتين المتقدمتين في دخوله في معقد االجماع. وأماباقي الصور الخمس وهو معلوم الحصول الحالي الذي ال يتوقف عليه صحة العقدوالصور األربع التي يتوقف عليه صحة العقد فهي خارجة عن معقد االجماع، فال

محذور في تعليقها بها، بل الحق أن االجماع الثابت في الصور الثالث ليسإجماعا تعبديا، بل إنما أبطلوها لتوهم اعتبار التنجيز أو مانعية التعليق.

نعم، يمكن أن يقال: إن التعليق ليس مما جرى عليه العرف والعادة في األمورالعهدية والعقود المتعارفة بين عامة الناس وإن مست الحاجة إليه أحيانا في العهو د

الواقعة بين الدول والملوك فال يشمله أدلة العقود والعناوين، لكونه مما يشك فيصدقها عليه.

ومن هذا البيان يظهر وجه الصحة فيما لو علق العقد على ما يتوقف صحتهعليه، سواء كان المعلق عليه معلوما أو مشكوكا، لجريان العرف والعادة على

التعليق عليه، سيما إذا كان مشكوكا فإن طريق التخلص منوط به، ونرى وقوعهكثيرا بين عامة الناس، وبعد كونه متعارفا يصدق العقد عليه فال محذور فيه، وهذاهو المدرك للصحة، ال ما أفاده شيخ الطائفة بأن المنشئ لم يشترط إال ما يقتضيه

إطالق العقد، (١) فإن هذا الوجه ال ينهض لدفع محذور التعليق إن كان فيه محذوركما أورد عليه المصنف قدس سره.

--------------------(١) المبسوط: كتاب الوكالة ج ٢ ص ٣٨٥.

(٢٥٥)

Page 257: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وحاصله: أن ما يتوقف عليه العقد من حيث ترتب األثر الشرعي عليه هوالمتوقف على الشرط، ال ما ينشئه المنشئ فإن إنشاءه ال يتوقف على التعليق

لتمكنه من أن ينشئ منجزا، فيقول: بعت، أو: هي طالق، فإذا كان التعليق مضراوفرضنا أن إنشاء المنشئ ال يتوقف عليه ثبوتا بل الحكم الشرعي متوقف عليه

ويمكنه إثباتا إيجاد العقد منجزا يبطل إيجاده معلقا.وبالجملة: التعليق في الحكم الشرعي ليس من مدلوالت كالم المتكلم ومن

منشئه، وما هو من منشئه ال يتوقف ثبوتا على التعليق، فيضره إثباتا إذا كان أصلالتعليق مضرا انتهى.

ولكن ال يخفى أن ما يتوقف عليه الحكم الشرعي تارة ال يتوقف إنشاءالمنشئ عليه، وهو ما كان من مقتضيات إطالق العقد. كالبيع الواقع عن البائع.وأخرى يتوقف عليه اإلنشاء ثبوتا أيضا، وهو ما كان ركنا وموضوعا للعقد أو

اإليقاع: كالزوجية للطالق، والرقية للعتق، فالتعليق على أمثالهما ال يضر، ألنه لميشترط إال ما يتوقف العقد عليه، فاألولى هو التفصيل لو كان التعليق باطال.

قوله قدس سره: (ومجملة شروط العقد: التطابق بين اإليجاب والقبول... إلى آخره).ال يخفى أن اعتبار التطابق من القضايا التي قياساتها معها، ألن العقد عبارة

عن أمر وجداني متحصل عن اإليجاب والقبول، فلو أنشأ أحدهما البيع واآلخرقبل بعنوان الهبة، أو أحدهما باع الجارية واآلخر اشترى العبد لم يتحصل معنى

واحد منهما، لعدم ارتباط كالم أحدهما باآلخر. نعم، لو لم تكن الخصوصية التياختلفا فيها ركنا في المعاملة وال توجب اختالفا في العقد مثل كون المخاطب هوالمشتري أو كونه وكيال منه فال بأس بعدم التطابق، لما عرفت أن البيع تبديل أحدطرفي اإلضافة بمثله مع بقاء الطرف اآلخر بحاله، فالمعاوضة تقع بين المالين، وال

خصوصية لمالكهما، وهذا بخالف عقد المزاوجة فإن العلقة فيها تحصل بينالزوجين، فهما بمنزلة العوضين في باب المعاوضة، فال بد في النكاح من التطابق

(٢٥٦)

Page 258: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بين اإليجاب والقبول بالنسبة إلى الزوج والزوجة.ومما ذكرنا ظهر أنه ال بد من اتحاد المنشأ حتى بالنسبة إلى التوابع

والشروط، فلو أنشأ أحدهما مع شرط وقبل اآلخر بال شرط، أو باع البائع عبدينوقبل المشتري أحدهما وغير ذلك مما هو نظير ما ذكرناه لم يصح أيضا، لعدم

ارتباط كالم أحدهما باآلخر. وال يفيد لصحة العقد المختلف فيه من حيث اإلنشاءثبوت خيار تبعض الصفقة، والتوقف على اإلجازة اللذان هما من آثار العقد

الصحيح، ألنه ال بد أوال من صحة العقد باتحاد المنشأ بأن يتقبل المشتري مايملكه البائع وما ال يملكه كليهما حتى يتخير بين الفسخ واإلمضاء لو علم بالحال،

فما يترتب على الصحة ال يمكن أن يكون منشأ للصحة.نعم، في بعض األمثلة يمكن دعوى تطابق اإلنشاءين كما لو قال: بعتك الكتب

بدرهم والثوب بدرهم، فقال: قبلت الثوب بدرهم، ألنهما عقدان مستقالن. وكيفكان، فال إشكال في الكبرى.

قوله قدس سره: (ومن جملة شروط العقد: أن يقع كل من إيجابه وقبوله في حاليجوز لكل منهما اإلنشاء... إلى آخره).

ال يخفى أن هذا الشرط أيضا كالشرط السابق من القضايا التي قياساتها معها،بل منشأ اعتباره هو المنشأ العتبار الشرط السابق، ألن العقد ال ينعقد إال بفعل

االثنين، فلو فقد حين أنشأ أحدهما شرائط العقد فوجودها سابقا أو الحقا ال أثرله، ومجرد تحقق الشرط حين أنشأ اآلخر ال يفيد بعد كون إنشائه جزءا للعقد الإيقاعا مستقال، فلو كان المشتري حين إنشاء البائع نائما ال يصح العقد، وكذلك

العكس.والتفصيل بينهما كما في حاشية (١) السيد قدس سره ال وجه له. وما يدعيه من الصحة

بال إشكال في العقود الجائزة فإنما هو في العقود اإلذنية ال العهدية.ثم ال فرق بين الموت والجنون ونحوهما، وبين الفلس والرقية ونحو ذلك،

--------------------(١) حاشية السيد اليزدي على المكاسب: ص ٩٢ س ٢٦.

(٢٥٧)

Page 259: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ألن المدار في التطابق بين المشتري والبائع حال العقد على اجتماع جميع شرائطالصحة واللزوم.

وبعبارة أخرى: المدار على ما به يصير العقد عقدا. نعم، رضا المشتري حينإيجاب البائع وكذا العكس غير معتبر في صحة العقد والمعاهدة، ألن ما يعتبر في

صدق العقد هو: قصدهما إليجاد المادة، ال رضاهما به، فال يكون صحة بيع المكرهإذا لحقه الرضا على خالف القاعدة.

قوله قدس سره: (فرع: لو اختلف المتعاقدان اجتهادا أو تقليدا في شروط الصيغة...إلى آخره).

قد يقال: بأن اعتبار العقدية والمعاهدة بين االنشاءين يقتضي أن يكونامتفقين في الصحة، فلو اختلفا بأن اعتقد المشتري فساد العقد الفارسي فصحته عندالموجب ال أثر له، وهكذا العكس، وهذا من غير فرق بين اتفاقهما على الفساد أو

اختالفهما فيه، فكما يبطل العقد الذي إيجابه فاسد بنظر المشتري وقبوله فاسدبنظر الموجب فيكون العقد مما اتفقا على بطالنه فكذا يبطل لو اختلفا فيه، كما إذاكان أحد الركنين فاسدا، وذلك لما حقق في األصول (١) من أن األحكام الظاهرية

أحكام لمن ال ينكشف خالفها عنده، فاالجزاء ال وجه له إال في تبدل الرأي،ومثله بالنسبة إلى القضاء واإلعادة في العبادات، لقيام االجماع عليه. وأما في

غيره كاقتداء من يرى وجوب السورة بمن ال يرى وجوبها ويتركها في الصالة فالدليل عليه.

ففي المقام: من يرى فساد سبق القبول على اإليجاب كيف يصح منهاإليجاب بعد هذا القبول؟

وما أفاده المصنف قدس سره من أن الوجهين األولين - وهو جواز اكتفاء كل منهمابما يقتضيه مذهبه، وعدم جواز اكتفائه - مبنيان على أن األحكام الظاهرية

--------------------(١) الحظ أجود التقريرات: ج ١ ص ٢٠٥ - ٢٠٦.

(٢٥٨)

Page 260: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المجتهد فيها هل هي بمنزلة الواقعية االضطرارية، أم هي أحكام عذرية (١)؟ الموضوع له في المقام، ألن المسلم من ترتيب أثر الحكم الواقعي االضطراري علىالحكم الظاهري هو ما إذا كان فعل العامل بالحكم الظاهري موضوعا بالنسبة إلىغيره، كمن اعتقد صحة العقد الفارسي وتزوج امرأة به فال يجوز لغيره أن يتزوج

بهذه المرأة ما دامت في حبالة الزوج، وإال كيف يجوز االكتفاء بالعقد الفارسي لمنيرى بطالنه؟ وكيف يصح أن يوكل الزوج الذي يرى بطالنه من يعتقد صحته؟

وبالجملة: النكاح فعل واحد وأمر خاص يحصل من اإليجاب والقبول، فمنيظن فساد اإليجاب اجتهادا أو تقليدا كيف يجوز له قبول هذا اإليجاب فضال

عمن يقطع بفساده؟!نعم، لو قلنا بصحته فالوجه الثالث أردأ الوجوه، ألن مجرد عدم القائل ال

يقتضي الفساد، فلو فرضنا عدم القائل بجواز تقديم القبول وجواز العقد الفارسيوالقابل أنشأ قبل اإليجاب والموجب أنشأ بالفارسي مع أن كال منهما يرى صحة

إنشاء نفسه - من حيث هو - فال وجه لبطالنه.وبالجملة: الحق عدم صحة اكتفاء كل منهما بما يراه صحيحا عند اآلخر

وفاسدا عند نفسه، وال فرق بين هذه الصورة واإلخالل بالتنجيز أو المواالةونحوهما التي حكم المصنف قدس سره أن اختالفها يوجب فساد المجموع، ألن فساد

الجزء في باب العقد كفساد المجموع.هذا، مع أن في غير التنجيز في فساد المجموع تأمال، فإن في باب التنجيز

يمكن أن يقال: إن البائع إذا أنشأ اإليجاب معلقا زاعما صحته وقبل المشتري هذااإليجاب الذي يعتقد فساده يكون قبوله أيضا باعتقاده فاسدا، ألن قبول المعلق

معلق.وأما األخالل بالمواالة فكيف يفسد كال الجزءين؟ فإن القابل الذي يعتقد

عدم اعتبار المواالة إذا أوجد القبول بعد مدة ال يفسد اإليجاب عنده، وإال فيقتضي--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٠١ س ١٦.

(٢٥٩)

Page 261: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أن يكون فساد كل جزء موجبا لفساد المجموع، ولعل هذا وجه نظر المصنف قدسسره ب

ولكن األقوى أن يقال: وإن كان بين العقد وااليقاعين فرق، فإن العقد يرتبطكل جزء منه باآلخر، إال أن ذلك ال يقتضي فساده فيما إذا اختلف المتعاقدان

اجتهادا أو تقليدا، فإن اختالفهما في اعتبار تقديم اإليجاب والماضوية ونحو هماليس كاختالفهما في المنشأ بأن ينشئ أحدهما البيع واآلخر الهبة، فإنه لو لميتطابقا في المنشأ ال يرتبط اإليجاب بالقبول، وهذا بخالف ما إذا اختلفا في

شرائط الصيغة، فإن اإليجاب بالفعل المضارع وإن كان باطال عند القابل إال أن فعلالموجب ومنشأه ال يدخل في مفهوم القبول كالعكس، فإذا أوجد البائع ما هو

وظيفته باعتقاده فقد أتى بأحد جزئي العقد، وهكذا من طرف المشتري.والتعليل للفساد بأن العقد متقوم بالطرفين فالالزم أن يكون صحيحا من

الطرفين كما في العروة (١)، أو بأن البيع فعل واحد تشريكي وال بد من كونه صحيحافي مذهب كل منهما كما في حاشية السيد (٢)، ال يستقيم، ألن تقوم العقد بالطرفين

ال يقتضي أن يكون الموجب ينشئ مقصوده على نحو ينشأ طرفه مقصوده به.وكون البيع فعال واحدا تشريكيا ممنوع، بل فعالن مرتبط أحدهما باآلخر، فتأمل.

قوله قدس سره: (لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه... إلى آخره).ال يخفى أن الكالم في المقبوض بالعقد الفاسد يقع في مقامين: األول: في

الحكم التكليفي، والثاني: في الحكم الوضعي.أما حكمه التكليفي: فقد يقال: بجواز تصرف القابض، ألن فساد المعاملة ال

يوجب زوال اإلذن والرضا بالتصرف الذي كان في ضمن العقد، ألن الجنس اليتقوم بفصل خاص.

--------------------(١) العروة الوثقى: كتاب القضاء ج ٣ ص ١٨٠.

(٢) حاشية السيد اليزدي على المكاسب: ص ٩٣ س ١٤.

(٢٦٠)

Page 262: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما حكمه الوضعي: فقد عرفت (١) في األمر الثامن في المعاطاة ما يظهر منبعضهم: من حصول الملك بالقبض الحاصل بعد العقد الفاسد، زاعما كونه معاطاة أو

راجعا إليها، وفيهما ما ال يخفى:أما في األول: فألن الرضا أمر بسيط ما به امتيازه عين ما به اشتراكه، وليس

من قبيل الجنس المتقوم بفصول مختلفة حتى يبتنى على تلك المسألة، فإذا لميرتب الشارع على الرضا في ضمن المعاملة الفاسدة أثرا فليس هناك رضا آخر.نعم، لو فرض رضا جديدا بتصرف المأذون في ملك اآلذن فهو موجب لجواز

التصرف، ولكنه خارج عن الرضا بالمعاقدة.وبالجملة: فرق بين الرضا الحاصل من باب أنه ملك للقابض - للجهل

بالفساد، أو للبناء على الصحة تشريعا، أو ال هذا وال ذاك، بل مجرد البناء المعامليولو عصيانا، كما في بناء الغاصب والمقامر ونحوهما على البيع - وبين الرضا

الحاصل من باب أنه ملك لآلذن.وما يوجد في المقبوض بالعقد الفاسد هو األول، والمفروض أن الشارع لم

يرتب عليه األثر، فاألقوى بالنسبة إلى الحكم التكليفي هو حرمة التصرفووجوب الرد فورا.

وأما في الثاني: فقد عرفت أن القبض الواقع بعد العقد الفاسد إنما يقع وفاء، الإغماضا عن العقد، فاألقوى عدم حصول الملك بالقبض بعد العقد الفاسد، فيضمن

القابض ما أخذه به.والدليل عليه - مضافا إلى دعوى االجماع عليه من األساطين (٢) - النبوي

المعمول به عند الفريقين (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (٣) فإن الظرف فيالمقام ظرف مستقر لوقوعه خبرا، فاستقرار األموال وثبوتها على اليد ظاهر في

--------------------(١) تقدم في الصفحة: ٢٢٧ - ٢٢٨.

(٢) كالعالمة في التذكرة: كتاب البيع ج ١ ص ٤٩٥ س ٢٢. وصاحب الجواهر في جواهره:كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢٥٦.

(٣) تقدم تخريجه في الصفحة: ٦٤.

(٢٦١)

Page 263: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الحكم الوضعي، كما إذا قيل: عليه دين أو عين، أي: يستقر عليه الدين.وحمل الحديث (١) على الحكم التكليفي خالف الظاهر، القتضائه أن يجعل

الظرف لغوا، ويقدر: يجب ونحوه، وال شاهد عليه.نعم، إذا كان متعلق الحروف الجارة وما أسند إليه الظرف فعال من األفعال كما

إذا قيل: (عليه القيام والقعود) فظاهره في الحكم التكليفي.ثم إن كلمة الموصول عمومها باعتبار صلتها، فإذا كان األخذ عاما لكل

ما دخل تحت اليد واستولى عليه األخذ سواء كان عدوانا أو لم يكن فيكونخروج اليد الحقة - كموارد إذن المالك الحقيقي، أو إذن المالك المجازي مجانا -

بالتخصيص.وأما لو قلنا بأن األخذ هو األخذ عن قهر واالستيالء بال حق كما هو الظاهر

فخروجها بالتخصص، وتظهر الثمرة في الشبهات المفهومية، كما ستجئ اإلشارةإليها - إن شاء الله تعالى - في طي المباحث.

وكيف كان، فداللة النبوي على الضمان في الجملة ال إشكال فيه. ويدل عليهأيضا قوله عليه السالم في األمة المبتاعة إذا وجدت مسروقة بعد أن أولدها المشتري:

إنهيأخذ الجارية صاحبها، ويأخذ المشتري ولده بالقيمة، (٢) فإن حكمه عليه السالم

بضمانالولد ليس إال لكونه تابعا للعين، فيقتضي كون العين مضمونة.

وتوضيح ذلك: أن ضمان المنافع تارة يكون تبعا لضمان العين، وأخرى يكونمستقال، والقسم الثاني على أقسام:

منها: ما إذا أتلف المنفعة باستيفائها، كما إذا سكن الدار المستأجرة باإلجارةالصحيحة والفاسدة فإن العين في األولى ليست مضمونة وتضمن المنفعة، وفي

الثانية وإن كانت مضمونة إال أن ضمان المنافع ليس تبعا لها، بل إنما يضمنها من--------------------

(١) كما عند المحقق اإليرواني في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ٩٤ س ١٢.(٢) الكافي: ج ٥ ص ٢١٥ ح ١٠، عنه في الوسائل، ج ١٤ ص ٥٩٢ ب ٨٨ من أبواب نكاح

العبيد واإلماء ح ٣.

(٢٦٢)

Page 264: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

باب قوله عليه السالم: (من أتلف مال الغير) (١).ومنها: هذه الصورة مع عدم كون العين تحت يد المتلف، كمن ركب دابة الغير،أو جلس في بيته، مع كون الدابة والبيت تحت يد المالك، أو شرب حليب شاة

الغير، أو أكل من ثمرة بستانه.ومنها: ما إذا تلفت المنفعة بسبب منه، كما لو منع مستأجر الدار عن التصرف

فيها فإنه يضمن المنفعة.وعلى أي حال ليس استيالد األمة داخال تحت هذه العناوين، فإنه لم يستوفمنفعة األمة، فإن استيفاء المنافع إنما هو من قبيل الركوب والجلوس واألكل

والشرب والوطئ ونحو ذلك.وعد العرف حصول الولد له منفعة من األمة ال اعتبار به، ألن نظر العرف ليس

متبعا في تعيين المصاديق.نعم، أوجد ما هو السبب لفوت المنفعة على المالك، ألن وطئه الذي استلزم

الحمل صار سببا لفوت المنفعة عليه، ولكن ضمان من منع المالك من التصرفحتى تلف المنفعة ممنوع، إال إذا قيل بأن قاعدة (ال ضرر) كما تنفي الحكم الثابت

الذي يلزم منه الضرر كذلك تثبت الحكم الذي لوال تشريعه لزم منه الضرر.وبالجملة: الذي استوفاه المشتري إنما هو الوطئ والمفروض أن القيمة لم

تجعل عوضا له، بل للولد، والولد ليس من المنافع المتلفة، وال مما كان المشتريسببا إلتالفها، ألن الولد لم يكن لمالك األمة حتى يكون مشتري األمة سببا

إلتالفه، فليس استيالد األمة إال من قبيل منع المالك من السكون في داره، فضمانالولد الذي يرجع إلى ضمان قيمته لكونه حرا إنما هو من جهة تبعية المنافع التالفة

--------------------(١) لم توجد رواية مما ورد في كتب الفريقين بهذا النص كما اعترف به بعض المحققين

ولكنها قاعدة فقهية متصيدة من روايات كثيرة في أبواب متفرقة من أبواب الفقه، منها: ما فيالكافي: باب الرهن ج ٥ ص ٢٣٥، والوسائل: ج ١٨ ص ٢٣٨ - ٢٣٩ ب ١١ من أبواب

الشهادات.

(٢٦٣)

Page 265: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

للعين المضمونة، فيدل الخبر على ضمان العين، ال لألولوية، بل ألن ضمان العينصار سببا لضمان التالف.

وبالجملة: منشأ الضمان إما قاعدة اليد، أو اإلتالف، أو التسبيب، واألخيرانمنتفيان في المقام.

أما اإلتالف فألن األب لم يستوف المنفعة، فإن الولد ال يعد من المنافع، فإنحكمه حكم األب واألم، فكما أنه ال يكون من المنافع - مع أنهما من أعظم

ما يتصور من الفوائد في الدنيا - فكذلك الولد. فمراد المصنف قدس سره (١) من أناالستيالد ليس استيفاء أنه ليس مما استعمله وأتلفه المستولد.

واألصل في هذا التعبير العالمة قدس سره فإنه قال في التذكرة: منفعة بدن الحرتضمن بالتفويت، ال بالفوات، فلو قهر حرا واستعمله في شغل ضمن أجرته، ألنهاستوفى منافعه وهي متقومة، كما لو استوفى منافع العبد، ولو حبسه مدة لمثلهاأجرة وعطل منافعه فاألقوى أنه ال يضمن األجرة، ألن منافعه تابعة لما ال يصح

غصبه... إلى آخره (٢).ومراده من قوله: فهو كالتالف أن الولد لو لم يكن حكم الشارع بحريته كان

تابعا ألمه في الرقية، وأما بعد حكمه بها فيكون كالتلف السماوي.وفي باب ضمان اليد ال فرق بين التلف السماوي وما بحكمه. وأما باب

التسبيب فواضح أن وطئ المشتري ليس سببا لتلف المنفعة الموجودة المملوكةلمالك األمة فال يدخل تحت قاعدة الضمان بالتسبيب، فانحصر أن يكون منشؤه

ضمان اليد، ألن سائر ما يوجب الضمان منتف في المقام.قوله قدس سره: (ثم إن هذه المسألة من جزئيات القاعدة المعروفة: كل عقد يضمن

بصحيحه يضمن بفاسده... إلى آخره).قد يقال: بأن هذه القاعدة لم يدل عليها نص، وال وقعت في معقد إجماع حتى

تكون مدركا لضمان المقبوض بالعقد الفاسد، فعلى هذا ال أهمية في بيان معناها--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٠١ س ٢٩.(٢) تذكرة الفقهاء: ج ٢ ص ٣٨٢ س ٧.

(٢٦٤)

Page 266: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أصال وعكسا، وبيان مدركها كما أهتم به المصنف.ولكنك خبير بأن ظاهر صدر العنوان وإن دل على أن هذه القاعدة أصال

وعكسا من األصول المسلمة والقواعد الكلية الشرعية إال أنه يظهر من مجموعكالمه: أنه بصدد بيان ما هو خارج عن قاعدة اليد تخصصا أو تخصيصا، فإن اليدتقتضي الضمان، ويرفع هذا االقتضاء في الجملة إذن المالك وتسليطه، فالمهم بيان

ما يخرج عن العموم، وليس ذكر القاعدة المعروفة أصال وعكسا إال لبيان ذلك.إذا عرفت ذلك فنقول: الضمان قد يراد به معنى المصدري كما في قاعدة

الخراج بالضمان كما تقدم (١) وجهه، وقد يراد به معنى االسم المصدري كما فيالمقام، فإن (يضمن) حيث إنه مبني للمفعول يناسب معنى االسم المصدري، مع

أن تعهد الضامن في الفاسد كالعدم فالجامع بينه وبين الصحيح هو هذا المعنى، وكمافي باب الغصب والمقبوض بالسوم ونحو ذلك مما حكم الشارع بالضمان من دونتعهد الضامن والتزامه، وهو في األصل مأخوذ من ضمن بمعنى التزم، وتعهد، فكأنالضامن بجعله الضمان أو بالجعل الشرعي متضمن للمال ومثبت في ذمته التي هي

واد وسيع.وبالجملة: معنى الضمان كون المال في الذمة، ومن آثار ثبوت المال في الذمة

الغرامة والخسارة، ال أن الغرامة معناه الحقيقي.ثم إنه ليس معنى الضمان كون تلف ما يضمنه الضامن في ملكه كما احتملهالعالمة (٢) في األواني المكسورة، واختاره صاحب المقابس (٣) في مطلق

الضمانات ولو في غير باب اإلتالف كباب المغصوب ونحوه، ألنه ال موجبلتقدير التالف ملكا لمن تلف في يده، ألن الغرامة في باب اإلتالف والغصب ليست

معاوضة حتى يعتبر دخول معوضها في ملك الغارم.--------------------

(١) تقدم في الصفحة: ١٤٢.(٢) تحرير األحكام: كتاب الغصب ج ٢ ص ١٣٩ س ٢١.

(٣) لم نعثر عليه.

(٢٦٥)

Page 267: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إن اختالف آثار الضمان وأحكامه باختالف موارده ال يوجب اختالفا فيمعناه فإن معناه كما عرفت هو كون الشئ في عهدة الضامن والخروج عن العهدة.

وتفريغ الذمة عما اشتغلت بها تارة بالعوض المسمى، وأخرى بالمثل أوالقيمة، وثالثة بأقل األمرين، كما في تلف الموهوب بشرط التعويض قبل دفع

العوض، فاختار في المسالك (١) ثبوت أقل األمرين، وذلك ألن المتهب كان لهالتخيير مع بقاء العين بين ردها ودفع المسمى، فإذا تلفت فإن كان األقل هو

المسمى فقد رضي به الواهب، وإن كان قيمة العين فحيث إن المتهب كان مخيرا فلهرد الهبة برد قيمة العين.

ولكن عن جماعة (٢) تعين دفع المسمى، ألن تعذر رد العين أوجب تعيين أحدعدلي التخيير، مع أنه يمكن أن يقال: بأن الضمان في الصحيح والفاسد كليهما

المثل أو القيمة، فإن الضمان بالمسمى في الصحيح هو قبل القبض، وهو خارج عنالقاعدة فإنها أسست لموارد ضمان اليد ويتحقق بالقبض. ويقال: إن بالقبض ينتقل

الضمان، ومعنى انتقاله أن المسمى يصير بعد القبض هو المثل أو القيمة، ومعنىضمان القابض بعد قبضه مع أن المقبوض ملكه أنه لو تلف وطرأ عليه فسخ أو

انفساخ يجب عليه رد المثل أو القيمة، فالمثل أو القيمة هو المضمون في الصحيحوالفاسد.

وبالجملة: مرادهم من انتقال الضمان بالقبض أن الضمان قبل القبض كان علىالمنتقل عنه، وبعده انتقل إلى المنتقل إليه. وال شبهة أن الضمان كما ينتقل عن

المالك األصلي إلى المالك الفعلي كذلك ينتقل بالقبض من الضمان الجعلي إلىالضمان الواقعي، أي ينتقل من المسمى إلى المثل أو القيمة، فال فرق بعد القبضبين المقبوض بالعقد الصحيح والفاسد. وعلى هذا، فال وجه لاللتزام بأن الخروج

--------------------(١) مسالك األفهام: كتاب الهبات ج ١ ص ٣٧٨ س ١٨.

(٢) منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد: في الهبة ج ٩ ص ١٧٧، وصاحب الجواهر فيجواهره: كتاب الهبات ج ٢٨ ص ٢١١.

(٢٦٦)

Page 268: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عن العهدة في العقد الفاسد أيضا بأداء المسمى حتى ال يلزم التفكيك بين لفظي الضمانفي قولهم: [ما] (١) يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، لما عرفت من عدم لزوم

االختالف. ومع أن كيفية الخروج عن العهدة خارج عن حقيقة الضمان فلو التزمنابأن كيفيته في العقد الصحيح بأداء المسمى وفي الفاسد بأداء المثل أو القيمة فال

يلزم تفكيك في معنى الضمان.ثم ال يخفى ما في كالم المصنف (٢) في رد من توهم: أن الضمان في الفاسد

أيضا بالمسمى بأن احتماله ضعيف، ألن ضمانه المسمى يخرجه من فرض الفساد،إذ يكفي في تحقق فرض الفساد بقاء كل من العوضين على ملك مالكه، وإن كانعند تلف أحدهما يتعين اآلخر للعوضية نظير المعاطاة على القول باإلباحة... إلى

آخره، فإن الجمع بين الفساد وتعيين المسمى للعوضية جمع بين المتناقضين،وتعين العوض المسمى في المعاطاة ليس مع فرض فسادها، ألنه ال يعقل مع عدمتعلق الجعل الشرعي بكون المسمى عوضا وحكمه بفساده أن يكون عوضا، بل

تعينه للعوضية في المعاطاة إنما هو مع فرض صحتها، غاية األمر أنها ال تفيدالتمليك الذي قصده المتعاطيان ابتداء، بل إما تفيد اإلباحة أو التسليط أو التمليكبشرط تحقق أحد الملزمات. وعلى أي حال تصح المعاطاة، ال أنها تفسد، ومع

ذلك يتعين المسمى للعوضية، فقياس العقد الفاسد على المعاطاة على القولباإلباحة قياس مع الفارق.

قوله قدس سره: (ثم العموم في العقود ليس باعتبار خصوص األنواع... إلى آخره).ال يخفى أن بعضهم عبر عن هذه القاعدة. بقوله: كل عقد يضمن بصحيحه...

إلى آخره. وبعضهم عبر عنها بقوله: ما يضمن بصحيحه... إلى آخره. وعلى أيحال، المقصود واحد، فإن المراد من العقد ليس خصوص ما لم يكن فيه شائبة

االيقاع، بل يشمل كل ما فيه تضمين وتعهد، فمعناه: أن كل ما صدر على وجه--------------------

(١) ما بين المعقوفتين أضفناه القتضاء سياق العبارة.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١٠٢ س ٧.

(٢٦٧)

Page 269: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

التعويض فالفاسد منه كصحيحه يوجب الضمان، فيكون المراد من عكسه أن كل ماصدر ال على وجه التعويض بل مجانا ففاسده كصحيحه ال يوجب الضمان، وعلىهذا فتشمل القاعدة مثل الجعالة والخلع، فلو فرضنا كون الخلع فاسدا فليس المهرللزوج مجانا، كما أنه لو فرض أن عوض الخلع كان مال غير الزوجة فال يمكن أن

تكون الزوجة مطلقة بال عوض، بل إما يفسد الخلع، وإما يجب عليها المثل أوالقيمة، وهكذا في مسألة الجعالة.

ثم بعد ما ظهر أن هذه القاعدة إنما أسست لموارد تمييز اليد المجانية عنغيرها فال بد من أن يكون معناها مطابقا لما هو مدركها. وال وجه لما أفاده

المصنف قدس سره من أن الكالم في معنى القاعدة ال في مدركها (١)، فعلى هذا لوكان

ظاهر هذه القاعدة ما أفاده قدس سره من أن الموضوع هو العقد الذي كان له بالفعلفرد

صحيح وفاسد (٢). وكأن هذا المعنى منافيا لمدركه فيجب أن يحمل على معنى آخرال يكون منافيا لدليله، والمعنى الصحيح هو الذي ذكرناه، وحاصله أن المراد من

األصل إن كل عقد صحيح صدر على وجه التعويض فالفاسد منه يوجب الضمان.والمراد من العكس أن كل ما صدر صحيحه مجانا فالفاسد منه ال يوجب الضمان،

وهذا المعنى جامع ومانع، وال يحتاج إلى إرادة النوع في العقد وال الصنف، والخروج ما كان موجب الضمان هو الشرط دون العقد، وال فرض الوجود بالفعل

للصحيح والفاسد، ألن كل ما صدر مجانا كالهبة الغير المعوضة والصلح في مقاماإلبراء فالصحيح والفاسد منه ال يوجبان الضمان. كما أنه لو فرض صحة البيع بال

ثمن واإلجارة بال أجرة فكذلك ال يوجبان الضمان، ألن فرض صحته معناهمجانية المبيع والعمل ففساده ولو كان ناشئا من قبل الشرط ال يوجب الضمان.

نعم، لو كان الشرط فاسدا بعد التعويض كما لو جعل بإزاء المبيع الثمن ثمشرط أنه لو تلف المبيع عند المشتري فضمانه على البائع فهذا خارج عن عنوان

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٠٢ س ٢٠ وما بعده.

(٢) المصدر نفسه.

(٢٦٨)

Page 270: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

البحث، ألنه التزام في التزام، وسيجئ حكمه.وبالجملة: ما احتمل بعضهم (١) في العبارة من أن يكون معناها أن كل شخص

من العقود يضمن به لو كان صحيحا يضمن به مع الفساد ورتب عليها عدم الضمانفي مثل: (بعتك بال ثمن) و (آجرتك بال إجارة) هو المعنى الصحيح للقاعدة، ألن

هذه القاعدة كجميع القضايا الحقيقية الحكم فيها مرتب على فرض وجود الموضوع،فمعناها أن كل ما يضمن لو كان صحيحا يضمن بفاسده، وكل ما ال يضمن لو كان

صحيحا ال يضمن بفاسده، وفرض صحة البيع بال ثمن عبارة أخرى عن فرضالمجانية ففساده - ولو كان من قبل نفس هذا الفرض حيث إن البيع بال ثمن باطل -

ال يقتضي الضمان.قوله قدس سره: (ثم إن لفظة (الباء) في: (بصحيحه وبفاسده)... إلى آخره).

ال يخفى أن الباء يستعمل في الظرفية: كقوله سبحانه: (ولقد نصركم اللهببدر) (٢) وقوله: (ونجيناهم بسحر)، (٣) والسببية كقوله عز من قائل: (إنكم ظلمتمأنفسكم باتخاذكم العجل) (٤) وقوله: (فكال أخذنا بذنبه) (٥) وليست السببية أظهر

من الظرفية، فعلى الظرفية ال يلزم تفكيك، وعلى السببية يختلف معناها فيالصحيح والفاسد، فإن الضمان في قولهم: (بصحيحه) مسبب عن العقد، وفي

الفاسد مسبب عن القبض.نعم، يمكن أن يوجه هذا المعنى أيضا بأن العقد في كل منهما هو السبب

الناقص، فإن القبض لو لم يتحقق في الصحيح لم يتحقق الضمان لقولهم: وبالقبضينتقل الضمان، وفي الفاسد العقد أيضا منشأ للقبض الذي هو منشأ للضمان.

ولكنه ال يخفى االختالف بين الصحيح والفاسد في السببية، ألن القاعدة حيث--------------------

(١) جعله في المكاسب احتماال، وقواه أبو القاسم اإلشكوري في بغية الطالب في حاشيةالمكاسب: ص ٤٢ س ٢٣.

(٢) آل عمران: ١٢٣.(٣) القمر: ٣٤.(٤) البقرة: ٥٤.

(٥) العنكبوت: ٤٠.

(٢٦٩)

Page 271: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ما عرفت: أنها لتأسيس تمييز موارد التسليط المجاني عن غيره، فالتسليط معالعوض الذي يقتضي الضمان في الصحيح مستند إلى العقد، وهذا ال ينافي إناطة

صحة العقد بالقبض كما في الصرف والسلم، أو كون تلف المبيع قبل القبض علىالبائع النفساخ العقد، فإن شرطية القبض ال توجب أن يكون الضمان مستندا إليه.

كما أن انفساخ المعاملة بعدم القبض ال يوجب أن يكون الضمان واإلتالف بالتحقق رافع له. وأما لو كان مورد اإلجارة منفعة األجير فلم يتحقق يد وهو متبرعبنفسه العمل وهو المباشر إلتالف المنفعة فال يستحق شيئا. وفيه ما عرفت من أنلغوية العقد الكذائي وكون وجوده كعدمه بالنسبة إلى أثره الشرعي ال يوجب أنيكون كذلك بالنسبة إلى أثره التكويني، وهو التسليط المجاني. فكما أن المباشر

هو المقدم إلتالف منفعته فكذلك البائع في العين والمؤجر في منفعة الدار.هذا، مضافا إلى أن المباشر في إجارة األعمال لم يقدم على العمل إال بناء

على الوفاء بالمعاملة، ولم يقدم عليه ابتداء من دون عقد وال أمر معاملي، فإذا قلنابالضمان في إجارة األموال فال بد من القول به في إجارة األعمال.

فتحصل مما ذكرناه أن نظر من قال بالضمان إما إلى دخولهما تحت قاعدة اليدواإلتالف وخروجهما عن عنوان العقود، وإما إلى دخولهما في األصل، وقال:حيث إن صحيح البيع واإلجارة يضمن بهما فيضمن بفاسدهما ومن قال بعدمه

أدرجهما في العكس، فإن صحيح الهبة والعارية وكذلك فاسدهما ال ضمان فيهما.ولكنك خبير بأنه يمكن إدراجهما في العكس بما بيناه، وهو أن كل عقد

ال يضمن به على فرض صحته ال يضمن به مع فساده، وشخص هذا البيع واإلجارةلو فرض صحتهما ال ضمان فيهما فال ضمان مع فسادهما.

وال وجه لما أفاده المصنف (١) من أن المراد من كل عقد: هو النوع أو الصنف،ألن هذه القضية وضعت لبيان أشخاص العقود التي يفرض وقوعها في الخارج، ال

النوع أو الصنف.--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٠٢ س ١٠.

(٢٧٠)

Page 272: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ومن فصل بين إجارة األعمال وبين البيع وإجارة األموال أدخل العمل فيالتبرع، وأخرجه عن اإلجارة، وأخرج البيع وإجارة األموال للمناقضة عن عنوان

العقد، فيدخل كل منها تحت القواعد الكلية.ومقتضى احترام األموال أن يكون المتصرف فيها والمستوفي عنها المنفعة

ضامنا.وأما الحر فحيث لم يدخل تحت اليد فهو متبرع مع فساد اإلجارة، ومتلف

لعمل نفسه، فال يكون المستأجر ضامنا، ألن عمل العامل بدون اإلجارة واألمر اليضمنه غيره.

الثالث (١): أنه قد يتوهم نقوض أخر لم يتعرض لها المصنف، لخروجها عنعنوان العقود المعاوضية:

منها: النكاح الدائم والمتعة الفاسدين، فإن الزوج ال يضمن المهر إذا كانجاهال بفساد العقد وكانت الزوجة عالمة به، مع أن الصحيح منهما يوجب الضمان،

فيرد النقض على األصل. وفيه: أن مجرى القاعدة في الضمان المعاوضي إنما هوبالنسبة إلى ما دخل تحت اليد، ال في الضمان مطلقا بجعل من المتعاقدين من غيرعنوان المعاوضة، مع أن عدم الضمان لدليل خارجي، ولكونها بغيا ال ينافي اقتضاء

العقد للضمان، ولذا لو كانت جاهلة بالفساد فلها حق على الزوج.ومنها: بيع الغاصب مال الغير فإنه ال يضمن الثمن للمشتري إذا تلف عنده عند

األكثر، مع أن صحيح البيع يوجب الضمان.وفيه أوال: أن عقد الغاصب ليس بفاسد حتى يدخل في المقبوض بالعقد

الفاسد، بل يقع موقوفا.وثانيا: أن العقد لم يقع معه وبعنوان شخصه، بل وقع مع مالك المبيع فتعهد

الغاصب بالثمن ليس تعهدا بعنوان المعاوضة مع شخصه، ألنه تعهد مال المشتريبمال المالك، ال على كون المال في ذمته.

ومن وقع معه العقد حقيقة ضامن للثمن لو أجاز المعاملة، فلو تلف الثمن عند--------------------

(١) لم يمر ذكره األول والثاني منه - قدس سره - فالحظ.

(٢٧١)

Page 273: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الغاصب وقلنا بأنه ال يضمن، ألن المشتري سلطه عليه مجانا وجب على المشتريرد ثمن آخر على المالك، وكل من المالك والمشتري يضمنان لما وصل بيدهما.

وبالجملة: من هو طرف المعاوضة فهو ضامن للعوض، ومن ليس ضامنا اليكون طرفا.

ومنها: اشتراء الصبي والمجنون وهبتهما وعاريتهما، فإن اشتراءهما نقضلألصل، وهبتهما وعاريتهما نقض للعكس، ألن المبيع لو تلف عندهما ال يضمنان،مع أن صحيح البيع يوجب الضمان، وكذا يضمن المتهب والمستعير لما وهبه أو

أعاره الصبي أو المجنون، مع أن الصحيح من الهبة والعارية ال يوجب الضمانوفيه: أن عقدهما كال عقد، واألفعال القصدية منهما كالعدم، ومحل الكالم في

الصحيح والفاسد فيما يضمن وال يضمن هو العدم والملكة، أي محل البحث فيمنكان قبضه معتبرا، وإنشاء الصغير والمجنون وقبضهما كالعدم، فإنهما غير قابلين

للتعهد، فعدم ضمانهما للمبيع إنما هو لضعف مباشرتهما، فسند التلف إلى السببوهو البائع.

وكذا ضمان المتهب والمستعير إنما هو لعدم أهليتهما للهبة واإلعارة.فتحصل مما ذكرنا كله أمور:

األول: أن هذه القاعدة أسست لموارد تمييز اليد المجانية عن غيرها الناشئةعن العقود وما يلحق بها، فعلى هذا يخرج مثل السبق والرماية ونحوهما مما اليدخل تحت اليد، فال نقض بمثل ذلك، وتخرج اليد الناشئة عن غير العقود وما

يلحق بها.الثاني: أن معنى الضمان هو كون الشئ في عهدة الضامن، والخروج من

العهدة يختلف باختالف الموارد. ففي الصحيح الجامع بين المسمى والمثل أوالقيمة هو المضمون، ألنه لو تلف أحد العوضين فلو لم ينفسخ العقد فمن تلف

المال عنده ضامن للمسمى، ولو فسخ أو انفسخ أو أقيل فضامن للمثل أو القيمة،وفي الفاسد من أول األمر الضمان يتعلق بالمثل أو القيمة.

(٢٧٢)

Page 274: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إن الضمان كما يتعلق بنفس العينين فكذا يتعلق بصفاتهما وأجزائهماوالشروط المنضمة معهما.

الثالث: أن مورد األصل والعكس هو مورد العقد ومصبه، ال ما هو خارج عنه،وإنما حكم بتبعيته له شرعا، أو لتوقف استيفاء المنفعة عليه. ومن هذا األمر ظهر

عدم ورود النقض بالنسبة إلى المنافع، وال تلف العين المستأجرة، وال تلف الحملونحو ذلك من النقوض المتقدمة.

الرابع: أن موردهما هو التسليط على العوض، أو المجانية التي يتضمنهمانفس العقد ولو بتوسط الشرط الذي هو جزء لإليجاب أو القبول، كما لو قال: بعتك

بشرط أن ال يكون ثمن، ووهبتك بشرط العوض، ويخرج ما هو شرط خارجيوالتزام في التزام.

وبعبارة أخرى: االلتزام االبتدائي هو المدار، ال االلتزام الثانوي، فال نقضعلى األصل بما إذا باع بثمن وشرط في ضمن العقد أنه لو تلف المبيع عند

المشتري فخسر أنه على البائع، فإن نفس العقد ال يتضمن المجانية، ولذا يأخذالثمن ويستقر ملكه عليه لو لم يتلف المبيع.

الخامس: أن المراد من القاعدة بالنسبة إلى أفراد العقود هو األفراد الشخصيةبالنسبة إلى كل نوع، ال األنواع وال األصناف، ألن هذه القاعدة ناظرة إلى ما يقع في

الخارج، فكل ما يقع في الخارج لو فرض صحته وال يضمن به فال يضمن به معالفساد، فمثل: بعتك بال ثمن ونحوه ال ضمان فيه، فتأمل في أطراف ما ذكرناه

تجده حريا بالتأمل فيه، لما ظهر من مجموع الكالم أن معنى القاعدة ينطبق علىمدركها فال إشكال فيها.

قوله قدس سره: (الثاني: من األمور المتفرعة على عدم تملك المقبوض بالعقدالفاسد وجوب رده فورا... إلى آخره).

قد ظهر في صدر المبحث: أن البحث في المقبوض بالعقد الفاسد تارة يقع فيحكمه التكليفي، وأخرى في حكمه الوضعي، وذكرنا أنه بحسب الحكم التكليفي

(٢٧٣)

Page 275: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يحرم تصرف القابض في المقبوض، وحرمة التصرف مالزم لوجوب الرد فورا.ودعوى أن االمساك ليس تصرفا ممنوعة، فإنه وإن كان منصرفا عنه بدوا إال أن

االنصراف البدوي ال عبرة به، ويصدق عليه التصرف بعد صدقه على األخذ، فإذاكان األخذ تصرفا فبقاء المأخوذ عند اآلخذ حكمه حكم نفس األخذ، ألنه باق

على ما كان عليه.بل ولو سلمنا عدم شمول التصرف في قوله - أرواحنا له الفداء - في التوقيع

المبارك: (ال يجوز ألحد أن يتصرف في مال غيره إال بإذنه) (١) لإلمساك فال شبهةفي شمول قوله صلى الله عليه وآله: (ال يحل مال امرئ مسلم ألخيه إال عن طيب نفسه

له) (٢)،فإن تعلق الحل والحرمة بالمال ليس كتعلقهما بالغنم - مثال - مخصوصا باألكلونحوه مما يناسب الحكم مثل: حرمة التزويج المتعلقة باألمهات في قوله عز من

قائل: (وحرمت عليكم أمهاتكم) (٣)، بل يشمل كل ما يعد في العرف قلبا وانقالباكالتصرف فيه، وإمساكه تحت يده، وأكله وبيعه وأنحاء ذلك. وإنما يخرج مثلالنظر إليه والوقوف تحت ظله إذا لم يعدا تصرفا، وإال يحرم هذا أيضا: كالوقوف

في ظل الخيمة.وبالجملة: أن قوله عليه السالم: (ال يحل مال امرئ) عنوان عام يشمل إمساك المال

أيضا. ويدل عليه أيضا عموم (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (٤)، فإنه وإن لميكن متعرضا للحكم التكليفي بالداللة المطابقية إال أنه متعرض له بالداللة

االلتزامية، فإن استقرار الضمان على عهدة القابض مالزم لوجوب الرد، ألنه الأثر الستقرار الضمان على العهدة إال وجوب رد العين ما دامت باقية ورد المثل أوالقيمة لو كانت تالفة، فحرمة إمساك مال الغير من غير إذنه ووجوب رده إليه فورابالفورية العرفية ال إشكال فيه، إنما اإلشكال في مقامنا هذا، وهو المقبوض بالعقد

--------------------(١) كمال الدين: ج ٢ ص ٥٢١ ح ٤٩، عنه وسائل الشيعة: ج ٦ ص ٣٧٧ ب ٣ من أبواب

األنفال قطعة من ح ٦.(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: ١٥٨.

(٣) النساء: ٢٣.(٤) مر تخريجه في الصفحة: ٦٤.

(٢٧٤)

Page 276: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الفاسد من جهتين:األولى: توهم أن اإلذن المالكي الذي تتضمنه المعاملة كاف في رفع الحرمة،ولكنه ظهر جوابه سابقا، وهو أن اإلذن الذي يرفع حرمة التصرف هو اإلذن

بتصرف القابض في ملك اآلذن، والتسليط الذي يقع من المالك إنما هو من بابالوفاء بالمعاملة.

نعم، لو أغمض المالك عن المعاملة وأذن بالتصرف فهو يرفع الضمانوالحرمة، ولكن المفروض عدمه.

ثم ال فرق في حرمة التصرف بين علم الدافع بالفساد وجهله به، ألن علمهبالفساد ال ينافي البناء على المعاملة تشريعا كما نرى حصوله من السارق

والغاصب والمقامر، وليس اإلذن من حيث البناء على المعاملة حيثية تعليلية، ومنالدواعي التي ال يوجب تخلفها تخلف أصل اإلذن ألن عناوين العقود مختلفة،

والبيع الفاسد مغاير للعارية أو الوديعة، فما بنى عليه العاقد هو البيع ولو مع علمهبالفساد، ال الوديعة، وإال لم يكن وجه لضمانه.

الثانية: توهم أن حرمة التصرف فيما يضمن بصحيحه ال يالزم حرمته فيما اليضمن بصحيحه كالهبة أو العارية الفاسدة، فإنه كما ال ضمان فكذلك ال حرمة أيضا،

فإن رافع الضمان هو الرافع للحرمة، ألن تسليط المالك مجانا لو رفع الضمانفكذلك يرفع الحرمة، والتفكيك بينهما ال وجه له.

وفيه ما ال يخفى من عدم المالزمة بينهما، فإن عدم الضمان لو كان من جهةتأثير الهبة الفاسدة الملكية للمتهب لكان مالزما مع حلية تصرفه.

وأما لو كان من جهة التسليط المجاني الذي ال أثر له - إال أن العين لو تلفت بالتعد وتفريط ال يضمنها المتهب - فال يوجب جواز التصرف.

وبعبارة أخرى: مع فرض بقاء العين في ملك الواهب يدخل إمساك المتهبفي تصرف مال الغير الذي يحرم بمقتضى التوقيع الشريف (وال يحل)، وعموم

(على اليد).

(٢٧٥)

Page 277: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، بناء على خروج اليد التي نشأت من تسليط المالك مجانا عن العمومبالتخصص فال يمكن التمسك به، لحرمة تصرف المتهب أو المستعير في المال

الموهوب أو المستعار بالهبة أو العارية الفاسدة، ولكن الظاهر شمول قوله صلى اللهعليه وآله:

(ما أخذت) لكل أخذ، حقا كان أوال، فإنا وإن استظهرنا منه أن األخذ منصرفإلى األخذ القهري إال أن األنصاف أنه انصراف بدوي، فإذا عم لكل أخذ فعدم

كونه مقتضيا للضمان في مورد التسليط المجاني ال ينافي بقاء حرمته تحت العموم،وهذا ال ينافي ما تقدم منا من المالزمة بين الحرمة والضمان، فإن االستكشاف فيمقام األثبات ال يوجب التالزم في مقام الثبوت، فيمكن أن يكون التصرف حراما،

وال يكون التلف موجبا للضمان.وعلى أي حال، يكفي للحرمة قوله عليه السالم: (ال يجوز ألحد أن يتصرف) (١)

وقوله صلى الله عليه وآله: (ال يحل مال امرئ) (٢) ألنه مع بقاء العين الموهوبة فيملك الواهب

وعدم تأثير الهبة الفاسدة في تملك المتهب يجب ردها إلى الواهب.وبالجملة: ال إشكال في حرمة تصرف ما قبض بالعقد الفاسد ووجوب رده إلى

مالكه فورا، إنما الكالم في أن مؤنة الرد على القابض مطلقا، أو على المالك كذلك،أو فيه تفصيل؟ وجوه، واألقوى هو األخير.

وحاصله: أنه لو كانت المؤنة بمقدار ما يقتضيه - طبعا - رد مال الغير فهو علىالقابض، ولو لم يكن كذلك بأن كانت زائدة عليه فال يجب عليه، وذلك ألن الحكم

المجعول إذا اقتضى في طبعه مقدارا من الضرر فهو مخصص لقاعدة الضرر، والأقل من عدم حكومتها عليه.

نعم، لو احتاج الرد إلى المؤنة الزائدة على المتعارف بحيث صار وجوبه بدونجبرانه من المالك إجحافا على القابض فأدلة (ال ضرر) حاكمة عليه.

ثم ال فرق في وجوب الرد إذا كان متوقفا على المؤنة المتعارفة بين نقلالقابض المال عن مكانه إلى بلد آخر، أو ال مع وجود المالك في بلد القبض.

--------------------(١) وسائل الشيعة: ج ٦ ص ٣٧٧ ب ٣ من أبواب األنفال ح ٦، مع اختالف يسير.

(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: ١٥٨.

(٢٧٦)

Page 278: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما إذا كان المقبوض في بلد القبض وانتقل المالك إلى مكان آخر فال يجبنقله إليه، بل يرده إلى وكيله أو الحاكم، لعدم دليل على لزوم الدفع إلى شخص

المالك في هذه الصورة.ويشكل األمر لو نقله القابض من بلد القبض إلى بلد آخر وانتقل المالك أيضاإلى بلد ثالث فيحتمل أن ال يكون الرد إلى بلد القبض أو البلد الذي انتقل إليه

المالك واجبا، إال إذا كان في بلد القبض خصوصية بأن يكون قيمته أغلى أو راغبهأزيد أو نحو ذلك.

وعلى أي حال، الرد إلى البلد الذي انتقل إليه المالك ال دليل عليه، إال إذا نقلهالقابض أيضا إلى هذا البلد، فإنه مع مطالبته يجب دفعه إليه، ألن ماله موجود

ويستحق المطالبة فيجب رده إليه.قوله قدس سره: (الثالث: أنه لو كان للعين المبتاعة منفعة استوفاها المشتري قبل

الرد كان عليه عوضها... إلى آخره).ويدل عليه مضافا إلى عموم (على اليد) القواعد الكلية المستفادة من الشرع

من قاعدة اإلتالف، وحرمة التصرف في مال الغير التي تستلزم ضمانها في المقام،ومنع شمول المال للمنفعة ال وجه له، فإنه أعم من األعيان والمنافع، ألنه عبارة

عن أمر اعتباري عقالئي يبذل بإزائه المال.والظاهر أنه لم يخالف أحد في المسألة إال ابن حمزة في الوسيلة (١) ومستنده

النبوي (الخراج بالضمان) (٢) وقد تقدم (٣) أن مفاده بمناسبة الحكم والموضوع هوالضمان الجعلي الفعلي األصلي الممضى من الشارع، فالقابض في المقام وإن تعهدالمبيع - مثال - وتقبل ضمانه بإزاء خراجه إال أن هذا التعهد كالعدم شرعا، فليس

منافع المبيح له.وبالجملة: كما أن النبوي ال يشمل الضمان القهري الذي حكم الشارع به من

--------------------(١) الوسيلة: البيع الفاسد ص ٢٥٥.

(٣) تقدم تخريجه في الصفحة: ١٤٢.(٣) تقدم في الصفحة: ١٤٣

(٢٧٧)

Page 279: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

دون تعهد من الضامن - كما في ضمان المغصوب إما لما استظهرناه منه من مناسبةالحكم والموضوع، وإما للتخصيص كما يدل عليه صحيحة أبي والد اآلتية (١) -فكذلك ال يشمل الضمان الجعلي الذي لم يمضه الشارع كما في المقبوض بالعقدالفاسد، ألن الشارع إذا ألغى هذا التعهد من الضامن فوجوده كعدمه، فإن األلفاظ

وإن لم توضع للمعاني الصحيحة إال أنها لما كانت للمعاني الواقعية فال تشمل ما كانوجوده كعدمه، فإن الشارع إذا أخرج هذا الفرد من الضمان من المفهوم النفساألمري وخطأ العرف في تطبيق المفهوم على هذا المصداق فال وجه ألن تكونالمنافع بإزاء الضمان، فال بد من أن يرجع باألخرة إلى قاعدة اليد. والحكم بأن

منافع العين المغصوبة للغاصب كما أفتى به أبو حنيفة. (٢) فابن حمزة قدس سره فيالنتيجة

موافق له، فإذا فسد هذان االحتماالن - وهو تملك الخراج في الغصب، والمقبوضبالعقد الفاسد - انحصر في التعهد المصدري الذي أمضاه الشارع، وهذا أيضا

يحتمل وجهين:األول: أن يكون كل من تعهد لشئ مالكا لمنافعه وخواصه، أي مالكا لما

يستخرج منه مع بقائه كمنافع الدار ونحوها، ومالكا لما يستخرج منه مع تلفه:كخواص العقاقير ونحو ذلك، ومقتضى ذلك أن تكون منافع المبيع للبائع لو اشترط

ضمانه عليه بعد قبض المشتري. وكذا لو أعاره بشرط الضمان تكون منافعه ملكاللمستعير، وكذا في عارية الذهب والفضة.

والثاني: أن يكون منشأ ضمان العين والداعي عليه هو تملك المنافع، فينحصرفي باب البيع ونحوه.

وإذا احتمل كل منهما تسقط الرواية عن االستدالل بها، وال تكون دليال لتملكالبائع منافع البيع وتملك المستعير منفعة العين المعارة في مورد شرط الضمان، بل

ظاهرها هو المعنى األخير بقرينة الباء الظاهرة: إما في السببية أو المقابلة،ومقتضاهما أن تكون السببية والمقابلة من الطرفين، أي تملك المنافع صار داعيا

--------------------(١) تقدمت في الصفحة: ٢٣١ - ٢٣٢ وستأتي في الصفحة: ٢٨٠.

(٢) تقدم في الصفحة: ٢٣١.

(٢٧٨)

Page 280: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

للضمان، والضمان صار سببا لكون المنافع له، كما في كل علة غائية فإنها داعيةإليجاد الفعل، والفعل سبب لترتبها عليه خارجا.

وبالجملة: قوله صلى الله عليه وآله: (الخراج بالضمان) (١) ظاهر في أن التضمين كماصار

سببا ألن يكون الخراج له فكذلك لحاظ الخراج صار سببا وداعيا ألن يتعهدالمال، وهذا يختص بضمان المشتري المبيع، فإن المقصود األصلي من ضمان

المبيع وجعل الثمن بإزائه هو: أن ينتفع به، بل مناط مالية األموال إنما هو لمنافعهاوخواصها.

ومما ذكرنا من أن الغرض األصلي إنما هو استفادة المنفعة والخاصية يظهر أنالعارية المضمونة وشرط ضمان المبيع على البائع ونحوهما خارج عن قوله صلى الله

عليه وآله:(الخراج بالضمان).

أما العارية فألن الضمان ليس بإزاء المنفعة، وال االنتفاع، فإن المعير ال يضمنالمستعير في مقابل المنفعة واالنتفاع، بل ينتفع المستعير مجانا، وإنما يضمنه خوفامن تلفه، وليس المستعير ضامنا على كل تقدير، ولذا لو لم يتلف ال ضمان عليه.

وهكذا في ضمان البائع المبيع إذا تلف عند المشتري.وقاعدة الخراج بالضمان ظاهرها أن الضمان فعلي، وهو يناسب باب البيع،

فإن المشتري ضامن للمبيع، والبائع ضامن للثمن، فلهما منافعهما على ما هوالمرتكز من أن (من عليه الغرم فله الغنم)، وهذا المعنى يستفاد أيضا من

قوله عليه السالم: (أال ترى أنها لو احترقت كانت من مال المشتري)؟ (٢) في جوابمن

سأل عن منفعة المبيع في زمان خيار المشتري، أي كون المنافع له إنما هو بإزاءتلف المبيع في ملكه، فإذا التزم بكون المبيع تالفا في ملكه ناسب أن يكون هذا

االلتزام بإزاء ما قصده من تملك المنافع.--------------------

(١) تقدم في الصفحة: ١٤٢.(٢) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٢٠٥ ح ٣٧٧١، عنه وسائل الشيعة: ج ١٢ ص ٣٥٥ ب ٨ من

أبواب الخيار ح ١.

(٢٧٩)

Page 281: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ويدل عليه أيضا ما ورد في الرهن: فعن إسحاق بن عمار (قلت ألبي إبراهيمعن الرجل يرهن الغالم أو الدار فتصيبه اآلفة على من يكون؟ قال عليه السالم: على

مواله، ثم قال: أرأيت لو قتل قتيال على من يكون؟ قلت: هو في عنق العبد،قال عليه السالم: أال ترى فلم يذهب مال هذا؟ ثم قال عليه السالم: أرأيت لو كان ثمنه

مائةدينار فزاد وبلغ مائتي دينار لمن كأن يكون؟ قلت: لمواله، قال عليه السالم: كذلك

يكونعليه ما يكون له) (١).

وبالجملة: استفادة أن (من عليه الغرم فله الغنم) من عدة من األخبار الإشكال فيه، ولكن بعد ما أفاده عليه السالم في صحيحة أبي والد (٢) ردا على أبي

حنيفةأنه ليس كل ضامن عين مالكا لمنفعتها، فال بد من تخصيص ما يستفاد منه العموم

بمورد الضمان المصدري الذي أمضاه الشارع، بل بالقرينة االرتكازية ومناسبةالحكم مع الموضوع يستفاد اختصاص قوله صلى الله عليه وآله: (الخراج بالضمان) (٣

المبيع، والثمن على المشتري والبائع فال عموم له من أول األمر.وعلى أي حال، ما أفاده ابن حمزة (٤) ال دليل عليه، فاألقوى هو الضمان

لقاعدة اإلتالف، واليد، وقوله صلى الله عليه وآله: (ال يحل) (٥)، وقوله عليه السالم:(ال يجوز ألحد أن

يتصرف في مال غيره إال بأذنه) (٦).قوله قدس سره: (وأما المنفعة الفائتة بغير استيفاء فالمشهور فيها أيضا الضمان...

إلى آخره).ال يخفى أن المصنف قدس سره في ذيل هذا العنوان تارة حكم بالضمان، وأخرى

--------------------(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٣٤ ح ١٠، عنه الوسائل: ج ١٣ ص ١٢٦ ب ٥ من أبواب الرهن ح ٦.(٢) الكافي: ج ٥ ص ٢٩٠ ح ٦، عنه الوسائل: ج ١٧ ص ٣١٣ ب ٧ من أبواب الغصب ح ١.

) بضمان(٣) سنن ابن ماجة: ج ٢ ص ٧٥٤ ح ٢٢٤٣، عوالي اللئالي: ج ١ ص ٢١٩ ح ٨٩.

(٤) الوسيلة: البيع الفاسد ص ٢٥٥.(٥) مسند ابن حنبل: ج ٥ ص ٧٢، وسائل الشيعة: ج ٣ ص ٤٢٤ ب ٣ من أبواب مكان المصلي ح ١.

(٦) كمال الدين: ج ٢ ص ٥٢١ ح ٤٩، عنه وسائل الشيعة: ج ٦ ص ٣٧٦ - ٣٧٧ ب ٣ منأبواب األنفال ح ٦.

(٢٨٠)

Page 282: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بعدمه، ال سيما مع علم الدافع بالفساد. وثالثة توقف في حكم المسألة. ورابعة قوىالضمان تبعا للعالمة، حيث اختاره في التذكرة (١) ناسبا له إلى علمائنا أجمع،

والسرائر (٢) لدعواه االتفاق عليه.فأورد عليه السيد الطباطبائي قدس سره في الحاشية بأنه لو فرضنا عدم تمامية

األدلة الدالة على الضمان فال وجه للقول به اعتمادا على هذين اإلجماعينالمنقولين (٣).

ولكنه ال يخفى أن اختياره الضمان أخيرا ليس العتماده على االجماعالمنقول، مع أنه قدس سره منكر لحجيته في األصول، بل اعتمد على نقل االجماع من

جهة كشف اتفاق األعالم على شمول قاعدة اليد واالحترام للمنافع.وكيف كان، الكالم في المنفعة الفائتة تحت اليد يقع في مقامين:

األول: في إثبات مقتضى الضمان وعدمه.والثاني: في تحقق رافعه وعدمه.

أما ثبوت المقتضى فيكفي له عموم (على اليد ما أخذت)، والمنع عن صدقاألخذ بالنسبة إلى المنافع ال وجه له، ألن أخذها هو قبضها، وقبضها يتحقق بقبض

العين فهي مأخوذة بتبع أخذ العين، وليس األخذ بمعنى القبض باليد، بل بمعنىاالستيالء، والتفكيك بين األخذ والقبض ال وجه له.

نعم، قد يكفي التخلية في القبض، ولكن ال بمعنى أنها قبض حقيقة، بل بمعنىأنها هو حكما، وعلى فرض كونها قبضا فهي أخذ أيضا.

وأما الرافع فتارة يتكلم مطلقا، وأخرى في مورد العلم بالفساد.أما تحققه مطلقا فمدركه ما ال يضمن بصحيحه، وفيه: أن القاعدة أصال

وعكسا تجري في مصب العقد، والمنافع خارجة عنه، فيرجع فيها إلى القواعد--------------------

(١) تذكرة الفقهاء: كتاب البيع ج ١ ص ٤٩٥ س ٢٣.(٢) السرائر: باب الغصب ج ٢ ص ٤٩٠.

(٣) حاشية المكاسب: كتاب البيع ص ٩٦ س ٢٠ وما بعده.

(٢٨١)

Page 283: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األخرى. وكونها تابعة لملك العين إنما هو لحكم شرعي تابع لصحة العقد، ال مماأقدم عليه العاقد بالمجانية، وإال القتضى عدم الضمان في مورد االستيفاء أيضا،

ألن التسليط المجاني كما يرفع الضمان الناشئ عن اليد كذلك يرفع الضمانالناشئ عن اإلتالف.

وأما تحققه في مورد العلم بالفساد فتقريبه أن البائع حيث يعلم بفساد البيعفهو المقدم على استيالء المشتري على المنافع مجانا.

وفيه أوال: أنه يلزم عدم الضمان في المستوفاة أيضا.وثانيا: قد تقدم: أن العلم بالفساد ال ينافي البناء على الصحة تشريعا،

والتسليط الرافع للضمان هو التسليط على مال نفس اآلذن، ال التسليم وفاءبالمعاملة.

وثالثا: أنه ال نظر للمسلط في المقام إلى المنافع، ألنه لو كان متعلق العقد هوالمنفعة بحيث كان االستيالء على العين من قبل المالك مقدميا لكان للبحث: عن

أنه سلطه على المنافع مجانا مجال، فإن التسليط على المنافع لو كان على وجهالتعويض فهو إجارة، ولو كان على وجه المجانية فهو عارية.

وأما لو كان العين ملحوظا استقالليا ال مقدميا كما في محل البحث فال مجالللبحث في تحقق الضمان وعدمه، ألنه لو تحقق التضمين فهو بيع، وإال فهبة،

فالتسليط على المنافع ال موضوع له في المقام حتى يبحث عن أنه مع العوض أومجاني، فالحق هو الضمان مطلقا.

وعلى أي حال، ال ينبغي عد األقوال في المسألة خمسة، فإن التوقف فيالحكم مطلقا أو مع العلم بالفساد ليس قوال.

قوله قدس سره: (الرابع: إذا تلف المبيع فإن كان مثليا وجب مثله... إلى آخره).ال إشكال في أن جميع ما يتعلق به الضمان الذي منه المقبوض بالعقد الفاسد

إذا تلف، فإن كان مثليا وجب على الضامن مثله، وإن كان قيميا يجب عليه قيمته،إال في المضمون بالعقد الصحيح فإن ضمانه بالمسمى على تفصيل تقدم.

(٢٨٢)

Page 284: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إنما اإلشكال في أن دليل الضمان بالمثل في المثلي والقيمة في القيمي هل هواالجماع، أو أدلة نفس الضمانات من قاعدة اليد وغيرها، واآلية الشريفة، وهي

قوله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (١)؟فنقول: أما االجماع فالظاهر أن مدرك المجمعين هو أدلة الضمانات، وال

يكشف عن قول المعصوم، وال عن دليل معتبر سواها، مع أنه لم ينعقد على مفهوممبين حتى يكون النزاع في مقام الشك في أن الضمان بالمثل أو القيمة في الصغرى

وفي تطبيق المفهوم المبين على المشكوك، بل انعقد على مفهوم مجمل.وأما اآلية الشريفة: فاستفادة المعتدى به منها في غاية اإلشكال، فإن الظاهر

كونها ناظرة إلى اعتبار المماثلة في مقدار االعتداء، فالعمدة نفس أدلة الضمانات،وهي وإن لم تكن متكفلة بالداللة المطابقية لكيفية الضمان إال أنها تدل عليها بداللةااللتزام، فإن ظاهر قوله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (٢) بعد استفادة الضمانمنه لو تلف المأخوذ أن أداء المأخوذ إنما هو بما يعد أداء له عرفا وعادة. وال شبهة

أن المرتكز في األذهان أن أداء المثلي بالمثل والقيمي بالقيمة، فإن الضامن لوأداهما فكأنه لم يتلف من المضمون له شيئا من أمواله، ويصدق أنه هو الذي أخذ

منه.وبالجملة: مقتضى النبوي أن كل ما دخل تحت اليد يجب على الضامن رده،فما دام العين موجودة تدخل بخصوصياتها النوعية والشخصية والمالية تحت

الضمان، وإذا تلفت ال بد من رد عوضها، ويعتبر في وجوب رد عوضها شروطثالثة:

األول: أن يكون التالف مما يتمول عرفا وشرعا، فمثل الخنفساء والخمر وإنوجب ردهما حين بقائهما لجهة حق االختصاص الثابت لمن أخذ منه إال أنه بعد

تلفهما ال يتعلق بهما ضمان.الثاني: أن يتعلق الضمان بما يمكن عقال وعادة الخروج عن عهدته، أي في

--------------------(١) البقرة: ١٩٤.

(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: ٦٤.

(٢٨٣)

Page 285: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

مقام األداء ال بد أن يكون ما يؤديه تحت قدرة الضامن عقال وعادة، فالخصوصيةالعينية ساقطة حين األداء، وهكذا الخصوصية النوعية إذا لم تكن مبذولة، فلو لميجد مثل التالف إال عند من ال يبيعه إال بثمن كثير في العادة أو عند من يحتاج

الشراء منه إلى مصرف كثير فال يجب رده.الثالث: أن يكون البدل هو المبدل عرفا وعادة بحيث يقال بعد أدائه: إن

التالف كأن لم يتلف، وعلى هذا، ففي المثلي المثل هو المعين، وفي القيمي القيمة،ألن بردهما كأن لم يتلف من المضمون له شيئا.

وأما كون المدار على األقرب إلى التالف فال وجه له، ألنه مضافا إلى عدمميزان مضبوط له ال دليل على اعتباره، إال أن يكون المقصود كون المثل أقرب إلى

التالف مطلقا حتى في القيمي.وعلى أي حال مقتضى الشرط الثاني أن الخصوصية العينية ال يمكن أن

تدخل تحت ضمان الضامن، وإال يقتضي تلفها سقوط الضمان، فإذا لم تكنبخصوصيتها تحت عهدة الضامن إال عند وجودها فال محالة متعلق الضمان هو مايعد أنه هو، وهو في المثلي المثل، وفي القيمي القيمة، إال على ما سيجئ: من أن

األصل هو الضمان بالمثل مطلقا إال إذا قام االجماع على كونه بالقيمة، فتدبر جيدا.ثم ال يخفى أن التعاريف المذكورة للمثلي والقيمي كلها تقريبية، ولم نظفر على

تعريف جامع مانع كما يظهر بالتأمل فيها، واألجود منها ما يستفاد من تعريفالمصنف قدس سره بأن المثلي ما ال يتفاوت أفراد نوعه أو صنفه، وال يتميز كل فرد منه

من اآلخر بحيث لو امتزج الفردان منه كمنين من الحنطة الخاصة الكذائية منمالكين حصل الشركة القهرية.

بل ال يبعد أن يقال: كل ما صح المسلم فيه فهو مثلي، والقيمي ما يتفاوتصنفا، وال يشترك فرد مع آخر في جميع الصفات، وال يصح السلم فيه بحيث يتميز

المسلم فيه.ثم المتيقن من المثلي بحيث لم يكن للضامن إلزام المالك بالقيمة ما كان له

(٢٨٤)

Page 286: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قيود أربعة:األول: أن يكون تساوي الصفات واآلثار بحسب الخلقة اإللهية كالحبوبات.

وأما ما كان متساويا بحسب الصناعة البشرية فهو محل خالف.فبعضهم (١) عد المسكوكات قيميا، ولعل وجهه أن المادة والهيئة وجدتا

بوجود واحد في المماثل بحسب الخلقة اإللهية، وكالهما ملك لشخص واحد،بخالف المماثل في الصنع بالمكائن فإن المسكوكات وكذلك األقمشة المصنوعة

في هذه األزمنة وإن لم يكن تفاوت بين أفرادها أصال إال أنه يمكن أن يكونمادته من شخص وصوغه أو نسجه من آخر، فإذا تلف جنكل الزهور أو الليرة فرد

طاقة جنكل (٢) أخرى أو ليرة أخرى ال وجه له، ألن القطن أو الذهب من شخصوالنسج أو الصوغ من آخر، وهذا وإن لم يكن وجها لكون الليرة ونحوها قيميا -ألن على الضامن رد ليرة أخرى وتصير بين مالك المادة والهيئة شركة كما كانت

بينهما بالنسبة إلى التالف - إال أنه على أي حال ليس المتساوي في الصفاتبحسب الجعل الخلقي والصنع العرضي مثليا على جميع األقوال، فالمتيقن هو

المتساوي بحسب الخلقة األصلية، بل مقتضى ما سيجئ في تعذر المثل من أنصفة المثلية ال تسقط باإلسقاط أن يكون المثلي بالصنع والعمل قيميا، ألنه ال

إشكال في أن العمل الذي به صار الشئ مثليا قابل لإلسقاط فيكشف ذلك عن أنمثل هذه األشياء مركبة من أمرين: المادة، والعمل، ونفس المادة يمكن أن تكونمثلية أو قيمية، والعمل يمكن أن يكون من صاحب المادة، وأن يكون من غيره،

سواء أكان هو القابض أم غيره، فإذا اشترك القابض والمقبوض منه في الليرة- مثال - قبل العقد والقبض ثم قبضت بالعقد الفاسد فال محالة يالحظ ضمان ما أخذه

الضامن، وال معنى لتعلق الضمان بالمثل مطلقا.الثاني: أن ال يتغير بالبقاء أو بتأثير من الهواء: كالخضرويات والفواكه، وكل ما

يفسد من يومه فإنه أيضا محل خالف في كونه مثليا أو قيميا.--------------------

(١) كالشيخ في المبسوط: كتاب البيوع ج ٢ ص ٨٨.(٢) كذا في األصل.

(٢٨٥)

Page 287: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فقد حكي عن الشيخ في المبسوط (١): كون الرطب والعنب قيميا.وحكى المصنف (٢) عن بعض من قارب عصره أنهما مثليان. فالمتيقن من

المثلي بحيث ال يكون فيه اختالف غير هذا.الثالث: أن يكون مماثله كثيرا مبذوال، لما ظهر أن ما ال يمكن رده عادة

ال يمكن أن يستقر في عهدة الضامن، فمجرد صدق المثلي عليه لغة ال يوجب أنيكون الضامن ضامنا لمثله.

الرابع: أن يكون تماثل الصفات موجبا لتماثل القيمة وتقاربها، وأما لو كانشئ مماثال لشئ آخر في جميع الصفات واآلثار، ولكنهما متفاوتان في القيمة

جدا، فهذا ليس مثال لذاك.وعلى هذا، فالمتيقن من المثلي الحبوبات، ولكنه ال بحسب الجنس أو النوع،

بل بحسب الصنف. كما أن المتيقن من القيمي الحيوانات.وما قيل: إن الجواري والعبيد يمكن أن تكونا مثلية (٣) ال وجه له، ألنه على

فرض أن تكون جارية متقاربة الصفة مع جارية أخرى، إال أن المدار في المثليعلى التساوي في الصفة ال التقارب، مع أن مقتضى الحكمة اإللهية أن ال يكون

حيوان مماثال لحيوان، وال متقاربا معه بحيث يعد أنه هو، لما يلزم فيه منالمحاذير الكثيرة كما ال يخفى.

كما أن عد أصول المعادن من المثلي ال وجه له، فإن الحديد والنحاسونحوهما وإن كانت مثلية ظاهرا إال أن التفاوت بين أصنافها في اللين والخشونة

ونحوهما يلحقها بالقيمي.ثم إنه لو شك في كون الشئ مثليا أو قيميا فهل األصل هو الضمان بالمثل أوالقيمة، أو تخيير الضامن ألصالة براءة ذمته عما زاد على ما يختاره، أو تخيير

المالك ألصالة اشتغال ذمة الضامن، أو الرجوع إلى القرعة، أو الصلح القهري؟--------------------

(١) المبسوط: كتاب الغصب ج ٣ ص ٩٩.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١٠٦ س ١٠.

(٣) لم نعثر على قائله.

(٢٨٦)

Page 288: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وجوه مبنية على داللة (على اليد) على كيفية الضمان، أو أن المقام من دوراناألمر بين المتباينين أو األقل واألكثر.

ثم على األخير هل الدوران بينهما في مقام االشتغال وأصل ثبوت التكليفحتى يكون المرجع هو البراءة، أو مقام الخروج عن العهدة حتى يكون المرجع هو

االحتياط؟قد يقال: إن قوله صلى الله عليه وآله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (١) يدل على

الضمانبالمثل مطلقا خرج منه ما كان قيميا إجماعا وبقي الباقي، فإن الظاهر أن ما يستقر

في الذمة بمقتضى الظرف المستقر هو نفس المأخوذ بجميع خصوصياته العينيةوالنوعية والمالية، فإذا تلف ولم يمكن أداء نفسه بنفسه بقيت خصوصيته النوعية

والمالية.وقد يقال بحذف المضاف، والتقدير: على اليد خسارة ما أخذت ودركه

وغرامته، ألنه ال وجه لتعلق الضمان بنفس العين، فإنها ما دامت موجودة ال يتعلقبها إال الحكم التكليفي، وهو وجوب ردها، فالحكم الوضعي - وهو استقرارها

على العهدة - إنما هو عند تلفها، فمعنى (على اليد) أنه لو تلف المأخوذ فخسارتهعلى اآلخذ، وهو ال يقتضي إال قيمة الشئ، بل لو لم نقل بحذف المضاف أيضانقول بأنه ال وجه لدخول الصفات النوعية أو الصنفية تحت الضمان حتى يقتضيكون األصل في المضمون هو المثلية، ألن الصفة لو لم توجب تفاوتا في الماليةفهي تابعة للعين، ومجرد اقتضائها تفاوت الرغبات ال أثر لها، فإذا كانت تابعة

للعين فكما تسقط شخص العين عن الذمة بتلفها فكذا صفاتها النوعية الغيرالموجبة للتفاوت في المالية.

وبالجملة: ال يستقر على العهدة إال ضمان ما يوجب تفاوت القيمة، والمثلليس قيمته مساويا لقيمة التالف عند التلف دائما أو غالبا حتى يتعلق بالذمة به،

وكونه أقرب إلى التالف ال كبرى له، ألنه ال عبرة باألقربية.--------------------

(١) تقدم في الصفحة: ٦٤.

(٢٨٧)

Page 289: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ولكن الحق أن قاعدة اليد غير متعرضة لبيان أن المضمون هو المثل مطلقا إالما خرج باالجماع، وال أنه هو القيمة، ألنه يمكن استفادة المثلية والقيمية كليهما

على كل من صورتي تقدير المضاف وعدمه، فإنه لو قيل: إن التقدير هو خسارة ماأخذت على اليد أمكن أن يقال: إن الخسارة التي هي بمعنى الغرامة والدرك هي

في كل شئ بحسبه، ففي القيمي هو القيمة، وفي المثلي هو المثل.ولو قيل: إن نفس (ما أخذت) على العهدة أمكن أن يقال: إن هذا المعنى ال

يقتضي أن يكون األصل هو المثل وهو في الذمة، ألنه ليس استقرار المأخوذ فيالعهدة إال عبارة عن استقرار شخص العين، وأما صفاتها الموجودة فيها وكذلك

ماليتها فليست في عرض شخص العين مما يتعلق به الضمان بحيث إذا تلفتالعينية بقيت الصفة والمالية.

وبالجملة: ال تدل قاعدة اليد إال على لزوم أداء المأخوذ وضعا وتكليفا، وإذاتلف فكل ما صدق أنه أداء له هو الذي يتعلق به الضمان، وهو يختلف باختالفالمثلي والقيمي، ففي مورد الشك في كون الشئ مثليا أو قيميا فاألصل اللفظي لم

يقم على كون الشئ مثليا إال ما خرج، وال على كونه قيميا إال ما خرج، فال بد منالرجوع إلى األصول العملية. وال شبهة أنه لو قلنا: بأن القيمي والمثلي من

المتباينين فاألصل هو تخيير الضامن، ألنه يعلم إجماال باشتغال ذمته بواحد منالمثل والقيمة.

وبعد ما قام االجماع على عدم وجوب الموافقة القطعية في الماليات انتهىاألمر إلى الموافقة االحتمالية، وهي تحصل بأداء كل ما أراد، واشتغال ذمته بأحد

الخصوصيتين التي اختارها المالك غير معلوم، فاألصل هو البراءة.ولو قلنا بأنهما من األقل واألكثر بتقريب أن القيمة ليست لها خصوصية

وجودية مثل المثلي، بل هي عبارة عن المالية المشتركة بين كون العين مثليةوقيمية، فالمقام من دوران األمر بين األقل واألكثر في مقام االشتغال، وأصل تعلق

الخصوصية في الذمة والمرجع هو البراءة. فعلى كال التقديرين التخيير للضامن.

(٢٨٨)

Page 290: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

هذا بناء على ما ذهب إليه المشهور من أن مقتضى الضمان المستفاد من اآليةالشريفة (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (١) ومقتضى

قوله صلى الله عليه وآله: (على اليد ما أخذت) (٢) هو المثلية في المثلي والقيمية فيالقيمي.

وهكذا مقتضى االجماع المدعى (٣) في المقام.ولو منعنا عن ذلك وقلنا: إن مقتضى اآلية والنبوي هو: اعتبار المماثلة في

جميع الخصوصيات، واألقرب إلى التالف هو المثل مطلقا، واالجماع على ضمانالقيمي بالقيمة على تقدير تحققه ال يجدي بالنسبة إلى ما لم يجمعوا على كونه

قيميا، ألن المقام من دوران المخصص المنفصل بين األقل واألكثر فالمرجع عندالشك هو عموم العام، كما سلك هذا المسلك المصنف (٤) قدس سره.أو قلنا: بأن اآلية والنبوي مجمالن ولكن مقتضى االستصحاب هو تعلق

الخصوصية الصنفية - أي الصفات بالذمة - ونشك في مقام الفراغ بكفاية القيمةفاألصل هو تخيير المالك مطلقا.

قلنا: بأن القيمي والمثلي متباينان كما هو الحق، فإن النسبة بينهما نسبةالدراهم والدينار مع العروض، أو قلنا بأنهما من قبيل األقل واألكثر. وتوضيح ذلك

في ضمن أمور:األول: أن المشهور جواز المصالحة على التالف ولو كان قيميا بأي مقدار من

الذهب والفضة. ولو كان مجرد تلف القيمي موجبا النتقاله إلى القيمة للزم الربا فيماإذا كان الذهب أزيد أو أقل وزنا من القيمة.

الثاني: عدم اعتبار تعلق الضمان بما يمكن أن يخرج عن عهدته عادة، بليمكن أن يتعلق في الذمة ما ال يمكن أداؤه فعال، غاية األمر أنه يسقط الخطاب

التكليفي بوجوب األداء. وأما الوضعي فيمكن أن يكون في الذمة ماال يقدر على--------------------

(١) مرت في الصفحة: ٢٨٣.(٢) تقدم في الصفحة: ٦٤.

(٣) كما في الخالف: ج ٣ ص ٤٠٢ - ٤٠٣ م ١١.(٤) المكاسب: كتاب البيع ص ١٠٦ س ١٩ وما بعده.

(٢٨٩)

Page 291: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أدائه كما في المثلي المتعذر أداؤه.وكما في العين إذا غصبت أو أغرقت فإن وجوب رد المثل والعين في الصورتين

ساقط، ألن الخطاب بغير المقدور قبيح. وأما بقاؤها في ذمة الضامن فال مانع منه.وبعبارة واضحة: مقتضى (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (١) أن يستقر في

عهدة الضامن نفس العين ما دامت موجودة، فإن أداءها بأداء الخصوصية العينية،وأما إذا تلفت فال يمكن أن يكون شخص العين في العهدة، ال وضعا وال تكليفا. أما

تكليفا فواضح. وأما وضعا: فألن الذمة وإن كانت وسيعة إال أن ما يدخل فيها هوالكليات دون األشخاص، فإن االعتبار العرفي ال يساعد على دخول ما يستحيلأداؤه أبدا في الذمة، بل مقتضى كون شخص العين بشخصيتها في الذمة سقوط

الضمان فال محالة عند التلف ليس خصوص العين في الذمة، إال أن سقوط شخصيةالعين ال يقتضي أن تكون المالية المتقدرة بقيمة خاصة في الذمة، بل يمكن أنيكون غير شخص العين من سائر الصفات في ذمة الضامن، ومجرد عدم وجود

هذه الصفات فعال ال يقتضي سقوطها واالنتقال إلى القيمة، غاية األمر حين مطالبةالمالك تقوم الخصوصية أيضا، وفي مقام الوفاء يؤدي إما من الجنس أو من غير

الجنس، بل لو لم نقل بأن شخص الجارية التي تلفت - مثال - عند القابض في ذمتهإال أن تقديرها بمجرد التلف بالقيمة ال وجه له، بل تبقى في ذمته غير متقدرة

بمقدار من القيمة.وبعبارة أخرى: تتعلق بالذمة مالية المال غير متقدرة بالقيمة. ومالية الشئ

التي يبذل بإزائها المال هي في الجارية عبارة عما يخدم المالك. وفي الحنطةعبارة عما يشبعه، وفي الثوب عما يستره ونحو ذلك، وهي قابلة ألن يتعلق بها

الضمان، وتكون هي في الذمة.نعم، لو طالب المالك يقوم بقيمة يوم المطالبة، وتدفع بدال عما في الذمة.

--------------------(١) تقدم في الصفحة: ٦٤.

(٢٩٠)

Page 292: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الثالث: أن قوله صلى الله عليه وآله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (١) وإن كانيقتضي

استقرار المثل في الذمة في المثلي، والقيمة في القيمي على ما هو المرتكز فيالذهن، إال أن القيمي والمثلي حيث إنهما مجمالن والشك في كون الشئ مثليا أوقيميا من الشبهة المفهومية، فال بد من الرجوع إلى األصل العملي، واالستصحابيقتضي كون التخيير للمالك، وذلك ألن القابض بعد أن وضع يده على المال جاءفي عهدته جميع ما له دخل في مالية الشئ تبعا لضمان العين، غاية األمر سقطت

الخصوصية الشخصية. وأما وصفه فلم يعلم سقوطه بالتلف، إال إذا أحرز كونه قيميابناء على ثبوت االجماع على كون القيمي مضمونا بالقيمة فيستصحب اشتغال

الذمة.بالجملة: األصل هو المثلية إما لالستصحاب أو لما أفاده المصنف: من أنه

مقتضى األدلة االجتهادية، خرج منه ما علم أنه قيمي، بل بالتأمل فيما ذكرنا ظهرأن في القيمي أيضا نفس المال هو بنفسه في الذمة ويقوم يوم المطالبة. وسيجئ

في األقوال في القيميات ما يوضح ذلك.وعلى أي حال، ال تصل النوبة إلى القرعة، ألنها جارية في خصوص

الشبهات الموضوعية في بعض الموارد، وال إلى الصلح القهري، ألن مورده ما إذالم يمكن فصل الخصومة بغيره.

قوله قدس سره: (الخامس: ذكر في القواعد: أنه لو لم يوجد المثل إال بأكثر من ثمنالمثل ففي وجوب الشراء تردد (٢)).

ال يخفى أن مقصود العالمة ليس من وجود المثل بأكثر من ثمنه وجوده كذلكبحسب القيمة السوقية، بل وجوده غير مبذول، وعند من ال يبيعه إال بثمن غال.

وعلى هذا، فوجوب شراء المثل في غاية اإلشكال، بل ال وجه له، لما عرفت: أنالشئ إذا لم يكن مثله كثيرا مبذوال فهو قيمي، هذا من غير فرق بين التعذر

--------------------(١) تقدم آنفا.

(٢) قواعد األحكام: كتاب الغصب ج ١ ص ٢٠٤ س ٨.

(٢٩١)

Page 293: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الطارئ أو البدوي، أي الذي أوجب كون الشئ قيميا من أول األمر هو الذيأوجب سقوط المثل عن الذمة ما دام التعذر، فكون العين مثليا من أول األمر ال

يوجب أن يجب شراء مثله ولو ببذل مال كثير، بل يسقط بالتعذر.وبالجملة: وجوده عند من ال يبيعه إال بأضعاف قيمته في حكم التعذر،

ومقتضى قاعدة الضرر عدم وجوب شرائه على الضامن.وأما لو كان كثيرا مبذوال ولكن زادت قيمته السوقية فيجب شراؤه، وهذا

الضرر الوارد عليه ال يكون داخال في قاعدة ال ضرر، فإنه يعتبر في دخول الضررفي الضرر المنفي أن ال يكون طبع الحكم مقتضيا للضرر، فإن ترقي القيمة وتنزلهاعلى مساق واحد وكل واحد منهما يقتضي ضررا على شخص، فكما أنه لو تنزل

قيمة المثل ليس للمالك مطالبة قيمة التالف أو قيمة المثل قبل تنزل قيمته فكذلك لوترقى القيمة ليس للضامن إلزام المالك لقيمة المثل قبل الترقي.

وحاصل الكالم: أن المثلي ال ينقلب قيميا بزيادة قيمته أو تنزله. نعم، لو سقطعن المالية كالماء على الشاطئ والثلج في الشتاء فكون المالك ملزما بقبول المثل،

مع أنه دفع إلى الضامن الماء في المفازة والثلج في الصيف ففي غاية اإلشكال،فإن مقتضى كون الشئ مثليا أن ال يجب إال رد مثله، سقط عن المالية أم ال.

ومقتضى كون الزمان والمكان دخيال في مالية المال أن يكون خصوصيةالزمان والمكان في عهدة الضامن، إال أن يقال: يرجع خصوصية الزمان والمكان

باألخرة إلى القيمة السوقية، ألن تنزل القيمة وترقيها ينشئان عن كثرة الوجود وقلةالطالب، وعن عزته وكثرة الطالب، فإن الثلج في مفازة الحجاز لو لم يكن له طالب

أو كان كثيرا يكون رخيصا، ولو كان في الشتاء قليل الوجود كثير الطالب يكونغالبا.

ثم لو قلنا بضمان خصوصية الزمان والمكان فيتحقق موضوع لنزاع آخر،وهو: أنه هل المدار في الضمان قيمة الماء في المفازة أو قيمته قبيل سقوطه عن

(٢٩٢)

Page 294: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المالية؟ وسيجئ ما هو الحق.قوله قدس سره: (السادس: لو تعذر المثل في المثلي فمقتضى القاعدة وجوب دفع

القيمة مع مطالبة المالك... إلى آخره).تنقيح المقام يستدعي رسم أمور:

األول: في بيان ميزان التعذر، فنقول قد أشرنا آنفا أن الذي يوجب في ضمانالعين عند تلفها استقرار القيمة في الذمة، ال المثل هو الميزان للتعذر الطارئ

للمثل.وبعبارة أخرى: عدم وجود المماثل للعين بحسب الخلقة اإللهية أو مطلقا

المقتضي الستقرار قيمة العين في الذمة عند تلفها هو الموجب لصدق تعذر المثل،والستقرار القيمة عند تعذر مثلها بناء على االنقالب فالقيمي هو الذي ال يوجد

مثله أصال كالحيوانات، أو يوجد ولكن كان عزيز الوجود غير مبذول بحيث صارعزة وجوده باعثا ألن يعد مثله عديم المثل، ألن ما ال يمكن أداؤه ولو عادة ال

يمكن أن يجب رده إلى المالك، فإذا تعذر المثل بهذا المقدار فهو ميزان للتعذر فيالمقام. فالذي يوجد في البالد النائية أو عند ملك من الملوك ال يعد مثال له، فميزان

التعذر في المقام هو التعذر في باب القرض والسلم. وعلى هذا، فال يجب عندإعوازه في البلد وما حوله مما ينقل منه إليه عادة تحصيله من األماكن التي لم تجر

العادة بنقل ما فيها من الحبوب واألدهان إليه.كما أنه لو كان لنفس العين مثل في غاية العزة أو في بالد بعيدة لم نقل

بوجوب رد مثلها عند تلفها.نعم، لو شك في التعذر إما للشك في وجود المثل بعد ما كان موجودا، أو للشك

في إلحاق هذا المقدار من العزة بالقيمي مع وجود المثل ابتداء فمقتضىاالستصحاب بقاء المثل في الذمة بال إشكال، وهذا بخالف الشك في باب ضمانالعين في أنه مثلي أو قيمي، فإنه ال أصل يعين كون الذمة مشغولة بالمثل. كما أنهمع العلم تكون العين مثلية لو تعذر مثلها ابتداء وشك في أن هذا التعذر يوجب أن

(٢٩٣)

Page 295: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يكون المثل قيميا أم ال؟ فال أصل.الثاني: هل التعذر موجب النقالب المثل أو العين إلى القيمة، أو يبقى فيالذمة إلى حين مطالبة المالك، أو إلى رد الضامن؟ وجهان، واألقوى عدم

االنقالب، فإن مجرد عدم وجود المثل ال يوجب أن ينتقل إلى القيمة، والحكمكذلك في باب السلم والقرض، فليس للضامن إلزام المالك بأخذ القيمة.

وال يقال: ما ال يمكن أداؤه ال يمكن أن يثبت في الذمة، ولذا تسقطالخصوصية العينية بتلف العين، وينتقل ما في الذمة إلى المثل أو القيمة.

ألنا نقول: فرق بين تلف العين وإعواز المثل من جهتين:األولى: أن الخصوصية العينية ال يمكن أن تدخل في الذمة، بل الصفات

والكليات قابلة ألن تدخل في الذمة.نعم، الشخص يدخل تحت العهدة بمعنى أنه ما دام موجودا فعلى الضامن

رده، فدليل اليد يقتضي ضمان الجامع بين العين والبدل، فإن أداء المضمون إنما هوبأداء األعم من أداء شخصه وبدله، فسقوط العين عن الذمة تكليفا ووضعا ال

يقتضي سقوط المثل في المثلي المتعذر مثله كذلك، فإن الصفات كالكلي قابلة ألنتبقى في ذمة الضامن.

والثانية: أن حكم تعذر المثل حكم تعذر العين، ال حكم تلفها، فإنه لو تعذرالعين ال ينتقل في العهدة إلى القيمة، بل تبقى نفس العين في العهدة، وإنما يجب

على الضامن بدل الحيلولة عند مطالبة المالك.ففي المقام أيضا ال وجه لسقوط ضمان المثل، غاية األمر أنه يقع نزاع آخر،وهو: أنه هل للمالك المطالبة بالقيمة بإلقاء خصوصية المثلية أم ال؟ وجهان،

واألقوى جواز إلقاء الخصوصية، ألن الحق للمالك، وصبره إلى وجود المثل ضررعليه، بل له االكتفاء بالقيمة أيضا وإن لم يكن ضررا عليه، فإن مالية ماله وقيمة

ملكه مما يمكنه المطالبة من الضامن، فإذا اكتفي بالقيمة بدل ماله فليس للضامناالمتناع منه.

(٢٩٤)

Page 296: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إنه ال فرق بين التعذر الطارئ للمثل والتعذر االبتدائي، سواء أقلناباالنقالب أم لم نقل كما هو األقوى، فإن ظاهر عنوان التذكرة في قوله: لو تلف

المثلي والمثل موجود ثم أعوز (١) وإن كان اختصاص النزاع بالتعذر الطارئ - بلهو صريح جامع المقاصد، ألنه قال: لو تعذر المثل ابتداء يتعين حينئذ قيمة يوم

التلف (٢) - إال أن األقوى عدم الفرق بينهما، فإن غاية ما يتوهم من الفرق: أن التعذرالبدوي بمنزلة كون العين قيمية، ولكنه فاسد، فإن القيمي ما ال يوجد له مثل في

الصفات كالحيوانات والفيروزج والعقيق ونحو ذلك، ال ما كان في جنسه مثليا، ولميوجد مثله من باب االتفاق في عصر من األعصار مع وجوده قبل ذلك وبعده،

فمن التزم بأن التعذر الطارئ ال يوجب االنقالب فيجب أن يلتزم بأن التعذراالبتدائي أيضا كذلك.

وبعبارة أخرى: كما أن استدامة وجود المثل ليس شرطا لتعلق الضمانبالمثل، بل يمكن بقاء المثل في الذمة مع إعوازه فكذلك التمكن منه ليس شرطا

لحدوثه.نعم، بين التعذر البدوي والطارئ فرق من جهة أخرى، وهي أن التعذر

البدوي قد يوجب الشك في أن العين مثلي أو قيمي، ولكن هذا الشك مندفعبمالحظة وجود المماثل للعين قبل ذلك أو بعده.

وكيف كان، العين إذا كانت مثلية ال تنتقل إلى القيمة بمجرد تعذر مثلها، سواءتعذر حين تلف العين أو بعده.

ثم ال فرق في التعذر بين أن يكون خارجيا أو شرعيا، كما لو فرض أن جميعمماثل العين صار نجسا وال يمكن تطهيره كالدهن أو الخل صار خمرا... وهكذا

فللمالك إلقاء الخصوصية والمطالبة بالقيمة.الثالث: هل إلقاء الخصوصية والتجاوز عن الصفات موجب لسقوطها عن ذمة

--------------------(١) تذكرة الفقهاء: كتاب الغصب ج ٢ ص ٣٨٣ س ١٥.

(٢) جامع المقاصد: كتاب الغصب ج ٦ ص ٨١، ٢٥٤. وفيه: أنه لم يقيد التعذر باالبتداء.

(٢٩٥)

Page 297: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الضامن بحيث إنه لو وجد المثل بعد المطالبة وقبل األداء ال يجب عليه رده، أم التسقط إال باألداء ال باإلسقاط، وليست كالدين قابلة لإلسقاط؟ وجهان، واألقوىعدم سقوطها باإلسقاط ألنها لم يتعلق بها ضمان مستقل، بل هي تابعة للعين ومن

الكيفيات، وإبراؤها بإبراء منعوتها، فمجرد مطالبة المالك مالية العين ال يوجبسقوط المثل عن ذمة الضامن.

نعم، بعد أداء القيمة يسقط حقه عن المثل ولو وجد بعده، ألن األداء بما جعلهالمالك مصداقا لوفاء حقه صار مصداقا له، فال ينقلب ثانيا عما وقع عليه، وهذاالكالم يجري في القرض والبيع ومال الصلح، وكل كلي تعلق بالذمة فإنه بأحد

مصاديقه أو بأداء غيره في مقام الوفاء يسقط ما في الذمة.والفرق بين األداء بمصداقه وبغيره أنه لو أداه بغيره يحتسب مقدار ماليته، أي

لو تجاوز عن خصوصية الحنطة ورضي بالدهن يحسب الدهن بمقدار قيمةالحنطة، وأما لو أخذ حنطة أخرى من هذا الصنف فيؤخذ بمقدار نفس المضمون.

وبالجملة: للمالك الرضا بالفاقد، ولكنه لو لم يؤده الضامن بقي المثلبخصوصياته تحت الضمان، فإن الرضا ال يوجب االنقالب، وإنما يوجبه األداء،

لما ثبت في باب القرض أن ما رضي به المالك أداء لماله يتحقق به األداء.إذا عرفت ذلك ظهر أن القول الموافق للتحقيق هو عدم انقالب المثل، وال

العين التالفة، وال القدر المشترك بينهما إلى القيمة، بل يبقى المثل في الذمة إلى أوانالفراغ منه بدفع القيمة، من غير فرق بين التعذر الطارئ والتعذر االبتدائي، فإن بعد

فرض كون العين مثلية ال فرق بينهما، فاالنقالب إلى القيمة ال وجه له، فاألقوالاألربعة والخمسة في القيميات ال تتطرق في المقام، ألنها من قبيل السالبة بانتفاء

الموضوع.نعم، بناء على االنقالب فالتعذر االبتدائي موجب النقالب العين إلى القيمة،وهذا بخالف التعذر الطارئ، فإنه يمكن أن يقال بانقالب المثل إلى القيمة،

ووجهه ظاهر، وهو أن تلف العين صار موجبا لتعلق الضمان بالمثل، فإذا تعذر

(٢٩٦)

Page 298: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المثل فمقتضى ما يقال: إن كل ما ال يمكن أداؤه ال يمكن أن يبقى في الذمة: هوانقالب المثل إلى القيمة. ويمكن أن يقال بانقالب نفس العين التالفة إلى القيمة.

ووجهه على مسلك المصنف (١) قدس سره من أن المدار في باب الضمان األقرب إلىالتالف ظاهر، ألن المثل للعين التالفة ما دام موجودا فهو المضمون، فإذا تعذر

فاألقرب إليها هو قيمتها، ال قيمة المثل.وأما وجه انقالب القدر المشترك إلى القيمة فقد يتوهم في بادئ النظر أنه

ال وجه له أصال، إذ العين بعد ما كانت مثلية وبعد وجود مثلها في أول األمر إما أنتنقلب هي إلى القيمة أو مثلها، ولم يكن الجامع بينهما في الذمة في زمان حتى

ينقلب هو إلى القيمة، ولكن بالتأمل فيما ذكره المصنف قدس سره وجها له يظهر أن لهوجها وجيها.

وحاصله: أنه بناء على استقرار ارتفاع القيم في الذمة سقوطه بأداء نفسالعين في القيميات يقتضي في المقام القول باستقرار ارتفاع قيمة العين والمثل

كليهما ويسقط بأداء المثل. وأما لو تعذر أداؤه فيبقى في العهدة، وينتج هذا انقالبالقدر المشترك إلى القيمة.

وبالجملة: لو قلنا بضمان القيمي بأعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلفينتج في المقام ضمانه بأعلى القيم من حين أخذ العين إلى زمان إعواز المثل، ألن

معنى الضمان بأعلى القيم هو استقرار مراتب القيمة السوقية في عهدة الضامنبشرط تلف المضمون. وأما مع بقائه فيرتفع ضمان أعلى القيم برده.

وحيث إن العين في المقام مثلية فكما أن رد نفس العين يوجب سقوط ارتفاعالقيمة فكذلك رد مثلها، فإذا تعذر رد مثلها كما تعذر رد نفسها بقي ارتفاع القيمة

في الذمة. وهذا معنى أن الجامع بين العين والمثل ينقلب إلى القيمة.وكيف كان، فاالحتماالت في المسألة كثيرة.

وتوضيح الصور المنتجة للثمرة موقوف على بيان األقوال في القيميات.--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٠٦ س ١٨.

(٢٩٧)

Page 299: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فنقول: قد يقال (١) بقيمة يوم الغصب وما يلحق بالغصب، أي قيمته يوم دخولالعين تحت يد الضامن.

وقد يقال (٢) بقيمة يوم التلف.وقد يقال (٣) بقيمة يوم الدفع.

وقد يقال (٤) بأعلى القيمة من يوم الغصب إلى يوم التلف.واحتمل المحقق (٥) األعلى من زمان الغصب إلى زمان الدفع.

وعلى هذا، فبناء على المختار - وهو عدم االنقالب - فالمدار على قيمة يومالدفع وهو أحد األقوال واالحتماالت في المسألة، ويتحد في النتيجة مع المختار

انقالب العين أو المثل إلى القيمة على القول بيوم الدفع في القيميات، فإن قيمةالعين أو المثل يوم الدفع قيمة واحدة ال محالة.

واالحتمال الثاني: قيمة يوم أخذ العين.والثالث: قيمة يوم تلفها.

والرابع: األعلى من يوم أخذها إلى يوم تلفها، أو إلى يوم دفع القيمة، وهذهاالحتماالت الثالثة األخيرة مبنية على انقالب العين إلى القيمة بتعذر مثلها.والخامس: قيمة يوم تلف العين بناء على انقالب المثل إلى القيمة. وكون

المدار في القيميات على زمان الضمان فإن أول يوم دخل المثل في الذمة هو يومتلف العين.

والسادس: يوم إعواز المثل.والسابع: األعلى من زمان تلف العين إلى يوم األعواز.

ووجه هذين االحتمالين ظاهر، فإن األول مبني على انقالب المثل إلى--------------------

(١) نسبه المحقق إلى األكثر كما في الشرائع: كتاب الغصب ج ٣ ص ٢٤٠.(٢) كما اختاره العالمة في المختلف: كتاب الغصب ص ٤٥٥ س ١٧.

(٣) لم نعثر على قائل به.(٤) اختاره جماعة الحظ مفتاح الكرامة: كتاب الغصب ج ٦ ص ٢٤٤.

(٥) حكاه عنه الشهيد الثاني في الروضة البهية: كتاب الغصب ج ٧ ص ٤٠.

(٢٩٨)

Page 300: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

القيمة، وكون المدار في القيميات على يوم التلف، والثاني على هذا المبنى أيضا،وكون المدار على األعلى من زمان الضمان إلى يوم التلف، فإن يوم إعواز المثل

هو يوم تلفه.والثامن: األعلى من زمان دخول العين تحت اليد إلى زمان دفع القيمة، وقد

بينا وجهه.وال يخفى أن غير هذه االحتماالت إما ال يبتنى على أساس، وإما ال ينتج

ثمرة، أي ال يتفاوت بها القيمة مع المحتمالت المذكورة.وكيف كان، فقد عرفت أن األقوى عدم االنقالب، وأن مجرد المطالبة ال

يوجب سقوط الخصوصية، فالمدار على قيمة يوم الدفع، فإن القيمة في هذا اليومتكون وفاء للمال.

ثم إنه ينبغي التنبيه على أمور:األول: أن من فروع تعذر المثل ما إذا أسقط السلطان دراهم وروج غيرها

بناء على كونها مثليا، فإن ذلك قد يوجب تعذر ما أسقطه، كما إذا صار عزيزالوجود وفي غاية القلة، وقد ال يوجب تعذره.

وهذا على قسمين: فإنه تارة يسقط عن المالية رأسا، وأخرى تنقص عنها كماإذا كان فضة أو ذهبا، فإذا تعذر ما أسقطه فحكمه حكم تعذر المثل في المثليات.

وقد تقدم (١) أنه ال وجه النقالبه إلى القيمة.وأما لو لم يتعذر فإذا سقط عن المالية فحكمه حكم التلف فينتقل إلى القيمة،نظير الجمد في الشتاء والماء على الشاطئ لو اقترضهما في الصيف في مفازة

اليمن والحجاز مثال.وأما إذا لم يسقط عن المالية ففيه قوالن:

قول: بأنه يرد مثل الدراهم السابقة، أو عينها إذا كانت موجودة، سواء أكانمنشأ تعلق الضمان بها العقود المضمنة: كالبيع والقرض، أم قاعدة اليد واإلتالف.

--------------------(١) تقدم في الصفحة: ٢٩٤.

(٢٩٩)

Page 301: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقول: بأنه يرد الرائجة إذا كانت مساوية للسابقة في الوزن والقيمة. أو يردمن غير الجنس بقيمة السابقة.

وبالجملة: لو نقصت قيمة السابقة فالمشهور على أن نقصان القيمة ليس مضمونا.وذهب بعضهم (١) إلى أنه مضمون، فال بد من رد ما يساوي القيمة السابقة،

فيرد من الرائجة لو كانت في الوزن والقيمة مساوية للسابقة، كما قد يتفق نادرا أومن غير الجنس لو كان بينهما تفاوت حتى ال يلزم الربا.

ومنشأ االختالف اختالف األخبار في المسألة.ففي مكاتبة يونس إلى أبي الحسن الرضا عليه السالم: أنه كان لي على رجل عشرةدراهم، وأن السلطان أسقط تلك الدراهم، وجاءت بدراهم أعلى من تلك الدراهم

األولى، ولها اليوم وضيعة فأي شئ لي عليه، األولى التي أسقطها السلطان، أوالدراهم التي أجازها السلطان؟ فكتب عليه السالم: (لك الدراهم األولى) (٢).

وعن العباس بن صفوان قال: سأله معاوية بن سعيد عن رجل استقرضدراهم عن رجل، وسقطت تلك الدراهم أو تغيرت، وال يباع بها شئ، الصاحب

الدراهم الدراهم األولى، أو الجائزة التي تجوز بين الناس؟ فقال: (لصاحبالدراهم الدراهم األولى) (٣).

هذا مدرك المشهور، ومدرك غيرهم: مكاتبة أخرى من يونس، قال: كتبتإلى الرضا عليه السالم: أن لي على رجل ثالثة آالف درهم، وكانت تلك الدراهم تنفق

بين الناس تلك األيام وليست تنفق اليوم، فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها، أوما ينفق اليوم بين الناس؟ قال: فكتب إلي (لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما

--------------------(١) لم نعثر عليه.

(٢) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ١٩١ ح ٣٧١٦، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ٤٨٨ ب ٢٠ منأبواب الصرف ح ٢.

(٣) اإلستبصار: ج ٣ ص ٩٩ ح ٢، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ٤٨٨ ب ٢٠ من أبواب الصرف ح ٤

(٣٠٠)

Page 302: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أعطيته ما ينفق بين الناس) (١).وفي الوسائل، عن الصدوق: أن الحديثين متفقان غير مختلفين، فمن كان له

عليه دراهم بنقد معروف فليس له إال ذلك النقد، ومتى كان له دراهم بوزن معلومبغير نقد معروف فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس (٢).

ونحن نقول مع قطع النظر عن األخبار وإمكان الجمع بينها. وعدمه إن مقتضىالقاعدة عدم الفرق بين الصفات الداخلية والخارجية في الضمان، إال إذا رجعت

الصفة الخارجية إلى تفاوت الرغبات، أي القيمة السوقية، من غير فرق بين أنيكون الموصوف بها مضمونا بالعقد أو باليد واإلتالف، فإن األوصاف وإن كانتتابعة ولم تدخل تحت اليد والعقد مستقال إال أنها تدخل تحتهما للشرط الضمني،

أو الصريح كما في باب العقود، أو تبعا كما في باب اليد ونحوه.ومجرد كون الوصف خارجيا كرواج السلطان الموصوف به ال يوجب

خروجه عن تحت الضمان، فإن الرواج نظير: كون المال في محل كذا أو زمان كذاالتي بها تتفاوت مالية األموال، بل ال شبهة أن االعتبار ليس بذات النقد من حيثهو، بل برواجه عند الناس، وهذا بنفسه خصوصية في المال من غير جهته السوقيةوتفاوت الرغبات، فإن كل صفة وإن رجع دخلها في الموصوف في الحقيقة إلى

الرغبة التي بها يتغير سعر السوق حتى مثل: كتابة العبد إال أنه ال شبهة أن في مقاماالعتبار فرق بين الرواج، أو كون المال في محل كذا وزمان كذا وبين القيمةالسوقية، فعدم التزامنا بضمان زيادة القيمة السوقية ال يالزم االلتزام بعدم ضمان

الرواج وصفة كونه في محل كذا. هذا ما تقتضيه القاعدة.وأما جمع الصدوق فحاصله ظاهرا أنه لو كان الدراهم السابقة بقيمة الدراهم

الرائجة فله الدراهم السابقة، وإال فله الدراهم الالحقة. وال يخفى أن هذا--------------------

(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٥٢ ح ١، عنه الوسائل: ج ١٢ ص ٤٨٧ - ٤٨٨ ب ٢٠ من أبوابالصرف ح ١.

(٢) الوسائل: ج ١٢ ص ٤٨٨ ب ٢٠ من أبواب الصرف ذيل الحديث ٣.

(٣٠١)

Page 303: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

التفصيل ال يظهر من األخبار، بل مفروض السؤال أن السابقة ساقطة عن درجةاالعتبار وإن لم يخرج عن القيمة لكونه ذهبا أو فضة.

وجمع الشيخ بين األخبار بحمل ما ينفق بين الناس على معنى قيمة ما كانينفق، وحمل الدراهم األولى في الخبرين على قيمة الدراهم األولى (١).

وحاصل جمعه: أنه ليس له الدراهم الرائجة، وإنما له قيمة الدراهم السابقة،وهذا أيضا خالف ظاهر كل من الطائفتين، فإن ظاهرهما عين الدراهم السابقة أو

ما ينفق.فالصواب: أن يجعل الطائفتين من قبيل االطالق والتقييد، فإن قوله عليه السالم:

(الدراهم األولى) مطلق من حيث ضم تفاوت السكة وعدمه إليها، وقوله عليه السالم:(لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس) مقيد له، أي تأخذ الدراهم األولى بقيمة ما

ينفق (٢).الثاني: قد أشرنا (٣) أنه ال فرق في عدم انقالب المثلي المتعذر مثله إلى القيمة

بين أن يكون التعذر طارئا، وأن يكون ابتدائيا، ألن المالك متحد فيهما، إال أن هذاإنما هو في المضمون باليد. وأما المضمون بالعقد كالسلم والقرض ففي مورد

التعذر االبتدائي يشكل أصل صحة التعهد.أما السلم فالظاهر اتفاق األصحاب عليه، ووجهه: أن من ال يمكنه أداء

الحنطة - مثال - حال حلول األجل يدخل بيع الحنطة فيما ال يقدر على تسليمه.وأما القرض فإنا وإن لم نجد من صرح بالبطالن ولكن لو جعل للقرض مدة ال

--------------------(١) اإلستبصار: ج ٣ ص ١٠٠ ذيل الحديث ٣.

(٢) وال يخفى أن هذا خالف ظاهر قوله عليه السالم: (لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس) فإن ظاهرهاستحقاقه األخذ من الدرهم الرائج، فالطائفتان متباينتان، فإما تطرحان ويرجع إلى القواعد

العامة المقتضية لضمان نقص السكة، وإما يطرح خصوص ما يدل على استحقاقه للرائج كمااختاره العالمة [المختلف: ص ٤١٦ س ٢] وصاحب الحدائق [الحدائق الناظرة: ج ٢٠

ص ١٤٤، ١٤٦] إما لضعف سنده، أو لحمله على التقية، وحيث إن المسألة مشكلةفاالحتياط بالصلح طريق التخلص. (منه عفي عنه).

(٣) تقدم في الصفحة: ٢٩١ - ٢٩٢.

(٣٠٢)

Page 304: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يمكنه رد العين المقترضة وال مثلها، كما لو اقترض بطيخا ونحوه مما يفسد في هذهالمدة وال يوجد مثله فأصل صحة القرض مشكل حتى يقال باالنقالب أو عدمه.

ثم إنه هل يفرق بين التعذر المؤقت والتعذر الدائمي أم ال؟ وجهان، أقواهماالثاني، ألن غاية ما يوجه به الفرق أن في التعذر المؤقت لبقاء المثل في ذمة

الضامن أثر عقالئي، فللمالك الصبر إلى زمان وجود المثل. وأما التعذر الدائميكالدراهم الساقطة رأسا، فمضافا إلى أنه ال يترتب أثر بقائه في الذمة ال يمكن أن

يتعلق به الضمان شرعا، ألن ما ال يمكن أداؤه كيف يبقى في الذمة؟ فال بد منالقول بسقوط المثل عن الذمة: كسقوط خصوصية العين عنها بعد تلفها، ولكنه

فاسد.أما عدم ترتب األثر على بقاء المثل في الذمة ففيه: أن له أثرا، وهو: عدم

إمكان إلزام الضامن المالك بأخذ القيمة وثبوت التخيير للمالك بين المطالبةوالصبر، وفي هذا األثر كفاية، ألنه قد يتفق أن دفع الضامن القيمة موجب لتضرر

المالك، وكون المال في ذمة الضامن أنفع له.وأما مسألة أن ما ال يمكن أداؤه ال يمكن أن يكون في الذمة ففيه: أنه وإن لم

يمكن تعلق التكليف بالرد إليه لخروجه عن القدرة إال أن الوضع ال يتوقف علىالقدرة، فاألقوى في جميع الصور األربع من التعذر البدوي والطارئ والمؤقت

والدائمي عدم االنقالب، وال يقاس المثل المتعذر على العين الشخصية إذا تلفت،فإن العين التالفة ال يمكن دخولها في الذمة رأسا، فإن الذمة ظرف للكليات ال

األعيان، فتلف العين موجب لسقوط الخصوصية الشخصية، وهذا بخالف تعذرالمثل فإنه ال وجه لسقوطه عن الذمة.

الثالث: بعد ما ثبت أن للمالك التجاوز عن الخصوصية ومطالبة القيمة فيتفرععليه أن المناط في معرفة القيمة مع عدم وجود المثل هل بفرض وجوده في غاية

العزة، أو بفرض وجوده كثيرا مبذوال، أو المتوسط بينهما؟ وجوه، والحق هواألول، ولكن ال في مورد صار عزة وجوده موجبا ألن يعد مثله عادم النظير، بل

(٣٠٣)

Page 305: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المقصود: أنه لو صار عزة وجوده موجبا لغالئه فقيمته في حال غالئه تستقر فيذمة الضامن، ألن المال - حينئذ - مثلي فإنه آخر أزمنة وجود المثل، وبعد ذلك لو

وصل عزته بحيث ال يباع إال بإزاء عتاق الخيل، فهذا يعد متعذرا.ثم إن هذا بناء على عدم االنقالب، وأما بناء على االنقالب سواء أقيل بانقالبالعين أم المثل فمقدار القيمة معلوم، ألن العين أو المثل في يوم الضمان أو يومالتلف أو يوم األعواز إما موجود، أو كان موجودا ثم تلف أو أعوز فال تخفى

قيمته.الرابع: قد عرفت أنه لو أخذ المالك قيمة المثل المتعذر فليس له مطالبة

المثل لو تمكن الضامن منه، ألن قبض المالك ما عينه مصداقا لوفاء ماله يوجبتعيين حقه في المقبوض. وأما لو لم يقبضها فنفس المطالبة وإسقاط الخصوصيةغير موجب للتعيين، ألن غاية األمر أنه تصير القيمة بالمطالبة من أحد مصاديق

الكلي الثابت في الذمة، وتعيين الكلي في المصداق الخاص إنما هو بقبض المالك،فلو لم يقبضه لم يكن وجه لتعينه، بل لو قيل باالنقالب أيضا يمكن القول بأن

االنقالب ما دام التعذر فبعد التمكن يرجع األمر إلى ما كان عليه.وعلى أي حال، فبناء على عدم االنقالب ال إشكال في أن للمالك مطالبة

الضامن بالمثل عند تمكنه، إنما الكالم في أن له المطالبة به ولو في غير بلد الضمانأوال؟ وهذا النزاع يجري في مطالبة العين والقيمة أيضا.

وتوضيح ذلك: أن في المقبوض بالعقد الفاسد ونحوه تارة تكون العينموجودة، وأخرى تالفة.

وعلى الثاني: إما تكون العين قيمية أو مثلية.وعلى الثاني: إما المثل موجود أو متعذر، فلو كان العين موجودة قيل (١)

بجواز مطالبة المالك بها من الضامن في أي بلد أراد، سواء كان قيمة العين في بلدالمطالبة أزيد عن قيمتها في بلد الضمان أم ال، لعموم (الناس مسلطون على

--------------------(١) قائله الحلي في السرائر: باب الغصب ج ٢ ص ٤٩٠.

(٣٠٤)

Page 306: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أموالهم) (١)، وقوله صلى الله عليه وآله: (حتى تؤدي) (٢) فيجب من باب المقدمةردها إليه.

وفيه: أن عموم السلطنة إنما هو باعتبار أنحائها من البيع والصلح ونحوهما.وأما بالنسبة إلى األشخاص الذين كانت األموال في عهدتهم فال عموم لها. وأما

(على اليد) فال يدل إال على وجوب أداء المضمون، وأما رده إلى شخص المالكأو وكيله أو الحاكم الشرعي فليس في مقام بيان ذلك، فلو كان المالك في بلد

الغصب والغاصب أخرج المال إلى بلد آخر فليس على الضامن إال تخلية اليد عنالمال، ال رده إلى مالكه وإن فعل محرما باإلخراج، إال أن الظاهر من الفقهاء أن

للمالك إلزام الغاصب بالرد إلى بلد الغصب.وعلى أي حال، لو كان لألمكنة خصوصية في المالية بحيث عد عرفا كونه في

هذا المكان من صفات المال كسائر الصفات من السمن والكتابة ونحوهما فيجبعلى الغاصب تفاوت القيمة أو رد المال إلى بلد الضمان، بل لو أخرج المال إلى بلد

يكون المال فيه في غاية الغالء ثم رده إلى بلد الرخص يجب عليه رد تفاوتالقيمة، ألنه بمنزلة صيرورة المغصوب كاتبا عند الغاصب أو سمينا ثم زال سمنه

أو كتابته عنده.وأما لو كان المالك في غير بلد الضمان فال يجب على الضامن رد المال إليه،

وال تفاوت القيمة لو كانت قيمة المال في البلدة التي كان المالك فيها أزيد من بلدالضمان، ألنه لم يدل دليل على تسلط المالك بالمطالبة في أي بلد أراد، وال

موجب لضمان الضامن تفاوت القيمة بين البلدتين في هذه الصورة.وأما لو كانت العين تالفة: فإذا كانت مثلية فحكم المثل حكم العين في

التفصيل المتقدم. وأما لو كانت قيمية أو تعذر المثل فيجب عليه قيمة العين أو المثلمع الخصوصية على ما تقدم.

وبالجملة: لو لم يكن للمال خصوصية من حيث الزمان أو المكان فوجوبرده إلى شخص المالك في أي بلد طالبه ال دليل عليه، بل يرد إلى وكيله، أو إلى

--------------------(١) تقدم تخريجه في الصفحة: ٩٢.(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: ٦٤.

(٣٠٥)

Page 307: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الحاكم الشرعي، أو إلى عدول المؤمنين، أو إلى فساقهم، ومع تعذر المراتبالطولية السابقة يعزله عن ماله ويحفظه لمالكه، ولو تلف فحكمه حكم ضمان الدين

والخمس والزكاة (١)، بل الضمان في باب الغصب والمقبوض بالعقد الفاسد الإشكال فيه فإنه ليس داخال في األمانات الشرعية أو المالكية، فتأمل.

ثم ال يخفى أنه بناء على دخل األزمنة واألمكنة في مالية األموال ال وجه لماأفاده المصنف في مسألة خروج المثل عن القيمة: كالماء على الشاطئ والجمد

في الشتاء من احتمال ضمان آخر مكان أو زمان سقط المثل فيه عن المالية، ألنهيجب عليه رد جميع هذه الخصوصية فيالحظ قيمة الماء في المفازة، وقيمة الجمد

في الصيف.قوله قدس سره: (السابع: لو كان التالف المبيع فاسدا قيميا فقد حكي (٢) االتفاق على

كونه مضمونا بالقيمة... إلى آخره).قد تقدم أن المرتكز في األذهان: لزوم رد المثل في المثلي التالف والقيمة في

القيمي وتقدم (٣) ميزان المثلية والقيمية، فإذا كان أداء القيمة في القيميات ارتكازيافلو لم يقم دليل على خالفه فال بد من االلتزام به وحمل األدلة العامة عليه. هذا، معأن األخبار الخاصة الدالة على وجوب القيمة في العبد (٤) والغنم (٥) ونحو ذلك

تشهد للمدعي، ولم ينقل الخالف إال عن اإلسكافي (٦) والشيخ والمحقق في--------------------

(١) ال يخفى أنه يختلف حكم العزل في هذه الموارد الثالثة: ففي باب الزكاة ظاهر الفقهاء أنهلو عزل مقدار النصاب وتلف من دون تفريط فال يضمن، وفي الخمس استشكل بعضهم في

تعينه في المعزول، وفي الدين ال يؤثر العزل في تعين ما في ذمته، فإنه كلي، وال يتعين إالبقبض الدائن ومن في حكمه. (منه عفي عنه).

(٢) الحاكي هو السيد في المناهل: ص ٢٩٨ س ٣٠.(٣) تقدم في الصفحة: ٢٨٤.

(٤) تهذيب األحكام: ج ٨ ص ٢٢٠ ح ٧٨٩ وما بعده.(٥) قرب اإلسناد: ص ١١٦.

(٦) حكاه في غاية المراد (مخطوط): الورقة ٧١.

(٣٠٦)

Page 308: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الخالف (١) والشرائع (٢) في باب القرض.ولكنه يمكن توجيه كالمهما بأن المتعارف في باب القرض ال سيما بالنسبة

إلى الرغيف أن وجوب رد مثله ولو في بعض الصفات من باب الشرط الضمني.وتقدم أيضا أنه لم ينهض دليل على وجوب رد األقرب إلى التالف، مع أنه

ليس له ميزان مضبوط، إلمكان أن يكون شئ أقرب إلى التالف من جهة وشئآخر من أخرى، فوجوب رد القيمة في القيميات ال اشكال فيه، إنما الكالم في أن

المدار على قيمة يوم دخول العين تحت العهدة، أو يوم التلف، أو يوم الدفع، أوأعلى القيم من زمان أخذ العين، ودخولها تحت الضمان إلى زمان التلف أو إلىزمان الدفع؟ وجوه، بل أقوال، منشأ القولين األولين االختالف في فعلية الضمان

يوم األخذ وتعليقيته.فمن قال بتحقق الضمان فعال بمجرد األخذ - غاية األمر أنه مشروط بشرط

متأخر وهو تلفها - قال بقيمة يوم األخذ.ومن قال بأن الضمان تعليقي - أي يجب الخروج عن عهدة العين إذا تلفت -

قال بيوم التلف.ثم إن االختالف في صحة ضمان األعيان وعدمها ناش عن االختالف في

الفعلية والتقديرية، ألنه لو كان الضمان حين وجود العين فعليا بحيث يجبالخروج عن عهدة قيمتها فعال فيصح لغير اآلخذ أن يضمنها، ألنه ليس ضمانا لمالم يجب. وأما لو كان الضمان تعليقيا فضمان الغير ضمان لما لم يجب، ومنشأ

القول بيوم الدفع أمران:األول: أن العين بخصوصيتها الشخصية في عهدة الضامن حين وجودها

وحين تلفها، ألن الذمة أمر وسيع وال وجه لالنقالب إلى القيمة بمجرد التلف، فإذاأمكن أن يتعلق بها الضمان على نحو الجامع بين الحالتين فنتيجته تختلف

باختالف األحوال، فمع التمكن من رد العين يجب أن ترد بشخصها، ومع التعذر--------------------(١) الخالف: ج ٣ ص ٤٦٠ م ٤.(٢) شرائع االسالم: ج ٢ ص ٦٨.

(٣٠٧)

Page 309: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

لغرق ونحوه يرد بدل الحيلولة، ومع تلفها وما بحكم التلف لخروجها عن الماليةشرعا يجب رد مثلها إن كانت مثلية، وإال فقيمتها. ولكنك خبير بأن هذا مما ال

يمكن االلتزام به.أما أوال: فلما عرفت: من أن جعل األداء غاية للتعهد، والضمان مالزم العتبار

تعلق الضمان بما يمكن أداؤه وشخص العين حين التلف مما ال يمكن أداؤه فاليمكن أن تكون بنفسها تحت الضمان. وتقدم: أن الذمة ظرف للكليات ال

الخارجيات.وثانيا: أن الزم ذلك إما االلتزام بسقوط الضمان، وإما بعدم تعين قيمة يوم

األداء، ألن الخصوصية لو كانت مضمونة حين التلف لزم التكليف بغير المقدور،فال بد أن يسقط الضمان، وأداء القيمة ليس أداء للمصداق فال وجه لسقوط ما فيالذمة بأمر مباين له إال بالتراضي، وال يعقل تعين القيمة للبدلية بنفسها. ولو لم تكن

مضمونة حين التلف إلى زمان األداء فال موجب لتعين قيمة يوم األداء.الثاني: أن قوام الشئ بماليته، وأما خصوصياته الشخصية والمثلية فهي من

قبيل الفضلة، فما يبقى في الذمة ما هو الركن للشئ، وهو ماليته التي هي عبارةعما ينتفع به من غير تقديرها بقيمة. فلو كان المأخوذ هو الحقة من الحنطة - مثال -

فإذا تلفت بقي في الذمة ما يشبع عشرة أنفس إلى زمان المطالبة، فإذا طالبهاالمالك فيقوم بقيمة هذا اليوم، ال يوم األخذ والتلف.

ومنشأ القول بأعلى القيم هو كون تفاوت الرغبات - أي القيمة السوقية -مضمونة.

ثم إن ضمان األعلى مع كون المبدأ يوم األخذ والمنتهى يوم التلف أو الدفعمبتن على أمور ثالثة:

األول: كون الضمان يوم األخذ فعليا.الثاني: تعلق الضمان باألمور الخارجة عن مالية األموال، فيكون حكم قلة

المال وكثرة الراغب حكم الصفات أو االعتبارات، فكما يضمن الكتابة والسمن لو

(٣٠٨)

Page 310: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

زاال - سواء أحصال بفعل الله سبحانه أم بفعل الضامن، وسواء أكانا موجودين حيناألخذ أم حصال عند الضامن وزاال، وكذا يضمن خصوصية كون المال في زمان

كذا أو مكان كذا التي هي من األمور االعتبارية العقالئية - فكذلك يضمن الرغبات.وبالجملة: ما يوجب زيادة القيمة على أقسام ثالثة:

قسم من قبيل السمن والصوف الذي ال إشكال في دخوله تحت عهدة الضامنبتبع المال.

وقسم من االعتباريات ككون الجمد في الصيف والماء في المفازة.وقسم من األمور الخارجية االتفاقية ككثرة الراغب أو قلة المال.

الثالث: بناء على كون المنتهى يوم التلف يجب االلتزام بانقالب العين إلىالقيمة في ذاك اليوم، فإنها لو انتقلت إلى القيمة فليس للقيمة علو ونقيصة، ألن

عشرة دنانير - مثال - ال تنقص وال تزيد، وبناء على كونه يوم الدفع يجب االلتزامببقاء المضمون في الذمة إلى يوم الدفع، سواء أقلنا ببقاء خصوصية العينية إلى ذاك

الزمان كما على الوجه األول، أم قلنا ببقاء المالية غير متقدرة بقيمة كما على الوجهالثاني، أو قلنا بانتقال العين إلى األقرب إلى التالف بمجرد التلف. كما احتملوا هذاالوجه في ترديد المحقق (١) في كون المنتهى يوم التلف أو يوم الدفع، فيبتنى كون

منتهى األعلى يوم الدفع على بقاء األقرب في الذمة بعد تلف العين.وبالجملة: ال بد - بناء على القول باألعلى - من تعلق الضمان بالرغبات وكونالذمة مشغولة بغير القيمة حتى يالحظ أعلى القيم من زمان األخذ إلى يوم التلف

أو إلى يوم الدفع.ثم ال يخفى أن الزم تعهد الضامن للرغبات أن يكون كذلك حتى مع رد العين،

وال يلتزمون به، فيلزم التناقض بين القول باألعلى وعدم ضمان نقصان القيمة عندرد العين.

--------------------(١) شرائع االسالم: ج ٣ ص ٢٤٠.

(٣٠٩)

Page 311: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قوله قدس سره: (فالمهم صرف الكالم إلى معنى الصحيحة (١)... إلى آخره).وجه األهمية: إما لكون المقبوض بالعقد الفاسد حكمه حكم المغصوب

كما ذكره الحلي (٢) قدس سره. وإما من جهة استفادة قاعدة كلية من الصحيحة فيجميع

موارد ما يضمن بالقيمة، فإذا دلت على أن االعتبار بقيمة يوم الغصب تكشف عنعدم اقتضاء إطالقات الضمان اعتبار قيمة يوم التلف، وإال لزم أن يكون الضمان

في الغصب أقل من غيره في بعض الموارد، كما إذا كانت قيمة يوم الغصب أقل منقيمة يوم التلف فيلزم خروج المغصوب عن سائر ما يتعلق به الضمان خروجا

حكميا.وبالجملة: لو دلت الصحيحة على عدم وجوب التدارك إال بقيمة يوم المخالفة

فيستكشف منها أن ما عدوه مصداقا للتدارك من قيمة يوم التلف أو الدفع خطأ،وإال يلزم أضعفية الغصب وعدم وجوب تدارك قيمته بمقدار ما يتدارك به سائر

المضمونات ولو في بعض الموارد.نعم، لو دلت الصحيحة على ضمان أعلى القيم فال محذور في خروج

المغصوب عن سائر المضمونات.وكيف كان، فالصحيحة تدل على أن المدار على القيمة يوم األخذ في

موضعين:األول: قوله عليه السالم (نعم، قيمة بغل يوم خالفته)، سواء كان يوم خالفته

مضافا إليه للقيمة، أو مضافا إليه لمجموع المضاف والمضاف إليه، أو كان قيدالالختصاص الحاصل من إضافة القيمة إلى البغل، أو كان متعلقا (بنعم) الذي

معناه: يلزمك.--------------------

(١) أي صحيحة أبي والد الحناط الحظ الكافي: ج ٥ ص ٢٩٠ - ٢٩١ ح ٦، عنه وسائلالشيعة: ج ١٣ ص ٢٥٥ ب ١٧ من أبواب اإلجارة ح ١.

(٢) السرائر: كتاب المتاجر باب الشرط في العقود ج ٢ ص ٢٨٥.

(٣١٠)

Page 312: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أما على األولين فواضح، ألن معنى الحديث على األول يلزمك قيمة البغلقيمة يوم المخالفة.

وعلى الثاني يلزمك القيمة الثانية للبغل يوم المخالفة.وأما بناء على أن يكون متعلقا (بنعم) بأن يكون الظرف لغوا متعلقا يشبه

الفعل الذي معناه يلزمك، فإنه وإن لم يدل بالمطابقة على قيمة يوم المخالفة ألنمعناه أنه يلزمك يوم المخالفة القيمة إما قيمة ذلك اليوم أو قيمة يوم التلف أو يوم

الدفع فالحديث ساكت عنه إال أنه بااللتزام يدل على أن المدار على قيمة يومالمخالفة، فإنه لو لم يكن يوم المخالفة إال يوم دخول نفس العين في العهدة لكان

ذكر القيمة بال موجب، ألن مالية المال إذا قدر بالقيمة يوم المخالفة فال محالة تكونالقيمة قيمة ذلك اليوم، ألنه ال يعقل أن يكون الضمان بقيمة يوم المخالفة فعليا

ويقدر قيمة يوم ما بعد المخالفة.نعم، وجوب األداء يمكن أن يكون متأخرا، ولكن قيمة اليوم المتأخر

ال يمكن أن تكون هي قيمة اليوم المتقدم.وبالجملة: كل من قال بضمان قيمة يوم التلف لكون الضمان بالقيمة في هذا

اليوم فعليا فال يمكن أن يجعل المدار على قيمة غير هذا اليوم، فالتزام المشهوربقيمة يوم التلف ليس إال لفعلية الضمان بالقيمة في هذا اليوم، وهكذا على القول

بيوم الدفع. فال وجه لما تمحله المصنف (١) قدس سره من جعل اليوم قيدا للقيمة، أولقيمة

البغل مع ما فيهما من المخالفة للقواعد العربية والخروج عن طريقة أهل اللسان،ألنه لو كانت القيمة مضافة إلى البغل فال يعقل أن يضاف في عرض هذه اإلضافة

إلى أمر آخر، فإنه يتوقف على لحاظين مستقلين متباينين.وهكذا لو أضيف مجموع المضاف والمضاف إليه إلى اليوم الذي هو ظاهر

المتن فإن قوله قدس سره: (فيكون إسقاط التعريف لإلضافة) (٢) صريح في أن البغلأيضا

مضاف إلى اليوم كإضافة القيمة التي هي مضاف إلى البغل إليه، فإنه لو كان--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٠ س ١٤ وما بعده.

(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٠ س ١٤ وما بعده.

(٣١١)

Page 313: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

مقصوده إضافة القيمة إلى اليوم ال إضافة البغل إليه لما كان لسقوط حرفالتعريف وجه.

وعلى أي حال، فإضافة المجموع أيضا ال معنى له، ألنه يلزم الجمع بيناللحاظ اآللي واالستقاللي في لحاظ واحد، فإن جهة إضافة المضاف هي معنى

حرفي، وال بد من لحاظها مستقال في اإلضافة الثانية كما ال يخفى.نعم، يجوز اإلضافة الطولية نحو: (مثل دأب قوم نوح)، أو حافر فرس

جبرئيل. ولكن اإلضافة الطولية ال معنى لها في المقام، لعدم معنى لقولك: بغل يومالمخالفة فإن البغل ال يمكن أن يتخصص بيوم المخالفة، وهكذا ال يمكن أن يتعلق

اليوم باالختصاص الحاصل من إضافة القيمة إلى البغل فإنه معنى حرفي، فاألوفىواألوفق بالقواعد العربية تعلق الظرف بنعم، وهو أيضا يدل بااللتزام على أن

المدار على قيمة يوم المخالفة.بل لو قيل: إن المقام من قبيل تتابع اإلضافات وحيث ال تختلف األعيان

باختالف األيام فبداللة االقتضاء ال بد أن تكون إضافة البغل إلى اليوم باعتبارقيمته في ذلك اليوم لكان المدار أيضا على قيمة يوم المخالفة.

هذا، مع أن البغل في بعض نسخ الكافي (١) واالستبصار (٢) بالالم، فيكون يومالمخالفة حاال من القيمة، بل لو كان غير محلى باأللف والالم يمكن أن يكون منونا

بدال عن الالم.وبالجملة: ظهور هذه الفقرة في أن المدار على قيمة يوم المخالفة مما ال ينبغي

التشكيك فيه، ألنه لو كان السؤال عن أصل الضمان لكان الالزم االكتفاءبقوله عليه السالم: (نعم)، فتعقيبه بقوله عليه السالم: (قيمة بغل يوم خالفته) كاشف عن

أن أصلالضمان كان مفروغا عنه عند السائل، لذا قال: (أرأيت لو عطب أو نفق؟) سيما بعد

فتوى أبي حنيفة بأن الضمان موجب لسقوط الكرى من باب الخراج بالضمان،--------------------

(١) ما بأيدينا من الكافي واالستبصار ورود البغل منكرا، نعم أثبته محلى باأللف والالمالبحراني في حدائقه: ج ٢١ ص ٥٩٥، والجواهري في جواهره: ج ٢٧ ص ٣١٦.

(٢) ما بأيدينا من الكافي واالستبصار ورود البغل منكرا، نعم أثبته محلى باأللف والالمالبحراني في حدائقه: ج ٢١ ص ٥٩٥، والجواهري في جواهره: ج ٢٧ ص ٣١٦.

(٣١٢)

Page 314: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وإنما كان سؤاله عن مقدار الضمان، فأجاب اإلمام عليه السالم بعد تقديره له أصلالضمان بقوله: (نعم) عن المقدار بقوله: (قيمة بغل يوم خالفته) أو (قيمة البغل يوم

خالفته) بنصب اليوم.الثاني: قوله عليه السالم: (أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين

اكترى كذا وكذا) فإن إثبات قيمة يوم االكتراء في خصوص المورد ليس إال منحيث أنه يوم المخالفة، والتعبير به عنه لنكتة إمكان إقامة الشهود، ألن االكتراء

يقع غالبا بمحضر من الناس.وعلى هذا، فال ينبغي طرح الرواية من باب داللتها على ضمان العين

المستأجرة بال شرط، الذي هو مخالف للقواعد، ألنها لم تدل على ضمان يوماالكتراء الذي وقع اإلجارة فيه صحيحا وبال شرط الضمان، بل تدل على ضمان

يوم المخالفة، وهذا على طبق القواعد.وحاصل الكالم: أن ظهور الصحيحة في أن المدار على قيمة يوم المخالفةال شبهة فيه، إنما الكالم في ما يتخيل أنه موهن لهذا الظهور، وهو أمور:

األول: قوله عليه السالم: (عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه)، وظاهرهأن المدار في القيمة على قيمة يوم الرد ال يوم المخالفة، سواء كان اليوم قيدا للقيمة

أو متعلقا بأفعال العموم المقدرة، أو متعلقا ب (عليك).أما بناء على كونه قيدا للقيمة أو متعلقا بأفعال العموم فواضح، ألن معناه عليك

ما يتقوم به يوم الرد، أو القيمة الثابتة يوم الرد.وما أفاده المصنف في رد تعلق الظرف بالقيمة بقوله: إذ ال عبرة في أرش

العيب بيوم الرد إجماعا (١) ففيه: إنه لم ينعقد االجماع على عدم اعتبار يوم الرد، بلقد انعقد على تبعية النقص الحادث في تعين يوم قيمته ليوم قيمة أصل العين. فلو

قيل في أصل العين بيوم الرد فيتبعها الصفات أيضا فلتكن هذه الصحيحة دليال ليومالرد بناء على التبعية التي هي مسلمة.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٠ س ٢٣.

(٣١٣)

Page 315: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما بناء على كونه متعلقا بعليك: فلما ذكرنا من المالزمة بين فعلية الضمانفي زمان وزمان القيمة. ولكنك خبير بأن هذا ال يوجب الوهن أصال وإن اخترناه

في تعليقتنا سابقا، وذلك لظهور هذا الكالم في تعلق الظرف بعليك، والمالزمةممنوعة في المقام، ألنها ثابتة في مقام اشتغال الذمة، ال في مقام الفراغ.

والرواية ليست في مقام بيان أن نقص الصفات موجب للضمان في يوم الرد،بل مفادها: أن يوم رد البغلة. عليك التفاوت بين الصحيح والمعيب، وال تعرض

فيها على أن التفاوت يالحظ يوم الغصب، أو يوم تلف وصف الصحة، أو نفس هذااليوم الذي يرد فيه.

ورد المصنف (١) هذا الموهن بوجه آخر، وهو احتمال أن يكون اليوم قيداللعيب، أي: العيب الموجود حال الرد يوجب الضمان، ولكن ضعفه بأن العيب قد

يرتفع أو ينقص يوم الرد، والزم كون اليوم قيدا للعيب أن ال يوجب ضمانا فيهاتين الصورتين، مع أن مقتضى الفتوى خالف ذلك.

وفيه: أنه ليس عدم سقوط الضمان مقتضى فتوى الكل، بل المسألة خالفيةبسقوط الضمان.

فقيل بسقوط الضمان مطلقا (٢)، وقيل بعدم سقوطه مطلقا كما عليه الفاضل فيالتذكرة (٣)، وقيل بالتفصيل (٤) بين الوصف القابل للزيادة كالسمن، وما لم يكن

كذلك كوصف الصحة فإذا زال السمن ورجع فعليه الضمان، بخالف ما إذا حدثتنقطة في عين الدابة وارتفعت، وهذا االختالف رجاء في العيب الموجود حال

العقد، أو الحادث بعده إذا زال قبل القبض.ولكن األقوى في الغصب عدم ارتفاع الضمان بارتفاع الوصف، سواء ارتفع

بفعل الله سبحانه، أم بفعل الغاصب، أم األجنبي، ألن ارتفاعه حصل في ملك المالكفال ينفع به الغاصب.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٠ س ٢٧.(٢) المبسوط: كتاب الغصب ج ٣ ص ٦٤.

(٣) تذكرة الفقهاء: كتاب الغصب ج ٢ ص ٣٨٧ س ١٨ وما بعده.(٤) جواهر الكالم: كتاب الغصب ج ٣٧ ص ١٧٠.

(٣١٤)

Page 316: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

واألقوى في باب العقد ارتفاع الضمان، ألن المدار في هذا الباب تسليمالمبيع صحيحا.

وعلى أي حال، ليس ضمان الوصف في باب الغصب مطابقا لفتوى جميعالفقهاء. هذا، مضافا إلى أن كون أحد االحتماالت مخالفا للفتوى ال يوجب ظهور

الكالم في غيره، فإن الظهور ال بد أن يكون مستندا إلى اللفظ.فالصواب: أن العيب غير قابل ألن يتعلق به الظرف، ألن المراد منه هنا:

الحاصل من المصدر، وهو معنى اسمي ليس فيه معنى الفعل، وال يمكن إشرابمعناه فيه، وال يمكن أن يجعل اليوم صفة للعيب بأن يكون الظرف مستقرا، ألنه

نكرة، والعيب معرف بالالم، والظرف المستقر منحصر في النعت والصلة والحالوالخبر، وكل منها ال محل له في المقام.

الثاني: قوله عليه السالم: (أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون على أن قيمة البغليوم اكترى كذا وكذا) فيلزمك، فإنه لو كان العبرة بيوم المخالفة لم يكن وجه، لكون

القول قول المالك مع كونه مخالفا لألصل، فإن األصل براءة ذمة الضامن عمايدعيه المالك، وهذا بخالف ما إذا قلنا بيوم الدفع فإن القول قول المالك، لكونهمطابقا لألصل، ألن القول بيوم الدفع مرجعه: إما إلى بقاء العين بخصوصيتها إلى

يوم الدفع في عهدة الضامن، وإما إلى بقاء ماليتها الغير المتقدرة بالقيمة، فإذا ادعىالمالك زيادة قيمة العين أو الوصف يوم الدفع فالقول قوله، ألن األصل عدم فراغذمة الضامن بما يدفعه بدال عن التالف. فإن ظاهر السؤال في قول السائل: فمنيعرف ذلك؟ هو السؤال عن صورة التنازع، فكون قول المالك موافقا لألصل

منحصر في أن يكون المدار على يوم الدفع.وفيه: أنه يمكن النزاع في تنزل القيمة يوم المخالفة مع اتفاقهما في القيمة قبل

ذلك فيدعي الغاصب التنزل فالقول قول المالك.الثالث: أن سماع البينة من المالك ال يجتمع مع كون القول قوله، فال بد من أن

يجعل سماع البينة منه في مورد، وكون القول قوله في مورد آخر، وهذا يتم على

(٣١٥)

Page 317: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

القول بيوم التلف بحمل الرواية على صورتين:األولى: ما إذ اختلفا في تنزل القيمة يوم التلف مع اتفاقهما على قيمته سابقا،

فيدعي الغاصب التنزل فالقول قول المالك.الثانية: ما إذا اختلفا في قيمته سابقا مع اتفاقهما على بقائه عليها إلى يومالتلف فالقول قول الغاصب ألصالة البراءة، وعلى المالك إقامة البينة على

ما يدعيه.وأما بناء على يوم المخالفة فال بد إما من حمل النص على التعبد، وأن البينة

تسمع من المنكر في خصوص الغصب أو غصب الدابة. وإما من حمل كون قولالمالك موافقا لألصل على ما إذا اتفقا على القيمة قبل الغصب واختلفا في التنزل

يوم الغصب، فيدعي الغاصب التنزل، وكالهما بعيد.وفيه أوال: أن مجرد االستبعاد ال يثبت المدعى، ألن للخصم دعوى االستبعاد

في بعض الموارد على الوجه اآلخر أيضا، فكما يمكن فرض مورد سماع البينةمن المالك غير مورد كون القول قوله بناء على القول بيوم التلف فكذا يمكن

اختالف الموردين على القول بيوم المخالفة.وثانيا: يمكن حمل الرواية على صورة واحدة، وهي دعوى الغاصب كون

الدابة معيوبة حين اكتراها فاألصل مع المالك، ألصالة الصحة، أو دعواه التنزل عمااتفقا عليه سابقا قبل يوم المخالفة، وسماع البينة منه إنما هو لدفع اليمين عن نفسه

فتكون الصحيحة من األدلة الدالة على سماع البينة من المنكر، كما في قضيةالسرج المعروفة، وهي أن عيسى بن موسى أمر رجال في السعي أن يدعي البغلة

التي عليها أبو الحسن موسى عليه السالم، فأتاه وتعلق باللجام وادعى البغلة، فثنى أبوالحسن عليه السالم رجله ونزل عنها وقال لغلمانه: خذوا سرجها وادفعوها إليه، فقال:السرج أيضا لي، فقال عليه السالم: كذبت عندنا بالبينة بأنه سرج محمد بن علي. وأما

(٣١٦)

Page 318: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

البغلة فإنا اشتريناها منذ قريب وأنت أعلم بما قلت (١).هذا تمام الكالم في مدرك القول بأن المدار على قيمة يوم المخالفة، وأما

مدرك سائر األقوال فمدرك أعلى القيم وجوه:األول: ظهور الصحيحة، فإن قوله عليه السالم: (يوم خالفته) بيان ألن المخالفة

موجبة للضمان، والمفروض أن كلما كان الشئ تحت سلطنة الغاصب فالغاصبخالف المالك فيه، وال موجب ألن تكون القيمة ملحوظة في أول حدوث المخالفة،

بل إذا فرض قيمة العين في يوم أعلى من سائر األيام فيضمنها الغاصب وإن تنزلتبعد ذلك أو لم يكن بهذا المقدار في أول األيام. والمتناع اجتماع الضمانات لعين

واحدة يدخل األدنى تحت األعلى وينحصر في األعلى.الثاني: ما تقدم: من أن تفاوت الرغبات أيضا كالصفات يدخل تحت الضمان.

الثالث: ما ذكره المصنف قدس سره: من أنه إذا تلفت العين في يوم ارتفاع قيمتهافال إشكال في ضمان األعلى بناء على االعتبار بيوم التلف، فكذلك إذا حيل بينها

وبين المالك حتى تلفت فيضمن األعلى ولو تنزلت يوم التلف، لكون الغاصب منعالمالك عن التصرف في اليوم الذي ارتفعت قيمتها.

الرابع: قاعدة نفي الضرر.ولكن ال يخفى أن هذه الوجوه كلها تقتضي عدم الفرق بين رد العين وبين

تلفها، مع أنهم ال يلتزمون بذلك.ولو قيل: بأن ضمان األعلى مشروط بالتلف لقلنا بأن هذا يمكن بناء على

الوجه األول والثالث. وأما الثاني والرابع فال وجه لتقدير التلف في العين، بل نفستلف الوصف كاف لثبوت ضمانه على الغاصب.

هذا، مع أن التمسك بقاعدة الضرر ال وجه له في مثل المقام، ألن نفي الضررحاكم على األدلة المثبتة للتكاليف وليس مثبتا لحكم يرفع به الضرر، فالحكم

--------------------(١) الكافي: ج ٨ ص ٧٢ ح ٤٨، وفيه: (موسى بن عيسى)، عنه وسائل الشيعة: ب ٢٤ من

أبواب كيفية الحكم ح ١ ج ١٨ ص ٢١٤.

(٣١٧)

Page 319: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بوجوب دفع األعلى حتى ال يرد الضرر ال يستفاد من (ال ضرر). وأما مدرك يومالدفع فمن وجوه أيضا:

األول: الصحيحة (١) فإن قوله عليه السالم: (يوم ترده عليه) ظاهر في أن المدار علىيوم الرد، وفيه ما تقدم من عدم الداللة.

وحكي عن صاحب الجواهر: (٢) أن لفظ (يوم) ليس في نسخة التهذيبالمصححة، فبناء على عدم الداللة على يوم الدفع في غاية الوضوح، ولكن ما

أفاده معارض:أوال: بنسخ الكافي الذي روى التهذيب (٣) عنها، فإن لفظ (يوم) موجود فيها،

كما هو موجود في الوسائل (٤) وغيره.وثانيا: في مقام الدوران بين الزيادة والنقصان الترجيح مع عدم الزيادة، وال

ينافي ذلك اشتراك كل منهما في األصل العقالئي، وهو أصالة عدم الغفلة، ألنالغفلة بالنقص أقرب إلى االنسان من الغفلة بالزيادة، فإن زيادة الراوي من عند

نفسه في غاية البعد.وثالثا: مقتضى القواعد العربية لو لم يكن لفظ (يوم) أن يقال: تردها عليه،

النحصار المرجع في القيمة، وهذا بخالف ما إذا كان لفظ (يوم) في العبارة، فإنمرجع الضمير هو البغل، لعدم إمكان إرجاع الضمير إلى القيمة، ألنه ال معنى ألنيقال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترد القيمة، ألنه ليس للقيمة قيمة يوم

الرد.الثاني: قوله صلى الله عليه وآله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (٥) بناء على ما

--------------------(١) تقدم تخريجها في الصفحة: ٣١٠.

(٢) جواهر الكالم: كتاب الغصب ج ٣٧ ص ١٠٢.(٣) تهذيب األحكام: ج ٧ ص ٢١٥ ح ٩٤٣.

(٤) وسائل الشيعة: ج ١٧ ص ٣١٣ ب ٧ من أبواب اإلجارة ح ١ و ج ١٣ ص ٢٥٥، ب ١٧ منأبواب الغصب ح ١.

(٥) تقدم تخريجه في الصفحة: ٦٤.

(٣١٨)

Page 320: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

استظهرناه منه من أنه ظاهر في استقرار نفس المأخوذ في عهدة اآلخذ، وتلفه اليقتضي انقالبه إلى القيمة، بل يبقى المال غير متقدر بالقيمة إلى يوم األداء.الثالث: تسالم األصحاب على صحة المصالحة بين التالف وأي مقدار من

القيمة، ولو كان التلف موجبا لالنقالب إلى القيمة لم تصح المصالحة إال على مقدارما يساوي قيمة التالف، وإال لزم الربا، فعدم مالحظة أحكام الربا كاشف عن أن

العوضين ليسا متجانسين.وأما مدرك القول بيوم التلف فهو األخبار الواردة في باب الرهن والعتق.

أما األول: ففي الوسائل عن أبي حمزة سألت أبا جعفر عليه السالم عن قولعلي عليه السالم: (يترادان الفضل، فقال: كان علي عليه السالم يقول) ذلك، قلت:

كيف يترادان؟فقال: إن كان الرهن أفضل مما رهن به ثم عطب رد المرتهن الفضل على صاحبه،

وإن كان ال يسوى رد الراهن ما نقص من حق المرتهن، قال: وكذلك كان قولعلي عليه السالم في الحيوان وغير ذلك (١).

وفيه أيضا عن إسحاق بن عمار (سألت أبا إبراهيم عليه السالم عن الرجل يرهنالرهن بمائة درهم وهو يساوي ثالثمائة درهم فيهلك، أعلى الرجل أن يرد على

صاحبه مائتي درهم؟ قال: نعم، ألنه أخذ رهنا فيه فضل وضيعه، قلت: فهلكنصف الرهن؟ قال: على حساب ذلك، قلت: فيترادان الفضل؟ قال: نعم) (٢). فهذان

الخبران يدالن على أمرين:األول: أن القيمي بمجرد التلف ينتقل إلى القيمة.

الثاني: أنه يحتسب التالف قهرا في مقابل الدين، والتهاتر القهري ال يمكنإال باالنتقال إلى القيمة في يوم التلف، وإال كان على الراهن أن يؤدي الدين

ويأخذ حقه من المرتهن إما بقيمة يوم اإلتالف، أو يوم الدفع، أو أعلى القيم، أويوم التفريط لو كان غير يوم التلف.

--------------------(١) وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ١٢٩ ب ٧ من أبواب الرهن ح ١.

(٢) المصدر السابق: ح ٢.

(٣١٩)

Page 321: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وحملهما على االحتساب بالتراضي ال شاهد له، ال سيما األخير فإن ذيله وهوقوله عليه السالم (على حساب ذلك) يدل على أن مجرد التلف يوجب فراغ ذمة الراهن

بمقدار ما تلف بتفريط المرتهن.نعم، ال بد من حملهما على أن الرهن قيمي ال مثلي، وأن الدين من النقدين،

وال بعد فيه، كما يدل عليه ذيل الخبر األول، حيث قال عليه السالم: (وكذلك كانقول

علي عليه السالم في الحيوان).ولو نوقش فيهما ففي الباب أخبار صريحة في السقوط، كقوله عليه السالم: (وإن

كان الرهن سواء فليس عليه شئ) (١). وقوله عليه السالم: (وإن كان الرهن يسوى مارهنه فليس عليه شئ) (٢). وفي خبر آخر (وإن كان الرهن يسوى ما رهنه عليه

فالرهن بما فيه) (٣). أي الرهن بدل عن الدين.وأما الثاني: عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السالم: عن قوم ورثوا عبدا

جميعا فأعتق بعضهم نصيبه منه هل يؤخذ بما بقي؟ فقال عليه السالم: (نعم يؤخذ منهبقيمة

يوم أعتق) (٤). وفي معناه روايات أخر (٥).واستدلوا أيضا باألخبار الواردة في باب اإلجارة، ولكن ال يخفى ما في

الجميع، فإنها واردة في باب اإلتالف.ولو فرض أن إطالق أخبار الرهن يشمل صورة التلف فال بد من حمله على

صورة التعدي والتفريط، وإال فليس المرتهن ضامنا عند التلف، وموضوع البحث--------------------

(١) الكافي: ج ٥ ص ٢٣ ح ٦، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ١٢٩ ب ٧ من أبواب الرهن ح ٣.(٢) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٣١٢ ح ٤١١٥، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ١٢٩ - ١٣٠

ب ٧ من أبواب الرهن ح ٤.(٣) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٣٠٨ ح ٤١٠١، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ١٣٠ ب ٧ من

أبواب الرهن ح ٥.(٤) الكافي: ج ٦ ص ١٨٣ ح ٦، عنه وسائل الشيعة: ج ١٦ ص ٢٢ ب ١٨ من أبواب العتق ح ٦.

(٥) وسائل الشيعة: ج ١٦ ص ٢٣ - ٢٤ ب ١٨ من أبواب العتق ح ٩ وما بعده.

(٣٢٠)

Page 322: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

هو صورة التلف، وال دليل على اشتراكهما في الحكم.هذا، مع أن يوم اإلتالف والتعدي في باب عتق شقص من العبد وفي مسألة

الرهن واإلجارة هو يوم المخالفة غالبا، فإن يوم التعدي والتفريط الذي هو يومالمخالفة هو اليوم الذي يتلف الرهن.

فتحصل مما ذكرنا أن كون المدار على يوم المخالفة هو أقوى األقوال، وبعدهيوم الدفع، بل ال يبعد أن يقال: إن المتفاهم بحسب العرف والعادة كون اليد

واالستيالء على العين سببا لتقدير القيمة، وكون العين بماليتها الغير المتقدرة فيعهدة الضامن ليس أمرا ارتكازيا، ألن المال عند العرف هو المقدر بالقيمة.

هذا، مع أن حكمهم بجواز مطالبة المالك لقيمة العين في صورة تعاقب األيديمع إمكان مطالبته ممن يكون العين تحت استيالئه ظاهر في أن الغصب سبب

لتحقق الضمان فعال بقيمة المغصوب، وإال لم يكن وجه لجواز مطالبته من الغاصباألول مع وجود العين في يد الغاصب الثاني، بل ال يمكن الجمع بين عدم فعلية

الضمان إذا كانت العين موجودة ولم يتمكن الغاصب من ردها إلى مالكها، وبينالقول بوجوب بدل الحيلولة، مع أن القول بيوم الدفع بناء على كون العين في الذمةيقتضي ضمان منافعها أيضا، والظاهر بل المتيقن عدم التزامهم به، فيكشف عن أن

المدار على زمان وضع اليد على العين.وكيف كان، فالمسألة مشكلة، وااللتزام بآثار األقوال أشكل كما سيظهر ذلك

إن شاء الله.فينبغي لتوضيح جميع ما تقدم من التنبيه على أمور:

األول: قد يتخيل في بادئ النظر التنافي بين ما تسالم عليه المشهور من صحةالمصالحة على المال التالف بأي مقدار من الدرهم أو الدينار، وبين قولهم بيومالتلف، ألنه لو كان المال منتقال إلى القيمة يوم التلف فالمصالحة على العين ال

وجه له، بل قد يتفق مضافا إلى ذلك صيرورة المعاملة ربوية فالمصالحة عليها إنمايصح على القول بيوم الرد، كما تقدم أنه أحد الوجوه الدالة عليه، ولكنه يمكنالجمع بينهما بأن يكون مقتضى األصل هو يوم الدفع، ومقتضى الدليل هو يوم

(٣٢١)

Page 323: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

التلف، بمعنى أن القائل بيوم التلف ال يقول بانتقال العين في يوم التلف إلى القيمةحتى ال يصح المصالحة عليها، بل يلتزم ببقاء المال غير متقدر بالقيمة إلى يوم

الدفع، ولكن يوم الدفع إذا قدر بالقيمة يقدر بقيمة يوم التلف، لألدلة الدالة علىتعيين قيمة ذاك اليوم. ونظير ذلك: اجتماع الضمان يوم المخالفة مع بقاء العين في

ذاك اليوم، فإن معنى كون المدار على يوم المخالفة ليس بمعنى انتقال العين إلىالقيمة في ذاك اليوم، وال بمعنى اجتماع ضمان العين والقيمة معا، بل معناه أن يوم

التلف يقوم بقيمة يوم المخالفة.نعم، مقتضى ذلك أن يكون القول قول المالك عند االختالف، سواء قلنا بقيمة

يوم المخالفة أو يوم التلف، وال يختص بما إذا قلنا بقيمة يوم الدفع، ألن الشك بناءعلى كون العين بماليتها الغير المتقدرة في الذمة يرجع إلى الشك في الخروج عن

العهدة، ال إلى الشك في االشتغال، فإن رجوع الشك إليه إنما يصح بناء علىاالنتقال إلى القيمة.

الثاني: قد تقدم: أن تلف الوصف أيضا كتلف العين موجب للضمان، وهذا منغير فرق بين األوصاف الخارجية كوصف الصحة والكتابة والسمن ونحو ذلك،

واألوصاف االعتبارية ككون الشئ في زمان كذا أو مكان كذا، فإنه مما يزيد فيمالية المال، وليس كتفاوت الرغبات وقلة المال، أي فرق بين نقصان القيمة

السوقية ونقص القيمة الحاصل باختالف الزمان والبالد، فلو رد العين في غير هذاالزمان أو المكان وجب تدارك نقص قيمتها، وبناء عليه يجب رد النقص الخاص،ال رد قيمة آخر األزمنة أو األمكنة الذي يخرج العين فيه عن القيمة، ألنه لو كانللزمان أو المكان خصوصية فال وجه لتدارك قيمة قبيل خروج العين عن المالية،

فلو نقل الماء عن مفازة الحجاز إلى محل آخر للماء قيمة فيه أيضا وجب تداركالنقص.

نعم، نقصان القيمة السوقية بناء على القول بوجوب تداركه مختص بما إذاتلف العين ال مطلقا. وذكرنا أن هذا ينافي القول باعتبار األعلى، ألن القول به

(٣٢٢)

Page 324: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

معناه إلحاق القيمة السوقية بسائر الصفات، فاعتبار تلف العين فيه مشكل.الثالث: لو تعذر الوصول إلى العين فهل حكمه حكم التلف؟ قوالن، المشهور

ذلك.وتبعهم المصنف قدس سره، فقال: ثم إن في حكم تلف العين في جميع ما ذكر من

ضمان المثل أو القيمة حكم تعذر الوصول إليه وإن لم يهلك، كما لو سرق أوغرق. (١) ال يخفى أنه يسمى هذا الضمان ببدل الحيلولة، وتوضيح ذلك يتوقف

على بيان أمور:األول: في تنقيح مورده، وهو على ما يستفاد من كلمات األعالم صرف

التعذر ال التلف وما بحكمه، كما إذا خرج المال عن المالية شرعا، أو سرق ولميعرف السارق بحيث ال يتمكن من رده إلى مالكه عادة، ونحو ذلك مما يعد تالفاعرفا كما في الغرق ونحوه، فإن في هذه الموارد ال يضمن إال قيمة المال أو مثله،

ال بدل الحيلولة.نعم، في بعض الموارد يشك أنه من مصاديق التعذر أو التلف، كما لو غرق

ولم يحصل اليأس من الوصول إليه، فاألولى تأسيس األصل في المسألة، ثم بيانموارد الغرامات التي يكون التعذر منها، ثم بيان أقسام التعذر.

أما األصل في المسألة فقد يقال: إن مقتضى قوله صلى الله عليه وآله: (على اليد ماأخذت

حتى تؤدي) (٢) أن يكون المال بجميع خصوصياته الشخصية المثلية والصفاتالمالية والسلطنة عليه في عهدة الضامن بمجرد وضع اليد عليه، خرج منه صورةرد العين إجماعا، فيبقى الباقي فيشمل صورة التلف وما بحكمه، وصورة التعذر

بأقسامه، ألنه لو كان المال بماليته وخصوصياته في عهدة الغاصب مشروطا بعدمرده فإذا لم يكن رد عينه فللمالك مطالبة بدله، سواء أصدق التلف أو التعذر أم لم

يصدق، خرج المال عن القيمة أم لم يخرج، كان التعذر عقليا أم عرفيا، كان زمانهقصيرا أم طويال، حصل اليأس من العين أم لم يحصل.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١١ س ٣١.

(٢) تقدم في الصفحة: ٦٤.

(٣٢٣)

Page 325: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقد يقال - كما هو المتبادر بدوا -: إن عموم (على اليد) ال يقتضي إال ضمانمالية المال عند التلف، ال ضمان شخص المال، فضال عن توابعه إال بمعنى ردهتكليفا، فكون العين تحت سلطنة المالك ليس مما يدخل تحت ضمان الغاصب

حتى يجب أن يخرج عن عهدة ذلك مع بقاء العين، فثبوت البدل عند التعذروإلحاقه بالتلف يتوقف على دليل.

ثم بناء على هذا يصير األصل على عكس األصل بناء على األول، ألنه إذاشك في صدق التلف أو التعذر فاألصل براءة ذمة الغاصب ومن بحكمه. وأما

موارد الغرامات فأربعة:األول: التلف الحقيقي.

الثاني: تلف جميع االنتفاعات في جميع األزمنة، وهذا على قسمين:قسم يخرج العين فيه عن الملكية، وال يبقى إال حق االختصاص: كصيرورةالخل خمرا، والدهن نجسا، بناء على عدم جواز االنتفاع بهما أصال، وعدم

االنتفاع المعتد به.وقسم ال تخرج فيه عن الملكية، كما إذا انكسرت المرآة أو الظروف

الصينية (١) ونحوهما.الثالث: تلف بعض االنتفاعات الذي ليس مما يتقوم به الملكية في جميع

األزمنة، كما لو صار الحيوان موطوءا فإنه لم يتلف منه إال االنتفاع به دائما في بلدالوطئ ال في سائر البالد.

الرابع: تلف جميع االنتفاعات في بعض األزمنة كاللوح المنصوب في السفينةالذي يخاف بنزعه على النفس المحترمة ولو كان هو الغاصب أو تلف مال غير

الغاصب.وال شبهة في أن الثاني ملحق باألول، فإنه في حكم التلف إما شرعا أو عرفا.

وأما الثالث: فلوال الدليل على الضمان لكان مقتضى القواعد العامة عدمه،--------------------

(١) أي: أواني الخزف، أو المنسوبة إلى بلد الصين.

(٣٢٤)

Page 326: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

لعدم فوت معظم االنتفاعات.وأما الرابع: فهو مورد البحث في ثبوت بدل الحيلولة وعدمه، وعلى أي حال

بدل الحيلولة ال يقتضي دخول المبدل في ملك الضامن، فإنه غرامة عن المبدل،ألنه عوض عنه.

فتفصيل المصنف بين غرامة الحيوان بالوطئ وسائر الغرامات - حيث اختاردخول الحيوان في ملك الغارم دون غيره - ال وجه له، ألن وجوب الغرامة لو

اقتضى ملكية المتدارك من باب عدم إمكان الجمع بين العوض والمعوض القتضىفي الجميع، ولو لم يقتض ذلك ال يقتضي في الجميع.

وتوهم أنه إذا خرج الحيوان عن ملك المالك فال بد أن يدخل في ملك الغارموإال يبقى الملك بال مالك، فاسد.

أما أوال: فألنه ال موجب لخروجه عن ملك المالك، فإن الغرامة ليست عوضاحتى يقتضي دخولها في ملك المضمون له خروج العين التي وجب على الضامن

غرامتها عن ملكه.وأما ثانيا: فألن خروجها عن ملكه ال يقتضي دخولها في ملك الغارم، إلمكان

دخولها في بيت المال، إال أن يقال: إن تفصيل المصنف مستفاد من نفس الروايةالدالة على غرامة الحيوان فإن قوله عليه السالم: (يغرم ثمنه) (١) ظاهر في أن الحيوان

بالوطئ يدخل في ملك الواطئ، فإن التعبير بالثمن إنما هو لبيان ذلك.وأما أقسام التعذر فأصولها أربعة:

األول: أن يكون لسرقة المال المضمون مع معرفة السارق، أو ألباق العبد،وحاصله: ما تمكن الضامن من رده ذاتا، وإنما تعذر لعارض خارجي.

الثاني: أن يكون لعدم التمكن خارجا كالرطوبة الباقية على أعضاء الوضوء.الثالث: أن يكون لخروج المال بالرد عن المالية كالخيط المغصوب الذي

--------------------(١) الكافي: ج ٧ ص ٢٠٤ ح ١، مع تفاوت يسير، عنه وسائل الشيعة: ج ١٨ ص ٥٧١ ب ١ من

أبواب نكاح البهائم ح ٤.

(٣٢٥)

Page 327: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

خيط به الثوب، فإنه قد يكون إخراجه من الثوب مفضيا إلى التلف.الرابع: أن يكون لخلطه بمال آخر، وال يخفى أن بدل الحيلولة إنما يجري في

القسم األول دون غيره، وسنشير إلى ذلك إن شاء الله.األمر الثاني: في األدلة التي أقاموها على لزوم بدل الحيلولة، وهي أمور:

األول: قاعدة ال ضرر، وفيه: أن هذه القاعدة كقاعدة ال حرج إنما تكونحاكمة على األحكام الثابتة في الشريعة الشاملة بإطالقها لمورد الضرر، فكلمورد استلزم من تشريع الحكم فيه ضرر على المكلف فهذا الحكم مرفوع.وأما الحكم الغير الثابت الذي يلزم من عدم ثبوته ضرر على شخص فبقاعدة

ال ضرر ال يمكن إثباته، ألن القاعدة ناظرة إلى نفي ما ثبت من األحكام الشرعية،وعدم حكم الشارع بالضمان ليس من األحكام المجعولة في الشريعة.

الثاني: أن فيه جمعا بين الحقين بعد فرض رجوع البدل إلى الضامن لو ارتفعالتعذر.

وفيه: أنه لو ثبت حق للمالك على الضامن مع بقاء عين ماله لكان دفع القيمةإليه ما دام العين خارجة عن تحت استيالئه جمعا بين الحقين، وهذا يتوقف علىكون مجرد وضع اليد على العين مع بقائها موجبا لتعلق حق فعلي بالبدل للمالك

على الغاصب، وهذا مما ال يلتزم به أحد، حتى بناء على القول بأن المدار فيالقيمي على يوم المخالفة، ألنه ليس معناه فعلية الضمان بالقيمة والعين، بل فعليته

بالنسبة إلى القيمة مشروطة بالتلف، غاية األمر أنه يالحظ قيمة يوم المخالفة،وأما بدون تلف العين فال حق له إال على العين.

الثالث: عموم (الناس مسلطون). وفيه: أنه ال سلطنة له إال على العين،وعموم السلطنة ال يثبت الصغرى.

الرابع: كون الغاصب حائال بين المالك وملكه.وفيه: أن الحيلولة ليست من موجبات الضمان مستقال إال إذا دخل تحت اليد

أو اإلتالف. والمفروض أن قاعدة اليد ال تقتضي رد البدل مع عدم التلف،

(٣٢٦)

Page 328: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والمفروض عدم اإلتالف.الخامس: أنه فوت سلطنة المالك فيجب عليه تداركها.

وفيه: أنه ليس للمالك إال الملك، وأما السلطنة عليه فهي من أحكام الملك،فال معنى لتعلق الضمان بها.

وهذا مراد المحقق الثاني - الذي هو ترجمان الفقهاء - من قوله: جعل القيمةفي مقابل الحيلولة ال يكاد يتضح معناه (١).

وحاصل إشكاله: أن مجرد منع الضامن عن إعمال المالك سلطنته في مالهوحيلولته بينه وبين ماله ال يوجب أن تكون القيمة واجبة عليه، إال أن يقال: ليس

المراد من السلطنة التي التزم المصنف قدس سره بتداركها هي الحكم الشرعي، بلالمراد

هي الجدة االعتبارية، فالبدل بدل لهذه الجدة التي هي: عبارة عن كون المال تحتاستيالء المالك يتقلب فيه ما يشاء ويتصرف فيه ما يريد.

بل قيل (٢): هذه هي التي تقع متعلقة لإلجارة في مثل الدار والدكان، فإناألجرة تقع بإزاء كون العين تحت يده، فإذا كان الضامن سببا لتفويت هذه

الخصوصية على المالك وجب عليه تداركها، وهو ال يتحقق إال بأداء ما هو بدلالمال من المثل أو القيمة حتى يتصرف المالك فيه على مشيئته.

وفيه: أن مقتضى ذلك إما ضمان المنافع، أو التفاوت بين كون العين تحتاستيالئه وبين كونها خارجة عنه ال بدلها، فإن المالك وإن لم يقدر على جميع أنحاء

التقلبات في ماله بواسطة الحيلولة إال أن هذا ال يقتضي إال الضمان للمنافع أوالنقص، فإما يستحق أجرته، أو أرشه، فاألولى االستدالل له بما أشرنا إليه في

صدر المبحث، وهو أن (على اليد) يقتضي كون الضامن ضامنا للمأخوذ بجميعخصوصياته: الشخصية، والنوعية، والمالية، والصفات، والسلطنة، فإذا كان ماليته

في عهدته فإطالقه يقتضي عدم الفرق بين أن يكون التعذر دائميا أو مؤقتا.--------------------

(١) جامع المقاصد: كتاب الغصب ج ٦ ص ٢٦١.(٢) لم نهتد إلى قائله.

(٣٢٧)

Page 329: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، يرد عليه أن مع بقاء العين ال وجه لدخول مالية المال في عهدة اآلخذ، بلتعلق الضمان بماليته إنما هو في طول تعلق الضمان بالعين، فإن ظاهر الحديث أننفس المأخوذ في عهدته، غاية األمر أن وجوب الرد حيث إنه ليس حكما تكليفيا

محضا يقتضي أداء ما هو هو عند التلف.إال أن يقال: إنه بمناسبة الحكم والموضوع يستفاد عرفا من الحديث الشريف

أن اآلخذ إما يجب عليه رد المأخوذ بشخصه، وإما ما يصدق عليه أنه أداء له ما لميتمكن من رد شخصه، وال يرى العرف فرقا بين التلف والتعذر من حيث الداللة

للحديث، فإن استقرار العين في عهدة الضامن يقتضي أن يخرج من تبعات ماليته.نعم، إذا كان زمان التعذر قصيرا جدا فليست هذه المناسبة متحققة، كما أنه

ال يصدق الضرر أيضا.األمر الثالث: هل المدار في التعذر على التعذر المسقط للتكليف برد العين، أو

األعم منه ومن التعذر العرفي؟ وجهان مبنيان على ما تقدم من االختالف فيتقريب األصل في المسألة.

ولكن مقتضى األدلة عدم الفرق بين الصورتين، فإن فوت سلطنة المالكوالضرر عليه مشترك بينهما، ففي مورد التعذر العرفي وإن وجب على الضامن

السعي في تحصيل العين إال أن هذا ال ينافي وجوب البدل في زمان السعي، والوجه إلجراء استصحاب عدم تسلط المالك الذي كان قبل التعذر، فإنه محكومبإطالق (على اليد)، وعموم (السلطنة)، وقاعدة (ال ضرر)، وغير ذلك من األدلة

التي أقاموها على ثبوت البدل واستحقاق المطالبة.كما أن مقتضى األدلة أيضا عدم الفرق بين العلم بحصول العين واليأس منه

ورجائه، وال وجه الختصاصه بمورد اليأس، وليس دليل بدل الحيلولة لبيا حتىيكون المتيقن منه صورة اليأس.

ثم ال يخفى أن جهة البحث في التعذر العقلي أو العادي غير جهة البحث في

(٣٢٨)

Page 330: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تقييد التعذر بمورد اليأس أو إطالقه، ألن اليأس من الحصول قد ال يوجب سقوطالتكليف، لعدم كونه متعذرا عقال، كما أن العلم بوجدانه فيما بعد أو رجاء وجدانه

قد يوجب سقوط التكليف فعال، لكونه متعذر الحصول عقال في هذه الحال: إماللمنع الشرعي الذي هو كاالمتناع العقلي كما في اللوح الذي يوجب نزعه تلف

النفس المحترمة أو مال غير الغاصب، وإما للمنع الخارجي التكويني، فكل منمورد اليأس والعلم قابل لتقسيمه إلى التعذر العقلي والعرفي. كما أن طول الزمان

وقصره أيضا قابل لتقسيمه إليهما وإلى اليأس والعلم.فما أورده السيد قدس سره في حاشيته بعد قول المصنف: ثم الظاهر عدم اعتبار

التعذر المسقط للتكليف بقوله: ال يخفى أن هذا ليس مطلبا آخر، بل هو نفس الوجهاألخير الذي أيده بأن فيه جمعا بين الحقين. كما أن تعبير البعض بالتعذر هو نفس

الوجه األول وهو اليأس من الوصول فال وجه للتكرار (١) غير وارد، فتدبر.وكيف كان، لو قلنا: بأن المالك يستحق المطالبة بالبدل من الضامن بمجرد

أخذ المبدل غاية األمر أنه مشروط بالتلف أو التعذر فال فرق بين أقسام التعذر إالأن يكون زمانه قصيرا جدا.

األمر الرابع: في األحكام المتفرعة عليه بعد ثبوته، وهي في ضمن مسائل:األولى: هل البدل ملك للمالك أو مباح له؟ وجهان، واألقوى كونه ملكا له،

ألنه لو ثبت للمالك حق في أخذه البدل فهو ملك له، ولو لم يثبت فال يباح لهأيضا، وااللتزام باإلباحة حتى ال يجتمع العوض والمعوض في ملك المالك ال

موجب له، ألنه يمكن أوال: االلتزام بكون العين المتعذر ردها ملكا للضامن، كمااختار ذلك صاحب الجواهر (٢) قدس سره في بعض أقسام التعذر كالخيط الذي برده

يتلف، (أو تلف) المخيط، والرطوبة الباقية على أعضاء الوضوء. واختار ذلك--------------------

(١) حاشية المكاسب للسيد الطباطبائي اليزدي: ص ١٠٧ س ١٥.(٢) جواهر الكالم: كتاب الغصب ج ٣٧ ص ٧٩ - ٨٠.

(٣٢٩)

Page 331: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

السيد المحشي (١) قدس سره في جميع أقسام التعذر، بل في التلف الحقيقي، وهذاوإن لم

يستقم - كما سيجئ وجهه - إال أنه يرفع إشكال الجمع.وثانيا: وجوب البدل ليس إال من باب الغرامة ال المعاوضة، فإذا كان كل

واحد من البدل والعين المتعذر ردها ملكا للمالك فال محذور فيه، ألن اجتماعهماكاجتماع األرش والعين المعيبة.

ولكن الصواب أن يقال: لو كان البدل بدال عن المالية بأن استفدنا وجوبه عنعموم (على اليد) فهو ملك للمالك، ولو كان بدال عن السلطنة الفائتة فمقتضاه كونه

مباحا له كاإلباحة في المعاطاة، ألن ما فات عن المالك هو آثار الملك، وهيالتصرف والتقلب فيه كيف شاء، فال بد أن يقام مقامه ما جاز للمالك التصرف فيه

حتى المتوقف على الملك، كما كان له السلطنة على عينه قبل التعذر، ومقتضى ذلكهو اإلباحة المطلقة، وااللتزام بالملكية آنا ما في التصرف المتوقف على الملك ال

الملكية من أول األمر.وكيف كان، لم يجتمع عند المالك العوض والمعوض، وال البدل والمبدل، ألن

الغرامة لو كانت مباحة له كانت بدال عن السلطنة الفائتة، ولو كانت ملكا له فهيبدل عن مالية ماله التي فاتت منه زمان التعذر.

الثانية: هل البدل بدل للعين دائما، أو ما دام التعذر، أو ما لم يرد العين، أوتفصيل بين القول بالملكية واإلباحة؟ وجوه، واألقوى كونه موقتا مطلقا فيعود إلى

ملك الغارم، أو إلى تحت سيطرته بعد التمكن، أو بعد رده العين على الوجهيناآلتيين، وذلك ألن من مناسبة الحكم والموضوع يستفاد أن الحيلولة أو التعذرموضوع للحكم بوجوب الغرامة وعنوان له، ال أنه علة له حتى يمكن أن تبقى

الغرامة للمالك دائما، الحتمال كون حدوثه آنا ما كافيا لبقائها له أبدا، كما فيمسألة التغير الذي هو علة لثبوت النجاسة في الماء ال عنوانا للموضوع، بل لو شك

في كونه عنوانا أو علة لكفى في عدم جريان استصحاب بقاء حق المالك.--------------------

(١) حاشية المكاسب للسيد الطباطبائي اليزدي: ص ١٠٨ س ٣٣ وما بعده.

(٣٣٠)

Page 332: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبالجملة: بعد التمكن أو بعد رد العين ال وجه لبقاء الغرامة في ملك المالك، أوتحت سلطانه، فإنها وإن لم تكن عوضا بل كانت: إما بدال عن السلطنة، أو بدال عن

المالية إال أن بدليتها كانت موقتة ال دائمية.إال أن يقال: إنها لو كانت بدال عن السلطنة فحيث إنها كانت بدال عن السلطنة

الفائتة التي ال ترجع إلى المالك أبدا، فتبقى هذه أيضا على البدلية دائما، بل يمكنأن يقال أيضا بالملكية الدائمية على القول بالملك من جهة عدم ثبوت الملك

الموقت في الشرع.ولكن الحق عدم إمكان االلتزام بالسلطنة الدائمية، وال بالملكية كذلك، وال

يجري االستصحاب على الوجهين.أما بناء على بدليتها عن السلطنة فألن مقدار ما فاتت من السلطنة تتدارك

بالغرامة، فإذا عادت فتعود الغرامة أيضا إلى الغارم.وأما بناء على كونها بدال عن المالية فألن القول بأن الملكية المؤقتة غير ثابتة

في الشرع غير مسموع، ألن ثبوتها كذلك لم يقم برهان على امتناعه إال في البيع،لقيام االجماع على بطالنه كذلك، فإذا اقتضى الدليل التوقيت في غير البيع فيتبع

هذا، مع أن في األوقات الخاصة الملك للبطون ليس دائميا (١).الثالثة: هل العين التي يجب على الضامن غرامتها ملك للضامن مطلقا، أو

باقية في ملك المالك مطلقا، أو تفصيل بين الغرامات؟ وجوه، قد تقدم أن كل مورددل الدليل على كون الغرامة ثمنا فيستكشف منه: أن وجوب دفع الغرامة من باب

المعاوضة الشرعية القهرية، وما لم يقم دليل عليه فال موجب لدخول العين في ملكالغارم، من غير فرق بين التعذر بأقسامه والتلف الحقيقي والعرفي، وجريان

الرجاء فيها ال يدل على كون الغرامات من باب المعاوضة، إال إذا قلنا: بالتالزمبينهما، وبناء عليه ال نلتزم بجريان الرجاء فيها، فإن عدم صحة رد الزائد أو

--------------------(١) ال يقال: إن دوران الملك مدار الحياة ال يقتضي التوقيت وإال لجرى ذلك في جميع

األمالك، للفرق بين ملك البطون وملك غيره كما ال يخفى. (منه عفي عنه).

(٣٣١)

Page 333: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الناقص في المكيل أو الموزون وبدال عن التالف أو المتعذر ليس اتفاقيا، وبناءعلى ثبوت االتفاق ليس اختصاص الربا بالمعاوضات اتفاقيا.

وبالجملة: الغرامة ال معاوضة مالكية وال شرعية قهرية، فإن الدليل الدال علىالضمان ال يقتضي كون العين ملكا للضامن، سواء أصارت تالفة حقيقية أم عرفا،

كما إذا خرجت عن قابلية االنتفاع بها، كاألواني المكسورة، والماء المصبوب علىأعضاء الوضوء. أو شرعا، كما إذا صار الخل خمرا، أو صارت متعذرة، كمورد بدل

الحيلولة، بل في التلف الحقيقي ال يعقل دخول التالف في ملك الضامن، وللقطعباتحاد الحكم في جميع موارد الغرامات نحكم بعدم دخول المبدل في ملكه

مطلقا، بل يبقى في ملك مالكه، وذلك ألن في التلف الحقيقي إما أن يقال بدخولالتالف في ملكه قبل التلف أو بعده، فلو قيل بدخوله قبله: كدخوله في تلف المبيع

قبل قبضه آنا ما في ملك البائع وكذلك في المعاطاة. ففيه:أوال: أنه يلزم تقدم المعلول على علته بيان المالزمة واضح، فإن التلف علة

للغرامة، والغرامة علة لدخول التالف في ملك الغارم، فكيف يدخل في ملكه قبلالتلف الذي هو علة لعلته؟.

والقول: بأن في الرتبة السابقة على التلف يقدر التالف ملكا للضامن ال فيالزمان السابق عليه ال يستقيم، المتناع التقدم الرتبي أيضا.

وثانيا: أن هذا يقتضي التقدير في التلف الحكمي والتعذر بأقسامه، فيلزم أنيكون التعذر بنفسه موجبا لملكية المتعذر للغارم، والزم ذلك أن تكون منافعه قبل

أداء الغرامة له، وال أظن أن يلتزم به أحد ولو كان بعده، فدخول المعدوم في الملكأمر ال يعتبره العقالء، وفرضه موجودا، ال يجعله موجودا، مع أنه بال موجب.

وبالجملة: حيث إن الغرامة سادة للثلمة التي وردت على ملك المالك فاليقتضي لزومها على الغارم دخول عين المالك في ملكه، ألنها ليست بدال عن نفس

العين، فبقاء العين في ملك المالك ال يقتضي الجمع بين العوض والمعوض، والالبدل وال المبدل.

(٣٣٢)

Page 334: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إن مقتضى ذلك أنه لو خرج العين عن قابلية التملك كما إذا صار الخلخمرا كان المالك أولى من الضامن به، ويبقى حق االختصاص له.

وال يقال: لم يكن له حق االختصاص في عرض الملك، ألن لكل منهما موردامستقال، وال يجتمعان في مورد واحد حتى يبقى أحدهما بعد زوال اآلخر، فإذا

زالت الملكية فإما يلحق بالمباحات األصلية فهو لكل من سبق إليه، وإما للغاصبلكونه في يده. وعلى أي تقدير، فثبوت األولوية للمالك مشكوكة، ألنها جديدة

تتوقف على سبب، واألصل عدمه.ألنا نقول: ليس الحق أمرا مغايرا للملك، بل هو من شؤونه ومراتبه الضعيفة

المندكة تحت القوي، ألنه عبارة عن إضافة خاصة بين المستحق والمستحقعليه، وهي حاصلة للمالك ومحفوظة في جميع الحاالت المتواردة على الملك،

فهي كالهيولي ال تزول بزوال الصور النوعية، فإذا صار الخشب رمادا ال يزول عنهإضافة المالك، بل قد ال تزول الصورة كالماء الخارج عن المفازة، والجهد الباقيمن الصيف إلى الشتاء، وال يصح قياس الملك والحق على الوجوب واالستحباب،ألنهما متغايران بالمالك، ولكل منهما مصلحة مستقلة، فإذا نسخ الوجوب النتهاءمصلحته فال تبقى مرتبة ضعيفة من الطلب حتى يبقى االستحباب، فإنه يحتاج إلى

مالك مستقل، والجامع الطلبي ال يكفي للحكم باالستحباب، ولذا عدا حكمينمتضادين.

نعم، لو أحرزنا مالك االستحباب في ضمن مالك الوجوب لقلنا ببقائه بعدفسخ الوجوب.

ثم إن هنا قوال بالتفصيل بين من كان يده يدا تبعية كيد الوكيل، والودعي،والمرتهن، وكل يد أمانية فحق االختصاص للمالك، ومن كان يده يدا استقالليةكالغاصب واآلخذ بالعقد الفاسد فهو له، ولكن األقوى ما عرفت: من بقاء حقاالختصاص للمالك مطلقا، لكونه من مراتب الملك، بل لو قيل: بأنه من أحكام

السلطنة وآثارها فهو له أيضا، ألنه إذا كان من آثار السلطنة على الشئ ثبوت

(٣٣٣)

Page 335: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

حق االختصاص فيه فهذا غير قابل للزوال بزوال الملكية.نعم، لو قيل: بأن الحق والملك متغايران ذاتا وموردا فيجئ النزاع في أنه

لمن سبق إليه، أو للمالك مطلقا، أو لمن كان يده يدا استقاللية؟ وعلى هذا ال يجرياستصحاب وجوب الرد الثابت سابقا، سواء كان هو المتأصل في الجعل والملكية

أو الحق، منتزعة عنه أم كان المجعول هو الملكية، أو حق االختصاص، وكانوجوب الرد من أحكامه.

أما على األخير فواضح، للعلم بزوال الملكية والشك في ثبوت حقاالختصاص، وأما على األول فألن الوصف العنواني وهو الملك أو الحق له دخلفي وجوب الرد، وليس الموضوع هو ذات الشئ، وال أقل من الشك فال مجال

الستصحابه، فتأمل.ولكن هذا القول ضعيف جدا، وال يشهد له االختالف في باب إحياء الموات،

وهو: أن من عمر أرضا خربة تركها أهلها هل ينتفع بها بال حق لصاحبها األصلي،أو مع إعطائه طسقا، ألن االختالف فيه: إنما هو الختالف األخبار في بقاء الملك

على ملك المالك األصلي فيستحق الطسق، أو زواله فال يستحق شيئا، وال تدلعلى عدم بقاء حق االختصاص لصاحبه األصلي مع بقاء الملك على ملكه، بل من

نفس هذه األخبار يظهر صدق ما ادعيناه من أن الحق من مراتب الملكية،لظهورها في أن من حجر مكانا يستحقه اختصاصا ال ملكا، وإذا عمره يصير ملكا

له، فيحصل له أوال حق االختصاص ثم الملكية، وال شبهة في أن الحق ال يزول بعدحصول الملك، بل يندرج فيه.

وكيف كان، ال إشكال في أن الخمر إذا صار خال عاد إلى ملك المالك اتفاقاإذا لم يسبقه سابق.

ثم إن مما يتفرع على هذه المسألة عدم جواز المسح بالبلل الباقي علىأعضاء الوضوء، فإن الماء وإن كان تالفا عرفا فيجب على الضامن بدله، إال أنه لم

يخرج عن ملك المالك، لما عرفت أن الضمان في حد نفسه ال يقتضي دخول

(٣٣٤)

Page 336: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المضمون في ملك الضامن، ولذا لم يلتزم أحد بأن الضامن لدين الغير يملك الدين،وعرفت أن جريان الربا في الضمان ال يالزم كونه معاوضة، ولذا ينسب إلى

المشهور جريانه في الضمان العقدي، فقالوا: ال يجوز أن يصير الشخص ضامنالدين في ذمة الغير أزيد مما في ذمته إذا كان مكيال أو موزونا، مع أنهم ال يلتزمون

باقتضاء الضمان المعاوضة مطلقا.اللهم إال أن يقال بالفرق بين الخمر والرطوبة الباقية على أعضاء الوضوء، فإن

الخمر قابل للتخليل فيبقى حق االختصاص للمالك، أو هو مباح لكل من سبق إليه،وأما الرطوبة فال هي مال، وال فيها حق اختصاص، لعدم إمكان ردها إلى المالك

خارجا، وعدم قابلية االنتفاع بها لغير المتوضئ.وبالجملة: الرطوبة شئ ال يمكن أن يتعلق بها وجوب الرد تكليفا، وال هي

في عهدة الضامن وضعا، ألن ما ال يمكن أداؤه أبدا ال معنى ألن يتعلق الضمان به،فإذا خرجت عن المملوكية عرفا فال مانع ألن ينتفع بها من هي على أعضائه، فتأمل.

الرابعة: هل دفع البدل حق للضامن أو المطالبة به حق للمالك، أو لكليهما؟واألقوى هو الثاني كما اختاره المصنف قدس سره، فقال: ثم إن ثبوت القيمة مع تعذر

العين ليس كثبوتها مع تلفها في كون دفعها حقا للضامن (١).ووجهه واضح، فإن مجرد التعذر ال يوجب انقالب العين إلى القيمة كما قلنا

بذلك في المثلي المتعذر مثله، فليس للضامن إلزام المالك بأخذ البدل بحيث لوامتنع منه رده إلى الحاكم، بل للمالك اإلغماض عن الخصوصية الشخصية

والمطالبة بالبدل، وله الصبر، ألنه لو كان العذر أبديا لم يكن المتعذر قابال ألنيتعلق به وضع، كما ال يمكن أن يتعلق به تكليف.

وأما العذر الموقت فهو وإن استلزم سقوط الحكم التكليفي ما لم يتمكنالضامن من الرد ولو بالسعي في مقدماته إال أنه ال وجه لسقوط الخصوصية

الشخصية فالخيار للمالك، وهذا من غير فرق بين القول بأن البدل بدل عن المالية--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٢ س ٥.

(٣٣٥)

Page 337: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أو عن السلطنة، والقول بأنه بدل عن كون العين تحت االستيالء، ألن الخصوصيةالشخصية تسقط على جميع التقادير ال وجه له. ومجرد إرادة الضامن تفريغ ذمتهعن تبعات العين من ضمان المنافع وارتفاع القيمة السوقية ونحو ذلك من نقص

األوصاف ال يقتضي أن يكون حق الدفع له.الخامسة: أنه ال إشكال في أن الضامن قبل دفع الغرامة يضمن منافع العين

المتعذرة، ولو تلفت يضمن ارتفاع القيمة السوقية، بناء على القول بأعلى القيم، فإنالعين في عهدته بجميع تبعاتها، وال فرق بين ضمان المنافع وارتفاع القيمة.

وما استظهره المصنف (١) من كالم بعض من تعرض لضمان المغصوب من عدمضمان ارتفاع القيمة السوقية الحاصل بعد التعذر وقبل الدفع، حيث عطف التعذر

المتعذر على التلف. ففيه: أن العطف ال يقتضي االتحاد بين المعطوف والمعطوفعليه من جميع الجهات، فعدم ضمان ارتفاع القيمة بعد التلف ال يقتضي عدمه بعد

التعذر وقبل الدفع.وعلى أي حال، فالحق هو ما اختاره قدس سره من اتحاد حكمهما لو تلفت العين،وإنما الفرق بينهما من جهة أخرى، وهي أن ضمان ارتفاع القيمة مشروط بالتلف،

ألنه لو رد العين فال يجب غيرها، وأما المنافع فيضمنها مطلقا.وبالجملة: ال إشكال في أنه يضمن المنافع وارتفاع القيمة، إنما اإلشكال في

أنه يضمن كذلك بعد الدفع أيضا، أو يخرج عن عهدة جميع ذلك بالدفع، واألقوىخروجه عن جميع التبعات بعد ما قوينا أن وجوب البدل إنما هو من باب تداركالمالية، أو كون العين تحت اليد، ألنه سقط خصوصية العين بالتعذر وأدى المالية

فلم يبق في ذمته شئ يستتبع المنافع، فيكون هذا نظير ما إذا أدى القيمة فيالمثلي المتعذر مثله. نعم، لو كان وجوبه من باب تدارك السلطنة فيبقى جميع

التبعات على عهدته.السادسة: إذا ارتفع العذر وتمكن من رد العين إلى مالكه وجب الرد فورا،

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٣ س ١٣.

(٣٣٦)

Page 338: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

حتى على القول بالمعاوضة القهرية الشرعية، ألن حكم الشارع بالمعاوضة مترتبعلى عنوان التعذر، ويدور مداره، وال يمكن قياس المقام على المثلي المتعذر مثلهبعد أداء قيمته، حيث قلنا بأنه ال يجب رد المثل بعد التمكن، فإنهما وإن اشتركا

في أن الخصوصية العينية أو المثلية غير قابلة لإلسقاط بنفسها إال أنهما مفترقان فيأن المثلية أثر كلي تدخل في الذمة، فإذا أغمض المالك عنها ولم يصبر إلى زمان

تمكن المثل وطالب المالية فيقع كل ما أداه الضامن مصداقا لما في ذمته وبدال عنالكلي.

وال شبهة أن كل ما وقع بدال عن الدين يوجب سقوطه ولو كان من غير جنسه،وهذا بخالف العين الشخصية فإنها إذا سقط أداؤها بالتعذر وطالب المالك ماليتها

فوقوع كل ما يؤديه الضامن بدال عن العين يحتاج إلى معاوضة مالكية أو شرعيةأبدية، ال دائرة مدار التعذر، ألن العين ال تدخل في الذمة حتى تبرأ ذمة الضامن

عنها بأداء بدلها، فإذا ارتفع التعذر يجب رد العين، وهذا أيضا مقتضى قوله عليه السالم:

(على اليد ما أخذت) (١) المعني بأداء المأخوذ.السابعة: قد عرفت أن الغرامة ليست ملكا دائميا للمالك على جميع التقادير،

إنما الكالم في أنه يرجع إلى الغارم بمجرد تمكنه من رد العين، أو بردها خارجا؟وجهان، واألقوى هو الثاني، وذلك ألن التعذر وإن أوجب استحقاق البدل إال أنه

علة للوجوب، ال أنه موضوع له حتى يبطل البدلية بمجرد التمكن، وذلك ألنالتمكن ال يخرج العين عما هي عليه من انقطاع سلطنة المالك عنها وعدم كونها

تحت يده، فما لم يرجع العين ال تدخل تحت سلطنته ويده، وال تعد ماال من أمواله،فالموضوع هو خروج العين عن تحت السلطنة ال التعذر، فإنه علة للوجوب

كالتغير الذي هو علة لعروض النجاسة على الماء، فإذا شك في أنه علة محدثةفقط أو علة محدثة ومبقية أيضا فيستصحب بقاء البدل على ملك المالك، والزم

ذلك عدم ثبوت الضمان الجديد، فإن منشأ توهم الضمان الجديد هو عود الغرامة--------------------

(١) تقدم تخريجه في الصفحة: ٦٤.

(٣٣٧)

Page 339: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إلى الغارم، ومنشأ العود هو كون التعذر ركنا لثبوت تملك المالك للغرامة، وكونهركنا يتوقف على أن يكون التمكن موجبا للجمع بين العوض والمعوض عند

المالك، مع أن مجرد التمكن ال يخرج العين عما هي عليه من انقطاع سلطنةالمالك، وال تعد ماال من أمواله، فال وجه لخروج البدل عن ملك المالك قبل رد

العين، وال وجه للضمان الجديد، بل العين قبل الرد مضمونة بالبدل، فإذا تلفت بعدالتعذر وقبل الرد يتعين البدل للبدلية، وعلى هذا ال وجه الستحقاق الغارم لحبس

العين، ألنه ال يستحق الغرامة إال برد العين، فإذا كان علة استحقاقه هو الرد فكيفيتقدم المعلول على علته؟

وال يقال: مقتضى ذلك عدم جواز مطالبة المالك العين من الغارم، ألنه ما لميرد الغارم العين إليه يبقى بدلية الغرامة على حالها، فإن سقوط البدلية وارتفاعها

على الفرض إنما هو بالرد، فمع بقاء البدلية كيف يجوز له المطالبة؟نعم، بناء على كون البدل بدال عن السلطنة يمكن التفكيك بين األحكام

الوضعية، فيبرأ الضامن عن بعض آثار المضمون دون بعضها اآلخر، فيجوز للمالكالمطالبة مع بقاء البدل في ملكه.

ألنا نقول: ال تنافي بين براءة ذمة الضامن عن مالية المال وعدم عود البدلإلى ملكه بمجرد التمكن وبين جواز مطالبة المالك بحق مالكي، وذلك ألن براءة

ذمة الضامن ليس إال ألنه لم يبق من حيث مالية المال في عهدته شئ، ولكنعلقة المالك بالنسبة إلى ملكه باقية، ولذا يصح في هذا الحال بيعه أو صلحه من

غير الغارم، فاستحقاق المالك إنما هو لبقاء علقته كما في الخل الذي صار خمرا،وكما في األواني المكسورة، وحيث إنه ال يمكن رد العين إال في ضمن ماليتهافيجب عليه رد المال، وبعد ذلك يستحق البدل، لئال يجتمع البدل والمبدل عند

المالك.بل يمكن أن يقال: ليس للغارم حق حبس العين ولو قيل ببطالن البدلية

بمجرد التمكن.

(٣٣٨)

Page 340: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وتوضيح ذلك: أن النزاع في استحقاق الغارم حبس العين إلى أن يدفع المالكالغرامة وعدمه يقع في مقامين: األول: فيما لو وصل العين في يده. والثاني: مجردالتمكن من ردها مع بقائها في يد الغير، أو المحل الذي كانت فيه، فمعنى حبسها

هو األعم من حبسها تحت يده وعدم إقدامه على تحصيلها.والمصنف (١) رجح أوال عدم ثبوت حق له، ألن العين لم تكن معوضة عن

البدل، بل كانت السلطنة معوضة عنه. ثم رجح ثانيا ثبوت الحق له، ألن العين وإنلم تكن معوضة بل كان المعوض هو السلطنة إال أن حبس السلطنة لما كان متوقفاعلى حبس العين لتضمن العين السلطنة عليها فال مانع من حبس العين، وذلك كما

يحبس الخياط الثوب المخيط لتضمنه الخياطة التي هي معوض عن األجرة،وكذلك حبس القصار الثوب.

ولكنك خبير بأن المورد الذي دل الدليل على جواز الحبس فيه: هو موردالمعاوضات قبل الفسخ وبعده.

أما قبله فللشرط الضمني من المتعاوضين، فإن بناءهما بحسب العادة هوالتسليم والتسلم بحيث صار ذلك من األمور االرتكازية عند العرف، فللبائع

حبس المبيع ليأخذ الثمن، وللمشتري حبس الثمن ليتسلم المبيع.وأما بعد الفسخ فحق الحبس وإن لم يكن خاليا عن اإلشكال، ألن العقد إذا

بطل بطل بتوابعه ومنها الشرط الضمني إال أنه ادعي االجماع على أن لهما حقالحبس، أو أن الشرط الضمني اقتضى حق الحبس بعد الفسخ أيضا، وبطالنه

لبطالن متبوعه ال يقتضي ذهاب أثره، ألن هذا األثر أثر لمطلق وجوده ال لبقائه،وإذا ثبت حق الحبس إما للشرط الضمني أو االجماع ارتفع إشكال

األردبيلي (٢) قدس سره: من أن ظلم أحدهما ال يسوغ ظلم اآلخر، وأما ثبوته فيالمقام

فال دليل عليه، سواء قلنا بأن باب الغرامات باب المعاوضات، أو قلنا بأنه ليس--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٣ س ٣٣.(٢) مجمع الفائدة والبرهان: كتاب المتاجر ج ٨ ص ٥٠٤.

(٣٣٩)

Page 341: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إال تدارك الفائت، وسواء أقلنا بعود الغرامة بمجرد التمكن أم بعد رد العين، وذلكألنه لو قلنا بأن الغرامة ال تعود إال برد العين فال يتحقق موضوع لحق الحبس، فإنه

نظير الخيار الحاصل برد مثل الثمن، فإنه ليس للبائع حبس الثمن ألخذ المثمن،لعدم تحقق الخيار له إال بعد رد الثمن.

وأما لو قلنا بأن الغرامة تعود بمجرد التمكن فلو قلنا بالمعاوضة بين الغرامةوالعين فهذا وإن كان نظير بعد الفسخ إال أن الدليل الدال على ثبوت حق الحبسبعد الفسخ ال يدل على ثبوته في المقام، ألن الحبس فيه إنما هو لفسخ المعاوضة

المالكية، وفي المقام معاوضة شرعية قهرية، فيتوقف ثبوت الحق فيه على دليلبالخصوص.

ولو قلنا بأنه من باب الغرامة فأمره أظهر، ألن باب الغرامة لم يثبت فيهاجواز الحبس للغرم، فال يشبه بالعقد بعد الفسخ أيضا، وهذا من غير فرق بين كون

الغرامة بدال عن السلطنة أو المالية، لعدم ثبوت الحق للضامن على أي تقدير.وحاصل الكالم أنه ال وجه لعود الغرامة إلى الضامن بمجرد تمكنه من رد

العين، فال يضمن ضمانا جديدا، وليس له حق الحبس.وال يقال: فيما إذا دخل العين تحت يد الضامن ال يمكن االلتزام بعدم ضمانه

ضمانا جديدا، وإال يلزم أن يكون التصرف في مال الغير بغير إذنه خارجا عن أدلةالضمانات، مع أنه ليس أمانة شرعية، وإذا التزمنا بالضمان الجديد في هذه

الصورة فال بد من االلزام بأن مجرد التمكن يوجب عود الغرامة إلى الضامنويوجب الضمان الجديد أيضا، وإال لزم القول بالفصل في المسألة مع اتفاق

األعالم على أحد القولين: إما عود الغرامة إليه بمجرد التمكن، وإما برد العينفعودها إليه في بعض أقسام التمكن دون بعض قول ثالث.

ألنا نقول، أخذ العين ووضع اليد عليها: إما لمحض الرد إلى المالك، وإماللتصرف فيها عدوانا، فلو كان للرد إلى المالك: فإما أن نتصرف فيها بمقدار يتوقف

الرد عليه، وإما زائدا عليه. فلو كان مقدمة للرد وتصرف فيها بمقدار ما يتوقف

(٣٤٠)

Page 342: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عليه الرد فالحق عدم تعلق الضمان الجديد بها، ألن تصرفه فيها إما من باب اإلذنالشرعي الذي نشأ من وجوب الرد تكليفا، وإما لمطالبة المالك، وإما لحق الحبس

بناء على ثبوته له ولو قبل عود الغرامة إليه.وعلى أي تقدير، فيد الغارم يد أمانة ال يد عدوان، ويد األمانة خارجة عن

عموم (على اليد) إما تخصصا، أو تخصيصا، وكون قبضه لمصلحة نفسه ليس منموجبات الضمان في حد ذاته، كما أنه ليس رافعا للضمان أيضا، مع أن القبض

ليس أصلح له دائما، كما إذا كانت الغرامة أغلى قيمة وأكثر نفعا من العين.وبالجملة: العين التي وجب ردها إلى المالك عين مسلوبة المالية، فإذا تصرف

فيها مقدمة للرد ولم يماطل فيه فلو تلفت بقيت الغرامة على البدلية، وتكون العينمضمونة بها ال بشئ آخر فال وجه للضمان الجديد وبطالن الضمان األول.

وأما لو تصرف فيها زائدا عما يتوقف الرد عليه أو عدوانا فال إشكال فيثبوت الضمان بالنسبة إلى المنافع وارتفاع القيمة، ألنه تصرف بال إذن مالكي وال

شرعي. وأما ضمان نفس العين غير الغرامة بحيث لو تلفت بطلت بدلية الغرامةورجعت إلى ملك الغارم وضمن العين بالضمان الجديد فال نعرف له وجها.

هذا، مضافا إلى ما أفاده المصنف قدس سره من أن االستصحاب يقتضي كون العينمضمونة بالغرامة وعدم طرو ما يزيل ملكية المالك عن الغرامة أو يحدث ضمانا

جديدا (١).بقي هنا فروع ال بأس بالتعرض لها وإن كان بعضها سيجئ - إن شاء الله

تعالى - في تعاقب األيدي وفي خيار الغبن:األول: لو أقر أحد بمال في يده لزيد ثم أقر أنه لعمرو، أو باع ذو اليد ما في

يده ثم أقر أنه لغيره، أو قامت البينة على أن ما في يد زيد لعمرو وأقر زيد بأنهلبكر فهل الغرامة التي يغرمها المقر في هذه الموارد من باب بدل الحيلولة، أو من

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٣ س ٢٥.

(٣٤١)

Page 343: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

باب اإلتالف، أو فرق بين خروج المال عن يد الغارم بسبب منه كإقراره أوال، أوبيعه وخروجه بسبب غيره كالبينة؟ وجوه.

نسب صاحب الجواهر (١) قدس سره إلى ظاهر األصحاب أن الغرامة في الجميع منباب بدل الحيلولة، واحتمل هو قدس سره أن تكون من باب اإلتالف.

ثم إن كالمه قدس سره في انتقال العين التي هي مبدل الغرامة إلى الضامن مختلف،ففي باب الغصب (٢) يظهر منه: أنه ينتقل التالف إلى الغارم دون المبدل في

بدل الحيلولة فإنه باق على ملك مالكه.وفي أبواب أخر يظهر منه العكس، وقد يظهر منه عدم االنتقال مطلقا، وقد

يظهر منه االنتقال مطلقا.وحيث إن المسألة خالفية فال بأس باختالف األنظار للفقيه الواحد. والمختار

عدم االنتقال مطلقا. فعليه نتيجة البحث واضحة، فإنه لو كان وجوب الغرامة منباب اإلتالف فاالعتبار بقيمة يوم البيع، أو االقرار األول، أو الشهادة، ألن هذا

اليوم يوم التلف على المقر له ثانيا بعد االقرار األول ونحوه، فارتفاع القيمة بعدهذا اليوم غير مضمون، وكذلك المنافع واألوصاف.

وأما لو كان من باب الحيلولة فاالعتبار بقيمة يوم الدفع إلى المقر له، ويضمنالمنافع واألوصاف وارتفاع القيمة من يوم البيع - مثال - إلى يوم الدفع بناء على

المختار من براءة الضامن عن المنافع ونحوها بدفع الغرامة.والحق أن وجوب الغرامة في المقام من باب بدل الحيلولة، لما عرفت من أن

المناط في بدل الحيلولة هو كون العين باقية على حالها من دون نقص في قيمتها،وال تغيير في هيئتها، وإنما امتنع الرد للغارم لبعض الموانع، وفي المقام العين كذلك

لبقائها على ما كانت عليه، وإنما امتنع الرد إلى مالكه إلقراره أو بيعه أو الشهادةمن غيره.

--------------------(١) جواهر الكالم: كتاب االقرار ج ٣٥ ص ١٣٠.

(٢) جواهر الكالم: كتاب الغصب ج ٣٧ ص ١٣١ - ١٣٢.

(٣٤٢)

Page 344: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

هذا، مع أنه ليس فيه مناط التلف وما بحكمه، ألن المناط فيه هو كون العينمعدومة أو في حكم المعدوم، كالماء الباقي على أعضاء الوضوء، والمسروق

بالسرقة التي ال يعلم سارقها، وال يعلم بقاء العين أو تلفها، أو الخيط الممتنع نزعه،أو المزج ونحو ذلك.

وتوهم أنه في حكم التلف لعدم إمكان رده أبدا فاسد، إلمكان تكذيب المقرله أوال للمقر وتصديقه االقرار الثاني، وإمكان تصديق المشتري أو رده المبيع

بفسخ أو إقالة، وإمكان الشراء منه، وهكذا يمكن رجوع الشاهدين عن الشهادة.وبالجملة: ليس االقرار األول والبيع والشهادة إال كالخروج عن يد الغارم

باألباق أو الغصب أو السرقة، مع العلم ببقاء العين على حالها، والعلم بمكانها، أوالعلم بالسارق التي قد عرفت أن هذه جميعها من موارد بدل الحيلولة، فتدبر.الثاني: المدار في بدل الحيلولة هو تعذر رد العين على الضامن، سواء أتمكن

المالك من أخذ العين أم ال، ألن أخذ مال الغير يقتضي أن يكون عهدة المال علىاآلخذ، فإذا تلف فعليه القيمة، وإذا غصبه غاصب أو وقع في البحر فعليه بدل

الحيلولة.وتمكن المالك ال يرفع الضمان، وعلى هذا لو تعاقبت األيدي على العين

فتمكن المالك من أخذ العين من الثاني فال يخرج اليد األولى عن الضمان،فللمالك أن يرجع إلى الضامن األول ويأخذ الغرامة منه، وأن يرجع إلى من كان

العين في يده.نعم، لو رجع إلى الثاني ال يجوز له الرجوع إلى األول. ثم هل يجوز للغاصب

األول قبل دفع البدل إلى المالك الرجوع إلى الثاني مطلقا، أوال يجوز له مطلقا، أوفيه تفصيل؟ األقوى هو التفصيل، ألن مع عجز الثاني عن رد العين إلى المالكوإلى الغاصب األول ال وجه لرجوع األول إليه، وأما مع تمكنه فقد يقال: بأنهال يجوز لألول أيضا الرجوع إليه، ال بإلزامه بدفع البدل، لعدم استقرار البدل

للغاصب األول في عهدة الثاني قبل دفعه إلى المالك، وال بإلزامه بدفع العين، ألنها

(٣٤٣)

Page 345: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

باقية في ملك مالكها.ولكن األقوى أنه يجوز له إلزامه بدفع العين إما إليه، وإما إلى مالكه، ويجوز

للثاني الرد إليه أيضا، ألن األول حيث يكون قصده اإلحسان أو إيصال المال إلىالمالك فال مانع من رده إليه. نعم، لو تلف عنده فلم يخرج عن الضمان، ألن األول

لم يكن وكيال عن المالك. وأما بعد دفع البدل إلى المالك ففي مورد عجز الثانييجوز له مطالبة البدل عنه، ألن مقتضى ضمان كل الحق لسابق بمقتضى أخذه

العين منه - مع عدم كونه مغرورا منه - أن يكون في عهدة كل ضامن الحق تداركما اغترمه السابق.

وبعبارة أخرى: ضمن الالحق شيئا له البدل فهو يضمن على سبيل البدليةواحدا من البدل والمبدل، والمفروض أن البدل خارج عن تحت يده، ولم يؤدالبدل إلى المالك أيضا، لرجوع المالك إلى األول، فيجب عليه دفع البدل إلى

السابق.وأما في مورد تمكنه عن العين فلو قلنا بدخولها في ملك األول بدفع الغرامة

إلى المالك فال إشكال في وجوب رد الثاني إليه.وأما لو نقل بالمعاوضة فلو قلنا بأن الغارم له حق الحبس فيجوز له مطالبة

العين من الثاني ألن يحبسها على مالكها حتى يأخذ الغرامة منه.وأما لو لم نقل به فهل يستحق مطالبة العين أو ال يستحق إال إلزامه برد العين

إما إلى مالكه أو إليه كما كان له إلزامه كذلك قبل دفع البدل؟ وجهان.والحق استحقاقه مطالبة نفس العين، ألن مقتضى ضمان كل الحق لسابق: إمابالبدل أو المبدل على سبيل البدلية أن يكون الغاصب األول مستحقا لها، ألن

المفروض أن العين تحت يد الثاني فليس مورد بدل الحيلولة، والمفروض أنه اليمكن أن ال يكون ضامنا لألول، فإذا كان ضامنا له ولم يكن مورد بدل الحيلولة فال

محالة يضمن له العين.ثم مما يتفرع على تعاقب األيدي جواز مطالبة المالك من كل من وصل المال

(٣٤٤)

Page 346: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إليه ودخل تحت استيالئه، سواء أكان باقيا أم تالفا، ألن كال من األيدي يد ضمانعلى نحو الواجب الكفائي، فضمان كل منها بالنسبة إلى المالك ضمان استقراري

فعلي مشروط بعدم سقوطه بأداء اآلخر، ولذا تقدم: أنه لو تمكن أحدهم من ردالعين وتعذر على البقية فيالحظ حكم كل منهم على حسب تكليف نفسه، فال

يختص مطالبة بدل الحيلولة بصورة التعذر على الكل، بل لو رجع إلى األول ولميتمكن من رد العين غرم البدل، ولو رجع إلى األخير فهو ال يرجع إلى أحد، ولو

رجع إلى الوسط فهو ال يرجع إال إلى الحقه، ويالحظ حكم كل الحق بالنسبة إلىالسابق ال بالنسبة إلى المالك، فلو رجع إلى الثاني وأخذ البدل منه في صورة

وجود العين عند غيره رجع الثاني إلى الثالث، فلو تمكن من رد العين فهوالمطلوب، وإال فالبدل. ولو رجع إلى الثاني في صورة تلف العين عند الثالث أخذ

القيمة من الثاني، ويأخذها الثاني من الثالث.الثالث: قد تقدم حكم قسمين من أقسام التعذر، وبقي قسمان:

أحدهما: ما تعذر رده ألدائه إلى تلف نفس أو مال محترم كالخيط المخيط بهجرح حيوان أو ثوب.

الثاني: ما تعذر رده بسبب الخلط أو المزج. أما الخيط فإذا كان المخيط بهجرح حيوان يؤدي إخراج الخيط منه إلى تلف الحيوان فال يجوز لمالك الخيط

مطالبة نفس الخيط، سواء أدى إخراجه إلى تلف الخيط أم ال، لعدم جواز إتالفالنفس المحترمة، فله قيمة الخيط، ألنه بحكم الشارع تالف.

وأما لو كان المخيط به ثوبا: فلو كان الثوب من غير الضامن فكذلك أيضا،ألنه مال محترم ال يجوز إتالفه، وأما لو كان منه ففيه خالف.

فقيل (١): باستحقاق نزعه، وحينئذ فلو لم يبق له قيمة فعلى الضامن تمامالقيمة، وإال فعليه التفاوت بين صحيحه ومعيبه.

--------------------(١) مسالك األفهام: كتاب الغصب ج ٢ ص ٢٥٨ س ٣٧.

(٣٤٥)

Page 347: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وقيل (١): باستحقاقه قيمته، ألن إتالفه ال يجوز حتى من المالك، فهو بمنزلةالتلف، واألقوى حصول الشركة بين مالك الخيط والثوب، ألنه لم يتلف فعال، واليصح إتالفه، فيكون كالثوب المصبوغ لو كان الصبغ من غير مالك الثوب، فيباعالثوب ويؤخذ القدر المشترك بين كونه مخيطا وغير مخيط لمالك الثوب، وقيمة

الخيط لمالكه إذا كان كونه في الثوب أقل قيمة أو مساويا لما لم يكن كذلك، وقيمةالفعلي إذا كان أزيد، ألن الزيادة حصلت في ملكه. وهذه األقوال جارية في الفسخ

بالخيار واإلقالة أيضا، ومنشؤها النزاع في أن فساد الخيط هل هو بمنزلة التلفالحقيقي أوليس كذلك؟ وسيجئ في خيار الغبن - إن شاء الله تعالى - حكم الثوب

الذي صبغه من عليه الخيار فإن حكمه حكم المقام وإن كان بينهما فرق، وهواحترام عمل الصباغ في تلك المسألة، بخالف المقام، فانتظر.

وأما مسألة الخلط أو المزج فتوضيحها متوقف على تمهيد مقدمتين:األولى: أن مالك بدل الحيلولة ال يجري في الخلط أو المزج، فإن المدار فيه

على تعذر رد المال وعدم إمكان رده ال صحيحا وال ناقصا، ال منضما وال مفروزا.وأما إذا أمكن رده ولو منضما مع غيره فال وجه لوجوب البدل عليه، فإن

خصوصية المال وشخصيته وإن زالت - ألن ما ال يمكن امتيازه ال يمكن أن يتعلقبه إضافة مالكية، وال أن يتعلق به الضمان أيضا - إال أنه مع بقائه عند الضامن

وعدم تلف ماليته عرفا وشرعا ال وجه لثبوت بدل الحيلولة، كما ال وجه إلجراءحكم التلف عليه أيضا في غير مورد االستهالك.

الثانية: أن االستهالك إنما يتصور في المزج بغير الجنس إذا زال صورتهالنوعية حقيقة أو عرفا، فالحقيقي كمزج حقة حليب بمائة كر من الماء، فإن تفرق

أجزاء الحليب في الماء الكثير موجب لذهاب صورته النوعية بالدقة، والعرفيكخلط حقة من طحين الشعير بعشر حقق من طحين الحنطة.

وأما المزج بالجنس وكذا الخلط كذلك فال معنى الستهالكه، وهكذا المزج أو--------------------

(١) مجمع الفائدة والبرهان: كتاب الغصب ج ١٠ ص ٥٢١.

(٣٤٦)

Page 348: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الخلط بغير الجنس مع بقاء صورتهما النوعية: كمزج حقة من الحليب بحقة منالماء.

إذا عرفت ذلك فإذا امتزج - مثال - شئ بغيره فالمزج قد يقع من غيرالمالكين، وقد يكون من فعل أحدهما، واألخير: إما بحق كأحد المتبايعين، وإما

بغير حق كالغاصب ومن بحكمه.ثم إنه قد يكون بالجنس، وقد يكون بغيره.

والمزج بالجنس تارة يكون بالمساوي، وأخرى باألجود أو األردأ.والمزج بغير الجنس تارة يكون موجبا لالستهالك، وأخرى ال يكون كذلك،

فإذا امتزجا من دون اختيار المالكين فلو كان المزج بالجنس المساوي فيحصلالشركة في العين، وفي غير المساوي يحصل الشركة في المالية، فيباع المجموع

ويعطى كل من المالكين مقدار قيمة ماله. ولو نقص قيمته بسبب المزج أو زادفالنقصان ليس على أحد المالكين، والزيادة موهبة من الله.

ثم إن الفرق بين المزج بالمساوي وغيره واضح، فإن الشركة في العين فياألول ال يستلزم الربا، بخالف الثاني، فإن صاحب الجودة لو أعطي مقدارا منالعين بدل جودة ماله لزم أن يستحق زائدا على مقدار ماله من العين، وحيث إن

صفة ماله محترمة فيباع العين ويعطى من القيمة مقدار ماله مع الخصوصية. نعم،نفس االمتزاج لو صار موجبا للزيادة فال شئ له، بل هذه موهبة لكليهما.

ولو كان المزج بغير الجنس ففي صورة االستهالك إذا لم يوجب زيادة ماليةفي المزيد عليه كما لو استهلك ماء الورد في الدهن فال شئ لمالكه، ألنه تلف من

غير ضمان له على أحد، ولو أوجب كاستهالك الحليب في الماء أو دهن الجوز فيالزيت فيشتركان بمقدار مالية مالهما من نفس العين، لعدم لزوم الربا في غير

الجنس، ألن مقتضى القاعدة هو الشركة من نفس العين، إال إذا استلزم محذورا،وفي غير صورة االستهالك فحكمه الشركة في العين أيضا بمقدار المالية.ولو امتزجا بفعل أحد المالكين فلو كان المزج بحق: فإذا كان بالجنس

(٣٤٧)

Page 349: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المساوي يحصل الشركة في العين، وإذا كان بأردأ من مال صاحبه فعليه األرش،لعدم التنافي بين جواز المزج وثبوت الضمان عليه، فهما يشتركان في العين،

وعلى المازج األرش. وإذا كان بأعلى منه فليس له األرش، ألن المزج صار بفعله.نعم، حيث إنه كان بحق وكان صفة الجودة محترمة يحصل بينهما الشركة فيالمالية، وفي الخلط بغير الجنس إذا أوجب االستهالك فهو بمنزلة التلف، وإال

فيتحقق الشركة في العين بمقدار المالية.ولو كان بغير حق: كالغاصب واآلخذ بالعقد الفاسد فحكمه حكم المزج

بالحق، إال أن صفة الجودة هنا غير محترمة حتى في المقبوض بالعقد الفاسد، ألنكونها ملكه ال أثر له، فإن حصول صفة في مال غيره بفعله ال يوجب استحقاقه

األرش من الغير، ألن الزيادة الحكمية ليست كالزيادة العينية من الغاصبمحترمة.

فظهر مما ذكرنا الفرق بين المزج القهري واالختياري، والفرق في االختياريبين من له الحق وغيره، فإن النقص الحاصل قهرا ال يضمنه أحد المالكين، بخالف

النقص الحاصل بالمزج االختياري، وأن الزيادة الحكمية من غير الغاصبمحترمة، بخالف الزيادة الحكمية الحاصلة من الغاصب ومن بحكمه. هذا بحسب

ما هو الحق عندنا.ولكن نسب إلى ابن إدريس قدس سره أنه قال في مورد الغصب: الخلط بمنزلة

التلف حتى في الجنس المساوي (١).ونقل المحقق والشهيد (٢) الثاني قولين في الخلط بالجنس في األردأ

واألجود، ولم يرجحا أحد القولين.ففي الشرائع: إذا غصب دهنا كالزيت أو السمن فخلطه بمثله فهما شريكان،

ولو خلطه بأجود أو أدون قيل: يضمن المثل، لتعذر التسليم، وقيل: يكون شريكا--------------------

(١) السرائر: باب الغصب ج ٢ ص ٤٨٢.(٢) كما في مسالك األفهام: كتاب الغصب ج ٢ ص ٢٦٤ س ٩.

(٣٤٨)

Page 350: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

في فضل الجودة، ويضمن المثل في فضل الرداءة، إال أن يرضى المالك بأخذالعين (١) انتهى.

والشهيد األول (٢) حكم بضمان المثل في المزج باألردأ، والشركة في العينفي المزج باألعلى أو المساوي.

وقال في الشرائع: أما لو خلطه بغير جنسه لكان مستهلكا وضمن المثل (٣).واحتمل الشهيد الثاني في الروضة (٤) في مورد الخلط باألجود االنتقال إلى

المثل لالستهالك.هذا، ولكن مما بينا في المقدمتين ظهر: أن اإللحاق بالتلف منحصر في مورد

االستهالك، وهو في غير الجنس. وأما مجرد عدم االمتياز فليس في حكم التلف.وكيف كان، فقد ظهر مما ذكرنا أنه ليس مورد يكون التخيير للغاصب بين دفع

المثل أو القيمة، وال للمالك بين أخذ العين الممتزجة مع األرش في مورد النقصانوأخذ القيمة، ألن المزج لو كان بحكم التلف تعين القيمة، وإال فليس للمالك إال

العين مع أخذ األرش في مورد النقصان.ثم إن ما ذكرنا من تعين القيمة في مورد التلف إنما هو بحسب الكبرى. وأما

تعيين الصغرى ففي غاية اإلشكال.ولذا ذهب شيخ الطائفة (٥) بأنه لو زرع الحب أو استفرخ البيض فليس على

الغاصب إال المثل أو القيمة.وعن الخالف: أن القائل بأن الفرخ عين البيض والزرع عين الحب مكابر (٦).

--------------------(١) شرائع االسالم: كتاب الغصب ج ٣ ص ٢٤٤.

(٢) الدروس الشرعية: كتاب الغصب ج ٣ ص ١١٠.(٣) انظر الهامش (١).

(٤) الروضة البهية: كتاب الغصب ج ٧ ص ٥٦ - ٥٧.(٥) المبسوط: كتاب الغصب ج ٣ ص ١٠٥.

(٦) الخالف: كتاب الغصب ج ٣ ص ٤٢١ ذيل م ٣٨.

(٣٤٩)

Page 351: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وذهب صاحب الجواهر (١) إلى عكسه، وادعى بأن القائل بأن الزرع والفرخللغاصب مكابر، ومنشأ النزاع: أن تلف الصورة النوعية مع بقاء المالية هل هو

بمنزلة التلف، أو أن المدار في التلف هو تلف المال؟ وأما تبدل الصورة بصورةأخرى مع بقاء المادة الجامعة بين الصور فال يوجب االنتقال إلى القيمة أو المثل،

بل على الضامن األرش لو حصل النقصان.وعلى هذا، ففي الخلط بغير الجنس لو بقي مقدار من المالية كما إذا امتزج

الحليب بالماء في البالد التي للماء فيها قيمة ينشأ اإلشكال، ألن نقصان القيمة اليقتضي إال األرش مع الشركة في العين، ال المثل أو القيمة، فالمسألة في غاية

اإلشكال.ويمكن الجمع بين كلماتهم بأن يقال: كل من حكم بأن المزج بغير الجنس

بمنزلة التلف مقصوده صورة االستهالك بنحو خاص، فإن االستهالك على قسمين:قسم ال يوجب زيادة المالية في المزيد عليه كاستهالك الجالب في الدهن.

وقسم يوجب الزيادة كاستهالك الحليب في الماء، أو استهالك دهن اللوز فيالزيت. فالقسم األول ملحق بالتلف، والثاني حكمه الشركة في المالية.

ثم الشركة في المالية على قسمين:قسم يقوم المال ويؤخذ حق المضمون له من عين المال، وهذا فيما لم يلزم

منه ربا.وقسم يعطي القيمة إذا كان مال الضامن أردأ، فتأمل جيدا.

قوله قدس سره: (المشهور كما عن الدروس (٢) والكفاية (٣) بطالن عقد الصبي...إلى آخره).

أقول: تقدم في صدر الكتاب: أن شروط العقد على أنحاء ثالثة: شروط--------------------

(١) جواهر الكالم: كتاب الغصب ج ٣٧ ص ١٩٨ - ١٩٩.(٢) الدروس الشرعية: كتاب البيع ج ٣ ص ١٩٢.(٣) كفاية األحكام: كتاب التجارة ص ٨٩ س ١.

(٣٥٠)

Page 352: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الصيغة، والمتعاقدين، والعوضين. وتقدم حكم األول.وأما الثاني فمن جملتها: بلوغ العاقد، وال إشكال في تحققه باالحتالم

واالنبات. وأما تحققه بالسن فالمشهور أنه بتمام خمسة عشر في الرجل،وقيل (١): بتحققه بعشر سنين.

ثم إنهم اختلفوا في اعتبار البلوغ في جميع األحكام المتعلقة به وعدمه.فبعضهم (٢) فرق بين الفروع واألصول فلم يعتبره في إسالمه.

وبعضهم (٣) استثنى من الفروع وصيته الشاملة لتدبيره، ألنه وصية أيضا كمايظهر من قضية وصية عيسى بن موسى المذكورة في صحيحة عبد الرحمان بن

الحجاج (٤)، وكذلك طالقه وعتقه ومعاملته الصادرة منه امتحانا للرشد، فإن االمتحانقبل البلوغ إنما هو بالمعاملة الحقيقية ال الصورية وغير ذلك مما هو مذكور في

محله، فإن هذه المستثنيات وإن لم تكن اجماعية إال أن جملة من المحققينالتزموا بصحتها من الصبي المميز، أو ممن بلغ عشرا.

وعلى أي حال، ال إشكال في إسالم الرشيد الغير البالغ وخروجه به عن تبعيةالوالدين، ألن المدار فيه على اإلدراك واالقتدار على االستدالل ولو إجماال، فكلمن عرف أن للعالم صانعا وأن له سفراء وحججا فهو مسلم حقيقة، وبهذا نفتخر

على مخالفينا بأن عليا - عليه الصالة والسالم - أول القوم إسالما وأقدمهم إيمانا.وكيف كان، فليس المقام مقام تنقيح ذلك، وال بيان المستثنيات، فإن عقد

البحث إنما هو في صحة معامالته بمجرد الرشد مطلقا، أو أن صحتها موقوف علىالرشد والبلوغ، فإذا قلنا بالثاني يتفرع عليه النزاع من جهات أخرى:

--------------------(١) نسبه المحقق السبزواري إلى بعض األصحاب في الكفاية: ص ١١٢ س ١٢، ولم نعثر على

قائل به.(٢) لم نقف عليه.

(٣) منهم العالمة في التذكرة: كتاب الحجر ج ٢ ص ٧٣ س ٢٥، وابن فهد في المهذب: كتابالحجر ج ٢ ص ٥١٣ - ٥١٤، والطباطبائي في الرياض: كتاب الحجر ج ١ ص ٥٩٠ س ٣٠.

(٤) الكافي: ج ٧ ص ٢٦ ح ١، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ٤٢٣ ب ٣٩ من أبواب الوصايا ح ٥.

(٣٥١)

Page 353: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األولى: أنه هل تنفذ تصرفاته في ماله بإذن الولي كنفوذ تصرفات الراهنبإذن المرتهن أم ال؟

الثانية: هل يصح وكالته عن الولي في تصرفاته في ماله الذي يرجع سلطنتهإلى الولي أم ال؟

الثالثة: أنه هل يصح وكالته عن الغير أم ال؟ فهنا جهات أربع:األولى: استقالله في التصرف.

والثانية: صحته بإذن الولي.والرابعة: وكالته عن غيره.

ومنشأ النزاع في هذه الجهات هو أن الصبي الرشيد هل هو من المحجورين أوال؟ وعلى القول بأنه محجور فهو من أي قسم من أقسامه؟ فإن المحجور ال يخلو

أمره من أحد أمرين، ألنه إما محجور عن االستقالل، وإما محجور عن أصلالسلطنة، واألول على قسمين:

أحدهما: من كان سبب حجره تعلق حق مالكي على ماله كالراهن والمفلسبعد حكم الحاكم.

والثاني: من كان سبب حجره تعلق والية شرعية عليه كالبالغة الباكرة بناءعلى اعتبار إذن الولي في صحة نكاحها.

والثاني أيضا على قسمين، فإن كونه محجورا عن أصل التصرف إما لتعلقحق مالكي عليه كالعبد لكون ملكه لمواله، وإما لتعلق حق الوالية عليه، وهذا

على قسمين:أحدهما: من كان منشأ تعلق حق الوالية عليه كونه مسلوب العبارة، وكون

فعله كالعدم: كالمجنون.والثاني: من ال يكون محجورا من حيث الفعل، بل من حيث المعاملة لنفسه

والتصرف في ماله كالسفيه فإنه ليس محجورا عن العقود الراجعة إلى الغير. ووجهوالثالثة: وكالته عن الولي.

(٣٥٢)

Page 354: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الخالف االختالف في ما يستفاد من الكتاب والسنة:أما الكتاب: فهو قوله عز من قائل: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن

آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) (١) فإنه يمكن أن يكون قوله: (فإنآنستم) تفريعا على االبتالء، أي اختبروهم قبل البلوغ من زمان يمكن رشدهم

فيه إلى زمان البلوغ، فإن آنستم منهم الرشد في خالل هذه األزمنة فادفعوا إليهمأموالهم. فعلى هذا يكفي الرشد لنفوذ تصرفهم ولو لم يبلغوا.

ويمكن أن يكون تفريعا على االمتحان بعد البلوغ، أي امتحنوهم من زمانقابليتهم لالمتحان إلى زمان البلوغ، فإذا بلغوا راشدين فادفعوا إليهم أموالهم،

والظاهر هو الثاني.أما أوال: فألنه سبحانه لما أمر بإيتاء األيتام أموالهم بقوله عز شأنه: (وآتوا

اليتامى أموالهم) (٢) ونهى عن دفع المال إلى السفيه بقوله: (وال تؤتوا السفهاءأموالكم) (٣) بين الحد الفاصل بين ما يحل ذلك للولي وما ال يحل، فجعل لجواز

الدفع شرطين: البلوغ وإيناس الرشد فال يجوز قبلهما.وثانيا: لو لم يكن قوله: (فادفعوا) تفريعا على إحراز الرشد بعد البلوغ لم

يكن وجه لجعل غاية االبتالء هو البلوغ، وكان المناسب أن يقال: وابتلوا اليتامىفإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم.

وال يقال: لو كان المدار على الرشد والبلوغ ال وجه إليجاب االمتحان قبلالبلوغ، فإن ظاهر كلمة (حتى) أنها غاية لالمتحان، فال محالة يكون مبدؤه قبل

البلوغ.ألنا نقول: إيجاب االمتحان قبله إنما هو إلحراز الرشد حتى تدفع إليهم

أموالهم بمجرد البلوغ، وال يكون الولي ممن يأكل أموالهم إسرافا وبدارا أنيكبروا، فإن األولياء لو أمروا باالمتحان مقارنا للبلوغ يحتمل أن يكون رشد

--------------------(١) النساء: ٦.(٢) النساء: ٢.(٣) النساء: ٥.

(٣٥٣)

Page 355: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الصبي من باب االتفاق، فأمر سبحانه باالبتالء من زمان القابلية إلى زمان البلوغحتى يرد أموالهم إليهم من دون تأخير مع بقاء الرشد الممتحن إلى هذا الزمان.

بل قيل: (١) إن (إذا) للشرط، وجوابها مجموع الشرط والجزاء، و (حتى)حرف ابتداء، وغايتها مضمون الجملة التي بعدها، وهو دفع المال عقيب إيناس

الرشد الواقع عقيب بلوغ النكاح، وعلى هذا فقوله: (حتى إذا بلغوا) جملةمستأنفة.

وكيف كان، فظهور مجموع الكالم في اعتبار الرشد والبلوغ مما ال مجالإلنكاره، وهذا هو المستفاد من أغلب التفاسير كما في المجمع، (٢) والصافي (٣)

والكشاف (٤) والرازي (٥) وحاشيته (٦).ففي تفسير الفخر: وشرط في دفع أموالهم إليهم شرطين: أحدهما: بلوغ

النكاح، والثاني: إيناس الرشد... إلى آخره (٧).نعم، استدل أبو حنيفة على صحة تصرفات الصبي بإذن الولي بهذه اآلية،

وقال: ألن قوله: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح) يقتضي أن هذا االبتالءإنما يحصل قبل البلوغ، والمراد من هذا االبتالء اختبار حاله في أنه هل له تصرفصالح للبيع والشراء؟ وهذا االختبار إنما يحصل إذا أذن له في البيع والشراء، وإن

لم يكن هذا المعنى نفس االختبار فهو داخل في االختبار، بدليل أنه يصحاالستثناء، يقال: وابتلوا اليتامى إال في البيع والشراء، وحكم االستثناء إخراج ما

لواله لدخل، فثبت أن قوله: (وابتلوا اليتامى) أمر لألولياء بأن يأذنوا لهم في البيعوالشراء قبل البلوغ، وذلك يقتضي صحة تصرفاتهم... إلى آخره (٨).

وأجاب عنه الشافعي بما حاصله: أن الله سبحانه أمر بدفع المال إليهم بعد--------------------

(١) قاله الفاضل الطباطبائي كما في الجواهر: كتاب الحجر ج ٢٦ ص ١٩.(٢) مجمع البيان: ج ٣ ص ٩.

(٣) تفسير الصافي: ج ١ ص ٤٢٢.(٤) الكشاف: ج ١ ص ٤٧٣ - ٤٧٤.

(٥) التفسير الكبير: ج ٩ ص ١٨٧.(٦) أي حاشية ابن المنير اإلسكندري ضمن الكشاف: ج ١ ص ٤٧٣.

(٧) التفسير الكبير: ج ٩ ص ١٨٧.(٨) نقله الفخر الرازي في تفسيره: ج ٩ ص ١٨٧.

(٣٥٤)

Page 356: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

البلوغ وإيناس الرشد، وإذا ثبت بموجب هذه اآلية أنه ال يجوز دفع المال إليهحال الصغر وجب أن ال يجوز تصرفه حال الصغر، ألنه ال قائل بالفرق (١).

ثم إن المستفاد من هذه اآلية واآلية التي قبلها وهي قوله عز من قائل: (والتؤتوا السفهاء أموالكم) (٢) أن الصبي إذا بلغ سفيها ال يدفع وليه أمواله إليه، إنالمراد من األموال في قوله عز من قائل: (وال تؤتوا السفهاء أموالكم) هو أموال

نفس األيتام كما في التفاسير (٣). ويشهد له أيضا وقوع هذه اآلية الشريفة بين قولهعز أسمه: (وال تأكلوا أموالهم)، وقوله: (وابتلوا اليتامى).

ثم ال فرق في الولي بين الوصي واألب والجد والحاكم، ألن الخطاب شاملللوصي أيضا، فالقول بالتفصيل بين األب والجد والحاكم وبين الوصي في عدم

انقطاع سلطنة الثالثة دون الوصي ال وجه له.وكيف كان، يستفاد من اآلية المباركة عدم استقالل الصبي في التصرف في

أمواله وإن كان رشيدا ال مباشرة وال توكيال، إنما الكالم في استفادة سائر المراتبمنها، وهي نفوذ تصرفه في ماله بإذن الولي ووكالته عنه، ووكالته عن غيره.

فتقول: أما عدم نفوذ تصرفه في ماله بإذن الولي فيستفاد منها أيضا بضممقدمة عقلية.

وأما عدم صحة وكالته عنه وعن الغير فال يستفاد منها، بل يستفاد من القواعدالعامة، وتوضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمات:

األولى: أنه كما ال يمكن اجتماع مالكين مستقلين على مال واحد وال مالكمستقل ومالك كان شريكا معه فكذلك ال يمكن اجتماع سلطنتين مستقلتين، وال

سلطنة تامة وناقصة في مال واحد، فإن البرهان على االمتناع واحد في كليهما،وهو أنه ليس الملكية أو السلطنة إال إضافة بين المالك أو السلطان والمال،

--------------------(١) كما في تفسير الفخر الرازي: ج ٩ ص ١٨٨.

(٢) النساء: ٥.(٣) منها تفسير العياشي: ج ١ ص ٢٢٠ ح ٢٣، تفسير النووي: ج ١ ص ١٤٠.

(٣٥٥)

Page 357: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وليستا عبارة عن أمر موهوم كأنياب األغوال حتى يتخيل للملك مالكانومسلطان، واإلضافة إذا كانت مرتبطة بشخص على نحو االستقالل بحيث كان له

التصرف في المال من دون توقف على إذن غيره وكان له المنع من تصرف الغيرفيه يمتنع أن يكون في عرض هذا الشخص شخص آخر تكون له هذه اإلضافة،

تامة كانت أو ناقصة.نعم، يمكن ثبوت اإلضافة الطولية واإلضافة على نحو اإلشاعة، واإلضافة

الناقصة التي لم يكن لصاحبها منع غيره ألشخاص متعددة.فاألول: كإضافة ملك العبد إلى العبد ومالكه، وهكذا سلطنة الوكيل وموكله.

والثاني: كإضافة الشريكين.والثالث: كسلطنة األب والجد أو الوكيلين، أو حكام الشرع.

وأما إضافتان مستقلتان عرضيتان بحيث يكون لكل منهما طرد اآلخر ومنعهعن التصرف فغير معقول، فإذا امتنع هذا امتنع إضافة مستقلة مع إضافة منضمة، إذمع استقالل واحد في التصرف يمتنع أن يكون تصرفه منوطا بضم اآلخر إليه، بل

ال بد أن يكونا كالشريكين، أو كسلطنة الراهن والمرتهن، فإن ثبوت نصف اإلضافةألحد ال يجتمع مع ثبوت تمام اإلضافة لغيره، ألنه خلف ومناقضة.

وبتعبير آخر: أن الوالية الثابتة للولي ال بد أن تكون بمقدار حجر المولى عليه،فإن كان محجورا عن أصل السلطنة كالمجنون والعبد فالولي مستقل في التصرف،

ولو كان محجورا عن االستقالل كالراهن والباكرة فيجب أن تكون والية الوليبنحو االنضمام، فال يمكن أن يكون للصبي حق التصرف منضما إلى الولي، وكان

للولي التصرف باالستقالل.وحيث إن الولي بمقتضى اآلية الشريفة له تمام السلطنة قبل قابلية الصبي ألن

يمتحن ويختبر وتبقى له هذه السلطنة قبل البلوغ والرشد على ما استفدناه مناآلية فتأثير إذنه للصبي إما يرجع إلى كونه وكيال من قبل الولي فسيجئ حكمه،وإما يرجع إلى كونه ضميمة مع الولي في التصرف كتصرف السفيه بإذن الولي،

(٣٥٦)

Page 358: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والراهن بإذن المرتهن فهذا غير معقول.وبالجملة: مقتضى هذه المقدمة عدم صحة بيع الصبي لنفسه بإذن الولي أيضا،

الستفادة السلطنة التامة االستقاللية للولي من اآلية الشريفة.ثم إنه كما ال يجوز له مباشرته ولو بإذن الولي فكذلك ال يجوز له توكيله الغير،ألنه ال يصح التوكيل إال في فعل يكون مملوكا للموكل بحيث يصح له مباشرته

بنفسه، فتوكيله الغير في هذه الصورة نظير صورة عدم إذن الولي.الثانية: أنهم اعتبروا في الوكيل أمورا:

منها: البلوغ إال فيما استثني.ومنها: كمال العقل.

ومنها: أن يكون ما وكل فيه مما يجوز له أن يليه بنفسه لنفسه، وال يعتبرالمباشرة فيه، فكل ما ال يجوز للوكيل صدوره من حيث إنه فعله ومن جهة

اإلصدار فال يجوز أن يصير وكيال عن غيره فيه.وفرعوا على ذلك عدم صحة وكالة المحرم البتياع الصيد وإمساكه وعقدالنكاح وإن كان الموكل محال، وصحة وكالة المفلس والسفيه والمرتد.

أما عدم صحة وكالة المحرم فلحرمة هذه األفعال عليه من حيث السبب ولومع قطع النظر عن المسبب.

وأما صحتها عن المفلس والسفيه والمرتد فألن منع هؤالء يرجع إلىالتصرف المالي في أموالهم، ال لقصور فعلهم من حيث إنه فعل، فإن المفلس يتعلق

بماله حق الغرماء، والسفيه يتعلق عليه حق الوالية، والمرتد ال ذمة له.وبالجملة: يعتبر في الوكالة: كون الفعل مما يجوز وقوعه من النائب، وأن ال

يعتبر فيه المباشرة. وعلى هذه المقدمة يترتب أمران:أحدهما: عدم جواز وكالته عن الولي في أن يتصرف في مال نفسه الذي

يرجع واليته إلى الولي بالفرض.وثانيهما: عدم وكالته عن الناس في التصرف في أموالهم، ألنه إذا ثبت أن

(٣٥٧)

Page 359: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الصبي كالمجنون في كونه مسلوب العبارة فحيث إن إجراء الصيغة منه ال أثر له فيماله فوكالته أيضا كالمباشرة.

نعم، إثبات هذه المقدمة - وهي اعتبار البلوغ كاعتبار العقل، وأن الصبي الينفذ منه البيع من حيث جهة اإلصدار - موقوف على قيام دليل على ذلك، وعلى

هذا فكل ما ثبت جواز تولية الصبي فيه بنفسه يصح وكالته فيه، كما يصح توكيله،إال إذا اعتبر المباشرة في الموكل، ففي العتق والطالق والوصية كما يجوز أن يليها

بنفسه فكذلك يجوز أن يتوكل عن غيره، وأن يوكل غيره عن نفسه.الثالثة: أن األغراض بالنسبة إلى اآلثار المترتبة على األفعال مختلفة، فقد

يتعلق الغرض بحصول األثر في الخارج من دون دخل لفاعل خاص، أي:المقصود حصول النتيجة، وقد يكون الغرض حصوله من شخص خاص بحيث كان

فعله موضوعا للحكم، والقسم األخير هو المقصود في باب الوكالة، ألن البيع- مثال - مترتب على فعل الوكيل من حيث أنه هو الفاعل ونظيره في األحكام

التكليفية الفعل العبادي، فإن المقصود منه حصوله من شخص المكلف. وأما القسماألول الذي نظيره في التكاليف هو الفعل التوصلي فهو خارج عن باب الوكالة.

فعلى هذا، عد إيصال الهدية واإلذن في دخول الدار من مستثنيات معامالتالصبي ال وجه له، ألن هذه األمور ليست من باب الوكالة، بل الغرض وصول

الهدية إلى المهدى إليه ولو كان بتوسط حيوان، وهكذا في مسألة الدخول في الدارالغرض استكشاف رضا صاحب الدار.

بل لو قلنا في باب المعاطاة إن الغرض منها وصول كل واحد من العوضين إلىمالك اآلخر كما قيل (١) به في مسألة كوز السقاء وصندوق الحمامي، فال بأس بأن

يكون الصبي مقام الكوز والصندوق.ودعوى صاحب الجواهر (٢) قدس سره أن السيرة الثابتة في مثل إيصال الهدية

--------------------(١) مقابس األنوار: كتاب البيع ص ١١٣ س ٣٠.

(٢) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٢ ص ٢٦٣.

(٣٥٨)

Page 360: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

واإلذن في الدخول من المسامحين ال المتدينين ال وجه لها، فإن خروج ذلك منباب معامالت الصبي خروج موضوعي.

أما السنة فهي على طوائف ثالثة:األولى: ما دل (١) على جواز أمر اليتيم بعد االحتالم وعدم خروجه عن اليتم

قبله.الثانية: ما دل (٢) على رفع القلم عنه.

الثالثة: ما دل (٣) على أن عمده وخطأه واحد.أما الطائفة األولى: فاالستدالل بها غير مفيد، ألنها في مقام بيان أن االحتالم

شرط في نفوذ أمر الصبي، وليست في مقام بيان عدم نفوذ أمره قبله ولو مع إذنالولي.

وأما الثانية: فالحق داللتها على كونه مسلوب العبارة فإن الظاهر منقوله عليه السالم (رفع القلم عنه) ما هو المتعارف بين الناس والدائر على ألسنتهم: من

أنفألنا رفع القلم عنه، وال حرج عليه، وأعماله كأعمال المجانين، فهذه الكلمة كنايةعن أن عمله كالعدم، ورفع عنه ما جرى عليه القلم فال ينفذ فعله، وال يمضي عنه،

فإن ما صدر عنه ال ينسب إليه. نعم، يختص رفع القلم بالفعل الذي لم يكن موضوعالحكم بذاته، ألن الظاهر من هذا الحديث الشريف أن األفعال التي تترتب عليها

اآلثار لو صدرت من البالغ العاقل المستيقظ فهي إذا صدرت من الصبي ومثله فالأثر لها. وأما األفعال التي تترتب عليها اآلثار من دون فرق بين االلتفات وغيره،

ومن غير فرق بين االختيار وغيره فهذه خارجة عنه تخصصا.فعلى هذا، ال يشمل الحديث مثل اإلتالف والجناية، بل مطلق الحدث والجناية

--------------------(١) الكافي: ج ٧ ص ٦٨ ح ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ١٤١ ب ١ من أبواب الحجر ح ١.

(٢) مسند ابن حنبل: ج ٦ ص ١٠٠ - ١٠١، عوالي اللئالي: ج ١ ص ٢٠٩ ح ٤٨.(٣) تهذيب األحكام: ج ١٠ ص ٢٣٣ ح ٩٢٠، عنه وسائل الشيعة: ج ١٩ ص ٣٠٧ ب ١١ من

أبواب العاقلة ح ٢.

(٣٥٩)

Page 361: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الموجبة للدية ونحو ذلك. وعلى هذا ال ترد المناقشات التي أوردها المصنف قدس سرهعلى

أوال: أن الظاهر منه قلم المؤاخذة.وثانيا: أن المشهور على األلسنة أن األحكام الوضعية ال تختص بالبالغين.

وثالثا: ال مانع من كون فعل غير البالغ موضوعا لألحكام المجعولة في حقالبالغين، فيكون الفاعل كسائر غير البالغين خارجا عن ذلك الحكم إلى وقت

البلوغ (١).أما في األولى التي مرجعها إلى اختصاص الرفع باألحكام التكليفية دون

الوضعية فلما أوضحنا في األصول (٢) في حديث الرفع من أن الرفع التشريعييصح تعلقه باألمور الخارجية من دون توقف على تقدير المؤاخذة أو غيرها،

والرفع التشريعي يقتضي رفع جميع اآلثار. ففي المقام يمكن تعلق الرفع بنفسالقلم، أي: رفع قلم جعل األحكام عنه، سواء أكانت موجبة للمؤاخذة على مخالفتها

كاألحكام التكليفية أم لم تكن كالوضعية.وأما في الثانية فألن اشتراك غير البالغ مع البالغ في األحكام الوضعية التي

هي محل البحث: كعقد الصبي أول الكالم، بل المشهور عدمه. نعم، يشتركان فيمثل اإلتالف ونحوه.

وأما في الثالثة فألنه مضافا إلى عدم إمكان تفكيك اآلثار بين البالغ وغيرهفيما كان ذات الفعل موضوعا لألثر، بل فيما كان األثر مترتبا على الفعل القصديأيضا فإنه لو أفاد عقد الصبي الملكية فال يمكن أن ال يكون مؤثرا فعال ويصير ذاأثر بعد البلوغ أن كون فعله موضوعا لألحكام المجعولة في حق البالغين فرع أن

يكون فعله مؤثرا، وهذا أول الكالم، ألنه يحتمل أن يكون وجوده كعدمه كما فيعقد المجنون ومثله، فكيف يمكن أن يكون هذا الذي صدر من مثل المجنون

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٤ س ٢١ وما بعده.

(٢) فوائد األصول: ج ٣ ص ٣٤٢ - ٣٤٣.

(٣٦٠)

Page 362: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

موضوعا لحكم البالغ العاقل؟وبالجملة: ظهور الحديث في كون عبارته كالعدم بقرينة جعله رديفا للمجنون

والنائم مما ال ينبغي المناقشة فيه.وأما الثالثة فداللتها على أن أفعاله القصدية كالفعل الصادر عن غيره بال قصد

واضحة.نعم، يمكن دعوى ورودها في مورد خاص، وهو باب الديات، أو عمومها

للكفارات أيضا، وعدم شمولها لجميع أفعاله كالعقود وااليقاعات، وذلك ألنالخطأ والعمد لم يؤخذا موضوعا لحكم إال في الجنايات والكفارات الواجبة علىالمحرم، فإن في تلك المسألتين قوبل العمد مع الخطأ، وأما في غيرهما فالحكم:

إما مترتب على ذات الفعل وهو الغالب، أو على خصوص العمد، أو خصوصالخطأ، أو ما هو مرادف لهما من القصد واالختيار، أو السهو والنسيان واالضطرار.

ويشهد لذلك تذييل بعضها بقوله عليه السالم: (تحمله العاقلة) (١) فإن تحمل العاقلةإنما هو الدية في الجنايات.

ولكن يمكن الجواب عن هذا اإلشكال بأن تذييل بعضها بقوله: (تحملهالعاقلة) ال يوجب حمل األخبار المطلقة على باب الجنايات، هذا مضافا إلى ما

ورد في رواية أبي البختري عن علي عليه السالم أنه كان يقول: (المجنون والمعتوهالذي ال يفيق والصبي الذي لم يبلغ عمدهما خطأ تحمله العاقلة، وقد رفع عنهما

القلم) (٢)، فإن قوله عليه السالم: (وقد رفع عنهما القلم) بمنزلة العلة، لقوله عليهالسالم: (عمدهما

خطأ)، ومقتضاه أن األفعال التي تترتب عليها اآلثار إذا صدرت عن قصد من غيرالصبي والمجنون إذا صدرت عنهما فكالصادرة عن غيرهما بال قصد، ألن قلم

--------------------(١) تهذيب األحكام: ج ١٠ ص ٢٣٣ ح ٩٢١، عنه وسائل الشيعة: ج ١٩ ص ٣٠٧ ب ١١ من

أبواب العاقلة ح ٣.(٢) قرب اإلسناد: ص ٧٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٩ ص ٦٦ ب ٣٦ من أبواب القصاص في

النفس ح ٢.

(٣٦١)

Page 363: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

جعل األحكام مرفوع عنهما، فمقتضى التعليل هو التعدي إلى غير الجنايات، بليستفاد منه أن الطائفة الثانية والثالثة وردتا لمعنى واحد، وكل منهما مخصوصان

باألفعال القصدية، ال األفعال التي تكون موضوعات لألحكام بذواتها.وعلى هذا، فال وجه لقول المصنف قدس سره: بل يمكن بمالحظة بعض ما ورد من

هذه األخبار في قتل المجنون والصبي استظهار المطلب من حديث رفع القلم...إلى آخره، ألنه بعد ما عرفت من اتحاد معنى الفقرتين ال وجه الستظهار االتحادمن هذه الرواية بالخصوص، بل في جميع الروايات الواردة هذه الكلمة يراد منها

مع قطع النظر عن معناه الكنائي رفع فعله القصدي، فإن معنى رفع قلم األحكام هو:أن عمدهما خطأ، فإن اشتراكه مع المجنون في رفع القلم عنه وكون عمده خطأ

يقتضي أن يكون المرفوع هو الفعل القصدي.ثم ال يخفى أنه ال وجه لتقدير المؤاخذة ثم تعميمها لآلثار األخروية

والدنيوية فإن المؤاخذة بناء على لزوم تقديرها ظاهرة في العقوبة األخروية. ثم الوجه ألحتمال العلية والمعلولية كليهما في رفع القلم فإن الظاهر منه كونه علة ألنهأعم موردا من قوله: (تحمله العاقلة)، والعلة بمنزلة الكبرى الكلية، والحكم المعلل

بمنزلة الصغرى. وجعله معلوال لقوله عليه السالم: (عمدهما خطأ) ال يستقيم ألنهما:إما

متحدان معنى بناء على أن يكون المراد من رفع القلم رفع األفعال القصدية، وإمايناسب العلية لو كان المراد األعم منها ومن غيرها.

وبالجملة: وإن أجاد المصنف قدس سره فيما أفاد من أن المرفوع عن الصبي هواألحكام المترتبة على األفعال بعنوانها القصدي، ال األحكام المترتبة على األفعالالتي بذاتها موضوعات لها لظهور الخبر في أن الصبي كالمجنون، إال أنه ال وجه

اللتزامه بتعلق الرفع بالمؤاخذة، ثم تعميمها لآلثار الدنيوية، ثم تمسكه بإطالقالرفع لما إذا صدر الفعل عن الصبي بإذن الولي فإن التمسك باإلطالق في هذاالمقام من الغرائب على مذهب من اختار من أن التقابل بينه وبين التقييد تقابل

العدم والملكة، فإنه لو كان المراد من الرفع رفع األثر رأسا وإن فعله كالعدم وقصده

(٣٦٢)

Page 364: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كعدم القصد فال موقع للتمسك باإلطالق، ألن اإلذن ال يمكن أن يؤثر في الفعلالذي هو بمنزلة العدم حتى يتوهم تقييد عدم األثر بمورد الخلو عن اإلذن،

فيتمسك باإلطالق لرفع هذا التوهم.ولو كان المراد منه أن الصبي ليس مستقال في التصرف فهو كالراهن أو الباكرة

فال يصح التمسك باإلطالق، ألنه ينقلب الفعل في مورد اإلذن عما عليه. فال يصحأن يقال: الراهن ال يستقل بالتصرف، سواء أذن له المرتهن أم ال.

فتلخص مما ذكرنا أن قصد الصبي كالعدم، وفعله العمدي خطأ ال مؤاخذةعليه، وال دية في ماله، وال يلزم باإلقرار، وال حد عليه، وال تعزير على أفعاله.

ولو قام دليل على أنه يعزر فليحمل على التأديب، لئال يتمرن على الفعلالمحرم.

نعم، لو ثبت لزوم تعزير في مورد ثبوت الحد على البالغ لكان ثبوت هذهالعقوبة من أثر فعله القصدي. وأما لو ثبت لزومه في غير هذه المعصية فليس المراد

منه إال التأديب، أي ليس العقوبة عليه ألجل ما صدر منه، بل لئال يصدر منه بعدالبلوغ بحيث لو علم موته قبل البلوغ فتأديبه أيضا ال وجه له، إال أن يكون نفس

صدور الفعل منه نقصا ألقربائه.وكيف كان، لو ثبت لزوم التعزير عليه فيدخل في المستثنيات، لما بينا أن

الصبي كالمجنون، فهو داخل في هذا القسم من المحجورين، فال يترتب علىإنشائه أثر، وال يؤاخذ على فعل من أفعاله. وإذا ثبت صحة فعل منه بدليل خاصيكون مخصصا لحديث رفع القلم. وأما لو لم يثبت - كما قيل (١) بالنسبة إلى

عباداته - فيقتضي أن تكون تمرينية ال شرعية.ثم كلما ثبت صحته مطلقا ولم يدل دليل على اعتبار صدوره من فاعل خاصيصح فيه توكيله للغير، ووكالته عن الغير، وهذا كله في األفعال التي يعتبر فيها

القصد. وأما الذي ال يعتبر فيه فخروجه عن الحديث بالتخصص.--------------------

(١) يظهر من الشهيد الثاني في مسالك األفهام: كتاب الصالة ج ١ ص ٢١ س ٤.

(٣٦٣)

Page 365: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فالفروع التي ذكرها العالمة قدس سره في التذكرة (١) مبتنية على إحدى القاعدتين،أي:

كل فعل اعتبر فيه القصد، كحصول الملك في الهبة وتعين الكلي بالقبض فقبولالصبي فيه وقبضه كالعدم، سواء أكان بإذن الولي أم ال، وسواء كان لنفسه أو للولي

أو لغيره.وكل ما ال يعتبر فيه القصد كقبض مال معين من الولي بإذن الولي فقبضه فيه

كقبض الولي. كما أن من عليه الخمس أو الزكاة تبرأ ذمته منهما لو دفعهما إلىالصبي أو صرفهما في مصارف الصبي، ألن قبضه هنا ال يعتبر فيه القصد.

قوله قدس سره: (ثم إنه ظهر مما ذكرنا: أنه ال فرق في معاملة الصبي بين أن يكونفي األشياء اليسيرة أو الخطيرة... إلى آخره).

وإن كان مقتضى األدلة السابقة ما ذكره قدس سره من عدم الفرق إال أنه بعدما يشاهد من الناس أنهم ال يعاملون مع الصبي معاملتهم مع المجانين، بل سيرة

أهل العرف من كل ملة ونحلة: اإليكال إلى الصبي باختالف المعامالت، فيوكلونإلى من بلغ أربع سنين معاملة البقول، وإلى من بلغ ثمانية بيع اللحوم، وإلى من

تجاوز العشرة معاملة الثياب... وهكذا.فال بد إما من القول بخروج هذه األشياء عن معامالت الصبي بالتخصيص

والمخصص لها هو السيرة، ولكن االلتزام بهذا مشكل كما أفاده قدس سره، ألن السيرةمختلفة باختالف األشياء، وثبوت السيرة من عصرنا إلى عصر األئمة عليهم السالم من

المتدينين بهذا التفصيل مشكل، بل المعلوم عدمها، فإنا نرى تحرز المتدينين عنالمعاملة مع الصبي في مثل اللحم ونحوه فضال عن الثياب.

وإما من القول بأن السيرة جارية بين من ال يبالي بالمحرمات. وال يخفى أنااللتزام بهذا أشكل، فإن شراء البقول ونحوها منه معمول بين المتدينين.

وإما بجعل الصبي في الموارد التي ثبتت السيرة فيها بمنزلة اآللة والواسطة في--------------------

(١) تذكرة الفقهاء: كتاب البيع ج ١ ص ٤٦٢ س ٢٦.

(٣٦٤)

Page 366: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اإليصال، وهذا على وجوه:أحدها: ما ذكره كاشف الغطاء (١) بأن المعاملة في الحقيقة واقعة مع الولي

والطرف اآلخر، فيكون األخذ من الطفل - مثال - موجبا وكالة من قبل الولي،وقابال من قبل نفسه، فيكون فعل الصبي من قبيل فتحه باب الدار واإلذن في

دخول األغيار من كونه كاشفا عن رضا الولي.وفيه أوال: أن دخول عمل طرف الصبي في عنوان الوكالة مشكل، ألن الولي

لم يعينه لها، ومجرد رضا المالك ال يدخله في هذا العنوان.وثانيا: أن ما هو الواقع في الخارج ليس إال المعاملة مع الصبي، للعلم بعدم

إنشاء التوكيل من الولي، وعدم قصد الطرف الوكالة عنه.وثالثا: مقتضى ذلك اختصاص الصحة بما إذا كان المال من غير الصبي، وأماإذا كان منه ولم يعلم له ولي إجباري فال يجوز، مع أن بناء الناس ليس على

التفحص.وثانيها: أن يكون المنشئ للمعاملة هو الولي مع طرف الصبي، وكان الصبي

واسطة في إقباض المالين وإيصاله إلى المالكين كإيصاله الهدية إلى المهدى إليه.وفيه أوال: أن إنشاء التمليك لشخص غير معلوم بوجه ال يدخل تحت أحد

العناوين التمليكية.وثانيا: أن الفصل بين هذا اإلنشاء واإلنشاء من طرف الصبي قد يكون أزيد

من سنة.وثالثا: أن ما هو الواقع في الخارج ليس كذلك غالبا، بل دائما.

وثالثها: االكتفاء في المعاملة بوصول كل من المالين إلى المالك اآلخر معرضا الطرفين. وقد تقدم في المعاطاة ما يدل على صحة ذلك، فإنه إما من

مصاديقها بناء على عدم اعتبار التعاطي فيها، وإما أنه ملحق بها حكما بناء علىما تقدم من أن المعاطاة إنما تدل على التسليط المالكي، فلو أنشأ التسليط عن

--------------------(١) شرح القواعد (مخطوط): الورقة ٥٣.

(٣٦٥)

Page 367: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المالك بعوض معين فكل من أقدم على إعطاء العوض فهو مسلط على المعوضفإنه ال يعتبر في حقيقة التسليط تعيين المباح له كما في نثار العرس، وال المواالة

بين االيجاب والقبول، فهذا لو كان داخال في عنوان العقود فيدل على صحتهاعموم (أوفوا بالعقود) (١)، ولو لم يكن داخال فيكفي في صحتها السيرة الجارية بين

المتدينين.نعم، ال بد من االكتفاء بما هو المتيقن من جريان سيرة المتدينين عليه، وهو

المعاملة التي ال تحتاج إلى المساومة، بل كانت قيمة العين معينة في الخارج بحيثكان الصبي آلة صرفة وواسطة في اإليصال.

قوله قدس سره: (مسألة: ومن جملة شرائط المتعاقدين: قصدهما لمدلول العقد...).توضيح هذه المسألة يقع في طي مباحث:

األول: أن بعض الجمل مختص باإلنشاء كصيغة األمر والنهي فإن مفادهما:إيقاع النسبة بين الفاعل والمادة تشريعا، أو سلبها عنه كذلك.

وبعبارة أخرى: مفاد األمر: البعث نحو المطلوب تشريعا، ومفاد النهي: الزجرعنه كذلك، وهذان المعنيان متمحضان في االنشائية، وبعض الجمل مختص

باإلخبار كالجملة التي كان محمولها أمرا خارجيا: كقوله: زيد قائم. وبعضهامشترك بين األمرين: كالفعل الماضي والمضارع.

والجمل االسمية التي يكون محمولها قابال ألن يوجد باإلنشاء فالفعلالماضي يصح أن ينشأ بها عناوين العقود، والفعل المضارع يصح أن ينشأ بها

األحكام.والسر في اختصاص كل واحد بباب هو: أن الفعل الماضي للنسبة التحقيقية،

والفعل المضارع للنسبة التلبسية، فالماضي أمس بإيجاد عناوين العقود به،والمضارع أمس بتشريع األحكام به، فإن إيجاد عنوان العقد ال يناسبه التلبس،

وإيجاب متعلقات األحكام ال يناسبه التحقيق. وأما الجمل األسمية فكاسم الفاعل--------------------

(١) المائدة: ١.

(٣٦٦)

Page 368: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

في قوله: هي طالق، واسم المصدر في قوله: أنت حر، ونحو ذلك كقوله: أنت وصييأو وكيلي، وكل ما كان من هذا القبيل.

وال يخفى أن كون الجملة مفيدة لإلنشاء أو األخبار إنما هو باقتضاء المقام،ومن المداليل السياقية، فإن لكلمة (بعت) معنى إذا كان المتكلم به في مقام

الحكاية يكون إخبارا، وإذا كان في مقام إيجاد المادة بالهيئة يكون إنشاء، وهكذاسائر الصيغ القابلة للمعنيين.

ثم إنه ال شبهة أن لكل من األخبار واإلنشاء مراتب ثالث:األولى: القصد إلى اللفظ، ال بمعنى أن يكون اللفظ بالنظر االستقاللي ملحوظافإن هذا خارج عن استعمال اللفظ في المعنى، فإن االستعمال عبارة عن إلقاء

المعنى باللفظ، فاللفظ غير منظور فيه وفان صرف، بل بمعنى أن ال يكون اللفظصادرا عن غير الملتفت، والغافل كالنائم والغالط، فإن اللفظ إذا صدر في حال

النوم أو على غير عمد بأن سبق اللسان إليه فال أثر له.والثانية: أن يكون قاصدا للمعنى باللفظ، أي بعد كونه قاصدا لصدور اللفظ

كان قاصدا لمدلوله، ال بمعنى كونه قاصدا ألصل المعنى، فإنه بعد قصده اللفظوعلمه بمعناه ال يعقل عدم قصده معناه، فإن استعمال اللفظ عبارة عن إلقاء المعنى

باللفظ، بل بمعنى كونه قاصدا للحكاية أو اإليجاد، أي كان داعيه على استعمالاللفظ في المعنى الحكاية عن وقوع هذا المدلول في موطنه من ذهن أو خارج، أو

إيجاد المنشأ بهذا اللفظ الذي هو آلة اليجاده، فلو كان قصده الهزل واللعب فال أثرله، وفقد هذين المرتبتين في األخبار يوجب عدم صدق الحكاية عليها.

وأما في المنشآت ففي العقود يوجب عدم صدق عنوان العقد، وفي األحكاميوجب عدم صدق الحكم الواقعي، بل يطلق عليه (الحكم الصوري) أو (الهزلي)،

أو نحو ذلك من الدواعي.والمرتبة الثالثة في األخبار: أن يكون مدلول اللفظ مطابقا لما يحكى عنه،

وإال يكون كذبا، وفي اإلنشاء أن يكون المنشأ متحققا في عالم االعتبار، بأن ال

(٣٦٧)

Page 369: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يكون المبيع خمرا مثال. وال يخفى أن هذه المرتبة في األخبار واإلنشاء خارجةعن اختيار المتكلم، ألنها أمر خارجي، وليست من مدلول لفظه أيضا. وقد ظهر

مما ذكرنا أمور:األول: أن جعل القصد من شرائط العقد أولى من أن يجعل من شرائط

المتعاقدين، إذ بدونه ال يتحقق العقد كعدم تحققه الفصل بين اإليجاب والقبول،وبعدم تطابق اإليجاب والقبول، ومجرد أن عدم تحققه نشأ من قبل العاقد

ال يوجب عده من شرائطه، وإال لصح أن يقال ومن شرائط العاقد: أن ال يتلفظبالفارسي، وأن ال يقدم القبول على اإليجاب.

الثاني: أن قياس األمر الصوري على الكذب في األخبار ال وجه له، ألنالكذب مرتبة ثالثة في األخبار، واألمر الصوري يشبه الهزل في األخبار، ألنه لم

يقصد به البعث نحو المطلوب، وهكذا في العقود لو لم يقصد إيجاد المادة بالهيئة،بل قصد الهزل ونحوه، فحكمه حكم الهازل في الحكاية.

وشبيه الكذب في األخبار منحصر في اإلنشاء في عدم وقوع المنشأ في عالماالعتبار، وعدم المطابقة في األخبار كعدم وقوع المنشأ في اإلنشاء كالهما

خارجان عن مدلول اللفظ وإمكان القصد إليه.الثالث: ما أفاده في المسالك (١) من عدم تحقق القصد في عقد الفضولي

والمكره،خلط قصد بقصد، فإن القصد يستعمل في موارد:

أحدها: قصد اللفظ.وثانيها: قصد المعنى، فإنهما معتبران في أصل صدق العقد، فإن عقد النائم

وعقد الهازل ليسا بعقد، فإنهما لم يقصدا إيجاد المادة بالهيئة.وثالثها: قصد وقوع العقد خارجا عن طيب في مقابل وقوعه عن كره، فإن

العاقد مع قصده اللفظ والمعنى تارة داعيه على وقوع مضمون العقد إكراه المكره،وأخرى غيره من الدواعي النفسانية.

--------------------(١) مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٧١ س ١٩.

(٣٦٨)

Page 370: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ورابعها: قصد وقوع المضمون عن العاقد في مقابل وقوعه عن غيره كبعضأقسام عقد الفضولي. وال يخفى أن اعتبار القصدين األخيرين إنما هو ألمر تعبدي،

ال لتحقق مفهوم العقدية، فإن عقد المكره والفضولي من حيث جهة العقدية ال يقصرعن غيره. فما أفاده في المسالك (١) من أنهما قاصدان إلى اللفظ دون مدلوله ال وجه

له، ألنهما قاصدان للمدلول أيضا، وإنما الفرق أن قصد وقوع مضمون العقد فيالمكره ليس عن داع اختياري وقصد نفساني، بل عن وعيد المكره - بالكسر - مع

عدم إمكان التورية، أو مطلقا على ما سيجئ. وفي الفضولي هذا المعنى أيضاموجود، وإنما المفقود قصد وقوع المضمون عن نفسه. وعلى هذا فقياس المكره

على الفضولي أيضا ال وجه له، ألنهما ليسا في وزان واحد.المبحث الثاني: في اعتبار قصد المالكين وعدمه

وتوضيحه يتم برسم أمور:األول: ال شبهة أن تعيين العوضين في العقود التمليكية كتعيين الزوجين في

النكاح.الثاني: أن مقتضى المعاوضة والمبادلة دخول كل من العوضين في ملك مالك

اآلخر.الثالث: بعد تحقق المعاوضة تعقيبها بما ينافيها ال يوجب بطالنها، بل يقع لغوا.

وبرهان الجميع واضح.أما اعتبار تعيين العوضين من حيث الجنس والمقدار في العقود المعاوضية

فألن عيش بني آدم يتوقف على تبديل األموال، وال يتم ذلك إال بتعيين ما يقعالمال بإزائه من حيث الجنس والمقدار، فإن المال يقع بإزاء الصور النوعية ال

--------------------(١) مسالك األفهام: كتاب التجارة ج ١ ص ١٧١ س ٢٣.

(٣٦٩)

Page 371: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بإزاء المادة المشتركة، ثم ال يقع أي مقدار من المال بإزاء أي مقدار من الصورةالنوعية، فيجب تعيين كلتا الجهتين. وسيجئ توضيح ذلك في محله.

وأما اقتضاء حقيقة المعاوضة دخول كل واحد من العوضين في ملك مالكاآلخر فقد تقدم وجه ذلك في أول البيع. وإجماله أن المعاوضة تبديل طرف إضافةبطرف إضافة أخرى، مع بقاء الطرف اآلخر من كل من اإلضافتين على حاله، أيبتبدل المملوكين ال المالكين، فإذا كان المالكان على حالهما في المعاوضة ولميقم مقام مالك المال مالك آخر كمسألة اإلرث، بل تبدل طرف اإلضافة القائمةبالمال بطرف اإلضافة القائمة بمال آخر فال بد أن يقع كل من المضافين مكان

اآلخر في الملك، ويجب أن يدخل البدل في ملك من يخرج عنه المبدل، وهذا اليمكن إال إذا دخل المبدل في ملك من خرج عنه البدل. ومجرد عدم المجانية

ووقوع مال بإزاء مال ليس معاوضة، ألن العقد: هو األثر الحاصل من فعلالمتعاقدين، وليس الثالث طرفا لهما.

فلو كان أثر تمليك البائع تمليك المشتري غير البائع لزم أن يكون هنا عقدانلو احتاج كل تمليك إلى قبول، أو إيقاعان لو لم يتوقف.

وقد تقدم أيضا: أنه لو قام دليل على صحة ما لو قال: اشتر بمالي لنفسكطعاما فال بد من حمله إما على هبة المال له قبل الشراء، وإما على هبة الطعام له بعد

الشراء، وإما على إعطائه له أحدهما قرضا.وهكذا لو قام دليل على صحة بيع معلقات الكعبة المشرفة وتملك ثمنها فال بد

من حمله على غير البيع من أنحاء التصرف، أو تملكها آنا ما قبل البيع ثم بيعها.وأما عدم بطالن المعاوضة بعد تحقق أركانها بذكر ما ينافيها بعدها فألنه ال

موجب ألبطال األمر الالحق األمر الصحيح المتقدم.نعم، لو لم يتحقق ركن المعاوضة - وهو تبديل المالين - فذكر ما ينافيها يوجب

بطالنها، كقوله: (بعتك بال ثمن)، و (آجرتك بال أجرة) على التفصيل الذي تقدم فيقاعدة ما يضمن.

(٣٧٠)

Page 372: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إذا عرفت ذلك فنقول: تارة يكون العوضان شخصيين، وأخرى كليين، وثالثةيكون أحدهما شخصيا واآلخر كليا. فإذا كانا شخصيين فال يعتبر تعيين مالكهما،

سواء أكان العقد من المالكين أم من غيرهما، وكيال كان أم لم يكن، عقبه بما ينافيهأم لم يعقبه، فإنه بعد ما عرفت: من أن المعاوضة تقتضي دخول العوض في ملك

من خرج عنه المعوض وبالعكس، فلو بدل المبيع الشخصي بالثمن الشخصي وقال:بعتك هذا بهذا أو قال: بعت هذا بهذا صار المثمن لمالك الثمن، والثمن لمالك

المثمن،وال يعتبر تعيين المالكين، لكونهما معينين في الواقع، وال يضر تعقيب العقد بما

ينافيه بأن يقول: (بعتك هذا بهذا لزيد) مع عدم كون زيد مالكا ألحد العوضين، بلوال يضر ذكر المنافي بين اإليجاب والقبول بأن يقول: بعت هذا الذي لزيد بهذا الثمن

الذي لعمرو، فإنه يقع التبديل بين الثمن والمثمن، وقصد كونه لزيد أو ذكره لغوال يوجب البطالن، وال يقاس على قوله: بعتك بال ثمن، لما عرفت من الفرق بينهما.

وبالجملة: لم يقم دليل تعبدي على اعتبار قصد المالكين، وال على بطالنقصد الخالف، وال يتوقف عنوان العقدية أيضا على قصد المالكين أو ذكرهما، واليمكن أن يؤثر قصد الخالف في البطالن، كما ال يمكن أن يتعدد وجه وقوع العقد

أيضا حتى يتوقف على التعيين.وأما إذا كانا كليين فال بد من تعيين ذمة شخص بالنسبة إلى أحد العوضين،

والعوض اآلخر لو لم يجعله العاقد في ذمة غيره يتعلق بذمته ظاهرا، فلو قصداإلبهام وقال: (بعت) أو: (اشتريت منا من الحنطة بعشر قرانات) فال يصح، ألن

الكلي ما لم يضف إلى ذمة شخص ال يكون ماال وال ملكا، فإنه وإن لم يعتبر الملكيةوالمالية قبل العقد ويكفي تحققهما بنفس العقد كما في السلم إال أن تحققهما به

يتوقف على تعيين ذمة شخص، فإن المن من الحنطة بدون تعيين ذلك مفهوم،والمفهوم بما هو مفهوم ال مالية له، وإنما ماليته باعتبار انطباقه على المصاديق

الخارجية وما لم يعينه في ذمة شخص ال ينطبق على مصداق، وال دليل على كفاية

(٣٧١)

Page 373: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

تعيين المبهم بعد العقد كشفا، أو نقال.وبالجملة: القدر المشترك بين الذمم ال مالية له، وال يقاس على عتق أحد

العبدين وطالق إحدى الزوجتين وبطالن الزائد على األربع من دون تعيين فيما لوأسلم الكتابي على الزائد عليهن، فإنه يمكن الفرق بين المقام وبين األمثلة:

أوال: بأن األمثلة من باب الشبهة المحصورة.ويمكن أن يقال: إن إحدى الذمتين في المقام أيضا لها اعتبار الملكية دون

ذمة من في العالم.وثانيا: بأن هذه األمثلة ثبتت بالتعبد ال على طبق القاعدة، فإن القاعدة ال

تقتضي تعلق الطالق بإحدى الزوجتين، فإن طالق القدر المشترك ال معنى له، والمعين في الواقع أيضا حتى يتعين بالقرعة، فالقاعدة تقتضي البطالن.

وأما إذا كان أحدهما كليا فإن كان الشخصي ملك شخصه وجب تعيين منيقع الكلي في ذمته. وأما لو انعكس فال يجب التعيين، وذلك ألنه لو كان الشخصي

ملك غيره تعلق الكلي بذمة نفسه، ألن ذمة الغير تحتاج إلى التعيين، وإال انصرفإلى النفس حتى فيما لو كان وكيال عن الغير، ونظير ذلك: النيابة واألصالة في

العبادات، فإنه لو اشتغل ذمته بفريضة لنفسه وكان أجيرا للغير أيضا فلو صلى ولميقصد النيابة وقعت عن نفسه، ولو لم يشتغل ذمة نفسه بها وقعت لغوا، فاالنصراف

إلى النفس ال مؤنة له.نعم، لو قصد اإلبهام وقع في نفس األمر باطال وإن كان ملزما في الظاهر

بااللتزام المعاملي كما سيجئ في العنوان اآلتي نظير ذلك.ثم إن اعتبار تعيين البائع أو المشتري في الكليين ليس كاعتبار طرفي العقد

في غير باب المعاوضات: كالنكاح والوصية والهبة والوقف ونحو ذلك، فإنالزوجين والموصى له أو الوصي أو المتهب أو الموقوف عليه ركن في هذه

األبواب، وبدون التعيين ال ينعقد العقد، وال يرتبط إنشاء الموجب بإنشاء القابل،ألنه ليس قصد الواهب - مثال - الهبة لكل من يقبلها.

(٣٧٢)

Page 374: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما المعاوضات فاعتبار التعيين فيها إنما هو العتبار العوض فيها، حيث إنتحقق المالية في الكلي إنما هو بتعيين المالك، وإال فما هو الركن فيها هو العقد

والعوضين، فلو تم شرائطهما لم يعتبر شئ آخر أصال.وعلى هذا، فال يخفى ما في كالم المحقق التستري من النظر:

أما أوال فألن اعتبار التعيين في الكلي ليس العتبار قصد المالكين، بلالعتبار العوضية، فإن قوام العقد بجعل العوض في مقابل المعوض وبالعكس،

والكلي ما لم يضف إلى ذمة شخص ليس ماال، وتعيين الذمة بعد العقد ال يكفي فيتحقق العقدية، ألن اإلنشاء من اإليجاديات، واإليجادي في الحال ال يعقل تحققه

في االستقبال، فلو قام دليل على كفاية تحقق ما يجب أن يتحقق فعال فيما بعد فال بدمن تنزيله منزلة تحققه فعال، وإال ال يمكن وجود شئ في ظرف أن يكون وجودا

له في غير هذا الظرف، فال يمكن قياس المقام على العتق ونحوه.وعلى هذا، فلو سلمنا صدق العقد على الكلي ولو لم يضفه إلى شخص فقوله:

ال دليل على تأثير التعيين المتعقب، (١) فيه: أن الدليل عليه عموم (أوفوا بالعقود).وقوله: وال على صحة العقد المبهم النصراف األدلة إلى الشائع المعهود (٢).

ففيه: أن التعارف بنفسه ال يوجب االنصراف.وقوله قبل ذلك: والدليل على اشتراط التعيين ولزوم متابعته في هذا القسم

أنه لوال ذلك لزم بقاء الملك بال مالك (٣)، ففيه: أن هذا ال يتم في جميع الصور، ألنهلو كان كل من العوضين كليا فقبل التعيين ال يتحقق نقل حتى يبقى الملك بال مالك.

وأما ثانيا: فقوله: ولو اشترى لنفسه بمال في ذمة زيد، فإن لم يكن وكيال عنزيد وقع عنه وتعلق المال بذمته ال عن زيد ليقف على إجازته، وإن كان وكيال

فالمقتضي لكل من العقدين منفردا موجود، والجمع بينهما يقتضي إلغاء أحدهما،--------------------

(١) مقابس األنوار: كتاب البيع ص ١١٥ س ٢٢ - ٢٣.(٢) مقابس األنوار: كتاب البيع ص ١١٥ س ٢١، ٢٣.(٣) مقابس األنوار: كتاب البيع ص ١١٥ س ٢١، ٢٣.

(٣٧٣)

Page 375: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ولما لم يتعين احتمل البطالن للتدافع... إلى آخره (١). ففيه: أنه ال فرق بين صورةالوكالة وغيرها في أن التصريح بالخالف ال يضر بالعقد، وال يقاس على مثل: بعتك

بال ثمن، مع أن احتمال البطالن يجري في غير صورة الوكالة أيضا، فإن مجردقابلية وقوع العقد عن الموكل لو كان منشأ للتدافع بين قوله: اشتريت لنفسي وقوله:

في ذمة زيد فقابلية وقوعه عن زيد فضوال أيضا يوجب التدافع، ألن كلما صح عنقبل الموكل في صورة الوكالة صح عن المالك في صورة الفضولي فالتفصيل بينهما

ال وجه له.نعم، يعتبر في قابلية وقوع العقد عن قبل الموكل أو المالك أن يكون العقد

جامعا لشرائط الصحة من جميع الجهات، إال أنه في صورة الوكالة ال يحتاجاستناده إلى الموكل إلى اإلجازة منه بعد وقوع العقد، وهذا بخالف عقد الفضولي،

فإن استناده إلى المالك يتوقف على اإلجازة.وعلى هذا، فيرد على عبارة المتن في قوله: وإذا لم يقصد المعاوضة الحقيقية

فالبيع غير منعقد، فإن جعل العوض من عين غير المخاطب الذي ملكه المعوضفقال: ملكتك فرسي هذا بحمار عمرو فقال المخاطب: قبلت لم يقع البيع لخصوص

المخاطب، لعدم مفهوم المعاوضة معه، وفي وقوعه اشتراء فضوليا لعمرو كالميأتي، فإن مع تصريحه بعدم انعقاد البيع ال وجه له، لوقوعه اشتراء فضوليا لعمرو،فإن العقد الفضولي ال بد أن يكون المقصود منه المعاوضة الحقيقية حتى في بيع

الغاصب لنفسه. وأما مع عدم قصد البيع أصال فال يصح رأسا.وما وجهنا به هذه العبارة سابقا - وهو عدم قصد المعاوضة مع المخاطب، ال

عدم قصد أصل المعاوضة - ال يستقيم، ألنه لوال قوله: فالبيع غير منعقد لكان لهذاالتوجيه وجه.

وأما معه ومقابلة قوله: وإذا لم يقصد المعاوضة مع قوله سابقا، فالمقصود إذاكان المعاوضة الحقيقية فال وجه له، فتأمل لعلك تتصور وجها له.

--------------------(١) مقابس األنوار: كتاب البيع ص ١١٦ س ٣ وما بعده.

(٣٧٤)

Page 376: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم ال بأس باإلشارة إلى ما أفاده المصنف في توجيه ما أفاده المحققالتستري فيما إذا كان العوضان معينين بناء على عدم اعتبار التعيين، فقال المحققالتستري: وعلى األوسط لو باع مال نفسه عن الغير وقع عنه، ولغا قصد كونه عن

الغير (١).وقال المصنف: وأما ما ذكره من مثال: من باع مال نفسه عن غيره فال إشكالفي عدم وقوعه عن غيره، والظاهر وقوعه عن البائع ولغوية قصده عن الغير، ألنه

أمر غير معقول ال يتحقق القصد إليه حقيقة، وهو معنى لغويته، ولذا لو باع مال غيرهعن نفسه وقع للغير مع إجازته... إلى أن قال: إال أن يقال: إن وقوع بيع مال نفسه

لغيره إنما ال يعقل إذا فرض قصده للمعاوضة الحقيقية لم ال يجعل هذا قرينة علىعدم إرادته من البيع المبادلة الحقيقية، أو على تنزيل الغير منزلة نفسه في مالكية

المبيع... إلى آخره (٢).وحاصل ما أفاده أنه بعد تحقق المعاوضة وتبديل مال معين بمال آخر كذلك

فذكر ما ينافي ذلك ال يضر، فلو قصد بيع مال نفسه للغير يقع لنفسه، ولو قصد بيعمال غيره لنفسه كالغاصب فيقع للغير، ألن بعد قصد المعاوضة ال أثر لقصد

ما ينافيها.نعم، لو قيل: بأن قصد بيع مال نفسه للغير كاشف عن عدم قصد المعاوضة فال

موجب للصحة، كما أنه ال موجب لها أيضا لو نزل الغير منزلة نفسه فأوقع المعاملةبين ذلك الغير والمشتري، فإنه بهذا التنزيل أخرج نفسه عن الطرفية فال تقع له، وال

يمكن أن يقع أيضا للغير بإجازته، ألنه غير مالك، وال إضافة بينه وبين المبيع،فهذا التنزيل موجب للبطالن، عكس ما إذا نزل الغاصب نفسه منزلة المالك فإنه

موجب للصحة.ثم إن بعض المحشين أورد على الشق األول من الترديد بأن كون عدم

--------------------(١) مقابس األنوار ونفائس األسرار: كتاب البيع ص ١١٦ س ٢.

(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٨ س ٢ وما بعده.

(٣٧٥)

Page 377: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المعقولية قرينة على عدم إرادة المعاوضة الحقيقية إنما يتم إذا شك في قول الغير،وأما مع صدور المعاملة الخاصة عن نفسه فال معنى لجعله قرينة، إذ هو مطلع على

ما قصد.وعلى الشق الثاني من الترديد بأن تنزيل الغير منزلة نفسه في مالكية المبيع

وجه للصحة ال للبطالن كما في تنزيل الغاصب نفسه منزلة المالك (١). وفيهماما ال يخفى.

أما في األول فألن القرينة الواقعة في اإلنشاء ليست كالقرينة الواقعة فياألخبار كاشفة عن المراد حتى يقال: إن المتكلم مطلع على مراده، بل قرينية

القرينة في اإلنشاء معناها أن العقد المتحصل من إنشاءين إذا لم يتعقب بما ينافيهفهو يقع على طبق ما أنشأ.

وأما إذا اقترن بما ينافيه كقوله: بعتك بال ثمن فال يقع اإلنشاء للتدافع، ففي مثلبيع مال نفسه عن غيره يحتمل الصحة بأن يجعل قصد الغير لغوا. ويحتمل البطالن

بأن يجعل قصد الغير بمنزلة بال ثمن في كونه إيجادا لما ينافي إنشاءه، وهذا هومعنى قرينيته، لعدم قصد المعاوضة الحقيقية.

وأما في الثاني فللفرق بين قصد المالكية في بيع الغاصب وتنزيل الغير منزلةنفسه في بيع المالك، وهو أن القصد في األول مصحح للمعاملة دون الثاني، وذلك

ألن العناوين الواقعية أو الجعلية قد يكون األثر فيها مترتبا على المعنون بها أوالوبالذات، وبتوسط انطباقها على المصداق يرتب على هذا المصداق ثانيا

وبالعرض، فإن زيدا يجب عليه الحج لكونه مستطيعا.وقد يكون األثر مترتبا على المصداق لكونه معنونا، فالعنوان من قبيل الداعي

وواسطة في الثبوت، مثال: لو اقتدى بالعادل وتخيل أنه عمرو فبان أنه زيدصحت صالته، ولو اقتدى بعمرو لكونه عادال فتبين أنه زيد بطلت صالته.

--------------------(١) السيد اليزدي في حاشيته على الكتاب: كتاب البيع ص ١١٧ س ٢١ وما بعده.

(٣٧٦)

Page 378: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ففي األول قصد كونه مالكا من الدواعي ومن قبيل الخطأ في التطبيق، فإنالمقصود إيقاع المبادلة بين المالين من المالكين، وحيث يعلم بأن كال منهما ليسا له

يبني على مالكية نفسه حتى يتحقق قصد المعاوضة حقيقة، فإذا تمت المعاوضةوأجاز المالك وقعت له.

وأما في الثاني فقصد كون ماله لغيره ال يمكن أن يكون من قبيل الخطأ فيالتطبيق، بل يكون ضد ذلك، ألنه يرى نفسه خارجا عن طرف المعاوضة، فصحته

عن قبل نفسه ال يعقل بعد إخراج نفسه عن المالكية، وصحته عن الغير أيضا المعنى لها بعد عدم تأثير إجازته.

وبالجملة: تنزيل الغير منزلة النفس موجب للبطالن، ألنه ال يعقل دخولالبدل في ملك الغير مع عدم خروج المبدل عن ملكه، وال وقوعه عن نفسه

إلخراج نفسه عن المالكية وتعقيب إنشائه بما ينافيه.نعم، بناء على ما ذكرنا من أن ذكر ما ينافي العقد بعد تحقق أركانه يقع لغوا وال

يوجب بطالنه فهذا القصد لغو.وعلى أي حال، هذا القصد ليس مصححا للمعاملة، بل إما يقع لغوا أو موجبا

للبطالن.المبحث الثالث: في تعيين الموجب لخصوص المشتري والقابل

لخصوص البائع...وفيه أيضا جهات من البحث:

األولى: في أنه هل فرق بين هذا المبحث والمبحث الثاني أو ال فرق بينهما؟والحق عدم الفرق بينهما، ففيما إذا كان العوضان شخصيين فكما ال يعتبر تعيين

البائع من يبيع له وال تعيين المشتري من يشتري له فكذا ال يعتبر أن يعلم البائع بأنالمشتري يشتريه لنفسه أو لغيره وأن الثمن ملك له أم ال، وهكذا في طرف

المشتري، ألن التبديل يقع بين المالين، فكل من هو مالك للثمن ينتقل إليه الثمن،وبالعكس.

(٣٧٧)

Page 379: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

نعم، في غير باب المعاوضات كعقد النكاح والهبة والوقف والوصية، ونحوذلك: كالضمان والحوالة يعتبر العلم بالطرف، فإن خصوصيات األشخاص لها

ركنية ودخل تام في نظر الطرف.وبالجملة: من يتعلق العقد به تارة هو ركن في العقد، وأخرى ليس كذلك، فلو

كان ركنا فال بد من تعيينه، فلو لم تعلم الزوجة بأن القابل هو الزوج أو وكيل عنه لميصح العقد، وهذا بخالف البيع.

الثانية: إذا علم بأن الطرف اآلخر وكيل أو ولي فهل يصح في مقام إجراءالصيغة المخاطبة مع الطرف مطلقا بأن يقول: أنكحتك، أو ال يصح مطلقا، أو

التفصيل بين البيع وما يحذو حذوه وبين النكاح وما يتلو تلوه؟والحق هو التفصيل، ال للفرق بين وكيل الزوج ووكيل البائع بأن يقال يطلق

على وكيل البائع بأنه بائع، وأما وكيل الزوج فال يقال: بأنه زوج فإن هذا باطل،لعدم الفرق بين اإلطالقين كما أشار إليه المصنف بقوله: فتأمل، بل ألن ما لم يعتبرفيه أن يكون شخصا خاصا صح مخاطبته بما أنه هو، أو بما أنه وكيل، ال بمعنىأن كاف الخطاب وضع في البيع ونحوه لألعم فإنه باطل، بل بمعنى: أنه في البيع

يتعارف تنزيل الغير منزلة المخاطب، فلو علم بالوكالة نزل الوكيل منزلة نفسالموكل، فيخاطبه بقوله: بعتك بما أنت موكلك، وأما لو يعلم بها فيخاطبه بقوله:بعتك بما أنت أنت، وهذا بخالف باب النكاح فإنه ال يتعارف فيه ذلك، فمع أن

المخاطب في كلتا الصورتين هو العاقد يختلف كيفية الخطاب اعتبارا.الثالثة: بعد صحة البيع ولو لم يعلم بأن الطرف يشتريه لنفسه أو لغيره فهل

الملزم بااللتزام العقدي نفس العاقد ولو ثبت بأنه وكيل، أو يفصل بين ما إذا ثبتوكالته فالملتزم هو الموكل وما لم يثبت فالعاقد؟ وجهان، واألقوى هو األول.

وعلى هذا، فال تسمع دعوى الوكالة، ألن الدعوى إنما تسمع فيما إذا كاناألثر مترتبا على المدعى به. وأما لو لم يكن له األثر - سواء أكان ثابتا في الواقع أم

ال - فال وجه لسماع الدعوى، فالعمدة إثبات أن الملتزم بااللتزامات نفس العاقد

(٣٧٨)

Page 380: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فيما لم يعلم أنه وكيل، ألنه لو علم كونه وكيال فالملتزم هو الموكل بال شبهة، ألنالخطاب وإن كان متوجها إلى الوكيل إال أنه ال بما هو هو، بل بما أنه موكله،فكأن الطرف مع علمه بوكالة المخاطب جعل االلتزامات العقدية على الموكل،

وأما لو يعلم بها فالملزم هو الوكيل ولو ثبت كونه وكيال بعد هذا، غاية األمر أنهأيضا يرجع إلى الموكل، ألن الطرف حيث إنه جاهل بوكالته فينشئ االلتزامات

الصريحة أو الضمنية معه، بل لعله لو كان عالما بوكالته لما أوقع المعاملة معالموكل، ألن الناس في السهولة والصعوبة والعسر واليسر والمماشاة والمماطلةمختلفون، فالوكيل المفوض كما هو مفروض الكالم لو لم يصرح بالوكالة فهوالملزم بالتسليم، وسالمة المبيع ونحو ذلك من الشروط الضمنية والصريحة، ألنه

بإنشائه التزم أمرين:أحدهما: االلتزام بكون المبيع عوضا عن الثمن، وأثر هذا االلتزام انتقال كل

واحد من العوضين من أي مالك كان إلى مالك اآلخر، فعليه إلزام موكله بأخذالثمن أو المثمن منه وتسليمه إلى الطرف وللطرف الرجوع إليه ابتداء.

وثانيهما: االلتزام بعدم العيب والغبن ونحو ذلك من الشروط الضمنية أوالصريحة، وأثر هذا االلتزام أيضا رجوع الطرف إليه ابتداء، وبعد رجوعه إليه فهو

أيضا يرجع إلى موكله.نعم، لو كان كاف الخطاب موضوعا لألعم لكان سماع الدعوى منه في غاية

الوضوح، ألن ظهور االطالق في كونه هو األصيل ال ينافي سماع الدعوى منه، فإنمورد سماع الدعوى هو: كون األثر على المدعى به مع كونها مخالفة لألصل أو

الظاهر، فمع االلتزام بكون الكاف موضوعا لألعم ال وجه لعدم سماع قول منيدعي الوكالة، ولعل قوله: فتأمل إشارة إلى ذلك.

قوله قدس سره: (مسألة: ومن شرائط المتعاقدين: االختيار... إلى آخره).قد تقدم: أنه يعتبر في تحقق عنوان العقدية أمران:

األول: أن يكون قاصدا للفظ بما أنه فان في المعنى وحاك عنه، وقصده كذلك

(٣٧٩)

Page 381: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

مع عدم قصد المعنى ال يجتمعان، فإن قصده كذلك الذي هو: عبارة عن استعمالهفي المعنى مالزم لقصد المعنى منه.

نعم، قصد اللفظ موضوعيا كمن يتكلم تقليدا أو غير عالم بالمعنى ال يالزمقصد المعنى.

الثاني: أن يكون الداعي على االستعمال بعد قصد اللفظ وقوع المدلول فيالخارج، فعقد الهازل ال أثر له، ألنه وإن قصد المعنى بتوسط قصده اللفظ إال أنه

غير قاصد لوقوع المدلول في الخارج، أي لم يقصد من قوله: (بعت) إيجاد المادةبالهيئة خارجا، بل قصد صورة وهزال.

ويعتبر في نفوذ العقد ومضيه شرط ثالث، وهو أن يكون إرادة الفعل ناشئة عنطيب النفس، أي يكون الموجب إلرادة الفعل والداعي لها الذي هو بمنزلة العلة

لإلرادة وإن لم تكن علة، وإال لزم القول بالجبر كما برهن في محله طيب نفسه، الإكراه المكره، فإن المكره - بالفتح - وإن كان قاصدا للفظ وقاصدا لوقوع مدلولهفي الخارج أيضا إال أن هذا اللفظ نشأ عن غير رضا منه، فلو كان هذا القصد أيضا

ناشئا عن الرضا خرج عن عنوان االكراه ولو انتهى إلى غير الرضا.كما أنه لو كان أصل صدور الفعل عن غير اختيار فهو أيضا خارج عن عنوان

االكراه.وبعبارة واضحة: هنا أمور ثالثة، اثنان منها خارج عن عنوان االكراه،

واإلكراه متوسط بينهما:األول: ما إذا صدر الفعل عن غير إرادة، كمن وجر في حلقه مفطر، أو كتف

وألقي في السفينة.والثاني: ما إذا صدر الفعل عن إرادة ونشأت هذه اإلرادة عن داع نفساني، إالأن الداعي على هذا الداعي غير الرضا واالختيار، كمن كان جائعا فباع ثوبه

ليشتري بثمنه خبزا بحيث لو لم يكن مضطرا لما باعه، والمكره واسطة بين هذينالشخصين فإنه مختار في الفعل، إال أن هذا االختيار نشأ عن غير اختيار. وأما

(٣٨٠)

Page 382: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الجائع ونحوه كمن أكره على إعطاء مائة دينار فباع داره إلعطاء الدنانير، فإرادةالفعل أيضا نشأت عن االختيار، إال أن هذا االختيار نشأ عن أمر غير اختياري.وكيف كان، فموضوع البحث في عقد المكره وجود جميع الشرائط، سوى

الرضا بالمعاملة.فما عن العالمة والشهيدين قدس سرهم من أن المكره قاصد إلى اللفظ دون مدلوله،

(١)ليس مقصودهم ما هو ظاهر عبارتهم.

أما مراد الشهيدين فبالنظر إلى قياسهما المكره على الفضولي يظهر أنمقصودهما من قولهما: إن المكره قاصد إلى اللفظ غير قاصد إلى مدلوله هو أن

المكره لم يقصد ما هو ظاهر إنشاء كل منشئ من رضائه بوقوع المدلول فيالخارج. كما أن الفضولي لم يقصد ما هو ظاهر المعاملة من وقوعها لنفسه.وأما العالمة فمقصوده من قوله في التحرير: لو أكره على الطالق فطلق ناويا

فاألقرب وقوع الطالق إذ ال إكراه على القصد، (٢) هو التفصيل بين أقسام المكره،وهو أن كل من لم يتمكن من التورية فهو مكره، وأما من أمكن له التورية فإذا لم

يور وأوقع المعاملة فليس مكرها، بل صدرت المعاملة عنه عن طيب.وبالجملة: فمحل الكالم في المقام هو أن الداعي الذي ينشأ منه إرادة الفعل:

يجب أن يكون اختياريا، فعدم قصد وقوع المدلول في الخارج كما في الهازل اليدخل تحت هذا العنوان.

كما أن انتهاء جميع الدواعي في السلسلة الطولية إلى االختيار أيضا ال دليلعلى اعتباره، وإال لزم عدم صحة أغلب المعامالت، فلو كان محل البحث هو البيع

الصادر عن إرادة ناشئة عن االكراه لصح التمسك العتبار االختيار المقابل لهذاالمعنى باألدلة العامة والخاصة.

--------------------(١) العالمة الحلي في التحرير: كتاب الفراق ج ٢ ص ٥١ س ١٦، الشهيد األول في الدروس الشرعية:

كتاب البيع ج ٣ ص ١٩٢، الشهيد الثاني في المسالك: كتاب التجارة ج ١ ص ١٧١ س ٢٣.(٢) تحرير األحكام: ج ٢ ص ٥١ س ١٥.

(٣٨١)

Page 383: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أما األدلة العامة فكقوله عز من قائل: (إال أن تكون تجارة عن تراض) (١)وقوله عليه السالم: (ال يحل مال امرئ مسلم إال عن طيب نفسه) (٢)، وقوله صلى الله

عليه وآله: (رفعما أكرهوا عليه) (٣) فإن االكراه على إرادة المعاملة يخرجها عن التجارة الناشئةعن الرضا بها، وعن طيب النفس، فإن المكره وإن كان راضيا بالفعل بمعنى أنهيصدر عنه باالختيار إال أنه غير راض بحاصل فعله وبإرادته للفعل الذي يترتب

عليه األثر فلم تصدر التجارة عن رضا.وأما حديث الرفع فبناء على ما بينا مفاده في األصول (٤) من أن الرفع رفع

تشريعي وال يحتاج إلى التقدير فداللته على المقصود واضحة، وال يتوقف التمسكبه على ضم استشهاد (٥) اإلمام عليه السالم به على رفع أثر الحلف بالطالق إذا كان

الحالف مكرها، لما بينا من داللته بنفسه مع قطع النظر عن الخارج.وعلى أي حال، المناقشة في االستشهاد بحمل نفس االستشهاد على التقية

غير صحيحة، ألن الظاهر أن اإلمام عليه السالم في استشهاده بحديث الرفع بين الحكمالواقعي وإنما اتقى في تطبيق الحديث على المورد، ففي بيان الكبرى ال تقية، فيدل

الحديث على رفع اآلثار الوضعية: كرفع اآلثار التكليفية في حال االكراه.ونظير المقام ما ورد عن الصادق عليه السالم في قوله: (ذاك إلى اإلمام إن صمت

صمنا، وإن أفطرت أفطرنا) (٦)، فإن الظاهر من هذا الحديث أنه عليه السالم لم يتق فيثبوت الهالل بحكم إمام المسلمين، بل في تطبيق اإلمامة على المنصور الذي أمر

اإلمام عليه السالم بإفطار آخر يوم الصيام.--------------------

(١) النساء: ٢٩.(٢) وسائل الشيعة: ج ٣ ص ٤٢٤ بتفاوت يسير ب ٣ من أبواب مكان المصلي ح ١.

(٣) الخصال: ص ٤١٧ ح ٩.(٤) فوائد األصول: ج ٣ ص ٣٤٢ - ٣٤٣.

(٥) الكافي: ج ٦ ص ١٢٨ - ١٢٩ ح ٤، عنه وسائل الشيعة: ج ١٥ ص ٣٣١ ب ٣٧ من أبوابمقدمات الطالق ح ٤.

(٦) الكافي: ج ٤ ص ٨٢ - ٨٣ ح ٧، عنه وسائل الشيعة: ج ٧ ص ٩٥ ب ٥٧ من أبوابما يمسك عنه الصائم ح ٥.

(٣٨٢)

Page 384: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

كما أن اإلشكال عليه بأن مقتضاه بطالن البيع عن اضطرار مع عدم إمكانااللتزام به غير وارد، ألن الحديث حيث ورد في مقام االمتنان فال امتنان في رفعأثر المعامالت الصادرة عن اضطرار. هذا، مع أن االضطرار إلى المعاملة: عبارة

عما يكون نفس المعاملة اضطرارية، وأما إذا كانت المعاملة مما يدفع بهااالضطرار فال يدل الحديث على رفعها.

كما أنه لو كان الخطأ أو النسيان متعلقا بأمر آخر غير نفس المعاملة عن عمدوالتفات فهذه ال ترتفع بالحديث.

وعلى أي حال، سواء أقلنا برفع اآلثار الوضعية أيضا: كرفع األحكام التكليفيةكما هو ظاهر استشهاد اإلمام عليه السالم بالحديث أم لم نقل به بأن يحمل نفس

االستشهاد على التقية فعدم مضي المعاملة إذا كانت كراهية ال إشكال فيه، ألناالكراه موجب لفقد الرضا، مع أن رفع اآلثار الوضعية به في الجملة ال إشكال فيه.

وتمام الكالم في األصول.وأما األدلة الخاصة فهي األخبار الواردة في الطالق والعتق.

فعن زرارة، عن أبي جعفر عليه السالم: عن طالق المكره وعتقه، فقال عليه السالم:(ليس

طالقه بطالق وال عتقه بعتق) (١).وعن أبي عبد الله عليه السالم: (ال يقع الطالق بإكراه، وال إجبار، وال مع سكر، وال

على غضب) (٢) إلى غير ذلك من األخبار.ثم إنه ال ينافي الصحة مع الرضا الالحق في العقود البطالن مطلقا في الطالق

والعتق، ألن البطالن فيهما إنما هو لخصوصية كونهما إيقاعيين، واإليقاع ال يقبل--------------------

(١) الكافي: ج ٦ ص ١٢٧ ح ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٥ ص ٣٣١ ب ٣٧ من أبواب مقدماتالطالق ح ١.

(٢) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٤٩٧ ح ٤٧٥٤، لكن يظهر أن هذه الزيادة من كالم الصدوقوليس جزءا من الرواية الواردة عن اإلمام الباقر عليه السالم، وفي الوسائل: ب ١٠ من أبوابمقدمات الطالق ح ٩ ج ١٥ ص ٢٨٤، نقل الرواية من دون هذه الزيادة، نعم جعلها السيد

السند جزءا من الرواية كما في نهاية المرام: ج ٢ ص ١٣.

(٣٨٣)

Page 385: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الرضا المتأخر.كما أنه ال محذور في الجميع بين ما ال إرادة في الفعل: كما في السكر

والغضب الذي أريد منه مورد سلب الشعور واإلجبار إذا أريد منه سلب االختياركحركة المرتعش، وما فيه اإلرادة: كاإلكراه الشتراك القسمين في الجامع وهو

بطالن الطالق.قوله قدس سره: (ثم إن حقيقة االكراه لغة (١) وعرفا: حمل الغير على ما يكرهه... إلى

آخره).بعد ما تبين حكم االكراه وأنه ال يترتب األثر على العقد أو اإليقاع الصادر

عن المكره يجب التنبيه على موضوع الحكم وبيان العقود المعتبرة فيه، وفيهجهات من البحث:

األولى: في بيان حقيقته. وقد ظهر مما قدمنا أن االكراه المبحوث عنه بيناألعالم هو الواسطة بين مثل حركة المرتعش واالضطرار، فهو عبارة عن تحقق

إرادة وقوع المضمون عن غير رضا وطيب، وهذا هو مقصود المصنف قدس سره فيقوله:

فالمعيار في وقوع الفعل مكرها عليه سقوط الفاعل من أجل االكراه المقترن بإبعادالضرر عن االستقالل في التصرف بحيث ال تطيب نفسه بما يصدر منه، وال يتعمد

إليه عن رضا وإن كان يختاره دفعا للضرر.وتوضيح ذلك: أن الغرض من المعاملة قد يكون هو التجارة، وقد يكون حاجة

عارضة، وهذه الحاجة تارة هي دفع ضرر ترك المعاملة، وأخرى دفع ضرر آخر،فلو كان مكرها بدفع شئ فباع داره لتحصيل المكره عليه، أو كان مضطرا لشراء

ما يسد به خلة عياله فباع داره لتحصيل ثمن ما يحتاج إلى شرائه فهذا ليس مكرهاعلى المعاملة بالداعي األولي وإن كان مكرها عليها ثانيا وبالعرض. وأما لو كان

مكرها على المعاملة أوال وكان الحامل لها أمر المكره فهو موضوع البحث.واعتبار كون التجارة عن تراض يقتضي خروج هذه المعاملة عما تعلق

--------------------(١) الحظ الصحاح للجوهري: ج ٦ ص ٢٢٤٧ (مادة كره).

(٣٨٤)

Page 386: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

اإلمضاء الشرعي به، لكونها عن غير رضا، ال القسم األول، فإنه وإن انتهى إلى عدمالرضا إال أنه ال يصدق عليه أنه غير راض، ألنه وإن أوجد المعاملة لدفع الضرر

إال أنه مستقل في فعله.ثم بعد اعتبار االكراه على نفس المعاملة وكون وقوعها ناشئا عن حمل الغير

على ما يكرهه ال مجرد استرضاء خاطره من دون طلب منه يعتبر توعيد الطالبعلى الترك، ثم يعتبر الظن أو االحتمال العقالئي على ترتب ذلك الوعيد على

الترك، فمجرد أمر الغير مع عدم اقترانه بتوعيد منه ال يدخل في موضوع البحثوإن خاف من تركه ضررا سماويا، أو الضرر من شخص آخر غير األمر.

كما أنه مع عدم احتماله الترتب ليس داخال في عنوان االكراه، ألن الشخصفي هذه الصور إما مستقل في التصرف، وإما أن صدوره منه ليس لعنوان االكراه بل

لالضطرار ونحوه، وعلى هذا فمثل أمر الوالدين أو أمر من ال يمكن مخالفته حياءال يدخل في عنوان االكراه إال إذا خرج صدور الفعل من الفاعل عن داعي حصول

اسم المصدر، وعلى هذا يحمل ما دل على رفع أثر الطالق الصادر مداراة بأهله، أوعلى عدم قصد المضمون.

كما أن رواية ابن سنان عن الصادق عليه السالم قال: (ال يمين في قطيعة رحم،وال في جبر، وال في إكراه، قلت: أصلحك الله، وما الفرق بين الجبر واإلكراه؟ قال:

الجبر من السلطان، ويكون االكراه من الزوجة واألم واألب، وليس ذلكبشئ) (١) الدالة على دخول إكراه الزوجة واألبوين في عنوان االكراه، ال بد أن

تحمل على خصوص االكراه في اليمين، ألنها حيث تكون مرجوحة فال أثرلإلكراه عليها ولو كان من قبل األبوين والزوجة، وعلى هذا فاالستدالل بها للمقامغير مستقيم، ألن البيع ليس مرجوحا، فإذا لم يخف البائع من تركه وصدر منه فهو

مستقل في التصرف.--------------------

(١) الكافي: ج ٧ ص ٤٤٢ ح ١٦، عنه وسائل الشيعة: ج ١٦ ص ١٤٣ ب ١٦ من أبوابااليمان ح ١.

(٣٨٥)

Page 387: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ثم إن قوله: (وليس بشئ) يرجع إلى صدر الحديث، أي ليس اليمين فيمورد اإلجبار واإلكراه بشئ، فيكون السؤال والجواب جملتين معترضتين بين

الصدر والذيل، ومنشأ الفصل عدم إمهال السائل التمام اإلمام عليه السالم كالمه.ثم إن مما ذكرنا: من الفرق بين االضطرار واإلكراه ظهر اندفاع ما يتوهم من

التناقض بين كالمي المصنف.وجه التوهم هو أن توجيهه قدس سره كالم الشهيدين (١) - وهو أن المكره والفضولي

غير قاصدين لمدلول العقد - بأن المراد من القصد المفقود في المكره هو القصد إلىوقوع أثر العقد، ومضمونه في الواقع مناقض لما ذكره في أول العنوان: من أن

المراد من االختيار هو القصد إلى وقوع مضمون العقد عن طيب النفس في مقابلالكراهة، فإن قوله أول العنوان ظاهر في أن المكره قاصد لوقوع أثر العقد

ومضمونه في الواقع، إال أنه نشأ قصد وقوع مضمونه في الخارج عن إكراه،وكالمه في التوجيه ظاهر في أن المكره ال يكون قاصدا لوقوع مضمون العقد،

مضافا إلى كونه غير راض به.وجه الدفع يتوقف على تمهيد مقدمة، وهي أن الفعل المحرم الصادر عن

االنسان: كشرب الخمر يقع على أنحاء: منها شربه تشهيا، ومنها شربه عالجا،ومنها شربه مكرها عليه. وال إشكال في أن القسم األول يصدر عنه بتماماالختيار، من حيث اختيار الفعل واختيار األثر الحاصل منه وهو السكر.

وأما الثاني فالفعل وقصد حصول األثر المرغوب عنه وإن صدرا باالختيارإال أن قصد األثر حصل لدفع الضرر، فهو نشأ عنه ثانيا، ال أوال وبالذات.وأما الثالث فالفعل وإن صدر عنه باالختيار إال أنه لم يقصد حصول األثر

حتى في المرتبة الثانية، ألنه ال يكون غرضه في صدور الفعل حصول النتيجة.والثاني يسمى بالمضطر إليه، والثالث بالمكره عليه.

--------------------(١) تقدم تخريجه في الصفحة: ٣٨١.

(٣٨٦)

Page 388: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

إذا عرفت ذلك ظهر أن مراده في التوجيه من أن المكره غير قاصد لمضمونالعقد ليس كونه غير قاصد لالنفعال الذي هو أثر الفعل مع قصده الفعل، بل مراده أن

نتيجة فعله - أي األثر المترتب عليه - كاالنتقال الخارجي الذي هو بمعنى اسمالمصدر لم يصدر عنه باختيار ورضا.

وبعبارة أخرى: يشترك المضطر مع المكره في قصدهما المعنى المصدري، إالأنهما يفترقان في قصد اسم المصدر، فإن المضطر قاصد له كقصده المعنى

المصدري عن طيب، بخالف المكره فإنه لم يقصد حاصل المصدر عن رضا.ويمكن أن يكون هذا مراد العالمة قدس سره في قوله: لو أكره على الطالق فطلقناويا فاألقرب وقوع الطالق، إذ ال إكراه على القصد (١)، أي نوى الحاصل من

المصدر وقصد تحقق مضمون العقد ال بمعنى أنه قصد مدلوله، بل بمعنى كون الفعلناشئا عن قصد حصول األثر.

وبعبارة أخرى: قد يكون قصد المعنى المصدري تبعا لقصد اسم المصدر، فإنالمقصود التوجه أوال إلى قصد اسم المصدر، وحيث إنه حاصل من المصدر فيقصد

المعنى المصدري مقدمة. والمضطر كذلك، ألنه لما توقف عالج مرضه علىالسكر فيقصد الشرب المحصل له مقدمة. وأما المكره فال يريد السكر أصال، بلالشرب هو المقصود األصلي له. فعلى هذا يصح أن يقال: إن المكره غير قاصدلوقوع مضمون العقد، أي للمتحصل من العقد. واألخبار (٢) المصرحة بأنه (ال

طالق لمن ال يريد الطالق) ناظرة إلى هذا المعنى.وحاصل الكالم: أنه ليس مقصود المصنف قدس سره من أن المكره ال يكون

الداعي له من اإلنشاء قصد وقوع مضمونه في الخارج أن المكره ال يقصد إيجادالمادة بالهيئة، بل مقصوده أنه ال غرض له من إيجاد المادة بالهيئة وإن أوجدها

--------------------(١) تقدم تخريجه في الصفحة: ٣٨١.

(٢) الكافي: ج ٦ ص ٦٢ ح ١، ٢، عنه وسائل الشيعة: ج ١٥ ص ٢٨٥ ب ١١ من أبوابمقدمات الطالق ح ١، ٢.

(٣٨٧)

Page 389: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بها، فإن غرضه وداعيه هو دفع الضرر الذي ينشأ من تركه إيجادها، فهو يوجدهابها ال عن رضا، بخالف المضطر فإنه يوجدها بها عن رضا منه، فهو مستقل في

التصرف دون المكره.الجهة الثانية: ما أشار إليه المصنف قدس سره بقوله: ثم إنه هل يعتبر في موضوعاالكراه أو حكمه عدم إمكان التفصي عن الضرر المتوعد به بما ال يوجب ضررا

آخر... إلى آخره؟وحاصله: أن إمكان دفع الضرر بالوقوع في ضرر آخر ال يخرج الفعل عن

عنوان االكراه، ولذا لو أكره على الطبيعي فكل واحد من مصاديقه يصدق عليه أنهوقع مكرها عليه. وهكذا لو أكره على أحد الشيئين فاختيار أحدهما ال يخرجه

عن عنوان االكراه.وتوهم: كونه مختارا في اختيار الخصوصية فاسد جدا، ألن الخصوصية إذا

صدرت لدفع إيعاد المكره فليس صادرة عن طيب، وهذا ال إشكال فيه، إنمااإلشكال في أنه إذا أمكنه دفع الضرر بالتوصل إلى شخص ليدفع ضرر المكره أو

بالتورية فهل يكون مكرها مطلقا، أو ال يكون كذلك مطلقا، أو يفصل بين التوريةفيكون مكرها وغيرها فال؟ وجوه، واألقوى هو التفصيل، وتوضيحه يتوقف على

رسم أمور:األول: في معنى التورية، والمشهور أنها عبارة عن إلقاء الكالم الظاهر في

معنى وإرادة خالف ظاهره مع إخفاء القرينة على الخالف.وفي مجمع البحرين: وريت الخبر تورية إذا سترته وأظهرت غيره، حيث

يكون للفظ معنيان: أحدهما أشيع، فتنطق به وتريد الخفي... إلى آخره (١).وفي القاموس: ورآه تورية أخفاه (٢).

وفي تلخيص المفتاح: ومنه التورية، وتسمى اإليهام أيضا، وهو أن يطلق--------------------

(١) مجمع البحرين: ج ١ ص ٤٣٦ (مادة ورا).(٢) القاموس المحيط: ج ٤ ص ٣٩٩ (مادة الورى).

(٣٨٨)

Page 390: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

لفظ له معنيان: قريب وبعيد، ويراد البعيد... إلى آخره (١).والظاهر عدم انحصار التورية بما عرفوها به، فإن هذا الذي ذكر في تعريفها

ينحصر في األخبار، والجامع بين األخبار واإلنشاء هو أن تعرف بمطلق إخفاءالمقصود، سواء أكان بهذا النحو الذي ذكر أم بنحو ذكر اللفظ، وعدم قصد المعنى

بأنال يكون ذكره اللفظ استعماال، بل ناظرا إليه بالنظر الموضوعي. وبعبارة أخرى:استعمال اللفظ: عبارة عن إلقاء المعنى باللفظ، فإذا لم يكن مقصود الالفظ هو

االستعمال إما بأن ال يلقي ما هو معناه، وإما بأن ال يلقي به معنى أصال، بل ينظر إليهال بما هو فان وآلي، بل بالنظر االستقاللي كاستعمال اللفظ وإرادة شخص هذا

اللفظ، كقوله: زيد لفظ فهو المورى.وعلى هذا، فالتورية في الحكايات قد تكون: عبارة عن إراءة استعمالاأللفاظ في المعاني حكاية، مع أنه ليس داعيه إال صرف التلفظ. وفي

اإلنشائيات: عبارة عن كونه مرائيا بأنه يوجد المواد بالهيئات وينشئ المعانيباأللفاظ، مع أنه ليس كذلك.

وعلى أي حال ال يخرج الكالم عن الكذب بالتورية، ألنه عبارة عن مخالفةما هو ظاهر اللفظ مع ما هو الواقع خارجا، سواء أكان الالفظ مريدا للظاهر أم ال،

قاصدا الستعمال اللفظ في المعنى أم ال.الثاني: قد تقدم أنه يعتبر في رفع االكراه أثر المعاملة ترتب الضرر على

مخالفة الفعل المكره عليه.ومحل بحث األعالم في عدم اعتبار إمكان التفصي مطلقا أو اعتباره كذلك أو

التفصيل بين إمكانه بغير التورية وإمكانه بها إنما هو بعد الفراغ عن اعتبار ترتبالضرر على مخالفة الفعل المكره عليه. وأما لو قلنا بأن مجرد حمل الغير على ما

يكرهه يكفي في ارتفاع أثره لصدق االكراه فالنزاع في اعتبار إمكان التفصي--------------------

(١) كتاب المطول للتفتازاني: ص ٤٢٥.

(٣٨٩)

Page 391: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

مطلقا وعدم اعتبار إمكانه كذلك أو التفصيل لغو، وذلك لصدق االكراه بمجرد عدمرضا المكره بالنتيجة. ومن هنا صح تمسك المصنف (١) برواية ابن سنان الدالة على

عدم اعتبار إمكان التفصي مطلقا، وال يرد عليه ما أورد بأن الظاهر من الروايةتحقق االكراه بدون التوعيد بالضرر ال أن التفصي بغير التورية أيضا غير الزم فال

دخل لها بمسألة إمكان التفصي وعدمه، وذلك لما عرفت: من أن محل البحث إنماهو بعد اعتبار ترتب الضرر والرواية حيث دلت على أن إكراه الزوجة أو الوالدينليس بشئ، مع أن التفصي بغير التورية بالنسبة إلى مخالفتهم أيضا ممكن، فتدل

على عدم اعتبار العجز عن التفصي مطلقا.نعم، قد يورد عليه أن الرواية مختصة بمسألة االكراه في مورد اليمين ال

مطلقا.وكيف كان، فثمرة هذا النزاع إنما هو بعد الفراغ عن اعتبار ترتب الضرر على

مخالفة الفعل المكره عليه.الثالث: يظهر من المصنف أن الفرق بين التخلص من التورية وغيرها من

وجهين: أحدهما: من حيث الحكم. وثانيهما: من حيث الموضوع.أما من حيث الحكم فحاصله أن االكراه وإن لم يكن صادقا موضوعا على ماإذا تمكن من التفصي مطلقا إال أن إطالق األخبار ومعاقد اإلجماعات تلحقان

القادر على التفصي بالتورية بمن ال يقدر عليه.أما عدم صدق االكراه موضوعا على مورد إمكان التفصي فلما عرفت: أنه

يعتبر في وقوع الفعل عن إكراه أن يكون الداعي إليه هو خوف ترتب الضررالموعود على الترك، ومع القدرة على التفصي ولو بالتورية ال يكون الضرر مترتبا

على ترك المكره عليه، بل على تركه وترك التفصي معا، فدفع الضرر يحصل بأحداألمرين، فإذا اختار الفعل ولم يور فهو مختار فيه، وال يقاس على اختيار أحد

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١١٩ س ٢٣ وما بعده.

(٣٩٠)

Page 392: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فردي المكره عليه، كما إذا أكرهه على بيع داره أو بستانه في أن اختيار كل واحدال يخرج الفعل عن كونه مكرها عليه، للفرق بينهما، فإن المكره لم يكرهه إما على

المعاملة أو على التفصي فليس التفصي عدال للمكره عليه، بل هو من قبيل شرطالوجوب، ومسقط للتكليف، وموجب لذهاب الموضوع، ولذا لو تفصى بعقد آخر

غير ما أكره عليه وقع صحيحا، وليس ذلك إال أنه ليس فردا لما أكره عليه، والعدال له.

وأما دخول إمكان التفصي بالتورية في حكم االكراه فإلطالق معاقداإلجماعات واألخبار، وبعد حملها على صورة العجز عن التورية لجهل أو دهشة.

وفيه ما ال يخفى من الغرابة، فإنه لو سلم أن مع القدرة على التفصي ولوبالتورية ليس مكرها عليه فكيف يشمله إطالق معاقد اإلجماعات واألخبار، فإن

االطالق يؤخذ به في أفراد الموضوع أو أحواله مع خروجه موضوعا ال يعقلشمول نفس هذا االطالق له؟ نعم، لو نهض دليل آخر على إلحاقه به حكما أو قام

إجماع على عدم اعتبار العجز عن التورية في رفع االكراه أثر الفعل المكره عليهلصح دعوى اإللحاق الحكمي، ولكن أنى لنا بإثباته؟ مع أن االجماع إذا كان

مستنده صدق االكراه فال يفيد.وقوله قدس سره: مع أن العجز عنها لو كان معتبرا ألشير إليها في تلك األخبار

الكثيرة المجوزة للحلف كاذبا عند الخوف، واإلكراه خصوصا في قضية عمار،ففيه: أن عدم اإلشارة إليها في باب الحلف كاذبا عند الخوف واإلكراه إنما هو لعدم

فائدة للتورية في الخروج عن الكذب، كما تقدم: من أن الكذب هو مخالفة ما هوظاهر الكالم مع ما هو الواقع في الخارج. وأما في قضية عمار فال أثر للتنبيه عليه

بأن يوري إذا ابتلي بعد ذلك.أما أوال: فألن األلفاظ الكفرية يحرم التلفظ بها ولو لم يقصد بها معانيها، ألن

لها موضوعية من وجه وإن كانت طريقية من وجه آخر فالتبري من الله سبحانهورسوله وأئمة الهدى صلوات الله عليهم أجمعين يحرم وإن لم يقصد به معناه، كما

(٣٩١)

Page 393: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قيل (١) في عكس ذلك بالنسبة إلى الشهادتين في أن بعض اآلثار مترتب علىنفس التنطق باللسان وإن لم يقصد بهما معناهما، لعدم اعتقاد المتلفظ بمدلولهما.

وبالجملة: في مورد ترتب األثر على الواقع قد أشير في بعض األخبار بأنهيجب التورية كما في الحلف كذبا، وأما في مورد ترتب األثر على اللفظ فال يفيد

التورية.وثانيا: أن مثل عمار ال يحتاج إلى التنبيه، ألن المؤمن - ال محالة - ال يقصد

معنى لفظ الكفر لو أكره عليه، فمع أنه يوري - ال محالة - ورد قوله عز من قائل:(إال من أكره وقلبه مطمئن باأليمان) (٢).

وأما من حيث الموضوع فألن االكراه يصدق مع امكان التفصي بالتورية، واليصدق مع إمكان التفصي بغير التورية، وذلك ألن المكره - بالفتح - لو ورى والتفت

المكره - بالكسر - إلى توريته ألوقعه في الضرر الذي أوعده به. نعم، قد ال يلتفتإلى توريته وامتناعه مما أكرهه عليه. وأما لو توسل إلى غيره لدفع ضرر المكره

وامتنع عن الفعل المكره عليه لم يوقعه في الضرر.وبعبارة واضحة: ال بد في تحقق االكراه من أمرين:

أحدهما: اطالع من يكره أحدا على فعل بأن المكره ممتنع حتى يوصلالضرر إليه. وأما لو لم يعلم بأنه يمتنع أو ال يمتنع فال معنى لتوعيده.

وثانيهما: أن يوقعه في الضرر الذي أوعده. وأما لو اطلع باالمتناع ولم يكن لهأن يوقعه في الضرر فهذا ليس إكراها.

وعلى هذا، فإذا تمكن المكره من دفع ضرر المكره بالتثبت بذيل من يرفعضرره أو بإذهاب الموضوع الذي أكرهه عليه فهو ليس مكرها، ألن مع اطالع

المكره على امتناعه ال يقدر أن يوقعه في الضرر، وهذا بخالف من يتفصىبالتورية، فإنه لو اطلع المكره على امتناعه أوقعه في الضرر، وعلمه بامتناعه

--------------------(١) حكاه السيد اليزدي عن الشهيد الثاني الحظ، حاشيته على الكتاب: كتاب البيع ص ١١٩ س ٥.

(٢) النحل: ١٠٦.

(٣٩٢)

Page 394: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

يتوقف على أن يكون الموري أيضا مكرها، وإال فمن أين يطلع على أنه امتنع أولم يمتنع؟ ألن المكره إذا أوقع صورة البيع من دون قصد معناه فلم يمتنع ظاهرا،

ولكنه امتنع واقعا، فامتناعه إنما يتحقق بأن ال يوقع صورة البيع أيضا.والحاصل: أن في مورد التفصي بغير التورية ال يالزم وقوعه في الضرر الذي

توعد عليه مع علم الحامل باالمتناع.وأما في مورد التفصي بها فأوال: ال يعلم الحامل على االمتناع، فال معنى

لتوعيده.وثانيا: يوقعه في الضرر لو اطلع على االمتناع فال يفيده التفصي بها.

ولكنك خبير مضافا إلى أن هذا البيان مرجعه إلى أن األمور القصدية ال معنىلتعلق االكراه به فيقع االكراه على ذات الفعل، فمخالفة المكره تتحقق بأن ال يقعمنه ذات الفعل، ال أن ال يقصد معناه، إن غاية الفرق أن المتمكن من التفصي بغير

التورية يمكنه التخلص من الضرر، والمتمكن من التفصي بها ال يمكنه التخلص منالضرر، ومجرد هذا الفرق ال يفيد، ألن المدار في صدق االكراه أن يكون قصد

وقوع المضمون ال عن طيب النفس، والمتمكن من التفصي مطلقا يقع قصد وقوعالمضمون عنه عن طيب النفس، فكما أن المتمكن من التثبت بذيل الغير لرفع إكراهالمكره إذا لم يتثبت ولو لعدم تحمل المنة وأوقع المعاملة تقع المعاملة منه اختيارافكذلك المتمكن من التورية إذا لم يور وقصد وقوع المضمون تقع المعاملة منه

اختيارا عن طيب. ومن هذا الوجه قال العالمة قدس سره: ولو أكره على الطالق فطلقناويا فاألقرب وقوع الطالق (١)، ألن هذا الطالق صدر عن نية إليه وطيب النفس به.

ويمكن أن يكون قوله: فافهم إشارة إلى هذا، فاألولى أن يقال: بأن التورية لماكانت مغفوال عنها غالبا وعلى خالف طبع االستعمال فمع تمكنه منها لو لم يور

وأوقع البيع أو الطالق فال يكون إيقاعه ناشئا عن االختيار وطيب النفس بوقوعالمضمون، بل مع كراهته له أوقع البيع أو الطالق بمقتضى جبلته التي تقتضي قصد

--------------------(١) تقدم في الصفحة: ٣٨١.

(٣٩٣)

Page 395: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المعنى من اللفظ. وأما مع تمكنه من دفع ضرر المكره بغير التورية بنحو مناألنحاء فال محالة إذا لم يتفص فهو راض بوقوع المضمون خارجا (١).

الجهة الثالثة: هل المدار في إمكان التفصي بغير التورية للخروج عن موضوعاالكراه هو االمكان الفعلي أو االمكان المطلق؟ أي: المدار على القدرة الفعلية أو

القدرة على أن يقدر كاف في صدق عدم االكراه؟ ال إشكال في أن المسوغ للمحرمهو العجز المطلق حتى عن القدرة بإقدار نفسه، فمن يمكن له التخلص عن شرب

الخمر المكره عليه ولو بسير مسافة بعيدة غير حرجي - فضال عن خروجه عنالدار والتمسك بذيل األخبار - فال يجوز له شرب الخمر ولو كان بالفعل عاجزا.

وأما االكراه الرافع ألثر المعاملة فهو األعم من ذلك - أي: العجز الفعلي -كاف، ألن المدار فيه على عدم حصول المصدر بداعي اسم المصدر خارجا. نعم،يعتبر فيه صدق العجز الفعلي، فمن كان خادمه حاضرا وال يتوقف دفع االكراه إال

على األمر فهو قادر فعال على التفصي.وبالجملة: االكراه الرافع ألثر المعاملة أعم من االكراه الرافع للحرمة. نعم، مع

--------------------(١) ولكن األولى أن يقال: إن الفرق بينهما أن التورية ليست في مرتبة صدور اسم المصدر، ألن

المفروض في موضوع البحث انقسام العقد إلى االكراه واالختيار، وأما الموري فليس قاصدالمعنى العقد فلم يصدر عنه المصدر أصال حتى ينقسم إلى االكراه وغيره.

وأما المتمكن من التفصي بغير التورية فال محالة يصدر عنه اسم المصدر باالختيار، ألنصدور المصدر عنه إنما هو بداعي حصول اسم المصدر ولو من باب عدم تحمل المنة.

وبعبارة أخرى: المكره - ال محالة - يأمره بقصد وقوع المضمون، وال يأمره بذات القول،فخروج الفعل عن عنوان االكراه إنما هو بأن ال يقع الفعل على النحو الذي أمره اآلمر به، وال

يترتب على تركه ضرر، ال بأن يموه المأمور على اآلمر ويلقيه في الخالف، فإراءته أنه فعلالفعل بسبب أمره غير أنه تخلص عن ضرره لو امتنع.

ثم ال يخفى أن السيد في حاشيته [حاشية المكاسب: ص ١٢٣ س ١] مثل للتفصي بغيرالتورية بعين ما هو التفصي بالتورية. نعم، مثاله ذلك هو التورية في األفعال ال في األقوال،

فراجع. وكيف كان، الفرق بين التفصي بالتورية وغيرها واضح، وإمكان التفصي بها ال يخرجالفعل عن االكراه لو لم يتفص وأوقع الفعل. (منه عفي عنه).

(٣٩٤)

Page 396: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قطع النظر عن عنوان االكراه النسبة بين العلة الرافعة للحكم التكليفي والرافعةللحكم الوضعي هي األعم من وجه، فإن المناط في األول هو دفع الضرر، سواء

أكان لإلكراه أم ال. والمناط في الثاني عدم اإلرادة وطيب النفس، سواء أكان لرفعالضرر أم ال.

الجهة الرابعة: قد تقدم أن االكراه على القدر المشترك سواء كان حقيقيا أوانتزاعيا إكراه على األفراد، فاختيار أحد األفراد ال يخرجه عن االكراه كما هوواضح، إنما الكالم في أن ذلك يطرد في مطلق االكراه على القدر المشترك،

التأصلي، أو االنتزاعي، أو يختص بما إذا كان األفراد متساوية األقدام بالنسبة إلىالقدر المشترك، وأما لو كان ألحدها خصوصية ال تكون لغيره، أو كان ألحدها

خصوصية زائدة ال تكون لغيره فاختيار المتخصص بها ال يقع عن إكراه أواضطرار؟ وجهان، بل قوالن. واألقوى هو الفرق بين الصور. وتوضيح ذلك يتم

بذكر الصور المتصورة في المقام.فمنها: االكراه على األفراد الطولية، والظاهر في هذه الصورة الفرق بين

المحرمات والمعامالت، فلو كان مكرها أو مضطرا إلى شرب الخمر موسعا فاليجوز له المبادرة إليه في أول الوقت، سواء احتمل التخلص منه لو أخره أم لم

يحتمل، إذ ال بد في ارتكاب المحرم من المسوغ له حين االرتكاب، فإذا لم يكنحين الشرب ملزما فاختياره فعال ال مجوز له. نعم، لو كانت المبادرة من جهة

خوف عدم االمكان بعد ذلك والوقوع في الضرر فال إشكال في جوازها.وأما لو كان مكرها في بيع داره موسعا فلو كان مأيوسا من التخلص عنه

فإقدامه على البيع في أول الوقت ال يخرجه عن االكراه. وأما لو احتمل التخلصفلو باع أول الوقت فهو مختار، والفرق واضح.

ومنها: االكراه على األفراد العرضية: كاإلكراه على شرب الخمر، أو الماء، فلواختار شرب الخمر فال يكون مكرها.

وهكذا لو أكره إما على العقد الصحيح أو الفاسد فلو اختار الصحيح فال يكونمكرها.

(٣٩٥)

Page 397: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وما أفاده المحقق الخراساني قدس سره في حاشيته: من أن االكراه على أحداألمرين كاف في وقوع ما اختاره مكرها عليه مطلقا، كان لكل واحد منهما

بخصوصه أثر، أو كان لخصوص أحدهما. نعم، يمكن أن يقال: إن دليل ذي األثرفي الفرض أظهر، ففيما أكره على مباح أو محرم أو عقد فاسد أو صحيح يقدم دليله

على دليل رفع االكراه... إلى آخره (١).ففيه: أن االكراه على القدر المشترك إكراه على األفراد لو كان األفراد

متساوية. وأما لو كانت مختلفة فيتوجه االكراه ثبوتا على ما ال أثر له، أو على ماكان أثره أقل أو أخف (٢).--------------------

(١) حاشية المكاسب للخراساني: كتاب البيع ص ٤٩.(٢) ال يخفى أنه ال يمكن ثبوتا أن يتعلق االكراه بالمباح أو بما هو أخف عقوبة من اآلخر مع

تعلق غرض المكره بالقدر المشترك.وال يمكن قياس المقام على االضطرار بارتكاب أحد اإلنائين اللذين علم حرمة أحدهما،

حيث نقول بتعلق الترخيص بالمباح دون المحرم، فيكون المحرم من المتوسط في التنجز.أما أوال: فلعدم صحة ذلك في تلك المسألة أيضا، فإن المباح الذي ال يمكن تمييزه أبدا كيف

يتعلق الترخيص به؟ فعلى هذا يكون الحرام من المتوسط في التكليف كما بينا وجهه فياألصول. فوائد األصول: ج ٤ ص ١٠٥.

وأما ثانيا: فللفرق بين البابين، فإن في باب العلم اإلجمالي يمكن أن يقال: إن جواز دفعاالضطرار بأحدهما متوجه ثبوتا إلى المباح، لوجود المانع عن تعلقه بالحرام، فإن مع تحريم

الشارع أحدهما وعدم اضطرار المكلف بارتكابه بالخصوص ال وجه لتعلق الترخيص به.وأما في االكراه فليس للمكره غرض إال وقوع أحدهما ال على التعيين، فكل واحد منهما

مصداق للمكره عليه.نعم، حيث تقدم أن المسوغ الرتكاب المحرمات ليس مجرد االكراه فمع إمكان التخلص من

ارتكابها ال يكون حديث الرفع حاكما على دليل المحرمات.وبالجملة: عدم تجويز العقل والعقالء ارتكاب المحرم أو ما هو أشد عقوبة ليس لعدم صدق

االكراه عليه إذا كان عدال للمباح أو لما هو أخف، بل لكون االكراه الرافع ألثر الحكمالتكليفي أخص من االكراه الرافع ألثر المعامالت، وعلى هذا فلو أكرهه على بيع صحيح أو

فاسد يرتفع أثر الصحيح، ألنه مكره عليه لو فرض أنه لوال االكراه لما أقدم عليه، فتأملجيدا. (منه عفي عنه).

(٣٩٦)

Page 398: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

فلو أكره على شرب أحد اإلنائين اللذين أحدهما نجس واآلخر نجسومغصوب فاإلكراه إنما يتعلق بالنجس، فال يجوز شرب ما هو مغصوب ونجس.

وهكذا لو أكره على شرب الخمر أو الماء فاإلكراه يتعلق بالماء، وذلك ألنالحامل له على العمل وإن لم يتعلق غرضه بخصوص ما ال أثر له، بل غرضه تعلقبالقدر المشترك، وانطباقه على األفراد عقلي، إال أن هذا يصح فيما كان األفراد

متساوية. وأما لو لم تكن كذلك بل كان أحد األفراد ممتنعا تكوينا أو شرعافاالنطباق يقع على ما عدا ذلك، لوضوح الفرق بين االكراه على أحد اإلنائين

اللذين كل منهما خمر، واإلكراه على أحد اإلنائين اللذين أحدهما خمر واآلخرماء، فإن المكره ال يكون في الثاني مكرها على شرب الخمر وإن كان مكرها على

شرب المائع، بخالف األول فإنه - على أي حال - ال مفر له منه.ولو قلنا بأن في المثال الثاني أيضا مكره عليه فال وجه لتقديم أدلة المحرمات

على أدلة االكراه، مع أن الحكومة بالعكس، بل الحق أنه ليس مكرها علىالمحرم، ألن اختيار ماله أثر زائد على القدر المشترك ليس إال عن طيب النفس به.

ومنها: االكراه على أحد المحرمين اللذين أحدهما أشد عقوبة من اآلخر،وفي هذه الصورة ارتكاب األشد وإن لم يجز إال أنه ال لكونه مختارا فيه، بل

لكون اآلخر أقل قبحا منه، فإنه - على أي حال - مكره على ارتكاب المحرم،ولكن العقل يحكم بتقديم األقل قبحا.

ويمكن أن يقال في هذه الصورة أيضا: ارتكاب أشدهما عقوبة أيضا يخرجعن عنوان االكراه، فإن القدر المشترك هو أصل الحرمة والزيادة بمنزلة عنوان

آخر يختص بفرد دون اآلخر.ومنها: ما لو أكره على بيع شئ أو أداء مال مستحق عليه، فإذا اختار البيع لم

يكن مكرها، كما لو أكره، إما على شرب الخمر، أو فعل الصالة الواجبة عليه فإناختيار شرب الخمر يقع عن غير كره.

والسر في ذلك أن القدر المشترك ال أثر له، والخصوصية غير مكره عليها،

(٣٩٧)

Page 399: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وإال لوقع اإليفاء أو الصالة أيضا باطال.وهكذا لو أكره الراهن عند حلول الدين على بيع العين المرهونة، أو بيع غيرها

مما ال يستحقه المكره فاختار غيرها فيقع صحيحا.والسر في ذلك أن بيع المرهونة ليس عدال لبيع غيرها، ألن رضا الراهن ساقط.

ويشترط في رفع االكراه أثر المعاملة أن يكون رضا الفاعل معتبرا فيها. ولذالو أكره من عليه الدين مع كونه مليا ومماطال ببيع ماله فهذا البيع ليس إكراهيا.

نعم، هنا كالم آخر، وهو أن في مثل هذا المورد هل يسقط شرطية رضاهبالبيع، أو يسقط شرطية مباشرته األعم من فعل نفسه، أو استنابته؟ وجهان، بل

وجوه.قد يقال بأنه ال وجه لرعاية أحد الشرطين بالخصوص، لدوران األمر بين

سقوط المباشرة أو الرضا فالحكم التخيير.وقد يقال بأن للرضا دخال في حقيقة المعاملة وقوامها به، والمباشرة ال دخل

لها فيها، ولذا يجوز التوكيل، فيرجح جانب الرضا ويسقط المباشرة فينوب عنهالحاكم ويبيع عن طيب به.

واألقوى أن والية الحاكم ثابتة فيما يمتنع صدور الفعل عن المالك أو وكيله،فليس فعل الحاكم في عرض فعل المالك، ألن الفعل المباشري يشترط فيه الرضا،فإذا صدر بالمباشرة وكان مكرها، فلو كان الصدور واجبا عليه يسقط رضاه، وإال

كان إكراهيا فعلى الحاكم إجباره على البيع، فإذا امتنع فهو - حينئذ - ولي الممتنع.الجهة الخامسة: إكراه أحد الشخصين على فعل واحد بمنزلة إكراه شخص

واحد على أحد الفعلين. مثاله في المحرمات واضح.وأما في المعامالت كإكراه أحد من األب والجد على بيع مال اليتيم، أو أحد

الوكالء المفوض إليهم أمر بيع شخصي. ولكن قيل (١): بأنه يعتبر في صدق المكره--------------------

(١) قائله السيد اليزدي في حاشيته على الكتاب: كتاب البيع ص ١٢٣ س ٣٠.

(٣٩٨)

Page 400: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

على كل واحد عدم علمه بصدور الفعل أو المعاملة من اآلخر. وأما لو علم بأناآلخر يفعله إما لعدم اطالعه على حال صاحبه، أو لكونه مريدا له بال إكراه فلوبادر هذا فال يكون مكرها، ألنه ال يكون قصده - حينئذ - دفع ضرر المكره

الحامل على الفعل، بل لو احتمل صدوره عن اآلخر ومع ذلك بادر إلى الفعل تقرباإليه - مثال - لم يكن مكرها، ألن داعيه على الفعل في هذه الصورة ليس إكراه

المكره، بل التقرب إليه، فإن الفعل اإلكراهي ما كان تمام العلة لصدور الفعل هوإكراه المكره، وأما لو انضم إليه التقرب إليه فال يكون إكراهيا. فلو أمر الجائر بأخذ

مظلوم على جميع أهل البلد وعلم بعض بأنه يأخذه غيره، فلو بادر إلى أخذهفاألخذ هنا ال يكون عن كره، فعلى هذا كالم المصنف ال يمكن األخذ بإطالقه،

سيما إذا أتى بالفعل كل واحد منهما على التعاقب، بل في هذه الصورة لو أتى به كلواحد منهما دفعة فليس الفعل من كل منهما إكراهيا. وعلى هذا لو أكره أحدالشخصين على أحد الفعلين فمع احتمال كل منهما إقدام اآلخر فصدور أحد

الفعلين عن أحدهما وصدور الفعلين عن الشخصين ال يدخل في عنوان االكراه.ولكنه ال يخفى عليك الفرق بين المحرمات والمعامالت.

وتوضيح ذلك: أن في المحرمات كما لو أكره أحد أهل البلد على أخذ مظلوم،أو أكره أحد الشخصين على شرب الخمر فمع علم أحدهما بإقدام اآلخر أو

احتماله ال يجوز له األقدام عليه. نعم، لو علم بعدم إقدام أحد فيجب عليه األقداملدفع الضرر عن نفسه أو أخيه.

وأما مسألة األب والجد فمع علم أحدهما بإقدام اآلخر لو أقدم على بيع مالاليتيم فال يكون البيع اختياريا فضال عن الشك. ووجه الفرق أن في باب

المعامالت يرجع أمر مال اليتيم إلى كل من األب والجد، وهكذا يرجع أمر مالالموكل إلى كل من الوكيلين، أو إلى كل من الوكيل والموكل، فإقدام كل واحد ال

يخرج المعاملة عن عنوان االكراه، فعلم األب - مثال - بأن الجد يقدم على البيعلدفع االكراه ال يخرج المعاملة عن االكراه إذا سبق األب إلى البيع لدفع ضرر

(٣٩٩)

Page 401: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المكره عن نفسه وأبيه. نعم، لو فرض قصده التقرب إلى الحامل أو قصده البيع علىأي حال كما إذا باع بعد بيع الجد عن كره فهذا خارج عن الفرض.

كما أنه لو كان المكره على البيع شخص خاص ولكنه باع عن طيب بحيث إنهلو لم يكن إكراه لباعه أيضا فهذا خارج، ألن محل البحث ليس مجرد وقوع معاملةبعد إكراه، بل موضوعه ما لو كانت المعاملة إلكراه الحامل بحيث نشأ إرادة الفاعل

عن إرادة الحامل، وفي هذا الفرض لو أقدم على البيع كل من األب والجد لدفعالضرر عن نفسه وغيره فال يخرج عن كونه مكرها ولو علم بأن اآلخر يقدم عليه لو

لم يقدم هذا.بل يمكن أن يقال: إن حكم المحرمات أيضا حكم المعامالت في هذه

الصورة، وهو ما إذا علم أحدهما بأن اآلخر يفعله لدفع االكراه ال للشهوة فيجوزللعالم أن يقدم على شرب المحرم لدفع االكراه عن نفسه وأخيه، ألن مجرد علمه

بأن اآلخر يفعله ال يدخله في عنوان االختيار إذا فعل العالم لدفع ضرر الحامل.وهكذا لو أكره أحد الشخصين على أحد الفعلين فإن كل واحد منهما لو أقدم علىأحد الفعلين لدفع الضرر عن نفسه وأخيه فهو مكره وإن علم بأن اآلخر يفعله لدفع

الضرر، فتدبر جيدا. وكيف كان فالحكم في مسألة األب والجد واضح.الجهة السادسة: لو تعلق االكراه بالمالك دون العاقد أو بالعاقد دون المالك

فهل حكمه حكم ما لو تعلق بالمالك العاقد مطلقا، أو ال يكون محكوما بحكمهمطلقا، أو فرق بين الصورتين؟ وجوه، واألقوى أنه في الجهة التي هي موضوع

البحث - وهي رفع االكراه - أثر كل ما صدر عن كره ال فرق بين الصور، وإنمااالختالف في نتيجة الرفع، فقد ينتج الصحة إذا لحقه الرضا، وقد ال يفيد الرضا

المتأخر.وتوضيح ذلك: أنه لو أكره الزوج على التوكيل في طالق زوجته فالتوكيل

الصادر عنه بمنزلة العدم، فيقع طالق الوكيل بال إذن من الموكل فيكون فضوليا. والإشكال في أنه لو لم يلحقه اإلجازة أصال وقع باطال.

(٤٠٠)

Page 402: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما لو لحقه اإلجازة فإذا أجاز الطالق الواقع من الموقع فال تؤثر اإلجازةفي الصحة بناء على ما سيجئ في الفضولي من أن اإليقاعات كلية ال تصح

باإلجازة الالحقة إجماعا.وأما لو تعلق الرضا بالتوكيل الذي صدر عنه كرها فصحته بالرضا الالحق

مبنية على دخول العقود اإلذنية في عنوان الفضولي، وعلى القول بأن اإلجازةكاشفة حقيقة أو حكما. وأما على القول بكونها ناقلة فال يصح التوكيل إال حينها،

ألن الرضا في زمان اإلجازة بناء على النقل يكون بمنزلة القبض في الصرفوالسلم. فالتوكيل المتعقب باإلجازة إنما يؤثر بعد مجئ اإلجازة. وال فائدة في

عقد الوكالة السابقة إال عدم االحتياج إلى إعادته، فيكون كل ما وقع من الوكيلقبل اإلجازة نظير وقوعه من األجنبي، وإنما يؤثر ما وقع منه بعدها.

وأما لو انعكس األمر بأن أكره الوكيل دون الموكل فاإلكراه تارة من قبلالموكل، وأخرى من غيره. وعلى كال التقديرين تارة يقع على العقود، وأخرى

على اإليقاعات.ثم االكراه على العقود تارة يتعلق بالعقود التي تتعلق االلتزامات العقدية فيها

بالوكيل، وأخرى يتعلق بغيره، فإذا كان المكره هو الموكل فلو أكرهه على الطالقفال إشكال في الصحة، ألن المفروض أن اإليقاع الصادر من المكره من حيث جهة

اإليقاعية ال يقصر عن إيقاع غيره، فليس عبارة المكره كالعدم، ورضا الزوجحاصل بالفرض.

وال أثر يترتب على فعل الموقع من حيث إنه فعله حتى يرتفع باالكراه، ألن(حديث الرفع) حيث إنه ورد في مقام االمتنان فال بد أن يرفع األثر الثابت على

المكره - بالفتح - لوال االكراه. والوكيل لوال االكراه ال يرتبط وقوع الطالق به، فاليرفع أثره باالكراه، وهذا هو مقصود المصنف، ال أن المرفوع هو الحكم الذي عليه

ال له حتى يناقش بأن الزمه صحة قبول الهبة إكراها، ألن المصنف قدس سره لم يفرقبين

ماله وعليه حتى ينتقض عليه بقبول الهبة، بل ادعى أنه ال بد أن يكون لفعل المكره

(٤٠١)

Page 403: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أثر حتى يرتفع باالكراه. وأما لو لم يكن له أثر فال يشمله الحديث. هذا، مع أنالمدار إذا كان على االمتنان فال امتنان على قبول الهبة، ألن كون االنسان مقهورا

في التملك، خالف االمتنان.وبالجملة: ال بد أن يقال في مفروض الكالم: إن االكراه ال يرفع أثر اإلنشاء.

وأما لو قلنا بأنه يرفع أثره فالقول بصحة الطالق لتحقق رضا الزوج غيرمستقيم.

أما أوال: فألن مجرد الرضا ال يصحح االستناد، كما أن الكراهة الباطنية ليستردا. إال أن يقال: إن الرضا في المقام ليس مجرد الرضا الباطني، بل مظهره نفس

االكراه الحاصل من الزوج على طالق زوجته، وهو يصحح االستناد.وأما ثانيا: فألن رضا الزوج إنما يفيد فيما إذا تم شرائط اإليقاع من حيث

الصيغة وغيرها. وإذا فرض أن االكراه يرفع أثر اللفظ فالرضا وحده ال أثر له.فالصواب أن يقال: بأنه بعد ما فرض أن الزوج هو الحامل للوكيل على

الطالق فهو قاصد لنتيجة فعل المطلق، أي قاصد السم المصدر، والوكيل أيضاقاصد لمعنى المصدر فال مانع من صحته.

واحتمال كون ألفاظ الوكيل كالعدم، ال وجه له إال إذا احتمل في حقه عدمالقصد، وهذا االحتمال مندفع بأصالة تحقق القصد في كالم كل متكلم عاقل

ملتفت، إال أن يمنع بناء العقالء على إجراء أصالة القصد هنا، كما أشار إليه المصنفبقوله: فتأمل.

وبالجملة: فالحق أن المدار في الصحة على صدور الفعل عن الوكيل بقصد منهإلى اللفظ والمعنى، ورضا المالك بوقوع المدلول في الخارج، وهذا حاصل في

الوكيل المكره مع كون الموكل مختارا. ويؤيد الصحة في المقام حكم المشهوربصحة بيع المكره بعد لحوق الرضا، فإن الرضا الحاصل منه بعد العقد ال يصحح

األلفاظ، بل يوجب استناد قصد النتيجة إليه، فال بد أن يكون مفروض كالمهم عدمبطالن أثر اللفظ باالكراه على العقد.

(٤٠٢)

Page 404: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما لو أكرهه على البيع أو النكاح، فإذا كان الطرف عالما بوكالته فحيث إنااللتزامات العقدية على الموكل فالعقد يصح، سواء أكان عالما بكونه مكرها أم ال.

وأما لو لم يكن عالما بوكالته فحيث إن االلتزامات العقدية عليه فترتفع هذهااللتزامات بواسطة االكراه.

وأما لو كان المكره غير الموكل وكان الموكل راضيا فإشكال االستناد هناأقوى، ألن مجرد رضا المالك ال يصحح االستناد، وهذا اإلشكال وإن أمكن دفعه

فيما إذا كان المكره هو الموكل - كما تقدم بيانه - إال أنه ال يمكن دفعه فيما إذا كانالمكره غيره.

وال يخفى أن هذه الصورة هي الفرع الثاني المذكور في المسالك، وهو قوله:لو أكره الوكيل على الطالق دون الموكل ففي صحته وجهان... إلى آخره (١).

ثم إنه يمكن أن يكون مراده من الوكيل والموكل هما اللذان يتصفان بهذينالعنوانين فرضا. ويمكن أن يكون مراده من اتصفا بهذين العنوانين فعال، كما لو

أكره الوكيل المفوض. وعلى أي حال أقوى الوجهين: هو عدم الصحة.الجهة السابعة: لو أطاع المكره من جهة وخالف من أخرى فهل يعد هذا

إكراهيا أم ال؟فنقول: المدار في صدق االكراه على أن تكون إرادة الحامل هي الداعي

إلرادة المأمور بحيث ينشأ إرادة المأمور من إرادة اآلمر وكانت إرادته تابعةإلرادته، فيصدر المعنى المصدري االختياري ال لداعي وقوع اسم المصدر. وأما

مجرد تحقق إكراه مشتمل على إيعاد ضرر من شخص ووقوع فعل عقيبه من آخرمع صدوره بداعي وقوع النتيجة وعن طيب النفس إليه فهذا ليس إكراهيا. فهناك

صور ال بد من البحث فيها:األولى: ما إذا أكرهه على بيع أحد العبدين ال على التعيين فباعهما دفعة،

--------------------(١) مسالك األفهام: كتاب الطالق ج ٢ ص ٤ س ٢٠.

(٤٠٣)

Page 405: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

والحق عدم كون كل منهما إكراهيا، ألن ما صدر عنه خارجا غير ما أكره عليه، وماأكره عليه لم يصدر. ومجرد اشتمال المجموع على أحدهما ال يوجب صدق

االكراه على أحدهما فضال عن كليهما.واحتمال كون المجموع باطال من باب وقوع أحدهما مكرها عليه وبطالن

الترجيح بال مرجح، ال وجه له كاحتمال بطالن أحدهما وتعيينه بالقرعة، ألناالحتمالين إنما يجريان فيما إذا صدر أحدهما عن كره ولم يعلم أن المكره عليه

أي منهما. وفي المقام ليس كل واحد واقعا عن كره، ألن ما أكره عليه لم يقع، وماوقع لم يكره عليه، فيقع المجموع صحيحا.

وال يقاس المقام على بيع ما يملك وما ال يملك بأن يقال: ما قصد - وهو بيعالمجموع - ال يقع شرعا، وما وقع شرعا - وهو بيع ما يملك - لم يقصده، وذلك

للفرقبين المقامين، فإن في بيع ما يملك وما ال يملك وإن تعلق القصد بالمجموع إال أنمن تعلق القصد به ينشأ قصد تبعي باألجزاء، والزم وقوع المجموع بإزاء المجموع

وقوع البعض مقابل البعض، وفي المقام لم يتعلق إرادة األمر بالمجموع حتىيكون إرادة المأمور بالبعض تبعا إلرادة األمر بالكل. نعم، لو فرض أن إرادة األمربالبعض تتعلق في الواقع بالكل كما لو أكرهه على بيع أحد مصراعي الباب ونحو

ذلك فباعهما دفعة فيمكن أن يكون المجموع إكراهيا. ولذا لو فرض أن إرادةالمكره لم تتعلق إال بأحدهما وحده الرتفاع حاجته ببيع مصراع واحد فباع

المأمور كليهما وقع الكل صحيحا، ألن إرادة األمر صارت علة لرفع المأمور يدهعن المجموع، فيقع الكل صحيحا.

الثانية: هذه الصورة مع وقوعهما تدريجا، واألقوى وقوع األول إكراهيا،النطباق عنوان أحدهما عليه، والثاني صحيحا.

واحتمال الرجوع إلى المأمور في تعيين المكره عليه عن غيره ال وجه له، ألنانطباق أحدهما على األول قهري، ولزوم تصديق دعوى ما ال يعلم إال من قبل

(٤٠٤)

Page 406: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المدعي ال دليل عليه في جميع (١) الدعاوي.الثالثة: لو أكره على المعين فضم إليه غيره وباعهما دفعة فالصحة في غير ما

أكره عليه ال إشكال فيه، إنما الكالم فيما أكره عليه.وال يبعد أن يقال: إن مجرد ضم غيره ال يخرجه عن كونه مكرها عليه، فإن

كل واحد ناش عن إرادة غير ما نشأ منه اآلخر، إال أن يكون هناك أمارة علىتحقق الداعي له في بيع المجموع فيتبع األمارة.

وتوضيح ذلك: أنه قد يكون بناء المالك إبقاء من أكره عليه من عبديه - مثال -لخدمة نفسه وبيع اآلخر الذي لم يكره عليه، فإذا باعهما دفعة وقع البيع بالنسبة إلى

ما أكره عليه إكراهيا. وأما إذا كان بناؤه على عدم بيع واحد منهما أو بيع كليهما فإذاأكره على واحد معين فباعهما دفعة وقع المجموع صحيحا، ألنه وقع الفعل على

خالف ما أكره عليه.وكيف كان، فال إشكال في هذه الصورة أنه لو باعهما تدريجا لحق كال منهما

حكمه.الرابعة: لو أكره على واحد فباع نصفه فتارة يشمل إكراه المكره على بيع

مجموع النصفين لبيعه دفعتين. وأخرى ال يشمله، فإذا لم يشمله فال إشكال في أنالنصف يقع صحيحا، ألن ما وقع غير ما أكره عليه.

وأما إذا شمله فتارة يبيعه لرجاء أن يقنع المكره بالنصف، وأخرى يبيعه اللذلك، بل لكونه مكرها عليه، فيبيع نصفه فعال والنصف اآلخر بعد ذلك لرفع ضرر

الحامل، فلو باعه رجاء وقع صحيحا، ألن إكراهه صار داعيا لبيع النصف، فهو يرفعاليد عن نصف ماله لدفع ضرر المكره على المجموع.

وال وجه لما أفاده المصنف من كونه إكراهيا، فإن البيع كذلك غير ما تعلقاالكراه به، فإن رجاء قناعته بالنصف يوجب تحقق الطيب والرضا ببيع النصف.

وتقدم أن مجرد وقوع فعل بعد االكراه ليس مصححا لصدق عنوان االكراه--------------------

(١) في المطبوع من األصل: (جمع) والصحيح ما أثبتناه.

(٤٠٥)

Page 407: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عليه. وأما لو باعه لكونه مكرها عليه فيندرج في موضوع االكراه.قوله قدس سره: (بقي الكالم فيما وعدنا ذكره من الفرع المذكور في التحرير، قال

في التحرير: لو أكره على الطالق فطلق ناويا فاألقرب وقوع الطالق) (١).ال يخفى أن االحتماالت المتصورة في كالم العالمة على وجوه، إال أنه ال بد

أن يؤخذ بما يمكن أن يتصور فيه الصحة والفساد. ونحن نذكر االحتماالت حتىيتضح أن المتعين منها في كالمه ما هو؟:

فاألول: أن ال يكون االكراه مؤثرا في إرادة الفاعل أصال، بل كان بانيا علىالطالق، لكن لما كان اآلمر جاهال بحاله أكرهه عليه، وهذا ال يتطرق فيه الوجهان،

بل ال شبهة في صحته.والثاني: أن يكون كل من االكراه والرضا سببا مستقال بحيث لوال االكراه

ألوقعه، ولوال الرضا ألوقعه أيضا دفعا لإلكراه. وحيث ال يمكن توادر علتينمستقلتين على معلول واحد فيصير كل واحدة إذا اجتمعا جزء السبب والفعل

يسند إليهما معا.وهذه الصورة يحتمل فيها وجهان، ولكن األقوى فيها الفساد، ألنها وإن لم

تكن إكراهيا إال أنها ال تكون (تجارة عن تراض)، أو أنها وإن كانت عن رضاإال أنها عن إكراه أيضا.

وكل علتين مستقلتين إذا وردتا على معلول واحد وكان بينهما تدافع فال يؤثركل منهما كاجتماع الرياء، وقصد األمر في العبادات، بل كاجتماع التبريد وقصد

األمر. نعم، لو كان التبريد ضميمة ال داعيا مستقال صحت العبادة.وفي المقام لو كان االكراه ضميمة لصحت المعاملة. كما أنه لو كان الرضا

ضميمة لفسدت.وبالجملة: لو كان كل من السببين مستقال فال يؤثر كل منهما، إال أن يقال: ليس

--------------------(١) تقدم تخريجه في الصفحة: ٣٨١.

(٤٠٦)

Page 408: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

المقام من تعارض المقتضيين، بل من قبيل تعارض المقتضي والال مقتضي فإناالكراه غايته أن ال يقتضي الصحة، ال أنه يقتضي الفساد فيؤثر الرضا، وفيه

ما سيجئ.الثالث: أن يكون كل منهما جزء السبب بحيث إنه لوال اجتماعهما ال يؤثر كل

منهما. وهذه الصورة أيضا يحتمل فيها الوجهان، ولكن قد يقال بأن األقوى فيهاالصحة، ألنه وإن انضم االكراه إلى الرضا إال أن االكراه ال يقتضي الفساد حتى

يعارض ما يقتضي الصحة، ولكن األقوى فيها الفساد، ألن قوله عز من قائل: (إالأن تكون تجارة عن تراض) (١)، وقوله عليه السالم: (ال يحل مال امرئ مسلم إال

بطيبنفسه) (٢) ظاهران في اعتبار الرضا والطيب مستقال، فإذا كان جزء السبب بأن ورد

مع االكراه دفعة على المسبب فالفعل مستند إليهما، واإلكراه وإن لم يقتض الفسادإال أن المقتضي للصحة أيضا لم يتحقق، لعدم صدق التجارة عن تراض.

وبالجملة: فإذا ورد الجزءان في عرض واحد لم يتحقق مقتضى الصحة. نعم،إذا كان أحدهما في طول اآلخر فالفعل يستند إلى الجزء األخير للعلة التامة، فإذاصار االكراه منشأ لتحقق الرضا فالفعل يستند إلى الرضا. كما أنه إذا صار األمر

بالعكس فحكمه العكس. وسيجئ الكالم في هذه الصورة.الرابع: أن يطلق من غير تورية مع علمه بأنه يمكن التلفظ بال قصد المعنى

وإرادة خالف الظاهر.وال يخفى أن هذا االحتمال ليس مراده، ألن عدم إمكان التفصي بالتورية ال

دليل على اعتباره أوال.ثم بناء عليه ال وجه الحتمال فساده ثانيا، مع أنه يرجع إلى الوجه األول،

ألنه طلق زوجته راضيا بالطالق فال وجه لعده وجها آخر ثالثا.الخامس: أن يكون االكراه داعيا للداعي على الطالق، فالفعل مستند إليهما

--------------------(١) النساء: ٢٩.

(٢) تقدم في الصفحة: ٣٨٢.

(٤٠٧)

Page 409: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

طوليا، وهذا يتفق كثيرا، فإذا أكره على بيع الدار يوطن نفسه على بيعها ويصيراالكراه داعيا على الرضا بنتيجة الفعل، أي باسم المصدر، وهذه الصورة أيضا

يتطرق فيها الوجهان، واألقرب هو الصحة، ألنه طلق ناويا ومريدا للطالق.ويحتمل البطالن إما ألن االكراه صار علة إلرادة اسم المصدر فالفعل باألخرة

يستند إليه وإن كان الداعي الثانوي اختياريا.وإما ألن االكراه أسقط أثر اللفظ، ألن اللفظ وقع تبعا إلكراه المكره، والنية

المجردة عن اللفظ ال أثر له.وهذان االحتماالن وإن كانا ضعيفين - كما ظهر وجه ضعفهما في طي ما

ذكرناه، فإن االحتمال األول مستلزم لبطالن أغلب المعامالت، فإنها باألخرةتنتهي إلى غير االختيار. والثاني يرجع إلى األول، ألن سقوط أثر اللفظ باالكراهإنما هو لكونه داعيا للداعي على التلفظ، مع أن اختيارية التلفظ بهذا المعنى البرجوعه إلى تلفظ النائم والغالط ال دليل عليه - إال أن منشأ احتمال الفساد فيكالم العالمة قدس سره هو هذا كما وجهه به ثاني الشهيدين (١) قدس سره.ومنشأ احتمال الصحة وأقربيتها هو كون االكراه داعيا على الداعي، ال داعيا

على الفعل. فهذه الصورة هي المتعينة بين الصور.ثم بناء عليه فاإلكراه إذا كان داعيا على الداعي ال يوجب البطالن، سواء أكان

الضرر المتوعد به ضررا على نفس المكره - بالفتح - أم على المكره بالكسر، كما لوقال له ولده: طلق زوجتك وإال قتلت نفسي، أو قتلتك، فطلق الوالد خوفا من قتلالولد نفسه أو قتل الغير له إذا تعرض لقتل والده، أم وقوع المكره - بالكسر - في

المعصية كما لو قال: طلق زوجتك ألزوجها وإال زنيت بها، فالطالق في جميع هذهالصور صحيح، ألن االكراه صار داعيا على الطالق عن طيب.

كما قد يكون الداعي له أمور أخر، وال وجه إلشكال المصنف (٢) فيه، فضال--------------------

(١) مسالك األفهام: كتاب الطالق ج ٢ ص ٤ س ١٧.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢١ السطر قبل األخير.

(٤٠٨)

Page 410: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عن قوله: إال أن تحقق االكراه أقرب، بل ال يخفى أن عدم تحققه أقوى وأقرب.الجهة الثامنة: في تحقيق ما أفاده المصنف قدس سره في قوله: ثم المشهور بين

المتأخرين أنه لو رضي المكره بما فعله صح العقد... إلى آخره. وتنقيحه يتوقفعلى بيان أمرين:

األول: أن وجه توهم عدم قابلية عقد المكره للصحة بالرضا المتأخر أموركلها فاسدة:

األول: اعتبار مقارنة طيب نفس المالك في صدق العقد. ووجه الفساد ما تقدمفي أول العنوان من أن عقد المكره من جهة العقدية ال يقصر عن سائر العقود، ألنه

قاصد للفظ والمعنى، وإنما لم يصدر قصده اسم المصدر عن داع اختياري، فإذالحقه الرضا يتم أركان العقد.

هذا، مضافا إلى أن الزم هذه الدعوى عدم كون عقد الفضولي - أيضا - عقداحقيقة، فإنهما مشتركان في عدم مقارنة طيب نفس المالك للعقد.

الثاني: اعتبار طيب نفس العاقد في تأثير عقده، أي العاقد ال بد أن يكونراضيا بإنشاء ما ينشئه.

وفيه أوال: أن هذا اإلشكال يتوجه في بعض صور االكراه، وهو ما إذا كانالمكره هو المالك العاقد، وما إذا كان المالك أكره العاقد، وإما إذا كان المالك

مكرها على التوكيل والعاقد مختارا فال يتوجه.وثانيا: قد تقدم: أنه ال دليل على اعتبار اختيار العاقد من حيث إنشائه، ألن

العقد من حيث إنه عقد ال يعتبر فيه سوى القصد الموجود في المالك المكره.[و] (١) بالجملة: عقد المكره ليس فاقدا لما كان الفضولي واجدا له بدعوى أنه

ومشتمل على المفسد، وهو عدم رضا العاقد بإنشائه وبمنشئه، فإن عدم رضائه بهماال يضر بصدق العقدية بعد قصده اللفظ ومدلوله. وال دليل على اعتبار الرضا

--------------------(١) ما بين المعكوفتين أضفناه ليستقيم السياق.

(٤٠٩)

Page 411: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

باإلنشاء، فإن اللفظ الصادر عن غير النائم والغالط إذا قصد به المعنى بأن ال يكونهازال يؤثر في النقل واالنتقال مراعى بالرضا بهما، فحكم عقده حكم عقد

الفضولي لو لم يكن أولى منه، لكونه واجدا لما كان الفضولي فاقدا له، وهواالستناد إلى المالك. فمع االلتزام بصحة عقد الفضولي على القاعدة ال محيص إالعن االلتزام بصحة عقد المكره، فإن اشتمال عقد الفضولي على الرضا بالمنشأ ال

أثر له بعد عدم مدخلية رضا غير المالك.نعم، لو قلنا بأن عقد الفضولي يصح على خالف القاعدة فال دليل على إلحاق

عقد المكره به فضال عن كونه أولى منه، الحتمال خصوصية في الفضولي دونه ولوكانت المباشرة فيه موجودة.

الثالث: دعوى اعتبار مقارنة طيب النفس للعقد في تأثيره شرعا.وفيه: أنها خالية عن الشاهد يدفعها اإلطالقات، ألن غاية ما يتوهم العتبار

مقارنة طيب النفس للعقد أمران:أحدهما: عدم شمول المطلقات مثل: (أحل الله البيع) (١)، و (الصلح جائز) (٢)ونحوهما له، ألن عناوين العقود موضوعة للمسببات، والمكره في إرادته المسبب

مقهور فال يندرج عقده تحت اإلطالقات.وثانيهما: تخصيص المطلقات باألدلة الدالة على اعتبار الرضا المقارن، كقوله

عز من قائل: (تجارة عن تراض) (٣)، وقوله عليه السالم: (ال يحل مال امرئ مسلم إالبطيب نفسه) (٤)، وقوله صلى الله عليه وآله: (رفع عن أمتي تسعة) (٥) وكالهما

ضعيفان.أما خروج عقده عن المطلقات فال وجه له أصال.

ألنه أوال: ليس عنوان العقود - أي المنشأ بها - من قبيل المسببات، أو العقود--------------------

(١) البقرة: ٢٧٥.(٢) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٣٢ ح ٣٢٦٧، عنه وسائل الشيعة: ج ١٣ ص ١٦٤ ب ٣ من

أبواب الصلح ح ٢.(٣) النساء: ٢٩.

(٤) تقدم في الصفحة: ٣٨٢.(٥) الخصال: ص ٤١٧ ح ٩.

(٤١٠)

Page 412: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

من قبيل األسباب، بل من قبيل اإليجاد باآللة. والمكره وإن كان مقهورا فيإيجاده المنشأ إال أنه ال دليل على اعتبار االختيار في اإليجاد فيصدق البيع على

بيع المكره قبل الرضا وبعده، وإنما أخرجته أدلة اعتبار الرضا عن حكم البيع، فاليكون في حال من األحوال خارجا موضوعا حتى يقال: كيف يخرج عنه في

حال ويدخل فيه في حالة أخرى؟وثانيا: المقهورية في المسبب ال تخرج العقد عن االختيارية كما تقدم أن

المناط في اختيارية العقد كونه قاصدا للفظ ومدلوله.وأما داللة األدلة على اعتبار الرضا المقارن ففيه: أما آية (إال أن تكون

تجارة عن تراض) فال تدل إال على اعتبار الرضا في نتيجة المصدر، ونحن نلتزمبه ونقول باشتراط الرضا المتأخر.

وليس المراد من التجارة هي العقد حتى يعتبر أن يكون عن رضا، بل هياالكتساب، وال يحصل شرعا إال بعد تحقق الرضا كما هو الحق في المقام من النقلوالكشف الحكمي. نعم، بناء على الكشف الحقيقي فيشكل األمر، ولكن ال موجب

لاللتزام به.فالصواب في الجواب عن اآلية المباركة منع داللتها على اعتبار الرضا

المقارن للعقد.وأما ما أفاده المصنف (١) قدس سره من منع داللتها على الحصر مع تسليمه داللتها

على اعتبار الرضا المقارن للعقد ففيه:أوال: أن كالمه هنا مناف لمختاره في سائر األبواب (٢)، فإن استدالله بها علىأصالة اللزوم ال يتم إال على فرض داللتها على الحصر، ألن األكل بالفسخ لو لم

يكن حالال فال وجه له إال عدم كونه تجارة عن تراض، فيجب أن يكون أكلالحالل منحصرا بالتجارة عن تراض.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٢ س ١١.

(٢) كما في باب الخيارات: ص ٢١٥ س ٢٦ وما بعده.

(٤١١)

Page 413: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وثانيا: ال وجه إلشكاله في الحصر إال كون المستثنى منقطعا. وأما كونه غيرمفرغ فال دخل له في اإلشكال. مضافا إلى أنه قيد توضيحي، ألن االستثناء

المنقطع ال ينقسم إلى قسمين: مفرغ وغير مفرغ، ألن كل مفرغ - ال محالة -االستثناء فيه متصل، ألنه ال موجب لتقدير المستثنى منه معنى ال يشمل المستثنى.

فلو قيل: (ما جاءني إال حمار) فيقدر ما جاءني حيوان يصير متصال.وبعبارة أخرى: المتصل ينقسم إلى قسمين: مفرغ وغيره. والمفرغ مفيد

للحصر قطعا، والمنقطع ال يكون إال غير مفرغ. وكونه غير مفرغ ال يوجب عدمإفادته الحصر، ألنه بناء على عدم إفادة غير المفرغ الحصر فإنما هو في المتصل،

ال المنقطع، فإنه مفيد له ولو كان المستثنى منه مذكورا، بل هو أبلغ في الحصر منالمتصل المفرغ، ألنه ال يصح التعبير باالنقطاع إال فيما كان بين المستثنى منه

والمستثنى ارتباط ما ومناسبة في الجملة، فكل ما يناسب مع المستثنى منه يخرجعنه بأداة االستثناء، وال يبقى إال خصوص المستثنى فقوله: ما جاءني إال حمار،أي من كل من احتمل أن يجئ من القوم ومن دوابهم ما جاءني إال حمارهم،

فانحصر الجائي بالحمار وهكذا مفاد اآلية الشريفة، أي كل كسب واكتساب أكلبالباطل إال الكسب عن الرضا.

وبالجملة: وجه توهم عدم إفادة االستثناء المنقطع للحصر عدم محصوريةالمستثنى بالخروج، وكون الخارج مما ال يتناهى، فإن المنقطع من القوم ليس

خصوص الحمار، فإن البقر والفرس وغيرهما أيضا غير داخل في القوم، فال يفيدنفي المجئ عن القوم، وإثباته للحمار اختصاصه به، إلمكان اشتراك سائر

الحيوانات معه. وهذا التوهم فاسد، فإن المستثنى في المنقطع ليس كل ما ال يرتبطبالمستثنى منه حتى يكون مما ال يتناهى، بل ال بد في صحة المستثنى المنقطع من

عناية وتنزيل، فينحصر فيما يناسب مع المستثنى منه ولو كان أدنى مناسبة، فإذاانتفى المجئ من القوم وما يناسبهم وانحصر الجائي في الحمار فيفيد اختصاص

الحكم به ونفيه عما عداه. ففي الحقيقة كل منقطع راجع إلى المتصل.

(٤١٢)

Page 414: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

هذا، مضافا إلى أنه ال يمكن في خصوص المقام عدم إفادة الجملة للحصر،ألن أكل المال بالباطل ال يمكن أن يكون حالال في مورد من الموارد، فيكون

االستثناء في المقام من قبيل التخصص ال التخصيص، ألنه لم يستثن موضوع منالموضوعات من حكم األكل بالباطل، بل (التجارة عن تراض) مغايرة لألكل

بالباطل، ويكون مفاد اآلية الشريفة كل كسب واكتساب متداول بينكم: من النهبوالسرقة والقمار أكل للمال بالباطل، إال التجارة عن تراض فإنها ليس كذلك،

فيكون قوله عز من قائل: (بالباطل) بمنزلة التعليل لقوله: (ال تأكلوا)، فيرجع مقامالمعلل والتعليل إلى قوله: (وال تأكلوا أموالكم بينكم) بوجه من الوجوه، ألن كل

وجه باطل إال التجارة عن تراض، وهذا راجع إلى المتصل.وأما داللة قوله عليه السالم: (ال يحل مال امرئ) (١) على اعتبار المقارنة ففيها ما ال

يخفى، فإنه غير ناظر إلى اعتبار الطيب حال العقد أصال، بل على أن مال الناسال يحل إال بالطيب ونحن نلتزم به حين تحقق النتيجة وصيرورة المبيع ماال

للمشتري.وأما حديث الرفع فقد ناقش فيه المصنف أوال: بأنه يدل على رفع

المؤاخذة (٢)، ال مطلق اآلثار. ولكنك خبير بأنه ال وجه لهذا االستظهار.ثم تعميم المؤاخذة لمطلق األحكام التي يتضمنها عقد المكره ولو كانت

دنيوية حتى يحتاج إلى الجواب بقوله: والحكم بوقوف عقده على رضاه راجع إلىأن له أن يرضى بذلك، وهذا حق له ال عليه (٣).

وحاصل هذا الكالم: أن سوقه في مقام االمتنان يقتضي صحة عقد المكره إذاتعقبه الرضا، ألن المرفوع باالكراه هو الحق الثابت عليه ال له، ووقوف عقده على

رضاه راجع إلى ثبوت اختيار العقد له.وفيه: أنه ال وجه الختصاص المرفوع باآلثار المتعلقة بالمكره، بل المرفوع

--------------------(١) تقدم في الصفحة: ٣٨٢.

(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٢ س ١٣.

(٣) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٢ س ١٣.

(٤١٣)

Page 415: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

مطلق آثار الفعل، مع أن أصل الدعوى، وهي أن الحكم بوقوف عقده على رضاهراجع إلى أن له أن يرضى بذلك وهذا حق له ال عليه ممنوعة، ألنه ليس وقوف

عقده على إجازته من الحق الثابت له لوال االكراه، ألن موقوفية العقد علىاإلجازة حكم شرعي مستفاد من اآلية الشريفة، وهي قوله عز من قائل: (إال أن

تكون تجارة عن تراض)، ومن حديث الرفع، ولوال هذه األدلة كان عقد المكرهمن حيث العقدية مثل سائر العقود، فلم يكن من آثار العقد - لوال االكراه - الوقوف

على اإلجازة حتى يقال: إن الحديث ال يرفعها، ألن هذا الحق له ال عليه، بل لوالحديث الرفع وأمثاله من قوله عز وجل: (تجارة عن تراض) لم يكن عقده موقوفا

على اإلجازة.وبعبارة أخرى: كل قيد صار وجوده موجبا لالنقالب فاألثر المرفوع به وهو

األثر المترتب على الفعل المطلق كالمرفوع بالخطأ والنسيان، فيجب أن يكونالمرفوع باالكراه هو األثر المترتب على مطلق الفعل، ال األثر بوصف االختيار،

وال األثر المترتب عليه بوصف االكراه. وليس من آثار الفعل المطلق الوقوف علىاإلجازة حتى يقال: إن هذا الحق له ال عليه فال يرتفع بالحديث، فالصواب في

الجواب هو ما أفاده بقوله: ثانيا.وحاصله: أن المرفوع باالكراه هو األثر الثابت على فعل المكره لوال االكراه،

أي: األثر المترتب على الفعل المجرد عن عنوان االكراه واالختيار.كما أن المرفوع بالخطأ والنسيان أيضا كذلك، ألن األثر المترتب على الفعل

بعنوان العمد يرفع بمجرد فقد نفس القيد ال بحديث الرفع.كما أن األثر المترتب على الفعل بعنوان الخطأ يستحيل أن يرتفع بالحديث،فإن ما كان علة للوضع ال يمكن أن يكون علة للرفع، فإذا كان األمر كذلك

فبانضمام مقدمة أخرى إلى ذلك، وهو عدم كون ذات العقد ذا أثر شرعا العتبارالرضا فيه باألدلة الخاصة الموجبة لتقييد عموم (أوفوا بالعقود) (١) و (أحل الله

--------------------(١) المائدة: ١.

(٤١٤)

Page 416: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

البيع) (١) ونحو ذلك تنتج عدم إمكان عروض البطالن لعقد المكره الملحوقبالرضا، ألن قبل لحوق الرضا ال أثر للعقد حتى يرتفع باالكراه، وبعد لحوقه ينقلب

العقد عما هو عليه.وغاية ما يتوهم لفساد عقد المكره أمران:

أحدهما: ما أفاده المصنف بقوله: لكن يرد على هذا أن مقتضى حكومةالحديث على اإلطالقات هو تقييدها بالمسبوقية بطيب النفس فال يجوز االستناد

إليها، لصحة بيع المكره ووقوفه على الرضا الالحق، فال يبقى دليل على صحة بيعالمكره، فيرجع إلى أصالة الفساد (٢).

ولكن أجاب عنه بقوله: اللهم إال أن يقال (٣)، وحاصله: أن دليل االكراه اليمكن أن يكون حاكما في المقام، ألنه حاكم على الحكم الثابت في الشريعة،والمطلقات بإطالقها ليست أحكاما ثابتة في الشريعة حتى ترتفع باالكراه، بل

الحكم الثابت هو البيع المقيد بالرضا، سبقه الرضا أو لحقه، وبعد تحقق الرضايخرج البيع عن كونه إكراهيا.

وبعبارة أخرى: لو دلت أدلة الرضا على اعتباره في العقد سابقا لكان الرضاالالحق لغوا.

وأما لو كان األعم معتبرا فالكره الواقع في المقام لو بقي على ما كان لكانالعقد باطال.

وأما لو رضي المكره بما فعله فال وجه لبطالن العقد. وقياس االكراه علىالرياء باطل، فإنه لو أتى بالجزء رياء فيبطل هذا الجزء، وليس قابال للحوق سائر

األجزاء به.وأما االكراه على العقد فال يرفع أثره إال إذا لم يلحقه الرضا، وإال يخرج عن

كونه إكراهيا.وثانيهما: ما أفاده بقوله: إال أن يقال: إن أدلة االكراه كما ترفع السببية المستقلة

--------------------(١) البقرة: ٢٧٥.

(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٢ س ٢١.

(٣) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٢ س ٢١.

(٤١٥)

Page 417: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

التي أفادتها اإلطالقات قبل التقييد كذلك ترفع مطلق األثر عن العقدالمكره عليه، ألن التأثير الناقص أيضا استفيد من اإلطالقات بعد تقييدها بالرضا

األعم من الالحق (١)، انتهى.وال يخفى أن هذه العبارة ليست في النسخ المصححة، وال ينبغي أن تكون،

فإن قوله: وهذا ال يفرق فيه أيضا بين جعل الرضا ناقال أو كاشفا، وقوله: وكيفكان فذات العقد المكره عليه مع قطع النظر عن الرضا أو تعقبه له ال يترتب عليه إال

كونه جزء المؤثر التام، وهذا أمر عقلي... إلى آخره (٢) ال يرتبطان بهذا الكالم، بليرجعان إلى قوله: وهذا ال يرتفع باالكراه، ألن االكراه مأخوذ فيه بالفرض، وعلى

فرض وجودها في النسخ وكونها من كالم الشيخ قدس سره كما هو ظاهر المحققالخراساني، حيث أورد على هذه العبارة بقوله: إنما ترفع مطلق األثر فيما كان ذاكاألثر بمقتضى اإلطالقات نفسها، ال فيما إذا كان ثبوته بمالحظة أدلة االكراه كما

هو الفرض (٣).فنقول: منشأ توهم ارتفاع األثر الناقص بأدلة االكراه أمران:

األول: قياس هذا األثر الناقص على األثر الثابت ألجزاء المركب المصححإلجراء األصل بالنسبة إلى كل جزء. فكما يجري استصحاب االطالق أو الطهارة

أو كليهما - مع أن األثر الشرعي مترتب على المجموع - فكذلك يصح رفع األثرالناقص للعقد بحديث الرفع. ولكنك خبير بالفرق بينهما، ألن األثر الثابت للجزءوإن كان جزء األثر إال أنه كان له لنفس دليل الجزء، ال لألصل الجاري فيه، أي

كان هذا األثر لجزء المركب شرعا، ولذا صار محال لألصل.وأما األثر الثابت للمقام فإنما هو بنفس دليل الرفع، أي صار دليل الرفع

موجبا لتقييد العقد بالرضا، وعدم صحة عقد المكره وحده. وأثر المقيد يرفعبحديث الرفع إذا كان له مع قطع النظر عن التقييد، ال إذا حصل له بلحاظ التقييد.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٢ س ٢٧.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٢ س ٢٧.

(٣) حاشية المكاسب للمحقق الخراساني: ص ٥٠.

(٤١٦)

Page 418: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وبعبارة أخرى: األثر الثابت للجزء في المقام أثر قهري عقلي نشأ من دليلالرفع، وإال كان العقد سببا مستقال والناشئ منه ال يمكن أن يرتفع به.

والثاني: أن يكون حديث الرفع مقيد آخر للمطلقات غير أدلة الرضا كماتوهمه المحقق الطباطبائي (١).

وحاصل هذا الوجه أن يكون نتيجة المطلقات بعد تقييدها بقوله عز من قائل:(إال أن تكون تجارة عن تراض) صحة العقد المرضي به، سبقه الرضا أو لحقه،

فالعقد أيضا جزء السبب. ونتيجة حكومة حديث الرفع اعتبار الرضا السابق.وفيه: أن أدلة المقيدات سواء أكانت بلسان الحكومة كما في حديث الرفع، أم

بلسان التخصيص كما في آية التجارة كلها بمساق واحد وفي عرض اآلخرتوجب تقييد المطلقات، وال وجه لتقييدها أوال بطائفة ثم تقييد المقيد بطائفة

أخرى. وليس االكراه عنوانا مستقال غير خلو عقد المكره عن الطيب والرضا.وما توهمه (٢) من أن عقد المكره واجد لجميع الشرائط حتى الرضا في المرتبة

الثانية، وأن البطالن نشأ من جهة أخبار االكراه. ففيه ما ال يخفى من الفرق بين عقدالمكره وعقد من اضطر إليه لقوت عياله ونفقة من يجب عليه إنفاقه، فإن المكرهغير راض بما ينشئه، وال يشكر الله سبحانه، بخالف المضطر فإنه يثني على الله- جلت آالؤه - بإعطائه إياه ما ينفق به عياله، فتأمل جيدا كي ال يختلط عليك

األمر.وبالجملة: جميع هذه األدلة تدل على اعتبار الرضا، سواء كان سابقا أو

الحقا، فالعقد المقيد بالرضا ال يمكن أن يلحقه االكراه، وقبل لحوق الرضا له ليسله أثر يقبل أن يرتفع باالكراه. هذا تمام الكالم في األمر األول.

الثاني: أن الرضا المتأخر كاشف أو ناقل؟ وتنقيحه يتم برسم أمور:األول: في بيان الفرق بين الشروط المتأخرة التي تصلح ألن تكون كاشفة أو

--------------------(١) كما في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٨ س ١٤.

(٢) أي المحقق الطباطبائي في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٨ س ٢.

(٤١٧)

Page 419: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ناقلة، وبين ما ال يكون إال ناقال فقط.وضابط الفرق على ما يظهر من المحقق الثاني: أن كل شرط كان ناظرا إلىما وقع من سائر أجزاء العقد وأركانه فهو مما وقع فيه هذا النزاع، كاإلجازة

فإنها ناظرة إلى ما وقع من العقد. وكل شرط كان هو بنفسه من شرائط العقدومتمماته فهو ليس إال ناقال (١).

وبعبارة أخرى: كل ما يرجع إلى تنفيذ ما سبق وإمضائه فهو محل هذا النزاع.وأما كل ما كان متمما وهو بنفسه من األجزاء ومما له دخل في تأثير البقية فال

يجري فيه هذا النزاع، بل يكون ناقال.وعلى هذا فمثل القبول مطلقا والقبض في الصرف والسلم ونحو ذلك ناقل (٢).وأما مثل اإلجازة وأداء من باع ماله المشتمل على الزكاة مقدار الزكاة فهو محل

هذا النزاع.وعلى هذا، فذهاب المحقق الثاني إلى كون إجازة المرتهن ناقلة (٣) مع قوله

بالكشف في إجازة الفضولي إنما هو للنزاع في الصغرى، أي إجازة المرتهن ليستناظرة وتنفيذا لما صدر من الراهن، بل حيث إن من أركان البيع الطلقية - أي: خلو

المبيع من حق غير البائع - فإذا أسقط المرتهن حقه أو أدى الراهن الدين أو أبرأهالمرتهن تم جميع أركان العقد. ومن المعلوم أنها تتم حين اإلسقاط، فال معنى

لكونه كاشفا. وهذا الكالم وإن لم يكن صحيحا ألن اإلسقاط كاإلجازة ناظر إلىتنفيذ العقد السابق إال أن الكبرى صحيحة. وعلى هذا فيجري النزاع في إجازةالعمة والخالة العقد الواقع على بنت األخ واألخت، وإجازة الديان بيع الورثة،

وإجازة المرتهن بيع الراهن بناء على ما قلنا، ونحو ذلك من إسقاط المرتهن حقه،وأداء الراهن الدين الذي عليه الرهن.

--------------------(١) جامع المقاصد: كتاب البيع ج ٤ ص ٧٤ - ٧٥.

(٢) نعم، يبقى في جريان النزاع في قبول الوصية إشكال النقض، فتأمل. (منه عفي عنه).(٣) جامع المقاصد: كتاب الرهن ج ٥ ص ٧٥ - ٧٦.

(٤١٨)

Page 420: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الثاني: هل األصل أن تكون اإلجازة ناقلة أو كاشفة؟ األقوى هو األول، ألنالزم دخلها بوجودها الخارجي - كما هو ظاهر األدلة - عدم تحقق النقل إال بعد

تحققها.نعم، لو ساعد العرف واالعتبار على دخل وصف التعقب كما في شرطية

األجزاء الالحقة في الصالة لألجزاء السابقة فنلتزم بالكشف. وأما في خصوصاإلجازة فمضافا إلى أن ظاهر األدلة الدالة على اعتبار الرضا والطيب كونها

بوجودها الخارجي شرطا، العرف واالعتبار أيضا يساعدان على ذلك.وقد قيل: (١) إن مقتضى األصل هو الكشف، ألن إجازة العقد السابق عبارة عن

الرضا بما دل عليه العقد وهو نقل الملك حين تحققه.وفيه: أن مفاد العقد ليس إيجاد المنشأ حين صدور اإلنشاء. وفرق بين وقوع

اإلنشاء في زمان من باب أن كل زماني يقع في الزمان ال محالة، وداللة اللفظ علىاإليجاد في زمان اإلنشاء، فلو كان مفاد (بعت) أوجدت البيع اآلن كما هو ظاهر

بعض النحويين (٢) في مفاد األمر والنهي من كونهما موضوعين للطلب في الحاللكان األصل هو الكشف. وأما لو كان مفاده أصل إيجاد البيع واستفيد وقوع المنشأ

في الحال من أدلة أخرى، كمقدمات الحكمة الجارية في اإلجارة ونحوها، وهيكون المنشئ بصدد اإليجاد وعدم تقييد منشئه بقيد، ونظير مقدمات الحكمة

الجارية في البيع ونحوه فال يكون الرضا كاشفا، ألن العلم بمدخلية الرضا في النقلمن قبيل تقييد الملكية بقيد متأخر، فما لم يحصل القيد ال يحصل الملك. والمنشئ

وإن لم يقيد إنشاءه بقيد ولكن تقييد الشارع بمنزلة تقييد نفس العاقد، فحصولالنقل في نظر الشارع يتبع زمان حكمه الناشئ من اجتماع جميع ما يعتبر في

الحكم، ومما يعتبر فيه اإلجازة.--------------------

(١) لم نقف عليه.(٢) كالفيومي في المصباح المنير: (مادة: أمر) ص ٢١.

(٤١٩)

Page 421: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وما أجاب بعض المحققين (١) عن هذا: من أن المنشأ بنظر العاقد ال يتخلفعن زمان إنشائه، والتخلف عند الشارع ال يضر بالكشف فإن المجيز يمضي ماأوجده العاقد، وعقده وإن لم يدل على اإليجاد في زمان التلفظ ولكن مقتضى

وقوع اإلنشاء في ذاك الزمان وتحقق المنشأ بنظره لتحقق كل اسم مصدر بإيجادالمصدر وقوع المنشأ في زمان اإلنشاء، فإذا أمضى المجيز ما أوجده العاقد فينفذمن ذاك الزمان غير مفيد، ألن األمور االعتبارية تحققها باعتبار من بيده االعتبار،فتحقق المنشأ بنظر المنشئ ال أثر له بعد دخل الرضا فيه شرعا، فيكون اإلجازة

كالقبول وكالقبض في الصرف والسلم والهبة.ثم ال يخفى أنه إذا ثبت كون اإلجازة ناقلة صح تنظيره بالقبض والقبول،

وأما في مقام إثبات ذلك فال يصح القياس عليهما.فما أفاده المصنف في قوله: ولذلك كان الحكم بتحقق الملك بعد القبول... إلى

آخره، لم يقع في محله، ألن القبول والقبض هما بأنفسهما من أركان العقدومتمماته وال يجري نزاع الكشف والنقل فيهما، وهذا بخالف اإلجازة فإنها مما به

يرفع توقيفية العقد عن تأثير ما اقتضاه.وكيف كان فاألقوى هو النقل بمقتضى األصل األولي.

الثالث: بعد ما ظهر أن مقتضى القاعدة األولية هو النقل فهل الكشف الحكميالثابت في الفضولي تعبدا ثابت في المقام أيضا أو ال؟ وجهان، واألقوى هو

األول، ألن من نفس األخبار الواردة في الفضولي يظهر أنه ال خصوصية إلجازةالمالك عقد الفضولي، بل كل ذي حق له أن ينفذ العقد الواقع على متعلق حقه، فعلى

هذا حكم الرضا المتأخر في المقام حكم اإلجازة في العقد الفضولي من حيثاألصل األولي والثانوي.

بقي هنا أمران:األول: أنه ال وجه الستفادة حكم الرضا في المقام من حكم فسخ ذي

--------------------(١) يظهر من السيد اليزدي في حاشيته على الكتاب: كتاب البيع ص ١٥١ س ١٧.

(٤٢٠)

Page 422: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الخيار، فكون الفسخ حال للعقد من حين الفسخ ال حين العقد ال يالزم كون الرضاواإلجازة كذلك أيضا، فإن الفسخ مقابل إلجازة ذي الخيار، وكل زمان أعملالخيار فيه بإزالة العقد وإقراره فيؤثر في ذلك الزمان. وأما اإلجازة أو الرضا في

المقام فمقابل لرد عقد الفضولي. ورد المالك كما يؤثر من حين العقد فيمكن أنيقاس عليه الرضا من المكره واإلجازة من المالك.

ثم ال يخفى أن المحقق الطباطبائي وإن أجاد في قوله: إن الفسخ ليس مثلاإلجازة (١) إال أنه ال وجه لتنظيره الفسخ بالرضا بالمضمون، فإن الفسخ نظير

اختيار العقد كما تقدم، ال الرضا بالمضمون في عقد المكره فإنه بعينه كاإلجازة فيالفضولي، وال فرق بينهما في الكشف والنقل. فلو قيل بأن الرضا ناقل فكذلك

اإلجازة، ألن كال منهما يرفع توقيفية العقد، وال فرق بين إنفاذ نتيجة العقد أو إنفاذمفاده. فلو قيل بأن التوقيف يرتفع حين الرضا فال بد أن يقال بأن مدلول العقد أيضا

ينفذ حين اإلجازة.ولو قيل بأن اإلجازة تؤثر من حين العقد فكذلك الرضا، ألن محل البحث في

الكشف والنقل ليس في ما كان بمدلوله اللفظي متعرضا للعقد، كما لو قيل: أجزتالعقد، أو رضيت بما صدر من العاقد، بل في األعم منه ومما كان ناظرا إلى النتيجة،

سواء أكان بلفظ (أجزت العقد) أو (رضيت به)، أم كان بلفظ (أجزت النقل) أو(رضيت به)، وسواء أكان بالقول أم كان بالفعل، كأداء من عليه الزكاة الزكاة من

غير المال الزكوي، وأداء الراهن الدين.الثاني: هل للطرف الغير المكره عليه أن يفسخ قبل رضا المكره أم ال؟ ظاهر

المتن أن هذا النزاع يجري بناء على الكشف. وأما بناء على النقل فال إشكال فيتأثير فسخه. ولكن األقوى جريان النزاع على المسلكين. وسيجئ في باب

الفضولي توضيح ذلك.قوله قدس سره: (مسألة: ومن شروط المتعاقدين إذن السيد لو كان العاقد

--------------------(١) كما في حاشيته على المكاسب: كتاب البيع ص ١٥١ س ٢٧.

(٤٢١)

Page 423: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

عبدا... إلى آخره).ال يخفى أن البحث في هذا العنوان يقع من جهات:

األولى: في جواز تصرفاته الراجعة إلى ما في يده المترتبة عليه اآلثار حينعبوديته.

الثانية: في نفوذ معامالته المترتبة عليها اآلثار بعد حريته.الثالثة: في معامالته الراجعة إلى الغير، كوكالته عنه.

ثم إن محل البحث في المقام أعم من القول بعدم مالكية العبد والقول بمالكيتهلما في يده إلرث ونحوه.

كما أن محل البحث أيضا بعد الفراغ عن عدم كونه مسلوب العبارة بحيث اليترتب على فعله وعبارته أثر، فليس كالمجنون والصبي بحيث ال يؤثر إذن المولىفي قوله وفعله. وتنقيح هذه الجهات يتوقف على بيان ما يستفاد من اآلية الشريفة

(ضرب الله مثال عبدا مملوكا ال يقدر على شئ) (١).فنقول: إن األصل في القيد وإن كان االحترازية إال أن قوله عز من قائل: (ال

يقدر على شئ) قيد توضيحي، كقوله: (مملوكا) فإن العبد كما ال ينقسم إلىمملوك وغير مملوك فكذلك ال ينقسم إلى القادر والعاجز، فإن للمملوكية مساويةللعجز ومنافية لالستقالل في التصرف، كما أن العبودية مساوية للملوكية ومنافية

للحرية.ثم إن المراد من عدم القدرة شرعا سلب القدرة عما يناسب المقدور، فإن كان

الشئ من متعلقات األحكام التكليفية فعدم القدرة عليه عبارة عن حرمته عليه.وإن كان من متعلقات األحكام الوضعية فعدم القدرة عليه عبارة عن عدم نفوذه

ومضيه عنه.والمراد من الشئ بقرينة رواية زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السالم

--------------------(١) النحل ٧٥.

(٤٢٢)

Page 424: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

قاال (المملوك ال يجوز نكاحه وال طالقه إال بإذن سيده قلت إن كان السيدزوجه بيد من الطالق؟ قال: بيد السيد، ضرب الله مثال عبد مملوكا ال يقدر على

شئ، فشئ الطالق... إلى آخره) (١) هو الشئ الذي يعد في العرف والعادة شيئا،فليس المراد منه هو مفهومه العام الشامل لكل حركة وسكون حتى مثل التكلم

والنظر وأمثال ذلك فإنها خارجة من الشئ خروجا موضوعيا ال حكميا كماتوهم (٢)، ألن مساق اآلية مساق ال يقبل التخصيص.

كما أن التكاليف اإللهية كالواجبات والمحرمات المشتركة بين األحراروالعبيد خارجة عنه موضوعا، فإن هذه تحت ملك السيد األصلي، ال المالك

العرفي، ألن اآلية في مقام بيان ما يختص بالعبد، ال ما يشترك بينهما.ثم إن األقوال في المسألة بين إفراط وتفريط واعتدال.

فقيل (٣) بمحجوريته عن كل شئ إال الضروريات التي بها قوام عيشه، فاليجوز له التمدد والمشي ونحو ذلك.

وقيل (٤) بنفوذ جميع تصرفاته إال ما يرجع إلى التصرف في سلطان مواله،فيجوز له الوكالة عن الغير وضمانة عند الذي يتعلق برقبته بعد العتق.

وقيل (٥) بأنه ال يجوز له كل ما يعد شيئا، من غير فرق بين عناوين المسبباتمن النكاح والطالق والوكالة والتوكيل وغير ذلك.

واألقوى هو األخير، لما عرفت: أن ظاهر اآلية الشريفة أن كل ما يعد شيئابحسب العرف والعادة كالطالق ونحوه فالعبد ال يقدر عليه وال ينفذ منه. وعلى هذافال يجوز وكالته عن الغير ولو في إجراء الصيغة، فضال عما إذا كان وكيال مفوضا،

--------------------(١) من ال يحضره الفقيه: ج ٣ ص ٥٤١ ح ٤٨٦٠، عنه وسائل الشيعة: ب ٤٥ من أبواب

مقدمات الطالق ح ١ ج ١٥ ص ٣٤٣ مع تفاوت يسير.(٢) يظهر ذلك من السيد اليزدي في حاشيته على الكتاب: كتاب البيع ص ١٢٩ س ١ - ٤.

(٣) نفى عنه البعد في الجواهر: كتاب التجارة ج ٢٥ ص ٦٩.(٤) قائله السيد اليزدي في حاشيته على الكتاب: كتاب البيع ص ١٢٩ س ١٧.

(٥) يظهر ذلك من األشكوري في بغية الطالب: ص ٧٤ س ١١.

(٤٢٣)

Page 425: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

ال لتوقف صدور اللفظ منه على إذن مواله حتى يرد عليه ما أورده عليه صاحبالجواهر (١) قدس سره: بأن مع نهي السيد أيضا يصح عقده، فضال عن الوقوع بغير

إذنه إذأقصاه اإلثم في التلفظ، والنهي ال يقتضي الفساد إذا رجع إلى األسباب، بل ألن

نفس الوكالة عن الغير هو بنفسه شئ ال يقدر عليه العبد، وهو غير قادر على إيجادالعلقة الملكية بين المالك والمملوك، كما هو غير قادر على سلب علقة الزوجية

عن نفسه وزوجته. وهكذا ال يقدر على االلتزام بشئ والتعهد بدين وإن تعلقالدين بذمته بعد حريته فإن الضمان أيضا شئ، وهكذا نذره وعهده وسائر

ما يتعلق برقبته بعد العتق.وعلى هذا فال تشمل اآلية المباركة مثل: التكلم والمشي وتمدد األعصاب

ونحو ذلك من األمور الغير المعتد بها.ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة (٢) المعبر فيها عن الشئ بالطالق، وال

تختص أيضا بما يرجع إلى التصرف في سلطان المولى بدعوى: أن مناسبة الحكموالموضوع تقتضي أن جهة المملوكية هي الموجبة للحجر، وهذه تقتضي حجره

عما يرجع إلى المولى، ال وكالته عن الغير وضمانه عنه ونحو ذلك، لما عرفت: منأن العموم ال وجه له، واالختصاص أيضا ال دليل عليه، فإن الطالق ال خصوصية

فيه، فإذا لم يكن منه نافذا مع أنه ال يتعلق بالمولى فال ينفذ وكالته عن الغيروضمانه ونذره.

ثم إنه ال ينبغي اإلشكال في أن إذن السيد يرفع حجره، إنما الكالم في أناإلجازة الالحقة أيضا كاإلذن السابق تفيد الصحة مطلقا، سواء كان عمله راجعاإلى ملك المولى، أو راجعا إلى نفسه حال عبوديته، أو راجعا إلى ما يتعلق برقبته

بعد الحرية، أم إلى غيره، أم تفصيل بين الموارد؟ وجوه. وتوضيح الحق يتم برسمأمور:

--------------------(١) جواهر الكالم: كتاب التجارة ج ٢٥ ص ٧٠.

(٢) تقدم تخريجها في الصفحة: ٤٢٣.

(٤٢٤)

Page 426: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

األول: ال شبهة أن إذن المولى يرفع الحرمة التكليفية. وأما اإلجازة الالحقةفال تؤثر في رفع الحرمة، ألن الفعل ال يتغير عما وقع عليه. فلو قيل بأن نفس تلفظالعبد وكذلك قصد معنى اللفظ - أي: استعمال اللفظ في المعنى - محرم بال إذنفاإلجازة الالحقة ال ترفع الحرمة. إال أنك قد عرفت أن مثل ذلك ال يشمله عموم

الشئ.الثاني: أن النهي المتعلق بالمعامالت تارة يرجع إلى األسباب، وأخرى يرجع

إلى المسببات، فإذا رجع إلى األسباب فال يوجب الفساد، وإذا رجع إلى المسبباتفيوجبه، وتوضيحه موكول إلى األصول.

وإجماله: أن حرمة السبب إما لمزاحمة لواجب: كالبيع وقت النداء، أو لتعلقالنهي به بالخصوص: كحرمة تلفظ العبد بألفاظ العقود ال يالزم عدم ترتب األثرعليه، فتحقق المنشأ باأللفاظ المحرمة من جهة كونها فعال من أفعال المكلف ال

محذور فيه.وأما حرمة المسبب فمرجعها إلى سلب قدرة المكلف عن وقوعه وإخراجه

عن عموم السلطنة.ثم المراد من السبب هو قصد المعنى من اللفظ. والمراد من المسبب هو النقل

واالنتقال، أي إيجاد المنشأ وموجديته بهذا اإليجاد، أي المصدر واسم المصدراللذان فرقهما اعتباري.

فمن حيث نسبة األثر إلى الفاعل يقال: أوجده وأثر فيه. ومن حيث نسبته إلىالمنفعل يقال: موجد وأثر.

وهذه األمور كلها صادرة عن العاقد، فالعبد في مقام البيع يصدر عنه اللفظالذي اعتبر فيه الماضوية والعربية، وعدم كونه غلطا، ويقصد المعنى في مقابل كونه

هازال، ويقصد إيجاد المادة بالهيئة في مقابل استعمال اللفظ في المعنى لداع آخركاألخبار ونحوه، ويقصد اسم المصدر أيضا تبعا من حيث إنه فعل توليدي له.

واإلجازة الالحقة تؤثر في األمرين األخيرين، ال في األولين.

(٤٢٥)

Page 427: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

أما عدم تأثيرها في األولين لما عرفت من أن الفعل الخارجي سواء كانجوارحيا أو جوانحيا ال ينقلب عما وقع عليه.

وأما تأثيرها في األخيرين فألن إيجاد النقل واالنتقال ال خارجية لهما إالباعتبار من بيده إنفاذهما، وإال فمجرد قوله: (بعت) ال يؤثر في تحقق الملكية

للمشتري، فلو أنفذ من بيده األنفاذ فسواء أرجع إنفاذه إلى جهة الصدور وحيثيةإيجاد المعنى بالقول كإيجاده في المعاطاة بالفعل، أم رجع إلى المضمون واسم

المصدر لصح ما وقع، من دون استلزامه النقالب الشئ عما وقع عليه حتىيستحيل، بل ألنه لم يقع شئ في عالم االعتبار، بل كان مراعى.

وإن كان واقعا في نظر المنشئ فحيث كان مراعى بإنفاذ من بيده األمر فيؤثرإنفاذه. وسيجئ مزيد توضيح لذلك في المقام وفي باب الفضولي.

الثالث: ال يمكن استفادة شرطية كون العاقد حرا - أي شرطية كون الصيغةصادرة من الحر - من اآلية الشريفة بحيث تكون الرقية كالفارسية وغير الماضوية،لما عرفت من أن عدم القدرة قد استعمل في الوضعي والتكليفي بجامع واحد، من

دون مجاز وال عموم مجاز، فعدم القدرة بالنسبة إلى أفعاله: عبارة عن أن طرفيفعلها وتركها ليسا تحت اختياره، أي: تحرم عليه بال إذن من سيده، وهذا ال يمكن

استفادة الشرطية منه.وبعبارة أخرى: كون عبارة العبد كعبارة المجنون ال يستفاد من مثل قوله

تعالى: (ال يقدر على شئ)، وعلى هذا فال يقصر عقد العبد من حيث جهة العقديةعن عقد غيره.

غاية األمر على فرض عموم الشئ لكل شئ يكون محرما من حيث إنهفعله.

الرابع: أن العقد الواقع من العبد تارة يتعلق بما في يده من مال المولى، أو مالنفسه الراجع إلى ملك المولى طوال، أو يتعلق بنفسه التي هي ملك المولى كإجارة

نفسه وتزويجه. وأخرى يتعلق برقبته بعد العتق. وثالثة يتعلق باألمور

(٤٢٦)

Page 428: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

الراجعة إلى الغير كوكالته عن الغير.وكل واحدة من هذه األصناف الثالثة كما يصح باإلذن السابق فكذلك يصحح

باإلجازة الالحقة.غاية األمر أن كلما كان تصرف العبد راجعا إلى ملك المولى فإجازة المولى

ترجع إلى مضمون العقد، وهو معنى االسم المصدري.وما كان تصرفه راجعا إلى ملك الغير أو إلى ذمة نفسه يتبعه بعد العتق فإجازته

ترجع إلى جهة المصدر، وكل منهما قابل لإلجازة، ألن إيجاده المعنى حيث إنه اليقدر عليه موقوف على اإلذن، وحيث إن اإلجازة كاإلذن فيما لم يكن من

األفعال الخارجية فاإلجازة تصحح إيجاده.وبعبارة أخرى: سيجئ في باب الفضولي أنه كما يكون إجازة المالك

بمقتضى القاعدة مصححة لعقد الفضولي فكذلك إجازة المرتهن عقد الراهن،وإجازة العمة أو الخالة العقد الواقع على بنت األخ أو األخت، وإجازة الغرماءللمفلس، وإجازة الديان للورثة، ونحو ذلك من األمور المتوقفة على إذن الغير.

والمناط في الجميع أن كل ما كان العقد واقفا وغير ماض إال بإذن اآلخر فإجازتهبمنزلة إذنه، فعلى هذا يصح تعلق إجازة المولى بالعقد الواقع من العبد وكالة عنالغير، فإن مضمون العقد وإن لم يرجع إلى المولى إال أن إيجاد العبد العلقة بين

الشيئين من األشياء التي ال يقدر عليها العبد، وهذا يكون واقفا وغير ماض،فاإلجازة ترفع وقوفه وتجعله ماضيا.

إذا عرفت ذلك ظهر أن ما ال يقبل اإلجازة - وهو السبب - ال يتوقف علىاإلجازة، لعدم الدليل على حرمته أوال، وعدم الدليل على فساده ثانيا.

وما يقبل اإلجازة كالمسبب فالمفروض تحققها من غير فرق بين تعلقها باسمالمصدر أو بالمصدر، فإن الفرق بينهما اعتباري. فلو فرض أن إيجاد العبد منحيث كونه إيجادا موقوف على إذن المولى، وباإلذن يصح، فيصح باإلجازة

الالحقة أيضا.

(٤٢٧)

Page 429: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وما أفاده قدس سره في وجه عدم الصحة باإلجازة الالحقة من أن المنع راجع إلىنفس اإلنشاء الصادر، وما صدر على وجه ال يتغير منه بعده (١). غير وارد أصال،

ألنه لو كان المراد من اإلنشاء في كالمه هو تلفظ العبد وقصده المعنى لكانإشكاله واردا، ولكن حيث إنه ليس المراد من اإلنشاء في كالمه ذلك، ألنه يصرحفي رد صاحب الجواهر بأن هذه التصرفات ال دليل على حرمتها، ثم ال دليل علىفساد العقد بها، بل هو إيجاد العبد من حيث المسبب، أي المصدر، فإذا كان هوالمراد من اإلنشاء فقوله: وما صدر على وجه ال يتغير منه بعده غير صحيح، ألنهلم يقع اإلنشاء في عالم االعتبار، ولم يتحقق ما أوجده، بل هو مراعى وموقوف

على اإلجازة. فكما أن اإلجازة تصحح المضمون إذا كان راجعا إلى المولى فكذلكتصحح هذا اإليجاد الصادر من العبد، لكون إنشاء هذا المضمون قائما بعبده.

ثم إنه قدس سره (٢) رفع اإلشكال بوجوه ثالثة:األول: التمسك بعموم أدلة الوفاء بالعقود، خرج منها عقد العبد بال إذن رأسا،

ال سابقا وال الحقا، وبقي الباقي، ألن المخصص إذا كان مجمال مفهوما بأن كانمرددا بين األقل واألكثر يؤخذ بالقدر المتيقن منه إذا كان منفصال، والمتيقن منه

عقده بال إذن وال إجازة، ال العقد الملحوق باإلجازة.الثاني: الصحيحة المتقدمة (٣) الدالة على صحة النكاح والطالق باإلذن،

وحيث قام الدليل على أن النكاح يصح باإلجازة الالحقة أيضا فيصح جميعالعقود باإلجازة، لعدم الفرق بينها.

ثم تفطن إلشكال وارد على التعميم، وهو: أن الزمه صحة الطالق باإلجازةأيضا وال يلتزمون بها.

ودفعه: بأنه خرج الطالق بالدليل الخارجي، وإال لقلنا بصحته بها من جهة--------------------

(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٣ س ١٤.(٢) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٣ س ١٧ وما بعده.

(٣) تقدمت في الصفحة: ٤٢٢ - ٤٢٣.

(٤٢٨)

Page 430: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

التعميم، وال يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، ألن الكالم مسوق لنفي استقاللالعبد في الطالق، ال لصحته مطلقا حتى باإلجازة.

الثالث: األخبار الدالة على أن إجازة المولى موجبة لصحة نكاح العبد مطلقا،سواء أكان هو المباشر للصيغة أم غيره من جهة ترك االستفصال، فإذا صح نكاحه

لنفسه مطلقا فيصح كل تصرف منه مطلقا ولو كان وكالة عن الغير، وهذا لوجهين:أحدهما: أن إجازة المولى إذا كانت موجبة لصحة عقد العبد الصادر منه

مباشرة من جهة المضمون - أي من جهة رجوعها إلى متعلق حق المولى، وهوتصرف العبد في سلطان المولى - فال محالة موجبة لجهة اإلصدار أيضا، ألنه

ال يمكن أن يصح اسم المصدر، وال يصح اإلنشاء، أي جهة اإلصدار، فإذا صحالمصدر باإلجازة في نكاح العبد لنفسه يصح مطلقا بها ولو كان راجعا إلى غير

المولى، كما لو كان وكيال عن الزوجة في هذا العقد، أو كان وكيال عن غيرها فيغير هذا العقد. وهذا الوجه موقوف على استفادة التعميم من ترك االستفصال من

جهتين:من جهة عمومها لصدور النكاح لنفسه مباشرة وتوكيال.

ومن جهة عمومها لصدور العقد منه لغيره، وهذا ال يخلو عن اإلشكال كماسنشير إليه.

وثانيهما: أن تعليل الصحة بأنه لم يعص الله في قوة أن يقال: كلما لم يكنالعبد إال عاصيا لسيده فبإجازة السيد يرتفع وقوف تصرفه فمعيار الصحة في

معاملة العبد بعد عدم كونها مخالفة لله سبحانه هو إذن السيد أو إجازته.وهذا الوجه أيضا كما يمكن أن يكون مدركا لحكم ما يتعلق مضمونه بالمولى

كذلك يمكن أن يكون مدركا لحكم ما ال يتعلق مضمونه بالمولى، ألن المدار فيصحة عقد العبد على رضا المولى، ولو لم يكن مضمونه راجعا إلى المولى، بل كان

جهة معصيته لمواله ايجاده ما لم يأذن فيه، وهذا أيضا ال يخلو عن مناقشة، ألناألخبار الواردة في نكاح العبد راجعة إلى المعصية الفعلية الراجعة إلى التصرف

(٤٢٩)

Page 431: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

في سلطان المولى، ألن نكاح العبد وطالقه لنفسه كإجازة نفسه بال إذن من المولى،فهو تصرف في نفسه التي هي ملك للمولى. وأين هذا من استفادة حكم المخالفة

الغير الراجعة إلى سلطان الولي من حيث اإلصدار وإيجاد المادة بالهيئة؟وعلى أي حال، فالوجوه األخر واضحة الفساد.

أما التمسك بالعموم فهو فرع إجمال المخصص، وهو مبين، فإن دليل اعتباراإلذن ظاهر في اإلذن السابق، واإلجازة غير اإلذن.

وأما الدليل الثاني ففيه أوال: أن صحة النكاح باإلجازة الالحقة ال تكشف عنأعمية اإلذن مفهوما، بل غاية األمر أن الدليل الدال على صحة النكاح باإلجازة

حاكم على الدليل الدال على اعتبار اإلذن، ويوسع دائرة الموضوع تعبدا.وثانيا: يصح دعوى عكس ما استظهره قدس سره من الصحيحة، بأن يقال: لما كانت

الصحيحة مشتملة على الطالق الذي ال يصح بلحوق اإلجازة نستكشف أن المرادمن اإلذن فيها خصوص اإلذن السابق وصحة النكاح باإلجازة فإنما هي لدليل

خارج، وال يلزم تأخير البيان، ألن الكالم المذكور مسوق لبيان نفي استقالل العبدفي النكاح والطالق بحيث ال يحتاج إلى رضا المولى.

وال يخفى أن العكس أولى مما استظهره قدس سره، فإنه لو كانت الصحيحة بصددبيان صحة النكاح والطالق باألعم من اإلذن واإلجازة للزم تأخير البيان عن

وقت الحاجة.وقوله قدس سره: إن الصحيحة مسوقة لبيان نفي استقالل العبد بالطالق. (١) ال يدفع

المحذور فإنه لو كانت الصحيحة مسوقة لهذا لكانت مسوقة بالنسبة إلى النكاحأيضا لبيان نفي استقالل العبد به، ال لصحته باألعم من اإلذن واإلجازة، فمن أين

تستفاد الصحة باإلجازة من الصحيحة؟ وال خصوصية في الطالق حتى يقال: إنهابالنسبة إليه ناظرة إلى نفي االستقالل دون النكاح، فتدبر جيدا.

--------------------(١) المكاسب: كتاب البيع ص ١٢٣ س ١٩.

(٤٣٠)

Page 432: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

وأما الدليل الثالث: فقد أوضحنا ما في التقريب الثاني منه الذي أمر بأن يفهمويغتنم، جزاه الله تعالى عن العلماء خير الجزاء.

وأما التقريب األول ففيه: أن ترك االستفصال وإن كان مفيدا للتعميم في بابالنكاح ونحوه إال أنه للتعدي إلى غير مورده ال يفيد، ألنه لو فرض بأنه عليه السالم

صرحوكالة العبد لغيره أو إجرائه الصيغة وإيجاده العلقة فضوال، ألن صحة نكاحه لنفسه

وإن استلزم تصحيح جهة إصداره أيضا حيث إن اإلجازة ترجع إلى ما يتعلقمضمونه بالمولى فصحة جهة إصداره إنما لوحظ معنى حرفيا، وإذا دل الدليل علىصحة النتيجة باإلجازة فيدل على صحة جهة اإلصدار، ألنها من مقدمات حصولالنتيجة إال أن هذا الدليل ال يمكن أن يدل على صحة جهة اإلصدار إذا لوحظتمعنى إسميا، وعقد العبد لغيره فضوال أو وكالة جهة توقفه على إجازة المولى هو

جهة إصداره، وإال فمضمونه غير راجع إلى المولى، ولم يدل دليل على أن اإلجازةأيضا كاإلذن في جهة اإلصدار كما ال يخفى.

إال أن يقال: إن األخبار الدالة على صحة نكاح العبد إذا أجازه المولى الواردةفي رد حكم ابن عيينة وإبراهيم النخعي ظاهرة في إعطاء قاعدة كلية، وهي أن

كلما رجع جهة الصحة إلى إذن السيد فإجازته كإذنه.وكيف كان فمما ذكرنا من أن المراد من الشئ في اآلية المباركة هو الشئ

المعتد به، وأن إيجاد العبد العلقة المالكية ونحوها شئ ال يقدر عليه العبد إال بإذنسيده. يظهر أن الوكالة من الغير أو إيقاع العبد العقد للغير فضوال أيضا محتاج إلى

إذن السيد.فما أفاده صاحب الجواهر قدس سره (١) من صحة عقد العبد للغير وإن لم يسبقه إذن

ولم يلحقه إجازة استدالال بهذه األخبار الدالة على أن معصية السيد ال يقدح--------------------

(١) جواهر الكالم: ج ٢٢ ص ٢٧١.

(٤٣١)

Page 433: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

بصحة العقد وإنما تدل على التوقف على اإلجازة فيما يرجع مضمونه إلى السيددون ما ال يرجع إليه، غاية األمر: أنه عصى السيد في التصرف في لسانه، والنهي

إذا كان راجعا إلى المعاملة من حيث السبب ال يدل على الفساد.ففيه: أنه كما يتوقف المضمون على اإلذن أو اإلجازة إذا رجع إلى المولى

فكذلك يتوقف المعنى المصدري على اإلذن أو اإلجازة ولو لم يرجع مضمونه إلىالمولى، ألنه شئ ال يقدر عليه العبد. فوجه بطالن عقد العبد لغيره إذا لم يكن

مأذونا وال مجازا هو هذا، ال لكونه تصرفا في لسانه الذي هو ملك السيد، فإنه الدليل على حرمته أوال، وحرمته ال يوجب الفساد ثانيا، فال يكون حرمته منشأ

االلتزام المشهور بفساد عقد العبد للغير بال إذن وال إجازة. مع أنه لو كان هذهاألخبار دالة على أن معصية السيد في تحريك اللسان ال يوجب الفساد لكان

مقتضى التعليل فساد البيع لو عصى الله سبحانه كما في البيع وقت النداء، مع أنه لميقل به أحد، فهذه األخبار ناظرة إلى إعطاء قاعدة كلية، وهي أنه كلما رجع أمر

العبد إلى المولى من جهة من الجهات فهو موقوف إما على اإلذن أو اإلجازة.قوله قدس سره: (فرع: لو أمر العبد آمر أن يشتري نفسه من مواله فباعه مواله

صح... إلى آخره).ال وجه لإلشكال (١) في صحة اشتراء العبد نفسه من مواله بوكالته من

المشتري، ألن اإلشكال بأن الموجب والقابل متحد - وهو المولى فإن لسان العبدلسان المولى - واضح االندفاع، ألن االتحاد تنزيال غير االتحاد خارجا، ويكفي

التغاير الخارجي في اعتبار التغاير بين الموجب والقابل، كما أنه يكفي االتحادخارجا مع التغاير اعتبارا.

كما أن اإلشكال بتوقف وكالته على إذن المولى - وهو حين إيجاب المولىغير مأذون منه، وإنما يصير وكيال بعد اإليجاب فيجب إعادة اإليجاب ثانيا - غير

وارد، لعدم الدليل على اعتبار اإلذن حين اإليجاب، فإن الشروط المعتبرة في--------------------

(١) حكى هذا االشكال عن القاضي ابن البراج في الجواهر: ج ٢٢ ص ٢٧١.

(٤٣٢)

Page 434: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book419.pdf · 2011-11-03 · ﻞﺣ ﻲﻓ ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ) ﺏ ﻩﺎﻳﺇ

العقد على أنحاء:منها: ما يعتبر في مجموع العقد.

ومنها: ما يعتبر حين صدور اإلنشاء ممن بيده صدوره، فيكفي للصحة وكالةالعبد حين إنشائه القبول للمشتري اآلمر له.

كما أنه لو لم يكن القابل مأذونا حين اإليجاب وصار مأذونا بعده قبل القبوللكفى لصحته.

هذا، مضافا إلى أن اعتبار اإلذن حين اإليجاب يوجب مدخلية إجازة المولىبعد القبول، ال بطالن العقد.

وبعبارة أخرى: إنشاء العبد يحتاج إلى إذن مواله أو إجازته، وإلى إذنالمشتري أو جازته، فلو لم يتحقق اإلذن من أحدهما أو كليهما كفت اإلجازة

الالحقة، وليست عبارة العبد كعبارة الصبي والمجنون. هذا لو وكله المشتري فياالشتراء من نفس المولى.

وأما لو وكله في االشتراء من وكيل المولى فلو كان وكيله وكيال في خصوصبيع العبد ال في بيعه وإذنه للعبد في وكالته عن الغير فال شبهة في احتياج االشتراء

إلى اإلجازة من المولى في وكالته. وأما لو كان وكيال حتى في التوكيل أيضافإيجاب الوكيل بمنزلة إيجاب المولى، فيعود النزاع المتقدم. فظهر أن الحق هو

التفصيل بين الموردين.ولعل وجه نظر المحقق والشهيد الثانيين (١) إلى الصورة األولى.

إلى هنا انتهى الجزء األول من كتاب (منية الطالب) حسب تجزئتنا، ويليه- إن شاء الله - الجزء الثاني وأوله: (بيع الفضولي)

--------------------(١) المحقق الثاني في جامع المقاصد: ج ٤ ص ٦٨، الشهيد الثاني في مسالك األفهام: كتاب

التجارة ج ١ ص ١٧١ السطر األخير.

(٤٣٣)