عبدالباقي عبدالكبري

صىل اهللا عليه وسلم من أهم ما يصبو حممد إن التشكيك يف الوحي والرسالة التي جاء هبا النبي ال يمكن باملصدر الساموي للرسالة فموا هنم إن اعتقدوا وسل وذلك أل، يف كل عرصإليه أعداء اإلسالم

ليس بروح متحررة ،وغالبية املسترشقني يدرسون اإلسالم فهم املعادي لإلسالم بعد ذلك،تربير موق ،اإلسالمي البيئة املعادية لإلسالم وقناعاهتم السابقة حول الدين ن متأثري بل ب،بعيدة عن القناعات املسبقة

الروايات بحث عن وت، البحث العلمييففقد موضوعيتها أغلب الدراسات االسترشاقية ت جيعل مافرتق ي التي تدعم من قريب أو من بعيد ادعاءاهتم، وبذلك ـضعفها وأدون النظر إىل صحتها ـ التارخيية

املناهج املوجهة خلدمة القناعات والتوجهات عناملنهج اإلسالمي النزيه يف الوصول إىل احلقائق وقبوهلا .لتعصباهتمغطاء مميعا ، وااملسبقة وجعل ميدان البحث العلمي مطية هل

بالقرآنناقش شبهتني يوردمها املسترشقون حول أهم القضايا املتعلقة أويف هذا البحث سوف ن الرسالة التي جاء هبا النبي صىل اهللا عليه وسلماإلهلي عصدر امل وذلك يف مساعيهم ألجل نفي ،الكريمسأعالج يف هذه ، فلكريم ا مجع الكتابلقرآن خالل عمليات ا قد مسالتحريف والتبديلأن وزعمهم

:الدراسة القصرية هذين اجلانبني من التوراة ه إن النبي صىل اهللا عليه وسلم قد اقتبسشبهة حول مصدرية القرآن وقوهلم -١

.واإلنجيل وأشعار العرب .)١(ض للتحريف واإلضافة والتبديل إنه تعرقوهلم حول ثبوت القرآن وشبهة -٢

املسترشقني الذين يزعمون أن القرآن ليس بتأليف حممد صىل اهللا عليه وسلم وهذا االجتاه بدأ بني اجليل اجلديد من -١

ومن . فحسب، بل إنه اختذ شكله احلايل تدرجييا عرب تطورات وتعديالت متت يف القرنني األول والثاين من اهلجرة .(Andrew Rippin)ريبني ، وأندرو (J.A. Bellamy)بيالمي . أ.، وج(J. Wansbourough)وانسربة . اد هذه الشبهة جرو

© Dr Muhammad Hamidullah Library, IIU, Islamabad. http://iri.iiu.edu.pk/

١١٤

:قرآنحول مصدرية الالشبهة :أوال ،أنه ليس من عند اهللايدعون يف مصدر القرآن الكريم، وبعض الباحثني الغربيني يشكك

ويعتربونه من كالم حممد صىل اهللا عليه وسلم اقتبسه من مصادر أخرى، ويذكرون له مصادر من أشعار تأخذ شكال هنا قد بل ،متفقة تفصيليا بني هؤالء الباحثني ليست ةالعرب والتوراة واإلنجيل، وهذه الشبه

.)٢( من عند اهللاكون القرآن وحياطار إثارة الشكوك حول يف إ فيام بينهم، ولكنهم متفقونوآخر هناك الدين يف عهد النبيخصومد عىل هذه الشبهة التي قد أثارها قد توىل القرآن الكريم الرو

* + ( )! " # $ % & '] : قال تعاىل ،اهللا عليه وسلم صىل

1 0 / . - ,Z)8 9 : ; > = < ? ]: تعاىلوقال ،)٣

C B A @D P O N M L K J I H G F E

[ Z Y X W V U T S R Q\ ` _ ^ ] Z)وقال، )٤ ريم ، والقرآن الك)٥(Z Y X W V U T^a _ Z ] \ []: تعاىلن كان مل مفحم وسابقة حياته وسطهم، وهذا رديته صىل اهللا عليه وسلم الشبهة عىل أملابطإز هنا يف رك

Michael)، ومايكـل كـوك (Patricia Crone)وقد قام ببسط ادعاءاهتم وتروجيها آخرون أمثال باتريشيا كرون =

Cook) وكينيث كراج ،(Kenneth Cragg) وتويب ليسرت ،(Toby Lester) .مزاعم الدكتور حممد مهر عيل، : انظر :ور عىل موقع املفكرة الدعوية عىل الرابط وهو منشاملسترشقني حول القرآن الكريم

www.dawahmemo.com/download.php?id=١١٦٣ ، ووليم ميوير (Aloy Spernger)اد هؤالء املسترشقني منذ منتصف القرن التاسع عرش امليالدي ألوي سربنجر ورو -٢

(William Muir) وثيودور نولدكة (Theodore Noldeke) واجناز جولدتسيهر ،(Ignaz Goldziher) ودبليو ، David Samuel)، ودافيد سامويل مرجليوث (Leon Caetani) ، وليون كايتاين (W. Wellhausen)فلهاوسن

Margoliouth) .ين امليالدي، ويف وقد قام بتطوير آرائهم وتضخيم استنتاجاهتم آخرون تبعوهم يف القرن العرش. (William Montgomery Watt) وتلميذه وليم مونتغمري وات (Ritchard Bell)مقدمتهم ريتشارد بيل

يسعون بشتى األساليب إىل االستنتاج أن القرآن الكريم ليس من عند اهللا بل نيرشقتماكدونالد ومجيع هؤالء املسوالدكتور حممد : انظر. الكتب الساموية السابقة وأشعار العربهو من تأليف حممد صىل اهللا عليه وسلم اقتبسه من

: وهو منشور عىل موقع املفكرة الدعوية عىل الرابطمزاعم املسترشقني حول القرآن الكريممهر عيل، www.dawahmemo.com/download.php?id=١١٦٣

.١٠٣: ة النحل، اآليةسور -٣ .٦-٤: سورة الفرقان، اآليات -٤ .٤٨: سورة العنكبوت، اآلية -٥

١١٥

يعيش ويعرف النبي صىل اهللا عليه وسلم الذي كان الصدق معروفا عنه طوال حياته، والذي مل يكن قد .)٦(ى له االقتباس من الكتب السابقةجلس ألحد للتعلم، حتى يتسن

:ناقشة هذه الشبهة تستند إىل عدة حقائقإن موالكتب الساموية السابقة يستحيل معه صدق دعوى الكريم جوهرية بني القرآن توجد فروق -١

يف ن أن نجمل هذه الفروقاالقتباس أو القول بأن القرآن هو صياغة جديدة للتوراة واإلنجيل، ويمكألمم السابقة اقصص بني ق الترشيعية، واملقارنة ورالف ووصف األنبياء واملرسلني، وجمال عقيدة التوحيد،

يف كل من القرآن والكتب الساموية السابقة، وإيراد األدلة ورشح احلقائق التي ال ترتك جماال للشك يف أن :وجل هذه الرسالة من عند اهللا عز

، ورهتام احلالية بصإن واقع القرآن اإليامين خيتلف متاما عن أصول اإليامن يف التوراة واإلنجيل *وهي عقيدة واضحة رصحية متناسقة القرآين حيث إن عقيدة التوحيد هي الركيزة األوىل يف رصح اإليامن

وجل يف القرآن الكريم موصوف بكل صفات الكامل ، وإن اهللا عز)٧(مع احلقائق العلمية واملبادئ العقلية اجلديدالعهد أو ما يسمى بالعهد القديم وه عن كل صفات النقص والعيب، وأما التوراة واإلنجيلومنز

إن اهللا ثالث : وقالوا،فإهنام بعيدان كل البعد عن عقيدة التوحيد، فعقيدة التثليث عقيدة مناقضة للتوحيد ونسبوا هللا الصاحبة والولد، كام أن عقيدة التثليث غامضة غري مفهومة ال يقبلها العقل وهي غري ،ثالثة

عزير ابن اهللا، كام أن : وقد حكى اهللا عن اليهود من عبادة العجل وقوهلم.واضحة للقساوسة أنفسهم إن اليهود يعتقدون اإلله ؛ إذ يف الدين اإلسالمي بهعتقاداالوجل خيتلف متاما عن اهللا عزيف اعتقاد اليهود

يد وقد طغى تصور التجس. ويتعاملون معه عىل أساس هذه اخلصوصية اإلرسائيلية،اخلاص ألنفسهم

تنزيه القرآن عن املطاعن والقايض عبداجلبار يف كتابه تأويل مشكل القرآناهللا بن قتيبة يف كتابه حممد بن عبدوقد رد -٦، املكتبة الثقافية والنصارى رى يف أجوبة اليهودهداية احلياعىل هذه الشبهات، وحممد بن أيب بكر بن قيم اجلوزية،

عرض :افرتاءات املسترشقني عىل اإلسالمم، وعبد العظيم إبراهيم حممد املطعني، ١٩٩٤/هـ١٤١٤بريوت، وما بعده، كام تصدى مجع من العلامء الكرام لشبه أعداء اإلسالم ١٣ م، ص١٩٩٢ مكتبة وهبة، القاهرة، ،ونقد

لس األعىل للشؤون اإلسالمية بوزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بجمهورية مرص عموما حتت إرشاف املج والكتاب حقائق اإلسالم يف مواجهة املشككنيكل شبهة يف كتاب شبهة مع الرد الوايف عىل١٤٧العربية وأوردوا

. صفحة٦٧٠م يف ٢٠٠٢طبعته وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بالقاهرة، عام : ا وأستاذا لالهوت ثم أسلم فقالالذي كان قس) دافيد بنجامني كلداين( دولك شهادة بروفيرس عبداألحد داانظر يف ذ -٧

اليهود د، و، عبداألحد دا"إن العقيدة اإلسالمية هي العقيدة الصحيحة متاما خاصة فيام يتعلق بالذات اإلهلية" .٣٠م، ص ١٩٩٧هـ، ١٤١٨ة، ، مكتبة العبيكان، الرياض، اململكة العربية السعوديوالنصارى

١١٦

ويتبني من ذلك أن التأسيس الكهنويت .النزول املادي لإلله، واعتقدوا إللهوالتجسيم عىل عقيدهتم يف ا وألن فكرة ختصيص اإلله طبيعية بالنسبة ،اليهودي مل يكن تأسيسا توحيديا وإنام جاء تأسيسا وثنيا

السابقة، حيث إن من، فكيف يمكن أن يكون القرآن اقتباسا من الكتب )٨(للشعوب والفئات الوثنيةمعنى االقتباس أن يدور املقتب س يف فلك أفكار ومبادئ املقتبس منه، ولكن القرآن الكريم يسفه معتقداهتم

.وينقضها ويقدم بديال صحيحا واضحا حيارب العنرصية والتفاضل ، إال بالتقوى عىل أحد ألحدفضل فيه دين عاملي إنساين الاإلسالم *

N M L K J I H G F E ]: قال اهللا عز وجل، و اجلنسعىل أساس اللون أ

OPU T S R Q VZ Y X W Z)ولكن اليهودية تؤمن بنظرية األنانية اجلامعية يف ،)٩ تفسري اخلري، النظرية التي تسببت يف شقاوة العامل القديم واملعارص، إذ جتعل هذه النظرية للشعب حق

ت العامل، وحيق له أن يستغل اآلخرين ملاالستئثار بخريا إن اليهود :، وهذه النظرية اليهودية تقولصلحته إن الواجب مراعاة احلقوق داخل املجتمع اليهودي أما خارجه : وذلك عندما قالوا؛هم شعب اهللا املختار

t s r q p o n m l v u] : وقد حكى القرآن الكريم عنهم،فال التزام هبا

¢ ¡ � ~ } | { z y x w£ ¬ « ª © ¨ § ¦ ¥ ¤ ® ² ± ° Z)في هذه اآلية الكريمة يشنع اهللا عز وجل عىل اليهود تقوهلم عليه ف ،)١٠

اد اليهود بإعطاء األنانية اجلامعية صبغة دينية، وببيان أهنم غري مكلفني بمراعاة حقوق غري اليهود، وباعتقأهنم شعب اهللا املختار انتقل من الصفوة إىل الصفوة، ولذلك ال يرىض اليهود أن يدخل اليهودية أي من الناس، وبلغ اعتقادهم بسمو عنرصهم أهنم يرتفعون عن األجناس البرشية األخرى، ومن أجل ذلك

وحرصوا هذا الرشف يف ،ىل إبراهيم وأنفوا من اشرتاك غريهم يف االنتساب إ،يسعوا إىل التبشري بدينهم ملالبوذية التي ليس هلا أساس نسل يعقوب وحده، وهبذا السبب فإن اليهودية ترتاجع عدديا حتى أمام

وهي رفع ،ألجل غاية واحدة وحسب النص التورايت يظهر نضال النبي موسى عليه السالم.سامويحسب نصوص العهد ـليس هناك إشارة و. والسامح هلم باخلروج من مرص،الظلم عن بني إرسائيل

م، ٢٠٠٠ ،؟ دار قتيبة للطباعة والنرش والتوزيع، بريوتالقرآن والتوراة أين يتفقان وأين يفرتقانحسن الباش، -٨

٢/١٠١. .١٣: سورة احلجرات، اآلية -٩

.٧٥: سورة آل عمران، اآلية -١٠

١١٧

تباع عقيدة التوحيد ونرشها أو قبول أي فرد من شعوب لدعوة أو طلب نبوي من موسى با ـالقديماملنطقة يف هذه العقيدة أو إطارها، فهم ال يريدون نرش هذه العقيدة ألهنا عقيدة بني إرسائيل وحدهم، فهم

ويريدون إبادة كل من جيدونه يف ،رجت خشنة من سيناءحيرصوهنا يف هذه املجموعة البرشية التي خ من ثقافة طبيعيا لشعب خاص وجزءاأصبحت تعبرياالتي دون أن يأخذوا بنرش دعوهتم ،األرض أمامهم

والذي يقرأ األسفار كلها ال جيد فيها ما يدل عىل أن موسى أو بني إرسائيل . )١١(تقبل الغرباء اجتامعية ال وكل ما يف األسفار منصب عىل كون الديانة اليهودية ديانتهم ،وة غريهم إىل ديانتهمكانوا مأمورين بدع

وكون الرب رهبم اخلاص، فأسفار التوراة تفصح عن هذه العنرصية التي تتميز هبا العقيدة ،اخلاصة وهي ومنذ والدة الصهيونية يف القرن التاسع عرش،اليهودية، وهذا أدى إىل دمج الفكرة القومية بالدين

تعمل جاهدة عىل تكوين شخصية اليهود القومية، وهذه الشخصية املختارة كان البد هلا من أرض تأخذ حددها الرب يف وعود متكررة ألنبياء بني إرسائيل، ومن هنا كانت واألرض املختارة أيضا،هبا أبعادها

دي بني دينه وقوميته وال معنى اليهودية قومية كام كانت القومية اليهودية دينية، فال فرق عند اليهو ؟ دعوى االقتباس فهل يصدق مع هذه الفوارق)١٢(ألحدمها دون اآلخر

! " # ] : وال غموض، قال تعاىلفيها واضحة يف اإلسالم الشك املوت عقيدة البعث بعد *

- , + * ) ( ' & % $Z)0 1 2 3 4 5 6 ]: وقال تعاىل، )١٣ /

7: 9 8 Z)وقال تعاىل، )١٤ :[¤ £ ¢ ¡ � ~¥® ¬ « ª © ¨ § ¦ ¯ ± ° ³ ²Z)تقول عىل لسان النبي داودتؤكد عىل املوت فإهنا ، حيث العهد القديم ولكنها غامضة يف ،)١٥

لمون أهنم ء يعلكل األحياء يوجد رجاء فإن الكلب خري من األسد احلي ألن األحيا": عليه السالم وليس هلم أجر بعد ألن ذكرهم قد نيس وحمبتهم وبغضهم وحسدهم فال يعلمون شيئاسيموتون أما املوتى

إذا دققنا يف هذا النص . )١٦("نصيب هلم إىل األبد يف كل ما عمل حتت الشمس هلكت منذ زمان وال

.٢/٦٨ ،القرآن والتوراة أين يتفقان وأين يفرتقان؟حسن الباش، -١١ .٧٠/ ٢حسن الباش، املرجع السابق، -١٢ .٦: سورة احلج، اآلية -١٣ .٧: سورة احلج، اآلية -١٤ .٧: سورة التغابن، اآلية -١٥ .٢/٢٤١؟ القرآن والتوراة أين يتفقان وأين يفرتقانحسن الباش، -١٦

١١٨

: هذا النص بعث بعده، وانظر الالتورايت فإنه غامض جتاه البعث بعد املوت بل أقرب إىل أن املوت فناء وهذا يموت يف عني كامله وكله مطمئن ساكن وأحواض مملوءة لبنا ومخ عظامه طري وذلك يموت بنفس "

)٢٦-٢٢-٢١سفر أيوب . (" يف الرتاب والدود يغشامها كالمها يضطجعان معامرة ومل يذق خريايامن هبم وبام أنزل عليهم، وأهنم إن القرآن يضع الرسل كلهم عىل قدم املساواة يف وجوب اإل *

! " # $ ] :، قال تعاىل وأن التوحيد هو دين األنبياء والرسل مجيعا،عباد مصطفون أخيار/ . - , + * ) ( ' & %Z)تعاىلوقال، )١٧ :[ I H G F E D

N M L K JOX W V U T S R Q P Y [ Z `_^ ] \a Z)ن أ، وأن دعوهتم مجيعا كانت إلفراد اهللا بالعبادة، و)١٨

يؤمنون إال ، بينام اليهود والنصارى ال)١٩(ختتلف باختالف الزمانالف بينهم هو يف الرشائع التي االخت نبي اهللا إن: قوهلم)٢٠(برسلهم ويصفوهنم باقرتاف اآلثام والزنى وينسبون إليهم أعامال قبيحة، فمن ذلك

من صنع ذلك هو السامري، والقرآن يقص علينا أن،)٢١(نع عجال، وعبده مع بني إرسائيلهارون ص D C B A @ ? > = < ;E F]: قال تعاىل، هارون أنكر ذلك أعظم اإلنكاروأن

K J I H GZ)إبراهيم خليل الرمحن قدم امرأته سارة إىل فرعون إن: قوهلمو، )٢٢ إبراهيم عند دخوله ، وقد قص الرسول صىل اهللا عليه وسلم هذه القصة عن )٢٣(سببهاحتى ينال اخلري ب ملك مرص كان طاغية، وكان إذا وجد امرأة مجيلة ذات زوج قتل زوجها وحازها لنفسه، مرص، وفيها أن

اهللا أنرب الرسول صىل اهللا عليه وسلم هي أخته، يعني أخته يف اإلسالم، وأخ: فلام سئل إبراهيم عنها قال

.٢٥: سورة األنبياء، اآلية -١٧ .٣٦: سورة النحل، اآلية -١٨، دار طيبة للنرش والتوزيع، التوضيحات الكاشفات عىل كشف الشبهاتبدان، اهللا بن صالح اهل بن عبد حممد -١٩

، نقله إىل العربية مروان االسترشاق والقرآن العظيم، وحممد خليفة، ٥٣م، ص ٢٠٠١/هـ١٤٢٢ ،الرياض .٤٣ ص ،م١٩٩٤، عبدالصبور شاهني، دار االعتصام، القاهرة

بريوت، ،، املكتبة الثقافيةارى يف أجوبة اليهود والنصارىهداية احليحممد بن أيب بكر بن قيم اجلوزية، -٢٠ .٢١٩م، ص ١٩٩٤/هـ١٤١٤

.٣٢/١ ، اإلصحاح،سفر اخلروج -٢١ .٩٠: سورة طه، اآلية -٢٢ .١٢/١٤ ، اإلصحاح،سفر التكوين -٢٣

١١٩

ها بأذى، وأخدمها جارية، هي هاجر أم العرب حفظ سارة عندما ذهبت إىل الطاغية، فلم يمس لوطا عليه السالم رشب مخرا حتى سكر، ثم قام عىل ابنتيه فزنا هبام إن: ومن ذلك قوهلم.)٢٤(املستعربة

، وهو قىض عمره هبذا اخللق، ومعاذ اهللا أن يكون هذا النبي الكريم عىل اهللا )٢٥(الواحدة بعد األخرىمن نسل عليه السالم عيسى أن من العهد اجلديدإنجيل متى وورد يف .يدعو إىل الفضيلة وحيارب الرذيلة

، وقالوا يف )٢٦(ا من هيوذا بن يعقوب وأن جدهم فارض هو من نسل الزن عليهام السالمسليامن بن داود: بها وصفه القرآن، فأين هذا مم)٢٧(ع من الناس يسوع أهان أمه يف وسط مجن إ:عيسى عليه السالم

[s r q p o nZ)فهل مع كل ذلك يستقيم القول بأن القرآن صياغة جديدة )٢٨ ، .)٢٩( من السابقنيمن املعلومات التي تلقاها صاغه النبي صىل اهللا عليه وسلم،للتوراة واإلنجيل

،بينهابينه وة السابقة، فإن البعد شاسع وأما الفوارق الترشيعية بني القرآن والكتب الساموي * ألهنا عبارة عن ناجيل كادت أن ختلو من الترشيعات، االقتباس يف ذلك، فإن األىويستحيل صدق دعو

لة له بالترشيع ال ص أيضا والترشيع التورايت.تصوير حياة املسيح عليه السالم من خالل وجهة نظر كاتبيها التعامل بني اليهود أنفسهم، أما أخذ اليهود الربا من غريهم فحالل، والقرآن الربا حرام يف:القرآين، فمثال

الكريم حيرم الربا يف مجيع صوره، ويف الترشيع اليهودي حول املرياث فإن البنت ليس هلا مرياث من أبيها ا اجاهتيوالذي يرث هو االبن، وقد جعل اإلسالم للمرأة مرياثا يف كل األحوال وما يتطابق مع احت

، والترشيع اليهودي فيه تفاضل بني الناس عىل أساس العرق )٣٠(ورضوراهتا ومسؤولياهتا االجتامعية، وغري اليهود ليسوا )اليهود شعب اهللا املختار( والنسب والدم، واليهودي هبذا االعتبار هو سيد الناس

اليهودي مقدس وغري اليهودي وإن خلقوا فألجل خدمة اليهود، و، ألهنم ليسوا خملوقني من قبل اهللابرشانظرة بوثنيون جتب إبادهتم وإن مل حتصل اإلبادة فيجب معاملتهم ) غري اليهود( نجس وحيوان، والغرباء

p o n ] أخرج البخاري هذه القصة من رواية أيب هريرة،كتاب األنبياء، باب قول اهللا عز وجل -٢٤

qZ ٣١٧٩ حديث رقم. .١٩/٣٠ ،سفر التكوين -٢٥ .١/١٠ ،اإلصحاح ،إنجيل متى -٢٦ .٤/، ، اإلصحاح الثاينإنجيل يوحنا -٢٧ .٣٢: سورة مريم، اآلية -٢٨ .١٣ ص ،عرض ونقد :افرتاءات املسترشقني عىل اإلسالمعبدالعظيم إبراهيم حممد، -٢٩ .٢/٥٠٧ ين يفرتقان؟القرآن والتوراة أين يتفقان وأحسن الباش، -٣٠

١٢٠

يل معترب عند اهللا أكثر من املالئكة فإذا رضب أمييإن اإلرسائ": التلموددونية، جاء يف إرسائيليا فكأنه إن النطفة املخلوق منها باقي الشعوب اخلارجني عن " :ورشليمتلمود أيقول و )٣١("رضب العزة اإلهلية

وأما القرآن فالناس فيه سواسية كأسنان املشط، وإن رسالة .)٣٢("الديانة اليهودية هي نطفة حصاناإلسالم رسالة إنسانية عاملية، وال تفاضل يف رسالة اإلسالم عىل أساس اجلنس والنسب واللون، بل

!الصالح، فام أبعد ما بني الترشيعني والتقوى والعمل التفاضل يكون باإليامنبني القصص الواردة يف كل من التوراة والقرآن، لكن عام فهناك تشابه ،وأما من حيث القصص

التشابه ما يكاد يبدأ حتى يفرتق فروقا تفصح عن اخلطأ يف جانب، والصواب يف جانب آخر، فالقرآن ß ]: يل حيث قال تعاىلفه بنو إرسائالكريم قد صحح ما حر Þ Ý Ü Û Ú Ù Ø ×

â á àZ)يف التوراة واإلنجيل، كقصتي عاد وثمود، وما، فمن قصص القرآن ما ال وجود له)٣٣ للقرآن عىل اإلطالق،ن العهد القديم مل يكن مصدراأ إىل درجة جتعلنا نقطع ب فمختلف معاامورد فيه

يف القرآن والتوراة مثال، ولكن التوراة ختلو من احلوار الذي دار بني نوح تورد عليه السالمفقصة نوحوابنه، وتضطرب التوراة يف ذكر األنواع التي أمر نوح بحملها معه يف السفينة فمرة تقول اثنني ومرة سبعة،

يوسف وردت وقصة . زوجني اثننير أن حيمل معه من كلميجزم من غري تردد أن نوحا أفوأما القرآن كذلك يف اإلنجيل والتوراة، لكن التوراة ختلو من ذكر النسوة الاليت دعتهن امرأة العزيز وقطعن أيدهين ملا رأين يوسف، بينام القصص القرآين أورد ذلك، والتوراة ختلو من متزيق امرأة العزيز قميص يوسف وهو

، املراودةيت العزيز عريانا متاما عقبمنصوص عليه يف القرآن، والتوراة تنص عىل أن يوسف خرج من ب .والقرآن خيلو من ذلك، األمر الذي يبني علو مستوى التعبري القرآين بام يتناسب مع منزلة األنبياء

هيود يف هذا العهد ومل يكن بمكة، سورة٨٥ القرآن الكريم نزل بمكةالعدد األكرب من سور *سلم صلة هبم خارج مكة، فمن أين استمد النبي صىل اهللا عليه وال نصارى، وال كان للنبي صىل اهللا عليه و

القرآن بني فيه أهل الكتابمعمنهم؟ وما نزل من القرآن باملدينة املنورة احتوى عىل حوار قوي وسلم أخطاء أهل الكتاب، باخلصوص اليهود، وقتلهم ألنبيائهم، وتطاوهلم عىل الذات اإلهلية، وأعلن بعض

.٢/٥١٣املرجع السابق، -٣١ .٢/٥١٥املرجع السابق، -٣٢ .٧٦: سورة النمل، اآلية -٣٣

١٢١

بل ، االقتباس مستحيلةىل عليهم، األمر الذي جيعل دعوألمانة الوحي اإلهلي املنزبوضوح خياناهتم .)٣٤(يمكن أن خترج هذه الشبهة من لسان من له أدنى معرفة بحقائق القرآن الكريم ال بل يدل ،يدل عىل االقتباس التامثل والتشابه بني القرآن والكتب الساموية يف بعض األمور ال *

التحريف والتبديل لوجدنا صورا الههل الكتاب مل ين الكتب التي بأيدي أتر، ولو كانعىل وحدة املصد حينذاك أن القرآن مقتبس األمرأكثر من التشابه والتامثل التي تقتضيها وحدة املصدر واهلدف، وال يعني

األنبياء من الكتب السابقة، بل ذلك معناه أن اهللا كام أنزل رسالة التوحيد وأصول الترشيعات عىل واملراحل الترشيعية لألمم السابقة كانت تقتيض ،صىل اهللا عليه وسلم السابقني أنزهلا عىل رسوله اخلاتم

من ا يف الكتب السابقة مع ما ناهللتي تركت خلاتم األنبياء، والزالعدم التفصيل يف كثري من األمور ا وبناء عىل .صىل اهللا عليه وسلم سالة النبيالتحريف ما يدل عىل ذلك، األمر الذي فيه شهادة عىل صحة ر

ما ذكرنا فإنه ليس يف اإلنجيل من صفات اهللا وصفات ملكوته وصفات اليوم اآلخر إال أمور جمملة، وكذلك التوراة ليس فيها من ذكر اليوم اآلخر إال أمور جمملة، وورد يف العهد اجلديد أن املسيح قال

أن أقوله لكم ولكنكم ال تستطيعون محله، ولكن إذا جاء روح احلق أريدإن يل كالما كثريا": ألتباعهفذلك الذي يرشدكم إىل مجيع احلق، ألنه ليس يتكلم من عنده بل يتكلم بام يسمع، وخيربكم بكل ما يأيت

األنبياء حممد صىل اهللا عليه وسلم الكالم فإهنا بشارة واضحة بخاتم وإذا دققنا يف هذا."وبجميع ما للربث هو أخرب بكل ما يأيت من أرشاط الساعة والقيامة واحلساب والرصاط واجلنة والنار بصورة حي

، كام أن الرشيعة املحمدية هي التي قد شملت يف ترشيعاهتا كل جوانب احلياة، فجاءت )٣٥(تفصيلية .مكتملة حتمل يف نفسها خصوصيات اخللود إىل يوم القيامة

:وذلك كاآليت القرآين من كتب أهل الكتاب أو غريهم، حالة االقتباسدل عىل استتاحلقائق التارخيية -٢ حيث قضاها بمكة قبل النبوة، وقد سافر إىل ،صىل اهللا عليه وسلم كلها معروفة إن حياة النبي *

يف طفولته حيث لقيه بحريا الراهب، وطلب من أيب طالب أن حيذر عىل ابن أخيه : إحدامها:الشام مرتني يف شبابه حيث ذهب يف جتارة خدجية، وعاد بعدها :، والثانية)٣٦(يه من عالمات النبوةبعد أن رأى ف

.١٦-١٥ ص ، عرض ونقد:افرتاءات املسترشقني عىل اإلسالمعبد العظيم إبراهيم، -٣٤ .١٢٥، ص هداية احليارى يف أجوبة اليهود والنصارىحممد بن أيب بكر بن قيم اجلوزية ، -٣٥ مركز ، حماولة لتطبيق قواعد املحدثني يف نقد روايات السرية النبوية:ة النبوية الصحيحةالسنأكرم ضياء العمري، -٣٦

.١/١٠٦بحوث السنة والسرية النبوية، جامعة قطر،

١٢٢

مبارشة، ومن الكذب القول بأن بحريا قد ذهب معه إىل مكة، وأنه قد علمه قصص اإلنجيل، فلو كان ال رتك جانبا من حياة النبي صىل اهللا عليه وسلم إحصل لذكرته كتب السرية، التي مل تيشء من هذا قد

واضحة يف ـ أرجح نموذج ملظنة االقتباس عند من يدعيه ـه، مما جيعل إثارة شبهة األخذ من بحرياتوسطر .بطالهنا، األمر الذي يسقط شبهة االقتباس من أساسه

شبيلية إأسقف اإلسالم بقرن من الزمان، حيث إن إن أول ترمجة عربية للتوراة كانت بعد ظهور *، وكتبها م٩٤٢سف عام ، ثم ترمجها سعد بن يوم٧٥٠ التوراة إىل العربية عام جم أول من تر هويوحنا

بأحرف عربية، ثم كتبها يافث بن عيل يف أواخر ذلك القرن بأحرف عربية، ويتعجب املرء كيف ينسب للنبي صىل اهللا عليه وسلم االطالع عىل كتب مل يكن بمقدور األحبار والرهبان يف ذلك الزمان أن يطلعوا

يها كاملة؟ بل كيف يقال بأنه أخذ من األناجيل غري القانونية التي اختفت يف بالد املسيحية؟ وإن علكشفت الدراسات وعمليات تنقيب اآلثار عن بعض هذه الكتب يف هذا الزمان، وكيف لرسول اهللا

م؟اهللا عليه وسلم أن يصل إليها قبل قرون ويف بالد ال تعري كتب أهل الكتاب أدنى اهتام صىليته فدعوى االقتباس مع أم،يكتب يقرأ واليا ال إن رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم كان أم *

.ااهللا عليه وسلم ظاهر بطالهن صىل بتامثل بعض اآليات مع م عىل هذااستدالهلالعرب، ووأما قوهلم بأن القرآن منحول من شعر

وذلك من عدة ده مع هذا كثري من احلجج، ال تقوم به حجة، وتر مرأ فهو أو غريهشعر امرئ القيس :وجوه

بيات العرص اجلاهيل، ويقولإن نسبة هذا الشعر إىل امرئ القيس غري الصحيح، حيث خيالف أد ـ ،نظرة عابرة حتكم بأن الكالم مبتوت الصلة بالشعر اجلاهيل كله": يف بعض شعر امللك الضليلالعقاد

.)٣٧(" الشاعرية الفذة التي طبقت اآلفاقفضال عن أن يكون من شعر امرئ القيس ذيإن التامثل يف بعض األلفاظ ال يعني النقل عىل كل حال، ووقوع التامثل يف بعض األلفاظ أمر ـ

يقدح يف كون القرآن من عند اهللا، وذلك ألن القرآن جاء بام تعهده العرب يف كالمها من أمثلة طبيعي ال .غةسوى ذلك من رضوب البال واستعارات وما

العدد مجهورية مرص العربية، ، كتاب اهلالل، دار اهلالل، حقائق اإلسالم وأباطيل خصومهعباس حممود العقاد، -٣٧

.٣٨، ص افرتاءات املسترشقنيم، وعبدالعظيم إبراهيم، ١٩٦٥/هـ١٣٨٤، ذواحلجة ١٦٩

١٢٣

أشعار امرئ بهيطحتيمكن أن إن القرآن الكريم الذي هو نظام حياة اإلنسان ورؤية متكاملة ال ـالقيس وال دواوين غريه من الشعراء، وال ينبع مثل هذه الشبهة إال عن جهل تام بالقرآن الكريم وتعاليمه

.اخلبريعن الشارع احلكيم اخلالق الشاملة واخلالدة التي ال يمكن أن تصدر إال :اإلعجاز العلمي يف القرآن والسنة -٣

إن احلقيقة العلمية التي مل تعرف إال منذ بضع سنني أو عرشات السنني وذكرها القرآن الكريم ل القرآن الكريم، وهو باعث النبي األمي رمحة عىل أن خالق هذه احلقائق العلمية هو منزإنام تأيت تأكيدا

الكون ل بالوحي، والقرآن يف كثري من آياته دعانا إىل النظر وإىل السري يف للعاملني، وهو بال شك موصو ، حقيقة هذا الدينالكربى وهي وذلك ألجل أن نصل بإمعان الفكر إىل احلقيقة ر يف آياته،والتفكر والتدب

األمي، ونطق هناية لقدرته هو الذي أرسل هذا الرسول النبي ر احلكيم القادر الذي الوأن اهللا اخلالق املدبيمكن أن ينطق به البرش يف ضوء املعارف املوجودة يف ذلك الزمان، وهذا لو كان قد هبذا الكالم الذي ال

يقرأ وال يكتب، ومل جيلس ليتعلم املعارف قرأ وكتب وتعلم معارف العرص، ولكن الواقع أنه كان أميا ال إىل أدق أرسار اخللق يف اإلنسان والكون، ما من أهل عرصه، ثم يأيت هبذا الكتاب الذي يف ثناياه يشري

عىل يرتك جماال لإلنسان املنصف العاقل إال أن يؤمن هبذا الدين وبصدق الرسول صىل اهللا عليه وسلم الاهللا، والقرآن الكريم يعرض هلذه احلقيقة بأن القرآن الكريم آية كافية لإليامن باهللا أنه جاء بالرسالة من عند

¯¦ § ¨ © ª » ¬ ®]: قال تعاىل ، اهللا عليه وسلمصىل وصدق النبي

¶ µ ³ ² ± °Z)لذلك فإن بيان اإلعجاز العلمي يف القرآن ، )٣٨ .)٣٩(الكريم من أهم طرق اإلقناع بأحقية هذا الدين

القرآن الكريم (واإلعجاز العلمي ليس خاصا بالقرآن الكريم فقط بل يشمل الوحي بشقيه واحلقائق العلمية احلديثة قد أثبتت احلكم والفوائد لكثري من األحاديث النبوية، وقد كتب ،)لنبويةوالسنة ا

، ومن حيث )٤٠( خاصة يف اإلعجاز العلمي يف السنة النبويةالعلامء املعارصون يف هذا اخلصوص كتبا

.٥١: سورة العنكبوت، اآلية -٣٨، مكتبة الرشوق الدولية، اإلعجاز العلمي يف القرآن الكريم: يف مقدمة كتاب زغلول النجار ،أمحد فراج: انظر -٣٩

.١/٢٨، املرجع السابق، العلمي يف القرآن الكريماإلعجاز، وزغلول النجار، ١/٥م، ٢٠٠٢/هـ١٤٢٣القاهرة، / هـ١٤٢١، مكتبة العبيكان، اإلعجاز العلمي يف السنة النبويةصالح بن أمحد رضا، : مةمن هذه الكتب القي -٤٠

. الداراملرصية اللبنانية، القاهرة،)السنة النبوية (اإلعجاز العلمي يف اإلسالمالصمد، م، و حممد كامل عبد٢٠٠١

١٢٤

اب مهام غسلت بغريه، ن العلم احلديث أثبت أن جراثيم الكلب ال يمكن أن تزول إال بالرتاملثال نذكر أتدين بدين اإلسالم، وقد قال وقد ثبت ذلك من جتارب عديدة أجريت يف حقول معملية يف بالد ال

)٤١("طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أوالهن بالرتاب": اهللا عليه وسلم صىلوتصديق له بأنه ال ينطق ىل اهللا عليه وسلموإن املسلم يزداد هبذا اإلعجاز إيامنا، وإنه معجزة للرسول ص

عن اهلوى بل إنه وحي يوحى، وإنه يدفع تلك الشبهات التي تثار ألجل التشكيك يف مصدرية الوحي الكاذبة التي تتسرت من وراء دعاوي العلم يفند تلك الدعاويللقرآن الكريم، كام أن مثل هذا اإلعجاز

بمثله عن طريق العلم واملعرفة، بالعلم أبلغ إال أن يكونيكون الرد، حيث ال واألساليب العلمية احلديثة_] : ، قال تعاىل)٤٢(ومناهجه احلديثة ^ ] \ [ Z` g f e d c b a

o n m l k j i hpv u t s r q w { z y x £ ¢ ¡ � ~ } |¤¬ « ª © ¨ § ¦ ¥ ® ¯ ´ ³ ² ± ° µ ¶

¸» º ¹Z)٤٣(. إن النظر واالستدالل يف اخللق والتعمق فيه يدل عىل ما تدل عليه آياته ": قال ابن أيب العز

القولية السمعية، والعقل جيمع بني هذه وهذه، وجيزم بصحة ما جاءت به الرسل، فتتفق شهادة السمع .)٤٤("والبرص والعقل والفطرة

لقد أثارت ": القرآن والتوراة واإلنجيل والعلمريس بوكاي الطبيب الفرنيس يف كتابه يقول موو والتي كانت مطابقة متاما للمعارف العلمية احلديثة، ،دهشتي هذه اجلوانب العلمية التي خيتص هبا القرآن

أثري بيد أين ال أنكر ت،ولقد درست هذه النصوص بروح متحررة من كل حكم سابق وبموضوعية تامةالتعاليم التي تلقيتها يف شبايب حيث مل تكن األغلبية تتحدث عن اإلسالم، وإنام عن املحمديني لتأكيد

وكان يمكن أن .اإلشارة إىل أن الدين أسسه رجل، وبالتايل فهو ليس بدين ساموي فال قيمة له عند اهللا االنتشار، وملا حتدثت مع بعض أظل حمتفظا كالكثريين بتلك األفكار اخلاطئة عن اإلسالم وهي شديدة

.٢٧٩، كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، حديث رقم صحيحهأخرجه مسلم يف -٤١ .١٤-١٣ ص،)السنة النبوية (اإلعجاز العلمي يف اإلسالمالصمد، حممد كامل عبد -٤٢ .٣١: سورة املدثر، اآلية -٤٣ .٩٣ص هـ، ١٤١٤املكتب اإلسالمي، بريوت، ، رشح العقيدة الطحاوية، احلنفيابن أيب العز -٤٤

١٢٥

عن خمتلفة املتخصصني عرفت أين كنت جاهال قبل أن تعطى يل عن اإلسالم صورةرياملستنريين غ التي تلقيتها يف الغرب، وكان هديف األول هو قراءة القرآن ودراسة نصه آية آية مستعينا تلك

خاص إىل دقة بعض اإلشارات اخلاصة التعليقات الالزمة للدراسة النقدية، وانتبهت بشكل بمختلف بالظواهر الطبيعية، ومطابقتها للمفاهيم التي نملكها اليوم عن هذه الظواهر نفسها، والتي مل يكن ألي

صها املسلمون خصةإنسان يف عرص حممد أن يكون عنها أدنى فكرة، ثم قرأت إثر ذلك مؤلفات كثرييف القرآن نجد يف التوراة أخطاء علمية فادحة فإننا الللجوانب العلمية يف القرآن، وعىل حني نجد

وفيام أوردنا داللة واضحة ورصحية بأن دراسة القرآن من ناحية إعجازه العلمي يكفي . )٤٥("خطأ أيإلثبات احلقيقة بأن هذا القرآن هبذه احلقائق العلمية يف زمن مل يكن بإمكان البرش الوصول إىل تلك

ن ن يكون من عند اهللا عزوجل ويستحيل أن يكون مكتسبا من الكتب السابقة م ال يمكن إال أ،املعارف .أهل الكتاب وال غريهم

:النظر يف دعوته ودينه وكامل ترشيعاته -٤ كام يبدو جليا يف القرآن التكامل يف املنهج إلصالح اإلنسان وإلصالح املجتمع اإلنساينإن يتعارض وجل، وأنه خال من النقائص والعيوب، ال اهللا عزه منزل من عند، يدل داللة واضحة أنالكريم

: مع فطرة اإلنسان وسنن الكون، وقد وجهنا القرآن إىل هذا النوع من االستدالل حيث قال تعاىل[K M L NX W V U T S R Q P O Z)فكونه وحدة متكاملة )٤٦ ،

سئل أعرايب.عىل صدق الذي جاء به بعضه بعضا، ال تناقض فيه، دليل واضح يصدق حممدا بم عرفت أن: قال و. ليته أمر به فقال العقلنه، وال هنى عن يشء ليته هنى ع فقال العقلما أمر بيشء: فقالرسول اهللا؟

يدل عليه السمع والعقل، وهو احلق إن ما جاء به الرسول صىل اهللا عليه وسلم": شيخ اإلسالم ابن تيميةz y x ]: ، قال تعاىل)٤٧("حيكم بالعدل، فالعدل هو الرشع والرشع هو العدل ، فإنهيف نفسه

{|} ¶ µ ´ ³ ² ± ° ¯ ® ¬ « ª © ¨ § ¦ ¥ ¤ £ ¢ ¡ � ~

، املنظمة العربية للرتبية مناهج املسترشقني يف الدراسات العربية اإلسالمية:القرآن واملسترشقونالتهامي نقرة، -٤٥

.١/٣٦تونس، والثقافة والعلوم، .٨٢: سورة النساء، اآلية -٤٦ .٢١٥م، ص ١٩٨٥ /هـ١٤٠٥، دار الكتب العلمية، بريوت، اتالنبواحلليم ابن تيمية، أمحد بن عبد -٤٧

١٢٦

Ç Æ Å Ä Ã Â Á À ¿ ¾ ½ ¼ » º ¹ ¸Z)وقال تعاىل،)٤٨ : [ ¸ ¶ µÂ Á À ¿ ¾½ ¼ » º ¹Ã Ë Ê É È Ç Æ Å Ä

Ì Í Z)٤٩( بعد ذكر قوله :[o n m l k j ih g.....Z)٥٠( ،حممد صىل اهللا عليه وسلم وغريه من األنبياء به إن الذي بعث ": قال شيخ اإلسالم بعد ذكر هذه اآليات

ليه األدلة العقلية، فهو ثابت بالسمع والعقل، والذين خالفوا الرسل ليس معهم هو حق وصدق، وتدل ع كام أن كامل الرشيعة وشموهلا لكل نواحي احلياة، وصالحية )٥١("دليل من السمع وال دليل من العقل

ساعة هلو النص الترشيعي يف القرآن والسنة الستيعاب كل التغريات الزمانية واملكانية منذ نزوهلا إىل قيام ال .وجل يمكن أن يكون من عند غري اهللا عز أكرب دليل عىل أن هذا الدين ال

:الشبهة حول صحة مجع القرآن :ثانيااختذ املغرضون من وقائع مجع القرآن وسيلة للنيل من القرآن، وإيقاع التشكيك يف كونه وحيا

:من عند اهللا عزوجل، وهذه املحاولة متت حتى حيقق هدفني رئيسنيحماولتهم نزع الثقة عن القرآن وخلخلة اإليامن به، حتى ال يظل هو النص اإلهلي الوحيد *

.املصون من كل تغيري أو تبديل، أو زيادة أو نقص التوراة واإلنجيلبت التحريف يف ، حيث قد ث)اليهود والنصارى(تربير ما لدى أهل الكتاب *

الذين يوردون هذه الشكوك هم من من خالل البحث والدراسة املوضوعية، ألن معظم .النصارى

إن القرآن الكريم كان يف :وقد أورد هؤالء املشككون مواطن الشبهة يف وقائع مجع القرآن فقالوا ن هذه النصوص ومل تكتب يف مصحف إال بعد عهد النبي صىل اهللا عليه وسلم نصوصا متناثرة ومل تدو

:عه مل يتم مرة واحدة بل أخذ مراحل متعددة وفاة النبي صىل اهللا عليه وسلم،كام أن مج .بصورة غري موثقة كام يزعمونريض اهللا عنه مجع القرآن يف عهد اخلليفة أيب بكر -١

.١٠ – ٨: سورة امللك، اآليات -٤٨ .٤٦: سورة احلج، اآلية -٤٩ .٤٢: سورة احلج، اآلية -٥٠ .٢١٤، ص اتالنبوبن تيمية، ا -٥١

١٢٧

مجع القرآن يف عهد عثامن بن عفان ريض اهللا عنه كان قابال إلدخال كثري من اإلضافات التي -٢ . يكن فيها مضبوطا ومشكوالافتقر إليها تدوين القرآن فيام بعد، ألن القرآن مل

:اإلضافات التي أحلقت بالنص القرآين ، وأبرزها -٣نقط حروفه يتميز بعضها من بعض، مثل متييز اخلاء من اجليم واحلاء، ومتييز اجليم من :أوال

. عن كل من الياء والباء والنون والثاء ـ بوضع نقطتني فوقهاـاخلاء واحلاء، ومتييز التاء بط كلامته بالضم والنصب والكرس واجلزم، وهذا أمر طارئ عىل مجع القرآن يف ض :ثانيا

املرحلتني السابقتني، وإن هذه اإلضافات مل تكن موجودة يف عهد النبي صىل اهللا عليه .وسلم بل وال يف عهد اخللفاء الراشدين

.)٥٢(إن تعدد القراءات يدل عىل االختالف فيه، وهو نوع من التحريف -٤يذكرون هذا كله ليثريوا الشك يف صحة القرآن الكريم وسالمته من التحريف، فعالم يرص وهم

املسلمون عىل اهتام التوراة بيد اليهود اآلن، بأهنا ال متثل حقيقة التوراة التي أنزهلا اهللا عزوجل عىل موسى عليه )٥٣(بيد النصارى؟السالم، وملاذا ال يطلقون هذا الوصف عىل جمموعة األناجيل التي هي اآلن

من عند اهللا، نزل به الروح األمني، إىل كوهنا قام جولد زهير بمحاولة إخراج القراءات القرآنية من كوهنا وحيا -٥٢

ألنه كان يف الفرتة التي ،هم عىل جتسيد هذا التوهم طبيعة اخلط العريبختيالت تومهها علامء املسلمني، وساعد، "تفعلون" أو"تقولون" ظهرت فيها هذه القراءات غري منقوط والمشكول، وهذا ساعد يف نطق الياء تاء يف مثل

º¹ ¶ µZ]: ، وهلذا قرأ قوله تعاىلبالفتح أو الضم مثال وكذلك من شكل احلروف وضبطهانرشا بالفتح وقرأها الباقون بالنون املضمومة، فقال جولد اصم بالباء املضمومة، وقرأها الكسائي ومحزةقرأها عوالقسم األكرب من هذه القراءات يرجع السبب يف ظهوره إىل خاصية اخلط العريب، فإن من خصائصه أن ": زهير

ف أو حتتها، كام أن عدم وجود احلركات يقرأ بأشكال خمتلفة تبعا للنقط فوق احلرو الرسم الواحد للكلمة قديف اخلط العريب يمكن أن جيعل للكلمة حاالت خمتلفة من ناحية موقعها من ) احلركات( النحوية وفقدان الشكل

اإلعراب، فهذه التكميالت للرسم الكتايب ثم هذه االختالفات يف احلركات والشكل كل ذلك كان السبب األول ن هذه القراءات أويريد جولد زهير من هذا الكالم ، " أمهل نقطه أو شكله من القرآنلظهور حركة القراءات، فيام

لة عىل رسوهلم أصاهبا بعض التحريف والتغيري، ن النصوص اإلهلية املنزأ املسلمني، وىحتريفات معرتف هبا لدالقرآن، حيث إنه عرض وهو وإن مل يقل رصاحة بالتحريف إال أنه وضع مربرات لوجود هذا التحريف والتغيري يف

جترد القرآن يف ذلك العهد من النقط (بعد هذا القول أمثلة من القراءات ونسبها إىل السبب الذي ذكره سابقا .١٢، ص حقائق اإلسالم يف مواجهة املشككني: انظر) والضبط

.١٢، ص ملشككنيحقائق اإلسالم يف مواجهة ا، مجع القرآن الكريم، الشبهة األوىلالعظيم املطعني، عبد -٥٣

١٢٨

:اجلواب عىل هذه الشبهة وحفظه من قبل الصحابة يف )٥٤( القرآن الكريمه الشبهة البد أن نبني كيفية مجعوللرد عىل هذ

عهد النبي صىل اهللا عليه وسلم، ثم حوادث مجعه وضبطه حتى تسقط الشبهة من خالل القراءة الصحيحة يث من املستحيل أن يتم التغيري والتبديل يف يشء من كتاب للوقائع وللبيئة املحيطة وأوضاع الصحابة، ح

ه اهللا عزوجل يف تلك البيئة املخلصة واملتجردة لدين اهللا عزوجل، و قبل أن نرشع يف تفصيل ذلك ننب :همني غفل عنهام املشككونمألمرين القرآن بل ما يطلق عليهأن املسلمني ال يسمون كل ما نزل عىل النبي صىل اهللا عليه وسلم قرآنا، :أوهلام

هو ما مل ينسخ تالوته من الوحي، وهو الذي تدارسه جربيل مع النبي صىل اهللا عليه وسلم يف .العرضة األخرية قبيل وفاته صىل اهللا عليه وسلم

أن األساس الذي حفظ القرآن، و اعتمد عليه املسلمون هو حفظ الصدور، و قد كان : واألمر الثاين القرآن يف الصحف أمرا متمام موثقا حلفظ الصدوراالهتامم بتدوين .

:وأما مجع القرآن فقد تم خالل املراحل اآلتيةقد نزل القرآن الكريم عىل النبي صىل اهللا عليه وسلم خالل ثالث و عرشين سنة، فكان -١

، و اهللا عليه وسلم إذا نزلت السورة أو بعضها أمر الصحابة بكتابتها ووضعها يف مكاهنا صىلاب خمتصون بكتابة الوحي، وهذا هو أول مجع للقرآن الكريم، فانتقل رسول اهللا كان له كت

اهللا عليه وسلم والقرآن كله حمفوظ يف الرقاع واللخاف والعسب وصدور الرجال وملا صىل

حيث إن احلفظ هو أول معاين اجلمع، فكان رسول اهللا أول جامع للقرآن، ،الكتابة احلفظ و:اجلمع يأيت بمعنيني -٥٤

: كام أن الصحابة كانوا حريصني عىل حفظ القرآن الكريم ومجعه يف الصدور وهذا املعنى ورد يف قوله تعاىل[Ê Õ Ô Ó Ò Ñ Ð Ï Î Í Ì ËÞ Ý Ü Û Ú Ù Ø × Ö Z وعن ابن

عباس كان رسول اهللا يعالج من التنزيل شدة، فكان حيرك به لسانه وشفتيه خمافة أن ينفلت منه من يريد أن حيفظه لينا أن نجمعه يف صدرك ثم نقرأه إن ع: قال يقول Ê Ï Î Í Ì Ë Ô Ó Ò Ñ ÐZ]: فأنزل

[ Ù Ø × ÖZزلنا عليك فاتبع قرآنه فاستمع له وأنصتإذا أن: يقول [Þ Ý Ü ÛZ نه نبي أي أن. فكان رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جربيل استمع، فإذا ذهب قرأه كام وعده اهللا عزوجل،بلسانك

يف كتاب بدء يالبخار، وأخرجه ٦٨٠ حديث رقم ، كتاب الصالة، باب االستامع للقراءة،صحيحهأخرجه مسلم يف .٩٢٦ حديث رقم ، كتاب االفتتاح، جامع ما جاء يف القرآن الكريم،، و رواه النسائي٤ حديث رقم ،الوحي

١٢٩

، وذلك لتتابع الوحي وعدم انقطاعه، وإن هذا التدوين أو اجلمع )٥٥(جيمع يف مصحف واحدهد النبي صىل اهللا عليه وسلم كان وما يزال هو األصل الثابت الذي قامت عىل املبكر يف ع

أساسه كل املصاحف فيام بعد، وقد ذكر السيوطي اإلمجاع عىل أن ترتيب القرآن هو توقيفي .)٥٦(الشبهة يف ذلك

كان أصل تنزل القرآن عىل حرف واحد، فأشفق رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم عىل أمته قد -٢لقي رسول اهللا صىل اهللا عليه ": لب التخفيف يف ذلك عىل أمته، ورد عن أيب بن كعب قالوط

يا جربيل إين بعثت إىل أمة أميني منهم الكبري والغالم واجلارية والرجل :وسلم جربيل فقال، قال صىل اهللا عليه )٥٧("يا حممد إن القرآن أنزل عىل سبعة أحرف: قال،الذي مل يقرأ كتابا قط

أقرأين جربيل عىل حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدين حتى انتهى إىل سبعة ": سلم وإن هذا القرآن أنزل عىل ": ، وقد حذر رسول اهللا من املراء يف األحرف السبع فقال)٥٨("أحرف

حرف قرأتم فقد أحسنتم، فال متاروا فيه ، فإن املراء فيه كفر، أو آية من سبعة أحرف، فأيوخرب نزول القرآن عىل سبعة أحرف خرب متواتر أراد اهللا به التيسري عىل األمة عند . )٥٩("كفر

، وليس يف األحاديث السابقة و غريها ما يفهم منه أن هذه األحرف )٦٠(قراءهتا للقرآن الكريمكانت نصوصا خمتلفة، بل غاية ما فيه هو التسهيل يف قراءة القرآن، وقد ذكر العلامء أن األحرف

وجوه يف القراءة توافق لغات العرب مع السامح ببعض اإلبدال حلروف بعض الكلامت أو هي إبدال بعض الكلامت بدال لكلامت أخرى تقارهبا يف املعنى أو ترادفها من غري مضادة وال تناقض، لذلك فإن من اجلهل بتاريخ القرآن أن ننسب ذلك الحتامالت األلفاظ، وحاالت

.)٦١(تنتج جولد زهيرالشكل والضبط، كام اس

، عن زيد بن ثابت قصة مجعه للقرآن الكريم عندما أمره أبوبكر ريض اهللا عنه، حديث رقم صحيحهأخرج ابن حبان يف -٥٥ .١٠/٣٦٠ لنفسه ملا يقع من احلوادث واألسباب يف أمور املسلمني، ، يف ذكر ما يستحب لإلمام اختاذ الكاتب٤٥٠٦

.١/٢١١م، ١٩٧٤، اهليئة املرصية العامة للكتاب، اإلتقان يف علوم القرآنجالل الدين عبدالرمحن السيوطي، -٥٦ . صحيح، وقال أبو عيسى حديث حسن٢٩٤٤أخرجه الرتمذي ، باب ما جاء أنزل القرآن عىل سبعة أحرف، حديث رقم -٥٧ .٤/١٩٠٩ ، ٤٧٠٥، باب أنزل القرآن عىل سبعة أحرف، حديث رقم صحيحهأخرجه البخاري يف -٥٨ .٤/٢٠٥، ١٨٩٥٥، حديث رقم املسندأخرجه أمحد يف -٥٩، مكتبة املعارف للنرش علوم القرآن مباحث يف ،مناع القطان: وقد نص عىل ذلك أبو عبيد القاسم بن سالم، انظر -٦٠

.١٥٦اض، ص والتوزيع، الري . وما بعده١٥٦، ص مباحث يف علوم القرآن،مناع القطان: انظر -٦١

١٣٠

إن الفرتة التي سبقت مجع القرآن يف خالفة أيب بكر الصديق ريض اهللا عنه مل تكن فرتة إمهال -٣للقرآن كام يزعم بعض اخلصوم من املبرشين واملسترشقني، بل العكس هو الصحيح، حيث

يوصيان ريض اهللا عنهام بكر وعمر كانت فرتة عناية شديدة بالقرآن،وألجل ذلك كان أبوالصحابة الذين يذهبون لألقاليم خارج املدينة املنورة أال يشغلوا الناس عن القرآن برواية

.السنة، وكان هذا اهلدف وراء سياستهم يف التقليل لرواية السنة يف تلك الفرتةلذين حدثا يف خالفتي أيب بكر وعثامن ريض اهللا عنهام كان للوثائق اخلطية التي لإن اجلمعني ا -٤

حررت يف حياة النبي صىل اهللا عليه وسلم إمالء منه صىل اهللا عليه وسلم عىل كتبة الوحي، ثم تالوهتا عليه وإقرارها كام تليت عليه، وهذه الوثائق مل تدخل عليها أية تعديالت وهي التي نراها اآلن يف املصحف الرشيف املتداول بني املسلمني، وروى ابن وهب عن مالك بن أنس أنه

.)٦٢("إنام ألف القرآن عىل ما كانوا يسمعون من النبي صىل اهللا عليه وسلم": لقاهو مجع تلك الوثائق املتفرقة يف مكان ريض اهللا عنه كان اهلدف من اجلمع يف خالفة أيب بكر -٥

واحد منسق السور واآليات، وذلك بعد أن استحر القتل يف قراء القرآن وحدوث التخوف من وضياعه، فكلف اخلليفة أبوبكر زيد بن ثابت ليجمعه يف مصحف واحد ذهاب بعض القرآن

بعد أن تتبعه من مكتوبات الصحابة وحمفوظاهتم، واستوثق له بتواتر الصحابة وإمجاعهم، وكان وأما اجلمع يف خالفة عثامن .هذا املصحف عند أيب بكر ثم عمر ثم حفصة ريض اهللا عن اجلميع

أن أرسيل إلينا : ر يف مصحف واحد، حيث قد أرسل عثامن إىل حفصةفكان نسخا ملا مجعه أبوبكبالصحف ننسخها يف املصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت هبا حفصة إىل عثامن، فأمر زيد بن

اهللا بن الزبري وسعيد بن العاص وعبد الرمحن بن احلارث بن هشام، وقال عثامن ثابت وعبد أنتم و زيد بن ثابت يف يشء من القرآن فاكتبوه بلسان إذا اختلفتم: للرهط القرشيني الثالثة

عثامن قريش فإنام نزل القرآن بلساهنم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف يف املصاحف ردالصحف إىل حفصة، و أرسل إىل كل أفق بمصحف مما نسخوا، و أمر بام سواه من القرآن يف كل

مع يف خالفة عثامن ريض اهللا عنه من فكان اهلدف من اجل. )٦٣(صحيفة أو مصحف أن حيرق

.١/٢١٥، اإلتقان يف علوم القرآنجالل الدين عبدالرمحن السيوطي، -٦٢، باب مجع القرآن، حديث صحيحه بكر و عثامن ريض اهللا عنهام يف أخرجه البخاري قصة مجع القرآن يف عهد أيب -٦٣

.٤٧٠٢ -٤٧٠١: رقم

١٣١

أجل توحيد املصحف اجلامعي واستبعاد مصاحف األفراد، ومجع الناس عىل القراءة الصحيحة التي قرأ هبا النبي صىل اهللا عليه وسلم يف العرضة األخرية عىل جربيل يف العام الذي تويف فيه

ية األمة من التفرق حول النبي صىل اهللا عليه وسلم، وأخذهم بمصحف واحد، ألجل محاوهبذا يتبني .)٦٤(اء عىل قراءة اآلخرينكتاب رهبا، والقضاء عىل التعصب لقراءة بعض القر

الفرق بني اجلمعني واضحا، حيث إن مجع أيب بكر كان ضام للوثائق اخلطية التي حررت يف حياة .آليات القرآن الكريمالنبي صىل اهللا عليه وسلم عىل صورهتا األوىل حسب الرتتيب التوقيفي

وأما اخلليفة الثالث عثامن فقد مجع األمة عىل القراءات الصحيحة التي قرأ هبا النبي صىل اهللا كانت قراءة أيب بكر وعمر : قال أبو عبدالرمحن السلمي. )٦٥(عليه وسلم يف العرضة األخرية

اءة العامة وهي القراءة وعثامن وزيد بن ثابت واملهاجرين واألنصار واحدة، كانوا يقرؤون القرالتي قرأها رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم عىل جربيل مرتني يف العام الذي قبض فيه، وكان زيد قد شهد العرضة األخرية، وكان يقرئ هبا الناس حتى مات، ولذلك اعتمده الصديق يف مجعه،

يات وال نظمها أيخال عىل رسم اآلواجلمعان مل يد .)٦٦(وعثامن عندما أراد نسخ املصحف

اهللا الزركيش، الدين حممد بن عبد ، وبدر١/٢١٠، اإلتقان يف علوم القرآنالرمحن السيوطي، جالل الدين عبد -٦٤

.١/٢٣٣، حتقيق حممد أبو الفضل إبراهيم، املكتبة العرصية، صيدا ، بريوت، الربهان يف علوم القرآنشهاد حفظة القرآن الكريم واخلوف سبب مجع أيب بكر حيث كان بسبب كثرة استصحيحهوقد ذكر البخاري يف -٦٥

من فتوح ى البخاري أن حذيفة بن اليامن أتى وأما سبب مجع عثامن فقد رو،من ذهاب بعض القرآن الكريميا أمري املؤمنني أدرك هذه األمة قبل أن خيتلفوا يف الكتاب اختالف اليهود : أذربيجان وأرمينيا حيذر عثامنا ويقول

ة من الصحابة الذي ذكرنا أسامءهم يف املتن عىل نسخ القرآن الكريم من املصحف والنصارى، ثم كلف جمموع ٣١٠٤الذي كان عند حفصة، وأن يعيدوا كتابتها وفقا للغة قريش، حيث قد ورد يف رواية الرتمذي حديث رقم

ا اختالفهم إىل ، فقال القرشيون باألول، وقال زيد بالثاين، فرفعو"التابوه" و"التابوت"فاختلفوا يف : وصححه، وهذا ما يفهم من احلديث حيث إن ما فعله عثامن هو نسخ اكتبوه بالتابوت ، فإنه نزل بلسان قريش: عثامن، فقال

صحف أيب بكر مع إعادة رسم الكتابة وجعلها حسب لغة قريش، و أمهل اجلمع األخري من األحرف السبعة ما لنص القرآن، بل عاد الصحابة لألصل األول وهو لسان قريش تعارض مع الرسم العثامين، وليس يف ذلك إمهال

بعد أن زال سبب التخفيف والرخصة التي أنزل اهللا من أجلها بقية األحرف، والذي دعا الصحابة هلذا الصنيع خوفهم من تفرق األمة واختالفها بسبب هذه الرخصة التي فات حملها، والتي وقع الناس جلهلهم بحكمتها يف

.ذي حذر رسول اهللا صىل اهللا عليه وسلم منهاملراء ال .١/٢٣٦، الربهان يف علوم القرآناهللا الزركيش، بدر الدين حممد بن عبد -٦٦

١٣٢

تعديل أو تغيري أو تبديل، وبقي السامع هو الوسيلة حلفظ القرآن عىل مد العصور يف ذلك .)٦٧(الوقت حتى زماننا هذا

إن القرآن الكريم مل متر عليه فرتات غموض واضطراب ـ كام ذكرنا ـفبشهادة الوقائع التارخيية -٦ له من أوضاع اليمكن قياسها عىل تاريخ القرآن، كام هو الشأن يف التوراة واإلنجيل، وما خضعا

فليس خلصوم القرآن أي سبب معقول يف اختاذهم مراحل مجع القرآن منافذ للطعن فيه، أو .مربرا يربرون به ما اعرتى كتاهبم املقدس من آفات تارخيية

عل عثامن ومما يدل عىل أن القرآن الكريم قد مجع كام أنزل، إمجاع الصحابة عىل صحة ما ف -٧ال تقولوا يف عثامن إال خريا، فواهللا ما فعل الذي فعل يف : اهللا عنه، يقول عيل ريض اهللا عنه ريض

املصاحف إال عن مأل منا، وقد امتثلت األمة طائعة ألمر خليفتها، فأحرقوا ما يف أيدهيم من وته، كام الصحف واملصاحف التي كانت قد كتبت قبل العرضة األخرية ففيها ما نسخت تال

فيها بعض األجزاء الناقصة التي خيشى أن يظن بعد برهة بأهنا هي الصحيح فقط، وامتثال الصحابة وفعلهم إقرار لعثامن عىل صحة ما فعله، و دليل عىل أن ما فعله عثامن هو إعادة نسخ مصحف أيب بكر، ولوكان يف فعله شائبة لثاروا عليه، كام ثار عليه البعض بسبب بعض شبهاتأثريت يف عهده ريض اهللا عنه، ومن املعلوم أن عثامن مل يأمر عامله بمتابعة الناس يف بيوهتم ومعرفة من أحرق ومن مل حيرق، فقد فعل املسلمون ذلك بمحض إرادهتم، و قد أثبت عثامن يف

سقط منه كل منسوخ تالوة، ومما يدل أمصحفه العرضة األخرية كام أثبتها مصحف أيب بكر، لذا ; > = ]: قلت لعثامن: دقة عثامن يف مجعه أن عبد اهللا بن الزبري يقولعىل

F E D C B A @ ? >Z)قد نسختها اآلية األخرى )٦٨ فلم تكتبها؟ أو تدعها؟ قال فلم يرفع عثامن اآلية و هي : يا ابن أخي ال أغري شيئا منه عن مكانه: % & ' ) ( ! " # $] : منسوخة حكام ال تالوة بآية

*Z)٦٩(.

.٢٤، ص حقائق اإلسالم يف مواجهة املشككني، مجع القرآن الكريمعبدالعظيم املطعني، -٦٧ .٢٤٠: سورة البقرة، اآلية -٦٨ .٢٣٤: سورة البقرة، اآلية -٦٩

١٣٣

أو زاد شيئاوأما احلجاج فقد اقترص فعله عىل وضع النقط، ومل يصنع سوى ذلك، و لو غري -٨لشنع عليه أعداؤه يف عهد بني أمية ثم بني العباس، ولكان فعله من األمور التي يستمسك هبا

أن هذه الشبهات ليست مما من ذلك مل حيدث، األمر الذي يدل عىلأعداء دولته، ولكن شيئاتستند إىل حقائق تارخيية بل شبه واهية ال أساس هلا من الصحة تنبئ عن جهلهم بتاريخ القرآن

.وعناد يف قلوهبماألبطال وعبادة ونذكر يف األخري شهادة املسترشق اإلنجليزي توماس كاريل قال يف كتابه مدن يف هذا العرص أن يصغى إىل القول بأن دين لقد أصبح من أكرب العار عىل كل فرد مت": األبطال

اع مزور، فإن الرسالة التي أداها ذلك الرجل مازالت الرساج املنري مدة اثني خداإلسالم كذب وأن حممدا .)٧٠("عرش قرنا ملئات املاليني من الناس أمثالنا، خلقهم اهللا الذي خلقنا

****

، املنظمة العربية للرتبية مناهج املسترشقني يف الدراسات العربية اإلسالمية:القرآن واملسترشقونامي نقرة، الته -٧٠

.١/٢٤تونس، والثقافة والعلوم،