لقاع سنتان في سجن تدمر الصحراويفي ا

لماذا ىذا الكتاب المخيؼ؟ -

(.. إذاعة التحالؼ الوطني لتحرير سورية)إنو كتاب مخيؼ رعيب، بعد أف سمعوه يذاع عمى حمقات مف صوت المجاىديف : قاؿ بعض الناس .الء نصدره في كتابوسمعنا لقوليـ واحترمنا رأييـ، ومع ذلؾ أذعناه في مائة حمقة وحمقة، وىا نحف أو

لماذا؟ -

المتعامموف مع أسد ونظامو، والساخطوف عمى أسد .. حتى يعمـ الناس كؿ الناس، يسارييـ ويمينيـ، عربييـ وأعجمييـ، أبيضيـ وأسودىـ -داء ىذه األمة، ليعزلوا الشعب حتى يعمـ كؿ ىؤالء، أي نظاـ ممعوف ىذا النظاـ األسدي الذي رمانا بو الصياينة وأع.. وسياستو الطائفية

السوري وجيشو األبي عف معركة تحرير فمسطيف األسيرة، وليخضدوا شوكة ىذا الشعب وىذا الجيش، فيما كانا مصدر قمؽ وتوجس مف قبؿ جاه الجيش السوري دىاقنة بني صييوف، ولـ يستطع االستعمار وظممو وسياساتو المتفاوتة في الشدة، أف يفعموا شيئا تجاه ىذا الشعب، والت

..المنبثؽ مف ىذا الشعب

وحتى يعمـ سائر العرب والمسمميف ما يبلقي أبناؤىـ العرب المسمموف السوريوف مف ألواف القير واالضطياد حتى الموت في سجوف ابف شعب السوري الذي طالما قدـ ليـ فمعؿ اطبلعيـ ىذا يحفزىـ عمى الثورة بيذا النظاـ، أو لعمو يحفز ىمميـ لمساعدة ال... األفاعي حافظ أسد

المساعدات في أياـ المحف التي مروا بيا، لعميـ يقدموف شيئا ذا باؿ ليذا الشعب المنكوب بأسد ونظامو الطائفي األجير، يخفؼ عنو بعضعتقميف األسرى مف براثف ىذا ولعمو يشير نخوة الرجاؿ فينيضوا لتخميص ىؤالء الم.. بمواه، ويعينو عمى التخمص مف ظالمة الجزار حافظ أسد

..حافظ أسد: العقور الذي أطمقوا عميو اسـ

كما أف إخواننا المعتقميف في سجف تدمر، كاف يوصي بعضيـ بعضا بأف ينقؿ المحكوميف بالبراءة ما يجري ليـ في سجف تدمر، في حاؿ حقيـ في سجف تدمر، فميفعؿ، وقد أذف اهلل باإلفراج عف اإلفراج عنيـ، ومف يتمكف مف تسريب بعض المعمومات عف الجرائـ التي ترتكب ب

األخ صاحب ىذا الذكريات، وىو ال يزاؿ يذكر وصية إخوانو المعتقميف لو، بأف يعمؿ عمى فضح ىذه المخازي والجرائـ، في سائر األماكف لما عانى منو األخ صاحب ىذه الذكريات، إلى أف التي يمكنو الوصوؿ إلييا، وبشتى الطرائؽ واألساليب، حتى غدت تمؾ الوصية ىما يوميا طا

خراجيا إلى الناس، بعد أف شرح صدورنا لنشرىا .يأذف اهلل بنشرىا وا

ت نحف كنا نعمـ مدى الحزف الذي ستخمفو كؿ حمقة مذاعة في نفس سامعيا، ولكننا كنا نعمـ أيضا التأثير اإليجابي الذي سيكوف ليذا الحمقاعمى أثر سماعيف البعض ىذه -فقد قامت كوكبة كريمة مف سيدات حمص .. ة، وعمى الساحة العربية عامةعمى الساحة السورية خاص

بالتظاىر أماـ مبنى المحافظة، وطفف في شوارع حمص، ووقفف طويبل أماـ مباني المخابرات العسكرية، والعامة والشعبة السياسية، -الحمقاتخوانيف المعتقميف والمعتقبلت منذ بضع سنيفوطالبف بأزواجيف وأبنائيف وأخواتيف وآبائ .ثـ تمتيا مظاىرة نسائية أخرى في دمشؽ.. يف وا

ثـ ذىبت كوكبة مف نسوة حمص الحرائر إلى دمشؽ، لمقابمة الشيطاف األكبر حافظ أسد الذي رفض استقباليف، وأرسؿ أزالمو ميدديف ..ائر، فشتتوا شمميف، وأعادوىف حزينات ميزومات إلى حمصالساحؽ عمى ىؤالء الحر ( االنتصار)متوعديف، وقد تمكنوا مف

..فميينأ الجيش الفخور بنصره وبكسر ىنو

ا إننا بإصدار ىذه الذكريات عف سجف الموت في تدمر، ونقؿ معاناة أولئؾ األحرار األسرى، نريد أف نشيد العالـ أجمع، نريد أف نشيد الدنياعي، لعؿ الحس اإلنساني يتحرؾ فييـ، فيبادروا إلى فعؿ حاسـ يجتث ىذا السرطاف مف جسـ أمة بأسرىا، عمى جرائـ ىذا الممعوف ابف األف

..العرب، لينقذوا العرب والمسمميف مف خبائثو وجرائمو

ي قمب مف يصؿ وقد توخينا تقديـ ىذه الذكريات بيذا األسموب العفوي البعيد عف التزويؽ والتشذيب، ألننا رأيناه ينبثؽ مف أعماؽ القمب، ليقع فف كاف ما يحزننا أننا حذفنا بعض مناجياتو عمى الرغـ مف عفويتيا ورقتيا ونعومتيا وتأثيرىا العتبارات ال مجاؿ لذكرىا اآلف .إليو، وا

معاني لعمو يبلحظ معنا عددا كبيرا مف ال.. ولعؿ قارئ ىذه الذكريات المحزنة المؤلمة، الذكريات التي تجعؿ نفس قارئيا تطفح بالرعب :اإلسبلمية واإلنسانية والتنظيمية نذكر منيا

إف األمؿ لـ يفارؽ ىؤالء األحبة حتى وىـ يعانوف أقسى أنواع التعذيب، ويعيشوف أحمؾ المحظات، فقد كاف األمؿ لدييـ ينبثؽ مف بيف - 1ذا ىـ شاكروف حامدوف، وصابروف محتسبوف، يمؤل اإليماف قموبيـ، وينير أبصارىـ وبصائرىـ، وصدؽ رسوؿ اهلل أسداؼ الظمـ والظبلـ، وا

ف أصابتو ضراء صبر، فكاف خيرا لو.. عجبا ألمر المؤمف، إف أمره كمو خير: صمى اهلل عميو وسمـ ..إف أصابتو سراء شكر، فكاف خيرا لو، وا

نسانيتيـ، وىـ في حالة يسحقوف وتسحؽ م.. كاف لجوؤىـ إلى اهلل الممجيء المنجي، ىو الذي يجعميـ في ىذا الصفاء العجيب عيـ أجساميـ وا .عروج روحاني عجيب، تصحب حالة السحؽ والطحف

.. وقد نتج عف ذلؾ ثبات الفتية الشباب كثبات قاسيوف، ورجولة بزت رجولة الفحوؿ، إلى جانب التقوى الحقيقية واإليثار الذي عمـ الكبار - 2وأنا أذكر الفتية األشباؿ، ألف الشيوخ ال تستغرب منيـ ىذه المواقؼ التي .. ستشياديا فريدا إنيـ فتية آمنوا بربيـ، وارتضوا أف يكونوا جيبل ا

.تممييا عمييـ تجاربيـ الطويمة وثقافتيـ الشرعية، وعبادتيـ الخالصة لوجو اهلل عمى مدى السنيف

وبيف أترابيـ وزمبلئيـ، أولئؾ الذيف ما يزالوف تائييف في ىذا مف ناحية، ومف ناحية أخرى، لنبيف الفوارؽ الكبيرة بيف ىؤالء الفتية المؤمنيف، ..دروب المراىقة، يبلحقوف الفتيات ويمضوف أعمارىـ، في الخزعببلت والترىات

حوالي خمسيف أخا معتقبل، وكاف مف بينيـ فتى ميذب، ( 1) كاف في ميجعنا رقـ ... كنا ذات يـو في السجف المركزي الكبير في حمب ..وكميـ

شاب في عمر الورود، لـ يتجاوز ربيعو السادس عشر، تقي نقي ذكي، لمحني أقؼ .. الفتياف كانوا ميذبيف، اسمو فيد تاج الديف مف حمب كؿذا ىو ( الببلط)عمى يسرع بجمب بطانيتو ليمدىا تحت قدمي كيبل أتأثر بالبرد في الدقائؽ التي ( فيد)أرض الميجع، أكمـ أحد السجانيف، وا

..ذلؾ السجاف أحدث فييا

اطمئف يا أستاذ، المستقبؿ لكـ، وسوؼ تحكموف العالـ، ما داـ عندكـ أمثاؿ : أعجب السجاف أيما إعجاب بفعؿ الفتى فيد تاج الديف وقاؿ ..ىؤالء الشباب

ف وىو بريء ال عبلقة دخؿ السج -رحمو اهلل تعالى-أذكر أف الشييد وليد حماد ... وكانت ىذه الحادثة أحد األسباب في ىداية ذلؾ السجافوقد ثبت .. -تغمده اهلل، وسائر إخواننا الشيداء بفيض رحمتو ورضوانو-اعتقؿ لقرابتو مف األخ الحبيب النقيب إبراىيـ اليوسؼ .. لو بالجماعة

.لدى المحققيف والجبلديف ىذا عف وليد

المركزي بحمب، فضج اإلخواف، وكانت أيامنا أياـ عز، وقد كاف وكاف يـو حاوؿ أحد السجانيف االعتداء عمى أحد األخوة المعتقميف في السجف .إخواننا المجاىدوف يصموف أسدا وأزالمو نيرانا حامية

وكاف قوي البنية، -فما كاف مف عناصر المخابرات إال أف يشتطوا عمى إخواننا، فتصدى ليـ وليد، فأخرجوه مف الميجع ليعذبوه، فياجميـ وليد واستنفرت أجيزة المخابرات، وىاجمت السجف عدة سيارات محممة بالعناصر، واستاقوا .. مكف مف صرع ثمانية سجانيفوت -مفتوؿ العضبلت

..األخ البطؿ وليدا إلى فرع المخابرات العسكرية بحمب

ؾ ال عبلقة لؾ باإلخواف؟أن: ألـ تقؿ لنا.. يا وليد: وفي فرع المخابرات العسكرية ىذا قاؿ لو رئيسيا آنذاؾ، العقيد عدناف راـ حمداني

صحيح قمت لكـ ىذا، ولكني أدعوؾ إلى الذىاب إلى السجف، والعيش مع اإلخواف مدة أسبوع فقط، وسوؼ ترى نفسؾ أنؾ : فأجابو وليد بحـز .أي صرت إنسانا مسمما ميذبا ال كما أنت اآلف( خمؽ)صرت

ؽ انتصارا عمى السجانيف، وانتصارا عمى رئيس المخابرات العسكرية بحمب، وابتمعيا العقيد وخرس، ثـ أعاده إلى السجف المركزي وقد حق ..وانتصارا عمى نفسو وانتصارا إلخوانو عمى الظالميف، إذ حفظ ليـ ىيبتيـ وكرامتيـ

قد خرج مف السجف إلى ولكنو خيب ظنيـ، ف... وكاف مف نتيجة ذلؾ، أف أخموا سبيؿ وليد وأفرجوا عنو، قبؿ أف يتأثر بشباب اإلخواف وبفكرىـذا ىو شاب مرىؽ، وقد خؼ وزنو وشحب لونو، وعندما سألتو أماـ األخ العمؿ المسمح، ولقد شاىدتو بعد خروجو وخروجي مف السجف، وا

لبث أف ثـ ما.. إنو يقاتؿ في الميؿ، ويبني القواعد في النيار.. انظر إلى كفيو: النقيب عف سبب ىذا الضعؼ وىذا الشحوب أجابني النقيب ..استشيد في القاعدة التي داىمتيا مئات العناصر األسدية فقتؿ منيا وليد مقتمة عظيمة

ـ مخمصيف مما يمفت نظر القارئ ىذا الجيؿ االستشيادي الفريد مف أشباؿ اإلخواف المسمميف، فقد طمقوا دنياىـ طبلقا بائنا، وأقبموا عمى آخرتي .الناشئيف في طاعة اهلل المقبميف عمى جنتو، ليكونوا مف الذيف يظميـ عرش الرحمف بظمو يـو ال ظؿ إال ظمومنيبيف، فكانوا نماذج حية لمشباف

أف .. فأي إيثار أعظـ مف ىذا اإليثار؟.. ولعؿ ظاىرة اإليثار الذي تميز بو الشباب، مف أقوى اإليجابيات في حياة ىؤالء األحبة األسرى - 3في الصفوؼ األولى التي تتمقى أعنؼ الضربات، وأقسى ألواف التعذيب عمى أيدي جبلوزة أسد، بينما يبعدوف يتقدـ الفتية الشباب ليكونوا

..المرضى والعاجزيف والكيوؿ والشيوخ إلى الصفوؼ الخمفية، كيبل تناليـ الصدمة األولى مف التعذيب الوحشي

لى .. يا حسرة عميكـ أييا الشباب .أمثالكـ في ىذه األياـ العصيبةفما أمس حاجة الدعوة إليكـ وا

..أي عقوبة تمكـ التي ستنزؿ بيؤالء الجبلديف الذيف فعموا األفاعيؿ بأولئؾ األحبة؟.. ترى

..الميـ أي ال أكاد أتصور عقوبة تشفي منيـ الغميؿ

...الميـ مكنا مف ىؤالء الوحوش األنذاؿ، لنثأر منيـ لدينؾ ولجندؾ ولنشفي بثأرنا صدور قـو مؤمنيف

ادرسوا حياتيـ جيدا، .. محمود ورامز وىماـ وعبد اهلل وعصاـ ووائؿ وفيد.. ىؤالء ىـ.. ىؤالء ىـ إخوانكـ الذيف سبقوكـ إلى الجنة.. يا شبابعي الرايات دعوا راف.. ودعوا السفمة ودعاة الفتنة والمزايديف في أسفاؼ.. ثـ اتخذوىـ قدوة لكـ، وسيروا عمى نيجيـ، لتفوزوا في الدنيا واآلخرة

دعوا ىؤالء فيؤالء ليسوا منكـ ... البيض والمنبطحيف والمستسمميف والمستفيديف مف ىذه الثورة، المثيريف عمى حسابيا كما أثرى عمبلء أسد

وا أنفسكـ ىؤالء ليسوا قدوتكـ، وال يستأىموف أف تنظروا إلييـ إال نظرات اإلشفاؽ الحزيف، وال تشغم... إنيـ عمؿ غير صالح... ولستـ منيـ ..تافيوف.. تافيوف.. ألنيـ تافيوف.. بيـ

..يا ىوووووو

؟...ترى أي ثأر سيكوف الثأر ألولئؾ األطيار

..إف اآلفاؽ ينبغي أف تصبغ بالحمرة القانية

..وعمى كؿ مجاىد أف يضع عمى عينيو نظارة حمراء، يرى مستقبؿ أولئؾ األشرار األسدييف مف خبلليا

:مجاىدوفوليكف شعاركـ أييا ال

..ليقتؿ كؿ منكـ أسديا واحدا عمى أقؿ تقدير

..والموت والعار لمجبناء والمستسمميف

..فالثأر الثأر لتدمر الحمراء

..ولف تطفى الحرائؽ في قموبنا وأعصابنا إال أنيار الدـ تجري عبر الزماف

..فمنثأر نحف

..ولنرب أوالدنا وحفدتنا عمى الثأر

...إال الحذاء فميس لمعقرب حافظ أسد

..وال يفيـ غير لغة الحذاء الذي سندوسو بو

.. وليس لنا مف مادة نتعامؿ بيا مع تمؾ الوحوش الجبمية إال الثأر والنار

..فانتظرونا أييا الجبلدوف مصيركـ المحتـو

..فإننا منتظروف

..انتظر يا فيصؿ ويا سميماف ويا فواز ويا شعباف ويا ديوب

..ىيو صواعؽ السماء

..ىيو براكيف األرض

..تفجري حمما، وطيري األرض مف ىؤالء األوباش

..يا ثارات اهلل تحفزي

..يا استغاثات األعراض استوفزي

..يا لوعات المنكوبيف في سجف الموت قد جئناؾ

..ويا أعداء اهلل واإلنسانية قد جئناكـ بالذبح، فمدوا الرقاب

..جية ىذه الوحوش الجبمية في سجف تدمرويا شعراء العالـ اقرؤوا سطورا منو ىم

..يا فناني العالـ اقرؤوا قصة المأساة

..ثـ خمدوا إقداـ ىؤالء الشباب

..خمدوا ىؤالء الشباب الشيداء األطيار

..واجعؿ الميـ دماءىـ نارا تمظى، تحرؽ الظالميف، وتنير الطريؽ لممجاىديف ولسائر المسمميف

الميـ اجعؿ قتميـ عمى أيدينا .. الميـ احصيـ عددا، واقتميـ بددا، وال تغادر منيـ أحدا.. عبيده وأزالمو وأركاف نظاموالميـ احصيـ أسدا وقبيمو و .وسبلـ عميكـ إخوة الجياد في الخالديف.. وبأيدنا يا منتقـ يا جبار

25/8/1985

"أسرة النذير"

توطئة

.أخي القارئ الكريـ

ىذا العمؿ ناقصا، والخبر غير مكتمؿ فالكماؿ هلل وحده، والعذر أماـ اهلل وأمامؾ، وأف أخاكـ قد بذؿ جيده، وسعى قد يكوف ىذا الجيد قاصرا، و ف لـ يمكنو أف يحصي في ىذا العمؿ كؿ ىذه األحداث، فقد ذكر جميا، وفي ىذا غناء لمف وعى، أف يتذكر أولو األلباب .طاقتو، وا

ف ىذه الصفحات إنما ىي عصارة روح آضيا ظمـ فادح، ونزؿ بيا بغي فاجر، وأحاطت بيا محف وأىواؿ إ: أخي القارئ الكريـ يمكنؾ أف تقوؿوميالؾ بؾ ما في تمؾ الكممات مف معاف، وىكذا فإف صاحبيا عاجز عف نقؿ كؿ ما عاناه وعاشو ىو وزمبلؤه المعتقموف مف صنوؼ الببلء،

لى كؿ ذي ىمة ومروءة وشيامة، خبر ما عاناه وما عاينو في تمؾ ولكنو يرغب مف صميـ قمبو أف ينقؿ إلى المؤل كؿ ذ ي بصر وبصيرة، وا نو يقوؿ ويعمف بكؿ أسى وحرقة، أف ىذه األوضاع واألحداث الرىيبة مستمرة، بؿ 1982وتموز 1980الفترة، ما بيف آب مف أحداث رىيبة، وا

ستة آالؼ معتقؿ، فانيـ اآلف يجاوزوف التسعة 1982وت تدمر في أواخر عاـ فمئف كاف نزالء السجف سجف الم.. إف وتيرة المكابدة في ازديادولئف كانت أحواؿ المعتقميف في سجف الموت في تدمر مؤسية منذ أوؿ يـو وجدوا فيو، مف جميع .. آالؼ، سوى مف ىمؾ خبلؿ ذلؾ الوقت

فكيؼ ىي أحواؿ ىذه األلوؼ المؤلفة مف 1982أواخر عاـ النواحي المعيشية والصحية، وخطيرة جدا بعد ذلؾ مف النواحي المذكورة، حتى؟ ولئف كاف الجوع يطحنيـ واألمراض والتعذيب واإلعدامات تفتؾ بيـ في المعتقميف الذيف يكدسوف أعدادا فوؽ أعداد؟ فكيؼ أحواليـ اليـو

إنيا قتؿ بطيء ! ي سجف الموت أف تسمى حياة؟وىـ ستة آالؼ، فكيؼ وقد تضاعفت أعدادىـ؟ ومف أيف لحياتيـ الميمكة ف 1980أواخر عاـ .عدا القتؿ وعدا اإلعدامات وعدا الجوع والمرض

فيؿ يطيب لذي ضمير أف يينأ بالطعاـ والشراب، ويشرب قيوتو، وينفث دخاف سيجارتو في تراخ وكسؿ، وىو يعمـ يقينا سوء ما يبلقيو إخواف .في اإلنسانية عمى أقؿ تقدير –لو

.و أف ال تذىب في وادإنيا صرخة أرج

نو استصراخ ألصحاب الضمائر والمروءات .وا

نو نذير لمساىيف السارديف ..وا

..ونذير لمممالئيف لمظالميف

نو ىزة لمغافميف والمتغافميف ..وا

نيا صرخة المظمـو في وجو جبلده المئيـ ..وا

.بغافؿ عما يعمؿ الظالموف فجر مشرؽ وضاء، وما ربؾ –ميما طاؿ –ولكنيا محنة ستنقضي، وليؿ سيعقبو

وعمى اهلل قصد السبيؿ

"خالد فاضؿ"

في السابعة والنصؼ صباحا قاصدا مركز عممي في إحدى إدارات الدولة وقد تسحرنا ىذا اليـو األوؿ مف 10/7/1980خرجت صباح يـو مشاغؿ كثيرة، أفكار مختمفة، . كسائر األياـ كاف يوما عاديا . لقيت في طريقي بعض الناس فسممت عمييـ مف بعيد. شير رمضاف المبارؾ

يجب أف تثمر الجيود وأف نقدـ أكبر خدمة ممكنة ليذا الوطف ونحصؿ عمى أفضؿ . اليـو سوؼ أنطمؽ إلى العمؿ كالعادة، سوؼ أكوف مجدا .ليكف األمر جدا، فمصمحة العمؿ أوال وأخيرا . النتائج، لف أتياوف مع المعطميف

أنفؽ ببلؿ وال تخش مف ذي العرش )والبركة، ال بد مف إفطار شيي مناسب ومف أنفؽ ووسع عمى عيالو وسع اهلل عميو رمضاف شير الخير ...أصبح عمؿ الخير مخيفا في ىذه األياـ. مف لؤلرامؿ واليتامى والمشرديف في شير الخير؟( إقبلال

...ال تؤاخذني ال أجسر أف أدعوؾ لزيارتي: ؿ ليقا. التقيت البارحة بصديؽ خرج حديثا مف السجف فينأتو بالسبلمة

...قد ال تصدؽ ولكف مف جرب عرؼ: قاؿ الصديؽ. عجيب أمر ىذه الدنيا في ىذه األياـ، سخرت مف ىذا األمر في نفسي

تجا فعاال خير مف أف العمؿ واإلنتاج ىما األساس وألف تكوف عامبل من. أمامي اليـو عمؿ كثير. مالي وليذا األمر ال أريد طبعا أف أجربمررت بالسوؽ واشتريت بعض المواد ووضعتيا في حقيبة الخضار، ال بأس . متحذلقا ترائي الحكاـ، وال تعمؿ وال تنتج إال قميبل ( سياسيا )تكوف

لمحياة ولموطف شبابا أمر ىاـ وميمة جميمة أف تربي أطفاال وتخرج. أف ترسؿ ىذه األشياء إلى البيت ليفرح العياؿ بإفطار رمضاني شييوأعيف ورجاال منتجيف، وعمى خمؽ حسف أمناء في الفكر والعمؿ، مررت بالبقاؿ المواجو لمدائرة فقد كاف مف العادة أف أمر بو كؿ صباح

اليـو عمى ألشرب معو كأسا مف الشاي، وىو يمقي بنكاتو الساخرة ويضحؾ بمرارة، ويقسـ أف بطف األرض أصبح خيرا مف ظيرىا، لـ أجدهكاف خاليا تماما، أنا ال أحب .. وضعت حقيبة األغراض أماـ الدكاف أماـ بصر ابنو الصغير، نظرت إلى باب المحؿ المجاور. خبلؼ العادة

حب محؿ تضييع الوقت في األسواؽ، ولكني أجد ىنا في الغالب أبا محمد موظؼ الزراعة وأميف أستاذ التاريخ الذي ال يجد عمبل وعبد اهلل صاالنوفوتيو، فقد اعتادوا أف يشربوا كأس شاي سريعة قبؿ االنطبلؽ إلى العمؿ، وكنت أمر بيـ في بعض األحياف ألسمع أخبارىـ الجديدة، عف

.المظاىرات والتمشيط والمحاكـ الميدانية وغيرىا، فقد كانوا ينفذوف إلى دقائؽ األمور وىـ يحمموف كؿ قضية، غريب أمر ىذا اليـو

ولـ تعتقؿ وأنت : قمت. أنا خائؼ مف االعتقاؿ فيؤالء الحكاـ طائفيوف وأنذاؿ: ت البارحة مع صديؽ لي معمـ في إحدى المدارس قاؿتحدث ..بريء لـ تفعؿ شيئا يخالؼ القانوف؟

ف في الناس يمينا وشماال، حتى إنيـ يضربو .. ىؤالء ال يعرفوف شيئا اسمو قانوف، وال ييميـ ما إذا كنت عممت شيئا مخالفا أـ لـ أعمؿ: قاؿلى أف يتحققوا مف براءتو، .. الحزبيوف ليسوا في أماف ببلدنا في محنة، تسمطت عمييا ىذه الفئة غدرا وقيرا، يأخذوف اإلنساف ىكذا بالشبية وا ..يفقد نصؼ حياتو أو كميا

االعتقاؿ

مف الناس كالعادة بؿ وأكثر، إنيـ ال ينتظرونني بؿ ينتظروف الموظؼ وصمت إلى مكاف عممي متأخرا بعض الشيء، وجدت عمى الباب جمعا عممو الكبير وكاتبو األمير وال حوؿ وال قوة إال باهلل العمي العظيـ، وقاـ أحدىـ إلي، فظننت أنو يريد مجرد استفسار مني، ولكف تبيف لي أف

.ؾ ربؾ؟ أسرع فاقض لو حاجتو وكفاؾ تعطيبل لوعندي وشعرت بالحرج والخجؿ، أتركت إنسانا ذا عمؿ ينتظرؾ؟ أيسامح

أسرعت إلى طاولة العمؿ، وبينما أنا أمسؾ بالقمـ ألخط بعض الكممات، اقترب مني زميؿ وأشار إلى ثبلثة أشخاص جالسيف قريبا وقاؿ أنت فبلف؟: وبدت الوجوه غريبة عمي وقاـ أحدىـ فسمـ وسألني. إنيـ ينتظرونؾ: ىامسا

..نعـ: قمت

أىبل وسيبل، كتبت شيئا، وناولتو لمرجؿ وكاف آخر عمؿ، وخرجنا مف : ودار سؤاؿ في ذىني قمت.. نريدؾ لخمس دقائؽ في الدائرة: ؿقاركبنا السيارة وسارت بنا كانت كؿ خطوة تبعدني عف أىمي وعف حياتي وأوالدي . المكاف فإذا سيارة في طريؽ جانبي فييا رجاؿ مسمحوف

كميا عذاب وقير وموت، وألشيد الظمـ ليبل حالؾ السواد يمؼ ببلدنا الحبيبة، ويطيح بحياة األلوؼ مف أبناء ىذا الشعب وعممي ألعيش حياةويييؿ عمييـ البمدوزر التراب، ( تدمر)ليمقييـ جثثا ىامدة مشنوقة بحباؿ رفيعة عمى خشبات رىيبة، وتمقييـ في حفر ضخمة في صحراء

عيشوف حياة ىي إلى الموت أقرب، ولوال إيمانيـ ولوال صبرىـ لماتوا قيرا، فالموت أىوف بكثير مف حياة يـو واحد وليترؾ آخروف أشباه بشر ي .واهلل لوال أف قتؿ النفس حراـ لما ذقت طعاما حتى أموت: الظمـ، حتى ليقسـ اإلنساف البسيط قائبل ( تدمر)في

إلشفاؽ والضيؽ، وبعد وقفة قصيرة في أحد فروع المخابرات انطمقت بنا السيارة إلى كاف في الدورية شاب نحيؼ أسمر تبدو عميو عبلمات اتشجعت . كانت السيارة قوية سريعة، وأنا جالس في المقعد الخمفي وبجانبي عنصر مسمح وفي األماـ آخر والسائؽ. مركز مخابرات المحافظة

ما ىي القضية التي تريدونني فييا؟: وسألت

..يطةال بس: قاؿ األسمر

.أرجو أف يكوف ذلؾ سريعا : قمت

..ال تستعجؿ: قاؿ األسمر

.حرت ماذا أقوؿ

معتقؿ أمف الدولة بإدلب

وفي بناء طويؿ ضخـ كأنو مدرسة دخمنا مف باب جانبي وسرنا في ممر طويؿ وأنا ال أكاد أشعر بشيء، وقد أنست إلى األسمر ولكنو كاف ..ومضى. دير بالؾ عميو: ناء وسممني ىناؾ إلى رجؿ في يده رزمة مفاتيح وأوصاه بي قائبل نزلنا درجا إلى قبو الب.. يبدو يائسا

قمت .. وأغمؽ الباب ومضى.. خذوا ىذا لعندكـ: وقادني السجاف إلى باب أفضى إلى ممر متعرج عمى جانبيو أبواب، فتح أحدىا وأدخمني وقاؿأيف أنا مف الوظيفة والعمؿ وتقديـ الخدمات . فماذا بعد؟ ولو عرفت لقمت أنو أدىى وأمر زنزانة مظممة وأبواب حديدية.. ىذا أوؿ الغيث: لنفسي

نظرت فإذا أناس جالسوف وخجمت . تفضؿ يا أخ: لمناس والعياؿ وكيؼ يعيشوف بعدي؟ وعمى الدنيا السبلـ، وناداني صوت مف داخؿ الزنزانةىؿ أقوؿ ليـ أنا مستعجؿ؟ . تفضؿ يا أخ: ىذا المكاف فكيؼ أدخؿ؟ وأعادوا الكبلـ كاف قمبي ييفو إلى خارج. مف نفسي، فألقيت عمييـ السبلـ

أنا مشغوؿ؟ ورائي عمؿ أريد أف أعود، وىؿ ذلؾ بيدي؟ فماذا أعمؿ يا رب؟

بدو ي: قمت لنفسي. تفضؿ إلى ىنا: نزعت حذائي وجمست في طرؼ الغرفة كضيؼ خجوؿ، فشددوا الطمب. يبدو أنو البد مف الجموس.. ولكف .أني حممت بيف قـو كراـ فميس مف المناسب أف أخرج دفيف قمبي فأزعجيـ، ولكف لساف الحاؿ كاف ينبئ عما في األعماؽ

التحقيؽ والتثبيت

حؿ . مضى الوقت وألفت الجموس والنظر إلى الجدراف الكالحة، ولكف شوقي إلى رؤية السماء كاف حارا، وألمي مف الباب المغمؽ كاف مرا اء وكانت أياـ رمضاف شير الخير الذي طالما أمضيناه في حاؿ مف السرور حيث نجتمع عمى مائدة اإلفطار الشيية بانتظار مدفع المس

كنا اإلفطار، ونغرؼ لمجيراف حتى ال نؤذييـ بقتار قدورنا ويغرفوف لنا فيكوف خير عمى خير، وكانت مائدتنا اليـو عامرة بالنسبة لوضعنا حيث .نجد ما نأكمو فإذا بالمائدة وقد حوت ما يسد الرمؽ ويذىب ألـ الجوع، فالحمد هلل رب العالميفنتوقع أف ال

الذي ىو قبو أرضي في بناء كاف مخصصا لمدرسة، كاف ىناؾ حوالي ثماني زنازيف فييا حوالي ثبلثيف ( معتقؿ أمف الدولة)في ىذا المعتقؿ بالخروج إلى الدورة واحدا بعد واحد، وبمساعدة مف األخوة كممت بعض مف أعرفيـ في معتقبل، وسنحت فرصة في المساء حينما سمح لنا

دبر .. أنا حكيت عميؾ تحت التعذيب: وعممت شيئا عف سبب اعتقالي قاؿ لي أبو ببلؿ بالحرؼ الواحد" أبو ببلؿ"الزنزانة المجاورة وخاصة .حالؾ

كيؼ أدبر حالي يا أبا ببلؿ؟: قمت

.ال أعرؼ: قاؿ

ماذا قمت عني؟: قمت

.ماشي حالو: قمت سمعت أحد األشخاص يقوؿ عنؾ: قاؿ

يعني؟ ماذا تعني بماشي حالو؟: قمت

.متعاطؼ أو شيء مف ىذا القبيؿ: قاؿ

.ال حوؿ وال قوة إال باهلل العمي العظيـ: قمت

:شجعني األخوة قائميف.. طمبت في العاشرة ليبل لمتحقيؽ

.لي عبلقة بأحد، عبلقتي بالناس طيبة، لست ضد الوضعما: قؿ ليـ.. توكؿ عمى اهلل

بو فتح السجاف الباب وأمرني بالخروج واقتادني إلى غرفة جانبية وجاء بمنديؿ أسود فعصب بو عيني جيدا واقتادني إلى ممر ثـ دخؿ بي إلى قاـ إلي وانياؿ عمي ضربا فوجئت بيذه اليجمة المنكرة، شعرت أني أقؼ أماـ إنساف ما، فألقيت السبلـ فمـ يعجبو ذلؾ فق. التحقيؽ وأوقفني فيو

.ثـ أمرني أف أحدثو عف تنظيـ األخواف المسمميف بالتفصيؿ.. وصدمت رغـ أني كنت أتوقع ذلؾ وأكثر منو، ولـ أكف أتصور كيؼ

.ال أعرؼ عنيـ شيئا : قمت

ال واهلل بسمخؾ؟ احكي ميف المي نظمؾ؟: قاؿ ..يا إما تحكي بالطيب وا

.أنا موظؼ بسيط مف بيتي لعممي وىذه ىي حكايتي فعبل وبكؿ صراحة. أنا لست منظما يا أستاذ: تقم

نحف نعرؼ كؿ شيء عنؾ لكف بدنا أنت .. احكي ميف المي نظمؾ في األخواف المسمميف؟ ميف تعرؼ منيـ وبدؾ تحكي كؿ شيء: قاؿ ..تحكي

أنا ال أعرؼ شيئا عف األخواف المسمميف وال . ، أنا أقوؿ الصدؽ وال أكذب عميؾأنتـ تعرفوف كؿ شيء وأنا ال أعرؼ شيئا .. صحيح: قمت .بعمري التقيت بواحد منيـ ىذا ىو الصدؽ

؟..أنت ما بتفيـ بالمعروؼ ولؾ: قاؿ

ا رب ي)واندفع يصفعني ويضربني وىجـ عمي شخص آخر وألقاني أرضا ووضع رجمي في دوالب، وأدخؿ رأسي فيو فجمع رأسي إلى رجمي ؟(ماذا فعمت

..واهلل قمت الصدؽ: صرخت

..كذاب ولؾ: فصرخ

وانيالوا عمي ضربا بالخيزرانة عمى رجمي وعمى ظيري وجانبي، بدأت أشعر بألـ في جسمي كمو، وكأنو يكوى بالنار، وأف ىذه النار تضرب :في العظـ وصرت أتأوه وأصرخ

..سأؿ عنيأنا مالي عبلقة بأحد ا. يا أستاذ يا سيد أنا بريء

..بدؾ تحكي غصبا عنؾ.. كذاب ولؾ: فصرخ في

ودارت الخيزرانات تأكؿ مف جسمي مف الرجميف والجانبيف والظير ومف .. كاف األلـ رىيبا فارتفع صوتي بالصراخ والتأوه. وصرخت رغما عني .كؿ مكاف، وأنا أستغيث وال مغيث ثـ وقفوا بعد أف تعبوا وكموا

؟..ي ولؾبتحك: ونيرني قائبل

..نعـ بحكي ايش بتريدوا؟: قمت

يش بتعرؼ عف األخواف المسمموف؟: قاؿ ىات لنشوؼ ميف المي نظمؾ وا

.واهلل ما بعرؼ شيء عف األخواف: قمت

..خود... ما بتعرؼ يا: فصر عمى أسنانو وقاؿ

الخيزرانات تمدغ بسميا جميع بدني كأنيا األفاعي تنيش وعاد الفمـ مف أولو، وتوالت الضربات عمى رجمي كأنيا النار تكوي العظاـ، وتناولتني :مف لحمي وعدت أصرخ

..أنا بريء.. دخيؿ اهلل يا اهلل أنا بريء -

:وىدأت حمى عذابيـ وعادوا إلى المحاورة.. وكأنيـ حموا أكثر فكأف كبلمي الزيت يمقى عمى النار فغبت عف الوجود

بتحكي ولؾ؟ -

إيش بتريدوا مني؟, ب عائمة وأطفاؿ صغار، ما عندكـ أطفاؿأنا ر . نعـ بحكي دخيمكـ: قمت

ميف المي نظمؾ؟ ماذا تعرؼ عف األخواف المسمموف؟: قاؿ

..انتو بتعرفوا.. واهلل يا ناس ما بعرؼ شيء واهلل ما بعرؼ: قمت

:وعادت الخيزرانات تمعمع وتأكؿ مف رجمي وجسمي وعدت أصرخ وقد جؼ حمقي وضعؼ صوتي وقاؿ أحدىـ

..الكيرباء -

:ووقؼ الضرب وجاؤوا بسمكيف فربطوا كؿ واحد منيما بإصبع مف إحدى رجمي وقالوا

ال منشويؾ بالكيرباء مثؿ العصفور؟ - ...بتحكي ولؾ وا

..يا سيدي واهلل حكيت وبحكي إيش بتريدوا: فصرخت

جسمي رجفة شديدة والنار تسري في دمي وعظامي وسرت الكيرباء في األسبلؾ وكأنما ىي العقارب تدب وتمسع في رجمي ثـ اشتدت فأخذت وتأخذ بقمبي تريد أف تحنقو وتقتمو وصرت أصرخ مؿء فمي ببل شعور وأنتفض كالمذبوح وكأف جسمي أصابو مس شيطاني، وكأنما ركب في

.مت ووقفت الناررجمي زنبرؾ كما في لعب األطفاؿ، فيي تتحرؾ آليا في انتفاضة مستمرة والنار تسري في دمي وجسمي حتى كم

..واهلل بحكي يا سيدي بحكي: وصرخت بصوت ضعيؼ

يش بتعرؼ عف األخواف المسمميف؟: فصرخ المحقؽ منتصرا ميف المي نظمؾ وا

واهلل ما حدا نظمني يا ناس ال أعرؼ األخواف، كؿ عمري ما شفت شخص مف األخواف المسمميف مف أيف أعرفيـ ما حدا قاؿ لي أنا : قمت بألـ .خوافمف األ

وعادت النار تسري في جسمي ويغمي بيا دمي، وأصبح صراخي ضعيفا وصوتي لياثا ال يكاد يسمع وجسمي ينتفض كريشة تضربيا رياح عاصفة مف كؿ مكاف، ووقفت النار وعادت المحاورة القاتمة وال أدري كيؼ مرت ساعتاف مف حياتي كأنيما الدىر، وأخرجوني مف غرفة

ونزع السجاف العصابة عف عيني وأعادني إلى الزنزانة وأنا أستند إلى الجدراف وأجر نفسي جرا، , ثـ إلى الغرفة الجانبيةالتحقيؽ إلى الممر ..شد حيمؾ ىي ساعة وتزوؿ: وتمقاني األخوة يواسونني وييونوف عمي وقاؿ أخ ميندس

كانت الدموع تسيؿ مف عيني ورجبلي متورمتاف مشققتاف، و .. ال:ىؿ تورطت في الكبلـ؟ وأشرت برأسي كالذي يناطح الصخر: وسألني آخركاف جسمي يؤلمني أشد األلـ، وجالت في نفسي خواطر، ما أحمى أف . أردت أف أضطجع فما استطعت. وساقاي مجروحتاف في عدة مواضع

مع عدد مف أىؿ الحي في العمؿ يصاب اإلنساف في سبيؿ مبدأ ساـ شريؼ، تذكرت أنا كنا منذ فترة نسعى لبناء جامع في حينا، وشاركت د بيذا المشروع، وكاف ىناؾ الحاج معروؼ صاحب أرض البناء الذي تبرع باألرض كميا والتاجر يونس الذي دفع مبمغا كبيرا والبناء أبو خال

ىوف عمي ذلؾ أف ىذا وزلقت رجمي يوما فوقعت وكشطت ركبتي وتألمت كثيرا ولكف.. وكنت أساعده. يشارؾ باستمرار في العمؿ واإلشراؼـ يارب؟ إف لـ أكف مف تنظيـ األخواف فأنا مسمـ وأنت يا ربي كريـ، فإني أرجو أف تكوف ىذه اآلالـ : في سبيؿ اهلل واليـو يصيبني ىذا العذاب ل

.منيـ الميـ انتقـ.. في سبيمؾ، وأنيا لظمـ واقع بي مف ىؤالء الطاغيف، وأنت يا ربي ال تحب الظمـ وال يضيع عندؾ شيء

أبو اصطيؼ

وكاف لي في كؿ يـو جمسة . كاف دور المحقؽ يبدأ في العاشرة صباحا ويستمر إلى الثانية بعد الظير، ومف التاسعة ليبل حتى آخر الميؿوكانوا , با العذاب بأكممو قاسيا مريرا رعي( فمـ)تحقيؽ في الصباح وأخرى في المساء، وينشغموف عني بعض األحياف، ويعيدوف في كؿ مرة

.يطمبوف مني أف أكتب ليـ في كؿ مرة اعترافاتي وال يعجبيـ ما أكتب، فيضربونني عميو أشد الضرب

.فتح السجاف باب الممر قبؿ الظير وأدخؿ شخصا فأوقفو في الممر وتركو ومضى

إنو أبو اصطيؼ، كاف .. وىالني ما رأيت يا اهللقمت استرؽ النظر .. قادـ جديد: قاـ أحد األخواف فاسترؽ النظر مف النافذة الصغيرة ثـ قاؿ ..السبلـ عميكـ. أبو اصطيؼ: يقؼ في طرؼ الممر يمبس بدلة رصاصية الموف مكوية، وكأنو جاء ليتفقد أحواؿ المعتقؿ، ناديتو

.وعميكـ السبلـ: أجاب

خيرا إف شاء اهلل يا أبو اصطيؼ؟: قمت

ما جريرة ىذا اإلنساف الطيب األديب الذي ما .. اج األمر إلى سؤاؿ؟ ولكني لـ أكف أصدؽ ما أرىوىؿ يحت: كاف سؤاال حائرا، وأقوؿ في نفسي .عرؼ حتى الكممة الجارحة وال المفظة النابية كمو أدب وأخبلؽ كريمة وعمؿ ونشاط دؤوب واستقامة

.ال ما في شيء سؤاؿ وجواب خمس دقائؽ: وأجاب أبو اصطيؼ

.. خمس دقائؽ( سؤاؿ وجواب)وكدت أصدؽ أنو كذلؾ ( نفس الحالة التي مررت بيا)نو مشغوؿ أو مستعجؿ وكأ.. وكاف عازفا عف الكبلـوجاء السجاف وأدخؿ أبا اصطيؼ الزنزانة المجاورة واستفيـ أحدىـ عف أبي اصطيؼ وأمره فقمت .. حتى لقد ىممت أف أحممو سبلمات لؤلىؿ

.نعـ إلى يـو يبعثوف: حدىـفقاؿ أ. يقوؿ سؤاؿ وجواب خمس دقائؽ فقط: حائرا

الطائفيوف

إنيـ لـ يستطيعوا أف .. أنت أقوى منيـ أنت أقوى منيـ بإيمانؾ( يا فبلف)ال تخؼ : الميندس وأنا ذاىب إلى التحقيؽ( س)قاؿ لي األخ .اعرؼ ما تقوؿ واذكره فأنت مسؤوؿ عنو.. يطاولوؾ فراحوا يعتدوف عميؾ بالضرب

.فيواسيني األخوة بكممات رقيقة مشجعة كالبمسـ يمسحوف بيا الجراحاتوأعود بعد التحقيؽ محطما

جاء أخ منقوؿ مف الفرع العسكري لبعض التحقيقات، كانت حالو سيئة جدا، رجبله مضمدتاف ويده متورمة مف الكوع وفي وجيو كدمات مختمفة ذا ىو يحسدنا عمى حالنا في معتقؿ أمف الد :ولة ويقوؿوحوؿ عينيو ىالتاف سوداواف، وا

الطائفيوف عندكـ ال يعمموف بأيدييـ بؿ بصفة مراقب فقط، بينما عندنا يتولوف العمؿ ( أسيؿ مف شربة ماء)أنتـ بخير وعافية، تحقيقكـ ىنا -ال فإف مصيره التحطيـ أو الموت،( ما جرى وما لـ يجر)بأيدييـ ىناؾ يؤخذ المعتقؿ لمتحقيؽ فإما أف يتكمـ بما يريد المحقؽ ذا لـ يمت وا وا

شاباف في شرخ الشباب في سف العشريف قتبل أماـ عيني بعد عذاب رىيب استمر أربع ساعات متوالية .. فسوؼ يعود إلى التحقيؽ مف جديد .أحدىما ىو األخ سيؼ الديف طرشو، رحمو اهلل، فترحمنا عمييما، وحمدنا اهلل الذي ال يحمد عمى مكروه سواه

إلى دمشؽ

.ي يده ورقة مكتوبة ونادى باسمي وأمرني أف أوقع عمييا وقد أخفى ما فيياجاء السجاف وف

عمى أي شيء أوقع؟: قمت

.مالؾ عبلقة يا إما بتوقع يا إما باخدؾ إلى غرفة التحقيؽ: قاؿ

ي الورقة كبلما يسيرا عرفت ف. وليكف ما يكوف واخمص مف العذاب فوقعت: وأشار بيده. وقع(: س)قاؿ . نظرت إلى األخوة حولي أستفيـ منيـ .لحظتو خبلؿ التوقيع، كاف اعترافا ممفقا بأشياء ال أعرفيا

. وتذكرت. نقؿ: قاؿ بعض األخوة. وفي اليـو التالي كاف في المعتقؿ حركة غير عادية، فقد جاء أشخاص آخروف ونودي بأسماء منيا اسميولـ أعر األمر كبير اىتماـ ...( واهلل ألبعتؾ عمى الشاـ يا: )يئس مني فقاؿ لقد ىددني المحقؽ في آخر جمسة تحقيؽ وآخر حفمة تعذيب وقد

.فماذا في الشاـ أو غيرىا؟ ولكني عرفت فيما بعد معنى ىذا التيديد، ولكف بعد فوات األواف

ترقب ومضت أياـ صعبة طمبت مف قبؿ المخابرات فيربت واختفيت خائفا أ: مدرس الرياضيات قاؿ( ع)الموت حدثني األستاذ ( تدمر)ففي قرابة شير ولـ أكف مف المجرميف وال ارتكبت أي ذنب يعاقب عميو القانوف، ولكني متديف أصمي وأصـو وكاف لي بعض األصدقاء المتدينيف،

ذنبا، إال مف رحـ ال يعود، بريئا كاف أـ م( الذي تأخذه المخابرات)ولكف في ىذه األياـ الكؿ مجـر حتى ولو ثبتت براءتو، ونحف نرى الذاىب .اهلل ليحدث عف العذاب واإلرىاب

ضاقت بي الحاؿ وصعب عمي مواصمة االختفاء فتوسط لي بعض األقارب لدى مسؤوؿ كبير في المخابرات وأخبره بأمري فقاؿ لو بالحرؼ .ليس متيما بشيء، ولكنو مطموب إلى الشاـ ومف يذىب إلى الشاـ ال يعود فمييرب: الواحد

فسممت نفسي لممخابرات .. ما دمت لست متيما بشيء فسوؼ يكوف تحقيؽ يسير فبراءة فعودة: ولـ أقتنع، وقمت لنفسي( ع)ستاذ ويتابع األ .واقتادوني إلى دمشؽ ثـ إلى تدمر الموت ىذا ولـ أرتكب واهلل جرما

ت فيو أياما قميمة، اعتدت فييا عميو، حيث أنني ىنا ودعت األخوة، وعز عمي أف أترؾ ىذا المعتقؿ الذي عش.. إذف الرحمة اليـو إلى دمشؽف لـ أكف أراىـ أو أسمع عنيـ، ولو كنت أعرؼ تدمر وما ينتظرني فييا لوقفت وجبل أماـ ىذه الرحمة .قريب مف األىؿ وا

ندروفر وانطمقت السيارة بنا كنا ستة أشخاص جمعونا مف زنازيف مختمفة وقيدونا بالسبلسؿ حتى أصبحنا كتمة واحدة، ووضعونا في سيارة الىكذا كنت ألقي نظرة .. تركنا وراءنا حياتنا كميا وأىمينا. لـ نودع أىبل ولـ نر قريبا . إلى دمشؽ( وقد ممئت مف األماـ والخمؼ حرسا شديدا )

ثني أنيا رحمة ليس مف السيؿ ىؿ مف عودة يارب فقمبي يحد: الوداع عمى تمؾ الربوع التي طالما سعيت فييا بآمالي وىمومي وأقوؿ بحسرة .الرجوع منيا

وصمنا إلى دمشؽ فسجف الحمبوني . وحراسنا مفطروف طبعا .. كانت أياـ رمضاف المبارؾ وصمنا نحف المعتقميف المنقوليف رغـ رخصة السفركيؼ : )اح وقبؿ التحقيؽ ويسأؿكاف أحد الجبلديف يأتي فيتفقدنا في الصب. مع المساء، وكاف السجانوف في المحافظة مف نوعيات مختمفة

ذا ىو خبيث كزمبلئو يريد أف يتعرؼ عمى حاؿ مف سيجمدىـ في التحقيؽ ليعرؼ مدى تحمميـ، وكاف السجاف (حالكف ؟ وكنا نظف بو خيرا، وا .سعيد مثاؿ الغباء والقسوة

لؤلخوة جاىبل متغطرسا ينظر إلينا باحتقار، فمما كما سجف مع األخوة في إحدى الزنازيف عنصر مخابرات ارتكب مخالفة وكاف شديد اإليذاء ذا بالندـ عمى ما فات يقرع قمبو، فكاف إذا خبل بنا بعد ذلؾ أو بعدت عنو عيف الرقيب : يقوؿ عايش األخوة يوميف إذا بو ينقمب حمبل وديعا وا

خوتي ويبدي أسفو وحزنو عمى ما بدر منو تجاىنا ..أنتـ أعمامي وا

ي في معتقؿ الحمبون

معتقؿ الحمبوني قصر قديـ مؤلؼ مف طابقيف وممحؽ صغير وقبو وأمامو حديقة واسعة ويحيط بو سور عاؿ وأسبلؾ شائكة، وعمى يميف .ـ مشبكة بالحديد كالقفص،وعمى اليسار الدخؿ في أقصى غرفتاف أيضا 2×3الداخؿ في الحديقة قبو طويؿ فوقو غرؼ وأماـ بابو فسحة يسيرة

ة إلى مكتب في زاوية البناء اليمنى وتمقانا ىناؾ عنصر مف المخابرات سممو رئيس الدورية أوراقا ال شؾ أنيا تخصنا فاستمميا أدخمتنا الدوري: كاف فارغ الدماغ، قد حشي ذىنو بأشياء غريبة عبر عنيا بقولو. منو عمى مضض والتفت إلينا فعدنا بالخيزرانة وسبنا وشتمنا وىـ بضربنا

كاف في ذىنو أف المعتقميف مجرموف ىكذا قبؿ أف تثبت التيمة أو حتى قبؿ أف . ونحف ال قتمنا وال نقتؿ أحدا ( لو شفتوني بره قتموني... انتو يا) .توجو التيمة

و فجاء بوعاء كبير في. نعـ: أنتو صايميف؟ قمنا: فقادنا إلى القفص فوضعنا فيو وسألنا( أبو سميح)سممنا بعد ذلؾ إلى سجاف آخر يدعى وجاء بعد ذلؾ السجاف أبو سميح فادخؿ أربعة . وىكذا أكمنا مف الشوربة ما يسر اهلل. بعديف: طمبنا ماء فقاؿ. كموا: شوربة مميئة بالحصى وقاؿ

عمى جانبيا منا في القبو وقادني وآخر إلى البناء الرئيسي وسار بنا في ممر طويؿ وفتح بابا حديديا ونزلنا درجا ضيقا إلى صالة صغيرة جدا أربعة أبواب أدخمني مف الباب األوؿ الذي أفضى بي إلى زنزانة ضيقة معتمة وأدخؿ اآلخر الثانية وكاف يبدو مف خبلؿ باب مغمؽ آخر

وفتح شخص النافذة الصغيرة وأطؿ وجو فتى . جياز تدفئة مركزي قديـ متروؾ تراكـ عميو الغبار وبعد ذىاب السجاف سمعت أصواتا ( شودير) .وعميكـ السبلـ: ورددت عميو بود. السبلـ عميكـ: يؿ بمحية شقراء فحياني بقولوجم

نحف جيرانؾ في الغرفة الجماعية، كيؼ حالؾ، وماذا تحتاج؟: قاؿ

وجاء. وشكرتو ثانية وجمست أتمتع بالوحدة وأستأنس بذكر اهلل( خبز وحبلوة)فشكرتو وطمبت منو شيئا مف الماء فأحضر لي ماء وطعاما أنت منظـ : يقوؿ. السجاف في حوالي منتصؼ الميؿ فأخذني إلى الطابؽ العموي وعصب عيني وأدخمني عمى محقؽ باشرني بالتيديد والوعيد

.ولـ يترؾ لي فرصة لمكبلـ أو المعارضة ثـ أعادني السجاف إلى الزنزانة( ويشير إلى أوراؽ أمامو)في اإلخواف ىذا أكيد وأنت معترؼ ىنا

( 4) رقـ الزنزانة

وفي اليـو التالي جاء السجاف فأخذني مف الزنزانة وسار بي في الممر الطويؿ إلى الحديقة ثـ إلى القبو فدخمنا فيو وقادني في ممر عمى أغمؽ الباب ومضى كانت ( 4) جانبيو غرؼ وأبواب حتى أدخمني زنزانة ذات باب واطئ في آخر الممر ضيقة كانت ىذه ىي الزنزانة رقـ

.لزنزانة كالعمبة واطئة السقؼ ليس ليا نوافذ سوى باب صغير مف خشب سميؾ وفي وسطو فتحة صغيرة مشبكة بالحديدا

الجماعية في قبو الحمبوني

ولكنو في ىذه المرة وضعني في الغرفة الجماعية وبابيا في ( الشويدر)وجاء السجاف بعد ثبلثة أياـ فأخرجني وأعادني إلى قبو المبنى قرب .زاوية إلى اليسار مع األخ األشقر صاحب المحية وجماعة مف المعتقميف كاف أكثرىـ بالثياب العسكرية رحبوا بي أنست بيـال

كنت نشطا قد مؤلت . وأنا داخؿ إلى الزنزانة الجماعية كتابات عمى الجدراف تحتوي عمى أسماء وتواريخ وشعارات –كاف أوؿ ما لفت نظري .حتماؿ واالحتساب أنو لف يمسكني عف لقاء ربي شيءقمبي مشاعر الصبر واال

الوحدات

( جامعة دمشؽ كمية اليندسة)كاف الشاب األشقر ذو المحية قصير القامة ضاحؾ الوجو أديبا سمس الحديث ودودا وىو طالب في الجامعة جماعية أربعة عشرة شخصا آخروف بالمباس ومعو شاب آخر طويؿ نحيؿ ذكي القمب وىو طالب جامعي أيضا، وكاف في ال( ع –ـ )ويدعى

نحف مف : وكاف في ىذا الجمع سموى، وتحدث العساكر فقالوا. جيش الطائفي عمي حيدر( بالوحدات الخاصة)العسكري المبرقع الخاص وجنكيز خاف في ومف ال يعرؼ الوحدات؟ جيش ظالـ غاشـ يفعؿ في شعبنا كما فعؿ جيش ىوالكو : الوحدات، أتعرؼ الوحدات يا أخ؟ قمت

مغا الببلد المفتوحة قيرا فيي حبلؿ لو بأىميا وماليا وكؿ شيء فييا، أعرؼ أف القاتؿ في ىذا الجيش ال يحمد عمى ما فعمتو فقط بؿ يعطى مبكاف سمير : د عيافعشرة آالؼ ليرة سورية فورا لمف يقتؿ أي واحد مف الشعب فعؿ شيئا أـ لـ يفعؿ وألورد الدليؿ كشاى( 10)ضخما مف الماؿ

وىو .الدج يعمؿ مع أبيو في مقيى صغير بجانب سوؽ الميكانيؾ في مدينة جسر الشغور عمى اليميف الدخؿ إلى المدينة مف جية طريؽ حمباحا كاف طيبا بكؿ ما في الكممة مف معنى ذىب مع أبيو إلى المقيى صب. سنة لـ يتمرس بشقاوات األوالد( 16)شاب لطيؼ طيب القمب عمره

امريف وقبيؿ المغرب حمؿ غمة المقيى ولحؽ بأبيو إلى البيت فقد كانت خطة معروفة ألبي سمير أنو ال يفتح مقياه في الميؿ أبدا وال يسمح لممقمدة قاتما وفي الطريؽ لمح الشاب عساكر الوحدات ذوي البدالت المبرقعة تقطع الطريؽ وكاف الجو العاـ في الب.أف يقامروا فيو ميما كاف األمر

فأحداث الجسر لـ يكف قد مضى عمييا إال قميؿ، فانفتؿ الشاب عائدا ليغير طريقو بعيدا عنيـ ورآه أحدىـ فصرخ بو فأرعبو وأربكو فأرادـر ضحكة االبتعاد ولكف الروسية كانت ممقمة واليد عمى الزناد فبادرتو برشة مف الطمقات النارية، فسقط الغبلـ مضرجا بدمائو، وضحؾ المج

ألـ يمت بعد؟: السعادة الفاجرة، وجاء ينظر إلى الضحية ويغنـ غمة المقيى التي تعب الغبلـ وأبوه فييا طواؿ النيار، ويتساءؿ الضابط شامتا

ويقؼ القاتؿ واضعا فيأتيو اثناف منيـ فيجرونو مف رجميو إلى السيارة الشاحنة الواقفة غير بعيد، فيمقونو فييا ( مات وشبع موتا )ويقرر مف عنده .رجمو عمى جثة الطفؿ الضحية في وضع بطولي يحتاج إلى صورة تذكارية، والروسية مييأة واإلصبع عمى الزناد وتنطمؽ السيارة

ووضع األب يديو عمى رأسو وانيد باكيا في حزف ييد .. مزقت األـ ثيابيا وقطعت شعرىا واعولت وألقت نفسيا عمى األرض وىي تبكيآالؼ ليرة كاممة ال تنقص قرشا، ورفض ضابط الوحدات اإلجابة ( 10)وقبض القاتؿ المكافأة .. يا سمير.. يا سمير يا ولدي يا سمير :الجباؿ

عف أي سؤاؿ، ورفض تسميـ الجثة إلى ذوي القتيؿ بؿ سمموىا لمكتب دفف الموتى في المحافظة ليتولى دفنيا سرا، وسارع الوالداف إلى مكتبؽ عمييما المسؤولوف وسمحوا ليما برؤية ولدىما القتيؿ فألقيا النظرة األخيرة عمى طفميما وأكبا يقببلنو ويشمانو وىو جامد بارد فاغر الدفف وأشف

ماذا تفعؿ األحزاف؟ وماذا تفعؿ اآلالـ؟ لف تفعؿ شيئا إال أف تحفر في القمب جروحا غائرة ال يمحوىا إال.. الفـ وفي صدره ينابيع دـ متجمدةألؼ ليرة بدؿ عشرة آالؼ، ففي جامعة حمب ( 20)عدؿ إليي يعاقب المجـر عمى جريمتو، بؿ لقد ارتفع ثمف القتؿ كما عرفت مؤكدا فأصبح

ذا بالمخابرات تقتحـ قاعة االمتحاف لتوقفو ولتأخذ الطالب الجامعي ( محمود)وبالذات كمية اليندسة، والطبلب في امتحاف يكتبوف ويعمموف وا –يا رب إليؾ ألجأ : )حدث محمود نفسو. اده إلى سجونيا المظممة، أمسكوا بتبلبيبو وىو الشاب الرقيؽ الغض اإلىاب الحيي الخجوؿوتقت

أنت بريء وأي براءة عندىـ ال تشفع، يكفي أنؾ تصمي وأنؾ مسمـ وأنؾ : وخاطب نفسو -أىكذا يجرونني إلى الموت وأنا مستسمـ كالخروؼلباب انفمت محمود مف آسريو وانطمؽ ىاربا كالسيـ فامتدت اليد المجرمة إلى سبلحيا المييأ إلى المسدس الممقـ فوجيتو وعند ا( لست عميبل

إليو وأطمقت عميو طمقات متبلحقة ضربت إحداىما ظيره، ونفذت مف تحت الثدي األيمف، ووقع محمود عمى األرض ولكنو قاـ مغالبا األلـ ال بؿ قوى ( األمف)ا عف أيدي المجرميف وأبتعد، ولكف النزيؼ لـ يتركو يبتعد كثيرا فوقع غير بعيد، وجاءتو قوى فؤلمت بعيد: يقوؿ في نفسو

ده تكاد اإلىاب واإلجراـ فحممتو لتمقي بو إلى مكتب الدفف ليدفف سرا وصدر الجاني ييتز أمبل وفرحا فيا ىي عشروف ألؼ ليرة قريبة جدا مف يالذي خوى بعد سكرة األمس ولعبة قمار البارحة، ولكف الشاب كاف ال يزاؿ حيا وحمؿ إلى المستشفى وكتب اهلل لو عمرا تدخؿ الجيب الفارغ

ما كنت تموت يا كمب، ضيعت عمي : )فعاش ليدخؿ سجوف الظالميف، سجوف المخابرات ولكمتو اليد الجانية المجرمة ويقوؿ لو صاحبيا .يصة يا وحداتفالتسعيرة عندكـ رخ( عشريف ألؼ

يا أخ نحف لسنا مثؿ ىؤالء : كثيروف جدا ناليـ ما ناؿ سمير ولـ ينج مثؿ محمود إال القميؿ لينقؿ إلينا النبأ الذي لـ يعد سرا وقاؿ أحد العناصر .نحف ال نعرؼ شيئا وحينما نذىب في ميمة يبقوننا بعيدا عف مكاف الحادثة.. نحف ال عبلقة لنا بما يجري

؟1980/أحضرتـ تفتيش حماة :سألتيـ

إف ىناؾ خونة مخربيف : نعـ حضرنا ولكنا واهلل لـ نؤذ أحدا بينما كاف النصيريف شديدي البطش، كؿ ما يقاؿ لنا في مثؿ ىذه األحواؿ: قالوا .يجب القضاء عمييـ

.يا أخي عممونا نحف أمانة في أعناقكـ: وكاف حديث طويؿ وتنصموا مف كؿ مسؤولية، وقالوا

لى كفر سوسة إ

فاستدعاني مع معتقؿ آخر فأخذنا ووضعنا في القفص الحديدي أماـ القبو ( أبو سميح)ولـ يطؿ بنا المقاـ في قبو الحمبوني، فقد جاء السجاف ا كانت لـ نكف تعمـ لماذا أخرجونا إلى ىذا المكاف، وظف البعض أنو إفراج خاصة وأف قضايان. وأخرج بضعة أشخاص مف القبو فوضعيـ معنا

تافية وليس عمينا أي تيمة ذات باؿ، وكاف لبعض زنازيف القبو نوافذ صغيرة عمى القفص فرآني أبو اصطيؼ وأوصاني بإببلغ سبلمو إلى كـ كنا حسني الظف ولـ نكف ندري عف الحقد الطائفي ومكره وكيده شيئا ولـ يخطر بباؿ أحد منا أف يعاقب .. أىمو، وكؿ الظف أنو اإلفراج

ف عمى غير جريمة أو جريرة أو أف يقتؿ إنساف ىكذا لمجرد نزوة مف إنساف شاذ حتى صرنا لعبا عند مف يتسموف بقتؿ البشر وقد ماتت إنسا .في صدورىـ القموب

ذا الناس في غدو ورواح ال يشعر بنا أحد ذا وضعونا في سيارة البلندروفر ذات القفص الحديدي، وسارت بنا خبلؿ شوارع مدينة دمشؽ، وا ، وا لى أي مكاف سيذىب؟: كاف البعض يفكر.. المحاؿ مفتوحة واألبواب والحياة الطبيعية لـ تقؼ ولـ تتعطؿ ماذا سيعمؿ إف أفرج عنو، وا

ودخمت السيارة ( 285)إنو الفرع ( كفرسوسة)ىذا ىو المركز الرئيسي لممخابرات العامة المسمى : وصمنا إلى بناء عرفة أحد الموجوديف فقاؿحواجز وحراس وأبواب ضخمة، ثـ وقفت في باحة واسعة واقتادونا إلى بناء ذي طابقيف فأدخمونا فيو، وفي مكاف واسع في المدخؿ ضمف

وضعت طاولة وسرير وكرسي وتمقانا شخص أسود الوجو شديد السمرة متوسط القامة ممتمئ الجسـ، بؿ بديف لو سحنة مغبرة وصوت مبحوح ..وقفوا ىوف: قاؿ بجفاء

نا وفتشنا جميعا وىو مكشر جامد الوجو وكأنو يعامؿ أدوات سيئة يجب الحذر منيا، ومف ثـ أدخمنا في ممر طويؿ قادنا إلى الزنزانة رقـ صف(5.)

ىناؾ : وجدنا ىناؾ ثمانية أشخاص مف المعتقميف، وكاف البناء الذي دخمناه ذا طابقيف وطابؽ أرضي، وكانت صورة المكاف الذي دخمتو كاآلتيفإف ليما منافع مشتركة يفتح ليما ( 6، 5)باب يفضي إلى ممر طويؿ وعميو تفتح مجموعة غرؼ ولكؿ غرفة منافع في داخميا إال الغرفتيف

وثبلث ( 2، 1)كاف يوجد المحاموف وبعض الميندسيف، وفي الطابؽ األرضي يوجد غرفتاف ( 3)بالتناوب في أكثر األحياف، وفي الغرفة كاف يوجد الميندسوف وما لبثنا إال قميبل حتى جيء ببقية األخوة الذيف كانوا في ( 2)مف الزنازيف االنفرادية وفي الغرفة مزدوجات ومجموعة

الحمبوني وقد أفرغ مف كؿ مف فيو إال الشاب الشيوعي وأخاه وشخصا آخر لو عبلقة بيما، وتاجر سبلح كردي وسائؽ براد أجنبي، كاف يقود ح، ورجؿ سوداني كاف يقسـ أف يذىب فور اإلفراج عنو إلى أفخر مطعـ ليشرب خمرا حتى السكر، وذلؾ بعد وجبة ثقيمة مما سيارة مميئة بالسبل

.لذ وطاب

بيف وكاف في الحمبوني أربع نساء عمى األقؿ، إحداىف حامؿ ومعيا أطفاؿ وال أدري إف كانت ىؤالء النسوة قد نقمف إلى كفرسوسة أـ ال، ولكف تمعتقؿ كفرسوسة نساء أيضا، وأنيف يفتشف أدؽ تفتيش مف قبؿ رجاؿ المخابرات، وقد عثر مع إحداىف عند اإلفراج عنيا قصاصة لي أف في

.ورؽ فييا سبلـ مف أحد المعتقميف إلى ذويو، فأوقؼ اإلفراج عنيا وال أدري ماذا جرى بعد ذلؾ

المعتقؿ القديـ أبو سعيد، وكاف سياسيا عريقا لذلؾ كنت تراه : وممف تعرفت عميوسممنا عمى الجميع ( 5)ولما استقر بنا المقاـ في الغرفة رقـ حدثنا عف خبيرا باألمور واألحداث يجيد الحديث ويتقف االستدالؿ واالستنباط وعنده الشواىد واألمثمة، وال يعوزه عمى ما يريد الدليؿ، ولطالما

.مخازي الحكاـ النصرييف

ي الحمبوني وكفرسوسة زىاء سنتيف، فسألناه عمف مر بو مف أشخاص فذكر لنا بعض الشخصيات التي مرت بو، وكاف أبو سعيد قد أمضى فموح فكاف منيـ األستاذ أحمد كيالي مدرس المغة اإلنكميزية الشاعر اإلسبلمي النابغة، وقد بقي معو في غرفة واحدة عدة شيور، وكاف وقتيا مس

يكتب الشعر الجميؿ يعبر بو عما ىو فيو وعف مشاعره ورؤاه، وكاف أبو سعيد يحفظ بعض مقاطع ( أبو إياس)بالقمـ والورؽ، فكاف أحمد كيالي مف شعره، وأرشدني إلى شباب في غرؼ أخرى يحفظوف بعضا مف قصائده، ولـ أتمكف مف رؤيتيـ في وقتيا، وكاف أبو سعيد ولوعا بو يتمنى

وىو موظؼ كبير في مدينة حمب رجؿ في الخمسيف مف العمر، )وحدثنا عف والد لعدة شيداء . لوأف يفرج اهلل عنيما ليصحب ىذا الشاب وأمثاالد مكتمؿ الرجولة واألدب، نير الفكر لـ ير لو مثيبل، كاف لو ولداف استشيدا في غارة مف غارات قوات السمطة في مدينة حمب، ولـ يكف الو

أف يحج في ( لئف فرج اهلل عنيما)األمر ويكتمونو عنو خشية عميو وكاف أبو خالد يعاىد ربو يدري حتى ذلؾ الوقت باألمر، فقد كانوا يخففوف نفس السنة مع أبي الشيداء ىذا، وحدثنا عف أميف األصفر الشاب القوي في جسمو وخمقو ودينو صاحب المحية السوداء الذي ال يخشى في اهلل

عمى دعامة السقؼ رسمو األستاذ أميف وألصقو نكاية في المخابرات، وعف عبد اهلل لومة الئـ، وأف شعار اإلخواف المسمميف كاف ممصقا الطنطاوي وكيؼ اتفؽ مع الدولة ىو ورجاؿ اإلخواف اآلخروف عمى إيقاؼ سفؾ الدماء وأنو لما أفرج عنو مر بجميع الغرؼ فودع الجميع وأنو

اجيف المعتقميف، وعمى أف نحوؿ السجوف إلى مدارس، وحدثنا عف إبراىيـ عاصي نحف اتفقنا مع الدولة عمى إخراج المس: قاؿ لجميع المساجيفكؿ اإلخواف كانوا ىنا رجاال، وال كؿ الرجاؿ شبابا ميندسيف وأطباء ومدرسيف بناة أمة ومربي أجياؿ : يقوؿ أبو سعيد. وتقاه وأدبو وفكره النير

كتب تمؤل ىذا المكاف، وىنا جرائد اليـو وىناؾ جرائد األمس وىذا برنامج الدروس ىنا كانت ال. ىـ الناس ىـ صنعوا ىذه الرفوؼ التي تروفف المخابرات أخذوا كؿ ذلؾ دفعة واحدة في غضبة عارمة ال ذنب لنا فييا.. ممصؽ عمى الباب وفيو مف كؿ عمـ وفف أخذوا الكتب .. وا

كؿ ذلؾ فما أبقوا منو شيئا، ومنعوا عنا كؿ شيء حتى المشتريات بقيت أخذوا.. والدفاتر الشخصية واألقبلـ وديواف شعر ألبي إياس وغير ذلؾ .ممنوعة فترة طويمة وحتى اآلف لـ تعد إلى ما كانت عميو، فبل خضار وال فواكو، وال شيء إال ثياب وسكر وشاي

وأيف أولئؾ الرجاؿ يا أبا سعيد؟: وسألناه

ما رأيؾ يا : ىنا دفعتاف إلى تدمر وعندما طمب أبو إياس إلى رئيس الفرع حيث سألوأخذوىـ إلى تدمر كميـ كؿ أسبوع كانت تذىب مف : فقاؿدفعات كانت تأتي إلى ىنا تبقى أياما قميمة ثـ ترحؿ .. كممة واحدة نقؿ بعدىا إلى تدمر مع المنقوليف. جناة: أحمد في الحكاـ الحالييف؟ قاؿ

.ايا ليتيـ أخذوني معيـ حتى أموت كما ماتو .. إلى تدمر

.صفيـ لنا يا أبا سعيد: قمت

.ىـ ليسوا بشرا بؿ مبلئكة أطيار: قاؿ

كيؼ إذا استمموا زماـ األمور والحكـ كيؼ تكوف الحاؿ؟: قمت

.أستغفر اهلل، يحرس الذئب الغنـ.. ال.. يمشي الذئب مع الغنـ: قاؿ

ر؟أصحيح مجزرة تدمر أنت كنت طميقا وتعرؼ، ىؿ صحيح حدثت مجزرة تدم: ثـ تابع

..فيما أعمـ.. نعـ حدثت: قمت

وكـ قتؿ فييا؟: سأؿ

..كؿ مف كاف في تدمر مف المعتقميف ىكذا األخبار: قمت

أكؿ أولئؾ الناس قتموا؟ لئف جرى ذلؾ فإف تدمر أصبحت مكة ويجب أف نزورىا ونحج إلييا، أال تعمـ االسـ الجديد لسجف : فزفر بحرقة وقاؿ .لوطني لتصفية اإلخواف المسمميفتدمر؟ لقد سموه مركز التطيير ا

لقد تركنا السجانوف مرة يوما كامبل ببل طعاـ، وشعرنا أنيـ ىكذا في اعتباط وحركة غير عادية وسمعنا بعد ذلؾ أنو كانت ىناؾ : وتابع يقوؿ .محاولة الغتياؿ حافظ أسد وبعدىا أتت األخبار عف مجزرة تدمر وتوقؼ إرساؿ المعتقميف إلى ىنا

وف الشيوعي

ا يبدو أف الشيوعييف وقد طاؿ بيـ المقاـ في معتقؿ كفرسوسة، وطاب ولمقدـ دور ال ينكر في اإللفة وخاصة في المعتقبلت والسجوف، لذا دعين .بعا مترا مر ( 25)بعد وصولنا بفترة يسيرة إلى جمسة تفاىـ لتنظيـ أمور الغرفة حيث أف عدد نزالئيا قد بمغ ثبلثيف معتقبل بينما مساحتيا

وتكمـ أحد الشيوعييف عف ضرورة النظاـ والحاجة الماسة إليو حتى تكوف في حاؿ مناسبة وراحة تامة، لذا فبلبد مف رئيس لمغرفة ودعا إلى ف الوقت حيث أ: فوافقنا وتقدـ الديري لمكبلـ وتحديد النظاـ فقاؿ( شيوعي ديري)اختبار أحد الموجوديف ليذا األمر، واقترح رئيس الغرفة السابؽ

شير رمضاف وأنتـ مصروف عمى الصياـ فإف عندكـ بالتالي سحورا ونحف ال نمانع في مثؿ ىذه األمور مع أف النظاـ في المعتقؿ يمنع السير لذلؾ نأمؿ أف يكوف سحوركـ بدوف ضجة( عز النـو)في الميؿ ومع أف السجانيف ال يشددوف في ذلؾ الوقت مف الميؿ إنما ىو وقت راحة ونـو

ف تعودوا فور ذلؾ إلى النـو عمى أف مف يصمي التراويح الطويمة ويزعج بصوتو اآلخريف، وىذا شيء غير مرغوب فيو، ويجب أف وال صوت وا يراعي كؿ منا شعور الباقيف، فإف كؿ واحد في ىذه الغرفة لو حؽ فييا مثؿ غيره، ومف حقو أف يرتاح أو يناـ وال يزعجو إنساف، وخاصة في

بح فإف بعضيـ يرفع صوتو بالقراءة ليرى الناس جودة ترتيمو وحسف تجويده ويقمؽ بذلؾ راحة النائميف ويزعجيـ أجمعيف، فيذا أمر صبلة الص

يتيمـ عمى البطانيات بيدوء وليس ( وعمى مضض)غير صحيح وال نريد أف يحدث، ومف أراد الصبلة فميصؿ بعد االستيقاظ في الضحى أو (.وظير بعض الوجـو والضيؽ)مكاف ويصمي في مكانو بدوف صوت ضربا قويا يرتج لو ال

معؾ حؽ الواجب عمى الجميع في السحور مراعاة مثؿ ىذه األمور وعدـ إحداث أي صوت بالمرة، وسوؼ نتيمـ إذا كاف : وقاؿ أبو اصطيؼ (.ط عمى الحروؼوىكذا وضعت النقا)باب الغرفة مقفبل عف المنافع، ونصمي دوف رفع الصوت إال بقدر الحاجة

ومف ناحية الطعاـ فإنو يصعب أف نأكؿ جميعا ألف عددنا كبير كما تروف . ال تؤاخذوني ىذه أمور يجب أف نتفؽ عمييا: وقاؿ الشيوعي الديرييفطر لذلؾ يفضؿ أف تكوف ىناؾ مجموعات طعامية، ونحف القدماء وحيث أننا لف نصـو طبعا فإننا سوؼ نكوف مجموعة طعاـ ومف أراد أف

فكما تريدوف إما أف تأكموا في مجموعة أو مجموعتيف وكؿ مجموعة تنظـ موضوع الخدمة ( الصائموف)فبل مانع لدينا أف يأكؿ معنا أما أنتـ .بينيا بالتناوب

.ال بأس أما نحف فسوؼ نأكؿ سوية إف شاء اهلل: قاؿ أبو اصطيؼ

عف قطعة نايموف استعرناىما مف الشيوعييف ووضعنا عمييما ما يسر اهلل مف طعاـ وفي المساء جمسنا إلى مائدتيف طويمتيف كؿ منيما عبارةوىكذا أفطرنا بشيية وحمدنا ( برغؿ مطبوخ بالحصى والقش ومرقة بندورة فييا قميؿ جدا مف حبات الفاصولياء وشيء مف الحبلوة والخبز)قميؿ

ـ مف الشاي الساخف فشرب كؿ منا كوبا كبيرا وشكرنا ليـ ىذا الكـر الحاتمي، اهلل عمى نعمو وأفضالو، وتكرـ عمينا الشيوعيوف بإبريؽ ضخويبدو أف حكاية الكوب األوؿ ىذه ممحوظة تماما لدى . وحمدنا اهلل عمى ىذه النعمة، وكاف ىذا أوؿ كوب مف الشاي الساخف منذ زمف طويؿ

وكيرباء محرقة وعذاب ( عمقات ساخنة)تقبلت ليس فييا شاي ساخف بؿ الشيوعييف، فمقد جاءتيـ قبمنا أفواج عديدة مف المعتقميف مف معرىاب، فكانوا يعرفوف ما ليذا الكوب األوؿ مف قيمة فيحرصوف عمى تقديميا ..وا

.وتابع الشيوعيوف في اليـو الثاني في اإلفطار اثناف مف العساكر أغرتيما الشاي الساخنة والسيكارة

مسي الميندس بساـ الناب: شييد الرأي

كنا نعمـ أف ذلؾ أمر بالغ الخطورة بؿ وقد يعني أف تييأ نفسؾ لمموت، . ماذا يعني أف تقوؿ رأيؾ ىكذا بصراحة في النظاـ وفي الفساد والظمـيـ إنو ولـ يكف ذلؾ خافيا عمى أحد، وىناؾ كثيروف قضوا شيداء الرأي الصريح، وكممة الحؽ التي قالوىا وألستبؽ األمور وأحدثكـ عف واحد منخالؼ األخ الميندس بساـ نابمسي الشاب الساذج البسيط الذي لـ يكف في تفكيره أف يواري شيئا أبدا، ولـ يفعؿ ذلؾ وىو ما ارتكب جريمة وال

رار وال عاش ىكذا يفعؿ ما يؤمف بو ويمتزمو باستقامة، ليس في حياتو أس. كاف ميندس ميكانيؾ يعمؿ بجد ونشاط واستقامة. قانونا ودستورا وىكذا وجد نفسو . أشياء يخفييا، كؿ أموره ىكذا واضحة جمية فبل خفاء وال تستر يرى أنو إف كاف مف عيب فيجب كشفو ال ستره حتى يصمح

ء كاف يسأؿ ماذا أجرمت؟ ماذا اقترفت؟ وبعد عذاب وكيرباء لـ يكف ىناؾ شي. يوما في غرفة التحقيؽ والدوالب يمفو ويضـ الرأس إلى الرجميفذلؾ أبدا إال وجود اسـ أخينا ىذا في فيرس اليواتؼ في مفكرة أحد األخواف المسمميف، وكانت حصيمة التحقيؽ المر انتزاع اعتراؼ منو بمعرفة

الشخص وأنو جمس معو في بعض المناسبات وتحادثا في بعض األمور التي ال يذكرىا بؿ وقرأ مرة في القرآف الكريـ وأثبت المحقؽ ذلؾ في طو وأرسمو مع المعتقؿ مف مقر المخابرات في حمص إلى مقر المخابرات في دمشؽ كما جرى لنا جميعا، وعرض عمي ما قيؿ بعد ذلؾ ضب

فبل ممثؿ اتياـ وال دفاع حتى وال يعرؼ المتيـ أنو في محكمة بؿ يعرؼ ( إنساف شاذ حاقد يحكـ بيواه وحقده الطائفي)أنو القاضي العسكري فسألو بعض أسئمة ( القاضي)يدد بالدوالب والعصي والكيرباء وبالرش والقتؿ رميا بالرصاص، ومثؿ الميندس بساـ أماـ أنو أماـ محقؽ ي

لـ تعتقمونني وتعذبونني؟ أألنني قرأت بضع آيات مف القرآف؟ ماذا أجرمت؟ ىذه ىي جريمتي إف كانت : فأجاب عنيا ثـ قاؿ لو األخ بساـف كنت ال أوافقيـ في بعض : ما رأيؾ في اإلخواف المسمميف؟ قاؿ بساـ: ـ سألوففكر القاضي مميا ث. جريمة جماعة صالحيف مستقيميف، وا .األمور

ىكذا إذف فما رأيؾ في الحكاـ الحالييف؟: فقاؿ لو القاضي

أنتـ أدرى؟: قاؿ بساـ

..ال البد: قاؿ القاضي

.إنيـ غير صالحيف وال مستقيميف: قاؿ بساـ

.يف عقمؾ اإلخواف أليس كذلؾ؟ قـ إلى مكانؾآخد: قاؿ القاضي

ولـ نظف أبدا )عرضت نفسؾ لمخطر : جاء األخ بساـ يحدثنا بما جرى معو، فبلمو بعضيـ عمى ىذه الشجاعة التي في غير محميا وقالوا لولى الخير كاف رأي األخ بساـ الذي يعمنو بصراحة أنو يجب عمينا أف ندعو ىؤال( أف يصؿ األمر إلى ما وصؿ إليو ء الحكاـ إلى اإلسبلـ وا

ذا عرفنا كيؼ نفيميـ أحقية ىذا الديف وخير اإلسبلـ فمف يتوانوا عف التزامو، وعمى كؿ ندعوىـ ونصبر عمييـ ونتحمؿ كؿ أذى والصبلح، وا .ينالنا في سبيؿ الدعوة، فيو ال يرى وال يوافؽ عمى مجابيتيـ

اش األياـ الكالحات وذاؽ مف العذاب ألوانا، ثـ سيؽ إلى اإلعداـ شنقا في فجر يـو مف أياـ وع( تدمر الموت)ومضت األياـ ونقؿ بساـ إلى كاف رحمو اهلل تقيا ورعا أراد أف يصـو إضافة إلى رمضاف . ، وقضى شييد الرأي والصراحة والصدؽ فعميو رحمة اهلل1980تشريف الثاني

.. صيامو في الحؿ والترحاؿ، وفي العذاب ورغـ كؿ الظروؼ البيئية التي كنا نعيشيا شواؿ وذي القعدة وعشرة ذي الحجة، وىكذا ثابر عمىطمب قبيؿ الفجر مع نفر آخريف فعصبوا . تسحر قطعة خبز وقطعة جبف ثبلثية ابتمعيا مع قميؿ مف الماء، وتوضأ ومضى إلى ربو صائما

كاف ذا شعور . ومضى إلى ربو صائما ( اهلل أكبر اهلل أكبر)لحبؿ في عنقو عيونيـ وأوثقوا أيدييـ إلى الخمؼ وساقوىـ إلى المشانؽ ليصرخ وارقيؽ ونفس حساسة ولقد شيدتو يوما بعد حفمة تعذيب رىيبة اكتوت فييا أجسامنا العارية بمسعات الكرابيج وبيداتيا وتركت فييا خطوطا

نا الميجع نميث مف التعب واإلرىاؽ والرعب، ونشكو إلى ربنا ما يسومنا عريضة سوداء نافرة بعضيا فوؽ بعض، وجمدا ممزقا ودما نازفا ودخميا رب ما ىذا الظمـ؟؟ ما . يا رب عجيب أمرىـ)وعمى وجيو إمارات االستغراب الشديد : ويقوؿ بساـ. ىؤالء المجرموف مف ظمـ وقير وعذاب

.تشوف فتعسا ليـ وخزيا إلى يـو الديفنعـ يا بساـ وبموتنا يفرحوف وين( بعذابنا؟.. أيستمتعوف بالعذاب.. ىذا؟

.كانت ىذه ىي نتيجة التعبير عف الرأي بصراحة لدى ىؤالء الوحوش األسدييف

أنا مستعد إف طاؿ السجف أو ضاؽ بي الحاؿ أف أترؾ العمؿ السياسي وأخمص وأخرج مف السجف : كاف بيف الشيوعييف نقاش مرة فقاؿ أحدىـمؤيدوف لمدولة وشيوعيو رابطة العمؿ ( البكداشيوف)اقؼ متعددة الوجوه في الوقت الواحد، فالشيوعيوف األمميوف وعمى كؿ فممشيوعية مو .. فورا

.الشيوعي معارضوف وشيوعيو ماال أدري قدموا طمبات انتساب لحزب الرئيس وقدموا أنفسيـ جنودا لو

طمب مواجية المحقؽ أو رئيس مركز المخابرات ويتعيد لو بترؾ فالسيد الديري المتمبس بموقؼ المعارض ما أسيؿ عميو كما صرح ىو أف يوالمحقؽ أو رئيس المركز يجد في ىذا حبل مناسبا وجيدا بؿ وكسبا، فقد غير الرجؿ .. العمؿ السياسي وبتغيير الموقؼ، بؿ ويخمع الفكرة كميا

.فكرتو وحوؿ وجيتو

المتمبس بو أصيؿ وليس ىكذا يسيؿ تغييره، إنو عقيدة لف تبرح اإلنساف المسمـ حتى أما بالنسبة لممسمميف فاألمر يختمؼ جدا، فالموقؼ .الموت

أنتـ ال تعرفوف ىؤالء الشباب اإلسبلمييف : )وقد حدث أحد رؤساء فروع المخابرات في حمب بعض المتوسطيف لديو بشأف شاب معتقؿ فقاؿكـ مف مرة جاءنا أمثالكـ يشفعوف في بعضيـ فنترؾ لو سجينيـ بعد . أو عقيدتيـإنيـ ال يتركوف نشاطيـ وال يقبموف أي تنازؿ عف أفكارىـ

( وليذا أسبابو)التعيد بترؾ العمؿ اإلسبلمي، فبل يمضي وقت قصير حتى نراه أو نصطدـ بو وقد صعد مف نشاطو أو حمؿ السبلح ضدنا مي موقؼ عنيد ال يوقفو شيء وال يحولو عف طريقو عذاب أو لذلؾ فالمحقؽ ورئيس المركز والجميع يعمموف حؽ العمـ أف الموقؼ اإلسبل

.إرىاب أو سجف

المرض والسجانوف

سألني عف رقمي . كنت مريضا مف ثبلثة أياـ بالتياب الموزتيف الحاد، مثمت أماـ طبيب المعتقؿ البارحة وجاء الممرض اليـو يوزع بعض الدواءأزعجني ىذا الكبلـ ولـ يدر بخمدي أف أتمناه وأتحسر عميو فاألمور ( عينيؾ إذا نسيت رقمؾ بدي قمع)فمـ أعرفو، فبحث عنو حتى وجده فقاؿ

.نسبية

حدثنا أحد المعتقميف عف السجانيف وأنيـ عناصر مف سرايا الدفاع المشيورة يؤتى بيـ إلى ىنا وىـ قساة غبلظ األكباد ال شفقة عندىـ واليـ بما يعرفونو مف حقيقة أحواؿ المعتقميف، فتخؼ حدتيـ إال الطائفييف مثؿ سعيد، فنراه ووجيو رحمة، وما يمضي إال القميؿ حتى تميف قموب

لى كؿ أذى ويا ويؿ مف يقع تحت يده ال أبا محمد الطويؿ الكالح . يقطر سما وحقدا، ومف يجسر أف يكممو فيده سريعة إلى الضرب األليـ وا وا حواؿ المعتقميف التي تدمي القموب، فيو شرس شديد الحقد يستعمؿ يديو ورجميو وأسنانو إضافة إلى فمـ يؤثر فيو طوؿ المدة وال أ( وىو نصيري)

في العصي والكببلت ولقد دخؿ قبؿ مجيئنا بيوميف عمى مجموعة مف اإلخوة الحمبييف قدموا حديثا وكانوا ىنا في غرفتنا ىذه، دخؿ والخيزرانة ..تى شفى غيظو وما اكتفىيده فأوقفيـ عمى الحائط وأوسعيـ ضربا ح

ولما جيء بحسني عابو إلى ىذا المكاف قبؿ بضعة أشير كاف أبو محمد ىذا يدخؿ عميو الزنزانة وينقض عميو بالضرب والرفس والمكـ وما مف طباعو أنو شره أكوؿ و : وأضاؼ في سخرية. أبو محمد ىذا ال يقدر سنا وال يرحـ بريئا وال يأبو لخمؽ أو مبدأ. يتركو إال بيف الموت والحياة

يبمع دنيء، فإذا جيء بالطعاـ بعد الظير انقض عمى كمية المحـ القميمة أصبل فصاؿ فييا وما ترؾ ىبرة جيدة إال أتى عمييا يأكؿ أكؿ الفيمةذا كانت المحمة دجاجا مسموقا ولمئة وخمسيف شخصا يكوف ىناؾ بضع وما يشبع، ويخبئ ما لـ يستطع أكمو في الظير إلى المساء، وا

دجاجات فوؽ األرز المطبوخ فإف أبا محمد يياجـ الدجاجات المسكينات فيدعيف جميعا ببل أفخاذ، فينا ظير معقور وصدر منزوع وعظاـ .خاوية مجردة

أشباؿ في المعتقؿ

يتجاوز أكبرىـ السابعة عشرة، لـ ينبت في المجاورة والمشتركة معنا في المنافع، جيء بحوالي اثني عشر شابا ال ( 6)وجيء إلى الغرفة رقـ وجوىيـ الشعر بعد، أحدىـ طالب في الثالث اإلعدادي، وآخر طالب أوؿ ثانوي والباقوف حوؿ ذلؾ، وكانت لدييـ أخبار كثيرة ومثيرة ووجودىـ

استغراب، فقد بمغيـ أف ىؤالء مف نفسو كاف مثيرا، فقد تجمع حوليـ عناصر المخابرات والسجانوف فور وصوليـ يتفحصونيـ بدىشة وخوؼ و :تشجع أحد السجانيف وسأؿ أحدىـ( ىكذا قيؿ ليـ)التنظيـ المسمح لئلخواف المسمميف مف المجاىديف

كـ عمرؾ أنت؟ -

.سنة 16 -

؟(وقد غمظ صوتو)أنت إخواف مسمميف -

..ال أنا طالب تاسع -

إيش جابكـ ليوف؟ -

.المخابرات -

تؿ؟ولؾ إيش قضيتؾ؟ أنت قا -

..ال -

لينظر إلى الشباب الصغار وحاوؿ ( 6)وانتشر الخبر الغريب في المعتقؿ وأخذ كؿ واحد منا خبلؿ فتح باب الغرفة يتسمؿ إلى نافذة الغرفة و وأصوات البعض التسرية عنيـ ولكف ابتساماتيـ كانت توحي بأف ليس فييـ ىذا اليـ، وكانوا ينشدوف األناشيد اإلسبلمية الجميمة في إيقاع حم

.ندية

.. معتقؿ مقطوع الرجؿ اليمنى تعرفت عميو خبلؿ اختبلطنا النادر، وعجبت لؤلمر، ولـ ألبث أف رأيت شابا مشموال نصفيا ( 6)وكاف في الغرفة ساف مقطوع اليد مشموؿ اليد والرجؿ وعممت أنو متيـ بحمؿ السبلح ضد الدولة مع أنو ال يكاد يستطيع المشي، واكتممت برجؿ أمي الفكر والم.. يا بمد الغرائب.. وكميـ مف جيات الساحؿ السوري وكاف ىناؾ الطفؿ الضاحؾ أبو عبد وابف الثالثة عشرة يتيـ يعمؿ في مطعـ ليعوؿ نفسو

ما بشيخ وقور كنت أرى ىؤالء الناس مف بعيد وتثور في نفسي تساؤالت حوؿ ىؤالء الذيف جيء بيـ إلى المعتقؿ؟( 6)وجيء إلى الغرفة جريمتيـ؟

حركة في المعتقؿ

كانت أفواج المعتقميف تتوالى إلى معتقؿ كفرسوسة باستمرار، وكاف ىناؾ إضافة إلى البناء القديـ عدة مباف مماثمة بعضيا جاىز مستعمؿ ويحوؿ المعتقموف . لوواآلخر في طور البناء، كاف يعرض القادموف عمى محقؽ بعد أف تدرس إضباراتيـ فإما عودة إلى التحقيؽ أو تأكيد

خبلؿ ذلؾ مف مكاف آلخر حتى ال يعمـ األخير البلحؽ ما جرى لؤلوؿ السابؽ، وكانت إشاعة المحكمة العسكرية ىكذا مجرد كبلـ وال يعرؼ أغمقوا باب 19/8/1980وفي ليمة ( 6)وخاصة الغرفة ( 6، 5)اكتظت الغرفتاف .. المعتقموف إال أنيـ بيف أيدي المخابرات وعصييـ ودواليبيـ

في المساء دوف أف نعمـ ليذا سببا أو معنى معينا ولكف أبا سعيد كاف لخبرتو وطوؿ إقامتو في المعتقؿ يمحظ ذلؾ بعيف الخبير ( 5)الغرفة

باب شخصا وتجاسر بعضيـ فاقترب مف( 35)جميعا وكانوا حوالي ( 6)العارؼ، وفي منتصؼ الميؿ جاء السجانوف فأخرجوا نزالء الغرفة .نستودعكـ اهلل.. ال ندري أيف يذىبوف بنا: قاؿ. وفتح النافذة الصغيرة وودع مف رآه( 5)الغرفة

.إلى تدمر: قاؿ أبو سعيد. خالية تماما ( 6)وفي الصباح كانت الغرفة رقـ

أكيد يا أبا سعيد؟: قاؿ البعض

..مستكمبيف عمى الناس.. أكيد ما في غيرىا: قاؿ

:بنا، وأخذ أبو سعيد يخاطب نفسووبمغ التأثر مبمغو

إال .. كاف الرئيس يحكـ سنة أو سنتيف أو ثبلث سنيف، فإذا وجد الناس فيو تقصيرا أو انحرافا أو ضعفا تعاونوا عميو وأقالوه إال ىذا الولي -أطفاؿ أبرياء ورجاؿ طيبوف كراـ، .. افظ أسدكؿ ىؤالء الناس تريد أف تقتميـ يا ح.. ال يريد أف يترؾ الكرسي، يمسكو بيديو ورجميو.. ىذا الدعي

:أذكر لكـ المدرس أبا إياس شاب كمو رجولة وأدب وفكر وعمـ، طمبو رئيس المركز يوما وسأاله.. وعمماء وأطباء

ما رأيؾ في الحكاـ الحالييف يا أحمد؟ -

.أراىـ بغاة تجاوزوا كؿ حد : فرد أبو إياس بالجواب الشجاع المعبر

أيؾ؟أىذا ر : قاؿ

..نعـ: قاؿ

..وبقي أحمد بعدىا يوميف ثـ أخذ

إلى أيف يا أبا سعيد؟ -

:ثـ تابع.. إلى الموت.. إلى تدمر -

..ىكذا يقتؿ رجؿ أمة ومربي جيؿ ألنو قاؿ كممة حؽ -

:وانطمؽ يحاور حافظ أسد وكأنو أمامو

لف .. ـ ىكذا دوف حساب؟ ما طيب الحياة بعد ىؤالء الناس؟ىؿ جئت بيؤالء الناس مف بيت أبيؾ وأمؾ يا حافظ أسد حتى تعدميـ وتقتمي - ..أذوؽ طعاما حتى أموت وألحؽ بيـ

..ومضى يوماف وثبلثة وىو ال يذوؽ طعاما

المحقؽ بؿ القاضي المستتر

اقتادني إلى جاء السجاف فوقؼ بباب الغرفة ونادى باسمي وأمرني بالقياـ معو دوف تمكؤ أو إبطاء، و 24/8/1980طمبت في ظير يـو الطابؽ العموي وأدخمني بعد انتظار يسير مكتبا في آخر الممر إلى اليسار كانت ىناؾ طاولتاف إحداىما كبيرة وعريضة، ووراءىا يجمس رجؿ

نب تمؾ وبجا( النقيب سميماف حبيب)نحيؼ كأنو قـز وفي يديو كانت تممع خواتـ ذىبية وعمى لوحة في مقدمة الطاولة كاف اسمو بأحرؼ كبيرة : الطاولة منضدة أخرى أصغر منيا يجمس إلييا آخر، وأماـ الطاولة األولى كرسي أجمسوني عميو وطمب مني النقيب أف أحدثو فأخبرتو بأمري

:وتابعت. موظؼ بسيط في بمد غريب، عبلقاتي بالناس محدودة، ليس عندي ما أخفيو

.مى أوراؽ ال أدري ما فيياعذبني رجاؿ المخابرات كثيرا وأجبروني عمى التوقيع ع -

..الصت معكف: وبعد بضعة أسئمة سألني إياىا قاؿ لي -

ف فييا ( 3)وأدخمني الغرفة رقـ ( شبو ذىوؿ)ثـ أخذني السجاف فأعادني إلى الطابؽ األوؿ وأنا في - غرفة المحاميف التي سمعت بيا قببل، وا وفكرت في . قاليـ ووجودىـ ىنا؟ ولـ أحظ بجواب يفسر ىذا األمر المعضؿمحاميف وميندسيف، وقد سألت يوميا مستغربا عف سبب اعت

القضاء وحرمتو والمحاميف ودفاعيـ واختصاصاتيـ بالدفاع عف الناس فمـ ال يدافعوف عف أنفسيـ والقانوف في عقوليـ وىـ أخبر الناس بو .لقضاة ورجاؿ القانوف أفبل ينصفونيـ؟وليـ أصدقاء كثر مف ا.. وبالحقوؽ التي يصعب عمى غيرىـ مف البشر معرفتيا

ىذا لما كاف ىناؾ قضاء وقضاة، أما اآلف فأصبح كؿ ذلؾ صورة فقط، فالمحاكمات صورية والقضاء ممثموف بؿ أجراء يقرؤوف : قاؿ أحدىـ ..صحيفة فييا كبلـ جاءىـ مف فوؽ

تار عف ميزلة القضاء والقضاة في دولة البل قانوف األزالـ استغربت ذلؾ كثيرا ولكف ما اطمعت عميو بعد ذلؾ وما سأرويو لكـ يكشؼ الس ..والمحسوبيات والطائفية

قبض : قاؿ. مف إحدى المحافظات البعيدة كاف زميؿ السجف في األياـ التي مرت بي وال يزاؿ ىو يعيشيا، إف كاف ال يزاؿ حيا ..( ـ)كاف األخ ، وتعرضت لبرنامج طويؿ مف التعذيب والضرب الرىيب، فاعترفت بما أرادوا وقمت عمي في العاصمة وأودعت زنزانة في سجف المزة العسكري

نظف فييا الفعالية والقدرة ولكف رتبة صغيرة كانت ( لواء عميد)كؿ ما طمب مني، وقدمت بعدىا إلى محكمة في نفس المكاف فييا رتب عالية . ذلؾ أـ لـ يرده( رئيس المحكمة)ا يروؽ لو مف أقواؿ سواء أراد المواء فيستجوب المتيميف ويكتب م( نقيب)تسيطر عمى أمور المحكمة كميا

لما أحضرت مع آخريف إلى ىذه المحكمة تكممت بما عندي وأخبرتيـ بجبلء ووضوح أني بريء لـ أرتكب أي ذنب وأني : يقوؿ األخ المعتقؿف ما في ىذه األوراؽ غير صحيح ولكف النقيب أبى أف يكتب كبلمي بؿ كتب ( ذي باؿ مع أنو غير)تعرضت لعذاب رىيب مدة طويمة وا

إلى المحكمة في ذلؾ اليـو معنا ( ف)أشياء أخرى وسخر مني ونيرني ورفض طمب رئيس المحكمة في أف يكتب أقوالي ىذه، وجيء بآخر ذا بالقاضي يوقفو ليقوؿ لو حالؾ ويسجؿ لو النقيب عبارات يكفي أنت ماشي : ولما حقؽ معو واستجوب، راح ينفي التيـ الموجية إليو، وا

كيؼ .. واحترت في أمري وجمست في الجماعية ساىما ..( ف)اإلنكار مف عنده وكنا نعرؼ قضيتو كاف متيما بالتعامؿ مع تاجر سبلح ويبرأ فاألحكاـ تأتي جاىزة يجري ذلؾ ولـ؟ ولكف األخوة ىونوا عمي األمر وعزوني وقالوا لي ىذا ىو القضاء األسدي ومف يعش رجبا يرى عجبا،

.مف فوؽ، والقاضي ليس لو مف األمر شيء، فاترؾ الوساوس وتوكؿ عمى اهلل

كيؼ يمشي حالو رأسا مف أوؿ االستجواب وال يمشي حاؿ كثيريف غيره مف ( يكفي أنت ماشي حالؾ..( )ف)وذكرت قولة القاضي لمسيد ذا باأل حكاـ توزع عمينا وفييا مف العشر سنوات إلى المؤبد إلى اإلعداـ برصاصة في القمب في األبرياء؟ أبرياء لـ يرتكبوا ذنبا وال جريمة وا

.زنزانة مف زنازيف المزة

سممت عمى الموجوديف مف محاميف وميندسيف وغيرىـ، وكاف منيـ األساتذة أبو معروؼ وجورج بدرة وأبو سعيد ورئيس لجنة ىامة في الدولة مساجيف، وىو يحمؿ دكتوراه في الحقوؽ ولما تعرفت إلى رئيس المجنة المذكورة نظرت إليو مستغربا فعمـ ىي لجنة اإلشراؼ عمى السجوف وال

!!مف بديييات اإلشراؼ عمى السجوف دخوليا: حالي فقاؿ

..وضحؾ الجميع.. ولكف لئلشراؼ ال لئلقامة؟: قمت

ماذا تعرؼ عف مجزرة جسر : عوا شيئا ما عنيا وكاف أىـ سؤاؿوتمقوني بجممة مف األسئمة عف أحواؿ البمد واألحداث والمجازر التي سم الشغور ومجزرة أريحا؟

رىاب لقد كنت شاىد . فوجئت بيذه األسئمة التي نقمتني مف أجواء مصيبتي ومحنتي إلى أجواء ماضية ليست بالبعيدة كميا محنة وعذاب وا دت المأساة كاممة ورأيت الدماء الحارة تتدفؽ عمى األرض ميدرة قد أراقتيا شي.. أريحا وجسر الشغور: عياف في أحداث ىذيف البمديف الطيبيف

وىا أنا أماـ جمع مف المحاميف رجاؿ القانوف .. أيد مجرمة تتصرؼ برعونة وطيش وحقد وتزىؽ أرواح الناس ببل حساب وكأنما تقتؿ ذبابا رجاؿ ولكف ىا ىي يد الظمـ قد جمعت القاضي والمجني عميو في كـ كنت أود أف أصرخ وأحكي ىذه القضية ليؤالء ال.. وميندسيف مثقفيف

.سجف واحد، وركمت القانوف وطبقت عمى رجالو قانوف الغاب وشريعة الوحوش

وأقبؿ أحدىـ يحدثنا عف اجتماع المجمس العاـ لنقابة الميندسيف الذي حدث قبؿ بضعة شيور، وكيؼ اتخذ عدة قرارات منيا المطالبة بإطبلؽ عادة المسرحيف وغيره، ولدى عرض القرارات عمى المجمس صوت الحريات يقاؼ العمميات البلقانونية وا العامة واإلفراج عف المعتقميف وا

.. فوالمجتمعوف كميـ مؤيديف ليذه المقررات إال واحدا رفع يده معارضا ومحتجا، فاستغرب موقفو كثيروف ممف يعرفونو ويعرفوف شجاعتو ومواق :لمجمسوسألو رئيس ا

..ما ىو اعتراضؾ عمى ىذه المقررات؟ -

وضجت .. التي جرت العادة أف تكوف نتيجة كؿ تصويت أو انتخاب في ببلدنا% 99ال اعتراض لدي إنما أريد أف نحافظ عمى نسبة : فأجاب .القاعة بالضحؾ وكتمو بعض مف يحسبوف حساب العواقب

(.6)مضت ثبلثة أياـ ثـ نقمت مع مجموعة إلى الغرفة

غرفة التجمع ( 6)الغرفة

كاف موضوع التجميع يطرح . بضعة وعشروف شخصا مف مختمؼ محافظات القطر، فييـ الصغار وفييـ الكبار في السف( 6)كاف في الغرفة أبرياء أو وكنت أريد أف أعمـ بعض أمور كاف أوليا مدى ذنب ىؤالء الذيف يجمعوف في ىذه الغرفة معي، ىؿ ىـ . نفسو ويشغؿ ذىف البعض

لـ يكف أحد منيـ قد حمؿ السبلح أو قاـ بعممية .. كؿ مف قابمتيـ حتى اآلف أبرياء فعبل . مذنبوف؟ لعمي أعرؼ مف ذلؾ طبيعة المرحمة القادمةوأقوؿ في وكنت كؿ يوـ أزداد يقينا ببراءة ىؤالء الناس .. عسكرية كما كنا نسمع، فإف كاف ىؤالء كذلؾ، فمعمي إذف ال أكوف في وضع حرج

برياء نفسي معارضا أي فكرة أخرى البد أننا نجمع في ىذه الغرفة ليطمؽ سراحنا ولنعاد إلى بيوتنا وأىمينا، فما يستفيد النظاـ مف اعتقاؿ األ ما لذلؾ؟ ولعميـ ينتظروف مناسبة.. وسجنيـ؟ واطمأف بالي وغدوت قرير العيف ما دمت مع ىؤالء الناس وىـ معي فبلبد أنو اإلفراج القريب

إلى تدمر

1/9/1980 – 30/8وفي منتصؼ ليمة ( ـ5×5)شخصا رغـ صغرىا ( 37)إلى آخرىا وصعب التحرؾ والعيش، ففييا ( 6)امتؤلت الغرفة بي تمكنت خبلؿ خروجنا مف رؤية أ. جاء السجانوف فأخرجونا مف الغرفة مع أغراضنا القميمة إلى ساحة المعتقؿ حيث وضعوا في أيدينا القيود .سعيد، فودعتو ومف رأيت مف الشباب، وكأنما أودع العالـ كمو، فبل ندري إلى أيف مكاف سوؼ يذىب بنا

شخصا حشرنا فوؽ بعضنا البعض، وتربع في المقعد األمامي شخصاف مسمحاف وفي آخر الباص آخروف ( 37)وضعنا في باص صغير وتعطمت إحدى . اسة المشددة حيث كانت تتقدميا سيارة أو اثنتاف وتتبعيا أخرىوالويؿ لمف يقترب منيـ، وانطمقت بنا السيارة تحت الحر

كنا نرى الشاحنات وبعض السيارات األخرى منطمقة في الميؿ ومع الفجر إلى .. السيارات في الطريؽ، فتوقؼ الركب حتى أبدلت ثـ انطمقوا بناىي؟ الناس يغدوف ويروحوف ال يدري بحالنا أحد، أال يدري ىؤالء السائقوف بما ىدفيا، ونظرت باستغراب وأسى إلى ىذه الدنيا أىي ال تزاؿ كما

يحمؿ ىذا الباص الصغير مف بشر حجزوا عف الدنيا ومنعوا مف كؿ شيء، وعذبوا أشد العذاب وىاىـ ذاىبوف إلى المجيوؿ ربما إلى تدمر أال سوا واهلل بمجرميف، ىؿ مف مخبر لؤلىؿ بما جرى ويجري؟ ىؿ مف قائؿ تدروف؟ ىكذا في جنح الظبلـ يتحرؾ الركب المسمح يقود أشخاصا لي

إلى أيف تذىبوف بنا؟: إلى أيف يذىب بنا؟ تجرأ أحد المعتقميف وسأؿ

إنيـ : بعديف بتعرؼ، وتذكر أبا سعيد فقد قاؿ بعد عودة عناصر المخابرات مف توصيؿ المجموعة السابقة: فقاؿ لو عنصر المخابرات مشفقا اليـو الواحد : تضايقيف جدا مف إعادة تسفير المعتقميف إلى تدمر، وأنو بدا عمييـ الوجـو والحزف وأسر بعضيـ بعد العودة ألحد المعتقميفكانوا مف غدا ( ويا خبر بفموس بكره يجيؾ بببلش)ولـ أحفؿ باألمر كثيرا كما لـ أعره كبير اىتماـ .. بستيف كما يقوؿ المثؿ الشعبي، فغدا نعرؼ وا

.لناظره قريب

اليـو األوؿ

رب )أشرقت الشمس ونحف سائروف وقد تحوؿ اتجاه السير مف شماؿ شرقي إلى شرقي تماما، وغزا األرض نور الصباح، فأي صباح صباحنا؟ ؟ أبدا لـ نكف نتوقع ما كاف ينتظرنا م( أنزلني منزال مباركا وأنت خير المنزليف وىكذا بدت .. ف أىواؿأي حاؿ سوؼ تكوف عميو بقية اليـو

بعيدة المعسكرات عمى الطريؽ، ثـ شارفنا تدمر ودخمناىا مع أوؿ النيار، وشاىدنا عف بعد اآلثار الرائعة لمدينة تدمر التاريخية، وذكرت زيارةذا الناس يغدوف ويروحوف وقد فتحت المحاؿ أبوابيا والمقاى ي وغيرىا، وكنت أنظر مف ليذه األماكف أيف أنا اآلف منيا؟ مررنا بسوؽ تدمر وا

وىذا أمر نادر الحدوث ومعاممة لـ يحمـ بيا المعتقموف بعد ذلؾ، حيث كانوا يجبرونيـ طوؿ الطريؽ عمى طأطأة رؤوسيـ حتى )نافذة السيارة ودما شيريف يضعوىا عمى أرض المقعد الذي يجمسوف عميو وضرب الخيزرانة والكبؿ مستمر طواؿ الطريؽ، وقد بقي رأس أحدىـ ينز قيحا

أال تعرفوف ما تحمؿ ىذه السيارة؟ نحف معتقموف جدد : كنت أنظر إلى الناس يغدوف ويروحوف وكأني أقوؿ ليـ. كامميف بعد تمؾ الرحمة الرىيبة .قادموف إلى سجف مدينتكـ ىذه

يذا بالتقدـ حتى تقدـ مساعد يضع القبعة أوقفت السيارات ولـ يسمح ل.. ووصمنا إلى مدخؿ يحرسو عسكري بالقبعة الحمراء والسبلح الكامؿة، الحمراء ويزيف عضده بثبلث نجـو عمى رقعة حمراء كالدـ، فتفحص األوراؽ ثـ ذىب إلى الحرس فأمره بفتح الباب وركب في السيارة األمامي

.ودخؿ رتؿ السيارات معتقؿ تدمر العسكري أو مركز التطيير الوطني لتصفية اإلخواف المسمميف

لحظات فاصمة بيف مرحمتيف مرحمة االعتقاؿ والتحقيؽ وسجوف المخابرات وزنازينيـ الرىيبة، ومرحمة السجف العسكري الذي لـ نكف ندري كانت إف المعتقميف في سجف تدمر يوضعوف ( وما أدراؾ ما أبو سعيد)سمعت مف البعض ومف أبي سعيد ( والذي فاؽ بيولو كؿ وصؼ)عنو شيئا

إذا كاف األمر كذلؾ ففي ىذا تسمية لنا حيث نتعرؼ عمى الناس ونسمع مشاكميـ : معتقؿ وقاؿ( 100)كؿ ميجع في مياجع ضخمة في

فيمضي الوقت، وما درى أبو سعيد أف الكبلـ في سجف الموت جريمة ال تغتفر، وأنو سوؼ يجمس بؿ نجمس جميعا صامتيف وجميف يشغمنا ..الرعب والفزع والعذاب عف كؿ أمر سواه

ت ىناؾ قوات عسكرية تحيط بالسجف مف الخارج، معيا المصفحات واألسمحة والعتاد وحوليا األسبلؾ الشائكة، وىـ بالمباس المبرقع كان .الخاص بسرايا الدفاع

مع العذاب في سجف تدمر العسكري

بعة الحمراء وسارت السيارات إلى األماـ شماال دخؿ رتؿ السيارات باب الثكنة العسكرية بعد أف أذف ليـ ورافؽ السيارة األولى المساعد ذو القكانت األرض أمامو مفروشة باإلسفمت األسود والجدراف . ثـ دارت نصؼ دورة إلى اليسار ووقفت أماـ باب ضخـ حائؿ الموف( ـ150)مسافة

( لباس الشرطة العسكرية)قبعات الحمر ترابية مغبرة ومف الباب الحديدي كانت تبدو درجات نازلة وأماـ الباب كاف يقؼ نفر مف الجنود بال .أمرونا بالنزوؿ فقمنا إلى مصيرنا نحمؿ أغراضنا القميمة

وقؼ عناصر دورية المخابرات التي قدمت بنا وأخذ مسؤوؿ منيـ بمفتاح صغير وأخذ يفؾ قيودنا ويوجينا إلى مدخؿ السجف، فيشير لنا (.ونحف ال ندري.. ا والناس والحياة خارج السجفكانت لحظات حاسمة ودعنا فييا الدني)الشرطة بالدخوؿ

اف انطمقنا راكضيف حتى دخمنا غرفة إلى يسار المدخؿ، ووقفنا نتأمؿ في ىذه الغرفة في جدرانيا التي كانت بيضاء، فإذا ىي كأنما طميت بألو قاس وتبله بسباب وأمر حاسـ بالوقوؼ إلى وصرخ أحدىـ بصوت.. نعـ لبطؿ تشريف والجوالف: القذارة، وىناؾ شعارات منيا –السواد : شتى

..جانب الجدراف، فوقفنا

ودخؿ نفر مف الشرطة وأخذوا يضربوننا ضربات عنيفة كانت تسمع ىبداتيا، كما رأينا بعض إخواننا يقعوف عمى األرض، وأخذنا األلـ والرىبة .مف ىذه البداية الرعيبة

وأشار )ويرمي أغراضو ليوف ( حاضر)كؿ واحد يسمع اسمو يقوؿ .. ولؾ يا: جر وسبابتكامؿ دخوؿ الدفعة وصرخ فينا صوت يقوؿ بحقد وز .ويخرج فورا وبسرعة( إلى الجية اليمنى

كاف ىناؾ جبلد عمى الباب وبيده . واندفعت ألقي بأغراضي إلى الجية التي أشار إلييا، وعدوت خارجا .. وبدأت قراءة األسماء، وسمعت اسميدخمت الغرفة المقابمة، كاف ىناؾ اثناف مف المساعديف أماـ كؿ منيما دفتر، ومع أحدىما ورقة يقرأ . إلى غرفة مقابمة كرباج يوجو بو ضربا

طالب ىندسة : فييا األسماء، وسجؿ أحدىما اسمي وعممي وعنواني، وكاف قبمي شاب طالب ىندسة وقد سألو المساعد الثاني عف مينتو فقاؿره، وقاـ يزعؽ، فدخؿ عسكري بكرباج وانياؿ عمى الشاب ضربا، وخرجت أعدو كما أمروني ووجيني حامؿ الكرباج بالجامعة، فأغاظو ذلؾ وأثا

إلى باب في زاوية المكاف ضمف سياج حديدي وعميو جبلد كاف يضرب بكرباجو كؿ داخؿ وأكمت نصيبي مف الكرباج ودخمت، فإذا نفر مف غمض عيونؾ، افتح ايديؾ، ويغمظ فيضربونو : أيدييـ الكرابيج فيصرخوف فيو ويضربونو ويأمرونوالجبلديف إلى يميف الباب يتمقوف الداخؿ وب

: لـ كؿ ىذا الزعيؽ واألوامر: لـ أفيـ شيئا، كاف رأسي يدور بألؼ سؤاؿ. أكثر، ثـ يصفونو مع غيره إلى الحائط، ويتناولوف القادـ الجديداإلنساف وىو مغمض عينيو؟ ىذا ما يجب أف نتعممو، وكيؼ يكوف التعمـ؟ بالضرب وكيؼ يتحرؾ.. روح تعاؿ.. أغمض عينيؾ مد ايديؾ

يا رب ماذا يريدوف : )كنت أقوؿ.. والخوؼ مف المجيوؿ كاف أكبر مف األلـ.. الرىيب والصراخ المرعب، كانت الضربات أليمة قاسية ولكف

مي حركت رأسي ومددت يدي أمسح عيني فانقض عمي عسكري يصرخ ولجي.. ويا ويؿ مف يأتي بحركة أو ينبس بحرؼ يا ويمو( ولـ كؿ ىذا؟ .بي ماال أفيمو وكمما نظرت إليو زاد في الصراخ، وتناولوني بالكرابيج ضربا، وصراخا

حفؿ عذاب االستقباؿ

باإلسفمت وصفونا عمى ولما اكتمؿ العدد ساقونا في صؼ طويؿ متعرج ال يتركونو يسير إال بالضرب حتى دخمنا إلى باحة كبيرة مفروشة ..الجدار واحدا واحدا، وأمرونا أف نخمع مبلبسنا كنا في آب فصؿ الحر الشديد، لذلؾ كانت الثياب خفيفة جدا فنزعناىا بسرعة

فجمع أحذيتنا وأخذىا وبدأ عندىا التفتيش أمسؾ أحدىـ بشعر لحيتي ينتؼ منو ومف صدري الخصمة تمو ( البمدية)وجاء شخص يسمونو .لخصمة، ولما تأوىت لكمني عمى وجييا

اف أمرونا بإنزاؿ المباس الداخمي ففعمنا وسمقونا بالكرابيج عمى مؤخراتنا مع البصؽ والكبلـ الفاجر، وبدأت الحفمة الرىيبة تشكمت مجموعتجموعة عمى الواحد بالضرب الرىيب وتقوده أوقفونا واحدا واحدا ووجوىنا إلى الجدار وتنقض الم. لمتعذيب وفرقة جوالة والكؿ مزودوف بالكرابيج

إلى الدوالب فيضعونو فيو ويضبطوف رجميو بعصا الفمقة ومف ثـ ينياؿ عميو ثبلثة جبلديف بالضرب الشديد عمى رجميو فكأنيا النار المحرقةتقؿ في دوالب التعذيب والكرابيج تطحنو تكوي العظاـ، ويشتد األلـ ويتعالى صراخ المعذب ويتأوه متألما شاكيا، ولكف الضرب يشتد عمى المع

و فيصيح مؿء الفـ زعيقا وعويبل ىو أبعد ما يكوف عف صوت البشر وينفتح الفـ إلى آخره فيقممونو الحذاء ويدسونو في فمو، فإذا أبعد وجيالمكاف فينبري الرقيب العتيد يصرخ زاجرا ركموا رأسو وداسوا رقبتو، ويعمو الزعيؽ والصراخ مف شدة األلـ والعذاب في تمؾ الباحة حتى يضج بو

وكأنو قائد أوركسترا يضبط النغـ في حفمة صاخبة يستعمؿ الصراخ الناىر بدؿ عصا ( سكوت ولؾ: )ناىيا بصوت مدو يأمر بالسكوت .األوركسترا فيمجـ الخوؼ األفواه وتختنؽ صرخات األلـ

لقاء المؤمنيف في وقدة النار وما نقموا منيـ إال أف يؤمنوا باهلل العزيز الحميد، تذكرت في ذلؾ الموقؼ أصحاب األخدود والنار ذات الوقو د وا كانت عناصر الفرقة الجوالة تطوؼ عمى الواقفيف المنتظريف بسيؿ مف الضربات العارمة تجعؿ الواحد يحف إلى دوالب الموت أف يدركو، فسمع

عمى ظير المعذب أو عمى رأسو فيرتجؼ ويكاد يصعؽ، ويئف ويصرخ بالصوت ينيد ( وىو عبارة عف قشاط دبابة)صوت الكرباج الثقيؿ .المخنوؽ المرة تمو األخرى

يا سميع يا بصير يا مف ال يخفى عميو شيء في األرض وال في : كنت أقؼ ووجيي إلى الجدار أنتظر دوري في الدوالب الرىيب، وأناجي ربي ..يا اهلل يا اهلل.. لمجرموف جنود الشيطاف ينقضوف عمى عبادؾ المستضعفيف بالعذابىاىـ الجبلدوف ا.. السماء، يا رب رحمتؾ غوثؾ

وجاء دوري وطحنني الجبلدوف بكرابيجيـ وأنزلوني في الدوالب واشتد الببلء بضرب رىيب وثبلثة مف الجبلديف عاري الصدور والظيور اثيا عمى ركبتيو رافعا يده بالكرباج إلى األعمى والوراء، حتى ترى عفرة إبطو، وبأيدييـ الكرابيج كأنيا الميب، يقؼ الواحد منيـ مباعدا رجميو ج

.وينزؿ بو كأنو الصاعقة الماحقة، تريد أف تدمر وتحطـ ولكف لطؼ اهلل أعظـ

يف لقضائو، ال ويصرخ الواحد منيـ بأعمى صوتو وكأنو يحارب في معركة قد حمي فييا الوطيس، واحمرت الحدؽ، ونحف، عبيد اهلل المستسمم .وكأنيـ جنوا وركبتيـ العفاريت والشياطيف فانقضوا عمينا وقد فقدوا العقوؿ فبل عقوؿ/ ترحمنا سياطيـ وال ترأؼ بنا قموبيـ

واهلل ما إيش بتريدوا دخيمكف؟ أما نبيؿ فقد كاف يعمف براءتو مالي عبلقة: كاف الشاب الصغير إسماعيؿ يصرخ متألما باكيا شاكيا مستغربا يقوؿ عممت شيء دخميكف أنا بريء، وىـ يزودونو بالكرابيج ويمكمونو ويرفسونو ثـ ألقوه أرضا وأوسعوه ركبل وضربا حتى سالت الدماء مف وجيو

حيث العصا وشفتيو وغاب عف الوعي أو كاد فأدخموه في الدوالب وأذاقوه مف العذاب ثـ أقاموه بعد أف تعبوا وكموا وأنيكوه ووجيوه إلى الجدار .الرىيبة في االنتظار تفمؽ الرؤوس وتحطـ الظيور وتدفع مف انتيى أجمو إلى القبور

صبرت قميبل عمى الضرب والتعذيب ولكف رجمي أصبحتا وكأف فييما جمر نار يحرؽ العظاـ، فنفد الصبر وضاؽ بي األمر وكدت أغيب عف ت إال وحذاء ضخـ يصؾ أسناني ويكاد يسد حمقي ولكني كنت في شغؿ عنو الصواب وصرخت مرة ومرات ثـ انفتح فمي الزعيؽ فما شعر

ز وغبت عف الوجود، فما دريت إال وأنا أساؽ دفعا وركبل إلى مكاف ما وأبصرت أمامي نفرا مف إخواني بعضيـ واقع عمى األرض، والبعض يقف .زقت وسالت منيا الدماء وصراخ يقطع األكبادأو يتحرؾ في حاؿ مأساوية، دماء نازفة ووجوه مؤلى بالجروح وأرجؿ قد تم

وصرخ في عسكري جبلد، وانقض آخر بعصاه فحطـ بيا ظيري فوقعت بيف الموت والحياة وصرخت صرخة انطمقت مخنوقة مف صدري رب أجبراني عمى القياـ وبادرني آخر بالزعيؽ لكي أستجيب وأقـو فما استطعت ولكف الركؿ والض( يا اهلل يا اهلل)الذي ظننتو قد انشؽ نصفيف ذا بي قرب نبيؿ وىو يبكي ويتمسؾ بي قائبل . فقمت وكنت أظنني ال أقـو :وجاء شخص بالماء فرشقنا بو وا

..سمـ لي عمى أىمي أنا بدي أموت -

..اصبر يا رجؿ: فقمت

ذا بالصراخ يأخذنا مف كؿ جانب ؿ بارز الصدر مستقيـ الظير منفوش كالديؾ واستدعانا الرقيب الكبير فإذا بو جالس عمى كرسي في الظ.. وا :فأخذ يستجوبنا

؟...إيش كنتو عـ تحكو يا -

.إنو يقوؿ لي أنا بدي موت سمـ عمى أىمي: قمت. كاف عقمو المريض يصور لو أشياء غريبة، البد أننا نتآمر عمييـ أو عمى سبلمة النظاـ

إيش كنتو عـ تحكوا؟( كذاب ولؾ: )فصرخ بغضب

..واهلل يا سيدي ىيؾ قمتمو: قاؿ نبيؿ

..كذابيف ولؾ حقراء -

:ثـ أشار لمجبلد وقاؿ

نيا لسحنة ..( سمخف ليا الكبلب) وانياؿ عمينا مارد عاري الصدر نحيؿ الوجو مميء الجسـ، فكاف وجيو وجو فأر وجسمو جسـ حمار وا ربا حتى وقعت عمى األرض أصرخ، فمـ يتركني حتى شفى وانياؿ عمي ض...( متحكوا يا حقيريف يا: )معروفة وليجة غير خافية وىو يقوؿ

.غيظو وحقده مني وأعادني إلى مكاني مع نبيؿ بعد أف ضربو أيضا ضربا شديدا

كاف كما عممنا بعد ذلؾ، سجينا قضائيا مف سجف العسكرييف يعمؿ ىنا في الخدمة التي يسمونو ( البمدية)وجاء مف يرش الماء عمينا ويسمونو .اسقيو: وال أدري ممف بدرت بادرة خير ولعميا مف نوع الرأفة بالحيوانات فقاؿ أحدىـ لمبمدية( يةالبمد)

سطبل مف الببلستيؾ فيو ( البمدية)كانت شفتاي مشققتيف مف الضرب، وحمقي جافا مف العطش، والصراخ والمياث وحالي بالغة السوء، فناولني ثـ . ب منو بضع جرعات ولـ أعده إليو بؿ ناولتو لنبيؿ فشرب وسقى شخصا آخر أو شخصيففاندفعت أشر .. تفضؿ: ماء قذر وسخ قائبل

ترف في سمعي وصوت واجؼ يقوليا ( تفضؿ)كانت كممة . أخذوا الماء ولـ يسقوا الباقيف، وكنا ببل طعاـ وال شراب منذ أربع عشرة ساعة تقريبا .اشرب يا أخي فداؾ روحي: وكأنو يقوؿ

القير والعذاب والتحطيـ ال يعمـ ما قاسينا فييا إال اهلل والذي عاشيا مف نزالء تدمر، وكؿ معتقؿ يأتي تدمر البد أف يطبؽ لو أربع ساعات مف االستقباؿ المعيف فتطحنو رحى العذاب ويذوؽ الموت في ذلؾ الدوالب، وينظر بوحشية بني البشر التي فاقت وحشية وحوش الغاب سوءا

.وضراوة وغدرا

ساعات مرت والموت يحـو فييا فوقنا تصكح آذاننا أصوات غريبة رىيبة، كرابيج تعوي وتصفع األقداـ والرؤوس والظيور بمطمات ىائبلت أربع .يمقي صوتيا الرعب واليمع في قمب أشجع الشجعاف

أدخمونا بعد سيف وجيـ . ا بالكرابيجوساقونا بعد ذلؾ في صؼ طويؿ متموج واحدا واحدا ونحف منكسو الرؤوس محنيو الظيور، وىـ يضربوننصوت ميجعا طويبل فاندفعنا فيو إلى أقصى مكاف نتزاحـ عمى الحائط أو الزوايا البعيدة بعد أف وضعنا الجرحى جانبا، وأغمؽ الباب وسمعنا

ت تنيدات وآىات وتوجعات وتكمـ وتعال. قفمو وتنفسنا الصعداء وثبنا إلى أنفسنا وأخذنا نجوؿ بأبصارنا في أجسامنا وفي جنبات المكافذا بصراخ مخيؼ يأتي مف جية الباب :البعض، وا

..ببل صوت.. ببل صوت واهلل لندبحكف ونشرب دمكف يا... بدوف صوت ولؾ يا... ولؾ يا حقيريف يا -

كاف كؿ فرد في حالة رىيبة مف ..نظرت فيمف حولي. وانكفأنا مبتعديف خائفيف، وخمد الكبلـ في األفواه وصبرنا وقتا أطوؿ واجميف ىمعيفذا بأحدىـ يضـ آخر ويبكي بكاء مرا فانيمرت مف عيني الدموع، وأمسكت بمف كاف قربي ونظرت في وجيو، كاف األلـ والتعب واإلرىاؽ، وا

:وجيا داميا باكيا فناديتو ىامسا

..يا أخي -

..اهلل في قموب عباده إنيا الرحمة التي أودعيا. كاف ذاىبل فأخذتو وضممتو إلى صدري

:وناجيت ربي قائبل

لى - يا رب إف كانت عواطؼ الخير والرحمة قد عدمت وجفت ينابيعيا في قموب الناس، فيا ىي قموبنا تمؤل الدنيا بحب الخير والشوؽ إليو وا ف غفمت عنا الدنيا ولـ يعرؼ بأمرنا ال.. عدالتؾ لى رحمتؾ يا إلو العالميف، وا ناس ولـ يرحمنا البشر فأنت يا رب بحالنا عميـ، يا رب السماء وا

.ورحمتؾ أوسع لنا يا أرحـ الراحميف

أو خطبة المساعد .. التعميمات

سمعنا صوت المفتاح في قفؿ الباب، فاندفعنا إلى أقصى المكاف نحتمي ببعضنا بعضا وقد أخذ الخوؼ مأخذه .. لـ نمبث إال قميبل حتى جاؤواع الجبلدوف إلينا يصرخوف بحقد وجنوف وانيالوا عمينا ضربا رىيبا بالكرابيج حتى كمت أيدييـ وحتى عبل الصراخ واشتد منا، وفتح الباب واندف

:الكرب وجاء صوت رفيع يأمر قائبل

.الجميع واقفا : يكفي شرطة ثـ تابع -

: وراء در، وأمر آخر لـ نطعو لغرابتو: لييـ، وجاء األمرفوقؼ كؿ مف لو رجبلف فالخوؼ فوؽ األلـ، وكنا ندير وجوىنا إلى الحائط وظيورنا إفي فتح عاينؾ، تطمع ليوف، ولكف مع تكرار األمر فتحنا عيوننا ونظرنا فإذا بضعة عشر جبلدا بالمباس العسكري والقبعات الحمراء والكرابيج

:وعمى عضده نجمات ثبلث، وتكمـ بصوت مدو فقاؿأيدييـ وكاف المتكمـ يمبس بدلة عسكرية مكوية وعمى رأسو القبعة الحمراء أيضا

ىوف سجف عسكري، يعني نظاـ عسكري يعني بدنا .. بتعرفوا ويف ىوف؟ ما بتعرفوا... انتو جيتو ليوف باجريكف ما حدا جابكف يا حقراء يا -.. يا.. يا حقراء( ير كما تبيف لنا فيما بعدكاف ىذا فعبل عمى أقؿ تقد)منكـ ( 20)نفطركـ قتؿ، ونغديكـ قتؿ، ونعشيكـ قتؿ، مسموح لنا نقتؿ

ت يا ممنوع الكبلـ الصوت ممنوع، الكبلـ مع الشرطة ممنوع، تفتيح األعيف ممنوع، السير ممنوع، بدكف تستمموا الحكـ ما ىيؾ استمموا البطانيا .ما شبعتوا الخبز( يعني حذاء الحزب)حقراء، لوال سباط الحزب

معينة مؤادىا أف نرفع رؤوسنا ووجوىنا إلى السقؼ وأف نغمض أعيننا ونقؼ باستعداد كمما فتح باب الميجع، ثـ أعطى بعد ذلؾ تعميمات -.. انتبو: فإذا سمع صوت المفتاح في القفؿ فإنو يصرخ. ووضعوا لنا رئيس ميجع مف العسكرييف المعتقميف معنا. وفي حضرة الشرطة والرقباء

فيستعد الجميع، فيقدـ رئيس .. استاعد: صى سرعة ويقؼ بحالة انتباه ويعطي رئيس الميجع إيعازوعندىا يسارع كؿ واحد إلى مكانو بأق .الميجع جاىز لمتفتيش حضرة الرقيب، ويكوف الجميع بوضعية االستعداد والوجو مرفوع لمسقؼ واألعيف مغمضة: الميجع الصؼ قائبل

كنا في موقؼ ال نحسد عميو، ولـ يكف لنا .. بكرابيجيـ وزمجرتيـ وسبابيـ ثـ خرجواأنيى المساعد خطبتو والتفت إلى ما حولو فأيده الجبلدوف ىؿ مات الضمير؟ ىؿ فقد العقؿ وتحطـ المنطؽ؟ ىؿ انعدمت القيـ كؿ القيـ؟ ولـ يبؽ : إال خيار االنفبلؽ عمى حسب رأيو ولكني كنت أفكر

.شيء

.وأخذوا يسبوف ويشتموف.. ولؾ حقراء: يضا وصرخ أحدىـ بصوت مرعببعد مضي حوالي الساعتيف تقريبا، عاد إلينا الجبلدوف أ

وسممنا !! وسارعنا نطبؽ تعميمات رئيس الجبلديف، وذلؾ بأف سارعنا إلى أماكننا ووقفنا باستعداد، ورفعنا رؤوسنا إلى األعمى وأغمضنا أعيننا .أمرنا لمف بيده األمر

وىكذا بدأت في .. استاعد الميجع جاىز لمتفتيش حضرة الرقيب.. استارح: الصؼ قائبل ( جعرئيس المي)وقدـ أحد المعتقميف وىو الذي سموه حياتنا تمؾ الجممة المكررة الرىيبة حيف دخوؿ الجبلديف وحيف خروجيـ، ورافقت ىذه الجممة بعد ذلؾ طواؿ مدة وجودنا في سجف تدمر الرىيب

وما أف نسمعيا مف بعيد حتى يسيطر عمينا الخوؼ ويييمف الرعب .. ميؿ والنيارتتكرر في الصباح والمساء، والضحى والظير والعصر وال ..والفزع، فننطمؽ ضارعيف متوسميف مستغيثيف

.كاف معنى ىذه البلزمة أف جبلدي سجف الموت قد جاؤوا أو قؿ جاء الشر والقير والعذاب في صور غير معمومة

الضارية يصرخوف ويشتموف ويأمروننا بفتح أيدينا لمضرب، ويضربوننا عمييا بالكرابيج ثـ ما لبث أف اندفع الجبلدوف إلى الداخؿ كالوحوشوكاف الجبلدوف خبلؿ ذلؾ . وتعالى الصراخ مف الجبلديف بالنير والسباب والزجر، ومف المعذبيف بالشكاية. بقسوة، مع األمر بتغميض العيوف

ونو بالكرباج بقوة وقسوة ويأمرونو بالقياـ مع السباب فإذا رأوه بيف الموت والحياة زادوا ال يرحموف مريضا أو طريحا ال يستطيع القياـ بؿ يضرب :عميو ضربا وركبل وأظيروا التشفي ويصرخوف

..فطوس يا كمب.. اهلل ال يرحكـ.. موت يا حقير -

.قياـووقع بعض المعذبيف عمى األرض فمـ يتركوىـ بؿ اندفعوا يضربونيـ ويرفسونيـ ويأمرونيـ بال

قرعة الرقيب حامؿ المفاتيح، واستدعى الجبلديف، فخرجوا وىـ يشتموف ويكفروف ويسبوف اهلل ومحمدا والديف واإلسبلـ والمسمميف، .. وقرع البابـ كذلؾ، وقبؿ أف يخرجوا عادوا وكأنيـ تذكروا شيئا فطمبوا رئيس الميجع وأمروه بالوقوؼ باستعداد رافع الرأس مغمض العينيف، فوقؼ أمامي

فاندفع إليو العسكري الجاىؿ الحاقد فصفعو عمى وجيو بقسوة ولكمو في بطنو، وانقض الجبلد اآلخر عميو بالكرباج يضربو بقسوة حتى ألقوهأرضا، حدث ذلؾ في وقت قصير، حيث أنيـ اندفعوا يضربونو بسرعة وقسوة وىـ يصرخوف ويزمجروف وتركوه ممقى عمى األرض وخرجوا

وكاف ىذا الشاب مثقفا يحمؿ شيادة عالية في األدب اإلنكميزي، وىو أيضا ضابط مجند في الجيش، أديب كريـ ذو رجولة . زئيففرحيف ىا .كاف ىناؾ طعاـ قد أدخؿ ولكف لـ يمتفت إليو أحد. وأخبلؽ، ولكف ماذا أقوؿ؟ إنما ىي محنة وببلء مف اهلل يمتحف بو ىذه األمة

حاالت

أبو أنس مغمى عميو ممقى في الزاوية وىو طالب جامعي في فرع اليندسة الكيربائية وفي السنوات ( ـ ع)كاف األخ بعد خروج الجبلديف عاما وقد خصوه بأكبر قسط مف العذاب، ويبدو أنيـ فطنوا لما ذكره عند تسجيؿ األسماء عف عممو، فكاف ذلؾ دافعا ( 23)وعمره .. األخيرة

ال أحد يدري مف أي مبدأ استوحوا القاعدة التي يتبعونيا في معاقبة وتعذيب حممة .. مف فمتات عبقرية الجبلديف لزيادة العذاب عميو وىذه فمتةولـ يكف .. نصاب عواميد كيرباء: يجيب إذا سألو الجبلدوف عف عممو بعد ذلؾ يقوؿ( ش س)الشيادات دوف غيرىـ، لذلؾ كاف األخ الميندس

..دعاني بعضيـ أف أقـو ألنظر حاؿ األخ أبي أنس. ينجيو مف غضبة الجبلديف ذلؾ ليصرؼ عنو العذاب، ولكنو كاف

:قمت.. كاف أبو أنس قد استفاؽ لتوه مف إغماءتو وكاف منيكا مرىقا .. فقمت إلى األخ أغالب ما بي

؟..كيؼ حالؾ يا أخي -

..الحمد هلل: قاؿ

متعب مشوه، وجسـ منيؾ وكشؼ القميص عف منظر مثير، ظير تمعط جمده وجو: وجاء شاب كاف يجمس قريبا منو كاف في حالة سيئة جدا ..حتى صبغ القميص بؿ غمره.. وتسمخ وظيرت فيو جروح غائرة ولحـو مشرشرة، وكاف ينزؼ قيما ودما

..وىو مف جيات الساحؿ السوري، وعمره ستة عشر عاما ( ع)كاف ىذا الشاب يدعى

..شفمي ظيري أستاذ: قاؿ

.ره واعتصر األلـ قمبي، ألني لـ أكف أستطيع لو شيئا ورأيت ظي

الطعاـ

ال يا أخي قتؿ النفس حراـ، قـ وكؿ ومف يـو إلى : فعاتبتو.. أنا ما بدي آكؿ بدي موت: وجاء أحد األخوة يدعوننا إلى الطعاـ، فرد عميو سميـ .يـو بيفرجيا الحي القيـو

.وفي اآلخر مرقة ماء البندورة وفييا نوع مف الخضار وبعض الخبز( مطبوخ)مسموؽ وكاف الطعاـ عبارة عف وعاءيف في أحدىما أرز

بو ولما لـ يمتفت أحد إلى الطعاـ، ولـ يقـ أي واحد إليو، رأى بعض األخوة أنو البد مف أف يتقوى كؿ أخ بشيء مف طعاـ يسد بو رمقو ويقيـ ة بالدور إلى الطعاـ وكانا يقاببلف باالستغراب والزىادة والرفض، فيؤكداف الطمب صمبو، فقاـ اثناف مف األخوة يتحامبلف وأخذا يدعواف األخو

البد مف الطعاـ ولو لقمة واحدة، ولـ يكف لدينا صحوف وال مبلعؽ وال أي نوع مف األوعية، فقد أخذت منيا الصحوف : ويصراف عميو .يءالببلستيكية والمبلعؽ واألكواب الببلستيكية، وفراشي األسناف وكؿ ش

األذاف

راسخ كالجباؿ عظيـ ليس .. صوت مدو مجمجؿ.. جاءت الرحمة عمى صورة صوت غير غريب انطمؽ مف مكاف غير بعيد.. وفي ىذه المرة ..وىائبل رغـ وضوحو وفصاحتو.. وىو يعمف أمرا بدا في ذلؾ الوقت والمكاف غريبا رغـ بداىتو.. لو مثاؿ إال أف يكوف ترتيبل مف تنزيؿ

ا رسوؿ اهلل، أكبر اهلل أكبر، اهلل أكبر اهلل أكبر، أشيد أف ال إلو إال اهلل، أشيد أف ال إلو إال اهلل، أشيد أف محمدا رسوؿ اهلل، أشيد أف محمد اهللإليي يأتينا نداء رباني سماوي .. حي عمى الصبلة، حي عمى الصبلة، حي عمى الفبلح، حي عمى الفبلح، اهلل أكبر اهلل أكبر، ال إلو إال اهلل

مف العالـ اآلخر مف دنيا بعدت عنا، دنيا يكاد يصعب عمينا تصورىا دنيا الحرية، ومف جو العبادة المسجدي النوراني ينطمؽ ىذا الصوت فييف، أجواء سجف تدمر الممتيبة بالحقد والغؿ والكيد والغش والبذاءة واألذى والعذاب، فيطعف الباطؿ في الصميـ، ويشفي صدور قـو مؤمن

صوت أرؽ وأندى مف مناغاة األـ لطفميا، وأحمى مف صوت الحمامة .. ويسقي الظامئيف الذيف كاد ييمكيـ العطش رشفات باردات عذابا ..لمحزيف

الميجع

وعرض ـ ( 14)كاف منع النظر وتفتيح األعيف يحوؿ بيننا وبيف معرفة ما حولنا مف أشياء، كنا ال نعرؼ سوى الميجع، وكاف الميجع بطوؿ ـ وكؿ النوافذ 1×1وىناؾ فتحتاف في السقؼ ( ـ3)سـ ترتفع عف األرض حوالي 80× 80ولو أربع نوافذ مف كؿ جية سعة كؿ نافذة ( ـ4)

والفتحات مشبكة بالحديد بكثافة، وكانت أرض الميجع مغطاة بطبقة مف الغبار الرممي كثيفة وىي محفرة في كثير مف المواضع، وقد أمرنا :ا ومتعاليا الرقيب محقر

...كنسوه بمحاكـ يا -

..وكانت لنا بالفعؿ لحى طويمة حيث أننا لـ نحمؽ منذ مدة طويمة، ألف عناصر المخابرات كانوا يمنعوف عنا أدوات الحبلقة والحبلقيف

ف عممية تنظيؼ وتعزيؿ ـ ثـ بطبلء أبيض حتى السقؼ، وقد بدا واضحا أ(1.5)وكانت جدراف الميجع مطمية بطبلء أخضر فاتح إلى مستوى .وطبلء قد جرت حديثا لمميجع وأنو لـ يستعمؿ بعدىا أبدا، فيناؾ آثار وبقايا الطبلء عمى األرض

فييا مرحاضاف أحدىما معطؿ ومغسمة صنبورىا معطؿ أيضا، واألرض في دورة المياه ( ـ2)وكاف لمميجع دورة مياه أخذت مف طولو بعرض .مشققة وكسرة

معتقؿ مف األخواف المسمميف، وذلؾ في ( 1000)قبؿ اعتقالي بفترة وجيزة بمجزرة تدمر الرىيبة التي قتؿ فييا ماال يقؿ عف كنت قد سمعت . سجف تدمر العسكري ىذا، فقمت أنظر في نواحي الميجع لعمي أرى آثار ذلؾ الحدث الذي سمعت عنو، فكاف أوؿ ما لفت نظري الجدراف

سـ وما دوف وخاصة الجيات الداخمية البعيدة عف الباب حفر صغيرة متناثرة متجمعة أو متباعدة بقطر (150)كاف في الجدراف وعمى مستوى سـ وقد بدا واضحا أنيا قد حشيت بالجبس وطميت بعد ذلؾ، وعثرت في أحد الشقوؽ في المنافع القريبة مف الباب عمى ظرؼ فارغ لطمقة (1)

غبار وتنظيؼ المكاف وجدت في األرض المحفرة لونا داكنا بيف األسود والرمادي، تفحصتو مميا رصاص، وفي اليـو الثاني وخبلؿ إزالتي لمبؿ كؿ الشواىد تحكي قصة رىيبة ليست .. وشممتو، إنو لـ يكف بعيدا عما توقعت، بؿ كاف شاىدا حقيقيا عما جرى في ىذا المكاف مف جريمة

.أحداثيا بعيدة، وال غابرة بؿ ىي قريبة العيد

..وما يدريؾ ماذا يخبئوف لنا؟ وىذه أفعاليـ وىذه جريمتيـ وىذا حقدىـ.. إذا ىذه األيدي التي تمتد إلينا باألذى أيد آثمة، إنيا ممطخة بالدماء

حاالت صعبة

ه في حفؿ حالة األخ عزاـ الحمصي كاف مصابا بمرض القمب، فما أف جاء دور : في ذلؾ الوقت كاف عندنا بعض الحاالت الصعبة منيااالستقباؿ وأنزؿ في الدوالب حتى ضاؽ صدره وتسارع نبضو وخؼ ضغطو وغاب عف الوعي، ولـ يشفيـ ما بو فأنزلوه في الدوالب وضربوه ونيروه وزجروه وسبوه، ولكنيـ كانوا يضربوف في حديد بارد وقد أنجاه اهلل ولكنو لـ يكف يستطيع المشي وال الحركة مما كاف يضطرنا إلى

، فكنا نحممو أينما ذىبنا كما نحممو إلى دورة المياه ونعيده منيا، فإذا جاء الجبلدوف ودخموا عمينا ىجموا عميو يضربونو وىو مضطجع الحممو .يستطيع القياـ ويسبونو ويحقرونو ويستعجموف موتو

أو باشر الجبلدوف بضربو أصيب بحالة وكاف ىناؾ أخ يدعى عثماف مف جيات الساحؿ مصاب بمرض الربو، فكاف إذا اشتد العذاب حولو اختناؽ فيقع عمى األرض وقد تشنج جسمو وضعؼ تنفسو وشخصت عيناه وظير الزبد عمى فمو مع ارتجاؼ كمي في جسمو وأطرافو، ويفقد

.الحس والحركة

وـر كما ظير الوـر في أنحاء وكاف ىناؾ األخ عصاـ وكاف مشوه الجسـ والوجو، وكاف ظيره خاصة في حالة مؤلمة لمغاية، وقد تقيح وت .مختمفة مف جسمو في قدميو ويديو ووجيو، فكاف ممف يخشى عمييـ مف الموت

وكاف األخ أبو سعيد مصابا في رجميو بتمزؽ شديد إضافة إلى رضوض مختمفة في نواحي جسمو نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض لو، .الثياب إلى أف تعفف الجروح وتورميا واشتداد آالميا، حتى غدت كريية الرائحةوقد حاولنا عبلج جروحو ولكف لـ يؤد ربطيا بقطع

وكاف األخ أبو بدر الرجؿ المؤمف الصابر الذي أمره الجبلدوف بأف ال يفتح فمو أبدا خبلؿ عذاب االستقباؿ، فوضع يده في فمو وعض عمييار وارتاحوا لو حتى عددت ثمانيف ضربة ثـ تيت في العد وغبت عف الوعي، وأنا صامت وىـ مندفعوف قد أعجبيـ األم: وأخذوا يضربونو يقوؿ

حتى فكاف أبو بدر ال يستطيع المشي عمى قدميو المنتفختيف ورما وقد تمزؽ الجمد في كثير مف نواحييما، أما يداه فكانتا زرقاويف متورمتيف مد الرسغيف وأخذ ينز بالماء والدـ، فكاف أف جيز قطعتي قماش يمؼ بيما الكوع، وكاف الوجو األنسي لمساعد أسود كالحا منتفخا وقد تمزؽ ج

حتى الصراخ في حاؿ األلـ : تألمت لحالو وغمبني القير واأللـ وىو يروي لي قصتو وقمت في نفسي. رسغيو ليحمييما مف الضربات الجديدة ممنوع؟ أيمنع اإلنساف أف يصرخ متألما؟

شد ما أثارىـ أنو طالب ىندسة في الجامعة، ولـ يكف الوحيد ولكف آذاف الجبلديف التقطت ىذا التعريؼ دوف وىناؾ األخ أبو مالؾ الذي كاف أنع غيره، ولكننا بعد ذلؾ كنا حريصيف عمى أف نبتعد تماما عف أي تعريؼ حقيقي بأعمالنا، وقد ساعدنا في ذلؾ نظاـ السجف ذاتو الذي كاف يم

طة الكبلـ مع المساجيف إال بالنير والضرب، وكاف ذلؾ لغايات أخرى ىي منع أية عبلقة أو معرفة كؿ الجبلديف مف رقباء وعرفاء وشر .بالمعتقميف وظروؼ اعتقاليـ وماىية تيميـ

بآرائيـ المتطرفة، كما أف إغماض األعيف جعؿ لو مبرر يزيد في حقد الجبلديف وىو ( ويعدوف)ومف ناحية أخرى حتى ال يتأثر بيـ الجبلدوف .ىؤالء المعتقميف مجرموف وربما ينجو منيـ أحد فبل يجوز أف يروكـ وال يعرفوكـ حتى ال تتعرضوا النتقاميـأف

ف كاف يستطيع السير بصعوبة جدا ..كاف األخ أبو أنس مريضا بعد كؿ ذلؾ العذاب، وا

.وكاف األخ أسامة الشاب ابف الثامنة عشرة في حالة سيئة مف التشويو والجروح

.ف المعتقؿ نبيؿ ينزؼ الدـ مف فمو وأنفو، وقد توـر وجيو حتى غابت عيناه، إضافة إلى وـر رجميو ويديو وآالـ شديد في سائر جسموكذلؾ كا

وفي اليـو الثاني لـ يكف أحد يستطيع السير إال بصعوبة كبيرة، وكانت حبات الرمؿ في أرض الميجع نحس كأنيا حسؾ الحديد ولـ يكف أحد .أي مف يديو لما كاف فييما مف وـر ووجوىنا كانت مؤلى بالخطوط الزرقاء والحمراء والياالت السوداءيستطيع إطباؽ

وكاف األخ المعتقؿ أبو نجيب مكسور الكاحؿ بضربة عصا، فكاف ال يستطيع المشي، فإذا أجبر حجؿ عمى رجؿ واحدة مستندا إلى كتؼ .معتقؿ آخر

أوؿ ليمة في تدمر

وفي السابعة مساء جاء الجبلدوف يصرخوف، دخموا عمينا الميجع .. السوف كؿ في مكانو، يذكر اهلل ويدعوه ويسبحوجاء المساء ونحف ج ..وخرجوا يغنوف ويصخبوف، وأدخؿ خبلؿ ذلؾ طعاـ العشاء ولكف لـ يمتفت إليو أحد.. وضربونا بالكرابيج وأشبعونا سبابا وشتائـ وتيديدا وكفرا

أخذت أفكر في حصيمة يومي مف أيف أبدأ؟ وأيف .. أي وطاء أو غطاء ووضع كؿ واحد منا حذاءه تحت رأسو اضطجعنا عمى األرض دوفوىؿ ىو إال : أقوؿ لمف يبدي قمقو وخوفو مف سجف تدمر. ينتيي؟ كانت صورة سجف تدمر غير واضحة في ذىني، وكنت أوؿ المستيينيف بو

..سجف كباقي السجوف؟ خموة مع اهلل

أي غدر فيو وأي كيد؟ لـ نكف نظف أنو يمكف أف توجو إلينا كممة سيئة، فإذا بنا اآلف في حالة أقؿ ما توصؼ بو أنيا سيئة جدا لـ أكف أعمـ نسانية .كنت أشؾ كثيرا في أنو يمكف أف أوخذ ىكذا بالظنة.. مف نواح كثيرة صحية ومعاشيو وأمنية وا

يـ ىكذا بالشبية والظنوف، عمى غير ذنب واضح معروؼ أو ثابت، ولكف التاريخ يذكر لنا كنت أشؾ في أف تأخذ الدولة الناس فتعاقبيـ وتسدن أف ظمـ الحكاـ الطاغيف كاف ببل حدود ال يفرقوف بيف برئ أو مذنب، فيا ىو صاحب األخدود يمقي المؤمنيف في النار وكؿ ذنبيـ أنيـ آمنوا

..ني نمرودي أبو جيمي متجدد يسير عميو كؿ عتؿ متكبر ال يؤمف بيـو الحسابباهلل رب العالميف، ليس ذلؾ صورة ماضية ولكنو خط فرعو

ف يظيروا : )كـ كنت حسف الظف بؿ كـ كنا حسني الظف بؿ لـ نأخذ العبرة مف فعؿ الطغاة السابقيف، وال مف القرآف الكريـ وىو يقوؿ كيؼ وا (.عميكـ ال يرقبوا فيكـ إال وال ذمة

المجرمة وخططيـ الماكرة ال تراعي عيدا وال قانونا وال مبدأ، بؿ تتبع قانوف الحقد ومبدأ الغدر، وتتخذ سبيؿ فياىـ يظيروف وىا ىي أيدييـ ..لو درسنا كتاب اهلل لعرفنا ذلؾ مف قبؿ.. الظمـ والفجور

ـ خذ عمى أيدييـ وأذليـ واصرؼ فبل يجب أف نخدع بكبلميـ الميف وبيرجيـ الزائؼ، وىا نحف نممس النتيجة وىاىـ يطعنوننا في الظير، المي ..عنا كيدىـ وأخذت أدعو

ينطمؽ صارخا بقوة فيدوي في جنبات سجف تدمر العسكري .. ىوووه ىوووه ىوووه: في وسط ظبلـ الميؿ.. انطمؽ فجأة صوت يصرخ بقوة ..ىييو.. ىوووه ىوووه.. ىييو ىييو ىييو: الرىيب، فتجاوبو أصوات أخرى بصراخ أقوى

؟..وتكررت األصوات وكثرت في أذىاننا التساؤالت.. ماذا فيؾ بعد يا سجف تدمر مف سوء تظيره؟.. استغراب ما ىذا؟تساءلنا في

ذا بصوت يصرخ فيو بقسوة وحقد ولـؤ.. وكاف أحد األخوة قد تأخر عف أداء صبلة العشاء فقاـ يصمييا والوقت لـ يجاوز العاشرة مساء ولؾ : وا .وكأنو ضبطو في جـر رىيب.. ألفعؿواهلل .. حقير شو متسوي يا

تدمر وسجنيا

ة التي ال تدمر مدينة تاريخية عريقة، أشير مموكيا أذينة وزوجتو زنوبيا وآثارىا مف أجمؿ اآلثار في الدنيا بمعابدىا الرومانية وأعمدتيا الرائع .تزاؿ قائمة عمى مرور األياـ

آالؼ نسمة، وتقع إلى الجنوب الشرقي مف اآلثار المذكورة، وفي الجية الشرقية الشمالية ( 10)أما اآلف فيي مدينة صغيرة ال يزيد سكانيا عف ف السائر في جنبات تدمر التاريخية إذا اتجو شرق ا مف تدمر توجد ثكنة عسكرية واسعة يحرسيا رجاؿ الشرطة العسكرية ذوو القبعات الحمر، وا

أمامو مدرسة وممعب كرة في العراء بجانبيا، ومف ثـ جدرانا عالية ذات لوف ترابي طويمة، جاعبل المدينة عف يمينو فمف يسير طويبل حتى يجداحد ومف وراء ىذه الجدراف تبدو أبنية ممتدة كثيرة تساير الجدراف الخارجية، وسوؼ يرى عمى أسطح ىذه األبنية التي ليا سياج بارتفاع متر و

ولكؿ منيما غرفة صغيرة يأوي إلييا بعض . إلى الشماؿ منو( ـ100)جنوبية، والثاني عمى بعد تقريبا حارسيف يتجوالف أحدىما في الزاوية ال األحياف

لرفعت ولكف أحدا ال يستطيع االقتراب مف ىذه الجدراف، فحوليا يتمركز عدد كبير مف العساكر مف سرايا الدفاع ذوي المباس المموه وىي تابعة .ا باألسبلؾ الشائكة، وىيأت المتاريس ومعيا المصفحات بمدافعيا الرشاشةأسد، وقد أقامت خياميا وأحاطت نفسي

فما ىي األبنية الطويمة الممتدة؟ وماذا يوجد فييا؟ إنيا مياجع سجف تدمر وفييا اآلالؼ مف المعتقميف المساكيف وىـ في وضع بائس رىيب، .بيعيشوف تحت ضغط الرعب واإلرىاب والقسوة، ميدديف بالموت مف كؿ جان

وداخؿ ىذه الجدراف والمياجع حدثت . مركز التطيير الوطني لتصفية األخواف المسمميف: ىذا ىو سجف تدمر العسكري أو ما سمي مؤخرا بػ أفظع مجزرة في العصر الحديث ألنيا تميزت بقتؿ السجناء العزؿ المستسمميف، وقد استغرقت ساعة مف الزمف، قتؿ فييا 27/6/1980بتاريخ .. قؿ تقريبا دفعة واحدة وأكثر ىؤالء مف العمماء واألطباء والميندسيف والمحاميف والمدرسيف، وىـ مف خيرة رجاؿ سوريا عمما ودرايةألؼ معت

.وفييا الطبلب واألحداث الذيف اتيموا بحمؿ السبلح في وجو حافظ أسد

( 70 – 60)معتقؿ مف كؿ أنحاء سوريا فييـ كبار السف خمسة آالؼ ( 5000)ويستقر اليـو في مياجع سجف تدمر العسكري ىذا أكثر مف حدث وفييـ المرضى بؿ كميـ ( 400)سنة وىو عدد كبير يزيد عمى ( 18)سنة والعجزة مف مقطوعي األطراؼ والمشموليف واألحداث دوف سف

.مرضى بمختمؼ األمراض واألوبئة وأوليا نقص التغذية والجرب واإلسياالت والسؿ وغيرىا

لمعتقميف يعذبوف في الصباح والمساء، في الميؿ والنيار، في كؿ دقيقة، بمختمؼ األشكاؿ والصور ويعيشوف في رعب دائـ وقير شديد وىؤالء ا .ولوال اإليماف باهلل والثقة برحمتو لقتميـ ما ىـ فيو

ب الكرة الموجود قرب المدرسة غربي عمى كؿ حاؿ فمف أراد أف يتأكد مف األمر فإني أؤكد أنو لو أنصت وحبس أنفاسو وىو يقؼ في ممعالسجف وفي أي وقت لسمع مف بعيد مف داخؿ جدراف المعتقؿ السميكة صرخات وآىات وزعيقا عميقا يدؿ عمى آالـ شديدة ورعب كبير، مما

ع ذلؾ فيذا ليس كؿ يدؿ عمى استمرار العذاب في كؿ األوقات في سجف تدمر الرىيب، وخاصة في الصباح الباكر أو الضحى أو المساء، ومخرى شيء، ففي صباح االثنيف مف كؿ أسبوع وبالتحديد فيما بيف الساعة السابعة والتاسعة يمكنؾ أف تسمع أصواتا قوية تنطمؽ بيف الفينة واأل

، ولكنؾ لف .. أكبػاهلل أكبر، وقد تسمع الصوت يخمد في منتصؼ الكممة فتخرج مبتورة ىكذا اهلل.. اهلل أكبر.. اهلل أكبر: مف داخؿ الجدراف تسمع الحشرجات الرىيبة، ألنيا ليست قوية بما فيو الكفاية لتخترؽ جدراف السجف العالية السميكة التي تحيط بسجف تدمر العسكري أو مركز

( 80 – 30)يف وفي مكاف اإلعدامات يجري إعداـ مجموعة كبيرة مف المعتقميف يقدر عددىا ما ب. التطيير الوطني لتصفية األخواف المسمميف .معتقبل في يومي االثنيف واألربعاء مف كؿ أسبوع عمى الغالب

وىي تتحرؾ حاممة الجثث إلى حفرة في صحراء تدمر ( زيؿ الروسية الصنع)وسوؼ نسمع بكؿ تأكيد بعد ذلؾ صوت محرؾ السيارة مف نوع .ليييؿ عمييا البمدوزر التراب ويخفييا إلى األبد

سجف تدمر خفيا مكتوما؟فيؿ سيبقى ما يجري في

وىؿ سيخرج أولئؾ المقيوريف مف سجف الموت في يـو مف األياـ؟

سجف تدمر

األصؿ في سجف تدمر أنو ثكنة عسكرية أقيمت أياـ الفرنسييف، وقد استعمؿ قسـ منيا بعد ذلؾ كسجف لمعسكرييف المخالفيف لؤلنظمة العسكرية 1979وتوسع سجف تدمر أكثر مف مرة حتى بمغ عدد مياجعو في عاـ .. ات سجناء سياسيوفكما وضع في ىذا السجف أيضا في بعض الفتر

ميجعا موزعة عمى سبع باحات ومستوصؼ وبو أربع غرؼ عادية، والمياجع األرضية وىي اثناف أو ثبلثة وليا مدخؿ خاص ومجموعة ( 34)لمدخؿ الرئيسي لمسجف، كما بنيت مياجع أخرى عددىا سبعة في زنازيف عددىا عشرة وساحة خاصة لممكاتب، ومجموعة مف الغرؼ عند ا

.ميجعا عدا المستوصؼ وغرفو( 44)فأصبح عدد مياجع السجف 1982أوائؿ عاـ

.وىناؾ المطبخ في الجية الجنوبية الشرقية لمسجف

.وبية مف أرض الثكنةوتشكؿ الزاوية الغربية الجن( ـ125)ويمتد سجف تدمر عمى رقعة مربعة مف أرض الثكنة، ضمعيا

.فيما متصمتاف بممر واسع( 6 – 5)باحات السجف منفصمة تماما عف بعضيا البعض، ويصؿ بينيا أبواب حديدية ما عدا الباحتيف

في والثاني حديث البناء فيو فتحات. قديـ مبني بالحجر واطئ السقؼ ضيؽ النوافذ، معتـ: ومياجع السجف مف حيث البناء عمى نوعيف األوؿكانت في األصؿ مغطاة بأقفاص زجاجية ولكف زجاجيا تكسر فبقيت مكشوفة تعرض نزالء الميجع لمختمؼ الظروؼ ( ـ1×1)السقؼ واسعة

.الجوية

ـ فييا 4×2ـ وفيو دورة مياه مأخوذة مف طولو وعمى عرضو 4×14الكبير وىو الغالب وأطوالو : ومف حيث السعة فالمياجع عمى نوعيف .سمةمرحاضاف ومغ

( 6 – 5)أو كبير عبارة عف ميجعيف متصميف مثؿ ( 13و 9)إما صغير يتألؼ مف نصؼ الميجع السابؽ مثؿ الميجعيف : والنوع اآلخرتقريبا مف الجيات الجنوبية والغربية، وجزء مف الجية الجنوبية بينما تشكؿ جدراف المياجع ( ـ4)ويحيط بأبنية السجف جدار سميؾ مرتفع

.و مف الجية الشرقية وىي ليست جدرانا خارجية بؿ داخمية يحيط بيا سور الثكنةالجدار نفس

.وفي مربع السجف باباف فقط األوؿ في الجية الجنوبية وىو واسع وصالح لدخوؿ السيارات وال يستعمؿ لممساجيف إنما لؤلعماؿ األخرى

با وينزؿ درجتيف حيث مستوى أرض السجف أدنى مف مستوى األرض ـ تقري(1.5)والباب الثاني في الجية الشمالية الشرقية وىو بعرض خراجيـ، فيو باب السجف الرسمي .الخارجية وىذا الباب األخير ىو المستعمؿ إلدخاؿ المساجيف وا

( الثورية)عارات فإذا دخمنا منو فسوؼ يقابمنا باب آخر يفضي إلى صالوف، وعف يسارنا باب غرفة االنتظار ذات الجدراف القذرة والعفف والشمكتوبة بخط عريض وسوؼ ترى في غرفة االنتظار ىذه إلى اليميف شبكا حديديا مزدوجا مف األرض إلى السقؼ ومف جيتو الثانية غرفة

الخشب أخرى فيذا مكاف الزيارات التي كانت سابقا ويواجو غرفة الزيارات غرؼ مكاتب متصمة ببعضيا وفي زاوية الغرفة األولى طاولتاف مف بركة ماء فإذا سرنا إلى األماـ وجدنا بابا حديديا ضمف سياج مف قضباف الحديد المتشابكة، فإذا ولجناه وجدنا باحة كبيرة فييا أشجار وأزىار و

كاتب ـ غرؼ مكاتب السجف والمحكمة وغيرىا، وتدعى ىذه الباحة باحة الم20×20صغيرة في الوسط وعمى جوانب الباحة التي تبمغ أبعادىا واسع وفييا غرفة الرائد فيصؿ غانـ مدير سجف تدمر ونائبو النقيب، وفي زاوية ىذه الباحة الجنوبية الشرقية نجد بابا حديديا يفضي إلى ممر

.ـ يوصؿ إلى الباحة األولى4طولو

باحة االستقباؿ ( 1)الباحة رقـ

وفي الضمع الشمالي ميجعاف ( ـ2)وليا شرفة 3 -2-1ب المياجع ـ وفي ضمع المستطيؿ الشرقي منيا تنفتح أبوا20×25باحة كبيرة مترا، وأف السجناء ( 30)المزدوج وطولو حوالي ( 6 – 5)متصبلف تمتد نيايتيما غربا خارج حدود الباحة وليا باب واحد وىما الميجع

لطولو، ( المطار)بعد ذلؾ ومنيا أنيـ سموا ىذا الميجع العسكرييف الذيف شغموا ىذا السجف فترة طويمة سابقة قد أطمقوا تسميات معينة شاعت وأما الضمع الجنوبي . وفي وسطو باب حديدي( 3)أما ضمع المستطيؿ الغربي فيو عبارة عف جدار فقط يفصؿ ىذه الباحة عف الباحة رقـ

في الزاوية ( 3)والميجع ( 4)نياية الميجع وكأنو استخدـ سابقا لغرض مف ىذا القبيؿ، وبيف( السينما)ويدعى ( 4)ففيو ميجع واحد ىو رقـ وفي آخره باب حديدي موصؿ إلى الباحة الثانية، ونزالء مياجع الباحة األولى ىذه ىـ الذيف يعيشوف القير ( ـ4)الجنوبية الغربية ممر بعرض اسية عنيفة وحشية، وأصوات الكرابيج ضاربة وىو صراخ الجبلديف نيرا وزجرا وسبابا بأصوات ق( النشيد المر)واأللـ كؿ حيف، وىـ يسمعوف

ىابدة قارعة، وصراخ المعذبيف الذي يمزؽ نياط القموب وذلؾ عمى مدى ساعات طواؿ تشمؿ غالب النيار وخبلؿ عدة أياـ في األسبوع فيما .أو حفؿ تعذيب االستقباؿ( االستقباؿ)يسمونو

الباحة الثانية

اوية قائمة رأسيا في الجية الجنوبية الشرقية لمسجف، وىي تحيط بمياجع الباحة األولى مف الجانبيف وتتألؼ مف مستطيميف يمتقياف ليشكبل ز .الشرقي والجنوبي تقريبا

وىناؾ جدار مف البموط ( 11و 10و 9)ثـ الحماـ ثـ المياجع ( 8)وتشمؿ ىذه الباحة عمى أربعة مياجع وحماـ السجف وىي الميجع رقـ .مع جزء مف الباحة ويفصمو في حيز بمفرده( 11)ع اإلسمنتي يحجز الميج

الباحة الثالثة

ا والتي تساوي في أبعادى( 3)وفي وسط الجدار المرتفع الذي يشكؿ الضمع الغربي في باحة االستقباؿ يوجد باب حديدي يؤدي إلى الباحة رقـ .أبعاد باحة االستقباؿ نفسيا تقريبا

( 14 – 15 – 16 – 17 – 18)ثـ المياجع ( 10)ففي الجية الغربية مف الباحة بدءا مف الشماؿ الغربي نجد مجموعة مف الزنازيف عددىا وفي زاوية ( 4)وصؿ إلى الباحة ثـ بابا حديديا ي( 6 – 5)وليما شرفة نجد امتداد الميجع الطويؿ ( 13 – 12)ومف الجنوب نجد الميجعيف

وعمى يساره مدخؿ إلى المياجع األرضية وفي نياية الممر جنوبا باب حديدي واسع ( ـ15)ىذه الباحة الجنوبية الغربية ممر واسع يمتد حوالي .مدخؿ الثاني لمسجفمغمؽ ىو ال( ـ4)ويسارا إلى باب حديدي كبير ( 6-5)يقود يمينا إلى الباحة ( ـ4)يوصؿ إلى ممر عريض ( ـ3)

الباحة الرابعة

ييا ومف الباب الموجود وسط الجدار الشمالي في الباحة الثالثة نصؿ إلى الباحة الرابعة وىي واسعة وفي وسطيا بركة دائرية ليس فييا ماء وف (.24-23-22-12-20-19)المياجع

الباحتاف الخامسة والسادسة

( ـ20)أمتار نجد باحة بعرض ( 10)يتجو يمينا بعد ( ـ4)لثالثة الجنوبية الغربية نصؿ إلى ممر عريض ومف الباب الواسع في زاوية الباحة االمجاورة ليا تفتح خمسة ( 6)وعمى الباحة رقـ ( 34 - 33 - 32) ثبلث مياجع ىي ذوات األرقاـ ( 5)وينفتح عمى الباحة ( ـ50)وطوؿ

26 – 25)ة الخارجي ابتداء مف الزاوية الغربية الجنوبية ويمتد شماال وىي ذوات األرقاـ مياجع أربعة منيا عمى خط طوؿ مواز لجدار الثكنثـ ميجع كبير في أوؿ صؼ المياجع المذكورة في الزاوية الغربية الجنوبية تماما ( 31)وأخيرا وفي صدر الباحة الميجع رقـ ( 28 – 27 –

ة المياجع سياج يزيد ارتفاعو عمى متر وىناؾ أضواء كاشفة موجية عمى السطح وألسطح( ـ20)يدعى الورشة عرض الباحة السادسة ىذه .ذاتو وعمى الباحة مف الزوايا

المستوصؼ

ـ في زاوية الباحة السادسة الشمالية الغربية نصؿ إلى ممر عريض يوصمنا إلى باب باحة المستوصؼ والذي (1.5)ومف باب حديدي عرضو وغرؼ المستوصؼ الممتدة عمى سويتو، وكاف ( 28)واقعة بيف الميجع ( ـ8×4)وواحدة بأبعاد ( 4×4)بأبعاد يوجد فيو أربع غرؼ ثبلث منيا

.ىذا فارغا ثـ استعمؿ بعد ذلؾ كسجف لمنساء

الباحة السابعة

ة فييا الميجعاف وفي نفس الباب في الباحة السادسة يقودنا الممر إلى باب آخر غير باب المستوصؼ عمى جية اليميف إلى باحة مستطيمومف بيف غرؼ المستوصؼ والميجع ( ـ15)يقابمو وبينيما باحة عرضيا ( 30)الخمفي والميجع ( 31)وىو مبلصؽ لجدار الميجع ( 29) .فتح ممر إلى باحة أحدثت فيما بعد وأنشئ فييا أربعة مياجع إضافة إلى إنشاءات أخرى ستذكر في حينيا إف شاء اهلل( 30)

سجف تدمر اليـو الثاني في

، ارتاحت أجسامنا المنيكة واستراحت أعصابنا المتوترة وصفت أذىاننا المكدودة المر ىقة نعمة عظيمة مف نعـ اهلل التي ال تعد ىي نعمة النـو . بؿ عاش الجميع أحبلما جيدة ال مثيؿ لو مف العذاب والرعب

الشمس بنور ربيا وغمرت األرض بنورىا الوضاء، وتسممت حـز مف صميت الصبح في خشوع واستغراؽ وجمست أذكر اهلل وأدعوه، وأشرقتتذكرت نسمات الصباح الندية وأنا أخرج كؿ يـو مف بيتنا لصبلة الصبح وأعماؿ . أشعتيا المشرقة إلى داخؿ الميجع مف النوافذ الشرقية

.إنو اليـو الثاني لنا في سجف تدمر.. فأي عذاب ينتظرنا اليـو.. البكور

تساؤؿ

اآلف يأتي الجبلدوف كالكبلب المسعورة ومعيـ .. انت الساعة تشير إلى السادسة صباحا حيف خيـ عمينا جو مف الترقب والتوجس والخوؼكوليس لنا إال ( إف المجرميف في ضبلؿ وسعر)آالت العذاب وكميـ حقد وسعار وال يرحموف صغيرا وال يوقروف كبيرا وال يشفقوف عمى مريض

.لنا إال أف نمجأ إلى اهلل ونموذ بو وندعوه الدعاء ليس

ما ىؤالء الناس؟ أي قسوة ركبت فييـ؟ أي ببلدة وسماجة خالطت نفوسيـ؟ أفي صدورىـ قموب ذات : وكنت أتساءؿ بألـ وحيرة فأقوؿ لنفسي ؟ أماتت في صدورىـ القموب؟..إحساس ومشاعر؟ أـ أحجار صمدة قاسية؟

..قموب ال يشعروف بياليـ : بؿ صدؽ اهلل وصدؽ رسولو

بحطاـ الدنيا؟ أىكذا تفعؿ خزعببلت .. ؟ أىكذا يغتر اإلنساف بالزعامة الفارغة..أىكذا يعمي اليوى والطمع والجشع أىكذا يعمي الدينار والدرىـ الكاذبيف في نفوسيـ الجاىمية؟

باطنية .. ما أثاره إال عقيدة بؿ عقائد باطمة فاسدة: فسي بحسرة؟ أجبت ن..عمى المعتقميف األبرياء ما الذي أثاره فييـ.. وىذا الحقد الرىيب ..وال ميرب.. وحرارة الحؽ.. يخافوف عمييا مف نور الشمس.. أخفاىا أىميا.. مكتومة

إدخاؿ الفطور

انتبو (: زمةبالبل)وانتفض الميجع قائما وصرخ رئيس الميجع ( ولؾ عرصات: )وفجأة صرخ صوت ىستيري مف النافذة الصغيرة في البابووقؼ كؿ ذي قدرة عمى ذلؾ ورفعنا الوجوه إلى السقؼ وأغمضنا أعيننا وسرت كيرباء القمؽ في . استاعد الميجع جاىز لمتفتيش حضرة الرقيب

.األعصاب ولج القمب بالدعاء واالستغاثة

يرفسوننا بأرجميـ، وبدأ صوت الكرباج يمعمع في وفتح الباب ودخؿ الجبلدوف وىـ بفاحش السباب يصرخوف ويشتموف وىجموا عمينا يضربوننا و .. خذ.. اهلل: )دخيؿ اهلل، فثار الحقد الكافر في نفس الجبلد فقاؿ لو: جو الميجع، وأخذت األصوات ترتفع، واستغاث أحد المعذبيف باهلل قائبل

: ت في نفسي ليذه المراوغة والمخاتمة السمجة وذكرت المثؿإنت بتعرؼ اهلل يا كمب؟ واستغرب: ثـ استنكر عميو استغاثتو باهلل، قائبل ( ىاي ألهللف كنا ال نستطيع دفاعا عف أنفسنا فإف اهلل يدافع رمتني بدائيا وانسمت، يرموننا بالكفر وىـ الكافروف، يصموننا باإلجراـ وىـ واهلل المجرموف، وا

ف أذاقونا صنوؼ العذاب ثـ طمبوا رئيس الميجع فأخذوه وبادره أحدىـ وعزموا أف يخرجوا أخيرا بعد أ( إف اهلل يدافع عف الذيف آمنوا: )عنااستارح استاعد الميجع : بالكرباج يضربو وآخر يرفسو حتى وقع بيف أيدييـ مغمى عميو، وخرجوا أخيرا وصرخ رئيس الميجع بصوت ضعيؼ

.فطار وىو عبارة عف صحف زيتوف وكمية قميمة مف الشايولقد أدخؿ خبلؿ ىذه الحفمة مف العذاب طعاـ اإل. انتيى مف التفتيش حضرة الرقيب

ترقب

عزفت النفوس عف الطعاـ فمـ يأكؿ أحد إال قميبل، وعزفت عف الكبلـ وانشغؿ كؿ واحد بدعاء أو ذكر أو تسبيح يتسمى عف آالمو ويتقوى عمىبواب الحديدية الموصدة والنوافذ المشبكة بألؼ قضيب محنتو والرعب ينشر ظبللو القاتمة في ذلؾ الجو المكفير جو الجدراف الكالحة واأل

حديدي جو الصراخ اليستيري واألوامر الصارمة والعذاب والعقاب لغير ما جريرة أو ذنب، ما عرفنا ذلؾ قببل وال سمعنا أف يعذب اإلنساف كاد تسمع نأمة حتى تسري الكيرباء في جو كنا في ترقب فما ت. لمسجف يتفنف في تعذيب نزالئو.. وأف يكوف ىناؾ نظاـ.. ألجؿ العذاب

البارحة وفي مثؿ ىذا الوقت كنا نعيش كابوس العذاب البشع فيؿ انتيت محنتنا؟ إني ألشعر أف كؿ دقيقة بؿ كؿ ثانية تمر إنما ىي . المكافنا لمعذاب والموت ألننا كما يقوؿ كبير كنا نتساءؿ ما يخبئ لنا اليـو عباقرة سجف تدمر؟ الذيف حكموا باستحقاق. محنة وعذاب لكؿ إنساف ىنا

.كيؼ أستنبط ذلؾ وعمى أي أساس أطمؽ حكمو وبأي منطؽ يتكمـ؟ اهلل وحده يعمـ( انتو جيتوا ليوف باجريكـ: )الزبانية

ده، وبعد ذلؾ تعود إف التعذيب يتـ خبلؿ اليـو األوؿ وربما بضعة أياـ أخرى بع: كاف بعض المتفائميف مف إخوتنا قد اىتدوا إلى فكرة مؤادىاولكف صورة البغي والحقد والجيؿ الذي عرفناه ولمسناه في ىؤالء القـو كاف يجعمنا نتوقع أسوأ االحتماالت خاصة وأنو .. األمور طبيعية عادية

.صروفال يردعيـ عف ظمميـ خمؽ وال ديف وال ضمير، بؿ ىناؾ حقد يؤجج الشر في نفوسيـ وأولياؤىـ ىـ يمدونيـ في الغي وال يق

إرىاب ورعب

: في العاشرة سمعت أصوات بعيدة أوليا أصحاب الترقب وتوقعوا مف ورائيا أشياء وأشياء ولكني تركت كؿ ىذه التصورات المخيفة جانبا وقمت .نسمـ أمرنا لمف بيده األمر

الميجع بقوة يتردد صداىا الرىيب ومزؽ جو السكوف والترقب صوت غريب رىيب آثار الرعب في النفوس، كاف صوت الكرباج يضرب جدارتييأت النفوس لمموت وبمغت القموب الحناجر كاظميف ما لممعتقميف مف شفيع يطاع فقدوا الحؽ . ال ريب أنو اإلرىاب الحاقد. في جنبات المكاف

.في الراحة واألماف، وأصبح االطمئناف أبعد مناال مف العنقاء وفقدوا الحؽ في الحياة

الميـ )ع الحديدي بضربة ىائمة مف الكرباج الثقيؿ، وازدادت ضربات القموب وأصبحت تضج في الصدور وكأنيا مطارؽ ثقيمة ودوى باب الميج (.أنت القوي المعيف نجنا مف القـو الظالميف، الميـ إنا نجعمؾ في نحورىـ ونعوذ بؾ مف شرورىـ

وصؾ آذاننا بأبشع ما في معجميـ مف .. ولؾ يا.. ولؾ يا.. حقراء ولؾ: مف النافذة الصغيرة في الباب صرخ صوت ىستيري بحقد مجنوف .شنيع األلفاظ وفاجر القوؿ مع التيديد والوعيد

ووقفنا حيارى مستسمميف لقضاء اهلل . انتبو استاعد الميجع جاىز لمتفتيش حضرة الرقيب: تحرؾ المفتاح في القفؿ وصرخ رئيس الميجع :لسقؼ وأمرونا بالخروج قائميفمغمضي العيوف رافعي الوجوه إلى ا

غمض .. أسرع يا كمب: )واندفعنا مسرعيف مطأطيء الرؤوس واألوامر التي تتوالى مع لسع الكرباج..( بسرعة يا.. اثنيف اثنيف لبرا ولؾ كبلب) ..(عينيؾ يا حقير يا

لميجع وىـ مف المرضى والمصابيف العاجزيف عف السير وأمرونا أف نسير رمبل عمى أطراؼ الباحة ثـ دخؿ نفر مف الجبلديف إلى الباقيف في ا .وأخذوا يضربونيـ ويعذبونيـ

وىجـ عمينا الجبلدوف بالكرابيج يضربوف ( ارفع رجميؾ.. منبطحا : )وأمرنا الجبلد بصوتو الكريو أف ننبطح عمى األرض ونرفع أرجمنا قائبل .ف ويسبوننا بأقذع السباب، ويكفروف باهلل ويشتموف النبي صمى اهلل عميو وسمـأرجمنا وظيورنا ورؤوسنا بضربات شديدة وىـ يصرخوف مزمجري

وصبرنا عمى الضرب ولكف الضرب كاف شديدا واأللـ رىيبا، فانطمؽ صراخ المعذبيف يمؤل المكاف بأصوات متألمة شاكية تنفطر ليا القموب .كأنيا آىات ثكمى أو زفرات محترقيف أو صرخات مترديف في ىاويةالقاسية، أصوات منكرة غريبة ال تعرؼ فييا صوت أحد وال تميزه

فتخمد األصوات كميا إال أصوات ..( سكوت يا حقير يا حقراء سكوت. سكوت: )وينبري الجبلد يصرخ بالصوت الزاجر الرىيب يأمر بالسكوتع والناس بيف واقع بو العذاب فيو يتقمب تحت الكرباج ظيرا الكرابيج، ولكف اآلالـ ال تحتمؿ والموت مر فتعود األصوات المتألمة إلى االرتفا

.لبطف وبطنا لظير وبيف منتظر أف يأتيو الجبلدوف بالكرابيج فيو في رعب وكرب وعذاب قبؿ العذاب

يضيقوف؟ ولكف كـ يتكتموف عمينا و : ويدور في نفسي حوار: ويمر الوقت متباطئا ال يريد أف ينقضي، والشمس ترسؿ أشعتيا فتغمر المكافأمرىـ مكشوؼ وسرىـ مفضوح، واألرض تشيد والجدراف والشمس تشيد عمى ما يجري تحتيا مف ظمـ ومف ظبلـ، وجاء األمر مف الرقيب

وعاد الفمـ وعادت األصوات ترتفع إلى رب السماء شاكية إليو تخمي .. منبطحا ارفع رجميؾ يا: واقفا، رمبل ثـ جاء األمر مف جديد: الجبلد( إف ىـ إال كاألنعاـ بؿ ىـ أضؿ)الناس عف بشريتيـ وارتدادىـ إلى أدنى دركات الحيوانية والوحشية، فيا ىـ يمغوف في الدـ كأي وحش كاسر

واقفا رمبل إلى الميجع، وعمى الباب وقؼ الجبلدوف يودعوف الداخميف بضربات : انتيت حفمة العذاب وجاء األمر مف الرقيب. ولكؿ شيء نياية .لكرباج الثقيؿ يصبوف فييا كؿ حقدىـ ووحشيتيـا

ئـ ودخمنا نحمؿ بعضا ممف انياروا أو أغمي عمييـ أو أصيبوا، وقد ردد رئيس الميجع البلزمة وأغمؽ الباب وقذفونا بأشنع ما سمعناه مف شتااآلخروف يحمدوف اهلل الذي ال يحمد عمى وانطمقت حسرات حرة وخر البعض ساجديف، وتبعيـ . )وسباب وفحش ووعيد بالقتؿ والشنؽ وغيره

(.مكروه سواه

مف كانت حصيمة حفمة العذاب عددا كبيرا مف المشوىيف والجرحى أصيب أبو أحمد في صدره فحمؿ وكاف رجبل ضخما ممتمئا في العقد الرابع نسعفو فبادر بعض القريبيف ليسعفوه، فانقض عمييـ الجبلدوف عمره، وقع مغشيا عميو بيف أيدييـ، فمـ يرحموه، ولما حمؿ إلى الداخؿ أمرونا أف

.يضربونيـ

رىاؽ لما أصاب رأسو وجسمو مف ضرب وركؿ .وأصيب أبو سيد وقد تمزقت رجبله ودىاه مف العذاب أمر عظيـ، فكاف في حالة دنؼ وا

كسر قاـ يحجؿ عمى رجؿ واحدة حتى دخؿ الميجع، فقد كسرت رجمو قرب الكعب خبلؿ وقوعو تحت أيدييـ، ولكنو رغـ ال..( ف)وأصيب أبو .ال يكاد يشعر مف الخوؼ بألـ رغـ أنو يعاني مف ألـ شديد

وأصيب األخ عزاـ الذي أقعده عف الخروج مرض القمب الذي ثار عميو يـو االستقباؿ، فمـ ينج اليـو منيـ رغـ عدـ استطاعتو الخروج، حيث .يف الموت والحياةدخموا عميو وعذبوه وضربوه حتى غدا ب

.ضربوه عمى ظيره حتى ساؿ منو الدـ وانتكأ ما كاف قد التأـ مف جروحو.. وأصيب عصاـ

.ولـ يكف ىناؾ أحد إال وأصيب إصابات مختمفة

!!إنيـ يقولوف أنيا تنفس. ما ىذه الحفمة التعذيبية: ترى

..ربنا إننا مسنا الضر وأنت أرحـ الراحميف

(.ربنا إننا مسنا الضر وأنت أرحـ الراحميف: )و مرىقا في حالة شديدة مف األلـ والسوء، وكنت أدعو ربي قائبل استمقى كؿ في مكان

وأخذ كؿ واحد يتفقد مف حولو ويتعرؼ عمى حاؿ إخوانو، كاف الكبلـ قميبل جدا إال عبارات ضرورية لبلطمئناف عف الحاؿ، ولكف أية حاؿ .أخ ال يتوانى عف مد العوف إلخوانو، يتبادر الجميع إلى ذلؾ ويحرصوف عميو صعبة أو احتياج إلى معونة أي

.. فتحنا أعيننا وأخذ كؿ منا يمممـ نفسو ويتممس مواضع األلـ ويتعرؼ عمى اإلصابات، ومع ذلؾ كاف كؿ منا يردد الكممة الفاصمة الحمد هلل .يا رب فاجعمنا مف الصابريف المحتسبيف.. بنعمتؾ وعنايتؾ ولطفؾ معترفوفيا رب إنا لؾ حامدوف و .. الحمد هلل رب العالميف.. الحمد هلل

..أف يسجد هلل رب العالميف: وبادر بعض اإلخوة إلى السجود وأخذت أذكر بعض مف حولي قريبا كاف أو بعيدا

اني لتمضي ولينقضي النيار ويأتي الميؿ، تقؼ عقارب الساعة فبل تكاد تتحرؾ، والزمف ال يسير إال ببطء شديد ونحف نستعجؿ الدقائؽ والثو فنحف نعيش كؿ دقيقة مف النيار في ترقب وتوجس ورعب، وينيؾ أعصابنا ويضنينا أكثر مف آالـ أجسادنا الممزقة، ويكاد يقضي عمى ما

.عمى قوانا النفسية نتمسؾ بو مف صبر وثبات، وكاف ذكر اهلل البمسـ الشافي والدواء الناجع لقموبنا، ومواله ما استطعنا الحفاظ

..فأصوات المعذبيف وىـ يصطرخوف تقرع األسماع وتقري في األعصاب طوؿ الوقت

كاف أجمؿ صوت في الوجود نسمعو بؿ أحمى دقائؽ تمر بنا ونستروح فييا رائحة الجنة، ونجد فييا متعة عظيمة وىناءة وسعادة إيمانية غامرة ..الذي كانت ترتاح لو أسماعنا وتحف إليو قموبنا وىو يردد نداء اهلل أكبر اهلل أكبر إنما كانت دقائؽ اآلذاف ذلؾ الصوت الندي

وننصت خاشعيف متبتميف نتممى كممات اآلذاف ونرددىا بخشوع ال نود أف تنتيي، إنو الصوت الوحيد الذي يخترؽ حواجز السجف ويتجاوز ..شربو قموبنا العطشى ونستشؼ منو أحواال ونتخيؿ صورا ومواقؼ غالية في قموبناالجدراف والحراس ليصؿ إلينا رقيقا رخيما كأنو الندى، فت

دخبلت تعذيب

ما يدعونو جاء الجبلدوف بعد الثانية ظيرا بقميؿ، فطافوا عمينا بالعذاب وسبونا وحقرونا كالعادة، ال يرحموف مريضا وال عاجزا وأدخموا إلينا ..طعاـ الغداء

ساء وفي ظبلـ الميؿ فدخموا الميجع وضربونا وعذبونا وىـ يضحكوف وييزؤوف ويمعبوف وبعذابنا يستمتعوف، ويمضي النيار ثـ عادوا في الم ..ونحف عمى حاؿ أليمة ال تيدأ رغـ أنا ساكنوف، وال نستريح كاف اليـ كبيرا والقير قد فاؽ التصور

المرعبة؟ التي تفمؽ ليمنا وتنغص عمينا ساعات نومنا، ولكف كشؼ بعد ذلؾ سرىا ما ىذه األصوات : جاء الميؿ وثار التساؤؿ والخوؼ مف جديد( وىـ يحرسوف مكانا ىاما خطيرا )فياف أمرىا، فقد عرؼ أنيا ليست إال وسيمة اتخذىا الحرس فيما بينيـ ليحافظوا عمى اليقظة واالنتباه والحذر

..فكانت ىذه األصوات اليستيرية

الظمـ

..ذي نعانيو في سجف تدمرأي ظمـ ىذا ال

.مقيت وكريو، مر ممجوج ال ترضاه النفوس السميمة وال القموب الحية والحقد عمى وضبلؿ وتيو.. يـو القيامة.. إنو ظممات

ال تظممف إذا ما كنت مقتدرا فالظمـ مرجعو إلى الندـ

تناـ عينؾ والمظمـو منتبو يدعو عميؾ وعيف اهلل لـ تنـ

نا ال اتقوا دعوة المظمـو فإنيا : نجد لنا ممجأ إال إلى اهلل، فنحف نضرع إليو وندعوه بالدعوة التي ذكرىا الرسوؿ صمى اهلل عميو وسمـ حيف قاؿ وا ..وعزتي وجبللي ألنصرنؾ ولو بعد حيف: ويقوؿ.. ليس بينيا وبيف اهلل حجاب، يرفعيا اهلل فوؽ الغماـ

( األحبلـ: )اليـو الثالث

..ىو اليـو الثالث في سجف تدمر العسكرياليـو

وأبدلنا الظالموف بيا .. إلى الحياة التي كنا نعيشيا -التي فقدناىا–صافية وضيئة معجبة، إنيا نافذة لنا إلى الدنيا .. األحبلـ ىنا مف نوع آخرفي ىذه . تي فقدناىا، فنجد في األحبلـ سموى وبشرىىذا الجحيـ البشري، ففي ىذه األحبلـ نستشعر الراحة التي حرمنا منيا، ونممس السعادة ال

..كاف ذلؾ في وضوح عجيب.. الميمة رأيت والدي وبعض أىمي وأخذت يد والدي فقبمتيا، وكمي احتراـ وحب لو، وىو يدعو لي

األوالد، كنت بينيـ سعيدا جئت اآلف مف بيتنا مف عند أمي و : "قاؿ أحدىـ. ويحدث اإلخوة في الميجع كؿ بما رآه مف طيب األحبلـ والرؤى ".قبمت أمي ورأسيا وبكيت سرورا . ىانئا

قمت عسى أف يجعميا ربؾ حقا، وما ذلؾ عميو بعزيز، وأمسكت دمعة ترقرقت في عيني، فإني مشتاؽ إلى رؤية : ىنأت ىذا األخ عمى رؤياه .أمي الحنوف المصابرة، مشتاؽ أف أقبؿ يدييا وأبمميما بالدموع

سوى األحبلـ، فعيشوا في األحبلـ فموتكـ واهلل ( مستحب مقبوؿ)ما ىي إال أحبلـ، لـ يبؽ لنا في ىذه الدنيا شيء : أبو عبدو ساخرا قاؿ األخ .قريب، عمى أيدي ىؤالء المجرميف في ىذا المكاف المعيف

نيا لنعمة عظيمة مف اهلل وبحمد اهلل أحبلـ جميمة، ورؤى صادقة–يا أبا عبدو لئف كانت أحبلما فإنما ىي : فقمت لو ولف -صافية مبشرة، وا نا نؤمف بقدر اهلل ونثؽ أف لنا آجاال لف نجاوزىا ولكف ثقتنا األكيدة باهلل إف لنا عودة إلى الحياة والجياد، وأف لنا مع : نموت حتى ينتيي أجمنا وا

..الظالميف حسابا

وبالحذاء –الفطور

انتبو استاعد الميجع جاىز لمتفتيش : ميجع ووصموا إلى الباب فأسرع رئيس الميجع يصرخ بالبلزمةوفجأة جاء الجبلدوف يفتحوف أبواب ال .حضرة الرقيب

.ووقفنا باستعداد جامديف رافعي الوجوه إلى األعمى، مغمضي العيوف كالعادة

..واندفع الجبلدوف إلى الداخؿ وبدؤوا يضربوننا والويؿ لمف فتح عينا أو تحرؾ حركة

بؿ خبطة ىائمة عمى وجيي وىكذا سار .. ف صوت صفع غريب يدوي في الميجع مع آىات مكتومة، ووصمني الدور فأخذت صفعةوكاكاف عمى وجو كؿ .. فتحنا أعيننا ننظر ما حؿ بنا.. الصفع والضرب لمجميع بالترتيب مع السباب والشتائـ حتى انتيوا وخرجوا وىـ ييددوف

يحمؿ بيده ( وىو بثياب مدنية)بالحذاء رأى بعضيـ أحد الجبلديف : بـ كانوا يضربوننا؟ وجاء الجواب.. وزرقاء واحد منا خطوط ودوائر حمراءوكاف لنا جميعا ..( وىذا أشرؼ مف لحاكـ يا)حذاء سميكا ويضرب بو الوجوه بأقصى ما يستطيع مف قوة، وقد حفظ مف كبلمو خبلؿ ذلؾ قولو

قد ترؾ بصماتو واضحة عمى وجوىنا فما ىي ( الحذاء)يور، فالحبلقة ممنوعة في معتقبلت المخابرات وكاف لحى طويمة ألننا لـ نحمؽ منذ ش حفمة العذاب الصباحية ىذه؟

نعـ الفطور، فبحجة إدخاؿ كمية يسيرة جدا مف الطعاـ، كانوا يدخموف عمينا ويعذبوننا كؿ يـو في مثؿ ىذا الوقت مف .. لقد تبيف لنا أنو الفطور !!صباح الباكر، فيالو مف فطورال

التنفس

األصوات في سجف تدمر العسكري غريبة، صراخ قاس يتنادى بو الجبلدوف مف عناصر جياز السجف مع السباب الفاحش والشتيمة ـ وعويؿ وصوت الكرابيج المرعب وصراخ األل( محط كبلـ: )وكأنيـ كما يقوؿ المثؿ العامي–والتجديؼ، وىذا أمر طبيعي بالنسبة ليـ

كاف ذلؾ غريبا غير مفيـو لدينا ماذا يجري في ىذا المكاف؟ وعمى أي نظاـ تسير األمور؟ .. المعذبيف، كؿ ذلؾ كاف يشكؿ الجو العاـ لمسجف ..ليس ليا أي جواب.. مجيوالت مخيفة.. وماذا ينبغي أف يفعؿ؟ كاف ذلؾ كمو معميات

.. استاعد.. انتبو" بالبلزمة"حة تنبو ليا ذو الحذر والترقب، وقاـ رئيس الميجع بسرعة يصرخ وفي التاسعة والنصؼ تقريبا نشطت حركة في البا ..الميجع جاىز لمتفتيش حضرة الرقيب

..لـ نكف ندري ما التنفس.. رمبل يا.. بسرعة يا.. تنفس.. ولؾ يا.. لبرا ولؾ: وفتح الباب وصرخ فينا صوت منكر يأمرنا بالخروج قائبل

وىجـ عمينا الجبلدوف يضربوننا بالكرابيج عمى أرجمنا ومختمؼ أنحاء ( ارفع رجميؾ.. منبطحا )رعيف ونشطوا لعذابنا كالبارحة خرجنا مس ..أجسامنا

وكاف لو غراـ بأف يدع التعذيب يشتد أوره، وىو .. صاحب الخطاب الشيير.. إنو صوت المساعد أحمد.. كاف ىناؾ صوت رفيع عرفناه: فاذا ارتفعت حمى العذاب واشتد أوارىا وصمينا بيا صرخ بصوت مدو.. را ويشير إلييـ خفية بتشديد الضرب وقوة الجمديحرض الجبلديف س

إال المرضى .. ومع ذلؾ كاف خوفنا أقؿ واحتمالنا أكثر.. فيقفوف يسيرا ثـ يشير إلييـ أف يبدؤوا مف جديد ليقـو دائما بدور المنقذ( يكفي شرطة) ..ف حاليـ قد ساءت كثيرا والعاجزيف فإ

؟ والتعذيب ىنا ..لـ أسمع في حياتي عف مثؿ ىذا التنفس( التنفس)وىكذا تبيف لنا أنو حفؿ يومي فيا ىو يتكرر معنا لممرة الثانية، وىـ يسمونو .. أخزاكـ اهلل: ال سيبل بؿال نكاد نودع الجبلديف غير مأسوؼ عمييـ حتى نستقبميـ مف جديد، فبل أىبل و !! ال ينقطع عنا، وأي تعذيب؟

وننا في الحادية عشرة والربع دخموا عمينا وضربونا وعذبونا وأدخمت خبلؿ ذلؾ كمية مف الخبز ثـ مضوا، وفي الثانية جاؤوا فدخموا عمينا يضرب ..ويعذبوننا وطمبوا اثنيف إلدخاؿ الطعاـ، فضربوىما وعذبوىما أيضا

ال نريد كؿ ( واهلل الغني)ف ال يأتوا إلينا وننجو مف حفبلت العذاب ىذه ونستغني عف طعاميـ وخبزىـ وأدخؿ بعض طعاـ قميؿ، كنا نتمنى أ .ذلؾ ولينصرفوا عنا، وتراىـ نشطيف دائما لتعذيبنا مندفعيف كأنيـ في حفؿ جنوني

الحبلقة في سجف تدمر

..عذاب حيف إدخاؿ طعاـ الغداء إال قميؿ، جاءنا الجبلدوف فجأةفي الساعة الثالثة تقريبا، وفي وقت ظننا فيو األماف ولما يمض عمى ال

لـ نستطع أف نصدؽ أنيـ جاءوا ىكذا بسرعة ولكف الباب .. انتبو استاعد الميجع جاىز لمتفتيش حضرة الرقيب: وصرخ رئيس الميجع بالبلزمة (..وال واحد يبقى في الميجع.. كممكـ.. يابرا بسرعة .. برا ولؾ حقراء.. )وقذؼ الرقيب بأوامره مع السباب الشنيع.. فتح

.فنفذنا األمر، وأسرعنا خارجيف، نحمؿ المرضى والمصابيف!! ودوف مخالفات كنا نعاني مف العذاب والضرب وغيره، فكيؼ مع المخالفة؟

امو ويسير مطأطئ الرأس محني مف لدف الباب ثـ قادونا في رتؿ أحادي يمسؾ كؿ منا بظير الذي أم.. وأخذ الجبلدوف يسمقوننا بالكرباجوأدخمونا مف ( ولؾ لؾ.. ىنت مترفع راسؾ يا.. ىنت متطمع يا حقير)والضرب شديد والجبلدوف حولنا كالكبلب المسعورة يصرخوف .. الظير

عدة أبواب، ولـ أبواب وأخرجونا مف أخرى، ونحف مغمضو األعيف ال نعرؼ أيف نذىب، وكمما وصمنا بابا اشتد الضرب عمينا عنده ومررنا ب ..نكف ندري نياية المطاؼ وال أيف المستقر

..سممنا األمر إلى اهلل سبحانو، والتجأنا إليو وتوكمنا عميو

متطاوال فيو مف جية اليميف أعمدة وشرفة واسعة قدرنا ذلؾ مما لمحناه مف ظؿ، وأجمسونا دوف الشرفة في مكاف .. حتى جاؤوا بنا مكانا ضيقا وكاف نفر آخر مف .. إسمنتية، وأخذ نفر مف الجبلديف يطوفوف عمينا ويضربوننا بالكرابيج عمى رؤوسنا وظيورنا بقسوة وحقدكأنو ساقية

والجبلدوف يصرخوف .. الجبلديف مف ناحية أخرى يقوموف بعمؿ آخر، فكنا نسمع أصوات التعذيب والضرب لنفر منيـ بصورة أقسى وأرىب ..بوحشية

وبعد أف ينيكوه -إذا اشتد العذاب0د فيضربونو ويعذبونو ويحقرونو، وىو صامت أو متأوه متحسر، أو صارخ مستغيث كانوا يأخذوف الواحتعاؿ : وأوامر.. وقؼ.. أغمض عينيؾ يا.. ال تتحرؾ.. قرب.. قرفصة.. قعود: كنا نسمع أوامر تممى عمى ىؤالء مثؿ.. يسممونو آلخريف

مع ألفاظ بذيئة ويعقبيا صراخ التألـ واالستغاثة مف المعتقؿ .. بودرو ليا الكمب.. عطرو ليا الحقير ..سمقاه: وكممات ساخرة ىازئة.. ليوف ..وتوسؿ وعويؿ

فأجاب بشيء لـ : وسألو الجبلدوف عف عممو.. عرفنا ذلؾ مف صوتو المميز، وكاف لو لحية طويمة. وأخذ الشيخ أبو سيد، فكاف يضرب ويعذبؿ ليـ إف عممو إماـ مسجد، فأحنقيـ ذلؾ وأحفظيـ، فأخذوا يضربونو ويسبونو ويشتمونو، ثـ وصموه بأنو يعمؿ أسمعو عرفت بعد ذلؾ أنو قا

وما زالوا يعذبونو ويضربونو -أي يقـو بعمؿ قـو لوط في مكاف كذا لمكاف الجامع الذي سماه–عمؿ قـو لوط وأمروه أف يقوؿ ذلؾ عف نفسو .صموا روادىا بالفاحشة مما يعؼ المساف عف ذكرهحتى قاؿ ما أرادوا فسبوا المساجد وو

وانتشرت رائحة الشعر المحترؽ، ..( ولعت –شوى )وسمعت صرخات وآىة مف الشيخ أبي سيد وكممات ىزءوا وسخرية مف الجبلديف مثؿ ..راخو واستغاثاتوعممتا بعدىا أف الجبلديف قد أحرقوا لحية الشيخ بقداحات الغاز، وأخذ أيضا شاب صغير فعذب حتى تعالى ص

ثـ دفعا بي إلى مقعد محطـ فأجمسوني .. وجاء دوري فأخذني اثناف مف الجبلديف فضرباني عمى ظيري ورأسي بالكرباج وعمى يدي ورجميعميو ويداي خمؼ ظيري وعيناي مغمضتاف، وأخذ شخص يحمؽ لي شعر رأسي بعنؼ وبسرعة ثـ دفعني وأمرني بالقياـ، فما كدت أتحرؾ

قاني جبلد، فضربني ووجيني دفعا إلى حائط قريب حيث وقفت وعيناي مغمضتاف، ويداي خمؼ ظيري، وما لبث أف تناولني شخص حتى تمآخر، وضع عمى وجيي معجوف حبلقة، وأخذ يدلكو بالفرشاة وىو يسب ويجدؼ ثـ دفعني دفعة شديدة إلى الحائط وجذبني آخر وىو يصرخ

بة كنت أشعر معيا أف شيئا غير قميؿ مف جمد وجيي قد كشط أو اقتطع، عدا الجروح في ىذه الجية أو في وأخذ يحمؽ لي لحيتي بسرعة غري ..وىي ضرب شديد بالكرابيج عمى اليديف وغير اليديف إلى آخره( نعيما )تمؾ، وفرغ مني سريعا، فأخذني نفر مف الجبلديف وعمموا لي حفمة

وأدب، فإذا بالحبلقة في تدمر عممية غامضة مرعب فييا العذاب والضرب واإليذاء، وفييا التنكيؿ كمنا نعرؼ الحبلقة عممية محببة كميا لطؼ .والجرح والتشويو واإلذالؿ

في معتقؿ المخابرات العامة، طمبنا أكثر مف مرة أف يسمحوا لنا بالحبلقة سواء بأدوات نحمؽ بيا أو حبلؽ يقص ( كفرسوسة)لما كنا في ..وفوا ومنعوا ذلؾ عناشعورنا، فماطموا وس

و وكاف نصيبنا وقدرنا أف تكوف لنا أعظـ حبلقة عرفناىا في حياتنا، حيث نالنا مف العذاب واأللـ ما اهلل وحده بو عميـ، وقص شعرنا جميع .وحمؽ لحانا سوى نتؼ ىنا وىناؾ، وجروح غائرات وىكذا عدنا إلى الميجع حالقيف مشوىيف

حف بغير تمؾ المحى الشقراء والسوداء، فإذا بنا نصبح جردا مردا لـ يكد أحدنا ليعرؼ أخاه، وفي غمرة ىذا ولـ نكف قد رأينا بعضنا ونؿ منا االستغراب نسينا ألمنا ومتاعبنا وعذابنا وحمدنا اهلل عمى النجاة والسبلمة مف تحت أيدي الجبلديف والحبلقيف، وأخذنا نتذكر ما جرى لك

.حمف آالـ وأىواؿ وعذاب وجرو

.لكف األمر العجيب ىو ذلؾ المطؼ اإلليي فقد كاف أكثر مف أحرؽ شعره وجيو وىو أبو سيد يبدو وكأنو لـ يصب بشيء

االنتقاؿ إلى ميجع جديد

ونحف في .. بعد عودتنا إلى الميجع مف الحبلقة التي استمرت ثبلث ساعات تقريبا، لـ يمض إال ساعة مف الزمف حتى عاد إلينا الجبلدوف .يرة وألـ ال ندري متى يذىبوف وال حتى يعودوف وال ماذا يريدوف؟ واألنكى مف ذلؾ واألشد سوءا ىو أنيـ دائما ساخطوف غاضبوفح

فتح الجبلد باب الميجع وأمرونا أف نخرج بسرعة مع أغراضنا، فحممنا أغراضنا وحممنا المرضى والمصابيف، وخرجنا بسرعة وقادونا ونحف .ـ يصرخوف فينا ويشددوف عمينا ويضربوننا بشدة بتيمة تفتيح أعيننامغمضو العيوف وى

وغاب الجبلدوف .. مررنا بعدة باحات، وولجنا عدة أبواب ثـ أدخمونا ميجعا جديدا يشبو سابقو إال أنو معتـ واطئ السقؼ قميؿ النوافذ ضيقيامعتقبل ولـ يكف ىؤالء المعتقموف الذيف انضموا ( 60)عددنا في الميجع حينذاؾ قميبل ثـ عادوا وأدخموا عمينا عددا مف المعتقميف الجدد وقد بمغ

.إلينا بأحسف حاال منا

اليـو الرابع

إنيا النعمة . أية سكينة تتنزؿ في القموب، وأية حياة وروح وراحة، مف خبلؿ النـو واألحبلـ يفوز بيا المعتقؿ المعذب في سجف تدمر العسكرييماف، شاىدت في الرؤيا والدتي الحنوف فقبمت يدييا، العوض، خوؼ ورعب وعذاب واستغاثة ولجوء، والنتيجة سكينة وصفاء وروحانية وا .وكانت راضية تدعو لي

كـ .. فإني أعرؼ بركة دعاء أمي ورضاىا.. كنت سعيدا بيذه الرؤيا التي تسعد القمب وتثير فيو الحنيف والشجف، وأممت مف ىذه الرؤيا خيرا توىمت كثيرا أف الحمـ حقيقة فكنت مغضبا متحسرا أريد أف أعود إلى الحمـ الجميؿ وأبتعد . مرة نجوت مف ورطات ومآزؽ ببركة دعائيامف

..بؿ ىي كرامة اختص اهلل بيا مف عاشوا المحنة مف أمثالنا.. إنيا تثبيت لمنفس وتقوية لمروح! عف الواقع المرير، فأية رحمة إليية ىذه؟

ساعة السادسة والنصؼ صباحا سمعنا صوت حركة الجبلديف وصراخيـ، فتسمر كؿ منا في مكانو، وضـ عميو ثيابو، ووقؼ رئيس في العوه الميجع وحضر نفسو لمقاء غير المبارؾ وبحث كؿ واحد عف أي شيء يموذ بو مف الجبلديف والعذاب، فمـ يجد لو مبلذا إال اهلل، فانطمؽ يد

وأخذ آخروف يقرؤوف آية الكرسي وقؿ ىو . ي يا قيـو برحمتؾ أستغيث، الميـ إنا نجعمؾ في نحورىـ ونعوذ بؾ مف شرورىـيا ح: ويميج بذكرهانتبو استاعد الميجع )يتعوذوف بيا مف شر الجبلديف، واقتربت خطا الجبلديف مف الميجع وصرخ رئيس الميجع بالبلزمة .. اهلل أحد وياسيف

..وفتح الباب (جاىز لمتفتيش حضرة الرقيب

عمى جوانب جدراف الميجع ووجوىنا مرفوعة إلى األعمى واألعيف مغمضة، وكانت دماؤنا تغمي ترقبا وتوجسا وخوفا كنا نقؼ صفا متصبل .مف ىذه الوحوش الجبمية التي تحمؿ لنا أطوادا مف األحقاد التاريخية

اإلفطار بعد أف أخذا نصيبيما مف الضرب خبلؿ ذلؾ، ثـ دخؿ الجبلدوف باندفاع وأخذوا خرج اثناف منا بناء عمى أمر الجبلديف، فأدخبل طعاـ يضربوننا بكرابيجيـ بقسوة وعنؼ وسباب فاحش طاؼ الجبلدوف عمينا بالضرب الشديد ونحف مغمضو العيوف ال يدري أحدنا متى يأتيو

..الدور

عمى نفسي وممت إلى الجدار، فضربني مرة ثانية وثالثة ورفسني بقسوة عمى وأتاني الدور، وىبدني الجبلد بالكرباج عمى صدري فانطويت .بطني، ولما كدت أقع عمى األرض صرخ بي وأمرني بالوقوؼ

استارح استاعد الميجع انتيى : وخرجوا أخيرا وىـ يسبوف ويشتموف وييددوف ويمرحوف، وأغمؽ الباب وصرخ رئيس الميجع بالبلزمة المفروضة ..حضرة الرقيبمف التفتيش

؟..خر البعض ساجديف هلل وحرؾ البعض اآلخر أيدييـ محتجيف وأشاروا إلى أف الجبلديف في الساحة قريبوف فماذا بأنفسكـ وبنا تصنعوف

مف األخوة في التاسعة والنصؼ استنفرنا في الميجع، فقد قرب موعد التنفس اليومي، كنت ال أبالي كثيرا بمثؿ ىذه االستعدادات ولكف كثيرا ىناؾ فتح : قاؿ بعضيـ.. وفي ميجعنا الجديد تبدو األصوات أقرب.. المعتقميف في الميجع كانوا مرىفي السمع ينصتوف ويتأولوف ما يسمعوف

كما سمع كثيروف بؿ الكؿ سمعوا ما .. أنصت مع المنصتيف فسمعت فعبل صراخا بعيدا إنو في الساحة األخرى.. مياجع ىناؾ تعذيبلـ يستطع أي منا أف يجد لو .. كاف أمرا غير معقوؿ.. يعبر عف ألـ وقير.. فتمفت بعضنا إلى بعض وتفاىمت النظرات بصمت.. اسمعن ..إال صورة مف الظمـ والحقد واالنحراؼ لـ نعرؼ ليا مثيبل .. مبررا

ى المتخوفيف ىذا مستيينيف، وقالوا ىذا شيء بعيد، أنكر البعض عم. أي ابتدأوا بالتعذيب( بمشوا: )فقاؿ.. تحدث بعض المتنصتيف ىامسا لقد .. دخمت األصوات باحتنا، وسمعت بعض التحركات الغريبة، فعـ الخوؼ والقمؽ والتوجس نفوسنا. إنكـ ترونو بعيدا ونراه قريبا : فأجابوىـ

..الفاجروف.. جاء الجبلدوف

يتألموف ويصرخوف .. في ضرب المعذبيف.. باحة، ولعمع صوت الكرباج المعيفوسمع صوت دبيب األرجؿ العارية الحافية راكضة عمى أرض ال ..ما أفظع وأشنع ما يفعؿ ىؤالء الحاقدوف الفاجروف. ويستغيثوف

.انعةوما أصعب وما أقسى أف تكوف شاىدا عمى تمؾ الجريمة، وىا نحف نعيشيا بدقائقيا وننتظر دورنا في السحؽ والتقتيؿ ال تممؾ دفعا وال مم

..ومؤل جو المكاف صراخ جماعي أليـ يفتت األكباد والجبلدوف ماضوف في صراخيـ وضربيـ وىزئيـ.. ونشطت عممية التعذيب واشتدت

وأخرج ( 8)ومضى الوقت بطيئا زاخرا باأللـ، وكأف المقطة أعجبت المشاىديف فيي تعاد ببطء شديد وتعاد وتعاد وأدخؿ نزالء الميجع رقـ ..المجاور لنا فعذبوىـ أيضا ثـ أدخموىـ( 9)ء الميجع رقـ الجبلدوف نزال

..كاف كؿ واحد مف المعتقميف في الميجع في تحفز وخوؼ يتمفظ بأحر ما في قمبو مف دعاء واستغاثة

.انتبو استاعد الميجع جاىز لمتفتيش حضرة الرقيب: صرخ رئيس الميجع

..ننتظر قضاء اهلل.. مغمضي العيوف باستعداد جامديف.. ووقفنا كالعادة.. فتح الباب

..وخرجنا مسرعيف واحدا واحدا ..( تنفس.. لبرا ولؾ كبلب.. لبرا ولؾ حقرا: )وصرخوا فينا بقسوة

..عميو توكمنا وعميو فميتوكؿ المتوكموف.. لف يصيبنا إال ما كتب اهلل لنا.. الميـ ال ممجأ وال منجى منؾ إال إليؾ

كاف مطأطئ الرأس محني الظير ووراءه الجميع، كؿ .. كاف رئيس الميجع في أوؿ الرتؿ الراكض رمبل .. ج مف الباباسترقت النظر وأنا أخر ال بيف األسرى لدى إسرائيؿ وال لدى ىوالكو وال في .. واحد يدفف رأسو في ظير الذي أمامو، صورة مف الذؿ والميانة لـ أرىا ولـ أسمع بيا

..افحاؿ العبيد لدى نيروف والروم

بيف ىدوء .. وبدأ حفؿ العذاب.. منبطحا ارفع رجميؾ: ولما تكامؿ خروجنا جاء األمر.. مع أوؿ خارج مف باب الميجع.. ولعمع صوت الكرباج ..واحتداـ

.. ؼ وعدـ الرحمةوىجـ الجبلدوف عمينا يضربوننا بالكرابيج ويسبوننا ويشتموننا ويدوسوننا بأرجميـ ويرفسوننا في صور مريعة مف القسوة والعنوعبل صراخ األلـ، وأصوات المعذبيف، وىجـ عمي جبلد كالبغؿ، فنالني مف أذاه ما اهلل بو عميـ، وصرخت بصوت مبحوح، حتى كممت ثـ أذف

..ووقؼ اثناف مف الجبلديف عمى الباب يضربوف الداخميف.. اهلل بالفرج، وجاء األمر بدخوؿ الميجع

استمقى كؿ منا في ناحية أو تكـو في زاوية، فكتـ التنيدات والحسرات واآلالـ .. وصرخ رئيس الميجع بالبلزمة. .وأغمؽ الباب.. دخمنا الميجع ..وخر البعض ساجديف وتبعيـ الباقوف، وسجدت هلل أحمده وأشكره.. تى ابتعدوا عف البابح

حيث يقوؿ متحسرا ومتفاجرا يظير بطولتو في تأديب بصورة شعبية معروفة في منطقتنا، تحكي تبجح الجباف : كنت أمثؿ لحالنا وحاليـ :الخصـ

وىـ .. فكنت أعجب مف ىؤالء المتبجحيف بالرجولة والشجاعة.. وقالوا لي ميؿ عميو.. وأعطوني عصا غميظة.. أخ لو كتفوا لي إيديو ورجميو ..مف أجبف الناس، ومف أخس األوباش، أىكذا الرجولة تكوف؟

..في نظاـ سجف التصفية الجسدية لؤلخواف المسمميف ولكف التنفس ىكذا يكوف

ر، وال ذىب الجبلدوف بعد ذلؾ إلى الميجع الذي يمينا، ففتحوا بابو وأخرجوا نزالءه فأخذوا يعذبونيـ ويضربونيـ ونحف نستمع في إشفاؽ وألـ وقيفي أي زماف وأي مكاف، تحدث ىذه المظالـ وىذه الوحشية؟ نسألو أف يرحـ المعذبيف ويشؿ أيدي الظالميف،.. نممؾ سوى الدعاء بحرقة إلى اهلل (.إنو زمف الضياع)وفي ظؿ أي قانوف أو دستور؟

وأبو بدر ماض .. وآخروف يسبحوف.. وآخروف يقرؤوف ويرتموف.. شغؿ كؿ منا بنفسو وتصوراتو، وذكره ودعائو كاف البعض ينصتوف ويحسبوف .في قراءتو وترتيمو ال يمتفت إلى شيء

.. في ظؿ ىذه األجواء المكيربة بالرعب واإلرىاؽ، ونحف ال ندري ما يحدث لنا بعد ساعة.. كا البعض أنيـ ال يستطيعوف قراءة القرآف الكريـشوصوت الكرباج المرعب لحف جينمي ال يكاد ينقطع، ونحف .. وأصوات الجبلديف الكريية.. وأصوات المعذبيف التي تذيب القموب القاسية

ويتصوروف ما يحدث وما سيحدث؟ يقولوف .. ويحمموف.. كوف، حائريف، مترقبيف، خائفيف، ساىيف، والمتنصتوف يؤولوف األصواتنجمس في س ..وكؿ لقاء لنا مع الجبلديف حار فعواطفيـ الممتيبة تجاىنا يترجميا الكرباج بقوة وشراسة بعد المساف السميط.. ويصدقوف.. سيأتي الجبلدوف

التفقد

الثانية بعد الظير جاء نفر كبير مف الجبلديف وأخذوا يدخموف مياجع الباحة، وكانوا يبقوف في الميجع حوالي ربع ساعة حيث تعمو في الساعةذا األصوات ويعمو صراخ المعذبيف والجبلديف معا، ثـ جاؤوا إلينا ففتحوا الباب وصرخ رئيس الميجع بالبلزمة المعروفة ودخموا كاألبالسة ى

نا وذا مف ىناؾ، فما فيمنا إال أمرا واحدا مف صراخيـ وضربيـ وىو أف نصطؼ اثنيف اثنيف، فانطمقنا بيف الضرب والركؿ يصرخ مف ىا نصطؼ، وكمما كاد الصؼ ينتظـ بعثره الجبلدوف، فكاف وقتا عصيبا رىيبا حتى جاء الفرج مف اهلل وعدنا الرقيب عمى ما يبدو ثـ انطمقو

ه العممية معنى سوى أنيا نوع مف العذاب ولكف أحد المعتقميف وىو عسكري سابؽ كاف قد أمضى مدة مف الزمف في سجف خارجيف لـ نفيـ ليذكؿ يـو يأتوف في الساعة الثانية حيث يجب أف نكوف جميعا مصطفيف اثنيف : تساءلنا وما ىو التفقد؟ قاؿ.. ىذا ىو التفقد: تدمر ىذا، قاؿ

ولماذا كؿ يـو ما داـ ال يأتينا جديد، وال يذىب مف عندنا أحد والباب مغمؽ؟ ىؿ يخافوف أف : ؿ أحد األخوة قائبل تساء.. اثنيف فيعدنا الرقيب يخترؽ أحدنا الجدار ويخرج؟

نا وىكذا كانت أيامنا في سجف تدمر مؤلى بالعذاب والقير واإلرىاب، ال يدعنا زبانية السجف نرتاح أو نيدأ، إال بضع ساعات مف الميؿ، فكيا سبلـ يا ليت األياـ كميا : كما كاف أحد األخوة المعتقميف بقوؿ إذا حؿ الظبلـ وأمنا إغارة الجبلديف. أدركنا يا ليؿ األماف: نطمبيا حثيثا قائميف

.ليؿ، ولف يبدو ىذا غريبا إذا عممنا ما حؿ بيذا األخ وما أصابو نتيجة العذاب واإلرىاب

أبو مازف في فخ المخابرات

كاف أبو مازف نموذج اإلنساف الوادع المسالـ األديب، مخمصا في عممو، محبوبا بيف زمبلئو ورؤسائو، يزينو خمؽ كريـ ولطؼ ودماثة، كاف ..موفقا في اختيار الزوجة الصالحة، الودود الولود ولو منيا اآلف أربعة أوالد وكاف ال يغيب عف بيتو وال يسير خارج المنزؿ إال نادرا

اـ بخدمة إنسانية مف خبلؿ عممو في مشفى الدولة بإدلب، حيث نقؿ رسالة مف معتقؿ محطـ جيء بو إلى المستشفى لمعبلج إلى أىمو، ثـ قذا بو يقع في فخ التحقيقات والتعذيب حتى وصؿ أخيرا إلى سجف تدمر، وىنا أص يب فوجئ بالمخابرات تطمبو فسمـ نفسو إلييـ دوف أي تردد، وا

..ض عصبي يفقده إمكانية السيطرة عمى نفسو وخاصة حيف حضور الجبلديف، وخبلؿ حفبلت التعذيباألخ بمر

الثقة باهلل

رىاب فإف ثقتنا باهلل كانت ببل حدود، وكاف كثير مف المعتقميف يقولوف بثقة ومع كؿ ذلؾ ورغـ حالنا الصعبة ىذه وما كنا فيو مف عذاب وا قريب، فكمما اشتدت المحنة كاف الفرج أقرب، فما يأتي الفجر إال بعد اشتداد الظبلـ، والنبي صمى اهلل عميو ال تراعوا فإف الفرج : واطمئنافف مع العسر يسرا: )وسمـ يقوؿ ف الفرج مع الكرب، وا فميما اشتد ظمـ زبانية سجف تدمر وطغيانيـ فإف لكؿ شيء ( إف النصر مع الصبر، وا

..ا بإذف اهللنياية، وسوؼ تأتي نياية كؿ ذلؾ قريب

كنس الباحة

مف أجؿ الوضوء نعـ تسممت ألف الزبانية يراقبوننا وخاصة عند الفجر، ( المرافؽ)تسممت بعد الفجر إلى المنافع 17/9/1980في يـو ة باإلكراه وكانت ىذه أقسى مشكمة، أف نمنع مف الصبل.. ويحظروف عمينا الحركة أو الذىاب إلى المرافؽ لمنعنا مف الوضوء والصبلة

وباإلرىاب وبالعذاب، لماذا ىذا اإلصرار عمى محاربة الصبلة والعبادة؟

إف ىؤالء قد : قاؿ األستاذ أبو أسامة.. لقد أجبرتنا حفبلت العذاب الرىيبة التي أنزلت بنا جراء الصبلة عمى الحرص عمى التخفي بصبلتنا .أعمنوىا مف قبؿ حربا عمى اهلل

لزبانية يراقبنا سرا دوف أف ندري، واستطاع أف يضبط أحد األخوة وىو يصمي فأخذ يصرخ فينا ويسبنا وييددنا بالويؿ منذ يوميف كاف أحد اورغـ أف الوقت كاف عصرا وليس مف عادة الزبانية الحضور في مثؿ ىذا الوقت، فقد جاء عدد منيـ وىـ في أشد الغيظ والحمية .. والثبور

فينا وسبونا ثـ فتحوا باب الميجع وأخرجونا إلى الباحة تحت الضرب الشديد، وأمرونا بكنس الباحة بأيدينا العارية، وبأيدييـ الكرابيج، فصرخوا ف وكانت ىذه حجة ووسيمة لتعذيبنا وضربنا، فبينما كنا نقـو بكنس الباحة المحفورة والمؤلى بالرمؿ واألوساخ كاف الزبانية يحولوف ويصولو

كاف ( شعباف)ا أعنؼ ضرب، وكاف مف الزبانية عريؼ طويؿ القامة ممتمئ الجسـ ذو صوت أجش منكر يدعونو وينقضوف عمينا ويضربونن .أكثرىـ وأنشطيـ في الضرب والعذاب، وكاف يظير واضحا مف ليجتو أنو نصيري

حفبلت التعذيب

ـ نكد نعرؼ شيئا عف أمور ىذا السجف المميء ورغـ مرور أكثر مف عشريف يوما عمى وجودنا في سجف تدمر، فإننا ل 22/9/1980في يـو ..بالغرائب واألىواؿ

اليـو ومنذ الصباح الباكر التقطت آذاننا أصوات أشياء تمقى عمى أرض الباحة، وبعد مدة يسيرة سمعنا مف جديد حركة في الباحة وأصوات واستمرت الحركة والضرب .. ضات فقد بقي األمر مجيوال ورغـ كؿ الظنوف واالفترا.. الجبلديف وىـ يصرخوف ويضربوف في ىمجية كالعادة

ي والعذاب في الباحة، وكنا نعيش دقائؽ الضرب والتعذيب واآلالـ رغـ أننا ضمف الميجع ال نرى ما يجري وال نعمـ عنو إال تمؾ األصوات التأنفسيـ، ويشتد بنا القير والحرقة لما يحؿ بيـ نسمعيا، فندرؾ منيا قسوة العذاب وشدة وقع الضربات عمى المعذبيف بؿ ونعرؼ المعذبيف

..ونشرع في الدعاء ليـ ونبكي وتنيمر دموعنا ألما لما يصيب ىؤالء األطيار مف ظمـ وبغي وعذاب

..وبدا لنا أنيـ يأتوف بنزالء بعض المياجع بالتتابع وقد استمر العذاب طواؿ ىذا اليـو

23/9/1980الجمعة

عاد الزبانية اليـو إلى ما كانوا عميو باألمس مف تعذيب المعتقميف، وعدنا نعايش ىذا القير واأللـ وكنا ننتظر أيضا أي ظمـ ىذا وأي بغي فقد أف يحيف دورنا في العذاب، وىؿ نحف إال بعض مف ىؤالء المعتقميف الذيف يعذبوف؟

مى ما يبدو ال عطمة لدييـ وال يراعوف حرمة يـو الجمعة المبارؾ، استمر العذاب رغـ أف اليـو جمعة وىو يـو العطمة الرسمية، ولكف الزبانية ع وبينما كاف صوت القراء والمؤذنوف ينطمؽ مف مآذف مدينة تدمر إيذانا بحموؿ وقت صبلة الجمعة كاف الزبانية ييزؤوف بالتبلوة وباآلذاف،

ج وصراخ المعذبيف وتجديؼ الزبانية مع أصوات تبلوة ويثابروف عؿ غييـ في ضرب المعتقميف وتعذيبيـ، واختمطت أصوات ضرب الكرابي .آيات القرآف الكريـ ومع اآلذاف المنطمؽ مف مآذف مدينة تدمر، فيا غيرة اهلل

30/9/1980

تبيف لنا أف حفبلت العذاب الرىيبة التي كانت تنشط طواؿ يومي الخميس والجمعة ويـو السبت في بعض األحياف، ويستمر فييا تعذيب .ميف منذ الصباح وحتى المساء، تبيف لنا أنيا عمميات حبلقة تتـ لنزالء مياجع سجف تدمر بالتناوبالمعتق

رجاؿ الغد

كنا نسمع في الميجع المجاور عند تقديـ الصؼ وترديد البلزمة صوت غبلـ صغير دوف الخامسة عشرة وىو يصرخ 1/10/1980يـو اىز لمتفتيش حضرة الرقيب، ثـ نسمعو يردد وىـ خارجوف بصوت باؾ استارح استاعد الميجع بصوتو الرفيع بالبلزمة انتبو استاعد الميجع ج

انتيى مف التفتيش حضرة الرقيب، فييفو قمبي إلى ضـ ىذا الغبلـ إلى صدري وحمايتو مف كيد ىؤالء الظالميف، كاف يثير في قموبنا الحناف كاف يجب أف يسمع بسيرة ىذا المكاف حتى ال تؤذي مشاعرىا الرقيقة وأحاسيسو والعطؼ، وكاف الجميع يثيرىـ ىذا الصوت الرقيؽ الذي ما

انت الطفولية البريئة، ولكف الجبلديف كانوا ييووف ضرب ىؤالء األطفاؿ بقسوة وعنؼ، وييووف تعذيبيـ وتقتيميـ، ففي فترة الحبلقة البارحة ككاف الطفؿ يبكي .. طفولي الرقيؽ لعمو ىذا أو غيره فاألطفاؿ ىنا كثيروفىناؾ أصوات مختمفة تصرخ متألمة شاكية، وكاف بينيا الصوت ال

ويصرخ والجبلد يضربو، وسكت فترة ليعاود الصراخ مف جديد ثـ يتبعو بعد ذلؾ صوت طفولي آخر يتوسؿ إلى الجبلد بميجة حمبية كنت ؟..ىؤالء الصغار األبرياء؟ ثـ ماذا ستحصدوف بعد ذلؾ أي مرارة تزرعونيا أييا الظالموف في قموب: أحدث نفسي والدموع تنساب مف عيني

3/10/1980يـو

العذاب في سجف تدمر مستمر ال ينقطع، يبدأ منذ الصباح الباكر وربما مف الفجر، ويستمر ىنا وىناؾ بصورة أو بأخرى وصوت الكرباج .المعيف وصراخ المعذبيف وعويميـ ال تغيب عف األسماع في ىذا المكاف الرىيب

وفي الساعة التاسعة مف صباح اليـو وبينما كنا نسمع أصوات العذاب ونحف في خوؼ وألـ حصؿ ما كنا نتوقعو، فقد شعرنا بالزبانية وىـ ة أو يدخموف باحتنا ويبدؤوف بتعذيب نزالء المياجع المجاورة، وكانت صورة العذاب اليـو غير ما ألفناه سابقا في صورة عذاب التنفس والحبلق

وجاء دورنا أخيرا بعد أف عشنا مع عذاب إخواننا وقتا طويبل، وضرب الجبلدوف الباب الحديدي ضربة قوية ارتج ليا المكاف ثـ فتحوه .. هغير ..بالشورت يا حقراء: وتمفظ بأشنع السباب ثـ صرخ.. واهلل ألفعؿ.. أنذاؿ.. ولؾ حقراء: وصرخ أحد الجبلديف بصوت ىستيري

بادرنا بنزع ثيابنا بعد أف كاف كؿ منا قد لبس كؿ ما لديو مف ثياب لتدفع عنو شيئا مف أذى الكرباج، . ستوعبنا معو األمروبعد تردد يسير اودخؿ الجبلدوف عمينا فضربونا ضمف الميجع في ىجمة عذاب منكرة ثـ أخرجونا إلى الباحة ونحف عراة وأخذوا يعذبوننا بالكرابيج المعينة،

ودخؿ بو إلى الميجع واستمر العذاب ( المساعد أحمد)منا العارية، وطمب الجبلدوف رئيس الميجع فأخذه كبير الجبلديف يضربوننا عمى أجسامنو أنيـ أمرونا أف نجمس القرفصاء وننظؼ أرض الباحة وأخذوا يطوفوف عمينا ويضربوننا أشد الضرب .. والضرب بمختمؼ األشكاؿ والصور

ال ضاعفوا لنا العذاب، وكاف ممف شددوا عميو الضرب والعذاب، المعتقؿ أبو الورد وكانوا.. عمى أجسامنا العارية يأمروننا أف ال نصرخ وا ميف ىادا محمد يا : فأخذت الجبلد حمية الجاىمية، وصرخ غاضبا مستيينا ( دخيؿ محمد: )فاستغاث بالنبي محمد صمى اهلل عميو وسمـ قائبل

وة بالغة، دخمنا الميجع أخيرا ونحف منيكوف، فوجدنا كؿ ما في الميجع مف حاجيات قد نبشت وقمب كمب؟ وانقض عمى المعتقؿ يضربو بقسوقاـ كؿ منا يبحث عف ثيابو وسط ىذا الخميط ليستر .. عالييا سافميا، وتكومت ىنا وىناؾ في صورة غريبة مف المخبطة مما أدىشنا وحيرنا

..اتوجسده، وبصعوبة كبيرة تمكف كؿ منا مف جمع حاجي

أخبرنا رئيس الميجع أف المساعد قاـ بعممية تفتيش دقيقة شممت كؿ الميجع وتسببت في ىذه الفوضى، ولما تفقدنا حوائجنا تبيف لنا سرقة :مبالغ كبيرة مف النقود وعدد كبير مف الساعات أذكر منيا

.ساعة يد إلكترونية لممعتقؿ محمد سعيد+ س . ؿ1350مبمغ -

.ساعة يد عادية لممعتقؿ أبو إبراىيـ، كانت النقود في دفتر صغير أحمر الموف+ س . ؿ 900مبمغ -

.س لممعتقؿ أبو عبيدة. ؿ 500مبمغ -

.ساعة يد أورينت لممعتقؿ مالؾ+ س . ؿ 325مبمغ -

محصوروف ضمف جدراف أربعة، ولـ يعثر ليا عمى أثر رغـ البحث الشديد، وبدا واضحا أف فقداف ىذه األشياء ضمف الميجع مستحيؿ ونحف لـ يكف -أي رئيس الميجع–وفطف رئيس الميجع إلى أف المساعد كاف خبلؿ عممية التفتيش يدس يده في الثياب ويدقؽ في الجيوب، وأنو

ي يد المساعد يجسر عمى أف يرفع بصره إليو ليدقؽ ويعرؼ ماذا يفعؿ، ولكنو تذكر أنو شاىد الدفتر األحمر الخاص بالمعتقؿ أبي إبراىيـ ف إذف فقد وضح األمر وعرؼ السارؽ، ولكف دوف أية فائدة فمف يستطيع االعتراض عمى شيء تجاه كبير الجبلديف؟.. خبلؿ التفتيش

ا حضرو ولكف كبير الجبلديف كاف يعرؼ عمى ما يبدو أننا سنكتشؼ أمره، لذلؾ بادر ىو وزبانيتو إلى اليجـو عمينا، فما شعرنا إال والزبانية قد كاف عمى رأسيـ كبير الجبلديف يحمؿ بيديو االثنتيف عصا غميظة طويمة أخذ .. وفتحوا باب الميجع ودخموا عمينا وأخذوا يجمدوننا بعنؼ وقسوة

.يضربنا بيا

الحبلقة

فخرجنا نعدو .. الخروج بسرعةبالزبانية وقد أتوا إلى ميجعنا وىـ ثائروف، فصرخوا فينا وفتحوا باب الميجع وأمرونا ب 8/10/1980فوجئنا اليـو وفي الباحة وقفنا في صؼ عند أحد الجدراف واحدا واحدا ووجوىنا إلى الجدار، وأخذوا ينقضوف عمينا .. ونحف ال ندري أي مصيبة تنتظرنا

عصبية فيو يضطرب ويضربوننا ويأخذوف بعضنا فيوقعوف بيـ أشد العذاب، خبلؿ ذلؾ وقع أحد المعتقميف عمى األرض مصابا بحالة تشنجيةميف كمب منكـ دكتور؟ فمـ يرد عميو أحد، ثـ : وجاءه أحد الجبلديف وأخذ يضربو ويرفسو ويصرخ فيو ويسبو، ثـ صرخ فينا قائبل .. ويختمج

ب األوؿ فحممناه إلى الميجع وأخذنا نحاوؿ إنعاشو، ثـ جيء بمعتقؿ آخر مغمى عميو فوسد إلى جان.. اثنيف يشيموه عالميجع: صرخ قائبل وبقيت مع اثنيف آخريف نعتني بيما حتى انتيت حفمة العذاب، وجيء بزمبلئنا فأدخموىـ إلى الميجع، فمما رأيناىـ تبيف لنا أنو قد حمقت

..فقد كانوا مجرحيف منيكيف مف الحبلقة والعذاب، فذىب كؿ يغسؿ جروحو ويداوي إصاباتو! رؤوسيـ ووجوىيـ، وأي حبلقة

.اؿ قميبل أخذ كؿ يحدث بما لقي مف العذاب والضروب وبما عانى مف آالـوبعد أف ىدأت الح

كرباجا وعمى رجمي مثؿ ذلؾ، ثـ أخذوا يرفسونني، وأخيرا صعد عمى ظيري وأنا منبطح عمى ( 15)ضربوني عمى يدي ( ـ. ع)قاؿ الصيدلي ي قد تحطمت عظامو وأنني لف أقـو بعدىا أبدا، وكاف ىذا أيقنت أف ظير .. األرض جبلد ثقيؿ كالبغؿ وأخذ يقفز فوؽ ظيري ويدعس عميو

.ولكنني قمت بعد ذلؾ وأنا ال أكاد أصدؽ نفسي: األخ قصير القامة نحيؼ الجسـ رقيؽ الحاشية يقوؿ

أحص عدد الضربات ولـ.. توالني جبلد فاجر أمرني أف أمد يدي االثنتيف إلى األماـ وأخذ يضربني عمييما( ع. أ)وقاؿ األخ المعتقؿ األستاذ . انصرؼ بقى يا كمب: ألنيا كانت كثيرة، وكنت رغـ األلـ الرىيب أجبر نفسي وأمد يدي إلى الضرب حتى ممني الجبلد ورفسني وضربني وقاؿ

.ولكف يدي قد عطبتا وأراني يديو فإذا بيما متورمتاف زرقاواف مجرحتاف: ويقوؿ األخ المعتقؿ

ابتميت بجبلد رىيب ضربني عمى يدي حتى كؿ ثـ ألقاني أرضا، فضربني بالكرباج عمى رجمي : شؽ قاؿمف قرب دم( خ. ـ)وحدثني األخ حتى كؿ أيضا، ثـ صعد عمى ظيري يرفسني برجميو، فمما ضقت بذلؾ تحركت مف ألمي فألقيتو عف ظيري فاغتاظ مني وجاء يرفسني ويرفع

و بقوة في منتصؼ ظيري حتى لقد ظننت أف ظيري قد كسر وأني لف أقـو حيا، ولكف الضخـ ويوجو الكعب الحديدي وينزؿ ب" بالبوط"رجمو ..لطؼ اهلل ىو الذي أنجاني

ولكف كيؼ : قاؿ بعض األخوة.. أنجانا اهلل مف ىذه المصيبة: لماذا لـ تحمقوا أنتـ الثبلثة؟ فنتبسـ ونموح بأيدينا ونقوؿ: وكاف زمبلؤنا يتساءلوفأنتـ ببل حبلقة، ماذا تقولوف؟وكثرا االقتراحات عمينا كما أننا أخذنا نقمب األمر عمى وجوىو ماذا سنقوؿ لمجبلديف؟؟ وأي إذا شاىدكـ الجبلدوف و

إف اهلل يدافع عف الذيف .. "لف نقوؿ شيئا : اندفع يقوؿ رادا كؿ االقتراحات" بساـ"حجة تنفع عند ىؤالء المجرميف؟؟ ولكف المعتقؿ الميندس ..يدافع عنافاهلل " آمنوا

.ومضت األياـ ولـ ينتبو الجبلدوف إلينا ولـ يسألونا شيئا عف ىذا الموضوع.. وكاف الرأي الفصؿ، وسممنا أمرنا إلى اهلل، وقد أنجانا اهلل سبحانو

أبو بدر ورأسمالو 11/10/1980يـو

يرجو بيا ويأمؿ ويدعو .. مرار مشغوال بيا عف كؿ شيءكاف أبو بدر ال يتوانى عف متابعة قراءة آيات القرآف الكريـ، فيو يرتميا باست.. مما يشغؿ الناس مف خوؼ ورعب يشؿ التفكير.. ويستغيث، وفي مختمؼ الظروؼ واألحواؿ تراه مستغرقا مشغوال بيا عف كؿ شيء حولو

..يدأ أوراىمافالميجع في حميا خوؼ ورعب دائميف، ال يكاد ي.. وكانت األحواؿ قاسية واألمور صعبة.. والحواس

يبدأ الرعب قبؿ الفطور الذي تحدث فيو أمور أليمة وصور قاسية مف العذاب والضرب، ثـ تتوالى دخبلت العذاب فبل تكاد تنقضي واحدة حتى وأخذنا األلـ وال تكاد تنقطع أصوات التعذيب وضرب الكرابيج وعويؿ المعذبيف، فبل نسمع شيئا مف ذلؾ إال اشتد عمينا األمر.. تنتظر الثانية

..والقير وتييأنا لممصيبة في أنفسنا

ينتيي مف فطوره ويرد عمى بعض السائميف حتى يأخذه ما يأخذ الجميع مف التحفز والقمؽ والخوؼ، ( أسامة خواشكية)وال يكاد الشيخ أبو بدر لى آيات اهلل يتموىا .. وىكذا يعرض أبو بدر عف كؿ ما حولو مف أحداث. .فيبادر إلى لؼ معصميو بقطعتي قماش لموقاية مف آثار الكرابيج وا

ومف خوؼ وقمؽ ورعب وينشغؿ بما ىو فيو مف تبلوة، فإذا جاءنا الجبلدوف، قاـ ولسانو ال يزاؿ مشغوال بالذكر والدعاء واالستغاثة، فإذاإذا أخرجتو مف جو القرآف بسؤاؿ لـ يبخؿ عميؾ انقضى العذاب وذىب الجبلدوف وثبنا إلى أنفسنا، نرى أبا بدر ثابتا عمى قراءتو وتبلوتو ف

. وتراه مطمئنا إلى رحمة اهلل.. بالجواب

..ماذا تفعؿ طواؿ الوقت يا أخي أبا بدر؟: قمت لو مرة

..أشتغؿ برأس مالي: قاؿ

..وما رأس مالؾ ىذا؟: قمت

..وغيرىا.. ياسيف، والواقعة، وتبارؾ ونوح وعـ والنازعات: قاؿ

..اهلل لؾ في ىذا الرأسماؿ، ورزقؾ منو أكثر وأكثربارؾ : قمت

.نسأؿ اهلل المطؼ.. أما اآلف فبل أستطيع الحفظ في ىذه الحاؿ: قاؿ

جيد أنؾ تستطيع القراءة يا أبا بدر، فإنني واهلل ال أستطيعيا خاصة في حاالت الشدة والخوؼ ولكني أسبح اهلل وأدعوه دوف : وقاؿ أبو مصطفى ..انقطاع

الحماـ

رىابيـ حتى الحماـ فبعد أف مضى عمينا في سجف تدمر ىذا قرابة شير ! كؿ شيء في سجف تدمر العسكري مسخر لتعذيب المعتقميف وا ليقودونا إلى الحماـ، فتحوا باب الميجع 13/10/1980ا في ونصؼ لـ نر فيو الحماـ ولـ نتمكف مف االغتساؿ إذا بزبانية السجف يأتونن

ثـ أمرونا بالخروج وبعد أف قاموا بتعذيبنا وضربنا مدة طويمة في الباحة أجبرونا عمى كنس أرضيا المحفرة " بالشورت يا كبلب: "وصرخوا فينافي زاوية الباحة التي تقع ميجعنا فييا، وكاف ىناؾ عدد مف وىو مكاف( الحماـ)بأيدينا العارية تحت الضرب الشديد أخذونا إلى ما يدعونو

صرخوا الكابينات ال يجاوز عددىا العشرة فوقيا صنابير مياه، فأمرونا بالدخوؿ إلييا لبلستحماـ، ولكنيـ لـ يتركونا سوى دقيقتيف أو ثبلث ثـ د وقع بعضنا عمى األرض تحت سياط الجبلديف فيالو مف حماـ؟فينا آمريف بالخروج، وىجموا عمينا يضربوننا ونحف نركض باتجاه الميجع، وق

12/10/1980يـو

جاء الزبانية وفتحوا باب الميجع إلدخاؿ الفطور فمما خرج اثناف مف المعتقميف إلدخاؿ طعاـ الفطور انقضوا عمييما وضربوىما، ثـ دخؿ تموف بألفاظ قبيحة، ولـ يكف طعاـ الفطور سوى بضع عمب جبنة محفوظة الزبانية إلى الميجع وضربوا عددا مف المعتقميف وىـ يسبوف ويش

.وكأس صغير مف الشاي البارد( الفاجكيري)وكمية قميمة مف الشاي كانت حصيمة أحدنا منو ال تتجاوز قطعة واحدة مثمثية مف جبف

..وكنا نود لو تركنا الزبانية مف شرىـ فبل نريد منيـ أي طعاـ

زيارة

ع السجف اليـو ضابط ذو رتبة كبيرة رجح بعض المعتقميف أف يكوف مدير السجف نفسو، وكاف محاطا بعدد كبير مف الحرس الخاص، زار مياج .وما كانت زيارتو إال لضرب المعتقميف وتعذيبيـ بنفسو

ع ثـ دخؿ الضابط وحولو عدد كبير فتح باب الميجع ودخؿ المساعد رئيس الجبلديف ومعو عدد كبير مف الجبلديف، توزعوا في أرجاء الميج (.استارح، استاعد، تييأ: )مف الحرس الخاص يحيطوف بو، وتولى المساعد تقديـ الصؼ مناديا

قؿ وأخذ الضابط يمر بالمعتقميف فيسأؿ كبل منيـ عف سبب اعتقالو ثـ يشتمو ويضربو، بينما يقـو اثناف مف الحرس الخاص باإلمساؾ بو والمعت .، جامد مستسمـ لقدر اهللمغمض العينيف

.وكاف نموذجا مف القسوة والدموية، حيث كاف ييدد المعتقميف بالشنؽ والقتؿ

16/10/1980يـو

وقع المحذور الذي كنا نتوقاه جيدنا، فقد ضبط الرقيب عددا مف األخوة المعتقميف وىـ يذىبوف تباعا إلى المرافؽ، فصرخ فييـ وسب وشتـ (.يا حقراء.. الصبح بفرجيكف يا: )وتوعدىـ قائبل

وجاء الزبانية فأخرجونا جميعا إلى الباحة، وضربونا وعذبونا طويبل كاف األمر خطيرا أنمنع مف الصبلة؟

17/10/1980يـو

ذا بعدد مف الجبلديف ينقضوف عميو خبلؿ حفمة عذاب التنفس ىجـ عمي الجبلد وأخذ يضربني عمى رجمي وجسمي وكاف بجانبي أبو عبدو، وا حاوؿ الفرار منيـ ولكنيـ أمسكوا بو وما زالوا .. ويضربونو ويعذبونو ويتناوبوف عمى ضربو، فإذا وقع أقاموه وكمما ضربو واحد منيـ تمقاه آخر

كدمات تمؤل وجيو، كاف يميث بقوة وال.. بو حتى أنيكوه وحينما دخمنا الميجع بعد نياية حفمة عذاب التنفس، كاف األخ أبو عبدو في حالة سيئة .كما تبيف لي أف الزبانية قد ضربوا األخ المعتقؿ أبا أحمد حتى وقع مغشيا عميو، وأدخؿ محموال بأيدي زمبلئو

كاف يحمؿ بكمتا يديو عصا ضخمة يحطـ بيا المعتقميف، وقد ضرب المعتقؿ أبا موسى وىو شاب ( شعباف)وكاف مف الزبانية عريؼ يدعى .ت بالعصا عمى صفحة وجيو ضربة قاسية ألقت بو أرضا رياضي مفتوؿ العضبل

النقيضاف

كيؼ يتواءـ الضداف ويتوافؽ المختمفاف؟ ضيؽ وكرب وعذاب نعيشو .. أمر يشتد لو العجب ويثير في النفس االستغراب والتساؤؿ كيؼ؟ ولـ؟والباب الحديدي مغمؽ .. ف الناس كميـ ضمف الميجعنحف المعتقميف ىنا في سجف تدمر العسكري الصحراوي منقطعيف عف الدنيا جميعيا وع

أربعا وعشريف ساعة في اليـو ال يفتح إال ليجمة شرسة أو حفمة عذاب رىيبة، وقد آلى جياز السجف عمى نفسو أف ال يترؾ لممعتقميف ساعة رىابا وقيرا، حتى عششت الرىبة والقمؽ والتوتر في جو المكاف وفرخت، وعاد مف الراحة واألماف في ليؿ أو نيار، وأف يممؤوا حياتيـ عذابا وا

رىاب ال ينقضي، تنبض نسماتو بالعذاب وتصطفؽ أبوابو بالرعب ويمتمئ جوه بعويؿ المعذبيف وأنات السجف وباحاتو ومياجعو ميداف عذاب وا .منجاة ىو الموتفما تنقضي محف المعتقميف فيو، كأف أيامو ظممات بعضيا فوؽ بعض والمنقذ الوحيد ل.. البائسيف

تسعى في ىذا المكاف الرىيب وفي ىذا الجو القاتـ توجد طيور صغيرة الحجـ ندية الصوت كثيرة الحركة والتنقؿ، إنيا العصافير تستيقظ باكرا لفرحة تبني وراء رزقيا دوف ىـ وال غـ، تشدو بأصواتيا الجميمة مع بعضيا ويعمو صياحيا ثـ يتفرؽ كؿ إلى حالة آمنة مطمئنة سعيدة

أعشاشيا وتضع بيضيا وتربي أفراخيا، فيي في اجتماع وانتشار وتناج وصياح وغدو ورواح في حياة ىانئة وأصوات فطرية وحركات ممتعة .مسمية

!الخوؼ واألماف، في ىذا المكاف؟ إال أف اهلل في خمقو شؤونا : كيؼ يجتمع المتناقضاف ويأتمؼ الضداف

العاتي الرىيب حيث القير واآلالـ واألحزاف ال تنقضي، حيث الظمـ والتجبر، حيث .. ادعة، ما أسكنؾ في ىذا المكافأيتيا الطيور الصغيرة الو حيث انقمب بعض بني البشر ذئابا ووحوشا مفترسة وحيوانات مؤذية، أفاعي وعقارب تمدغ وتعض وتنيش أليس لؾ .. الموت بصورتو الكالحة

ذا المكاف حياة؟ أـ أنؾ لنا سموى وتعزية؟أيتيا الطيور الوادعة في غير ى

غارات وقمؿ

لـ يكتؼ زبانية سجف تدمر بما يوقعونو بنا مف عذاب طواؿ ساعات النيار، بؿ تفتقت أذىانيـ عـ صور أخرى لمعذاب ينزلونيا بنا في أواخر .الميؿ وتحت جنح الظبلـ

ة مف أحد مياجع السجف القريبة، رغـ أف الوقت كاف بعد منتصؼ الميؿ، وغمت فوجئنا ليمة البارحة بأصوات صراخ وعويؿ جماعي ينطمؽ فجأاؤوا في الدماء في عروقنا غضبا وقيرا مف ىذا البغي والعدواف الذي يمارسو الزبانية األنذاؿ، الذيف لـ يكتفوا بكؿ حفبلت العذاب اليومية فج

وكاف األعجب مف كؿ ذلؾ ما ذكره أحد المعتقميف مف .. اح فيو مف بغييـ وفجورىـالميؿ يعذبوننا وينغصوف عمينا ىذا الوقت القميؿ الذي نرت (.ظبطوا يا كبلب بدنا نجيكـ غارة ليمية: )أف أحد الجبلديف قاؿ ميددا

يمكف إنكاره، كثر كاف ذلؾ مقرفا حقا ولكنو واقع حاصؿ ال.. اكتشفنا منذ بضعة أياـ أف القمؿ منتشر بيف المعتقميف في ميجعنا وبكثافة كبيرةمكانيات النظافة الحديث بيننا عف أسباب وجود القمؿ ومصدره، وتبيف لنا أف السبب ىو ما نحف فيو مف تضييؽ وحرماف مف وسائؿ وا

.واالغتساؿ، وأف ىذه الحاؿ تحتـ وجود القمؿ وانتشار مختمؼ األمراض السارية

حيث يقـو كؿ منا بخمع مبلبسو والبحث عف القمؿ فييا والتخمص منو، وكنا نجد " التفمية"وكانت الوسيمة الوحيدة الممكنة لمكافحة القمؿ ىي ( ضبوع)القمؿ وقد تغمغؿ في طيات الثياب وىو منتفخ البطف بما امتص مف دـ، ثـ تبيف لنا انتشار نوع آخر مف القمؿ بيننا ىو قمؿ العانة

ليا، حيث يمتصؽ بأصوؿ الشعر ويضع بيوضو عمييا، ولـ يكف مف السيؿ معالجة وىو قمؿ مف نوع آخر ال يصيب إال منطقة العانة وما حو .ىذا النوع مف القمؿ، ألنو كاف أشد سوءا مف سابقو

العيد

ىو أوؿ أياـ عيد األضحى المبارؾ، أمؿ بعض المعتقميف أف يذكر العيد بمعانيو السامية طغاة ببلدنا بمزـو وضرورة 20/10/1980كاف يـو ف المعتقميف األبرياء، ولكف خاب فأليـ، فيا ىـ الزبانية ال زالوا عمى ماىـ فيو مف بغي وشر لـ يمتفتوا إلى العيد، ولـ يفيموا مف الصفح ع

.معانيو السامية شيئا

ف منا إلدخاؿ طعاـ وفي الساعة الثانية ظيرا جاء زبانية السجف إلى ميجعنا إلجراء التفقد اليومي وإلدخاؿ طعاـ الغداء، وحينما خرج اثناضربوىما بعنؼ، ثـ دخؿ الزبانية الميجع، وبينما كاف الرقيب يعدنا كاف نفر مف الزبانية مندفعيف في تعذيبنا ثـ ( السخرة)الغداء ويسمونيما

في تعذيبيما، ثـ األوؿ رقيب سابؽ في الجيش ويدعى مبارؾ، واآلخر فراف في مدينة ساحمية، وأخذوا يتفننوف : أخذوا اثنيف مف المعتقميفوىي لبف مغمي كاف ال يزاؿ شديد الحرارة، وبعد خروج الزبانية بادرنا إلييما وغسمنا رأسييما ( الشاكرية)أجبروىما عمى غمس رأسييما في

الـ شديدة وبقي مع بالماء، فأما األوؿ فقد سمؽ جمد رأسو بالمبف المغمي وتنفط ثـ أخذ بعد ذلؾ ينز بالماء والقيح وكاف األخ المعتقؿ يشعر بآ .ذلؾ دوف عبلج

أما المعتقؿ الثاني فقد أصيب وجيو ببعض الحروؽ، وحمى اهلل عينيو مف األذى، كانت اإلصابات التي تقع بنا مف الكثرة بحيث اعتدنا أف أي واحد، ىكذا بسيولة، وأنو نتوقعيا في كؿ حيف، ونبادر إلى تشجيع المصاب وتثبيتو، وكنا نعتبر أف ىذه اإلصابات أوسمة فخار ال يناليا .سيكوف ليا الوزف الراجح في ميزاف العدالة الربانية، فيي األجر في اآلخرة والعافية والسبلمة في الدنيا بإذف اهلل

لفاسدة، وىو مقدار يسير مف الفاكية شبو ا" دوسير العيد"بعد تناوؿ طعاـ الغداء البسيط، جمس كؿ منا في مكانو وقاـ بعض األخوة يوزعوف كاف ىذا يذكرنا بالفاكية المحرمة عمينا في ىذه األياـ .. وكانت حصة المعتقؿ حوالي نصؼ موزة وبضع حبات مف العنب وجزء مف تفاحة

(.شـ وال تذوؽ)والتي ال نرى منو إال ما يذكرنا بيا فقط، أو ما يمكف أف يستعمؿ لمشـ

حاطة الببلء بنا في سجف الموت في تد مر، ورغـ بعدنا عف أىمينا في ىذه المناسبة الكريمة، التي يمتقي فييا األحباب، فإننا شعرنا ورغـ كثرة وا بالرضى واالطمئناف يغمراف قموبنا، حتى كنا نشعر أننا في كنؼ اهلل وتحت ظؿ رحمتو، مغموريف بمطفو وكرمو، محاطيف بعنايتو سبحانو،

دوف أف أستطيع تحديد مبعث ذلؾ أو ( إخوانا عمى سرر متقابميف: "بقوؿ اهلل سبحانو وشعرنا كأف فيضا مف السعادة يحيط بنا، حتى تمثمتمصدره، أىو السعادة بمجالسة األخوة واألحباب أـ ىو الشعور باألماف أـ ىو روح مف عند اهلل غمر ذلؾ المكاف التعيس البائس، فأحاؿ

..مى كؿ حاؿوحشتو أنسا، وظممتو ضياء، وضيقو سعة ورحابة، فالحمد هلل ع

الظمـ والغيرة اإلليية

أو .. أو ضعؼ مريض.. وال يعيروف انتباىا لكرامة كريـ أو كبر مسف.. الجبلدوف في سجف تدمر العسكري ال يقيموف لمخير والصبلح وزنا سمبوا إرادتيـ وشوىوا .. لفسادوأسيادىـ يؤزونيـ ويمدونيـ في الغي ويزينوف ليـ عمؿ الشر وا.. عتاة.. حرمة بريء مسكيف، فيـ قساة، غبلظ

والحكاـ المتسمطوف عمى رقاب العباد بالقير يعبثوف في األرض والببلد ظمما وفسادا، ال .. أفكارىـ، ووجوىيـ إلى ما يريدوف مف أغراض دنيئةوالمعتقؿ المسكيف ليس لو .. بلؿوالض.. والزيؼ.. والماؿ.. ىميـ الكرسي.. إيماف يضبطيـ وال أخبلؽ تردعيـ، وال شرؼ وال ضمير وال مروءة

قيمة أو اعتبار وال حرمة وال كرامة وال حقوؽ، فبل حؽ لممعتقؿ في التممؾ وال في العيش وال الطعاـ وال األماف، وال -في سجف تدمر العسكري– ..حؽ لممعتقؿ في أي شيء

وألف جياز السجف .. ألنو لـ يمت حتى اآلف( مقصودغير )فقد كؿ ذلؾ عمى عتبة السجف، وىو داخؿ ومجرد بقائو حيا إنما ىو تفضؿ ومف جية (.. شنقا حتى الموت أو عذابا .. ولو كاف لقتؿ رغـ أنفو.. )ألنو ليس مثيرا لو مف جية.. والمسؤوليف، غير ميتميف أصبل بقتمو فورا

تصفية ىؤالء وىذه الرؤوس وما تحتوي مف عف قرب، التصفية ىي األساس .. الذي يجب أف يصفى.. أخرى أنو يبقى رقما في الحسابيمانيـ.. ويتحدوف.. لقد كاف ىؤالء المعتقموف يرفعوف الرأس عاليا .. أفكار متفاخريف، فمئف لـ يستطع الطغاة .. معتزيف.. بأفكارىـ ومنطقيـ وا

.ىكذا يظنوف.. قير الفكرة بالفكرة فسيقيرونيا بالكرباج والبطش حتى تنمحي وتزوؿ

أما ذلؾ المسكيف الذي أوقعو سوء حظو في أيدي الطغاة ولـ .. يعبدوف المادة ويروف أف القوة ىي األصؿ فيجب أف تحتـر وتقدسإف الطغاة يعرؼ كيؼ يتممقيـ ويسبح بحمدىـ ويمجد سمطانيـ، فسيعرفو الكرباج قيمتو وسيعممو العذاب والخوؼ والجوع ىنا في سجف الموت كيؼ

.القوة الغاشمة وليأكؿ مبادئو وليخمصو تدينو وربو، لقد قاليا الطغاة وأعمنوىا بكؿ صفاقة وتبجح وغؿينحني ذليبل صاغرا أماـ

.سنجعؿ المعتقؿ حيوانا أعجـ تحركو الغرائز فقط فييا وحدىا يجب أف يعيش: قالوا

بلدوف في أوج انبساطيـ يضربوف ويعذبوف المعتقميف، أحد الرقباء النابييف، حفظ عف أسياده حديثا شجيا، ففي الحبلقة وبينما ىو وزمبلؤه الجال نريد منكـ عقوال وال : )فقاؿ. وما يراد بيـ ومنيـ.. قدح زناد فكره وأخرج لممعتقميف مكنوف سره فقاؿ يبيف ليـ كيؼ سيعيشوف وكيؼ يتصرفوف

..أمر عددا مف المعتقميف أف يقبموا الكرباج باحتراـ وتقديس ثـ(.. سيدكـ ىنا أبو سمرة الكرباج وأخوه الدوالب.. أفياما إنما نريد غرائز فقط

صبح نظاـ سجف تدمر العسكري ال يعترؼ لممعتقميف فيو إال بأنيـ أرقاـ ال أسماء ليا، وييتـ بإعطائيـ قسطا وافرا مف العذاب يوميا في البشر أحياء وال أنيـ متيموف أبرياء حسب القاعدة التي يرددىا والضحى والظير والمساء وما بيف ذلؾ ال يقر نظاـ السجف لممعتقميف بأنيـ

نظاـ ( أف المتيـ مداف يجب تصفيتو)بؿ ىو قد طور ىذه القاعدة إلى (!! المتيـ بريء حتى تثبت إدانتو)بعض األغبياء في العالـ مف أف فتصرؼ .. ؿ والحركة ويحـر االحتجاج عمى تصرؼ الجبلديفويحـر عمييـ الكبلـ والنظر ويحـر السؤا.. تدمر يحـر عمى نزالئو األماف والراحة

المعمنة الواضحة ىي تحطيـ .. ونظاـ السجف يعتمد عمى الكرباج والدوالب والعذاب واإلرىاب وغاية نظاـ السجف.. الجبلديف قانوف نافذمف بيف صخور الجباؿ الساحمية العالية، فيو ال السجناء وتصفيتيـ، بعيدا عف األعيف، ومف ناحية أخرى فإف نظاـ السجف ثوري استمد ثوريتو

يمتفت إلى كؿ ما وىبو اهلل لئلنساف مف كرامة وما حباه مف نعـ، وما جعؿ لو مف حقوؽ وحرمات، فكميا في اعتبار الطغاة مف المخمفات (.قطعا لمنفس)والمعوقات حتى غدا التنفس في سجف تدمر

دقيقة ومعموماتنا عف التنفس والنظاـ 30 – 20باحة بالدور وميجعا وراء ميجع ومدة التنفس مف يخرج الجبلدوف المعتقميف لمتنفس في الفإذا أخرجنا إلى الباحة سارعنا .. والكرباج ال يغيب مف أيدي الجبلديف.. والجبلديف والعذاب تجعمنا حتى في وقت اليدوء خائفيف قمقيف كيؼ ال

الجبلدوف .. نبات الباحة أو نجمس القرفصاء متراصيف منحني الظيور دوف حركة أو ىمسةفي ج( حسب األوامر)راكضيف مطرقيف ندور ..ومف أصيب فبقدره ومف قتؿ فقد انتيى أجمو، ويناؿ القاتؿ الثناء ويحيا باإلكراـ والمنح.. يضربوننا بقسوة ال يرحموف

رىابا وصبرا واحتسابا وفي ىذا الوقت تطوؿ الدقائؽ والثواني ويصبح ليا قيمتيا ذكرا واستغاث ..ة عذابا وا

أتأمؿ األرض أمامي وأرى حبات الرمؿ وأطراؼ الجدراف السفمى، أي وضع غريب نحف فيو؟ وأي ظمـ ىذا الذي يقع بنا؟ ولكني أشعر أف اهلل .معي، بؿ إف كؿ شيء في ىذا الكوف معي

بات الرمؿ ىذه ليست ظالمة لو كانت مخيرة لما رضيت أف تكوف في تحدثني وتؤيدني وتغضب لب بؿ لنا أجمعيف، فح.. حبات الرمؿ معيجدار يحجز الناس عف حياتيـ وعف معاشيـ ظمما وغشما ولكنيا مسيرة، فمو نطقت الحتجت ولمؤلت الدنيا صراخا وأعمنت احتجاجيا عمى

لوجيت نفسيا إلى رؤوس الجبلديف وأسيادىـ المجرميف الظالميف، وتأييدىا لؤلبرياء المستضعفيف، ولو استطاعت أف تكوف قذيفة حؽ قاتمة، .فحرقتيا، وقامت بواجبيا في ضرب الباطؿ المتبجح حتى تذيقو الصغار والمحؽ

.وىذه الجدراف واألحجار التي فييا تحتج عمى ما استخدمت فيو مف طعف األبرياء تحتج عمى موقعيا

27/10/1980يـو

ميات الحبلقة في باحتنا، وباحتنا ىي المكاف الذي اختاره الزبانية ليذه العمميات، حيث يجمبوف إلييا نزالء في الساعة الثامنة صباحا بدأت عمتالي المياجع عمى التوالي، فيجروف ليـ الحبلقة وعذابيا في ىذا المكاف، ألف باحتنا ىذه بعيدة عف أطراؼ السجف المواجية لمدينة تدمر، وبال

.معذبيف يكوف أبعد عف أسماع الناس في الخارجفإف أصوات العذاب وصراخ ال

ونشطت عمميات التعذيب وأخذنا نسمع أصوات المعذبيف وىـ ( 8)ولكف دور الحبلقة وصؿ اليـو إلى مياجع باحتنا، وبدئ بالميجع رقـ متنفسنا الوحيد، فكنا ندعو يصرخوف متألميف مستغيثيف بأصوات تمزؽ القموب، وكنا نعيش معيـ في قير وعذاب شديديف، وكاف الدعاء ىو

اهلل سبحانو ونفزع إليو ونستغيث بو، نستعجؿ قضاءه في الظالميف وانتقامو منو المجرميف، وفرجو لممستضعفيف، وكاف جميع األخوة في اب، ولؼ األخ أبو بدر الميجع عمى لساف واحد، يدعوف ويستغيثوف في إلحاح وتبتؿ، كما أننا ىيأنا أنفسنا لمعذاب، فمبسنا كؿ ما لدينا مف ثي

أخذت أتجوؿ في أطراؼ الميجع وأنظر مف خبلؿ قضباف النوافذ . معصميو بقطعتي قماش، كؿ ذلؾ استعدادا لحفمة العذاب التي تقترب منالمحف والشدائد ىا ىنا يصنع الرجاؿ فكما تصير النار المعدف وتنقيو مف خبثو، فإف ا: الحديدية إلى السماء الزرقاء بألـ، وكنت أقوؿ لنفسي ..تصقؿ القموب وتنقييا مف خبثيا وتخرجيا نقية صافية

كاف حفؿ العذاب في الباحة ال يزاؿ عمى أشده، وصراخ المعذبيف ونير الجبلديف مستمراف، وصوت الكرباج المعيف كأنو مطارؽ ثقيمة تدؽ موع الرحمة واأللـ والقير تنيؿ مف عيونيـ وتداعى إلى ذىني شطر برتابة، وكانت أيدي األخوة المعتقميف مرفوعة إلى اهلل يدعونو بحرارة، ود

..دأبي التوسؿ حاشا أف تخيبني، فأخذت أردده غي استغراؽ: بيت مف الشعر انطمؽ بو لساني

نينة بدا في السماء صفاء غريب أخذ يظير مف بعيد كأنو نور يطؿ عمى الوجوه، شعرت بالسكينة تغمر كؿ شيء، وأحسست بالرضا والطمأ .بذكر اهلل

وفجأة سكتت ( دخيؿ اهلل، دخيؿ اهلل: )ورجؿ كبير السف يصرخ متألما مستغيثا ( أنا بدي أموت: )كاف في الباحة فتى يعذب وىو يصرخ ..األصوات وانقطع صوت الكرباج وتوقؼ حفؿ العذاب

ولـ نصدؽ آذاننا، وقد عشنا أكثر . ال تخافوا ما في قتؿ: لجبلديفوجاء دورنا في الحبلقة فأتى الزبانية إلينا وأخرجونا إلى الباحة وقاؿ أحد ا( اهلل أكبر، اهلل أكبر)مف ثبلث ساعات مع عذاب إخواننا، ولكننا شاىدنا الكرابيج ممقاة عمى األرض ودسناىا بأرجمنا العارية، وكبرنا في سرنا

.ف ندري لذلؾ سببا ومرت تمؾ الحبلقة بسبلـ دوف عذاب ألوؿ مرة وآلخر مرة أيضا دوف أ

1/11/1980يـو

تبدلت عمميات التعذيب وتباعدت شيئا ما وأخذنا نراقب ما يجري، كاف ىناؾ تبدؿ في المعاممة، ولكف عمميات التعذيب لـ تقؼ إنما تبدلت أو ينقضوف عمينا في ىجمات صورتيا، حيث صار الزبانية يتخيروف مف يروؽ ليـ مف المعتقميف خبلؿ التنفس أو غيره، فيضربونو ويعذبونو

صاحب الصوت األجش الذي ال ييدأ " شعباف"وكاف بطؿ عمميات التعذيب في ىذه األياـ العريؼ الحاقد الجبلد . منكرة فيضربوف ىنا وىناؾوىذا جزء مف خطة لو أوار، وال ينطفئ لو حقد، وكاف يتخير مف بيف المعتقميف كؿ مف يعتقد أف لو مكانة أو فضبل، ويوقع بو أشد العذاب،

.غسيؿ الدماغ والتصفية الجسدية في سجف تدمر

11/11/1980يـو

أيقنا أف ما يجري في السجف مف تبدؿ في المعاممة ومف شدة عذاب وقسوة إنما ىو وليد أىواء متقمبة يسيطر عمييا حقد غريب ومرض نفسي أة، فما سنحت ليـ فرصة إال وانقضوا عمينا كالوحوش الكاسرة يضربوننا أشد عجيب، فبعد ىدوء نسبي اشتدت حميا الزبانية لمعذاب ولئليذاء فج

.الضرب غير السباب الفاحش البذيء والتيديد والوعيد

ينا إلى ليمة البارحة جاء الزبانية في أوؿ الميؿ ودوف أف يفتحوا باب الميجع صرخوا فينا وسبونا وشتمونا وأمرونا بأف نقؼ باستعداد ونرفع أيدبابا مى ونبقى كذلؾ والويؿ لمف يخالؼ ىذه األوامر، وىكذا أمضينا الميؿ كمو ونحف عمى تمؾ الحالة، والزبانية يمروف ليراقبونا وليوسعونا ساألع

.وفحشا

إلكثار مف ذكر اهلل وكانت تمؾ الوقفة عممية تعذيب شديدة مؤلمة تورمت بسببيا أرجمنا وأنيكت أجسامنا، ولكننا انتيزنا الفرصة لتبلوة القرآف، وا .ومف الدعاء واالستغاثة

وفي الميمة التالية منعنا الزبانية مف النـو أيضا، وأجبرونا عمى الوقوؼ في صؼ خماسي وسط الميجع، وأخذوا يراقبوننا ويتجسسوف عميناـ، فاندفع أحد الزبانية يصرخ مف النافذة ليضبطوا مف يجسر عمى الجموس، وقبؿ منتصؼ الميؿ شعرنا بالزبانية يتمصصوف عمينا، فمـ نعبأ بي

واهلل ألعدمكف يا منحطيف )ولؾ حقراء واهلل ألفعؿ، وأخذ يقذؼ بالكبلـ الفاحش الرخيص وييدد ويتوعد (: الشراقة)الصغيرة الموجودة في الباب وكاف يشدد في كبلمو ( ثثكـ يا حقراءولؾ المشانؽ جاىزة يا حيوانات، ولؾ الكبلب ماعـ تأكؿ ج.. يا كبلب، ولؾ واهلل ألشرب مف دمكف

كاف بريؽ الدـ يممع في نبرات صوتو كأنو ! ويصر عمى أسنانو وىو يقذفنا بيذا الكبلـ مظيرا ما في قمبو األسود مف الغؿ والحقد الرخيص .وحش جائع يبحث عف فريسة

20/11/1980يـو

ور يوحي بأف وراء األكمة ما وراءىا، ولكف ميما بيتوا لنا مف شر وغدر فإنا كاف اندفاع الزبانية إلى الشر وما يظير منيـ مف حقد وغؿ وفجفيو لـ نكف نبالي بيـ وال بما يبيتوف، ألننا وطنا أنفسنا عمى التسميـ لقدر اهلل، وصار الموت في سبيؿ اهلل ىو أقصى ما نتمناه خاصة وأف

.الخبلص مف ببلء السجف وبغي الزبانية األنذاؿ

ولؾ : )السجف في أوؿ الميؿ والظبلـ قد خيـ عمى الوجوه، فقرعوا باب الميجع بضربة كرباج قوية دوى ليا المكاف، وصرخ أحدىـ جاء زبانية، وقرأ قائمة طويمة مف األسماء تزيد عمى ستيف اسما، كاف مف بينيا أسماء ثمانية مف (عرصات، اسمعوا، المي بيطمع اسموا بقوؿ حاضر

: وقاؿ الجبلد لمف نودي بأسمائيـ( كما عممنا بعد ذلؾ)ميجعنا، وأسماء سبعة وثبلثيف معتقبل مف الميجع المجاور األخوة المعتقميف في (.حضروا حالكف ولؾ، بكرة عندكف محاكـ)

النقيب سميماف فالتبس األمر عمينا ألننا فيما نعمـ قد عرضنا جميعا عمى المحكمة الميدانية في معتقؿ كفرسوسة بدمشؽ والتي كاف قاضيياشارات عابرة، حتى ظننا أنو ربما تجري محاكمتنا ىذه المر ة حبيب، ولكنو لـ يبمغ أيا منا أي حكـ إنما كاف كبلمو مجرد تيديدات خفية، وا

شفوا لممحكمة كانت الوصية األولى ليؤالء األخوة ىي أف يك. بصورة أخرى تكوف أكثر واقعية، ولعمو أف يكوف فييا شيء مف اإلنصاؼ والعدالةالمزعومة ما جرى معيـ سابقا مف عذاب، وما استخمص عناصر المخابرات منيـ مف اعترافات باإلكراه، ثـ ما يجري ىنا في سجف تدمر مف

جراـ، كما أوصيناىـ أف يسربوا ما استطاعوا مف أخبار السجف وما يجري فيو، إلى الناس، ليعرفوا وليدركوا ما يرتكب في ح ؽ ظمـ وبغي وا .أبنائيـ مف سوء

تسحر أغمبيـ ونووا .. حضر أولئؾ األخوة المطموبوف أنفسيـ ولبسوا ثيابيـ وصروا األغراض القميمة التي كانت لدييـ استعدادا لمرحمة المجيولة ..الصياـ وقاموا يصموف

.طوا أيدييـ وعصبوا أعينيـ واقتادوىـ خارج الميجعوفي الساعة الرابعة صباحا قبيؿ الفجر جاء الزبانية ففتحوا باب الميجع وطمبوىـ، فرب

ومع أنو بدا لنا في حينو أف ىؤالء األخوة مأخوذوف لممحاكـ مف أجؿ محاكمتيـ، ومثؿ ىذا يعد نصرا كبيرا خاصة إذا كاف في المحكمة ظؿ .ف ينتظرىـعدالة، إال أف قموبنا كانت منقبضة جدا، وبكينا لفراؽ ىؤالء األخوة ولممجيوؿ الذي كا

ولكف كانت ىذه المحاكـ لغزا لـ نكتشفو إال بعد مدة طويمة، وبعد أف حاوؿ كثير مف األخوة المعتقميف التغطية عمييا إشفاقا عمى إخوانيـ، ثابت يدرؾ أنو ذاىب لمقاء ربو، فيودع إخوانو وىو" محاكـ"الحقيقة المرة تكشفت وظيرت بجبلء ووضوح، فكاف مف يطمب بعد ذلؾ باسـ

.يا مرحبا بمقاء اهلل: الجناف ووجيو مشرؽ باالبتساـ، ولسانو يترجـ عف قمبو

23/11/1980يـو

ب ثبلث دفعات مف المعتقميف تصؿ إلى سجف تدمر أسبوعيا عمى األقؿ، ويتمقاىـ زبانية السجف بوسائميـ الجينمية، فينظموف ليـ حفبلت العذا .تغاثتيـ عمى مدى ساعات طواؿ تشمؿ أحيانا غالب النيار وبعضا مف الميؿوالتحطيـ، ويرتفع صراخ المعذبيف واس

اليـو ومنذ الفجر بدأت حفمة العذاب لمجموعة مف المعتقميف القادميف حديثا إلى سجف تدمر، واستمرت حفمة العذاب حتى منتصؼ النيار، اتيـ إلى آذانيـ وال تؤثر في قموبيـ المتحجرة بؿ عمى قموبيـ أكنة والزبانية ماضوف في سوء ما يصنعوف، ال تصؿ أصوات المعذبيف واستغاث

وفي آذانيـ وقر، وفي بصائرىـ عمى فيـ ال يبصروف، فقدوا طبعيـ البشري وحسيـ اإلنساني، وغدوا آالت صماء عمياء، فكـ حطموا مف فتى رقيؽ وادع، وكـ أىانوا مف عالـ جميؿ وكسروا عظامو ماجد مؤمف، وكـ اعتدوا عمى رجؿ مسف كريـ فاضؿ، وكـ عذبوا مف طفؿ أو غبلـ

وتقى، وأحرقوا لحيتو، وكؿ ميزة خيرة يتميز بيا المعتقؿ سواء أكانت ىذه الميزة شيادة عالية أـ منصبا رفيعا أو درجة عممية أو صفة صبلح رامو عمييا فإنيـ ينقضوف عميو ويعذبونو أشد العذاب، وكأف فإف ليا عند زبانية سجف تدمر تأثيرا عكسيا، فبدال مف تقدير صاحب الميزة واحت

ميزتو ىذه ذنب اجترحو حتى أف الزبانية يزيدوف في عذاب المعتقؿ الطويؿ لطولو والقصير لقصره، والبديف لبدانتو وعمى ىذا فقس، مما ال .يفطف لو إال إبميس في أحكامو

بيننا ىمسا، ويتعرؼ كؿ منا عمى قصة أخيو وكيؼ اعتقمتو المخابرات، وعف السبب الذي كنا ننتيز فرصة ابتعاد الزبانية عنا فنتحدث فيماـ أدى بو إلى االعتقاؿ، ورغـ أف أسباب االعتقاؿ كانت متفاوتة كثيرا وأف أغمبيا تافو بسيط، فإف النتيجة كانت اإلرساؿ إلى سجف التحطي

.سجف تدمر

مف النواحي الفكرية والعممية والنفسية واالجتماعية وغير ذلؾ، فقد صيرتنا المحنة في بوتقة األلـ ورغـ تبايف مستويات المعتقميف في ميجعناوالقير والعذاب واإلرىاب، فصفت قموبنا مف األكدار وتقاربت أرواحنا وتألفت وتبلحمت في شعور واحد ونبض واحد، وىـ واحد، فيي تعاني

واستمطار . تعمرىا حرارة اإليماف وعزيمة الثبات وصدؽ اإلنابة إلى اهلل، مع الشعور بعناية اهلل ولطفوحرقة األلـ ومرارة الظمـ وحسرات القير، و .رحمتو والتطمع إلى عدالتو واألمؿ بفرجو ونصره

4/12/1980يـو

ميف في المياجع قد قاـ زبانية سجف تدمر بعممية تجميع ضموا فييا نزالء كؿ عدة مياجع إلى بعضيـ البعض، وذلؾ ألف أعداد المعتقوألف زبانية السجف بحاجة إلى مياجع فارغة يضعوف فييا األعداد الكبيرة مف المعتقميف ( محاكـ)تضاءلت بعد أخذ تمؾ األعداد الكبيرة باسـ

مج العذاب الذيف يؤتى بيـ إلى سجف تدمر ألنيـ يحرصوف أف ال يخمطوىـ بنزالء السجف السابقيف مدة مف الزمف حتى يطبقوا عمييـ برا .والتحطيـ المقررة ليـ

وىكذا فقد ضـ نزالء مياجع الباحة الثانية إلى بعضيـ بعضا، ووضعوا في ميجع واحد ىو الميجع رقـ عشرة، فارتفع العدد فيو مف أربعيف في النـو أو غيره نتيجة الزحاـ معتقبل إلى مئة وخمسة عشرة معتقبل، وقمت حصة المعتقؿ مف أرضية الميجع، ولـ يعد ىناؾ إمكانية لمراحة

.الشديد

ة زادت الكثافة كثيرا بعد عممية التجميع، وضاقت المياجع بساكنييا، وفي ميجعنا كما في كؿ المياجع نبتت مشاكؿ مختمفة وأشدىا كاف مشكمض ابتداء مف االستيقاظ في الساعة المنافع والمراحيض، فكاف الوصوؿ إلى المرحاض أمرا صعبا، فكانت تحدث أزمات شديدة عمى المراحي

.السادسة

مف بداية الوقت يكوف قد اصطؼ عدد كبير لموصوؿ إلى المراحيض، ويمضي الوقت الساعة والساعتيف وقد ال يصؿ الدور لكثيريف مما جعؿ .حتى غسؿ الوجو واليديف أصبح مشكمة تحتاج إلى نظاـ وترتيب وانتظار.. األمر مشكمة حقيقية ممحة

ولـ ندر أف ذلؾ الوضع عمى ما فيو مف سوء وضيؽ ومشاكؿ يعد نعمة كبرى، لما سيصير إليو )ت النـو عسيرا في ىذا الزحاـ الشديد وبا ..(.الحاؿ بعد ذلؾ، وبالتحديد بعد نصؼ عاـ

لدور لممنافع وتحديد صورتو، وكاف بعض األخوة المعتقميف يقوموف بضبط أمور الميجع وتنظيميا بروح أخوية خالصة، فيـ يقوموف بترتيب ا كما يقوموف بتوزيع الطعاـ، بعد أف تدخمو السخرة مف خارج الباب، وينظفوف األواني ويرتبوف عمميات الغسؿ والتنظيؼ وغيره، وكاف انضباط

جميع المشاكؿ األخوة وتعامميـ األخوي وتحمميـ لمختمؼ المضايقات والصعوبات آية في التعامؿ الحسف، فقد كانت روح األخوة تحؿ .وتتجاوزىا

2/1/1981

جعمو اهلل عاـ خير وفرج ورحمة لببلدنا العزيزة ولممعتقميف في سجف تدمر وفي غيره مف المعتقبلت والسجوف؟ 1981ىؿ عاـ

مى التوغؿ داخؿ الميجع لضربنا وتعذيبنا، كما كانوا يفعموف سابقا، وذلؾ بسبب ازدحاـ الميجع الزبانية ىذه األياـ لـ يعودوا قادريف عبالمعتقميف، ولكنيـ كانوا يضربوف السخرة التي تخرج إلدخاؿ الطعاـ والمعتقميف القريبيف مف باب الميجع، كما ينتيزوف مناسبات التنفس

ر التنفس يوميف في األسبوع والحبلقة أسبوعيا لموجو، وشيريا لمرأس، والحماـ أسبوعيا ولكنو والحبلقة لبلعتداء عمينا بالضرب والعذاب، وصا .كاف حماما باالسـ فقط

12/1/1981

وما بعد، فجمع ىؤالء الشباب أو الغمماف الصغار مف بيننا، وكاف في ميجعنا 1963جاء زبانية سجف تدمر فطمبوا المعتقميف األحداث مواليد ـ حوالي خمسة عشرة غبلما منيـ عماد طالب في الصؼ التاسع، وأبو عبدو وعمره اثنا عشرة عاما، وكانوا نشيطيف مندفعيف يتولوف غالب مني

اء أعماؿ الخدمة في الميجع، ويقدموف أنفسيـ فداء إلخوانيـ في حاؿ العذاب، وكاف ىذا التقدير منيـ إلخوانيـ الكبار، وىذه الشجاعة والفدا، إعجابنا وفخرنا، حتى كنا ننظر إلى أنفسنا خجميف ونحف نراىـ بيذا الثبات وىذه القوة، فأحزننا وأىمنا أف يؤخذ ىؤالء األحباب مف بيننمثار

وخاصة حينما عممنا أنيـ سوؼ يوضعوف في مياجع خاصة وحدىـ، فخشينا عمييـ أف يصيبيـ جراء ذلؾ مكروه في حياتيـ ومعيشتيـ أو في ليس بينيـ كبير ذو خبرة يرجعوف إليو ويسترشدوف برأيو، ولما لـ يكف بأيدينا أف نصنع ليـ شيئا فقد سممنا أمرنا إلى اهلل وسألناه أفكارىـ، و

.سبحانو أف يتوالىـ برحمتو ويحوطيـ بمطفو وعنايتو، ويحفظيـ مف كؿ سوء

20/1/1981

..تقميف دوف أف نعرؼ ليا سببا، سوى أف الطعاـ مموث وغير نظيؼظيرت منذ أياـ إسياالت شديدة بيف عدد كبير مف األخوة المع

واشتد أخيرا المرض عمى عدد مف المعتقميف منيـ المعتقؿ ( خميكف تموتوا يا كبلب: )أبمغنا مسؤولي السجف بما نعانيو، فكاف رد الزبانيةدمشقي وغيرىما، وغدا ىؤالء األخوة نحيفي األجساـ شاحبي مصطفى قاسمو، وىو رىينة عف أخيو المتواري، واألخ مصطفى راشد ذي النوف ال

.الوجوه21/1/1981

ترافؽ اإلسياؿ الشديد بقيء متكرر لدى األخ مصطفى راشد منذ البارحة، وساءت حالو أكثر واشتد عميو الدوار والدوخة حتى لـ يعد يستطع قضاء الحاجة، ولما أبمغ رئيس الميجع زبانية السجف عف حالة األخ القياـ، فكاف األخوة يحممونو باستمرار إلى المراحيض ليتمكف مف

وتفاقمت المشكمة أكثر حيف لـ يعد األخ المريض يتمالؾ نفسو مف التقيؤ ( خميكف تموتوا كمكـ يا عرصات: )الخطيرة، كاف جوابيـ السابؽ ذاتو .مفاصمو وأطرافووالتبرز ال شعوريا مموثا ثيابو وأغراضو، وكاف يشعر بأألـ وتيبس في

وفي المساء وحينما حؿ الظبلـ كاف األخ المعتقؿ مصطفى راشد ذي النوف في سكرات الموت، وبمغ بنا األلـ مبمغو فضربنا باب الميجع حتى خ فطمبوا حضر الحارس الذي عمى السطح فأبمغناه بأف أحد المعتقميف يموت، فسبنا وشتمنا وجاء الزبانية بعد مدة فأخبرناىـ عف حالة األ

معالجتو، إخراجو إلى الباحة، فحممناه عمى بطانية وأخرجناه إلييـ وراقبناىـ مف وراء الباب المغمؽ، فتبيف لنا أنيـ لـ يحاولوا إسعاؼ األخ أو عميو القيء وأنو ترؾ حتى مات ثـ حمؿ مف ىناؾ إلى مثواه المجيوؿ، فعميو رحمة اهلل ورضوانو، في الوقت نفسو كاف معتقؿ آخر قد اشتد

.واإلسياؿ حتى أنو لـ يعد يتماسؾ نفسو تماما

أثارت وفاة المعتقؿ مصطفى راشد واشتداد مرض اإلسياؿ والقيء عمى أخوة آخريف األسى والقمؽ في نفوسنا، فيا ىو ذا الموت قد اختطؼ . مح لنا زبانية تدمر بأي عبلجواحدا منا وىو في سبيمو الختطاؼ آخريف ما داـ ىذا المرض مستفحبل بيننا دوف أف يس

24/1/1981

إف وزر ما يجري في سجف تدمر ليس عمى الزبانية بشكؿ أساسي، بؿ إنو مف تخطيط رجاؿ السمطة الطائفييف، وما ىؤالء الزبانية إال أدوات .منفذة فقط

بعض ذوي الخبرة الطبية مف األخوة المعتقميف أف أوؿ البارحة وبعد أف اشتد مرض اإلسياؿ والقيء عمى عدد مف المعتقميف في ميجعنا، قررفقرر األخوة إببلغ مسؤولي السجف عف الوضع .. ما نعاني منو ما ىو إال جائحة وباء الكوليرا، وأننا معرضوف جميعا لخطر الموت بيذا الوباء

عبيـ وباء الكوليرا فمـ يترددوا ىذه المرة في استدعاء صراحة، متحمميف ما قد يناليـ مف بغي الزبانية واعتداءاتيـ، ولكف الزبانية الجبناء أر طبيب السجف وىو طبيب شاب حديث التخرج قميؿ الخبرة، فاستعاف بطبيب آخر أكبر سنا وأكثر تجربة، وىو طبيب مستوصؼ مدينة تدمر،

..ى أف ىذه الحاالت وباء الكوليراتشير إل( التشحيص السريري)فجاءا وكشفا عمى المرضى واستجوبا عددا منيـ، وكانت كؿ الدالئؿ

إضافة إلى الدواء -أكياس السيرـو-بادر الطبيباف باتخاذ بعض اإلجراءات، فعزؿ المصابيف باإلسياؿ مباشرة، وأعطى لممدنفيف منيـ ..المناسب، كما أخذت مسحات شرجية ليؤالء وأرسمت لممختبر ولكف توقفت اليـو كؿ ىذه اإلجراءات فجأة

ث ذلؾ؟ لـ نكف نحتاج إلى كثير تفكير لندرؾ أف مدير سجف تدمر لـ يرضو أف يعامؿ المعتقموف معاممة إنسانية، فأمر بإلغاء كؿ لماذا حد .صورة مف صور المعالجة الواقعية، واالكتفاء بالمعالجة الشكمية وبما يوزعو الممرض مف عبلج بسيط

9/2/1981

نية سجف تدمر خبلؿ الحبلقة أمس، إف الزبانية كانوا ينقضوف عمى مجموعة المعتقميف الواقفيف قرب كاف مف ألواف العذاب التي أنزليا بنا زباوالضرب، وقد الحائط لمحبلقة، فيضربونيـ بالكرباج واحدا واحدا ثـ يتخيروف واحدا وراء اآلخر فيأخذونو ويمقونو أرضا وينزلوف بو ألواف العذاب

أنس فضربوه بقسوة حتى أغمي عميو نتيجة إصابتو بضربات قوية عمى رأسو وجبيتو، فأمر الزبانية بحممو إلى أخذ الزبانية األخ المعتقؿ أبا .الميجع

عاما فضربوه أيضا، ثـ ( 40)عاما فضربوه وعذبوه ثـ أخذوا المعتقؿ أبا عبد الرحمف وعمره ( 50)وأخذ الزبانية المعتقؿ أبا جميؿ وعمره وأجبروىما عمى أف يصفع كؿ منيما اآلخر بالتناوب، وكاف أبو جميؿ أصمع الرأس، فكانوا يجبروف أبا عبد الرحمف أوقفوىما تجاه بعضيما،

.عمى ضربو عمى صمعتو، ومف قصر في ضرب اآلخر فيا ويمو

.وكاف الزبانية يطفئوف أعقاب السكائر في رقابنا ووجوىنا، ويحرقوف أصابعنا وآذاننا بقداحات الغاز

.فأ أحد الزبانية سيكارتو في عيف األخ المعتقؿ أبي مصطفىوقد أط

خمي : )بأف المعتقؿ المصاب في حالة خطيرة، فصرخ فيو الرقيب بغضب( رئيس الزبانية)بعد انتياء الحبلقة، أبمغ رئيس الميجع الرقيب .. الحمد هلل"ة طويمة كاف يردد بصوت ضعيؼ وكاف األخ أبو أنس ال يزاؿ مغمى عميو، ولما صحا مف إغماءتو بعد مد..( لبوطي.. يموت

ولكنو بقي فاقدا لمذاكرة مدة مف الزمف، حتى مف اهلل عميو بالشفاء رحمة منو سبحانو ومع كؿ ما نالنا في عمميات الحبلقة المرعبة " الحمد هللال ..الرىيبة، فإننا مطالبوف بأف ندفع عمييا أجرة محددة حسب العدد وا

الكفر البواح

فاظ السباب الفاجر، والكفر والتجديؼ شيء عادي متداوؿ لدى زبانية سجف تدمر وىـ عمى ذلؾ معتادوف، فيـ ال يتخاطبوف بينيـ إال بيذه ألالطريقة، بؿ أكد أحد األخوة أف ىذه الصورة مف التعامؿ منتشرة في كثير مف المواطف والبيئات في ببلدنا، وخاصة في كثير مف قطعات

.خطة مف اإلفساد يرعاىا ويدعيما طغاة ببلدناالجيش، فيذه

كاف الزبانية خبلؿ عمميات العذاب يسوموننا بيا يجدفوف ويسبوف ويستيينوف بالذات اإلليية وبمحمد صمى اهلل عميو وسمـ، فقد سمع أحد لخالؽ الرازؽ، ىو الكريـ العظيـ، ىو العزيز الجبار ىو ا: )فرد عميو المعتقؿ( ميف ىادا اهلل: )الزبانية معتقبل يستغيث باهلل، فصرخ فيو باستيانة

وفوجئ الجبلد بيذا الجواب، فصرخ بالمعتقؿ وأمره بالسكوت ( القيار، ىو رب السماوات واألرض مالؾ الممؾ وممؾ المموؾ ذو الجبلؿ واإلكراـ( بالكبؿ)وكاف ينقض (.. مكة يا عرصات أشراؼ( مستيزئا : )وكاف بعض الزبانية خبلؿ مناسبات العذاب يصمنا بإدعاء الشرؼ فيقوؿ

.فيضرب حر وجوىنا فيذا االنحبلؿ الخمقي والفساد ناتج عف فقداف القيـ وتزعزع العقيدة وفسادىا، لدى ىؤالء الناس وأمثاليـ

لزائفة، يراىا مثمو األعمى حتى القيـ التي ينادي بيا طغاة ببلدنا عبر عنيا نفر مف شبابيـ الذي يعد نفسو مثقفا أنو مبيور بالغرب وحضارتو الحادىا وتحمميا مف كؿ الفضائؿ واألخبلؽ، إنيا قيـ عبادة الماؿ والنساء والكأس والمتع الحراـ .في زيفيا وفجورىا وا

ذا أدركت سوء طو يتيـ تراىـ يمبسوف جميؿ الثياب، فيعجبؾ مظيرىـ فإذا تكمموا تأسفت لما ترى مف انحطاط أخبلقيـ وتدني أفكارىـ، وا ذا قمت ألحدىـ" ثـ رددناه أسفؿ سافميف"وبشاعة أعماليـ وتصرفاتيـ صدمت، فأي سوء في حسف، ترى فييـ مصداؽ قولو تعالى اتؽ اهلل : وا

ذا تولى سعى في األرض ليفسد فييا وييمؾ الحرث والنسؿ، واهلل ال يحب الفساد .أخذتو العزة باإلثـ فحسبو جينـ وبئس المياد، وا

20/2/1981سرقات نظامية –يرية السخرة الش

س عف كؿ معتقؿ في الميجع، ولـ . ؿ( 20)جاء الزبانية يصرخوف بحقد وأبمغوا تعميماتيـ لرئيس الميجع، طمبوا منو أف يجمع فورا مبمغ .يعطوا أي توضيح أو تعميؿ ليذا الطمب، بؿ أشفعوا طمبيـ بمزيد مف السباب والشتائـ

لمبمغ المطموب، وكاف كثيروف ال يممكوف أي نقود، ومع ذلؾ فقد أجبرنا عمى الدفع عف الجميع، فكاف يدفع الذي وقاـ رئيس الميجع بجمع األفي ليرة سورية عف مائة معتقؿ ىـ نزالء ميجعنا، وكثر التساؤؿ حوؿ ىذه ( 2000)معو نقود عف المفمس، وىكذا قبض الزبانية المبمغ كامبل

وىذه إشاعة )إنو النقؿ مف سجف تدمر إلى سجف آخر، وىذه أجرة السيارة : اؿ بعضيـ مستندا إلى معمومات سابقةق. النقود، والغاية مف جمعياولكف أحدا لـ يشعر باألسؼ ألنو سيفارؽ سجف تدمر رغـ ما ىوؿ بعضيـ عف سجف ( انتشرت في السجف، أشاعيا جياز السجف ذاتو

.القامشمي العسكري وسوء المعاممة فيو

.الزبانية مرة ثانية فطمبوا مبمغ ليرتيف عف كؿ معتقؿ، فجمع ليـ المبمغ تفاديا لشرىـ وأذاىـوجاء

نصيري في سجف تدمر

كاف مف المعتقميف معنا في سجف تدمر العسكري معتقؿ نصيري، وكانت قضيتو عبارة عف نقؿ سبلح بقصد الكسب والربح، ونتيجة وصوؿ ف المسمميف فقد غضب عميو المسؤولوف مف جماعتو، وحكموا عميو بالمؤبد في محكمة المزة، ثـ ساقوه بعض ىذا السبلح إلى مجاىدي األخوا

إلى سجف تدمر، وتعرؼ عميو أبناء طائفتو ىنا فجعموه رئيس ميجع، وتعاوف معيـ في نقؿ أخبار المعتقميف وتصرفاتيـ وخاصة مراقبة مف الصبلة وتسبب لعدد منيـ في تعذيب وضرب موجع، بؿ خطر ميالؾ، ( 10)و رقـ المصميف والوشاية بيـ، وقد منع المعتقميف في ميجع

.ولما طاؿ بو األمر الف جانبو قميبل

عقوبة عمى الصبلة 4/3/1981

مف عمى السطح يراقب المعتقميف، ويضبط المصميف في الرابعة والنصؼ صباحا، وضبط بعض الذاىبيف إلى الدورة، .. جاء الرقيب فواز ..(.ولؾ.. ولؾ شو متسوي ىنت.. ولؾ حقراء: )وصرخ بحقد وسب وشتـ.. شاط غضبا فاست

..يا حقيريف يا.. الصبح بتشوفوا يا حقراء واهلل لربيكـ يا: وبادر كؿ منا إلى االضطجاع، وىدد فواز وتوعد

ا لدينا أف عقوبة الصبلة رىيبة، وال يمكف التكيف وكاف معموم.. كاف بعض األخوة يروف أف نصمي جيرا، وأف ال نمتفت إلى تيديدات الجبلديف ..بنتائجيا، وكنا موقنيف أنو لف يصيبنا إال ما كتب اهلل لنا، ولكف ترؾ اتخاذ األسباب عجز وغباء

وننا ضربات وفي الصباح حيف إدخاؿ الفطور جاء فواز مع نفر مف الجبلديف ومعيـ الكرابيج مدالة فدخموا عمينا، وطافوا بيننا وأخذوا يضربشديدة رىيبة، وحيث أننا كنا مغمضي األعيف حسب التعميمات، فمـ نكف ندري بما يحدث إال أننا كنا نسمع األصوات والجمبة والصرخات

.الوالية، وصوت الكرباج وىو يدؽ جسما صمبا، كاف ليذه الضربات ضوت مختمؼ

لجسد العاري، بؿ كأنيا ضرب عمى الجدار الكتيـ، وأتاني الدور فدار رأسي بضربة فبل ىي مف اليابدة عمى الظير وال الصافعة عمى اليد أو ا .ضربات أخرى( كما عرفت بعد ذلؾ)ىائمة وغامت عيناي ودار بي الميجع، فتياويت عمى األرض تمتيا

أسي يضج بألـ شديد، مضى بعض الوقت حتى صحوت إلى نفسي، كاف أحد المعتقميف يمسح وجيي بالماء، فحاولت أف أجمس فشعرت بر وأذناي قد فقدتا حاسة السمع، فيما تدوياف بطنيف مستمر، عممت أف كثيريف مف المعتقميف مصابوف أكثر مني، وقد شجت رؤوسيـ فيي تنزؼ

أيف الحرية ؟ أيف حرية العقيدة،..ما تضركـ صبلتنا؟ وما يزعجكـ منيا: فقمت في نفسي مخاطبا الجبلديف. بالدـ، فالحمد هلل عمى كؿ حاؿ !!الشخصية؟ يا مف تتبجحوف بالحرية؟

9/3/1981

وفيمنا أننا يجب ( بالسخرة الشيرية)س عف كؿ معتقؿ فيما سماه .ؿ( 10)مع بداية الشير الجديد آذار، جاء الرقيب أيضا يطمب جمع مبمغ .ليرات سورية أتاوة لزبانية سجف تدمر( 10)أف ندفع في رأس كؿ شير مبمغ

ابع مف آذار جاء الرقيب وطمب جمع مبمغ ليرتيف عف كؿ معتقؿ لمزينة، ولـ يرض بإعفاء المفمسيف، فدفع المبمغ تاما، وىكذا نشطت وفي السعمميات جمع النقود مف المعتقميف نشاطا عجيبا، وعجزت بعض المياجع عف تأميف كؿ ىذه الطمبات وأعمنت إفبلسيا، فكاف الجبلدوف

لمسجيف فأي " لتحسيف الطعاـ"إف كؿ ىذه المبالغ تذىب : يددوف بالتفتيش الستخراج النقود، وقاؿ الرقيب مرة وىو يشتـيتشددوف في الطمب ويوقاؿ آخروف .. الدولة أفمست فمـ تعد تستطيع تقديـ الطعاـ، فيي تجمع ىذه النقود لتأميف الطعاـ: تحسيف وأي طعاـ؟ وقاؿ بعض المعتقميف

.صحيح أنيا سرقات منظمة تحت ظؿ الكرباج وأف حامييا حراميياولكف الرأي ال.. غير ذلؾ

وزعوا عمى كؿ ميجع مف مياجع السجف .. س مف كؿ معتقؿ في السجف لمزينة.ؿ( 2)العجيب في األمر أف جياز السجف بعد جمع مبمغ ا مضحكا مبكيا فقد كانت ىذه الصورة صورة لحافظ أسد مع حبؿ مف حباؿ الزينة، وكاف البد مف لصؽ الصورة في مكاف ظاىر، وكاف أمر

مثار تذكير لمناسيف مف المعتقميف في كؿ حيف، فكنا نصب عمى صاحب الصورة وأخيو، قسما كبيرا مف خالص دعائنا، وال ننساه مف المعنات ..كمما رأينا الصورة في ليؿ أو نيار

اجمعوا أموالكـ

رأى األخ النبي صمى اهلل عميو وسمـ يطؿ عميو مف الفتحة الموجودة في سقؼ : في تأويميارأى أحد األخوة رؤيا جميمة بديعة مبشرة حرنا يا رسوؿ اهلل متى الفرج؟ يا رسوؿ اهلل متى النصر صمى اهلل عميؾ؟ فأجابو النبي صمى اهلل : الميجع، فكممو األخ وسمـ عميو وسألو مميوفا

..لكـالفرج قريب والنصر قريب، اجمعوا أموا: عميو وسمـ

فأوليا بعض األخوة أف نجمع ما عندنا مف ماؿ فنصرؼ منو بشكؿ جماعي ألغراض الميجع وحاجات المحتاجيف، وقد فعمنا في ميجعنا ذلؾ، .ولكف السخرة الشيرية أتت عميو ولـ يبؽ منو شيء.. فجمعنا غالب الماؿ الموجود وجعمناه في أيدي نفر مف األخوة ليصرفوا منو

حيث أف مف لديو ماؿ كاف ( في ظؿ نظاـ السرقة المنظمة ىذه)ينا أف الماؿ ميما كاف مبمغو فسوؼ يستيمؾ خبلؿ فترة يسيرة وىكذا بدا يقس شيريا عف نفسو، وأف يدفع عف كؿ مف ليس معو نقود في الميجع، وكاف أغمب األخوة بعد شيريف أو ثبلثة .ؿ( 10)مجبرا عمى دفع مبمغ

..بغير ماؿ( السرقة المنظمة –السخرة الشيرية )مف

عد أف وفطف بعض األخوة إلى تأويؿ الرؤيا، فوعوا أمر النبي أنو يوصييـ بحفظ أمواليـ وعدـ التفريط بيا، فأمسكوا أيدييـ وأخفوا بعض الماؿ ب .طاعوه مف أمواؿ المعتقميفمستمرة، وىكذا استخمص الرقباء كؿ ما است( السرقة)ذىب أكثره ولـ يبؽ إال أقمو، وعممية السخرة الشيرية

مرض الجرب يغزو معتقمي سجف تدمر العسكري 17/3/1981

ظير مرض الجرب وانتشر بيف المعتقميف في سجف تدمر العسكري الصحراوي منذ مدة ليست قصيرة، وكاف ذلؾ نتيجة ألمور كثيرة لعؿ حيث أف .. شر الغسيؿ وتجفيفو تحت أشعة الشمسي واليواء الطمؽعدـ إمكانية النظافة، مف اغتساؿ وغسيؿ ثياب بشكؿ واؼ، وعدـ ن: أىميا

.الباب مغمؽ طواؿ اليـو عمينا وعمى المعتقميف في جميع مياجع السجف، والكثافة التي اشتدت أخيرا بدرجة كبيرة

مع أصوات العذاب والمعذبيف، إضافة إلى جو اإلرىاب والخوؼ الذي كاف يشؿ حركتنا خبلؿ غالب النيار، فنبقى جاثميف كؿ في مكانو نسشكا أبو جميؿ أنو ال يستطيع النـو في الميؿ مف الحكة، وأراني مواضع مف جسمو كانت مميئة بالبثور . ونفكر في مصيرنا.. وننتظر دورنا

.. يكف ىناؾ أي عبلجالصغيرة، وكاف الجمد أحمر مخدشا، كما شكا قبمو معتقؿ آخر مف إصابة فطرية وتمعط والتياب بيف أعمى فخذيو، ولـ جمع .. كاف ميجعنا خمسة مف المصابيف. وتجاسر بعضيـ فأعمنوا عف أنفسيـ.. اليـو جاء ممرض السجف فطمب مرضى الجرب ألوؿ مرة

بعد إفراغيما وعولجوا بمادة تسمى بنزوات البنزوبؿ فدىنوا بيا أجساميـ 10 – 9مرضى الجرب مف جميع المياجع، فوضعوا في الميجعيف تيف ثـ أخذوا إلى الحماـ ثـ أعيد كؿ معتقؿ إلى ميجعو بعد ذلؾ، وقد تحسنت حاليـ إلى حد كبير كاف في جعبة القادميف مف ميجع مر

كما في المثاؿ الشعبي، ولـ ( الغريؽ يتعمؽ بحباؿ العرمط)الجرب في المرة األولى ىذه أخبار كثيرة مثيرة مع أنيا لـ تكف بذات أىمية ولكف كاف األخ ابف الخمسيف . ومع ذلؾ كاف بعضيا مثيرا إلى حد بعيداألخبار جديد إنما ىي أمور كاف يتسمى المعتقموف بتداوليا يكف في ىذه

كاف يحدثنا بيا والدموع تمؤل عينيو، وتنيمر عمى وجنتيو في تأثر شديد .. عاما بعد عودتو مف ميجع الجرب يحمؿ في حقيبتو رؤيا جميمةيماف وتسميـ بقوؿ أحد األخوة الصالحيف إنو رأى النبي صمى اهلل عميو يا فبلف بشروا أىؿ : )وسمـ في المناـ وتحدث إليو فقاؿ لووسرور وا

.يقوؿ أبو جميؿ رضينا يا رسوؿ اهلل، رضينا يا رسوؿ اهلل، تكفينا ىذه البشرى( بالجنة( معتقمي سجف تدمر)تدمر

15/4/1981

ت عدة مياجع في ىذه الباحة ال تزاؿ في الباحة السادسة، وكان 28أخذت دفعات تالية مف مرضى الجرب فوضعوا ىذه المرة في الميجع .فارغة

وأخذ الممرض يمر في كؿ شير عمى المياجع، فيأخذ المرضى إلى ميجع الجرب فيعالجوف ىناؾ ويعودوف إلى مياجعيـ، وكانت اإلصابات لـ أعد أطيؽ الغطاء في وقد أصبت بيذا المرض فغزا الجرب جسمي و .. تتوالى فإذا عولج بعض المصابيف ظيرت اإلصابات في أعداد أخرى

الميؿ، حيث تثور الحكة وتشتد مع الحرارة والدؼء، فكاف يكشؼ الغطاء عني ال شعوريا دوف إرادتي، مما أدى إلى إصابتي بمرض في الكمى يف بمرض الجرب فخرجت مع المصاب.. كالعادة.. جعمني أبوؿ دما، أعممت رئيس الميجع فنقؿ األمر إلى الرقيب، فمـ يرد عميو إال بالسباب

ميجع الجرب في ذلؾ الحيف وىناؾ عرضنا عمى طبيب نصيري شاب حديث التخرج، فرد كثيريف ألنو لـ ( 28)فأخذنا الممرض إلى الميجع وقاؿ لي بعض الجبلديف .. يكف ييتـ بفحصيـ أو عبلجيـ، وكنت مف ىؤالء، وقد شكوت إلى الطبيب ما بي مف مرض الكمى فمـ يرد عمي

وأعدت إلى الميجع بدوف عبلج، وخرجت مرة أخرى لممعاينة والكشؼ، وكانت بثور عديدة قد ظيرت (.. بعديف ولؾ)كانوا مع الطبيب الذيف .فقبؿ الطبيب أف أعالج، وكاف الذي يشرؼ عمى عبلج المعتقميف ىو الممرض الذي يدعى أبو بساـ.. في أماكف كثيرة مف جسمي

ابات شديدة مف الجرب، وقد امتؤلت أجساميـ بالدمامؿ المتوزمة المقيحة في الساعديف والرجميف واألماكف كاف بعض المعتقميف يشكوف مف إصكاف يعاني مف إصابة جرب لـ يعرؼ ليا مثيؿ ( ج-ص-ـ)المستورة مثؿ منطقة العانة، كما رأيت أحد المصابيف بالجرب وىو حمبي ويدعى

وحدثني أنو منذ أكثر مف شير ونصؼ ال يستطيع النـو ليبل مف .. دمبل واحدا متصبل متقيحا نازفا قببل، فقد كانت منطقة اآلليتيف وما فوقيا الحكة الشديدة الحارقة، فيو يدلس باستمرار ويكشط في ىذه الدمامؿ حيث يسيؿ منيا القيح والدـ، ورأيت يديو فإذا أصابعو مبرية ممساء

.مصقولة لماعة قد براىا الحؾ المتواصؿ

المذيف وضعوا فييما وكانت إصابات الجرب فييـ كثيرة ( 32 – 31)وكاف ىناؾ عدد كبير مف األحداث قد جيء بيـ مف ميجعي األحداث .وقوية

.عولجنا مف مرض الجرب وأعدنا إلى مياجعنا، ولكف المرض لـ يغادرني رغـ أنو ىدأ عدة أياـ ولكنو عاد كأنشط ما يكوف

يدور الممرض أبو بساـ مع نفر مف الجبلديف عمى المياجع، فيخرج مرضى الجرب ويرسميـ إلى ميجع الجرب : اليكانت طريقة العبلج كالتوىناؾ يخرجوف بالشورت إلى الباحة حيث يجري الكشؼ والمعاينة عمييـ مف قبؿ الطبيب غالبا، وبعض األحياف مف قبؿ الممرض ( 28)رقـ

7 – 4ضحة، ثـ يؤخذ المرضى بالشورت إلى الحماـ في الساحة الثانية فيتركوف في الحماـ ما بيف وحده فقط، ويعاد مف تكوف إصابتو غير وامحموؿ بنزوات )دقائؽ ثـ يعيدونيـ إلى الميجع، ويأتي الممرض فيأمر بإخراجيـ بالشورت إلى الباحة حيث يوزع عمييـ زجاجات الدواء وىو

ىنوف أجساميـ بما فييا خبلؿ وقت يشير ثـ يدخميـ إلى الميجع ويأخذونيـ إلى الحماـ أشخاص، فيد( 5 – 4)ويعطي لكؿ زجاجة ( البنزويؿلى في اليـو التالي ويعاد الدىف مرة ثانية مع حماـ آخر، وبعض األحياف يعاد الدىف مرة ثالثة بعد بضعة أياـ، وفي تماـ األسبوع يعادوف إ

ا في نفسي، كانت مميئة بالغرائب والمشوقات، والتقيت فييا بمجموعة طيبة مف لقد عشت في ميجع الجرب أياما ال زلت أذكرى. مياجعيـ .الدعاة اإلسبلمييف والرجاؿ الطيبيف، والمربييف والنوابغ، وضباط مسرحيف وطبلب أخذوا مف مدارسيـ، وميندسيف وأطباء وعماؿ

المكيدة تنقمب عمى أصحابيا

وأف ىؤالء ( 32 – 31)جعي األحداث فقد عممت أف األحداث قد وضعوا في ميجعيف ىما أخبار مي.. وكاف مما عممت وسرني كما سر غيريالشباب قد صعب عمييـ األمر لموىمة األولى واضطراب الحاؿ بعض الوقت، ولكف قاـ مف بينيـ مف ضبط األمور ونظموا األعماؿ وشدوا

ح حاليـ وظيرت فييـ أخبلؽ اإليثار والتضحية والبذؿ، ففي الطعاـ العزائـ، وقووا اليمـ حتى انتظـ أمر األحداث في كبل الميجعيف، وصميؤثر بعضيـ بعضا، وفي التعذيب يفتدي بعضيـ بعضا، وفي الشجاعة ينافس بعضيـ بعضا، بؿ وفي التقى والصبلح والحكمة حتى فاقوا

.الشيوخ في كؿ شيء

صحراوي تقييـ إلجراءات عبلج الجرب في سجف تدمر العسكري ال 16/4/1981

ة الشؾ أف ميجع الجرب والعبلج الذي قدـ فيو، كاف لو تأثير ال بأس بو في تيدثة المرض ووقفو جزئيا، كما خفؼ مف آالـ المعتقميف الرىيبفي ناحية واحدة عمى األقؿ مف نواحي معيشتيـ المؤلى باآلالـ في سجف تدمر العسكري، وىي ناحية األمراض عامة ومرض الجرب خاصة،

ف العبلج كاف قاصرا ال يعالج المرض بشكؿ جذري صحيح بؿ يعالج أعراض المرض ويترؾ كافة النواحي اليامة األخرى، مثؿ وقؼ ولك .سرياف المرض، التأكد مف إجراءات النظافة والتطيير أو تأمينيا، تأميف البيئة الصحية السميمة

ومع ذلؾ فما زالت الظروؼ البيئية والنظافة سيئة .. مراض السارية عموما وفي األ.. وىذه األمور ىي أساس العبلج في مرض الجرب خاصةجدا، والمعتقموف محجوزوف في المياجع الضيقة في زحاـ شديد يسيؿ معو بؿ يتأكد سرياف مرض الجرب وغيره مف األمراض المعدية، حيث

ئؿ النظافة إضافة إلى عدـ إمكانية تطبيؽ النظافة والتطيير يتـ انتشارىا بأكثر مف وسيمة، وال يتأمف في ىذه المياجع أي شيء مف وسا .البلزميف لذلؾ كانت بيئة صالحة لمرض الجرب مسيمة النتشاره وقوتو

حتى .. ولعؿ أىـ شيء أف يستمر العبلج بشكؿ دائـ الستمرار العدوى وعدـ توقفيا، وىذا ليس مجيوال لدى جياز السجف العسكري أو الطبيبولو درى ىذا .. ني الطبيب يكفر ويجدؼ ألف أحد المرضى الذي عولج قبؿ شير فقط، يأتي اآلف مصابا بالجرب مف جديدلقد سمعت بأذ

.الطبيب لكفر بعممو وعبلجو القاصر الناقص الفاشؿ، وعمـ أنو إنما يضحؾ بذلؾ عمى نفسو

رأينا مرض الجرب وقد أصاب كؿ المعتقميف في لـ تمض سوى فترة بضعة أشير حتى 1981لذلؾ لما توقؼ العبلج في منتصؼ عاـ الميجع بؿ وكؿ نزالء السجف بدرجات متفاوتة، عمما بأف عدد المعتقميف في ذلؾ الحيف كاف يقارب خمسة آالؼ معتقؿ رغـ أف مرض الجرب

.ىذا مرض قديـ وسيط وسيؿ العبلج

عاني منو آالما رىيبة تقض مضاجعيـ وتذيقيـ العذاب في الميؿ ومع ذلؾ فإف األلوؼ المؤلفة مف المعتقميف في سجف تدمر العسكري ت ..والنيار

.اإلنسانية المغفمة غافية عمى ىدىدات السبلـ والحرية واألمافو

قد يكوف ما يجري إىماال أو نكاية ولكنو يبدو دائما في صورة القصد مع سبؽ اإلصرار والتصميـ، وليس مرض الجرب بالمرض الوحيد الذي أو يعطي .. ويبقى كؿ ذلؾ دوف عبلج.. عاني منو نزالء سجف تدمر، بؿ ىو حمقة مف سمسمة مف األمراض السارية وغير السارية واإلصاباتي

..بعد ذلؾ عبلج قاصر ال يسمف وال يغني مف جوع

اإلعدامات .. مف أخبار ميجع الجرب

ف ما .. في حينو، وكاف مفاده أف عمميات إعداـ تتـ ىنا في سجف تدمركاف مف أخبار ميجع الجرب خبر بدا غريبا غير معقوؿ أو مقبوؿ وا فيذا الطمب إنما ( محاكـ)حينما يطمبوف بعض المعتقميف عند الفجر، ويأخذونيـ مع أغراضيـ ويقولوف ليـ أنتـ مطموبوف ( المحاكـ)يسمونو

.غيري إلى رده وتكذيبو في الحاؿفسارعت كما سارع كثيروف .. وكاف معنى ىذا الكبلـ رىيبا .. ىو اإلعداـ

ف كاف معناه أف كؿ أولئؾ الذيف أخذوا باسـ محاكـ وىـ عدد ضخـ قد استشيدوا ومضوا إلى بارئيـ، وىذا ما حاولنا نفيو واستبعاده، ولكف كا :ىناؾ أدلة تؤيده أىميا

..بفترة ساعة أو ساعتيف، وقد سمعو المعتقموف في عدد مف المياجع( محاكـ)ذ ىؤالء المطموبيف التكبير الذي يسمع بعد أخ -

اـ، إف كاف ىناؾ إعد: وىناؾ حادثة أخرى مؤيدة، ففي أحد المياجع تواعد أحد األخوة المعتقميف مع إخوانو، وىو يعمـ أنو معرض لئلعداـ -أنا فبلف بف فبلف أموت في سبيؿ : كالعادة، ووجد أنو اإلعداـ، فسوؼ يعمف ليـ عف ذلؾ بأف يصرخ بأعمى صوتو( محاكـ)عمى أنو إذا طمب

..اهلل

قبيؿ شروؽ الشمس، فمما أخذ تنصت زمبلؤه في الميجع، فمـ يمبثوا بعد ذلؾ أف سمعوا صوتو ينادي ( محاكـ)وقد طمب ىذا األخ بعد ذلؾ .أنا فبلف ابف فبلف أموت في سبيؿ اهلل: بقوة

.ويوثقوف أيدييـ إلى الخمؼ( محاكـ)ومف األدلة عمى ذلؾ أف الجبلديف كانوا يعصبوف أعيف المطموبيف -

.. لـ يكف مف السيؿ تصديقو، لذلؾ كنت أبحث عف مبرر لرفضو، وقد حاوؿ آخروف أف يموىوا عمى األمر كموكاف األمر خطير جدا، و - .ولكف األمر كاف يتوضح أكثر وأكثر حتى غدا جميا ظاىرا

.. لكأس الظمـ المريرةوما يثيره مف رعب واستفظاع، وجاء ىذا الخبر مكمبل .. عمى الشباب.. واعتذر المموىوف بأنيـ خافوا مف تأثير الخبر .شأف الجبناء.. فيا ىـ الطغاة يسفكوف الدـ الطاىر البريء ظمما وجورا وراء الجدراف السميكة، وفي سرية وخفاء

كشؼ ىذا األمر وزاؿ عنو الخفاء والمبس، تفصيبلت دقيقة واضحة، فبدا كرييا مرعبا، إنو الموت يتخطفنا، يتخطؼ المعتقميف في سجف باب وادعوف، طاىروف، مستقيموف، ورجاؿ كراـ أبرار صالحوف، رحمكـ اهلل أييا الشباب الغض إنكـ كالبراعـ لما تتفتح أكماميا بعد ش.. تدمر

.نوففجاءتيا اليد المجرمة فاقتطعت الغض الرطب واعتسفت الحياة الثرة الغنية الطاىرة، وأراقت الدـ الزكي، فرحمكـ اهلل أييا الشباب المؤم

ءلنا أف تكوف ىناؾ محاكمات فعمية يحاكـ فييا أولئؾ الذاىبوف فتنصفيـ، وكنا ننتظر أوبتيـ ونتواعد معيـ عمى المقاء، ونأخذ العناويف كـ تفا .فإذا ىو ذىاب ال أوبة بعده وال لقاء مع أولئؾ األحباب في الدنيا، ولكف المقاء في اآلخرة في جنة الخمد إف شاء اهلل

:ترة السابقة عدد كبير مف األخوة أذكر منيـوكاف ممف أخذ في الف

.عاما 40 –إماـ مسجد –حمب / الشيخ محمد خير زيتوني – 1

.ميندس –سنة 30 –حماة / األستاذ رياض جعمور – 2

.سنة 30 –معرة النعماف / حسف الصوراني – 3

.سنة 30 –البلذقية / عمر حوا – 4

.سنة 25 –رياضي مدرب –حمص / محمد مصدؽ طرابمسي – 5

.سنة 28 –طالب –حمص / عزاـ خزندار – 6

.سنة 40 –إماـ مسجد –دمشؽ / أسامة خواشيكة – 7

.سنة 18 –طالب –حمص / عبد المعطي حمموشي – 8

.سنة 20 –طالب –دمشؽ / عرفات يونس – 9

.سنة 35 –موظؼ –دمشؽ / محمد رنكوس – 10

.سنة 19 –ب طال –حمب / أسامة لبابيدي – 11

.سنة 30 –ميندس –حمص / بساـ نابمسي – 12

1980مذبحة تدمر الكبرى في حزيراف

كاف مف أخبار ميجع الجرب أيضا خبر مفاده اعتقاؿ ضابط طائفي كبير في األردف يدعى عدناف بركات مع بعض عناصر سرايا الدفاع، ني مضر بدراف، وخبلؿ التحقيؽ معيـ اعترفوا بأنيـ مرسموف مف قبؿ رفعت أسد ليذه الذيف ذىبوا إلى ىناؾ بقصد اغتياؿ رئيس الوزراء األرد

أخبرنا أف الغاية، واعترفوا بأنيـ شاركوا في مجزرة تدمر بأنفسيـ، وأنيـ قبضوا عمى ذلؾ مبمغا مف الماؿ، وقد أخبرنا بيذه الحادثة أخ دمشقي، و لسمطة الحاكمة في سوريا قطعت التيار الكيربائي لمدة ساعتيف عف مدينة دمشؽ وما ىذه االعترافات عرضت في التمفزيوف األردني وأف ا

ذه حوليا في وقت إذاعة ىذه االعترافات، وعرضيا التمفزيوف األردني ولكف الكثيريف كانوا قد استحضروا مولدات كيربائية خاصة لتبلفي مثؿ ى .ى أشرطة الفيديو وأخذ الناس يتناقمونيا بينيـالحالة المتوقعة، كما سجمت المقابمة التمفزيونية ىذه عم

.نحف ىنا في تدمر لسنا بحاجة إلى مزيد مف التفاصيؿ، فإف األخبار والشواىد ظاىرة حاضرة تحكي تمؾ القصة الرىيبة

اصة بو، وأذيع جرت محاولة الغتياؿ حافظ أسد مف قبؿ عناصر الحماية الخ 1980حزيراف / 26في آخر شير حزيراف وبالتحديد في يـو .بعدىا أنو أصيب في رجمو اضطربت األحواؿ بشدة في دوائر المخابرات والمعتقبلت والسجوف، وقؼ كؿ شيء بانتظار نتيجة الحادثة

في زنازيف المخابرات كاف المعتقموف في شؾ مما يجري وفي عجب مف ىذه الحالة الغريبة التي ىيمنت عمى دوائر المخابرات، وفي معتقؿ وسة بقي المعتقموف دوف طعاـ عمى مدى أربع وعشريف ساعة ال يمتفت إلييـ أحد وال يسأؿ عنيـ، واألبواب مغمقة والكؿ صامت، حتى كفرس

.أفاؽ المذىولوف إلى أنفسيـ

، وصدرت األوامر بتعذيب المساجيف واندفع الزبان ية وأغمبيـ وفي سجف تدمر بدا االضطراب واضحا في تصرفات جياز السجف في ذلؾ اليـو .مف النصيرييف يسوموف المعتقميف صنوؼ الضرب واإليذاء بشكؿ وحشي، أدى إلى حدوث إصابات كثيرة بيف المعتقميف

كما جرى تعذيب عدد مف المياجع خبلؿ عممية الحبلقة، وقد كاف التعذيب خبلليا رىيبا، فكانوا يأخذوف كؿ معتقؿ عمى حدة فيعذبونو ة فيصمموف اآلذاف أو يشقونيا، ويقطعوف األنوؼ وغير ذلؾ، فيدخؿ المعتقؿ الميجع وىو في حالة سيئة بؿ بالغة ويستعمموف أدوات الحبلق

.السوء، وقد يحمؿ حمبل حيث يجري لو رفاقو بعض اإلسعافات

جاءىـ الجبلدوف في الميؿ وكاف المعتقموف في حالة اندىاش وحيرة ورعب بالغ لما رأوه مف عنؼ دموي، وىكذا بات المعتقموف شر ليمة وقدفضربوا بعض المعتقميف وأوقفوىـ جميعا عمى رجؿ واحدة واأليدي مرفوعة إلى األعمى، وأسمعوىـ شنيع الكبلـ والسباب، وأجبروىـ عمى ىذه

.الوقفة طواؿ تمؾ الميمة

.وقد اتخذت االستعدادات ووضع مخطط لصمي المعتقميف بعذابات رىيبة في اليـو التالي

ي اليـو الثاني وصمت إلى المطار القريب مجموعة مف الطائرات المروحية حوالي عشر طائرات تحمؿ عناصر مف سرايا الدفاع المسمحيف وفعنصر مع ضباطيـ، وكاف لدييـ الصبلحيات التامة بأف يدخموا سجف تدمر العسكري ويقتموا كؿ ( 200)بمباس الميداف الكامؿ، وكانوا حوالي

عنصرا إلى السجف لمقياـ بالميمة وترؾ ( 80)معتقؿ ومعيـ أمر صريح بذلؾ وجاء ( 1000)عتقميف الذيف يبمغ عددىـ حوالي مف فيو مف الم .الباقوف كاحتياط

ف كاف مدير السجف عمى عمـ مسبؽ باألمر وقد اتخذ التدابير البلزمة، فأمر بإجراء تفقد لموجود السجف وضبط عددىـ، وقد قاؿ أحد الرقباء م .وىو يعمـ أف الموت سيحصدىـ بعد قميؿ( حضروا حالكف بدنا نفرج عنكف: )بانية السجف لممعتقميف في بعض المياجع ىازئا بيـز

ميجعا موزعة عمى سبع باحات، ولكف لـ تكف جميع ىذه المياجع مؤلى ( 34) 1980كاف عدد مياجع سجف تدمر في ذلؾ الوقت حزيراف ( 1000)معتقؿ، وكاف مجموع المعتقميف في السجف ( 100 – 30)ميجعا وفي كؿ ميجع ما بيف ( 20)منيا بالمعتقميف، بؿ كاف المشغوؿ

.معتقؿ تقريبا

.وىكذا استممت قوة سرايا الدفاع مفاتيح السجف فور وصوليا دوف أي صعوبات

نوبية مف السجف وقفت سرايا الدفاع ىناؾ وأخذ قائدىا وفي الممر الواسع بعد باب السجف الرئيسي الثاني المجاور لممطبخ في أقصى الجية الجعنصرا وانطمقت المجموعات لتنفيذ عممية قتؿ ( 15)يوزع الميمات عمى عناصره، وقسميـ إلى مجموعات عدد أفراد المجموعة حوالي

..المعتقميف الموجوديف في سجف تدمر

ليـ في اليـو السابؽ، وكانوا في حالة قمؽ وتوجس ورعب، كاف األمر بالغ كاف المعتقموف في حالة سيئة بعد عمميات التعذيب التي جرتفانطمقوا يدعوف اهلل ويستغيثونو ويسألونو .. الخطورة وقد رأوا مف حقد الجبلديف النصيرييف وشراستيـ وتمتعيـ بالعذاب ومناظر الدـ ما ىاليـ

.حسف الختاـ

وىو القسـ الجنوبي الغربي مف السجف، فكاف عناصر السرايا يفتحوف ( 6- 5 – 3)الباحات بدأت عممية اإلبادة والقتؿ لممعتقميف في مياجعباب الميجع ويأمروف المعتقميف باالبتعاد عف الباب إلى آخر الميجع، ثـ يدخموف ويبدؤوف بإطبلؽ النار عمييـ، وارتفعت حينئذ أصوات

في أحد ىذه المياجع انقض معتقؿ كاف يختبئ في .. طا بأصوات إطبلؽ الرصاصالمعتقميف في ىذه المياجع بالتكبير مع صراخ التألـ مختمالمرافؽ القريبة مف باب الميجع عمى العساكر مف الخمؼ، واستخمص مف أحدىـ بندقيتو فقتمو بيا وأصاب اثنيف آخريف بجراح، ولكف العساكر

.عميواآلخريف تكاثروا عمى المعتقؿ وأخذوا يطمقوف النار عميو حتى قضوا

وتجمعوا .. وانطمؽ جنود سرايا الدفاع يفرزوف المعتقميف المكوميف في المياجع ويقضوف عمى مف يجدوا فيو بقية حياة حتى أفنوىـ عف آخرىـ وىي تشكؿ القسـ الشمالي الشرقي مف السجف، وفييا عشرة( 4 – 2 – 1)أخيرا ثـ انطمقوا إلى الباحات الثبلث الباقية وىي ذات األرقاـ

..مياجع عمى األقؿ مؤلى بالمعتقميف

وكاف بعض المعتقموف في مياجع ىذه الباحات قد سمعوا أصوات إطبلؽ النار وبعض الصراخ واالستغاثات، ولكف لبعد المسافة وانفصاؿ ف كانوا عمى خوؼ وحذر لما لمسوه مف شراسة الجبلديف ومظاىر الح قد في تصرفيـ، ولـ الباحات بعضيا عف بعض لـ يتأكد لدييـ شيء، وا

.مويكف في إمكانيـ ألف يعمموا شيئا سوى االلتجاء إلى اهلل سبحانو بالدعاء واالستغاثة، وطمبوا مف اهلل سبحانو أف يقبميـ شيداء في سبي

.المجرميف الممتقى في جنة الخمد إف شاء اهلل، وبكى بعضيـ وىـ يدعوف اهلل أف ينصر المسمميف ويخزي الظالميف: وقاؿ بعضيـ لبعض

وحيث أف المياجع في ىذه الباحات معتمة واطئة السقؼ فقد خشي جنود السرايا دخوليا عمى المعتقميف، خاصة بعد ما جرى معيـ في مييـ ا عالمياجع السابقة، فقاموا بإخراج المعتقميف مع أغراضيـ الشخصية إلى الباحة رقـ واحد وجمعوىـ في زاويتيا الشمالية الشرقية، ثـ انقضو

وأصموىـ واببل مف رصاص بنادقيـ الرشاشة حتى قضوا عمييـ، وتعالت خبلؿ ذلؾ االستغاثات وصراخ التكبير وكممات الشيادة، ولكف عددا ىـ مف المعتقميف ىؤالء تمكف رغـ الرصاص المنيمر مف مغادرة الباحة إلى داخؿ أحد المياجع، فمحؽ بيـ جنود السرايا إلى داخؿ الميجع وقتمو

.عف آخرىـ

وفي الباحة . أخذوا يفتحوف أبواب المياجع ويمقوف بقنبمة إلى داخميا ثـ يدخموف عمييـ ويقتموف مف بقي حيا مف المعتقميف( 4)وفي الباحة رقـ وذلؾ مقابؿ أخرج جنود السرايا المعتقميف مف المياجع األربعة وجمعوىـ مع أغراضيـ في زاوية مف الباحة محصورة ليس ليا منفذ ( 2)رقـ

ذي الشرفة الواسعة، ثـ انقض العساكر عمييـ فأصموىـ واببل مف رصاص بنادقيـ، وألقوا عمييـ قنابؿ حارقة فاشتعمت ( 8)نياية الميجع رقـ .النار في ثياب المعتقميف وأجسادىـ وىكذا حتى أفنوىـ عف آخرىـ

ـ اندفعوا إلى أكواـ األجساد البشرية يقمبونيا ويبحثوف عمف فيو بقية حياة واندفع عساكر سرايا الدفاع الممموءيف بطولة زائفة ىـ وضباطي .فيقتمونو ذبحا أو طعنا بالحراب، حتى اصطبغت أيدييـ وثيابيـ بالدماء، ثـ غادروا السجف أخيرا إلى المطار عائديف

.قؿمعت( 1000)قتؿ قرابة 27/6/1980وىكذا وخبلؿ ساعة واحدة مف عمر الزمف في صباح

وامتؤلت مياجع وساحات سجف تدمر برائحة الدـ والموت، والمئات مف الضحايا مكوميف مضرجيف بالدماء، فقاـ جياز سجف تدمر باستحضار مع عناصر جياز السجف في عممية تحميؿ الجثث ووضعيا ( البمدية)سيارات عسكرية شاحنة ضخمة، واشتركت عناصر الخدمة في السجف

غراض وسرقوا خبلؿ ذلؾ كؿ ما وجده معيـ مف ساعات ونقود، ونقمت الجثث إلى صحراء تدمر حيث أفرغت في حفر في السيارات مع األ .كبيرة، ردمت بواسطة البمدوزر وكاف بعضيا ال يزاؿ فيو بقية حياة

فأحضر جياز السجف .. ولكف بقي الدـ الزكي يغمر األرض في كثير مف نواحي السجف، ويتجمد فوقيا إضافة إلى آثار كثيرة مختمفةقامت بتنظيؼ مياجع السجف وساحاتو مف الدماء وبإزالة كؿ ما يمت إلى الجريمة بصمة، وقد جرى ( البمدية)مجموعات مف عناصر الخدمة

تزوؿ فحتى الدماء أبت أف .. ترميـ عاـ لمياجع السجف وطميت جدراف المياجع بطبلء مناسب يستر ما تحتو مف آثار الجريمة ولكف ىيياتوقدر اهلل أف ينجو مف ىذه المجزرة الرىيبة بضعة عشر معتقبل . في كثير مف األماكف في الحفر والزوايا، لتبقى شاىدا عمى الجريمة ال ينمحي

.أعمى اهلل بصر المجرميف عنيـ

25/4/1981الدفعات

المخابرات العسكرية مف تجمع ما لدييا مف المعتقميف الذيف في استمرارية مرعبة تأتي أفواج المعتقميف مف كؿ أنحاء سوريا حيث ترسؿ فروع انتيى التحقيؽ معيـ ترسميـ مباشرة إلى سجف تدمر العسكري، وقد تبيف لنا أف ىذا اإلرساؿ يتـ دوريا ولكؿ محافظة يـو معيف ترسؿ فيو

:المعتقميف إلى سجف تدمر كالتالي

.محافظة حمب: السبت

.محافظة البلذقية: االثنيف

.محافظة دمشؽ: الثبلثاء

.محافظة حمص: األربعاء

.محافظة إدلب: الخميس

ؼ، ومع ذلؾ قد تتغير المواعيد عند الضرورة، وكاف المعتقموف القادموف مف مختمؼ األعمار والفئات، ففييـ الصغير والكبير، والطالب والموظ 80 – 25طبلب وحممة الشيادات، ويتراوح عدد المعتقميف في الدفعة ما بيف ورجؿ األعماؿ والعامؿ، وكاف يغمب عمييـ فئة المثقفيف مف ال

يأخذوف معتقبل، وكاف حفؿ تعذيب االستقباؿ الرىيب ينظـ ليـ سريعا، وغالبا يبدأ التعذيب مع الصباح الباكر، فيتجمع الجبلدوف بعدد مناسب و المشيورة، وىناؾ يعرونيـ مف ثيابيـ تحت الضرب الشديد، ثـ يضربوف كؿ ( 1)ىؤالء القادميف إلى باحة االستقباؿ أو التعذيب الباحة رقـ

واحد في الدوالب حتى ينيكوه ثـ يضربونو بالعصا الرىيبة فيحطمونو، وىكذا حتى تنتيي الدفعة، وخبلؿ التعذيب الفردي يتـ تعذيب جماعي .حيث يطوؼ مفر مف الجبلديف بالكرابيج فيضربوف المعتقميف دوف كمؿ

وخبلؿ ىذا الحفؿ التعذيبي الرىيب تشتد األصوات أصوات الصراخ والعويؿ مف المعذبيف، واالستغاثات وطمب الرحمة وتشتد بالتالي أصوات .الزجر والسباب والتجديؼ، وتكوف أصوات الكرابيج البلسعة كصوت المطر المتساقط ال تقؼ وال تيدأ

، وبعد ىذا العذاب الشديد كانوا يأتوف بالمعتقميف المعذبيف فيضعونيـ في الميجع وكنا نسمع مف ميجعنا أصوات العذاب والعويؿ ط واؿ اليـوويتركونيـ فيو عدة أياـ وىـ في حالة مؤلمة مف اإلنياؾ، ويتعاورونيـ بالعذاب والضرب بيف الحيف والحيف، وقد مات أحد ىؤالء ( 1)رقـ

كاف عمره حوالي أربعيف سنة، ويبدو أنو قد ناؿ يـو االستقباؿ عذابا شديدا، وضربا أليما بيـو واحد و ( االستقباؿ)المعتقميف بعد حفؿ تعذيب ؟ فإذا ضربو الجبلدوف استغاث ..لويف: حيث أنو لـ يكف قادرا عمى السير، فحممو رفاقو ألنو كاف في حالة شديدة مف االنييار، وكاف يتساءؿ

بلؤه عف موتو زبانية السجف وأخرجوه ليـ عمى بطانية، وكانوا يحسدونو عمى ىذا المصير وىذه وقد أبمغ زم.. باهلل، فيزيدوف عميو ويشتدوف .النجاة مف بغي الظالميف

وكاف ( 28 – 27 – 26)وممئت المياجع .. كانت الكثافة تشتد في مياجع سجف تدمر حتى استغرقت كافة المياجع الفارغة في السجف .وآذار الماضييف كميجع لممصابيف بالجربيستعمؿ األخير منيا في شيري شباط

بضعة أياـ تحت وطأة العذاب الشديد ثـ ( 11)وبعد امتبلء كؿ المياجع الفارغة أخذ جياز السجف يجمع المعتقميف فيبقييـ في الميجع .يوزعونيـ عمى المياجع

الناجوف مف المجزرة

مياجع الباحة السابعة ستة عشر معتقبل فقط لـ يخمطيـ جياز السجف بغيرىـ كاف في أحد 1981وأوائؿ 1980في الفترة ما بيف أواخر عاـ ف كانت ىناؾ إشاعة تقوؿ أنيـ ىـ الذيف نجوا مف مجزرة تدمر الكبرى)مف المعتقميف لذا لـ يعرؼ تماما مف ىـ وقد نقموا بعد ذلؾ إلى ( وا

.جية غير معمومة

نساء في سجف تدمر

وبقيف فيو ( 11)بلت مف النساء، وكاف عددىف حوالي عشريف امرأة، وقد كف قبؿ ذلؾ في الميجع رقـ وضع في غرؼ المستوصؼ المعتقولدت إحداىف وىي امرأة حمبية وزوجيا ( 11)شيريف أو ثبلثة ثـ نقمف إلى المستوصؼ في الباحة السابعة، وخبلؿ وجود النساء في الميجع

ومف السجينات فتاة نصرانية كانت موظفة في السفارة العراقية وامرأة ( 6و 5)ع المزدوج معتقؿ وموجود في سجف تدمر أيضا، وىو في الميج 2 – 1)مسنة مف الساحؿ السوري، وطبيبة دمشقية مع أميا، وأبوىا معتقؿ في مياجع الرجاؿ أيضا، والمياجع التي ال توجد فييا معتقموف ىي

.ويبدو أنيا تستعمؿ كمستودعات( 14 – 3 –

100)ميجعا، وفي كؿ منيا ما بيف ( 30)ولة قمنا بيا إلحصاء عدد المعتقميف تبيف لنا أف المياجع المشغولة بالمعتقميف ىي حوالي وفي محا: كما سمعنا أحد الرقباء يقوؿ في معرض كبلمو مع زمبلئو.. معتقبل 3450= 115×30معتقؿ تقريبا، فكانت النتيجة كالتالي ( 135 – (.معتقؿ( 3500)عندنا في ىالسجف )

4/5/1981

وكاف يعالج إما .. في الميجع مصابيف باإلسياؿ الشديد 100معتقبل مف أصؿ 60انتشر مرض اإلسياؿ في ميجعنا واشتد بحيث كاف تيدأ وبعضيا وكانت بعض الحاالت ( وكمية الشاي قميمة جدا وال تتجاوز كوبا واحدا مف الشاي البارد)باالمتناع عف الطعاـ أو شرب الشاي

.يسكف تماما رحمة مف اهلل سبحانو، ولـ يكف يظير لمطبيب في السجف أي أثر

11/5/1981

قبيؿ منتصؼ الميؿ جاء الزبانية عمى عادتيـ وفتحوا باب ميجعنا وطمبوا خروج المصابيف باإلسياؿ، وحيث أني كنت مصابا بإسياؿ شديد منذقميف المرضى، ثـ أخرجوا مرضى اإلسياؿ مف المياجع األخرى في الباحة، وأخذونا إلى الميجع أياـ، فقد خرجت مع عدد مف األخوة المعت

مف مياجع السجف األخرى، كاف بعضيـ ( المصابيف باإلسياؿ والقيء)في الباحة الثالثة فوضعونا فيو وتابعوا عمميـ في جمع المرضى ( 13)ف بالبطانيات لعدـ استطاعتيـ السير، وكانوا يضعونيـ أماـ باب الميجع ومف ثـ يسير عمى قدميو وبعضيـ يسندىـ زمبلؤىـ وآخروف يحممو

.نقـو نحف بإدخاليـ وخدمتيـ والعناية بيـ رغـ ما نحف فيو مف مرض

ييا عبارة عف غرفتيف متجاورتيف يصؿ بينيما باب في الوسط، وفي زاوية الغرفة الداخمية مساحة محاطة بحافة مف اإلسمنت وف( 13)الميجع ومغسمة، وكاف في ىذا الميجع أربعوف معتقبل منيـ األخ أميف األصفر، وقد أخرجوا قبؿ مجيئنا ( ممئ بالشقوؽ والشروخ في أرضيتو)مرحاض

..فوزعوا عمى المياجع األخرى

عتقميف في مياجع السجف عممنا ىنا أف مرض اإلسياؿ والقيء لـ يكف محصورا في ميجع أو ميجع معينة، بؿ ىو وباء عاـ منتشر بيف المكافة، وأف الطبيب أعمف انتشار وباء الكوليرا في المعتقؿ، وذلؾ بعد أف كثرت اإلصابات والوفيات في العديد مف المياجع، واضطرت إدارة

ج أي معتقؿ مف السجف إزاء ذلؾ إلى االعتراؼ باألمر الواقع والعمؿ عمى معالجتو، ولكف زبانية سجف تدمر أصروا عمى عدـ السماح بإخراسجف تدمر ميما كانت األسباب وميما كانت حالتو المرضية وأنو يتحتـ معالجة المصابيف ضمف السجف حصرا، ووافؽ طبيب السجف

.النصيري الطائفي عمى ىذه الخطة الجينمية، رغـ عممو باستحالة ىذه المعالجة ضمف السجف مف الناحية الطبية

ف طعاـ الغداء الذي أحضر لنا عبارة عف برغؿ مطبوخ إضافة إلى حب الفاصوليا المطبوخ بماء البندورة وحيف يتـ مسمسؿ المتناقضات كاوكانت ىذه المواد الغذائية ىي مما يزيد مرض اإلسياؿ أكثر لدينا، وقد طمب أحد المرضى مف ( حمويات سيئة الصنع)والدوسير ( الطماطـ)

ات مثؿ الميموف، وأنو مستعد لدفع ثمف ىذا الطعاـ مف حسابو الخاص ولكف الطبيب لـ الطبيب تأميف طعاـ مناسب مع شيء مف الحمضييمتفت إلى كبلمو رغـ عممو بأف مثؿ ىذا الطعاـ ضروري جدا ليؤالء المرضى، ولذلؾ لـ يتمكف المرضى مف تناوؿ أي طعاـ، وخاصة

لسجف خبلؿ التفقد اليومي وخبلؿ إدخاؿ الطعاـ يفتحوف الباب بسرعة وىـ المرضى الذيف أصيبوا بالتقيؤ، مما زاد حالتيـ سوءا وكاف زبانية ايحبسوف أنفاسيـ ثـ يقفوف بعيدا وعمى وجوىيـ إمارات الخوؼ مف المعتقميف في ميجع الكوليرا، وحينما خرج أحدنا إلدخاؿ الطعاـ واقترب

.صدفة مف الجبلد صرخ الجبلد بفزع وابتعد وىو يسب ويشتـ

12/5/1981

مصابا كاف عدد منيـ في حالة خطرة ( 40)عف آخره وبمغ عدد المصابيف فيو ( ميجع الكوليرا)والذي يدعونو حاليا ( 13)متؤل ميجعنا رقـ اواإلسياؿ والتقيؤ شديد لدييـ، وبعضيـ عاجز عف الحركة تماما لشدة ضعفو وىزالو وقوة إصابتو وىؤالء فقط كانوا يحتاجوف إلى مستشفى

.ي يمكف إسعافيـ وتقديـ الخدمة والعبلج البلـز ليـ خاصة وأف عددا منيـ كاف يتقيأ ويتبرز ال شعوريا مموثا ثيابوكاممة لك

إنو مف الناحية الطبية : كاف عبارة عف مستشفى غريب أو محجز كوليرا مف نوع عجيب، قاؿ أحد األطباء المعتقميف( 13)وىكذا فإف الميجع يعتبروف مخالطيف حامميف لجرثـو الوباء ويجب أف يحجزوا ويعالجوا وتجري ليـ التحميبلت حتى تثبت سبلمة فإف كؿ نزالء سجف تدمر

.أجساميـ مف جرثومة الوباء

( غرفة النزع)إنما ىو ( 13)كانت الطريقة التي تتبع لعبلج الوباء في سجف تدمر تمغي جميع المبادئ والنظـ واألعراؼ الطبية، وكأف الميجع ال عد السجف كمو المع (!سجف الموت)روفة في المستشفيات ىذا دوف االلتفات إلى طرؽ الموت األخرى في سجف تدمر وا

أحضر لنا الزبانية فطورا كاف مؤلفا مف مربى وشاي بارد فخصصنا المرضى المدنفيف بمعظـ الشاي ولكف دوف فائدة فما كاف يستقر في .خبلؿ دقائؽ -قيئا –ؿ طعاـ يدخؿ إلييا أجوافيـ شيء بؿ كانت معداتيـ تقذؼ ك

وكانت الحالة الصحية لممرضى ال تصؿ مرحمة الخطر حتى يبدأ معيـ القيء، فإذا بدأ القيء لدى المريض تدىورت حالتو الصحية وضعفت فو شيء فيو يقيء كؿ بضع قوتو وتبلشت مقاومتو، وتنعدـ إمكانية استفادتو مف الطعاـ أو الشراب عف طريؽ الفـ، ألنو ال يستقر في جو

.دقائؽ سواء كاف في معدتو شيء أـ لـ يكف، فيو يقيء مادة رغوية مائية، ثـ يشتد عميو الدوار والدوخة، ويقع إذا ما حاوؿ الوقوؼ

ـ وجود لذلؾ كاف يحدث بؿ يكثر وقوع المصابيف خبلؿ ذىابيـ إلى المرحاض، مما يؤدي إلى مشاكؿ أخرى عسيرة، ىي تموث ثيابيـ مع عدثياب أخرى بديمة خاصة، وأف إمكانية الغسيؿ والتجفيؼ معدومة في الميجع، فكنا نضطر أف ننزع شيئا مف ثيابنا ونتركو ليـ ونحرص عمى

معاونتيـ خبلؿ حركتيـ، كما قد يعجؿ القيء المريض فبل يتمكف مف الذىاب إلى المرافؽ أو أخذ وعاء القيء فيقيء عمى ثيابو وأغراضو، أو كؿ ذلؾ كاف محنة جديدة وموتا وىبلكا محققا يحؽ لممعتقميف في سجف تدمر تحت سمع المسؤوليف وبصرىـ .. تبرز دوف أف يشعر في ثيابوي

.وىـ غير آبييف أو ممتفتيف

قاء بعض األسئمة في الساعة العاشرة مف صباح اليـو جاء الطبيب ينظر إلينا عف بعد وىو كاره قرؼ بينما الممرض يدور حولو ويقـو بإلمف الماء فحؿ بعض المواد فيو، وطمب منا أف ( سطبل )وقياس ضغط لبعض المرضى المدنفيف، ثـ وزع عمينا الممرض بعض الحبوب وطمب

.نشرب منو بكثرة وأخرج لو المدنفوف إلى الباحة فأخذ يعمؽ ليـ أكياس السيرـو في العراء بواسطة بعض األوتاد التي كانت في الجدراف

13/5/1981

في نظـ بعض األخوة المعتقميف مف ذوي الخبرة الطبية، مناوبة ليمية لمسير عمى المرضى مف ذوي الحالة الخطيرة والعناية بيـ طواؿ الميؿ، و .منتصؼ ليمة البارحة توفي األخ المعتقؿ ناصح شنطيبي وىو مف مدينة دمشؽ، وذلؾ بعد خمسة أياـ مف اإلسياؿ والقيء الشديديف

ضربنا الباب حتى حضر الحرس الموجود عمى السطح، فأبمغناه بالحادثة وبعد قميؿ جاء رئيس الجبلديف المساعد أحمد مع نفر منيـ، ولما أسو بػ عمموا باألمر أظيروا الشيامة، وتمنوا الموت لنا جميعا، بينما كاف المساعد أحمد رئيس الزبانية يقؼ بعيدا عف باب الميجع وقد لؼ ر

وغطى بيا فمو وأنفو خوفا مف ىواء ميجع الكوليرا، وىو صامت مف الخوؼ، وطمب الزبانية إخراج المتوفى فأخرجناه عمى بطانية ( فاحةل) .ووضعناه في الباحة ومف ثـ حمؿ إلى مثواه المجيوؿ في حفرة في صحراء تدمر

عنا بإببلغ الزبانية عف حالتو ولكف رغـ مضي الوقت لـ يأت في الوقت نفسو كاف مريض آخر في مرحمة الخطر وقد غاب عف الوعي، فسار ببلغ الحرس باألمر، وبعد مدة مف الزمف جاء الطبيب غاضبا حانقا ألننا قطعنا عميو نومو، الطبيب فاضطررنا إلى ضرب الباب الحديدي وا

ىاتوه ليوف، : فأخبرناه بالمريض المغمى عميو فقاؿ..( ءإيش بدكف ولؾ حقرا)وأطؿ عمينا مف النافذة الصغيرة الموجودة في الباب وصرخ بحدة أحد األطباء .. ثـ أغمؽ النافذة الصغيرة ومضى..! إيش فيؾ ولؾ؟ لمصبح بداويؾ: فحممنا المريض إلى أماـ الباب حتى أبصره فخاطبو

تي أقسمتيا يا دكتور؟ أف تكوف إنسانيا وأف أيف اليميف ال: المعتقميف لـ يحتمؿ ىذا الموقؼ المخزي مف طبيب مثمو، فتفؿ جية الباب وقاؿ ..تسارع إلى إسعاؼ المرضى، وأيف شرؼ المينة؟

وتابع الزبانية اليـو جمب المصابيف مف مختمؼ مياجع السجف وتابع الطبيب طريقتو في النظر إلينا مف بعد، بينما يقـو الممرض بالعبلج يستوعب ىذا العدد الكبير مف المرضى، فأفرغ الزبانية قسما مف ( 13)ولـ يعد الميجع القميؿ القاصر، ولكف عدد المصابيف قد زاد كثيرا

.ذي الحجـ الكبير ونقمونا إليو، فحممنا المرضى المدنفيف عمى البطانيات ونقمناىـ إلى الميجع الجديد( 12)الميجع

15/5/1981

في الباحة الخامسة بعد أف ضاؽ عف استيعاب مف فيو مف المصابيف بوباء (34)إلى الميجع ( 12)قاـ الزبانية البارحة بنقمنا مف الميجع الكوليرا وغيرىـ، وخبلؿ الميمة الماضية توفي معتقؿ آخر لـ أعرؼ اسمو وضربنا الباب فمما جاء الزبانية أخرجناه إلييـ وأخذ إلى مثواه

.المجيوؿ

20/5/1981

وؼ شديد مف وباء الكوليرا المستشري في السجف، فما عادوا يقتربوف مف المعتقميف بأي كاف واضحا أف الزبانية في سجف تدمر يشعروف بخنية حاؿ بؿ وما عادوا يجسروف عمى دخوؿ المياجع، بؿ صار يرعبيـ ىواؤىا وكاف ىذا بالنسبة لنا أمرا غريبا، فبعد أف كنا نخاؼ مجيء الزبا

ذا حدث مرة واقترب أحد ونرىبو ونحسب لو ألؼ حساب، إذا باألمر ينعكس بقدرة اهلل سبحانو فكنا نشعر باألماف مف كيد الزبانية وفجورىـ، وا المعتقميف مف الزبانية فإنيـ كانوا ييربوف منو فزعيف، ويبدو أف المسؤوليف أحسوا بأف األمر يكاد يفمت مف أيدييـ، فسارعوا إلى اتخاذ

سيـ، فكثرت إجراءات العبلج وعمميات التنظيؼ الصورية في المياجع والباحات، والتي كانوا اإلجراءات المناسبة ليعيدوا إلى الزبانية ثقتيـ بأنف .منيارةيجبروف المعتقميف عمى القياـ بيا يوميا وتستمر مف الصباح حتى الظييرة إلى أف عادت الثقة والعنجيية شيئا ما إلى نفوس الزبانية ال

( عودة العذاب) 6/6/1981

سجف تدمر العسكري بعض الجبلديف إلى العمؿ عمى ضرب المعتقميف وتعذيبيـ في محاولة منيـ لتنشيط عمميات التعذيب، دفع المسؤوليف فيال يكؼ عف ضرب المعتقميف ( حيو)فكاف الجبلد سمير والممقب بػ .. وتشجيع الزبانية ليتغمبوا عمى عقدة وباء الكوليرا التي أرعبتيـ زمنا

والعذاب )ويتفننوف في ذلؾ .. تى تشجع آخروف واندفعوا يضربوف المعتقميف ويعذبونيـ في التفقد والحبلقة والتنفسوتعذيبيـ في كؿ مناسبة حويعطي األمر بدخوؿ الميجع واحدا ( ونحف نقؼ في صؼ خماسي في الباحة)ففي كؿ تفقد ما أف ينتيي الرقيب مف عدنا ( في القسوة والحقد

وحيث أف الباب ( بسرعة ولؾ: )ف الجبلديف بالكرابيج يضربوننا قرب الباب بقسوة ويصرخوف فينا ويستعجمونناواحدا حتى يقؼ واحد أو اثناف م .ضيؽ وال يتسع مع السرعة لدخوؿ أكثر مف واحد، فتحدث األزمة عمى الباب ويشتد التدافع بحيث يتأخر الدخوؿ

ظاـ واحدا واحدا ولكف ما إف يسير الرتؿ األوؿ وييجـ الجبلدوف بالضرب وكنا نتواصى بأف ندخؿ بالترتيب والن.. ولـ يكف ذلؾ في صالحنا عمى األرتاؿ الباقية حتى يضطرب األمر فالضرب والعذاب لـ يكف أمرا سيبل ومع ذلؾ كاف كثيروف يقفوف ببرودة أعصاب ال يغادروف مكانيـ

.فداء إلخوانيـفبل يمقوف إال الضرب والعذاب ليكونوا ال.. وال يتحركوف إال بنظاـ

ودخمت .. البارحة خبلؿ التفقد وقؼ الجبلدوف قرب الباب يضربوف واحتدمت المدافعة والضرب قرب الباب وعمى الصفوؼ وتصايح الجبلدوفجع فيأبى الخوؼ إال أف يثور في الصدر، ووقفت داخؿ المي( الخوؼ غريزة إنسانية.. )إلى الميجع بعد ضربتيف قويتيف إحداىما عمى الرأس

ودخؿ أبو عبد .. متألما ال أدري ما أفعؿ إلخواني الذيف تكاثروا عمى الباب وغص بيـ، وكانوا يدخموف خائفيف مرعوبيف أو مصابيف.. حائرا تذكرت .. الرحمف مف الباب كاف وجيو البريء الصادؽ التعبير يرسـ صورة معبرة لمخوؼ والرعب ال يمكف ألي فناف أف يصوره عمى حقيقتو

.ـ اهلل لممسمـ وأف النبي صمى اهلل عميو نيى عف ترويع المسمـإكرا

حتى اندفع بعض .. اليـو رأينا ابتكارا جديدا في التعذيب لـ نعرفو مف قبؿ، فما إف انتيى الرقيب مف ضبط العدد وأصدر أمره بالدخوؿي فحمؿ سطبل كاف قرب الباب وأخذ يضرب بحافتو السفمى الجبلديف يضربوننا كالعادة ولكف أحد الجبلديف اندفع بحمية جاىمية وغؿ شيطان

.. وكاف يصرخ بوحشية.. سـ يضرب بحافة السطؿ رؤوسنا فبل يصيب واحدا إال شجو وجرحو 4 – 3الحادة والتي تبرز عف أرضيتو بحوالي ا لبلصطداـ بالباب نفسو ولو يد كبيرة تبرز واندفعنا إلى باب الميجع نحاوؿ أف ندخمو بسرعة كبيرة فكنا نقذؼ بأنفسنا فيو معرضيف أنفسن

وكنا معرضيف لبلصطداـ بالحائط أو الوقوع في الباب .. سـ فكانت تشكؿ نتوءا حديديا مرعبا يمكف أف يكسر اليد أو يجرح الجسـ(8)مسافة ..جريحا وكاف في الميجع بعد التفقد أكثر مف عشريف .. وقد اصطدمت بالباب الحديدي وجرحت يري.. لسبب ما

المحاكـ الميدانية

التي دبرىا رفعت أسد في غضبة عارمة ( مجزرة تدمر)رىيبة إلى حد كبير، فبعد 26/6/1980كانت نتائج محاولة اغتياؿ حافظ أسد بتاريخ ف عامة، ولعؿ وذىب ضحيتيا مئات المعتقميف، اتخذت إجراءات أخرى صارمة وشديدة الوطأة الجتثاث اإلخواف المسمميف خاصة والمعارضي

والذي نص عمى اعتبار االنتماء إلى اإلخواف المسمميف خيانة عظمى ( 7/7/1980الذي صدر بتاريخ 49القانوف )أشد ىذه اإلجراءات تقريرا عقوبتيا اإلعداـ، وترؾ مدة شير واحد اعتبارا مف تاريخ صدوره ونشره لكؿ مف كاف مف اإلخواف أو لو عبلقة معيـ، ليتقدـ منسحبا ويقدـ

.مفصبل عف ما يعرفو عف التنظيـ، مع عدـ شموؿ ىذه الميمة لممعتقميف

مف قبؿ ومف )ويقاؿ أف المعتقميف قبؿ صدور ىذا القانوف يخضعوف لقوانيف أخرى مثؿ قانوف الطوارئ الكثيفة، التي صدرت عمى المعتقميف .ثبلث محاكـ عمى األقؿ( 49)وشكمت لتنفيذ مضموف القانوف ..( بعد

ممتمئ الجسـ متوسط الطوؿ أسود األسناف كثير التدخيف، وىو يشغؿ إضافة إلى ( سنة 35 –نصيري )برئاسة غازي كنعاف : المحكمة األولى .ذلؾ منصب رئيس فرع المخابرات العسكرية بحمص، وىو قريب لحافظ أسد

ظات، وكاف مقرىا في مركز فرع المخابرات العسكرية بحمص، واختصت محكمتو بمحاكمة المعتقميف في فروع المخابرات العسكرية في المحاف .مدة مف الزمف ثـ انتقمت إلى سجف تدمر

برئاسة ضابط سني كبير وعضوية ضباط آمريف، أحدىـ نصيري وكاف النصيري يتصرؼ بأمور المحكمة كما يحمو لو، وكاف : المحكمة الثانيةسجف المزة العسكري، وتختص بمحاكمة المعتقميف الوارديف إلييا مف فروع المخابرات رئيس المحكمة اسميا فقط، ومقر ىذه المحكمة ىو

.العسكرية المختمفة

سنة نصيري متوسط الطوؿ، نحيؼ الوجو، ضئيؿ الجسـ، معقد الشخصية، ال يدؿ ظاىره ( 32)برئاسة النقيب سميماف حبيب : المحكمة الثالثة .تو ومداوراتو لممعتقميف، ومحاولتو اإليقاع بيـ تكشؼ عما يحممو مف كره شديد لئلخواف المسمميفاليادئ عمى نفسيتو القاسية، ولكف محاورا

( 285)وتختص ىذه المحكمة بمحاكمة المعتقميف الوارديف عف طريؽ مخابرات أمف الدولة، وكاف مقرىا في مركز مخابرات أمف الدولة .رفة قبؿ األخيرة، في الممر إلى اليميف، ثـ انتقؿ مقرىا إلى سجف تدمر العسكريكفرسوسة في بناء المعتقؿ القديـ الطابؽ العموي الغ

نعرفو مف .. خاصة وأنو مييأ لدور جديد ىاـ.. وبدت لو أىمية كبيرة( بعد المجزرة)اشتد اإلصرار عمى معتقؿ تدمر العسكري وزادت الثقة بو كما استحدث لمسجف نظاـ ( ومف واالىـ مف المعارضيف جميعا )اإلخواف المسمميف االسـ الذي أطمؽ عميو، وىو مركز التطيير الوطني لتصفية

وىو التصفية الجسدية والفكرية، وأعطيت األوامر ألجيزة المخابرات وفروعيا .. أشد قسوة وسوءا عف ذي قبؿ، ويتبلءـ مع اليدؼ منو.. جديدرسا ىذا بالنسبة لمفروع ( المحكمة الميدانية)ليـ إلى سجف تدمر العسكري لصالح المختمفة لتجييز المعتقميف لدييا بالتحقيقات البلزمة، وا

العسكرية في المحافظات، أما في دمشؽ فإف المعتقميف الموجوديف لدى جياز المخابرات العسكرية بدمشؽ أو الوارديف إلييا بصورة مف الصورأما جياز مخابرات أمف الدولة فيجمع المعتقميف مف .. جف مزة العسكريأو سبب مف األسباب، يحاكموف لدى المحكمة العسكرية الثانية في س

فروعو في المحافظات، ليعرضوا عمى القاضي العسكري في المركز الرئيسي، معتقؿ كفرسوسة بدمشؽ، ويرسموا إلى سجف تدمر لمتنفيذ ثـ بعد .كمتيـ ىناؾذلؾ تغير األمر وأخذوا يرسموف المعتقميف فورا إلى سجف تدمر إلجراء محا

أفواج المعتقميف األولى إلى سجف تدمر

وقد نظؼ ودىف وىيئ، فكانت أوؿ دفعة وصمت سجف تدمر بتاريخ ( بعد المجزرة)أخذت أفواج المعتقميف تأتي إلى سجف تدمر العسكري معتقؿ مؿء ( 100)ددىا وكاف ع 9/8/1980ودفعة بتاريخ 27/7/1980ثـ دفعة في منتصؼ الشير الكريـ أي ( رمضاف 3) 16/7/1980

باصيف كبيريف جيء بيـ مف مدينة حمب مف سجف المسممية وغيره وصموا إلى سجف تدمر في السابعة صباحا، وتييأ الستقباليـ وتعذيبيـ الء جبلد، ونظـ ليؤ ( 100)باحة االستقباؿ أو التعذيب، وتجمع لتعذيبيـ أكثر مف ( 1)جياز السجف فأخذوىـ ووضعوىـ في الباحة رقـ

المعتقميف المساكيف حفؿ مف العذاب الرىيب، استمر مف الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة والنصؼ مساء، وكاف جميع المعتقميف في ىذه .في الباحة األولى( 6و 5)ثـ وضعوا في الميجع المزدوج .. الدفعة صائميف في تمؾ األياـ المباركة األخيرة مف شير رمضاف

إف خروج ىؤالء المعتقموف مف حفمة ( والذي كاف يتكرر مع مجيء كؿ دفعة مف المعتقميف إلى سجف تدمر)ا اليـو اليائؿ وكاف نتيجة ىذوحتى .. التعذيب مشوىي الوجوه ممزقي الظيور واألرجؿ واأليدي، متورمي الرؤوس مع كسور متبدلة كاممة وكسور في العمود الفقري وغيره

ذه الدفعة ال يستطيعاف الوقوؼ والمشي، بؿ يسير أحدىما عمى يديو ورجميو، ويسير اآلخر محنى الظير بعد عاـ ونصؼ كاف اثناف مف ى( نيار العيد)معتقبل، واستمر تعذيبيـ غالب النيار ( 60)وكاف عدد أفرادىا ( عيد الفطر)وجاءت دفعة صباح العيد بالذات . بشكؿ زاوية حادة

معتقبل كاف ( 70)وكاف تعداد أفرادىا 19/8/1980بدمشؽ إلى سجف تدمر يـو ( كفرسوسة)الدولة وجاءت أوؿ دفعة مف مركز مخابرات أمف عاما مف عمماء حمب، والذي يحفظ القرآف كمو، واألستاذ الميندس رياض جعمور، مف حماة وىو الوحيد ( 45)منيـ الشيخ محمد خير زيتوني

.وىو يحفظ القرآف الكريـ كمو 28/6/1979الذي نجا مف المجموعة التي أعدمت بتاريخ

الشيخ وليد : معتقبل منيـ إماـ مسجد الشيخ فتوح بإدلب( 37)وعدد المعتقميف المنقوليف فييا 30/8/1980جاءت الدفعة الثانية بتاريخ ومدرس في سجف سنة مف دمشؽ حي الميداف، وىو خطيب ( 40)ومنيـ الشيخ أسامة خواشكية . شعباف، وىو مدرس في المدرسة الشرعية

..وغيرىـ.. القمعة بدمشؽ، ومنيـ مدرب الكاراتيو في الكمية الحربية بحمص، محمد مصدؽ طرابمسي

ومف معتقؿ المزة العسكري أخذت تفد دفعات مف المعتقميف ( األحداث)كاف فييا مجموعة مف تبلميذ المدارس 10/9/1980ودفعة بتاريخ .ضاؽ بيـ سجف المزة، فحولوا إلى سجف تدمر العسكريأيضا وىـ الذيف جرت محاكمتيـ ىناؾ و

( 15)مف 29/8/1980دير الزور، ودفعة بتاريخ –مف ثمانية أشخاص منيـ األستاذ أحمد سالـ 22/8/1980ثـ وصمت دفعة بتاريخ ..معتقبل عسكرييف ومدنييف وفمسطيني ولبناني

ولكؿ محافظة موعد تحضر فيو المعتقميف .. عمى مدى خمسة أياـ مف كؿ أسبوعفكانت تأتي الدفعات إلى سجف تدمر .. وتتابعت الدفعاتباحة ( 1)تطؿ عمى الباحة رقـ ( 6و 5و 4)معتقبل، وحيث أف كبل مف المياجع ( 80 – 20)لدييا وكاف عدد المعتقميف في الدفعة ما بيف

فعات يجمسوف طواؿ الوقت وىـ في ىـ وغـ وكرب وعذاب، يستمعوف إلى لذلؾ كاف نزالء ىذه المياجع في أياـ وصوؿ الد( التعذيب)االستقباؿ وىو صراخ المعذبيف وىـ يستغيثوف ويتألموف بأصوات تفطر القموب القاسية، وأصوات الكرابيج والعصي وىي تضرب وتيبد ( النشيد المر)

.ىازئيف يسبوف ويجدفوف/ ية زاجريف آمريف منتشيفوتعوي في لحف مرعب رىيب ال ييدأ وال ينقطع، وأصوات الجبلديف وىـ يصرخوف في وحش

المحاكمات

إف المحاكـ الميدانية التي شكمت كردة فعؿ غاضبة عنيفة عمى نشاط مجاىدي اإلخواف ومحاولة االغتياؿ بشكؿ مباشر تيدؼ إلى أمور بعيدة الثة ضابطاف نصيرياف مف أشد المقربيف مف حافظ أسد، الغور، وأف األشخاص الذيف سموا قضاة لتمؾ المحاكـ ىـ في المحكمتيف األولى والث

ويحمبلف كرىا شديدا لجماعة السنة عامة واإلخواف .. والغاضبيف لو والمتعصبيف لمطائفة، بؿ وكانا يمتيباف حماسا لمدولة الطائفية النصيريةؿ باإلخواف ومف يوالييـ، ولـ يكف في ىاتيف المحكمتيف أف يقوما بالتنكي -تحت اسـ القانوف–خاصة، لذلؾ كاف بديييا وقد أطمقت أيدييما

..العسكريتيف الميدانيتيف أي صورة لممحاكـ المعروفة، إنما تتمثؿ المحكمة كميا في شخص الضابط الطائفي النصيري المتحمس

ة لمناس، فيي قريبة منيـ مع أنيا فعبل ولعؿ المحكمة الثانية التي مقرىا معتقؿ المزة العسكري، ىي الصورة التي أريد ليا أف تبدو طبيعي .تنفذ ما يمؿ عمييا مف أوامر، وتتمو ما يوضع لقضاياىا مف أحكاـ( صورة فقط)

رىيبة ال تكاد تصدؽ وال في الخياؿ وذلؾ بأف يعدـ العشرات والمئات دوريا ( كما ىو متوقع)وعمى ضوء ىذه المعطيات الغريبة كانت النتائج .ولنبدأ القصة منذ أوليا.. وباستمرار رتيب

ففي مقر المحكمة 1980ىػ الموافؽ لشير آب 1399باشرت المحاكـ الميدانية الثبلث أعماليا في محاكمة المعتقميف بعد عيد الفطر لعاـ المحكمة الميدانية لممحاكمة أماـ–العسكرية الميدانية األولى في سجف تدمر، طمبت قوائـ طويمة مف أسماء المعتقميف في سجف تدمر العسكري

واستخرج ىؤالء المعتقميف مف المياجع المغمقة، وأخذوا تحت الضرب الشديد إلى باحة المكاتب حيث غرفة -األولى، لدى العقيد غازي كنعافعة أسئمة عف ليؤخذوا بعد ذلؾ واحدا واحدا إلى غرفة المحكمة فيسأليـ العقيد بض.. المحكمة فأوقفوا في صؼ طويؿ ووجوىيـ إلى الحائط

ال تعرض ( نعـ)االسـ والعمر وعف بعض نواح مف التحقيؽ، ولـ يكف ىناؾ مجاؿ لممعتقؿ لمكبلـ واإلبانة فإف إجابتو يجب أف تكوف دائما، وا .. وجديتو.. وال يعمـ المعتقؿ المسكيف مدى صدؽ ىذا التيديد.. أو تيديد.. ويصرفو القاضي بكممة سباب.. لما ىو أشد مف الموت مف العذاب

.حتى يجد نفسو، مساقا إلى اإلعداـ، في الزاوية الجنوبية الغربية مف سجف تدمر العسكري

وة كاف الجبلدوف المدربوف عمى الجمد والتعذيب وغيره ينقضوف عمى المعتقميف المساكيف الواقفيف بانتظار المحاكمة يضربونيـ ويعذبونيـ بقسوالمسمة إبرة ضخمة مف الحديد مدببة الرأس طوليا ( العصا الغميظة الطويمة، والمسمة –باج الثخيف الكر )ومف أدوات العذاب .. طواؿ الوقت

.مـ تقريبا، يخزوف بيا المعتقميف في آلياتيـ وخواصرىـ ووراء آذانيـ(3)سـ وقطرىا (15)

في المحكمة

ذبو الجبلد ويضربو ويدفعو إلى باب الغرفة، فإذا دخؿ باب عندما يطمب المعتقؿ لمدخوؿ إلى قاعة ما يسمونيا المحكمة في سجف تدمر، يج.. بنعـ)أصـ أبكـ ال يجيب عمى كؿ سؤاؿ إال .. غرفة المحكمة تمقاه جبلد عنيؼ فيضربو بالكرباج عمى أـ رأسو حتى يقؼ أماـ القاضي

ذا دفعو دافع ما أو تحرؾ في نفسو أمؿ بأف ينفي بعض التيـ الفظيعة ا( أنا سيدي.. نعـ لتي دبجت لو في أقبية المخابرات تحت ظروؼ وا غضب عميو القاضي وانتيره وسبو وشتمو وىجـ عميو الجبلد بإشارة مف القاضي، فضربو فإف ثاب .. قاىرة رىيبة فييا العذاب والتحطيـ والرعب

ال أخرج إلى الدوالب وسمؽ بضرب كثيؼ عنيؼ حتى يغمى عميو، فيصبوف عميو الماء وي حتى .. حاورونو فإف عاد عادواإلى اإلذعاف وا ..عند مف ال يضيع عنده حؽ، وال يرضى بظمـ.. ويترؾ األمر لعدالة السماء.. يضطر إلى االعتراؼ بما فعؿ وما لـ يفعؿ، ويسمـ أمره هلل

.. اب عمى كؿ سؤاؿعرؼ بيننا نحف المعتقموف أف التنصؿ مف أي تيمة وردت في التحقيؽ أمر غير ممكف، فقررنا أف نجيب القاضي باإليجكريمة تخمصا مف العذاب، وكنا نقوؿ فميكتبوا ما شاؤوا وليحكموا بما أرادوا، الموت وال العذاب، وكاف بعضيـ يتمثؿ خبلؿ المحاكمة باآلية ال

مف تحقيقيـ وكاف كؿ ىمنا بعد ذلؾ أف ندعو اهلل أف يصرؼ عنا كيدىـ وينقذنا(.. فاقض ما أنت قاض إنما تقضي ىذه الحياة الدنيا)لـ يكف ىناؾ أي أثر إلجراءات : وفي المحاكمة.. واالعتراؼ بو.. وعذابيـ، فكؿ ما يسألوننا عنو أو يتيموننا بو نحف مستعدوف لمموافقة عميو

حكـ معمؿ محتـر ولـ يكف ىناؾ نطؽ بال.. بؿ اعتراؼ واعتراؼ.. المحاكـ المعروفة وطرائقيا، فبل وقائع جريمة وال إثباتات وال شيود وال دفاع (.عرص)بدي أعدمؾ يا : بؿ يتكـر القاضي ببصقة عمى المعتقؿ، مع كممة سباب فاحشة ويقوؿ لو

:ومف أحكاـ ىذه المحكمة

اإلعداـ ويحكـ بو عؿ كؿ مف اعترؼ عمى نفسو أو اعترؼ أحد عميو أنو منظـ في تنظيـ اإلخواف العسكري، وكؿ مف لو عبلقة خدمة – 1 ..المحتـر.. القاضي –يحكـ باإلعداـ أوال وأخيرا عمى كؿ واحد أثارت قضيتو أو شخصيتو أو كبلمو : لتنظيـ، ولعؿ األىـ أنوأو عمؿ بيذا ا

اإلخواف ( بتنظيـ)حيث ال يبمغ القاضي المحكـو شيئا ويبقى الحكـ مجيوال، وىذا الحكـ غالبا لكؿ مف لو عبلقة : الحكـ غير المبمغ – 2أو التصفية الجسدية بالمعاممة السيئة والعذاب الشديد والظروؼ .. وقت ما، ولعؿ ىذا الحكـ إنما ىو اإلعداـ المؤجؿ التنفيذالمسمميف في .البيئية القاتمة

.أـ كتـ معمومات.. سنة لمف كانت لو عبلقة مف قبيؿ التعاطؼ والتستر أو تأدية خدمة لمنظـ( 15)المؤبد والػ – 3

سنة ويحكـ عمى الحدث الذي لو عبلقة بالتنظيـ المسمح باإلعداـ، وينفذ فيو إذا بمغ سف الثامنة ( 18)ات لؤلحداث دوف سنو ( 6)السجف – 4 .عشرة خبلؿ مدة االعتقاؿ

ؿ مف البراءة، وكاف العقيد يصدر حكمو في كثير مف الحاالت بالبراءة إذا لـ يثر مف ناحية، ولعدـ وجود أي تيمة يمكف أف توجو لممعتق – 5يضموف إلى األبرياء اآلخريف الذيف حكموا ظمما بمختمؼ األحكاـ، ويخضع الجميع لبلعتقاؿ مدة .. ومع ذلؾ كاف ىؤالء األبرياء.. ناحية أخرى

.في سجف تدمر الصحراوي.. غير معمومة تحت ظؿ المعاممة السيئة المميتة والعذاب

:مبلحظات

.دقائؽ( 5 – 2)كانت مدة المحاكمة ما بيف – 1

.شخصا ( 60)وكاف مجموع مف أعدـ فييا 19/8/1980أوؿ دفعة سمعت أنيا أخذت لئلعداـ كانت بتاريخ – 2

.. أعماؿ المحكمة الميدانية في سجف المزة العسكري بدمشؽ

توالية مف المعتقميف ضمف صورة وفي مقر المحكمة العسكرية الميدانية الثانية في معتقؿ المزة العسكري بدمشؽ بدأ النشاط لمحاكمة دفعات موالضابط المسؤوؿ عف االستجواب ( وىو شكمي)معينة مف اإلجراءات الصورية، حيث يطمب المعتقموف أوال لبلستجواب مف قبؿ المحكمة

وف بعد ذلؾ إلى يثبت ما يريده، ثـ جمسة الحكـ وفييا يوضع المعتقموف المحاكموف في قفص حديدي، ثـ تقرأ عمييـ األحكاـ ويؤخذ( نصيري) .مياجعيـ

وكانت ىذه المحكمة لدى االستجواب تميف لمبعض القميؿ، فتسجؿ ليـ إنكارىـ وتنصميـ وتثبت ليـ ذلؾ في ضوابطيا وتقسو عمى الباقيف، نكار ما نسب إلييـ مف تيـ وتنصميـ منيا لحكـ مسبقا كما يجري التمميح لمبعض با.. وتعرض عما يقولوف وترفض أف تسجؿ ليـ أقواليـ وا

توضع ليذه المحكمة مف فوؽ، مف قبؿ شخصيف ( األحكاـ ىذه)حتى أصبح معموما لدى المعتقميف ىناؾ بالتجربة ونقبل عف مصادر معينة أف .عمي دوبا رئيس المخابرات العسكرية، وعمى حيدر قائد الوحدات الخاصة: طائفييف كبيريف ىما

.واألدلة واإلثباتات وال دفاع وال غيره مف إجراءات المحاكـ المعروفة ولـ يكف في ىذه المحكمة مناقشة لمتيـ

: وتتكرر في ىذه المحكمة صورة األحكاـ تقريبا فيناؾ مف األحكاـ

ويحكـ بو عمى العسكرييف المواليف لئلخواف، أو المنظميف في اإلخواف وعمى تجار السبلح المورديف لئلخواف، وكانت أحكاـ : اإلعداـ – 1إلعداـ أكثر ما تكوف لمضباط وكاف ىؤالء يتمقوف ىذه األحكاـ بصورة غريبة تدؿ عمى ما يعتمؿ في نفوسيـ مف أألـ وقير، فكانوا يجيروف ا

مة بالتكبير، ويعمنوف لمقاضي ولممحكمة ولممؤل آراءىـ في الدولة والتسمط الطائفي النصيري، والعداوة لمديف، ويتيموف القاضي وىيئة المحكإنما أقتؿ ىاىنا ألني رفضت أف أكوف : ـ أجراء قد باعوا ضمائرىـ وتخموا عف شرفيـ، ومالئوا الباطؿ، فقد قاؿ أحدىـ وىو ضابط طياربأني

نما خائنا لضميري ووطني ولشرفي العسكري ألني رفضت كؿ ىذا الزيؼ والباطؿ والسوء والفساد الذي يعشش في رؤوسكـ ورؤوس أسيادكـ، وا نما أنتـ أييا الجالسوف أمامي عمى كراسي القضاة أجراء ألسيادكـ الظممة، وقد بعتـ . اهللأقتؿ في سبيؿ إف ىذه الدولة كافرة عدوة هلل ولمديف وا

فأعمف باألذاف اهلل أكبر اهلل أكبر وكاف حكـ اإلعداـ ينفذ في زنازيف سجف المزة : وقاـ ضابط آخر.. ضمائركـ في سبيؿ الماؿ والمنصبوىو يدعى )فتعصب عينا المحكـو باإلعداـ ويوضع في زنزانة انفرادية ويدخؿ عميو الجبلد ( لممدنييف ورميا بالرصاص لمعسكرييف)العسكري س . ؿ( 100 – 50)ويقبض الجبلد المبمغ .. مـ فيطمؽ عميو رصاصتيف إحداىما في الرأس وأخرى في القمب( 9)ومعو مسدس ( أبو محمد

..عف كؿ عممية

أو غير المبمغ نفسو ما يجري في المحكمة األولى وىو لؾ مف لو عبلقة بتنظيـ اإلخواف في أي وقت ولـ يثبت لو فعالية : المجيوؿ الحكـ – 2 .أو نشاط

.وكاف كثيرا جدا : سنة( 25)المؤبد واؿ – 3

كوميف بيذيف الحكميف أو األحكاـ األربعة وىو قميؿ وىو عمى الغالب لمف يشؾ في ذنبو وجريرتو وكؿ المح: سنوات( 5)سنوات و ( 10) – 4نما ىـ تجار وعماؿ وميربوف وسائقوف وعسكريوف وغيرىـ( عمميا أو فكريا )ممف ال عبلقة ليـ بتنظيـ اإلخواف قطعيا .وا

.مختمفةوأعدـ عدد منيـ وحكـ الباقوف بأحكاـ ( اليمنييف)عدد كبير مف البعثييف ( خاصة)ومف المحاكميف أماـ ىذه المحكمة

.حكـ البراءة ويحكـ بو عمى عدد محدود مف المعتقميف – 5

وبعد تنفيذ أحكاـ اإلعداـ، في نفس سجف المزة كانت تجرى إحالة المحكوميف الذيف عرضوا عمى المحكمة أو أغمبيـ إلى سجف تدمر العسكري يساؽ ىؤالء بشكؿ مفاجئ إلى سجف تدمر، وكاف شائعا بيف أو ما يسمى مركز التطيير الوطني لتصفية اإلخواف المسمميف و ( سجف الموت)

أف مف يؤخذ إلى سجف تدمر في تمؾ األياـ فقد ذىب ببل عودة، ويعتبر بعد ذلؾ بحكـ ( قضاة وجياز مخابرات وسجانيف وغيرىـ)الجميع نقوليف إلى سجف تدمر كؿ ما يممكوف بشكؿ يسمبوف ىؤالء المعتقميف الم( مف عناصر جياز سجف المزة العسكري)الميت، لذلؾ كاف السجانوف

أو بآخر، ففي إحدى الدفعات وكاف عددىا خمسة عشر شخصا، جاءىـ السجاف فجأة فطمبيـ باألسماء، وطمب منيـ وصوؿ األمانات وكاف ت األمانة منيـ بذلؾ، فأخذت وصوالت أو إشعارا( وصوالت)وأعطوا ( أمانة)لدييـ نقود وأمواؿ أخذت منيـ فوضعت لدى جياز السجف

فيقوؿ الواحد منيـ حتى ألبس ثيابي أو أحمؿ .. بسرعة.. اخرجوا بسرعة: واستخرجيـ الجبلدوف فورا مف الزنزانة الجماعية وىـ يقولوف ليـىـ الزنزانة، حتى إذا خرجوا إلى باحة السجف وأغمقت وراء.. أو بعديف بعديف.. حاجياتي وآتي بساعتي، فيرد عميو السجاف ما في حاجة اتركيا

قيدوا وحمموا في سيارة عسكرية مغمقة، وجيء بيـ إلى سجف تدمر العسكري، حيث أصبحوا في شغؿ عف حاجياتيـ ونقودىـ وساعاتيـ بما ىـ رىاب ورعب .. فيو مف عذاب وا

يا في الثياب أو ما كاف أمانة لدى في عجالة النقؿ في سجف المزة كما بقيت ثيابيـ وكثير مف نقودىـ، سواء ما كاف من( ساعاتيـ)بقيت كؿ س أمانة عند جياز السجف في المزة، إضافة إلى مبمغ .ؿ( 5000)مبمغ ( ع. و. أ)جياز السجف، وكاف لواحد منيـ فقط وىو فمسطيني يدعى

.سكريألؼ لمعتقؿ آخر احتجزت كميا لقمة سائغة لمسجانيف في سجف المزة الع 180ومبمغ .. س وساعة يد وثياب.ؿ( 800)

( أعماؿ المحكمة العسكرية الميدانية الثالثة)

نشط النقيب سميماف لمحاكمة المعتقميف في مكتبو بالطابؽ العموي مف بناء ( 285)في مركز مخابرات أمف الدولة الرئيسي في كفرسوسة الفرع ف مف مختمؼ الفروع وقد زودوا بالتحقيقات البلزمة، وأخذ السجف القديـ، وىو الغرفة قبؿ األخيرة في نياية الممر إلى اليسار، فجمب لو المعتقمو

يطمب ىؤالء المعتقميف واحدا واحدا، وكانت صورة المحكمة أقرب إلى التحقيؽ منيا إلى المحاكمة، فقد كاف النقيب سميماف ( القاضي)النقيب ذا حاوؿ المعتقؿ التنصؿ مف االعترافات يحرص أف يوقع بالمعتقؿ وىو يفترض أف كؿ ما جاء في التحقيؽ أمر مسمـ بو وال يج وز إنكاره، وا

ؿ لو التي أخذت منو باإلكراه وتحت التعذيب الشديد، كاف النقيب يرفض ذلؾ، وييدد المعتقؿ بالعذاب والدوالب، بؿ وبالقتؿ رميا بالرصاص يقو ف الحكـ الذي يحكمو بو بؿ يعيده كما أتى دوف أف يعمـ حتى وقد ينفذ تيديده بإرساؿ المعتقؿ لمعذاب، ولـ يكف يبمغ أي معتقؿ ع( واهلل برشؾ)

.أنو أماـ محكمة

:وكانت األحكاـ عمى ثبلثة أنواع

.لكؿ مف كاف لو عبلقة باإلخواف المسمميف وعمميـ المناىض لنظاـ أسد: اإلعداـ – 1

.أي نشاط أو فاعميةلكؿ مف كاف لو صمة قريبة أو بعيدة باإلخواف المسمميف دوف : الحكـ المجيوؿ – 2

.لمف ليس لو عبلقة بشيء حتى معرفة ولو عنصر أخواني واحد فقط: براءة – 3

ويحاؿ جميع المحاكميف المحكوميف إلى سجف تدمر العسكري لتنفيذ الحكـ وحتى المحكوميف بالبراءة يحالوف إلى سجف تدمر العسكري، حتى المخابرات ليس فيو الرىبة واالحتراـ البلزماف لمحكمة وىكذا انتقمت ىذه المحكمة إلى سجف ولقد رأى النقيب سميماف أف معتقؿ .. إشعار آخر

تدمر العسكري، وصدرت األوامر بنقؿ جميع المعتقميف لدى مخابرات أمف الدولة إلى سجف تدمر العسكري، بعد تزويدىـ بالضوابط البلزمة عمى نفس منواؿ محكمة العقيد في تعذيب 1980ف في سجف تدمر منذ أواخر عاـ لمحاكمتيـ ىناؾ، وبدا النقيب بأعماؿ محاكمة المعتقمي

ىانتيـ واحتقارىـ وسمبيـ .المعتقميف وا

فبل يدري أىمو وال الناس ما يجري لو مف تحقيؽ وعذاب وغيره، وربما يموت .. يبلحظ أف السرية التامة كانت تمؼ المعتقؿ منذ ساعة اعتقالوو ينتظروف عودتو، وال يعمموف مف أمره شيئا، فإذا نقؿ المعتقؿ إلى سجف تدمر انقطعت أخباره تماما وكأنو فارؽ تحت التحقيؽ ويدفف وأىم

.الحياة

وال يجوز أف يعمـ أحد عنيا .. أما المحاكمات ذاتيا التي تتـ في سجف تدمر العسكري مركز التطيير والتصفية فيي سر مف األسرار الغامضةد وعرضيا، وال في أي مكاف وال عما تحكـ بو وال ما تنفذه، إال أخبار يسيرة بيف كبار رجاؿ المخابرات والمسؤوليف، وقد شيئا في طوؿ الببل

.ولكف األصؿ الواقع كاف وال يزاؿ أشد سوءا وشناعة.. أكوف نقمت صورة ما عف ىذه المحاكـ

حقد عمى الصبلة والمصميف 1981حزيراف 20

احا كاف المعتقموف في مياجع سجف تدمر نائميف فالحركة في ذلؾ الوقت ممنوعة حسب نظاـ السجف، وكاف العريؼ في الرابعة والنصؼ صبقد استيقظ في ذلؾ الوقت مف الميؿ يريد أف يضبط حركة المعتقميف وأف يضبط المصميف خاصة فإف لو معيـ حسابا عسيرا، فتسمؿ في " فواز"

خذ يراقب المعتقميف في كؿ ميجع فترة مف الزمف، وكاف يقؼ في مكاف منزو بحيث يراىـ وال يرونو، جنح الظبلـ إلى أسطحة المياجع وأويترقب مف يتحرؾ منيـ، وكاف المعتقموف نائميف وقد اختمطت أجسادىـ وتشابكت أطرافيـ، وكاف بعض المعتقميف يريدوف الذىاب إلى دورة

.ويقوموف إلى دورة المياه المياه لقضاء الحاجة، فيتحينوف الفرصة المناسبة

ولؾ رئيس الميجع، وكرر الصراخ حتى قاـ إليو رئيس الميجع، فأمره أف يخرج مف : ضبط العريؼ تحرؾ ىؤالء فصرخ فجأة بصوت منكرمتصموا : )ة فقاؿدورة المياه مف المعتقميف وأف يعرفيـ ويقدميـ لو في الصباح حيف قدومو مع الزبانية، ثـ سب وشتـ وىدد وتوعد وحدد الجريم

وقبيؿ مجيء الجبلديف في الصباح، كاف في الميجع كمواقؼ إيثار رائعة، فقد طمب رئيس الميجع ثمانية ( الصبح بفرجيكف.. يا عرصاتنفسيـ، وجاء معتقميف ليقدميـ لمعريؼ فواز ليتحمموا العقوبة الرىيبة عف زمبلئيـ، فتقدـ المعتقموف الشباب في رجولة يقدموف إخوانيـ اآلخريف بأ

فخرجوا إليو فانقض عمييـ الجبلدوف ( المي ميصمو)العريؼ مع عدد كبير مف الزبانية وكميـ ممتمؤوف حقدا وغبل، وطمب مف سماىـ المجرميف الرقباء يشتط بدافع مف حقده وأف " فواز"وأخذوا يضربونيـ ويعذبونيـ بوحشية دونيا وحشية وحوش الغاب، وظف بعض المعتقميف أف العريؼ

جرامو، فتجرءوا وشكوا إلى أحد الرقباء ما جرى وما فعؿ العريؼ بؿ سأؿ بعض المعتقميف " فواز"والمسؤوليف اآلخريف ال يقرونو عمى فعمو وا وىـ أرضا، ىؿ الصبلة ممنوعة؟ فثار الحقد األسود في قمب الرقيب وانقض مع الزبانية عمى المعتقميف ىؤالء وأخذوا يضربونيـ حتى ألق: الرقيب

وأخذوا يدوسونيـ ويرفسونيـ بأكعاب أحذيتيـ، ولـ يشتفوا أو يكتفوا فأخذوا نزالء الميجع مجموعة وراء مجموعة يعذبونيـ أشد العذاب، وأخذ ييبد بيا المعتقميف عمى ( كغ10)ويضربونيـ أعنؼ ضرب، وحمؿ الرقيب الفاجر قطعة ضخمة مف اإلسمنت يصؿ وزنيا إلى حوالي

عرؼ المعتقموف الجواب عمى أسئمتيـ، وكاف نتيجة ىذه الحفمة الرىيبة مف العذاب إصابات كثيرة منيا إصابة المعتقؿ .. في وحشيةظيورىـ وىو " أبو أسعد"أبو جميؿ الذي يبمغ مف العمر السبعيف عاما، فقد تحطمت أضبلعو وأصيب ظيره، فحمؿ إلى الميجع حمبل وأصيب المعتقؿ

.رابع مف عمره أصيب بضربة عمى كميتو، فساءت حالو وأخذ يبوؿ الدـ، وارتفعت حرارتو حتى غدا بيف الموت والحياةموظؼ في العقد ال

1981تموز /1/7

منذ اقترب أواف الشير الكريـ رمضاف، ونحف في حيرة وقمؽ لما سوؼ نمقاه مف صعوبات خبلؿ الشير المبارؾ خاصة وأننا كنا مصريف عمى فنحف لسنا مسافريف وال ندري ىؿ نعيش إف أفطرنا حتى نقضي أـ ال، وترقبنا أوؿ يـو مف رمضاف فمما تأكدنا . ت الصعوباتالصياـ ميما كان

منو بواسطة المدافع الرمضانية التي أطمقت في مدينة تدمر تسحر البعض بمقيمات قميمة أو شرب جرعات مف الماء، ونوى الصياـ مضى أواف ر الندي، يرفعو المؤذنوف في مساجد تدمر اهلل أكبر اهلل أكبر اهلل أكبر، أشيد أف ال إلو إال اهلل بالميجة البدوية السحور وسمعنا أذاف الفج

والصوت الحنوف العذب، فيفت القموب إلى طير المسجد ونور المحراب وقدس الصبلة العظيـ، ولكف لـ يجسر أحد أف يرفع رأسو عف وسادتو .ة ألف ىذا حراـ، ممنوع في ظبلـ تدمر وفي نظاـ سجنيا الرىيبأو يقـو إلى الوضوء أو الصبل

النقؿ –الفرز 10/7/1981

قالت ! ىػ ظيرت حركة غريبة في الباحة، األصوات والحركات كانت تنبئنا بأف ىناؾ ماال نعرفو1401في اليـو الثالث مف شير رمضاف قضية نقؿ المعتقميف مف سجف تدمر حقيقة، وتمنينا ذلؾ اليـو الذي نغادر فيو بعض اإلشاعات أف ىناؾ تنقبلت، كاف أممنا جميعا أف تكوف

.ىذا المكاف بأي صورة

..!ولفنا االنتظار والقمؽ والترقب

عبارة عف ثياب )وصؿ إلينا الدور أخيرا، فأمرونا أف نخرج مف الميجع مع أغراضنا الشخصية فقط، فحمؿ كؿ منا ما يممكو مف متاع قميؿ وخرجنا بسرعة، فكؿ األمور تجري بسرعة ىنا، فأخذونا جانبا وخبلؿ وجودنا في الباحة سمعنا ( وممعقة خشبية وصحف وكوب ببلستيكي قميمة،

:ما عرفنا منو أنيـ قسموا ىؤالء إلى ثبلث فئات( قمـ السجف)مف أوامر المساعد ذي الشوارب وىو مسؤوؿ عف

.ومف ال يعرؼ حكم+ المحكوميف بالمؤبد – 1

.سنة 15 –سنوات 10المحكوميف بػ – 2

.سنوات وما دونيا إف وجد 5المحكوميف بػ – 3

.فقط( سب الرئيس)وتجار السبلح، ومنيـ مف حكـ بجريمة ( اليمينييف)وعممنا بعد ذلؾ أف كثيرا مف ىؤالء كانوا مف البعثييف

.2في الباحة رقـ 11 – 10 – 9ووضع ىؤالء في المياجع

.الجبلدوف في ىستريا مف الشراسة والحقد، فيـ ال يفتئوف يصرخوف فينا ويضربوننا بقسوة ويسبوننا بفاحش الكبلـ، وييدوننا أشنع تيديد كاف

وتمنينا أف نفارؽ الجبلديف ولو إلى ضمف جدراف ( ورضينا مف الغنيمة باإلياب)ضاؽ بنا األمر وصعب الحاؿ وضاعت األمنيات واآلماؿ انقض أحدىـ عمى شاب ميندس قصير القامة، نحيؼ الجسـ، وأخذ يضربو بالعصا حتى أنيكو، وقد .. مياجع، أو زنزانة انفراديةميجع مف ال

.تبيف لنا أف رجمو قد كسرت خبلؿ ذلؾ، فحممناه حمبل وسرنا بو مسرعيف وىـ يبلحقوننا بالضرب والسباب

.وكنت مف القسـ األوؿ( 28)جع رقـ وقسـ آخر المي( 27)وىكذا أدخؿ قسـ منا الميجع رقـ

ولدى دخولنا الميجع وجدنا نزالءه يقفوف في صؼ خماسي وسط الميجع بانتظار التفقد الذي أزؼ وقتو والذي يتـ في الساعة الثانية بعد .الظير

.آخر مف العذاب والقسوة والقير( فيمـ)وجرى

لمعتقميف الذيف ال يمكنيـ الخروج لمتفقد الذي يتـ في الباحة أماـ الباب، والذي نخرج فقد كاف يجمس أماـ الصؼ ومقابؿ باب الميجع عدد مف ا .إليو راكضيف وندخؿ راكضيف معرضيف لمضرب والعذاب، مضطريف لمتدافع والتزاحـ

إلى الصؼ واحدا واحدا كانوا مف المرضى المدنفيف والمكسريف والعاجزيف عف السير لعاىة جسدية، فأغاظ جموسيـ ىذا الجبلديف، فجاءوىـ .حتى أعادوىـ جميعا إال ثبلثة تركوىـ بعد أف عذبوىـ، اثناف لـ يقدرا عمى الحركة، وواحد كاف مقطوع الرجؿ مف الفخذ

17/7/1981الفرز الثاني في

ؽ سراح بعض المعتقميف، فقد جاء الفرز الثاني وكأنو بداية انفراج أو تييئة إلطبل( ـ1981 -ىػ 1401)وفي اليـو العاشر مف شير رمضاف اىـ طمب عدد كبير مف المعتقميف وكنا نعرؼ أنيـ أبرياء، فمما طمب إلييـ إنياء عبلقتيـ بمف في الميجع، أممنا اإلفراج عنيـ قريبا، فودعن

توطئة ( 8)لميجع رقـ معتقبل مف المحكوميف بالبراءة فوضعوىـ با( 150)عمى ىذا األساس، عممنا بعد ذلؾ أف جياز السجف جمع حوالي .إلطبلؽ سراحيـ، وعممنا أنيـ يعامموف معاممة حسنة نوعا ما

اج وكاف المتوقع إطبلؽ سراح ىؤالء عمى العيد بعد بضعة عشر يوما، وقد بدا مف جياز السجف كثير مف التجاوز في معاممة المعتقميف، فالكربفقد وقؼ الشرطة جانبا وتركونا نسير في صؼ ( غريبا )نادرا، وكاف التنفس النادر اختفى مف أيدي الشرطة والضرب في التفقد والحماـ أصبح

ثنائي عمى أطراؼ الباحة بؿ تجرأ بعضنا ورفع رأسو وشاىدت ألوؿ مرة مئذنة المسجد القريب في مدينة تدمر، كانت ترتفع شامخة في الفضاء باء وقوة، فمؤلت قمبي م لى الحياة الكريمة، فترحمت عمى العدالة وعمى القوانيف تناطح زرقة السماء في استعبلء وا شاعر الحنيف إلى المساجد وا

.والدساتير واألعراؼ، كيؼ ماتت ودثرت في سوريا الغالية وبقيت صورة ال حقيقة، وكيؼ غابت في تدمر غيابا تاما

والتعذيب كما كاف، فالمعاممة ىنا طبيعتيا السوء والعذاب ومع ذلؾ عادت المعاممة السيئة وظير الكرباج مف جديد، قبؿ العيد وعاد الضرب !والتضييؽ فمف تغادر طبيعتيا

30/7/1981رمضاف شير الخير

ىػ إنو أوؿ رمضاف يمر بنا في سجف تدمر، ولما كانت حياتنا قاسية مرة، وضيقنا كبيرا ومحنتنا شديدة فقد كاف لنا في 1401مف رمضاف 23، فالتجأنا إلى اهلل بالتوبة واإلنابة والخضوع والخشوع والدعاء واالستغاثة واالبتياؿ وقراءة القرآف والذكر في الميؿ رمضاف فرصة كبيرة ومبلذ

.والنيار، في كؿ حيف نسأؿ اهلل مف فضمو وكرمو، ونجد لذلؾ لذة وسعادة وروحانية وأمبل وثقة وفرجا

امنا رغـ العذاب واإلرىاب، ورغـ التقتيؿ ورغـ الموت المحيط بنا مف كؿ جانب، كاف الجبلدوف النصيريوف يشعروف باستغراب كبير مف صي ومعنويا، وغسؿ دماغنا مف كؿ شيء سوى الخوؼ )رغـ النظاـ الرىيب الذي يطبقونو عمينا ذاللنا ماديا بقصد تحطيمنا فكريا وجسميا وا

..!فبل يزاؿ في النفس عزيمة لمصياـ( والجوع واأللـ

: ويأتييـ الجواب باإليجاب.. العساكر الجبلدوف مف ذوي المرامي البعيدة يسألوف المعتقميف في مختمؼ المياجع، صائميف ولؾ كبلب؟لذا كاف ..نعـ: ؟ .. كمكـ ولؾ حقراء: نعـ، ويعودوف لمسؤاؿ فيـ ال يصدقوف

نور اليقيف في قموب ىؤالء المعتقميف المعذبيف لياليـ ويحيرىـ األمر فيجدفوف ويسبوف ويفحشوف، ولو عرفوا صدؽ التوبة وعظمة اإليماف و األمر وأجفميـ وأرعبيـ وأخذ بمجامع عقوليـ ىذا إف كاف ليـ عقوؿ؟

: فكأف لساف حاليـ يقوؿ لنا مستيزئا ( جوع وعطش)كانوا يرونو أمرا بسيطا ليس لو قيمة ( كالصبلة)لـ يكف الصـو يثير حقد النصرييف ..!(.كبلب فجوعوا واعطشوا يا)

الكثافة ومشاكميا

معتقبل، كما اشتدت الكثافة في كؿ مياجع السجف، فقد كنا نسمع ( 143)اشتدت الكثافة في ميجعنا وأصبح عددنا فيو .. 1981آب 5ىذا الميجع، قديش عنؾ ولؾ؟ أي كـ عدد المعتقميف في : صوت رؤساء المياجع اآلخريف خبلؿ التفقد حيف يسأليـ الرقيب السؤاؿ التقميدي

.كذا وكذا يا سيدي الرقيب: فيجيبو رئيس الميجع

.فقط( 2سـ350)وظيرت مشاكؿ كثيرة وصعوبات جمة نتيجة ىذه الكثافة، فقد تضاءلت حصة الفرد مف أرضية الميجع

صباحا دوف أي حركة أو وحيث أنا مجبروف حسب نظاـ السجف الذي يفرض عمينا أف نناـ مف الساعة السادسة مساء وحتى الساعة السادسةقياـ، فقد كنا نظؿ مضجعيف ىذه الفترة متبلصقيف متدافعيف عمى أرض الميجع التي ضاقت عمى مف فييا أشد الضيؽ، حتى كنا نعاني مف

ال بشكؿ محدد مزعجات ىذه النومة أكثر مما نرتاح، وكاف ليذه النومة سمبيات وأخطار أخرى منيا عدـ إمكانية استعماؿ المنافع والمراحيض إ .ساعة ىذه، فالنظاـ المفروض يمنع أف ال يتواجد في المنافع أكثر مف شخص واحد ال غير خبلؿ فترة النـو ىذه( 12)خبلؿ مدة الػ

ولـ يكف إال لمتضييؽ عمى المعتقميف واإلعنات عمييـ، وقيؿ أف ىذا اإلجراء لو أصؿ في نظاـ السجف سابقا، حينما كاف يستعمؿ كسجف سكرييف الناشزيف عمى أنظمة الجيش والمرتكبيف لمختمؼ المخالفات والجرائـ، وأنو كاف يقصد بو منع المواطة بيف أولئؾ المساجيف حيث لمع

.البيئة الفاسدة

والتقى، ولكف عمى فرض ذلؾ فأي مبرر ليذا اإلجراء في بيئة المعتقميف ىذه التي تسيطر عمييا األخبلؽ الفاضمة ويعمرىا الصبلح والعفاؼ ومف أخطار ىذه النومة اإلجبارية تيسير سبؿ العدوى باألمراض المختمفة وخاصة مرض الجرب العيف، حيث تكوف األجساد متبلصقة متدافعة

.فينتقؿ مرض الجرب مف شخص إلى آخر حتما

ات الطعاـ مثؿ الممعقة والكوب والصحف، وكاف ومف مشاكؿ الكثافة أيضا أنو أصبح مف العسير عمينا أف نغسؿ ثيابنا وأيدينا ووجوىنا أو أدو أصعب شيء قضاء الحاجة، وخاصة مع وجود حاالت اإلسياؿ الشديدة المتكاثرة، إضافة إلى أف أحد المرحاضيف ضيؽ الفتحة كثير االنسداد

.إال في حاالت الضرورة القصوى والتعطؿ، مما أوجب عمينا ضبط نظاـ دقيؽ لكافة استعماالت المنافع ودور منظـ وال يتجاوز ىذا النظاـ

مشكمة محرجة

كاف لؤلخ أبو جميؿ مشكمة محرجة، كنت مف القبلئؿ الذيف يعمموف خفاياىا، كاف مصابا بفتاؽ كبير في أسفؿ البطف، وقد صنعت لو حزاما فبل يستطيع االنتظار، وقد يكوف اصطؼ ( قضاء الحاجة)خاصا في فترة سابقة، كاف يؤلمو كثيرا وكاف أشد ما يؤلمو حيف يكوف بحاجة إلى

.قبؿ عمى دور المراحيض عدد كبير

معي : )لذا سمح لو بتجاوز الدور ودخوؿ المراحيض حيف الحاجة، فكاف يجاوب مف يعترضو وىو يتجاوز الدور أف يسألو عف السبب فيقوؿ .فكاف ال يفوت النكتة رغـ ما فييا مف مبلبسات( فرماف مراحيض

فوقع النقص في الطعاـ حتى أف الفطور والعشاء كانا مف ( حسب الحاجة)لكثافة أف الطعاـ لـ يزد عندما زاد عدد المعتقميف ومف مشاكؿ ا .القمة، بحيث غدوا رمزييف فقط

دفعات المعتقميف تتوالى إلى سجف تدمر

.تي عدة مرات في األسبوع دوف انقطاعدفعات المعتقميف القادميف إلى سجف تدمر يتمو بعضيا بعضا، فيي تأ.. 1981مف آب 11

وحفبلت عذاب االستقباؿ الرىيبة تنظـ ليـ فورا، والعذاب في ىذه األياـ أقسى وأعنؼ وأرىب، ويبدو أف جياز الجمد والعذاب في سجف تدمر .ويزداد جبلدوه مع األياـ قسوة وعنفا .. يكتسب مع الوقت والزمف خبرة وتفننا

الدفعة القادمة مف المعتقميف ويأخذىـ إلى باحة االستقباؿ، ويعرييـ مف ثيابيـ ثـ يعذبيـ العذاب الشديد بالكرباج كاف جياز السجف يتسمـرىابيـ في كؿ حيف، وبعد ثبلث ة والدوالب والعصا بعنؼ وقسوة، وبعد نياية حفؿ التحطيـ يودعونيـ في غرفة الورشة ويثابروف عمى تعذيبيـ وا

في ( بعد ثبلثة أياـ مف االستقباؿ ىذا)معتقميف لكؿ ميجع تقريبا، وكنا نجد ىؤالء القادميف الجدد ( 10)ياجع بمعدؿ أياـ يوزعونيـ عمى الممثؿ حالة فظيعة مف اإلنياؾ والتشويو والسوء، ولدى سؤاليـ عما رأوه في الورشة، رووا لنا أنيـ رأوا ىناؾ أكياسا صغيرة فييا أغراض يسيرة

..ىاألبسة داخمية وغير

إنيا تخص الشيداء الذيف يمضوف إلى ربيـ في خفاء سجف .. ولـ يعرفوا لوجود ىذه األغراض معنى في ذلؾ المكاف؟ فأنبأىـ بما خفي عنيـ .تدمر

أمراض وعبلجات

ي حدثت حاالت مف المرض، كاف أصعبيا حصر بوؿ أصيب بيا أخ محاـ مف مدينة البلذقية ف( 34)في الميجع .. 1981مف آب 17األربعيف مف العمر، واشتد عميو المرض حتى خشي عمى حياتو، فقرر رئيس الميجع وبعض األخوة المخاطرة بنقؿ الموضوع إلى جياز

فأفمحت .. فقرع رئيس الميجع الباب الحديدي، ولما حضر الحرس الموجود عمى السطح أخبره عف الحالة الخطيرة -وليكف ما يكوف–السجف ولكف المشكمة لـ تنتو، .. وشاىد المريض وأجرى لو عممية التمييؿ حتى أفرغ ما في مثانتو" أبو بساـ"ى وحضر الممرض المساعي لممرة األول

.ثانية وميمو" أبو بساـ"فقد اشتد المرض عمى األخ مف جديد في اليـو التالي، فحضر

وانشغؿ الناس في الميجع بحاؿ .. حرس واإلببلغ عف الحالةوعادت المشكمة تمح في اليـو الثالث، ومنع الزبانية الممرض رغـ طمبو مف الوكاف في الميجع عدد مف األطباء المختصيف، ولكف لـ يكف لدييـ مف الوسائؿ .. أخييـ المريض وارتفعت األكؼ الطاىرة تدعو اهلل لو

.واإلمكانيات ما يستطيعوف معو تقديـ أي عوف لممريض المشرؼ عمى اليبلؾ

فتمكف مف أف يصنع ميبل مف شريط الصؽ مستعمؿ انتزعو مف عمبو الكرتوف .. محة أوحت ألحدىـ بالمحاولة إليجاد حؿ ماولكف الضرورة المالتي كانت تحوي بعض الصابوف، ومف ثـ أجرى عممية التمييؿ لؤلخ المريض المخطر، ونجحت العممية ونجا المريض مف موت محقؽ

..ومرات وأعيدت العممية مرات.. بالتسمـ الدموي

وكانت ىناؾ حاالت نخر أسناف والتياب جذور األسناف وتقيحيا، فأجرى أحد أطباء األسناف المعتقميف عمميات قمع الضرس بما تيسر مف .خيوط النايموف

السارقوف يختمفوف عمى الغنيمة

ليرة 2مو بالتيديد والوعيد والسباب، ثـ ليرات سورية لكؿ معتقؿ أو ما يمكف تحصي 10( السخرة الشيرية)استمرت جباية 1981آب 20 .وأخذ الرقباء يتسابقوف في جبايتيا( سخرة عادية)سورية لكؿ معتقؿ أيضا

ليرة سورية، فاضطر ( 250)أحمد فطمب مبمغ السخرة الشيرية مف عدد مف المياجع، وقدـ لو رئيس ميجعنا مبمغ ( أبو جيؿ)جاء المساعد ليرة سورية، فأخذىا المساعد ومضى وجاء رقيب آخر يطمب السخرة الشيرية ولـ ( 400)ر حتى بمغ المجموع رئيس الميجع إلى جمع مبمغ آخ

.يقتنع إال بصعوبة أننا قد دفعناىا لغيره

فترة ىدوء

تقميف، فظيرت توافؽ موضوع التطاحف عمى السرقة بيف الرقباء مع وقت أرادت فيو السمطة أف تخفؼ مف إجراءات التعذيب والتنكيؿ عمى المعفجمعوا عند مدير السجف وتحدث إلييـ الرائد المجـر فيصؿ غانـ مدير السجف ( وىـ مف المعتقميف)فقد طمب رؤساء المياجع .. إجراءات جديدة

أليـ إف وس.. و.. و.. فأعمف ليـ أف الضرب ممنوع، وأف السخرة الشيرية ممنوعة منذ اآلف، وأف أجرة الحبلقة قد خفضت( وقائد سجف الموت)كاف ليـ أي طمب، فتجاسر أحدىـ وطمب بطانيات ألف عدد البطانيات قميؿ جدا في الميجع وال يفي بالحاجة، فوعده بتأميف طمبو وكذا تشجع

.وعاد رئيس ميجعنا يعمف ما جرى. آخروف وطمبوا نفس الطمب مع طمبات مثؿ زيادة كمية الطعاـ

.أف يكونوا رحماء منصفيف، فبل بد أف وراء ذلؾ غايات أخرىولـ يصدؽ أحد أف زبانية سجف تدمر يمكف

، ويظير الحرص عمى نقود المعتقميف، فطمب منا أف ال ندفع نقودا ألحد إال أف نراه، ونعرؼ مف ىو، (يثبت مواقؼ" )عمي دوبا"وجاء الرقيب ثـ أمر رئيس الميجع أف يفتح .. ش، وتتأكدوا منو، بمغونيإذا أخذ منكـ أي واحد مصاري بدوف ما تعرفوا لي: وقاؿ.. وألي شيء ندفع النقود

..عينيو وينظر مف يأخذ منو النقود، وأف يفتح عينيو حتى خبلؿ التفقد والحبلقة وغيرىما

أتعود إلينا قيمتنا كبشر، ولو في المعاممة؟: وأثارت ىذه األمور فينا كثيرا مف الذكريات واآلالـ، وتساءلنا

..تحيبل في تدمركاف ىذا األمر مس

.وتوقعنا افراجات قريبة وربطيا بعضيـ بالمناسبة، وكانت أقرب مناسبة ىي عيد األضحى

الزيارات

بدأت تأتي لعدد مف المعتقميف زيارات ولكف بعدد قميؿ ومحدود، فقد جاء لحوالي سبعة معتقميف مف ميجعنا زيارات، 1981مف آب 23في ثياب والنقود، ولكف الزيارة كانت غريبة في صورتيا، كاف المعتقؿ يؤمر بأف يمبس أحسف ثيابو، ثـ يؤخذ ويوصى وجاء أىموىـ ومعيـ المآكؿ وال

نيو بعدـ الكبلـ عف أي شيء مف أمور السجف أو المعتقميف فإذا وصموا بو إلى الغرفة التي تتـ فييا الزيارة، أمروه بأف يرفع رأسو ويفتح عي ..حفوظ الكرامةويدخؿ وكأنو إنساف طبيعي، م

فإذا جاء يسمـ عمى أىمو وقفوا معيـ ال يتركوف ىمسة تبدر مف أحدىـ إال وعوىا، ويمنعوف كؿ كبلـ غير السبلمات والسؤاؿ عف الصحة .واألىؿ واألوالد

أف ينالوه خبلؿ الطريؽ وخبلؿ دقائؽ تنتيي الزيارة التي قد تكوف مف بعد سجف طويؿ، سنة أو سنتيف ذليبل مطرقا والجبلدوف ال ينسوف .بالضرب واإلىانة بعد أف يكوف الرقيب قد نبش األغراض وسمح، ومنع

ومع ذلؾ فإف الرقيب والزبانية ! ولو عرؼ األىؿ القضية لما أحضروا الخضار.. عندىـ كثير: وكاف الزبانية يمنعوف الخضار، ويقولوف لؤلىؿيحمميا المعتقؿ، فرماىا منو ( جبسة)وقد انقض الرقيب أماـ بصرنا عمى بطيخة ضخمة ال يتركوف ىذه األشياء دوف تمويثيا أو تشويييا،

..أرضا ورفسيا حتى تناثرت قطعا

..وقد توقفت الزيارات بعد فترة اليدوء فما عادت أبدا

عيد األضحى المبارؾ

ونحف جامدوف في جمستنا اليومية ندعو اهلل ونسألو، . ر هلليـو كسائر األياـ، الباب مغمؽ، الطعاـ والمحنة قاسية واألم 1981مف آب 28يـو ونستغيث بو، كنت أحتفظ بتفاحة صغيرة ىي حصة أياـ وفرتيا بالجيد لمعيد، فقمت أقسميا وأوزعيا فحظيت بالرضى واإلعجاب، حتى تساءؿ

ا وتمنينا العيد القادـ في عرفات إف شاء اهلل قمت رزؽ ساقو اهلل، وأكؿ منو بضعة عشر إنسانا، عايدنا بعضن.. بعضيـ مف أيف لؾ ىذا؟العيد القادـ وىؤالء الجبلديف بيكونوا ىـ السجناء إف شاء : )واإلسبلـ قد انتصر والكفر قد انخذؿ، وقد فرج اهلل عف سجناء تدمر، وقاؿ بعضيـ

(.اهلل

د، وىجـ الجبلدوف بشراسة وحقد يضربوننا وبعذبوننا، وضربوا ظير الكرباج الرىيب في الباحة مف جدي( 1981أيموؿ 2)في اليـو الثالث لمعيد بعد رئيس الميجع وأمروه بإغماض عينيو في اليـو التالي وخبلؿ التفقد أيضا ىجـ نفر مف الجبلديف عمينا يضربوننا خبلؿ الدخوؿ إلى الميجع

.انتياء التفقد، واشتدت شراسة الجبلديف في ضربنا

..!احمر يا جبس: يحممو بيده، فأخذ يضربني بو عمى رأسي والدـ بتفجر بيف يديو وىو يصرخ ىازئا وىجـ عمي جبلد بحجر كاف

كاف الجبلدوف يضربوننا بعنؼ ( اهلل أكبر والنصر لمشرطة العسكرية: )وأماـ مشاىد المتألميف والصارخيف والمصابيف صرخ أحد الجبلديف .ببا وتأوؿ بعضيـ أف مدير السجف قد حمـ ورأى مناما سيئا ودموية وقسوة مرعبة، ولـ ندر ليذه األفاعيؿ س

.وذىبت آماؿ اإلفراج مع الرياح.. ولكف آخريف أكدوا أنو البد أف أمورا تحدث في الخارج

التنفس

نفس لمسجناء في يـو توقؼ التنفس أو كاد، فبل يوجد لدينا تنفس ىذه األياـ، ونادرا ما يفطف جياز السجف إلى إجراء ت 1981أيموؿ 3في الجمعة، حيث تأتي دورية مؤلفة مف رقيب وعدد مف العساكر وتخرج نزالء المياجع ميجعا وراء اآلخر بالتسمسؿ فيخرجوف نزالء الميجع مع

صرؼ دقيقة، وخبلؿ ذلؾ يت 20 – 15أغراضيـ حيث يضعونيا في الباحة أو يمدونيا ويجمسوف عمييا متقاربيف، ويستمر ىذا التنفس مف تنفس الرقيب والعساكر كما يحمو ليـ، فيضربوف المعتقميف ويعذبونيـ بدوف أي ضابط، ويبدو أف أكثر مف دورية تقـو بعممية إخراج المعتقميف لم

.في السجف

يا، ويقمب وكانت ىذه ىي الفرصة الوحيدة التي نخرج فييا لميواء الطمؽ والشمس، ولكف الرعب مف العذاب الذي ينتظرنا كاف يييمف عمي .كما سماىا المعتقموف( قطع النفس)مفعوليا، فتصبح بدؿ التنفس

األمراض

كانت األمراض بمختمؼ أنواعيا ما عرفنا وما لـ نعرؼ تغزونا بكثرة وشدة، وكاف منيا مرض اإلسياؿ والكريب، 1981أيموؿ 22والدسؾ والجرب والقمؿ والفتاؽ، والتيابات الكمى ( الروماتيـز)بات المفصمية التياب المثة، التياب األسناف، والتياب الظفر، االلتيا: وااللتيابات

وغيره، وكاف األطباء يبلحظوف عبلئـ سوء التغذية وفقر الدـ عمى جميع المعتقميف، وقد سقط نتيجة .. والمجاري البولية وسوء التغذية وفقر الدـة واإلقياء، وكاف مرض الجرب ال يزاؿ منتشرا بشكؿ واسع، ولكف أعراضو في ىذا المرض بعض األخوة مدنفيف، وظيرت لدييـ أعراض الدوخ

.ىذا الحيف كانت خفيفة نوعا ما

( الشراقة)الممرض يمر بالمياجع برفقة عناصر مف جياز السجف أسبوعيا تقريبا، فيقؼ أماـ باب الميجع المغمؽ، ومف خبلؿ النافذة الصغيرة ؟..كاـ واحد عندؾ إسياؿ ولؾ: س الميجعيسأؿ رئي: كما يدعونيا ىناؾ

فترتفع .. ميف معو إسياؿ يرفع إيدو: فيمتفت رئيس الميجع إلى نزالء الميجع الذيف يكونوف واقفيف باستعداد في أماكنيـ دوف حركة ويصرخ .واحد سيدي( 35)مرة بعد مرة، ويقوؿ .. األيدي ويعد األيدي ويستعجمو الممرض

– 22 – 21ويحاوؿ رئيس الميجع ضبط العدد ( ولؾ بسرعة)؟ ويستحثو بسرعة (أي التياب لثة)كاـ واحد لثة : دفيسألو الممرض مف جديكاـ : ثـ يسألو( المثة النازفة)واحد سيدي، وكاف منتشرا بشكؿ كبير بيف المعتقميف وخاصة ( 26)فيشدد عميو بالسرعة ليبادر إلى القوؿ 25

(.أي التياب أسناف)واحد سنية؟

وىكذا يبادر رئيس الميجع إلى الجواب، يقدر العدد وينطؽ بالجواب فورا، وىكذا يدور الممرض عمى المياجع فإذا انتيى ذىب ثـ عاد بعد ساعتيف أو ثبلث يقذؼ مف النافذة الصغيرة في باب الميجع بمفافات ورؽ صغيرة مكتوب عمييا سنية أو معدة أو روماتيـز أو غيره مف

.الشفاء مف اهلل: تح المفافة فنجد فييا بضع حبات كنا نأخذىا وكأنيا لمتسمية أو لمضحؾ عمى الذقوف، ونقوؿاألمراض، ونف

نقضوا ولقد كاف عدد المرضى كبيرا فعبل ولـ يكف ىذا عبلجا بأي معنى، ومع ذلؾ حسدنا زبانية السجف عمى ىذه المعالجة واستكثروىا عمينا فا ..كذا وكذا.. يا.. سنية كمب( 40)لثة ( 30)إسياؿ : يـ ويعذبونيـ ويقولوف حانقيفعمى رؤساء المياجع يضربون

:أرقاـ كالتالي( ميكرو)وىكذا انكمش رئيس الميجع وبدأ يعطي

..ال يوجد ال يوجد.. ، أسناف(1)معدة ( 2)، روماتيـز (2)، لثة (3)إسياؿ

.عالجة المرضى بأنفسيـ، يجرحوف ويداووف وال حاجة لطبيب وال لممرضومع ذلؾ لـ يكتؼ زبانية السجف بيذا، بؿ أنيـ تولوا م

يطوفوف عمى المياجع ومعيـ الكرابيج حيث يطمبوف المرضى ( المقمب حيو)وبالفعؿ أخذ الرقيب فواز مع نفر مف الزبانية أبرزىـ الجبلد سمير .شبؾ، شو ميجعؾ: ويحققوف معيـ بدؿ المعاينة أو الكشؼ الطبي

عمتكذب ولؾ حقير، ويضربو أو يرفسو فيتمنى المريض مف العبلج السبلمة، وىكذا تضاءؿ عدد المرضى ثـ انقطع : لممريض( حيو)ويقوؿ .العبلج تماما، وغاب الممرض فمـ نره بعدىا

المحاكمات تعود وتشتد 5/10/1981

وعرفنا مف وقت الطمب وطريقتو .. عة السابعة والنصؼ صباحا طمب عدد كبير مف المعتقميف وقرأت األسماء عمى أبواب المياجع في السا... .ومف تصريح العساكر أنيـ مطموبوف إلى المحكمة، وكنا قد سمعنا مف قبؿ عف المحاكمات وما يجري فييا

اخ الجبلديف وجمع المطموبوف لممحكمة مف مختمؼ المياجع ومضوا بيـ، وكنا نسمع صر " لممحاكمة"معتقبل ( 25)خرج مف ميجعنا حوالي ريف ولـ ونيرىـ وىبدات الكرابيج عمى أولئؾ األخوة، فأخذنا ندعو ليـ أف يرد اهلل عنيـ كيد الظالميف المجرميف وينقذىـ مف ىؤالء القضاة الفاج

.يكف أي واحد مف المعتقميف يأمؿ أف ينصؼ أو يجد عدالة لدى ىذه المحاكـ الصورية

ف ك اف كؿ ىؤالء الذاىبيف سوؼ يعودوف إلى ىنا وسيبقوف في السجف سواء منيـ المحكوموف باإلعداـ بالبراءة كنا نعمـ مسبقا ما يجري فييا وا .وما بينيـ

الظمـ وأننا سوؼ نبقى لمعذاب والتحطيـ والتصفية في سجف الموت ىذا، ولف ينجو إال الذاىبوف إلى اإلعداـ، فيؤالء يفوزوف بالنجاة تماما مف .ونغبط مف فاز بالشيادة وىو يحمؿ السبلح مقاتبل ىؤالء الظالميف المجرميف ونتحسر عمى أننا لـ ننؿ مثؿ ىذا اإلكراـومف عظيمة النجاة،

، وكنا قد احتفظنا ببعض الطعاـ طاؿ غياب الذاىبيف إلى المحاكمة فمـ يعودوا حتى الساعة التاسعة ليبل حتى آيسنا مف رجوعيـ إلينا ىذا اليـويعودوا جائعيف وقد رأى بعض األخوة أنو البد أف يكونوا أعطوا شيئا مف الطعاـ خبلؿ ىذه المدة وأنو ال لزـو لبلحتفاظ بأي تحسبا مف أف

ذا ىـ جائعوف لـ يذوقوا أي طعاـ من ذ طعاـ فتصرفوا بشيء مف الطعاـ وبقي القميؿ منيـ، وجيء بيـ فجأة، فإذا بيـ يسارعوف إلى المرافؽ وا ..الصباح

أخذنا تحت الضرب إلى باحة المكاتب ونحف منكسو الرؤوس حسب العادة، وىناؾ في طرؼ تمؾ : ني بعضيـ عما جرى معيـ فقاؿوحدثالباحة وجدنا عددا كبيرا مف المعتقميف قد جيء بيـ قبمنا، كانوا يجمسوف عمى األرض منكسي الرؤوس جميعا دوف أي حركة أو صوت،

معتقؿ وكاف عدد كبير مف الجبلديف يطوفوف حولنا ( 300)آخريف حتى تجمع عدد كبير يقدر بحوالي فضمونا إلييـ ثـ جيء بآخريف و و ويضربوننا، وبدأت المحاكمات في التاسعة فأخذوا ينادوف عمى اسـ المعتقؿ فيقـو إلييـ فيضربونو بالكرباج ويصرخوف فيو ويسبونو ويقودون

يؼ معو كرباج ثقيؿ فيضربو عمى أـ رأسو ويدخمو عمى القاضي، حيث يسألو بضعة أسئمة ثـ إلى غرفة المحكمة ويتمقاه عمى الباب جبلد عن .يطرده فيخرجو الجبلدوف ويضربونو ويعيدونو إلى مكانو

ال توقفت المحاكمات في الساعة الواحدة والنصؼ لمغداء، حيث يتغدى القاضي عمى ما يبدو، وعاد إلى العمؿ في الساعة الرابعة تقريبا ونحفنزاؿ جموسا في أماكننا دوف أي حركة تحت حر الشمس البلىبة، وقد تجمدت أطرافنا وتجمدت مفاصمنا وتصمبت رقابنا فكانت ىذه الجمسة مف

.أشد العذاب عمينا

اب إلى الخبلء كاف كثير منا متضايقيف يريدوف الخروج إلى الخبلء، وقد تجاسر أحد األخوة المعتقميف فرفع يده وطمب أف يسمح لو بالذىفرفض طمبو وسبو الجبلدوف وشتموه وضربوه، وتجرأ آخروف وقد ضاؽ بيـ الحاؿ وصعب عمييـ الصبر فرفعوا أيدييـ وطمبوا أف يسمح ليـ

.لقضاء الحاجة فرفض طمبيـ وانقض بعض الجبلديف عمييـ يضربونيـ ويسبونيـ( المرحاض)بالذىاب إلى الخبلء

كاف في أشد الضيؽ وىو مصاب باإلسياؿ الشديد، فمـ يتمالؾ خبلؿ وجوده في المحكمة فتبرز في ثيابو ولوث وطمب أحد األخوة لممحكمة و حينذاؾ اضطر الزبانية .. قاعة المحكمة، فثار عميو القاضي والجبلدوف وانيالوا عميو ضربا وأخرجوه مف قاعة المحكمة حيث أخذ إلى مكاف ما

شخصا والواقع أف الكؿ متضايقوف فأوقفوىـ في ( 50)دوف أخذ المتضايقيف إلى المراحيض فقاـ عدد بسيط لمعالجة الوضع، فأظيروا أنيـ يري

صؼ طويؿ، وأخذ عدد مف الجبلديف يضربونيـ في حمية وحقد، ومف أسعده الحظ بدخوؿ المرحاض متحمبل أذاىـ قبؿ الدخوؿ وبعده منعوه .ورد قسـ مف ىؤالء الواقفيف دوف أف يسمح ليـ بدخوؿ المراحيض.. عد دقيقة واحدة فقطأف يقضي حاجتو مستريحا وأجبروه عمى الخروج ب

ىانة جعمني أصبر وأحتمؿ، مفضبل آالمي عمى أذاىـ وبغييـ، يقوؿ: قاؿ محدثي وبقينا : وكنت في أشد الضيؽ ولكف ما رأيت مف عذاب وا .تى رجعنا ومع ذلؾ فإف كثيريف لـ يحاكموا أيضا ونحف منيـكذلؾ في مثؿ ىذا الحاؿ دوف أي راحة ودوف أي طعاـ أو شراب ح

16/10/1981

500 – 300أياـ حوكـ خبلليا ما يقرب مف 5 – 3وقد أخذ عدد آخر مف المعتقميف في اليـو التالي لممحاكمة، واستمرت المحاكمات ما بيف .معتقؿ، وأخذ ىؤالء األخوة فحوكموا أيضا

في المحكمة

( 38)لممحكمة وذىب في اليـو األوؿ والثاني، األخ صالح بكور وىو معمـ في بمدتو معرة مصريف القريبة مف إدلب عمره كاف ممف طمب .سنة، متوسط الطوؿ، ترى فيو صورة كاممة لؤلدب واألخبلؽ الطيبة والمطؼ، فتشعر نحوه بالحب والود

رأينا األخ صالح وىو في حالة إنياؾ شديد، يسير بصعوبة مستندا إلى بعض ولما عاد األخوة في اليـو الثاني مف المحاكمة، ولدى وصوليـ األخوة، وىكذا اضطجع األخ في ناحية وجئت مع بعض األخوة نريد أف نطمئف عميو ونساعده ونرى ما بو، فمما حاولنا لمسو نيانا وىو يئف

ه الجبلدوف فضربوه وعذبوه، فمـ يشفنا ذلؾ ولما تحسنت حاؿ األخ صالح أخذ: ويتألـ، مما أوقعنا في حيرة كبيرة سألنا مف معو عما بو؟ فقالواحيف دخمت إلى المحكمة وجدت القاضي كاف غاضبا يشدد في األسئمة ويسب ويشتـ وقد زاد في ثورتو ما في : حدثني عف ما جرى معو، قاؿ

باب وأعادني الجبلدوف إلى مكاني في الباحة مع وبعد بضعة أسئمة طردني مف المحكمة مع بعض ألفاظ الس.. تقرير المخابرات عني/ الجالسيف، ولـ يمض وقت طويؿ حتى جاءني أحد زبانية السجف، وأنا مثؿ غيري مطرؽ إلى األرض ممنوع مف الحركة أو النظر أو الكبلـ

فسرت .. امش وراي.. يجعؾقـو حتى آخذؾ عمى م: قاؿ( 27)مف ميجع : أنت مف أي ميجع؟ قمت: قاؿ. نعـ: أنت تحاكمت؟ قمت: فسألنيكاف يقؼ ( 5)وعند الباب الواصؿ إلى الباحة رقـ ( 3)وراءه، أفتح عيني قميبل حتى أبصر مواطئ قدمي إلى أف وصمنا إلى نياية الباحة رقـ

يفما اتفؽ، وكاف فأوقفني ىناؾ، وأخذ كرباجا ثقيبل وانقض عمي يضربني بقسوة عمى مختمؼ أنحاء جسمي ك.. عدد مف العساكر الجبلديفاضربوا عمى راسو، وكاف يفعؿ ويضربني عمى رأسي ووجيي واستمر يضربني بشراسة : أولئؾ الجبلدوف ييزأوف ويضحكوف، ويوجيونو قائميف

قا وحقد واندفاع مدة طويمة، ال يكؿ، وقد بمغ مني األلـ واإلنياؾ مداه، وىو ماض في ضربي حتى جاء جبلد آخر، فنيره وأوقفو، ليس إشفاأما ما حدث لي فيذا شيء ال قيمة لو، فبل قيمة ( 3)عمي وال رحمة ولكف ألنو خالؼ التعميمات بأخذي مف ساحة المكاتب إلى الباحة

.جعلممعتقميف كبشر، إنما قيمتيـ كأرقاـ فقط، وىكذا أعادني الرقيب إلى حيث يجمس زمبلئي في باحة اإلدارة فبقيت ىناؾ حتى أعدنا إلى المي

ب في المحكمة طال

عاما قصير القامة، نحيؼ أسمر الوجو، حيي خجوؿ، كثير ( 19)كاف ممف طمب لممحاكمة شاب حمبي يدعى محمد عقيؿ وىو طالب ثانوي .الود

كما لخصيا مف عرؼ القصة واشتيرت بيف المعتقميف بيذا االسـ فكانت أصدؽ تعبير واقعي عف (.. أكمة حمص)كانت جريمتو خطرة فيي .ة ىذا الشاب البريءقص

وتفصيؿ ذلؾ أف األخ محمد خرج مع أستاذه مدرس المغة العربية وطبلب آخريف في نزىة خموية إلى قرية المسممية التي تبعد عف مدينة حمب عميو رجاؿ الحكـ والشيء الذي أثار ..!! فتغدوا ىناؾ حمصا وزيتا .. والمشيورة ببساتينيا الخضراء ومياىيا العذبة( كـ10)شماال مسافة

دة، وأقاميـ فما أقعدىـ، أف ىذا المدرس مف اإلخواف المسمميف، وأنو استشيد في إحدى عمميات التفتيش، لذلؾ عد الحمص رابطة تنظيمية أكيمحمد عقيؿ واحتسبت ىذه الرحمة وىذا الغداء الحمصي جريمة ما بعدىا جريمة، وعمبل رىيبا ضد النظاـ األسدي النصيري، ودخؿ أخونا

المحكمة وانقض عميو الجبلد يقرعو بالكرباج عمى أـ رأسو وفقدت أذناه حاسة السمع، وضاعت معالـ األشياء أماـ بصره، وكاد يصرع وقدـ وى ولـ يجد القاضي المحتـر ليذه الجريمة س.. فسألو واستجوبو عف الرحمة والغداء فأجاب األخ باإليجاب عمى كؿ سؤاؿ..! لمقاضي المحتـر

ولـ يكتؼ بيذا الحكـ ويسكت عف ىذا المسكيف فبل يبمغو ىذا الحكـ المريع كما يفعؿ مع أكثر المحاكميف، بؿ كاف في !!.. عقابا ( اإلعداـ)وأتبعيا بكممات مف السباب الرخيص .. روح إعداـ يا: أشد الغيظ مف ىذا الشاب الصغير آكؿ الحمص، اليادئ المسكيف، فوجيو بالحكـ قائبل

أبمغني القاضي حكـ اإلعداـ واقتادني الجبلد إلى : وخرج األخ مف المحكمة، فجمس مع إخوانو في الباحة تحت التعذيب حدثنا بعد مجيئو فقاؿ، الباحة حيث أجمسني مع إخواني، وواهلل إني ألشـ رائحة الجنة منذ أف قاؿ لي القاضي ما قاؿ، فقد أيقنت أنني قد أصبحت قريبا مف الجنة

..ا أنا أشـ ريحيا وأجد أنسيا فبل تيمني دنياكـ ىذا بشيء، لقد رأيت حمو ىذه الدنيا ومرىا فكفاني منيا ما رأيت وما عممت كفانيوى

جميؿ الطمعة، طيب األخبلؽ، اشتير )وحدثنا أخ آخر مف حمب وىو شاب في الثامنة عشرة مف عمره، طالب، يدعى عبد الغني قبلع، .. فقرأت في سري قوؿ اهلل سبحانو : أنو لما دخؿ المحكمة وضرب فييا ونيره القاضي وسبو وسألو األسئمة المعيودة يقوؿ( ئوبالشجاعة بيف زمبل

(.فاقضي ما أنت قاض إنما تقضي ىذه الحياة الدنيا)

ريف مف الزماف، وكاف حكـ عمي بدخوؿ الجنة بعد شي: فقاؿ.. بماذا حكـ عميؾ؟: شاب صغير آخر حكـ عميو باإلعداـ، فسألو بعضيـ .اإلعداـ يتـ غالبا بعد شيريف مف تاريخ الحكـ

أحداث في المحكمة الميدانية 8/11/1981

طمب لممحكمة األستاذ محمد جميؿ بنشي وىو مدرس رياضيات في ثانوية سمقيف الرسمية لسنوات طواؿ، في األربعيف مف العمر، متوسط تسألو الشرطة عف متممات ىويتو، وسيؽ إلى المحكمة تحت الضرب واإلىانة وىناؾ ضربو الجبلد القامة، ممتمئ الجسـ، أشيب الشعر، ولـ

عمى أـ رأسو بالكرباج الثقيؿ حتى كاد يصرع، وأخذ القاضي يسألو بعض أسئمة وىو قرؼ منو، وتبيف لؤلستاذ أنو ليس الشخص المطموب، وىو محاـ مف البلذقية، فبادر وأوضح لمقاضي أنو ليس الشخص المطموب، وكاف يعرؼ أف ىناؾ شخصا آخر في سجف تدمر يوافؽ اسمو

ىـ أتوا : قاؿ.. فمـ أتيت إذف؟: فغضب القاضي، ال عمى الجبلديف الذيف أحضروه بؿ عمى الرجؿ المسكيف وصرخ فيو.. وأنو ليس مف البلذقيةوقد توفي األستاذ بعد مرض استمر .. ت رىيبة عاد بعدىا مريضا فانقض عميو جبلد المحكمة وضربو مرة ثانية عمى أـ رأسو ثبلث ضربا.. بي

.عدة أشير، فعميو رحمة اهلل

التيـ

:كانت أغمب التيـ التي توجو إلى المعتقميف كالتالي

دفع معرفة عنصر إخواني أو إطعامو أو حضور درس قرآف في المسجد، أو قراءة مجمة النذير التي تصدر عف األخواف المسمميف، أو – 1سنة 15مبمغ مالي معونة لزوجة معتقؿ أو مبلحؽ ذات أوالد تعيميـ، أو نقؿ رسالة مف مبلحؽ أو سجيف إلى أىمو أو آخريف وعقوبتيا مف

.إلى المؤبد

ف يحسبوف تيمة التنظيـ المسمح، وتكوف بتأييد أو إعبلف الرضا بالمشاركة فيو أو اقتناء مسدس أو قطعة سبلح، أو لو عبلقة بعنصر مم – 2 .ونتيجة ىذه التيمة اإلعداـ. مف التنظيـ المسمح، كأف يكوف قد آواه وأطعمو وتستر عميو

.تيمة التنظيـ في اإلخواف المسمميف، تنظيـ سياسي وىؤالء ال يبمغوف أي حكـ – 3

.سنة 15 – 10كتـ المعمومات والمعرفة البسيطة – 4

اإلعدامات صورة حية 18/11/1981

جاء الجبلدوف في الصباح الباكر قبؿ موعدىـ .. صدؽ اهلل العظيـ( تدري نفس ماذا تكسب غدا، أو ما تدري نفس بأي أرض تموت وما... )ع، اليومي المعتاد في السادسة والنصؼ، جاؤوا في الخامسة والربع، وسمعنا أصواتيـ وىـ يقرأوف قوائـ طويمة أسماء طويمة عمى أبواب المياج

..المعتاديف المعروفيف السبت واألربعاء( أحد يومي اإلعداـ)ت تقديـ الصؼ، كاف اليـو ىو السبت كما سمعنا أصوا

إنسانية وال جفمت قموبنا ليوؿ األمر، وشعرنا أننا في قبضة مجنوف لئيـ ال يرعى حقا وال عيدا وال قانونا وال دستورا، ليس في قمبو ذرة خير والاقتربت خطاىـ مف باب ميجعنا وصرخ .. وال.. وال.. قتؿ األبرياء ظمما ويسفؾ الدماء جزافا ببل حساب وال تقديرشرؼ وال مروءة وال رجولة، ي

فصرخ رئيس الميجع يطمب منا االستيقاظ، .. استيقاظ ولؾ حقيريف: فقاؿ. ولؾ، فرد رئيس الميجع حاضر سيدي( 27)ميجع : أحد الزبانيةانتبو استاعد، الميجع جاىز لمتفتيش حضرة : بؿ السادسة، فجمسنا وقدـ رئيس الميجع الصؼ فورا فاالستيقاظ ممنوع في نظاـ السجف ق

..الرقيب

..( ولؾ كؿ واحد بيطمع اسمو يقوؿ حاضر، ويأتي فورا لعند الباب)ووقفنا باستعداد مطرقي الرؤوس، وصرخ الرقيب مف نافذة الباب الصغيرة، شؾ أنيا قد نقصت إلى النصؼ بؿ إلى الثمثيف قبؿ أف تصؿ إلى ميجعنا، ألنيا قد مرت قبمو بعشريف ميجعا ثـ أخذ يقرأ القائمة الطويمة، وال

واندفع أخ وقد صرخ باسمو يجيب حاضر، اتجو نحو ناحية الباب فورا، فسألو الرقيب .. ثمانية تقريبا .. عمى األقؿ ولـ يبؽ إال مياجع معدودةوأمره بالوقوؼ قرب الباب وتابع الرقيب القراءة، وخرجت أسماء خمسة أخوة آخريف مف ميجعنا فوقفوا .. تولدهعف اسمو واسـ والده ووالدتو و

عاما ولما انتيى الرقيب مف القائمة وقد قدر عدد األسماء فييا بحوالي ( 18)رتبل أماـ الباب، وكانوا جميعا مف الشباب الصغار مف سف الػ ؟..حضروا أغراضكـ انتو مطموبيف محاكـ: األخوةالثبلثيف اسما قاؿ ليؤالء

ة وذىب الرقيب إلى الميجعيف المجاوريف ليقرأ قائمة األسماء عمييما وترؾ ىؤالء الشباب أماكنيـ أماـ الباب إلى داخؿ الميجع، وكانت فرص .نعمـ شيئا عف المصير كما حدث في أوؿ مرةلـ نحظ بيا قببل لتوديع إخواننا، فقد كانوا يطمبوف اإلخوة ويأخذونيـ فورا، أو كنا ال

واأللـ واندفع األخوة يعانقوف ىؤالء الشباب ويقبمونيـ، وقد اضطرمت المشاعر في الصدور، فكاف الجميع في حالة ال يعمميا إال اهلل، مف القير اهلل معكـ، والبعض : تمزؽ الحناجر، يقوؿ بعضيـ والحزف، ال يدري أحد ماذا يقوؿ وتنيمؿ الدموع عمى الوجوه، وتأخذ الغصات بالحموؽ، تكاد

.توكموا عمى اهلل: اآلخر

.كاف كثيروف يعانقونيـ ويقبمونيـ ثـ يواروف وجوىيـ عنيـ ويجيشوا في بكاء شديدو

الكريـ أبعد شابا طويبل رقيقا لـ ينبت الشعر في وجيو بعد، وقد حفظ تسعة وعشريف جزءا مف القرآف ( بكري فتحي نحاس)كاف األخ ولما رأى تكاثر األخوة حولو وشديد حزنيـ وألميـ عميو وعمى رفاقو، أخذتو غضبة فاندفع يقوؿ .. يا أخوة ال يقبمني أحد: المتزاحميف حولو وقاؿ

والصموف، تركنا لكـ مالكـ؟ لـ أنتـ حزينوف؟ ال تحزنوا نحف ذاىبوف إلى رب كريـ، أما أننا قد شبعنا مف طعامكـ ىذا مف البرغؿ والرز : )بشدة ..(.ىذا كمو، إنا مشتاقوف إلى ربنا ولسنا آسفيف عمى دنياكـ ىذه، فمـ الحزف

الحي أولى بالجديد : وانطمؽ باسما عريض االبتسامة، فوزع ما لديو مف متاع قميؿ، ونزع ما عميو مف ثياب جديدة، ولبس ثيابا خمقة وىو يقوؿخوانو المطموبيف لئلعداـ، ثـ صمى كؿ واحد منيـ ركعتيف مف الميت، ونزع ساعتو وحزامو فأعط ركعتي )اىما إلخوانو وسارع يتوضأ ىو وا

آخر ركعتيف مف الدنيا، وجاء الرقيب يفتح الباب، وقدـ رئيس الميجع الصؼ وطمبيـ الرقيب فجاؤوا سراعا ال يترددوف، وطمب منشفة ( الشيادة .وا مف الميجعمف كؿ واحد منيـ وعصب عيونيـ بيا ثـ أخرج

كـ نحف في شوؽ إلى الجياد، إلى جياد ىؤالء الظالميف المجرميف، نقوؿ .. كنا نودعيـ بقموبنا ونخاطبيـ بأفكارنا، ونتمنى أف نفدييـ بأرواحناأو خمؽ أو مبدأ، قد وضح الطريؽ، فالظمـ كبير والظالموف فاجروف كافروف، قد انتيكوا كؿ حرمة وداسوا كؿ مقدس، ولـ يمتفتوا إلى أي قيمة

فجيادىـ ىو الجياد الفرض عمى كؿ مسمـ، بؿ عمى كؿ إنساف حي الضمير، فيو شرؼ وفيو مروءة وفيو إنسانية، فالظمـ تأباه النفوس، ومف .اإلنسانية أف يتألـ اإلنساف لمظمـ، يمارس عمى إخوانو وبني جنسو، وأف يسعى لئلحقاؽ الحؽ ورفع راية العدؿ واإلنصاؼ والرحمة

كاف مسئولو السجف يتخذوف إجراءات عديدة مشددة لمتكتـ عمى موضوع اإلعدامات خاصة، وعمى كؿ أخبار سجف تدمر عامة، ويظنوف أننا ال نعرؼ عف اإلعدامات شيئا فقد منع الرقيب خبلؿ إدخاؿ الفطور في الساعة السادسة والنصؼ، منع السخرة مف الخروج إلدخاؿ الطعاـ أماـ

..دا يطمع ولؾحال : ، وصرخ فييـباب الميجع

كبيرة تمنع ( كرتوف)وقاـ أحد عناصر البمدية بإدخاؿ طعاـ الفطور، وتبيف ليـ أنيـ قد وضعوا عمى النافذة الصغيرة الموجودة في الباب قطعة .النظر مف خبلليا

لكي ال نعرؼ أف في سجف تدمر إعدامات بالجممة، ( فيـ ال يريدوف أف نراىا)وأولت ىذه اإلجراءات بأنيـ قد نصبوا المشانؽ في الساحة : وجاءت دورية مف فوؽ السطح وصرخ أحدىـ فينا. وموت بالمفرؽ، ولـ يدركوا أننا نحس باألمر وأننا قد وعيناه تماما وأدركنا صورتو وأبعاده

لى منتصؼ الميجع وتجمعنا في النصؼ الداخمي، أمرنا فمما ابتعدنا إ..( بعدوا عف الباب ولؾ لجوا يا كبلب يا أنذاؿ يا.. لجوا.. ولؾ حقراء)وجمسنا متقاربيف متراصيف واجميف، فقد كنا نعمـ أف معنى ذلؾ أف عممية اإلعداـ عمى ( ما حدا بيوقؼ أبدا .. جالسا ولؾ)بالجموس وىو يصرخ

ادئا عمى غير العادة، ىادئا ىدوءا مريبا، فبل وشؾ أف تتـ، ومضت الدقائؽ ثقيمة بطيئة والكؿ مطرؽ متحير محزوف مقيور، وبدا السجف ىتسمع أي صوت فبل أبواب تفتح، وال جبلدوف يصرخوف أو يسبوف ويشتموف، حتى وال صوت بمدية ممف يعمموف في جمي الطشوت أو إفراغ

..أوعية القمامة إال حركة يسيرة كسير أحدىـ مسرعا في طرؼ الباحة البعيد

التاسعة إال ربعا، الجو مشمس واليواء ضعيؼ، والعصافير تغدو وتروح وأصوات بعيدة تأتي مف المدينة تبدو واضحة، كانت الساعة تشير إلى .صوت سيارة مارة، نييؽ حمار، نداء طفؿ

اهلل أكبر وكأنو يستبؽ الزمف، تحفزت األعصاب وأرىفت اآلذاف، وانقطعت كؿ نأمة في : وشؽ السكوت صوت جمي يصرخ بقوة وسرعةالميجع جميعو، وبدا الجميع مطرقيف واجميف كأف عمى رؤوسيـ الطير ولـ نسمع إال صوت نسمات اليواء الخفيفة وحفيفيا، وشؽ السكوف

.. اهلل أكبر.. اهلل أكبر، اهلل أكبر: وأعقبو شخير حاد، وتتالى النداء العظيـ.. اهلل أكبر: صوت آخر أقوى وأوضح صؾ أسماعنا وقرع قموبناعضيا حشرجات النزع والحبؿ يشتد عمى العنؽ، وكانت كممة اهلل أكبر تخرج مقطوعة بعض األحياف حيث تعاجؿ الحبمة المسكيف وتقطع يتبع ب

.وتسرع الحشرجات.. اهلل أكبر.. عميو نداءه فيخرج مبتورا

.. البصير أف ال تضيع ىذه الدماء ىدرا أي مشاعر كانت تصطرع في الصدور، وأي قير، والكؿ مطرؽ ساىـ يدعو ويضرع إلى اهلل السميع .والقمب يندب العدالة بيف البشر ويسخر مف ىذه الحياة الزائمة ومف أتباعيا، وينعي عمى القاعديف السادريف في غييـ

.تمقىوبعد مضي ساعة ونصؼ تقريبا عاد السكوف يخيـ مف جديد، كاف آخر شيء سمعناه ىدير محرؾ السيارة وىي تنطمؽ وصوت أخشاب

فسرت ىذه األصوات بأنيا صوت الشاحنة التي تنقؿ جثث الشيداء إلى مثواىـ األخير في صحراء تدمر، حيث يمقوف في حفرة كبيرة ويييؿ .التراب وينتيي األمر، أما األخشاب فإنيا خشبات المشانؽ تعاد إلى مستودعيا بعد أف أدت ميمتيا في انتظار ميمة جديدة( بمدوزر)عمييـ

1981كانوف أوؿ 15

نتقاؿ عمميات اإلعداـ مستمرة بمعدؿ مرتيف كؿ أسبوع، فنحف دائما عمى صمة بالموت واآلخرة، وأصبحت رحمة الموت شيئا قريبا سيبل وكأنيا ايو مف ظمـ ومف قير مف ميجع إلى آخر، أو مف سجف إلى الحرية ومف الخوؼ إلى األماف، وكانت الدنيا ىينة جدا عمى قموبنا جميعا لما نعان

ومف عذاب، فكانت عمميات اإلعداـ فرصة لمخبلص، ولكف أعمالنا كانت بسيطة وذنوبنا كبيرة حتى تساءؿ الكثيروف ىؿ ىذه شيادة في سبيؿ رزقنا اهلل فيما ولكف آمالنا في رحمة اهلل الواسعة وكرمو العظيـ كانت عظيمة، وشوقنا إلى عدالة السماء كاف شديدا، وكؿ األمؿ أف ي.. اهلل؟

. بقي لنا مف حياة أف نجاىد ىؤالء الظالميف ونقاتميـ في معارؾ فاصمة ينصر اهلل فييا مف يشاء، ويخذؿ مف يشاء واهلل عمى كؿ شيء قدير .وأف نموت شيداء في ميداف الجياد، ونحف أعزاء نحمؿ سبلحنا ونقاتؿ عدونا واألمر هلل مف قبؿ ومف بعد

لتعذيب بالتمرينات الرياضية التنفس وا 16/12/1981

ف كانوا يخرجوننا لمتنفس الرياضي أو التعذيب بالتمرينات الرياضية ثاني يـو مف كؿ عممية إعداـ، فيخرجوننا دوف أغراض ويصفوننا متباعديمشي البطة، والزحؼ، ويجعموننا نقـو ببعض الحركات الرياضية وخاصة تمريف الضغط والتمريف السادس وىو ما يدعى بالرقصة الروسية، و

وال يخمو ىذا التنفس مف الكرباج والضرب بؿ الضرب مستمر فيو بالكرباج وغيره مف قبؿ اثنيف أو ثبلثة مف الجبلديف، وكاف يتحوؿ ىذا وانا، وىـ التنفس الرياضي بعض األحياف إلى عممية تعذيب قاسية، حيث يرىقوننا بيذه التمرينات الصعبة غصبا وجبرا، حتى نكؿ وتنيار ق

يجبروننا عمى متابعة الرقصة الروسية أو الضغط أو الزحؼ أو مشي البطة، وكاف ما نعانيو بعد ذلؾ مف اآلالـ العضمية صعبا حيث تصبح .عضبلت أيدينا وأرجمنا وكأنيا دمامؿ حقيقية

إحصاء قرآني

ويسر اهلل فكانت تأتي .. حاجة ماسة إلى أجزاء وسور أخرى أحصي ما في ميجعنا مف القرآف فكاف ثمانية عشر جزءا متفرقة، وكانت ىناؾوعف طريؽ القادميف الجدد، فكاف أوؿ ما يتمقى بو القادـ حديثا إلى سجف تدمر سؤالو ماذا .. إلى ميجعنا السورة تمو السورة مف طرؽ مختمفة

تحفظ مف القرآف؟

فإذا فيو كميات كبيرة محفوظة مف أجزاء القرآف وسوره، فتكامؿ ما معنا وما .. ولما جرت عمميات الفرز وتغيير المياجع، نقمنا إلى ميجع آخربغاية إتماـ حفظ القرآف، ثـ أخذ لئلعداـ الشخص .. وجدناه عندىـ حتى أصبح كؿ القرآف تقريبا محفوظا في الميجع، ونشط كثيروف لمحفظ

.عطري رحمو اهلل الوحيد الذي كاف يحفظ القرآف كمو، غيبا وىو األخ الشييد محمد

(.د. ـ)والدكتور ( ج. ـ)األمي، والمعمـ أبوف والميندس الزراعي ( ي س)وأكمؿ بعد ذلؾ كثيروف حفظ القرآف منيـ األخ

وكاف موضوع التفسير يتحرج منو اإلخوة، وكاف البد مف التفسير وكاف لآليات والمقاطع إثارة في النفس، فكنت أتحدث عف ىذه اآلثار وىذا .إضافة إلى معاني وبعض اإلشارات إلى النواحي الببلغية واإلعجازية، مما أعاف اهلل بو.. نطباع الذي تتركو اآليات في النفساال

وال أبخؿ عمى أولئؾ الذيف ىـ في شوؽ إلى الكممة .. ولـ أكف أدعي عمـ التفسير ولكني كنت أشحذ اليمة لمفيـ عمى ضوء معرفة سابقةيـ مف حديث شجي وكانت الدموع تترقرؽ في عيني وتنساب منيما وأنا أحدث عف دعاء سيدنا زكريا عميو الصبلة والسبلـ، اإليمانية، فبل أحرم

قد استكمؿ ذلؾ وأجاده حفظا وتفسيرا، " الجزء الثبلثوف"واستجابة اهلل لو وعف محنة مريـ البتوؿ عمييا السبلـ، وكاف لؤلخ أبي أنس عمـ بتفسير قد أليمو اهلل مما عرؼ مف عمـو زراعية ومعمومات عممية، ومما حفظو وفيمو مف القرآف الكريـ إلى اكتشاؼ ( ح. ـ)لزراعي وكاف الميندس ا

.روابط وموافقات رائعة يربط فييا بيف آيات القرآف الكريـ والعمـو والمعارؼ اإلنسانية المختمفة، فكانت روائع مف التفكير والتدبر

الت في بعض الكممات القرآنية، أو الحروؼ أو التشكيبلت نتيجة عدـ وجود أي نسخة لمقرآف، نرجع إلييا في جميع وكانت تحصؿ لدينا اشكا .مياجع السجف، فكنا نرجع إلى جيابذة المغة فيجتيدوف أف يعطوا القوؿ الصواب

تب، ممنوع أيضا، ويا ويؿ مف يضبط لديو ورقة كاف القرآف ممنوعا منعا باتا في جميع مياجع سجف تدمر، بؿ كؿ شيء مف ورؽ وأقبلـ وكىؿ : ؿ متحسرا مف القرى القرآف، فرؤية القرآف والقراءة فيو إحدى األماني الكبيرة التي نراىا في األحبلـ، فنفرح وتنشرح قموبنا بالحمـ ويقوؿ القائ

..نرى القرآف يوما ونقرأ فيو ونرتؿ اآليات مطمئنيف؟

أوؿ ما : "والنبي عميو الصبلة والسبلـ يقوؿ.. ظ، بؿ قد توقفت تقريبا عنو، كنت خائفا مف أمر واحد ىو النسيافكنت أتحرج مف كثرة الحفوىو مف أرباب الفقو ( ي. ح)فحدثت بخوفي ىذا األخ الكريـ الشيخ ".. يحاسب عميو العبد يـو القيامة آية مف كتاب اهلل أوتييا ثـ نسييا

وما قالوا يا أبا محمد؟: ما قاؿ الحفاظ؟ قمتألـ تسمع : ورجالو، فقاؿ لي

وعجبت لمفكرة الجميمة ولكنيا إذف ميمة جميمة، فكمؼ .. يعني مف يقرأ خمسة أجزاء في اليـو ال ينسى( مف يقرأ الخمسة ال ينسى)قالوا : قاؿولكف ببطء شديد مدققا فيما أحفظو ومتقنا نفسؾ ما تطيؽ لذلؾ كاف يرمي أف يكوف ىناؾ توازف وعدـ طغياف أمر عمى أمر، وىكذا كنت أحفظ

..حفظو ما استطعت

.. وبذلؾ كنت أنصح بعدـ االقتصار عمى حفظ القرآف، بؿ األخذ بنواح أخرى ىامة مثؿ حديث النبي صمى اهلل عميو وسمـ، والفقو والسيرة ..وغيرىا

وكنا نتداوؿ ىذا القميؿ دوف ترتيب أو حصر وكنت أحفظ عددا ال وعـز بعض األخوة عمى حفظ حديث النبي ولـ يكف في ميجعنا الكثير منو،جاء أحد األخوة فطمب أف أعدد لو . بأس بو مف األحاديث النبوية الموجودة في كتاب األربعيف النووية، فكنت أرددىا مع بعض األخوة

ربعيف النووية، وبير كثيروف بما عند األخ مف عدد جيد، حتى وصؿ بنا العدد إلى ثبلثة وعشريف حديثا مف أحاديث األ.. األحاديث وىو يثبتيا وجاء بعضيـ إلي فنصحني أف أستعيف باألخ فبلف ألف عنده عددا كبيرا مف أحاديث األربعيف النووية لعمنا نستكمميا، ولكف تبيف إنما ىي

رقـ إلى ثمانية وثبلثيف حديثا ونشط كثير مف اإلخوة األحاديث التي أثبتناىا سابقا ومع ذلؾ وبالتعاوف مع عدد مف اإلخوة، وصؿ معنا ال .لحفظيا ونشرىا، ثـ أتممناىا بحديثيف مف غير األربعيف فتمت أربعيف حديثا عف النبي صمى اهلل عميو وسمـ

–الشتاء - 3/1/1981

يجعؿ أكثر مف ثمث الميجع معرضا الشتاء قارس، واألغطية قميمة والمطر غزير، وفتحات السقؼ غير مغطاة في الغالب بأي شيء مما فكانوا يناموف لتبتؿ بطانيتيـ . لمبمؿ، ومما يزيد األمر سوءا أف الحركة في الميؿ ممنوعة، ويجب أف يناـ الجميع، وال مكاف إال تحت المطر

.وثيابيـ وأغراضيـ

في جو كانوف الثاني، حيث البرد القارس، فكنا حصة المعتقؿ بطانية واحدة كغطاء مع عوازؿ تمد عمى األرض، ولـ تكف كافية بأي شكؿنصاب بالزكاـ واإلسياالت واألمراض المختمفة، ورأى البعض حبل في الغطاء الجماعي، حيث يشارؾ عدد مف المعتقميف في غطاء واحد مع

.يو جسمو،رأس ورجبلف وىذه عامة في الميجع لضرورة أف يجد كؿ واحد مكانا بالكاد يمدد ف: النومة المتداخمة

ذلؾ وكنا نجمس طواؿ النيار نرتجؼ مف البرد، ويأتي الحارس مف السطح ليأمرنا بأف ال نستعمؿ البطانيات لتدفئة أرجمنا وأجسامنا، ويقوؿ بأف ..ونتيجة لمجموس الطويؿ فقد كانت تتيبس مفاصمنا ونكوف عرضة لئلصابة بالروماتيـز واآلالـ العصبية -مع السباب طبعا -ممنوع

.عمى حد تعبير بعضيـ( كالضباع)وقد أصيب الكثيروف، وكاف أحدنا إذا قاـ مف جمستو يسمع ألعضائو طقطقة

ورغـ أف أفواج المعدوميف كانت تخفؼ كثيرا مف الزحاـ الشديد في الميجع، فإف أفواج المعتقميف المستمرة كالسيؿ، كانت تعوض ىذا النقص× ميجع 32عدد المياجع المستعممة : ت تشتد باستمرار، وقد قدرنا عدد معتقمي تدمر في ىذه األياـ كالتاليوتزيد وبالتالي فإف الكثافة كان

.معتقبل في سجف تدمر 4480= 140× 32( = 140)متوسط عدد المعتقميف في الميجع

في الباحة 2 - 1ذيبي الرىيب في أحد الميجعيف وقد عممنا مف المعتقميف الذيف وصموا إلينا أخيرا أنيـ يوضعوف بعد حفؿ االستقباؿ التعدفعات المعتقميف اآلتية إلى سجف تدمر، تأتي مرتيف أو ثبلثة في : األولى، فإذا امتؤل كبلىما وزع أحدىما عمى بقية المياجع، وأف الدفعات

.معتقبل 50 - 25األسبوع، وعدد الدفعة يتراوح بيف

الكثافة مرة أخرى

معتقبل بعد تأرجح بيف الزيادة والنقصاف، وىكذا فإف ( 150)ف أف يستوعب ميجعنا أكثر مما فيو اآلف وعددنا فيو اآلف كنا نتساءؿ ىؿ يمكسـ مربع، ولكف ما نممسو ىو اندفاع المسؤوليف إلى كؿ ما مف شأنو أف يزيد في عذابنا ( 375)حصة المعتقؿ مف أرض الميجع ال تتجاوز

يذائنا بؿ وموتنا، وىذا ي جراميـ مف حدود تقؼ عندىاوا .جعمنا نعتقد تماما وبشكؿ واضح أنو ليس لشرىـ وسوئيـ وا

كانت أرض الميجع مستغرقة حتى آخر شبر فييا، ولـ يبؽ فييا موطئ لقدـ، حينما سمعنا حركة في المياجع والزبانية يتنقموف بسرعة مف ف الجدد مطأطئي رؤوسيـ يتدافعوف عمى الباب، وال أدري كيؼ جازؼ رئيس ميجع آلخر، ولما وصؿ الدور إلينا فوجئنا بعدد مف المعتقمي

خمي ينامو : وقاؿ( أبو جيؿ)فغضب المساعد . سيدي ما في موضع، الميجع ممياف، سيدي والناس عبتناـ في الباب: الميجع بالكبلـ فقاؿلجوا ولؾ لجوا يا : لمناورة، فاندفع الجبلدوف يصرخوفويف بدف، ولكنو أشار مف طرؼ خفي إلى الجبلديف ونحف مغمضو العيوف ال نبصر ا

وابتعدنا عف الباب فدخموا وأخذوا يضربوننا بالكرابيج يمينا وشماال، وتراكمنا فوؽ بعضنا في آخر الميجع، وىـ .... يا.. يا حقيريف... كبلب .نتيجة االعتراض البسيط.. عصيبا وعشنا وقتا .... يتبعوننا بالضرب وصعد بعضيـ فوؽ الكـو البشري فضرب ودعس فيو

6/1/1982يـو

ف الجدد، جاء الزبانية ظيرا، ففتحوا باب ميجعنا وأدخموا مجموعة مف المعتقميف الجدد، وبعد ذىاب الزبانية كنا نود التعرؼ عمى ىؤالء المعتقميى بالجروح والكدمات، بينما كاف رأس أحدىـ قد شج شجة وقد ىالنا ما كانوا فيو مف حالة سيئة، أرجميـ وأيدييـ متورمة ممزقة، ووجوىيـ مؤل

منكرة تحت وقع ضربات الكرباج الكثيرة، وقد تجمدت الدماء فوقو ولوثت ثيابو، وظير معتقؿ آخر قد تمعط وتسمخ نتيجة الجمد الشديد ..واليـبالكرباج وغيد ذلؾ مما يصعب حصره واإلطاحة بو، ومع ذلؾ فإف شخصيات ىؤالء كانت أعجب مف أح

7/1/1982يـو

معظـ المعتقميف في المجموعة التي أدخمت ميجعنا البارحة، مف كبار السف أو باألحرى ممف تخطوا سف الشباب ودخموا في سف الكيولة، أراض زراعية وكانت أعمارىـ بيف األربعيف والستيف عاما، ومعظميـ مف سكاف األرياؼ، فيـ بسطاء طيبوف كرماء أتقياء، ذوو عياؿ كثيريف و

يعمموف فييا، ولقد عممت أف مجموع عياؿ أحدىـ يصؿ إلى العشريف نفسا، ما بيف امرأة وصغير وعاجز، وكميـ يعتمدوف عميو في إعالتيـ قامة أودىـ، ولكوني ريفي األصؿ فقد كنت مف أشد المتألميف لحاؿ ىؤالء اإلخوة، وذكرتني حاليـ وعياليـ بحالي وعيالي الذيف تركتي ـ وال وا

مؤلـ معيف ليـ إال اهلل سبحانو وتعالى، وكاف ذنب ىؤالء ىو كرميـ الذي دعاىـ ال طعاـ أو إيواء المتواريف مف اإلخواف المسمميف صدمت بنبأ .مفاده أف الطبيب االختصاصي والعبلمة الكبير نزار الدقر كاف أحد أفراد مجموعة المعتقميف الجدد، وصعب عمي تصديؽ النبأ

ر محمد نزار الدقر حاصؿ عمى شيادات عممية اختصاصية عالية مف معيد العمـو الطبية واألمراض الجمدية في موسكو، وىو رئيس الدكتو دائرة األمراض الجمدية في وزارة الصحة بدمشؽ، ولو بحوث طبية وتجارب عممية مستفيضة في عبلج عدد مف األمراض والحاالت

ولو عبلقات فعالة مع ( العسؿ فيو شفاء لمناس)بلج بالعسؿ، ولو كتاب طريؼ في ىذا المجاؿ عنوانو المستعصية، وخاصة فيما يتعمؽ بالع .عدد مف المؤسسات العممية الدولية

8/1/1982يـو

بقربي وذلؾ خبلؿ إحدى حفبلت التعذيب، وفي غفمة مف أعيف الجبلديف سممت عميو " نزار"انتيزت فرصة غير سارة وجدت فييا الدكتور واليديف، تجاذبني عاطفة الفرح بمقياه، واأللـ لحالو وما ىو فيو مف ببلء ومحنة، فمقد كاف يـو مجيئو أوؿ البارحة متسمخ الظير، متوـر الرجميف ت

.ووجيو ورأسو مميئاف بالجروح والكدمات

دمر بعذاب شديد، وكاف وجو الدكتور محمد نزار واليـو ربما أنيا أوؿ حبلقة ليذه المجموعة الجديدة مف المعتقميف، فقد خصيـ زبانية سجف تما بعد حفمة العذاب ىذه، مميئا بالجروح والكدمات والدـ يسيؿ مف شفتيو، والحظت وأنا أراقبو أف سبابتو اليمنى كانت ترسـ في الفراغ كبل

.وكتابات مجيولة، ىكذا يعامؿ العمماء والنوابغ البارزوف، وىكذا يحطوف في سجف تدمر

عيود أف تكوف السجوف لؤلشرار المجرميف، لكف سجف تدمر ىذا ال يحوي بيف جدرانو إال التقاة الصالحيف واألبرار الطيبيف، الذيف ارتفعواوالمعتقميف لـ ف المإلى ىذه السوية، وارتقوا بأنفسيـ رغـ المحنة والببلء وكمما ازداد والببلء ازدادوا إقباال عمى اهلل ولجئوا إليو، ورغـ أف كثيرا م

سيـ، يكونوا يميموف إلى التديف سابقا، ولـ يكونوا يؤدوف الصبلة ويرتكبوف شتى الموبقات، فقد أعمنوا ىنا عف توبتيـ وصمحت حاليـ وسمت نفو

معتقميف مف وقد عزا رئيس فرع المخابرات في دمشؽ ما لمسو مف تبدؿ سريع في سيرة أحد المعتقميف بعد مدة يسيرة مف االعتقاؿ إلى تأثير الية إنو اإلخواف المسمميف عميو وعمى غيره، ولكف أحد المعتقميف وىو مف رجاؿ الدولة السابقيف قاؿ حينما لمس ىذا التأثير وىذه التغيرات الجذر

عادتيـ إلى الجادة الصحيحة .يرى أف وضع عدد مف المتدينيف في السجوف المدنية بيف المجرميف والمنحرفيف كاؼ إلصبلحيـ وا

عممت أف الدكتور محمد نزار الدقر معتقؿ منذ أكثر مف عشرة شيور، وأنو كاف في إحدى زنازيف معتقؿ السادات بدمشؽ، وقد زاره ىناؾ وزير وأنو لـ يضع تمؾ المدة مف عمره ىباء رغـ ما كاف يعانيو مف مضايقات، فصابر عمى بحوثو وألؼ كتابا -األوقاؼ محمد محمد الخطيب

كما حفظ القرآف الكريـ كمو غيبا وقد جرده زبانية سجف تدمر مف كتبو العممية واحتجزوىا -النحبلت صيدالنيات مميمة: نحؿ سماهجديدا عف ال .مع كؿ ما بحوزتو مف أوراؽ وكتب

، وقد جمبت لو وكاف مف أفراد ىذه المجموعة مف المعتقميف، نجؿ ضابط كبير مف ضباط الجيش، أشقر الشعر، طويؿ القامة، جميؿ الطمعةقامتو الطويمة وشبابو الغض غضب الزبانية وأذاىـ، فكاف يحتمؿ كؿ ذلؾ بصبر جميؿ، رغـ رقتو وعدـ اعتياده عمى خشونة العيش، ويدعى

(..شرؼ الديف شرؼ)ىذا الشاب

11/1/1982يـو

(.وما بدلوا تبديبل مف المؤمنيف رجاؿ صدقوا ما عاىدوا اهلل عميو، فمنيـ مف قضى نحبو ومنيـ مف ينتظر،)

وكنا نودعيـ في ألـ عميؽ ودموعنا تنيمر رغما 1982طمب عدد مف المعتقميف الشباب في ميجعنا لئلعداـ وذلؾ في أوائؿ أياـ شير شباط ،أماـ كؿ ىذا الكيد عنا ونحف نرى ىؤالء الشباب الذيف ىـ كالزىور في رقتيـ ولطفيـ وأدبيـ، وكالجباؿ الراسيات في ثباتيـ وصمودىـ، نراىـ

.والغؿ والغدر، يتواصوف فيما بينيـ بالثبات وعدـ الخوؼ، والتكبير قبؿ تنفيذ اإلعداـ

ياء ثـ ينزعوف ثيابيـ الجيدة الجديدة وساعاتيـ ويخرجوف نقودىـ فيعطوف كؿ ىذه األشياء إلخوانيـ المعتقميف، الذيف ىـ بحاجة إلى ىذه األشلى صبل ما عندي : ة ركعتيف سنة الشيادة، ولما جاء الزبانية ألخذىـ لئلعداـ وسألوىـ عف أغراضيـ قاؿ كؿ منيـويسارعوف إلى الوضوء وا

.أغراض

اهلل أكبر اهلل أكبر، وكانت تردد ىذا النداء : جمع زبانية السجف في ىذه المرة عددا كبيرا مف المعتقميف إلعداميـ، وفجأة ارتفعت أصوات التكبير .تمطة متفقة، وتبع ذلؾ أصوات ضرب بالكرابيج وصراخ األلـأصوات جماعية مخ

وكاف ىذا الفعؿ المنكر أشنع تصرؼ لزبانية سجف تدمر الذيف أخذوا يعتدوف عمى ىؤالء الذيف سيواجيوف الموت بعد لحظات، ويمقوف وجو .ربيـ شاكيف متألميف

ا السكينة تتنزؿ عمى قموب ىؤالء الذاىبيف إلى اإلعداـ، وكاف كؿ شيء عـ السكوف والصمت المطبؽ واليدوء الغريب جنبات سجف الموت، إني .في الدنيا قد وقؼ يرقب عممية اإلجراـ البشعة التي تقترفيا أيدي الطغاة وزبانيتيـ وأزالميـ في خفاء سجف الموت في تدمر

امنة والنصؼ صباحا كاف كؿ شيء جاىزا تماما، حضر ضباط كبار لئلشراؼ عمى العممية، وحضر مدير السجف الرائد فيصؿ غانـ، وفي الثالميـ اجعؿ دماءنا نارا عمى : والمطموبوف لئلعداـ في غرفة الورشة يصموف ويتوجيوف إلى ربيـ ويدعونو.. المشانؽ والجبلدوف والطغاة الكبار

ؿ تسمطيـ وفسادىـ، الميـ فتقبمنا في رحابؾ تائبيف منيبيف، الظالميف، ونورا لممسمميف ولمدنيا أجمعيف، الميـ إنيـ يقتموننا ظمما وجورا في سبي .الميـ احصيـ عددا واقتميـ بددا وال تغادر منيـ أحدا

وبدأت العممية الرىيبة تتـ وسط السكوف المخيـ، ففتح باب الورشة وأخرج ىؤالء المعتقموف وصفوا في طرؼ الباحة قرب الجدار أرتاال وىـاأليدي إلى الخمؼ، وكاف يتقدـ رجبلف مف الزبانية ليمسكا األخ المعتقؿ مف عضديو ويسيراف بو إلى المشتقة ويعممونو معصوبو األعيف موثقوا

فإذا وصبل بو إلى المشنقة قاال .. بدنا ننقمؾ إلى سجف آخر.. خبلؿ ذلؾ ويشاغمونو ويموىوف عميو فيقولوف ما اسمؾ؟ ومف أي ميجع أنت؟ .حبؿ في عنقوىذه ىي السيارة ويضعاف ال

قد أمسكا بالمشنقة الثبلثية األرجؿ وأماالىا جية المعدـ فإذا وضع الحبؿ في عنقو أقاماىا بقوة حتى ( البمدية)ويكوف اثناف مف خدـ السجف ويثبتيا في سجؿ تقؼ عمى قوائميا الثبلث، ويرتفع المعدـ محموال مف عنقو ويصرخ في ىذه المحظات القصيرة بكممة التكبير يسابؽ بيا الزمف

يو الحياة اهلل أكبر، وقد يعاجمو الحبؿ عف إتماميا فيزفر ويحشرج حشرجات الموت ويسمـ الروح، أما الزبانية فكانوا يمسكوف المعدـ مف رجمالدوس ال ويشدونو إلى األسفؿ ليسرعوا عممية الموت وحتى بعد إنزاؿ الجثث كاف الزبانية يعتدوف عمى أجساـ الشيداء بالضرب والركؿ و وىو يرفس " فواز"يحترموف وال يقدروف الموت الذي حؿ بيـ ومف أيف لمزبانية الفيـ والعقؿ حتى يكوف لدييـ احتراـ وتقدير، وقد شوىد الجبلد

حمؿ وبعد أف تمت عممية اإلعداـ. جثة الشييد يحيى الشامي ويدوس رأسو، والشييد يحيى الشامي رحمو اهلل مف كبار ضباط الجيش السوريحفرة ضخمة في صحراء تدمر وىكذا ... الزبانية والبمدية الجثث فوضعوىا في سيارة زيؿ عسكرية ضخمة ثـ انطمقت بيـ إلى مثواىـ األخير

عداـ .شييدا دفعة واحدة في خفاء سجف تدمر( 65)تمت العممية الرىيبة وا

الجرب الرىيب

لوساخة، فقد أصبح أمرا مفروغا منو وال جداؿ فيو أف يصاب كؿ المعتقميف بالجرب لـ يعد أحد يشكو بالمرة مف الجرب أو القمؿ مرضي افبل إجراءات النظافة التي حاولناىا أجدت شيئا وال االحتراز وال ( المي ما بيقمؿ ما ىو رجاؿ: )وبالقمؿ والصيباف أيضا حتى قاؿ بعضيـ مازحا

ي ىذه البيئة المساعدة المييئة حيث الكثافة الشديدة وعدـ إمكانية النظافة والغسيؿ ف.. أي شيء أجدى أماـ زحؼ القمؿ والجرب الرىيبيف .والتطيير وعدـ وجود أي عبلج

القضيب والمقعدة واآلليتيف، وتثير ىذه الدمامؿ حساسية شديدة وحكة حارقة، فإذا : الدمامؿ المقيحة تنبت فجأة في األماكف الحساسة مف الجسـانفقأت وساؿ منيا القيح والدـ، ولوثت ونشرت عدواىا سواء باأليدي المموثة أو الثياب أو البطانيات، وحتى باألحذية (والبد مف ذلؾ)حكت

يكاد يبكي ألما في الميؿ أو النيار مف قضيبو الذي أصبح ( صاحب محؿ)ويعقب الحكاؾ ألـ رىيب شديد، فكاف األخ أبو عبدو ( شحاطات)ف تركو تألـ فكاف يتمنى لو اقتطعو واستراح؟مميئا بالدمامؿ النازفة با ..!!لدـ والقيح، وقد توـر فإذا حكو تألـ، وا

وقد امتدت الدمامؿ المقيحة النازفة المتراصة لتأخذ مساحة واسعة امتدت مف ( رماد السجاير)ولـ يجد األخ عبد الستار ما يداوي بو نفسو سوى س وال االضطجاع عمى ظيره، فجمع كمية مف رماد السجاير وجاء يطمب مف أحد األخوة أف قمة آليتيو إلى محزمو بحيث ال يستطيع الجمو

.يذر ىذا الرماد فوؽ منطقة القيح والنزؼ، ففعؿ ولـ يغف ىذا العبلج شيئا

ء، والتي تثير حكة كاف األخ سالـ ابف السابعة عشرة طالب الحادي عشر النحيؼ الجسـ، ممتمئ الجسـ بالدمامؿ المقيحة ذات الرؤوس الصفراشنيعة فيضطر إلى حكيا ونزع قشرتيا ومف ثـ تنزؼ بالقيح والدـ امتؤلت مف ىذه الدمامؿ ساقاه ثـ اليتاه ثـ بطنو وذراعاه وصدره، واشتد

حالة ىجـو الجرب عمى األخ سالـ ففي كؿ يـو دمامؿ جديدة تنبت في مختمؼ أنحاء جسمو وىي مقيحة صفراء الرأس حتى وصؿ األمر إلى ..لـ أرىا ولـ أسمع بيا وحار بيا األطباء مف اإلخوة المعتقميف في الميجع، فقد نبتت الدمامؿ في راحتي كفيو برؤوسيا الصفراء المقيحة

في شدتيا، كاف األخ سالـ ال يستطيع النـو بتاتا ال في ليؿ وال نيار، إنما يسكف قميبل ويعود إلى الحؾ واليرش، ولـ تكف ىذه الحالة الوحيدة بؿ كانت ىناؾ حاالت صعبة عديدة، فكاف األخ جابر يكشؼ عف ركبتيف متورمتيف منتفختيف وقد تراصت فييا الدمامؿ حتى غدت كؿ منيما

.وكاف يقشر الدمامؿ ويعتصرىا ويجفؼ القيح والدـ بقطعة قماش( ركبة الجمؿ)دمبل واحدا، وقد سميت تمؾ الحالة

ؤلمة تفيد شيئا سوى أف المريض مضطر إلى فعؿ شيء ليذه الدمامؿ التي تثير الحكة الحارقة، وكاف عدد الحاالت لـ تكف ىذه العممية المحالة، وكنت منيـ فكنت ال أستطيع نـو شيء مف الميؿ ويدي تمتد ال شعوريا لتحؾ وتكشط الدمامؿ، وكاف أصعب ( 40)الصعبة أكثر مف

وكاف معناه العدوى المستمرة، العدوى الذاتية أو العدوى لمغير، فبل حوؿ وال قوة إال .. يؼ والتطييرشيء موضوع التموث وعدـ إمكانية التنظ .باهلل العمي العظيـ

6/2/1982يـو

يبددور الحبلقة ذلؾ الببلء وتمؾ المحنة األسبوعية الرىيبة أصبح قريبا منا وىا نحف نسمع صوت الكرباج المعيف يمزؽ السكوف، وىو يصفع وي .أجساـ إخواننا المعتقميف في أحد المياجع القريبة، برح الخفاء وتوضح األمر

نعيد لو واشتد بنا األلـ والقير فمذنا باهلل سبحانو نشكو إليو بغي الفجار األشرار، وبعد ساعات طويمة مف القير والعذاب مع تعذيب إخواننا لـحبلقيف أماـ باب ميجعنا بعد أف جرى تبديؿ الزبانية بآخريف، وخرج عشرة منا وراء عشرة مثيبل قببل جاء دورنا واستقر زبانية السجف مع ال

(.حسب العادة التي درج عمييا زبانية سجف تدمر أخيرا )لمحبلقة حسب طمب الزبانية فاصطفوا ووجوىيـ إلى الجدار

ي يمارسيا الزبانية عمينا لكثرة ما نالنا منيا ولكف كما أف السمو فقد حفظنا نظاـ الحبلقة ىذا وأسموبو كما حفظنا أساليب الضرب واإليذاء التوالرفعة عند أىميا ليس لو حد فإف بغي الظالميف والزبانية الفاجريف في سجف تدمر ليس لو حد، وما يتوقع ممف ماتت ضمائرىـ وسقطت

!!ادمروءآتيـ وامتؤلت قموبيـ بالحقد البغيض، فمـ يعودوا يستسيغوف سوى الشر والفس

جاء أحد الزبانية وىو يصرخ بحقد مسعور وانقض بكرباجو الثقيؿ يضرب رؤوسنا وظيورنا بقسوة، ومع غموه وشدتو في الضرب وفي الشتائـ وقفوا لجيب .. ىمؽ بفرجيكف.. يا كبلب يا عرصات: )البذيئة والتيديد الرخيص الذي كاف يكيمو لنا فإف ذلؾ لـ يشؼ غيظو فقاؿ بحقد

..(!!ا حقيريفي.. العصاي

و يقود وتمنينا أف يكوف تيديده فارغا ولكف لـ نمبث إال قميبل حتى أخذنا نسمع صرخات ألـ شديدة مفاجئة يتخمميا صوت الجبلد المعيف فواز وى .عممية الضرب والتعذيب الرىيبة

ضربات وأشفعو بالسباب والتيديد والوعيد، وكاف وبينما كنت أحمؽ ىجـ عمي الجبلدوف وضربني أحدىـ بالكرباج الثقيؿ عمى أـ رأسي عدة المنتيوف مف الحبلقة يوجيوف إلى زاوية الباحة حيث كانت عممية العذاب الرىيبة، فمما وصمت إلى ىناؾ وبينما كاف الجبلد فواز يصرخ بي

نوؽ يا اهلل يا اهلل، وىجـ عمي انقض الجبلد حامؿ العصا فحطـ ظيري بضربة شديدة وقعت عمى أثرىا عمى األرض وأنا أصرخ بصوت مخ .جبلد آخر وأخذ يضربني بالكرباج عمى رأسي

استمرت الحبلقة واستمرت حفمة العذاب الرىيبة وضربات العصا اليائمة تحطـ ظيور المعتقميف وتفمؽ رؤوسيـ، وتكسر عظاميـ ساعات طويمة أصيب بكسر في األطراؼ، الرجؿ الطيب ابف الخامسة والخمسيف ىائمة، كانت حصيمتيا إصابة أكثر اإلخوة برضوض شديدة أو كسور وممف

عاما أبو جميؿ فقد كسرت يده قرب الكوع، وكسرت يد معتقؿ آخر يدعى أبا أحمد وىو صائغ حمبي، واألخ أبو إبراىيـ كسرت يده مف العضد، بضربة عصا عمى رأسو ( صبلح)صيب معتقؿ يدعى بينما كاف عدد مف اإلخوة ال يستطيعوف الحركة مما أصاب ظيورىـ مف التحطيـ، وقد أ

ه تسببت في حدوث ارتجاج في الدماغ أدى إلى إصابتو بشمؿ تاـ فقد معو النطؽ والحركة، لـ تكف ىذه المرة األولى التي نفاجأ فييا بمثؿ ىذذي الحقد " فواز"ىو غدر الجبلد المعيف اليجمة الرىيبة مف التعذيب، ولكنيا كانت ىجمة رىيبة ومحنة قاسية مريرة عمى أي حاؿ، ولكف ىذا

.األسود والسعار

ومما زاد األمر سوءا وبشاعة عدـ التفات إدارة السجف الظالمة إلى معالجة أي مف ىذه اإلصابات التي عمت المعتقميف في سجف تدمر، بؿ ا تبيف لمف مف أحاديث الجبلديف أف جبلديف آخريف مف كاف الزبانية يمنعوننا مف ربط ىذه اإلصابات أو تضميدىا زيادة في النكاية بنا، كم

.خارج السجف مف المخابرات وغيرىـ يحضروف إلى سجف تدمر ويمارسوف تعذيب المعتقميف بسادية غريبة

التفقد 8/2/1982يـو

حة، حيث يفتح الزبانية باب في الساعة الثانية بعد ظير كؿ يـو نقؼ في صؼ خماسي في وسط الميجع استعدادا لمتفقد الذي يتـ في الباالميجع حيف حضورىـ ونخرج فنصطؼ في الباحة، ويعدنا الرقيب ثـ يعاد إدخالنا إلى الميجع، وكنا نتعرض خبلؿ ىذا التفقد اليومي لكثير

ا إلى اهلل، وكاف الرتؿ مف الضرب والعذاب، ويخترعوف منو أشكاال وصورا عديدة يوقعونيا بنا، وكاف شعارنا الصبر والثبات، ومبلذنا وممجأناألوؿ والصؼ المواجو لمجبلديف مف اإلخوة يتعرض لمضرب والتعذيب بألوانو وأشكالو المختمفة، بعكس األرتاؿ والصفوؼ األخرى، فقد كانت

، وكاف الشباب بمنجاة مف تعديات الجبلديف نوعا ما، فكاف اإلخوة يبعدوف كبار السف والمرضى عف الصفوؼ المقابمة لمجبلديف رحمة بيـ .يندفعوف إلى ىذه الصفوؼ بشجاعة منقطعة النظير

صراخ الجبلديف وعويؿ واستغاثات .. وسمعنا مف بعيد ضجة غريبة وأصوات صراخ مختمفة!!.. تأخر التفقد اليـو عف موعده المعتادأف العذاب بحفبلتو وأشكالو ال ينقطع، وأف أصوات كانت ىذه الضجة تعمو وتشتد حينا ثـ تسكف وتيدأ حينا آخر، مع أننا نعمـ..! المعذبيف

التعذيب وصراخ المعذبيف حدث واقع مستمر، فإف ما جعمنا نستغرب األمر ونرتاب فيو ىو حدوثو في مثؿ ىذا الوقت مف النيار، مترافقا مع .تأخر زبانية السجف في إجراء التفقد األمر الذي لـ نعيده قببل

ولكف ضجة التعذيب أخذت تقترب منا وبدأنا نسمعيا بوضوح، وجاء .. أف نجد ليذا األمر الذي أثار قمقنا تفسيرا لزمنا الصمت التاـ عسى وحسب العادة فإف مجموعة مف الزبانية تفتح المياجع بالترتيب وتخرج المعتقميف ليصطفوا .. الزبانية وأخذوا يخرجوف نزالء مياجع باحتنا لمتفقد

.رقيب فيعدىـ ثـ يدخميـ الزبانية ثانيةأماـ الميجع ثـ بأتي ال

تة فتح الزبانية باب ميجعنا وأمرونا بالخروج بأصوات منكرة، مع ألفاظ التيديد والوعيد، وكاف الجبلد فواز بميجتو الحاقدة يصرخ بنا بشما (..طمعوا لنشوؼ يا حقراء.. طمعو يا كبلب لبرا لفرجيكف)وتشؼ

ميجع بانتظار التفقد ارتفعت ضجة التعذيب أماـ باب الميجع القريب، ولمحنا باستغراب واستيجاف ما كاف وبينما كنا نقؼ في الصؼ أماـ الفقد انقض عمييـ الزبانية يضربونيـ ويعذبونيـ وىـ يحاولوف دخوؿ الميجع، وعدنا الرقيب بسرعة بينما كاف نفر مف ( 25)يجري لنزالء الميجع

.ويضربوف بعض إخواننا الزبانية األنذاؿ ينقضوف عمى الصؼ

وفي العادة أف الرقيب بعد أف ينتيي مف العدد يسأؿ رئيس الميجع عف عدد المعتقميف في ميجعو ويجب أف يطابؽ بعد ذلؾ العدد الذي حصؿ .عميو الرقيب، ثـ يأمر المعتقميف بدخوؿ الميجع

وجاء ( العصي ليوف: )وصرخ يدعو الجبلديف لمحضور.. ؿ الميجعوقد فعؿ الرقيب وأمرنا بدخوؿ الميجع، لكف الجبلد فواز منعنا مف دخو الزبانية يتراكضوف وبأيدييـ العصي الرىيبة، واصطفوا عمى طريؽ دخولنا إلى الميجع، وىيأوا أنفسيـ وحضروا عصييـ، وصرخ الجبلد فواز

قض عمينا الزبانية يحطموننا بعصييـ، واشتد الضرب وما أف سرنا نريد دخوؿ الميجع حتى ان..( واحد واحد عالميجع يا كبلب: )بحقد وتشؼوعبل الصراخ وحمي وطيس التعذيب وىاجـ الزبانية أوائؿ الصؼ وأخذوا يضربونيـ، فاضطرب النظاـ واندفع األخوة يريدوف دخوؿ الميجع

ب الميجع، وبدأ المعتقموف يتساقطوف عمى والزبانية يحيطوف بيـ ويضربونيـ عمى أي مكاف تصؿ إليو عصييـ، واشتد الزحاـ والتدافع عمى بااألرض تحت وقع ضربات العصي، وتراكموا فوؽ بعضيـ البعض حتى أغمؽ الكـو البشري باب الميجع أو كاد، وفشت اإلصابات والجروح

العوف إلخوانيـ والكسور، وعمت ضجة العذاب وتمكف عدد مف األخوة مف دخوؿ الميجع رغـ كؿ ذلؾ، فمـ يقعدوا ولـ يتوانوا عف مديد المكوميف عمى األرض في باب الميجع، فاندفعوا يجذبوف ويحمموف منيـ الواحد بعد اآلخر ويدخمونيـ الميجع، ويأخذوف األعمى فالذي يميو

، كؿ ذلؾ والضرب مستمر والزبانية ماضوف في ىجمتيـ الفاجرة .لعدـ إمكانية تحريؾ أولئؾ الذيف ىـ في أسفؿ الكـو

كاف . لبشري يتناقص شيئا فشيئا حتى تمكنا مف إدخاؿ جميع األخوة المعتقميف، وأغمؽ الزبانية الباب ومضوا ييزأوف ويضحكوفوأخذ الكـو ااالضطراب الشديد يعـ الميجع جميعو، وصراخ المعذبيف وأنينيـ يمؤل المكاف، وكاف عدد كبير مف اإلخوة المعتقميف قد استمقوا في جوانب

صاباتو، كاف ممف حولي مف اإلخوة المعتقميف واحد يضع يديو عمى جرح كبير في جبيتو الميجع بيف مغمى ع ميو أو ىو يغالب آالمو وا وثالث يضع كمتا يديو عمى رأسو فوؽ جرح كبير نازؼ . ظيري: والدماء تسيؿ منو وقد مؤلت يديو ووجيو وثيابو، وآخر يتموى وىو يصرخ

رجمي، وألوؿ مرة، : يدي، وذاؾ: ىذا يصرخ.. و حيث يبدو مف تألمو أنيا مكسورة وخامس وسادسورابع يمسؾ إحدى يدي. تسيؿ منو الدماءارتفعت األصوات في الميجع المصاب رغـ تعميمات السجف بمزـو الصمت التاـ، وكاف بيننا عدد مف األطباء لكنيـ كانوا مشغوليف بأنفسيـ

.وبإصاباتيـ

ة ضارية شديدة، نشط بعض األخوة يسعفوف المصابيف ويربطوف جروحيـ ويضمدوف إصاباتيـ بدا الميجع وكأنو ميداف حدثت فيو معرك .ببعض قطع الثياب الداخمية

9/2/1982

لـ نستطع إدراؾ األسباب الحقيقية لما جرى البارحة وكثرت التأويبلت، فأوؿ بعض األخوة المعتقميف السبب إلى كثرة مخالفات األحداث في .وأنيـ ال يرىبوف كرباجا وال عذابا ( 32 – 31)ميجعييـ

وأوؿ آخروف السبب فيما جرى بأنو التكبير القوي الذي ارتفعت بو أصوات الذاىبيف إلى اإلعداـ منذ .. فأغضبت أفعاليـ زبانية سجف تدمروتعممف 1982شباط 9ذا التاريخ احفظوا ى: وقمت.. يوميف، وأكد بعض األخوة أف نزالء بعض المياجع وخاصة األحداث شاركوا في التكبير

..نبأه بعد حيف

وفي موعد لـ يخطر ببالنا أف يتكرر حادث األمس الرىيب، ومع ذلؾ فقد ىيأنا أنفسنا لما قد يكوف والتجأنا إلى اهلل سبحانو بالدعاء واالستغاثة، ..يضا ولكف ذلؾ ما حدثالتفقد ذاتو، كذبنا سمعنا، ولـ نرد نصدؽ أف حفمة تعذيب البارحة ستتكرر اليـو أ

في فقد أعاد الزبانية ىجمة العذاب مرة أخرى، ولما جاء دورنا وعدنا الرقيب كاف الجبلد فواز مع نفر مف الزبانية يقفوف في طريقنا والعصيوف واحدا إثر اآلخر، أيدييـ، وما لبثوا أف انقضوا بيا عمينا ونحف نحاوؿ دخوؿ الميجع، واستعر الضرب الشديد وتساقط األخوة المعتقم

وتراكمت أجسادىـ في باب الميجع في ىـر ارتفع أكثر مف متريف حتى سد باب الميجع أو كاد، وعبل الصراخ وأصوات االستغاثة وضجيج ات العذاب، وكنت في ىذه المرة مف أوؿ مف وقع بيـ الضرب، فوقعت في باب الميجع وتكـو فوقي عدد كبيرا مف اإلخوة وداست رجمي عشر ض األقداـ ووقع بيما الكثير مف الضرب والتجريح، ثـ تغطتا باألجساد البشرية، وكانت رقبتي عمى عتبة باب الميجع المرتفعة عف مستوى األر

ذف لقضي عمي خنقا 20بحوالي .سـ، وليا زاوية حديدية حادة، ومف لطؼ اهلل أني لـ أتعرض لشيء مف الضغط مف ىذه الجية وا

وة الذيف تمكنوا مف دخوؿ الميجع جذبي مف تحت الكـو البشري ولكف دوف فائدة، فقد كنت مثبتا إلى األرض بقوة ورجوتيـ حاوؿ بعض األخ .تركي وشأني واالىتماـ باإلخوة اآلخريف

ص ما وسعو فمـ أحد األخوة الذيف سقطوا فوقي جاء رأسو محصورا بيف ركيزة الباب وبيني وسقط فوقو آخروف، فكتمت أنفاسو حاوؿ التمميستطع حتى أشرؼ عمى اليبلؾ اختناقا وتشيد وزاغ بصره وأغمي عميو، ولكف تداركتو رحمة اهلل فقد أنقذه األخوة في آخر لحظة وحمؿ إلى

.الميجع

يد، وضاؽ الحاؿ بنا ونحف كاف لدينا اليـو كثير مف اإلصابات الشديدة والكسور والجروح النازفة، وقمت األلبسة الداخمية الصالحة لمربط والتضم .نرى أف أغمبنا كاف بيف مكسور أو مجروح أو منيؾ

1982شباط 10يـو

.ىا ىو ذا اليـو الثالث منذ تمؾ اليجمة الرىيبة مف العذاب الذي فاجأنا بو زبانية سجف تدمر

لدعاء واالستغاثة والتضرع، وحاربنا الظالميف بالذكر تحضرنا لمتفقد الرىيب فتسمحنا بالوضوء حتى نمؽ اهلل عمى طيارة إف قضينا، وتذرعنا باوالتبتؿ، ووضعت بعض الخطط لتبلفي األزمة التي تحصؿ في الباب، وتحضر بعض أقوياء األجساـ ليقيموا الواقعيف في الباب، وتواصينا

خوة وندخؿ سريعا أفضؿ مف أف نتراكـ وألف يصاب بعض األ.. بالشجاعة والثبات، وأف ندخؿ بنظاـ دوف خوؼ لف ويصيبنا إال ما قدر لناعمى الباب فبل نستطيع الدخوؿ إال بعد حيف، وحفظ كؿ منا دوره في العمؿ وواجبو في التحرؾ السميـ المنضبط، ووقفنا في الصؼ الخماسي

األخوة المصابوف أو بانتظار التفقد، وثارت األصوات أصوات التعذيب مف جديد، كانت محنة العذاب عمى أشدىا في المياجع، وتحضر (.ألف وضع الضمادات ممنوع)المضمدوف بضمادات ظاىرة فنزعوىا

.كأشد ما تكوف( 26)ووصؿ الدور إلى باحتنا وخرجنا إلى الباحة واستعرت معركة الضرب عمى باب الميجع السابؽ

دأ الضرب والتحطيـ واستعرت ممحمة العذاب مف وجاء دورنا فأتى الجبلدوف راكضيف يصرخوف بأصوات منكرة، وانقضوا عمينا بعصييـ وبجديد، ودخؿ بعض األخوة الميجع رغـ الضرب الشديد، وحمؿ بعضيـ حمبل إلى الميجع أو جروا جرا، ونشطت عمميات اإلنقاذ ولكف

.الواقعيف أماـ الباب عادوا فتكدسوا مف جديد لميـو الثالث

أو اليـر البشري، حاولت أف أقؼ في مكاني قدر اإلمكاف حتى ال أوذي إخواني أو أدوس لـ أتمكف اليـو مف الدخوؿ وحصرت خارج الكـو أحدا منيـ، فوصؿ إلي أحد الجبلديف وحطمني بعصاه المرة بعد المرة، وسارعت أبتعد وأدافع بيدي عف رأسي ومف ثـ أدس نفسي بيف إخواني

.عركة عمى أشدىا، وقد بمغ األمر مداه وضاؽ الحاؿ، حتى أذف اهلل بالفرجومضت الدقائؽ والم.. في الكـو محاولة لمدخوؿ فالكـو أرحـ

أفواج إعدامات 1982شباط 15

.صدؽ اهلل العظيـ( مف المؤمنيف رجاؿ صدقوا ما عاىدوا اهلل عميو، فمنيـ مف قضى نحبو ومنيـ مف ينتظر، وما بدلوا تبديبل )

أخذ الجبلدوف يطمبوف األفواج إثر األفواج، فيأخذونيـ إلى الموت حتى كادت عمميات نشطت عمميات اإلعداـ الجماعي بعد ىدوء نسبي، و اإلعداـ تكوف يومية، وغدت رحمة الموت تتـ بسيولة ويسر وكأنيا نزىة، يطمب المعتقؿ مف ميجعو، ويقاؿ لو محاكـ، ثـ يؤخذ وىو معصوب

ه عمى الخشبة معمقا مف رقبتو، وخبلؿ نصؼ دقيقة أو أقؿ يكوف قد قضى العينيف موثؽ اليديف فما ىي إال ساعة أو بعض ساعة حتى يرفعو ما يجد الشييد : وصعدت روحو إلى بارئيا حيث األماف والسبلـ وما يشعر باأللـ إال كمثؿ القرصة كما أخبر النبي صمى اهلل عميو وسمـ بقولو

ء الظالميف المجرميف فما يعود باستطاعتو الجبلد فواز وال زبانيتو مف مس القتؿ إال كما يجد أحدكـ مف مس القرصة، وينجو مف كيد ىؤال ..الوصوؿ إليو بأي أذى أو عذاب

ويصرخ باألسماء مف خبلؿ الفتحة .. تبدأ رحمة الموت ىذه المرة بالرقيب يقؼ وراء باب الميجع المغمؽ وفي يده قائمة طويمة مدروزة باألسماءال يدري أحد ىؿ يصرخ باسمو؟ ىؿ جاء دوره لرحمة الموت؟ إنيا فرصة لمنجاة مف ىذا .. وقوؼ مطرقوف والكؿ في الميجع( الشراقة)الصغيرة

ت السجف الرىيب، وىذا الموت البطيء عمى أيدي الجبلديف، ودعنا الدنيا وأقبمنا عمى اآلخرة نتصور ما فييا مف راحة وأماف حيث تنعدـ قدرا .ث يناؿ المعتقؿ العدالة التي مات محروما منياوحي.. قوى الشر ىذه أف تناؿ أحدا بأذى

شيادة في سبيؿ اهلل أـ ال؟ وىـ يروف أفواج الذاىبيف إلى اإلعداـ وقد تتابعت وفييا مف ( شنقا )ىؿ ىذه القتمة : كاف كثير مف األخوة يتساءلوفومنيـ مف عمؿ لدينو وربو ومف لـ يعمؿ وكاف .. تدمر كاف في حياتو السابقة تقيا صالحا، وفييـ مف لـ يكف كذلؾ إنما ىو مف تائبي سجف

بعض المتسائميف مف الميدديف باإلعداـ ولـ يروا ليـ كبير عمؿ أو صبلح يشفع ليـ، فيـ يريدوف أف يطمئنوا عمى المصير وكانوا يقولوف ا واعتقموا عمى غرة فجيء بيـ إلى ىذا المكاف نحف لـ نقـ بكبير عمؿ بؿ لـ نعمؿ شيئا يذكر في سبيؿ اهلل؟ وكاف كثيروف قد أخذو : حائريف

يقولوف نحف .. أو لغير ما ذنب أو جريرة.. أو لتيمة لـ يتمبسوا بيا.. حيث يواجيوف الموت ويتعرضوف لئلعداـ لعمؿ بسيط لـ يعرفوا لو قيمة .ما جاىدنا في سبيؿ اهلل

مر عمى صورة أوضح، فقمت ليـ بصراحة يا إخوة أنتـ تدعوف أنكـ لـ وكاف بعض ذوي العمـ يرجعوف األمر إلى مشيئة اهلل، ولكني أجد األوبالتالي فنحف ال ندري ما نتيجتنا عند اهلل، وىؿ يمكف أف نحسب شيداء في سبيمو فإني أقوؿ لكـ .. تفعموا شيئا وتقولوف لـ نجاىد في سبيؿ اهلل

خوانكـ ولـ تسكتوا عف أنتـ مع سيد الشيداء حمزة رضي اهلل عنو أ: ال تطمينا وال رياء سد اهلل وأسد رسولو، إنكـ لـ ترضوا بالظمـ يقع ببمدكـ وا ، الظالـ ولـ توافقوه عمى ظممو وفجوره فمف قتؿ بيد ىذا الظالـ الفاجر فيو مع سيد الشيداء حمزة رضي اهلل عنو في أعمى الجنة إف شاء اهلل

ورجؿ قاـ إلى إماـ جائر فوعظو ونياه فقتمو وأنتـ كذلؾ ( ء حمزة رضي اهلل عنوسيد الشيدا)مصداؽ قوؿ النبي صمى اهلل عميو وسمـ ووعده .فاطمئنوا وأبشروا رحمكـ اهلل

كاف أكثرىـ مف .. أخذنا نودع في كؿ يـو أو يوميف عددا مف اإلخوة الذيف عشنا معيـ وعرفناىـ وأحببناىـ وارتبطنا بيـ برباط األخوة في اهلللـ يعرفوا إال التقى ( المراىقة)أطيار كأكماـ الورد حييوف كالعذارى لـ يعرفوا وىـ في ىذه السف انحرافات .. الزىور الشباب الصغيريف في عمر

نعـ والصبلح والنقاء والصفاء والطيور، دؤوبوف عمى العمؿ والدراسة والمطالعة واكتساب المعارؼ والدعوة، فكانوا نعـ الشباب ونعـ الدعاة و .الرجاؿ

وقد عـز كؿ منيـ أف ينمي ( ع.ـ)و ( ؽ. ع)والشاب ( ؿ. ـ)كرتي وأنا في محبسي إلى البارحة تماما كاف يجمس ىنا بجانبي الشاب أعود بذالجناف، ثقافتو ويغذي أفكاره بالقرآف وعمومو وبالسيرة النبوية، وبالحديث النبوي، فيو مقبؿ عمى العمؿ مقبؿ عمى اهلل، مقبؿ عمى الخير ثابت ا

و أىواؿ السجف ولـ تفقده سبلمة تفكيره ولـ تؤثر في ىدوء أعصابو، وىو يعمـ يقينا أف أجمو أصبح قريبا وأف أيامو أصبحت معدودة، لف ترعببؿ كاف يضحؾ لغباء الجبلديف وىـ يظنونو خائفا أماميـ ويعجب لتعنت سادتيـ الطاغيف في عداء الحؽ والنور والخير، وفي االعتداء عمى

لغاء كؿ الحقوؽاألبرياء و بؿ كاف بعض ىؤالء الشباب يعاند الجبلديف في سجف تدمر الرىيب في . في الظمـ والفجور والتعدي الصارخ وا أنا أشتيي أف أضرب عمقة ساخنة في : شجاعة فائقة واستيتار شديد بيـ بسياطيـ وبسادتيـ، فإذا خوفو زمبلؤه مف الضرب والعذاب قاؿ ساخرا

..سبيؿ اهلل

1982شباط 21يـو

يعانوف مف مشكمة، فقد سمعناىـ وىـ يضربوف الباب ويطمبوف مف الحرس اإلببلغ عف وجود مريض في خطر لدييـ، ( 28)نزالء الميجع ف لمكاوراقبنا ما يجري، جاء الزبانية وطمبوا منيـ إخراج المريض عمى بطانية فمما أخرجوه إلييـ وأغمؽ الباب وراءه، سألو أحد الزبانية عف ا

الذي يؤلمو فأشار المعتقؿ إلى صدره وبطنو، فانقض عميو وأخذ يضربو بعصا غميظة كانت معو عمى صدره وبطنو والمريض ينتفض بيف يديو .ولف يتركو حتى أيقف أنو فارؽ الحياة

1982شباط 25

واألحد واالثنيف واألربعاء، ففي كؿ صباح استمر سيؿ اإلعدامات حتى لقد تمت عمميات اإلعداـ خبلؿ أربعة أياـ مف ىذا األسبوع السبتننتظر قائمة جديدة وذاىبيف إلى الموت نودعيـ بألـ، ونجمس في صمت وقير نناجي ربنا ونضرع إليو، ونستغيث بو طواؿ ساعتيف أو ثبلث

لـ يكف بيننا وبيف اآلخرة إال شيء يسير، حتى تنتيي عمميات اإلعداـ وال تنقضي األحزاف، وال اآلالـ، فأيامنا مميئة برائحة الموت واإلعدامات، وخبلؿ دقائؽ معدودة يكو كؿ شيء قد تـ وحدثت تمؾ النقمة التي يعدىا الناس كبيرة وما ىي إال يسيرة .. ورحمة قصيرة مف ىنا حتى الورشة

خبلؿ دقائؽ أو ثواف يحيا حياة األرواح ..ىينة، فما إف يمتؼ الحبؿ الرفيع عمى العنؽ ويعمؽ المعتقؿ مف رقبتو، حتى يكوف في الحياة األخرى.. حيث ال ظمـ ال بغي وال كرابيج وال عذاب وال قير وال جوع وال عطش. عند رب الدنيا واآلخرة، حيث الكـر اإلليي والعدؿ الرباني والرحمة

نقوؿ ما أىونيا رحمة وما أجمميا مف .. وتنتيي اآلالـ وينجو المعتقؿ مف معتقمو وعذابو وجبلديو في سجف تدمر، لذلؾ كنا نناقش ىذا األمرولوال أف النبي صمى اهلل عميو وسمـ نيى أف يتمنى المسمـ الموت عند الضر، لتمنينا ىذه الموتة، خاصة .. فرصة لمنجاة والخبلص والراحة

البعض ال يريد أف يفرط في نعمة اهلل التي أنعـ لذلؾ كاف .. وأنيا شيادة وأف وراءىا رضواف اهلل ورحمتو، وأف وراءىا فوزا وخمودا وحنانا وجنانا

ال تمتني .. يا رب.. يا رب.. يسر بو في مناجاتو لربو فيقوؿ ضارعا يا رب.. بيا عميو مع ما في ذلكـ مف ضر وعذاب، ولكف بيدؼ وحيد ..الباغيف المجرميف أعداء الحؽ والديف.. ىاىنا ولكف أمتني يا رب شييدا في ساحات القتاؿ وأنا أحمؿ السبلح محاربا لمظمـ والظالميف

ت، كانت لنا مبلحظات في األياـ األخيرة منيا أف صوت التكبير قد خمد، فمـ يعد يسمع بتاتا خبلؿ عمميات اإلعداـ حتى الزفير وحشرجة المو غريبا لـ نجد لو تفسيرا إال أف يكوف الزبانية وكاف أمرا .. إال نادرا وكأنما كتمت أنفاس ىؤالء المعدميف عند تنفيذ اإلعداـ.. لـ نعد نسمعيا

.يكمموف أفواه المعدميف

نبوغ األمييف

ابف العشريف عاما يحفظ حتى الجزء الخامس ( ي س)فيا ىو األخ . ىناؾ مف المعتقميف األمييف مف نبغ في حفظ القرآف وتفيـ معانيوي ال يعرؼ األلؼ مف الياء وال التاء مف الخاء، عاش يتيما مف األب، وتربى عمى والعشريف حفظا دقيقا، بإصرار ومثابرة وتدقيؽ، وىو الذ

سنة وكاف المزاح ( 16)تمازحا يوما وىما في سف الصبية المراىقيف .. وكاف لو زميؿ ورفيؽ صبا يحبو وال يفارقو( شقاوة األوالد)العمؿ والشقاوة وكادت تقضي عميو، فحمؿ إلى المستشفى، وفر الزميؿ خائفا ولكنيا كانت ( ي س)األخ فشقت بطف ( وىي سكيف فوالذية قاطعة( )بالقندرجية)

ليمقيا .. وعاد الزميبلف إلى الصحبة وعزما عمى السفر في ىذه السف، وسافرا مئات الكيمو مترات بعيدا عف األىؿ والبمد، ولكنيما عادا.. مزحةوحقؽ معيما وسيقا سوية إلى سجف تدمر العسكري، فيما اليـو غارقاف في المحنة مقببلف واعتقبل .. أو ما قدر اهلل ليما مف محنة.. قدرىما

بز الجميع بنشاطو وصبره ومثابرتو فيا ىو يحفظ ويأخذ مف معيف القرآف بدأب ونشاط وتدقيؽ ( ي س)ولكف .. عمى اهلل، مندفعاف إلى القرآفوىو معيما الفارس .. وكبلىما مف أنشط مف في الميجع في حفظ القرآف( ج. ـ)عي ف ويمـز الميندس الزرا.دوف ممؿ وىو يرافؽ المعمـ أبو

كاف المجمي حفظ كؿ ما في الميجع مف قرآف، وفي الميجع الجديد الذي نقمنا إليو بعد ذلؾ، اندفع يحفظ ويحفظ، مما أفاء اهلل عمينا مف قرآف،وىو يقرأ كؿ يـو ثبلثة أجزاء .. السورة األخيرة ويكاد يكمؿ حفظ القرآف كمو غيبا وىكذا حتى رأيتو أخيرا وىو يحفظ .. محبوسا وغائبا عنا

فيومو كمو قرآف وتبلوة وذكر وحفظ ومراجعة، .. آية يكررىا ويرددىا ويقرأىا مع آيات قبميا مف السورة نفسيا 15 – 10مراجعة، ثـ يحفظ مف وحده، كاف يبحث ىنا وىناؾ عف عمـو إسبلمية أخرى يغذي بيا روحو، وينمي ومع ذلؾ لـ يكف يقتصر في سعيو وطمبو لمعمـ عمى القرآف

؟..مالنا حؽ عميؾ.. نحنا مالنا دور: معرفتو، وكاف يعتب عمي المرة بعد المرة وىو يراني أجالس بعض الشباب والطبلب فيقوؿ

فيو عف األنبياء وسيرتيـ، وعف االبتبلء والمحنة وىكذا كاف لي معو ومع إخوة آخريف مجمس يومي نتحدث.. لؾ حؽ وكؿ الحؽ: فأقوؿ لووكاف يغـر بيذه األحاديث وسمع السيرة وأغـر بيا، وأراد أكثر وكاف لو بعض ما أراد، فيو ال يريد أف .. والصبر والفرج والنصر في حياتيـ

في وجو غضبو شيء، فإذا غضب وثار يقؼ عف التعمـ والتفقو وكاف مف طباعو الغضب، فقد كاف غضوبا شديد الغضب، ال يكاد يقؼ لمحؽ يمتيف أو يضيع، فيو يثور لمخير ال : وكاف غضبو والحؽ يقاؿ.. وعربد، واضطرب جسمو، واحمر وجيو، وىدد وتوعد وأرغى وأزبد

ب عمى العمؿ لنفسو، ولكف بطريقتو الخاصة فإذا سوي األمر واسترضي رضي وفاء وندـ، فنعـ الغضب ونعـ الرضى، وىو بعد ذلؾ نشط دؤو شجاع حيف الخطر، وصبور عمى الشدائد، تراه صابرا عمى الببلء محتسبا ما ينالو عند اهلل، رغـ المحنة التي طالت دوف أي بصيص أمؿ في

ال التوكؿ عمى اهلل .الفرج، إال األمؿ باهلل، وا

1982آذار 7

رئيس الميجع عمى ذكر العدد الكامؿ لممصابيف، ألنو كاف يشمؿ كؿ مف جاء الجبلدوف فجأة فسألوا عف عدد المصابيف بالجرب، فمـ يجسرـ في الميجع، وخشي مف غضب الجبلديف فخفضو إلى الربع تقريبا، فذكر لو أف العدد أربعوف مصابا، فطمبيـ الزبانية وأخذوىـ إلى الحماـ ث

، فدىنوا بيا أجسادىـ ولـ يسمـ ىؤالء مف تعديات الزبانية وزعوا عمييـ كمية مف دواء الجرب بمعدؿ زجاجة صغيرة لكؿ أربعة مصابيف .وضربيـ

8/3/1982

وقد تبيف لنا أف العبلج أصبح مف اختصاص الزبانية وحدىـ، كما تبيف لنا أيضا أنيـ يبدوف شيئا مف التساىؿ في المعاممة بالنسبة لما قبؿ،ف أف المصابيف بالجرب أكثر مف ذلؾ بكثير، فخرج عدد أكبر مف السابؽ عادوا أمس فطمبوا مصابيف آخريف بالجرب، فقد كانوا يعرفو

.فعالجوىـ أيضا

ورغـ أف ذلؾ العبلج كاف اعتباطيا فقد شعرنا بتحسف كبير، وتراجعت حدة المرض التي كنا نعاني منو األمريف، ولكنو تحسف وقتي ال يمبثمف أجسامنا التي لـ تعالج جيدا، ومف ثيابنا المموثة وبطانياتنا التي لـ تغسؿ أو تغمى أف يزوؿ ألف حشرة المرض ال زالت متمكنة منا جميعا

.مطمقا ولـ تر الشمس إال نادرا

1982آذار 9يـو

نوف عدة مياجع جديدة في الجية الشمالية الغربية مف السجف، إلضافتيا إلى عممنا أنيـ يعمموف عمى توسيع سجف تدمر المعيف ىذا فيـ يبفييا المياجع الحالية، مف أجؿ استيعاب األعداد الكبيرة مف المعتقميف التي يؤتى بيا إلى السجف، بعد أف امتؤلت المياجع الحالية وغصت بمف

.مف المعتقميف، ولـ يعد فييا موطئ قدـ

1982آذار 12

سجف تدمر اليـو حركات غير عادية وتنقبلت واسعة، وحيث أف ىذه التنقبلت ترافقت مع فترة انفراج وتحسف في المعاممة شيئا ما فقد شيد .أممنا مف ورائيا خيرا

ثـ ( منيـوكنت )وأخرجوىـ مع أغراضيـ ( كؿ مف أتـ سنتيف في سجف تدمر)جاء الزبانية إلى مياجع باحتنا فطمبوا المعتقميف القدامى .الذي وجدناه فارغا ( 32)وضعونيـ في الميجع

31)نقؿ المعتقميف األحداث الذيف كانوا يشغموف الميجعيف : وعممنا مف بعض األخوة المعتقميف أف مف التنقبلت التي حصمت في السجف ىيالمياجع الجديدة، ثـ أخذ المعتقموف القدامى فوضعوا إلى( 8)إلى المياجع الجديدة في الباحة السابقة، ونقؿ نزالء ميجع البراءة رقـ ( 32 –

!!معتقميف فقط( 110( )32)في المياجع الفارغة، ونتيجة ليذه التنقبلت فقد خفت الكثافة عما قبؿ وأصبح عددنا في ميجعنا الجديد رقـ

1982آذار 13

.معتقبل في ميجعنا 135ارتفع العدد مف جديد إلى أحضر الزبانية عددا مف المعتقميف مف المياجع األخرى فضموىـ إلينا حتى

فقد طمب الزبانية المحكوميف .. وجاء الرقيب الجبلد فطمب طمبا كانت لو نتائج مثيرة أجبرتو عمى العودة إلى أسياده الستفسارىـ مف جديدوا أمامو وكميـ قد حكـ لو بالبراءة مف قبؿ جبلدي بالبراءة في ميجعنا، ولقد رأيت أف قريبا مف نصؼ األخوة المعتقميف في الميجع قد اصطف

.المحاكـ الميدانية ذاتيا

إما حكـ باإلعداـ فأعدـ أو حكـ باإلعداـ المؤجؿ التنفيذ، أو تبيف براءتو وىؤالء المعتقموف : وظيرت الحقيقة الدامغة فالمعتقموف أحد ثبلثة .استخداميـ في إظيار سماحة المتسمطيف في التفريج عف المعتقميف في المناسباتالمنتموف إلى الفئة األخيرة يبقى عمييـ لممساومة بيـ و

1982آذار 24

كـ مف مرة يخيب ظننا في ىؤالء الزبانية األنذاؿ، ولكف ىؿ يرجى مف العقرب إال المدغ، فصفات السوء والشر متمكنة مف نفوسيـ، ال ع ويرى ما يرتكب زبانية سجف الموت في تدمر بحؽ المعتقميف المسالميف األطيار وىو يرعووف، وعف غييـ وظمميـ ال ينتيوف، ولكف اهلل يسم

.الغيور

فيذه المعاممة التي ظنناىا تحسنت عادت أسوأ مما كانت عميو، والكرباج المعيف ال يغيب عف الساحة، أما المحف وحفبلت التعذيب المعيودةحة كاف ىناؾ تعذيب شديد منتظـ حرص عميو الزبانية، حيث كانوا ييجموف عمى الواقفيف فعادت كما ىي، ففي الحبلقة التي تمت لنا البار

قرب الجدار ووجوىيـ إليو فيجمدونيـ عمى ظيورىـ، ثـ ييجموف عمى المنتييف مف الحبلقة فيضربونيـ ويعذبونيـ إضافة إلى تعديات الحبلقيفحاقدوف، وكما تبيف لنا مف ليجتيـ وفاحش كبلميـ أنيـ مف العموييف، وكانوا وسبابيـ وفحشيـ الذي إف دؿ فإنما يدؿ عمى أنيـ موتوروف

يسحبوف المعتقؿ عمى بطنو ويرفسونو عمى خصيتو أو يمسكونو منيما ويعصرنيما عصرا شديدا حتى يغمى عميو وىـ يسبوف بفاحش القوؿ .حبلقة ذاتيا فيفتح في رأسو جرحا كبيرا نازفا الدماءبذيء الكبلـ، وكاف حبلؽ الرأس يضرب كؿ معتقؿ يحمؽ لو رأسو بماكينة ال

.إضافة إلى كؿ ذلؾ فقد تبيف لنا أف بعض الزبانية جواسيس عمى بعضيـ اآلخر، ويا ويؿ مف يضبط فيو أية رأفة بالمعتقميف

1982نيساف 13يـو

ننا بكثرة، والمعاناة مف مختمؼ األمراض تشتد يوما بعد في ىذه األوضاع القاسية والظروؼ الصعبة في سجف تدمر كانت األمراض تنتشر بي، أما الجروح واإلصابات التي كانت تصيب المعتقميف في السجف فإنيا كانت تترؾ لتمتيب وتتقيح مسببة شتى أنواع اآلالـ وأسوأ النتائ ج يـو

جميع المعتقميف إضافة إلى عد كبير مف مختمؼ دوف أف تناؿ أي عبلج، وكانت عبلئـ وأعراض سوء التغذية وفقر الدـ واضحة جمية عمى .األمراض واألوبئة

1982نيساف 17

تظاىر زبانية السجف ضد المعتقميف بيذه المناسبة وطافوا باحات السجف وىـ يصرخوف بشعارات أسيادىـ، فما ىـ إال أدوات تنفذ تمؾ .األغراض البذيئة

ى المياجع وىو كمية قميمة مف األرز المطبوخ وفاصولياء بماء البندورة، أخذ الزبانية يمنوف عمى ولما جاء زبانية السجف إلدخاؿ طعاـ الغداء إل: خذوا لنشوؼ خمي يبيف معكف، وقاؿ زبانية آخروف صراحة: وقاؿ بعض الزبانية..! المعتقميف بالطعاـ ويدلوف عمييـ بأمور اهلل أعمـ ما ىي

يش بدكف تقولوا أنيـ يطمبوف منا أف نمجد أسيادىـ ونيتؼ بشعاراتيـ، فقاؿ بعض المعتقميف راؤىـ بشيء مف الكبلـ ؟ أي ..منا نسمع كبلمكف وا .إف ما يفعمونو يدؿ عمى أنيـ منياروف ساقطوف، فبل تأبيوا بيـ.. ال: ورد معتقموف آخروف.. حتى يخففوا مف غموائيـ

الجرب يعود مف جديد 1982نيساف 27يـو

في سجف تدمر الصحراوي يجد الجرب مرتعا خصبا فيعيش ويفرخ، وال تؤثر فيو إجراءات العبلج الموضعية، وعندما وفي جو االزدحاـ الشديدتوقؼ توزيع دواء الجرب نشط المرض المعيف وغزا المعتقميف مف جديد واستفحؿ في أجساميـ، فكنت ترى الحبوب والدمامؿ وسير الميؿ

العامة الشديدة التي لـ يشيد األطباء ليا مثيبل، وكاف بيننا مف ىو طبيب مختص بيذه األمراض وعذاب النيار وىناؾ صور مف اإلصابات اخترع بعض المعتقميف العبلج بالصابوف العادي والطبي يذيبونو بالماء ويضيفوف إليو الزيت والممح . وعبلجيا، ولـ يكف يستطيع لعبلجيا شيئا .ذلؾ شيئا ويدىنوف بو أجساميـ يوميا، ولـ يغف كؿ

وكنت مصابا بالجرب أيضا، وأخذت أستعمؿ قطعة صابوف طبي أدلؾ بيا مكاف الحكة حتى تيدأ، ولـ يكف يفيد ذلؾ إال في عدـ خدش الجمد، ..ولـ يفد كؿ ذلؾ شيئا .. وكاف بعضيـ يضع الممح العادي فيدلؾ بو مكاف الحكة حتى ينزؼ الدـ منو، وكاف

1982أيار 5يـو

لزبانية مجموعة مف المعتقميف فضموىـ إلينا وتبيف لنا أنيـ مف القادميف حديثا إلى سجف تدمر، وكاف عدد ىذه المجموعة خمسة عشرة أحضر امعتقميف، وعممنا منيـ أف زبانية السجف نظموا ليـ فور وصوليـ ( 8)معتقميف، والثانية ( 10)معتقبل ثالث مجموعة تصؿ إلينا كانت األولى

كرباجا، كما ضرب عمى رأسو وظيره وغير ( 150)ضرب فيو كؿ منيـ في الدوالب ( عذاب االستقباؿ)رىيب استمر عدة ساعات حفؿ عذابفبقوا فيو شيرا كامبل والزبانية يعذبونيـ في الصباح ( 1)ذلؾ ماال يحصى مف الكرابيج والعصي، وقد وضعيـ الزبانية بعد ذلؾ في الميجع رقـ

ـ ألواف العذاب في كؿ حيف، كما عممنا أف دفعات المعتقميف مستمرة في القدـو إلى سجف تدمر بمعدؿ ثبلث دفعات أسبوعيا، والمساء ويذيقونييستعمبلف لتجميع المعتقميف الجدد وبعد أف يمتمئا عف آخرىما يفرغ أحدىما بالتناوب ( 2و 1)معتقبل، وأف الميجعيف 22وأف عدد دفعتيـ كاف

.مى بعض مياجع السجف، وأف الدفعات تأتي مف مختمؼ فروع المخابرات في دمشؽ وغيرىا مف محافظات القطرويوزع نزالؤه ع

1982أيار 11

يذائيـ، حيث كانوا يأخذوف كؿ بضعة كانت حفمة عذاب الحبلقة البارحة رىيبة قاسية، تفنف الجبلدوف خبلليا في تعذيب المعتقميف وضربيـ وا ويجعمونيـ يزحفوف عمى أكواعيـ وركبيـ حتى تسيؿ منيا ( بالشورت)يوا مف الحبلقة ويجبرونيـ عمى نزع ثيابيـ عشر معتقبل بعد أف ينت

.الدماء، وىـ يضربونيـ ويجمدونيـ بالكرابيج

أياـ، فعذب وقد أخذ الدكتور عبد العزيز الذي كاف مصابا مف قبؿ في رجميو منذ حفمة عذاب االستقباؿ وبالكاد استطاع المشي منذ بضعة وجمد حتى أغمي عميو وأدخؿ حمبل إلى الميجع، وكاف ىناؾ خبلؿ ىذا الحفؿ مف العذاب زبانية مميزوف نشطوف في الضرب والعذاب ال

.يكموف وال يمموف يحركيـ حقد أسود وتدفعيـ شياطيف اإلنس والجف

.الجمد، ويتركوف فيو كثيرا مف خصؿ الشعر ىنا وىناؾكما أف الحبلقيف كانوا يمؤلوف الوجو بالجروح، ويقطعوف منو كثيرا مف

1982أيار 14يـو

لبرا ولؾ : في الساعة العاشرة صباحا جاء الرقيب المجـر فواز وفتح باب الميجع وصرخ بصوت قاس يأمرنا بالخروج بالشورت إلى الباحة قائبل ج فبل مجاؿ وال مناص، وما يفعؿ األسير وىو في يد عدو ال يرحـ، ووقفنا بادرنا إلى نزع ثيابنا والخرو .. بالشورت.. كبلب تنفس يا عرصات

ال، حاولنا أف نصطؼ حسب المطموب فمـ .. ولؾ حقراء: في طرؼ الباحة وصرخ فواز وىو غاضب ساخط اثنيف اثنيف خبلؿ ربع دقيقة وا .ربوف أجسامنا العاريةنتمكف خبلؿ الوقت المحدد، فيجـ فواز وزبانيتو عمينا كأنيـ الكبلب المسعورة يض

اب ثـ أمرنا فواز أف نمسح أرض الباحة وننظفيا بأيدينا، وباشرنا عممية التنظيؼ أو التعذيب المؤلمة، نمسح األرض ونجمع حبات الرمؿ والتر .وغيره

وينقض عمينا ىو . تزاؿ وسخة ويأمرنا أف ننظؼ األرض جيدا ألنيا كما يقوؿ ال.. ولؾ لورا يا كبلب: ولكف فواز أخذ يصرخ مف جديد بغضب أرجعنا إلى وزبانيتو يضربوننا ويرفسوننا مع السباب وشنيع األلفاظ، واستمر الحاؿ ىكذا في تقدـ وتراجع وفواز ال ييدأ لو أوار، كمما تقدمنا مترا

..الخمؼ متريف حتى ممت األسماع الصراخ وضاقت األنفاس مف القير واأللـ

عذاب والقير في سجف تدمر تخير الجبلدوف بعض المعتقميف فأوقعوا بيـ أشد العذاب، ىذه بعض فنوف فواز وأساليبو وفي النياية ال نياية لم .المجرمة في تعذيب المعتقميف ساعة مف العذاب وكأنيا دىر لما جرى فييا مف بغي وكيد

" الجبلدوف"

(فاصبروا حتى يحكـ اهلل بيننا وىو خير الحاكميف)

تقميف في سجف تدمر أموات في حساب األحياء، أو أحياء في حساب األموات، نودع النيار وراء النيار، والميؿ وراء الميؿ، فبل كأننا نحف المعكؿ نستقبؿ في كؿ صباح إال القضباف والجدراف، والزبانية العتاة يمنوف عمينا بالمقيمات القميمة ويعذبوننا ويعتدوف عمينا في كؿ وقت وفي

منوا معاممتنا بالكرباج والعصا والقسوة والعنؼ، فيـ مثابروف عمى إيذائنا دوف كمؿ أو ممؿ، ودوف تفكير أو نظر كأنيـ آالت مناسبة، قد أدالزبانية مف الكبير المنتفش حتى ( صـ بكـ عمي فيـ ال يبصروف)ناطقة باألذى والشر يعمموف دوف عقؿ أو فكر، ال يفيموف وال يسمعوف

ور، ولكنيـ معروفوف موصوفوف ولف تخطئيـ يد العدالة الربانية، وسينتقـ اهلل منيـ عاجبل أو آجبل، كؿ نفس بما كسبت الصغير المنتفخ المغر رىينة إنيـ أساطيف العذاب والبغي والعنؼ والفجور في سجف تدمر المندفعوف إلى االعتداء عمى المعتقميف حممة الكرابيج والعصي، أصحاب

.فرعوف عصره في تدمر الذي طغى وبغى فمـ يسمـ أحد مف كيده وشره" فواز"رقيب الحاقد الدواليب ومف أبرزىـ ال

1982أيار 19يـو

سنة متوسط القامة أسمر الوجو أمضى في التعميـ بضعة عشر عاما ( 40)أستاذ ومدرس قدير ومرب فاضؿ مف مربي الجيؿ يبمغ مف العمر .إدلب مف محافظة( محمد جميؿ ب)، ذلؾ ىو المعتقؿ

، وم ع كاف األستاذ محمد جميؿ مريضا منذ بضعة أشير دوف أف يكشؼ عميو طبيب أو يمتفت إليو أحد، وكانت حالتو تزداد سوءا يوما بعد يـوصر عاجؿ انييار قوتو الجسمية فإف قوتو اإليمانية كانت في الذروة، فيو مؤمف بأف ىذه المحنة ما ىي إال أياـ وستزوؿ وسيعقبيا فرج كبير ون

ف لـ تحتـ أف يعيش ليرى ىذا الفرج، فاآلجاؿ بيد اهلل .بإذف اهلل، وا

ات ولما أقعده المرض عف الحركة وصعب عميو األمر، بكى ألما وقيرا ولكف األخوة انتدبوا لخدمتو واختص بالعناية بو زميؿ لو ومدرس رياضيو مضجعو الخشف، ويمبي طمباتو في الميؿ والنيار، ويغسؿ ثيابو ويعتني بو كما مثمو، فيو يحوطو بالعناية ليؿ نيار، يحممو ويضعو ويييئ ل

.تعتني األـ بطفميا

، فمما كاف يـو أمس غاب عف الوعي وأخذ يردد كممات غير مفيومة المعنى، وحزف األخوة ولكف حالة األخ زادت سوءا يوما وبعد يـوبو وأخذوا يدعوف لو بحرارة، ولكف روحو الطاىرة انتقمت إلى بارئيا قبيؿ الظير، فغسمناه وكفناه المعتقموف في الميجع جميعا لحالو واىتموا لما

.بثيابو وصمينا عميو ثـ أخرجناه لمزبانية حيث أخذ إلى مثواه األخير

فيو مؤشر ىاـ عمى ما كانت وفاة ىذا األخ الطيب رغـ ما كاف يتمتع بو مف صحة جيدة حيف مجيئو إلى سجف تدمر صدمة قوية لممعتقميف، .ينتظر المعتقميف جميعا مف ىبلؾ سواء بالتعذيب والضرب عمى أيدي الزبانية، أـ بالشنؽ أـ بغيره مف الصور واألسباب

.وىو شاب دوف الثبلثيف، رقيؽ الحاشية، يجمس ويمد رجميو ويقشر الدمامؿ المقيحة أو يفقأىا، ويعتصر القيح منيا( ع)كاف الصيدلي

..اهلل يعينؾ: أتألـ لحالو وأقوؿ لو مازحا وكنت

..وبشر الصابريف: فأقوؿ لو.. فيتحسر ويقوؿ أنا ما شفت وال سمعت بمثؿ ىذا الجرب

وىؿ إلى .. كيؼ وضعنا في سجف تدمر؟.. نعـ خبرني كيؼ شايؼ حالؾ؟.. تعاؿ لعندي: وبعد أف ييدأ يسألني بعد أف يطمب مني الجموسوال يعجبو .. أما أف اهلل كريـ عظيـ رحيـ وسنخرج مف ىنا بإذف اهلل سالميف غانميف، رغـ أنؼ الكافريف والحاقديف: قوؿ لوفأ.. خروج مف سبيؿ؟أنا أريد الواقع كيؼ ترى .. نعـ أممنا باهلل أننا سوؼ نخرج مف السجف ولكف الواقع.. يا أبا محمد، لماذا نحف نتكمـ في اآلماؿ: ىذا الكبلـ فيقوؿ

ال ىذا الو ىذه بيد اهلل وحجو، وال يحيي وال يميت إال اهلل عمى كؿ حاؿ ىذه ليست : وأقوؿ( بدو يموتنا ىوف)اقع؟ وىؿ سيفرج عنا حافظ أسد وا ما .. واهلل الصحيح أنا شايؼ أف الموتة ىوف: آماؿ بؿ يقيف، فاهلل لف يتركنا ولف يتخمى عنا ونحف بحبمو مستمسكوف وببابو واقفوف، ويرد قائبل

كمنا بدنا نمحؽ األستاذ محمد : إذا ما أعدمونا بدنا نموت مرض وجوع أو عذاب وقتؿ، وبعد وفاة األستاذ محمد جميؿ كاف يقوؿ.. في طمعة .جميؿ

1982أيار 23يـو

ابف مختار ( نةس 22)طويؿ أبيض -الجبلد صبلح : كاف مف الجبلديف المشرفيف عمى عممية الحبلقة اليـو اثناف مف عتاة الجبلديف األوؿجبلد ميذار ال يكؼ عف : والثاني. شديد الكره لمصبلة والمصميف -كثير الحقد عمى المسمميف -قرية ساحمية قريبة مف بانياس حاد الصوت

.اليذر والسباب والفحش وكأنو مخمور في حانة وىو يتسمى خبلؿ ذلؾ بتعذيب المعتقميف

و لمضرب واألذى، يستعمؿ يديو أحيانا فيمكـ ويصفع، وأحيانا أخرى يستعمؿ الكرباج يضرب بو كاف الجبلد الرىيب صبلح شديد الحماس كعادتوقد اخترع مع نفر مف الجبلديف العتاة ممف ىـ عمى شاكمتو، أسموبا جديدا مف أساليب العذاب وذلؾ منذ فترة مف الزمف، . الظيور والرؤوس

و ويرفسو ويصفعو ثـ يمقيو أرضا عمى ظيره، ويجثـ عمى صدره ويضغط بركبتو عمى عنقو، فكاف يأخذ المعتقؿ مف الخارجيف لمحبلقة، فيمكم .حتى يحطـ حنجرتو ويكاد يقضي عميو

فضربو وعذبو ثـ ألقاه أرضا ودعس عمى ( ي)اليـو أخذ الجبلد صبلح شابا مف البلذقية وىو محاـ في الخامسة والعشريف مف العمر يدعى مي عمى الرجؿ المسكيف وانقطع نفسو، ولما رأى الرقيب ما جرى صرؼ صبلح رفيقو عف الرجؿ المسكيف، ثـ أمر عنقو وظؿ يضغط حتى أغ

تى اثنيف مف المعتقميف أف يحمموه إلى الميجع، وفي الميجع أخذ الرجؿ المغمى عميو يقيء وقد انقطع نفسو، فيو يشرؽ بريقو ولعابو وقيئو، حوقد طبؽ صبلح ىذه الطريقة عمى عدد مف المعتقميف . جيو وظؿ كذلؾ فترة وغدا بعد ذلؾ عميبل نحيفا كاد يختنؽ، وجحظت عيناه، واصفر و

أنو يأمر : في المياجع األخرى، فقتؿ عمى يديو عدد مف المعتقميف، وكاف الجبلد اآلخر الفاحش يتسمى بتعذيب المعتقميف بصور أخرى منيا

وكاف المعتقؿ بعد ذلؾ يحس بالدوار، فيقع عمى وجيو -وىو يستحثو-يدور حوليا بسرعة المعتقؿ أف يضع إصبعة السبابة عمى األرض و عمى األرض، أو يصطدـ بالجدار فيشج رأسو، أو تمتوي عنقو، ومع ذلؾ كاف يضربو بالكرباج ويسخر منو ومف ألمو، وكاف مع ىذا الجبلد

.تسمية نفر مف رفاقو الجبلديف، يعاونونو ويتسموف معو، فما أبشعيا مف

جبلدوف عتاة

سجف تدمر مركز رئيسي لتدريب الجبلديف عمى التعذيب وأساليب القسوة والعنؼ، ىذا ما أدركنا وجوده، فمنذ مدة مف الزمف كاف يأتي إلى عمى المعتقميف، مراكز المخابرات وغيرىا، يأتوف إلى السجف ليمارسوا بعض أساليب التعذيب: السجف الجبلدوف العتاة في األماكف األخرى مثؿ

عامتيـ ويحمو لمجبلديف العتاة أف يظيروا قوة عضبلتيـ وشدة ضرباتيـ ليثبتوا ألنفسيـ البطولة والميارة في المكـ والرفس، وحيث أف أغمبيـ أو اف السجوف والمعتقبلت، فيـ مف العموييف الذيف تمتمئ قموبيـ بالغؿ والحقد الدفيف، الذي لـ يجدوا لو متنفسا إال في مثؿ ىذه الحاالت داخؿ جدر

فنراىـ في كؿ مناسبة يندفعوف بحمية جاىمية، يضربوف ويرفسوف . ويصبوف أحقادىـ عمييـ.. يمارسوف ساديتيـ الجبانة عمى المعتقميف العزؿ .وخاصة خبلؿ التفقد اليومي

1982حزيراف 2يـو

ىذه اليجمات في ىذه األياـ، ما يتـ خبلؿ التفقد اليومي الذي يجري ينالنا في كؿ يـو عدة ىجمات مف العذاب والضرب العنيؼ، ومف أقسى، ونخرج فيو إلى الباحة حتى يعدنا الرقيب كالعادة، ثـ ندخؿ الميجع وخبلؿ ذلؾ ييجـ عمينا الزبانية وين الوف في الساعة الثانية ظير كؿ يـو

.منا

ده كرباج ثقيؿ وأخذ يضرب بو األخوة المعتقميف خبلؿ دخوليـ إلى الميجع، بينما منذ بضعة أياـ وخبلؿ التفقد المعتاد انقض أحد الزبانية وبييضرب آخريف في جيات أخرى، وأصاب األخ أبا مصطفى ضربة رىيبة مف ىذا الجبلد عمى رأسو، والتؼ رأس الكرباج فقرع صدغو مف

د ذلؾ أنو أصيب بارتجاج دماغ شديد أفقده ذاكرتو بالكامؿ، الناحية األخرى، فصرع األخ المعتقؿ أبو مصطفى وشج رأسو، ولكف تبيف لنا بع .كما أفقده السيطرة عمى جسمو وأعضائو، وأبو مصطفى عالـ جميؿ، ومدرس في إحدى المدارس الشرعية المعروفة

مموه عمى أيدييـ ورفعوه طالب ثانوي، فأخذوه وضربوه وح( سنة 19)وفي تفقد آخر منذ يوميف ىجـ الزبانية عمى المعتقؿ الشاب عبد القادر .أقصى ما يستطيعوف، ثـ ألقوا بو عمى األرض اإلسمنتية الصمبة، فوقع األخ مغمى عميو وحممو زمبلؤه إلى الميجع

أما البارحة فقد انقض أحد الجبلديف العتاة ويبدو أنو زائر جديد انقض عمينا ونحف في صؼ التفقد، وىو يصرخ بحقد ويسب ويجدؼ ويرفس واهلل ... ولؾ كبلب حقراء انتو بدكف قتؿ كمكف: جوه المعتقميف واحدا بعد اآلخر، وىو يتمفظ بأشنع ألفاظ السباب، فكاف مما قاؿبرجمو و

وىو بناء " أبي إبراىيـ"وحينما وصؿ ىذا الجبلد الحاقد إلى المعتقؿ األخ .. واحد، بدي اقتمف بطمقة يا كبلب16ألضربكف برشاش الشميزر كؿ يف مف عمره، وقد خالط الشيب شعره وجعؿ لو مظيرا مييبا، فغاظو مظيره وصورتو الساكنة اليادئة، فانقض عميو ورفس وجيو بقوة في الخمس

..!!ما وسعؾ بيت أمؾ وأبوؾ ما شبعوؾ الخبز جاي لعندنا.. شو جاي تسوي ىوف: جعمت الدـ يتدفؽ مف فمو وأنفو، وصرخ فيو وسبو

ألذى، المعتقؿ األخ أبو أنس الذي أصر عمى أف يقؼ بدؿ أحد كبار السف في الصؼ المواجو لمزبانية، فأصابو ما وكاف ممف ناليـ الضرب وا .يا أخي ىذا الجسـ يجب أف يفنى في سبيؿ اهلل: أصابو ولكنو لـ يأبو لما أصابو، وقاؿ لمف حاوؿ أف يشجعو أو يعزيو

حماـ دـ 1982حزيراف 5يـو

الرابعة بعد الظير، والحر شديد والجو خانؽ، ونحف نجمس في ظبلـ الميجع، نذكر اهلل ونسبحو وقد ماؿ بعض كانت الساعة تقترب مف .المعتقميف عمى بعض يتيامسوف بأصوات خافتة كالعادة، كاف ىذا يـو آخر يكاد يمضي وينقضي مف أياـ سجف تدمر الطويمة الحافمة

ف جية أخرى يكيدوف ويمكروف، فميس لدرؾ التردي الذي يساقطوف فيو مف قرار، فقد عميت كانت ىذه حالنا بينما كاف زبانية سجف تدمر م .بصائرىـ وتسمطت أىواؤىـ، وما عاد لمنور إلى قموبيـ مف سبيؿ

اتبع ، و (بالشورت يا كبلب.. ولؾ حقراء( 32ميجع : )وما لبثنا أف فوجئنا بمجيء الزبانية، وسمعنا صوت الجبلد الفاجر فواز، وىو يصرخضور ذلؾ بسيؿ مف السباب البذيء، لـ يدع عندنا شكا في أف ما سمعناه حقيقة وليس وىما، فأسرعنا ننزع ثيابنا ونخرج، لـ يكف مف المتوقع ح

.الزبانية في مثؿ ىذا الوقت الذي يكونوف في كسالى متخميف بعد وجبة الغداء الدسمة التي حشوا بيا بطونيـ

في أشد ما عرؼ عنو مف حقد وغؿ، فيو يصرخ ويسب وينقض عمينا مع الزبانية اآلخريف، يضربوننا بالكرابيج كاف الجبلد الفاجر فوازوفي طريقنا إلى الحماـ كاف الجبلد الفاجر فواز مع الزبانية ينظموف لنا في كؿ باحة .. والعصي، ويتبلعبوف بأرواح المعتقميف كما يحمو ليـ

مة عذاب شرسة، مف ذلؾ النوع الذي برع الجبلد الفاجر فواز في شنيا عمى المعتقميف، فييجموف عمينا وعند كؿ زاوية أو باب تمر بو ىجكأنيـ الكبلب المسعورة، أو الوحوش الضارية، ويضربوننا حتى يكموا، وفي الحماـ ذاتو أخذوا ينقضوف عمى مف تصؿ إليو أيدييـ منا

صابات كثيرة، وأصبح الحماـ فيضربونو، فتناثرت الدماء في أنحاء الحماـ نتيج ".حماـ دـ"ة جروح وا

.وفي طريؽ العودة كاف أشد ما يثير الزبانية ويزيد في أوار ىجوىـ عمينا، ىو أننا نحمؿ األخوة المصابيف الذي عجزوا عف متابعة السير

ؾ فيو جميع المعتقميف في مختمؼ مياجع يعجز القمـ حقا عف وصؼ أحداث ذلؾ اليـو المشيود وما جرى فيو، والذي شمؿ التعذيب الميموىو شاب حدث لـ يبمغ السابعة عشرة مف عمره، مف : الطالب الشييد أحمد طوير: السجف، وقتؿ فيو واستشيد عدد مف المعتقميف أذكر منيـ

د وانتقمت روحو إلى مدينة إدلب، ضربو الزبانية عمى رأسو بالعصي حتى سقطت إحدى عينو مف محجرىا، فحمميا وىو يكبر، حتى استشي .بارئيا

وفي ميجعنا كاف ىناؾ عدد كبير مف األخوة المعتقميف، بعضيـ مصاب بكسور في األيدي أو األرجؿ، وبعضيـ مصاب بجروح شديدة قاطعة ه، كاف ممف أصيب ميندس زراعي مف مدينة إدلب في الخامسة واألربعيف مف عمر . في الرأس، وآخروف مصابوف برضوض وجروح مختمفة

نالو مف الجبلديف عذاب شديد، ورغـ سقوطو مصابا بكسر في الحوض، لـ يتوقؼ الزبانية عف ضربو ومنعوا زمبلءه مف حممو، فاضطر أف .يزحؼ تحت الضرب والعذاب حتى دخؿ الميجع

.وممف أصيب المعتقؿ أبو إبراىيـ البالغ مف العمر سبعة وستيف عاما، فقد كسر ساعده وشج رأسو

1982حزيراف 9يـو

كاف حر الصيؼ أشد عمينا مف برد الشتاء وأصعب، حيث تشتد حرارة شمس الظييرة حتى تصمي األرض نارا ولييبا، ويغدو كؿ شيء ساخنا وف الحر اليواء والجدراف والماء، ومع الباحات الواسعة المفروشة باألسمنت، ينبعث المييب فيزيد في شدة الحر رغـ انقضاء فترة الظييرة، فيك

وكاف الزحاـ الشديد في المياجع يجعؿ األمر .. آخر النيار أشد منو في وسطو، وفي جو المياجع المحصور كنا نعاني مف ذلؾ الحر البلىبوأوبار عدـ كفاية الغذاء مف ناحية الكمية والنوعية، وفساد اليواء وتناثر غبار : مشكمة خطيرة فعبل، ىذا باإلضافة إلى أمور أخرى أيضا مثؿ

البطانيات القديمة الميترئة، لذلؾ كاف كؿ معتقؿ يعاني مف مجموعة مف األمراض المختمفة، وكانت نتيجة تمؾ العوامؿ ظيور مرض االلتياب

وكنا نحاوؿ .. الرئوي والسعاؿ الشديد والبصاؽ المدمي أو الكدر، وقد أصيب بيذا المرض وبشكؿ قوي، بضعة عشر معتقبل في ميجعنا .ؼ عف ىؤالء المرضى، فنخصيـ ببعض األغذية المناسبة التي تأتينا رغـ قمتياالتخفي

ضافة إلى أنيـ يحتاجوف إلى العبلجات وكاف رأي األخوة األطباء المعتقميف، أف حالة الجميع مف الناحية الصحية سيئة وتنذر بالخطر، وا ـ شيئا مف القوة الجسمية، ويخفؼ مف سوء التغذية وفقر الدـ الذي يعانوف الفعالة بشكؿ ضروري، فإنيـ بحاجة ماسة إلى غذاء مناسب يرد إليي

الذي يبمغ طولو حوالي ثبلثيف مترا ( 6 - 5)منو، ولكف اإلصابات القصبية والرئوية كانت منتشرة بيف غالب المعتقميف في الميجع المزدوج لميجع ال يطاؽ، وأف أجساـ المعتقميف تتصبب عرقا طواؿ النيار، وكأف والذي يعيش في ظبلـ حتى في النيار، إضافة إلى أف الحر في ذاؾ ا

ف في حماـ شديد الحرارة، ورغـ أف األخوة المعتقميف حاولوا بكؿ الوسائؿ الممكنة وقاية أنفسيـ وحمايتيا والحفاظ عمى سبلمة أجساميـ، لك، والكثافة الظروؼ القاسية جدا التي كانت تحيط بيـ والتي يعيشونيا رغما عنيـ ، وىـ يعيشوف في ظبلـ الميجع أربعا وعشريف ساعة في اليـو

معتقؿ، واليواء فاسد متغير الرائحة عمى الدواـ، ألف نوافذ ىذا الميجع عمى الدواـ ( 300)شديدة فقد كاف في ىذا الميجع وحده ما يقترب مف .كالعديد مف أمثالو ضيقة وقميمة

المرضى فجأة، وحيث أننا قد جربناىـ وعرفنا أف ما يبغونو في العادة ىو تعذيب المرضى، لذلؾ لـ يخرج إلييـ فقد جاء الزبانية يوما وطمبواما فيكف شيء عـ تكذبوا عـ .. إال عدد قميؿ جدا، فإذا بيـ يأخذوف ىؤالء المرضى ويعرضونيـ عمى فحص ما صوري ليقولوا بعد ذلؾ

.تتمارضوا

يرضوف أف تتدخؿ أية جية في موضوع المعتقميف ىؤالء حتى األطباء ميما كانت األسباب، لذلؾ عالج الزبانية وعرفنا أنيـ أي الزبانية ال والقسـ الباقي في مكاف آخر، ووضعوا معتقميف آخريف ( 31)ووضع قسـ منيـ في الميجع ( 6 - 5)الموضوع بنقؿ نزالء الميجع المزدوج

.عوضا عنيـ في الميجع المزدوج

ألف ذلؾ يجب أف يقرره المختبر، ولكف التطورات األخيرة جعمت األمر ال ( مرض السؿ)باء يتحرجوف أف يسموا ىذه األعراض بأنيا كاف األط .يثير أي خبلؼ، فقد اعترؼ الزبانية بأف عددا كبيرا مف المعتقميف مصابوف بمرض السؿ الرئوي الشديد

فإف حفبلت العذاب كانت غالبا ما تبدأ بو، فما نشعر إال والزبانية عمى ( 6و 5)تيف بما أف ميجعنا يقع في أوؿ صؼ المياجع في الباحورغـ فظاعة ىذا األمر وشناعتو، فقد كنا نحمد اهلل سبحانو . الباب يضربوف بكرابيجيـ الجدراف ويصرخوف فينا لمخروج إلى ساحة العذاب

وترقبو، وىو عذاب " انتظار العذاب"أوال، وثانيا ألننا بيذه الطريقة ننجو مف عذاب ونسجد لو شاكريف، فالمؤمف يحمد اهلل عمى السراء والضراء .يرىؽ األعصاب ويؤلـ أشد مف ألـ العذاب ذاتو

:أما المميزات العكسية فيي

/ 6و 5/مياجع الباحتيف أف الزبانية يأتوف إلى ميجعنا وىـ في أوج اندفاعيـ وحقدىـ ونشاطيـ، فنناؿ أوفر قسط مف العذاب مف بيف : أوال إضافة إلى أف بعض حفبلت العذاب تبدأ وتنتيي في ميجع أو ميجعيف، وغالبا ما يكوف . سواء في حفبلت عذاب الحبلقة أو الحماـ أو غيره

ىما / 6و 5/أوؿ ميجع في الباحة الذي ىو ميجعنا، كما أف نوعيف مف األعماؿ المجيدة كاف يتعرض ليا الميجعاف األوالف في الباحتيف وأقسى ىذيف العمميف ىو توزيع أكياس الخبز الثقيمة، وتوزيع جاطات األرز المطبوخ أو البرغؿ، وسطوؿ المرقة، كانت ( 32 - 25)الميجعاف

ذلؾ أكياس الخبز عمى ثقميا مما يمكف حممو مف قبؿ الفتياف النشيطيف، ولكف جاطات األرز أو البرغؿ كانت أثقؿ وأصعب عمى الحمؿ، ومع

معتقبل ونادرا ما يجاوزونيـ إلى / 20 - 10/ما بيف 25يخرجوف عددا مف المعتقميف مف الميجع 1982كاف الزبانية ابتداء مف أوائؿ عاـ غيرىـ، وكاف عمى ىؤالء أف يتحركوا بسرعة فائقة دوف أي ىدوء أو التفات، ويجب أف يركضوا حتى وىـ يحمموف الحمؿ الثقيؿ مف خبز أو

.، وكاف الضرب بالكرباج أو العصا يبلحقيـ دائما، فما ينتيوف مف ىذا العمؿ المضني إال وىـ في أشد حاالت اإلنياؾطعاـ

ىو ما يدعونو تنظيؼ الباحة، : والعمؿ الثاني. وكاف الزبانية يوقعوف بيـ أو ببعضيـ عمى األقؿ أشد العذاب دوف سبب أو ألتفو األسبابمعتقبل مع المكانس وأوعية الماء، ويجب أف يتحركوا بسرعة كبيرة، يكنسوف / 25 - 15/عددا مف المعتقميف ما بيف حيث يخرج الزبانية أيضا

.وينظفوف، ومع ذلؾ يعتدي عمييـ الزبانية بالضرب والعذاب بسبب ودوف سبب

..ب ىذه تكرر يوميا ومضت مدة مف الزمف وعممية العذا.. وغالبا ما تتحوؿ عممية التنظيؼ إلى حفؿ عذاب مرعب

ونادرا جدا ما يجاوزىا الزبانية إلى غيرىا، ( 32 - 25)وكاف ىذاف العمبلف مف نصيب نزالء الميجعيف األوليف في الباحتيف وىما الميجعاف إلى ما يتعرض لو وكاف ىذا عمبل مرىقا، إضافة( 25)وخاصة إدخاؿ الطعاـ فقد كاف غالبا وخبلؿ فترات طويمة مف نصيب نزالء الميجع

.المعتقؿ خبلؿ ذلؾ مف عذاب

1982حزيراف 17يـو

وتوقعنا السوء مف .... بالشورت ولؾ كبلب: وكعادة الرقيب فواز فقد جاء اليـو وىو غاضب حانؽ عرفنا ذلؾ مف حدة صوتو وىو يصرخ قائبل ف فواز يصرخ كعاداتو، وأجبرنا عمى كنس الباحة بأيدينا تحت كا.. ىذا الفاجر، وتمقانا الزبانية ونحف نخرج إلى الباحة بالضرب والسباب

مدرس تاريخ متقدـ في السف، أشيب الشعر، قد ىده المرض وما عاناه في سجف : ضرب السياط وصراخ الزبانية، وكاف ممف عذب اليـويتعطفو ويرجوه أف يشفؽ عميو، والجبلد مندفع عمى ظيره وبطنو بقسوة، والمعتقؿ المريض ( البوط)تدمر، أخذ الجبلد يرفسو بحذائو العسكري

اتيمو فواز بأنو رفع رأسو وفتح عينيو، فضربو الجبلدوف حتى أنيكوه، وقد ( صاحب معمؿ)وعذب معتقؿ آخر دمشقي .. إلى تعذيبو غير آبوحتى حيف دخولنا .. أشده توـر وجيو وجسمو، وعذب آخروف وآخروف، وعمى مدى ساعة أو تزيد كاف أوار العذاب والضرب والصياح عمى

الميجع أمسؾ الزبانية بعدد منا ثـ ضربوىـ بالكرباج عمى أجساميـ العارية أقسى الضرب، وكاف مف نصيبي حوالي عشر ضربات ىائمة مف ة بعدىا إلى الكرباج، وخمس عمى يدي، وخمس عمى ظيري، وقد تورمت يداي وبقي أثر تمؾ الكرابيج في ظيري أياما طويمة، ولقد ذىب الزباني

غيرنا مف المياجع يعذبوف نزالءه، ورغـ أف العذاب قد استعر في الباحة وقتا ىو أقصر وال شؾ مما تعرضنا لو نحف مف عذاب، ولكنا كنا .خبلؿ ذلؾ مشغوليف بأنفسنا، نداوي الجراح، ونطمئف عمى أعضائنا، ولـ ننس مع ذلؾ الدعاء إلخواننا المعتقميف المعذبيف

.إحدى مفاجآت العذاب الذي ال ندري إال وقد حؿ بنا، فبل نعمـ لو موعدا وال سببا وال مناسبة كانت ىذه

1982حزيراف -مف جرائـ الجبلد الرقيب فواز والزبانية في سجف تدمر

واح المعتقميف، وكأف ىؤالء الحديث عف جرائـ زبانية سجف تدمر طويؿ ال يكاد ينتيي مميء بألواف الفساد والشر والقسوة والعنؼ والعبث بأر .المعتقميف ذباب فيـ يقتموف فييـ بغير حساب بؿ بمتعة وانتشاء

كاف بطؿ حفبلت التعذيب والقتؿ ىو الرقيب الرىيب فواز، وىو متوسط القامة دوف الثبلثيف مف عمره، لو شارباف أسوداف في وجو حنطي، وىو التي لقب بيا ( حوص)ومف ألفاظو كممة ( يتفاصح)جبمية، رغـ أنو يحاوؿ أف نصيري شديد الحقد، ويتميز بصوت رفيع حاد وليجة

وقد حؽ لو أف يحوز قصب ( عيطو)أحد ألقابو أيضا، وىو كثير الصراخ والكفر والتجديؼ والسباب، لذا لقبو بعض المعتقميف بػ ( والدكتور)

ر، فكاف ينشط لمراقبة المعتقميف في المياجع في الميؿ والنيار، السبؽ في مياديف التعذيب في سجف تدمر لما في نفسو مف غؿ وكيد وسعاويقـو بضبط حركاتيـ وضبط المصميف والمشتبو بأنيـ يصموف خاصة، وينزؿ بيـ بعد ذلؾ أقسى العقاب مع مياجعيـ كميا وذلؾ في ىجمات

.عذاب رىيبة

شنؽ بأيدي الزبانية

ثـ انتشرت بعد ذلؾ وتكررت وطبقت عمى 1981جرت لنزالء بعض المياجع أواخر سنة أوؿ ما عرفت ىذه القضية كاف خبلؿ الحبلقة التي جاءت دورية مف زبانية السجف بإمرة الرقيب فواز مع الحبلقيف إلجراء الحبلقة 1982في شباط . الكثير مف المعتقميف في مختمؼ المياجع

از يمسكوف بالمعتقؿ ويضعوف عنقو ضمف عصا الفمقة ويفتمونيا حتى يشتد لممعتقميف في مياجع الباحة الخامسة، وأخذ الزبانية مع الرقيب فو .حبميا عمى رقبتو، ثـ يحممونو بيا حتى يختنؽ، ثـ يمقونو وىو بيف الموت والحياة

وعمؿ ويتدلى مف الوسط، . ـ مربوط مف نيايتو عمى طرفييا(1.5)وعصا الفمقة ىذه عبارة عف عصا خشبية غميظة مثبت عمييا حبؿ بطوؿ )حيث توضع رجبل المعذب في الحبؿ وتفتؿ العصا، ويشتد الحبؿ ويمسؾ بالرجميف إلى العصا التي ( الفمقة)ىذه العصا ىو ما اشتؽ مف اسميا

، مايمسؾ بيا اثناف مف الجبلديف يفتمونيا ويرفعونيا، فترتفع رجبل المعتقؿ لتمقي ضربات الجبلد عمييما دوف أف يستطيع تحريكيما أو إبعادىوىكذا اختاروا أحد المعتقميف ممف توخوا فيو األىمية والمكانة، فوضعوه في وسط ( لعبة الشنؽ)ولكف الجبلديف اليـو يريدونيا لعمؿ آخر اسمو

ز الباحة وأدخموا رأسو ضمف الحبؿ المربوط إلى نيايتي العصا وفتموا العصا حتى اشتد الحبؿ عمى عنقو، والعصا عمى رقبتو وىكذا أعمف فوا ..واهلل لنشنقؾ يا كمب: لممعتقؿ المسكيف

تيف ورفع اثناف مف الجبلديف المعتقؿ بالعصا إلى األعمى محموال مف رقبتو، فزفر المعتقؿ واختنؽ وتخالج واضطرب بقوة، وحاوؿ بيديو الضعيفت، كاف الجبلدوف يصرخوف في ىستيريا تخميص رقبتو مف الحبؿ الذي يضغط عمييا، ولكف يديو خانتاه وغامت عيناه وغاب عف الوجود وما

عمتعمؿ حالؾ ميت يا كمب؟ : يسبوف ويمعنوف ويجدفوف ويضحكوف بجنوف، وألقوه أرضا ال حراؾ بو، ورفسو فواز المعيف ووصمو بالكذب قائبل .ثـ آخر وآخر.. ولكف أنى لمميت أف يجيب، فأمر فواز اثنيف مف المعتقميف فحمبله إلى الميجع وجيء بآخر

ىو ضابط صؼ أحد أولئؾ المشنوقيف وقد ألقي في الميجع إلى جانب إخوانو أولئؾ، وأخذ بعضيـ يمسح وجيو ويدلؾ لو ( ش)كاف المعتقؿ مف إغمائو وكأنو بعث مف بعد موت، ولما سئؿ ( ش)رقبتو، وقد أحس الحرارة في الجسـ، ولكف ببل طائؿ، وبعد ساعتيف تقريبا صحا المعتقؿ

.ال أعمـ سوى أني كنت في حمـ جميؿ: اؿعما حدث لو ق

وفواز منتش بنجاحو في تسعير حمى العذاب، فيو يصرخ بصوت قاس ( 34)كانت لعبة الشنؽ إضافة إلى عذابات أخرى تجري أماـ الميجع حبلقيف بعد االنتياء مف في الباحة السادسة والذي انتقمت إليو الدورية مع ال( 25)ويسب ويجدؼ ويشارؾ في التعذيب بيديو، وفي الميجع

مياجع الباحة الخامسة، بدأت الحبلقة وفواز يغمي كيدا وغيظا وما لبث أف تفاىـ مع عناصره بالنظر واإلشارات، وصرخ في المعتقميف وسببة الشنؽ فواز وشتـ وجدؼ، ودار الكرباج ييبد بو الجبلدوف عمى رؤوس المعتقميف وظيورىـ في قسوة، وجيء بعصا الفمقة، فقد أعجبت لع

اليزء، المعيف والطغاة الصغار، وىكذا أخذوا أحد المعتقميف وأدخموا رقبتو في الحبؿ وفتموا العصا ورفعيا اثناف منيـ، واشتد اليرج والصياح و رقيب فواز وصراخو، والمعتقؿ المسكيف يغالب الموت والحبؿ يخنقو ويحطـ حنجرتو وألقوه جسدا ىامدا ال حراؾ فيو، ولـ يتحرؾ رغـ رفسات ال

ولـ .. فمما آيسوا منو أمر فواز اثنيف مف المعتقميف فحمبله إلي داخؿ الميجع والرجؿ السكيف يغالب الموت، وبعد ساعة مف الزمف فارؽ الحياة .يأبو فواز وال الطغاة الصغار باألمر

د مف كثيريف استشيدوا تحت التعذيب بيذه الوسيمة أو بوسائؿ وأما القتيؿ الشييد فيدعى أبا محمد رجؿ حمبي في الثبلثيف مف عمره، وىو واح .وطرؽ أخرى، وطبعا لـ يجر أي تحقيؽ أو سؤاؿ لمقتمة، بؿ كوفئوا عمى ما اقترفوه مف جرائـ

رمضاف 1982حزيراف 28

يؽ وعذاب، وما أصاب أجسامنا مف رمضاف ىذا العاـ أشد رمضاف مر عمينا في سجف تدمر وأقساه، ذلؾ أننا لـ نكف نأبو بما أحاطنا مف تضي، أمراض وسوء تغذية، فجاء انقطاع الماء مكمبل لسمسمة العذاب، وقد كنا نعاني سابقا مف انقطاع الماء فترات طويمة تستمر أحيانا أغمب اليـو

ال نجد أقؿ الكفاية مف الماء في ىذا الحر ونحف( إلى مجارييا)ولكف ىذه المرة كاف االنقطاع مستمرا، فيا قد مضت ثمانية أياـ ولـ تعد المياه دة البلىب، خاصة وأننا صائموف، فعندما يحيف موعد اإلفطار ال نجد مف الماء ما يروي ظمأ النيار الطويؿ، فكاف ذلؾ ببلء رىيبا ومحنة جدي

.مضافة إلى ببلءات ومحف السجف

1982تموز 7يـو

جراـ وعدواف الزبانية األنذاؿ وفجورىـ، ودمويتيـكـ مف أرواح طاىرة انتقمت إلى بارئيا تشكو كـ يستطيب ىؤالء . ظمـ الطغاة وبغييـ، وا عمى الزبانية أجواء العذاب والتقتيؿ والدـ، وكـ ليـ مف صوالت فاجرة عمى المعتقميف األبرياء في سجف تدمر، ولئف ظنوا أف بغييـ ىذا يخفى

..وأنو سبحانو سيفضحيـ ولو اختبئوا في عقر دارىـ أو أعمؽ أوكارىـ( عميو خافيةالذي ال تخفى )الناس فإنو ال يخفى عمى اهلل

الحبلقة كاف الضرب والعذاب عمى أشده ولـ يكد ينجو أي معتقؿ في ميجع، مف الضرب والعذاب )البارحة وخبلؿ عممية الموت األسبوعي ف مف العمر طويؿ القامة أسمر الوجو، اشتط عميو الزبانية في عدوانيـ واإليذاء ولكف أحد األخوة المعتقميف وىو شاب في الخامسة والعشري

.المنكر، فما أدخؿ إلى الميجع إال حمبل ووضع في ناحية مف الميجع

كاف مشوه الوجو والدماء تنزؼ مف وجيو، محطـ الجسـ منيكا، وكأف ىؤالء الزبانية األنذاؿ وحوش غاب أو كبلب مسعورة ال عقؿ ليـ وال .وال مروءة وال وجداف ضمير

فقد عذبو الزبانية حتى أنيكوه وأدخؿ الميجع ذاىبل وقد ( عبد الواحد)وممف أصيب يوميا الشاب المطيؼ األديب ابف العشريف عاما المعتقؿ لى الميجع باستغراب وكأنو يرى ذلؾ المكاف لممرة األولى في حياتو، وأخذ ي ليش أنا ىوف؟ ليش ما : سألنافقد ذاكرتو جزئيا وراح ينظر إلينا وا

.بروح عمى بيتنا؟ ولما لـ نستطع أف نرد عميو الجواب بغير النظرات التائية انخرط في البكاء وأخذت الدموع تسيؿ عمى خديو بغزارة

1982تموز 15يـو

فوؽ بطانياتو وقد أطرؽ رأسو وغض " حسيف"خبلؿ التنفس الذي تـ لنا اليـو بالبطانيات، كاف يجمس قربي في طرؼ الباحة األخ المعتقؿ بصره وسكف نصؼ عار، كما كاف كؿ منا جالسا عف نفس الصورة تقريبا، كانت ىذه ىي صورة التنفس الذي يتـ بيف فترة وأخرى، والذي لـ

.يكف يخمو في الغالب مف الضرب والعذاب

رحة، فكاف ييذي طواؿ الميؿ، وكاف لمرضو يخاؼ البرد، لذلؾ لبس مريضا منذ مدة مف الزمف وقد ارتفعت حرارتو البا" حسيف"كاف المعتقؿ بعض الثياب اإلضافية فكاف يمبس بنطمونا تحت بيجامتو ومع أف الجو في الخارج كاف ربيعيا، إال أف جو المياجع البعيد عف أشعة الشمس

ض الثياب اإلضافية ألنو لـ يخطر بباؿ أي واحد منا أف كاف أقرب إلى البرودة، لذلؾ كاف عدد غير قميؿ مف المعتقميف يمبسوف أيضا بع

ولؾ ال تمبسو ثياب : كاف قد قاؿ لنا مرة" جياد"سيتخذ ذلؾ ذريعة لتنفيذ غاية في نفسو وأمر بيتو مف قبؿ ، خاصة وأف الجبلد " جياد"الجبلد .وقد عجبنا يوميا مف نظريتو غير المنطقية. كثير حتى ما تقمموا

وأخذ كرباجا وانقض عميو يضربو وييبد بو ظيره العاري، .. ولؾ ليش البس بنطموف: المجـر إلى المعتقؿ حسيف وصرخ فيو قاـ ىذا الجبلد .واألخ المريض يئف ويصرخ ويرتجؼ تحت وقع الضربات حتى أنيؾ

يمبس ثيابا إضافية ثـ عادوا يضربوف وبتوجيو ىذا الجبلد أخذ الزبانية ينقضوف عمى ىذا المعتقؿ أو ذاؾ ويضربونو أقسى الضرب بحجة أنولقائو بعيدا قدر ما يستطيع .األخ حسيف ويعذبونو حتى اضطر إلى خمع ذاؾ البنطموف وا

( حفمة عذاب ليست األخيرة في سجف تدمر) 1982تموز 24

فوف عمى المعتقميف في المياجع المجاورة اشتد الحاؿ في سجف الموت وحمي وطيس العذاب حولنا، ولميـو الرابع عمى التوالي كاف الزبانية يطو فترتفع أيدينا إلى .. ويعذبونيـ ونحف نسمع أصوات المعذبيف وصرخاتيـ الوالية وىبدات الكرابيج عمى أجسادىـ وغيره مف أصوات العذاب

وقع أف يأتي دورنا وأف يحؿ بنا العذاب وكنا نت.. السماء وتتوجو قموبنا إلى اهلل سبحانو ندعوه ونستغيثو ونستعينو ونستنصره ونتوكؿ عميو وحده ..بيف لحظة وأخرى

.وصرخوا فينا أف نخرج إلى الباحة بالشورت( جياد)وفي صباح اليـو جاء الزبانية وعمى رأسيـ الرقيب المسمى

امرنا أف نمشي مشي كاف ظنا رجونا أف يصدؽ وىو أف المقصود ىو أخذنا إلى الحماـ، ولكف الرقيب جياد وجينا إلى داخؿ الباحة ثـفما لبث ىؤالء أف انقضوا عمينا يضربوننا، فكانوا ال يتركوف المعتقؿ .. ولمحنا عند ذلؾ العدد الكبير مف الزبانية والكرابيج في أيدييـ.. البطة

لعذاب دخمنا الميجع وبعد ساعة مف ا. حتى يتمزؽ ظيره وتسيؿ منو الدماء وينقمب لونو مف األبيض إلى األسود الكالح واألحمر الكامد .مجرحيف ممزقيف فماذا نفعؿ لقد قررنا أف نسجد هلل رب العالميف فمو الحمد عمى كؿ حاؿ

.وىذه الحفبلت الدموية أمر روتيني في سجف تدمر

1982آب 5

اف اإلعداـ، كاف الصمت وكاف ميجعنا أقرب ما يكوف إلى مك 1982طمب عدد كبير مف المعتقميف لئلعداـ وأخذوا مع شروؽ شمس ىذا اليـو التاـ يمؼ المكاف، وغابت جميع األصوات والحركات المعيودة في باحات السجف سوى ركض بعض العساكر مسرعيف يقرعوف بأحذيتيـ الثقيمة

.أرض الباحة، كاف كؿ شيء يوحي بأف العممية الرىيبة عمى وشؾ أف تتـ فعبل

ؿ تحركات الجبلديف، ثـ بعض األصوات القميمة التي تبدأ بيف الفينة واألخرى، وصوت آخر أخذنا نسمع الحركات المعيودة حيف اإلعداـ مث ..ولكف في ىذه المرة أصبح لدينا تصور جديد عنو! سمعناه قبؿ ىذه المرة ولـ نعرؼ لو معنى

تصدر حيف تشغيميا صوتا يشبو إنو صوت آلة جديدة لئلعداـ يستعمميا جبلدو سجف تدمر ويبدو أنيا ليست بحاجة إلى كثير تعب، كانتونسمع بعض األحياف ضحكة ىستيرية مجنونة رغـ رىبة الموت . الضرب بالرجؿ عمى األرض، وكاف ىذا الصوت يتكرر بيف الفينة واألخرى

أصوات المسيطرة، إنيـ المجرموف العتاة فقط الذي يضحكوف، ومف يحمو لو الضحؾ في مثؿ ىذا الموقؼ غيرىـ، كما كنا نبلحظ أيضا .وانطمقت صرخة واحدة شقت السكوف ثـ اختفت. اضطراب وارتطاـ وزفير شديد

؟؟...فما ىذه اآللة الجينمية الجديدة التي تختطؼ األرواح

..مف قبؿ المعدميف... وأمر آخر كاف قد تكرر مرات ونحف في أشد االستغراب والعجب منو ىو اختفاء أصوات التكبير

يسيطراف عمينا، وكاف األلـ والقير يعتصر قموبنا، فبل ندري ماذا نقوؿ وال نفعؿ سوى التسميـ إلى اهلل والدعاء لو سبحانو كاف الذىوؿ والحيرة .واالستغاثة بو

دوكاف يحيرنا أكثر وأكثر موضوع انقطاع التكبير حتى نقؿ إلينا أحد المعتقميف الذيف شاىدوا عمميات اإلعداـ، وكيؼ أف جبلدي سجف تدمر قة، أزعجيـ وأقمؽ خاطرىـ صوت تكبير الشيداء ساعة اإلعداـ، بؿ وأرعبيـ بقوتو وعظمتو وباإلصرار الذي في، لذلؾ فإف الزبانية أخذوا منذ مد

يسد أفواىيـ ويمنعيـ مف صراخ التكبير، وحدثنا عف مشاىدات رآىا في ساحة اإلعداـ، ( ببلستر)يضعوف عمى أفواه المعدميف شريطا الصقا يؼ أف بعض زبانية السجف كانوا ينقضوف عمى الشيداء بعد أف تفارؽ أرواحيـ أجسادىـ فيمثموف بيـ، وكيؼ أف حبؿ المشنقة كانت عبارة وك

نيا كانت تؤدي في بعض األحياف إلى قطع حنجرة األخ المعدـ( مرسو)عف حبؿ رفيع والذي كاف يتعذب حينذاؾ فترة . مف خيوط النايموف، وا ..ذي يزفر مف حنجرتو المقطوعةطويمة، ىو ال

ف تتالت أفواج الشيداء المعدميف في الباحة الخامسة في سجف تدمر وكأف الطغاة المجرميف يسابقوف الزمف ليقضوا عمى أكبر عدد مف المعتقمي (.ويمكروف ويمكر اهلل واهلل خير الماكريف)

ىدوء معتقؿ 1982آب

ناعـ األممس وينسى ذلؾ السـ القاتؿ في أنيابو فإنو ذو طبع غدار ال يتغير وال يتبدؿ، لـ يمض إال مف ذا الذي يغتر ويممس الثعباف الميف الوقت يسير عمى االنتياء مف إعداـ فوج كبير مف المعتقميف في خفاء سجف تدمر حتى شعرنا أف الزبانية يريدوف أف يغطوا عمى قضية اإلعداـ

.ولكف ىييات فإف اليد المموثة بالدـ البريء لف تغسميا مياه الدنياوعمى غيرىا، فياىـ يبدوف تساىبل ولينا،

..فأكـر بموعود اهلل.. وفيما تبل ذلؾ مف أياـ كنا نشعر مف معاممة الزبانية أف في الجو شيئا، وأف يد اهلل تعمؿ في الخفاء

نيا كممة ما شبيناىا إال بالكممة التي قاليا عمر قبؿ إسبلمو تفضموا تنفس، إ: جاء الزبانية اليـو إلخراجنا لمتنفس وفتح الرقيب الباب وقاؿ( صحبتكـ السبلمة)فقاؿ ليا برقة .. لزوجة المؤمف المياجر عبد اهلل بف جحش حينما جابيتو بإيمانيا القوي غير ممتفتة إلى جبروتو وعنجييتو

نيا قدرتو التي تذؿ الجبابرة وتقصـ ظيور األكاس. ولكف .رة والقياصرةإنيا عناية اهلل وا

المرضى 1982آب 11

بعد شيور طويمة مف المرض والعذاب جاء زبانية السجف وطمبوا مرضى الجرب، فخرج عدد منا لمعبلج مع أف الجميع كانوا مرضى، وىكذا ثا ولكف الشر المتأصؿ في نفوس زبانية سجف تدمر وطبيعة العقارب واألفاعي تأبى أف تغادرىـ، فما أعطي ىؤالء بعض العبلج مرتيف أو ثبل

لبثوا أف انقضوا عمى مرضى الجرب ىؤالء وأخذوا يضربونيـ، وكاف أوؿ مف وقع بو العذاب في الباحة ميجعنا، فأجبرونا أف نمشي مشية المرضى مف المسنيف والمصابيف بالفتاؽ مثبل لـ يرحموىـ بؿ أجبروىـ عمى السير البطة عمى جنبات الباحة مع الضرب، ولما عجز بعض

فكاف نصيبو حفمة عذاب ساخنة، وأجبرونا جميعا أف ندوسو بأقدامنا وىو ممقى عمى ( ع)تحت الضرب الشديد، وأخطأ الصيدلي المريض ذلؾ، ورضوا بالمرض فيو أرحـ مف تعذيب زبانية سجف تدمر، وذىب وقد حـر كثير مف األخوة المعتقميف عمى أنفسيـ العبلج بعد .. األرض

ى الزبانية يدوروف عمى المياجع يطمبوف المرضى فإذا خرجوا إلييـ أنزلوا بيـ أشد العذاب، حتى إذا جاء الزبانية مرة ثانية يطمبوف المرض .وانتعشوا.. وانتشى الزبانية بانتصارىـ.. ما في حدا مرضاف وال حدا جرباف: والكرابيج في أيدييـ رد عمييـ رئيس الميجع

" رؤى مبشرة" 1982آب 15

طمأنينة قد إف اهلل سبحانو يتولى بعنايتو ورعايتو ولطفو وكرمو أولئؾ المعتقميف األبرار المنيبيف إلى اهلل البلئذيف بحماه، فيـ عمى نور ورضا و كراما ليـ مف اهلل . األعمىأنزؿ اهلل عمييـ سكينتو وحفتيـ مبلئكتو وذكرىـ في ممئو وقد أكرميـ اهلل سبحانو بالرؤى الصادقة بشرى وتثبيتا وا

فقد رأى أحد األخوة المعتقميف النبي صمى اهلل عميو وسمـ رؤيا واضحة جمية ولـ يكف األخ الكريـ بالذي يريد الظيور فأخفى أمرىا إال . تعالى .المعتقميف وطمب منو عدـ نسبتيا إليو أنو لمترويح وتبشير إخوانو حدث بيا أحد إخوانو

.. الفرج قريب: رأى األخ المعتقؿ النبي صمى اهلل عميو وسمـ وحادثو طويبل وقاؿ لو النبي صمى اهلل عميو وسمـ : كاف مضموف الرؤيا كالتالي.. أكثروا مف الذكر والتسبيح والدعاء وقراءة القرآفال تكثروا مف الكبلـ والمغو، و : ثـ أوصاه النبي صمى اهلل عميو وسمـ قائبل .. إف ىي إال أياـ

.وقد تفاءلنا كثيرا ببشارة النبي ىذه، وأيقنا أنيا ال بد أف تحدث فرؤيا النبي صمى اهلل عميو وسمـ حؽ... مع وصايا أخرى

اإلفراج

وست . ربع كأس مف الشاي -لفطور كنت قد نويت الصياـ وقمت إلى حصتي مف ا 18/8/1983في يـو الثبلثاء بعد الفطور مف تاريخ .حبات مف الزيتوف فصررتيا في قطعة صغيرة مف النايموف ووضعت الشاي في كأس الببلستيؾ ووضعتو في جانب مف المنافع

د ذاتو وكاف اإلخوة يتناولوف طعاـ اإلفطار والساعة تشير إلى السابعة صباحا حيف نودي في المياجع البعيدة عمى بعض األسماء وىذا في حفوقفنا وجميف وتنصتنا حذريف، فإذا بعض األسماء تعرؼ مف قبؿ .. أمر غريب، ففي ىذا الوقت أو ما قبمو إنما ينادى عمى أسماء المعدميف

؟ لعمو ...؟ إذا ما اليدؼ مف طمب جياز السجف ليؤالء...بعض االخوة المعتقميف وأف أصحابيا ممف حكـ القاضي ببراءتيـ منذ زمف بعيد !!...فراجاإل

وتحفز اإلخوة في الميجع وجاء الرقيب إلى باب ميجعنا ونادي بعض األسماء، ونشط الميجع يريد أف يودعيـ فرحا إلفراج طاؿ انتظاره حتى .لمف حكموا بالبراءة مف قبؿ القضاة الجبلديف

ب فتثبت الرقيب مف اسمي وأمر مف نودي باسمو وأسرعت إلى البا -حاضر -ونودي عمى اسمي فجأة لـ أكد أصدؽ أذني فأسرعت باإلجابة ادع لنا يا أبا : ال تنسنا أبا محمد، وقاؿ أبو أنس: فأسرعت إلى مكاني جاء اإلخوة يعانقونني ويودعونني. أف يجيزوا أنفسيـ ولـ يقؿ شيئا

.محمد إنو يعني ما يقوؿ

فمعؿ ىذه الكممات تكوف دافعا لكرة الظمـ والظالميف بما تصؼ : ىي البيافالكممات ىي الدعاء وىي النداء و : وكيؼ أدعو لكـ يا أبا أنس فيذهولعؿ ىذه الكممات تثير في اإلنساف روحو اإلنسانية ونفسو الخيرة وشيامتو ومروءتو، فيكوف مف مبعد . وتكشؼ مف بغي وجور وظمـ وظبلـ

ا الكافروف بالحؽ والديف فمف تزيدىـ ىذه إال فجورا وضبلال وعمي ذلؾ مندفعا إلى كؿ خير مندفعا إلى خير نفسو ومجتمعو وبيف جنسو، أم (.فمثميـ كمثؿ الكمب إف تحمؿ عميو يميث أو تتركو يميث)

جمع عدد مف المحكوميف بالبراءة مف مختمؼ المياجع وساقونا إلى باحة المكاتب فأجمسونا في طرؼ منيا، وأخذ كاتب ىناؾ يتحقؽ مف فإذا ىي قد طميت . مف لـ يحضره السجانوف مف المعتقميف، ثـ أدخمنا الغرفة المشؤومة غرفة االنتظار قرب المدخؿأسمائنا وأرسؿ في طمب

ا بدىاف زيتي أبيض يخفي تحتو سوادا وأوساخا وآالما، وىا ىي الجدراف الحجرية مشوىة غير مستقيمة تشي بأنيا طميت طبلء زائفا، مف ىنعاميف لـ أمت فييما ألنو لـ ينتو أجمي، وىا أنا ذا شبح إنساف أنيكني .. العذاب والقير واآلالـ والموتعاميف مف .. مررت منذ عاميف

أىؿ المرض والنحافة والجرب والسعاؿ والتياب الرئتيف الشديد والتياب الكمي والبيمة الدموية، والحمد هلل عمى كؿ حاؿ ونعوذ باهلل مف حاؿ أف نكوف هلل عامميف وعمى دينو مستقيميف ولنبيو متبعيف مقتديف ال نمالئ الظالميف : قطعناه ولف نخونيا النار، إف اهلل في رقابنا عيودا

.المجرميف، نحارب الظمـ والظالميف، نجاىد في اهلل حتى يأتينا اليقيف شيداء، إف شاء اهلل رب العالميف

بسيارات مغمقة كؿ معتقؿ إلى المحافظة التي اعتقؿ فييا، وبعد بضعة خرجنا مف باب سجف تدمر الكالح وتسممنا عناصر المخابرات ونقموناإلى ذلؾ أياـ في زنزانة المخابرات جاء خبلليا زبانية المخابرات ليتفقوا معنا عمى صيغة لموشاية بكؿ مف يحمؿ أفكارا ال توافقيـ، فمـ نمتفت

.ثـ أفرج عنا. حقا فنحف نعرؼ الحقيقة ونعييا

وف لتمؾ المفاجأة التي ما كانوا يتوقعونيا، وضج الناس بالبكاء وىـ يروف أماميـ شبح رجؿ عاد إلييـ مف العدـ، ولقد رأيت كاد األىؿ يصعق ".كأنو خارج مف قبر: "أحد الشيوخ يحدؽ بي بعينيو الكميمتيف وىو دىش، يتمتـ لنفسو

كغ فقط، ووجيي شاحب وعيناني غائرتاف وخداي 45إذا بو اآلف كغ/ 85/كاف منظري حينيا مرعبا حقا فوزني الذي كاف قبؿ االعتقاؿ .بارزاف ويداي نحيفتاف معروقتاف، وبكى أبي الشيخ الكبير وبكى الناس مف حولي، فأبكوني لبكائيـ حتى ما عدت أتمالؾ نفسي

يينأ لي عيش مع أىمي وعيالي وأنا أرى آالـ فإذا كانت ىذه حاؿ عائمة واحدة فكيؼ ىي أحواؿ آالؼ العائبلت المنكوبة بفقد أبنائيا، وىؿ األىؿ والعياؿ عمى أبنائيـ ومعيمييـ، وأعرؼ ما يعاني أبناؤىـ في سجف الموت سجف تدمر العسكري الصحراوي؟؟

نظاـ الممنوعات في سجف تدمر

جواء الرعب المسيطرة في ذلؾ المعتقؿ نظاـ الممنوعات في سجف تدمر وسيمة مف أكبر وسائؿ العذاب في ىذا السجف وىو مؤيد بالتعذيب وأويبدو أف الغاية مف نظاـ الممنوعات ىي إيقاع المعتقؿ المسكيف في وحدة عميقة مف االنقطاع التاـ عف الدنيا، وشؿ عقمو بالعذاب . الرىيب

فبل يفكر إال فيما يمقاه مف والرعب، لينضبط ليذه النظـ مف ناحية مع التكدير المستمر مف ناحية أخرى، بحيث ينسى المعتقؿ كؿ شيء،أىواؿ ويسيطر ذلؾ عمى فكره فيشوشو، وعمى نفسو فيعقدىا، وعمى جسمو فيضعؼ وييزؿ ويبقى صورة ميزوزة لئلنساف، مع إعداـ كؿ ذي

(.في رأييـ)خطر

ا أنيا غير موجودة أصبل وال أما الممنوعات في سجف التصفية الجسدية ىذا فيي كثيرة جدا لذا فإف األسيؿ ىو ذكر المسموحات ولكف بمعرؼ منيا شيئا فبل بد مف تعديد بعض أىـ الممنوعات، إال أف ىناؾ مسموحات مف نوع آخر، وىي خاصة بالجبلديف ومسؤولي السجف فيـ

.حائزوف عمى الدعـ الكامؿ في ممارسة كؿ ما يمكنيـ مف فنوف العذاب والتقتيؿ التضييؽ عمى المعتقميف

:في سجف تدمر ىيوأىـ الممنوعات

منع الكبلـ بتاتا وخاصة مع العساكر الجبلديف، كما أنو ممنوع عمى العساكر أنفسيـ الكبلـ مع المعتقميف أو سؤاليـ عف أسمائيـ أو - 1 .تيميـ

ال تعرض ألشد العقوبات -2 .ممنوع رفع الصوت والتكمـ بشكؿ عادي في المياجع، وال يجوز أف يسمع مف الميجع أي صوت وا

ممنوع أف يتكمـ المعتقموف مع بعضيـ بعضا حتى لو كاف ذلؾ بصوت خفيض ال يسمعو أحد، ومف يضبط وىو يحادث جاره يعاقب - 3 .االثناف عقوبات شديدة، وقد تعـ العقوبة الميجع كمو

.والتجمعات والحمقات ممنوعة. ممنوع الحركة والتجوؿ في الميجع نيارا، إال لمحاجات الضرورية وكافة الحركات الرياضية منوعة - 4

.ممنوع استعماؿ األسماء سواء مف قبؿ العساكر ومف قبؿ المعتقميف، إال أف يكوف طمبا مف جياز السجف - 5

.يمنع وجود أي نسخة مف القرآف الكريـ منعا باتا - 6

.عالكتابة ومستمزماتيا ممنوعة فاألقبلـ والدفاتر وسائر أنواع ورؽ الكتابة ممنو - 7

.الكتب والصحؼ المجبلت وكافة أنواع المطبوعات ممنوعة منعا باتا - 8

.الراديو والمسجمة وكافة الوسائؿ السمعية أو البصرية ممنوعة منعا باتا، وال يجوز أف تجتاز جدراف سجف تدمر بتاتا - 9

بعض الناس مبالغ خيالية ورشاوى لممسؤوليف حتى تمكنوا مف زيارة زيارة األىؿ أو غيرىـ لممعتقؿ ممنوعة منعا باتا، وقد دفع: الزيارات - 10 .معتقمييـ

.الرسائؿ مف و إلى المعتقؿ وسائر أنواع االتصاؿ أو إرساؿ األغراض أو الحاجيات ممنوعة منعا باتا - 11

ي لممعتقؿ، يقصد بمنعيا إفقاد المعتقؿ ىذه والعبادة ىي المبلذ الروح. والوضوء كؿ ذلؾ ممنوع منعا باتا ( خاصة)العبادة والصبلة - 12 .الناحية اليامة التي تقوية وتثبتو وتعينو عمى ما يمقاه مف محف وآالـ

.فتح األعيف والنظر في وجوه الشرطة ممنوع، ويمنع النظر إلييـ تحت طائمة التحطيـ والتعذيب الشديد - 13

ف مف السادسة مساء حتى السادسة صباحا، ويمنع النـو أو اإلضجاع نيارا، وتمنع يمنع السير بالميؿ بؿ يجب أف يكوف الجميع نائمي - 14 .الحركة ليبل ويتعرض مف يتحرؾ لعقوبات شديدة

.اإلبر والخيطاف ممنوعة وكذلؾ الدبابيس - 15

.المبلعؽ ممنوعة وكذلؾ كافة األدوات المعدنية - 16

.ف الجميع واقفيف باستعداد مغمضي العيوف منكسي الرؤوسممنوع الحركة في وجود الشرطة، ويجب أف يكو - 17

.الدخوؿ لممنافع ألكثر مف واحد ممنوع ليبل - 18

.االتصاؿ مع المعتقميف في المياجع األخرى ممنوع - 19

.كما يمنع نظاـ السجف المعتقميف مف الحصوؿ عمى أي مواد طعامية - 20

.وىكذا في سمسمة ال آخر ليا مف الممنوعات. األربطة البدائية عف الكسرممنوع تجبير الكسور ومف شوىد أعيد فؾ - 21

أسباب ومناسبات وأنواع العذاب في سجف تدمر

حتى الموت ببل حدود وفي استمرارية .. ال ادري بأي منطؽ يسوغ تعذيب اإلنساف أو بأي سبب يرتكب التعذيب بحؽ المعتقميف في سجف تدمررىاب وتقتيؿ يستغرؽ الميؿ والنيار يذيؽ المعتقميف أفانيف القير والموت والمرارةمنتظمة، نعـ إف نظاـ سجف ت .دمر إنما ىو برنامج عذاب وا

أما ما ىي األسباب لكؿ ىذا فيذا ما ال يمكف اإلجابة عميو، ولكف ىناؾ نقاطا يمكف تحديدىا وتمييزىا ألسباب العذاب، سواء ما كاف منو ..أو ىو مف نوع آخر إضافيداخبل ضمف نظاـ سجف تدمر،

.كما أف ىناؾ المناسبات المستخدمة لمعذاب وىي نقاط ومناسبات تزخر بيا أياـ سجف تدمر ولياليو

.أما أنواع العذابات فيي عديدة أيضا ولندخؿ في التفاصيؿ

أنواع التعذيب في سجف تدمر

.لدوالب وضبط رجميو بعصا الفمقةالتعذيب بالجمد عمى الرجميف بالكرباج بعد وضع المعتقؿ في ا - 1

.التعذيب بالجمد بالكرباج عمى الجسـ العاري والظير والصدر والجانبيف، أو الضرب بالكرباج عمى الرأس - 2

.التعذيب بالجمد بالكرباج عمى األيدي وجيا وقفا - 3

.بالحذاء عمى الرقبة أو الضغط عمى الحنجرة بالركبةالتعذيب بالخنؽ باليديف أو الشنؽ بعصا الفمقة المذكورة سابقا، أو بالدوس - 4

.التعذيب بالمكـ والرفس والدوس عمى مختمؼ أنحاء الجسـ - 5

.ـ عمى الظير أو الرأس أو األطراؼ أو البطف(1.25)وطوؿ ( سـ8 - 7)التعذيب بالضرب بالعصا الغميظة قطر - 6

.والكتفيف والوجو وغيره التعذيب بالوخز بالمسمة وراء األذف وفي اآلليتيف - 7

.التعذيب بالضغط عمى الخصيتيف أو رفسيما - 8

.التعذيب بالضرب بالحذاء عمى الوجو - 9

جمسة السجود واليداف خمؼ الظير، : التعذيب بوضعية الجموس، حيث يجبر المعتقموف عمى الجموس بأوضاع مرىقة فترات طويمة منيا - 10 .ر والرأس محني بشدة والقدماف منصوبتاف وغيرهومنيا القرفصاء واليداف خمؼ الظي

.الضغط وغيره -سير القرد -القرفصاء –مشي البطة -( التمريف السادس)رقصة روسية : التعذيب باألعماؿ الرياضية المجيدة - 11

.التعذيب بوضعية الوقوؼ عمى رجؿ واحدة واليداف مرفوعتاف إلى األعمى ساعات طواال - 12

.ب بالتجويع وقمة الطعاـ كما وكيفا التعذي - 13

جياز معتقؿ تدمر العسكري الصحراوي

يتألؼ جياز سجف تدمر العسكري الصحراوي مف سمسمة مف الرتب العسكرية مف ضباط وصؼ ضباط وجنود ومجنديف وجميعيـ مف الشرطة .سكريوف قضائيوف يستخدموف ألعماؿ الخدمة في السجفوالبمدية وىـ سجناء ع. العسكرية، ويتبع ىذا الجياز الطباخوف وىـ عساكر أيضا

يتـ انتقاء عناصر جياز سجف تدمر مف النصيرييف الطائفييف أو مف عناصر حزبية موالية تماما، أو مف البدو، وقد اخضع عناصر ىذا وعمى رأس . ع األمر الذي يعيشوف فيوالجياز لدورات تدريبية عمى فف التعذيب كما يخضعوف لعممية توجيو مستمرة تجعميـ في غفمة عف واق

:جياز السجف ىذا

.سنة نصيري طائفي متوسط القامة ممتمئ الجسـ حميؽ الشاربيف" 34"الرائد المجـر فيصؿ غانـ : مدير السجف -أ

لصاخبة ومولع بصراخ المعذبيف الرائد فيصؿ يتميز بالقسوة البالغة الدموية يمؤل قمبو حقد اسود عمى المعتقميف، لذا فيو مولع بحفبلت التعذيب اوىو متكبر متغطرس ال يكمـ مرءوسيو إال باستعبلء واحتقار . ال يرتاح إال إذا سمع صوت ضرب الكرباج وعويؿ المعذبيف مف باحات السجف

.والرائد فيصؿ مف المقربيف مف الطاغية أسد وممف يثؽ بيـ كثيرا . دوف أف يمتفت إلييـ

وعززت إمكانية المجـر فيصؿ بأف . ات ليقـو بميمتو في ضبط معتقؿ تدمر والسيطرة عميو والتعتيـ عمى ما فيووقد ىيئت لو كافة اإلمكانيأسند إليو منصب قيادة سرية التأديب الموجودة في نفس الثكنة التي يقـو فييا سجف تدمر، ومنصب ضابط أمف المطار العسكري الذي ال يبعد

.زود أيضا بياتؼ خاص يتصؿ مباشرة مع مكتب الطاغية حافظ أسدكـ تقريبا، و 2عف مدينة تدمر إال

.طويؿ القامة حنطي الموف، وىو ضالع أيضا في جرائـ سجف تدمر. وىو برتبة نقيب: معاوف مدير السجف –ب

:ضابط صؼ عرفنا منيـ( 15)ضباط الصؼ ويبمغ عددىـ حوالي -جػ

، أسمر ممئ الجسـ، لو صوت رفيع حاد مميز، وىو مف بمدة القريتيف التابعة لمحافظة سنة، متوسط القامة 34المساعد األوؿ أحمد – 1 .حمص

سرقة ويتميز ىذا المجـر بأنو شديد القسوة والجشع والمخادعة، فيو الذي يقود عمميات التعذيب، ويوجو الجبلديف ويدفعيـ، وكاف ال يتوانى عف .وخمفو الرقيب عمي شعباف في منصب رئيس االنضباط، يعاونو الرقيب األشقر 1981ـ نقؿ مف سجف تدمر في أواخر عا. أمواؿ المعتقميف

ذا غضب اشتد شره وأذاه 32الرقيب عمي شعباف – 2 .سنة، أسمر طويؿ القامة، نصيري طائفي، وىو معتز بنفسو، نزؽ غضوب، وا

.سنة، ممتمئ الجسـ، نصيري طائفي 30: الرقيب األشقر – 3

سنة، متوسط القامة، ممتمئ الجسـ أسمر، يمبس الثياب الضيقة، متعجرؼ ال يأبو بأرواح المعتقميف، مندفع إلى تطبيؽ 30: الرقيب جياد – 4 .برنامج التعذيب عمى المعتقميف

.سنة، نصيري طائفي، متوسط القامة أسمر الموف، متكبر متبختر نشيط في برنامج التعذيب 30: الرقيب األوؿ فيصؿ – 5

سنة، متوسط القامة، أميؿ إلى النحافة، لو شارباف رفيعاف أسوداف وصوت حاد، وىو نصيري متعصب 28عمره : فواز حسيفالعريؼ – 6يذائيـ، وممارسة شتى صنوؼ البطش واإلرىاب عمييـ، ال يرعوي عف سفؾ . مميء بالحقد، ميت الضمير كاف مولعا بتعذيب المعتقميف وا

.وقد رقي فواز بناء عمى ىذه المواصفات إلى رتبة رقيب. عوي أماـ جبلؿ الموت الرىيبدمائيـ البريئة بشغؼ زائد، وال ير

(.نصيري: )الرقيب منير – 7

(.نصيري: )الرقيب عمي ديوب – 8

يتميز . سنة، طويؿ القامة ممتمئ الجسـ، أسمر الموف، أجش الصوت، وىو نصيري ممحد فاجر شرير، مميء بالحقد 25: العريؼ شعباف – 9بيف جبلدي سجف تدمر بأنو كثير العنجيية، بالغ القسوة والعنؼ عمى المعتقميف، فيو مف عتاة الجبلديف في سجف تدمر، وفي رقبتو كثير مف

.مف الدماء واألرواح البريئة التي قضى عمييا

.سنة، أسمر، نصيري 25: الرقيب عادؿ – 10

.حاقد شرير، قتؿ معتقبل صغير السف يدعى أحمد طوير، أثناء الحماـ سنة، ممتمئ الجسـ، أشقر نصيري 24: العريؼ األشقر – 11

ولؾ بالميجة الجبمية ولي، وىو في العقد الثالث مف عمره، متوسط الطوؿ أبيض ممتمئ : وىو لقب لو ألنو يتمفظ بكممة(: ولي)العريؼ – 12 .الجسـ، نصيري

.المساعد ذو الشاربيف الكبيريف وىو رئيس قمـ السجف – 13

.وىو أسمر طويؿ القامة، يعمؿ بنشاط في مينتو، يخفؼ آالـ السجناء ومعاناتيـ(: الممرض)المساعد أبو بساـ – 14

.عنصر 300العساكر الجبلدوف، وىـ مف عناصر الشرطة العسكرية، ويبمغ عددىـ حوالي –د

لمواليف، وجميعيـ يييمف عمييـ فكر خبيث موجو، وجيؿ أغمب ىؤالء مف النصيرييف، وبعضيـ مف الشوايا والبدو، وبعضيـ مف الحزبييف ااستغمو أسيادىـ فتراىـ مندفعيف إلى عمميـ اإلجرامي ببل شعور . ويغمب عمى أكثرىـ أصبل فجور وسوء خمؽ وانحبلؿ ذاتي.. بالحقائؽ مطبؽ

..أو تفكيرـ إلى إيذاء المعتقميف واإلعنات عمييـ، وممارسة شتى صنوؼ مف ىؤالء الجبلديف نفر تميزوا بالعتو واإلجراـ، واشتيروا بنشاطيـ واندفاعي

:القمع واإلرىاب عمييـ ومف ىؤالء

في العشريف مف عمره، أسمر الوجو نحيؼ الجسـ، لو شارباف أسوداف مبروماف في وجو متطاوؿ وىو (: حيو)الشرطي سمير المقمب – 1 ..التي لقب بيا بعد ذلؾ( حيو)يد كممة سكير فاجر، كاف يردد دائما مجوف السكارى، ويكثر مف ترد

باطني حاقد يمقت المعتقميف أشد المقت، ويسبيـ بألفاظ بذيئة، ويتوعدىـ بالشر والسوء، وىو شرير مجـر ينتيز كؿ فرصة ( حيو)والجبلد .لبلنقضاض عمى المعتقميف وصمييـ بصنوؼ الضرب واإليذاء بنذالة ال مثيؿ ليا

ية والعشريف مف عمره، متوسط القامة أبيض الموف أجش الصوت، وىو نصيري مف قرية حريصوف القريبة مف في الثان: الشرطي صبلح – 2بانياس عمى الساحؿ السوري، وىو كسابقيو مف الجبلديف معروؼ بالحقد فالغؿ والفجور والتجرد مف كؿ الصفات اإلنسانية، وحيف يصرخ

كما كاف ال يتمالؾ نفسو فينفث ما في قمبو .. قمبو مف غؿ وحقد وسعار عمى المعتقميفالجبلد صبلح في المعتقميف فإف صوتو يشي بما في واهلل المي ميصمي : "مف حقد عمى المصميف إيذاء وسبابا بذيئا وتيديدا بشكؿ عمني صريح، فكاف يصرخ ميددا وىو يغمي غيظا وغضبا ويقوؿ

".لفضي التبلتيف ببطنو

مة أسمر الوجو، عمره قريب مف الخامسة والعشريف، موطنو األصمي الجزيرة الفراتية، وىو مف طائفة اآلشورييف، طويؿ القا: الشرطي نعيـ – 3 .فيو ممحد فاسد العقيدة وىو فظ األخبلؽ ممئ بالشر، ال يقؿ عف أقرانو السابقيف في السوء واإلجراـ

يذائيـ في كؿ في العشريف مف عمره، قصير القامة حنطي الموف، ( وجيو)الشرطي – 4 وىو نصيري حاقد لئيـ، يندفع إلى تعذيب المعتقميف وا وكانت تصرفاتو تتسـ . يا صغير: مناسبة، وكاف مظيره يوحي بأف عمره ال يجاوز الخمسة عشرة عاما لذا كاف بعض الرقباء ينادونو قائميف

ثـ يقدـ لو الصؼ في الميجع، وىو يضرب رجمو باألرض ( شحاطة)بالسخافة والصبيانية، منيا أنو كاف يجبر رئيس الميجع أف يمبس حذاء .وكانت مجمؿ تصرفاتو توحي بالغرور والحقد والجيؿ الذي يمؤل رأسو

.وكاف يظير أو يدعي كراىية لمتعذيب وال يتورع عف فعمو وتعذيب المعتقميف: الشرطي النصراني – 5

في ميجعنا، ومنيـ مف كاف يحرص عمى التعمية وعدـ معرفة اسمو، حتى كاف أما الجبلدوف الباقوف، فمنيـ مف لـ يبرز ولـ يشتير اسمو .بعض ىؤالء الجبلديف يغير صوتو ويخاطبنا بأصوات مختمفة

أعداد المعتقميف في سجف تدمر

تفاخره بعممو أنو صرح أحد الرقباء العامميف في سجف تدمر مف الذيف يقوموف بضبط أعداد المعتقميف، خبلؿ مناوباتيـ في معرض تسخطو أو معتقميف ( 110)وكاف متوسط عدد النزالء في الميجع الواحد 1981معتقؿ، كاف ذلؾ في أواسط ( 3500)يعمؿ في سجف يحوي أكثر مف

كاف 1981وفي نياية عاـ . معتقبل 3520= 110×32ميجعا، وكاف الحساب التالي ( 32)تقريبا، وعدد المياجع المستعممة في السجف معتقبل، أما في منتصؼ عاـ 4480= 32× 140معتقبل، وكاف عدد المعتقميف في السجف كمو يساوي 140زالء الميجع الواحد معدؿ ن× 170معتقبل، فأصبح العدد الكمي في السجف ( 170)وحتى بعد استغراؽ المياجع الجديدة األربعة فكاف معدؿ نزالء الميجع الواحد 1982يعيشوف عميو كؿ حياتيـ، التي يقضونيا في سجف تدمر فالحياة في 2ـ1معنى ىذا أف كؿ ثبلثة معتقميف حصتيـ معتقبل، و 5440= 32

سجف تدمر وضمف مياجعو المغمقة مشكمة في أساسيا، فكيؼ إذا أضيفت إلييا مشاكؿ أخرى، وىكذا نجد أف كثافة واالزدحاـ بدأت كمشكمة .بداية استقباؿ السجف لممعتقميف بعد إفراغو في المجزرة الرىيبة أي بعد بضعة شيور مف 1981منذ أوائؿ عاـ

فإف الكثافة غدت رىيبة وأصبحت الحياة في مياجع سجف تدمر صعبة قاسية، ونبتت مشاكؿ 1982وعاـ 1981أما بعد ذلؾ في أواخر عاـ .عديدة وأخطار شديدة

واهلل مف وراء القصد

"خالد فاضؿ"

..أو ذكرياتي ىذه عف سجف الموت سجف تدمر العسكري الصحراويأخي يا مف قرأت مذكراتي

ترى ما ىي أحاسيسؾ ومشاعرؾ تجاه آالؼ المعتقميف مف خيرة أبناء الشعب السوري األبي المجاىد؟

ابتمي بو ترى ما ىي أحاسيسؾ ومشاعرؾ تجاه القرامطة الجدد الذيف يحكموف سورية اإلباء مثؿ ىذا الحكـ الذي ىو أخس حكـ وألعف نظاـ شعبنا السوري المجاىد؟

تجاه ىؤالء األحرار األبرار الذيف تصدوا لمطاغية الجباف حافظ أسد الطائفي العميؿ؟.. ترى ما ىو واجبؾ تجاه ىذا الشعب

سدي مف أليس مف حؽ ىذا الشعب عميؾ، وأليس مف حؽ ىؤالء المعتقميف عميؾ، أف تكوف إلى جانبيـ، وأف تعمؿ عمى استئصاؿ الطاعوف األ ..أرض الشاـ، ظئر العروبة واإلسبلـ؟

جزءا يسيرا مما نالنا وما يزاؿ يناؿ إخوانؾ المعتقميف مف ألواف التعذيب والقير واالضطياد حتى الموت، في سجف تدمر -أخي–لقد نقمت إليؾ ..فماذا أنت فاعؿ؟.. العسكري الصحرواي

فبماذا تريد أف يحكـ عميؾ التاريخ؟.. عمى الشعوب مواقفيـإف التاريخ يسجؿ عمى الحكاـ مواقفيـ، كما يسجؿ

..أال أنني قد بمغت، فاشيد اهلل

..الميـ اشيد أنني قد بمغت

..اهلل اشيد أنني قد بمغت