١

:الباب األول

تعريف األمان و مرشوعيته

فقد أخطأ من يعتقد أو يظن أن املسلمني ال يقبلون دخول الكفـار إىل بالدهـم و اسـتقرارهم

عليهم سيوفهم و رماحهم إال إذا كانوا يرغبون يف اإلسالم و ال سبيل للمسلمني معهم إال أن حيملوا

مـن العجـب ألن يعتقـد هـذا فقـد وجـدنا كثـريا مـن و ليس . ه من ال يقبل اإلسالم و مل يعتنقلقتال

و سـامهوا مـع الغـرب يف حماولـة أخبارا ال تتـزن و ال توافـق الواقـعتورد وسائل اإلعالم اليوم ما

و املـسلمني مـن حيـث تـشددهمبعـض أخبارا ذكرت معايـب وا فأورد سمعة اإلسالم إىلساءةاإل

و نـرش الـسالم ليقيقة ختالف هذا فإن اإلسالم جاء لكن احلو. استنباطا من لوائح النظر فقطتنطعهم

فكانوا هيتمون بحاميـة املـستجري و حفظـه و . قبل اإلسالم قر أمر األمان و قد وجد ذلك يف العربي

و ملا جاء رسـول اهللا بـدين اهللا كانوا يفتخرون هبذا و يعتزون بحاميته و كان ذلك له شأن كبري عندهم

.القضية هأتى بأحسن األمثال يف هذ

تعريف األمان لغة و اصطالحا: الفصل األول

ذكر ابن منظور يف لـسان العـرب . من أمن و معناه الطمأنينة و عدم اخلوفمشتق لغةاألمان

املستجري ليأمن عـىل : واألمن ، موضع األمن : واملأمن، وقد أمنه وآمنه ، دخل يف أمانه : استأمن إليه

١"نفسه

مانوآمنت غريي من األمن واأل، األمان واألمانة بمعنى : لصحاح وقال اجلوهري يف ا ، ٢

.

١

.٢١ ص ١٣ج ، ط األوىل، بريوت–دار صادر ، منظور األفريقي املرصيلسان العرب ملحمد بن مكرم بن

٢

و عرفـه العهد للمحارب بعدم االعتداء عىل نفـسه ومالـه وعرضـه ودينـه فهو و اصطالحا

.عقد يفيد ترك القتل والقتال مع احلربيني: الشافعية

دخل بـالد و املؤمن فهو الذي أعطى األمـان و املـستأمن هـو مـن طلـب األمـان لنفـسه ليـ

: و يعرف األحناف واملالكية والشافعية املستأمن بأنـهاملسلمني مدة معلومة فإذا قبل طلبه فهو املؤمن

الذي يقدم بالد املسلمني من غري اسـتيطان هلـا: احلريب إذا دخل دار اإلسالم بأمان و عند احلنابلة هو

يطان هلا وهؤالء أربعة أقسام رسل وجتـار ابن القيم أنه الذي يقدم بالد املسلمني من غري استه ذكركام

ومستجريون حتى يعرض عليهم اإلسالم والقرآن فـإن شـاؤوا دخلـوا فيـه وإن شـاؤوا رجعـوا إىل

بالدهم وطالبوا حاجة من زيارة أو غريها وحكـم هـؤالء أال هيـاجروا وال يقتلـوا وال تؤخـذ مـنهم

إن دخل فيه فذاك وإن أحب اللحاق بمأمنه اجلزية وأن يعرض عىل املستجري منهم اإلسالم والقرآن ف

أحلق به ومل يعرض له قبل وصوله إليه فإذا وصل مأمنه عاد حربيا كام كـان٣

املكـان فأمـا املـأمن هـو .

.الذي يأمن فيه بعد ميض عقد األمان كام فرسه الشوكاين يف فتح القدير

مرشوعية األمان يف نصوص الرشيعة: الفصل الثاين

رى فقهاؤه، ال يعارض طبيعة احلياة، فال يفرض عىل مجاعة مـا أن تعـيش وراء اإلسالم، كام ي

بوجـود وإنـام يقـر. خرى يف أنحاء العاملستار حديدي منقطعة الصالت، أو منعزلة عن اجلامعات األ

.عالقات شتى مع خمتلف البالد يف حالتي السلم واحلرب

٢

ج ، م١٩٨٧ - ه١٤٠٧ط الرابعة ، بريوت–دار العلم للماليني ، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية إلسامعيل بن محاد اجلوهري

.٢٠٧١ ص ٥

٣

.٣٢ ص ٢ج ، م٢٠٠٢ - هـ ١٤٢٣ة الثاني، لبنان–دار الكتب العلمية بريوت ، أحكام أهل الذمة البن القيم

٣

جنبي، فإن اإلسالم جرى عـىل مـنح شخص األوإذا كان لكل نظام أو عرص أسلوبه يف محاية

األجنبي يف دار اإلسالم أو دار احلرب ما يسمى باألمان، سواء أكان بطريق شـفاهي أم كتـايب، وألي

.غرض ديني أو دنيوي، حتى يسهل امتزاج الشعوب، وانتقال املعارف ومتحيص فكرة الدين

شخص لـ املعروفـة حـديثا ل اإلسالم يتـسع لكـل أنـواع احلاميـة والرعايـةونظام األمان يف

األجنبي وماله يف بالد اإلسالم، أو لعقد الصالت السلمية بني املـسلمني وغـريهم؛ ولـو أن الفقهـاء

القدامى أو بعضهم يرى يف أن أصل العالقات مع غري املـسلمني هـي احلـرب ولـيس الـسلموقـد .

ألمـان للوفـود املـسيحية يف كانت فكرة األمان من األسـس املهمـة لتـدعيم الـسالم فكـان إعطـاء ا

.احلروب الصليبية، نتيجة التسامح اإلسالمي، أساسا للمعامالت الدولية

، إذا دخـل دار اإلسـالم مـستجريا لغـرض غـري املـسلموبعبارة خمترصة فإن مناط األمان أن

ه إىل أن تأمينه، ليكون حمروسا يف نفسه ومالرشعي، كسامع كالم اهللا، أو دخل بأمان للتجارة، وجب

وإذن ففي ظل نظام األمان، تستمر العالئق غري العدائية مع أهـل احلـرب، . يبلغ داره التي يأمن فيها

ويـذهب بعـضهم إىل . ولو كانت احلرب مستعرة، وهذا ما مل يقره القانون الدويل املعارص حتى اليوم

م، وإذن باإلقامـة يـتمكن أن األمان يف دار اإلسالم، ليس فقط بمنزلة جواز سفر لدخول دار اإلسال

التعاون، وزيادة التفاهم واملودة فيام بينهم؛ عنارصبه املسلمون وغريهم، من تبادل املنتجات، وتقوية

وإنام األمان معاهدة لفرد أو أكثر يـصبح فيـه املـستأمن، كالـذمي يف األمـان، مـع أنـه ال يلتـزم دفـع

يف تـاريخ املـسلمني عـىل خمتلـف ام األمان مطبقا وقد ظل نظ. مثالرضائب الدولة الداخلية كاجلزية

.العصور

: قانونيا كامل املعامل فهو بإمجاع اجلمهور كام ييلالسند الرشعي لألمان بصفته نظاماأما

٤

وإن أحد من املرشكني استجارك فأجره حتـى يـسمع كـالم اهللا : يقول تعاىل:القرآن الكريم

م أبلغه مأمنه ث

والنص هنا عام يشمل كل مسلم، وإن اجته الفقـه اإلسـالمي املعـارص إىل ). ٦التوبة (

قال أبو جعفر .ختصيصه بالرسول، ثم باحلاكم بعده٤

يـا - يقول تعـاىل ذكـره لنبيـه وإن اسـتأمنك ":

احلرم أحـد ليـسمع كـالم اهللا من املرشكني الذين أمرتك بقتاهلم وقتلهم بعد انسالخ األشهر -حممد

فأجره[، وهو القرآن الذي أنزل اهللا عليه ، منك حتى يسمع كالم اهللا {فأمنه : يقول ]

وتتلوه عليـه }

ثم أبلغه مأمنه {:

ومل يتعظ بـام تلوتـه عليـه ، يقول ثم رده بعد سامعه كالم اهللا إن هو أبى أن يسلم }

مأمنه: [ اهللا فيؤمن إىل من كالم حتـى يلحـق بـداره ، إىل حيث يأمن منك وممـن يف طاعتـك : يقول ]

وإن {: لنبيـه صـىل اهللا عليـه وسـلم عليـه - تعاىل - يقول ": وقال ابن كثري ، "وقومه من املرشكني

أحد من املرشكني اسـتجارك[أمواهلم الذين أمرتك بقتاهلم وأحللت لك استباحة نفوسهم و}

: أي ]

القرآن تقرؤه عليه وتذكر له شيئا من أمر الـدين : أي، استأمنك فأجبه إىل طلبته حتى يسمع كالم اهللا

ثم أبلغه مأمنه {: تقيم به عليه حجة اهللا

وهو آمن مستمر األمان حتى يرجـع إىل بـالده وداره : أي }

ذلك بأهنم{ومأمنه

قوم ال يعلمون

إنام رشعنا أمان مثل هؤالء ليعلموا دين اهللا وتنترش دعوة : أي }

."اهللا يف عباده

ذمة املسلمني واحدة، يسعى هبا أدناهم، فمن أخفر مسلام فعليه لعنة «: قال رسول اهللا:السنة

اهللا واملالئكة والناس أمجعني، ال يقبل اهللا منه يوم القيامة رص

فا وال عدال وقد أقر رسول اهللا ألمان . »

٤

ط األوىل ، ، مؤسسة الرسالة، جامع البيان يف تأويل القرآن ملحمد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب اآلميل، أبو جعفر الطربي

.١٣٨ ص ١٤ج ، م٢٠٠٠ - هـ ١٤٢٠

٥

قال الصنعاين. ابنته زينب وأم هاينء٥

واألحاديث دالة عىل صحة أمان الكافر من كل مـسلم، ذكـر «:

.، فإنه شامل للكافة»يسعى به أدناهم«: أو أنثى، حر أو عبد، مأذون أم غري مأذون، لقوله

ئامن لطالبـه مـن كـل مـسلم، فـإن بعـضهم ومع أن أدلة اجلمهور هي التي تفيد جواز االسـت

يرجح منع األمان الفردي يف األحـوال الدوليـة احلـارضة، لتكـاثر النـاس واختـصاص احلكومـات

.احلديثة بتحمل املسؤولية يف مثل هذه األمور

إذ أنه مؤبـد ألن عقـد الذمـة يـشرتط لـه هذا األمان أمان مؤقت بخالف األمان بعقد الذمة

ذا األمان بكل لفظ يفيد هـذا املعنـى رصحيـا كـان أو كنايـة كـام ينعقـد بالكتابـة و و ينعقد ه. التأبيد

و للحـريب املـستأمن أن يعمـل . فيذه حـاالنو متى انعقد األمان فقد تم و أمكن ت. الرسالة و اإلشارة

و جيـب عـىل املـسلمني رعايـة هـذا ، بمقتضاه فيدخل دار اإلسالم آمنا و ال جيوز التعرض له بـسوء

. و ملتزما بالعهدن و مقتضاه ما دام قائاماألما

يف أحكام من يستحق األمان و من يستحق إعطاء األمان: الفصل الثالث

من أفراد الرعية مـن املـسلمني لواحد و عرشة و قافلة و حصن صغريين األمان إعطاءيكون

لكيـة بعـدم الـرضر عـىل و اشـرتط املا. و يشرتط أمان املسلم أن يكون بالغا عاقال ذكرا كان أو أنثـى

املسلمني فلذلك لو أمن املسلم جاسوسا أو طليعة أو من فيه مرضة باملسلني فـال يـصح انعقـاد عقـد

يه و يتفق هذا مع املصلحة إلااللتفات جيب األمان خلالف هذا الرشط و ال خيفى أن هذا رشط حسن

٥

ص ٤ج ، م١٩٦٠/ هـ١٣٧٩ط الرابعة ، لبيمكتبة مصطفى البايب احل، سبل السالم احممد بن إسامعيل األمري الكحالين الصنعاين

٦١.

٦

ل املصلحة من أصول الـرشيعة املهمـة يف و أص. اجتهاداهتمكان املالكية أكثر العلامء أخذا هبا يفالتي

و معاملهاالرشيعة اإلسالمية التي تشهد له بالصحة دالئل الرشيعة بجميعها٦

.

و جوز اجلمهور أمان العبد و خالف يف ذلك أبو حنيفة رمحه اهللا حيث ال ينعقـد عنـده إال أن

اسه عىل الصبي يف عدم انعقاد أمانه و ملا كان اجلهاد غري واجب عليه فإنه ق، يكون مأذونا له يف القتال

و كذلك فإن أصل جميئه من بالد الكفار فربام ما زال يف قلبه شيئ يميل به نفسه إليهم فال يعقـد أمانـه

. نظرا ملصلحة املسلمني

مرة موىل عقيل بن أيب طالب ويقـال لـه أيـضا مـوىل أم هـانئ بام روى أبوو استدل اجلمهور

عن عمر بن اخلطاب أنه أجاز أمان العبد وقد روي يف صحيح البخـاري أيضا واسمه يزيد وقد روي

ذمـة املـسلمني واحـدة عن عيل بن أيب طالب وعبد اهللا بن عمرو عن النبي صىل اهللا عليه وسلم قـال

يسعى هبا أدناهم فمن أخفر مسلام فعليه لعنة اهللا و املالئكة و الناس أمجعني ال يقبـل منـه رصقـا و ال

و عيسى ومعنى هذا عند أهل العلم أن من أعطى األمان مـن املـسلمني فهـو جـائز عـىل قال أبعدال

كلهم ألن اللفظ عام٧

.

و وجه قول الذين مل يروا بجواز أمان العبد قالوا إن العبد املحجور عليـه و املـشتغل بخدمـة

املـسلمني ضـعف و سيده ال أمان له ألن األصل يف األمان حتريم القتال و هذا ال يصح إال إذا كـان ب

اء األمان يكون فيه مصلحة و هي استعداد املسلمني للقتال فهو قتـال يف فإعط، أعداؤهم يف حال قوة

و هـذه حالـة ال تعـرف إال بالتأمـل و النظـر يف . املعنى ألنه وسيلة و الوسيلة إىل الشيئ تأخذ حكمه

٦

-هـ١٤٠٢ط ، بريوت، مؤسسة الرسالة-مكتبة القدس، أحكام الذميني و املستأمنني يف دار اإلسالم للدوكتور عبد الكريم زيدان

.٤٨ص ، م١٩٨٢

٧

اال ختيارات الفقهية لإلمام احلافظ حممد بن عيسى بن سورة الرتمذي .٦٨٤ص ، املكتبة الشاملة،

٧

فـيام ذكرنـالمني و هذا اإلنسان حمجور عليه فكيف يتسنى له التفكريحالة املس٨

و الـصحيح أنـه إذا .

كان العبد ذا خربة و معرفة و تفكري و معروفا بحبه لإلسالم و مواالته للمسلمني فيجوز أمانه مطلقا

ألنه مسلم مكلف خمتار و لكن إذا كان العبد حديث عهد باإلسالم بحيث مل يتمكن من نفسه أو كان

املسلمني وغريهم و مـا يرتتـب عـىل عقـد األمـان مـن بعيدا عن الواقع واحلياة ال يعلم ما يدور بني

. مصالح و مفاسد فال يصح له األمان

و عىل هـذا إمجـاع ، و ال جيوز لغري املسلم إعطاء هذا األمان و إن كان ذميا يقاتل مع املسلمني

أن األئمة األربعة و معهم اإلمامية و الزيدية ألن النبي جعىل الذمة للمـسلمني فـال تكـون لغـريه إال

أمره به مسلم ألن الذمي هبذا األمر صار مالكا لألمان فيكـون بمنزلـة احلنفية أجازوا أمان الذمي إذا

.املسلم يف إعطاء األمان

و يتساءل البعض هل جيوز قرص منح األمان عىل اإلمام عىل وجه ال يصح منحـه مـن غـريه؟

الوقت احلارض أن احلكومة هي التـي ذلك أن الرأي السائد الذي حتكم بمقتضاه الدول اإلسالمية يف

متنح األمان برشوط خاصة و متنع األفرد من أهلها منح األمان لألجانب فال جيوز لألجانـب دخـول

أرض الدولة اإلسالمية إال بعد منح سمة الدخول من قبل احلكومة أو ممن يمثلها الذي عينـه اإلمـام

.حيث تقوم هذه السمة مقام األمان باصطالح الفقهاء

أمر يتعلق بمـصلحة ، الواقع أن تأمني احلريب و حقه بدخوله دار اإلسالم بناء عىل هذا األمان

فينبغـى ، الدولة و شؤوهنا و أهلها و اإلمام هو املرشف الذي يتوىل شؤون الدولة الناظر يف مصاحلاها

قهـاء إن اإلمـام و قـد قـال الف. من هذا أن ال خيرج هذا الترصف عن نظره و رقابته ألنه هو املسؤول

. يستحق نقض األمان إذا رأى يف إعطاء ذلـك األمـان رضرا و مفـسدة تـصيب الدولـة و املـسلمني

٨

٢٢٩ ص، م١٩٨١ -هـ ١٤٠١، ط األوىل، القتال يف اإلسالم أحكامه و ترشيعاته ملحمد نارص بن عبد الرمحن اجلعوان

٨

فمعنى هذا أن اإلمام له نظر الرقابة يف ترصفات األمان املوجودة و تأمني آحاد املسلمني ليس مطلقـا

عطاء األمان أن يكون بيد اإلمـام األصل يف إو قال املالكية أن .و إنام يتوقف عىل تقدير اإلمام و نظره

. فله أن يلغيه أو أن يمضيه، فإن صدر من غريه نظر اإلمام فيه

و إذا هنى اإلمام الناس عن التأمني بناء عىل مصلحة يراها فهل يعترب أماهنم بـاطال ال يرتتـب

و لكـن . ىل مأمنـهعليه أثره؟ فذهب املالكية عىل أنه ال ينفذ إال إذا أمضاه اإلمـام فـإن مل يمـضه رده إ

ذهب الزيدية إىل أبعد من هذا فيقولون إنه إن صدر األمان من جاهـل فـرد املـستأمن إىل مأمنـه و إذا

صدر من عامل فاألمان باطل فكأن املستأمن دخل دار اإلسالم بال أمـان و هـذا هـو الـراجح و جيـب

اإلمام منـصوب للنظـر يف هـذه واملصري إليه ألن األمان من شؤون الدولة و يتعلق بمصاحلها العامة

املصالح و تلك الشؤون فينبغي أن يقدم قوله٩

.

اختلف يف هذه املـسألة ، فأما من يستحق له األمان ممن أراد أن يدخل دار اإلسالم من الكفار

املجوس بالعلامء فمنهم من خص هذا احلق باليهود و النصارى عىل كوهنم من أهل الكتاب و كذلك

غـريهم ل الكتـاب دونو ذكر احلنفية أن الصابئة من أه) وا هبم سنة أهل الكتابسن(لقول الرسول

ال يثبت هلم حق لطلب األمان و بعضهم قـالوا إن اسـتحقاق األمـان يعـم اجلميـع مـن فمن الكفار

و لكن الـراجح مـن أقـواهلم أنـه للمـسلمني أن . سواء كانوا من أهل الكتاب أو ليسوا منهمالكفار

إىل مجيع من طلب األمان من الكفار لعدم هنوض أثر خيص أهل الكتاب هبـذا األمـر و يعطوا األمان

.مصالح الدولة و املسلمني و أن ال يكون يف أماهنم رضر مع مراعاة كلهذلك

٩

.٥٠-٤٩ص ، أحكام الذميني و املستأمنني يف دار اإلسالم

٩

؟هل األمان عقد الزم

أن األمان عقد غري الزم، حتى لو رأى اإلمام املـصلحة يف الـنقض و من وافقهم احلنفية يرى

ألنه جوازه عندهم مرشوط بتحقيق املصلحة، فإذا صارت املصلحة يف الـنقض نقـض، ونبـذ نقضه؛

.للمستأمن، أي ألقي إليه عهده

ويرى مجهور الفقهاء والشيعة اإلمامية والزيدية أن األمان عقـد الزم مـن جانـب املـسلمني،

و ذه إال لتهمـة أو خمالفـةويبقى اللزوم مع بقاء عدم الرضر؛ ألن األمان حق عىل املسلم، فليس له نبـ

حتى نرى أهنم ذهبوا يف محاية املـستأمنني و املحافظـة )يا أهيا الذين آمنوا أوفوا بالعقود(قد قال تعاىل

يـدعونا إىل اإلعجـاب بعـدم تـسليم املـستأمن إىل بـالده و إن هـددنا عىل مقتضيات أماهنم إىل حـد

.بالقتال

ما ينتقض به األمان

. بميض الوقت من غري حاجـة إىل الـنقض األمانؤقتا إىل مدة معلومة ينتهيإذا كان األمان م

حمدد وقته فبأحد األمرينأما ما ينقض األمان إذا مل يمض وقته أو كان األمان غري١٠

:

فإذا رجع املستأمن إىل داره انقطع حكم أمانـه فـال يـستطيع . عودة املستأمنني إىل داره–أوال

و هذا مـا رصح بـه احلنفيـة و الظـاهر أن هـذا يف غـري أمـان إال بأمان جديد العودة إىل دار اإلسالم

و خيـالف ذلـك . املوادعة ألن املوادع يدخل دار اإلسالم بأمان املوادعة دون حاجـة إىل أمـان جديـد

احلنابلة فقالوا بعدم انتقاض أمان املستأمن برجوعه إىل دار احلرب لتجارة أو حاجة عىل عـزم عودتـه

اإلسالم ألنه مل خيرج عن نية اإلقامـة فيهـا و لكـن إذا دخـل دار احلـرب مـستوطنا أو حماربـا إىل دار

١٠

.٥٦-٥٥ص ، أحكام الذميني و املستأمنني يف دار اإلسالم

١٠

و يمكن اجلمع بني القولني أن األمان ينتقض بخـزوج املـستأمن . انتقض أمانه يف نفسه و بقي يف ماله

الـدول مل ينتقض إذا عزم املـستأمن عـىل العـودة و هـذا مـا يطبـق يف قـواننيمع عدم إرادة عودته و

.اإلسالمية يف الوقت احلارض مع اختالف الرشوط و الكيفيات

إذا كان األمان مفسدة و رضر عىل الدولة اإلسالمية فإن اإلمام ينقض األمـان كـام أن –ثانيا

له نقضه عند خوف اخليانة و هذا يساير أصل املصلحة الذي ذكرنا فيام اشرتطه املالكية يف انعقاد عقد

.األمان

الفرق بني املستأمنني و أهل الذمة و أهل اهلدنة: الرابعالفصل

يف الفـرق بـني هـذه وجيـه جيـدر بنـا االلتفـات إليـه كـالم - رمحـه اهللا تعـاىل -البن القيم

حيث يقول، املصطلحات الثالثة وما يرتتب عليها من أحكام ١١

الكفار إما أهل حرب وإمـا أهـل " :

ذمة ، وأهل هدنـة ، وأهـل أمـان ، وقـد عقـد الفقهـاء لكـل أهل : عهد ؛ وأهل العهد ثالثة أصناف

باب اهلدنة ، باب األمان ، باب عقد الذمة ، ولفظ الذمـة والعهـد يتنـاول هـؤالء : صنف بابا فقالوا

هـذا يف : وكذلك لفظ الصلح ، فإن الذمة من جنس لفظ العهد والعقـد ، وقـوهلم ، كلهم يف األصل

فألزمه بالعقد وامليثاق ، ثم صار يستعمل يف كل : عهده وعقده ، أييف: ذمة فالن أصله من هذا ، أي

ما يمكن أخذ احلق من جهته ، سواء وجب بعقده أو بغري عقده ، وهكـذا لفـظ الـصلح عـام يف كـل

وهو يتناول صلح املسلمني ، بعـضهم مـع بعـض وصـلحهم مـع الكفـار ، ولكـن صـار يف ، صلح

عبارة عمن يؤدي اجلزية ، وهؤالء هلم ذمة مؤبدة ، وهؤالء قـد اصطالح كثري من الفقهاء أهل الذمة

عاهدوا املسلمني عىل أن جيري عليهم حكم اهللا ورسوله ، إذ هم مقيمون يف الـدار التـي جيـري فيهـا

١١

.٣١ ص ٢ج ، أحكام أهل الذمة

١١

حكم اهللا ورسوله ، بخالف أهل اهلدنة فإهنم صاحلوا املسلمني عىل أن يكونوا يف دارهم ، سواء كـان

مال ، ال جتري عليهم أحكام اإلسالم كـام جتـري عـىل أهـل الذمـة ، ولكـن الصلح عىل مال أو غري

وأمـا ، عليهم الكف عن حماربة املسلمني ، وهؤالء يسمون أهل العهد وأهـل الـصلح وأهـل اهلدنـة

رسـل وجتـار : املستأمن فهو الذي يقدم بالد املسلمني من غري اسـتيطان هلـا ، وهـؤالء أربعـة أقـسام

عرض عليهم اإلسالم والقرآن ، فإن شاؤوا دخلوا فيه ، وإن شاؤوا رجعـوا إىل ومستجريون ، حتى ي

بالدهم ، وطالبوا حاجة من زيارة أو غريها ، وحكم هؤالء أال هياجروا وال يقتلوا وال تؤخـذ مـنهم

اجلزية ، وأن يعرض عىل املستجري منهم اإلسالم والقرآن ، فإن دخل فيـه فـذاك وإن أحـب اللحـاق

- ففـي تقريـره "ق به ، ومل يعرض له قبل وصوله إليه فإذا وصل مأمنه عاد حربيا كام كـانبمأمنه أحل

فجمـيعهم يف طـور . ذكر حقوق أهل الذمة ، وأهل اهلدنة ، واملـستأمنني : عدة فوائد منها-رمحه اهللا

أهـل جـواز دخـول التجـار والرسـل والعـامل و: ومنها. وجوب الوفاء هلم ما أوفوا : ومنها. العهد

أن أحكام الرشع تطبق عـىل املعاهـدين إذا كـانوا يقيمـون يف : ومنها. احلرف والصناعات ونحوهم

أنه ال تطبق أحكام اإلسالم عىل أهل اهلدنة إذا كانوا : ومنها. الدار التي جيري فيها حكم اهللا ورسوله

. تفيـد املـسلمني جواز إعطـاء أهـل العهـد الرخـصة لزيـارة أو حاجـة : ومنها. يقيمون يف ديارهم

فاملسلمون قد حيتاجون إىل غريهم يف الصناعة والتجارة ونحو ذلك ، كالعلوم الالزمة لتقوية الشوكة

أو يف شؤون الزراعة أو االقتـصاد ، فلـيس هنـاك حـرج يف دخـول غـري املـسلمني يف دار . والدفاع

ا ذهـب طائفـة مـن العلـامء وهلـذ": قال شيخ اإلسالم . اإلسالم من أجل هذه املقاصد بعقد وعهد

كمحمد بن جرير الطربي إىل أن الكفار ال يقرون يف بالد املـسلمني باجلزيـة ، إال إذا كـان املـسلمون

حمتاجني إليهم ، فإذا استغنوا عنهم أجلوهم كأهل خيرب ، ويف هذه املسألة نزاع لـيس هـذا موضـعه ،

أن : أحـدمها : بـازين ، فهـذا عـىل وجهـنيواملقصود هنا أن النـاس إذا احتـاجوا إىل الطحـانني واخل

١٢

حيتاجوا إىل صناعتهم ، كالذين يطحنون وخيبزون ألهل البيوت ، فهؤالء يستحقون األجرة ، ولـيس

أن حيتاجوا إىل الصنعة : هلم عند احلاجة إليهم أن يطالبوا إال بأجرة املثل كغريهم من الصناع ، والثاين

". . . طة ويطحنها وإىل من خيبزها ويبيعها خبزا حلاجـة النـاس والبيع فيحتاجون إىل من يشرتي احلن

أنا أوافق عىل أنه ليس عندنا أهل ذمة ، ألن أهل الذمة هـم الـذين ": وقال الشيخ حممد بن عثيمني .

ولكـن لـدينا معاهـدون ، خيضعون ألحكام اإلسالم ويؤدون اجلزية وهذا مفقود مـن زمـان طويـل

اهدة عامة ومعاهدة خاصة فمن قدم إىل بالدنا من الكفار لعمـل أو جتـارة ومستأمنون ومعاهدون مع

وقد ثبت عن النبي صىل اهللا عليـه ، وسمح له بذلك فهو إما معاهد أو مستأمن ال جيوز االعتداء عليه

من قتل معاهدا مل يرح رائحة اجلنة« : وسلم أنه قال

ا اقتىض اإلسالم احرتامه مـن أهـل فنحن مسلمون مستسلمون ألمر اهللا عز وجل حمرتمون مل

فمن أخل بذلك فقـد أسـاء لإلسـالم وأظهـره للنـاس بمظهـر اإلرهـاب والغـدر ، العهد واألمان

."ومن التزم أحكام اإلسالم واحرتم العهود واملواثيق فهذا هو الذي يرجى خريه وفالحه، واخليانة

لتعرض هلـم أو أذيـتهم كـام سـيأيت فهؤالء ومن عىل شاكلتهم مستأمنون ال جيوز قتاهلم وال ا

.بيانه إن شاء اهللا تعاىل

١٣

:الباب الثاين

حقوق املستأمنني و واجباهتم

إعطاء األمان من املسلمني لعدوهم من الكفار ترتتب عليه أحكام خاصة هبم و يمكن النظـر

ه و إكـرامهم و رضب اإلسالم أروع مثل يف معاملتـه ألعدائـ. يف ذلك من جهة حقوقهم و واجباهتم

فقد اكتسبوا عصامة و حسن املقابلة مل تشهدمها الدنيا من قبل إال عىل يد رسـول ، عدم قتل أحد منهم

. اهللا صىل اهللا عليه و سلم و عهد خلفائه األربعة و من تبعهم بإحسان إىل يومنا احلارض

، مـن آمـن مـنهم يف داخل الدار اإلسالمية، ينرش اإلسالم سالمه عىل أفراد الدولـة مجـيعهم

ومن كفر،ال يفرق بني أحد منهم، فاجلميع متـساوون يف احلقـوق ويف الواجبـات سـواء أكـانوا مـن

املؤمنني الذين آمنوا باهللا وبرسالة نبيه حممد صىل اهللا عليه وسلم، أم كانوا من الـذميني الـذين سـمح

وعليهم واجبـاهتم، أم كـانوا هلم بمامرسة شعائر دينهم حتت محاية الدولة، وكان هلم حقوق املسلمني

من املستأمنني الذين يقيمون يف الدولة بصفة مؤقتة ويستظلون بأماهنا، فيكونون بمنزلة أهل الذمة يف

ديارنا طوال فرتة إقامتهم

حقوق املستأمنني: الفصل األول

وسـائر املحافظة عىل نفسه ومالـه احلامية و وإذا دخل احلريب دار االسالم بأمان، كان له حق

وال حيـل تقييـد حريتـه، . حقوقه ومصاحله، مادام مستمسكا بعقد األمان، ومل ينحرف عنه أو جياوزه

وال القبض عليه مطلقا، سواء قصد به األرس، أو قصد به االعتقـال، ملجـرد أهنـم رعايـا األعـداء أو

مان بمجرد انعقاد و كذلك أمواهلم فصارت مضمونة بحكم األ. ملجرد قيام حالة احلرب بيننا وبينهم

١٤

أمانه، فال يمكن أخذها بحكم اإلباحة حتـى إذا عـادوا إىل دار احلـرب فإنـه يبطـل األمـان بالنـسبة

.ألنفسهم، ويبقى بالنسبة ألمواهلم

القاعدة العامة يف حقوقهم .أ

من املقرر يف وقتنا احلارض أن الدول تقرر بحقوق األجانب و ال تتعـرض عليهـا إال أن هـذه

. مطلقة و لكنها حمدودة حيث ال تنقص أدنى احلقوق التي ذكرهـا قـانون الـدول العـاماحلقوق غري

أحدمها يأخذ مبـدأ تـشبيه األجانـب بـالوطنيني و غـريه ، تنقسم دول العامل إىل رضبني، ففي تطبيقها

.و ختتلف دولة عن دولة حسب اختالف أوضاعها و ظروفها اخلاصة. يأخذ بمبدأ املعاملة باملثل١٢

رت واز دخول احلربيني دار اإلسـالم بعقـد األمـان أقـجنت الرشيعة اإلسالمية ملا أقرت بكا

فالرشيعة قررت باعتبـار حقـوق . و قواعد توضح تلك احلقوقكذلك بحقوقهم و وضعت هلا قيود

و عـىل هـذا ). بمنزلة أهـل الذمـة يف دارنـا(كام قال الفقهاء ، املستأمنني ما يقرب من حقوق الذميني

حقوق املستأمنني حقوق الذميني إال استثناءات قليلة اقتضتها طبيعة كون املستأمن أجنبيـا عـن متاثل

هذه احلقوق التـي يتمتـع هبـا املـستأمنون يف دار . اجلنسيةبدار اإلسالم و ذلك يف احلقوق التي ترتبط

ون الدويل العـام اإلسالم كان مصدرها القانون الداخيل للدولة اإلسالمية و هو الرشيعة و ليس القان

كام يعتقد بعض الناس ألن اإلسالم و شموليته و كامله رشيعة تنظم كل ما كان الناس يف حاجـة إليـه

.ان هذا النظام وجدناه يف الرشيعة قبل خسمة عرش قرنا بل كحتى ينرش السالم و األمان بينهم

الوفاء بمقتىض األمان و. هذه احلقوق ال بد من االلتزام هبا لكوهنا من مقتضيات عقد األمان

أمر توجبه الرشيعة اإلسالمية و ال ينبغي للدولة التفريط يف أدائه ألنه يعترب غـدرا و خيانـة و اخليانـة

١٢

.١١٢-١١١ الذميني و املستأمنني ص أحكام

١٥

منهي عنها يف الرشيعة و ألن ذلك مظهر من مظـاهر اإلسـالم الـذي يلـزم املـسلمني هبـا أمـام غـري

.املسلمني حتى تلني قلوهبم لإلسالم

ق الدولة يف معاملتها مع األجانب بمراعاة مبدأ املعاملة باملثـل مـا دام ال و ال حرج يف أن تطب

فلو دخل املستأمن دار اإلسالم بامل قليل بل قد حيتاج إىل من حيـسن إليـه فـال . خيالف ذلك الرشيعة

جيوز للدولة أن تفرض عليه رضيبة بل بإمكاهنا أن تعطي إليه ما يسدده حتى تنقيض ععـد أمانـه و إن

و . دولته األصلية متارس هذا النظام ألن فرض الرضيبة عليه ختالف مبادئ الرشيعة اإلسالميةكانت

إذا كان بني الدولة اإلسالمية مع الدولة غري اإلسالمية اتفاقيات تنظم أمر األمان فمن االزم أن تقوم

.كل منهام بتنفيذ هذه االتفاقيات

بيق أحكام دينهم و ال تتدخل فيه الدولة إال أعطى الدولة حريتهم بتط، و يف شؤوهنم اخلاصة

فـكانوا أحرارا بـام ، و كذلك يف الترصفات و املعامالت. إذا طلب أحدهم احلكم إىل قايض املسلمني

. صنعوا ما مل خيالفوا نظام احلكومة و مل يظلموا فيها أحدا

حقوقهم العامة .ب

دا يف جمتمـع و ال يمكنـه االسـتغناء احلقوق العامة هي احلقوق االزمة لإلنـسان باعتبـاره فـر

كـاحلق يف التنقـل و االعتقـاد و ، و هذه احلقوق مقررة حلامية الشخص يف نفسه و حريته و ماله. عنها

.عدم االعتداء عليه و غريها

. كــان اإلســالم يمثــل ألهــل الــدنيا الــسالم و الرمحــة فــأكرم حقــوق النــاس كلهــم مجيعــا

غم من كوهنم أجانب فالدولة اإلسالمية قررت هلم احلقوق العامة ما فاملستأمنون يف دار اإلسالم بالر

فلذلك كانت احلقوق العامة التي . يقرب بحقوق الذميني إذ كانوا أمثاهلم يف ذمة املسلمني من الكفار

١٦

يقررها القانون الدويل العام متيرسة ألن الدولة اإلسالمية قد كات متـارس بحفـظ حقـوق احلـربيني

.ول اإلسالم منذ القدم فللمسلمني سبق يف هذا األمرالداخلني يف د

يف دخول دار اإلسالمهمحق)١

إن دار اإلسالم ليست دارا مغلقة األبواب ملن أراد أن يـدخلها بـسالم مـن األجانـب ألهنـا

فـال عجـب يف أن . كانت تقوم عىل أساس اإلسالم و رفعت رايته و حتملت فكرته و راعـت مبادئـه

ح بدخول األجانب أرضها و ذلك لريوا حماسن اإلسالم و عدلـه و مجـال الـسالم تفتح أبواهبا للسام

فإن ذلك قد يـدعو هـؤالء للـرشوع يف معرفـة اإلسـالم و حقيقتـه و . بني أهلها و خيالطوا املسلمني

تعاليمه و مبادئه فهدى اهللا من بعد ذلك من شاء و ترك من الضالني املكذبني مـن شـاء و كـان ذلـك

مني هي أحسن من محر النعم و ما عىل وجه األرض كافة عىل اإلطالق فقد روى سـهل غنيمة للمسل

ألن هيدي اهللا بك رجال واحـدا خـري لـك ( قال لعيل -صىل اهللا عليه وسلم-بن سعد، أن رسول اهللا

)مما طلعت عليه الشمس(و يف رواية أيب رافع ، )من محر النعم١٣

.

ال ينبغـي هلـا أن تـضيق األجانـب و متـنعهم بـدخول نالحظ من هذا أن الدولة اإلسـالمية

و لكن هل يلزم للدولة اإلسـالمية قبـول مـن أراد . أرضها آمنني و ذلك بني فيام نسمع من آية التوبة

مها، الدخول من احلربيني؟ فذكر الدكتور عبد الكريم زيدان يف هذا األمر حالتني١٤

:

احلالة األوىل

١٣

ج ، ه٢٠٠٣-١٤٢٤األوىل ، دار ابن حزم-سسة الريان مؤ، جامع بيان العلم وفضله أليب عمر يوسف بن عبد اهللا النمري القرطبي

ـ٢٣٩ ص ١

١٤

.١١٤-١١٣ص ، أحكام الذميني و املستأمنني

١٧

ار اإلسالم ليسمع كالم اهللا و يعرف رشائع اإلسالم و تعاليمه إذا طلب احلريب أمانا ليدخل د

وإن أحد من املرشكني اسـتجارك فـأجره (لقوله تعاىل ، ثم يرد إىل مأمنه، ففي هذه احلالة جتب إجابته

حتى يسمع كالم اهللا ثم أبلغه مأمنه ذلك بأهنم قو

م ال يعلمون

قـال البهـويت مـن علـامء احلنابلـة يف )

فمن طلب أمانا ليـسمع كـالم اهللا ويعـرف رشائـع اإلسـالم (رشح متهى اإلرادات و كشاف القناع

لزمت إجابته ثم يرده إىل مأمنه

.(

الثانيةاحلالة

يب أمانا ليدخل دار اإلسـالم ألداء التجـارة فـال ركام لو طلب احل، األوىلو هي يف غري احلالة

يوجد شيئ من الرشع ما يوجب الدولة اإلسالمية بقبول هذا الشخص و لكن ذلـك مـرتوك لتقـدير

الدولة و نظرها فلها قبوله و السامح بالدخول و هلا أن يرد هذا احلريب بموازنـة مـا فيـه مـن مـصالح

و لكن املرغوب و هو األصل أن تقبل الدولة اإلسالمية كـل حـريب طلـب أمانـا . منيالدولة و املسل

بدخول الدولة ما مل يأت برضر عىل الدولة أو املسلمني ملا علمنا من إشارة آية التوبة بذلك و ما ذكرنا

. من إمكان قبوله اإلسالم دينا بعد الدخول و رأية حماسن اإلسالم و عدالته من داخله

األمان و مدة إقامة املستأمننيمكان

املكان الذي يقر فيه املستأمنون هو دار اإلسالم حيـثام شـاؤوا يتنقلـون و يروحـون إىل بـالد

و كـذلك الـشأن . أرادوا فمكان األمان هو كل البالد اإلسالمية إال إذا قيد األمـان يف مـوطن معـني

. ام ما يرسي عىل الذميالذي خيص احلرم و احلجاز فإنه يرسي عليه من القيود بشأهن

. و ما عـدامها، و احلجاز، حرم: ذلك بأن الفقهاء قالوا إن دار اإلسالم تنقسم إىل ثالثة أقسام

:و للقسمني األولني أحكام خاصة تتعلق بموضوع البحث عىل النحو التايل

١٨

نـصاب و للحرم املكي أعالم بينة وهي حاليا أ. احلرم و هو ما طاف بمكة من جوانبها–أوال

و هي مما ييل طريق بستان بنـي عـامر يف . مبنية مكتوب عليها اسم العلم باللغات العربية و األعجمية

طرف بركة زبيدة عند عينها عن طرق العراق بثامنية أميـال و ممـا يـىل عرفـات يـرى الواقـف بعرفـة

وي عن حممـد األسـود ر. و مما ييل طريق املدينة فمن التنعيم، األنصاب عىل اثنى عرش ميال أو نحوها

أراه جبيل صىل اهللا عليهام، أن أول من نصب األنصاب إبراهيم١٥

.

و قال . و إليه ذهب الشافعية و احلنابلة، ليس لغري املسلم أن يدخل احلرم ال مقيام و ال مارا به

ولـني و حجة األ. أبو حنيفة له دخوله كاحلجاز كله و لكن ليس له اإلقامة ما مل يدخل املسجد احلرام

أن القرآن الكريم هنى غري املسلمني ععن قربان املسجد احلرام و املقـصود بـه احلـرم كلـه ال املـسجد

يا أهيا الذين آمنوا إنام املرشكون نجس فال يقربوا املسجد احلـرام بعـد : احلرام فقط و ذلك قوله تعاىل

عامهم هذا

)٢٨: التوبة(

، و ما سوى احلـرم منـه. احلجاز و هو مكة و املدينة و الياممة و قراها كالطائف و خيرب–ثانيا

ال جيوز أن يستوطنه غري املسلمني و هذا مـا رصح بـه الفقهـاء مـن الـشافعية و احلنفيـة و احلنابلـة و

)ة العربال جيتمع دينان يف جزير(الشيعة اإلمامية لقول الرسول صىل اهللا عليه و سلم

و رضب ملن قدم مـنهم تـاجرا ، و أجىل عمر بن اخلطاب ريض اهللا عنه أهل الذمة عن احلجاز

أو صانعا مقام ثالثة أيام و خيرجون بعد انقضائها فجرى به العمل و استقر عليـه احلكـم فمنـع غـري

منه أكثر مـن املسلمني من استيطان احلجاز و ال يمكنون من دخوله و ال يقيم الواحد منهم يف موضع

ثالثة أيام فإذا انقضت رصف عن موضعه١٦

و للحنابلة يف هذا املجـال قـول هـو جـواز إقامـة غـري .

١٥

.٢٥٨ ص ٥ج ،ط الثانية ، دارالسالسل كويت، مية الكويتيةاألوقاف والشئون اإلسالاملوسوعة الفقهية الكويتية لوزارة

١٦

.١٩٧ص ، الرياض-دار الوطن، األحكام السلطانية للقايض أيب يعىل حممد بن احلسني الفراء احلنبيل

١٩

املسلمني يف احلجاز أكثر من ثالثة أيام إذا اقتضت احلاجة ذلك كمثل البيع إذ قد يؤدي منع ذلـك إىل

.عدم جلب البضائع إىل احلجاز فتفوت مصلحة أهل البالد

أمـا وقـت . فهو حتديد بدء عقد األمان وانتهائه، فيبدأ األمان بعلم املستأمنوأما أجل األمان

.انتهاء األمان، فقد اختلف فيه الفقهاء

فالشافعية حددوه بام ال يزيد عىل أربعة أشهر، ما مل يكـن املـستأمن سـفريا أو رسـوال فيمتـد

.األمان ما امتدت مهمة املستأمن

طلق، أو الذي حتدد مدته بأقل من أربعة أشهر، تكون مدته أربعة إن األمان امل: واملالكية قالوا

إن حدد األمان بأمد معني، كان موقوفا عىل أمـده مـا مل يـنقض العهـد، كـام هـو : أشهر، لكنهم قالوا

فأمتوا إليهم عهدهم إىل مدهتم(رصيح القرآن

).٤التوبة ()

زوا األمان لسنة عىل األكثر، يف حني وسـع احلنابلـة أكثـر مـن بقيـة أما احلنفية والزيدية فأجا

بمـدة، ستأمن والرسـول، مطلقـا أو مقيـدااملذاهب، فأجازوا عقد األمان من دون جزية لكل من املـ

إذا أمنته فهو عىل أمنته: يقول اإلمام أمحد. طالت أو قرصت وقـد حـدث يف التـاريخ اإلسـالمي أن .

ثالث سنوات أو أربع للسفراء يف عهد اخلليفة املنصور واخلليفة الرشيدامتد أجل األمان إىل١٧

.

والراجح يف الرأي أمام رصاحة نص القرآن الكريم يف اآلية السابقة أنه جيوز للدولة اليوم أن

حمافظـا عـىل عهـده، خملـصا يف الالجئمتد يف أجل األمان ما طاب هلا مادام املستأمن أي املستجري أو

ويف عـرص . عقده، ففي ذلك عدل، واإلسالم دين عـدل، ويف ذلـك منطـق، واإلسـالم ديـن منطـق

تشابكت فيه العالقات السلمية بني دار اإلسالم بمختلف دوهلـا، ودار احلـرب بمختلـف دوهلـا، ال

١٧

http://arab.educdz.com ، ملحمد عزيز شكرياإلسالماألمان يف

٢٠

أو بام شابه، بل يرتك أمره لويل األمر، وهو الدولة التـي يعقل أن جيعل األمان حمصورا بأشهر أو بسنة

.هلا إثبات األمان عند اخلالف

وبعد فمن الراجح أنه استنادا إىل نص القرآن الكريم برضورة إبالغ املستأمن مأمنه ال يمكـن

رد املستأمن إىل حيث ال أمان له، بل خيري بني عقد الذمة إن كان أهال له أو أن يرحـل إىل مكـان آخـر

.إذا قرر ويل األمر إهناء أمانه يف دار اإلسالم

حقهم يف حفظ كرامتهم اإلنسانية)٢

األمحـر و األبـيض و ، ظهر اإلسالم دينا حيرتم اإلنـسانية لكـل أحـد مـن العـرب و العجـم

م فكلهم عىل املـساواة يف نظـر اإلسـال. الغنيى و الفقري، و الكبري و الصغري، الذكر و األنثى، األسود

يا أهيا الناس أال إن ربكـم واحـد وإن أبـاكم واحـد إال ال (فقد قال الرسول عند خطبة حجة الوداع

فضل لعريب عىل أعجمـي وال لعجمـي عـىل عـريب وال ألمحـر عـىل أسـود وال أسـود عـىل أمحـر إال

)بالتقوى١٨

فة و يتـأخوا بل جعل اهللا هذه الفروق بني الناس حلكمة و منها ليتعارفوا و يتبادلوا يف الثقا

يا أهيا الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلنـاكم شـعوبا وقبائـل لتعـارفوا إن أكـرمكم عنـد اهللا (

أتقاكم إن اهللا عليم خبري

)١٣: احلجرات(

ا فال يساوي غريها مـن األديـان التـي منهـا مـا اعتـرب اإلسالم حيرتم اإلنسانية و يعتني بشأهن

ذلك ألن اإلسالم أنـزل للنـاس كافـة و . النساء نصف البهيمة أو منها ما اعترب غري معنقدهيا خنازير

ولقد كرمنا بني آدم ومحلنـاهم يف الـرب وال(فكل بني آدم إنسان له شأنه قال تعاىل . رمحة للعاملني

بحـر

١٨

.٤١١ ص ٤ج ، القاهرة–مؤسسة قرطبة ، أبو عبد اهللا الشيبايناملسند لإلمام أمحد بن حنبل

٢١

ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم عىل كثري ممن خلقنا تفضيال

و كذلك فإن اإلنـسان ) ٧٠: اإلرساء(

وإذ قلنا للمالئكـة اسـجدوا آلدم فـسجدوا إال إبلـيس أبـى (يفضل عىل غريه من املخلوقات

: طـه(

١١٦.(

ملا أعطي حريب أمانا و دخل دار اإلسالم يلـزم لكـل مـن املـسلمني أن يكرمـه و ال ينزلـه إنه

و مـن حقـوق املـستأمنني يف ذلـك مراعـاة . منزلة احلريب بل ال بد أن حيسن إليه كام أحسن إىل الذمي

مشاعرهم و لطف الكالم معهم و جمادلتهم بالتي هي أحسن كام رشع ذلك الـدين وال جتـادلوا

أهـل

الكتاب إال بالتي هي أحسن إال الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إلـيكم وإهلنـا

وإهلكم واحد ونحن له مسلمون

) ٤٦:العنكبوت(

األمر قد رضب لنا مثاال يف مدحـه إخوانـه الرسـل مـن و الرسول لكونه مثال للناس يف هذا

و مع ذلك كان الكفار يستمرون يف سـخريتهم منـه و عظموهم األمم األخرى الذين آمن الكفار هلم

حدثنا عبد اهللا بن حممـد ، حـدثنا ( فقد روى البخاري يف صحيحه و مثال ذلك. صىل اهللا عليه و سلم

عبد الصم د ، عن عبد الرمحن بن عبد اهللا بن دينار ، عن أبيه ، عن عبد اهللا بن عمر ، ريض اهللا عـنهام ،

عن النبي صىل اهللا عليه وسلم قال

الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يع:

قـوب بـن

إسحاق بن إبراهيم

(

١٩

.

١٩

– ١٤٠٧ط األوىل ، ، القاهرة–دار الشعب ، اجلامع الصحيح ملحمد بن إسامعيل بن إبراهيم بن املغرية البخاري، أبو عبد اهللا

.٩٥ ص ٦ج ، ١٩٨٧

٢٢

حقهم يف حرية املعتقد و التزام رشعهم)٣

كان لغري املسلمني أي يـدخلوا دار اإلسـالم آمنـني مل تلـزمهم الدولـة أن يعتنقـوا باإلسـالم

لدخول هذه الدار و مل تكرههم عىل تغيري دينهم و ليس الدين باإلكراه و لكـن ذلـك مـن مـشيئة اهللا

ولو شاء ربك آلمن من يف األرض كلهم مجيعا أفأنت تكره النـاس (دي من يشاء و هيدي من يشاء هي

حتى يكونوا مؤمنني

و إنام للمسلمني أن يدعوا غريهم من الكفـار باحلكمـة و املوعظـة ) ٩٩:يونس(

.احلسنة

اإلسالم أن يامرسوا شعائرهم و ال يعرض هلا املسلمون بـل و من حق املستأمنني أيضا يف دار

يرتكهم أحرارا يف عباداهتم و تقرباهتم و أديتهم و لكن البد مع ذلـك مراعـاة مـشاعر املـسلمني فـال

ولوال دفع اهللا النـاس بعـضهم (فقد قال عز و جل . يامرسون شعائرهم يف أماكن تكثر فيها املسلمون

ببع ض هلدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم اهللا كثريا

).٤٠:احلج(

و كذلك يف التزام دينهم فـال يعاقـب املـستأمنون و ال تقـام علـيهم احلـدود يف شـيئ كـانوا

النكـاح و غـري ذلـك إال إذا يعتقدون حله و كانوا يرتكون أحرارا يف التزاماهتم بأحكام دينهم كـام يف

فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عـنهم وإن (قال اهللا تعاىل . حتاكموا إىل قاض من قضاة املسلمني

تعــرض عــنهم فلــن يــرضوك شــيئا وإن حكمــت فــاحكم بيــنهم بالقــسط إن اهللا حيــب

املقــسطني

)٤٢:املائدة(

حقهم يف حفظ دمائهم و أمواهلم و أعراضهم) ٤

إعطاء األمان من املسلمني لعدوهم يرتتب عليه أمور منها حتريم القتل للمستأمنني مـا دامـوا

فإهنم بذلك حتت محايـة الدولـة ، يف دار اإلسالم و عصمة ماله و عرضه و عدم التعرض له بأي أذى

٢٣

من أرايض اإلسالم و كانت أنفسهم و أمواهلم و أعراضهم معـصومة و حمفوظـة عنـد أنى ذهبوا إليه

و ال تقتلوا النفس التي حرم اهللا إال باحلق (و قال تعاىل . مجيع املسلمني وفاء باألمان

) ١٥١:األنعـام(

حـدثنا قـيس بـن حفـص ، حـدثنا عبـد الواحـد ، (قد روي احلديث عن النبي صىل اهللا عليه و سلم

حدثنا احلسن ، حدثنا جماهد ، عن عبد اهللا بن عمرو ، عن النبي صىل اهللا عليه وسلم قـال

مـن قتـل :

نفسا معاهدا مل يرح رائحة اجلنة وإن

رحيها يوجد من مسرية أربعني عاما

(

٢٠

فقد نرى يف بعض الدول اإلسالمية يف اليوم احلارض من تقصري املسلمني هبذه ، و من األسف

و يسبب ذلك عدم اطمئنان احلربيني عند دخول دار اإلسـالم و لـو ، من ذلك االنفجارات، احلقوق

نه ملا جاء اإلسالم لينرش السالم بني النـاس رشع بـأن ال يقـام فإ. بأمان و انتشار سوء سمعة اإلسالم

حرب إال يف احلاالت املختصة منها عند هجوم األعداء أو عند نكوثهم العهد أو كان ردعـا ملـن منـع

. وصول الدعوة و نرصة للمظلومني

حقهم يف حرية الرأي و االجتامع و التعليم )٥

ريبـا بحقـوق الـذميني يف حريـة الـرأي و االجـتامع و فلهم يف الدولة اإلسالمية حق يامثـل ق

هبذه األمور بل أن الفقهاء قالوا إن املـستأمنني يف دارنـا مالتعليم إذ ليس هناك حائل حيول دون متتعه

دخول الستأمن دار اإلسالم ال يكون غالبا إال للعمل و و هلم أيضا حرية العمل و قد كان. مينيكالذ

فقهاء بأن املستأمنني يف دارنـا ال يمنعـون أن يتجـروا يف دار اإلسـالم يف أي و قد رصح ال، و التجارة

. نواحيها شاؤوا

٢٠

.١٦ ص ٩ج ، املرجع السابق

٢٤

حقهم يف املعاملة احلسنة )٦

هذا احلق من احلقوق التي رصح هبا القرآن هلؤالء غري املسلمني يف معاملة املـسلمني معهـم و

ال ينهاكم اهللا ع(ذلك قوله تعاىل يف سورة املمتحنة ن الذين مل يقـاتلوكم يف الـدين ومل خيرجـوكم مـن

دياركم أن تربوهم وتقسطوا إليهم إن اهللا حيب املقسطني

إنـام ينهـاكم اهللا عـن الـذين قـاتلوكم يف ( )

الدين وأخرجوكم من

دياركم وظاهروا عىل إخراجكم أن تولوهم ومن يتوهلم فأولئك هم الظـاملون

فلم ينه الرشع املسلمني من خمالطتهم و بـرهم و القـسط معهـم مـا مل يقـاتلوهم يف ) ٩-٨:املمتحنة(

.اجتذبوا بأخالقنادينهم بل قد كان يف حسن املعاملة معهم هدى هلؤالء ملا

حقهم يف التكافل االجتامعي و املرافق العامة)٧

يستحق املستحقني مساعدة املسلمني و صدقتهم عند عجزه و حاجته يف دار اإلسالم و ذلـك

و الظاهر كذلك أن الدولة . للمسلمني من باب الرب و اإلحسان إىل الغري ملا ذكرنا يف آيتني يف املمتحنة

ألن اإلسالم يـأمر باإلحـسان و ، جته و ال تسلمه إىل اهللكة ما دام يف دار اإلسالمهلا أن تقوم بسد حا

و ليست املعاين مقصورة عىل املسلم بل تشمل كـل حـي بغـض . إعانة املحتاجني و الرمحة هبم قاطبة

يف كـل كبـد رطبـة (النظر أكانوا مسلمني أم غري مسلمني كام يدل عليه قولـه صـىل اهللا عليـه و سـلم

)أجر٢١

فضال عام يف اإلحسان إىل املستأمنني من تأثري بالغ يف نفسه و تعريف لـه بمحاسـن اإلسـالم .

.عمليا ال نظريا و قد يدعوه هذا إىل الدخول يف اإلسالم

٢١

، دار اجليل بريوت، بن احلجاج بن مسلم القشريي النيسابورياجلامع الصحيح أليب احلسني مسلم . ١٤٧ ص ٣ج ، املرجع السابق

.٤٤ ص ٧ج

٢٥

و للمستأمنني أيضا أن يتمتعوا بمرافـق الدولـة كوسـائل املواصـالت و مـرشوعات املـاء و

وا ينضمون إىل الدولـة كالـذميني بـالرغم أن هـذ االنـضامم ألهنم بأماهنم قد كان. اإلنارة و غري ذلك

.مؤقت

ويطعمون الطعام عىل حبه {: مما يدل عىل هذه الشامئل الكريمة قول تعاىل يف القرآن الكريم

مسكينا ويتيام وأسريا

إنام نطعمكم لوجه اهللا ال نريد منكم ج}{

زاء وال شكورا أخرج سعيد بن ، . }

كان األسارى مرشكني يوم نزلت هذه ": املنصور ، وابن أيب شيبة ، وابن مردويه عن احلسن قال

وأخرج عبد بن محيد عن قتادة يف اآلية قال ."اآلية لقد أمر اهللا باألسارى أن حيسن إليهم وأهنم ":

٢٢"أعظم عليك حرمة وحقايومئذ ملرشكون فواهللا ألخوك املسلم

هو احلريب من ": وقال الطربي ،

يؤخذ قهرا بالغلبة ، أو من أهل القبلة يؤخذ فيحبس بحق ، أهل دار احلرب "٢٣

فإذا كان هذا شأن .

.األسارى فإن املستأمنون أوىل به

و مـن قبـل و هناك آثار كثرية مما يدل عىل إعانة املستأمنني و الرب هبـم و كفـالتهم االجتامعيـة

من ذلك أن رسول اهللا صىل اهللا عليه و سلم بعث مخسامئة دينار إىل مكة حـني قحطـوا و أمـر . الدولة

فقبـل ذلـك أبـو ، بدفع ذلك إىل أيب سفيان بن حرب و صفوان بن أمية ليفرقاها عىل فقراء أهل مكـة

ما يريد حممد هبذا إال أن خيدع شباننا: و قالسفيان و أبى صفوان٢٤

ثر يـدل عـىل أن الـرشيعة هذا األ.

اإلسالمية تدعو إىل العطف و الرمحة عىل املتاجني و مساعدهتم و إن كانوا غري مـسلمني و كـانو مـن

. أهل دار احلرب

٢٢

.١٥٣ ص ١٥ج ، م ٢٠٠٣هـ ـ ١٤٢٤، مرص–دار هجر ، الدر املنثور يف التفسري باملاثور لعبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي

٢٣

.٩٧ ص ٢٤ج ، جامع البيان يف تأويل القرآن

٢٤

.٩٦ص ، املكتبة الشاملة، السري الكبري ملحمد بن احلسن الشيباين

٢٦

حقوق املستأمنني اخلاصة .ج

عرفت احلقوق اخلاصة بأهنا التي تنشأ عـن عالقـات الفـرد فـيام بيـنهم سـواء أ كانـت هـذه

فمثـال مـن ، فهي تشمل حقوق األرسة و احلقوق املاليـة. م عالقات ماليةالعالقات عالقات عائلية أ

و من احلقوق املالية هو احلق يف متلك املال و ، احلقوق العائلية حق الزواج و اخللع و الطالق و غريها

مبارشة الترصفات القانونية للحصول عىل الثروة٢٥

.

لذميني ما داموا يف دارنا ألهنـم كـام قلنـا يتمتع املستأمنون يف دار اإلسالم باحلقوق اخلاصة كا

و بذلك قـال . من قبل حكمهم حكم الذميني إال استثناءات قليلة يف األمور التي من رشطها اجلنسية

. الفقهاء

فهـذا يـدل عـىل أهنـم ال . فللمستأمنني التمتع باحلقوق العائلية كالزواج و مـا يرتتـب عليـه

و ما يرتتب عليه من أحكام الزواج فاملـستأمنون . س صحيحيمنعون من نكاح نساء الذميني بل العك

عندهم حقوق أيضا يف هذا األمر فيعترب الطالق يف حقهـم و اخللـع و النفقـة و غريهـا مـن احلقـوق

. الزوجية

و كـذلك املـسلمون مل متـنعهم ، كام هلم أيضا مبارشة سـائر املعـامالت املاليـة مـع املـواطنني

و إذا تبايعوا فبيعهم صحيح و يرتتب عليه آثار البيع . و أمر مباح و جائزالرشيعة للتعامل معهم بل ه

و إال أن العلامء اشرتطوا يف بيوعهم أن ال يكون يف ذلك دعام ألعداء اإلسالم مـن الكـافرين يف دار

.احلرب

٢٥

.١٣٠ص ، أحكام الدميني و املستأمنني يف دار اإلسالم

٢٧

و هؤالء املستأمنون يتمتعون بحق امللكيـة الـذي يعتـرب بـأهم احلقـوق اخلاصـة يف القـوانني

فال جيوز التعرض عىل شيئ من ممتالكتهم بل هي مـصونة و للدولـة أن يقـيض عـىل أحـد . ةاحلارض

ولكنهم ال جيوز يف حقهم أن يمتلكوا عقارا أو أرضـا يف أرض ، اعتدى عىل شيئ من تلك املمتلكات

. احلجاز حلرماهنا عليهم

واجبات املستأمنني: الفصل الثاين

واجبات املستأمنني املالية .أ

ستأمنني تكاليف مالية يلتزمون هبا كام للذميني تكاليف أيضا و ليـست التكـاليف عـىل عىل امل

هـؤالء ال يلتزمـون باجلزيـة ألهنـا . املستأمنني مساوية بام عىل الذميني و لكنها تقترص يف أمور حمدودة

و . همو ال يلتزون باخلراج إال إذا اشرتى أرضا خراجيا يف دار اإلسالم فيجت علـي، خمصوصة الذمي

لكنه تلزم عىل املستأمنني الرضيبة التجارية إذا دخلوا بأموال التجارة ألهنـم ملـا دخلـوا دار اإلسـالم

.صار ماله يف محاية الدولة اإلسالمية فأوجب ذلك حق استيفاء هذه الرضيبة منهم

عاملـة فأخذ احلنفية و الزيدية قاعدة امل. فقد اختلف الفقهاء بعد ذلك يف تعيني مقدار الرضيبة

ز و دليل هذه القاعدة مـا .باملثل أي أن املستأمنني يعاملون بمثل ما يعامل به جتار املسلمني يف بالدهم

روي أن عارش عمر ريض اهللا تعاىل عنه كتـب إىل عمـر ريض اهللا (روي عن موقف عمر يف هذا األمر

عنه كم نأخذ من جت

ار أهل احلرب ؟ فقال

كم يأخذون منا ؟ فقال :

هم يأخذون منا العرش ، فقـال :

:

٢٨

خذ منهم العرش ، فقد جعل األمر بيننا وبينهم مبنيا عىل املجازاة ، وإن كنا ال نعلم كم ي

أخـذون منـا ،

أو ال نعلم أيأخذون منا أو ال يأخذون ، أخذنا منهم العرش أيضا

(٢٦

.

بينام احلنابلة و املالكية و الشافعية و اإلباضية مل يأخذوا هبذه القاعـدة فقـد اختلفـوا بيـنهم يف

و ، م العرش سواء عرشوا أمـوال املـسلمني أو مل يعـرشوهافاحلنابلة قالوا يستوىف منه. مقدار الرضيبة

قال املالكية عىل مثله إال أهنم قالوا بتنقـيص الـرضيبة إىل نـصف العـرش إذا محلـوا طعامـا إىل مكـة و

و عند الشافعية يستوىف مـن املـستأمنني العـرش للـرضيبة إذا اجتـر املـستأمنون يف دار . املدينة و قرامها

اضية فمقدارها عندهم ربع العرشاإلسالم و أما اإلب٢٧

.

و عند اإلمام أيب يوسـف مـن احلنفيـة تـستوىف الـرضيبة التجاريـة عـن مخـور املـستأمنني و

إذا مر أهل احلرب عىل العارش باخلنازير و اخلمـور فـإن ذلـك ( فقد جاء يف كتابه اخلراج ، خنازيرهم

، . الرضيبة عـن اخلمـور دون اخلنزيـرو عند اإلمام حممد يستوىف) يقوم عليهم ثم يؤخذ منهم العرش

احلنابلة و الشافعية ال يرون لزوم الرضيبة يف مخورهم و خنازيرهم٢٨

و جيوز للدولة فرض مبلغ مـايل .

.آخر فيام يراه اإلمام نظرا للمصالح كام نرى اليوم أنه من يكون دخال أساسيا لبعض الدول

واجباهتم األخرى .ب

اإلسالم جتـاه املـسلمني الـذين أمنـوهم يف ديـارهم فمراعـاة الواجب عىل املستأمنني يف دار

فقد جاء عن النبي صىل . شعور املسلمني واحرتام شعائرهم و إذا اعتدوا يف ذلك فحكمهم كالذميني

٢٦

.٤٥٢ ص ٥ج ، املكتبة الشاملة، رشح السري الكبري ملحمد بن أمحد بن أيب سهل شمس األئمة الرسخيس

٢٧

.١٩١ص ، أحكام الذميني و املستأمنني

٢٨

.١٩٥ص ، املرجع السابق

٢٩

قـد شـتمت الرسـول فأهـدر دمهـا و مل ، اهللا عليه و سلم أن هيودية كانت موادعة مستأمنة غري ذميـة

مع أنـه مل يكـن ذميـا و ، ن زنيم من بني بكر هجا رسول اهللا فأهدر دمهيعاقب عىل قاتلها و أن أنس ب

. فهو يف حكم املستأمن، إنام كان موادعا

فـال جيـوز هلـم ، وعليهم أن يراعوا هيبة الدولة اإلسالمية التي يستظلون يف محايتها ورعايتها

رشوا الفـساد بـني وال أن يروجـوا عقائـدهم وأفكـارهم أو أن ينـ، سب اإلسـالم ورسـوله وكتابـه

وال جيوز هلم أن يشهروا رشب اخلمر وأكل حلم اخلنزير وغريمهـا مـن املحرمـات يف ديـن ، املسلمني

.ملا يف ذلك من إفساد املجتمع اإلسالمي ، فضال عن بيعها واملتاجرة هبا ، اإلسالم

شاعر مراعـاة ملـ، كام أن عليهم أن ال يظهروا األكل والرشب يف هنـار رمـضان ونحـو ذلـك

.املسلمني

كام أن عليهم االلتزام بأنظمة الدولة املسلمة وقوانينها التي تنظمهـا ألفـراد شـعبها وتطبقهـا

فإن خالفوا ردعوا وعوقبوا بام يـراه ويل أمـر املـسلمني أو ، فال جيوز هلم خمالفتها أو جتاوزها ، عليهم

من ينيبه

٣٠

:الباب الثالث

حكام الرشعيةالتزام املستأمنني باأل

خضوع املستأمني لوالية القضاء العامة و القانون الواجب التطبيق يف قضاياهم: الفصل األول

لو تقدم اخلصامن و كان أحدمها مسلام وجب عىل حاكم املسلمني القـضاء بيـنهام سـواء كـان

رفـع أحـدمها و الغري ذميا أو مستأمنا و سواء كان موضوع الدعوى نكاحا أو غريه و سواء ترافعـا أو

ألن عىل القايض دفع كـل . سواء تراضيا أو مل يرض أحدمها و سواء كان املسلم مدعيا أو مدعى عليه

.أحد منها عن الرضر

. و أما غري املسلمني فقد اختلف العلامء فيام إذا تقدم اخلصامن منهم إىل حاكم املسلمني

ن يف امللة أو خمتلفني و اشرتطوا رضا فذهب الشافعية إىل وجوب القضاء بينهام سواء كانا متحدي

فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم(اجلانبني إن كانا مستأمنني و حجتهم قوله تعاىل

فإن )

هذه اآلية خاصة باملعاهدين الذين هلم من املسلمني عهد إىل أجل معني فال تشملهم اآلية الكريمة

وأن احكم ب(

ينهم بام أنزل اهللا

و لفظ املجيئ . التي أفادت وجوب احلكم إذ هي خاصة ألهل الذمة)

.يف اآلية األوىل ظاهره ترافعهام و رضامها

أما احلنابلة و املالكية و الشيعة اإلمامية فكانوا يشرتطون ترافـع اخلـصمني و رضـامها إال أن

و الظاهرية و الزيدية فظـاهر قـوهلم أهنـم يقولـون بوجـوب .احلنابلة مل يشرتطوا ذلك يف أهل الذمة

. احلكم من غري تفريق سواء كان ترافع اخلصامن أو أحدمها و سواء يف نكاح أو غريه

يـستوى ، فإن كـان يف غـري دعـوى النكـاح. و ميز أبو حنيفة فيام كان يف دعوى نكاح و غريه

فـال يـشرتط ترافـع اخلـصمني إىل القـايض ، مةالكفار مع املسلمني يف خضوعهم لوالية القضاء العا

٣١

و احلجـة لوجـوب . املسلم بل يكفي أن يرفع أحدمها دعواه إىل احلاكم فيحكم فيام عرض عليه نـزاع

وأن احكم بينهم بام أنزل اهللا(احلكم هو أن اآلية الكريمة

فـإن جـاءوك فـاحكم بيـنهم أو (نسخت )

أعر

ض عنهم فـأبو حينفـة يـشرتط للحكـم بـني اخلـصمني رضـامها ، و إن كان يف دعوى النكـاح).

فـإهنم ال يـشرتطون رضـا ، أبـو يوسـف و حممـد و زفـر: أمـا أصـحابه. بالرتافع إىل القايض املسلم

اخلصمني يف الرتافع إىل القايض املسلم بل يكفي أن يرفع أجدمها الدعوى إىل القايض فيجب احلكـم

و حجتهم هي أنه ملا رفع أحدمها دعوى النكاح إىل القايض فقد ريض بحكـم اإلسـالم فيلـزم . ينهامب

و حجـة أيب حنيفـة هـي أن الكفـار . إجراء احلكم يف حقه فيتعدى إىل اآلخـر كـام إذا أسـلم أحـدمها

يرفـع مقرون عىل أنكحتهم و ال جيوز التعرض هلم بشأهنا فإذا رفع أحد اخلصمني فإن اآلخر الذي مل

و استحقاق بقاء النكاح و ، قد استحق باعتقاده و عدك رضاه بحكمنا بقاء النكاح و عدم التعرض له

فيبقـي األمـر ، إذ ال يتغري هبذه املرافعة اعتقاده بل يعارضـه، عدم التعرض له ال يبطل بمرافعة اآلخر

ب احلكـم يف هـذه و هذا بخالف ما لو أسلم أحـدمها فإنـه جيـ. الرشعي بعدم التعرض بال معارض

و ، احلالة ألن اعتقاد اآلحر الذي مل يسلم ال يعارض إسالم املسلم ألن اإلسالم يعلو و ال يعـىل عليـه

إذ جيب احلكم يف هذه احلالة لرضـامها بحكمنـا و يكـون ، بخالف ما لو ترافعا إلينا راضيني بحكمنا

.القايض كاملحكم٢٩

شيد رضا قول الشافعية أن التخيري الوارد يف فقد رجح صاحب تفسري املنار املرحوم حممد ر

فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم(اآلية الكريمة

و إنه ، خاص باملعاهدين دون أهل الذمة)

٢٩

.٥٧٢-٥٦٩ص ، ينيأحكام املستأمنني و الذم

٣٢

باق٣٠

بل هم . و عىل هذا ال جيب عىل حكام املسلمني أن حيكموا بني األجانب و إن حتاكموا إليهم.

.خمريون

ن رجح الشيخ عبد الكريم زيدان وجوب احلكم بني غري املسلمني ذميني كانوا أو و لك

مستأمنني متى ترافعوا إىل القضاء اإلسالمي دون اشرتاط رضا اخلصمني يف الرتافع إىل القايض

و الدليل عىل رجحان هذا القول ما . املسلم بل يكفي رفع أحدمها الدعوى لوجوب احلكم فيها

يأيت٣١

:

فـإن جـاءوك : (ن مستند القائلني بتخيري احلاكم بني احلكم و عدمه هـو قولـه تعـاىل أ-أوال

فاحكم بينهم أو أعرض عنهم إمـا : فيبقى حكمها فيام نزلت فيـه، بحجة أن هذه اآلية غري منسوخة)

فـار عـىل رأي الـبعض و إما بالنسبة جلميـع الك، بالنسبة للمستأمنني فقد عىل رأي البعض كالشافعي

إذ أن أكثر العلامء ذهبوا إىل نسخها و ثبت عن ابن عبـاس ، و لكن حجة القائلني بالنسخ أوىل. اآلخر

و مل ، و القول بالنسخ ال يقال عن طريق الرأي و االجتهاد و إنام طريقه التوقيـف. و عكرمة و غريمها

وأن احكـم بيـنهم بـام أنـزل اهللا( يقل من أثبت التخيري أن آية التخيري نزلـت بعـد قولـه تعـاىل

و أن )

.التخيري نسخه

أن دفع الظلم عن املستأمنني و املحافظة عىل أمـواهلم و حقـوقهم واجـب عـىل أهـل –ثانيا

فهم من أهل دار اإلسالم جمازا و هلم ما لنـا و علهـم مـا ، الدولة اإلسالمية ألن مكانتهم كأهل الذمة

يأيت أداء هذا الواجـب وهـو املحافظـة عـىل أمـواهلم و حقـوقهم إال إذا وجـدوا احلاميـة و ال، علينا

٣٠

.٣٢٦ ص ٦ج ، م١٩٩٠ط ، اهليئة املرصية العامة للكتاب، ملحمد رشيد بن عيل رضا) تفسري املنار(تفسري القرآن احلكيم

٣١

.٥٧٦-٥٧٣ص ، أحكام املستأمنني و الذممني

٣٣

و ال تكون هذه احلاميـة تامـة و مـؤثرة و نافعـة إال إذا وجـب احلكـم متـى رفـع أحـد . القضائية هلم

.اخلصمني دعواه إىل القايض املسلم دون توقف عىل رضا اخلصم اآلخر

ب البطبيق يف قضاياهمالقانون الواج: الفصل الثاين

ملا كان احلكم الزما عىل القايض املسلم إذا ترافع اخلصامن من املعاهـدين فبـأي حكـم حيكـم

هذا القايض بينهم؟ فقد أمجع العلامء مـن األمـة أن احلكـم املطبـق يف قـضايا هـؤالء املعاهـدين هـو

و م باألحكام غـري اإلسـالمينة إذ ال يعقل أن حيكم حاكم املسلمني يف دار اإلسالالرشيعة اإلسالمية

:منها. قد ورد كثري من اآليات الكريمة يف هذا الشأن

ومن مل حيكم بام أنزل اهللا فأولئك هم الكافرون

)٤٤:املائدة(

ومن مل حيكم بام أنزل اهللا فأولئك هم الظاملون

)٤٥:املائدة(

من مل حيكم بام أنزل اهللا فأولئك هم الفاسقون و

)٤٧:املائدة(

فاحكم بينهم بام أنزل اهللا وال تتبع أهواءهم عام جاءك من احلق

)٤٨:املائدة(

وأن احكم بينهم بام أنزل اهللا وال ت

تبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعـض مـا أنـزل اهللا

)٤٩:املائدة(

هذه اآليات يفيد وجوب احلكم بام أنزل اهللا و هو الرشيعة سواء كـان بـني املـسلمني أو غـري

فاحكم بينهم(و قد ذكر اإلمام الطربي يف تفيسري . املسلمني أو بينهام بام أنزل اهللا :(

احكم يا حممد بني أهل الكتاب واملرشكني بام أنزل إليـك مـن كتـايب وأحكـامي

يف كـل مـا ،

احتكموا فيه إليك من احلدود واجلروح والقود والنفوس

فارجم الـز، اين املحـصن

واقتـل الـنفس ،

القاتلة بالنفس املقتولة ظلام

وافقأ العني بالعني ،

واجدع األنف باألنف ،

فإين أنزلت إليـك القـرآن ،

٣٤

مصدقا يف ذلك ما بني يديه من الكتب

مهيمنا عليه و، رقيبا يقيض عـىل مـا قبلـه مـن سـائر الكتـب ،

قبله .٣٢

فاحكم يا حممد بيـنهم بـني أهـل الكتـاب ، إذا ترافعـوا : و كذلك قال الثعلبي يف تفسري اآلية

إليك بام أنزل اهللا بالقرآن ٣٣

فـاحكم : و قال الشيخ أسـعد حومـد. يـا حممـد بـني أهـل الكتـاب

إذا -

حتاكموا إليك بام أنزل اهللا إليك مـن األحكـام ، دون مـا أنزلـه اهللا إلـيهم ، ألن رشيعتـك ناسـخة -

لرشيعتهم

٣٤

.

حكـم اإلسـالم و هـو مـا و الفقهاء و إن قرروا هذا األمر يعني بلزوم احلكم غري املـسلمني ب

اختلفوا يف بعض االستثناءات القليلـة حيـث خيـتص غـري املـسلمني بـبعض ، حيكم به عىل املسلمني

. األحكم دون املسلمني

ذهب الظاهرية إىل استثناء الطالق أي أن طالقهم ال يقـع ألن الـرشع مل يـنص ، و مثال ذلك

يـة قـرروا لـزوم حكـم اإلسـالم علـيهم إال عـىل أما الزيدية و الشيعة اإلماميـة و املالك. عىل وقوعه

و قـال احلنابلـة و الـشافعية . أنكحتهم إذا كانت املرأة حتل لزوجها بغض النظـر عـن كيفيـة الـزواج

بلزومهم حكم اإلسالم أيضا إال أنه فيام خيص تـرصفهم يف اخلمـر و اخلنزيـر و يف النكـاح يف صـحة

ى احلنفيـة فـيام عـدا األنكحـة و نفـي املهـر و متليـك و اسـتثن. زواجهم إذا كانت املرأة حتـل للـزوج

.اخلنزير٣٥

٣٢

. ٤٨١: ص٨:جامع البيان يف تفسري القرآن للطربي ج

٣٣

١٤٢٢ط ، بريوت–دار إحياء الرتاث العريب ، إسحاق أمحد بن إبراهيم الثعلبى النيسابورىالكشف والبيان عن تفسري القرآن أليب

.٧٤: ص٤:ج، ه

٣٤

.١٧٨ص ، املكتبة الشاملة، أيرس التفاسري ألسعد حومد

٣٥

.٥٩٠-٥٨٨ص ، أحكام املستأمنني و الذممني

٣٥

اجلرائم و العقوبات: الفصل الثالث

و هذه األحكام تقابل مـا يـسمى ، يف الرشيعة اإلسالمية أحكام خاصة باجلرائم و العقوبات

يف هذا القـانون باعتبـار اصـطالح علـامء القـانون اليـوم دخـل . يف الوقت احلارض بالقانون اجلنائي

القانون العام ال اخلاص و مع هذا ال ينتقض قولنا هذا بالقول بأن جرائم االعتداء عىل النفس و عـىل

و بيان ذلك أن احلنفيـة يقـسمون احلقـوق بالنـسبة إىل . ما دون النفس تصيب مصالح األفراد خاصة

مع فيه احلقان و و ما اجت، و حقوق خالصة للعبد، حقوق خالصة هللا: من تضاف إليه إىل أربعة أقسام

فحق اهللا هـو مـا تعلـق بـه النفـع . و ما اجتمع فيه احلقان و حق العبد فيه الغالب، حق اهللا فيه غالب

و إنام نـسب إىل ،فحق اهللا حق املجتمع . العام للعامل و حفظ النظام العام فيه من غري اختصاص بأحد

و . و حد الرشب و حد قطاع الطريقةاهللا تعاىل لعظم خطره و شمول نفعه مثل عقوبة الزنى و الرسق

فهو ما كان املقصود منه مصلحة خاصة للفرد و مثاله حقوق املتلفات و استيفاء الـديون و حق العبد

فالقـذف جريمـة ،عقوبة القـذفمثاله و ما اجتمع فيه احلقان و حق اهللا فيه غالب . الديةو نحو ذلك

تربيب العقوبة عىل هذه اجلريمة مصلحة عامة ملـا و يف ، متس األعراض و تشيع الفعحشة يف املجتمع

فكانت هذه العقوبة من حـق ، فيها من ردع املجرمني و صيانة األعراض و إخالء املجتمع من الفساد

فـإن فيـه ، من القاتل العمدالقصاصمثاله و ما اجتمع فيه احلقان و حق العبد غالب .اهللا هبذا املعنى

و كـذلك أن القـصاص حيقـق مـصلحة خاصـة ، و إشاعة الطمأنينةتأمني حياة الناس و حفظ األمن

فردية هي شفاء صدور أولياء القتيـل و إزالـة غـضبهم و حقـدهم٣٦

و صـفوة القـول أن القـانون و .

األحكام التي رشعها اإلسالم كلها مبنية عىل مصالح األمة و دفع األرضار عنهم و لو قـد يوجـد أن

٣٦

ص ، م٢٠٠٩/ هـ١٤٣٠سنة ، ط األوىل، دمشق–ون مؤسسة الرسالة نارش، الوجيز يف أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان

٦٧-٦٢.

٣٦

احلق ترسى املـصلحة إىل املجتمـع و كـل جريمـة ال ختـرج مـن احلكم ظاهر ملصلحة األفراد فهو يف

. و الناس يف هذه احلال سواء مسلمون منهم و كافرون معاهدونكوهنا رضرا

يف الرشيعةمفهوم اجلرائم .أ

هي كل فعل حمظـور ، كام ذكر اجلرجاين، و اجلناية، اجلرائم مجع اجلريمة و هي مرادفة للجناية

ريهايتضمن رضرا عىل النفس أو غ٣٧

عرف فقهاء الرشيعة اإلسالمية أن اجلرائم حمظورات رشعيـة و،

زجر اهللا عنها بحد أو تعزير٣٨

و يفهم من هذ التعريف أن املحظورات إذا مل تكن من قبل الرشع فإهنا .

و إن املحظورات الرشعية إذا مل يكن هلا عقاب من قبل الرشع فإهنـا ال تعتـرب . ال تكون جرائم رشعية

ليه يمكن أن يقال أن اجلريمة يف الرشيعة اإلسالمية هـي فعـل أو تـرك نـصت الـرشيعة و ع. جريمة

.اإلسالمية عىل حتريمه و العقاب عليه

و . اجلرائم عىل اختالف أنواعها جيمعها جامع واحد هو أهنا حمظورات رشعية معاقب عليهـا

عقوبـة مقـدرة هي جرائم احلدود وأوالها ، قد قسمها الفقهاء إىل ثالثة أنواع بالنظر إىل نوع عقوبتها

. و الردة، و احلرابة، و الرسقة، و رشب اخلمر، و القذف، الزنى: من هذا الباب، وجبت حقا هللا تعاىل

أو عـىل مـا دون ) القتـل(و الثانية منها جرائم القصاص و الديات و هي جرائم االعتداء عىل النفس

ائم القصاص و الدية و الكفارة أيـضا يف جـرائم النفس كاجلروح و قطع األطراف و عقوبة هذه اجلر

و الثالث جرائم التعزير و التعزير هو التأديب و هو يف الرشيعة تأديب عىل معاص . القتل دون غريها

٣٧

.١٠٧ص ، هـ١٤٠٥ط األوىل ، ، بريوت–دار الكتاب العريب ، التعريفات لعيل بن حممد بن عيل اجلرجاين

٣٨

.٤٣٨ص ، املكتبة الشاملة، األحكام السلطانية أليب احلسن عيل بن حممد بن حممد بن حبيب البرصي البغدادي املاوردي

٣٧

مثـال هـذه . مل ترشع فيها عقوبات مقدرة فكأن هذه اجلرائم مقابل جرائم احلدود يف تقدير العقوبات

الربا و نحومهااجلرائم اخللوة باألجنبية و أكل ٣٩

.

شمولية القانون اجلنائي اإلسالمي .ب

و هـي ، ألنه جزء من الـرشيعة اإلسـالمية،و القانون اجلنائي اإلسالمي يف أصله قانون عاملي

و هـم ، بطبيعتها رشيعة عاملية ال إقليمية تطبـق عـىل النـاس كافـة يف مجيـع بقـاع األرض و أنحائهـا

. التطبيق لعدم متكنهم بقيام الرشيعة العتنـاق الـدين اآلخـرخماطبون بأحكامها و لكن مل يمكن هذا

ألن األصل يف الرشائع هو العموم يف حق الناس كافة إال أنه تعـذر بتنفيـذها يف (فقد قال أبو يوسف

فينطبق عـىل مجيـع اجلـرائم التـي ). دار احلرب لعدم الوالية و أمكن يف دار اإلسالم فلزم التنفيذ فيها

فيطبق عـىل املـسلمني و الـذميني و . الم بغض النظر عن جنسية مرتكبيها أو ديانتهمتقع يف دار اإلس

الـذميني و هذه هي القاعدة العامة إال أن يف بعض جزئيتها اختالفا بني الفقهاء بالنسبة إىل، املستأمنني

. و املستأمنني

كحـد ، تعـاىلال يريان إقامة احلد التـي هـي حمـض حـق اهللا، فأبو حنيفة و صاحبه حممد مثال

و حجتهام أن املستأمن لـيس مـن أهـل دارنـا و مل يلتـزم باألمـان املؤقـت مجيـع عىل املستأمن، الزنى

ألن دخوله دار اإلسالم كان لقضاء حاجتـه و ، بل التزم منها ما يرجع إىل حقوق العباد فقد، أحكامنا

و . هلـاذا ال تقـام عليـه احلـدودو، هي ال تستلزم إال التزامه باألحكام التي ترجع إىل حقـوق العبـاد

و كتبنـا (كذلك خالف أبو حنيفة اجلمهور بقتل املسلم باملستأمن أو الذمي ألنه نفس و قد قال تعـاىل

٣٩

.هـ١٤٠١ رمضان -ربيع اآلخر ، جملة اجلامعة اإلسالمية باملدينة املنورة، أبحاث حول احلدود يف اإلسالم للدكتور مجعة عيل اخلويل

٣٨

ال يقتـل مـسلم (أما اجلمهـور فخصـصوا و متـسكوا بحـديث النبـي ) عليهم فيها أن النفس بالنفس

).بكافر

ابلـة و الـشافعية و احلنفيـة يف ظـاهر الروايـة و قد استثنى مجهور الفقهاء مـن املالكيـة و احلن

الذميني و املستأمنني من عقوبة رشب اخلمر و ذهب اآلخرون إىل غـري مـا ذهـب اجلمهـور ، عندهم

الختالفهم لتمكن حرمتها هلم و علة التحريم٤٠

و قد ورد بعض االحتالفـات األخـرى يف تفـصيل .

ملستأمنني و غريهم من الذميني كحكم املسلمني مـا فروع هذه املسألة إال أننا نستنبط أن حكم هؤالء ا

.أمكن محلهم عىل هذا احلكم إال استثناءات ورد هبا النص يف ختصيص هؤالء املعاهدين يف أمر معني

٤٠

.٢١٩-٢١٨ص ، أحكام املستأمنني و الذممني

٣٩

اخلامتة

قد كان دخول األجانب من غري املسلمني إىل بالد اإلسالم مـن املـسائل التـي يكثـر فيهـا احلـوار يف

فإن من أظهر أسباب ذلك عدم معرفة املسلمني األحكام الـرشيعة التـي تـدور حـول . نأواخر اآلوا

فيهدف هـذا البحـث تـسهيل . املستأمنني و خفاء تلك األحكام لقلة االهتامم هبا عند بعض املسلمني

فنـصل مـن . املسلمني يف اطالع بعض احلقوق و الواجبـات و األحكـام املتعلقـة هبـؤالء املـستأمنني

:حث إىل هذه النكت اجلوهريةخالل الب

فقـد أخطــأ كثــري مــن النــاس إذ رأوا أن املـسلمني ال يقبلــون دخــول الكفــار إىل بالدهــم و

استقرارهم إال إذا كانوا يرغبون يف اإلسالم و ال سبيل للمسلمني معهم إال أن حيملوا عليهم

.سيوفهم و رماحهم لقتال من ال يقبل اإلسالم و مل يعتنقه

و . جاء لينرش السالم و يقر أمر األمان و قد وجـد ذلـك يف العربرقبـل اإلسـالمإن اإلسالم

العهد للمحارب بعدم االعتـداء عـىل نفـسه ومالـه وعرضـه ودينـه و عرفـه األمان هو فهو

.عقد يفيد ترك القتل والقتال مع احلربيني: الشافعية

د الرعية مـن املـسلمني يكون إعطاء األمان لواحد و عرشة و قافلة و حصن صغريين من أفرا

و يستحسن منع األمان الفردي يف األحوال الدوليـة احلـارضة، لتكـاثر النـاس واختـصاص

فإهنا التي ترى و تعاين مـصاحلها و . احلكومات احلديثة بتحمل املسؤولية يف مثل هذه األمور

.رعيتها

مان إذا كان األمان األمان عقد جيب تنفيذه لدى الدولة و رعيتها و لكن جاز لإلمام نقض األ

.مفسدة و رضر عىل الدولة اإلسالمية

٤٠

إذا دخل احلريب دار االسالم بأمان، كان له حق احلامية و املحافظة عـىل نفـسه ومالـه وسـائر

.حقوقه ومصاحله، مادام مستمسكا بعقد األمان، ومل ينحرف عنه أو جياوزه

أحـدمها يأخـذ ، جئـني إىل رضبـنيتنقسم دول العامل يف الوقت احلارض يف إعطاء احلقـوق لال

فأمـا الـرشيعة اإلسـالمية . مبدأ تشبيه األجانب بالوطنيني و غريه يأخذ بمبدأ املعاملة باملثـل

قررت باعتبار حقوق املستأمنني ما يقرب من حقوق الذميني حسب القيود و القواعد الدينية

.رشيعةو ال حرج يف أن تعامل الدولة اإلسالمية باملثل ما مل خيالف ال

و حرية املعتقد ، و حفظ كرامتهم اإلنسانية، حقوق املستأمنني العامة منها دخول دار اإلسالم

، و حرية الرأي و االجتامع و التعليم،و حفظ دمائهم و أمواهلم و أعراضهم، و التزام رشعهم

.و التكافل االجتامعي و املرافق العامة و غري نحوها، و املعاملة احلسنة

ستأمنون يف دار اإلسالم باحلقوق اخلاصة كالـذميني مـا دامـوا يف دارنـا ألهنـم كـان يتمتع امل

.حكمهم حكم الذميني إال استثناءات قليلة يف األمور التي من رشطها اجلنسية

يلتزم املستأمنون يف دار اإلسالم بالرضيبة التجارية و ال يلتزون باخلراج إال إذا اشرتى أرضـا

و جيوز للدولة فرض مبلغ مايل فيام يراه اإلمام نظـرا للمـصالح كـام . مخراجيا يف دار اإلسال

.نرى اليوم أنه من يكون دخال أساسيا لبعض الدول

الواجب عىل املستأمنني يف دار اإلسالم جتـاه املـسلمني الـذين أمنـوهم يف ديـارهم فمراعـاة

وقوانينهـا و علـيهم أن شعور املسلمني واحرتام شعائرهم و االلتزام بأنظمة الدولة املـسلمة

. يراعوا هيبة الدولة اإلسالمية و أن ال يظهروا األكل والرشب يف هنار رمضان ونحو ذلك

٤١

و إذا مل ، وجب عىل قايض املـسلمني احلكـم بيـنهام اتفاقـا، لو تقدم اخلصامن و أحدمها مسلم

أو سـواء كانـا مـستأمنني أو ذميـني ، وجب احلكم كـذلك عـىل القـول الـراجح، يكن ذلك

.مستأمنا و ذميا

القانون الواجب البطبيق يف قضاياهم يف دار اإلسالم هو الرشيعة اإلسالمية.

أن القانون اجلنائي اإلسالم يطبق عـىل سـائر مـن كـان حتـت جـنح الدولـة اإلسـالمية مـن

.املسلمني و غريهم كاحلدود و القصاص عىل الراجح

٤٢

قائمة املصادر واملراجع

، جملة اجلامعة اإلسالمية باملدينـة املنـورة، حول احلدود يف اإلسالم للدكتور مجعة عيل اخلويلأبحاث

.هـ١٤٠١ رمضان -ربيع اآلخر

هـ ١٤٢٣سنة ، ط الثانية، لبنان–دار الكتب العلمية بريوت ، أحكام أهل الذمة البن القيم اجلوزية

.م٢٠٠٢ -

، بـريوت، مؤسسة الرسـالة، م للدكتور عبد الكريم زيدانأحكام الذميني و املستأمنني يف دار اإلسال

.م١٩٨٢ - هـ١٤٠٢سنة

. الرياض-دار الوطن، األحكام السلطانية للقايض أيب يعىل حممد بن احلسني الفراء احلنبيل

، األحكام السلطانية أليب احلسن عيل بن حممد بـن حممـد بـن حبيـب البـرصي البغـدادي املـاوردي

.املكتبة الشاملة

االختيارات الفقهية لإلمام احلافظ حممد بن عيسى بن سورة الرتمذي .املكتبة الشاملة،

.com.educdz.arab://http ،شكري ملحمد عزيز األمان يف اإلسالم

. املكتبة الشاملة، أيرس التفاسري ألسعد حومد

.ط األوىل، بريوت–دار الكتاب العريب ، يل اجلرجاينالتعريفات لعيل بن حممد بن ع

ط ، اهليئـة املـرصية العامـة للكتـاب، ملحمد رشيد بن عيل رضـا) تفسري املنار(تفسري القرآن احلكيم

. م١٩٩٠

، جامع البيان يف تأويل القرآن ملحمد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب اآلميل، أبو جعفـر الطـربي

. م٢٠٠٠ - هـ ١٤٢٠األوىل ، سنة ط ، مؤسسة الرسالة

٤٣

دار ابـن -سـسة الريـان مؤ، جامع بيان العلم وفضله أليب عمر يوسف بن عبد اهللا النمري القرطبي

. هـ٢٠٠٣-١٤٢٤سنة ، ط األوىل،حزم

.دار اجليل بريوت، اجلامع الصحيح أليب احلسني مسلم بن احلجاج بن مسلم القشريي النيسابوري

–دار الـشعب ، د بن إسامعيل بن إبراهيم بن املغـرية البخـاري، أبـو عبـد اهللاجلامع الصحيح ملحم

.م١٩٨٧ – هـ١٤٠٧ط األوىل، سنة ، القاهرة

ط، الريـاض، كنوز إشبيليا، حقوق غري املسلمني يف بالد اإلسالم للدكتور صالح بن حسيب العايد

.م٢٠٠٣ -هـ١٤٢٤ سنة ،الرابعة

-هــ ١٤٢٤، مـرص–دار هجـر ، ر لعبد الرمحن بن أيب بكر الـسيوطيالدر املنثور يف التفسري باملاثو

.م ٢٠٠٣

ط الرابعـة ، مكتبة مصطفى البايب احللبـي، سبل السالم احممد بن إسامعيل األمري الكحالين الصنعاين

.م١٩٦٠/ هـ١٣٧٩

.املكتبة الشاملة، السري الكبري ملحمد بن احلسن الشيباين

.املكتبة الشاملة، د بن أيب سهل شمس األئمة الرسخيسرشح السري الكبري ملحمد بن أمح

ط ، بـريوت–دار العلم للماليني ، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية إلسامعيل بن محاد اجلوهري

. م١٩٨٧ - ه١٤٠٧الرابعة

ط، بـريوت، مؤسـسة الرسـالة، غري املسلمني يف املجتمع اإلسالمي للـدكتور يوسـف القرضـاوي

.م١٩٩٤، هـ١٤١٥السادسة سنة

سـنة ، ط األوىل، القتال يف اإلسالم أحكامه و تـرشيعاته ملحمـد نـارص بـن عبـد الـرمحن اجلعـوان

.م١٩٨١ -هـ ١٤٠١

٤٤

دار إحيـاء ، الكشف والبيان عن تفسري القرآن أليب إسحاق أمحد بـن إبـراهيم الثعلبـى النيـسابورى

.هـ١٤٢٢ط ، بريوت–الرتاث العريب

.ط األوىل، بريوت–دار صادر ، كرم بن منظور األفريقي املرصيلسان العرب ملحمد بن م

. القاهرة–مؤسسة قرطبة ، أبو عبد اهللا الشيبايناملسند لإلمام أمحد بن حنبل

ط الثانيـة ، دارالـسالسل ، األوقاف والشئون اإلسالمية الكويتيـةاملوسوعة الفقهية الكويتية لوزارة

.كويت

، ط األوىل، دمـشق–مؤسسة الرسالة نـارشون ، ر عبد الكريم زيدانالوجيز يف أصول الفقه للدكتو

.م٢٠٠٩/ هـ١٤٣٠سنة

٤٥

الفهرس

املقدمة

أهداف البحث

منهجية البحث

تعريف األمان و مرشوعيته: الباب األول

تعريف األمان لغة و اصطالحا: الفصل األول . أ

مرشوعية األمان يف نصوص الرشيعة: الفصل الثاين . ب

يف أحكام من يستحق األمان و من يستحق إعطاء األمان: صل الثالثالف .ج

هل األمان عقد الزم؟.١

ما ينتقض به األمان .٢

الفرق بني املستأمنني و أهل الذمة و أهل اهلدنة: الفصل الرابع .د

حقوق املستأمنني و واجباهتم: الباب الثاين

حقوق املستأمنني: الفصل األول . أ

القاعدة العامة يف حقوقهم.١

قوقهم العامةح.٢

حقوقهم اخلاصة.٣

واجبات املستأمنني: الفصل الثاين . ب

واجباهتم املالية.١

أ

ج

ه

١

١

٢

٥

٩

٩

١٠

١٣

١٣

١٤

١٥

٢٦

٢٧

٢٧

٤٦

واجباهتم األخرى.٢

التزام املستأمنني باألحكام الرشعية: الباب الثالث

خضوع املستأمني لوالية القضاء العامة و القانون الواجب التطبيـق يف : الفصل األول . أ

قضاياهم

لبطبيق يف قضاياهمالقانون الواجب ا: الفصل الثاين . ب

اجلرائم و العقوبات: الفصل الثالث .ج

يف الرشيعةمفهوم اجلرائم.١

شمولية القانون اجلنائي اإلسالمي.٢

اخلامتة

قائمة املصادر و املراجع

الفهرس

٢٨

٣٠

٣٠

٣٣

٣٥

٣٦

٣٧

٣٩

٤٢

٤٥