حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و...

75
1

Upload: mbarki-noureddine

Post on 08-Jul-2015

647 views

Category:

News & Politics


10 download

DESCRIPTION

" التوافق" شعار ترفعه اغلب الأحزاب السياسية في تونس لأنه من وجهة نظرها المخرج من تداعيات حالة التجاذب السياسي على استقرار البلاد . ويعتقد عديد المراقبين أن نجاح التجربة التونسية في الابتعاد عن المسار الليبي أو المصري هو في قدرة أحزابها السياسية و مجتمعها المدني على " التوافق" في اللحظات الصعبة . ما العلاقة " التوافق" بـ"الديمقراطية التوافقية"؟ وهل الديمقراطية التوافقية تعني المحاصصة الحزبية والتوزيع الاسترضائي للسلطات؟ لماذا فشلت الديمقراطية التوافقية في تحقيق الاستقرار في العراق ؟ ولماذا في لبنان لم تتمكن من ايجاد مخارج لعدم الاستقرار السياسي ؟ هذا الكتيب يتضمن مجموعة من النصوص حول تجارب الديمقراطية التوافقية في العراق و لبنان.

TRANSCRIPT

Page 1: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

1

Page 2: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

2

" التوافق" شعار ترفعه اغلب األحزاب السياسية في " التوافق" شعار ترفعه اغلب األحزاب السياسية في

تونس ألنه من وجهة نظرها المخرج من تداعيات حالة تونس ألنه من وجهة نظرها المخرج من تداعيات حالة

التجاذب السياسي على استقرار البالد .التجاذب السياسي على استقرار البالد .

ويعتقد عديد المراقبين أن نجاح التجربة التونسية في ويعتقد عديد المراقبين أن نجاح التجربة التونسية في

االبتعاد عن المسار الليبي أو المصري هو في قدرة االبتعاد عن المسار الليبي أو المصري هو في قدرة

عها المدني على " التوافق" في عها المدني على " التوافق" في أحزابها السياسية و مجتمأحزابها السياسية و مجتم

اللحظات الصعبة .اللحظات الصعبة .

؟ وهل ؟ وهل الديمقراطية التوافقية"الديمقراطية التوافقية"ـ"ـ"ما العالقة " التوافق" بما العالقة " التوافق" ب

الديمقراطية التوافقية تعني المحاصصة الحزبية الديمقراطية التوافقية تعني المحاصصة الحزبية

والتوزيع االسترضائي للسلطات؟ لماذا فشلت والتوزيع االسترضائي للسلطات؟ لماذا فشلت

الديمقراطية التوافقية في تحقيق االستقرار في العراق ؟ الديمقراطية التوافقية في تحقيق االستقرار في العراق ؟

تتمكن من ايجاد مخارج لعدم تتمكن من ايجاد مخارج لعدم ولماذا في لبنان لم ولماذا في لبنان لم

االستقرار السياسي ؟االستقرار السياسي ؟

هذا الكتيب يتضمن مجموعة من النصوص حول هذا الكتيب يتضمن مجموعة من النصوص حول

تجارب الديمقراطية التوافقية في العراق و لبنان.تجارب الديمقراطية التوافقية في العراق و لبنان.

Page 3: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

3

التجربة العراقيةالتجربة العراقية

Page 4: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

4

الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا

عبد الستار الكعبي

تمهيد

يتصورون وياملون بانهم ..... وكان العراقيون

سينتقلون الى العالم المتحضر ويعيشون الحرية

والتطور ويعوضون مافاتهم من سنوات الحرمان بعد

الخالص من النظام البعثي الصدامي الدكتاتوري اال

ان هذه المعاناة لم تنته بعد سقوط النظام في

على ايدي قوات االحتالل االمريكي 9/4/3002

ن الدول الطامعة بكسب رضا المالكم ومعها العديد م

االمريكي والمتاملة بالحصول على حصة من خيرات

العراق فقد دخل العراق في نفق مظلم سياسيا

واجتماعيا وامنيا وثقافيا واقتصاديا وعلميا وتربويا

ووظيفيا وحكوميا زيادة على ما كان عليه من تخلف

Page 5: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

5

كبير في هذه المجاالت في زمن النظام البعثي.

واذا كان سبب معاناة الشعب العراقي في زمن النظام

البعثي المقبور يرجع الى انتهاج حكامه سياسة

التعسف والظلم والتجويع والتخويف والعداء والعقوبة

والحرمان من ابسط الحقوق ضد الشعب فان المعاناة

التي حصلت بعد السقوط وسيطرة قوات االحتالل

ى نموذج االمريكي يعود بشكل رئيسي ال

)الديموقراطية التوافقية( التي اتبعت في العراق

فولدت المحاصصة الحكومية والوظيفية بين مختلف

مكونات الشعب واحزابه والتي نتج عنها صراع كبير

بينها على الكراسي البرلمانية والمناصب الحكومية

وما فيها من منافع ومصالح والذي انعكس بدوره

لشعبي مما اعطى المبرر سلبا على الراي العام ا

والدافع والموقف الداعم للجماعات المسلحة على

استسهال الدماء فحدث ما حدث من خطف وتهجير

Page 6: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

6

واغتيال وقتل جماعي متبادل بين مختلف المكونات

وخاصة بين الشيعة والسنة.

ودخلت القوى التكفيرية واالجرامية والمخابراتية

ئه وايقضت فتنة الدولية الى العراق وفرقت بين ابنا

مذهبية كانت نائمة مئات السنين وكادت ان تعصف

بالبلد حرب اهلية بين الشيعة والسنة حيث حصلت

اشتباكات مسلحة بين ابناء الطائفتين وانتشرت

عمليات الخطف واالغتيال ورميت الجثث في

المزابل والشوارع وهجرت المئات من العوائل

سكنتها لسنين السنية والشيعية من المناطق التي

عديدة بسبب كونها مخالفة مذهبيا لغالبية العوائل فيها

ومرت على العراق سنوات من انعدام االمن

واالستقرار ونهبت اموال الدولة من قبل عشرات

االلوف من المواطنين ضعاف النفوس ثم من قبل

الكثير من كبار المسؤولين وغالبية الموظفين وعم

Page 7: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

7

ي في الدوائر الحكومية بشكل الفساد االداري والمال

كبير وضع العراق على راس الدول الفاسدة ماليا

واداريا في العالم.

من اجل ان اوضح معنى التوافقية وعالقتها

بالديمقراطية والية تطبيقها في العراق والسلبيات

الكبيرة والكثيرة التي رافقتها فاني اقدم بعض

ة التوافقية العناوين المهمة من كتابي )الديمقراطي

العراق انموذجا( الى القراء الكرام على شكل مقاالت

متتالية عسى ان اساهم بها بشكل بسيط في اداء

دوري تجاه الشعب العراق الحبيب اوال والى

الشعوب العربية والمثقفين العرب ثانيا.

ومن الجدير بالذكر ان الكتب التي تتناول موضوع

لفة عربيا معدومة )الديموقراطية التوافقية( المؤ

والمترجمة قليلة جدا في مكتباتنا وذلك الن

الديمقراطية التوافقية حديثة النشوء وقليلة الدراسات،

Page 8: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

8

والمعلومات المطلوبة لهذا الموضوع في ما يخص

الوضع العراقي حكومة وبرلمانا يصعب الحصول

عليها من دوائر مجلس النواب العراقي والمفوضية

ات مباشرة وموقع كل منهما على المستقلة لالنتخاب

شبكة المعلومات العالمية )االنترنيت( ضعيف ولم

يوفر الكثير من هذه المعلومات، والمقاالت العربية

المنشورة على شبكة االنترنيت عبارة عن معلومات

بسيطة ومكررة او انها تعليقات متشابهة على كتاب

ع ارنت ليبهارت )الديمقراطية التوافقية في مجتم

متعدد( الذي استعنت به للحصول على معلومات

تاريخية تخص التوافقية ولكني وجدتها تفتقد الوضوح

والتفصيل وخاصة فيما يتعلق بتواريخ مراحلها او

االحداث السياسية المرتبطة بها.

مفهوم ونشوء الديمقراطية التوافقية

على الرغم من التطور التاريخي للديمقراطية وما

Page 9: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

9

نجازات كبيرة على االصعدة المتعددة قدمته من ا

السياسية واالجتماعية والثقافية واالنسانية اال انها

عجزت عن تحقيق االستقرار السياسي واالمن

االجتماعي والتقدم االقتصادي للكثير من الدول

االوربية ذات المجتمعات التعددية في بدايات القرن

الماضي وهي التي تتكون من عدد من الشعوب

لمختلفة فيما بينها باالصول القومية او بالثقافة ا

السياسية او التي )يعيش ضمنها مختلف قطاعات

المجتمع جنبا الى جنب ولكن بانفصال داخل الوحدة

السياسية الواحدة( او بتعريف اخر )خليط من

الشعوب النهم يتخالطون ولكن من دون تداخل

ت بين واندماج( لذلك فقد برزت الخالفات والصراعا

مكونات هذه الشعوب بسبب اختالفاتها السياسية

بشكل اساسي الى درجة ان النظم السياسية القائمة في

وقتها ومنها الديمقراطية عجزت عن حل تلك

الخالفات وايجاد االنسجام بين تلك المكونات. وقد

Page 10: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

10

توصل )ارنت ليبهارت( من خالل دراساته التي

دول في وقت نشوء تناولت االوضاع السياسية لتلك ال

التوافقية ان )التجانس االجتماعي واالجماع السياسي

يعتبران شرطين مسبقين للديمقراطية المستقرة او

عاملين يؤديان بقوة اليها وبالعكس فان االنقسامات

االجتماعية العميقة واالختالفات السياسية داخل

المجتمعات التعددية تتحمل تبعة عدم االستقرار

في الديمقراطيات( ولذلك فان تلك الدول واالنهيار

التعددية المجتمعات لجأت وبدافع الحاجة ومن دون

تنظير مسبق الى ابتكار نظام بديل عن الديمقراطية

التمثيلية او النسبية وهو )الديمقراطية التوافقية( التي

حيث كان اول من استخدم هذه -يعرفها دايفيد أ. ابتر

ن النظام السياسي باعتباره بانها )نوع م –الكلمة

جمعا لوحدات مكونة التفقد هويتها عند االندماج في

شكل من اشكال االتحاد( وهي ترتكز اساسا على

توافق الكيانات المتصارعة على انهاء النزاعات وحل

Page 11: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

11

الخالفات باشراك جميع مكونات المجتمع في

الحكومة بعيدا عن المبدأ الديمقراطي المتعلق بحق

ثرية السياسية بتشكيل الحكومة ولجوء الكيانات االك

السياسية االخرى الى تشكيل صفوف المعارضة.

وقد بين )ارنت ليبهارت( بان النمسا وسويسرا

وهولندا وبلجيكا كانت اول الدول التي اتخذت التوافق

اساسا لتشكيل حكوماتها ومنهجا ثابتا في ديمقراطياتها

لمجتمعات قدرا اكبر من وقد حققت التوافقية لهذه ا

التعايش السلمي بين مكوناتها ولفترات طويلة من

خالل تشكيل ائتالفات واسعة تضمن مشاركتها جميعا

في الحكومة وتلغي سيطرة االغلبية السياسية وذلك

بمنح االقليات حق نقض القرارات والقوانين التي

تصدر عن الحكومة او البرلمان. وبعد تطبيق

ة التوافقية بسنوات بدأت الكتابات التي الديمقراطي

تتناولها بالتحليل والنقد والتقويم وكان من االوائل في

ذلك الكاتب غابلاير الموند الذي قسم االنظمة

Page 12: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

12

السياسية الموجودة في اوربا والعالم الغربي في

النصف االول من القرن الماضي في كتابه )االنظمة

الثقافة السياسية السائدة السياسية المقارنة( استنادا الى

انذاك في مجتمعاتها ودرجة انسجام هذه المجتمعات

وانصهارها في ظل الدولة الى نمطين فدول مثل

المانيا )خالل جمهورية فايمر( وفرنسا في عهد

الجمهوريتين الثالثة والرابعة وايطاليا مابعد الحرب

اعتبرها الموند دوال ذات مجتمعات متعددة لكونها

سم بتفتت الثقافة السياسية وأطلق على انظمتها اسم تت

)النظم االوربية القارية( ودول مثل الواليات المتحدة

وبريطانيا والدول االسكندنافية وايرلندا وايسلندا ذات

مجتمعات غير متعددة بسبب تجانس ثقافتها السياسية

العلمانية واطلق عليها اسم )االنظمة االنكلوامريكية(

ر الكاتب لوروين هذا التقسيم فصنف وقد طو

الديمقراطيات الغربية وفقا لدرجة التعددية المقطعة

لمجتمعاتها )أي التعددية التي تقسم المجتمع الى

Page 13: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

13

قطاعات مختلفة( الى ثالث درجات حيث تقع النمسا

وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ في اعلى فئة من

ب تصنيف التقطيع اما البلدان االوربية القارية )حس

الموند وهي فرنسا والمانيا وايطاليا( اضافة الى

سويسرا والواليات المتحدة فتقع ضمن الفئة

المتوسطة بينما تقع بريطانيا وايرلندا والدول

االسكندنافية وفنلندا وايسلندا في درجة متدنية من

تصنيفه .

اما الكاتب )ارنت ليبهارت( فقد استفاد من هذه

سة التجربة التوافقية في دول التصنيفات ومن درا

اوربا الرائدة في هذا المجال )النمسا وبلجيكا وهولندا

ولوكسمبورغ( وتوصل الى نتيجة ان الدول االكثر

انقساما هي دول غير مستقرة وتتصاعد نسبة

االستقرار السياسي كلما قل انقسام المجتمعات

وخلص الى ان العامل االيديولوجي هو االساس في

سام السياسي االجتماعي في المجتمعات المتعددة. االنق

Page 14: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

14

وكذلك توصل الى تحديد سمات الديمقراطية التوافقية

التي طبقت في تلك الدول وقد بينها كما يلي :

. الحكم من خالل أئتالف واسع من الزعماء 1

السياسيين من كافة المكونات المهمة في المجتمع

ال عدة منها التعددي ومن الممكن ان يتخذ ذلك اشكا

حكومة أئتالفية واسعة في النظام البرلماني، مجلس

موسع او لجنة موسعة ذات وظائف استشارية هامة

او أئتالف واسع للرئيس ومن سواه من كبار أصحاب

المناصب العليا في النظام الرئاسي.

. الفيتو المتبادل او حكم )االغلبية المتراضية( التي 3

مصالح االقلية او االقليات.تستعمل كحماية اضافية ل

. النسبية كمعيار اساسي للتمثيل السياسي 2

والتعيينات في مجاالت الخدمة العامة.

Page 15: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

15

.درجة عالية من االستقالل لكل قطاع )مكون( في 4

ادارة شؤونه الداخلية الخاصة.

ويتضح مما سبق بان التوافقية مرتبطة الى حد كبير

ا وان التعددية هي بتعددية المجتمعات التي تطبق فيه

االساس في ظهور التوافقية وانتعاشها

Page 16: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

16

الديمقراطية التوافقية .. مخاضات التجربة

العراقية

شمخي جبر

يقول: نوري سعيد السياسي العراقي ورئيس

في العهد الملكي ان االحزاب حرمت الوزراء

الدولة العراقية من الكثير من الكفاءات، وهو

( اذ تم 3002ماجرى في العراق بعد )

االستئثار بالسلطة من قبل الحزبيين ومن اتت

بهم طوائفهم او اثنياتهم دون النظر الى

كفاءاتهم ،اذ اصبح االنتماء الى هذا الحزب او

ول وبطاقة الفوز تلك الطائفة هو هوية الوص

بالمنصب .

وهذا يعني، ان تقاسم السلطة بين االحزاب

وتوزيع المناصب بين منتسبيها، بغض النظر

عن كفاءتهم واستحقاقهم.لكن االمر في عملية

التوافق يختلف، اذ الينحصر بين احزاب بل

Page 17: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

17

بين مكونات عرقية ودينية وطائفية، وكيفية

سلطة والثروة التوافق بينها في عمليتي تقاسم ال

.وفي السياق العراقي تم االستئثار بالسلطة

والثروة من قبل فئة وحرمان فئات اخرى من

المشاركة السياسية واالقتصادية، ومن هنا

جاءت المطالبات بالمشاركة، ومايمكن لهذه

المطالبات ان توصل الحالة الى مظهر من

مظاهر الصراع السياسي الذي وصل في

ممارسة العنف ،كما كان بعض االحيان الى

يجري قبل سقوط النظام واستمر بعد سقوطه

( في ظل عملية سياسية 3002نيسان 9في )

تبنت المنهج الديمقراطي في الياتها السياسية

على الرغم من عدم نضوج الواقع الموضوعي

والذاتي لهذه االليات فكانت ردود االفعال تتسم

،فكانت باالنفعال واثارة الشكوك والريبة

المحاصصة الطائفية والعرقية والتي بدأ

Page 18: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

18

بتطبيقها منذ تأسيس مجلس الحكم،وفي ظل

هذه الظروف طرحت الكثير من المفاهيم،

الغاء الطائفية المذهبية، الغاء الطائفية

السياسية، المناطقية، الالمركزية، الفيدرالية...

والحال انه عندما توصف للمريض جميع

ي ان هناك ارباكا في االدوية، فذلك يعن

التشخيص او ان المريض يعاني جميع

االمراض، وكان مفهوم الديمقراطية التوافقية

من اهم ماتم طرحه اليجاد منافذ وحلول لحالة

االختناق السياسي، على اعتبار ان الديمقراطية

التوافقية تشكل حال لحالة العراق وطبيعة

والطائفية تنوعه وتشكيالته االجتماعية والدينية

والعرقية!.

مجتمع التنوع والتعدد

والن المجتمع العراقي يشكل واحدا من

مجتمعات التنوع ، فهذا التنوع والتعدد الذي

Page 19: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

19

البد من االعتراف به وتوفير الفضاء لمفرداته

بالمشاركة بجميع انواعها .الن التنوع الهوياتي

واقع موضوعي اليمكن القفز عليه او

المدرسة االنثروبولوجية ) تجاهله،اذ اكدت

غيرتز( على -هيلز -بنديكت -مالينوفسكي

أولوية الروابط الدينية واإلثنية والقرابية التي

تتميز بحال من التضامن المكثف والمتكامل

والتأثير الفاعل في سلوك الناس وذلك عبر

القوة اإلكراهية، والمحرمات، وايضا" للتجذر

التربية العائلية في التاريخ والتوارث عبر

والتثبيت ضمن المفاهيم العقدية والدينية. وبهذا

المعنى فان تلك الروابط تصير ثوابت واقعية

قائمة بحد ذاتها في التاريخ أو متكونة على

مدار التاريخ، أي انها تصير جواهر ثابتة.

Cliffordوهذا ما حدا بكليفورد غيرتز

Giirtz "للحديث عن "الهوية االساسية

Page 20: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

20

للمجموعة.وبحسب تعريف ليبهارت للمجتمع

التعددي )هو المجتمع المجزأ بفعل االنقسامات

الدينية أو االيديولوجية أو اللغوية أو الجهوية

أو الثقافية أو العرقية؛ كما أن المجتمع الذي

تنتظم بداخله األحزاب السياسية، ومجموعات

المصالح، ووسائل اإلعالم والمدارس،

تطوعية، على أساس االنقسامات والجمعيات ال

المميزة له(.ويرى بعض الباحثين السياسيين،

ان في دول من هذا النوع ليس هناك من

مناص من الديمقراطية التوافقية ،وهي الدول

التي تتميز بالتعدد والتنوع العرقي والديني

والطائفي.

يرى ليبهارت )ومن البديهيات المعروفة في

انس االجتماعي عالم السياسة ان التج

واالجتماع السياسي يعدان شرطين مسبقين

للديمقراطية المستقرة، وصعوبة تحقيق الحكم

Page 21: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

21

الديمقراطي المستقر وصونه في المجتمع

التعددي، لذا نرى ان وحدة الدول في

المجتمعات التعددية تصان بوسائل غير

ديمقراطية، اذ ان المجتمع التعددي هو مجتمع

طاعات المجتمع جنبا تعيش ضمنه مختلف ق

الى جنب ولكن بانفصال، داخل الوحدة

السياسية الواحدة

الديمقراطية التوافقية

يقول: انطوان مسرة )تقدم الديمقراطية

التوافقية، كما تبلور مفهومها منذ عقود كنموذج

بديل من الديمقراطية التنافسية أو الديمقراطية

بشكل التمثيلية،وقد صاغ ليبهارت، هذا المفهوم

واضح في كتابه )الديمقراطية التوافقية في

مجتمع متعدد( كما ان جيرارد المبروخ

استخدم في بادئ االمر عبارة الديمقراطية

النسبية( ثم عبارة الديمقراطية التوافقية في

Page 22: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

22

معرض الحديث عن النمسا وسويسرا. اما ج.

بنغهام باول فقد وصف والسيما "التجزؤ

لل يورك شتاينر "االتفاق االجتماعي"، بينما ح

الرضائي" بالمقارنة مع قاعدة االكثرية.

ودرس إريك نوردلينجر "احتواء النزاعات في

مة(. المجتمعات المقس

وقد حدد )ليبهارت( اربع خصائص

للديمقراطية التوافقية :

ـ تكوين )كارتل حكومي( أو تحالف كبير 1

يضم المكونات الرئيسة للمجتمع التعددي، وقد

نعود للتعددية فيما بعد وفق منظور )موريس

دفرجه(.

ـ وجود مبدأ االعتراض أو )الفيتو( وفق نظام 3

يتفق عليه بين األطراف.

Page 23: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

23

ـ النسبية سواء على صعيد المقاعد البرلمانية 2

أو أعضاء الحكومة أو الوظائف المهمة في

الدولة.

ـ النقطة الرابعة تتعلق بمدى قدرة كل مكون 4

الديمقراطية التوافقية على ضبط من مكونات

أمور مكونه وتمثيل هذا المكون بشكل جيد،

وتضمن الديمقراطية التوافقية لكل مكون

االستقالل في إدارة شؤونه دون تدخل عموم

المكونات األخرى المشتركة في عقد

الديمقراطية التوافقية.

تقاسم السلطة وطغيان المحاصصة

لمحاصصة الطائفية لقد طغى التفكير بالسلطة: ا

، توزيع النفوذ السياسي، تبادل المصالح

االقتصادية، وغيرها من الممارسات المرتبطة

بتحقيق المكاسب السريعة، اذ تم ابتالع الدولة

Page 24: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

24

ومؤسساتها من قبل الطبقة السياسية ،فسعت

النخب السياسية الى بناء سلطة خارج فكرة

الدولة، وجعلت من الدولة مجرد وهم تتم

الشارة اليه بين الحين واالخر عبر الخطاب ا

االعالمي والسياسي. وهكذا بقيت لعبة بناء

السلطة خارج بناء الدولة مستمرة في ظل

تقاسم الحصص والتراضي بين الفرقاء

السياسيين، حتى تم هذا في الكثير من االحيان

االرادة الشعبية. خارج

وفي الواقع السياسي العراقي ليس ثمة التباس

بين الوطنية والتوافق حين البحث عن صفة او

تسمية لحكومة )المالكي(، فهي حكومة

المخاوف والريبة والحذر التي تعيشها

المكونات العراقية . منذ االنتخابات ، بل منذ

الوجود االول للكائنات السياسية التي انفلتت

(،او 3002/ 9/4من قمقم االستبداد بعد )

Page 25: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

25

افي .تمثلت بنخب سياسية عودة البعض من المن

،تحمل الكثير من آالم وذكريات االقصاء

والتهميش ،كانت كل هذه النخب السياسية

وكتلها مبنية على اساس فئوي، تحمل خطابا

تحققت ازاحته نحو الفئوية سنين طويلة مليئة

بالمظالم واالقصاءات التي تعرض لها االفراد

ة الفرد نتيجة النتماءاتهم الفئوية، فجرت تعبئ

والجماعة بهذا االتجاه مستغلة المخاوف

والذاكرة الضاجة باالقصاء والتهميش.

وجرت العملية السياسية مشدودة الى المصالح

الفئوية وتجاذباتها وغياب الرؤية الوطنية عن

مشهد الحراك السياسي او انزوائها امام المد

العصبوي، الذي مارس في الكثير من االحيان

لتهميش ضد الخطاب الوطني الذي االقصاء وا

غطى عليه غبار حوافر خيول القبائل

والطوائف ، التي احتلت الفضاء االجتماعي

Page 26: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

26

بخطاب اليعرف إال الواحدية في الفكر

والسلوك.فكانت االحزاب الفئوية هي االكبر

واالوسع تاثيرا وصاحبة القدح المعلى في نتائج

االنتخابات التي جرت . واستولى زعماء

محدودون على الحراك السياسي ومخرجاته،

فكانت اليد الطولى لهم مهمشين نتائج

االنتخابات وماافرزته ،فلم يكن هناك مجلس

نواب يقرر بل زعماء الكتل الكبيرة هم الذين

يمسكون بكل شيء.والن االحزاب والتكتالت

الكبيرة بنيت على اسس ايديولوجية فئوية ابعد

طنيا فبقيت محاصرة من ان تطرح برنامجا و

بفئويتها، ما ادى في الكثير من االحيان الى

تغييب فاعلية البرلمان حين تفرد زعماء الكتل

الكبيرة بالقرارات الكبرى جعلت منهم بديال من

البرلمان او اختصاره في شخوصهم، ما غيب

فاعلية ودور بقية األعضاء.االنفراد بالقرارات

Page 27: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

27

االصابع هم )اهل السياسية من قبل نخبة بعدد

الحل والعقد( وممارسات االحزاب الممسكة

بالسلطة وهيمنتها على مؤسسات الدولة

والحيلولة بينه وبينها ،اذ اصبحت اقطاعية لهذا

الحزب او تلك الطائفة.واثرت عملية التوافق

على العملية السياسية التي لم تخضع للتصويت

داخل البرلمان بل خضعت آللية الصفقات بين

الزعماء ما افضى الى اضعاف البرلمان في

االداء الرقابي على االداء الحكومي االمني

واالقتصادي، الن آلية الترضيات والصفقات

والتوافقات تدعو بشكل كبير الى انتشار

مظاهر الفساد االداري والمالي.

ان البرلمان الذي خرجت من قبته حكومة(

الكثير الترضية ( ستخرج من تحت هذه القبة

من الصفقات التي ستحسم لصالح الزعماء

السياسيين وليس لصالح الشعب . ان

Page 28: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

28

الترضيات بحقائب وزارية وهمية هي عملية

توزيع للغنيمة التي تراكض السياسيون لنيل

نصيبهم منها.

التوافقية والفساد

طبيعة التشكيلة السياسية المبنية على اساس

فساد المحاصصة ، والتي وفرت غطاء لال

والفساد واالفالت من الحساب او المساءلة

.ويرى الباحثون ان اهم اسباب الفساد في

العراق هي اسباب سسيوثقافية الن العالقات

القرابية والتكتالت العصبوية عرقية وطائفية

عملت على االتيان بمسؤولين غير كفوئين

وحرمان الكفاءات من تسنم مناصب مهمة ،

ة وبالتالي حرم فحرمت مؤسسات الدول

المجتمع من خدمات الكثير من االكفاء. وحين

نقول ان الوالءات الطائفية واالثنية والحزبية

Page 29: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

29

وفرت الحماية للمفسدين ، الننا وجدنا بعض

المفسدين تدافع عنهم طوائفهم او كتلهم

السياسية .اذ يقول: علي الشبوط الناطق

االعالمي لهيئة النزاهة ان هيئة النزاهة

رض لضغوط سياسية وهي تحقق في تتع

قضية فساد. وفي الكثير من األحيان 3000

يحتمي المفسدون بالبنى االجتماعية التقليدية

التي يمنحونها والءهم فتقدم لهم الحماية

)الطائفة؛ القبيلة( التي تقدم للفساد سندا قويا

وتقدم الحماية والغطاء للمفسدين ؛فتجعلهم في

نون؛ ويخدمهم في هذا منعة من محاسبة القا

ضعف االجهزة التنفيذية والقضائية. والقبيلة

والطائفة كبنى تقليدية لها امتداداتها الواسعة

وتأثيرها الكبير على والء الفرد مستغلة ضعف

الدولة فالقبيلة أوال والطائفة أوال والمناطقية

أوال وبذا يتم استبعاد المواطنة وإلغائها ؛

Page 30: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

30

ت لهذه الوالءات بصله واستبعاد كل من اليم

فيقولون )لنا في الخيل خيال( ويقولون )ان

الشجرة التي ال تظلل على أهلها يجب قلعها(

فحين يكون ابن القبيلة في الوزارة فان الوزارة

ملك لهذه القبيلة او تلك الطائفة فيجب ان يكون

منتسبو الوزارة جميعهم من أقارب السيد

)الفراش( وهنا الوزير؛ من المفتش العام حتى

يجب ان يخضع التعيين العتبارات قرابية

)ليس بينها الكفاءة واالستحقاق؛ بل على أساس

القرابة واالنتماءات الطائفية والقبلية والمصالح

المادية ؛ فالفساد يستبعد الكفاءة ويستبعد الوالء

للوطن(يقول: احد المسؤولين إن الوزارات ال

رارات المتخذة تتعاطى بشكل إيجابي مع الق

بشأن مدرائها المفسدين بسبب التوافق

السياسي، مشددا على أن هذا هو السبب األكثر

Page 31: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

31

أهمية في عدم اختيار األشخاص المناسبين

الشغال بعض الماصب.

أوجه االعتراض على الديمقراطية التوافقية

يمكن ان تصبح الديمقراطية التوافقية وسيلة من

ددي الى عناصر وسائل تقسيم المجتمع التع

اكثر تجانسا واستقاللية، وهذا يعني زيادة الهوة

بين المكونات وزيادة التماسك داخل كل مكون

على حدة ما يضر بعملية االنصهار في بو تقة

الوحدة الوطنية، وهذا مايصعد من ظاهرة

التمايز بين المكونات. والمساواة في ظل

ق التوافق ليست مساواة حقيقية فهي التأخذ ح

الفرد بنظر االعتبار،اذ ينظر الى المساواة على

اساس الجماعات وليس على اساس المساواة

بين االفراد.فالثقل الكبير في الديمقراطية

التوافقية أصبح لزعماء الكتل والطوائف الذين

اصبحوا في مجلس النواب العراقي بديال من

Page 32: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

32

السلطة التشريعية المنتخبة، فأختصر المجلس

( عضوا الى اعضاء بعدد 370ن )المكون م

اصابع اليد الواحدة، وهذه ديكتاتورية واستبداد

يلبس قميص الديمقراطية. والحكومة التي

تنتجها الديمقراطية التوافقية تكون ضعيفة،

وذات قرارات بطيئة، اذ تتأخر عملية صنع

القرار او صدور التشريعات والقوانين النها

ية، وقد تجمد تخضع آللية التوافق والترض

بعض القرارات اذا واجهت معارضة كتلة ما،

اذ ان البعض يتبع آليات السيطرة والهيمنة بدل

التعاون مع الشركاء.لكن تبقى الديمقراطية

التوافقية احد الحلول المطروحة لمعالجة

االوضاع في البلدان التعددية، ولكنها مع هذا

التخلو من مخاطر، ومواجهة هذه المخاطر،

عتمد على طبيعة التحالفات وطبيعة المكونات ت

السياسية واالحزاب ومرجعياتها،استخدمت

Page 33: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

33

التوافقية كمفهوم وكعمل سياسي تطبيقي على

ارض الواقع في العراق، منذ اللحظات االولى

لتشكيل مجلس الحكم االنتقالي.ويدرج الباحثون

بعض مساوئ الديمقراطية التوافقية :

ة كافية من . انها ليست على درج1

الديمقراطية.

. النموذج التوافقي يشبه "المجتمع الطائفي" 3

في تصنيف وليام كورنهاوزر.

. وربما كان لمجتمع شديد التجانس 2

واالمتثالية التأثير ذاته الكابت لحرية األفراد.

. فالديمقراطية التوافقية تفضي الى تقسيم 4

المجتمع التعددي الى عناصر أكثر تجانسا

تقاللية.واس

. التوافقية ليست نظاما مثاليا، فاالخاء يعني 0

السالم "االيجابي"، ولكن في المجتمع التعددي

يعد التعايش الديمقراطي السلمي أفضل بكثير

Page 34: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

34

من السالم غير الديمقراطي ومن ديمقراطية

غير مستقرة يمزقها التصارع بين القطاعات.

. عجزها المحتمل عن إحالل االستقرار 6

لسياسي والحفاظ عليه.ا

. فمن الممكن للعديد من سماتها أن تقود الى 7

التردد وعدم الفعالية.

. المشكلة األكثر خطورة هي الجمود؛ أما 2

مشاكل عدم الفعالية اإلدارية والكلفة فهي

صغيرة نسبيا

Page 35: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

35

التجربة اللبنانيةالتجربة اللبنانية

Page 36: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

36

الديمقراطية التوافقية ليست هرطقة

انطوان نجم

نشرالنائب األستاذ أحمد فتوح في صحيفة

(، مقاال في 3006تشرين الثاني 4"النهار" )السبت في

الديمقراطية، معتبرا أن "الديمقراطية التوافقية تتناقض

نية ودستورية".أساسا والديمقراطية، وأنها هرطقة قانو

وقد أثار النائب هذا الموضوع في سياق رده

على مطلب المعارضة بحكومة اتحاد وطني، فاضحا

خلفياته ومراميه القريبة والبعيدة. ويهمني أن أعلن أنني

مع النائب فتوح في موقفه من هذا المطلب، وفي إظهار

واقب التي ستجر نيات المعارضة الحقيقية، وتبيان الع

البالد إليها.

غير أن هدفي من مقالي هو الرد، باختصار،

على مقال النائب في شأن الديمقراطية وتقنياتها

التطبيقية، والتعريف بـ"الديمقراطية التوافقية" واعتبارها

النظام األصلح للبنان.

Page 37: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

37

* * *

ال بد من أن السيد النائب يعرف، تمام المعرفة،

أن المفاهيم المختلفة التي الزمت فكرة الديمقراطية داللة

على أن التاريخ أودع فيها غنى كبيرا وآماال عريضة،

تين وبين أن "فكرة الديمقراطية" فرضت نفسها منذ ألفي

الرغم من أن ونصف األلفية من السنين، تقريبا، على

عاع" الذين يتأثرون أفلطون قال عنها إنها "حكم الر

بالخطابة التي تحرك عواطف الجماهير، أكثر من

242-437تأثرهم بالفكر النير. وقد جاء أفلطون )

ق.م.Périclès (495-425 ،)ق.م.( بعد بيريكليس

رجل الدولة األثيني الذي نوه به الكاتب. وأفلطون أدرى

"الديمقراطية العددية" التي طبقها بيريكليس، في زمن بـ

كانت إمبريالية أثينة سبب ثرائها وعصرها الذهبي.

إن نجاح "فكرة الديمقراطية"، في البقاء أمال

طوال هذا التاريخ، دليل ساطع على ما تحويه

الديمقراطية في فكرتها وروحها من دينامية جعلتها،

Page 38: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

38

ها، أحد أهم العناصر وأقواها في تطوير وتجعل

المجتمعات.

لذلك، تعدل معنى الديمقراطية ومنحاها بحسب

البيئات واللحظات التاريخية حين تحققت، والسياقات

الفكرية التي تموضعت فيها. ويبرهن التاريخ أن

"ديمقراطية ما" محققة في "زمن ما" وفي "مكان ما"

ى برهة في زمن حركة الديمقراطية. وهي ليست سو

حركة لن تقف عند حد، ألن الديمقراطية، عند القائلين

بها، خير عميم متجدد دوما. إن محتوى الديمقراطية،

في زمن ومكان معينين، يحدده عدم رضى عن وضع

قائم وتصور نظام أفضل. وبمقدار ما تلبي الديمقراطية

د الناس تعلقا بها وتطلعا إليها، وتزداد توق الناس، يزدا

متطلباتهم واحتياجاتهم إليها. وهكذا دواليك...

على هذا، ال يمكن، وال يجوز، أن "تحصر"

الديمقراطية بأنها نمط مؤسسات، أو صيغة تنظيم

سياسي، أو طريقة ترتيب عالقات اجتماعية.

Page 39: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

39

، ألنها تتيح للناس أن الديمقراطية ضرورة خلقية وقيمة

يأخذوا مصيرهم على عاتقهم، أفرادا وجماعات. من هذا

القمة، تستمد الديمقراطية معاييرها ومقاييسها. -المقتضى

علما، في نهاية األمر، بأن الديمقراطية المشتهاة تتحقق

على أيدي الديمقراطيين أو ال تتحقق. أعني بذلك أن

يمقراطية ما وتعين تقنيتها النصوص التي تنشئ د

ا، بذات الفعل. التطبيقية، ال تشيد الديمقراطية تلقائي

الديمقراطية في حاجة إلى أشخاص ديمقراطيين، حقا،

في وجدانهم واقتناعاتهم وأحاسيسهم وسيرهم وأخالقهم.

الديمقراطية ال يحققها إال الديمقراطيون. أما مستغلوها

وها والفاجرون والعاهرون ومجانين العظمة وغوغائي

فناحرو الديمقراطية، مهما ادعوا مناصرتها وتغنوا بها

ومجدوا اسمها.

وينبغي أن نزيل من األذهان أن الديمقراطية

تتماهى مع تقنياتها وآليات تطبيقها. وأعتبر أن التعريف

ق.م. 421 الذي أعطاه بيريكليس في أثينة في العام

Page 40: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

40

والذي يحصرها بـ"حكم األكثرية في وجه األقلية"، وقد

استشهد به كاتب المقال وتبناه، ال يعرف بالديمقراطية

في جوهرها وروحها كضرورة خلقية وقيمة إنسانية،

إنما يعطي أحد أشكال التقنية الديمقراطية الممكنة، ال

ة" و"أقلية" الوحيدة. علما بأن الوصول إلى "أكثري

ممكن، أيضا، وبسهولة، من غير الديمقراطية العددية.

واستطرادا، إن الزمان والمكان، والمجتمع

المعني في مستوى نضجه، ومدى الحاجات الروحية

والنفسية والمادية المطلوبة، والغايات التي يحددها الناس

في نظام الدولة، لحياتهم، وتالزم الحرية والعدالة

والمساواة في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص بين

المواطنين، أفرادا وجماعات.. كل ذلك يحدد محتوى

الديمقراطية المحقق لهذه الشبكة من المتطلبات، كما

يحدد اآلليات المناسبة القادرة على تجسيد المحتوى على

النحو المأمول والمرغوب فيه.

Page 41: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

41

فالخطر يكمن في حصر الديمقراطية في صيغة

من صيغها، أو في تقنية تطبيقية واحدة وحيدة. والخطر

األكبر يكمن في تماهي الديمقراطية مع أي من صيغها

التطبيقية. وقائمة الصيغ الديمقراطية وتقنياتها وآلياتها

غنية. وأشهرها )من غير تسلسل تاريخي(: الديمقراطية

السياسية الكالسيكية، والليبرالية، والمباشرة، والتمثيلية،

والتعبيرية، والشعبية، واالشتراكية، والموجهة،

والمركزية، واالجتماعية، والمسيحية، والنيابية..

خرا الديمقراطية التوافقية. فهل يعقل أن تتماهى ومؤ

الديمقراطية مع إحدى صيغها؟ وهل يمكن أن يمحضها

التاريخ إذاك ثقته، ويقبلها الناس ويطمئنوا إليها؟

تعابير الديمقراطية في تبدل دائم، تالؤما وتكيفا

وهنا مع أوضاع الناس المتغيرة وتصور نظرتهم إليها.

نصل إلى الديمقراطية المطلوبة للبنان، والمعبرة عن

جوهر الوجود اللبناني وتطلعات أبنائه الوجودية. إنها

Page 42: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

42

"الديمقراطية التوافقية"، وهي حكم القانون المستوحى

من قيم اإلنسان الشخصية والمجتمعية واالجتماعية.

ما أورده وأسرع، في بادئ األمر، إلى نقض

السيد النائب في قوله "إن ما يسمى الديمقراطية التوافقية

هو هرطقة قانونية ودستورية".

أوال، ال الدستور يشكل معيار تقييم

ا لها. الديمقراطية الديمقراطية، وال القانون يعتبر محك

ا، هي معيار صحة الدساتير والقوانين. وإذا ما أردنا نص

تقبل فكرة الديمقراطية وروحها أن يتوليا، في زمننا

الحاضر، تقييم الدساتير والقوانين، فإن اإلعالن العالمي

10لحقوق اإلنسان، الصادر عن األمم المتحدة في

، وسائر الشرعات األممية 1942كانون األول من العام

الخطيرة. المكملة له، تصلح أن تتولى بحق هذه المهمة

ثانيا، ليست "الديمقراطية التوافقية" هرطقة

بالنسبة إلى فكرة الديمقراطية وروحها. "الديمقراطية

التوافقية" فرزتها الديمقراطية، حديثا، تعبيرا عن

Page 43: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

43

انفتاحها وحيويتها، واحتراما منها لقيمة اإلنسان وقيمه،

تغيرة.وتكيفا مع معطيات الزمان الم

ثالثا، ديمقراطية بيريكليس العددية تصلح

للمجتمعات المتجانسة، مع ضرورة كبح غير شطط

فيها، وال تصلح للمجتمعات التعددية.

هنا بيت القصيد والعقدة الكبرى.

قبل كل شيء، كيف برزت "الديمقراطية

التوافقية"؟ وما هي؟

* * *

الديمقراطية، في أصالتها ودعوتها، أثارت

دائما في النفوس فكرة المساواة والعدالة والحرية،

وشجعت، بالتالي ومع الزمن، على احترام خصوصيات

األفراد والجماعات داخل المجتمع السياسي، أي مجتمع

، على نحو واضح، أنها ال الدولة. وبينت الديمقراطية

تتناقض والنظيرين "هو" و"اآلخر". ومع التطور

التاريخي، أخذت فكرة الخصوصيات تفرض ذاتها بغية

Page 44: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

44

إزالة أي ظلم بحق أي إنسان، أو جماعة ذات تمايز ما،

بالنسبة إلى المجتمع األكثر عددا حيث تعيش. ونما

لمحسوسة، ال التبصر في الديمقراطية في أوضاعها ا

النظرية وال الذهنية. وكذلك وعى الباحثون أن الهويات

الثقافية والدينية واللغوية والعرقية هي حقائق واقعية

وملموسة، وقد نفذت إلى وجدان أصحابها، أفرادا

وجماعات، وفعلت فيهم وعيا، وحثتهم، وتحثهم، على

المطالبة بحقوقهم.

قاعدة األكثرية واألقلية في وفي ممارسة

الديمقراطية الكالسيكية، تبين أن هذه القاعدة خطرة على

الوفاق الوطني وعلى التماسك الداخلي، ألن األقليات،

غير القادرة على الوصول إلى السلطة، تشعر أنها

مهمشة وضحية للتمييز. فال يعود عندها والء للنظام،

الء حتى للدولة بالذات. فنتج من وقد ال يعود عندها و

كل ذلك صيغة ديمقراطية جديدة هي "الديمقراطية

التوافقية"، ديمقراطية تقاسم السلطة في المجتمع

Page 45: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

45

التعددي. وهي، بالتالي، بنت شرعية، بكل معنى الكلمة،

للديمقراطية في جوهرها.

راطية إذا، "الديمقراطية التوافقية" هي ديمق

contratsتقوم على بناء الدولة من خالل عقود

منفتحة على التطور، وسلطة ذات ائتالف واسع،

واستقالل ذاتي في نواح ذات صلة عضوية

بخصوصيات وجودية واقتناعات إيمانية، ونظام

[ 1حصص في التمثيل الشعبي، وحق نقض متبادل...]

ة" تجسيد لحق التمايز من وهذه "الديمقراطية التوافقي

غير تضحية بمبدإ وحدة الدولة.

[ مضمون 3ويشرح األب جان دوكرويه]

الديمقراطية التوافقية باآلتي:

ا "إن تمتين الوحدة الوطنية يقتضي نظاما سياسي

وطيدا، يشرك كل الطوائف في اتخاذ القرارات الوطنية،

األمة ما ال يناسب وال بحيث ال تفرض أية طائفة على

يتالءم وتقاليد الطوائف األخرى. وهذا النظام ال يمكنه

Page 46: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

46

أن يكون تحت رحمة إيديولوجية األكثرية.

فالديموقراطية التوافقية، أو النظام التطابقي، ال تنطبق

على ديموقراطية العدد التي تتناسب مع حالة بلد ال تنوع

ة تفترض حكومة ذات فيه أساسا. هذه الديموقراطي

ائتالف عريض وفيتو متبادال حيال القرارات التي

تتناقض مع المصالح الحيوية إلحدى الجماعات، ونسبية

إجمالية في توزيع الوظائف، لئال تهيمن واحدة من

الجماعات على مناصب المسؤولية باسم القوة أو العدد.

تية لبعض كما أن هذا النظام يتطلب استقاللية ذا

القطاعات مثل األحوال الشخصية التي هي من صالحية

[.2الجماعات."]

ودولة لبنان نموذج للمجتمع التعددي حيث

ينبغي أن تتحقق فيه "الديمقراطية التوافقية".

نعم، مجتمعنا تعددي.

نحن "طوائف". أقولها ببساطة، من غير عقدة

غير أي تقييم، ال سلبي وال إيجابي. ال أنظر إلى ومن

Page 47: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

47

واقعنا هذا على أنه تخلف أو تقدم. هو ما هو عليه.

وأترك للزمان أن يأخذ مجراه ومداه التغييري، إذ ما من

أمر من أمور الدنيا باق وثابت. فنصل إلى ما نصل إليه

مستقبال من طريق التفاعل الحياتي، والتحاور الفكري

الحر الهادئ الرصين بين األفرقاء المعنيين جميعهم،

وجدلية "المع" و"الضد" في ممارسة ديموقراطية

سليمة.

-إن "الطائفية"، عندنا، في حقيقتها وفي فهم واقعي

موضوعي، هي حال انتمائية دينية كيانية -تاريخي

مجتمعية ثقافية سياسية. وهي قائمة في العمق في

الوجدان الفردي والجماعي الواعي والالواعي. وهي

السياسي.-الثقافي -المجتمعي -نتيجة للواقع الديني

و"الطائفة"، في حقيقتها الوجودية، يتخطى معناها

المدلول القاموسي ومعنى الفرقة الدينية عند المسلمين

تاريخي -والكنيسة عند المسيحيين. إنها "جسم مجتمعي

م، تداخلت فيه وتشابكت، في فعل جدلي، مواقف متالح

Page 48: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

48

ومفاهيم دينية بمواقف وخيارات سياسية. وقد تبلور هذا

الجسم، عبر األجيال، بكل ما مر من أحداث وظروف،

ا على األصعدة على اختالفها، مما أفرز واقعا مجتمعي

ا وثقافيا وسياسيا عرفت وماديا ومعنويا وروحيا وطقسي

[."4وتعرف به الطائفة]

لذلك، فإن ارتباط الطائفية بالطائفة والطائفة بالطائفية،

في هذه المنطقة من العالم، هو من العمق بحيث يأتي أي

كالم على "إلغاء" الطائفية كالم وهم وخداع ذات في

األحوال الحاضرة وعلى المدى المنظور وإلى زمن ال

يعرفه إال هللا.

إننا، حتى اليوم، "طوائف". ومن حقنا أن

نطمئن إلى حاضرنا ومستقبلنا. أن نرتاح إلى حضورنا.

أن ننال حقوقنا وبأال يكون أحدنا مغبونا أو خائفا أو

مقهورا، خصوصا في زمن اإلعالن العالمي لحقوق

اإلنسان وسائر الشرعات األممية المتممة له.

Page 49: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

49

ي النتيجة، وألن حقيقتنا المجتمعية وف

"طوائفية"، فإن وفاقنا الوطني يقوم على وحدة التالقي

الحر بين الطوائف على أساس "مصالح الجماعات

[. وما كان غير ذلك فخداع نظر ووهم 0الوجودية"]

بصيرة وتخيال في الذهن مختلقا من أساسه.

عليها ومنها تقوم بنانا هذه بنيتنا التحتية. و

الفوقية.

ولبلوغ تالق بين الطوائف يفرز نيات صادقة

وينتج منه مواقف صامدة، ال بد من العمل لجعل التالقي

ا، تنشده القواعد الشعبية وينبع من اقتناعها ا، مستمر حر

بضرورته الفائقة، وهادفا إلى تماسك داخلي أفضل

أعمق. هذا إذا ما رمنا االرتقاء بعيشنا وتالحم وجداني

المشترك إلى مرتبة المؤالفة، فالوصول إلى وفاق وطني

حقيقي من غير إلغاء للخصوصيات، وال تذويب أحد في

أحد، وال قهر، وال تنازل قسري عن ثقافات وتراثات

وتقاليد...

Page 50: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

50

قعية وإذا ما تعممت هذه الذهنية المنفتحة الوا

على أساليب العمل في الحقول العامة عندنا، نكون قد

ا بنا، يالئم أوضاعنا أنشأنا نهجا لمعالجة قضايانا خاص

السياسية. إنه نهج -ويتوافق ومقتضيات حياتنا الوطنية

يخرج عما تعودنا التفكير فيه وترداده في خطابنا

رى السياسي وكأنه مسلمات مطلقة، ويختلف عما ج

ويجري عند سوانا، وهم في واقعهم يختلفون عن واقعنا،

وفي تكوينهم عن تكويننا، وفي ماضيهم عن ماضينا،

وفي حاجاتهم عن حاجاتنا...

ومن المعلوم أن الفدرالية هي أفضل صيغة

لتطبيق الديمقراطية التوافقية. والديمقراطية التوافقية،

مع النظام الفدرالي. لذا، في أصالتها، ال تتالءم إال

يستحيل تطبيق الديمقراطية التوافقية، بكل مقتضياتها

وعلى نحو ناجع، في دولة بسيطة ومركزية تطبق آليات

الديمقراطية الكالسيكية، والناس فيها مجتمع تعددي، كما

في لبنان.

Page 51: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

51

ناع ولكن، وبانتظار اقتناع اللبنانيين الحر، واقت

العرب أيضا، بأن المساواة الحقيقية والحرية الحقيقية

والعدالة الحقيقية ال تقوم في لبنان إال في النظام الفدرالي

وفي الزمته الديمقراطية التوافقية، يمكن أن يتوافق

اللبنانيون، مرحليا، على "تطعيم" نظامهم الدستوري

راطية التوافقية من القائم بشيء من "روحية" الديمق

طريق الالمركزية اإلدارية واالقتصادية الموسعة،

تخفيفا من أضرار الديمقراطية الكالسكية على أجواء

لبنان الميثاقية، وألن الالمركزية اإلدارية واالقتصادية

الموسعة، ربما تكون أكثر مناال في الوقت الحاضر.

اية أن أورد قائمة غير كاملة ويهمني في النه

بالقائلين بالديمقراطية التوافقية من خالل كتاباتهم

وتصاريحهم، سواء أباستعمالهم تعبير "الديمقراطية

التوافقية" صراحة أم بصيغة تدل عليها بوضوح، وهم:

. الكنيسة المارونية من خالل "المجمع البطريركي 1

و"النداء األخير" ؛ 710ص 19الماروني"، الفقرة

Page 52: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

52

الصادر في اختتام الجمعية الخاصة لسينودس األساقفة

كانون 14من أجل لبنان، المنعقد في الفاتيكان، الخميس

؛ وبيان مجلس المطارنة 31، الفقرة 1990األول

.32/11/3000الموارنة، في

. الرئيس إميل لحود في كتاب رسمي إلى األمانة 3

تشرين الثاني 13تاريخ العامة لمجلس الوزراء ب

، نشرته جريدة "النهار" بتاريخ 3006

.4، ص33223، العدد 12/11/3006

، العدد 3006. وليد جنبالط، مجلة "حقوقي"، شباط 3

.26، ص4الرقم

ايلول 30. بيان "الثوابت اإلسالمية" الصادر في 2

1922.

. الشيخ فيصل المولوي، األمين العام للجماعة 4

.6، ص2/4/3006"النهار"، اإلسالمية،

. المهندس فؤاد مخزومي، رئيس حزب الحوار 0

.6، ص33/4/3006الوطني، "النهار"،

Page 53: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

53

.4، ص3006. وثيقة المرده، المرده 6

. ورقة التفاهم المشترك بين حزب هللا والتيار الوطني 7

.3006شباط 6، في 3الحر، المادة

سالمي . البيان الختامي الصادر عن المجلس اإل2

الشيعي األعلى في اجتماعه الدوري، جريدة "السفير"،

.3006كانون الثاني 0

. اإلمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الوصايا، دار 9

-02، ص3003النهار للنشر، الطبعة األولى، أيلول

04 ،61.

. اإلمام السيد الشيخ محمد حسين فضل هللا، جريدة 10

.3000كانون األول 33"السفير"

. الدكتور شارل مالك، لبنان في ذاته، مكتبة التراث 11

اللبناني، مؤسسة ا. بدران وشركاه، بيروت، لبنان،

.30-19، ص1974

Page 54: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

54

تعريف مستوحى من أعمال البروفسور - [1]

انطوان مسره.

[2] - Jean Ducruet ،راهب يسوعي

واشترك بفعالية كبرى عالم، تولى مهام عالية عديدة،

في أعمال "الجمعية الخاصة لسينودس األساقفة من أجل

لبنان"، الذي أثمر اإلرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"

.1997في العام

، 1د. سعاد سليم، مجلة المرقب، العدد - [2]

. أنظر ايضا "يوميات سينودس 69، ص1997خريف

من النص 66-60ن"، صاألساقفة من أجل لبنا

.1996الفرنسي، المركز الكاثوليكي لإلعالم

Page 55: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

55

انطوان نجم، الطائفية والنظام الطائفي - [4]

السياسي في لبنان، مواقف وإشكاالت ومفاهيم وتصور

.64، ص1994، الطبعة األولى، 7حل، آفاق مشرقية

" هي "مصالح الجماعات الوجودية - [0]

وجود الجماعات ومصيرها واقتناعاتها الجوهرية

ورؤاها وكرامتها وحرياتها وحقوقها، وغير ذلك مما

يعتبره شعور الجماعة العفوي والعميق تجاه حدث ما أو

موقف معين أو رأي محدد موافقا لمصالحها الوجودية،

ا بها وتعارضا ال يمكن أن تتجاهله الجماعة، أ و أو مس

تتساهل في شأنه، أو تبقى من غير رد فعل سلبي

تجاهه. وفي "رد فعل" الجماعة تعبير صريح عن

مصلحتها الوجودية، ومعيار يركن إليه في سبر أغوار

هذه المصلحة.

Page 56: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

56

الديمقراطية التوافقية ثقافة وممارسة

انطوان نجم

في الزمن الذي صارت فيه "الديمقراطية"

ا أول، يرفعه المحرومون منها أمال وتوقا شعارا عالمي

إلى المساواة والعدالة، ويحرض عليها من ذاقوا حالوتها

ونعموا بخيراتها، ال نـزال في هذا الوطن الحبيب في

قيون نحن؟ أنحياها في حيرة من أمرنا. أديمقراطيون حقي

مقتضياتها، أم أننا ندعيها فقط؟

هذا التساؤل يراود عقل الباحث في الشأن

العام، كما يتطارحه المواطن العادي، بصورة غير

مباشرة، عندما يئن من ألم، غير قادر على التخلص منه

لصعوبة الحصول على الدواء، أو عندما تثور ثائرته

عن تأمين المدرسة لفلذة كبده، أو عندما تظلم لعجزه

الدنيا في عينيه ألنه عاطل عن العمل...

Page 57: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

57

لكن التساؤل يبقى على حدته، وسيبقى، حتى لو

تحرر المواطن، ضمن الحد المعقول، من ثقل حاجاته

الحياتية اليومية الملحة. والسبب أن مآسينا تتخطى

حتياجات إلى نوعية الحياة العامة قضية الحاجات واال

التي نستظلها، واالحتكاك الوطني المشوب بالغبن

والخوف والشعور بالغربة والدونية...

لقد برهنت العقود الماضية، من عمر الكيان

اللبنانـي القائم، أن احترام "اآلخر"، فردا وبخاصة

ته التاريخية جماعة، في شخصيته الطائفية، وخلفيا

وتطلعاته، وتراثه، وأجوائه الثقافية، وسلم قيمه،

ومفاهيمه االجتماعية، وتقاليده، أن األولية كانت "لها"

. لقد جاءت 1930دائما في األحداث المفاصل منذ العام

ردود الفعل في شأنها قوية وعنيفة، أقوى وأعنف من

مومه. فليعد ردود الفعل على شؤون العيش اليومي وه

أي منا إلى ذكرياته، أو من طريق مطالعاته عن القرن

الماضي، بغية أن يفهم ما كان يجري خالل االنتداب

Page 58: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

58

وبعده، أعندما طرح موضوع النقد بين لبنان وسورية

غداة االستقالل، أم عند قيام حسني الزعيم بانقالبه في

، أم يوم تسبب خالد العظم بالقطيعة1949العام

، أم حال 1901االقتصادية بين لبنان وسورية في العام

الالإستقرار التي كان وراءها جمال عبد الناصر، أم

، ومحركها الرئيسي عبد الحميد 1902أحداث العام

السراج، رئيس المخابرات السورية، والسياسي السوري

الملقب بالسلطان األحمر، أم بانفالش الكفاح المسلح

يني وصدامه الدموي مع نصف اللبنانيين، قبل الفلسط

وبعده، أم الموقف من دخول 1970انفجار العام

، أم مرحلة الوصاية 1976الجيش السوري في العام

السورية على لبنان...

هذه التواريخ البارزة، وسواها من معدنها، وإن

على نحو أقل شأنا، طبعت حياتنا السياسية وااللتزامية

نافر، وقادتنا إلى ما نحن عليه في الوقت الحاضر.

* * *

Page 59: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

59

مشكلتنا هي اآلتية: كيف نقبل مواطننا

"اآلخر"، على ما هو عليه في حقيقته الملموسة،

ونحترمه في معطياته كلها، ونعطيه حق تحقيق تطلعاته،

قت نفسه، إلى المؤالفة الصحيحة؟ونصل معا، في الو

جربنا المفاهيم القومية على اختالفها. فكان

الفشل حليفنا األكبر.

جربنا التوجهات االشتراكية. فلم تكن النتيجة

أفضل.

جربنا مفهوم "األكثرية واألقلية" في معناه

د في وحول التوتر الكالسيكي التقليدي، فغاصت البال

والالإستقرار.

علما بأن هذه التجارب قامت باسم

"الديمقراطية" ومن أجلها. فهل الديمقراطية "مسؤولة"

عما ألـم بنا، وبالتالي، ينبغي صرف النظر عنها؟

كال! بطبيعة الحال.

Page 60: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

60

تر "المسؤول" هو نحن اللبنانيين، ألننا لم نخ

بعد "الديمقراطية" التي تناسبنا. "الديمقراطية" التي تلبي

تطلعاتنا. "الديمقراطية" التي ترسي التآلف والذي هو،

أيضا، أساس االستقرار واالزدهار االقتصادي.

* * *

إن الديمقراطية المفصلة على قياسنا هي

ا، "الديمق راطية التوافقية". ويبدو أنها صارت، ولو كالمي

ا في لبنان. مطلبا عام

إنما هناك نقطة سوداء في لوحة براقة.

إن اللبنانيين يستعملون تعبير "الديمقراطية

التوافقية" ذاتها، ولكنهم ليسوا على توافق على مدلوله،

ال كيف نفسر الضجة وبخاصة على مقتضياته. وإ

الكبرى في ما بينهم؟ وعالم تقوم قيامتهم؟

هذا األمر ليس بجديد وال بغريب. فنحن نقول

بالحرية واالستقالل والسيادة، ونتقاتل باسم الحرية

Page 61: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

61

ا، واالستقالل والسيادة. مداليل الكلمات ال تتطابق، عملي

.عند هذا وذاك، وال عند هؤالء وأولئك

فال بد، بالتالي وقبل كل شيء، من توضيح

جلي، يساهم في اعتناق مفهوم دقيق للديمقراطية

التوافقية، كيما تنحسر خالفاتنا الكالمية وتنخفض

خالفاتنا العملية.

صاحب عقل كبير، الراهب اليسوعي األب

باآلتي:جان دوكرويه، يشرح "الديمقراطية التوافقية"

"إن تمتين الوحدة الوطنية يقتضي نظاما سياسيا

وطيدا، يشرك كل الطوائف في اتخاذ القرارات الوطنية،

بحيث ال تفرض أية طائفة على األمة ما ال يناسب وال

يتالءم وتقاليد الطوائف األخرى. وهذا النظام ال يمكنه

رية. أن يكون تحت رحمة إيديولوجية األكث

فالديموقراطية التوافقية، أو النظام التطابقي، ال تنطبق

على ديموقراطية العدد التي تتناسب مع حالة بلد ال تنوع

فيه أساسا. هذه الديموقراطية تفترض حكومة ذات

Page 62: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

62

ائتالف عريض وفيتو متبادال حيال القرارات التي

سبية تتناقض مع المصالح الحيوية إلحدى الجماعات، ون

إجمالية في توزيع الوظائف، لئال تهيمن واحدة من

الجماعات على مناصب المسؤولية باسم القوة أو العدد.

كما أن هذا النظام يتطلب استقاللية ذاتية لبعض

القطاعات مثل األحوال الشخصية التي هي من صالحية

الجماعات."

ا جدا، ليس ولكن هذا التوضيح، وإن ضروري

بكاف وحده. عليه أن ينتقل من شفاهنا إلى عقلنا فثقافتنا

فممارساتنا.

ولنا في الماضي غير عبرة ودرس.

ا فـ"الميثاق الوطني" كان تعبيرا ديمقراطي

ا. وكذلك "اتفاق الطائف". ومع ذلك، فال األول توافقي

حتى والدة الثاني، 1942م حال دون ما عانيناه منذ العا

وال الثاني منع قيام ما قاسيناه حتى اآلن.

Page 63: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

63

والسبب أنهما بقيا يدوران في فلك السياسة

األعلى، من غير أن ينـزال إلى أرض القواعد الشعبية

سياسية.-ليصيرا لها ثقافة وطنية

فالتفسخ المجتمعي والتقاتل الحربي دليالن

ان على أن "الميثاق الوطني" و"اتفاق الطائف" في ساطع

واد، واللبنانيون في واد آخر.

وهكذا سيكون مصير "الديمقراطية التوافقية"،

على الرغم من صفاء التفصيل الذي قدمناه، إذا لم

سياسية منغرسة في نفوسنا -تصبح لنا جميعا ثقافة وطنية

وا وعلى نحو تلقائي، كما نتنفس وضمائرنا، نمارسها عف

وتنبض قلوبنا.

من هنا مسؤولية الحركات الفكرية والسياسية.

إنها لمسؤولية ضخمة وقاطعة. فالحركات

الفكرية والسياسية، على أنواعها ومستوياتها وأبعادها،

، هي مثقفة للناس ودليلهم إلى الخير العام. ودورها

بالتالي، ال تقوم به ال حكومة وال معارضة. ويوم تصبح

Page 64: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

64

"الديمقراطية التوافقية" منطلق ممارسات اللبنانيين، على

أي مستوى، عند ذاك نطمئن إلى غدنا، ونصير، في

حقيقة الواقع، مواطنين أحرارا ذوي سيادة تامة

واستقالل حقيقي.

Page 65: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

65

فقيةحقيقة الديمقراطية التوا

انطوان نجم

لم يسبق أن أطلق كم من الكالم على

الديمقراطية التوافقية، والمناداة باسمها، والدعوة

واالحتكام إليها، يحاكي الكم المتدفق، ليل نهار، منذ مدة.

والعقالء المراقبون لهذه المباراة، في تفخيم

الديمقراطية التوافقية الفجائي، وادعاء كل من

المتخاصمين أنها نوره وهديه ومعيار تقييمه األهداف

والسلوك وحتى النيات، يحارون في فهم ما يحصل،

ويعجزون عن الرؤية من خالل هذه الضبابية التي

فكري جديد... برعت في إعالء برج بابل

وغرابة هذا الواقع يكمن في تسطيح مفهوم

الديمقراطية التوافقية وتقزيمه وإبعاده عن حقيقته، والذي

طالعنا به كثيرون من متداولي التعبير القائلين:

الديمقراطية التوافقية هي أن "نتوافق". هكذا بكل

Page 66: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

66

حد، قبال، ال بساطة، وكأنما "التوافق" لم يخطر في بال أ

في هذا الزمان، وال في السنوات الماضية، وال في

العقود المنصرمة، وال حتى في األزمنة الغابرة، فضال

عن تجهيل معرفة بين "من" و"من" يكون التوافق.

فال بد، إذا، من العودة إلى توضيح مفهوم

ا الديمقراطية التوافقية الحقيقي، وظروف تحقيق هذ

النوع من الديمقراطية ومقتضيات تطبيقه.

إن الحياة، في عيشنا اليومي، ال تسير بموجب

سنن التخاصم والخالف والصراع فقط. إن "التوافقية"،

في معناها المتداول والمعيش منذ فجر وعي اإلنسان،

جزء ال يتجزأ من طبيعة التعامل اليومي والتوازن

الحياتي.

و"توافق" الديمقراطية التوافقية ليس، أيضا،

ذلك الذي "أمنحك" إياه ساعة أشاء، و"أسحبه" منك

ساعة يعن لي، و"أحرمك" إياه حين أشعر في نفسي

"قوة ما" تسمح لي بقهرك، خصوصا عندما أظن أنك

Page 67: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

67

في وضع غير قادر فيه على مواجهتي. "توافقية" من

أهل لها ليتعرفوا إليها، وال ضمير يقر بها، هذا النوع ال

وال تشكل قاعدة يستكين إليها التواصل بين الناس.

وسبق وورد توضيح للديمقراطية التوافقية،

جاءت فيه العناصر اآلتية، التي نتوكأ عليها، هنا، لنلقي

بعض األضواء، وإن يإيجاز، من أجل أن نبرزها على

حقيقتها.

الوحدة الوطنية وتمتينها .1 .1

يعين التوضيح، منذ اللفظة األولى، بعد الهدف

المقصود، وهو الوحدة الوطنية وتمتينها. هذه الوحدة

تشكل، وال تزال، قضية اللبنانيين األولى لحاجتهم

الماسة إليها، بغية ارتقاء عيشهم المشترك القائم، بحكم

ى المؤالفة الصحيحة.األمر الواقع، إلى مستو

وبعد هذا الهدف هو وفاق وطني صلب ودائم، يعطيه

عمقه وقيمته وشأنه. وشتان بين "وفاق" عادي أو ظرفي

Page 68: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

68

أو موقت، خاضع للمزاج المتغير أو للمصلحة

المتحركة، و"وفاقية" هي أس في بناء، وحجر زاوية في

ر لهما، وإال صرح، ديمومتهما ال تقبل النقض أو التنك

ا. انهار كل شيء انهيارا تام

لذلك يسرع التوضيح إلى ربط الوحدة الوطنية وتمتينها

بقاعدة نظام سياسي وأسلوب إدارة سياسية.

النظام السياسي .3 .1

المجال إلى وحدة وطنية متينة إال بواسطة نظام سياسي

ها هو لها شرط ملزم، محتوم ال مناص منه، مالزم ل

تالزم العلة للمعلول. ولما كانت الديمقراطية هي إطار

النظام السياسي العام الصحيح، فإن الديمقراطية، في

أبعادها الحقيقية، هي حكم القانون المستوحى من قيم

اإلنسان الشخصية والمجتمعية واالجتماعية. فتكون

الديمقراطية، إذاك، "توافقية" ال "عددية".

Page 69: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

69

لديموقراطية العددية ال تقوم إال في مجتمع متجانس ا

الهوية، باستثناء بعض من مجتمعات بالد الهجرة الوافدة

إلى العالم الجديد، حيث يكون المستوطنون على

ا، ألن يقدموا االهتمامات الملحة استعداد، نفسيا ووجداني

التي كانت سببا في هجرتهم على ما عداها من

ات، ومنها االهتمام بهويتهم المجتمعية، أو ال اهتمام

يرون تناقضا بين مصالحهم الوجودية والمصيرية

ومصالح المستوطنين اآلخرين الذين سبقوهم إلى الديار.

ومع ذلك، ال بد، بعد، من مدى زمني كاف للتأكيد على

نجاح مثل هذا الوضع.

داع الديمقراطية أما الديمقراطية التوافقية، وهي من ابت

في مواكبتها التكيف ومعطيات الجماعات المتمايزة، فقد

وجدت من أجل المجتمع المتغاير الهوية، وحيث،

باإلضافة إلى ذلك، تتعارض ومصالح الجماعات

الوجودية والمصيرية أو تتناقض. فهذا المجتمع هو

ا، أ و وحده المجتمع التعددي. وقد يكون "التغاير" ديني

Page 70: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

70

ا، أو مزيجا من ا، أو عرقي ا، أو إتني ا، أو لغوي طائفي

بعضها... والمجتمع التعددي هو غير "النظام السياسي

التعددي" حيث تقوم تعددية حزبية تتنافس في ما بينها،

وتعددية آراء وتعبير، ومعارضة للسلطة وحتى

معارضة للنظام، إلخ.

تشكل األكثرية العددية كفة في الديمقراطية العددية

الميزان الراجحة في المجتمع السياسي، وهي الحاكمة

وصاحبة القرار والبت والحسم. أما في الديمقراطية

التوافقية فال يوضع المجتمع تحت رحمة إيديولوجية

األكثرية ذات الهوية المتجانسة، مما يفرض أن تتشارك

ي تصيبها، وتكون ذات صلة الجماعات في القرارات الت

بمصالحها الوجودية والمصيرية.

المصالح الوجودية والمصيرية .2 .1

إن المصالح الوجودية والمصيرية هي تلك التي تمس

األمور األعمق في الذات المجتمعية، والمرتبطة مباشرة

Page 71: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

71

بهويتها وتراثها ووجدانها واقتناعاتها العميقة وقيمها

ها الخاصة... وعنف رد فعل الجماعة تجاه ما وكنه رؤا

تشعر به من خطر يحيق بأمر من هذه األمور، لدليل

حسي على مدى عمقه في الذات وتكوينه هذه الذات في

الوقت نفسه.

وألن هذه األمور تتعارض أو تتناقض في المجتمعات

التعددية، فإن الحكم الصالح الحكيم هو الذي يحسن

ل بما يحمي المجتمع الوطني من تعميق التفسخ التوس

فالوصول إلى التصادم. ومن هذه المقتضيات:

تكوين سلطات إجرائية "أكثرية"، وقيام معارضات" –أ

أقلية"، ذوات تمثيل مجتمعي عام حقيقي، في الوقت

نفسه، عبر انتظام جماهيري فريد وخاص بالوضع

اللبناني.

زيع المناصب والمسؤوليات والوظائف عدالة في تو-ب

على جماعات المجتمع التعددي،

Page 72: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

72

حق النقض )الفيتو( المتبادل الذي يشكل، على -ج

الصعيد السياسي، الحاجز األقوى أمام خطر اقتحام

عمق من أعماق ذات مجتمعية.

إستقاللية ذاتية لبعض القطاعات مثل األحوال –د

افة والتي هي، حصرا، من الشخصية والتربية والثق

صالحية الجماعة المعنية. وعلينا أن نفهم أن من حق

ممثلي تلك الجماعة، وحدهم، أن يختاروا قانون أحوالهم

الشخصية وتوجهات أمورهم التربوية والثقافية. فال

يشارك في "التصويت" عليها غير أصحابها، ال مثلما

الطائفة الدرزية.جرى منذ فترة في موضوع قانون

وهذه المقتضيات ال تحققها دولة بسيطة وذات مركزية

متشددة. فهي في حاجة إلى دولة مركبة.

الديمقراطية التوافقية والدولة المركبة .4 .1

Page 73: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

73

واقع المجتمع اللبناني تعددي بامتياز. وطبيعة الدولة

بسيطة 1936اللبنانية في دستورها الصادر في العام

ذات مركزية متشددة.و

وألن طبيعة الدولة تتناقض والواقع المجتمعي التعددي،

deuxاضطر اللبنانيون إلى اللجوء إلى عقدين )

contrats لترقيع الوضع وتسيير األحوال: األول هو )

"الميثاق الوطني" في شقه الصيغوي، والثاني هو "اتفاق

أخذت السياسة في لبنان [ 1الطائف". بهذين العقدين]

بروحية الديمقراطية التوافقية من غير أن تحياها

أصوليا، ألن جوهر الدولة وهيكليتها وقوانينها بقيت

على ما هي عليه.

وإذا شئنا أن نفهم أحد أسباب التشنج الذي رافق الحياة

، فإنه يعود إلى 1942السياسية في لبنان، منذ العام

ن المعتمد الذي ليس هو الديمقراطية األسلوب الهجي

الكالسيكية، القائمة على فكرة األكثرية الحاكمة واألقلية

المعترضة، وال الديمقراطية التوافقية التي ذكرنا

Page 74: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

74

مقتضياتها آنفا. حتى إن الدولة عجزت عن "اعتماد

الالمركزية اإلدارية الموسعة" التي نص عليها اتفاق

أضعف اإليمان. فعاش اللبنانيون في الطائف، وهي

نقيضين في آن معا، ولكل نقيض، في حد ذاته، حججه

ومبرراته، يتوسل بها من يشعر، في لحظة ما، أنها

ا وتدعم موقفه. تؤاتيه سياسي

فإلى متى يمكن أن يستمر هذا التوتر الذي أوصلنا،

لتعامي أحيانا، إلى الصدام الدموي؟ وإلى متى يجوز ا

عن الحقائق المجتمعية والسياسية التي تصفع النظر

ا في إعادة تنظيم الدولة اللبنانية والتي توجب التفكير جدي

على أساس مركب ينهي االزدواجية الدستورية

والقانونية المدمرة؟

إعادة تنظيم الدولة على األسس المناسبة تتطلب جرأة

ا؟وبطولة. فهال تزينا بهم

Page 75: حول الديمقراطية التوافقية / التجربة العراقية و اللبنانية

75

31أضيف إليهما "اتفاق الدوحة" في - [1]

.3002أيار