دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل...

174
ﺍﻟﺸﻌﺒﻴـﺔ ﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴـﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋـﺮﻳـﺔ ﺍﳉﻤﻬـﻮﺭﻳـﺔ ﺍﻟﻌــــــــﺪﻝ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﻟﻠﻘﻀـﺎﺀ ﺍﻟﻮﻃﻨـﻲ ﺍﳌﻌﻬـﺪ ﻣﻌﺴـــﻜﺮ ﻗﻀــﺎﺀ ﳎﻠـﺲ ﺍﻟﺘـﺎﻳـــﺔ ﻣﺬﻛـﺮﺓ ﺍﻟﺘـﺎﻳـــﺔ ﻣﺬﻛـﺮﺓ ﺪﺭﻳـــﺐ ﺪﺭﻳـــﺐ ﺍﳌﺸﺮﻑ ﺍﻟﺴﻴـﺪ ﺇﺷـﺮﺍﻑ ﲢﺖ: ﳏﻤـﺪ ﺑﻮﺯﻳـﺎﻧـﻲ ﺍﻟﻘﻀـﺎﺓ ﺍﻟﻄﻠﺒـﺔ ﺇﻋـﺪﺍﺩ ﻣﻦ:

Upload: gasim-abusheba

Post on 01-Dec-2015

470 views

Category:

Documents


16 download

TRANSCRIPT

Page 1: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

اجلمهـوريـة اجلزائـريـة الدميقراطيـة الشعبيـة وزارة العــــــــدل املعهـد الوطنـي للقضـاء

جملـس قضــاء معســـكر

دريـــبدريـــبمذكـرة ـايـــة التمذكـرة ـايـــة الت

:حتت إشـراف السيـد املشرف

بوزيـانـي حممـد :من إعـداد الطلبـة القضـاة

Page 2: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

بشـكرنـا الجزيـل إلـى من يعمــل بصـدق نتقـدم قـواعـد العدالــة، و نخـص لرفـع رايـة الحــق و إرسـاء

:بالذكـر محمـد علـى مـا بوزيـانـيالسيـد القاضـي المشـرف

بذلـه من جهـد و مـا ادخـره لنـا من وقـت إلنجــاح .فتـرة التربـص الميـدانـي، و إنجــاز هذه المذكــرة

و النائـب العـام لـدى مجلـس قضـاء المجلس رئيـس: السـادة

.معســكر .مجـرابداودي .سعـد اهللا بحـري

. معسـكرمحكمةو وكيـل الجمهوريـة لدى المحكمة رئيـس : السـادة .جوردام عبد العزيز .بن صالح علـي

.و السادة القضاة و المستشارين العاملين بنفس المجلس

.موظفي محكمة مجلس قضاء معسـكر

.موظفي المكتبة المركزية الجامعية و مكتبة كلية الحقوق

.إلـى أعضاء اللجنة الذين سيشرفون على مناقشة هذه المذكرةو

.و كل من ساهم من قريب في إنجاز طبع هذه المذكرة

Page 3: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

: ةــــدمـمق

اإلثبات القضائي في تاريخ اإلنسانية بمراحل يضيق المقام عن الخوض فيها فقد مر السحر والشعوذة كانت اإلنسانية في طفولتها تلجأ في اإلثبات القضائي إلى ضروب من 1

القتال بل االنتحار من األدلة القضائية عند بعض األمم في فجر و كان . إلى الدينتثم لجأ

.التاريخ

ولقد تطورت أساليب اإلثبات القضائي فأصبح هناك تعاونا وثيقا في اإلثبات بين

فالقانون يبين طرق اإلثبات و يحدد قيمة كل منها، . القانون و القاضي و الخصوم

القاضي يطبق القواعد التي يقررها القانون في ذلك و يتمتع في تطبيقها بشيء من حرية و

و الخصوم هم الذين عليهم أن يقدموا األدلة على صحة دعواهم و ذلك على . التقدير

ا خصمه و في مهو لكل خصم الحق في مناقشة األدلة التي يقد. الوجه الذي رسمه القانون

.اتفنيدها و في إثبات عكسه

و لما كان اإلثبات القضائي محدود في وسائله فالحقيقة القضائية يكون حظها من

مطابقة الوقائع بقدر ما يكون للقاضي من سلطة في البحث و التحري، فال يجوز للقاضي

علمه بأن يبني حكمه إال على وسائل اإلثبات التي أجازها القانون وال يقبل منه القضاء

فاألصل أن . طرق و حصرها في ذلك فال تقبل وسيلة أخرىألن المشرع عدد.الشخصي

كان القانون يفرض إثبات الديون كتابة ادور القاضي سلبي في إثبات المواد المدنية، فإذ

رفض دعواه حتى ولو كان ىولم يتوفر الدليل الكتابي لدي الدائن فال يملك القاضي سو

لذلك فأن الطرق التي . أنشأت الدينكأن يكون شهد بنفسه الواقعة التي. صحتهامقتنعا ب

هذه قحيث أن دليلهم ال يستقيم إال إذا واف.يحددها القانون لإلثبات تلزم المتقاضين من جهة

والقاضي من جهة أخرى حيث أنه مقيد بقبول الوسيلة الواجبة دون ، الطرق

.والحكم طبقا لما يقتضيه القانون في تلك الحالة.غيرها

ىالقانون على خالف الشريعة اإلسالمية ال تؤدي غالبا إال إلووسائل اإلثبات في

ويحتمل أن تكون الحقيقة القضائية التي تثبت أمام القضاء تختلف . حقيقة ظنية ال قطعية

1

Page 4: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ولذالك كانت الحقيقة القضائية نسبية ولكن المشرع يضحي بالحقيقة . عن الحقيقة الواقعية

. حجية األمر المقضيي على الحقيقة القضائيةفيض الواقعية و

ال أن المشرع أعطى بعض الوسائل إوجميع وسائل اإلثبات في القانون تفيد الظن

.حجية ملزمة للقاضي وأعتبر الثابت بها ثابتا في الواقع

الكتابة والقرائن القانونية القاطعة واليمين يوأوجب على القاضي الحكم بموجبها وه

القاضي و لوسائل في تصويرها الحقيقة إلى قناعةالحاسمة واإلقرار بينما ترك بقية ا

والقانون في تمسكه بالحقيقة .تقديره و هي الشهادة و القرائن القضائية و الخبرة و المعاينة

اعتبار العدالة في ذاتها ويدفعه . القضائية دون الحقيقة الواقعية إنما يوازن بين اعتبارين

.ها الحقيقة القضائيةمعتفق ت الوجوه حتى ميعن جإلى تلمس الحقيقة الواقعية بكل السبل وم

واعتبار استقرار التعامل ويدفعه إلى تقييد القاضي في األدلة التي يأخذ بها في تقدير كل

الجور حتى يأمن جوره إذا مال إلى. دليل فيحدد له طرق اإلثبات وقيمة كل طريق منها

وفي تقدير اة فيما يقبلون من دليل أو حتى على األقل حتى يحد من تحكمه فال يختلف القض

.قيم األدلة في القضايا المماثلة

ونظرا للموازنة بين اعتبار العدالة واعتبار استقرار التعامل قامت ثالث مذاهب في

استقرار التعامل وهذا هو المذهب بمذهب يميل إلى اعتبار العدالة ولو بالتضحية :اإلثبات

ومذهب يستمسك باستقرار التعامل ولو على حساب ) système libre(قالحر أو المطل

وهذا هو المذهب القانوني أو المذهب . يد اإلثبات أشر التقييد حتى يستقر التعاملقالعدالة في

) .système légal( المقيد

لحساب او ال يضحي بأحدهم. ومذهب ثالث يزن ما بين االعتبارين فيعتد بكل منهما

و هذا المذهب الثالث هو خير ). systeme mixte( ختلطآخر و هذا هو المذهب الم

فهو يجمع بين ثبات تعامل بما احتوى عليه من قيود و بين اقتراب . المذاهب جميعا

و قد أخذ . الحقيقة الواقعية من الحقيقة القضائية بما أفسح فيه للقاضي من حرية التقدير

قانون الفرنسي و الشرائع الالتينية كيا في ذلك أثر الفالمشرع الجزائري بهذا المذهب مقت

.القانون اإليطالي و القانون البلجيكي و معظم التشريعات العربية

Page 5: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

نسبة إلى نفسه و ينازع في يو يقف أمام القاضي خصمان كل منهما يدعي الحق و

خر و يظهر أثر ذلك اآلو القاضي يفتقر إلى ما يرجع به جانبا على . ادعاء اآلخر فيه

أو كان . بينهماحتنازع فيه غير مستقر و إنما في وضع مؤرجمحق الالان إذا كةخاص

أو كان محل إثبات صعب المنال فإن تكليف أحد طرفين بإثبات االحق غير ثابت ألحدهم

و تهديد له فيه بحيث إذا عجز عن إقامة البينة أو قصر في تهيئة الدليل المقنع أو هحقه

الضرورة قتضتو لهذا ا القاضي و سلب الحق منه،حكم عليه فشل في اإلثبات الكافي،

.توزيع عبء اإلثبات بينهما

.1القاعدة العامة في عبء اإلثبات هي البينة على المدعي و اليمين على من أنكرو

يقع عبء اإلثبات وفقا لهذه القاعدة التي تعتمد على التمييز بين المدعي والمدعى عليه،و

لمدعي و المدعى عليه بطريقة عادلة فتوجب الحجة القوية على الطرفين و يتوزع على ا

على صاحب الجانب الضعيف و هو المدعي و تفرض الحجة الضعيفة على صاحب

نوهنا يتفق القانون مع ما جاء في الشريعة اإلسالمية في أنهما ال يكتفيا الجانب القوي،

موقفا سلبيا متذرعا بإلقاء عبء اإلثبات على المدعي فقط، بحيث يقف المدعى عليه

بمجرد اإلنكار و ملتزما بالصمت و السكوت، و إنما وجب عليه عبء من اإلثبات يتناسب

.مع قوة جانبه فيعزز إنكاره باليمين

فاإلثبات يقع على عاتق الطرفين، فإذا أثار المدعي النزاع وجب عليه أن يثبت

لجأ إلى ذمة الطرف اآلخر و إذا فشل في اإلثبات و عجز عن تقديم الدليل و دعواه،

وجب على المدعى عليه اليمين، و ذلك حتى يصدر الحكم القضائي برد الدعوى و بقاء

المدعى عليه مبنيا على حجة و دليل لقطع الشبهات و إلزالة القلق الذي نشأ معالحق

.ستقرار الحق لصاحبهالبالدعوى و

المدعي في القيام بما هو مكلف و المدعى عليه ال يكلف باليمين إال في حالة إخفاق

ما ادعاه، أما إذا استطاع المدعي إقامة الحجة و تقديم الدليل على ىبه من إقامة الدليل عل

صحة ما ادعاه فإن األمر يختلف ألن المدعى عليه حينئذ يصبح في مركز ضعيف

لو يعطى الناس : " قال ) ص(شهور عن مسلم و أصحاب السنن عن ابن عباس أن رسول اهللا هذه القاعدة مستمدة من احلديث امل 1

". بدعواهم الدعى أناس دماء رجال و أمواهلم و لكن البينة على املدعي و اليمني على املدعى عليه

Page 6: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

عي، يحتاج منه إلى بذل جهد مضاعف لكي يحرج من هذا الموقف الذي وضعه فيه المد

فإما أن يقر بصحة ما أثبته المدعي و إما أن يقيم الدليل على براءة ذمته مما قام المدعي

بإثباته، و من ثمة فإن وصف المدعى عليه ينقلب في الدفع ليصبح مدعيا يقع عليه عبء

إثبات ما ادعاه في دفعه، وهكذا يتناوب طرفي الدعوى القيام بعبء اإلثبات إلى أن يخفق

.خسر دعواهأحدهما في

فلما كانت مهمة المدعي بعبء اإلثبات مهمة عسيرة و شاقة اقتضى األمر العمل

على إيجاد الوسائل التي تخفف من وطأة هذا العبء بحيث ال يترك تحمله للمدعي وحده،

فكان االتجاه إلى توزيع عبء اإلثبات بين الخصوم عن طريق تحليل الواقعة محل اإلثبات

.كل من الخصمين بإثبات ما يخصه منهاإلى عناصر يتكفل

و التوزيع معناه التخفيف من مطالبة المدعي بإثبات كافة عناصر الحق المدعى به،

ما يرجح وجود الحق في جانبه ليلقي على خصمه عبء دفع ما قام فيكتفي منه بإثبات

1بإثباته

بدور هام في و لعل القاضي رغم دوره السلبي في المسائل المدنية إال أنه يقوم

توزيع و تخفيف عبء اإلثبات بين الخصوم و يبرز ذلك بقوة في مجال القرائن القضائية

.و اليمين المتمة

المدنية فما من شك أنهم كذلك يلعبون دورهم في ىو مادام الخصوم يملكون الدعو

دور :" توزيع و تخفيف عبء اإلثبات، و من هذا المنطلق يبرز بحثنا للوجود و هو

".اضي و الخصوم في توزيع عبء اإلثبات في المسائل المدنيةالق

ما مدى دور القاضي في توزيع و تخفيف : و أساس اإلشكالية التي وضعناها هي

ثقل عبء اإلثبات المكلف به المدعي و ذلك بتكليف المدعى عليه بجزء مما كان مكلفا به

المدعي؟

هل يمكنهم االتفاق على تعديل و ما هو دور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات ؟ و

قواعد عبء اإلثبات؟ و ما مدى تعلق ذلك بالنظام العام ؟

ن إثبات االلتزام و على الندين إثبات على الدائ:" من القانون املدين على ما يلي323و يف ذلك نص املشرع اجلزائري يف املادة 1

". التخلص منه

Page 7: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و لإلجابة على هذه التساؤالت وضعنا خطة واسعة تشمل كل الجوانب التي يمكن

نرجوا أن نكون قد وفقنا في ذلك، و و الخصوم أن يكون لهم دورا فيها،أللقاضي

:ةحرقتالم الخطة

األحكام المتعلقة بعبء اإلثبات : مهيديل التــــالفص

ماهية عبء اإلثبات و المكلف به : ث األولـالمبح

مفهوم عبء اإلثبات : المطلب األول

أهمية تحديد المكلف بعبء اإلثبات : المطلب الثاني

القواعد المتعلقة بعبء اإلثبات : حث الثانيـلمبا

على من أنكر دعى واليمين إالبينة على من : المطلب األول

عبء اإلثبات على من يدعي خالف الظاهر : المطلب الثاني

محل عبء اإلثبات : ث الثالثــالمبح

تحديد محل عبء اإلثبات : المطلب األول

شروط محل عبء اإلثبات: المطلب الثاني

في توزيع عبء اإلثبات يدور القاض: ل األولــــــالفص

لقاضي في توزيع عبء اإلثبات طبيعة دور ا: ث األولــالمبح

الدور السلبي للقاضي: المطلب األول

الدور اإليجابي للقاضي: المطلب الثاني

دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب القرائن: ث الثانيــالمبح

دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب القرائن : لمطلب األولا

القانونية

ر القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب القرائن دو : المطلب الثاني

القضائية

Page 8: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب اليمين : ث الثالثـــلمبحا

دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب اليمين : المطلب األول

الحاسمة

دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب اليمين : المطلب الثاني

المتممة

دور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات:ثانيل الــــــالفص

مبدأ الدور اإليجابي للخصوم : ث األولــالمبح

حق الخصوم في اإلثبات: المطلب األول

حق الخصوم في مناقشة الدليل و إثبات عكسه : المطلب الثاني

دور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات بموجب اإلقرار و : المبــحث الثاني

ليمين الحاسمةا

دور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات بموجب اإلقرار : المطلب األول

دور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات بموجب اليمين : المطلب الثاني

الحاسمة

دور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات بموجب االتفاق : المبحــث الثالث

ات التعديل االتفاقي لقواعد عبء اإلثب : المطلب األول

.مدى جواز االتفاق على مخالفة قواعد عبء اإلثبات : المطلب الثاني

الخاتمــــــــة

Page 9: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

األحكام المتعلقة بعبء اإلثبات : الفصل التمهيدي

تستفتح دراستنا لهذا الموضوع بهذا الفصل التمهيدي الذي نتعرض فيه لتعريف

همية تحديد المكلف بعبء اإلثبات مع بيان عبء إثبات ثم نتناول بالدراسة والتحليل أ

محله على أن تكون هذه الدراسة شاملة لجانبيها القانوني وكذا من خالل أحكام

. الشريعة اإلسالمية

: ماهية عبء اإلثبات والمكلف به : المبحث األول

تا بطريقة في نطاق االدعاء يوجد من يدعي ومن يدعى عليه وقد ال يكون الحق ثاب

واضحة ظاهرة محددة ألي من هذين الطرفين، وإنما قد يكون الحق متراوحا بينهما ولذلك

فإنه يتعين تحديد من يكلف بعبء اإلثبات إذ يذهب أغلب الفقه إلى أن عبء اإلثبات

يتوقف عليه مصير الدعوى ولذلك كانت قواعد عبء اإلثبات هي أولى قواعد

ها، حيث أن إلقاء عبء اإلثبات على أحد الخصمين معناه أن يحكم له أو اإلثبات وأهم

على الدائن إثبات االلتزام وعلى " من القانون المدني 323إذ تنص المادة . لخصمه

وهو نفس نص المادة األولى من قانون اإلثبات المصري ". المدين إثبات التخلص منه

يقع عبء اإلثبات على " لمحاكمات اللبنانية من قانون أصول ا132وتقضى المادة

ونظرا ألهمية عبء اإلثبات استوجب بيانه وتحديد مفهومه " من يدعى الواقعة أو العمل

1لغة واصطالحا

: مفهوم عبء اإلثبات: المطلب األول

. أصول اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية–رمضان أبو السعود 1

Page 10: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ى اإلثبات بأنه إقامة الدليل أمام القضاء عل"لقد درج الفقه على اعتبار

والواقع أن "واقعة أو عمل قانوني يستند إلى أي منهما طلب أو دفع أو دفاع

إقامة الدليل أمام مرفق القضاء ليس باألمر الهين وهو عبء على صاحبه لذلك

اصطلح على تسمية التكليف بإقامة هذا الدليل بعبء اإلثبات إذ أن

يجمع خالل مراحل الدعوى جملة من المعطيات قصد الوصول القاضي

إلى الحقيقة القضائية وفصل النزاع المطروح أمامه والتي يقدمها

. األطراف قصد تأكيد دعواهم

: تعريف عبء اإلثبات لغة :أوال

و " عبء"من كلمتين مصطلح عبء اإلثبات مركب إضافي مكون

وللوقوف على معنى هذا المصطلح يلزم أن نعرف مكوناته ، ألن " إثبات"

معرفة المركب تتوقف على معرفة أجزائه التي تركب منها ، إذ يطلق

العبء في اللغة على الحمل والثقل، وجمعه أعباء جاء في لسان العرب

لعبء بالكسر الحمل والثقل، من أي شيء كان والجمع األعباء وهي ا"

1".األحمال واألثقال

الحمل والجمع أعباء ويتضح مما تقدم أن : العبء "وجاء في الصحاح

العبء عبارة عن شيء ثقيل على النفس تتحمله بصعوبة وهذا ما أجمعت

". معاجم اللغةعليه

: تعريف عبء اإلثبات في االصطالح :ثانيا

من خالل تطلعنا على عدة مراجع في الفقه القانوني واإلسالمي انتهينا إلى

عدم تعرضهم لمسألة تعريف عبء اإلثبات في االصطالح إذ أنهم يلجؤون إلى

وضوح معنى عبء اإلثبات من جانبه معالجة أحكامه مباشرة وربما كان هذا ال

فالخصومة القضائية قوامها طرفان يدعى كل منهما أنه هو صاحب . اللغوي

118، 117 ص – لسان العرب اجلزء األول – ابن منضور 1

Page 11: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

الحق في الشيء المتنازع عليه على أن يقرر القاضي في األخير من هو

ن إذ أن إال أنه إزاء هذا الموقف يفتقر إلى ما يرجح أحد االدعاءي. صاحب الحق

القاضي ال يستطيع الترجيح إال إذا قدم إليه الدليل والحجة وتقديم الدليل لم يتركه

المشرع دون تنظيم فقد حدد المشرع أن الدليل يقع على الدائن في إثبات قيام

ا االلتزام ويقع على المدين دليل وبيان انقضاءه، ومنه فإن عبء اإلثبات اصطالح

هو إلزام المشرع أحد الخصمين بإقامة الحجة على ما يدعيه وإال قضي لخصمه

.مع يمينه

1" تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم: " و جاء في قوله سبحانه و تعالى

111 اآلية – سورة البقرة 1

Page 12: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

: أهمية تحديد المكلف بعبء اإلثبات : المطلب الثاني

اإلثبات في الصعوبة العملية تظهر أهمية تحديد المكلف من الخصوم بعبء

التي تكتنف اإلثبات سواء في تعذر الحصول على الدليل أو في خضوع هذا

الدليل للتنفيذ والتشكيك من الطرف اآلخر في الخصومة أو في السلطة التقديرية

ات كما هو المقررة لمحكمة الموضوع في تقدير داللة الدليل المقدم على الواقعة محل اإلثب

الحال بالنسبة لشهادة الشهود و القرائن القضائية، بحيث يتهدد المكلف بعبء اإلثبات

بخسارة الدعوة إذا ما عجز عن إقامة الدليل على دعواه رغم كونه صاحب حق من

الناحية الفعلية خاصة أن عبء اإلثبات ال ينتقل إلى المدعى عليه لتقديم دليل انكاره دعوى

كان هذا األخير لم يفلح في تقديم دليل يجعل دعواه محتملة التصديق بحيث المدعي متى

أن مجرد تحصن الخصم بانكار دعوى خصمه الذي لم يفلح في اثبات دعواه المخالفة

للثابت أصال أو مخالفة للظاهر، ليس من شأنه أن ينقل إليه عبء االثبات، ذلك أن عبء

خصم في إقامة الدليل على ما يدعيه أو على االثبات ينتقل بين الخصوم لدى نجاح ال

رجحان دعواه أو حيث ال يكتفي الخصم بانكار دعوى خصمه بل يتجاوز ذلك إلى ابداء

طلب أو دفع على خالف الثابت أصال أو الظاهر بحيث يكون الخاسر في الدعوى هو من

إليه عبء عجز عن اثبات دعواه سواء كان هو البادئ باالثبات أو كان هو من انتقل

.االنكار

إذن الخصم الذي يكلف بعبء االثبات يكون في موقف صعب و حرج ألنه نتيجة

للعجز عن تقديم الدليل يعرض حقه للضياع و خسارة الدعوى بخالف الطرف اآلخر الذي

يعفى من عبء االثبات فيكون في مركز أقوى من خصمه ألنه يقف موقف المرتقب

كلف به فإن لم يستطع الخصم إقامة الدليل حكم لخصمه مع ينتظر ما يقوم به خصمه مما

.يمينه

إن القاضي عندما يكلف أحد األطراف باالثبات يعد إقرارا ضمنيا منه بتصديق

الطرف اآلخر غير المكلف باالثبات و أن جانبه مرجح علة جانب الذي كلف به و هنا

الدعوى عليه و تزداد هذه تكمن أهمية تحديد من يقع عليه عبء االثبات لتوقف مصير

األهمية في التشريعات التي تقر بحياد القاضي و منها التشريع الجزائري، إذن القاضي

Page 13: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

يقف موقفا سلبيا من األطراف فيمتنع عليه التدخل في الدعوى لتوجيه الخصوم أو أحدهم

.في تقديم األدلة

ية أن عبء االثبات و من القواعد المتفق عليها في القانون و في الشريعة اإلسالم

يقع على المدعي، ففي الفقه االسالمي اتفق فقهاء الشريعة االسالمية على أن البينة على

الذي أخرجه الترميذي عن صلى اهللا عليه و سلم المدعي و دليله في ذلك قول الرسول

، و قال "البينة على المدعي و اليمين على المدعى عليه: " عمرو بن شعيب عن أبيه قال

لو يعطى الناس بدعواهم إلدعى رجال أموال قوم و دماءهم و لكن البينة على :" كذلك

.1" المدعي و اليمين على من أنكر

من التقنين 323و في الفقه القانوني نجد أن المشرع كرس بموجب أحكام المادة

عدة نصت و هذه القا" على الدائن اثبات التزام و على المدين التخلص منه : " المدني أنه

و مما سبق يخلص لنا مدى أهمية تحديد من يقع عليه عبء . عليها معظم القوانين العربية

االثبات، و على الرغم من أن االجماع قائم على أن الذي يقوم باإلثبات و يتحمل عبأه هو

المدعي إال أن األمر بالصعوبة بما كان إذ يصعب في الكثير من األحوال تمييز المدعي

عى عليه و بالتالي تعيين من يكلف بإقامة الحجة و من ثمة كان لزاما علينا أن من المد

.نتعرض لتعريف كل منهما و التمييز بينهما و هذا ما سنحاول عرضه فيما سيأتي بيانه

:عبء االثبات يقع على المدعي:أوال

ن على يقوم تكليف المدعي باثبات دعواه على قاعدة أن البينة على من ادعى و اليمي

من أنكر على أن يفهم بالمدعي كل من يدعي بواقعة على خالف الوضع الثابت أصال و

هو ما كان مرد ثبوته هو ظهور موافقته للغالب بحسب طبيعة األشياء، أو عرضا بإثبات

خصمه له أو فرضا و هو ما افترض المشرع تحققه بقرينة قانونية بصرف النظر عما إذا

بحيث أن المدعي في اإلثبات قد يكون هو المدعي الذي رفع . نكان وفقا لمفهوم قانو

الدعوى أو المدعى عليه فيها أو طرف مدخل في الخصام أو متدخل، و سواء كان ما

68، 67 ص –الفقه اإلسالمي و قانون اإلثبات أحكام و قواعد عبء اإلثبات يف –حممد فتح اهللا النشار / د 1

Page 14: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

يدعيه هو طلب أصلي أو مقابل أو كان صاحب دفع موضوعي أو شكلي أو دفع بعدم

.رقابة المحكمة العلياو تحديد من يتحمل عبء اإلثبات مسألة قانونية تخضع ل. القبول

و يبدو للوهلة األولى أن المدعي هو ذلك الذي يرفع الدعوى ضد غيره يطالبه بحق

معين فهو مدع في دعواه يلزمه إثبات ما يدعيه، فمن يرفع دعوى على غيره يطالبه بسداد

ف ذمة المطلوب، و من يرفع ) مصدره(ما عليه من دين يلزمه أن يثبت وجود هذا الدين

ى على غيره يطالبه بملكية عقار في حيازة المطلوب يلزمه إقامة الدليل على ملكيته دعو

فالمدعي , و لكن ليس بصفة مطلقة أن يكون المدعي هو من يرفع الدعوى. هو لهذا العقار

قد يختلف عن المدعي في الدعوى demandeur à la preuveفي مجال اإلثبات

demandeur à l’instance و أن يدفع المدعى عليه الدعوى بدفع معين فقد يحدث

فيصبح مدعيا في هذا الدفع و عليه اقامة الدليل على صحة ادعائه و مثالها المدعى عليه

الذي يدفع بأنه وفى ما عليه من دين أو أن هذا الحق قد انقضى بالتقادم أو المقاصة أو

بء االثبات أي اثبات الحق غير ذلك فقد ينكر المدعى عليه وجود الحق المدعى به فيقع ع

المدعى به و اثبات وجوده على المدعي و عليه كانت القاعدة في الفقه المدني هو أن الذي

يحمل عبء االثبات هو المدعي في الدعوى و المدعى عليه في الدفع، فكالهما مدع في

1.دعواه

ي المدعي أنه أما في الفقه االسالمي فعبارات أصحابه أكثر انصافا و دقة، فقد قيل ف

إذا ترك الدعوى يترك، يعني تنقطع الخصومة بتركه و المدعى عليه إذا ترك الدعوى لم

يترك، و أن المدعي هو من إذا ترك الخصومة ال يجبر عليها و أن المدعى عليه إذا

كما أنه ال يكفي تحديد المدعي من الناحية الشكلية كما سبق بيانه . تركها يجبر عليها

سألة من يتحمل عبء االثبات فقد يحدث أن ال يكلف المدعي باإلثبات في للفصل في م

إذا رفع أحدهم دعوى على : بعض الدعاوى و إنما يلقى هذا العبء على خصمه و مثالها

بإثبات أن جاره فتح المطل - و هو المدعي في الدعوى–جاره يطلبه بسد مطال ال يكلف

هو الذي عليه أن يثبت – و هو المدعى عليه -دون أن يكون له حق ارتفاق، بل الجار

25. التعليق على قانون املرافعات ص: أمحد أبو الوفا 1

Page 15: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ففي هذا المثال يقع عبء االثبات على المدعى عليه . أن له حق ارتفاق يجيز فتح المطل

ألن طبيعة الوضع تقضي بخلو العقار من حقوق االرتفاق حتى يثبت ذو , ال على المدعي

.1المصلحة عكس ذلك

بء اإلثبات اتخذ الفقه الفرنسي من وألجل تحديد من هو المدعي الذي يقع عليه ع

بعض أقوال الفقهاء الرومان نقطة للبداية، فقد ورد عنهم أن من يدعي خالف الظاهر

المشروع أو خالف المركز المكتسب يقع عليه عبء إثبات ما يدعيه، و مرد هذه الفكرة

.و كذا العمل على استقرار المعامالت, هو حفظ النظام العام

فقيل أن من يتمسك بالثابت أصال : ه الفرنسي قاعدة تتكون من شقين و قد كرس الفق

أي أن , أما من يدعي خالف الألصل فعليه يقع عبء اثبات ما يدعيه, ال يكلف باثباته

و يرى فريق آخر أن البينة تقع على من يدعي . البينة على من ادعى خالف األصل

صم الذي يقع عليه عبء اإلثبات يعد و يذهب رأي إلى أن مسألة تعين الخ, خالف الظاهر

و الغاية من ذلك هي , أمرا حتميا أيا كان نوع الدعوى و أيا كانت الواقعة المراد أثباتها

فالقاضي , معرفة أي إدعاء من ادعاءات الخصوم يجب أن يعتمد عليه لحكم في الدعوى

فال يجوز له , اتهمعليه إلتزام بإصدار الحكم حتى ولو لم يقدم إليه الخصوم أدلة ادعاء

بل عليه البت في الدعوى و في , تأجيل حكمه و االستمرار في البحث بصورة مستمرة

مدة معقولة و لذتن يجب أن يكون االدعاء أو الدفع المعتمد عليه مفترض صحيحا في

.األصل إلى أن يقوم الدليل على عكسه

80. ص- اجلزء الثاين - االثبات - الوسيط يف شرح الفانون املدين اجلديد - عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 16: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:المقصود بالمدعي في مجال اإلثبات: ثانيا

القانون المدني عملوا جاهدين على إزالة الغموض الذي يكتنف تبيان إذا كان فقهاء

من هو المدعي فإن فقهاء قانون اإلجراءات المدنية انتهوا إلى أن من يذهب أوال إلى

ساحة القضاء ليرفع دعوة قضائية ضد أحدهم يعد مدعيا و هو الذي يكلف خصمه

.خر هو المدعى عليهو الطرف اآل, بالحضور و يبدأ إجراءات رفع الدعوة

الواقع أن ما انتهى إليه فقهاء قانون اإلجراءات المدنية فيه نظر ألنه ليس من

ألن المدعى عليه من حقه , الضروري أن ينحصر وصف المدعي في من يرفع دعوة فقط

و هنا يصبح مدعيا في هذا الدفع و يصبح , أن يدفع إدعاء المدعي فيثبت عكس دعواه

و نظرا لصعوبة التميز بين طرفي الدعوى في . لدعوى مدعى عليهخصمه المدعي في ا

نطاق قانون اإلجراءات المدنية اجتهد فقهاء القانون المدني في وضع المعايير التي

و كان ثمرة اجتهادهم تقرير مبدأ عام مقتضاه أن , يستطيع القاضي أن يميز بها بينهما

ظاهرا أصال و : ظاهر بثالث أنواع ثم فسروا ال, البينة على من ادعى خالف الظاهر

إذ يرى األستاذ السنهوري أن عبء االثبات يقع على من , ظاهرا عرضا و ظاهر فرضا

و , الثابت حكما: و يطلق عليهم أسم, يدعي خالف الثابت أصال أو ظاهرا فعال أو فرضا

. منه فأن عبء اإلثبات يقع على من يدعي خالف الثابت حكما أو فعال

, الشريعة اإلسالمية فقد أوردوا تعريفات عدة في كتب المذاهب المختلفةأما فقهاء

و يصعب الحال في معرفة اتجاهات كل مذهب على حدة نظرا لكثرة تعريفات داخل

: و يمكن رد هذه التعريفات في مجموعها إلى عدة اتجاهات , المذهب الواحد

هاء األحناف ورأي بعض المالكية حيث وهو ما ذهب إليه معظم فق: األول االتجاه

المدعي من ال يجبر على الخصومة إذا تركها والمدعى عليه من يجبر : "عرفوا المدعي

". على الخصومة

وهو ما ذهب إليه معظم فقهاء الشافعية والزيدية وهو قول عند : االتجاه الثاني

لظاهر والمدعى عليه هو من هو الذي يخالف قول ا:" الحنفية والمالكية و مؤداه أن المدعي

Page 17: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

يوافقه فالذي يتمسك بغير الظاهر يكون هو المدعي والذي يتمسك به يكون هو المدعى

ويقصد به هنا ما هو واضح وبين " 1عليه والظاهر في أصل اللغة هو الواضح البين

للناس إما بمقتضى األصل أو ألنه هو الغالب في االستعمال والمتعارف عليه في الحياة أو

.المألوف في مجرى األمور

الظاهر بنفسه، وهو ما : فالظاهر عند أصحاب هذا االتجاه ينصرف إلى نوعين

يكون مستفاد من األصول وذلك كالظاهر المستفاد من البراءة األصلية، والثاني وهو

مستفادا مما اعتاد الناس : الظاهر بغير، وهو ما يكون مستفاد من عدة أمور وهي األول

به وأصبح مألوفا لديهم ومقبوال عندهم ومتعارف عليه بينهم وهو العرف والعادة وتعاملوا

. 2كالعربون وثمن البيع ومعيار العيوب التي يرد بها المبيع

أما األمر الثاني الذي يستفاد منه الظاهر بغيره ثبوت الحق عرضا وذلك كما لو ثبت

ظاهر معهودا بنص شرعي كما في حالة الدين بالبينة أو الحجة، واألمر الثالث أن يكون ال

العمل بالقرائن ودالئل األحوال فإذا اختلف الزوجان في نسب الولد ألبيه مثال وكان

الزواج ثابتا والعقد صحيح والفراش قائما فال شك أن ذلك يكون قرينة قوية تشهد للزوجة

". الحجرالولد للفراش وللعاهر: " εبصحة نسب الولد إلى أبيه لقول رسول اهللا

وهو ما ذهب إليه معظم فقهاء المالكية واإلباضية حيث عرفوا : االتجاه الثالث

أو أن " من تجرد قوله حال الدعوى عن مصدق من أصل أو معهود عرفا : "المدعي بأنه

ومنه فإن المدعي هو من كان قوله على خالف أصل . أبعد المتداعيين سببا: المدعي هو

ي يطالبه اليتيم حين البلوغ بماله تحت يده فيقول الوصي أو عرف وذلك كالوصي الذ

. أوصلتك مالك، فإنه مدع وعليه البينة

: القواعد المتعلقة بعبء اإلثبات : المبحث الثاني

.88 ص – رياض الصاحلني – اإلمام النووي 1 .96 ص – املرجع السابق – النشار حممد فتح اهللا 2

Page 18: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ال شك أن الذي يقوم باإلثبات هو الخصوم ال سيما في ظل مبدأ حياد القاضي وعدم

وم بإقامة الحجة والبينة على الشيء قضاءه بعلمه الشخصي، ومنه فإن تكليف أحد الخص

المتنازع عليه أمر في غاية الخطورة ألنه يؤثر في سير الدعوى وفي نتيجتها ويلقي على

الخصم عبأ ثقيال يجعله في مركز دون مركز خصمه، إذ يكلف بالقيام بعمل إيجابي تتوقف

بيا وال شك أن عليه نتيجة الدعوى بينما يكتفي من خصمه بأن يقف من الدعوى موقف سل

ذلك يجعله في موقف أفضل من موقف خصمه، وقد بينا في المبحث األول أن المكلف

بعبء اإلثبات هو المدعي وفي هذا المبحث نتعرض ألهم القواعد المتعلقة بعبء اإلثبات

وهي ال تخرج في المفهوم القانوني عن قاعدتين وهما البينة على من ادعى واليمين على

دة عبء اإلثبات يقع على من يدعي خالف الظاهر بتناولهما بشيء من من أنكر وقاع

. التفصيل في مطلبين

: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر: المطلب األول

تعد هذه القاعدة هي األساس في اإلثبات فهي القاعدة العامة ألنها تبين الطرف الذي

ين كذلك الطرف الذي يتحمل عبء حلف اليمين يتكبد مشقة القيام بتحمل عبء اإلثبات وتب

عند عجز الطرف اآلخر عن القيام بما كلف به، وهذه القاعدة متفق عليها بين فقهاء

. 1القانون والشريعة اإلسالمية

: البينة على من ادعى: أوال

إن معنى هذه القاعدة أن الذي يلقى عليه عبء اإلثبات هو المدعي ألنه هو المكلف

الدليل، ذلك أنه ومن المعلوم أن كل خبر يحتمل الصدق والكذب واالدعاء المجرد بإقامة

ال يخرج عن مجرد كونه خبر فال بد من دعمه بحجة، والحكمة في جعل البينة في جانب

المدعي هي أن جانبه ضعيف ألنه يدعي خالف الظاهر فكانت البينة عليه إلظهار ما خفي

األمر الظاهر الذي يبدو معهودا للكافة ليس على حقيقته و وكشف ما استتر واثبات أن هذا

.110 ص – املرجع السابق – حممد فتج اهللا النشار 1

Page 19: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

إنما هناك أمر خفي عليهم، أما المدعى عليه فال يكلف بإقامة بينة ألن قوله مؤيد بالظاهر،

. و إذا أقام المدعي البينة وجب على القاضي أن يحكم له بها مادامت كافية إلثبات الحق

فقه اإلسالمي على تقرير هذه القاعدة فيذهب إلى كما يتفق الفقه القانوني شأنه شأن ال

أن المكلف بالبينة هو المدعي أما المدعى عليه فإنه يكلف بحلف اليمين إذا تعذر إقامة

البينة من المدعي وجرد هذا االتفاق الفقهي هو االتفاق التشريعي فالنصوص التشريعية في

فاق التشريعي، فالنصوص التشريعية القانون المدعي، و مرد هذا االتفاق الفقهي هو االت

والقوانين العربية األخرى تؤكد ) من القانون المدني323المادة (في القانون المدني

يدعي مضمون هذه القاعدة، وتتفق مع سائر التشريعات العربية في تكليف الخصم الذي

. رفض دعواهبإقامة الدليل على ما يدعيه وإال اعتبر ادعاءه مجردا ال أساس له فتشيئا

وتطبيقا لهذا المبدأ يكون على من ادعى دينا على غيره أن يثبت وجود السبب الذي أنشأ

هذا الدين وذلك بإظهار سند الدين الذي يؤكده، أو إقامة الدليل الذي انشأ هذا الدين وذلك

بإظهار سند الدين الذي يؤكد ذلك أو إقامة الدليل على أية واقعة يترتب عليها إثبات

اللتزام في ذمة الخصم، وهذه القاعدة لها أهمية كبرى بل يمكن اعتبارها من المبادئ ا

األساسية التي يظهر أثرها في المجال العملي للمحاكم، إذ يعد عجز المدعي عن إثبات ما

يدعيه سببا في خسارة دعواه، إذ أن القاضي يفصل عادة في الدعاوى إما إلقتناعه بما

ويرى الدكتور السنهوري أن . وإما لعجز المدعي عن إثبات إدعاءهقدمه المدعي من أدلة

ليست كما يذهب إليه االعتقاد من البداهة بحيث كانت مقررة في كل 1هذه القاعدة

العصور، وإنما كان عبء اإلثبات على المدعى عليه ال على المدعي في القانون الروماني

دة إال من أجل البريطور ليحمي مجرد قبل األوامر البريطورية، ولم تظهر هذه القاع

. الحيازة فيحمي الوضع الظاهر، وعندئذ ألقى عبء االثبات على من يدعي خالف الظاهر

.أما في القانون الفرنسي القديم فقد كانت العادات القديمة تحمل المدعى عليه عبء اإلثبات

يام بعبء ونخلص مما سبق إلى أن االجماع قائم على أن الذي يتكبد مشقة الق

اإلثبات إنما هو المدعي، حتى لو تكفل المدعى عليه بإثبات حقه على الشيء المدعى

.3 هامش 68 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 20: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وأخفق في ذلك فال يحكم للمدعي لمجرد عدم استطاعة المدعى عليه التدليل على عدم

صحة الدعوى ألن ذلك يخالف قاعدة البينة على من ادعى، أما إذا أقام المدعي البينة و

ذلك عدم استطاعة المدعي عليه التدليل على عدم صحة الدعوة فحكمت ثبت للمحكمة فوق

للمدعي، فإن حكمها ال يكون قائما على عدم استطاعة المدعى عليه نفي صحة الدعوى و

.إنما يكون الحكم مؤسسا على بينة المدعي

:اليمين على من أنكر: ثانيا

من إقامة البينة على ما و مقتضى هذا الشق من القاعدة أنه إذا لم يتمكن المدعي

ادعاه و انقطعت به السبل ألجل الوصول إلى إقناع القاضي بصحة ما يدعيه فان األمر ال

يقف عند هذا الحد ولكن ما زال عند المدعي بادرة أمل في اللجوء إلى ضمير المدعي

عليه و االحتكام إلى ذمته و عقيدته عساه أن ينطق بالحق فيعترف به، و من هنا جاءت

جل وعال -أهمية توجيه هذا اليمين فكأن المدعي والمنكر قد قبال االحتكام إلى إشهاد اهللا

. على صحة دعواهما-

و هذه اليمين مقتضاها أن المدعي الحق له فيما يدعيه و أن المدعى عليه هو

صاحب الحق فيه فإذا كان الحالف صادقا فقد دفع افتراء المدعي و خيب مطامعه و حافظ

حقه من الضياع، و السبب في تكليف المدعي عليه حلف اليمين أن هذا الظاهر الذي على

يشهد له حجة ضعيفة الحتمال أن يكون الحق على خالفه فهذا الظاهر ال يفيد إال ضنا

قويا، فكانت الحاجة ماسة إلى هذا اليمين ليقطع هذا الشك و إنما كانت البينة حجة قوية و

البينة صادرة من غير أطراف الدعوى و ال يستجلب بها صاحبها اليمين حجة ضعيفة ألن

فالشاهد مثال ال ينتظر نفعا لنفسه من شهادته أما . نفعا لنفسه فكانت قوية في إظهار الحق

اليمين فهي و إن كانت مؤكدة بذكر لفظ الجاللة إال أنزع كالم الخصم فال تكفي دليال

1لما هو ظاهرإلظهار الحق و إنما تكفي كمرجع مساند

و قد اتفق فقهاء الشريعة اإلسالمية على أن اللفظ الذي ينعقد به يمين المدعي عليه

، و هذا اللفظ الذي ينعقد به اليمين واجب على الجميع "و اهللا "هو القسم بلفظ الجاللة

.114 ص – املرجع السابق – حممد فتح اهللا النشار 1

Page 21: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

المسلم و الذمي و الكافر و الذكر و األنثى ألن الحلف المقصود به التعظيم و ال يجوز

صلى اهللا عليه و ظيم غير اهللا سبحانه في القسم لما رواه عبد اهللا بن عمر عن الرسول تع

." من حلف بغير اهللا فقد كفر أو أشرك ": سلم

فقد أقر فقهاء القانون و استقر عليه القضاء أنه إذا لم يتمكن المدعي من إقامة الحجة

التجأ إلى ضمير المدعى عليه على ما ادعاه فانه يكون معرضا لخسارة دعواه إذا ما

.ليطلب منه اليمين على الحقيقة في الشيء المدعى

كما أن المدعى عليه يقف موقفا سلبيا أثناء مدة تكليف المدعي إلقامة البينة، و لكن

إثبات ما ادعاه هنا يفتح هذه السلبية تنتهي عند حد معين ذلك أنه إذا نجح المدعي في

ا أثبته المدعي فإذا سلم بادعاء خصمه و بما أقامه من حجج لخصمه ليرد على م المجال

عدا هذا إقرارا منه لصالح خصمه و تنتهي الدعوى عند هذا الحد، أما في حالة عدم نجاح

المدعي في إقامة األدلة على ما ادعاه فان المدعي عليه إما أن يسلم له بما ادعاه و إما أن

إلى الوازع الديني فيطلب منه على أنه صاحب ينكر و عندئذ يلتجئ المدعي اضطراريا

.الحق في الشيء المدعى و المدعي ال حق له فيه مطلقا

عبء اإلثبات على من يدعي خالف الظاهر: المطلب الثاني

من استعراض القواعد التي تعد أصوال يتبين أن األصل يستخلص بالعقل و المنطق

فعبارة عن وضع أو موقف ثابت في أو بالنص، فاألصل عبارة عن قواعد أما الظاهر

نظر الكافة، فينظر أنه الوضع أو الموقف الحقيقي إال إذا ثبت كذب هذا الوضع أو الموقف

لذلك من كان قوله على وفق الظاهر ال يكلف باإلثبات و إنما يلقي عبء االثبات على من

من القانون 836ومن قبيل ما يعد ظاهرا ما تنص عليه المادة . يدعي خالف هذا الظاهر

من حاز بسند صحيح منقوال أو حقا عينيا على منقول أو سندا لحامله فانه يصبح : "المدني

".مالكا له إذا كان حسن النية و قت حيازته

فقد يتنازع شخصان على حق من الحقوق و يكون أحدهما حائزا له، هنا يجعل

لقانون بالوضع الظاهر يجعل القانون الحائز في مركز المدعى عليه في الدعوى، فأخذ ا

Page 22: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

الحائز في هذا المركز ويجعل عبء االثبات يقع على من يدعي خالف هذا الظاهر،

فالظاهر أن من يحوز حقا فهو غالبا ما يكون صاحبه فإذا جاء آخر وادعى العكس لزمه

.1إقامة الدليل

فالمالك الذي كما أن الظاهر أن حق الملكية خال مما يثقله من أعباء و تكاليف عينية

يتمسك بهذا الظاهر ال يطالب بإثباته و إنما يقع عبء اثباته على من يدعي خالف هذا

الظاهر، مثال ذلك من يدعي أن له على العين حق ارتفاق أو انتفاع أو مرور، فيجب عليه

.إثبات ما يدعيه

و الظاهر أيضا هو اجتماع سلطات حق الملكية جميعها لصاحبها فمتى كان

من استعمال و استغالل و تصرف، و : ص مالكا فهو متمتع بسلطات الملكية الثالثالشخ

على من يدعي خالف هذا الظاهر أن يقدم الدليل و الظاهر أيضا هو شمولية ملكية

األرض لما فوقها و ما تحتها، و الظاهر هو شمول ملكية األرض لألراضي التي تلتصق

األراضي التي : " من القانون المدني778 بها نتيجة طمي النهر حيث تقضي المادة

تتكون من طمي يجلبه النهر بطريقة تدريجية غير محسوسة تكون ملكا للمالكين

و الظاهر أن األرض التي يكشف عنها البحر تكون أصال ملكا للدولة حسب " المجاورين

ليه، و من من القانون المدني، كما أنه يحكم بالظاهر فيما يتعذر اإلطالع ع773المادة

أمثلة ذلك لو اطلع المشتري على العيوب التي توجد في المبيع واتخذ مسلكا من قبل

الشراء لهذه العيوب فإنه ال يستطيع أن يرجع على البائع بهذا الضمان، و يقع على البائع

عبء إثبات علم المشتري أو إمكانية العلم بهذه العيوب و سوف نفصل القول في هذا

.ل اآلتي بيانهالمطلب من خال

. عبء اإلثبات على من يدعي خالف األصل:أوال

ور المرجحة لجانب أحد المتداعيين على األخر و بالتالي فإن يعتبر األصل من األم

الذي يتمسك به يكون جانبه قويا و يكون الظاهر أن الحق في جانبه و منه فإنه يعفى من

.348 ص – املرجع السابق – رمضان أبو السعود 1

Page 23: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

تحمل عبء اإلثبات، أما الطرف اآلخر الذي يكون قوله مخالفا لهذا األصل فعليه يقع

:عبء اإلثبات، و من قبيل القواعد التي تعد أصال

ففي نطاق الحقوق الشخصية أو االلتزامات األصل هو براءة :األصل براءة الذمة

ذمة الشخص من أي التزام و لذلك من يتمسك بهذا األصل ال إثبات عليه و إنما يقع عبء

اإلثبات على من يدعي خالف هذا األصل، و مثالها من يدعي أنه أقرض غيره ماال فعليه

.1طالب أخر بثمن المبيع فعليه إثبات عقد البيعأن يثبت عقد القرض، و من

غير – بحسب األصل –و في الشريعة اإلسالمية تعني هذه القاعدة أن ذمة اإلنسان

مشغولة بأي حق من الحقوق التي تترتب للغير عليها و ذلك ألن الشخص يولد و ذمته

ت التي يقوم بها خالية من أي التزام عليها و انشغالها إنما يجعل عن طريق التعامال

و منه فإن أي من يدعي خالف هذا األصل يكلف بإثبات ما يدعيه، أما المدعى . الشخص

.عليه فنظرا ألن األصل يشهد له فإنه يعفى من التكليف بإثبات عدم شغل ذمته

ومنها أن كل شخص هو أهل للتعاقد ما لم :األصل في الصفات العارضة العدم

حكم القانون أو القضاء و على ذلك من يدعي أن العاقد ناقص تسلب أهليته أو يحد منها ب

وكذلك األصل أن العقود سليمة خالية من كل . األهلية أو عديمها، عليه يقع عبء اإلثبات

و في الفقه اإلسالمي يقصد . عيب و من يدعي خالف هذا يقع عليه عبء اإلثبات

بها ذاته ابتدءا كالمرض و بالصفات العارضة التي لم توجد مع الموصوف و لم تتصف

العيب أو هي ما كان عدمها هو الحالة األصلية أو الغالبة فيكون العدم هو المتيقن ألنه

الحالة الطبيعية، أما الصفات األصلية فهي التي توجد مع الموصوف ابتدءا بحسب األصل

بأنه في حالة أو الغالب كالصحة و السالمة من العيوب و يقتضي العمل بهذه القاعدة القول

التنازع حول وصف من الصفات التي تلحق الشيء المتنازع حوله فإنه ينظر في هذا

الوصف، فإن كان من الصفات األصلية فإنه يكون شاهد لمدعيه و يكون القول قوله ألن

األصل في الصفات األصلية الوجود و العدم طارىء، أما إذا كان الوصف من الصفات

.كلف باإلثبات ألن األصل فيها هو العدم و الوجود طارىءالعارضة فإن مدعيه ي

.326 ص – املرجع السابق –لسعود رمضان أبو ا 1

Page 24: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:األصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته

يقرر الفقه القانوني أنه في حالة وقوع نزاع في زمن حدوث تصرف من التصرفات

أو أمر من األمور، فإن هذا التصرف ينسب إلى أقرب أوقاته، و مثالها ما نصت عليه

من القانون المدني إذا باع المريض مرض الموت فإن البيع ال يكون ناجزا 408المادة

وإذا تم للغير في نفس الظروف اعتبر غير مصادق عليه و إال إذا أقره باقي الورثة،

يكون قابل لإلبطال و منه إذا ادعى الورثة أن التصرف صدر خالل مرض الموت فتطبق

.1تصرف إليه إثبات صدوره في زمن الصحةعليه أحكام الوصية إال إذا استطاع الم

من يدعي خالف العرف و العادةعلى ثبات اإلعبء : ثانيا

إذا كان غني عن البيان أن المدعي هو الذي يدعي خالف الظاهر سواء أكان هذا

الظهور بحسب األصل أم بحسب العرف أم بحسب قرائن األحوال و هنا سنتكلم عن أن

م على اآلخر الذي يقع عبء إثبات ما يخالف العرف، و العرف يرجح قول أحد الخصو

إن كان العرف احتل محل الصدارة في المجتمعات األولى، و لعل أول مصدر عرفته

اإلنسانية من المصادر الرسمية للقاعدة القانونية هو العرف فكانت القاعدة القانونية تظهر

اد على العمل بها مع اعتقادهم في العمل مستكملة قوتها اإللزامية نتيجة تواتر األفر

بإلزامها، و في القانون الجزائري و حسب نص المادة األولى من القانون المدني فيحتل

العرف المرتبة الثالثة بعد التشريع و الشريعة اإلسالمية و بالرجوع إلى القانون المدني

: " المدني من القانون387نجد عدة نصوص تحيل إلى العرف و العادة و منها المادة

و ".يدفع ثمن البيع من مكان تسليم المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بخالف ذلك

يكون ثمن المبيع مستحقا في الوقت الذي يقع فيه تسليم المبيع ما لم : "338كذا المادة

".يوجد اتفاق أو عرف يقضي بخالف ذلك

عبء اإلثبات على من يدعي خالف القرائن: ثالثا

قرائن من األمور التي ترجع جانب أحد المتداعيين ابتداءا و يطلب من الخصم تعد ال

إقامة الحجة على خالف ما تدل عليه القرينة و إال حكم لمن شهدت له القرينة مع يمينه، و

.330 ص – املرجع السابق – رمضان أبو السعود 1

Page 25: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

القرائن تختلف من حيث القوة و الضعف فقد تكون قوية تفيد القطع و قد تنزل إلى درجة

من القانون المدني على أن 331يز التردد، و قد نصت المادة االحتمال البعيد فهي في ح

القرائن القانونية تغني من تقررت لمصلحته عن أية طريق أخرى من طرق اإلثبات دون

.أن يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك

ي استنباط كل من القانون المدني على أن يترك للقاض340و قد نصت المادة

قرينة لم يقررها القانون وال يجوز اإلثبات بهذه القرائن إال في األحوال التي يجيز فيها

و القرائن نوعان قاطعة و غير قاطعة، و القرينة القانونية هي التي . القانون اإلثبات بالبينة

القانونية لم يترك أمر تقديرها للقاضي و هي طريق معفي من اإلثبات فإذا وجدت القرينة

.1بنص ما فإن من يقع عليه عبء اإلثبات هو الطرف الذي ال يستفيد منها

وقد أقر فقهاء الشريعة اإلسالمية جملة من القواعد تحكم عبء اإلثبات و جب علينا

:اإلشارة إليها في هذا المقام و هي فضال عما سبق بيانه

: اليقين ال يزول بالشك

يقة الشيء و الشك استواء طرفي الشيء وهو الوقوف اليقين طمأنينة القلب على حق

بين الشيئين بحيث ال يميل القلب إلى أحدهما، و بعبارة أخرى اليقين جزم بين القلب مع

االستناد إلى الدليل القطعي، ومعنى هذه القاعدة أن ما كان ثابتا بيقين ال يزول بالشك ألن

دينار و برهن 1000" ب " له لدى " أ "ما ثبت بيقين ال يزول إال بيقين، مثالها أن

دينار هنا ال يقبل حتى 1000على أنه له عليه " أ " على الوفاء أو اإلبراء ثم برهن " ب"

.يبرهن أن هذا المبلغ وقع بعد اإلبراء أو الوفاء األول

:دليل الشيء في األمور الباطنة يقوم مقامه

ها بعد ذلك مريضة فيشرع في مثالها أن يشتري أحدهم من السوق بقرة و يجدو

.دواءها، فالمداواة دليل على الرضاء بالعيب

محل عبء اإلثبات : المبحث الثالث

.186 ص – املرجع السابق – حممد فتح اهللا النشار 1

Page 26: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

انتهينا إلى أن إقامة الدليل أمام القضاء يكون على حق أو واقعة معينة لقد سبق و أن

نة و و يعني هذا أن محل اإلثبات هو الحق أو الواقعة التي يرتب عليها المشرع آثار معي

.المدعي مطالب بإقامة الحجة على هذه الواقعة أو ذلك الحق

.تحديد محل عبء اإلثبات: المطلب األول

تتكون كل خصومة قضائية من عنصرين، عنصر الواقع و عنصر القانون،

فالعنصر األول هو الذي يكلف الخصوم بإثباته و أما الحكم الذي يصدره القاضي فهو

قع بناء على ما ثبت له من أدلة على هذا الواقع و منه فإن محل تطبيق القانون على الوا

اإلثبات الذي يتحمل المدعي عن القيام به إنما هو الواقع، أما القاضي فإن مهمته تنحصر

.1في تطبيق القانون على الواقع

إثبات الواقعة القانونية: أوال

يستند إلى قاعدة في الحق الذي يدعيه المدعي ال يصدق عليه هذا الوصف إال ألنه

القانون تقرر وجوده هذه القاعدة هي التي تجعل كسب الحق نتيجة لواقعة قانونية أي

لوضع معين يوجد في الشخص صاحب الحق فإذا توافر هذا الوضع للمدعي صح له أن

.يطالب بهذا الحق و عندئذ يقع عليه عبء إثباته

كسب حق أو نقله أو تعديله أو و الواقعة القانونية هي أمر يحدث فيترتب عليه

انقضائه و هي بمعناها الواسع تشمل التصرف القانوني كالعقود و الوصايا و العمل المادي

الذي يرتب عليه القانون أثرا كوضع اليد أو الفعل الضار فإذا ادعى شخص أنه تملك

أدعى ملكيتها أرضا بعقد من العقود الناقلة للملكية وجب عليه إثبات وجود هذا العقد أو

بطريق التقادم فهو ملزم بإثبات وضع يده عليها المدة التي يتطلبها القانون لكسب الملكية

أو من يدعي دينا على آخر يجب عليه أن يثبت مصدر هذا الدين أهو عقد أم إرادة منفردة

أم فعل ضار غير مشروع أم إثراء بال سبب، و الشيء المدعى ال يقتصر على أن يكون

حق و إنما يمكن أن ينصرف اإلدعاء إلى انقضاء هذا الحق و ذلك كما لو ادعى قيام

.368 ص – املرجع السابق – رمضان أبو السعود 1

Page 27: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

شخص على أخر دين و قام بإثبات مصدره فدفع المدعى عليه بالوفاء فهنا ينقلب المدعى

.عليه مدعيا

و قد ال يكون المدعى به وجود حق أو زواله و إنما يكون وصفا قانونيا يلحق

المادي و ذلك كما لو كان التصرف القانوني عقدا و قام التصرف القانوني أو العمل

المدعي بإثباته فدفع المدعى عليه ببطالن العقد أو قابليته لإلبطال أو بفسخه، أما ما يلحق

العمل المادي فكما لو دفع المدعى عليه في الفعل غير المشروع بأنه كان في حالة دفاع

نية يجب إثباته على النحو الذي تثبت به شرعي عن النفس فهذا الوصف يعد واقعة قانو

و من ثم فإن حمل اإلثبات بهذا المعنى هو السبب المنشئ لألثر القانوني 1الواقعة األصلية

.المدعى به سواء كان هذا األثر هو وجود الحق أو زواله

و نظرا لنقل محل اإلثبات من الحق إلى مصدره فإن اإلثبات ال يمكن أن يؤدي إلى

ل وإنما يؤدي فقط إلى درجة معينة من االحتمال و من ثم فإنما يقوم به المدعي يقين كام

من إثبات يقف عند الظن القوي بصحة ما قام به دون الجزم بيقين ما وقع إثباته فإن معظم

.الحقائق الواقعية ليست حقائق خالدة ال تتغير

إثبات القاعدة القانونية: ثانيا

ي هو المنوط به إقامة الدليل على الواقعة القانونية التي نشأ عنها الحق إذا كان المدع

.الذي يطالب به، أما تطبيق النص القانوني فال شأن للخصوم به و هذا هو دور القاضي

و القاضي ملزم بمعرفته للقانون إذ أن هذا هو صميم مهامه و واجبه المفروض

التي من بين أهم المهام الملقاة عليها تطبيق عليه باعتباره أحد أفراد السلطة القضائية

و أيضا " أعطيني الواقع أعطيك القانون : " القانون، و هناك عبارة التينية تتمثل في

شاعت العبارة التي كان يستخدمها القضاة الفرنسيون لتنبيه المحامين إلى ضرورة

".ة تعرف القانون انتقل يا سيدي إلى الوقائع فالمحكم"...اقتصارهم على الوقائع

و منه فإن القاضي هو المكلف بالبحث من تلقاء نفسه عن القاعدة القانونية الواجبة

و منه . التطبيق على ما ثبت لديه من وقائع و هو يخضع في تطبيقها لرقابة المحكمة العليا

.48 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 28: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

كل خالف حول تفسير قاعدة من القواعد القانونية فإن عبء التفسير يقع على القاضي و

هذا هو األصل و المبدأ لكن هذا األصل استثناء يقول به جانب من الفقهاء بحيث تنقلب

القاعدة القانونية إلى مسألة موضوعية و يطالب الخصوم بإثباتها و ذلك في حالة ما إذا

كانت القاعدة المراد تطبيقها قانون أجنبي بحيث أنه إذا كان األصل أن إثبات القاعدة و

عمل القاضي و ال مجال للخصوم في هذا الشأن، إال أن القاضي قد يجد تطبيقها يعد من

نفسه أمام بعض النزاعات التي يكون أطرافها أجانب و يخضعون ألحكام قانون بلدانهم، و

عمال بمبدأ شخصية القوانين فالقاضي ملزم بتطبيق قانون البلد الذي ينتمي إليه الشخص

تعقد األمور إذا كان األطراف من عدة بلدان و من األجنبي عمال بقواعد اإلسناد، و ت

جنسيات مختلفة، هنا و حسب الرأي الراجع في الفقه و القضاء المقارن أن القانون

األجنبي ال يعدوا إال أن يكون مسألة من مسائل الواقع يجب على الخصوم إثباتها ألنه من

به مبالغ فيه إلى حد الجهل و مهما غير الممكن أن يلم القاضي بكافة قوانين العالم و القول

وجد من أجهزة اتصال و تكنولوجية متطورة فإن اختالف اللغات كاف بيان وجه

.الصعوبة

شروط محل عبء اإلثبات :المطلب الثاني

يضع الفقهاء عدة شروط في محل عبء اإلثبات و ال يمكن أن يتم اإلثبات بدون

ف المنشود منه و هو الوصول إلى مطابقة الواقع تحققها و ذلك من أجل تحقيق الهد

للحقيقة قدر اإلمكان ورد الحقوق إلى أصحابها و إال كان اإلثبات عبثا ال فائدة من

.إجرائه

:أن تكون الواقعة محددة و ممكنة : أوال

يقصد به أن تكون الواقعة محل عبء اإلثبات واضحة المعالم و ممكنة التحقق بأن

ا كافيا نافيا للجهالة و الغرر ألجل تقدير قبول األدلة بشأنها و التحقق من تكون معينة تعين

أن الدليل الذي سيقدم يتعلق بها ال بغيرها حتى يسير اإلثبات في حدود مرسومة سلفا

بحيث يفوت على الخصم ما يكون لديه من قصد إطالة النزاع دون داع، فإن كان محل

ان نوعه و تعيين محله، مثال بيع سيارة من نوع ما عبء اإلثبات مثال عقد فإنه يجب بي

بأوصاف ما كما يجب تعيين الوقائع محل عبء اإلثبات بشكل واضح حتى ال يكون هناك

Page 29: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

مجال للشك في ماهيتها و مداها و تعتبر مسألة تقدير الواقعة ما إذا كانت معينة تعيين

اضي فيها إلى رقابة المحكمة كافيا و كانت ممكنة، و يسمح بإثباتها مسألة ال يخضع الق

العليا، و مسألة تحديد الواقعة ال يقتصر على كون الواقعة إجابية كوجود الشيء أو إمكانية

القيام به، بل يصح أن يرد اإلثبات على الوقائع السلبية متى كانت محددة تحديدا كافيا، و

التقصير في االلتزام الواقعة السلبية هي التي تتضمن في الغالب نفيا ألمر وجودي كنفي

.بعمل معين و إثباتها يكون بطريق إثبات أمر وجودي منافي لها

أن تكون الواقعة محل نزاع و متعلقة بالدعوى: ثانيا

عة األشياء، ذلك ألنه يتطلب وهذا الشرط يعد من الشروط البديهية التي تقتضيها طبي

حتى يكون الخصم منكرا لما ادعاه المدعي، فيكون محل عبء اإلثبات موضوع نزاع بين

الخصمين، أما إذا كان الخصم مقر بما ادعاه المدعي و معترفا به فال حاجة إلضاعة وقت

القضاء في شيء معترف به ألن ذلك يعفي المدعي من عبء اإلثبات و يجعل الواقعة

ثابتة في حق المقر بها، و كونها ثابتة ال يعني أنها غير قابلة لإلثبات ألنها تصح أن تكون

، إذ أن المستقر عليه فقها و قانونا أن 1محل عبء إثبات من الغير إذا قام بشأنها نزاع أخر

اإلقرار قاصر وال يتعد صاحبه و هذا هو ما يميز الواقعة بكونها ثابتة أو أنها غير قابلة

إلثبات، فإذا سلم الخصم بجزء من طلبات المدعي، فإن ما سلم به يستبعد من مجال ل

اإلثبات و تنحصر في ذلك الخصومة في الجزء المتنازع عليه، و مثالها ادعاء شخص

معين أنه أصيب في الحادث ويطالب بالتعويض فدفع المدعى عليه بأن طلبه مبالغ فيه

ذا يعد إقرار منه بصحة وقوع الحادث كما أنه ال دون أن يدلي بشيء عن الحادث فإن ه

يكفي أن تكون الواقعة هي محل نزاع بل يجب أن تكون متعلقة بالدعوى، و مقتضى هذا

الشرط أن تكون الواقعة المراد إثباتها وثيقة االتصال بالحق المدعى به و ال تكون الواقعة

لحق، و هذا في االثبات المباشر متعلقة بالحق المدعى به إال إذا كانت هي مصدر هذا ا

و يقدم كتمسك البائع بعقد البيع للمطالبة بثمن المبيع أو أن يدعي شخص على آخر دين

سند الدين، إال أن اإلثبات ال يقع دائما بطريقة مباشرة فقد يتعرض الكثير من األحوال

60-59 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 30: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

واقعة أخرى بديلة إثبات واقعة مباشرة فليجأ المكلف بعبء اإلثبات إلى إقامة الدليل على

ليست هي مصدر الحق المدعي به و لكنها وثيقة اإلتصال بالواقعة األصلية مما يترتب

عليه أن تكون الواقعة األصلية ثابتة أو قريبة اإلحتمال، و هذا ما يطلق عليه باالثبات غير

مستأجر المباشر، و مثالها أن يطلب المؤجر من المستأجر سداد األجرة لشهر معين فيقدم ال

مخالصات شهور تلت الشهر المطالب بسداده، فإن هذه المخالصات تعتمد على الوفاء إلى

أن يثبت المؤجر عكسها، و لكن يشرط في الواقعة البديلة أن يكون هناك تالزم ألن

1.اإلثبات يصبح عندها مجرد عبث إذا لم يوجد هذا التالزم

. أن تكون الواقعة منتجة في الدعوى:ثالثا

يشترط فضال عما سبق بيانه أن تكون الواقعة منتجة في الدعوى بأن تكون من و

.شأنها أن تسهم في تكوين عقيدة القاضي في االقتناع بحقيقة النزاع المعروض

ومنه فإنه ال يكفي أن تكون الواقعة متعلقة بموضوع الدعوى بل يجب أن يكون

تجة في الدعوى بمعنى أن يكون لها إثباتها متعلقا بموضوعها، و يجب أيضا أن تكون من

أثر في تغيير و التأثير على الفصل فيها بأن تكون حاسمة في إسناد الحق إلى المدعي أو

أما إذا كان يستوي في نظر القانون ثبوتها أو عدم ثبوتها فهي ال تكون . عدم إسناده له

ة عقار استنادا منتجة في اإلثبات حتى ولو كانت متصلة بالدعوى وذلك كمن يدعي ملكي

إلى وضع يده عليه مدة ثالثة عشر سنة فهذه واقعة متصلة بالدعوى ولكنها غير منتجة في

اإلثبات، نظرا ألن القانون يشترط مرور خمسة عشر سنة العتباره سببا من أسباب كسب

. الملكية

اد أو كمن يطالب آخر بسداد دين حل موعده فيدفع الخصم المدين بعدم التزامه بالسد

أخذا بالمقاصة على اعتبار أنه له في ذمة الدائن سابقا مبلغ من المال ولكن األجل لم يحل

بعد بهدم واقعة متصلة بالدعوى و لكنها غير منتجة فيها ألنه يشترط فيها أن يكون الدينين

حاليين األداء ومن ثم فإنه يستوي في نظر القانون إثبات مثل هذه الوقائع أو عدم إثباتها

.ن هذا اإلثبات ال يؤثر في وجه الحكم في الدعوىأل

2004-2003 املوسم الدراسي -13 حماضرات يف االثبات ألقاها األستاذ ملزي عبد الرمحن على الطلبة القضاة دفعة 1

Page 31: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ومنه يتضح مدى التالزم والترابط بين شرطي التعلق واإلنتاج ذلك أن كل واقعة

متعلقة بالدعوى البد أن تكون متصلة بها و العكس غير صحيح بمعنى أن كل واقعة

.متعلقة بالدعوى ال يعني أنها منتجة فيها

ائزة اإلثباتأن تكون الواقعة ج: رابعا

يقصد بهذا الشرط أنه ال يوجد في القانون ما يمنع من إثبات الواقعة فاألصل في

الواقعة القانونية جواز اإلثبات، ما دام قد توافر لها الشروط السابقة، إال أن المشرع قد

يخرج عن هذا األصل العتبارات معينة فيمنع الخصم من إثبات هذه الوقائع و هذا المنع

كون العتبارات تتعلق بالنظام العام، واآلداب العامة أو ألن اإلثبات يتعارض مع سبب قد ي

.من األسباب التي تقتضيها الصياغة الفنية لإلثبات

عدم السماح للدائن أن يثبت أن المدين اقترض منه مبلغا معينا بفائدة، : و من األمثلة

العام أوعند عدم السماح لمن يطالب لكن هذا غير مسموح به قانونا ألن هذا يخالف النظام

الخطأ : بفوائد ناجمة عن قمار، و كذلك ال يجوز إثبات عكس القرائن القانونية القاطعة مثل

المفترض في جانب حارس الشيء أو الحيوان، فال يقبل من الحارس إقامة الدليل على

ضا ال يقبل عدم ارتكابه خطأ و ذلك ألن القانون يقيم مسؤوليته على خطأ مفترض فر

القانون التي والتحقق من كون الواقعة جائزة اإلثبات أم ال يعد من مسائل .1إثبات العكس

القاضي فيها لرقابة المحكمة العليا، ألن القانون هو الذي يحدد الوقائع التي ال يخضع

. يجوز إثباتها، ودور القاضي في ذلك محدود و هذا بخالف سائر الشروط السابقة

64ص–املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 32: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات: الفصل األول

االتجاه الحديث في أغلب التشريعات يسير نحو توسيع سلطة و دور القاضي في

فلم يعد القاضي بمثابة مشاهد صامت للمنازعة . تسيير الدعوة و الكشف عن الحقيقة

ر الدعوة وفي تصحيح فللقاضي مركزا ايجابيا في تسيي. القضائية ليس له إال الحكم فيها

وله من تلقاء نفسه أن يأمر . شكلها وبشطب الدعوة عند تخلف الخصوم عن الحضور

أما . بإدخال من يرى إدخاله لمصلحة العدالة أو إلظهار الحقيقة هذا من ناحية اإلجراءات

ثم يتول . من ناحية إثبات الدعوة فدوره يقتصر على تلقي األدلة كما يقدمها الخصوم

ا مراعيا في ذلك ما قد يحدده المشرع من قيم و يصدر حكمه بناءا على ذلك، مع تقديره

إسناده بعض المهام لكي ال يقف مكتوف اليدين ينظر إلى الخصوم و هم يسيرون الدعوى

كما يشاءون، ولهذا كان االتجاه إلى إعطاء القاضي دورا إيجابيا في اإلثبات، بحيث يقوم

عبء اإلثبات الذي يثقل كاهل أحد الخصمين دون اآلخر و القاضي بدور هام في تخفيف

وقبل توضيح هذين العنصرين نتطرق إلى . يبرز هذا الدور خاصة في القرائن واليمين

1.تحديد طبيعة دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات ومناقشة حدود الدور المنوط به

إجنلترا و ( والشرائع األجنلوسكسونية ). انيا وسويسراأمل(هناك من التشريعات من أخذت بنظام اإلثبات احلر وهي الشرائع اجلرمانية 1

و يقوم هذا االجتاه على عدم حتديد طرق معينة لإلثبات تقيد عمل القاضي باإلضافة إىل منحه احلرية الكاملة يف ) القانون األمريكيو القانون اإليطايل ) فرنسا (ةنني الالتينيويف املقابل هناك من التشريعات من أخذت بنظام اإلثبات املختلط وهي القوا. تكوين عقيدته

وفيها يقوم املشرع بفرض بعض القيود على القاضي يف إثبات بعض املسائل ) و منها اجلزائر(والبلجيكي ومعظم التشريعات العربية و قواعد عبء اإلثبات ص أنظر أحكام(أما يف نظام اإلثبات املقيد فدور القاضي سليب . بينما يترك له احلرية يف إثبات بعضها اآلخر

75،77(

Page 33: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ثبات في توزيع عبء اإليطبيعة دور القاض: المبحث األول

من المسلم به بداهة أن القاضي ال يجوز له التحيز لطرف ما و هذا مفروض عليه

ألن الفضيلة األولى , بحيث أن يكون ال يحتاج في ذلك إلى نص. بداهة بحكم وظيفته

وأن يتقبل الحجج التي يقدمها أطراف المنازعة , للقاضي هي أن يكون حكمه دون تحييز

.دها القانونطبقا لقواعد اإلثبات التي حد

ثم يتولى تقديرها , ويقتصر دور القاضي على تلقي األدلة كما يقدمها الخصوم

على أساس , ويصدر حكمه بناءا على ذلك, مراعيا في ذلك ما قد يحدده المشرع من القيم

.أن اإلثبات حق للخصوم و واجبهم في حدود القانون

دوره على تلقي الطلبات و ولهذا نجد أن القاضي في ظل القانون الجزائري يقتصر

ثم يقوم بتقديرها وفقا للقيمة التي حددها له , الدفوع التي يقدمها الخصوم في اإلثبات

كما ال يستطيع أن يستند , فال يستطيع أن يجمع أو يساهم في جمع األدلة بنفسه, القانون

قامت في قضية و ال يجوز له أيضا أن يأخذ بأدلة , إلى أدلة استنبطها بنفسه خارج الجلسة

.أخرى

وهذا هو الموقف السلبي في تسييره , فليس للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي

, للدعوى كما أنه ال يقف مكتوف األيدي و يدع الخصومة يحركها األطراف كما يشاءون

حتى ال يترك كشف , وإنما له شيء من الحرية في تحريك الدعوى و توجيه الخصوم

وهذا هو الموقف اإليجابي للقاضي في تسيير . خصوم وحدهمالحقيقة رهينا بمبارزة ال

1 .ولهذا فإننا سنتناول هذا األساس في مطلبين. الدعوى

:الدور السلبي للقاضي: المطلب األول

28، 27، 26 ص - أسس اإلثبات املدين يف القانون املصري والفقه اإلسالمي-حممود عبد الرحيم الديب / د 1

Page 34: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

إن الدعوى المدنية كقاعدة عامة هي ملك ألطرافها لهم الحق في تسييرها وتوجيهها

فهم الذين يقومون , في حدود القانونوال يزال أمر إثباتها من حق الخصوم وواجبهم

وعلى القاضي , بالطلبات والدفوع وهم الذين يقدمون وسائل اإلثبات التي يحددها القانون

وعليه فإن القاضي ال يمكنه أن يستخدم معلوماته الشخصية , أن يلتزم بطلبات الخصوم

هذا النزاع أو عن موضوع النزاع سواء تكون له هذا العلم في الجلسة التي ينظر فيها

.وليس له كذلك أن يستحدث دليال غير صادر من الخصوم في الدعوى, خارجها

:عدم إمكانية القاضي تغيير موضوع الطلب :أوال

فلو علم , من المبادئ األساسية أن القاضي ال يباشر وظيفته إال بناء على طلب

لنزاع دون طلب من فإنه ال يستطيع أن ينظر هذا ا, القاضي بوجود نزاع بين شخصين

إذ لو بدأ القاضي الخصومة دون طلب ألصبح , أحدهما فالقاضي ال يعمل من تلقاء نفسه

وخروج القاضي , مدعيا وحاكما في نفس الوقت وبالتالي يعتبر منحازا ضد المدعى عليه

.المدني عن حياده يجعل حكمه قابال للنقض

بل , منها كمرحلة الطعنويسري مبدأ الطلب ليس فقط لبدأ الخصومة أو مرحلة

امتنع على القاضي نظر , ولهذا فإنه إذا تنازل المدعي عن طلبه, أيضا الستمرارها

هذا ليس للقاضي أن يتجاوز حكمه حدود الطلب أو أن يحكم بغير ما طلبه , القضية

. الخصوم

ويعرف موضوع الطلب بأنه النتيجة االجتماعية أو االقتصادية التي يهدف إليها

المطالب في دعاوى المسؤولية المدنية فالطالب غير ملزم غكالمبل. في دعواهلب الطا

بإعطاء موضوع طلبه الوصف القانوني الصحيح ألن القاضي هو صاحب الهيمنة على

وذلك ألن التكييف مسألة قانون مما يدخل في صميم , التكييف الصحيح لموضوع الطلب

.مهمة القاضي

دود ما يستخلصه من الوقائع الصحيحة التي يدلي بها وعلى هذا فإن القاضي في ح

الخصوم عن موضوع طلباتهم وسببها يعالج الدعوى على أساس سببها القانوني الذي

فإن مثل هذا . ترشح له هذه الوقائع و ال جناح عليه إن خالف تكييف الخصوم الخاطئ له

Page 35: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

. لوصف والتكييف السليمالتكييف ال يقيد القاضي الذي يلتزم بحكم وظيفته بإعطائها ا

وعلى هذا األساس يصل لمعرفة السبب القانوني الصحيح فإنه يحكم في موضوع طلبات

الخصوم على أساس هذا السبب ولو كان هذ السبب مخالفا للسبب الذي ساقوه خطأ إلسناد

.دعواهم

وبذلك يتضح لنا أن قاعدة منع القاضي من تغيير موضوع الطلب ال تشكل قيدا على

فالمحظور على القاضي هو تغيير مجموع الوقائع التي تمسك , لطته في تطبيق القانونس

.بها الطالب و المكونة لموضوع طلبه ال التكييف القانوني لهذه الوقائع

ولكن ما هو موقف القاضي إذا لم يحدد الخصوم في لوائحهم موضوع طلباتهم

تحديدا دقيقا؟

لحالة أن يقوموا بهذه التحديد أعماال لسلطتهم ال شك أن من واجب القضاة في هذه ا

.في تفسير مستندات الدعوى

ونجد القضاء الفرنسي استخدم فكرة الطلب االفتراضي أو الضمني للوصول إلى

هذه النتيجة فالطلب االفتراضي هو الطلب الذي لم يطلبه الخصوم صراحة ولكن يفهم

وقد اتجهت محكمة النقض . تهمضمنا من مجموع الوقائع التي أوردوها في مذكرا

الفرنسية في أحكامها الحديثة إلى تعليق حق القاضي في األخذ بفكرة الطلب االفتراضي أو

1 .الضمني على شرط أن يكون الخصوم قد سبق لهم أن ناقشوا هذا الطلب أمام المحكمة

:االستعانة في إثبات الواقعة بشهرتها العامة دون العلم الشخصي: ثانيا

ثبات يجب أن ينصب على الواقعة القانونية التي يراد تطبيق القانون عليها ويجب اإل

والتي يجب تقديمها من قبل , أن يتم ذلك باالستناد إلى أدلة اإلثبات التي حددها القانون

لذا ال يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي المتحصل خارج قاعة المحكمة , الخصوم

ن هذا المنع راجعا إلى كون الوقائع هي مجال الخصوم وال سواء كا, في وقائع النزاع

أو استند , يصح للقاضي أن يثير واقعة لم يتمسك بها هؤالء ولم يقدموا الدليل على صحتها

.201-200-199-198 ص - دور احلاكم املدين يف اإلثبات -آدم وهيب النداوي 1

Page 36: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

على القاعدة التي توجب احترام حقوق الدفاع والتي تستلزم أال يأخذ القاضي إال بالوقائع

أو ألن هذا المنع يمثل الحد األدنى , دلة بينهمالتي أظهرها الخصوم في المناقشات المتبا

.لمبدأ حياد القاضي

ولكن هل يتعين إثبات هذه الواقعة حتى ولو كانت معروفة بالشهرة العامة؟

ذهب البعض إلى أن الواقعة التي تشكل موضوع النزاع والتي يستند إليها القاضي

ألن القانون في مواد , يةكأساس لحكمه يجب أن تكون محال لإلثبات بالطرق القانون

.اإلثبات يقتضي صحة الواقعة ال شهرتها

إن . ثم إن الشهرة العامة ليست من بين طرق اإلثبات التي نص عليها القانون

فإذا كانت الواقعة مشهورة ولكنها غير ثابتة فال تكون الشهرة . الشهرة ال تغني عن الحقيقة

.جدية ويجب أن ال يعتد بها

يرى أنه ال تجب المبالغة في هذا الصدد إلى حد إلزام " حجازي " إال أن الدكتور

المتقاضين بإثبات الواقعة التي تكون من الشهرة بحيث ال تحتمل الجدل فالحوادث

، ويجب أن يعتبر 1التاريخية ال يلزم إثباتها بشهود أو بأي طريق آخر من طرق اإلثبات

ة رغم أن خصم من يتمسك بها تكون القاضي مثل هذه الوقائع ثابتة على أساس الشهر

مصلحته في أن ينكرها وخاصة إذا كانت الواقعة المشهورة معروفة عند الناس كافة فال

.يمكن أن تكون غير معروفة عند القاضي

فيذهب إلى أنه يجوز للقاضي القضاء بعلمه الشخصي عن " باتيفول" أما األستاذ

2 العلم بها ميسورا بالكافةالوقائع العامة طالما كانت مشهورة أو كان

: والحل الواجب اإلتباع في هذا الصدد بإمكان التفرقة في هذا النطاق بين حالتين

الحالة األولى عندما تشكل الواقعة العامة أو المشهورة موضوع النزاع التي

بغض , تحتجزها القاضي كأساس لحكمه ففي هذه الحالة يجب أن تكون محال لإلثبات

بحيث ال يمكن للقاضي الحكم بعلمه الشخصي , تها العامة أو الخاصةالنظر عن صف

.باالستناد إلى شهرتها

205 ص -نفس املرجع السابق -آدم وهيب النداوي 1 205 ص -نفس املرجع السابق -وهيب النداوي آدم 2

Page 37: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

أما الحالة الثانية بالنسبة للواقعة العامة أو المشهورة التي ال تشكل موضوع النزاع

وإنما استخدمها فقط لتقدير وقائع النزاع , ذاته والتي لم يحتجزها القاضي كأساس لحكمه

فيجوز للقاضي أن يتصدى بعلمه الشخصي في شأنها , يها القانون أحكامهالتي يرتب عل

.بصفتها من قواعد الخبرة العامة

ومن هنا يتضح لنا أن الوقائع المشهورة تخضع لإلثبات إذا كانت محال للنزاع

يمكن للقاضي أن يتصدى بعلمه الشخصي بشأنها إذا ابينم, وتكون أساس حكم القاضي

في الدعوى تنحصر في كونها من عناصر تقدير وقائع النزاع التي كانت صفة تدخلها

ولكن : "وهذا ما يذهب إليه الدكتور السنهوري حيث يقول. يرتب عليها القانون أحكامه

من أن يستعين القاضي في قضائه بما هو معروف بين الناس وال يكون علمه عهذا ال يمن

".ة والجغرافية والعلمية والفنية الثابتةكالمعلومات التاريخي, خاصا به مقصورا عليه

ويبدو أن هذه الحالة هي التي جعلت الفقهاء المسلمين يختلفون في جواز الحكم

.بمقتضى علم القاضي أو عدم الجواز، وهو ما سوف نعرض له في الفقه اإلسالمي

إن الفقه اإلسالمي يتوسع في تفسير طرق اإلثبات بهدف الوصول إلى الحقيقة

هذا التوسع إنما يوحي بجواز الحكم بعلم ن يبدو أىقعية كلما أمكن، وللوهلة األولالوا

ولكن الحقيقة أن أهل العلم اختلفوا في المسألة بين من يمنع من ذلك , القاضي الشخصي

, فأكثر أهل العلم ذهبوا إلى أنه ال يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه الشخصي. ومن يجيز

لو رأيت رجال على حد :" بد الرحمن بن عوف عن أبي بكر قوله روى البخاري عن عدفق

".وال دعوت له حتى يكون معي غيره, من حدود اهللا ما أخذته

لوال : "كما روى البخاري عن عبد الرحمن بن عوف أيضا أن عمر بن الخطاب قال

".أن يقول الناس زاد عمر في كتاب اهللا لكتبت آية الرجم بيدي

أتى رجل إلى النبي صلى اهللا عليه : "ذلك بحديث جابر أنه قالو استدل القائلون ب

فقال , فقال يا محمد أعدل, وكان يقبض منها يعطي الناس, وسلم وأمامه ثوب بالل به فضة

, لقد خبت وخسرت أن لم أكن أعدل, ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل:صلى اهللا عليه وسلم

معاذ اهللا، أن : ق فقال صلى اهللا عليه وسلمدعني يا رسول اهللا أقتل هذا المناف: فقال عمر

Page 38: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا و أصحابه يقرؤون القرآن ال يجوز حناجرهم،

.رواه أحمد و مسلم ".يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية

صلى النبي *نو وجه استداللهم بهذا الحديث على عدم جواز حكم القاضي بعلمه، أ

كالم الناس و من حدوث الفتنة، فجعل العلة في عدم قتل هذا الرجل، الخووسلم اهللا عليه

.في الوقت الذي يعلم بحقيقة هذا الرجل وأنه من المنافقين. أن محمدا يقتل أصحابه

ل علم بذلك في واليته أو قبلها، قاءو قال أهل الحجاز الحاكم ال يقضي بعلمه، سوا

و يلزم من الجواز فتح هذا الباب . علم لوجود التهمةال يقضي القاضي بما : الكرابيسي

لوال :و من ثم قال الشافعي.على مصراعيه ليحكم كل قاضي بما يجب مدعيا علمه بذلك

و هذا قول مالك و أكثر : البخاريلقضاة السوء لقلت أن للحاكم أن يحكم بعلمه، قا

.أصحابه

ن علم غيره مع أن علمه ال ينبغي للحاكم أن يمضي قضاء بعلمه دو: قال القاسم

لكن فيه تعرضا لتهمة نفسه عند المسلمين إيقاعا لهم في الظنون، وأكثر من شهادة غيره،

. و لهذا ما أجاز أبو بكر و عمر الحكم بمقتضى علمهما

لكن أدع القياس و والقياس أنه يحكم في ذلك بعلمه، :"و عن أبي حنيفة قوله

: حكى مثل ذلك في فتح عن بعض المالكية، فقالواو استحسن أن ال يقضي في ذلك بعلمه،

.و هذا هو الراجح عند الشافعية:قال. أنه يقضى بعلمه في كل شيء إال في الحدود

أن ) ص(و استدل القائلون بالجواز بحديث هند زوجة أبي سفيان لما أذن لها النبي

.تأخذ من ماله ما يكفيها و ولدها بالمعروف

من أجاز للقاضي أن يحكم بعلمه بهذا الحديث، ألنه إنما قضى احتج :" قال بن بطال

. لم يلتمس على ذلك بينةولها و لولدها بوجوب النفقة لعلمه بأنها زوجة أبي سفيان،

:و خالصة القول في هذه المسألة في الفقه اإلسالمي أن هناك رأيين

ان مؤتمنا، و يجيز له ذلك متى كرأحدهما يمنع القاضي من الحكم بعلمه، واآلخ

جوهر الخالف مرده إنما هو محاولة التقريب بين الحقيقة الشرعية و الحقيقة الواقعية و

الرأي الراجح هو الرأي األول القائل بعدم الجواز النتفاء التهمة عن القاضي مما يحقق له

حقيقة و قد تقرر أنه في الحالة التي ال يعلم فيها ال. ضمانة الحكم بفكر ثاقب و رأي سديد

Page 39: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

إال القاضي فإنه يجوز له أن يقضي بعلمه في هذه الحالة ألن المنع حينئذ قد يضيع

1الحقوق، و يؤدي إلى مفاسد وخيمة

:الدور اإليجابي للقاضي: المطلب الثاني

االتجاه السائد في التشريعات التي تأخذ بنظام اإلثبات المختلط هو الحرص على

فاعليته بتزويده بمزيد من حرية الحركة في هذه تحقيق مزيد من إيجابية القاضي و

المرحلة الهامة من مراحل الدعوى، لسرعة الفصل فيها تجنبا لعدالة بطيئة، وحتى ال

يترك كشف حقيقة رهينا بمبارزة الخصوم وحدهم، والحرص على استقرار الحقوق وسد

.باب الحيلة أمام طالب الكيد وتوفيرا للوقت و اقتصادا في النفقات

إن القاضي بتدخله المباشر في توجيه الدعوى يساعد :" وكما يقول األستاذ ليجيه

كثيرا على إيضاح موضوعها و المناقشات الجارية فيها، وعلى سيرها المنتظم وله أال

.2يتقيد بقواعد معينة بهذا الشأن

لخصوم إذا كانت القاعدة التقليدية التي مازال أثرها واضحا فقها وقضاءا أن حقوق ا

هي ملك لهم، وأن الطلبات القضائية هي طلباتهم، ومن ثم تجري الدعوى على مشيئتهم

إال أنه مع ذلك القانون ليس ملكا لهم فالقاضي لم يعد بمثابة مشاهد صامت للمنازعة

إن القاعدة األساسية التي تمتد شعابها إلى قواعد .القضائية ليس له فيها إال الحكم فيها

.3ءاتها هي أن للقاضي مركزا إيجابياإلثبات وإجرا

وال يخفى على أحد أن فقهاء المسلمين يرون أن للقاضي في سبيل الوصول إلى

الحقيقة أن يبحث عنها بكل الطرق دون أن توجه له تهمة أو يسيطر عليه نزوة، مادام

كان ذلك بمقتضى علمه الشخصي الذي هو الحد األدنى ووصوله إليها سائغا شرعا، ول

.4مبدأ حياد القاضي و الذي لم يقل به من فقهاء القانونل

35-34-33-32-31 ص-أسس اإلثبات املدين يف القانون املصري و الفقه اإلسالمي -حممود عبد الرحيم الديب / د 1 .209 ص - املرجع السابق -دم وهيب النداوي آ 2 .77-76 ص– املرجع السابق –رمضان أبو السعود / د 3 .38 ص – املرجع السابق –رحيم الديب حممود عبد ال/ د 4

Page 40: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:إمكان إكمال ما نقص من أدلة الخصوم: أوال

إن نظام اإلثبات المختلط يهدف إلى توكيد الدور اإليجابي للقاضي بمنحه مزيدا من

الفاعلية في توجيه الدعوى وتحري الحقيقة، ومن مظاهر هذه اإليجابية في إدارة

ري وجه الحق فيها من حقه في إكمال ما نقص من أدلة الخصم عندما يرها الخصومة وتح

غير كافية فللقاضي عندما يتبين له أن الخصم لم يقدم دليال البتة أو قدم دليال يمكن تكملته

.بطريقة أخرى كاليمين المتممة مثال

وكذلك أخذت بهذا الرأي محكمة نقض روما عندما قالت أن قاعدة براءة المدعى

عليه عدم إثبات المدعى تسري عندما يكون من المؤكد عدم إثبات الواقعة، وال تسري

عندما يكون لدى المدعى مستندات و أدلة يمكن أن تكون أساسا إلقتناع القاضي و لم

.يعرضها المدعي ضنا منه أنها غير الزمة أو أن أدلة أخرى قدمها يمكن أن تغنى عنها

اإلجراء أنه أجرى على المتقاضين و أكثر اتفاقا مع ويرى الدكتور حجازي في هذا

مبدأ االقتصاد في رفع الدعوى، إذ أن القاضي عندما يأمر باستكمال األدلة يعمل على

ضرورة االلتجاء إلى طريق االستئناف، إال أن األمر باستكمال األدلة يجب أن يكون

.1لظروف و أحوال القضيةجوازيا ال إجباريا للقاضي يحكم به وفقا لتقديره وبالنظر

وخير مثال على ذلك يتجلى فيما يخص القرائن القضائية وسلطة القاضي في

استنباطها من ظروف الدعوى المعروضة عليه، فالقاضي يختار واقعة معلومة من وقائع

وهذا ما نص عليه المشرع الجزائري في . الدعوى ويستدل بها على الواقعة المراد إثباتها

يترك لتقدير القاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون و ال "340مدني المادةالقانون ال

وتقابلها ". يجوز اإلثبات بهذه القرائن إال في األحوال التي يجيز فيها القانون اإلثبات بالبينة

.من قانون اإلثبات المصري100المادة

شارت إليه المادة وللقاضي سلطة واسعة في استخالص القرائن القضائية وهذا ما أ

ومثال على ذلك استخالص صورية التصرف من واقعة القرابة، فإذا طعن . ق م ج340

212- 211املرجع السابق ص / آدم وهيب النداوي 1

Page 41: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

الدائن في صورية تصرف صدرمن مدينه فإنه قد يستند في تأييد ما يدعيه إلى أن هناك

فإذا ثبتت هذه العالقة جاز للقاضي أن . عالقة قرابة بين المتصرف و المتصرف إليه

.ينة على صورية التصرفيستنبط منها قر

يو للقاضي سلطة واسعة أيضا في أن يستنبط القرائن من أي مصدر يراه، فللقاض

إذا أحال الدعوى إلى التحقيق وأن يستنبط القرينة التي يعتمد عليها من أوراق الدعوى،

له أن يستنبط القرينة من أقوال الشهود أو من وأن يعتمد على أية قرينة تطرح أمامه،

1و سنأتي إلى تفصيل ذلك في المبحث الثاني من هذا الفصل.قرير الخبيرت

كما أن للقاضي دور إيجابي واسع فيما يخص اليمين المتممة و يوجهها القاضي

تقديره لظروف الدعوى ومالبساتها و أدلتها،و ب ما يتبينه، حسقألي من الخصمين، وف

هذه اليمين،ألنه مجرد توجيهها إليه يكشف ال يلزم بتسبيب اختياره للخصم الذي يوجه إليه

على أنه صاحب األدلة الراجحة في تقديره،أو أنه هو المدعى عليه في الطلب القضائي

و . الموجه إليه، و قد يكون مدعيا إذا كان هذا الطلب عارضا و موجها من المدعى عليه

ليمين المتممة هي و ا. أو أنه هو األجدر بالثقة فيه دون خصمه.األصل هو براءة ذمته

واقعة مادية يلجأ إليها القاضي الستكمال أدلة الدعوى، أو توكيدا ألدلة أحد خصومها، إذا

سنأتي إللى تفصيل وكان ادعاؤه قريب االحتمال و بالتالي فهي ليست كاليمين الحاسمة،

. 2ذلك في المبحث الثالث من هذا الفصل

باتاتخاذ ما يلزم من إجراءات اٌإلث: ثانيا

إن القاضي في إطار الوقائع التي يدلي بها الخصوم مكلف باستخالص الصحيح

منها ملتزما في ذلك قواعد اإلثبات القانونية، و كون القاضي ملزما باستخالص الوقائع

الصحيحة في الدعوى أوجب أن يكون له من تلقاء نفسه أن يحكم باتخاذ ما يراه من

وأن مهمة القاضي أن يبذل أقصى ما . ول منها قانوناإجراءات اإلثبات في حدود المقب

.يمكن من جهد في هذا الصدد للتوصل إلى كشف الواقع،و إال كان حكمه واجب النقض

.248-247-246اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية ص .حممد حسن قاسم / د 1 . 234أمحد أبو الوفا اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية / د 2

Page 42: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و من مظاهر إيجابية دور القاضي في اإلثبات في هذا الصدد ما يتعلق بالبث في

أن ال يكلف شخص إذ أن األصل .طلب إلزام الخصم بتقديم المستندات الموجودة تحت يده

بتقديم دليل ضد نفسه، وأن على كل خصم أن يستجمع بنفسه و بمجهوده أدلته الخاصة،و

.ال يستلزم من الغير إمداده بها أو تقديمها

- إلزام الخصم بتقديم المستند-أما بالنسبة لموقف الفقه اإلسالمي من هذا الموضوع

الفقه اإلسالمي الفقه الوضعي في في المذهب المالكي فتاوى و أقضية سبق فيهادفنج

فقد . تقرير حق الخصم في إلزام خصمه بتقديم وثيقة أو أي رسم آخر بيده له فيه حق

صرح بحق الخصم في ذلك أبو عبد اهللا التاودي في شرحه أرجوزه ابن عاصم، فجاء

سأل ابن أبي زيد عن المتخاصمين طلب أحدهما من صاحبه أن يوقفه على وثيقة :" فيه

فأجاب إذا حضر الخصم وجب إخراج الوثيقة للطالب للنظر فيها و ليس " يده له فيها حقب

له االمتناع و هي من حق الطالب،و لكن هناك قضاة من المذهب المالكي ذهبوا إلى عكس

ذلك فقد أفتى القاضي أبو عبد اهللا بن سودة و الشيخ أبو محمد عبد القادر الفاسي بأن

. موجباته التي بيده لخصمهالخصم ال يلزمه إعطاء

و من أمثلة اإلجراءات األخرى التي يمكن للقاضي اتخاذها إلظهار الحقيقة و

يجوز للقاضي " من قانون اإلجراءات المدنية58لمصلحة العدالة ما نصت عليه المادة

أثناء إجرائه للمعاينة أن يسمع شهادة أي شاهد يرى لزوما لسماع أقواله أو يطلب الخصوم

."ماعه،و له اتخاذ اإلجراءات التي يراها الزمة بحضور الشهود إن وجد ضرورة لذلكس

للمحكمة و لو من " من قانون المرافعات المصري118و كذلك ما نصت المادة

."تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله لمصلحة العدالة أو إلظهار الحقيقة

يجابية القاضي في أداء العدالة و يحقق مظهر من مظاهر إ" موريل"فيرى األستاذ

اختصام الغير فض نزاعين أو أكثر في قضية واحدة، أو على األقل جعل الحكم الصادر

1حجة على المختصم فيمتنع عليه االحتجاج به

.225-215-214-213بق ص املرجع السا– آدم وهيب الندوي 1

Page 43: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

يجوز للقاضي بناء على طلب " قانون اإلجراءات المدنية 43كما تنص المادة

اء نفسه، أن يأمر قبل الفصل في الموضوع أو األطراف أو من طلب أحدهم أو من تلق

بموجب أمر شفوي بحضور أحد األطراف شخصيا أو بإجراء تحقيق أو تقديم وثيقة، و

بموجب أمر كتابي بإجراء الخبرة أو التحقيق في الكتابة أو بأي إجراء آخر من إجراءات

..."التحقيق

قاضي الخبير إما من تلقاء يعين ال" من قانون اإلجراءات المدنية48وتنص المادة

".نفسه أو بناء على اتفاق الخصوم

في الحاالت التي يأمر فيها " من قانون اإلجراءات المدنية56في حين تنص المادة

القاضي، من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم، باالنتقال إلى المعاينة يحدد يوم

". المعاينةوساعة انتقاله ويرسل إخطار للخصوم بدعوتهم لحضور

يدلي الشاهد بشهادته دون االستعانة " من قانون اإلجراءات المدنية71وتنص المادة

بأية مذكرة وللقاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم أو أحدهم أن يوجه إلى

". ةالشاهد جميع األسئلة الالزم

بات في هاته وللقاضي دور إيجابي وفعال في حل المنازعات اإلدارية، ألن اإلث

المنازعات يتم عن طريق التحقيق في الدعوى، وبواسطته، يكون للقاضي اإلداري اقتناع

.في إيجاد الحل المناسب في النزاع

بالنسبة للدعاوى المدنية، فإقامة الدليل هي قائمة على مبدأ حياد القاضي، لكنه في

ي إجراءات التحقيق، وبالتالالمنازعات اإلدارية، القاضي اإلداري له دور في التعامل مع

في إقامة الدليل، على أن اإلجراءات التي تقوم عليها المنازعات اإلدارية، هي من الناحية

العملية المحضة ذات الصفة التحقيقية، على أن هناك تفاوت في المركز بين األطراف في

كون على أن اإلدارة ككل، هي في الغالب طرف في الدعوى، وهي التي ي. النزاع

في موقف ضعيف، ووان الطرف اآلخر هو في حاجة إليها، وه. بحوزتها وسائل اإلثبات

.ولذا يتعين تدخل القاضي اإلداري السترجاع التوازن بين الطرفين في النزاع

Page 44: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وإن القاضي اإلداري هو صاحب المبادرة في إقامة الدليل، وهو ال يخضع إلدارة

وهذا نظر للصفة التحقيقية . اء، من تلقاء نفسهالخصوم وله أن يأمر أو يقوم بأي إجر

. لإلجراءات أمام القضاء اإلداري

إن السلطات المخولة للقاضي اإلداري قد تحد من تطبيق القاعدة التي تقر بالبينة

. التي تكلف المدعى بإقامة الدليل على ما يدعيهوعلى من أدعى،

صم لم تكن له عالقة أو معاملة مع فمثال بالمنازعات المتعلقة بتجاوز السلطة، فالخ

اإلدارة، قبل إصدار القرار اإلداري المطعون فيه، ولذا قد يصعب عليه تقديم الدليل، وهذا

.ال يكون ممكنا إال عن طريق تدخل القاضي

وان القانون لم ينص على وسائل اإلثبات التي يعتمد عليها القاضي اإلداري

ت التحقيق، بما في ذلك وسائل اإلثبات، بمقتضى فالمشرع الجزائري أحال على إجراءا

. من القانون اإلجراءات المدنية أمام الغرف اإلدارية بالمجالس القضائية171المادة

.1 من نفس القانون، وهذا أمام مجلس الدولة283والمادة

:دور القاضي في توزيع عبئ اإلثبات بموجب القرائن: المبحث الثاني

120-119-118-117 ص - قواعد و طرق اإلثبات و مباشرا يف النظام القانوين يف اجلزائر-الغوثي بن ملحة / د 1

Page 45: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

هي ما يستخلصه المشرع أو القاضي من أمر معلوم للداللة على أمر القرينة_

مجهول فهي دليل غير مباشر ال ينصب اإلثبات فيها مباشرة على الواقعة محل التداعي و

إنما أخرى بديلة يكون من شأن ثبوتها أن يجعل قيام الواقعة األصلية أو نفيها أمرا محتمال

1وعان قانونية و قضائيةبحكم اللزوم العقلي، و القرائن ن

األمارة التي نص عليها الشارع أو :" تعرف الشريعة اإلسالمية القرائن بأنها_

استنبطها أئمة الشريعة باجتهادهم أو استنتجها القاضي من الحادثة و ظروفها و ما يكتنفها

.2من أحوال

رها األصل أن يقوم المدعي بإثبات كافة العناصر و الشروط التي يجب تواف_

لوجود الحق المدعى به، ولكن ألن ذلك يعد تكليفا بما ال يستطاع فإنه يكتفي منه بإثبات ما

لو ادعى شخص أنه أقرض آخر مبلغ من : يجعل وجود هذا الحق مرجحا في جانبه، فمثال

بحسب األصل -المال فإنه مكلف بإثبات عقد القرض الذي ادعى وجوده، وهو مكلف

لعقد خال من جميع أسباب البطالن بان يثبت بان العقد توفرت فيه بإثبات أن هذا ا-أيضا

كافة الشروط المتعلقة بالتراضي و المحل و السبب وذلك بتوفر أهلية المتعاقدين، وخلو

اإلرادة من العيوب كالغلط و اإلكراه و التدليس وإثبات مشروعية المحل و السبب، ثم بعد

من األسباب الوفاء كالمقاصة و اإلبراء و الوفاء و ذلك يثبت أن الدين لم ينقض بأي سبب

ولكن ال شك أنه لو . الخ...يقوم بعد ذلك بإثبات أن العقد لم يلحقه أي تعديل بعد انعقاده

كلّف المدعي بإثبات حقه على هذا النحو لعد ذلك ضربا من ضروب المستحيل، و من ثم

الحق في جانبه، ففي هذا المثال اقتضت الضرورة أن يكتفي منه بأن يثبت ما يرجح وجود

يكتفي منه بإثبات وجود عقد القرض، فإذا استطاع إثباته أفترض انه خال من أسباب

هذا . البطالن، فإذا دفع المدين بأن العقد قد لحقه سبب منها فعليه هو يقع عبئ إثبات ذلك

رار هذا التوزيع التوزيع ال بد منه حتى يتسنى للمدعي إثبات ما ادعاه، و الباعث على إق

.هو التخفيف من تحمل تبعة هذا العبء

341 ص - أصول اإلثبات يف املواد التجارية و املدنية - نبيل ابراهيم سعد ومهام حممد حممود زهران 1 175 ص -ق املرجع الساب– حممد فتح اهللا النشار 2

Page 46: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

للقاضي دور أساسي في تحقيق هذا التوزيع مستعينا في ذلك بأساليب بعضها من _

القانون أو الشرع و تسمى القرائن القانونية أو الشرعية و البعض اآلخر أساليب يستنبطها

.ةبحكم الواقع أي من ظروف الدعوى و هي القرائن القضائي

:دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب القرائن القانونية: المطلب األول

في الفقه القانوني هي بمثابة القرائن التي نص عليها القانون ولم يترك للقاضي _

أمر تقديرها فهي تعفي الخصم الذي يلجأ إليها من اإلثبات و هي قابلة في أصلها إلثبات

). من القانون المدني337المادة ( بخالف ذلك عكسها ما لم يوجد نص يقضي

في الفقه اإلسالمي تسمى بالقرينة الشرعية و هي التي نص عليها الشارع الحكيم _

.أو التي استنبطت من إجتهادات الفقهاء حتى صارت أمرا ثابتا يفتي به المفتون

قرائن قابلة تقسم القرائن القانونية و الشرعية على حد سواء إلى قرائن قاطعة و_

: يإلثبات العكس و نتعرض لها فيما يل

: بالنسبة للقرائن القانونية القاطعة: أوال

لقد عرف الفقه القانوني القرائن القانونية بأنها التي نص القانون على عدم جواز _

إثبات عكسها إالّ في حاالت خاصة كاإلقرار القضائي و اليمين أو إثبات السبب األجنبي،

من القانون المدني، في مسؤولية حارس الحيوان 139هذا القبيل ما نصت عليه المادة ومن

عن الضرر الذي يسببه للغير، فهي مسؤولية تقوم على خطأ الحارس، وهو خطأ مفترض

من القانون المدني في مسؤولية حارس 138ال يقبل إثبات العكس، وما تنص عليه المادة

من نفس التقنين من مسؤولية المستأجر عن حريق 496ةاألشياء و ما تنص عليه الماد

1العين المؤجرة

أما الفقه اإلسالمي فهو يعرف القرائن الشرعية القاطعة بأنها تلك التي تصل في _

داللتها على الحكم إلى مرتبة القطع وهذه القرائن اعتبرها الشارع الحكيم مراعاة للمصلحة

.27ص . 1987لسنة . ق. الة / 02/03/1983 بتاريخ 30064ملف رقم : قرار صادر عن احملكمة العليا 1

Page 47: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

أن يبحث في مدى داللة هذه القرينة على الحكم، العامة و بالتالي فإن القاضي ليس له

.وهذا النوع من أنواع القرائن يعد بينة نهائية كافية للقضاء

:من صور القرائن القاطعة

من القانون المدني على التقادم بسنة واحدة بالنسبة لحقوق 312نصت المادة )1

يها، و حقوق أصحاب التجار و الصناع على األشياء التي وردوها ألشخاص ال يتاجرون ف

الفنادق و المطاعم عن أجر اإلقامة و ثمن الطعام و كل ما صرفوه لحساب عمالئهم و

وقد أضافت هذه المادة انه يجب . المبالغ المستحقة للعمال األجراء اآلخرون مقابل عملهم

ى وهذا ما يدل عل. على من يتمسك بالتقادم لسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعال

ثم نأن المشرع قد جعل هذا التقادم القصير قائم على قرينة قاطعة تفيد الوفاء بالحق، وم

.أجاز دحض هذه القرينة بالنكول عن اليمين، فيجوز من باب أولى دحضها باإلقرار

من القانون المدني على أن األحكام التي حازت قوة الشيء 338نصت المادة )2

ه من الحقوق، وال يجوز قبول أي دليل ينقض هذه المقضي به تكون حجة بما فصلت في

.1القرينة

:التفرقة بين القرائن القانونية القاطعة و القواعد الموضوعية -

املشرع يفرض فرضا غري قابل للعكس أن احلكم هو عنوان احلقيقة و ذلك باعتبار أن احلكم مىت فصل يف خصومة كان البد من 1

ملنازعات، فال جيوز للخصم احملكوم عليه أن يعيد طرح الرتاع على القضاء بدعوى الوقوف عنده لوضع حد لتجدد اخلصومات و امبتدأة، هذا من جهة و من جهة أخرى باعتبار أنه إذا مسح القانون بتجديد الرتاع بدعاوى مبتدأة جلاز لكل من اخلصمني أن حيصل

.على حكم يتعارض مع احلكم الذي حصل عليه اخلصم اآلخر من القانون املدين اليت جاء فيها أنه ال 338ملقضي ليست من النظام العام من املسائل املدنية حبسب نص املادة حجية األمر ا-

.جيوز للمحكمة أن تأخذ ذه القرينة تلقائيا : به ال تقوم حجية األمر املقتضي إال إذا توافر جمموعة من الشروط منها ما يتعلق باحلكم و منها ما يتعلق باحلق املدعى- أن بكون التمسك باحلجية يف منطوق احلكم ال – أن يكون حكما قطعيا – أن يكون حكما قضائيا -: الشروط املتعلقة باحلكم ) 1(

.يف أسبابه . احتاد السبب– احتاد احملل – احتاد اخلصوم -: الشروط املتعلقة باحلق املدعى به ) 2(

)أنظر امللحق (97 ص 1999 سنة 01 م ق عدد 03/02/1999 قرار بتاريخ 174.416ملف : قرار صادر عن احملكمة العليا *

Page 48: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

التفرقة تدق بينهما في كثير من األحيان ألن هناك قاسم مشترك أعظم بينهما و هو

لصياغة القانونية، أن كال منهما مبني على الغالب المألوف، لكن الفارق بينهما يكمن في ا

القاعدة الموضوعية يجعل المشرع الغالب المألوف حقيقة ثابتة ال يجوز إثبات عكسها يفف

بأي طريقة من الطرق إذ أنها ال تعد طريقا من طرق اإلثبات وإنما أصبحت قاعدة

موضوعية فبلوغ سن الرشد تتفاوت فيه الناس لكن الغالب المألوف أن الشخص يبلغ

تسع عشرة سنة و ما فوق فيقوم الشارع ) 19(العقلي اعتبارا من سن درجة النضج

باختبار سن معينة و يجعل بلوغ الرشد لجميع الناس عند هذه السن،هذا مثل عن القاعدة

الموضوعية،و لذلك ال يجوز إثبات عكسها بأي طريق من الطرق، إذ ال تعد طريقا من

رشيدا و لو كان عبقريا،أما القرينة القانونية طرق اإلثبات، فمن يبلغ هذه السن فال يعتبر

القاطعة تعتبر قاعدة إثبات ال قاعدة موضوعية، لذلك يجوز إثبات عكسها أخذا بفكرة

نقض الدليل بالدليل و ألنها حجة أقامها الشارع بناء على الغالب الراجح،فهي ليست إال

اعد الموضوعية التي تقوم على احتماال قد يخطئ كما يتفق مع الحقيقية ، و من أمثلة القو

حجية األمر المقضي و التقادم و الحيازة في المنقول و مسؤولية المتبوع عن أعمال :قرائن

.التابع و غير ذلك

:القرينة القانونية القاطعة يجوز دحضها باإلقرار و اليمين-

أنها ال إذا قلنا أن القرينة القانونية القاطعة ال تقبل إثبات العكس فليس معنى ذلك

أن عدم القابلية للدحض ال يكون إال للقواعد الموضوعية أما القرائن كتدحض أبدا، ذل

القانونية القاطعة فهي قواعد إثبات و أي كانت المرتبة التي أرادها المشرع لها في القطع

أن القرينة القانونية القاطعة كو الحسم فهي ال تستعص أن تدحض باإلقرار و اليمين، ذل

تزال دليال من أدلة اإلثبات، بل هي تعدو أن تكون دليال سلبيا إذ تقتصر على اإلعفاء ال

من اإلثبات فإذا نقضها من تقررت لمصلحته بإقراره أو يمينه فقد دحضها ، و أفضل مثال

على ذلك ما سبق ذكره حول تقادم بعض الحقوق بمضي سنة و المنصوص عليها في

يجب على من يتمسك بالتقادم "ي حيث أضافت هذه المادة أنه من القانون المدن312المادة

مما يعني أنه يتم دحض هذه القرينة " لسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعال

كذلك نضرب مثاال آخر عن . القاطعة بنكول الخصم عن أداء اليمين المقرر قانونا

Page 49: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

قانون المدني و التي تقيم من ال138مسؤولية حارس الشيء المنصوص عليها في المادة

مسؤوليته على خطأ مفترض غير قابل إلثبات العكس إال بإثبات السبب األجنبي فإذا قام

المدعي بإثبات مسؤولية المدعى عليه بإثبات الضرر و العالقة السببية بين الشيء محل

الحراسة و الضرر،وقع عبء نفي هذه المسؤولية على المدعى عليه بإثباته للسبب

ألجنبي، فإذا عجز عن إثبات ذلك قامت ضده قرينة قاطعة على مسؤوليته اتجاه المدعي ا

،و لم يمكنه دحض هذه القرينة القانونية القاطعة إال بإقرار قضائي يصدر عن

).المدعي(خصمه

و بالتالي يمكن استنتاج أنه كل ما ال يجوز دحضه باليمين أو اإلقرار هو من قبيل

.و ليس القرائن القانونية القاطعةالقواعد الموضوعية

و هذه اليمين توجه تلقائيا :" من القانون المدني312و قد جاء في آخر نص المادة

من القاضي إلى ورثة المدين أو إال أوصياؤهم إن كان الورثة قاصرين على أنهم ال

"يعلمون بوجود دين أو يعلمون بحصول الوفاء

رغم ضيق مجال توزيع عبء اإلثبات بموجب و من خالل هذا النص يتبين لنا أنه

القرائن القانونية القاطعة إال أنه قد يتجلى دور القاضي في عملية التوزيع بموجب بعض

هذه القرائن خاصة منها التي يمكن دحضها باليمين و اإلقرار القضائي و إثبات السبب

1األجنبي، حيث يتبين من المثال السابق

ه اليمين إلى المدين أو إلى ورثته أو أوصيائهم إذا كان أن القاضي يقوم بتوجي

الورثة قاصرين رغم أن هؤالء يملكون دليال معفيا من اإلثبات و هو القرينة القانونية

القاطعة المتعلقة بالتقادم القصير المدى و هو دليل كامل ال يحتاج تكملته باليمين المتممة

رع توزيع عبء اإلثبات بين الدائن الذي يقوم في األصل لكن في هذه الحالة أراد المش

و .بإثبات وجود الدين من جهة و المدين الذي يدفع بانقضائه بمضي مدة التقادم القصير

. هذا بهدف التخفيف من عبء اإلثبات الملقى على عاتق الخصمين

. من القانون املدين 312املادة 1

Page 50: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و فيما يخص دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب القرائن الشرعية

لتي سبق شرحها و تعريفها بأنها القرائن التي جاء بها الشارع الحكيم اهللا عز القاطعة و ا

و رأي الفقهاء،و هو دليل قاطع معفي من -صلى اهللا عليه و سلم-و جل و رسوله الكريم

اإلثبات غير قابل إلثبات العكس، لكن المستقر عليه أنه يمكن دحض هذا الدليل في بعض

اصة بالنسبة لبعض القرائن الشرعية القاطعة التي أوردها أحوال باليمين أو اإلقرار خ

الشارع الحكيم و بالنسبة ألغلبها التي جاء بها فقهاء الشريعة اإلسالمية و التي نذكر بعض

هذه " الولد للفراش و للعاهر الحجر:"قوله صلى اهللا عليه و سلم : األمثلة منها فيما يلي

بين الزوجين، ) الدخول(د بمجرد ثبوت البناء قرينة شرعية قاطعة على ثبوت نسب الول

فما على الزوجة إال أن تثبت ذلك،فال يمكن للزوج إثبات عكس هذه القرينة ،لكن في

إمكانه دحضها بوسيلة اللعان المنصوص عليها شرعا و هي حلفه لليمين أن لعنة اهللا عليه

تستنتج دور القاضي في هذه و بالتالي 1إن كان من الكاذبين أن الولد ليس من صلبه

المسألة و المتمثل في توزيع عبء إثبات واقعة نسب الولد بين الزوجين الخصمين

بموجب القرينة الشرعية القاطعة السابق ذكرها و ذلك بتوجيه اليمين إلى الزوج،فإذا حلف

هذا األخير تنقل اليمين إلى الزوجة

): البسيطة(عة بالنسبة للقرائن القانونية غير القاط: ثانيا

بأنها تلك التي تجعل ) البسيطة(عرف الفقه القانوني القرائن القانونية غير القاطعة-

وجانب أحد المتداعيين أقوى من اآلخر، فهي تعفي الشخص الذي شهدت له من اإلثبات،

.تغنيه عن أي طريق آخر لإلثبات و لكن يحق للخصم إثبات عكسها

انت قرائن شرعية بنص شرعي أو ثابتة بنص فقهي، كءفي الفقه اإلسالمي، سوا-

يقضي م النصوص الشرعية أوال، ثقتعتبر حكما شرعيا يلتزم القاضي بتطبيقه، فيطب

القرائن الشرعية غير القاطعة هي تلك التي وبنصوص مذهبه ثانيا ما لم يكن مجتهدا،

ب مفتوحا أمام من شهدت لكنه جعل الباواستنبطها الفقهاء باجتهادهم و اعتبرها الشارع،

.عليه إلثبات عكسها

517 ص - وسائل اإلثبات يف الشريعة اإلسالمية يف املعامالت املدنية و األحوال الشخصية -حممد الزحيلي / د1

Page 51: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:من أمثلة القرائن القانونية غير القاطعة-

ينتج التعبير عن اإلرادة أثره في الوقت الذي :" من القانون المدني61المادة .1

التعبير قرينة على العلم به ما لم يقم الدليل ليتصل فيه بعلم من وجه إليه و يعتبر وصو

راعى المشرع أن الذي يحدث عادة هو أن يعلم الشخص بما يصل فقد "على العكس ذلك

هذه القرينة حتى يخفف عن موجه التعبير عبء إثبات العلم و هو مإليه وقت وصوله، فأقا

يجوز لمن وجه إليه التعبير أن ينقض هذه القرينة بدليل عكسي، و. أمر يتعذر إثباته

.إلخ...أو مرض) مثال(غيابهفيثبت أنه رغم وصول التعبير لم يحط به علما ل

كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ما لم :" من القانون المدني98المادة .2

يقم الدليل على ما يخالف ذلك، و يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي ما لم

يدعي أن نيقم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى م

أي أن المشرع قرر قرينة قانونية لصالح " سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيهملاللتزا

الدائن حيث لم يلزمه بإثبات أن االلتزام الذي يطالب به المدين سببا مشروعا، و هذه

القرينة بسيطة تقبل النقض بالدليل العكسي، كذلك لم يلزم المشرع الدائن إثبات أن السبب

قد هو السبب الحقيقي، و إنما أقام قرينة قانونية على أن السبب الحقيقي المذكور في الع

و لما كانت هذه القرينة غير قاطعة فيجوز للخصم أن ينقض الدليل . المذكور في العقد

.المستفاد منها، بأن يثبت مثال أن السبب المذكور في العقد صوري

المدين فليس عليه إال أن إذا ادعى الدائن عسر:" من القانون المدني193المادة .3

يثبت مقدار ما في ذمته من ديون، و على المدين أن يثبت أن له ماال يساوي قيمة الديون

أي أنه إذا ادعى الدائن عسر المدين، فليس عليه إال أن يثبت ما في ذمة "أو يزيد عليها

المدين معسر، مدينه من ديون، و عند ذلك تقوم قرينة قانونية قابلة إلثبات العكس على أن

وينتقل عبء اإلثبات بفضل هذه القرينة إلى المدين و عليه هو أن يثبت بأنه غير معسر،

ويكون ذلك بإثبات أنم له أموال تساوي قيمة الديون أو تزيد عليها فإن لم يفلح في هذا

.اإلثبات عد معسرا

Page 52: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

رف من القانون المدني، حيث جاء في معنى هذا النص أن كل تص776المادة .4

يصدر من المورث في مال من أمواله و هو في مرض الموت يعد صادرا على سبيل

فهذه القرينة القانونية الدالة على نية . التبرع، ما لم يثبت من صدر له التصرف عكس ذلك

التبرع من شأنها تيسير اإلثبات على الوارث فيكفي أن يثبت أن التصرف قد صدر من

.م القرينة فيعد أنه صدر على سبيل التبرعمورثه في مرض الموت حتى تقو

.و األمثلة كثيرة ومتنوعة عن القرائن القانونية غير القاطعة في القانون الجزائري

يتم نقض القرائن القانونية غير : طرق إثبات العكس في القرائن غير القاطعة -

القرينة القانونية القاطعة وفقا للقواعد العامة في اإلثبات فيجوز نقضها بإقرار من قامت

لمصلحته أو بنكوله عن اليمين الحاسمة التي وجهت إليه أو عن طريق الدليل الكتابي أو

بمبدأ الثبوت بالكتابة معززا بالبينة أو القرائن القضائية، كما يجوز اإلثبات بالبينة و

عليه، بالقرائن القضائية إذا استحال الحصول على دليل كتابي أو عند فقده بعد الحصول

ويالحظ أن القرينة القانونية البسيطة قد يتم استخدامها في إثبات واقعة مادية أو تصرف

قانوني ال تزيد قيمته عن النصاب المحدد لشهادة الشهود، وفي هذه الحالة ال يثور أي شك

ولكن قد . في جواز إثبات عكس هذه القرينة بكل طرق اإلثبات وذلك طبقا للقواعد العامة

م القرينة القانونية البسيطة في إثبات تصرف قانوني تزيد قيمته عن النصاب المحدد تستخد

).1000ألف دينار جزائري ( لإلثبات بشهادة الشهود

وفي هذه الحالة وبما أن القرينة القانونية البسيطة ال تعفي في حقيقتها من اإلثبات و

ليها إلى واقعة أخرى متصلة بها و إنما تنقل محل اإلثبات من الواقعة األصلية المتنازع ع

هذه الواقعة األخيرة هي التي يجب إثباتها طبقا للقواعد العامة في اإلثبات و بالتالي تقوم

القرينة القانونية و تثبت بقتضاها الواقعة األخرى المتنازع عليها، وإذا أراد الخصم اآلخر

.1في هذا الصددأن يدحض هذه القرينة فعليه التزام حكم القواعد العامة

.227 ص – املرجع السابق – رمضان أبو السعود 1

Page 53: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

لكن المشرع عين في بعض الحاالت طرق خاصة إلثبات عكس القرينة القانونية

:غير القاطعة و من أمثلتها

حيث أنه : من القانون المدني193في المثال الذي سبق ذكره حول نص المادة - 1

ره وهذه إذا أثبت الدائن أي مقدار من الديون في ذمة مدينه قامت قرينة قانونية على إعسا

القرينة تنقض عن طريق إثبات المدين أن لديه أمواال تساوي قيمة هذه الديون أو تزيد

.عليها

من القانون المدني تنص على أن العالقة السببية بين الخطأ و 127 المادة - 2

الضرر تقوم على قرينة قانونية غير قاطعة، يجوز نقضها بإثبات السبب األجنبي كالقوة

.الخ...طأ المضرور أو عيب في األشياء المنقولةالقاهرة أو خ

من القانون المدني، تنص في معناها أن المستأجر يعد مسؤولة عن 496 المادة -3

الحريق في العين المؤجرة مسؤولية قائمة على خطأ عقدي مفروض، ويجوز نفي هذا

لذي يشغله مستأجر الخطأ المفترض بأن يثبت المستأجر أن النار قد بدأ نشوبها في الجزء ا

.آخر

إن كل قرينة قانونية قابلة إلثبات العكس ليست في الواقع إال توزيعا لعبء -

اإلثبات بين الخصمين، ينص عليه القانون و يتكفل بتطبيقه القاضي، ونرى كذلك مما سبق

أن من يحمل عبء اإلثبات ليس مطالبا في الواقع من األمر بإثبات كامل قاطع، وال هو

بإثبات كل عنصر من العناصر التي تتكون منها الواقعة مصدر الحق المدعى به، يكلف

وليست الحقيقة القضائية التي يتولى إثباتها بالحقيقة المطلقة التي ال يداخلها الشك، فالقانون

يطلب ممن يحمل عبء اإلثبات أن يقنع القاضي بأن األمر الذي يدعيه أمر مرجح

بقي من شك يحوم حول األمر بأن بنقل عبء اإلثبات إلى وينفي القاضي ماالوقوع،

ليثبت أنه بالرغم من الظواهر التي ترجح وقوع األمر، توجد قرائن أخرى .الخصم اآلخر

تجعل الراجح مرجوحا،ثم يرد عبء اإلثبات على الخصم األول ليهدم هذه القرائن بقرائن

Page 54: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

عجز أحدهما عن دحض الدليل الذي أخرى، وهكذا يتبادل الخصوم عبء اإلثبات، إلى أن ي

.1تقدم به الخصم اآلخر، فيخسر بذلك الدعوى

من األمثلة عن دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب القرائن القانونية

: البسيطة ما يلي

من القانون المدني، جاء في معناها انه عندما يريد الحائز أن يثبت 830 المادة - 1

ادم، أي يثبت أن حيازته استمرت المدة التي حددها القانون لتمام أنه كسب الملكية بالتق

التقادم، هنا يضع القانون قاعدة لتوزيع عبء اإلثبات بين الخصوم، فالحائز يحمل عبء

إثبات أن حيازته بدأت في وقت معين و أنها قائمة حاال، و هنا يقيم القانون قرينة على أن

بين الزمنين، فيتولى القاضي مهمة تكليف الخصم اآلخر الحياز استمرت قائمة في المدة ما

باإلثبات، فيلقي عليه عبء إثبات أن مدة التقادم قد انقطعت، فانقطع التقادم لسبب من

.األسباب

عندما يطالب الدائن مدينه بوفاء التزام مترتب على عقد معين، هنا من - 2

العقد على عاتق الدائن، فيثبت أن المفروض أن يقع عبء إثبات الواقعة القانونية، و هي

هناك عقدا توافرت فيه كافة عناصره القانونية من التراضي و تنزه الرضاء عن العيوب و

وجود السبب المشروع و عدم استحالة مضمونه، و ال شك في ثقل عبء إثبات كافة هذه

من هذا العناصر إذا ألقي هذا العبء على الدائن وحده، و لهذا و تحت دافع التخفيف

العبء، يتولى المشرع تجزئة عبء اإلثبات بين الدائن و المدين، فحسب الدائن هنا أن

يثبت وجود االلتزام الذي لم ينفذه المدين، و يقيم المشرع بعد ذلك عدة قرائن تساعد على

مثال . هذا التخفيف بإلقاء عبء إثبات بعض عناصر الواقعة القانونية على عاتق المدين

تولت قرينة المادة دال يجب على الدائن أن يثبت أن لاللتزام سبب مشروع، فلقذلك أنه

ه من القانون المدني هذه المهمة بافتراضها أنه إذا لم يذكر في العقد سبب االلتزام، فإن98

كما . ثم يقع على المدين عبء إثبات تخلف السبب المشروع. يفترض أن له سببا مشروعا

يثبت توافر التمييز و اإلدراك أو أن الرضاء كان سليما، فكل هذه ال يجب على الدائن أن

.83 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق السنهزري / د 1

Page 55: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

العناصر يفترض وجودها، و للمدين أن يثبت عكس ذلك، كما ال يجب على الدائن أن

فمثال ال يجب عليه أن يثبت عدم هالك المبيع وقت التعاقد و . يثبت وجود محل االلتزام

. موجود لهالكه قبل التعاقدإنما يقع على المدين إثبات أن المحل كان غير

إذا باع شخص شيئا يملكه، و بعد موته تنازع ورثته المشتري في أن الثمن - 3

أن البيع قد صدر في مرض الموت فيكون وصية، و والمذكور في عقد البيع صوري،

يوزع القانون عبء اإلثبات هنا أيضا بين الورثة و . من ثم ال ينفذ إال من ثلث التركة

وعلى ورثة :" على ما يأتي776، فقد نصت الفقرتان الثانية و الثالثة من المادةالمشتري

المتصرف أن يثبتوا أن التصرف القانوني قد صدر عن مورثهم وهو في مرض الموت و

لهم إثبات ذلك بجميع الطرق، وال يحتج على الورثة بتاريخ العقد إذا لم يكن هذا التاريخ

التصرف صدر عن مورثهم في مرض الموت أعتبر التصرف إذا أثبت الورثة أن . ثابتا

كل هذا ما لم . صادرا على سبيل التبرع ما لم يثبت من صدر له التصرف خالف ذلك

".توجد أحكام خاصة تخالفه

.فالورثة إذن يحملون عبء إثبات أن البيع قد صدر في مرض الموت

د به التبرع و أن ثمنا ما ومتى أثبتوا ذلك قامت قرينة قانونية على أن العقد مقصو

وعليه أن يثبت انه دفع للبائع ثمنا . لم يدفع و عند ذلك ينتقل عبء اإلثبات إلى المشتري

ال يقل عن قيمة المبيع بمقدار يجاوز ثلث التركة و إال فإن البيع فيما تجاوز فيه زيادة قيمة

.المبيع على الثمن ثلث التركة، ال يسري في حق الورثة

األمثلة السابق ذكرها يظهر جليا دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات فمن خالل

.بين الخصوم بموجب القرائن القانونية غير القاطعة

ومن األمثلة في الشريعة اإلسالمية مسألة اختالف الزوجين في متاع البيت، حيث -

م يستطع أنه إذا اختلف الزوجين في متاع البيت و ادعى كل منهما أن المتاع ملكه، ول

إحضار البينة، فقد ذهب الحنيفية و المالكية و الحنابلة و الزيدية و اإلمامية في األظهر و

اإلباضّية إلى وضع قرينة فقهية متمثلة في أن متاع البيت الذي يصلح للرجال كالعمامة و

الكتب و السيف يعطى للزوج و المتاع الذي يصلح للنساء كالحلي و الثياب يعطى

للقرينة القائمة على العرف و العادة في صالحية كل نوع لصاحبه، وأنه ال عبرة للزوجة،

Page 56: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

لليد الحسية فيها ثم اختلفوا في المتاع الذي يصلح للرجال و النساء معا كاآلنية و الذهب و

يقضى به للرجال، ألن البيت بيت : فقال المالكية و الحنفية. الفضة و العقار و األثاث

و المرأة تحت يده واليد قرينة و داللة من دالالت الظاهر على المالك، الرجل في العادة،

وقال اإلمام أحمد بن حنبل وابن القاسم من المالكية و اإلمامية وعثمان البتى وعبد اهللا بن

إن ما يصلح لهما يقسم بينهما بعد اليمين : الحسن والحسن بن زيد و زفر في أحد قوليه

خالل هذه القرينة الفقهية يقوم القاضي بتوزيع عبء اإلثبات و من. 1إلشتراكهما في اليد

بين الزوجين، حيث ترجح القرينة كفة الزوج فيما يكون عادة ملكا للرجال من متاع البيت

فال يحتاج إلى إثبات ذلك بدليل آخر في حين ينتقل عبء اإلثبات إلى الزوجة لتقديم البينة

ذلك قضي لها بما طلبت و إذا أخفقت خسرت على ملكية هذه األشياء فإذا نجحت في

المتاع الصالح للرجال و والدعوى، و نفس الحكم بالنسبة للمتاع الذي يصلح للنساء،

.النساء معا

:دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب القرائن القضائية : المطلب الثاني

ضي استنباط كل قرينة لم يترك لتقدير القا:" من القانون المدني340تنص المادة -

يقررها القانون، و ال يجوز اإلثبات بهذه القرائن إال في األحوال التي يجيز فبها القانون

فالقرينة القضائية هي نتيجة يستخلصها القاضي من واقعة معلومة لواقعة ". اإلثبات بالبينة

شرة، حيث تثبت غير معلومة و لذلك تعد القرائن القضائية من أدلة اإلثبات غير المبا

الواقعة أو يثبت التصرف بطريق غير مباشر عن طريق ثبوت واقعة أخرى قريبة منها أو

فمثال إذا أثبت المستأجر أنه قام بدفع األجرة عن شهر معين، أمكن للقاضي . متصلة بها

أن يستخلص من ذلك دفع األجرة عن الشهر السابق، وقد تكون الواقعة المتنازع عليها هي

السيارة أثناء وقوع الحادث، فيقوم قاضي الموضوع بتحديد سرعة السيارة وذلك سرعة

طويلة ) الفرامل( استنباطا من واقعة أو وقائع أخرى مثل أن تكون آثار جهاز التوقيف

فإذا ثبت للقاضي الوقائع األخيرة أمكنه أن يستنبط . وحالة السيارة و حالة الطريق وهكذا

.491 ص – املرجع السابق –حممد الزحيلي / د 1

Page 57: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

دث فنكون بصدد قرينة قضائية أقامها القاضي وبذلك تختلف سرعة السيارة أثناء الحا

القرينة القضائية عن القرينة القانونية، ففي القرينة األخيرة يتولى المشرع بنفسه عملية

.االستنباط ثم يفرض الواقعة التي استخلصها على القاضي و الخصوم فرضا

ي يستخلصها القاضي من أما في الشريعة اإلسالمية فالقرائن القضائية هي تلك الت

استخالص هذه القرائن قد تركه الشارع للقاضي رظروف الدعوى و مالبساتها، فأم

أراد وأطلق له الحرية، فكلما اقتنع القاضي باستنباط أمر اليستنبطه كيفما شاء، وحسبم

وهذا األمر يستلزم من القاضي أال يحكم بهذا االستنتاج إال . حكم بمقتضاه وإال فال

ره مطمئن، وهذا ال يكون إال حيث تكون القرائن قوية، متصلة بالواقعة المتنازع وضمي

و القرائن القضائية ال تقع تحت حصر ألنها وليدة الظروف و . فيها اتصاال مباشرا

الحوادث، وعلى كل حال فالمدار في استخالصها على ذكاء القاضي وفطنته، فينبغي عليه

ع من القرائن، ما و من قبيل هذا النو. ر من الحوادثأال يبعد في االستنباط عما يظه

في قصة قتل أبي جهل، وذلك أن إبني عفراء لى اهللا عليه و سلمصيقضي به الرسول

" فأرياني سيفيكما:" ال، فقال: قاال" هل مسحتما سيفيكما؟):" ص(تداعيا قتل أبي جهل فقال

لى اهللا عليه وسلمص سلبه، فالرسولوقضى له ب" هذا قتله:" فلما نظرا فيهما، قال ألحدهما

قضى بالسلب ألحدهما اعتمادا على أثر الدم على السيف، وأثر الدم قرينة من القرائن التي

ما قضى به نبي اهللا – أيضا –ترجح جانب أحد المتداعيين، ومن قبيل هذه القرائن

أبو هريرة أن رسول في أمر المرأتين اللتين ادعتا الولد، فقد روى - عليه السالم- سليمان

كانت امرأتان معهما ابناهما فجاء الذئب فذهب بابن أحداهما، فقالت :" قال) ص(اهللا

عليه -إنما ذهب بابنك فتحاكما إلى داود:لصاحبتها، إنما ذهب ابنك، و قالت األخرى

ائتوني : فأخبرتاه فقال-عليه السالم– فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان -السالم

أشقه بينكما، فسمحت الكبرى بذلك، فقالت الصغرى ال تفعل يرحمك اهللا هو ابنها، بالسكين

و يظهر من سياق القصة أن سليمان قضى به للصغرى، مخالفا ". فقضى به للصغرى

من أن -عليه السالم–بذلك رأي أبيه، الذي قضى به للكبرى، بناءا على ما انفتح في ذهنه

أن الولد ليس ابنها، وامتناعها عن المخاصمة إنما هو الحامل للصغرى على االعتراف ب

أودعاهما اهللا قلوب األمهات، كما فهم من رضي الكبرى بشق الولد نالشفقة و الحنان اللذا

Page 58: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

بينهما أنه ليس ابنها، وإنما أرادت الكيد للصغرى بقتل ولدها، كما ذهب الذئب بولدها هي

.1حقدا و حسدا

السلطة التقديرية للقاضي في استنباط القرائن و سنتطرق في هذا المطلب إلى

القضائية في العنصر األول و إلى سلطة القاضي في تقدير اإلثبات بالقرائن القضائية و

. توزيع عبء اإلثبات بموجبها

.185 ص – املرجع السابق – حممد فتح اهللا النشار 1

Page 59: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:السلطة التقديرية للقاضي في استنباط القرائن القضائية: أوال

:ين أو ركنين يقتضي استنباط القرينة القضائية توافر عنصر-

وجود واقعة أو وقائع ثابتة ذات صلة بالواقعة المتنازع عليها و :العنصر األول )1

، فال بد إذن في هذه (Indices)يطلق على هذه الواقعة اصطالح الدالئل أو األمارات

الواقعة أن تكون ثابتة فالقرنية هي استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة، بحيث إذا كانت

محتملة و غير ثابتة فإنها ال تصلح مصدرا لالستنباط و نعرض فيما يلي إلى هذه الواقعة

بعض صور الوقائع الثابتة و التي يمكن أن يستخلص منها األمر المجهول و المتنازع

:عليه

يجوز االعتماد على عقود اإليجار و إيصاالت األجرة عن مدة ال يدخل فيها شهر *

. ذات العقار قرينة قضائية إلثبات األجرة القانونيةاألساس أو ألماكن أخرى مماثلة في

ما مرد ولمحكمة الموضوع أن تقول في حكمها على ما ورد في شكوى إدارية، أ*

في محضر جمع االستدالالت أو محضر الشرطة أو في أي تحقيقات إدارية أو قضائية،

.أو من أقوال شهود سمعوا في غير مجلس القضاء

ضوع التعويل في حكمها على حكم صادر في قضية أخرى لم يجوز المحكمة المو*

.يكن الخصم طرفا منها وذلك كقرينة قضائية

يجوز أن يعتمد القاضي في استنباط القرينة على أقوال شهود سمعوا في قضية *

.أخرى حتى ولو أطرحت المحكمة الذي سمع أمامها الشهود التحقيق منها

هود سمعهم الخبير بدون حلف اليمين و من يجوز استنباط القرائن من أقوال ش*

.المعاينة التي أجراها و من المستندات المقدمة إليه

يجوز أن تستخلص القرنية القضائية من يمين لكل الخصم عن حلفها أو من إقرار *

.صادر عن الخصم

ويالحظ في تلك الواقعة الثابتة أنه يجب أن يكون لها أصل في األوراق، فال تستنبط

.ينة من أوراق خارج ملف الدعوىالقر

كما ال يجب أن تكون الواقعة الثابتة سكوتا عن التمسك بأمر مخالف للنظام العام،

.فمثل هذا السكوت ال يصلح أن يكون قرينة على الواقعة األخرى المتنازع عليها

Page 60: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ويالحظ أنه في خصوص العنصر األول تتمتع محكمة الموضوع بسلطة واسعة في

من وقائع ثابتة في األوراق تقرائن بمعنى أن لهذه المحكمة اختيار ما شاءاستخالص ال

من القانون 340، وبذلك يكون مفاد نص المادة ةلكي تستخلص منها القرينة المطلوب

المدني أن لقاضي الموضوع السلطة المطلقة في استنباط القرائن التي يعتمد عليها في

عدة التي تفرض عليه أال يبني اقتناعه على وقائع لم تكوين عقيدته غير مقيد في ذلك بالقا

.تثبت بالطرق القانونية أو على وثائق لم تكن محل مناقشة الخصوم

يتمثل هذا العنصر في عملية االستنباط التي يقوم بها قاضي :العنصر الثاني) 2

يقتنع الموضوع، حيث يستخلص من الواقعة الثابتة لديه واقعة أخرى يراد إثباتها، حيث

القاضي بان الصلة بين الواقعة أو الوقائع الثابتة و بين الوقائع المتنازع عليها تجعل

احتمال حصول الواقعة األخيرة غالبا، وذلك على أساس أن الغالب و المألوف في العمل

أنه كلما وجدت الوقائع األولى ترتبت عليها بالضرورة الواقعة المتنازع عليها، وهذه هي

وحصول هذا االقتناع مسألة شخصية و نفسية أساس . الستنباط و االستخالصعملية ا

و هنا مكمن الخطر في . تتوقف على القاضي كإنسان، وتختلف باختالف عقليات القضاة

هذه الوسيلة من وسائل اإلثبات، إذ من الواضح أنها تترك للقاضي حرية واسعة في

م توافر مقومات اإلدراك السليم و الفطنة التقدير وهي حرية قد ال يحسن استخدامها لعد

.الصحيحة لديه

من القانون المدني بأنه ال 340تقضي المادة : مجال اإلثبات بالقرائن القضائية-

شهادة ( يجوز اإلثبات بهذه القرائن، إال في األحوال التي يجوز فيها اإلثبات بالبينة

ة ثابتة متصلة بها، و هذا يتضمن في ، فقد رأينا أن للقاضي سلطة استخالص واقع)الشهود

حقيقة األمر توسع لدور القاضي في عملية اإلثبات بما يشمله من التخفيف من نظام

اإلثبات المقيد،و لهذا يكثر اإلثبات بالقرائن القضائية في الميدان العملي، نظرا لتعذر أو

من األحوال، لذلك صعوبة اإلثبات المباشر الذي ينصب على ذات واقعة النزاع في كثير

اعتبر المشرع القرائن القضائية من األدلة المقيدة ال المطلقة، و لهذا نص على أنه ال

يجوز اإلثبات بالقرينة إال في بعض الحاالت، و هي الحاالت التي يجوز فيها اإلثبات

بشهادة الشهود، أي الوقائع المادية بصفة عامة و التصرفات التجارية، و التصرفات

Page 61: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

نية التي ال تتجاوز قيمتها ألف دينار جزائري، فالمالحظ أنه لو أجيز اإلثبات بالقرائن المد

القضائية لما ال يجوز إثباته بالبينة ألمكن تصور اإلحتيال على النصوص التي ال تجيز

.اإلثبات بالبينة

Page 62: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:الفروق بين القرائن القضائية و القرائن القانونية-

قضائية كما رأينا محدود بمجال جواز اإلثبات بشهادة إن مجال إعمال القرائن ال*

الشهود، فحيث ال يجوز اإلثبات بالبينة ال يجوز اإللتجاء إلى القرائن القضائية، أما القرائن

فمثال صدور التصرف في مرض الموت يعد . القانونية فليس لها مجال معين ألعمالها

فإن ارع أيا ما كانت قيمته، أيضقرينة قانونية على أنه تصرف صادر على سبيل التب

الوفاء بقسط من األجرة يعد قرينة قانونية على الوفاء باألقساط السابقة عليه أياما كانت

.قيمة كل منها

رأينا أن القرائن القانونية ال تنشأ إال بنص القانون و حيث يقوم القانون باختيار *

وفة و غير ثابتة، و هي التي تكون واقعة معروفة و ثابتة ليستنبط منها واقعة غير معر

أما القرائن القضائية فال تنشأ بنص القانون و إنما الذي يقوم . محال للدعوى أو الدفع

على خالف -و لذلك فالقرينة القانونية . باستخالصها و استنباطها هو قاضي الموضوع

و لذلك . يفرضها المشرع فرضا على الخصوم و على القضاة أيضا-القرينة القضائية

أيضا فإن القرائن القانونية مذكورة في القانون على سبيل الحصر بخالف القرائن القضائية

.التي تستعصي على الحصر

و يترتب على ما تقدم أن القاضي ال تكون له سلطة تقديرية بشأن القرينة *

أما في القانونية حيث يكون للخصم الذي تقررت القرينة القانونية لصالحه أن يتمسك بها،

القرائن القضائية فقد رأينا أن للقاضي السلطة الكاملة في استخالص هذه القرائن و في

تقدير حجيتها و لذلك ليس للخصوم هنا سوى أن يطلبوا من القضاء تقرير قرينة قضائية

.1يستقل هو بتقديرها

قد يحدث و يتكرر استنباط: تحول بعض القرائن القضائية إلى قرائن قانونية-

القضاة للقرائن على نحو معين، فتستقر عليها المحاكم و يتوحد تطبيقها في مختلف

الدعاوى، فيصبح األمر وكأنه ملزم بالمحاكم، عندئذ قد يرى المشرع أنه من المناسب

اعتبار هذه القرائن جديرة بتوحيد داللتها فيرفعها إلى مرتبة القرينة القانونية، فالقرينة

.248 ص – املرجع السابق –رمضان أبو السعود / د 1

Page 63: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

الواقع من األمر إال قرينة قضائية قام القانون بتعميمها و تنظيمها فإذا القانونية ليست في

اضطرت أحكام القضاء على تقرير قرينة قضائية معينة وطال الزمن على هذا المسلك و

ساد االعتقاد بلزومها، فإنه يمكن القول بنشوء عرف قضائي يعد مصدرا لقرينة قانونية،

ناء قرينة على خطأ حارس البناء، فتلك قرينة قضائية ومثال ذلك اعتبار مجرد تهدم الب

وأيضا . إضطردت عليها أحكام القضاء قبل أن ينص عليها القانون باعتبارها قرينة قانونية

الوفاء بقسط من األجرة قرينة قضائية على الوفاء باألقساط رقد جرت األحكام على اعتبا

. 1تبارها قرينة قانونيةالسابقة، ثم أتى القانون المدني فنص عليها باع

:سلطة القاضي في تقدير اإلثبات بالقرائن القضائية: ثانيا

الموضوع تتمتع رأينا أن محكمة: سلطة محكمة الموضوع في تقدير القرائن-

بسلطة واسعة في استخالص القرائن مما هو مطروح عليها من وقائع لها أصل في

ذلك السلطة الكاملة في تقدير القرائن، فتقدير األوراق، و لنشير هنا إلى أن للمحكمة ك

األدلة و القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع متى كانت مستمدة من أوراق الدعوى و

مستخلصة منها استخالصا سائغا فيكون النعي في هذا الشأن مجادلة في سلطة القاضي في

يجوز، وإذا كانت ترجيح استخالص على آخر بغية الوصول إلى نتيجة أخرى وهو ما ال

للمحكمة هذه السلطة فإنه يشترط أال يكون استخالصها للقرائن مخالفا للثابت في األوراق،

فإذا تقيدت بهذا القيد كان لها أن تأخذ بالقرينة، أو تطرح األخذ بها إذا تطرق إليها الشك،

إطراح ما ترى و إلن كان لمحكمة الموضوع السلطة الكاملة في تقدير القرائن القضائية و

األخذ به منها، إال أن ذلك مشروط بأن تكون قد اطلعت عليها و أخضعتها لتقديرها بحيث

و . إذا بان أنها لم تطلع عليها و بالتالي لم تبحثها فإن حكمها يكون قاصرا قصورا يبطله

و إذا . لكن ال تلتزم محكمة الموضوع بتنفيذ كل قرينة مناهضة يدلي بها الخصم أمامها

ان تقدير القرائن هو ما يستقل به قاضي الموضوع، فال شان للمحكمة العليا فيما يستنبطه ك

. من القانون املدين499 املادة 1

Page 64: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

منها متى كان استنباطه سائغا، ولذلك ال يجوز التمسك بالقرائن ألول مرة أمام المحكمة

.العليا

تعد القرينة القضائية حجة : جواز نقض القرينة القضائية بكافة طرق اإلثبات -

ملزمة، وقد رأينا أن مجال اإلثبات بالقرائن القضائية هو ذات المجال لإلثبات متعدية غير

إذن فالقرائن القضائية تأخذ حكم البينة فهي غير قاطعة ولذلك تقبل دائما . بشهادة الشهود

إثبات العكس، إما بالكتابة أو بشهادة الشهود أو بقرينة مثلها أو بغير ذلك من أدلة اإلثبات،

، )غير القاطعة(قضائية في هذا الصدد مثلها مثل القرينة القانونية البسيطة فالقرينة ال

فالقرائن القضائية هي من األدلة التي لم يحدد القانون حجيتها و التي أطلق للقاضي في

األخذ بنتيجتها وعدم األخذ بها، كما أطلق له في أن ينزل كل قرينة منها من حيث األهمية

. ي يراهاو التقدير المنزلة الت

1: قوة اإلثبات المحدودة للقرائن القضائية-

رأينا فيما سبق أنه ينحصر مجال اإلثبات بالقرائن القضائية في المسائل التي تقبل

اإلثبات بشهادة الشهود، إذن فلها نفس قوة اإلثبات المحدودة التي تتميز بها هذه األخيرة،

دية و التصرفات القانونية التجارية، وتبقى بعد أي أن لها قوة مطلقة في إثبات الوقائع الما

ذلك التصرفات القانونية المدنية وهذه ليس لها فيها إال قوة إثبات محدودة، و قد وضع

: القانون في ذلك قاعدة عامة ثم أورد عليها استثناءات معينة

: فيها شقين: القاعدة العامة .1

إذا زادت قيمتها على ألف دينار ال يجوز إثبات التصرفات القانونية المدنية -أ

معنى ذلك أن التصرف القانوني ال يجوز إثباته بالقرائن القضائية إال : جزائري إال بالكتابة

إذا ووجد اتفاق إذا كانت قيمة االلتزام الناشئ عن هذا التصرف التزيد عن ألف دينار، إال

. من القانون املدين333 املادة 1

Page 65: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

أن هذه القاعدة ليست من أو نص في القانون يجيز اإلثبات بالقرائن القضائية، فنستنتج

النظام العام ما دام االتفاق على مخالفتها ممكنا، هذا من جهة أما من جهة أخرى فوجب

تحديد التصرفات القانونية المدنية التي تسري عليها القاعدة بالدرجة األولى ثم تحديد قيمة

. االلتزامات الناشئة عن هذه التصرفات

كون اتفاقا أو عقدا و قد يكون تصرفا قانونيا قد ي:تحديد التصرف القانوني*

صادرا عن إرادة فاصلة منفردة، فتدخل في نطاق االتفاقات أو العقود تلك التي تنشأ

. االلتزام أو تنقل الحق العيني أو تلك التي تقضي االلتزام أو تنقله أو آثار قانونية أخرى

دة اإليجاب الملزم، والقبول، و وتدخل في نطاق التصرف القانوني الصادر عن إرادة منفر

الوعد بجائزة و اإلجازة و اإلقرار و االعتراف بدين طبيعي، كل ذلك سواء اشترط

. القانون كتابة رسمية أو عرفية سواء لإلثبات أو لالنعقاد

يجب أال تزيد قيمة االلتزام عن ألف دينار جزائري حتى : تحديد قيمة االلتزام*

كان محل االلتزام مبلغا من النقود يسهل تحديد قيمته القضائية، فإذيجوز إثباته بالقرائن ا

أما إذا كان شيئا غير النقود، قدر القاضي قيمته وقت صدور التصرف ال وقت المطالبة،

و ال عبرة بما يطرأ عليها بعد ذلك من نقص أو زيادة، أما إذا كان االلتزام غير محدد

لقضائية، لكن يجوز اإلثبات بها إذا كانت زيادة االلتزام القيمة فال يجوز إثباته بالقرائن ا

على ألف دينار جزائري لم تأت إال من ضم الملحقات إلى األصل و إذا شملت الدعوى

على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز اإلثبات بالقرائن القضائية في كل طلب

الطلبات جميعها تزيد على هذه ال تزيد قيمته على ألف دينار جزائري ولو كانت هذه

القيمة، ولو كان منشؤها عالقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات قانونية من طبيعة

.واحدة، وكذلك الحكم في كل وفاء ال تزيد قيمته عن تلك القيمة

: ال تقبل القرائن القضائية فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها-ب

:وهذه تخضع في تطبيقها إلى شروط هي

وهي الكتابة التي وقع عليها المدين رسمية أو عرفية، : وجود كتابة أعدت لإلثبات*

أما األوراق غير المعدة لإلثبات فيجوز إثبات ما يخالفها أو يجاوزها بالقرائن القضائية

Page 66: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

فهذا الشرط يقتضي وجود كتابة معدة لإلثبات وتكون دليال كامال في غير التزام تجاري

.تزام الثابت بهذا الدليل الكتابي الكاملأيا كانت قيمة االل

ال يجوز إثبات ما يخالف الكتابة أو ما : إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها*

يجاوزها إال بالكتابة، أما إذا أريد إثبات شيء متعلق بما هو ثابت بالكتابة لكنه ما يخالفها

إثبات انقضاء االلتزام الثابت : لوال يجاوزها فإن إثبات ذلك يكون وفقا للقواعد العامة مثا

.بالكتابة

وكالمتعاقدين الخلف العام، أما : اإلثبات مقصور على العالقة فيما بين المتعاقدين*

الغير فيجوز له إثبات وجود التصرف نفسه بالقرائن القضائية و لو زادت قيمته عن ألف

.بجميع الطرق) 1000(دينار جزائري

Page 67: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:االستثناءات .2

:ن من االستثناءات هناك نوعا

و كال النوعين يسمح للخصم باإلثبات بالقرائن القضائية التصرفات المدنية حتى لو

دينار جزائري وحتى ولو كان المراد إثبات ما )1000(زادت قيمة االلتزام على ألف

: يخالف الكتابة أو يجاوزها

كون هناك ورقة مكتوبة أن ت: ولهذا المبدأ ثالثة أركان هي1: مبدأ الثبوت بالكتابة-أ

وأن يكون - أن تكون هذه الورقة صادرة من الخصم الذي يحتج بها عليه أو ممن يمثله–

.من شأن هذه الورقة أن تجعل وجود التصرف القانوني قريب االحتمال

2: قيام المانع من الحصول على الكتابة أو من تقديمها-ب

.اء كان المانع ماديا أو أدبياسو: قيام المانع من الحصول على الكتابة*

إذا أثبت الخصم أنه حصل فعال : قيام المانع من تقديم الورقة لفقدها بسبب أجنبي*

.على سند مكتوب و أن هذا السند قد فقد وأن هذا الفقد كان بسبب أجنبي ال يد له فيه

وفي األخير نعطي بعض األمثلة عن دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات -

:جب القرائن القضائية في مايليبمو

يريد دائن الشريك المدير في شركة التضامن أن يثبت أن العقد الذي وقعه هذا *

المدير كان لحسابه الخاص ال لحساب الشركة، فحسبه أن يثبت أن هذا الشريك قد وقع

رينة يستنبط القاضي من هذه الواقعة الثابتة قذباسمه و دون ذكر لعنوان الشركة و عندئ

. من القانون املدين335 املادة 1 . من القانون املدين336 املادة 2

Page 68: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

قضائية على أن هذا العقد تم إبرامه لحساب الشريك دون الشركة وهذه القرينة توزع

.عبء اإلثبات بين الخصمين، فيلقى على عاتق الشريك عبء إثبات عكس هذه القرينة

شخص يريد أن يثبت له حيازة المنزل محل النزاع، فيقدم مستندات تثبت أنه هو *

ته ويدفع ضريبته، فيستنبط القاضي قرينة قضائية على الذي يؤجر المنزل و يقبض أجر

أنه هو الحائز للمنزل و عند ذلك يتم توزيع عبء اإلثبات بين الخصمين فيلقي على عاتق

الخصم اآلخر عبء دحض هذه القرينة، بأن يثبت مثال أن الخصم األول يؤجر المنزل

.دير هو أعمالهويدفع الضريبة ال لحسابه الشخصي بل لحساب المالك الذي ي

Page 69: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب اليمين: المبحث الثالث

كما رأينا في الفصل التمهيدي أن القاعدة العامة في عبء اإلثبات هي البينة على -

و لما كان مهمة قيام المدعى بعبء اإلثبات مهمة . ادعى و اليمين على من انكرمن

و ذلك عن طريق قة كان اإلتجاه إلى توزيع عبء اإلثبات بين الخصومعسيرة و شا

و هذا التوزيع ال . القانونية و القضائية كما رأينا في المبحث الثاني من هذا الفصلرائنالق

يعد خروجا عن القاعدة العامة و لكنه في الواقع تطبيق لها فيكتفي المدعي بإثبات ما

و يكون الخصم . ي على خصمه عبء دفع ما قام بإثباته وجود الحق في جانبه ليلقحيرج

و ليس ،مدعيا في هذا الدفع وبالتالي فإنه مطالب باإلثبات بوصفه مدعيا في هذا الدفع

أما دور القاضي في تخفيف و توزيع عبء اإلثبات بمقتضى اليمين . عليهىبوصفه مدع

عليه ىيكلف القاضي المدعفإنه يقصد به الخروج عن القاعدة العامة في اإلثبات بأن

و سنوضح في ذلك دور القاضي في اليمين . و يكلف المدعي بحلف اليمين. بالبينة

متعسف رالحاسمة و الذي ال يملك فيها إال أن يجيب طلب توجيهها ما دام أن طالبها غي

أما اليمين المتممة فيظهر فيها بوضوح ،في طلبه و منه نتطرق لسلطته في منع توجيهها

ر القاضي في تخفيف عبء اإلثبات حيث أجاز له القانون أن يقوم بتوجيه اليمين من دو

.تلقاء نفسه إلى أحد الخصوم

و سنتعرض في تحليل هذا المبحث إلى مقارنة بين ما جاء في القانون و ما جاء

.في الشريعة اإلسالمية

: ن الحاسمةدور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب اليمي: المطلب األول

الخصم الذي فسعااليمين الحاسمة هي نضام قانوني خاص وضعه المشرع إل

قسم باهللا يصدر من يعجز عن إثبات ما يدعيه يحتكم بها إلى ضميره لحسم النزاع و هي

و لهذا ال يكتفي . أحد الخصمين و في حلفها يشهد على صحة واقعة قانونية لمصلحته هو

من اهللا عز وجل شاهدا على ما يقول ضمانا وتأكيدا على شرع بقوله و إنما يتخذمال

ألن اإلقرار هو شهادة من الخصم ، و في هذا يختلف اإلقرار عن اليمين،صدق قول

Page 70: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

خصمه بصحة واقعة قانونية بشرط أن يتم ذلك أثناء نظر الدعوى و ةعلى نفسه لمصلح

محل اإلقرار ةبوت الواقعو يؤدي على هذا النحو إلى ث 1 فيهارأمام المحكمة التي ينظ

. ثبوتا قاطعا يلزم المقر و يلزم المحكمة و يعفي الخصم اآلخر من اإلثبات

إلى إعفاء الخصم من اإلثبات نو تتفق اليمين الحاسمة مع اإلقرار في أنهما ينتهيا

على قول الخصم و في أن كال منهما يعتبر تصرفا قانونيا بإرادة نو في أنهما يعتمدا

2.منفردة

أما الحلف ذاته فهو واقعة قانونية ألنه عمل مادي يترتب عليه أثر قانوني و من

فيملك الحلف و يملك نقل هذا العبء . توجه إليه اليمين يصبح عليه هو العبء اإلثبات

فيعود من جديد هو الذي عليه عبء اإلثبات أما النكول فهو يعتبر بمثابة . إلى خصمه

. خصمه من اإلثباتإقرار من جانب الناكل يعفي

و لهذا سوف نتطرق إلى ما يهمنا في هذا الجانب و هو سلطة القاضي في منع

من النتائج المترتبة عن توجيه اليمين الحاسمة و فيهما يبرز دوره توجيه اليمين و موقفه

...في توزيع عبء اإلثبات

:سلطة القاضي في منع توجيه اليمين الحاسمة: أوال

ن مقبولة من ولحاسمة بأنها تؤدي إلى قطع النزاع و لهذا ال تكتتميز اليمين ا

و لقد نص المشرع الجزائري في المادة . القاضي إذا كانت وسيلة للتهرب من نتائجها

: من القانون ا لمدني على أنه343/01

يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم اآلخر على أنه "

و يرى الفقه "وجيه هذه اليمين إذا كان الخصم متعسفا في ذلكيجوز للقاضي منع ت

المدني الفرنسي أن توجيه اليمين حق من القانون1358الفرنسي استنادا إلى المادة

طريق القاضي و أن ه إياها إلى خصمه مباشرة بل عنهللخصم على أن ال يكون توجي

أن يعترض اضيو ليس للق ين صلح و يعزز الفقه رأيه بأن اليم،القاضي ملزم بتوجيهها

. من القانون املدين341 املادة 1 .222 ص – املرجع السابق –أمحد أبو الوفا / د 2

Page 71: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

لذلك خالف القضاء الفرنسي و القضاء البلجيكي الفقه في هذا الشأن و .1على هذا الصلح

اعترفا للقاضي بسلطة تقديرية في قبول توجيه اليمين و هذا ما ذهب إليه المشرع

توجيه و عليه فإن ، من القانون المدني أولى فقرة343الجزائري كما رأينا في المادة

ال يأذن حسبما يراه من ظروف اليمين منوط بإذن القاضي بحيث يجوز له أ ن يأذن أو

229 بينات سوري و المادة 113 النص المادة هذا و يقابل ،الدعوى و مركز الخصوم

من قانون اإلثبات المصري 113و المادة من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني2.

: مفهوم التعسف-1

أي مجرد إساءة الحق في ،الحي فقطط ال يقصد بالتعسف هنا معناه اإلصو

و إنما المقصود منه رقابة القاضي على الخصم في صدد ، ممارسة طلب تحليف الخصم

، بحيث ال يجوز له طلبها كلما تخلف شرط من شروط الواجب توفرها فيه،توجيه اليمين

سمة إذا كانت الواقعة المراد التحليف عليها و بالتالي للقاضي أن يمنع توجيه اليمين الحا

أو ، أو غير منتجة فيها أو غير جائز قبول إثباتها باليمين الحاسمة،ال تتعلق بالدعوى

أو كانت ،كانت هذه الواقعة غير محتملة الصدق و تكذبها وقائع الدعوى و مستنداتها

في مل السلطة التقديرية و لمحكمة الموضوع كا،ثابتة على وجه ما بإقرار الخصم اآلخر

. متى استندت إلى اعتبارات سائغةعليامحكمة الالاستخالص كيدية اليمين دون رقابة من

و عليه يجب فيمن يوجه اليمين الحاسمة أن يكون أهال للتصرف في الحق الذي

و ذلك الحتمال أن يحلف الخصم اليمين التي وجهها إليه خصمه ، توجه اليمين بشأنه

و على ذلك ال يستطيع القاصر توجيه اليمين الحاسمة إال بشأن . وجهها دعواهفيخسر من

ال يملك توجيه اليمين ،مباشرتها و المأذون له باإلدارةله التصرفات القانونية التي يجوز

.355 ص – املرجع السابق – آدم وهيب النداوي 1و ذلك بأن يستبقوا للمتقاضني احلرية يف . عسف يف توجيه اليمنييالحظ أن احلكم نفسه يف مجيع القوانني العربية و هو ملنع الت 2

عبد الرزاق . (على أن يكون للقاضي حق منع توجيهها إذا رأى أا كيدية وأن اخلصم متعسف يف توجيهها. توجيه اليمني احلامسة .)520 صفحة – املرجع السابق –أمحد السنهوري

Page 72: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ال يجوز للوصي أو وكيل ماك. الحاسمة إال بالنسبة لألعمال التي تدخل في نطاق اإلذن

اليمين فيها يتعلق بأعمال التصرف التي ال تدخل في سلطة أي الغائب أو القيم توجيه

منهم إال بإذن المحكمة أما أعمال التصرف التي يستطيع مباشرتها دون إذن من المحكمة

و ال يجوز للوكيل و كالة عامة أن يوجه اليمين ،فإن له أن يوجه اليمين الحاسمة بشأنها

كما يشترط فيمن توجه إليه . هها وكالة خاصةالحاسمة باسم موكله إال إذا وكله في توجي

ألنه إذا نكل عن . اليمين أن يكون أهال للتصرف في الحق الذي توجه اليمين بشأنه

وال يكفي في من توجه إليه . اليمين خسر دعواه و إذا ردها كان هذا بمثابة توجيه لها

ه هذه األهلية إال أن يتم بل يلزم أن تظل ل،اليمين أن يكون أهال وقت توجيه اليمين إليه

كان من وجهت إليه اليمين أهال عند توجيهها ثم حجر ذا فإ،الحلف أو الرد أو النكول

من 344و قد نصت المادة . عليهرعليه قبل أن يحلفها فال يجوز أن يحلفها بعد أن حج

ا اليمين و يجب أن تكون الواقعة التي تقوم عليه: " ....القانون المدني الجزائري على أنه

وجهت إليه اليمين فإن كانت غير شخصية له قامت اليمين على منمتعلقة بشخص

." مجرد علمه بها

: محل اليمين -2

الواقعة موضوع اليمين بحيث يجب أن على كما يشمل دور القاضي في الرقابة

إذ بغير ، ال مجرد أن تكون منتجة في الدعوى،يتوقف عليها الفصل نهائيا في النزاع

و مقتضى ذلك أن تكون الواقعة موضوع اليمين متنازعا ،ذلك لن تكون اليمين حاسمة

يل آخر من أدلة اإلثبات الجائزة قانونا فال يجوز في ل أما إذا ثبتت بد،فيها بين الخصوم

.شأنها توجيه اليمين الحاسمة

و تكاد التشريعات ،و ال يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام

و . 1العربية تجمع على عدم جواز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام

ال : " فقرة أولى من القانون المدني 344في ذلك نص المشرع الجزائري في المادة

أصول . 229/01 قانون مدين لييب و املادة 400/01 املادة 115/01بات املصري املادة قانون اإلث. و من التشريعات العربية- 1 ).357ص - املرجع السابق –آدم وهيب النداوي ( مرافقا كوييت 67 التزامات و عقود تونسي و املادة 500لبناين و املادة

Page 73: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

كأن توجه مثال إلثبات ..." . يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام

و ال يجوز توجيه اليمين بالنسبة لتصرف يوجب في ، و لنقض حجية حكم، أن قماردي

.القانون شكال خاصا ذلك ألن الشكل في هذه الحالة يعتبر شرطا لصحة التصرف

من ،و إن مسألة منع القاضي للخصم من توجيه اليمين الحاسمة بحجة الكيد -

فإن نية الخصم الذي ، و حسن الفهميةؤاألمور الدقيقة التي تحتاج إلى الكثير من الر

و ،يوجه اليمين الحاسمة من األمور النفسية الخفية التي ال يمكن االهتداء إليها بسهولة

من العسير أن يحرم اإلنسان حق االلتجاء إلى ذمة خصمه راضيا بيمينه للظن بأنه يقصد

الكيدية فالبد في و إذا كان من حق القاضي أن يرفض توجيه اليمين ، تحليفه منالكيد

ممارسة هذا الحق بأن تكون نية الكيد ظاهرة من وقائع الدعوى ظهورا قاطعا ال أثر فيه

لذا فإن عليه أن يمارس هذه السلطة ،للشك و الظن و إال انقلب األمر إال تعسف و ظلم

. بمنتهى الحيطة و الحذر و أن يذكر في حكمه األسباب التي دعته إلى منع توجيه اليمين

هذا و إذا كان حق االلتجاء إلى القضاء من الحقوق العامة التي تثبت للكافة إال أنه ال

الضرر ءيجوز لمن يستعمل هذا الحق االنحراف به عما وضع له و استعماله كيديا ابتغا

.للغير

:ة على توجيه اليمين الحاسمةتبموقف القاضي من اآلثار المتر: ثانيا

و إما أن يردها و إما أن ينكل ا للخصم فإما أن يحلفهإذا وجهت اليمين الحاسمة

نتطرق إليها و تقتضي دراسة موقف القاضي من اآلثار و النتائج المترتبة عنها أن ،عنها

:على النحو اآلتي

: آثار حلف اليمين -1

إذا حلف اليمين من وجهت إليه، طبقا للصيغة التي أقرتها المحكمة حسم النزاع بها

ا، و تعين على القاضي إصدار حكمه على من وجه اليمين، و مؤدى ذلك أنه من نهائي

ناحية يلتزم القاضي بمضمون هذا الحلف، ومن ناحية أخرى ال يجوز بعد ذلك لمن خسر

الدعوى أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذي وجهت إليه، سواء كان ذلك عن

Page 74: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

عن في الحكم الذي صدر بناء على حلف اليمين، و طريق دعوى ابتدائية أو عن طريق الط

ال يجوز للخصم إثبات :" من القانون المدني على هذا الحكم بقولها 346قد نصت المادة

كذب اليمين بعد تأديتها من الخصم الذي وجهت إليه أو ردت عليه على أنه إذا أثبت كذب

الب بالتعويض دون إخالل اليمين بحكم جنائي فإن للخصم الذي أصابه ضرر منها أن يط

".بما قد يكون له من حق في الطعن على الحكم الذي صدر ضده

و لكن هذا ال يمنع من الطعن في الحكم الذي صدر بالتحليف بوجوه تتعلق بصحة

توجيه اليمين و بصحة الحلف و بغير ذلكمما يتعلق باليمين ذاتهاو ما يسري عليها من

أهليته وقت حلف اليمين أو بعيب من عيوب اإلرادة، أحكام و مثل ذلك أن يتمسك بنقص

...و في هذه األحوال يلغي الحكم بتوجيه اليمين و يترتب على ذلك بطالن الحلف

Page 75: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

: آثار رد اليمين -2

يجوز لمن وجهت إليه اليمين بدال من حلفها أن يردها على من وجهها و في هذه

ها فال يمكنه أن يردها ثانية على من ردها الحالة يتعين على من ردت عليه اليمين أن يحلف

عليه فإذا لم يحلفها و نكل عنها خسر دعواه و تعين على القاضي الحكم عليه، و يلزم أن

يكون رد اليمين عن نفس الواقعة التي وجهت عنها أصال، و إال كنا بصدد يمين جديدة

اليمين الحاسمة إلى وجهت ألول مرة و بالتالي يجوز ردها، وذلك مثل ان يوجه الخصم

خصمه ليحلف على أنه غير مدين له فقام هذا بردها طالبا ممن وجه إليه اليمين ان يحلف

هو على انه لم تحصل مقاصة بينهما، ففي هذه الحالة نكون بصدد يمين جديدة يجوز

.ردها

و إذا كان من الجائز لكل من توجه إليه اليمين أن يردها إلى خصمه إال أنه يشترط

رد اليمين أن تكون الواقعة محل اليمين مشتركة بين الطرفين بالنسبة لمن وجهها و من ل

وجهت إليه كواقعة قبض الثمن التي يشترك فيها كل من البائع و المشتري فإذا وجه

المشتري اليمين إلى البائع عن هذه الواقعة جاز للبائع أن يرد اليمين على المشتري، أما

ل اليمين يستقل بها من وجهت إليه اليمين فال يجوز لمن وجهت إليه إذا كانت الواقعة مح

أن يردها على من وجهها و مثال ذلك إذا وجه الشفيع اليمين إلى المشتري في شأن مقدار

الثمن فال يجوز للمشتري أن يرد اليمين على الشفيع ألن هذا األخير أجنبي عن االتفاق

.الخاص بالثمن

ولمن :" من القانون المدني الجزائري على ذلك بقولها 343/02و لقد نصت المادة

وجهت إليه اليمين ان يردها على خصمه غير أنه ال يجوز ردها إذا قامت اليمين على

".واقعة ال يشترك فيها الخصمان بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين

:و في الفقه اإلسالمي

في لى اهللا عليه و سلمصمن حديث الرسول مستمدة إن القاعدة العامة في اإلثبات

لو يعطى الناس بدعواهم ألدعى ناس أموال قوم ودمائهم و لكن البينة على : " قوله

".المدعي و اليمين على من أنكر

Page 76: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و لهذا اختلف الفقهاء في جواز طلب القاضي اليمين من المدعي أو تكليف المدعي

.1"عليه بالبينة على مذهبين

ول و هم أصحاب عدم الجواز ذهب فيه الحنفية و الحنابلة و فالمذهب األ-

اإلباضية إلى عدم جواز تكليف المدعي عليه بالبينة و طلب اليمين من المدعي و إنما

الذي يكلف بإقامة البينة هو المدعي، و ليس على المدعي عليه إال اليمين، و لذلك قالوا

. جواز ردها على المدعيبالقضاء بنكول المدعي عليه عن اليمين و عدم

أما المذهب الثاني و الذي ذهب إلى جواز ذلك، و ذهب فيه جمهور الفقهاء من -

إلى جواز تخفيف و نقل : المالكية و الشافعية و الحنابلة و اإلمامية و اإلباضية في قول

عبء اإلثبات بأن يكلف المدعى باليمين و يكلف المدعي عليه بالبينة و استدل أصحاب

ذا المذهب بأن القاعدة األصلية جاءت عامة تبين كل ما يكلف به كل طرف من أطراف ه

الدعوى بحسب األصل، فإذا طرأ أثناء النزاع شيء يكون من مصلحة الدعوى أن ينتقل

عبء اإلثبات إلى غير المكلف به، فإن القاضي حينئذ يجوز له أن يقوم بهذا العمل بما

.وله إلى صاحبهيراه محققا إلظهار الحق و وص

و نجد أن القانون يوافق مذهب الجمهور الذي يقضي بجواز نقل عبء اإلثبات من

الشخص المكلف به إلى خصمه ما دام هذا النقل في مصلحة الدعوى، حسب ما يراه

القاضي أو الخصوم محققا للغاية التي ينشدها أطراف الدعوى من حسم النزاع و قطع

.ع ما تقضي به قواعد العدالةالخصومة على نحو يتماشى م

فالحنفية ال يجيزون الرد و المالكية و :كما ان هناك اختالف في جواز رد اليمين

الشافعية يوجيزونه إذا نكل المدعي، و ابن تيمية ال يجيز الرد إال فيما يقع تحت علم

سألة ما المدعي، و جاء في البدائع في الخالف ما بين الحنفية و الشافعية في هذه الم

فإن نكل عن اليمين بعد العرض عليه ثالثا فإن القاضي يقضي عليه عندها، و : " يأتي

عند الشافعي رحمه اهللا ال يقضي بالنكول و لكن يرد اليمين إلى المدعي فيأخذ حقه و

.278 ص – املرجع السابق – أنظر الدكتور حممد فتح اهللا النشار 1

Page 77: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

البينة على المدعي و اليمين على المدعى ) :"ص(احتج الشافعي رحمه اهللا بقول النبي

النكول فلو ) ص(ينة حجة المدعي و اليمين حجة المدعى عليه و لم يذكر فجعل الب" عليه

و المعقول أنه يحتمل أنه نكل لكونه كاذبا في اإلنكار فاحترز . كان حجة المدعي لذكره

و يحتمل أنه نكل مع كونه صادقا في اإلنكار تورعا عن اليمين . عن اليمين الكاذبة

لكن يرد اليمين إلى المدعي . ك و االحتمالالصادقة، فال يكون حجة القضاء مع الش

و لنا انه ظهر صدق المدعي ... " ليحلف فيقضى له، ألنه يرجح الصدق في دعواه بيمينه

في دعواه عند نكول المدعي عليه، فيقضى له كما لو أقام البينة و داللة الوصف أن المانع

ول فزال المانع من ظهور الصدق في خبره إنكار المدعي عليه، وقد عارضه النك

ويتجلى من هذا النص أن الرد في الفقه اإلسالمي ..." للتعارض فظهر صدقه في دعواه

ال يكون بناء على طلب من وجهت إليه اليمين، بل إن هذا ليس أمامه إال أن يحلف أو أن

.1 أن يرد اليمين على المدعي– عند غير الحنفية –ينكل، فإن نكل وجب على القاضي

: النكول عن اليمين آثار-3

إذا امتنع من وجهت إليه اليمين أو ردت عليه عن حلفها، فإن هذا اإلمتناع يعد

نكوال عن اليمين يترتب عليه أن يخسر الدعوى و يحكم لخصمه فيها، و هذا ما نصت

كل من وجهت إليه اليمين فنكل : " من القانون المدني الجزائري بقولها 347عليه المادة

و ". ون ردها على خصمه و كل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر دعواهعنها د

النكول قد يكون صريحا و قد يكون ضمنيا يستفاد من سلوك الخصم، فيعتبر نكوال عن

أداء اليمين حضور من وجهت إليه اليمين و امتناعه عن أدائها دون أن ينازع فيها أو

ل يكون بمثابة إقرار، وتكييفه هو تكييف فالنكو. 2تخلفه عن الحضور دون عذر مقبول

.اإلقرار

و قد ينكل الخصم عن الحلف، ولكنه يضيف إلى هذا النكول واقعة من شأنها أن

تعطل من أثر هذا النكول، مثل ذلك أن يوجه الخصم إلى خصمه اليمين أنه ما اقترض

565 - 564 ص – املرجع السابق –د الرزاق أمحد السنهوري عب 1 .290 ص – اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية –حممد حسن قاسم / أنظر د 2

Page 78: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

دين القرض هذا قد منه المبلغ المدعى به، فينكل من وجهت إليه اليمين، و لكنه يضيف أن

انقض بالتجديد، فهنا يعتبر النكول إقرارا بواقعة القرض، و لكنه إقرار مركب، إذ أضيفت

إليه واقعة أخرى الحقة هي واقعة التجديد، و يكون حكم النكول في هذه الحالة حكم

اإلقرار المركب و هو هنا إقرار غير قابل للتجزئة، و يترتب على ذلك أن الخصم الذي

اليمين إما أن يطرح النكول بشقيه و يقوم بإثبات القرض بطريق آخر غير اليمين، وجه

فعلى خصمه عندئذ يقع عبء إثبات وقوع التجديد و إما أن يستبقي الشق األول من النكول

.1و هو اإلقرار بالقرض على أن يثبت هو عدم وقوع التجديد

:تطبيقات قضائية لليمين الحاسمة

ظري بالتطبيقي اخترنا في مجال اليمين الحاسمة قرار للمحكمة لربط الجانب الن

: و التي جاء فيها 2 134.417 ملف رقم 09/07/1996العليا، الصادر بتاريخ

من المقرر قانونا أنه في حالة النزاع على األمتعة بين الزوجين توجه اليمين "

.بدأ يعد خرقا للقانونالخاصة باألمتعة للزوجة و من ثمة فإن القضاء بخالف هذا الم

أن النزاع قائم بين الطرفين حول األمتعة و أن –و لما كان ثابتا في قضية الحال

الزوج طالب بتوجيه اليمين للزوجة على عدم ترك أمتعتها في البيت الزوجي فإن قضاة

للزوجة المطلقة التي ال توجه من قبل القضاة،بتوجيه اليمين الحاسمةالموضوع لما قضوا

من 73بل بطلب من األطراف بدل اليمين الخاصة باألمتعة المنصوص عليها في المادة

قانون األسرة، فإنهم خرقوا القانون و أخطأوا في تطبيقه و متى كان كذلك استوجب نقض

...القرار المطعون فيه

:تعليق

اسمة و اخترنا هذا القرار ألنه يثير إشكالية الخلط في اليمين، فهناك اليمين الح

اليمين المتممة كما يوجد يمين خاصة ينص عليها المشرع في حاالت خاصة مثل حالة

.570 ص – املرجع السابق – أنظر السنهوري 1 -لحق أنظر امل–. 73 ص – 1998 سنة – 2 العدد – الة القضائية – أنظر قرار احملكمة العليا 2

Page 79: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

من قانون األسرة، و التي تتعلق بالنزاع في متاع البيت، كما توجد يمين اإلنكار 73المادة

فيستوجب على ". البينة على المدعي و اليمين على من أنكر"المستمدة من القاعدة العامة

حيطة و الحذر في توجيهها و لهذا مع افتراض علمه بعنصر القانون، يجب أن القاضي ال

.يتأكد من توفر شروط كل منها حتى ال تختلط عليه األمور فيعرض قراره للنقض

و بنظرة تحليلية لهذا القرار الذي يدور نزاعه حول متاع البيت، و جاء في -

توجه إليه اليمين لزوجته، بل طالب بأن القرار أن الزوج لم يطالب بتوجيه اليمين الحاسمة

على عدم ترك المطلقة لديه األمتعة التي تطالب بها و اعترف بقائمة قدمها و أبدى

من حول عدم ترك غيرهااستعداده لرد ما ورد فيها إلى مطلقته على أن يؤدي اليمين

.1األمتعة لديه

ضاة قاموا بتوجيهها إلى و رغم عدم توفر شروط أداء اليمين الحاسمة، إال أن الق

الزوجة، و إن من أهم شروط أداء اليمين الحاسمة أن يطلبها احد الخصمين، وال يجوز

.للقاضي أن يوجهها من تلقاء نفسه، و هذا سبب نقض القرار

من قانون 73كما انه كان عليهم توجيه اليمين الخاصة المنصوص عليها بالمادة

إذا وقع النزاع الزوجين أو ورثتهما في متاع البيت " :األسرة و التي تنص على ما يلي

و ليس ألحدهما بينة فالقول للزوجة أو ورثتها مع اليمين في المعتاد للنساء و القول للزوج

".أو ورثته مع اليمين في المعتاد للرجال، و المشتركات بينهما يقتسمانها مع اليمين

توجه ألحد الزوجين في حالة وجود و نستنتج من نص المادة أن اليمين الخاصة-

، أي المتاع الموجود و ال ينكر أحد الخصمين وجوده بل حول ملكية متاع البيتنزاع

. من قانون األسرة73يدعي كل منهما ملكيته للمتاع، و هنا ميدان تطبيق المادة

أما في القرار الحالي فإن الزوج ينكر وجود بعض من المتاع و يعترف بوجود -

.عض و مع استعداده لرده للزوجة المطلقةالب

و هنا في رأينا ال تتوفر شروط اليمين الحاسمة ألنه لم يطلبها احد الخصوم، كما انه

ال تتوفر شروط اليمين الخاصة ألن الزوج ال يدعي ملكيته لمتاع موجود بل هو ينكر

– أنظر امللحق - حيثيات مأخوذة من نفس القرار 1

Page 80: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و من هنا يتضح أصل وجود بعض المتاع، و لهذا طالب بتوجيه اليمين له ليدعم إنكاره،

و " اليمين على من أنكر : " األمر بأنه كان على القضاة تطبيق القاعدة العامة في اإلثبات

ليس في تطبيقها استجابة لطلب الزوج بل ألن المطلقة ليس لها بينة على وجود هذا

.المتاع، أي أن المتاع غير موجود أصال

16/03/1999ا الصادر بتاريخ و لتدعيم رأينا نستشهد بقرار من المحكمة العلي

حيث أنه في حالة إنكار وجود األمتعة :" الذي جاء فيه ما يلي. 216.8361ملف رقم

المطالب بها عند أحد الزوجين ستطبق القاعدة العامة البينة على من ادعى و اليمين على

ملكية من قانون األسرة التي تطبق عندما يدور النزاع حول73و ليس المادة " من انكر

األمتعة المطالب بها و بذلك فقضاة االستئناف قد أصابوا لما حكموا بأن قاضي الدرجة

األولى عندما وجه اليمين للمدعية قد خالف القاعدة العامة البينة على من ادعى و اليمين

باعتبار أن المدعي عليه أنكر وجود المتعة المطالب بها و لكن كما على . على من أنكر

وضوع تطبيق هذه القاعدة العامة و توجيه اليمين للمدعي عليه عوضا عن رفض قضاة الم

األمر الذي يتعين معه نقض القرار المطعون فيه و إحالته لنفس –الدعوى في الحال

".المجلس

و استكماال للتعليق على القرار األول فإن على القاضي أن يحدد المدعي و المدعى

ع الدعوى هو الزوج و هو المدعي في القرار األول إال أنه عليه في اإلثبات فرغم أن راف

مدعي عليه في اإلثبات ألن المطلقة ادعت وجود المتاع و هو أنكر وجوده فتغير موقفه

...في الدعوى و أصبح مدعي عليه

و ما يمكن مالحظته أن إشكالية الخلط في تطبيق اليمين موضوع يستدعي البحث

. في إثراء هذا الموضوعنفتح فيه المجال للراغبين

: دور القاضي في توزيع عبء اإلثبات بموجب اليمين المتممة: المطلب الثاني

- أنظر امللحق - 2001 الة القضائية العدد اخلاص اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال الشخصية – 216.836 أنظر القرار رقم 1

Page 81: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

اليمين المتممة هي اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أي من الخصمين

عندما يقدر عدم كفاية األدلة التي يقدمها الخصم وجاء في نص المادة . ليكمل بها إقتناعه

للقاضي أن يوجه اليمين تلقائيا إلى أي من ": من القانون المدني الجزائري 348

وقد جعل القانون 1"الخصمين ليبني على حكمه في موضوع الدعوى أو في ما يحكم به

للقاضي على خالف العادة دورا إيجابيا في اإلثبات فأباح له إذا لم يقدم أي من الخصمين

فيوجه إليه يمينا ، عنده صدق قولهحأن يختار منهما من يرج دليال كافيا على ما يدعيه

. ومن ثم سميت اليمين باليمين المتممة ،يتمم بها أدلته غير الكافية

وتختلف اليمين المتممة إختالفا جوهريا عن اليمين الحاسمة في أن اليمين األولى

وال يتحتم ،من أي دليل إذا كانت الدعوى خالية إال وال يوجهها،لخصملهها القاضي جيو

عليه أن يأخذها بما تؤدي إليه من حلف أو نكول فقد يرفض طلب من حلف ويجيب طلب

فاليمين المتممة إنما توجه ، ثم إن مهمة اليمين المتممة غير مهمة اليمين الحاسمة،من نكل

.ر وحدها دليال يستبعد أي دليل آخنوك اما اليمين الحاسمة فت،إلستكمال أدلة ناقصة

وإذا كان توجيه اليمين الحاسمة من الخصم إلى خصمه هو تصرف قانوني بإرادة

فتوجيه اليمين المتممة من القاضي ليس إال واقعة مادية يلجأ إليها القاضي .منفردة

فهي طريق من طرق اإلثبات ذات القوة المحدودة وذات األثر التكميلي ،إلستكمال األدلة

وسنعالج في هذا المطلب سلطة القاضي الواسعة في .ونيوال تنطوي على أي تصرف قان

. ثم موقف القاضي من النتائج المترتبة على توجيه،توجيه اليمين المتممة

: سلطة القاضي في توجيه اليمين المتممة : أوال

حممد حسن / املواد املدنية و التجارية داإلثبات يف( اثبات مصري 119 أنظر املادة – جند نفس معىن املادة يف التشريعات العربية 1

يف تقنني أصول احملاكمات املدنية اللبناين املادتني 482 التقنني املدين العراقي املادة 121قانون البينات السوري املادة .291ص ) قاسم237-238

الوسيط يف شرح -د الرزاق أمحد السنهوري عب.1367 و 1366التقنني املدين الفرنسي املادتني 404يف التقنني املدين اللييب املادة .576 و 575 ص –القانون املدين اجلديد

Page 82: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

يشترط القانون لكي يتمكن القاضي من توجيه اليمين أال يكون في الدعوى دليل

وتوجه اليمين المتممة ألي من الخصمين 1ون الدعوى خالية من أي دليلكامال وأال تك

فإن رأى القاضي أن أحد الخصمين قدم أدلة على إدعائه في ،بحسب تقدير القاضي

ورأى ، اتها غير كافيةذالدعوى أو في الدفع أرجح من أدلة الخصم األخر وأن كانت في

و ه وجه إليه ،جح أولى بالثقة واإلطمئنان إليهإلى جانب ذلك أن هذا الخصم ذا الدليل الرا

وإن رأى الخصمين متكافئين في كل ،دون الخصم األخر اليمين المتممة ليستكمل أدلته بها

ألن ، ما تقدم فالظاهر أنه يوجه اليمين المتممة إلى المطلوب من الخصمين ال الطالب

.األصل براءة الذمة

بحسب اقتناعه وبمقدار ما يطمئن إلى أي من على أن القاضي في كل هذا إنما يسير

الخصمين دون أن يتقيد بقاعدة معينة وال يشترط أهلية خاصة في الخصم الذي توجه إليه

اليمين بل تكفي فيه أهلية التقاضي ألن اليمين المتممة ليست تصرفا قانونيا بل هي وسيلة

م أصلي في الدعوى فال وال يجوز توجيهها إلى غير خص. من وسائل التحقيق واإلثبات

ل توجه إلى هذا المدين بعد إدخاله في بتوجه إلى الدائن الذي يرفع الدعوى باسم مدينه

.الدعوى

: ومعنى أال يكون في الدعوى دليل كامل وأال تكون الدعوى خالية من أي دليل-

أي يجب أن يكون في الدعوى مبدأ الثبوت بالكتابة أو بغير الكتابة على حسب

وال ذلك أنه إذا كان في الدعوى دليل كامل لم تصبح هناك حاجة لليمين المتممة األح

وإذا كانت الدعوى خالية من أي دليل لم يصح توجيه وقضى لمصلحة صاحب هذا الدليل

اليمين ألي من الخصمين ألن هذه اليمين ال توجه إال الستكمال أدلة ناقصة فال تحل مكان

اليمين الحاسمة وإنما يقضي في هذه الحالة على الخصم أدلة غير موجودة كما هو شأن

. الذي خلت دعواه من أي دليل

والدليل الناقص الذي تكمله اليمين المتممة يختلف باختالف ما إذا كان االدعاء

يجوز إثباته بالبينة والقرائن أو ال بد من الكتابة في إثباته فإذا كان اإلثبات جائزا بالبينة

. من القانون املدين اجلزائري348أنظر املادة 1

Page 83: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

دليل الناقص يصح أن يكون بينة أو قرائن ليست كافية إلقناع القاضي والقرائن فال

ويكون ذلك في ادعاء ال يتجاوز قيمته عشرة جنيهات وكذلك ،فيستكملها باليمين المتممة

.في جميع المواد التجارية

ن مبدأ ثبوت بالكتابة ال و فالدليل الناقص يجب أن يك،أما إذا كانت اإلثبات واجبا

مسوغ لو قرائن إال في الحاالت التي تجوز فيها البينة والقرائن بدال من الكتابة مجرد بينة أ

قانوني كما إذا كان هناك مانع من الحصول على الكتابة أو فقدت الكتابة بسبب أجنبي

.بعد الحصول عليها

وإذا كانت الواقعة التي يحلف عليها الخصم هي تلك التي تكمل دليله ليثبت

وى كانت أو دفعا فهي إذن ال بد أن تكون واقعة غير مخالفة للقانون وال للنظام ادعاؤه دع

. 1العام وال لآلداب ويجب أن يكون من شأنها أن تكمل الدليل الناقص في تقدير القاضي

ويغلب أن تكون الواقعة التي يحلف عليها الخصم اليمين المتممة هي واقعة االدعاء

ولكن ال شيء له في ذمة المدين مبلغ كذا بسبب القرضأجمعها كأن يحلف الدائن أنب

يمنع من أن تكون الواقعة مجرد قرينة من شأنها إذا ثبتت أن تضاف إلى أدلة أخرى

ل ذلك أن يحلف المدين يمينا متممة امثو ،موجودة فيثبت المدعى به بمجموع هذه األدلة

من المال ليستخلص من واقعة به مبلغا ىعلى أنه أقرض الدائن بعد حلول الدين المدع

. بهىالقرض قرينة تضاف إلى مبدأ ثبوت بالكتابة إلثبات براءة ذمة من الدين المدع

:إمكانية رجوع القاضي عن توجيه اليمين -1

إذا قام القاضي بتوجيه اليمين المتممة إلى أحد الخصمين ثم بدا له بعد ذلك أن يرجع

تها فال يسوغ توجيه اليمين المتممة ضدلة الناقصة أو نقبأن كشف عن أداة جديدة أكملت األ

جاز له الرجوع بل يجوز له الرجوع لمجرد أن يكون قد غير رأيه دون حاجة إلى الكشف

عن أدلة جديدة أكملت األدلة الناقصة أو نقضتها فلم يعد هناك مسوغ لتوجيه اليمين جاز

له الرجوع بل يجوز له

رغم أن املشرع اجلزائري مل يفرد مادة خاصة كما فعل يف اليمني احلامسة إذا نص على أن تكون الواقعة خمالفة للنظام العام إال أن 1 . من القانون املدين تنطبق على اليمني املتممة لعدم تصور أن تكون الواقعة خمالفة للنظام العام 344ملادة حكم ا

Page 84: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

غير رأيه دون حاجة إلى الكشف عن أدلة جديدة فقد الرجوع لمجرد أن يكون قد

قبل توجيه اليمين ناقصة هانظيعيد النظر في تقدير األدلة الموجودة فيراها كاملة وكان ي

نها أدلة ناقصة فيرجع غندئذ عن توجيه اليمين المتممة ظأوال يرى فيها دليال بعد أن كان ي

.بعد أن يكون قد وجهها

على إمكانية رجوع القاضي في اليمين ةي الجزائري صراحولم ينص القانون المدن

للقاضي أن يوجه ": على ألن 348المتممة إال أن المنطق يستدعي ذلك إذ نصت المادة

اليمين تلقائيا إلى أي من الخصمين ليبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في ما

رض غجوء إليها ومادام الل في المنها أن للقاضي سلطة تقديرية واسعةيفهم ف،"يحكم به

منها هو لبناء حكمه في الدعوى وعليه إذا رأى أن اللجوء إليها ال يفيد في ذلك شيئا

.يستطيع الرجوع فيها

: إلثباتلاليمين المتممة وسيلة للتخفيف من حدة التنظيم القانوني -2

نيين المدني الفرنسي إلى أنه كان األولى بواضعي التق"رو" و"برىأ "يذهب الفقيهان

قد يكون من الخطأ أن ":عدم اإلحتفاظ باليمين المتممة ويقوالن في هذا الصدد ما يأتي

ستبقوا اليمين المتممة فإن فيها عيبا خطيرا إذا هي تجعل للقاضي اواضعي التقنيين المدني

القانون إلى سلطة في أن ينقل من تلقاء نفسه وبإرادته وحده البت في الدعوى من منطقة

."منطقة الضمير

لكن جاء في صدد الدفاع عن إستبقاء اليمين المتممة في المذكرة اإليضاحية

على 1366 نص التقنيين الفرنسي المادة ": للمشروع التمهيدي للتقنيين المصري ما يأتي

لمادة والتقنيين الهولندي ا1374تبعت في ذلك التقنيين اإليطالي المادة االيمين المتممة و

ثم أبقى 2533 والتقنيين البرتغالي المادة 288 و223 والتقنيين المصري المادة 1977

على هذه اليمين رغم ما وجه إليها من ) 319المادة (واضعوا المشروع الفرنسي اإليطالي

".نقد

Page 85: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وقد أشار بعض الفقهاء بوجوب حذف اليمين المتممة ألن المروءة متى توافرت فال

لصد الخصم عن المطالبة بغير وهي إذا انتفت لم يستشعر الخصم حرجا من حاجة لليمين

. الحنث فيها

ثم إن القاضي ال يحتاج إلى اليمين لتمكين االطمئنان من نفسه، ألن من يخفق في

و ال يستشعر القاضي حرجا في القضاء لخصمه عليه، ألنه . إثبات دعواه يبوء بالخسارة

ون، بيد أن هذا النظر يغفل خصائص اليمين بوصفها طريقا ينزل في ذلك على حكم القان

لإلثبات و طبيعة هذا اليمين و الغاية منها، ألن اليمين طريقة اضطرارية، فيمكن للقاضي

من االلتجاء إليها في ظل الضمانات التي يقررها القانون، أي حيث ال يكون الطلب أو

. غير كاف في ذاتهالدفع مجردا من كل دليل و حيث يكون هذا الدليل

و يراعى أن اليمين نظام تقتضيه العدالة فهي و الحال هذه عامل يعين على سير

العدالة، فضال على أن القانون يترك للقاضي حرية التقدير بشأن ضرورة توجيهها و

.تعيين من توجه إليه من الخصوم

وافر في الخصم و غني عن البيان أن هذا التقدير ينبغي أن يناط بوجه خاص بما يت

من بواعث الثقة، ولهذا لم ير وجه للتنويه بعدم جواز توجيه اليمين المتممة إذا كان من

من التقنين 03 فقرة 2533توجه إليه غير أهل ألي ثقة كما يفهم ذلك من عبارة المادة

البرتغالي، و يالحظ أن اليمين شرعت لعالج مساوىء نظام تقييد الدليل و نظام حيدة

ضي إزاء دعاوى الخصوم، فيجب و الحال هذه أن تؤدى وظيفتها كاملة، هذا و يالحظ القا

من الناحية العملية أن القاضي ال يلجأ إلى اليمين المتممة إال في كثير من الحيطة و

االعتدال، بعد تقدير جدوى هذا اليمين تقديرا يعتد فيه بشخصية الخصم، إزاء كل أولئك

و يستتبع األستاذ عبد الرزاق ، 1 المتممة في نصوص المشروعرؤى اإلبقاء على اليمين

لعل خير دفاع عن اليمين المتممة هي أنها وسيلة للتخفيف :" أحمد السنهوري بالقول أنه

بسبب جمود قمن حدة التنظيم القانوني لإلثبات فهي توسع أمام القاضي بمرونتها ما ضا

".هذا التنظيم

.573،574 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 86: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:ئج المترتبة على توجيه اليمين المتممةموقف القاضي من النتا: ثانيا

و ال يستطيع . إن من وجهت إليه اليمين المتممة ال خيار له فإما أن يحلف أو ينكل

ذلك ألن اليمين موجهة إليه من القاضي ال من الخصم . أن يرد اليمين على الخصم اآلخر

خصم حتى يجوز لهذا و ألنها تكميلية القناع القاضي و ليست احتكاما إلى ضمير ال. اآلخر

.ردها ليحتكم هو إلى ضمير خصمه

ال يجوز للخصم :" من القانون المدني الجزائري على ما يلي349و تنفي المادة

و هذا النص الذي تقابله .". الذي وجه إليه القاضي اليمين المتممة أن يردها على خصمه

يمين التي يوجهها القاضي ال:" من التقنين المدني الفرنسي و التي تنص على1368المادة

1."من تلقاء نفسه إلى أحد الخصمين ال يجوز ردها من هذا الخصم على الخصم اآلخر

« Le serment déféré d’office par le juge à l’une des parties ne

peut être par elle référé à l’autre. »

إذن من أحد فالخصم الذي وجه إليه القاضي اليمين المتممة ال مناص له

و إذا مات من وجه إليه القاضي اليمين المتممة قبل أن يحلفها، . الحلف أو النكول:موقفين

أو . و للقاضي أن يفصل في النزاع دون يمين متممة. اعتبر الحكم بتوجيهها كأن لم يكن

أو أن يوجه يمينا متممة بعدم العلم إلى ورثة . أن يوجه هذا اليمين إلى الخصم اآلخر

و يتفق الحكم في أن اليمين ال تعتبر مردودة إلى الخصم اآلخر في كل . م الذي ماتالخص

فإذا مات من وجهت إليه اليمين الحاسمة قبل أن . من اليمين الحاسمة و اليمين المتممة

مردودة على الخصم اآلخر ألن رد اليمين ليست إلتزاما تخييري نيحلفها، لم تعتبر اليمي

برد اليمين مفي اليمين الحاسمة، االلتزا: فيتفقان لكن السبب مختلف. بل هو إلتزام بدلي

.ليس إال التزاما بدليا و في اليمين المتممة االلتزام برد اليمين ال وجود له أصال

من قانون البيانات السوري و 124 من التقنني املدين املصري و املادة 416 و يقابل هذه املادة يف التقنينات املدنية العربية املادة 1

من التقنني املدين للملكة 405 من تقنني أصول احملاكمات املدنية اللبناين و املادة 239 من التقنني املدين العراقي و املادة 485املادة من 2534قنني اهلولندي و املادة من الت1980 من التقنني اإليطايل و املادة 1376الليبية املتحدة و يف التقنينات األوروبية جند املادة

.التقنني الربتغايل

Page 87: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

: حلف اليمين المتممة-1

والغالب أن الخصم إذا حلف اليمين المتممة قضى القاضي لصالحه إذ يكون بهذا

ولكن إذا ثبت . وأقنع القاضي بصحة ادعائه. ألدلة التي كانت ناقصةالحلف قد استكمل ا

وهذا دون إخالل . جاز للخصم اآلخر أن يطالب بتعويض مدني. بحكم جنائي كذب اليمين

بالطعن في الحكم الذي صدر تأسيسا على اليمين المتممة بطريق االستئناف أو بطريق

. التماس إعادة النظر

أن يقضي . القاضي، بعد أن يحلف الخصم اليمين المتممةعلى انه ليس حتما على

فقد يقع أن القاضي بعد حلف اليمين و قبل النطق بالحكم، يقف على أدلة جديدة . لصالحه

فيحكم ضده بل ليس من . تقنعه بأن ادعاء الخصم الذي حلف اليمين يقوم على غير أساس

في القضية بعد الحلف وقبل فقد يعيد النظر. الضروري أن يكشف القاضي أدلة جديدة

.فيقتنع بغير ما كان مقتنعا به عند توجيه اليمين المتممة فيقضي ضد من حلف. الحكم

: النكول على اليمين المتممة-2

إذا نكل الخصم الذي وجهت إليه اليمين المتممة، فإن األدلة الناقصة التي كان قد -

ان الريبة لتزداد في صحة ادعائه بعد أن قدمها إلثبات ادعائه تبقى ناقصة كما كانت بل

من أجل ذلك يغلب أن يقضي ضده، ويرى األستاذ السنهوري أنه يجوز للقاضي بعد . نكل

ال . أن نكل الخصم الذي وجه إليه اليمين المتممة أن يوجه هذه اليمين إلى الخصم اآلخر

من المحتم هنا ولكن ليس . 1سيما بعد أن تعززت أدلة هذا الخصم اآلخر بنكول خصمه

فيقضي . فقد تظهر بعد نكوله أدلة جديدة تكمل أدلته الناقصة. أيضا أن يقضي ضده

لصالحه بالرغم من النكول بل قد ال تظهر أدلة جديدة ولكن القاضي يعيد النظر في األدلة

التي كان يحسبها ناقصة فيرجع عن رأيه ويقدر أنها أدلة كافية، فيقضي هنا أيضا

.لصالحه

.586 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 88: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

هذا اإلطار تزداد المطاعن على اليمين المتممة إذ كيف يتأتى أن يوجه و في

القاضي من تلقاء نفسه اليمين المتممة إلى الخصم فيحلفها، و يتخذ من اهللا عز وجل شاهدا

.على ما قال ثم ال يأخذ بها القاضي بعدئذ أو يطرحها جانبا

اليمين المتممة، أفال يكون وإذا كانت أدلة الدعوى ناقصة غير كافية، ووجه القاضي

وإال فما كان في . من األوفق أن يصدر حكمه على نحو ما انتهت إليه نتيجة توجيه اليمين

حاجة إلى توجيهها خاصة و أنه هو الذي يختار الخصم الذي توجه إليه ويقدر مقدما مدى

.1مالئمة توجيهها إليه من كافة النواحي

: صور خاصة من اليمين المتممة-3

يمين - يمين اإلستيتاق ب-أ: و من الصور الخاصة باليمين المتممة ما يلي

و األحكام التي تكلمنا عليها سابقا تتعلق باليمين المتممة . يمين التقويم-اإلستظهار ج

:serment supplitif)األصلية فتنقسم اليمين المتممة إلى يمين متممة أصلية

suplétoire)ستظهارو يمين إستيتاق و يمين ا(serment libératoire) ويمين

.serment en plaids.ad litem. estimatoire(2(تقويم

فاليمين المتممة األصلية كاليمين الحاسمة تكون إما على واقعة شخصية و إما على

.عدم العلم

فإذا كانت على عدم العلم سميت يمين عدم العلم، وفي يمين اإلستيتاق و يمين

و . و هو جوازي في اليمين المتممة األصلية. ها إجباري على القاضياإلستظهار، توجيه

و اليمين المتممة . الذي توجه إليه اليمين هنا هو أحد الخصمين بالذات يعينه القانون

و ال يملك القاضي هنا إال أن يقضي لمصلحة من حلف . األصلية توجه ألي من الخصمين

لمتممة األصلية و هذه الفروق تقرب يمين و هو ال يتقيد بذلك في اليمين ا. اليمين

.اإلستيتاق و يمين االستظهار من اليمين الحاسمة و تبعدهما عن اليمين المتممة

240 ص – املرجع السابق – أمحد أبو الوفا 1 .587 ص – املرجع السابق – أنظر أمحد عبد الرزاق السنهوري 2

Page 89: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و لكن مهمة كل من . و يعتبر األستاذ سليمان مرقس يمين اإلستيتاق يمينا حاسمة

انون ناقصا فيريد اليمينين هي التي تلحقها باليمين المتممة إذ هي إتمام دليل يراه القنهاتي

. أن يستكمله بهذه اليمين

و يمين التقويم يمين خاصة ال توجه إال في تقويم شيء معين عندما يستعصى

و هي أيضا تنحرف في أحكامها عن أحكام اليمين المتممة األصلية . تقويمه بطريق آخر

و توجد في الفقه و في أن موضوعها ال يكون إال التقويم . في أنها ال توجه إال إلى المدعي

اإلسالمي يمين متممة هي يمين المدعي إذا لم يكن عنده إال شاهد واحد فيقضي له القاضي

فتكون اليمين متممة للشهادة، و هذا ما ذهب إليه مالك و الشافعي و أحمد . بشاهده و يمينه

شاهد فلم يجز القضاء ب-لما روى أنه عليه السالم قضى بشاهد و يمين و خالف أبو حنيفة

.و يمين

و اليمين عند القائلين بالجواز تكمل شهادة الشاهد، والقضاء أنما يكون بالشاهد

:وسنأتي إلى شرح هذه الصور كما يلي. 1واليمين معا

نص القانون على هذه اليمين على أنها قد تكون يمينا على عدم : يمين اإلستيثاق-أ

:العلم

يجب على :" من القانون المدني على انه الفقرة األخيرة312قد نصت المادة * 1

من يتمسك بالتقادم لسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعال وهذه اليمين توجه تلقائيا

من القاضي إلى ورثة المدين أو إلى أوصيائهم إن كان الورثة قاصرين على أنهم ال

.2"يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء

فقط و جعل 3أن جعل بعض الحقوق تتقادم بمدة قصيرة جدا هي سنةوالقانون بعد

من هذا التقادم قرينة على الوفاء أراد أن يعزز هذه القرينة وقد اعتبرها دليال غير كامل

.577 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1 .378 و يقابل هذه املادة يف القانون املصري املادة 2حقوق التجار و الصناع على ؟أشياء : تتقادم بسنة واحدة احلقوق التالية " 312 احلقوق اليت تتقادم بسنة هي اليت ذكرت يف املادة 3

مثن الطعام و كل ما صرفوه حلساب وردوها ألشخاص ال يتاجرون فيها، و حقوق أصحاب الفنادق و املطاعم عن أجر اإلقامة و .عمالئهم و املبالغ املستحقة للعمال و األجراء اآلخرون مقابل عملهم

Page 90: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

فإذا كان قد . بيمين متممة يحلفها المدين على واقعة شخصية له، هي أداؤه الدين فعال

الورثة قصرا بيمين عدم العلم بأنه ال يعلمون مات، خلفه الورثة أو أوصيائهم إن كان

ويرى األستاذ السنهوري أن . بوجود الدين، أو بيمين العلم بأنهم يعلمون بحصول الوفاء

و في صور أخرى . يمين االستيثاق تكون في بعض صورها يمينا على واقعة شخصية

العلم ال تختص بيمين ويمين عدم . وتبقى في الحالتين يمين إستيثاق.يمينا على عدم العلم

فال . بل هي قد تكون أيضا في اليمين الحاسمة وفي اليمين المتممة األصلية. االستيثاق

.يجوز إذن الخلط ما بين يمين عدم العلم ويمين االستيثاق

وخصائص يمين االستيثاق والتي نحن بصددها هي يمين إجبارية البد للقاضي من

وتوجه إلى هؤالء دون الدائن، وإذا حلفها من . هأن يوجهها إلى المدين أو إلى ورثت

. 1على أنها تبقى بعد كل ذلك يمين متممة ال يمين حاسمة. وجهت إليه كسب الدعوى حتما

فهي تختلف اختالفا جوهريا عن اليمين الحاسمة في أنها ليست هي الدليل الوحيد في

الوفاء المستخلصة من بل هي دليل تكميلي يعزز الدليل األصلي و هو قرينة . الدعوى

على أن هناك رأيا يذهب إلى أن اليمين هنا يمين حاسمة . انقضاء سنة على وجود الدين

إجبارية يوجهها القاضي من تلقاء نفسه في حق تقادم بمدة قصيرة و التقادم يقوم على

فهي قرينة قانونية قاطعة ال يجوز دحضها إال باإلقرار أو بالنكول. أساس قرينة الوفاء

.عن هذه اليمين

يعتبر العقد :" من القانون المدني الجزائري على انه327وقد نصت المادة * 2

العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط و إمضاء أما

ويكفي أن يحلفوا يمينا بأنهم ال يعلمون أن الخط أو . ورثته أو خلفه فال يطلب منهم اإلنكار

. 2"هو لمن تلقوا منه هذا الحقاإلمضاء

ويتكلم هذا النص عن يمين تتمثل في أنها يمين على عدم العلم، ثم إنها ال تعزز

دليال أصليا في اإلثبات، بل هي تساعد الورثة على اتخاذ موقف المنكر للورقة العرفية

579 وهذا ما ذهب إليه السنهوري الصفحة 1 . من التقنني املدين املصري394 تقابلها املادة 2

Page 91: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وع خاص، بيد أنها على كل حال يمين متممة من ن. فهي ال تثبت شيئا و لكنها تنشئ موقفا

.إذ يستكمل بها من حلفها الشروط القانونية الالزمة لدفع حجية الورقة العرفية في اإلثبات

هذه اليمين لم ينظمها المشرع الجزائري وهي توجد في : يمين االستظهار-ب

ونقل قانون 484ونص عليها في المادة. التقنين المدني العراقي أخذها عن الفقه اإلسالمي

ويمين االستظهار في األحوال . 1البينات السوري هذا النص وأضاف إليه حالة رابعة

ولكنها . عراقي إنما هي يمين متممة من التقنين المدني ال484المنصوص عليها في المادة

فهي يمين إجبارية يوجهها القاضي إلى خصم . يمين متممة لها خصائص يمين االستثاق

.بالذات يعينه القانون، و إذا حلفها الخصم كسب حتما دعواه

لليمين يمين التقويم صورة خاصة. le serment estimatoire: يمين التقويم-ج

ال يجوز :" كما يلي350ع الجزائري في القانون المدني في المادة المتممة تناولها المشر

للقاضي أن يوجه إلى المدعي اليمين المتممة لتحديد قيمة المدعى به إال إذا استحال تحديد

". هذه القيمة بطريقة أخرى

و يحدد القاضي حتى في هذه الحالة حدا أقصى للقيمة التي يصدق فيه المدعي

2"بيمينه

يمين التقويم هو تقدير قيمة شيء واجب الرد و تعذر رده فيقضي و موضوع

بقيمته، مثل ذلك أيضا بيع أو إيجار فسخ و تعذر رد المبيع أو العين المؤجرة بتقصير من

إذا ادعى أحد يف -أ:من تلقاء نفسها يف األحوال اآلتيةحتلف احملكمة :" من التقنني املدين العراقي على ما يلي484تنص املادة 1

و ال أبرأه و ال أحاله . التركة حق و أثبته فتحلفه احملكمة ميني اإلستظهار على أنه مل يستوف هذا احلق بنفسه و ال بغريه من امليت بوجهإذا استحق أحد املال و أثبت دعواه حلفته احملكمة -ب.و ليس للميت يف مقابلة هذا احلق رهن. و ال استوىف دينه من الغري. على غريه

إذا أراد املشتري رد املبيع لعيب،حلفته احملكمة على -ج.على أنه مل يبع هذا املال و مل يهبه ألحد و مل خيرجه من ملكه بوجه من الوجوهإذا طالب الشفيع بالشفعة :" ابعة هي حالة ر123و أضاف قانون البينات السوري يف املادة " أنه مل يرض بالعيب صراحة أو داللة

"حلفته احملكمة بأنه مل يسقط حق شفعته بوجه من الوجوه التقنني – 122قانون البيانات السوري املادة . 417 التقنني املدين املصري املادة –. و يقابل هذه املادة يف التقنينات املدنية العربية 2

التقنني املدين – التقنني املدين للملكة الليبية املتحدة – 240ل احملاكمات املدنية اللبناين املادة تقنني أصو– 483املدين العراقي املادة ال يوجه القاضي اليمني إىل املدعي على قيمة الشيء املطلوب غال إذا استحال تقديرها بطريق آخر و حىت : " 1369الفرنسي املادة

).594 ص –عبد الرزاق أمحد السنهوري . ( غ الذي يصدق فيه املدعي بيمنيهيف هذه احلالة يعني القاضي حدا أقصى للمبل

Page 92: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ولكن هذه القيمة استحال تقديرها . المشتري أو المستأجر فيقضي بالقيمة للبائع أو المؤجر

فلم يعد مناص من الرجوع - ساس تعيينها بالوصفبأي طريق ولو بطريق الخبراء على أ

ومن هنا نرى أن الخصم الذي . فيوجه إليه القاضي يمين التقويم. - في قيمتها إلى المدعي

توجه إليه هذه اليمين هو دائما المدعي الذي يطالب باسترداد الشيء دون المدعى عليه

الذي يقدر به المدعي قيمة ثم إن موضوع اليمين هو دائما المبلغ . المطلوب منه الرد

الشيء المطلوب رده على أن ال يجاوز هذا المبلغ حدا أقصى يعفيه القاضي بحسب تقديره

.وفقا لما يستخلصه من ظروف الدعوى

يفقد شخص حقيبته أثناء نقلها بسكة : " بمثل لذلك " كابيتان " و " كوالن " ويأتي

ويم على قيمة ما كانت هذه الحقيبة تشمل عليه الحديدية بخطأ من الشركة، فيحلف يمين التق

.1"من متاع

أن القاضي ال يعتبر إال قيمة الشيء الحقيقية ال " رو" و " أوبري"ويقرر الفقيهان

قيمة ذاتية بالنسبة إال المدعي ويدخل في هذا االعتبار، ما أصاب المدعي من ضرر من

يجوز للقاضي في تقدير الحد جراء تفويت الفرصة عليه في استرداد الشيء عينا، و

.األقصى الذي يعينه للمدعي للحلف عليه، أن يلجأ إال الشهادة بالتسامع

وقد تكفل النص بتعين الشروط الواجب توفيرها لقبول يمين التقويم فاشترط أوال أن

يكون تحديد القيمة بطريقة أخرى متعذرا، واشترط كذلك أن يعين القاضي حدا أقصى

أن القاضي يركن إلى ذمة المدعي دحلف عليها المدعي، وعلى هذا التقييللقيمة التي

.لتقدير قيمة مصالحه الذاتية

أما في ما يتعلق بالحجية، فيمين التقويم واليمين المتممة سواء، فيمين التقويم ال تقيد

ا القاضي فله أن يقضي بمبلغ أقل من المبلغ المحلوف عليه إذا أحس المبالغة في تقدير هذ

.المبلغ

فإذا هلك شيء موضوع عارية أو وديعة فحكم برد قيمته و استحال تقدير هذه القيمة

يكون للقاضي تحديد حد أقصى للقيمة التي يصدق عليها المدعي بيمينه، فهذه اليمين

595 ص - املرجع السابق - الرزاق أمحد السنهوري د أنظر عب 1

Page 93: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

المتممة ال توجه إال للمدعي و ال ترد على الخصم اآلخر و ال يتقيد بها القاضي فله الحكم

بلغ الذي حلف عليه المدعي أو بأكثر منه خاصة إذا قدمت أدلة جديدة بعد بأقل من الم

.الحادث

Page 94: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:تطبيقات قضائية لليمين المتممة بمحكمة معسكر

في إطار التربص الذي نجريه بمجلس قضاء معسكر و محكمته أردنا أن نربط

لننقل كيفية .الدراسة النظرية بشيء من التطبيق في هذا الجانب المتعلق باليمين المتممة

الحكم المدني الصادر : العمل باليمين المتممة بهذه المحكمة و لقد وجدنا عدة أحكام أهمها

و أهم 109/2003: و رقم الفهرس390/2003: تحت رقم الجدول23/03/2003بتاريخ

حيث ثبت للمحكمة بعد اإلطالع على مذكرات الخصوم و الوثائق –:" ما جاء فيه ما يلي

ملف أن أساس النزاع يدور حول الطلب المقرض إلزام المقترض بأدائه له مبلغ المرفقة بال

.القرض و ذلك عند رجوع القضية للجدول بعد إجراء جلسة التحقيق المدني

حيث أن المدعي و إثباتا إلدعائه قدم للمحكمة بواسطة وكيله شيك مؤرخ في -

ي سلم للمدعي عليه يثبت بموجبه أن المدع84317807: تحت الرقم21/06/1992

. دج عن طريق هذا الصك الذي يعتبر أداة وفاء1500000:مبلغ

حيث أن المدعى عليه أثناء سماعه في جلسة التحقيق المدني صرح أمام المحكمة -

أنه بصفته كان إطار متخصص في شؤون المقاوالت استعان به المدعي ليتكفل بجميع

ونظرا . إبرام صفقاتها بتوكيل من المدعيويتولى . أمور مؤسسته التقنية و المالية

لمجهوداته الجبارة في تسيير شؤون المقاولة، وعده المدعي في شروط توظيفه أن يوفر له

ومن بين هذه الوعود أن . مستوى معيشة أحسن من المستوى الذي يوفره له منصبه

.الخ...يشتري له سكنا

مليون سنتيم عندها 150بلغ وقد سلم المدعي للمدعى عليه كثمن لشراء المسكن م

25تنازل المدعي عليه عن ثمن بيع مسكنه الكائن ببوحنيفية لصالح المدعي و المقدربـ

مليون سنتيم وبالتالي فإن المبلغ المطالب به كان على سبيل المكافئة سلمه المدعي للمدعى

.عليه عرفانا له لمجهوداته التي قام بها لصالح المؤسسة

ما سبق فقد ثبت للمحكمة بعد اإلطالع على محضر التحقيق المدني حيث أنه طبقا ل

أنه ثمة قرائن قضائية طبقا لنص المادة 1/12/2002 -24/11/2002:المؤرخ في

من القانون المدني تعزز دفوع المدعى عليه المتعلقة بكون المبلغ المالي المسلم 340

Page 95: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

أن المبلغ - :لقرض و المتمثلة فيللمدعي عليه كان على سبيل المكافئة و ليس على سبيل ا

ولم يطالب به إال بعد أن غادر المدعى عليه 1991المالي سلمه المدعي للمدعى عليه سنة

كما .كما انه لم يتم تحديد شروط تسديد القرض إذا اعتبرناه قرضا. 2001المؤسسة سنة

عمل في صرح المدعي في جلسة التحقيق المدني بأنه إذا استمر المدعى عليه في ال

المؤسسة كان من الممكن أن ال يطالب بالمبلغ هذا إلى جانب تحفظه عن اإلجابة في سؤال

تم توجيهه له حول ما إذا كان قد حضر عملية بيع المسكن و كذا مجلس العقد أمام الموثق

توجيه اليمين و عليه فإن المحكمة و تعزيزا لقناعتها ترى و قبل الفصل في الموضوع

يؤديها بالمسجد الكبير بمعسكر بالصيغة المحددة في منطوق هذا دعي عليهالمتممة للم

.1 من القانون المدني348الحكم طبقا لنص المادة

و باإلضافة إلى هذا الحكم اخترنا حكم آخر للمقارنة بين الحكمين و التعليق -

.عليهما

لجدول تحت رقم ا28/11/2004الحكم المدني الصادر عن القسم المدني بتاريخ *

: و أهم ما جاء فيه ما يلي287/2004 و رقم الفهرس 115/2004

حيث أن جوهر الدعوى يتعلق بطلب تسديد تكاليف أشغال بئر و تهيئة أرض "

...فالحية و تعويض عن الضرر

حيث أن نتائج التحقيق أسندت على تأكيد الشاهدين المستمع إليهما بقيامهما بأشغال -

من المرجع في هذه الدعوى و أن المرجع ضده عاين هذه تهيئة و حفر البئر بطلب

. األشغال و أنهما لم يكونا على علم بأن هذه األرض التي تقام عليها األشغال هي ملك له

األمر الذي يفيد جليا ثبوت قيام المرجع بأشغال في بئر خصمه وأن إنكار خصمه لذلك

جع في هذه الدعوى يقع محل توجيه مردود عليه إال أن المبلغ المطالب به من قبل المر

من القانون المدني الجزائري كون الفاتورتين المرفقتين بالملف 350يمين به طبقا للمادة

دج كثمن للعتاد و المواد المستخدمة و من ثمة القول بتوجيه 177000تثبت أن مبلغ

عن القسم املدين حملكمة معسكر بامللحق23/03/2003أنظر احلكم الصادر بتاريخ 1

Page 96: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ن القانون م348اليمين المتممة للمدعي قبل الفصل في الموضوع و هذا طبقا للمادة

1المدني يؤيدها بالصيغة التي تحدد بمقتضى منطوق هذا الحكم

: قـــالتعلي

هو هل المبلغ الموجود 23/03/2003أصل النزاع في الحكم األول المؤرخ في -

بالشيك دفع للمدعي عليه على أساس عقد قرض أم على سبيل المكافأة؟ فيقع عبء إثبات

البينة على " طبقا للقاعدة العامة. نزاع و هو المقاولعقد القرض على عاتق المدعي في ال

و لهذا فإن . و لكن القانون ال يطلب منه المستحيل بل يقدم ما يرجح ادعاءاته" من ادعى

تقديم المدعي لشيك صرف لحساب المدعي عليه يشكل قرينة قضائية على وجود عقد

تنفيذ هذه القرينة بقرينة القرض فهنا توزع عبء اإلثبات فأصبح على المدعي عليه عبء

و قد قدم من بين الدفوع أنه كان يعمل لدى المقاول و أن هذا المبلغ كان على . براءة ذمته

مليون سنتيم هو قيمة البيت 25و أن مبلغ .و ليس على سبيل القرض. سبيل المكافأة

.الواقع ببوحنيفية و الذي باعه المدعي عليه

لح المدعي عليه كونه كان يعمل لدى المقاول و و هنا تشكلت قرينة قضائية لصا

.كان له دور كبير في األرباح التي حققها المقاول

و القاضي بعدما تعادلت كفة الطرفين، قام بإجراء تحقيق مدني توصل فيه إلى

. تعزيز كفة المدعي كونه حقق أرباح هامة للشركة حسب تصريح الشهود و المدعي نفسه

.مةفوجه له اليمين المتم

و توجيه القاضي اليمين المتممة للمدعي عليه ليس هو تطبيقا للقاعدة العامة في

بل هو خروج عن هذه القاعدة ألن القاضي يوجهها لمن " اليمين على من أنكر" اإلثبات

تعزز موقفه في الدعوى فقد يكون المدعي وقد يكون المدعي عليه فال يوجد إنكار بل

.يه في الدعوى بأن الشيك هو عبارة عن مكافأة و فقطتأكيد لتصريحات المدعي عل

و القاضي هنا بذل دور كبير في تحقيق و توزيع عبء اإلثبات بين المتخاصمين

.واستعمل اليمين المتممة في محلها و وفقا لما ينص عليه القانون

.دين حملكمة معسكر بامللحق عن القسم امل28/11/2004 أنظر احلكم الصادر بتاريخ 1

Page 97: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

فإن أصل النزاع فيه هو هل كان 28/11/2004أما الحكم الثاني المؤرخ في

يه صاحب األرض يعلم باألشغال التي تقام لبناء البئر؟ و إذا كان يعلم ماهي المدعي عل

القيمة الحقيقية لهذه األشغال ؟

لإلجابة على هذين اإلشكالين في النزاع القائم ارتأى القاضي أن يجري تحقيقا مدنيا

.يدعم به موقف أحد الطرفين

كان يعلم بإجراء أشغال و توصل القاضي بعد التحقيق مع الشهود أن المدعي عليه

بناء البئر و لكن بقي اإلشكال في تحديد قيمة األشغال و هنا القاضي لم يعين خبير بل لجأ

و الخصم الذي توجه ".يمين التقويم" من القانون المدني و استعمل 350إلى نص المادة

عليه المطلوب إليه هذه اليمين هو دائما المدعي الذي يطالب باسترداد المبلغ دون المدعي

و أن موضوع اليمين هو دائما المبلغ الذي يقدر به . منه الرد و هذا كما رأينا سابقا

على أال يجاوز هذا المبلغ الحد األقصى الذي يعينه . المدعي قيمة الشيء المطلوب رده

صيغة " ق م ج و لقد حدد القاضي المبلغ في 350طبقا للمادة . القاضي بحسب تقديره

. دج232.250.00ب " حلف اليمين

و نحن نرى من جانبنا في هذا النزاع أنه يمكن تعيين خبير لتحديد قيمة األشغال و

ال يجوز للقاضي أن يوجه إلى " من ق م ج جاء فيه على أنه 350ذلك أن نص المادة

المدعي اليمين المتممة لتحديد قيمة المدعي به إال إذا استحال تحديد هذه القيمة بطريقة

و لكن يكون القاضي قد رأى أن . و لهذا فإنه توجد طريقة أخرى لتحديد المبلغ" ىأخر

و . هناك صعوبة قد تعترض الخبير للوصول لهذا التقدير أو تجنبا منه إلطالة أمد النزاع

فكان عليه ذكر األسباب التي تشكل " ال يجوز للقاضي" لكن النص جاء بصيغة األمر

.استحالة في التقييم

ق م ج في 350 يكن فإن القاضي قد اجتهد في ذلك و أثار إشكالية المادة و مهما

و قد يكون . و كذا مدى إجبارية ذكر األسباب التي دعته لتطبيقها. تحديد معنى االستحالة

.في ذلك اجتهاد من المحكمة العليا

:دراستنا لليمين المتممة بقرارات من المحكمة العليا نذكر منها كما ندعم*

Page 98: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

من المقرر :" الذي جاء فيه330541 ملف رقم 06/02/1985القرار المؤرخ في -

قانونا أن العقد يعتبر صادرا ممن وقعه ما لم يذكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو

أما ورثته أو خلفه فيكفي أن يحلفوا يمينا بأنهم ال يعلمون بأن الخط أو اإلمضاء . إمضاء

.ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون. هو لمن تلقوا منه هذا الحق

أن الطاعن قدم عقدا عرفيا اشترى – في قضية الحال -ولما كان من الثابت

بواسطته العقار محل النزاع من أبيه المالك فإن قضاة الموضوع بتقريرهم قسمة تركة

بعض الورثة الذين أنكروا بأنهم ال دون توجيه اليمين لالهالك دون مراعاة للعقد العرفي و

. يكونون قد خالفوا القانون يعلمون نسبة الخط أو اإلمضاء لمورثهم

".ومن كان كذلك استوجب نقض و إبطال القرار المطعون فيه

من :" الذي جاء فيه1917062 ملف رقم 11/04/2000القرار المؤرخ في -

.ابة أو بوصالت اإليجارالثابت فقها وقضاءا أن عقد اإليجار ينعقد كت

ولما ثبت من القرار المطعون فيه أن الطاعنة اعترفت بقبض مبلغ الحوالتين فهو

-467عمال بأحكام نص المادتين قرينة على وجود عالقة إيجار تحتاج إلى اليمين متممة

. من القانون المدني إلثبات العالقة اإليجارية348

: قـــالتعلي •

لقد تضمن نوع من أنواع يمين 06/02/1985ألول المؤرخ في بالنسبة للقرار ا- 1

االستيثاق وهي يمينا على عدم العلم توجه للورثة الذين ينكرون هذا العقد وهو صورة من

.صور اليمين كما رأينا في هذا المبحث

ولقد عاين قضاة الموضوع وجود عقد عرفي موضوعه عقد بيع مؤرخ في

. اشترى بواسطته العقار محل النزاع من أبيه الهالك يزعم الطاعن أنه12/06/1970

لكن قضاة الموضوع قرروا قسمة تركة الهالك . هذا العقد) الورثة(فأنكر المطعون ضدهم

موجود بامللحق1992قرار احملكمة العليا، الة القضائية العدد الرابع 1 موجود بامللحق2001قرار احملكمة العليا، الة القضائية العدد األول 2

Page 99: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

دون مراعاة للعقد العرفي وكان تبريرهم لذلك أن الطاعن لم يقدم الدليل على المبالغ التي

فكان هناك قلبا لعبء اإلثبات بجعلهم البينة أرسلها من فرنسا لوالده والتي تشكل ثمن البيع

على عاتق المشتري رغم وجود مادة صريحة في هذا اإلطار تلقي عبء اإلثبات على

الورثة وذلك بإلقاء اليمين عليهم وهي كما رأينا يمين على عدم العلم فال تعزز دليال أصليا

رقة العرفية فهي تنشىء بل هي تساعد الورثة على اتخاذ موقف المنكر للو. في اإلثبات

.موقفا

فهو يتعلق بمسألة إثبات عقد . 11/04/2000 بالنسبة للقرار الثاني المؤرخ في - 2

ألن . اإليجار، ولكن القرار لم يذكر فيه تاريخ انعقاد عقد اإليجار حسب ما يدعيه الخصوم

و 476لمادة ا( مسألة إثبات عقد اإليجار تختلف حسب القانون القديم أو القانون الجديد

.1) المتعلق بالنشاط العقاري3-93. ت.م

دج يعتبر قرينة قضائية على 21000ولكن اعتراف الطاعنة بقبض حوالتين بمبلغ

وجود عقد إيجار بينهما و بين المطعون ضده وهذه القرينة تحتاج إلى اليمين المتممة

وحتى ولو نشأ . في محلهإلثبات العالقة اإليجارية وعليه فقضاة الموضوع كان استنتاجهم

فإن وصل الكراء يجسد العالقة بين المؤجر و )93/03(هذا العقد في ظل القانون الجديد

المستأجر فيصبح المستأجر شاغل لألمكنة يخول له الحق في عقد إيجار لمدة سنة تبدأ من

.تاريخ معاينة المخالفة

جيار ال يتم إال وفق عقد منوذجي حدده من املرسوم التشريعي املتعلق بالنشاط العقاري جند أن عقد اإل21بالرجوع إىل نص املادة 1

حماضرات يف مادة اإلجيار املدين و التجاري ألقيت من طرف األستاذ بن .(19/03/1994 املؤرخ يف 94/69املرسوم التنفيذي رقم . باملعهد الوطين للقضاء2003/2004رقية بن يوسف على الدفعة الثالثة عشر السنة األكادميية

Page 100: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:بات دور الخصوم في توزيع عبء اإلث :الفصل الثاني

ة ملك للخصوم و لهذا فما من شك أن لهم دور إيجابي واسع في يإن الدعوى المدن

والدور اإليجابي للخصوم مستمد من الحقوق التي كفلها . تغيير قواعد عبء اإلثبات

الدليل وإثبات مناقشة شرع لكل خصم في الدعوى و أهمها حقهم في اإلثبات وحقهم في مال

لحقوق في المبحث األول تحت عنوان مبدأ الدور اإليجابي عكسه ولهذا سنتناول هذه ا

ب جومثم نتطرق في المبحث الثاني إلى دورهم في توزيع عبء اإلثبات ب، للخصوم

ثم في المبحث الثالث نتطرق إلى مدى إمكانية الخصوم االتفاق ،اإلقرار و اليمين الحاسمة

. العامعلى تعديل قواعد عبء اإلثبات و مدى تعلق ذلك بالنظام

:الدور اإليجابي للخصوم: المبحث األول

التي بينها القانون فموقفه بالطرقعلى الخصوم أن يثبتوا ما يدعونه أمام القضاء

.في اإلثبات موقف إيجابي وليس هذا واجبا عليه فحسب بل هو أيضا حق له

األدلة وهذا الدور اإليجابي للخصوم في اإلثبات وما يستتبعه من حقهم في مناقشة

.تنظمه عدة قواعد

:حق الخصوم في اإلثبات: المطلب األول

للخصم أن يقدم للقضاء جميع ما تحت يده او ما يستطيع إبرازه من األدلة التي

حقه بفإن لم يمكنه القاضي من ذلك كان هذا إخالال, يسمح بها القانون تأييد لما يدعيه

. سببا للطعن في الحكم بالنقضكانو

:لخصم في اإلثبات بقيود ثالثتقيد ايو

ال يجوز للخصم أن يثبت ما يدعيه إال بالطرق التي حددها القانون فال يجوز له

ان يثبت بالبينة ما ال يجوز إثباته إال بالكتابة وال يجوز له أن يجزئ إقرار خصمه إذا كان

يكون متعنتا وال يجوز له أن يوجه اليمين الحاسمة إلى خصمه حيث, هذا اإلقرار ال يتجزأ

.في توجيهها

Page 101: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ويجب فيما يسمح له به القانون من طرق اإلثبات أن يتقدم بما عنده من األدلة

.ها له القانونمطبقا لألوضاع و لإلجراءات التي رس

.كذلك ال يجوز للخصم أن يطلب إثبات واقعة لم تتوافر فيها الشروط الواجبة

. جة في داللتها جائزة اإلثبات قانونياإذ يجب أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى منت

فيرى . ويبقى للقاضي بعد كل ذلك حرية واسعة في تقدير قيمة األدلة التي تقدم بها الخصم

ويقدر إذ قدم الخصم ورقة ما يترتب على الكشط و , إذا كانت شهادة الشهود مقنعةام

إسقاط قيمتها في وغير ذلك من العيوب النادية في هذه الورقة من . ريالمحو والتحش

.هاصاإلثبات أو إنقا

وإذا كانت وقائع الدعوى ومستنداتها كافية القتناعه بصحة الورقة التي تقدم بها

طلبها التي رالخصم اآلخر أو بتزويرها فله أن يمتنع عن السير في إجراءات التزوي

ر أن يحكم من بل له ولو لم يدع أمامه بالتزوي. الخصم الذي طعن بالتزوير في هذه الورقة

تلقاء نفسه بّرد أية ورقة وبطالنها إذا ظهر له بجالء من حالتها أو من ظروف الدعوى

أنها مزورة كما له أن يعدل عما آمر به من إجراءات اإلثبات وأال ياخذ بنتيجة هذه

.اإلجراءات

وإذا رأى أن الدعوى ليست في حاجة إلى استجواب فإن له أن يرفض طلب

.ذي يتقدم به الخصماالستجواب ال

بل على , وحق الخصم في اإلثبات يقابله واجب يلقى على عاتق الخصم اآلخر

بعنت منه أو سوء نية ويصل هذا الواجب إلى مدى . عاتق الغير في اال يعطل هذا الحق

بعيد فيفرض في بعض الحاالت على الخصم اآلخر أو الغيران يقدم في حوزته لتمكين

.هالمدعي من إثبات حق

على الخصم ان يثبت : حق إقامة الدليل بطرق اإلثبات التي حددها القانون: أوال

ما يدعيه فاألصل هو برأة الذمة ويقع اإلثبات على من يدعي ما يخالف الثابت أصال

.مدعيا كان أو مدعى عليه

Page 102: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

فموقف الخصم في اإلثبات يكون إيجابيا وليس في إقامته للدليل حق له فحسب و

فللخصم أن يقدم للقضاء كل ما تحت يده أو كل ما يستطيع . و واجب عليه أيضاإنما ه

تقديمه من األدلة التي يسمح القانون بها تأييدا لدعواه فإذا لم يمكنه القاضي من ذلك عد

.هذا المسلك اخالال بحق الدفاع وكان سببا للطعن في حكمه بالنقض

لطرق القانونية التي حددها القانون وعلى الخصم في إثبات ما يدعيه أن يتقيد با

فتحديد و حصر . لإلثبات فال يجوز أن يلجأ إلى طريق غير منصوص عليه في القانون

.طرق اإلثبات في القانون يعد أمرا متعلق بالنظام العام

وبناءا على ما تقدم فإنه ال يجوز للخصم أن يثبت بالبينة ما ال يجوز إثباته إال

وال يجوز له أن . صم أن يجزئ إقرار إذا كان هذا اإلقرار ال يتجزأبالكتابة و ليس للخ

.يوجه اليمين الحاسمة إلى خصمه حيث يكون متعسفا في توجيهها

األصل إذا هو أن الخصم يقدم األدلة على ما يدعيه من حق و يجب في هذا الدليل

رقة مكتوبة فإذا كان الدليل و, أن يكون صادر من الخصم اآلخر حتى يكون حجة عليه

وإذا كانت الورقة ليست دليال كامال و إنما , فيجب أن تكون بخط هذا الخصم أو بإمضائه

انحصر نطاقها على أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة فإنه يجب مع ذلك أن تكون صادرة من

.الخصم الذي يراد اإلثبات له

خصمه اآلخر وبناء على ما تقدم ال يجوز في الدليل الذي يتمسك به الخصم ضد

ان يكون صادرا من الخصم األول او من صنعه فالقاعدة هنا في عدم جواز أن يصطنع

1الشخص دليال بنفسه لنفسه و نتكلم عن هذا المبدأ بشيء من التفصيل

:ال يجوز للخصم أن يصطنع دليال لنفسه

لو يعطي «عن أبي عباس رضي اللّه عنه ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قال

.»ناس بدعواهم ألدعي أناسا دماء رجال و أموالهم و لكن البينة على من أدعىال

جيز للشخص أن يصطنع دليال لنفسه ضد شخص آخر لما أمن الناس على أفلو

ها يصطنع أدلتها أشخاص لأنفسهم و أموالهم و لتعرض اإلنسان الدعاءات ال حصر

94 ص اريةالتجأصول اإلثبات يف املواد املدينة و -السعود الدكتور رمضان أبوا 1

Page 103: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

د من مبادئ اإلثبات األساسية هي و لذلك كانت القاعدة المنطقية و التي تع. آخرون ضده

.أنه ال يجوز للخصم أن يصطنع دليال لنفسه

و على ذلك ال يجوز أن يكون الدليل الذي يقدمه الخصم على صحة دعواه مجرد

أقواله و ادعاءاته أو أن يكون ورقة صادرة منه أو مذكرات دونها بنفسه كما ال يجوز أن

ال يملك الشخص أن يتخذ من *العامة هي أنه يشهد الخصم لنفسه ضد خصمه، فالقاعدة

*.عمل نفسه لنفسه دليال يحتج به على الغير

أن هذه القاعدة فرع من مبدأ أعم و أشمل هوان : و يرى األستاذ السنهوري

الشخص ال يستطيع أن يخلق بنفسه لنفسه سببا لحق يكسبه، و من استعجل الشيء قبل

قتل مورثه يحرم من إرثه، و إذا كان التأمين على أوانه عوقب بحرمانه، فالوارث الذي ي

حياة شخص غير المؤمن له برئت ذمة المؤمن من التزاماته متى تسبب المؤمن له عمدا

في وفاة ذلك الشخص أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه، و إذا كان التأمين على

مين إذا تسبب عمدا الحياة لصالح شخص غير المؤمن له فال يستفيد هذا الشخص من التأ

في وفاة الشخص المؤمن على حياته أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه و يعتبر

الشرط قد تحقق إذا كان الطرف الذي له مصلحة في أن يتخلف قد حال بطريق الغش

دون تحققه و كذلك ال أساس للشرط الذي تحقق إذا كان تحققه قد وقع بغش الطرف الذي

تحقق و الواقع أنه إذا كان الشخص ال يستطيع اقتضاء حقه بنفسه له مصلحة في أن ي

فمن باب أولى ال يستطيع المرء أن يصطنع لنفسه دليال )على فرض أن له حقا ثابتا(

القاعدة هي بأن اإلنسان ال يستطيع أن يتخذ من عمل نفسه دليال . يكون سببا لحقا يكسبه

مثبت لحساب الوقف و مقدار ما يستحقه كل لنفسه يحتج به على الغير فدفتر الناظر ال

المستحقين ال يعتبر دليال لورثته على المستحقين بقبضهم قيم استحقاقهم مادام ال توقيع لهم

.على هذا الدفتر يثبت هذا القبض

وكمثال أيضا أن مجرد إعالن شخص فقد ختمه في إحدى الصحف ال يعتبر دليال

. على المتمسك بورقة مختومة بهذا الختمعلى صحة هذه الواقعة وال يعتبر حجة

تمسك قد ولكن يجوز للخصم أن يتمسك بدليل اصطنعه لنفسه إذا كان خصمه

مثال ذلك أن من يوجه خطابا , بهذا الدليل ذاته أو قبل الدليل الذي اصطنعه الخصم األول

Page 104: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

قد سبق إليه الخطاب هإلى خصمه يجوز له أن يحتج بهذا الخطاب إذا كان الخصم الموج

.إلى التمسك به لمصلحته

فإن القانون قد , ل هو في عدم جواز اصطناع الشخص دليال لنفسهصوإذا كان األ

ينص في بعض الحاالت لمبررات يقدرها على جواز أن يتمسك الشخص بدليل صدر منه

دفاتر التجار ال تكون حجة على غير التجار . ( م. ق330مثال ذلك ما نصت عليه المادة

أن هذه الدفاتر عندما تتضمن بيانات تتعلق بتوريدات قام بها التجار يجوز للقاضي غير

).توجيه اليمين المتممة إلى أحد الطرفين فيما يكون إثباته بالبينة

كن إذا كانت هذه الدفاتر لكون دفاتر التجار حجية على هؤالء التجار وت( و

عاد منه ما بيجزئ ما ورد فيها واستمنتظمة فال يجوز لمن يريد استخالص دليل لنفسه أن

).هو مناقض لدعواه

:حق المطالبة بإلزام الخصم أو الغير بتقديم ما يوجد تحت يده من أوراق :ثانيا

ويقابل ذلك بالضرورة أنه ال , يجوز للخصم أن يصطنع دليال لنفسه ال رأينا أنه

.يجوز إجبار الخصم على تقديم دليال ضد نفسه

لدعوى أن يتقدم بما شاء من مستندات إثباتا لما يدعيه من حق أو فلكل خصم في ا

رط أن تكون هذه المستندات ذات صلة بموضوع تشيدحض به مزاعم خصمه و يلدفع

ها لإلثبات و أن ال تحمل طابعا سريا يالدعوى و مفيدة للحكم فيها و كان من الجائز تقدم

ه المستندات و األوراق المؤيدة ولكن إذا كانت هذ, كما يحدث في شأن بعض الرسائل

لطلبات ودفوع الخصم موجودة في حوزة الخصم اآلخر فهل يجوز للخصم األول طلب

.إلزام خصمه بتقديم ما يوجد تحت يده من أوراق

فإذا كانت أجابتنا عن هذا السؤال باإليجاب فهذا يعد مخالفة للمبدأ الذي أثبتناه فيما

ر الخصم على تقديم دليل ضد نفسه ولكن قد يصطدم ذلك تقدم و يتمثل في عدم جواز إجبا

ما إلى قول ائ دسعىاده وجود التزام أخالقي على عاتق كل خصم بأن يفباعتبار آخر م

ال سيما أن , الصدق و إثبات الحقيقة وفي عدم جواز أن يتستر على الحقيقة فيخفيها

إلى الحقيقة مهما كان مسلك هدف إلى الوصول يالقاضي في اإلثبات أصبح له دور إيجابي

Page 105: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

بأن من - من جانب من الفقه–ليه مصلحة كل منهم ولذلك يمكن القول مالخصوم أو ما ت

امتنع من الخصوم دون حق أن يستجيب لطلبات خصمه مع تقديم مستندات في حوزته أو

جعل بفعله إثبات الدعوى مستحيال بأن امتنع مثال على تقديم دليال تحت يده ال يمنع

وذلك بطريق القياس على من جعل بفعله تحقق , لقانون من تقديمه جاز أن يخسر دعواها

فإن القانون يفترض أن الشرط قد تحقق و بعبارة , الشرط الذي علق عليه التزاما مستحيال

وجود تحت يده بطريق الغش مأخرى فإن الخصم الذي يمتنع عن تسليم دليال لإلثبات

. يدعيه خصمهيعتبر ذلك منه تسليما بصحة

من واجبه المعاونة في اإلثبات و لهذا - وليس الخصم وحده–وكذلك فإن الغير

يصح أن يوجه طلب االلتزام بتقديم المستندات إلى أي شخص آخر غير الخصم في

1.الدعوى طالما أنه لن يضار شخصيا من تقديم هذا الدليل

ت يده من مستندات عرفها هذه الفكرة التي ترمي إلى الزام الخصم بتقديم ما تح

actionما كان يسمى بدعوى العرض أو دعوى إبراز السند الروماني بالقانون

adexhibendum.

من ما نصت عليه المادة , وفي القانون الفرنسي وجدت عدة تطبيقات لهذه الدعوى

وز مستندات الملكية الشائعة و حتقاسم الذي يم مدني فرنسي و الخاصة بال3و 842/2

من القانون التجاري الفرنسي التي تلزم التجار بتقديم دفاترهم التجارية 17و 14مواد ال

.ما يسمح للخصم من استخالص أدلة لمصلحة من هذه الدفاترب

أما الفقه و القضاء الفرنسي فقد جعال من هذه التطبيقات مبدأ عام فقبلت دعوى

ن الخصمين كعقد الشركة أو عقد ركا بيتالعرض في الحالة التي يكون فيها المستند مش

وكانت للطرف , األيجارالذي بقيت منه نسخة واحدة بيد أحد الشركاء أو أحد المتعاقدين

بل و , اآلخر مصلحة أكيدة في إبراز هذا العقد حتى تترتب النتائج القانونية على وجوده

ا ذهب البعض كم, ذهبت األحكام حدا أبعد من ذلك فألزمت الخصم بتقديم مستندا خاصا به

بدون مبرر مشروع عن تقديم ما في حوزته من مستندات متنع إلى اعتبار الخصم الذي ي

199ص املرجع السابق .الدكتور رمضان أبوا السعود 1

Page 106: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

متعسفا في استعمال حقه وبالتالي مسؤوال عما يصيب الغير من ضرر بسبب مسلكه هذا

ولكن ال مسؤولية على هذا الخصم إذا استند في رفضه إلى مبرر معقول ومشروع كأن

وعلى أي حال , صفة سرية أو كان في إبرازه ما يلحق ضررا بالغيريكون المستند ذو ال

و بالتالي ال تملك , فلقد اعتبر التزام الخصم بتقدم ما تحت يده من أدلة التزاما بعمل

المحكمة أن تقضي بمصادرة هذا المسند وإنما ليس سوى لقضاء بالغرامة التهديدية لحمل

. حق خاسرا لدعواه واعتبار الطرف الممتنع بدون الخصم هذا

هذا مع مالحظة أن القضاء ال يأخذ امتناع الخصم عن تقديم ما في حوزته من

مستندات على أنه قرينة تصلح للقضاء ضده إال إذا كان اإلثبات ممكنا بكافة الطرق و

منها القرائن فعندئذ يعتد القاضي بهذه القرينة إذا كانت ظروف الدعوى تحمل على

كافة ب أما إذا كان اإلثبات ال يجوز ع ،الخصم الممتن حوزة ستند في االعتقاد بأن الم

فال يستطيع قبل , الطرق فيكون على المدعي أن يقدم الدليل الكتابي على صحة دعواه

.ذلك طلب إلزام خصمه أي المدعي عليه بتقديم مستند في حوزته

ديم مستند تحت أما بالنسبة لمن لم يكن طرفا في الخصومة فيجوز إجباره على تق

أما إذا وجد المستند في .يده كأن يكون هذا الغير موظفا عاما ويترك ذلك لتقدير المحكمة

وامتنع عن تقديم ما في حوزته من , حوزة شخص عادي لم يكن طرفا في الخصومة

مستندات برغم فائدتها للفصل في النزاع بين الخصوم فيجوز للقضاء إلزامه بتقديم هذا

.المستند

استقر القضاء الفرنسي على أن امتناع هذا الغير عن تقديم ما في حوزته من وقد

رتب مسؤوليته الشخصية عما يصيب يمستندات بغير مبرر مشروع و معقول يعد خطأ

.الخصم من أضرار لحقت به بسبب هذا االمتناع

: الخصم أو الغير بتقديم ما تحت يده من أوراق إلزام أحوال

منتج فيمحرر حاالت اآلتية أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أي يجوز للخصم في ال

:تحت يده يكون الدعوى

.إذا كان القانون يجيز مطالبته بتقديمه أو تسليمه •

Page 107: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ر مشتركا على األخص رويعتبر المح, إذا كان مشتركا بينه و بين خصمه •

.متبادلةر لمصلحة الخصمين أو كان مثبتا إللتزاماتهما و حقوقهما الرإذا كان المح

.إذا استنداليه خصمه في أية مرحلة من مراحل الدعوى •

:ات الموجودة تحت يده و الحكم فيهرإجراءات طلب إلزام الخصم بتقديم المحر

ت حالة من الحاالت المتقدمة جاز للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم رإذا تواف

.ر الذي يكون موجودا تحت يدهرالمح

النزاع ر إلى المحكمة المعروض عليها ر بتقديم المحالخصمطلب ويجب أن يقدم

.و على ذلك ال يجدي أن يقدم الخصم هذا الطلب إلى الخبير المنتدب في الدعوى

كما يجب أن يكون هذا الطلب صريحا وجازما حتى يلتزم بإجابته أو رفضه

قعة التي ر المطلوب إلزام الخصم بتقديمه و فحواه وكذلك الواربحيث يشتمل أوصاف المح

يستدل بالورقة عليها و كذلك األدلة التي تثبت حيازة الخصم اآلخر لهذه الورقة ثم تبين

في ذات الطلب أن الحالة المعروضة هي إحدى الحاالت التي يجوز في إلزام الخصم

.بتقديم ما تحت يده من أوراق

قدم الطلب ت المحكمة برفضه و إذا ضالطلب األحكام المتقدمة قفي فإذا لم تراعي

مستوفيا لشروط المنصوص عليها في القانون التزمت المحكمة بالّرد عليه إما قبوال أو

فمسألة الفصل . هذا الطلبنرفضا وبالتالي يتعرض حكمها للنقض إن هي أغفلت الّرد ع

نما تتعلق أوجه إفي طلب إلزام الخصم بتقديم أية ورقة منتجة في الدعوى تكون تحت يده

.و إجراءاته التي يتعين على محكمة الموضوع أن تقول كلمتها فيها اإلثبات

راعي أن القاضي في فصله في طلب إلزام الخصم بتقديم أية ورقة منتجة يو

1.تحت يده إنما يتمتع بسلطة تقديرية في الدعوى تكون

: مستند تحت يدهمقديتأثر امتناع الخصم عن

ر الموجود رلذي طلب إلزام خصمه بتقديم المحتقضي المحكمة لمصلحة الخصم ا

:تحت يده في الحاالت اآلتية

1 121رمضان أبو السعود ص / د

Page 108: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

عن تقديم الورقة المطلوبة في الميعاد الذي ضربته له الخصم متنع إ إذا -

و بطبيعة الحال فإن المحكمة تملك بما لها من سلطة تقديرية في هذا الصدد أن المحكمة

. المطلوب إلزامه بتقديم المحرر الميعاد حسب ظروف الدعوى و ظروف الخصمدتمد

.عن حلف اليمينالخصم متنع إ إذا -

ن تعتد بهده أإذا كان الخصم الطالب قد قدم صورة من المحرر جاز للمحكمة ف

ا الخصم قد قدم صورة من ذا لم يكن هإذآما . لص وتعتبرها مطابقة لألةصورال

ل هدا الخصم فيما يتعلق فإن المحكمة يجوز لها في هده الحالة إن تأخذ بأقوا.المحرر

.مضمونهببشكل المحرر و

ر يجب ر القول بان االمتناع عن تقديم المح- و بصفة مطلقة-ولكن ال يجوز

فالمحكمة تتمتع بسلطة تقديرية في . قانونا اعتباره تسليما بصحة قول من طلب تقديمها

.يا االمتناع وما يحتمله من معانذوزن ه

: يدهت محررتحإلزام الغير بتقديم

في الدعوى والمطلوب تقديمها تحت يد شخص خارج المنتجة قد تكون الورقة

ة لذلك أجاز القانون استكماال ومراعاة لصالح الخصم الذي يستفيد من موصعن نطاق الخ

ن تأذن في إدخال الغير إللزامه بتقديم ورقة تحت أللمحكمة أثناء سير الدعوى .هذه الورقة

ومتى ادخل , ل في هذه الحالة من الخصم الذي يستفيد من الورقةيده ويقدم طلب اإلدخا

.الغير في الدعوى اصبح خصما فيها

و الواقع انه قد يكون المحرر الذي تحت يد الغير مثبتا لحق له او عليه بل قد

يكون طرفا موقعا على هذا المحرر ومع ذلك قد يكون بعيدا عن مجال الخصومة الماثلة

.أمام المحكمة

قد يتخلف الغير الذي ألزمته المحكمة بتقديم المحرر بعد إدخاله في الخصومة ، و

؟ فما هو الجزاء الذي يمكن إن يوقع على هذا الغير

في القانون المصري إذا امتنع الغير عن تقديم المحرر الموجود تحت يده فإن هدا

حد الخصوم في االمتناع ال يعد دليال على وجود هذا المحرر المطلوب تقديمه من أ

Page 109: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

مكن ألي خصم آن الدعوى ذلك انه لو أمكن استخالص هذا الفهم من مجرد االمتناع أل

يدعي وجود آية ورقة تحت يد شخص آخر غير خصم في الدعوى و يصل عن طريق

1ا الشخص إلى الحكم بصحة ما يدعيهذالتواطؤ مع ه

: حق الخصم في االستشهاد بالشهود :ثالثا

ومعنى تحمل الشهادة أن يدعوك , جب تحمل الشهادة وأداؤهاعلى كل إنسان وا

وال يآبى "الرجل لتشهد له على حق أو دين فتلبي دعوته و هذا التحمل واجب لقوله تعالى

" .الشهداء إذا ما دعوا

إذا دعاك الرجل لتشهد له على " و روي عن رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم

" .نهدين أو حق فال يسعك أن تتقاعس ع

آما أداء الشهادة فمعناها إن تدلي بها أمام القاضي إذا دعيت لذلك وهذا األداء

" ثم قلبه آو ال تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه " واجب تماما كالتحمل لقوله عز وجل

و األداء واجب على سبيل الكفاية ال العين " ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده "ولقوله تعالى

.البعض سقط عن الكل وإن امتنع الكل اثمو جميعاإذا قام به

فاألداء بالشهادة أمام القضاء هو واجب على كل شخص قد اطلع صدفة أو بتدخل

منه في عالقات غيره على واقعة متنازع عليها والشاهد ليس له الخيار في إن يحضر أمام

ناع يلحق ابلغ الضرر القضاء ليدلي بشهادته أوان يمتنع عن االدالء بها فمثل هذا االمت

األدلة األخرى على تبالعدالة وقد يؤدي إلى ضياع الحقوق واغتصابها إذا ما أنعدم

.الواقعة المطلوب إثباتها

هذا الواجب يقابله حق كل خصم في االستشهاد بالشهود على آية واقعة يسمح

القانون بإثباتها

326غوثي بن ملحة ص/ د 1

Page 110: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

المحكمة لالدالء بشهادته فإذا بالبينة فيستطيع الخصم تكليف الشاهد بالحضور أمام

وامتنع عن االدالء بشهادته رتقاعس الشاهد عن الحضور بغير مبرر قانوني أو حض

.تعرض لتوقيع الجزاء

م على انه يجوز للقاضي أن يأمر قبل الفصل في . ق إ43لقد نصت المادة

مقتضى الموضوع من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الخصوم بإجراء تحقيق وذلك ب

. قرار شفوي

هذا وانه يجوز األمر بالتحقيق إلثبات الوقائع التي تكون بطبيعتها قابلة لإلثبات

61م.بطريق شهادة الشهود و بشرط آن يكون التحقيق فيها جائزا و منتجا في الدعوى

األمر بإجراء التحقيق قد يكون من تلقاء نفس القاضي أو بناء على طلب أحد إن

م. ق إ43م.الخصوم

وإذا تم األمر بإجراء التحقيق بمقتضى حكم فيجب أن تبين في منطوق الحكم

.الوقائع التي تكون محل التحقيق وان يحدد تاريخ الجلسة التي يجري فيها التحقيق

ويجب أن يتضمن كذلك الحكم تكليف الخصوم بالحضور وبإحضار شهودهم في

. أيام08التاريخ المحدد أو بإخطار قلم الكتاب في خالل

:إحضار الشهود

آن يقدموا شهودهم مباشرة وان يستدعوهم بوا سطة قلم الكتاب فعلى الخصوم

.م. ق إ26 إلى 22وذلك طبقا لألحكام الواردة في المواد من

هذا وان المهلة لحضور الشهود ال تقل عن خمسة أيام من تاريخ استالم الشاهد

. التحقيقءالتبليغ إلى يوم الحضور إلجرا

ويمكن الحكم على الشهود الذين لم يحضرو بغرامة مدنية ال تتجاوز خمسين دينار

.مع النفاذ المعجل رغم المعارضة واالستئناف

ة أخرى يكون الحكم عليهم بغرامة مدنية ال ر ماويجوز إعادة تبليغهم وإن تغيبو

.دينار100تتجاوز

Page 111: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ه من الغرامة ويسمع إلى وأما الشاهد الذي قدم عذر مقبول عن الحضور يتم إعفاء

.شهادته

دد له حوإذا تبين أن الشاهد يستحيل عليه الحضور في اليوم المحدد فالقاضي ي

. ينتقل لس ماع شهادتهأو ميعاد أخر

وإذا كان الشاهد مقيما خارج دائرة اختصاص المحكمة فالقاضي يلجأ إلى االنابة

1)م. ق إ68م.(القضائية

ب ألحد الخصوم أو من أصهاره في درجة القرابة وال تجوز شهادة من هو قري

المباشرة أو زوج أحد الخصوم ولو مطلق وكذلك التقبل شهادة األخوة واألخوات وابناء

)م. ق ا64م ( العم األشقاء ألحد الخصم

.ة األشخاص و الطالق تجوز شهادتهم لحاب الدعاوى المتعلقة فيلكنه

ى لشهادتهم إال علعانية عشر سنة ال يسمأما القصر الذين لم يتجاوز عمرهم ثم

سبيل االستدالل وكذلك األمر بالنسبة لألشخاص فاقدي األهلية في أداء الشهادة أمام

.القضاء

انفراد بحضور ى إلى شهادة كل شاهد علعيسم: الـشهــودعكيـفـيـة سـمـا

سمه ولقبه وعمره كل شاهد أن يذكر قبل اآلدالء بشهادته اىالخصوم أو في غيبتهم وعل

وموطنه وعالقته ودرجة قرابته أو تبعيته للخصوم ثم يحلف الشاهد بأنه يقول إال الحق

هذا وان القصر الذين لم يتجاوز عمرهم خمسة .)م.ق ا. 85م (وإال كانت شهادته باطلة

وعلي الشاهد أن يدلي بشهادته دون االستعانة ) م.ق ا. 49/4م( اليمين نعشر سنة ال يؤدو

سواء من تلقاء ةية مذكرة وقد يجوز للقاضي أن يوجه إلى كل شاهد كل األسئلة الالزمبأ

.) م. ق ا.71م( طلب الخصوم لىنفسه أو بناءا ع

للخصوم أن يقاطع أحدهم الشاهد وال زوعندما يكون الشاهد يدلى بشهادته ال يجو

هله ويوقع عليها أو ينووأخيرا تتال على الشاهد أقوا.أن يوجه إليه األسئلة بصفة مباشرة

)م.ق ا. 72م.( أو ال يمكن التوقيع أو انه يمتنع عن ذلك فبأنه ال يعر

227غوثي بن ملحة املرجع السابق ص / د 1

Page 112: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

فالخصم الذي يقدم اكثر من خمسة شهود الثبات 73هذا وبمقتضي نص المادة

.واقعة واحدة يتحمل كل المصاريف المتعلقة بهذا الشان

مه فورا أو يؤجل وعند االنتهاء من إجراء التحقيق قد يصدر القاضي حك

وفي هذه الحالة يطلب القاضي من الخصوم أن يطلعوا علي ,الدعوى إلى جلسة قادمة

).ا م.ق .75م(المحضر التحقيق قبل الرجوع القضية من جديد في الجلسة المحددة

يدون فيه أقوال الشهود علي يد كاتب الضبط وهو يحتوي علي ضروهذا المح

التي اجري فيها لتحقيق وحضور الخصوم أو غيابهم واسم م والمكان والساعة وبيان الي

ضر كل شاهد ولقبه ومهنته وموطنه كما يبين أسباب رد الشهود ويوقع علي المح

).م .ق ا. 74.م (القاضي وكاتب الضبط ويضاف إلى النسخة األصلية للحكم

: هـــودرد الش

تهو بسبب قراببسبب عدم أهليته للشهادة أ) أو تجريحه (يجوز رد الشهود

.القريبة أو ألي سبب جدي آخر

هذا وانه يجب رد الشاهد وإبداء اوجه التجريح قبل ان يدلي بشهادته اال اذا تبين

1). م .ق ا.69. م.( سبب رده بعد أداء الشهادة وفي هذه الحالة اذا قبل الرد بطلت الشهادة

: حق الخصم في استجواب خصمه :رابعا

ات للخصم أن يطلب استجواب خصمه واالستجواب طريق يخول الحق في اإلثب

ال خصمه عن بعض وقائع سؤمن طرق اإلثبات في الدعوى يعمد أخذ الخصوم فيه إلى

كين ممعينة ليصل من وراء اإلجابة عليها واإلقرار بها إلى إثبات مزاعمه ودفاعه أو ت

.المحكمة من تلمس الحقيقة الموصلة لهذا اإلثبات

إثبات مصري أن للمحكمة كذلك أن تأمر بحضور الخصم 106وتقضي المادة

الستجوابه سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب خصمه وعلى من تقرر استجوابه أن

. يحضر بنفسه الجلسة التي حددها القرار

329- 328الغوثي بن ملحة املرجع السابق ص / د 1

Page 113: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وتتمتع المحكمة بسلطة تقديرية في إجابة الخصم في طلب استجواب خصمه فإن

طلب وهي ترفض اليست في حاجة إلى استجواب رفضت رأت المحكمة أن الدعوى ل

أيضا إذا وجدت أن الوقائع التي يراد استجواب الخصم عنها غير منتجة أو باالستجوا

.غير جائزة اإلثبات

ومفاد ما تقدم أن حق الخصم في الحصول على إقرار خصمه بالواقعة أو األثر

القانوني المتنازع

ب على ما ي اآلخر أن يحضر الستجوابه وأن يجعليه يقابله واجب على الخصم

.يوجه إليه من أسئلة

الخصم عن الحضور ف إثبات مصري بأنه إذا تخل113ولذلك تقضي المادة

لالستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع عن اإلجابة بغير مبرر قانوني جاز للمحكمة أن

1.كان يجوز فيها ذلكل التي ما اوحتقبل اإلثبات بشهادة الشهود والقرائن في األ

أما في القانون الجزائري فإن استجواب الخصم من صالحيات القاضي إذ هو

المختص في ذلك وال يجوز للخصم استجواب خصمه إذ يعد ذلك خروج عن المبادئ

العامة في اإلثبات ولكن هذا المبدأ ليس على إطالقه إذ يستطيع الخصم أن يطلب من

تخص النزاع من أجل الوصول إلى قناعة - طريق القاضي وعن- القاضي توجيه أسئلة

.تساعد القاضي في الوصول إلى الحقيقة

مهما يكن الدور : في مناقشة الدليل وإثبات عكسهحق الخصوم: المطلب الثاني

الذي يلعبه القاضي في توجيه الدعوى فإن األصل أنه يبقى محايدا في النزاع ولذلك فإن

ن حصر دور كميسي في تحريك الدعوى يبقى الخصوم أنفسهم والدور اإليجابي الرئي

:الخصوم وحقوقهم في القواعد اآلتية

: حق الخصوم في مناقشة األدلة التي تقدم في الدعوى: أوال

املرجع السابق -رمضان أبو السعود / د 1

Page 114: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ال يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه على أنه مهما يكن من قدر الحرية التي تطلق

دمه الخصم في الدعوى يجب أن يعرض للقاضي في اإلثبات فال جدال في أن أي دليل يق

يفنده أو يؤيده والدليل الذي ال ، ويدلي كل برأيه فيهتهعلى الخصوم جميعا لمناقش

يعرض على الخصوم لمناقشته ال يجوز األخذ به وال يجوز للمحكمة أن تأخذ بدليل نوقش

.في قضية أخرى ما لم يناقش في القضية القائمة

ئ التقاضي، حتى ال تبقى الخصومة مجهولة وحتى وهذا مبدأ جوهري من مباد

تتكافأ فرص الخصوم في الدعوى، ومن ثم كان للخصم حق طلب التأجيل لإلطالع على

.المستندات المقدمة من خصمه والرد عليها

وال يجوز للقاضي أن يقوم بمعاينة مكان النزاع في غيبة الخصوم ودون أن

.ر قرار بإجرائهايدعوهم لحضور المعاينة ومن غير إصدا

ولكن يكفي أن يعرض الدليل على الخصوم لمناقشته، فإذا لم يريدوا مناقشته فعال

.فقد نزلوا على حقهم في ذلك وصح األخذ بالدليل

كذلك ال يجوز للقاضي أن يأتي بأدلة من عنده لم يقدمها الخصوم إال إذا تراضوا

1عليها وقبلوا مناقشتها

في مناقشة األدلة التي تقدم في الدعوى أنه ال يجوز ترتب على حق الخصوميو

أن يقضي بعلمه ذلك أن علم القاضي هنا يكون دليال في القضية، ولما كان حق مناقشة

الخصوم فيكون خصما وحكما وهذا ال ة هذا الدليل اقتضى األمر أن ينزل القاضي منزل

2زيجو

لخصم اآلخر الحق في تقديم ما أن كل دليل يتقدم به الخصم إلثبات دعواه يكون ل

على أن األوراق ومستندات أو "م .إ. من ق32نص المادة تينقضه وإثبات عكس ما يدعيه

33وتنص المادة " يجب أن تبلغ للخصمهتاوثائق التي يقدمها كل طرف دعما إلدعاء

"ا الخصوم أو وكالئهم أو محاميهم حضوري أقوال يكون سماع"م على أنه .إ.ق

50حيي بكوش أدلة اإلثبات يف القانون اجلزائري والفقه اإلسالمي دراسة تطبيقية ونظرية مقارنة ص 1 48 عبد الرزاق أمحد السمهوري املرجع السابق ص 2

Page 115: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ن تبليغ أدلة الخصم إلى خصمه هو تمكينه من مناقشتها ومحاولة والغرض م

إثبات ما يخالفها فإذا كان الدليل ورقة رسمية كان للخصم اآلخر أن يطعن فيها بالتزوير

.بقرينة مثلها أو بأي طريق آخردحضها جاز للخصم ةوإذا كان قرين

م من مناقشة األدلة ثبات ما يستتبعه من حقهاإلوهذا الدور اإليجابي للخصوم في

لقاضي الوصول إلى قناعة موضوعية بعيدة عن الذاتية تمكنه من إصدار ليمكن ويسهل

وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه ال تثريب على المحكمة أن . حكم صائب ونزيه

تسند في قضائها إلى أوراق دعوى أخرى كانت مرددة بين ذات الخصوم ولو اختلف

المطروح عليها طالما أن تلك الدعوى كانت مضمومة لملف النزاع موضوعها عن النزاع

ال يجوز للقاضي أن يستند إلى أوراق عثرت بأنه : وتحت بصر الخصوم كما قضت

.عليها النيابة العامة دون أن يثبت أن هذه األوراق قد عرضت على الخصوم لمناقشتها

كمها على ما كما قضت محكمة النقض بأنه ال يجوز للمحكمة أن تبني ح

تستخلصه من أوراق أو إجراءات إثبات بقضية أخرى ولو كانت منظورة بين الخصوم

. أن تضم إلى قضية النزاع وتقع تحت بصر الخصوم أنفسهم إال

أنه لو سمح للقاضي أن يتدخل في اإلثبات وأن يأتي من عنده بأدلة "ويقول بارتان

مدعى وليست هذه مهمة القاضي، فإذا ما لم يقدمها الخصوم لخشي أن يعدل من طلبات ال

أتى القاضي بأدلة من عنده ورفض الخصوم أن يناقشوها ونزلوا عن حقهم في االعتراض

كان هذا بمثابة اتفاق بين الخصمين وهو جائز في صورة صريحة فيجوز في هذه

ف ع من أن يستعين القاضي في قضائه بما هو معرونولكن هذا ال يم " الصورة الضمنية

بين الناس وال يكون علمه خاصا به مقصورا عليه وذلك كالمعلومات التاريخية والجغرافية

.والعلمية والفنية الثابتة، فله أن يستعين في قضائه بما هو معروف في المجتمع

Page 116: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:حق الخصوم في إثبات عكس الدليل: ثانيا

ق في نقضه آن كل دليل يتقدم به الخصم إلثبات دعواه يكون للخصم اآلخر الح

إن "م . ق إ32، وذلك نتيجة للقاعدة المنصوص عليها في المادة هوإثبات عكس ما يدعي

األوراق آو المستندات آو الوثائق التي يقدمها كل طرف دعما الدعاءاته يجب إن تبلغ

".للخصم

عرفية كان ةوإذا كان الدليل الذي قدمه الخصم ورقة مكتوبة فان كانت ورق

ن ينكر خطه آو مضاءه آو آن يطعن في الورقة بالتزوير وان كانت ورقة للخصم اآلخر آ

.م اآلخر آن يطعن فيها بالتزويررسمية كان للخص

- فيما ال يتحتم فيه الطعن بالتزوير -وفي جميع األحوال يجوز للخصم اآلخر

قا يثبت عكس ما هو ثابت ضده بالكتابة على إن يكون إثبات العكس بكتابة مماثلة وفنأ

.لألحكام التي قررها القانون

وإذا كان الدليل المقدم قرينة قضائية فللخصم اآلخر أن يدحض هذه القرينة بقرينة

مثلها آو بآي طريق آخر، وكذلك الحال في القرينة القانونية، فإن األصل فيها جواز إثبات

في منع إثبات العكس العكس، أما القرائن القانونية التي ال تقبل إثبات العكس فنادرة والبد

.فيها من نص في القانون

هما تطبيق هذه القاعدة فإذا تمسك الخصم بالقرار يوحتى اإلقرار واليمين يتصور ف

ن يتمسك ببطالن هذا اإلقرار لعدم أالصادر من الخصم اآلخر جاز لهذا الخصم اآلخر

اسمة للخصم اآلخر األهلية وللغلط آو لغير ذلك من العيوب وإذا وجه الخصم اليمين الح

.جاز لهذا الخصم إن يرد على خصمه اليمين

صل في الدليل الذي يقدمه الخصم تمكين الخصم اآلخر األن أو يتبين من كل ذلك

يقبله حق الخصم اآلخر في إثبات العكس ه إثبات ما يدعي في من نقضه وان حق الخصم

Page 117: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

اإلثبات بموجب اإلقرار و اليمينتوزيع عبء دور الخصوم في :المبحث الثاني

الحاسمة

:اإلثبات بموجب اإلقرارعبء دور الخصوم في توزيع : المطلب األول

خر، ويكون قضائيا إذا ما تم هذا آل عليهف شخص بحقاعترااإلقرار هو -

ر الصريح اإلقرار أمام القضاء، و اإلقرار قد يكون صريحا أو ضمنيا وقد يكون اإلقرا

). من القانون المدني341المادة( مكتوبا أو شفويا وال يشترط شكل خاص في هذه الكتابة

: إلىي يل فيماطرقتوسن

قواعد اإلقرار: العنصر األول

التجزئة في اإلقرار: العنصر الثاني

قواعد اإلقرار:أوال

:انا أربعةالقانون المدني أن لإلقرار أرك من341ن من نص المادة ييتب -

أي أن االعتراف هو تقرير الخصم بواقعة معينة على : اعتراف الخصم *

واقعة مادية و : أنها حصلت و هذا التقرير خالفا لباقي طرق اإلثبات يحمل وصفين

تصرف قانوني، بل يمكننا القول أنه واقعة مادية تنطوي على تصرف قانوني أي واقعة

من حيث أنه واقعة مادية ال حاجة ،فاإلقرار. جه القانونيةمختلطة، وهذا الوصف له نتائ

في تمامه إلى قبول الخصم اآلخر وال يجوز للمقر بعد ذلك الرجوع فيه، أما من حيث أنه

التزام ة ما يشترط لصحتهينطوي على تصرف قانوني من جانب واحد فيشترط لصح

لتزام وأن تكون إرادته غير مشوبة المقر بالواقعة التي أقربها، أي أن يكون المقر أهال لال

بعيب من عيوب اإلرادة و التوكيل فيه يكون بوكالة خاصة ألن اإلقرار من أعمال

). من القانون المدني574المادة ( التصرف

يجب أن ينصب اإلقرار على واقعة قانونية : قانونية مدعى بهاواقعة *

قانونيا،لذلك يجب أن يكون محل ا أو تصرفمدعى بها على المقر سواء كانت واقعة مادية

Page 118: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

صوريا إذا كان محله يكذبه ظاهر معينا تعينا كافيا مانعا للجهالة، و يكون اإلقرار اإلقرار

الحال، كذلك يجب أن يكون محل اإلقرار مما يجوز التعامل فيه، فاإلقرار بشيء مخالف

ذلك أنه ال يصح اإلقرار للقانون أو للنظام العام أو لآلداب غير صحيح، ويترتب على

بدين مراهنة أو قمار، وال اإلقرار بالتعامل في المخدرات، وغيرها مع أنه ال يمنع من

في المسؤولية الجنائية، ويصح اإلقرار في التصرف أيا كانت قيمته تقبول هذه اإلقرارا

.قرار حجية مطلقةفلإلولو زادت عن نصاب الشهادة

بين اإلقرار القضائي و اإلقرار غير يميزركن الذي هذا ال: أمام القضاء*

ظمها القانون من نصادر أمام كل جهة كل إقرار القضائي، حيث يعتبر إقرارا قضائيا

كما , جهات القضاء ويشترط أن تكون الجهة القضائية مختصة اختصاصا موضوعيا

النيابة العامة أو ولكن اإل قرار الصادر أمام ،يجوز أن يصدر اإلقرار أمام المحكمين

.قاضي التحقيق ال يعتبر إقرارا قضائيا

يجب أن يصدر اإلقرار خالل إجراءات الدعوى التي : أثناء سير الدعوى*

تداءا ابيكون اإلقرار فيها دليل اإلثبات، وذلك يكون في أي مرحلة من إجراءات الدعوى

اإلقرار الذي يصدر في إحدى من العريضة االفتتاحية إلى غاية النطق بالحكم، ولكن

الدعاوى و يكون فيها إقرارا قضائيا، ال يكون في دعوى أخرى ولو بين الخصمين وفي

نفس الواقعة إقرار قضائيا، ألن قوته مقصورة على الدعوى التي صدر فيها، كذلك فإن

من ناحية الوالية أو من ناحية االختصاص الموضوعي مختصةاإلقرار أمام محكمة غير

. يعد إقرارا قضائيا، بخالف اإلقرار أمام محكمة غير مختصة من حيث المكانال

اإلقرار حجة " من القانون المدني 01 من ف 342تنص المادة : حجية اإلقرار-

.1"قاطعة على المقر

معنى ذلك أن الواقعة التي أقر بها الخصم تصبح في غير حاجة إلى إثبات، و

ألن الشخص ال يصطنع الدليل لنفسه و ال يكون إال حجة اإلقرار ال يكون حجة لمقر

عيوب اإلرادة أو بوجود عيب من فيه بالصورية أو عنعليه، كما يمكن لهذا األخير الط

).ظر امللحقأن (2000 سنة02عدد .ق.م. 09/05/2000 بتاريخ 215174:ملف: قرار عن احملكمة العليا 1

Page 119: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

فقدان األهلية، أما في غير هذه الحاالت فإنه ال يجوز الرجوع في اإلقرار القضائي و ال

من اإلثبات ال طريق إثبات ذلك يجوز إثبات عكسه ومن ثم يصبح اإلقرار طريق معفي

له من عبء اإلثبات وينقله إلى المقر الذي يقع عليه عبء اإلثبات رأنه يعفي الخصم المق

يطعن فيه بأحد األسباب التي تقدم ذكرها،و اإلقرار القضائي يصلح بأنعدم صحة إقراره

روتجد. ا بالذاتأيضا أن يكون مبدأ الثبوت بالكتابة لواقعة متصلة بالواقعة التي تضمنه

فال يتعدى أثره إلى ) ورثته( اإلشارة إلى أن اإلقرار حجة قاصرة على المقر وخلفه العام

الخلف العام فلو صو فيما يخ. دائنين، أو شركاء أو الخلف الخاص: غيرهم، سواء كانوا

م مات المدعى عليه بعد اإلقرار و قبل الحكم في الدعوى، فإن اإلقرار ال يكون حجة عليه

ولهم أن يثبتوا عدم صحته بجميع الطرق، ولكن إذا صدر الحكم قبل موت المورث وفي

وقت صدور الحكم ضد مورثهم كان يسري أنهممواجهته، فإنه يسرى على الورثة، ذلك

).خلفا عاما( في حقهم باعتبارهم ورثة

رار في الفقه اإلسالمي اإلقرار يكون إما شفهيا أو مكتوبا فالعبرة في اإلق -

شهود فالكتاب ال يصلح إقرارا، ب هعليه، فإن لم يستشهد المقر على كتاب باإلشهاد المكتوب

كذلك يبطل اإلقرار بعد وجوده بتكذيب المقر له المقر في حقوق العباد، وبرجوع المقر

1. يرجع في إقراره لإلكراه ال للغلطمقرأنعن اإلقرار في حقوق اهللا تعالى،و لل

ة في اإلقرارالتجزئ: ثانيا

و ال يتجزأ اإلقرار على صاحبه إال :" من القانون المدني02 ف 342تنص المادة

".تما وجود الوقائع األخرىحإذا قام على وقائع متعددة و كان وجود واقعة منها ال يستلزم

:يمكن تقسيم اإلقرار القضائي إلى أنواع هي

ديق المدعي للمدعى عليه في إذا اقتصر اإلقرار على تص: اإلقرار البسيط*

قال في ي المدعأنجميع ما ادعاه، و ال محل في النظر إذا كان يتجزأ أو ال يتجزأ، فلو

.486 الصفحة - املرجع السابق -. السنهوري أمحد عبد الرزاق 1

Page 120: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

دعواه انه أقرض المدعى عليه مائة دينار فأقر المدعى عليه بأنه أقترض منه المائة دينار

. عليهىلمدع و كان حجة قاطعة على ا، كان هذا إقرار بسيطا ،و لم يزد على ذلك شيئا

يكون اإلقرار موصوفا إذا تضمن االعتراف بالواقعة : اإلقرار الموصوف*

المدعى بها مع إضافة واقعة أخرى مرتبطة بها نشأت وقت نشوء الواقعة األصلية و من

فيقر المدعي ،شأنها أن تؤثر في نتيجتها و مثال ذلك أن يدعي الداعي أن له دينا منجزا

إلى أجل،و فضيف إلى ذلك أنه دين معلق على شرط أو مضاعليه بالدين و لكنه ي

خذ به كله بالوصف الذي ألحق به و إما أأن يإما أيضا ال يقبل التجزئة ففاإلقرار الموصو

و هو هنا ،فال يجوز للداعي أن يجزئ اإلقرارفيأخذ منه ما في صالحه. أن يترك كله

لدين معلق على شرط أو مضاف و هو أن ا،وجود الدين، ويترك ما هو ليس في صالحه

على أنه يجوز للمقر له أن يتخذ من اإلقرار وسيلة إلثبات ما يدعيه ثم يقيم الدليل .إلى أجل

من فيكون في المثال السابق للمقر له أن يستفيد. على عدم صحة ما لحق به من وصف

لدين لم يكن معلقا وهي الواقعة األصلية المدعى بها،ثم يلجأ إلى إثبات أن ا،إلقرار بالدينا

.1على شرط و هذا هو الوصف الذي ألحق بالواقعة األصلية

و هو الذي يتضمن إلى جانب الواقعة األصلية واقعة أخرى : اإلقرار المركب*

مرتبطة بها،نشأت بعد نشوء الواقعة األصلية،مثال ذلك أن يقول المدعي في دعواه أنه

فى دعي عليه أنه أقترض المائة و لكنه وفاها أوأقرض المدعي عليه مائة دينار،و أقر الم

منها،و الفرق بين اإلقرار المركب و اإلقرار الموصوف أن هذا األخير فيه تقترن اجزء

الواقعة المرتبطة بالواقعة األصلية من وقت نشوء الواقعة األصلية،فاألجل أو الشرط قد

تقترن بالواقعة لواقعة المرتبطة الاقترن بالدين من وقت نشوئه، أما في اإلقرار المركب فا

جد بعدها، فاإلقرار بالدين مع الوفاء به إقرار مركب واألصلية من وقت نشوئها بل ت

يتكون من واقعة المديونية و هي الواقعة األصلية وواقعة الوفاء و هي الواقعة المرتبطة

كب أنه هو أيضا ال و األصل في اإلقرار المر. وقت نشوئهابها منبها،و لكنها لم تقترن

ئنفإذا أقر المدين أنه اقترض المائة دينار و لكنه وفاها فال يجوز للدا،يتجزأ على صاحبه

276ص . اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية . حممد حسن القاسم / د 1

Page 121: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

،إال أن يأخذ باإلقرار كله أو يطرحه كله،فإذا أخذ باإلقرار كله برئت ذمة المدين من الدين

ائن أن يثبت وكان على الد،و إذا طرح الدائن اإلقرار كله، أعتبر اإلقرار كأن لم يكن

فال يجوز تجزئة اإلقرار في هذه الحالة بأن يستبقي ، وعلى المدين أن يثبت الوفاء ،الدين

تجزئة لإلقرار راإلقرار بالقرض ويلقي عبء إثبات الوفاء على المدين ،فإن هذا يعتب

ونفس الشيء إذا أقر المدين بوجود الدين ثم انقضائه باإلبراء أو . ال تصح التجزئة ثحي

و ال تصح فيهما نماتديد،و السبب في ذلك أن الواقعتان األصلية والمرتبطة بها،متالزجبالت

الواقعة المرتبطة ال تستلزم حتما وجود الواقعة األصلية فال تالزم تالتجزئة ،أما إذا كان

ومن ثم كانت التجزئة فيهما ،ىما بين الواقعتين ويمكن تصور وقوع إحداهما دون األخر

دين بوالمثل المألوف لهذه الحالة هو اإلقرار بالقرض مع وقوع المقاصة فيه . جائزة

واقعة القرض وأضاف إليها واقعة مرتبطة يآخر،فالمدين هنا قد اقر بالواقعة األصلية وه

له على الدائن أوقع المقاصة بين الدينين ، فمديونية المدين للدائن ال نبها وهي وجود دي

كما أن مديونية الدائن للمدين ال تفترض حتما مديونية ،لدائن للمدين تستلزم حتما مديونية ا

و , إذ أن الدين الذي يدعيه الدائن منفصل عن الدين الذي يدعيه المدين , المدين للدائن

فيعتبر اإلقرار قائما فيما هو في صالح الدائن , من ثم صحت التجزئة قي هذا اإلقرار

خذ به ؤأما بقية اإلقرار فال ي, ال يكلف الدائن عبء إثباته فيكون القرض ثابتا باإلقرار و

، بل المدين هو الذي يكلف بإثباته إذا أصر عليه, و ال ينتقل عبء اإلثبات فيه إلى الدائن

يكون اإلقرار و قرار قائما في إثبات القرض ، اإل ثم عجز عن إثباته بقي هفإذا أصر علي

ما ليس في ت عبء إثباى في صالحه وألقو ما هئنداتجزأ على هذا النحو، أخذ منه ال

يتجزأ الصالحه على المدين والمعيار الذي أتخذ هنا لمعرفة ما إذا كان اإلقرار المركب

في فقرتها 342على صاحبه أو يتجزأ هو معيار تشريعي ذكره التقنين المدني في المادة

ه من مسائل القانون تخضع لرقابة الثانية، و مسألة عدم تجزئة اإلقرار أو عدم تجزئت

المحكمة العليا، لكن يجب أن تثار مسألة التجزئة أمام محكمة الموضوع، فال يصح أن

.تثار ألول مرة أمام المحكمة العليا

من خالل ما تقدم يمكن الكشف عن دور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات بينهم *

لقاعدة العامة التي توقع عبء اإلثبات على بموجب وسيلة اإلقرار، حيث أنه انطالقا من ا

Page 122: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

عليه وهو ىالمدعي وهو الطرف القوي في الدعوى وتخفف هذا العبء على المدع

الوجود ال ح به مرجىالطرف القوي فيها، فكان على المدعي إثبات ما يجعل الحق المدع

فعلى هذا أكيدا وبذلك يتم توزيع عبء إثبات هذا الحق و هذه الواقعة بين الخصوم،

من اإلثبات وقوتها القاطعة ياألساس إن استعمال وسيلة اإلقرار بموجب دورها المعف

فيه، تجعلنا أمام عدة حاالت، ففي اإلقرار غير قابل للتجزئة إذا كان موصوفا يوزع عبء

ق تاإلثبات بين الخصوم على الشكل التالي في بادئ األمر كان عبء اإلثبات على عا

عليه نقل عبء اإلثبات لكن لما كان اإلقرار ىد صدور اإلقرار من المدعالمدعي وبع

تمسك باإلقرار أن يقع عليه عبء إثبات الواقعة اموصوفا كان على المدعي إذ

المرتبطة بالواقعة األصلية أي أن عبء اإلثبات موزع بينه وبين المدعي عليه،كذلك

أما في اإلقرار المركب القابل للتجزئة . للتجزئة الحال في اإلقرار المركب غير القابل

فإن عبء اإلثبات يتوزع بين الخصوم كالتالي في بادئ األمر يقع عبء إثبات الدين على

نتقل عبء اإلثبات إليه وفي هذه الحالة عندما االمدعي ،فإذا أقر المدين بوجود الدين

.ة مثال فعليه يقع عبء إثباتهايضيف الواقعة المرتبطة بالواقعة األصلية وهي المقاص

:ةدور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات بموجب اليمين الحاسم: المطلب الثاني

عندما يعوز الخصم الدليل الذي يسمح به القانون إلثبات دعواه، وال يقر له

كم إلى خصمه بصحة ما يدعيه، ال يبقى أمامه إال طريق واحد يلجأ إليه، هو أن يتح

ضمير هذا الخصم، فيوجه إليه اليمين الحاسمة يطلب منه حلفها لحسم النزاع و ال يملكم

من وجهت إليه اليمين إال أن يقبل هذا االحتكام وهذا هو اإلسعاف الذي يتقدم به القانون

إلى الخصم الذي يعوزه الدليل القانوني فالقانون إذ يتشدد في اقتضاء أدلة معينة، ال يصل

الحقيقة القضائية وهي بعد حقيقة نسبية، وذلك سعيا وراء االستقرار، لكنه بعد أن إال

يقضي واجب االستقرار، يرضى جانب العدل، بتمكين من يعوزه الدليل القضائي من أن

يحتكم إلى ضمير خصمه الذي أنكر عليه ما يدعيه، فيوجه إليه اليمين الحاسمة، فإن حلفها

أن ضميره راض بإنكار صحة االدعاء، ولما كان هذا االدعاء ال الخصم، فقد أثبت بذلك

Page 123: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

دليل عليه، لم يبق بد من الحكم برفضه، وإن نكل كان في هذا النكول إقرار ضمني

.بصحة االدعاء، فوجب الحكم عيه به اقتضى هذا اإلقرار

ويتبين من ذلك أن توجيه اليمين الحاسمة هو تصرف قانوني إن هو إرادة الخصم

ي يوجه اليمين في أن يحتكم إلى ضمير خصمه بما يترتب على ذلك من نتائج قانونية الذ

و االحتكام على هذا النحو يعتبر تصرفا قانونيا يتم بإرادة منفردة إذ هو ينتج به جرد

.توجيه اليمين

وسنرى أن توجيه اليمين يجوز الرجوع فيه إلى أن يقبل الخصم الذي وجهت إليه

ولكن هذا ليس قبوال إليجاب إذا أن اليمين على من وجهها، أي أنه ال اليمين أن يحلف،

يملك إال قبول االحتكام إلى ضميره أو يحكم هو ضمير الخصم الذي وجه اليمين، ومن ثم

ال يكون توجيه اليمين تصرفا يحتاج إلى قبول، بل هو لجعل حق الخصم في االشتراك

.حتهلمصلحة الغير عندما يقبل ما اشترط لمصل

و الفقه يتردد في تكييف اليمين الحاسمة بين أنها تحكيم أو صلح، والذي يقطع في

وأنها ليست بصلح، أن الصلح يقتضي نزول كل من المتصالحين عن جانب من ادعائه،

من يوجه اليمين ال ينزل عن شيء دون شيء، فهو إما أن يخسر كل دعواه أو يقضي له

أو كسبها فليس ذلك مترتبا على إرادته، بل هي النتيجة بها كلها، فإذا ما خسر دعواه

إما بخسارة الدعوى : المحتمة الحتكامه إلى ضمير خصمه، وضمير الخصم هو الذي حكم

.إذا حلف الخصم، أو بكسبها إذا نكل

ثم إن الحلف ذاته هو دون شك واقعة قانونية، ألنه عمل مادي يترتب عليه أثر

ى من وجه اليمين، و رد اليمين تصرف قانوني كتوجيه قانوني هو الحكم برفض دعو

اليمين، إذ هو أيضا احتكام إلى ذمة الخصم، و النكول يتضمن إقرار بدعوى من وجه

اليمين، ورد الخصم و النكول عن اليمين عمل مادي سلبي، ولكنه ينطوي على تصرف

النكول و اإلقرار النكول يتضمن إقرار بدعوى من وجه اليمين أو ردها، فذقانوني، إ

.تصرف قانوني

أما اليمين المتممة، توجيها و حلفا و نكوال، فواقعة قانونية إذ هي عمل مادي

.محض، وهي طريق من طرق اإلثبات التكميلية

Page 124: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وحقيقة اليمين الحاسمة أنها تعفي الخصم من إقامة الدليل إلثبات مزاعمه ولذلك

و تتميز اليمين الحاسمة في . ذا الفصلفهي وحدها التي تصلح لتكون موضوع دراسة ه

.أنها حق من حقوق الخصم و ال يستحلف الخصم إال بناءا على طلب الخصم اآلخر

وتفترق اليمين عن البينة، في أن اليمين شرعت إلثبات خالف الظاهر، ومعنى

ل ذلك أن المدعى عليه بإنكاره يعتبر متمسكا بالحالة األصلية وهي براءة ذمته، فيجب قبو

قوله إلى أن يثبت شغل ذمته بسبب طارئ، لكن نظرا الحتمال كذب المدعى عليه بإنكاره

.إذا طلب المدعي تحليفه عندما يعجز عن اإلثبات. فإنه يوثق قوله باليمين التي يؤديها

. وتقضي القاعدة العامة، أن من كان القول قوله يصدق بيمينه

فاألصل في اإلثبات عند الفقهاء المسلمين أما مفهوم اليمين في الشريعة اإلسالمية

هو البينة، أما اليمين فهي بديل عنها، ولهذا فإنها ال تشرع إال عند تعذر البينة و لقد نسب

إن اليمين أقل حجة في الشريعة اإلسالمية بسبب أننا لم نجد : "إلى اإلمام الشافعي قوله

".مرجحا عند االستواء إال اليمين

في التكملة أن اليمين ليست طريقا من طرق القضاء، ألن و يرى ابن عابدين

المنكر إذا حلف وعجز المدعي عن البينة فإن الشيء المدعى به يترك في يد المدعى عليه

ال قضاءا له بيمينه، و إنما لعدم قدرة المدعي على اإلثبات و حجتهم في ذلك قوله عليه

الحديث يدل على أن القول قول المدعى ، فهذا"أنكر اليمين على من:" الصالة و السالم

وشرعت اليمين . 1عليه، ألنه متمسك باألصل الذي هو براءة ذمته و انتفاء حق الغير عنه

للحاجة إليها لدفع التهمة، و هي تهمة الكذب عن المدعى عليه في حالة إنكاره للدعوى،

عا و إال فال يمكن ومن ثم يشترط في الشيء المدعى به أن يكون محتمال لإلقرار به شر

.2أن يستحلف فيه

.وبعد أن كيفنا اليمين الحاسمة نتناول هذه اليمين في مطلبين

.توجيه اليمين الحاسمة: األول

.اآلثار المترتبة على توجيه اليمين الحاسمة: الثاني

220 ص – اجلزء األول – ابن عابدين 1 .338 ص –ظرية و تطبيقية مقارنة دراسة ن– أدلة االثبات يف القانون املدين اجلزائري و الفقه اإلسالمي – بكوش حيي 2

Page 125: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:توجيه اليمين الحاسمة: أوال

:تنقسم اليمين إلى قسمين

.تؤدى أمام الهيئة القضائية) serment judiciaire :(يمين قضائية

تؤدى خارج الهيئة القضائية و يتفق عليها األطراف و لكنها : ويمين غير قضائية

.قليلة الوقوع

: كما تنقسم اليمين القضائية بدورها إلى قسمين

) serment décisoire(: يمين حاسمة

)serment supplétoire :(و يمين متممة

إلى تعريف اليمين القضائية، وقد تكلم عليها في المواد من ولم يتعرض القانون المدني

. منه350 إلى 343

صيغتها في ىكما تعرض قانون اإلجراءات المدنية إلى كيفية أداء اليمين القضائية، وإل

. منه434 إلى 433المادتين

: وسنتناول بالدراسة في هذا المطلب نقطتان أساسيتان و هما

.ن الحاسمة و موضوعها وزمن توجيههاشروط توجيه اليمي: أوال

.عدم جواز الرجوع في اليمين الحاسمة: ثانيا

: شروط توجيه اليمين الحاسمة وموضوعها وزمن توجيهها– 1)

يجوز لكل من الخصمين أن يوجه :" من قانون المدني على أنه343تنص المادة

توجيه اليمين إذا كان اليمين الحاسمة إلى الخصم اآلخر، على أنه يجوز للقاضي منع

".الخصم متعسفا في ذلك

ألك بينة؟ فإن : أن المدعى عليه إذا أنكر الدعوى، سأل القاضي المدعي: األصل

أن من حقه أن يستحصل يم المدعهكانت له بينة أدلى بها، و إال فإن على القاضي أن يف

واقعة ما إن كل خصم وقع عليه إثبات : اليمين من خصمه المنكر و بعبارة أخرى

Page 126: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وبذلك ،يستطيع، أن يوجه إلى الخصم اآلخر يمينا إذا أعوزه الدليل إلثبات تلك الواقعة

.1 باالحتكام إلى ضمير خصمه،يستبدل عبء اإلثبات

ليس من حق فوالحلف حق خاص بالخصم، وقد استقرت على هذا أحكام القضاء

ن للخصم مصلحة في ألنه قد تكو،القاضي أن يتولى تحليف الخصم بدون طلب خصمه

أو ، أو بينة غائبة،وصول إلى مصالحة، أو في استخالص إقرارال أمال فيإرجاء الحلف

.رجوع المنكر على إنكاره

وفي مقابل ذلك، ال يجوز أن للمنكر أن يسرع و يتبرع باليمين بدون طلب الحاكم

كان من حق و إذا حلف المنكر تبرعا، أو بدون طلب المدعي، وقعت اليمين لغوا، و

2.المدعي طلب إعادة أدائها

ألنه يتوقف عليه مصير النزاع ،ما كان توجيه اليمين تصرفا خطير األهميةل و

فإنه يشترط في الخصم الذي يوجهها أن تكون له أهلية التصرف، كما يجب أن تكون

ن اليمين الحاسمة تعتبرو بما أإرادته صحيحة، غير مشوبة بغلط أو تدليس أو إكراه

ص المادة تمصالحة من طرف الخصم فيجب تطبيق قواعد األهلية المتعلقة بالمصالحة، ف

ال ه من القانون المدني الجزائري على أنه يشترط في من يصالح أن يكون أ460

.للتصرف بعوض في العقود التي يشتملها عقد الصلح

رف ويشترط في رد اليمين ما يشترط في توجيهها إذ أن ردها كتوجيهها تص

من 40 عاما حسب المادة 19 ي الذي لم يبلغ سن الرشد، أصرفالقا، قانوني بإرادة منفردة

ا توجيه اليمين أو ردها إلى بواسطة مالقانون المدني، و المحجور عليه ال يجوز له

.ا القانونيينمممثليه

البد من وكالة خاصة في كل " من القانون المدني على أنه 574وتنص المادة

ا في البيع و الرهن و التبرع و الصلح و اإلقرار و يمس من أعمال اإلدارة، ال سعمل لي

." التحكيم و توجيه اليمين، و المرافعة أمام القضاء

308 ص – املرجع السابق – بكوش حيي 1 غري منشور– 10/12/1975 الصادر بتاريخ 8983رقم امللف : الس األعلى 2

Page 127: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

لتوجيه محدودة، غير وعليه فإنه ال تكفي الوكالة العامة، ولو كانت مطلقة أو

محام الخصم، ما لم يكن كما انه ال يصح توجيه اليمين من اليمين بالنيابة أمام القضاء،

بأن يالصادر إليه منصوصا فيه على تفويضه في توجيه اليمين، وقد قض التوكيل

1.المفوض بالمصالحة ال يمكن له أن يوجه اليمين باسم مفوضه

توجيه اليمين وال يملك األشخاص المكلفون قانونا بإدارة مصالح الغير صالحية

ورئيس ، ووكيل التفليسة،ن سلطة ذلك مثل الوصيباسم هذا الغير، إال إذا كانوا يملكو

.البلدية

كانت اليمين من حق الخصم، إال أن للقاضي سلطة تقديرية في ن ويالحظ أنه، وإ

ذلك، فيستطيع القاضي منع الخصم من إساءة استعمال هذا الحق، وله أن يرفض توجيه

لحالف أو ليست منتجة اليمين إذا كانت الواقعة موضوع الحلف ليست متعلقة بالشخص ا

وضع حل نهائي له، أو إذا كان يستفاد من األوراق ما بفي النزاع أو ليست حاسمة فيه

يثبت قطعا عدم صحة دعوى طالب اليمين، ففي هذه الحاالت و أشباهها يجوز للقاضي أن

. شرط أن يقوم بتسبيب ذلكبيتدخل لمنع الخصم من التعسف في استعمال حقه، ولكن

سلطة هي من اختصاصات قضاة الموضوع، وليست عليهم فيها أية رقابة وهذه ال

من طرف المحكمة العليا على أنه، إذا كانت اليمين الموجهة واضحة األلفاظ و محددة

في النزاع في حالتي الحلف و النكول، فليس من حق القضاة أن يمنعوا ةالمحتوى، وقاطع

.ي أية حالة تكون عليها الدعوى ألن اليمين الحاسمة يجوز توجيهها ف،ردها

.1191 البينة – املوسوعة اإلجرائية – دالوز 1

Page 128: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:من يحق له توجيه اليمين الحاسمة •

إن الذي يوجه اليمين الحاسمة هو أي من الخصمين يكون عليه عبء إثبات واقعة

، المدعى عليه هو الذي يثبت الدفعو يقع عليه عبء إثبات الدعوى،يقانونية، فالمدع

ا يجب عليه هو أن يثبته، مخصمه فيلى إفيستطيع أي منهما أن يوجه اليمين الحاسمة

.فيستبدل بعبء اإلثبات اإلحتكام إلى ضمير الخصم

ولما كان توجيه اليمين الحاسمة كما قدمنا تصرف قانوني، إذ هو تحكيم لضمير

من القانون المدني 460للمادة الخصم، فإنه يجب لصحته ما يجب لصحة المصالحة طبقا

.ليةهو هذا من ناحية األ

ة يجب أن يكون توجيه اليمين الحاسمة غير مشوب بغلط أو راداحية اإلمن ن و

.تدليس أو إكراه

أما من ناحية التوكيل في توجيه اليمين فيجب أن تكون هناك وكالة خاصة، كما

أنه ترد عليه الصورية كما ترد على اإلقرار، ويكون ذلك نتيجة لتواطؤ الخصمين

فيخفي الخصم األدلة التي يملكها ،لفخشركاء و الالدائنين و الكإضرارا بحقوق الغير

إلثبات حقه، ويقتصر على توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه، فيحلفها هذا، فيخسر

مصلحة، فيجوز لهملف و غيرهم ممن خ بذلك دائنيه وشركاءه و اليضرالمدعي دعواه و

أو يعارضوا فيه حقوقهم، بلهؤالء التدخل في الدعوى قبل صدور الحكم لمنع اإلضرار

.رج عن الخصومة إلثبات التواطؤالخا غيرعن طريق اعتراض ال

من يحمل عبء اإلثبات توجيه اليمين الحاسمة إلى موإذا كان ألي من الخصمين

فاليمين الحاسمة يوجهها الخصم ال ، لقاضي رقابة عليه في توجيه هذه اليمينلخصمه، فإن

توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفا في توجيهها القاضي على انه يجوز للقاضي أن يمنع

ا معلقا على إذن القاضي وله أن يمنع ئمومعني ذلك أن توجيه اليمين الحاسمة يكون دا

.توجيهها إذا رأى أنها كيدية

ويالحظ انه إذا كانت الواقعة المراد التحليف عليها غير محتملة الصدق أو كذبتها

ة كان مدعي الواقعة وهو يوجه اليمين إلي خصمه وكانت غير منتجىمستندات الدعو

. فيتدخل القاضي لمنعه،متعسفا في توجيهها

Page 129: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

أما إذا كانت الواقعة ثابتة دون حاجة إلى حلف اليمين والذي يتعسف في توجيه

اليمين هو الخصم اآلخر فال يقبل القاضي توجيه هذه اليمين ألنه يستطيع الحكم بثبوت

. األدلة المقدمة دون حاجة إلى تحليف المدعي أية يمينىالحق المدعى به بمقتض

فرقابة القاضي لمنع التعسف في توجيه اليمين على النحو الذي بسطناه تعتبر

1.خطوة طيبة نحو إيجابية موقف القاضي من اإلثبات

؟لمـن تـوجـه اليـمـين الحـاسـمـة

ة باإلثبات وتوجيه الخصم اآلخر الذي له حق المطالبىتوجه اليمين الحاسمة إل

فبعد أن كان غير مكلف بشيء وما عليه إال أن ينتظر من خصمه . اليمين إليه تقلب موقفه

تقديم الدليل على دعواه فإن لم يقدم هذا الدليل خسر الدعوى وخرج الخصم من القضية

نفسه مضطرا إلى ى إذا به بعد أن وجهت إليه اليمين ير،منتصرا دون أن يقوم بعمل

احتكام خصمه إلى ضميره، إذا لم يختر هو بدوره أن يحتكم إلي ضمير خصمه برد قبول

اليمين عليه، فهو إنما يكسب الدعوى إذا حلف اليمين، فأصبح عندئذ مكلفا بشيء يقوم به

وإذا نكل عن . حتى يكسب الدعوى، وقد كان قبل توجيه اليمين إليه غير مكلف بشيء

قرار بحق خصمه، فاإلقرار ينطوي على نزول عن اإلىحلف اليمين، كان في هذا معن

.حق المطالبة باإلثبات، وهو الحق الذي كان له قبل توجيه اليمين إليه

إال إلي خصم أصلي في الدعوى، فإذا رفع الدائن باسم اليمين فال يجوز توجيه

مدينه، فال يجوز للمدعي عليه في هذه الدعوى أن يوجه مدينمدينه دعوى الدين على

ن ألنه ليس نائبا عن الدائن و ليس خصما اصليا في ائاليمين الحاسمة إلى دائن الد

الدعوى، فيجب أن يكون توجيه اليمين إلى الدائن وهو الخصم األصلي بعد إدخاله في

.الدعوى وال توجه اليمين إلى الوكيل إذا كانت الواقعة المراد إثباتها منسوبة إلى األصيل

لية التصرف في الحق الذي هافر فيمن توجه إليه اليمين أكما أنه يجب أن تتو

توجه إليه فيه باليمين، ذلك أن كل خصم توجه إليه اليمين يجب أن يكون قادرا على

الخيار ما بين الحلف والرد والنكول، ورد اليمين كتوجيهها تشترط فيه أهلية التصرف،

696 - 692 – 691-682 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 130: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ثم ال يجوز توجيه اليمين نحق، وموالنكول كاإلقرار ال يملكه إال من ملك التصرف في ال

وال للمحجور عليه لجنون ،إلى قاصر لم يبلغ سن الرشد إال فيما يملك من أعمال اإلدارة

يجوز توجيهها إلى النائب عن هؤالء كوصي أو قيم إال عن وال،عته أو غفلة أو سفهأو

فيملك التصرف الولي ا أم،أعمال صدرت منه شخصيا أو عن أعمال اإلدارة التي يملكها

. توجيه اليمين إليهز فيجو،في مال الصغير

ويجب أن تتوفر أهلية التصرف فيمن توجه إليه اليمين وقت الحلف ال وقت توجيه

وكالة خاصة فإنه ال يجوز ىقتضبم انه يجوز التوكيل في توجيه اليمين ا كم،اليمين

في رىتحالف وال تج في االسرىذلك أن النيابة تج, التوكيل أصال في حلف اليمين

.لحلفا

لحاسمة؟امتى توجه اليمين _*

يجوز أن توجه اليمين " من القانون المدني على أنه2ف /344تنص المادة

."الحاسمة في أية حالة تكون عليها الدعوى

،وانطالقا من هذا النص فيمكن توجيه اليمين الحاسمة في جميع مراحل الدعوى

الن الخاصية األساسية لهذه اليمين هي ك وذل،م نهائيما دام لم يصدر في القضية حك

. عما عداها من أدلة إثباتل والتناز،إنهاء النزاع

كما يجوز للخصم بعد قفل باب المرافعة طلب إعادة فتحها و توجيه اليمين إلى

أيضا توجيه اليمين طالما لم يصدر في النزاع حكم تعلقت به حجية الشيء نخصمه، ويمك

تنفيذها ولو مت ، كان قد صدرت في النزاع أحكام تحضيرية أو تمهيديةو ول،يهالمحكوم ف

.وقع في القضية خبرة أو تحقيق

كما انه يمكن توجيه اليمين الحاسمة ألول مرة أمام المجلس القضائي في حالة

.االستئناف ولكن ال يمكن توجيهها ألول مرة أمام المحكمة العليا

،يضا أمام جميع جهات القضاء المدنية و التجاريةويجوز توجيه هذه اليمين أ

ال توجه أمام قاضي األمور المستعجلة وذلك الن من خاصية القضاء المستعجل أنه اولكنه

Page 131: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

تتميز اليمين الحاسمة بأنها من شانها وضع ا بينم،قضاء وقتي وانه ال يمس بأصل الحق

.1حد نهائي للنزاع بصفة قاطعة

ن الحاسمة على سبيل االحتياط ؟اليمي هل يجوز توجيه_

ليس في القانون ما يمنع من أن يوجه الخصم يمينا إلى خصمه على سبيل

.ليمين الموجهة على هذه الصفةهذه اف يياالحتياط ولكن الخالف يتعلق بتك

طا بينها وال يختلمويحسن هنا أن نميز بين فروض ثالثة حتى ال يقع لبس في

.بعضها ببعض

الخصم أدلة على ادعائه فيفحصها القاضي وال يقتنع بها أن يقدم:الفرض األول

عما قدم من أدلة ويقتصر على توجيه اليمين الحاسمة ل ينز،وإذا عرف الخصم منه ذلك

. دون شك جائزا وهذ،إلى خصمه

نه يوجهها أأن يوجه الخصم اليمين الحاسمة إلى خصمه ويقول : لفرض الثانيا

لخصم فإنه يحتفظ لنفسه بالحق في تقديم أدلة أخرى وهذا دون شك ابتداء حتى إذا حلفها ا

له ح يسموال, دعواهه من وجهها إلير خس، متى حلف الخصم اليمينه فإن،غير جائز

إليه تمنعه ةبل إن مجرد القبول الخصم لحلف اليمين الموجه، بالرجوع إلى هذه الدعوى

. أخرى دلةأمنعه من التقدم ب ثم تن وم،من وجه اليمين من الرجوع في توجيهها

في , أن يقدم الخصم أدلة على أدائه ويقول انه على سبيل االحتياط:ثلفرض الثالا

هو ا وهذ، اليمين الحاسمة إلى خصمهه يوج،حالة ما إذا لم يقتنع القاضي بهذه األدلة

، اليمين الحاسمة على سبيل االحتياط وهو الفرض الدقيق الذي نقف عنده قليالهتوجي

يكون الحكم د فق،ن الخصم قد يجد نفسه في حاجة إلى هذا االحتياطأ ذي بدء ئ بادرونذك

ن كانت الدعوى أمام محكمة االستئناف أو ، بأ دعواه حكما نهائيايالذي يوشك أن يصدر ف

قدم ما في وسعه أن يقدمه من أدلة اإلثبات وهو د وق، االستئناف فيهزكانت مما ال يجو

فيخشى أن هو ترك القاضي يفصل في الدعوى بحالتها ، ع القاضي بهافي شك من اقتنا

فال يستطيع بعد ذلك أن يوجه اليمين إلى خصمه ، رفضهاب نهائي مأن يصدر حك، هذه

314-313 ص – أدلة اإلثبات يف القانون املدين اجلزائري و الفقه اإلسالمي – حيي بكوش 1

Page 132: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

لذلك يطالب في حالة ما إذا لم يقتنع القاضي باألدلة المقدمة أن تعاد القضية إلى المرافعة

قضية للمرافعة هو طلب معلق على شرط عدمطلب إعادة الف ،لتوجيه اليمين الحاسمة

.توجيه اليمينباقتناع القاضي بها فهو يحتفظ لنفسه على سبيل االحتياط

الخصم فيه، فهو يقدم أدلته و يطلب في الوقت فهذا الفرض الثالث ال تثريب على

يستطيع ذاته توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه إذا لم تقتنع المحكمة بهذه األدلة، و ما دام

توجيه اليمين الحاسمة في أية حالة كانت عليها الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي،

له إذن أن يوجه اليمين الحاسمة زفالفرض الذي نحن بصدده لم يصدر حكم نهائي، فيجو

.1في هذه الحالة من حاالت الدعوى

و في اعتقادنا فإن العدالة تقضي بأن يسمح للخصم بعرض أدلته على -

مة مع االحتفاظ بحقه في توجيه اليمين إذا لم تر المحكمة ضده األدلة كافية، ألن المحك

اليمين في هذه الحالة ليست إال طريق إثبات احتياطي يلجأ إليه الخصم عندما يعوزه

.الدليل، فيجب أن يبقى هذا الطريق مفتوحا أمامه إلى أن يستنفذ ما لديه من أدلة

يه اليمين؟ هل يمكن االتفاق على عدم توج -

قد يكره الشخص أن توجه إليه اليمين العتبارات مختلفة فيحتاط لنفسه باالتفاق مع

من يتعاقد معه على عدم توجيه اليمين إليه في أي نزاع ينشأ بينهما مستقبال بسبب تنفيذ

العقد، فهل يصح هذا النوع من االتفاق؟

ه ما يخالف النظام العام و يعتقد بعض الفقهاء أن هذا االتفاق صحيح ألنه ليس في

.2اآلداب العامة

و لكن بعض المحاكم المصرية قضت بعكس ذلك، و قد بنت أحكامها على أن

االتفاق في هذه الحالة يكون حاصال قبل وجود أية خصومة أي في وقت ال يستطيع

.3المتعهد أن يقدر فيه مدى تعهده

702-697 ص – اع السابق –د السنهوري عبد الرزاق أمح 1 118 ص – موجز نظرية اإلثبات – سعدون العامري 2 .134 ص – موجز أصول اإلثبات يف املواد املدنية - سسليمان مر ق 3

Page 133: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ر إلى جواز األطراف في و في القانون المدني الجزائري ال يوجد أي نص يشي

.االتفاق على عدم توجيه اليمين الحاسمة و هو ما سنتطرق إليه بالدراسة الحقا

:موضوع اليمين الحاسمة∗

ال يجوز توجيه اليمين الحاسمة في :" من القانون المدني على أنه344تنص المادة

م عليها اليمين متعلقة بشخص واقعة مخالفة للنظام العام، و يجب أن تكون الواقعة التي تقو

".من وجهت إليه اليمين، فإذا كانت غير شخصية له، قامت اليمين على مجرد علمه بها

فيمكن أن يتعلق موضوع اليمين بجميع أنواع المنازعات بدون تمييز بين ما إذا

ية كان النزاع شخصيا، أو عينيا، أو مدنيا أو تجاريا، و سواء كان النزاع يدور حول الملك

. بالحيازة المجردةوالعقارية، و الحقوق المتفرعة عنها، أ

كما يمكن أن تتعلق اليمين بالنزاع الذي تجاوز مقداره حدود النصاب القانوني أي

دج أو إلثبات ما يجاوز أو يخالف مضمون كتابة بين الخصوم، و لو بدون وجود 1000

.بداية ثبوت بالكتابة

اسمة إلثبات ما يخالف أو يجاوز مضمون كتابة لكن ال يمكن قبول اليمين الح

.1رسمية بالنسبة للوقائع التي تعتبر ثابتة فيها إلى أن يطعن فيها بالتزوير

كما يمكن توجيه اليمين الحاسمة إلثبات وقائع غير أخالقية أو غير شرعية مثل

يه، فيجوز أو وقائع اإلغراء إلثبات انعدام حرية التعاقد المتنازع فةاألفعال الربوي

للمقترض أن يوجه اليمين إلى المقرض ليحلف على أن مبلغ القرض الذي يطالب به ال

يشتمل على فوائد ربوية فاحشة، و يجوز للمدين بسند أن يوجه اليمين إلى الدائن ليحلف

.أن سبب الدين ليس سبب غير مشروع كمقامرة أو رهان

لق بالوقائع التي تمس الدعوى و لكن ال يجوز توجيه اليمين الحاسمة فيما يتع

العمومية أثناء المرافعة الجزائية، سواء كانت يمينا حاسمة أو يمينا متممة، تأسيسا على أنه

.1210 – إثبات –وعة دالوز لإلجراءات موس 1

Page 134: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ال يصح أن يكون النكول عن اليمين دليال على ارتكاب الجريمة و ال يجوز إحراج مركز

.الخصم و تحليفه مدنيا على ما ال يجوز التحليف عليه جنائيا

رد اليمين على مسألة من مسائل القانون ذلك أن استخالص حكم القانون من و ال ت

. شأن القاضي وحده ال من شأن الخصوم

و على العموم يمكن أن ترد اليمين على أي نوع من أنواع الدعاوى، و يتعين

مين الحاسمة على المحكمة التي تقدر عدم لزوم توجيه اليمين تسبيب حكمها على أن الي

ترد على واقعة حاسمة في الدعوى ألن مهمة هذه اليمين هو حسم النزاع و هي بمجرد

توجيهها إلى الخصم تقرر مصير الدعوى، فإن حلفها خسر المدعي دعواه، وإذا نكل

أجيب المدعي إلى طلباته، وإذا ردها و حلف المدعي كسب الدعوى، أو ردها و نكل

أي وجه من الوجوه تنتهي اليمين الحاسمة، فإن النزاع البد المدعي خسر الدعوى، فعلى

أن ينحسم بها، و كون الواقعة متعلقة بالدعوى و حاسمة في النزاع أم ال هي مسألة واقع

.ال مسألة قانون، ومن ثم فهي غير خاضعة لرقابة المحكمة العليا

يكون على أنه إذا قضت المحكمة بعدم قبول اليمين أو رفضها فإن حكمها

.موضوع رقابة من المحكمة العليا

كما أنه يجب عدم مخالفة الواقعة للنظام العام، و يجب أن تكون الواقعة التي

يطلب الحلف عليها غير مخالفة للقانون أو النظام العام أو اآلداب و ذلك ألن توجيه اليمين

صالحة و التحكيم الحاسمة هو في حقيقة األمر مصالحة أو تحكيم كما تقدم و كل من الم

يتضمن تنازال عن بعض الحقوق، و من ثم ال يصح للمرء أن يتصرف فيها، و أن يقر

من القانون 45 المادة (بها و مثالها مسائل األحوال الشخصية و خاصة منها األهلية

والجنسية لتعلق هذه المسائل ) من القانون المدني46المادة ( والحرية الشخصية )المدني

.لنظام العام كما ال يجوز توجيهها في مسائل النكاح و الطالق و النسب و الخلعبمجال ا

و ال يجوز توجيه اليمين الحاسمة إلقامة الدليل على تصرف يشترط القانون

لوجوده شكال خاصا كالكتابة، ألن الكتابة ليست مجرد دليل فحسب بل هي شرط من

كما ال تقبل .جاالت التجارية و العقاريةشروط االنعقاد و ذلك مثل التعامل في بعض الم

Page 135: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

اليمين لنقض قرينة قانونية على اعتبارات ترجع إلى النظام العام مثل قرينة حجية

.األحكام

و يالحظ أنه في جميع الحاالت التي ال يجوز فيها توجيه اليمين يستطيع الخصم

ن على المحكمة أن الموجهة إليه أن يرفضها أو يمتنع عن أدائها، و على فرض قبوله فإ

.1تمنع ذلك

:عدم جواز الرجوع في اليمين الحاسمة) 2

ال يجوز لمن وجه اليمين أو ردها " من القانون المدني على أنه 345تنص المادة

"أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه حلف ذلك اليمين

:فمن هذا النص يتبين أنه يجب التفرقة بين حالتين

.ابقة لقبول اليمين و هي حالة س:الحالة األولى

طالما لم يعلن الخصم عن قبوله ألداء اليمين الموجهة إليه، فإن بإمكان الخصم

الموجه لها أن يرجع عنها، شأنه في ذلك شأن أي اتفاق، فالقبول وحده هو الذي يمنع من

.الرجوع عن اليمين

رات و ال يخضع هذا الرجوع ألي شكل خاص فيمكن أن يكون صريحا، إما بمذك

مودعة أمام المحكمة أو بعمل خارج عن القضاء إذا بلغ إلى الخصم، كما يمكن أن يكون

.2الرجوع ضمنيا إذا استفيد ذلك من ظروف الدعوى

و قد قضي بأن الخصم الذي يوجه اليمين إلى الخصم األخر يعتبر متراجعا عن

يمكن أن يكون الرجوع توجيه تلك اليمين إذا قام باستئناف الحكم الذي يتضمن توجيهها و

صادرا عن الخصم الذي قام بتوجيه اليمين، كما يمكن أن يكون صادرا من الخصم الذي

ردها، ففي الحالة األولى يزول كل أثر لليمين الحاسمة أما في الثانية فتزول اليمين وحدها

.و يبقى توجيهها قائما

710-702 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1 320-315 ص – املرجع السابق – حيي بكوش 2

Page 136: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ة إليه، ينعقد االتفاق بصفة و بعد قبول الخصم ألداء اليمين الموجه: الحالة الثانية

نهائية، بحيث ال يمكن لمن وجهها أن يرجع عنها، كما ال يمكن لمن قبلها أن يتنصل من

.هذا القبول

ومفاد ذلك أنه إذا لم ينازع من وجهت إليه اليمين ال في جوازها و ال في تعلقها

ى خصمه، و إال بالدعوى، وجب عليه إن كان حاضرا بنفسه أن يحلفها فورا أو يردها عل

اعتبر ناكال، و يجوز للمحكمة أن تعطيه ميعادا للحلف إذا رأت لذلك وجها، فإن لم يكن

حاضرا وجب تكليفه على أيد محضر بالحضور لحلفها بالصيغة التي أقرتها المحكمة و

في اليوم الذي حددته، فإن حضر و امتنع دون أن ينازع أو تخلف بغير عذر اعتبر ناكال

.كذلك

ال يعبر قبوال لليمين أن يرضى الخصم بحلفها على بعض الوقائع دون البعض و

.اآلخر ألن الحكمة من اليمين هي وضع حد نهائي للنزاع كله

على أن التعديل البسيط لليمين، لكي تصبح منتجة في الدعوى ال يعد رفضا لها

ناك محل لليمين، و كما أنه إذا صدر إقرار من الخصم الذي وجهت إليه اليمين، لم يكن ه

يعد هذا اإلقرار أقوى من النكول عن اليمين، و عليه فيجوز لمن وجه اليمين أن يرجع

.عنها

و يالحظ أن بإمكان الخصم بعد قبوله اليمين، أن يقيم الدليل على أن قبوله كان

. 1نتيجة وجود عيب في إرادته من إكراه أو تدليس أو غلط و يطلب الرجوع عن قبوله

. على توجيه اليمين الحاسمةةاآلثار المترتب: ثانيا

إذا وجهت اليمين الحاسمة إلى الخصم وفقا لألحكام السالفة الذكر، لم يصغ هذا

إما أن يحلف اليمين، و إما أن يردها على من وجهها، فإذا لم : الخصم إال أحد األمرين

فتوجيه اليمين الحاسمة إلى الخصم . يحلف اليمين أو يردها، عد ناكال و خسر الدعوى

:يترتب عليه حتما من جانب هذا الخصم أحد مواقف الثالثة

715 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1

Page 137: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

. إما أن يحلف اليمين -

. إما أن يردها على خصمه -

. إما أن يمتنع عن الحلف فيعد ناكال -

ثم إن لحلف اليمين أو النكول عنها حجية حددها القانون مع جواز نقلها فهذه

.فيها على التعاقبالمسائل الخمس نتكلم

:حلف اليمين و ردها و النكول عنها -1

، فإن الخصم إما أن يقبل تيترتب على عملية توجيه اليمين الحاسمة ثالث احتماال

.اليمين و يقوم بأدائها و إما أن يردها على صاحبها و إما أن يرفض أدائها و ال يردها

راسة ذلك على النحو و هناك أثار لليمين تتعلق بأشخاص الخصومة و سنتولى د

:اآلتي

:أن يقوم الخصم بأداء اليمين*

إذا حلف الخصم الذي وجهت إليه اليمين، أصبح مضمون تلك اليمين حجة ملزمة

للمحكمة بحيث أن المدعى عليه إذا أقسم المدعي عليه بإنكار دعوى المدعي، فإن على

أو عدم قناعتها بصحتها، المحكمة أن تقضي برفض الدعوى دون النظر إلى قناعتها

فالقاضي يفقد كل السلطة في تقدير مضمون اليمين ألن اليمين الحاسمة عملية اتفاق بين

الطرفين و ال يجوز للقاضي أن يتدخل في االتفاقات و إنما تنحصر مهمته في التأكد من

.1عملية تأدية اليمين و ترتيب أثارها القانونية

ا حكما نهائيا، و تتعلق به حجية الشيء المحكوم و يكون الحكم برفض الدعوى هن

فيه، ألن طبيعة اليمين إنما تحسم النزاع بصفة نهائية، فيمتنع بعد ذلك على المحكمة أن

تتناول النزاع من جديد بالنسبة للواقعة موضوع اليمين، ألن اليمين تشكل حجة قاطعة ال

ع على المحكوم عليه أن يثبت صحة تملك المحكمة أية سلطة تقديرية في شأنها، كما يمتن

الواقعة التي نكل فيها عن الحلف، و ذلك مهما كانت أدلة اإلثبات، و على أساس أن اليمين

.321 ص – املرجع السابق – حيي بكوش 1

Page 138: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

الحاسمة ذات طابع اتفاقي و رضائي من شأنه إنهاء الخصومة، فإنه يترتب على الحكم

.الصادر بعد اليمين عدم قبول استئناف بشأنه

إمكانية قبول االستئناف إذا كان توجيه اليمين غير واقع و لكن ينبغي اإلشارة إلى

طبقا للقانون، فإذا انصبت اليمين على واقعة مخالفة للنظام العام أو في قضايا الطالق و

.فالزواج و النسب أو الجنايات، كان الحكم قابال لالستئنا

قصان أدت و يكون االستئناف جائزا إذا قامت المحكمة بتعديل اليمين بزيادة أو ن

.إلى تشويهها

ويكون االستئناف مقبول أيضا إذا كانت اليمين مؤسسة على غش أو تدليس أو

.إكراه

ويترتب على أداء اليمين أنه يمتنع على الخصم اآلخر أن يحبط مفعولها بان يعمد

من القانون المدني 346إلى التقليل من آثارها و بيان تزويرها أو كذبها، و تنص المادة

: أنه على

ال يجوز للخصم إثبات كذب اليمين بعد تأديتها من الخصم الذي وجهت إليه أو "

ردت عليه، على أنه إذا أثبت كذب اليمين حكم جزائي، فإن للخصم الذي أصابه ضرر

منها أن يطالب بالتعويض دون إخالل بما يكون له حق في الطعن على الحكم الذي صدر

". ضده

يتعلق بالحكم ،ثبوت كذب اليمين بحكم جزائي ال يؤثر فيهاوهذا النص يفيد أن

ولكنه من جهة ، الشيء المحكوم فيه حجية نبنا على اليمين الكاذبة منا الذي ،المدني

يخول من رفضت دعواه من حكم عليه بناء على هذه اليمين الكاذبة أن يطالب ىأخر

.تعويضات عما أصابه من ضرر

لخصم إثبات كذب اليمين فإن بإمكانه آن يقدم بالغا إلى على انه إذا كان ال يجوز ل

وليست في القواعد العامة ما يمنع ، النيابة العامة حتى تقوم هي بتحريك الدعوى العمومية

1.من ذالك

323-322 ص – املرجع السابق – حيي بكوش 1

Page 139: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و لكن ال يجوز للمضرور أن يتدخل في هذه الدعوى مدعيا مدنيا، وال يجوز له

.ى العمومية أن يرفع دعوى الجنحة المباشرةإذا امتنعت النيابة العامة من تحريك الدعو

أما إذا أقامت النيابة دعواها وصدر حكم باإلدانة أصبح نهائيا، فإنه يحق حينئذ

للخصم المتضرر من اليمين الكاذبة أن يطالب بتعويضات أمام المحكمة المدنية بدعوى

.مستقلة

لمطلقة وال يفتح ومع ذالك، فيبقى للحكم المؤسس على اليمين الكاذبة حجيته ا

للخصم المتضرر أي طريق من طرق الطعن في هذا الحكم، وان الفقرة األخيرة من المادة

من القانون المدني قد اقتصرت على التنبيه إلى انه إذا كشف الحكم الجزائي عن وجه 346

، أو كان ) من قانون اإلجراءات المدنية194المادة ( من وجوه إعادة النظر في األحكام

با في الحصول على مستندات صالحة لتأييد ادعائه كان الحالف قد أخفاها أو حمل على سب

إخفائها فإنه يجوز للخصم الذي وجه اليمين في تلك الظروف أن يطالب إعادة المحاكمة

إذا كانت مدة طلب اإلعادة لم تنقض، ولكنه ال يستطيع استعمال طريق من طرق الطعن

.ليمينلم يكن له قبل ثبوت كذب ا

و يجب على الخصم الذي وجهت إليه اليمين ولم يردها على خصمه أن يؤديها

بنفسه الن الخصم قد أحتكم إلى ضميره فال يصح أن يوكل عنه غيره في الحلف، وهذا

بعكس التوكيل في التحليف إذ تصح النيابة فيه، و يجب أن تؤدى اليمين بالصيغة التي

جهها فيها الخصم، وليس للمحكمة سلطة تعديل تلك قررها الحكم وهي الصيغة التي و

.الصيغة، وهذا راجع إلى أن ليس لها حق توجيه اليمين الحاسمة بصفة تلقائية

على أن للمحكمة أن تقوم بتعديل صيغة اليمين المبهمة تعديال ال يؤثر في جوهر

صيغة اليمين االتفاق الذي أعربت عنه تلك اليمين، كما ال يحق للخصم أن يقوم بتغيير

1.أصال، وانه ال يعتبر حلفا إال إذا آداها في صيغتها التي وجهت إليه

324 -322 ص – املرجع السابق – حيي بكوش 1

Page 140: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:أن يرد الخصم اليمين على من وجهها إليه-*

لمن وجهت إليه اليمين أن : " من القانون المدني على أنه 343تنص المادة

ال يشترك فيها يردها على خصمه، على أنه ال يجوز ردها إذا قامت اليمين على واقعة

".الخصمان، بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين والخصم هنا مخير بين أن يقوم بتأدية اليمين، وبين أن يردها على من وجهها إليه

شرط أن تكون الواقعة موضوع اليمين مشتركة بينهما، مثل واقعة اإلقراض أو الوفاء أو ب

الحاسمة عبارة عن احتكام إلى ضمير الخصم كما البيع والسبب في ذلك هو أن اليمين

فيستطيع الخصم الذي وجهت إليه اليمين أن يقوم بدوره باالحتكام إلى ضمير ،تقدم

، أما إذا كانت الواقعة خاصة بشخص من وجهت إليه اليمين فإنه ال يجوز الرد،خصمه

صرف صدر من إذا كانت اليمين منصبة على علم الوارث أو عدم علمه بت:ومثال ذلك

مورثه، وكذلك توجيه الشفيع اليمين إلى المشتري أن يرد اليمين على طالب الشفعة، ألن

.هذا أجنبي عن االتفاق الخاص بالثمن فال يمكنه التأكد من حقيقة مقداره

ويجب أن يقع رد اليمين على نفس اليمين الموجهة، أما إذا وقع على صيغة معدلة

ومتى ردت اليمين فإنه ال ،يمين جديدة وجاز فيها الرد مرة ثانيةمنها اعتبر ذلك توجيها ل

.يمكن ردها ثانية

: أن يرفض الخصم أداء اليمين وال يردها، وهو النكول- •

وكل من : " من القانون المدني بقولها347وقد نصت على هذه الحالة المادة

عليه اليمين فنكل وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون ردها على خصمه، وكل من ردت

. "عنها خسر دعواه

عليه بوالنكول موقف سلبي يقفه الخصم يتمثل في عدم الحلف حينما يتوج

." فإذا لم يقم بأداء اليمين الموجهة إليه حكم عليه لفائدة من وجه إليه اليمين،الحلف

وعلة ذلك أن المشرع اعتبر النكول إقرارا ضمنيا من طرف الخصم، وال يجوز

، ومن ثم فال يجوز للخصم الناكل يطلب السماح له بالحلف من جديد، رع عن اإلقراالرجو

Page 141: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ويترتب على . 1ويترتب على ذلك أيضا عدم تجزئة اليمين كما هو الشأن بالنسبة لإلقرار

.النكول أيضا امتناع إثبات صحة الواقعة التي نكل فيها بأي طريق من اإلثبات األخرى

اليمين إذا رفض الخصم أداءها على واقعة غير متعلقة على أنه ال يعد ناكال عن

بشخصه وذلك مثل الوارث إذا رفض أن يحلف على أن مورثه لم يتسلم المبلغ المدعى

.به

: آثار اليمين من حيث األشخاص -*

ة قاصرة سواء في ذلك الحلف أو يتعتبر اليمين الحاسمة كاإلقرار ذات حج

على الحالف وحده وعلى ورثته بصفتهم خلفا عاما له، فهي في حالة الحلف حجة،النكول

،ورثته، وأنه ال أثر لليمين على الشريك وال يتعدى أثرها إلى غير الخصم الحالف و

كما أنه ال ،وبعبارة أخرى فإنه ال يجوز للغير الخارج عن الخصومة أن يحتج باليمين

أن آثار اليمين الحاسمة هي ءهايقرر الفق و. يجوز للخصم أن يتمسك باليمين اتجاه الغير

. وااللتزامات، وهي ال تسري إال على المتعاقديندنفس آثار العقو

ولكن هذه القاعدة قد تختلف عندما توجد حالة من حاالت التضامن بين الخصم

.2 وبين غيره،الذي أدى اليمين أو نكل عنها

ذا نكل أحد إ" : ولها من القانون المدني على ذلك يق3 و2 فقرة 232فنصت المادة

المدينين المتضامنين عن اليمين الموجهة إليه، أو إذا وجه هذه اليمين إلى الدائن وأداها

وإذا اقتصر الدائن على توجيه اليمين إلى أحد المدينين ، هذا األخير فال يضار المدينين

".المتضامنين، وحلفها المدين ، فيستفيد منها الباقون

النص أنه يجوز أن يستفيد المدينون المتضامنون من اليمين إذا والمقصود من هذا

حلفها واحد منهم، أو وجهها للدائن فنكل عنها، وكذلك يستفيد منها الدائنون المتضامنون

إذا حلف أحدهم بما يفيد اآلخرين أو وجهها للمدين فنكل عنها، ولكن ال يضار سائر

أو ينكل عنها أحدهم أو التي يوجهها هذا إلى الدائنين المتضامنين باليمين التي يحلفها

.الدائن

326-324 ص – املرجع السابق – حيي بكوش 1 326- 325 ص – املرجع السابق – حيي بكوش 2

Page 142: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وقد حاول المشرع بهذا النص أن يوفق بين قواعد نسبية آثار اليمين وبين قواعد

. التضامن التي تتعارض معها والتي تقضي بأن عمل المدينين المتضامنين يفيد اآلخرين

: اليمين في الشريعة اإلسالمية -

هاء الشريعة اإلسالمية هو البينة، أما اليمين فهي بديل األصل في اإلثبات عند فق

وشرعت اليمين للحاجة إليها لدفع التهمة .عنها، ولهذا فإنها ال تشرع إال عند تعذر البينة

وهي تهمة الكذب عن المدعى عليه في حالة إنكاره للدعوى، ومن ثم يشترط في الشيء

يث لو أقر به المدعى عليه لصح إقراره أن يكون محتمال لإلقرار به شرعا بح المدعى به

: ويترتب على ما تقدم عدد من النتائج،إال فال يمكن أن يستحلف فيه به، و

له أن يتحمل احداهما أو األخرى ف أن اليمين حجة للمدعي، بمثابة البينة -1-

ه حسبما يشاء، وبمعنى ذلك أن اليمين ال يجب توجيهها إال بطلب المدعي لها، فإنها حق ل

وليست من حق القاضي، كما أنها ليست من حق المدعى عليه، ولذلك فال عبرة باليمين

الواقعة بغير محضر القاضي، وال يصح التحليف إال عنده كما أن تحليف القاضي للخصم

. همن تلقاء نفسه ال عبرة به، وإنه ال يصح تحليف الخصم إال بناء على طلب

أما ، في المسائل التي هي من حق الخصوم أنه ال يكمن توجيه اليمين إال-2-

صح فيها توجيه اليمين وهي الحدود كالزنا والسرقة والسكر يفيما هو حق اهللا تعالى، فال

. 1وغير ذلك

أن اليمين لما كانت من حق الخصم فيستوي فيها جميع أنواع األمالك -3-

ذكر وأنثى أو مرتد وجميع أنواع الخصوم، بال فرق بين حر وعبد أو مسلم وكافر أو

. وغيره، حتى أنه ال تشترط العدالة فيها مطلقا

أنه يترتب عنها أداءا أو نكوال عدة : ومن آثار اليمين في الشريعة اإلسالمية -

: نتائج نوردها فيما يلي

إذا حلف المدعى عليه انقطعت الخصومة، ألنه ال حجة : وقف الخصومة-/ 1

وقد انعدم ذلك كله وليس له أن ،لهوإقرار الخصم أو نكة أو ن هي البيتهللمدعي فحج

340-338 ص - املرجع السابق– حيي بكوش 1

Page 143: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

يخاصم بغير حجة، و تنقطع الخصومة في الحال، أي بصفة مؤقتة، بحيث إذا قام المدعى

ة على دعواه فيقول األحناف والحنابلة أنه نعليه بأداء اليمين ثم أراد المدعي أن يقيم البي

اليمين الفاجرة أحق أن :"رضي اهللا عنه ة عمال يقول عمر ابن الخطاب نيبيجوز قبول ال

عليه من إقامة ى وقالوا أيضا أن القضاء بالنكول ال يمنع المقض "ة العادلةنترد من البي

ة التي هي األصل في اإلثبات، نة بما يطلبه ألن اليمين تعتبر بمثابة الخلف عن البينالبي

.وإذا جاء األصل انتهى حكم الخلف كأن لم يوجد أصال

: ثبوت الحق باليمين من عدمه -/ 2

يثبت باليمين حق المدعي في إثبات ما أنكره " : رحمه اهللاقال اإلمام مالك

المدعى عليه وإبطال ما ثبت عليه من الحقوق إذا ادعى الذي ثبت عليه إسقاطه في

. " أقوى سببا وشبهة من المدعى عليهيالموضوع الذي يكون المدع

لمدعي باليمين دعوى سواء كانت إسقاط حق عن نفسه قد ال يثبت ل":وقال غيره

. "ثبت عليه، أو إثبات حق أنكره فيه خصمه

ة على من ن البي: "لم وسبب اختالفهم ترددهم في مفهوم قوله صلى اهللا عليه وس

هل ذلك عام في كل مدع أو مدعى عليه أم إنما خص "ادعى، واليمين على من أنكر

عليه باليمين ألن المدعي في األكثر هو أضعف شبهة من المدعى المدعي بالبينة والمدعى

.1؟ عليه

:اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثالثة أقوال :و في القضاء بالنكول

على المدعى عليه بمجرد ىيرى أصحاب هذا القول أنه ال يقض :القول األول

ألن ،المالكية و الشافعيةو هذا هو مذهب ، بل يجب أن ترد اليمين على المدعي، نكوله

إما بيمين و شاهد و إما بنكول و : بشيئينتمن حجة اإلمام مالك أن الحقوق عنده إنما تثب

للمدعي إال بشاهد إلى ىيعني أنه ال يقض، و هو يرى اشتراط االثنين في الشهادة، يمين

هذا النكول ه التي هي بمثابة الشاهد، وإما بشاهد ونكول المدعى عليه، ألنمينجانب ي

ويختلف .ه، وإما بشهادة امرأتين والنكولمينبمثابة الشهادة، وإما بنكول المدعى عليه وي

351-350 ص – املرجع السابق – حيي بكوش 1

Page 144: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

نكول المدعى عليه بل يجب الشافعي مع مالك في أن الشافعي ال يجيز القضاء بالشاهد و

. على المدعي أداء اليمين الستحقاق دعواه

ى عليه بمجرد نكوله، وأنه ال ترد على المدعىمقضيومقتضاه أنه : القول الثاني

اليمين على المدعى عليه بمجرد نكوله، وأنه ال ترد اليمين على المدعي، وهو قول

وذلك ألن المدعى عليه إذا نكل عن أداء اليمين ظهر صدق المدعي، فيقضي له، ،الحنفية

مدعى عليه ، ومن وجهة أخرى فإن النكول يدل على اإلقرار، ذلك ألن الةكما لو أقام بين

لو كان صادقا في اإلنكار لبرأ نفسه باليمين، فإذا نكل عنها كان ذلك بمثابة اإلقرار

ليه أن أعرض عليك ثالث ع عليه به، ولكن ينبغي للقاضي أن يقول للمدعى ىفيقض

. إال قضيت عليك مرات، فإن حلفت و

ترد اليمين على المدعى عليه بالنكول والىفيرى أنه ال يقض : أما القول الثالث

على المدعي، بل يحبس المدعى عليه حتى يقر أو يحلف، وهذا هو قول ابن حزم

فإن نكل ، والمدعي الذي يقيم شاهدا واحدا عدال وامرأتان، فيحلف ويقضي له،الظاهري

. 1حلف المدعى عليه وبرئ

: حجية اليمين الحاسمة -2

، سواء في ذلك عند الحلف أو اإلقرار حجيتها قاصرة كما قدمناكاليمين الحاسمة

.عند النكول

فمن وجه اليمين واحتكم بذلك إلى ذمة خصمه كان أثر هذا : من حيث الحلف-*

االحتكام قاصرا عليه وهو و ورثته بصفتهم خلفا عاما له وال يتعدى هذا األثر إلى غير

لمتضامن، فلو الخصم وورثته، فال يتعدى إلى الشريك أو الورثة فيما بينهم أو المدين ا

كانت ،وجه أحد الشركاء في الشيوع اليمين إلى مدعي استحقاق الملك الشائع، وحلف

ولو وجه أحد المدينين ،اليمين حجة على الشريك الذي وجه اليمين دون غيره من الشركاء

المتضامنين اليمين إلى الدائن وحلف، كانت اليمين حجة على المدين الذي وجه اليمين

. ن المدينيندون غيره م

349 ص – املرجع السابق – حيي بكوش 1

Page 145: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وإذا ادعى شخص دينا على آخر، فوجه المدعى عليه اليمين إلى المدعى فحلف،

كانت اليمين حجة على من وجهها، وال تكون حجة على دائنيه إذا طعنوا في اليمين

ثم وجه اليمين ،بالتواطؤ، وإذا تنازع شخصان على عقار، وباع أحدهما هذا العقار

دون المشتري منه، أما إذا كان ليمين حجة على من وجههاللمتنازع عنه فحلف، كانت ا

.كانت اليمين حجة على المشتري حلف اليمين قبل البيع

أما من حيث النكول، فمن نكل من الشركاء في الشيوع، :من حيث النكول-*

كان نكوله حجة دون سائر الشركاء، ومن نكل من الورثة، كان نكوله حجة عليه دون

. 1رثة، ومن نكل المدينين المتضامنين كان نكوله حجة عليه دون سائر المدينينسائر الو

إذ أن توجيهها ،وحجية اليمين هي حجية قاطعة بالنسبة ألطرافها والقاضي معا

وال يجوز ألي من الخصمين ،يسقط حق طالبها من االستناد إلى أي دليل آخر ولو توفر

ومن ثم ال يجوز للخصم أن يثبت كذب ،اءا ونكوالأن يثبت عكس داللة اليمين الحاسمة أد

. 2اليمين بعد أدائها من الخصم الذي وجهت إليه أو ردت إليه

اإلثبات في اليمين الحاسمة ؟ءما المقصود بتوزيع عب-

اإلثبات في الفقه القانوني شأنه في ذلك شأن ءي القاعدة األصلية في عبتضتق

، اإلثباتءها المدعي، فهو الذي يتكفل بمهمة القيام بعب أن البينة يكلف ب–الفقه اإلسالمي

اإلثبات بين أطراف النزاع، بحيث يكتفي من ءفقد تكفل المشرع بالقيام بتوزيع عب

وجود حقه في ذمة خصمه، لينتقل إلى خصمه حالمكلف به أصال أن يقوم بإثبات ما يرج

صمين في دفع ما قام خصمه ، وهكذا إلى أن يخفق أحد الخيعبء إثبات ما أثبته المدع

. بإثباته فيخسر الدعوى

بمعنى تكليف القاضي ألحد الخصمين بما هو من ،أما نقل عبء اإلثبات) 1(

- فقد أقره القانون المدني الجزائري، حيث أجاز في اليمين الحاسمة، اختصاص خصمه

ليقوم بحلفها أن يوجه أحد الخصمين اليمين إلى خصمه - وهي ال تكون إال أمام القضاء

ويجوز لمن وجهت إليه اليمين أن ،محتكما إلى ضميره وذمته فإذا ما حلف برئت ذمته

743-741 ص – املرجع السابق – عبد الرزاق أمحد السنهوري 1 .234 ص – اإلثبات يف املواد املدنية و التجارية يف ضوء الفقه و القضاء – نبيل ابراهيم سعد 2

Page 146: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

من القانون المدني، وهذا بغض النظر 343 وهذا ما تقتضي به المادة ،يردها إلى خصمه

المدعى عليه، والقاضي ال يملك إال أن يجيب طلب المدعي أوعن كون الذي وجهها هو

ام طالبها غير متعسف في طلبه، وإذا نكل الخصم الذي وجهت إليه عن توجيهها، ما د

وهذا ما نصت عليه ، فإنه يخسر دعواه،الحلف دون أن يردها أو نكل الذي ردت عليه

. من القانون المدني347المادة

وبناءا على ما تقدم فإن القانون المدني يؤيد نفل عبء اإلثبات من الشخص

ويتمثل ذلك في جواز رد اليمين الحاسمة من الشخص المكلف بها المكلف به إلى خصمه،

. إلى خصمه

كما نجد أن القانون يوافق مذهب الجمهور في الفقه اإلسالمي الذي يقضي بجواز

نقل عبء اإلثبات من الشخص المكلف به إلى خصمه، ما دام هذا النقل في مصلحة

اية التي ينشدها أطراف الدعوى من الدعوى، حسبما يراه القاضي أو الخصوم محققا للغ

حسم النزاع، وقطع الخصومة على نحو يتماشى مع ما تقتضيه قواعد العدالة، من تقريب

. الحقيقة القضائية من الحقيقة الواقعية قدر المستطاع

:دور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات بموجب االتفاق :المبحث الثالث

في توزيع عبء اإلثبات دور الخصومىإلنا في المبحث السابق ضبعدما تعر

سنتعرض في هذا المبحث إلى اتفاق الخصوم أنفسهم ،بموجب اإلقرار واليمين الحاسمة

فيتم االتفاق بينهم ، تعديل القاعدة العامة في عبء اإلثباتعلىقبل وقوع النزاع أو أثنائه

فهل مثل ن هو المدعي، ،و الذي يكلف باليمي عليه ى هو المدعبالبينة أن الذي يكلف ىعل

الف ذلك ؟ هذا ما سنتعرض له في هذا خهذا االتفاق جائز ويقره المشرع ؟ أم أن األمر ب

فتناولنا في المطلب األول التعديل االتفاق لقواعد عبء . البحث والذي قسمناه إلى مطلبين

عبء اإلثبات و في المطلب الثاني تعرضنا إلى مدى جواز االتفاق علي مخالفة قواعد

.اإلثبات

:تفاقي لقواعد عبء اإلثباتإل التعديل ا:المطلب األول

Page 147: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

.ونتعرض إلى ذلك في الفقه القانوني ونحاول مقارنته بالفقه اإلسالمي

: التعديل االتفاقي لقواعد عبء اإلثبات في الفقه القانوني:أوال

قتضى البحث في هذه المسألة أن نتعرض ليحث المسألة تعلق قواعد عبء ي

اإلجرائية إذا كان من المتفق عليه أن قواعد اإلثباتهوالحقيقة أن, إلثبات بالنظام العاما

تباعها أمام المحاكم في إثبات الدعوى والمواجهة باألدلة تتعلق بالنظام االتي يتعين

كما يجوز ألي ، لألطراف أن يتفقوا على خالف ما تقضي بهز وبالتالي فانه ال يجو،العام

ك بها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى و لو ألول مرة أمام المحكمة طرف أن يتمس

األطراف ك وبالتالي فإنه ال يمل، وذلك ألنها تتعلق بسير أعمال السلطة القضائية،العليا

إذا كان األمر كذلك بالنسبة للقواعد اإلجرائية فإن األمر .تغيرها عن طريق االتفاق

،التي تتعلق بمحل اإلثبات و عبءه وتنظيم طرقه مختلف بالنسبة للقواعد الموضوعية

: هل تتعلق بالنظام العام أم ال ؟ على مذهبين .فقد اختلف بشأنها الفقه القانوني

:المـذهـب األول

و . ام العامنظ ومنها عبء اإلثبات تتعلق بال،يرى أنصاره أن قواعد اإلثبات الموضوعية

.هذا المذهب يعتنقه جمهور الفقه الفرنسي

و يرى أنصار هذا االتجاه أن التصوير التنظيمي للعدالة يجب أن يغلب على التصوير

شرع قد نظم سلفا قواعد اإلثبات الموضوعية، فإن هدفه م فإذا كان ال،االتفاقي أو الفردي

من ذلك توفير الضمانات الجوهرية لتحقيق العدالة، فالخصوم لهم كامل الحرية في

فإذا هم ارتضوا اللجوء إليه طلبا لحماية حقوقهم فإنهم ،عدمه اللجوء إلى القضاء من

،يكونون قد وضعوا باختيارهم حدا لحريتهم

فيلتزمون ،و ال يسعهم إال االنصياع لما وضعه القانون من قواعد إجرائية أو موضوعية

ف ما تقضي به هذه ال و بالتالي ال يجوز لألطراف االتفاق سلفا على خ.باتباعها

ألن المصلحة العامة تقتضي أن يقوم الجهاز القضائي بما هو 1واعد أو التنازل عنهاالق

. دون أن يعرقل سيره اتفاق األطراف ،مكلف به على أكمل وجه

1 303 ص– املرجع السابق – حممد فتح اهللا النشار -

Page 148: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ذلك أن ،و الواقع أن ما ذهب إليه أصحاب هذا االتجاه ال يخلو من شطط واضح

شأن بالمصلحة العامة و ليس لها ،الخصومة ال تمس سوى مصالح األطراف الخاصة

.يم الجهاز القضائي إنما هي حماية مصالح األفراد الخاصة تنظبل إن الغاية العظمى من

:المذهب الثاني

و ال سيما عبء ،و يرى أنصاره أن قواعد اإلثبات الموضوعية ال تتعلق بالنظام العام

.ذهب يؤيده الفقه المصري و القضاءالم و هذا،اإلثبات

و مادام عن ، و القانون كفل لهم حرية تقاضي،ن الخصومة ملك ألطرافهاهم عتو حج

فيكون لهم من ،القانون كفل الفرد حرية التصرف في حقوقه بما في ذلك التنازل عنها

و من ثم فأنه يجوز أن يتفق ، محققا لمصلحتهاهباب أولى الحق في حمايتها بما ير

و إن كان هناك خالف في الفقه ،القواعدالطرفان مقدما على خالف ما تقضي به هذه

و بحث هذا ،المصري في اعتبار بعض القواعد المتعلقة بطرق اإلثبات من النظام العام

و الذي يهمنا هو أن االتفاق قائم بين الفقه المصري على بحثناالخالف خارج عن نطاق

و من ثم يجوز م العامااعتبار القواعد المتعلقة بعبء اإلثبات ليست متعلقة بالنظ

، المدعي من عبء اإلثبات ى كأن يتفقوا على أن يعف،لألطراف أن يتفقوا على خالفها

.1 و هذه بعض األمثلة التي توضح ذلك، عليه ىأو يكلف به المدع

بأن حارس الحيوان مسؤول عما يحدثه الحيوان " : من القانون المدني138 المادة تنص

و مع ذلك فإنه " له فيه ادث كان سبب أجنبي ال يدمن ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الح

يجوز االتفاق مقدما على تعديل هذه القاعدة، كأن يتفق شريكان في مرعى واحد على أن

ذا يكون األول مسؤول عنه إال إ الكل ضرر يقع من مواشي أحدهما على مواشي اآلخر

.أثبت شريكه التقصير أو اإلهمال في جانبه

بأن المستأجر مسؤول عن حريق من القانون المدني1 ف496لمادة ا تنص

له فيه و مع ذلك فإنه يجوز سبب ال يدنالعين المؤجرة ما لم يثبت أن الحريق نشأ ع

كأن يتفقا على أن المستأجر غير ،االتفاق مقدما على نقل عبء اإلثبات إلى المؤجر

. 88 ص - السنهوري أمحدعبد الرزاق - 1

Page 149: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

وجود الخطأ في جانب ما لم يثبت المؤجر ،في العين المؤجرة حريق مسؤول عن أي

.ستأجرالم

كما أن األصل أ ن أمين النقل مسؤول عن الضرر الذي يحدث أثناء النقل للشخص أو

و من ثم فإن عبء نفي ، بناء على ما تقضي به قواعد المسؤولية العقلية ،للشيء المنقول

شرط و لكن يجوز االتفاق سلفا ما لم يكن هناك ،الخطأ يقع على عاتق مسؤول النقل

على أن المكلف بإثبات ا كأن يتفق، على نقل عبء اإلثبات إلى الشخص المتعاقد معهعانإذ

.الخطأ في جانب مسؤول النقل هو الشخص المتعاقد معه

كما يجوز أن يتم االتفاق على تعديل قواعد عبء اإلثبات قبل حصول النزاع فإنه يجوز -

ي لم يكن أصال مكلفا بإثبات واقعة معينة أ فمثال يجوز للخصم الذ،أ ن يتم أثناء وقوعه

مع مالحظة أن ذلك لو تم و أجابه القاضي إلى طلبه فليس له ،ن يتطوع للقيام بإثباتها

. الرجوع عما ألزم نفسه به بحجة أنه لم يكن مكلفا أصال بإثبات

ه و و قد فرق الدكتور سليمان مرقص بين الشخص الذي يتطوع بإثبات ما لم يكن مكلفا ب

و أنه قصد التنازل عن قيام ، األصل فيهو على بينة من أ ن هذا العبء ليس واقعا عليه

ال يجوز له الرجوع عما ألزم نفسه به بحجة ، فمثل هذا الشخص خصمه بعبء اإلثبات

و بين الشخص الذي يقوم بتحمل مشاق عبء إثبات ،أنه غير مكلف أصال بعبء اإلثبات

فمثل هذا الشخص ال يعد تطوعه هذا نزوال عن حقه في ،يه عله وقوع- خطأ- معتقدا

فال ينبغي التعويل ، ألنه يقوم على أساس خطأ في القانون،تكليف خصمه بعبء اإلثبات

شقة عبء اإلثبات مع سكوت مطوعه بالقيام ب تذلك ألن ، 1 .عليه و يتعين إعمال القاعدة

فال يحق له الرجوع عن القيام ،ثباتخصمه يعد بمثابة االتفاق بينهما على نقل عبء اإل

بما ألزم نفسه

:التعديل االتفاقي لقواعد عبء اإلثبات في الفقه اإلسالمي: ثانيا

من المسلم به أن قواعد عبء اإلثبات وضعت أصال لحماية مصالح ،في الفقه اإلسالمي

فيها أن يتنازل أنفسهم و من ثمة يجوز لمن تقررت هذه الحماية لمصلحتهالخصوم

.305 ص – املرجع السابق –شار حممد فتح اهللا الن 1

Page 150: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و هذا ما يعرف ،أو نقلها إلى غير المكلف بها أصال. باالتفاق مع خصمه باإلعفاء منها

.في القضاء بشرط التصديق

كما ،خالفا للحنفية الذين يمنعون االتفاق على تغيير القاعدة العامة في عبء اإلثبات

ص الشرعي الذي بأن مثل هذا االتفاق يتعارض مع الن: منعوا نقل عبء اإلثبات و قالوا

البينة على : " و هو الحديث المشهور،يبين ما يختص به كل طرف من أطراف الدعوى

من قال آلخر لي عليك آلف درهم " :ونصوا على أن ".من ادعى و اليمين على من أنكر

إن ،فأدها إليه المدعى عليه، فحلف ،ه اآلخر إن حلفت أنها لك علي أديتها إليك ل فقال ،

الن ، وللمؤدي أن يرجع فيما أدى ،اها إليه على الشرط الذي شرطا فهو باطل كان أد

الن حكم الشرع أن اليمين على من أنكر ،ألنه على خالف حكم الشرع ،ذلك الشرط باطل

1."دون المدعي

وعدم جواز القضاء ،عدم جواز الحكم بالشاهد و اليمين بو رأيهم هذا مترتب على قولهم

على أن هذا الرأي ضعيف ألن القول بجواز نقل عبء اإلثبات يتماشى ،دةباليمين المردو

فقد يحدث أال يستطيع المدعي ،و المصلحة العامة التي تقتضي المحافظة على الحقوق

و حينئذ يكون ، له إال االستشهاد بشاهد واحد يتيسر كأن ال،إقامة الحجة كاملة على دعواه

عليه إلى المدعي ليحكم له بها ى اليمين من المدعمن مصلحة الدعوى القول بجواز نقل

و لذلك ،و ظهر صدقه ألن اليمين مشروعة أصال في حق من تقوى جانبه،مع شاهده

،ات ح من المرجح عليه الذي يتقوى جانبه بمرجىشرعت في األصل في جانب المدع

هور الحق أقوى إلى أقام المدعي شاهدا فقد تقوى جانبه و صار ظذا فإ،كبراءة الذمة مثال

عليه إلى المدعي و أيضا فإن القول ىجانبه و حينئذ تنتقل اليمين من الجانب المدع

بالقضاء باليمين المردودة يتماشى مع هذه القاعدة ألن المدعي قد تقوى جانبه بنكول

كما أ ن ، ضف إلى ذلك أ ن يمين المدعى عليه حجة له في النفي ،خصمه عن الحلف

موجبا للعدول إلى يمين ته لحجي و لما كان ترك المدع،ي حجة له في اإلثبات بينة المدع

. عليه، وجب أن يكون ترك المدعى عليه لحجته موجبا للعدول إلى يمين المدعي المدعى

.301 ص –بق ا املرجع الس–حممد فتح اهللا النشار 1

Page 151: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

إقامتها للحصول عليهى جاز للمدع،كذلك أنه إذا امتنع المدعي عن إقامة البينة

إذا امتنع عن اليمين فيكون ، فكذلك المدعى عليه على حكم قضائي يقوي يده أو براءته

.هالخصمه حلف

كما أن رد اليمين إلى المدعي جائز على وجه الصلح حتى عند القائلين بعدم جواز الرد و

للقاضي نقل عبء اإلثبات ما دام في ذلك قطع هالحكم بمجرد النكول و هذا يدل على أن

. للمنازعة و حسم للخالف بين الخصمين

وعليه فإنه ال يسلم لهم ما ذهبوا إليه من رد االتفاق على تعديل القاعدة العامة في عبء

.اإلثبات

و يظهر جواز االتفاق على تعديل القاعدة العامة في عبء اإلثبات من خالل الفروع التي

:ذآرها الفقهاء و منها

ا دون بينة تلزمها إذا شرط الرجل إلمرأته عند العقد أنها مصدقة في دعوى إضراره به-

.فذلك لها، فإذا شكت إضراره و ثبت الشرط آان لها التطليق دون بينة

إذا شرط الرجل لزوجته أن القول قولها في المغيب عنها، و أنها مصدقة في انقضاء -

األجل المضروب في ذلك، فإنه يسقط عنها بهذا التصديق عبء إثبات المغيب عند الحاآم،

.تثبت الزوجية عنده والشرطو إنما يكفيها أن و ذلك في حالة ما إذا وجبت اليمين على أحد الخصمين فيصالح ،افتداء اليمين بالمال -

فيصح و تنقضي الخصومة دون حلف ، بأن يفتدي يمينه منه بالمال،عليها خصمه اآلخر

.اليمين

يا شيئا أعطياه بال فإنهما إذا ادع، فما ادعيا فصدقوهما، فالنا و فالنأعاملكنت : لو قال

.يمين

إذا قال المدعى عليه لو شهد علي فالن فهو صادق، فإن شهد عليه هذا الشخص المعين

.فقد ثبت الحق، وال يطلب من المدعي شاهد آخر

Page 152: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

هذه الفروع التي ذكرها الفقهاء يتضح منها جواز االتفاق على تعديل قواعد عبء اإلثبات

1ء اإلثبات لمصلحته على ذلكما دام ارتضى الطرف الذي تقرر عب

مدى جواز االتفاق على مخالفة قواعد عبء اإلثبات: المطلب الثاني

من القانون 333ونتعرض في هذا المطلب إلى القاعدة العامة المنصوص عليها بالمادة

المدني الجزائري، و نحاول أن نقارن ذلك بما يوجد في الشريعة اإلسالمية، كما نتعرض

ة ثانية إلى مدى إمكانية االتفاق على خالف هذه القاعدة و مدى تعلق ذلك بالنظام في نقط

.العام

. موضع القاعدة العامة في اإلثبات بشهادة الشهود: أوال

: في الفقه القانوني-1

في غير المواد :* من القانون المدني الجزائري على ما يلي333/01تنص المادة

دج أو كان غير محدد 1000رف القانوني تزيد قيمته على التجارية إذا كان التص

القيمة فال تجوز البينة في إثبات وجوده أو إنقاضه ما لم يوجد نصا يقضي بغير

...*ذلك

و مضمون هذه القاعدة أنه ال يجوز إثبات التصرفات القانونية المدنية إذا زادت قيمتها

.على قيمة معينة إال بالكتابة

ال يجوز :* من القانون المدني الجزائري على ما يلي334/01ة كما تنص الماد

اإلثبات بالبينة و لو لم تزد القيمة على ألف دينار جزائري فيما يخالف أو يجاوز ما

و هذا النص هو الشق الثاني من القاعدة العامة ...*. اشتمل عليه مضمون عقد رسمي

دج فإنه إذا 1000تزيد قيمته على و مضمونها أنه حتى إذا كان التصرف القانوني ال

.كان ثابتا في عقد رسمي فال يجوز إثبات ما يخالفه

302ص .املرجع السابق حممد فتح اهللا النشار- 1

Page 153: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

و من خالل ذلك نرى أن القاعدة العامة تضيق من نطاق اإلثبات بشهادة الشهود و

القرائن و تجعل قوتها في اإلثبات محدودة، و غني عن البيان أن هذا الميدان الذي

و القرائن ذو نطاق واسع فهو يستغرق الكثرة الغالبة من استبعد فيه اإلثبات بالبينة

غير أن هذين الطريقين تعود ... التصرفات المدنية التي تكون عادة محال للتقاضي

من 336 و 335لهما قوتهما المطلقة في اإلثبات في اإلستثناء الوارد في المادتين

لمدني الجزائري على ما من القانون ا335القانون المدني الجزائري، و تنص المادة

يجوز اإلثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة، :* يلي

و كل كتابة تصدر من الخصم و يكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به

*.قريب االحتمال، تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة

يجوز اإلثبات :* الجزائري على ما يلي من القانون المدني336 كما تنص المادة

:بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة

. إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي-

*. إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي خارج عن إرادته-

وجود مانع من فيستثنى من القاعدة العامة حالة وجود مبدأ الثبوت بالكتابة و حالة

.الحصول على الكتابة أو ضياع السند الكتابي

و في القانون الفرنسي، كان يجعل شهادة الشهود هي األصل في اإلثبات فيجوز -

إثبات أي إلزام أيا كانت قيمته و بقيت هذه الحال سائدة إلى أن انتشرت الكتابة و

بوجوب تدوين منه56، تقضي المادة *بأمر موالن* سمي 1566صدر قانون

المعامالت التي تزيد قيمتها على مائة فرنك فرنسي في ورقة رسمية أمام موثق العقود

فهذه الورقة هي وحدها التي تكون دليال لإلثبات دون أن تقبل البينة فيما يجاوز هذا

الدليل الكتابي أو فيما يدعي أنه اتفق عليه قبل كتابة الدليل، و في أثناء كتابته أو بعد

و بعد مائة عام من صدور هذا األمر صدر قانون لويس الرابع عشر في . لكتابةا

اإلصالح القضائي يقضي بوجوب تدوين المعامالت التي تزيد قيمتها على مائة فرنك

و لو كانت ودائع اختيارية في أوراق رسمية أو عرفية، و ال يقبل اإلثبات بالبينة لما

Page 154: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

أو يجاوزه و ال لما يدعى أنه اتفق عليه قبل يخالف ما اشتملت عليه هذه األوراق

الكتابة أو في أثنائها أو بعدها، و لولم تجاوز القيمة مائة فرنك دون أن يخل ذلك بما قد

.جرى العمل عليه أمام القضاة و القناصل في المسائل التجارية

دني الفرنسي و بقي هذا النص معموال به في القانون الفرنسي القديم، ثم نقله التقنين الم

يجب إعداد ورقة رسمية أو : * على أنه1341نقال يكاد يكون حرفيا، فنصت المادة

تزيد قيمتها على مائة و خمسين فرنكا و لو كانت ودائع يعرفية إلثبات األشياء الت

اختيارية و ال تقبل للبينة فيما يخالف أو يجاوز مشتمالت هذه األوراق، أو فيما يدعى

تابتها أو في أثناء الكتابة أو بعدها و لو كانت القيمة تقل عن مائة و أنه وقع قبل ك

*. خمسين فرنكا، وهذا كله دون إخالل بأحكام قوانين التجارة

Il doit être passe acte devant notaire ou sous signatures privées de toutes

choses existantes la somme ou la valeur de cent cinquante francs, mêmes pour

dépôts volontaires et il n’est reçus aucune preuve par témoins contre et autre le

contenu aux actes ni sur ce qui serait allègue avoir été dit avant, lors ou depuis

les s’actes acore qu’il s’agisse d’une somme ou valeur moins de cent cinquante

francs, le tout sans préjudice de ce qui est prescrit dans les lois relatives au

commerce.

بينة مائة و خمسين فرنكا، و كانت في القانون الوقد جعل قانون نابليون نصاب

نظرا لزيادة انتشار و قد نزل إلى هذا ،الفرنسي القديم مائة فرنك ما يعادل ألفي فرنك

رفع النصاب مرة لي 1928الكتابة ، ثم نقصت قيمة الفرنك فصدر قانون أول أبريل سنة

فبراير سنة 21ما فنص قانون ي ثم نقصت بعد ذلك نقصا جس، فرنك مائةأخرى إلى خمس

على رفع النصاب مرة أخرى إلى خمسة آالف من الفرنكات، أما في مصر فقد 1948

إلثبات اة جنيهات و لم يتغير في القانون المدني الجديد ثم جاء قانون قرر النصاب بعشر

ليرفع نصاب البينة إلى عشرين جنيه، أما في القانون المدني الجزائري فقد ثبت النصاب

.) د ج 1000( على قيمة ألف دينار جزائري

: موضع القاعدة في الشريعة اإلسالمية-2

Page 155: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

اإلثبات في العصر الحديث، فهو يعد بحق أصل القاعدة قد أتى القرآن الكريم بأرقى مبادئ

و المصدر األول لها و ليست كما ذهب إليه الفقه الفرنسي الذي قال بأن المصدر التاريخي

حيث قال اهللا تعالى في 1566 الصادر في فيفري "أمر موالن"المباشر لهذه القاعدة هو

بدين إلى أجل مسمى فاكتبوهو ليكتب بينكم يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم:" كتابه الكريم

عليه الحق و الذي كاتب بالعدل و ال يأب كاتب أن يكتب كما علمه اهللا فليكتب وليملل

."ليتقي اهللا ربه و ال يبخس منه شيئا

" فاكتبوه" أن اهللا قد أمر عباده المؤمنين بالكتابة ، نستخلص مصداقا لهذا القول الكريم

عد من باب الوقوع في الحرام و مخالفة ي هن يفيد الوجوب و النكول عنألمر في الدياو

ولوية في اإلثبات إذن للكتابة، و لكن لما كانت حضارة العصر األ فإنللشرع و عليه

هذا للتقدم لم يستطيع الفقهاء إال أن يسايروا حضارة راة،تقصر دون ذلك، وتقف عن المجا

و من ، بالشهادة إلى مقام تنزل عنه الكتابة نزوال بينا فإذا بالفقه اإلسالمي يرتفع،عصرهم

العجيب أن عصر التقليد في الفقه اإلسالمي لم يدرك العوامل التي كانت وراء تقديم

و ذلك بالرغم ، فضل يردد ما قاله الفقهاء األولون في تقديم الشهادة،الشهادة على الكتابة

في ذلك انتشار م و يؤازره،قدموا الكتابةمن أنهم كانوا يستطيعون أن يقلبوا الوضع في

.الكتابة و تظاهرهم آيات القرآن الكريم

مدى تعلق القاعدة بالنظام العام: ثانيا

إن الفقه و القضاء في فرنسا مختلفان فيما إذا كانت هذه القاعدة تعتبر من النظام

ذلك أن هناك الفقهاء العام فالفقه الفرنسي يذهب إلى وجوب اعتبارها من النظام العام،

القضاء الفرنسي إال أن هذه القاعدة ال تعتبر من النظام العام حذويحذوا من فرنسيينال

و يستند الفقه الفرنسي في ذلك إلى " ريبأو" و" بارتان " "هيك " "بونييه ""ديرانتون "أمثال

حجتين

ر الحلول لحسم يأن القانون في تنظيمه طرق إثبات إنما يبغي الوصول إلى خ: األولى

القضاء نفسه،و تنظيم القضاء يعتبر من مس تنظيمالنزاع ما بين األفراد، و من ثمة فهو ي

.النظام العام

Page 156: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

أن االعتبار األساسي الذي استند إليه المشرع في تحريم البينة إال في حدود ضيقة : ثانيا

لمحاكم بها اعتمادا هو أن السماح بها يفسح المجال لإلكثار من رفع القضايا و ازدحام ا

االعتبار يتصل أوثق االتصال بالنظام اعلى تقديم الشهود و شرائهم عند االقتضاء، وهذ

في هذا الصدد أنه عندما يتطلب القانون دليال " السنهوري"العام و جاء في الموجز للمؤلف

:كتابيا، يبرر الفقهاء ذلك عادة باعتبارات ثالثة

إذا علم لتقليل من المنازعات و الخصومات، ألن الدائنحرص القانون على ا: أولهما -

الدليل الكتابي واجب حرص على الوصول إليه فال يصير للمدين مجال كبير إلنكار نأ

.الدين و منازعة الدائن

وكذلك األمر من جهة الدائن الذي لم يصل إلى الدليل الكتابي المطلوب، فإن أمله في

.عن التفكير في االلتجاء إلى القضاءكسب الدعوى يكون ضعيفا فيبعد

فإن للذاكرة البشرية يتطرق إليها من عوامل ،عدم الطمأنينة إلى شهادة الشهود: ثانيهما -

. الضعف ما ال يحتوي الورق المكتوب، وال يمكن االحتراز من السهو و النسيان

لتأثير فيهم األحوال، فاحتمال شراء الشهود أو اع عدم الثقة بالشهادة في جمي:ثالثهما -

ن من شأنهما أن يجعال ال غير ما وقع احتمال يتحقق كل يوم و االعتبار أن األوواليقرر

.لقاعدة التي تتطلب الدليل الكتابي من النظام العامل

على و يرتب الفقه الفرنسي على أن القاعدة تعتبر من النظام العام أنه ال يجوز االتفاق

اإلثبات بالبينة أو بالقرائن فيما تزيد قيمته على النصاب، أو فيما يخالف الكتابة أو

يجاوزها و لو لم تزد قيمته عن النصاب كذلك ال يجوز االتفاق على اإلثبات بالكتابة فيما

هناك من يفرق بين االتفاق على اإلثبات بالبينة حيث يجب وال تزيد قيمته على النصاب،

بالكتابة و هذا ال يجوز ألن األصل في إثبات التصرفات المدنية هي الكتابة فال اإلثبات

يجوز االتفاق على اإلثبات بغيرها، حيث يجوز اإلثبات بالبينة و هذا حسبهم جائز ألن

.اإلثبات بالبينة في التصرفات المدنية استثناء فاالتفاق على الرجوع إلى األصل جائز

Page 157: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ه يستوي أن يكون لالتفاق ما بين الخصوم على مخالفة القاعدة و يؤكدون في ذلك على أن

التين يكون لالتفاق باطال لمخالفته حواقعا قبل رفع النزاع إلى المحكمة أو بعد رفعه ففي ال

1.للنظام العام

وللقاضي أن يحكم من تلقاء نفسه دون طلب من الخصوم بل بالرغم من تنازلهم أو من

عكس بوجوب تطبيق األحكام التي تقضي بها هذه القاعدة، و الخصوم أن اتفاقهم على ال

مرة أمام محكمة النقض أما القضاء الفرنسي فيذهب في شبه ل ألو،يتمسكوا بهذه األحكام

إلى أن القاعدة وإن كانت تتعلق بالمصلحة العامة إال أنها ليست من النظام ،إجماع كذلك

. العام

:ين اآلتيينوذلك لالعتبار

، وللخصم أن ينزل عن حقه، أن اإلثبات إنما يتناول حقوقا فردية خاصة بالخصوم:أوال

حيث يقال في هذا المجال أن ، أن يتفق مع خصمه عن طريق إثباتهىفيملك من باب أول

إلثبات يمكن أن يكون عند تحليله بمثابة نزول عن الحق، إما نزوال االتفاق على طريق ا

ذاته، فاالتفاق على إثبات حق هو اتفاق على الحق ،لقا على شرطغير مقيد أو نزوال مع

فإنه ،فإذا كان صاحب الحق يمكنه أن يتصرف في حقه

لطريق ضعه ومن ثم يستطيع أن يخ، يستطيع كذلك أن ينظم باالتفاق طرقا لمنحه أو منعه

.معين لإلثبات

لخصوم وحدهم هم الذين أن موقف القاضي في اإلثبات هو موقف الحياد التام، وا:ثانيا

وا، أن يعينوا باالتفاق فيما ء في اإلثبات، فلهم إذا شاييقومون بالنشاط اإليجاب

بينهم الطرق التي يثبتون بها حقوقهم دون تدخل من القاضي، وال يتدخل المشرع، فيرسم

. إذا لم يتفق الخصوم صراحة أو ضمنا، على شيئا من ذلكطرق اإلثبات، إال

و هذا ال جيوز ألن الرتاع مل يتحدد ةإلثبات غري الذي عينه القانون كالكتابة أو البينا و مييز البعض بني االتفاق مقدما على طريق 1- إلثبات مل يعينه القانون و بني االتفاق على طريق اإلثبات بعد قيام الرتاع و معرفة حدوده و مداه و ا جيوز تقييد اخلصم مقدما بطريق فال

صم و هذا جائز، غري أم فسروا سكوت اخلصم و عدم اخللو كان ضمنيا بعدم اعتراض اخلصم على طريق اإلثبات الذي سلكه .ن القاضي أن يسلك طريق لإلثبات الذي حدده القانو أنه ال يعتد به و يتوجب على ه يف اإلثبات علىاعتراض على ما سلكه خصم

Page 158: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ام العام عكس النتائج ظ من النرلقضاء الفرنسي على أن القاعدة ال تعتبويرتب ا

ام العام، فيجوز االتفاق على ظالتي يرتبها الفقه الفرنسي على أن القاعدة تعتبر من الن

أو فيما يخالف أو يجاوز الكتابة ة أو بالقرائن فيما تزيد قيمته على النصاب،ناإلثبات بالبي

بل ويجوز االتفاق على إعطاء القاضي حرية كاملة في النصاب،و لو لم تزد قيمته على

الحكم بمقتضى اقتناعه الشخصي ويجوز كذلك االتفاق على اإلثبات بالكتابة فيما ال تزيد

قيمته على النصاب، ويستوي في هذا الجواز أن يكون االتفاق واقعا قبل رفع النزاع إلى

ن تلقاء نفسه بوجوب تطبيق األحكام التي المحكمة أو بعده، وليس للقاضي أن يحكم م

تقضي بها القاعدة إذا نزل الخصوم عن التمسك بها صراحة أو ضمنا، أو حتى إذا اقتصر

.الخصم على عدم االعتراض على خصمه وهو يخالفها في إثبات ما يدعيه

أن ـ أما في مصر، وفي عهد التقنين المدني السابق فقد كان الفقه والقضاء متفقين على

ام العام، فيجوز ظ تعتبر من النة، النالقواعد المتعلقة بطرق اإلثبات إذا كانت تجيز البي

للطرفين أن يتفقا على أن اإلثبات ال يكون إال بالكتابة حتى لو لم تزد قيمة االلتزام على

.عشرة جنيهات

لنظام العام، فال أما إذا كانت قواعد اإلثبات تتطلب الكتابة فقد كان هناك رأي يعتبرها من ا

الطرفين عن حقه في أحديجوز االتفاق مقدما على اإلثبات بالبينة بل ال يجوز نزول

اإلثبات بالكتابة أثناء رفع الدعوى ، وللقاضي من تلقاء نفسه أن يرفض اإلثبات بالبينة

.حتى لو قبلها الخصمان

ما على جواز اإلثبات وكان هناك رأي ثان يميز بين الحالتين، فال يجوز االتفاق مقد

ة، ولكنه يجيز تراضي الخصمين أثناء رفع الدعوى على قبول البينة في اإلثبات أن نبالبي

ام العام ظوهناك رأي ثالث ال يعتبرها من الن .يكون قد تعين لهما مدى النزاع وأهميته

أن كل يز االتفاق مقدما على اإلثبات بالبينة فعنده ج، بل ويىالة وأخرحدون تمييز بين

تحتم الكتابة في اإلثبات أو تجيز البينة، فإنها القواعد المتعلقة بطرق اإلثبات، سواء كانت

في هذا المجال أن هذا الرأي هو رأينا في "ينهورسال"قال ليست من النظام العام و قد

ويمكن القول بشيء " عهد التقنيين المدني السابق حيث كتب في الموجز في هذا المعني

ام العام هو الرأي الذي يذهب إليه ظتعميم أن عدم اعتبار قواعد اإلثبات من النمن ال

Page 159: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

القضاء في فرنسا ويقول به الفقه في مصر ويجنح إليه القضاء المصري في بعض

." حد اإلجماع لىتطبيقاته وال يخالفه إال الفقه الفرنسي دون أن تصل هذه المخالفة إ

واعد اإلثبات، إذا كانت في األصل موضوعة ونحن بدورنا نؤيد هذا الرأي ألن ق

رأو فيما يتعلق إذا لضمان حسن سير العدالة والتقاضي، إال أن هذا ال يمنع الخصوم

فهم ، على ذ لكابمصالحهم الشخصية ال بأس عليهم من إتباع قاعدة دون أخرى أن يتفقو

موضوع اإلثبات، أحرار في تقدير ما يرونه صادقا، كونه قادرين على التنازل عن الحق

أما التقنين المدني الجديد فقد حسم .رى وأولى أن يرسموا طريقا خاصا إلثباتهحفمن باب أ

على عدم جواز اإلثبات بالبينة إذا كان 400 من المادة 1هذا الخالف إذ نص الفقرة

جنيهات أو كان غير محدد القيمة ما لم يوجب 10التصرف القانوني تزيد قيمته على

اق أو نص يقضي بغير ذلك فأجاز التقنين الجديد بذلك صراحة االتفاق على جواز االتف

. جنيهات10اإلثبات بالبينة في تصرف قانوني تزيد قيمته على

فالقاعدة هي أن الدليل على الحق ال يعلو الحق ذاته، ضف إلى ذلك أن اإلثبات حق -

ه المشرع الجزائري صراحة في للخصوم و أن القاضي يلتزم بمبدأ الحياد و هو ما تبنا

أي على الدائن إثبات االلتزام و على " من التقنين المدني الجزائري323نص المادة

و عليه يجوز لهما االتفاق على القواعد التي يريانها تقرب إلى " المدين إثبات التخلص منه

ي ال يجوز أداء العدالة، ما لم يلزم المشرع صاحب الحق بنص آمر مثل عقد الشركة الذ

و هذا الطرح يصلح ،إثباته بغير الكتابة، و كذلك عقد الكفالة، و عقد النقل البحري

من 418مجاراته في القانون الجزائري ذلك أن المشرع قد نص صراحة في نص المادة

و كذلك في نص ..." يجب أن يكون عقد الشركة مكتوبا و إال كان باطال : "التقنين المدني

و هذه النصوص آمرة على وجوب اإلثبات " ...ال تثبت الكفالة إال بالكتابة: "645المادة

بالكتابة بالنسبة لعقد الشركة و عقد الكفالة فإنه ال يجوز إطالقا للخصوم االتفاق على

.اد الكتابةواستبع طريق آخر لإلثبات

في : " من القانون المدني التي تنص على ما يلي1 ف/333و بالرجوع إلى نص المادة -

د ج أو كان غير 1000قانوني تزيد قيمته على الغير المواد التجارية إذا كان التصرف

Page 160: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

ما لم يوجد نص يخالف ذلك القيمة فال تجوز البينة في إثبات وجوده أو انقضائه،محدد

."

أي أن المشرع الجزائري قد نص صراحة على عدم جواز اإلثبات بشهادة الشهود إذا

أو كانت غير " دج1000" رف القانوني تزيد على ألف دينار جزائريكانت قيمة التص

فلو أخذنا بالتفسير الحرفي للنص نجد أنه يعتبر قاعدة آمرة أي أنه من النظام العام محددة،

:و هذا راجع إلى عبارة

و كذلك من خالل مقارنته بما جاء به القانون المصري و القانون اللبناني .." ال يجوز "..

في غير المواد التجارية إذا : " من القانوني المصري60ا المجال نجد نص المادة في هذ

كان التصرف القانوني تزيد قيمته على مائة جنيه أو كان غير محدد القيمة ال تجوز شهادة

و ..." غير ذلكبالشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد نص أو اتفاق يقضي

ال تقبل شهادة الشهود إلثبات العقود و غيرها :" ن اللبناني على من القانو254نصت المادة

من التصرفات القانونية التي يقصد بها إنشاء حقوق أو التزامات أو انتقالها أو تعديلها أو

...." ليرة 4000انقضائها إذا كانت قيمتها تتجاوز

" و يجوز للخصوم أن يعدلوا عن التمسك بهذه القاعدة صراحة أو ضمنا "

من خالل هذين النصين نجد أن القانونين المصري و اللبناني قد نصا صراحة على ف-

و هو ما ،جواز االتفاق على مخالفة هذه القاعدة و بالتالي استبعدا تعلقها بالنظام العام

ذهب إليه القضاء الفرنسي حيث اعتبر أن القاعدة ال تتعلق بالنظام العام فيجوز االتفاق

على النصاب أو فيما يخالف أو يجاوز قيمتهبالبينة أو بالقرائن فيما تزيدعلى اإلثبات

.الكتابة و لو لم تزد قيمتها على النصاب

من القانون المدني الجزائري ينطبق تماما 333 و عليه ينبغي اإلشارة إلى أن نص المادة

على جواز إال أن المشرع الجزائري لم ينص، ورد في نص المادتين السابقتينامع م

لقول بارتباطها بالنظام االتفاق على مخالفة هذه القاعدة و هذا ما يجعل المجال متاحا ل

.العام

Page 161: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

الخـــــاتـــمـــــة

في األخير نختم بحثنا هذا ببعض المالحظات واالستنتاجات حول أهم النقاط التي

القاضي و الخصوم تعرضنا إليها، من خالل دراسة عبء اإلثبات و كيفية توزيعه و دور

حيث عرفنا ماهية عبء اإلثبات بأنه ذلك الثقل الملقى على عاتق أحد . في هذه العملية

األطراف في خصومة قضائية، و المعبر عنه بواجب أحدهما في تقديم الدليل أمام القضاء

عن صحة ادعائه، و هذا الخصم قد يكون مدعيا في الدعوى أو مدعا عليه، فالعبرة برافع

دعاء سواء كان طلبا أو دفعا، ال برافع الدعوى أمام ساحة القضاء، فيكون بذلك رافع اال

االدعاء و هو المدعي في اإلثبات في مركز ضعيف يفرض عليه بذل جهد في إثبات

في مقابل ذلك، يجلس . ادعائه وفق القواعد و باستعمال الوسائل التي حددها القانون

حظ، ينتظر فوزه بمجرد إخفاق خصمه في إثبات الخصم اآلخر مجلس المترقب المال

ادعائه، أو انتقال العبء إليه بمجرد نجاح الخصم في مهمته، و بالتالي يكون المدعي في

.اإلثبات هو الطرف الضعيف، و المدعى عليه هو الطرف القوي

لكن بالنظر إلى محل اإلثبات و محل عبء اإلثبات خاصة، و ما يكتنفه من تعقيد

ب، حيث ال يتحقق المحل و ال يكون موجودا إال باتحاد جميع عناصره، إضافة إلى و تركي

فالعقد ال يكون له وجود في عالم القانون إال إذا . كونه جائزا لإلثبات و منتجا في الدعوى

اتحد تراضي طرفيه و محله وسببه، وكانت أهلية طرفيه سليمة و رضاهما سليما من كل

كذلك بالنسبة . ودا و مشروعا و السبب حقيقيا و مشروعاالعيوب، وكان المحل موج

للمحل عبء اإلثبات الناشىء عن الفعل الضار، من توافر الخطأ و الضرر و العالقة

وغيرها من ... السببية، وغيرها من مصادر الحقوق من إثراء بال سبب و إرادة منفردة

إثبات الحق ال يتم إال بإثبات كل هذا يجعلنا نتصور بأن. وقائع مادية و تصرفات قانونية

.جميع عناصره، و هو من قبيل المستحيل بالنسبة للمكلف بهذا العبء

أخذا بهذه االعتبارات، قرر القانون تخفيف العبء على المكلف به، فألزم المدعي

في اإلثبات باالكتفاء بإثبات عناصر الحق التي تجعله مرجحا للوجود، و لم يلزمه بإثبات

Page 162: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

صر الحق، ألن ذلك يثقل كاهله، و الوسيلة المستعملة في هذا التخفيف هي توزيع كافة عنا

.عبء اإلثبات بين الخصوم، بحيث يتحمل كل طرف جزءا منه

إن استعمال هذه الوسيلة قد يكون إما من طرف القاضي الفاصل في النزاع، أو

ن خالل االستعانة من طرف الخصوم أنفسهم، و يتجلى هذا الدور أثناء خصومة معينة، م

قد يتدخل القاضي في توزيع عبء اإلثبات، . بطريقة من طرق اإلثبات التي حددها القانون

وهو مظهر من مظاهر دوره اإليجابي، يظهر ذلك جليا عند استعمال القرائن و اليمين

ت القضائية كدليل في الدعوى، و القرائن المقصودة في هذا المجال هي القرائن القابلة إلثبا

العكس، سواء كانت قرائن قانونية قاطعة أو غير قاطعة أو قرائن قضائية، ففيما يتعلق

بنوعيها القاطع و غير القاطع، تعتبر طريقا معفيا من اإلثبات، يقرر ةبالقران القانوني

القاضي بمجرد توفرها تدعيما لكفة خصم، إعفاء هذا األخير من إثبات ادعائه، و يلقي

األخر ليثبت عكس القرينة المستعملة، و في هذا المجال يجب تجنب العبء على الخصم

قرينة قانونية قاطعة و قاعدة موضوعية، ألن األولى قابلة للتكذيب : الخلط بين المفهومين

- مثال -كإثبات التزوير في الحكم القضائي الحائز لقوة الشيء المقضي به ( و اإلبطال

ة تتميز بالعمومية والشمولية و التجريد واإللزام، فال يمكن ، أما الثانية فهي قاعدة قانوني )

أما فيما يتعلق بالقرائن القضائية، فهي التي يستنبطها القاضي من واقعة . إثبات عكسها

معلومة في الدعوى كدليل على وجود واقعة أخرى مجهولة في الدعوى، ولها نفس حجية

ضي فهو يرجح صدق أحد الخصوم وبالتالي اإلثبات بشهادة الشهود، عندما يستنبطها القا

.فهو يلقي على الخصم اآلخر عبء إثبات عكس القرينة القضائية

فيما يتعلق باليمين، فإن دور القاضي يظهر جليا في كل من نوعي اليمين، المتممة

حتى و لو اعتبرنا هذا الدور محدودا فيما يخص اليمين الحاسمة، حيث ’ و الحاسمة

منع الخصم من توجيهها نحو خصمه تعسفا، أما فيما يخص اليمين يقتصر دوره في

المتممة، فالقاضي يتحكم فيها كليا، فهو الذي يقدر توفر بداية الدليل ليستكمله بتوجيه

اليمين إلى الخصم الذي تقوى حجته، أي أن القاضي قد يوجه اليمين إلى المدعي الذي لم

لمدعي عليه وفق للقاعدة العامة في اإلثبات التي يستطع إثبات ادعائه، فيحلفها هو عوض ا

تنص على أن اليمين يحلفها المدعي، و تجدر اإلشارة إلى أنه يجب تجنب الخلط بين هذه

Page 163: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

اليمين و األنواع الخاصة من اليمين ، ألن المشرع نص على اقتصار استعمال هذه

قواعد اليمين العامة األخيرة في نزاعات معينة، كما وضع قواعد خاصة بها تختلف عن

).- مثال - كاليمين في النزاع حول متاع البيت(

أما فيما يتعلق بدور الخصوم في توزيع عبء اإلثبات، فهو يكون بارزا من خالل لجوئهم

،عإلى اإلقرار وتوجيه اليمين الحاسمة، كما أنهم قد يتفقون على التوزي

المدنية ملك للخصوم، يتحكمون وهذا الدور ناتج عن مبدأ عام مفاده أن الدعوى

ففيما يتعلق باليمين . فيها، فليس للقاضي فيها إال دور توجيه و مراقبة اإلجراءات

الحاسمة، يختار الخصم توجيهها إلى خصمه إذا عجز عن إثبات ادعائه، احتكاما إلى

قرار، و فيما يتعلق باإل. ضميره، و في مقابل ذلك ينشأ للخصم اآلخر حق رد هذه اليمين

تظهر عملية توزيع عبء اإلثبات من خالل اإلقرار المركب من واقعتين غير مرتبطتين

بالواقعة ةارتباطا وثيقا، حيث يكلف الخصم الذي قبل إقرار خصمه بإثبات الواقعة المرتبط

كذلك قد يتفق الخصوم على توزيع عبء اإلثبات سواء قبل نشوء النزاع أو بعد . المقر بها

شترط في هذا االتفاق عدم مخالفته للنظام العام، لكن تبقى مظاهره نادرة نشوئه، و ي

.الوجود في القانون الجزائري و قليلة االستعمال من الناحية العملية

و كآخر مالحظة، نرى أن النصوص القانونية التي تنظم اإلثبات في القانون

زيادة .در تدعيمها و تطويرهاالجزائري قاصرة و غير كافية من الناحية الفعالية، فاألج

على أن هذه القواعد حاليا مبعثرة بين نصوص مختلفة، في حين أنه سيكون أنجع وأقرب

.إلى الصواب توحيد قواعد اإلثبات وجمعها في تقنين واحد، كما فعل المشرع المصري

Page 164: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

﴾ قـــــــائمــــة المراجـــــــــــع ﴿

I. الكتــــــب:

نظرية – الوسيط في شرح القانون المدني الجديد – أحمد السنهوري قبد الرزاع )1

– دار إحياء التراث العربي – آثار لإللتزام – اإلثبات –اإللتزام بوجه عام

.لبنانبيروت،

النظرية " أصول اإلثبات في المواد المدنية و التجارية –رمضان أبو السعود / د )2

.1993 الطبعة سنة -الجامعية الدار " العامة في اإلثبات

أحكام و قواعد عبء اإلثبات في الفقه اإلسالمي و –محمد فتح اهللا النشار / د )3

دار الجامعة الجديدة للنشر –قانون اإلثبات طبقا ألحداث أحكام محكمة النقض

.2000 الطبعة سنة –

مكتبة – دراسة مقارنة – دور الحاكم المدني في اإلثبات –أدم وهيب النداوي )4

.1997 الطبعة سنة –دار الثقافة للنشر و التوزيع

أصول –همام محمد محمود زهران / نبيــل إبراهيـــم سعد و د/ د )5

الطبعة – دار الجامعة الجديدة للنشر –اإلثبات في المــواد المدنية و التجارية

.2001سنة

ة في ضوء الفقه و اإلثبات في المواد المدنية و التجاري–نيبل إبراهيم سعد / د )6

.2000 الطبعة سنة – منشأة المعارف –القضاء

الدار الجامعية للطباعة – اإلثبات في المواد المدنية و التجارية –أحمد أبو الوفا )7

.1983 الطبعة سنة –و النشر

أسس اإلثبات المدني في القانون المصري و الفقه –محمود عبدالرحيم الديب / د )8

.1998 الطبعة سنة –معة الجديدة للنشر دار الجا–اإلسالمي

الطبعة سنة – دار الفكر الجامعي – عبء اإلثبات و نقله –محمد أحمد عابدين )9

1995.

Page 165: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

الدار الجامعية – اإلثبات في المواد المدنية و التجارية –محمد حسن قاسم / د) 10

.للنشر

ي المعامالت المدنية وسائل اإلثبات في الشريعة اإلسالمية ف–محمد الزحيلي / د) 11

– مكتبة دار البيان – مكتبة المؤيد – الجزء الثاني –و األحوال الشخصية

. 1994الطبعة الثانية سنة

موسوعة اإلثبات في المواد المدنية و التجارية و الشرعية في –عبدالحكم فوده / د) 12

بوعات دار المط– الجزء الثاني – 1995ضوء الفقه و قضاء النقض حتى سنة

. الطبعة األولى–الجامعية

– الدليل في اإلثبات وفقا للمبادئ التى أرستها أحكام محكمة النقض –أشرف ندا ) 13

.1997 سنة – الطبعة األولى –دار محمود للنشر و التوزيع

– أدلة اإلثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه اإلسالمي –بكوش يحي ) 14

الطبعة –المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر–يقية مقارنة دارسة نظرية و تطب

.1988 سنة -الثانية

قواعد و طرق اإلثبات و مباشرتها في النظام القانوني -الغوثي بن ملحة /د) 15

.2001 سنة - الطبعة األولى- الديوان الوطني لألشغال التربوية -الجزائري

II. المجالت القضائية:

اإلجتهاد القضائي لغرفة األحوال " خاص العدد ال: المجلة القضائية .1

"2001الشخصية سنة

.2001العدد األول سنة : المجلة القضائية .2

.2000العدد الثاني سنة : المجلة القضائية .3

.1998العدد الثاني سنة : المجلة القضائية .4

.1996العدد األول سنة : المجلة القضائية .5

.1996العدد الثاني سنة : المجلة القضائية .6

.1994العدد الثاني سنة : جلة القضائيةالم .7

Page 166: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

.1993العدد األول سنة : المجلة القضائية .8

.1993العدد الثالث سنة : المجلة القضائية .9

.1992العدد الرابع سنة : المجلة القضائية .10

.1991العدد األول سنة : المجلة القضائية .11

.1989العدد الثالث سنة : المجلة القضائية .12

.1987 لسنة: المجلة القضائية .13

Page 167: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

:الفهــرس ةالصفح العنــوان

01 املقدمــة

07 األحكام املتعلقة بعبء اإلثبات : ل التمهيديــــالفص

07 ماهية عبء اإلثبات و املكلف به : ث األولـاملبح

07 مفهوم عبء اإلثبات : املطلب األول

08 تعريف عبء اإلثبات لغة: أوال

08 تعريف عبء اإلثبات يف اإلصطالح : ثانيا

09 أمهية حتديد املكلف بعبء اإلثبات : املطلب الثاين

10 عبء اإلثبات يقع على املدعي: أوال

12 املقصود باملدعي يف جمال اإلثبات: ثانيا

14 القواعد املتعلقة بعبء اإلثبات : حث الثاينـملبا

14 اليمني على من أنكر دعى وإالبينة على من : املطلب األول

14 البينة على من إدعى: أوال

16 اليمني على من أنكر: ثانيا

18 عبء اإلثبات على من يدعي خالف الظاهر : املطلب الثاين

19 عبء اإلثبات على من يدعي خالف األصل: أوال

19 األصل براءة الذمة •

Page 168: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

19 األصل يف الصفات العارضة العدم •

20 احلادث إىل أقرب أوقاتهاألصل إضافة •

20 عبء اإلثبات على من يدعي خالف العرف و العادة: ثانيا

21 عبء اإلثبات على من يدعي خالف القرائـن: ثالثـا

22 حمل عبء اإلثبات : ث الثالثــاملبح

22 حتديد حمل عبء اإلثبات : املطلب األول

22 إثبات الواقعة القانونية: أوال

23 إثبات القاعدة القانونية: ثانيا

24 شروط حمل عبء اإلثبات: املطلب الثاين

24 أن تكون الواقعة حمددة و ممكنة: أوال

25 أن تكون الواقعة حمل لرتاع و متعلقة بالدعوى: ثانيا

26 أن تكون الواقعة منتجة يف الدعوى:ثالثا

26 أن تكون الواقعة جائزة اإلثبات: رابعا

28 يف توزيع عبء اإلثبات يدور القاض: ل األولــــــفصال

29 طبيعة دور القاضي يف توزيع عبء اإلثبات : ث األولــاملبح

29 الدور السليب للقاضي: املطلب األول

30 عدم إمكانية القاضي تغيري موضوع الطلب: أوال

31 لعلم الشخصياالستعانة يف إثبات الواقعة بشهرا العامة دون ا: ثانيا

Page 169: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

34 الدور اإلجيايب للقاضي: املطلب الثاين

35 إمكان إكمال ما نقص من أدلة اخلصوم:أوال

37 اختذ ما يلزم من اجراءات اإلثبات: ثانيا

40 دور القاضي يف توزيع عبء اإلثبات مبوجب القرائن: ث الثاينــاملبح

41 ثبات مبوجب القرائن القانونيةدور القاضي يف توزيع عبء اإل: ملطلب األولا

41 بالنسبة للقرائن القانونية القاطعة: أوال

41 من صور القرائن القاطعة •

42 التفرقة بني القرائن القانونية القاطعة و القواعد املوضوعية •

45 )البسيطة ( بالنسبة للقرائن القانونية غري القاطعة :ثانيا

46 ن غري القاطعة طرق إثبات العكس يف القرائ •

50 دور القاضي يف توزيع عبء اإلثبات مبوجب القرائن القضائية : املطلب الثاين

52 السلطة التقديرية للقاضي يف استنباط القرائن القضائية: أوال

54 الفروق بني القرائن القضائية و القرائن القانونية •

55 رائن القضائيةسلطة القاضي يف تقدير اإلثبات بالق: ثانيا

55 سلطة حمكمة املوضوع يف تقدير القارئن •

55 جواز نقض القرينة القضائية بكافة طرق اإلثبات •

56 قوة اإلثبات احملدودة للقرائن القضائية •

60 دور القاضي يف توزيع عبء اإلثبات مبوجب اليمني : ث الثالثـــملبحا

Page 170: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

60 ثبات مبوجب اليمني احلامسةدور القاضي يف توزيع عبء اإل: املطلب األول

61 سلطة القاضي يف منع توجيه اليمني احلامسة: أوال

62 مفهوم التعسف •

63 حمل اليمني •

64 موقف القاضي من اآلثار املترتبة على توجيه اليمني احلامسة: ثانيا

64 آثار حلف اليمني •

65 آثار رد اليمني •

67 آثار النكول عن اليمني •

68 ضائية لليمني احلامسةتطبيقات ق •

70 دور القاضي يف توزيع عبء اإلثبات مبوجب اليمني املتممة: املطلب الثاين

71 سلطة القاضي يف توجيه اليمني املتممة: أوال

73 إمكانية رجوع القاضي عن توجيه اليمني •

73 اليمني املتممة وسيلة للتخفيف من حدة التنظيم القانوين لإلثبات •

75 .موقف القاضي من النتائج املترتبة على توجيه اليمني املتممة :ثانيا

76 حلف اليمني املتممة •

76 النكول على اليمني املتممة •

77 صور خاصة من اليمني املتممة •

82 تطبيقات قضائية لليمني املتممة مبحكمة معسـكر •

88 دور اخلصوم يف توزيع عبء اإلثبات:ثاينل الــــــالفص

Page 171: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

88 الدور اإلجيايب للخصوم: ث األولــاملبح

88 حق اخلصوم يف اإلثبات: املطلب األول

89 حق إقامة الدليل بطرق اإلثبات اليت حددها القانون: أوال

92 حق املطالبة بإلزام اخلصم أو الغري بتقدمي ما يوجد حتت يده من أوراق: ثانيا

96 حق اخلصم يف االستشهاد بالشهود: ثالثا

100 حق اخلصم يف استجواب خصمه: رابعا

101 حق اخلصوم يف مناقشة الدليل و إثبات عكسه : املطلب الثاين

101 حق اخلصوم يف مناقشة األدلة اليت تقدم يف الدعوى: أوال

103 حق اخلصوم يف إثبات عكس الدليل: ثانيا

104 قرار و اليمني احلامسةدور اخلصوم يف توزيع عبء اإلثبات مبوجب اإل: املبحث الثاين

104 دور اخلصوم يف توزيع عبء اإلثبات مبوجب اإلقرار : املطلب األول

104 قواعد اإلقرار: أوال

104 اعتراف اخلصم •

104 واقعة قانونية مدعى ا •

105 أمام القضاء •

105 أثناء سري الدعوى •

105 حجية اإلقرار •

106 التجزئة يف اإلقرار: ثانيا

Page 172: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

106 قرار البسيطاإل •

106 اإلقرار املوصوف •

107 اإلقرار املركب •

109 دور اخلصوم يف توزيع عبء اإلثبات مبوجب اليمني احلامسة : املطلب الثاين

111 توجيه اليمني احلامسة : أوال

112 شروط توجيه اليمني احلامسة و موضوعها و زمن توجيهها •

121 عدم جواز الرجوع يف اليمني احلامسة •

122 اآلثار املترتبة على توجيه اليمني احلامسة:ثانيا

122 حلف اليمني و ردها و النكول عنها •

129 حجية اليمني احلامسة •

131 دور اخلصوم يف توزيع عبء اإلثبات مبوجب االتفاق : املبحــث الثالث

131 التعديل االتفاقي لقواعد عبء اإلثبات : املطلب األول

131 عديل اإلتفاقي لقواعد عبء اإلثبات يف الفقه القانوينالت: أوال

134 التعديل اإلتفاقي لقواعد عبء اإلثبات يف الفقه اإلسالمي: ثانيا

136 .مدى جواز االتفاق على خمالفة قواعد عبء اإلثبات : املطلب الثاين

136 موضع القاعدة العامة يف اإلثبات بشهادة الشهود: أوال

136 قه القانوينيف الف •

138 موضع القاعدة يف الشريعة اإلسالمية •

Page 173: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية

139 مدى تعلق القاعدة بالنظام العام:ثانيا

144 اخلامتــــــــة

147 امللحــــق

148 قائمـــة املراجـــع

150 الفهـــــــرس

Page 174: دور القاضي والخصوم في توزيع عبء الاثبات في المسائل المدنية