حاله المشاركة العامة في مصر

حالة م لعامةركة اشا ا،دجتمع ا، ا لقانور ا طا ا فراد اENPP Egyptian Network For Public Participation حمود فتحي م باسم

Upload: -

Post on 25-Jul-2016

296 views

Category:

Documents


0 download

DESCRIPTION

حاله المشاركة العامة في مصر

TRANSCRIPT

Page 1: حاله المشاركة العامة في مصر

حالةاملشاركة العامة يف مرص

اإلطار القانوين، املجتمع املدين،

األفراد

E N P PE g y p t i a n N e t w o r k For Public Participationباسم فتحي محمود

Page 2: حاله المشاركة العامة في مصر

مالمح املشاركة العامة يف مرص

اإلطار القانوين، املجتمع املدين،

األفراد

Page 3: حاله المشاركة العامة في مصر

القاهرة – 2015

)ENPP( نرش بواسطة الشبكة املرصية للمشاركة العامة

العنوان: 18 شارع أحمد خطاب، فيصل، الجيزة، مرص

تيليفون: 201224001969+ أو 201023610028+

[email protected] أو [email protected] :بريد إليكرتوين

©��جميع الحقوق محفوظة للشبكة املرصية للمشاركة العامة. يسمح باستخدام ونسخ محتوي هذه املطبوعة بحرية لألغراض التعليمية وسواها من األغراض غري الدعائية رشيطة أن تتم اإلشارة للشبكة املرصية للمشاركة العامة

)ENPP( كمصدر يف حال إعادة النرش.

معلومات بيبليوغرافية

العنوان: حاله املشاركة العامة يف مرص

اإلطار القانوين، املجتمع املدين، األفراد

الكاتب: باسم فتحي محمود

املحررين: ليز دونداله، مستشار أول، وأرشف ميخائيل، مدير مشاريع

التدقيق اللغوي واملراجعة: ماريانا أوليازوال، نوريا فليس وليندا موالن

املساهمون الرئيسني: أعضاء الشبكة، أعضاء اللجنة القانونية بالشبكة، ماريانا أوليازوال، مسئول برنامج يف مركز للتنوع

والوئام الوطني، ميامنار، ونوريا فليس، حاصله عيل ماجيستري القانون الدويل العام، تعمل يف منظمة برملانيون من أجل

العمل العاملي

الرتجمة: مروة فريد، وأمين حداد، وباسم فتحي محمود

عدد الصفحات: 142

الرتقيم اإلليكرتوين: 978-87-93241-10-7

تصميم الجرافيك: سارة رجايئ )ستوديو مستحفظان(

)Handy�Print( الطباعة: هاندي برينت

صور الغالف: حسام الحمالوي ولويز بولسن

كلامت الفهرسة: املشاركة العامة/حق املشاركة/حرية التجمع/حرية التنظيم/حق الحصول عىل املعلومات/الفرد

املمكن/بيئة متكينية/حقوق اإلنسان

التصنيف الجغرايف: مرص

Page 4: حاله المشاركة العامة في مصر

املحتويات

6 متهيد

الفصل األول: مقدمة يف املشاركة العامة

9 مقدمة

10 1. ما هي املشاركة يف إدارة الشئون العامة؟

11 2. االلتزامات الدولية املتعلقة بحقوق اإلنسان ذات الصلة باملشاركة العامة

14 3. أمثلة ملواثيق حقوق اإلنسان األخرى املتعلقة باملشاركة العامة

4. مامرسة الحقوق الرضورية للمشاركة العامة )وفقا إلصدار املعهد الدمناريك

15 لحقوق اإلنسان – سبل موافقة املشاركة العامة(

23 مصادر تم االعتامد عليها

الفصل الثاين: البنية القانونية واملامرسة العملية

24 مقدمة

25 1. حرية الرأي والتعبري

39 2. حرية التنظيم

54 3. الحق يف التجمع السلمي

62 4. الحق يف الوصول للمعلومات

72 5. حق املشاركة يف إدارة الشئون العامة

80 مصادر تم االعتامد عليها

الفصل الثالث: املجتمع املدين يف مرص

84 مقدمة

85 1. تاريخ املجتمع املدىن وتطوره

91 2. وصف حالة املجتمع املدين يف مرص

103 3. إشكاليات تواجه املجتمع املدين املرصي

Page 5: حاله المشاركة العامة في مصر

الفصل الرابع: املواطنة الفعالة واملواطن املستنري

113 مقدمة

114 1. التعليم واألمية وااملشاركة يف مرص

125 2. املجتمع املدين والتعليم املدين واملشاركة يف مرص

133 خامتة

الفصل الخامس: خامتة وتوصيات

134 مقدمة

136 1. توصيات عامة

137 2. توصيات خاصة

137 أ. التوصيات املتعلقة بالحق يف حرية الرأي والتعبري

138 ب. التوصيات املتعلقة بالحق يف حرية التنظيم

139 ج. التوصيات املتعلقة بالحق يف حرية التجمع السلمي

140 د. التوصيات املتعلقة بالحق يف الوصول للمعلومات

Page 6: حاله المشاركة العامة في مصر

متهيـــد

إن الحق يف املشاركة يف إدارة الشؤون العامة مكرس يف املعايري الدولية لحقوق اإلنسان، بحسب

ما يبي الفصل التقدميي لهذه الدراسة. وترتكز مساءلة الحكومات عن التزاماتها يف مجال حقوق

اإلنسان، بصفة خاصة، عىل الحقوق ذات األهمية الحاسمة للمشاركة العامة، أي حرية الرأي

والتعبري وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع، إىل جانب الحق يف املشاركة يف تسيري الشؤون

العامة. وتعد هذه الحقوق أساسية للمواطني الراغبي بأن يتمكنوا من املطالبة بالتمتع بحقوقهم،

واالنهامك عىل نحو فاعل يف إدارة الشؤون العامة، وجعل حكوماتهم خاضعة للمساءلة يف حي

تأخذ باالعتبار شواغلهم ومصالحهم الفردية والجامعية.

ويجري أحيانا تعطيل قدرة الفرد عىل املشاركة من خالل القمع املبارش أو عرب الحرمان من حرية

الرأي والتعبري وحرية تكوين الجمعيات. وكثريا ما تتعرض قدرة الفرد عىل املشاركة من جراء ضعف

التنظيم، أو ببساطة لجهلهم بحقوقهم أو من جراء غياب إمكانية الحصول عىل املعلومات املوثوقة.

5

Page 7: حاله المشاركة العامة في مصر

كام أن املشاركة العامة حساسة بصفة خاصة للتمييز املبارش وغري املبارش. ويف حي ال يتمكن مجمل

املواطني يف العديد من البلدان من املشاركة يف إدارة الشؤون العامة، تتم عرقلة املشاركة يف بلدان

أخرى بواسطة اإلقصاء عىل مستويات مختلفة، وتهميش جامعات محددة بسبب األصل االثني،

أو النوع االجتامعي، أو االنتامء الديني، أو التوجه الجنيس. وبالتايل سيكون لكل شكل من أشكال

التمييز االجتامعي تأثري عىل قدرة املواطني املتأثرين عىل التمتع بالحق يف املشاركة العامة.

وال ميكن للسكان أن ميارسوا عىل نحو كامل حقهم باملشاركة العامة إال إذا كانوا مطلعي عىل

الشؤون العامة ومدركي لحقوقهم ومنظمي وممثلي عىل نحو جيد. وتتضمن املشاركة العامة

طريقة حكم تتطلب عملية مشاورات مستمرة، وحوارات ونقاشات جامعية بشأن تطوير

السياسيات وصنع القرارات. ويتألف الفضاء الالزم للتمتع بالحقوق واملشاركة العامة من عدة

عنارص متداخلة ومتقاطعة. وهذا الفضاء يتضمن عدة أبعاد، وهو يقتيض أن يتمتع الجميع بحرية

االعتقاد، وحرية الضمري والرأي والتعبري، إضافة إىل حرية التجمع السلمي والحرية يف تكوين

الجمعيات.

هذه الدراسة تخوض يف الرشوط املحددة للمشاركة العامة يف مرص. لذا فهي توثق وتحلل

الترشيعات والطريقة التي تطبق بها وتتوصل إىل بعض االستنتاجات يف هذا املجال، كام تصف

السياق والرشوط ذات الصلة. أخريا، تنتهي الدراسة مبجموعة من التوصيات ذات األولوية مقدمة

من الشبكة املرصية للمشاركة العامة )ENPP( بهدف منارصة اتخاذ إجراءات لتحسي املشاركة

العامة يف مرص.

كانت الشبكة املرصية للمشاركة العامة هي القوة الدافعة وراء هذه الدراسة، وعملت كنقطة

مرجعية رئيسية، ووفرت التعليقات واختارت التوصيات الرئيسية الرامية إىل التصدي إىل هذه

التحديات من خالل الحوار مع السلطات من أجل تحسي املشاركة العامة يف البلد.

بدأ البحث أوال يف عام 2012 حيث عمل فريق مؤلف من ثالثة باحثي مرصيي عىل إجراء

الدراسات التمهيدية التي كانت أساسا لصياغة الفصول 2 إىل 4. ويف بداية عام 2014، قررت الشبكة

املرصية للمشاركة العامة أنها بحاجة ملزيد من العمل والبحث من أجل إنجاز الدراسة بحلول عام

2014. وتعاقدت الشبكة مع الباحث باسم فتحي محمود، كاتب هذه الدراسة، الذي بذل جهودا

6

Page 8: حاله المشاركة العامة في مصر

كبرية إلصدار هذه الدراسة. ومبساعدة تقنية من خرباء دوليي وبالتشاور مع الشبكة املرصية

للمشاركة العامة، عمل باسم محمود عىل جمع البيانات ذات الصلة من خالل الوثائق، والتقارير

املتوفرة، واملقابالت، للبناء عىل العمل التمهيدي املوجود ولتحديث الدراسة.

املحتوى الرئييس لهذه الدراسة البحثية مفصل يف الفصول 2 و3 و4. يبحث الفصل الثاين يف

الترشيعات املرصية ذات الصلة وتطبيقها يف الواقع العمل. ويصف النصوص الترشيعية الرسمية

التي تحكم املشاركة العامة إضافة إىل تطبيقها العميل. وينظر الفصل الثالث يف مشهد املجتمع

املدين، ويتضمن رسدا تاريخيا لنشأة املجتمع املدين يف مرص وتطوره، ووصفا لتنوعه. ويتألف الفصل

الرابع من وصف للسامت السكانية واألعراف الثقافية يف مرص بحسب ما ترتبط باملواطني الناشطي

واملطلعي. ويحتوي هذا الفصل عىل معلومات وإحصائيات حول مستويات التعليم ومعدالت

إجادة القراءة ومعدالت الترسب من املدارس، وهي مفصلة حسب النوع االجتامعي، والتوزيع

الجغرايف، والعمر، إلخ. إضافة إىل ذلك، يحتوي هذا الفصل عىل بيانات حول النسبة بي العدد الكيل

للمنظامت غري الحكومية والتعداد السكاين اإلجاميل. أما الفصل األول فهو يقدم املبادئ األساسية

للمشاركة العامة. ثم يختتم الفصل الخامس هذه الدراسة ويحتوي عىل توصيات مفصلة.

هذه الدراسة هي نتيجة جهود عىل امتداد عامي بذلها العديد من األفراد يف مرص وخارجها. أجرى

العمل التمهيدي للدراسة الدكتور أحمد عبد الله، وهو باحث وناشط يف مجال حقوق اإلنسان،

والسيد محمد عبد العاطي، وهو محام وباحث ومدرب، والسيد خالد الجامل، وهو مدرب يف مجال

الدميقراطية وحقوق اإلنسان واألمي العام ملركز الحرية لحقوق اإلنسان. وحصل الفريق عىل دعم

قوي من منسقة الشبكة املرصية للمشاركة العامة، رويدا عمر. ثم كتبت رويدا عمر الحقا فصال يف

دراسة أصدرها املعهد الدامناريك لحقوق اإلنسان بعنوان »تدقيق وضع املشاركة العامة« صدرت يف

عام 1.2013 الفريق التايل قدم مساهامت أساسية ملحتوى الدراسة ونوعيتها: ليز دوندال، مستشارة

متقدمة يف املعهد الدامناريك لحقوق اإلنسان؛ ماريانا أواليزوال رسنبالت، مسؤولة برامج متقدمة

يف مركز التنوع واالنسجام الوطني؛ نوريا فيلز أوارا، مكتب LLM للقانون الدويل، مسؤولة تواصل

يف منظمة برملانيون من أجل العمل العاملي. نتوجه بالشكر أيضا لجاكوب كريكيامن بوسي، املدير

الدويل ملنظمة العمل اإلغايث الدامنركية )Action�Aid�Denmark( عىل ما قدمه من إرشاد يف

تطوير هذه الدراسة.

http://www.humanrights.dk/files/media/ :2013 ،1  املعهد الدامنريك لحقوق اإلنسانdokumenter/udgivelser/public_participation_audit_eng.pdf

7

Page 9: حاله المشاركة العامة في مصر

هذه الدراسة ال تغطي جميع جوانب املشاركة العامة إال أنها تقدم مساهمة كبرية للمبادرات

الرامية إىل إنتاج تحليل واقعي حول وضع املشاركة العامة. ويف حي هدفت الشبكة املرصية

للمشاركة العامة ملنارصة التوصيات املعروضة يف الفصل الخامس، إال أننا نأمل بأن تكون هذه

التوصيات جزءا من جهود السلطات العامة يف مرص لتحسي وضع املشاركة العامة.

أرشف ميخائيل

8

Page 10: حاله المشاركة العامة في مصر

9

الفصـــل األول

مقدمة

املشاركة العامة هي أحد أسس الحكم الدميقراطي الرشيد، كذلك فهي أحد املداخل الهامة من

أجل احرتام وتعزيز حقوق اإلنسان. ويف السنوات األخرية تتناول املشاركة العامة يف مجال التنمية

املستندة إىل حقوق اإلنسان باعتبارها مبدأ أساسيا لتحقيق تلك الحقوق أو باعتبارها حقا قانونيا يف

حد ذاتها. وبرغم كرثة تردد مصطلح املشاركة العامة يف أوساط املهتمي بحقوق اإلنسان وتضمينه

املسرت يف الربامج والسياسات، يظل مع ذلك محتوى ومجال »الحق يف املشاركة« مفقتدا للوضوح

الكايف ولالتفاق حول مفهومه. ويف هذه الدراسة سنحاول تناول ذلك املوضوع الهام محاولي تقريب

مفاهيمه وتحديد أولوياته وإثارة الجدل حوله يف مرص ويف األوساط العربية عىس أن يكون ذلك

مدخال لتطبيقه يوما ما. وسنحاول يف هذا الفصل تعريف مفهوم الحق يف املشاركة يف إدارة الشئون

العامة وصلة ذلك بالقانون الدويل لحقوق اإلنسان، ثم نتناول يف الفصل الثاين بالتفصيل حالة

املشاركة العامة يف مرص بي القانون واملامرسة، وففي الفصل الثالث نحاول رسم صورة للمجتمع

املدين املرصي بوصف املجتمع املدين أحد أهم عنارص الحديث عن املشاركة العامة، ثم يف الفصل

الرابع نتناول املواطنة واملواطن باعتباه ثالث أضالع مثلث املشاركة العامة وهدفه النهايئ، وأخريا

نتناول يف الفصل الخامس أهم التوصيات التي تخرج بها تلك الدراسة من أجل تحسي حالة

املشاركة العامة يف مرص.

مقدمة يف املشاركة العامة

Page 11: حاله المشاركة العامة في مصر

10

1. ما هي املشاركة يف إدارة الشئون العامة؟

املشاركة يف إدارة الشئون العامة يعنى بها العمليات التي يقوم بها األفراد واملجموعات واملنظامت

من أجل املساهمة يف عمليات صنع القرارات التي تؤثر عىل حياتهم اليومية أو التي متثل محورا

لالهتامم بالنسبة لهم. ويفرتض هذا التعريف انخراطا فعاال من قبل األفراد واملجموعات سواء بناء

عىل مبادرتهم أو بناء عىل دعوة من السلطات وصناع القرار. واملشاركة يف إدارة الشئون العامة هي

إحدى السامت الرضورية ألي مجتمع حر ومنفتح، وهي جزء ال يتجزأ من منظومة الحكم الرشيد.

وبينام يركز الفهم املشرتك للمشاركة العامة عىل الحق يف االختيار الحر للممثلي السياسيي عرب

التصويت، وحق األفراد يف أن يتم انتخابهم، وتطوير املعايري الضابطة للظروف التي يجب أن تراعى

من أجل ضامن حرية ونزاهة االنتخابات، يف حي يتم قرص صناعة القرارات املتعلقة بالشئون العامة

ما بي دورات االقرتاع عىل صناع السياسات املنتخبي واملؤسسات العامة، تتناول تلك الدراسة سؤال

كيف ميكن أن متارس املشاركة يف إدارة الشئون العامة ما بي الدورات االنتخابية بهدف التأثري

يف القرارات التي تصدرها السلطات العامة الترشيعية والتنفيذية واإلدارية، وما يشمله ذلك من

االنخراط يف التجمعات العامة والجمعيات التي تؤسس من أجل متثيل املواطني يف التشاور مع

الحكومة واملشاركة يف النقاشات العامة والحوار مع صناع السياسات.

إن الحريات الفردية -وتشمل حريات التعبري والوصول للمعلومات وحريات التجمع والتنظيم كام

صيغت يف املواثيق الدولية لحقوق اإلنسان- متثل تأسيسا للمشاركة يف إدارة الشئون العامة. وعىل

رأس تلك املواثيق الدولية يأيت اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والذي اعتمدته الجمعية العامة

لألمم املتحدة يف 1948، وكذلك العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية املعتمد يف 1966.

عالوة عىل ذلك، فحق األفراد يف االستامع لصوتهم يكتسب مزيدا من الوضوح والتفصيل يف املواثيق

األحدث لألمم املتحدة. أيضا، فالحق يف املشاركة املبارشة يف العمليات املركزية الخاصة بصنع

القرارات العامة قد توسع يف املعاهدات األخرية الخاصة بالنوع االجتامعي واإلثنية واإلعاقة، كذلك

فقد خص العهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية املشاركة بوصفها عنرصا أساسيا

من عنارص حقوق اإلنسان والحكم الرشيد، وسمة مركزية من سامت الشفافية واملحاسبة والقدرة

عىل صياغة والتامس الخدمات العامة. وعىل الرغم من كونها ال ترتب التزاما قانونيا فإن املبادئ

التوجيهية الخاصة بآلية املراجعة الدورية الشاملة تشجع الدول األعضاء عىل إنشاء آليات استشارية

عىل املستوى الوطني وبخاصة فيام يتصل بإعداد التقرير الوطني الخاص بقضايا حقوق اإلنسان يف

الدولة.

Page 12: حاله المشاركة العامة في مصر

11

من األهداف الرئيسية لتلك الدراسة رشح املزيد حول املشاركة املبارشة يف إدارة الشئون العامة

يف الدورات االنتقالية ما قبل وما بعد اجراء االنتخابات مع الرتكيز عىل دور الدولة يف هذا الشأن.

ونقطة انطالق هذه الدراسة هي املواثيق الدولية لحقوق اإلنسان، بينام ينصب تركيزها األسايس

عىل التطبيق وكيف ميكن أن ترتجم تلك املواثيق الدولية إىل تدابري تقود الدول نحو أفضل

املامرسات عىل املستوى الوطني.

2. االلتزامات الدولية املتعلقة بحقوق اإلنسان ذات الصلة باملشاركة العامة

تتميز املعايري الدولية لحقوق اإلنسان بالوضوح والدقة فيام يتعلق بخلق بيئة ممكنة وفعالة

للمشاركة يف إدارة الشئون العامة، ويتناول الفصل الثاين تحليال لبيئة املشاركة العامة يف مرص عىل

مستوى القانون وعىل مستوى املامرسة انطالقا من املواثيق الدولية لحقوق اإلنسان. فيقدم الفصل

الثاين أوال تفصيال لكل حق من الحقوق املتعلقة بشكل مبارش أو غري مبارش باملشاركة العامة كام

تصوغها املواثيق الدولية، ثم يقدم بعد ذلك عرضا قانونيا مفصال لتلك الحقوق من حيث انعكاسها

أو غيابها يف البنية الترشيعية املرصية.

ويف التايل عرض موجز للحقوق الرئيسية التي ينبغي استيعابها كأساس للمشاركة يف إدارة الشأن

العام. يعقب ذلك عرضا أكرث تفصيال ملا يتعلق بتطبيق ومامرسة تلك الحقوق:

الحق يف املشاركة يف إدارة الشئون العامةأ. 

تنص املادة )21-1( من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان )1948( عىل أنه:

“�لكل شخص حق املشاركة يف إدارة الشئون العامة لبلده، إما مبارشة وإما بواسطة

ممثلین یختارون يف حریة”.

وباملثل تنص املادة )25( من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عىل أن:

“�یكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمییز املذكور يف املادة )2(، الحقوق

Page 13: حاله المشاركة العامة في مصر

12

التالیة التي یجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قیود غیر معقولة: )أ( أن یشارك

يف إدارة الشؤون العامة، إما مبارشة وإما بواسطة ممثلین یختارون يف حریة، )ب( أن

ینتخب وینتخب، يف انتخابات نزيهة تجرى دوریا باالقرتاع العام وعىل قدم املساواة

بین الناخبین وبالتصویت الرسي، تضمن التعبیر الحر عن إرادة الناخبین”.

ويف التعليق رقم )25( فرست لجنة حقوق اإلنسان هذا النص عىل النحو التايل:

“�مفهوم إدارة الشؤون العامة املشار إلیه يف الفقرة )أ( هو مفهوم واسع یتعلق مبامرسة السلطة السیاسیة، وعىل وجه الخصوص، السلطات الترشیعیة والتنفیذیة واإلداریة؛

وهو یشمل شتى أوجه اإلدارة العامة، كام یخص تحدید وتنفیذ السیاسة العامة التي

ستتبع عىل األصعدة الدولیة والوطنیة واإلقلیمیة واملحلیة«.

ثم أفاضت اللجنة يف رشح كيف ميكن للمواطني املشاركة بطريقة مبارشة بالنص عىل أن:

“�یشرتك املواطنون يف إدارة الشؤون العامة مبامرسة النفوذ من خالل املناقشات العامة والحوار مع ممثليهم، أو من خالل قدرتهم عىل تنظیم أنفسهم. وتعزز هذه املشاركة

بضامن حریة التعبیر، واالجتامع، وتكوین الجمعیات«.

ويتناول التعليق بوضوح أن حق املشاركة العامة ميكن أن يتم التمتع به سواء بطريقة مبارشة أو

غري مبارشة، كام تؤكد اللجنة عىل أن ذلك الحق ال ميكن أن يتم إدراكه بشكل كامل دون التمتع

بحريات الرأي والتعبري والتجمع والتنظيم كام نصت عليها مواد أخرى يف العهد.

حرية التعبريب. 

حرية التعبري وحرية الرأي هي حريات أساسية ألي مجتمع حر. وتستلزم مامرسة تلك الحقوق

حرية نرش األفكار مبختلف السبل سواء بالكالم أو الكتابة أو اإلشارة أو الصور أو األعامل الفنية

أو من خالل الكتب والصحف والنرشات وامللصقات واملالبس والوسائل السمعية أو البرصية أو

االلكرتونية أو من خالل االنرتنت. وتشمل حرية التعبري كال من حريتي نرش وتلقي املعلومات يف

الشأن السيايس أوالشأن الشخيص أو الشأن العام، ويف الصحافة والثقافة والفن والتعليم وكذلك يف

Page 14: حاله المشاركة العامة في مصر

13

الشأن الديني أو الشأن االقتصادي، وتشمل أيضا القدرة عىل طلب املعلومات من السلطات العامة.

لذلك فرشط أسايس للتمتع بحرية التعبري هو القدرة عىل طلب وتلقي ونقل املعلومات واألفكار

مبختلف أنواعها، بغض النظر عن مصدرها أو وجهة النظر التي تحملها.

حرية التجمعج. 

تبيح حرية التجمع السلمي التواجد القصدي املؤقت ألي عدد من األفراد يف مكان عام بغرض

التعبري املشرتك عن قضية ما وفقا لتعريف منظمة األمن والتعاون األورويب. ويشمل ذلك التجمعات

الثابتة واملتحركة يف األماكن املفتوحة أو املغلقة. ويجب أن يتم التمتع بحرية التجمع من خالل أقل

عوائق ممكنة.

حرية التنظيمد. 

لحرية التنظيم شقان إيجايب وسلبي؛ ويعنى بالشق اإليجايب حرية االنضامم للتنظيامت، بينام يعنى

بالشق السلبي الحرية يف رفض االنضامم للتنظيامت. ويستتبع ذلك أن يكون بوسع الحكومات

مصادرة ذلك الحق بطريق من طريقي: إما مبنع األفراد من االنضامم للتنظيامت التي يرغبون يف

االنضامم إليها، أو عن طريق إجبار األفراد عىل االنضامم لتنظيامت ال يرغبون يف االنضامم إليها.

ومن أجل حامية هذا الحق فيجب كذلك أن يكون لكل فرد الحق يف التنظيم غري الرسمي، وينبغي

أن تصاغ وتطبق قواني التنظيم املدين بصورة تجعل من إجراءات إنشاء تنظيامت مدنية تتمتع

بالشخصية القانونية عملية رسيعة وسهلة وغري مكلفة. وكسائر حقوق اإلنسان تطبق تلك الحقوق

بصورة متساوية بالنسبة للجميع ما مل تحدد حاالت خاصة بخالف ذلك.

حظر التمييز . 

يجب أن متنح الحقوق السابقة وكافة الحقوق املنصوص عليها يف اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان

بدرجة متساوية لكافة األفراد دون متييز من أي نوع سواء عىل أساس العرق أو اللون أو الجنس أو

اللغة أو الدين أو الرأي السيايس أو أي رأي آخر أو األصل القومي او االجتامعي أو امللكية أو املولد

أو أي أساس آخر. وعندما يأيت األمر للحقوق املدنية والسياسية الرضورية للمشاركة العامة، فمن

الرضوري أن يبذل مزيدا من الجهد من أجل التأكد من أن بيئة املشاركة متاحة لألقليات والفئات

األكرث عرضة للتمييز والفئات املهمشة. وقد صيغ ذلك يف املادة الثانية من اإلعالن العاملي عىل النحو

التايل:

Page 15: حاله المشاركة العامة في مصر

14

“ لكل إنسان حق التمتع بجمیع الحقوق والحریات املذكورة يف هذا اإلعالن، دومنا متییز من أي نوع، وال سیام التمییز بسبب العنرص، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدین،

أو الرأي سیاسیا وغیر سیايس، أو األصل الوطني أو االجتامعي، أو الرثوة، أو املولد، أو

أي وضع آخر«.

3. أمثلة ملواثيق حقوق اإلنسان األخرى املتعلقة باملشاركة العامة

بعد إقرار اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية تم

إبرام مجموعة أخرى من املواثيق التي تؤكد عىل مبدأ املشاركة يف حدود ما تختص به كل من تلك

املواثيق. ويف التايل بعض األمثلة املختارة لتلك املواثيق:

اتفاقية القضاء عىل كافة أشكال التمييز ضد املرأةأ. 

تم إقرار هذه االتفاقية يف عام 1979 من خالل الجمعية العامة لألمم املتحدة، وتكفل هذه

االتفاقية رضورة متتع املرأة بحقوق متساوية يف املشاركة يف إدارة الشأن العام عىل ثالثة مستويات

مختلفة تشمل: 1( التصويت يف االنتخابات واالستفتاءات العامة وما إىل ذلك. 2( املساهمة يف

صياغة وتطبيق السياسات الحكومية. 3( املشاركة يف التنظيامت غري الحكومية املعنية بالشأن

السيايس والشأن العام.

اتفاقية حقوق الطفلب. 

وأقرت هذه االتفاقية يف عام 1989. وتؤكد هذه االتفاقية يف املادة )12( عىل حق األطفال يف أن يتم

االستامع إليهم يف الشئون التي تؤثر عىل حياتهم.

مبادئ األمم املتحدة الخاصة بكبار السنج. 

وهو قرار تبنته الجمعية العامة لألمم املتحدة يف عام 1991، ويكفل مبوجبه مبدأ املشاركة كواحد

من خمس مبادئ عىل الحكومة مراعاة اتباعها عند تطويرها للربامج الوطنية الخاصة بكبار

Page 16: حاله المشاركة العامة في مصر

15

السن. ويؤكد نص القرار عىل أنه ينبغي لكبار السن أن يكونوا قادرين عىل املشاركة يف يف صياغة

السياسات التي تؤثر عليهم.

االتفاقية الخاصة بحقوق األشخاص ذوي اإلعاقةد. 

وتعرف هذه االتفاقية التي أقرت يف عام 2006 املشاركة كحق لألشخاص ذوي اإلعاقة يف أن يتم

استشارتهم واالستامع إليهم يف الشئون التي تخصهم، كذلك حقهم يف أن يتم إدماجهم يف األنشطة

املتعلقة بإدارة الشئون العامة. وتنص املادة الرابعة الخاصة بااللتزامات العامة للدول األطراف عىل

أن:

“�تتشاور الدول األطراف تشاورا وثيقا مع األشخاص ذوي اإلعاقة مبن فيهم األطفال ذوي اإلعاقة، من خالل املنظامت التي متثلهم، بشأن وضع وتنفيذ الترشيعات والسياسات الرامية إىل تنفيذ

هذه االتفاقية، ويف عمليات صنع القرار األخرى بشأن املسائل التي تتعلق باألشخاص ذوي

اإلعاقة، وإرشاكهم فعليا يف ذلك«.

االستعراض الدوري الشامل . 

يف إطار املجلس الدويل لحقوق اإلنسان ميثل االستعراض الدوري الشامل آلية تقوم الدولة من

خاللها بتقديم تقاريرها فيام يتعلق بحقوق اإلنسان. ووفقا لتلك اآللية تشجع الدول عىل تنظيم

عمليات استامع سابقة عىل صياغة تقريرها الوطني.

4. مامرسة الحقوق الرضورية للمشاركة العامة )وفقا إلصدار املعهد الدمناريك لحقوق اإلنسان – سبل موافقة املشاركة العامة(1

مبجرد أن تصبح الدولة طرفا يف معاهدات األمم املتحدة الخاصة بحقوق اإلنسان يرتتب عىل تلك

الدولة التزامات وواجبات مبوجب القانون الدويل من أجل احرتام وحامية وإعامل حقوق اإلنسان.

�Dhundale,�Lis�(2013)�Public�Participation�Compliance.  1

Copenhagen:�The�Danish�Institute�for�Human�Rights.

Page 17: حاله المشاركة العامة في مصر

16

ويعني االلتزام باحرتام حقوق اإلنسان أنه يتوجب عىل الدول أن متتنع عن إعاقة التمتع بتلك

الحقوق أو تقليص مساحة هذا التمتع بالحقوق. ويعني االلتزام بحامية حقوق اإلنسان أن تقوم

الدول بحامية األفراد والجامعات من االنتهاكات التي قد تقع عليهم نتيجة متتعهم بتلك الحقوق.

ويعني االلتزام بالوفاء بحقوق اإلنسان أنه يتوجب عىل الدول أن تتخذ إجراءات إيجابية لتيسري

التمتع بالحقوق األساسية لإلنسان.

ومن أجل الوفاء بالتزاماتها يجب أن تفعل الدولة هيكال صلبا من الترشيعات الوطنية والتدابري

الخاصة بإنفاذ السياسات. وطاملا التزمت الدولة مبتطلبات مواثيق حقوق اإلنسان فلها حرية صياغة

قوانينها الداخلية بالشكل الذي تراه، فال توجد مناذج محددة للتطبيق. ويتناول النقاش التايل

أمثلة لإلجراءات التي تستطيع أن تتخذها الدولة من أجل احرتام وحامية وإعامل الحقوق املدنية

والسياسية ذات الصلة باملشاركة العامة.

احرتام الحقوق الرضورية للمشاركة العامةأ. 

ينبغي أن تؤسس الترشيعات الوطنية ملامرسة مالمئة لحقوق املشاركة، كذلك للمحددات املقبول

فرضها عىل مامرسة تلك الحقوق عىل النحو التايل:

zz ينبغي أن تضمن الترشيعات أن متارس حريات كالتعبري والوصول للمعلومات والتجمع والتنظيم

وغريها دون تقييد؛

zz ينبغي أن تكون القيود وحدود التدخل يف إعامل تلك الحقوق معتدلة قدر اإلمكان، وأن تكون

دامئا قد نص عليها يف القانون. فالرقابة والقيود عىل استخدام تكنولوجيا املعلومات هي أمثلة

إلجراءات ال يجب عىل الدولة اتخاذها؛

zz ينبغي أن تؤسس الترشيعات إللزام الجهات الحكومية باإلفصاح الكامل عن املعلومات، وأن

توفر اإلرشادات الخاصة بخصوص كيفية الوصول للمعلومات أو مامرسة الحق يف التنظيم -عىل

سبيل املثال- وما إىل ذلك من حقوق، كذلك تحديد الجهة املسئولة عن تنظيم كل حق من

الحقوق.

القيود املسموح بها:

إن الحقوق املشار إليها كحقوق رضورية للمشاركة العامة ليست حقوقا مطلقة، ويعني ذلك

Page 18: حاله المشاركة العامة في مصر

17

أنه رمبا تفرض بعض القيود عىل التمتع بتلك الحقوق أو التي تنتقص منها يف بعض الظروف

املحددة للغاية وفقا ملعايري وإجراءات محددة بدقة. ففي حاالت الطوارئ قد تلجأ الدولة

لالنتقاص من بعض املتطلبات التي تفرضها تلك الحقوق. وتؤسس املادة الرابعة من العهد الدويل

الخاص بالحقوق املدنية والسياسية لبعض القواعد العامة يف هذا الخصوص كالتناسبية واملعقولية

والشفافية وعدم جواز فرض حالة الطوارئ تلك بشكل دائم. ويستدعي موقفا ما فرض حالة

الطوارئ عندما ميثل ذلك املوقف تهديدا مبارشا لحياة األمة ونظامها الدميقراطي الرشعي. عالوة

عىل ذلك، فيجب عىل الدولة عند مامرسة تلك السلطات يف االنتقاص االستثنايئ من مامرسة الحقوق

أال تستهدف بذلك االنتقاص قطاعات بعينها من السكان. أيضا فقد تفرض بعض الحدود عىل

مامرسة تلك الحقوق يف األوقات العادية طاملا كانت لتلك الحدود أسسا قانونية وكانت تتناسب مع

الهدف التي قد وضعت من أجل تحقيقه.

القيود غري املقبولة:

تقوم الدول أحيانا ببعض املامرسات التي قد تتعارض والتزامها بإعامل الحقوق الرضورية ملامرسة

املشاركة العامة. وقد تأخذ هذه األفعال السلبية أشكاال عدة. كام قد تختلف أيضا حدة تلك

االنتهاكات بشكل ملحوظ. ومن أخطر أشكال االنتهاكات األفعال التي تستهدف العاملي يف اإلعالم،

والنقابيي، وأعضاء االتحادات، والطالب، واملعلمي، واملدافعي عن حقوق اإلنسان، واملحامي.

وقد ينضوي ذلك االضطهاد عىل تهديدات وأفعال تهدف إىل الرتهيب أو مامرسة أعامل عنف

كاإلعدامات دون محاكمة أو مبحاكامت صورية أو اإلعدامات التعسفية، كذلك كاالختفاء القرسي أو

غري الطوعي أو القتل أو التوقيف واالعتقال التعسفي أو التعذيب أو املعاملة أو العقوبة القاسية

أو غري اإلنسانية أو الحاطة من الكرامة. كام أن سوء املعاملة والتحرشات واملحاكامت غري العادلة

هي أيضا أمثلة أخرى لألفعال الغري مسموح بارتكابها كرد فعل عىل قيام األفراد أو الجامعات أو

املنظامت مبامرسة حق التعبري أو التجمع السلمي أو التنظيم.

ومن األمثلة األخرى لالنتهاكات:

zzاملنع من السفر أو الفصل التعسفي؛ للنقابيي وأعضاء االتحادات عىل سبيل املثال؛

zzإجبار األشخاص عىل االنضامم لحزب أو جمعية بعينها؛

zzاالستخدام املفرط للقوة يف التعامل مع املظاهرات السلمية؛

zzإلغاء التصاريح دون إبداء أسباب؛ للصحفيي عىل سبيل املثال؛

Page 19: حاله المشاركة العامة في مصر

18

zz فرض عقوبات قانونية أو إدارية أو وظيفية عىل األشخاص الذين ينتقدون الحكومة أو قيادات

االتحادات؛

zz فرض عقوبات جنائية عىل الصحفيي أو املدافعي عن حقوق اإلنسان نتيجة للتعبري عن

انتقادهم للموظفي العموميي واملؤسسات العامة.

تقوم بعض الدول أيضا مبامرسة أفعاال تستهدف حقوقا بعينها كالحق يف املشاركة غري املبارشة يف

إدارة الشأن العام التي يتم التعبري عنها من خالل االنتخابات، وقد يشمل ذلك:

zzترهيب مرشحي املعارضة؛

zzإجبار املصوتي عىل الكشف عن اختياراتهم التصويتية؛

zzتقييد حق املرأة يف التصويت أو يف الرتشح لالنتخابات أو املشاركة يف التنظيامت السياسية؛

zz التدخل يف حق املصوتي يف التعبري عن آرائهم، أو تجاهل نتائج االنتخابات أو التالعب بها، أو

التدخل يف سري العملية االنتخابية.

كام ينتهك الحق يف الوصول للمعلومات والحق يف التعبري من خالل:

zzشن الهجامت االلكرتونية؛

zzاملنع الجزيئ أو الكيل الستخدام االنرتنت يف الوصالت املنزلية والخاصة؛

zzتوظيف اللوائح خاصة تلك املتعلقة بالرتخيص والرضائب يف وقف أو تعليق الوسائل اإلعالمية؛

zzالتحرش باملكتبات التي تقدم موادا ال ميكن الحصول عليها يف مؤسسات الدولة؛

zz الوقف التعسفي للمطبوعات أو لحق البث أو إجبار الوسطاء من القطاع الخاص عىل حجب

الوصول لبعض املحتويات االلكرتونية دون حكم قضايئ.

وقد تستهدف تلك التدابري غري املسموح للدولة مامرستها مجموعات األقليات أو املجموعات

املهمشة عرب حرمان األقليات والسكان األصليي من حقهم يف التصويت، أو حقهم يف األرض وسبل

املعيشة، أو منع املرشحي املنتمي لتلك املجموعات من الرتشح النتخابات املناصب العامة، أو

تستهدف إقصاء املرشدين واملسجوني الغري محكوم عليهم عن عمليات التصويت.

Page 20: حاله المشاركة العامة في مصر

19

حامية الحقوق الرضورية للمشاركة العامةب. 

تلتزم الدولة التزاما إيجابيا بأن تيرس الحقوق املتعلقة باملشاركة العامة، وباإلضافة إىل عدم تدخلها

لعرقلة تلك الحقوق تلتزم الدولة بأن تتخذ كل الخطوات املناسبة لتأمي التمتع الحقيقي بتلك

الحقوق. عالوة عىل ذلك، يكون عىل الدولة أن تتأكد من أن تلك الحقوق ال يتم انتهاكها بواسطة

الفاعلي غري الحكوميي كاألفراد واملنظامت والرشكات وما إىل ذلك.

ومثال عىل اإلجراءات الحامئية والهيئات التي قد توفر تلك الحامية ما ييل:

zz تدريب الجهات املسئولة عن إنفاذ القانون عىل املعايري الدولية لحقوق اإلنسان، مبا يشمله

ذلك من كيفية حامية األفراد واملجموعات املعرضة للتهديد جراء مامرسة حقوقها يف التعبري

والتجمع والتنظيم، وكذلك كيفية الوصول إىل مجموعات بعينها قد تحتاج إىل حامية خاصة

كاألطفال عىل سبيل املثال؛

zz ضامن حامية املشاركي يف املسريات السلمية من أعامل العنف والتحرشات التي قد تواجهها من

قبل املشاركي يف التجمعات املضادة قبل وأثناء وبعد الفعالية؛

zzتأسيس برامج حامية للمدافعي عن حقوق اإلنسان؛

zzتقديم خدمات رشطية مجانية وكافية لحامية التجمعات السلمية؛

zz تصميم بطاقات االقرتاع بطريقة تجعل املصوتي مطأمني لكون أصواتهم لن يتم رصدها أو

تتبعها.

عىل الدولة أيضا أن توفر حامية إيجابية وأن تنخرط يف املبادرات الهادفة لتمكي األفراد

واملجموعات من مامرسة تلك الحقوق، كالتأكد من وجود هيئات مستقلة وغري منحازة تستطيع

إنفاذ حريات التجمع والتنظيم والتعبري. ويجب أيضا عىل تلك الهيئات أن تقوم بتقديم املعلومات

الالزمة بذلك الخصوص.

كذلك فيجب إمداد جهات إنفاذ القانون مبوارد كافية من أجل تنفيذ تحقيقات ناجزة وفعالة تقود

إىل إجراءات تقايض شفافة عندما يتعلق األمر بقضايا ترفع ضد أو بواسطة الصحفيي واملدافعي

عن حقوق اإلنسان واملحامي واملعارضي واألقليات وما إىل ذلك. ومن إجراءات الحامية الهامة أيضا

اإلنصاف القضايئ وما يتضمنه من تحقيقات وفرض عقوبات وإمكانية التظلم والطعن يف القضايا

Page 21: حاله المشاركة العامة في مصر

20

املرتبطة بانتهاكات الحقوق املتعلقة باملشاركة العامة. ولهذه اإلجراءات أهمية محورية سواء كانت

االنتهاكات تتم بواسطة الدولة أو بواسطة فاعلي غري حكوميي. وذلك عىل النحو التايل:

zz تقديم تفسريات مفصلة ووقتية ألسباب تعطيل حق التجمع أو التنظيم أو التعبري، وإتاحة

فرصة للطعن عىل ذلك التعطيل أمام جهات مستقلة؛

zz توقيع العقوبات عىل مسئويل جهات إنفاذ القانون يف حالة عدم التزامهم مبدونات قواعد

السلوك وبخاصة عندما يتعلق األمر بطريقة التعامل مع التجمعات واستخدام القوة يف التعامل

مع االحتجاجات؛

zz التحقيق واملالحقة يف حاالت العنف عىل أساس النوع التي تستهدف النساء املدافعات عن

حقوق اإلنسان والتي تظهر أثناء املظاهرات؛

zzتأسيس آلية عادلة للطعن ما بعد االنتخايب لهؤالء الذين يرغبون يف معارضة نتائج االنتخابات؛

zz ضامن حق كل فرد يف الطعن أمام جهة إدارية مستقلة بعد رفض أحد السلطات العامة

اإلفصاح عن املعلومات.

الوفاء بالحقوق الرضورية للمشاركة العامةج. 

تلتزم الدولة باحرتام وحامية الحقوق األساسية املتعلقة باملشاركة العامة املشار إليها يف الجزء

السابق. عالوة عىل ذلك ومن أجل منع التدخل املرض بتلك الحقوق عىل الدولة التزام آخر بأن

تتخذ الخطوات املناسبة من أجل تأمي التمتع الفعيل بتلك الحقوق. وكام أرشنا سالفا ينبغي أن

تؤسس الترشيعات ألن ميارس الحق يف التعبري والوصول للمعلومات والتنظيم والتجمع السلمي وما

إىل ذلك دون تقييد. وباملثل، ينبغي أن تضع الترشيعات إجراءات تشاورية فيام يتعلق باألطفال

وكبار السن والسكان األصليي واألشخاص ذوي اإلعاقة لضامن سامع آرائهم يف األمور التي تخصهم

كأفراد أو كجامعات. وفيام يخص املشاركة املبارشة يف الشأن العام بي االنتخابات فينبغي أن يتم

إرشاك األفراد والجامعات عىل املستوى املركزي وكذلك يف املستويات السياسية الدنيا من أجل

تطوير تقديم الخدمات العامة، فتعزيز الشفافية والكفاءة واملساوة والشمول واملساءلة هي أهداف

رئيسية للمشاركة العامة املبارشة. ويقرتح كمامرسة مثىل لتمكي األفراد من املشاركة املبارشة يف

إدارة الشأن العام أن تقوم الدولة بإعداد ترشيعات توجه مؤسسات الدولة عىل املستوى املركزي

واملحيل نحو تطوير إرشادات حول السبل واآلليات التي متكن لألفراد واملجموعات من املشاركة

يف القرارات كل يف نطاق اختصاصه. كذلك ينبغي أن تؤسس تلك اإلرشادات لرفع الوعي العام

بخصوص أشكال املشاركة. وميكن للتدابري االستباقية أن تعالج جوانب مختلفة من املشاركة يف إدارة

Page 22: حاله المشاركة العامة في مصر

21

الشؤون العامة مبا يف ذلك مدى إتاحية ونفاذية برامج الدولة وفعالية اإلنصاف القضايئ والحامية

ضد التمييز.

قد تستهدف تدابري النفاذ تلك حقوقا بعينها أو ميكن توجيهها نحو مجموعات محددة عىل النحو

الذي توضحه األمثلة التالية:

zzاإلعالم بالجهات اإلدارية املسئولة عن تنظيم حقوق التجمع والتنظيم وما إىل ذلك؛

zzتسهيل وصول وسائل اإلعالم للتجمعات العامة لتسهيل التغطية املستقلة؛

zzتصميم عملية االقرتاع بشكل يساعد املصوتي ذوي االحتياجات الخاصة عىل التصويت؛

zzضامن أن يتم سامع األطفال يف اإلجراءات القضائية واإلدارية التي تؤثر عليهم؛

zz تقديم املعلومات إىل ذوي اإلعاقة يف صورة مناسبة لهم وباستخدام تكنولوجيا تناسب أشكال

اإلعاقة املختلفة، وذلك يف وقت معقول ودون تكلفة إضافية؛

zz.خفض أو إلغاء الرسوم التي يدفعها األفراد عند تقديم طلبات للحصول عىل املعلومات

أمثلة ملبادرات تقوم بها الدولة كتأسيس مؤسسات خاصة أو إطالق برامج تعليمية أو برامج أخرى

تستهدف مجموعات أو حقوق بعينها:

zz تأسيس مفوضية مستقلة ملراقبة االنتخابات ملتابعة العملية االنتخابية، من خالل متابعة أداء

الحمالت والتأكد من كشوف الناخبي وجدولة نتائج االقرتاع؛

zz تشكيل منظامت لألشخاص ذوي اإلعاقة من أجل متثيلهم عىل املستويات الدولية واإلقليمية

والوطنية واملحلية؛

zzاالستثامر يف تنمية الشباب وتسهيل مشاركتهم يف الشأن العام؛

zzتدريب نساء األقليات عىل مهارات القيادة والتفاوض والحصول عىل متثيل عادل؛

zzإطالق حمالت توعية وتسجيل الناخبي؛

zz عقد مبادرات استامع برملانية حول مرشوعات القواني مبشاركة مجموعات املصالح ذات العالقة

من أجل الحصول عىل مدخالتهم قبل إقرار تلك املرشوعات يف الربملان. كذلك عقد مبادرات

استامع شبيهة ميكن تنظيمها بواسطة الحكومات املحلية.

Page 23: حاله المشاركة العامة في مصر

22

أمثلة عىل إجراءات ملواجهة التمييز القانوين فيام يخص املشاركة العامة:

zzالتأكد من أن النظام االنتخايب هو نظام شامل يضمن متثيال كاف لألقليات؛

zz تأسيس اعرتاف قانوين صلب بحقوق املواطني األصليي متبوعا بترشيعات ثانوية لجعل ذلك

االعرتاف فعاال؛

zzضامن إجراءات عادلة فيام يخص الهجرة والجنسية مع توفري إمكانية للطعن؛

zzضامن حقوق األطفال يف تشكيل والتعبري عن آرائهم بحرية يف املسائل التي تؤثر عليهم؛

zz تأسيس معايري وإجراءات موضوعية وعىل أساس الكفاءة لشغل الوظائف العامة وكذلك نظام

الرتقيات واإليقاف والطرد.

أمثلة عىل إجراءات ملواجهة التمييز الواقعي فيام يخص املشاركة العامة:

zzاستئصال التمييز ضد الفتيات يف نظام التعليم؛

zzالتشاور مع الجمعيات املمثلة ملجموعات ذوي اإلعاقة فيام يخص املسائل التي تؤثر عليهم؛

zz متابعة مستوى مشاركة األقليات يف كافة مناحي الحياة االقتصادية مبا يف ذلك تخصيص وظائف

لهم يف قطاع الخدمة العامة؛

zz مراجعة القواعد اإلجرائية الخاصة بصنع القرار يف املستويات العليا باألجهزة التنفيذية

والترشيعية والقضائية لضامن مراعاتها للنوع االجتامعي؛

zz إرشاك أعضاء جميع مجموعات األقليات يف مبادرات منع الرصاعات وفض املنازعات وبناء

السالم.

Page 24: حاله المشاركة العامة في مصر

23

مصادر تم االعتامد عليها

Boesen,�Jakob�Kirkemann�(2014)�Participation�and�Human�Rights�Based�Approach;�Training�in�Cairo;�June�2014

Boesen,�Jakob�Kirkemann;�Lefebvre,�Kelsey;�Dhundale,�Lis�(2013);�Public�Participation�Audit�–�Based�on�Collected�Inputs�from�Partners�Seminar�12�–�14�November�2012.�Copenhagen:�The�Danish�Institute�for�Human�Rights.

Dhundale,�Lis�(2013)�Public�Participation�Compliance.�Copenhagen:�The�Danish�Institute�for�Human�Rights.

Jacobsen,�Anette�Faye�(2013)�The�Right�to�Public�Participation�–�A�Human�Rights�Law�Update.�Copenhagen:�The�Danish�Institute�for�Human�Rights.

Page 25: حاله المشاركة العامة في مصر

الفصـــل الثاين

24

مقدمة

بينام تقرر اتفاقية فيينا للمعاهدات الدولية التي انضمت لها مرص يف عام 1982 عىل أنه »ال يجوز

لطرف يف معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخيل كمربر إلخفاقه يف تنفيذ املعاهدة« تقرر

الدساتري املرصية املتعاقبة عىل أن تكون للمعاهدات الدولية قوة القانون بعد التصديق عليها

ونرشها وفقا لألوضاع املقررة، وبينام ينص دستور 2014 املعمول به يف مادته رقم )151( عىل أن

»ميثل رئيس الجمهورية الدولة يف عالقاتها الخارجية ويربم املعاهادات ويصدق عليها بعد موافقة

مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نرشها وفقا ألحكام الدستور«، يستحدث املادة )93(

التي تنص عىل أن »تلتزم الدولة باالتفاقيات والعهود واملواثيق الدولية لحقوق اإلنسان التي تصدق

عليها مرص، وتصبح لها قوة القانون بعد نرشها وفقا لألوضاع املقررة«.

وتؤكد أيضا املحاكم املرصية املختلفة عىل أن قواعد القانون الدويل تعترب مندمجة يف القانون

الداخيل دون حاجة إىل إجراء ترشيعي ويطبقها القايض باعتبارها جزءا من قواني الدولة الداخلية

إذا ما تم استيفاؤها للرشوط الالزمة لنفاذها داخل اإلقليم1. ومن هنا سنتعامل يف العرض التايل مع

1  ملزيد من التفصيل: عبدالله خليل )2008( االتفاقيات الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان التي

صادقت عليها مرص من 1904 وحتى اآلن. القاهرة: املجلس القومي لحقوق اإلنسان. متاح يف:

�http://www.nchregypt.org/media/ftp/manual%20on%20human%20rights.pdf

البنية القانونية واملامرسة العملية

Page 26: حاله المشاركة العامة في مصر

25

املواثيق الدولية املنظمة للحريات املتعلقة باملشاركة العامة تارة عىل كونها معيارا للمامرسات املثىل

التي استقرت عليها األعراف الدولية يف مسألة التعامل مع الحريات املتعلقة باملشاركة العامة، وتارة

عىل كونها جزءا من النظام القانوين املرصي الذي ينبغي عليه أن يكفل تلك الحريات. وسيتناول هذا

العرض كل من حريات الرأي والتعبري والتنظيم والتجمع والوصول للمعلومات واملشاركة يف إدارة

الشئون العامة من حيث القواعد التي تقررها املواثيق الدولية والدساتري املرصية الثالثة األخرية

والقواني املرصية املختلفة ومدى تواؤم املامرسة الفعلية مع تلك القواعد.

1. حرية الرأي والتعبري

تعترب حقوق اإلنسان يف املعرفة والرأي والتعبري ضمن أهم الحقوق اللصيقة بالفرد، والتي عنت

بها كثريا املواثيق واالتفاقات الدولية، بل وألزمت الدول بالعمل عيل نرشها وتدعيمها، وكذلك جاء

النص عليها يف الدساتري الوطنية للغالبية من دول العامل. وسنناقش يف هذا الجزء من الدراسة ما

أقرته املواثيق الدولية فيام يخص حرية الرأي والتعبري، وكذلك ما يطرحه الدستور والقانون يف مرص

حول هذه الحرية، وأخريا ما تشهده أو تعانيه تلك حرية الرأي والتعبري يف مرص يف حيز التطبيق.

1.1. حرية الرأي والتعبري يف املواثيق الدولية

حفلت املواثيق واالتفاقات الدولية بالعديد من النصوص التي تؤكد عيل الحق يف حرية الفكر

والرأي والتعبري وتدعم حرية االبداع، بل وتلزم الدول بالعمل عيل توفري مناخ مناسب يتيح مشاركة

كافة األفراد يف الحياة الثقافية، وذلك عيل النحو االيت:

1.1.1. اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان

اعتمد ونرش عىل املأل بقرار الجمعية العامة رقم 217 ألف )د-3( يف 15 ديسمرب 1948، ويعترب

اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان الذي تبنته الجمعية العامة لألمم املتحدة يف 10 ديسمرب 1948 أهم

وثيقة لحقوق اإلنسان عىل املستوى العاملي، بالنظر ملا تضمنه ذلك اإلعالن من تصنيف وتحديد

وتوضيح للحقوق التي يجب أن يتمتع بها اإلنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه.

وتربز القيمة األخالقية والقانونية لإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان يف أنه ميثل قاسام مشرتكا قبلته

البرشية باعتباره ميثل الحد األدىن من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها األفراد بغض النظر عن أي

Page 27: حاله المشاركة العامة في مصر

26

اعتبار وقد شكل هذا اإلعالن باكورة العمل الالحق يف حقوق اإلنسان وشكل األساس لكل االتفاقيات

واملواثيق واإلعالنات الالحقة العاملية واإلقليمية وأصبح ملهام لكل دساتري الدول تقريبا فيام يتعلق

بأبواب الحقوق والحريات.

و قد نصت املادة )19( من اإلعالن عيل أنه »لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبري، ويشمل

هذا الحق حريته يف اعتناق اآلراء دون مضايقة، ويف التامس األنباء واألفكار وتلقيها ونقلها إىل

اآلخرين، بأية وسيلة ودومنا اعتبار للحدود«.

1.1.1. العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية

اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضامم بقرار الجمعية العامة 2200 )ألف( يف ديسمرب 1966،

والذي أصبح نافذا يف 23 مارس 1976. وقد استند العهد الدويل إىل اإلعالن العاملي يف تفصيله

للحقوق، وتربز أهميته يف أنه وضع آلية ملراقبة تنفيذ الدول املوقعة عليه لألحكام الواردة فيه. وقد

نصت املادة )19( من العهد عيل أنه:

»1 - لكل إنسان حق يف اعتناق أراء دون مضايقة.

2- لكل إنسان حق يف حرية الرأي والتعبري ويشمل هذا الحق حريته يف التامس مختلف دروب

املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها لآلخرين دومنا اعتبار للحدود سواء عىل شكل مكتوب أو

مطبوع أو يف قالب فني أو بأي وسيلة يختارها.

3- تستتبع مامرسة الحقوق املنصوص عليها يف الفقرة 2 من هذه املادة واجبات ومسئوليات

خاصة وعىل ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن رشيطة أن تكون محددة بنص القانون

وأن تكون رضورية

الحرتام حقوق اآلخرين وسمعتهم؛أ.أ

لحامية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة.«ب.أ

ومن أجل ضامن عدم توظيف الفقرة الثالثة من املادة 19 يف العهد كذريعة لإلطاحة بحرية الرأي

والتعبري يف أي سياق من السياقات، تشدد اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان التابعة لألمم املتحدة –

والتي هي هيئة الخرباء املستقلي التي ترصد تنفيذ دولها األطراف للعهد الدويل الخاص بالحقوق

املدنية والسياسية– يف الفقرات من 21 – 25 من التعليق العام رقم 34 الصادر عنها يف يوليو 2011

Page 28: حاله المشاركة العامة في مصر

27

عىل النحو التايل– وهو ما نورده هنا كامال ألهميته:

21 - تنص الفقرة 3 رصاحة عىل أن مامرسة الحق يف حرية التعبري تستتبع واجبات ومسؤوليات

خاصة. ولهذا السبب، يسمح مبجالني حرصيني من القيود املفروضة عىل الحق يتعلقان، إما

باحرتام حقوق اآلخرين أو سمعتهم، أو حامية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة

العامة أو اآلداب العامة. بيد أنه عندما تفرض دولة طرف قيودا عىل مامرسة حرية التعبري،

ال يجوز أن تعرض هذه القيود الحق نفسه للخطر. وتشري اللجنة إىل أنه يجب أال تنقلب

العالقة بني الحق والقيد وبني القاعدة واالستثناء. وتشري اللجنة أيضا إىل أحكام الفقرة 1 من

املادة 5 من العهد التي تنص عىل أنه »ليس يف هذا العهد أي حكم يجوز تأويله عىل أنه

يفيد انطواءه عىل حق ألي دولة أو جامعة أو شخص مببارشة أي نشاط أو القيام بأي عمل

يهدف إىل إهدار أي من الحقوق أو الحريات املعرتف بها يف هذا العهد أو إىل فرض قيود

عليها أوسع من تلك املنصوص عليها فيه.»

22 - وتنص الفقرة 3 عىل رشوط محددة، وال تجيز فرض قيود إال إذا كانت تخضع لهذه الرشوط:

فيجب أن تكون »محددة بنص القانون« وأال تفرض إال ألحد األسباب الواردة يف الفقرتني

)أ( و)ب( من الفقرة 3؛ وأن تكون متالمئة مع اختبارات صارمة تتعلق بالرضورة والتناسب.

وال يجوز فرض قيود عىل أسس غري األسس املحددة يف الفقرة 3، حتى وإن كانت هذه

األسس تربر فرض القيود عىل حقوق أخرى تخضع لحامية العهد. وال يجوز تطبيق القيود إال

لألغراض التي وضعت من أجلها كام يجب أن تتعلق مبارشة بالغرض املحدد الذي تأسست

عليه.

23 - وينبغي للدول األطراف أن تنفذ تدابري فعالة للحامية من االعتداءات التي تستهدف إسكات

أصوات األشخاص الذين ميارسون حقهم يف حرية التعبري. وال يجوز أبدا االستشهاد بالفقرة 3

لتربير كبح أية دعوة إىل إقامة نظام دميقراطي متعدد األحزاب وتحقيق مبادئ الدميقراطية

وحقوق اإلنسان. وال ميكن تحت أي ظرف من الظروف أن يكون االعتداء عىل شخص بسبب

مامرسته لحرية الرأي أو حرية التعبري متفقا مع املادة 19، مبا يف ذلك أشكال االعتداء

املتمثلة يف االحتجاز التعسفي والتعذيب وتهديـد النفس والقتل. وكثريا ما يخضع الصحفيون

لهذه التهديدات وللتخويف واالعتداء بسبب مامرستهم ألنشطتهم. ويتعرض لذلك أيضا

األشخاص الذين يشاركون يف جمع املعلومات املتعلقة بحالة حقوق اإلنسان وتحليلها والذين

يقومون بنرش تقارير ذات صلة بحقوق اإلنسان، مبن فيهم القضاة واملحامون. وينبغي

Page 29: حاله المشاركة العامة في مصر

28

التحقيق برصامة يف الوقت املناسب يف جميع هذه االعتداءات ومقاضاة مرتكبيها ومنح

الضحايا، أو منح ممثليهم يف الحاالت التي يرتكب فيها القتل، أشكاال مناسبة من الجرب.

24 - ويجب أن تكون القيود محددة بنص القانون. وقد يشمل القانون قوانني تتعلق باالمتيازات

الربملانية) ( وقوانني انتهاك حرمة املحكمة ونظرا إىل أن أي تقييد لحرية التعبري يشكل

انتقاصا خطريا من حقوق اإلنسان، فإن تكريس التقييد يف القوانني التقليدية أو الدينية أو

غريها من القوانني العرفية يتناىف مع العهد.

25 - وألغراض الفقرة 3، يجب أن تصاغ القاعدة التي ستعترب مبثابة »قانون« بدقة كافية ليك

يتسنى للفرد ضبط سلوكه وفقا لها) ( ويجب إتاحتها لعامة الجمهور. وال يجوز أن مينح

القانون األشخاص املسؤولني عن تنفيذه سلطة تقديرية مطلقة يف تقييد حرية التعبري) (.

ويجب أن ينص القانون عىل توجيهات كافية للمكلفني بتنفيذه لتمكينهم من التحقق عىل

النحو املناسب من أنواع التعبري التي تخضع للتقييد وتلك التي ال تخضع لهذا التقييد.”

و قد وقعت مرص عىل العهدين الدوليي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية والخاص بالحقوق

االقتصادية واالجتامعية والثقافية بتاريخ 1967/8/4 وصدقت عىل العهدين بتاريخ 1982/1/14

وأصدرت عند انضاممها اإلعالن التايل: »مع األخذ ىف اإلعتبار أحكام الرشيعة اإلسالمية وعدم

تعارضها معها«؛ حيث انضمت مرص للعهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية بالقرار الجمهوري

رقم 536 سنة1981 والعهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية بالقرار الجمهوري رقم

537 سنة 1981 ونرشت االتفاقية األوىل بالعدد 15من الجريدة الرسمية ىف 1982/4/15 ونرشت

االتفاقية الثانية بالعدد رقم 14 ىف 1982/4/8 وعمل بهام اعتبارا من 1982/4/14 بعد مرور ثالثة

أشهر عىل التصديق وذلك عمال باملادة 49 من االتفاقية األوىل واملادة 27 من االتفاقية الثانية.

وقد ورد باملـادة األولـى مـن كـل مـن القرارين املشار إليهام عبارة »مع األخذ ىف االعتبار أحكـام

الرشيعـة اإلسـالمية وعـدم تعارضها معها«.

3.1.1 امليثاق العريب لحقوق اإلنسان

ينص امليثاق العريب لحقوق اإلنسان يف نسخته األخرية التي اعتمدت من قبل القمة العربية

السادسة عرشة التي استضافتها تونس يف 23 مايو 2004 يف مادتة )32( عىل أنه:

Page 30: حاله المشاركة العامة في مصر

29

1- يضمن هذا امليثاق الحق يف اإلعالم وحرية الرأي والتعبري وكذلك الحق يف استقاء األنباء واألفكار

وتلقيها ونقلها إىل اآلخرين بأي وسيلة ودومنا اعتبار للحدود الجغرافية.

2- متارس هذه الحقوق والحريات يف إطار املقومات األساسية للمجتمع وال تخضع إال للقيود التي

يفرضها احرتام حقوق اآلخرين أو سمعتهم أو حامية األمن الوطني أو النظام العام أو الصحة

العامة أو اآلداب العامة«.

وكغريه من النصوص يحيل امليثاق األمر برمته إىل القانون الداخيل الذي يأيت يف العادة مقيدا. وبهذه

اإلحالة يقف امليثاق وكأنه يلغي نفسه بنفسه. وبينام يذهب العديد من فقهاء القانون إيل أن

إحالة أي نص إىل القانون يعني تنظيم مامرسة الحق، وال يجوز بحال من األحوال تقييد هذا الحق

أو االنتقاص منه أو إقصاره عيل فئة دون أخري أو وضع استثناءات يف تطبيقه أو فرض ضوابط

تصل إيل درجة إلغائه أو تعطيله، إال أن املامرسة العملية عادة ما تأيت عكس ذلك وهو ما سنبينه يف

األجزاء الخاصة بالقواني وباملامرسة العملية.

4.1.1. امليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب

يأيت امليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب والذي متت إجازته من قبل مجلس الرؤساء األفارقة

بدورته العادیة رقم 18 يف نیرويب )كینیا( یونیو 1998 أكرث تقييدا لحرية الرأي والتعبري حتى من

امليثاق العريب من حيث اإلحالة للقواني واللوائح فينص يف الفقرة الثانية من مادته التاسعة عىل أنه

»یحق لكل إنسان أن یعرب عن أفكاره وینرشها ىف إطار القانون«.

2.1. حرية الرأي والتعبري يف الدساتري املرصية

حرصت الدساتري املرصية املتعاقبة بداية من دستور 1923 وحتى دستور 2014 عىل التأكيد عىل

الحقوق والحريات العامة واملتضمنة لحرية الرأي والتعبري، حيث كفل الدستور املرصي حق األفراد

يف حرية الفكر والرأي والتعبري، وجاء النص عىل ذلك يف املادة )65( من دستور 2014 والتي

تنص عيل أن »حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبري عن رأيه بالقول أو بالكتابة

أو بالتصوير أو غري ذلك من وسائل التعبري والنرش«. وتنص املادة )70( عىل أن »حرية الصحافة

والطباعة والنرش الورقي واملريئ واملسموع وااللكرتوين مكفولة، وللمرصيي من أشخاص طبيعية

أو اعتبارية عامة أو خاصة حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل اإلعالم املرئية واملسموعة

ووسائل اإلعالم الرقمي، وتصدر الصحف مبجرد اإلخطار عىل النحو الذي ينظمه القانون، وينظم

Page 31: حاله المشاركة العامة في مصر

30

القانون إجراءات إنشاء ومتلك محطات البث اإلذاعي واملريئ والصحف اإللكرتونية«. وتنص املادة

)71( عىل أنه »يحظر بأي وجه فرض رقابة عىل الصحف ووسائل اإلعالم املرصية أو مصادرتها أو

وقفها أو إغالقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها يف زمن الحرب أو التعبئة العامة. وال

توقع عقوبة سالبة للحرية يف الجرائم التي ترتكب بطريق النرش أو العالنية، أما الجرائم املتعلقة

بالتحريض عىل العنف أو بالتمييز بي املواطني أو بالطعن يف أعراض األفراد فيحدد عقوبتها

القانون«.

وقد عربت املحكمة الدستورية أيضا يف أحد أحكامها عن تلك الضامنات الدستورية لحرية الرأي

والتعبري بقولها »إن ضامن الدستور بنص املادة )47( -طبقا لدستور 1971- منه لحرية التعبري عن

اآلراء وعرضها ونرشها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغري ذلك من وسائل

التعبري تقدر بوصفها الحرية األصل التي ال يتم الحوار املفتوح إال يف نطاقها. وحيث أن حرية الرأي

والتعبري التي كفلها الدستور هي القاعدة يف كل تنظيم دميقراطي ال يقوم إال بها، وال يعدو اإلخالل

بها إال أن يكون إنكارا لحقيقة أن حرية التعبري ال يجوز فصلها عن أدواتها وأن وسائل مبارشتها

يجب أن ترتبط بغاياتها فال يعطل مضمونها أحد وال يناقض األغراض املقصودة من إرسائها«.

)1995/4/15 – الدعوى 6 لسنة 15 ق دستورية(.

3.1. حرية الرأي والتعبري يف القواني الداخلية املرصية

بينام تقف الدساتري املتعاقبة واملواثيق الدولية يف جانب حرية الرأي والتعبري ال يبدو األمر كذلك

عندما يأيت الحديث إىل القواني املرصية املختلفة؛ فيخصص قانون العقوبات بابا كامال لجرائم

النرش، فضال عن الرقابة الخاصة عيل الفنون بأنواعها والتي تنظمها ترسانة من القواني والقرارات

الوزارية التي تطلق يد السلطة التنفيذية ممثلة يف جهة اإلدراة عيل حساب حرية اإلبداع. وعيل

الرغم من أن الدستور املرصي أطلق حرية الرأي والتعبري إال أن املالحظ يف العديد من النصوص

القانونية أنها جاءت لتقيد هذا الحق وتفرض عليه من القيود ما يؤدى إيل كبت اآلراء ووأدها

وجعل العقوبات السالبة للحرية املغلظة سيف مسلط عيل الرقاب وعيل حرية الرأي والتعبري وعيل

حق املواطن يف املعرفة. فقد توسع قانون العقوبات يف األفعال التي تعترب من قبيل جرائم الرأي

والتعبري فحارص املرشع يف مدونته العقابية كافة طرق ووسائل التعبري عن الرأي. ذلك باإلضافة إىل

ترسانة كبرية من القواني املقيدة لكافة أشكال التعبري عن اآلراء وهو ما سنوضحه يف العرض التايل.

Page 32: حاله المشاركة العامة في مصر

31

1.3.1. بعض نصوص قانون العقوبات التي تشكل قيدا عيل حرية الرأي والتعبري

املادة )98 ب(: »يعاقب بالحبس مدة ال تجاوز خمسة سنوات وبغرامه ال تقل عن خمسني جنيها

وال تزيد عيل خمسامئة جنيه كل من روج يف الجمهورية املرصية بأي طريقه من الطرق لتغري

مبادئ الدستور األساسية أو النظم األساسية للهيئة االجتامعية«.

ومل يحدد القانون ماهية املبادئ األساسية للدستور، فمواد الدستور جميعها تعترب أساسية من

ناحية، ومن ناحية أخرى تجاهل املرشع أن القواني والنظم األساسية تتغري من زمن إىل زمن،

وأن ما يناسب حقبة زمنية ال يناسب حقبة أخرى، فأغلق بالنصوص العقابية الباب أمام دعاوى

التحديث والتطوير.

املادة )98 ب مكرر(: »يعاقب بالحبس مده ال تزيد عيل خمسه سنوات وبغرامه ال تقل عن

خمسني جنيه وال تجاوز خمسامئة جنيه كل من حاز بالذات أو بالوساطة أو أحرز محررات أو

مطبوعات تتضمن تجسيدا أو ترويجا ليشء مام نص عليه يف املادتني 98 ب، 174 إذا كانت معده

للتوزيع أو اإلطالع عليها للغري«.

مادة )102(: »كل من جهر بالصياح أو الغناء إلثارة الفنت يعاقب بالحبس مدة ال تزيد عىل سنة أو

بغرامة ال تزيد عىل مائتي جنيه«.

مادة )102 مكرر(: »يعاقب بالحبس وبغرامة ال تقل عن خمسني جنيها وال تجاوز مائتي جنيه

كل من أذاع عمدا أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثرية إذا كان من

شان ذلك تكدير األمن العام أو إلقاء الرعب بني الناس أ وإلحاق الرضر باملصلحة العامة. وتكون

العقوبة السجن وغرامة ال تقل عن مائة جنيه وال تجاوز خمسامئة جنيه إذا وقعت الجرمية ىف

زمن الحرب ويعاقب بالعقوبات املنصوص عليها ىف الفقرة األويل كل من حاز بالذات أو بالواسطة

أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن شيئا مام نص عليه ىف الفقرة املذكورة إذا كانت معدة

للتوزيع أو اإلطالع الغري عليها، وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو

العالنية مخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة يشء مام ذكر«.

Page 33: حاله المشاركة العامة في مصر

32

2.3.1. النصوص املقيدة يف باب قانون العقوبات الخاص بالجنح التى تقع بواسطة الصحف

وغريها

مادة )174( عقوبات: »يعاقب بالسجن مدة ال تتجاوز خمس سنني وبغرامة ال تقل عن خمسة

االف جنية وال تزيد عيل عرشة االف جنية كل من ارتكب باحدى الطرق املتقدم ذكرها فعال من

االفعال اآلتية:

أوال: التحريض عىل قلب نظام الحكومة املقرر ىف القطر املرصى او عىل كراهتة او االزدراء به.

ثانيا: تحبيذ أو ترويج املذاهب التى ترمى اىل تغيري مبادئ الدستور االساسية أو النظم األساسية

للهيئة االجتامعية بالقوة أو باإلرهاب أو بأية وسيلة أخرى غري مرشوعة«.

مادة )176( عقوبات: »يعاقب بالحبس كل من حرض بإحدى الطرق املتقدم ذكرها عىل التمييز

ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو األصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان من

شأن هذا التحريض تكدير السلم العام«.

مادة )178( عقوبات: »يعاقب بالحبس مدة ال تزيد عىل سنتني وبغرامة ال تقل عن خمسة آالف

جنيه وال تزيد عىل عرشة آالف جنيه أو بإحدى هاتني العقوبتني كل من نرش أو صنع أو حاز

بقصد اإلتجار أو التوزيع أو اإليجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو

إعالنات أو صورا محفورة أو منقوشة أو رسومات يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غري

ذلك من األشياء أو الصور عامة إذا كانت منافية لآلداب العامة«.

مادة )178( مكرر ثانيا: »يعاقب بالحبس كل من صنع أو حاز بقصد االتجار أو التوزيع أو اإليجار

أو اللصق أو العرض صورا من شانها اإلساءة إىل سمعة البالد«.

وكام بينا من قبل، فإن التعليق العام رقم 34 للجنة املعنية بحقوق اإلنسان قد أشار بوضوح إىل أن

القيود التي ميكن أن تفرض عىل حرية الرأي والتعبري وفقا للفقرة الثالثة من املادة 19 من العهد

الدويل للحقوق املدنية والسياسية ال يجب أن تهدد الحق ذاته. مع ذلك فإنه كام يتضح يف املواد

الثالثة األخرية مطاطية عبارات السلم العام واآلداب العامة وسمعة البالد ما ميكنها أن تستخدم

بسهولة شديدة من أجل التنكيل باملخالفي.

Page 34: حاله المشاركة العامة في مصر

33

املادة )179( عقوبات: »يعاقب بالحبس كل من أهان رئيس الجمهورية بواسطة إحدى الطرق

املتقدم ذكرها«. وقد قصد املرشع أن يتناول بالعقاب كل قول أو فعل أو كتابة أو رسم أو غريه من

طرق التمثيل يكون فيه مساسا أو ترصيحا أو تلميحا من قريب أو من بعيد مبارشة أو غري مبارشة

لرئيس الدولة وهو مادة عادة ما يتم إعاملها للتنكيل بالخصوم السياسيي فضال عن مرونة لفظها

وعدم وجود حد واضح بي النقد واإلهانة، فام كان يعترب يف حقبة سياسية ما من قبيل اإلهانة يعترب

اآلن من قبيل النقد.

املادة )181( عقوبات: فتنص عيل أنه »يعاقب بالحبس أو الغرامة ال تقل عن عرشه أالف جنيه

وال تزيد عيل عرشين ألف جنيه كل من عاب بإحدي الطرق املتقدم ذكرها يف حق ملك أو رئيس

دوله« ووضعت هذه املادة لتكبيل حق األفراد يف التعبري عن أرائهم وانتقاد رؤساء الدول األجنبية

يف مواقفهم حتى إذا كانت هذه املواقف عدائيه ضد املصلحة العامة أو تقع عيل حق للمواطني.

املادة )184( عقوبات: التي تنص عىل أنه »يعاقب بالحبس وبغرامه ال تقل عن خمسه أالف جنيه

وال تزيد عن عرشه أالف جنيه أو بأحدي هاتني العقوبتني كل من أهان أو سب بأحدي الطرق

املتقدم ذكرها مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو غريه من الهيئات النظامية أو الجيش أو

املحاكم أو السلطات أو املصالح العامة«، وهنا يضع املرشع قيودا عيل حرية النقد املباح عيل

أعامل مجلس الشعب والشورى وغريها من السلطات أو املصالح العامة عيل الرغم من أحقية كافة

املرصيي يف املشاركة يف العمل العام وإدارة الحكم طبقا لنصوص الدستور وأن الشعب هو صاحب

السلطات األصيل.

3.3.1. نصوص مقيدة أخرى

باإلضافة إىل نصوص قانون العقوبات فقد أفردت قواني أخرى نصوصا خاصة ملزيد من التقييد

لحريات الرأي والتعبري واإلبداع كالقانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، والقانون

76 لسنة 1970 الخاص بإنشاء نقابة الصحفيي، والقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن املطبوعات،

والقانون 13 لسنة 1979 املعدل بالقانون 223 لسنة 1989 بشأن اإلذاعة والتلفزيون، ويأيت عىل

رأس هذه القواني قانون تنظيم الرقابة عىل األرشطة السينامئية واألغاين واملرسحيات واملنولوجات

واألسطوانات وأرشطة التسجيل الصويت رقم 430 لسنة 1955 واملعدل بالقانون رقم 38 لسنة 1992،

والذي تنص مادته األوىل عىل أنه »تخضع للرقابة املصنفات السمعية والسمعية البرصية، سواء

Page 35: حاله المشاركة العامة في مصر

34

كان أداؤها مبارشا، أو كانت مثبتة، أو مسجلة عىل أرشطة، أو أسطوانات، أو أي وسيلة من وسائل

التقنية األخرى، وذلك بقصد حامية النظام العام واآلداب ومصالح الدولة العليا«. ثم يحظر عرب

مواده العمل بأي من تلك األعامل إال بعد الحصول عيل الرتخيص الالزم من وزارة الثقافة وما يرتتب

عىل عدم الحصول عىل الرتاخيص من الحبس والغرامة واملنع واملصادرة. فضال عىل القرارت الوزارية

كالقرار الوزاري رقم 220 لسنة 1976 والقرار الوزاري رقم 162 لسنة 1993 وقرار وزير الثقافة رقم

250 لسنة 1970 الخاصي بتنظيم عمل الرقابة عيل املصنفات الفنية والقرار رقم 459 لسنة 1973

بشأن استرياد االفالم االجنبية والتي تضع كلها قيودا ال حرص لها عىل األعامل الفنية واإلبداعية.

4.3.1. تطور إيجايب وحيد

يعد التطور اإليجايب الوحيد عقب ثورة يناير يف إطار تخفيف سطوة القواني املقيدة لحرية الرأي

والتعبري املرسوم بقانون رقم 1 لسنة 2012 الذي أصدره الرئيس مريس لتعديل املادة 41 من قانون

الصحافة رقم 96 لسنة 1996 مبا يلغي الحبس االحتياطي للصحفيي.

4.1. حرية الرأي والتعبري يف املامرسة العملية2

أما عىل مستوى املامرسة فحدث وال حرج؛ فقد تواصلت االنتهاكات املستمرة لحرية الرأي والتعبري

عرب األشكال املختلفة لنظام الحكم سواءا يف عهد الرئيس مبارك وقبل اندالع ثورة يناير 2011، أو

يف عهد الفرتة االنتقالية األوىل للمجلس العسكري بقيادة املشري طنطاوي، أو يف عهد الرئيس محمد

مريس أول رئيس منتخب بعد ثورة يناير، أو يف عهد الرئيس املؤقت عديل منصور عقب إبعاد

الرئيس محمد مريس عىل خلفية أحداث 30 يونيو و 3 يوليو 2013، أو بعد ذلك. وكان للفرتات

األربعة نصيبها يف كافة أشكال تقييد حرية الرأي والتعبري املعتادة يف مرص سواءا بادعاءات دينية

أو قومية. ويف حي أنه ال ميكن حرص االنتهاكات التي طالت حرية الرأي والتعبري قبل ثورة يناير

سواءا عىل خلفيات قومية تتذرع بحامية أمن الدولة أو السلم العام وما إىل ذلك أو دينية تتعلق

بدعاوى مهاجمة الدين اإلسالمي أو املسيحي أو إثارة الفتنة، إال أن املالحظة األهم هي استمرار

تلك االنتهاكات ورمبا بحدة أكرب يف جميع العهود الالحقة عىل ذلك، ومن أمثلة ذلك:

2  جميع االنتهاكات الواردة يف هذا الجزء تم نقلها عن تقارير حقوقية موثوقة ملنظامت حقوقية محلية ودولية ذات

مصداقية يف الفرتة ما بي عامي 2007 و 2013 وهي مذكورة بالتفصيل يف جزء املراجع يف نهاية هذا الفصل.

Page 36: حاله المشاركة العامة في مصر

35

االعتداء عىل الصحفيي واملدوني:

حملت السنوات األخرية لحكم مبارك أخبارا عن الحكم عىل صحفيي ورؤساء تحرير بسبب

ما قد نرشوه أو عىل األقل استدعاؤهم بواسطة النيابة عىل خلفية اتهامهم بتهم »إهانة رئیس

الجمهوریة« أو »نرش شائعات كاذبة ومغرضة« كحالة إبراهيم عيىس وسحر زيك يف 2006، أو

تهم »نرش أخبار أو بیانات أو إشاعات كاذبة من شأنها تكدیر السلم العام« كحالة وائل اإلبرايش

وعبدالحليم قنديل وعادل حمودة وإبراهيم عيىس مرة أخرى يف 2007، أو »حیازة وتداول صور

كاذبة حول الوضع الداخيل يف مرص یمكن أن تيسء إىل سمعة البالد« كام يف حالة الصحفية هويدا

طه يف 2007 أيضا عىل خلفية إخراجها فيلام وثائقيا عن التعذيب يف مرص. هذا باإلضافة إىل الحكم

بالحبس عىل سعد الدين إبراهيم يف 2008 عىل خلفية كتابته مجموعة من املقاالت بتهمة »تشويه

سمعة مرص«.

حملت تلك السنوات أيضا أخبارا عن اعتقال أو محاكمة أو اتهام عددا من املدوني والناشطي عىل

خلفية استخدامهم لحقهم يف التعبري السلمي أو التعبري عن آرائهم؛ وذلك كحاالت املدون ضياء

الدين جاد الذي اعتقلته السلطات يف 2007 بعدما انتقد سياسة مرص إزاء غزة، واملدون كريم عامر

الذي اعتقلته السلطات يف 2006 عقب تدوينه عن التوترات بي املسلمي واملسيحيي يف اإلسكندرية

وحكمت عليه إحدى املحاكم يف 2007 بالسجن أربعة أعوام بتهمة »إهانة الرئيس«، و«نرش

معلومات من شأنها املساس بالنظام العام« و«التحريض عىل كراهية املسلمي«، واملدون هاين نظري

الذي اعتقلته السلطات يف 2008 عىل إثر إبدائه آراء انتقادية للمسيحية واإلسالم، واملدون مسعد

أبو الفجر الذي اعتقل يف 2007 وملدة 3 سنوات برغم عدة أحكام من املحاكم بإخالء سبيله لتدوينه

عن االنتهاكات التي يتعرض لها بدو سيناء، أو املدون أحمد مصطفى الذي اعتقلته املخابرات

الحربية يف 2010 ووجهت له تهمة نرش أخبار كاذبة عقب نرشه لشهادات موثقة عن حاالت فساد

يف الكلية الحربية.

أما يف الفرتة االنتقالية لحكم املجلس العسكري يف 2011 و 2012 قامت النيابة العسكرية باستدعاء

العديد من الصحفيي للتحقيق معهم عىل خلفية مواد نرشوها كالصحفية رشا عزب والصحفي

عادل حمودة واإلعالمية ريم ماجد واملدون حسان الحمالوي، وتجاوز األمر ذلك نحو استدعاء

بعض النشطاء عىل خلفية كتابات قاموا بنرشها عىل مواقع التواصل االجتامعي كالناشطة أسامء

محفوظ، وأصدرت النيابة العسكرية حكام عىل املدون مايكل نبيل عىل خلفية كتابة تدوينات

تتعلق باملؤسسة العسكرية، كذلك قامت قوات الجيش واألمن باقتحام مكتب الجزيرة مبارش مرص

Page 37: حاله المشاركة العامة في مصر

36

واستديو قناة الحرة و قناة 25 يف أوقات مختلفة، كام قامت قوات األمن مبصادرة جهاز البث املبارش

الخاص بقناة أون يت يف من ميدان التحرير وإيقاف البث الحي الخاص بقناة يس يب يس، وبسبب

ضغوط عىل القنوات توقف اإلعالمي يرسي فودة عن تقديم برنامجه عىل قناة أون يت يف، وتم فصل

اإلعالمية دينا عبد الرحمن من قناة دريم. هذا باإلضافة إىل اعتداءات ال تحىص من قوات الجيش

عىل الصحفيي أثناء تأدية عملهم ومصادرة أحد أعداد جريدة »صوت األمة« ومنع طباعة أحد

أعداد جريدة »روز اليوسف«.

وشهدت فرتة حكم محمد مريس »أول رئيس منتخب بعد الثورة« بي عامي 2012 و 2013 العديد

من حاالت املنع واملصادرة كمصادرة أحد أعداد جريدة الدستور عىل خلفية تحقيقات كانت تجرى

بشأن اتهامات وجهت لها بالحض عىل الفتنة الطائفية وإهانة رئيس الجمهورية، ومنع الكاتبة عبلة

الرويني من الكتابة بجريدة األخبار عقب حجب مقالها »امللك عاريا« الذي انتقد جامعة اإلخوان

املسلمي، باإلضافة إىل العرشات من حاالت املنع من الكتابة التي شهدتها تلك الفرتة، هذا عالوة

عىل حاالت االعتداءات املتكررة عىل الصحفيي واإلعالميي من قبل املجموعات املنظمة املؤيدة

للرئيس محمد مريس والتي كان عىل رأسها محارصة مدينة اإلنتاج اإلعالمي يف فرباير 2012. أيضا

شهدت تلك الفرتة حاالت عديدة من استدعاء اإلعالميي من قبل النيابة العامة عىل خلفية برامج

يقدمونها كمحمود سعد وباسم يوسف وابراهيم عيىس وجيهان منصور، هذا باإلضافة إىل القرارات

اإلدارية العديدة بوقف اإلعالميي الذين يعملون يف قنوات حكومية والذين ينتقدون أداء الرئيس

وجامعة اإلخوان املسلمي كبثينة كامل وهالة فهمي، والقرارات اإلدارية بوقف بث بعض القنوات

كقناة دريم، والتحذيرات املستمرة من وزارة االستثامر للقنوات الفضائية األخرى.

ويف فرتة حكم الرئيس االنتقايل عديل منصور يف 2013 و 2014 عقب إزاحة الجيش للرئيس محمد

مريس استمرت املامرسات التي تنتهك حرية الرأي والتعبري بنفس الوترية والتنويع، فقامت قوات

الجيش بالقبض عىل أحمد أبو دراع مراسل املرصي اليوم وحبسه احتياطيا -برغم عدم قانونية

الحبس االحتياطي للصحفيي يف قضايا النرش وفقا آلخر تعديل قانوين- وذلك عىل خلفية نرشه أخبار

عن ترضر األهايل من العمليات العسكرية يف شامل سيناء، وذلك لحي الحكم عليه بالحبس لستة

أشهر مع إيقاف التنفيذ، وكذلك الحبس االحتياطي للصحفي عامد أبو زيد مراسل بوابة األهرام

االلكرتونية يف بني سويف بتهمة »تكدير الرأي العام ونرش أخبار كاذبة«، وذلك حتى قرار املحكمة

بإخالء سبيله وتغرميه. هذا باإلضافة إىل االعتداء عىل وقتل واعتقال العديد من الصحفيي أثناء

تأدية عملهم وهو ما تتوزع مسئوليته بي أجهزة الدولة وبي املتظاهرين التابعي لجامعة اإلخوان

املسلمي وأنصار الرئيس املعزول محمد مريس، هذا باإلضافة أيضا إىل القرارات اإلدارية بغلق

Page 38: حاله المشاركة العامة في مصر

37

العديد من القنوات الفضائية املساندة للتيار اإلسالمي ومصادرة أجهزة البث الخاصة بعدد آخر من

القنوات الفضائية. ويف تلك الفرتة أيضا تم اعتقال العديد من املراسلي املرصيي واألجانب وباألخص

مراسلي قناة الجزيرة الفضائية الذين متت إحالتهم للمحاكمة، ولعل أغرب تلك االنتهاكات حبس

املدون اليمني فراس شمسان عىل خلفية تصويره لرواد معرض القاهرة الدويل للكتاب يف 2014.

مصادرة الكتب واملطبوعات والرقابة عىل السينام واملرسح

شهدت السنوات السابقة عىل الثورة أيضا حاالت عديدة من مصادرات الكتب واملطبوعات عىل

خلفيات دعاوى دينية أدى بعضها إىل استدعاء بعض الكتاب إىل النيابة وتوجيه االتهام لهم أو

الحكم عىل بعضهم. وأمثلة عىل ذلك حالة مصادرة وإغالق مجلة »إبداع« التي صودر عددها األول

بسبب نرشها لقصيدة »رشفة ليىل مراد« للشاعر حلمي سامل التي أثارت الحفيظة الدينية عند

البعض، أو مصادرة كتاب »رحلتي مع الشيعة والتشيع يف مرص« للكاتب أحمد راسم النفيس بناء

عىل طلب األزهر، أو مقاضاة الكاتبة نوال السعداوي عىل خلفية كتابها »اإلله يقدم استقالته« الذي

متت مصدرته أيضا، ومصادرة رواية »مرتو« للمؤلف مجدي الشافعي بحجة كونها منافية لآلداب

العامة، وكذلك مصادرة كتاب األيام األخرية للكاتب عبد الحليم قنديل،

كام رفضت الرقابة نصا مرسحيا ملحمود الطوخي وهشام عطوة بعنوان »حكاية شعب كويس«

بدعوى أنه يدعو إىل قلب نظام الحكم، ورفضت فيلم »مؤذن الكيت كات« بحجة أنه يحايك

شخصية مؤذن الرسول - وهو ما مل يكن واقعا يف الفيلم، كام حذرت الرقابة القاعات املستقلة من

عرض أفالم مهرجان السينام املستقلة مام أدى إىل منع املهرجان يف 2007، هذا باإلضافة إىل منع

العديد من املشاهد يف عدد ال يحىص من األفالم واملسلسالت واملرسحيات أو وقف عرضها عىل

خلفيات سياسية ودينية. باإلضافة أيضا إىل وقف بث مجموعة من الفضائيات وإغالق مكتب قناة

العامل اإليرانية وإلغاء تصوير بعض برامج قناة الحرة ومنع أحد حلقات برنامج 90 دقيقة عىل قناة

املحور والتي كانت مخصصة ملناقشة مرشوع قانون مكافحة اإلرهاب يف حينها وجزء من برنامج

العارشة مساء عىل قناة دريم إثر عرضه تقريرا عن بعض انتهاكات الرشطة.

واستخدم رجال مجمع البحوث اإلسالمية سلطاتهم املستندة إىل الضبطية القضائية التي منحهم

إياها وزير العدل يف 2004 يف مصادرة عرشات الكتب والروايات يف 2008 منها »كائن ال تحتمل

خفته« و »الحياة يف مكان آخر« و »كتاب الضحك والنسيان« مليالن كونديرا و »إيفالونا« إليزابيل

الليندي و »أحالمي ال تعرف حدود« لتيش جيفارا. كذلك قامت الكنيسة مبصادرة بعض الكتب

Page 39: حاله المشاركة العامة في مصر

38

التي تخالف الروايات الرسمية للكنيسة ككتاب »أموال الكنيسة إىل أين؟« لألب إبراهيم عبد السيد

وكتاب »سرية أبونا متى املسكي« من تأليف رهبان دير أبو مقار. هذا باإلضافة للدعاوى القضائية

التي رفعتها الكنيسة املرصية ضد فيلم »بحب السيام« و كتاب وفيلم »شفرة دافنيش« ورواية

»عزازيل« ليوسف زيدان الذي أحيل إىل نيابة أمن الدولة العليا بتهمة »ازدراء املسيحية«.

جدير بالذكر أن املؤسسات الدينية يف مرص ممثلة يف االزهر ومجمع البحوث االسالمية والكنيسة

املرصية تلعب دورا يف فرض الرقابة عيل الكتابات الفكرية والروائية وفرض وصاية عيل األعامل

الفنية والقيام بإصدار قرارات مبصادرة الكتب واملطبوعات املختلفة، فضال عن إصدار قرارات مبنع

عرض أفالم أو مسلسالت أو مرسحيات. وال يوجد لتلك الرقابة التي تؤدى إىل املصادرة أو املنع

سند قانوين؛ فتنص املادة 15 من القانون 103 لسنة 1961 الخاص بتنظيم األزهر والهيئات التي

يشملها عىل دوره يف الرقابة عىل الكتب واألعامل الفنية فتنص عىل أن »مجمع البحوث اإلسالمية

هو الهيئة العليا للبحوث اإلسالمية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب السيايس

واملذهبي وتوسيع نطق العلم البها لكل مستوى ويف كل بيئة وبيان الرأي فيام يجد من مشكالت

مذهبية أو اجتامعية تتعلق بالعقيدة«، وهي ما ال تتضمن هي أو الجزء الخاص بها يف الالئحة

التنفيذية للقانون أو غري ذلك من النصوص القانونية أي دور لألزهر يف مراقبة اإلبداع الفني واألديب

أو طلب مصادرته. وال يختلف األمر من الناحية القانونية بالنسبة للكنيسة املرصية، إال أن املامرسة

العملية املستندة عىل اعتبارات سياسية وليست قانونية كثريا ما تتيح للمؤسستي التدخل والضغط

من أجل وقف أو مصادرة العديد من األعامل الفنية واألدبية.

ويف الفرتة االنتقالية لحكم املجلس العسكري صدر حكام ابتدائيا بالحبس ضد املمثل عادل إمام

عىل خلفيات اعرتاضات دينية عىل بعض أعامله القدمية. بينام شهدت فرتة حكم الرئيس محمد

مريس أحكاما قضائية عديدة عىل خلفية النرش أو التعبري عن اآلراء كالحكم عىل بيشوي كميل

بتهمة ازدراء األديان وسب الرسول عىل خلفية مواد نرشها عىل صفحته الخاصة عىل فيسبوك،

واملدون ألبري صابر عياد، واملعلمة دميانة عبد النور، واملحامي روماين مراد سعد املتهمي بنفس

التهمة، والحكم بالحبس خمسة سنوات عىل الروايئ كرم صابر عىل خلفية نرش كتابه »أين الله«.

هذا باإلضافة منع الرقابة لفيلم »ال مؤاخذه« للمخرج عمرو سالمة، واعتداء أعضاء الجامعة

اإلسالمية عىل حفل غنايئ يف املنيا.

أما يف فرتة حكم الرئيس االنتقال عديل منصور، فربغم من أن االتجاه الرسمي للدولة يف تلك الفرتة

كان يتجه نحو إدانة التطرف الديني لجامعة اإلخوان املسلمي وحلفائها إال أن تلك الفرتة مل تخل

Page 40: حاله المشاركة العامة في مصر

39

أيضا من مهاجمة حريات الرأي واإلبداع عىل خلفيات دينية، ولعل أبرز الوقائع املتعلقة بذلك تأييد

الحكم بحق الكاتب »كرم صابر« عىل خلفية روايته »أين الله«، وحبس السيدة »شهرية محمد

سليامن« يف األقرص بتهمة ازدراء األديان، والقبض عىل طبيب مرصي شيعي بسبب حمل بروازا

يحمل صورة حسن نرص الله. كذلك يتواصل الجدل حول رفض األزهر ومجمع البحوث اإلسالمية

عرض الفيلم العاملي »نوح« بدور العرض املرصية، وتدخل رئيس الوزراء إبراهيم محلب من أجل

وقف عرض فيلم »حالوة روح« بقرار إداري.

إن هذه األمثلة املذكورة النتهاكات حرية الرأي والتعبري وتقييدها يف املامرسة العملية هي غيض

من فيض حيث أنه ليس باإلمكان رصد كافة تلك االعتداءات التي متت يف كافة العهود السابقة

وإىل اآلن يف عدد قليل من الصفحات، ولكن ما تقوم به الدراسة هنا هو توضيح لبعض أمثلة تلك

املامرسات التي كام يتضح تهدر متاما أية ضامنات لحرية الرأي والتعبري تضمنتها الدساتري املرصية أو

املواثيق الدولية التي وقعت مرص عليها.

2. حرية التنظيم

بينام يشمل الحق يف التنظيم جميع أشكال التنظيم املدين والنقايب والسيايس إال أننا سوف نتطرق

يف هذه الدراسة بشكل أسايس إىل التنظيم املدين أو ما ميكننا تعريفه بالحق يف تكوين الجمعيات

ومنظامت املجتمع املدين. وتعد منظامت املجتمع املدين هي الحلقة الوسيطة بي الفرد والدولة

املنوط بها زيادة وعي األفراد وتحقيق التنمية البرشية عن طريق بث الوعي ونرش املعرفة مبا

يرسخ قيم املواطنة ويسهم يف تربية املواطني عيل ثقافة الدميقراطية يف إطار من الحوار الحر البناء

إلحداث مزيد من التنمية االجتامعية واالقتصادية والثقافية والتأثري يف السياسات العامة وتعميق

مفهوم التضامن االجتامعي.

ويك يتسنى ملنظامت املجتمع املدين القيام بدورها املجتمعي يف تحقيق التنمية االجتامعية والثقافية

والسياسية واالقتصادية ينبغي توافر مناخ قانوين وسيايس يؤهل الجمعيات األهلية ملامرسة دورها

يف املجتمع، حيث تعد الجمعيات واملؤسسسات األهلية أبرز االشكال التنظيمية يف املحفل االهيل،

فهي مبثابة اإلطار الذي يجمع املجهودات الفردية الداعمة لألنشطة الحقوقية واالجتامعية والثقافية

املختلفة، وقد لعبت الجمعيات األهلية دورا مؤثرا يف تاريخ مرص الحديث، وكانت أحد العوامل

التي ساعدت يف إحداث النهضة املرصية والزخم السيايس والفكري يف منتصف القرن التاسع عرش

وبدايات القرن العرشين.

Page 41: حاله المشاركة العامة في مصر

40

1.2. حرية التنظيم يف املواثيق الدولية

نظرا ملا متثله منظامت املجتمع املدين من أهمية، فقد كفلت املواثيق الدولية الحق يف تكوين

وإنشاء تلك التنظيامت بحرية، وجميع تلك املواثيق -كام أسلفنا- قد انضمت إليها وصادقت عليها

مرص وتعد جزء ال يتجزأ من قوانينها الداخلية. وذلك عىل النحو التايل:

1.1.2. اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية

تنص املادة )20( من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان عيل أنه:

1- لكل شخص حق يف حرية االشرتاك يف االجتامعات والجمعيات السلمية.

2- ال يجوز إرغام أحد عىل االنتامء إىل جمعية ما.

ويؤكد العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية عىل الحق يف التنظيم وتكوين الجمعيات

والنقابات واالنضامم إليها فتنص املادة )22( من العهد عيل أنه:

1- لكل فرد حق يف حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، مبا يف ذلك حق إنشاء النقابات واالنضامم

إليها من أجل حامية مصالحه.

2- ال يجوز أن يوضع من القيود عىل مامرسة هذا الحق إال تلك التي ينص عليها القانون وتشكل

تدابري رضورية، يف مجتمع دميقراطي، لصيانة األمن القومي أو السالمة العامة أو النظام العام

أو حامية الصحة العامة أو اآلداب العامة أو حامية حقوق اآلخرين وحرياتهم«.

2.1.2. امليثاق العريب لحقوق اإلنسان وامليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب

تنص املادة )24( من امليثاق العريب لحقوق اإلنسان عىل أن »لكل مواطن الحق يف حرية تكوين

الجمعيات مع اآلخرين واالنضامم إليها«، وتنص املادة )35( من امليثاق العريب لحقوق اإلنسان عىل

أنه:

Page 42: حاله المشاركة العامة في مصر

41

»1- لكل شخص الحق يف حرية تكوين الجمعيات أو النقابات املهنية واالنضامم إليها وحرية

مامرسة العمل النقايب من أجل حامية مصالحه.

2- ال يجوز فرض أي من القيود عىل مامرسة هذه الحقوق والحريات إال تلك التي ينص عليها

الترشيع النافذ وتشكل تدابري رضورية لصيانة األمن القومي أو السالمة العامة أو النظام العام

أو حامية الصحة العامة أو اآلداب العامة أو حامية حقوق اآلخرين وحرياتهم.«

بينام تنص املادة )10( من امليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب عىل أنه: »یحق لكل إنسان

أن یكون وبحریة جمعیات مع آخرین رشیطة أن یلتزم باألحكام التى حددها القانون«.

3.1.2. إعالن حامية املدافعي عن حقوق اإلنسان

باالضافة إيل املواثيق السابقة فهناك عدد آخر من املواثيق واالتفاقات الدولية التي أقرت وأكدت

عيل الحق يف التنظيم كـاإلعالن املتعلق بحق ومسؤولية األفراد والجامعات وهيئات املجتمع يف

تعزيز وحامية حقوق اإلنسان والحريات األساسية املعرتف بها عامليا، واملعروف اختصارا باسم

»إعالن حامية املدافعني عن حقوق اإلنسان« الصادر مبوجب قرار الجمعية العمومية لألمم

املتحدة رقم 144/53 بتاريخ 9 ديسمرب 1998، وينص اإلعالن يف املادة )1( عىل أنه: »من حق كل

شخص مبفرده وباالشرتاك مع غريه، أن يدعو ويسعى إىل حامية وإعامل حقوق االنسان والحريات

االساسية عىل الصعيدين الوطني والدويل«.

وينص يف املادة )5( عىل أنه:

»لغرض تعزيز وحامية حقوق االنسان والحريات االساسية، يكون لكل شخص الحق، مبفرده

وباالشرتاك مع غريه، عىل الصعيدين الوطني والدويل يف:

االلتقاء أو التجمع سلميا؛ أ. 

تشكيل منظامت أو جمعيات أو رابطات أو جامعات واالنضامم إليها واالشرتاك فيها؛ب. 

االتصال باملنظامت غري الحكومية أو باملنظامت الحكومية الدولية«.ج. 

Page 43: حاله المشاركة العامة في مصر

42

2.2. حرية التنظيم يف الدساتري املرصية.

نصت كافة الدساتري املرصية منذ دستور 1923 عىل حق املواطني يف التنظيم والذي يتجىل بوضوح

يف حق تكوين الجمعيات، فبينام نصت املادة )21( من دستور 1923 عىل أنه »للمرصيني حق

تكوين الجمعيات، وكيفية استعامل هذا الحق يبينها القانون«، نصت املادة )55( من دستور 1971

عىل أنه »للمواطنني حق تكوين الجمعيات عىل الوجه املبني يف القانون، ويحظر إنشاء جمعيات

يكون نشاطها معاديا لنظام املجتمع أو رسيا أو ذا طابع عسكري«. وأقر دستور 2012 الحق يف

تكوين الجمعيات يف املادة )51( التي تنص عىل أن »للمواطنني حق تكوين الجمعيات واملؤسسات

األهلية، واألحزاب مبجرد اإلخطار، ومتارس نشاطها بحرية، وتكون لها الشخصية االعتبارية.وال

يجوز للسلطات حلها أو حل هيئاتها اإلدارية إال بحكم قضاىئ؛ وذلك عىل النحو املبني بالقانون«.

وانتهى دستور 2014 املعمول به حاليا يف نص مادته رقم )75( عىل أنه »للمواطني حق تكوين

الجمعيات واملؤسسات األهلية عىل أساس دميقراطي، وتكون لها الشخصية االعتبارية مبجرد

اإلخطار، ومتارس نشاطها بحرية، وال يجوز للجهات اإلدارية التدخل يف شئونها أو حلها أو حل

مجالس إدارتها أو مجالس أمنائها إال بحكم قضايئ، ويحظر إنشاء أو استمرار جمعيات أو مؤسسات

أهلية يكون نظامها أو نشاطها رسيا أو ذا طابع عسكري أو شبه عسكري، وذلك كله عىل النحو

الذي ينظمه القانون«.

فضال عن حكم املحكمة الدستورية العليا يف الطعن رقم 153 لسنه 21 قضائية يف عام 2000 الذي

نص عىل أن »منظامت املجتمع املدين –وعىل ما جرى قضاء هذه املحكمة- هي واسطة العقد بي

الفرد والدولة، إذ هي الكفيلة باالرتقاء بشخصية الفرد بصفته القاعدة السياسية يف بناء املجتمع،

وذلك عن طريق بث الوعي ونرش املعرفة والثقافة العامة ومن ثم تربية املواطني عىل ثقافة

الدميقراطية والتوافق يف إطار من الحوار الحر البناء وتعبئة الجهود الفردية والجامعية إلحداث

مزيد من التنمية االجتامعية واالقتصادية معا، والعمل بكل الوسائل املرشوعة لضامن الشفافية

وترسيخ قيمة حرمة املال العام والتأثري يف السياسيات العامة وتعميق مفهوم التضامن االجتامعي

ومساعدة الحكومة عن طريق الخربات املبذولة واملرشوعات الطوعية عىل أداء أفضل للخدمات

العامة والحث عىل توزيع املوارد وتوجيهها وترشيد اإلنفاق العام وإبراز دورة القدوة. وبكل أولئك

تذيع املصداقية وتتحدد املسئولية بكل صورها فال تشيع وال تنامع، ويتحقق العدل والنصفة

وتتناغم قوى املجتمع الفاعلة فتتالحم عىل رفعة شأنه والنهوض به إىل ذرى التقدم«.

Page 44: حاله المشاركة العامة في مصر

43

ورغم أن الدستورين األخريين 2012 و 2014 قد حمال تطورا هاما يف شأن تأسيس الجمعيات

واملؤسسات األهلية إذ نصا عيل حق تكوين الجمعيات باإلخطار، إال أنه يف ذات الوقت أعطي كل

منهام الجهة اإلدارية حق حل الجمعية مبوجب حكم قضايئ وهو ما يعني الحكم بإعدام الجمعية

ذاتها وإلغاء شخصيتها االعتبارية، األمر الذي يخالف بشكل واضح مبدأ شخصية العقوبة، حيث

ينبغي أن يكون الحل –حتي يف ظل الحكم القضايئ– منرصفا إيل مجلس ادارة الجمعية وليس

للجمعية ذاتها.

3.2. حرية التنظيم يف القانون املرصي

كام ذكرنا فإن حرية التنظيم هي مصطلح أوسع من الحق يف تنظيم الجمعيات إذ تشمل حق

تنظيم الجمعيات والنقابات واألحزاب السياسية وغريها من التنظيامت التي تخدم مصالح األفراد

واملجموعات داخل الدولة، إال أننا سنتناول هنا فقط من بي الوجوه العديدة لحق التنظيم حق

تنظيم الجمعيات فقط عىل وجه التحديد.

قبل ثورة يوليو 1952 كانت النصوص القانونية املنظمة لعمل الجمعيات االهلية هي جزء من

القانون املدين وليس لها قانون مستقل، إذ كان إشهار الجمعيات يقوم فقط عيل االخطار وتوقع

العقوبات عىل املخالفي وفقا لقانون العقوبات، عيل أنه بقيام ثورة يوليو 1952 وإلغاء التعددية

الحزبية واعتامد التنظيم السيايس الواحد تم تأميم النشاط األهيل، وصاحب ذلك ما يعرف بـ

»بريوقراطية« الدولة التي هيمنت عىل كافة القطاعات االجتامعية واالقتصادية والثقافية. يف هذا

السياق تم إصدار القرار الجمهوري رقم 384 عام 1956 والذي نص عىل إلغاء املواد من 54 إىل 80

من القانون املدين بشأن الجمعيات األهلية، وقد فرض هذا القرار حل هذه التنظيامت جميعها

وتعديل نصوصها، ومنذ ذلك التاريخ وضعت الدولة قبضتها عيل العمل األهيل يف مرص وحدت

كثريا من فاعليته وأخضعت كافة اجراءات تأسيس الجمعيات وأنشطتها ومتويلها وإدارتها لسلطة

الحكومة، وأصدرت القانون رقم 32 لسنة 1964 الذي مكن الدولة من فرض سيطرتها املطلقة عيل

العمل االهيل، ويف عام 1999 صدر القانون رقم 153 لتنظيم العمل االهيل، كنتيجة مبارشة للنقد

الشديد واملطالبات بالغاء القانون 32، إال أن القانون الجديد مل يختلف كثريا عن سابقه من حيث

فرض هيمنة جهة اإلدارة عيل إنشاء وترخيص وإدارة وأنشطة الجمعيات، جدير بالذكر أن القانون

153 مل ينل حظه من التطبيق، حيث أنه يف اليوم التايل عىل صدور الالئحة التنفيذية للقانون صدر

حكم املحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون 153 لعدم عرضه أوال عيل مجلس الشوري

باعتباره من القواني املكملة للدستور، وأخريا صدر القانون رقم 84 لسنة 2002 املنظم لعمل

Page 45: حاله المشاركة العامة في مصر

44

الجمعيات و املؤسسات االهلية الذي مل يختلف عن سابقيه أيضا من حيث القيود املفروضة عيل

عمل الجمعيات ومخالفته للحق يف التنظيم الوارد يف املواثيق الدولية والدستور املرصي عيل النحو

الذي سوف نعرض له تفصيال.

وقد حرصت القواني املختلفة املنظمة لعمل الجمعيات يف مرص بدءا من القانون 32 لسنة 1964

وانتهاء بالقانون 84 لسنة 2002 املعمول به حاليا عىل تقييد وإعاقة العمل األهيل وإعطاء جهة

اإلدارة الحق يف التدخل الفج يف كافة تفاصيل عمل الجمعيات األهلية. ويف القانون 84 لسنة 2002

املعمول به حاليا منحت الجهة اإلدارية املمثلة يف وزارة الشئون االجتامعية ومديرياتها الحق

املطلق يف التدخل يف شئون وإدارة الجمعيات بداية من التأسيس مرورا بشئون االدارة وسلطات

الجمعية العمومية، والتمويل وانتهاء بالحل والتصفية، فضال عن العقوبات املغلظة التي تفرض عيل

الجمعية وأعضائها، ما ميثل اعتداء عيل الحق يف التنظيم وقيدا عيل حرية تشكيل وعمل الجمعيات

واملؤسسات األهلية، وذلك عيل النحو اآليت:

2.3.1. قيود عىل التأسيس

جاء القانون مقرا لنظام اإلذن املسبق )الرتخيص( يف تكوين الجمعيات –فضال عن اشرتاطه وجود

10 أشخاص لتكوين الجمعية- وبذلك ال يستطيع الفرد مامرسة حريته التي كفلها له الدستور إال

بعد أن يستأذن اإلدارة، بينام يسمح نظام اإلخطار للفرد بأن يترصف بحريته ثم يساءل بعد ذلك

إذا ما كان قد أوقع رضرا بالفعل، وهي الرؤية الدميقراطية يف تنظيم الحريات. ويتجىل هذا القيد يف

رضورة موافقة الجهة اإلدارية عىل اإلخطار بطلب إنشاء الجمعية واملوافقة عىل أعضائها املؤسسي.

وقد قامت فلسفة القانون عىل قاعدة أساسية هي غاية يف االستبداد وهي أن تشكيل الجمعيات

واملؤسسات املدنية ليست فعل إرادي حر، بل هي فعل ال يتم إال مبشيئة الدولة ومن ثم فإذا أراد

عدد من األفراد تشكيل جمعية أو مؤسسة فإن هذا الفعل يظل غري قائم إال بعد موافقة الجهة

اإلدارية. وكان املشتغلون بالعمل األهيل يف مرص يأملون يف اعتامد قاعدة األخطار بدال من الرتخيص

)وهو ما أقره الدستور الجديد ( وهو أيضا املبدأ القائم يف العديد من الدول الدميقراطية.

2.3.2. حق الجهة اإلدارية يف االعرتاض عيل النظام األسايس واملؤسسي

مبوجب نص املادة )8( متنح الجهة اإلدارية حق االعرتاض عىل ما تراه وجها لالعرتاض يف النظام

Page 46: حاله المشاركة العامة في مصر

45

األسايس للجمعية أو فيام يتعلق باملؤسسي، مبا يزيد من فرض هيمنة جهة اإلدارة عيل نشاط

الجمعية وأعضائها من خالل سلطتها املطلقة يف االعرتاض عيل النظام األسايس أو املؤسسي.

3.3.2. قيود عىل االنضامم للجهات الدولية

أيضا أجازت املادة )16( من القانون للجمعية أن تنضم أو تشرتك أو تنتسب إىل ناد أو جمعية أو

هيئة أو منظمة مقرها خارج جمهورية مرص العربية برشط إخطار الجهة اإلدارية بذلك، وميض

ستي يوما من تاريخ اإلخطار دون اعرتاض كتايب منها، والجزاء اإلداري لهذه املخالفة هو حل

الجمعية بقرار من وزير الشئون االجتامعية طبقا للامدة )42 /4(.

4.3.2. قيود عىل التربعات والتمويل

حظرت الفقرة األوىل من املادة )17( من القانون عىل الجمعيات قبول التربعات من األشخاص

الطبيعيي ومن األشخاص االعتباريي يف داخل الدولة إال مبوافقة الجهة اإلدارية. أما الفقرة الثانية

من املادة )17( فقد حظرت عىل الجمعيات الحصول عىل أي أموال من الخارج سواء من شخص

مرصي أو شخص أجنبي أو جهة أجنبية أو من ميثلها يف الداخل أو أن ترسل شيئا مام ذكر إىل

أشخاص أو منظامت يف الخارج إال بإذن من وزير الشئون االجتامعية، وهو ما يعنى أن الجمعيات

التي تسري يف ركاب الجهة اإلدارية يتم منحها الرتخيص بالتمويل، والجمعيات التي ال تسري يف ركاب

الجهة اإلدارية مينع عنها التمويل داخليا كان أم خارجيا.

5.3.2. سلب اختصاصات الجمعية العمومية

إمعانا ىف فرض هيمنة الجهات اإلدارية عىل الجمعيات واملؤسسات األهلية فاملادة )25( من القانون

84 لسنة 2002 متنح الجهة اإلدارية الحق ىف دعوة الجمعية لالنعقاد عن طريق املفوض املعي

طبقا للامدة )40( من القانون. ففى حالة إذا ما أصبح عدد أعضاء مجلس اإلدارة ال يكفى النعقاده

صحيحا جاز لوزير الشئون االجتامعية بعد أخذ رأى االتحاد العام للجمعيات واملؤسسات األهلية -

ورأيهم هنا غري ملزم - أن يعي بقرار مسبب مفوضا من بي األعضاء الباقي أو غريهم عند الرضورة

تكون له اختصاصات مجلس اإلدارة ويجب عىل املفوض دعوة الجمعية العمومية خالل 60 يوما

إلنتخابات مجلس إدارة جديدة فإذ مل تدع لإلجتامع خالل هذا امليعاد اعتربت مدعوة إليه بقوة

القانون يوم الجمعة التاىل لفوات امليعاد املشار اليه، وتنظم الالئحة التنفيذية لهذا القانون أوضاع

Page 47: حاله المشاركة العامة في مصر

46

هذا االجتامع. وتنتهي مهمة املفوض بانتخاب مجلس إدارة جديد، فمن خالل مطالعة النص يتضح

مدى منهجية املرشع يف التدخل الدائم يف الشئون الداخلية للجمعيات، فكان من األجدى أن تنص

املادة سالفة البيان عىل أنه حال إذ ما أصبح عدد أعضاء مجالس اإلدارة ال يكفي النعقاده صحيحا

تحدد مدة زمنيه الجتامع مجلس اإلدارة يكون مبن حرضه من األعضاء وتصدر قراراته بأغلبية

الحارضين ويكون من حق هذا املجلس الدعوى إىل عقد جمعية عمومية طارئة النتخاب مجلس

إدارة جديد دون الحاجة اىل تعي مفوض مبعرفة الشئون االجتامعية، وإمعانا يف التدخل غري املربر

يف شئون الجمعيات وسلب اختصاصات الجمعية العمومية فإن املادة )23( من القانون تشري إىل

أنه ىف األحوال التى تصدر فيها الجمعية قرارا ترى الجهة اإلدارية املختصة أنه مخالف للقانون أو

النظام األسايس يكون لهذه الجهة اإلدارية أن تطلب من الجمعية بكتاب موىص عليه بعلم الوصول

سحب القرار فإذا مل تقم الجمعية بسحبه خالل )15( يوما من تاريخ إخطارها كان للجهة اإلدارية

أن تعرض األمر عىل اللجنة املنصوص عليها ىف املادة )7( من هذا القانون ويكون لكل ذي شأن

الطعن ىف القرار الصادر من اللجنة أمام املحكمة املختصة، وهو األمر الذي يعد اغتصابا لسلطة

الجمعية العمومية يف اإلرشاف عىل أعامل مجلس إدارتها.

6.3.2. التدخل ىف شئون مجلس اإلدارة

تتيح املادة )34( للجهة اإلدارية ولكل ذي شأن إخطار الجمعية مبن ترى استبعادهم لعدم توافر

الرشوط الواجب انطباقها عىل املرشحي لعضوية مجلس اإلدارة وذلك خالل )7( أيام التالية لعرض

مجلس اإلدارة قامئة بأسامء املرشحي لعضوية مجلس اإلدارة وإخطار الجهة اإلدارية بالقامئة خالل

الثالثة أيام التالية لذلك وقبل موعد االنتخابات بستي يوما عىل األقل. فإذا مل يثبت تنازل ذلك

املرشح عن الرتشيح خالل سبعة أيام من تاريخ إخطار الجمعية كان للجهة اإلدارية ولذوي الشأن

عرض األمر عىل اللجنة املنصوص عليها ىف املادة )7( من هذا القانون وذلك خالل السبعة أيام

التالية النتفاء امليعاد األخري.

ويتعي عىل اللجنة أن تصدر قرارها خالل العرشة أيام التالية لتاريخ العرض عليها ويكون للجهة

اإلدارية ولذي الشأن رفع الدعوى إىل املحكمة املختصة خالل السبعة أيام التالية لصدور قرار اللجنة

أو انتفاء املدة املحددة إلصداره وتفصل املحكمة ىف الدعوى قبل املوعد املحدد لالنتخابات وكان

يتوجب أن يتضمن النص اإلجراء الذي سيتم ىف حالة عدم متكن املحكمة ىف الفصل ىف الطلب قبل

ميعاد االنتخابات، هل يتم تأجيل االنتخابات وىف حالة تأجيل هذه االنتخابات من املنوط به إصدار

مثل هذا القرار املحكمة أم اللجنة أم الجمعية أم الجهة اإلدارية.

Page 48: حاله المشاركة العامة في مصر

47

7.3.2. حق الجهة اإلدارية يف حل الجمعية

أتاح القانون 84 لسنة 2002 للجهة اإلدارية حل الجمعيات دون اللجوء للقضاء، مبعنى أنه يحق

للوزير، أو وكيال عنه حل الجمعية دون عرض األمر عىل القضاء، حيث نصت املادة )42( من

القانون عىل أن:

يكون حل الجمعية بقرار مسبب من وزير الشئون االجتامعية بعد أخذ رأى االتحاد العام وبعد

دعوة الجمعية لسامع اقوالها ىف االحوال االتية :

الترصف ىف أموالها أو تخصيصها ىف غري األغراض التى أنشئت من أجلها؛. 1

الحصول عىل أموال من جهة خارجية أو إرسال اموال اىل جهة خارجية باملخالفة لحكم . 2

الفقرة الثانية من املادة )17( من هذا القانون؛

ارتكاب مخالفة جسيمة للقانون أو النظام العام أو اآلداب العامة؛. 3

االنضامم أو االشرتاك أو االنتساب إىل ناد أو جمعية أو هيئة أو منظومة مقرها خارج . 4

جمهورية مرص العربية باملخالفة لحكم املادة )16( من هذا القانون؛

ثبوت استهداف أو مامرسة نشاط من األنشطة املحظورة ىف املادة )11( من هذا القانون؛. 5

القيام بجمع تربعات باملخالفة لحكم الفقرة االوىل من املادة )17( من هذا القانون.. 6

ولوزير الشئون االجتامعية أن يصدر قرارا بالغاء الترصف املخالف أو بإزالة سبب املخالفة أو بعزل

مجلس اإلدارة أو بوقف نشاط الجمعية وذلك ىف أيا من الحالتي اآلتيتي :

عدم انعقاد الجمعية العمومية عامي متتاليي أو عدم انعقادها بناء عىل الدعوة إلنعقادها . 1

تنفيذا لحكم الفقرة الثانية من املادة )40( من هذا القانون؛

عدم تعديل الجمعية نظامها وتوفيق أوضاعها وفقا ألحكام هذا القانون. . 2

كام يجوز لوزير الشئون االجتامعية االكتفاء بإصدار أى من القرارت املذكورة ىف الفقرة السابقة ىف

الحاالت املنصوص عليها ىف الفقرة األوىل وذلك بدال من حل الجمعية.

ولكل ذى شأن الطعن عىل القرار الذى يصدره وزير الشئون االجتامعية أمام محكمة القضاء اإلدارى

Page 49: حاله المشاركة العامة في مصر

48

وفقا لإلجراءات واملواعيد املحددة لذلك ودون التقيد بأحكام املادة )7( من هذا القانون وعىل

املحكمة أن تفصل ىف الطعن عىل وجه االستعجال وبدون مرصوفات، ويعترب من ذوى الشأن ىف

خصوص الطعن أى من أعضاء الجمعية التى صدر ىف شأنها القرار.

واملالحظ أن أسباب الحل يف جزء كبري منها فضفاضة لدرجة تتيح للجهة اإلدارية التوسع يف أسباب

الحل مثل مخالفة النظام العام أو اآلداب العامة، وهي عبارات واسعة التأويل ليس لها معيار أو

ضابط وتسمح للجهة اإلدارية بالقيام بحل الجمعية دون سبب أو مسوغ قانوين واضح ومحدد،

وذلك باملخالفة ملا استقرت عليه املحكمة الدستورية العليا متى أقرت يف أكرث من موضع عىل أن

األصل يف النصوص العقابية أن تصاغ يف حدود ضيقه لضامن أن يكون تطبيقها محكام، فقد صار من

املحتم أن يكون متيعيها محظورا. ذلك أن اتساع قوالبها قد يرصفها إىل غري األغراض املقصودة منها،

ويتعي بالتايل أن يكون النص العقايب حدا قاطعا ) الحكم 105 لسنة 12 ق دستورية(.

كام أن أغلب تلك األسباب التي منحت للجهة اإلدارية مكنة حل الجمعيات هي أسباب تدخل يف

نطاق رقابة الجمعية العمومية عىل أعامل مجلس إدارتها حيث أن األصل هو اختصاص الجمعية

العمومية ىف مراقبة ومحاسبة مجلس اإلدارة وسحب الثقة من أي عضو من أعضائه ىف حالة تجاوز

النظام األسايس، بيد أن القانون الجديد وإضافة لكونه قد سلب من الجمعية العمومية كافة

اختصاصاتها فيام يتصل بتجاوزات مجلس اإلدارة، بتجاوز القانون وذلك عمدا إىل حل الجمعية كليا

وهو إجراء مبثابة اغتيال معنوي للجمعية أو وقف النشاط املخالف وهو ما يؤكد املعنى ذاته، وكان

من املفرتض استمرارية نشاط الجمعية ومحاسبة أعضاء مجلس اإلدارة عن التجاوزات املنسوبة وفقا

للنظام األسايس والقواعد القانونية، بل أن األدهى من ذلك أنه وضع كل هذه اإلمكانيات والسلطات

من يد وزير الشئون االجتامعية. وبعد حل الجمعية وتصفية أموالها ومصادرة كافة األوراق

واملستندات الخاصة بها، يحق ألعضاء الجمعية الطعن يف قرار الحل والتصفية أمام القضاء، وذلك

بعد تجريد الجمعية من كافة األسلحة التي ميكن أن تستعي بها يف الدفاع عن نفسها واملتمثلة يف

مصادرة مستندات الجمعية واالستيالء عليها من قبل الجهة اإلدارية عند قيامها بحل الجمعية.

أيضا مام يجدر االشارة إليه يف هذا الصدد أن معظم املخالفات التي تربر حل الجمعية إداريا تشكل

يف جوهرها مخالفات ارتكبها أشخاص حتى ولو كانوا يف مجلس اإلدارة وبدال من أن يتحملوا هم

مغبة ما ارتكبوه من مخالفات أيت القانون ليحاسب الجمعية كشخص معنوي بعقوبة الحل اإلداري

بناء عىل اتهامات مرسلة ألشخاص بذواتهم ومن ثم ال يجوز قانونا أن ميتد العقاب ليشمل غري

مرتكبي الفعل املؤثم واالستناد إيل املزاعم واالتهامات ال يصح سندا لإلعدام املدين للجمعية بحلها،

Page 50: حاله المشاركة العامة في مصر

49

وبوصف الحل عقوبة جامعية فذلك يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة.

8.3.2. القيود عىل األنشطة

قيد القانون عمل الجمعيات ىف امليادين املختلفة لتنمية املجتمع بقواعد وإجراءات مل يحددها

وإن ترك تحديدها لالئحة التنفيذية، فضال عن أنه منع عمل الجمعيات ىف أكرث من ميدان إال بعد

أخذ رأى اإلتحادات املختصة وموافقة الجهة اإلدارية. استعمل املرشع أيضا التعبريات املطاطة

والفضفاضة لحصار الجمعيات وتضييق ميادين عملها وأنشطتها كتعبري »الوحدة الوطنية« أو

»مخالفة النظام العام واآلداب« حيث أوجب القانون عىل الجهة اإلدارية املختصة أن ترفض بقرار

مسبب طلب قيد ملخص النظام األسايس للجمعية خالل الستي يوما املشار إليها إذا تبي لها أن من

بي أغراضها أن متارس نشاطا يعمل عىل تهديد الوحدة الوطنية أو مخالفة النظام العام أو اآلداب.

وهي عبارات ليس لها تعريف محدد ومنظبط، مام يفتح الباب لتقيد أنشطة الجمعيات.

حظر املرشع أيضا يف البند 3 من املادة )11( عىل الجمعيات مامرسة أي نشاط سياىس أو نقايب

بهدف تحجيم عمل مؤسسات املجتمع املدين املهتمة بدعم حقوق اإلنسان، وعىل الجانب اآلخر مل

يرد يف القانون املرصي بشكل عام وال يف القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن األحزاب السياسية، وال

حتي يف قانون األحزاب السياسية الذي صدر بعد 25 يناير تعريف منضبط للعمل السياىس، كام مل

يرد يف أي من قواني النقابات املهنية املختلفة تعريفا محددا للعمل النقايب.

9.3.2. إعاقة حق الجمعيات يف اللجوء املبارش للقضاء

استحدث القانون يف املادة السابعة منه لجانا خاصة يف كل محافظة ينشئها وزير العدل بقرار منه

لفحص املنازعات التي تنشأ بي الجهة اإلدارية والجمعية وتسويتها بالطرق الودية، ومن ثم ال يجوز

مبوجب هذه املادة ملحاكم القضاء اإلداري قبول أي دعوى تتعلق بنزاع بي الجمعية والجهة اإلدارية

إال بعد صدور قرار من هذه اللجنة أو انقضاء ستي يوم من عرض النزاع عليها. وغني عن الذكر

عدم حيادية تلك اللجان بشكل يرجح كفة الجهة اإلدارية حيث تتشكل برئاسة أحد مستشاري

محاكم االستئناف وتضم يف عضويتها ممثل للجهة األدارية وممثل للجمعية وممثل لالتحاد االقليمي

يرشحه مجلس إدارة االتحاد العام الذي يعي رئيس الجمهورية رئيسه وثلث أعضائه.

Page 51: حاله المشاركة العامة في مصر

50

10.3.2. تغليظ العقوبات والعقوبات السالبة للحرية

تشدد القانون يف العقوبات الواردة فيه، ليس فقط من حيث قسوتها ولكن أيضا من حيث اتساعها

ومداها فیعاقب بالحبس ملدة سنة وبغرامة عرشة آالف جنيه أو بإحدي العقوبتین من أنشأ جمعیة

یكون نشاطها رسیا أو بارش نشاطا من األنشطة املنصوص عليها يف البنود الثالثة األوىل من املادة

)11( من القانون. ویحكم يف هاتین الحالتین بحل الجمعیة إذا متت مبارشة النشاط باسم الجمعیة.

ویعاقب بالحبس لستة أشهر وبغرامة ألفي جنيه أو بإحدى العقوبتي من أنشأ كیانا تحت أي

مسمي يقوم بنشاط من أنشطة الجمعیات أو املؤسسات األهليى دون أن یتبع األحكام املقررة

يف هذا القانون، أو بارش نشاطا من أنشطة الجمعیة أو املؤسسة األهلیة رغم صدور حكم أو قرار

إداري بوقف نشاطها أو حلها، أو تلقي أمواال من الخارج او أرسل للخارج شیئا منها أو قام بجمع

التربعات دون موافقة الجهة اإلداریة.

ویعاقب بالحبس أيضا ملدة ثالثة أشهر وبغرامة ألف جنيه أو إحدى العقوبتي من بارش نشاطا من

أنشطة الجمعیة أو املؤسسة األهلية قبل امتام قيدها عدا أعامل التأسیس. أو ساهم يف انضاممها أو

اشرتاكها أو انتسابها إيل ناد أو جمعیة أو هيئة دولية دون اخطار الجهة اإلدارية أو رغم اعرتاضها.

4.2. حرية تنظيم الجمعيات يف املامرسة العملية

من الغريب أنه برغم كل تلك القيود التي يحتويها قانون الجمعيات واملؤسسات تأيت املامرسة

العملية أكرث تعسفا؛ تارة من حيث االستخدام املتعسف لنصوص القانون وتارة من حيث تجاوز

تلك النصوص نحو مزيدا من التقييد. يأيت كل ذلك يف إطار حملة إعالمية دامئة ومستمرة لوصم

وتشويه منظامت املجتمع املدين خاصة املهتمة منها مبجاالت الدميقراطية وحقوق اإلنسان

والسياسات العامة. ومن أشكال تلك املامرسة ما ييل:

1.4.2. محارصة أشكال التنظيم األخرى

شهدت مرص وبعض البلدان العربية ظاهرة الرشكات املدنية التي تعلن عن نفسها كمنظمة غري

ربحية وغري حكومية، وقد كان ذلك مخرجا قانونيا لتأسيس منظامت حقوق اإلنسان، والتي كان يتم

رفض إشهارها طبقا للقانون رقم 32 لسنة 1964 املعمول به يف ذلك الوقت، حيث ال يعرتف األخري

Page 52: حاله المشاركة العامة في مصر

51

بحقوق اإلنسان كمجال للنشاط، فمنذ أواخر الثامنينيات كانت الرشكات املدنية التي تنشأ وفقا

لنصوص القانون املدين )املواد من 505 إيل 537( هي اإلطار القانوين لعمل هذه الرشكات، والذي

مثل مخرجا قانونيا مناسبا لعمل بعض منظامت حقوق االنسان. وحتي بعد صدور القانون 84

لسنة 2002 ظل العديد من النشطاء يلجئون لهذا الشكل القانوين لتجتب مثالب القانون األخري.

مع ذلك فيحاول القانون إغالق هذا املتنفس أيضا بإغالق الطريق أمام أشكال التنظيم األهيل التي

ال ترغب يف اكتساب الصفة القانونية والعمل يف ظله؛ حيث يلزم القانون كل مجموعة متارس نشاطا

من أنشطة الجمعيات أن تسجل نفسها وفقا ألحكامه، حتى لو اتخذت أشكاال قانونية أخرى، وإال

اعتربت منحلة بحكم القانون وقد يتعرض القامئي عليها لعقوبات تصل إىل الحبس ملدة سنة أشهر

وفقا للامدة )76( من القانون. وهي معركة مل تحسم بعد.

2.4.2. رعب املنظامت من صالحيات الجهة اإلدارية

يف دراسة ميدانية أجراها مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان عام 2009 حول تحرير العمل

األهيل يف مرص3 عرب مقابلة 60 جمعية ومؤسسة أهلية يف سبعة محافظات كانت املفاجأة الصادمة

أن 90% من تلك الجمعيات املؤسسات قد رفضت أن تذكر الدراسة اسم الجمعية أو املؤسسة التي

متت معها املقابلة بينام امتنعت مؤسسات أخرى عن تقديم أية معلومات تتعلق مبشاكلهم مع

جهة اإلدارة حتى مع تعهد املركز بعدم ذكر أسامء تلك املؤسسات، وهو ما بعكس املدى الذي

تذهب إليه مامرسات مديريات التضامن االجتامعي يف ترهيب الجمعيات وهو األمر الذي ميكن

فهمه يف ظل ما مينتحه القانون لجهة اإلدارة من صالحيات.

تذكر مالحظات تلك الدراسة أيضا أن غالبية املنازعات مع الجهة اإلدارية التي تجد طريقها إىل

القضاء اإلداري هي فقط املتعلقة مبسائل التأسيس أو الحل، يف حي تفضل الجمعيات عدم اللجوء

للقضاء يف كافة الشئون األخرى سواء الخاصة باألنشطة أو التمويل باعتبار أن الدخول يف منازعة

قضائية مع الجهة اإلدارية قد يفيض إىل مزيد من الضغوط اإلدارية التي قد ال تستطيع الجمعية

تحملها.

3  عصام الدين حسن، طاهر أبوالنرص، رجب سعد )2009( نحو قانون دميقراطي لتحرير العمل األهيل:

دراسة قانونية وميدانية. القاهرة: مركز القاهرة ملعلومات حقوق اإلنسان.

Page 53: حاله المشاركة العامة في مصر

52

3.4.2. االستخدام التعسفي للقانون

واجهت العديد من الجمعيات صعوبات بالغة يف اإلشهار حيث مل تتمكن من الحصول عىل

املرشوعية القانونية إال بعد شهور أو حتى سنوات من التقدم بطلب التأسيس، واضطر بعضها

إىل اللجوء للقضاء بينام أخفق العديد منها يف التسجيل من األساس تحت مظلة القانون الحايل.

وأمثلة للمؤسسات التي مل تنجح يف التسجيل إال بعد الحصول عىل أحكام قضائية مؤسسة املرأة

الجديدة، وجمعية الجنوب للتنمية وحقوق اإلنسان، ومؤسسة أوالد األرض لحقوق اإلنسان، ودار

الخدمات النقابية والعاملية، وجمعية حامية الرتاث القانوين والدستوري، وجمعية مركز سواسية

لحقوق اإلنسان، وجمعية تنوير العقول. ومن أبرز أشكال التعسف يف استخدام القانون ما وجهته

الجهة اإلدارية يف رفض تأسيس الجمعية املرصية ملناهضة التعذيب يف 2003 من كون أنها تضع بي

أهدافها ما يخالف صحيح القانون حيث أن من بي أهدافها »العمل عىل تعديل القواني املرصية مبا

يتفق مع اتفاقيات حقوق اإلنسان« و »العمل عىل انضامم مرص للمواثيق الدولية لحقوق اإلنسان

التي مل تنضم إليها بعد« و«العمل عىل تشكيل جامعات ضغط عىل متخذي القرار للقيام بحمالت

ضد جرمية التعذيب«. ومن األمثلة الفجة األخرى رفض إشهار مؤسسة »مرصيون ضد التمييز يف

وطن واحد« بدعوى أن تشكيلها ميثل تهديدا للوحدة الوطنية ويدعو للتمييز بي املواطني. ومثال

عىل ذلك التعسف يف إجراءات حل الجمعيات ما حث يف عام 2007 عندما قامت الحكومة املرصية

بحل جمعية املساعدة القانونية لحقوق اإلنسان يف القاهرة عىل أساس مزاعم بسوء اإلدارة املالية

وإغالق ثالثة فروع لدار الخدمات النقابية والعاملية يف املحلة وحلوان ونجع حامدي. ويف حالة

جمعية املساعدة القانونية فقد قامت جهة اإلدارة باستخدام القانون لتصفية الجمعية واالستيالء

عىل كافة أوراقها وأموالها وممتلكاتها يف الوقت الذي كان طعنها منظورا أمام القضاء الذي حكم يف

2008 لصالح الجمعية.

4.4.2. انتهاكات إضافية خارج نطاق القانون

ال تقف تدخالت جهة اإلدارة عىل الحدود املقيدة التي رسمها القانون بل تتعداه إىل أكرث من

ذلك، مثال عىل ذلك تدخل الجهة اإلدارية يف بعض املحافظات إللزام الجمعية بإخطارها عند

تعيي موظفي إلدارة املرشوعات، كام تم رصد بعض الحاالت التي ترص فيها الجهة اإلدارية عىل

اإلطالع عىل سجالت الحضور واالنرصاف للعاملي بالجمعية أو إبداء املالحظات عىل هيكل

املرتبات للعاملي. كام تلقت بعض الجمعيات إخطارات برضورة إخطار الجهة اإلدارية بخصوص

سفر أعضاء مجالس إدارات الجمعيات لتمثيلها يف مؤمترات بالخارج وهو ما ال ينص عليه القانون.

Page 54: حاله المشاركة العامة في مصر

53

عالوة عىل ذلك فقد أفادت بعض الجمعيات التي تعمل يف أنشطة مدرة للدخل للنساء محدودي

الدخل بتلقيها تحفظات من جهة اإلدارة عىل األسعار التي تبيع بها مشغوالتها اليدوية. من أشكال

التدخل الفج وغري القانوين يف شئون الجمعيات تلقى بعض الجمعيات يف بعض املحافظات يف 2007

تعليامت بعدم تقديم أية معلومات أو بيانات إىل أي جهة إال بعد الرجوع للجهة اإلدارية واملقصود

هنا بأي جهة أيضا الجهات الداخلية وليست الجهات الخارجية حتى، بل وأكرث من ذلك عدم

تلبية أية دعوة أو عقد اجتامع مع جمعيات أخرى إال بعد الرجوع لجهة اإلدارة. وميكن فهم تلك

املامرسات والخروقات يف ضوء الحضور الدائم والغري قانوين ألجهزة األمن خلف جهة اإلدارة، وهي

األجهزة التي تعترب صاحبة الكلمة األخرية يف كل ما يخص تأسيس ومتويل وأنشطة الجمعيات، وهو

أمر برغم اعتياده يف املامرسة العملية إال أنه ال يجد له سندا من القانون. وهذه االنتهاكات هي

غيض من فيض وبعض مام ذكره املبحوثي يف دراسة مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان السابق

ذكرها والتي الزالت تحوي العديد من األمثلة التي تقع حتى خارج نطاق قانون الجمعيات املقيد

يف حد ذاته.

5.4.2. الوصم اإلعالمي للمجتمع املدين

تخضع منظامت املجتمع املدين يف مرص خاصة املهتمة منها مبسائل الدميقراطية وحقوق اإلنسان

لحمالت دامئة ومستمرة من التشويه اإلعالمي عرب كافة وسائل اإلعالم، وقد حافظت السلطات

املرصية واملجموعات التابعة لها عىل هذه الحملة بنفس القدر من القوة خالل العهود األربعة

منذ عهد الرئيس حسني مبارك السابق عىل ثورة يناير، مرورا بالحكم االنتقايل للمجلس العسكري

وبحكم الرئيس اإلخواين املنتخب محمد مريس، وانتهاءا بفرتة حكم الرئيس االنتقايل املعي عديل

منصور عقب إزاحة الجيش للرئيس محمد مريس. يف العهود األربعة حرصت وسائل اإلعالم املختلفة

عىل تقديم منظامت املجتمع املدين كمنظامت عميلة لجهات غربية تتلقى متويالت مالية من

أجل زعزعة االستقرار. وقد أضاف كل نظام حكم من األنظمة األربعة ابتكارا جديدا الستخدامه

يف تشويه منظامت املجتمع املدين، فعرض نظام مبارك مسلسالت تليفزيونية تهاجم منظامت

املجتمع املدين وتشوهها، وقام أحد لواءات املجلس العسكري االنتقايل بالحديث رصاحة يف أحد

الربامج التليفزيونية عن دور بعض منظامت املجتمع املدين الذي ذكرها باالسم يف مخططات دولية

تستهدف االستقرار يف البالد، وربط نظام الحكم اإلخواين منظامت املجتمع املدين مبحاربة قيم

املجتمع ومحاولة إفشال حكم الرئيس اإلسالمي، وأخريا اتهم نظام الحكم األخري منظامت املجتمع

املدين بدعم اإلخوان لتنفيذ مخططات دولية ضد مرص. ويف كل العهود استمرت الترصيحات

Page 55: حاله المشاركة العامة في مصر

54

اإلعالمية والربامج واملقاالت التي تنتقد عمل منظامت املجتمع املدين وتربطه بأجندات غربية

ومخططات دولية.

6.4.2. الحملة عىل املنظامت الدولية

يف أكتوبر 2011 قامت جهات تحقيق قضائية بإجراء تحقيقات موسعة يف شأن التمويل األجنبي

الذي تتلقاه الجمعيات األهلية ومنظامت املجتمع املدين واستدعت عىل خلفيته عدد من العاملي

يف تلك املنظامت. ويف ديسمرب 2011 اقتحمت قوات الرشطة والجيش بصحبة أعضاء النيابة مكاتب

عدد من املنظامت األجنبية واملرصية وقامت مبصادرة محتوياتها. ثم يف فرباير 2012 قام قاضيا

التحقيق املنتدبي من وزير العدل للتحقيق يف قضية التمويل األجنبي بإحالة 43 من العاملي يف

خمسة منظامت أجنبية من املرصيي واألجانب ملحكمة الجنايات التي حكمت يف يونيو 2013 عىل

27 متهام منهم بالسجن ملدة خمسة سنوات، وعىل 5 منهم بالسجن ملدة سنتي، و عىل 11 منهم

بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ، وبتغريم كل متهم 1000 جنيها، وإغالق جميع مقارات وأفرع

تلك املنظامت عىل مستوى محافظات الجمهورية ومصادرة أموالها وممتلكاتها. جدير بالذكر أن

ذلك الحكم قد جاء تأسيسا عىل مواد يف قانون العقوبات لها عالقة بإدارة فروع لهيئات دولية

داخل مرص وليس باستخدام قانون الجمعيات واملؤسسات. وقد جاء ذلك كله متزامنا مع حملة

إعالمية ضخمة ضد املنظامت األجنبية بشكل خاص وضد عمل منظامت املجتمع املدين بشكل

عام. وكان عىل رأس تلك الحملة اإلعالمية عقد وزير العدل ووزيرة التعاون الدويل مؤمترا صحفيا

يف يناير 2012 هاجام من خالله منظامت املجتمع املدين عىل الهواء مبارشة، وعقد قضاة التحقيق

يف التمويل األجنبي مؤمترا صحفيا آخرا يف فرباير 2012 هاجموا من خالله املنظامت وتحدثوا عن

تفاصيل القضية خالفا لقانون اإلجراءات الجنائية املرصي.

3. الحق يف التجمع السلمي

يعترب الحق يف التجمع السلمي امتدادا للحق يف حرية الرأي والتعبري، ويعترب جزء ال يتجزأ منها،

فالتجمع السلمي هو إحدى الطرق املرشوعة للتعبري عن الرأي، ويقصد بهذا الحق قدرة املواطني

عىل االلتقاء بشكل جامعي بهدف عقد االجتامعات العامة أو املؤمترات أو املسريات أو االعتصامات

السلمية يف أي مكان وزمان، وبغض النظر عن الجهة املنظمة، وذلك ليتبادلوا الرأي ويبلوروا

مواقفهم تجاه القضايا املختلفة، وميارسوا ضغطا عىل السلطة التنفيذية بهدف التعبري عن مواقفهم

وتحقيق مطالبهم. ومن البديهي فإن مامرسة هذا الحق ال يجب أن تشكل انتهاكا لحقوق وحريات

Page 56: حاله المشاركة العامة في مصر

55

باقي املواطني، كام يجب أن يتم الحفاظ عىل الطابع السلمي للتجمع، فيمنع بأي شكل حمل

السالح أو االعتداء عىل املمتلكات العامة أو الخاصة، كام يحظر الدعوة إىل الكراهية والدعوة إىل

مفاهيم مخالفة لسائر الحقوق والحريات. وهذا الحق كسائر الحقوق والحريات تبيحه الدساتري

املرصية واملواثيق الدولية ومتنعه القواني الداخلية واملامرسات العملية عىل النحو التايل:

1.3. الحق يف التجمع السلمي يف املواثيق الدولية

أكدت املواثيق الدولية عىل الحق يف التجمع السلمي، وكسائر الحقوق وضعت قيودا عىل مامرسة

ذلك الحق من أجل حامية حقوق اآلخرين برشط أن يتم ذلك يف بيئة دميقراطية ولصالح الحقوق

وليس ألجل تقييدها، إال أن الدول التي تحرص عىل تقييد الحقوق والحريات العامة دامئا ما تنفذ

عرب تلك االستثناءات. وقد تناولت املواثيق الدولية حق التجمع السلمي عىل النحو التايل:

1.1.3. اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية

أكد اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان عىل أن »لكل شخص الحق يف حرية االشرتاك يف االجتامعات

والجمعيات السلمية«، وذلك يف الفقرة األوىل من املادة )20(. كام أوىل العهد الدويل الخاص

بالحقوق املدنية والسياسية اهتامما لهذا الحق، حيث نصت املادة )21( عىل أن »يكون الحق يف

التجمع السلمي معرتفا به، وال يجوز أن يوضع من القيود عىل مامرسة هذا الحق، إال تلك التي

تفرض طبقا للقانون، وتشكل تدابري رضورية يف مجتمع دميقراطي، لصيانة األمن القومي أو السالمة،

أو النظام العام أو حامية الصحة العامة، أو اآلداب العامة أو حامية حقوق اآلخرين وحرياتهم«.

2.1.3. امليثاق العريب لحقوق اإلنسان وامليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب

تنص املادة )24( من امليثاق العريب لحقوق اإلنسان عىل أن »لكل مواطن الحق يف حرية االجتامع

وحرية التجمع بصورة سلمية، وال يجوز تقييد مامرسة هذه الحقوق بأي قيود غري القيود املفروضة

طبقا للقانون والتي تقتضيها الرضورة يف مجتمع يحرتم الحريات وحقوق اإلنسان لصيانة األمن

الوطني أو النظام العام أو السالمة العامة أو الصحة العامة أو اآلداب العامة أو لحامية حقوق

الغري وحرياتهم«. وتنص املادة )11( من امليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب عىل أنه »یحق

لكل إنسان أن یجتمع بحریة مع آخرین، وال یحد مامرسة هذا الحق إال رشط واحد أال وهو القیود

Page 57: حاله المشاركة العامة في مصر

56

الرضوریة التي تحددها القوانین واللوائح خاصة ما تعلق منها مبصلحة األمن القومي وسالمة وصحة

وأخالق اآلخرین أو حقوق األشخاص وحرياتهم«.

3.1.3. إعالن حامية املدافعي عن حقوق اإلنسان

تنص الفقرة )أ( من املادة )5( من إعالن حامية املدافعي عن حقوق اإلنسان الصادر عن الجمعية

العامة لألمم املتحدة عىل أنه »لغرض تعزيز وحامية حقوق االنسان والحريات االساسية يكون لكل

شخص الحق يف، مبفرده وباالشرتاك مع غريه، عىل الصعيدين الوطني والدويل، االلتقاء أو التجمع

سلميا«، وتنص املادة )12( من ذات اإلعالن عىل أنه:

لكل شخص الحق مبفرده وباالشرتاك مع غريه، يف أن يشرتك يف األنشطة السلمية ملناهضة . 1

انتهاكات حقوق اإلنسان والحريات األساسية؛

تتخذ الدولة جميع التدابري الالزمة التي تكفل لكل شخص حامية السلطات املختصة له، . 2

مبفرده وباالشرتاك مع غريه، من أي عنف أو تهديد أو انتقام أو متييز ضار فعال أو قانونا أو

ضغط أو أي إجراء تعسفي آخر نتيجة ملامرسته أو مامرستها املرشوعة للحقوق املشار إليها

يف هذا اإلعالن؛

ويف هذا الصدد يحق لكل شخص، مبفرده وباالشرتاك مع غريه، أن يتمتع يف ظل القانون . 3

الوطني بحامية فعالة لدى مقاومته أو معارضته، بوسائل سلمية لألنشطة واألفعال

املنسوبة إىل الدول، مبا فيها تلك التى تعزى إىل االمتناع عن فعل، التي تؤدي إىل انتهاكات

لحقوق اإلنسان والحريات األساسية، فضال عن أفعال العنف التي ترتكبها جامعات أو

أفراد، وتؤثر يف التمتع بحقوق اإلنسان والحريات األساسية.

2.3. الحق يف التجمع السلمي يف الدساتري املرصية

تنص املادة )73( من دستور 2014 عىل أنه »للمواطنني حق تنظيم االجتامعات العامة واملواكب

والتظاهرات وجميع أشكال االحتجاجات السلمية غري حاملني سالحا من أي نوع، بإخطار عىل

النحو الذي ينظمه القانون. وحق االجتامع الخاص سلميا مكفول، دون الحاجة إىل إخطار سابق،

وال يجوز لرجال األمن حضوره أو مراقبته أو التنصت عليه«. وهو نص قريب من نص املادة )50(

من دستور 2012. والدستورين وإن كانا يحرزا تقدما طفيفا عىل املادة )54( من دستور 1971

التي تنص عىل أن »للمواطنني حق االجتامع الخاص يف هدوء غري حاملني سالحا ودون حاجة إىل

Page 58: حاله المشاركة العامة في مصر

57

إخطار سابق، وال يجوز لرجال األمن حضور اجتامعاتهم الخاصة. واالجتامعات العامة واملواكب

والتجمعات مباحة يف حدود القانون« من حيث نصهام عىل اإلخطار، إال أن القانون يعود ليهدر

ذلك التقدم كام سنبي.

وطبقا لقضاء املحكمة الدستورية التي اعتربت هذا الحق فرعا من فروع حق االجتامع، و الذي

يتداخل مع حرية الرأي و التعبري مكونا ألحد عنارص الحرية الشخصية التي ال يجوز تقييدها بغري

إتباع الوسائل املوضوعية و اإلجرائية، التي يتطلبها الدستور أو يكفلها القانون حتى ولو مل يرد

بشأنها نص يف الدستور يتطلب االمتناع عن تقيد حق االجتامع أو فرض قيود عليه إال إذا اقتضتها

خطورة املصالح و كان التدخل من خالل هذه القيود بقدر وزن وتحقيق املصالح ومداها. )قضاء

املحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2000/6/3(.

3.3. الحق يف التجمع السلمي يف القواني الداخلية

كام هو املتوقع، فرتسانة القواني املرصية التي يحيل إليها الدستور الحقوق والحريات التي يقررها

تقف مبثابة مصاردة تامة لتلك الحقوق والحريات، واألكرث غرابة فيام يخص الحق يف التجمع

السلمي نقطتي: النقطة األوىل أن أحد القواني املقيدة لحق التجمع السلمي يف مرص وهو القانون

10 لسنة 1914 يعود تاريخه إىل زمن الحرب العاملية األوىل حيث فرضته سلطات االحتالل الربيطاين

لظروف الحرب وذلك بعد إعالن الحامية عىل مرص. أما النقطة الثانية فهي أن قانون التظاهر رقم

107 لسنة 2013 الذي أصدرته السلطات املرصية عقب ثورتي، والتي جاءت هي نفسها عن طريق

التظاهر الذي شكل وسيلة التعبري األساسية يف أحداث هاتي الثورتي، قد جاء أشد تقييدا من قانون

االجتامعات واملظاهرات رقم 14 لسنة 1923 والذي فرض أيضا يف زمن تواجد القوات الربيطانية

عىل األرايض املرصية وتأثري ذلك عىل القواني الصادرة يف ذلك الوقت. ويف سبيل تقييد الحق يف

التجمع السلمي تعمل الحكومة املرصية وفقا للقواني التالية:

3.3.1. قانون التجمهر رقم 10 لسنه 1914

مادة )1(: »إذا كان التجمهر املؤلف من 5 أشخاص عىل األقل من شأنة أن يجعل السلم العام يف

خطر، وكان رجال السلطة قد أمروا املتجمهرين بالتفرق، فكل من بلغه األمر منهم ورفض إطاعته،

أو مل يعمل به يعاقب بالحبس مدة التزيد عىل ستة اشهر أو بغرامة التتجاوز 20 جنيها«.

Page 59: حاله المشاركة العامة في مصر

58

صدر هذا القانون يف 1914/10/18 إبان الحرب العاملية األوىل يف الوقت ذاته التي كانت فيه مرص

تحت مظله الحامية الربيطانية و من الواضح أن هذا القانون هو قانون استثنايئ أقرب إيل األحكام

العرفية حيث أعطى سلطات مطلقة لرجال السلطة لتطويق حرية األفراد يف مامرسة هذا الحق،

وقد تم إعداد مرشوع قانون إللغائه وتم عرضه عىل مجلس النواب يف 1927/12/27 إال أنه مل يصدر

بسبب حل الربملان وإعالن األحكام العرفية.

و مل يقترص هذا القانون عىل تشديد العقوبة عىل الجرائم التي ترتكب بواسطة التجمهر ولكنه

تطرق إيل املعاقبة عىل مجرد التجمهر املؤلف من خمسة أشخاص فأكرث دون ارتكاب أي جرمية

طبقا للامدة األويل من القانون، والتي اعتربت أن تجمع خمسة أشخاص فأكرث يعد تجمهرا يعاقب

عليه القانون حتى ولو مل يتم ارتكاب أي جرمية، وذلك إذا رأى رجال السلطة أن هذا التجمع

يعرض السلم العام للخطر، أي أن القانون قد أعطى الحرية الكاملة لرجال السلطة لتقدير أن هذا

التجمع قد يؤدي إيل اإلخالل بالسلم العام، ثم قيام رجال السلطة بأمر املتجمهرين بالتفرقة ومل

يحدد القانون هنا معنى التفرقة، هل هي طلب التفرق شفاهة أم التفرقة عن طريق االعتداء عىل

املتجمهرين بالرضب بالعيص والهراوات أم باستخدام القنابل والغازات املسيلة للدموع أم غري ذلك.

و قد حددت املادة األويل من القانون العقوبة بالنص عيل أن من يرفض إطاعة تلك األوامر يعاقب

بالحبس أو الغرامة، أما املادة الثانية فاختصت بتشديد عقوبة التجمهر »إذا كان الغرض منه منع

أو تعطيل تنفيذ القوانني أو اللوائح وإذا كان الغرض منه التأثري عىل السلطات يف عملها أو حرمان

شخص من حرية العمل«. وقد تم تعديل هذا القانون عىل خلفية مظاهرات العامل والطلبة يف

1968 بقرار رئيس الجمهورية رقم 87 سنه 1968 بإضافة املادة 3 مكرر والتي ضاعفت الحد األقىص

للعقوبة املقررة ألية جرمية إذا كان مرتكبها أحد املتجمهرين املنصوص عليهم يف املادتي األوىل

والثانية.

2.3.3. قانون التظاهر 107 لسنه 2013

وهو القانون الذي أحلته حكومة حازم الببالوي املؤقتة -يف عهد الرئيس املؤقت عديل منصور والذي

يتوىل سلطة الترشيع بشكل مؤقت يف أعقاب إزاحة القوات املسلحة للرئيس محمد مريس يف 3

يوليو 2013 عقب مظاهرات 30 يونيو 2013- محل القانون 14 لسنة 1923 الذي أصدر ضمن

مجموعة من القواني االستثنائية التي صدرت يف تلك الفرتة والتي كانت البالد فيها خالية من

مجالسها الدستورية أيضا، والذي قد تم عرض مرشوع لتعديله عىل مجلس النواب يف 1927/12/20

Page 60: حاله المشاركة العامة في مصر

59

لتقليص سلطات رجال البوليس وإعطاء مزيد من الضامنات لألفراد ملواجهة تعسف رجال السلطة

التنفيذية يف تضيق حرية االجتامع والتظاهر السلمي، إال أن املرشوع مل يصدر بسبب حل الربملان

و إعالن األحكام العرفية يف البالد حينذاك. ومن املالحظ أن القانون الجديد الذي أصدرته حكومة

جاءت بالتظاهر قد جاء أشد تقييدا من القانون الذي صدر يف عهد االحتالل عىل النحو التايل:

1. تقييد حق االجتامع العام والتجمعات االنتخابية

عرفت املادة )2( من القانون االجتامع العام الذي ينبغي للقامئي به إخطار الرشطة وانتظار عدم

مامنعتها بأنه »كل تجمع یقام يف مكان أو محل عام یدخله أو یستطیع دخوله أشخاص دون دعوة

شخصیة مسبقة ال یقل عددهم عن عرشة ملناقشة أو تبادل اآلراء حول موضوع ذي طابع عام.

ویعترب من االجتامعات العامة يف تطبیق أحكام هذا القانون االجتامعات االنتخابیة«. وينسحب

ذلك التعريف عىل االجتامعات التي تعقدها منظامت املجتمع املدين والنقابات واألحزاب السياسية

واملرشحي لالنتخابات الذين ترسي عليهم جميعا القيود املجحفة ذاتها والتي سنبينها يف األجزاء

التالية.

2. تفريغ معنى اإلخطار من مضمونه ليصبح تنظيم االجتامعات واملظاهرات بإذن مسبق

تفرض املادة )8( من القانون عىل من يريد تنظيم اجتامع عام أو مظاهرة أن يخطر الرشطة قبل

موعد االجتامع بثالثة أيام عمل عىل األقل، ثم تعود املادة )10( لتمنح الرشطة حق منع ذلك

االجتامع أو املظاهرة إذا ما قررت »انرصاف نية املنظمي أو املشاركي إىل ارتكاب مخالفات«، ثم

يلجأ طالبي االجتامع أو املظاهرة املمنوعة إىل القضاء، عىل أن يفصل القضاء يف األمر عىل وجه

الرسعة دون تحديد موعدا لذلك الفصل. ومن الواضح يف تلك املادة أن تنظيم االجتامعات العامة

والتظاهرات يحتاج إىل إذن مسبق حتى لو استخدم القانون لذلك لفظة »اإلخطار«، حيث أنه

يعطي الرشطة حق منع ذلك التجمع بناء عىل تقدير نوايا املنظمي أو املشاركي ثم يضع عبء

التقايض عىل عاتق املنظمي، وال يضع وقتا محددا للفصل يف ذلك التقايض.

3. التضييق املبالغ فيه عىل املشاركني يف التجمعات ومصادرة حق االعتصام السلمي

تفرض املادة )8( عىل منظمي االجتامع أو املظاهرة أن يقدموا للرشطة بيانا مبوعد بدء وانتهاء

التجمع وبالشعارات التي سوف يرفعها املشاركون يف هذا التجمع وهو مطلب غريب. كام يتضمن

Page 61: حاله المشاركة العامة في مصر

60

تحديد موعد النتهاء التجمع مصادرة لحق املشاركي يف االعتصام. وتحظر املادة )6( عىل املشاركي

ارتداء األقنعة أو أغطية الوجه بقصد ارتكاب أي فعل من األفعال املمنوعة يف القانون. وأوال فإن

ارتداء تلك األقنعة واألغطية يدخل يف باب الحرية الشخصية، وثانيا كان ينبغي للامدة أن تعاقب

عىل االرتكاب الفعيل لألفعال املجرمة وليس عىل مجرد ارتداء األقنعة. كذلك تحظر املادة )14(

التظاهر أو التجمع بالقرب من مجموعة كبرية من املنشآت والهيئات ما مينع تحقق الهدف من

التجمع الذي يرمي يف األساس إىل إيصال الصوت للمسئولي واالحتجاج عىل سياساتهم. كام ينص

القانون عىل أنه يحظر عىل التجمعات تعطيل االنتاج أو تعطيل املرور وهو ما ال يتسق مع منطق

االرضابات العاملية التي تبيحها اتفاقيات منظمة العمل الدولية والتي هي وسيلة العامل للضغط

عىل أصحاب العمل، كام أنه من الطبيعي يف املظاهرات الضخمة التي أصبحت معتادة يف مرص منذ

اندالع الثورة أن ينتج عنها تعطيل للمرور حتى وإن مل يتعمد املشاركي ذلك.

3.3.3. قانون هيئه الرشطة رقم 109 لسنه 1971

طبقا لنص املادة )3( من القانون والتي نصت عىل أن »تختص هيئة الرشطة باملحافظة عىل النظام

واألمن العام واآلداب وحامية األرواح واألموال وعىل األخص منع الجرائم وضبطها كام تختص

بكفالة الطأمنينة واألمن للمواطنني يف كافة املجاالت وتنفيذ ما تعرضه عليها القوانني واللوائح من

واجبات«.

ونصت املادة )102( من قانون الرشطة عىل أن لرجل الرشطة استعامل القوة بالقدر الالزم ألداء

واجبه إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة ألداء هذا الواجب. ويقترص استعامل السالح عىل ثالثة أحوال

منها فض التجمهر أو التظاهر الذي يحدث من خمسة أشخاص عىل األقل إذا عرض األمن العام

للخطر، وذلك بعد إنذار املتجمهرين بالتفرق، ويصدر أمر استعامل السالح يف هذه الحالة من رئيس

تجب طاعته، ويراعى يف جميع هذه األحوال أن يكون إطالق النار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق

األغراض السابقة، ويبدأ رجل الرشطة باإلنذار بأنه سيطلق النار، ثم يلجأ بعد ذلك إىل إطالق النار،

ويحدد وزير الداخلية بقرار منه اإلجراءات التي تتبع يف جميع الحاالت وكيفية توجيه اإلنذار

وإطالق النار.

ومل يحدد القانون ماهية الوسائل املحددة الستخدام القوة وال حظر استخدام وسائل معينة،

وكالعادة التجأ إىل التقدير الشخيص لرجل الرشطة للرشط الفضفاض »تعريض األمن العام للخطر«،

Page 62: حاله المشاركة العامة في مصر

61

وكذلك اعتمد القانون يف تعريف التجمهر عىل قانون عام 1914 الذي يعترب أن تجمعا من خمسة

أفراد هو مبثابة تجمهر.

4.3. الحق يف التجمع السلمي يف املامرسة العملية

شهد عام 2003 حدثا بارزا فيام يخص حق التجمع السلمي، وذلك بصدور حكم محكمة القضاء

اإلداري رقم 7741 لسنة 57 قضائية يوم 2003/2/4 املؤكد عىل حق التجمع السلمي، وقد جاء

صدور هذا الحكم بعد رفض وزارة الداخلية لطلب د. عبد املحسن حمودة بتنظيم مسرية شعبية

سلمية ضد السياسة األمريكية تجاه العراق؛ وهو ما دفعه إلقامة دعوى أمام محكمة القضاء

اإلداري, وجاء يف حيثيات قرار املحكمة »أن مربرات وزارة الداخلية -عىل فرض صحتها- ال تصلح

سببا كافيا ملنع حق دستوري عام مقرر للمواطني يتصل اتصاال وثيقا بالحريات العامة«، وعليه حكمت املحكمة بوقف تنفيذ القرار املطعون فيه الذي يرفض تنظيم املسرية.4

ولظروف الفرض الدائم لحالة الطوارئ واملواد األخرى املقيدة يف قانون العقوبات واملامرسات

العنيفة من الدولة تجاه املحتجي عىل سياساتها، وباستثناءات قليلة تتعلق يف أغلبها بأحداث

االنتفاضة الفلسطينية وغزو العراق أو بإرضابات العامل، وجميعها تم التنكيل بها بقسوة، ظل

الفضاء العام فيام يخص الحق يف التجمع السلمي مصادرا حتى نهايات عام 2004 عندما قررت

الحركة املرصية للتغيري كفاية فتح ذلك الفضاء وانتزاع الحق يف التظاهر، وما تبع ذلك من موجات

كبرية من املظاهرات واالعتصامات واالرضابات التي توجت باحتجاجات 2011 التي تخىل عىل

خلفيتها الرئيس حسني مبارك عن منصبه، واحتجاجات 2013 التي كانت سببا يف إزاحة الرئيس

محمد مريس.

عقب ثورة يناير 2011 حاولت السلطة االنتقالية املؤقتة للمجلس العسكري وجامعة اإلخوان

املسلمي يف ظل حكم الرئيس محمد مريس فرض قواني مقيدة لحريات التجمع والتظاهر، وفشلت

السلطتي يف إصدار تلك القواني إىل أن نجحت حكومة الدكتور حازم الببالوي املؤقتة والرئيس

املعي مؤقتا عديل منصور يف إصدار قانون التظاهر الذي جاء مقيدا عىل النحو الذي ذكرنا. إال

أن املامرسة العملية طوال تلك الفرتة وإىل اآلن ال تعتمد أو تتوقف عىل القانون املعمول به،

فاملتظاهرون يف كل األحوال كانوا وال زالوا ميارسون حقهم يف التظاهر باعتباره حقا أساسيا ال يحتاج

http://qadaya.net/?p=4474 :4  ملزيد من املعلومات حول تلك القضية

Page 63: حاله المشاركة العامة في مصر

62

إىل استئذان أو إخطار بغض النظر عن العواقب التي ترتتب عىل ذلك والتي تصل إىل السجن

والقتل يف أغلب األحيان، والحكومة يف كل األحوال متارس ما تعتربه حقا يف تقييد حرية املواطني يف

التجمع. ونتج عن ذلك آالف املعتقلي يف العهود األربعة منذ مبارك إىل عديل منصور، وآالف القتىل

منذ الثورة وإىل اآلن.

4. الحق يف الوصول للمعلومات

إن حرية تدفق املعلومات وتداولها من شأنها أن تساعد عىل إعامل املامرسة الدميقراطية بشكل

حقيقي وفعال، ونظرا للدور الهام الذي تلعبه املعلومات يف هذا الشأن فقد شدد املقرر الخاص

لألمم املتحدة املختص بدعم وحامية حرية الرأي والتعبري والذي يعمل تحت إرشاف لجنة حقوق

اإلنسان باألمم املتحدة عىل الحاجة لحامية حرية التامس املعلومات وحرية تلقيها وذهب إىل حد

القول بأنه »نظرا للدور االجتامعي والسيايس الذي تلعبه املعلومات يف املجتمعات املعارصة فإنه

ينبغي الحرص عىل توفري حامية لحق كل فرد يف تلقي املعلومات واألفكار. إن هذا الحق ليس

فقط الوجه اآلخر للحق يف نقل املعلومات وإمنا هو حق قائم بذاته، فحق التامس املعلومات

وإتاحتها إمنا هو عنرص من أكرث عنارص حرية الرأي والتعبري جوهرية. إن تلك الحرية سوف تخلو

من أي تأثري إذا مل يتوافر للناس سبيال للحصول عىل املعلومات، لذا تعد إتاحة إمكانية الحصول

عىل املعلومات من األمور الجوهرية لألسلوب الدميقراطي يف الحياة ومن ثم ينبغي القيام مبراجعة

صارمة لالتجاه الرامي إىل حجب املعلومات عن الجمهور«.

عيل أن الواقع املرصي يشهد ترسانة من القواني تشكل حائال دون حرية تدفق وتداول املعلومات

ومتكي األفراد من اإلطالع عليها، وهو ما يؤثر عىل حرية الرأي والتعبري وينتقص كثريا من قيمتها،

كام أنه ميثل انتهاكا صارخا لحق اإلنسان يف املعرفة، ويقصد بحق اإلنسان يف املعرفة أن تتوافر له

كافة السبل املالمئة لتتدفق من خاللها املعلومات واآلراء واألفكار ليختار من بينها وفقا إلرادته

الحرة، وعىل هذا فإن الحق يف املعرفة يعترب الوجه املكمل لحرية التعبري؛ إذ أن هذه األخرية تعني

حق اإلنسان أن يعرب عن آرائه وأفكاره، وهو ما يحتوي ضمنا عىل حق متلقي هذه اآلراء واألفكار

واملعلومات يف وجود سبل ومنافذ تتدفق من خاللها.

ومتثل حرية الصحافة الضامنة األهم واألكرث انتشارا لحق اإلنسان – برغم تعدد الوسائط املعرفية

وانتشارها يف اآلونة األخرية – يف املعرفة والحصول عىل املعلومات. ومن هذا املنطلق فإننا سوف

Page 64: حاله المشاركة العامة في مصر

63

نعرض لحرية تداول املعلومات باعتبارها تدشي لحق اإلنسان يف املعرفة من خالل املواثيق الدولية

والترشيعات الوطنية.

1.4. الحق يف الوصول للمعلومات يف املواثيق الدولية

ظهر حق الوصول للمعلومات يف املرة األوىل يف عام 1946 عندما تبنت الجمعية العامة لألمم

املتحدة يف جلستها األوىل القرار رقم )59( الذي نص عىل أن »حرية الوصول إىل املعلومات حق

أسايس لإلنسان وحجر الزاوية لجميع الحريات التي تنادي بها األمم املتحدة«. ثم توالت املواثيق

التي تؤكد عىل حق الوصول للمعلومات كأحد مقومات حرية الرأي والتعبري وكمدخل أسايس لسائر

الحقوق عىل النحو التايل:

1.1.4. اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية

تنص املادة )19( من امليثاق العاملي لحقوق اإلنسان عىل أنه »لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي

والتعبري، ويشمل هذا الحق التامس املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إىل اآلخرين بأية وسية

ودومنا اعتبار للحدود«. وتؤكد الفقرة الثانية من املادة )19( من العهد الدويل للحقوق املدنية

والسياسية أنه »لكل إنسان حق يف حرية التعبري، ويشمل هذا الحق حريته يف التامس مختلف

رضوب املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إىل آخرين دومنا اعتبار للحدود«.

2.1.4. امليثاق العريب لحقوق اإلنسان وامليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب

تنص املادة )32( من امليثاق العريب لحقوق اإلنسان عىل »الحق يف استقاء األنباء واألفكار وتلقيها

ونقلها إىل اآلخرين بأي وسيلة ودومنا اعتبار للحدود الجغرافية«، بينام تنص املادة )9( من امليثاق

األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب عىل أنه »من حق كل فرد أن يحصل عىل املعلومات«. وكالعادة

يفرض كال امليثاقي قيودا عىل ذلك الحق سواءا كانت تلك القيود هي القيود التقليدية الفضفاضة

املتمثلة يف األمن القومي وما إىل ذلك، أو القيود عرب اإلحالة للقواني واللوائح الداخلية.

3.1.4. اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد

وتنص املادة )13( من اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد والتي تبنتها الجمعية العامة لألمم

Page 65: حاله المشاركة العامة في مصر

64

املتحدة يف أكتوبر 2003 والتي صدقت عليها مرص يف سبتمرب 2004 ونرشت يف الجريدة الرسمية

يف فرباير 2007 عىل أن »تتخذ كل دولة طرف تدابري مناسبة، ضمن حدود امكاناتها ووفقا للمبادئ

األساسية لقانونها الداخيل، لتشجيع أفراد وجامعات ال ينتمون إىل القطاع العام، مثل املجتمع

األهىل واملنظامت غري الحكومية ومنظامت املجتمع املحيل، عىل املشاركة النشطة يف منع الفساد

ومحاربته، والذكاء وعي الناس فيام يتعلق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما ميثله من خطر.

وينبغي تدعيم هذه املشاركة بتدابري مثل:

تعزيز الشفافية يف عمليات اتخاذ القرار وتشجيع اسهام الناس فيها؛أ. 

ضامن تيرس حصول الناس فعليا عىل املعلومات؛ب. 

القيام بأنشطة إعالمية تسهم يف عدم التسامح مع الفساد، وكذلك برامج توعية تشمل ج. 

املناهج املدرسية والجامعية؛

احرتام وتعزيز وحامية حرية التامس املعلومات املتعلقة بالفساد وتلقيها ونرشها د. 

وتعميمها.

4.1.4. إعالن اليونسكو بشأن املبادئ األساسية الخاصة بإسهام وسائل اإلعالم يف دعم السالم

والتفاهم الدويل.

تنص الفقرة الثانية من املادة )2( من اإلعالن بشأن املبادئ األساسية الخاصة بإسهام وسائل اإلعالم

يف دعم السالم والتفاهم الدويل، وتعزيز حقوق اإلنسان، ومكافحة العنرصية والفصل العنرصي

والتحريض عيل الحرب الذي أصدره املؤمتر العام ملنظمة األمم املتحدة للرتبية والعلوم والثقافة يف

دورته العرشين يف نوفمرب 1978 عىل أنه »يجب ضامن حصول الجمهور عيل املعلومات عن طريق

تنوع مصادر وسائل اإلعالم املهيأة له، مام يتيح لكل فرد التأكد من صحة الوقائع وتكوين رأيه

بصورة موضوعية يف األحداث. ولهذا الغرض يجب أن يتمتع الصحفيون بحرية اإلعالم وأن تتوافر

لديهم أكرب التسهيالت املمكنة للحصول عيل املعلومات. وكذلك ينبغي أن تستجيب وسائل اإلعالم

الهتاممات الشعوب واألفراد، مهيئة بذلك مشاركة الجمهور يف تشكيل اإلعالم«.

2.4. الحق يف الوصول للمعلومات يف الدساتري املرصية

عىل الرغم من كون مرص جزءا من املعاهدات واالتفاقيات واملواثيق الدولية املختلفة التي تدعم

الحق يف تداول املعلومات والوصول إليها إال أن أيا من الدساتري املرصية من دستور 1923 وحتى

Page 66: حاله المشاركة العامة في مصر

65

دستور 1971 قبل تعديله يف 1980 مل تتضمن أي نصوص تنظم الحق يف الوصول للمعلومات

وتداولها، وحتى مع إضافة املادة )210( لدستور 1971 يف تعديالت 1980 فإنها نصت عىل أن

»للصحفيي الحق يف الحصول عىل األنباء واملعلومات طبقا لألوضاع التي يحددها القانون«، فقرصت

الحق يف الحصول عىل املعلومات عىل الصحفيي فقط من ناحية، ثم أحالت هذا الحق ذاته إىل

ترسانة القواني التي سيتضح يف عرضنا اآليت أنها تعصف متاما بذلك الحق.

وظهر النص عىل حق تداول املعلومات للمرة األوىل يف دستور 2012؛ حيث نصت مادته )47( عىل

أن »الحصول عىل املعلومات والبيانات واإلحصاءات والوثائق، واإلفصاح عنها، وتداولها، حق تكفله

الدولة لكل مواطن، مبا ال ميس حرمة الحياة الخاصة وحقوق اآلخرين، وال يتعارض مع األمن

القومى. وينظم القانون قواعد إيداع الوثائق العامة وحفظها، وطريقة الحصول عىل املعلومات،

والتظلم من رفض إعطائها، وما قد يرتتب عىل هذا الرفض من مساءلة«. وكاملعتاد ربطت املادة

حق الحصول عىل املعلومات باملصطلح الغامض “األمن القومي”، وأحالت للقواني املقيدة ذلك

الحق.

أما املادة )68( من دستور 2014 فقد أزالت تلك الرشوط من الدستور وأحالت األمر برمته للقانون،

كام أضافت نصا يلزم مؤسسات الدولة بحفظ وتأمي الوثائق. فنصت عىل أن »املعلومات والبيانات

واإلحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، واإلفصاح عنها من مصادرها املختلفة، حق تكفله

الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفريها وإتاحتها للمواطنني بشفافية، وينظم القانون ضوابط

الحصول عليها وإتاحتها ورسيتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كام يحدد

عقوبة حجب املعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدا. وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع

الوثائق الرسمية بعد االنتهاء من فرتة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحاميتها وتأمينها من

الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل واألدوات الحديثة، وفقا للقانون«.

3.4. الحق يف الوصول للمعلومات يف القواني الداخلية املرصية

حتى هذه اللحظة ال يوجد يف مرص قانون لتنظيم مسألة تداول املعلومات وحق الوصول إليها

أو التظلم القضايئ عىل رفض إتاحتها أو اإلفصاح عنها. بينام يوجد عىل الجانب اآلخر عدد ضخم

من القواني التي تفرض حجابا من الرسية عىل املعلومات والبيانات املختلفة ومتنع الوصول إليها

مهام كانت أهمية إتاحتها سواء بالنسبة ملسألة الدميقراطية واملشاركة العامة أو بالنسبة ملقتضيات

التنمية االقتصادية واالجتامعية. وسنحاول أن نعرض ألهم القواني التي تقيد ذلك الحق سواء بحظر

Page 67: حاله المشاركة العامة في مصر

66

اإلفصاح عن املعلومات والبيانات أو بإعاقة محاوالت الوصول إليها وتداولها، وال تهدف تلك القواني

إىل ضبط الحق وتنظيمه بقدر ما تهدف إىل فرض قيود تجعل الوصول للمعلومات صعبا ومحفوفا

باملخاطر، فترتك األمر كله لرغبة الحكومة إن شاءت أفصحت وإن شاءت منعت، وإن شاءت عاقبت

عىل اإلفصاح أو محاوالت الوصول بإعامل تلك النصوص وإن شاءت سامحت بإهاملها، وذلك عىل

الوجه التايل:

1.3.4. املواد املقيدة لحق الوصول للمعلومات يف قانون العقوبات

حوى قانون العقوبات املرصي إضافة إىل الباب الخاص بجرائم النرش عددا من املواد األخرى

املتفرقة التي تشكل قيودا ضخمة عىل حرية تداول املعلومات؛ فتنص املادة )80( فقرة )د( عىل

أنه »يعاقب بالحبس مدة ال تقل عن ستة شهور وال تزيد عن خمس سنوات وبغرامة ال تقل عن

100 جنيها وال تتجاوز 500 جنيها أو بإحدى هاتي العقوبتي كل مرصي أذاع عمدا يف الخارج أخبارا

أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول األوضاع الداخلية للبالد وكان من شأن ذلك إضعاف

الثقة املالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو بارش بأية طريقة كانت نشاطا من شأنه اإلرضار باملصالح

القومية للبالد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجرمية يف زمن الحرب«.

ومضمون هذه املادة أن القانون يعاقب عىل نرش املعلومات يف الخارج سواء كانت هذه املعلومات

كاذبة أو صحيحة، ففي كل األحوال ميكن اعتبارها مغرضة، وافرتض القانون دامئا أن الغرض غري

مرشوع، وحتى وإن مل ترتتب أية أمور عىل ذلك النرش فالجرمية تقع مبجرد النرش، وعىل هذا فإذا

نرش شخصا يف الخارج مقاال عن انتشار الفساد يف البالد حتى وإن دلل عىل ذلك بحجم األموال

املهربة من البنوك املرصية فإنه بذلك يقع تحت طائلة التجريم ما دام ذلك ميس الثقة املالية

بالبالد.

وتعاقب املادة )188( من قانون العقوبات املعدلة بالقانون 93 لسنة 1995 بالحبس والغرامة كل

من نرش أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو دعايات مثرية إذا كان من شأن ذلك تكدير

السلم العام أو إثارة الفزع بي الناس أو إلحاق الرضر باملصلحة العامة أو ازدراء مؤسسات الدولة

والقامئي عليها. وقد ازداد التقييد عىل تداول املعلومات يف تلك املادة يف كل مرة جرى تعديلها لتأيت

أكرث تقييدا من صورتها األوىل التي وضعت مع وضع قانون العقوبات يف عام 1937؛ فانتقلت من

تجريم نرش أخبارا كاذبة يف 1937، إىل افرتاض سوء نية املتهم كأصل يكون عليه إثبات عكسه يف

1955، إىل شكلها الحايل الذي تم إقراره يف 1995 ليجرم نرش األخبار والبيانات أيضا كاذبة كانت أو

Page 68: حاله المشاركة العامة في مصر

67

صادقة طاملا افرتضت النيابة أنها أخبار وبيانات مغرضة أي تحقق غرضا يف نفس نارشها. وبهذا متنع

تلك املادة نرش أية معلومات حتى لو كانت صحيحة، إذ أن نرش تلك املعلومات حتى ولو كانت

صحيحة سوف يجد صعوبة كبرية يف إثبات عدم وجود غرض يف نفس نارشها.

وتعاقب املادة )80( من قانون العقوبات بالحبس من ستة أشهر لخمسة سنوات عىل انتهاك األرسار

وإذاعتها حتى ولو مل يكن قصد الجاين من ذلك تسليمها لدولة أجنبية، والقضاء املرصي ال يأخذ يف

االعتبار أن يكون الرس قد سبق افشاؤه طاملا مل ترفع عنها الدولة حجاب الرسية. فقضت محكمة

أمن الدولة عسكرية عليا يف القضية رقم 7 لسنة 1990 عسكرية عليا بحبس كاتبي بتهمة أنهم قد

أفشوا وأذاعوا أرسار املخابرات العامة يف كتاب باسم »نساء يف بالط صالح نرص« برغم أن ما تضمنه

الكتاب من املعلومات كان قد سبق نرشه وتداوله يف كتب وصحف ونرشات متداولة منذ عام

.1967

وتحظر املادة )89( من قانون العقوبات نرش ما يجري يف الدعاوى املدنية أو الجنائية أو يف الدعاوي

املتعلقة بالجرائم املنصوص عليها يف الباب الرابع عرش الخاص بالجرائم التي تقع بواسطة الصحف

وغريها أو يف الباب السابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات املتعلقة بجرائم السب والقذف،

كذلك تحظر املادة )190( نرش املرافعات القضائية واألحكام يف القضايا التي يكون للمحاكم أن

تحظر نرشها العتبارات املحافظة عىل النظام العام أو اآلداب العامة، وتحظر املادة )191( نرش ما

يجري يف املداوالت الرسية يف املحاكم بأية طريقة من طرق النرش والعالنية، وتحظر املادة )192(

نرش ما جرى يف مناقشات الجلسات الرسية ملجلس الشعب، وتحظر املادة )193( نرش أي أخبار

بشأن تحقيق جنايئ قائم إذا قررت سلطة التحقيق إجراءه يف غيبة الخصوم وحظرت إذاعة شئ منه

مراعاة للنظام العام أو اآلداب أو لظهور الحقيقة. وتعاقب املادة )124 أ( عىل نرش أخبار صحيحة

أو كاذبة عن إرضاب للموظفي العموميي باعتبار أن ذلك تشجيعا عىل ارتكاب تلك الجرمية.

2.3.4. القانون والقرار الجمهوري الخاصي باملحافظة عىل الوثائق الرسمية للدولة

تنص املادة األوىل من القانون 121 لسنة 1975 املعدل بالقانون 22 لسنة 1983 عىل أن يضع

رئيس الجمهورية بقرار منه نظاما للمحافظة عىل الوثائق واملستندات الرسمية للدولة، ويبي هذا

النظام أسلوب نرش واستعامل الوثائق واملستندات الرسمية التي تتعلق بالسياسات العليا للدولة أو

األمن القومي، والتي ال ينص الدستور أو القانون عىل نرشها فور صدورها أو إقراراها، ويجوز أن

يتضمن هذا النظام النص عىل منع نرش بعض هذه الوثائق ملدة ال تتجاوز خمسي عاما إذا اقتضت

Page 69: حاله المشاركة العامة في مصر

68

املصلحة العامة ذلك«. ومتنع املادة الثانية من القانون من اطلع بحكم عمله أو مسئوليته أو حصل

عىل وثائق أو مستندات غري منشورة من تلك املشار إليها باملادة االوىل أو عىل صور منها، أن يقوم

بنرشها أو بنرش فحواها كله أو بعضه إال بترصيح خاص من مجلس الوزراء وبناء عىل موافقة الوزير

املختص.

ثم يأيت قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر بشأن املحافظة عىل الوثائق الرسمية للدولة وأسلوب

نرشها واستعاملها رقم 472 لسنة 1979 ليقرر يف مادته رقم )1( أن »الوثائق واملستندات

واملكاتبات التي تتعلق بالسياسات العليا للدولة أو باألمن القومي رسية ال يجوز نرشها أو إذاعتها

كلها أو بعضها، كام ال يجوز تداولها أو االطالع عليها إال ملن تستوجب طبيعة عمله ذلك مامل تكن

مام ينص الدستور والقانون عىل نرشها فوق صدورها«. ثم تقرر املادة رقم )4( من هذا القرار عىل

أن »يكون حفظ الوثائق واملستندات املشار إليها بجهاتها ملدة ال تتجاوز خمسة عرش عاما تنقل

بعدها إىل دار الوثائق القومية لتحفظ يف األماكن التي تعد لهذا الغرض، وتظل محتفظة برسيتها

ملدة خمس عرشة سنة أخرى.«. أي أن الوثائق تظل رسية ملدة ثالثي عاما عىل األقل وفقا للذلك

القرار، وميكن أن متتد إىل خمسي عاما بحكم القانون.

3.3.4. قانون دار الوثائق والئحة محفوظات الحكومة

ال تتحكم الحكومة فقط يف الوثائق الرسمية ولكنها تتحكم أيضا يف الوثائق الخاصة باألفراد فتنص

املادة )7( من قانون 356 لسنة 1954 بشأن إنشاء دار الوثائق التاريخية والقومية عىل حق وزير

اإلرشاد القومي يف االستيالء عىل الوقائق التي توجد لدى األفراد أو الهيئات بقرار منه.

وتنظم الئحة محفوظات الحكومة التي أقرت يف عام 1953 وصدرت يف عام 1954 باإلضافة

إىل لوائح املحفوظات الوزارات التي صدرت جميعها يف القرن املايض أيضا طريقة ومدة حفظ

املحفوظات والتي تعرفها الالئحة عىل أنها كافة السجالت والدفاتر واملستندات واألوراق

واالستامرات التي تستعملها كافة الوزارات واملصالح وفروعها يف أعاملها ثم ينتهي العمل فيها

ويقتيض األمر حفظها تبعا لحاجة العمل الحكومي أو لقيمتها التاريخية. وفيام يخص غالبية تلك

املحفوظات فتمنع الالئحة اطالع األفراد عليها ملدد تصل إىل خمسي عاما.

Page 70: حاله المشاركة العامة في مصر

69

4.3.4. قانون إنشاء الجهاز املركزي للتعبئة العامة واإلحصاء

طبقا للامدة )10( من قرار رئيس الجمهورية بالقانون 2915 لسنة 1964 الخاص بإنشاء الجهاز

املركزي للتعبئة العامة واإلحصاء »ال يجوز للوزارات أو الجهات املختلفة أو األفراد أن تنرش بأي

وسيلة من وسائل النرش أو اإلعالم أي مطبوعات أو نتائج أو بيانات أو معلومات إحصائية إال من

واقع إحصاءات الجهاز املركزي للتعبئة العامة واإلحصاء، أما اإلحصاءات الغري مقررة ضمن برامج

الجهاز املركزي للتعبئة العامة واإلحصاء فال يجوز نرشها إال مبوافقة الجهاز«. وهذا القانون كام

يتضح يحتكر بوضوح إنتاج املعلومات لصالح الدولة، ويصادر عىل حق الجهات املستقلة يف نرش

االحصاءات، ويقرص حق األفراد يف الحصول عىل املعلومات عىل ما تقرر الحكومة عرضه عليهم.

5.3.4. قانون العاملي املدنيي بالدولة

يحظر قانون العاملي املدنيي بالدولة رقم 47 لسنة 1978 عىل العامل املدين »أن يفيض بأي ترصيح

أو بيانات عن أعامل وظيفته عن طريق الصحف أو غري ذلك عن طريق النرش إال إذا كان مرصحا

له بذلك كتابة من الرئيس املختص« أو أن »يفش األمور التي اطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت

رسية بطبيعتها أو مبوجب تعليامت، ويظل هذا االلتزام بالكتامن قامئا ولو بعد ترك الخدمة« أو

أن »يحتفظ لنفسه بأصل أي ورقة من األوراق الرسمية أو ينزع هذا األصل من امللفات املخصصة

لحفظه ولو كانت خاصة بعمل مكلف به شخصيا«. وبهذا تحافظ الحكومة عىل رسية املعلومات

واألخبار عىل مستوى املوظف نفسه التي تحوله الدولة لحارس عىل رسية تلك املعلومات والبيانات

حتى لو تعلقت بوقائع فساد.

6.3.4. قانون حظر نرش أخبار القوات املسلحة

طبقا للامدة األوىل من القانون رقم 313 لسنة 1956 املعدل بالقانون 14 لسنة 1967 يحظر نرش

أية معلومات أو أخبار عن القوات املسلحة وتحركاتها وعتادها وأفرادها بصفة عامة وكل ما يتعلق

بالنواحي العسكرية أو االسرتاتيجية بأي طريق من طرق النرش أو اإلذاعة إال بعد الحصول عىل

موافقة كتابية من مدير إدارة املخابرات الحربية أو من يقوم مقامه.

Page 71: حاله المشاركة العامة في مصر

70

7.3.4. قانون املخابرات العامة

ألزم قانون املخابرات العامة رقم 100 لسنة 1971 رئيس جهاز املخابرات العامة باملحافظة عىل

املعلومات ومصادرها ووسائل الحصول عليها، وألزمه بعدم اإلدالء بأي معلومات عىل اإلطالق إال

بإذن من رئيس الجمهورية أو مجلس الدفاع الوطني، واعترب القانون رسا من أرسار الدفاع األخبار

واملعلومات والبيانات والوثائق املتعلقة باملخابرات العامة ونشاطها وأسلوب عملها ووسائله

وأفرادها وكل ما له مساس بشئونها ومهامها يف املحافظة عىل سالمة وأمن الدولة وحفظ كيان

نظامها السيايس، مال مل يكن قد صدر إذن كتايب من رئيس املخابرات العامة بنرشه أو إذاعته.

8.3.4. قانون املطبوعات

أجاز قانون املطبوعات رقم 20 لسنة 1936 ملجلس الوزراء أن مينع أي مطبوعات صادرة يف الخارج

من التداول، وبأن مينع إعادة طبع هذه املطبوعات ونرشها وتداولها داخل البالد. كذلك منح قانون

املطبوعات وزير الداخلية الحق يف أن مينع عددا معينا من جريدة تصدر يف الخارج من الدخول

والتداول يف مرص. وبهذا مينح هذا القانون الحق للسلطة اإلدارية يف أن متنع بقرار إداري وصول أية

معلومة ال ترغب يف وصولها للجمهور.

9.3.4. قواني أخرى

بجانب قانون املطبوعات رقم 20 لسنة 1963، فإن قواني كقانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996،

وقانون اتحاد اإلذاعة والتلفزيون رقم 13 لسنة 1979 املعدل بالقانون رقم 223 لسنة 1989،

وقانون تنظيم الرقابة عىل املصنفات رقم 430 لسنة 1955 والقرارات الوزارية املتعلقة بالرقابة عىل

املصنفات تقف عائقا صلبا أمام الحق يف الوصول للمعلومات بتقييد األوعية والوسائل التي تنتقل

املعلومات من خاللها للجمهور فتجعل للسلطة التنفيذية اليد العليا والكلمة األخرية يف ما تقرير ما

ينبغي أن يصل للجمهور وما ال ينبغي أن يصل للجمهور استنادا إىل الصالحيات الواسعة التي متنحها

تلك القواني للسلطة التنفيذية.

10.3.4. تطورات إيجابية محدودة

يف اإلطار الترشيعي شهدت مرص يف السنوات العرشين األخرية ثالثة تطورات طفيفة ومحدودة

Page 72: حاله المشاركة العامة في مصر

71

للغاية لصالح حرية تداول املعلومات، اقترصت فقط عىل مجال املال واالقتصاد، وتم ذلك عرب

إصدار ثالثة قواني تدعم يف بعض موادها فكرة اإلفصاح كقانون سوق رأس املال رقم 95 لسنة

1992، وقانون املناقصات واملزايدات رقم 89 لسنة 1998، وقانون البنك املركزي والجهاز املرصيف

والنقد رقم 88 لسنة 2003 والذي نص عىل أن يتم اإلعداد والنرش يف صحيفتي يوميتي للقوائم

املالية للبنك كل ثالثة أشهر.

4.4. الحق يف الوصول للمعلومات يف املامرسة العملية

يؤكد التقرير الصادر عن اللجنة الدولية لدراسة مشكالت االتصال التابعة لليونسكو عام 1980

تحت عنوان »أصوات متعددة وعامل واحد« عىل »الحق يف االستفسار والحق يف الحصول عىل

املعلومات وإبالغ اآلخرين باملعلومات وما يتصل بذلك من حقوق اإلعالم«.5 وينص املبدأ )11(

من مبادئ جوهانسربج لألمن القومي وحرية التعبري والوصول للمعلومات التي نتجت عن اجتامع

مجموعة دولية من الخرباء يف القانون الدويل واألمن القومي وحقوق اإلنسان يف جوهانسربج يف

أكتوبر 1995 عىل أنه »لكل فرد الحق يف الحصول عىل املعلومات من السلطات العامة، مبا يف ذلك

املعلومات املتصلة باألمن القومي. وال يجب فرض أي قيد عىل هذا الحق عىل أساس األمن القومي

إال إذا متكنت الحكومة من إثبات أن القانون ينص عىل هذا القيد، وأنه من الرضوري يف مجتمع دميقراطي حامية املصالح املرشوعة لألمن القومي«.6

عىل الجانب اآلخر فإن األصل يف املعلومات يف مرص هو الرسية، وكام أوضحنا ترتاكم القيود يف مرص

من أجل الحفاظ عىل هذه الرسية تحت حجج شتى، وبينام يوجد يف مرص هذا الكم الهائل من

القواني التي تفرض الرسية وتقيد اإلفصاح عن املعلومات والبيانات، ال يوجد حتى اآلن قانون واحد

لتنظيم مسألة تداول املعلومات سواء بتنظيم إجراءات اإلفصاح عنها أو طلبها أو التظلم من منعها.

واملحاولة الوحيدة يف هذا اإلطار جاءت عرب مبادرة بعض املنظامت الحقوقية وبعض األكادمييي من

أجل نرش مرشوع قانون لتنظيم حرية تداول املعلومات يف مرص، إال أن هذا القانون مل يبارح موقعه

كمبادرة خاصة مبنظامت املجتمع املدين مل تؤخذ بالجدية املطلوبة كغريها من املبادرات.

ومن األمثلة العديدة عىل تطبيق مواد قانون العقوبات الخاصة مبنع املعلومات وجهت النيابة

http://unesdoc.unesco.org/images/0004/000400/040066eb.pdf  5

http://www.article19.org/data/files/pdfs/standards/joburgprinciples.pdf  6

Page 73: حاله المشاركة العامة في مصر

72

العامة للدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون للدراسات اإلمنائية ضمن اتهامات أخرى

تهمة أنه أذاع عمدا يف الخارج بيانات كاذبة وإشاعات مغرضة تتعلق ببعض األوضاع الداخلية للبالد

من شأنها إضعاف هيبة الدولة واعتبارها، بأن أذاع يف الخارج بيانات عديدة تفيد بتزوير االنتخابات

ووجود اضطهاد ديني يف مرص وقد تم الحكم عليه بناء عىل تلك التهمة، ولعله من الغريب للغاية

أن تلك الرسية املفروضة عىل املعلومات والبيانات تظل سارية حتى إذا كانت قد تم نرشها بالفعل،

وقد حكمت املحاكم العسكرية عىل عدد من الصحفيي يف أكرث من واقعة بتهمة افشاء األرسار

لنرشهم مواد كانت قد نرشت بالفعل قبل ذلك يف مصادر أخرى منها مجلة القوات املسلحة ذاتها

وكل ما فعله الصحفيون هو أنهم قاموا بإعادة نرشها دون زيادة أو نقصان.

ومن أهم عوائق وتحديات تنظيم حق الوصول للمعلومات يف مرص ما ييل:

البيئة السياسية املقيدة بشكل عام وما ينتج عنها من غياب اإلرادة السياسية يف إطالق حق

املواطني يف الوصول للمعلومات، وغياب الرغبة يف تحديث اإلطار الترشيعي مبا يتناسىب مع تطبيق

املعايري العاملية لتنظيم جمع ونرش وتداول البيانات بسهولة ويف التوقيت املناسب. واستمرت تلك

البيئة املقيدة عرب العهود السياسية املختلفة قبل وبعد ثورة يناير 2011.

انتشار فكر املؤامرة يف مؤسسات الدولة والتذرع الدائم بأن نرش املعلومات والبيانات للمواطني

املرصيي يرض مبصالح األمن القومي املرصية، وكذلك تفىش ثقافة الرسية وعدم شفافية إتاحة

املعلومات عىل كل املستويات داخل مؤسسات الدولة. والدور القوى الذي يلعبه لويب الفساد يف

دعم فكر املؤامرة من ناحية وثقافة الرسية من ناحية أخرى.

عدم وجود سياسة أو اسرتاتيجية قومية لإلحصاء واملعلومات، وتعدد الجهات املنتجة للبيانات

واملعلومات حول نفس املوضوعات، وضعف آليات التنسيق بي الجهات املنتجة واملستخدمة

للبيانات، وضعف العنرص البرشي املؤهل نتيجة الغياب الطويل للخربات املطلوبة يف هذا املجال،

وما يرتبط بذلك من تضارب وانعدام جودة البيانات.

5. حق املشاركة يف إدارة الشئون العامة

تتمحور تعريفات املشاركة حول مدى إسهام الفرد يف الشأن العام مبجاالته املختلفة ودوره يف

إحداث وتطوير أوجه النشاط يف املجتمع، كام يعني مفهوم املشاركة السياسية بشكل عام االنشغال

Page 74: حاله المشاركة العامة في مصر

73

واالشتغال بالقضايا العامة والتفاعل معها والسعي بالطرق السلمية إليجاد حلول لتلك املشكالت،

لذلك فإن املشاركة يف الشأن العام متثل جوهر املامرسة الدميقراطية.

واملشاركة السياسية عمل طوعي يقوم به املواطنون بهدف اختيار القادة السياسيي الذين يعربون

عنهم أو التأثري ىف السياسات العامة أو توجيه عمل أجهزة الحكم مبستوياتها املختلفة »محلية

– قومية« كام تشمل مدى استجاباتهم للقيام باملهام التى يحتاج إليها املجتمع أيا كان طابعها

»رقابيا – تنفيذيا- تقريريا- استشاريا«. وتعترب عملية التصويت هي أشهر أدوات املشاركة السياسية

باعتبارها الوسيلة األكرث شيوعا ىف جميع املجتمعات دميقراطية كانت أم غري دميقراطية. فهي أوال

أداة مفاضلة بي املرشحي الختيار األنسب بينهم وهى ثانيا وسيلة للدعاية واكتساب رشعية ىف

مواجهة الضغوط الداخلية أو القوى الخارجية.

وبي تعرف املشاركة السياسية بأنها هي مساهمة الفرد يف أحد األنشطة السياسية التي تؤثر يف

عملية صنع القرار أو اتخاذه، والتي تشمل التعبري عن رأى يف قضية عامة، والعضوية الحزبية،

واالنضامم ملؤسسة من مؤسسات املجتمع املدين أو التعاون معها، والرتشيح يف االنتخابات، وتوىل أي

من املناصب التنفيذية والترشيعية.

وال تقترص املشاركة يف إدارة الشئون العامة عىل فكرة املشاركة السياسية التي ال تقترص بدورها عىل

املشاركة يف االنتخابات عىل أهميتها، بل من الرضوري أن يتاح لكافة املواطني فرصة االشرتاك يف

صياغة ومراقبة وتعديل السياسات العامة التي تؤثر يف حياتهم اليومية، فتعرض مرشوعات القواني

واللوائح املنظمة لنواحي الحياة تلك عىل املواطني قبل إقرارها إلبداء الرأي والنقاش حولها، وأن

يستشاروا يف السياسات العامة املختلفة ويتاح لهم إمكانية التعبري عن آراؤهم فيها بوضوح وأيضا

إمكانية التحرك الحر من أجل تطويرها أو تغيريها.

1.5. حق املشاركة يف إدارة الشئون العامة يف املواثيق الدولية

أكدت العديد من املواثيق الدولية عىل الحق يف املشاركة يف الشأن العام وتنظيم وضامنات هذا

الحق. وذلك عىل الوجه التايل:

Page 75: حاله المشاركة العامة في مصر

74

1.1.5. اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية

نصت املادة )21( من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان عىل أنه:

»1. لكل شخص حق املشاركة يف إدارة الشئون العامة لبلده، إما مبارشة وإما بواسطة ممثلین

یختارون يف حریة.

2. لكل شخص، بالتساوي مع اآلخرین، حق تقلد الوظائف العامة يف بلده.

3. إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ویجب أن تتجىل هذه اإلرادة من خالل انتخابات نزيهة

تجرى دوریا باالقرتاع العام وعىل قدم املساواة بین الناخبین وبالتصویت الرسي أو بإجراء مكافئ

من حیث ضامن حریة التصویت.«

وضمنت املادة )25( من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية عىل أنه: یكون لكل مواطن،

دون أي وجه من وجوه التمییز املذكور يف املادة 2، الحقوق التالیة، التي یجب أن تتاح له فرصة

التمتع بها دون قیود غیر معقولة:

)أ( أن یشارك يف إدارة الشؤون العامة، إما مبارشة وإما بواسطة ممثلین یختارون يف حریة، )ب(

أن ینتخب وینتخب، يف انتخابات نزيهة تجرى دوریا باالقرتاع العام وعىل قدم املساواة بین

الناخبین وبالتصویت الرسي، تضمن التعبیر الحر عن إرادة الناخبین، )ج( أن تتاح له، عىل قدم

املساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة يف بلده.

ويف التعليق العام رقم )25( الصادر عام 1996 عن اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان املنشأة طبقا

للامدة )28( من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية، بشأن املادة )25( من العهد

الدويل اعترب التعليق أن املادة هي أساس للحكم الدميقراطي القائم عىل موافقة الشعب، والذي

يراعي املبادئ املكرسة يف العهد، كام قدمت مفهوما أوسع لعملية املشاركة، حيث نص التعليق يف

البند السادس عىل أن یشارك املواطنون مبارشة يف إدارة الشؤون العامة عندما یامرسون السلطة

بوصفهم أعضاء الهيئات الترشیعیة، أو بشغل مناصب تنفیذیة. ویشارك املواطنون يف إدارة الشؤون

العامة بصفة مبارشة أیضا عندما یختارون دستورهم أو یعدلونه أو یبتون يف مسائل عامة عن

طریق االستفتاءات الشعبیة أو غیرها من اإلجراءات االنتخابیة. ویجوز للمواطنین أن یشاركوا

مبارشة بانضاممهم إىل املجالس الشعبیة املخولة بسلطة اتخاذ القرارات يف املسائل املحلیة أو يف

شؤون جامعة معینة، وبانتسابهم إىل هيئات تنشأ بالتشاور مع الحكومة لتمثیل املواطنین. ویجب

Page 76: حاله المشاركة العامة في مصر

75

حیثام أقرت املساھمة املبارشة للمواطنین أال یمیزوا بین املواطنین، وأال تفرض عليهم قیود غیر

معقولة.

وينص البند السابع عىل أنه یفرتض ضمنیا يف املادة 25 أنه يف حال مشاركة املواطنین يف إدارة

الشئون العامة عن طریق ممثلین یختارونھم بحریة، أن ھؤالء املمثلین یامرسون يف الواقع

سلطة حكومیة وأنهم بالتايل یحاسبون نتیجة العملیة االنتخابیة عىل كیفیة مامرستهم لتلك

السلطة. ویفرتض ضمنیا أیضا أن املمثلین ال یامرسون إال السلطات التي یخولون بها طبقا لألحكام

الدستوریة. أما املشاركة عن طریق املمثلین املنتخبین بحریة فهي متارس من خالل عملیة االقرتاع

التي یجب أن تقرها القوانین.

وينص البند الثامن عىل أنه كام یشرتك املواطنون يف إدارة الشئون العامة مبامرسة النفوذ من خالل

املناقشات العامة والحوار مع ممثليهم أو من خالل قدرتهم عىل تنظیم أنفسهم. وتعزز هذه

املشاركة بضامن حریة التعبیر، واالجتامع، وتكوین الجمعیات.

وينص البند التاسع عىل رضورة إجراء انتخابات دوریة نزيهة لضامن شعور املمثلین بأنهم محاسبون

أمام الناس عام یامرسونه من سلطات ترشیعیة أو تنفیذیة تعهد إليهم. ویجب أن تجري تلك

االنتخابات بصورة دوریة عىل فرتات ال تكون متباعدة أكرث مام ینبغي لتضمن أن سلطة الحكومة ما

زالت قامئة عىل التعبیر الحر عن إرادة الناخبین.

2.1.5. اتفاقيات خاصة بحقوق فئات بعينها

إضافة إىل املواثيق السابقة فقد تضمنت العديد من االتفاقات الدولية األخرى النص عيل الحق

يف املشاركة يف الشئون العامة وإزالة العقبات التي من شأنها أن تعوق أو تحد من مشاركة فئات

بعينها.

فتنص اتفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة 1979 يف املادة )7( عيل أن تتخذ الدول

األطراف جميع التدابري املناسبة للقضاء عىل التمييز ضد املرأة يف الحياة السياسية والعامة للبلد

وبوجه خاص تكفل للمرأة، عىل قدم املساواة مع الرجل، الحق يف:

Page 77: حاله المشاركة العامة في مصر

76

)أ( التصويت يف جميع االنتخابات واالستفتاءات العامة، واألهلية لالنتخاب لجميع الهيئات

التي ينتخب أعضاؤها باالقرتاع العام،

)ب( املشاركة يف صياغة سياسة الحكومة ويف تنفيذ هذه السياسة، ويف شغل الوظائف

العامة، وتأدية جميع املهام العامة عىل جميع املستويات الحكومية،

)ج( املشاركة يف أية منظامت وجمعيات غري حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد.

كام تنص املادة )12( من اتفاقية حقوق الطفل 1989 عيل أن:

»1- تكفل الدول األطراف يف هذه االتفاقية للطفل القادر عىل تكوين آرائه الخاصة حق التعبري عن

تلك اآلراء بحرية يف جميع املسائل التي متس الطفل، وتويل آراء الطفل االعتبار الواجب وفقا

لسن الطفل ونضجه.

2- ولهذا الغرض، تتاح للطفل، بوجه خاص، فرصة االستامع إليه يف أي إجراءات قضائية وإدارية

متس الطفل، إما مبارشة، أو من خالل ممثل أو هيئة مالمئة، بطريقة تتفق مع القواعد اإلجرائية

للقانون الوطني«.

أما اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة 2006 فقد أكدت عيل تلتزم الدول التي تنضم إىل

االتفاقية بوضع وتنفيذ السياسات، والقواني واإلجراءات اإلدارية الرامية إىل كفالة الحقوق املعرتف

بها يف االتفاقية وإلغاء القواني، واللوائح، واألعراف واملامرسات التي تشكل متييزا. وفقا للامدة

)4( من االتفاقية. وفيام يخص دعم املشاركة يف الحياة العامة والسياسية للمعاقي نصت املادة

)29( عيل أن: »تضمن الدول األطراف للمعوقني حقوقهم السياسية وفرصة التمتع بها عىل أساس

املساواة مع اآلخرين، وتتعهد مبا ييل:

)أ( أن تكفل لألشخاص ذوي اإلعاقة إمكانية املشاركة بصورة فعالة وكاملة يف الحياة السياسية

والعامة عىل قدم املساواة مع اآلخرين، إما مبارشة وإما عن طريق ممثلي يختارونهم بحرية، مبا

يف ذلك كفالة الحق والفرصة للمعوقي يك يصوتوا وينتخبوا، وذلك بعدة سبل منها:

- كفالة أن تكون إجراءات التصويت ومواده مناسبة وميرسة وسهلة الفهم واالستعامل؛

- حامية حق األشخاص ذوي اإلعاقة يف التصويت عن طريق االقرتاع الرسي يف االنتخابات

واالستفتاءات العامة، دون ترهيب، ويف الرتشح لالنتخابات والتقلد الفعيل للمناصب وأداء

Page 78: حاله المشاركة العامة في مصر

77

جميع املهام العامة يف الحكومة عىل شتى املستويات، وتسهيل استخدام التكنولوجيا

املعينة والجديدة حيثام اقتىض األمر ذلك؛

- كفالة حرية تعبري األشخاص ذوي اإلعاقة عن إرادتهم كناخبي، والسامح لهم، عند

االقتضاء، تحقيقا لهذه الغاية، باختيار شخص يساعدهم عىل التصويت.

)ب( أن تعمل عىل نحو فعال من أجل تهيئة بيئة يتسنى فيها لألشخاص ذوي اإلعاقة أن يشاركوا

مشاركة فعلية وكاملة يف تسيري الشؤون العامة، دون متييز وعىل قدم املساواة مع اآلخرين،

وأن تشجع مشاركتهم يف الشؤون العامة، مبا يف ذلك ما ييل:

- املشاركة يف املنظامت والرابطات غري الحكومية املعنية بحياة البلد العامة والسياسية، مبا

يف ذلك أنشطة األحزاب السياسية وإدارة شؤونها؛

- إنشاء منظامت األشخاص ذوي اإلعاقة واالنضامم إليها يك تتوىل متثيلهم عىل كل من

الصعيد الوطني واإلقليمي واملحيل.

2.5. حق املشاركة يف إدارة الشئون العامة يف الدستور

كفل الدستور يف العديد من نصوصه حق املشاركة يف الشأن العام، فقد أكد الدستور املرصي لعام

2014 يف املادة )4( عىل أن »السيادة للشعب وحده، ميارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات،

ويصون وحدته الوطنية التي تقوم عىل مبادئ املساواة والعدل وتكافؤ الفرص بي جميع املواطني«.

وتنص املادة )5( عىل أن »يقوم النظام السيايس عىل أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول

السلمي للسلطة والفصل بني السلطات والتوازن بينها وتالزم املسئولية مع السلطة واحرتام حقوق

اإلنسان وحرياته«. بينام تنص املادة )14( عىل أن »الوظائف العامة حق للمواطنني عىل أساس

الكفاءة ودون محاباة أو وساطة«.

وتكفل املادة )53( املساواة بي املواطني فتنص عىل عىل أن »املواطنون لدى القانون سواء، وهو

متساوون يف الحقوق والحريات والواجبات العامة، ال متييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو

الجنس أو املال أو األصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو اإلعاقة أو املستوى االجتامعي أو االنتامء

السيايس أو الجغرايف أو ألي سبب آخر«. بينام تناولت املادة )87( املشاركة يف الحياة العامة حيث

نصت عىل أن »مشاركة املواطن يف الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق االنتخاب والرتشح

وابداء الرأي يف االستفتاء، وينظم القانون مبارشة هذه الحقوق«.

Page 79: حاله المشاركة العامة في مصر

78

3.5. حق املشاركة يف إدارة الشئون العامة يف القواني الداخلية واملامرسة العملية

يستدعي الحديث عن املشاركة يف إدارة الشئون العامة يف املامرسة العملية أفكارا من قبيل هل

تتيح الحكومة قنوات تسمح للمواطني أفرادا وجامعات يف النقاش يف عمليات صنع القرار، وهل

متثل جامعات املصالح يف الكيانات واملؤسسات الحكومية ذات العالقة مبصالحها. أيضا هل تنرش

السياسات ومرشوعات القواني قبل إقرارها من أجل إتاحتها للنقاش العام والتطوير من قبل

املواطني أفرادا وجامعات التي ستؤثر تلك السياسات والقواني يف حياتهم. ويف مواضيع متس الحياة

اليومية للمواطني كسياسات التعليم والصحة هل يتم مناقشة املواطني وإدراجهم يف عمليات

التخطيط والتطوير لتلك السياسات عىل املستوى الوطني أو املحيل.

يف الواقع أن النظام السيايس املرصي أبعد ما يكون عن ذلك. ويستوي يف ذلك سلوك جميع الحكام

الذي تولوا مسئولية الحكم يف مرص سواءا قبل ثورة يناير أو بعدها وحتى اآلن. ويستوي يف ذلك

أيضا سلوك صناع السياسات عىل املستوى الوطني وعىل املستوى املحيل. وإذا كان هذا املستوى

من املشاركة يتطلب وعيا عاما بذلك الحق وتنظيام قانونيا له، فإن الوعي العام برضورة املشاركة

عىل هذا املستوى يكاد يكون منعدما بينام ال توجد أية قواني تلزم الحكومة مبشاركة املواطني يف

صنع السياسات العامة أو التخطيط لها أو عرض مرشوعات القواني واللوائح عىل املواطني أصحاب

الشأن من أجل مناقشتها قبل إقرارها. وهذا هو املتوقع يف ظل النظم املتعاقبة يف مرص التي كان

أبسط أشكال املشاركة يف إدارة الشئون العامة املتمثلة يف انتخابات املناصب العامة محال للجدال

والتساؤل.

رمبا اختلف األمر قليال خالل األشهر القليلة الالحقة عىل الحراكات الجامهريية الواسعة يف يناير

2011 ويونيو 2013 وهي أيضا الفرتات التي متيزت بعدم استقرار السلطات االنتقالية يف الحكم

ومواجهتها لتهديدات واسعة من السلطات السياسية التي كانت قد تم تنحيتها منذ وقت قريب،

وعىل خلفية كون السلطات االنتقالية يف تلك الفرتات يف أضعف حاالتها وكون الحراك الجامهريي يف

تلك الفرتات يف أقوى حاالته، فكان يتم إرشاك مجموعات من املواطني يف عمليات صنع القرارات،

وكانت تتم االستجابة بشكل أكرب لضغوط الجامهري التي كانت تفرض نوعا من الدميقراطية املبارشة

عىل عملية صنع القرار. إال أنه حتى يف تلك الفرتات فأوال: نادرا ما كانت تتجاوز تلك الدميقراطية

املبارشة التأثري عىل صنع القرارات قصرية املدى إىل مستوى السياسات والخطط طويلة ومتوسطة

املدى، وثانيا: غالبا ما كان يتم اختيار ممثلي بعينهم كثريا ما تتكرر دعوتهم هم أنفسهم للنقاشات

املختلفة دون معايري محددة ملن يتم اختيارهم لالشرتاك يف تلك النقاشات مع إقصاء الغالبية الغالبة

Page 80: حاله المشاركة العامة في مصر

79

من الجامهري بحجة أنه قد تم التقاء بعض ممثليهم، وثالثا: فدامئا مل تنتج تلك اللقاءات والنقاشات

آليات مؤسسية أو قواني من شأنها أن تنعكس عىل حالة املشاركة العامة يف املستقبل، بل ونادرا ما

طورت قواني تدعم حريات وحقوق املشاركة بشكل مريض.

لذلك، فعند هذه اللحظة، وعىل مستوى القواني فال توجد أطر ترشيعية أو مؤسسية محددة تنظم

حقوق املواطني يف املشاركة يف إدارة الشئون العامة، وحتى بالنسبة للقواني التي تنظم الحقوق

املتعلقة باملشاركة والتي ميكن أن تساهم ضمنا يف تشجيع ذلك النوع من املشاركة كالقواني

املنظمة لحريات الرأي والتعبري والتجمع والتنظيم التي ناقشناها، فيتضح مام سبق أن تلك القواني

تخضع لقيود شديدة تجعل من املستحيل أن يصل مستوى املشاركة إدارة الشئون السياسية وإبداء

اآلراء واالعرتاضات عىل القواني والسياسات إىل املستوى املطلوب من أجل ضامن أن تكون السلطة

ممثلة بشكل جدي ملصالح املواطني حتى وإن كانت سلطة قد تم انتخابها بطريقة سليمة إجرائيا.

Page 81: حاله المشاركة العامة في مصر

80

مصادر تم االعتامد عليها

مواثيق دولية

zz1948 اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان

zz1966 العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية

zz2004 امليثاق العريب لحقوق اإلنسان

zz1981 امليثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب

zz1979 اتفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة

zz1989 اتفاقية حقوق الطفل

zz2006 اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة

zz اإلعالن املتعلق بحق ومسئولية األفراد والجامعات وهيئات املجتمع يف تعزيز وحامية

حقوق اإلنسان والحريات األساسية املعرتف بها عامليا، الجمعية العامة لألمم املتحدة،

1998

zz اإلعالن بشأن املبادئ األساسية الخاصة بإسهام وسائل اإلعالم يف دعم السالم والتفاهم

الدويل وتعزيز حقوق اإلنسان ومكافحة العنرصية والفصل العنرصي والتحريض عىل

الحرب، منظمة األمم املتحدة للرتبية والعلوم والثقافة، 1978

zz2003 اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد

zz1996 التعلیق العام رقم 25 الصادر عن اللجنة املعنية بالحقوق املدنية والسياسية

zz2011 التعليق العام رقم 34 الصادر عن اللجنة املعنية بالحقوق املدنية والسياسية

دساتري

zz1923 دستور مرص

zz1971 دستور مرص

zz2012 دستور مرص

zz2014 دستور مرص

قوانني

zzقانون العقوبات املرصي رقم 58 لسنة 1937 وتعديالته

zzالقانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة

zzالقانون 76 لسنة 1970 الخاص بإنشاء نقابة الصحفيي

Page 82: حاله المشاركة العامة في مصر

81

zzالقانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن املطبوعات

zzالقانون 13 لسنة 1979 املعدل بالقانون 223 لسنة 1989 بشأن اإلذاعة والتلفزيون

zz قانون تنظيم الرقابة عىل األرشطة السينامئية واألغاين واملرسحيات واملنولوجات

واألسطوانات وأرشطة التسجيل الصويت رقم 430 لسنة 1955 واملعدل بالقانون رقم 38

لسنة 1992

zz القرار الوزاري رقم 220 لسنة 1976 والقرار الوزاري رقم 162 لسنة 1993 وقرار وزير

الثقافة رقم 250 لسنة 1970 الخاصي بتنظيم عمل الرقابة عيل املصنفات الفنية

zzالقرار رقم 459 لسنة 1973 بشأن استرياد االفالم االجنبية

zz املرسوم بقانون رقم 1 لسنة 2012 لتعديل املادة 41 من قانون الصحافة رقم 96 لسنة

1996

zzالقرار الجمهوري رقم 384 عام 1956 بإلغاء املواد من 54 إىل 80 من القانون املدين

zzالقانون رقم 32 لسنة 1964 لتنظيم عمل الجمعيات واملؤسسات األهلية

zzالقانون رقم 153 لسنة 1999 لتنظيم عمل الجمعيات واملؤسسات األهلية

zzالقانون رقم 84 لسنة 2002 لتنظيم عمل الجمعيات و املؤسسات االهلية

zz1914 قانون التجمهر رقم 10 لسنه

zz1923 قانون االجتامعات واملظاهرات رقم 14 لسنة

zz 2013 قانون التظاهر رقم 107 لسنة

zz1971 قانون هيئه الرشطة رقم 109 لسنه

zz القانون 121 لسنة 1975 املعدل بالقانون 22 لسنة 1983 الخاصي باملحافظة عىل الوثائق

الرسمية للدولة

zz قرار رئيس الجمهورية رقم 472 لسنة 1979 بشأن املحافظة عىل الوثائق الرسمية للدولة

وأسلوب نرشها واستعاملها

zzقانون 356 لسنة 1954 بشأن إنشاء دار الوثائق التاريخية والقومية

zz قرار رئيس الجمهورية بالقانون 2915 لسنة 1964 الخاص بإنشاء الجهاز املركزي للتعبئة

العامة واإلحصاء

zz1978 قانون العاملي املدنيي بالدولة رقم 47 لسنة

zz القانون رقم 313 لسنة 1956 املعدل بالقانون 14 لسنة 1967 بحظر نرش معلومات وأخبار

القوات املسلحة

zz1971 قانون املخابرات العامة رقم 100 لسنة

zz1992 قانون سوق رأس املال رقم 95 لسنة

Page 83: حاله المشاركة العامة في مصر

82

zz1998 قانون املناقصات واملزايدات رقم 89 لسنة

zz2003 قانون البنك املركزي والجهاز املرصيف والنقد رقم 88 لسنة

تقارير حقوقية

zz2013 – 2007 تقارير الشبكة العربية ملعلومات حقوق اإلنسان عن حرية التعبري

zz أيام الحرب والدم، تقرير الشبكة العربية ملعلومات حقوق اإلنسان عن االعتداءت عىل

الصحفيي يف الفرتة بي 26 يونيو 2013 إىل 26 أغسطس 2013

zz العدالة يف 100 يوم من حكم الرئيس القايض، تقرير الشبكة العربية ملعلومات حقوق

اإلنسان، أكتوبر 2013

zz2013 – 2007 التقارير السنوية ملنظمة هيومان رايتس ووتش، األعوام

zz2013 - 2007 التقارير السنوية ملركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان، األعوام

zzمصادر حريات الرأي والتعبري وتداول املعلومات

zz املواد املقيدة لحرية التعرب بالقواني املرصية: تعديالت مقرتحة؛ الشبكة العربية ملعلومات

حقوق اإلنسان؛ 2012

zz حرية التعبري وتداول املعلومات يف مرص: اإلشارة إىل اليسار واالتجاه عىل اليمي؛ نجاد

الربعي؛ املجموعة املتحدة

zzالرقابة الدينية عىل حرية التعبري: األزهر منوذجا؛ نجاد الربعي؛ املجموعة املتحدة

zz حرية تداول املعلومات يف مرص؛ أحمد درويش؛ ماجد عثامن؛ معتز سالمة؛ محسن يوسف؛

مكتبة األسكندرية؛ 2009

zz الوصول إىل املستحيل: حق الوصول إىل املعلومات يف مرص؛ نجاد الربعي، املجموعة

املتحدة.

zz قواني تداول املعلومات: التجارب الدولية والوضع الحايل يف مرص؛ تقرير مركز املعلومات

ودعم اتخاذ القرار مبجلس الوزراء؛ 2011

zzمصادر حريات التجمع والتنظيم

zz مبادئ توجيهية بشأن حرية التجمع السلمي – الطبعة الثانية؛ مكتب املؤسسات

الدميقراطية وحقوق اإلنسان التابع ملنظمة األمن والتعاون االورويب؛ 2012

zz تعليق عىل مرشوع قانون تنظيم الحق يف االجتامعات العامة واملواكب والتظاهرات

السلمية يف األماكن العامة؛ مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان، املبادرة املرصية

للحقوق الشخصية، مؤسسة حرية الفكر والتعبري؛ 2013

Page 84: حاله المشاركة العامة في مصر

83

zz ورقة موقف الشبكة العربية ملعلومات حقوق اإلنسان من قانون التظاهر؛ الشبكة العربية

ملعلومات حقوق اإلنسان؛ 2013.

zz نحو قانون أفضل للمجتمع املدين يف مرص؛ نجاد الربعي؛ أوراق سياسات منتدى رفاعة

الطهطاوي لدراسات الدميقراطية؛ مؤسسة عامل واحد للتنمية؛ 2012.

zz نحو قانون دميقراطي لتحرير العمل األهيل: دراسة قانونية وميدانية؛ عصام الدين حسن؛

طاهر أبو النرص؛ ورجب سعد طه؛ مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان؛ 2009.

مصادر أخرى

zz االتفاقيات الدولية واإلقليمية لحقوق اإلنسان التي صادقت عليها مرص؛ عبدالله خليل؛

املجلس القومي لحقوق اإلنسان؛ 2008.

zzمصادر بلغات أخرىzz�Regional�Study�on�the�Right�to�Freedom�of�Assembly�in�the

�Euro‑Mediterranean�Region;�Euro‑Mediterranean�Human�RightsNetwork;�2013

zz�Kristina�Kausch,�Defenders�in�Retreat�–�Freedom�of�Associationand�Civil�Society�in�Egypt,�FRIDE,�2009

zz�Michel�Doucin;�Le�guide�de�la�liberté�associative�dans�le�monde;La�Documentation�française;�Paris;�2007

zz�Nancy�Okail,�Rights�Groups�Face�a�Withering�Assault�in�Egypt,Freedom�House,�2013

zz�Boesen,�Jakob�Kirkemann�(2014)�Participation�and�Human�RightsBased�Approach;�Training�in�Cairo;�June�2014

zz�Boesen,�Jakob�Kirkemann;�Lefebvre,�Kelsey;�Dhundale,�Lis�(2013);�Public�Participation�Audit�–�Based�on�Collected�Inputs�from

�Partners�Seminar�12�–�14�November�2012.�Copenhagen:�TheDanish�Institute�for�Human�Rights

zz�Dhundale,�Lis�(2013)�Public�Participation�Compliance.Copenhagen:�The�Danish�Institute�for�Human�Rights

zz�Jacobsen,�Anette�Faye�(2013)�The�Right�to�Public�Participation�–�A�Human�Rights�Law�Update.�Copenhagen:�The�Danish�Institute�for

Human�Rights

Page 85: حاله المشاركة العامة في مصر

الفصـــل الثالث

84

مقدمة

تصف املحكمة الدستورية العليا يف مرص منظامت املجتمع املدين بأنها »واسطة العقد بي الفرد

والدولة، إذ هي الكفيلة باالرتقاء بشخصية الفرد بصفته القاعدة األساسية يف بناء املجتمع، وذلك

عن طريق بث الوعي ونرش املعرفة والثقافة العامة، ومن ثم تربية املواطني عىل ثقافة الدميقراطية

والتوافق يف إطار من الحوار الحر البناء، وتعبئة الجهود الفردية والجامعية إلحداث مزيد من

التنمية االجتامعية واالقتصادية معا، والعمل بكل الوسائل املرشوعة لضامن الشفافية، وترسيخ قيمة

حرمة املال العام، والتأثري يف السياسات العامة، وتعميق مفهوم التضامن االجتامعي، ومساعدة

الحكومة عن طريق الخربات املبذولة، واملرشوعات الطوعية عىل أداء افضل للخدمات العامة،

والحث عىل حسن توزيع املوارد وتوجيهها، وعىل ترشيد اإلنفاق العام، وإبراز دور القدوة. وبكل

أولئك، تذيع املصداقية، وتتحدد املسئولية بكل صورها ويتحقق العدل والنصفة وتتناغم قوى

املجتمع الفاعلة فتتالحم عىل رفعة شأنه والنهوض به إيل ذرى التقدم« )الطعن رقم 153 لسنة 21

قضائية – جلسة 2000/6/3 مكتب فني 9(.

ومتاما كالحرية والدميقراطية والعدالة االجتامعية فتعبري »املجتمع املدين« وبرغم انتشاره الواسع

عىل ألسنة العامة قبل املختصي واألعداء قبل األصدقاء فهو ال ميكن االتفاق عىل تعريفه، ومتاما

كالحرية والدميقراطية والعدالة االجتامعية فاملجتمع املدين وبالرغم من كرثة الكتابات والنقاشات

املجتمع املدين يف مرص

Page 86: حاله المشاركة العامة في مصر

85

حول مفهومه إال إنه يبقى ضبابيا حامل أوجه يفرسه كل حسب وجهة نظره وخلفيته الفكرية أو

حتى منطلقاته السياسية. وقد تعددت محاوالت تعريف املجتمع املدين: فقيل أنه فضاء التفاعل

اإليجايب بي الدولة واملجتمع واملجتمع والسوق، وقيل أنه كل املنظامت الطوعية من أحزاب

ونقابات واتحادات وحركات احتجاجية وكيانات دينية، وقيل أنه التنظيامت والروابط غري الحكومية

التي تعرب عن جامعات املصالح املختلفة وتقع خارج السوق وخارج الدولة، وميكن إجامل ذلك

بالقول بأن املجتمع املدين هو مجموعة التنظيامت الطوعية املستقلة التي متأل املجال العام بي

األرسة والدولة، وهي غري ربحية، وتسعى إىل تحقيق منافع للمجتمع ككل أو لجزء منه أو مصالح

أفرادها مجتمعي، وتدير اختالفاتها سلميا. ومع عدم التوافق حول التعريف ميكن تعريف املجتمع

املدين من خالل عدة سامت هيكلية وإجرائية هي التنظيم واالستقالل وعدم توزيع األرباح واإلدارة

الرشيدة والتطوع وعدم السعي للسلطة أو للربح املادي.1

ونحن من خالل هذا الفصل سوف نستعرض تاريخ ونشاة املجتمع املدين بشكل عام ويف مرص عىل

وجه الخصوص والتطور التدريجي له منذ نشأته وإىل اآلن، ثم نتوغل بعد ذلك يف واقع املجتمع

املدين يف مرص والتحديات التي يواجهها.

1. تاريخ املجتمع املدىن وتطوره

يف تعريف ونشأة املجتمع املدينأ. 

ظهر مفهوم املجتمع املدين أول ما ظهر يف األدبيات اإلغريقية فذكره »أرسطو« يف مصنفه

»السياسة« ليشري إىل »املدينة الدولة« التي يشارك مواطنوها مجموعة من القيم واألخالقيات

ويخضعون عىل قدم املساواة أمام القانون. إال أن البداية الحقيقية ملناقشة فكرة املجتمع املدين

ترجع إىل القرن السابع عرش بالتزامن مع ظهور فلسفات العقد االجتامعي لدى فالسفة الثورة

اإلنجليزية والفرنسية، فتناول الفيلسوف االسكتلندي »آدم فرجسون« ذلك املفهوم يف كتابه »مقال

يف تاريخ املجتمع املدين -1767« وتناوله »توماس باين« يف كتابه » حقوق االنسان – 1791«،

وتحدث فالسفة مدرسة العقد االجتامعي »توماس هوبز« و »جون لوك« و »جان جاك روسو« يف

القرن السابع عرش والثامن عرش عن »املجتمع املدين« يف مقابل »املجتمع الطبيعي« وهو ما كان

يوافق يف فكرهم املجتمع السيايس الحديث أو الدولة الحديثة، ثم جاء »هيجل« يف القرن الثامن

1  أماين قنديل، املوسوعة العربية للمجتمع املدين، الهيئة املرصية العامة للكتاب، القاهرة، 2008.

Page 87: حاله المشاركة العامة في مصر

86

عرش –بعد استقرار فكرة الدولة الحديثة- لياميز للمرة األوىل ما بي املجتمع املدين والدولة ويذهب

إىل أن املجتمع املدين هو حلقة وسيطة ما بي العائلة من ناحية والدولة من ناخية أخرى، وهو

األرضية التي تتفاعل فيها العالقات االقتصادية واملجتمعية بقصد االنتقال من املجتمع التقليدي

القائم عىل روابط الدم والقرابة إىل مجتمع الدولة واملواطنة.

تناول املنظرين االشرتاكيي بعد ذلك مفهوم املجتمع املدين أيضا، فتناوله »كارل ماركس« باعتباره

ميدان الرصاع الطبقي املؤسس للدولة، فهو ميدان التفاعل املادي لألفراد يف مراحل الرصاع

الطبقي وفضاء الرصاع بي الطبقات االجتامعية الذي يتم فيه تواجه املصالح االقتصادية املتضاربة

بي الطبقات ومنه تخرج الدولة بسيطرة إحدى تلك الطبقات عىل الرصاع. ولذا ففهوم املجتمع

املدين لدى »ماركس« هو مفهوم أوسع من الدولة، فهو الذي ينشئها يف مرحلة معينة من تاريخ

الرصاع، وهو الذي ينهيها يف نهاية الرصاع. وبعد غياب املناقشة حول ذلك املفهوم يف فرتة الحرب

العاملية األوىل عاد النقاش حوله عىل يد املفكر اإليطايل »أنطونيو جراميش« والذي تحدث عن

املجتمع املدين بوصفه الساحة التي تتبدى فيها الهيمنة األيديولوجية والثقافية، فاملجتمع املدين

لدى »جراميش« هو ذلك الرتكيب املعقد املتشابك الذي يلتقي فيه نسيج متداخل من التنظيامت

األيديولوجية، وهو ال ينفصل عن املجتمع السيايس ولكن تدور بينهم عالقة جدلية هي ما يحدد

طبيعة الرصاع، فالدولة هي أداة السيطرة واالحتواء واملجتمع هو ساحة التحرر واالختالف والتعدد

واالستقالل. ويجمل »جراميش« ذلك كله يف وصفه املوفق للمجتمع املدين بأنه »الساحة الخلفية

للسياسة«.

عاد مفهوم املجتمع املدين للرتاجع يف أثناء الحرب العاملية الثانية والحرب الباردة التي أعقبتها،

وإن كان إلنشاء منظمة األمم املتحدة يف 1945 دورا يف عودة فكرة املجتمع املدين بشكل نسبي

وبخاصة من خالل االتفاقيات الخاصة بحقوق اإلنسان التي جاء عىل رأسها اإلعالن العاملي لحقوق

اإلنسان يف عام 1948، والذي جعل من املجتمع املدين الوسيلة األساسية التي من خاللها تنتعش

الحقوق والحريات الفردية والجامعية وأكد يف مواده عىل أنه )أوال: لكل شخص الحق يف حرية

اإلشرتاك يف الجمعيات والجامعات السلمية. ثانيا: ال يجوز ارغام أحد عىل اإلنضامم اىل جمعية ما(.

إال أن موجات الدميقراطية التي واكبت نهايات فرتة الحرب الباردة وما بعدها قد شهدت االزدهار

األكرب للمجتمع املدين يف العامل وبخاصة للدور التي لعبته التنظيامت املدنية يف التخلص من النظم

الشمولية يف غرب أوروبا ثم يف رشقها وكذلك يف أمريكا الالتينية وبعض دول آسيا2.

2  عيل عبدالصادق، مفهوم املجتمع املدين – قراء أولية.،الهيئة املرصية العامة للكتاب، القاهرة، 2007.

Page 88: حاله المشاركة العامة في مصر

87

واليوم وقد بلغت العوملة وثورة االتصاالت مداها، مبا تحمله ذلك من إيجابيات التواصل العاملي يف

شتى مناحي الحياة، وكذلك مبا تحمله من إيجابيات التأثر العاملي باألزمات املالية والبيئية واإلرهاب

العابر للحدود والجرمية املنظمة وانتشار األوبئة عىل نطاق عاملي، وكذلك مع تطور النظام العاملي

الذي عمد إىل إدماج املجتمع املدين يف عمليات صنع القرار عىل املستوى العاملي واملحيل أصبح

املجتمع املدين جزءا ال ميكن تجاوزه من النظام الدويل بل والنظم السياسية الداخلية للدول وهي

املعركة التي ال زالت مستمرة حتى يف أكرث دول العامل تقدما وبالتأكيد يف دول العامل الثالث والدول

العربية ويف مرص.

نشأة املجتمع املدين يف مرصب. 

يرتبط النشاط املدين –أو األهىل بالتعبري التاريخي- يف مرص بنشأة املجتمع الحديث ذاته، وقد

عرفت مرص العمل األهيل والتطوعي منذ زمن طويل وذلك الرتباطه مبفهوم عمل الخري ومساعدة

اآلخرين. إال أن ذلك املفهوم قد تطور عرب عدة مراحل سواء لتطور املجتمع ذاته أو لتطور

التصورات الخاصة باملجتمع املدين يف العامل أجمع وانعكاس ذلك عىل الداخل املحيل. وبشكل

عام فإن العمل املدين قد تطور يف العامل أجمع من مفهوم العمل الخريي واإلغايث يف األربعينيات

وما قبلها إىل مفهوم تقديم الخدمات والرعاية يف الستينيات، ثم إىل مفهوم التنمية الشاملة يف

الثامنينيات، ثم إىل مفهوم املدافعة املرتكزة عىل حقوق اإلنسان يف نهاية القرن العرشين، وذلك

قبل أن يتطور ذلك املجال من العلوم االجتامعية بالكامل يف األلفية الجديدة نحو ارتباط التنمية

االجتامعية واالقتصادية بالتنمية السياسية والدميقراطية والحوكمة، وظهور جيل جديد من الحقوق

يرتبط بالتنمية والبيئة ويتقاطع مع فكرة األمن ليحول دفة الحديث نحو األمن اإلنساين من الجوع

والخوف، فينتج تفاعال أمميا مع تلك القضايا فتصبح التنمية أهدافا أممية تسمى األهداف اإلمنائية

لأللفية ويصبح املجتمع املدين العاملي ومكوناته املحلية العبا أساسيا معرتفا به كمكون أسايس من

مكونات النظام الدويل.

ويف مرص ظهرت التنظيامت املدنية يف شكل رسمي يف منتصف القرن التاسع عرش مرتبطة بظهور

الدميقراطية وتحديث املجتمع يف ذلك الوقت والذي جاء عقب تحديث الدولة يف بدايات القرن

ذاته، فتأسست يف ذلك الوقت أول منظمة غري حكومية هي جمعية هيلينا الخريية باألسكندرية يف

1821 والتي كانت تهدف إىل خدمة املواطني اليونانيي املقيمي يف األسكندرية، أعقب ذلك تأسيس

عدد من الجمعيات كجمعية معهد مرص يف 1859، وجمعية املعارف التي عنيت بالثقافة والطباعة

Page 89: حاله المشاركة العامة في مصر

88

والنرش، والجمعية الجغرافية يف 1875 والتي عنيت باألبحاث الجغرافية والعلمية، والجمعيات

الخريية الدينية كالجمعية الخريية اإلسالمية يف 1878 وجمعية املساعي الخريية القبطية يف 1881

وجمعية التوفيق القبطية يف 1891، ثم تواىل إنشاء الجمعيات بعد ذلك التي تنوعت ما بي الجمعيات الخريية والجمعيات الثقافية والعلمية.3

أعقب ذلك ما عرف بالحقبة الليربالية يف النصف األول من القرن العرشين وتحديدا يف الفرتة ما

بي ثورة 1919 وحركة الضباط يف 1952، ويف تلك الحقبة تأثر العمل املدين بتزايد الوعي القومي

واالجتامعي وتطور املعارف العلوم واملعارف العامة وكذلك تزايد عدد السكان وعودة املبعوثي

يف الخارج بعد اطالعهم عىل حركة الفكر العاملي، كذلك اعرتف دستور 1923 بحق املرصيي يف

التجمع وتكوين الجمعيات ثم أنشئت وزارة الشئون االجتامعية يف 1939 لتنظم شئون الجمعيات

فحدد املرسوم املليك بإنشاء الوزارة الغرض من إنشائها بأن »تقوم عىل تلك الشئون تجمع شتاتها

وتنسق وحدتها وتبلغ ما ترجوه البالد من خري ورقي« وترك مسألة التنظيم القانوين للمجتمع املدين

للقانون املدين املعمول به حينها ما انعكس عىل استقاللية وقوة املنظامت يف حينها. وقد ازداد عدد

منظامت املجتمع املدين من 159 جمعية يف الفرتة ما بي عامي 1900 و 1924 إىل 633 جمعية يف

الفرتة ما بي 1925 و 1944. وال أبلغ للتدليل عىل دور وقوة املجتمع املدين املرصي من كون جامعة

القاهرة قد نشأت كجامعة أهلية يف عام 1908 برغم التحديات التي فرضتها ظروف االحتالل.

وقد بدأت أوىل خطوات تقييد عمل الجمعيات مع إصدار قانون خاص بها وهو القانون 49 لسنة

1945 الخاص بتنظيم الجمعيات الخريية واملؤسسات االجتامعية والتربع لوجوه الخري، وهو ما فرض

رضورة تسجيل املنظامت بوزارة الشئون االجتامعية وأعطاها حق اإلرشاف والتفتيش املايل واشرتط

حصول املنظامت عىل ترخيص لجمع التربعات. ثم توالت القواني املقيدة فيام بعد عام 1952

كالقانون 357 لسنة 1952، ثم القانون 384 لسنة 1956، ثم القانون 32 لسنة 1964، وتزامن ذلك

مع فلسفة عامة لدى الدولة تسعى إىل تأميم العمل األهيل ومصادرة املجال العام إبان الحقبة

االشرتاكية، وال تشهد تلك الحقبة إنجازا يذكر ملنظامت املجتمع املدين حيث حلت الدولة مكانها

وحاولت القيام بدورها.

ومع دخول مرص مرحلة االنفتاح يف منتصف السبعينيات خفت قبضة الدولة عىل املجتمع املدين

3  مجهول، التطور التاريخي للمجتمع املدين ونشاة الجمعيات واملؤسسات األهلية، محارضة غري منشورة،

كلية االقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة. 2008.

Page 90: حاله المشاركة العامة في مصر

89

واتبعت سياسة من االنفتاح السيايس املحدود والذي استوعبه ظهور األحزاب السياسية يف 1977، إال

أن سياسة االنفتاح االقتصادي قد ارتبط بها بشكل أكرب ظهور جمعيات األعامل بشكل أسايس، ويف

ظل سياسة االنفتاح أنشأ رجال األعامل يف القاهرة واألسكندرية جمعيات األعامل تلك، وتعد أول

جمعية تأسست يف هذا اإلطار هي الغرفة التجارية املرصية األمريكية التي أصدر الرئيس السابق

أنور السادات قرارا جمهوريا بإنشائها.

ثم يف مثانينيات القرن املايض أنشئت املنظمة العربية لحقوق اإلنسان لتكون طليعة منظامت

حقوق اإلنسان يف مرص والعامل العريب جاء بعدها املنظمة املرصية لحقوق اإلنسان والتي خرج منها

13 منظمة أخرى يف التسعينيات، ومع تبني مرص سياسات االصالح الهيكيل يف منتصف التسعينيات

وانخراطها بشكل أكرب يف النظام العاملي فتح املجال أمام نشأة جديدة للمجتمع املدين وهنا ظهر

القانون 153 لسنة 1999 والذي حكم بعدم دستوريته ووقف العمل به يف يونيو 2000 حتى ظهور

القانون 84 لسنة 2002 وهو القانون املعمول به حاليا. وكرد فعل عىل القيود القانونية املفروضة

دامئا يف قواني الجمعيات نشأت وانترشت يف تلك الفرتة فكرة الرشكات املدنية التي تتخذ شكال

قانونيا معرتفا به من ناحية وال تقع تحت طائلة املواد املقيدة لقواني الجمعيات األهلية. إال أن

الدولة الزالت تحتفظ بحالة شديدة من العداء تجاه تلك األشكال القانونية وتسعى سعيا حثيثا إىل

استئصالها، وال زالت تلك املعركة مستمرة.

وبرغم تطور كل قانون مختص بتنظيم عمل الجمعيات األهلية عن القواني السابقة عليه إال أنها

قد ارتكنت جميعا عىل فلسفة واحدة تسعى إىل تقييد العمل املدين واعتباره شأنا من شئون الدولة

وليس من شئون األفراد، واحتفظت جميعا مبقومات أساسية تضمن تدخل الدولة للعصف بحرية

املجتمع املدين يف التجمع والتنظيم ومتويل أنشطته وتسيريها. وقد أثرت الترشيعات املتعلقة

باملجتمع املدين والتي صدرت منذ قيام ثورة يوليو وحتى عهد قريب عىل متوسط منو الجمعيات

ومستوى نشاطها، فبينام ازداد عدد منظامت املجتمع املدين من 159 جمعية يف الفرتة ما بي عامي

1900 و 1924 إىل 633 جمعية يف الفرتة ما بي 1925 و 1944 كام ذكرنا آنفا، ازداد عدد الجمعيات

من 3198 إىل 4000 جمعية فقط يف الفرتة من 1960 إىل 1964، وبلغت 7593 جمعية عام 1976، ثم 11471 جمعية يف 1985، ثم 12832 يف عام 1990، ثم 14162 جمعية يف 4.1994

4  التطور التاريخي للمجتمع املدين ونشاة الجمعيات واملؤسسات األهلية، محارضة غري منشورة، كلية

االقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة. 2012.

Page 91: حاله المشاركة العامة في مصر

90

ويشهد املجتمع املدين يف مرص تنوعا يف مجاالت النشاط املدين وأشكاله وأيضا يف الشكل القانوين

للمنظامت، فهناك الجمعيات واملؤسسات األهلية والرشكات املدنية والحركات والتجمعات غري

الرسمية والتعاونيات والغرف التجارية وجمعيات األعامل واتحادات العامل والنقابات املهنية

والعاملية والجمعيات الدينية واملنظامت الخريية والتنموية ومنظامت حقوق اإلنسان واملنظامت

النسائية ومراكز الشباب والنوادي الرياضية إىل آخره. وبالرغم من الدور الكبري الذي تلعبه منظامت

املجتمع املدين لتغطية مناطق القصور لدى الدولة أو تقويم بعض مامرساتها إال أنها وكام تبي

يف سائر فصول تلك الدراسة ال تجد الدعم الكايف من قبل الدولة بل عىل العكس تحافظ الدولة

٦١,٦٣٦٥٦,٣١٢

٤٧,١٠٨

٣٦,٦٢٦

٢٨,٦٥٩٢٥,٩٢٢

١٨,١٣٤١٣,٨٨٥ ١٤,١٦٢١٢,٨٣٢١١,٤٧١

٧,٥٩٣٤,٠٠٠٣,١٩٨٦٣٣١٥٩

١٩٩٤١٩٤٤ ١٩٩٠١٩٨٥١٩٧٦١٩٦٤١٩٦٠١٩٢٤

الشكل 1: معدل منو الجمعيات األهلية يف مرص يف

الفرتة بي عامي 1924 و1994 يف مقابل معدل النمو

السكاين.

عدد السكان ),000(

الجمعيات األهلية

Page 92: حاله المشاركة العامة في مصر

91

املرصية منذ نشاة الجمهورية بها عىل حالة من العداء أو التشكك يف أفضل األحوال تجاه منظامت

املجتمع املدين ما يجعلها تتفنن باستمرار يف سن القواني واتباع املامرسات املقيدة لعمل تلك

املنظامت، وذلك فضال عن حمالت التشويه اإلعالمية املستمرة والرصاعات القضائية التي ال تنتهي،

وتلك أيضا معركة مستمرة.

2. وصف حالة املجتمع املدين يف مرص

رمبا أصعب ما يواجه الباحث يف املجتمع املدين املرصي هو الغياب التام للبيانات واملعلومات

املوثوقة، وهي وإن كانت مشكلة عامة للبحث يف مرص إال أن األمر يبدو أكرث تعقيدا عند البحث

يف مجال املجتمع املدين، حيث أن املجتمع املدين املرصي قد تطور مرات عديدة عىل أرض الواقع

وازداد عدد منظامته وتنوعت مجاالت عمله بشكل ضخم بينام ال يزال تعامل الدولة والجهات

الرسمية أو شبة الرسمية معه ينتمي إىل العصور الغابرة حي كانت الدولة تتعامل مع املجتمع

املدين باعتباره تابعا لها وتوكل مهام تنظيمه إىل جهة حكومية ما، ثم تأيت تلك الجهة الحكومية

لتتعامل مع املجتمع املدين كسائر األمور التي تربر بها عدم اإلفصاح عن املعلومات باعتبارها مسألة

من مسائل األمن القومي التي ال يجوز فيها نرش البيانات بشكل دوري وعلني ومحدث.

ويف سبيل التغلب عىل تلك العقبة قمنا أوال بإجراء بحث ميداين تنوعت أدواته ما بي املقابلة

واالستامرة من أجل رسم صورة مبدئية حتى وإن كانت تلك الصورة عرب عينة غري ممثلة باملعنى

اإلحصايئ، إال أن الخربة العملية للباحثي يف مجال املجتمع املدين وكونهم جزءا منه ساعد يف ربط

أجزاء تلك الصورة واستخالص ما ميكن أن يقدم وصفا ال بأس به لحالة املجتمع املدين يف مرص ميكن

أن يكون أساسا جيدا ملزيد من األبحاث املتخصصة حول ذلك املوضوع. وقمنا ثانيا بتلمس املصادر

الثانوية التي تناولت بعض قضايا املجتمع املدين ومحاوالت وصفه أو وصفها محاولي التغلب عىل

تضاربها أو نقصها بتعديدها أوال ثم باالستعانة بالخربة واملعايشة العملية لواقع املجتمع املدين

املرصي يف السنوات العرشة األخرية ثانيا.

Page 93: حاله المشاركة العامة في مصر

92

محاولة لرسم صورة أولية للمجتمع املدين يف مرصأ. 

تم استطالع 18 منظمة من منظامت املجتمع املدين من بينها 7 جمعيات، و4 مؤسسات، و6

رشكات مدنية، ورابطة غري رسمية، توزيعها الجغرايف 8 يف القاهرة والجيزة، و5 يف الصعيد، و4

يف الدلتا، وواحدة حدودية. تعمل يف مجاالت حقوق اإلنسان، والدفاع عن املدافعي عن حقوق

اإلنسان، والدميقراطية واملشاركة، والتوعية السياسية والقانونية، والدراسات القانونية واالقتصادية،

والتدريب، والشباب، واملرأة، والفقراء، وذوي اإلعاقة، وضحايا االختفاء القرسي، وبناء القدرات،

وتنمية املجتمع املحيل، ومساعدة املستثمرين، والتعليم، والصحة. وتصف 14 منها نفسها عىل

أنها منظمة حقوقية، وتصف 9 منها نفسها عىل أنها تنموية، و2 خريية، و2 بيئية، و1 خريية، و1

عاملة يف مجال الدميقراطية. وتستهدف 14 منها الشباب، وتستهدف 9 النساء، وتستهدف 4 منها

ذوي اإلعاقة، وتستهدف 6 منها األطفال، وتستهدف 1 منها كبار السن، وتستهدف 2 الصحفيي،

وتستهدف 1 العامل، وتستهدف 1 املستثمرين، و4 مجموعات محلية، و1 مجموعات الدينية. ومن

بي أنشطة 12 منها عمل البحوث والدراسات، و12 مراقبة االنتهاكات، و11 املنارصة واملدافعة، و9

املساعدة القانونية، و8 التعليم املدين ونرش الوعي، و2 مكافحة التعذيب. من خالل ذلك االستطالع

أمكن رسم صورة أولية للغاية عن عمل تلك املنظامت والتنوع داخلها سواء عىل مستوى اإلدارة أو

مستوى األعضاء، وكذلك حالة التطوع والتمثيل الجغرايف واملشكالت املالية واملؤسسية والتحالفات

وتعامل السلطة والرأي العام مع تلك املنظامت وأهم التحديات التي تواجهها.

شكل 2:

وصف املنظامت املبحوثة

Page 94: حاله المشاركة العامة في مصر

93

جمعيات أهلية %7رشكات مدنية %6مؤسسات أهلية %4رابطة غري رسمية %1

القاهرة والجيزة %8الصعيد %5الدلتا %4حدودية %1

حقوقية %14تنموية %9خريية %2بيئية %2الدميوقراطية %1

البحوث والدراسات %12مراقبة االنتهاكات %12املنارصة واملدافعة %11املساعدة القانوينة %9التعليم املدين والتوعية %8مكافحة التعذيب 2%

الشباب %14النساء %9ذوي اإلعاقة %4مجموعات محلية %4األطفال %6الصحفيي %2

العامل %1املستثمرين %1كبار السن %1مجموعات دينية %1

Page 95: حاله المشاركة العامة في مصر

94

العدد والتوزيع الجغرايف ملنظامت املجتمع املدين يف مرصب. 

إن عدد منظامت املجتمع املدين بأنواعها وتوزيعها الجغرايف والتقارير اإلحصائية املرتبطة بذلك هي

إحدى املعلومات التي تشهد تعتيام شديدا أو تضاربا بينا بي املصادر املختلفة يف أحسن األحوال،

ورغم أن االتحاد اإلقليمي للجمعيات قد قام مؤخرا بتدشي مرشوع ملوقع الكرتوين يتضمن كافة

املعلومات الخاصة بالجمعيات األهلية والعمل األهيل يف مرص، إال أن ذلك املرشوع قد توقف وهو

ما برره رئيس االتحاد الدكتور عبدالعزيز حجازي آنذاك بعدم وجود متويل يضمن االستمرارية يف

تنفيذه. ويشري املوقع االلكرتوين لالتحاد العام للجمعيات األهلية إىل أنه قد أنشأ يف عام 1999 مركزا

للمعلومات ودعم اتخاذ القرار بهدف إعداد قواعد البيانات واستخراج املعلومات عن االتحادات

والجمعيات عىل مستوى الجمهورية لتكون تحت يد واضع السياسة العامة، إال أنه أوال ال يبدو

أن تلك البيانات متاحة للجمهور، وذلك اتساقا مع الفلسلفة الرسمية يف مرص والتي ترى أن عمل

املنظامت غري الحكومية يف مرص هو شأن حكومي، وثانيا ال تتطرق أي من اإلحصاءات الرسمية أو

غري الرسمية ملنظامت املجتمع املدين التي تتخذ أشكاال قانونية أخرى غري تلك املسجلة كجمعيات

أو مؤسسات أهلية والتي تعتربها الجهات الحكومية مؤسسات غري قانونية من األساس وال يحق لها

العمل يف ذلك املجال.

يف إطار هذا النقص يف املعلومات والبيانات تشري دراسة لوزارة الخارجية الفرنسية حول حرية

التنظيم يف العامل يف عام 2007 إىل أن عدد املنظامت الغري حكومية املسجلة يف مرص حينها وفقا

لألرقام الرسمية وتقديرات األمم املتحدة يقرتب من 17 ألف منظمة بينام تشري تقديرات أخرى

يشري إليها ذات التقرير أن ذلك العدد يصل إىل 30 ألف منظمة رمبا بعد احتساب التقديرات

الخاصة باألشكال القانونية األخرى5، وتشري أرقام وزارة التضامن االجتامعي يف العام ذاته إىل أن

إجاميل عدد الجمعيات واملؤسسات األهلية املسجلة يف مرص هو 21 ألف و500 منظمة، بينام

نرش االتحاد العام للجمعيات واملؤسسات نتائج املسح الذي أجراه من خالل مديريات التضامن

االجتامعي يف نفس العام والذي قدر أن عدد الجمعيات واملؤسسات املسجلة هو 15 ألف و 154

منظمة بفارق يزيد عن 6000 جمعية ما بي التقديرين6. كذلك أشار مركز معلومات مجلس

الوزراء يف نهاية 2011 إىل أن عدد الجمعيات أقل من 29 ألف جمعية بينام أشارت وزيرة الشئون

�Michel�Doucin;�Le�guide�de�la�liberté�associative�dans�le�monde;�La  5Documentation�française;�Paris;�2007

6  هبه حندوسة، وآخرون، تقرير التنمية البرشية يف مرص 2008، برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ ومعهد

التخطيط القومي، القاهرة، 2008.

Page 96: حاله المشاركة العامة في مصر

95

االجتامعية يف حوارها مع جريدة الجمهورية يف 2012 أن عدد الجمعيات هو 37 ألف جمعية7.

ويشري تقرير الشبكة العربية للمنظامت األهلية لعام 2013 أن عدد املنظامت املسجلة يف مرص هو

36734 جمعية ويشري ذات التقرير أنه يف تقديرات أخرى يبلغ عدد منظامت املجتمع املدين يف

مرص 42000 منظمة8.

7  محمود كامل، تحويل املجتمع املدين إىل حركة مجتمعية، منتدى البدائل العريب للدراسات، القاهرة،

.2012

8  أماين قنديل وآخرون، التقرير السنوي الحادي عرش للمنظامت األهلية العربية، الشبكة العربية

للمنظامت األهلية، القاهرة، 2013.

٤٥٠٠٠٤٠٠٠٠٣٥٠٠٠٣٠٠٠٠٢٥٠٠٠٢٠٠٠٠١٥٠٠٠١٠٠٠٠٥٠٠٠٠

٢٠٠٧

٢١٥٠٠

١٥١٥٤

٢٠١١

٣٧٠٠٠

٢٩٠٠٠

٢٠١٣

٤٠٠٠٠٣٦٧٤٣

تقديرات أخرىالشبكة العربية

وزارة التضامن االجت�عيمجلس الوزراء

وزارة التضامن االجت�عياتحادات الجمعيات

شكل 3:

تباين التقديرات بشأن أعداد املنظامت غري الحكومية املرصية

Page 97: حاله المشاركة العامة في مصر

96

وفيام يخص التوزيع الجغرايف يشري تقرير

التنمية البرشية ملرص الصادر يف عام 2008 عن

أن التوزيع الجغرايف للجمعيات األهلية يف عام

2007 هو 27% يف القاهرة والجيزة، و23% للوجه

القبيل، و46% للوجه البحري، و4% ملحافظات

الحدود، بينام يشري تقرير مركز معلومات مجلس

الوزراء يف نهاية 2011 إىل أن نصيب القاهرة

والجيزة من الجمعيات األهلية يبلغ 31.8%، ويبلغ

نصيب الوجه البحري بالكامل 41.1%، ونصيب

الوجه القبيل 23.6%، بينام ال يتجاوز نصيب

املحافظات الحدودية 3.3%. وأهم ما يف األمر هو

ما يستخلص من تلك النسب من عدم ارتباط

للتوزيع الجغرايف لتلك الجمعيات مبتطلبات

املجتمع من التنمية، فتظهر تلك النسب أن

املحافظات األدىن يف مؤرش التنمية البرشية هي

أيضا املحافظات األدىن من حيث نصيب الفرد

من الجمعيات األهلية، وبينام تحظى محافظات

الصعيد عىل النصيب األدىن من أرقام التنمية

البرشية يكون نصيبها يعادل تقريبا نصف

نصيب محافظات الوجه البحري من الجمعيات

واملنظامت غري الحكومية يف عام 2007، وال يتطور

الوضع يف عام 2011 إال من حيث حصول القاهرة

عىل جزء من نصيب الوجه البحري9.

9  محمود كامل، مرجع سابق.

شكل 4: التوزيع الجغرايف للجمعيات

واملؤسسات األهلية يف مرص

Border governorates

Cairo & Giza

Upper Egypt

Lower Egypt

Human Development Report 2008

4%

27%

46%

23%

Border governorates

Cairo & Giza

Upper Egypt

Lower Egypt

3%

32%

41%

24%

Egyp­an Cabinet IDSC Report 2011 تقرير التنمية البرشية ٢٠٠٨

٣٪

٣٢٪

٤١٪٢٤٪

القاهرة والجيزةالوجه القبيلالوجه البحرياملحافظات الحدودية

تقرير مركز معلومات مجلس الوزراء ٢٠١١

٤٪

٢٧٪

٤٦٪٢٣٪

القاهرة والجيزةالوجه القبيلالوجه البحرياملحافظات الحدودية

Border governorates

Cairo & Giza

Upper Egypt

Lower Egypt

Human Development Report 2008

4%

27%

46%

23%

Border governorates

Cairo & Giza

Upper Egypt

Lower Egypt

3%

32%

41%

24%

Egyp­an Cabinet IDSC Report 2011 تقرير التنمية البرشية ٢٠٠٨

٣٪

٣٢٪

٤١٪٢٤٪

القاهرة والجيزةالوجه القبيلالوجه البحرياملحافظات الحدودية

تقرير مركز معلومات مجلس الوزراء ٢٠١١

٤٪

٢٧٪

٤٦٪٢٣٪

القاهرة والجيزةالوجه القبيلالوجه البحرياملحافظات الحدودية

Page 98: حاله المشاركة العامة في مصر

97

الحوكمة والدميقراطية الداخلية والتنوع يف منظامت املجتمع املدين املرصيةج. 

عرف البنك الدويل يف عام 1992 الحوكمة عىل أنها »الوسيلة التي يتم بها مامرسة السلطة يف

إدارة املوارد االقتصادية واالجتامعية من أجل التنمية«، كام عرف برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ

الحوكمة عىل أنها »مامرسة السلطة السياسية واالقتصادية واإلدارية يف إدارة شئون البلد عىل جميع

املستويات«10، وبشكل أعم تعرف الحوكمة عىل أنها »النظم والعمليات التي من شأنها متابعة سري

اتجاهات املنظمة وفعاليتها والرقابة واملحاسبة بداخلها«11، وهو التعريف الذي ميكن له أن ينطبق

عىل الحكومات وعىل رشكات القطاع الخاص وكذلك عىل منظامت املجتمع املدين الغري هادفة

للربح. وتعرف حوكمة املنظامت الغري هادفة للربح عىل أنها »عملية القيادة االسرتاتيجية للمنظمة

الغري هادفة للربح مبا يشمله ذلك من وضع التوجيهات وصناعة السياسات والقرارات االسرتاتيجية

ومراقبة ومتابعة األداء املؤسيس وضامن املحاسبة الشاملة«12، وتأيت أهمية الحوكمة يف منظامت

املجتمع املدين من ناحيتي: أوالهام ضامن سري املنظمة يف اتجاه تحقيق أهدافها يف كفاءة وفعالية،

وثانيهام أن منظامت املجتمع املدين هي أحد آليات دعم الحكم الرشيد داخل الدول.

وكمفهوم املجتمع املدين ميكن تعريف الحوكمة بشكل أفضل عن طريق مكوناتها: املحاسبية،

والهيكل التنظيمي، وفصل اإلدارة التوجيهية عن اإلدارة التنفيذية، وااللتزام بالرسالة واألهداف،

وااللتزام باملعايري األخالقية، واإلدارة املسئولة للموارد، وااللتزام نحو املجتمع الذي تخدمه،13 مضافا

إليها املشاركة، والشفافية، والفعالية، والكفاءة، والدمج، واملساواة، والرؤية االسرتاتيجية، وبناء التوافق.14

والواقع العميل ملنظامت املجتمع املدين يف مرص يشري إىل غياب املشاركة يف صنع القرار يف أغلب

10  أماين قنديل وآخرون، املوسوعة العربية للمجتمع املدين، الهيئة املرصية العامة للكتاب، القاهرة،

.2008

NGO‑connect�E‑News,�Issue�No.�12,�2009  11

�Nonprofit�Governance�and�the�Work�of�the�Board,�David�O.�Renz,�Midwest  12Center�for�Nonprofit�Leadership,�University�of�Missouri,�Kansas,�USA.�2007A�Handbook�of�NGO�Governance,�Marlyn�Wyatt,�European�Center�for�Not‑  13

�.for‑Profit�Law,�200414  أماين قنديل وآخرون، املوسوعة العربية للمجتمع املدين، الهيئة املرصية العامة للكتاب، القاهرة،

.2008

Page 99: حاله المشاركة العامة في مصر

98

األحيان داخل املنظامت وذلك لتمركز سلطة اتخاذ القرار يف أغلب املنظامت يف شخص مؤسسها

ومديرها التنفيذي، وإذا كان يرجع يف املشورة إىل بعض العاملي باملنظمة أحيانا إال أن القرار يف

النهاية يعود إليه هذا من ناحية، ويف األساس فإن أغلب املنظامت ال توجد لديها عضويات مفتوحة

من ناحية أخرى. يرجع البعض ذلك إيل مامرسات النظام القديم ورضورة االنغالق يف عضوية

املنظمة عيل عدد قليل وموثوق فيه خوفا من قيام االجهزة االمنية بتجنيد أشخاص داخل املنظامت

والدخول ضمن تشكيل جمعيتها العمومية والوصول لقيادتها وتوجيهها طبقا لسياسات النظام.

رمبا يختلف األمر قليال بالنسبة لسلطة تعيي املوظفي التي ال تكون -يف العادة- مركزية ومنغلقة

كعضوية املنظمة أو تعتمد بشكل كامل عيل الثقة، حيث أن املنظامت ال تخىش بنفس الطريقة

ترسب األفراد التابعي لألجهزة األمنية لصفوف موظفيها، فاألجهزة األمنية حارضة عىل كل حال،

وبالتايل ففي أغلب الحاالت يكون تعيي املوظفي يف منظامت املجتمع املدين املرصية مرتكزا إىل

معيار الخربة والكفاءة، وكذلك تراعي غالبية املنظامت التنوع بشكل عام والنوع االجتامعي بشكل

خاص عندما يتعلق األمر مبوظفيها أو متطوعيها.

وفيام يخص الهياكل الوظيفية والتنظيمية فجدير بالذكر أن منظامت املجتمع املدين املرصية تعتمد

عيل ثالثة أشكال من فرق العمل: فريق أسايس وفريق متغري وفريق ميداين، فالفريق األسايس

هو الفريق الذي استمر يف العمل مع املنظمة لسنوات، سواء طوعا أو نظري أجر، وتطورت أدواته

الوظيفية التي جعلت منه كادرا وظيفيا تعتمد عليه املنظمة طوال الوقت يف تسيري شئونها وتدعمه

بالخربات طاملا أتيحت الفرصة لذلك، وهناك فريق متغري ال يرغب يف االستمرار يف العمل التطوعي

وجاء للعمل يف املنظمة بسبب توافر دخل مادي له، ونظرا لكون املنظمة يف حاجة مؤقته إليه

اثناء تنفيذ أحد مرشوعاتها، فتعينه يف ذلك املرشوع وينتهي عمله مع املنظمة بانتهاء مدة عمل

املرشوع، والفريق امليداين هو الفريق الذي يؤمن بالدور الذي تقوم به املنظمة يف الشان العام

وبالتايل يتفاعل مع املنظمة طوعا يف أي أنشطة ترغب يف تنفيذها املنظمة يف الحيز الجغرايف الخاص

به، وقد يكون ذلك تطوعا أيضا أو يف مقابل مبلغ رمزي.

وبعيدا عن العموميات فإن االستطالع الذي أرشنا إليه آنفا يعكس يف بعض جزئياته مسألة الحوكمة

والدميقراطية الداخلية والتنوع داخل املنظامت فيتبي من خالله أن 13 منظمة من املنظامت

Page 100: حاله المشاركة العامة في مصر

99

املبحوثة تشهد تنوعا يف النوع االجتامعي عىل مستوى األعضاء و12 منها تشهد تنوعا يف النوع

االجتامعي عىل مستوى األدارة، بينام تشهد 9 منها تنوعا دينيا عىل مستوى األعضاء و7 منها تشهد

تنوعا دينيا عىل مستوى اإلدارة، وتشهد 12 منظمة تنوعا جغرافيا عىل مستوى األعضاء و9 منها

تشهد تنوعا جغرافيا عىل مستوى اإلدارة. وفيام يخص الشفافية، تقوم 9 منظامت بالنرش الدوري

مليزانياتها )السابقة عىل النشاط /قبل بداية العام( بينام تقوم 3 منظامت فقط بالنرش الدوري

لتقاريرها املالية )الالحقة عىل النشاط / بعد نهاية العام( وتقوم 13 منظمة بنرش التقارير الفنية

للنشاطات.

وفيام يخص الدميقراطية الداخلية فمن 17 منظمة ذات شكل قانوين جرى استطالعها فلدى 9 منها

عضويات مفتوحة، ومن تلك املنظامت التسعة ستة جمعيات ورشكتي مدنيتي ومؤسسة أهلية،

وأيضا فلدى 9 منها مجلس إدارة منتخب يف ستة جمعيات ورشكتي مدنيتي ومؤسسة أهلية.

ويتكون الهيكل اإلداري يف 6 منظامت من املنظامت ال 17 املبحوثة من مجلس إدارة ومدير

تنفيذي وسكرتارية وجمعية عمومية ويف حالتي من الحاالت الستة يساعد ذلك الهيكل مجموعة

من اللجان الفنية، ويظهر هذا الهيكل بشكل أسايس يف املنظامت التي تتخذ شكل الجمعيات

األهلية، بينام يتكون الهيكل اإلداري يف 10 منظامت من مجلس اإلدارة واملدير التنفيذي فقط

ويظهر هذا الهيكل يف املؤسسات األهلية والرشكات املدنية، وتبقى منظمة واحدة تتخذ شكل

الرشكة املدنية ليدير أعاملها ويتخذ قراراتها مدير املنظمة فقط. وفيام يتعلق باتخاذ القرار يتخذ

القرار يف 15 منظمة بواسطة مجلس اإلدارة، ويف منظمة واحدة بواسطة الجمعية العمومية، ويف

منظمة واحدة بواسطة املدير التنفيذي فقط. كذلك ففي منظمتي فقط تقوم الجمعية العمومية

مبراقبة ومحاسبة املديرين ويف 8 منظامت تكون املراقبة واملحاسبة مسئولية مجلس اإلدارة، بينام يف

7 منظامت ال توجد آلية محددة للمراقبة واملحاسبة.

Page 101: حاله المشاركة العامة في مصر

100

القدرات املؤسسية والتخطيط يف منظامت املجتمع املديند. 

رغم ما تقدمه منظامت املجتمع املدين يف مرص من دور بارز يف توعية املجتمع املرصي ودعم املناخ

الخدمي ورغم تنوع أنشطتها الهادفة، إال أن غالبية تلك املنظامت تعاين من الكثري من املشكالت

التي تتعلق بالبناء املؤسيس، وهو ما قد يكون سببا يف ضعف الخدمات التي تقدمها للجمهور

املستفيد منها، ولعل من بعض أسباب ضعف العمل املؤسيس لدي منظامت املجتمع املدين يف مرص

٩٧

١٢

١٣

١٨

٩١٢

١٨١٨

٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١١

٪٦٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١

٪١٥

٪١

٪٨

٪٧

٪٢ تنوع دينيتنوع جغرايفتنوع جندرياإلدارة

األعضاءكل املبحوث�

٪٣٪٩٪١٣

٪١٥٪٩٪٥

٩٧

١٢

١٣

١٨

٩١٢

١٨١٨

٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١١

٪٦٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١

٪١٥

٪١

٪٨

٪٧

٪٢ تنوع دينيتنوع جغرايفتنوع جندرياإلدارة

األعضاءكل املبحوث�

٪٣٪٩٪١٣

٪١٥٪٩٪٥شكل 5:

الدميوقراطية الداخلية والشفافية والتنوع داخل

املنظامت املبحوثة

اتخاذ القرار

الجمعية العموميةمجلس اإلدارة

املدير التنفيذي

Page 102: حاله المشاركة العامة في مصر

101

طبيعة املجتمع ذاته يف تلك الحقبة الزمنية وعدم ترسخ ثقافة العمل املؤسيس به وتأصل الفردية

وضعف روح العمل الجامعي وثقافة الحوار واملشاركة، كذلك ضعف القدرات اإلدارية يف مرص

بشكل عام بسبب إهاملها عىل املستوى النظري وبخاصة لدى القطاعات الغري هادفة للربح وعدم

مامرسة اإلدارة والتفويض عىل املستوى العميل كنتيجة لغياب الدميقراطية.

٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١١

٪٦

٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١٣

٪٥

٪٩

٪٩

٪٣

٪١٥

٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١١

٪٦

٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١٣

٪٥

٪٩

٪٩

٪٣

٪١٥

٩٧

١٢

١٣

١٨

٩١٢

١٨١٨

٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١١

٪٦٪٢٪١

٪٨

٪٦

٪١

٪١٥

٪١

٪٨

٪٧

٪٢ تنوع دينيتنوع جغرايفتنوع جندرياإلدارة

األعضاءكل املبحوث�

٪٣٪٩٪١٣

٪١٥٪٩٪٥

املراقبة واملحاسبة

الجمعية العموميةمجلس اإلدارةاملدير التنفيذي

مؤسساتال يوجدرشكات

جمعيات

تنرش

التقارير املالية

جمعية عمومية

امليزانيات

مجلس إدارة منتخب

تقارير النشاط

عضويات مفتوحة

ال تنرش

Page 103: حاله المشاركة العامة في مصر

102

مع ذلك فمن الجدير بالذكر أن منظامت املجتمع املدين املرصية بشكل عام ويف أغلب الحاالت تويل

اهتامما شديدا لرفع كفاءة كوادرها البرشية وتدريبهم بشكل مستمر، إال أن ذلك ال ينعكس دامئا

عىل الكفاءة العامة للمنظامت، إذ يغيب عن قدرات غالبية املنظامت القدرة عىل إدارة العمليات

الضخمة أو املتشعبة بذات الكفاءة، تلك التي تحتاج إىل إدارة مجموعة من املهام واملتداخلة

واملنترشة عىل رقعة جغرافية كبرية بشكل متواز، أو تلك التي يكون من شأنها إدارة عدد ضخم من

املتطوعي وقدر ضخم من األموال. وهذا النوع من العمليات هو ما يحتاج تركيز الجهات املهتمة

برفع كفاءة منظامت املجتمع املدين بكافة أنواعها.

وتشري نتائج االستطالع الذي أجريناه إىل أنه لدى 12 من املنظامت املبحوثة نظاما أساسيا مكتوبا،

ولدى 14 منها الئحة تنفيذية مكتوبة، بينام لدى 5 منها فقط ورقة اسرتاتيجية مكتوبة. وتصف 16

منظمة نفسها بأنها تقوم بأنشطة مستقلة بهدف التخطيط االسرتاتيجي لعمل املنظمة، ولكن بينام

تذكر منظمة واحدة منها أن ذلك التخطيط االسرتاتيجي هو مهمة اللجان املتخصصة، و10 منظامت

أنها مهمة مجلس األمناء، تعترب 4 منها أن التخطيط االسرتاتيجي هو مهمة املدير، وتعود 3 منظامت

لتذكر أنه ال يوجد لديها آلية محددة للتخطيط االسرتاتيجي.

التحالفات والشبكات بني منظامت املجتمع املدين املرصية . 

رمبا ال متثل التحالفات والشبكات بي منظامت املجتمع املدين املرصية حالة طبيعية إال أنه ويف

اآلونة األخرية قد أصبح أمرا متيل له بعض املنظامت وذلك يف حالة من ستة حاالت: األوىل يف

تعاملها مع األمور التي متس جوهر وجودها كقواني تنظيم املجتمع املدين أو غريه من الحريات

األساسية ذات العالقة كحريات التجمع والتنظيم، والثانية عندنا يحدث أمرا استثنائيا يخص املجتمع

ككل وال ميكن التعامل معه بشكل فردي كام كان الحال مع ثورة يناير 2011 أو يف التعامل مع

حكم اإلخوان املسلمي يف مرص مبا كان يحمله من خوف من تهديد الحريات األساسية لألفراد وبنية

املجتمع، والحالة الثالثة فهي تظهر يف الغالب يف فرتات االنتخابات العامة حيث ال تستطيع منظمة

واحدة يف الغالب تغطية العمليات الضخمة والرقعة الجغرافية الكبرية التي تجرى بها االنتخابات يف

وقت واحد، والحالة الرابعة وهي أكرث ندرة وهي عندما تشرتط الجهات املانحة أو تحبذ التحالف

ما بي املنظامت من أجل متويل مرشوعاتها، أما الحالة الخامسة فهي اتجاه حديث وصاعد بي

املنظامت الصغرية والحديثة وبخاصة الشبابية منها وذلك بغرض تقوية قدراتها واالستفادة املثىل

من متويل املرشوعات لتحقيق أقىص فائدة، وكذلك لتقوية جانبها أمام التضييق األمني واإلعالمي

عىل املجتمع املدين. أما الحالة السادسة فهي حالة التحالفات النوعية التي تعمل حول قضايا بعينها

Page 104: حاله المشاركة العامة في مصر

103

وهي كثرية الظهور يف املنظامت النسوية ولكنها تظهر كذلك يف بعض املوضوعات األخرى كاملشاركة

العامة أو مراقبة اإلعالم أو التوعية باملجالس املحلية أو غري ذلك.

ولعل من أسباب عدم انتشار فكرة التشبيك والتحالف أو حداثتها مبعنى أدق فكرة »الشخصنة«

فحتى يف أكرث منظامت املجتمع املدين املرصية كفاءة فال زال اسم املؤسسة يرتبط بشخص مديرها

أو مؤسسها وهو ما يعيق التعاون بي املنظامت أو عملها تحت مظلة واحدة يف أكرث الحاالت، ورمبا

لهذا السبب يظهر التعاون بي املنظامت الشبابية بشكل أكرب حيث أن تلك املنظامت هي نتاج

تعاون مجموعة من الشباب وال تنسب يف العادة لشخص مؤسس واحد، أو بي املنظامت ذات

السمعة املستقرة والتي تعمل يف مجال العمل املدين منذ وقت طويل. ونحن هنا نتحدث بشكل

أسايس عن التحالفات بي املنظامت التي تتخذ شكل الرشكات املدنية أو أشكال شبيهة، إذ أن

الجمعيات املسجلة وفقا لقانون الجمعيات األهلية تواجه قيودا عىل االنضامم للتحالفات، قانونية

تارة عندما يتعلق األمر باالنضامم لتحالف إقليمي أو دويل، وغري قانوين تارة وبخاصة يف املحافظات

خارج العاصمة حيث تضيق الجهات اإلدارية عىل الجمعيات فيام يخص التعاون والتحالف فيام

بينها بدون التنسيق مع الجهة اإلدارية، وخليط بي القانوين والغري قانوين باستخدام مواد االتحادات

النوعية واإلقليمية يف القانون والتي تشهد نوعا من القيود تزيد أو تقل بحسب رأي الجهة اإلدارية.

مع ذلك فال ينبغي علينا أن نغفل ما أشار إليه االستطالع الذي أجريناه عىل 18 منظمة تنترش يف 10

محافظات عىل األقل والذي أشارت فيه كل املنظامت أنها سبق لها االنضامم للتحالفات أو الشبكات

مع منظامت أخرى ملرة واحدة عىل األقل منذ بدء نشاطها.

3. إشكاليات تواجه املجتمع املدين املرصي

التطوع والعمل املدين يف مرصأ. 

يعرف الباحث سمري رمزي الثقافة املدنية التي هي أحد مكونات الدولة املدنية عىل أنها الطريقة

التي يرتب بها املواطن أفكاره وقيمه ومعتقداته بشكل مدين من خصائصه التزام املواطني كأعضاء

يف املجتمع واملساواة السياسية والتسامح والثقة والتامسك وتوافر أبنية التعاون والتنسيق، ويحل

العمل الطوعي يف تعريف رمزي واحدا من أربعة مكونات لتلك الثقافة املدنية هي اإلدارة السلمية

للخالفات، والتطوع، والشفافية واملحاسبة، ومهنية األداء. ويشري رمزي إىل أن مفهوم الدولة املدنية

هو مفهوم متجاوز حتى ملسألة الحكم الالعسكري والالديني إىل مفاهيم أعم تجعل الدولة املدنية

Page 105: حاله المشاركة العامة في مصر

104

هي دولة املشاركة الطوعية واالنفتاح عىل ثقافة العرص وإدارة االختالفت سلميا واملحاسبة وسيادة القانون ودور جامعات الضغط والتأثري يف تلبية طموحات أفرادها مبساواة تامة.15

ويشري الباحث محمد عبدالغني رمضان إىل القصور الشديد يف حالة التطوع يف املجتمع املرصي

مقارنة بالتربع السخي يف األعامل الخريية والذي تم تقديره بقرابة 4.5 مليارات جنيه مرصي

يف عام 2009 يف مقابل نصف مليار جنيه مرصي فقط كتقدير ملقابل ساعات العمل التطوعي

خالل العام نفسه، كذلك يشري الباحث إىل أن نسبة مشاركة الشباب والنشء يف املجتمع املرصي

يف الفئة العمرية من 10 إىل 29 سنة يف األعامل التطوعية بنحو 2.2% فقط من مجموع الشباب

والنشء يف تلك الفئة العمرية. ويرجع الباحث ذلك املقدار الضعيف من التطوع إىل غياب مفهوم

التطوع يف ثقافة املجتمع املرصي، وعدم وصول فكرة مؤسسات املجتمع املدين والجمعيات األهلية

إىل الجمهور، ونقص الحافز وغياب الرمز والقدوة التي تدفع األفراد إىل الشعور بأهمية العمل التطوعي.16

ونضيف إىل تلك األسباب غياب الثقافة املدنية مبا يشمله ذلك من عدم وجود الحافز للتطوع يف

غري األعامل الخريية التي يرجي منها ثواب ديني أخروي وهو الثواب الذي يتحقق يف الفكر الديني

مبجرد التربع باألموال بديال عن التطوع باملجهود، وعندما يتعلق األمر باملنظامت الحقوقية فإن

الخوف من عداء الدولة والتضييق األمني والتشويه اإلعالمي يضاف إىل تلك العوامل. وسواءا يف

العمل الخريي أو العمل الحقوقي فال ميكننا إغفال تدين مستوى املعيشة الذي ال يسمح للشباب يف

أغلب األحوال باالنخراط يف أنشطة ال تدر عليهم دخال ماديا ميكنهم من مالقاة احتياجاتهم املادية

يف ذلك السن.

رمبا أتاحت ثورة 25 يناير فرصتي للتطوع يف مرص، كانت الفرصة األوىل كام تطرح باربرا إبراهيم

هي فرصة شبكات التطوع املدنية القامئة بالفعل والتي جاءت من تنظيامت مدنية ال عالقة لها

بالسياسة أو بحقوق اإلنسان يف الغالب إال أنها قد أتقنت العمل املدين التطوعي املنظم من خالل

شبكاتها التنموية والخريية، ثم انطلق متطوعوها لتلبية االحتياجات اليومية مليادين االعتصامات

15  سمري رمزي، الدولة املدنية وثورة 25 يناير، كنا هناك – أصوات ليربالية شابة من الثورة املرصية،

باسم فتحي )محررا(، القاهرة 2011.

16  محمد عبدالغني رمضان، وآخرون، الوثيقة واألطر املقرتحة للمرشوع القومي للعمل التطوعي يف

مرص، مركز املعلومات ودعم واتخاذ القرار، القاهرة، 2011.

Page 106: حاله المشاركة العامة في مصر

105

كتوزيع األغذية وأعامل النظافة فضال وغري ذلك17، وتقول باربرا إبراهيم يف هذا الشأن »قادتنا

الدراسة امليدانية ملنظامت خدمة املجتمع الشبابية يف الفرتة ما بي 2007 و 2009 إىل استنتاجات

مختلفة بشأن الشباب املرصي، ففي السياقات القمعية والسلطوية كالتي كانت يف مرص يسعى

الشباب إليجاد مساحات آمنة ملامرسة املواطنة يف الفضاءات غري السياسية كأنشطة خدمة املجتمع،

وهو ما نظر إليه معظم املحللي كظاهرة غري مهمة، إال أننا عوضا عن ذلك نظرنا إىل ذلك باعتباره

املجال الذي أعد الشباب للمشاركة يف الحراك الذي ظهر يف أوائل عام 2011، لقد كان لهذا االتجاه

نحو التنظيامت االجتامعية والوعي املدين واملشاركة الدميقراطية ورفض الوضع القائم مساهمته يف

الحراك الضخم الذي ظهر يف يناير وفرباير واتسم بسامت التفكري املدين«18.

وكانت الفرصة الثانية هي فرصة آالف من الشباب املرصي الذي أتاح لهم االنفتاح املفاجئ للبيئة

السياسية مبارشة بعد سقوط نظام حسني مبارك فرصة االنضامم إىل مئات التجمعات الطوعية ذات

األهداف السياسية أو الحقوقية أو الثقافية أو الفنية أو البيئية أو حتى التجمعات الهادفة إىل حفظ

األمن أو تنظيم املرور مع غيبة رجال الرشطة يف تلك الفرتة أو إىل نظافة األحياء أو جمع القاممة

أو غري ذلك، وسواء اتخذت تلك التجمعات مسمى االتحادات أو االئتالفات أو اللجان شعبية أو

أي مسمى آخر، وسواء أيضا تحولت تلك التجمعات بعد ذلك إىل أشكال أكرث استدامة وتنظيمية

أم مل تتحول إىل ذلك، فالشاهد من األمر أن طاقة مهولة من التطوع قد انفجرت يف كامل مساحة

الجمهورية آل بعضها إىل ما هو أكرث استدامة وتراجع أغلبها مع عودة التضييق عىل املجال العام

والهجوم املتواصل عىل شباب الثورة.

إشكالية التمويلب. 

كانت وال زالت مسألة متويل منظامت املجتمع املدين أحد أكرث املسائل محورية فيام يخص

عمل تلك املنظامت بشكل عام، ويف مرص واملنطقة العربية بشكل خاص، ويف الوقت الذي تعيد

الحكومات الشمولية يف العديد من دول العامل توظيف مسألة التمويل للهجوم عىل منظامت

املجتمع املدين ينتبه املهتمون بأوضاع حقوق اإلنسان إىل هذه النقطة، ففي تقريرها الذي قدمته

املقـررة الخاصة املعنية بحالـة املـدافعي عـن حقـوق اإلنـسان مارغريـت سـيكاغيا إىل الجمعية

17  باربرا إبرهيم، مؤمتر »تعزيز املواطنة يف املنطقة يف ضوء الربيع العريب«، القاهرة، 2011.

�Barbara�Ibrahim�and�Leah�Hunt,�«Youth,�Service�and�Pathways�to�Democracy  18�in�Egypt»,�Working�Paper,�John�D.�Gerhart�Cernter�for�Philanthropy�and�Civic

�.Engagement,�American�University�in�Cairo,�June�2011

Page 107: حاله المشاركة العامة في مصر

106

العامة لألمم املتحدة يف أغسطس 2012 ليعرض يف دورتها السابعة والستي »الحظت املقــررة

الخاصــة تزايــد القيــود املفروضــة علــى حصول الجمعيات عىل التمويـل والسـيام التمويـل مـن

الخـارج« وهو ما يؤثر »تـأثريا عميقـا وسـلبيا يف عمل املدافعي عـن حقـوق اإلنـسان، الـذين كـثريا

مـا يعتمـدون علـى التمويـل الخـارجي يف أنــشطتهم نظــرا لــنقص املــوارد املتاحــة محليــا«19.

ويف التقرير الذي قدمه املقرر الخاص املعني بالحق يف حرية التجمع السلمي والحق يف حرية

تكوين الجمعيات، ماينا كياي، للدورة العرشين ملجلس األمم املتحدة لحقوق اإلنسان يف مايو 2012

أشار إىل أن »قدرة الجمعيات عىل الحصول عىل األموال واملوارد هي جزء حيوي ال يتجزأ من الحق

يف حرية تكوين الجمعيات« وأضاف » ينبغي أن تتمتع أي جمعيات مسجلة أو غري مسجلة بالحق

يف السعي إىل الحـصول عىل األموال واملوارد وتأمينها من كيانات محلية وأجنبية ودولية تشمل

األفراد والـرشكات ومنظامت اجملتمع املدين والحكومات واملنظامت الدولية«20.

وبناء عىل تلك التقارير والتوصيات وغريها تبنى مجلس حقوق اإلنسان يف مارس 2013 يف دورته

الثانية والعرشين قرارا ينص عىل »أن مـصادر التمويـل املحتملـة املوجهة إىل دعم عمل املدافعي

عن حقوق اإلنسان ال تخضع ألي قيود تفرض بشكل متييزي غري تلك املفروضة عىل أي نشاط آخر

ال عالقة له بحقوق اإلنسان داخـل البلـد لكفالـة الشفافية واملساءلة، وأنه ال ينبغي ألي قانون

أن يجرم أو ينزع املرشوعية عن األنشطة املضطلع بها دفاعا عن حقوق اإلنسان بسبب املصدر الجغرايف لتمويلها«.21

ويف مرص كانت مسألة التمويل دامئا محورا للهجوم عىل منظامت املجتمع املدين. فتقترص ثقافة

التربع عىل التربع لألعامل الخريية وتحجم عمدا عن التربع للنشاطات األخرى وبخاصة النشاطات

الخاصة بحقوق اإلنسان، وذلك بسبب خوف أصحاب األموال من إغضاب السلطة بدعم املدافعي

عن حقوق اإلنسان ماليا وخصوصا مع عدم وجود نظام قانوين ميكنه حامية رجال األعامل الغري

موالي للسطة من بطشها. أو بسبب انتشار التفكري الديني الذي يربط التربع –وكذلك التطوع-

بالثواب الديني يف اآلخرة وال يجد نفس الحافز يف التربع من أجل نشاطات ذات عائد دنيوي ما مل

،A/67/292 19  تقرير املقررة الخاصة املعنية بحالة املدافعي عن حقوق اإلنسان، وثائق األمم املتحدة

أغسطس 2012.

20  تقرير املقرر الخاص املعني بالحق يف حرية التجمع السلمي والحق يف حرية تكوين الجمعيات،

وثائق األمم املتحدة A/HRC/20/27، مايو 2012.

21  قرار مجلس حقوق اإلنسان 6/22، وثائق األمم املتحدة A/HRC/RES/22/6، أبريل 2013.

Page 108: حاله المشاركة العامة في مصر

107

يكن ينعكس ذلك بفائدة مادية مبارشة عىل األعامل التي يديرها رجل األعامل هذا أو ذاك. لذلك

فحتى مع انتشار فكرة املسئولية االجتامعية لرأس املال يف مجتمع األعامل املرصي نتيجة لعموملته

وتحديثه إال أن تلك املسئولية ظلت قارصة عىل النشاطات التنموية والتي ظلت يف أغلب األحوال

تحمل الفكر الخريي أيضا بديال عن املدخل الحديث للتنمية عىل أساس الحق أو حتى فكرة التنمية

الشاملة واملستدامة من ناحية األثر.

ومع عدم توافر التمويل املحيل لألسباب السابقة، ومع عدم وجود أي شكل من أشكال التمويل

الحكومي للمجتمع املدين وبشكل خاص املجتمع املدين املهتم بقضايا الحريات والدميقراطية

وحقوق اإلنسان ألسباب معروفة، يقترص متويل مرشوعات املجتمع املدين عىل متويل الجهات

املانحة الخارجية، وهنا تبدأ املشكلة التي تعطي مربرا سائغا للهجوم عىل نشاطات املجتمع املدين

التي ال تفضلها الحكومة، وهي بالطبع النشاطات املتعلقة مبسألة الدميقراطية والحقوق والحريات،

فظل التمويل الخارجي ألنشطة منظامت املجتمع املدين دامئا وأبدا الورقة الرابحة لدى النظام

السيايس عىل اختالفه ضد منظامت املجتمع املدين بشكل عام والحقوقية منها بشكل خاص، تسكت

عنه متى تريد وتوظفه إعالميا أو سياسيا أو قضائيا متى تريد.

بعد قيام ثورة 25 يناير بدأت الحملة األرشس عيل منظامت املجتمع املدين وذلك لدورها يف

التمهيد للثورة أوال وبخاصة الحقوقية منها، أو لدورها يف تنظيم ميادين الثورة يف فرتات االعتصام

وبخاصة التنموية، أو ملطالباتها الواضحة مبأسسة الثورة وإمتام التحول الدميقراطي. وهنا أصبحت

قضية متويل منظامت املجتمع املدين املرصية قضية الساعة فتمت إثارتها يف اإلعالم ويف الربملان

ويف طرقات الحكومة يف آن واحد، ومل يختلف ذلك األمر باختالف من يحكم مرص، سواءا كانوا من

الجيش أو من اإلخوان املسلمي أو حتى يف فرتة حكم الرئيس االنتقايل القادم من أروقة القضاء،

وهو ما مل يختلف بدوره عن يف طبيعة االتهامات التي كانت توجه يف حكم الرئيس حسني مبارك

ولكن بحدة أكرث ال يدنو منها إال موقف نظامه السيايس من املجتمع املدين يف النصف األول من

حكمه. فتم دفع األمر إىل اإلعالم بكثافة، ومع ترديد االتهامات أصبح األمر اهتامم املواطن العادي

الذي أصبح ينظر إىل األمر ككل كام صور له عىل اعتبار أنه جرمية ضارة بأمن الدولة وأن منظامت

املجتمع املدين والنشطاء الحقوقيون هم أعداء الدولة الذين يسعون إىل هدمها. وكان بناء عىل ذلك

أن متهد الطريق للهجوم املبارش عىل بعض منظامت املجتمع املدين وتحويل املنظامت الغري مرصية

منها إىل املحاكمة مع االستعداد لشن موجة أخرى من الهجوم عىل املنظامت املرصية والتي توقفت

بسبب االستنكار الدويل الواسع لتلك الخطوة، وتفصيل ذلك هو ما سنشري إليه يف الجزئية القادمة.

Page 109: حاله المشاركة العامة في مصر

108

ويشري االستطالع الذي أجريناه عىل 18 منظمة أن 8 منها تعتمد عىل دعم الجهات املانحة

كمصدر للتمويل، و7 منها تعتمد عىل اشرتاكات األعضاء، وتعتمد 4 منها عىل التربعات، و4 منها

عىل التمويل الذايت، بينام تعترب 8 منها التطوع موردا رئيسيا من مواردها. وتعترب 8 من املنظامت

املبحوثة أن مواردها ال تكفي األنشطة التي تقوم بها، بينام تعترب 5 منها أن مواردها تكفي، ومل

تحدد 5 منها ما إذا كانت مواردها كافية أم ال.

السلطة وعداء املجتمع املدينج. 

برغم ما كان يتمتع به املجتمع املدين املرصي –أو املجتمع األهيل بحسب تعبري ذلك الوقت- من

درجة من الحرية خالل الحقبة السابقة عىل عام 1952 سواء من حيث استقالله عن السلطة

والحكم، أو من حيث تنظيمه بناء عىل مواد القانون املدين فقط ودون قواني خاصة مقيدة، أو من

حيث إنجازاته املشهودة والتي يأيت عىل رأسها تأسيس جامعة القاهرة والتي كانت تعرف حينها

بالجامعة املرصية، وبرغم أن ذلك النضوج الذي كان مييز املجتمع املدين املرصي يف تلك الحقبة

يعد سابقا عىل التفات كثري من دول العامل إىل محورية دور املجتمع املدين يف مجاالت التنمية

والدميقراطية، إال أن ذلك كله قد شهد انتكاسة غري مسبوقة خالل الحقبة االشرتاكية النارصية

التي صادرت املجال العام واعتربت أن املجتمع املدين كسائر النشاطات الفردية والجامعية أمرا

٢٨٪

٢٨٪٤٤٪

٪٤٪٤

٪٨

٪٤٪٧

موارد كافيةموارد غ� كافيةغ� محدد

جهات مانحةاشرتاكات أعضاءالتربعات ويل ذا�التطوع

٢٨٪

٢٨٪٤٤٪

٪٤٪٤

٪٨

٪٤٪٧

موارد كافيةموارد غ� كافيةغ� محدد

جهات مانحةاشرتاكات أعضاءالتربعات ويل ذا�التطوع

شكل 6: مصادر متويل وكفاية

املوارد لدى املنظامت املبحوثة

٢٨٪

٢٨٪٤٤٪

٪٤٪٤

٪٨

٪٤٪٧

موارد كافيةموارد غ� كافيةغ� محدد

جهات مانحةاشرتاكات أعضاءالتربعات ويل ذا�التطوع

٢٨٪

٢٨٪٤٤٪

٪٤٪٤

٪٨

٪٤٪٧

موارد كافيةموارد غ� كافيةغ� محدد

جهات مانحةاشرتاكات أعضاءالتربعات ويل ذا�التطوع

Page 110: حاله المشاركة العامة في مصر

109

يخص الدولة والبد لها من أن تضع يدها عليه هو اآلخر. وحتى مع انكسار حدة الشمولية يف

نهاية السبعينيات إال أن فلسفة التعامل مع املجتمع املدين كانت شبيهة بفلسفة التعامل مع فكرة

الدميقراطية ككل، أي مجتمع مدين ال يناطح السلطة وال ينقدها يف ظل دميقراطية مدارة ومخطط

لها من السلطة. ومع توجه النظام إىل تحرير السوق واملجتمع سواء من خالل الضغط الدويل أو

من خالل تطور النظام السيايس ذاته أو كأثر من آثار العوملة وثورة االتصاالت شهد املجتمع املدين

انفراجة بسيطة فيام يخص استقالليته وانتشاره، إال أن طبيعة األمور التي كان يتناولها املجتمع

املدين كالدميقراطية وحقوق اإلنسان والتنمية املستدامة واملشاركة الحرة ساعدت يف استمرار حالة

العداء من قبل السلطة تجاه منظامت املجتمع املدين وبخاصة الحقوقية منها أو التي تحرص عىل

استقاللية العمل املدين عن يد الدولة وهو ما استمر من حينها وحتى كتابة هذه السطور.

وفضال عن قانون الطوارىء الذي كان معموال به ملدة 30 عاما والذي يقيد بطبيعته كل أشكال

العمل العام مبا يف ذلك العمل املدين تتابعت القواني املقيدة املفصلة خصيصا لتقييد عمل املجتمع

املدين عىل النحو املذكور يف فصل البنية القانونية، وذلك فضال عن املامرسات القانونية الواقعة

خارج إطار القانون من األساس وحمالت االغتيال املعنوي التي مل تتوقف يوما والتي نجحت متاما يف

تشويه صورة عمل املجتمع املدين يف الذهنية العامة. ولقد أعطت القواني املتعاقبة لوزارة الشئون

االجتامعية أو التضامن االجتامعي سلطة واسعة متكنها من تنظيم وحل ومراقبة مصادر التمويل

الخاصة بتلك الجمعيات، ويحرم ذلك القانون عىل الجمعيات األهلية أن متارس أي نشاط سيايس

أو نقايب، وتسمح الطبيعة الغامضة للقانون للسلطة التنفيذية بحل املنظامت األهلية بقرار إداري

إذا ما تعارضت أنشطتها مع اآلداب العامة أو النظام العام أو املصالح القومية للدولة أو مع السلم

املجتمعي وهذه كلها ألفاظ مطاطة غري محددة األبعاد تسمح للدولة أن توقف نشاط أى جمعية

متى شاءت.

ومن أهم اسرتاتيجيات الدولة يف التضييق عىل املجتمع املدين هي اسرتاتيجية خنق املنظامت ماليا

عن طريق منعها من الوصول إىل التمويل الكايف للوصول إىل أنشطتها، فتضع الدولة قيودا كبرية عىل

الحصول عىل التربعات من الداخل وقيودا أكرب عىل الحصول عىل التمويل من الخارج. كذلك ساهم

اإلعالم املوجه سواء اململوك للدولة أو التابع لها يف تشويش صورة املجتمع املدىن يف الذهنية العامة،

وباإلضافة إىل حمالت التشويه الدامئة واملستمرة تخصص وسائل اإلعالم أحيانا بإيعاز من أجهزة

الدولة حمالت خاصة مبنظامت بعينها متى اعتربتها الدولة قد تجاوزت بعض الخطوط الحمراء التي

فرضتها، فتوجه لها أصابع االتهام بالعاملة والخيانة وتهديد الوحدة الوطنية وغري ذلك.

Page 111: حاله المشاركة العامة في مصر

110

شن املجلس العسكري فور توليه مسئولية إدارة البالد حملة رشسة ضد منظامت املجتمع املدين

املرصية نظرا لدورها يف نرش الوعي بالحقوق السياسية بي الشباب ونضالها من أجل الحصول عيل

مزيد من الحريات ورصد الفساد وكشف مرتكبيه، وكان املحور األسايس يف حملة املجلس العسكري

ضد املجتمع املدين املرصي يرتكز إىل التشويه بالتخوين والعاملة األجنبية لكافة العاملي يف منظامته

وباألخص تلك العاملة يف مجال حقوق االنسان.

ويف سابقة تعد األوىل من نوعها تم اقتحام مكاتب املنظامت الحقوقية وذلك بدءا من اقتحام

قوات األمن مكتب مركز هشام مبارك للقانون )منظمة حقوقية مرصية غري حكومية( يف 11

فرباير2011 أثناء أحداث الثورة املرصية وإلقاء القبض عىل العديد من العاملي فيه واقتيادهم إىل

مقر املخابرات الحربية، وبعد تسلم املجلس العسكري مقاليد ادارة شئون البالد ومع نهاية عام

2011 وبعد انتهاء املرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب 2011 اقتحمت قوات األمن املرصية

وممثيل النيابة العامة مكاتب خمسة منظامت حقوقية؛ منظمتان مرصيتان هام املركز العريب

الستقالل القضاء ومرصد املوازنة العامة وحقوق اإلنسان وهي منظامت مرصية غري حكومية وثالثة

منظامت دولية هي املعهد الوطني الدميقراطي واملعهد الجمهوري الدويل ومؤسسة بيت الحرية.

وأحالت العاملي بتلك املنظامت من مرصيي وأجانب إىل املحاكمة التي حكمت عليهم جميعا

وصادرت محتويات مكاتبهم وأجهزتهم الشخصية.

وسواء يف ظل حكم نظام مبارك أو املجلس العسكري أو اإلخوان املسلمي أو الرئيس االنتقال عديل

منصور أو املشري السييس ظل عداء املجتمع املدين هو القاسم املشرتك للنظام السيايس املرصي،

وتوالت اقرتاحات مرشوعات بديلة لقانون الجمعيات األهلية القائم وهو القانون املقيد أصال لعمل

الجمعيات بقواني جديدة أكرث تقييدا وأكرث فرضا للقبضة األمنية عىل املجال املدين واملجال العام

وأكرث مصادرة لحق األفراد يف تنظيم أنفسهم يف تنظيامت مدنية حرة، وال زالت الحملة اإلعالمية

ضد تلك املنظامت ال تتوقف والزالت تلجأ لذات املفردات التي تتخذ محورا لها اتهامات التخوين

والعاملة والعمل ضد صالح الدولة وما إىل ذلك، ما أسهم يف بناء صورة ملتبسة للغاية عن املجتمع

املدين املرصي يف ذهنية جمهوره األسايس من املواطني املرصيي الذين هم أوال الفئة املستهدفة من

عمل تلك املنظامت والذين هم ثانيا األفراد والجامعات الذين يرجى بتعاونهم ومشاركتهم نجاح

عمل تلك املنظامت وتحقيق أهدافها املختلفة.

Page 112: حاله المشاركة العامة في مصر

111

تشكك الرأي العام يف دور املجتمع املديند. 

تتفاوت النظرة إىل دور منظامت املجتمع املدين, بي معارض يعترب أنها األخطر عىل االستقرار

االجتامعي وعىل الثقافة املحلية كونها منوذجا غربيا ذو ثقافة غريبة، وبي مؤيد يرى فيها رشيكا

يساهم يف توعية املجتمع ومتكينه للمشاركة واالنخراط يف الحياة العامة وتحسي معيشة املواطني.

وما بي هؤالء وهؤالء من يحاول -حتى عن غري قناعة- تسويق فكرة أن املجتمع املدين هو فكرة

مستوردة من الغرب أو منفذ من منافذ تدخله يف الشأن الوطني، وذلك بهدف فرض فجوة متعمدة

ما بي منظامت املجتمع املدين وبي جمهورها األسايس من املواطني، وبالتايل فرض فجوة متعمدة

تحول بينها وبي تحقيق أهدافها التي قد ال تروق للسلطات الحاكمة وبخاصة عندما يتعلق األمر

بحقوق اإلنسان وبزيادة الحريات.

وينبع ذلك االختالف يف الرؤى ألسباب عدة رمبا يأيت يف أولها التباس مفهوم وتعريف املجتمع املدين

من األساس وصعوبة االتفاق عيل تعريفه ومكوناته كام أرشنا من قبل، فإذا كان ذلك األمر مجاال

لالختالف بي املختصي واألكادمييي فحري به أن يكون مجاال للخالف ما بي عموم املواطني. ثم

يزيد عىل ذلك االلتباس التباسا تولده االنطباعات الخاطئة عن املجتمع املدين التي تؤدي إىل زيادة

التشوهات يف إدراك تكاوينه ومامرساته، كأن يراه البعض واجهة لألحزاب السياسية أو الجامعات

الدينية أو حتى للسلطة ذاتها، وهو أمر ملتبس أيضا، فأوال تدفع املجتمعات السياسية املغلقة دوائر

املجال العام املدنية والسياسية واالجتامعية والدينية يف بعض الحاالت إىل التداخل بشكل ال تتاميز

عنده أحدها عن األخرى، وثانيا يضطر بعض الفاعلي إىل التحرك يف املجال العام –املقيد أصال-

بحرية نسبية أكرب عرب واجهة العمل املدين، وبغض النظر عن مرشوعية أهداف هؤالء الفاعلي أو

أولئك وعن األرضية األخالقية التي ينطلق منها أيهم يبقى األمر باعثا ملزيد من التداخل وااللتباس،

ثم يأيت ثالثا وفوق ذلك ثبات تلك الصورة امللتبسة يف الذهنية العامة، وبغض النظر عن كون تلك

الصورة صحيحة أم خاطئة أو عن كونها أصيلة أو من صنع دعاية السلطة ضد املجتمع املدين.

عالوة عىل ما سبق تساهم األيديولوجيا بنصيب كبري يف تشويه صورة املجتمع املدين، فلقد أرشنا

أصال إىل اختالف تعريف املجتمع املدين اختالفا بينا بحسب الفكرة األيديولوجية التي ينطلق منها

هذا املنظر أو ذاك، وعندما يأيت األمر إىل مرص واملنطقة العربية تختلف النظرة إىل املجتمع املدين

Page 113: حاله المشاركة العامة في مصر

112

برضاوة ما بي التيارات التي يراه بعضها عىل اعتباره تعاونا دوليا محمودا من أجل التنمية وحقوق

اإلنسان بينام يراه البعض مؤامرة دولية ضد اإلسالم أو األمة العربية أو هذه الدولة أو تلك أو حتى

مؤامرة رأساملية وذلك كله بحسب الزاوية األيديولوجية التي ينظر منها الرايئ، وهو ما يصل إىل

املواطن العادي مفهوما مشوها متنافرا مهرتئ الداللة يف أحسن األحوال، ويف أحوال أخرى يصل إليه

باعتباره خطرا داهام يتهدد اإلسالم أو األمة أو الدولة بحسب موقعه. ولإلنصاف فينغي علينا القول

بأن مامرسات بعض املنتمي إىل املجال املدين املرصي تساهم مساهمة ال ميكن إغفالها يف تشويه

صورة املجتمع املدين يف ذهنية املواطني، وهي مسألة حتى وإن قلت إال أنها تستخدم كأرضية

للهجوم من قبل السلطة واإلعالم عىل املجتمع املدين ككل وتشويهه بالكامل يف ذهنية جمهوره

األسايس من املواطني. ويبقى من نافلة القول تكرار الحديث عن دور اإلعالم املوجه من السلطة

سواء التابع لها أو القريب منها يف تشويه املجتمع املدين من خالل بث الدعاية املمنهجة ضده

بشكل مستمر مل يختلف باختالف نوع السلطة الحاكمة حتى هذه اللحظة.

Page 114: حاله المشاركة العامة في مصر

113

الفصـــل الرابع

مقدمة

الحق يف املشاركة كام أسسنا له يف الفصول السابقة هو مفهوم مركب متثل حريات التجمع والتنظيم

والتعبري مكوناته األساسية، ويشمل هذا املركب )الحق يف املشاركة العامة( مظاهرا أخرى كحق

الوصول للمعلومات والحق يف االستشارة وهو ما يعنى به حق الناس أفرادا ومجموعات يف أن يتم

االستامع إليهم يف عمليات صنع القرارات التي تتعلق بهم.

وبينام يتمثل أحد أبعاد عملية تقييم حالة املشاركة العامة يف مرص يف اختبار البيئة القانونية

للمشاركة مبا يشمله ذلك مدى حامية القواني لحريات التجمع والتنظيم والتعبري، فهناك بعد آخر

ذو طبيعة أكرث عملية، فرشط مسبق للمشاركة العامة الفهم الجيد لطبيعة الحق يف االستشارة

ومعرفة البنية السياسية والعمليات والطرق املتاحة لالستشارة العامة. وبناء عىل ذلك فإن املشاركة

الحقيقية يف املجتمع ميكن أن تعرقل أيضا بسبب ضعف الهياكل اإلدارية أو ببساطة شديدة

بواسطة الجهل بالحقوق وعدم إمكانية الوصول للمعلومات املوثوقة.

إن انتقال الدول نحو مزيد من الدميقراطية والتشاركية يستلزم وجود مواطني يعلمون حقوقهم

ومسئولياتهم بوضوح يك ينخرطوا يف الحياة العامة ملجتمعاتهم بشكل واع. وبينام من املثايل أن

تتوزع تلك املسئولية عىل كافة هيئات التنشئة االجتامعية يف املجتمع يقع يف القلب منها التعليم

املواطنة الفعالة واملواطن املستنري

Page 115: حاله المشاركة العامة في مصر

نظرا لكونه أحد أهم أعمدة وسائل التنشئة االجتامعيةـ، ونظرا الرتباط األمر كله بالتنمية عىل

أساس الحقوق فمن الطبيعي أن تلعب منظامت املجتمع املدين دورا هاما آخرا يف هذا اإلطار.

ويحاول هذا الفصل أن يضع مدخال لتقدير مقومات املشاركة العامة املستنرية بي املواطني يف

مرص بدراسة حالتي التعليم واملجتمع املدين وعالقتهام مبسألة املشاركة، والسؤال عن إىل أي مدى

يستطيع املواطنون يف مرص الوصول إىل املعلومات التي تخص حقوقهم أو تخص عمليات صنع

القرار التي تؤثر عليهم. وحيث أن مستويات التعليم واألمية متثل مؤرشا هاما فيام يخص حالة

املشاركة العامة، فيحاول الجزء األول من هذا الفصل رسم خريطة ملستويات التعليم واألمية يف

مرص. ويحاول الجزء الثاين من هذا الفصل أن يلقي نظرة عىل دور املجتمع املدين يف تعزيز املشاركة

العامة يف مرص، ودوره يف رفع مستوى وعي املواطني بالحقوق وااللتزامات والفرص املتاحة لهم

بخصوص املشاركة العامة.

1. التعليم واألمية وااملشاركة يف مرص

يعترب التعليم واحدا من أكرث العوامل تأثريا يف تحديد مستويات املشاركة العامة، سواء لكون القدرة

عىل الوصول للمعلومات الخاصة بالحقوق والسياسات وطرق املشاركة وغريها ترتبط ارتباطا شديدا

بالقدرة عىل القراءة والكتابة، أو لوجود عالقة ترابط بي املستوى التعليمي من ناحية وبي الوعي

واالنخراط السيايس واملواطنة الفعالة من ناحية أخرى. ويف مرص البالغ تعداد سكانها حوايل 80.7

مليون نسمة )البنك الدويل: 2012( متثل نسبة السكان األصغر من 14 عاما 31% من مجموع

السكان، بينام متثل نسبة السكان ما بي 15 و 24 عاما حوايل 19% من مجموع السكان )األمم

املتحدة: 2012(. )شكل 1(.

Page 116: حاله المشاركة العامة في مصر

115

شكل 1: مجموع السكان يف مرص طبقا للفئات العمرية وفقا لتقديرات األمم املتحدة يف عام 2012

٩ ٤٥ ٠٦٤ ٥٩٦٠ ٥٤٥٥ ٤٩٥٠ ٤٤٤٥ ٣٩٤٠ ٣٤٣٥ ٢٩٣٠ ٢٤٢٥ ١٩٢٠ ١٤١٥ ١٠إىل ٧٤٧٥ ٦٩٧٠ ٦٥

إىلإىلإىلإىلإىلإىلإىلإىلإىلإىلإىلإىلإىلإىلإىل

٧٩٨٠ +

Age bracket between 15-24 year is 19% of total populat on

٥,٠٠٠ ٠Age bracket under 14 years is 31% of total populat on

٥,٠٠٠٠

متثل نسبة السكان يف الرشيحة الواقعة تحت 14 عاما 31% من مجموع السكان بينام متثل الرشيحة الواقعة

ما بي 15 و 19 عاما 19% من مجموع السكان

ويبلغ عدد السكان ممن هم يف عمر التعليم ما قبل الجامعي يف مرص حوايل 18.6 مليون نسمة أي

حوايل 23% من مجموع السكان، بينام يبلغ عدد السكان الذين هم يف عمر التعليم الجامعي حوايل

7.7 مليون نسمة أي حوايل 9.5% من مجموع السكان، أي أن مجموع من هم يف سن التعليم يف

مرص هو حوايل 26.3 مليون نسمة أي حوايل 32.5% من مجموع السكان )اليونسكو: 2012(.

18.6 مليون مواطن يف سن التعليم ما قبل الجامعي

بنسبة 23% من مجموع السكان

26.3 مليون نسمة يف سن التعليم بنسبة 32.5% من

مجموع السكان

7.7 مليون نسمة يف سن التعليم الجامعي بنسبة

9.5% من مجموع السكان

شكل 2: عدد ونسبة املواطني يف سن التعليم من مجموع

السكان وفقا لتقديرات اليونسكو يف 2012

Page 117: حاله المشاركة العامة في مصر

116

دعونا أوال نعرف مجموعة من املفاهيم التي تساعدنا عىل فهم اإلحصاءات والبيانات املختلفة.

ففي السياق املرصي يعرف القانون رقم )8( لسنة 1991 الخاص مبحو األمية األمي بأنه كل مواطن

يرتاوح عمره ما بي الرابعة عرش والخامسة والثالثي من غري املقيدين بأي مدرسة ومل يصل تعليمه

إىل نهاية الحلقة االبتدائية للتعليم األسايس. ويف السياق العاملي يستخدم للتعبري عن ذلك معكوس

األمية متمثال يف اإلملام بالقراءة والكتابة، وتقوم املؤرشات التنموية املختلفة بإحصاء معدالت القراءة

والكتابة بي الشباب الذين تقع أعامرهم ما بي 15 – 24 عاما، وبي البالغي الذين تتجاوز أعامرهم

15 عاما، وبي كبار السن الذين تتجاوز أعامرهم 65 عاما، ويف كل رشيحة عمرية يتم إحصاء تلك

النسبة يف الذكور ويف اإلناث أو يف الجنسي مجتمعي.

وكام تهتم املؤرشات التنموية بإحصاء معدالت القراءة والكتابة يف الرشائح العمرية املختلفة

وباختالف النوع االجتامعي أو غري ذلك من املتغريات، فمن املؤرشات الهامة أيضا معدالت االلتحاق

مبراحل التعليم املختلفة. ويف حي تنقسم مراحل التعليم تلك يف السياق املرصي إىل التعليم االبتدايئ

واإلعدادي والثانوي والجامعي. يضع اليونسكو نظاما موحدا لإلحصاء يستخدم يف كافة اإلحصاءات

املتعلقة بالتعليم مقسام مراحل التعليم إىل ما قبل ابتدايئ من 4-5، وابتدايئ من 6-11، وثانوي من

12-17، وتعليم عايل من 18-21. فيوازي التعليم الثانوي يف السياق العاملي ويف كافة اإلحصاءات

املتعلقة بالتعليم والتي سنستخدمها هنا مرحلتي التعليم اإلعدادي والثانوي يف مرص، وبشكل عام

يشار إىل التعليم االبتدايئ والثانوي مبرحلة التعليم ما قبل الجامعي، ويشار إىل املرحلة الالحقة عليها

مبرحلة التعليم الجامعي. ويف مرص يشار إىل مرحلتي التعليم االبتدايئ واإلعدادي مبرحلة التعليم

األسايس.

وقد عرفت مرص مجانية التعليم عرب تاريخها بالكامل إىل أن قرر االحتالل الربيطاين نظام املرصوفات

الدراسية، ثم عادت مجانية التعليم عرب ثالثة مراحل منها اثنتان سابقتان عىل يوليو 1952. كانت

األوىل هي مجانية التعليم األسايس يف 1943 حيث كان أحمد نجيب الهاليل وزيرا للمعارف يف

حكومة الوفد، والثانية يف هي مجانية التعليم الثانوي يف 1950 حيث كان طه حسي وزيرا للمعارف يف وزارة الوفد أيضا، ثم أقر نظام يوليو 1952 مجانية التعليم العايل يف يوليو 1.1962

وقد شهد التعليم يف مرص توسعا منذ الخمسينيات وساهم نظام التعليم يف خلق زيادة رسيعة يف

1  سعيد عيل إسامعيل، املتاجرة مبجانية التعليم، جريدة الوفد. التاريخ غري محدد.

Page 118: حاله المشاركة العامة في مصر

117

معدالت االلتحاق باملدارس وبالتوازي أخذت معدالت القراءة والكتابة يف التحسن منذ السبعينيات

وفقا إلحصائيات اليونسكو يف الفرتة ما بي 1976 وحتى عام 2006 )جدول 1، 2(. إال أن ذلك

املعدل قد تباطء بشدة يف السنوات األخرية مع زيادة عدد السكان وزيادة رقعة الفقر والرتاجع

امللحوظ يف جودة التعليم وسائر مؤرشات التنمية البرشية بشكل عام. )شكل 3(.

جدول 1: معدالت القراءة والكتابة بي الشباب وفقا إلحصاءات اليونسكو بي عامي 1976 و 2006

معدالت القراءة

والكتابة بي

الشباب )% من

الفئة العمرية 15-

24 سنة(

معدالت القراءة

والكتابة بي الشباب من

الذكور )% من الشباب

الذكور يف الفئة العمرية

15- 24 سنة(

معدالت القراءة

والكتابة بي الشباب

من اإلناث )% من

الشباب اإلناث يف الفئة

العمرية 15- 24 سنة(

197651.0363.0438.12

198663.3371.3854

199673.2278.9966.93

200684.8887.8681.75

جدول2: معدالت القراءة والكتابة بي البالغي وفقا إلحصاءات اليونسكو بي عامي 1976 و 2006

معدالت القراءة

والكتابة بي البالغي )%

من الفئة العمرية أكرب

من 15 سنة(

معدالت القراءة والكتابة بي

البالغي من الذكور )% من الفئة

العمرية أكرب من 15سنة(

معدالت القراءة

والكتابة بي البالغات

من اإلناث )% من

الفئة العمرية أكرب من

15 سنة(

197638.253.6222.44

198644.4256.9831.4

199655.5967.1543.6

200666.3774.6257.81

Page 119: حاله المشاركة العامة في مصر

118

شكل 3: معدالت القراءة والكتابة بي البالغي من الجنسي منذ 1976 وفقا لبيانات البنك الدويل

وعودة إىل املؤرشات فينبغي التمييز بي نسبة صايف االلتحاق باملدارس الذي هو نسبة عدد الطالب

يف السن املناظر ملرحلة تعليمية معينة وامللتحقي بالفعل يف هذه املرحلة التعليمية من مجمل عدد

السكان يف تلك الرشيحة العمرية، وبي نسبة إجاميل االلتحاق باملدارس الذي هو عدد كل عدد

الطالب امللتحقي يف مرحلة تعليمية معينة بغض النظر عن أعامرهم بالنسبة إىل عدد السكان يف

تلك الرشيحة العمرية، وبهذا املعنى فإن نسبة إجاميل االلتحاق باملدارس ميكن أن تتجاوز %100

نتيجة لاللتحاق املتأخر للطالب باملدارس وبخاصة يف املرحلة االبتدائية، وهي كذلك تعطي فكرة

عن مستويات تقدم الطالب يف املراحل الدراسية املختلفة، بينام نسبة صايف االلتحاق باملدارس تشري

فقط إىل مستويات االلتحاق بالتعليم يف الرشائح السنية املختلفة.

٢٠١٠٢٠٠٦٢٠٠٥١٩٩٦١٩٨٦١٩٧٦ ٢٠١٢

٨٠٧٠٦٠٥٠٤٠٣٠٢٠١٠٠

٩٠

معدل اإلملام بالقراءة والكتابة بي البالغي اإلناث

معدل اإلملام بالقراءة والكتابة بي إجاميل البالغي

معدل اإلملام بالقراءة والكتابة بي البالغي الذكور

Page 120: حاله المشاركة العامة في مصر

119

ويشري تطور معدالت صايف وإجاميل االلتحاق باملدارس االبتدائية يف مرص إىل تدهور حالة التعليم

االبتدايئ عىل وجه الخصوص يف السنوات األخرية، فبينام تنمو النسب اإلجاملية لاللتحاق باملرحلة

االبتدائية مبستويات متسارعة تفوق جميعها 100% يف العرشين سنة األخرية تحقق نسب صايف

االلتحاق منوا طفيفيا أو ال تحقق منوا عىل اإلطالق. ويشري )شكل 4( إىل هذه الجزيئة، فالتناقض

بي الصايف واألجاميل يشري إىل أن التالميذ يدخلون متأخرين إىل مرحلة التعليم االبتدايئ أو أنهم ال

يتقدمون فيها بالشكل املطلوب.

شكل 4: نسب صايف وإجاميل االلتحاق مبرحلة التعليم االبتدايئ يف مرص وفقا لبيانات البنك الدويل

ال تظهر تلك املشكلة بذات الحدة يف التعليم الثانوي )اإلعدادي والثانوي( رمبا بسبب اعتامد

الغالبية العظمى من الطالب عىل الدروس الخصوصية. إال أن مقارنة معدالت االلتحاق يف املراحل

التعليمية الثالثة االبتدائية والثانوية والتعليم العايل قد تعطى بعض املؤرشات كام يتضح يف )شكل

االلتحاق باملدارس يف املرحلة اإلبتدائية - اإلجاميل

االلتحاق باملدارس يف املرحلة اإلبتدائية - الصايف

٢٠٠٦٢٠٠٠١٩٩٤ ٢٠٠٩

٪٨٠

٪١٠٠

٪٦٠

٪٤٠

٪٢٠

٪٠

٪١٢٠

٢٠١١%100 %101 %107 %111 %109

%91 %94 %96 %96 %95

Page 121: حاله المشاركة العامة في مصر

120

5(. فيتضح من معدالت إجاميل االلتحاق باملرحلة االبتدائية املشكلة التي أرشنا إليها يف تقدم

التالميذ وسن االلتحاق، ويتضح من معدالت االلتحاق باملرحلة الثانوية تدىن معدالت االلتحاق

يف املرحلة الثانوية بشكل عام يف السنوات األخرية وتدنيها أيضا عن معدالت االلتحاق باملدارس

االبتدائية، كام يتضح الفرق الواسع بي معدالت االلتحاق مبراحل التعليم ما قبل الجامعي ومعدالت

االلتحاق يف التعليم الجامعي.

شكل 5: معدالت االلتحاق اإلجاميل بكافة مراحل التعليم يف مرص منذ 1975 وفقا لبيانات البنك

الدويل

وللنظر لتلك املؤرشات يف سياق تنموي علينا وضعها بجانب عدد آخر من املؤرشات كعالقة التعليم

بالنوع االجتامعي ومستوى الفقر وسكنى الريف والحرض وغري ذلك. ويف هذا الصدد يشري تقرير

التنمية البرشية يف مرص لعام 2010 الصادر عن برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ ومعهد التخطيط

١٩٩٩١٩٩١١٩٩٠١٩٨٥١٩٨٠١٩٧٥ ٢٠٠٤

٨٠

١٠٠

٦٠

٤٠

٢٠

٠

١٢٠

٢٠٠٩ ٢٠١٢

إجاميل االلتحاق باملدارس يف املرحلة اإلبتدائية

إجاميل االلتحاق باملدارس يف املرحلة الثانوية

إجاميل االلتحاق مبرحلةالتعليم العايل

Page 122: حاله المشاركة العامة في مصر

121

القومي2، ومسح النشء والشباب يف مرص 2009 الصادر عن مركز املعلومات مبجلس الوزراء

ومجلس السكان الدويل3 إىل أن %11 ممن هم يف الفئة العمرية من 18 - 29 سنة مل يلتحقوا

باملدارس إطالقا، 81 % منهم من الفتيات، ما يعني أن 16% من اإلناث الاليت بي الثامنة عرشة

والتاسعة والعرشين مل يلتحقن باملدارس إطالقا. وتشري بيانات التعداد السكاين يف 2006 إىل أن 10

% ممن ترتاوح أعامرهم بي السادسة والثامنة عرشة مل يذهبوا إىل املدارس إطالقا. ويوضح الشكل

التايل التفاوت يف نسبة األمية ما بي الجنسي وفقا لبيانات تعداد 2006 الصادر عن الجهاز املركزي

للتعبئة واإلحصاء4 )شكل 6(.

شكل 6: نسبة األمية لدى كل من الذكور واإلناث عىل مستوى الجمهورية وفقا لتعداد 2006

والواقع هو أن أغلب من مل يلتحقوا باملدارس هن أساسا من فتيات املناطق الريفية. ويفيد مسح

النشء والشباب يف مرص 2010 بأن فتيات الريف يشكلن 80.4 % ممن مل يلتحقوا باملدارس عىل

اإلطالق. هذا إىل جانب أن بنات األرس األشد فقرا مل يذهنب أيضا إىل املدارس مطلقا. وتفيد دراسة

أخرى أشار إليها تقرير التنمية البرشية 2010 بأن الفقراء هم باستمرار أسوأ حاال من األثرياء فيام

يتعلق بااللتحاق باملدارس، وأن عدم التحاق بنات األرس الفقرية باملدارس هو األكرث احتامال. كذلك

فإن مستوى ثراء األرس هو محدد رئييس فيام يتعلق بااللتحاق بالتعليم العايل، ففي حي أن ما يصل

إىل نصف املنتظمي أو من سبق لهم االنتظام بإحدى مؤسسات التعليم العايل ينتمون إىل ال 20 %

2  هبه حندوسة، وآخرون، تقرير التنمية البرشية يف مرص 2010، برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ ومعهد

التخطيط القومي، القاهرة، 2010.

3  غادة برسوم، وآخرون، مسح الشباب والنشء يف مرص 2009، مركز املعلومات مبجلس الوزراء ومجلس

السكان الدويل، 2009.

4  الجهاز املركزي للتعبئة واإلحصاء، تعداد مرص 2006.

نسبة األمية ب� اإلناث

٪٢٩٫٦

نسبة األمية ب� الجنس� نسبة األمية ب� الذكور

٪٣٧٫٣٪٢٢٫٣

Page 123: حاله المشاركة العامة في مصر

122

األعىل دخال، فإن 4% منهم فقط ينتمون إىل ال 20 % األشد فقرا. هذا أيضا باإلضافة إىل التفاوت بي

الحرض والريف، حيث إن 39 % من شباب الريف ينهون تعليمهم العايل مقارنة ب 61 % من شباب

الحرض. ويوضح الشكل التايل التوزيع الجغرايف لنسب األمية يف مرص من خالل عرض متوسطات

نسب األمية يف املحافظات املرصية مقسمة حسب موقعها الجغرايف، وذلك بناء عىل بيانات تعداد

2006 الصادر عن الجهاز املركزي للتعبئة واإلحصاء )شكل 7(.

شكل 7: نسب األمية يف املحافظات بحسب موقعها الجغرايف وفقا لتعداد 2006

ومستعيني باألرقام والبيانات التي قام بعرضها الباحث محمد العجايت يف دراسة له بعنوان كيف

صوت املرصيون يف املرحلة االنتقالية5، قمنا بدراسة العالقة ما بي ثالثة متغريات هي مستويات

األمية ومستويات الفقر ومستويات اإلحجام عن املشاركة االنتخابية يف كل محافظة من املحافظات.

يف هذه الدراسة تم تقدير مستويات األمية يف املحافظات بناء عىل التعداد الرسمي للسكان لعام

2006، وتم تقدير مستويات الفقر بناء عىل بحث الدخل واالستهالك لعام 2011/2010 الصادر

5  محمد العجايت، كيف صوت املرصيون يف املرحلة االنتقالية؟، مركز البدائل العريب للدراسات، القاهرة،

.2012

٪٢٠٪٢٥

٪١٥٪١٠٪٥٪٠

٪٤٠

الصعيدالدلتاالوسط الساحلية الحدودية

٪٣٥٪٣٠

Page 124: حاله المشاركة العامة في مصر

123

عن الجهاز املركزي لتعبئة واإلحصاء، وتم تقدير مستويات اإلحجام عن املشاركة عن طريق تقدير

متوسط نسب التصويت يف كافة االستحقاقات االنتخابية منذ اندالع ثورة يناير 2011 وحتي

االستفتاء عىل دستور 2012. وعندما قمنا بدراسة عالقة املؤرشات الثالثة كانت النتيجة كام هو

املتوقع ارتباطها جميعا ارتباطا طرديا بدرجة ترتاوح ما بي 42% للعالقة بي األمية وعدم املشاركة،

و60% للعالقة بي األمية والفقر، و74% للعالقة بي الفقر وعدم املشاركة كام يتضح من الشكل التايل

)شكل 8(.

شكل 8: االرتباط بي معدالت الفقر واألمية واملشاركة يف املحافظات املختلفة

٪٨٠

٪٣٠

٪٦٠

٪٤٠

٪١٠٪٠

٪٧٠

٪٢٠

٪٥٠

عيدرس

بو

هرةلقا

ا

سسوي

ال

ريةكند

السا

اطدمي

لية�عي

إلسا

بيةغر

ال

وانأس

بيةليو

الق

يزةلج

ا

يلةدخ

ال

فيةملنو

ا

قيةرش

اليخ

لشر ا

قناكف

فسوي

ي بن

ملنياا

اجوه

س

وطسي

أ

وملفي

ا

وحطر

م

�ةبح

ال

رصألق

ا

ناءسي

ل ش�

ناءسي

ب جنو

ديدلج

ي اواد

المر

ألحر ا

بحال

مستوى الفقرمستوى األميةمعدل االرتباطمستوى عدم املشاركة

االنتخابية

%42%60مستوى األمية

%74%60مستوى الفقر

مستوى عدم املشاركة

االنتخابية42%74%

مستوى األمية مستوى الفقر مستوى عدم املشاركة االنتخابية

Page 125: حاله المشاركة العامة في مصر

124

وبرغم اتفاق األرقام مع االفرتاضات النظرية، علينا للدقة أن نأخذ يف االعتبار عدة عوامل منها

الفاصل الزمني ما بي تقديرات نسب األمية التي تعود لعام 2006 وتقديرات نسب املشاركة يف

عامي 2011 و 2012 مع الرتكيز عىل التغري النوعي الذي شهده املجتمع املرصي يف هذه الفرتة عىل

خلفية الثورة وانفتاح املجال السيايس والتحفيز املجتمعي واإلعالمي عىل املشاركة االنتخابية. وعالوة

عىل ذلك علينا أيضا أن نأخذ يف االعتبار أن املشاركة االنتخابية ليست موضوعا وحيدا للمشاركة

العامة حتى وإن كانت جزءا مهام منها. فاملشاركة املدنية عىل سبيل املثال هي دعامة أخرى ال

تقل أهمية من دعامات املشاركة العامة، وبرغم ال يتوفر لدينا يف الوقت الحارض ما يكفي من

األرقام والبيانات لتحليل العالقة ما بي املشاركة املدنية والتعليم، فال أظن أنه من املمكن تصور

الفصل بينهام أو تصور عدم ارتباطهام. بل ميكننا أيضا أن نزعم مطمئني إىل أن املشاركة املدنية

أكرث ارتباطا بدرجات ومستويات التعليم من املشاركة االنتخابية، إذ أن املشاركة املدنية ال تخضع يف

العادة لعمليات التعبئة التي تخضع لها املشاركة االنتخابية سواء من قبل السلطة أو املعارضة أو

املتنافسي السياسيي، وتلزم بالرضورة جهدا والتزاما أكرب من مجرد الذهاب لعملية التصويت.

وبينام يتوقع من نظم التعليم يف الدول املختلفة املساهمة يف عملية التعليم املدين من أجل دعم

قيم املواطنة والدميقراطية واملشاركة، فلم يكن ذلك هو الحال يف مرص طوال السنوات الستي

املاضية وحتى عهد قريب، فبينام تركز مناهج التعليم يف مرص بدرجات مختلفة بحسب شكل

النظام السيايس عىل أفكار الوطنية والقومية وتركز بشكل أكرب عىل بث روح الواجب وطاعة الدولة

والكبار وأولياء األمور، ال تركز تلك املناهج عىل أفكار الدميقراطية وحقوق اإلنسان أو غريها من

القيم املدنية. ويف أواسط عرص حسني مبارك وبناء عىل دعم املؤسسات الدولية بدأت مناقشة

تعديل املناهج الرتبوية يك تشمل قيم املواطنة، فوفقا لتقرير لوزارة الرتبية والتعليم يف عام 2003

ينبغي أن يركز تعليم املواطنة عىل مثانية محاور هي: التعليم املدين واملهارات الحياتية ونظام

الحكم والحفاظ عىل الرتاث وعالقات مرص الدولية واملنظامت غري الحكومية واملنظامت العربية

واملنظامت الدولية. ومع ذلك فلم تنعكس أي من تلك االدعاءات عىل تغيري حقيقي يف املقررات

التعليمية وتشري دراسة لباكيناز بركة بعنوان »تعليم املواطنة يف املدارس الحكومية املرصية« يف

عام 2008 أن مقررات الدراسات االجتامعية بينام تؤكد بشدة عىل الهوية املرصية واحرتام السلطة،

تتجاهل املشاركة السياسية وحكم القانون ومحاسبة الحكومة والعدل االجتامعي. وتشري ذات

الدراسة إىل أنه خالل دراسات مجموعات الرتكيز التي أجرتها الباحثة مع املدرسي واملسئولي يف

وزارة الرتبية والتعليم يف ذلك الوقت فإن غالبية املشاركي قد عرفوا التعليم املدين بوصفه تعليم

Page 126: حاله المشاركة العامة في مصر

125

القيم األخالقية الحسنة6. يف هذا السياق يتوقع من منظامت املجتمع املدين أن تقوم بدور بديل

فيام يخص مسائل التعليم املدين واملواطنة والدميقراطية وحقوق اإلنسان والتسامح واملشاركة

السياسية، وهذا الدور هو ما سنناقشه يف الجزء التايل.

2. املجتمع املدين والتعليم املدين واملشاركة يف مرص

يشري تقرير التنمية البرشية يف مرص لعام 72008 إىل أنه يف مطلع عام 2007 أشارت األرقام الرسمية

التي تصدرها وزارة التضامن االجتامعي إىل أن إجاميل عدد الجمعيات األهلية يف مرص يبلغ 21500

جمعية، ويف نفس السنة نرش االتحاد العام للجمعيات واملؤسسات األهلية نتائج املسح الذي أجرى

عىل جميع املحافظات من خالل مديريات التضامن االجتامعي والذي ذكر أن عدد الجمعيات

األهلية 15154 جمعية. ويشري التقرير إىل أن التوزيع الجغرايف للجمعيات األهلية يف مرص مييل إىل

الرتكز يف املناطق الحرضية وخاصة املراكز املزدحمة بالسكان يف شامل البالد وذلك استنادا إىل نتائح

املسح الذي أجراه االتجاد العام للجمعيات واملؤسسات األهلية يف عام 2007.

تبي من ذلك املسح أن عدد الجمعيات األهلية يف القاهرة هو 2788 جمعية بنسبة 18% من

مجموع الجمعيات، ويف الجيزة 3465 جمعية بنسبة 9% من مجموع الجمعيات، ويف الوجه القبيل

3465 جمعية بنسبة 23% من مجموع الجمعيات، ويف الوجه البحري 6894 جمعية بنسبة %46

من مجموع الجمعيات، أما نصيب محافظات الحدود مجتمعة 608 جمعية بنسبة 4% من مجموع

الجمعيات )شكل 9(. ويجدر بنا اإلشارة إىل أن تلك األرقام هي أرقام خاصة بالجمعيات واملؤسسات

األهلية املسجلة فقط يف وزارة ومديريات التضامن االجتامعي، وال يشمل ذلك املسح كافة األشكال

القانونية األخرى ملنظامت املجتمع املدين كالرشكات املدنية الغري هادفة للربح ورشكات املحاماة

العاملة بالتنمية وما إىل ذلك والتي ال يوجد أي حرص بأعادادها أو توزيعها بل إن الدولة ال تذهب

إىل االعرتاف بها كمنظامت مجتمع مدين بل تذهب إىل تجرميها بشكل دائم ومحاولة وقف نشاطها

ومالحقتها بي الحي واآلخر.

��What:Pakinaz�E.�Baraka,�Citizenship�Education�in�Egyptian�Public�Schools�� 6�Values�to�Teach�and�in�which�Administrative�and�Political�Contexts?,�Journal�of

.Education�for�International�Development�3:3,�20087  هبه حندوسة، وآخرون، تقرير التنمية البرشية يف مرص 2008، برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ ومعهد

التخطيط القومي، القاهرة، 2008.

Page 127: حاله المشاركة العامة في مصر

126

شكل 9: التوزيع الجغرايف للجمعيات األهلية يف مرص وفقا ملسح االتحاد العام للجمعيات 2007

وبناء عىل تحليل الشبكة العربية للمنظامت األهلية يف 82007 لنتائج املسح الذي أجراه االتحاد

العام للجمعيات واملؤسسات يف نفس العام ومؤرشات التنمية البرشية الصادرة يف تقرير التنمية

البرشية يف مرص 2005 بعد استبعاد املحافظات الحدودية التي ال تظهر من األساس يف مؤرشات

التنمية البرشية، يتضح أن املحافظات التي تحتل املرتبة الدنيا يف قيمة مؤرش التنمية البرشية هي

املحافظات التي تحصل عىل أقل نصيب من الجمعيات األهلية أو الجمعيات التنموية وبالتي

تكون أقل قدرة عىل متكي املواطن ودفعه نحو املشاركة. كذلك فاملناطق األكرث حرمانا تتكون

الكتلة األساسية من منظامت املجتمع املدين بها من املمنظامت الخريية والرعائية التقليدية التي

تقدم املساعدات املالية أو العينية للفقراء واملحتاجي بينام تغيب عنها الجمعيات التنموية التي

من املفرتض بها أن يرتكز دورها عىل رفع قدرات املواطني ومكينهم من تكوين رأي عام اجتامعي.

ويشري الشكل التايل إىل عدد الجمعيات األهلية يف كل محافظة لكل 10 آالف نسمة من سكان

املحافظة مرتبة حسب مؤرش التنمية البرشية للمحافظة يف 2005. )شكل 10(.

8  أماين قنديل وآخرون، التقرير السنوي الثامن للمنظامت األهلية العربية، الشبكة العربية للمنظامت

األهلية، القاهرة، 2008.

%27القاهرة والجيزة

%23الوجه البحري

%46الوجه القبيل

%4املحافظات الحدودية

تقرير التنمية البرشية 2008

Page 128: حاله المشاركة العامة في مصر

127

وللدقة يجدر بنا اإلشارة إىل أن تلك األرقام الخاصة بعدد الجمعيات املتاحة لكل 10 آالف نسمة يف

املحافظات املختلفة قد تغريت بشكل كبري لصالح زيادة نصيب املحافظات من الجمعيات األهلية

يف السنوات الستة األخرية منذ إصدار ذلك التقرير، فربغم الزيادة املطردة يف عدد السكان إال أن

الزيادة يف عدد الجمعيات األهلية قد منا بشكل أرسع بكثري من تلك الزيادة، وبخاصة مع الطفرة

التي شهدها املجتمع املدين يف السنوات التي تلت ثورة يناير 2011 وانفتاح البيئة السياسية واملدنية

لفرتة ما بعد تلك الثورة، ويف حي أننا ال نستطيع العثور عىل بيانات رسمية أو شبه رسمية تعكس

تلك الطفرة، إال أنه ومبساعدة بعض الجمعيات واملنظامت العضوة يف الشبكة املرصية للمشاركة

العامة قد أمكننا الوصول إىل مجموعة من األرقام االسرتشادية التي ميكن أن تبي للقارئ تلك

الطفرة العددية التي نتحدث عنها عىل األقل يف مجموعة من املحافظات. فعىل سبيل املثال قفز

عدد الجمعيات واملؤسسات األهلية املسجلة لدى وزارة التضامن االجتامعي يف الفيوم من 318

جمعية ومؤسسة أهلية يف عام 2007 إىل 1523 جمعية ومؤسسة أهلية يف عام 2013، يف حي زاد

زاد عدد السكان من حوايل 2.4 مليون إىل حوايل 3 مليون يف نفس الفرتة الزمنية، ومن املالحظ هنا

أنه بينام كان معدل النمو السكاين يف تلك املحافظة يف التلك الفرتة حوايل 26% فإن الزيادة يف عدد

الجمعيات واملؤسسات يف ذات املحافظة يف ذات الفرتة قد تجاوزت 370%، وعىل ذلك فإن عدد

٠بورسعيدالقاهرة

السويساالسكندرية

دمياطاإلس�عيلية

الغربيةأسوان

القليوبيةالجيزة

الدخيلةاملنوفيةالرشقية

كفر الشيخقنا

بني سويفاملنيا

سوهاجأسيوطالفيوم

٥ ١٠

١٫٣٦١٫٢٦

١٫٠٤١٫١٣

٢٫٢٣٠٫٧٤

٢٫٢١٢٫٤٩

١٫٥٦٢٫٥٣

١٫٧٩٣٫٢٣

١٫٣٣٣٫١

٢٫٣٩٣٫٩١

٥٫٨٥٣٫٦٥

٤

١٫٣٤شكل 10: عدد الجمعيات األهلية يف كل محافظة لكل 10

آالف نسمة

Page 129: حاله المشاركة العامة في مصر

128

الجمعيات واملؤسسات لكل 10 آالف نسمة يف محافظة الفيوم قد تحرك من 1.3 جمعية ومؤسسة

لكل 10 آالف نسمة يف عام 2007 إىل 5 جمعيات ومؤسسات لكل 10 آالف نسمة يف عام 2014.

وباملثل زادت عدد الجمعيات واملؤسسات األهلية املسجلة يف محافظة الغربية من 513 يف عام

2007 إىل 1926 يف عام 2013، بينام زاد عدد السكان يف نفس املحافظة يف نفس الفرتة من حوايل

3.9 مليون إىل 4.5 مليون، أي مبعدل زيادة حوايل 275% للجمعيات يف مقابل حوايل 18% للسكان،

وهو ما نتج عنه زيادة عدد الجمعيات واملؤسسات لكل 10 آالف نسمة يف محافظة الغربية من

حوايل 1.3 جمعية ومؤسسة لكل 10 آالف نسمة يف عام 2007 إىل حوايل 4.3 جمعية ومؤسسة لكل

10 آالف نسمة يف 2013.

أما فيام يخص دور منظامت املجتمع املدين يف عملية التعليم املدين فقد قام مركز جريهارت للعطاء

االجتامعي واملشاركة املدنية بالجامعة األمريكية بالقاهرة بتنظيم مرشوع بحثي حول املجتمع

املدين والتعليم املدين يف مرص يف عام 20129، قام املركز من خالل املرشوع ببحث 28 منظمة من

منظامت املجتمع املدين التي تعمل يف مرص وتهتم بعملية التعليم املدين، منها 21 منظمة مرصية

و7 منظامت دولية، تهتم 23 منها بالتعليم املدين من قبل ثورة يناير وانضمت إليها 5 منظامت

بعد الثورة. وبرغم أن مقار تلك املنظامت جميعا تقع يف محافظتي القاهرة والجيزة إال أن برامجها

جميعا متتد لتشمل املحافظات األخرى.

ويعرف البحث التعليم املدين بحسب موسوعة ستانفورد للفلسفة إعداد مواطني الدولة -وبخاصة

الشباب- للقيام بأدوارهم كمواطني، وبحسب إميي جومتان من جامعة برينستون بعملية »غرس

الفضائل واملعارف واملهارات الالزمة للمشاركة السياسية«، ووفقا للبحث فيذكر برنامج األمم املتحدة

اإلمنايئ أن أطر التعليم املدين ينبغي أن تشمل تعليم حقوق اإلنسان ومتكي املواطن من االنخراط

يف التنمية االجتامعية وتعليم القانون الدميقراطية واملشاركة املدنية والسياسية و تنمية اإلنسان

كأساس لحقوق اإلنسان وحل النزاعات بطريقة سلمية من خالل التفاوض والحوار.

تم البحث من خالل مجموعة من جلسات التشاور أعقبها مجموعة من املقابالت شخصية ملناقشة

مخرجات جلسات التشاور أعقبها جلسات أخرى للتشاور من أجل الخروج بالنتائج النهائية، وتناول

ذلك البحث ثالثة محاور رئيسية حول التعليم املدين هي: 1( الوصول: ملن وأين تصل برامج التعليم

�John�D.�Gerhart�Center�for�Philanthropy�and�Civic�Engagement�(2012)�Citizens�  9�in�the�Making:�Civil�Society�and�Civic�Education�in�Egypt.�Cairo:�The�American

.University�in�Cairo

Page 130: حاله المشاركة العامة في مصر

129

املدين التي تقوم بها املنظامت غري الحكومية. 2( املحتوى: ما هي املوضوعات التي تقوم برامج

التعليم املدين بتناولها وكيف يتم تدريسها؟ 3( تقييم األثر: كيف تعرف املنظامت أنها قد تركت أثرا

يف املشاركي وعىل املجتمع؟ وقد تناول تقرير املركز الصادر يف عام 2012 بعنوان »املواطنون والفعل

– املجتمع املدين والتعليم املدين يف مرص« نتائج هذا املرشوع التي سنعرض لها يف السطور التالية.

فيام يتعلق بالوصول للمجموعات املستهدفة أشار التقرير أغلب الربامج تصل إىل جمهورها املحتمل

من خالل عدة قنوات تشمل منظامت غري حكومية أخرى تعمل يف املجتمعات املحلية، إعالنات

الكرتونية، أو سائر طرق الوصول املبارش األخرى. فاملنظامت تستخدم قاعات ومكاتب منظامت

مجتمع مدين رشيكة يف املحافظات من أجل الوصول ملزيد من الجمهور. مع ذلك فهناك العديد

من املحددات ملستوى الوصول، فأغلب الربامج ال تستطيع استيعاب أعداد تزيد عن 20 – 30

متدرب، ال ميكن الوصول والعمل يف املحافظات الحدودية يف أغلب األحيان، يقرص االعتامد الشديد

عىل االنرتنت يف الدعاية للربامج املستفيدين من تلك الربامج عىل 27% فقط من املرصيي والذين

يستخدمون االنرتنت، باإلضافة إىل ذلك تركز غالبية الربامج عىل الشباب مام يحرم األطفال وكبار

السن من فرص التعليم املدين، أيضا فبالرغم من حرص غالبية املنظامت عىل فعل ذلك إال أن قليال

جدا منها قد متكن من التعاون مع املدارس الحكومية من أجل القيام بربامج التعليم املدين.

أما فيام يتعلق باملحتوى أشار التقرير إىل أن الربامج تركز عىل مجموعة واسعة من املوضوعات

تشمل القيم واملعرفة واملهارات املدنية. ويف العادة ما تتشارك املنظامت املحتوى، ولدى أغلبها

مدربون محرتفون. وتستخدم أغلب الربامج طرقا تشاركية والتي لها تأثري كبري يف تعليم املتعلمون

األصغر سنا والذين تستهدفهم معظم املنظامت.

وفيام يخص عملية تقييم األثر فيشري التقرير إىل أن كافة املنظامت ذكرت انها تقوم بنوع من

التقييم للنتائج وأحيانا لألثر عرب عدة قنوات. األكرثية تقوم باستخدام استامرات التقييم للنشاركي

يف نهاية الربنامج، وهذا جيد يف جمع املقرتحات واآلراء ولكن ليس بالرضورة األثر. ويستخدم البعض

االستامرات القبلية والبعدية أو مالحظة التغري يف املعرفة واملهارات والقيم خالل فرتة التدريب،

وهذا أيضا جيد ولكن يف قياس النتائج عىل املستوى القصري، وتقوم بعض املنظامت بالتواصل

مع خريجي تلك الربامج ملتابعة مقدار مشاركتهم وانخراطهم الفعليي، وهذه أداة جيدة، إال

أنها تستخدم بشكل غري رسمي، فيالحظ التقرير أن أدلة تقييم األثر ترتكز جميعها عىل القصص

والحكايات وليس عىل املعايري الكمية.

Page 131: حاله المشاركة العامة في مصر

130

ويف سياق آخر فعىل خلفية هذه الدراسة التي بي أيدينا قام الباحث أحمد عبدالله بإجراء

استطالعا ميدانيا موجزا ملعرفة درجة وعي املواطني بحقوقهم ومدى إسهام منظات املجتمع املدين

واملؤسسات العامة يف رفع ذلك الوعي. فتم توجيه أربعة أسئلة هي:

هل يعلم املواطن املرصي بحقوقه؟. 1

هل تقوم املنظامت غري الحكومية أو املؤسسات العامة بعمل برامج وحمالت منتظمة . 2

لتعليم املواطني بحقوقهم؟

هل تتوافر مواد تعليمية بسيطة ومفهومة وبلغة مناسبة تهتم مبسائل التوعية بالحقوق؟. 3

هل توجد أية حمالت توعية مدنية تستهدف األقليات من أي نوع؟. 4

تم توجيه تلك األسئلة لعدد 2458 رجل وامرأة يف الفرتة ما بي 15 و 21 يناير 2013 توزيعهم

كاآليت:

جدول 3: توزيع املستطلعي الذين شملهم االستطالع امليداين

توزيع املبحوثي عىل أساس النوع االجتامعي

إناثذكور

9461512

توزيع املبحوثي عىل أساس الفئة العمرية

أكرب من 60 سنةأكرب من 21 سنةأقل من 21 سنة

3421357759

توزيع املبحوثي عىل أساس املستوى التعليمي

تعليم متوسطيقرأ ويكتبأميتعليم فوق

متوسطتعليم عايل

1241852153381596

Page 132: حاله المشاركة العامة في مصر

131

توزيع املبحوثي عىل أساس نوع العمل

ال يعملعمل خاصعمل حكوميعمل غري هادف

للربحأخرى

5361571529132104

توزيع املبحوثي عىل أساس مكان اإلقامة

سكان الحرضسكان الريف

14321026

وأيضا فكام قد يتوقع نظريا فقد كانت اإلجابة بال لها النصيب األكرب يف كافة األسئلة وذلك عىل

النحو التايل:

جدول 4: آراء املستطلعي يف املسائل املطروحة

ال أعرفإىل حد ماالنعم

483782596597السؤال األول: وعي املواطني بحقوقهم

السؤال الثاين: دور منظامت املجتمع املدين

واملؤسسات العامة4531116391498

السؤال الثالث: توافر املواد التعليمية

املبسطة3141075523546

3461192413507السؤال الرابع: التعليم املدين لألقليات

Page 133: حاله المشاركة العامة في مصر

132

شكل 11: آراء املستطلعي يف املسائل املطروحة

وتشري نتائج االستطالع إىل أن غالبية كبرية من املستطلعي الحظوا أن منظامت املجتمع املدين

واملؤسسات العامة ال تقوم مبا يكفي إلعالم املواطني بحقوقهم وفرصهم يف املشاركة. ويشري ذلك

االستطالع بشكل عام إىل أن هناك حاجة ملزيد من التعليم املدين واملعلومات بشأن فرص املشاركة

العامة. وهو دور هام ميكن أن تلعبه منظامت املجتمع املدين من خالل إنتاج وتوزيع املواد

التعليمية ومن خالل الضغط عىل الحكومة والهيئات العامة للتأكد من قيامها برشح وتوصيل أفكار

ومعلومات عن الحقوق والدميقراطية واملشاركة لعموم املواطني.

٨٠٠١٠٠٠

٦٠٠٤٠٠٢٠٠

٠

١٢٠٠١٤٠٠

نعمالإىل حد ماال أعرف

٤٨٣ ٤٥٣٣١٤ ٣٤٦

٧٨٢

١١١٦ ١٠٧٥١١٩٢

٥٩٦

٣٩١٥٢٣

٤١٣

٥٩٧٤٩٨ ٥٤٦ ٥٠٧

وعي املواطني بحقوقهم

دور منظامت املجتمع املدين واملؤسسات العامة التعليم املدين لألقليات

توافر املواد التعليمية املبسطة

Page 134: حاله المشاركة العامة في مصر

133

خامتة

إن املواطني الفاعلي هم املواطنون املستنريون، إذ ال ميكن ألحد أن يلتمس حقوقا ال يعلمها،

واملعضلة التي تواجهها فكرة نرش التعليم املدين وقيم ومهارات املشاركة واملواطنة والدميقراطية

وحقوق اإلنسان يف مرص هو أن األفكار والسياسات التي ينتج عنها أال تقوم الهيئات الحكومية

يف مرص مبا ينتظر منها من أجل تعليم وإعالم املواطني بحقوقهم املدنية والسياسية، هي ذاتها

األفكار والسياسات التي تحمل قدرا كبريا من املسئولية عن إعاقة منظامت املجتمع املدين عن

االضطالع بهذا الدور. ففي واقع أكرث مثالية، وبحكم مركزية مؤسسات التعليم وتشعبها، وبحكم

وقوع الرشيحة األكرب من السكان يف مرص يف سن االلتحاق باملؤسسات التعليمية، وبحكم العدد

الكبري نسبيا من امللتحقي باملدارس يف مراحل التعليم املختلفة يف مرص، كان ميكن ملناهج التعليم

أن تعطي فرصة كبرية لوصول القيم واملعارف واملهارات الخاصة باملشاركة العامة واملواطنة الفعالة

لعموم املواطني، إال أنه يف ذلك الواقع األكرث مثالية ستكون العوائق التي متنع منظامت املجتمع

املدين من الوصول بسهولة إىل فئاتها املستهدفة من أجل نرش الوعي بالحقوق ووسائل املشاركة غري

موجودة، ورمبا ستعمل سائر وسائل التنشئة االجتامعية من الصحافة واإلعالم للمؤسسات الدينية

لساحات الفكر واألدب وحتى مراكز الشباب واألندية الرياضية عىل تربية الشباب والنشء عىل قيم

املشاركة املدنية واملواطنة الفعالة.

ولكن يف ظل الواقع الحايل فال ينبغي علينا أن ننتظر تحقق ذلك الواقع املثايل بل أن نسعى إليه،

ويف هذا اإلطار يكون عىل منظامت املجتمع املدين برغم ما تواجهه من صعوبات مسئولية أكرب، إذ

أنها ستكون الجهة الوحيدة القادرة عىل توصيل تلك األفكار والقيم إىل األجيال الصغرية وإىل عموم

املجتمع ككل. وال يخلو األمر من قصص نجاح لدور منظامت املجتمع املدين من توعية رشائح كبرية

نسبيا - مقارنة بالظروف التي تعمل بها - بحقوقهم املدنية والدميقراطية وهو ما ترتب عليه الحراك

الواسع الذي شهدته مرص منذ بداية األلفية الثالثة. إال أن العمل يف مثل تلك الظروف يتطلب

خفض درجة اإلهدار يف الفرص واملوارد إىل حدها األدىن ومحاولة عالج كافة مواطن الخلل الداخلية

يف عمل املنظامت، وذلك من أجل االكتفاء مبا تهدره التحديات الخارجية من فرص وموارد. ويف إطار

ذلك فيمكن للمنظامت توسيع رقعة التحالف والتشبيك من أجل تعزيز فرصها يف الوصول للفئات

املستهدفة من برامجها، كذلك ميكنها ومن خالل تلك التحالفات والشبكات توحيد أو تقريب

مناهجها الخاصة بالتعليم املدين وتوزيعها بشكل مشرتك، وميكن لها كذلك استغالل املساحات التي

ميكنها فيها التفاعل مع مؤسسات الدولة املختلفة التعليمية وخالف ذلك من أجل محاولة إدخال

بعض املفاهيم املتعلقة باملواطنة الفعالة واملشاركة العامة وغريها من القيم املدنية إىل املقررات

التعليمية.

Page 135: حاله المشاركة العامة في مصر

134

الفصـــل الخامس

مقدمة

كام يتضح من فصول الدراسة فإن املشاركة العامة هي فلسفة متكاملة تهدف إىل إرشاك املواطني

أفرادا ومجموعات يف عمليات صنع القرار فيام يتعلق بحياتهم اليومية سواءا بشكل مبارش عرب

انتخاب ممثليهم املنتخبي من خالل التصويت أو بشكل غري مبارش من خالل استشاراتهم وسامع

أصواتهم يف األمور التي تتعلق بحياتهم اليومية. وكام أوضحنا فإن التقدم عىل صعيد املشاركة

العامة ميكن قياسه من خالل مالحظة التقدم فيام يتعلق مبجموعة من الحقوق التي ترتبط به

ارتباطا وثيقا وميكن من خالل دعم وتعزيز كل منها تعزيز املشاركة العامة ككل كالحق يف املشاركة

يف إدارة الشئون العامة مبارشة أو بواسطة ممثلي منتخبي والحق يف حريات التعبري والتجمع

والتنظيم والوصول للمعلومات، مع التأكيد عىل مبدأ عدم التمييز من أجل ضامن حصول الفئات

األكرث عرضة للتهميش عىل تلك الحقوق بشكل متكافئ، إال أن األمر ال يقترص عىل تعزيز تلك

الحقوق وحسب، ولكن ينبغي أيضا إلقاء الضوء عىل مسألة إعالم وتعليم املواطني بحقوقهم عىل

املستوى الفردي، وتقوية وتعزيز تنظيامتهم الجامعية ممثلة يف شبكات ومنظامت املجتمع املدين

مبعناها الواسع عىل املستوى الجامعي، ودعم الطرق والقنوات املؤسسية التي تضمن مشاركة

األفراد واملجموعات واستشاراتهم واالستامع إليهم ودمجهم يف عمليات صنع القرار عىل املستوى

املؤسيس. لذلك نقول أن املشاركة العامة هي فلسفة متكاملة ال يتحقق التقدم فيها إال من خالل

إحراز تقدما ملموسا يف كل مجال من تلك املجاالت، ففي وضع مثايل يكون عىل الدول واملجتمعات

خامتة وتوصيات

Page 136: حاله المشاركة العامة في مصر

135

أن تسعى إىل تعديل األطر القانونية التي تضمن مامرسة تلك الحقوق املتعلقة باملشاركة العامة

عىل أفضل نحو ممكن، كذلك إتاحة وتعديل ومراقبة املامرسات املؤسسية من أجل ضامن االلتزام

بتلك الضامنات، فضال عن دعم تعليم وإعالم األفراد بحقوقهم يف املشاركة العامة وسبل حصولهم

عليها، وكذلك دعم املجموعات واملنظامت املدنية يف القيام بدورها كوسيط بي األفراد واملجموعات

من جهة وبي الدولة أو السلطات العامة املختلفة من جهة أخرى.

وبرغم أن البيئة السياسية يف مرص ويف مختلف أنحاء العامل العريب قد ال تسمح بإدخال تغيريات

جذرية عىل البنى القانونية القامئة وطريقة أداء السلطات العامة فيام يتعلق مبسائل املشاركة

العامة حتى بعد سنوات من اندالع ثورات الربيع العريب رمبا بسبب تأثري الفلسفات املتوارثة يف

املنطقة العربية لعقود طويلة فيام يخص عالقة املواطن بالدولة والتي قد تكون عىل العكس متاما

من الفلسفة التي تنبني عليها الفكرة الحديثة عن املشاركة العامة، إال أنه من الرضوري أن نؤكد

عىل أن التقدم عىل صعيد املشاركة العامة هي عملية مستمرة حتى يف أكرث الدميقراطيات استقرارا

ومازالت املشاركة العامة مجاال خصبا للبحث والتطوير يف العديد من الدول التي حققت تقدما

ملحوظا يف مجاالت الدميقراطية واحرتام حقوق اإلنسان، عىل ذلك يبقى املجال ممتدا أمام املدافعي

عن املشاركة العامة يف مرص والدول العربية العربية إلضافة املزيد من التقدم يف هذا املضامر رمبا

بشكل شبه يومي. ويستقي هذا الفصل توصياته بشكل أسايس من خالل محاولة مجابهة املشكالت

املتعلقة بحالة املشاركة العامة يف مرص التي تم رصدها من خالل الفصول السابقة عرب تحليل البنية

القانونية والحالة العملية ملامرسة الحقوق املتعلقة باملشاركة العامة من جهة، واملشكالت املتعلقة

بدور األفراد ومنظامت املجتمع املدين يف مجابهة تلك املشكالت من أجل تعزيز املشاركة العامة

من جهة أخرى، وتستند تلك التوصيات بشكل أسايس إىل القواعد التي يفرضها القانون الدوىل عرب

املعاهدات واالتفاقيات ذات الصلة والتي تم تبيانها عىل وجه التفصيل يف هذه الدراسة، كذلك إىل

املامرسات املثىل املستقاة من سلوك بعض الدول التي حققت تقدما ملحوظا يف هذا املجال أو التي

يتم طرحها عرب دراسات وبيانات املؤسسات الدولية الحكومية وغري الحكومية والتي أصبح أغلبها

يشكل عرفا دوليا ومامرسة مثىل تسعى غالبية دول العامل إىل االلتزام بها عىل األقل عىل املستوى

النظري. وقد قمنا بتقسيم تلك التوصيات إىل توصيات عامة مستقاة من تقرير مراقبة املشاركة

العامة الصادر عن املعهد الدمناريك لحقوق اإلنسان ومن تقارير مقرري األمم املتحدة املعنيي

بحريات التعبري والتنظيم والتجمع السلمي وحامية املدافعي عن حقوق اإلنسان، وتوصيات خاصة

مستقاة من التحليل الذي قدمته تلك الدراسة لحالة املشاركة العامة يف مرص.

Page 137: حاله المشاركة العامة في مصر

136

1. توصيات عامة:

ضامن الوصول العادل وفرص املشاركة يف الشئون العامة من خالل النصوص الدستورية . 1

والقانونية من جهة، واإلجراءات والتدابري املؤسسية من جهة أخرى؛

تطوير تدابري إيجابية تضمن الوصول املتكافئ للمشاركة العامة، مبا يف ذلك الحمالت العامة . 2

ووسائل اإلعالم، وبخاصة للمجموعات التي تواجه تحديات خاصة كالنساء واألشخاص ذوي

اإلعاقة والطبقات األكرث عرضة للتهميش؛

إنشاء وتطوير تدابري تضمن استشارة األطراف املعنية يف الشئون العامة املتعلقة بحياتهم . 3

اليومية مبا يف ذلك النساء واألشخاص ذوي اإلعاقة والطبقات األكرث عرضة للتهميش؛

تطوير نظام فعال للشكوى واإلنصاف يف حالة انتهاك الحقوق املتعلقة باملشاركة؛. 4

ضامن الحق يف املشاركة والرتشح والتصويت بشكل متكافئ يف انتخابات دورية حرة نزيهة . 5

لشغل املناصب العامة مع مراعاة مشاركة املجموعات األكرث عرضة للتهميش؛

إنشاء وتطوير كيانات وطنية مستقلة ومحايدة تكون مسئولة عن العملية االنتخابية يف جميع . 6

مراحلها، ودعم حق هيئات املجتمع املدين يف مراقبة جميع مستويات االنتخابات العامة

بكفاءة وحيادية وتوفري سبل لوقف ومواجهة االنتهاكات املتعلقة بالتصويت؛

ضامن أن حريات التعبري والتجمع والتنظيم مكفولة بواسطة القواني وأن القيود عليها ال تتم . 7

إال بنصوص قانونية واضحة وقاطعة وفقط يف حاالت الرضورة املنصوص عليها يف املواثيق

الدولية ويف سياق دميقراطي؛

وضع آليات للرقابة من أجل تعزيز تلك الحقوق وليس من أجل منعها وكذلك آليات للتظلم . 8

واإلنصاف يف حالة انتهاك تلك الحقوق؛

فرض تدابري إيجابية تضمن عدم التمييز يف مامرسة الحق يف التعبري فيام يتعلق بالنساء . 9

واألقليات واألشخاص ذوي اإلعاقة وأن تلك الحقوق ال يتم إعاقتها بواسطة فاعلي حكوميي أو

غري حكوميي كالرشكات ووسائل اإلعالم الغري حكومية؛

فرض تدابري إيجابية تضمن أن لكل فرد الحق يف االنضامم إىل الجمعيات والنقابات، وأن لتلك . 10

الجمعيات والنقابات الحق يف تشكيل االتحادات الوطنية بحرية؛

ضامن أن مـصادر التمويـل املوجهة لدعم عمل املدافعي عن حقوق اإلنسان ال تخضع لقيود . 11

تفرض بشكل متييزي غري تلك املفروضة عىل أي نشاط آخر ال عالقة له بحقوق اإلنسان داخـل

البلـد لكفالـة الشفافية واملساءلة؛

Page 138: حاله المشاركة العامة في مصر

137

ضامن أن يشمل الحق يف التعبري عىل الحق يف التامس وتلقي ونرش املعلومات واألفكار من . 12

مختلف األنواع دومنا اعتبار للحدود وعرب كافة الوسائل؛

تطوير نظام ومعايري وإجراءات وتدابري عىل كل املستويات الحكومية ويف كافة الهيئات من . 13

أجل ضامن الوصول للمعلومات؛

تطوير التدابري واإلجراءات الالزمة لوصول املعلومات لكافة املواطني مبا يف ذلك املوطني ذوي . 14

اإلعاقة؛

ضامن أن الجلسات الربملانية وجلسات املجالس املحلية واملؤسسات األخرى التي يف حكمها . 15

علنية ومتاحة للجمهور؛

ضامن عقد جلسات استامع علنية من قبل الهيئات التنفيذية عىل كافة املستويات قبل اتخاذ . 16

القرارات املتعلقة بالحياة اليومية للمواطني قبل الرشوع يف سن ترشيعات جديدة أو تعديل

الترشيعات القدمية لسامع وجهات نظر املجموعات املعنية.

2. توصيات خاصة:

أ. التوصيات املتعلقة بالحق يف حرية الرأي والتعبري:

التامس ما يسعى اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان إىل تأكيده يف مادته رقم )19( لتحقيق أقىص . 1

درجات الحرية يف اعتناق اآلراء والتامس األنباء واألفكار وتلقيها ونقلها بأية وسيلة ودون

اعتبار للحدود كام تنص املادة، وخاصة يف ظل تاليش الحدود بي الدول وزيادة نفاذية األفكار

كانعكاس للتقدم الهائل يف تكنولوجيا االتصال؛

برغم ما يضعه العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية من قيود عىل تلك الحرية متى . 2

اقتضت الرضورة ذلك من أجل احرتام حقوق اآلخرين وسمعتهم وحامية األمن القومي

والنظام العام والصحة العامة واآلداب العامة إال أن تلك القيود ال ينبغي أن تعمم وتطلق عىل

عواهنها يك تتخذ كذريعة دامئة ومستمرة لتقييد حرية الرأي والتعبري، فالحرية هي األصل

وتقييدها هو االستثناء؛

االلتزام مبا ينص عليه الدستور املرصي الحايل من كفالة حرية الفكر والرأي والتعبري بكافة . 3

الوسائل، وكذلك حرية الصحافة والطباعة والنرش؛

مراجعة النصوص العديدة املقيدة لحرية الرأي والتعبري يف قانون العقوبات مبا يتامىش مع . 4

التزامات مرص الدولية وموقفها املعلن يف دستورها املعمول به حاليا؛

مراجعة قواني تنظيم الصحافة وإنشاء نقابة الصحفيي وقانون املطبوعات وقانون اإلذاعة . 5

Page 139: حاله المشاركة العامة في مصر

138

والتلفزيون وقانون تنظيم الرقابة والقرارات الوزارية الخاصة بالرقابة عىل املصنفات الفنية؛

وقف التعدي عىل حريات الرأي والتعبري والصحافة سواء بواسطة القرارات اإلدارية للسلطات . 6

التنفيذية أو بإحالة الصحفيي واإلعالميي واملدوني والكتاب والفناني إىل الجهات القضائية

عىل خلفية آراء رصحوا بها سواء عىل خلفيات دينية أو سياسية؛

وقف تدخل السلطات الدينية والتنفيذية يف محتوى األعامل الفنية واألدبية وكذلك وقف . 7

املالحقات القضائية والحمالت اإلعالمية املدفوعة من قبل الدولة ضد الكتاب واملثقفي

واألشخاص العاديي عىل خلفية اعتناقهم وتعبريهم عن أفكار وآراء يراها البعض ال تتفق مع

ما يحاولون إلظهاره وكأنه إجامع فكري عىل ما يحاولون أن يطلقوا عليه قيم املجتمع أو غري

ذلك من املسميات، وهو ما يعد انتهاكا لحريات الفكر واالعتقاد والضمري.

ب. التوصيات املتعلقة بالحق يف حرية التنظيم:

االلتزام بنصوص اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان املتعلقة بحرية االشرتاك يف االجتامعات . 1

والجمعيات السلمية وما يؤكده العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية من الحق يف حرية

تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات واالنضامم إليها؛

عدم التذرع باالستثناءات التي يذكرها العهد الدويل للحقوق املدنية والجتامعية كصيانة األمن . 2

القومي والسالمة العامة والنظام العام وحامية الصحة العامة واآلداب العامة وحقوق اآلخرين

من أجل تقويض أساسات الحق يف التنظيم ومراعاة تأكيد العهد عىل كون تلك االستثناءت

هي حاالت استئنائية وليست حاالت عامة ومستمرة، وكذلك تأكيده عىل مدى رضورية

وقانونية تلك االستثناءات يف سياق دميقراطي؛

االلتزام بإعالن الجمعية العامة لألمم املتحدة املتعلق باملدافعي عن حقوق اإلنسان وما مينحه . 3

لهم من حق الدعوة إىل حامية وإعامل حقوق اإلنسان عىل الصعيدين الوطني والدويل مبا

يشمله ذلك من الحق يف االلتقاء والتجمع سلميا، وتشكيل املنظامت والجمعيات والروابط

والجامعات واالنضامم إليها واالشرتاك فيها والتواصل مع املنظامت غري الحكومية والحكومية

الدولية؛

االلتزام بنص الدستور املعمول به حاليا والذي مينح املواطني حق تكوين املؤسسات . 4

والجمعيات مبجرد اإلخطار وعدم تدخل الجهات اإلدارية يف عملها؛

إلغاء القانون 84 لسنة 2002 الخاص بتنظيم عمل املؤسسات والجمعيات األهلية واستبداله . 5

بقانون يدعم حرية التنظيم بالشكل التي تقرتحه منظامت املجتمع املدين صاحبة الشأن بناء

عىل التزامات مرص الدولية واملعايري املستقرة يف مامرسات املجتمعات الدميقراطية، وليس

Page 140: حاله المشاركة العامة في مصر

139

لصالح قانون أكرث تقييدا للعمل املدين ككافة القواني التي تم اقرتاحها يف السنوات األخرية؛

بحث إمكانية العودة للقانون املدين كمنظم إلنشاء وعمل املنظامت املدنية مع االكتفاء . 6

بالعقوبات الواردة يف قانون العقوبات عىل املامرسات الجنائية واملخالفات املالية؛

وقف تجاوزات الجهات اإلدارية لنصوص القانون وفرض قيودا تزيد حتى عىل القيود املنصوص . 7

عليها يف القواني الحالية واملعاملة االنتقائية والتدخالت األمنية يف عمل الجمعيات األهلية

واملنظامت املدنية؛

وقف حمالت املالحقة القضائية والوصم اإلعالمي املدعومة من الدولة ضد منظامت املجتمع . 8

املدين وبخاصة العاملة منها يف مجاالت الدميقراطية وحقوق اإلنسان؛

السامح للمنظامت الدولية بالعمل يف مرص وفق قواني وقواعد ثابتة وشفافة ومعلنة كام هو . 9

العرف الدويل يف التعامل مع تلك املنظامت يف غالبية دول العامل ذات املجتمعات الدميقراطية

يف القرن الحادي والعرشين.

ج. التوصيات املتعلقة بالحق يف حرية التجمع السلمي:

االلتزام مبا نص عليه اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية . 1

من الحق يف حرية التجمع السلمي وعدم التذرع باالستثناءات التي ذكرها العهد لصيانة األمن

القومي والسالمة والنظام العام والصحة العامة واآلداب العامة كذريعة دامئة لتقييد الحق يف

التجمع السلمي بشكل دائم؛

االلتزام بالضامنات الدستورية التي يفرضها الدستور املرصي املعمول به حاليا لضامن حرية . 2

املواطني يف تنظيم االجتامعات العامة والتظاهرات وجميع أشكال االحتجاج السلمي وتعديل

كافة القواني التي يحيل إليها الدستور والتي تقيد تلك الحريات الدستورية؛

وقف العمل بقانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 التي أصدرته مرص يف ظل الحامية الربيطانية . 3

أثناء الحرب العاملية األوىل؛

إلغاء قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013 واإلفراج عن معتقيل الرأي املداني عىل خلفية ذلك . 4

القانون واستبداله بقانون لتنظيم الحق يف التظاهر يدعم الحق وال يلغيه وفقا ملا هو مستقر

يف األعراف الدولية واملامرسات املثىل للمجتمعات الدميقراطية؛

مراجعة قانون هيئة الرشطة رقم 109 لسنة 1971 مبا يضمن عدم استخدام القوة املميتة من . 5

قبل قوات الرشطة إال يف الحاالت التي تتعرض لها تلك القوات لخطر مبارش ال يكون متاحا

للتعامل معه سوى استخدام تلك القوة.

Page 141: حاله المشاركة العامة في مصر

140

د. التوصيات املتعلقة بالحق يف الوصول للمعلومات:

االلتزام مبا نص عليه اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية . 1

من حق التامس مختلف رضوب املعلومات واألفكار وتلقيها بأية وسيلة ودومنا اعتبار للحدود؛

االلتزام مبا ورد يف اتفاقية األمم املتحدة ملكافحة الفساد لدعم تعزيز الشفافية يف عمليات . 2

صنع القرار وضامن تيرس حصول الناس عىل املعلومات، وكذلك ما ورد يف إعالن اليونسكو

الخاص بإسهام وسائل اإلعالن يف دعم السالم والتفاهم الدويل وتعزيز حقوق اإلنسان

ومكافحة العنرصية عرب ضامن حصول الجمهور عىل املعلومات وإتاحة املجال لكل فرد للتأكد

من صحة الوقائع لتكوين رأيه بصورة موضوعية؛

مراجعة مبدأ اإلحالة للقانون فيام يتعلق بحرية الحصول عىل املعلومات يف الدستور املرصي . 3

املعمول به حاليا وإعداد بنية قانونية تساعد عىل تفعيل ذلك الحق املحدد بشدة يف الدستور؛

إصدار قانون موحد للوصول للمعلومات وتداولها يتيح للجمهور سبل التامس املعلومات . 4

املوثوقة ونرشها وإعادة نرشها والتظلم من عدم الحصول عليها؛

مراجعة مواد قانون العقوبات التي تقيد حرية الوصول للمعلومات وتعيق القدرة القانونية . 5

للمواطني عىل كشف وقائع الفساد واستغالل النفوذ وانتهاكات حقوق اإلنسان؛

مراجعة قواني املحافظة عىل الوثائق الرسمية للدولة وقانون دار الوثائق والئحة محفوظات . 6

الحكومة وقانون الجهاز املركزي للتعبئة واإلحصاء وقانون حظر نرش أخبار القوات والسلحة

وقانون املخابرات العامة وقانون املطبوعات وقواني الرقابة عىل املصنفات مبا يتواكب مع

روح العرص ويتيح املواطني القدرة عىل الوصول للمعلومات الصحيحة واملوثوقة.

Page 142: حاله المشاركة العامة في مصر
Page 143: حاله المشاركة العامة في مصر

حالة املشاركة العامة يف مرصاإلطار القانوين، املجتمع املدين، األفراد

�ENPP�All�rights�reserved.�The�contents�of�this�©�publication�may�be�freely�used�and�copied�for

�educational�and�other�non‑commercial�purposes,�provided�that�any�such�reproduction�is�accompanied�by

an�acknowledgement�of�ENPP�as�the�sourc

E N P PE g y p t i a n N e t w o r k For Public Participation

.)ENPP( جميع الحقوق محفوظة للشبكة املرصية للمشاركة العامة ©

القاهرة – 2015

.)ENPP( نرش بواسطة الشبكة املرصية للمشاركة العامة

العنوان: 18 شارع احمد خطاب، فيصل، الجيزة، مرص

تيليفون: 201224001969+ أو 201023610028+