حيى محمد ي مشكلة الحديث

1

يحيى محمد

مشكلة الحديث

حيى محمد ي مشكلة الحديث

2

ابع أص بع إال أر والباطل أما إنه ليس بين الحق )نهج البالغة(

حيى محمد ي مشكلة الحديث

3

المحتويات مقدمة

تمهيد الكتاب االول: مشكلة الحديث السني

القسم االول: مراحل الحديث السني

التحفظالفصل االول: عصر أـ المنشأ

حديث الكذب على النبي

ب ـ التداعيات ـ التحفظ من التدوين1

ـ التحفظ من الرواية2

الفصل الثاني: عصر اإلنشغال ـ طور اإلسناد1

دواعي النشأة

تأريخ النشأة اإلسناد المرسل والصحيح

ـ طور التدوين2

مرحلة البدء مرحلة التبويب

مرحلة المساند

مرحلة الصحاح رنة بين الصحيحينمقا

القسم الثاني: مشاكل الحديث السني الفصل الثالث: مشكلة الكثرة والتوثيق

ـ تنامي الحديث1

ـ تشكيك القدماء2 ـ اإلعتماد على المكثرين3

ـ تسامح العلماء في تعديل الصحابة4

ـ تسامح العلماء في توثيق الرواة5 الفصل الرابع: مشكلة المتون الروائية

بالمعنى وإختالف الداللةالرواية

نقد المتون الروائية اختالل المتون في األحاديث الضعيفة

اختالل المتون في األحاديث الصحيحة

ـ المعارضة مع القرآن1 ـ تضارب المتون2

ـ التعارض مع العلم والواقع3

ـ مشكلة الخرافة4 ـ مشكلة التشبيه5

حيى محمد ي مشكلة الحديث

4

خالصة وتحقيق

شيعيالكتاب الثاني: مشكلة الحديث ال القسم االول: اطوار الحديث الشيعي

الفصل االول: طور التدوين والجمع والتحقيق

ـ طور التدوين1 المرحلة األولى

المرحلة الثانية

ـ طور الجمع2 ـ طور التحقيق3

القسم الثاني: الحديث الشيعي ودليل االنسداد الفصل الثاني: انسداد علم التوثيق

كتب التوثيق واالنسداد

جال الكشيـ ر1 ـ كتاب الضعفاء2

ـ رجال النجاشي3

ـ فهرست الطوسي4 ارتباط المتأخرين بالطوسي واالنسداد

أصحاب األئمة والتوثيق

الفصل الثالث: انسداد علم الرواية توثيق الرواية في الكتب األربعة

المحققون القدماء وتوثيق الرواية

الفصل الرابع: انسداد علم الداللة عارضـ مشكلة الت1

ـ مشكلة العقيدة2

دالالت اإلختالف والحيرة في اإلمامة ـ مشكلة التفسير3

ـ مشكلة التحريف4

ـ مشكلة الخرافة5

خاتمة: نظرية التجاوز المذهبي

ملحق: حوار مشروع التقريب بين المذاهب المصادر

حيى محمد ي مشكلة الحديث

5

حيى محمد ي مشكلة الحديث

6

بسم هللا الرحمن الرحيم

مقدمة

رآن من الق مكونة عدا القليل منهم، بأن الحقيقة الدينيةسلم علماء اإلسالم منذ زمن بعيد،

ن أهلوالحديث، أو ما يعرف بالسنة النبوية، ويضيف البعض إلى ذلك الحديث الصادر عديث ال ن الحالبيت كما لدى اإلمامية. كما سلموا بأن أغلب مكونات هذه الحقيقة مأخوذة م

ئق ة الحقابمنزل ال قطعية، لكنهم تعاملوا معهاالقرآن، وان أكثرهم اعتبر قضايا الحديث ظنية

ة ب خمسالمقطوع بها، وعلى هذا تأسست قضاياهم الفقهية. فقد اعتبر بعضهم ان ما يقاراوز تتجالوتسعين في المائة من األحكام الفقهية هي أحكام ظنية، وان القطعية منها قد

زءا جألخرى غيرها من القضايا االخمسة في المائة. مع ذلك تعد هذه األحكام بمجموعها مع

من الحقيقة الدينية. هذا ما سلم به علماء اإلسالم إعتمادا على حجية الحديث..

لدينية اقيقة لكن نتساءل: ماذا لو ثبت ان الحديث ليس بحجة، وانه ال يشكل جزءا من الح

، وان ولىته األالتي يراد مراعاتها، وان الذي وصلنا منه ال يعبر عما كان عليه في نشأ العلماء قد تعاملوا معه على الضد من معاملة األوائل من كبار الصحابة؟

لهذه االفتراضات هل يصح اعتبار أكثر القضايا التي حسبناها دينا اننا ي وجدففطبقا

بشيء؟.. هي ليست من الدين -%( أو أكثر أو أقل من ذلك 95كإن تكون ) -كعقيدة وشريعة الدينية ضاعت برمتها؟ أم أن الحقيقة

ول ى األهذا ما سنعمل على تجليته خالل بحوث الكتاب، وقد جزأناه إلى كتابين، يعن

لى هما عمنهما بالحديث السني، واآلخر بالحديث الشيعي، وعملنا على نقد اطروحة كل من للسند والرواية والداللة. لى ع لكتابكما احتوى ا حدة؛ ضمن اعتباراتهما الخاصة ووفقا

هو هب، وخاتمة بعنوان )نظرية التجاوز المذهبي(، وملحق لحوار حول التقريب بين المذا

ذو عالقة وثيقة بمضامين بحثنا هذا.عن لقارئلونأمل ان يكون البحث متصفا بالدقة والموضوعية والحياد والشمول. ونعتذر

ذه ثل هضوع يقتضي مكثرة ما أجرينا من نقول تخص الرواية وأقوال علماء الحديث، فالمو

النقول، وبدونها يصبح الحديث عن الحديث مشكال.ن نرى موونشير إلى أننا إعتمدنا في أكثر مصادر البحث على المكتبات االلكترونية،

السنة ريقينالواجب تقديم الشكر للعاملين عليها، ال سيما تلك التي تقوم بعرض مصادر الف

والشيعة دون تمايز. للصواب..وهللا الموفق

يحيى محمد21\11\2012

www.fahmaldin.net

info@fahmaldin.com

حيى محمد ي مشكلة الحديث

7

تمهيد

يعد الحديث النبوي المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، يليه اإلجماع ثم سائر المصادر األخرى المتعلقة باالجتهاد فيما ال نص فيه، كالقياس وما اليه. ومن حيث

تبر الحديث عند العلماء أهم هذه المصادر قاطبة، باعتباره يتميز بخاصتين ال التشريع يع

ينافسه في جمعهما مصدر آخر، فله مرجعية الهية مثلما للقرآن الكريم، كما أنه من المصادر المفصلة شبيه بالقياس وما اليه من مصادر االجتهاد فيما ال نص فيه. وبذلك أنه يختلف عن

تبار ان هذا األخير من المصادر المجملة ال المفصلة، وعليه يستعان به في القرآن الكريم باع

تبيان ما هو مجمل من القرآن، حتى جاء عن مكحول أنه قال: القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن، كما قال يحيى بن أبي كثير: السنة قاضية على الكتاب، ليس الكتاب قاضيا

. وكان احمد بن حنبل ال يجسر 2أيضا عن ابن شهاب الزهري ، وهو المروي1على السنة

على القول بأن السنة قاضية على الكتاب عندما سئل عن ذلك، لكن النتيجة واحدة اذ قال بأن . كما يختلف الحديث عن اإلجماع لقلة مصاديق 3السنة تفسر الكتاب وتعرف الكتاب وتبينه

المعد أحد مصادر االجتهاد والتشريع لدى هذا األخير، ولنفس السبب يختلف عن العقل

اإلمامية االثنى عشرية. كما أنه يختلف عن القياس وغيره من أدوات االجتهاد فيما ال نص فيه، باعتبارها غير معصومة وال تمت إلى المرجعية االلهية بصلة، لذلك عدت من مصادر

و المصدر الوحيد الذي المعرفة الموضوعة لالضطرار. وليس الحال كذلك مع الحديث، فه

يحظى بجمع الخاصتين المشار اليهما، مما يعزز اإلعتماد عليه مقارنة بغيره من المصادر المذكورة.

لتلك األهمي ن هناك ة، لكوفعال ان العلماء يعولون على الحديث أكثر من غيره، ادراكا

اسئلة عديدة ترد بهذا الصدد، منها ما يلي: بحجية الحجية كما يصورها لنا العلماء والحفاظ؟ فهل يحظىهل للحديث مصداقية من

لينا اوصل كحجية القرآن؟ وهل طلب من المسلمين األخذ به واتباعه كما يزعم هؤالء؟ وهل

ي فألول اكامال من غير تبديل وتغيير وزيادة ونقصان؟ وهل سلك المتأخرون مسلك السلف نا خالللتبين ي تحتاج إلى إجابات شافية، كما سيالتعامل معه؟ إلى غير ذلك من االسئلة الت

.نهما.مالبحوث االتية، ضمن الحقلين المعرفيين السني والشيعي، تبعا العتبارات كل

تبة الخطيب أبو بكر البغدادي: الكفاية في علم الرواية، مراجعة: أبو عبدهللا السورقي وإبراهيم حمدي المدني، المك 1

فحاته(: رقام صاالعلمية، المدينة المنورة، باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن، عن مكتبة سحاب السلفية )لم تذكر

.www.sahab.org ، عن شبكة المشكاة االلكترونية:172الخطيب البغدادي: الجامع ألخالق الراوي وآداب السامع، فقرة 2

www.almeshkat.net. م الرواية، الباب السابق. وابو يعلى الحنبلي: طبقات الحنابلة، عن شبكة المشكاة اإلسالمية الكفاية في عل 3

، مادة: الفضل بن زياد القطان البغدادي )لم تذكر ارقام صفحاته(.1االلكترونية، ج

حيى محمد ي مشكلة الحديث

8

الكتاب األول

مشكلة الحديث السني

القسم األول: مراحل الحديث السني

حيى محمد ي مشكلة الحديث

9

الفصل األول: عصر التحفظ

الحديث عند أهل السنة هناك عصران مختلفان ومتضادان، في البحث عن تطوراتعون، نطلق على األول منهما )عصر التحفظ( ويشمل ما كان عليه كبار الصحابة والتاب

ن تأخريوعلى الثاني )عصر اإلنشغال واإلشتغال( ويتجلى في اعمق صور تطوراته لدى الم

ن عن العصر األول سيكو من علماء القرن الثالث الهجري وما بعده. وتفصيل البحث كاآلتي:

أـ المنشأ لقرآنمرت على الحديث النبوي مراحل وأطوار تختلف كثيرا عن تلك التي جرت على ا

ر بنسخةإلقراالكريم. فقد بدأ القرآن بالتدوين كال أو جزءا، ومن ثم الجمع، ومن بعده ا

عروفة ي المى يومنا هذا، وهمصححة تناقلتها األجيال منذ زمن ثالث الخلفاء الراشدين وحت على تدوينه بالش ذي كل البمصحف عثمان. أما الحديث فامره مختلف، فهو لم يجد تشجيعا

صحابةحصل مع القرآن، بل على العكس إن األخبار الكثيرة الواردة عن النبي )ص( وال

قض.تناالووالتابعين تفيد كراهة كتابته وتدوينه، رغم ان العديد منها ينتابه التعارض فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن النبي )ص( قال: ال تكتبوا

غير القرآن فليمحه، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده عني شيئا؛ فمن كتب عني شيئا

. وكذا روي عن 5. وعن الخدري قوله أيضا: ما كنا نكتب شيئا غير القرآن والتشهد4من النار. وروي عن أبي هريرة أنه قال: خرج 6بن ثابت أن النبي )ص( نهى أن يكتب حديثه زيد

علينا رسول هللا )ص( ونحن نكتب األحاديث، فقال ما هذا الذي تكتبون؟ قلنا أحاديث نسمعها

منك، قال أكتاب مع كتاب هللا? أمحضوا كتاب هللا وأخلصوه، أتدرون ما ضل األمم قبلكم إال الكتب مع كتاب هللا تعالى، قلنا أنحدث عنك يا رسول هللا? قال حدثوا عني وال بما اكتتبوا من

حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، قلنا فنتحدث عن بني اسرائيل؟ قال:

حدثوا وال حرج، فأنكم لن تحدثوا عنهم بشيء إال وقد كان فيهم أعجب منه، قال أبو هريرة .7احد فألقيناها في النارفجمعناها في صعيد و

ومع ان نصوصا أخرى نقلت عن النبي تجيز كتابة حديثه، كالتي ينقلها الحافظ البغدادي

وابن عبد البر والرامهرمزي وغيرهم من الحفاظ، لكن يبدو من الكثير منها انها تفيد الكتابة ، وقد عدها الحفاظ الشخصية، وهي من هذه الناحية ال تدل على عزم النبي على كتابة حديثه

ليست باقوى من تلك التي ابدت الكراهة في الكتابة، وبعضها ال يتنافى مع مضامين األولى؛

العلم، شبكة . كذلك: الخطيب أبو بكر البغدادي: تقييد 3004، حديث 4صحيح مسلم، شبكة المشكاة االلكترونية، ج 4

ين اجعة نور الد. ومقدمة ابن الصالح في مصطلح الحديث، دار الفكر المعاصرـ دار الفكر، مر1المشكاة االلكترونية، ص

اب فية ضبط الكتهـ، عن مكتبة سحاب السلفية االلكترونية، باب في كتابة الحديث وكي1406م ـ1986عتر، بيروت ـ دمشق،

. ويوسف 2ص العلم، قوله: استأذنت النبي )ص( أن اكتب الحديث، فأبى أن يأذن لي )تقييدوتقييده. كذلك جاء عن أبي سعيد

مشكاة بكة الشبن عبد البر النمري: جامع بيان العلم وفضله، موقع أم الكتاب لألبحاث والدراسات اإللكترونية، عن

صفحاته(. االلكترونية، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف، لم تذكر ارقام .25تقييد العلم، ص 5. وفي رواية أخرى عن زيد بن ثابت أنه دخل على معاوية، فسأله عن حديث، فأمر إنسانا يكتبه، 3تقييد العلم، ص 6

من حديثه، فمحاه )تقييد العلم، ص يان العلم وفضله، ب، وجامع 3فقال له زيد: إن رسول هللا )ص( أمرنا أن ال نكتب شيئا

راهية كتابة العلم وتخليده في الصحف(.باب ذكر ك قد كتبوا حديثه، فصعد 3تقييد العلم، ص 7 ، وفي رواية أخرى عن أبي هريرة أنه قال: بلغ رسول هللا أن ناسا

ه؛ يء فليأت بشنده منها كان ع المنبر، فحمد هللا وأثنى عليه ثم قال: ما هذه الكتب التي بلغني أنكم قد كتبتم، إنما أنا بشر، من

ن مه دفليتبوأ مقع فجمعناها فأحرقت، فقلنا يا رسول هللا نتحدث عنك? قال تحدثوا عني وال حرج، ومن كذب علي متعمدا،

(.3النار )تقييد العلم، ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

10

ككتابة السنن ومقادير الفرائض المعلومة، أو الكتابة المعللة الجل الحفظ، أو لطلب ما فات

من خطبة النبي )ص(، وإن كان بعضها اآلخر يتناقض فعال مع األولى.

برز ما جاء في هذا الصدد حديث أبي شاه اليمني في التماسه من رسول هللا )ص( ومن أ. وجاء 8أن يكتب له شيئا سمعه من خطبته عام فتح مكة، حيث قال )ص(: اكتبوا ألبي شاه

أنه كتب كتاب الصدقات والديات والفرائض والسنن لعمرو بن حزم عن النبي )ص( أيضا

.9وغيرهال قال: يا رسول هللا إني ال أحفظ شيئا، قال: استعن بيمينك على وعن أبي هريرة أن رج

. وعن رافع بن خديج: قلنا يا رسول هللا إنا نسمع 10حفظك. ومثله ما روي عن انس بن مالك

. وقد نقلت روايات عديدة عما كان يكتبه عبد هللا 11منك أشياء أفنكتبها? قال: أكتبوا وال حرجي قد اجاز له ذلك، كالذي رواه البغدادي في )تقييد العلم(. بن عمرو بن العاص وان النب

وروي عن أبي هريرة أنه قال: ما كان أحد أعلم بحديث رسول هللا )ص( مني، إال عبد هللا

بن عمرو؛ فإنه كان يكتب بيده، فاستأذن رسول هللا )ص( في أن يكتب ما سمع منه، فأذن له، أعي بقلبي. وجاء عن عبد هللا بن عمرو أنه ذكر عن فكان يكتب بيده ويعي بقلبه، وإنما كنت

نفسه بأنه كان يكتب كل شيء يسمعه من رسول هللا )ص( الجل حفظه، فنهته قريش عن

ذلك بحجة أنه يكتب كل شيء يسمعه من النبي والنبي بشر يتكلم في الغضب والرضا، ب فوالذي نفسي بيده ما فامسك ابن عمرو عن الكتابة وذكر ذلك للنبي، فقال له النبي: أكت

أنه قال لرسول هللا )ص(: ءأكتب ما خرج مني إال حق. وعن عبد هللا بن عمرو أيضا

سمعت منك؟ قال: نعم، قال عند الغضب وعند الرضا؟ قال: نعم، أنه ال ينبغي لي أن أقول أنه قال: قلت يا رسول هللا أقيد العلم? قال: نعم، قلت وما ت قييده؟ قال: إال حقا. وعنه أيضا

. كذلك روي عن عبد هللا بن عمرو أنه قال: ما آسى على شيء إال على الصادقة 12الكتاب

كتبه فيها، والوهط أرض والوهط. وكانت الصادقة صحيفة إذا سمع من النبي )ص( شيئا . 13كان جعلها صدقة

ي عنورلكن هذا المنقول عن أبي هريرة وابن عمرو وابن خديج يتنافى مع ما سبق ان

حرق.أبي هريرة من ان النبي اعترض على من كتب عنه وطلب اتيان ما كتب حتى جمع وأ***

حيث بعضها -ال شك ان التعارض في النصوص عن النبي )ص( حول كتابة حديثه

حديثه لم يرد لال يلغي حقيقة كون النبي -يدعو إلى الكتابة في حين يمنع البعض اآلخر ذلك عا نع قام بم ا أنهما، إذ من الجائز أنه كان يتقبل الكتابة الشخصية، وربمان يدون تدوينا

ر.ألخبااالكتابة أحيانا عندما خشي ان تتحول إلى التداول العام، كما تدل عليه بعض

وقد استمر حال التحفظ من التدويل العام للكتابة طيلة قرن من الزمان أو أكثر قليال، التابعين. وذكر الحفاظ أكثر من تفسير لما حدث من منع وذلك في عهد كل من الصحابة و

كتابة الحديث أو األمر بمحوها وازالتها. ومن ذلك احتمل ابن الصالح أمرين، أحدهما هو

ان النبي )ص( أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه النسيان، ونهى عنها لمن وثق بحفظه من ان يختلط الحديث مخافة االتكال على الكتاب. واآلخر هو أنه نهى ع ن الكتابة خوفا

مقدمة ابن الصالح في مصطلح الحديث، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. 8 الرخصة في كتاب العلم.جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر 9

.14تقييد العلم، ص 10 .17تقييد العلم، 11 .15تقييد العلم، ص 12 .22تقييد العلم، ص 13

حيى محمد ي مشكلة الحديث

11

. وعلى هذه الشاكلة علل ابن 14بصحف القرآن، ومن ثم أذن في كتابته حين أمن من ذلك

حجر في )مقدمة فتح الباري( نهي النبي عن تدوين آثاره، وكذا استمرار ذلك في عصر

يهما لسعة حفظ الصحابة والتابعين، بأمرين: أحدهما خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن، وثان. وذكر الرامهرمزي بأن علة 15هؤالء وسيالن أذهانهم وألن أكثرهم كانوا ال يعرفون الكتابة

كراهة الكتابة من قبل الصدر األول للصحابة هو لقرب العهد وتقارب اإلسناد ولئال يعتمد

القرآن . كما قدر بعض المعاصرين بأنه لما عم 16على ذلك الكاتب فيهمل الحفظ وال يعمل بهوشاع حفظا وكتابة لم يبق لهذا الخوف من معنى، بل أصبحت كتابة السنة واجبة لصيانتها

. 17من الضياع

لحديثالكن هذا التقدير وكذا القول بأن سبب النهي يعود إلى الخوف من ان يختلط سيرة بالقرآن، كما ردده المتأخرون إلى يومنا هذا، ليس عليه دليل بحسب ما روي عن

صحابة وأقوالهم. ال

ويبدو ان العلة في الكراهة والنهي تكمن في منع اإلنشغال بالحديث واإلشتغال فيه، لعدد من األسباب، أبرزها ان ال يتخذ الحديث كتابا يضاهي ما عليه القرآن، كما هو عادة الناس،

أشار اليه وسنرى ان السيرة الفعلية للصحابة والتابعين تؤيد هذا المعنى. وقريب منه ما

الحافظ أبو عمر بن عبد البر في ذكره للوجه األول من علة كراهة الكتابة، حيث ذكر وجهين بهذا الخصوص: هما أال يتخذ مع القرآن كتاب يضاهى به، ولئال يتكل الكاتب على

. ويؤيد هذا المعنى ان الكراهة لم تقتصر على كتابة الحديث، 18ما كتب فال يحفظ فيقل الحفظ

تدت إلى كراهة اإلكثار منه، فاإلكثار يفضي إلى اإلنشغال به واإلشتغال فيه، كما بل اميفضي إلى الكذب على النبي، حيث تكثر إحتماالت تحوير كالمه أو التقول عليه بشكل أو

بآخر، ومن ثم يؤدي األمر إلى احالل دين بدين، كالذي حل في األديان السماوية السابقة

التحفظ في كل من كتابة الحديث واإلكثار من روايته، بل وظهر لإلسالم. ومن هنا ظهرالتثبت في سماعه والرغبة في احالته أحيانا إلى من هو دون النبي )ص( خشية الكذب عليه،

وذلك لما ورد عنه أنه توعد بالنار لكل من كذب عليه. ومن الحفاظ من احتاط أكثر، فأخذ

يث حتى إلى من هو دون النبي، كالذي ينقل عن احمد بن يعتمد على العنعنة دون احالة الحدحنبل. ومن ذلك ما ذكره ابو زرعة الرازي قائال: سألت أحمد بن حنبل عن حديث أسباط

الشيباني عن إبراهيم قال : سمعت ابن عباس. قال أحمد : عن ابن عباس. فقلت: إن أسباطا

ا قلت : )عن( فقد خلصته وخلصت نفسي أو هكذا يقول: )سمعت(. فقال: قد علمت، لكن إذ . 19نحو هذا المعنى

حديث الكذب على النبيمن المهم بمكان ان نعرف أنه ليس في الروايات التي رويت عن النبي ما يفوق حديث

)الكذب على النبي( أهمية وصحة، لعدد من األسباب. فمن جهة ان هذا الحديث أثر تأثيرا

ا روي من األحاديث، إذ كان له تأثيره على عدم كتابة الحديث واالقالل من بالغا على سائر م

مقدمة ابن الصالح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. 14ونية )لم تذكر ارقام ابن حجر العسقالني: مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل االول، مكتبة سحاب السلفية االلكتر 15

.69، صصفحاته وال فقراته(. وانظر أيضا: جمال الدين القاسمي: قواعد التحديث، شبكة المشكاة االلكترونية .386الرامهرمزي: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، شبكة المشكاة االلكترونية، ص 16وما 279، ص2ديد، دار الفكر، الطبعة السابعة، جالحظ مثال: مصطفى الزرقاء: الفقه اإلسالمي في ثوبه الج 17

.89م، ص1977هـ ـ1397بعدها. كذلك: عبد العزيز الخياط: نظرية العرف، مكتبة االقصى، عمان، جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف. 18 ، مادة: ابو زرعة الرازي.1طبقات الحنابلة، ج 19

حيى محمد ي مشكلة الحديث

12

الرواية، والتثبت والتدقيق في ما ينسب إلى النبي، وحتى االقالع عن الرواية كليا. يضاف

إلى أهميته الخاصة في المنع من اإلنشغال بالحديث واإلشتغال فيه، كالذي تدل عليه السيرة

بة والتابعين، إذ فيه ما يقتضي التحذير الولئك الذين يكثرون من الرواية. الفعلية لكبار الصحاهذا من جهة، أما من جهة ثانية فهي ان لهذا الحديث خصوصية ال يدانيه فيها حديث آخر

قط من حيث الصحة والتواتر، إذ ليس هناك خبر كثرت طرق روايته وتخريجه كهذا

نه فاق حد التواتر، ولم يكن هناك حديث قط بلغ الحديث، حتى صوره العلماء والحفاظ بأالمدى الذي بلغه، حتى قال ابن الصالح أنه من سئل عن ابراز مثال للحديث المتواتر سوى

. 20هذا الحديث أعياه طلبه

وقد ورد الحديث في الصحيحين وغيرهما، وذكر ابن حجر أنه اعتنى جماعة من الحفاظ مه في ذلك هو علي بن المديني وتبعه يعقوب بن شيبة، بجمع طرقه، فأول من وقف على كال

فذكر أنه روى هذا الحديث من عشرين وجها عن الصحابة من الحجازيين وغيرهم. كما

ذكر كل من إبراهيم الحربي وأبي بكر البزار أن الحديث رواه أربعون من الصحابة. وقال طرقه الطبراني فزاد قليال. وقال أبو بكر الصيرفي أنه رواه ستون نفسا من الصحابة، وجمع

أبو القاسم بن منده رواه أكثر من ثمانين نفسا، وخرج الطرق بعض النيسابوريين فزادت

قليال. وجمع طرقه ابن الجوزي في مقدمة كتاب )الموضوعات( فجاوز التسعين، وبذلك ق. وقال أبو جزم ابن دحية. بل نقل عن ابن دحية ان الحديث أخرج من نحو أربعمائة طري

موسى المديني رواه نحو مائة من الصحابة، وجمعها بعده الحافظان يوسف بن خليل وأبو

علي البكري وهما متعاصران فوقع لكل منهما ما ليس عند اآلخر، وكان المجموع عنهما هو رواية مائة من الصحابة. ونقل النووي أن الحديث جاء عن مائتين من الصحابة، ولكثرة

. 21بره جماعة من الحفاظ متواترا طرقه اعت

ومما ذكر بهذا الصدد أنه روى الحديث الكثير من التابعين عن طريق أنس بن مالك، ورواه ستة من مشاهير التابعين عن اإلمام علي، كما روي عن ابن مسعود وأبي هريرة

العشرة . وذكر بعض الحفاظ ان من بين من روى هذا الحديث22وعبد هللا بن عمرو وغيرهم

المشهود لهم بالجنة، وقال: ليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة غيره وال يعرف . 23حديث يروى عن أكثر من ستين نفسا من الصحابة عن رسول هللا )ص( إال هذا الحديث

وقيل ان الحديث متواتر لفظا ومعنى، فمن حيث التواتر اللفظي جاء بصيغة: )من كذب علي

فليتبوأ مقعده من النار( حيث رواه بضعة وسبعون صحابيا منهم العشرة المشهود لهم متعمدا . أما من حيث التواتر المعنوي فكما جاء عن النووي ان الحديث روي عن مائتين 24بالجنة

. ويبدو ان طرق الحديث أخذ تخريجها باالزدياد مع تقادم الزمن، حتى قال 25من الصحابة

ابن الصالح، باب معرفة المشهور من الحديث. مقدمة 20ذكر ابن حجر ان بعض مشايخه نازع في تواتر هذا الحديث، وقال ألن شرط التواتر استواء طرفيه وما بينهما في 21

موع من ن المجعالكثرة، وليست موجودة في كل طريق منها بمفردها. لكن أجيب بأن المراد بالتواتر هو رواية المجموع

ن ادعى محجر على د ابنئه إلى انتهائه في كل عصر، وهذا كاف في إفادة العلم، ألن العدد ال يشترط في التواتر. كما رابتدا

هلل يث من بنىنها حدأن مثال التواتر ال يوجد إال في هذا الحديث، فذكر جملة من األحاديث التي ينطبق عليها التواتر، م

ن قريش، مألئمة يدين في الصالة، والشفاعة، والحوض، ورؤية هللا في االخرة، وامسجدا، والمسح على الخفين، ورفع ال

ة : ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكتروني181، ص1وغير ذلك )ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة، بيروت، ج

www.yasoob.com.) .171. وقواعد التحديث، ص181، ص1فتح الباري، ج 22 ب معرفة المشهور من الحديث.مقدمة ابن الصالح، با 23 لكن روي عن الزبير بن العوام، وهو أحد هؤالء العشرة، أنه كذب ذكر لفظة )متعمدا( في الحديث كما سنرى. 24حافظ احمد الحكمي: دليل ارباب الفالح لتحقيق فن االصطالح، نقل الكتاب أبو عبد هللا عمر العاتي، دون ذكر 25

، مكتبة سحاب السلفية االلكترونية.ارقام الصفحات أو الفقرات

حيى محمد ي مشكلة الحديث

13

الحديث لم يزل عدد رواته في ازدياد، وهلم جرا على التوالي ابن الصالح: ان هذا

. األمر الذي يجعل المصداقية الفعلية لهذه الطرق تنحصر بتلك التي رواها 26واالستمرار

المتقدمون ال المتأخرون. كما ان القول بتواتر هذا الحديث يواجه بعض االشكاالت كما سيمر علينا فيما بعد.

الحديث الذي يمكن به فهم الكثير مما جرى لكبار الصحابة هكذا تتبين أهمية هذا

والتابعين، حيث أقلوا من الرواية وتحفظوا فيها. وال ينكر ان هناك عددا من الصيغ التي روي فيها الحديث، ومن ذلك صيغتان لهما داللتان متضادتان، إحداهما ذكر فيها الكذب

الروايات ان عبد هللا بن الزبير سأل أباه: إني )المتعمد( واألخرى دون هذا القيد، وفي بعض

ال أسمعك تحدث عن رسول هللا )ص( كما يحدث فالن وفالن؟ فأجابه الزبير: وهللا يا بني ما فارقته منذ أسلمت ولكني سمعته يقول من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار، وهللا ما قال

. 27متعمدا وأنتم تقولون متعمدا

ظ هو ان سلوك الصحابة والتابعين يتسق مع داللة الصيغة األخيرة التي تخلو والذي يالح. وفي هذا تحذير قوي لالحتراز من ان يكون هناك تحوير 28من لفظة )متعمدا( وما شاكلها

لكالم النبي، وبالتالي المنع من احالل دين آخر غير الدين القائم على القرآن. ويساند ذلك ما

دالة على المنع من اإلنشغال بالحديث واإلشتغال فيه، فاإلنشغال ورد من قرائن كثيرةواإلشتغال فيه يفضيان في الغالب إلى تحوير كالم النبي والكذب عليه، كما يفضيان إلى

تحويل المسائل الشخصية واالدارية إلى أمور دينية ما انزل هللا بها من سلطان، وهو ما

ه دين النبي والقرآن.يؤول إلى احالل دين آخر خالف ما علي إال ق تي تتعللك التويستنتج من ذلك ان النبي لم يرد من أقواله وأحاديثه ان ترتسم دينا

اطاها قد تعبالسنة العملية العامة وتدل عليها قرائن انها من الدين، وميزتها التكرر، و

الصحابة بالحفظ والعمل، كالصالة والزكاة والصوم والحج وما اليها.

التداعياتب ـ سلك الصحابة والتابعون مسالك متعددة ال يمكن فهمها إال بعنوان كراهتهم اإلنشغال بالحديث واإلشتغال فيه، وذلك لسببين، أحدهما الخوف من الكذب على النبي كما قدمنا،

واآلخر المنع من ان يكون هناك شاغل آخر غير القرآن. وتدور هذه المسالك حول محورين

ا االمتناع عن تدوين الحديث أو محوه، وكذا االقالل من الرواية والتحفظ في اساسيين، هم

مقدمة ابن الصالح، باب معرفة المشهور من الحديث. 26مصدر . والكفاية في علم الرواية،65، ص1أبو جعفر الطحاوي: مشكل االثار، شبكة المشكاة االلكترونية، ج 27

سابق، باب الكالم في الجرح وأحكامه.شيء في غير موضعه )بدر الدين الزركشي: البحر المحيط، شبكة الكذب في اللغة يحتمل الغلط، ووضع ال 28

لنبوي حسب الصيغة (. وقد يكون المقصود من الكذب في الحديث ا1068المشكاة االلكترونية، لم تذكر ارقام صفحاته، فقرة

ن ما يبدو ابآلخر اض األخيرة هو النقل الخاطئ، ويؤيده ان هذه اللفظة كثيرا ما وردت عن الصحابة في اتهام بعضهم البع

بي سكتتانان للنمعناه الخطأ دون التعمد. ومن ذلك ما رواه ابن عبد البر من أنه جاء في حديث مشهور ان سمرة قال: ك

صدق كتب قديعين في الصالة عند قرائته، فبلغ ذلك عمران بن الحصين فقال: كذب سمرة، فكتبوا إلى أبي بن كعب، ف

عند ابن عمر فأتاه رجل فقال أن أبا هريرة يقول أن الوتر ليسسمرة. وعن طاوس أنه قال: ك خذوا منه فبحتم نت جالسا

يت الصبح إذا خشفودعوا، فقال ابن عمر كذب أبو هريرة؛ جاء رجل إلى رسول هللا فسأله عن صالة الليل فقال مثنى مثنى

روة بن قيل لعولميت يعذب ببكاء أهله عليه. فواحدة. كما كذبت عائشة ابن عمر في عدد عمر رسول هللا )ص( وفي أن ا

ن لشاعر. وعان قول الزبير ان ابن عباس يقول أن رسول هللا لبث بمكة بعد أن بعث ثالث عشرة سنة، فقال كذب إنما أخذه م

ا كذر قاال الزبي الحسن بن علي أنه سئل عن قول هللا عز وجل ))وشاهد ومشهود(( فأجاب فيها، فقيل له أن ابن عمر وابن

وجوب في -وس وهو الصحابي مسعود بن أ -وكذا خالف قوله، فقال كذبا. وعن عبادة بن الصامت أنه قال كذب أبو محمد

قول ، باب حكمالعلم الوتر، حيث استشهد عبادة بقول رسول هللا خمس صلوات كتبهن هللا على العباد ... الحديث )جامع بيان

العلماء بعضهم في بعض(.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

14

سماعها ونقلها. وسنحاول فيما يلي تسليط الضوء على هذين المحورين خالل الفقرتين

التاليتين:

ـ التحفظ من التدوين1علم لقد اعتاد العلماء تصنيف الصحابة والتابعين إلى جماعتين: إحداهما تبيح كتابة ال

والحديث، واألخرى تكره ذلك أو ال تجيزه، وهي السمة الغالبة، وكثيرا ما يكون النقل متعارضا حول الشخصية الواحدة. وقيل إن من أبرز الصحابة الذين أباحوا الكتابة هم كل

. وورد نص )قيدوا 29من علي بن أبي طالب وابنه الحسن وأنس بن مالك وعبد هللا بن عمرو

ب( عن كل من النبي وعدد من الصحابة، منهم اإلمام علي وعمر بن الخطاب العلم بالكتا. فقد روي عن اإلمام علي أنه خطب وقال: من زعم أن عندنا 30وعبد هللا بن عباس وغيرهم

نقرأه، ليس في كتاب هللا تعالى وهذه الصحيفة وهي صحيفة معلقة في سيفه، فيها -شيئا

. وجاء في صحيح البخاري ان عليا خطب 31فقد كذب -أسنان اإلبل وشيء من الجراحاتعلى منبر من آجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال: وهللا ما عندنا من كتاب يقرأ إال

كتاب هللا وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان اإلبل وإذا فيها المدينة حرم من عير

والمالئكة والناس أجمعين ال يقبل هللا منه صرفا إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة هللا فعليه لعنة هللا وال عدال، وإذا فيها ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما

والمالئكة والناس أجمعين ال يقبل هللا منه صرفا وال عدال، وإذا فيها من والى قوما بغير إذن

. 32ئكة والناس أجمعين ال يقبل هللا منه صرفا وال عدال مواليه فعليه لعنة هللا والمالوروي عنه أيضا أنه قال: من يشتري مني علما بدرهم، اي يشتري صحيفة بدرهم يكتب

. كما روي عن الحسن بن علي أنه دعا بنيه 33فيها العلم، ومثل ذلك روي عن ابن عباس

ك أن تكونوا كبار آخرين، فتعلموا وبني أخيه فقال: يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوش. وعن أنس بن مالك أنه 34العلم؛ فمن لم يستطع منكم أن يرويه، فليكتبه، وليضعه في بيته

كان إذا حدث فكثر عليه الناس جاء بمجال فألقاها، ثم قال: هذه أحاديث سمعتها وكتبتها عن

. 35رسول هللا )ص( وعرضتها عليهعن تفسير القرآن ومعه ألواحه، فأمره ابن عباس وروي ان مجاهدا سأل ابن عباس

بالكتابة، حتى سأله عن التفسير كله، ولهذا كان سفيان الثوري يقول: اذا جاءك التفسير عن

. كما روي عن التابعي سعيد بن جبير بأن عبد هللا بن عباس كان يملي 36مجاهد فحسبك به. مع ان 37ب في نعله حتى يمألهافي الصحيفة حتى يمألها، وذكر أنه كان هو اآلخر يكت

هناك روايات أخرى منافية عن ابن عباس تشير إلى كراهته كتابة العلم والحديث، ومنها ما

الصالح في مصطلح الحديث، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. وإن كنا سنجد بعض مقدمة ابن 29

المنقوالت عن اإلمام علي أنه كان يطالب بمحو ما كتب من الحديث. تقييد العلم. 30 .23تقييد العلم، ص 31

، 8706ة االلكترونية، حديث صحيح البخاري، ضبطه ورقمه ووضع فهارسه مصطفى ديب البغا، شبكة المشكا 32

.130كذلك: الخطيب البغدادي: الرحلة في طلب الحديث، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص .34أبو خيثمة النسائي: كتاب العلم، مكتبة يعسوب الدين اإللكترونية، ص 33 .24تقييد العلم، ص 34 .26تقييد العلم، ص 35، وابن تيمية: مقدمة في أصول التفسير، 62، ص1الدين االلكترونية، جالطبري: جامع البيان، مكتبة يعسوب 36

شبكة المشكاة االلكترونية، المقدمة )لم تذكر ارقام صفحاته وال فقراته(. .28تقييد العلم، ص 37

حيى محمد ي مشكلة الحديث

15

نسب إلى سعيد بن جبير، إذ جاء عن سعيد أن ابن عباس كان قد نهى عن كتاب العلم، وأنه

.38قال: إنما أضل من قبلكم الكتب

فلما أردت أفارقه كذلك روي عن بشير بن نهيك أنه قال: كتبت عن أبي هريرة كتابا. ومثل ذلك روي 39قلت: يا أبا هريرة إني كتبت عنك كتابا فأرويه عنك؟ قال: نعم اروه عني

فاكتبه ولو في الحائط ، وكذا ما نقل عن يحيى بن 40عن الشعبي أنه قال: إذا سمعت شيئا

، وهو خالف ما سنرى في 41نهسعيد ان ابن أبي زائدة أخرج اليه كتاب الشعبي فكتب م رواية أخرى أنه كان يمنع نفسه من أن يكتب شيئا.

وقد استقصى الدكتور محمد مصطفى األعظمي في كتابه )دراسات في الحديث النبوي(

( صحابي، 52عدد الصحابة الذين نقل عنهم كتابتهم للحديث، أو كتب عنهم، فأوصلهم إلى )( من صغار 99( تابعي، و)53رن األول فأوصلهم إلى )ثم زاد على ذلك عدد تابعيي الق

( من بعض صغار التابعين وأتباع التابعين.. ورغم أنه عرض بعض النقول 252التابعين، و)

الخاصة بكراهة الصحابة والتابعين للكتابة، لكنه قام بمناقشتها والتشكيك فيها، ولم يفعل لكتابة، رغم أنها ال تتعدى األمور الشيء نفسه فيما يخص استعراضه للنقول المؤيدة ل

.42الشخصية دون التداول العام

اول نع تدففي قبال ما سبق روي عن الصحابة الكثير من األقوال واألفعال التي تفيد متأمل الحديث المكتوب، كمحو الحديث وإحراقه، وكذا كراهة الكتابة عموما. والذي ي

ف من ا يعلل المنع المذكور بعلة الخوالروايات التي وردت بهذا الشأن يجد ان بعضه

آخر يعلله بعلة الخوف من الكذب ع نبي لى الاإلنشغال بشيء غير القرآن، كما يجد بعضان يألفويين الإلحتماالت الزيادة والنقصان في النقل المكتوب، ال سيما وان العرب كانوا أم

حديث ال بالالمنع من اإلنشغالتدوين والكتابة. وكال التعليلين يصبان في غاية واحدة هي

عليل.تواإلشتغال فيه. وهناك روايات أخرى عامة تطالب بمحو الحديث المكتوب من غير فمما له داللة على العلة األولى، وهي الخوف من اإلنشغال بشيء غير القرآن، جاء ان

ليه عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن، فاستشار فيها أصحاب رسول هللا )ص( فأشار ع

فحسم عامتهم بذلك، لكنه لبث شهرا يستخير هللا للشك فيما اشاروا عليه، ثم أصبح يوماالموقف وقال: إني كنت ذكرت لكم من كتاب السنن ما قد علمتم، ثم تذكرت فإذا أناس من

فأكبوا عليها وتركوا كتاب هللا، وإني وهللا ال أهل الكتاب قبلكم قد كتبوا مع كتاب هللا كتبا

لبس كتاب هللا كتبا. كما جاء عن عمر أنه بلغه بما ظهر في أيدي الناس من كتب، أفاستنكرها وكرهها وقال: أيها الناس قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب؛ فأحبها إلى هللا

أعدلها وأقومها، فال يبقين أحد عنده كتاب إال أتاني به فأرى فيه رأيي، فظن القوم أنه يريد

فيها، ويقومها على أمر ال يكون فيه إختالف، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار ثم قال: أن ينظر أمنية كأمنية أهل الكتاب. وعن عمر أيضا أنه أراد أن يكتب السنة، ثم بدا له أن ال يكتبها، ثم

. 43كتب في األمصار من كان عنده منها شيء فليمحه

، وجامع بيان العلم، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف.6تقييد العلم، ص 38 .35كتاب العلم، ص 39 .34كتاب العلم، ص 40أبو عبيد اآلجري: سؤاالت أبي عبيد اآلجري ألبي داود سليمان السجستاني، دراسة وتحقيق عبد العليم عبد 41

بة يعسوب الدين م، عن مكت1997هـ ـ 1418مؤسسة الريان ببيروت، الطبعة األولى، -العظيم، مكتبة دار االستقامة بمكة

.322االلكترونية، ص م.1980 -هـ 1400طفى األعظمي: دراسات في الحديث النبوي، المكتب اإلسالمي، بيروت، محمد مص 42. وجامع بيان العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف. وكتاب العلم، 9ـ8تقييد العلم، ص 43

.11ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

16

كتابة السنن ومنعه التدوين، فكما يرى وهناك من حمل الخليفة الثاني مسؤولية ترك

لو ترك الصحابة يدون كل واحد منهم ما روى عن النبي النضبطت ››الطوفي الحنبلي أنه

السنة، ولم يبق بين أحد من األمة وبين النبي في كل حديث إال الصحابي الذي دون روايته، . 44‹‹لم ونحوهماألن تلك الدواوين تتواتر عنهم الينا، كما تواتر البخاري ومس

لكن المسألة ال تخص عمر وحده، فقد روي عن غيره من الصحابة كراهتهم كتابة

امت قنبوي الحديث ومنعها أو محوها. كما ال يصح ان يقال ان هناك مؤامرة على الحديث المن ها انبها السلطة الحاكمة في عصر الخالفة لدوافع سياسية، وذلك ألسباب عديدة، أهم

لل الق لتكالحديث كتابة ورواية باط -على االقل -ذه المؤامرة عليه ان يمنع يفكر في ه

جهل قول بمهمته بالنجاح، وهذا ما لم يحدث. كذلك فإن ما يلزم عن هذا االفتراض إما الول و القأعموم الصحابة بما يجري حولهم من دسائس، أو اتهامهم بالتواطؤ على الجريمة،

. فعال ، حيث لم يظهر منهم اي رد فعل مناهض؛ ال قوال والبخوفهم من السلطة الحاكمة

وم وجميع هذه اللوازم المفترضة غير معقولة. فبحسب الفرض األول أنه اذا كان عملثاني الفرض الصحابة يجهلون ما يدور حولهم، كيف تسنى لنا معرفة ما كانوا يجهلون؟ أما ا

ثيرونقول ألكثر من سبب، حيث انهم كوهو اتهامهم بالتواطؤ على الجريمة فهو غير مع

ذا فكيف أمكن ان تجتمع دوافعهم ومصالحهم على هذا الغرض المشين؟ ناهيك عن ان هن االفتراض يتناقض ومضمون اآليات الصريحة في مدح عموم المهاجرين واألنصار وم

، ةحاكماتبعهم باحسان. يبقى االفتراض األخير وهو القول بخوف الصحابة من السلطة ال

م ر منهوهو افتراض متهافت، ليس فقط أنه من غير المعقول ان يخاف الجميع دون ان يظهحالة هذه ال ن مثلمن له الشجاعة الكافية لمناهضة ما تفعله تلك السلطة، ولم يحدثنا التاريخ ع

حالة ك ألنمن االستسالم المطلق حتى في اشد االنظمة االستبدادية عتوا وشراسة، بل كذل

القولبال تدوم؛ حيث تزول بزوال مسبباتها، فعند موت الزعماء تتكشف الحقيقة الخوف والفعل.

زمها ن لواوهذه االشكاالت هي ذاتها ترد على نظرية المؤامرة في مسألة الخالفة، إذ م

فاء الطعن بعموم الصحابة وعلى رأسهم المهاجرين واألنصار، حيث انهم بايعوا الخلحالة ذه الما أن يكونوا جاهلين بأعظم قضية ورد فيها النص، وفي هالراشدين، وهم بذلك إ

بعرض كيف أمكن لنا معرفة ما كانوا يجهلون؟ أو انهم كانوا متواطئين على ضرب النص

هداف الحائط رغم تضارب نوازعهم وتباين تدينهم وانهم لم يشكلوا طبقة واحدة ذات اود معنى غير الكفر. فهذه هي الحد مشتركة، ومهما قيل حول هذا االفتراض فليس له

دائرة هي الالمنطقية، أما ما سوى ذلك مما جاء من الروايات فيخضع لالجتهاد والتفسير، و

هام وبإل التي ينبغي ان تكون شغل المنشغلين في الخالف المذهبي، خارج تلك الحدود، بل منها لكونها أصل ودراية يرد ما يعارضها من حديث ورواية.

نا ان كراهة كتابة الحديث ال تختص بعمر، إذ روي عن عدد من الصحابة انهم وكما قل

يتحفظون من حفظ الحديث مكتوبا. ومن ذلك ما جاء عن اإلمام علي أنه خطب يقول: أعزم على كل من كان عنده كتاب إال رجع فمحاه، فإنما هلك الناس حيث اتبعوا أحاديث علمائهم

عن عبد هللا بن مسعود الكثير من الروايات التي تفيد كراهته . كما جاء 45وتركوا كتاب ربهم

لكتابة العلم واالحتفاظ به، ومن ذلك ما قيل ان ابن قرة أعجب بكتاب وجده في الشام فجاء به إلى عبد هللا بن مسعود، فأخذ ابن مسعود ينظر فيه ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم بإتباعهم

مي لعبد الوهاب خالف، دار الطوفي: رسالة في رعاية المصلحة، نشرت خلف كتاب مصادر التشريع اإلسال 44

.133م، ص1970القلم، الكويت، الطبعة الثانية، جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف. 45

حيى محمد ي مشكلة الحديث

17

بطست فيه ماء فماثه فيه حتى محاه. ومما جاء في كراهة ابن الكتب وتركهم كتابهم، ثم دعا

مسعود لكتابة العلم ما روي عن عبد الرحمن بن األسود عن أبيه أنه اصاب مع علقمة

صحيفة فعرضاها على ابن مسعود ليقرأها فأبى ودعا بطشت فيه ماء فجعل يمحوها بيده ها فإن فيها حديثا عجيبا، فجعل ويقول: ))نحن نقص عليك أحسن القصص(( فقلنا انظر في

يمحوها ويقول إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن وال تشغلوها بغيره. كما جاء ان عبد

هللا بن مسعود خطب في مسجد وقد أخذ صحيفة من رجل فيها قصص وقرآن، فقال: إن ثاتها، أحسن الهدي هدي محمد )ص( وإن أحسن الحديث كتاب هللا، وإن شر األمور محد

وإنكم تحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدى األول، فإنما أهلك أهل الكتابين

بعد قرن، حتى جعلوا كتاب هللا خلف قبلكم مثل هذه الصحيفة وأشباهها، توارثوها قرنابدير ظهورهم كأنهم ال يعلمون، فأنشد هللا رجال علم مكان صحيفة إال أتاني، فوهللا لو علمتها

هند النتقلت إليها. وفي رواية أخرى ان عبد هللا بن مسعود فطن إلى ابنه عبد الرحمن أنه

. وقيل أنه تعذر قوم 46كان يكتب الشيء الذي يسمعه، فدعا بالكتاب وبإجانة من ماء فغسلهبعدم حفظهم للحديث فطلبوا من أبي سعيد الخدري ان يكتب لهم ما حفظه، فكان رده ان قال:

كتبكم، وال نجعلها مصاحف؛ كان رسول هللا )ص( يحدثنا فنحفظ، فاحفظوا عنا كما كنا ال ن

.47نحفظ عن نبيكمأما ما له داللة على العلة الثانية، وهي الخوف من الكذب على النبي، فقد جاء ان أبا بكر

ا من جمع األحاديث التي كان يحتفظ بها مكتوبة فاحرقها خشية ان تنتقل إلى غيره ويكون فيه

الخطأ والكذب ما يكون. فكما روت السيدة عائشة بأن اباها قد جمع الحديث عن رسول هللا )ص( وكانت خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب كثيرا، فغمها ذلك وقالت له: أتتقلب لشكوى

أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي األحاديث التي عندك، فجاءته باألحاديث فدعا

حرقها، فقالت عائشة: لم أحرقتها؟ قال خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث بها ف. كما جاء أن مروان 48عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذلك

دعا زيد بن ثابت وقوما يكتبون وهو ال يدري فأعلموه، فقال: أتدرون لعل كل شيء حدثتكم

.49به ليس كما حدثتكمتظل هناك روايات عامة تبدي كراهة الكتابة ومحو ما هو مكتوب من غير تعليل، ومن

كثيرة فمحاها وقال: خذ عنا كما ذلك ما ورد عن أبي بردة أنه قال: كتبت عن أبي كتبا

. وروي عن ابن عباس عدد من الروايات التي نهى فيها عن كتابة الحديث، وبعضها 50أخذناصورا في القرآن خشية اإلنشغال بغيره. فعنه أنه قال: إنا ال نكتب معلل بجعل الكتاب مح

. وجاء أنه سأل رجل من أهل نجران ابن عباس، فأعجب األخير حسن 51العلم وال نكتبه

مسألته، فقال الرجل اكتبه لي، فقال ابن عباس: إنا ال نكتب العلم. وفي رواية أخرى عن عباس يسأله عن األمر، فيقول للرجل الذي جاء: طاوس قال: إن كان الرجل يكتب إلى ابن

. وجامع بيان العلم، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف.5و 10تقييد العلم، ص 46ن العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف. وكتاب العلم، . وجامع بيا3تقييد العلم، ص 47

من حديث رسول هللا24ص قال: امحه )ص( . وفي رواية أخرى عن أبي نضرة أنه قال: قلنا ألبي سعيد إنا اكتتبنا حديثا

)جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق(.هـ، عن شبكة 7413الرحمن بن يحيى المعلمي، دار الكتب العلمية، بيروت، الذهبي: تذكرة الحفاظ، مراجعة عبد 48

)لم تذكر ارقام صفحاته(. 1، فقرة 1المشكاة االلكترونية، ج جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف. 49ديث فنقوم أنا ومولى لي فنكتبها فحدثنا يوما وفي رواية أخرى عن أبي بردة أنه قال: كان أبو موسى يحدثنا بأحا 50

ما حفظنا كل احفظوا ه، وقابأحاديث فقمنا لنكتبها، فقال: أتكتبان ما سمعتما مني؟ قاال نعم، قال فجيئاني به، فدعا بماء فغسل

(.35. وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. وكتاب العلم، ص5)تقييد العلم، ص فضله، الباب السابق.جامع بيان العلم و 51

حيى محمد ي مشكلة الحديث

18

. كما 52أخبر صاحبك أن األمر كذا وكذا، فأنا ال نكتب في الصحف إال في الرسائل والقرآن

في رواية عن طاوس أنه قال: كنا عند ابن عباس، وكان سعيد بن جبير يكتب، فقيل البن

53عباس إنهم يكتبون، قال: أيكتبون؟ ثم قام أنه قال: أتى ابن عباس . وعن طاوس أيضا .54بكتاب فيه قضاء علي فمحاه، إال قدر وأشار سفيان بن عيينة بذراعه

وجاء أنه لم يكن من أصحاب النبي )ص( أكثر من أبي هريرة حديثا عن رسول هللا

)ص( وإن مروان أراد أن يكتب حديثه فأبى، وقال أرووا كما روينا، فلما أبى عليه، تغفله ودعاه، فجعل أبو هريرة يحدثه، ويكتب الكاتب، حتى استفرغ حديثه فأقعد له كاتب ثقفا لقنا ا

أجمع، ثم قال مروان: تعلم أنا قد كتبنا حديثك أجمع? قال: وقد فعلتم? قال نعم، قال: فاقرأوه

. 55علي إذا، فقرأوه عليه، فقال أبو هريرة: أما إنكم قد حفظتم، وإن تطعني تمحه، فمحاهن جبير أنه قال: كنا إذا اختلفنا في الشيء، كتبته حتى ألقى به ابن عمر؛ ولو وعن سعيد ب

.56يعلم بالصحيفة معي لكان الفيصل بيني وبينه

ى دت إلعلى ان ظاهرة الكراهة في كتابة الحديث لم تتوقف عند عصر الصحابة، بل امت يهما فير الين المشاعصر التابعين، حيث ان الكثير منهم كانوا يهابون الكتابة لذات العلت

لدس منه االسابق، وهما خشية اإلنشغال بشيء غير القرآن، والخوف من الكذب على النبي و

يث حوها، في الكتب. وهذا ما جعل اهتمامهم ينحصر في الحفظ وفي الكتابة الشخصية ثم مح . موته كان المحدث إذا ما دون شيئا لنفسه فإنه يوصي بحرق أو اتالف ما كتبه بعد

فقد جاء ان القاسم بن محمد ومنصور بن المعتمر ومغيرة واألعمش وابراهيم كانوا

. كما جاء عن الضحاك بن مزاحم أنه قال: ال تتخذوا للحديث 57يكرهون كتابة الحديث أنه قال: يأتي على الناس زمان يكثر فيه 58كراريس ككراريس المصاحف . وعنه أيضا

. وعن عبيدة أنه دعا بكتبه عند موته 59ه ال ينظر فيهاألحاديث حتى يبقى المصحف بغبار

. ومما يذكر عن 60فمحاها، وقال: أخشى أن يليها أحد بعدي، فيضعوها في غير مواضعهاعبيدة أنه اوصى أن تحرق كتبه أو تمحى )تقييد العلم(. وعن إبراهيم أنه قال: كنت أكتب

سيرين أنه قال: قلت لعبيدة أكتب منك . وعن محمد بن 61عند عبيدة فقال: ال تخلدن عني كتابا

ءأنظر فيه? قال: ال . وعن ابن سيرين أنه قال: إنما 62ما أسمع؟ قال ال، قلت: وجدت كتابا إذا 63ضلت بنو اسرائيل بكتب ورثوها عن آبائهم . كما جاء عن ابن سيرين أنه لم ير بأسا

أنه اوصى بدفع كتبه إلى . وعن أبي قالبة64سمع الرجل الحديث أن يكتبه، فإذا حفظه محاه

.11كتاب العلم، ص 52 .6تقييد العلم، ص 53 ، باب النهي عن الرواية عن الضعفاء واالحتياط في تحملها.1صحيح مسلم، ج 54. والذهبي: سير أعالم النبالء، تحقيق شعيب األرناؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة 5تقييد العلم، ص 55

ن أبي هريرة أنه . وفي رواية أخرى ع598، فقرة 2هـ، عن شبكة المشكاة االلكترونية، ج1413الرسالة، الطبعة التاسعة،

. وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق(.6قال: ال نكتم وال نكتب )تقييد العلم، ص . وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.6تقييد العلم، ص 56. وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 8ـ7الكتاب )تقييد العلم، ص وفي تعبير ابراهيم انهم كانوا يكرهون 57

(.36وكتاب العلم، ص .7تقييد العلم، ص 58 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 59 . وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.13تقييد العلم، ص 60 .7تقييد العلم، ص 61 لعلم وفضله، الباب السابق.. وجامع بيان ا7تقييد العلم، ص 62 .35جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. وكتاب العلم، ص 63 .12تقييد العلم، ص 64

حيى محمد ي مشكلة الحديث

19

. وعن 66. وعن طاوس أنه كان يأمر بإحراق الكتب65ايوب إن كان حيا، أو حرقها عند موته

. وعن شعبة الحجاج أنه 67الحسن البصري أنه أمر بحرق كتبه فأحرقت غير صحيفة واحدة

. وعن 68اوصى ولده سعد بأن يغسل كتبه ويدفنها من بعده، ولما مات قام سعد بتنفيذ الوصيةالشعبي أنه قال: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا وال حدثني رجل بحديث قط إال

، وان 69حفظته وال أحببت ان يعيده علي، ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه أحد لكان به عالما

ي كان قد نقل عنه أيضا ما يشجع على الكتابة كقوله: الكتاب قيد العلم، وقوله: إذا سمعتم منشيئا فاكتبوه ولو في حايط. وروي عنه أيضا أنه قال ألبي كبران: ال تدعن شيئا من العلم إال

ما . وعن سفيان 70كتبته، فهو خير لك من موضعه من الصحيفة، وإنك تحتاج إليه يوما

. وجاء عن خلف بن تميم أنه قال: سمعت 71الثوري أنه قال: بئس مستودع العلم القراطيسثوري عشرة آالف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة: يا أبا من سفيان ال

الصلت اني كتبت عن سفيان الثوري عشرة آالف حديث أو نحوا من عشرة آالف، فقال ال

. وعن سفيان الثوري أنه قال: قيل 72تحدث منها إال بما حفظ قلبك وسمعت أذنك فألقيتهاوقال: أحرج علي من يكتب عني، قال سفيان: وما لعمرو إن سفيان يكتب؛ فاضطجع وبكى

. وعن 74. وعن سعيد بن عبد العزيز أنه قال: ما كتبت حديثا قط73كتبت عنه شيئا؛ كنا نحفظ

يحيى بن سعيد أنه قال: أدركت الناس يهابون الكتب، ولو كنا نكتب لكتبت من علم سعيد ي النظاير، قال: أما علمت ان الكتاب . وعن مسروق أنه قال لعلقمة: اكتب ل75وروايته كثيرا

. وعن خالد الحذاء أنه قال: ما كتبت 76يكره? قال: بلى انما أنظر فيه ثم أمحوه، قال: فال بأس

قط، إال حديثا طويال، فإذا حفظته محوته . وعن عاصم بن ضمرة أنه كان يسمع 77شيئاونس أنه قال: إني ألهم . وعن عيسى بن ي78الحديث ويكتبه، فإذا حفظه دعا بقراض يقرضه

. وجاء ان داود الطائي كان يدفن كتبه، وكذا يفعل أبو اسامة 79بها أن أحرقها، يعني كتبه

. وعن إبراهيم بن هاشم أنه قال: دفنا لبشر بن الحارث ثمانية عشر 80وابو ابراهيم الترجمانيد العزيز، ما بين قمطر وقوصرة. وجاء ان عبيد هللا بن عبد هللا دخل على عمر بن عب

فأجلس قوما يكتبون ما يقول، فلما أراد أن يقوم، قال له عمر: صنعنا شيئا، قال: وما هو يا

. كما جاء عن أبي 81ابن عبد العزيز? قال: كتبنا ما قلت، قال: وأين هو؟ فجيء به فخرقه

.13تقييد العلم، ص 65 .13تقييد العلم، ص 66، فقرة الحسن بن أبي الحسن، عن مكتبة نداء اإليمان االلكترونية 7محمد بن سعد بن منيع: الطبقات الكبرى، ج 67

.www.aleman.comكر ارقام صفحاته(: )لم تذوقال سعد: كان أبي إذا اجتمعت عنده كتب من الناس أرسلني بها إلى البازجاه، فأدفنها في الطين )تقييد العلم، 68

(.13ص .12. وكتاب العلم، ص76، فقرة 1جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. وتذكرة الحفاظ، ج 69 .27كر الرواية عن التابعين، صتقييد العلم، باب ذ 70 .12تقييد العلم، ص 71 . والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في استفهام الكلمة والشيء من غير الراوي.385المحدث الفاصل، ص 72 .7تقييد العلم، ص 73 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 74 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق 75 . وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.12د العلم، صتقيي 76 .12تقييد العلم، ص 77 .12تقييد العلم، ص 78 .13تقييد العلم، ص 79 .231سؤاالت أبي عبيد اآلجري ألبي داود سليمان السجستاني، ص 80 .7تقييد العلم، ص 81

حيى محمد ي مشكلة الحديث

20

. وجاء ان ابن شهاب 82ادريس أنه لما علم ان ابنه يكتب ما يسمعه منه، أمر به فخرقه

زهري كان يأتي االعرج وعنده جماعة يكتبون وهو ال يكتب، لكنه عندما يجد الحديث ال

طويال فإنه يأخذ ورقة من ورق األعرج، وكان األعرج يكتب المصاحف، فيكتب ابن شهاب ذلك الحديث في تلك القطعة، ثم يقرأه ثم يمحوه مكانه، وربما قام بها معه، فيقرأها ثم

انس: لم يكن مع ابن شهاب الزهري كتاب إال كتاب فيه نسب . وقال مالك بن 83يمحوها

قومه، قال ولم يكن القوم يكتبون إنما كانوا يحفظون، فمن كتب منهم الشيء فإنما كان يكتبه .84ليحفظه فإذا حفظه محاه

وقد أدى هذا الموقف السلبي من كتابة الحديث إلى ابتعاد التابعين وتابعيهم عن األخذ بما

أحاديث، ومن ذلك ما جاء عن اشهب أنه قال لمالك: أيؤخذ ممن ال يحفظ هو مدون من. وجاء عن هشيم أنه 85األحاديث وهو ثقة؟ فقال: ال يؤخذ منه، أخاف ان يزاد في كتبه بالليل

قال: من لم يحفظ الحديث فليس من أصحاب الحديث؛ يجيء أحدهم بكتاب كأنه سجل

.86مكاتب

ـ التحفظ من الرواية2فظ كبار الصحابة والتابعون من الرواية واقلوا منها؛ للعلتين المشار اليهما سلفا، كما تح

إذ من شأن االقالل ان يمنع اإلنشغال بالحديث واإلشتغال فيه، كما أنه يدعو إلى ضبط كالم

النبي وعدم الكذب عليه. وجاء في الرواية ان النبي قال: يا أيها الناس إياكم وكثرة الحديث

ومن حد -ث عني فال يقل إال صدقا في النار -أو حقا . وقد 87ومن افترى علي فليتبوأ بيتاتمسك كبار الصحابة بهذا المضمون، وكما وصفهم ابن القيم الجوزية انهم كانوا يهابون

الرواية عن رسول هللا ويعظمونها ويقللونها خوف الزيادة والنقص، ويحدثون بالشيء الذي

. 88رارا وال يصرحون بالسماع وال يقولون: قال رسول هللاسمعوه من النبي مومن الروايات التي وردت بهذا الخصوص ما جاء عن أبي بكر الصديق أنه جمع الناس

بعد وفاة النبي فقال: إنكم تحدثون عن رسول هللا )ص( أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم

فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب هللا أشد إختالفا؛ فال تحدثوا عن رسول هللا شيئا، . كما روي عن عمر بن الخطاب أنه منع اإلكثار من 89فاستحلوا حالله وحرموا حرامه

الرواية خشية اإلنشغال بغير القرآن، أو لعلة الخوف من الكذب على النبي، ومن ذلك أنه

أكثروا الحديث عن حبس كال من ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي مسعود األنصاري لكونهمرسول هللا )ص( وجاء أنه بعث اليهم فقال: ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول هللا؟

. وجاء عن قرظة بن كعب أنه قال: خرجنا نريد العراق 90فحبسهم بالمدينة حتى استشهد

.7تقييد العلم، ص 82 .12تقييد العلم، ص 83 فضله، الباب السابق.جامع بيان العلم و 84الكفاية في علم الرواية، باب القول فيمن كان معوله على الرواية من كتبه لسوء حفظه. وسليمان بن خلف الباجي: 85

لدين االتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، دراسة وتحقيق أحمد لبزار، مكتبة يعسوب

.264، ص1االلكترونية، ج ة في علم الرواية، الباب السابق.الكفاي 86. وابن الجوزي: الموضوعات، ضبط وتقديم وتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، 65، ص1مشكل االثار، ج 87

، 1ترونية، جم، عن مكتبة سحاب السلفية االلك1966هـ ـ 1386المكتبة السلفية بالمدينة المنورة، الطبعة األولى،

.71ـ70صأعالم الموقعين عن رب العالمين، راجعه وقدم له وعلق عليه طه عبد الرؤوف، دار الجيل، ابن القيم الجوزية: 88

.148، ص4م، ج1973بيروت، .1، فقرة 1تذكرة الحفاظ، مصدر سابق، ج 89 .94، ص1. والموضوعات، ج2، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 90

حيى محمد ي مشكلة الحديث

21

فمشى معنا عمر إلى صرار فتوضأ فغسل اثنتين ثم قال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم

نحن أصحاب رسول هللا )ص( مشيت معنا، فقال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن

كدوي النحل فال تصدوهم باألحاديث فتشغلوهم؛ جودوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول هللا . وفي 91)ص( امضوا وأنا شريككم، فلما قدم قرظة قالوا حدثنا، قال نهانا عمر بن الخطاب

لهم ازيز رواية أنه قال: ا بالقرآن فيأتونكم -صوت بالبكاء -نكم تأتون الكوفة فتأتون قوما

فيقولون: قدم أصحاب محمد، قدم أصحاب محمد، فيأتونكم فيسألونكم عن الحديث، فاقلوا . وفي رواية أخرى سئل أسلم مولى عمر بن الخطاب بأن يحدث 92الرواية عن رسول هللا

ن أزيد أو أنقص، كنا إذا قلنا لعمر حدثنا عن رسول هللا عن عمر، فقال ال أستطيع، أخاف أ

)ص( قال: أخاف أن أزيد أو أنقص إن رسول هللا )ص( قال: من كذب علي متعمدا فهو في .93النار

أنه قال ألبيه: -كما سبق أن عرضنا -وجاء في صحيح البخاري عن عبد هللا بن الزبير

ما يحدث فالن وفالن؟ فأجاب الزبير: أما إني لم إني ال أسمعك تحدث عن رسول هللا )ص( ك. وفي رواية أخرى قال 94أفارقه، ولكن سمعته يقول: )من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار(

الزبير: يا بني كان بيني وبينه من القرابة والرحم ما علمت، وعمته أمي وزوجته خديجة

وهيب عبد مناف بن زهرة وعندي عمتي وأمه آمنة بنت وهب وجدتي هالة بنت وهيب ابني أمك وأختها عائشة عنده، ولكني سمعته يقول: من كذب علي.. كذا رواه البخاري ليس فيه

. ومثل ذلك روي عن عثمان بن عفان أنه قال: ما يمنعني أن أحدث عن رسول هللا 95متعمدا

من قال )ص( أن ال أكون أوعى صحابته عنه، ولكن أشهد لسمعت رسول هللا )ص( يقول:. وكذا قال عمران بن حصين: وهللا إن كنت ألرى 96علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار

أني لو شئت لحدثت عن رسول هللا )ص( يومين متتابعين ولكن ابطأني عن ذلك أن رجاال

من أصحاب رسول هللا )ص( سمعوا كما سمعت وشهدوا كما شهدت ويحدثون أحاديث ما . وفي صحيح مسلم قال أنس بن مالك: أنه 97خاف أن يشبه لي كما شبه لهمهي كما يقولون وأ

ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن رسول هللا )ص( قال: من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من

. وفي رواية أخرى عن انس أنه قال: لوال أن أخشى أن أخطأ لحدثتكم بأشياء قالها 98الناررسول هللا )ص( يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من رسول هللا )ص(، سمعت

.99النار

ومثل ذلك روي عن صهيب حيث سئل عن علة عدم تحدثه عن رسول هللا )ص( كما يحدث غيره من أصحاب النبي؟ فقال : أما إني قد سمعت ما سمعوا ولكن يمنعني أن أحدث

تبوأ مقعده من النار، وكلف يوم القيامة أن عنه اني سمعته يقول: من كذب علي متعمدا فلي

، فقرة 1دون التفهم والتفقه فيه. وتذكرة الحفاظ، ججامع بيان العلم وفضله، باب ذكر من ذم اإلكثار من الحديث 91

2. .152ـ151، ص1هـ، ج1355ولي هللا الدهلوي: حجة هللا البالغة، دار التراث، القاهرة، 92 .58، ص1الموضوعات، ج 93 .107صحيح البخاري، حديث 94 .179، ص1فتح الباري، ج 95 .59، ص1الموضوعات، ج 96م 2197أويل مختلف الحديث، دار الجيل، مراجعة محمد زهري النجار، بيروت، ابن قتيبة الدينوري: ت 97

ه(. صفحات هـ، عن مكتبة سحاب السلفية االلكترونية، باب ذكر أصحاب الكالم وأصحاب الرأي )لم تذكر ارقام1393ـ

والكفاية في علم الرواية. .79، ص1. والموضوعات، ج2، حديث 1صحيح مسلم، ج 98 .79، ص1جالموضوعات، 99

حيى محمد ي مشكلة الحديث

22

. وجاء أنه قيل لزيد بن أرقم يا أبا عمرو إال 100يقعد بين شعرتين، ولن يقدر على ذلك

.101تحدثنا؟ فأجاب: قد كبرنا ونسينا والحديث عن رسول هللا )ص( شديد

ل وهناك من الصحابة من كان يحتاط في نقله عن النبي )ص( فال يقطع باللفظ، بل يقو أنه يرتعد حين يحدث عما سمعه منه، خشية ان يكون قد أنه هكذا أو على نحوه، وأحيانا

كذب عليه. وجاء عن عبد هللا بن مسعود أنه إذا حدث عن رسول هللا استقلته الرعدة وقال

. وجاء عن أبي الدرداء أنه كان إذا حدث عن رسول 102هكذا أو نحو ذا أو قريب من ذا أو أو، وكذا روي مثل ذلك عن انس بن 103ثم فرغ منه قال اللهم إن لم يكن هذا فكشكلههللا )ص(

ففرغ منه قال: أو كما قال مالك، حيث جاء ان أنس إذا حدث عن رسول هللا )ص( حديثا

. بل ومن الصحابة من كان ينسب األمر إلى نفسه وال ينسبه إلى هللا والنبي، 104رسول هللا عليهما ، ومن ذلك ما جاء عن عمر بن الخطاب أنه افتى في مسألة، خشية ان يكون كذبا

بئس ما قلت، هذا رأي ››فقال عمر: ‹‹ هذا ما رأى هللا ورأى عمر››فكتب كاتبه عقب الفتيا:

فمن هللا، وإن يك خطأ فمن عمر . كما ان ابن مسعود قال في 105‹‹عمر، فإن يكن صوابا فمن هللا، وان يكن خطأ فمني ومن أقول هذا برأيي، فإن يكن صوا››إحدى فتاويه: با

. وجاء ان عدد الذين رويت عنهم الفتيا من الصحابة 106‹‹الشيطان، وهللا ورسوله منه بريئان

.107هم مائة وثمانية وثالثون من بين أكثر من عشرين ألف صحابي، كالذي قدره ابن حزملنبي؛ إما بطلب كذلك عرف عن كبار الصحابة انهم يتثبتون في النقل والرواية عن ا

شاهد آخر لمن يدعي سماعه للحديث عن النبي، أو بتحليف الراوي. فقد جاء ان أبا بكر ال

يقبل الحديث إال من اثنين، فاذا جاءه واحد بحديث طلب منه ان يؤيده آخر يشهد له، ومن جد ذلك أنه ورد في بعض الروايات أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمسه أن تورث، فقال ما أ

لك في كتاب هللا شيئا، وما علمت أن رسول هللا )ص( ذكر لك شيئا، ثم سأل الناس فقام

المغيرة فقال: حضرت رسول هللا )ص( اعطاها السدس، فقال له: هل معك أحد؟ فشهد محمد . وجاء أن عمر استشار أصحابه في أمالص المرأة 108بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر

ل له المغيرة بن شعبة ان رسول هللا )ص( قضى فيه بغرة، فقال له عمر ان أو السقط، فقا

فأت أحدا يعلم ذلك، فشهد محمد بن مسلمة أن رسول هللا )ص( قضى به . 109كنت صادقاوجاء عن أبي سعيد الخدري ان أبا موسى سلم على عمر من وراء الباب ثالث مرات فلم

ال: لم رجعت؟ قال سمعت رسول هللا )ص( يقول: يؤذن له فرجع، فأرسل عمر في أثره، فق

فلم يجب فليرجع، قال: لتأتني على ذلك ببينة أو ألفعلن بك، فجاءنا أبو إذا سلم أحدكم ثالثا لونه ونحن جلوس، فقلنا: ما شأنك؟ فأخبرنا وقال: فهل سمع أحد منكم؟ فقلنا: موسى منتقعا

. كما جاء عن عبد هللا بن 110تى أتى عمر فأخبرهنعم كلنا سمعه، فأرسلوا معه رجال منهم ح

.66، ص.1الموضوعات، ج 100 الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في رواية الحديث على اللفظ. 101 151. وحجة هللا البالغة، ص5، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 102جامع بيان العلم وفضله، باب األمر بإصالح اللحن والخطأ في الحديث. والكفاية في علم الرواية، باب ذكر من 103

ان يذهب إلى إجازة الرواية على المعنى من السلف.ك جامع بيان العلم وفضله، باب األمر بإصالح اللحن والخطأ في الحديث. 104 .247أبو زهرة: تاريخ المذاهب اإلسالمية، دار الفكر العربي، ص 105 .247تاريخ المذاهب اإلسالمية، ص 106 .26االلكترونية، صابن حزم: النبذ في أصول الفقه، شبكة المشكاة 107. والكفاية في علم الرواية، باب ذكر بعض الدالئل على صحة العمل بخبر الواحد 1، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 108

نرى، فهل ى ما سووجوبه. علما ان اسم محمد بن مسلمة قد ورد في شهادة أخرى على هذه الشاكلة مع عمر بن الخطاب، عل

كان ذلك صدفة؟! .2، فقرة 1ظ، جتذكرة الحفا 109 .2، فقرة 1صحيح مسلم، باب االستئذان. وتذكرة الحفاظ، ج 110

حيى محمد ي مشكلة الحديث

23

أبي بكر في رواية طويلة ان عمر بن الخطاب رد على أبي بن كعب فيما رواه من حديث

عن النبي )ص( وقال له: لتأتني على ما تقول ببينة، فذكر أبي ذلك لجماعة من صحابة

إني لم أتهمك ولكني أحببت النبي، فقالوا: قد سمعنا هذا من رسول هللا )ص( فقال عمر: أما . وكان اإلمام علي ال يقبل الحديث إال بعد استحالف قائله، فكان يقول: كنت إذا 111أن أتثبت

سمعت من رسول هللا )ص( حديثا نفعني هللا بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني غيره استحلفته

ن رسول هللا )ص( . كما جاء عن اإلمام علي أنه قال: إذا حدثتكم ع112فإذا حلف لي صدقته .113فوهللا ألن أخر من السماء أحب إلي من ان أكذب على رسول هللا )ص(

ومن التابعين قال الشعبي: قد كره الصالحون األولون اإلكثار من الحديث، ولو استقبلت

. وجاء أنه سئل الشعبي 114من امري ما استدبرت ما حدثت إال بما أجمع عليه أهل الحديثالنبي؟ فقال: ال، على من دون النبي احب الينا، فإن كان فيه زيادة عن حديث أيرفع إلى

. وقال إبراهيم النخعي: أقول قال عبد هللا وقال علقمة 115ونقصان كان على من دون النبي

. وقد كانت هذه سيرة عدد من الفقهاء في تحبيذ االستدالل بأقوال الصحابة 116أحب إلينا منهم انها أحاديث منقولة لكنهم جعلوها موقوفة، كالذي قاله ابراهيم والتابعين علما

.117النخعي

*** : هكذا يتضح ان عصر كبار الصحابة والتابعين يمتاز بعدد من الخصائص، أبرزها

كثار ع اإلكراهة تدوين الحديث ومحو المكتوب منه لئال ينتشر، واالقالل من الرواية ومن

والتثبت سناد،التدقيق في بحث الرجال واإل منها، والتحفظ من نسبة الحديث إلى النبي، وعدمما من الحديث غير المعروف. وقد عرفنا ان هذه الخصائص جاءت لسببين هامين: أحده

الخوف من الكذب على النبي، واآلخر كراهة اإلنشغال واإلشتغال بغير القرآن.

.2، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 111الكفاية في علم الرواية، باب الرد على من زعم أن العدالة هى إظهار اإلسالم وعدم الفسق الظاهر. كذلك: تذكرة 112

ذكر ارقامترونية )لم تابوري: المدخل إلى اإلكليل، شبكة المشكاة االلك. وابو عبد هللا الحاكم النيس4، فقرة 1الحفاظ، ج

صفحاته وال فقراته(. الكفاية في علم الرواية، باب الكالم في الجرح وأحكامه. 113 .76، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 114 .145ـ144. وحجة هللا البالغة، ص1تذكرة الحفاظ، ج 115 .1تذكرة الحفاظ، ج 116 .144 البالغة، صحجة هللا 117

حيى محمد ي مشكلة الحديث

24

الفصل الثاني: عصر اإلنشغال

ر جديد يحمل معاني االنقالب على ما سلكه كبا بعد ذهاب العصر األول ظهر عصر

ن تلكمالصحابة والتابعون ازاء التعامل مع الحديث، فبرزت سمات جديدة هي على الضد

لتكون دأ بابالتي شهدها العصر االول. لكن هذه السمات لم تظهر دفعة واحدة، بل ان بعضها دى ماإلكثار في الرواية لوالنمو مع وجود العصر السابق، واخص بالذكر ما ظهر من ا

ن يطلق عليهم )صغار الصحابة(. فقد علمنا كيف ان بعض كبار الصحابة كان ينهى ع

ن يها مفاإلكثار في الرواية ويعاقب عليها، ومع ذهاب الكبار أخذ بعض الصغار يكثرون جرأان ت غير تحفظ. يضاف إلى ما شهدته هذه الفترة من اهتمام اولي بمعرفة الرجال بعد

بعد سناد. وإلى البحث عن اإل -بعد تفشيه -الناس على الكذب في الحديث، ثم تطور الحال

لعصر ذلك بدأ االهتمام بتدوين الحديث وجمعه والكشف عن الصحيح منه. وبهذا أخذ ا: الثاني يتمظهر بخصائص جديدة لم تكن معهودة من قبل. ويمكن تصنيفه إلى طورين

قد دوين، وبالت ت البداية عند البحث في اإلسناد، ثم اعقبها العملاإلسناد والتدوين، إذ ظهر

مر كل منهما بمراحل وتطورات مختلفة تحمل بعض التداخل، كالذي سنعرضه خالل الفقرات التالية:

ـ طور اإلسناد1

دواعي النشأةمعروف ان اإلسناد هو خاصية تميز بها المسلمون على غيرهم من األمم، وكما قال أبو علي الجبائي: خص هللا تعالى هذه األمة بثالثة أشياء لم تعط إلى من قبلها، وهي: اإلسناد

. ومع ان هناك مجاالت عديدة لإلسناد، كاإلسناد في الحديث، وفي 118واألنساب واإلعراب

اللغة، وفي التاريخ، وفي القراءة.. الخ، لكن ما يعنينا هو اإلسناد في الحديث دون غيره.فكرة إسناد الحديث والبحث في الرجال عندما شعر صغار الصحابة لقد ظهرت

والتابعون ان من الناس من يتجرأ الكذب على النبي. وهناك ما يشير إلى ان الوضع في

الحديث بدأ بعد نشوء الفرق العقدية والسياسية في عهد خالفة اإلمام علي. وكان ابن عباس كنا نحدث عن رسول هللا )ص( إذ لم يكن يكذب : إنا -كما جاء في صحيح مسلم -يقول

.119عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه

هذا ما كان في عهد صغار الصحابة، وقد تفاقم الوضع بمرور الزمن لتفشي الكذب وانتشاره، فروي عن شعبة أنه قال: ما اعلم احدا فتش الحديث كتفتيشي؛ وقفت على ان ثالثة

.201قواعد التحديث، ص 118 أنه جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول هللا )ص( قال 119 وفي صحيح مسلم أيضا

عن ثي؟ أحدثكع لحديرسول هللا )ص( فجعل ابن عباس ال يأذن لحديثه وال ينظر إليه، فقال يا ابن عباس! مالي ال أراك تسم

أبصارنا بتدرته )ص( وال تسمع، فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجال يقول: قال رسول هللا )ص( ارسول هللا

النهي عن ، باب1جوأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إال ما نعرف )صحيح مسلم،

رجل: قال لهفأنس بن مالك أنه حدث بحديث عن رسول هللا )ص( الرواية عن الضعفاء واالحتياط في تحملها(. وروي عن

ناه ولكن ص( سمعأسمعته من رسول هللا )ص(؟ فغضب انس غضبا شديدا وقال: وهللا ما كل ما نحدثكم به عن رسول هللا )

)الجامع ألخالق الراوي وآداب السامع، فقرة وال يتهم بعضنا بعضا ان بن خلف م. وسلي100كان يحدث بعضنا بعضا

وب الدين بة يعسالباجي: التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، دراسة وتحقيق أحمد لبزار، مكت

(.372ـ371، ص1االلكترونية، ج

حيى محمد ي مشكلة الحديث

25

. كما روي عن شعبة واحمد والبخاري ومسلم قولهم إن نصف الحديث 120باعه كذبأر

( وضاع، ووجد لخمسة منهم 300كذب. وذكر البعض ان الوضاعين للحديث هم أكثر من )

. كما روي ان أحمد بن عبد هللا الجوباري وضع 121ألف( حديث 35من الحديث الموضوع ) . 122عليه أبو حاتم بن حبان على النبي نحو ثالثين ألف حديث كالذي نص

وقيل إن الكذابين المعروفين بوضع الحديث على النبي أربعة، وهم ابراهيم بن أبي يحيى

بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد بن سعيد المصلوب ارى . وقد أتهم مقاتل بن سليمان بأنه كان يسأل أهل الكتاب من اليهود والنص123بالشام

.124ويفسر بذلك القرآن، وهو مشهور بالكذب واالختالق

هب وال شك ان دوافع الكذب في الحديث متعددة ومختلفة، فتارة كانت لنصرة المذطة وإبطال غيره من المذاهب.. وثانية كانت العتبارات سياسية، إذ لم تتورع السل

ألمم اار ما دخل من والمعارضة عن اختراع الحديث لدحض الخصوم.. وثالثة كانت العتب

ك وضعاألخرى في اإلسالم ورغبة بعضهم في تزييفه واظهار تناقضاته وإبطاله، ومن ذلح إصال األسانيد الصحيحة لمتون مزيفة.. ورابعة لدعوى إصالح المجتمع، بعد العجز عن

فساده، كما فعل الزهاد الصالحون..

ان هذه األحاديث دين فانظروا وقد قال شيخ من الخوارج بعد ان تاب ورجع عن مذهبه: . وعلق بعض الحفاظ على هذا 125عمن تأخذون دينكم، فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا

القول: إن هذه وهللا قاصمة الظهر للمحتجين بالحديث المرسل، إذ بدعة الخوارج كانت في

هؤالء كانوا إذا صدر اإلسالم والصحابة متوافرون، ثم في عصر التابعين فمن بعدهم، و وأشاعوه، فربما سمع الرجل الشيء فحدث به ولم يذكر من استحسنوا أمرا جعلوه حديثا

. 126حدثه به تحسينا للظن فيحمله عنه غيره ويجيء الذي يحتج بالمقاطيع فيحتج به

وجاء في هذا الصدد ان سليمان بن حرب قال: دخلت على شيخ وهو يبكي، فقلت له ما . وورد على شاكلته 127: وضعت أربعمائة حديث في الناس فال أدري كيف أصنعيبكيك؟ قال

أن أبا شيبة قال: كنت أطوف بالبيت ورجل من قدامى يقول: اللهم اغفر لي، وما أراك تفعل،

فقلت يا هذا قنوطك أكثر من ذنبك، فقال دعني، فقلت له: أخبرني، فقال: إني كذبت على . وجاء ان 128طارت في الناس ال استطيع أن أرد منها شيئا رسول هللا )ص( خمسين حديثا و

أبا العيناء قال: أنا والحافظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه، إال ابن

.129شيبة العلوي فإنه قال: ال يشبه آخر هذا أوله. وقد كان أبو العيناء يحدث بهذا بعد ما تاب

والعجيب ان بعض علماء السلف علق على قول شعبة فقال: ال ينبغي ان يكون الكذب في الحالل والحرام، فأجابه 120

اوي خالق الرأللجامع ل ألن هللا تعالى يقول: ))وإنه لكتاب عزيز ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه(( )اآخر: أج

(.1899وآداب السامع، فقرة 208، ص2ج عبد الحي الكتاني: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب االدارية، دار الكتاب العربي، بيروت، 121 272ـ271، ص1ن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، جالتعديل والتجريح لم 122. ونقل عن احمد بن حنبل ذات هذا المضمون سوى أنه ذكر أحمد بن عبد هللا الجوباري 9، ص1الموضوعات، ج 123

(.272، ص1مكان الواقدي )التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج .271، ص1التعديل والتجريح، ج 124. 161الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في األخذ عن أهل البدع واألهواء. والجامع الخالق الراوي، فقرة 125

سنا ذا اجتمعنا استحإ. وعلى هذه الشاكلة جاء ان شيخا من الشيعة قال: كنا 416والمدخل إلى اإلكليل. والمحدث الفاصل، ص

.(39، ص1شيئا جعلناه حديثا )الموضوعات، ج .136قواعد التحديث، ص 126 .49، ص1المدخل إلى اإلكليل. والموضوعات، ج 127 .49، ص1الموضوعات، ج 128 .50، ص1الموضوعات، ج 129

حيى محمد ي مشكلة الحديث

26

ما ذكره حماد بن زيد من انهم وضعوا على رسول وروي في وضع الزنادقة عن النبي

. وقال المهدي: أقر عندي رجل من الزنادقة أنه وضع 130هللا أربعة عشر ألف حديث

. وجاء أنه لما ايقن عبد الكريم بن أبي العوجاء 131أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناسربعة آالف حديث أحرم فيها بقتله لوضعه األحاديث الكاذبة قال: وهللا لقد وضعت فيكم أ

. 132الحالل وأحل فيها الحرام، ولقد فطرتكم في يوم صومكم، وصومتكم في يوم فطركم

وورد أن جماعة اتهموا بوضع أكثر من عشرة آالف حديث، وهم كل من أحمد بن عبد ما133هللا الجويباري ومحمد بن عكاشة الكرماني ومحمد بن تميم الفارابي . ومن ذلك أيضا

اورده ابن حبان من أنه رأى خمسمائة حديث وضعها أحمد بن محمد القيسي األبلي، وقال:

.134لعل هذا الشيخ قد وضع على األئمة المرضيين أكثر من ثالثة آالف حديثوينطبق هذا الحال على الصالحين من العلماء أحيانا، إذ كان بعضهم يتهم بوضع بوضع

لفقيه المروزي كان من أصلب أهل زمانه في السنة وأذبهم الحديث. وقيل إن أحمد بن محمد ا

عنها وأقمعهم لمن خالفها، ومع هذا فقد كان يضع الحديث، ومن ذلك أنه وضع في فضائل .135قزوين نحو أربعين حديثا، وكان يقول إني أحتسب في ذلك

أيت وورد عن الزهاد والصالحين الكثير من الوضع، حتى قال أبو عاصم النبيل: ما ر

. وهناك من فسر بعض الوضع بأنه لم يكن من 136الصالح يكذب في شيء أكثر من الحديثالكذب المتعمد، بل من الخطأ في نقل الحديث، فقد جاء في صحيح مسلم ان يحيى بن سعيد

القطان قال: لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث. وفي خبر آخر عنه أيضا: لم

. لكن مسلما علق على ذلك وقال: يجري 137يء أكذب منهم في الحديثنر أهل الخير في ش . 138الكذب على لسانهم وال يتعمدون الكذب

وجاء أنه اعتز قوم من الزهاد فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب وقالوا: نحن لم

-وهو نوح بن أبي مريم -. وقيل ألبي عصمة 139نكذب عليه، بل فعلنا ذلك لتأييد شريعتهأين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب من

عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن وإشتغلوا بفقه أبي حنيفة

. كما سئل أحد الزهاد عن 140ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة. وجاء ان ابن مهدي 141لنرقق بها قلوب العامةاألحاديث التي حدث بها فقال: انما وضعناها

سأل ميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه األحاديث: من قرأ كذا فله كذا؟ فأجاب: وضعتها

.10، ص1الموضوعات، ج 130 .38، ص1الكفاية في علم الرواية. والموضوعات، ج 131 .37، ص1الموضوعات، ج 132 .9، ص1الموضوعات، ج 133الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث، حققه وعلق عليه صبحي السامرائي، مكتبة سبط بن العجمي الحلبي: 134

.55م، عن مكتبة يعسوب الدين اإللكترونية، ص1987هـ ـ1407النهضة العربية، الطبعة األولى، .41، ص1الموضوعات، ج 135 وعدم الفسق الظاهر.الكفاية في علم الرواية، باب الرد على من زعم أن العدالة هى إظهار اإلسالم 136وفي خبر آخر قوله: ما رأيت الصالحين في شيء أشد فتنة منهم في الحديث )الحظ: الكفاية في علم الرواية، باب 137

ترك االحتجاج بمن لم يكن من أهل الضبط والدراية(. ، باب بيان ان اإلسناد من الدين.1صحيح مسلم، ج 138 .173قواعد التحديث، ص 139 .41، ص1اإلكليل. ومقدمة ابن الصالح، باب معرفة الموضوع. والموضوعات، ج المدخل إلى 140 .40، ص1الموضوعات ج 141

حيى محمد ي مشكلة الحديث

27

. وقيل ان وهب بن حفص كان من الصالحين وقد مكث عشرين سنة ال 142أرغب الناس فيها

يكلم أحدا، ومع ذلك وصفه أبو عروبة بأنه كان يكذب كذبا فاح . 143شا

وذهب قوم إلى وضع األسانيد لكل كالم حسن، فعن محمد بن سعيد أنه قال: ال بأس إذا . ونقل عن سليمان بن عمرو النخعي أنه كان يضع 144كان كالم حسن أن تضع له إسنادا

األحاديث كما يضع لكل مسألة وحديث إسنادا، ومن ذلك جاء أنه كان في حجره كتاب فيه

ة وهو يركب عليه األسانيد ويقول حدثنا خصيف وحدثنا حصين، وفي مصنف ابن أبي عروبمناسبة أخرى أنه كان يصرح في جملة من األحاديث أنه ليس منها شيء إال وعنده فيه

.145إسناد

وقد يكون الوضع لدى الصالحين نتيجة طبيعية لما ألفه العلماء من التساهل في األحاديث ويال على بعض الروايات؛ مثل ما روي عن أبي هريرة التي تدور في الثواب والعقاب، تع

من ان النبي قال: من حدث عني حديثا هو هلل رضا فأنا قلته وبه أرسلت. ولهذا السبب أجاز

للناس في الطاعة بعض الكرامية وضع األحاديث الخاصة بكل من الثواب والعقاب ترغيبا .146وزجرا لهم عن المعصية

تأريخ النشأةلباحثون من ان البحث في اإلسناد والتكلم في الرجال قد بدأ في عصر التابعين أثر يتفق ا

هـ( من أبرز ما 110تنامي الكذب وانتشاره. وتعد شخصية محمد بن سيرين )المتوفى سنة

إعتمد عليه في التكهن بتأريخ نشأة اإلسناد، فقد روى عنه مسلم في صحيحه أنه قال: لم ناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة يكونوا يسألون عن اإلس

. ويحتمل ان يكون ابن سيرين قد 147فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فال يؤخذ حديثهم

قصد بالفتنة هي فتنة عبد هللا بن الزبير عندما طرح نفسه خليفة للمسلمين والتي انتهت بمقتله (. وفي هذه الفترة روي أنه لم يكن الناس يسألون 73الثقفي )سنة على يد الحجاج بن يوسف

. كما قيل ان أول من فتش عن اإلسناد 148عن اإلسناد حتى كان زمن المختار فاتهموا الناس

هـ( حيث جاء ان الربيع بن خيثم ذكر ان من قال )ال 103هو عامر الشعبي )المتوفى سنة لك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير( إله إال هللا وحده ال شريك له، له الم

فله كذا وكذا من األجر، فسأله الشعبي: من حدثك؟ فقال: عمرو بن ميمون، ثم سأل هذا

األخير: من حدثك؟ فقال: أبو ايوب صاحب رسول هللا )ص(. فحول هذه الواقعة صرح .149يحيى بن سعيد القطان بأنها أول حادثة فتش فيها عن اإلسناد

.40، ص1الموضوعات ج 142 .41، ص1الموضوعات ج 143 .272، ص1. والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج42، ص1الموضوعات، ج 144أنه نزل عليه سليمان بن عمرو النخعي وكان عنده أصحاب الحديث يوما وهو وقال يحيى بن معين أخبرني رجل 145

سعيد، الم عنيملي عليهم، فاطلعت فإذا في حجره كتاب من كتب أبي حنيفة وهو يملي عليهم خصيف عن سعيد بن جبير وس

(.20، ص9جلكترونية، يعني أنه يضع لكل مسألة إسنادا )الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، مكتبة يعسوب الدين اال .96، ص1الموضوعات، ج 146، باب بيان ان اإلسناد من الدين. والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في األخذ عن أهل البدع 1صحيح مسلم، ج 147

م، عن1989هـ ـ1409واألهواء. وعبد الكريم السمعاني: أدب االمالء واالستمالء، دار الهالل، بيروت، الطبعة األولى،

.11مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص .141الجامع ألخالق الراوي، فقرة 148 .208المحدث الفاصل، ص 149

حيى محمد ي مشكلة الحديث

28

كما رأى البعض ان بداية اإلسناد تعود إلى ابن شهاب الزهري، وهو المنقول عن مالك

. وروي أنه جلس إسحاق بن أبي فروة إلى الزهري فجعل يقول قال رسول هللا 150بن انس

)ص( فقال له الزهري: قاتلك هللا يا بن أبي فروة ما اجرأك على هللا، تأتينا بأحاديث ليس لها ؟ وفي رواية أخرى عن الوليد بن مسلم أنه قال: خرج 151ال تسند حديثكخطم وال ازمة، أ

الزهري من الخضراء ومن ثم عبد الملك فقال: يا أيها الناس إنا كنا قد منعناكم شيئا قد بذلناه

لهؤالء فتعالوا حتى أحدثكم، فسمعهم يقولون قال رسول هللا وقال رسول هللا، فقال: يا أهل يثكم ليست لها أزمة وال خطم، قال الوليد فتمسك أصحابنا باألسانيد من الشام ما لي أرى أحاد

. وتدل الرواية األخيرة على ان الزهري هو أول من بدأ اإلسناد في بالد الشام، وانه 152يومئذ

يمكن ان يكون هناك من سبقه في غيرها من البلدان.جاء عن عبد هللا بن ونجد في رواية أخرى ان اإلسناد يعود إلى ما بعد الزهري، حيث

سلمة بن أسلم أنه قال: ما كنا نتهم أن أحدا يكذب على رسول هللا )ص( متعمدا حتى جاءنا

قوم من أهل المشرق فحدثوا عن أصحاب النبي )ص( الذين كانوا عندهم بأحاديث ال نعرف حديث نعرفها، فالتقيت انا ومالك بن أنس، فقلت: يا أبا عبد هللا وهللا أنه لينبغي لنا ان

رسول هللا )ص( ممن هو وعمن أخذنا، فقال: صدقت يا أبا سلمة، فكنت ال أقبل حديثا حتى

يسند لي، وتحفظ مالك بن أنس الحديث من ايامئذ، فجئت عبد هللا بن الحسن في السويقة، فقال: يا ابن سلمة بن أسلم ما بلغني انك تحدث تقول حدثني فالن عن فالن، قلت بلى خلط

ا شيعتكم من أهل العراق وجاؤونا بأحاديث عن بعض أصحاب النبي )ص( فحدثته علين

.153بعض ما حفظت، فعجب له وقال: أصبت يا ابن أخي فزادني في ذلك رغباويبدو ان البحث عن اإلسناد سبق القرن الثاني، وعلى األقل فإن الوعي بأهميته بدأ منذ

ا نص ابن سيرين اآلنف الذكر، وله نص ذلك الوقت كما تشير اليه بعض النصوص، أبرزه

آخر وجد صدى لدى غيره من العلماء، إذ يقول: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون ، وكذا عن 155هـ(105. وروي النص أيضا عن الضحاك بن مزاحم )المتوفى سنة 154دينكم

157، وعن أبي هريرة156مالك بن انس . 158، بل وعن النبي أيضا

ال عبد هللا بن المبارك: اإلسناد عندي من الدين ولوال اإلسناد لقال وعلى هذه الشاكلة ق. وعن عبد هللا بن المبارك أيضا قال: مثل الذي يطلب أمر دينه بال إسناد 159من شاء ما شاء

ابن أبي حاتم الرازي: تقدمة المعرفة، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(. 150هـ 1397العلمية، المدينة المنورة، انظر: الحاكم النيسابوري: معرفة علوم الحديث، مراجعة معظم حسين، المكتبة 151

: العسقالني بن حجرم، عن مكتبة سحاب السلفية االلكترونية، باب معرفة عالي اإلسناد )لم تذكر ارقام صفحاته(. وا1977ـ

أقوال العلماء في ، باب2النكت على كتاب ابن الصالح، ملتقى أهل الحديث االلكترونية، عن شبكة المشكاة االلكترونية، ج

دب راسيل. وأول المكم المرسل )لم تذكر ارقام صفحاته(. والكفاية في علم الرواية، باب ذكر ما احتج به من ذهب إلى قبح

.12االمالء واالستمالء، ص. وفي رواية أخرى قال الزهري ألهل الشام: ما لي أرى أحاديثكم ال خطم لها 1136، ص5سير أعالم النبالء، ج 152

رف على سخة أشنذ إلى قوله )ابن حزم االندلسي: اإلحكام في أصول األحكام، قوبل الكتاب على وال أزمة، فصاروا حينئ

(.102، ص1هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج1345طبعها أحمد شاكر، الكفاية في علم الرواية، باب ذكر ما احتج به من ذهب إلى قبول المراسيل. 153اإلسناد من الدين. والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في األخذ عن أهل البدع ، باب بيان أن1صحيح مسلم، ج 154

واألهواء. .415المحدث الفاصل، ص 155 الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في األخذ عن أهل البدع واألهواء. 156 .137الجامع ألخالق الراوي، فقرة 157 .136الجامع ألخالق الراوي، فقرة 158، الباب السابق. وانظر أيضا: مقدمة ابن الصالح، باب معرفة اإلسناد العالي والنازل. والكفاية 1يح مسلم، جصح 159

في علم الرواية، باب ما جاء في األخذ عن أهل البدع واألهواء.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

29

أنه قال: بيننا وبين القوم القوائم، يعني 160كمثل الذي يرتقي السطح بال سلم . وعنه أيضا

.162له إن هذه األحاديث مصنوعة، فقال: يعيش لها الجهابذة . وروي أنه قيل 161اإلسناد

. وقال 163وكذا قال يزيد بن زريع: لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب األسانيدعمرو بن قيس: ينبغي لصاحب الحديث أن يكون مثل الصيرفي الذي ينقد الدراهم فإن

روي عن األوزاعي، وهو أنه . ومثل ذلك 164الدراهم فيها الزيف والبهرج وكذلك الحديث

قال: كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابه كما يعرض الدرهم الزائف، فما عرفوا منه . واحتاط البعض أكثر من هذا، فكما جاء عن عفان أنه قال: 165أخذنا، وما أنكروا منه تركنا

هيب كتبت عن حماد بن سلمة عشرة آالف حديث وما حدثت منها بألفي حديث، وكتبت عن و

أربعة آالف ما حدثت منها بألف حديث، وكتبت عن عبد الواحد بن زياد ستة آالف ما حدثت . وكان االوزاعي 166منها بألف، وأحدهم يكون عنده الحديث يسوقه بالمقرعة حتى يخرجه

ينقل عن يزيد بن أبي حبيب قوله: إذا سمعت الحديث فأنشده كما تنشد الضالة؛ فإن عرف

وقال ابن عون: ال يؤخذ هذا العلم إال عن من شهد له بالطلب. وروى فخذه وإال فدعه. المغيرة عن إبراهيم ان الناس كانوا إذا أرادوا أن يأخذوا عن الرجل الحديث نظروا إلى

.167صالته وهيئته وسمته

وهناك من الروايات ما يشير إلى ان اإلسناد بدأ منذ خالفة اإلمام علي، إثر ما ظهر في ذب على النبي، إذ روي عنه بمثل ما روي عن ابن سيرين وغيره، وهو أنه عصره من الك

.168قال في مسجد الكوفة: انظروا عمن تأخذون هذا العلم فإنما هو الدين

هذا فيما يتعلق باإلسناد، أما عن التعديل والتجريح، فقد قيل ان أول من تكلم فيه هو شعبة من بعده أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وقد بن الحجاج، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان، و

اعتبر ابن الصالح ان هؤالء هم األوائل فيمن تصدى للكالم في الرجال واالعتناء بذلك، وإال

وتعديال متقدم وثابت عن رسول هللا )ص( ثم عن كثير من الصحابة فالكالم فيهم جرحا . 169والتابعين

اإلسناد المرسل والصحيح:مل باإلسناد لدى التابعين هي قبول اإلسناد المرسل عن الثقة، والمقصود كانت بداية الع

بالمرسل لدى علماء األصول هو رواية الراوي عمن لم يسمع منه، سواء كان معاصرا له أو

غير معاصر، فقد يروي التابعي عن النبي دون ان يذكر اسم الصحابي الذي روى عنه، كما يعاصره، مثل رواية مالك بن انس عن القاسم بن محمد قد يروي المحدث عن غيره ممن لم

بن أبي بكر، كما قد يروي الراوي عمن عاصره ولم يلقه، مثل رواية سفيان الثوري وشعبة

. لكن عادة ما يقصد بالمرسل لدى أهل الحديث هو رواية التابعي عن النبي 170عن الزهري

.12ص الكفاية في علم الرواية، باب ذكر ما احتج به من ذهب إلى قبول المراسيل. وأدب االمالء واالستمالء، 160 ، الباب السابق.1صحيح مسلم، ج 161

الكفاية في علم الرواية، باب وجوب البحث والسؤال للكشف عن األمور واألحوال. والتعديل والتجريح لمن خرج 162

.268، ص1عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج المدخل إلى اإلكليل، مصدر سابق. 163 به من ذهب إلى قبول المراسيل. الكفاية في علم الرواية، باب ذكر ما احتج 164 . 104، ص1الموضوعات، ج 165 .1530، باب القول في إنتقاء الحديث وانتخابه، فقرة 2الجامع الخالق الراوي، ج 166 .268، ص1التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 167 لبدع واألهواء.الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في األخذ عن أهل ا 168 مقدمة ابن الصالح في مصطلح الحديث، باب معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث. 169 الكفاية في علم الرواية، باب الكالم في إرسال الحديث ومعناه. 170

حيى محمد ي مشكلة الحديث

30

، وهي 171حابي الذي ينقل عنه)ص( مباشرة، فيقول: قال النبي دون ان يذكر اسم الص

طريقة سلم بها التابعون واعتادوا عليها، وربما اعتبروها متسقة مع قبول رفع الصحابي

للحديث عن النبي رغم عدم سماعه منه. وتبعهم في ذلك علماء القرن الثاني للهجرة، ومن ثم بالصحابة والنبي. اعترض عليها المتأخرون؛ فبحثوا عن ايجاد األسانيد المتصلة التي تنتهي

وكان الطبري يقول ان التابعين بأسرهم أجمعوا على قبول المرسل ولم يأت عنهم انكاره وال

.172عن أحد من األئمة بعدهم إلى رأس المائتينكما أخذ العلماء يبحثون عن األسانيد التي تتصف بقدر أكبر من العلو والصحة.

فيه رجال السلسلة المتصلة قليلين. وصرح والمقصود بعلو اإلسناد هو اإلسناد الذي يكون

. كما قيل ليحيى بن معين، 173احمد بن حنبل بأن طلب اإلسناد العالي هو من السنة أو الدينهـ(: ما تشتهي؟ قال: بيت خالي وإسناد 233وهو في مرضه الذي مات فيه )توفي سنة

يقع الخلل من جهته عالي. فالعلو يبعد اإلسناد من الخلل، فكل رجل من رجاله يحتمل أن

. لهذا عد النزول في 174سهوا أو عمدا، ففي قلتهم قلة جهات الخلل، وفي كثرتهم كثرة جهاته، وكان يقول: الحديث بنزول 175اإلسناد من الشؤم، كالذي صرح به علي بن المديني

. لكن المقرر في المفاضلة هو ان الحديث الصحيح خير من الحديث 176كالقرحة في الوجه

.177ف؛ حتى لو كان األول بعيدا والثاني قريب اإلسنادالضعيكذلك أخذ علماء الحديث يبحثون في األسانيد الصحيحة، واختلفوا في أصحها، فقد جاء

عن سليمان بن حرب ان اعتبر أصح األسانيد هو سلسلة أيوب عن محمد بن سيرين عن

ثل ذلك ما روي عن عبيدة عن علي، وقريب منه ما جاء عن عمرو بن علي الفالس، ومعلي بن المديني. واعتبر عبد الرزاق ان أصحها هو سلسلة الزهري عن علي بن الحسين

عن أبيه عن علي، وكذا قال أبو بكر بن أبي شيبة. في حين ذهب إسحاق بن إبراهيم

الحنظلي وابن حنبل وإسحاق بن راهويه إلى ان أصح األسانيد كلها هو سلسلة الزهري عن يه. واعتبر البخاري ان أصحها مالك عن نافع عن ابن عمر. واعتبر يحيى بن سالم عن أب

. 178معين ان اجودها األعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد هللا

وذكر الحاكم النيسابوري ان أصح أسانيد أبي بكر الصديق: إسماعيل بن أبي خالد عن عن أبيه عنه، وأصح قيس بن أبي حازم عنه، وان أصح أسانيد عمر: الزهري عن سالم

أسانيد أهل البيت: جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، وأصح أسانيد ابن عمر: مالك عن نافع

وكما يالحظ ان المرسل لدى أهل الحديث مخصوص بالتابعين. أما إذا انقطع اإلسناد قبل الوصول إلى التابعي 171

في حين ان بأن سقط ذكر شخص واحد سمي منقطعا فحسب، وإن كان أكثر من واحد سمي معضال، ويسمى أيضا منقطعا.

ر لى أن أكثاشار إكل ذلك يعد لدى أهل الفقه وأصوله من المرسل، وإليه ذهب من أهل الحديث أبو بكر الخطيب وقطع به، و

رسل. فة المه التابعي عن النبي )ص( )مقدمة ابن الصالح، باب معرما يوصف باإلرسال من حيث االستعمال هو ما روا

والكفاية في علم الرواية، معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات(. .99محمد بن علي الشوكاني: ارشاد الفحول، دار الكتب العلمية، بيروت، ص 172 .89ص. والرحلة في طلب الحديث، 116الجامع ألخالق الراوي، فقرة 173 مقدمة ابن الصالح، باب معرفة اإلسناد العالي والنازل. 174 . 119الجامع ألخالق الراوي، فقرة 175 . 118الجامع ألخالق الراوي، فقرة 176 انشد البعض حول ذلك شعرا كهذين البيتين: 177

وترككم كتبه ضرب من العنت علم النزول اكتبوه فهو ينفعكم

اعلى لكم من علو غير ذي ثبت كان عن ثبت ان النزول اذا ما

وانشد آخر:

هو خير من كتابي بعلو عن طبول لكتابي عن رجال ارتضيهم بنزول

(.125ـ123)الجامع ألخالق الراوي، فقرة الكفاية في علم الرواية، باب القول في ترجيح األخبار. ومقدمة ابن الصالح، باب معرفة الصحيح من الحديث. 178

حيى محمد ي مشكلة الحديث

31

عنه، وأصح أسانيد عائشة: عبيد هللا بن عمر بن حفص عن القاسم عن عائشة، وأصح أسانيد

ابن مسعود: سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم النخعي عن علقمة عنه، وأصح أسانيد

أبي هريرة: الزهري عن سعيد بن المسيب عنه، أو أبو الزناد عن األعرج عنه، أو حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن ابن سيرين عنه. كما قيل ان أصح إسناد يروى عن سعد بن

.179أبي وقاص هو: علي بن الحسين بن علي عن سعيد بن المسيب عنه

من الشذوذ والعلة، وأن يكون رواته وقيل ان المجمع على صحته هو المتصل السالمذوي ضبط وعدالة وعدم تدليس. ويقصد بالشذوذ هو ما يرويه الثقة مخالفا لرواية الناس، أو

خفية قادحة . أما التدليس 180لرواية من هو اضبط منه. كما يقصد بالعلة هو ان فيه أسبابا

منه، أو روايته عمن قد فيقصد به رواية المحدث عمن عاصره ولم يلقه، فيتوهم أنه سمع 181لقيه ولم يسمعه منه وهم سماعه ألكون الراوي لم يسم من حدثه و. وسمي ذلك تدليسا

للحديث ممن لم يحدثه به، ويرد في صيغته ما يحتمل وقوع اللقاء، كصيغة )عن( وصيغة

ثنا خبرنا أو حدأغة صريحة في السماع المباشر مثل )أن( وصيغة )قال(. واذا كانت الصي . وقد اعتبره البعض على ثالثة أقسام تختلف في 182وهو لم يسمع عنه كان ذلك كذبا

.183الضعف

فأعلى مراتب المجمع عليه: مالك عن نافع عن ابن عمر، أو منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد هللا، أو الزهري عن سالم عن أبيه، أو أبو الزناد عن األعرج عن أبي هريرة.

عن همام عن أبي هريرة، أو ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس، أو ابن جريج ثم بعده معمر

عن عطاء عن جابر وأمثاله. ثم بعده في المرتبة : الليث وزهير عن أبي الزبير عن جابر، أو سماك عن عكرمة عن ابن عباس، أو أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن البراء، أو

. 184أبي هريرة، ونحو ذلك من أفراد البخاري أو مسلم العالء بن عبد الرحمن عن أبيه عن

وقيل أنه روي من خالل هذه األسانيد القليلة آالف األحاديث.وقد كان التابعون المعول عليهم في االحاطة بالحديث قليلين، فكما يرى أبو داود

ن الطيالسي ان الحديث موجود عند أربعة؛ هم الزهري وقتادة وأبو إسحاق واألعمش، فكا

قتادة أعلمهم باإلختالف، والزهري أعلمهم باإلسناد، وأبو إسحاق أعلمهم بحديث علي وابن مسعود، وكان عند األعمش من كل هذا ولم يكن عند واحد من هؤالء إال ألفين ألفين. واعتبر

الخطيب البغدادي ان هؤالء األربعة هم من تدور عليهم األسانيد، وهو معنى قول الطيالسي:

. وهناك رجال آخرون ممن اعتنوا بجمع الحديث، حتى قيل: ان 185الحديث عند أربعةوجدنا

الحاكم النيسابوري: معرفة علوم الحديث، باب معرفة الجرح والتعديل. ودليل ارباب الفالح لتحقيق فن 179

االصطالح، مصدر سابق. .80قواعد التحديث، ص 180 الكفاية في علم الرواية، معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات. 181 حاب السلفية االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.ابن حجر: نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر، مكتبة س 182ويعرف القسم األول من األقسام الثالثة بتدليس اإلسناد، وهو ان يسقط الراوي اسم شيخه الذي سمع منه ويرتقي 183

ثاني لا سمويعرف الق إلى شيخ شيخه بصيغة )عن أو أن أو قال( أو يسقط أداة الرواية ويسمي الشيخ فقط فيقول: فالن مثال.

بلدة أو يلة أوبتدليس الشيوخ، وهو ان يصف الشيخ المسمع بوصف ال يعرف به من اسم أو كنية أو لقب أو نسبة إلى قب

ثقة ا عن شيخي حديثصنعة ونحو ذلك. ويعتبر هذا القسم أخف من االول. أما القسم الثالث فهو تدليس التسوية، وهو ان يرو

ضعيف يسقط العن ضعيف عن ثقة، فيأتي المدلس الذي سمع من الثقة األول غير المدلس فغير مدلس، وذلك الثقة يرويه

د هذا أشرت. ويعالذي في السند، ويجعل الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيستوي اإلسناد كله ثقا

ألولى، اة عبيروت، الطب ق، دار الكتب العلمية،األقسام الثالثة )سبط بن العجمي: التبيين ألسماء المدلسين، تحقيق يحيى شفي

(.12ـ11م، عن مكتبة يعسوب الدين اإللكترونية. ص1986هـ ـ1406الذهبي: المـوقظـة في علم مصطلح الحـديث، شبكة المشكاة االلكترونية، فقرة الحديث الصحيح )لم تذكر ارقام 184

صفحاته(. .99، فقرة 1. وتذكرة الحفاظ، ج1895فقرة ، 2الجامع ألخالق الراوي وآداب السامع، ج 185

حيى محمد ي مشكلة الحديث

32

من لم يجمع حديث هؤالء الخمسة فهو مفلس في الحديث: سفيان وشعبة ومالك بن أنس

. وذهب علي بن المديني إلى ان اإلسناد كان 186وحماد بن زيد وابن عيينة، وهم أصول الدين

ى غيرهم، وهم الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن يدور على ستة ثم تفشى علمهم إلأبي كثير وأبو إسحاق الهمداني وسليمان األعمش، ثم صار علم هؤالء الستة إلى غيرهم،

ففي الكوفة سفيان الثوري، وفي الشام االوزاعي، وفي البصرة شعبة بن الحجاج وابن أبي

جاز مالك بن انس وابن جريج ومحمد عروبة وحماد بن سلمة ومعمر وأبو عوانة، وفي الح .187بن اسحاق وسفيان بن عيينة، وغير هؤالء

ـ طور التدوين2

مرحلة البدءعرفنا ان الصحابة والتابعين أبدوا تحفظات عديدة حول كتابة الحديث، إذ كانوا يحفظونه

راض ويؤدونه لفظا، وقد استثني من ذلك كتاب الصدقات كما في العديد من الروايات ألغ

. لكن بتقادم الزمن أخذ الحفظ يقل بموت العلماء وضعف الذاكرة وانتشار الكثير 188عملية

منهم في االمصار، وقد رافق ذلك ازدياد الكذب على النبي وكثرة ظهور الفرق واالبتداع، فخيف عليه من المحو واالندراس. من هنا بدأت فكرة التدوين العام، كما يشير اليها الكثير

ماء والحفاظ. وكما قال الرامهرمزي: إنما كره الكتاب من كره من الصدر األول من العل

لقرب العهد وتقارب اإلسناد ولئال يعتمده الكاتب فيهمله أو يرغب عن حفظه والعمل به، فأما والوقت متباعد واإلسناد غير متقارب والطرق مختلفة والنقلة متشابهون وآفة النسيان

ون فإن تقييد العلم بالكتاب أولى وأشفى والدليل على وجوبه معترضة والوهم غير مأم

. وكذا ذهب ابن حجر في )مقدمة فتح الباري( إلى ان تدوين اآلثار وتبويب األخبار 189أقوىقد حصل في أواخر عصر التابعين بعد ان انتشر العلماء في األمصار وكثر االبتداع من

العلماء تقييد األمر بقوانين تمنع االبتداع الخوارج والروافض ومنكري األقدار، حيث اراد

. 190والفرق الجديدة فكان ال بد من التدوينهكذا يتضح ان العلة التي استند اليها العلماء في تفسير حالة التدوين تعود إلى عدد من

العوامل؛ كضعف الذاكرة وذهاب العلماء وانتشار الكذب وكثرة االبتداع وظهور الفرق

شار إلى مثل هذه العوامل بعدد من األخبار، أهمها ان بدء التدوين حدث بفعل العقدية. وقد ياألمر الذي صدر عن السلطة السياسية في اواخر العهد االموي. فقد جاء ان عمر بن عبد

العزيز أمر عامله في المدينة أبا بكر بن عمرو بن حزم وكتب إليه قائال: انظر ما كان من

تبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، وال تقبل إال حديث حديث رسول هللا )ص( فاكالنبي )ص( ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من ال يعلم، فإن العلم ال يهلك حتى يكون

مقدمة ابن الصالح، باب معرفة آداب طالب الحديث. 186، 2تقدمة المعرفة، باب ما ذكر من صحة حديث مالك وعلمه باآلثار. والجامع ألخالق الراوي وآداب السامع، ج 187

.1896فقرة .3اإليمان االلكترونية، ص محمد بن إدريس الكتاني: الرسالة المستطرفة، مكتبة نداء 188 .386المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، ص 189 .69مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل االول. كذلك: قواعد التحديث، ص 190

حيى محمد ي مشكلة الحديث

33

. وفي رواية أخرى ان عمر بن عبد العزيز كتب إلى اآلفاق: عليكم بابن شهاب 191سرا

. 192الماضية منه )الزهري( فإنكم ال تجدون أحدا أعلم بالسنة

ومع ان الكثير من الباحثين المعاصرين يعطون لهذا القرار السياسي أهمية لتفسير الكيفية التي بدأت فيها عملية التدوين، لكن ما يبدو هو ان هذه العملية لم تحدث بفعل ذلك القرار،

ن يبين فهناك أسباب أخرى دفعت العلماء على التدوين، ويحضرنا بهذا الصدد خبران آخرا

كل منهما كيف كانت البداية، وكالهما منقول عن أب التدوين ابن شهاب الزهري )المتوفى هـ(. فأحد الخبرين ينسب علة التدوين إلى عدوى الوضع والكذب اآلتي من جهة 124سنة

المشرق )العراق(، إذ يقول الزهري: لوال أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها ال نعرفها

وال أذنت في كتابهما كتبت ح . أما الخبر الثاني فيرجع العلة في بدء التدوين إلى 193ديثااالكراه الذي مارسته السلطة االموية على كتابة الحديث ألغراض خاصة وضمن حدود

شخصية، لكنه ساهم في تعميم تداول التدوين لدى عامة المسلمين، وكما يقول الزهري: كنا

. 194عليه هؤالء األمراء، فرأينا أن ال نمنعه أحدا من المسلمين نكره كتاب العلم حتى أكرهناوفي خبر آخر أن الزهري كان يمنع الناس أن يكتبوا عنه، فلما ألزمه هشام بن عبد الملك أن

. وجاء أن هشام بن عبد الملك سأل الزهري أن 195يملي على بنيه أذن للناس بالكتابة عنه

يه أربعمائة حديث، وخرج الزهري فقال: أين أنتم يا يملي على بعض ولده شيئا، فأملى علأصحاب الحديث؟! فحدثهم بتلك األربعمائة، ثم لقي هشاما بعد شهر أو نحوه فقال للزهري:

ان ذلك الكتاب ضاع، فدعا بكتاب فأمالها عليه ثم قابل بالكتاب األول فما غادر حرفا

ابا من علمه فقال: أأحدث بهذا عنك . وجاء ان رجال سأل الزهري وعرض عليه كت196واحدا .197يا أبا بكر؟ قال نعم فمن يحدثكموه غيري

وقيل ان الزهري أضاف أقوال الصحابة عند كتابة حديث النبي وعدها من السنة. فكما

جاء عن صالح بن كيسان أنه قال: اجتمعت أنا وابن شهاب الزهري ونحن نطلب العلم نا كل شيء سمعنا عن النبي )ص(، وبعدها قال الزهري: فاتفقنا على أن نكتب السنن، فكتب

نكتب ما جاء عن أصحابه، فقلت ال ليس بسنة، فقال الزهري: بلى هو سنة، فكتب ولم أكتب،

.198فأنجح وضيعتبذلك يكون التدوين قد بدأ كسالح ذي حدين. ففي األول تحاشاه علماء السلف والتابعون

تحول إلى طريق للدس في الكتب والقراطيس، كما ان ألسباب عديدة، منها خشيتهم من ان ي

عن طريقه يمكن ان يسمح لمن هو ليس اهال للحديث بالتعاطي معه فيشيع تداوله بين عوام يتالقاه ››الناس ويكثر الكذب والتحريف. وقد كان األوزاعي يقول: كان هذا العلم كريما

. ومما يذكر ان البخاري ترك 199‹‹هالرجال بينهم، فلما دخل في الكتب دخل فيه غير أهل

.34صحيح البخاري، حديث 191م، عن شبكة المشكاة 1968ابن خلكان: وفيات األعيان وأنباء الزمان، تحقيق إحسان عباس، دار الثقافة، 192

.177، فقرة 5االلكترونية، ج .30تقييد العلم، ص 193. وجامع بيان العلم وفضله، باب ذكر الرخصة في كتاب 1137، ص5. وسير اعالم النبالء، ج30تقييد العلم، ص 194

العلم. .1137، ص5اعالم النبالء، ج 195 .97، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 196 ى العالم.جامع بيان العلم وفضله، باب في العرض عل 197، 2. والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1574، فقرة 2الجامع الخالق الراوي، ج 198

.870ص مقدمة ابن الصالح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. 199

حيى محمد ي مشكلة الحديث

34

الرواية عن حماد بن سلمة مع علمه بثقته، تعويال عما قيل بأنه كان لحماد ربيب يدخل في

.200حديثه ما ليس منه

فهذا هو الجانب السلبي من التدوين، أما الجانب االيجابي منه فهو أنه ساعد على منع ه االلسن والشفاه. وقد لجأ الحفاظ إلى كتابة الكذب واالقالل من الوضع والتحريف الذي تتناقل

الحديث لصونه من الكذب والتغيير والتحوير عبر االفواه. بل ان احدى الروايات المنقولة

عن الزهري تشير إلى ان علة تدوين الحديث جاءت لهذا الغرض، حيث في الرواية أنه عروفة القادمة من المشرق. اضطر إلى كتابة الحديث بفعل ما شاهده من األحاديث غير الم

وآل األمر إلى ان بعض علماء السلف المتأخرين اوصى بجعل التعامل بالرواية من خالل

، ويؤيده ما جاء عن 201‹‹ال تحدثن إال من كتاب››الكتاب، ومن ذلك ما قاله احمد بن حنبل: . ومثل 202علي بن المديني أنه ذكر احمد بن حنبل وقال: بلغني أنه ال يحدث إال من كتاب

.203ذلك ما قاله جعفر الطيالسي: ينبغي لصاحب الحديث أن يتزر بالصدق ويرتدي بالكتب

مع هذا صادف التدوين مشكلة تتعلق بالكتابة واالستمالء، حيث ان بعض الرواة المستملين قد ال يسمع الحديث بصورة صحيحة عن شيخه فيقع اإلختالف والتغيير، ومن

ن ان الكثير من أكابر المحدثين تعظم مجالسهم بآالف السامعين ذلك ما ذكره ابن الصالح م

من الرواة المستملين، لكن الكثير منهم يكتب ما يملى دون ان يسمع جيدا. فمثال جاء عن األعمش أنه قال: كنا نجلس إلى إبراهيم فتتسع الحلقة فربما يحدث بالحديث فال يسمعه من

ل ثم يروونه وما سمعوه منه. وعن حماد بن زيد أنه تنحى عنه فيسأل بعضهم بعضا عما قا

سأله رجل في مثل ذلك فقال: يا أبا إسماعيل كيف قلت؟ فقال: استفهم من يليك. وعن ابن عيينة أن أبا مسلم المستملي قال له: إن الناس كثير ال يسمعون، قال: أتسمع أنت؟ قال نعم،

ويه المستملي بتلك الطريقة. فمثال جاء . لذلك لم يجز بعض العلماء ما ير 204قال فأسمعهم

عن خلف بن تميم أنه قال: سمعت من سفيان الثوري عشرة آالف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي، فقال لي زائدة: ال تحدث منها إال بما تحفظ بقلبك وسمع أذنك، قال

، خشية . بل وكان البعض يحتاط ويعرض ما كتبه على من أملى عليه الحديث205فألقيتها

الزيادة والنقصان. وهناك من اوصى طالب العلم بمقابلة كتابه بأصل سماعه عن الشيخ الذي يرويه عنه. وجاء عن عروة بن الزبير أنه قال البنه هشام: أكتبت؟ قال: نعم، قال: عارضت

كتابك؟ قال ال، قال لم تكتب!. وعن اإلمام الشافعي ويحيى بن أبي كثير قاال: من كتب ولم

. 206ارض كمن دخل الخالء ولم يستنجيع

. 34، ص1الموضوعات، ج 200لناسخ والمنسوخ من االثار، نشر وتعليق وتصحيح راتب أبو بكر محمد بن موسى الهمذاني: االعتبار في ا 201

لحسن ا، مادة )أبو 2. وطبقات الحنابلة، ج17م، ص1966هـ ـ1386حاكمي، مطبعة االندلس، حمص، الطبعة األولى،

الحافظ المبرز بصري الدار(. .300التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ص 202 .58الستمالء، صأدب االمالء وا 203يروى عن البعض ما ظاهره أنه يتساهل في سماع الحديث، إذ جاء عن الحافظ االصبهاني أبي عبد هللا بن مندة 204

لى قائله،تروك عمأنه قال لواحد من أصحابه: يا فالن يكفيك من السماع شمه. واعتبر ابن الصالح ان هذا إما متأول أو

ب معرفة ح، بائل عن أول شيء عرفه وال يعني التساهل في السماع )مقدمة ابن الصالوالبعض فسر هذا القول بأنه اذا س

كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه(.مقدمة ابن الصالح، باب معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه، والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء 205

في استفهام الكلمة والشيء من غير الراوي. 576مقدمة ابن الصالح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. والجامع ألخالق الراوي، فقرة 206

94ـ93. وأدب االمالء واالستمالء، ص577و

حيى محمد ي مشكلة الحديث

35

مهما يكن فقد إستقر األمر على لزوم الكتابة، وكان هناك إجماع على تسويغها للحاجة

والضرورة، فلوال التدوين لدرس الحديث في العصور المتأخرة كالذي أشار اليه ابن

. 207الصالح***

فهو أول من شرع لنعد إلى الزهري الذي يعتبر المسئول األول عن تدوين الحديث.

بكتابة الحديث بعد ان كان التابعون قبله يكرهون كتابته ألسباب سبق عرضها. وروي عنه . ويعد الزهري من صغار التابعين ومن 208أنه قال: لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني

فضالء أهل الفقه والحديث في المدينة، وكان يعرف بحفظه لعلم الفقهاء السبعة

. وقد 211، والبعض زاد على ذلك قليال 210، وقيل أنه ادرك عشرة من الصحابة209المعروفيناشاد الكثير من العلماء بفضل هذا الرجل، فجاء عن سفيان بن عيينة قوله: كان الزهري أعلم

. وقال 213. وقال عنه عمر بن عبد العزيز: ما ساق الحديث أحد مثل الزهري212أهل المدينة

. كما ذكره عمرو بن دينار بقوله: لقد 214ماضية من الزهريأيضا: لم يبق أحد أعلم بسنة جالست جابرا وابن عباس وابن عمر وابن الزبير فما رأيت أحدا انسق للحديث من

. وفي رواية أخرى عن عمرو بن دينار أنه قال: وهللا ما رأيت مثل هذا الفتى 215الزهري

اب، قيل له ثم من؟ قال ابن . وقيل لمكحول: من أعلم من رأيت؟ قال ابن شه216القرشي قط. ومثل ذلك نقل عن أيوب أنه قال: ما رأيت أعلم 217شهاب، قيل له ثم من؟ قال ابن شهاب

من الزهري، فقال له صخر بن جويرية: وال الحسن؟ قال: ما رأيت أحدا أعلم من

. وكان مالك بن أنس يقول: كنت أكتب الحديث فإذا اختلج في قلبي منه شيء 218الزهريه على الزهري فما أمرني فيه قبلته، وما أثبته فهو الثبت عندي، وكنت أوثر علمه فيه عرضت

.219على علم غيره لتقدمه في هذا األمر وعلمه بسنن رسول هللا )ص(

هكذا يعتبر الزهري أعلم زمانه بالسنة والحديث. وروي عنه أنه قال: مكثت خمسا الشام إلى الحجاز، فما كنت اسمع حديثا واربعين سنة اختلف من الحجاز إلى الشام، ومن

. 220استطرفه

ومن بين ما تعود اليه أهمية الزهري هو ان له من األحاديث الكثيرة التي لم يروها غيره. فقد ذكر مسلم في صحيحه ان له ما يقارب تسعين حديثا عن النبي بأسانيد جياد ال يرويها

مقدمة ابن الصالح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. 207 .3الرسالة المستطرفة، ص 208وة بن الزبير وابو بكر بن عبد الرحمن المخزومي وعبد هللا بن عبد هللا بن عتيبة وهم سعيد بن المسيب وعر 209

وخارجة بن زيد بن ثابت والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار. .177، فقرة 5وفيات االعيان، ج 210 .1158البحر المحيط، فقرة 211 رفة بن عيينة بالعلم.. وتقدمة المعرفة، باب ما ذكر من مع1137، ص5سير أعالم النبالء، ج 212 . وتقدمة المعرفة، باب ما ذكر من معرفة بن عيينة بالعلم.1137، ص5سير أعالم النبالء، ج 213. وابن كثير: البداية والنهاية، حققه ودقق اصوله وعلق حواشيه علي شيري، دار 97، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 214

.374، ص9كترونية، جإحياء التراث العربي، عن مكتبة يعسوب الدين االل .374، ص9البداية والنهاية، ج 215 .177، فقرة 5وفيات االعيان، ج 216 .177، فقرة 5وفيات االعيان، ج 217 .696، ص2التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 218 .696، ص2التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 219 .375، ص9داية والنهاية، جالب 220

حيى محمد ي مشكلة الحديث

36

د أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد بن . ونقل عن معمر أنه قال: كنا نرى أنا ق221غيره

.222يزيد فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزانته من علم الزهري

ث على ذلك يكون الزهري هو الممهد األول لجميع التطورات التي جرت على الحديد، ومن لمساناالمدون، إذ اتكأ عليه من جاء بعده، فبدأت مراحل جديدة؛ اولها التبويب، ثم

عدها الصحاح. وهذا ما سنتعرف عليه كاالتي..ب

.1647صحيح مسلم، حديث 221 ،5. وسير أعالم النبالء، ج97، فقرة 1جامع بيان العلم وفضله، باب في العرض على العالم. وتذكرة الحفاظ، ج 222

.1137ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

37

مرحلة التبويبجاءت عملية جمع الحديث وتبويبه كخطوة متممة لما بدأه الزهري من التدوين. إذ نشط

العديد من العلماء في وقت متقارب لجمع وتدوين كل من الفقه والتفسير والمغازي والتاريخ إن هذا الحدث العظيم قد حصل في منتصف القرن وغيرها من العلوم. وعلى تقدير الذهبي ف

هـ(. وقيل ان أول من جمع الحديث وبوبه هو مالك بن انس، كما 143الثاني للهجرة )سنة

قيل ان أول من فعل ذلك هو الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما، إلى ان قام ن جريج وسفيان الثوري بعدهم عدد من العلماء فدونوا األحكام في الحديث، كمالك واب

ان هناك عددا من العلماء ظهروا في فترة واالوزاعي وابن دينار وغيرهم. وقيل أيضا

واحدة وفي اماكن متعددة شرعوا في تصنيف الحديث كل باب على حدة دون ان يعرف سابقهم من الحقهم. وقد عرفت مثل هذه الكتب في جمع الحديث وتبويبه بالموطآت، وهي

لم يبق منها سوى موطأ مالك الذي صنفه في المدينة وتوخى فيه القوي من حديث أهل كثيرة

الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وصنف عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج التصانيف بمكة، وصنف سفيان بن سعيد الثوري كتاب الجامع بالكوفة، وكذا صنف

فة أيضا، ومثل ذلك فعل أبو عمر وعبد الرحمن بن عمر أبو حنيفة الفقه والرأي بالكو

، وصنف ابن إسحاق المغازي، 223واألوزاعي بالشام، وحماد بن سلمة بن دينار بالبصرةوكذا صنف معمر باليمن، وعلى هذه الشاكلة صنف هشام كتبه، وكذا الليث بن سعد وعبد هللا

أبو يوسف وابن وهب وغيرهم. وبذا بن لهيعة، ثم فعل ذلك عبد هللا بن المبارك والقاضي

كثر تبويب العلم وتدوينه، ورتبت ودونت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس. وقبل هذا العصر كان سائر العلماء يتكلمون عن حفظهم ويروون العلم عن صحف صحيحة غير

.224مرتبة

قد كتبه بناء على وكما قلنا إنه لم يصلنا من الموطآت في الحديث سوى موطأ مالك، وطلب من أبي جعفر المنصور، حيث قال له: إن الناس قد اختلفوا بالعراق فضع للناس كتابا

. كما روي أنه قال لمالك: 226، وهو يتضمن ثالثة آالف مسألة225تجمعهم عليه فوضع الموطأ

وتجنب فيها شدائد عبد هللا بن عمر ورخ›› ص ابن ضم هذا العلم يا أبا عبد هللا ودونه كتبا. 227‹‹عباس وشواذ ابن مسعود، واقصد اوسط األمور وما اجتمع عليه األئمة والصحابة

واستغرق مالك في تصنيف كتابه اربعين سنة، وقيل أنه روى فيه من االثار ما سلم في

معيار النقد وجرب من جهات الصحة، واعتبرت أحاديثه أصح األحاديث، حتى قيل في القرآن الكريم، ومن ذلك ما قاله عبد الرحمن بن مهدي: ما كتاب الكتاب أنه انفع كتاب بعد

بعد كتاب هللا انفع للناس من الموطأ، وال اعلم من علم اإلسالم بعد القرآن أصح من موطأ

هو انفع من موطأ مالك228مالك . وجاء 229. وقال الشافعي: ما كتب الناس بعد القرآن شيئاطالق على أحاديث مالك التي في )الموطأ( أنها عن أبي زرعة أنه قال: لو حلف رجل بال

مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل االول. 223 صر والقاهرة، عن مكتبة نداء اإليمان.جمال الدين يوسف بن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك م 224 تقدمة المعرفة، فقرة مالك بن انس. 225 .14الرسالة المستطرفة، ص 226. وابن فرحون: الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء 76ابن عاشور: تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص 227

ه )لم تذكر ارقام صفحاته(.المذهب، شبكة المشكاة االلكترونية، ضمن فصل من وصاياه وآداب .76تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص 228. 76كما قال: ما في األرض كتاب في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك )تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص 229

(. وقال أيضا: وجدت أحاديث األحكام كلها عند مالك سوى ثالثين111وسير اعالم النبالء، فقرة ها عند ، ووجدتها كلحديثا

(.249، فقرة 1ابن عيينة سوى ستة أحاديث )تذكرة الحفاظ، ج

حيى محمد ي مشكلة الحديث

38

. وروي ان المنصور شاور 230صحاح كلها لم يحنث، ولو حلف على حديث غيره كان حانثا

.231مالكا في تعليق الكتاب بالكعبة ألهميته الفائقة فرفض

وجاء في الثناء على علم مالك ان عبد الرحمن بن مهدي ال يقدم على مالك أحدا، وكان مالك أفقه من الحكم وحماد. كما قال الشافعي: لوال مالك وسفيان بن عيينة لذهب علم يقول:

الحجاز، وقال أيضا: إذا ذكر العلماء فمالك النجم. وقال ابن وهب: لوال مالك والليث لضللنا.

وقال عبد الرزاق: يوشك الناس أن يضربوا أكباد اإلبل في طلب العلم فال يجدون عالما أعلم الم المدينة، اي مالك. كما سأل عبد هللا اباه احمد بن حنبل: من أثبت أصحاب الزهري؟ من ع

. وفي رواية أخرى عن 232فأجاب: مالك أثبت في كل شيء، ومثله نقل عن يحيى بن معين

ابن حنبل أنه وصف مالكا بأنه اثبت الناس مع قلة ما روى، وفي رواية ثالثة أضاف أنه كان هـ( يرى أنه ليس أحد بعد 303د الرحمن النسائي )المتوفى سنة . وكان أبو عب233يخطئ

التابعين أوثق وآمن على الحديث من مالك، ثم يليه شعبة، ثم يحيى بن سعيد القطان. فعلى

رأيه أنه ليس غير هؤالء الثالثة ما يؤمن به على الحديث وقلة الرواية عن الضعفاء. فمثال بن المبارك ووصفه بأنه أجل أهل زمانه إال أنه يحدث عن أنه ذكر من أقران مالك عبد هللا

الضعفاء، وكذا كان سفيان الثوري. في حين كان مالك أقل رواية عن الضعفاء، إذ لم يرو

عن أحد منهم سوى عدد محدود للغاية مثل عبد الكريم أبي أمية وعبد الغفار بن القاسم .234وعاصم بن عبيد هللا

الموطأ هو ان معظم رواته كانوا من الحجاز، وقد أكثر فيه مالك وأهم ما امتاز به كتاب

. وهو في أحيان 235المرسل والمنقطع، وأغلب ما نقله من إسناد هو أقوال الصحابة والتابعينقليلة كان يدلس، فمثال أنه روى عن ثور بن زيد حديث عكرمة عن ابن عباس دون ذكر

، وكذا كان يسقط عاصم بن عبد هللا من إسناد عكرمة، وقد وقع ذلك منه في أكثر من حديث

. لكنه اشتهر بشدة نقده للرجال وحرصه على ان ال يضع في كتابه 236آخر ذكره الدارقطنيإال من كان ثقة، وكان يرى ان من لم يرو عنه من المعاصرين له في المدينة فهو ممن لم

هل رأيته في كتبي؟ فأجابه يوثقه. وجاء بهذا الصدد أنه قال لسائل سأله عن أحد الرجال:

الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه. 230لى ما فيه، ونسب ذلك أيضا إلى هارون الرشيد، وانه شاور مالكا في ان يعلق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس ع 231

بالغة، الهللافقال: ال تفعل فإن أصحاب رسول هللا )ص( اختلفوا في الفروع وتفرقوا في البلدان وكل سنة مضت )حجة

ث145ص عث إلى كل م اب(. وقيل أنه لما حج المنصور قال لمالك: قد عزمت ان أمر بكتبك هذه التي صنفتها فتنسخ نسخا

صل العلم أرأيت م ان يعملوا بما فيها ويدعوا ما سوى ذلك من العلم المحدث فإنيمصر من أمصار المسلمين بنسخة وآمره

روايات ديث وروواوا آحارواية أهل المدينة وعلمهم. فقال: يا أمير المؤمنين ال تفعل فإن الناس قد سيقت إليهم أقاويل وسمع

قدوه ما اعتعهللا )ص( وغيرهم وإن ردهم وأخذ كل قوم بما سيق إليهم وعملوا به ودانوا به من إختالف أصحاب رسول

م )سير اعال ت بذلكشديد، فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد أنفسهم. فقال المنصور: لعمري لو طاوعتني ألمر

(.79و 78، فقرة 8النبالء، جباآلثار. وسير اعالم . وتقدمة المعرفة، باب ما ذكر من صحة حديث مالك وعلمه199، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 232

.765، ص2. والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج75و 74، فقرة 8النبالء، جأبو المحاسن بن المبرد: بحر الدم فيمن تكلم فيه اإلمام احمد بمدح أو ذم تأليف، تحقيق وتعليق روحية عبد الرحمن 233

.145رونية، صم، عن مكتبة يعسوب الدين االلكت1992هـ ـ1413الطبعة األولى، السويفي، دار الكتب العلمية، بيروت، .768ـ767، ص2التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 234اذا كان المرسل عند أهل الحديث يرد عند قول التابعي: قال رسول هللا، مع عدم ذكر اسم الصحابي الذي نقل 235

أن ل، مثلى المنقطع هو الرواية التي تروى عن الصحابي من دون ذكر التابعي، وذلك على عكس المرسعنه، فإن معن

ن مالك...بن أنس عيروي مالك بن أنس عن عبد هللا بن عمر، أو سفيان الثوري عن جابر بن عبد هللا، أو شعبة بن الحجاج

واية رال هو ث من العبارات(. فأكثر ما يوصف باإلرسالخ )الكفاية في علم الرواية، معرفة ما يستعمل أصحاب الحدي

باب لصالح،االتابعي عن النبي )ص(، وأكثر ما يوصف باالنقطاع هو رواية من دون التابعي عن الصحابة )مقدمة ابن

عليه من عل، و الفلقول أامعرفة المرسل(. لكن هناك من اعتبر الحديث المنقطع بأنه المروي عمن دون الصحابة موقوفا

سواء كان تابعيا أو غيره )الكفاية في علم الرواية، الباب السابق(. )لم تذكر ارقام صفحاته(. 22ابن حجر: طبقات المدلسين، شبكة المشكاة االلكترونية، فقرة 236

حيى محمد ي مشكلة الحديث

39

السائل بالنفي، فقال مالك: لو كان ثقة لرأيته في كتبي. وقد اعتبر يحيى بن معين ان كل من

. 237حدث عنه مالك فهو ثقة إال رجال أو رجلين

، 238كما اشتهر مالك بقلة روايته وتحفظه في الحديث ومراعاته للصحة بأكبر قدر ممكنثير من أحاديثه بين فترة وأخرى، حتى اختلفت الرواية في عدد إلى درجة أنه كان يسقط الك

أحاديثه ومقدار ما اسقط منها عبر السنين، ومن ذلك ما ذكره الكيا الهراسي من ان مقدار

( حديث. وقال سليمان بن بالل: 700( ثم أخذ العدد يتناقص عنده إلى )7000أحاديثه كانت )( حديث ونيف، يخلصها 1000ث فمات وهي )( حدي4000لقد وضع مالك الموطأ وفيه )

. كما ذكر عتيق الزبيري بأن 239عاما عاما بقدر ما يرى أنه اصلح للمسلمين وامثل في الدين

( حديث فلم يزل ينظر فيه ويسقط منه 10000ما وضعه مالك في )الموطأ( هو ما يقارب )بن عبد الواحد: . وقال صفوان بن عمر 240حتى بقي هذا، ولو عاش قليال السقطه كله

فقال: كتاب الفته في اربعين سنة اخذتموه في عرضنا على مالك )الموطأ( في اربعين يوما

. 241اربعين يوما، ما أقل ما تفقهون فيهوذكر أبو بكر األبهري ان جملة ما في الموطأ من اآلثار عن النبي )ص( وعن الصحابة

منها ستمائة حديث، والمرسل مائتان والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثا؛ المسند

، ومن قول التابعين 242واثنان وعشرون حديث، والموقوف ستمائة وثالث عشر حديث. وهذا يعني ان ما نقله مالك عن النبي )ص( من الحديث المتصل 243مائتان وخمسة وثمانون

يقارب ثلث المجموع، أو أنه يقارب نصف ما نقله من الحديث غير المتصل.

لموطأ بروايات عديدة اشهرها روايتان: إحداهما رواية يحيى بن كثير الليثي وروي اهـ( واألخرى رواية صاحب أبي حنيفة محمد بن الحسن 234االندلسي )المتوفى سنة

، وذكر الكتاني أنه إذا أطلق في االزمان المتأخرة موطأ مالك فإنما ينصرف 244الشيباني

ن المالكيين وغيرهم بكتاب مالك ورواته، وعد منهم . وقد اعتنى الكثير م245للرواية األولى .246القاضي عياض نحوا من تسعين رجال

وذكر ابن حزم االندلسي ان موطأ مالك كان يروى لدى الكثير من الناس منذ ألفه، وآخر

من رواه عنه من الثقات أبو المصعب الزهري لصغر سنه، وعاش بعد موت مالك ثالثا أكمل الموطآت، ألن فيه خمسمائة وتسعين حديثا بالمكرر، أما بإسقاط وستين سنة، وموطؤه

. مع ان ما ورثه المتأخرون من موطآت مالك 247التكرار فخمسمائة وتسعة وخمسون حديثا

.72، فقرة 8الحظ: تقدمة المعرفة، باب ما ذكر من صحة حديث مالك وعلمه باآلثار. وسير اعالم النبالء، ج 237وقد كان ابن حنبل يفضله على بقية أصحاب الزهري في قلة روايته وتثبته )بحر الدم فيمن تكلم فيه اإلمام احمد 238

(.145بمدح أو ذم تأليف، ص. ومحمد بن إسماعيل األمير الحسني الصنعاني: توضيح األفكار 76تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص 239

ة، عن ورنالمدينة الم مد محي الدين عبد الحميد، نسخة دار التراث، نشر المكتبة السلفية،لمعاني تنقيح األنظار، تحقيق مح

.62، ص1شبكة المشكاة االلكترونية، ج محمد بن محمد االندلسي الراعي: انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب اإلمام مالك، تحقيق محمد أبو االجفان، 240

لمذهب، باب ا. والديباج المذهب في معرفة أعيان علماء 209م، ص1981ألولى، دار الغرب اإلسالمي، بيروت، الطبعة ا

في ذكر الموطأ وتأليفه إياه. . والديباج المذهب، باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه.213انتصار الفقير السالك، ص 241الرواية، معرفة ما يستعمل المقصود بالموقوف هو ما أسنده الراوي إلى الصحابي ولم يتجاوزه )الكفاية في علم 242

أصحاب الحديث من العبارات(. .62، ص1توضيح األفكار، ج 243 .431تاريخ المذاهب اإلسالمية، ص 244 .14الرسالة المستطرفة، ص 245 الديباج المذهب، ضمن باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه. 246 .247، ص2اإلحكام في أصول األحكام، ج 247

حيى محمد ي مشكلة الحديث

40

أكثر من ذلك، حتى ان بعضها يزيد على ذلك عدة أضعاف، فكما عرفنا ان البعض قال ان

ني ثالث آالف رواية، وبعض آخر قال ان فيه فيه ثالث آالف مسألة، واكبر الظن أنه يع

لرواية يحيى بن يحيى الليثي أكثر من ألف وسبعمائة رواية. وفي النسخة المطبوعة حاليا. وكل ذلك يتنافى مع ما إستقر عليه عالم 248( رواية1843يوجد أكثر من ألف وثمانمائة )

غيره. المدينة، وبالتالي أصبح من المحال معرفة ما عول عليه دون

وأهم خصوصية امتازت بها هذه المرحلة وما قبلها هي التعويل على الحديث المرسل والمنقطع، كالذي اشتهر لدى مالك وابي حنيفة وغيرهما، إذ كان العلماء انذاك يتقبلون ان

يقول التابعي: قال رسول هللا، وإن لم يذكر اسم الصحابي الذي ينقل عنه، وهو معنى

. وعرف ان أكثر ما تروى المراسيل من أهل المدينة عن ابن المسيب، 249االمرسل كما عرفنومن أهل مكة عن عطاء بن أبي رباح، ومن أهل البصرة عن الحسن البصري، ومن أهل

الكوفة عن إبراهيم بن يزيد النخعي، ومن أهل مصر عن سعيد بن أبي هالل، ومن أهل

يب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي الشام عن مكحول. وقيل ان مراسيل سعيد بن المستعد من الصحاح، وان مراسيل عطاء والحسن ال يحتج بها؛ ألنهما كانا يأخذان عمن كان،

.250وكذا مراسيل أبي قالبة وأبي العالية

وعدت مراسيل ابن المسيب أصحها جميعا، كالذي ذهب اليه يحيى بن معين على ما بأنه من أوالد الصحابة وأدرك العشرة وفقيه أهل حكاه الحاكم النيسابوري، معلال ذلك

الحجاز ومفتيهم وأول الفقهاء السبعة الذين اعتد مالك بإجماعهم كإجماع كافة الناس. وقيل

ان األئمة المتقدمون تأملوا مراسيله فوجدوها بأسانيد صحيحة، وهذه الشرائط لم توجد في .251مراسيل غيره

مرحلة المساندرن الثاني للهجرة حتى بدأت مرحلة جديدة شرعت بوضع المساند من ما إن انتهى الق

الحديث. فقد رأى جماعة من الحفاظ ان يفردوا للحديث النبوي بما يرويه كل صحابي من

أحاديث في مختلف القضايا؛ دون التقيد باعتبارات التصحيح والتوثيق، اي سواء كان مما غير ثقة. وقيل ان أول من صنف المسند هو عبيد يحتج به أم ال، وسواء كان راويه ثقة أو

هللا بن موسى العبسي الكوفي، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي، ومن ثم ظهرت بعدهما

المساند األخرى؛ كمسند أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد بن حميد والدارمي وأبي إسحاق بن إبرهيم الحنظلي يعلى الموصلي والحسن بن سفيان وأبي بكر بن أبي شيبة، و

وأبي خيثمة زهير بن حرب ومسدد بن مسرهد البصري وأسد بن موسى األموي ونعيم بن

حماد الخزاعي وغيرهم. ومن هؤالء من صنف بحسب التبويب والمساند معا، كأبي بكر بن . 252أبي شيبة

عض اثنين والمساند التي ظهرت خالل هذه الفترة وما بعدها كثيرة جدا، فقد عدد الب

وثمانين مسندا خالل القرنين الثالث والرابع للهجرة، وأغلبها أصبح في عداد المفقود، ولم

لك، رواية يحيى بن يحيى الليثي، أعداد احمد راتب عرموش، دار النفائس، بيروت، الطبعة انظر: موطأ اإلمام ما 248

م.1994هـ ـ 1414الثانية عشرة، نقل عن بعض التابعين أنه ال يرسل إال عندما يكون الحديث مرويا عن عدة من الصحابة، فقد روي ان الحسن 249

الن فهو فكم حدثني لمتى قلت ››وعنه أنه قال: ‹‹. حديث ارسلته ارساال اذا اجتمع أربعة من الصحابة على››البصري قال:

( .269، صسالمية)تاريخ المذاهب اإل‹‹ حديثه ال غير، واذا قلت: قال رسول هللا )ص( اكون قد سمعته من سبعين أو أكثر .1158البحر المحيط، فقرة 250 .1163ضا: البحر المحيط، فقرة . والحظ أي141معرفة علوم الحديث. وقواعد التحديث، ص 251 مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل االول. 252

حيى محمد ي مشكلة الحديث

41

يبق منها إال الشيء القليل. ويتضمن البعض من هذه المساند الكثير من االجزاء، ومن ذلك

مسند أبي يوسف بن شيبة الذي يتضمن مساند لعدد من الصحابة، قيل أن نسخة مسند أبي

رة منه قد شوهدت بمصر فكانت مائتي جزء. وكذا مسند ابن شاهين البغدادي الذي هرييحتوي على ألف وستمائة جزء، ومسند الحسين الماسرجسي النيسابوري الذي يحتوي على

ألف وثالثمائة جزء، وقدر أنه لو كتب بخطوط الوراقين لكان في أكثر من ثالثة آالف جزء،

.253الم مسند أكبر منهوقيل أنه لم يصنف في اإلسوتختلف هذه المرحلة عن سابقتها بميزتين: فأوال انها اهتمت بكتب المساند التي افردت

فيها لكل صحابي األحاديث المروية عنه، وذلك على خالف المرحلة السابقة التي عولت

من الحديث الجامع. وثانيا على فكرة التبويب حسب الموضوعات دون ان تفرد ألحد شيئاهي ان هذه المرحلة بخالف سابقتها ال تعول على المرسل والمنقطع من الحديث. وقد يكون

الشافعي هو أول من نقد هذه الطريقة كما زاولها علماء التبويب ومن سبقهم، فقرر ان ال

، فلم يتقبل المرسل ما لم يكن عائدا إلى كبار التابعين، بل وان 254يأخذ بالمرسل إال بشروط. وقيل أنه يتقبل المرسل عن كبار التابعين شرط العلم بأنه 255ه ما يؤكده من قرائنينضم الي

يروى عن العدل الثقة، فيكون المرسل بهذا حجة، ومن ذلك أنه وافق على مراسيل سعيد بن

المسيب، ألنه تفرد بهذه المزية. إذ سئل مرة: كيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا ولم تقبلوه : ألنا ال نحفظ لسعيد منقطعا إال وجدنا ما يدل على تسديده، وال أنه حدث عن غيره؟ فأجاب

.256عن أحد إال كان ثقة معروفا، فمن كان بمثل حاله أحببنا قبول مرسله

تصل ث المهذه هي مرحلة المساند التي كان لها تأثيرها البالغ على فكرة كتابة الحديا صنف هـ( حينم256لبخاري )المتوفى سنة الصحيح كما دشنها اإلمام محمد بن اسماعيل ا

جاءت وكتابه )الجامع المسند الصحيح( كأول مصنف توخى به الصحيح من أحاديث النبي.

رك ماتهذه الفكرة كمحاولة للجمع بين كمال مرحلة التبويب وكمال مرحلة المساند مع ي ب من توخاتصفا به من نقاط ضعف، فعول البخاري على ما اهتمت به مرحلة التبوي

ل التصاالحديث الصحيح مع ترك المرسل والمنقطع، كما عول على مرحلة المساند بأخذ ا

ديث في الحديث المؤدي إلى النبي مع اهمال الحديث الضعيف. وبذلك أصبحت فكرة الحما المتصل الصحيح فكرة مألوفة سار عليها العديد من أصحاب المصنفات الحديثية ك

سنعرف.

حمرحلة الصحاقلنا ان ما دعا البخاري إلى تأليف جامعه الصحيح هو أنه رأى التصانيف التي سبقته

حول المساند قد جمعت بين الصحيح والضعيف من الحديث، فحرك همته لجمع الحديث الصحيح وترك غيره من الحديث الضعيف. وقيل إنه ألهم بفكرة الصحيح في الحديث

إسحاق بن راهويه، وذكر البخاري بهذا الصدد: كنا عند المتصل بعد سماعه ما تمناه استاذه

إسحاق بن راهويه فقال: )لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول هللا( فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح. وفي رواية أخرى مختلفة قال البخاري: رأيت النبي

.73ـ69الرسالة المستطرفة، ص 253 .270. وتاريخ المذاهب اإلسالمية، ص146، ص1حجة هللا البالغة، ج 254اته(. والبحر ابن كثير: اختصار علوم الحديث، شبكة المشكاة االلكترونية، فقرة النوع التاسع )لم تذكر ارقام صفح 255

.169. وقواعد التحديث، ص1163المحيط، فقرة .6211، باب أقوال العلماء في حكم المرسل. والبحر المحيط، فقرة 2النكت على كتاب ابن الصالح، ج 256

حيى محمد ي مشكلة الحديث

42

نه، فسألت بعض المعبرين فقال لي: )ص( وكأني واقف بين يديه وبيدي مروحة اذب بها ع

.257أنت تذب عنه الكذب، وهذا ما حملني على إخراج الجامع الصحيح

وجاء أنه لما ألف البخاري كتابه الجامع الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إال في أربعة أحاديث، وقال

. وكان البخاري يقول: ما أدخلت في 258ان القول فيها قول البخاري وهي صحيحةالعقيلي

إال بعد أن استخرت هللا تعالى وتيقنت صحته . ويقول أيضا: كتبت عن 259الصحيح حديثا. وألهمية كتابه فقد كثرت شروحه، 260ألف شيخ أو أكثر، ما عندي حديث ال اذكر إسناده

ومن ذلك ما قيل من ان عدد الشروح .261بلغت اثنين وثمانين شرحا

ومع ان هناك جماعة من العلماء اعتبروا كتاب مالك أول صحيح دون في الحديث، ، لكن ساد اإلعتقاد بأن كتاب البخاري هو 262وآخرين اعتبروا كتاب ابن جريج هو األول

أول صحيح في الحديث، حسب ما اصطلح عليه علماء هذا الفن، ومن ثم يأتي بالمرتبة

هـ(. واذا كان بعض المتقدمين 261نية صحيح مسلم بن الحجاج القشيري )المتوفى سنة الثايرى كتاب مالك اصوب كتاب في العلم، كالشافعي وغيره، فإن ذلك كان قبل البخاري

ومسلم. والفارق الجوهري بين صحيحي هذين الشيخين وبين كتاب مالك، هو ان هذا األخير

ل والمنقطع ولم يشترطوا االتصال، وهذا ما لم يعمل به ومعاصريه قبلوا العمل بالمرسالبخاري ومسلم. لذلك قال النووي في التقريب: أول مصنف في الصحيح المجرد صحيح

البخاري. وهذه العبارة تتضمن التقييد بالمجرد، ليتميز به هذا الصحيح عن جميع الكتب التي

ن لم يجرد فيه الصحيح، بل أدخل سبقته، إذ كان موطأ مالك أول مصنف في الصحيح، لك. وقد ادخل البخاري التعاليق والمتابعات والشواهد ونحوها 263المرسل والمنقطع والبالغات

واستشهادا في 264لكنه أوردها استئناسا ، فكان ذكرها في الكتاب ال يخرجه عن كونه كتابا

.265الصحيح المجردحاح، قيل ان افضلها ثالثة، وقد ظهر بعد صحيحي البخاري ومسلم عدد من كتب الص

هـ( وابي عيسى الترمذي 275وهي تعود إلى كل من أبي داود السجستاني )المتوفى سنة

هـ(. وقيل ان الفرق 303هـ( وابي عبد الرحمن النسائي )المتوفى سنة 279)المتوفى سنة بين هؤالء الخمسة من أصحاب الصحاح، هو ان غرض البخاري كان تخريج األحاديث

يحة المتصلة واستنباط الفقه والسيرة والتفسير، فتقطعت عليه متون األحاديث وطرقها الصح

ذكر الموقوف والمعلق وفتاوى الصحابة والتابعين في أبواب كتابه، وتضمن كتابه أيضاواراء الرجال عرضا. وكان غرض مسلم تجريد الصحاح دون تعرض لالستنباط، فجمع

مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل االول. 257 مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل االول. 258بيروت، عاشر. كذلك: حاجي خليفة: كشف الظنون، دار إحياء التراث العربي،مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل ال 259

.542، ص1عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج ، مادة )محمد بن إسماعيل البخاري(.2. وطبقات الحنابلة، ج11، ص2تاريخ بغداد، مصدر سابق، ج 260هـ 1402 لمكتب اإلسالمي، بيروت، الطبعة الثالثة،مصطفى السباعي: السنة ومكانتها في التشريع اإلسالمي، ا 261

.447م، ص1982ـ .73تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص 262. والمقصود بالبالغات هي تلك التي يقول فيها الراوي بلغني عن زيد مثال، وداللتها 82قواعد التحديث، ص 263

االرسال واالنقطاع ال االتصال.من مبتدأ إسناده واحد فأكثر، ولو إلى آخر اإلسناد )مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل المراد بالتعليق ما حذف 264

د متن هو ان يوجشاهد فالرابع(. والمراد بالمتابعة هو ان توجد موافقة راو لراو ظن انفراده بحديث عن شيخه لفظا. أما ال

ي، وهو الخمسة لمحمد بن موسى الحازميشبهه ولو معنى من طريق صحابي آخر )تعليق الكوثري على: شروط األئمة

(.43مطبوع خلف كتاب شروط األئمة الستة، ص .82قواعد التحديث، ص 265

حيى محمد ي مشكلة الحديث

43

تضح إختالف المتون وتشعب األسانيد على اجود ترتيب طرق كل حديث في موضع واحد لي

دون ان تتقطع عليه األحاديث. وكانت همة أبي داود جمع األحاديث التي استدل بها فقهاء

االمصار وبنوا عليها األحكام، فصنف سننه وجمع فيها الصحيح والحسن واللين والصالح أجمع النا س على تركه، لكنه كان يذكر الحديث للعمل، وصرح بأنه لم يضمن كتابه حديثا

الضعيف ويصرح بضعفه، وكان يترجم على كل حديث بما قد استنبط منه عالم وذهب اليه

. وجاء عن ابن داسة أنه سمع أبا داود يقول: كتبت 266ذاهب، وما سكت عنه فهو صالح عندهف وثمانمائة عن النبي )ص( خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها هذه )السنن( فيها أربعة آال

. وقيل ان أبا داود لما صنف كتاب )السنن( وقرأه على الناس صار كتابه ألصحاب 267حديث

الحديث كالمصحف يتبعونه وال يخالفونه، وأقر له أهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه. واشتهر ر النووي . مع هذا ذك268فيه القول: ألين ألبي داود الحديث كما ألين لداود عليه السالم الحديد

ان كتاب أبي داود لم يستوعب الصحيح من أحاديث األحكام وال معظمها، وكم في صحيح

البخاري ومسلم من حديث حكمي ليس في سنن أبي داود؟ كما ذكر ابن دقيق العيد أنه ال . وكان غرض 269يحوي السنن المحتاج إليها، وان في بعضه ما ال يحتج به في األحكام

ريقة البخاري ومسلم من جهة، وطريقة أبي داود من جهة ثانية، وزاد الترمذي الجمع بين ط

عليهما بيان مذاهب الصحابة والتابعين وفقهاء االمصار، فجمع كتابا جامعا واختصر طرق الحديث، فذكر واحدا واومأ إلى ما عداه، وبين أمر كل حديث من أنه صحيح أو حسن أو

ون الطالب على بصيرة من امره، فيعرف ما ضعيف أو منكر أو مستفيض أو غريب ليك

يصلح لالعتبار عما دونه، وذكر مذاهب الصحابة وفقهاء االمصار وسمى من يحتاج التسمية وكنى من يحتاج الكنية، لذلك يقال: أنه كاف للمجتهد مغن للمقلد. أما النسائي فقد

أقل انتقادا بعد الشيخين، لهذا امتاز بأنه اشد انتقادا للرجال من البخاري ومسلم، وان أحاديثه

.270ذكره البعض بعدهما، وقد امتاز بأنه كان يحسن بيان العلل في الحديثويتميز الحديث الصحيح عن غيره بحسب حال الرواة في السلسلة، ومعناه عند البخاري

، بحيث يروى الحديث عن عدل ضابط فمثله، 271هو ما دار على عدل متقن واتصل سنده

غير منقطعة حتى ينتهي الحديث إلى الصحابي ومنه إلى النبي )ص(. وفي بصورة متصلةهذا التعريف قيد، وهو ان يكون الراوي العدل يمتاز بالضبط واالتقان، كي ال يكون شذوذ،

مخالفة ال يمكن معها ››وهو أن ال يخالف أحد رواته ما يرويه من هو أرجح منه حفظا

مسلم في مقدمة صحيحه، وال يكون فيه علة خفية قادحة الجمع بين الروايتين كما أشار لهمجمع عليها، فشرط البخاري ومسلم ان ال يخرجا إال الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى

. 272‹‹الصحابي من غير إختالف بين الثقات االثبات بسند متصل غير مقطوع

ل السند، وبعبارة أخرى، قيل ان شروط الحديث الصحيح هي ان يكون الحديث متص .273وتام الضبط، وعدل الرجال، وليس فيه علة وال شذوذ

.151، ص1. وحجة هللا البالغة، ج55تعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص 266 .61، ص1توضيح األفكار، ج 267

، مادة ) سليمان أبو داود السجستاني(.1. وطبقات الحنابلة، ج212، فقرة 13سير اعالم النبالء، ج 268 .1700البحر المحيط، فقرة 269 . وحجة هللا البالغة، المصدر والصفحة السابقة.56تعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص 270 المـوقظـة في علم مصطلح الحـديث، مصدر سابق، فقرة الحديث الصحيح. 271. ومحمد بن طاهر المقدسي: شروط األئمة الستة، علق عليه محمد 77ـ76ص تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، 272

.10هـ، ص1357زاهد الكوثري، دار زاهد القدسي، القاهرة، وكما يقول ابن حجر: ان خبر اآلحاد بنقل عدل تام الضبط متصل غير معلل وال شاذ هو الصحيح لذاته. والمراد 273

التقوى والمروءة. والمراد بالتقوى اجتناب األعمال السيئة من شرك أو فسق أو بالعدل من له ملكة تحمله على مالزمة

بدعة. والضبط: ضبط صدر، وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، وضبط كتاب، وهو صيانته

حيى محمد ي مشكلة الحديث

44

خرها ما استكشفه الترمذي واطلق عليه الحديث آوللحديث الصحيح مراتب متعددة،

الحسن، واراد به أن يسلم راويه من أن يكون متهما، وأن يسلم من الشذوذ، وأن يروى نحوه

عن درجة الضعيف ولم يبلغ درجة الصحة. من غير وجه. وقد عرفه الذهبي بأنه ما ارتقى وإن شئت قلت: الحسن ما سلم من ضعف الرواة، فهو حينئذ داخل في قسم الصحيح كآخر

. واعتبر الحاكم النيسابوري ان الصحيح من الحديث عشرة أقسام، خمسة متفق 274رتبة له

ومراتبها بحسب عليها، وأخرى مختلف فيها. واألقسام األولى تتفاوت فيما بينها في الصحة، الدرجة كالتالي:

ي لين فاألول: وصفة هذا القسم هو الرواية عن النبي )ص( بأن ال تقل عن راويين عد

جميع الطبقات من الصحابة فنازال . الثاني: وهو مثل االول، إال أن راويه عن الصحابي واحد ال أكثر.

ال أكثر. الثالث: وهو مثل االول، إال أن راويه عن التابعين واحد

الرابع: األحاديث األفراد الغرائب التي رواها الثقات العدول، وليس لها طرق مخرجة في الكتب، مثل حديث العالء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي )ص( قال:

.275‹‹إذا انتصف شعبان فال تصوموا حتى يجيء رمضان››

هم ن آبائععن أجدادهم، ولم تأت الرواية الخامس: أحاديث جماعة من األئمة عن آبائهم ه ن أبيعن أجدادهم إال عنهم، كصحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وبهز بن حكيم ع

عن جده واياس بن معاوية عن ابيه عن جده، وأجدادهم صحابيون وأحفادهم ثقاة.

ة فيحتج بها. وقد اعتبر الحاكم النيسابوري ان هذه األقسام الخمسة مخرجة في كتب األئمكما قدر ان البخاري ومسلم قد أخذا بشرط القسم األول وعمال به، وهو القسم الذي قدرت

. لكن نقده على ذلك عدد من الحفاظ مثل المقدسي في 276أحاديثه بحوالي عشرة آالف حديث

، ومن بعده الحازمي في )شروط األئمة الخمسة( حيث اعتبر ان 277)شروط األئمة الستة(السابق خاطئ في الموارد المتفق عليها من الحديث الصحيح، واشار إلى ان البخاري التقسيم

ومسلم لم يشرطا العمل بحسب القسم األول ولم يلتزما به، وان ما قدره الحاكم من وجود

، 278عشرة آالف حديث هي لظنه انها عبارة عما اخرجه البخاري ومسلم، وهو غير صحيحبن حبان البستي من ان األحاديث هي كلها أخبار آحاد وليس واستشهد على ذلك بما قاله ا

هناك خبر من رواية عدلين فعدلين وهكذا حتى يصل الحديث إلى النبي، وقد اعتبر البستي

فقد عمد إلى ››ان عدم وجود ذلك يثبت ان األخبار كلها آحاد، وان من اشترط الرواية بعدلين .279‹‹رواية اآلحاد ترك السنن كلها لعدم وجود السنن إال من

اده من سقوط فيه بحيث يكون لديه منذ سمع فيه إلى أن يؤدى بالتام إشارة إلى المرتبة العليا في ذلك. والمتصل ما سلم إسن

كل من رجاله سمع ذلك المروي من شيخه. والمعلل ما فيه علة خفية قادحة. والشاذ ما يخالف فيه الراوي من هو ارجح منه،

وتتفاوت رتبه بسبب تفاوت هذه األوصاف )نخبة الفكر في مصطلح أهل األثر، المقدمة. كما الحظ: النكت على كتاب ابن

رة صفات القبول(.، فق1الصالح، ج المـوقظـة في علم مصطلح الحـديث، فقرة الحسن. 274األفراد جمع فرد، وهو قسمان: فرد مطلق، وهو ما تفرد به راويه عن كل واحد من الثقات وغيرهم بأن لم يروه 275

لد بأن لم بد به أهل و تفرأو، أحد من الرواة مطلقا إال هو. وفرد نسبي: وهو ما تفرد به ثقة بأن لم يروه أحد من الثقات إال ه

ا كان مروي ن وإنيروه إال أهل بلدة كذا، كأهل البصرة، أو تفرد به راويه عن راو مخصوص بأن لم يروه عن فالن إال فال

(.114من وجوه عن غيره )الرسالة المستطرفة، صم، عن 1198هـ ـ1401كر، المدخل إلى اإلكليل. ويحيى بن شرف النووي: صحيح مسلم بشرح النووي، دار الف 276

.27، ص1شبكة المشكاة االلكترونية، ج .14شروط األئمة الستة، ص 277 وما بعدها. 31محمد بن موسى الحازمي: شروط األئمة الخمسة، مصدر سابق، ص 278 .1027. والحظ أيضا: البحر المحيط، فقرة 32شروط األئمة الخمسة، ص 279

حيى محمد ي مشكلة الحديث

45

على ان مفهوم الصحيح عند أغلب علماء الحديث ال يعني القطع بصحة صدوره في نفس

االمر، بل هو ظني الصدور مهما بلغت درجة صحته. لكن ذهب القليل منهم إلى ان بعض

مراتب الصحيح يفيد القطع كالذي صرح به ابن الصالح في الحديث المتفق عليه، وهو واه البخاري ومسلم مجتمعين، إذ اعتبر ان ما اتفقا عليه لزم عنه اتفاق الحديث الذي ر

األئمة، ومن ثم اتفاق األمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول. فهذا النوع من الحديث يعد لدى

بصحة صدوره، واستدل على ذلك باجماع األمة، واجماعها معصوم ابن الصالح مقطوعاحافظ في السابق هو القول بظنية كل حديث صحيح بال من الخطأ. وكان مذهب هذا ال

.280استثناء، كما أشار إلى ذلك بنفسه

وعرف البخاري ومسلم انهما لم يلتزما باخراج جميع ما يحكم بصحته من األحاديث، فقد صححا أحاديث ليست في كتابيهما، على ما نقله الترمذي وغيره. وروي عن البخاري أنه

ابي الجامع إال ما صح وتركت من الصحيح حتى ال يطول. وقال قال: ما أدخلت في كت

وما تركت من الصحيح أكثر. بل جاء عنه أنه أيضا: لم أخرج في هذا الكتاب إال صحيحا. وكذا روي عن مسلم 281قال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح

إنما وضعت -في كتابه الصحيح يعني -أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا

، وقال أيضا: اخرجت المسند الصحيح من ثالثمائة ألف حديث 282ههنا ما أجمعوا عليه. وقد بلغت األحاديث التي كانت متداولة في عصر البخاري ستمائة ألف حديث، 283مسموعة

إذ روي عنه قوله: صنفت كتابي الصحيح لست عشرة سنة؛ خرجته من ستمائة ألف حديث

. 284علته حجة فيما بيني وبين هللا تعالىوجوذكر ابن الصالح ان األحاديث في صحيح البخاري بلغت أكثر من سبعة آالف حديث

( مع المكرر، وبلغت من غير المكرر أربعة آالف حديث. لكن بحسب تحقيق الحافظ 7275)

ذا العدد ( مع المكرر، وه9082ابن حجر فإن األحاديث بلغت أكثر من تسعة آالف حديث )، وجملة ما في الكتاب من 285خارج عن الموقوفات على الصحابة والمقطوعات عن التابعين

( حديث، وأكثرها مكرر، كما ان جملة ما فيه من المتابعات والتنبيه على 1341التعاليق )

. وقيل أنه يزيد عدد أحاديث البخاري في رواية الفربري 286( حديث341إختالف الروايات )، ويزيد عددها عند هذا األخير 287في رواية ابراهيم بن معقل النسفي بمائتينعلى عددها

. وهذه الزيادات وما ينقل من اإلختالف في 288على عددها عند حماد بن شاكر النسفي بمائة

عدد أحاديث البخاري تستدعي التحقيق لمعرفة ما اذا كان قد اصابها شيء من الوضع ناك من اجتهد واصلح ما بدا له من نقص في النسخة والدس أم ال. فعلى االقل ثبت ان ه

المعتمدة من الجامع الصحيح كما سنعرف.

يح من الحديث.مقدمة ابن الصالح، باب معرفة الصح 280. وطبقات 55، ص1. وتوضيح األفكار، ج12مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل االول. وشروط األئمة الستة، ص 281

، مادة )محمد بن إسماعيل البخاري(.2الحنابلة، ج مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر. 282 .12شروط األئمة الستة، ص 283 ن إسماعيل البخاري(. ومقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر.، مادة )محمد ب2طبقات الحنابلة، ج 284سبق ان ذكرنا معنى الموقوف وهو ما أسنده الراوي إلى الصحابي ولم يتجاوزه. أما المقطوع أو المنقطع فقد 285

ونهم ن أو من دلتابعيعرفنا ان له معنيين، فهو اما الرواية التي تروى عن الصحابي من دون ذكر التابعي، أو ما جاء عن ا

من أقوالهم وأفعالهم موقوفا عليهم. مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر. 286قيل ان الفربري كان يقول: سمع كتاب الصحيح لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل فما بقي أحد يرويه عنه 287

، مادة: محمد بن إسماعيل البخاري(.2غيري )طبقات الحنابلة، ج .58ثري على: شروط األئمة الخمسة، صتعليق الكو 288

حيى محمد ي مشكلة الحديث

46

، وبالتكرار فقد زادت 289أما أحاديث مسلم فقد بلغت بال تكرار نحو أربعة آالف حديث

.290على عدة كتاب البخاري بكثرة طرقه، وبلغت األحاديث بالمكرر اثنا عشرة ألف حديث

أحد أربعة انتهى اليهم الحفظ، وجميعهم من -رى احمد بن حنبل كما ي -ويعد البخاري أهل خراسان، وهم باإلضافة إلى المذكور كل من: أبي زرعة الرازي وعبد هللا بن عبد

. لكن الحفظ لدى البخاري ال يقارن بغيره، 291الرحمن السمرقندي والحسن بن شجاع البلخي

ي عنه شواهد عدة بهذا الصدد، أبرزها ان حيث اشتهر بقوته إلى درجة تفوق العادة، وحكجماعة من أصحاب الحديث في بغداد ارادوا ان يختبروه، فوظفوا عشرة منهم، ووضعوا

لدى كل واحد منهم عشرة أحاديث، فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا اإلسناد إلسناد

ائة مختلطة، فعرضت على آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر، وبالتالي أصبحت األحاديث المالبخاري واحدا بعد اآلخر، فأظهر أنه ال يعرفها بالشكل المعروض، وعند االنتهاء عمد إلى

حديثا، حتى انتهى إلى اصالحها بوضع سند كل حديث بما يعود إلى متنه تصحيحها حديثا

.292الحقيقي، فشهد له الناس بالحفظ والعلم وأذعنوا له بالفضلاري هذه الملكة للحفظ في تصنيفه للجامع الصحيح، فهو بخالف ما اعتاد وقد وظف البخ

عليه المصنفون أخذ يسمع األحاديث بمساندها من شيوخه دون ان يكتبها مباشرة، بل يؤجل

ذلك مدة طويلة إعتمادا على حفظه، وكانت هذه الخصوصية مدعاة لالفتخار لدى وان له بعض ، لكنها في الوقت ذاته كانت مدعاة 293مريديه للتشكيك لدى نقاده، خصوصا

العبارات التي تدعو إلى مثل هذا الشك، ومن ذلك قوله أنه صنف كتابه ثالث مرات، وانه لم

يؤكد دقة ما كتبه عما سمعه بالتمام والكمال. إذ روي عنه قوله: رب حديث سمعته يوما لكن عندما قيل له: يا أبا عبد بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر.

. كما قال أيضا: لو نشر بعض أستاري هؤالء لم يفهموا كيف صنفت 294هللا بكماله؟ سكت

. وجاء عن محمد بن األزهر السجستاني أنه 295كتابي وال عرفوه، ثم قال صنفته ثالث مرات: ما له قال: كنت في مجلس سليمان بن حرب والبخاري معنا يسمع وال يكتب، فقيل لبعضهم

.296ال يكتب؟ فقال: يرجع إلى بخارى ويكتب من حفظه

أما طريقة تعامل البخاري مع األحاديث واألسانيد في صحيحه، فهي أنه قد تعمد ان يذكر واحدة الحديث في مواضع من كتابه ويستدل به في كل باب بإسناد آخر، ويستخرج طريقا

يورده تارة تاما، وتارة مقتصرا على ويورده في موضع موصوال، وفي آخر معلقا، كما

في موضعين بإسناد واحد ولفظ طرفه الذي يحتاج اليه في ذلك الباب.. وقلما يورد حديثاواحد، وإنما يورده من طريق أخرى. وهناك صور مختلفة لتكرار ذكر الحديث في األبواب

التي استخدمها بما يتضمنه من فوائد زائدة. وكما يقول ابن حجر: ان من هذه الصور

البخاري أنه يخرج الحديث عن صحابي أو تابعي أو غيره ثم يورده عن نظير آخر، ليخرج

مقدمة فتح الباري. واختصار علوم الحديث، فقرة عدد ما في الصحيحين من الحديث. 289 .58، ص1توضيح األفكار، ج 290 .40بحر الدم، ص 291 .284ـ283، ص1التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 292ت حفظ الحديث وأنا من العمر عشر سنين أو أقل. وجاء ان حاشد بن إسماعيل قال: نقل عن البخاري قوله: ألهم 293

قال: يوما، ف تة عشركان البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غالم فال يكتب حتى أتى على ذلك أيام، فلمناه بعد س

تى جعلنا حر قلب يث، فقرأها كلها عن ظهقد أكثرتم علي فاعرضوا علي ما كتبتم، فأخرجناه فزاد على خمسة عشر ألف حد

نحكم كتبنا من حفظه )مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر(. . ومقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر.11، ص2تاريخ بغداد، ج 294ومثل ذلك قيل للبخاري: أتحفظ جميع ما أدخلت في مصنفاتك؟ فقال ال يخفى علي جميع ما فيها وصنفت جميع 295

تبي ثالث مرات )مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر(.ك مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر. 296

حيى محمد ي مشكلة الحديث

47

الحديث عن حد الغرابة. ومنها أيضا أنه يخرج الحديث أحيانا على معان متغايرة فيورده في

ان هناك أحاديث يرويها بعض كل باب من طريق غير الطريق األولى. ومن ذلك أيضا

لرواة تامة ويرويها بعضهم مختصرة فيوردها كما جاءت ليزيل الشبهة عن ناقليها. ومنها اأن الرواة ربما اختلفت عباراتهم فيحدث راو بحديث فيه كلمة تحتمل معنى، ويحدث به آخر

فيعبر عن تلك الكلمة بعينها بعبارة أخرى تحتمل معنى آخر فيورده بطريقه إذا صحت على

مفردا. ومنها أحاديث يتعارض فيها الوصل واالرسال ويرجح شرطه ويفرد لك ل لفظة بابا على أنه ال تأثير له عنده في الوصل. ومنها عنده الوصل فيعتمده ويورد االرسال منبها

أحاديث يتعارض فيها الوقف والرفع والحكم فيها كذلك. ومنها أحاديث يزيد فيها بعض

بعضهم فيوردها على الوجهين، حيث يصح عنده أن الرواة رجال في اإلسناد وينقصه الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر ثم لقي اآلخر فحدثه به، فكان يرويه على الوجهين.

ومنها أنه ربما أورد حديثا عنعنه راويه فيورده من طريق أخرى مصرحا فيها بالسماع على

. كما أنه قد يقطع الحديث في ما عرف من طريقته في اشتراط ثبوت اللقاء في المعنعناألبواب تارة، ويقتصر منه على بعضه أخرى، حيث اذا كان المتن قصيرا أو مرتبطا بعضه

ببعض وقد اشتمل على حكمين فصاعدا فإنه يعمل على اعادته مع مراعاته لشيء من

عليه الفائدة، وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك. وربما ضاق مخرج الحديث حيث ال يكون له إال ان يخرج كل جملة منها في باب مستقل فرارا من

.297التطويل، وربما نشط فساقه بتمامه من غير تقطيع

وقيل ان البخاري مات ولم يفرغ من تبييض كتابه نهائيا، ونقل أبو الوليد الباجي في جامع الصحيح( عن أبي اسحاق كتابه )التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في ال

المستملي أنه قال: استنسخت كتاب البخاري من اصله الذي عند الفربري فرأيت اشياء لم تتم

واشياء مبيضة؛ منها تراجم لم يثبت بعدها شيئا، ومنها أحاديث لم يترجم لها، فأضفنا بعض ة المستملي وابي ذلك إلى بعض. وقد ايد الباجي ذلك وقال: ومما يدل على صحته ان رواي

محمد السرخسي والكشميهني وابي زيد المروزي مختلفة بالتقديم والتأخير مع انهم

استنسخوها من أصل واحد، وانما ذلك بحسب ما قد رأى كل واحد منهم فيما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع فاضافها اليه، ويبين ذلك انك تجد ترجمتين أو أكثر من ذلك

. وأجاب ابن حجر على ذلك بأن البخاري ربما اكتفى أحيانا 298س بينها أحاديثمتصلة لي

بلفظ الترجمة التي هي لفظ حديث لم يصح على شرطه وأورد معها أثرا أو آية، فكأنه يقول لم يصح في الباب شيء على شرطي، واعتبر ابن حجر ان الغفلة عن هذه المقاصد جعلت

رك الكتاب بال تبييض، ومن تأمل ظفر. وقد جمع العالمة من لم يمعن النظر أن البخاري ت

أحمد بن المنير من ذلك أربعمائة ترجمة وتكلم عليها، ولخصها القاضي بدر الدين بن جماعة وزاد عليها أشياء، كما تكلم على ذلك أيضا محمد بن منصور السجلماسي في كتاب

.299ث والترجمة(سماه )فك اغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحدي

كما قيل ان البخاري خرج من الرواة الذين روى عنهم في جامعه الصحيح بما ال يتجاوز االلفين، فهو لم يخرج على ذلك جميع الرواة الذين روى عنهم، مثلما لم يخرج جميع

، فله كتاب )التاريخ الكبير( جمع فيه اسامي من روي عنهم الحديث 300الصحيح من الحديث

مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الثالث. 297. وتعليق الكوثري على: شروط 287، ص1التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 298

.58ـ57األئمة الخمسة، ص تح الباري، ضمن الفصل الثاني.مقدمة ف 299 .48ـ47شروط األئمة الخمسة، ص 300

حيى محمد ي مشكلة الحديث

48

من )205الصحابة إلى )سنة من زمان الف( رجل وامرأة، ومن 40هـ( فبلغ عددهم قريبا

هؤالء ما يقارب الفين هم موضع خالف بين البخاري ومسلم، وقد بلغ عدد الذين جرحهم

( رجال فقط، مما يعني ان أغلبهم ثقات، فالدرجة األولى من الرواة محتج بهم في 226النقاد ). وقيل ان البخاري ألف كتابه المذكور وهو 301هم من الثقات الصحيحين، وأغلب ما تبقى

ابن ثمان عشرة سنة، دون ان يسبق اليه أحد، ومن ألف بعده في التاريخ أو األسماء أو الكنى

.302فعيال عليه بالعدالة، وهذا ما جعل -ما تابيهكوقد اشترط البخاري ومسلم ان يكون الراوي معروفا

الطعن يقبلالة ال تقدر، حيث اعتبر كل راو ورد ذكره فيهما عدال ذا قيم -لدى أهل السنة

يث الحد فيه إال بقادح واضح أو مفسر السبب. فأسباب الجرح مختلفة ومدارها لدى علماء ي السندفقطاع على خمسة أشياء: البدعة أو المخالفة أو الغلط أو جهالة الحال أو دعوى االن

ير طعن د للغلس أو يرسل. وعليه اعتبر العلماء أنه اذا وجبأن يدعي في الراوي أنه كان يد

عن فالط في أحد رواة الصحيحين؛ فإن ذلك الطعن سيقابل بتعديل صاحب الصحيح، وبالتاليطه في ضبغير مقبول ما لم يكن مبين السبب تفسر فيه علة القدح في عدالة هذا الراوي و

ا ة، فمنهتفاوتلتي تحمل األئمة على الجرح ممطلقا، أو في ضبطه لخبر بعينه، ألن األسباب ا

رد ذكرهلذي يما يقدح ومنها ما ال يقدح. وكان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الراوي ا في الصحيح: هذا جاز القنطرة، وهو يعني أنه ال يلتفت إلى ما قيل فيه.

، وعد من ذلك وقد ذكر العسقالني الكثير ممن رمي بالبدعة المفسقة وروى عنه البخاري

ما اطلق عليه بدعة اإلرجاء والتشيع والقدرية والجهمية والنصب والخوارج، وحسب أن أغلب الرجال الذين رموا باالبتداع وروى عنهم البخاري هم من القدرية، فهم بحسب تعداد

العسقالني ثالثين رجال تقريبا، ويأتي بعدهم من رمي بالتشيع، حيث عد العسقالني منهم

عشرين رجال تقريبا، وبعدهم من رمي باالرجاء، وهم أحد عشر رجال، ثم من رموا . وفي تعليق 303بالنصب والخوارج وهم عشرة رجال، ولم يذكر للجهمية إال رجال واحدا

للقاسمي ذكر بان رجال الجرح والتعديل عدوا في مصنفاتهم الكثير ممن رمي بالبدعة

واحد منهم أنه شيعي أو خارجي أو ناصبي أو غير ذلك، مع وسندهم في ذلك ما يقال عن الأن القول عنهم بما ذكر قد يكون تقوال وافتراء، فالكثير ممن رمي بالتشيع من رواة

الصحيحين ال تعرفهم الشيعة أصال. واستشهد القاسمي على ذلك بأنه راجع كتابي )رجال

ستثناء راويين هما أبان بن تغلب وعبد الكشي ورجال النجاشي( للشيعة ولم ير لهم ذكرا باالملك بن أعين، أما البقية وعددهم ثالثة وعشرون فليس لهم ذكر في هذين الكتابين، مع ان

.304السيوطي رماهم بالتشيع في كتابه

ونقل العسقالني الخالف بين علماء أهل السنة حول المتصف بالبدعة المفسقة؛ إن كانت ان يكون متحرزا من الكذب مشهورا بالسالمة من خوارم روايته مقبولة أو ال، بشرط

المروءة موصوفا بالديانة والعبادة، فقيل يقبل مطلقا وقيل يرد مطلقا، وهناك رأي ثالث وهو

قبول الرواية عمن لم يكن داعية إلى بدعته دون غيره، وهو المذهب الذي ايده العسقالني ة، وان اختلفوا في التفصيل، ومن ذلك اذا اشتملت واعتبره قد آلت اليه الطوائف من األئم

ان أئمة الحديث رواية غير الداعية على ما يشيد بدعته، هل تقبل الرواية أم ال؟ وعموما

ان عدد الرواة المعدودين في )التاريخ الكبير( بحسب مكتبة سحاب السلفية ال يتجاوز 301 المدخل إلى اإلكليل. علما

الف( راو، وهو أقل من ثلث العدد المذكور. 13) .129الرسالة المستطرفة، ص 302 ري، ضمن فصل في تمييز أسباب الطعن في المذكورين.مقدمة فتح البا 303

(.194التقريب ممن خرج لهم الشيخان نقال عمن سلفه )قواعد التحديث، ص 304

حيى محمد ي مشكلة الحديث

49

تقبلوا رواية من اتصف بالبدعة شرط صدقه وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالدين وعدم

اء من طعن فيه من رجال تعلق روايته ببدعته. وعقد العسقالني فصال عن سرد أسم

البخاري، ومنهم من اتصف بالبدع المشار اليها، كما منهم من طعن فيه ألسباب مختلفة اعتبرت مردودة؛ كالتحامل أو التعنت أو قلة الخبرة في الحديث، كذلك فإن منهم من طعن

األخير إال فيه بسوء الضبط أو الوهم أو الغلط ونحو ذلك، لكن البخاري لم يخرج لهذا القسم

. 305على نحو التوابعومن وجهة نظر الحازمي ان أصحاب الجرح والتعديل يختلفون أحيانا حول وثاقة

الرواة، فرب راو موثوق به عند عبد الرحمن بن مهدي؛ مجروح عند يحيى بن سعيد

القطان، وبالعكس، وهما امامان عليهما مدار النقد في النقل ومنهما يؤخذ معظم شأن ث. األمر الذي يبرر ما يراه البخاري من وثاقة الرجال الذين ضعفهم البعض. ومع ذلك الحدي

اعتبر الحازمي ان للبخاري ان يقول: ال يلزمني اعتراضكم، ألني قلت لم اخرج إال حديثا

متفقا على صحته، ولم أقل ال اخرج إال حديث من اتفق على عدالته، ألن ذلك يتعذر . 306ألسباب المؤثرة في الضعفإلختالف الناس في ا

وقيل ان في الصحيحين جماعة مجهولي الحال لدى الحافظ أبي حاتم، لكنهم معروفون

لدى غيره، مثل احمد بن عاصم البلخي واسباط أبو اليسع وبيان بن عمرو وعبيد هللا بن واصل والحكم بن عبد هللا المصري وعباس القنطري ومحمد بن الحكم المروزي. كما قيل

ان ابن القطان اعتبر ابراهيم بن عبد الرحمن المخزومي مجهوال، وانه قال في مالك الزبادي

لم تثبت عدالته، أو أنه لم ينص أحد على وثاقته. كما اعتبر أبو القاسم الاللكائي اسامة بن . 307حفص المديني مجهوال أيضا، وفي الصحيحين عدد غير قليل لم ينص أحد على وثاقتهم

ممن اخرج عنه البخاري كان ممن يكثر الرواية عن المجهولين، منهم عيسى بن والبعض

موسى التيمي الملقب بغنجار، حيث احتج به البخاري رغم أنه يحدث عن أكثر من مائة شيخ .308من المجهولين

وذكر الحافظ عبد القادر القرشي بأن ما يقوله الناس )ان من روى له الشيخان قد جاوز

من التجوه، أي طلب الجاه، إذ روى مسلم في صحيحه عن الكثير من الضعفاء القنطرة( هو رغم انهم يقولون انما روى عنهم لالعتبار والشواهد والمتابعات، وهو توجيه غير صحيح

التزم في كتابه الحديث الصحيح فكيف يكون ذلك بطرق ضعيفة؟ كذلك باعتبار ان مسلما

لتدليس، فكثيرا ما ورد في كتابيهما أداتا )ان وعن( فإن البخاري ومسلم لم يسلما من االمقتضيان لالنقطاع، ومن ذلك الكثير من الروايات التي رواها مسلم في كتابه عن أبي

الزبير عن جابر بالعنعنة وهو تدليس، رغم ان الحفاظ يقولون إن ما كان من هذا النوع في

حمول على االتصال، وذلك على سبيل غير الصحيحين فمنقطع، وما كان في الصحيحين فم . 309التجوه

وفعال ان البخاري ومسلم قد استخدما أداة العنعنة في أواسط اإلسنادات التي غطت

لم تتكرر فيه هذه األداة. ومن الواضح ان ذلك ال يدل على رواياتهما، وقلما أخرجا حديثاعن شيخه من التابعين ما لم السماع المباشر. ويؤيده ان بعض علماء السلف كان ال يأخذ

مقدمة فتح الباري، فصل في تمييز أسباب الطعن في المذكورين. 305 .60ـ59شروط األئمة الخمسة، ص 306 .46تعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص 307 معرفة علوم الحديث، باب معرفة المدلسين. 308. وابن أبي الوفا: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية، شبكة 61تعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص 309

.592المشكاة االلكترونية، ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

50

يؤكد سماعه بلفظ الثنا )حدثنا(، فكما جاء عن شعبة أنه قال: كنت أنظر إلى فم قتادة فإذا قال

.310حدثنا كتبنا عنه فوقفته عليه، وإذا لم يقل حدثنا لم أكتب عنه

ض على ان المشهور لدى الحفاظ هو ان البخاري ومسلم كانا يدلسان أحيانا قليلة، ففي بعالحاالت كان البخاري يقول: قال فالن وقال لنا فالن، وهو تدليس، لكن هناك من اعتبر ذلك

غير مضر، ألنه يكون ضمن الموقوفات أو على غير شرطه. كذلك كان مسلم يقول فيما لم

. وذكر الحافظ صالح الدين العالئي 311يسمعه من مشايخه: قال لنا فالن، وهو تدليس أيضا يل ألحكام المراسيل( ان في الصحيحين وغيرهما من الصحاح الكثير من في )جامع التحص

التدليس، حيث اخرج لبعض المدلسين إما إلمامته أو لقلة تدليسه أو ألنه ال يدلس إال عن ثقة،

كالزهري واألعمش وابراهيم النخعي واسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وحميد الطويل بي كثير وابن جريج والثوري وابن عيينة وشريك وهشيم. ومن والحكم بن عتبة ويحيى بن أ

ذلك ما جاء في الصحيحين من رواية عامر الشعبي عن أبي هريرة، وقد انكر احمد بن حنبل

سماعه من أبي هريرة، ورواية أبي عبيدة عن ابيه ابن مسعود وهو لم يسمع منه. وكذا جاء الزهري مع أنه لم يسمع من الزهري في صحيح البخاري من رواية موسى بن عقبة عن

شيئا، ومثلها رواية أبي اسحاق الفزاري عن أبي طوالة وهو لم يسمع منه. وكذا ما جاء في

صحيح مسلم من رواية ابان بن عثمان عن ابيه مع أنه كما قال احمد لم يسمع من ابيه شيئا، .312بو حاتم لم يدرك المقدادورواية سليم بن عامر عن المقداد بن االسود مع أنه كما قال أ

وقيل ان المدلسين طبقات، فأولها من لم يوصف بالتدليس إال نادرا جدا؛ كيحيى بن سعيد

األنصاري وهشام بن عروة وابن عقبة. وثانيها من احتمل األئمة تدليسه وخرجوا له في صرحوا فيه الصحيح، كالذي سبق عرضه. وثالثها من توقف فيهم جماعة فلم يحتجوا إال بما

بالسماع وقبلهم آخرون مطلقا، كالطبقة التي قبلها؛ مثل الحسن وقتادة وأبي إسحاق السبيعي

وأبي الزبير المكي وأبي سفيان طلحة بن نافع وعبد الملك بن عمير. ورابعها من اتفقوا على أنه ال يحتج بشيء من حديثهم إال بما صرحوا فيه بالسماع لغلبة تدليسهم وكثرته عن

الضعفاء والمجهولين؛ كابن إسحاق وبقية بن الوليد وحجاج بن أرطاة وجابر الجعفي والوليد

.313بن مسلم وسويد بن سعيدوقد حكم العالئي على الذين يكثرون التدليس عن الضعفاء بالضعف، وقال بأنه وقع في

ثوري. وقال هذا النوع من التدليس جماعة من األئمة الكبار، وإن بشكل يسير، كاألعمش وال

الخطيب البغدادي: كان األعمش والثوري وبقية بن الوليد يفعلون مثل هذا التدليس. ونقل الذهبي عن أبي الحسن بن القطان في بقية أنه يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك، واعتبر

البعض أنه إن صح عنه فإنه مفسد لعدالته. وقال الذهبي في )الميزان(: قلت نعم وهللا صح

عنه أنه يفعله، وصح عن الوليد بن مسلم بل وعن جماعة كبار فعله، وهذا بلية منهم هذا . 314ولكنهم فعلوا ذلك باجتهاد

ومن المالحظات التي شوهدت عند البخاري ومسلم انهما كما يقول الكوثري لم يخرجا

في الصحيحين شيئا من حديث أبي حنيفة، رغم انهما ادركا صغار أصحاب أصحابه وأخذا عنهم، ولم يخرجا من حديث الشافعي شيئا، مع انهما لقيا بعض أصحابه، كما لم يخرج

واآلخر نازال بواسطة، مع أنه ادركه البخاري من حديث احمد إال حديثين أحدهما تعليقا

.268، ص1التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 310 .28، مصدر سابق، فقرة طبقات المدلسين 311 .65. كذلك: التبيين ألسماء المدلسين، ص41تعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص 312 .66ـ65التبيين ألسماء المدلسين، ص 313 .13ـ12التبيين ألسماء المدلسين، ص 314

حيى محمد ي مشكلة الحديث

51

والزمه، كذلك لم يخرج مسلم في صحيحه عن احمد إال قدر ثالثين حديثا، وال اخرج احمد

إال أربعة -وهو أصح الطرق أو من أصحها -عن نافع بطريق الشافعي في مسنده عن مالك

أحاديث، وما رواه احمد عن الشافعي بغير هذا الطريق ال يبلغ عشرين حديثا مع أنه جالس الشافعي وسمع موطأ مالك منه وعد من رواة مذهبه القديم. وقد علل الكوثري ذلك بالقول:

ذلك من جهة انهم كانوا يرون ان أحاديث هؤالء في مأمن والظاهر من ديدنهم وامانتهم ان››

من الضياع لكثرة أصحابهم القائمين بروايتها شرقا وغربا.. ومن ظن ان ذلك لتحاميهم عن أحاديثهم أو لبعض ما في كتب الجرح من الكالم في هؤالء األئمة كقول الثوري في أبي

سي في احمد وقول الذهلي في البخاري حنيفة وقول ابن معين في الشافعي وقول الكرابي

. 315‹‹ونحوها فقد حملهم شططا كذلك جاء ان البخاري لم يرو عن أئمة أهل البيت إال ما ندر، إذ ذكر أنه لم يرو شيئا عن

الحسن بن علي بن أبي طالب، وكذا لم يرو عن جعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا

عاصره، ولم يرو عن الحسن بن الحسن وزيد بن ومحمد الجواد والحسن العسكري الذيعلي بن الحسين ويحيى بن زيد والنفس الزكية محمد بن عبد هللا واخيه ابراهيم بن عبد هللا

والحسين الفخي بن علي بن الحسن ويحيى بن عبد هللا بن الحسن واخيه ادريس بن عبد هللا

سم الرسي ومحمد بن محمد بن زيد ومحمد بن جعفر الصادق ومحمد بن ابراهيم واخيه القابن علي ومحمد بن القاسم بن علي بن عمر بن زين العابدين وغيرهم، مع أنه روى عن

الخوارج والموالين للسلطة االموية ومن كانت لهم عداوة مع أهل البيت، مثل عمران بن

ذلك ال . وإن كان بحسب المنهجة التي سار عليها أئمة الحديث ومنهم البخاري ان 316حطان. وكما روي ان قاضي بخارى 317يضر إن كان ثقة في الحديث وال يدعو فيه إلى بدعته

. وهناك 318حبس البخاري وقال له: لم نقلت عن الخوارج؟ فقال: ألنهم كانوا ثقات ال يكذبون

من ادعى ان أكثر رواة البخاري كانوا من الخوارج. ونقل حسن الصدر عن ابن يسع في ل الحديث( قوله: قد صح عند العلماء أن البخاري روى عن ألف ومائتين كتاب )معرفة أصو

من الخوارج. كما نسب إلى أحمد بن حنبل قوله: لم سميت كتابك بالصحيح وأكثر رواته عن

؟.. مع أن ما ذكره ابن حجر العسقالني هو أنهم عشرة رجال تقريبا كما عرفنا.319الخوارج

مقارنة بين الصحيحينوط الصحيح لدى البخاري ومسلم هو ان يكون إسناد الحديث متصال وان إن من شر

يتصف الراوي بصفات الصدق والعدالة والضبط وسالمة اإلعتقاد مع عدم التدليس

واالختالط، ورغم هذا االتفاق بينهما إال انهما اختلفا حول بعض الشروط الخاصة بطبقات

.50ـ49شروط األئمة الخمسة، ص 315م، 6619هـ ـ1386العلمي، بيروت، الطبعة الرابعة، عبد الحسين شرف الدين: النص واالجتهاد، مؤسسة ا 316

.340ـ339صيقول العسقالني عن عمران بأنه كان داعية إلى مذهبه في الخوارج، وقد وثقه العجلي، وقال قتادة: كان ال يتهم 317

من الخوارج، ثم ذكر عمران هذا وغيره، قوب بن ل يعقاوفي الحديث، وقال أبو داود: ليس في أهل األهواء أصح حديثا

بأن بن حجراشيبة: ان عمران أدرك جماعة من الصحابة وصار في آخر أمره إلى أن رأى رأي الخوارج. وعلق على ذلك

لخ. وكما ر... االبخاري لم يخرج له سوى حديث واحد من رواية يحيى بن أبي كثير عنه، حيث قال: سألت عائشة عن الحري

طرق بمسلم خرجه البخاري في المتابعات، فللحديث عنده طرق أخرى، وقد رواهيقول ابن حجر: ان هذا الحديث إنما أ

فيها ر يشيدغيرها )مقدمة فتح الباري، فقرة عمران بن حطان السدوسي(. ومعروف ان لعمران بن حطان ابيات من الشع

بابن ملجم لقتله اإلمام علي بن أبي طالب، حيث يقول:

ليبلغ من ذي العرش رضواناإال يا ضربة من تقي ما أراد بها

اني ألذكره يوما فاحسبه أوفى البرية عند هللا ميزانا .499عن: حسن الصدر: نهاية الدراية، تحقيق ماجد الغرباوي، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص 318 .499نهاية الدراية، ص. 319

حيى محمد ي مشكلة الحديث

52

، ثم يتنزل األمر حتى الوصول 320حفظ واالتقانالرواة. فهناك اعلى الطبقات التي تمتاز بال

إلى الطبقات الضعيفة التي ال يعول عليها. ويمكن ايضاح ذلك بما قدمه بعض الحفاظ من

مثال حول أصحاب الزهري، وهم على خمس طبقات لكل منها مزية على التي تليها. وهي تعد الغاية في فالطبقة األولى تجمع بين طول المالزمة للزهري وبين الحفظ واإلتقان،

الصحة والتي قصدها البخاري، ومن أمثالها كل من يونس بن يزيد وعقيل بن خالد االيليين

ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة وشعيب بن أبي حمزة . وتتصف الطبقة الثانية بأنها تشارك فلم تمارس األولى في التثبت لكنها دونها في االتقان، فهي لم تالزم الزهري إال مدة يسيرة

الحديث مثل األولى، وهذه الطبقة هي شرط مسلم، ومن أمثالها كل من األوزاعي والليث بن

سعد وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر وابن أبي ذئب. وهناك طبقة ثالثة كانت ممن لزمت الزهري كالطبقة األولى، إال انها لم تسلم من غوائل الجرح، فهم بين الرد والقبول، وهي

أبي داود والنسائي، ومن أمثالها كل من جعفر بن برقان وسفيان بن حسين وإسحاق بن شرط

يحيى الكلبي. وكذا هناك طبقة رابعة تشترك مع الطبقة الثالثة في الجرح والتعديل، لكنها لم تصاحب الزهري كثيرا وتفردت بقلة ممارستها لحديثه، وهي شرط أبي عيسى الترمذي

اهد والمتابعات، ومن أمثالها كل من زمعة بن صالح ومعاوية بن الذي إعتمدها في الشو

يحيى الصدفي والمثنى بن الصباح. أما الطبقة الخامسة فهي نفر من الضعفاء والمجهولين، نحو عبد القدوس بن حبيب والحكم بن عبد هللا األيلي ومحمد بن سعيد المصلوب. وتعد

حديث أهل الطبقة الثانية ما يعتمده من غير الطبقة األولى شرط البخاري، وقد يخرج من

استيعاب، وهي التي يعتمدها في التعليق، كما قد يخرج اليسير من حديث الطبقة الثالثة تعليقا أيضا. أما مسلم فيخرج أحاديث الطبقتين األولتين على سبيل االستيعاب، ويخرج أحاديث

. 321في الثانيةالطبقة الثالثة على النحو الذي يصنعه البخاري

ويمكن القول أن البخاري يخرج من أحاديث الطبقة الثانية انتقاء، اما مسلم فيخرجها أصوال. وأما الطبقتان الرابعة والخامسة فال يعرج عليهما الشيخان. وبهذا يظهر أن كتاب

. 322البخاري أتقن رجاال وأشد اتصاال

ويتضح ذلك من العالمات التالية:

( رجال، وقد نقد 430انفرد البخاري باإلخراج لهم دون مسلم أكثر من )ان الذين ـ1

( رجال عدوا ضعفاء . أما الذين انفرد مسلم باإلخراج لهم دون البخاري 80الحفاظ منهم )

.323( رجال وصفوهم بالضعف160( رجال، وقد نقد الحفاظ منهم )620فهم )

من انفرد بتخريج أحاديثهم هم شيوخه الذين ان أكثر الذين نقدوا من رجال البخاري م ـ2

للرجال الذين نقدوا ممن انفرد لقيهم وجالسهم وعرف أحوالهم واطلع على أحاديثهم، خالفا

مسلم بتخريج أحاديثهم، حيث أكثرهم ممن تقدم عن عصره. وال شك أن المحدث أعرف .324بحديث شيوخه ممن تقدم منهم

ما لم يضف إلى ذلك تعد صفة الحافظ من اعلى المراتب، فقد يمتاز الثقة بالضبط وا 320 التقان لكنه ال يكون حافظا

ب، ابن المسيبعين كالمعرفة واإلكثار. والحفاظ طبقات، وهي بحسب تحديد الذهبي كاالتي: في ذروتها أبو هريرة، وفي التا

م هدي، ثموفي صغارهم كالزهري، وفي أتباعهم كسفيان وشعبة ومالك، ثم ابن المبارك ويحيى بن سعيد ووكيع وابن

م النسائيسلم، ثأصحاب هؤالء كابن المديني وابن معين وأحمد وإسحاق، ثم البخاري وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي داود وم

ثقة(.وموسى بن هارون وصالح جزرة وابن خزيمة، ثم ابن الشرقي )المـوقظـة في علم مصطلح الحـديث، فقرة ال ضمن الفصل الثاني.. ومقدمة فتح الباري، 47ـ43شروط األئمة الخمسة، ص 321

مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الثاني. 322 .40، ص1نفس المصدر والفصل. وتوضيح األفكار لمعاني تنقيح األنظار، ج 323 .41، ص1نفس المصدر والفصل. وتوضيح األفكار، ج 324

حيى محمد ي مشكلة الحديث

53

له حكم االتصال إذا -كما حكاه في مقدمة صحيحه -ان اإلسناد المعنعن عند مسلم ـ3

تعاصر المعنعن ومن عنعن عنه وإن لم يثبت اجتماعهما، وذلك ما لم يكن المعنعن مدلسا.

لم يشرط ثبوت اللقاء، بل اشرط امكان لقاء من اضيفت اليه وبعبارة أخرى ان مسلماعول على امكانه؛ ألنه ال يدل على العنعنة. أما البخاري فهو أنه يشرط ثبوت اللقاء وال ي

االتصال حتى يثبت اجتماعهما ولو مرة واحدة. وقد أظهر البخاري هذا المذهب في تاريخه

، وذلك على شاكلة كل من علي بن المديني وابي بكر الصيرفي 325وجرى عليه في صحيحهذكر اسمه، . وهذا التشديد من قبل البخاري جعل مسلما يعرض به في النقد دون326الشافعي

فقد ذكر في مقدمة صحيحه ضمن باب )صحة االحتجاج بالحديث المعنعن( معتبرا ان ذلك

هو قول مخترع ومستحدث لم يسبق ان عول -الذي وصفه بالطعن في األسانيد -الشرط عليه أهل العلم من قبل، وهو أقل من أن يعرج عليه ويثار ذكره لما فيه مخالفة مذهب

ب ادعاء مسلم ان اإلجماع قائم على ان المعاصرة كافية وال يتوقف األمر . فبحس327العلماء

.328على العلم باللقيابوت مع أنه سواء اخذنا بما ذهب اليه مسلم أو حتى بما اشرطه البخاري من شرط ث

ة ة خارجيقرين اللقاء، ففي كال الحالين ليس هناك ما يدل على السماع المباشر، كما ال توجد

ثنا لفظة حدثنا كثل ان يدلي الراوي بأن عنعنته تفيد السماع المباشر اختصارا للتدل عليه؛ م أو اخبرنا.

( حديث، اختص البخاري منها 210لقد بلغت األحاديث التي أنتقدت في الصحيحين ) ـ4

بـأقل من ثمانين حديث منفردا، والباقي يختص بمسلم. أما ما اختص به البخاري وشاركه (، وشاركه 78( حديث، حيث اختص البخاري منها منفردا بـ )110فهي ) مسلم في بعضها

. فيكون مجموع ما 329( يضاف إلى ما اختص به مسلم منفردا 32مسلم بـما تبقى، وهو )

( حديث. وبالتالي فأكثر األحاديث التي أنتقدت هي في صحيح مسلم ال 132يتعلق بمسلم ) أقر بفضل ال بخاري ومكانته في الحديث، وانه أقدم عليه فقبل ما البخاري. ونقل ان مسلما

بين عينيه وقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذ األستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في

. والعلماء يقدرون حجم ما استفاده مسلم من البخاري، حتى كان الدارقطني يقول: 330عللهجهة أخرى ان مسلما لم يذكر للبخاري . وإن كان من 331لوال البخاري لما راح مسلم وال جاء

، بل اعتبر أبو بكر الخطيب ان مسلما لحدة في خلقه انحرف 332حديثا وال سماه في صحيحه

عن البخاري فافتتح كتابه بالحط على من اشترط اللقاء لمن روى عنه بصيغة )عن( ووبخ .333من قال بذلك، والبخاري هو القائل بذلك مع شيخه علي بن المديني

لقد وجد كتاب البخاري استحسانا لدى فرسان الحديث في زمانه عند عرضه عليهم، ـ5

لكن األمر مع صحيح مسلم يختلف، ذلك ان البعض انتقده كما هو الحال مع أبي زرعة وقال عند ذكر كتابه: هؤالء قوم ارادوا التقدم قبل الرازي وغيره، فقد ذم أبو زرعة مسلما

يت لم يسبقوا اليه ليقيموا ألنفسهم رياسة قبل وقتها. اوانه فعملوا شيئا سوقون به، الفوا كتابا

نفس المصدر والفصل. 325 .32، ص1صحيح مسلم بشرح النووي، ج 326 اب المذكور.مقدمة صحيح مسلم، ضمن الب 327 .573، ص12اعالم النبالء، ج 328 .41، ص1مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الثاني. وتوضيح األفكار، ج 329 ، مادة: محمد بن إسماعيل البخاري. ودليل أرباب الفالح.2طبقات الحنابلة، ج 330 .41، ص1توضيح األفكار، ج 331منه وشاركه في كثير من شيوخه )مقدمة فتح الباري، ضمن ظن ابن الصالح ان مسلما أخذ عن البخاري واستفاد 332

الفصل الثاني( وهو خالف ما نص عليه الخطيب البغدادي. ومعلوم ان البخاري هو أيضا لم يرو عن مسلم شيئا .573، ص12اعالم النبالء، ج 333

حيى محمد ي مشكلة الحديث

54

وان أبا زرعة جاء ذات يوم فنظر في الكتاب فوقعت عينه على حديث عن اسباط بن نصر،

فقال: ما يعد هذا من الصحيح يدخل في كتابه اسباط بن نصر، ثم رأى في الكتاب قطن بن

حيث ان قطن وصل أحاديث عن ثابت جعلها عن انس، ثم نسير فقال: وهذا اطم من االول،أنه أشار إلى احمد بن عيسى بأنه من المتهمين بالكذب وقد اورده مسلم في صحيحه، فقال

أبو زرعة: أيحدث عن هؤالء ويترك محمد بن عجالن ونظراؤه؟ ويطرق ألهل البدع عليها

. كما 334ليس هذا من كتاب الصحيحفيجدوا السبيل بأن يقولوا للحديث اذا احتج عليهم به: لما وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة فانكر عليه هذا األخير جاء ان مسلما

وتغيظ، وقال سميته الصحيح فجعلت سلما ألهل البدع وغيرهم، فاذا روى لهم المخالف

!335حديثا يقولون هذا ليس في صحيح مسلمان كتاب البخاري أصح من كتاب مسلم، وإن بمثل هذه المقارنة إستنتج علماء الحديث

كانت عبارات القليل منهم تفيد تفضيل كتاب مسلم، كما هو الحال مع ما ورد عن أبي علي

النيسابوري وجماعة من علماء المغرب. فقد قال النيسابوري: ما تحت أديم السماء كتاب سابوري قدم صحيح أصح من كتاب مسلم بن الحجاج. ورأى ابن حجر العسقالني أن الني

مسلم على غيره العتبارات فنية ال عالقة لها بدرجة الصحة، بل ألن مسلما صنف كتابه في

بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه فكان يتحرز في األلفاظ ويتحرى في السياق وب وال يتصدى لما تصدى له البخاري من استنباط األحكام الفقهية والسيرة والتفسير ليب

عليها؛ والذي لزم منه تقطيعه للحديث في أبوابه، بل جمع مسلم طرق كل حديث في موضع

واحد ليتضح إختالف المتون، واقتصر على األحاديث دون الموقوفات، فلم يعرج عليها إال نادرا وعرضا غير مقصود، وانه اراد تقريب السنة النبوية إلى االذهان وتسهيل االستنباط

. 336منها

لى مثل هذه الصورة يمكن تفسير قول مسلم بن قاسم القرطبي في ترجيح كتاب مسلم وععلى غيره باطالق، حيث اعتبره ابن حجر أنه محمول على حسن الوضع وجودة

. 337الترتيب

كما ذهب ابن الصالح إلى ان صحيح مسلم يفضل صحيح البخاري في بعض االمور، ، إذ ليس فيه بعد خطبته إال الحديث الصحيح وهو ان كتاب مسلم لم يمازجه غير الصحيح

مسرودا غير ممزوج، بخالف ما في كتاب البخاري من أشياء ال تتصف بالشرط الذي

ترجيح كتاب مسلم -على رأيه -اشرطه على نفسه، كالمعلقات وما اليها. لكن ال يلزم ذلك .338على كتاب البخاري من حيث النظر إلى نفس الصحيح ودرجته

الرازي، فكل ما . وجاء عن مسلم أنه قال: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة60شروط األئمة الخمسة، ص 334

أشار أن له علة تركته )مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الثامن(. .62. وتعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص592الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية، ص 335 151، ص1مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الثاني. وحجة هللا البالغة، ج 336 نفس المصدر والفصل. 337 فس المصدر والفصل.ن 338

حيى محمد ي مشكلة الحديث

55

حيى محمد ي مشكلة الحديث

56

القسم الثاني

مشاكل الحديث السني

حيى محمد ي مشكلة الحديث

57

الفصل الثالث: مشكلة الكثرة والتوثيق

لما أجراه من تغيير يل وتبد هناك عدد من اإلشكاالت التي تلوح العصر السابق تبعات لفقرااللسلوك الذي عهده كبار الصحابة والتابعون. ويمكن تحديد هذه االشكاالت وفق

التالية:

ـ تنامي الحديث1كنا قد علمنا ان العصر الذي تال عصر الصحابة وحتى القرن الثاني للهجرة قد شهد

كثرة المراسيل والمنقطعات، في حين كانت المدونات الحديثية خالل القرن الثالث للهجرة غارقة باإلسناد المتصل وتجريد الحديث الصحيح. فما حدث في القرن األخير وما بعده لم

ن معهودا من قبل. ومن ذلك ان ابن عبد البر صنف كتابا خالل القرن الرابع للهجرة في يك

، معتبرا ان عددا من الحفاظ 339وصل ما في الموطأ من المرسل والمنقطع والمعضلالمتأخرين حسبوا ان ما في الموطأ من المراسيل حجة، وذلك ألن كل حديث مرسل في

. والسؤال الذي يرد بهذا الشأن: من أين أتت 340حد أو أكثرالموطأ له ما يعضده بعاضد وا

هذه الكثرة من اإلسناد المتصل، ولماذا لم يطلع عليها التابعون وعلماء القرن الثاني للهجرة؟ وبعبارة أخرى كيف يمكن ان تكون مثل هذه األسانيد مجهولة وغائبة عن السلف والتابعين

ما قاله احمد بن حنبل: ثالثة أمور ليس لها أصل مع قربهم من عصر الصحابة؟ ويؤيد ذلك

. فأغلب روايات هذه 341أو إسناد: التفسير والمالحم والمغازي. فالغالب عليها المراسيلالقضايا ال تتمتع بالصحة جراء غياب اإلسناد المتصل، والقليل منها يحمل اإلسناد المتصل

في مجال التفسير.الصحيح، مع ان كتب الصحاح حفلت بالكثير منها، خاصة

وعلى هذه الشاكلة ان األحاديث المتداولة قبل القرن الثالث للهجرة لم تكن كثيرة مثلما هي عليه في هذا القرن، وهو قرن المدونات الكبرى للحديث. فبدال من ضياع الكثير من

الحديث بسبب موت الحفاظ وذهاب الذاكرة؛ فإن الحال شهد العكس من ذلك. فقد نقل عن

احمد بن حنبل قوله: صح من الحديث سبعمائة ألف حديث وكسر. مع األخذ بنظر االعتبار . وجاء ان ابن 342ما اعتبره بعض الحفاظ من ان مراده بذلك هو عدد الطرق وليس المتون

حنبل قال وهو يخاطب جماعة من الحضور: إن هذا الكتاب )المسند( قد جمعته وانتقيته من

ين ألفا، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول هللا )ص( أكثر من سبعمائة وخمس. كما قيل ان في مسند احمد أكثر من 343فارجعوا إليه؛ فإن وجدتموه فيه وإال فليس بحجة

، ولم يلتزم الصحة فيه، وانما اخرج فيه من لم يجتمع الناس على تركه. 344ألف( حديث 40)

. 345وغير ما الحق به ابنه عبد هللاألف( حديث سوى المكرر 30وقيل ان في مسنده )

المقصود بالمعضل هو ما يرويه تابعي التابعي عن النبي )ص( وهو أقل مرتبة من المرسل )مقدمة ابن الصالح، 339

باب معرفة المرسل. والكفاية في علم الرواية، معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات(. .16. والرسالة المستطرفة، ص82قواعد التحديث، ص 340 أنه اعتبر 341 ابن تيمية: مقدمة في أصول التفسير، فصل حول اإلختالف في التفسير. لكن نقل عن ابن حنبل أيضا

، . وابن تيمية210تفسير القرآن من غير السنة محض الضالل )ابو زهرة: ابن حنبل، دار الفكر العربي، ص

تفسير ال سند متصل له.(. والحال ان هذا القول ال يتسق مع ما عرفنا أنه اعتبر ال458ـ457ص .205، ص2المدخل إلى اإلكليل. ونظام الحكومة النبوية، ج 342 ، مادة )حنبل بن إسحاق بن حنبل الشيباني(.1طبقات الحنابلة، ج 343م، 1994هـ ـ4151ابن النديم: الفهرست، اعتناء وتعليق ابراهيم رمضان، دار المعرفة، بيروت، الطبعة األولى، 344

.281ص .207، ص2الحكومة النبوية، ج نظام 345

حيى محمد ي مشكلة الحديث

58

وجاء عن يحيى بن معين أنه قال: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث، فعلق أحمد بن

عقبة على ذلك وقال: وإني أظن ان المحدثين قد كتبوا له بأيديهم ستمائة ألف وستمائة

السؤال: من . كما سئل ابن معين: أيفتي الرجل من مائة ألف حديث؟ قال: ال، وتكرر 346ألف. كما جاء 347مائتي ألف.. من ثالثمائة الف؟ قال ال، فسئل: من خمسمائة ألف؟ فقال: أرجو

لعباد بن عن علي بن المديني أنه قال: تركت من حديثي مائة ألف حديث فيها ثالثون ألفا

. وجاء عن أبي زرعة أنه 349. وجاء عن أبي اسامة أنه كتب بيده مائة ألف حديث 348صهيببت عن ابراهيم بن موسى الرازي مائة ألف حديث، وعن أبي بكر بن أبي شيبة مائة قال: كت

. كما جاء عن ابن حنبل أنه قال بأن هذا الفتى، يعني أبا زرعة، قد حفظ 350ألف حديث

.351ستمائة ألف حديثوقال ابن عقدة ان أقل شيخ سمعت منه له عندي مائة ألف حديث، فقال له بعض

. وقيل 352نحن اخوة أربعة قد كتب كل واحد منا عنك مائة ألف حديث الحاضرين: أيها الشيخ

. وان البعض سمع من عبد هللا ابن عمر 353أنه ظهر ألبي كريب بالكوفة ثالثمائة ألف حديث .354القواريري مائة ألف حديث

كما جاء عن أبي بكر بن أبي دارم أنه كتب عن أبي جعفر الحضرمي مطين مائة ألف

مد بن المسيب أنه قال: كنت أمشي بمصر وفي كمي مائة جزء وفي . وجاء عن مح355حديثكل جزء ألف حديث. وقال: كتب في عصرنا جماعة بلغ المسند المصنف على تراجم

الرجال لكل واحد منهم ألف جزء، منهم أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة األصفهاني

. 356وأبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الماسرجسيمن العلماء من يحفظ خمسمائة ألف حديث. وجاء عن محمد بن إسحاق بن راهويه وكان

. كما روي عن أبي زرعة أنه يحفظ أكثر من مائة ألف 357أنه املى سبعين ألف حديث حفظا

. 358حديثوجاء عن إسحاق بن راهويه أنه قال: كأني أنظر إلى سبعين ألف حديث من كتابي، فقال

ذا القول لعل في هذا الزمان من ينظر إلى مائتي ألف ألف من له البخاري: أو تعجب من ه

. وقد علمنا ان البخاري قد 359كتابه. وعلق ابن حجر العسقالني على ذلك بأنه عنى نفسهأخرج صحيحه من ستمائة ألف حديث، وكان يقول بأنه يحفظ مائة ألف حديث صحيح

.1532، فقرة 2الجامع الخالق الراوي، ج 346، مادة )الحسن بن إسماعيل بن الربعي( ومادة 1. وطبقات الحنابلة، ج1525، فقرة 2الجامع الخالق الراوي، ج 347

)الحسين بن إسماعيل(. .1531، فقرة 2الجامع الخالق الراوي، ج 348 .8152المصدر السابق، فقرة 349 .1534المصدر السابق، فقرة 350 ، مادة )عبيد هللا أبو زرعة الرازي(.2طبقات الحنابلة، ج 351 .1541، فقرة 2الجامع الخالق الراوي، ج 352 .1537المصدر السابق، فقرة 353 .1539المصدر السابق، فقرة 354 . والمدخل إلى اإلكليل.1540المصدر السابق، فقرة 355 يل.المدخل إلى اإلكل 356 المدخل إلى اإلكليل. 357قيل ان رجال حلف بطالق امرأته بأن أبا زرعة يحفظ من ظهر قلبه مائة ألف حديث، فجاء الرجل يسأل أبا 358

ض إال د على بياتي سوازرعة، فلم يجبه هذا األخير، فألح عليه الرجل، فقال أبو زرعة: أيها الرجل ما عددته ولكن ما في بي

ي يمينك بار ف اتم للرجل: في بيت أبي زرعة أكثر من مائة ألف ومائة ألف ومائة الف. اذهب فأنتوأحفظه، فقال أبو ح

المشكاة . وعبد الوهاب بن علي السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، شبكة1534، فقرة 2)الجامع الخالق الراوي، ج

(.66االلكترونية، ص مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر. 359

حيى محمد ي مشكلة الحديث

59

: ما نمت البارحة حتى عددت كم ومائتي ألف حديث غير صحيح. ونقل عن البخاري أنه قال

أدخلت في تصانيفي من الحديث فإذا نحو مائتي ألف حديث. وقال أيضا لو قيل لي تمن لما

نه عمل كتابا في الهبة إ. كما قيل 360قمت حتى أروي عشرة آالف حديث في الصالة خاصةن يمسندن يحديث سوىنه ليس في كتاب وكيع في الهبة ( حديث، مع أ500ما يقارب ) يحمل

.361أو ثالثة، وفي كتاب عبد هللا بن المبارك خمسة أو نحوها

*** ال شك ان هذه األعداد الضخمة من وفرة الحديث وحفظه تبعث المرء على التفكير

والتأمل، إذ كيف غابت هذه األحاديث عن القرن الثاني؟ فقد علمنا ان مالكا رغم تحريه فإنه

شار ما ذكر من أكداس الحديث، وحتى ان الحديث الذي لم يكن يملك من الحديث أعشار أعاستطاع تحصيله انما حفل بكثرة المراسيل والمنقطعات، وكان مع ذلك متشككا غاية التشكك

فشيئا طوال حياته، رغم قرب عهده 362فيما جمعه من الحديث ، وكان ينقص منه شيئا

لب الموقف وتحول الحال إلى بالصحابة مقارنة بعلماء القرن الثالث للهجرة. فكيف انقالتفاخر بكثرة ما يوجد من الحديث وحفظه؟ فمن أين جاءت هذه االكداس من األحاديث

الموصولة المتصلة والصحيحة السند؟

وقد يقال في الجواب عما سبق ان هذه الكثرة جاءت بفعل البحث عن المزيد من الحفاظ ود منطقة ما، كالمدينة والحجاز التي اكتفى في مختلف البالد اإلسالمية دون التوقف عند حد

بها مالك في جمع حديثه. وقد صنف أبو داود السجستاني كتابا في مفاريد أهل األمصار من

السنن بين فيه ما اختص به أهل كل مصر من األمصار من السنن التي ال توجد مسندة عند . وطاف 363لبصرة وغيرهاغيرهم؛ مثل المدينة ومكة والطائف ودمشق وحمص والكوفة وا

البخاري مختلف البقاع اإلسالمية بحثا عن حفظة الحديث الثقاة، واستطاع ان يجمع ما أمكنه

. وعليه 364من الحديث، حتى قال فيما جمعه من البصرة: ما تركت بالبصرة حديثا إال كتبتهصل إلى نفس لو فعل مالك أو غيره من علماء القرن الثاني مثل ما فعل البخاري وغيره لتو

إن بعض األحاديث ››النتيجة التي توصل اليها هذا األخير تقريبا. لذلك قال الدهلوي:

الصحيحة لم يبلغ علماء التابعين ممن وسد اليهم الفتوى فاجتهدوا بارائهم أو اتبعوا العمومات ثم ظهرت هذه األحاديث بعد ذلك في‹‹ أو اقتدوا بمن مضى من الصحابة فأفتوا حسب ذلك

منهم انها تخالف عمل أهل مدينتهم ››الطبقة التي بعد أولئك التابعين فلم يعملوا بها ظنا

وسنتهم التي ال إختالف لهم فيها، وذلك قادح في الحديث وعلة مسقطة له... وانما ظهرت بعد ذلك عندما امعن أهل الحديث في جمع طرق الحديث ورحلوا إلى اقطار األرض وبحثوا

م فكثرت األحاديث.. وخفي على أهل الفقه، وظهر في عصر الحفاظ الجامعين عن حملة العل

لطرق الحديث كثير من األحاديث، رواه أهل البصرة مثال وسائر االقطار في غفلة منه.. مثاله حديث القلتين فإنه حديث صحيح روي بطرق كثيرة معظمها ترجع إلى أبي الوليد بن

عن عبيد -أو محمد بن عباد بن جعفر -ير عن عبد هللا كثير، عن محمد بن جعفر بن الزب

هللا بن عبد هللا كالهما عن ابن عمر، ثم تشعبت الطرق بعد ذلك، وهذان وان كانا من الثقات

مصدر والفصل السابق.نفس ال 360 نفس المصدر والفصل السابق. 361 إذا شك في بعض الحديث طرحه كله )تقدمة المعرفة، باب ما ذكر من صحة 362 نقل عن الشافعي قوله بأن مالكا

يا. وسير ي الفتفحديث مالك وعلمه باآلثار. كذلك: الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، ضمن فصل في تحريه

.(769، ص2. والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج75، فقرة 8عالم النبالء، جاابن تيمية: رفع المالم عن األئمة األعالم، شبكة المشكاة االلكترونية، ضمن فقرة السبب الثالث )لم تذكر ارقام 363

.377صفحاته وال فقراته(. وقواعد التحديث، ص الباري، ضمن الفصل العاشر.مقدمة فتح 364

حيى محمد ي مشكلة الحديث

60

لكنهما ليس ممن وسد اليهم الفتوى وعول الناس عليهم فلم يظهر الحديث في عصر سعيد بن

لمالكية وال الحنفية فلم يعملوا به وعمل به المسيب وال في عصر الزهري، ولم يمش عليه ا

الشافعي. وكحديث خيار المجلس فإنه حديث صحيح روي بطرق كثيرة وعمل به ابن عمر وابو هريرة من الصحابة، ولم يظهر على الفقهاء السبعة ومعاصريهم، فلم يكونوا يقولون

.365‹‹افعيبه، فرأى مالك وابو حنيفة هذه علة قادحة في الحديث وعمل به الش

مع هذا فالجواب السابق غير كاف، وذلك لعلمنا ان الكثير من علماء السلف قد شككوا في األحاديث التي لم يكن لها أصل في الحجاز. وسبق ان عرفنا كيف ان الزهري علل

اضطراره إلى كتابة الحديث بسبب ما ورد من األحاديث غير المعروفة من قبل المشرق.

يقول: إذا حدثك العراقي بألف حديث فالق تسعمائة وتسعين وكن من وكان هشام بن عروة . كما ان الشافعي كان يقول: كل حديث ال يوجد له أصل في حديث 366الباقي في شك

. وذهب الكثير من الحجازيين إلى المنع من 367الحجازيين فهو واه وإن تداولته الثقات

وهو مالك -الحجاز، حتى قال قائلهم االحتجاج بحديث عراقي أو شامي إن لم يكن له أصل ب: نزلوا أحاديث أهل العراق بمنزلة أحاديث أهل الكتاب ال تصدقوهم وال -بن انس

. وقيل آلخر: سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد هللا حجة، قال 368تكذبوهم

المسيب وال . وكان مالك يقول: وهللا ما استوحش سعيد بن369إن لم يكن له أصل بالحجاز فالغيره من أهل المدينة لقول قائل من الناس، ولوال ان عمر بن عبد العزيز أخذ هذا العلم

.370بالمدينة لشككه كثير من الناس

وواضح ان مثل هذه النصوص صريحة في عدم التعويل على الحديث المتداول خارج العلماء ذلك بأن ارض الحجاز باعتبارها المحط الرئيس للصحابة والتابعين. وعلل بعض

أهل الحجاز ضبطوا السنة فلم يشذ عنهم منها شيء، وأن أحاديث العراقيين وقع فيها

أصح طرق السنن ما يرويه أهل ››. وقال الخطيب: 371اضطراب أوجب التوقف فيهاالحرمين مكة والمدينة، فإن التدليس عنهم قليل، والكذب ووضع الحديث عندهم عزيز،

يدة وطرق صحيحة إال أنها قليلة ومرجعها إلى أهل الحجاز أيضا، وألهل اليمن روايات ج

وألهل البصرة من السنن الثابتة باألسانيد الواضحة ما ليس لغيرهم من إكثارهم، والكوفيون مثلهم في الكثرة غير أن رواياتهم كثيرة الدغل قليلة السالمة من العلل، وحديث الشاميين

منه مما أسنده الثقات فإنه صالح والغالب عليه ما يتعلق أكثره مراسيل ومقاطيع وما اتصل

. وجاء عن ابن تيمية أنه قال: اتفق أهل العلم بالحديث على أن أصح 372‹‹بالمواعظ. ومع ذلك فقد كان مالك ال 373األحاديث ما رواه أهل المدينة ثم أهل البصرة ثم أهل الشام

ان أقوال الصحابة جمعت في عصر الشافعي فتكثرت ››. كما ذكر الدهلوي: 147، ص1حجة هللا البالغة، ج 365

مثل ذلك عون فيواختلفت وتشعبت، ورأى كثيرا منها يخالف الحديث الصحيح حيث لم يبلغهم، ورأى السلف لم يزالوا يرج

، 1لسابق، جا)المصدر ‹‹ لتمسك بأقوالهم ما لم يتفقوا، وقال: هم رجال ونحن رجالا -الشافعي -إلى الحديث فترك

(.147ص .80قواعد التحديث، ص 366 .15االعتبار في الناسخ والمنسوخ، ص 367( فإن أهل العراق هم كغيرهم من البلدان، فيهم الثقة الحجة 69ـ68، فقرة 8لكن كما جاء في )سير اعالم النبالء، ج 368

ن، العراقيي رواية ق والفقيه والمقرئ والعابد وفيهم الضعيف والمتروك والمتهم. وفي الصحيحين شيء كثير جدا منوالصدو

ر وأبي ومنصو وفيهم من التابعين مثل علقمة ومسروق وعبيدة والحسن وابن سيرين والشعبي وإبراهيم ثم الحكم وقتادة

خالئق أضعافهم.إسحاق وابن عون ثم مسعر وشعبة وسفيان والحمادين و .377رفع المالم عن األئمة األعالم، ضمن الفقرة السابقة. وقواعد التحديث، ص 369 .201انتصار الفقير السالك، ص 370 .377رفع المالم عن األئمة األعالم، ضمن الفقرة السابقة. وقواعد التحديث، ص 371 .79قواعد التحديث، ص 372 .81المصدر السابق، ص 373

حيى محمد ي مشكلة الحديث

61

يث منهم، إذ جاء عنه يقول: لقد أدركت يعول على الكثير من مشايخ المدينة وال يأخذ الحد

يقولون قال رسول هللا )ص( -وأشار إلى مسجد الرسول )ص( -سبعين عند هذه األساطين

فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان به أمينا، إال أنهم لم يكونوا بن عبد هللا بن شهاب وهو شاب من أهل هذا الشأن، ويقدم علينا محمد بن مسلم بن عبيد هللا

مشيخة لهم فضل -يعني المدينة -. وقال أيضا: أدركت ببلدنا هذا 374فنزدحم على بابه

قط، وذلك ألنهم لم يكونوا يعرفون وصالح وعبادة يحدثون، فما كتبت عن أحد منهم حديثامأمون ال يؤخذ . كما جاء عن أبي الزناد أنه قال: أدركت بالمدينة مائة كلهم 375ما يحدثون

.376عنهم العلم؛ كان يقال ليس هم من أهله

ومما يلفت النظر أنه رغم ارتباط تلك الفترة وما قبلها بعصر الصحابة فإنها مع ذلك لم تسلم من اإلختالف والشكوك حتى بالنسبة للسنن والممارسات التي يتم مزاولتها يوميا،

ان ابن عمر وهو عميد أهل المدينة كان يرى ومنها تلك التي لها عالقة بالصالة. فكما ذكر

إفراد األذان، وكذا القول فيه: حي على خير العمل، وكان بالل يكرر عبارة: قد قامت الصالة، مع ان مالكا لم ير ذلك. كما ان الزهري كان يرى الزكاة في الخضراوات، في حين

ال يراها. وقال الصيرفي في كتابه )األعالم(: قد تصفحنا قول من قال: العمل ››ان مالكا

على كذا، فوجدنا أهل بلده في عصره يخالفونه، كذلك الفقهاء السبعة من قبله فإنه مخالفهم، كان ال يدع في موطئه ‹‹. ولو كان العمل على ما وصفه لما جاز له خالفهم وقيل ان مالكا

بع هذه اإلجماعات إجماع أهل المدينة إال في ثمان وأربعين مسألة فقط. وهناك من تت

المزعومة فوجد منها ما هو إجماع، ومنها ما لم يكن إجماعا إلختالف علماء المدينة، وذكر . 377من ذلك الكثير من التناقضات على شاكلة ما سبق

ة؟!لقوليفهذا حال السنن والعمل المزاول يوميا؛ فكيف الحال بغيرها من األحاديث ا

ود إلى الث يعالكثرة التي شهدناها للحديث في القرن الثكذلك قد يقال أنه لو كان تعليل لصحابة اكبار أسباب الكذب والوضع؛ لكنا نتوقع ان نجد العدد األكبر من اإلسناد موصوال ب

عوض صغارهم، بغية تقوية الحديث الموضوع، مع ان الواقع خالف هذا االمر.

هم ن بأن صغار الصحابةوالجواب على هذا االشكال هو ان المتأخرين كانوا يدركون مكن ايمصدر اإلكثار في الرواية بخالف ما كان عليه الكبار منهم، وهذا في حد ذاته

في جعل األسانيد الموضوعة موصولة بهم فال يتميز عندئذ الصحيح ن ميكون دافعا

األحاديث من غير الصحيح.

ـ تشكيك القدماء2ى الضد مما شهده القرن الثالث وما بعده. هناك مظاهر لعصر التابعين وتابعيهم هي عل

فقد شهد العصر األول شكوى من الزمان وكثرة الجهال، إلى درجة قيل أنه تم فيه تبديل

الكثير من األحكام والسنن بفعل أهل البدع واألهواء، كالذي رواه ابن عبد البر في )جامع

الذي جعل بعض هذا المعنىبيان العلم وفضله( حيث ذكر عددا من الروايات التي تبدي مره. ومن ذلك ما نقله عن الزهري أنه قال: دخلنا على أنس بن مالك أالسلف في حيرة من

علم الرواية )باب ترك االحتجاج بمن لم يكن من أهل الضبط والدراية(. وفي رواية أخرى عن مالك الكفاية في 374

س عليه زدحم النالسن فتأنه قال: أدركت مشايخ بالمدينة أبناء سبعين وثمانين ال يؤخذ عنهم ويقدم ابن شهاب وهو دونهم في ا

ن أهل الضبط والدراية(.)الكفاية في علم الرواية، باب ترك االحتجاج بمن لم يكن م .403. والمحدث الفاصل بين الراوي والواعي، ص186الجامع ألخالق الراوي، فقرة 375، باب بيان ان اإلسناد من الدين. والكفاية في علم الرواية، باب ترك االحتجاج بمن لم يكن من 1صحيح مسلم، ج 376

أهل الضبط والدراية. .1217البحر المحيط، فقرة 377

حيى محمد ي مشكلة الحديث

62

بدمشق وهو وحده يبكي، قلت ما يبكيك؟ قال ال أعرف شيئا مما أدركت إال هذه الصالة وقد

وهو . ومثله روى البخاري عن أم الدرداء انها قالت: دخل علي أبو الدرداء378ضيعت

مغضب، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: وهللا ما أعرف من أمة محمد )ص( شيئا، إال أنهم يصلون . وجاء عن الحسن البصري أنه قال: لو خرج عليكم أصحاب رسول هللا )ص( ما 379جميعا

. كما جاء عن عروة بن الزبير أنه خاطب البعض: ألم أخبر أن 380عرفوا منكم إال قبلتكم

لوا على الجنائز في المسجد؟ فقيل له نعم، قال: فوهللا ما صلي على الناس يضربون إذا ص. كما ذكر مالك أنه لما قدم ابن شهاب الزهري من الشام 381أبي بكر الصديق إال في المسجد

قلت له: طلبت العلم حتى إذا كنت وعاء من أوعيته تركت المدينة ونزلت إداما، فقال: كنت

. وجاء عن أبي الدرداء أنه قال: مالي 382ا تغير الناس تركتهمأسكن المدينة والناس ناس فلمأرى علماءكم يموتون وجهالكم ال يتعلمون، لقد خشيت أن يذهب األول وال يتعلم اآلخر، ولو

أن العالم طلب العلم الزداد علما، ولو أن الجاهل طلب العلم لوجد العلم قائما، مالي أراكم

. وقال أبو حزم: صار الناس في زماننا يعيب الرجل من 383علمشباعا من الطعام جياعا من الهو فوقه في العلم، يرى الناس أنه ليس به حاجة إليه، وال يذاكر من هو مثله، ويزهى عن

. وعن الداروردي أنه قال: إذا قال مالك على هذا 384متن هو دونه، فذهب العلم وهلك الناس

.385عليه عندنا، فإنه يريد ربيعة وابن هرمز أدركت أهل العلم ببلدنا، أو األمر المجتمعها ثلم نجد عدد من حفاظ القرنين األول والثاني من السلف؛ ال المنقولة عنفهذه الشكوى

السنة بدوا اعتدادهم بما حملوه من العلم وضبطوه منألدى حفاظ القرن الثالث الذين

يه، فتغال ل بالحديث واإلشوالحديث الصحيح. وقد ابدى التابعون وتابعوهم كراهة اإلنشغاديث من الحع م، إلى حد اعتبروا فيه التعامل واظهر بعضهم الندامة فيما شغلوا أنفسهم به

شر ص والالشر. والغريب ان تعليلهم للشر في الحديث هو تزايده، باعتبار ان الخير ينق

صحاح؛ وال سانديزداد. وهذا يعني انهم لو ادركوا المسلك الذي سلكه خلفهم من أصحاب الم لوصموه بابلغ حاالت الشر والكراهة.

ث الحديوقد أورد ابن عبد البر نصوصا مستفيضة عنهم تعلن صراحة كراهة اإلنشغال ب

ة لكراهواإلشتغال فيه، واعتبار ذلك من الشر المتزايد، وبعض هذه النصوص يعلل هذه اهللا. وذكر ب اإلنشغال بالقرآنبكثرة الكذب في الحديث، واخر يعللها بأنها تأتي على حسا

‹‹.الشر المستطير››لذلك ظهر لدى الكثير منهم الندم والرغبة في سد باب هذا

ومن ذلك ما قاله سفيان الثوري: لو كان في هذا الحديث خير لنقص كما ينقص الخير، . وقال أيضا: ليس طلب الحديث من عدد الموت 386ولكنه شر فأراه يزيد كما يزيد الشر

مع بيان العلم وفضله، باب في انكار أهل العلم ما يجدونه من األهواء والبدع.جا 378 .622صحيح البخاري، حديث 379 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 380 المصدر والباب السابق. 381 المصدر والباب السابق. 382 المصدر والباب السابق. 383 المصدر والباب السابق. 384 السابق. المصدر والباب 385جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر من ذم اإلكثار من الحديث. وهناك ابيات للشعر متأثرة بهذه النظرة السلبية 386

( كالتالي: 296للحديث، وقد انشدها بكر بن حماد )المتوفى سنة

فمنهم شقي خائب وسعيد لقد جفت األقالم بالخلق كلهم

ربي خلقه ويعيد ويبدئ تمر الليالي بالنفوس سريعة

وينقص نقصا والحديث يزيد أرى الخير في الدنيا يقل كثيره

وأحسب أن الخير منه بعيد فلو كان خيرا قل كالخير كله

سيسأل عنها والمليك شهيد والبن معين في الرجال مقالة

حيى محمد ي مشكلة الحديث

63

. كما قال: أنا فيه يعني الحديث منذ ستين سنة وددت لو 387لكنه علة يتشاغل به الرجلو

. وقال: ما من عملي شيء أنا أخوف منه من هذا، يعني 388خرجت منه كفافا ال علي وال لي

389الحديث .390. وقال: وددت أن يدي قطعت ولم أطلب حديثا. وقال سفيان بن عيينة وهو 391علي وقال الشعبي: ليتني انفلت من علمي كفافا ال لي وال

يخاطب أصحاب الحديث: ما أدري الذي تطلبونه من الخير ولو كان من الخير لنقص كما

. وخاطب فضيل بن عياض أصحاب الحديث قائال: لم تكرهوني على أمر 392ينقص الخير. 393إليكمتعلمون إني كاره له، ولو أعلم إني لو دفعت إليكم ردائي هذا ذهبتم عني لدفعته

وقال مسعر: من أبغضه هللا جعله محدثا، وددت أن هذا العلم كان محل قوارير حملته على

. وقال شعبة: إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر هللا 394رأسي فوقع فتكسر فاسترحت من طالبه. وقيل أنه عرض هذا الكالم لشعبة على احمد بن حنبل، 395وعن الصالة فهل أنتم منتهون

اعة ثم قال: أما نحن فال نعرف هذا من أنفسنا فإن كان شعبة يعرف من نفسه فاطرق احمد س

. وقال الضحاك بن مزاحم: يأتي على الناس زمان يعلق فيه المصحف حتى 396شيئا فهو أعلم. وقال 397يعشعش عليه العنكوت ال ينتفع بما فيه ويكون أعمال الناس بالروايات واألحاديث

الناس زمان تعطل فيه المصاحف ال يقرأ فيها يطلبون الحديث أبو خالد األحمر: يأتي على

. وجاء أنه قيل 398والرأي، ثم قال: إياكم وذلك فإنه يصفق الوجه ويكثر الكالم ويشغل القلب على الصبيان فيأخذون على لداود الطائي أال تحدث، قال ما راحتي في ذلك أكون مستمليا

منهم أخطأ في كذا، ويقول آخر غلط في كذا، ما سقطي؛ فإذا قاموا من عندي يقول قائل

. وعن أحمد بن عبد هللا بن أبي الحواري 399راحتي في ذلك ترى عندي شيئا ليس عند غيريأنه قال ألبي بكر بن عياش: حدثنا، فأجابه ابن عياش: دعونا من الحديث فإنا قد كبرنا ونسينا

لحديث فأذهبوا إلى هذا الذي في بني داواس الحديث؛ جيئونا بذكر المعاد والمقابر، إن أردتم ا

- فقال له احمد بن عبد هللا: تقصد رجل من أهل الشام، قال ذاك أهون لك -يعني وكيعا. وجاء ان إياس بن معاوية قال لسفيان بن حسين: أراك تطلب األحاديث والتفسير؛ 400عندي

وان تك زورا فالقصاص شديد فإن تك حقا فهي في الحكم غيبة

وفضله، الباب السابق(. لكن أورد البغدادي بعض اإلختالف في البيت الرابع من الشعر، إذ جاء )جامع بيان العلم

فيه:

ولكن شيطان الحديث مريد فلو كان خيرا كان كالخير كله

)الكفاية في علم الرواية، باب وجوب تعريف المزكى ما عنده من حال المسئول عنه(. ن ذم اإلكثار من الحديث.جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر م 387جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر من ذم اإلكثار من الحديث. وقال على هذه الشاكلة: ما تريد إلى شيء إذا بلغت 388

(.274، فقرة 7منه الغاية تمنيت أن ينفلت معه كفافا )المصدر السابق، وسير اعالم النبالء، ج فهم سفيان الثوري وفطنته وفراسته.تقدمة المعرفة، باب ما ذكر من براعة 389 .274، فقرة 7سير اعالم النبالء، ج 390 .76، فقرة 1جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. وتذكرة الحفاظ، ج 391 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 392 المصدر والباب السابق. 393 .183، فقرة 1المصدر والباب السابق. وتذكرة الحفاظ، ج 394 .406المصدر والباب السابق. والجامع ألخالق الراوي، فقرة 395 ، مادة: الفضل بن الحباب الجمحي البصري.2طبقات الحنابلة، ج 396 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 397 المصدر والباب السابق. 398في غير حق )جامع بيان العلم وفضله، كما قيل لداود الطائي لم تلزم بيتك أال تخرج؟ قال أكره أن أحمل رحلي 399

الباب السابق(. جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 400

حيى محمد ي مشكلة الحديث

64

ن رزيق البنه حين رآه . وقال عمار ب401فإياك والشناعة فإن صاحبها لن يسلم من العيب

. 402يطلب الحديث: يا بني اعمل بقليله تزهد في كثيره

وجاء في ذم الرواة وأصحاب الحديث أقوال كثيرة، ومن ذلك ما خاطبهم به سفيان . ومثل ذلك قال سفيان بن عيينة وهو ينظر اليهم: 403الثوري بقوله: تقدموا يا معشر الضعفاء

أنتم سخنة عين لو أدركنا وأياكم . وخاطبهم األعمش 404عمر بن الخطاب ألوجعنا ضربا

فقال: لقد رددتموه حتى صار في حلقي أمر من العلقم، ما عطفتم على أحد إال حملتموه على منهم من الفساق، وهو يعني أصحاب 405الكذب . وقال مغيرة الضبي: وهللا ألنا أشد خوفا

يث يجيء أفرح به فصرت اليوم . وقال شعبة: كنت إذا رأيت رجال من أهل الحد406الحديث

. واتهمهم عدد من العلماء بالجهل، ومن 407ليس شيء أبغض إلي من أن أرى واحدا منهمذلك ما قاله عمر الكلبي: إن الرواة على جهل بما حملوا مثل الجمال عليها يحمل الودع؛ ال

هم بعض . كما شنع علي408الودع ينفعه حمل الجمال له، وال الجمال بحمل الودع تنتفع

قد قنعوا من العلم برسمه ومن الحديث باسمه ورضوا بأن ››المتكلمين واصفا اياهم بالقول: يقولوا فالن عارف بالطرق وراوية للحديث وزهدوا في أن يقال عالم بما كتب أو عامل بما

وما ظنكم برجل منهم يحمل عنه العلم وتضرب إليه أعناق المطي خمسين ››وقال: ‹‹. علم

نحوها سئل في مأل من الناس عن فأرة وقعت في بئر؟ فقال البئر جبار، وآخر سئل سنة أوعن قوله تعالى ))ريح فيها صرصر((، فقال هو هذا الصرصر، يعني صراصر الليل،

وآخر حدثهم عن سبعة وسبعين ويريد شعبة وسفين، وآخر روى لهم يستر المصلي مثل

آخر متى يرتفع هذا األجل؟ فقال إلى قمرين، آجرة الرجل، يريد مثل آخرة الرحل، وسئل يريد إلى شهري هالل، وقال آخر يدخل يده في فيه فيقضمها قضم الفجل، يريد قضم الفحل،

وقال آخر أجد في كتابي الرسول وال أجد هللا، يعني رسول هللا )ص(، فقال المستملي اكتبوا

كان عندهم أنفق، وإذا كان كثير وكلما كان المحدث أموق ››وقال: ‹‹. وشك في هللا تعالىاللحن والتصحيف كانوا به أوثق، وإذا ساء خلقه وكثر غضبه واشتد حدة وعسرة في الحديث

تهافتوا عليه، ولذلك كان األعمش يقلب الفرو ويلبسه ويطرح على عاتقه منديل الخوان،

ده، وقال إذا وسأله رجل عن إسناد حديث فأخذ بحلقه وأسنده إلى الحائط، وقال هذا إسنا .409‹‹رأيت الشيخ لم يطلب الفقه أحببت أن أصفعه..

وتكرر مثل هذا النقد لدى المتأخرين كالذي صرح به الحافظ الذهبي خالل القرن الثامن

غالبهم ال يفقهون، وال همة لهم في ››للهجرة، ذلك أنه نقد المحدثين المتأخرين وقال: ان لصحيح والموضوع عندهم بنسبة، إنما همتهم في معرفة الحديث وال في التدين به، بل ا

السماع على جهلة الشيوخ وتكثير العدد من األجزاء والرواة، ال يتأدبون بآداب الحديث وال

المصدر والباب السابق. 401 المصدر والباب السابق. 402 .275، فقرة 7سير اعالم النبالء، ج 403 جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر من ذم اإلكثار من الحديث. 404 .96له، الباب السابق. وأدب االمالء واالستمالء، صجامع بيان العلم وفض 405 المصدر والباب السابق. 406 .406المصدر والباب السابق. والجامع ألخالق الراوي، فقرة 407المصدر والباب السابق. وقال الشافعي بصدد من حمل العلم جزافا: هذا مثل حاطب ليل يقطع حزمة حطب 408

.(32نية، صاللكترووهو ال يدري )الخطيب البغدادي: نصيحة أهل الحديث، شبكة المشكاة افيحملها ولعل فيها أفعى فتلدغه تأويل مختلف الحديث، المقدمة. ومما يذكر بهذا الصدد ما جاء من تصحيف يخص اآليات القرآنية، ومن ذلك ما 409

في رحل(، ل له: )في رجل أخيه(، فقينقل أن عثمان بن أبي شيبة قرأ آية من سورة يوسف بالشكل التالي: )جعل السقاية

انظر: أبو المدبر ) لك أينفقال: تحت الجيم واحدة. كما أنه قرأ آية أخرى بالشكل التالي: )يا أيها المدبر(، فقيل له: ذهب عق

(.147ـ145احمد العسكري: تصحيفات المحدثين، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

65

يستفيقون من سكرة السماع... معذور سفيان الثوري إذ يقول: لو كان الحديث خيرا لذهب

حه بواهيه! وأنت ال تفليه وال كما ذهب الخير. صدق وهللا وأي خير في حديث مخلوط صحي

تبحث عن ناقليه وال تدين هللا به... باهلل خلونا! فقد بقينا ضحكة ألولي المعقوالت يطنزون بنا: هؤالء هم أهل الحديث؟ نعم ماذا يضر ولو لم يبق إال تكرار الصالة على النبي )ص(

يقين وتردي في أسفل لكان خيرا من تلك األقاويل التي تضاد الدين وتطرد اإليمان وال

.410‹‹السافلينوصوا فذلك ما رآه التابعون وتابعوهم في الحديث، وهو أنه من الشر المتزايد، وأ

ذ إلصحاح، حاب اباالبتعاد عنه وعدم اإلنشغال به واإلشتغال فيه، األمر الذي لم يلتزم به أص

رأوا الخير في اإلشتغال به والعمل على تكثيره.ما إن دخل التدوين والتبويب في ارض الحجاز حتى بدت فيه كما يالحظ ان الحديث

عالمات الشك والتردد من قبل مدونيه. فرغم ان منبته أصح منبت باعتراف العلماء، ورغم

قرب العهد بالصحابة مقارنة بما بعده من العهود؛ فمع ذلك كانت الشكوك تراود أولئك الذين لجهل وقلة البضاعة، حتى جعلوا من لفظة )ال ادري( نذروا أنفسهم لنقله وتدوينه، معترفين با

اصال يفزعون اليه، فقد قال الهيثم بن جميل سمعت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة

فأجاب في اثنتين وثالثين منها بـ )ال أدري(، وعن خالد بن خداش قال: قدمت على مالك ن مالك أنه سمع عبد هللا بن يزيد بن بأربعين مسألة فما أجابني منها إال في خمس مسائل. وع

هرمز يقول: ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول ال أدري حتى يكون ذلك أصال يفزعون

. 411إليه. وذكر ابن عبد البر أنه صح عن أبي الدرداء قوله: ال أدري نصف العلمثقة التامة وكل ذلك خالف ما شعر به حفاظ القرن الثالث الهجري وما بعده، حيث ابدوا ال

في الحديث، كما فخروا بالعلم به واإلكثار منه، رغم تباعد الزمان والمكان عن مصدر

الحديث ومنبته. فالمقارنة بين ما سلكه مالك وما سلكه أصحاب الصحاح في الموقف من الحديث يكشف عن هذه الحقيقة. فبينهما تفاوت بالقرب والبعد عن مصدر الحديث ومنبته،

تفاوت في قلة الحديث وكثرته، وكذا التردد به والثقة فيه. فرغم ان مالكا عاش في كما بينهما

منبت الحديث وانه كان أقرب نسبيا عن مصدره فإن ذلك لم يمنعه عن التردد فيه واالقالل منه باستمرار. وقد فخر بعض المالكية بما كان يسقطه مالك من موطئه كل سنة، وانه لم

، على عكس ما فعله أصحاب الصحاح رغم بعدهم عن المنبت 412ن عندهيحدث بكثير مما كا

والمصدر، إذ لم يمنعهم ذلك من الثقة في الحديث واإلكثار منه دون ان يصيبهم التردد والشك جراء هذه الكثرة والبعد عن المصدر، وكذا التعويل على االماكن البعيدة عن المنبت؛

-في كثير من األحيان -ى ان مالكا كان يعترف كالبصرة والشام ومصر وغيرها. يضاف إل

بعدم اغتراره بالحديث واعتبار الكثير منه ضاللة، ومن ثم ندامته على ما رواه منه، ومن ذلك قوله: كثير من هذه األحاديث ضاللة، لقد خرجت مني أحاديث لوددت أني ضربت بكل

ح به أصحاب الصحاح . وهو على خالف ما صر 413حديث منها سوطين وأني لم أحدث به

من االعتزاز بعلمهم وتباهيهم بكثرة حفظهم، واعتدادهم بأنفسهم أحيانا، كالذي يبديه البخاري في عدد من المناسبات، ومن ذلك أنه قال يوما: ما استصغرت نفسي عند أحد إال عند علي

المشكاة االلكترونية، فقرة علم الحديث. كما عرض النص أيضا في االنترنيت عبد الذهبي: بيان زغل العلم، شبكة 410

aofakeeh@yahoo.comالرحمن بن عمر الفقيه الغامدي: . وجاء في هذا الصدد عن مزاحم بن زفر أنه قال ألبي حنيفة: يا أبا حنيفة هذا 77، فقرة 8سير اعالم النبالء، ج 411

فيه لذي ال شكباطل اك هو الحق الذي ال شك فيه. فرد عليه قائال: وهللا ما أدري لعله الالذي تفتي والذي وضعت في كتب

(.13)تاريخ بغداد، ج .247، ص2ابن حزم: اإلحكام في أصول األحكام، ج 412 .34نصيحة أهل الحديث، ص 413

حيى محمد ي مشكلة الحديث

66

فإنه ما رأى مثل بن المديني. فعلق هذا األخير على قوله عندما بلغه ذلك فقال: دعوا قوله

.414نفسه

ومما له داللة في األمر ان جماعة من التابعين قد تركوا الكثير من الحديث عندما وجدوا عمل الناس في المدينة على خالفها، وقد التزم مالك وغيره بهذا المسلك، وهو ان عمل أهل

من التابعين كان رجال من أهل العلم››المدينة عنده أقوى من الحديث. فقال بهذا الصدد:

يحدثون باألحاديث، وتبلغهم عن غيرهم فيقولون: ما نجهل هذا ولكن مضى العمل على اذا -قاضي المدينة -. وقال أيضا: رأيت محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم 415‹‹غيره

قضى بالقضية خالف ما جاء في الحديث؛ عاتبه اخوه عبد هللا قائال: ألم يأت في هذه حديث

جيب: بلى، فيقول عبد هللا: فما لك ال تقضي به؟ فيقول: فأين الناس منه؟ اي ما أجمع كذا؟ في. وجاء ان عمر بن عبد العزيز كان يجمع الفقهاء ويسألهم عن 416عليه أهل المدينة من العمل

السنن واالقضية المعمول بها في المدينة فيثبتها، وما كان منها ال يعمل به الناس ألقاه وإن

. كما نقل ابن أبي حازم ان أبا الدرداء كان يسأل فيجيب، فيقال له: 417ه من الثقاةكان مخرجأنه قد بلغنا كذا وكذا بخالف ما قال، فيقول: وانا سمعت، ولكن ادركت العمل على غير

. كذلك قال ابن مهدي: ليكون عندي في الباب األحاديث الكثيرة فأجد أهل العصبة 418ذلك

.419على خالفه فتضعف عندي

ـ اإلعتماد على المكثرين3لقد إعتمد أصحاب الصحاح وغيرهم من المهتمين بالحديث على المكثرين في الرواية من الصحابة، وهو خالف السيرة التي عليها كبارهم، حيث كانوا من المقلين في الحديث لخوفهم

عرف من من الكذب على النبي واإلنشغال بما سوى القرآن، كالذي مر علينا من قبل. فقد

الصحابة سبعة بلغت روايات كل منهم أكثر من ألف حديث، وأغلبهم عاصر النبي وهو ، وهم: أبو هريرة الذي بلغت أحاديثه 420حديث السن، وليس في غيرهم من زاد على األلف

( حديثا، وعبد هللا بن عمر 446( وأخرج له البخاري منها )5374المنسوبة اليه عن النبي )

( وأخرج له البخاري 2286( حديثا، وانس بن مالك )270له البخاري )( وأخرج 2630)( حديثا، وعبد هللا بن عباس 242( وأخرج لها البخاري )2210( حديثا، وعائشة )268)

( وأخرج له البخاري 1540( حديثا، وجابر بن عبد هللا )217( وأخرج له البخاري )1660)

66وأخرج له البخاري ) (1170( حديثا، وأبو سعيد الخدري )90) .421( حديثاأما سائر الصحابة فرواياتهم ال تعد بشيء سوى عدد محدود منهم، مثل عبد هللا بن

( حديثا. في 85( حديث، وأخرج له البخاري منها )800مسعود الذي روي عنه أكثر من )

وأخرج له ( حديثا قيل أنه لم يصح منها إال خمسون، 586حين جاءت روايات اإلمام علي )

مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر. 414 .201انتصار الفقير السالك، ص 415 .201ر السابق، صالمصد 416 .202المصدر السابق، ص 417 .202المصدر السابق، ص 418 .202المصدر السابق، ص 419، باب الكالم في وجوه الفضل 4ابن حزم: الفصل في الملل واألهواء والنحل، شبكة المشكاة االلكترونية، ج 420

.71والمفاضلة بين الصحابة )لم تذكر ارقام صفحاته(. وقواعد التحديث، صمقدمة فتح الباري، ضمن الفصل العاشر. لكن يالحظ ان الذهبي ذكر أعدادا مختلفة عما ذكره العسقالني، ومن 421

( 128ه على اخراج )( حديث، واتفقا ل70( حديثا، وانفرد له مسلم بـ )80ذلك ان البخاري أخرج ألنس بن مالك دون مسلم )

له مسلم بـ ( حديث، كما انفرد16ديث، وانفرد له البخاري بـ )( ح43حديث. وجاء ألبي سعيد الخدري في الصحيحين )

(. وهناك حسابات أخرى مختلفة نعزف عن ذكرها.1( حديث )انظر: تذكرة الحفاظ، ج25)

حيى محمد ي مشكلة الحديث

67

( 537( حديثا. وقريب منها روايات عمر بن الخطاب التي قدرت بـ )29البخاري منها )

60حديث لم يصح منها كما قيل إال خمسون، وأخرج له البخاري منها ) . أما 422( حديثا

( حديثا. ويبقى ثالث الخلفاء 22(، وأخرج له البخاري منها )142روايات أبي بكر فكانت ) .423مان بن عفان الذي أخرج له البخاري تسعة أحاديث فقطالراشدين عث

وقد علل الشيخ محمد بن عمر األسلمي ما سلكه كبار الصحابة من اإلقالل في الرواية

هو ان هؤالء ماتوا قبل أن يحتاج إليهم، وإنما كثرت عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي رسول هللا كانوا أئمة يقتدى بهم طالب ألنهما وليا فسئال وقضيا بين الناس، وكل أصحاب

ويحفظ عنهم ما كانوا يفعلون ويستفتون فيفتون وسمعوا أحاديث فأدوها، فكان األكابر من

من غيرهم، مثل أبي بكر وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أصحاب رسول هللا أقل حديثامرو بن نفيل أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد بن ع

وأبي بن كعب وسعد بن عبادة وعبادة بن الصامت وأسيد بن حضير ومعاذ بن جبل

ونظرائهم، فلم يأت عنهم من كثرة الحديث مثل ما جاء عن األحداث من أصحاب رسول هللا، مثل جابر بن عبد هللا وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعبد هللا بن عمر بن الخطاب وعبد

بن العاص وعبد هللا بن عباس ورافع بن خديج وانس بن مالك والبراء بن هللا بن عمرو

.424عازب ونظرائهم، ألنهم بقوا وطالت أعمارهم في الناس فاحتاج الناس إليهمان ت عثملكن هذا التعليل لو اخذناه على محمل الجد لكان من المتوقع ان تكون روايا

ي فكان الناس أكثر حاجة للحديث أكثر من روايات عمر وابي بكر حيث ولي بعدهما و

رر ل ال يبلتعلياعهده؛ ألن الكثير منهم لم يدرك السماع عن النبي. واالهم من ذلك هو ان هذا لمسلكمعاقبة بعض كبار الصحابة لمكثري الحديث وتكذيبهم أحيانا، وذلك على خالف ا

، حابةن صغار الصالذي سار عليه المتأخرون من الحفاظ في التشبث بهؤالء المكثرين م

وعلى رأسهم أصحاب المساند والصحاح. ، حيث إعتمد عليه 425ويعد أبو هريرة أبرز من يصدق عليه هذا األمر من المكثرين

أصحاب الصحاح وغيرهم بما ليس له نظير، وقد عرفه الشافعي بأنه أحفظ من روى

ين، وذكر البخاري ، وجاء أنه روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابع426الحديث في دهره. واخرج له البخاري من المتون المستقلة 427أنه روى عنه ما قد يزيد على الثمانمائة رجل

، وانه ال يوجد من يناظره في كثرة الرواية، حيث بلغت 428( حديث على التحرير446)

أحاديثه أكثر من خمسة آالف حديث، بالرغم من أنه لم يصحب النبي بأكثر من ثالث سنين . 429فقط

كيف يمكن أن تكون روايات البخاري عن عمر أكثر مما هو مقدر له من أحاديث صحيحة؟ إال أن يقال بأن 422

لحفاظ قال بأن او أن يأو اعتبار التكرار فيها، خالفا لما مقدر له من روايات صحيحة مطلقا. المقدر في روايات البخاري ه

قد اختلفوا في عدهم للروايات، وهو المرجح. مقدمة فتح الباري، ضمن نفس الفصل. 423 .72قواعد التحديث، ص 424ين قوال، وأصحها عند النووي: عبد الرحمن وهو أبو هريرة الدوسي اليماني، قيل ان في اسمه واسم أبيه نحو ثالث 425

وت، ة، بيربن صخر )جالل الدين السيوطي: إسعاف المبطأ برجال الموطأ، تحقيق وتعليق موفق فوزي جبر، دار الهجر

ريب التهذيب، . وابن حجر العسقالني: تق122م، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص1990هـ ـ1410الطبعة األولى،

مكتبة م، عن1997هـ ـ1417قيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة األولى، دراسة وتح

(.483، ص2يعسوب الدين االلكترونية، ج .122إسعاف المبطأ برجال الموطأ، ص 426 .579، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 427 .48، ص1فتح الباري، ج 428 .958، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 429

حيى محمد ي مشكلة الحديث

68

وورد عنه ما يدفع الشبهة في إكثاره للرواية، ففي حديث له في صحيح البخاري يقول:

إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول هللا )ص(، وتقولون: ما بال المهاجرين

واألنصار ال يحدثون عن رسول هللا )ص( بمثل حديث أبي هريرة، وإن إخوتي من األسواق، وكنت ألزم رسول هللا )ص( على ملء بطني، المهاجرين كان يشغلهم صفق ب

فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا، وكان يشغل إخوتي من األنصار عمل أموالهم، وكنت امرءا

من مساكين الصفة، أعي حين ينسون، وقد قال رسول هللا )ص( في حديث يحدثه: مسكينامع إليه ثوبه، إال وعى ما أقول(.. )إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يج

فبسطت نمرة علي، حتى إذا قضى رسول هللا )ص( مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيت

.430من مقالة رسول هللا )ص( تلك من شيءؤخذ يلحفظ ولو صحت هذه الرواية لكانت تفيد أمرين غير عاديين، أحدهما ان العلم أو ا

ين م يكن بلال يفهم معناه. أما الثاني فيدل على أنه ‹‹ معجز››من خالل الثوب، فهو أمر

ل. وما األو صحابة النبي من يهتم بمقالة النبي وحفظها غير أبي هريرة، وهو اشد غرابة منير ي تبرفيهون هو ان هذه الرواية لم ترو إال عنه فحسب، ومضمونها يفيد مصلحة شخصية

إكثاره للحديث.

سه بأنه أكثر الصحابة حديثا عن النبي باستثناء عبد هللا بن كما جاء ان أبا هريرة شهد لنف. وقيل ان هناك نسخة عند آل 431عمرو بن العاص، وكما قال: أنه كان يكتب وكنت ال أكتب

.432عبد هللا بن عمرو كان قد كتبها عن النبي

ان بعض كبار الصحابة وقف من أبي هريرة موقفا -وحسب ما ينقل -مع هذا يالحظ ا للطريقة التي نهجها، تارة بتهديده على إكثاره الحديث، وأخرى بنقده على ما سلكه معارض

من طريقة سردية، وثالثة بتكذيبه. وجاء عن عمر بن الخطاب أنه هدده بالقول: لتتركن

الحديث عن رسول هللا )ص( أو أللحقنك بأرض دوس، وقال لكعب لتتركن الحديث أو أبو هريرة يقول: ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول هللا . وكان 433أللحقنك بأرض القردة

. ومثل ذلك جاء عن أبي سلمة 434)ص( حتى قبض عمر رضي هللا عنه؛ كنا نخاف السياط

أنه قال ألبي هريرة: أكنت تحدث في زمان عمر هكذا؟ فرد عليه األخير قائال: لو كنت . وجاء عن السيدة عائشة 435الدرةأحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته أو ب

انها نقدت طريقة أبي هريرة السردية في الحديث، إذ تقول: أال يعجبك أبو هريرة جاء يجلس

إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول هللا )ص( يسمعني وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي . 436سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه، أن رسول هللا )ص( لم يكن يسرد الحديث كسردكم

. وجاء عن 24. وكتاب العلم، ص608، فقرة 2. كذلك: سير أعالم النبالء، ج1942صحيح البخاري، حديث رقم 430

سألني ئم التي يذه الغناحول تبريره لكثرة ما لديه من أحاديث ان رسول هللا )ص( قال: أال تسألني من ه -أيضا -أبي هريرة

ل إلى النم ي أنظر، فنزع نمرة كانت على ظهري فبسطها بيني وبينه حتى كأنأصحابك؟ قلت أسألك أن تعلمني مما علمك هللا

ء أنه قيلي. وجايدب عليها، فحدثني حتى إذا استوعبت حديثه قال أجمعها فصرها إليك، فأصبحت ال أسقط حرفا مما حدثن

كنت ا ذنبي إنيرة فمفقال أبو هر لعبد هللا بن عمر هل تنكر مما يحدث به أبو هريرة شيئا؟ قال ال، ولكنه اجترأ وجبنا.

(.608، فقرة 2حفظت ونسوا )الحظ: سير أعالم النبالء، ج .599، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 431 .61قواعد التحديث، ص 432. كذلك: ابن شبة النميري: تاريخ المدينة، تحقيق فهيم محمد شلتوت، دار 601، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 433

.800، ص3ـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، جه1410الفكر، .603، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 434 .2، فقرة 1جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر من ذم اإلكثار من الحديث. وتذكرة الحفاظ، ج 435أبا هريرة كان ، وجاء على هذه الشاكلة ان 234جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. وقواعد التحديث، ص 436

ما رواه، م تنكريجلس إلى حجرة عائشة فيحدث ثم يقول: يا صاحبة الحجرة أتنكرين مما أقول شيئا، فلما قضت صالتها ل

(.607، فقرة 2لكن قالت: لم يكن رسول هللا )ص( يسرد الحديث سردكم ) سير أعالم النبالء، ج

حيى محمد ي مشكلة الحديث

69

من أحاديث، ومن ذلك جاء أن وجرى لهذه السيدة ان كذبت أبا هريرة فيما يرويه أحيانا

رجلين دخال على عائشة فقاال: إن أبا هريرة يحدث عن رسول هللا )ص( أنه قال: إنما

الطيرة في المرأة والدابة والدار، فطارت عائشة شفقا ثم قالت: كذب والذي أنزل القرآن على سم من حدث بهذا عن رسول هللا )ص(، إنما قال رسول هللا )ص( كان أهل الجاهلية أبي القا

يقولون إن الطيرة في الدابة والمرأة والدار، ثم قرأت: ))ما أصاب من مصيبة في األرض

. 437وال في أنفسكم إال في كتاب من قبل أن نبرأها((من الحديث بما لم يأت مثله كما اتهم عدد من الصحابة أبا هريرة بالكذب لكثرة ما روى

أحد، وكان منهم عمر وعثمان وعلي وغيرهم، إذ انكروا عليه اشياء عديدة. ومن ذلك ان أبا

هريرة كان يقول: حدثني خليلي وقال خليلي ورأيت خليلي، فقال له علي: متى كان النبي أرسل مروان ؟! وروى أبو هريرة أنه من أصبح جنبا فال صيام له، ف438خليلك يا أبا هريرة

في ذلك إلى عائشة وحفصة يسألهما، فقالتا: كان النبي )ص( يصبح جنبا من غير احتالم ثم

يصوم، فقال للرسول اذهب إلى أبي هريرة حتى تعلمه، فقال أبو هريرة إنما حدثني بذلك الفضل بن العباس. وكان الفضل الذي استشهد به أبو هريرة ميتا آنذاك، وقد أوهم الناس أنه

، وهو التدليس الذي تقبله الحفاظ عن 439سمع الحديث من رسول هللا )ص( ولم يسمعه

الصحابة كما سنعرف.وروي ان أبا هريرة قد اعترف في بعض المناسبات ان القوم كانوا يكذبونه، فكما جاء

في صحيح مسلم عن أبي رزين أنه قال: خرج إلينا أبو هريرة فضرب بيده على جبهته فقال:

نكم تحدثون أني أكذب على رسول هللا )ص( لتهتدوا وأضل، أال وإني أشهد لسمعت أال إ .440رسول هللا )ص( يقول: إذا انقطع شسع أحدكم فال يمش في األخرى حتى يصلحها

وجاء ان أبا هريرة كان يحدث أحيانا لكنه قد ينكر ما حدثه في السابق، ومن ذلك ما رواه

عدوى وال صفر وال هامة، فقال أعرابي يا رسول هللا فما بال البخاري عنه ان النبي قال: الاإلبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير األجرب فيجربها؟ فقال رسول هللا )ص(

فمن أعدى األول؟! لكن أبا سلمة سمع أبا هريرة ينكر ذلك الحديث الذي رواه من قبل

آخر، وهو قول الن بي )ص(: ال يوردن ممرض على مصح، فقيل ويروي عن النبي حديثا .441له: ألم تحدث أنه ال عدوى؟ فرطن بالحبشية، قال أبو سلمة: فما رأيته نسي حديثا غيره

ولمثل هذه األسباب منع جماعة من التابعين أخذ الحديث عن هذا المكثر، ومن ذلك ما

هريرة. وقال أيضا: ما جاء عن إبراهيم النخعي أنه قال: كان أصحابنا يدعون حديث أبي . وهم ال يعدونه فقيها 442كانوا يأخذون من حديث أبي هريرة إال ما كان حديث جنة أو نار

لبعض المتأخرين ممن يطلق عليه <الحافظ المفتي المجتهد> . وقد كانت صفة 443خالفا

ا العلماء انهم يشددون في قضايا األحكام من الحالل والحرام ويتسامحون في غيرها، وكم

ان أبا هريرة روى 117ل االثار، حديث تأويل مختلف الحديث، باب ذكر أصحاب الحديث. ومشك 437 . وجاء أيضا

في المشي في الخف الواحد فبلغ عائشة فمشت في خف واحد وقالت: ألخالفن أبا هريرة. وروى أن المرأة لكلب واحديثا

ينه ترضة بوالحمار تقطع الصالة، فقالت عائشة: ربما رأيت رسول هللا )ص( يصلي وسط السرير وأنا على السرير مع

لكالم ا، باب االعتراض بين يدي المصلي. وتأويل مختلف الحديث، باب ذكر أصحاب 1وبين القبلة )صحيح مسلم، ج

وأصحاب الرأي(. أن أبا هريرة يبتدئ بميامنه في الوضوء وفي اللباس، فدعا بماء فتوضأ فبدأ بمياسره، وقال 438 وقيل أنه بلغ عليا

ث، باب ذكر أصحاب الكالم وأصحاب الرأي(.ألخالفن أبا هريرة )تأويل مختلف الحدي .1825تأويل مختلف الحديث، باب ذكر أصحاب الكالم وأصحاب الرأي. كذلك: صحيح البخاري، حديث 439 .2098صحيح مسلم، حديث 440 .5437صحيح البخاري، حديث 441 .609، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 442 .455، فقرة 10سير اعالم النبالء، ج 443

حيى محمد ي مشكلة الحديث

70

جاء عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: اذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل األعمال

تساهلنا في اإلسناد وسمحنا في الرجال، وإذا روينا الحالل والحرام واألحكام تشددنا في

.444األسانيد وانتقدنا الرجالا والغرض من كل ما سبق هو ان أصحاب الصحاح والمكثرين في الحديث قد غايرو

سيرة كبار الصحابة في عدة أمور؛ أهمها اإلكثار من الحديث واإلشتغال فيه، وانهم استعانوا

لدى الصحابة رغم ان األخيرين عايشوا النبي وعرفوا حال في الغالب بمن كان متروكاحديثه. حتى ان الحافظ الذهبي شعر بهذا المأزق، ولو ضمن الحدود التي سمحت له ذلك، إذ

هريرة قوله: إني ألحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمن عمر لشج رأسي، روى عن أبي

هكذا كان عمر رضي هللا عنه يقول أقلوا الحديث عن رسول هللا )ص( ››وعلق عليه فقال: وزجر غير واحد من الصحابة عن بث الحديث، وهذا مذهب لعمر ولغيره، فباهلل عليك إذا

ر كانوا يمنعون منه مع صدقهم وعدالتهم وعدم كان اإلكثار من الحديث في دولة عم

األسانيد، بل هو غض لم يشب، فما ظنك باإلكثار من رواية الغرائب والمناكير في زماننا مع طول األسانيد وكثرة الوهم والغلط، فبالحري أن نزجر القوم عنه فياليتهم يقتصرون على

باطيل والمستحيل في األصول رواية الغريب والضعيف بل يروون وهللا الموضوعات واأل

. 445‹‹والفروع والمالحم والزهد، نسأل هللا العافيةوهذا الذي ذكره الذهبي ال يعفي أصحاب التكثير في الحديث من القدماء، مع علمهم أنه

بينهم لما سامحهم في ذلك، خاصة ان غالب تعويلهم على أولئك الذين لو كان عمر حيا

إلكثار فيها، مثل أبي هريرة الذي كانت بينه وبين كعب صحبة منعهم عمر من الرواية أو ا. وفي رواية ان أبا هريرة لقي كعبا فجعل يحدثه 446وشراكة في بث األساطير واالسرائيليات

. وقد كان 447ويسأله، فقال كعب: ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة

سلكها هذان الشريكان من الحديث المختلط، إلى يحصل بعض االلتباس من الطريقة التيالدرجة التي قد يتوهم البعض ان أبا هريرة يحدث عن النبي )ص( بينما هو يحدث عن كعب

وأساطيره، ومن ذلك ما جاء عن بسر بن سعيد أنه قال: اتقوا هللا وتحفظوا من الحديث، فوهللا

)ص( ويحدثنا عن كعب، ثم يقوم فأسمع لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدث عن رسول هللابعض من كان معنا يجعل حديث رسول هللا عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول هللا

. وقد روي عن أبي هريرة أنه احتفظ بأحاديث لم يبثها بين الناس، خشية قتله 448)ص(

في عليها، إذ جاء عنه يقول: حفظت من رسول هللا )ص( وعاءين؛ فأما أحدهما فبثثته الناس، وأما اآلخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم.

دى امل لهكذا لو اجرينا مقارنة بين موقف كبار الصحابة من الحديث وبين مرحلة التك

لعمل االصحاح؛ لوجدنا فروقا كبيرة في عدد من النقاط، حيث جرى ألصحاب الصحاح من ان عهدهم من النبي. إذ كما هو ضد المسلك الذي سار عليه كبار الصحابة رغم قرب

ا أقلووالصحابة يخافون من الخطأ والكذب على النبي، وانهم ألجل ذلك منعوا التدوين

ية ة العملالسيرالرواية وتثبتوا من الحديث غير المعروف، وجعلوا كفايتهم الرئيسة بالقرآن ون معاقبوا ه، ول فيللنبي، ولم يعتنوا باإلسناد والرجال، ومنعوا اإلنشغال بالحديث واإلشتغا

خالف ذلك. لكن هذه األمور انقلبت إلى الضد إبان عهد الصحاح وقبله.

المدخل إلى اإلكليل. 444 .602، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 445 .596، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 446 .600، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 447 .606، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 448

حيى محمد ي مشكلة الحديث

71

ومن العجب ان يعترف الحفاظ بما كانت عليه سيرة الصحابة من التحفظ في الحديث

والنهي عن اإلكثار منه؛ خشية الخطأ والكذب على النبي، أو لغرض عدم اإلنشغال بسوى

لم يمنع أصحاب الصحاح والموسوعات الحديثية من العمل بعكس ما القرآن. فهذا االعتراف كان عليه كبار الصحابة، رغم الفاصلة الزمنية الطويلة التي تفصلهم عن زمن النبي. وقد

نقل عن عثمان بن عفان أنه كان يمنع الرواية التي لم تسمع في عهدي الخليفتين قبله لبعد

ن البعد الذي يفصل بين عصر الصحاح والزمن زمانه عن زمن الحديث، فماذا يقال ع لم يسمع به في عهد أبي المذكور؟! إذ جاء عن عثمان قوله: ال يحل ألحد ان يروي حديثا

بكر وال عهد عمر، فاني لم يمنعني أن أحدث عن رسول هللا )ص( أن ال أكون أوعى

.449وأ مقعده من النارأصحابه عنده، إال اني سمعته يقول: من قال علي ما لم أقل فقد تب

ـ تسامح العلماء في تعديل الصحابة4. كما قيل 450قيل ان عدد الذين رووا عن النبي من الصحابة هم أربعة آالف رجل وإمرأة

ان عددهم كبير غير قابل للضبط، وسئل أبو زرعة الرازي عن ذلك فقال: من يضبط هذا،

شهد مع النبي )ص( حجة الوداع أربعون الفا، وشهد . وعلى رأي 451معه تبوك سبعون الفا

ابن حزم ان عدد الصحابة يفوق العشرين ألف انسان، وأن الفتيا لم ترو إال عن مائة وثمانية .452وثالثين منهم فقط

ء علما لكن رغم العدد الكبير للصحابة ورغم ان الكثير منهم روى عن النبي؛ إال ان

غضوا ملوهم على االخالص والتقوى، فالحديث طبقوا عليهم مبدأ التسامح والتعديل وحضهم ام بعالطرف عما وقع بينهم من خالفات افضت في كثير من األحيان إلى االقتتال واته

بعد البعض اآلخر، كما غضوا الطرف عما كان لبعضهم من مواقف سياسية ومصلحية هي ا

جميع لة للعداما تكون عن روح اإلسالم وقيمه. فالمشكلة هي أن العلماء حينما افترضوا اانوا كسواء والصحابة؛ اخذوا يتقبلون كل رواية ترد عنهم، سواء كانوا كبارا أو صغارا،

ة. ممن تمسك بهدي اإلسالم وقيمه، أو ممن فتنوا بفتنة السياسة والمصالح الشخصي

سنة؟ث والوأول ما يتبادر لنا من سؤال بهذا الصدد هو معنى الصحابي لدى علماء الحديقت الوور لدى العلماء هو اعتبار الصحابي كل من صحب النبي من المسلمين قل فالمشه

درك أوقد أم كثر. فقد قال ابن عمرو: رأيت أهل العلم يقولون كل من رأى رسول هللا )ص(

ن الحلم وأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي )ص( ولو ساعة مهرا ة أو شان الصحابي هو كل من رأى النبي أو صحبه سننهار.. وكذا اعتبر أحمد بن حنبل

و رآهأو يوما أو ساعة. ومثل ذلك ذكر البخاري ان الصحابي هو من صحب النبي )ص( أ

من المسلمين. كان -مثال -لكن من القدماء من ذهب إلى غير هذا المذهب المشهور. فمن التابعين

ابة إال من أقام مع رسول هللا )ص( سنة أو سنتين سعيد بن المسيب يرى أنه ال يعد من الصح

وغزا معه غزوة أو غزوتين. وجاء عن بعض العلماء أنه عد الصحابي في اللغة هو غيره في االستخدام واالصطالح، فاعتبر أنه ال خالف بين أهل اللغة بأن لفظ الصحابي مشتق من

يمان . والمتقي الهندي: كنز العمال في سنن األقوال واالفعال، مكتبة نداء اإل65، ص1مشكل االثار، ج 449

.29490االلكترونية، حرف العين، حديث المدخل إلى اإلكليل. 450وفي رواية أخرى سئل أبو زرعة: أليس يقال حديث النبي )ص( أربعة آالف حديث؟ فرد على ذلك: ان من قال 451

حابة ممن رآه ص( ألف من ال114هذا قلقل هللا انيابه، هذا قول الزنادقة ومن يحصي حديث رسول هللا )ص( وقد قبض عن )

وسمع منه )الحظ: مقدمة ابن الصالح، باب معرفة الصحابة(. .25النبذ في أصول الفقه، ص 452

حيى محمد ي مشكلة الحديث

72

على كل من صحب غيره الصحبة، وانه ليس بمشتق من قدر منها مخصوص، بل هو جار

قليال كان أو كثيرا، إذ يقال صحبت فالنا حوال ودهرا وسنة وشهرا ويوما وساعة فيوقع اسم

المصاحبة. وبحكم اللغة فإن هذا المعنى ينطبق على من صحب النبي )ص( ولو ساعة من لون هذه نهار، وهذا هو األصل في اشتقاق االسم، ومع ذلك تقرر لألمة بأنهم ال يستعم

التسمية إال فيمن كثرت صحبته واتصل لقاؤه وال يجرون ذلك على من لقى المرء ساعة

.453ومشى معه خطى وسمع منه حديثاوقد استلزم معنى الصحابي لدى علماء الحديث والسنة مفهوم العدالة. فهم عندما يقررون

صبح من المقرر ان ان هذا صحابي فانهم يقصدون بذلك ما يتضمن صفة العدل والتقوى، وا

. 454من ثبتت صحبته ثبتت عدالته، وان من ظهر منه خالف العدالة لم يقع عليه اسم الصحبة. وقيل أنه اذا 455لهذا تقبل العلماء التدليس الذي يرد عن صغار الصحابة ورفعهم للحديث

ن اطلق الصحابي قوله: قال رسول هللا؛ كان ذلك منه مقبوال وإن احتمل االرسال، ألن م

. مما 456ثبتت صحبته لم يحمل حديثه إال على سماعه بنفسه ما لم يصرح بالرواية عن غيرهيعني أنه لو كان الصحابة كلهم عدوال لما كان ارسالهم وتدليسهم مضرا، في حين لو كان

حالهم كحال غيرهم من الناس فإن ذلك يعني اسقاط أكثر الروايات التي جاءت عنهم، حيث

لب إلى السماع المباشر عن النبي، وانما رويت بصيغة قال رسول هللا. لم تشر في الغاي لصحاباوهناك تسويغ لتعميم هذا الموقف على ارسال التابعي الثقة عندما اسقط اسم

ك ضر، وذلال ي بقوله قال رسول هللا. فلو اعتبرنا الصحابة كلهم عدوال لكان ارسال التابعي

هذه كغيرهم من الناس في العدالة وعدمها، حيث في على عكس ما لو اعتبرنا الصحابة الحالة ال بد من ذكر الصحابي ومعرفة درجة صحبته ومكانته في اإلسالم.

هـ( سؤاال مفاده ان اإلرسال هو 684على ذلك أورد شهاب الدين القرافي )المتوفى سنة

والسكوت عنه، إسقاط الصحابي من السند، وان الصحابة كلهم عدول، فال فرق بين ذكرهلكن كيف جرى الخالف في ذلك؟ وكان جوابه ان الصحابة عدول ما لم يثبت العكس،

واعتبر ان المسكوت عنه فيهم يجرى في حقه التوقف وال يقبل حديثه حتى تعلم سالمته عن

القادح. وهو بهذا تقبل االرسال عند التابعين، واعترض على المخالف بحجة ان الصحابة ث عن حالهم. في حين كان مبرر الذين لم يتقبلوا االرسال عند التابعين هو عدول ال يبح

. وهذا يعني ان قبول 457اعتبارهم الصحابة كغيرهم من الناس من حيث العدالة وعدمها

المرسل لدى التابعي وعدم قبوله متوقف على الرأي الخاص في عدالة الصحابة، كالذي ث. ذكرناه حول تدليس الصحابي ورفعه للحدي

ومن الناحية النظرية اختلف العلماء في عدالة الصحابة. فبينما كان النووي في )التقريب(

، ذهب بعض ‹‹الصحابة كلهم عدول من البس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به››يقول: آخر إلى نفي ذلك، وهو أنه يجب البحث عن عدالة الصحابة مطلقا. واالهم من ذلك ما طرقه

)شرح البرهان( من باب لتحديد معنى العدالة وفق معنى الصحابة، فقال: لسنا المازري في

نعني بقولنا )الصحابة عدول( كل من رآه يوما ما أو زاره أو أجتمع به لغرض وانصرف،

الكفاية في علم الرواية، باب القول في معنى وصف الصحابي أنه صحابي. 453 .1069البحر المحيط، فقرة 454)ص( أو فعله )الكفاية في علم الرواية، المقصود بالحديث المرفوع هو ما أخبر فيه الصحابي عن قول الرسول 455

معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات(.ابن امير الحاج الحلبي: التقرير والتحبير، سي دي مكتبة الفقه واصوله، عن دار الفكر، تحقيق مكتب البحوث 456

.385، ص2م، الطبعة األولى، ج1996والدراسات، بيروت، .141قواعد التحديث، ص 457

حيى محمد ي مشكلة الحديث

73

وإنما نعني به الذين الزموه وعزروه ونصروه، فإذا قال الراوي عن رجل من الصحابة ولم

.458لجهالة لثبوت عدالتهم على العموميسمه كان ذلك حجة، وال تضر ا

أما من الناحية العملية والتطبيق فقد اعتبر الحفاظ جميع الصحابة عدوال؛ كبارهم وأما ››وصغارهم، سواء صاحبوا النبي مدة طويلة أو قصيرة. وكما قال الحافظ الذهبي:

ط غيرهم الصحابة رضي هللا عنهم فبساطهم مطوي وإن جرى ما جرى وإن غلطوا كما غل

من الثقات، فما يكاد يسلم من الغلط أحد، لكنه غلط نادر ال يضر أبدا، إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوا العمل وبه ندين هللا تعالى. وأما التابعون فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمدا لكن لهم

وعية غلط وأوهام، فما ندر غلطه في جنب ما قد حمل احتمل، ومن تعدد غلطه وكان من أ

. وكذا اعتقد الخطيب البغدادي بعدم الحاجة إلى السؤال عن 459‹‹العلم اغتفر له أيضاالصحابة، حيث عدالتهم ثابتة ومعلومة، وانما يجب فيمن دونهم، فكل راو للحديث يجب

.460النظر في حاله سوى الصحابي الذي يرفع الحديث إلى النبي

ديل هللا لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره وقد استدل الخطيب البغدادي على عدالتهم بتع لتكونوا شهداء على لهم في نص القرآن الكريم، كقوله تعالى: ))وكذلك جعلناكم أمة وسطا

(، وقوله: ))يا أيها النبي حسبك هللا ومن 143الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا(( )البقرة/

بار في هذا المعنى مطابقة لما شهد . كما جاءت األخ461(64اتبعك من المؤمنين(( )األنفال/عليه النص القرآني، مثل الحديث الذي رواه البخاري عن عبد هللا بن مسعود أن النبي )ص(

قال: خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق إيمانهم شهادتهم

ن أبي سعيد الخدري ان . وكذا الحديث الذي رواه البخاري ع462ويشهدون قبل ان يستشهدوا ما أدرك مد النبي قال: ال تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبا

. 463أحدهم وال نصيفه

وعلى رأي البغدادي ان جميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة والقطع بعدالتهم ونزاهتهم، دالتهم جميعا وبرأهم عن المعاصي فال يحتاج أحد منهم إلى تعديل الخلق لهم مادام هللا ابلغ بع

ورفع أقدارهم ومنازلهم، إذ كانوا من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج واالموال وقتل

اآلباء واألوالد والمناصحة في الدين وقوة اإليمان واليقين، ما يقطع بعدالتهم واإلعتقاد

.199المصدر السابق، ص 458 .187نفس المصدر، ص 459 .42ص الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في تعديل هللا ورسوله للصحابة. وشروط األئمة الخمسة، 460( وقوله: ))لقد رضى 110يضاف إلى آيات أخرى مثل قوله تعالى: ))كنتم خير أمة أخرجت للناس(( )آل عمران/ 461

( وقوله: 18( )الفتح/ريبا(قذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا هللا عن المؤمنين إ

( 100لتوبة/))والسابقون األولون من المهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى هللا عنهم ورضوا عنه(( )ا

المهاجرين الذين ( وقوله: ))للفقراء12ـ10لنعيم(( )الواقعة/وقوله: ))والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات ا

وينصرون هللا ورسوله أولئك هم الصادقو ين تبوأوان والذأخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضال من هللا ورضوانا

م لو كان بهفسهم وأنالدار واإليمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم وال يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على

ي تعديل هللا ( )الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء ف9ـ8خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون(( )الحشر/

ورسوله للصحابة(. . والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في تعديل هللا ورسوله للصحابة.2509صحيح البخاري، حديث 462ومثل ذلك . والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في تعديل هللا ورسوله للصحابة.3470 صحيح البخاري، حديث 463

كره ال ادري ذفريرة: روي عن أبي هريرة عن النبي )ص( أنه قال: خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال أبو ه

فس الباب نواية، يستشهدون )الكفاية في علم الرمرتين أو ثالثا، ثم يخلف من بعدهم قوم يحبون السمانة ويشهدون وال

بن عباس (. وعن ا2508السابق. وروي على شاكلة هذا الحديث منقوال عن عمران بن حصين في صحيح البخاري، حديث

ني فسنة متاب هللاقال رسول هللا )ص(: مهما اوتيتم من كتاب هللا فالعمل به ال عذر ألحدكم في تركه، فإن لم يكن في ك

هتديتم م به اماضية، فإن لم تكن سنة مني ماضية فما قال أصحابي، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيها أخذت

وإختالف أصحابي لكم رحمة )الكفاية في علم الرواية، نفس الباب السابق(.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

74

بد اآلبدين. واعتبر ان هذا هو بنزاهتهم وانهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين من بعدهم أ

.464مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء

لكن البغدادي لم يتعرض إلى ما ورد في الصحاح من سوء عاقبة ناس من الصحابة جزاء ما فعلوه من تبديل وتغيير، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس ان النبي

راة غرال، ثم قرأ: ))كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا )ص( قال: إنكم محشورون حفاة ع

من أصحابي يؤخذ بهم ذات إنا كنا فاعلين(( وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم وإن أناساالشمال فأقول أصحابي أصحابي؟ فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم،

ت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت فأقول كما قال العبد الصالح: ))وكن

الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد، إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت . 465العزيز الحكيم((

كما روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد أنه سمع النبي يقول: أنا فرطكم على

أ بعده أبدا ليردن علي أقوام أعرفهم الحوض من ورده شرب منه ومن شرب منه لم يظمويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم. وجاء ان أبا سعيد الخدري زاد على ذلك بقول النبي: إنهم

.466مني، فيقال إنك ال تدري ما بدلوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن بدل بعدي

سلم واعتباره كما روى هذان الشيخان روايات أخرى فيها تحذير لقتال المسلم اخاه الممن الكفر، وقد تكرر هذا األمر بين الصحابة، ومن ذلك ما روي عن عبد هللا ان النبي )ص(

. وفي رواية أخرى عن أبي بكرة أنه قال: خطبنا 467قال: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر

النبي )ص( يوم النحر فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ قلنا: هللا ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، وقال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى، قال: أي شهر هذا؟ قلنا: هللا

ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس ذو الحجة؟ قلنا: بلى،

قال: أي بلد هذا؟ قلنا: هللا ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، وقال: بلدة الحرام؟ قلنا: بلى، قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، أليست بال

في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربكم، أال هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم

اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فال ترجعوا بعدي كفارا، يضرب . 468بعضكم رقاب بعض

الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في تعديل هللا ورسوله للصحابة. 464 .2860. وصحيح مسلم، حديث 3171ي، حديث صحيح البخار 465( 6220. كذلك جاء في صحيح البخاري )حديث 2290. وصحيح مسلم، حديث 6643صحيح البخاري، حديث 466

لي منكم ع( عن أسماء بنت أبي بكر ان النبي )ص( قال: إني على الحوض حتى أنظر من يرد 2293وصحيح مسلم )حديث

عقابهم، على أ ني ومن أمتي؟ فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك وهللا ما برحوا يرجعونوسيؤخذ ناس دوني فأقول يا رب م

( عن 6642حديث خاري )فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا. كما روى الب

دوني، ختلجواام حتى إذا أهويت ألناولهم عبد هللا ان النبي )ص( قال: أنا فرطكم على الحوض فليرفعن إلي رجال منك

ان رسول ( عن عبد هللا2297فأقول: أي رب أصحابي؟ فيقول: ال تدري ما أحدثوا بعدك. ومثله في صحيح مسلم )حديث

ال: إنك الي؟ فيقهللا )ص( قال: أنا فرطكم على الحوض وألنازعن أقواما ثم ألغلبن عليهم فأقول: يا رب أصحابي أصحاب

ن علي ( عن أنس بن مالك أن النبي )ص( قال: ليرد2304ما أحدثوا بعدك. كذلك جاء في صحيح مسلم )حديث تدري

لي: ليقالنالحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني فألقولن: أي رب أصحابي أصحابي؟ ف

ال: يرد علي ( عن أبي هريرة أن رسول هللا )ص( ق6213إنك ال تدري ما أحدثوا بعدك. وجاء في صحيح البخاري )حديث

ك إنهم وا بعديوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقول: إنك ال علم لك بما أحدث

ين من ( عن أبي هريرة ان الناج6215ارتدوا على أدبارهم القهقري. وفي رواية أخرى في صحيح البخاري )حديث

هم القلة المعبر عنهم بمثل همل النعم. الصحابة .116. وصحيح مسلم، حديث 48صحيح البخاري، حديث 467 .120ـ118. وصحيح مسلم، حديث 1655ـ1652صحيح البخاري، حديث 468

حيى محمد ي مشكلة الحديث

75

قين لمنافاهذا يضاف إلى ما ورد في القرآن الكريم من آيات دالة على وجود الكثير من

نتها ي تضموالمتربصين بالنبي ممن اظهروا اإلسالم وتظاهروا باإليمان، ال سيما تلك الت

سورة التوبة. ألغلبافي األعم -على ان ما قدره العلماء بحق الصحابة هو حكم صحيح، لكنه مضيق

جرة، ة والهبحدود الذين صبروا مع النبي والقوا معه المصاعب والمتاعب طيلة سني البعث -

على ا يدلويشهد على هذا األمر ما نصت عليه الكثير من اآليات القرآنية. وليس هناك مم ميز فيهن لم يتليشمل جميع الصحابة، فمنهم الصغار الذي -كما أفاده العلماء -توسعة الحكم

الم اإلس غيره، كما ان منهم من اسلم بعد الفتح، وقد يكون أغلب هؤالء دخلوا العدل عن

.ملجئين ال خيار لهم بعد الفتح العظيم، أو بعدما خيروا بين اإلسالم والقتلء ال ومن األهمية بمكان التمييز بين مفهومين عامين للصحابة، أحدهما مجرد وبري

مفهوم ذا الهحسب -عدالة وما اليها. فعندما نقرر يتضمن وال يستلزم أي معنى قيمي آخر كال

مله حمجرد لان فالنا صحابي؛ فذلك ال يقتضي حكما معينا أو صفة أخرى ترفع من شأنه -لزم عن ين ال سمة الصحبة. فقد يكون االنسان كثير الصحبة واالقتران مع النبي أو غيره، لك

وعادال، وكذا العكس صحيح ذا هة حسب أيضا. وبالتالي ال شأن للصحبذلك ان يكون تقيا

ت مدةالمفهوم بأي حكم قيمي يخص العدالة وما اليها، سواء كان معنى الصحبة من طالأنه بتميز رؤيته للنبي وسماعه عنه، أو قصرت هذه المدة. أما المفهوم اآلخر للصحابة في

اإليمانرة ولتقوى والطهاغير بريء وال مجرد، بل يتضمن حكما ومعنى قيميا من العدالة وا

نى ومعوما إلى ذلك. وخطورة هذا المفهوم هو ان تحديد معنى الصحبة يستلزم معه حكماة لساع آخر كتلك التي ذكرناها. فلو اعتبرنا الصحابي هو كل من رأى النبي وسمعه ولو

. منلتضاواحدة؛ لكان هذا يعني ان من يصدق عليه هذا الحال هو عادل وتقي باللزوم أو

كال ة إلىويمكن ان يستند علماء الحديث والسيرة فيما يقولونه عن عدالة جميع الصحابنتزاع مكن ايالمفهومين السابقين باعتبارين مختلفين. ولتصوير هذا األمر علينا لحاظ كيف

حكم عدالة جميع الصحابة وفق نوعين من المغالطة حسب القياسين التاليين:

ي النب بة هو مفهوم بريء ومجرد، وان الصحابة الذين الزموا: ان مفهوم الصحااألوللة في ايام العسرة وناصروه وصدقوه واطاعوه هم ممن يجب التعويل عليهم في العدا

يشمل كل من رأى النبي وسم و عه ولوالتقوى والطهارة. لكن لمفهوم الصحبة معنى عاما

دة ملنبي احابة األولين ممن الزم لساعة واحدة، وبالتالي فإن الحكم الذي يصدق على الصاعة طويلة في الطاعة والنصرة والجهاد سوف يصدق على غيرهم ممن رآه وسمعه ولو لس

خيرة. ة األواحدة، وهذا يعني ان حكم العدالة على الجماعة األولى يصدق ذاته على الجماع

ك أمدة ذلوبعبارة أخرى، ان للصحابة معنى عاما يصدق على كل من رأى النبي طالت مى، التقووقصرت، وان من طالت مدة لزومه للنبي ايام العسرة والشدة يتصف بحكم العدالة

فهوم مشمله لذا فإن هذا الحكم يصدق أيضا على من قصرت مدة رؤيته للنبي باعتباره ممن ي

الصحبة كاألول.

تقوى، وان : ان مفهوم الصحبة مفهوم يستلزم ويتضمن المعنى القيمي للعدالة والالثاني

الصحابي على ذلك يكون عادال ال يبحث فيه بسبب فضل الصحبة. وبالتالي اذا كان معنى

الصحبة يصدق فعال على أولئك الذين الزموا النبي وتابعوه مدة طويلة كالمهاجرين واألنصار مثلما تشير إلى ذلك النصوص الدينية، فكذا يمكن توسعة هذا المعنى بحسب األمر

فهوم الصحبة كي يشمل كل من رأى النبي ولو لساعة واحدة، وبالتالي يمكن القول اللغوي لم

ان هؤالء الرجال الذين عممنا عليهم سمة الصحبة هم ممن يصدق عليهم حكم العدالة والتقوى للتالزم بين تلك الصحبة وهذا الحكم. وهذا يعني ان كل الرجال الذين رأوا النبي

حيى محمد ي مشكلة الحديث

76

مدة مالزمتهم للنبي أم قصرت، وذلك القتضاء الصحبة وسمعوه هم عدول، سواء طالت

للعدالة.

ي ل تجرومن حيث المقارنة بين القياسين يالحظ ان التوسعة بحسب قياس المفهوم األوأى رل من في الحكم ال الموضوع، اي في العدالة ال الصحبة. حيث بحسب هذا المفهوم ان ك

تقوى، أمر ال يتضمن معنى العدالة والالنبي فهو صحابي طالت مدة ذلك أم قصرت، وهو

ن ولين مبة األوكل ما فعله العلماء هو انهم عمموا حكم العدالة الذي يصدق فعال على الصحا ‹‹حابةالص››المهاجرين واألنصار كما تشير إلى ذلك الكثير من اآليات على غيرهم من

سب سعة حي حين ان التواآلخرين بمن فيهم صغار الصحابة والذين اسلموا بعد فتح مكة. ف

لصحبةقياس المفهوم الثاني تصدق على الموضوع ال الحكم، اي ان التوسعة قد اصابت احبة ن الصمباشرة فافضت إلى النتيجة ذاتها من األخذ بعدالة الصحابة جميعا الفتراض ا

تتضمن العدالة.

ابقين يجعل ومن الواضح ان كشف المغالطة في القياس والتوسعة حسب المفهومين السأكثر األحاديث التي رويت عن النبي موضع بحث ونقد لعالقتها المباشرة بالعدالة، ألن

اغلبها روي عن صغار الصحابة الذين أكثروا من التدليس ورفع الحديث. فاذا كانت العدالة

فيما يخص كبار الصحابة الذين الزموا النبي على الدوام؛ فإن ذلك ال يمكن ثابتة مبدئياعميمه وبسطه على الصغار منهم ومن أسلم مؤخرا كلية. مع ان علماء الحديث وأصحاب ت

الصحاح اجروا هذه التوسعة والقياس المغالط حسب أحد المفهومين السابقين، وقد سوغ لهم

ذلك اإلعتماد على المكثرين من صغار الصحابة في جمع الحديث، وكان منهم من عاصر ن، فرغم هذه الحداثة للعديد من هؤالء الصغار فقد روي عنهم النبي وهو مازال حدث الس

الكثير من األحاديث. وممن كثرت الرواية عنه وكان سماعه في الصغر: أنس بن مالك وعبد

، ومن بين هؤالء من جاء فيه أنه لم يدرك حديث النبي 469هللا بن عباس وأبو سعيد الخدرييث المنسوب إلى النبي مباشرة، فكما جاء لصغره، لكن مع ذلك روي عنه الكثير من الحد

عن السيدة عائشة انها قالت: ما علم أنس بن مالك وأبو سعيد الخدري بحديث رسول هللا

. وهذه الرواية تتنافى مع ما ورد عنهما انهما سمعا عن النبي 470وإنما كانا غالمين صغيرينن كما عرفنا. وقد نقل عن كل العديد من الحديث، ومنها تلك التي لها عالقة بكراهة التدوي

واحد من هؤالء الصغار ما يفوق األلف رواية مسندة إلى النبي، وبعضهم فاقت روايته

األلفين، فما الذي يبرر قبول مثل هذه الروايات؟يعود بنا هذا التساؤل إلى ما قرره علماء الحديث والسيرة بشأن عدالة جميع الصحابة

س ورفع الحديث، ومن ذلك تعليق الذهبي على ما ذكره وقبول ما يصدر عنهم من التدلي

شعبة من ان أبا هريرة كان يدلس، حيث قال: ان تدليس الصحابة كثير وال عيب فيه، فإن . وكذا كان يقول ابن قتيبة قبله، 471تدليسهم عن صاحب أكبر منهم، والصحابة كلهم عدول

وكما قال البغدادي: لو كان السماع ال يصح إال بعد العشرين لسقطت رواية كثير من أهل العلم سوى من هو في 469

نة ولده سابة ممن حفظ عن النبي )ص( في الصغر، فقد روى الحسن بن علي بن أبي طالب عن النبي )ص( ومعداد الصح

لمسور بن ن يزيد وابلسائب اثنتين من الهجرة، وكذلك عبد هللا بن الزبير بن العوام والنعمان بن بشير وأبو الطفيل الكناني وا

وج له حين قبض عشر سنين، وقيل أربع عشرة سنة، وتز مخرمة، وروى مسلمة بن مخلد عن رسول هللا )ص( وكان

ر روى عمورسول هللا )ص( عائشة وهي بنت ست سنين وابتنى بها وهى بنت تسع، وروت عنه ما حفظته في ذلك الوقت،

ه أنه ني عن أبية المزبن أبي سلمة أن النبي )ص( قال له: ادن يا غالم وسم هللا وكل بيمينك مما يليك، وروى معاوية بن قر

العب نت غالقال: كنت غالما صغيرا فمسح رسول هللا )ص( رأسي ودعا لي، وقال عبد هللا بن جعفر بن أبي طالب: ك ما

)ص( ول هللافجاء رسول هللا )ص( من سفر فاستقبلته فحملني بين يديه، وقال يوسف بن عبد هللا بن سالم: سماني رس

فاية في علم الرواية، باب ما جاء في صحة سماع الصغير(.يوسف وأقعدني في حجره ومسح على رأسي )الك جامع بيان العلم وفضله، باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض. 470 .608، فقرة 2سير أعالم النبالء، ج 471

حيى محمد ي مشكلة الحديث

77

سمعه من الثقة عنده فحكاه، ومثله وهو ان أبا هريرة يقول قال رسول هللا )ص( كذا، وإنما

. 472كان ابن عباس يفعل وغيره من الصحابة، معتبرا ذلك ليس بالكذب

لرفع امع ان هذا المنطق يفضي إلى التناقض وعدم االتساق، ذلك أنه اذا كانت صفة عدول؟والتدليس مقبولة عن الصحابة لعدالتهم، فكيف ال تقبل عن غيرهم من الرواة ال

لسماعرى، لماذا شدد أصحاب الصحاح على الشرط الخاص باإلسناد المتصل واوبعبارة أخ

ترضوها تي افالمباشر؛ بال ارسال وال تدليس، رغم افتراضهم العدالة في الرواة مثل تلك ال في الصحابة؟

ير بة وغفاالتساق يدعو إما إلى األخذ بالمرسل والمدلس عن جميع الرواة العدول صحا

، أما العدالةتبط بنهم جميعا بال تمييز وال استثناء. هذا اذا كان األمر يرصحابة، أو الترك عيث حفا، لو أخذنا بحساب عناصر أخرى فاعلة كقرب اإلسناد وما اليه فسيكون األمر مختل

. لكنتصبح علة األخذ عن الصحابة ال لكونهم عدوال فحسب، بل لقربهم من عصر النبي

رة من لمذكول والمدلس العائدين إلى التابعي؛ لذات العلة اذلك سوف يفضي إلى قبول المرس العدالة والقرب، وهو ما لم يراعه الحفاظ وأصحاب الصحاح.

أخيرا يمكن القول ان أصحاب الصحاح والجوامع الحديثية قد بلغوا غايتهم في االفادة من

م عبر األخذ عن المبدأ القائل بعدالة جميع الصحابة، إذ به تمكنوا من توسعة رواياتهالمكثرين من صغار الصحابة ومن أسلم مؤخرا، ولسان حالهم يقول: كلما كثر العدول كثرت

الرواية، وكلما عم العدول سادت الرواية وشاعت. وقد كان الحافظ ابو زرعة الرازي يدرك

إذا رأيت الرجلهذا المعنى، فأخذ يتهم من يطعن ببعض الصحابة بالزندقة، وكما قال: ينتقص أحدا من أصحاب رسول هللا فأعلم أنه زنديق، وذلك ان الرسول عندنا حق، والقرآن

حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول هللا، وإنما يريدون أن يجرحوا

. مع ان ظاهرة االنتقاص 473شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم اولى وهم زنادقة يضا؟!أنفسهم، فهل ينطبق عليهم االتهام ابة أقد جرت بين الصح

ـ تسامح العلماء في توثيق الرواة5مثلما اقتضى مبدأ التكثير في الرواية التعويل على عدالة الصحابة، فإنه اقتضى التسامح

أيضا في توثيق الرواة. وقيل ان علماء الجرح والتعديل منقسمون إلى ثالثة أقسام، فمنهم من

نفس في الجرح، ومنهم من هو معتدل، ومنهم من هو متساهل. فالحاد فيهم : يحيى كان حاد البن سعيد وابن معين وأبو حاتم وابن خراش وغيرهم. والمعتدل فيهم: أحمد بن حنبل

. 474والبخاري وأبو زرعة. والمتساهل كالترمذي والحاكم والدارقطني في بعض األوقات

لراوي يختلف بين عالم وآخر، ومن ذلك ما جاء بأن كما ذكر ان اسلوب التحقيق في عدالة اأهل العراق اعتبروا عدالة الراوي ال تتعدى إظهار اإلسالم وسالمة المسلم من الفسق

الظاهر. في حين ذهب البغدادي إلى ان غلبة الظن بالعدالة ال تعرف إال باختبار أحوال

. 475الراوي وافعالهيم، لكنه يواجه مشكلة في التطبيق على الرواة وهذا الذي يقوله البغدادي هو رأي سل

الماضين، فليس من السهل التدقيق في أحوالهم واختبار افعالهم. لذلك تجد كتب الجرح

تأويل مختلف الحديث، باب ذكر أصحاب الكالم وأصحاب الرأي. 472 .97الكفاية للخطيب البغدادي، ص 473 علم مصطلح الحـديث، فصل ضمن فقرة الثقة.المـوقظـة في 474الكفاية في علم الرواية، باب الرد على من زعم أن العدالة هى إظهار اإلسالم وعدم الفسق الظاهر. وعلى شاكلته 475

(.1058ذهب الزركشي في كتابه )البحر المحيط، فقرة

حيى محمد ي مشكلة الحديث

78

والتعديل مشحونة بالكلمات القليلة في التعريف بالراوي، كأن يقال عنه ضعيف أو ثقة أو

يخه الكبير، إذ ال يذكر ليس بشيء أو غير ذلك، كما هو حال ما فعله البخاري في تار

تفاصيل حول الرواة، فالغالب في عباراته عنهم ال تتعدى القول: روى عنه فالن، أو سمع منه فالن، أو روى عن أو سمع من... الخ. وهو لم يسود لكل راو في الغالب أكثر من سطر

يضمن ترجمة الراوي بحكاية تروى عنه، كما أحيا ال يذكر أو سطرين أو ثالثة، وأحيانا نا

عن الراوي سوى اسمه فقط، أو يزيد عليه أنه مات سنة كذا، أو ان له صحبة، أو أنه يعد في يقول فيه لفظة أو أكثر قليال الكوفيين أو المصريين أو البصريين أو الشاميين، وأحيانا

للتعبير عن موقفه منه أو من حديثه، كإن يقول حديثه مرسل، أو عنده مراسيل، أو كان

فاضال، أو سكتوا عنه، أو يرمى بالكذب، أو تكلموا فيه، أو ترك احمد حديثه، أو كان يحيى بن معين يتكلم فيه، أو قال يحيى ليس بشيء، أو قال عنه فالن كان ثقة، أو كذبه بعضهم فيه

نظر، أو فيه نظر ال يعرف بكبير حديث، أو هذا غريب الحديث ليس له كبير حديث، أو

أو يخالف في بعض حديثه، أو ال يتبع في حديثه، أو لم يصح حديثه، أو حديثه ذهب حديثه، منقطع، أو حديثه مناكير، أو عنده مناكير، أو منكر الحديث، أو منكر الحديث ال يكذب

حديثه، أو ليس بالقوي، أو لم يصح إسناده، أو إسناده مجهول، أو إسناده ليس بقوي...

البسيطة ال تفيد شيئا في البحث الدقيق عن أحوال الرجال، . وواضح ان هذه العبارات 476الخ ومع ذلك فإن البخاري قد خرج للكثير منهم في صحيحه.

دلون وا يتباا كانموتتعقد المشكلة أكثر عندما نعلم ان القدماء من الحفاظ والعلماء كثيرا

ح. لصحااه أصحاب التهم والتسقيط والتكذيب. لكنها لم تؤثر على مجرى التوثيق الذي سلكمن ي عددفولالطالع على تلك الحاالت من التهم والتجريح بين علماء السلف نتبع ما جاء

بر بد العكتب الحفاظ والمؤرخين؛ أبرزها كتاب )جامع بيان العلم وفضله( ألبي عمر بن

الذي ضمنه فصال بهذا الخصوص، وذلك كالتالي:تهم مع الكثير من العلماء، ومن ذلك أنه وصف عبد مما يذكر ان مالك بن انس قد تبادل ال

. وقيل ان 478، ووصف محمد بن اسحاق بدجال الدجاجلة477هللا بن يزيد بن سمعان بالكذاب

كذب ابن اسحاق لقول هذا األخير في مالك أنه مولى لبني تيم قريش، حيث ان مالكا مالكالتشيع ابن اسحاق وما نسب إليه من أعلم بنسب نفسه. واحتمل ابن عبد البر ان التكذيب جاء

اثنى عليه ابن شهاب الزهري حافظا القول بالقدر، وأما الصدق والحفظ فقد عد صدوقا

ووثقه شعبة والثوري وابن عيينة وجماعة جلة، وقد روي عن مالك أنه قيل له من أين قلت على رأي ابن في محمد بن اسحاق أنه كذاب، فقال سمعت هشام بن عروة يقول ذلك. وهو

. وقال في أهل العراق: انزلوهم منكم منزلة أهل 479عبد البر من التقليد الذي ال برهان عليه

الكتاب ال تصدقوهم وال تكذبوهم ))وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم . 480واحد((

البخاري: التاريخ الكبير، مكتبة سحاب السلفية االلكترونية. 476جاء عن أحمد بن صالح أنه قال: سألت عبد هللا بن وهب عن عبد هللا بن يزيد بن سمعان، فقال ثقة، فقلت أن مالكا 477

عض(.بهم في يقول فيه كذاب، فقال ال يقبل قول بعضهم في بعض )جامع بيان العلم وفضله، باب حكم قول العلماء بعضبن اسحاق فذكرنا له شيئا عن مالك، فقال: هاتوا علم مالك فأنا عن عبد هللا بن ادريس أنه قال: قدم علينا محمد 478

نة، من المدي خرجناهأبيطاره، قال ابن ادريس فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لمالك بن أنس، فقال: ذلك دجال الدجاجلة ونحن

ل العلماءكم قوضله، باب حوعندها قال ابن ادريس وما كنت سمعت بجمع دجال قبلها على ذلك الجمع )جامع بيان العلم وف

بعضهم في بعض(. جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 479جاء ان محمد بن الحسن دخل على مالك بن أنس يوما فسمعه يقول هذه المقالة التي حكاها عنه ابن وهب في أهل 480

تكون غيبة. وقال سعيد بن منصور كنت عند العراق، ثم رفع رأسه فنظر مني، فكأنه استحيا وقال: يا أبا عبد هللا أكره أن

حيى محمد ي مشكلة الحديث

79

دلوا ذلك بعلماء كما حط مالك من منزلة علماء الشام وكذا علماء الكوفة، وهؤالء با

. وجاء ان أبا سعيد الرازي كان يماري أهل 481المدينة، فتحامل بعضهم على البعض اآلخر

الكوفة ويفضل أهل المدينة، فهجاه رجل من أهل الكوفة ولقبه شرشير، وقال كلب في جهنم اسمه شرشير، وأنشد قائال:

ا ، وليس يعرف هذعندي مسائل ال شرشير يحسنها إن سئل عنها، وال أصحاب شرشير

لزير. اة واالدين إال حنيفة كوفية الدور، ال تسألن مدينيا فتحرجه إال عن اليم والمثنفكتب أبو سعيد إلى أهل المدينة: قد هجيتم بكذا فأجيبوا، فأجابه رجل من المدينة

:482فأنشد

وكل أمر إذا ما حم مقدور لقد عجبت لغاو ساقه قدر إال الغناء إال اليم والزير هاقال المدينة أرض ال يكون ب

قبر الرسول وخير الناس مقبور لقد كذبت لعمر هللا إن بها

وجاء عن عبد هللا بن المبارك أنه لم ير في مالك صاحب علم، فقد قال سلمة بن سليمان أنه قال البن المبارك: وضعت من رأي أبي حنيفة ولم تضع من رأي مالك، فأجاب ابن

المبارك: لم أره . كما تكلم ابن أبي ذئب في مالك بكالم فيه جفاء وخشونة، قاله 483عالما

إنكارا منه لقول مالك في حديث البيعين بالخيار، إذ قال عنه: يستتاب في الخيار؛ فإن تاب . 485. وكان ابراهيم بن سعد يطعن في نسبه ويتكلم فيه ويدعو عليه484وإال ضربت عنقه

يز بن أبي سلمة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن اسحاق وتكلم فيه أيضا كل من عبد العز

وابن أبي يحيى وابن أبي الزناد وعابوا أشياء من مذهبه. وتكلم فيه غيرهم لتركه الرواية عن سعد بن ابراهيم وروايته عن داود بن الحصين وثور بن زيد. وتحامل عليه الشافعي وبعض

ابن عبد البر ان ذلك كان حسدا لموضوع أصحاب أبي حنيفة في شيء من رأيه. واعتبر

إمامته. كما عابه قوم في إنكاره المسح على الخفين في الحضر والسفر وفي كالمه في علي وعثمان، ومن ذلك ما يرويه الزبيريون من أن مالكا كان يذكر عثمانا وعليا وطلحة والزبير

ا في فتياه بإتيان النساء في األعجاز، ، وكذ486فيقول: وهللا ما اقتتلوا إال على الثريد األعفر

كما يقول ابن عبد البر -وفي قعوده عن مشاهدة الجماعة في مسجد رسول هللا، ونسبوه بذلك كان يأتي المسجد ويشهد الصلوات 487إلى ما ال يحسن ذكره - . وذكر الواقدي بأن مالكا

فيجتمع إليه والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد

مالك بن أنس فأقبل قوم من أهل العراق فقال: ))تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم

(.68، فقرة 8آياتنا(( )جامع بيان العلم وفضله، باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض. وسير اعالم النبالء، ج سئل عن مسألة فأجاب فيها، فقال له السائل: إن أهل الشام يخالفونك فيها فيقولون كذا وكذا، فقال: قيل ان 481 مالكا

فة أهل الكو وله فيقومتى كان هذا الشأن بالشام؟ إنما هذا الشأن وقف على أهل المدينة والكوفة. وهذا خالف ما تقدم من

المسائل د اليهوزاعي في الشام، وخالف قوله في أبي حنيفة الذي تعووأهل العراق، وخالف المعروف عنه من تفضيله لأل

في الكوفة مع أصحابه والثوري. كما قال عبد هللا بن غانم لمالك: إنا لم نكن نرى الصفرة وال الكدر ذلك إال وال نرىة شيئا

العلم فيهم يرهم إنماغة وإن لعمل فيه بالنبوفي الدم العبيط، فقال مالك: وهل الصفرة إلى دم، ثم قال: إن هذا البلد إنما كان ا

دهم بأمر عمل عنبأمر الملوك. وقول مالك هذا خالف ما تقدم عنه. وقد كان أهل العراق يضيفون إلى أهل المدينة إن ال

األمراء مثل هشام بن اسماعيل المخزومي وغيره )جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق(. ، الباب السابق.جامع بيان العلم وفضله 482 المصدر والباب السابقين. 483 ، مادة )الفضل بن زياد القطان البغدادي(. وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.2طبقات الحنابلة، ج 484وجامع .93ابن أبي شيبة: سؤاالت ابن أبي شيبة لعلي بن جعفر المديني، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص 485

ضله، الباب السابق.بيان العلم وفلم ، فقرة: كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم،2المبرد: الكامل في اللغة واالدب، شبكة المشكاة االلكترونية، ج 486

تذكر ارقام صفحاته. جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 487

حيى محمد ي مشكلة الحديث

80

أصحابه، ثم ترك الجلوس في المسجد فكان يصلي وينصرف إلى مجلسه، وترك حضور

الجنائز فكان يأتي أصحابها فيعزيهم، ثم ترك ذلك كله فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد

وال الجمعة وال يأتي أحدا يعزيه وال يقضي له حقا، واحتمل الناس له ذلك حتى مات عليه، .488ا قيل له في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذرهوكان ربم

وقال حماد بن أبي سليمان في كل من عطاء وطاوس ومجاهد بأن الصبيان أعلم منهم، إذ

جاء عن مغيرة أنه قال: قدم علينا حماد بن أبي سليمان من مكة فأتيناه لنسلم عليه فقال لنا: سا ومجاهدا فلصبيانكم اعلم منهم، بل صبيان صبيانكم. وهللا يا أهل الكوفة لقيت عطاء وطاو

وعلق مغيرة على هذا القول بقوله: هذا بغي منه. وقال أبو عمر بن عبد البر: صدق مغيرة.

وكان أبو حنيفة وهو أقعد الناس بحماد يفضل عطاء عليه. وعلق أبو عمر فقال: فهذا حماد ي القائم بفتواها وهو معلم أبي حنيفة يقول في بن أبي سليمان وهو فقيه الكوفة بعد النخع

عطاء وطاوس ومجاهد، وهم عند الجميع أرضى منه وأعلم، وانه لم ينسب واحد منهم إلى

. 489االرجاء وقد نسب إليه حماد وعيب به وعنه أخذه أبو حنيفة. وذم الزهري أهل مكة واتهمهم بنقض 490كما ذم ابن شهاب الزهري ربيعة وأبا الزناد

رى اإلسالم ولم يستثن منهم أحدا رغم ان فيهم من أجلة العلماء كما أشار إلى ذلك ابن عبد ع

البر الذي رجح ان قول الزهري جاء لما روي عنهم في الصرف ومتعة النساء، إذ جاء عن أشبه انقض لعرى اإلسالم من أهل مكة، وال رأيت قوما الزهري أنه قال: ما رأيت قوما

لسبئية. ويقصد بالسبئية )الرافضة( كما أشار إلى ذلك أحمد بن يونس. وممن بالنصارى من ا

قال في متعة النساء والصرف ابن عباس، ومعنى الصرف هو القول بجواز الدرهم .491بالدرهمين

وجاء عن أبي حنيفة أنه لم ير أحدا أكذب من جابر الجعفي. وقال أبو حنيفة في األعمش

ضان قط ولم يغتسل من جنابة، إذ جاء عن الفضل بن موسى أنه تحقيرا له بأنه لم يصم رمقال: دخلت مع أبي حنيفة على األعمش نعوده، فقال أبو حنيفة: يا أبا محمد لوال التثقيل عليك

لزدت في عيادتك أكثر، فقال له األعمش: وهللا إنك علي لثقيل وأنت في بيتك، فكيف إذا

من عنده قال أبو حنيفة: ان األعمش لم يصم رمضان دخلت علي، قال الفضل: فلما خرجنا قط ولم يغتسل من جنابة، وفسر ذلك بأن األعمش كان يرى الماء من الماء ويتسحر على

.492حديث حذيفة

في حين تعرض أبو حنيفة إلى التجريح من قبل الكثير من العلماء والحفاظ، فقال عنه ذي أراح المسلمين منه؛ لقد كان ينقض عرى سفيان الثوري عندما علم بموته: الحمد هلل ال

، وقال 493اإلسالم عروة عروة، وما ولد في اإلسالم مولود أشأم على أهل اإلسالم منه

. وجاء عن سفيان بن عيينة أنه قال 494الثوري أيضا: استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين

.46، فقرة 8وسير اعالم النبالء، ج ، باب شهادة أهل العلم والصالح له باإلمامة في العلم.1الديباج المذهب، ج 488 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 489 وتركت العلماء بالمدينة يتامى؟ فقال أفسدها علينا 490 وإداما جاء أنه قيل البن شهاب: تركت المدينة ولزمت شغبا

مسجد لناس فيللزهري: لو جلست لالعبدان: ربيعة وأبو الزناد. وفي خبر آخر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال

حتى أفعل ذلك بغي أنرسول هللا في بقية عمرك؟ فقال رجل للزهري: اما أنه ما يشتهي أن يراك، فقال الزهري اما أنه ال ين

يفيد الذم )جامع بي في اآلخرة كما ان ألبي الزناد في ربيعة كالما الباب لم وفضله،ان العأكون زاهدا في الدنيا راغبا

السابق(. جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 491 المصدر والباب السابقين. 492. وعلى هذه الشاكلة قال االوزاعي عند وفاة أبي حنيفة: الحمد هلل إن كان لينقض 398، ص13تاريخ بغداد، ج 493

(.399اإلسالم عروة عروة )المصدر السابق، ص .318، ص1تاريخ بغداد، ج 494

حيى محمد ي مشكلة الحديث

81

، ومثله ما قاله 495فيه: ما ولد في اإلسالم مولود أضر على أهل اإلسالم من أبي حنيفة

. كما قال ابن عون: نبئت أن فيكم صدادين يصدون عن سبيل هللا؛ 496االوزاعي وحماد

. 497سليمان بن حرب وأبو حنيفة وأصحابه ممن يصدون عن سبيل هللاوقيل أنه سئل مالك بن أنس عن قول عمر في العراق )بها الداء العضال( قال: الهلكة في

أنه سأل البعض: أيذكر أبو حنيفة ببلدكم؟ . وج498الدين ومنهم أبو حنيفة اء عن مالك أيضا

فقيل له نعم، قال ما ينبغي لبلدكم أن تسكن. كما نقل الشافعي بأن مالكا سئل مرة: هل تعرف أبا حنيفة؟ قال نعم؛ ما ظنكم برجل لو قال هذه السارية من ذهب لقام دونها حتى يجعلها من

سر كالمه هذا بأن معناه أنه كان يثبت على الخطأ ويحتج ذهب وهي من خشب أو حجارة. وف

دونه وال يرجع إلى الصواب إذا بان له. ونقل عن مالك أيضا أنه قال بأن أبا حنيفة كاد الدين ومن كاد الدين فليس له دين. وقال: الداء العضال الهالك في الدين وأبو حنيفة من الداء

.499العضال

ود السجستاني أنه قال يوما ألصحابه: ما تقولون في مسألة وجاء عن أبي بكر بن أبي دااتفق عليها مالك وأصحابه والشافعي وأصحابه واألوزاعي وأصحابه والحسن بن صالح

وأصحابه وسفيان الثوري وأصحابه وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقالوا له يا أبا بكر ال تكون

. 500تضليل أبي حنيفةمسألة أصح من هذه، فقال هؤالء كلهم اتفقوا على كما تبادل الشعبي وابراهيم النخعي كلمات من التهم والذم ووصف أحدهما اآلخر

بالكذاب. فعن األعمش أنه قال: ذكر ابراهيم النخعي عند الشعبي فقال: ذاك األعور الذي

م يستفتيني بالليل ويجلس يفتي الناس بالنهار، قال فذكرت ذلك البراهيم، فقال ذاك الكذاب ل .501يسمع من مسروق شيئا قط

. وقيل أنه كانت هناك 502وجاء عن سعيد بن حميد أنه كذب الشعبي في بعض الفتاوى

حساسية بين سعيد بن المسيب وعكرمة، وكان سعيد يعد عكرمة من الكذابين، وحكي عن األول أنه قال لغالمه ال تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس، وجاء أنه سأل رجل

يد بن المسيب عن رجل نذر نذرا فيه معصية، فأمره سعيد أن يوفي بنذره، فسأل الرجل سع

عكرمة فأمره أن يكفر عن يمينه وال يوفي بنذره، فرجع الرجل إلى سعيد فأخبره بقول عكرمة، فقال: لينتهين عكرمة أو ليوجعن األمراء ظهره، فرجع الرجل إلى عكرمة فأخبره،

غتني فبلغه: أما هو فقد ضربت األمراء ظهره واوقفوه في تبان من فقال عكرمة: أما إذ بل

شعر، وسله عن نذرك أطاعة هو هلل أم معصية؛ فإن قال هو طاعة فقد كذب على هللا ألنه ال . 503تكون معصية هللا طاعة، وإن قال هو معصية فقد أمرك بمعصية هللا

كذب عكرمة على ابن كما روي عن ابن عمر أنه قال لنافع: ال تكذب علي كما

. وكذا كان مالك ال يرى عكرمة ثقة، ويأمر أن ال يؤخذ عنه. وقال القاسم إن 504عباس

.430، ص4د، جتاريخ بغدا 495 .399، ص13تاريخ بغداد، ج 496 .399المصدر السابق، ص 497 .401ـ400، ص13تاريخ بغداد، ج 498 نفس المصدر والصفحة. 499 .383، ص13المصدر السابق، ج 500 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 501لشعبي يقول انها ليست بواجبة، فقال كذب فقد جاء عن سعيد بن حميد أنه قال في العمرة أنها واجبة، فقيل له ان ا 502

الشعبي )جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق(. جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 503 مقدمة فتح الباري، فقرة عكرمة أبو عبد هللا. 504

حيى محمد ي مشكلة الحديث

82

عكرمة كذاب يحدث غدوة بحديث يخالفه عشية. وكان عكرمة يرمى بثالث قضايا، احدها

.505الكذب، وثانيها أنه يرى رأي الخوارج، وثالثها أنه يقبل جوائز األمراء

أنه ك ان بين منصور بن عمار والشاعر أبي العتاهية اتهامات متبادلة، ومن وقيل أيضا . 506ذلك االتهام بسرقة الكالم والزندقة

كما جاء ان سليمان التيمي لم يجز شهادة سعيد بن أبي عروبة وال معلمه قتادة، وقيل ان

بن . وكان كل من ا507ذلك إلعتقادهما بالقدر. كما كان قتادة يعرض بيحيى بن أبي كثير. وكذا ورد ان أبا عبد الرحمن النسائي 508القاسم وابن وهب يحذر الناس باألخذ عن اآلخر

، إذ قيل أنه كان من أحمد بن صالح 509قد جرح الحافظ أحمد بن صالح وصرح بأنه غير ثقة

إلى النسائي جفاء أفسد قلبه عليه. وعلق الحافظ أبو يعلى الخليلي على ذلك بقوله: اتفق أن كالمه فيه تحامل وال يقدح كالم أمثاله فيه. لكن عقب على ذلك ابن الصالح الحفاظ على

. وكان أبو جعفر العقيلي يقول: إن أحمد بن 510بقوله: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل

صالح من أئمة المسلمين الحفاظ المتقنين ال يؤثر فيه تجريح، وإن هذا القول ليحط من أبي .511سائي أكثر مما حط من أحمد بن صالح، وكذلك التحامل يعود على أربابهعبد الرحمن الن

وكان احمد ابن حنبل يعرض بالحارث المحاسبي، وكذا كان يفعل الكرابيسي بابن حنبل،

. ويذكر ان الكرابيسي كان يقول: من لم يقل لفظه بالقرآن مخلوق فهو 512والذهلي بالبخاريفر، وعده األخير من اتباع جهم في قوله بخلق القرآن كافر، فقال ابن حنبل: بل هو كا

.513واعتبره كافرا، وقال عنه: ال يجالس وال يكلم، وال تكتب كتبه، وال تجالس من يجالسه

وكان ابن معين يطلق لسانه بأشياء في أعراض األئمة أنكرت عليه، منها قوله ان عبد كان أبو عثمان النهدي شرطيا، وقوله الملك بن مروان ابخر الفم وكان رجل سوء، وقوله

مقدمة فتح الباري، فقرة عكرمة أبو عبد هللا. 505الناس وأبو العتاهية حاضر، فقال إنما سرق منصور هذا الكالم من فقد جاء أن منصور بن عمار قص يوما على 506

الموت إنما يذكرلنار وارجل كوفي، فبلغ قوله منصورا فقال ان أبا العتاهية زنديق؛ أما ترونه ال يذكر في شعره الجنة وال

فقط، فبلغ ذلك أبا العتاهية فقال فيه:

أمورا أنت تأتيها إذ عبت منهم يا واعظ الناس قد أصبحت متهما

فالموبقات لعمري انت جانيها أصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهدا

وانت ألكثر منهم رغبة فيها تعيب دنيا وناسا راغبين لها

للناس بادية ما أن يواريها كالملبس الثوب من عرى وعورته

في كل نفس عماها عن مساويها وأعظم اإلثم بعد الشرك نعلمه

منهم وال تبصر العيب الذي فيها الناس تبصرهاعرفتها بعيوب

عار عليك اذا فعلت عظيم ال تنه عن خلق وتأتي مثله

فلم تمض إال أيام يسيرة حتى مات منصور بن عمار، فوقف أبو العتاهية على قبره وقال: يغفر هللا لك أبا السرى

اة ث والمجازكر البعالعتاهية عند جمعي له فوجدت فيه ذما كنت رميتني به. قال أبو عمر بن عبد البر: قد تدبرت شعر أبي

والحساب والثواب والعقاب )جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق(.فقد جاء عن يحيى بن أبي كثير أنه قال: ال يزال أهل البصرة بشر ما أبقي هللا فيهم قتادة. قال وسمعت قتادة يقول: 507

ه، الباب م وفضلعرض بيحيى بن أبي كثير إذ كان أهل بيته سماكين )جامع بيان العلمتى كان العلم في السماكين، وهو ي

السابق(.فقد جاء عن عبيد هللا عن أبيه يحيى بن يحيى أنه قال: كنت آتي ابن القاسم فيقول لي من أين؟ فأقول من عند ابن 508

: من عند ين؟ فأقولأي: من للعمل، ثم آتي ابن وهب فيقول وهب، فيقول: هللا هللا اتقي هللا فإن أكثر هذه األحاديث ليس عليها ا

ابن القاسم، فيقول: اتق هللا فإن أكثر هذه المسائل رأي )جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق(.هـ( من الثقاة الذين قيل 248جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. ويعد احمد بن صالح المصري )المتوفى سنة 509

علم ألينا فتى قدم ع نه ال يعلق بهم جرح، وهو من الذين أخرج لهم البخاري في صحيحه. وكان أبو نعيم يقول عنه: مافيهم أ

(.303، ص1بحديث الحجاز من هذا الفتى )التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج حديث.مقدمة ابن الصالح، باب معرفة الثقات والضعفاء من رواة ال 510 .304، ص1التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 511 .50ـ49شروط األئمة الخمسة، ص 512 .192بحر الدم، ص 513

حيى محمد ي مشكلة الحديث

83

في األوزاعي أنه من الجند وال كرامة، وقوله في طاوس أنه كان شيعيا، وقوله: حديث

األوزاعي من الزهري ويحيى بن أبي كثير ال يثبت. ومما نقم على ابن معين وعيب عليه

بني أمية وإنه فقد قوله في الشافعي أنه ليس بثقة، وقوله في الزهري أنه ولي الخراج لبعض . 514مرة ماال فاتهم به غالما له فضربه فمات من ضربه، وذكر كالما خشنا في قتله غالمه

وجاء في اتهام الزهري الشيء الكثير لعالقته القوية بالسلطة االموية، إذ كان صاحبا لعبد

ك يزيد بن عبد الملك الملك بن مروان ومربيا الوالده، ثم من بعده الزم ابنه هشاما، وبعد ذل . وكان ممن اجاز لبعض رجال بني امية الرواية عنه، ومن ذلك أنه 515الذي نصبه قاضيا

جاءه رجل منهم يقال له إبراهيم بن الوليد وعرض عليه كتابا وقال: أأحدث بهذا عنك يا أبا

. وقد تكلم البعض في الزهري لكونه خضب 516بكر؟ قال إي لعمري فمن يحدثكموه غيريالسواد ولبس زي الجند وخدم هشام بن عبد الملك. وعلق الذهبي على ذلك بقوله: ان هذا ب

باب واسع والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، والمؤمن إذا رجحت حسناته وقلت سيئاته

. وحكى الحاكم عن ابن معين قوله بأن أجود األسانيد األعمش عن 517فهو من المفلحينعبد هللا، فقال له بعض الحاضرين: األعمش مثل الزهري، فأجابه إبراهيم عن علقمة عن

ابن معين: برئت من األعمش أن يكون مثل الزهري؛ الزهري يرى العرض واالجازة

. 518ويعمل لبني أمية، واألعمش فقير صبور مجانب للسلطان ورع عالم بالقرآنالشعبي وقبيصة بن وذكر ابن عبد البر ان الذين يترددون على الملوك كثيرون، منهم

ذؤيب ورجاء بن حيوة الكندي وأبو المقدام والحسن وأبو الزناد ومالك بن أنس واألوزاعي

. وكان سفيان الثوري يقول بشأن هؤالء الملوك: ما أخاف من إهانتهم 519والشافعي وغيرهمة . وقد عرف ان قبول جوائز األمراء جائز520لي، إنما أخاف من إكرامهم فيميل قلبي إليهم

.521وغير قادحة عند الغالب من أهل العلم

*** كانت تلك نماذج من التجريح بين العلماء أنفسهم، وقد اعتبر الحفاظ أنه لو قدم الجرح

على التعديل لما سلم أحد من النقد والتضعيف، لذلك رأوا أنه ال بد من معرفة سبب الجرح

م ال. وهذا ما جعلهم يعولون على والطعن، ومعرفة ما اذا كان يؤثر على قبول روايته أتوثيق الرواة المعروفين رغم ما جرى بينهم من تهم وطعون متبادلة كالذي رأينا. فقد ذهب

أئمة الحديث ونقاده مثل الشيخين )البخاري ومسلم( وغيرهما إلى عدم اعتبار الجرح إال اذا

جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 514 .178، فقرة 5وفيات االعيان، ج 515ءة على المحدث بمنزلة السماع منه. وجامع بيان الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الروايات عمن قال أن القرا 516

العلم وفضله، باب في العرض على العالم. .187قواعد التحديث، ص 517، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، 1984هـ ـ 1404ابن حجر العسقالني: تهذيب التهذيب، الطبعة األولى، 518

.197ص 4جاخلة السلطان الظالم. جاء أنه قيل لمالك إنك تدخل على السلطان وهم جامع بيان العلم، باب ذم العالم على مد 519

. وتقدمة ان الظالمالسلط يظلمون ويجورون، فقال يرحمك هللا فأين الكالم بالحق )جامع بيان العلم، باب ذم العالم على مداخلة

الكا مكما جاء ان (.111، فقرة 8ء، جالمعرفة، باب ما ذكر من كالم مالك بن أنس عند السلطان بالحق، وسير اعالم النبال

قرة ف، 8الء، جم النبقال: وهللا ما دخلت على ملك من هؤالء الملوك حتى أصل إليه إال نزع هللا هيبته من صدري )سير اعال

ي ف ابن أبي ذئب (. لكن جاء على خالف ذلك ما روي عن احمد بن حنبل أنه سئل: من أعلم مالك أو ابن أبي ذئب، فقال:66

ب بن أبي ذئدخل ا هذا أكبر من مالك، وابن أبي ذئب أصلح في بدنه وأورع ورعا وأقوم بالحق من مالك عند السلطان، وقد

ن ال حماد بفر، وقعلى أبي جعفر )المنصور( فلم يمهله أن قال له الحق، إذ خاطبه: الظلم فاش ببابك، وأبو جعفر أبو جع

ئب ذابن أبي تكلممسيب، وما كان ابن أبي ذئب ومالك في موضع عند السلطان إالخالد: كان يشبه ابن أبي ذئب بسعيد بن ال

، مادة: الفضل بن زياد القطان البغدادي(.2بالحق واألمر والنهي ومالك ساكت )طبقات الحنابلة، ج ابن الجوزي: تلبيس ابليس، مكتبة سحاب السلفية )لم تذكر ارقام صفحاته وال فقراته(. 520 ح الباري، فقرة عكرمة أبو عبد هللا.مقدمة فت 521

حيى محمد ي مشكلة الحديث

84

اعتقده جرحا، وليس بجرح كان مفسرا مبين السبب، إذ قد يطلق أحدهم الجرح بناء على أمر

في نفس األمر، خاصة وان مذاهب النقاد للرجال غامضة مختلفة كما يقول أبو داود

السجستاني.وقد عقد الخطيب البغدادي بابا في بعض أخبار من استفسر في جرحه، فذكر ما ال يصلح

على برذون جارحا؛ منها عن شعبة أنه قيل له لم تركت حديث فالن؟ فقال رأيته يركض

فتركت حديثه، ومنها عن مسلم بن إبراهيم أنه سئل عن حديث لصالح المري فقال: ما تصنع . 522بصالح ذكروه يوما عند حماد بن سلمة فامتخط حماد

على هذا احتج البخاري بجماعة سبق لغيره ان جرحهم، كعكرمة مولى بن عباس

ق وغيرهم، واحتج مسلم وكاسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزو. واعتبر النووي في شرحه لصحيح البخاري 523بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم

.524ان ما ضعفه البعض من أحاديث الشيخين انما هو مبني على علل ليست قادحة

وذهب ابن الصالح إلى ان المسؤولية في المشكلة السابقة تقع على عاتق أئمة الحديث في قل ما يتعرضون فيها لبيان السبب في الجرح، بل يقتصرون على مجرد القول الجرح، حيث

فالن ضعيف وفالن ليس بشيء ونحو ذلك، أو هذا حديث ضعيف وهذا حديث غير ثابت

ونحو ذلك. وهذا يعني ان اشتراط بيان السبب سيفضي إلى تعطيل ذلك العلم وسد باب ه المشكلة هو التوقف في اثبات الجرح وعدم الجرح في الغالب. لكنه رأى في الجواب عن هذ

قبول حديث من قيل فيه جرح غير مفسر السبب، ريثما تزال عنه الشبهة بمعرفة حاله فيزال

. 525عنه الجرح وتوجب الثقة به ويقبل حديثهومن الناحية المنطقية يفترض ان يجرى هذا الحال على التعديل ال الجرح فقط، وذلك

. فمثلما يقال ان الجرح ال يقبل إال مفسرا مبين 526مضة ودوافعها مختلفةألن نوازع النفس غا

السبب، فكذا يفترض ان يقال الشيء نفسه في التعديل، مما يتطلب معرفة أحوال الرواة دون االكتفاء بالعبارات القليلة التي تحدد مسلك الراوي وعدالته. ومع ان هناك من يذهب فعال إلى

، لكن من الناحية 527ل، كما في الجرح، كالذي ذهب اليه الماورديلزوم ذكر سبب التعدي

العملية يتعسر حل المشكلة لقلة معرفة أحوال الرجال، ال سيما من هم في عداد الموتى، وهم الغالب االعظم. وهذا ما جعل أصحاب الصحاح يضفون عليهم سمة التعديل بال توقف، ومن

في الصحيحين عددا كثيرا من الرواة لم تثبت وثاقتهم، ذلك ما جاء في )الميزان( للذهبي بأن

وبحسب جمهور الحفاظ ان من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه

مقدمة ابن الصالح، باب معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته. وقد عرف ان العلماء مختلفون في عدالة 522

حبة ها، وصالراوي إن كان ممن يتعاطى المباحات المسقطة للمروءة، كالجلوس على قارعة الطرق للنزهة، واالكل في

فقرة لمحيط،كذا بخصوص ما يعرف بأصحاب الحرف الدنيئة كالدباغ والجزار وما اليهما )البحر اأراذل العامة. و

(.1057ـ1056 مقدمة ابن الصالح، باب معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته. 523قات الذين احتج . قال الحافظ الذهبي: قد كتبت في مصنفي )الميزان( عددا كثيرا من الث189قواعد التحديث، ص 524

دي، بل يهم عنفالبخاري أو مسلم أو غيرهما بهم لكون الرجل منهم قد دون اسمه في مصنفات الجرح وما أوردتهم لضعف

ن مفيه عدة ا لدخلليعرف ذلك، وما زال يمر بي الرجل الثبت وفيه مقال من ال يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسن

معصومين بما هم ف، فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما، وهللا يرضى عن الكل ويغفر لهم، الصحابة والتابعين واألئمة

شيعة خوارج والالم الكوما إختالفهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا أصال، وبتكفير الخوارج لهم انحطت رواياتهم، بل صار

ن أعض ينبغي بهم في ، وهكذا كثير من كالم األقران بعضفيهم جرحا في الطاعنين، فانظر إلى حكمة ربك نسأل هللا السالمة

(.188يطوى وال يروى، ويطرح وال يجعل طعنا، ويعامل الرجل بالعدل والقسط )قواعد التحديث، ص مقدمة ابن الصالح، باب معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته. 525 ان البعض يعتذر عن ذلك بتبرير ان أسباب الت 526 عديل كثيرة يشق ذكرها، بخالف الجرح فإنه يحصل بأمر علما

(.1067واحد )البحر المحيط، فقرة 1067البحر المحيط، فقرة 527

حيى محمد ي مشكلة الحديث

85

فحديثه صحيح. وقال الذهبي: ان في الصحيحين خلقا كثيرا مستورون ما ضعفهم أحد وال هم

ي التجريح لحفظ أكبر قدر ممكن من الرواية . وربما يميل الحفاظ إلى التسامح ف528بمجاهيل

والحديث، وكما جاء عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: لو لم أحدث إال عن كل من أرضى . كما قد يكون ذلك لشعورهم ان الواجب الديني يتطلب منهم 529لما حدثت إال عن خمسة

العادية، فعند التعارض التوثيق قبل التجريح؛ شبيه بحال التعامل مع المؤمنين في الحاالت

. لكن يظل التجريح مبررا 530يقدم األول على اآلخر كي ال يكون هناك امتهان لكرامة المسلملدى علماء الرجال، وهم ال يعدونه من الغيبة المنهي عنها، بل يعتبرونه من الدين، حيث به

بان محمد بن يعرف الحديث الصحيح من غيره كالذي ينص عليه احمد بن حنبل، فكما نقل

بندار سأل ابن حنبل: إني ليشتد علي أن أقول: فالن ضعيف، فالن كذاب، فقال ابن حنبل: إذا . وقد قيل ليحيى بن 531سكت أنت، وسكت أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم

سعيد: أما تخشى أن يكون هؤالء الذين تركت حديثهم خصماءك عند هللا يوم القيامة؟ فقال:

ألن يكون هؤالء خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول هللا )ص( وهو يقول: لم ؟!532حدثت عني حديثا ترى أنه كذب

در ما هم بقوهكذا فإن االصل لدى أئمة الحديث هو التوثيق والتعديل ما لم يثبت العكس،

لذين الئك أو تسامحوا في التجريح لم يشددوا في التعديل، وقد انعكس ذلك على تساهلهم معكانت لهم صالت حسنة بالسلطات الظالمة، وعلى رأسهم المسؤول األول عن تدوين

الحديث.

.46تعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص 528 .260، ص1التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 529نه قال: كنا عند عبد الرحمن بن أبي حاتم، وقيل أنه كان يعد من األبدال، وهو جاء عن محمد بن الفضل العباسي أ 530

ما هذا الذي محمد: إذ يقرأ علينا كتاب الجرح والتعديل، فدخل عليه يوسف بن الحسين الرازي، وهو صوفي، فقال له يا أبا

ان لعلم من كأهل ا ديل؟ قال: أظهر أحوالتقرؤه على الناس؟ قال: كتاب صنفته في الجرح والتعديل، قال: وما الجرح والتع

منذ في الجنة واحلهممنهم ثقة أو غير ثقة، فقال له يوسف بن الحسين: استحييت لك يا أبا محمد كم من هؤالء القوم حطوا ر

مة كلهذه ال و سمعتلمائة سنة ومائتي سنة وأنت تذكرهم وتغتابهم على أديم األرض، فبكى عبد الرحمن وقال: يا أبا يعقوب

ئول عنه. ل المسقبل تصنيفي هذا الكتاب لما صنفته )الكفاية في علم الرواية، باب وجوب تعريف المزكى ما عنده من حا

ومقدمة ابن الصالح، باب معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث(. .8بحر الدم، ص 531 .525، ص1التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج 532

حيى محمد ي مشكلة الحديث

86

الفصل الرابع: مشكلة المتون الروائية

الرواية بالمعنى وإختالف الداللةمن المعلوم ان أغلب المتون في الروايات قد نقلت بالمعنى، وجرى على الكثير منها

وين، مما اقتضى اعراب الحديث وتصحيحه بعد ان تداوله األعاجم. وقيل ان اللحن قبل التد

أغلب رؤساء أهل الحديث والفقه كانوا من الموالي، وروى الحاكم النيسابوري في )معرفة

علوم الحديث( حوارا جرى بين الزهري والخليفة عبد الملك بن مروان كشف فيه عن ان اإلسالمية هم من الموالي. ونقل الحاكم النيسابوري عن رؤساء الحديث والديانة في البالد

ابن شهاب الزهري أنه قال: قدمت على عبد الملك بن مروان فقال لي من أين قدمت يا

زهري؟ قلت من مكة، قال فمن خلفت يسود أهلها؟ قلت عطاء بن أبي رباح، قال فمن العرب بالديانة والرواية، قال إن أهل الديانة أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال وبم سادهم؟ قلت

والرواية لينبغي أن يسودوا، فمن يسود أهل اليمن؟ قلت طاوس بن كيسان، قال فمن العرب

أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال وبم سادهم؟ قلت بما سادهم به عطاء، قال أنه لينبغي، ب أم من الموالي؟ قلت من فمن يسود أهل مصر؟ قلت يزيد بن أبي حبيب، قال فمن العر

الموالي، قال فمن يسود أهل الشام؟ قلت مكحول، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من

الموالي، قال فمن يسود أهل الجزيرة؟ قلت ميمون بن مهران، قال فمن العرب أم من ن الموالي؟ قلت من الموالي، قال فمن يسود أهل خراسان؟ قلت الضحاك بن مزاحم، قال فم

العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال فمن يسود أهل البصرة؟ قلت الحسن بن أبي

الحسن، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال ويلك فمن يسود أهل الكوفة؟ قلت إبراهيم النخعي قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من العرب، قال ويلك يا زهري

ليسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، فرجت عني وهللا

، وفي )العقد 533قلت يا أمير المؤمنين إنما هو أمر هللا ودينه؛ من حفظه ساد ومن ضيعه سقط .534الفريد( رواية أخرى مشابهة لحوار جرى بين ابن أبي ليلى وعيسى بن موسى

ن كونه نقل بالمعنى فإنه قد جرى عليه اللحن والذي يهمنا من ذلك هو ان الحديث فضال ع

بنقل الموالي، مما اقتضى اعرابه واصالحه، فكان بهذا عرضة للتبديل والتحوير، وكذا وأما كالمه الزيادة والنقصان. وكما قال السيوطي في كتابه )اإلقتراح في أصول النحو(:

ظ المروي، وذلك نادر جدا، إنما صلى هللا عليه وسلم فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللف

يوجد في األحاديث القصار، على قلة أيضا، فإن غالب األحاديث مروي بالمعنى، وقد تداولتها األعاجم والمولدون قبل تدوينها، فرووها بما أدت إليه عبارتهم فزادوا ونقصوا،

بألفاظ، ولهذا ترى الحديث الواحد في القصة الواحدة مرويا وقدموا وأخروا، وأبدلوا ألفاظا

.535على أوجه شتى بعبارت مختلفةوقيل إنه اختلف السلف والفقهاء في جواز الرواية بالمعنى، فذهب البعض إلى المنع

واعتبر ان رواية الحديث على النقصان والحذف لبعض متنه غير جائزة؛ ألنها تقطع الخبر

معرفة علوم الحديث، باب معرفة الموالي وأوالد الموالي. 533هـ 1404ابن عبد ربه: العقد الفريد، تحقيق عبد المجيد الترحيني، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة األولى، 534

.364ـ363، ص3م، ج1983ـر أرقام صفحاته(، عن شبكة ملتقى فصل االستدالل بكالم الرسول )لم تذك اإلقتراح في أصول النحو،السيوطي: 535

.http://www.tafsir.netأهل التفسير االلكترونية:

حيى محمد ي مشكلة الحديث

87

ضهم ال يستجيز أن يحذف منه حرفا وتغيره فيؤدي ذلك إلى ابطال معناه وإحالته، وكان بع

واحدا، واوجب تأدية اللفظ بعينه من غير تقديم وال تأخير وال زيادة وال حذف. وفي قبال

بمواقع ذلك ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الرواية بالمعنى شرط ان يكون الراوي عالماكل من الحسن . وعرف من السلف الذين يحدثون بالمعاني 536الخطاب ومعاني األلفاظ

والشعبي وإبراهيم وغيرهم. في حين كان القاسم بن محمد ورجاء بن حيوة وابن سيرين

.537وابن سخبرة يحدثون كما سمعوا؛ رغم ما في ذلك من لحنويبدو ان أغلب علماء السلف من التابعين وغيرهم اجازوا الرواية بالمعنى، وبعضهم

ر. ومن ذلك ما جاء عن واثلة بن األسقع أنه اعتبر أنه ال وجود لحديث لم يحصل فيه تغيي

. كما قال سفيان الثوري: لو أردنا أن نحدثكم 538قال: حسبكم إذا جئناكم بالحديث على معناه. وقال وكيع بن الجراح: إن لم يكن المعنى 539بالحديث كما سمعناه ما حدثناكم بحديث واحد

فقد هلك الناس ديث من عشرة؛ اللفظ مختلف . وقال ابن سيرين: كنت أسمع الح540واسعا

. وقال عمرو بن مرة: إنا ال نستطيع ان نحدثكم الحديث كما سمعناه، ولكن 541والمعنى واحد يحدثنا بالحديث فيكون لفظه مختلفا 542عموده ونحوه . وقال ابن بكير: ربما سمعت مالكا

إذا سمعتك . وجاء عن سعيد بن عمرو البرذعي أنه سأل أبا زرعة فقال: 543بالغداة وبالعشي

تذاكر بالشيء عن بعض المشيخة قد سمعته من غيرك فأقول حدثنا أبو زرعة وفالن وانما ذاكرتني أنت بالمعنى واإلسناد؟ قال ارجو، قلت فإن كان حديثا طويال؟ قال فهذا أضيق، قلت

. 544فإن قلت حدثنا فالن وأبو زرعة نحوه؟ فسكت

بالمعنى مثلما اجاز تقطيع الحديث من غير كذلك عرف البخاري أنه كان يجيز الرواية تنصيص على اختصاره، ويعود السبب في ذلك إلى أنه صنف صحيحه الجامع طوال

تطوافه على البلدان، إذ كان يقول: رب حديث سمعته بالشام فكتبته بمصر، ورب حديث

ه سمعته بالبصرة فكتبته بخراسان، لذلك كان يكتب الحديث من حفظه فال يسوق ألفاظ .545برمتها، بل يتصرف فيه ويسوقه بمعناه

الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الحجة في إجازة رواية الحديث على المعنى. 536عنى من السلف. ومقدمة ابن الصالح، باب المصدر السابق، باب ذكر من كان يذهب إلى إجازة الرواية على الم 537

ضله، باب . وجامع بيان العلم وف535في صفة رواية الحديث وشرط أدائه. والمحدث الفاصل بين الراوي والواعي، ص

األمر بإصالح اللحن والخطأ في الحديث.. وجاء عن مكحول 26جامع بيان العلم وفضله، باب األمر بإصالح اللحن والخطأ في الحديث. وكتاب العلم، ص 538

س فيه )ص( ليسول هللاأنه قال: دخلت أنا وأبو األزهر على واثلة بن األسقع فقلنا يا أبا األسقع حدثنا بحديث سمعته من ر

لنزيد الواو ه حتى أنالافظين وهم وال زيادة وال نقصان، فقال: هل قرأ أحد منكم من القرآن الليلة شيئا؟ قلنا نعم وما نحن بالح

حاديث كيف بألف، فقال: هذا القرآن مذ كذا بين أظهركم ال تألون حفظه وإنكم تزعمون إنكم تزيدون وتنقصون؛ فواأل

نى )جامع ى المعسمعناها من رسول هللا )ص( عسى إال يكون سمعناها منه إال مرة واحدة، حسبكم إذا حدثتكم بالحديث عل

ذهب إلى ين كان مي الحديث. والكفاية في علم الرواية، باب ذكر بيان العلم وفضله، باب األمر بإصالح اللحن والخطأ ف

إجازة الرواية على المعنى من السلف(.، والكفاية في علم الرواية، باب ذكر من كان يذهب إلى إجازة الرواية على المعنى 198، فقرة 1تذكرة الحفاظ، ج 539

أنه قال: ان قلت لكم ان لبعض قال ء ان اي أحدثكم كما سمعت فال تصدقوني. كما جامن السلف. وعن سفيان الثوري أيضا

، الباب م الروايةفي عل لسفيان الثوري حدثنا كما سمعت، فأجابه سفيان: ال وهللا ما اليه سبيل وما هو إال المعنى )الكفاية

السابق(. 222قواعد التحديث، ص 540 ي الحديث.جامع بيان العلم وفضله، باب األمر بإصالح اللحن والخطأ ف 541 الكفاية في علم الرواية، باب ذكر من كان يذهب إلى إجازة الرواية على المعنى من السلف. 542 الكفاية في علم الرواية، الباب السابق. 543 الكفاية في علم الرواية، الباب السابق. 544 .47، ص1توضيح األفكار، ج 545

حيى محمد ي مشكلة الحديث

88

وذكر ان ممن كان يلحن من المحدثين وال يعيبه ابن سيرين ورجاء بن حيوة وإسماعيل

. فمثال 546بن أبي خالد وأحمد بن شعيب النسائي وسفيان ومالك بن أنس وأبو معمر وغيرهم

. وجاء عن أبي معمر 547جاء عن ابن شعيب النسائي أنه قال: ال يعاب اللحن على المحدثين. وجاء أنه قال رجل لالعمش بأن 548أنه قال إني ألسمع الحديث لحنا فألحن اتباعا لما سمعت

ابن سيرين يسمع الحديث فيه اللحن فيحدث به على لحنه، فقال األعمش: ان كان ابن سيرين

كما . وقيل ان ابن سيرين كان يتكلف الحديث 549يلحن فإن النبي )ص( لم يلحن فقوموه، 551. وقد اختلف النقل عن القاسم بن محمد، فالبعض ينقل عنه أنه يحدث باللحن550يسمع

. 552وبعض آخر ينقل عنه أنه يقول باعراب الحديث الملحن

وهناك طائفة من السلف اجازوا تعريب الحديث واصالحه، مثل الحسن وعامر الشعبي اء بن رباح والمغيرة واألعمش وابراهيم النخعي وابو سعيد وابو جعفر محمد بن علي وعط

واالوزاعي ويحيى بن معين وعبد هللا بن المبارك وغيرهم. فقد جاء عن الحسن والشعبي

. وجاء عن عامر الشعبي أنه قال: ال بأس 553أنهما كانا ال يريان بأسا بتقديم الحديث وتأخيره.. ومثل 555؟ قال نعم. وقيل للشعبي: أسمع الحديث ملحونا فأعربه554بإقامة اللحن في الحديث

ذلك نقل عن أبي جعفر محمد بن علي )الباقر( وعطاء بن رباح، حيث قاال باعراب الحديث

. وجاء عن األوزاعي قوله: كان القوم يعربون وانما اللحن من حملة الحديث 556الملحن. كما جاء عن يحيى بن معين قوله: ال بأس أن يقوم الرجل حديثه على 557فأعربوا الحديث

. 559. وجاء عنه قوله ايضا: إذا خفت ان تخطىء في الحديث فانقص منه وال تزد558يةالعرب

وقيل البن المبارك: يكون في الحديث لحن أقومه؟ قال نعم؛ ألن القوم لم يكونوا يلحنون، انما منا، قال إذا كان 560اللحن منا . وقيل ألبي سعيد إنك تحدثنا بالحديث أنت أجود له سياقا

. وقال أحمد بن حنبل: إذا لم ينصرف الشيء في معنى فال بأس ان 561فال بأسالمعنى واحدا

. وقيل أنه جاء الداروردي عبدالعزيز بن محمد يعرض على المغيرة بن عبد 562يصلح منكرا، فقال له المغيرة: ويحك يا الرحمن المخزومي الحديث فجعل يقرأ ويلحن لحنا

ال يرى تغيير اللحن في الحديث. وجاء ان اشهب سأل مالكا الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن كان 546

د ره أن يزالك وأكذعن األحاديث يقدم فيها ويؤخر والمعنى واحد؟ فأجاب مالك: أما ما كان من قول النبي )ص( فإني أكره

او واأللفيه الوففيه أو ينقص، وما كان منها من غير قول النبي )ص( فال أرى بذلك بأسا، قلت وحديث النبي )ص( يزاد

الحديث(. خطأ فيوالمعنى واحد؟ قال أرجو أن يكون هذا خفيفا )جامع بيان العلم وفضله، باب األمر بإصالح اللحن وال الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن كان ال يرى تغيير اللحن في الحديث. 547 ي علم الرواية، الباب السابق.جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. والكفاية ف 548 الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن قال يجب تأدية الحديث على الصواب. 549 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 550 الكفاية في علم الرواية، باب ذكر من كان يذهب إلى إجازة الرواية على المعنى من السلف. 551 ضله، الباب السابق.جامع بيان العلم وف 552 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق 553 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 554 الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن قال يجب تأدية الحديث على الصواب. 555ديث إذا كان فيه اللحن ان يعربه جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. فعن أبي جعفر )الباقر( قال: ال بأس بالح 556

)الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن قال يجب تأدية الحديث على الصواب(.وعنه أيضا أنه قال: ال بأس بإصالح الخطأ واللحن والتحريف في الحديث )الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء 557

والتصحيف. وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق(. في تغيير نقط الحروف لما في ذلك من اإلحالة جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 558 الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن أجاز النقصان من الحديث ولم يجز الزيادة. 559 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 560 جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 561 الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن كان ال يرى تغيير اللحن في الحديث. 562

حيى محمد ي مشكلة الحديث

89

. وجاء أنه إذا حدث يزيد بن أبي 563شأن أحرىداروردي كنت بإقامة لسانك قبل طلب هذا ال

.564عمر عن الحسن اعرب، وإذا حدث عن ابن سيرين لحن

بعين،وعلى العموم جرت عادة تعريب اللحن واصالحه في الحديث لدى الكثير من التا الرواة ا كانمحيث اجازوا تقويم الحديث الذي يرى فيه النقص واللحن. فكما علمنا أنه عادة

ص( )لنبي انين للعربية، مما جعل اطرافا عدة تشترك في صياغة الحديث، يبدأ من غير متق

ك في ف الشفيتحول بالتدريج إلى الرواة الملحنين، ثم بعدهم المعربين المصلحين، فيتضاعثرة ند وكالمعنى الذي اراده له صاحبه، ناهيك عن االعتبارات األخرى من طول سلسلة الس

هل و التساماع أى السماع المباشر، وكذا قلة فهم الرواة وعدم دقة السالعنعنة بما ال يدل عل

وكذا رفنا،فيه كما في المستملين الذين يكتبون ما يملى عليهم من غير سماع كاف مثلما ع تقطيع األحاديث وتجريدها عن سياقها اللفظي والحالي.

الرواية للقضية وكان من جراء مثل هذه التغيرات أن ظهر الكثير من اإلختالف في

الواحدة. وقد اجاز بعض السلف مثل هذا اإلختالف، مستشهدا أنه اذا كان من الجائز ان ينزل هللا كتابه على سبعة أحرف ليتسامح في قراءته، فإن رواية الحديث الذي تختلف الفاظه

. مع ان النقل يصل في كثير من األحيان إلى إختالف المعنى 565تصبح جائزة باألولى

ما في التشهد إال تعظيم هللا وإني ألرجو أن يكون ››ضية الواحدة. وكان الشافعي يقول: للقومثله ما جاء حول ‹‹. كل هذا فيه واسعا وأن ال يكون اإلختالف فيه إال من حيث ما ذكرت

صالة الخوف من إختالف الرواية، حيث اعتبر الشافعي ان اي وجه يؤتى بها ضمن هذا

وقد سئل عن علة اختياره لحديث ابن عباس عن النبي في التشهد اإلختالف فهو مجزي.لما رأيته واسعا وسمعته عن ابن عباس صحيحا كان عندي أجمع وأكثر ››دون غيره؟ فقال:

من غيره وهو مع ذلك لم يعنف من أخذ بغير هذا الحديث مما ثبت عن رسول ‹‹. لفظا

. 566هللاجاء في روايات حديث )الكذب على النبي( حيث كان ومن األمثلة الهامة بهذا الصدد ما

عرضة لإلختالف الشديد في اللفظ والمعنى، وأكثر صيغه تكررا هي لفظ: )من كذب علي

متعمدا فليتبوأ مقعده من النار(. وهناك صيغ أخرى كثيرة تختلف عن هذا اللفظ قليال أو ومن ذلك ما روي عن أبي سعيد كثيرا كما اوردها ابن الجوزي في كتابه )الموضوعات(.

الخدري، حيث جاء في بدء روايته زيادة تقول: )حدثوا عني(. كما ورد الحديث عن ابن

عباس وفي اوله زيادة تقول: اتقوا الحديث عني إال ما علمتم. وكذا وردت زيادة في أول ن الحديث الحديث عن أبي إمامة تقول: )أيما رجل كذب(. وفي رواية أخرى عن أبي إمامة ا

جاء بصيغة تخلو من لفظة )متعمدا( فروى الحديث بالقول: من حدث عني حديثا كاذبا يتبوأ

به مقعده من النار. كذلك وردت صيغة أخرى مختلفة عن أبي إمامة تقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقلده بين عيني جهنم، فشق ذلك على أصحاب رسول هللا )ص( فقالوا: يا

هللا إنا نحدث عنك بالحديث فنزيد وننقص، فقال ليس ذاكم، إنما أعني الذي يكذب رسول

جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. 563 الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن كان ال يرى تغيير اللحن في الحديث. 564رأفته بخلقه انزل كتابه على سبعة أحرف معرفة منه بأن إذا كان هللا جل ثناؤه ل››ومن ذلك ما قاله الشافعي: 565

ولى أتاب هللا كا سوى مالحفظ منه قد يزل ليحل لهم قراءته، وإن اختلف اللفظ فيه ما لم يكن في إختالفهم إحالة معنى، كان

ض قد قال بعاه، وعنأن يجوز فيه إختالف اللفظ ما لم يحل معناه، وكل ما لم يكن فيه حكم فإختالف اللفظ فيه ال يحيل م

أس ما قال: ال بفذلك، التابعين: رأيت أناسا من أصحاب رسول هللا فأجمعوا لي في المعنى واختلفوا في اللفظ، فقلت لبعضهم

(.311)قواعد التحديث، ص‹‹ لم يحل المعنىجعفرية ، عن مكتبة العلوم اإلسالمية ضمن موقع ال489الشافعي: إختالف الحديث، باب في التشهد، ص 566

.312ـ311. وقواعد التحديث، صwww.aljaafaria.comااللكتروني

حيى محمد ي مشكلة الحديث

90

متعمدا( في وسط علي يريد عيبي وشين اإلسالم. وفي رواية عن يعلى جاءت لفظة )شيئا

الحديث. كما جاء في رواية عن جابر وعبد هللا وعازب زيادة في الوسط تقول: )ليضل

رواية أخرى جاءت الزيادة عن جابر في الوسط كالتالي: )ليحل الناس به فليتبوأ..(. وفي ويحرم حالال أو يضل الناس بغير علم فليتبوأ..(. كما روي الحديث عن أبي بكر حراما

مما أمرت به فليتبوأ..(. وفي رواية الصديق وفيه زيادة في الوسط كالتالي: )أو قصر شيئا

مما قلته فليتبوأ أخرى مختلفة عن أبي بكر ان النبي قال: أو رد شيئا من تعمد علي كذبامقعده من النار. وفي رواية عن عثمان بن عفان جاء الحديث بصيغة: من تعمد علي كذبا

في النار. كما جاء في رواية أخرى عن علي كما رواها البخاري ومسلم في فليتبوأ بيتا

كذب علي يلج النار. كذلك روي عن الصحيحين بصيغة مختلفة: ال تكذبوا علي فإنه من يعلي صيغة أخرى تقول: من يقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار. ومثل هذه الصيغة

رويت عن اسامة وابي هريرة وعبد هللا بن عمرو، وهناك صيغة أخرى البن عمرو فيها

بصيغة مختلفة في لفظ جهنم بدل النار، ومثلها ما روي عن عقبة بن عامر. كما ورد الحديث رواية أخرى عن أبي هريرة، وهي: من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة هللا والمالئكة

والناس أجمعين وعلى من كذب علي متعمدا. وورد الحديث عن الزبير بصيغتين مختلفتين

يتبوأ مقعده من هما: من قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا في النار، كذلك: من حدث علي كذبا فلالنار. وجاء الحديث عن سعد بصيغة مقاربة الحدى صيغتي الزبير، وهي: من قال علي ما

لم أقل فليتبوأ مقعده من النار. وهي ذات الصيغة التي رويت عن عدد من الصحابة، مثل

السيدة عائشة وسلمة بن االكوع وأبي موسى الغافقي. وورد على هذه الصيغة زيادة في البدء في الحديث المروي عن أبي قتادة، وهي قول النبي: يا أيها الناس إياكم وكثرة الحديث عني

فمن قال عني فال يقولن إال حقا وصدقا، فمن قال علي.. الخ. وفي صيغة أخرى البن االكوع

لم أقله فليتبوأ مقعده من النار. كما جاء في رواية أخرى عن تقول: من حدث عني حديثافيها إضافة في بداية الحديث تقول: سيأتي قوم من بعدي يسألونكم حديثي فال الغافقي

تحدثوهم إال بما تحفظون. وجاء عن المغيرة وسعيد بن زيد إضافة في بداية الحديث تقول:

إن كذبا علي ليس ككذب على أحد. وجاء الحديث عن رافع بن خديج بصيغة: ال تكذبوا علي لى أحد. وجاء الحديث عن صهيب ان في اخره إضافة تقول: وكلف فليس كذبا علي ككذب ع

يوم القيامة أن يقعد بين شعرتين، ولن يقدر على ذلك. وجاء في رواية عن عمران بن

حصين لفظة )عمدا( آخر الحديث، كما جاء في رواية انس لفظة )متعمدا( آخر الحديث. وفي ذي نفس أبي القاسم بيده ال يروي علي رواية أخرى عن انس ان الحديث جاء بصيغة: وال

أحد ما لم أقله إال تبوأ مقعده من النار. وفي صيغة ثالثة عن انس وعابد بن شريح تقول: من

كذب في رواية حديث فليتبوأ مقعده من النار. وفي رواية عن العرس بن عميرة جاءت رواية عن قيس بن سعد بن الصيغة: من كذب علي كذبة متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. وفي

عبادة جاء في اخرها: فليتبوأ مضجعا من النار وبيتا في جهنم. وفي رواية عن أبي قرصافة

ان الصيغة تقول: حدثوا عني وال تقولوا إال حقا، ومن قال عني ما لم أقل يبنى له في جهنم يحل ألحد أن بيت يرتع فيه. وفي صيغة أخرى عنه تقول: حدثوا عني بما تسمعون وال

يكذب علي فمن كذب علي أو قال علي غير ما قلت بني له بيت في جهنم يرتع فيه. وجاء في

ليضل الناس بغير علم فإنه بين عيني جهنم يوم رواية البن عمر تقول: من قال علي كذباأمر بالعدل القيامة، وما قال من حسنة فاهلل ورسوله يأمران بها، قال هللا عز وجل: ))إن هللا ي

-فليتبوأ -واالحسان((. وفي رواية عن رجل من الصحابة تقول: من يقول علي ما لم أقل

بين عيني جهنم مقعدا من النار، فقيل يا رسول هللا هل لها من عينين؟ قال: نعم، ألم تسمع وزفيرا((. كما في ر واية قول هللا عز وجل : ))إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا

حيى محمد ي مشكلة الحديث

91

أخرى تقول: إن الذى يكذب علي يبنى له بيت في النار. وفي رواية مرفوعة بعد سماع

الحديث قال الصحابة: يا رسول هللا نسمع منك الحديث فنزيد فيه وننقص فهذا كذب عليك؟

قال: ال، ولكن من حدث علي يقول أنا كذاب أو ساحر.تي ترد في القضية الواحدة إلى وليس هذا فحسب، بل كثيرا ما تفضي الروايات ال

السنة مختلفة الطرق في الثبوت وتتعارض في األكثر ››التعارض، ومثلما يقول ابن خلدون:

لذلك وقع الخالف بين السلف واألئمة ‹‹. أحكامها فتحتاج إلى الترجيح، وهو مختلف أيضام من يقرأ . ويذكر بهذا الصدد أنه كان في الصحابة والتابعين ومن بعده567من بعدهم

البسملة، ومنهم من ال يقرؤها، ومنهم من يجهر بها، ومنهم من ال يجهر بها، وكان منهم من

يقنت في الفجر، ومنهم من ال يقنت فيه، ومنهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف والقيء، ومنهم من ال يتوضأ من ذلك، ومنهم من يتوضأ من مس الذكر ومس النساء بشهوة، ومنهم

توضأ من ذلك، ومنهم من يتوضأ مما مسته النار، ومنهم من ال يتوضأ من ذلك، من ال ي

ومنهم من يتوضأ من أكل لحم االبل، ومنهم من ال يتوضأ من ذلك. لكن رغم ذلك فقد كان .568بعضهم يصلي خلف البعض االخر

فمثال من الروايات المتعارضة في هذا الصدد ما جاء في حديث الشؤم والطيرة، إذ ورد

فيه عبارات مختلفة بعضها دال على التعارض، ومن ذلك ما روي عن عبد هللا بن عمر ان النبي )ص( قال: إنما الشؤم في ثالثة: في المرأة والفرس والدار . لكن روي الحديث عن ابن

عمر وسهل بن سعد وجابر بصيغة أخرى هي: إن كان الشؤم في شيء ففي ثالثة: في

كذلك رويت عن جابر صيغة أخرى تعارض ما سبق، وهي قول الفرس والمسكن والمرأة.النبي )ص(: ال غول وال طيرة وال شؤم. وفي خبر آخر عنه: ال عدوى وال صفر وال غول.

كما جاء في رواية أخرى معارضة عن مخمر بن معاوية عن النبي قوله: ال شؤم وقد يكون

.569اليمن في المرأة والفرس والدابةسمع رجال يحدث عن رسول هللا )ص( فاستمع له الزبير حتى إذا وروي أن الزبير

قضى الرجل حديثه، قال له الزبير: أنت سمعت هذا من رسول هللا )ص( ؟ أجاب: نعم، فقال

الزبير: هذا وأشباهه يمنعنا أن نحدث عن رسول هللا )ص(، ولعمري سمعت هذا من رسول أ بهذا الحديث، فحدثنا عن رجل من أهل الكتاب هللا وأنا يومئذ حاضر ولكن رسول هللا ابتد

حدثه إياه، فجئت أنت يومئذ بعد انقضاء صدر الحديث، وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب

. وسبق ان نقلنا عن الخليفة عثمان ما يشاكل هذه الرواية 570فظننت أنه من حديث رسول هللا من تحفظه في الحديث.

لكثير من األحاديث التي كانت تسمعها، ومن ذلك ما كما جاء عن السيدة عائشة نقدها ل

رواه الحاكم في )المستدرك على الصحيحين( عن عروة بن الزبير أنه قال: بلغ عائشة ان أبا هريرة يقول: ان رسول هللا )ص( قال: ألن امتع بسوط في سبيل هللا احب الي من ان اعتق

ثالثة، وان الميت يعذب ببكاء الحي. فقالت ولد الزنا، وان رسول هللا قال: ولد الزنا شر ال

.446و 445مقدمة ابن خلدون، مؤسسة االعلمي، بيروت، ص 567هـ، المشكاة، 0414ولي هللا الدهلوي: االنصاف في بيان أسباب اإلختالف، طبعة دار النفائس، الطبعة الثانية، 568

.109صا الحظ روايات صحيح البخاري بهذا الصدد: باب الطيرة، وباب ال هامة وال . كم117مشكل االثار، حديث 569

وايات رالحظ صفر، وباب ال هامة، وباب ال عدوى، وباب ما يذكر من شؤم الفرس، وباب ما يتقى من شؤم المرأة. وكذا

ال غول ونوء ال صفر والصحيح مسلم: باب الطيرة والفأل ما يكون فيه من الشؤم، وباب ال عدوى وال طيرة وال هامة و

وال يورد ممرض على مصح.أبو الفرج ابن الجوزي: دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه، حققه وقدم له حسن السقاف، دار اإلمام النووي، الطبعة 570

.167م، عمان ـ االردن، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص1992هـ ـ1413الثالثة،

حيى محمد ي مشكلة الحديث

92

عائشة: رحم هللا أبا هريرة اساء سمعا فأساء اصابة، أما قوله: ألن امتع بسوط في سبيل هللا

أحب إلي من ان اعتق ولد الزنا، انها لما نزلت ))فال اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة((

حدنا له جارية سوداء تخدمه وتسعى عليه، فلو قيل: يا رسول هللا: ما عندنا ما نعتق إال ان أامرناهن فزنين فجئن باالوالد فاعتقناهم، فقال رسول هللا: ألن امتع بسوط في سبيل هللا احب

الي من ان آمر بالزنا ثم اعتق الولد. وأما قوله: ولد الزنا شر الثالثة فلم يكن الحديث على

هللا )ص( فقال: من يعذرني من فالن؟ قيل: يا هذا، انما كان رجل من المنافقين يؤذي رسول رسول هللا مع ما به ولد زنا، فقال رسول هللا )ص(: هو شر الثالثة. وهللا يقول: ))وال تزر

.571وازرة وزر أخرى((... الخ

حي وهناك العديد مما قدمته السيدة عائشة من النقد لألحاديث كما وردت في صحي، صحابةكل ذلك وغيره يظهر حال ما كان عليه زمن الالبخاري ومسلم على ما سيأتينا. ف

!فكيف يكون الحال بعدهم، والزمان قد طال، والكذب انتشر، ورجال السند كثروا؟

نقد المتون الروائيةأن يكون مما تدفع العقول صحته ››قيل ان الطريق إلى معرفة فساد الحديث هو

ن قدم األجسام ونفي الصانع وما اشبه بموضوعها واالدلة المنصوصة فيها، نحو األخبار عذلك، أو يكون مما يدفعه نص القرآن أو السنة المتواترة أو أجمعت األمة على رده، أو يكون

خبرا عن أمر من أمور الدين يلزم المكلفين علمه وقطع العذر فيه، فإذا ورد ورودا ال يوجب

خبرا عن أمر جسيم ونبأ عظيم العلم من حيث الضرورة أو الدليل علم بطالنه.. أو يكونمثل خروج أهل اقليم بأسرهم على اإلمام أو حصر العدو ألهل الموسم عن البيت الحرام فال

ينقل نقل مثله بل يرد ورودا خاصا ال يوجب العلم فيدل ذلك على فساده، ألن العادة جارية

حديث الذي يخالف ان ال››. وذهب ابن الجوزي إلى 572‹‹بتظاهر األخبار عما هذه سبيلهالمعقول، أو يناقض االصول، فإنه موضوع دون حاجة لتكلف اعتبار رواته، حيث ان

المستحيل لو صدر عن الثقات فإنه يرد وينسب اليهم الخطأ، إال ترى أنه لو اجتمع خلق من

م الثقات فأخبروا أن الجمل قد دخل في سم الخياط لما نفعتنا ثقتهم وال أثرت في خبرهم، ألنه .573‹‹أخبروا بمستحيل

وأبلغ من ذلك ما قدمه ابن خلدون من منهج في نقد متن الحديث، وإن كان نفسه ال يعد

من علماء هذا الفن. فقد وضع معيارا لقبول الحديث أو رده، وهو العرض على السنن ه، الكونية والعمرانية )االجتماعية( فاعتبر أنه ال بد من معرفة الحاضر لقياس الماضي علي

وبذلك تثبت السنن، وعندها يمكن عرض الحديث على هذه السنن فيرد ما يعارضها، وال

للمهمة التي تعارف عليها علماء الحديث. فالحديث يؤخذ بالمتفق ما لم يصحح السند، طبقاعند هذا المفكر مردد بين االمكان واالستحالة، أما الكشف عن صدقه فهو خارج عن دائرة

، بل يدخل ضمن اهتمام علماء الحديث من الجرح والتعديل وضبط منهجه واختصاصه

ان األخبار اذا إعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم ››. وكما قال في )المقدمة(: 574السندأصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران واألحوال في االجتماع االنساني، وال قيس

، فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب

. وأبو جعفر 2855، حديث 2ستدرك على الصحيحين، عن شبكة المشكاة االلكترونية، جالحاكم النيسابوري: الم 571

.137الطحاوي: مشكل االثار، حديث رقم الكفاية في علم الرواية، باب الكالم في األخبار وتقسيمها. 572 .106، ص1الموضوعات، ج 573 .10ـ9م، ص1986مقدمة ابن خلدون، طبعة دار الهالل، 574

حيى محمد ي مشكلة الحديث

93

عن جادة الصدق، وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات

ولم يعرضوها على اصولها وال أو سمينا والوقائع إلعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا

والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النظر قاسوها بأشباهها وال سبروها بمعيار الحكمةوالبصيرة فضلوا عن الحق وتاهوا في بيداء الوهم والغلط... فالماضي أشبه باآلتي من الماء

انما هو بمعرفة طبائع العمران وهو أحسن ››. وقال أيضا: ان تمحيص األخبار 575‹‹بالماء

بها، وهو سابق على التمحيص الوجوه وأوثقها في تمحيص األخبار وتمييز صدقها من كذبتعديل الرواة وال يرجع إلى تعديل الرواة حتى يعلم ان ذلك الخبر في نفسه ممكن أو ممتنع،

واما اذا كان مستحيال فال فائدة للنظر في التعديل والترجيح. ولقد عد أهل النظر من المطاعن

وانما كان التعديل والتجريح هو في الخبر استحالة مدلول اللفظ وتأويله بما ال يقبله العقل، المعتبر في صحة األخبار الشرعية ألن معظمها تكاليف انشائية أوجب الشارع العمل بها

حتى حصل الظن بصدقها وسبيل صحة الظن الثقة بالرواة بالعدالة والضبط . واما األخبار

ينظر في امكان عن الواقعات فال بد في صدقها وصحتها من اعتبار المطابقة فلذلك وجب ان عليه، إذ فائدة االنشاء مقتبسة منه فقط، وقوعه وصار فيها ذلك أهم من التعديل ومقدما

وفائدة الخبر منه ومن الخارج بالمطابقة، واذا كان ذلك فالقانون في تمييز الحق من الباطل

نميز ما في األخبار باالمكان واالستحالة ان ننظر في االجتماع البشري الذي هو العمران و ال يعتد به وما ال يمكن ان يلحقه من األحوال لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضا

يعرض له، واذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل في األخبار والصدق

.576‹‹من الكذب بوجه برهاني ال مدخل للشك فيهضون لنقد المتن، وغايتهم المثلى هي نقد أما علماء الحديث فمن الثابت انهم قلما يتعر

السند فحسب. وغالبا ما يكون رفضهم لمتون بعض األحاديث غير منفصل عن رفض السند.

فاالعتراض على السند الضعيف قد يفضي في الوقت ذاته إلى الطعن في المتن المختل، لكن ما تكون الروايات وجود السند القوي ال يبعث على رفض مثل هذا األخير. وعليه غالبا

المختلة المتن في الصحاح بعيدة عن التحقيق والنقد، خالفا لغيرها من الروايات التي ترد في

إلى تأويل الحديث قوي السند عندما ال يتفق الكتب األخرى. فمثال يضطر العلماء أحياناى األرض نفس ال تأتي مائة سنة وعل››ظاهره مع الواقع، كالحديث الوارد في صحيح مسلم:

، لكنهم يفعلون العكس فيما لو كان الحديث ضعيف السند، إذ يبادرون إلى 577‹‹منفوسة اليوم

فمع ان ‹‹. ال يولد بعد المائة مولود هلل فيه حاجة››مثل الحديث القائل: -دون تأويله -تكذيبه مؤول هذا الحديث يتفق ظاهره مع الحديث الوارد في صحيح مسلم، إال أنه مكذب هنا و

هناك. فقد قيل ان الحديث األخير مخالف للواقع المشاهد، فأكثر األئمة وأشهرهم ذكرا هم

. وعلى هذه الشاكلة حديث الحمام، حيث رده العلماء 578ممن ولدوا بعد القرن األول للهجرةمعولين على الواقع التاريخي، وهو ان النبي لم يدخل حماما قط، وان الحجاز في عصره لم

تعرف الحمامات. ومثل ذلك حديث وضع الجزية على أهل خيبر، حيث رده العلماء ألن تكن

. في حين سعى جماعة من العلماء إلى الدفاع عن أحاديث 579الحوادث التاريخية ال تؤيدهوردت في صحيح مسلم تخالف بدورها الوثائق التاريخية بتأويالت بعيدة، كما هو الحال مع

.17سابق، صالمصدر ال 575 .34المصدر السابق، ص 576 .2539، حديث 4صحيح مسلم، ج 577 .274السنة ومكانتها في التشريع اإلسالمي، ص 578 .274المصدر السابق، ص 579

حيى محمد ي مشكلة الحديث

94

بنته أم حبيبة للنبي )ص( وامارته للمسلمين في محاربة الكافرين حديث تزويج أبي سفيان ا

كما سنعرف.

صف ما تتوينطبق هذا الحال على األحاديث الخاصة بالمسائل الطبية وما شاكلها، فعندرضون يعتبضعف السند وال تتفق مع ظواهر الحس والواقع فإن العلماء يكذبونها، لكنهم ال

ديث ن الحواردة في الصحاح، بل تجد من يقول أنه جرب مضموعلى أمثالها من األحاديث ال

الفالني، أو أنه شهد صحته لدى ممارسة الناس، وذلك بدافع التقرير ال الفحص لحين واالستجواب. والعملية أشبه بتسامح العلماء في دعاوى اإلجماع الصادرة بين ا

اوى تكون معارضة بدع واآلخر، لذلك لم تعد حجة، للشك في صدقها، وانها كثيرا ما

مضادة.

اختالل المتون في األحاديث الضعيفةلقد اهتم عدد من العلماء النقاد باألحاديث الضعيفة تبعا لما تحمله من متون فاسدة، كالذي شرع به ابن القيم الجوزية، حيث كذب الكثير من األحاديث العتبارات مختلفة، فبعضها

، 580كحديث ان هللا خلق السموات واألرض يوم عاشوراءيتعارض مع صريح القرآن الكريم

والحديث كما هو واضح يتعارض والقرآن الكريم. ومثله حديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آالف سنة، ونحن اآلن في األلف السابعة، واعتبر ذلك من أبين الكذب؛ ألنه لو كان صحيحا

مئتان وإحدى وخمسون سنة وهللا تعالى لكان الناس علموا أنه قد بقي للقيامة من وقتنا هذا

يقول: ))يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي ال يجليها لوقتها إال هو ثقلت في السموات واألرض ال تأتيكم إال بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند

( وقال النبي )ص( ال 34( )لقمان/( ويقول: ))إن هللا عنده علم الساعة(187هللا(( )األعراف

أحاديث صخرة بيت المقدس، كالحديث 581يعلم متى تقوم الساعة إال هللا . ومن ذلك أيضاالذي يروى في الصخرة أنها عرش هللا األدنى، وقيل أنه لما سمع عروة بن الزبير هذا

( 255رة/الحديث قال: سبحان هللا يقول تعالى: ))وسع كرسيه السموات واألرض(( )البق

وتكون الصخرة عرشه األدنى! وقد عد ابن القيم هذا الحديث مما افتراه المزورون ليكثروا . 582بذلك سواد الزائرين

كما كذب ابن القيم األحاديث التي تتضمن الذم العنصري والعرقي، كأحاديث ذم السودان

سودان روي عن والحبشة والزنوج واالتراك والخصيان والمماليك وغيرها. ففي حديث الالنبي قوله: دعوني من السودان إنما األسود لبطنه وفرجه. وفي حديث الزنجي روي:

الزنجي إذا شبع زنا وإذا جاع سرق. ومثله: إياكم والزنج فإنه خلق مشوه. وفي حديث

فقال: لمن هذا؟ فأجاب العباس: للحبشة، أطعمهم؟ قال الحبشة روي أن النبي رأى طعامافعل إنهم إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا. وفي حديث الخصيان روي أن النبي النبي: ال ت

قال: لو علم هللا في الخصيان خيرا ألخرج من أصالبهم ذرية يعبدون هللا. وفي حديث

)لم تذكر ارقام 58ابن القيم الجوزية: المنار المنيف في الصحيح والضعيف، شبكة المشكاة االلكترونية، فقرة 580

صفحاته(.)لم تذكر ارقام 39م: نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول، شبكة المشكاة االلكترونية، فقرة ابن القي 581

صفحاته(.ومما علق به ابن القيم على هذا الحديث قوله: ان أرفع شيء في الصخرة أنها كانت قبلة اليهود وهي في المكان 582

ب أن يبني بن الخطا ين عمرلمحمدية الكعبة البيت الحرام. ولما أراد أمير المؤمنكيوم السبت في الزمان أبدل هللا بها األمة ا

ال لصخرة، فقخلف ا المسجد األقصى استشار الناس هل يجعله أمام الصخرة أو خلفها، فقال له كعب: يا أمير المؤمنين ابنه

المنقول ليوم )نقدث هي الها المصلون، فبناه حيعمر: يا ابن اليهودية خالطتك اليهودية، بل أبنيه أمام الصخرة حتى ال يستقب

(.94والمحك المميز بين المردود والمقبول، فقرة

حيى محمد ي مشكلة الحديث

95

المماليك روي قول النبي: شر المال في آخر الزمان المماليك. وقد اعتبر ابن القيم جميع هذه

.583حاديث الموضوعةالروايات وغيرها من األ

األحاديث المخالفة للعقل والواقع، كحديث إن األرض على وكذب ابن القيم أيضاصخرة، والصخرة على قرن ثور، فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة فتحركت

. ونقل جملة من األحاديث التي يكذبها الحس؛ مثل حديث الباذنجان 584األرض، وهي الزلزلة

نجان شفاء من كل داء، حيث علق عليهما بقوله: قبح هللا واضعهما فإن هذا لما أكل له، والباذلو قاله يوحنا أمهر األطباء لسخر الناس منه، ولو أكل الباذنجان للحمى والسوداء الغالبة

وكثير من األمراض لم يزدها إال شدة، ولو أكله فقير ليستغني لم يفده الغنى، أو جاهل ليتعلم

ومثل ذلك حديث: عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمعة قدس .585لم يفده العلمفيه سبعون نبيا، إذ ذكر أنه سئل عبد هللا بن المبارك عن هذا الحديث فقيل له أنه يروى

عنك، فقال وعني أيضا أرفع شيء في العدس أنه شهوة اليهود، ولو قدس فيه نبي واحد لكان

بسبعين نبيا وقد سماه هللا تعالى )أدنى(؟! ونعى ابن المبارك على من شفاء من األدواء فكيف اختاره على المن والسلوى وجعله قرين الثوم والبصل. وذكر ان مضاره كثيرة، حيث فيه

تهييج السوداء والنفخ والرياح الغليظة وضيق النفس والدم الفاسد وغير ذلك من المضار

ى الطعام تشبعوا، حيث رأى ابن القيم ان الشرب . ومثله حديث: اشربوا عل586المحسوسة. وكذا حديث: إذا 587على الطعام يفسده ويمنع من إستقراره في المعدة ومن كمال نضجه

عطس الرجل عند الحديث فهو دليل صدقه، حيث اعتبره ابن القيم مخالفا للحس وإن صححه

هد العطاس والكذب يعمل بعض الناس، وقال بهذا الصدد: ان الحس يشهد بوضعه؛ ألنا نشاعمله، ولو عطس مائة ألف رجل عند حديث يروى عن النبي )ص( لم يحكم بصحته

. ومثل ذلك حديث: أكذب الناس 588بالعطاس، ولو عطسوا عند شهادة زور لم تصدق

الصباغون والصواغون، وقد اعتبره ابن القيم مناف للحس، إذ إن الكذب في غيرهم أضعافه لبعض هذا الحديث بأن المراد بالصباغ هو الذي يزيد في الحديث ألفاظا فيهم. وقد تأول ا

تزينه والصواغ الذي يصوغ الحديث ليس له أصل، لكن ابن القيم رد على هذا القول

.589واعتبره تكلفا باردا لتأويل حديث باطل كلها لكن رغم ان ابن القيم رفض الكثير من األحاديث المتعلقة باألمور الطبية وما شا

استنادا إلى مشاهدة الحس والواقع كما رأينا، إال أنه تعامل مع نظائرها من األحاديث الواردة

في الصحاح معاملة المسلمات، ومن ذلك أنه حمل األحاديث الخاصة بالتمر والكمأة وامقال الذباب على اليقين والصحة، فمن المسلمات التي ذكرها بهذا الصدد ما جاء حول تعليقه عن

حديث التمرات السبع من تمر العالية، وهو أحد أصناف التمور، إذ ورد الحديث في

الصحيحين بأن من اصطبح بها لم يضره ذلك اليوم سم وال سحر. وعلق ابن القيم على ذلك بأن هذه الفائدة والخواص لو قالها بقراط وجالينوس وغيرهما من االطباء لتلقاها عنهم

عان واالنقياد، مع ان القائل انما معه الحدس والتخمين والظن، فمن االطباء بالقبول واالذ

.115نقد المنقول، فقرة 583 .89المصدر السابق، فقرة 584 .55المنار المنيف في الصحيح والضعيف، فقرة 585 .57المصدر السابق، فقرة 586 .59نفس المصدر، فقرة 587 .56قرة نفس المصدر، ف 588 .60نفس المصدر، فقرة 589

حيى محمد ي مشكلة الحديث

96

كالمه كله يقين وقطع وبرهان ووحي أولى ان تتلقى أقواله بالقبول والتسليم وترك

.590االعتراض

وال يفهم من هذا ان ابن القيم لم يمارس دور النقد لبعض المتون الواردة في الصحاح، بل منها العتبارات مختلفة، أبرزها ان بعضها يخالف القرآن كما على العكس أنه كذب عددا

جاء في صحيح مسلم، مثل حديث تلقيح التمر، حيث قال النبي )ص(: ما أرى لو تركتموه

، واعتبر ابن القيم ذلك مخالفا 591يضره شيء، فتركوه فجاء شيصا، فقال: أنتم أعلم بدنياكم(، وقوله: ))ولو 5ئن هللا وال أعلم الغيب(( )األنعام/لقوله تعالى: ))قل ال أقول لكم عندي خزا

، رغم ان ما ذكره ال داللة له 592(188كنت أعلم الغيب الستكثرت من الخير(( )األعراف/

على المنافاة، ألن العلم بما يثمره النخل ليس من أمور الغيب، وان علم النبي به، سواء صح بالخبرة والتعلم. أم لم يصح، هو من األمور الدنيوية التي تعلم

كما كذب الحديث المروي في صحيح مسلم عن أبي هريرة من ان هللا خلق السماوات

واألرض في سبعة ايام، حيث جاء عنه أنه قال: أخذ رسول هللا )ص( بيدي فقال: خلق هللا عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم األحد، وخلق الشجر يوم اإلثنين، وخلق

مكروه يوم الثالثاء، وخلق النور يوم األربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم ال

عليه السالم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة . وواضح ان الحديث يتضمن مدة التخليق سبعة ايام. وقد 593فيما بين العصر إلى الليل

واعتبر ان الغلط وقع في رفعه، معتقدا أنه من قول كعب األحبار، اعترض ابن القيم عليه

مع ان الحديث لو كان مرويا عن أبي هريرة حقا لكان الكذب فيه مفضوحا، وهو على رأي عدد من العلماء ومنهم البخاري يخالف ما اخبره هللا تعالى من أنه خلق السموات واألرض

عض الحفاظ على هذا الحديث من حيث ما اتفق عليه . واعترض ب594وما بينهما في ستة أيام

، وذلك كما يراه 595الناس من ان يوم السبت لم يقع فيه خلق، وان ابتداء الخلق يوم االحد اليهود!

اختالل المتون في األحاديث الصحيحة نصل اآلن إلى بيت القصيد!

ال متن إالمختلة الفعلى الرغم من ان كتب الصحاح قد احتوت على الكثير من الروايات

ا عارض إمونها تتمعاملة المسلمات. ويأتي اختاللها ك -في الغالب -ان العلماء تعاملوا معها ة، أو الموثق ريخيةمع الحقائق الحسية والكونية، أو مع السنن الحياتية، أو مع االعتبارات التا

ار ألخبمن متون ا مع القيم والضرورات الدينية، أو مع النصوص القرآنية، أو مع غيرها

سب حاألخرى. وسنكتفي بذكر شواهد من ذلك مما جاء في صحيحي البخاري ومسلم، وذلك الفقرات التالية:

.92، ص3ابن القيم: زاد المعاد، شبكة المشكاة، ج 590نص الحديث الذي روي عن عائشة وعن أنس هو أن النبي )ص( مر بقوم يلقحون فقال: لو لم تفعلوا لصلح، 591

(2363ديث سلم، حياكم )صحيح مفخرج شيصا، فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا، قال: أنتم أعلم بأمر دن .93نقد المنقول، فقرة 592. وفي رواية ذكرها السيوطي في )الدر المنثور( ان أبا هريرة قال: أخذ رسول هللا 2789صحيح مسلم، حديث 593

ة لتربخلق العرش فا)ص( بيدي فقال: يا أبا هريرة إن هللا خلق السموات واألرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على

وت، عن عرفة، بيرار الميوم السبت، والجبال يوم األحد... الخ )جالل الدين السيوطي: الدر المنثور في التفسير بالمأثور، د

(.91، ص3مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج .93نقد المنقول، فقرة 594 .62تعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص 595

حيى محمد ي مشكلة الحديث

97

ـ المعارضة مع القرآن1نبدأ اوال بذكر ما جاء من الروايات التي ال تتوافق مع بيان القرآن الكريم، كالذي رواه

بي )ص( يقول: لن يدخل أحدا عمله الجنة، أبو هريرة في صحيح البخاري من أنه سمع النقالوا وال أنت يا رسول هللا؟ قال ال وال أنا إال أن يتغمدني هللا بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا

. 596وال يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وأما مسيئا فلعله أن يستعتب

ابو ص( ال يعرف مصيره، وقد روى الحديثفبداية يالحظ أن الحديث يبدي وكأن النبي )ة التي كثيرهريرة بسماعه، وكان اسالم أبي هريرة متأخرا، فكأن النبي لم يمر باآليات ال

تبشره والمؤمنين بالجنة.

لى قائم ع جزاءلكن األهم من ذلك هو أن الحديث يتنافى في داللته مع اآليات التي تبدي ان القوله: و(، 39))وما تجزون إال ما كنتم تعملون(( )الصافات/العمل، كما في قوله تعالى:

(.40ـ39))وأن ليس لالنسان إال ما سعى، وأن سعيه سوف يرى(( )النجم/

وهذه اآليات ال تتنافى مع اآلية القائلة: ))ولوال فضل هللا عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد (. فقد فسرت بأن الهداية والرشد 21لنور/ابدا ولكن هللا يزكي من يشاء وهللا سميع عليم(( )ا

. وأغلب الظن ان معناها 597وتزكية النفوس من هللا تعالى، ولوال ذلك ما صلح لإلنسان عمل

يرتبط بسياق اآليات التي قبلها والتي تتحدث عن اإلفك، وفيها داللة على التوبة كالذي يشير .598اليه ابن كثير في تفسيره

حين حول مسألة االستغفار للمنافقين، إذ روى ابن عمر أنه ومثل ذلك ما روي في الصحي

لما توفي عبد هللا جاء ابنه عبد هللا إلى رسول هللا )ص( فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول هللا )ص( ليصلي فقام عمر فأخذ بثوب رسول

ليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول هللا هللا )ص( وقال: يا رسول هللا تصلي ع

)ص(: إنما خيرني هللا فقال: ))استغفر لهم أو ال تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر هللا لهم(( وسأزيد على السبعين، قال: أنه منافق، فصلى عليه رسول هللا )ص( فأنزل

. وجاء في رواية أخرى عن 599قم على قبره((هللا ))وال تصل على أحد منهم مات أبدا وال ت

.600عمر بن خطاب أنه تعجب من جرأته على رسول هللا )ص( يومئذطابق حا يفالرواية السابقة تخطئ النبي في قضية دينية وتجعل من حكم عمر حكما صحي

نها ا. كذلك فسيرهحكم هللا، وبالتالي فهي ال تتسق مع القول بعصمة النبي في تبيانه للقرآن وت

ل بفار، تبدي خالف بيان القرآن، حيث ظاهر اآلية واضح في كون المراد ليس عدد االستغم فتح لهتا ال عدم التأثير، وهي كحال هذه اآلية: ))إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنه

، إذ لقائل (40أبواب السماء وال يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط(( )االعراف/

لدخول هذا ا يقول بأن اآلية ال تمانع من جواز دخول الكافر المكذب للجنة، ألنها علقتان هللاصغر على أمر ممكن غير مستحيل وهو ولوج الجمل في سم الخياط، حيث ال يمتنع ان ي

كما هو تحالةالجمل ويكبر سم الخياط، فيدخل األول في اآلخر. مع ان مراد اآلية هو االس

س هناك من يقول بالمعنى السابق.الظاهر، وليومما جاء في المعارضة مع نص القرآن ما روي في الصحيحين ان النبي نادى عددا من

فإني قد وجدت ما وعدني هللا قتلى المشركين فقال: هل وجدتم ما وعدكم هللا ورسوله حقا

.3495صحيح البخاري، حديث 596، 12م، ج1967هـ ـ1387الحظ القرطبي: الجامع ألحكام القرآن، دار الكاتب العربي، مصر، الطبعة الثالثة، � 597

.207ص .303، ص3ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، دار قتيبة، ج 598 .2400، وحديث 2774. ومثله صحيح مسلم، حديث 1210، وكذا حديث 4393صحيح البخاري، حديث 599 .1300يح البخاري، حديث صح 600

حيى محمد ي مشكلة الحديث

98

(: ما أنتم بأسمع لما حقا، فقال عمر: يا رسول هللا كيف تكلم أجسادا ال أرواح فيها؟ قال )ص

. 601أقول منهم غير أنهم ال يستطيعون أن يردوا علي شيئا

ويعتبر هذا الحديث معارضا لقوله تعالى: )) إنك ال تسمع الموتى وال تسمع الصم الدعاء (، وقوله: ))وما يستوي األحياء وال األموات إن هللا يسمع من 80إذا ولوا مدبرين(( )النمل/

(. لذلك ففي حديث آخر ان السيدة عائشة 22أنت بمسمع من في القبور(( )فاطر/ يشاء وما

اعترضت على ناقلي الرواية باآليتين السابقتين، إذ جاء في صحيح مسلم ان عائشة اعترضت على الرواية السابقة واعتبرت من رواها قد وهل وان النبي لم يقل إنهم ليسمعون

أن ما كنت أقول لهم حق ثم قرأت اآليتين المشار اليهما ما أقول، بل قال: إنهم ليعلمون

.602سلفا على انكارها لحديث آخر رواه عدد م ن وجاء هذا الحديث للسيدة عائشة معطوفا

ه، هله عليكاء أالصحابة مثل عمر وابنه عبد هللا، وهو قول النبي: إن الميت يعذب في قبره بب

عليه ليبكون أهله : أنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه وإنفقالت وهل ابن عمر، إنما قال رسول هللا اآلن، ثم مثلت على ذلك بتصحيحها لحديث سماع الموتى اآلنف الذكر.

وقد جاء حديث )تعذيب الميت ببكاء اهله عليه( بصيغ متعددة، منها ما روي عن

. 603يوم القيامةالمغيرة بن شعبة أنه سمع النبي يقول: من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه لكن أبرز الصيغ المروية هي تلك التي جاءت عن ابن أبي مليكة أنه قال: توفيت ابنة لعثمان

بمكة، وجئنا لنشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس، وإني لجالس بينهما، فقال عبد هللا بن

بكاء أهله عمر لعمرو بن عثمان: إال تنهى عن البكاء؟ فإن رسول هللا قال: إن الميت ليعذب بعليه، فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك، ثم حدث فقال: لما أصيب عمر، دخل

صهيب يبكي ويقول: وا أخاه، وا صاحباه، فقال عمر: يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول

هللا: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، قال ابن عباس: فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة، حم هللا عمر، وهللا ما حدث رسول هللا إن هللا ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن فقالت: ر

رسول هللا قال: إن هللا ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه، وقالت حسبكم القرآن: ))وال تزر

. وفي رواية أخرى اكملت أم المؤمنين حديثها لما بلغها قول عمر 604وازرة وزر أخرى((. كما في 605ت: إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين وال مكذبين ولكن السمع يخطىءوابنه فقال

رواية أخرى عن عروة بن الزبير ان عائشة قالت عند سماعها قول عمر )الميت يعذب

ببكاء أهله عليه(: رحم هللا أبا عبد الرحمن سمع شيئا فلم يحفظه، إنما مرت على رسول هللا . 606فقال: أنتم تبكون وإنه ليعذبجنازة يهودي وهم يبكون عليه

واذا صح ان أم المؤمنين قد ردت حديث )تعذيب الميت ببكاء اهله عليه( معتبرة اياه

لقوله تعالى: ))وال تزر وازرة وزر أخرى((، فإنه على هذه الشاكلة يمكن رد عدد مخالفالصوم والصالة من األحاديث المخالفة لمبدأ الجزاء على العمل، مثلما روي بشأن قضاء ا

وغيرهما للميت، ومن ذلك ما رواه البخاري عن ابن عباس من ان رجال جاء إلى النبي

)ص( فقال: يا رسول هللا إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: نعم، قال: ، ومثله الحديث المروي عن عائشة ان النبي قال: من مات وعليه 607فدين هللا أحق أن يقضى

.3802. كذلك: صحيح البخاري، حديث 2873صحيح مسلم، حديث 601 .932صحيح مسلم، حديث 602 .933صحيح مسلم، حديث 603 .1226صحيح البخاري، حديث 604 .929صحيح مسلم، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، حديث 605 .931صحيح مسلم، حديث 606 .1852ث صحيح البخاري، حدي 607

حيى محمد ي مشكلة الحديث

99

. ذلك ان مثل هذه األحاديث ال تتسق وقول القرآن: ))وأن ليس 608ام عنه وليهصيام ص

(. وقد 41ـ39لإلنسان إال ما سعى، وأن سعيه سوف يرى، ثم يجزاه الجزاء األوفى(( )النجم/

كان احمد بن حنبل يستنكر حديث )من مات وعليه صوم صام عنه وليه( رغم أنه ثابت في .609الصحيحين

ثه ما جاء في الحديث ان بعض اآليات القرآنية تنزل وهي تعيد كالم ومما يستبعد حدو

أحد الصحابة دون تغاير. فقد روى البخاري عن عمر بن الخطاب قوله: وافقت ربي في ثالث، فقلت: يا رسول هللا، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فأنزلت: ))واتخذوا من مقام

ا رسول هللا، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه إبراهيم مصلى((، وآية الحجاب، قلت: ي

يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي )ص( في الغيرة عليه، فقلت . اي انها انزلت 610لهن: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن، فأنزلت هذه اآلية

بالمنطوق نفسه الذي أبداه عمر.

ما تبديه بعض الروايات من ان صحابيا بارزا كان يجهل العمل بآية وكذا يستبعد حدوث التيمم وقت الخالفة الراشدة، كأنه لم يسمع بها من قبل، مع ان حالة الجنابة وغياب الماء هي

من األمور التي يكثر فيها االبتالء في ذلك الزمان، مما يجعل اآلية حاضرة على الدوام،

آخر لم يستشهد بهذه اآلية رغم انها تناسب المقام. فقد روى وكذا تبدي الرواية ان صحا بياالبخاري ومسلم أن رجال أتى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء، فقال عمر: ال

تصل، فقال عمار بن ياسر: أما تذكر يا أمير المؤمنين! إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد

ما أنا فتمعكت في التراب وصليت، فقال النبي )ص(: إنما كان ماء، فأما أنت فلم تصل، وأيكفيك أن تضرب بيديك األرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك. فقال عمر: اتق هللا يا

.611عمار! قال عمار: إن شئت لم أحدث به

وفي رواية أخرى ان أحد الصحابة لم يبال بمنطق آية التيمم، وكأنها غير مجزية أو وذلك ما لم نعتبرها شاهدا يؤيد مبدأ ترجيح المصلحة على النص كما ذهب اليه كافية،

. فقد روى البخاري ومسلم ان 612الطوفي؛ الذي استدل على ذلك بعدة ادلة، ومنها هذا الشاهد

أبا موسى االشعري سأل عبد هللا بن مسعود: يا أبا عبد الرحمن! أرأيت لو أن رجال أجنب كيف يصنع بالصالة؟ فقال عبد هللا: ال يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا، فلم يجد الماء شهرا

فقال أبو موسى: فكيف بهذه اآلية في سورة المائدة ))فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا((،

فقال عبد هللا: لو رخص لهم في هذه اآلية ألوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد، هللا: ألم تسمع قول عمار: بعثني رسول هللا )ص( في حاجة فأجنبت فلم فقال أبو موسى لعبد

أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، ثم أتيت النبي )ص( فذكرت ذلك له فقال:

إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه األرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال ؟613قال عبد هللا: أو لم تر عمر لم يقنع بقول عمارعلى اليمين وظاهر كفيه ووجهه؟ ف

ـ تضارب المتون2

.1851صحيح البخاري، حديث 608 .10سير أعالم النبالء، فقرة 609 .393صحيح البخاري، حديث 610 .331. وصحيح البخاري، حديث 368صحيح مسلم، حديث 611. وانظر أيضا كتابنا: فهم الدين والواقع، دار افريقيا الشرق، 138رسالة في رعاية المصلحة، مصدر سابق، ص 612

م.2011ار البيضاء، الطبعة الثانية، المغرب، الد .340. وصحيح البخاري، حديث 368صحيح مسلم، حديث 613

حيى محمد ي مشكلة الحديث

100

ورد في الصحيحين عدد من الروايات التي بعضها يكذب البعض اآلخر، ومن ذلك ما

نقل ان مسلما روى عن النبي أنه توجه إلى مكة يوم النحر فطاف طواف االفاضة ثم صلى

أخرى جاء أنه طاف طواف االفاضة ثم ، لكن في رواية614الظهر بمكة، ثم رجع إلى منى. وقد قال ابن حزم في هاتين الروايتين إحداهما كذب بال 615رجع فصلى الظهر بمنى

. 616شك

ومثل ذلك روى مسلم روايتين عن االعور الدجال تارة ان عينه اليمنى طافئة، وأخرى لناس فقال: ان انها اليسرى، إذ روى عن ابن عمر ان النبي )ص( ذكر الدجال بين ظهراني ا

. 617هللا تعالى ليس بأعور أال وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة

لكنه روى في الوقت ذاته عن حذيفة ان النبي قال: الدجال أعور العين اليسرى جفال الشعر . 618معه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار

ذب األخرى، ففي إحداهما جاء ان كلتا يديه وروى مسلم عن يدي هللا روايتين إحداهما تك

يمين، وجاء في األخرى ان يديه يمين وشمال. فقد روى عن رسول هللا )ص(: إن المقسطين . لكنه روى 619عند هللا على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين

يامة ثم يأخذهن بيده أيضا عن النبي )ص( أنه قال: يطوي هللا عز وجل السماوات يوم الق

اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي األرضين بشماله، ثم يقول: .620أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون

كما روى مسلم روايتين عن كلب زرع إحداهما ال تتسق مع األخرى، حيث جاء في

)ص( أمر بقتل الكالب إال كلب صيد أو إحداهما ان عبد هللا بن عمر روى أن رسول هللاكلب غنم أو ماشية، فقيل البن عمر إن أبا هريرة يقول أو كلب زرع، فقال ابن عمر: إن

. 621ألبي هريرة زرعا

وفي هذه الرواية لوح ابن عمر إلى ان أبا هريرة قد زاد في الحديث عن النبي لمصلحة تؤيد ما ذهب اليه أبو هريرة، وهو أنه شخصية. في حين جاءت رواية أخرى عن ابن عمر

إال كلب زرع أو غنم أو صيد ينقص من أجره كل يوم نقل عن النبي قوله: من اتخذ كلبا

. 622قيراط بعض الروايات المتعارضة حول اللعن والسباب، فقد جاء عن أبي وروى مسلم أيضا

، وكذا جاء 623يوم القيامة الدرداء ان النبي )ص( قال: ال يكون اللعانون شفعاء وال شهداء

عن أبي هريرة أنه قيل للنبي: يا رسول هللا ادع على المشركين، فقال النبي: إني لم أبعث وإنما بعثت رحمة . لكن في روايات أخرى تبدي ان النبي لعن وسب بعض الناس، 624لعانا

ء ال ومن ذلك ما روي عن عائشة انها قالت دخل على رسول هللا )ص( رجالن فكلماه بشي

لم اجد هذه الرواية في صحيح مسلم حسب النسخة االلكترونية التي إعتمدتها. 614 .1308صحيح مسلم، حديث 615 .62ـ61الخمسة، ص . وتعليق الكوثري على: شروط األئمة591الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية، ص 616 .169صحيح مسلم، حديث 617 .2934صحيح مسلم، حديث 618 .1827صحيح مسلم، حديث 619 .2788صحيح مسلم، حديث 620 .1571صحيح مسلم، حديث 621. وإن كان في )سلسة الذهب( البن حجر لم يستثنى كلب زرع، حيث روى عن ابن 1574صحيح مسلم، حديث 622

مر )ص( أهللارسول قتنى كلبا إال كلب ماشية أو ضاريا نقص من عمله كل يوم قيراطان. وبه أنعمر عن النبي قوله: من ا

(.58بقتل الكالب ) ابن حجر العسقالني: سلسلة الذهب، مكتبة يعسوب الدين اإللكترونية، ص .2598صحيح مسلم، حديث 623 .2599صحيح مسلم، حديث 624

حيى محمد ي مشكلة الحديث

101

أدري ما هو، فأغضباه فلعنهما وسبهما، فلما خرجا قلت: يا رسول هللا من أصاب من الخير

ما أصابه هذان، قال: وما ذاك؟ قلت: لعنتهما وسببتهما، فأجاب النبي: أو ما علمت ما شيئا

شارطت عليه ربي، قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة .625را وأج

كذلك روى البخاري روايتين متعارضتين حول االستقبال واالستدبار في قضاء الحاجة،

ففي رواية عن أبي ايوب األنصاري ان النبي قال: إذا أتى أحدكم الغائط، فال يستقبل القبلة ، لكن جاء في رواية أخرى عن عبد هللا بن عمر أنه 626وال يولها ظهره، شرقوا أو غربوا

فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول هللا )ص( يقضي حاجته، قال: ارتقيت

. 627مستدبر القبلة، مستقبل الشاموورد في بعض كتب الحديث ما يجمع الحديثين السابقين في رواية واحدة، حيث روي

عن جابر أنه قال: نهى النبي )ص( أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام

اختلف العلماء في الجمع بين الخبرين أو الحكمين المتعارضين، فذهب قوم . و628يستقبلهاإلى نسخ أحد الحكمين لآلخر، كالذي يقوله ابن حزم معترضا عمن يرى النهي واردا في

. وهو التقييد الذي يقول به كل 629الصحارى دون البنيان، ألنه لم يرد عن النبي هذا التقييد

، ويؤيده ما ورد من رواية عن مروان االصفر أنه قال: 630من الشعبي والشافعي وغيرهمارأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن أليس قد نـهي

عن ذلك؟ فقال: بلى إنما عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فال

م محكم والفعل يحتمل كونه خاصا بالنبي )ص( . كما ذهب اخرون إلى أن القول عا631بأس .632فال ينتهض ناسخا وال مخصصا

كما ورد في صحيح البخاري أحاديث متضاربة حول مصير الصحابة، ففي بعض

األحاديث جاء ان عصرهم هو خير القرون، وانه ال يوجد لهم مثيل، وانهم ناجون من النار، ة هم المعبر عنهم بهمل النعم، اي ضوال االبل. لكن في بعض آخر جاء ان الناجين منهم قل

فمثال روى البخاري عن أبي سعيد الخدري ان النبي )ص( قال في حديث له أمام جمع من

أصحابه: ان في يوم القيامة ينادي هللا تعالى مخاطبا آدم فيقول: إن هللا يأمرك أن تخرج من ؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، ذريتك بعثا إلى النار، قال: يا رب وما بعث النار

فحينئذ تضع الحامل حملها ويشيب الوليد ))وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن

عذاب هللا شديد(( فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم، فقال النبي: من يأجوج وداء في جنب ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين، ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة الس

الثور األبيض، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور األسود، وإني ألرجو أن تكونوا ربع أهل

. 633الجنة، فكبر الصحابة، ثم قال: ثلث أهل الجنة فكبروا، ثم قال: شطر أهل الجنة، فكبرواي . وهو يعني ان أغلب الناس ف634وقريب من هذا الحديث ما رواه البخاري عن أبي هريرة

.2600صحيح مسلم، حديث 625 .386، كذلك حديث 144بخاري، حديث صحيح ال 626 .2935، ومثله حديث 148صحيح البخاري، حديث 627 دليل أرباب الفالح. 628 .41ـ40النبذ في أصول الفقه، ص 629هـ، عن شبكة المشكاة 1404ولي هللا الدهلوي: االنصاف في بيان أسباب اإلختالف، دار النفائس، الطبعة الثانية، 630

.30االلكترونية، ص دليل أرباب الفالح. 631 .30االنصاف في بيان أسباب اإلختالف، ص 632 .4464صحيح البخاري، حديث 633 .6164صحيح البخاري، حديث 634

حيى محمد ي مشكلة الحديث

102

النار، وان نصف أهل الجنة هم من أصحاب النبي. في حين جاء عن أبي هريرة ما يخالف

الرواية االنفة الذكر، وهو ان النبي )ص( قال: بينما أنا نائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج

رجل من بيني وبينهم فقال هلم، قلت أين؟ قال إلى النار وهللا، قلت ما شأنهم؟ قال: إنهم . 635بعدك على أدبارهم القهقري فال أراه يخلص منهم إال مثل همل النعمارتدوا

كما روى البخاري رواية أخرى ال تتسق مع األولى وال مع الثانية، إذ روى عن أبي ذر

دخل ان النبي قال له: عرض لي جبريل فقال: بشر أمتك أنه من مات ال يشرك باهلل شيئا .636نى؟ قال نعم وإن شرب الخمرالجنة، قلت يا جبريل وإن سرق وإن ز

وروى مسلم أحاديث متعارضة حول المرأة وقطع الصالة، ففي رواية عن أبي ذر ان

النبي قال: إذا قام أحدكم يصلي، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل. فإذا لم يكن . وعلى هذه 637بين يديه مثل آخرة الرحل، فإنه يقطع صالته الحمار والمرأة والكلب األسود

الشاكلة ما روي عن أبي هريرة ان النبي قال: يقطع الصالة المرأة والحمار والكلب. ويقي

.638ذلك مثل مؤخرة الرحللكن جاء في نفس الصحيح عدد من الروايات عن عائشة تكذب ذلك، ففي رواية انها

عتراض قالت: أن النبي )ص( كان يصلي من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كا

. وفي رواية عن عروة بن الزبير ان عائشة قالت: ما يقطع الصالة؟ قال فقلنا: 639الجنازةالمرأة والحمار، فقالت: إن المرأة لدابة سوء! لقد رأيتني بين يدي رسول هللا )ص(

. كما في رواية اعتراضية أخرى أنه ذكر عند 640معترضة، كاعتراض الجنازة، وهو يصلي

ة )الكلب والحمار والمرأة( فردت: قد شبهتمونا بالحمير والكالب، عائشة ما يقطع الصالوهللا! لقد رأيت رسول هللا )ص( يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو

. 641لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي رسول هللا فأنسل من عند رجليه

لغيره من ومن الروايات المتعارضة ان حديث اعتزال امراء الجور جاء مخالفاالروايات العديدة التي تأمر بالطاعة والصبر دون مفارقة الجماعة، حيث روى البخاري

ومسلم عن أبي هريرة ان النبي قال: يهلك الناس هذا الحي من قريش، فقال أصحابه: فما

. 642تأمرنا؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهمي تأمر بطاعة أمراء الجور والصبر في حين روى الشيخان العديد من الروايات الت

عليهم دون مفارقة الجماعة، ومن ذلك ما روي عن النبي أن اسمع وأطع االمير وإن ضرب

يكرهه فليصبر فإنه من فارق 643ظهرك وأخذ مالك ، ومثله قوله: من رأى من أميره شيئاليكم عبد ، وقوله: اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل ع644الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية

، وقوله: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما 645حبشي كأن رأسه زبيبة

.646حملتم

.6215صحيح البخاري، حديث 635 .6078صحيح البخاري، حديث 636 .265، حديث 1صحيح مسلم، ج 637 .266، حديث 1صحيح مسلم، ج 638 .272، وحديث 268ومثله حديث ،267، حديث 1صحيح مسلم، ج 639 .269، حديث 1صحيح مسلم، ج 640 .271، ومثله حديث 270، حديث 1صحيح مسلم، ج 641 .2917. وصحيح مسلم، حديث 3409صحيح البخاري، حديث 642 .1847صحيح مسلم، حديث 643 .6724. وصحيح البخاري، حديث 1849صحيح مسلم، حديث 644 .6723صحيح البخاري، حديث 645 .1846صحيح مسلم، حديث 646

حيى محمد ي مشكلة الحديث

103

وهذه الروايات تخالف الحديث األول الذي ينصح باعتزال أمراء الجور، وكان اإلمام

احمد ينكر هذا الحديث ويأمر بالضرب عليه لمخالفته لألحاديث األخرى اآلنفة الذكر والتي

.647بالسمع والطاعة والصبرتأمر كما جاء في الصحيحين عدد من الروايات التي ضعفها الحفاظ الصطدامها بمسلمات

النصوص التاريخية وبعض اعتبارات القرآن الكريم. فقد روى البخاري ومسلم حديث

، وتكلم الحفاظ في هذه اللفظة وضعفوها. حيث 648االسراء وفيه عبارة )قبل ان يوحى اليه(ها أبو سليمان الخطابي وابن حزم وعبد الحق والقاضي عياض والنووي، وذلك ألن انكر

. ونقل عن ابن حزم قوله بهذا 649فرض الصالة كان ليلة االسراء فكيف يكون قبل الوحي

إال حديثين، وهذا واحد الصدد: لم نجد للبخاري ومسلم في كتابيهما شيئا ال يحتمل مخرجاعد قصة االسراء بطولها في الحديث انما هي حكاية يحكيها أنس . كما ان الخطابي 650منهما

بن مالك من تلقاء نفسه لم يعزها إلى النبي )ص( وال نقلها عنه وال أضافها إلى قوله، فهي

إما من أنس وإما من شريك فإنه كثير التفرد بمناكير االلفاظ التي ال يتابعه عليها سائر .651الرواة

يان أنه قال للنبي )ص( لما اسلم: يا رسول هللا اعطني ثالثا: كذلك روى مسلم عن أبي سف

تزوج ابنتي أم حبيبة، واجعل ابني كاتبا، وآمرني ان اقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين، . 652فاعطاه النبي ما سأله

وقد عد هذا الحديث موضوعا، إذ تزوج النبي أم حبيبة وهي في الحبشة واصدقها

أبا سفيان انما اسلم عام الفتح، وبين الهجرة والفتح عدة سنين، وأما امارة النجاشي، كما ان أبي سفيان فإنها غير معروفة. ومع ذلك فعلماء الحديث، على ما يقول الحافظ الناقد عبد

فيقولون في ››القادر القرشي، يجيبون على هذه األمور بأجوبة غير طائلة على سبيل التجوه

أنه اعتقد ان نكاحها بغير اذنه ال يجوز، وهو حديث عهد بكفر فأراد انكاح ابنة أبي سفيانمن النبي تجديد النكاح، ويذكرون عن الزبير بن البكار بأسانيد ضعيفة ان النبي أمره في

.653‹‹بعض الغزوات، وهو أمر ال يعرف

ـ التعارض مع العلم والواقع3علم، ومن ذلك ما جاء حول تتضمن كتب الصحاح عددا من الروايات التي تعارض ال

كيفية تكون الذكر واالنثى، وكما روى مسلم عن أم سليم انها سألت النبي )ص( عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال رسول هللا )ص(: إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل، فقالت

ء الرجل غليظ أم سليم: وهل يكون هذا؟ فقال النبي )ص(: نعم؛ فمن أين يكون الشبه، إن ما

. 654أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما عال أو سبق يكون منه الشبه

، 2مسند اإلمام احمد بن حنبل، وبهامشه منتخب كنز العمال، دار صادر، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج 647

.301ص .262. وصحيح مسلم، حديث 7079صحيح البخاري، حديث 648 .399، ص13فتح الباري، ج 649 .404، ص13فتح الباري، ج 650 .403، ص13فتح الباري، ج 651جاء في صحيح مسلم ان ابن عباس قال: كان المسلمون ال ينظرون إلى أبي سفيان وال يقاعدونه، فقال للنبي 652

ال ال نعم، ققجكها، )ص( يا نبي هللا ثالث أعطينهن، قال نعم، قال عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان ازو

سلم، مح يقال نعم )صح ال وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين،ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك، قال نعم، ق

(.2501حديث .593. والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية، ص62ـ61تعليق الكوثري على: شروط األئمة الخمسة، ص 653 .311صحيح مسلم، حديث 654

حيى محمد ي مشكلة الحديث

104

سأل النبي فقال: أين يكون الناس يوم تبدل األرض غير وفي رواية أخرى ان يهوديا

األرض والسماوات؟ فقال رسول هللا )ص(: هم في الظلمة دون الجسر، قال اليهودي: فمن

النبي: فقراء المهاجرين، قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون أول الناس إجازة؟ قال قال: فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: ينحر لهم ثور -اي الحوت -الجنة؟ قال: زيادة كبد النون

الجنة الذي كان يأكل من أطرافها، قال: فما شرابهم عليه؟ قال: من عين فيها تسمى سلسبيال،

ك عن الولد؟ قال النبي: ماء الرجل أبيض وماء المرأة قال: صدقت. ثم قال: جئت أسألأصفر، فإذا اجتمعا فعال مني الرجل مني المرأة، ذكرا بإذن هللا، وإذا عال مني المرأة مني

الرجل، أنثى بإذن هللا. قال اليهودي: لقد صدقت، وإنك لنبي، ثم انصرف فذهب، فقال رسول

.655عنه، وما لي علم بشيء منه، حتى أتاني هللا بههللا )ص(: لقد سألني هذا عن الذي سألني وجاء حول عجب الذنب ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول هللا )ص( قال: كل بني

. 656آدم يأكله التراب إال عجب الذنب؛ منه خلق وفيه يركب

وفي رواية أخرى عن أبي هريرة يحدث فيها أصحابه بأن النبي قال: ما بين النفختين فسأل أصحابه: يا أبا هريرة أربعون يوما؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أربعون،

أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت، ثم ينزل هللا من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل،

واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق قال وليس من اإلنسان شيء إال يبلى إال عظما . 657يوم القيامة

كما روى البخاري عددا من األحاديث حول نفي العدوى، مثلما جاء عن ابن عمر ان

. وفي رواية 658النبي قال: ال عدوى وال طيرة والشؤم في ثالث: في المرأة والدار والدابةأخرى عن أبي هريرة ان النبي قال: ال عدوى وال طيرة وال هامة وال صفر، وفر من

. 659دالمجذوم كما تفر من األس

ومن الروايات األخرى التي تعارض العلم ما جاء حول شق القمر، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول هللا )ص( أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى

. ومثل ذلك ما اخرجه مسلم عن انس وعبد هللا بن مسعود وابن عمر 660رأوا حراء بينهما

لطحاوي ان هذا الحديث روي بصيغ مختلفة عن اإلمام علي وحذيفة . وذكر ا661وابن عباس . 662وابن عمر وابن عباس وانس بن مالك

. وقديما كذبه بعض المتكلمين 663ويعد هذا الحديث لدى البعض متواترا من حيث المعنى

في جميع بأن شق القمر يكون آية للعالمين وحجة للمرسلين ومزجرة للعباد وبرهانا محتجالبالد؛ فكيف لم تعرف بذلك العامة ولم يؤرخ الناس بذلك العام ولم يذكره شاعر ولم يسلم ا

؟664عنده كافر ولم يحتج به مسلم على ملحد

.315صحيح مسلم، حديث 655 .2955صحيح مسلم، حديث 656 .2955مسلم، حديث صحيح 657 .2704ـ2703و 5421صحيح البخاري، حديث 658، 5387. والحظ على هذه الشاكلة ما روي عن أبي هريرة وابن عمر: حديث 5380صحيح البخاري، حديث 659

.1993وحديث .3655صحيح البخاري، حديث 660 ، باب انشقاق القمر.4صحيح مسلم، ج 661 .107مشكل االثار، حديث 662 ارباب الفالح. دليل 663ان هللا تعالى يقول: ))اقتربت ››هذه هي الحجة التي ادلى بها النظام من المتكلمين وقد رد عليها ابن قتيبة بقوله: 664

الساعة وانشق القمر(( فإن كان القمر لم ينشق في ذلك الوقت وكان مراده سينشق فيما بعد، فما معنى قوله: ))وإن يروا آية

ر مستمر(( بعقب هذا الكالم؟ أليس فيه دليل على أن قوما رأوه منشقا فقالوا هذا سحر مستمر؟! وكيف يعرضوا ويقولوا سح

صارت اآلية من آيات النبي )ص( والعلم من أعالمه ال يجوز عنده أن يراها الواحد واالثنان والنفر دون الجميع، أو ليس قد

حيى محمد ي مشكلة الحديث

105

وهناك روايات تفسر طلوع الشمس وغروبها بما يناقض العلم لما تحمله من خرافة. فقد

ا: أتدرون أين تذهب روى مسلم، وقريب منه البخاري، عن أبي ذر أن النبي )ص( قال يوم

هذه الشمس؟ قالوا: هللا ورسوله أعلم، قال: إن هذه الشمس تجري حتى تنتهي تحت العرش، فتخر ساجدة فال تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي، ارجعي من حيث جئت، فتصبح طالعة

من مطلعها، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش، فتخر ساجدة، وال تزال

لك حتى يقال لها: ارتفعي، ارجعي من حيث جئت فترجع، فتصبح طالعة من مطلعها، ثم كذتجري ال يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش، فيقال لها:

ارتفعي، أصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها. فقال رسول هللا )ص(

ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها أتدرون متى ذاكم؟ ذاك ))حين ال . 665خيرا((

وروى البخاري ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان، حيث روى عن ابن عمر ان النبي

قال: إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصالة حتى تبرز وإذا غاب حاجب الشمس فدعوا شمس وال غروبها فإنها تطلع بين قرني الصالة حتى تغيب وال تحينوا بصالتكم طلوع ال

. 666شيطان أو الشيطان

يضاف إلى ما سبق هناك روايات مستبعدة أو تحتاج إلى تحقيق علمي مستقل، كحديث الذبابة والعجوة والحبة السوداء وغيرها. فقد روى البخاري عن أبي هريرة ان النبي قال: إذا

فإن في إحدى جناحيه داء واألخرى وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه

. وروى عن سعد ان النبي قال: من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم 667شفاء. كما روى مسلم عن أبي هريرة ان النبي قال: إن في الحبة السوداء شفاء 668سم وال سحر

.669من كل داء إال السام

*** اء ما ج تي يكذبها الواقع، ومن ذلككذلك تحتفل كتب الصحاح بالكثير من الروايات ال

ي امة فحول التنبؤ بوقت الساعة، وعدم تسليط غير المسلمين على المسلمين، وكون اإلم

قريش ما بقي منهم اثنان، وان اإلسالم ال يزال عزيزا إلى اثني عشر خليفة.ني، فكما روى مسلم عن انس بن مالك أنه قال: مر غالم للمغيرة بن شعبة وكان من أقرا

. 670فقال النبي )ص(: إن يؤخر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة

وفي رواية أخرى عن عائشة انها قالت: كان األعراب إذا قدموا على رسول هللا )ص( سألوه عن الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: إن يعش هذا لم يدركه الهرم قامت

. 671عليكم ساعتكم

ت )ال تأتي مائة سنة وعلى األرض نفس منفوسة اليوم(، ففي وكذا الحال في روايابعضها ما يشير إلى أمر الساعة، وفي بعض آخر ورد توجيه لدى بعض الصحابة ان معناه

هو ان هناك من يعمر مائة سنة، ففي رواية عن أبي سعيد أنه قال: لما رجع النبي )ص( من

خبر مكلم الذئب بأن ذئبا كلمه، وأخبر آخر بأن بعيرا شكا إليه، وأخبر يجوز أن يخبر الواحد واالثنان والنفر والجميع كما أ

)تأويل مختلف الحديث، باب ذكر أصحاب الكالم وأصحاب الرأي(.‹‹ آخر أن مقبورا لفظته األرض .6988. وصحيح البخاري، حديث 250صحيح مسلم، حديث 665 .3099صحيح البخاري، حديث 666 .1423صحيح البخاري، حديث 667 .5130، وحديث 5436ـ5435. ومثله حديث 5443صحيح البخاري، حديث 668 .2215صحيح مسلم، حديث 669 .2953صحيح مسلم، حديث 670 .2952صحيح مسلم، حديث 671

حيى محمد ي مشكلة الحديث

106

ي مائة سنة وعلى األرض نفس منفوسة تبوك سألوه عن الساعة؟ فقال رسول هللا: ال تأت

. 672اليوم

وفي رواية أخرى عن عبد هللا بن عمر ان النبي قال في آخر حياته: أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها ال يبقى ممن هو على ظهر األرض أحد. وقد وجه ابن عمر

رض أحد؛ يريد بذلك أن هذه الرواية بأن النبي يعني ال يبقى ممن هو اليوم على ظهر األ

. وروي عن اإلمام علي مثل هذا التوجيه، وهو ان النبي قصد بكالمه 673ينخرم ذلك القرنلمن هو يومئذ على األرض من الناس ال لمن سواهم. مع هذا فقد ذكر الطحاوي العديد ممن

ن سنة( وسويد ب 122عمر أكثر من مائة سنة، أمثال زر بن حبيش الذي توفي وهو ابن )

سنة(. 140سنة( وابي عثمان النهدي الذي توفي وهو ابن ) 127غفلة الذي توفي وهو ابن )وقد احتمل الطحاوي أن يكون وفاة هؤالء المعمرين في المائة سنة التي ذكرها رسول هللا

.674)ص( قبل خروجها

كما روى مسلم عن ثوبان ان النبي )ص( قال: إن هللا زوى لي األرض فرأيت مشارقهاومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها، وأعطيت الكنزين األحمر واألبيض،

وإني سألت ربي ألمتي أن ال يهلكها بسنة عامة، وأن ال يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم

فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه ال يرد، وإني أعطيتك كهم بسنة عامة وأن ال أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح ألمتك أن ال أهل

. 675بيضتهم

وروى البخاري عن ابن عمر ان النبي قال: ال يزال هذا األمر في قريش ما بقي منهم . وفي رواية أخرى ان عبد هللا بن عمرو كان يحدث مع وفد من قريش عند معاوية 676اثنان

ية وقام وأثنى على هللا ثم قال: أما بعد فإنه بلغني أنه سيكون ملك من قحطان، فغضب معاو

أن رجاال منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب هللا وال تؤثر عن رسول هللا )ص( وأولئك جهالكم، فإياكم واألماني التي تضل أهلها فإني سمعت رسول هللا )ص( يقول: إن هذا األمر

.677على وجهه ما أقاموا الدين في قريش ال يعاديهم أحد إال كبه هللا في النار

وكذا روى مسلم عن جابر بن سمرة ان النبي قال: ال يزال اإلسالم عزيزا إلى اثني عشر . وهناك صيغ 678خليفة. ثم قال كلمة لم أفهمها فقلت ألبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش

ما أخرى مقاربة كلها مروية عن جابر بن سمرة، مثل صيغة: ال يزال أمر الناس م اضيا

وليهم اثنا عشر رجال. وصيغة: إن هذا األمر ال ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة. لكن أكثر الصيغ تكررا هي األولى.

وقد حار العلماء في تحديد هؤالء الخلفاء االثني عشر ومدة خالفتهم، وبعضهم حصرها

لفاء بني امية مضافا إلى في زمن واحد، وبعض آخر اعتبرها متوالية، وأغلبهم ركز على خالخلفاء الراشدين، معتبرين الفترة التي حكموها بأنها تمثل عز اإلسالم، ومع ذلك عجزوا

، رغم ان الكثير من هؤالء الخلفاء لم يكونوا من ذوي 679عن القطع بتشخيص الخلفاء

لك ليس الصالح، وال كان زمانهم يمثل عز اإلسالم لما فيه من الظلم والقهر واالجحاف. كذ

.2538، ومثله حديث 2539، حديث 4صحيح مسلم، ج 672 .2537، حديث 4صحيح مسلم، ج 673 .64، ص1مشكل االثار، ج 674 .2889حديث صحيح مسلم، 675 .6721، وحديث 3310صحيح البخاري، حديث 676 .6720صحيح البخاري، حديث 677 .6796. وصحيح البخاري، حديث 1822، وعلى هذه الشاكلة حديث 1821انظر: صحيح مسلم، حديث 678 .185ـ182، ص13فتح الباري، ج 679

حيى محمد ي مشكلة الحديث

107

من الصحيح تفسير الحديث وفق ما يراه الشيعة بأن المقصود منه هو األئمة االثنا عشر، إذ

أن زمن األئمة لم تتوفر فيه عزة اإلسالم كما يفترضه نص الحديث، خاصة وانهم يعتبرون

األئمة عاشوا جميعا في زمن التقية، وهو ما ال يتوافق مع متن الحديث.لم ان أكثر أهل النار من النساء، ففي حديث مروي عن أبي سعيد كما روى البخاري ومس

الخدري ان رسول هللا قال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبم

يا رسول هللا؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب ما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول هللا؟ قال: أليس للب الرجل الحازم من إحداكن، فقلن: و

شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل، قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا

. وفي حديث آخر عن 680حاضت لم تصل ولم تصم، قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينهاوعلل ذلك بانهن يكفرن العشير، ابن عباس ان النبي قال: رأيت النار فإذا أكثر أهلها النساء.

ويكفرن اإلحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك

. 681خيرا قط الرجال لكن الواقع يشهد خالف ذلك، وهو ان أكثر الشرور وابشع الجرائم يرتكبها ال

كفران كر منذرجال، وان ما النساء، وان المرأة غالبا ما تكون مغلوبة على امرها بسبب ال

ي جال فالمرأة للعشير كما في الحديث ليس بشيء قبال الفساد والدمار الذي يحدثه الر االرض.

ـ مشكلة الخرافة4روت كتب الصحاح الكثير من الروايات التي ال تعقل، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم

فقأها. حيث روي ان رسول هللا عن أبي هريرة من ان النبي موسى لطم عين ملك الموت ف

قال: جاء ملك الموت إلى موسى عليه السالم فقال له: أجب ربك، فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، فرجع الملك إلى هللا تعالى فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك ال يريد الموت وقد

فإن كنت تريد الحياة فقأ عيني، فرد هللا إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدي فقل الحياة تريد؟

فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال ثم مه، قال ثم تموت، قال فاآلن من قريب رب امتني من األرض المقدسة رمية بحجر، قال رسول هللا

. 682)ص( وهللا لو أني عنده ألريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب األحمر

حيح البخاري ما فيه الخرافة واالساءة لالنبياء، ومن ذلك ما روي عن أبي وجاء في صهريرة ان رسول هللا )ص( نقل عن سليمان )ع( قوله: ألطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن

تأتي بفارس يجاهد في سبيل هللا، فقال له صاحبه إن شاء هللا، فلم يقل إن شاء هللا وطاف

نهن إال امرأة واحدة جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده عليهن جميعا فلم تحمل م . 683لو قال إن شاء هللا لجاهدوا في سبيل هللا فرسانا أجمعون

ومثل ذلك روي عن قتادة ان أنس بن مالك قال: كان النبي )ص( يدور على نسائه في

-سع زوجاتوفي رواية أخرى ت -الساعة الواحدة، من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة .684فسأل قتادة أنسا: أو كان يطيقه؟ فأجاب أنس: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثالثين

.321عن عبد هللا بن عمر، حديث . ومثله في صحيح مسلم1393، ومثله حديث 298صحيح البخاري، حديث 680. وصحيح مسلم، حديث 1004، وعلى هذه الشاكلة حديث 29صحيح البخاري، باب كفران العشير، حديث 681

.885، وحديث 907 .3226، وحديث 1274. وصحيح البخاري، حديث 2372صحيح مسلم، حديث 682 .6263صحيح البخاري، حديث 683 .265صحيح البخاري، حديث 684

حيى محمد ي مشكلة الحديث

108

كما ورد في الصحيحين الكثير من الروايات الخرافية، مثل حديث التثاؤب من الشيطان،

وان له ضراطا عند المناداة بالصالة، وانه يبول في اذن من نام ولم يقم لصالة الصبح... الخ.

وى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ان النبي )ص( قال: إن هللا يحب العطاس ويكره فقد رالتثاؤب، فإذا عطس فحمد هللا فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وأما التثاؤب فإنما هو

. 685من الشيطان فليرده ما استطاع، فإذا قال )ها( ضحك منه الشيطان

)ص( قال: إذا نودي بالصالة أدبر وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ان النبيالشيطان وله ضراط، فإذا قضي أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي أقبل، حتى يخطر بين

اإلنسان وقلبه فيقول اذكر كذا وكذا حتى ال يدري أثالثا صلى أم أربعا، فإذا لم يدر ثالثا

بد هللا من أنه ذكر عند . وروى البخاري ومسلم عن ع686صلى أو أربعا سجد سجدتي السهوالنبي )ص( رجل، فقيل: ما زال نائما حتى أصبح، ما قام إلى الصالة، فقال )ص(: بال

. 687الشيطان في أذنه

وروى البخاري عن أبي هريرة أن النبي )ص( قال: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا هللا اهلل من الشيطان فإنه رأى من فضله فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا ب

. 689. وروى مسلم عن أبي ذر أنه سأل النبي عن الكلب االسود فأجابه بأنه شيطان688شيطانا

أنه كان يحمل مع النبي )ص( إداوة لوضوئه وروى البخاري عن أبي هريرة أيضاأحجارا وحاجته، فبينما هو يتبعه بها فقال: من هذا؟ قال: أنا أبو هريرة، فقال النبي: ابغني

أستنفض بها وال تأتني بعظم وال بروثة، قال فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى

وضعت إلى جنبه ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن وإنه أتاني وفد جن نصيبين ونعم الجن فسألوني الزاد فدعوت هللا لهم أن ال

يمروا ب . وروى عن أم شريك أن رسول هللا )ص( 690عظم وال بروثة إال وجدوا عليها طعاما

. وروى أيضا عن عامر بن 691أمر بقتل الوزغ، وقال: كان ينفخ على إبراهيم عليه السالم . وفي رواية أخرى ان خمسة من 692سعد ان النبي )ص( أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا

م، فكما روي عن عائشة ان النبي )ص( قال: خمس من الدواب تعد فواسق يقتلن في الحر

.693الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقوروروى مسلم ان الفأرة ممسوخة، حيث جاء عن أبي هريرة أنه قال: الفأرة مسخ وآية ذلك

لبن اإلبل فال تذوقه فقال له كعب: أنه يوضع بين يديها لبن الغنم فتشربه ويوضع بين يديها

؟! والمقصود بذلك ان الفأرة 694أسمعت هذا من رسول هللا )ص(؟ قال: أفأنزلت علي التوراةهي من اليهود الممسوخين، ففي رواية انها كانت يهودية لذا انها ال تشرب ألبان اإلبل كما ان

. 695اليهود ال تشربها

.2994. وصحيح مسلم، حديث 3115، وحديث 5872، ومثله حديث 5869صحيح البخاري، حديث 685. وصحيح مسلم، حديث 583، وحديث 1174، وحديث 1164، ومثله حديث 3111صحيح البخاري، حديث 686

389. .774. وصحيح مسلم، حديث 1093صحيح البخاري، حديث 687 .3127صحيح البخاري، حديث 688 .265، حديث 1سلم، جصحيح م 689 .3647صحيح البخاري، حديث 690 .3180صحيح البخاري، حديث 691 .2238صحيح البخاري، حديث 692 .77. والحظ أيضا: سلسلة الذهب، ص3136، وحديث 1732صحيح البخاري، حديث 693 .2997صحيح مسلم، حديث 694 تأويل مختلف الحديث، مقدمة المؤلف. 695

حيى محمد ي مشكلة الحديث

109

الممسوخات، إذ جاء عن جابر بن عبد هللا أنه وروى مسلم أيضا ان الضب قد يكون من

أتى رسول هللا )ص( بضب فأبى أن يأكل منه وقال: ال أدري لعله من القرون التي

. 696مسختكما روى مسلم عن جابر ان النبي قال: إن عرش إبليس على البحر فيبعث سراياه

. 697فيفتنون الناس فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة

النبي قال: سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار وروى عن أبي هريرة ان. كما روى عن أبي هريرة ان النبي قال: لوال بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم 698الجنة

. 699يخنز اللحم، ولوال حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر

لع، وروى أيضا عن أبي هريرة ان النبي قال: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضوإن أعوج شيء في الضلع أعاله؛ إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج،

.700استوصوا بالنساء خيرا

وفي رواية اسطورية تظهر ان رجال يوم القيامة تكون له الجرأة في ان يرد على هللا تعالى ويقول: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟! فيضحك الرب على رده هذا. إذ روى

لم عن ابن مسعود أن رسول هللا قال: آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة ويكبو مس

مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد ما أعطاه أحدا من األولين واآلخرين، فترفع له شجرة فيقول: أي رب! أعطاني هللا شيئا

شجرة فألستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول هللا عز وجل: يا ابن آدم! أدنني من هذه ال

لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: ال يا رب! ويعاهده أن ال يسأله غيرها، وربه يعذره ألنه يرى ما ال صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها ويشرب من مائها. ثم ترفع

فيقول: أي رب! أدنني من هذه ألشرب من مائها وأستظل له شجرة هي أحسن من األولى،

بظلها، ال أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن ال تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن ال يسأله غيرها، وربه يعذره ألنه يرى ما ال صبر

يشرب من مائها. ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي له عليه فيدنيه منها، فيستظل بظلها و

أحسن من األوليين، فيقول: أي رب! أدنني من هذه ألستظل بظلها وأشرب من مائها، ال أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن ال تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب! هذه ال

ه عليها، فيدنيه منها. فإذا أدناه منها، أسألك غيرها، وربه يعذره ألنه يرى ما ال صبر ل

فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب! أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم! ما يصريني منك )اي يقطع مسئلتك(؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب! أتستهزئ مني

؟ فقالوا: مم تضحك؟ وأنت رب العالمين؟! فضحك ابن مسعود فقال: إال تسألوني مم أضحك

قال: هكذا ضحك رسول هللا، فقالوا: مم تضحك يا رسول هللا؟ قال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني ال أستهزئ منك، ولكني على ما

.701أشاء قادر

ة اجتمع وفي رواية اسطورية أخرى عن عمرو بن ميمون أنه قال رأيت في الجاهلية قرد .702عليها قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم

.9491صحيح مسلم، حديث 696 .2813صحيح مسلم، حديث 697 .2839صحيح مسلم، حديث 698 .1470صحيح مسلم، حديث 699 .1468صحيح مسلم، حديث 700 .310صحيح مسلم، حديث 701 .3636صحيح البخاري، حديث 702

حيى محمد ي مشكلة الحديث

110

ـ مشكلة التشبيه5 لم ينته األمر بعد!

قرب أا هو فهناك األحاديث التي لها عالقة بالصفات االلهية، كتلك التي تصور هللا بم

ادية ت المللتشبيه والتجسيم، حتى اضطرب العلماء في وجوه حملها وتفسيرها، فأغلب الصفا

ن ة ويميبها البشر هي نفسها واردة في الخالق، فله وجه وعين ويد وكف وقبضالتي يتصف صوت وساعد وذراع واصابع وانامل ورجل وقدم وساق وشعر، وان من صفاته أنه يتكلم ب

وحرف، وانه يعجب ويضحك ويتردد ويستحي ويغار ويهرول، وانه رؤي فاذا هو شاب

ر شف عن ساق، وانه يضع قدمه في ناجعد قطط، أو أنه في صورة شاب امرد، وانه يكات جهنم فتمتلىء، كما أنه يستلقي فيضع احدى رجليه على األخرى. وأغلب هذه الصف

وردت في الصحاح جمعا أو انفرادا.

فقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم ان هللا خلق آدم على صورته، فعن أبي هريرة أن النبي )ص( قال: خلق هللا آدم على صورته طو . وفي رواية ثانية عن أبي 703له ستون ذراعا

هريرة أن النبي )ص( قال: إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن هللا خلق آدم على

.704صورتهكما ورد ان هلل يدين، ففي رواية ان كلتيهما يمين، وفي أخرى ان له يدا شماال، وكذا ان

بحديث -كما نقل ابن بطال -ت المجسمة له عينا وهو ليس بأعور، كما مر معنا. وقد احتج

. واعتقد 705العين وكيف ان النبي أشار بيده إلى عينه كداللة على ان عينه كسائر األعينهؤالء وأمثالهم ان هلل عينين ال أكثر وال اقل، واستدلوا على ذلك من دليل الخطاب في نص

.706الحديث المشار اليه )ان هللا ليس بأعور(

ان هلل اصابع، ففي رواية عن عبد هللا بن مسعود أنه جاء حبر من اليهود وورد أيضافقال: إذا كان يوم القيامة جعل هللا السماوات على إصبع واألرضين على إصبع والماء

والثرى على إصبع والخالئق على إصبع ثم يهزهن ثم يقول: أنا الملك أنا الملك، فلقد رأيت

لقوله، ثم قال النبي: ))وما قدروا هللا حق النبي يضحك حتى بدت نواجذه تعجبا وتصديقا، وفي بعض طرق هذا الحديث لم تذكر عبارة )تعجبا وتصديقا 707قدره(( إلى قوله يشركون

، واعتبرها البعض من قول الراوي، وهي باطلة ألن النبي )ص( ال يصدق المحال 708لقوله(

. 709وهذه االوصاف في حق هللا محاللم يقع ذكر االصبع في القرآن ››ان الخطابي بأحاديث االصابع، وقال: وقد شكك أبو سليم

وال في حديث مقطوع به، وقد تقرر ان اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت

االصابع، بل هو توقيف أطلقه الشارع فال يكيف وال يشبه، ولعل ذكر االصابع من تخليط دعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه وال تدخل اليهودي؛ فإن اليهود مشبهة وفيما ي

في مذاهب المسلمين، وأما ضحكه )ص( من قول الحبر فيحتمل الرضى واالنكار، وأما قول

.2841. ومثله صحيح مسلم، حديث 5873صحيح البخاري، حديث 703 .2612صحيح مسلم، حديث 704 .329، ص13فتح الباري، ج 705 .114دفع شبه التشبيه، ص 706 .2786. وصحيح مسلم، حديث 6978، وحديث 7075صحيح البخاري، حديث 707 .7013، وحديث 6979صحيح البخاري، حديث 708 .337، ص13فتح الباري، ج 709

حيى محمد ي مشكلة الحديث

111

له فظن منه وحسبان، وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الراوي تصديقا

. 710‹‹الزيادة

ات، منها ما اخرجه مسلم عن عبد هللا بن على ان حديث االصابع جاء في عدد من الروايعمرو بن العاص ان النبي )ص( قال: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع

. كما اخرج مسلم رواية أخرى عن عبد هللا بن 711الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء

هللا ويقبض عمر ان النبي )ص( قال: يأخذ هللا عز وجل سماواته وأرضيه بيديه فيقول: أنا أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني

.712ألقول أساقط هو برسول هللا

يضعها في جهنم، ومن ذلك ما روي عن أنس بن مالك من ان كذلك ورد ان هلل قدمايها قدمه النبي قال: ال تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة ف

، وفي رواية أخرى عن أبي 713فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط بعزتك وكرمك

.714هريرة ان هللا يضع رجله فيها فتقول قط قطوقد بلغت روايات القدم والرجل في الصحيحين وغيرهما اثنتا عشر رواية كما اخرجها

.715الدارقطني في كتاب )الصفات(

يوم القيامة، إذ روي عن النبي في حديث طويل ان هللا كما ورد ان هلل ساقا يكشف عنه يسأل جماعة من الناس ان كانت بينهم وبينه آية يعرفونه بها، فيجيبون بنعم، فيكشف هللا عن

ساق، وعندها ال يبقى من كان يسجد هلل من تلقاء نفسه إال أذن هللا له بالسجود، وال يبقى من

.716ظهره طبقة واحدة؛ كلما أراد أن يسجد خر على قفاهكان يسجد اتقاء ورياء إال جعل هللا ان النبي وعد امته بانهم -في حديث طويل -وروى البخاري على شاكلة ما سبق

سيرون هللا تعالى يوم القيامة كما ترى الشمس والقمر ليلة البدر، حيث يجمع هللا الناس

فليتبعه، فيتبع من كان يعبد ال شمس الشمس، ويتبع من كان يعبد فيقول: من كان يعبد شيئاالقمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه األمة... فيأتيهم هللا فيقول:

أنا ربكم، فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاءنا ربنا عرفناه، فيأتيهم هللا في

.717، فيتبعونهصورته التي يعرفون فيقول: أنا ربكم، فيقولون أنت ربناوفي رواية أخرى جاء التعبير عن ذلك: فيأتيهم هللا في صورة غير صورته التي

يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ باهلل منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا

بنا، عرفناه، فيأتيهم هللا تعالى في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ر .718فيتبعونه

وتبدي الكثير من الروايات ان هللا سيرى يوم القيامة، ومن ذلك ما جاء ان النبي قال: إنكم

. وقد جمع الدارقطني روايات 719سترون ربكم كما ترون هذا القمر ال تضامون في رؤيته

.206. ودفع شبه التشبيه، ص336، ص13فتح الباري، ج 710 .2654صحيح مسلم، حديث 711 .2788 صحيح مسلم، حديث 712 .6949. وصحيح البخاري، حديث 2848صحيح مسلم، حديث 713 .2846صحيح مسلم، حديث 714علي بن عمر الدارقطني: كتاب الصفات، تحقيق عبد هللا الغنيمان، مكتبة الدار، المدينة المنورة، الطبعة األولى، 715

.18ـ12هـ، عن شبكة المشكاة االلكترونية، باب ما جاء في القدمين، ص1402 .302صحيح مسلم، حديث 716 .6204، وحديث 773، ومثله حديث 7000صحيح البخاري، حديث 717 .7001. وصحيح البخاري، حديث 299صحيح مسلم، حديث 718 .302. وعلى هذه الشاكلة صحيح مسلم، حديث 547، وحديث 6999ـ6998و 6997صحيح البخاري، حديث 719

حيى محمد ي مشكلة الحديث

112

وما الرؤية فبلغت أكثر من ثالثمائة رواية وحديث، منها أكثر من مائتين اسندت إلى النبي،

.720تبقى رواها عن أقوال الصحابة والتابعين

وحجابا من نور، ومن ذلك قول النبي: حجابه -له حدود -كما ورد ان هلل وجها وبصرا .721النور لو كشفه ألحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

ما يقتضي تحديد هللا في جهة من الكون، ففي رواية تبدي أنه في السماء، وورد أيضا

وفي أخرى أنه قبال وجه المصلي. وكما جاء في صحيح مسلم ان النبي سأل جارية: أين هللا؟ فأجابت: في السماء، فقال: من أنا؟ قالت: أنت رسول هللا، فقال النبي لمالكها: أعتقها فإنها

. وفي رواية أخرى قال النبي: إذا كان أحدكم يصلي، فال يبصق قبل وجهه، فإن 722مؤمنة

. 723هللا قبل وجهه إذا صلىكما أورد البخاري حديث االسراء وفيه ان النبي وصل إلى سدرة المنتهى، وعندها: دنا

الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى هللا فيما أوحى إليه خمسين

في ذلك، صالة على أمتك كل يوم وليلة... فالتفت النبي )ص( إلى جبريل كأنه يستشيرهفأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت، فعال به إلى الجبار فقال وهو مكانه: يا رب خفف

. 724عنا...

صحيح -وقد علق أبو سليمان الخطابي على هذه الرواية بالقول: ليس في هذا الكتاب من هذا الفصل، فإنه يقتضي تحديد المسافة -البخاري حديث أشنع ظاهرا وال أشنع مذاقا

ين أحد المذكورين وبين اآلخر وتمييز مكان كل واحد منهما، هذا إلى ما في التدلي من ب

. وقال أيضا: ان الذي وقع في 725التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق إلى أسفلهذه الرواية من نسبة التدلي للجبار عز وجل مخالف لعامة السلف والعلماء وأهل التفسير من

من تأخر، واعتبر العهدة في ذلك على شريك الذي رواها عن انس. لكن ابن تقدم منهم و

في رواية التدني والتدلي، ومن ذلك ما نقله القرطبي عن ابن حجر ذكر من وافق شريكا .726عباس أنه قال: دنا هللا سبحانه والمعنى دنا أمره وحكمه

هللا، وذلك في المقطع كما اشكل الخطابي على ما جاء في الحديث من نسبة المكان إلى

)فقال وهو مكانه: يا رب خفف عنا( مع ان هذه النسبة قد تكون مضافة إلى النبي ال إلى هللا، .727فليس في السياق تصريح بإضافة المكان إلى هللا كالذي أشار اليه ابن حجر

ا وجاء في عدد من الروايات ان هلل انتقاال وحركة، فهو ينزل إلى السماء الدنيا، وكم

روي عن أبي هريرة قول النبي: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل . 728اآلخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له

، وزاد على ذلك ابن القيم 729وذكر ابن الجوزي ان هذا الحديث رواه عشرون صحابيا

. وفي محل آخر ذكر 730اه ثمانية وعشرون صحابيا ذكرهم بمسانيدهمواعتبر الحديث قد رو .731ابن القيم أنه جاء في النزول أكثر من سبعين نصا

، تحقيق مبروك إسماعيل مبروك، مكتبة القرآن، القاهرة، نشرته شبكة المشكاة علي بن عمر الدارقطني: رؤية هللا 720

االلكترونية مع كتاب الصفات للدارقطني. .293صحيح مسلم، حديث 721 .33صحيح مسلم، حديث 722 .50. وصحيح مسلم، حديث 398صحيح البخاري، حديث 723 .7079صحيح البخاري، حديث 724 .402، ص13فتح الباري ج 725 .403، ص13فتح الباري ج 726 .403المصدر السابق، ص 727 .168. وصحيح مسلم، حديث 1094صحيح البخاري، حديث 728 .194دفع شبه التشبيه، ص 729

حيى محمد ي مشكلة الحديث

113

وورد في الصحيحين ان هلل هرولة، وكما روي عن أبي هريرة قول هللا: أنا عند ظن

مأل عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في

ذكرته في مأل خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا .732تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة

كما ورد في الصحيحين ان هللا يضحك ويتعجب ويتردد ويغار. ففي رواية عن أبي

ما اآلخر يدخالن الجنة يقاتل هذا هريرة أن رسول هللا قال: يضحك هللا إلى رجلين يقتل أحده .733في سبيل هللا فيقتل ثم يتوب هللا على القاتل فيستشهد

وفي رواية ثانية عن أبي هريرة ان هللا قد عجب من صنع ما فعله بعض الناس، إذ ورد

أنه جاء رجل إلى رسول هللا فقال: إني مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك إال ماء، ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: ال بالحق ما عندي

والذي بعثك بالحق ما عندي إال ماء، فقال من يضيف هذا الليلة رحمه هللا؟ فقام رجل من

األنصار فقال: أنا يا رسول هللا، فانطلق به إلى رحله فقال المرأته: هل عندك شيء؟ قالت: فعلليهم بشيء فإذا دخل ضيفنا فأطفئ السراج وأريه أنا نأكل، فإذا ال إال قوت صبياني، قال:

أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه، فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح قال له النبي:

.734قد عجب هللا من صنيعكما بضيفكما الليلة قول هللا: ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نف س وروي عن أبي هريرة أيضا

. 735المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته

وجاء حول غيرة هللا الكثير من الروايات، وهو أنه ال أحد أغير منه، وفي بعضها ان هللا حرم الفواحش لغيرته، ومن ذلك ما جاء عن عبد هللا بن مسعود قول النبي )ص(: ما من أحد

. وفي رواية 736ه المدح من هللاأغير من هللا؛ من أجل ذلك حرم الفواحش، وما أحد أحب إلي

. وفي 737عن عائشة أن رسول هللا قال: ما أحد أغير من هللا أن يرى عبده أو أمته تزنيرواية أخرى عن أبي هريرة ان النبي قال: إن هللا يغار وغيرة هللا أن يأتي المؤمن ما حرم

جال مع امرأتي . كما في رواية أخرى عن المغيرة ان سعد بن عبادة قال: لو رأيت ر738هللا

لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول هللا فقال: تعجبون من غيرة سعد، وهللا ألنا أغير منه وهللا أغير مني، ومن أجل غيرة هللا حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وال أحد

دحة أحب إليه العذر من هللا ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين وال أحد أحب إليه الم

.739من هللا ومن أجل ذلك وعد هللا الجنة***

هذه جملة من الروايات التي تسقط الصفات البشرية على الباري جل وعال، وقد ذهب

وهو شيخ شيوخ -بعض السلف إلى اثباتها بالقرآن الكريم، إذ جاء عن سالم بن أبي مطيع من هذه األحاديث؟ وهللا ما في أن رد على الناكرين لها بقوله: ويلهم ماذا ينكرون -البخاري

.398ـ386مختصر الصواعق المرسلة، ص 730ية ابن القيم انظر: علي بن عبد الكافي السبكي: السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل، ومعه تكملة الرد على نون 731

.136ص رونية،بقلم محمد زاهد الكوثري، تقديم لجنة من علماء االزهر، مكتبة زهران، عن مكتبة يعسوب الدين االلكت .2687، وحديث 2675. وصحيح مسلم، حديث 6970صحيح البخاري، حديث 732 .1890. وصحيح مسلم، حديث 2671صحيح البخاري، حديث 733 .2054. وصحيح مسلم، حديث 8735صحيح البخاري، حديث 734 .6137صحيح البخاري، حديث 735 .2760. وصحيح مسلم، حديث 6968، وحديث 4922صحيح البخاري، حديث 736 .4923صحيح البخاري، حديث 737 .2761. وصحيح مسلم، حديث 4925صحيح البخاري، حديث 738 .9149وحديث 1498. وصحيح مسلم، حديث 6980صحيح البخاري، حديث 739

حيى محمد ي مشكلة الحديث

114

الحديث شيء إال وفي القرآن مثله، يقول هللا تعالى: ان هللا سميع بصير.. ويحذركم هللا نفسه..

واألرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه.. ما منعك ان تسجد لما خلقت

. ونحو ذلك. وقيل ان هذا الشيخ بيدي.. وكلم هللا موسى تكليما.. الرحمن على العرش استوى. .740لم يزل يذكر اآليات من العصر إلى غروب الشمس

مع أنه لم يرد من الصفات في القرآن ذكر االصابع وال القدم وال الرجل وال الصورة وال

الهرولة وال النزول وال الضحك وال التردد وال العجب وال الغيرة، وهي الصفات التي عن سائر الصفات التي لم ترد فيهما. أما ما ورد في القرآن من وردت في الصحيحين، دعك

صفات )التشبيه( فهي مجملة غير صريحة وال مفصلة كتلك التي وردت في الروايات،

وبعضها ظاهر أنه ال يفيد المعنى الحقيقي للفظ، كالوجه واليد والعين، وبعض االلفاظ أو فظ الساق في قوله تعالى: ))يوم يكشف عن الصفات لم ترد اضافته إلى هللا في القرآن، كل

لما ورد في األحاديث، وهي 42ساق ويدعون إلى السجود فال يستطيعون(( )القلم/ (، خالفا

مؤولة بحسب ما جاء عن بعض الصحابة والتابعين ، وبعض آخر يمكن ان يفهم 741أيضاسب االستخدام خالف الظاهر بحسب لحاظ األساليب المستخدمة في القرآن ذاته، وكذا بح

اللغوي المتعارف عليه، كاالتيان والمجيء واالستواء على العرش والكرسي، بداللة ما

لالستخدام القرآني تارة، عرف عن بعض الصحابة والسلف من تأويل هذه الصفات طبقا واللغوي تارة ثانية، أو العتبارات أخرى عقائدية وغيرها.

ر االتيان في قوله تعالى: ))هل ينظرون إال أن ومن ذلك ما نقل عن ابن حنبل أنه فس

( بأنه قدرته وأمره، مثلما هو موضح في قوله 210يأتيهم هللا في ظلل من الغمام(( )البقرة/تعالى: ))أو يأتي أمر ربك(( وكذا فإن معنى المجيء في قوله تعالى: ))وجاء ربك((

المقصود باآلية هو جاء . وفي رواية أخرى عن ابن حنبل ان 742( هو قدرته22)الفجر/

. 743ثوابهكما روي عن ابن عباس أنه قام بتأويل لفظة الكرسي في آية ))وسع كرسيه السموات

. وكذا أورد الطبري معاني كثيرة للفظ االستواء المستخدمة في اللغة 744واألرض(( بأنه العلم

.745عند العرب

.304، ص13فتح الباري، ج 740جاء عن ابن عباس ان لفظ الساق في اآلية له داللة عن شدة األمر، والعرب تقول قامت الحرب على ساق إذا 741

سير اشتدت، ومنه قد سن أصحابك ضرب االعناق وقامت الحرب بنا على ساق. وجاء عن أبي موسى االشعري في تف

ين اق للمؤمنشف السك: معناه ما يتجدد للمؤمنين من الفوائد وااللطاف، وقال المهلب: الساق أنه نور عظيم. قال ابن فورك

يكشف ان هللا رحمة ولغيرهم نقمة، وقال الخطابي: تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق، ومعنى قول ابن عباس

المشكاة رح صحيح مسلم، عن شبكة. والنووي: المنهاج ش359، ص13عن قدرته التي تظهر بها الشدة )فتح الباري، ج

د روي (. وق118، ص، كتاب اإليمان، باب معرفة طريق الرؤية، لم تذكر ارقام صفحاته. ودفع شبه التشبيه1االلكترونية، ج

ادة لنخعي وقتاراهيم عن عدد من التابعين وغيرهم ان المقصود بالساق في اآلية المذكورة هو الشدة، كالذي عليه مجاهد وإب

(.118ر العلماء )دفع شبه التشبيه، صوجمهو .141دفع شبه التشبيه، ص 742 .361، ص10البداية والنهاية، ج 743علق الطبري على ذلك بقوله: أصل الكرسي العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب كراسة، ومنه قول 744

يقال: ليهم، كماعتمد عال للعلماء: الكراسي، ألنهم المالراجز في صفة قانص: حتى إذا ما احتازها تكرسا يعني علم. ومنه يق

ة كراسي ه وعصبأوتاد االرض، يعني بذلك أنهم العلماء الذين تصلح بهم االرض، ومنه قول الشاعر: يحف بهم بيض الوجو

: فالن ال منهباالحداث حين تنوب، يعني بذلك علماء بحوادث األمور ونوازلها. والعرب تسمي أصل كل شيء: الكرس، يق

(.17ـ15، ص3كريم الكرس: أي كريم األرض )الطبري: جامع البيان، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، جيقول الطبري: االستواء في كالم العرب منصرف على وجوه: منها انتهاء شباب الرجل وقوته، فيقال إذا صار 745

ور واألسباب، يقال منه: استوى لفالن أمره: إذا استقام له بعد كذلك: قد استوى الرجل، ومنها استقامة ما كان فيه أود من األم

أود. ومنه قول الطرماح بن حكيم: طال على رسم مهدد أبده وعفا واستوى به بلده يعني: استقام به. ومنها االقبال على

تياز واالستيالء كقولهم: الشيء بالفعل، كما يقال: استوى فالن على فالن بما يكرهه ويسوءه بعد االحسان إليه. ومنها االح

حيى محمد ي مشكلة الحديث

115

واضحة على المعنى ويشير البعض إلى ان الصفات المذكورة في القرآن لها داللة

الحقيقي لالثبات، خاصة فيما يتعلق بصفة العلو التي دلل عليها بعدد من اآليات التي بعضها

(، 5يسند البعض اآلخر، حيث قال هللا جل وعال: ))الرحمن على العرش استوى(( )طه/وقال: ))خلق السموات واألرض في ستة ايام ثم استوى على العرش(( في سبعة مواضع،

(، وقال: ))إليه يصعد الكلم الطيب 54ل تعالى: ))يخافون ربهم من فوقهم(( )األعراف/وقا

(، وقال: 158(، وقال: ))بل رفعه هللا إليه(( )النساء/10والعمل الصالح يرفعه(( )فاطر/))أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم األرض فإذا هي تمور، أم أمنتم من في السماء ان

(، وقال: ))قل نزله روح القدس من ربك بالحق(( 17ـ16( )الملك/يرسل عليكم حاصبا(

( وقال: ))من هللا ذي المعارج تعرج المالئكة والروح إليه في يوم كان مقداره 102)النحل/ لعلي أبلغ 4خمسين ألف سنة(( )المعارج/ (، وقال عن فرعون: ))يا هامان ابن لي صرحا

(( )غافر/األسباب، أسباب السماوات فاطلع إلى إ (، 37ـ36له موسى وإني ألظنه كاذبا

وهذا يدل على أن موسى أخبره بأن ربه تعالى فوق السماء ولهذا قال وإني ألظنه كاذبا، ثم ان الرسول )ص( لما أراد هللا ان يخصه بقربه عرج به من سماء إلى سماء حتى كان قاب

.746قوسين أو أدنى

ر بعد! األم نية ظاهر ال غبش فيه.. لكن لم ينحسمبالفعل ان معنى العلو والفوقية المكاليه إحيث أنه معارض بمعنى آخر ظاهر في آيات أخرى، مثل قوله تعالى: ))ونحن أقرب

ما ا في األرض(، وقوله: ))ألم تر أن هللا يعلم ما في السماوات وم16من حبل الوريد(( )ق/

أكثر لك والسادسهم، وال أدنى من ذ يكون من نجوى ثالثة إال هو رابعهم، وال خمسة إال هو(، 4( )الحديد/(، وقوله: ))وهو معكم أين ما كنتم(7إال هو معهم أين ما كانوا(( )المجادلة/

هو هللا في (، وقوله: ))و84وقوله: ))وهو الذي في السماء إله وفي األرض إله(( )الزخرف/

(... 54ت/شيء محيط(( )فصل (، وقوله: )) أال أنه بكل3السماوات وفي االرض(( )األنعام/ الخ.

والعديد من السلف واتباعهم من البيانيين أخذوا يعتمدون على الظهور الخاص

بالمجموعة األولى من اآليات، ويأولون المجموعة الثانية، في حين التزم أغلب المتكلمين خذ بظاهر بتأويل كال المجموعتين من اآليات، بينما سلك العرفاء مسلكا مضادا وذلك باأل

جميع هذه اآليات إلعتقادهم بوحدة الوجود، وانها على رأيهم تدل على هذا المعنى كالذي

يشير اليه ابن عربي في عدد من نصوصه، حيث يرى ان دالالت تعدد تقييده وتحديده .747باألمكنة، وكذلك تنزيهه أحيانا، كلها تفيد عدم التقييد والتحديد

-حاب جهم بن صفوان المعروفون بكثرة التأويل أص -ومن الطريف ان الجهمية

يعولون على ظواهر تلك اآليات، ومنها آيات المعية ضمن المجموعة الثانية، في حين يقوم السلف وأهل البيان بتأويلها، فالجهمية تقول بأن هللا في كل مكان، ويستشهدون بقوله تعالى:

ن هذه اآلية بأن معناها ان هللا مع الجميع ))وهو معكم أينما كنتم((، في حين ان السلف يأولو

، حتى قال نعيم بن حماد بأن معناها هو أنه ال يخفى عليه خافية بعلمه، مثل 748بعلمه ال بذاته

استوى فالن على المملكة، بمعنى احتوى عليها وحازها. ومنها العلو واالرتفاع، كقول القائل: استوى فالن على سريره،

(.277ـ276، ص1يعني به علوه عليه )جامع البيان، ج .12ـ11الواسطي: النصيحة في صفات الرب جل وعال، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص 746ايران، مؤيد الدين الجندي: شرح فصوص الحكم، تعليق وتصحيح جالل الدين اشتياني، انتشارات دانشگاه مشهد، 747

م.2012. كذلك كتابنا: مدخل إلى فهم اإلسالم، مؤسسة االنتشار العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، 432ص .50لعرش، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص. وابن أبي شيبة: كتاب ا402، فقرة 8سير اعالم النبالء، ج 748

حيى محمد ي مشكلة الحديث

116

، وسئل سفيان الثوري عنها فأجاب: 749قوله: ))ما يكون من نجوى ثالثة إال هو رابعهم((

.750بعلمه

في تشبيهاء في الروايات من معاني الإذا ليس في القرآن الداللة الصريحة على ما ج. معانيالصفات، ويكفي أن آيات التنزيه في القرآن قوية ومحكمة ال تتسق ومثل تلك ال

اعة ويخطئ من يرى هذه المعاني صحيحة لكن من غير تشبيه وال تكييف كما ورد عن جم

ي بيه فللتشمن السلف والمتأخرين. إذ يمكن ان يقال ذلك فيما ورد من الصفات الموهمة صيل. التف القرآن ال الحديث، باعتبار ان األول مجمل خالفا لآلخر الذي أخذ على عاتقه

على ان بعض أئمة الحديث انكروا عددا من األحاديث انكارا شديدا، ربما لما تبديه من

بن التشبيه والتجسيم. فعلى ما رواه الضراب عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: سألت مالك انس عمن حدث بالحديث )إن هللا خلق آدم على صورته( والحديث الذي جاء )إن هللا يكشف

عن ساقه وأنه يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد( فأنكر مالك ذلك انكارا شديدا ونهى

أن يحدث بها أحد، فقيل له إن ناسا من أهل العلم يتحدثون به، فقال من هو؟ قيل ابن عجالن ي الزناد، قال: لم يكن ابن عجالن يعرف هذه االشياء، ولم يكن عالما، وذكر أبا الزناد عن أب

. وروى الضراب قول مالك هذا عن طريق ابن 751فقال: لم يزل عامال لهؤالء حتى مات

. 752وهب أيضاكذلك تمنى بعض رجال السلف ان يترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث في الرؤية،

بن صالح، وعلق عليه احمد بن حنبل بقوله: كأنه نزع إلى رأي كالذي يروى عن يحيى

. ومن الحنابلة من لم يتقبل أحاديث الصفات؛ لكونها أخبار آحاد، كما هو الحال مع 753جهم .754هـ(610ابن سنينة )المتوفى سنة

***

ن اهكذا نجد في الصحيحين روايات متعارضة، وبعضها يعارض القرآن الكريم، كما آخر ة إلىيخالف الواقع العلمي والحسي، أو يتصف بالخرافة الظاهرة وباالساء بعضا

ن يعقل ا ال الاألنبياء. وكذا ان فيها صورا من تشبيه الخالق وتجسيمه. وهي في جميع األحو

تكون صادرة عن النبي األكرم )ص(. مما ذكرناه قد نجد له نظائر في القرآن الكريم أيضا ، كالتشبيه كما ال يقال بأن بعضا

وبعض الظواهر المعارضة للوجدان العقلي أو العلم أو الواقع مثال. إذ االختالف الجوهري

بين الحديث والقرآن يعود إلى فارق البنية التحتية )األساسية( لهما. فبقدر ما هي قوية لدى مثل كون القرآن الكريم بقدر ما هي ضعيفة جدا لدى الحديث. وعندما تكون هذه البنية قوية،

النص مقطوع الصدور كما في القرآن، فإنه يؤخذ لها الحساب من دون اهمال في البحث

والتنقيب، وحتى التأويل، كالذي مارسته مختلف اإلتجاهات اإلسالمية التقليدية، سواء العقلية ال منها أو البيانية. وليس األمر كذلك فيما لو كانت البنية التحتية للنص ضعيفة، كما هو الح

بال معنى. فالضعف فيه مع الحديث، إذ يصبح كل بحث لتبرير مضامين هكذا بنية عبثا

.611ـ610، فقرة 10سير اعالم النبالء، ج 749. وانظر حول ذلك أيضا: ابن تيمية: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء 274، فقرة 7سير اعالم النبالء، ج 750

واعق مد بن الموصلي: مختصر الص. ومح97ـ96هـ، ص1390الشيطان، المكتب اإلسالمي، بيروت، الطبعة الثانية،

.411، مصر، ص13المرسلة إلبن القيم الجوزية، تصحيح زكريا علي يوسف، مطبعة اإلمام .104و 103، فقرة 8سير اعالم النبالء، ج 751 .130ـ129السيف الصقيل، ص 752 .455، فقرة 10سير اعالم النبالء، ج 753، فقرة محمد بن عبد هللا بن الحسين 2بكة المشكاة االلكترونية، جابن رجب الحنبلي: ذيل طبقات الحنابلة، عن ش 754

السامري )لم تذكر ارقام صفحاته(.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

117

يصبح ضعفين: ضعف الداللة مع ضعف اإلعتبارات المتعلقة بالسند، فاألصل فيه مشكوك؛

فلماذا يتعب الباحث نفسه إليجاد طريق يصحح فيه ما يبدو اختالال في المعنى والمضمون

ى العقل؟ لذلك كان ابن خلدون يوجب التحقيق أوال وقبل كل شيء في متن ليكون مقبوال لد مع السنن الطبيعية واإلجتماعية أم ال؟ إذ لو لم يتفق معها الحديث لمعرفة ما إذا كان متفقا

أصبح البحث في السند بال جدوى. وهو ما يختلف فيه الحال بالنسبة للقرآن، فإن ضعف

قطعية الصدور. وبالتالي ليس من المنطقي اقحام دالالت تمثل في داللته تواجه قوة مقابلة ت القرآن في هذا المجال.

ية ي رواويمكن التمثيل على ذلك في الفرق بين حالتين، وهي أن يأتي شخص اليوم ويرو

ألكرم، النبي اشفهية يسندها عبر سلسلة طويلة قد تبلغ أربعين واسطة أو أكثر ليصل بها إلى دنا عتقاإلرواية ضعيفة الداللة، ففي هذه الحالة سوف ال نعير أهمية لها ولنفترض ان ال

–را قه خببضعفها في الحالتين: السند والداللة. لكن في القبال لو أخبرنا شخص نثق بصد

-عن قرب يبعد يحمل ضعف الداللة، ففي هذه الحالة سوف نحاول ان نجد لخبره مخرجافرق في ي فاللداللة القرآنية عندما تكون ضعيفة.. وبالتالفيه هذا الضعف، وهو ما يناسب ا

التعامل مع الحديث والقرآن هو فرق منطقي ال يجوز اهماله..

حيى محمد ي مشكلة الحديث

118

خالصة وتحقيقيثية عرفنا ان هناك فروقا جوهرية بين عصر الصحابة وعصر الصحاح والجوامع الحد

وق بالنقاط التالية:ازاء الموقف من الرواية والحديث، ويمكن اجمال هذه الفر

كان العصر األول للصحابة يمنع تدوين الحديث وتدويله، في حين كان عصر ـ1

الصحاح والجوامع الحديثية يشجع عليه.

كان العصر األول يقل من الرواية، في حين كان العصر األخير يكثر منها. ـ2

خيرالعصر األ كان العصر األول يتهم المكثرين للرواية ويتجنبهم، في حين كان ـ3

يعتمد عليهم.

صر ن العكان العصر األول يبدي تحفظا من ان ينسب الحديث إلى النبي، في حين كا ـ4 األخير ال يتحفظ من ذلك.

م ان رغكان العصر األول يتثبت من الحديث غير المعروف؛ بالقسم أو بطلب شاهد ث ـ5

ثل هذا التثبت.قرب العهد بالنبي، في حين كان العصر األخير ال يعمل بم

ألخيركان العصر األول ال يدقق في بحث الرجال واإلسناد، في حين كان العصر ا ـ6

يدقق في ذلك.

ن دل الدين يتبأخيرا كان العصر األول يكره اإلنشغال بالحديث واإلشتغال فيه؛ خشية ا ـ7إلى دين آخر كالذي حصل مع أهل الكتاب. في حين كان العصر األخير يشجع على

حدث.اإلنشغال بالحديث واإلشتغال فيه، وال يخشى ان يتبدل الدين ازاء فعله المست

*** هو ومن حيث التحقيق يمكن القول أنه ليس هناك حديث قطعي، فابلغ األحاديث صحة

ناك يست هحديث الكذب على النبي، لكنه كما عرفنا روي بالفاظ ومعاني كثيرة مختلفة، ول

ن ممقعده يتبوأما فيها الصيغة المستفاضة )من كذب علي متعمدا فلصيغة محددة تبلغ القطع ب النار(.

ان هذا الحديث جاء -خالل القرن التاسع الهجري -وقد ذكر الشيخ زين الدين العراقي

اتفق البخاري ومسلم عن خمس وسبعين صحابيا، لكن ما يصح فيها هو عشرون صحابياثالثة والثاني بواحد. واعتبر أنه لم يتحقق التواتر في هذا على أربعة منهم، وانفرد األول ب

الحديث، لتعذر وجود التواتر في الطرفين والوسط، وبعض طرقه الصحيحة إنما هي إفراد

من بعض رواتها. والذين زادوا في عدد هذا الحديث حتى جاوز المائة؛ أرادوا بذلك مطلق . 755ائعالكذب على النبي دون االقتصار على المتن الش

على ان إحتماالت التحوير في المعنى والزيادة والنقصان ترد على الدوام، ت لنقل لبعا

بتغيير االلفاظ والعبارات كالذي اطلعنا علي قبل، ه منالمتعدد من جيل إلى جيل مصحوباناهيك دقة،وكلما زاد السند في الطول كلما ضعفت القيمة اإلحتمالية إلصابة نقل الحديث ب

ا مهمإحتماالت الوضع والدس. فحيث بدأ الحديث مشافهة دون تدوين فانه يظل ناقصا عن

دة لزيابولغ في نقله، ألنه منتزع عن احوال تشارك في معناه، وتعتريه عوارض الخلط واا ة وموالنقصان، سواء العتبارات الوضع والتزوير، أو العتبارات نقص الحافظة البشري

فان قلينضافة. فالنسيان حالة طبيعية وعند امتداد سلسلة النايعتريها من النسيان واال

إحتماالت المطابقة تتضاءل باضطراد. فكل ذلك يحول دون تحقيق الهدف من تحصيل المعنى المطلوب، وهو ما اوقع العلماء في خالف ال ينتهي.

.28الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث، ص 755

حيى محمد ي مشكلة الحديث

119

ومن وقد اعترف عدد من العلماء بعدم وجود حديث يرقى إلى مستوى التواتر أو القطع،

واما األحاديث المتواترة فقد قال علماؤنا: ليس في السنة متواتر ››ذلك ما ذكره ابن عاشور:

لتعذر وجود العدد الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب في جميع عصور الرواة بيننا وبين رسول هللا )ص( وانما أكثر األحاديث رواة ال يعدو ان يكون من المستفيض كما تقرر في

. كما قيل أنه ال يوجد خبر من رواية عدلين في جميع سلسلة السند وان 756‹‹فقهأصول ال

جميع األخبار هي أخبار آحاد كالذي صرح بذلك ابن حبان البستي، على ما اطلعنا عليه من ان البعض اشترط في قبول خبر الواحد ان يرويه ثالثة عن ثالثة إلى منتهاه، قبل. علما

.757ربعة، وبعضهم خمسة عن خمسة، وبعضهم سبعة عن سبعةواشترط بعضهم أربعة عن أ

بل حتى لو سلمنا بوجود أحاديث مقطوعة الصدور عن النبي، فذلك ال يلغي مشاكل المعنى بفعل مالبسات األحداث واألحوال، إذ قد تكون األحاديث شخصية طارئة ال عالقة

جتمع الجزيرة انذاك بكل ما لها باالمور الدينية العامة، أو تكون ذات فحوى اداري يخص م

يحمله من سياقات خاصة، أو ان عالقة األحاديث بغيرها من النصوص هي غير ما نتصوره ونقدره. وهنا نواجه عددا من المشاكل واإلحتماالت المتراكبة، فهناك تردد في سالمة نقل

النصوص؛ الخبر كما هو، وهناك تردد آخر في مضمونه ومعناه، وكذا في عالقته بغيره من

إن كانت عالقة نسخ أو تخصيص وتقييد أو غيرها من المشاكل المعقدة، وكلها تتجمع حول إضعاف قيمة الخبر، ويصبح إحتمال صحة التعويل عليه مقدرا بضرب مجموعة كبيرة من

اإلحتماالت والترددات الواردة حوله، مع أنه كلما زاد عدد اطراف الضرب في المحتمالت

.758النتيجة أكثر فأكثر كلما زاد ضعفويجب التمييز بين الحديث القولي المجرد وبين السنة العملية التي زاولها النبي )ص(

واعتبرها من الدين، مثل الصالة اليومية وغيرها، والتي تم التواصل فيها من جيل إلى آخر.

اإلجمال ال فمثل هذه السنة هي التي يعول عليها باألخذ واإللزام، وهي قطعية من حيثالتفصيل، كما أنها تنسجم مع المعنى اللغوي للسنة. فقد جاء في )لسان العرب( أن معناها:

. أو كما عرفها ابن تيمية بأنها العادة أو الطريق التي تتكرر 759السيرة؛ حسنة كانت أو قبيحة

ختلف عن . وال شك ان هذا المعنى ي760لتتسع ألنواع الناس مما يعدونه عبادة أو غير عبادةالمعنى الموسع الذي جاء به المتأخرون من أصحاب الحديث والفقه. حيث عدوا السنة

النبوية هي كل ما روي عن النبي )ص( من حديث أو قول وفعل وتقرير. فهذا هو الذي

على ألسنة األصوليين والفقهاء المتأخرين فضال عن المحدثين، وهو يختلف عن اشتهر اها. فتعريفهم بأنها قول المعصوم وفعله وتقريره، هو تعريف األصل الوارد في معن

مستحدث ويواجه عددا من اإلشكاالت، فهو من جانب يتضمن اإلعتقاد بالعصمة الشمولية

المطلقة، وهي مورد خالف بين المسلمين، بل وداخل المذهب الواحد منهم. كما أنه من

.51ـ50تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص 756 .197، ص13فتح الباري، ج 757م. وانظر أيضا: 1320يقيا الشرق، المغرب، الطبعة الثانية، انظر كتابنا: القطيعة بين المثقف والفقيه، دار أفر 758

.418ـ417م، ص1979هـ ـ1399محمد باقر الصدر: اقتصادنا، دار التعارف، بيروت، الطبعة الحادية عشر، ..http://www.baheth.info إبن منظور: لسان العرب، انظر مادة: سنن، موقع الباحث العربي اإللكتروني 759

ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم، عن شبكة المشكاة )لم تذكر ارقام صفحاته(. جاء ان أبا داود السجستاني 760

أربعة عت فيهكان يقول: كتبت عن رسول هللا )ص( خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب )السنن(؛ جم

ي نبلاحدها قول ا ث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه، ويكفي االنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث:آالف وثمانمائة حدي

ؤمنا المؤمن م يكونال)ص(: انما األعمال بالنيات، والثاني قوله: من حسن إسالم المرء تركه ما ال يعنيه، والثالث قوله:

س، ر من النامهن كثيبين والحرام بين وبينهما متشابهات ال يعلحتى يرضى الخيه ما يرضى لنفسه، والرابع قوله: الحالل

، مادة: سليمان أبو 1ج. وطبقات الحنابلة، 210، فقرة 13فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )سير اعالم النبالء، ج

داود السجستاني(.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

120

الدينية، وهو أمر غير معقول، إذ جانب آخر يضفي على جميع تصرفات المعصوم الصبغة

بعض تصرفاته بشرية تماما، مثل أكله وشربه ورغباته الشخصية في األطعمة والنكاح وما

اليها. كذلك فإن هذا التعريف يبرر الجمود على العادات التي سادت لدى العرب القدماء خيل وما إلى ذلك.وكان المعصوم يمارسها، مثل طريقة لبسه وكيفية أكله للطعام وركوبه ال

و ض، وهوكثيرا ما يستدل العلماء على حجية الحديث عامة من خالل اثبات حجية البع

ن حيثأن الكثير من األحكام والعبادات التي نص عليها القرآن باإلجمال ال تعرف م غم أنالتفصيل إال من حيث الحديث والسنة، ومن ذلك الصالة وغيرها من العبادات، ر

رة من جيل هو المارسة اليومية أو المتكر –وما شاكلها –معرفة كيفية الصالة األصل في

لحديث كان لإلى آخر، ولم تكن بحاجة إلى الحديث، حتى تم حفظها عند تدوينه فيما بعد، فص نفقد المدون الفضل في تخفيف ما يطرأ عليها من تغير متوقع مع تطاول الزمن. كذلك

ص اق النواألخذ بما آتاه النبي كما في سورة الحشر، مع أن سيالقرآن في وجوب التمسك

لله فجاء بخصوص الفيء، وهو قوله تعالى: ))ما أفاء هللا على رسوله من أهل القرى اء منكمالغنياوللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي ال يكون دولة بين

(، 7شر/(( )الحلعقابانتهوا واتقوا هللا ان هللا شديد اوما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه ف

نتهوا. نه فاوالمعنى واضح وهو ان ما آتاكم الرسول من الفيء فخذوه وما نهاكم عن األخذ م لمعنوي،البعد لكن حتى لو عزلنا اآلية عن سياقها الذي يتضمن النواحي المادية وحملناها ا

ي لنواحفي عصر النبي، كما ينطبق امرها في ا فمع ذلك تنطبق مصداقيتها على الحاضرين

قد فيقن، مالمعلومة من السنة العملية ومما نص عليه القرآن، أما غير ذلك فهو أمر غير لناهاتكون اآلية قاصدة المكلفين الحاضرين في عصر النبي دون غيرهم، بل حتى لو حم

وح ض لوضنه ال يفي بالغرعلى المعنى المطلق مما يشمل الغائبين في العصور األخرى، فإ

ت التي شكاالأنه ال بد من التيقن من حجية ما يصلنا عبر الرواية، وهنا سوف نقع بذات االير تلك اية غعرضناها من قبل، ويكفينا من ذلك موقف كبار الصحابة الذين لم يستجيبوا للرو

لناقلينرة للمباشالتي تدل عليها القرائن القريبة؛ رغم صلة عصرهم بعصر النبي ومعرفتهم ا

الحالة ي هذهفمن اخوانهم الرواة، بل ورغم قلة الرواية وعدم ظهور الفتن وتفشي الكذب. إذ بع ما ني اتإيمكن ان يقول النافي لحجية الحديث في العصور التالية ومنها عصرنا الحالي:

لم تقم عليه الحجة الكافية بالقدر الذي ي تكفي ف كانت عليه سلوك الصحابة وال أقبل حديثا

العصر األول كالذي مارسه هؤالء العظام!وهناك من الروايات ما تشير إلى ان الصحابة كانوا يدركون ان سنن األحكام يفترض ان

يكون لها أصل في القرآن، كالذي تدل عليه رواية الرجم في صحيح مسلم، حيث روى عن

)ص(: إن هللا قد بعث محمدا عمر بن الخطاب أنه قال وهو جالس على منبر رسول هللا )ص( بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها،

فرجم رسول هللا )ص( ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد

هللا حق على من الرجم في كتاب هللا فيضلوا بترك فريضة أنزلها هللا، وإن الرجم في كتاب. وقد 761زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو االعتراف

جاءت هذه الرواية على خالف ما روي عن عبيد هللا بن أبي رافع يحدث عن أبيه أن النبي

على أريكته يأتيه األمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه قال: ال ألفين أحدكم متكئا .762فيقول: ال أدري، ما وجدنا في كتاب هللا تبعناه

.1691صحيح مسلم، باب رجم الثيب في الزنى، حديث 761 .226لة، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، صالشافعي: الرسا 762

حيى محمد ي مشكلة الحديث

121

مع الذين وإذا كنا نختلف في ذلك مع الذين وسعوا من مفهوم السنة، فاننا نختلف أيضا

نفوا حجية السنة باطالق. ففي العصر الحديث ان أول من اعلن انكار حجيتها هو الدكتور

( بعنوان )اإلسالم هو 12و 7نار )محمد توفيق صدقي، إذ نشر مقالين في عددين لمجلة الملو كان غير القرآن ضروريا في الدين ››القرآن وحده( وكان أبرز ما قدمه من شبهة هو أنه

. فالنبي قد نهى عن كتابة شيء غير 763‹‹ألمر النبي بتقييده كتابة ولتكفل هللا تعالى بحفظه

ده على جمعها في كتاب، القرآن، وان السنة لم تكتب في عهده، ولم يعمل الصحابة من بع في صدره، ولم ينقلوها إلى الناس بالتواتر اللفظي، وما مثلما لم يحصرها أحد منهم حفظا

كانوا يجيدون حفظها في صدورهم كحفظ القرآن، فرويت بالمعنى واختلفت الفاظها، ولم

يتكفل هللا بحفظها فوقع فيها جميع أنواع التحريف، وكان بعض الصحابة قد نهى عنالتحديث، فلو كانت السنة عامة لجميع البشر لبذلوا الوسع في ضبطها ولتسابقوا في نشرها

. فهذه هي الشبه التي قدمها توفيق صدقي في نفي حجية السنة النبوية، لكنه عاد 764بين الناس

فأقر بخطأه فيما بعد، وذلك بتأثير من السيد محمد رشيد رضا، حيث سلم بحجية السنة القولية وإن لم يشهد عليها القرآن، شرط ان يكون قد أجمع عليها المسلمون كافة العملية دون

إنه يعلم من أدلة المذاهب أن جل . وقد كان رشيد رضا يقول: 765مثل ركعات الصالة

ن من علماء الرواية هي األحاديث التي يحتج بها أهل الحديث على أهل الرأي وعلى القياسيي تكن مستفيضة في العصر األول، أو نقل عن الصحابة والتابعين آلحاد، التي لم امن أحاديث

خالف في موضوعها، فعلم بذلك أنها ليست من التشريع العام الذي جرى عليه

عمل النبي وأصحابه، وليست مما أمر النبي )ص( أن يبلغ الشاهد فيه الغائب، بل كانت مما يرد كثيرا في استفتاء مستفت عرضت له المسألة

عنها فأجيب، ولعله لو لم يسأل لكان في سعة من العمل باجتهاده فيها، ولكان فسأل

خيرا له وللناس، إذ لو كانت من مهمات الدين التي أراد هللا تكليف عباده إياهالبينها لهم من غير سؤال، فإنه تعالى أعلم بما هو خير لهم، وقد كان النبي )ص( يكره كثرة

لكثرةالسؤال ونهى عنها؛ لئال ت كون سببا

.766التكاليف؛ فتعجز األمة عن القيام بها ذكر الشافعي في كتاب )جماع العلم( وكتاب )االم( جماعة انكروا السنة ضمن وقديما

فصلين؛ أحدهما عنوانه: )باب حكاية قول الطائفة التي ردت األخبار كلها(، أما اآلخر

م من لم يتقبل السنة ما لم يكن قد ورد فعنوانه: )باب حكاية قول من رد خبر الخاصة( فمنهفي معناها قرآن، ومنهم من تقبلها في حالة االتفاق عليها دون اإلختالف، وكان من ضمن ما

احتج به بعضهم، هو أنه ال يوجد من الراوين أحد لم يبرأ من ان يخطئه أحد فيما يرويه

.767ويحفظهالعملية التي لها أصل في القرآن والنتيجة التي نصل اليها أخيرا هي التمسك بالسنة

وتكون من الدين وال يعارضها ما هو أقوى منها، أو تلك التي يعلم انها كانت مورد إجماع

فعل كبار الصحابة، مع أخذ اعتبار االجتهاد في الخيار بالجزئيات المختلف حولها، اما للتأييد واال ستئناس عندما يكون داعما الحديث القولي المجرد فيمكن اعتباره مصدرا ثانويا

محمد توفيق صدقي: اإلسالم هو القرآن وحده، مجلة المنار، اصدرها محمد رشيد رضا، دار الوفاء، مصر، 763

.515م، المجلد التاسع، العدد السابع، ص1906 .913المنار، المجلد التاسع، العدد الثاني عشر، ص 764 .140المنار، المجلد العاشر، ص 765 المنار، المجلد السادس والعشرون. 766الشافعي: جماع العلم، عن شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(. كذلك: األم، عن شبكة المشكاة 767

)لم تذكر ارقام صفحاته(. 7االلكترونية، ج

حيى محمد ي مشكلة الحديث

122

المر آخر من غير معارض يقوى عليه، ككثرة القرائن والقرآن والعقل والواقع والمقاصد

العامة وغير ذلك.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

123

الكتاب الثاني

مشكلة الحديث الشيعي

القسم األول: أطوار الحديث الشيعي

حيى محمد ي مشكلة الحديث

124

قالفصل األول: طور التدوين والجمع والتحقي

وطور لقد مر الحديث عند الشيعة بثالثة اطوار تاريخية رئيسة، هي: طور التدوين،

الل خالجمع، وهما طوران طبيعيان، ثم اعقبهما طور النقد والتحقيق، كالذي سنعرضه

الفقرات التالية..

ـ طور التدوين1النبي ن انة مآمن الشيعة بأصالة تدوين الحديث، وانكروا المقولة التي رواها أهل السن

لكتابة،ازت ا)ص( كان قد نهى عن كتابة حديثه، واستدلوا قبالها بالروايات األخرى التي اج

عيد أو ب واضافوا اليها روايات أخرى عن األئمة االطهار. وهم بهذا ال يعولون من قريب

يثالحد على ما سلكه الصحابة واتباعهم من أقوال وافعال، ورأوا ذلك من المؤامرة علىث لم الغراض سياسية تتعلق بالموقف من الخالفة. وبحسب هذا الرأي، ان كتابة الحدي

ابته لى كتعتنقطع سواء في عهد النبي أو بعده، حيث تولى األئمة وأصحابهم تدوينه والحث

ذا دوين بهن التجيال بعد جيل، ونقلوا حول ذلك الكثير من الروايات. ويمكن تمييز مرحلتين م أما الثانية هما تعود إلى عصر اإلمام علي واتباعه خالل القرن األول للهجرة،الصدد، إحدا

لباقر اق أو فتعود إلى عصر األئمة خالل القرنين الثاني والثالث، بدءا من اإلمام الصاد

وحتى آخر األئمة. وسنبحث كال هاتين المرحلتين كاآلتي:

المرحلة األولىخطها بيده، ومن ذلك ما سمي بالصحيفة والجامعة روي ان لإلمام علي عددا من الكتب

وكتاب الجفر ومصحف فاطمة، وورد حول هذه الكتب الكثير من الروايات نقل أغلبها عن

اإلمام الصادق، كتلك التي رواها محمد بن الحسن الصفار ومحمد بن يعقوب الكليني خالل

اها الصفار حول هذه الكتب أكثر القرنين الثالث والرابع للهجرة، فبلغت الروايات التي رو . 768من سبعين رواية

فقد جاء ان لإلمام علي صحيفة في الديات كان يعلقها في سيفه، وورد ذكرها في صحيح

البخاري ضمن باب )كتابة العلم( وباب )اثم من تبرأ من مواليه( والبعض يقطع بأنها ما لذي يقوله السيد حسن الصدر زالت موجودة حتى عصرنا الحاضر وان لديه نسخة منها، كا

. 769هـ(1354)المتوفى سنة

آخر اسمه الصحيفة الجامعة وصفت بأن طولها سبعون كما جاء أن لإلمام علي كتاباذراعا، وان فيها كل حالل وحرام وكل شيء يحتاج اليه المكلف حتى أرش الخدش، وهي

.770من إمالء رسول هللا بخط علي

ي عشر والثالث عشر والرابع عشر، عن مكتبة أهل البيت ، الباب الثان3الحظ كتابه: بصائر الدرجات، ج 768

.www.ahl-ul-bayt.orgااللكترونية: .279حسن الصدر: تأسيس الشيعة، انتشارات اعلمي، لم تذكر سنة الطبع وال مكانه، ص 769س ليحتاجون فكما روي عن اإلمام الصادق أنه قال ألحد أصحابه: إن عندنا ما ال نحتاج معه إلى الناس وإن النا 770

ف إذا ألمر فنعرونا باإلينا، وإن عندنا كتابا؛ إمالء رسول هللا )ص( وخط علي )ع( صحيفة فيها كل حالل وحرام وإنكم لتأت

كبر علي أ أخذتم به ونعرف إذا تركتموه )محمد بن يعقوب الكليني: الكافي في األصول والفروع، صححه وعلق عليه

، باب 1كترونية، جهـ، عن مكتبة يعسوب الدين االل1389مية، طهران، الطبعة الثانية، الغفاري، مؤسسة دار الكتب اإلسال

(.6ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة، حديث

حيى محمد ي مشكلة الحديث

125

ر اسمه الجفر، وهو جلد ثور أو شاة مملوء بالعلم، وجاء ان كذلك ورد ان لعلي كتابا آخ

الجفر وعاء من آدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل،

. وفي بعض األخبار روي ان هناك الجفر األبيض 771كما ورد ان فيه قضايا علي وفرائضهف إبراهيم والحالل والحرام، كما روي وفيه زبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وصح

.772ان هناك الجفر االحمر وفيه السالح الذي يفتح للدم، حيث يفتحه صاحب السيف للقتل

وعلى هذه الشاكلة ورد ان لعلي كتابا اطلق عليه )مصحف فاطمة( وجاء ان فيه علم ما ليس من ملك يملك كان وعلم ما هو كائن وما سيكون إلى أن تقوم الساعة، كما ورد فيه أنه

، وان اإلمام الصادق 773األرض إال وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وان اسماء األئمة فيه

كان ينظر فيه ليرى ما سيحدث من احداث، ومن ذلك تحديده لسنة ظهور الزنادقة مثلما جاء . وعن منشأ هذا المصحف روي 775. وكذا جاء ان فيه وصية فاطمة774في بعض الروايات

يسلي غمها ويحدثها أنه ل شديدا، فأرسل هللا إليها ملكا ما توفي النبي حزنت فاطمة حزنا

ليس فيه فابلغت ذلك عليا، وهو بدوره أخذ يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا. لكن جاء في بعض الروايات ان فيه ما له 776شيء من الحالل والحرام، بل فيه علم ما يكون

حرام مثلما ورد في الصحيفة الجامعة، ومن ذلك ما روي عن اإلمام عالقة بالحالل وال

الصادق أنه قال: مصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنا، وفيه ما يحتاج الناس إلينا وال نحتاج ،777إلى أحد حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش

كتب ت، هيتشير اليها الروايا مهما يكن، فأغلب الكتب المنسوبة إلى اإلمام علي، كما

وذلك ديقه،يتضمن محتواها جميع العلوم الدينية والكونية والبشرية. األمر الذي يصعب تصم: ه الكرين نبيلما تثيره من اشكاالت خاصة بالعلم الشمولي والغيبي، وهللا تعالى يقول بلسا

ذلك (. ك188عراف/))ولو كنت اعلم الغيب الستكثرت من الخير وما مسني السوء(( )اال

ما لم يامة؛كيف أمكن لشخص ما ان يجمع ويكتب كل هذا العلم من بداية الخلق وحتى يوم القأمكن كذا كيفوكالذي يدعيه العرفاء والباطنية. -أو السحرية -يكن ذلك من العلوم السرية

كتب الجمع بين ان يكون لإلمام كتاب متواضع مثل الصحيفة في الديات وبين سائر ال

كما تقول -الشمولية والغيبية، فاي حاجة لمثل ذلك الكتاب المتواضع ليحتفظ به في سيفه اذا ما كانت عنده الكتب األخرى التي تغني عنه ماليين المرات؟! -الرواية

وبغض النظر عن هذه االشكاالت وغيرها كما سنعرضها فيما بعد؛ فالمالحظ ان الكتب

عالقة لها بالتداول العام، وهي من هذه الناحية ال تدل على السابقة هي كتب شخصية ال تشجيع نشر الكتابة المروية عن النبي )ص(، فحالها كحال ما عرفناه عن عدد من الصحابة

الذين كانوا يدونون حديث النبي لحفظه واالفادة منه شخصيا. بل روي عن اإلمام علي ما

انبسط ويؤذن لي لحدثتكم حتى يحول الحول ال أعيد يؤيد هذا المسلك، وهو قوله: أيم هللا لو .778حرفا، وأيم هللا ان عندي لصحف كثيرة؛ قطائع رسول هللا وأهل بيته

كذلك تشير روايات أخرى إلى وجود عدد من المصنفات العائدة إلى أصحاب علي، وقيل

لنجاشي ان أول من دون في الحديث هو مولى النبي أبو رافع واسمه أسلم، فقد ذكره ا

.4، باب ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة، حديث 1الكافي في األصول والفروع، ج 771 .3المصدر السابق، حديث 772 .8ق، حديث المصدر الساب 773 .2المصدر السابق، حديث 774 .4المصدر السابق، حديث 775 .5، وحديث 2المصدر السابق حديث 776 .3المصدر السابق، حديث 777 .15، حديث 13، باب 3بصائر الدرجات، ج 778

حيى محمد ي مشكلة الحديث

126

هـ( في فهرسته بأنه كان مولى للعباس ثم وهبه إلى النبي، وبعد ذلك 450)المتوفى سنة

، ونقل ان له كتاب 779أصبح من أصحاب علي، حيث شهد حروبه وأدار بيت ماله في الكوفة

. 780السنن واألحكام والقضايا في فنون من الفقه والوضوء والص الة وسائر كذلك فإن البنه علي بن أبي رافع كتابا

االبواب، حيث كانت له صحبة مع اإلمام علي وكان كاتبا له، وروى النجاشي حول الكتاب

عددا من الطرق، بعضها يشير إلى كون مصنفه هو علي بن أبي رافع، وبعض آخر يشير إلى غيره، فمثال في رواية عن عمر بن محمد بن عمر بن زين العابدين ان الكتاب ينتهي

بن علي بن أبي رافع، وفي رواية أخرى ان صاحب الكتاب هو اإلمام علي، إلى عبيد هللا

. 781كالذي جاء في احدى طرق عمر بن محمد عن عمر بن اإلمام علي عن اإلمام نفسهوكذا جاء ان لعبيد هللا بن أبي رافع كتابا عنوانه )قضايا أمير المؤمنين( كما له كتاب آخر

المؤمنين الجمل وصفين والنهروان من الصحابة( وقد عنوانه )تسمية من شهد مع أمير

. 782روي الكتابان بعدد من الطرق، كالذي نقله أبو جعفر الطوسي في فهرستهكما جاء لالصبغ بن نباتة بعض الكتب، وكان من خاصة اإلمام علي، وروى عنه

ه مقتل . وروى الطوسي ان ل783النجاشي ان له عهد اإلمام لالشتر ووصيته إلى ابنه محمد

. 784الحسين بن علي. كما 785ومثل ذلك جاء عن ربيعة بن سميع ان له كتابا عن اإلمام علي في زكوات النعم

جاء عن سليم بن قيس الهاللي كتاب في اإلمامة، وقيل أنه أول كتاب ظهر للشيعة، وصاحبه

. 786من أصحاب اإلمام عليمد، ية وصفت بزبور آل محوروي ان لزين العابدين علي بن الحسين صحيفة من االدع

وم ي اليوعرفها حسن الصدر بأنها من المتواترات مثل القرآن عند كل فرق اإلسالم، وه

موجودة ومطبوعة بعنوان الصحيفة السجادية. . ونقل عن جماعة 787كذلك جاء عن زيد بن زين العابدين ان له كتابا عن اإلمام علي

مثل الحرث بن عبد هللا وميثم التمار وعبيد هللا اخرين من أصحاب علي ان لهم كتبا مصنفة،

. ويبدو ان بعض هؤالء متأخر عن عصر 788بن الحر ومحمد بن قيس البجلي ويعلى بن مرة هـ(.151علي مثل محمد بن قيس البجلي )المتوفى سنة

ويالحظ ان الكتب المذكورة ليس لها عالقة بكتابة الرواية عن النبي، وان أغلبها ال يعلم

ا شيء، فقد ال يكون لها أثر وال حقيقة، كما ان بعضها يبدو عليها االنتحال. وكما اظهر عنهبعض المحققين ان كتاب السنن واألحكام والقضايا البي رافع هو نفس كتاب البجلي،

أنه ورد ذكر أبي رافع في صحيح البخاري )حديث 779 اسماء ( وذكره الحافظ أبو الوليد الباجي ضمن 2139علما

ول هللا، ولى رسالرجال الذين روى عنهم البخاري، ومن بعده ابن حجر في )تقريب التهذيب( كاالتي: أبو رافع القبطي م

. 396، ص2اسمه ابراهيم وقيل اسلم أو ثابت أو هرمز، مات في أول خالفة علي على الصحيح )تقريب التهذيب، ج

(.280. كذلك: تأسيس الشيعة، ص387، ص1مع الصحيح، جوالتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجاأبو العباس النجاشي: رجال النجاشي، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم، تحقيق موسى 780

.6ـ4الزنجاني، لم تذكر سنة النشر، ص .7ـ6رجال النجاشي، ص 781 .107ضي، قم، لم تذكر سنة النشر، صمحمد بن الحسن الطوسي: الفهرست، منشورات الشريف الر 782 .8رجال النجاشي، ص 783 .281تأسيس الشيعة، ص 784 .8رجال النجاشي، ص 785م، 1994هـ ـ4151ابن النديم: الفهرست، اعتناء وتعليق ابراهيم رمضان، دار المعرفة، بيروت، الطبعة األولى، 786

.271ص .284تأسيس الشيعة، ص 787 .283ـ282تأسيس الشيعة، ص 788

حيى محمد ي مشكلة الحديث

127

ومضمونه نفس المضمون، إذ روى الطوسي في )الفهرست( ان عبيد بن محمد بن قيس

الذي قال: عرضنا هذا الكتاب على أبي جعفر الباقر فقال هذا البجلي له كتاب رواه عن ابيه

قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه كان اذا صلى قال في أول الصالة... وذكر الكتاب. وعلى رأي المحقق البهبودي ان ما ذكره الشيخ الطوسي في تعريفه ألول هذه

فه ألول تلك النسخة، مع ان النجاشي النسخة هو عين ما ذكره أبو العباس النجاشي في تعري

نسبه إلى أبي رافع، وان الطوسي نسبه إلى محمد بن قيس البجلي، وكان النجاشي قد صرح يشتمل أبواب الصالة والصيام والزكاة والحج بأن كتاب عبيد هللا بن أبي رافع كان عاما

ضايا لمحمد بن قيس وسائر أبواب الفقه، ومثل ذلك ان الروايات المستخرجة من كتاب الق

البجلي تعم أبواب الفقه، وكتابه يعرف بكتاب قضايا أمير المؤمنين، لذا ارتاب العلماء في تمييز المسمين بهذا االسم، بل وتمييز المؤتلف والمختلف من هذا الكتاب. وقد اعرض

البهبودي عن جميع الروايات التي رويت عن محمد بن قيس حيث وجدها منحولة مخالفة

. 789مذهب أهل البيتلإلى النقد، إذ أنكره -الذي مازالت نسخ منه إلى اآلن -كذلك تعرض كتاب سليم بن قيس

الكثير من علماء الشيعة، لتضمنه العديد من القضايا المخالفة للوثائق التاريخية، مثلما أنه

ة ثالثة يخالف المعتقد الشيعي في عدد من القضايا، ومن أبرزها أنه ينص على ان األئمعشر، وان محمد بن أبي بكر وعظ اباه عند الموت، وما إلى ذلك. وقد ذكر ابن الغضائري

أنه نسب لسليم بن قيس هذا الكتاب، وكان األصحاب يقولون ان سليما ال يعرف وال ذكر في

حديث، وعقب على ذلك فقال: وجدت ذكره في مواضع من غير جهة كتابه وال من رواية . 790بي عياش الذي يروى الكتاب عنهابان بن أ

المرحلة الثانيةتختلف خصائص هذه المرحلة عن سابقتها، وتتحدد بدايتها بعصر اإلمام الصادق وابيه

الباقر، وذلك خالل القرن الثاني للهجرة. ففي هذه المرحلة بدأ التدوين العام للحديث يظهر

الشياع بين العلماء، وكان من بين ذلك ما شيئا فشيئا، واخذت الكتب والمصنفات طريقها إلىظهر لعلماء الشيعة من الكتابة والرواية. وقد روي ان لإلمام الصادق العديد من الكتب

والرسائل، منها رسالته إلى والي االهواز عبد هللا النجاشي، وعلى ما قاله صاحب )الرجال(

ان له رسالة في شرائع الدين النجاشي أنه لم ير لإلمام الصادق مصنف غيرها، كما ذكر اوردها الشيخ الصدوق في )الخصال( وله رسالة إلى أصحابه، ورسالة إلى أصحاب الرأي

والقياس، ورسالة في احتجاجه على الصوفية، ورسالة في الغنائم ووجوب الخمس، ورسالة

النعمان في وجوه معايش العباد، وله وصية لعبد هللا بن جندب، ووصية البي جعفر محمد بن االحول، كما له الكتاب المعروف باسم توحيد المفضل، وكذا كتاب االهليلجة، وكتاب تقسيم

. 791الرؤيا، وغير ذلك من الكتب والرسائل

مع هذا ليس في هذه العناوين ما يدل على تدوين الحديث النبوي، والعديد منها يبدو عليه دوين الحديث، بعضها يدل على االفادة الطابع الشخصي. لكن هناك وصايا لهذا اإلمام في ت

الشخصية، في حين يدل البعض اآلخر على االفادة العامة من التداول، كما تشير إلى ذلك

العديد من الروايات مثلما ذكرها الكليني في كتابه )الكافي في األصول والفروع( ضمن في هذه الروايات ما )باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك بالكتب(. فقد جاء

.268ـ264هـ، ص1362محمد باقر البهبودي: معرفة الحديث، مركز انتشارات علمي وفرهنكي، ايران، 789 .374، ص1محمد علي األردبيلي: جامع الرواة، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج 790 .866ـ667، ص1محسن األمين: أعيان الشيعة، حققه واخرجه حسن االمين، دار التعارف، بيروت، ج 791

حيى محمد ي مشكلة الحديث

128

يحث على الكتابة واالحتفاظ بالكتب، وأغلبها منقول عن اإلمام الصادق، ومن ذلك ما روي

، وكذا 792عن أبي بصير ان أبا عبد هللا الصادق قال: اكتبوا فإنكم ال تحفظون حتى تكتبوا

رة . وعن زرا793روي عن حسين األحمسي ان اإلمام الصادق قال: القلب يتكل على الكتابة. وعن المفضل بن عمر ان 794ان الصادق قال: احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها

الصادق قال له: اكتب وبث علمك في إخوانك فإن مت فأورث كتبك بنيك فإنه يأتي على

.795الناس زمان هرج ال يأنسون فيه إال بكتبهماألئمة العديد من كما جاء أنه عرضت على اإلمامين الباقر والصادق ومن بعدهما من

الكتب للنظر فيها وتصحيحها، ومن ذلك ما روي عن حمزة بن الطيار أنه عرض على

، وكان لعبيد هللا بن علي بن أبي شعبة كتاب 796اإلمام الصادق بعض خطب ابيه الباقر، ومر علينا أنه كان لعبيد بن محمد بن قيس البجلي 797عرضه على اإلمام الصادق وصححه

لإلمام علي رواه عن ابيه وقد عرضه على اإلمام الباقركتاب يتضمن نص . وكان 798وصا

. ومثل 799لعبد هللا بن سعيد بن حيان كتاب الديات رواه عن ابائه وعرضه على اإلمام الرضاذلك عرض يونس بن عبد الرحمن كتب أصحاب اإلمام الصادق على اإلمام أبي الحسن

مد بن أبي خلف كتاب يوم وليلة ليونس بن . وعرض أح800الرضا فانكر منها أحاديث كثيرة

، ومثل ذلك 801عبد الرحمن على اإلمام أبي جعفر الجواد فتصفحه وترحم على يونس. كما ترحم اإلمام العسكري على 802عرض هذا الكتاب على اإلمام العسكري فأثنى عليه

.803كتاب الفضل بن شاذان بعد ان نظر اليه

حيث ان لنبي،ما يوصون بكتابة الحديث لكن ما دون اوقد يقال ان األئمة في هذا العهد انحديث ون الاألحاديث التي يشجعون عليها هي تلك المروية عنهم، وانهم في الغالب ال ينسب

عض بإلى النبي مباشرة، فقد يكون موقفهم على هذا االفتراض كموقف ما رأيناه لدى

ن زيادةمواية ي ما قد يكون في الرالتابعين من تفضيل نسبة الحديث إلى ما دون النبي لتفاد أو نقصان.

بيد ان هذا الرأي ال يجد سندا معتدا به حسب الروايات في الكتب الشيعية، وذلك ألن

هناك كثرة بالغة من األحاديث المروية عن األئمة تشير إلى انها ذات مضمون الهي قاطع، يتحدثون بما يتحدث -ذه الروايات بحسب ه -اي انها تعبر عما يريده هللا ورسوله. فاألئمة

به النبي دون فرق. بل هناك من الروايات ما تبدي ان حديث أحد األئمة هو حديث البقية

والنبي أيضا. كما هناك من الروايات عن اإلمام الصادق ما تدل على ان الكل واحد، وان ي عبد هللا الصادق الحديث الوارد عن بعضهم يجوز إسناده إلى اآلخرين. ففي رواية عن أب

.9، باب رواية الكتب والحديث، حديث 1الكافي، ج 792 .8، باب رواية الكتب والحديث، حديث 1الكافي، ج 793 .10المصدر السابق، حديث 794 .11المصدر السابق، حديث 795 .10، كتاب فضل العلم، باب النوادر، حديث 1الكافي، ج 796 .231رجال النجاشي، ص 797 .108فهرست الطوسي، ص 798 .217لفهرست، صا 799محمد بن الحسن الطوسي: اختيار معرفة الرجال، تصحيح وتعليق ميرداماد االسترابادي، تحقيق مهدي الرجائي، 800

ي أحكام العترة ف. ويوسف البحراني: الحدائق الناضرة 401مؤسسة آل البيت، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، حديث

م، مدرسين بقاعة الى طبعه محمد تقي االيرواني، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجمالطاهرة، حققه وعلق عليه واشرف عل

.10، ص1عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج .913اختيار معرفة الرجال، حديث 801 .915اختيار معرفة الرجال، حديث 802 .9، ص1. والحدائق الناضرة، ج1027اختيار معرفة الرجال، حديث 803

حيى محمد ي مشكلة الحديث

129

أنه قال: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث

الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث

. وعن أبي بصير أنه قال ألبي عبد 804رسول هللا )ص( وحديث رسول هللا قول هللا عز وجلق: الحديث أسمعه منك أرويه عن أبيك أو أسمعه من أبيك أرويه عنك؟ فأجابه هللا الصاد

اإلمام: سواء، إال أنك ترويه عن أبي أحب إلي. وفي رواية أخرى عن اإلمام الصادق أنه

.805قال لجميل: ما سمعت مني فاروه عن أبيأمير وورد عن األئمة وصايا في إسناد الحديث، منها ما روي عن اإلمام الصادق ان

فلكم وإن كان كذبا المؤمنين قال: إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم فإن كان حقا

. وجاء عن زيد الزراد أنه سمع أبا عبد هللا الصادق يقول: ال تشهد على ما ال تعلم 806فعليهوال تشهد إال على ما تعلم وتذكر، قلت فإن عرفت الخط والخاتم والنقش ولم اذكر شيئا

أشهد؟ فأجاب اإلمام: ال، الخط يفتعل والخاتم قد يفتعل؛ ال تشهد إال على ما تعلم وانت له أ

ذاكر فانك ان شهدت على ما ال تعلم تبوء مقعدك من النار يوم القيامة، وان شهدت على ما .807لم تذكره سلبك هللا اإليمان واعقبك النفاق إلى يوم الدين

معنى وطالبوا باعرابه، ومن ذلك ما جاء عن محمد بن كما تقبل األئمة رواية الحديث بال

مسلم أنه سأل أبا عبد هللا الصادق: أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص؟ فأجاب اإلمام: إن كنت . وعن داود بن فرقد أنه سأل الصادق إني أسمع الكالم منك فأريد أن 808تريد معانيه فال بأس

فتعمد ذلك؟ فأجاب ابن فرقد: ال، فقال اإلمام: أرويه كما سمعته منك فال يجيء؟ قال اإلمام:

. وعن جميل بن دراج 809تريد المعاني؟ فأجاب ابن فرقد: نعم، وعندها قال اإلمام: فال بأس. وعن عبد هللا بن سنان أنه قال ألبي عبد 810قال أبو عبد هللا: أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء

ر وال أقوى؟ فرد الصادق: فاقرأ عليهم من هللا: يجيئني القوم فيستمعون مني حديثكم فأضج

.811أوله حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخره حديثامع هذا ال يظهر لدى األئمة سعي لالحتفاظ بكتب صحيحة للحديث يرجع اليها الناس عند

اإلختالف، رغم ان ظروفهم المتنوعة طيلة ثالثة قرون كانت تسمح بمثل هذا السعي، مثلما

لكثير من كتب األصحاب التي عول عليها الشيعة في عصر الغيبة. وسبب سمحت ببقاء اذلك إما ألن األئمة لم يعطوا المسألة أهمية لوجود ما هو أهم منها، وعلى هذا الفرض يكون

حاصل فعلهم هو كحاصل فعل النبي )ص( ومن بعده الصحابة، أو ألنهم كانوا من ذوي

ثم يتراجعون عنه كما حصل مع عدد من علماء الرأي الذين يخافون تقييد العلم ومن . وهناك افتراض آخر هو أنهم ابتعدوا عن سلك التدوين لغرض التمويه بجعل 812السلف

الخالف في كلماتهم ونشرها بين أصحابهم إلعتبارات التقية وما شاكلها؛ كالذي يصوره

.14، باب رواية الكتب والحديث، حديث 1في، جالكا 804 .4، باب رواية الكتب والحديث، حديث 1الكافي، ج 805 .7، باب رواية الكتب والحديث، حديث 1الكافي، ج 806 األصول الستة عشر، أصل زيد الزراد، منشورات دار الشبستري للمطبوعات، قم، عن مكتبة الرافد االلكترونية: 807

www.rafed.net. .2، باب رواية الكتب والحديث، حديث 1الكافي، ج 808 .3المصدر السابق، حديث 809 .13المصدر السابق، حديث 810 .5المصدر السابق، حديث 811قيل ان احمد بن حنبل منع كتابة المسائل القائمة على الرأي باطالق، وكان يقول للبعض: ال تكتب شيئا من الرأي. 812

حين وضعا ومالك لرأي هو ان صاحبه قد يتراجع عنه فيما بعد، واستشهد على ذلك بما فعله سفيانوعلل نفوره من كتابة ا

، مادة 2نابلة، جات الحالكتب وأخرجا المسائل رغم ما فيها من الخطأ، حيث ان صاحبه يرى اليوم شيئا وينتقل عنه غدا )طبق

ميد الميموني الرقي(.محمد بن أحمد بن واصل المصري، ومادة عبد الملك بن عبد الح

حيى محمد ي مشكلة الحديث

130

هو أنه يفضي إلى علماء الشيعة وتدل عليه الكثير من الروايات. لكن خطورة هذا الفرض

تضييع الحقيقة الدينية كما سنعرف.

ولألئمة عدد كبير من األصحاب المتلقين، فمنهم الفقهاء وهم على درجات كأصحاب اإلجماع وغيرهم، ومنهم عامة الناس، ويمكن تصور ان يندرج فيهم االمي ومن يحسن

و ال يتقنه فيرويه بالمعاني، القراءة والكتابة، وكذا من يتقن الحفظ فيروي الحديث بالفاظه، أ

ومنهم من يدون ما يسمعه، كما منهم من يرويه مشافهة، ومنهم من كان ينفرد باإلمام ليحدثه وحده، ومنهم من يسمع اإلمام وهو يحدث عموم مريديه. كما ان من هؤالء الكثير من

الف رجل، وقد الناقلين. وقيل ان من روى عن اإلمام الصادق وحده يبلغ ما يقارب أربعة آ

هـ( في كتاب له عن الرجال الذين 333ذكرهم أبو العباس بن عقدة الزيدي )المتوفى سنة ، وربما إعتمد عليه المفيد في اقرار العدد، فكان يقول: ان الناس قد 813رووا عن الصادق

نقلوا عن اإلمام الصادق من العلوم ما سارت به الركبان، ومن ذلك ان أصحاب الحديث قد

ا أسماء الرواة عنه من الثقات على إختالفهم في اآلراء والمقاالت، فكانوا أربعة آالف جمعو( 3050. وسعى الشيخ الطوسي إلى احصائهم وعد منهم ما يزيد على ثالثة آالف )814رجل

. كما أحصاهم بعض المعاصرين واوصلهم إلى 815رجل؛ كالذي أشار اليه عدد من العلماء

، وأغلبهم من أهل 817العراق والحجاز وخراسان والشام، وهم من أهل 816( صاحب3759)( 1800العراق ال سيما الكوفة، حيث المنصوص عليهم من الكوفيين يزيدون على )

( صاحب، وكذا هو 150صاحب، في حين لم يكن من أهل المدينة المنورة ما يزيد على )

اشي من ان الحسن . ومما جاء بهذا الصدد ما ذكره النج818الحال في سائر البلدان األخرىكان يقول: أدركت في هذا -وهو من أصحاب اإلمام الرضا -بن علي بن زياد الوشاء

. 819المسجد )الكوفة( تسعمائة شيخ؛ كل يقول حدثني جعفر بن محمد

وقد امتاز الكثير من أصحاب األئمة بكثرة الرواية، فمنهم من نقل أنه روى عشرات م الصادق ان ابان بن تغلب روى عنه ثالثين ألف اآلالف من الحديث، وجاء عن اإلما

. وكان البن تغلب كتب عديدة في القرآن والفقه والحديث واالدب واللغة والنحو، 820حديث

ومن كتبه تفسير غرائب القرآن وكتاب الفضائل، وهو يعد من أصحاب كل من زين العابدين لجعفي أن اإلمام الباقر حدثه . كما روي عن جابر بن يزيد ا821وابنه الباقر وحفيده الصادق

، وفي رواية 822من أسرار األئمة سبعين ألف حديث ووعد أن يكتمها وال يحدث بها أحدا

محسن بن الحسن االعرجي الكاظمي: عدة الرجال، تحقيق مؤسسة الهداية الحياء التراث، نشر اسماعيليان، 813

.151، ص1هـ، ج1415ايران، الطبعة األولى، ، 2م، ج1993هـ ـ4141( دار المفيد، بيروت، الطبعة الثانية، 11المفيد: االرشاد، سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ) 814

.179ص. كذلك: أبو 401حسن الصدر: نهاية الدراية، تحقيق ماجد الغرباوي، عن مكتبة يعسوب الدين اإللكترونية، ص 815

كوثر ، عن مكتبة ال56، ص1م، ج1992هـ ـ1413القاسم الموسوي الخوئي: معجم رجال الحديث، الطبعة الخامسة،

.www.al-kawthar.comااللكترونية: ن الشبستري: الفائق في رواة وأصحاب اإلمام الصادق، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة عبد الحسي 816

المدرسين بقم، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية. .524نهاية الدراية، ص 817 باشرنا هذا االحصاء إعتمادا على ما جاء في كتاب )الفائق في رواة وأصحاب اإلمام الصادق(. 818 .40ـ39نجاشي، صرجال ال 819 .12رجال النجاشي، ص 820 .11ـ10رجال النجاشي، ص 821. لكن في روضة الكافي انها عبارة عن سبعين 67ـ66( ص12االختصاص، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ) 822

(.149حديث فقط )روضة الكافي، حديث

حيى محمد ي مشكلة الحديث

131

، وكان للجعفي كتب كثيرة في التفسير واألحكام، وهو من 823أخرى خمسين ألف حديث

ل . كما جاء ان محمد بن مسلم الثقفي الطائفي أنه سأ824أصحاب زين العابدين وابنه الباقر

. 825اإلمام الباقر عن ثالثين ألف حديث، وسأل اإلمام الصادق عن ستة عشر ألف حديثوجاء ان محمد بن عيسى اليقطيني قد جمع من مسائل اإلمام الرضا خمسة عشر ألف مسألة،

. وروي أنه سئل اإلمام أبو جعفر الجواد في 826وفي رواية أخرى ثمانية عشر ألف مسألة

.827لة فأجابهم فيها وله تسع سنينمجلس عن ثالثين ألف مسأوقيل ان أبا العباس بن عقدة كان يجيب بثالثمائة ألف حديث من أحاديث أهل البيت سوى

غيرهم. كما قيل أنه سأله مرة محمد بن عمر بن يحيى العلوي عن حفظه وإكثار الناس في

الثمائة ألف طلب الحديث منه، فقال: احفظ مائة ألف حديث باإلسناد والمتن، واذاكر بثحديث. وفي رواية أخرى ان ابن عقدة أتى يحمل جزءا فيه ست وثالثون ورقة، وكان فيها

أحاديث كثيرة عن صلة الرحم مروية عن النبي )ص( وأهل بيته، فعظم ذلك على عمر بن

من الحديث باألسانيد والمتون يحيى العلوي وسأله عن حفظه، فقال له: أنا أحفظ منسقائتي ألف حديث، وأذاكر باألسانيد وبعض المتون والمراسيل والمقاطيع ستمائة خمسين وما

. والمعروف ان ابن عقدة كان زيديا جاروديا، لكن رغم ذلك فقد عده الشيخ 828ألف حديث

الطوسي في جملة أصحاب اإلمامية االثنى عشرية لكثرة روايته عنهم وخلطته بهم وتصنيفه .829لهم

حديثية ألصحاب األئمة واتباعهم كثيرة جدا، فمثال قام النجاشي كما كانت المصنفات ال

بتعداد ما وقف عليه من المصنفين ألصحاب األئمة فبلغ عددهم ما يقارب ألف وثالثمائة . وضبط الحر العاملي عدد مصنفاتهم فبلغت أكثر من ستة آالف وستمائة 830( رجل1269)

كتاب، كالذي جاء في خاتمة )وسائل كتاب، وقد ظفر منها على ما يزيد على ثمانين

.831الشيعة(، وقيل مائتي 832وكان من بين هذه المصنفات ان للفضل بن شاذان مائة وستين كتاب

، وبمثل هذا العدد كان 834، وان للحسين بن سعيد بن حماد االهوازي ثالثين كتاب833كتاب

، وكان 836ين كتاب، وكذا كان ليونس بن عبد الرحمن أكثر من ثالث835لعبد هللا بن المغيرة، وكان للبزنطي الكتاب الكبير المعروف 837لعلي بن مهزيار االهوازي ثالثة وثالثون كتاب

.342اختيار معرفة الرجال، حديث 823 .285ـ284تأسيس الشيعة، ص 824 .276ختيار معرفة الرجال، حديث ا 825محمد بن الحسن الطوسي: الغيبة، تحقيق عباد هللا الطهراني وعلي احمد ناصح، مؤسسة المعارف اإلسالمية، 826

، مكتبة 215، ص. كذلك: عباس القمي: االنوار البهية في تواريخ الحجج االلهية73مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص

.www.al-shia.comالشيعة االلكترونية: . كذلك: موسوعة اإلمام الجواد، باشراف اللجنة العلمية في مؤسسة ولي العصر 218االنوار البهية، ص 827

.www.imamjawad.netللدراسات اإلسالمية، قم، الطبعة األولى، عن مكتبة اإلمام الجواد االلكترونية: وب الدين االلكترونية.، عن مكتبة يعس4محمد بن الحسن الطوسي: االستبصار، ج 828 .28الفهرست، ص 829 .462رجال النجاشي، ص 830، عن مكتبة الحديث االلكترونية التابعة 159ـ153و 166، الفائدة الرابعة، ص30الحر العاملي: وسائل الشيعة، ج 831

.94، ص1أيضا عدة الرجال، ج. وانظر www.alkadhum.orgلموقع الكاظم االلكتروني: .1029اختيار معرفة الرجال، فقرة 832 .392م، ص1989هـ ـ1410عبد الحسين شرف الدين: المراجعات، دار البيان العربي، 833 .58فهرست الطوسي، ص 834 .215رجال النجاشي، ص 835 .181الفهرست، ص 836 .88الفهرست، ص 837

حيى محمد ي مشكلة الحديث

132

، وقد تزيد األحاديث المدونة 838بجامع البزنطي، وكانت كتب البرقي تربو على مائة كتاب

، وكان للنسابة هشام الكلبي )المتوفى سنة 839في كتب البرقي على خمسين ألف حديث

، كما كان لمحمد بن أبي عمير أربعة وتسعون 840ثر من مائة وخمسين كتابهـ( أك206هـ( مائة واربعون 356، وكان لعبد هللا بن احمد بن أبي زيد االنباري )المتوفى سنة 841كتاب

، وأيضا 843، كما كان لمحمد بن بحر الرهني نحو خمسمائة مصنف ورسالة842كتاب ورسالة

، كما كان لمحمد بن 844هـ( مائة كتاب350متوفى سنة كان الحمد بن محمد بن دول القمي )ال .845مسعود العياشي ما يزيد على مائتي مصنف

رة وكان من بين هذه المصنفات ما يعرف باألصول األربعمائة. وقد اشتهرت في فت

العدد ن هذاااألئمة، وإن لم يعرف أول من اطلق عليها هذا االسم من القدماء. ويرى البعض لباقر مين امصنفات ألصحاب األئمة، بل هو العدد الذي شاع في فترة اإلماال يشكل جميع ال

والصادق، وان مجموع المصنفات في زمن األئمة كبير ال يمكن احصاؤه.

وذكر الطبرسي في كتابه )أعالم الورى( أنه روي عن اإلمام الصادق من مشهوري أهل أربعمائة كتاب معروفة تسمى العلم أربعة آالف إنسان، وصنف من جواباته في المسائل

. كما ذكر المحقق الحلي في كتابه 846األصول رواها أصحابه وأصحاب إبنه موسى الكاظم

)المعتبر( أنه روى عن اإلمام الصادق ما يقارب أربعة آالف رجل، وانه كتب من اجوبة . وصرح بهذا زين الدين 847مسائله أربعمائة مصنف ألربعمائة مصنف سموها أصوال

قد إستقر أمر اإلمامية على اربعمائة مصنف ›› ملي في شرحه لكتاب )الدراية( وقال: العا

. ومع ان المشهور انها ما يقارب أربعمائة 848‹‹سموها اصوال فكان عليها إعتمادهم مصنف، لكن هناك من يعتقد بأنها ال تزيد على المائة، خاصة ان الطوسي والنجاشي لم

. كما اختلف العلماء حول تاريخها، فالمشهور 849عين اصال يذكرا منها أكثر من نيف وسب

انها ظهرت في عصر اإلمام الصادق، وهناك من رأى انها حصيلة عهود األئمة منذ اإلمام علي إلى اإلمام العسكري، فكما نقل ابن شهر آشوب في كتاب )معالم العلماء( عن المفيد أنه

لى عهد أبي محمد الحسن العسكري أربعمائة قال: صنفت اإلمامية من عهد أمير المؤمنين إ

.850كتاب تسمى األصولوتعود أهمية هذه األصول إلى أنها ألفت في زمن األئمة، وكان عليها المعول لدى

المتقدمين، وبعد ذلك أصبحت تشكل المادة األولية لرواية الحديث عند علماء الشيعة بعد

.923. والمراجعات، ص525نهاية الدراية، ص 838 .108معرفة الحديث، ص 839 .266ـ265، ص10اعيان الشيعة، ج 840 .327. ورجال النجاشي، ص142فهرست الطوسي، ص 841 .103فهرست الطوسي، ص 842 .132الفهرست، ص 843 .89رجال النجاشي، ص 844 .137الفهرست، ص 845. كذلك: عدة 535، ص1كترونية، جالطبرسي: اعالم الورى، مؤسسة ال البيت الحياء التراث، مكتبة الكوثر االل 846

.93، ص1الرجال، ج. وانظر أيضا: 26، ص1نجم الدين الحلي: المعتبر في شرح المختصر، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج 847

.208، الفائدة السادسة، ص30. ووسائل الشيعة، مكتبة الحديث االلكترونية، ج93، ص1عدة الرجال، ج .18، ص1جالحدائق الناضرة، 848محمد حسين الحسيني الجاللي: دراسة حول األصول االربعماءة، سلسلة احياء تراث أهل البيت، مركز انتشارات 849

.27ـ22هـ، ص1394االعلمي، طهران، م، عن 6119هـ ـ1380محمد بن علي بن شهر آشوب: معالم العلماء، المطبعة الحيدرية، النجف، الطبعة الثانية، 850

.208، الفائدة السادسة، ص30. كذلك: وسائل الشيعة، ج39الدين االلكترونية، صمكتبة يعسوب

حيى محمد ي مشكلة الحديث

133

لدى اوساط العلماء، وإعتمد عليها أولئك الذين قاموا بجمع الغيبة، فكان الكثير منها شائعا

الحديث، وكان من أبرزهم أصحاب الكتب األربعة المعتبرة الملقبين بالمحمديين الثالثة، وهم

كل من الكليني والصدوق والطوسي. ومع ذلك فإن أغلب الكتب التي شاعت في تلك الفترة ا إال القليل. وبالنظر إلى فقدانها فقد شب اخذت بالفقدان عبر االزمان المتأخرة، ولم يبق منه

خالف بين العلماء المتأخرين حول مدى وثاقة هذه الكتب، وإن جرى عملهم الفعلي بما

إعتمدوه على الكتب الجامعة التي قام بها المحمدون الثالثة، كالذي سيتبين لنا خالل الفقرة التالية..

ـ طور الجمع2علماء الذين سعوا إلى جمع الحديث من األصول ظهر في عصر الغيبة عدد من ال

األربعمائة وغيرها كما شاعت آنذاك، وقد برزت أربعة جوامع لكتب الحديث تعود إلى من

عرفوا بالمحمدين الثالثة األوائل، خالل القرنين الرابع والخامس للهجرة، وهي كتاب هـ( 329ي )المتوفى سنة )الكافي في األصول والفروع( ألبي جعفر محمد بن يعقوب الكلين

وكتاب )من ال يحضره الفقيه( البي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه

هـ( وكتاب )التهذيب( وكتاب 381القمي الملقب بالشيخ الصدوق )والمتوفى سنة )االستبصار( وكالهما البي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي الملقب بشيخ الطائفة

هـ(. وتعد هذه الكتب معتبرة لدى علماء اإلمامية االثنى عشرية وان لم 460سنة )والمتوفى

تكن كتب صحاح كالذي عليه صحاح أهل السنة. وقد جرى فيها تقطيع االحاديث ضمن أبواب مختلفة. ويبلغ مجموع األحاديث فيها مجتمعة ما يقارب خمسة واربعين ألف

.851( حديث44244)

الكتب جوامع أخرى للحديث، وكان بعضها يعود إلى من كما ظهر على اعقاب هذه عرفوا بالمحمدين الثالثة االواخر، وذلك خالل القرنين الحادي والثاني عشر للهجرة، وهي

هـ( 1091كتاب )الوافي( لمحمد بن مرتضى الملقب بالفيض الكاشاني )والمتوفى سنة

هـ( وكتاب )وسائل 1110 وكتاب )بحار األنوار( لمحمد باقر المجلسي )المتوفى سنةهـ(، ثم جاء بعد ذلك المرزا 1104الشيعة( لمحمد بن الحسن الحر العاملي )المتوفى سنة

هـ( فألف كتاب )مستدرك وسائل الشيعة(. وهناك جوامع 1320حسين النوري )المتوفى سنة

للسيد عبد حديثية أخرى مثل كتاب )العوالم( للشيخ عبد هللا البحراني وكتاب )جامع األحكام( . وقد إعتمدت الجوامع السابقة على الكتب األربعة األولى وعلى غيرها 852هللا شبر وغيرهما

من كتب الحديث.

ويعد )الكافي( للكليني اوثق كتب الحديث واهمها لدى علماء المذهب قاطبة. وقيل ان الكليني صرف عليه عشرين سنة يجوب فيها البلدان بحثا عن األصول وكتب الحديث

، خاصة تلك التي رواها تالمذة اإلمام الصادق خالل القرن الثاني 853المروية عن األئمة

للهجرة، حيث اعتنى بها الكوفيون وتطوع بعضهم لنشرها في قم إبان القرن الثالث. قال المفيد: بأن كتاب وقد درج علماء الشيعة في تبيان أهمية )الكافي( وقيمته، وقديما

. وقال المرزا حسين النوري في )خاتمة 854ب الشيعة وأكثرها فائدةالكافي هو من أجل كت

مستدرك الوسائل( بعد ان أورد كلمة الشيخ المفيد: أنه أكثر فائدة لجامعيته بما يتعلق

.144، ص1اعيان الشيعة، ج 851 .290ـ289تأسيس الشيعة، ص 852 .377رجال النجاشي، ص 853 .70( ص5المفيد: تصحيح اإلعتقاد، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد، عدد ) 854

حيى محمد ي مشكلة الحديث

134

باألصول واألخالق والفروع والمواعظ، وانه معتمد باعتباره جمع األصول األربعمائة التي

ظهر من ترجمة أبي محمد هرون بن موسى كانت موجودة بتمامها في عصره، كما ي

، وجاء في 855هـ( الذي ادرك عصره وروى عنه وغيره385التلعكبري )المتوفى سنة ترجمته أنه روى جميع األصول والمصنفات، وألف منها ومن غيرها كتابه المسمى

. وقال المحقق الكركي في وصف )الكافي(: قد جمع هذا الكتاب 856)الجوامع في علوم الدين(

من األحاديث الشرعية واالسرار الدينية ما لم يوجد في غيره. وقال بعض االفاضل: اعلم أن الكتاب الجامع لألحاديث في جميع فنون العقائد واالخالق واالداب والفقه من أوله إلى آخره؛

مما لم يوجد في كتب أحاديث العامة، وأنى لهم بمثل الكافي في جميع فنون األحاديث. وقال

)شذور العقيان في تراجم االعيان( في وصف )الكافي(: أنه كتاب جليل، عظيم صاحبالنفع، عديم النظير، فائق على جميع كتب الحديث، بحسن الترتيب، وزيادة الضبط

والتهذيب، وجمعه األصول والفروع، واشتماله على أكثر األخبار الواردة عن األئمة

.857االطهار عليهم السالماء ان اإلمام المهدي قال في )الكافي( أنه كاف لشيعتنا، وبرأي بعض وزعم بعض العلم

المحققين ان هذه الحكاية لم يسمعها الكليني نفسه، ولم يعرفها أحد من تالمذته، ولم يكن لها

وجود في عصر الغيبة الصغرى، بل وال سمع بها أحد طيلة أكثر من سبعة قرون بعد وفاة ذه الحكاية هو الشيخ خليل بن غازي القزويني )المتوفى سنة الكليني، فأول من نسبت إليه ه

. وسبق لحسن الصدر ان اعتبر 858هـ( وقد يكون سمعها من بعض مشايخ عصره1089

من قبل المولى خليل القزويني عند شرحه للكافي . بل وحتى 859الحكاية المذكورة وهماكافي وغيره قطعية فإنه نفى المحدث محمد امين االسترابادي الذي رام أن يجعل أحاديث ال

.860الحكاية اساسا

ولعناية علماء اإلمامية بكتاب )الكافي( فقد بلغت مخطوطاته في المكتبات الشيعية ما يزيد على ألف وستمائة نسخة خطية موزعة بين العديد من دول العالم، كايران والعراق

ريخ بعضها إلى القرن الرابع ولبنان وسوريا والحجاز وافغانستان والهند وغيرها، ويرجع تا

الهجري. ومن اهتمام العلماء به انهم شرحوه أكثر من عشرين مرة، وتركوا ثالثين حاشية عليه، ودرسوا بعض اموره بسبعة عشر كتابا ضخما، وترجموه إلى غير العربية أكثر من

لفهارس خمس مرات، وطبعوه اثنتين وعشرين طبعة، ووضعوا ألحاديثه والفاظ اصوله من ا

.861ما يزيد على عشرة كتب كالذي صرح به الشيخ الطوسي في فهرسته ، 862وقيل ان )الكافي( يتضمن ثالثين كتابا

863لكن بعض المتأخرين زعم أنه اثنين وثالثين كتابا . 864، بل وقيل كذلك أنه خمسون كتابا

وسائل الشيعة، تحقيق مؤسسة آل البيت الحياء التراث، مكتبة يعسوب حسين النوري الطبرسي: خاتمة مستدرك 855

.478ـ477، الفائدة الرابعة، ص3الدين االلكترونية، ج ، فقرة هرون بن موسى التلعكبري، المكتبة الجعفرية االلكترونية:2عباس القمي: الكنى وااللقاب، ج 856

www.aljaafaria.com. .540ـ539نهاية الدراية، ص 857، عن 382هـ، ص1418ثامر هاشم حبيب العميدي: مع الكليني وكتابه الكافي، مجلة علوم الحديث، العدد االول، 858

.www.hawzah.net/Arb/Magazineموقع الحوزة االلكتروني: .540نهاية الدراية، ص 859 .470، ص3خاتمة المستدرك، ج 860كتاب الكافي، مكتبة فقه اإلسالم االلكترونية )لم تذكر ارقام ( باب 1ثامر هاشم حبيب العميدي: دفاع عن الكافي ) 861

.www.islamicfeqh.comصفحاته(: .135الفهرست، ص 862

حيى محمد ي مشكلة الحديث

135

خذنا بنظر ، واذا ا865وفي الطبعات الحديثة الحالية نجده عبارة عن خمسة وثالثين كتابا

االعتبار ان الرواية المعتبرة وسط هذه األقوال هي رواية الشيخ الطوسي لقدم قوله، فإن

هناك خمسة كتب غير معلومة تبدو زائدة على الكافي، وربما مدسوسة فيه.ويبدأ الكافي بكتاب العقل والجهل، ويختتم بكتاب الوصايا وكتاب المواريث وكتاب

، موزعة 866( حديث16099ددا كبيرا تتجاوز الست عشرة ألف )الروضة، وتبلغ أحاديثه ع

في ثمانية اجزاء ذات ثالثة أقسام، يختص األول منها في األصول والعقيدة، ويختص الثاني في الفروع والفقه، اما الثالث فهو ذو مسائل متنوعة من المواعظ والسيرة واالخالق

ضة الكافي(. ويتضمن قسم األصول ثمانية والتفسير وغيرها، وقد اطلق عليها الكليني )رو

وأخرج فيها )499كتب، اشتملت على ) ( حديثا، ويشتمل فروع الكافي على 3881( بابا( حديثا، أما قسم الروضة من 11021( بابا، ومجموع أحاديثها )1744( كتابا، فيها )26)

في هناك الكثير من . وفي الكا867الكافي فهو كتاب واحد احتوى على ستمائة وستة أحاديث

. وهو ينفرد بين الكتب األربعة في اشتماله 868األخبار المنقولة عن القدماء وليس عن األئمةبقسم يخص أحاديث األصول والعقيدة، كالعلم والتوحيد والوالية والمعاد واإليمان والكفر

كما صرح وما إلى ذلك. وقيل ان أحاديثه تزيد على ما في الصحاح )الستة( لدى أهل السنة

به الشهيد في )الذكرى( ألن أحاديث البخاري أربعة آالف غير المكرر، ومثله أحاديث مسلم، وان موطأ مالك مختصر جدا، وهو مع صحيحي الترمذي والنسائي ال يبلغان عدد

. ومن مميزات )الكافي( أنه يشتمل على ما يطلق عليه بالثالثيات، وهي من 869صحيح مسلم

فإنه يروي عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن اإلمام الجواد حديث أقسام علو السند،. والثالثيات قد 870الخمس، ومثل ذلك أنه يروي عن اإلمامين الهادي والعسكري كثيرا

.871اشتهر فيها البخاري في صحيحه، حيث له اثنان وعشرون حديثا منه

وقد قال عنه الشيخ الطوسي أنه ثقة أما الكليني فهو لدى علماء الشيعة من الثقات العظام. . وعرفه الشيخ النجاشي بقوله: أبو جعفر الكليني شيخ أصحابنا في وقته 872عارف باألخبار

. كما عرفه ابن األثير من أهل 873بالري ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم

أس المائة الثالثة، السنة في كتاب )جامع األصول( بأنه من المجددين لمذهب اإلمامية على ر. وقد عاصر الكليني 874بعد ما ذكر اإلمام الرضا مجددا لهذا المذهب على رأس المائة الثانية

الغيبة الصغرى لإلمام المهدي، زمن السفراء األربعة )عثمان بن سعيد العمري، وولده

ث محمد، والحسين بن روح، وعلي بن محمد السمري(. ورغم ان الكليني زار العراق وحد

انظر: محمد باقر الخوانساري: روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، الدار اإلسالمية، بيروت، الطبعة 863

مد صادق بحر العلوم: الفوائد الرجالية، حققه وعلق عليه مح. ومحمد مهدي بحر 109، ص6م، ج1991هـ ـ1411األولى،

.332، ص3العلوم وحسين بحر العلوم، نشر مكتبة الصادق، طهران، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج .107ـ106، ص6روضات الجنات، ج 864 .424ـ423، ص11انظر معجم رجال الحديث، ج 865 .288تأسيس الشيعة، ص 866 .262وكتابه الكافي، صمع الكليني 867الوحيد البهبهاني: رسالة االجتهاد واألخبار، وهي ملحقة خلف عدة األصول للشيخ الطوسي مع حاشية في 868

.69هـ، ص1317األخير، طبعة حجرية، مطبعة ميرزا حبيب هللا، دار الخالفة بطهران، . لكن هذه خمسة صحاح ال ستة.542و 517نهاية الدراية، ص 869 .542الدراية، ص نهاية 870، 1حاجي خليفة: كشف الظنون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج 871

.97. والرسالة المستطرفة، ص542ص .135فهرست الطوسي، ص 872 .377رجال النجاشي، ص 873 .107، ص6روضات الجنات، ج 874

حيى محمد ي مشكلة الحديث

136

لكنه لم يرو عن السفراء األربعة إال بالواسطة، -موطن السفراء -عن بعض مشايخ بغداد

بل ان الرواية عنهم في الكتب األربعة قليلة للغاية ولعلها ال تزيد على عشرة أحاديث، من

. والبعض يرجح ان الكليني ادرك اإلمام العسكري 875بينها حديثان فقط في أصول الكافيعنه. كما ادرك الكثير من رجال الحديث الذين عاصروا بعض األئمة المتأخرين وإن لم يرو

ممن صحبوهم وسمعوا منهم ورووا عنهم، وقد تتلمذ على يدهم وسمع منهم وروى عنهم،

هـ( وابن عقدة )المتوفى سنة 306مثل احمد بن ادريس االشعري القمي )المتوفى سنة هـ( والحسين بن الحسن 307تفسير )المتوفى سنة هـ( وعلي بن ابراهيم القمي صاحب ال333

العلوي الهاشمي، والذي قيل فيه أنه دخل على اإلمام العسكري فهناه بمولد المهدي، ومحمد

. وللكليني 876بن الحسن الصفار صحاب )بصائر الدرجات( ومحمد بن يحيى العطار... الخلقرامطة، وكتاب رسائل األئمة، كتب عديدة غير الكافي كلها مفقودة، منها كتاب الرد على ا

.877وكتاب تعبير الرؤيا، وكتاب الرجال، وكتاب ما قيل في األئمة من الشعر

هذا بخصوص الكافي وصاحبه الكليني، أما ثاني الكتب األربعة فهو كتاب )من ال . وقد 878يحضره الفقيه( للشيخ الصدوق الذي قاربت مؤلفاته ثالثمائة مصنف في الحديث

الكتب إلى زمن الحر العاملي ما يقارب عشرين كتابا، مثل معاني األخبار وصل من هذه

وعيون أخبار الرضا وحقوق االخوان والخصال واالمالي واكمال الدين واتمام النعمة وعلل الشرائع وثواب االعمال والتوحيد وصفات الشيعة وفضائل الشيعة واإلعتقادات وغيرها.

خامس الكتب األربعة المعتبرة، وهو بعنوان )مدينة وللشيخ الصدوق كتاب عده البعض

. 879العلم( لكنه لم ير له عين وال أثر بعد زمن العالمة الحلي والشهيدين األول والثانيوجاء كتاب )من ال يحضره الفقيه( ليكون مرجعا على شاكلة كتاب )من ال يحضره

حاديثه أقل عددا من أحاديث الطبيب( الذي صنفه محمد بن زكريا الرازي في الطب. وتعد أ

، وهي 880( حديث في األحكام والسنن9044)الكافي(، حيث تبلغ أكثر من تسعة آالف )( بابا، وصرح الصدوق بأنه اخرج أحاديثه من الكتب المشهورة المعول 176موزعة على )

لى أنه عليها لدى المحدثين الشيعة آنذاك، واستشهد في مقدمته بعدد من هذه الكتب، مشيرا إ

. 881سعى لما هو صحيح واعتقد أنه حجة فيما بينه وبين هللاومن علماء الشيعة من يرى ان أحاديث )من ال يحضره الفقيه( هي ارجح من أحاديث

غيره من الكتب األربعة، نظرا إلى زيادة حفظ الصدوق وحسن ضبطه وتثبته في الرواية

ورده، وأنه لم يقصد فيه قصد المصنفين وتأخر كتابه عن )الكافي( وضمانه فيه لصحة ما يفي إيراد جميع ما رووه، وإنما يورد فيه ما يفتي به ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة بينه

وبين ربه، كالذي جاء في مقدمة كتابه. وبهذا االعتبار قيل: إن مراسيل الصدوق في الفقيه

في الكتاب ال توجد في ، وهذه الخاصية 882كمراسيل ابن أبي عمير في الحجية واالعتبار .883غيره من كتب األصحاب

.233مع الكليني وكتابه الكافي، ص 875هـ 3891بد الحسين المظفر: الشافي في شرح أصول الكافي، مطبعة الغري الحديثة، النجف، الطبعة الثانية، ع 876

.30ـ27، ص1، ج1969ـ .135. وفهرست الطوسي، ص377رجال النجاشي، ص 877 .157فهرست الطوسي، ص 878 .127و 126، ص6روضات الجنات، ج 879 .144ص، 1. واعيان الشيعة، ج288تأسيس الشيعة، ص 880الصدوق: من ال يحضره الفقيه، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة 881

.3، المقدمة، ص1هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج1404العلمية بقم، الطبعة الثانية، روي إال عن ثقة؛ سواء كانت روايته مسندة أنه ال ي -وهو من أصحاب اإلمام الكاظم -عرف محمد بن أبي عمير 882

أو مرسلة. وأصل هذه الدعوى تعود إلى الشيخ الطوسي في )عدة األصول( إذ نص على ثالثة رجال ال يروون وال يرسلون

حيى محمد ي مشكلة الحديث

137

وأخيرا يبقى كتابا )تهذيب األحكام واالستبصار( للشيخ أبي جعفر الطوسي، وهما

مختصان في األحكام الفقهية. ويعد كتاب االستبصار اختصارا للتهذيب، وبحسب رأي

بيلي وتابعه النوري . في حين رأى الشيخ االرد884الشهيد الثاني أنه يمكن االستغناء به عنهوغيرهما من العلماء ان )التهذيب( هو أعظم كتب الحديث في الفقه منزلة، وأكثرها منفعة،

ففيه كل ما يبتغيه الفقيه من روايات األحكام مغن عما سواه في الغالب دون ان يغني عنه

. وألهميته بلغت نسخه المخطوطة منذ كتابته وحتى عصرنا الحاضر مئات 885كتاب اخر. وكان الغرض من وضع )التهذيب( هو لجمع مطلق 886النسخ المنتشرة في اقطار االرض

األحاديث؛ سواء ما ورد منها على سبيل الوفاق أو المعارضة، بخالف )االستبصار( الذي

اقتصر على األخبار التي تتصف باإلختالف والتعارض كالذي نص عليه الطوسي في في مقدمة )االستبصار( إلى أنه اتبع طريقة الجمع ، وأشار887ترجمته لنفسه في )الفهرست(

. 888بين األخبار المتعارضة دون اسقاط شيء منها ما أمكنه ذلك

على هذا امتاز الكتابان بأنهما يعالجان، وألول مرة، مسألة التعارض بين النصوص، ص كالذي أشار اليه الطوسي في مقدمة الكتابين، حيث قسم األخبار إلى عدد من الخصائ

ووضع قواعده في الجمع والترجيح، وهي الطريقة التي مثلت جوهر العملية الفقهية لدى

( بابا، وأحاديثه تبلغ أكثر من ثالثة عشر 393فقهاء الشيعة فيما بعد. ولكتاب التهذيب )( بابا، وأحاديثه 925. أما كتاب االستبصار فتبلغ ابوابه )889( حديث13590ونصف ألف )

( حديث، وقد حصرها الطوسي في خاتمة كتابه خشية ان 5511سة آالف )تبلغ أكثر من خم

يقع فيها زيادة أو نقصان، وقال بهذا الصدد: واعلموا أيدكم هللا اني جزأت هذا الكتاب ثالثة أجزاء، الجزء األول والثاني يشتمالن على ما يتعلق بالعبادات، والثالث يتعلق بالمعامالت

وثمانمائة وغيرها من أبواب الفقه، واألول يشتمل على ثلثمائة باب يتضمن جميعها ألفا

وتسعة وتسعين حديثا، والثاني يشتمل على مائتين وسبعة عشر بابا يتضمن ألفا ومائة وسبعة يشتمل جميعها على ألفين وسبعين حديثا، والثالث يشتمل على ثلثمائة وثمانية وتسعين بابا

ا. أبواب الكتاب تسعمائة وخمسة وعشرون بابا تشتمل على وأربعمائة وخمسة وخمسين حديث

. 890خمسة آالف وخمسمائة وأحد عشر حديثا حصرتها لئال يقع فيها زيادة أو نقصانلكن مع هذا ذكر الطهراني بأن بعض العلماء أحصى أحاديث كتاب )االستبصار(

.891( حديث، وهو خالف ما ذكره الشيخ الطوسي6531فحصرها في )

إال عن ثقة، هم محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وان كان الطوسي ذاته يناقش أحيانا

يروون عن الضعفاء، وقد ذكر بعض روايات هؤالء بدعوى انها مرسلة، كما وجد المحقق الخوئي ان هؤالء كانوا أيضا

(.63ـ61، ص1الشيخ الطوسي جملة منها رغم أنه ادعى أنهم ال يروون عن الضعفاء )معجم رجال الحديث، ج .6، ص4خاتمة مستدرك وسائل الشيعة، ج 883 .106، ص6روضات الجنات، ج 884. واعيان الشيعة، 205، ص6. وانظر أيضا: روضات الجنات، ج13، ص6خاتمة مستدرك وسائل الشيعة، ج 885

.579. ونهاية الدراية، ص161، ص9ج .161، ص9اعيان الشيعة، ج 886 .160الفهرست، ص 887ني تجريد ذلك سألو››إذ نقل ما سأله جماعة من األصحاب عن تصنيف كتاب جامع لألحاديث المتعارضة، وقال: 888

فها بما يخال م أعقبوصرف العناية إلى جمعه وتلخيصه وان ابتدئ في كل باب بايراد ما إعتمده من الفتوى واألحاديث فيه ث

ي ي في كتابى عادتمن األخبار وأبين وجه الجمع بينها على وجه ال اسقط شيئا منها ما أمكن ذلك فيه، وأجري في ذلك عل

بشيء العمل في أول الكتاب إلى جملة مما يرجح به األحاديث بعضها على بعض وألجله جاز الكبير المذكور وان اشير

(.3، ص1منها دون جميعها، وانا مبين ذلك على غاية من االختصار )مقدمة االستبصار، ج .161، ص9، وج144، ص1. كذلك: اعيان الشيعة، ج289تأسيس الشيعة، ص 889 ، الخاتمة.4االستبصار، ج 890 .14، ص2هـ، ج1403ذريعة إلى تصانيف الشيعة، دار االضواء، بيروت، الطبعة الثانية، ال 891

حيى محمد ي مشكلة الحديث

138

***

تظل مسألة السند في الكتب األربعة، فالمعروف ان أصحابها قد تعاملوا معها بطرق

ما يذكر اسم الراوي في صدر متغايرة. فقد كان الكليني يذكر السند باستثناء أوله، إذ غالباالسند دون وجود ما يشير إلى الكيفية التي اتصل بها معه، فهل كان طريقه اليه قد تم عبر

كتب أو القراءة أو االجازة أو التحديث أو العنعنة؟ فهذا ما ال يحدثنا عنه الكليني. األخذ من ال

وفي أحيان نادرة يترك الكليني الطريق إلى صدر السند تعويال على ما سبق ذكره من األخبار المتقدمة عليه في الباب. كما قد يصدر الكليني سنده بعبارة )عدة من أصحابنا(

يذكر بدل العدة جماعة من أصحابنا، وبنظر الكثير من المحققين ان ما يقصده وأحيانا

بالجماعة هو نفس ما يعنيه بالعدة. وحاول عدد من العلماء تشخيص هؤالء الجماعة، كالذي فعله المفيد وابن الغضائري والنجاشي والعالمة الحلي. فالعدة لدى الكليني على أصناف،

ه من اسم الراوي بعد هذه العبارة. واألصناف وتحديد اسماءهم يعتمد على ما يذكر

المشخصة ثالثة، وهي التي تتكرر كثيرا، ونقل ان الكليني نص عليها بنفسه، وهناك أصناف أخرى مازالت مجهولة ال يعلم تشخيصها على وجه التحديد، وذكر منها الشيخ الكاظمي ما

ها جماعة من المحدثين بعد ، وقيل انها ثالثة عشر رواية كما أحصا892يقارب عشر روايات

. 893ان أهمل الكليني المعنيين فيها ولم ينص على أسمائهموبخصوص األصناف الثالثة المتكررة فقد جاء بعد أحدها قول الكليني: عن احمد بن

محمد بن عيسى، وفي الثانية عن احمد بن محمد بن خالد البرقي، وفي الثالثة عن سهل بن

ول ما ذكره النجاشي من ان الكليني قال: كل ما ذكرته في زياد. وجاء حول الصنف األكتابي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى، فهم: محمد بن يحيى وعلي بن موسى

. كما جاء حول 894الكميذاني وداود بن كورة واحمد بن ادريس وعلي بن ابراهيم بن هاشم

صة(: كلما ذكرته في كتابي عدة من الصنف الثاني قول الكليني كما نقله الحلي في )الخالأصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد البرقي فهم: علي بن إبراهيم وعلي بن محمد بن عبد

. وأثبت جماعة في هذه العدة 895هللا بن اذينه وأحمد بن عبد هللا بن امية وعلي بن الحسن

ق من الكافي، وفيه محمد بن يحيى العطار. لكن الكليني أشار إلى هذا الصنف في كتاب العت. أما الصنف الثالث فجاء ان الكليني قال حوله: كلما 896بعض األسماء المختلفة عما سبق

ذكرته في كتابي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد فهم: علي بن محمد بن عالن ومحمد بن

.897أبي عبد هللا ومحمد بن الحسن ومحمد بن عقيل الكلينيالصدوق فقد ذكر في مقدمة كتابه أنه حذف األسانيد هذا بخصوص الكليني، أما الشيخ

واختصرها كي ال تكثر طرق الرواية، لكنه عرف بها من خالل فهرست الكتب التي رواها

، وذلك أنه وضع في آخر الكتاب مشيخة يعرف بها 898عن مشايخه واسالفه ليتم اتصال سنده طريقه إلى من روى عنه.

.217ـ215، ص1عدة الرجال، ج 892، عن شبكة الشيعة العالمية: 141هاشم معروف الحسني: دراسات في الحديث والمحدثين، ص 893

www.shiaweb.org .378رجال النجاشي، ص 894ة األقوال في معرفة الرجال، تحقيق جواد القيومي، مؤسسة نشر الفقاهة، الطبعة يوسف بن المطهر الحلي: خالص 895

.430هـ، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص1417األولى، . 213ـ212، ص1عدة الرجال، ج 896 . 430خالصة األقوال، ص 897 .3، المقدمة، ص1من ال يحضره الفقيه، ج 898

حيى محمد ي مشكلة الحديث

139

أنه روى أحاديث عن اإلمام الصادق عن طريق عمار ومثال طريقته في اختصار السند

بن موسى الساباطي، ثم قال في مشيخته آخر الكتاب: كل ما كان في هذا الكتاب عن عمار

بن موسى الساباطي فقد رويته عن أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن سعيد بن المدائني عن مصدق بن عبد هللا عن أحمد بن الحسن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد

.899صدقة عن عمار بن موسى الساباطي

في حين جمع الطوسي بين طريقتي سابقيه، فقد يذكر في كتابيه )التهذيب واالستبصار( جميع السند كما في )الكافي(، كما قد يختصر بحذف بداياته كما في )من ال يحضره الفقيه(.

اد األحاديث بأسانيدها كما في الجزء وقد أشار في خاتمة االستبصار إلى مسلكه في اير

األول والثاني من االستبصار، لكنه اختصر ما جاء في الجزء الثالث وعول على االبتداء بذكر الراوي الذي أخذ الحديث من كتابه أو اصله، ثم ترك مسألة وصل األسانيد التي

(، فغالبا ما كان . وكذا فعل في )التهذيب900توصل إلى هذه الكتب واالصول إلى آخر الكتاب

عن االصل ويترك يذكر السند كامال، وفي الباقي يعمل على بتر مقدمة السند فينقل رأساذكر طريقه اليه ويستدرك المتروك في آخر كتابيه، فوضع له مشيخته المعروفة لتخرج بذلك

وذكر عن حد المراسيل وتلتحق بباب المسندات، والمشيخة في الكتابين واحدة غير مختلفة،

فيها جملة من الطرق إلى أصحاب الحديث ممن صدر الحديث بذكرهم وابتدأ باسمائهم، لكنه لم يستوف الطرق كلها وال ذكر الطريق إلى كل من روى عنه بصورة التعليق، بل ترك

. 901األكثر لقلة روايته عنهم، واحال التفصيل إلى فهارست الشيوخ المصنفة في هذا الباب

ريقة الطوسي في اختصار السند ثم العمل على وصله فيما بعد، ما ذكره والمثال على طفما ذكرته عن محمد بن يعقوب ››من روايات عن محمد بن يعقوب الكليني، حيث قال:

الكليني فقد اخبرنا به الشيخ المفيد عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن

الحسين بن ع بيد هللا عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري... يعقوب، واخبرنا به أيضا .902الخ

مع جهذه هي خصائص الكتب األربعة المعتبرة، ومنها تتبين خصوصية هذا الطور في

طور ذا الالحديث، سواء ما عرف فيما بعد بالضعيف منه أو الصحيح. وقد استمر العمل بهيق التحقويد له خصوصية النقد قرنين من الزمان بعد الطوسي، ثم ظهر على اعقابه طور جد

كالذي سنتحدث عنه في الفقرة التالية..

ـ طور التحقيق3لقد بدأت الدعوة إلى إجراء التحقيق في سند الحديث من قبل بعض المتأخرين خالل

القرن السابع للهجرة، تأثرا بالطريقة الشائعة لدى أهل السنة. إذ عمل العالمة الحلي أو شيخه استعارة تقسيم الحديث منهم إلى أربعة أقسام، هي الصحيح والحسن ابن طاوس على

، حتى صار مسلكا يحتذي به االصوليون الشيعة إلى يومنا هذا. 903والموثق والضعيف

ومفهوم الصحيح بحسب التقسيم الجديد هو ان يكون رواته كلهم اماميين موثقين، أما لو مع توثيق الباقي؛ سمي الحديث حسنا، وإن كانوا اماميين ولكنهم ممدوحين كال أو بعضا

.422ص ، المشيخة،4من ال يحضره الفقيه، ج 899 .305، ص4االستبصار، ج 900، 6. وروضات الجنات، ج13، ص6. وخاتمة المستدرك، ج75ـ74، ص4انظر: بحر العلوم: الفوائد الرجالية، ج 901

.162، ص9. واعيان الشيعة، ج220ص وما بعدها. 305، ص4االستبصار، ج 902. 14، ص1. والحدائق الناضرة، ج165يوسف البحراني: الدرر النجفية، مؤسسة آل البيت الحياء التراث، ص 903

.68، ص20كذلك: وسائل الشيعة، المكتبة اإلسالمية، طهران، ج

حيى محمد ي مشكلة الحديث

140

كانوا كلهم موثقين لكنهم غير اماميين كال أو بعضا؛ سمي الحديث موثقا، وقد يعبر عنه

بالقوي، لكن المتعارف بين الفقهاء ان القوي يطلق على مروي اإلمامي الذي لم يرد بشأنه

أو األربعة ضعيفا، وميزته ان في مدح وال ذم، ويسمى الحديث بغير هذه األقسام الثالثة سنده مذموما، أو فاسد العقيدة غير منصوص على ثقته، أو مجهول، وإن كان باقي رواته

ممدوحين بالعدالة وما شاكلها. وهناك من يسمي غير القسمين األولين ضعيفا. وللضعيف

ن أوصل أقسام . والمعروف ان أبا حاتم بن حبا904أقسام كثيرة كالمرسل والمرفوع وغيرهما .905الضعيف إلى تسع واربعين قسما، وذكر ابن الملقن أن أنواعه تزيد على المائتين

ر )الد ويعد العالمة الحلي أول من اجرى تطبيق مبدأ تقسيم الحديث، كما في كتابيه

، لكنوالمرجان في األحاديث الصحاح والحسان( و)النهج الوضاح في األحاديث الصحاح(تبرة. المع ع غيرها من المحاوالت ظلت محدودة ال تتسع لجميع أخبار الكتبهذه المحاولة م

طلع موأكبر محاولة ظهرت في هذا المجال هي تلك التي دشنها محمد باقر المجلسي في

لحديثاالقرن الثاني عشر الهجري، وذلك في كتابه )مرآة العقول(، إذ عمل على تقسيم يضاهيه اب ماالكتب األربعة. ولم يظهر بعد هذا الكت لكتاب )الكافي( للكليني دون غيره من

التمييزحيح وسعة وشموال في التصحيح والتمييز، وظل التقليد العلمي للفقهاء هو جعل التص

في مدونةمهمة فردية يقوم بها المجتهدون، كل بحسب ظنه واجتهاده، مع ترك الروايات الي ت التجتهاد. وكان من أبرز الموسوعاالموسوعات الحديثية على ما هي عليه كمصدر لال

املي،إعتمدها الفقهاء المتأخرون في االجتهاد هي موسوعة )وسائل الشيعة( للحر الع

خرى، ة األالشتمالها على روايات األحكام في الكتب األربعة مع غيرها من الكتب المعتبر (.وقد ألحق بها الشيخ النوري موسوعته المتممة )مستدرك وسائل الشيعة

وقد افضى تقسيم الحديث إلى طرح الكثير من األخبار لعلة ضعف سندها، حتى قدر ما

ضعف من األخبار التي تضمنتها الجوامع األربعة إلى ما يتجاوز النصف من األخبار. ففي )الكافي( وحده أحصى المجلسي في )مرآة العقول( األخبار التي تطرح استنادا إلى ذلك

النظر عن القرائن األخرى، فبلغت أكثر من ثلثي األخبار الموجـودة االصطالح، وبغض

( حديث، وبحسب االصطالح 16199. فعدد األحاديث الموجودة في )الكافي( هو )906فـيه( موثقا، 1118( حديثا حسنا، و)144( حديثا صحيحا، و)5072الجديد للحديث يكون منها )

9485( قويا، و)302و) تاب )من ال يحضره الفقيه( فقد عدت أحاديثه . أما ك907( ضعيفا

( 3913( حديث، أما أحاديثه المسندة بما فيها الضعيفة والصحيحة فهي )2050المرسلة ) .908حديث

وقيل ان السبب الذي دعا إلى تقسيم الحديث هو أنه لما طالت المدة بين العلماء

بت صحة األخبار عند المتأخرين وبين الصدر االول، وخفيت عليهم القرائن التي اوج

الحظ حول ذلك: الفيض الكاشاني: األصول األصيلة، تصحيح وتعليق مير جالل الدين الحسيني، سازمان چاب 904

، منشورات عليق علي أكبر الغفاري. وحسن بن زين الدين العاملي: منتقى الجمان، ت63هـ، ص1390دانشگاه، ايران،

مير محمد باقر . وال266ـ264. ونهاية الدراية، ص5ـ4، ص1جامعة المدرسين بقم، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج

عن مكتبة هـ،1405الداماد: الرواشح السماوية في شرح األحاديث اإلمامية، منشورات مكتبة المرعشي النجفي، قم،

.41ـ40لكترونية، صيعسوب الدين اال .217الرسالة المستطرفة، ص 905 يوسف البحراني: لؤلؤة البحرين، حققه وعلق عليه محمد صادق بحر العلوم، مطبعة النعمان، النجف، 906

الطبعـة . كذلك: هاشم معروف الحسني: الموضوعات في اآلثار واألخبار، دار الكتاب اللبناني، بيروت،395ـ394ص

.44صم، 1973األولى، وال يعطي العدد ( حديثا،16121. لكن يالحظ أن مجموع تلك األعداد يعطي )395ـ394لؤلؤة البحرين، ص 907

(.16199) فيالكلي المتمثل .109، ص6روضات الجنات، ج 908

حيى محمد ي مشكلة الحديث

141

. كما علل 909المتقدمين، لجأوا إلى التنويع والتقسيم، لمعرفة صحيح األخبار من ضعيفها

بعض االصوليين الوضع الجديد بأنه كان بسبب اختالط األصول المعتمدة بغيرها واندراس

هذه األصول فضال عن خفاء القرائن، وألن أصحاب الجوامع األربعة كانوا يعتمدون على . لكن الحر العاملي اعترض على هذا التعليل فأنكر ان 910اجتهاداتهم في تصحيح األحاديث

يكون قد حصل اختالط واندراس في األصول، ال في زمن أصحاب الجوامع األربعة وال

بعدهم، واستشهد على ذلك بما أشار اليه الشيخ حسن العاملي في )المعالم والمنتقى( بأن أمثالها كانت محفوفة بالقرائن، وانها منقولة من األصول والكتب أحاديث الكتب األربعة و

المجمع عليها من غير تغيير، وكثيرا ما سلك المتأخرون مسلك المتقدمين وعملوا

. لذا قيل ان اضمحالل تلك األصول إنما وقع بسبب االستغناء عنها بكتب 911باصطالحهم وأسهل تناوال، وإال فتلك الجوامع التي دونها أصحاب األخبار، لكونها أحسن منها جمعا

.912األصول قد بقي أكثرها إلى زمن ابن طاوس الذي نقل منها شيئا كثيرا في مصنفاته

وعلى رأي اإلخبارية ان الفهم السابق للحديث الصحيح كما يعول عليه المتأخرون من سترابادي وتابعه االصوليين هو غير فهم قدماء المحدثين والجامعين لألخبار. فقد ذكر اال

الحر العاملي ان للحديث الصحيح عند القدماء واإلخبارية ثالثة معان يقابلها ثالثة أخرى

للحديث الضعيف، أحدها بمعنى القطع بصدور الخبر عن المعصوم، وثانيها يتضمن نفس المعنى األول مع زيادة قيد آخر هو عدم وجود معارض أقوى منه، وثالثها ما كان مضمون

.913خبر معبرا عن حكم هللا في الواقع وان لم يقطع بصدوره عن المعصومال

وبهذا المنطق اعتبرت اإلخبارية ان إحداث االصطالح الجديد في تقسيم الحديث يفضي إلى زوال الدين، حتى قال بعضهم ان الدين هدم مرتين: يوم السقيفة، ويوم أحدث االصطالح

باعتباره المسؤول -كما في عبارة أخرى -لعالمة الحلي الجديد في األخبار، أو يوم ولد ا

. 914عن هذا اإلحداث الجديدمستحدث يم الومن الناحية العلمية قدمت اإلخبارية شهادتين للقدماء تستبعد فيهما التقس

ي فلالصوليين، إحداهما تخص توثيق الرواة، واألخرى تؤكد صحة األحاديث المدونة

ما تين كن األصول القديمة. وتفصيل ذلك يأتي من خالل الفقرالجوامع األربعة وغيرها م يلي:

: ذهب اإلخباريون إلى تعديل رواة الحديث من أصحاب األئمة بما يشبه ما ذهب اليه أوالا

أهل السنة في تعديل الصحابة، فزعموا ان القدماء وثقوا رجال اإلمام الصادق الذين يقدر العاملي على ذلك بكلمات بعض القدماء من أمثال عددهم بأربعة آالف رجل. واحتج الحر

الشيخ المفيد وابن شهر آشوب، حيث صرح المفيد بأن أصحاب الحديث نقلوا اسماء الرواة

عن اإلمام الصادق من الثقات وكانوا أربعة آالف رجل، كالذي اطلعنا عليه من قبل. كما لصادق من الثقات كانوا أربعة عبر ابن شهر آشوب في )المناقب( من أن الذين رووا عن ا

.15، ص1الحدائق الناضرة، ج 909 .68، ص20. كذلك: وسائل الشيعة، ج166ـ165الدرر النجفية، ص 910 .69ـ68و 77، ص20ج وسائل الشيعة، 911 .19، ص1الحدائق الناضرة، ج 912. 071، ص02. كذلك: وسائل الشيعة، ج177محمد امين االسترابادي: الفوائد المدنية، طبعة حجرية قديمة، ص 913

.63واألصول األصيلة، ص .401، ص5اعيان الشيعة، ج 914

حيى محمد ي مشكلة الحديث

142

. ولم يستبعد الحر العاملي في )أمل اآلمل( 915آالف رجل، وأن ابن عقدة ذكرهم في رجاله

.916ان يكون أصحاب الصادق كلهم موثوقين إال من ثبت ضعفه

وقد توهم بعض اإلخباريين من ان االصل في توثيق أصحاب الصادق هو ابن عقدة، . فعلى ما أشار اليه المحقق الخوئي هو ان أصل التوثيق 917يكالذي ذهب اليه الشيخ النور

يعود إلى الشيخ المفيد، وتبعه في ذلك ابن شهر آشوب وغيره، أما ابن عقدة فإن ما نسب إليه

هو فقط تعداد هؤالء األصحاب مع ذكر حديث لكل واحد منهم. وأضاف الخوئي ان هذه فرضنا ان أصحاب الصادق عبارة عن أربعة الدعوى من التوثيق غير قابلة للتصديق، إذ لو

ثقاة، فإن ذلك سيتنافى مع تضعيف الشيخ الطوسي لجماعة آالف رجل فقط، وكانوا جميعا

منهم؛ كابراهيم بن أبي حبة والحارث بن عمر البصري وعبد الرحمن بن الهلقام وعمرو بن ل ثقاة وهم من طبقات جميع وغيرهم. ناهيك عن ان من المستحيل عادة ان يكون جميع الرجا

ومذاهب شتى. أما لو فرضنا العدد أكثر من المذكور، وان الثقاة منهم أربعة آالف فقط، فهذا

وقابال للتصديق في نفسه، إال أنه ال يترتب عليه أثر، فلو فرض االفتراض وإن كان ممكنايس لنا طريق إلى ان أصحاب الصادق كانوا ثمانية آالف، والثقات منهم أربعة آالف، فإنه ل

معرفة الثقات منهم على وجه التشخيص. وبالتالي فسواء كان أصحاب اإلمام الصادق أربعة

آالف أو أكثر فهم ليسوا سواء من حيث التوثيق، طالما المنقول عنهم أنهم بين ثقات وغير .918ثقات، كالذي يدل عليه تضعيف الطوسي لجماعة منهم

ا على دعواهم في صحة األخبار المدونة في الجوامع : كما استشهد اإلخباريون ثانيا

الحديثية المعروفة بأقوال عدد من العلماء المتأخرين والمتقدمين، ومن بينهم أصحاب الكتب األربعة. فمن المتأخرين استشهدوا بقول الشيخ بهاء الدين العاملي في )مشرق الشمسين(

بين و››الذي علق على التقسيم المستحدث للحديث فقال: هذا االصطالح لم يكن معروفا

قدمائنا كما هو ظاهر لمن مارس كالمهم، بل المتعارف بينهم إطالق )الصحيح( على ما اعتضد بما يقتضي إعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه، وذلك

بطرقهم بأمور: منها وجوده في كثير من األصول األربعمائة التي نقلوها عن مشايخهم

المتصلة بأصحاب العصمة، وكانت متداولة في تلك األعصار ومشتهرة بينهم اشتهار الشمس في رائعة النهار، ومنها تكرره في أصل أو أصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة

وأسانيد عديدة معتبرة، ومنها وجوده في أصل معروف االنتساب إلى أحد الجماعة الذين

زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل بن يسار، أو على تصحيح ما أجمعوا على تصديقهم؛ كيصح عنهم، كصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرحمن وأحمد بن محمد بن أبي نصر

البزنطي، أو العمل برواياتهم كعمار الساباطي وغيرهم ممن عدهم شيخ الطائفة في )العدة(

ر(، ومنها اندراجه في أحد الكتب كما نقله عنه المحقق الحلي في بحث التراوح من )المعتبالتي عرضت على األئمة صلوات هللا عليهم فأثنوا على مصنفيها، ككتاب عبيد هللا بن علي

الحلبي الذي عرضه على الصادق، وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان

ثوق بها المعروضين على العسكري، ومنها كونه مأخوذا من الكتب التي شاع بين سلفهم الوواإلعتماد عليها؛ سواء كان مؤلفوها من الفرقة الناجية المحقة ككتاب )الصالة( لحريز بن

عبد هللا، وكتب ابني سعيد وعلي بن مهزيار، أو من غير اإلمامية ككتاب حفص بن غياث

القاضي، وكتب الحسين بن عبيد هللا السعدي وكتاب )القبلة( لعلي بن الحسن الطاطري، وقد

.208، الفائدة السادسة، ص30وسائل الشيعة، ج 915 .56ـ55، ص1يث، جمعجم رجال الحد 916 .220و 52، ص4خاتمة المستدرك، ج 917 .57ـ56، ص1معجم رجال الحديث، ج 918

حيى محمد ي مشكلة الحديث

143

ئيس المحدثين على متعارف القدماء فحكم بصحة جميع أحاديثه، وقد سلك ذلك جرى ر

المنوال جماعة من أعالم علماء الرجال لما الح لهم من القرائن الموجبة للوثوق

.919‹‹واإلعتماد بأقوال القدماء واعتبروها شاهدة على صحة األخبار المدونة واحتج اإلخباريون أيضا

ان اإلمام ثقة اإلسالم ››قد صرح زعيم اإلخبارية االسترابادي قائال: في الجوامع الحديثية. ف

محمد بن يعقوب الكليني وسيدنا االجل المرتضى وشيخنا الصدوق ورئيس الطائفة قدس هللا ارواحهم لم يفتروا في أخبارهم بأن أحاديث كتبنا صحيحة، أو بأنها مأخوذة من األصول

ا القدر من القطع العادي كاف في جواز العمل بتلك المجمع عليها، ومن المعلوم ان هذ

أقول أوال كلما راجعت وجداني وجدت قطعا عاديا بأن األئمة ››. وقال أيضا: 920‹‹األحاديثالثالثة وسيدنا االجل المرتضى، وبيان من ذكرنا ومن لم نذكر اسمه في كتابنا هذا من

من ان أحاديث كتبنا المتداولة، ال سيما الكتب قدمائنا، لم يفتروا ولم يكذبوا فيما اخبروا به

األربعة، كلها لواردة عن أصحاب العصمة، وكانت مسطورة في كتب أصحابهم المصنفة بأمرهم واشارتهم، وانهم لم يدخلوا في كتبهم ما لم يعتمد عليه مما لم يثبت وروده عنهم

. 921‹‹)ع(

الية:سيكون بحسب الفقرات الت لكن ما ذكره االسترابادي فيه نظر، وتعليقنا عليه

ان ما نسبه االسترابادي إلى الشريف المرتضى بأنه قائل بصحة أحاديث الكتب ـ1

المعتبرة في زمانه، ربما يشير إلى ما جاء عنه في )جواب المسائل التبانيات( من نص يوثق

خبار وأودعوه ليس كل ما رواه أصحابنا من األ››فيه تلك األخبار، إذ يقول بالحرف الواحد: في كتبهم وإن كان مستندا إلى رواة معدودين من اآلحاد، معدودا في الحكم من أخبار اآلحاد،

يقارب 922‹‹بل أكثر هذه األخبار متواتر موجب للعلم . ونقل عنه الشيخ حسن العاملي نصا

تها؛ إن أكثر أخبارنا المروية في كتبنا معلومة مقطوعة على صح››ما ذكرناه، وهو قوله: إما بالتواتر أو بإمارة وعالمة دلت على صحتها وصدق رواتها، فهي موجبة للعلم ومقتضية

. وإعتمد عليه 923‹‹للقطع، وإن وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص من طريق اآلحاد

.924في النقل كل من تأخر عنه من اإلخباريين وغيرهمر بما وجهه من كالم يتفق مع وقد علق الحر العاملي على نص المرتضى اآلنف الذك

قال السيد المرتضى في العبارة السابقة: أكثر أحاديثنا؛ إما ألن ››النزعة اإلخبارية، فقال:

بعض الكتب كانت غير معتمدة، وكانت متميزة عن الكتب المعتمدة، وكانت أكثر مؤلفات عليها، وإما ألن أحاديث الكتب المعتمدة التي يقطع بثبوتها الشيعة معتمدة معلومة مجمعا

عنهم )ع( فيها ما له معارض أقوى منه فال يوجب العلم والعمل وان أوجب العلم بثبوته عن

المعصوم، فال يعلم كونه حكم هللا، بل يعلم كونه من باب التقية. فمراده بالصحة هنا المعنى وجد في بعض األخص، أعني ثبوت النقل وانتفاء المعارض المساوي أو الراجح... وأما ما ي

كالمه من الطعن في ظواهر األخبار، فوجه ظاهر لوجود معارضها وعدم امكان العمل

.199، الفائدة السادسة، ص30وسائل الشيعة، ج 919 .253الفوائد المدنية، ص 920 .275المصدر السابق، ص 921ر دار القرآن الكريم، مجموعة رسائل الشريف المرتضى، أعداد مهدي رجائي، تقديم واشراف احمد الحسيني، نش 922

.26، ص1هـ، ج1405قم، حسن بن زين الدين العاملي: معالم الدين ومالذ المجتهدين، اخراج وتحقيق وتعليق عبد الحسين محمد علي بقال، 923

.3ـ2، ص1. ومنتقى الجمان، ج350منشورات مكتبة الداوري، قم، ص. ووسائل الشيعة، 421( ص49هـ، فائدة )1403ة العلمية، قم، الحظ مثال: الحر العاملي: الفوائد الطوسية، المطبع 924

، الطبعة ي، قم. ومرتضى األنصاري: فرائد االصول، تحقيق وتقديم عبد هللا النوراني، مؤسسة النشر اإلسالم76، ص20ج

.152، ص1هـ، ج1411الثالثة،

حيى محمد ي مشكلة الحديث

144

بظاهرها، أو ألن مراده باألخبار هناك أعم من أخبار الكتب المعتمدة وغيرها، وذلك كله

في )العدة( أشار إلى دفع ذلك بأنه انما يقول برد األخبار -الطوسي -واضح، مع ان الشيخ

. 925‹‹رويها المخالفون، ال ما يرويه ثقات اإلماميةالتي يره ي صو لكن مع هذا سنرى أن نقد الشريف المرتضى للروايات كان جذريا غير هذا الذ

ديث ب الحالحر العاملي. ويبدو ان المرتضى يريد من عبارته السابقة ليس ما سطره أصحا

ي ذات فأنه ء والمتكلمين، بداللةمن األخبار، بل خصوص ما يتعامل به المحققون من الفقهاحاب ات أصالصفحة التي يعترف بها بتواتر أكثر األخبار يشير إلى عدم التعويل على مصنف

تر فيالحديث. وهو سواء في هذه الرسالة أو غيرها من رسائله ال يعترف بوجود التوا

الذي األمرالكتب التي صنفها أصحاب الحديث، ويرى ان كتبهم مملوءة بأخبار اآلحاد، نقدهم عليها كما سيأتينا تفصيل ذلك فيما بعد.

لقد إعتمد االسترابادي على شهادة أصحاب الكتب األربعة في تصحيح أحاديثهم، كما ـ2

لطلب بعض جاء في مقدمة كل واحد منهم لكتابه. فقد ذكر الكليني بأن كتابه جاء وفقاكتاب كاف يجمع فيه ››يود ان يكون عنده السائلين الذي اشكلت عليه إختالف الرواية وانه

من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم، ويرجع اليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم

الدين والعمل به باآلثار الصحيحة عن الصادقين )ع( والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها فاعلم ››كليني على هذا الطلب بقوله: وأجاب ال‹‹. يؤدي فرض هللا عز وجل وسنة نبيه )ص(

يا أخي أرشدك هللا أنه ال يسع أحدا تمييز شيء مما اختلف الرواية فيه عن العلماء عليهم

السالم برأيه، إال على ما أطلقه العالم بقوله عليه السالم : اعرضوها على كتاب هللا فما وافق ، وقوله عليه السالم : دعوا ما وافق كتاب هللا عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب هللا فردوه

القوم فإن الرشد في خالفهم، وقوله عليه السالم: خذوا بالمجمع عليه، فإن المجمع عليه ال

ريب فيه. ونحن ال نعرف من جميع ذلك إال أقله وال نجد شيئا أحوط وال أوسع من رد علم بقوله عليه السالم: بأيما أخذتم ذلك كله إلى العالم عليه السالم وقبول ما وسع من األمر فيه

تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث -وله الحمد -من باب التسليم وسعكم. وقد يسر هللا

توخيت، فمهما كان فيه من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة، إذ كانت واجبة ه، وعمل بما فيه الخواننا وأهل ملتنا، مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس من

.926‹‹دهرنا هذا، وفي غابره إلى انقضاء الدنيا

نه كان من أ ويبدو ان ظاهر عبارة الكليني تشير إلى هذا المعنى الذي أثاره اإلخباريونحق ال يتردد في القطع بصدور رواياته عن األئمة، وإن جاء في بعضها ما يخالف ال

علق ال يت كان يشكو منه الكليني في كلمتهباعتبارها وردت للتقية وما اليها، أي ان ما

نهج مبالصدور، بل بتمييز الروايات ذات المضامين الحقة عن غيرها، لذا انتهى إلى وليوناالختيار تعويال على رواية اإلمام، وهو منهج عملي شبيه بما لجأ اليه االص

براءة ل الألخذ باصالمتأخرون في اجراء األصول العملية عند التمشكل في الشك بالحكم، كا

أو التخيير أو االحتياط أو غيرها من األصول. لكن مع هذا يمكن اعتبار ذلك اجتهادا من الكليني، فالقدماء كثيرا ما كان بعضهم يضعف

. واألمر 927ما يصححه البعض اآلخر لألحاديث رغم قرب عهدهم باألئمة أو معاصرتهم لهم

ماء لم يسلموا بصدور جميع روايات الكليني عن األئمة، ينطبق على مسألتنا هنا، ذلك ان العلوكان ممن اعترض عليه الشريف المرتضى والشيخ المفيد كما سنرى، وكذا ان الشيخ

.77ـ76، ص20الوسائل، ج 925 .9ـ8، ص1مقدمة كتاب الكافي، ج 926 .73ـ72جتهاد واألخبار، صرسالة اال 927

حيى محمد ي مشكلة الحديث

145

الصدوق كان يتردد في بعض ما جاء به الكليني من روايات، فابدى عدم قبول ما رواه

في باب ) الرجل يوصي إلى األخير بخالف ما عنده من توقيع بخط اإلمام الحسن العسكري

هذا التوقيع عندي بخط أبي محمد الحسن بن علي )ع( وفي كتاب محمد بن ››رجلين( وقال: يعقوب الكليني رواية خالف ذلك التوقيع عن الصادق )ع( بل افتي بما عندي بخط الحسن

فإن الشيخ الطوسي قد رد في كتابه )التهذيب( بعض أخبار الكا928‹‹بن علي في . وأيضا

.929ووصفها بالضعف والشذوذلكن هذا التضعيف وذلك الرد للروايات لم يكن يعني عند اإلخبارية سوى التضعيف من

جهة الترجيح والتعارض مع نفي ان يكون مقصد أولئك االعتراض على صدورها عن

المعصوم، وبهذا يصبح تعليل اإلخباريين لصدورها محموال على جواز كونها من التقية أو .930رها من المحاملغي

كما عد المحقق الخوئي ان كالم الصدوق في مقدمة )من ال يحضره الفقيه( يدل على أنه

ال يرى في كتاب )الكافي( مشتمال على الصحيح الصرف، بل فيه الصحيح وغير الصحيح كسائر المصنفات. ولو كان الصدوق يرى روايات )الكافي( كلها صحيحة لما كان هناك داع

. 931ة )من ال يحضره الفقيه(، ال سيما وأن )الكافي( أشمل وأوسع من هذا األخيرلكتاب

ي، لكن يمكن ان يجاب على هذه النقطة بأن مهمة الصدوق هي أخص من مهمة الكلين كلينيفغرض الصدوق هو اإلفتاء بصحة مضامين األحاديث التي ضمها كتابه، أما غرض ال

ل وغير الصحيحة المضمون، وبالتالي كان عمفمختلف، حيث أورد األحاديث الصحيحة

الصدوق مبررا حتى لو اعتقد ان روايات الكافي قطعية الصدور.مع هذا تظل مالحظة المحقق الخوئي في محلها، داعما وجهة نظره بما قاله الصدوق في

ما وجدت هذا الحديث إال في كتاب محمد بن يعقوب ››باب )الوصي يمنع الوارث(:

، فلو كانت روايات الكافي كلها قطعية الصدور، فكيف ‹‹وال رويته إال من طريقه )الكليني(. 933؟ وهو لم يرو عن الكليني أكثر من سبعة أحاديث932يصح ذلك القول من الشيخ الصدوق

بل حتى المحدث النوري قد اعترض على شيخه االسترابادي فيما رام اليه من جعل أحاديث

.934قرائن التي قدمها لمدعاه ال تنهضالكليني قطعية، واعتبر ان ال

كذلك اعتبر اإلخباريون ان ديباجة كتاب الصدوق )من ال يحضره الفقيه( هي أيضا ـ3

في الفقه شاهدة على تصحيحه لألخبار التي نقلها، ذلك ان البعض سأله ان يصنف له كتابا

ذا الكتاب بحذف صنفت له ه››والحالل والحرام والشرايع واألحكام، فاستجاب له وقال: األسانيد لئال تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم اقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما

رووه، بل قصدت إلى ايراد ما افتي به واحكم بصحته، واعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين

ربي تقدس ذكره وتعالت قدرته، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول .935‹‹واليها المرجع

في معنى القطع بصدور األخبار التي رواها فقد اعتبر اإلخباريون هذا الكالم صريحا

الصدوق عن اإلمام، وهو ما لم يتفق عليه االصوليون، ومنهم البهبهاني الذي اعتبر قول

.108، ص20. ووسائل الشيعة، ج51الفوائد المدنية ص 928 .20هـ، ص1396حسين العاملي الكركي: هداية األبرار، الطبعة األولى، 929 .20. وهداية االبرار، ص108، ص02. ووسائل الشيعة، ج51الفوائد المدنية، ص 930 .27ـ26، ص1معجم رجال الخوئي، ج 931 .88ـ87، ص1السابق، ج المصدر 932 .543نهاية الدراية، ص 933 .470، ص3خاتمة المستدرك، ج 934 .3، ص1من ال يحضره الفقيه، ج 935

حيى محمد ي مشكلة الحديث

146

الصدوق بصحة ما رواه وما استخرجه من الكتب المعول عليها؛ بأنه على معنى خالف

، وهو كقول المتأخرين عن الكتب األربعة بأنها معتبرة عليها المعول والمرجع، الظاهر

. 936مستشهدا على ذلك بأنه لم يقطع بصدور العديد من األخبار عن المعصوموذهب الخوئي في نقده لإلخبارية بأن الصدوق قد صرح بأنه يتبع في تصحيح األحاديث

تركه، أي أنه ال ينظر إلى حال الراوي حسب شيخه ابن الوليد، فيأخذ ما أخذه ويترك ما

التعديل والتجريح، بل يعتمد في ذلك على غيره، فكيف يكون له قطع بصدور الروايات اذا ما كان حاله هذا الحال من التقليد؟ باإلضافة إلى ان الصدوق كان يعتبر كل رواية يجدها في

صحيحة رغم ان فيها المراسيل، كتاب شيخه أو غيره من المشايخ المعول عليهم، يعتبرها

فكيف يتسنى لنا الحكم بقطعية صدور مثل هذه الروايات إعتمادا على تصحيح الصدوق الذي لم يحقق فيها شيئا؟ وينتهي الخوئي إلى ان تصريح الصدوق بصحة رواياته انما يعبر

.937عن وجهة نظره وليس من باب الحجة على الغير

عديدة من معاصريه، ومن ذلك ان المفيد والمرتضى عرضا وقد واجه الصدوق انتقادات فتوى أصحاب العدد في صيام شهر رمضان إلى النقد، وكان على رأس هؤالء الشيخ

الصدوق. لكن اإلخباريين اعتبروا فتوى الصدوق في العدد جاءت للغفلة والسهو، حيث

ا يعني جواز حملها على وردت األخبار الدالة على الفتوى موافقة لبعض مذاهب العامة مم ، رغم ان المرتضى طعن بأصل صدور هذه األخبار عن المعصوم.938التقية

وبخصوص الشيخ الطوسي فقد ذهب بعض اإلخباريين إلى ان الروايات التي دونها ـ4

هذا الشيخ في كتابيه )التهذيب واالستبصار( تعد صحيحة، واستدل على ذلك بما حكاه إن ما أورده في ››في( عن )عدة األصول( من ان الطوسي قال: الفيض الكاشاني في )الوا

وقد اعتبر هذا الكالم شاهدا على ‹‹. كتابي األخبار إنما آخذه من األصول المعتمد عليها

صحة جميع ما رواه الطوسي في كتابيه. لكن المحقق الخوئي نفى ان تكون تلك العبارة في بأن األصول التي ت939)عدة األصول( حدث عنها الشيخ الطوسي سبق ان أشار اليها . علما

في )الفهرست( معتبرا ان الكثير من أصحابها ينتحلون المذاهب الفاسدة وإن كانت كتبهم

، مما ال يعني بالضرورة أنه يوثق جميع ما يرويه عن هذه االصول. لذلك صرح 940معتمدةنما كان من باب نفي البهبهاني بأن تضعيف الطوسي للكثير من الروايات في كتابيه ا

.941صدورها عن المعصوم وليس من باب التقية

كما ان الحر العاملي اعتبر ان ما ينفى من كتب الطوسي وغيرها من الكتب المعتمدة هو قسم الحديث الضعيف الذي لم يثبت صدوره عن المعصوم وال يعلم كون مضمونه حقا

رة التي ضعفها الشيخ في كتابيه )التهذيب يطابق حكم هللا في الواقع، فتكون األحاديث الكثي

واالستبصار( ليست من هذا القسم، اذ تصبح ضعيفة بالقياس إلى ما هو أقوى منها . كذلك اعتبر ان شبهة تضعيف الطوسي 942معارضة، وإن علم صدورها عن المعصوم

من ان هذ943لألخبار من جهة الراوي، على ما يثيرها االصوليون ا ، قد تجد لها جوابا

التضعيف كان ظاهريا ال حقيقيا، خاصة وان تضعيفاته كانت في مقام التعارض، إضافة إلى

68ـ.67رسالة االجتهاد واألخبار، ص 936 .88ـ87و 27ـ26، ص1معجم رجال الخوئي، ج 937 .23هداية االبرار، ص 938 .89، ص1معجم رجال الحديث، ج 939 .2الفهرست، ص 940 .64ـ63لة االجتهاد واألخبار، صرسا 941 .108، ص20الوسائل، ج 942 .67ـ63الحظ مثال: رسالة االجتهاد واألخبار، ص 943

حيى محمد ي مشكلة الحديث

147

أنه كثيرا ما يعمل بالروايات الضعيفة والمرسلة ويرجحها على الروايات المسندة

. وسبق لالسترابادي ان نقل عن الطوسي في )عدة األصول( أنه اعتبر 944والموثقة

تصفحت العدة ››ة، لكن الفاضل التوني علق على ذلك فقال: األحاديث التي عمل بها صحيح . 945‹‹فما رأيت هذا الكالم فيه

يظل ان أغلب اإلخباريين يسلمون بأن ما جاء في الكتب األربعة من الروايات الصحيحة

هي كل ما ورد في الكافي ومن ال يحضره الفقيه وما عمل به الطوسي في كتبه كلها، كالذي .946يذهب اليه الكرك

عية والحقيقة ان الطوسي ال يرى الروايات التي نقلها أو عمل بها هي روايات قط

ور والالصدور والثبوت، فهو في )عدة األصول( اعتبر أخبار اآلحاد ليست مقطوعة الصدألمر ها، اثابتة المضمون، ومع هذا تعبد بها لما ادعاه من إجماع األصحاب على العمل ب

كالذي سنطلع عليه فيما بعد. الذي رأى في ذلك حجة

باإلضافة إلى ان الطوسي ال يسلم أحيانا بصحة صدور األخبار التي لها عالقة بالقضايا العقائدية إن كانت تتعارض مع مسلماته العقلية، رغم انها منقولة عن الكتب المعتمدة، كما

رات. مع ان الطوسي هو الحال مع أخبار اإلحباط التي عدها المحدث الجزائري من المتوات

كان يعدها من أخبار اآلحاد التي ال ترد أدلة العقول، ويرى انها لو صحت ألجرى عليها .947التأويل مثلما يفعل ذلك مع القرآن الكريم

كما ان عبارات الطوسي في )التهذيب واالستبصار( ال تدل على كونه يشترط العمل

ألخبار في )االستبصار( إلى عدد من بالحديث الصحيح أو المقطوع الصدور. فقد صنف ااألنواع تندرج ضمن قسمين رئيسين: فهناك قسم يدخل ضمن الصحيح، وهو ما اطلق عليه

بأنه يوجب العلم، كالخبر المتواتر، والخبر الذي تقترن اليه قرينة توجب العلم؛ مثل مطابقته

جمع المسلمون عليه، أو لما ألدلة العقل، أو لظاهر القرآن، أو للسنة المقطوع بها، أو لما أأجمعت عليه فرقة اإلمامية االثني عشرية. كما هناك قسم آخر هو خبر اآلحاد الذي يتعرى

عن تلك القرائن المفيدة للعلم، وقد حسبه مما يجوز العمل به على شروط ذكرها، وهي كما

الباب الذي عليه اذا كان الخبر ال يعارضه خبر فإن ذلك يجب العمل به؛ ألنه من››قال: إنه اإلجماع في النقل، إال ان تعرف فتاواهم بخالفه فيترك الجلها العمل به. وان كان هناك ما

يعارضه فينبغي ان ينظر في المتعارضين؛ فيعمل على اعدل الرواة في الطريقين. وان كانا

لعدد، وهما سواء في العدالة عمل على أكثر الرواة عددا. وان كانا متساويين في العدالة واعاريين من جميع القرائن التي ذكرناها، نظر فإن كان متى عمل باحد الخبرين أمكن العمل

باالخر على بعض الوجوه وضرب من التأويل كان العمل به أولى من العمل باالخر الذي

يحتاج مع العمل به إلى طرح الخبر اآلخر، ألنه يكون العامل بذلك عامال بالخبرين معا. كان الخبران يمكن العمل بكل واحد منهما وحمل اآلخر على بعض الوجوه وضرب من واذا

التأويل، وكان ألحد التأويلين خبر يعضده أو يشهد به على بعض الوجوه صريحا أو تلويحا

من ذلك، كان العمل به أولى من العمل بما ال يشهد له أو دليال، وكان اآلخر عاريا لفظاواذا لم يشهد ألحد التأويلين خبر آخر وكان متحاذيا؛ كان العامل مخيرا شيء من األخبار.

في العمل بايهما شاء. واذا لم يمكن العمل بواحد من الخبرين إال بعد طرح اآلخر جملة

.112ـ111، ص20الوسائل، ج 944 .48رسالة االجتهاد واألخبار، ص 945 .17هداية االبرار، ص 946ر اإلسالمي لجماعة المدرسين، أبو جعفر الطوسي: الرسائل العشر، تقديم واعظ زادة الخراساني، مؤسسة النش 947

.326ـ325قم، ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

148

مخيرا في العمل بايهما شاء من جهة لتضادهما وبعد التأويل بينهما؛ كان العامل أيضا

ن بهما على هذا الوجه اذا اختلفا وعمل كل واحد منهما على خالف التسليم، وال يكون العامال

. 948‹‹ما عمل عليه اآلخر مخطئا وال متجاوزا حد الصواب...وعلى نفس هذه الشاكلة أكد الطوسي في )التهذيب( أن ما يعمل به هو ليس فقط ما كان

ي ال تصل إلى هذه المرتبة صحيحا من األخبار، أو تلك التي تفيد العلم، بل أيضا األخبار الت

ضمن شروط، ومن ذلك أنه ألزم نفسه بتقديم ما جاء من أحاديث األصحاب المشهورة لينظر بعد ذلك فيما ورد من الروايات التي تنافيها، فقد يعمل بتأويل بعضها ألجل الجمع بين

، وهكذا دون المتنافيات، أو يعمل بالخبر المعارض الذي يوافق داللة األصل وترك ما يخالفه

.949ان يحصر العمل فيما يصطلح عليه بالصحيح في الحديث***

ه من إذا، يتضح ان أصحاب الكتب األربعة كانوا يختلفون في نظرتهم إلى ما جمعو

نه ال م، لكروايات. فالكليني كان يميل في )الكافي( إلى ثبوت رواياته عن اإلمام المعصو، لذلك معصومق فيه الحكم االلهي أو كما يريد لها اليعدها كلها صحيحة بالمعنى الذي تطاب

. أما ألئمةااتخذ على عاتقه اإلنتقاء ومبدأ االختيار بما وسع له كما دلل على ذلك برضى

ونها الشيخ الصدوق فإنه اعتبر ما جمعه من األحاديث صحيحة بالمعنى الذي يكون مضم ا ووجهجمعه سي مناقشة األحاديث التيحجة فيما بينه وبين هللا. في حين التزم الشيخ الطو

لسابقيه الكليني آخر ولم يلتزم العمل بكل ما جمعه خالفا دوق. والص بعضها وطرح بعضا

لكتب في ا وفي جميع األحوال ليس هناك ما يثبت زعم اإلخباريين من ان الروايات المدونة المعتبرة هي روايات ثابتة الصدور عن األئمة.

ق التوثي ن علمديث الشيعي برمته ينطبق عليه دليل االنسداد، تبعا لكل مبل سنثبت ان الح

ان عددا من العلماء ذهبوا إلى هذا الدل ع ر الصرايل أثوعلم الرواية وعلم الداللة. علمامكن ياالصولي اإلخباري، فتشكلت بذلك مرحلة جديدة من مراحل تطور الحديث الشيعي،

قيق حتىالتح لكنها لم تثبت فترة طويلة، واستمر العمل بطور أن نسميها )مرحلة االنسداد(،

يومنا هذا.

.5ـ3، ص1مقدمة االستبصار، ج 948، 1هـ، ج9013مقدمة تهذيب األحكام، تقديم حسن الخرسان، دار الكتب اإلسالمية، طهران، الطبعة الثالثة، 949

.4ـ3ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

149

حيى محمد ي مشكلة الحديث

150

القسم الثاني: الحديث الشيعي ودليل االنسداد

حيى محمد ي مشكلة الحديث

151

الفصل الثاني: انسداد علم التوثيق

كتب التوثيق واالنسدادقديم الزمان. فقد اعتاد يعود اهتمام علماء الشيعة بعلم الرجال والجرح والتعديل إلى

القدماء على تأليف كتب التراجم والفهارس بغية الجرح والتعديل وتمييز الثقة عن غيره. وقال الشيخ الطوسي بهذا الصدد: إنا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه األخبار،

ه، ومن ال ووثقت الثقات منهم، وضعفت الضعفاء، وفرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايت

يعتمد على خبره، ومدحوا الممدوح منهم وذموا المذموم، وقالوا: فالن متهم في حديثه، وفالن كذاب، وفالن مخلط، وفالن مخالف في المذهب واإلعتقاد، وفالن واقفي، وفالن

فطحي، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها . وصنفوا في ذلك الكتب واستثنوا الرجال من

من التصانيف في فهارسهم، حتى أن واحدا منهم إذا أنكر حديثا طعن في جملة ما رووه .950إسناده وضعفه بروايته. هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه ال تنخرم

وبحسب تحقيق بعض المعاصرين فإن عدد الكتب الرجالية من زمان الشيخ الحسن بن

قد بلغت أكثر من مائة كتاب ( إلى زمان الشيخ الطوسي224محبوب السراد )المتوفى سنة .951على ما يظهر من النجاشي والطوسي وغيرهما

وقيل ان أول من صنف في الرجال من علماء الشيعة هو عبد هللا بن جبلة بن أبجر

. كما قيل ان أول 952هـ( وهو ما ذهب اليه حسن الصدر219الكناني )المتوفى سنة ل النصف الثاني من القرن االول، حيث المصنفين في ذلك هو عبيد هللا بن أبي رافع خال

دون اسماء الصحابة الذين شايعوا عليا وحضروا حروبه وقاتلوا معه في البصرة وصفين

. ومن القدماء الشيعة الذين صنفوا في الرجال 953والنهروان، وهو ما ذهب اليه الطهرانيومحمد بن عبد ،954هـ(224خالل عهد األئمة يبرز الحسن بن علي بن فضال )المتوفى سنة

هللا بن مهران الكرخي، وهو من أصحاب اإلمام الجواد وله مصنف اسمه )كتاب الممدوحين

هـ( وله كتاب الطبقات وتاريخ 207، ومحمد بن عمر الواقدي )المتوفى سنة 955والمذمومين(هـ( وله كتاب 271هـ أو 250، وعباد بن يعقوب الرواجيني )المتوفى سنة 956الفقهاء

، وعلي بن الحكم بن الزبير النخعي، وهو ممن لقي الكثير 957معرفة الصحابة( )المعرفة في

، وسعد بن عبد هللا االشعري 958من أصحاب اإلمام الصادق، وكان تلميذا البن أبي عمير، ومحمد بن خالد البرقي، وهو من 959هـ( وله كتاب طبقات الشيعة299)المتوفى سنة

، وولده احمد بن محمد بن خالد البرقي 960جاليةأصحاب اإلمام الكاظم، وله ثالثة كتب ر

هـ( وله كتابان في الرجال، يسمى أحدهما بكتاب الرجال، 280هـ أو 274)المتوفى سنة

.142ـ141، ص1أبو جعفر الطوسي: عدة األصول، تحقيق األنصاري القمي، مطبعة ستارة، قم، ج 950 .41، ص1معجم رجال الحديث، ج 951 .84، ص10هـ، ج1403الذريعة إلى تصانيف الشيعة، 952 .80، ص10المصدر السابق، ج 953 .89، ص10المصدر السابق، ج 954 .145المصدر السابق، ص 955 .147المصدر السابق، ص 956 .123المصدر السابق، ص 957 .135المصدر السابق، ص 958 .181المصدر السابق، ص 959 .100المصدر السابق، ص 960

حيى محمد ي مشكلة الحديث

152

واآلخر بكتاب الطبقات، فهو قائم على الترتيب الزمني للرجال، فيبدأ بأصحاب النبي ثم

.961موجودا إلى يومنا هذا أصحاب اإلمام علي إلى آخر األئمة االثنى عشر، والكتاب مازال

كما صنف في الرجال بعد هؤالء جماعة مثل الكليني ومعاصره العياشي وشيخه حميد بن زياد وابي عمرو الكشي واحمد بن نوح وابي العباس بن عقدة وابن عبدون والغضائري

. 962والطوسي والنجاشي والعقيقي وغيرهم

نفات، منذ ان ظهرت وحتى واعتبر الطوسي ان جميع كتب الرجال وفهارس المصزمانه، لم يكن فيها ما يستوفي هذا العلم باستثناء ما قدمه معاصره أبو الحسين احمد بن

.963الغضائري، فإنه صنف في هذا المجال كتابين، لكن اتلفهما بعض ورثته

وأهم ما في األمر هو ان كتب الرجال التي شاعت في عصر األئمة وما بعدهم بقليل لم ثر في االزمان المتأخرة. وما بقي من الكتب المعتمدة هي أربعة صغيرة متأخرة يعد لها أ

تعرف باألصول الرجالية األربعة. كذلك بعض مما بقي من الكتب التي سبقتها مثل رجال

. لكن هذه الكتب األخيرة ال تعد من األصول لعدم تضمنها التحقيق 964البرقي ورجال العقيقين حالها ليس بأفضل من بعض األصول المعتبرة كرجال الشيخ في توثيق الرجال، وإن كا

الطوسي، فهو أيضا ال يحمل صفة التعديل والتجريح كما سنرى. وهذا يعني ان هناك فجوة

بين علم الرجال وبين أغلب الرواة الذين يتحدث عنهم هذا العلم. بل هناك انسداد في الطريق ل بين زمن الكتب المتبقية من علم الرجال وبين لوجود الفاصلة الزمنية الكبيرة التي تفص

زمن الرواة الذين عاصروا األئمة وعلى رأسهم اإلمام الصادق الذي غلبت عنه الرواية.

واألصول األربعة التي وصلتنا في علم الرجال، هي كل من اختيار رجال الكشيالمسمى ورجال النجاشي ورجال وفهرست الطوسي. يضاف اليها رجال ابن الغضائري

وحيدة ية ال)كتاب الضعفاء( وهو كتاب شكك العلماء فيه كما سنعرف. فهذه هي الكتب االساس

اوس طابن التي بقيت خالل القرن السابع الهجري والتي إعتمد عليها المتأخرون بدءا منمكن ان حتى عصرنا الحاضر. ويلميذيه العالمة الحلي وابن داود ( وت673)المتوفى سنة

واحد منها كالتالي:نصف كل

ـ رجال الكشي1ان االصل في )اختيار رجال الكشي( هو كتاب )معرفة الناقلين( لعمرو محمد بن عمر

بن عبد العزيز الكشي، وهو تلميذ العياشي واستاذ جعفر بن قوليه شيخ المفيد، ويعد من طبقة . أما 965لضعفاء كثيرا الشيخ الكليني. وقد ذكره النجاشي في رجاله بأنه ثقة عين روى عن ا

كتابه فهو مفقود سوى ما انتخبه الشيخ الطوسي بعد تهذيبه وتلخيصه، وسماه )اختيار معرفة

الرجال(. وقيل ان النسخ التي وصلتنا من الكتاب تختلف بالزيادة والنقصان. أما )معرفة لقيام بتهذيبه ، وهو ما دعا الطوسي إلى ا966الناقلين( فقد ذكر النجاشي ان فيه اغالطا كثيرة

. وهذا يعني ان )اختيار معرفة الرجال( الذي وصلنا ال يعكس 967وتجريد ما فيه من اغالط

تمام الصورة لكتاب الكشي المفقود، فربما اجرى الطوسي اضافات وتغييرات جوهرية على

.146ـ145، ص15، وج99المصدر السابق، ص 961 .45، ص1عدة الرجال، ج 962 .2ـ1الفهرست، ص 963 .81، ص10الذريعة، ج 964 .372رجال النجاشي، ص 965 نفس المصدر والصفحة السابقة. 966، 9اعيان الشيعة، ج. كذلك: 141، ص10، وج365، ص1م، ج1983هـ ـ1403الذريعة، الطبعة الثالثة، 967

.165ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

153

الكتاب دون ان نعرف حقيقتها. كما يغلب على الكتاب األسانيد المعلقة، وقد ذكرها الطوسي

غير اصالح. وكما يرى بعض المحققين أنه لم يصح من نصوص الكتاب المقدرة من

. هذا باإلضافة إلى وجود مشكلتين اخريين، 968( نصا إال أقل من ثالثمائة نص فقط1150) بالغالبية إحداهما ان الكتاب يعتمد التوثيق المروي عن األئمة بحق الرواة، وهو ليس معنيا

شيء عن األئمة. أما المشكلة األخرى فهي ان الكثير من روايات العظمى ممن لم يرد فيهم

التوثيق التي ينقلها الكتاب عن األئمة هي روايات متعارضة من المدح والذم، ولم يسلم من ذلك حتى أولئك الموصوفين بقوة الوثاقة والمعتمد عليهم في النقل. األمر الذي اضطر

نها صادرة للتقية.العلماء إلى تعليل روايات الذم فيهم بأ

ـ كتاب الضعفاء2ينسب كتاب )الضعفاء( إلى الشيخ احمد بن الحسين بن عبيد هللا المعروف بابن

هـ(. وقد عاصر 411الغضائري، ونسبه بعض المتأخرين إلى والده الحسين )المتوفى سنة ويعتقد ابن الغضائري كال من الطوسي والنجاشي، وحضر برفقة هذا األخير دروس والده.

البعض أنه أصبح شيخا للنجاشي بعد وفاة ابيه. أما الكتاب المذكور فلم تثبت نسبته إلى ابن

الغضائري لعدد من االدلة، أبرزها ان ابن طاوس، الذي يعد العمدة في نقل الكتاب، قد شكك بصحة نسبته، إذ صرح بأن له روايات متصلة بجميع الكتب الرجالية التي وصلته عدا هذا

في نسبته إلى ابن الغضائريا . فرغم أنه نقله في كتابه 969لكتاب، حيث لم يجد له طريقا

)حل اإلشكال في تراجم الرجال( والذي جمع فيه الكتب الرجالية الخمسة، لكنه افرده بالتحذير والبراءة من العهدة في صحة النسب، وعلل نقله له في كتابه الجامع؛ وذلك ليكون

ل في حق ابن الغضائري، حيث وجده منسوبا اليه من غير ان يكون له فيه شامال لكل ما قي

سماع أو رواية أو اجازة من مشايخه، أما ما تبقى من الكتب المعبر عنها باألصول الرجالية األربعة فقد ذكرها ابن طاوس بطرقه إلى مشايخه. وقد إعتمد عليه كل من جاء بعده مباشرة

في ادراج ما نقله كل من تلميذيه الحلي وابن داود، وذلك في أو غير مباشرة، حيث اتبعه

كتابيهما )الخالصة والرجال( ولم يكن للمتأخرين طريق مستقل عنه، فلوال أنه ادرجه في . وقد استند المتأخرون بعضهم إلى البعض 970كتابه )حل االشكال( لما عرف للكتاب من أثر

ا حسين الخونساري ذكر طريقه اليه عبر الشهيد اآلخر في ذكر طريق الكتاب. فمثال ان اآلغ

الثاني، في حين ان هذا األخير ذكر طريقه عبر العالمة الحلي، مع ان الحلي ال طريق له اليه غير ابن طاوس. لكن مع هذا فللشهيد الثاني طريق آخر إلى الكتاب عبر النجاشي، إال

ترجمة ابن الغضائري ان هذا األخير لم يذكر وجود هكذا مصنف رغم تعرضه إلى

.971ومصنفاته، ولم يورد ما يشعر به في كتابه كلهنعم، ذكر الشيخ الطوسي في مقدمة فهرسته بأنه كان البن الغضائري الذي وافته المنية

كتابان لهما عالقة بذكر المصنفات من الكتب واالصول المروية، فكان أحدهما يخص

ذلك بقوله ان هذين الكتابين لم ينسخهما أحد المصنفات، واآلخر يخص االصول، لكنه اعقبمن األصحاب، ونقل عن البعض أنه عندما مات ابن الغضائري عمد بعض ورثته إلى

.972اتالفهما بمعية عدد من الكتب

.56معرفة الحديث، ص 968 .288، ص4هـ، ج1403الذريعة، الطبعة الثانية، 969 .81و 89، ص10الذريعة، ج 970 .45ـ44، ص1معجم رجال الحديث، ج 971 .2ـ1الفهرست، ص 972

حيى محمد ي مشكلة الحديث

154

كما هناك من شكك بوجود هكذا كتاب في زمن الشيخين الطوسي والنجاشي، وإال لما

ان الشيخين كانا حريصين بصدد بيان الكتب غفال عن ذكره لصاحبه أو حتى لوالده، رغم

. وبحسب رأي بعض 973التي صنفها اإلمامية بما فيها تلك التي سمعا عنها من غير رؤية. ورأى بعض آخر ان الكتاب قد 974المحققين ان الكتاب لم يكن له أثر قبل عصر ابن طاوس

الكتاب وضعه بعض المخالفين ونسبه إلى ابن الغضائري ألغراض واضحة، وهو ان

يتصف بشدة تضعيف رجال الشيعة ممن يعتمد عليهم في الرواية، فقليل ما يسلم منه أحد، األمر الذي أثر على توثيقات المتأخرين، واإلعتماد عليه يوجب رد أكثر أخبار الكتب

، حتى قيل إن السالم من رجال الحديث من 975المشهورة كما صرح بذلك بعض المتأخرين

.976تماد على كتابه في الجرح طرح لما سواه من الكتبسلم منه، وأن اإلعوحاول الشيخ الطهراني ان يبرئ ساحة ابن الغضائري مما جاء في الكتاب، فاعتبره

أجل من ان يكون له هكذا كتاب، وأجل من ان يقحم نفسه في هتك اساطين الدين المعروفين

المعاندين لكبراء الشيعة بالتقوى والعفاف والصالح، ورجح ان يكون واضع الكتاب منفاراد الوقيعة فيهم بكل وجه وحيلة، فألف الكتاب وأدرج فيه بعض مقاالت ابن الغضائري

. 977تمويها ليقبل عنه جميع ما أراد إثباته من الوقائع والقبائح

في حين ذهب بعض المعاصرين إلى ان كتاب الضعفاء هو فعال البن الغضائري، وأن واة والمشايخ لم يكن مستندا إلى الشهادة والسماع، بل كان اجتهادا منه تضعيفه وجرحه للر

حسب ما يراه من روايات الراوي، فإن رآها مشتملة على الغلو واالرتفاع، وصفه بالضعف

.978ووضع الحديث، لذلك صحح روايات عدة رواها القميون ألنه وجدها خالية من ذلك

ـ رجال النجاشي3توثيق إال ما قدمه الشيخان المتعاصران النجاشي والطوسي خالل القرن لم يبق لدينا في ال

الخامس للهجرة. فقد وصلنا من األول كتاب واحد يسمى )رجال النجاشي(. وعرف الرجل

بضبطه وتخصصه في علم الرجال، وإعتمد عليه كل من تأخر عنه، فهو اضبط الجماعة

ولم يستبعد البعض ترجيح قوله على قول واعرفهم بحال الرجال كما يقول الشهيد الثاني.. بل ذهب العديد من العلماء إلى تقديمه في فن الرجال 979معاصره الطوسي عند التعارض

على غيره؛ تعويال على كتابه الذي عد ال نظير له في هذا الباب كما صرح السيد بحر العلوم

ألصول الرجالية األربعة . واعتبر الطهراني كتاب النجاشي عمدة ا980في فوائده الرجالية .981نظير الكافي بين كتب الحديث األربعة

وأول ما يالحظ في كتاب النجاشي هو أنه يستهدف البحث عن أصحاب المصنفات من

الشيعة وليس الكشف عن أحوال الرجال، وان االسم الحقيقي للكتاب هو )الفهرست( حيث الذين كثرت كتبهم ومصنفاتهم، فحاول صنفه ليثبت ان في قدماء الشيعة الكثير من المصنفين

جهده ان يجمع ما أمكنه من اسماء المصنفين المعروفين بالكتب، فكان كتابه من الفهارس

.44، ص1معجم رجال الحديث، ج 973 .89، ص10الذريعة، ج 974 .84، ص6اعيان الشيعة، ج 975 .66، ص1مستدرك الوسائل، جخاتمة 976 .89، ص10الذريعة، ج 977جعفر السبحاني: كليات في علم الرجال، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم، الطبعة الثالثة، 978

.http://hozeh.tebyan.net، عن مكتبة التبيان االلكترونية: 94هـ، ص1414 .46ـ45، ص2م: الفوائد الرجالية، ج. وبحر العلو69، ص1روضات الجنات، ج 979 .46، ص2الفوائد الرجالية، ج 980 .154، ص10الذريعة، ج 981

حيى محمد ي مشكلة الحديث

155

التي تخص معرفة المصنفات وأصحابها، وليس فيه ذكر لمن ليس له كتاب أو تصنيف. ومع

ما تضمن الكتاب توثيق الرجال المصنفين، فاعتبر لهذا م ن كتب علم الرجال، ذلك فغالبا

وإن خال من التفصيل عن األحوال عادة. فقد تناول فيه النجاشي أكثر من ألف ومائتي ( مادة رجالية رغم صغر حجمه بحيث ال يعطي صورة كافية للتوثيق، وعبر عن 1269)

أغلب رجاله بلفظة )ثقة( مفردة أو مقترنة بالفاظ أخرى، وفي بعض األحيان أنه يذكر اسم

مع كتابه أو مصنفاته فحسب، أو يذكر عنه أنه روى عن اإلمام الفالني، أو يذكر الراوي ما ال يزيد ذكره عن المادة الواحدة أكثر من ثالثة أو أربعة اسمه دون شيء آخر، وغالبا

اسطر حسب الطبعة الحديثة التي إعتمدناها، ويتخلل ذلك نقله للسند أو الثنا والعنعنة.

فقد الحظنا ان عدد كثر هم أ المصنفين الذين أورد اسماءهم دون ذكر شيء عنهم تماماجال من عشرة رجال، وان الذين تحدث عنهم بما ال يتجاوز السطر الواحد هم سبعون ر

سطر الثالثة اوز اتقريبا، وبما ال يتجاوز السطرين يقاربون مائة وثمانين رجال، وبما ال يتج

ال ، وبمايتجاوز األربعة اسطر يقاربون مائتين وستينيقاربون مائتين وسبعين، وبما ال قارب ييتجاوز الخمسة اسطر يقاربون مائة وثمانين. والمجموع الكلي لهذه التقديرات

ورة ن مذكتسعمائة وسبعين رجال. اي ان هناك ما يقارب ألف مادة رجالية هي بين ان تكو

لبها ، وأغم يذكر عنها شيء بالمرةبسطر واحد أو اثنين أو ثالثة أو أربعة أو خمسة أو لل كتجاوز ، فقديتخللها ذكر السند والعنعنة، وما تبقى، وهو ما يقارب ثالثمائة مادة رجالية

منها الخمسة اسطر، فقد تكون ستة أو سبعة أو صفحة أو أقل أو أكثر قليال.

ان ويل، تفصويتضح مما سبق ان الغالب في المواد الرجالية لم يذكر عنها شيء يفيد ال الكتبالتفصيل الذي يذكره النجاشي عادة ما يكون عبارة عن تعداد اسماء المصنفات و

م كتبللراوي، فكما قلنا ان كتابه لم يوضع للكشف عن أحوال الرواة، بل لذكر من له

واد. ومصنفات، وان كان قد جرى له التوثيق والجرح والتعديل في أغلب ما عرضه من م ما تتكرر لفظة )ثقة( منفردة، ويفوق تكررها ما قد تقترن وفي الكتاب غالب من غيرهابا

ن ثقة : كااوصاف. ومن هذه االوصاف التي ذكرها النجاشي مقترنة بتلك اللفظة؛ قوله مثال

ثقة ديث، أوي الحفصدوقا، أو أنه ثقة ثقة، أو ثقة عين، أو ثقة ثقة عين، أو ثقة ثبت، أو ثقة حيح صصحيح الحديث معتمد عليه، أو ثقة قليل الحديث، أو ثقة صحيح الحديث، أو ثقة

ر ة كثيالمذهب صالح، أو ثقة صحيح السماع، أو ثقة كثير الحديث صحيح الرواية، أو ثق

تمد واية معي الرالرواية، أو ثقة في الحديث، أو ثقة جليل في أصحابنا، أو ثقة جيد الحديث نقي عن وعمر وعال إسناده، أو ثقة في نفسه ويروعليه، أو ثقة في أصحابنا سمع وأكثر

ما يرويه تقنا ليثه مالضعفاء ويعتمد على المراسيل، أو كان ثقة قارئا اديبا، أو كان ثقة في حد

ثه يدأو ثقة في ح فقيها بصيرا بالحديث والرواية، أو كان ثقة في حديثه ورعا ال يطعن عليه، إلى روايته غير ان قيل فيه إليروي عن الضعفاء، أو ثقة في حديثه مسكومسكونا ى نا

و أقفي، روايته ال يعترض عليه بشيء من الغمز حسن الطريقة، أو أنه ثقة في الحديث وا

وثقة في الحديث، أو هو مضطرب المذهب وكان ثقة فيما يرويه، أو ش يخ منكان فطحياهاد و من زفيما يرويه، أو هأصحابنا ثقة، أو كوفي ثقة ال بأس به، أو أحد أصحابنا ثقة

أصحابنا وعبادهم ونساكهم وكان ثقة، أو كان يبيع الخرق ثقة... الخ.

كما هناك صفات أخرى ذكرها النجاشي تدل على مدح الراوي أو المصنف، مثل قوله: شيخ من أصحابنا روى عن فالن مثال، أو هو رجل من أصحابنا، أو وجه في هذه الطائفة

كوفة، أو له محل عند األئمة، أو كان خيرا، أو كان خيرا فاضال، أو له من بيت جليل بال

اطالع بالحديث والرواية والفقه، أو كان فقيها متكلما، أو من اجالء الطائفة وفقهائها، أو هو راوية وكان لغويا نحويا فقيها في أصحابنا قارئا من وجوه أصحابنا مشهور، أو كان وجها

حيى محمد ي مشكلة الحديث

156

ثير العبادة والزهد، أو كان صحيح الحديث والمذهب، أو رجل جليل في حسن العمل ك

أصحاب الحديث مشهور بالحفظ، أو حديثه ليس بالنقي وان كنا ال نعرف منه إال خيرا، أو

سيد في هذه الطائفة لكن بعض أصحابنا يغمز عليه في بعض رواياته، أو كان عظيم المنزلة واالدب والعلم، أو صالح الرواية يعرف منها وينكر، أو عند اإلمام، أو كان من أهل الفضل

ال بأس به... الخ.

كذلك وصف النجاشي عددا من رجاله بالضعف والكذب والمغاالت، مثل قوله: هو في الحديث غير معتمد فيه، أو ك ان ضعيف، أو هو ضعيف في الحديث، أو كان ضعيفا

ه ب، أو هو ضعيف في مذهبه، أو أنضعيف الحديث فاسد المذهب، أو كان فاسد المذه

ن في ضعيف جدا ال يلتفت اليه، أو أنه ضعيف لكن له كتاب حسن، أو هو ضعيف يقال اصحابنا أيت أمذهبه ارتفاعا، أو ضعفه أصحابنا، أو أنه روى عن المجاهيل أحاديث منكرة ر

و كان أفع، لو وتريضعفونه، أو هو كثير السماع ضعيف في مذهبه، أو كان واقفيا، أو فيه غ

كذابا، أو هو ممن طعن عليه ورمي بالغلو، أو غمز أصحابنا فيه، أو ق و غال هالوا غاليا يعرف منه وينكر، أو هو معدن التخليط له ي فكتب وحديثه يعرف وينكر، أو كان مختلطا

التخليط... الخ.

يذكر حيانا رجاله، فأيضاف إلى ان النجاشي لم يذكر شيئا من التوثيق في حق الكثير من أو مجموعة من ب، أو الكت اسم الرواة فقط، وأخرى ال يذكر في حق الرجل إال ان له كتابا

خ.ا... الد كذيذكر أنه روى عن اإلمام الفالني، أو ان له مسائل إلى اإلمام، أو أنه من بال

وتبعا لما سبق يمكن ان نسجل المالحظات النقدية التالية:

لفظة ذه الهلرجال الذين ذكرهم النجاشي قد حكم عليهم بالثقة، سواء كانت ان أغلب ا ـ1

د نفردة قة الممنفردة أو مقترنة مع غيرها من الصفات المتعلقة بالتوثيق. على ان لفظة الثق

ا وردمفاق تكررها كثيرا تلك التي وردت مقترنة مع غيرها من االوصاف األخرى. لكن ي. ه الراوينقل ة المنفردة ال تكفي ألن يعول عليها في توثيق مامن هذه االوصاف يجعل اللفظ

عليه عتمادفمثال ان النجاشي رغم توثيقه لبعض رجاله إال أنه يقرن ذلك بصفات تمنع اإل

الثقة رجل بأحيانا، مثل ان يصفه بأنه يروي عن الضعفاء أو يعتمد المراسيل، وقد يصف اللخ، اديث، أو يصف الرجل بأنه ثقة في الحديث... ويقرن مع هذا الوصف أنه صحيح الح

ة، فقد لروايوكل ذلك ينبئ عن ان انفراد لفظة الثقة ال تدل على وثاقة الرجل في النقل وا

يكون ثقة ال يكذب لكنه ضعيف الحافظة أو غير دقيق وضابط للحديث، لذلك وصف ب ن أغلامما يدل على النجاشي البعض بالثقة واقرن معه أنه صحيح السماع أو الرواية.

المات لهم عرجال النجاشي لم يتعين في حقهم التوثيق الخاص بالنقل والرواية، ولم ترد حو

دالة على الحفظ واالتقان.

اة الرو لقد اقتصر كتاب النجاشي على المصنفين الشيعة، وهو بذلك ال يغطي مساحة ـ2

ام اإلم فات التي ظهرت في عصرالذين لم يعرف لهم مصنفات. فكما مر معنا ان عدد المصن

ربعة الصادق كانت تقدر بأربعمائة مصنف، في حين ان الذين رووا عن الصادق كانوا أطلب آالف رجل، فعدد هؤالء اعظم من عدد المصنفين بأضعاف كثيرة، وهم غائبون عن م

،النقلالكتاب. يضاف إلى ان الكتاب قد شمل علماء ومصنفين ال عالقة لهم بالرواية و

اب و أصحكالشعراء واألدباء والمتكلمين وما اليهم، وان كان غالب ما تضمنه الكتاب ه الرواية والحديث.

ال يذكر السند، كما ـ3 يغلب على طريقة النجاشي االهتمام بالسند المتصل، وأحيانا

عة وما يصدر سنده أحيانا بعبارة )اخبرنا عدة من أصحابنا( أو ما يقابلها من معنى مثل الجمااليها، وذلك على شاكلة ما الفه أصحاب الحديث؛ مثل الكليني والطوسي. مع هذا فإن اهتمام

حيى محمد ي مشكلة الحديث

157

النجاشي بالسند جعله ينقل كيفية مختلفة من االتصال بين الرواة، فهو عادة ما يصدر السند

بلفظة )اخبرنا( وبعد ذلك قد يخلل أواسطه بعبارة العنعنة ثم يعقبها بعبارات دالة على

التصال والسماع المباشر، مثل عبارة )قال حدثنا..( ويذكر اسم الراوي، أو قد يكون العكس افيروي بمثل هذا السماع المباشر ثم يعقبه بالعنعنة، وأحيانا يمتزج الحال باشكال من التعاقب

في سلسلة السند الواحد، مثل قوله في أحد رجاله: )اخبرنا به احمد بن محمد عن احمد بن

قال: حدثنا عمر بن احمد بن كيسبة عن علي بن الحسن الطاطري قال: حدثنا محمد بن محمد. وهذا يعني ان هناك تمايزا بين العنعنة وبين السماع المباشر، وان 982زياد عن عبد هللا(

وجود األولى دال على المسامحة في النقل، كالذي يحصل في نقل األحاديث، حيث هو اآلخر

بفعل غياب ما يدل على االتصال والسماع المباشر. قائم على المسامحة

ـ فهرست الطوسي4أما ما قدمه الشيخ الطوسي في علم الرجال فهو ان له كتابين يعرفان برجال الطوسي والفهرست. ويسمى الكتاب األول باألبواب، حيث أنه مرتب على أبواب بعدد رجال صحابة

عنهم مباشرة أو بواسطة، وقد جاء في مقدمة النبي وأصحاب كل واحد من األئمة ممن روى

اني قد أجبت إلى ما تكرر سؤال الشيخ الفاضل فيه، من جمع كتاب ››الكتاب قول الطوسي: يشتمل على اسماء الرجال، الذين رووا عن رسول هللا )ص( وعن األئمة )ع( من بعده إلى

حديث أو من عاصرهم ولم يرو زمن القائم )ع(، ثم أذكر بعد ذلك من تأخر زمانه من رواة ال

عنهم. وأرتب ذلك على حروف المعجم، التي أولها الهمزة وآخرها الياء، ليقرب على لمن لم يرو 983‹‹ملتمسه طلبه، ويسهل عليه حفظه . وفي آخر الكتاب وضع الطوسي بابا

عنهم. وهو قد يذكر اسم الرجل في بعض األبواب ثم يكرر ذكره في باب من لم يرو عنهم،

فيبدو في األمر تناقض، مما جعل المتأخرين يوجهونه بعدد من التوجيهات؛ كالحكم بتعدد . 984االشخاص مع اتفاق االسم

جال ء الرلكن تبقى مشكلة الكتاب هو أنه يكاد يخلو من التوثيق ويقتصر على ذكر اسما

ن مما ةونسبهم وطبقاتهم، إذ ألفه الطوسي لهذا الغرض، وإن أشار في النادر إلى كلم التوثيق.

أما كتاب الفهرست فهو العمدة لدى علماء الرجال والتوثيق، ونظرة داخلية له ترينا بأن

( مادة. والغالب في طريقة الطوسي أنه يذكر 888مجموع مواده الرجالية تقارب تسعمائة ) يذكر عبارة )ا خبرنا عدة السند بالعنعنة، لكنه يصدره بعبارة الثنا حدثنا أو اخبرنا، وأحيانا

من أصحابنا( وما شاكلها، كما قد ال يذكر السند تماما. وحديث الطوسي في أغلب مواده

مختصر وقليل، إلى درجة قد ال يتجاوز حد السطرين لكل مادة، بما فيها ذكر اسم الراوي وسلسلة السند، وذلك حسب الطبعة الحديثة التي إعتمدناها، وان حوالي ثالثة أرباع المواد ال

يتجاوز كل منها الثالثة اسطر. وتعد كلمات التوثيق في الرجال عند الطوسي قليلة، وأغلب

ما كان يذكره في رجاله هو االكتفاء بتعريف الرجل ان له كتابا؛ دون ان يعرف باسم الكتاب. وهو في كثير من األحيان ال يهتم بنقل السند، كما قد يذكر ان للرجل اصال دون ذكر

قليلة يكتفي بأن يقول ان له كتبا أو اسمه، أو ان له روايات أو نوادر أو مسائل، وأحيانا

يشير إلى اسماء الكتب والمصنفات. وفي أخبارا أو مصنفات، لكنه في حاالت كثيرة أيضا

.221رجال النجاشي، ص 982رجال الطوسي، تحقيق جواد القيومي االصفهاني، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم، 983

.17صهـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، المقدمة، 1415 .165، ص9، واعيان الشيعة، ج120، ص10الذريعة، ج 984

حيى محمد ي مشكلة الحديث

158

كتاب الطوسي هناك جماعة كثيرة لم يعرفوا باسمائهم سوى الكنية أو اللقب أو القبيلة أو

كان يذكره عن الواحد منهم ان له كتابا، وقد يذكر السند، كما قد ال يذكره، البلد، وأغلب ما

أو يكتفي بعبارة رواه فالن وما إلى ذلك. كما في الكتاب حالتان لم يذكر فيهما شيء غير ، وحالة أخرى عرفها بالكنية واللقب، دون ان يذكر 985االسم فحسب، وهما حالة زيد البرسي

. 986خص أبا حفص الرمانيحولها شيئا آخر، وهي ت

ارتباط المتأخرين بالطوسي واالنسدادبين، ردنا ان نقارن بين فهرست الطوسي وفهرست النجاشي، برؤية داخلية للكتاألو

ا ، وان ملثانيسنجد ان األول أقل قيمة من الثاني، فعدد الرجال في األول أقل مما جاء في ان هو ا مما ذكره النجاشي. واألهم من ذلك ذكره الطوسي من اسطر ألغلب المواد هو أقل

كان ا ماالطوسي قلما تعرض لتوثيق رجاله بخالف ما فعله النجاشي. كما ان الطوسي غالب

أو اصال أو روايات أو غير ذلك دون ان يحدد اسم وهو اءها،يعرف الرجل بأن له كتابا فإن سلسلة السند التي ذكرها ة بعد لعنعنالطوسي تمتلئ با خالف ما فعله النجاشي، وأيضا

التصدير بلفظة اخبرنا وما على شاكلتها.

ردنا ان نقارن بين الكتابين برؤية خارجية فسنجد ان هناك من قدم رجال أأما لو النجاشي على كتابي الطوسي )الفهرست والرجال( العتبارات عدة كتلك التي ذكرها السيد

هة هو ان النجاشي تأخر في تصنيف كتابه بعد ان مهدي النجفي في فوائده الرجالية. فمن ج

صنف الطوسي كتابيه، وقد ذكرهما في رجاله، مما ينبئ أنه استوفى ما لم يستوفه الطوسي. كما من جهة ثانية عرف هذا األخير بكثرة المشاغل وتعب العلوم بخالف النجاشي الذي لم

ه. كذلك يعد النجاشي افضل من يتشعب في العلوم ولم تكن له المشاغل التي كانت لقرين

الطوسي في علوم التاريخ والسير واالنساب، ثم أنه من أهل الكوفة التي أكثر الرواة منها. يضاف إلى ما اتفق له من صحبة الشيخ ابن الغضائري الذي عرف بتخصصه في هذا الفن،

في علم والذي ذكره الطوسي في مقدمة )الفهرست( بأنه الوحيد الذي استوفى الحديث

الرجال بخالف غيره من مصنفي المذهب. وأخيرا فإن النجاشي قد ادرك الكثير من المشايخ . 987العارفين بفن الرجال ممن لم يدركهم الطوسي

وهناك من أضاف وجها آخر من وجوه تقديم رجال النجاشي على كتابي الطوسي، وهو

كمال مهارة صاحبه وقوة اطالعه، ان األول يعد من أواخر كتب النجاشي، اي أنه نتج بعد فه في شبابه قبل وليس هو الحال مع كتابي الطوسي، خاصة فيما يتعلق بالفهرست الذي أل

. كذلك فإن جماعة من العلماء رجحوا رجال النجاشي 988ان تتبلور مهارته ويقوى اطالعه

لل في كالمه على الطوسي، لتسرع األخير وكثرة تأليفه في العلوم الكثيرة، مما جعل الخ .989عظيما

يضاف إلى ان النجاشي انما صنف كتابه بأمر من استاذه المرتضى، مما قد يعني ان هذا

األخير لم يكن مقتنعا بما قدمه الطوسي في هذا المجال، فقد أشار النجاشي إلى ذلك في بدء فاني وقفت على أما بعد ››مقدمته للكتاب، مصورا العلة التي دفعته إلى تصنيف كتابه، فقال:

من تعيير قوم من مخالفينا أنه ال سلف -أطال هللا بقاءه وادام توفيقه -ما ذكره السيد الشريف

.71الفهرست، ص 985 .191الفهرست، ص 986 .71ـ70، ص1روضات الجنات، ج 987 .155، ص10الذريعة، ج 988 .382نهاية الدراية، ص 989

حيى محمد ي مشكلة الحديث

159

لكم وال مصنف، وهذا قول من ال علم له بالناس وال وقف على أخبارهم، وال عرف منازلهم

لم وال وتاريخ أخبار أهل العلم، وال لقي أحدا فيعرف منه، وال حجة علينا لمن ال يع

. وكأن النجاشي بفعله هذا قد تبنى مهمة تصحيح ما قدمه الطوسي من تحقيق 990‹‹عرفوتوثيق، خاصة أنه لم يعلق على كتابي الطوسي حين تعرض إلى ترجمته سوى ان عدهما

ضمن مصنفاته، وانه في المقدمة نفى ان يكون هناك كتاب لألصحاب استوفى جمع

. 991مصنفات علماء المذهبا فالمعروف ان العلماء المتأخرين قد ارتبطوا بالطوسي أكثر من غيره في معرفة مع هذ

حال المتقدمين، فقد اعتبروه حلقة الوصل بين المتأخرين والمتقدمين من أصحاب األصول

األربعمائة، لكثرة ممارسته التوثيق في كتب الحديث والفقه التي ألفها، ولهيمنة شخصيته لماء في مختلف العلوم النقلية؛ حتى أصبح تقليده من المسلمات على من جاء بعده من الع

خالل قرن من الزمان تقريبا. فقد كانت توثيقاته وفتاويه هي العمدة لمن جاء بعده، واعتبر

العلماء ان أصول المذهب كلها راجعة اليه، خاصة وقد انقطعت السلسلة بعده فاصبح أغلب ويستدلون بها كما يستدل بالرواية على ما صرح به ابن الناس يقلدونه ويعملون بفتاويه، بل

ادريس الحلي وغيره. فهم حين يذكرون طرقهم إلى أرباب األصول والكتب المعاصرين

.992لألئمة يتوسلون بطرقهم إلى الطوسي ثم يحيلون األمر بعد ذلك إلى طرقهعرفنا، إال ان فيه لكن مع ان الطوسي هو الرابط األعظم بين المتأخرين والمتقدمين كما

جملة من نقاط الضعف والتناقض، إلى الدرجة التي قد يصعب معها اإلعتماد عليه في

التوثيق والنقل واالدعاء. فقد وصفه البعض بأنه كان يضعف الرجل في موضع ويوثقه في . ومن ذلك أنه كان يصرح بصحة 993موضع آخر، وآراؤه في هذا وغيره ال تكاد تنضبط

، وهو في مقدمة 994روايات أصحاب العقائد المنحرفة ما لم يعرفوا بالكذب اإلعتماد على

)الفهرست( أشار إلى ان الكثير من ارباب األصول هم ذوي عقائد فاسدة وان كانت كتبهم روايات بعض الثقات منهم بعلة االنحراف في المذهب معتمدة، لكنه مع هذا ال يتقبل أحيانا

طرحه بعض األخبار التي رواها سماعة معلال ذلك بأنه واقفي، واإلعتقاد، كما هو الحال في

. وفي كتابه )الرجال( تارة أنه يذكر الرجل في 995وقد عرف الرجل بقوة الوثاقة والجاللةرجال أحد األئمة، وأخرى في رجال غيره، وثالثة فيمن لم يرو. فمثال أنه ذكر يحيى بن زيد

مع أصحاب الكاظم مع أنه استشهد في زمان بن علي بن الحسين مع أصحاب الصادق و

الصادق، وذكر قتيبة بن محمد االعشى مرة في رجال الصادق، وأخرى فيمن لم يرو، وكذا ذكر كليب بن معاوية االسدي مرة في أصحاب الباقر، ومرة في أصحاب الصادق، وأخرى

الصادق، فيمن لم يرو، والشيء نفسه مع فضالة بن أيوب فإنه ذكره تارة في أصحاب

وأخرى في أصحاب الرضا، ومرة فيمن لم يرو، ومثل ذلك محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين، حيث ذكره مرة في أصحاب الرضا، ومرة في أصحاب الهادي، وأخرى في

أصحاب العسكري، ومرة فيمن لم يرو، ومثله القاسم بن عروة، حيث ذكره مرة في أصحاب

ى هذه الشاكلة رجال مثل معاوية بن حكيم والقاسم بن الصادق، وأخرى فيمن لم يرو، وعلمحمد الجوهري وغيرهم. مع أنه أخذ على نفسه في أول كتابه أن يذكر أصحاب النبي )ص(

واألئمة )ع( إلى القائم الذين رووا عنهم كال في بابه، ثم يذكر من تأخر عنهم من رواة

.3رجال النجاشي، المقدمة، ص 990 .403و 3رجال النجاشي، ص 991 .43، ص1معجم رجال الحديث، ج 992 .222، ص6ات الجنات، جروض 993 .231ـ230معالم الدين، ص 994 .59رسالة االجتهاد واألخبار، ص 995

حيى محمد ي مشكلة الحديث

160

بعض العلماء صدق ما ذكره الحديث أو عاصرهم، ومن لم يرو عنهم. مع هذا احتمل

الطوسي بحسب التأويل وخالف الظاهر، وهو أنه قد يصحب الرجل الواحد إمامين أو ثالثة

.996فيذكره في رجال الكل، وربما يصحب وال يروي فيذكره في األصحاب وفيمن لم يرو للمحقق اسماعيل لالضطراب المعروف عن الطوسي فقد نقل الخوانساري كالما وتبعا

ال يسوغ تقليد الشيخ )الطوسي( في معرفة أحوال الرجال، وال تفيد ››اجوئي يقول فيه: الخ

أخباره بها ظنا، بل وال شكا في حال من األحوال، ألن كالمه في هذا الباب مضطرب، ومن اضطرابه أنه يقول في موضع ان الرجل ثقة، وفي آخر أنه ضعيف، كما في سالم بن مكرم

اد من رجال علي بن محمد الهادي )ع(. وقال في )الرجال(: محمد بن الجمال، وسهل بن زي

علي بن بالل ثقة، وفي كتاب )الغيبة( أنه من المذمومين، وفي عبد هللا بن بكير: أنه ممن عملت الطائفة بخبره بال خالف، وكذا في )العدة( وفي )االستبصار( في أواخر الباب األول

ل على فسقه وانه يقول برأيه، وفي عمار الساباطي أنه من أبواب الطالق منه صرح بما يد

ضعيف ال يعمل بروايته، وكذا في )االستبصار( وفي )العدة( ان الطائفة لم تزل تعمل بما يرويه، وأمثال ذلك منه كثير جدا. وأنا إلى اآلن لم أجد أحدا من األصحاب غير الشيخ في

أو يعمل بروايته اذا انفرد بها، ألنه خبيث هذا الكتاب يوثق علي بن أبي حمزة البطائني،

واقفي كذاب مذموم... ومن اضطرابه أنه رحمه هللا تارة يشترط في قبول الرواية اإليمان والعدالة، كما قطع به في كتبه االصولية، وهذا يقتضي ان ال يعمل باألخبار الموثقة

ط ظهورها؛ ومقتضاه العمل والحسنة، وأخرى يكتفي في العدالة بظاهر اإلسالم، ولم يشتر

كالصحيح. ووقع له في الحديث وكتب الفروع غرائب، فتارة يعمل بالخبر بهما مطلقاالضعيف، حتى أنه يخصص به أخبارا كثيرة صحيحة حيث يعارضه باطالقها، وتارة

وال يصرح برد الحديث لضعفه، وأخرى يرد الصحيح معلال أنه خبر واحد ال يوجب علما

.997‹‹ما عليه المرتضى علم الهدى وأكثر المتقدمينعمال ككما عرضه الشيخ يوسف البحراني إلى النقد، فذكر أنه قد وقع للشيخ الطوسي، ال سيما

من السهو والغفلة والتحريف والنقصان في متون األخبار وأسانيدها، وقلما ››في التهذيب

تاب )التنبيهات( الذي صنفه يخلو خبر من علة من ذلك كما ال يخفى على من نظر في كالعالمة السيد هاشم في رجال التهذيب، وقد نبهنا في كتابنا )الحدائق الناضرة( على ما وقع

له من النقصان في متون األخبار، حتى ان كثيرا ممن يعتمد في المراجعة عليه وال يراجع

كما وقع لصاحب غيره من كتب األخبار وقعوا في الغلط وارتكبوا في التفصي منه الشطط . 998‹‹)المدارك( في مواضع من ذلك

***

نخلص مما سبق إلى ان ما ورثه المتأخرون عن معرفة المتقدمين هي تلك التي قدمها لهم الطوسي ومعاصره النجاشي رغم الفاصلة الكبيرة التي تفصل زمانهما عن عصر

لتعدد المتقدمين، وعادة ما تكون سلسلة السند في توثيقات هذين الرجل ين للرواة طويلة تبعا

الوسائط من خبر الواحد، وهي في النتيجة ال تعطي المادة الكافية. واذا عرفنا ان أغلب نصوص الحديث رويت عن اإلمام الصادق، فإن الفاصلة التي تفصل بين عصر هذا اإلمام

رن وعصر النجاشي والطوسي تقارب الثالثمائة سنة، حيث توفي الصادق في منتصف الق

هـ( وكذا 450هـ( وتوفي النجاشي في منتصف القرن الخامس للهجرة )148الثاني للهجرة )توفي الطوسي قريب هذه الفترة، وبين المدتين فاصلة كبيرة، فكيف يمكن االطمئنان إلى

.384ـ382نهاية الدراية، ص 996 .283. كذلك: نهاية الدراية، ص246ـ245، ص6روضات الجنات، ج 997 .218، ص6. وروضات الجنات، ج298لؤلؤة البحرين، ص 998

حيى محمد ي مشكلة الحديث

161

توثيقهما للرواة الذين عاصروا الصادق ورووا عنه مع طول هذه المدة وقصر العبارات

بها، إذ غالبا ما ال تفي بشيء مهم في التعرف على الراوي؟! التي اورداها واقتضا

علما بأن الشرط الزمني في التوثيق ليس غائبا عن اعين بعض المحققين. فهذا أبو القاسم الخوئي يرى ان من شروط التوثيق هو أن يكون من أخبر عن وثاقته معاصرا للمخبر أو

بعيدا عن عصره، ألنه يكون مبنيا على الحدس قريب العصر منه، وال عبرة بتوثيق من كان

على توثيق الشيخين الطوسي 999واالجتهاد فحسب . وال شك ان هذا الحال ينطبق تماماوالنجاشي ومن عاصرهما. وفيه يتبين انسداد علم التوثيق سواء أخذنا األمر من حيث اجتهاد

للنقل والرواية، حيث الوسائط هؤالء الموثقين، أو اعتبرنا انهم انما بنوا توثيقاتهم تب عا

الكثيرة، وفي كال الحالين ان ذلك ال يعد بينة شرعية من باب الشهادة وال يقبل مثله في . بل وحتى التعديل فيه ال يتعدى عادة حدود 1000الحقوق كالذي أشار اليه الشيخ األنصاري

نصوص المروية عن العدل الواحد، ولو اشرط التعديل بعدلين ألوجب ذلك خلو األحكام وال

. 1001الدليلان تحصيل العلم بعدالة كثير من الماضين وبرأي ››وال يصح ما قاله بعض العلماء من

جماعة من المزكين أمر ممكن بغير شك من جهة القرائن الحالية والمقالية، إال أنها خفية

ال من عظم في المواقع متفرقة المواضع، فال يهتدي إلى جهاتها وال يقدر على جمع أشتاتها إ. ذلك أنه اذا كانت كتب الرجال قد 1002‹‹طلب االصابة جهده، وكثر في تصفح االثار كده

ذهبت وان األخبار حول القدماء متضاربة، وهي فضال عن ذلك ال تعطي في كثير من

األحيان التفصيل حول حياة القدماء فكيف يكون باالمكان الوصول إلى العلم بعدالة القدماء هم. بل ان التعديل قائم على المسامحة، وعلى ما يرى الشيخ الهمداني أنه ال يكاد أو توثيق

يوجد خبر يمكن إثبات عدالة رواته على سبيل التحقيق لوال البناء على المسامحة والعمل

بظنون غير ثابتة الحجية. األمر الذي دعاه إلى ترك الفحص عن حال الرجال ومعرفة ا سلكه األصحاب من االعتناء باألحاديث المدونة في الكتب أحوالهم، وذلك تعويال عم

، وهي النزعة التي يؤكد عليها اإلخباريون. بل ذهب 1003المعتبرة وعدم اعراضهم عنها

البعض إلى ان الظن الحاصل من الخبر الذي استفيدت عدالته من تزكية الواحد قد يكون .1004أضعف مما يحصل من أصالة البراءة أو عموم الكتاب

ا.عرضه بهذا يكون العلم بتوثيق الرواة متعذرا تماما تبعا للمبررات التي سبقو

أصحاب األئمة والتوثيقمن حيث التطبيق يمكن القول ان كل ما سبق ذكره في تعذر التوثيق هو مما يصدق على

أصحاب األئمة مثلما يصدق على غيرهم. فقد اعترف عدد من علماء المذهب بأن توثيق األئمة مبني على الظن االجتهادي وليس من باب الشهادة وال الرواية المصطلحة، أصحاب

وعللوا ذلك النسداد علم التوثيق وعدم القدرة على معرفة حقيقة أحوال األصحاب عن قرب،

وكانت هذه المسألة احدى أسباب الزعم بانسداد الطريق إلى علم األحكام. وكان من أبرز

.43، ص1معجم رجال الحديث، ج 999

.215، ص1صول، جفرائد اال 1000. كذلك: محمد حسين األصفهاني: الفصول الغروية في األصول الفقهية، دار إحياء 188، ص1فرائد االصول، ج 1001

.402هـ، ص1404العلوم اإلسالمية، قم، .373. ونهاية الدراية، ص21، ص1منتقى الجمان، ج 1002الجتهاد والتقليد، تحرير الميرزا علي الغروي أبو القاسم الخوئي: التنقيح في شرح العروة الوثقى، كتاب ا 1003

.26التبريزي، مقدمة عبد الرزاق الموسوي المقرم، مطبعة اآلداب، النجف، ص .373. ونهاية الدراية، ص22، ص1منتقى الجمان، ج 1004

حيى محمد ي مشكلة الحديث

162

تجاه وحيد الدين البهبهاني، إذ نفى وجود القطع في وثاقة أصحاب الذين ذهبوا إلى هذا اال

األئمة، رغم ان علماء المذهب رسموا لهم صورة ملؤها التعديل والتبجيل، أمثال زرارة بن

اعين وليث المرادي وحريز وعبد العظيم بن عبد هللا الحسني والهشامين وغيرهم ممن هم إستنتج البهبهاني من كلمات علماء الرجال مصدر التعويل في تصحيح الحديث. فقد

كالنجاشي والطوسي والكشي وغيرهم أنه لم يحصل لهم القطع في وثاقة هؤالء األصحاب،

وكذا وثاقة ارباب االصول. وصرح بأن المتأمل في كلمات أصحاب الرجال المشار اليهم م قطع بوثاقة كل من سلفا، وكذا أصحاب الحديث والفقه من القدماء، يدرك أنه لم يظهر له

أصحاب األئمة وارباب االصول، كما لم يحصل ألحد منهم طريق بهذه االصول. األمر

الذي جعلهم ال يقبلون االنفراد في الرواية عن المشهورين بالجاللة والعظمة من األصحاب. جعفر بن بشير وجميل بن دراج وابي ››فالطوسي مثال كان يطرح رواية األعاظم من أمثال

همام ويونس بن عبد الرحمن وهشام بن سالم وعمرو بن يزيد وأمثالهم بناء على عدم كونها

. وأكثر من هذا اعتقد البهبهاني ان التتبع في 1005‹‹من المعصوم )ع( وتحقق الوهم منهموثاقة األجلة في أخبار الكتب المعتمدة ربما يكون مضرا، معلال ذلك ببعض األسباب، منها

تلك الكتب من األحاديث الدالة على ذم األجلة الفحول وأعاظمهم من أرباب ما ورد في ››

األصول؛ مثل احمد بن محمد بن عيسى وزرارة وليث المرادي والهشامين ويونس بن عبد . ونحن نعلم ان الشريف المرتضى قد طعن بجماعة هامة من 1006‹‹الرحمن وغيرهم

أخرين في تصحيح الحديث، وذلك للظن أصحاب األئمة ممن جرى عليهم التعويل لدى المت

.1007بجاللة قدرهموالذي يطلع على كتاب )اختيار معرفة الرجال( الذي هو خالصة رجال الكشي وأقدم

األصول الرجالية التي وصلتنا، يجد فيه روايات كثيرة تطعن في الكثير من أصحاب األئمة

حاب اإلجماع، والتعويل في المعتمد عليهم في النقل. ومن بين هؤالء بعض من عرفوا بأصذلك يعود إلى الكشي، حيث صرح بأنه انعقد إجماع العلماء على تصحيح ما يصح عن كل

واحد منهم وتصديقهم لما يقولون وأقروا لهم بالفقه، رغم ما ورد بشأنهم من روايات

متعارضة عن األئمة من التعديل والتجريح. وقد صنفهم الكشي إلى ثالث طبقات، كل منهاتضم ستة رجال، وهناك من زاد في العدد. فقد قال الكشي في تسمية الفقهاء من أصحاب

اإلمامين الباقر والصادق: أجمعت العصابة على تصديق هؤالء األولين من أصحاب أبي

جعفر وأصحاب أبي عبدهللا وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا أفقه األولين ستة : زرارة، ومعروف وأبو بصير االسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي، قالوا: بن خربوذ، وبريد،

وأفقه الستة زرارة، وقال بعضهم مكان أبي بصير االسدي أبو بصير المرادي وهو ليث بن

. كما ذكر الكشي أنه أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن أصحاب 1008البختريم بالفقه، وهم مثل السابقين ستة نفر: جميل اإلمام الصادق وتصديقهم لما يقولون، وأقروا له

بن دراج، وعبد هللا بن مسكان، وعبدهللا بن بكير، وحماد بن عيسى، وحماد بن عثمان،

. كذلك ذكر الكشي أنه 1009وأبان بن عثمان. وزعم البعض أن أفقه هؤالء جميل بن دراج بي الحسن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن أصحاب أبي إبراهيم الكاظم وأ

الرضا وتصديقهم وأقروا لهم بالفقه والعلم، وهم ستة نفر آخرين: يونس بن عبد الرحمن،

الم، . والحظ أيضا: محمد حسن النجفي: جواهر الكالم في شرح شرائع اإلس59ـ52رسالة االجتهاد واألخبار، ص 1005

.68، ص22هـ ـ ش، ج1367تحقيق وتعليق وتصحيح محمود القوچاني، دار الكتب اإلسالمية بطهران، .79ـ78رسالة االجتهاد واألخبار، ص 1006 .281، ص3رسائل الشريف المرتضى، ج 1007 .431اختيار معرفة الرجال، فقرة 1008 .705المصدر السابق، فقرة 1009

حيى محمد ي مشكلة الحديث

163

وصفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمد بن أبي عمير، وعبد هللا بن المغيرة، والحسن بن

محبوب، وأحمد بن محمد بن أبي نصر. وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب، الحسن بن

فضالة بن أيوب. وقال بعض آخر مكان فضالة بن أيوب، عثمان بن عيسى. علي بن فضال و. وقد اعتبر الخوئي ان كل من 1010وأفقه هؤالء يونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى

.1011تأخر عن الكشي انما نقل عنه اإلجماع، أو إدعى اإلجماع تبعا له

لكشي صفه اوتمادا على ما فهؤالء هم الذين عول عليهم العلماء في النقل والرواية، إعورد أبانهم أصحاب اإلجماع الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، رغم أنه

ن ن اعيفي عدد منهم روايات متعارضة من المدح والذم. ومن ذلك ما جاء في حق زرارة ب

المعد أبرز الجماعة الموثوقين، وهو النموذج الذي سنركز عليه كالتالي:رارة بن أعين إلى عائلة نصرانية رومية، حيث كان ابوه عبدا روميا لرجل يعود نسب ز

، أو سنبس كما 1012من بني شيبان، وان جده كان راهبا فارسيا في بالد الروم واسمه سنسن

. وقد جاء في حقه روايات تفيد المدح وأخرى تفيد الذم. فمثال أورد 1013يذكر ابن النديم. كما نقل الكشي حوله روايات كثيرة 1014ديث تقدح فيهالكليني في الكافي أربعة أحا

متعارضة من التعديل والتجريح، وهي تتفاوت في الصحة والضعف بحسب االصطالح

الذي سار عليه علماء الرجال من االصوليين المتأخرين، وفي نظر االميني ان أخبار الطعن قاله الشهيد الثاني من ان كأخبار المدح مستفيضة ان لم تكن متواترة، وذلك كجواب على ما

الكشي ذكر ما يزيد على عشرين رواية تقتضي ذمه وكلها بنظره ضعيفة السند إال حديث

واحد طريقه صحيح إال أنه مرسل. لكن عددا من العلماء لم يقتنع بما قدمه الشهيد الثاني، اديث الدالة ليس فقط لوجود األخبار غير الضعيفة، بل وألن هناك استفاضة بالغة في األح

. وذهب السيد 1015على الذم، وان وجهها العلماء بأنها جاءت للتقية كما تفيد بعض الروايات

الداماد إلى ان ما ورد من ذم لزرارة انما جاء على خلفية ما كان يحمله من عقائد خاطئة لم عنده، ومن ذلك ان زرارة كان يقول بالتفويض يرض عنها الصادق وان كان ممدوحا

تطاعة لشبهة عويصة اعترضته، ولكونه أساء األدب إلى الصادق اتكاال على ارتفاع واالس

منزلته عنده وشدة اختصاصه به. ومن أبرز الروايات التي ذكرها الكشي في ذم زرارة؛ ما جاء عن الوليد بن صبيح أنه

فقال لي: قال: مررت في الروضة بالمدينة فاذا انسان قد جذبني، فالتفت فاذا انا بزرارة،

استأذن لي على صاحبك؟ فخرجت من المسجد ودخلت على أبي عبد هللا )ع( فأخبرته الخبر، فضرب بيده على لحيته، ثم قال: ال تأذن له، ال تأذن له، ال تأذن له، فإن زرارة

على كبر السن، وليس من ديني وال دين -اي التفويض واالستطاعة -يريدني على القدر

مد الحلبي أنه سأل اإلمام الصادق قائال: كيف قلت لي ليس من ديني وال . وعن مح1016آبائي. وجاء عن الزعفراني ان 1017دين آبائي؟ فأجاب اإلمام: انما أعني بذلك قول زرارة واشباهه

. 1018أبا عبدهللا الصادق قال: ما أحدث أحد في اإلسالم ما أحدث زرارة من البدع، لعنه هللا

.1050المصدر السابق، فقرة 1010 .58ـ57، ص1معجم رجال الحديث، ج 1011 .74فهرست الطوسي، ص 1012 .272فهرست ابن النديم، ص 1013 .51، ص7اعيان الشيعة، ج 1014 .54ـ 47، ص7اعيان الشيعة، ج 1015 .266اختيار معرفة الرجال، حديث 1016 .269المصدر السابق، حديث 1017 .241المصدر السابق، حديث 1018

حيى محمد ي مشكلة الحديث

164

. وعن أبي بصير أنه ذكر 1019قال: ال يموت زرارة إال تائها وعن ليث المرادي ان الصادق

قوله تعالى عند اإلمام الصادق ))الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم(( فقال اإلمام: أعاذنا هللا

واياك يا أبا بصير من ذلك الظلم، ذلك ما ذهب فيه زرارة وأصحابه وأبو حنيفة صادق أمر بعض أصحابه بمقاطعة زرارة قائال: . وجاء في رواية ان اإلمام ال1020وأصحابه

ان مرض فال تعده، وان مات فال تشهد جنازته، فقيل: زرارة؟ فأجاب اإلمام: نعم زرارة؛

زرارة شر من اليهود والنصارى ومن قال ان مع هللا ثالث ثالثة. وعن كليب الصيداوي ان . وعن مسمع 1021رارة، ثالث مراتالصادق قال: لعن هللا زرارة، لعن هللا زرارة، لعن هللا ز

. ومثل ذلك 1022كردين أبي سيار أنه سمع الصادق يقول: لعن هللا بريدا، ولعن هللا زرارة

روي عن أبي الصباح ان اإلمام الصادق خاطبه: يا أبا الصباح هلك المتريسون في أديانهم، . وعن 1023همنهم: زرارة، وبريد، ومحمد بن مسلم، واسماعيل الجعفي وذكر آخر لم أحفظ

ميسر أنه قال: كنا عند أبي عبدهللا )ع( فمرت جارية في جانب الدار على عنقها قمقم قد

نكسته، فقال أبو عبد هللا: فما ذنبي ان هللا قد نكس قلب زرارة كما نكست هذه الجارية هذا يعارون اإليمان عارية ثم 1024القمقم . وعن مسعدة بن صدقة ان الصادق قال: ان قوما

. وعن اسماعيل بن 1025ه يقال لهم يوم القيامة المعارون، أما أن زرارة بن أعين منهميسلبون

عبد الخالق أنه ذكر بني أعين عند الصادق فقال: وهللا ما يريد بنو أعين إال ان يكونوا على . وعن الوليد بن صبيح أنه قال: دخلت على أبي عبد هللا )ع( فاستقبلني 1026غلب )او عليين(

من عنده، فقال لي أبو عبد هللا: يا وليد أما تعجب من زرارة يسألني عن زرارة خارجا

اعمال هؤالء، أي شيء كان يريد؟ أيريد أن أقول له ال، فيروي ذلك عني؟ ثم قال: يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم، انما الذي يتجه السؤال عنه عند الشيعة هو قبول جوائز

اياهم واألكل من طعامهم والشراب من شرابهم واالستظالل هؤالء الظلمة الجورة وعط

بظلهم. فسؤال زرارة اياي عن أعمالهم تفوح منه رائحة أنه يريد أن يسمعني أقول في الجواب أنهم ظلمة جورة غصبة لمنصب الوالية ومسند الحكم، فيروي ذلك عني فيبلغهم أني

.1027أقول عنهم كذا وكذا

ارة كان يذم اإلمام الصادق ويمتدح اباه الباقر، ومن ذلك وجاء في بعض الروايات ان زرأنه قال: رحم هللا أبا جعفر، واما جعفر فإن في قلبي عليه لعنة. وقد اعتبر بعض العلماء ان

. وفي رواية ان 1028ما حمل زرارة على هذا القول، هو ألن اإلمام الصادق قد أخرج مخازيه

ق في كذب البعض على ابيه الباقر، حيث جاء عن زرارة كان ال يرى ما يراه اإلمام الصاد عند عيسى بن أبي منصور وابي اسامة الشحام ويعقوب االحمر انهم قالوا: كنا جلوسا

الصادق فدخل عليه زرارة فقال: ان الحكم بن عيينة حدث عن ابيك أنه قال صلى المغرب

هذا قط؛ كذب الحكم على ابي. دون المزدلفة، فقال له أبو عبد هللا: انا تأملته ما قال أبي

.240المصدر السابق، حديث 1019 .230، وحديث 231المصدر السابق، حديث 1020 .242المصدر السابق، حديث 1021 .237المصدر السابق، حديث 1022 .435و 350المصدر السابق، حديث 1023 .268المصدر السابق، حديث 1024 .236المصدر السابق، حديث 1025 .238المصدر السابق، حديث 1026 .247المصدر السابق، حديث 1027 .228ديث المصدر السابق، ح 1028

حيى محمد ي مشكلة الحديث

165

فخرج زرارة وهو يقول: ما ارى الحكم كذب على أبيه. وقيل أنه كان الحكم بن عيينة استاذ

.1029زرارة من قبل انقطاعه إلى أبي جعفر الباقر فأحب أن يذب عنه بقوله هذا

مما كان يظن، إذ وجاء في رواية أخرى ان زرارة كان يرى اإلمام الصادق أقل علماول: اني كنت أرى جعفر اعلم مما هو، حيث سأله عن رجل من األصحاب مختفي من يق

غرامة، فقال: اصلحك هللا ان رجال من أصحابنا كان مختفيا من غرامة فإن كان هذا األمر

قريبا صبر حتى يخرج مع القائم، وان كان فيه تأخير صالح غرامه؟ فأجابه الصادق: يكون، سنة؟ فقال أبو عبد هللا: يكون انشاء هللا، فقال زرارة: فيكون إلى فقال زرارة، يكون إلى

. كذلك جاء في رواية ان زرارة لم ير في 1030سنتين؟ فقال أبو عبدهللا: يكون انشاء هللا

اإلمام الصادق ما يعتمد عليه، حيث سأل الصادق عن التشهد إن كان يتضمن فيه عبارة فين، فأجابه اإلمام بااليجاب، فظن زرارة ان تلك التحيات والصلوات كما يرد عند المخال

االجابة للتقية، فعاود التساؤل في اليوم الثاني، فرأى الجواب نفسه، فعاوده في اليوم الثالث،

فلم يختلف الجواب. وعند ذلك لم يقتنع زرارة بما أجاب به اإلمام وقال: فلما خرجت .1031ضرطت في لحيته وقلت ال يفلح أبدا

***

اطلعنا على نماذج من روايات القدح في زرارة، وقد فسرها علماء المذهب تبعا هكذا لمبدأ التقية، خاصة ان هناك روايات تشير إلى هذا المعنى، لكن عيبها هو انها رويت عن

طريق اهله واقربائه، مثل بعض اوالده واوالد اخيه، ومن ذلك ما جاء عن الحسين بن

ي يقرأ عليك السالم ويقول لك جعلني هللا فداك أنه ال يزال زرارة أنه قال للصادق: ان أبالرجل والرجالن يقدمان فيذكران أنك ذكرتني وقلت في، فأجاب اإلمام: اقرأ أباك السالم،

وقل له أنا وهللا أحب لك الخير في الدنيا، وأحب لك الخير في اآلخرة، وأنا وهللا عنك راض

.1032فال تبالي ما قال الناس بعد هذاوعن حمزة بن حمران أنه قال لإلمام الصادق: بلغني أنك برئت من عمي، يعني زرارة؟

فأجاب اإلمام: انا لم أبرأ من زرارة لكنهم يجيؤن ويذكرون ويروون عنه، فلو سكت عنه

.1033الزمونيه، فأقول من قال هذا فأنا إلى هللا منه بريءرارة واعتبره من أصحاب النار، وهناك رواية طريفة تتضمن ان اإلمام الصادق قد ذم ز

لكن هذا األخير حملها على التقية. فقد روي عن ابن السماك أنه قال: حججت فلقيني زرارة

بن أعين بالقادسية وقال: ان لي لك حاجة، وعظمها، فقلت: ماهي؟ فقال: اذا لقيت جعفر بن من أهل الجنة؟ فأنكرت محمد فاقرأه مني السالم وسله أن يخبرني: هل أنا من أهل النار أم

ذلك عليه، فقال لي أنه يعلم ذلك، ولم يزل بي حتى اجبته. فلما لقيت جعفر بن محمد اخبرته

.264، وكذا حديث 262المصدر السابق، حديث 1029 .261المصدر السابق، حديث 1030 .267، وكذا حديث 265المصدر السابق، حديث 1031 . وفي رواية أخرى طويلة عن عبدهللا بن زرارة أنه نقل بأن اإلمام الصادق قال له:222المصدر السابق، حديث 1032

حمدنا قربناه و ى كل منله: اني انما أعيبك دفاعا مني عنك؛ فإن الناس والعدو يسارعون إلاقرأ مني على والدك السالم وقل

دون تله، ويحمليه وقمكانه الدخال االذى في من نحبه ونقربه، يرمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا، ويرون ادخال االذى ع

ك لنا ثر لمودتمود االت في ذلك مذموم عند الناس غير محكل من عبناه. فانما أعيبك النك رجل اشتهرت بنا ولميلك الينا وأن

.. ال يضيقن ولميلك الينا، فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ويكون بذلك منا دفع شرهم عنك.

ك وال اا أمرنمصدرك من الذي أمرك أبي عليه السالم وأمرتك به، وأتاك أبو بصير بخالف الذي أمرناك به، فال وهللا

ن الحق فيأعلمتم أمرناه إال بأمر وسعنا ووسعكم األخذ به، ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحق، ولو أذن لنا ل

ظار أمرنا لينا وانتالرد اوالذي أمرناكم به، فردوا الينا األمر وسلموا لنا واصبروا ألحكامنا وارضوا بها... عليكم بالتسليم

(.221)المصدر السابق، حديث وأمركم وفرجنا وفرجكم.. .233، ومثل ذلك حديث 232المصدر السابق، حديث 1033

حيى محمد ي مشكلة الحديث

166

بالذي كان منه، فقال: هو من أهل النار، فوقع في نفسي ما قال جعفر، فقلت: من أين علمت

رة فأخبرته بأنه ذاك؟ فقال: من ادعى علي علم هذا فهو من أهل النار، فلما رجعت لقيني زرا

قال لي أنه من أهل النار، فقال: كل لك من جراب النورة، قلت: وما جراب النورة؟ قال: .1034عمل معك بالتقية

ن هذاولو صحت هذه الرواية لما أمكن حملها على التقية كما يقول زرارة، وذلك أل

ه ان دعا الذي الحمل يعني ان زرارة كان يعرف أنه من أهل الجنة، لكن على هذا الفرض ما يسأل عن مصيره؛ اذا ما كان على علم بما في نفس اإلمام؟!

ض ؤيده بعية ال على ان تفسير علماء المذهب للروايات القادحة في زرارة تبعا لمبدأ التقي

ما هوما جاء في تلك الروايات، وهو انها رويت عن عدد من األصحاب المعول عليهم، ك يف يكون ذلك تقية؟! الحال في رواية أبي بصير، فك

صادق ام الكذلك الحظنا ان هناك عددا آخر من الروايات تبدي ان زرارة لم ير في اإلم

.شيئا مهما في العلم واإلعتماد، وقد جاءت بصورة ال يمكن حملها على التقية

.270المصدر السابق، حديث 1034

حيى محمد ي مشكلة الحديث

167

الفصل الثالث: انسداد علم الرواية

توثيق الرواية في الكتب األربعةحة ز الرواية في كتب الحديث األربعة بعدد من نقاط الضعف يجعلها غير صالتمتا

لإلعتماد، كما يتبين لنا ذلك من خالل الفقرات التالية:

:أوالا

ن مإذا غضضنا الطرف عن مشكلة التوثيق في علم الرجال بالطريقة التي عرضناها لتي اايات ربعة مع سند الروقبل، وتساءلنا عن الكيفية التي تعامل بها أصحاب الكتب األ

ة د نقلجمعوها، فهل بدا منهم حرص على االهتمام بالسند لمن رووا عنه؟ أم كانوا مجر

جامعين من غير تحقيق؟واقع األمر أنه قد إستقر عمل هؤالء على النقل من الكتب واالصول المنسوبة إلى

.1035لواقعة بين الناقل وبينهامؤلفيها دون النظر في رجال السند وال تمهيد لبيان المشيخة ا

فالكليني كما عرفنا يصدر سنده بذكر اسم الراوي عادة دون ان يعرف اتصاله به إن كان قد عول في ذكره على ما في الكتب واالصول المشهورة آنذاك، أو أنه استند إلى طريق

من أنه آخر، واألرجح هو األول، خاصة أنه روى عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة

قال ألبي جعفر الثاني )الجواد(: جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد هللا )ع( وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم فلما ماتوا صارت الكتب إلينا، فقال:

.1036حدثوا بها فإنها حق

ال يحضره الفقيه( أما الشيخ الصدوق فقد أشار إلى ان جميع ما أورده في كتابه )من مستخرج من كتب مشهورة معروفة، وذكر ان طرقه اليها معروفة في فهرس الكتب التي

رواها عن مشايخه وأسالفه. لكن هذا الفهرس الذي ذكر فيه طرقه إلى الكتب التي رواها

عن مشايخه لم يصل الينا، فال يعرف من طرقه غير ما ذكره في المشيخة من طرقه إلى من هم في كتابه. وأما طرقه إلى أرباب الكتب فهي مجهولة تماما، لذلك ال يعلم والحال روى عن

وأي منها غير صحيح . وقد اعتبر المحقق الخوئي ان الكتب 1037هذه أي منها كان صحيحا

المعروفة المعتبرة التي أخرج الصدوق روايات كتابه منها ليست هي كتب من بدأ بهم السند نهم في المشيخة، وإنما هي كتب غيرهم من االعالم المشهورين، التي في كتابه وذكر جملة م

منها رسالة والده إليه، وكتاب شيخه محمد بن الحسن بن الوليد، فالروايات الموجودة في

. وهذا يعني أنه لم يعتمد في نقله للروايات عن الكتب 1038كتابه مستخرجة من هذه الكتبمادا على بعض مشايخه. كذلك فكما يقول بعض المشهورة مباشرة، بل نقل ما فيها إعت

العلماء ان الشيخ الصدوق لم يف بما وعد به في أول كتابه، من أنه مستخرج من كتب

مشهورة عليها المعول واليها المرجع، ألنه روى عن جماعات غير مشهورين، وال كتبهم .1039مشهورة

.470. ونهاية الدراية، ص218، ص6روضات الجنات، ج 1035. وانظر أيضا: محمد باقر المجلسي: بحار األنوار، عن مكتبة 15، باب رواية الكتب والحديث، حديث 1الكافي، ج 1036

حيث السند، . وبنظر بعض المحققين المعاصرين ان هذا الحديث وان اعتبر صحيحا من167، ص2لكوثر االلكترونية، جا

(.46لكنه كاذب، معتبرا العهدة فيه على احمد بن محمد بن خالد البرقي الذي تفرد به )معرفة الحديث، ص .25ـ24، ص1معجم رجال الحديث، ج 1037 .78ـ77ص ،1معجم رجال الحديث، ج 1038 .569ـ568نهاية الدراية، ص 1039

حيى محمد ي مشكلة الحديث

168

كتابيه )التهذيب أما الحال مع الشيخ الطوسي فمختلف، حيث بدأ في السند في

واالستبصار( لمن هو صاحب كتاب، فروى عنه ما جاء في كتابه، على ما صرح به في

آخر كتابيه. مع ذلك فالطوسي لم يذكر ان الكتب التي إعتمدها في رواياته كانت كتبا معتبرة قد حذف 1040معروفة في كتاب )التهذيب( الكثير من -كما سبق ان عرفنا -. وهو أيضا

د رواياته استنادا إلى ما سيذكره في خاتمة الكتاب من المشيخة لتخرج عن حد أساني

المراسيل، لكنه لم يذكر جميع الطرق التي له، بل احال بيانها إلى كتابه )الفهرست( والى فهارس شيوخه، ومن سوء الحظ انها فقدت ولم يبق منها أثر، باستثناء القليل كمشيخة

غالب الزراري. لذا بقيت جملة من األحاديث في )التهذيب( الصدوق وفهرست الشيخ أبي

مرسلة بغير إسناد معروف، وان كان الفاضل االردبيلي في خاتمة )جامع الرواة( تمكن من إصالح جملة من الطرق التي كانت مغفلة، وصنف في ذلك رسالة سماها )تصحيح

.1041األسانيد(

شاع عندهم من الكتب المعروفة دون وخالصة ما سبق ان القدماء قد إعتمدوا على ماتحقيق وتدقيق في السند الذي يوصل إلى هذه الطرق، وال إلى ما يتصف به أصحابها

ومضامينها، وكأنها كتب صحاح بما تضمنته من الروايات. لذلك ورد عن المفيد قوله وهو

بعد ذهن لكن أصحابنا المتعلقين باألخبار أصحاب سالمة و››بصدد نقده للشيخ الصدوق: وقلة فطنة، يمرون على وجوههم في ما سمعوه من األحاديث وال ينظرون في سندها، وال

يفرقون بين حقها وباطلها، وال يفهمون ما يدخل عليهم في اثباتها وال يحصلون معاني ما

. كما ورد عن الشريف المرتضى قوله وهو بصدد نقد أصحاب الحديث 1042‹‹يطلقون منهااشرنا اليه بهذه الغفلة يحتج بالخبر الذي ما رواه وال حدث به وال سمعه ومن ››من الشيعة:

من ناقله فيعرفه بعدالة أو غيرها، حتى لو قيل له في األحكام: من أين اثبته وذهبت اليه؟ كان

إلى رواية فالن بن فالن. ومعلوم عند كل جوابه: اني وجدته في الكتاب الفالني، ومنسوباخبار اآلحاد ومن اثبتها وعمل بها، ان هذا ليس بشيء يعتمد وال طريق من نفى العلم بأ

. ال سيما وان الروايات التي يتعامل معها أصحابها ال 1043‹‹يقصد، وانما هو غرور وزور

تحمل صفة علو اإلسناد في الوساطة الرجالية إال في النادر، كالذي صرح به العالمة الحلي، .1044ما كان إحتمال الكذب أقلومعلوم أنه كلما قلت الواسطة كل

على ان هذا الحال من عدم اهتمام القدماء بالسند قد شكل معضلة لدى المتأخرين من

االصوليين، وذلك انهم صرحوا باعتبار الواسطة واالعتناء بها، والتي منها الطرق إلى يبالوا أصحاب الكتب واألصول التي ظلت مجهولة لدى المتأخرين. أما اإلخباريون فانهم لم

باألمر، إذ ذهبوا إلى عدم الحاجة إلى الطريق فيما روي بصورة التعليق من أحاديث الكتب

المعتبرة، وعلى رأيهم أنه ال يضر الجهل بالطريق وال اشتماله على مجهول أو ضعيف، طالما ان األصول والكتب كانت مشهورة معروفة في تلك االعصار متواترة النسبة إلى

فقدت الطرق التي توصل إلى ارباب هذه الكتب واصبحت مجهولة لدى أصحابها، وإن

المتأخرين. وقد زاد المتأخرون من التعويل على الكتب التي عثروا عليها مما ينسب إلى القدماء رغم الفاصلة الزمنية الطويلة وقوة إحتمال الوضع والدس والتزوير، فقد ادرج الحر

مانين كتابا ظفر بها من كتب المتقدمين، وكذا ادرج العاملي في كتابه )وسائل الشيعة( ث

.78، ص1معجم رجال الحديث، ج 1040 .220، ص6. وروضات الجنات، ج163، ص9. واعيان الشيعة، ج14ـ13، ص6انظر: خاتمة المستدرك، ج 1041 .65ـ64المفيد: شرح عقائد الصدوق، وهو ملحق خلف أوائل المقاالت، نشر مكتبة الداوري، قم، ص 1042 .212، ص1شريف المرتضى، جرسائل ال 1043 .802، ص2. وفرائد االصول، ج392معالم الدين، ص 1044

حيى محمد ي مشكلة الحديث

169

، وهناك من 1045حسين النوري في كتابه )مستدرك الوسائل( أكثر من ستين كتابا ظفر بها

عثر عليها للقدماء المعاصرين لألئمة؛ مثل بصائر الدرجات للصفار، أضاف إلى ذلك كتبا

عشر أصال، مثل تلك التي تعود والمحاسن للبرقي، وجملة أخرى من األصول قدرت بثالثةإلى كل من زيد الزراد وزيد النرسي وعباد العصفري وعاصم بن حميد الحناط وجعفر بن

. وقد اعترف الشيخ 1046محمد بن شريح الحضرمي ومحمد بن المثنى الحضرمي وغيرها

النوري ان جملة من تلك الكتب التي إعتمد عليها المتأخرون كالحر العاملي في )وسائل الشيعة( هي مما لم تثبت نسبتها إلى مؤلفيها، كفضل الشيعة للصدوق، وتحف العقول،

وتفسير فرات، وإرشاد الديلمي، ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى، واالختصاص للمفيد وما

. كما أن من المعاصرين من اعتقد بوجود الدس في كتاب )بصائر الدرجات( وان 1047اليها .1048السائدة دون تمحيص، وكون النسخة الحالية ليست لهالصفار كان يأخذ من الكتب

ا :ثانيايضاف إلى ما سبق، ان أصحاب الكتب األربعة قد تقبلوا الروايات الضعيفة، ومنهم من

اعتبرها مقطوعة الصدور، كما ان منهم من تعبد بالعمل بها ضمن شروط. وكان موقفهم من

ددا هو الشيخ الطوسي الذي مارس مهمة الرواة يستند إلى مبدأ المسامحة، فأكثرهم تشالجرح والتعديل دون سابقيه، وهي المهمة التي ورثها عنه الفقهاء االصوليون فيما بعد، لكنه

مع ذلك لم يمانع من األخذ بالروايات الضعيفة حين تسلم من المعارض األقوى ولم يكن

رزه عن الكذب في الرواية رواتها معروفين بالكذب. فهو يقبل كون الراوي ثقة من حيث تح بجوارحه، وادعى ان الطائفة كانت تعمل باألخبار التي يرويها من هكذا وان كان فاسقا

بأنه ال يروي 1049صفته وحاله . كما أنه يقبل الروايات المرسلة اذا ما كان الراوي معروفا

مسانيد إال عن ثقة، وكذا يقبل الروايات المرسلة بشرط ان ال يكون لها معارض من الالصحيحة، واحتج بأن الطائفة عملت بالمراسيل عند سالمتها عن المعارض كما تعمل

. كذلك رغم اعترافه بأن الكثير من المصنفين القدماء كانوا 1050بالمسانيد من دون فرق

. ويؤيد هذا المعنى ما آل 1051ينتحلون المذاهب الفاسدة، إال أنه اعتبر كتبهم واصولهم معتمدةلحلي حين انتقد الجماعة التي تعمل بمبدأ صحة السند، فاعتبر ذلك طعنا بعلماء اليه المحقق ا

.1052الطائفة وقدحا في المذهب، مؤكدا على ان ما من أحد فيهم إال ويعمل بخبر المجروح

هذا مع الشيخ الطوسي، اما الكليني والصدوق فال شك انهما لم يباليا بالجرح والتعديل، ي توثيقه على شيخه أبي الوليد، وجاء في كتابه الكثير من الروايات فقد كان الصدوق يعول ف

الضعيفة حسب اصطالح المتأخرين. أما الكليني فمن الواضح أنه لم يشترط على نفسه

في انتخابه للروايات التي جمعها، وان اتخذ صورة المسامحة في العمل، بعد ان ضابطاولة انذاك، كالذي أشار اليه في مقدمة )الكافي(، اعترف باللبس الذي يحيط بالروايات المتدا

إذ كان عمله شبيها بعمل المتأخرين فيما اصطلحوا عليه باألصول العملية، كما أنه لم يعول

على الجرح والتعديل؛ فكان يروي عن الضعفاء من المنحرفين والغالة وغيرهم. وبنظر

، الفائدة األولى.1خاتمة المستدرك، ج 1045 .534ـ533نهاية الدراية، ص 1046 .21ـ20، ص1خاتمة المستدرك، ج 1047 .254ـ252معرفة الحديث، ص 1048 .231ـ230معالم الدين، ص 1049 246ـ245المصدر السابق، ص 1050 .2رست، صالفه 1051 .6، ص1المعتبر في شرح المختصر، ج 1052

حيى محمد ي مشكلة الحديث

170

بوجود بعض الموثوقين في سند بعض المحققين المعاصرين ان الكليني ربما كان يكتفي

. 1053الرواية

ة لى صحعلى ان عدم اهتمام الكليني بالتوثيق جعل اإلخباريين يظنون ان ذلك دليل عل صدور أحاديثه عن األئمة. وهو على خالف ما إستنتجه االصوليون، وقد وصل الحا

ضعف ن وبجماعة منهم إلى عدم االطمئنان بمثل هذه األحاديث المدونة بعد طول الزما

القرائن، فشكلوا بذلك اتجاها جديدا يعرف بأصحاب دليل االنسداد.فقد واية.وال بأس ان نقارن هنا بين الكافي وصحيح البخاري من حيث توثيق السند والر

لك ذتيجة عرفنا ان منهج األخير واضح وان شروطه التي حاول ان يلتزم بها قوية. وكان ن

قارنة دا مجين ان الضعف لدى روايات البخاري أو رجاله قليل ان وجد المتأخرون من التابعند إلى تستبعدد أحاديثه، خالفا لما حصل مع الكافي، إذ اتصفت طريقة صاحبه بعشوائية ال

أنه ، كماأساس من التدقيق والتمحيص. فالكليني يروي عمن يعدون من الضعفاء والموثوقين

ن رون امن الكتب دون تحقيق، لذلك وجد المتأخ يتسامح في السند واألخذ بما هو موجودر لعدد غينة باأغلب أحاديثه ضعيفة. فنسبة األحاديث المنتقدة أو الضعيفة لدى البخاري مقار

ي ف%(، وهي نسبة ضئيلة. في حين ان نسبة الضعف 3المكرر من أحاديثه هي أقل من )

%(، وهي نسبة كبيرة جدا.66أحاديث الكافي هي أكثر من ) لهذه المقارنة يالحظ ان علماء السنة لم يجدوا أنفسهم قادرين على و لرواية احقيق تتبعا

ثيقه لى توعبالشكل الذي كان يفعله سلفهم البخاري، لبعد الزمان، وهو ما جعلهم يعتمدون

م يجدوالانوا كويعتبرونه كافيا في االطمئنان. في حين ان المتأخرين من علماء الشيعة وان ن اء، إال لقدماقادرين على تحقيق الرواية مثلما كان بوسع سلفهم الكليني وغيره من ا أنفسهم

يق ي التوثففسهم أغلبهم لم يتبعوا طريقته وال خضعوا إلى غيره بنحو التقليد، بل اجتهدوا بأن

وذهب وتصحيح الحديث، فكان من جراء ذلك إختالفهم في اعتبارات التوثيق والتصحيح، اإلقرار بالعجز عن التحقيق لبعد الزمان وغياب القرائن. عدد منهم إلى

ا :ثالثاان أكثر راو إعتمد عليه أصحاب الجوامع الحديثية هو علي بن ابراهيم وابوه ابراهيم بن

للكليني وعاصر عددا من األئمة المتأخرين، ويعد من هاشم القمي. فقد كان علي شيخا

. 1054نه روى عنه شيئا وال عن غيره من األئمة مباشرةأصحاب اإلمام الهادي وإن لم يثبت أ، كان منها أكثر من 1055( رواية7068وبلغت رواياته في الكافي وحده أكثر من سبعة آالف )

. وقد وقع في إسناد كثير من 1056( رواية منقولة عن والده ابراهيم6214ستة آالف )

و بنظر القدماء يعد من . وه1057( موردا 7140الروايات تبلغ سبعة آالف ومائة وأربعين )المشايخ الثقات، فقد عرفه النجاشي بأنه ثقة في الحديث، ثبت معتمد صحيح المذهب، سمع

وأضر في وسط عمره، وله كتاب التفسير والناسخ والمنسوخ وقرب فأكثر، وصنف كتبا

. 1058اإلسناد والشرائع.. الخم الصادق، وذكر في مقدمة ووصلنا منه تفسيره للقرآن، وهو تفسير بالرواية عن اإلما

الكتاب أنه روى فيه عن الثقات من مشايخه وسائر الرواة حتى ينتهي إلى األئمة، فقال:

.192دراسات في الحديث والمحدثين، ص 1053 .208، ص12معجم رجال الحديث، ج 1054 .59، ص19المصدر السابق، ج 1055 .213، ص12، وج292، ص1المصدر السابق، ج 1056 .213، ص12المصدر السابق، ج 1057 .260رجال النجاشي، ص 1058

حيى محمد ي مشكلة الحديث

171

ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي الينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض هللا ››

.1059‹‹طاعتهم واوجب واليتهم وال يقبل عمل إال بهم

ان هذه الشهادة دالة على صحة صدور روايات التفسير عن وقد اعتبر العديد من العلماء اإلمام الصادق، كالذي صرح بذلك الحر العاملي ووافقه عليه العالمة الخوئي، فاعتبر أن كل

من وقع في إسناد روايات تفسير علي بن إبراهيم المنتهية إلى المعصومين، قد شهد عليه هذا

ن إبراهيم انما اراد إثبات صحة تفسيره، وأن الشيخ بوثاقته. وعلق الخوئي بأن علي برواياته ثابتة وصادرة عن المعصومين، وإنها إنتهت إليه بوساطة المشايخ والثقات من

الشيعة، وعلى ذلك فال موجب لتخصيص التوثيق بمشايخه الذين يروي عنهم بال واسطة كما

خ الذين وقعوا في )إسناد زعمه بعضهم. ومثل ذلك حكم المحقق الخوئي بوثاقة جميع المشاي .1060كامل الزيارات( لنص مؤلفه جعفر بن محمد بن قولويه على ذلك

بو يذه ألكن نظرة داخلية للتفسير تظهر ان راوي التفسير عن علي بن ابراهيم هو تلم

أخرى الفضل العباس بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى الكاظم، وقد مزجه برواياتم يذكر لعباس عن اإلمام الباقر مروية عن طريق أبي الجارود. وأشار العلماء إلى ان أبا ال

ذكر في كتب االنساب. في كتب الرجال، وإن

وشكك بعض المعاصرين بصحة التوثيق الوارد في مقدمة التفسير، المتزاج التفسير بين ما يعود إلى علي بن ابراهيم القمي وبين ما وضعه تلميذه بسنده الخاص إلى اإلمام الباقر عن

ه بصحة طريق أبي الجارود، كذلك للشذوذ الوارد في متون الروايات، بل أنه يبدي تشكيك

نسخة التفسير الواصلة الينا، تعويال على ما ذهب اليه بعض المحققين من ان النسخة المطبوعة تختلف عما نقل عن ذلك التفسير في بعض الكتب، منتهيا إلى القول بعدم وجود ما

.1061يعتمد عليه من التوثيق؛ سواء من حيث السند أو المتن

طعن في القرآن والقول بتحريفه، تعويال على ولعل أهم ما جاء في هذا التفسير هو الجملة من الروايات، كتلك التي يرويها علي بن ابراهيم عن اإلمام الصادق، وهي تتفق مع ما

، فمما جاء في التفسير عن 1062اورده الكليني عنه من روايات في الكافي تشير إلى التحريف

أمة اخرجت للناس تأمرون علي بن ابراهيم ان البعض قرأ قوله تعالى: ))كنتم خير بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باهلل(( فقال أبو عبد هللا الصادق لقارئ هذه اآلية

))خير أمة(( يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليه السالم؟ فقيل له وكيف

ل ذلك قرأ نزلت يابن رسول هللا؟ فقال: انما نزلت )كنتم خير أئمة اخرجت للناس(. ومثالبعض قوله تعالى: ))الذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا

للمتقين إماما(( فقال أبو عبد هللا الصادق: لقد سألوا هللا عظيما ان يجعلهم للمتقين إماما، فقيل

من ازواجنا له يابن رسول هللا كيف نزلت؟ فقال انما نزلت )الذين يقولون ربنا هب لناوذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما(. وكذا جاء في التفسير ان اإلمام الصادق

اعترض على ما ورد في المصحف من قوله تعالى: ))له معقبات من بين يديه ومن خلفه

يحفظونه من أمر هللا(( حيث قال: كيف يحفظ الشيء من أمر هللا؟ وكيف يكون المعقب من ديه؟ فقيل له: وكيف ذلك يابن رسول هللا؟ فقال: انما نزلت )له معقبات من خلفه ورقيب بين ي

من بين يديه يحفظونه بامر هللا(. وعلى هذه الشاكلة جاء في التفسير آيات تشير إلى التحريف

.4، ص1مكتبة: الكوثر االلكترونية، جتفسير القمي للقرآن، 1059 .50ـ49، ص1معجم رجال الحديث، ج 1060 .317ـ316كليات في علم الرجال، ص 1061 25، كتاب الحجة، نكت ونتف من التنزيل في الوالية، األحاديث المرقمة: 1الحظ مثال: األصول من الكافي، ج 1062

.47و 27و 26و

حيى محمد ي مشكلة الحديث

172

مثل القول: )لكن هللا يشهد بما أنزل اليك في علي أنزله بعلمه والمالئكة يشهدون(، والقول:

أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك في علي فإن لم تفعل فما بلغت رسالته(، والقول: )يا

)ان الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن هللا ليغفر لهم(، والقول: )وسيعلم الذين ظلموا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن هللا ليغفر لهم(، والقول: )وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم

.1063منقلب ينقلبون(، والقول: )ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم في غمرات الموت( اي

أما ابراهيم بن هاشم القمي والد علي المشار اليه قبل قليل فهو كوفي االصل وقد أدرك اإلمامين الرضا والجواد وروى عن هذا األخير بعض الروايات، وهو أول من نشر حديث

، وقد روى عن مشايخ كثيرة يبلغ 1064ا أشار اليه الطوسي والنجاشيالكوفيين في قم تبعا لم

( شخصا، وبلغت رواياته أكثر من ستة آالف وأربعمائة 160عددهم زهاء مائة وستين ). وقد روى عن محمد بن 1065( رواية، وال يوجد في الناقلين مثله في كثرة الرواية6414)

.1066ة( رواي2921أبي عمير وحده ما يقارب ثالثة آالف )

لكن المشكلة هي أنه لم ينص أحد من القدماء على وثاقته؛ ال بالتعديل وال بالتجريح والتضعيف، فقد قال العالمة الحلي عنه في )الخالصة(: لم أقف ألحد من أصحابنا على قول

. 1067في القدح فيه، وال على تعديل بالتنصيص والروايات عنه كثيرة، واألرجح قبول روايته

، وهي قريبة 1068أنه ال ينبغي الشك في وثاقته، ودلل على ذلك بثالثة ادلة واعتبر الخوئي :1069مما ذكره بحر العلوم في فوائده الرجالية

تقر وى تفأحدها ان ابن طاوس ادعى االتفاق على وثاقته. ويرد على ذلك بأنها مجرد دع

ونإلى الدليل، حيث ان عصر ابن طاوس بعيد عن عصر القمي، ومثل هذا االدعاء يك حدسيا غير قائم على الحس.

وثاني األدلة هو قوله بأنه أول من نشر حديث الكوفيين بقم، والقميون قد إعتمدوا على

رواياته، وفيهم من هو مستصعب في أمر الحديث، فلو كان فيه شائبة الغمز لما قبلوا رين رواياته، وألسرعوا في قدحه وجرحه وهجره واخراجه كالذي يظهر منهم مع اآلخ

بأدنى ريبة. بل ان من المتأخرين من اعتبر العبارة التي نص عليها القدماء من أنه أول من

نشر أحاديث الكوفيين بقم، هي عبارة دالة على المدح، كالذي نص عليه الداماد معتبرا هذه .1070العبارة كلمة جامعة، وكل الصيد في جوف الفرا

عادة من تحفظ القميين هو تحفظهم من المغالين لكن هذا الدليل غير تام، إذ ما يشار اليه

في األئمة أو المعروفين بالكذب ووضع الحديث، وان التضعيف لديهم عادة ما يأتي بهذا الطريق، كالذي يظهر مما ينقله ابن الغضائري في رجاله، والذي استند اليه من جاء بعده

لرجال الذين غمز القميون من أصحاب الرجال كابن داود وغيره، حيث ذكر الكثير من ا

عليهم بالغلو واالرتفاع وفساد المذهب، مثل أحمد بن الحسين بن سعيد وأحمد بن محمد بن سيار وأمية بن علي القيسي والحسن بن علي بن أبي عثمان والحسين بن شادويه القمي

ني وسهل بن زياد الرازي والقاسم بن الحسن بن علي بن يقطين ومحمد بن أحمد الجامورا

ومحمد بن علي بن إبراهيم الملقب بأبي سمينة ويوسف بن السخت ومحمد بن أورمة القمي

.11ـ6، ص1تفسير القمي، ج 1063 .40. ومعالم العلماء، ص49. كذلك: خالصة األقوال، ص16. ورجال النجاشي، ص4وسي، صفهرست الط 1064 .291و 290، ص1معجم رجال الحديث، ج 1065 .292، ص1معجم رجال الحديث، ج 1066 .464، ص1. وانظر أيضا: بحر العلوم: الفوائد الرجالية، ج49، ص9خالصة األقوال، فقرة 1067 .291، ص1معجم رجال الحديث، ج 1068 .464ـ462، ص1الفوائد الرجالية، ج 1069 .48الرواشح السماوية، مصدر سابق، ص 1070

حيى محمد ي مشكلة الحديث

173

. فمثال جاء حول ابن أورمة القمي ان القميين غمزوا عليه ورموه بالغلو حتى 1071وغيرهم

.1072دس عليه من يفتك به، فوجدوه يصلي من أول الليل إلى آخره فتوقفوا عنه

ان من الغالة الكذابين، وبعد أن اشتهر بالكذب في الكوفة كما جاء عن أبي سمينة أنه كانتقل إلى قم، ونزل على أحمد بن محمد بن عيسى، ثم اشتهر بالغلو فأخرجه أحمد من

.1073قم

في حين ان من الرواة من سكن قم وروى عنه القميون رغم ما قيل فيه أنه ضعيف جدا . بل ان القدماء كما قيل ال 1074ن أبي حمادال يلتفت إليه، وفي مذهبه غلو مثل عبد الرحمن ب

يتحاشون عن الرواية عن الضعفاء والمجاهيل فيما ال يتعلق بالحرام والحالل، وان منهم من

. 1075كان موضع إعتماد القميين وروايتهم عنهأما ما حدث ألحمد بن محمد بن خالد البرقي حيث أبعده عن قم رئيس القميين احمد بن

جاء ان سبب اإلبعاد يرجع إلى كونه يروي عن الضعفاء ويعتمد محمد بن عيسى، وقد

المراسيل، ويعود مصدر هذا التعليل إلى ابن الغضائري حيث صرح في كتابه )الضعفاء( ان البرقي طعن القميون عليه، وليس الطعن فيه، إنما الطعن فيمن يروي عنه، فإنه كان ال

أحمد بن محمد بن عيسى أبعده عن قم ثم يبالي عمن يأخذ على طريقة أهل األخبار وكان

، وقيل ان أحمد بن محمد بن عيسى مشى في جنازته حافيا 1076أعاده إليها واعتذر إليه. مع ان اعادته إلى قم واعتذار رئيس القميين اليه ال يتسق مع 1077حاسرا تنصال مما قذفه به

ي عن الضعفاء ويعتمد التعليل الذي أبداه ابن الغضائري، فاألمر ال يتعلق بكونه يرو

المراسيل، وإال لما ارجعه واعتذر اليه، بل يتعلق بشيء آخر ظنه رئيس القميين في البرقي، لكن ظهر أنه لم يثبت عنده، وأغلب الظن ان ذلك يتعلق بمسألة الغلو التي كان القميون

علماء من يولونها جل اهتمامهم في التوثيق، وقد عرف عن هذا الرئيس إخراجه لعدد من ال

قم بعلة الغلو والكذب في الرواية، ومن بينهم سهل بن زياد وغيره. حتى اعتبر بعض في التسرع إلى الطعن والقدح واإلخراج -سيما ابن عيسى -حال القميين ››المتأخرين ان

. كما اعتبر بعض آخر أنه قد يكون 1078‹‹من قم بالتهمة والريبة، ظاهر لمن راجع الرجال

ميين للرواة نابعا عما تتضمنه روايتهم من معاني الغلو واالرتفاع والمناكير، منشأ جرح القبل وان بعض القميين قد ينسبون الراوي إلى الكذب ووضع الحديث بعد اتهامه بالغلو،

.1079إعتمادا على روايته التي تتضمن هذا المعنى

ه، وكانفسيري مقدمة تيبقى الدليل الثالث فهو ان ولده عليا قد نص على وثاقة مشايخه فمما يدل على رأس هؤالء المشايخ والده ابراهيم حيث روى عنه معظم كتابه من األحاديث،

على كونه ثقة لدى ابنه، وإال لما إعتمد عليه في الرواية.

لكن لو اخذنا بالتوثيق الذي ادلى به االبن، لكان يعني التسليم بصحة التفسير رغم ما فيه تشير إلى تحريف القرآن صراحة، فضال عما ورد فيه من روايات من روايات عديدة

، عن 1الفقرات الواردة باالسماء المذكورة نقال عن رجال ابن الغضائري، الحظ: القهپائي: مجمع الرجال، ج 1071

. وانظر أيضا: ابن داود: كتاب الرجال، bayt.org/newlib/Rejal/Ghazaery-ul-www.ahlمكتبة أهل البيت االلكترونية:

وغيرها. 486و 469و 431و 423مكتبة الجعفرية االلكترونية، الفقرات المرقمة: ، فقرة محمد بن أورمة أبو جعفر القمي.1. كذلك: مجمع الرجال، ج329رجال النجاشي، ص 1072 .14، ص4مستدرك، جخاتمة ال 1073 ، فقرة عبد الرحمن بن أبي حماد.1مجمع الرجال، ج 1074 .416نهاية الدراية، ص 1075 ، فقرة أحمد بن محمد بن خالد.1مجمع الرجال، ج 1076 122ابن داود: كتاب الرجال، فقرة 1077 .25ـ23، ص3بحر العلوم: الفوائد الرجالية، ج 1078 .39ـ38عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، صالوحيد البهبهاني: الفوائد الرجالية، 1079

حيى محمد ي مشكلة الحديث

174

اسطورية، والعجيب رغم ان العالمة الخوئي ال يقر القول بتحريف القرآن كما أبان ذلك في

، إال أنه مع ذلك يرى تفسير علي ابن ابراهيم تفسيرا صحيح الصدور 1080بعض كتبه

مع ان قوله هذا يناقض متبناه، فتصحيح باعتبار التوثيق الذي ذكره صاحبه في المقدمة، التفسير يعني قبول مقالة التحريف كما هو واضح.

كون وبيت القصيد من كل ما عرضناه في هذه الفقرة هو اننا بين أمرين: إما قبول

ل القو التفسير مرويا عن اإلمام الصادق حسب روايات علي بن ابراهيم رغم ما فيه مناشم بن ه ، أو التشكيك فيه ومن ثم التشكيك في وثاقة ابراهيمبالتحريف وسائر األساطير

القمي وتضعيف رواياته على ضخامة عددها كما قدمنا.

المحققون القدماء وتوثيق الرواية لرواياتون بامتابعة لما سبق يمكن ان نتساءل: هل كان القدماء المحققون من الفقهاء يثق

ا رون فيهنوا يل األولية والجوامع الحديثية؟ وهل كاالمشتهرة في زمانهم والمدونة في األصو شيئا من الحجية كما ذهب اليه المتأخرون من االصوليين؟

لعل الجزء الرئيسي من االجابة على هذا التساؤل يتحدد بموقف القدماء من خبر اآلحاد

دالة على وحجيته. فأغلب المحققين من القدماء لم يتقبلوا خبر اآلحاد ما لم تكن معه قرائن لما آل اليه المتأخرون. وقيل ان الذين منعوا األخذ بخبر اآلحاد هو كل من القطع، خالفا

سبق الطوسي، بل والكثير ممن جاء بعده، مثل المفيد والمرتضى وابن ادريس وابن زهرة

والطبرسي، كما نسب هذا المنع إلى المحقق الحلي وابن بابويه، وجاء في )الوافية( للفاضل ممن تقدم على العالمة الحليا ، 1081لتوني أنه لم يجد القول بحجية خبر اآلحاد صريحا

. ويعد المفيد والمرتضى أبرز القدماء الذين منعوا 1082واعتبر األنصاري هذا األمر عجيبا

وال ››العمل بهذا الخبر، إذ كان المفيد يقول: ان أخبار اآلحاد ال توجب علما وال عمال، بل ن يقطع بخبر الواحد في الدين إال ان يقترن به ما يدل على صدق راويه على يجوز ألحد ا

.1083‹‹البيان، وهذا مذهب جمهور الشيعة

أما المرتضى فقد تضافرت نصوصه في المنع من األخذ بهذا الخبر، وادعى اإلجماع ، 1084على عدم حجيته، ونفى ان تكون في مصنفات المحققين من علماء الطائفة من يعمل به

ا اظهر اآليات الناهية عن العمل بغير العلم، والروايات التي تنهى عن العمل بما يخالف كم

الكتاب والسنة. وبذلك لم يجد حاجة للكالم عن ترجيح األخبار في حاالت التعارض؛ باعتبارها فرعا عن تلك المسألة. وقد استثنى من األمر حالة إجماع الطائفة على صدق خبر

ى العمل به، وبرر هذه الحالة بدعوى ان رجال الطائفة ربما قد علموا اآلحاد المضاف إل

ان يكونوا ››صدق الخبر بامارة أو عالمة على الصادق من طريق الجملة، ويمكن أيضاعرفوا في راو بعينه صدقه على سبيل التمييز والتعيين، ألن هوالء المجمعين من الفرقة

األئمة )ع( الذين كانوا في اعصارهم، وهم المحقة قد كان لهم سلف قبل سلف يلقون

197م، ص1992هـ ـ1412أبو القاسم الخوئي: البيان في تفسير القرآن، دار الزهراء، بيروت، الطبعة األولى، 1080

وما بعدها.مؤسسة عبد هللا بن محمد الخراساني التوني: الوافية في أصول الفقه، تحقيق محمد حسين الرضوي الكشميري، 1081

.158مع الفكر اإلسالمي، قم، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، صمج .109، ص1فرائد االصول، ج 1082 .122( ص4أوائل المقاالت، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ) 1083 .26، ص1رسائل الشريف المرتضى، ج 1084

حيى محمد ي مشكلة الحديث

175

. وهذا النهج هو الذي سار 1085‹‹ظاهرون بارزون تسمع أقوالهم ويرجع اليهم في المشكالت

.1086عليه ابن ادريس الحلي فيما بعد

أما أبرز الذين عولوا على خبر اآلحاد من المحققين القدماء فهو الشيخ الطوسي. صحيح يختلف عن قول استاذه المرتضى، حيث منع العمل بخبر اآلحاد، أنه في أحد كتبه الكالمية لم

وعد القول به وبالقياس واجتهاد الرأي هو قول فاسد لدى المذهب الشيعي؛ مشيرا إلى ما بينه

، كما أنه كثيرا ما يقول في كتابه )التهذيب( حين 1087في مواضع من كتبه بهذا الخصوص وال ››يتعرض لتأويل األخبار وال يعمل بها: هذا من أخبار اآلحاد التي ال تفيد علما

، إال ان أقواله فيما عدا ذلك تدل على قبوله العمل بهذا الخبر ضمن شروط، وقد 1088عمال

فأما ما ››ادعى على ذلك إجماع الطائفة كالذي أشار اليه في كتابه )عدة األصول( وقال: من طريق أصحابنا القائلين باإلمامة اخترته من المذهب، فهو ان خبر الواحد اذا كان واردا

وكان ذلك مرويا عن النبي )ص( أو عن واحد من األئمة )ع( وكان ممن ال يطعن في

روايته ويكون سديدا في نقله ولم تكن هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر، ألنه ان للعلم. ونحن نذكر كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك كان االعتبار بالقرينة، وكان موجبا

القرائن فيما بعد التي جاز العمل بها. والذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة، فاني

وجدتها مجمعة على العمل بهذه األخبار التي رووها في تصانيفهم ودونوها في اصولهم، ال وه: من أين يتناكرون ذلك وال يتدافعونه، حتى ان واحدا منهم اذا افتى بشيء ال يعرفونه سأل

قلت هذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف، أو أصل مشهور، وكان راوية ثقة ال ينكر حديثه

سكتوا وسلموا األمر في ذلك، وقبلوا قوله، وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي )ص( ومن بعده من األئمة )ع( ومن زمن الصادق جعفر بن محمد )ع( الذي انتشر العلم عنه وكثرت

ة من جهته، فلوال ان العمل بهذه األخبار كان جائزا لما أجمعوا على ذلك وألنكروه، الرواي

. 1089‹‹ ألن إجماعهم فيه معصوم ال يجوز عليه الغلط والسهوكما استدل الطوسي على خبر اآلحاد مما الحظه من عدم قطع المواالة بين علماء الطائفة

( 5000. وفي بعض كتبه ذكر ما يزيد على )رغم كثرة خالفاتهم في الفتاوى نتيجة العمل به

حديث أكثرها مختلف بينهم، واستنكر من يتجاسر ويعتبر ان كل خالف دال على دليل قاطع . وزاد 1090من خالفه مخطىء فاسق، إذ على رأيه أنه بهذا يضلل جميع الشيوخ المتقدمين

. 1091وز عليه تعالىعلى ذلك واعتبر ان هللا لو عاقب المخطىء لكان اغراء بالقبيح ال يج

لكنه لم يعمم هذا الموقف إلى أبعد من حدود رجال الطائفة، فأكد على بطالن العمل بالقياس والذي اذهب اليه وهو ››وخبر الواحد الذي يختص المخالف بروايته، وقال بهذا الصدد:

مذهب جميع شيوخنا المتقدمين والمتأخرين، وهو الذي اختاره سيدنا المرتضى واليه كان

يذهب شيخنا أبو عبد هللا )المفيد( ان الحق في واحد وان عليه دليال من خالفه كان مخطئا فاسقا. واعلم ان األصل في هذه المسألة القول بالقياس والعمل بأخبار االحاد، ألن ما طريقه

التواتر وظواهر القرآن فال خالف بين أهل العلم ان الحق فيما هو معلوم من ذلك، وانما

تلف القائلون بهذين األصلين فيما ذكرناه، وقد دللنا على بطالن العمل بالقياس وخبر اخ

.212و 19، ص1المصدر السابق، ج 1085هـ، عن مكتبة التبيان 1410اإلسالمي، الطبعة الثانية، محمد بن إدريس الحلي: السرائر، مؤسسة النشر 1086

.5االلكترونية، ص .354هـ.ش، ص1362الطوسي: تمهيد األصول في علم الكالم، انتشارات دانشگاه طهران، 1087 .65ـ64، ص20انظر: وسائل الشيعة، ج 1088 .126، ص1عدة األصول، ج 1089 .136ـ135، ص1المصدر السابق، ج 1090 .137، ص1جنفس المصدر، 1091

حيى محمد ي مشكلة الحديث

176

اذا ثبت ذلك دل على ان الحق في ››كما قال: إنه ‹‹. الواحد الذي يختص المخالف بروايته

الجهة التي فيها الطائفة المحقة، واما على ما اخترته من القول في األخبار المختلفة المروية

لخاصة فال ينقض ذلك، ألن غرضنا في هذا المكان ان نبين في الجهة التي فيها من جهة االطائفة المحقة دون الجهة التي خالفها، وإن كان حكم ما يختص به الطائفة واإلختالف التي

‹‹. بينها الحكم الذي مضى الكالم عليه في باب الكالم في األخبار، فال تنافي بين القولين

ذي اذهب اليه ان خبر الواحد ال يوجب العلم، وان كان يجوز ان ترد وال››وقال أيضا: العبادة بالعمل به عقال. وقد ورد جواز العمل به في الشرع، إال ان ذلك موقوف على طريق

مخصوص، وهو ما يرويه من كان من الطائفة المحقة، ويختص بروايته، ويكون على صفة

. 1092‹‹ايجوز معها قبول خبره من العدالة وغيرهوهذا التفكيك الذي اصطنعه الطوسي حول خبر اآلحاد فيما يرويه المخالف وما يرويه

اتباع الطائفة، جعله يذهب إلى توجيه ما منعه السابقون من قبول خبر اآلحاد، وإنكار العمل

به واعتبار اإلجماع منعقد على منعه مثلما يراه الشريف المرتضى، ومنهم من لم يجوزه عتبر كل ذلك انما جاء من باب المدافعة للمخالفين في الكالم معهم في اإلعتقاد، ثم عقال، فا

.1093زعم انهم لم يختلفوا فيما بينهم ولم ينكر بعضهم على بعض بما يروونه

وقد لكن من البين ان تصريحات الشريف المرتضى تختلف تماما عما ذكره الطوسي،ن، لمتأخريماء ااه، األمر الذي اربك الكثير من العلادعى كل منهما إجماع الطائفة على ما ير

ومن ذلك ما وقد حاول العديد منهم ان يجد لهذا اإلختالف حال يمنع فيه التناقض بينهما،

لواحداحكاه األنصاري في رسائله من وجوه للجمع؛ مثل ان يكون مراد المرتضى من خبر ، لطوسيون، فيكون موضع اتفاق مع االمجمع على عدم حجيته هو ذلك الذي يرويه المخالف

مع من سبقه م ال ن أمثخاصة وان الطوسي كما سبق ان عرفنا حاول ان يجد لنفسه اتفاقا

ذلك ل به هوالعم المفيد والمرتضى تبعا لهذا التوجيه. كما قد يكون المراد بالخبر الذي يمنعراد ميكون واص الطائفة، فالذي يقابل الخبر المحفوظ في األصول المعمول بها عند جميع خ

ي من المرتضى قريب المدرك مع ما يريده الطوسي. كما قد يحتمل ان يكون مراد الطوس

بالقرائن المفيدة ل صدقه؛ بلعلم خبر الواحد المجمع على حجيته هو ذلك الذي يكون محفوفا فيتفق مع ما يريده استاذه المرتضى.

ن اي، حيث اعتبر أنه على الرغم من وقريب من هذا الرأي األخير ما ذكره الكرك

لك رد بذالطوسي صرح في )عدة األصول( بجواز العمل بخبر العدل اإلمامي، إال أنه لم يصحاب ه األاإلطالق، إذ أكد في محل آخر ان ما يعمل به من أخبار اآلحاد هو ما أجمع علي

ذه . وبين استابالعمل؛ فيكون مدرك الحجة راجعا إلى اإلجماع ويزول التعارض بينه

أما الشيخ األنصاري فقد استحسن الوجه األول ثم الثاني، إال أنه رجح رأيه على جميع الوجوه، حيث رأى ان مراد المرتضى من )العلم( الذي ادعاه في صدق األخبار هو مجرد

االطمئنان، إذ المحكي عنه في تعريف العلم أنه )ما اقتضى سكون النفس( ال اليقين الذي ال

قبل اإلحتمال، وانه قد أشار إلى احتفاف أكثر األخبار باألمور الموجبة للوثوق بها، وهو يبمعنى العلم الذي يقتضي سكون النفس. وكذا ان مراد الطوسي من قبول خبر اآلحاد هو ذلك

المحفوف بعدم مخالفة القرائن األربع، وهي الكتاب والسنة واالجماع والدليل العقلي، أي أنه

. 1094ذي يبعث على االطمئنان وسكون النفسذلك ال

.100، ص1نفس المصدر، ج 1092 .147ـ146و 112، ص1. كذلك: فرائد االصول، ج127، ص1عدة األصول، ج 1093 .87ـ68، ص3م، ج1966هـ ـ1386محمد رضا المظفر: أصول الفقه، دار النعمان، النجف، الطبعة الثانية، 1094

حيى محمد ي مشكلة الحديث

177

كما رجح المفكر الصدر ان يكون مقصد المرتضى من منعه لخبر اآلحاد إما ذلك الذي

أو ذلك -كالذي سبق ان أشار اليه الطوسي وبعض المتأخرين كما عرفنا -يرويه المخالفون

.1095الذي ال يحرز فيه وثاقة الرواة منهم بالخصوصالوجوه السابقة ليست صحيحة، فالذي يرجع إلى نصوص المرتضى والواقع ان جميع

يجد أنه ال يقبل من أخبار اآلحاد حتى تلك التي تعود إلى العدول والثقات، أو تلك المنقولة في

الكتب المعتمدة، باعتبارها تفيد الظن دون العلم، على ما فصل ذلك في أجوبته على المسائل ات وغيرها، ومما قاله بهذا الصدد: قد بينا في مواضع كثيرة التبانيات والموصليات والحلبي

من كتبنا ان الخبر الواحد ال يقطع في صحته وال يجوز العمل به وإن رواه العدول الثقات

ألنا ال نأمن فيما نقدم عليه من الحكم الذي تضمنه ان يكون مفسدة، وال نقطع على أنه ››ى ان من أصحابنا من يزيد على ذلك ويقول: ان مصلحة، واالقدام على مثل ذلك قبيح، حت

أخبار اآلحاد ال يجوز العمل بها وال التعبد بأحكامها من طريق العقول. وقد بينا في مواضع

كثيرة ان المذهب الصحيح هو تجويز ورود العبادة بالعمل بأخبار اآلحاد من طريق العقول، . 1096‹‹التعبد بها مفقود وان كان جائزا لكن ما ورد وال تعبدنا به، فنحن ال نعمل بها، ألن

اذا كان خبر الواحد ال يوجب عمال، فانما يقتضي اذا كان راويه على غاية ››وقال أيضا:

لذا يجوز ان يكون كذبه ثابتا، وبالتالي كان العمل بقوله يقتضي االقدام على ‹‹ العدالة ظنا .1097القبيح

ة بالترجيح، ومنها الترجيح بما يأتي على وهذا ما جعل المرتضى ينكر الروايات الخاص

خالف ما يذهب اليه أهل السنة، وقد اعتبر هذه الروايات قائمة على الدور، إذ أنه ينفي حجية . في 1098العمل بأخبار اآلحاد في الفروع؛ فكيف الحال في األصول التي هي أولى منها بذلك

ض بين األخبار، بل وعول على حين تقبل الطوسي خبر اآلحاد وعمل بالترجيح عند التعار

األخبار الضعيفة ضمن شروط كما عرفنا.هما، وغير أما دعاوى اإلجماع التي كثيرا ما يرددها الفقهاء ومنهم المرتضى والطوسي

هيد ان الش ن ذلكفإنها ال تحظى لدى العلماء المتأخرين باالعتبار، لكثرة التناقضات فيها. وم

لحكم. في ا مسألة نقل الطوسي فيها اإلجماع مع أنه خالفها الثاني أفرد ما يقارب أربعينماهي المارفمثال قال الطوسي في )النهاية( ضمن كتاب الحدود: إن من استحل أكل الجري و

ب ي كتافوجب قتله، وهو قد زاد في هذا الحكم على اإلجماع على تحريم أكلهما، مع أنه

وله: قدلك بق. وقد علق الشهيد الثاني على ذاألطعمة من )النهاية( بعينه جعلهما مكروهينلخطأ افيه أفردنا هذه المسائل للتنبيه على ان ال يغتر الفقيه بدعوى اإلجماع، فقد وقع

ى. والمجازفة كثيرا من كل واحد من الفقهاء، ال سيما من الشيخ الطوسي والمرتض

اإلجماع في مسألة على حكم؛ كما ذكر المحدث الكاشاني أنه كثيرا ما يقع من الفقهاء نقلمع نقل اإلجماع على خالف ذلك الحكم بعينه لتلك المسألة؛ إما في ذلك الكتاب بعينه أو في

غيره، فضال عن نقل الخالف فيها، مثل ما وقع من الشيخ الطوسي من نقله اإلجماع على

ولهذا انزل وجوب سجود التالوة على السامع، ونقله اياه على عدم وجوبه عليه أيضا.

لمجمع العلمي لإلمام الصدر، الطبعة محمد باقر الصدر: بحوث في علم االصول، تحرير محمود الهاشمي، ا 1095

.344، ص4هـ، ج1405األولى، .30، ص2مجموعة رسائل الشريف المرتضى، ج 1096وما بعدها، 21، ص1، وج313ـ309، ص3. والحظ أيضا: ج270ـ269، ص3المصدر السابق، ج 1097

.212ـ210وص .212، ص1المصدر السابق، ج 1098

حيى محمد ي مشكلة الحديث

178

الشهيد الثاني لفظ اإلجماع الواقع في كالمهم على معنى الشهرة في ذلك الوقت أو عدم

. 1099اطالعهم حينئذ على المخالف أو ما يقرب من ذلك صونا لكالمهم عن التهافت

عاء وعلى العموم لم يعد ما يسمى اإلجماع المنقول حجة لدى العلماء لكثرة االد والتناقض.

***

عكس التباين السابق في الموقف من خبر اآلحاد على النظرة إلى الروايات المدونة وقد انفي األصول والجوامع الحديثية، ومنها الكتب األربعة. والبعض يعد ابن ادريس أول من

زعم ان أكثر أحاديث أصحابنا المأخوذة عن األصول المتداولة في عصر األئمة هي أخبار

موجبة للقطع، وادى به ذلك إلى االعتراض على أكثر فتاوى آحاد خالية من القرائن ال، إذ قال ابن ادريس ان الطوسي صنف كتبا 1100الطوسي لكونها تعتمد على تلك األصول

. كما اعترض عليه فيما 1101إخبارية أكبرها )تهذيب األحكام(، أورد فيه من كل غث وسمين

إني ألربأ بشيخنا أبي جعفر، ››: اورده في )االستبصار( وقال بصدد احدى المسائل الفقهيةمع جاللة قدره وتبحره ورياسته، من هذا القول المخالف الصول المذهب، وله رحمه هللا في

كتابه االستبصار توسطات عجيبة، ال استجملها له، والذي حمله على ذلك، جمعه بين

ر، وترك أخبار المتضادات، و هذا ال حاجة فيه، بل الواجب األخذ باألدلة القاطعة لألعذااآلحاد التي ال توجب علما وال عمال، فإنه أسلم للديانة، ألن هللا تعالى ما كلفنا إال األخذ

.1102‹‹باألدلة و ترك ما عداها

. مع أنه سبقه 1103كذلك شيع ان ابن ادريس هو أول من فتح باب الطعن في أكثر األخباري الكتب واألصول الشيعية. ومن في ذلك الشريف المرتضى الذي طعن باألخبار الواردة ف

قبله عرض المفيد الكثير من أحاديث هذه الكتب إلى الطعن، كتلك التي رواها الصدوق حول

. وجدد المرتضى اعتراضه على 1104سهو النبي، وحول العدد في رؤية شهر رمضانهذه والذين خالفوا من أصحابنا في››روايات العدد ونقد أصحابها، ومما قاله بهذا الصدد:

المسألة عدد يسير ممن ليس قوله بحجة في األصول وال في الفروع، وليس ممن كلف النظر

في هذه المسألة وال ما في اجلى منها، لقصور فهمه ونقصان فطنته. وما ألصحاب الحديث الذين لم يعرفوا الحق في االصول، وال اعتقدوها بحجة وال نظر، بل هم مقلدون فيها،

فيها وال اجتهاد، وال وصول إلى الحق بالحجة، وانما تعوليهم على التقليد وليسوا باهل نظر

. وزاد في طعنه على شيخه المفيد بما ال يقاس، ومن ذلك أنه 1105‹‹والتسليم والتفويضدعنا ››استخف بمصنفات أصحاب الحديث لكونها تعتمد على خبر اآلحاد، وقال بهذا الصدد:

بنا فما في أولئك محتج، وال من يعرف الحجة، وال من مصنفات أصحاب الحديث من أصحا

. وقال أيضا: فأما أصحاب الحديث فانهم رووا ما 1106‹‹كتبهم موضوعة لالحتجاجاتسمعوا وحدثوا به ونقلوا عن اسالفهم، وليس عليهم ان يكون حجة ودليال في األحكام

حكم شرعي بحديث الشرعية، أو ال يكون كذلك. فإن كان في أصحاب الحديث من يحتج في

حيح وتعليق مير جالل الدين الحسيني، سازمان چاب دانشگاه، ايران، الفيض الكاشاني: األصول األصيلة، تص 1099

.145هـ، ص1390 .231، ص6روضات الجنات، ج 1100 .289، ص3السرائر، ج 1101 .422، ص2السرائر، ج 1102 .9ـ8هداية االبرار، ص 1103 انظر: مدخل إلى فهم اإلسالم. 1104 .18، ص2رسائل الشريف المرتضى، ج 1105 .27ـ26، ص1المصدر السابق، ج 1106

حيى محمد ي مشكلة الحديث

179

غير مقطوع على صحته، فقد زل وزور، وما يفعل ذلك من يعرف أصول أصحابنا في نفي

القياس والعمل بأخبار اآلحاد حق معرفتها، بل ال يقع مثل ذلك من عاقل وربما كان غير

مكلف. إال ترى ان هؤالء باعيانهم قد يحتجون في أصول الدين من التوحيد والعدل والنبوة امة بأخبار االحاد، ومعلوم عند كل عاقل انها ليست بحجة في ذلك. وربما ذهب واإلم

.1107بعضهم إلى الجبر والى التشبيه، اغترارا بأخبار اآلحاد المروية

للعالم -ككتاب الكافي وغيره -وهو في محل آخر أكد بأنه ال يجوز العمل بكتب الحديث تسهل علينا النظر الستخراج صحيحها من والعامي، واعتبر ان فائدة هذه الكتب هي انها

.1108فاسدها، وذكر بأن علماء الطائفة ومتكلميهم كانوا ينكرون على كل من يعمل بها

ناقليها واألهم من ذلك أنه طعن بجميع روايات الفقه المشتهرة في عصره، متهمافقه وجمهوره، ان معظم ال››بانحرافهم عن اإلعتقاد الحق وعدم العدالة، وقال بهذا الصدد:

بل جميعه، ال يخلو مستنده ممن يذهب مذهب الواقفة، إما أن يكون أصال في الخبر أو فرعا،

عنه، وإلى غالة وخطابية ومخمسة وأصحاب حلول، وإلى قمي راويا عن غيره ومرويامشبه مجبر، وان القميين كلهم من غير استثناء ألحد منهم إال أبا جعفر بن بابويه باألمس

كانوا مشبهة مجبرة، وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك وتنطق به، فليت شعري أي رواية

تخلص وتسلم من ان يكون في أصلها وفرعها واقف أو غال، أو قمي مشبه مجبر، واالختبار بيننا وبينهم التفتيش. ثم لو سلم خبر أحدهم من هذه األمور ولم يكن راويه إال مقلد

جة ودليل، ومن كانت هذه صفته عند الشيعة جاهل باهلل تعالى، ال بحت معتقد لمذهبه بغير ح

يجوز ان يكون عدال، وال يمكن ان تقبل أخباره في الشريعة. فإن قيل: ليس كل من لم يكن عالي الطبقة في النظر، يكون جاهال باهلل تعالى، أو غير عارف به، ألن فيه أصحاب الجملة

توجب العلم، وان لم يكن يقوى على درء الشبهات من يعرف هللا تعالى بطرق مختصرة

كلها. قلنا: ما نعرف من أصحاب أحاديثنا ورواياتنا من هذه صفته، وكل من نشير اليه اذا سألته عن سبب إعتقاده التوحيد والعدل أو النبوة أو اإلمامة، احالك على الروايات وتلى

أحال في إعتقاده إذا سأل عن عليك األحاديث، فلو عرف هذه المعارف بجهة صحيحة ال

.1109‹‹جهة علمها، ومعلوم ضرورة خالف ذلك، والمدافعة للعيان قبيحة بذوي الدينومن الجدير بالذكر أن العالمة الحلي أوصل عدد الرواة القميين خالل زمان علي بن

. 1110هـ( إلى ما يقارب مائتي ألف رجل329الحسين بن موسى بن بابويه )المتوفى سنة

ان هذا العدد مبالغ به، لكن ما يعنينا هو أن المرتضى لم يكترث بالحجم الضخم الذي ويبدوضمه أولئك الرواة فعرضهم جميعا إلى النقد والطعن باستثناء الشيخ الصدوق )المتوفى سنة

هـ(.381

بل حتى الشيخ الطوسي هو اآلخر أثار شبهة كون أكثر الرواة في الكتب الشيعية هم من والمشبهة والمقلدة والغالة والواقفية والفطحية وغيرهم، وناقش في بعض ما ذكر المجبرة

واعترف بوجود روايات الجبر والتشبيه، لكنه اعتبرها ال تدل بالضرورة على كون ناقليها

هم ممن يعتقدون بها. مع هذا فقد اعترف بأن أكثر األخبار الخاصة في األحكام تفتقر إلى ان يرى بعض المتأخرين ان ما ذهب اليه -اذا -. فال عجب 1111حتهاالقرائن الدالة على ص

.212ـ211، ص1نفس المصدر، ج 1107 .333ـ331، ص2نفس المصدر، ج 1108 . كذلك: مدخل إلى فهم اإلسالم.311ـ310، ص3رسائل الشريف المرتضى، ج 1109 ، ص د.1انظر مقدمة حسن الموسوي الخرسان لكتاب من ال يحضره الفقيه، دار الكتب اإلسالمية بطهران، ج 1110 .187، ص1كذلك: فرائد االصول، ج .135، ص1عدة األصول، ج 1111

حيى محمد ي مشكلة الحديث

180

أصحاب دليل االنسداد في االزمان األخيرة له جذوره في ما سبق اليه الطوسي من

.1112إعتقاد

وايات ء الرعلى ذلك يمكن القول ان هناك نزعة تشكيكية سادت بين المحققين القدماء ازا هم. وهوك بينديث القديمة، رغم تباين حجم هذا التشكيالمدونة في األصول األولية وكتب الح

ء ستثناموقف يختلف عما آل اليه المتأخرون؛ سواء اإلخباريون منهم أو االصوليون، با

أصحاب دليل االنسداد.والغريب أنه رغم الموقف المتشكك للمحققين القدماء بالروايات المشتهرة في زمانهم،

ولية وأصحابها، إال انا نجد لدى بعض االصوليين وقد كانوا على علم باألصول األ

المتأخرين موقفا يقترب من الزعم اإلخباري، ومن ذلك ما نقله الخوئي من ان بعض االعالم يرى أن روايات الكافي كلها صحيحة وال مجال لرمي شيء منها بضعف السند، كما نقل ما

إن المناقشة في إسناد ››ثه: سمعه من شيخه محمد حسين النائيني أنه قال في مجلس بح

. وقبل ذلك ذهب الشيخ األنصاري إلى ان جميع 1113‹‹روايات الكافي هي حرفة العاجزالروايات في تصانيف الشيعة هي صادرة عن األئمة باستثناء ما شذ وندر منها، بل واعتبر

ان العلم اإلجمالي بصدور أغلبها أو كثير منها هو من البداهة، واستدل على القطع

بصدورها عن األئمة عدا القليل منها تارة بدعوى مزعومة دون دليل، وأخرى بعدد محدود أو يتيم من الشواهد المروية التي تظهر نزعة االحتياط فيما سلكه البعض في نقل الحديث.

فهو يزعم بأن أصحاب الجوامع األربعة قد نقحوا ما اودعوه في كتبهم دون االكتفاء بأخذ

اب ثم ايداعها في تصانيفهم، وذلك حذرا من ان يكون الكتاب المعتمد عليه الرواية من كتيتضمن أحاديث مدسوسة. كما أنه نقل ثالث روايات عن رجال الكشي والنجاشي تبين

جئت إلى الحسن ››االحتياط في الحديث. ففي رواية عن احمد بن محمد بن عيسى أنه قال:

البان بن عثمان بن علي الوشاء وسألته ان يخرج الي كت لعالء بن رزين القالء وكتابا ابااالحمر، فاخرجهما، فقلت: احب ان اسمعهما، فقال لي: رحمك هللا ما اعجلك، اذهب

فاكتبهما واسمع من بعد، فقلت له ال آمن الحدثان، فقال: لو علمت ان الحديث يكون له هذا

ئة شيخ كل يقول: حدثني جعفر الطلب الستكثرت منه، فاني ادركت في هذا المسجد تسعماانه دفع ››. وفي رواية أخرى عن حمدويه عن ايوب بن نوح 1114‹‹بن محمد عليهما السالم

اليه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان، فقال: ان شئتم ان تكتبوا ذلك فافعلوا، فاني كتبت عن

حدثتكم به فليس محمد بن سنان، ولكن ال أروي لكم عنه شيئا، فإنه قال قبل موته: كل ما. كذلك في رواية ثالثة جاء ان علي بن الحسن بن 1115‹‹بسماع وال برواية، وانما وجدته

فضال لم يرو كتب ابيه الحسن عنه مع مقابلتها عليه، وانما يرويها عن اخويه احمد ومحمد

عن ابيه، واعتذر عن ذلك بأنه يوم مقابلته الحديث مع ابيه كان صغير السن ليس له كثير . 1116معرفة بالروايات، فقرأها على اخويه ثانيا

قبال غيرها من الشواهد الكثيرة التي تفيد عكس ذلك ومع ان هذه الشواهد ال تعد شيئا

تماما، فإنه يالحظ في الشاهد األول أنه ال عالقة له بمسألة االحتياط في النقل، وان الشاهد ، بداللة ان 1117اية عن محمد بن سنانالثاني ال يدل على ان اآلخرين يحتاطون في الرو

.150، ص1فرائد األصول، ج 1112 .81، ص1معجم رجال الحديث، ج 1113 .40ـ39رجال النجاشي، ص 1114 .976اختيار معرفة الرجال، حديث 1115 .170و 168ـ167، ص1فرائد االصول، ج 1116والهادي. وقد أتهم بالكذب، كما وهو كوفي صاحب أربعة أئمة وروى عنهم، وهم: اإلمام الكاظم والرضا والجواد 1117

أتهم بالغلو فترة، ومن ذلك ما روي عن صفوان بن يحيى أنه قال: ان محمد بن سنان كان من الطيارة فقصصناه. وفي رواية

حيى محمد ي مشكلة الحديث

181

المحمدين الثالثة يروون عنه كثيرا، حتى ان الكليني روى عنه عددا كبيرا من الروايات، بل

ان الفضل بن شاذان رغم ما نقل أنه يمنع الرواية عنه ويعده من الكذابين، لكنه روى عنه

الثقات، وكما ذكر بحر العلوم ، ومثله في ذلك الكثير ممن يعدون من 1118الكثير من الرواياتفي رجاله من أنه روى عنه جماهير األجالء واألعاظم، فقد أسند عنه من الفقهاء الثقات

االثبات المتحرزين في الرواية والنقل: أحمد بن محمد بن عيسى وأيوب بن نوح والحسن بن

بن معروف سعيد والحسن بن علي بن يقطين والحسين بن سعيد وصفوان بن يحيى والعباس وعبد الرحمان بن أبي نجران وعبد هللا بن الصلت والفضل بن شاذان ومحمد بن اسماعيل

بن بزيع ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عبد الجبار وموسى بن القاسم

ويعقوب بن يزيد ويونس بن عبد الرحمان. كما روى عنه مشاهير الرواة الموثقين أو يم بن هاشم وأحمد بن محمد بن خالد والحسن بن الحسين اللؤلؤي المقبولين مثل: إبراه

والحسن بن علي بن فضال وشاذان بن الخليل وعلي بن أسباط وعلي بن الحكم ومحمد بن

. 1119أحمد بن يحيى ومحمد بن خالد البرقي ومحمد بن عيسى بن عبيدلعلوم أنه قد عظم وعليه فإن هذه المسألة يشوبها الكثير من االضطراب، فكما ذكر بحر ا

شديدا، حتى الخالف بين األصحاب في محمد بن سنان، واضطربت فيه أقوالهم اضطرابا

اتفق لألكثر فيه القول بالشيء وضده من التوثيق والتضعيف والمدح والقدح، والمنع من الرواية واالذن فيها واالمتناع منها واإلكثار منها، والطعن فيه والذب عنه. ومن ذلك ما

حصل مع الشيخ المفيد حيث أنه مدحه في كتابه )االرشاد( واعتبره من خاصة اإلمام الكاظم

وثقاته ومن أهل الورع والعلم والفقه من شيعته، لكنه ضعفه وطعن فيه ضمن رسالته )الرد على أهل العدد والرؤية(، إذ صرح بأنه مطعون فيه ال تختلف العصابة في تهمته

.1120وضعفه

له األنصاري من شاهد بهذا الخصوص يأتي على خالف مطلبه، فضال عن لذا فإن ما نق .1121ان عليه العديد من المؤاخذات لسنا بصدد بحثها هنا

يبقى اإلشكال الذي يورده العاملون بخبر اآلحاد والروايات المدونة في الكتب المعتبرة،

ي )الخروج عن فكما أشار جماعة من العلماء إلى ان ترك العمل بهذه الروايات يقتضالدين(. ومن ذلك ما صرح به الشيخ الصدوق وهو بصدد الحديث عن أخبار سهو النبي

فلو جاز رد هذه األخبار الواقعة في هذا الباب لجاز رد جميع األخبار، وفيه ››)ص( فقال:

. 1122‹‹ابطال للدين والشريعة

أخرى عنه: لقد هم محمد بن سنان أن يطير غير مرة، فقصصناه حتى ثبت معنا. ومن العلماء من نفى عنه هذه التهمة

ين، وكون القميين إعتمدوا عليه وهم أشد شيء في هذا االمر، ال سيما أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن بضعف الروايت

(.272و 254ـ252، ص3الحسن بن الوليد، ومحمد بن علي بن بابويه )بحر العلوم: الفوائد الرجالية، جيث محمد بن سنان. وفي رواية نقل الكشي في رجاله عن الفضل بن شاذان أنه قال: ال أستحل أن أروي آحاد 1118

رنه بأبي نان وقسأخرى قوله: ردوا آحاديث محمد بن سنان عني. وقال في بعض كتبه أن من الكذابين المشهورين: محمد بن

سنان حمد بنالخطاب وأبي سمينة وابن ظبيان ويزيد الصائغ. لكن مع هذا فالمعروف ان الفضل بن شاذان قد روى عن م

عدها(. بوما 252، ص3ت، هو وغيره ممن يعدون من الثقات )بحر العلوم: الفوائد الرجالية، جالكثير من الروايا .270ـ269، ص3الفوائد الرجالية، ج 1119( 11. كما الحظ: االرشاد، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد، عدد )253و 251، ص3الفوائد الرجالية، ج 1120

.20، ص9ضمن نفس السلسلة، ج . ورسالة الرد على أهل العدد والرؤية،248ص .85ـ84، ص4. وخاتمة المستدرك، ج277ـ274، ص3الحظ حول ذلك: الفوائد الرجالية، ج 1121 .186، ص1. كذلك: فرائد االصول، ج250، ص1من ال يحضره الفقيه، ج 1122

حيى محمد ي مشكلة الحديث

182

الحلي برد أخبار وعلى هذه الشاكلة لم يتقبل المحدث البحراني ما صرح به العالمة

ان الواجب عليه مع رد هذه األخبار ››اآلحاد باعتبارها ال توجب علما وال عمال، فقال:

. 1123‹‹خرآهو الخروج عن هذا الدين إلى دين ونحوها من أخبار الشريعة كما ذهب بعض العلماء إلى ان ترك العمل بأخبار اآلحاد هو في حد ذاته عبارة عن ترك

. وسبق للشيخ الطوسي ان رد 1124البراءة االصلية ترفع جميع األحكام التكليف، حيث ان

على الشبهة التي تقول ان فقدان القرائن التي تصحح األحاديث الموجودة يقتضي العمل ال يحكم فيها بشيء ››بالعقل، إذ اعتبر أنه يلزم من ذلك ترك أكثر األخبار واألحكام بحيث

علم عنه، ومن صاراليه ال يحسن مكالمته ألنه يكون ورد الشرع به، وهذا حد يرغب أهل ال

. 1125‹‹معوال على ما يعلم ضرورة من الشرع خالفهمع ان الصحيح هو أنه ال توجد ضرورة وال إجماع يوجبان الرجوع إلى األخبار التي ال

تفيد القطع، كالذي أشار اليه الشيخ األنصاري، مثلما أشار إلى أنه ال دليل على وجوب العمل

بخبر اآلحاد ما لم يفد الوثوق واالطمئنان بمؤداه، بحيث يكون إحتمال مخالفته للحكم االلهي . وقبله كان كاشف الغطاء 1126بعيدا ال يعتني به العقالء وال يسبب لهم التردد والشك في ذلك

هـ( يوصي الفقهاء بعدم األخذ بخبر اآلحاد إال عند الضرورة 1228)المتوفى سنة

نه ال بد من اإلعتماد على القرآن الكريم والحديث المتواتر والسيرة واالضطرار، وا. وعليه أجرى جماعة من العلماء المتقدمين والمتأخرين العمل باعتبارات 1127القطعية

مختلفة غير اإلعتماد على حجية خبر اآلحاد أو التقيد بالعمل بالروايات الموجودة. فمثال ان

الشبهة، وهي أنه اذا لم يكن من الجائز العمل بخبر الشريف المرتضى قد طرح مثل تلك االحاد، فبماذا يعمل العالم المسلم؟ وكان جوابه هو العمل اما بالعقل أو القرآن أو التواتر أو

اإلجماع. كذلك ذهب جماعة من المتأخرين إلى وضع طريقة أخرى للعمل، وهي التي اطلق

العمل بالظن الغالب، سواء كان مصدره عليها )دليل االنسداد( فذهب أكثرهم إلى صحةالرواية أو الشهرة أو عمل األصحاب أو العقل أو غير ذلك، اي انهم اجازوا العمل بالظنون

غير المعتبرة، وبعضهم ذهب إلى صحة العمل حتى بالظنون المنهي عنها كالقياس وما

.1128اليه

.188، ص1فرائد االصول، ج 1123 .187و 188، ص1فرائد االصول، ج 1124 .187، ص1: فرائد االصول، ج. كذلك136، ص1عدة األصول، ج 1125 .174ـ173، ص1فرائد االصول، ج 1126عن: محمد جواد مغنية: مع كتاب محاضرات في أصول الفقه الجعفري للشيخ أبي زهرة، رسالة اإلسالم، نشر 1127

.48، ص10م، ج1991هـ ـ 1411االستانة الرضوية، مشهد، ار افريقيا الشرق، المغرب، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة، انظر كتابنا: االجتهاد والتقليد واالتباع والنظر، د 1128

م.2010

حيى محمد ي مشكلة الحديث

183

الفصل الرابع: انسداد علم الداللة

ل ه خالكل التي تخص الداللة في الروايات الشيعية؛ كالذي سنعرضهناك عدد من المشا الفقرات الخمس التالية:

ـ مشكلة التعارض1تتصف الروايات الشيعية المعتمد عليها بكثرة التعارض في مختلف أبواب الفقه والعقيدة،

ى وهي حقيقة اعترف بها العلماء وجعلت البعض يرتد عن مذهبه، كما اودت ببعض آخر إل

ان ينأى بنفسه عن الفتوى لتضارب األحكام بعضها مع البعض اآلخر، كالذي يشير اليه ابن اني كنت قد رأيت مصلحتي ومعاذي في دنياي وآخرتي من التفرغ عن ››طاوس بقوله:

الفتوى في األحكام الشرعية، ألجل ما وجدت من اإلختالف في الرواية بين فقهاء أصحابنا

ة، وسمعت كالم هللا جل جالله يقول عن أعز موجود عليه من الخالئق في التكاليف الفعليمحمد )ص(: ))ولو تقول علينا بعض األقاويل ألخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما

في الفقه يعمل بعدي عليها كان ذلك نقضا منكم من أحد عنه عاجزين(( فلو صنفت كتابا

تحت حظر اآلية المشار إليها، ألنه جل جالله إذا كان هذا لتورعي عن الفتوى ودخوال تهديده للرسول العزيز األعلم لو تقول عليه، فكيف يكون حالي إذا تقولت عليه وأفتيت أو

.1129‹‹صنفت خطأ وغلطا يوم حضوري بين يديه

وربما يكون الطوسي هو أول من شغل نفسه بهذا المشكل، فكتب كتابه )تهذيب األحكام(بناء على ما علمه من ان عددا من علماء الشيعة قد تركوا المذهب ألجل ما رأوه من إختالف

الرواية وتعارضها. فقد صنف الطوسي كتابه كشرح لكتاب )المقنعة( العائد إلى شيخه

المفيد، وذلك لما سمعه يقول ان أبا الحسين الهاروني العلوي كان يعتقد الحق ويدين باإلمامة ا لما التبس عليه األمر في إختالف األحاديث وترك المذهب ودان بغيره لما لم فرجع عنه

يتبين له وجوه المعاني فيها، لذا عد اإلشتغال بشرح كتاب يحتوي على تأويل األخبار

المختلفة واألحاديث المتنافية هو من اعظم المهمات في الدين. فهو في مقدمة )التهذيب( إن أحاديث أصحابنا فيها من اإلختالف والتباين والمنافاة ›› أشار إلى هذا المعنى وقال:

والتضاد حتى ال يكاد يتفق خبر إال وبإزائه ما يضاده، وال يسلم حديث إال وفي مقابلته ما

ينافيه، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا وتطرقوا بذلك إلى إبطال لف والخلف يطعنون على مخالفيهم باإلختالف الذي معتقدنا، وذكروا أنه لم يزل شيوخكم الس

يدينون هللا تعالى به ويشنعون عليهم بافتراق كلمتهم في الفروع، ويذكرون أن هذا مما ال

من يجوز أن يتعبد به الحكيم، وال أن يبيح العمل به العليم، وقد وجدناكم أشد إختالفااإلختالف منكم مع إعتقادكم بطالن ذلك دليل مخالفيكم وأكثر تباينا من مباينيكم، ووجود هذا

.1130واعتبر أنه بسبب ذلك رجع جماعة عن إعتقاد الحق‹‹. على فساد األصل

وقد اعتاد علماء المذهب ان يعزوا هذا التعارض إلى أمور عدة إعتمادا على ما جاء في ث الخالف بين الروايات، كمبدأ التقية لحفظ حياة األئمة وأصحابهم، وكون األئمة تقصدوا ب

، ومن ذلك ما رواه الكليني عن زرارة أنه سأل اإلمام الباقر عن 1131األصحاب حقنا لدمائهم

مسألة فأجابه، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخالف ما أجاب زرارة، ثم جاء رجل ثالث

، عن مكتبة العقائد 155رضي الدين بن طاوس: سعد السعود للنفوس، تحقيق فارس تبريزيان الحسون، ص 1129

.www.aqaed.comااللكترونية .2تهذيب األحكام، المقدمة، ص 1130 .809، ص2االصول، جوما بعدها. وفرائد 165الدرر النجفية، ص 1131

حيى محمد ي مشكلة الحديث

184

فأجابه بخالف الجوابين، فلما خرج الرجالن قال زرارة: يا ابن رسول هللا رجالن من أهل

العراق من شيعتكم قدما يسأالن، فاجبت كل واحد منهما بغير ما اجبت به صاحبه؟ فأجاب

اإلمام: يا زرارة ان هذا خير لنا وابقى لنا ولكم، لو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم. ثم بعد ذلك قال زرارة لإلمام الصادق: شيعتكم لو حملتموهم

االسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فأجابني بمثل على

. كذلك فإن من أسباب التعارض، كما يعزو ذلك علماء المذهب، هو أن كالم 1132جواب ابيهاألئمة يسع لمعاني كثيرة، وان فيه طبقات من الباطن فيبدو بعضه على خالف البعض

، والعديد من األخبار تؤكد 1133تحتاج إلى نوع من التوجيه اآلخر، إذ يجيبون بأجوبة مختلفة

ممكنا ، هذا باإلضافة إلى وجود الدس والكذب 1134ان في كالم األئمة سبعين وجها والتزوير... الخ.

وقد حظيت التقية باهتمام خاص من قبل العلماء، حيث حولوها إلى عقيدة الزمة، خاصة

، وقوله: 1135ديني ودين آبائي، وال دين لمن ال تقية له وانهم رووا قول اإلمام الصادق: التقية، فأصبحت بذلك مرجعا عاما تفسر بها الكثير من مضامين 1136تسعة أعشار الدين في التقية

الروايات المتفقة مع آراء )المخالفين( مهما كانت عادية، وهي تفترض ان )المخالفين(

مشتركا، مع ان لهم مدارس كثيرة م ختلفة الرأي واالتجاه. وقد يصل التطرف يحملون رأياإلى اعتبار كل خالف في الروايات يمكن حمله على التقية، بما في ذلك الروايات التي

تتحدث عن األمور التاريخية أو الكونية التي ال عالقة لها بالعقائد وال بالفقه وال بالتفسير،

لل أو يحتمل كل ما يراه من ومن ذلك ما سلكه المجلسي في )بحار األنوار( حيث أخذ يعروايات تتفق مع رأي )المخالفين( بأنه يعود إلى التقية، وكذا يعزو إلى هذه العلة كل ما يجده

من إختالف في الروايات يصعب عالجه. فمثال أنه اعتبر بعض األخبار التي تتحدث عن

ي تتحدث عن مكان ، ومثلها األخبار الت1137المادة التي خلقت حواء منها بأنها جاءت للتقية، وكذا بخصوص أخبار تزويج هابيل وقابيل من 1138هبوط آدم وحواء من الجنة

، وأخبار طبيعة القرابة بين يحيى 1140، وأخبار عمر النبيين اسماعيل واسحاق1139اختيهما

، والخبر الدال على 1142، وأخبار تقدم وفاة يحيى على رفع عيسى أو العكس1141وعيسى، 1143واألخبار الخاصة بزمان حمله وموضع والدتهوالدة عيسى في يوم عاشوراء،

، واألخبار الدالة على ان 1144واألخبار التي تتحدث عن مدة غزو بخت نصر بني اسرائيل

، واألخبار التي تتعلق بمدة مكث يونس في بطن 1145الذي أماته هللا مائة عام هو عزير ... إلى غير ذلك مما ال يعد وال يحصى.1146الحوت

.6ـ5، ص1. والحدائق الناضرة، ج5، باب إختالف الحديث، حديث 1األصول من الكافي، ج 1132 .115، ص1فرائد األصول، ج 1133 .18ـ17. واألصول األصيلة، ص88ـ87الحظ الدرر النجفية، ص 1134 .74، ص2بحار األنوار، ج 1135 .486، ص59بحار األنوار، ج 1136 .222ص ،11بحار األنوار، ج 1137 .180، ص11بحار األنوار، ج 1138 .226المصدر السابق، ص 1139 .113، ص12المصدر السابق، ج 1140 202، ص14المصدر السابق، ج 1141 190المصدر السابق، ص 1142 215المصدر السابق، ص 1143 355المصدر السابق، ص 1144 378المصدر السابق، ص 1145 401المصدر السابق، ص 1146

حيى محمد ي مشكلة الحديث

185

توقع انن المقية بهذا الشكل المضخم، كما يتحدث عنها العلماء، لكاعلى أنه لو كانت الت

ين انحنجد ما يرد خالف التقية من الحديث قليال جدا، بسبب الكتمان والسرية، في

ن غلبها عروى أالروايات التي تشير إلى الدالالت المنافية لها هي ذات أعداد كبيرة جدا، يعداد هذه األبمع العمل بالتقية؟ وكيف ال يعرف المخالفون اإلمام الصادق، فكيف ينسجم ذلك

ي طعن فالضخمة من األحاديث لو صح انها فعال صدرت عن اإلمام الصادق، كتلك التي ت

و خالف ه، وهالقرآن وفي كبار الصحابة؟ فقد يكفي واحد منها لتضليله أو تكفيره وربما قتلدونه ر ويعرى، فقد كانوا يكنون له التقديما عرف عنه لدى علماء عصره من المذاهب األخ

من سادات العلم واإليمان، ولم يرد منهم اي طعن أو تشكيك فيه وفي أقواله.

ينكرها التي وبعبارة أخرى، كيف حق لنا التسليم بالكثرة الروائية الدالة على المناكيرة كما تقي لعصر عصرالمخالفون من االرتفاع والغلو والطعن واللعن والتكفير والتحريف، وا

ين، ين أمرب -هنا -يقال، حيث يفترض ان ال يعلم بهذه األمور إال أقرب المقربين؟ فنحن

ن قبل وعة مفإما األخذ بالتقية وإبطال ما روي من األحاديث المنافية لها واعتبارها موضن أحد ا اضحالمتأخرين عن زمن التقية، أو االعتراف بهذه األحاديث من غير تقية. ومن الو

لى إدوره هذين االفتراضين يقتضي نفي اآلخر. لكن التعويل على االفتراض األخير يفضي ب

نها ا، أو التردد بين أمرين آخرين، فإما أن تكون تلك الروايات صادرة فعال عن األئمة صادرة عن رجال وأصحاب نسبوها اليهم كذبا وزورا.

من صريهمبالعلم والصالح والتقوى لدى معا والتحقيق هو أنه لما كان األئمة معروفين

إلى نسوبةعلماء السنة، بخالف غيرهم من حملة تلك الروايات، فهذا يبين انها مختلقة ومل ثلما حصهير ماألئمة زورا. وبغير هذا االفتراض كان المتوقع ان يلقى األئمة الطعن والتش

ومن وافض(ل ما قيل فيهم انهم )رمع غيرهم من حملة تلك الروايات واآلراء المنكرة، وأق

أصحاب البدع، خالفا لما لقيه األئمة من المدح والثناء.رأي افق ليبقى ان التقية أصبحت ممارسة عامة لدى اتباع المذهب في اظهار الرأي المو

خر ان اآل)المخالفين( واخفاء خالفه. ومع انها ساعدت على سالمة هؤالء األتباع من عدو

ق الحقائ معرفة الزمان، لكنها أصبحت اليوم عبئا ثقيال على األتباع، لسهولةطيلة قرون من جل . وألواشاعتها عبر وسائل االتصال المختلفة، واهمها القنوات الفضائية واالنترنيت

اإلصالح والديمومة كان ال بد من المراجعة الشاملة والنقد الذاتي.

ليها اتعارض الروايات، كتلك المشار ويبدو لي ان ما ذكره العلماء من أسباب حول ال ان بهم وسلفا، هي أسباب وهمية، إذ ال يعقل ان يعمل األئمة على بث الخالف بين أصحا

ك يفضي كل ذلفيحثوا على التقية ألدنى سبب، أو يدعوا إلى باطنية عبر تعدد معاني الكالم،

ين عارض بفعال لكثرة التإلى تضييع الحقيقة الدينية وإلباس الحق بالباطل. وهو حاصل يقة لى الحقوصل إالروايات. وقد لمح بعض العلماء إلى هذه النقطة، معترفا بأنه ال يمكن الت

.لظهورالدينية النابعة عن كالم األئمة عبر الوسيلة العرفية المطلق عليها بحجية ا

للتقية أو وكما ذكر المحقق الخوئي بأن كالم األئمة لما كان يختلف من أحدهم آلخر . وقبله 1147، فإنه على ذلك ال تجري فيه أصالة حجية الظهور التي هي أصل عقالئيالغيره

ذكر األنصاري ان عمدة اإلختالف في الرواية يعود إلى كثرة ارادة خالف الظواهر في

األخبار، إما بقرائن متصلة اختفت علينا من جهة تقطيع األخبار أو نقلها بالمعنى، أو ية لكونها حالية معلومة للمخاطبين، أو مقالية اختفت باالنطماس، وإما بغير منفصلة مختف

. 1148القرينة لمصلحة يراها اإلمام من تقية وما اليها

.161الوثقى، كتاب االجتهاد والتقليد، صالتنقيح في شرح العروة 1147 .810، ص2فرائد االصول، ج 1148

حيى محمد ي مشكلة الحديث

186

وقد أفضى هذا الحال، على حد قول الفيض محسن الكاشاني، إلى اختالف فقهاء الشيعة

شئت أقول: لم تبق مسألة في المسألة الواحدة على عشرين قوال أو ثالثين أو أزيد، بل لو»

. كما نقل الشيخ البحراني عن بعض 1149«فرعية لم يختلفوا فيها أو في بعض متعلقاتهاإن مناط أكثر األحكام ال يخلو من »مشايخه المعاصرين أنه كان يقول في بعض مصنفاته:

ك شوب وريب وتردد، لكثرة اإلختالفات في تعارض األدلة وتدافع األمارات، فال ينبغي تر

.1150«اإلحتياط للمجتهد فضال عمن دونهلى عفيه بل وقبل ذلك عرفنا كيف أن الكليني يعترف بضياع الحقيقة، األمر الذي عول

صيغة العمل بما وسع له االختيار.

، الفهاهكذا يدرك المحققون كون الحقيقة الدينية ضائعة بسبب تعارض الروايات وإختاوالت الذي يقف وراء هذا الضياع. لكن ظلت المحوان أخطأوا في تحديد السبب األساس

ت حاوالترمي إلى ايجاد الطرق الكفيلة بمعالجة مثل هذا الوضع بأشكال شتى، أبرزها م

.تهدينالجمع بين الروايات المتعارضة كالذي بشر بها الشيخ الطوسي واتباعه من المجانما يعود في معظمه ويظل ان السبب المعقول الذي يقف خلف تلك الكثرة من التعارض

إلى الكذب والدس والتزوير، إذ تفنن الوضاعون في أساليب الوضع واالختالق، فعلى ما

ذكره بعض المحققين ان الوضاعين تارة يأخذون أصال معروفا أو كتابا مشهورا وينتسخون عديدة ويدسون خاللها أحاديث من موضوعاتهم أو يحرفون كلماتها طبقا منه نسخا

هوائهم، وبعد اتمام النسخة يسجلون على ظهرها )قرئ على فالن في الشهر الفالني أل

بمحضر من أصحابه( ثم يفرقون هذه النسخ في دور الوراقين أو يجعلونها في متناول الضعفاء من المحدثين. وتارة كانوا يختلقون صحيفة كاملة فيها الغلو واالكاذيب ويكتبون

)كتاب فالن( ثم يدسون هذه النسخ المفتعلة في كتب الوراقين، على ظهرها )اصل فالن( أو

. 1151أو يبيعونها بأيدي الصبيان والعجائز األميين كأنها موروثة من أكابر المحدثينوهناك من الروايات ما يشير إلى هذا الصنيع من الكذب على األئمة الكرام، فمثال جاء

إلى اإلمام الصادق فقال: جعلني هللا فداك، في )رجال الكشي( أنه اشتكى الفيض بن المختار

ما هذا اإلختالف الذي بين شيعتكم؟ قال اإلمام: وأي اإلختالف يا فيض؟ قال: إني أجلس في حلقهم بالكوفة وأكاد أشك في إختالفهم في حديثهم حتى ارجع إلى المفضل بن عمر فيوقفني

ذكرت يا فيض، ان الناس أولعوا من ذلك على ما تستريح به نفسي، فقال اإلمام: أجل كما

بالكذب علينا، كأن هللا افترض عليهم وال يريد منهم غيره، إني أحدث أحدهم بحديث، فال يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم ال يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند

يونس بن عبد الرحمن . كما جاء ان1152هللا وانما يطلبون به الدنيا، وكل يحب أن يدعى رأسا

أخذ أحاديث كثيرة من أصحاب الصادقين عليهما السالم وعرضها على اإلمام أبي الحسن الرضا فأنكر منها أحاديث كثيرة، وقال: ان أبا الخطاب كذب على أبي عبد هللا، وكذلك

. 1153أصحاب أبي الخطاب يدسون األحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد هللا

ان هشام بن الحكم سمع اإلمام الصادق يقول: كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على ومنها أبي، ويأخذ كتب أصحابه وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من

.5ـ4، المقدمة، ص1الفيض محسن الكاشاني: الوافي في شرح الكافي، طبعة حجرية لم يكتب عنها شيء، ج 1149فإن الحق »مع هذا فقد قال في مصنف آخر ما يناقض القول السابق كما أشار إليه الشيخ البحراني، وهو أنه قال: 1150

الن التقية ما ورد ال يشتبه بالباطل، والمنطوق ليس كالعاطل، والشمس ال تستر بالنقاب، والشراب ال يلتبس بالسراب، وم

(.108، ص1)الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج« يكاد يخفى .44معرفة الحديث، ص 1151 .153، ص1ج. وفرائد االصول، 216اختيار معرفة الرجال، حديث 1152 .10، ص1. والحدائق الناضرة، ج169، ص1. كذلك: فرائد االصول، ج401اختيار معرفة الرجال، حديث 1153

حيى محمد ي مشكلة الحديث

187

أصحاب أبي فيدفعونها للمغيرة، فكان يدس فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها

بثوها في الشيعة، فكلما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك إلى أصحابه ويأمرهم ان ي

. وكذا روي عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس 1154ما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهمبن عبد الرحمن، ان بعض أصحابنا سأله وأنا حاضر، فقال له: يا أبا محمد ما أشدك في

لذي يحملك على رد األحاديث؟ فقال: الحديث، وأكثر انكارك لما يرويه أصحابنا، فما ا

إال ما وافق حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد هللا الصادق يقول: ال تقبلوا علينا حديثاالقرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه هللا

قوا هللا وال تقبلوا علينا ما خالف قول دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فات

.1155ربنا تعالى وسنة نبينا )ص( فإنا إذا حدثنا قلنا قال هللا عز وجل، وقال رسول هللا )ص(وقد اعترف المرحوم هاشم معروف الحسني في )الموضوعات في اآلثار واألخبار(

قام به جماعة بحجم الضرر الذي أصاب الحديث الشيعي جراء فعل الدس والتزوير الذي

كثيرة تظاهروا بالوالء ألهل البيت واندسوا بين الرواة وأصحاب األئمة مدة طويلة حتى استطاعوا ان يتقربوا من اإلمامين الصادقين واطمأن اليهم جمع من الرواة، فوضعوا

مجموعة كبيرة من األحاديث ودسوها بين أحاديث األئمة وفي أصول كتب الحديث، ولم

م هذا حتى القرآن الكريم الذي اوهموا بتحريفه، تفسيرا وتنزيال، وظهرت أثر يسلم من فعلهذلك كتب الحديث والتفسير وهي مشحونة بمثل هذا الزور والتضليل. وكما قال: وبعد التتبع

في األحاديث المنتشرة في مجاميع الحديث كالكافي والوافي وغيرهما، نجد ان الغالة

هداة لم يتركوا بابا من األبواب إال دخلوا منه إلفساد أحاديث االئمة والحاقدين على االئمة والواإلساءة إلى سمعتهم، وبالتالي رجعوا إلى القرآن الكريم لينفثوا عن طريقه سمومهم

ودسائسهم ألنه الكالم الوحيد الذي يحتمل ما ال يتحمله غيره، ففسروا مئات اآليات بما

زورا وتضليال. وألف علي بن حسان وعمه عبدالرحمن بن يريدون والصقوها باالئمة الهداة في التفسير كلها تخريف وتضليل ال تنسجم مع كثير وعلي بن أبي حمزة البطائيني كتبا

. 1156اسلوب القرآن وبالغته واهدافه

وكان من أهم الكتب التي صنفت للتأكيد على التحريف كتاب الشيخ اإلخباري النوري وان )فصل الخطاب في تحريف كتاب رب األرباب(. وقد حشد فيه أقوال الطبرسي وهو بعن

وروايات كثيرة جدا دالة على التحريف. ومما جاء فيه أن بعض السور القرآنية مفقودة مثل

( دبستان مذاهبسورة الوالية وما اليها. ونقل بعض السور المدعاة عن صاحب كتاب )من كتب الشيعة، لكنه لم يجد لها أثرا في هذه رة وظن بأن ظاهر كالمه يفيد كونه نقل السو

ما حكي عن ابن شهرآشوب المازندراني في كتاب )المثالب( قوله: أنهم الكتب؛ سوى

أسقطوا من القرآن تمام سورة الوالية، فعلق النوري على ذلك بقوله: ولعلها هذه السورة وهللا ا أيها الرسول بلغ إنذاري فسوف يعلمون،ي)أعلم. ومما جاء في هذه السورة المدعاة القول:

مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون،

لمن المتقين، وإنا لنوفيه حقه يوم جنات النعيم، إن هللا لذو مغفرة وأجر عظيم، وإن عليا. وفي بعض المصاحف 1157(جمعين..ما نحن عن ظلمه بغافلين، وكرمناه على أهلك أ الدين،

تم العثور على ما أطلق عليه سورة الوالية كما صورها المستشرق )كلير تسكال( في بحث

.11، ص1. والحدائق الناضرة، ج169، ص1. كذلك: فرائد االصول، ج402اختيار معرفة الرجال، حديث 1154 .11، ص1. كذلك الحدائق الناضرة، ج401اختيار معرفة الرجال، حديث 1155

الموضوعات في االثار واالخبار. 1156، انظر نسخة الكتاب المصورة في 108النوري الطبرسي: فصل الخطاب في تحريف كتاب رب األرباب، ص 1157

us.archive.org600200http://ia.الموقع االلكتروني:

حيى محمد ي مشكلة الحديث

188

له اعتمادا على بعض المخطوطات، وهي في سبعة آيات مزعومة كالتالي: )يا أيها الذين

نبي وولي بعضهما آمنوا آمنوا بالنبي وبالولي اللذين بعثناهما يهديانكم الى صراط مستقيم،

من بعض وأنا العليم الخبير، إن الذين يوفون بعهد هللا لهم جنات النعيم، والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبين، إن لهم في جهنم مقاما عظيما إذا نودي لهم يوم القيامة أين

ن هللا ليظهرهم الى أجل الظالمون المكذبون للمرسلين، ما خالفهم المرسلين إال بالحق وما كا

قريب، فسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين(. يضاف إلى سورة النورين اللتين تم اكتشافهما . وقيل إن نسخة 1158 1912بانكيبور في الهند عام في مصحف لدى إحدى مكتبات

. 1159المصحف ربما تعود إلى القرن السابع عشر أو ما قبل ذلك

قدماءوره المزعومة لم تعرف لدى علماء الشيعة الوعلى العموم إن هذا المصحف وس وال كتبهم المعلومة، فهي من الموضوعات المتأخرة لبعض المجهولين.

كما كان من نتائج الدس والكذب أن ظهرت أعداد كبيرة من األحاديث المخالفة لظواهر

سنة كثيرة جدا، الكتاب والسنة. وكما ذكر األنصاري ان األخبار المخالفة لظواهر الكتاب وال على ذلك بأنه ال يصدر من الكذابين ما هو مباين للكتاب كلية كي ال ينكشف معلقا

. ومثل ذلك ما أشار اليه االخوند الخراساني، وهو ان األخبار المخالفة لعموم 1160الوضع

. وعليه ان من الصعب الوثوق بمثل هذه األخبار، ناهيك عن ان تكون 1161الكتاب كثيرة جدا على نص الكتاب القطعي، سواء بالتخصيص أو التقييد أو النسخ، أو أي شكل من حاكمة

أشكال التغيير في المعنى والحكم.

والعجيب من الشيخ األنصاري كيف أمكنه التوصل إلى االطمئنان بصدور جميع ى ظاهرةوح إلالروايات عن األئمة في تصانيف الشيعة باستثناء القليل منها، وهو مع ذلك يل

لوضع في هذه الروايات، كالذي عرضناه قبل قليل؟!ا

ء لعلمااويكفي داللة أنه رغم االهتمام الكبير الذي حظي به كتاب )الكافي( من قبل يادة حديثة زمن الدس، حيث تتضمن نسخه ال -على األرجح -والفقهاء، فإنه مع ذلك لم يسلم

ال مع و الحهنا اليه من قبل، فكيف في األبواب مقارنة بما ذكره الشيخ الطوسي، كالذي اشر

الكتب القديمة التي من الواضح انها لم تحظ بالعناية الخاصة؟!لذلك لم ينفع االصطالح المستحدث في تقسيم الحديث، فهناك روايات تعد من الصحاح

رغم انها متهافتة أو ظاهرة الوضع. ففي رواية في أصول الكافي عدت صحيحة رغم ما

قض، إذ جاء ان معنى الذكر في قوله تعالى: ))وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تتضمنه من تنا. مع ان في هذا الحديث تناقضا، إذ كيف 1162تسئلون(( هو رسول هللا، وان قومه هم أهل بيته

عومة اثنين وأربعين آية، ومطلعها: )يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يبلغ عدد آيات سورة النورين المز 1158

نص امل الكيتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم، نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم..( )انظر

عة وت، الطبأدناور للنشر، بير –ومالبساته في: تيودور نولدكه: تاريخ القرآن، ترجمة جورج تامر، مؤسسة كونراد

(.www.4shared.comوما بعدها، عن الموقع االلكتروني: 329، ص2004االولى،

انظر التفصيل في: 1159

William St. Clair Tisdall, Shi’ah Additions To The Koran, In: The

Moslem World, Vol. III, No. 3, July, 1913, pp. 227-241. Look;

http://www.muhammadanism.org/Tisdall/shiah_additions/shiah_additions_koran.pdf .111، ص1فرائد االصول، ج 1160محمد كاظم الخراساني: كفاية االصول، مؤسسة النشر اإلسالمي لجماعة المدرسين بقم، الطبعة األولى، 1161

.276هـ، ص1412 .4حديث أهل الذكر الذين أمر هللا الخلق بسؤالهم هم األئمة،، كتاب الحجة، باب أن 1األصول من الكافي، ج 1162

حيى محمد ي مشكلة الحديث

189

يكون الذكر رسول هللا وهو المخاطب الذي اضيف اليه الذكر؟! بل جاء بعده مباشرة حديث

.1163ه يخالف األول، حيث ورد فيه ان الذكر هو القرآنآخر عد صحيحا أيضا رغم أن

من مامينوفي رواية أخرى عدت عالية الصحة باعتبار ان رواتها كلهم معدلون بتعديل إمع وأئمة الرجال بخالف المعروف من االكتفاء في تصحيح الحديث بإمام واحد فحسب،

عرف لتي تامن االدلة، وهي ذلك فقد اظهر المحقق محمد باقر البهبودي كذب الرواية بعدد

لماء بصحيحة حماد بن عيسى الجهني في آداب الصالة وكيفيتها، فقد إعتمد عليها العن اروى ووضعوها في كتبهم ورساالتهم العملية للعمل بها. وجاء فيها ان حماد بن عيسى

فظ كتاب احنا ااإلمام الصادق قال له يوما: تحسن ان تصلي يا حماد؟ فأجابه حماد: يا سيدي

إلمام: قال افحريز في الصالة، فقال اإلمام: ال عليك قم فصلي، فقام حماد وصلى بين يديه، ا يقيم نة فمسيا حماد ال تحسن ان تصلي؛ ما اقبح بالرجل ان يأتي عليه ستون سنة أو سبعون

نيفعلم صالة واحدة بحدودها تامة، قال حماد: فأصابني في نفسي الذل وقال: جعلت فداك

الصالة... الخ. لي:يوفي هذه الرواية أظهر المحقق البهبودي كذبها واختالقها بأدلة ثالثة كما

لصادقاان النجاشي نقل في رجاله ان حماد بن عيسى قال: سمعت من أبي عبد هللا ـ1

ن لعشروسبعين حديثا، فلم ازل أدخل الشك على نفسي حتى اقتصرت على هذه العشرين. وايعني ، مماموجودة في كتاب )قرب اإلسناد( وليس فيها تلك الرواية المذكورةحديثا هي ال

انها موضوعة عليه.

أبو هـ( وله نيف وسبعون سنة كما نص على ذلك209لقد مات حماد بن عيسى )سنة ـ2ند وفاة هـ( وان له من العمر ع135عمرو الكشي، مما يعني ان والدته كانت حوالي )سنة

يف يقولره فكالثة عشر سنة تقريبا، فاذا كان لقاؤه لإلمام الصادق في صغاإلمام الصادق ث

يقيم نة فماسما اقبح بالرجل ان يأتي عليه ستون سنة أو سبعون ››اإلمام لغالم مثل حماد: ؟!‹‹صالة واحدة بحدودها تامة

علمنا ان حماد بن عيسى قال حسب الرواية المذكورة بأنه يحفظ كتاب حريز في ـ3

لذلك قام فصلى حسب ما حفظه من الكتاب المشار اليه، وان اإلمام 1164صالةال ، وانه تبعاالصادق اعترض على صالته وعلمه الصالة الصحيحة بادابها، لذا يفترض ان يكون تعليم

اإلمام الصادق جاء على خالف ما هو مسطور في كتاب حريز للصالة كما حفظه حماد،

هذا الكتاب هو نفس االداب المذكورة في الرواية، بل واحسن لكن واقع األمر ان ما جاء فيمنها واوفى. مما يعني ان مضمون الرواية من اعتراض اإلمام الصادق ال يتسق مع ما ورد

.1165في كتاب حريز في الصالة

يث هيوبهذا يتضح ان قضية إبعاد الروايات المختلقة ومعالجة التعارض بين األحاد ماء وماالعل م التوثيق كما تكفل به التقسيم المستحدث والذي عمل بهأكبر من ان يطالها عل

زالوا.

ـ مشكلة العقيدة2

.133انظر التصحيح الوارد في الحديثين: الشافي في شرح أصول الكافي، المجلد الثالث، ص 1163علما ان حماد بن عيسى هو راوية كتاب حريز في الصالة عن اإلمام الباقر، ولم يرو علماء المذهب هذا الكتاب 1164

(.4عرفة الحديث، صإال عنه )م .5ـ3معرفة الحديث، المقدمة، ص 1165

حيى محمد ي مشكلة الحديث

190

د ك يعوليست هناك قضية أهم من مسألة اإلمامة في الفكر الشيعي. ولعل السبب في ذل

ق تتعل إلى ما تشغله هذه المسألة من محور مركزي في كتب الرواية، ال سيما تلك التي

والعقائد. لكن المشكلة انها ليس لها ذكر صريح في القرآن. بمجال األصول فمن المعلوم ان آالف الروايات تتحدث باسهاب عن تلك الفكرة، فتبدي ما لألئمة من

علوم شمولية وقدرات خارقة لم تعرف حتى للنبي )ص(. فهم معصومون ومنصوص عليهم

ما لهم من الكرامات والمعاجز، وانهم من هللا تعالى، ولهم من العلوم الغيبية ما ال يحصى، كأركان األرض وحجج هللا على العباد. فمثال عقد الكليني في )الكافي( كتابا أطلق عليه )كتاب

الحجة( ويحوي أكثر من ألف حديث يفيد هذا المعنى، وان كان ما يقارب ثالثة أرباع هذا

يون من التقسيم المستحدث العدد يعد من الضعيف حسب االعتبارات التي اتخذها االصول. ولكي تتضح صورة هذه األحاديث يمكن لحاظ ما احتواه الكتاب المذكور من 1166للحديث

عناوين، أبرزها ما يلي:

االضطرار إلى الحجة، ان الحجة ال تقوم هلل على خلقه إال بإمام، ان األرض ال تخلو ››لحجة، معرفة اإلمام والرد من حجة، أنه لو لم يبق في األرض إال رجالن لكان أحدهما ا

إليه، فرض طاعة األئمة، في أن األئمة شهداء هللا على خلقه، ان األئمة والة أمر هللا وخزنة

علمه، ان األئمة خلفاء هللا في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى، ان األئمة نور هللا، ان األئمة ن الذين ذكرهم هللا، ان األئمة هم أركان األرض، ان األئمة والة األمر وهم الناس المحسودو

هم العالمات التي ذكرها هللا في كتابه، ان اآليات التي ذكرها هللا في كتابه هم األئمة، ان أهل

الذكر الذين أمر هللا الخلق بسؤالهم هم األئمة، ان من وصفه هللا في كتابه بالعلم هم األئمة، وتوا العلم وأثبت في صدورهم، في أن من ان الراسخين في العلم هم األئمة، ان األئمة قد أ

اصطفاه هللا من عباده وأورثهم كتابه هم األئمة، ان األئمة في كتاب هللا إمامان إمام يدعو إلى

هللا وإمام يدعو إلى النار، ان القرآن يهدي لإلمام، ان النعمة التي ذكرها هللا عز وجل في في كتابه هم األئمة، عرض األعمال على النبي كتابه األئمة، ان المتوسمين الذين ذكرهم هللا

واألئمة، ان الطريقة التي حث على االستقامة عليها والية علي، ان األئمة معدن العلم

العلم، ان األئمة وشجرة النبوة ومختلف المالئكة، ان األئمة ورثة العلم يرث بعضهم بعضاقبلهم، ان األئمة عندهم جميع الكتب ورثوا علم النبي وجميع األنبياء واألوصياء الذين من

التي نزلت من عند هللا وأنهم يعرفونها على إختالف ألسنتها، أنه لم يجمع القرآن كله إال

األئمة وأنهم يعلمون علمه كله، ما أعطي األئمة من اسم هللا األعظم، ما عند األئمة من آيات ان األئمة يعلمون جميع العلوم األنبياء، ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة،

التي خرجت إلى المالئكة واألنبياء والرسل، ان األئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا، ان األئمة

يعلمون متى يموتون وانهم ال يموتون إال باختيار منهم، ان األئمة يعلمون علم ما كان وما ما إال أمره أن يعلمه أمير المؤمنين يكون وانه ال يخفى عليهم الشيء، ان هللا لم يعلم نبيه عل

وانه كان شريكه في العلم، ان األئمة لو ستر عليهم ألخبروا كل امرئ بما له وعليه، ان

األئمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهية القول فيهم بالنبوة، ان األئمة محدثون مفهمون، ان اإلمامة عهد من هللا معهود ذكر األرواح التي في األئمة، الروح التي يسدد هللا بها األئمة،

من واحد إلى واحد، خلق أبدان األئمة وأرواحهم وقلوبهم، ان األئمة تدخل المالئكة بيوتهم

وتطأ بسطهم وتأتيهم باألخبار، ان الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في ئمة وان كل شيء لم أمورهم، أنه ليس شيء من الحق في يد الناس إال ما خرج من عند األ

الحظ التوثيق حسب ما جاء في: الشافي في شرح أصول الكافي، المجلد الثالث والرابع، كتاب الحجة. 1166

حيى محمد ي مشكلة الحديث

191

يخرج من عندهم فهو باطل، فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب، ان األرض كلها لإلمام،

‹‹.ما جاء في االثني عشر والنص عليهم

تب كفالمعطيات التي تبديها روايات هذه العناوين وغيرها مما هو مسطر في سائر للدين هو غير الفهم ية كتلكباطن الظاهر، فتدخلنا في الحديث االصولية، تفرض علينا فهما

عروفة. ة المالتي تدعو اليها االسماعيلية، أو تجرنا إلى نوع من الديانة هي خالف الديان

رآن. ن القمفهناك حشود كبيرة من الروايات تدل على معاني تتضارب مع المفاهيم المستقاة كنها لبعض الفروع والكتب المصنفة حول ذلك، ومنها كتاب الكافي، تتذرع بالدفاع عن

وتنزيال، ولم ا بال متتعمل على تقويض االصول، وكان من بين ذلك تقويض القرآن نصا

تقع به من تناقضات صارخة. اإلمامةبهو أصل الفكرة الخاصة -هنا -هذا ما سنكشف عنه فيما بعد. لكن ما يهمنا

هو لفكرةل ما يعترض هذه اواالمتيازات التي صورت لها من العصمة والعلم الشمولي. فأو

ت ما نجده من التعارض بين صنفين مختلفين من المعطيات، أحدهما مضامين الروايايث حنية. المسندة إلى األئمة من جهة، واآلخر سلوك أصحاب األئمة المتأخرين من جهة ثا

لخاصةيشير عدد كبير من الروايات إلى ان علم األئمة شامل ومشترك، وجاءت النصوص ا

بهذا الجفر ومصحف فاطمة وغيرها ما يؤكد هذه الناحية. لكن المشكلة التي تواجهناب ون منالصدد، هي ان مضامين هذه الروايات ال تتسق مع السلوك الذي كان عليه المكثر

ا كان ر لماذ، فهي ال تفس-من أمثال اإلمامين الهادي والعسكري -أصحاب األئمة المتأخرين

حوالء ليرووا عن المتقدمين من األئمة روايات هي في أفضل األهؤالء يتجشمون العنامن األخذ مقين بظنية، أو ليهتموا بعلم الرجال والتعديل والتجريح، إذ كان يكفيهم تحصيل الي

عاصروهم على فرض ان علمهم غيبي أو مشترك، لكنهم لم يفعلوا؟!

أن اإلخباريين وبعض األصوليين المتأخرين كانوا يدر كون هذا اإلشكال، فذهبوا علماإلى ان علم الرجال لدى القدماء في عصر األئمة له أهمية تحسينية وتكميلية ال تمت إلى

الحاجة والضرورة بصلة. وكما ذكر الشيخ حسن بن زين الدين العاملي من أنه ربما كان

رى . وأضاف الحر العاملي فوائد أخ1167لتكثير القرائن وتسهيل سبيل العلم بصدق الخبر. لكن كل ذلك لم يرد عن القدماء، كما أنه ال 1168تحسينية كالترجيح عند التعارض وما اليه

يفسر باتساق علة اإلهتمام بروايات المتقدمين من األئمة دون المعاصرين لهم.

ومثلما ينطبق هذا الحال على المكثرين من المشايخ المعاصرين لألئمة المتأخرين، ينطبق أيضا على هذا األخير، فهو عاصر الغيبة الصغرى لإلمام ومنهم مشايخ الكليني، فإنه

المهدي، وزار العراق وحدث عن بعض مشايخ بغداد موطن السفراء األربعة، لكنه مع ذلك

لم يتحر االتصال بأي منهم لعرض كتابه والتأكد من صحته مع ادراكه ألهميته، ال سيما سنة يجوب فيها البلدان بحثا عن الرواة وكتب إنشغل به عشرين -كما قال النجاشي -وانه

الرواية. وقد ذهب بعض المتأخرين إلى استبعاد عدم عرض الكليني كتابه على السفراء

وانه كان بينهم مخالطة -وهي عشرون سنة -األربعة وابالغهم به مع طول مدة تأليفه ان أجوبة كانت تصدر عن وعشرة تقتضي عرض الكتاب عليهم حسب العادة. خصوصا

طريق هؤالء حول بعض القضايا الشخصية رغم ضآلة أهميتها مقارنة بما قدمه الكليني من

مشروع لخدمة الطائفة عبر األجيال. كذلك كانت تعرض بعض الكتب عليهم فيأتي الرد ؟!1169بالقبول أو الطعن، فكيف يعقل ان يهمل كتاب الكليني وهو باألهمية المشار اليها

. 351معالم الدين، ص 1167 . 112، ص20وسائل الشيعة، ج 1168 وما بعدها. 470، ص3خاتمة المستدرك، ج 1169

حيى محمد ي مشكلة الحديث

192

غم رال لو حصل العرض لكان من غير المعقول اهمال ذكره مع الجواب؛ لكن في القب

أهميتهما العظيمة للطائفة على مر األجيال، األمر الذي يؤكد عدم حصولهما م .طلقا

وليس من الصحيح ان يقال بأن األئمة أوكلوا أمر القضايا الدينية إلى العلماء والفقهاء. الدينية كانت واضحة، أما تركها على ما هي عليه من فهذا الجواب يتم فيما لو ان األمور

التعارضات والتناقضات والوضع والتزوير، وجعل التعويل فيه على العلماء الحيارى، هو

مما ال يعقل اطالقا. كيف وقد علمنا ان الكليني ذاته كان متمشكال بمشكل غياب الحقيقة ب عزوف الكليني عن االتصال بالسفراء الدينية. فالسؤال على هذا يظل قائما، أي ما سب

وعرض كتابه عليهم؟ فهل كان ال يثق بسفارتهم ونيابتهم؟ أم كان يخشى ان يقولوا في كتابه

؟ أو ان هناك سببا آخر نجهله..1170ما ال يرضيه كما حصل مع غيرهرين لمعاصوأهم من ذلك، اإلشكال المتعلق بالسلوك الغالب على المكثرين من المشايخ ا

الباقر وصادق ألئمة المتأخرين، فهم يعولون على الرواية عبر سلسلة الوسائط عن اإلمام الل

لهامية دة واوالرضا دون اللجوء مباشرة إلى األئمة الذين عاصروهم، فلو كانت اإلمامة واحيقره، ء بمالما جاز هذا السلوك الظني ولوجب الرجوع إلى إمام العصر الستفتائه واالكتفا

روايات ها الب االحتفاظ بكتاب منقول عن األئمة مباشرة دون التوسل بالروايات ومنكما لوج

الضعيفة والمرسلة. فمثال كان محمد بن يحيى )أبو جعفر( يعد من الثقات، وهو من مشايخ الكليني وعاصر

اإلمام العسكري، ومع ذلك فإن رواياته عنه إن صحت فإنها قليلة ال تعد بشيء قبال كثرة ما

( مورد، وروى عن 5985رواه عبر الوسائط، حيث وقع في إسناد ما يقارب ستة آالف )( رواية، وقد إعتمد عليه الكليني وروى 2951احمد بن محمد وحده ما يقارب ثالثة آالف )

. كذلك كان احمد بن محمد بن خالد البرقي 1171( رواية5073عنه أكثر من خمسة آالف )

مة المتأخرين، وهو من أصحاب اإلمامين الجواد يعد من الثقات وعاصر بعض األئوالهادي، وكان في زمان العسكري دون ان يروي عنه شيئا، وهو فوق هذا كان يكثر

. وكذا يقال الشيء نفسه عن محمد بن الحسن 1172الرواية عن الضعفاء ويعتمد المراسيل

تقدمين بالرواية الصفار وعلي بن ابراهيم القمي وغيرهم، فكتبهم تستند إلى األئمة الم، مع ان هذه الصحبة تكفي 1173والعنعنة دون اللجوء إلى األئمة الذين عاصروهم وصاحبوهم

الستعالم األمر كما هو، سواء كانت هناك تقية شديدة كما يقال، أو لم تكن.

كذلك فإن شيوع روايات هؤالء األصحاب وكثرتها، مع ما فيها من كثرة الموارد المنافية للتقية، إذ من التناقض القول ان األئمة كانوا للتقية، يجعل من الصعب تفسير الحالة طبقا

يعملون بها فال يظهر عليهم شيء يعارضها، في حين ان أصحابهم كانوا يفعلون العكس،

وذلك بترويجهم للروايات المنافية لها، حتى وصلت الينا. وحتى لو قيل ان أصحاب األئمة ل مثل هذه الروايات إلى المخالفين، لكنهم اشاعوها بين كانوا حريصين على عدم ايصا

أصحابهم ومن ثم وصلت الينا، فإن ذلك ال يمنع من ان يفعلوا الشيء نفسه في الرواية عن

لتكليف لمحمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر على السفير الحسين بن روح من ذلك عرض كتاب ا 1170

ب ، فإنه كذثالثة ليعطي فيه رأيه، فقرأه من أوله إلى آخره، وقال: ما فيه شيء إال وقد روي عن األئمة إال موضعين أو

م بعد ما ذ لعزاقراين بن روح عن كتب ابن أبي عليهم في روايتها، لعنه هللا. وفي حكاية أخرى قيل أنه سئل السفير الحس

ل عن ري وقد سئالعسك وخرجت فيه اللعنة، فقيل له: وكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها مالء؟ فقال: أقول فيها ما قاله اإلمام

إلى تشيران (. والحكايتان المذكورتان390ـ389و 409)الغيبة، ص‹‹ خذوا بما رووا وذروا ما رأوا››كتب بني فضال:

رأي السفير ابن روح وليس إلى قول اإلمام المهدي!. .59و 9، ص19معجم رجال الحديث، ج 1171 .20الفهرست، ص 1172( لكنها ليست بشيء مقارنة 144ذكر ان للصفار مسائل كتب بها إلى اإلمام العسكري )الفهرست للطوسي، ص 1173

لعنعنة والوسائط.بكتابه بصائر الدرجات الذي رواه عن األئمة المتقدمين عبر ا

حيى محمد ي مشكلة الحديث

193

األئمة المتأخرين ومن ثم حفظها واشاعتها بين األصحاب لتكون حجة على الجميع؛ بدل

نها تلك التي تخص األئمة، رغم انهم الخالف الحاصل بينهم كما في األمور العقائدية وم

عاصروهم وصاحبوهم.ونت لتي دافما سر هذا السلوك ألصحاب األئمة المتأخرين؟ بل ما فائدة األصول والكتب

ل عددفي عصر األئمة وهي مختلطة بين الصحيحة والموضوعة والمزورة، إذ كان يكفي نق

ه يراد ل كل مابائط، ليستفاد من خاللها قليل من الكتب عن اإلمام مباشرة دون العنعنة والوسعتبرة؟ ة المفي التكليف، مع األمر بحفظها بين الثقات مثلما تم الحفاظ على الكتب األربع

الغرض ا كانوكذا نقول: ما فائدة علم الرجال وتسجيل الثقات والضعفاء في عهد األئمة، اذ

بين؟!هو الوصول إلى أقوال األئمة، وهم كانوا حاضرين غير غائألئمة. لغيبي إن جميع هذه التساؤالت واالشكاالت تصدق بحق القائلين بالعلم الشمولي وال

لعلم دهم افهي تبعث على الظن بأن المشايخ الذين عاصروا األئمة المتأخرين لم يجدوا عن

يب م الغاللدني والشمولي، فترى الكثير منهم يبحثون عن الضالة التي يشتهونها من علوكتب ر والغلو والغرائب وكل ما يستثير النفوس، فوجدوا ذلك أمامهم في الواألساطي

ن والروايات التي تنسب إلى اإلمام الصادق وغيره، ولم يجدوا الشيء نفسه لدى م

لك ذعلى عاصروهم من األئمة، فزاد اهتمامهم باألئمة المتقدمين دون من عاصروهم. ويدلئر وبصا لوضع والتزوير، مثل كتاب تفسير القميما وصلنا من كتبهم، إن لم تلحقها يد ا

الدرجات للصفار والمحاسن للبرقي وغيرها.

وهذه القضية تلقي بظاللها على مسألة العصمة، إذ انقسم قدماء الشيعة حولها إلى عدد ويحملون العلم اللدني -تماما -من الطوائف. والكثير منهم ذهبوا إلى ان األئمة معصومون

يختلفون فيما بينهم، رغم ان شواهد البحث في الرواية والرجال ال تؤيد هذا اإلعتقاد وانهم ال

كما عرفنا، وهو فضال عن ذلك ال يتسق مع منطق القرآن الكريم في ذكره لسيرة األنبياء . 1174ومنها سيرة نبينا محمد )ص(

لعصمة، لكن وفي قبال هؤالء ذهب جماعة إلى ان األئمة هم من كمل المؤمنين مع نفي ا

شاء المغالون والوضاعون ان يدسوا في اإلمامة كل ما يريدونه حتى رفعوها إلى حد . 1175الربوبية عبر ما يطلق عليه )الوالية التكوينية( ربما تأثرا باسقاطات النظام الوجودي

فقد ذكر الوحيد البهبهاني في فوائده الرجالية ان كثيرا من القدماء ال سيما القميين وابن

الغضائري كانوا يعتقدون بأن لألئمة مكانة ال يجوز تعديها واالرتفاع عنها، وكانوا يعدون وغلوا، فاعتبروا مثل نفي سهو النبي عنهم غلوا، بل وربما جعلوا نسبة التعدي ارتفاعا

مطلق التفويض اليهم أو التفويض المختلف فيه أو اإلغراق في إعظامهم وحكاية المعجزات

لعادات عنهم أو المبالغة في تنزيههم عن كثير من النقائص واظهار سعة القدرة وخوارق ا للتهمة، خصوصا وموجبا واحاطة العلم بمكنونات الغيوب في السماء واألرض ارتفاعا

والغالة كانوا مخلوطين بهم يتدلسون فيهم. ثم أشار البهبهاني إلى ان القدماء كانوا يختلفون

الحظ بهذا الخصوص دراستنا: العصمة وكتاب االلفين والمنهج اإلستقرائي، مجلة الموسم، العدد المزدوج 1174

م. كذلك: القسم الثالث من: مدخل إلى فهم اإلسالم، الطبعة الثالثة.1995هـ ـ1416، 24ـ23ى الديني، كالهداية والتشريع وامتداداته وما إلى ذلك. للوالية ثالثة مفاهيم أساسية مختلفة، فتارة يقصد بها المعن 1175

بروا لبعض، فاعتوثانية المعنى السياسي التنفيذي. وثالثة المعنى التكويني كالذي التزم به أصحاب التصوف والباطنية

لمشائين عاشر لدى االعقل األولياء والية تكوينية يمارسون من خاللها تكوين العالم وتوليده وإنشاء صوره وخلقه، كما يفعل ال

فلسفة تابنا: الس من كمن الفالسفة، والعقول العرضية أو أرباب األنواع لدى األشراقيين منهم. للتفصيل الحظ: الفصل الخام

ا: حقيقة النبوة في الفكر م. أو دراستن2008والعرفان واالشكاليات الدينية، مؤسسة االنتشار العربي، بيروت، الطبعة الثانية،

م.2004، 33ي العرفاني، مجلة المنهاج، العدد الفلسف

حيى محمد ي مشكلة الحديث

194

كالفرعية، فربما كان بعض اإلعتقادات عند بعضهم كفرا أو غلوا أو في المسائل األصولية

. 1176تفويضا أو جبرا أو تشبيها أو نحو ذلك، وعند آخرين مما يجب إعتقاده

وسبق للشيخ المفيد أن نقل عن جماعة من القميين انهم يعتقدون بأن األئمة كانوا ال في قلوبهم، ومنهم من يقول انهم كانوا يعرفون الكثير من األحكام الدينية حتى يلهمون

. وكان ابن الجنيد يرى ان األئمة 1177يلجأون في األحكام الشرعية إلى الرأي والظنون

يجتهدون ويعملون بالرأي، وذلك عندما وجد األقوال المنقولة عنهم متضاربة، حيث جمع ر األئمة مختلفة مسائل وكتبها إلى أهل مصر وسماها )المسائل المصرية( ذكر فيها ان أخبا

.1178في معانيها إلعتمادهم على الرأي

علماء ››كذلك صرح الشهيد الثاني ان جل رواة األئمة وشيعتهم كانوا يعتبرون األئمة

. وكان من أبرز الفرق التي تدعو 1179افترض هللا طاعتهم مع عدم اإلعتقاد بعصمتهم‹‹ أبرارعبد هللا بن أبي يعفور، وهو كوفي من إلى إلى هذا اإلتجاه ما يطلق عليها )اليعفورية(، نسبة

أصحاب اإلمام الصادق والمقربين إليه، ويعتبر لدى علماء الرجال من الثقات المعتمد عليهم،

وهو على رأس من يقول بأن األئمة علماء أبرار أتقياء، وله أشياع كثيرون، وجاء في بعض فقال ابن أبي يعفور: األوصياء الروايات أنه تناظر ابن أبي يعفور مع معلى بن خنيس،

علماء أبرار أتقياء، وقال ابن خنيس: األوصياء أنبياء، ثم دخال على اإلمام الصادق )ع(

.1180ليحكم بينهما، فقال اإلمام: يا أبا عبد هللا أبرأ ممن قال إنا أنبياء

ويؤيد المنحى السابق ما هو معروف من الخالف بين أصحاب األئمة حول اإلمام ي: التالكجب طاعته. ولهذا الخالف دالالت عديدة سنبرزها بعد ان نستعرض جملة منه الوا

إن أول فرقة نشأت وبدأت الخالف هي فرقة الكيسانية التي ادعت ان اإلمامة تعود إلى

محمد بن الحنفية بعد الحسن والحسين، وانه المهدي المنتظر، ثم بعد ذلك ظهرت فرقة علي بن الحسين هو اإلمام الواجب طاعته بعد ابيه زين العابدين. الزيدية التي عدت زيد بن

وكان لزيد وعدد من علماء آل البيت استقاللية عن الخط العام لإلمامة، ولشدة الوثوق به

وجاللته فقد اعتبره البعض اإلمام الثالث عشر. فكما ذكر النجاشي ان هبة هللا بن احمد بن ذكر فيه ان األئمة ثالثة عشر، فأضاف إلى ذلك زيد بن زين محمد الكاتب عمل كتابا

العابدين، واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس الهاللي ان األئمة اثنا عشر من ولد أمير

. 1181المؤمنين )ع( وقد استمر الخالف بين األصحاب حول األئمة واحدا تلو اآلخر كالذي يبرزه أصحاب

مام الصادق، ولم يخفت حتى آخر األئمة. فما إن السير والفرق. وظهرت شدته بعد وفاة اإل

توفي اإلمام الصادق حتى ادعت فرقة أنه حي لم يمت وال يموت حتى يظهر فيمأل األرض قسطا وعدال كما ملئت ظلما وجورا، ألنه القائم المهدي. وذهبت فرقة أخرى إلى ان هذا

أنه القائم المنتظر، وأنكرت وفاته في اإلمام مات ونص على إبنه إسماعيل وانه اإلمام بعده و

حياة أبيه. وقال البعض ان إسماعيل قد توفي على الحقيقة في زمن أبيه غير أنه قبل وفاته

.155، ص1. كذلك: عدة الرجال، ج38الوحيد البهبهاني: الفوائد الرجالية، ص 1176 .136ـ135( ص5المفيد: تصحيح اإلعتقاد، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد، عدد ) 1177 .75( ص7المفيد: المسائل السروية، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ) 1178 .220، ص3بحر العلوم: الفوائد الرجالية، ج 1179 .515، ص456اختيار معرفة الرجال، فقرة 1180 .440رجال النجاشي، ص 1181

حيى محمد ي مشكلة الحديث

195

نص على ابنه محمد فكان اإلمام بعده، وبعضهم قال ان الذي نص على محمد هو الصادق

. 1182م بعده ابنه محمدوليس اسماعيل. وذهب البعض إلى ان اإلمام الصادق توفي وان اإلما

وأعظم ما ظهر من خالف واضطراب هو ما ذهب اليه غالبية الشيعة انذاك من إمامة ولد الصادق األكبر عبد هللا الملقب باالفطح. ثم انقاد أغلب الشيعة بعد ذلك إلى إمامة موسى

وسى الكاظم. وبعد وفاته قال جمهورهم بإمامة علي الرضا، لكن جماعة منهم توقفوا عند م

الكاظم وادعوا حياته وانه هو المهدي المنتظر. وقال فريق منهم أنه مات وسيبعث قائما. كما اختلفت الواقفة في اإلمام الرضا ومن قام من آل محمد بعد موسى الكاظم، فقال البعض:

هؤالء خلفاء موسى وامراؤه وقضاته إلى أوان خروجه وإنهم ليسوا بأئمة وما ادعوا اإلمامة

وقال الباقون إنهم ضالون مخطئون ظالمون، وقالوا في الرضا خاصة قوال عظيما قط، وأطلقوا تكفيره وتكفير من قام بعده من ولده. كما اختلف الشيعة بعد وفاة اإلمام الرضا، إذ لم

يكن له إال ولد واحد وعمره عند وفاة أبيه سبع سنين، وهو محمد الجواد، فذهبت فرقة إلى

ه، كما ارتدت فرقة إلى قول الواقفة ورجعوا عما كانوا عليه من إمامة الرضا، القول بامامتكما قالت فرقة بإمامة أحمد بن موسى الكاظم، وزعموا ان الرضا نص عليه. وبعد ذلك ذهب

الشيعة إلى إمامة علي الهادي باستثناء القليل منهم حيث ذهبوا إلى إمامة اخيه موسى، ولما

تفرق الشيعة وقال جمهورهم بإمامة الحسن العسكري، وقال بعضهم توفي اإلمام الهاديبإمامة اخيه محمد بن علي فانكروا وفاته في حياة ابيه وزعموا أنه لم يمت وانه حي وانه

. ولما توفي الحسن العسكري 1183القائم المنتظر، كما ذهب البعض إلى إمامة جعفر بن علي

ذكرهم النوبختي في )فرق الشيعة( وذلك كما افترق أصحابه إلى أربع عشرة فرقة كالذي يلي:

قال جمهور الشيعة إن لإلمام الحسن ولدا اسمه محمد وهو القائم المنتظر، وبعض قال ان

اسمه علي، كما قال بعض بأن القائم بعد الحسن هو ابنه محمد الذي ولد بعد موت ابيه حسن العسكري مات وسيجيء بثمانية اشهر، وهو المنتظر، وقال اخرون ان محمد بن ال

ويقوم بالسيف فيمأل األرض قسطا وعدال كما ملئت ظلما وجورا. وذهب بعض آخر إلى ان

اإلمام الحسن مات عن غير ولد ظاهر ولكن عن حبل من جارية له، وما ولدته أمه بعد، وإنه ذهب إلى ان يجوز أنها تبقى مائة سنة حامال به، فإذا ولدته أظهرت والدته. ومنهم من

الحسن حي لم يمت وانما غاب وهو القائم المنتظر، ومنهم من قال أنه مات وعاش بعد موته،

وهو القائم المهدي. وبعضهم ذهب إلى إمامة جعفر بن علي بعد موت اخيه الحسن، كما رجعت فرقة ممن كانت تقول بإمامة الحسن عن إمامته عند وفاته وقالوا لم يكن إماما وكان

مبطال، وأنكروا إمامة أخيه محمد، وقالوا اإلمام هو جعفر بن علي بنص أبيه عليه، مدعي ا

كذلك رجعت فرقت أخرى عن إمامة الحسن بالقول بإمامة اخيه محمد فادعوا حياته بعد ما كانوا ينكرونها. وقالت فرقة أخرى إن اإلمامة قد بطلت بعد الحسن فارتفعت األئمة وليس

آل محمد، وإنما الحجة األخبار الواردة عن األئمة المتقدمين، وزعموا في األرض حجة من

أن ذلك سائغ إذا غضب هللا على العباد فجعله عقوبة لهم. كما ذهب اخرون إلى إن محمدا أخا الحسن العسكري كان اإلمام في الحقيقة مع أبيه علي وإنه لما حضرته الوفاة وصى إلى

ة أمينا، ودفع إليه الكتب والسالح ووصاه أن يسلمها إلى أخيه غالم له يقال له نفيس وكان ثق

جعفر، فسلمها إليه وكانت اإلمامة في جعفر بعد محمد على هذا الترتيب. وقالت فرقة أخرى قد علمنا أن الحسن كان إماما فلما قبض التبس األمر علينا فال ندري أجعفر كان اإلمام بعده

نقطع على أنه ال بد من إمام وال نقدم على القول بإمامة أحد أم غيره، والذي يجب علينا أن

.306ـ305المفيد: الفصول المختارة، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص 1182 .317ـ313الفصول المختارة، ص 1183

حيى محمد ي مشكلة الحديث

196

بعينه حتى يتبين لنا ذلك. وأخيرا قالت فرقة بأن اإلمامة لجعفر بعد ان نص عليه اخوه

الحسن عندما حضرته الوفاة، وزعموا أن الذي دعاهم إلى ذلك ما يجب في العقل من وجوب

. 1184من ادعى وجوده من اإلمامية اإلمامة مع فقدهم لولد الحسن وبطالن دعوىوتعد هذه المدة من وفاة اإلمام العسكري أعظم الفترات اضطرابا وحيرة لدى علماء

الشيعة وفقهائها. لكنها مسبوقة بعدد من فترات االضطراب التي فرقت شمل من وصفوا

ا عند باألجلة العظام من أصحاب األئمة، خاصة بعد اإلمامين الصادق والكاظم، ال سيمظهور فرقة الفطحية التي تحمل من الدالالت ما تحمل. وكما روى النوبختي في )فرق

الشيعة( ان عبد هللا بن اإلمام الصادق جلس مجلس أبيه وادعى اإلمامة ووصية ابيه، وان

اتباعه رووا عن اإلمام الصادق أنه قال: اإلمامة في األكبر من ولد اإلمام، وهذا ما جعل هاء والمشايخ من اإلمامية في ذلك الزمان يميلون إلى عبد هللا، لكن لما مات عبد غالبية الفق

إلى القول -سوى قليل منهم -هللا ولم يخلف ذكرا رجع عامة الفطحية عن القول بامامته

. 1185بإمامة موسى بن جعفر وقد ذهب إلى الفطحية والى غيرها عدد ممن يعدون من أصحاب اإلجماع؛ مثل عبد هللا

بن بكير وابان بن عثمان الذين ذهبا إلى إمامة عبد هللا بن جعفر الصادق، وبعضهم وقف

عند اإلمام موسى الكاظم مثل أحمد بن محمد بن أبي نصر، كما ان بعضا آخر قال بالوقف . هذا باإلضافة إلى غيرهم ممن 1186ثم رجع عنه، مثل جميل بن دراج وحماد بن عيسى

جالء، وان لم يكونوا من أصحاب اإلجماع، ويكفي ما صرح به اعتبروا من األعاظم واأل

الكشي في كل من محمد بن الوليد الخزاز ومعاوية بن حكيم ومصدق بن صدقة ومحمد بن سالم بن عبد الحميد، حيث قال: هؤالء كلهم فطحية، وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول،

.1187ونوبعضهم أدرك الرضا عليه السالم، وكلهم كوفي

دالالت اإلختالف والحيرة في اإلمامةنهم ماذا يدل كل ذلك اإلختالف والحيرة واالضطراب بين أصحاب األئمة، خاصة وبي

من وصفوا بالجاللة والتقوى؟ لعلنا نقف على عدد من الدالالت واإلستنتاجات لما حصل، وذلك كالتالي:

أثناء حياتهم، بد ـ1 اللة القول بالوقف لدى الكثير من إن عدد األئمة لم يكن معروفا

األصحاب، وبداللة أنه لم يظهر من يبطل حجج هؤالء بدعوى نقصان العدد. إذ كيف يتسق ذلك مع شيوع خبر األئمة االثني عشر؟! وكل ما روي بهذا الشأن ال يقف قوة قبال هذه

هذا المعنى أنه الدراية، فلعلها ظهرت في عصر الغيبة لتبرير النهاية بعد الحيرة، ويقرب

جاء في رواية عن احمد بن محمد البرقي تبين ان األئمة اثنا عشر اماما، حيث رواها محمد بن يحيى عن محمد بن حسن الصفار عن البرقي المذكور، فعلق محمد بن يحيى وقال

للصفار: يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد هللا )البرقي(،

. وقيل ان ظاهر هذا الحديث يفيد ان 1188فأجاب الصفار: لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين، وأجاب العلماء على 1189البرقي صار متحيرا في أمر اإلمامة أو خصوص إمامة المهدي

.321ـ318الفصول المختارة، ص 1184 .16ـ15، ص5رك، جعن: خاتمة المستد 1185 .71الغيبة، ص 1186 .835، ص1062ـ1061اختيار معرفة الرجال، فقرة 1187. وقد عاش البرقي بعد وفاة 2، باب ما جاء في االثني عشر والنص عليهم، حديث 1األصول من الكافي، ج 1188

(.45، ص4العسكري أربعة عشر سنة، وقيل: عشرين )خاتمة مستدرك الوسائل، ج العلماء ان الحوار المذكور يدل على ان البرقي لم يكن موثوقا لدى محمد بن يحيى.ورأى عدد من 1189

حيى محمد ي مشكلة الحديث

197

. والمعروف ان الحيرة ظهرت عند وفاة الحسن العسكري، وسميت 1190ذلك بوجوه مختلفة

م بعده، وكما قال المحقق النوري: المراد بالحيرة زمن بذلك إلضطراب الناس حول اإلما

الغيبة، هي السنة التي مات فيها العسكري )ع( وتحيرت الشيعة، ومن طالع الكتب التي . والخبر 1191صنفت في الغيبة، علم أن إطالق لفظ الحيرة على مثل ما قلناه شائع في كالمهم

األحاديث الخاصة باالثني عشر اماما. المذكور يدل بأن زمن الحيرة يدعو إلى حالة وضع

بل ويدلنا على ذلك ان ما وصلنا من الروايات عن عدد األئمة كان لدى كتاب )بصائر ، وانها كانت لدى )الكافي( عشرين 1192الدرجات( قليلة للغاية ربما لم تتجاوز ثالث روايات

األحاديث المعدة صحيحة رواية الكثير منها تعتليها الصفة االسطورية، وان ما جاء فيها من

حسب االعتبارات المصطلح عليها؛ حديث منفرد وصف بأنه حسن كالصحيح، وآخر مروي عن احمد بن محمد البرقي بطريقين مختلفين، وهو الحديث الذي دار حوله الحوار المذكور

بين محمد بن يحيى ومحمد بن حسن الصفار، ويتصف الحديث بالطابع االسطوري، وينص

: قال اإلمام أبو جعفر الثاني )الجواد(: أقبل أمير المؤمنين ومعه الحسن بن علي وهو كالتاليمتكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم

على أمير المؤمنين فرد عليه السالم فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثالث مسائل

بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضي عليهم وأنهم ليسوا بمأمونين في إن أخبرتنيدنياهم وآخرتهم وإن تكن األخرى علمت أنك وهم شرع سواء. فقال له أمير المؤمنين: سلني

عما بدا لك. قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى

ده األعمام واألخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين إلى الحسن فقال: يا أبا وعن الرجل كيف يشبه ولمحمد أجبه. فأجابه الحسن فقال الرجل: أشهد أن ال إله إال هللا ولم أزل أشهد بها وأشهد أن

وأشار -محمدا رسول هللا ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول هللا والقائم بحجته

ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته وأشار إلى الحسن -إلى أمير المؤمنين وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده وأشهد على علي بن الحسين أنه

القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد

م بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد على جعفر بن محمد بأنه القائوأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه

القائم بأمر علي بن موسى وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد

حمد وأشهد على رجل من ولد الحسن ال يكنى على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن موال يسمى حتى يظهر أمره فيمألها عدال كما ملئت جورا والسالم عليك يا أمير المؤمنين

ورحمة هللا وبركاته. ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد؟

من المسجد فما دريت أين فخرج الحسن بن علي فقال: ما كان إال أن وضع رجل ه خارجاأخذ من أرض هللا فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت هللا

. 1193ورسوله وأمير المؤمنين أعلم. قال هو الخضر

أما غير ذلك من األحاديث فإنها معدودة ضمن األحاديث غير الصحيحة، حيث بعضها . 1194رفع أو المجاهيلضعيف، وبعض آخر يتضمن ال

وما بعدها. 43، ص4انظر حول ذلك: خاتمة مستدرك الوسائل، ج 1190 .44، ص4خاتمة مستدرك الوسائل، ج 1191 لرابع والخامس.انظر: بصائر الدرجات، باب في األئمة انهم عليهم السالم محدثون مفهمون، الحديث الثاني وا 1192 .1، باب ما جاء في االثني عشر والنص عليهم، حديث 1األصول من الكافي، ج 1193 .702ـ688، ص4الحظ حول ذلك: الشافي في شرح أصول الكافي، ج 1194

حيى محمد ي مشكلة الحديث

198

وعليه لو أبعدنا الحديث االسطوري المعدود ضمن األحاديث الصحاح، فإنه يبقى حديث

كالصحيح. لكن هذا الحديث ليس بشيء قبال أعتبر حسنا واحد من بين العشرين حديثا

الدراية التي مرت معنا، مع ما في سنده من بعض الذين لم يرد فيهم نص من التوثيق، وهو راهيم بن هاشم القمي، وان الحديث مروي عن بعض األئمة المتقدمين ال المتأخرين ممن اب

. 1195عاصرهم الشيخ المذكور وابنه علي

هذا ما جاء في عصر الغيبة الصغرى، أما بعدها فالمالحظ ان روايات خبر األئمة االثني . 1196ن روايةعشر قد زادت عددا. إذ أورد الشيخ الصدوق في )الخصال( أكثر من خمسي

هـ( روايات أخرى من 401كما روى معاصره احمد بن عياش الجوهري )المتوفى سنة

. 1197العامة والخاصة تقارب عدد ما رواه الكلينيوجاء في كتاب )كفاية األثر( المنسوب إلى الخزاز القمي أضعاف األعداد السابقة مروية

، فمع ان النجاشي والطوسي ، لكن الكتاب لم تثبت نسبته1198عن النبي وأصحابه واألئمة

ذكرا الخزاز في كتبهما الرجالية، إال انهما لم يذكرا له هذا الكتاب، فقد وثقه النجاشي وقال له كتاب االيضاح في أصول الدين على مذهب أهل البيت )ع( وجيها ، 1199عنه كان فقيها

لكالم، وله انس كما وثقه الطوسي في )الفهرست( وقال عنه بأنه متكلم جليل، له كتب في ا

بالري وبها مات رحمه هللا ، كذلك ذكره الطوسي في رجاله واكتفى 1200بالفقه، وكان مقيما. 1201بالقول عنه: علي بن أحمد بن علي الخزاز، نزيل الري، يكنى أبا الحسن، متكلم جليل

ى ان وبهذا فإن النجاشي والطوسي لم يعرفا بأن للخزاز كتابا بالعنوان المذكور، وكان األول

يذكرا ذلك في فهرستيهما، إن صح ان له ذلك الكتاب. وسار على هذا المسار عدد من أصحاب الرجال المتأخرين مثل العالمة الحلي في )خالصة الرجال( حيث عرفه دون ان

.1202يذكر له كتبا

-ولو بشيء من اإلختالف في االسم -ولعل أول من ذكر ان للخزاز الكتاب المذكور هـ( حيث عرفه في )معالم العلماء( بقوله: ان له كتبا 588هر آشوب )المتوفى سنة هو ابن ش

في الكالم وفي الفقه، من كتبه: كتاب األحكام الشرعية على مذهب اإلمامية، وااليضاح في

. كما اسند الحر العاملي هذا الكتاب إلى الخزاز عبر 1203اإلعتقاد، والكفاية في النصوص . 1204السلسلة طويلة من الرج

بل حتى لو ثبت ان للخزاز كتابا بذلك االسم، فمن غير المعلوم ان ما عثر عليه من نسخة

تم ››هي ذاتها له دون زيادة وال نقصان. فقد كتب على النسخة التي عثر عليها في اآلخر: ى الكتاب بحمد هللا وحسن توفيقه وعونه، ووافق الفراغ منه يوم الثالثاء مستهل جمادي األول

روي الحديث كما يلي: علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سعيد بن غزوان عن أبي بصير عن أبي 1195

ا جاء في االثني م، باب 1قال: يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم )األصول من الكافي، ججعفر )الباقر(

(.15عشر والنص عليهم، حديث الصدوق: الخصال، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، 1196

وما بعدها. 462صعن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، انظر: ابن عياش الجوهري: مقتضب االثر في النص على األئمة االثني عشر، خرج أحاديثه وقدم له لطف هللا 1197

ة. الصافي، تعليق وتصحيح هاشم الرسولي، نشر مكتبة الطباطبائي، قم، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونيعلى األئمة االثني عشر، تحقيق عبد اللطيف الحسيني الخوئي، الحظ: الخزاز القمي: كفاية األثر في النص 1198

هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.1401انتشارات بيدار، مطبعة الخيام، قم، .268رجال النجاشي، ص 1199 .100الفهرست، ص 1200 .430، ص6172رجال الطوسي، فقرة 1201 .188و 180خالصة الرجال، ص 1202 .106معالم العلماء، ص 1203 ، الفائدة الثانية، الطريق الواحد والعشرون.30وسائل الشيعة، ج 1204

حيى محمد ي مشكلة الحديث

199

بخط وورق وترتيب كلها ››. مع انها وصفت مكتوبة 1205‹‹من سنة أربع وثمانين وخمسمائة

في غاية الجودة، وورقه لم يبله مر القرون وان أثر فيه، وتفوق هذه النسخة في حسن

. وهو ما يبعث على الشك 1206‹‹الترتيب في كتابتها المطبوعات العصرية الجيدة الترتيبالزمن المذكور، بداللة ان هناك من قام بتقديم تأريخ كتابة نسخة بأن تكون النسخة كتبت في

أخرى للكتاب مائة عام دون ذكر اسمه، وهي النسخة التي إعتمدها محقق الكتاب مع نسخة

. 1207ثانية لم يحظ الكتاب بوصف يليق بما يتضمنه من أخبار، ولم يظهر للعلماء القدماء وقديما

مع أهميته من حيث كثرة عدد األخبار الدالة على االثني ادنى اهتمام به على فرض وجوده

عشر امام. هذا ناهيك عما جرى من لبس في اسم الكتاب ونسبته، فقد ذكر محقق الكتاب: رأيت بخط بعض االفاضل على ظهر كتاب )الكفاية( المذكور أنه قد يعرف تارة بكتاب ››

ئمة االثني عشر، والحق أنه سهو الكفاية وتارة بكتاب مقتضب االثر في النصوص على األ

على ما قيل، ولكن لم يثبت ظاهر. وقد يعرف هذا الكتاب بكتاب )مشكاة االنوار( أيضاعندي، وبالجملة هو غير )مشكاة االنوار( لسبط الشيخ الطبرسي وغير )مشكاة االنوار(

بعض المواضع للكفعمي في االدعية، وهو ظاهر. ثم من الغرائب أنه قد ينسب إليه أيضا في

كتاب )الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح( وكتاب )مختصر المصباح( وكتاب )مختصر المختلف( وكتاب )مختصر مجمع البيان( ورسالة )في المنطق(، إذ هو سهو

ظاهر، ألن أكثر هذه الكتب قد ألف بعد هذا الشيخ بزمان كثير، ومن البين أن مؤلف هذه

كما نقل ‹‹. زين الدين البياضي صاحب كتاب )الصراط المستقيم( وغيره الكتب هو الشيخالسيد محسن االمين العاملي عن المجلسي نسبة هذا الكتاب إلى المفيد وعن غيره نسبته إلى

.1208الصدوق

أيضا وللسبب السابق ذاته ال تقف روايات تشخيص األئمة قبال الدراية الخاصة بجهل ـ2

بهم. فمثال ان زرارة مات ولم يعرف من هو اإلمام بعد جعفر الصادق، المقربين من األئمة

إذ روي أنه بعث ولده الستقصاء األمر ولما قربت وفاته أخذ المصحف ووضعه على صدره . وقد روى الكشي هذه الحادثة عن 1209وقال: اللهم إني أئتم بمن يثبت هذا المصحف إمامته

قال السيد محسن االمين العاملي في كتابه )معادن الجواهر ونزهة الخواطر في علوم األوائل واألواخر(: عثرنا 1205

ب هذا الكتان.. ووالفت في بعض مكتبات جبل عامل القديمة على كتاب مخطوط قديم جدا من بقايا ما أخطأته أيدي الحوادث

لك ذقل من من أنفس المخطوطات وعليه اجازات وخطوط قديمة لمشاهير العلماء بعضها قبل سبعة قرون ونصف وبعضها أ

تاب ل: رأيت كلذي قااوهو كتاب )كفاية األثر(. ثم أنه نقل عن العالمة البهبهاني في تعليقاته على رجال الميرزا الكبير

مبسوط في األئمةالكفاية كتابا جيدا في غاية الجودة جميعه نصوص عن الرسول)ص( وعن غيره أيضا ي عشر االثن ا

(.11)كفاية األثر، نقال عن مقدمة المحقق، ص .12المصدر السابق، ص 1206نسخة قيمة قديمة مصححة كتبها مؤمن بن عبد الجواد - 1قال محقق الكتاب: رجعنا في تحقيق هذا الكتاب الى: 1207

نسخة أخرى - 2. ظمي وفرغ منها يوم االثنين غرة شهر شعبان المعظم سنة ست وثمانين بعد االلف، وقد جعلناها أصال الكا

: لشريفةمصححة استكتبها العالمة حسين النوري الطبرسي صاحب المستدرك، صححها وكتب في الصفحة األولى بيده ا

ته مع ه ثم قوبلاستكتبت››وفي آخر الكتاب: ‹‹. في الربوع الخاوية... مما استكتبته لنفسي في الدنيا الفانية ذخيرة لرمسي››

حمد تقي ن بن منسخة ال تخلو من سقم نفعنا هللا وجميع المؤمنين به بمحمد وآله الطاهرين، وانا الجاني المسيء حسي

ي هذه السنة، ولم ة أيضا فوتاريخ الفراغ من الكتاب‹‹. 1280الطبرسي في ليلة الجمعة لثمان بقيت من جمادي األولى سنة

وغفل عن عصر 1180يكتب الكاتب اسمه. وال يخفى أن اليد الخائنة عملت في تاريخ الكتاب في المقامات الثالث وجعلته

، قمقدمة المحق المستكتب النوري طاب رمسه وزعم أن تكثير التاريخ يجلب المنفعة الكثيرة وهو النافع )كفاية األثر،

(.19ـ18ص .8األثر، مقدمة المحقق، ص كفاية 1208الصدوق: كمال الدين وتمام النعمة، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة 1209

.75هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص1405لجماعة المدرسين بقم،

حيى محمد ي مشكلة الحديث

200

اإلمام الصادق قال الناس بعبد هللا بن جعفر، علي بن يقطين بأنه قال: لما كانت وفاة

وبعضهم قال بأبي الحسن الكاظم، فدعا زرارة ابنه عبيدا فقال: يا بني الناس مختلفون في

هذا االمر: فمن قائل بعبد هللا فانما ذهب إلى الخبر الذي جاء ان اإلمامة في الكبير من ولد تيني بصحة األمر، فشد راحلته ومضى إلى اإلمام، فشد راحلتك وامض إلى المدينة حتى تأ

المدينة. واعتل زرارة فلما حضرته الوفاة سأل عن عبيد، فقيل أنه لم يقدم، فدعا بالمصحف

فقال: اللهم اني مصدق بما جاء نبيك محمد فيما أنزلته عليه وبينته لنا على لسانه، وأني الذي يأتيني به عبيد ابني وما مصدق بما انزلته عليه في هذا الجامع، وان عقيدتي وديني

بينته في كتابك، فإن أمتني قبل هذا فهذه شهادتي على نفسي واقراري بما يأتي به عبيد ابني

. 1210وانت الشهيد علي بذلك. فمات زرارةكذلك الحال فيما عرفناه من ان أغلب أصحاب اإلمام الصادق لم يعرفوا في البدء من هو

نه األكبر عبد هللا األفطح، ونقل بهذا الصدد عن هشام بن سالم أنه اإلمام بعده، فعولوا على اب

أنا وصاحب الطاق، والناس مجتمعون على -بعد وفاة اإلمام الصادق -قال: كنا بالمدينة أنه صاحب األمر بعد ابيه، ثم لقينا الفضيل وأبا بصير، فدخال -األفطح -عبد هللا بن جعفر

المه وسأاله، وقطعا عليه باإلمامة، ثم لقينا الناس أفواجا فكل على موسى بن جعفر وسمعا ك

ال يدخل عليه إال -األفطح -من دخل عليه قطع إال طائفة عمار وأصحابه، وبقي عبد هللا . 1211قليل من الناس

وكذا بالنسبة لآلخرين الذين قالوا بالوقف، أو الذين اختلفوا على أوالد األئمة. وقد أدرك

قين ما تستلزمه هذه الدراية، فقال الميرزا أبو الحسن الشعراني بعد ذكره عدد من المحق. 1212‹‹لو كان األئمة متعينين لم يعهد منهم التفحص››لخالف األصحاب على األئمة: أنه

ان األحاديث المروية في النصوص على األئمة جملة من خبر اللوح ››كما قال البهبودي:

بة والحيرة وقبلها بقليل، فلو كانت هذه النصوص المتوفرة وغيره كلها مصنوعة في عهد الغيموجودة عند الشيعة اإلمامية لما اختلفوا في معرفة األئمة الطاهرة هذا اإلختالف الفاضح،

ولما وقعت الحيرة ألساطين المذهب وأركان الحديث سنوات عديدة، وكانوا في غنى ان

.1213‹‹الحيرة عن قلوب األمة بهذه الكثرة يتسرعوا إلى تأليف الكتب إلثبات الغيبة وكشف

نواجه اننا ان الداللتين السابقتين تثيران اشكالية جوهرية تحتاج إلى تحليل، وذلك ـ3

ص عن الخا افتراضين لكل منهما شواهده الدالة عليه، أحدهما المعطيات السابقة من النقلخاص خر فهو النقل الاضطراب أصحاب األئمة حول معرفتهم على وجه التحديد، أما اآل

ض فترابالروايات التي تعرف بتشخيص األئمة وتبيان عددهم بوضوح. ومن الواضح ان اال

ر ا في عصتفشي األول ال ينسجم مع الثاني، فأحدهما ال بد ان يكون كاذبا، وكال النقلين قد الغيبة. فأيهما أقوى دليال من اآلخر؟

لمصلحة، حيث المالحظ ان النقل الخاص لنختبر النقلين من حيث دوافع الكذب وا

بإختالف األصحاب ليس فيه ما يبعث على مصلحة الكذب، وذلك ألن نقلة هذا اإلختالف هم من المنتسبين إلى الشيعة وثقاتهم، وليسوا من أطراف خارجية كي يطرأ إحتمال الكذب، بل

وانه ظهرت على أثره أصبح من الميقن عند العلماء بال خالف ان هذا اإلختالف كان جاريا

.371، ص251اختيار معرفة الرجال، فقرة 1210، باب ما يفصل به بين دعوى 1. كذلك: األصول من الكافي، ج566ـ565، ص502فقرة اختيار معرفة الرجال، 1211

.396، ص1. وبحر العلوم: الفوائد الرجالية، ج7المحق والمبطل في أمر اإلمامة، حديث محمد صالح المازندراني: شرح أصول الكافي، تعاليق الميرزا أبو الحسن الشعراني، مكتبة يعسوب الدين 1212

.361، ص7نية، جااللكترو .109معرفة الحديث، ص 1213

حيى محمد ي مشكلة الحديث

201

الكثير من الفرق الذين يعرف رجالهم وآراؤهم. وعليه بنى أصحاب المقاالت والفرق وكذا

أصحاب الرجال والتوثيق علومهم، فيقال هذا واقفي، وذاك ناووسي أو فطحي أو اسماعيلي

رق أو غير ذلك. ولو أنه تم طرح مثل هذه الروايات لبطلت كتب التوثيق ومثله كتب الفوالمقاالت التي إعتمدت عليها، بل لبطلت كذلك الكثير من الكتب التي إعتمد عليها العلماء

بعد الغيبة، كالذي أشار اليه الطوسي من ان الكثير من أصحاب األصول هم من المذاهب

الفاسدة وان كانت كتبهم معتمدة، وهو بدوره سيفضي إلى إبطال الكثير من الروايات، بل ر الممكن اإلعتماد والتعويل على شيء من النقل والروايات لكثرة الرواة ألصبح من غي

المعدين ضمن تلك الفرق المنحرفة.

ئمة، ن األعأما النقل الخاص بعدد األئمة وتشخيصهم فهو ما جاء في الروايات المنقولة ية القض ودوافع الكذب فيها بادية، حيث ان من مصلحة المنتسبين إلى المذهب اظهار هذه

تعد اللتنا دون غبش، وإال لم يعد هناك مجال لألخذ بالمذهب، كذلك فإن الروايات التي وص

ة لعقيدبشيء، فهي من اآلحاد، وانه اذا جاز ترك األحاديث الكثيرة المنافية الصول امع تعارضتكروايات التحريف وما اليها، فإن من األولى ترك هذه األحاديث القليلة التي

ل شيءتراض األول، خاصة وان هذا االفتراض يعد دراية لو أزلناه لزال كمعطيات االف

يتعلق بالتوثيق والرواية في المذهب كما عرفنا.***

ص مخصو ما نستنتجه بحسب الدالالت الثالث السابقة هو ان األئمة لم ينص عليهم بنص

كذا لماوف، شد الخالوإال لما خفي ذلك على المقربين واالجالء من أصحابهم، ولما اختلفوا اتالفا فيه إخ وجدواادعى الكثير منهم المهدية، وهللا تعالى يقول: ))ولو كان من عند غير هللا ل

(. 82كثيرا(( )النساء/

-فاألئمة أنفسهم كانوا ال يعلمون ة، وإالمن الذي يتلوهم في وجوب الطاع -سلفا لعرفوهم لألصحاب من غير خالف.

ي. الكثير من األصحاب ألشخاص األئمة سببه ضغط الظرف السياس وال يقال ان جهل

عرفون ال ي وذلك باعتبار ان هذا االفتراض يجرنا إلى إشكال أعمق، وهو إذا كان المقربوننحن وا، واشخاص األئمة على التحديد بسبب ذلك الظرف، فكيف تسنى لنا معرفة ما لم يعرف

انما تلقينا علمنا من خاللهم؟!

امة حسب المعطيات السابقة ووفق الدالالت التي ذكرناها يكون تصور اإلمهكذا فبن هم ممبحسب الصورة التي رآها المتقدمون من القميين هي أقرب من تلك التي رآها غير

قميون اه الوصفوهم باالرتفاع والغلو. واذا كان من الصحيح ما قيل من ان التصور الذي بن

لفنا، ما اسر األئمة، كالذي يشير اليه الشهيد الثاني ككان يصدق على أغلب الرواة في عص فإن األمر اقد انقلب فيما بعد واصبح معكوسا، حيث غلب ت علىفاذا كان هذا صحيحا

ذا.هالمتأخرين الرؤية األخرى وصارت من المقدسات التي يصعب مخالفتها حتى يومنا

دد ها بصستنتاجات يمكن طرحلكن األمر ال يتوقف عند هذا الحد، فهناك العديد من اإل اإلمامة كالتالي:

: من الناحية العلمية ان االستناد إلى المعطيات السابقة وما استتبعناه من دالالت، كل أوالا

ذلك يقرب فكرة كون اإلمامة ذات طبيعة كسبية غير منزلة وال الهامية، والرجوع إلى ا بيانه. وهي بهذا ال تتضمن العصمة، القرآن الكريم يؤكد هذا النحو من التصور كما سيأتين

بل كمال العلم والدين والتقوى. وهي أقرب ما تكون إلى التصور الحالي عن المرجعية

وصفاتها الخاصة في اإليمان والعدالة واالعلمية. مع أخذ اعتبار ان المرجعية قائمة على هي استنباط األحكام االجتهاد المفضي إلى الظن في الغالب، وان المهمة التي تضطلع بها

حيى محمد ي مشكلة الحديث

202

الشرعية بحسب الوسع والقدرة ومن ثم العمل بها أو تبليغها، في حين تتقوم اإلمامة بالعلم

للوظيفة التي تؤديها وهي الهداية، مما ال عالقة له بالفقه حسب االصطالح والحكمة تبعا

هدف المتعارف عليه. كذلك ان المرجعية تفترض ان يكون هناك طرف آخر تحقق فيه الالمطلوب، وهو التقليد وما على شاكلته، فيكون لدينا طرفان في هذه العالقة هما المرجع

والمقلد. بينما تفترض اإلمامة مفهوم االقتداء كطرف آخر تحقق من خالله الهدف المنشود،

، واالقتداء يفيد التأسي كما يفيد 1214فاإلمام من الناحية اللغوية هو الذي يقتدى به . 1216هو معنى اإلتباع، حيث اإلتباع في اللغة هو الوالء، و1215االحتذاء

يفة لى الوظاألو والرابط بين اإلمامة واإلتباع هو الهداية، إذ تشكل األخيرة بالنسبة إلى

ن قوله ظهر مالتي تتحقق من خاللها الغاية من اإلتباع والتأسي. فهي وظيفة لإلمامة كما ي. كما انها (73اء/وأوحينا اليهم فعل الخيرات(( )األنبيتعالى: ))وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا

ن باهلل ذي يؤمي ال غاية لإلتباع مثلما جاء في قوله تعالى: ))فآمنوا باهلل ورسوله النبي األم

جاءني من العلم (، وقوله: ))يا أبت إني قد158وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون(( )األعراف/ (.43راطا سويا(( )مريم/ما لم يأتك فاتبعني أهدك ص

وبهذا يتيسر فهم كون اإلمام أولى بالتابعين من أنفسهم، وذلك بما من شأنه تحقيق الهدف

المطلوب من الهداية واالصالح. ففضيلة التابعين تتجلى باالقتداء والتأسي بإمامهم: )) لقد ذكر هللا كثيرا(( كان لكم في رسول هللا أسوة حسنة لمن كان يرجو هللا واليوم اآلخر و

(، فعند ذاك يتحقق الوالء والمولوية، حيث اإلتباع هو الوالء كما أسلفنا. وقد 21)األحزاب/

؛ شرط تجرده عن المعاني 1217هذا المعنى‹‹ من كنت مواله فعلي مواله››يكون للحديث: األخرى الخاصة ببعض الحوادث الشخصية كما تبديها جملة من الروايات والتي لها عالقة

بشكوى بعض جنود علي )ع( منه عند رجوعه من اليمن. فلعلي عليه السالم الوالية

واإلمامة، وهو أولى باآلخرين من أنفسهم، وأهل البيت لهم مثل هذه الوالية بالتبعية. لكنها بالمعنى المتقدم غير محددة بأشخاص معينين، وقد يدل عليه قوله تعالى: ))والمؤمنون

لياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصالة والمؤمنات بعضهم أو

(، 71ويؤتون الزكاة ويطيعون هللا ورسوله أولئك سيرحمهم هللا إن هللا عزيز حكيم(( )التوبة/وان النبي أولى بهم من أنفسهم، فهي بذلك درجات ومقامات: )كلكم راع وكل راع مسؤول

ية علي، ووالية المؤمنين، ووالية أولي األرحام، كالذي عن رعيته(، فمنها والية النبي، ووال

يشير اليه قوله تعالى: ))النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو األرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب هللا من المؤمنين والمهاجرين إال أن تفعلوا إلى أوليائكم

(.6)األحزاب/معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا((

محمد بن أبي بكر الرازي: مختار الصحاح، ضبطه وصححه احمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1214

لحاوي لكتاب . ومعجم الفروق اللغوية، ا21م، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص1994هـ ـ1415الطبعة األولى،

رسين بقم،ة المدءا من كتاب نور الدين الجزائري، تحقيق مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعأبي هالل العسكري وجز

.222هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص1412الطبعة األولى، .75و 271و 17مختار الصحاح، ص 1215 .47مختار الصحاح، ص 1216طرق تخريجه، وإن بالفاظ مختلفة، لكنها ليست بأقل ذكرنا هذا الحديث بالخصوص لالتفاق على صحته ولكثرة 1217

طرق جاء فيومما ذكر، حيث ورد في الكثير من الطرق ألفاظ أخرى مضافة مثل: اللهم وال من وااله وعاد من عاداه.

ي من المقر الحديث ان احمد بن حنبل رواه من أربعين طريقا، وابن جرير الطبري من نيف وسبعين طريقا، والجزري

ائة عابي من مكر الجانين طريقا، وابن عقدة من مائة وخمس طرق، وأبا سعيد السجستاني من مائة وعشرين طريقا، وأبا بثم

ميني من نقل االوخمس وعشرين طريقا، وفي تعليق هداية العقول عن األمير محمد اليمني إن له مائة وخمسين طريقا. و

قدة عن ابن عدة عن مائة وعشرة صحابي، وأكثر من ثمانين تابعي، وعرف المصادر السنية روايات هذا الحديث وهي مسن

ربي، لكتاب العا، دار الزيدي أنه قد استوفى طرق هذا الحديث )عبد الحسين أحمد األميني: الغدير في الكتاب والسنة واألدب

(.60و 14، ص1م، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ج1977هـ ـ1397بيروت، الطبعة الرابعة،

حيى محمد ي مشكلة الحديث

203

من مامةوال أظن ان هناك اشارة قرآنية أقوى داللة على المعنى العمومي والكسبي لإل

ن قالواجاهلوالنص القائل: ))وعباد الرحمن الذين يمشون على األرض هونا وإذا خاطبهم ال

قين إماما(( ت ا للماجعلنسالما... والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وفسير (. فلقوة هذا المعنى قام المحرفون بتحريف النص كما ورد في ت74و63)الفرقان/

ان عظيالقمي، ناسبين ذلك إلى اإلمام الصادق، حيث قال حسب الرواية: لقد سألوا هللا ما

عين أة نا قرذرياتويجعلهم للمتقين اماما.. انما نزلت )الذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا نهم معلنا واجعل لنا من المتقين إماما( كالذي سبق عرضه. ومثله النص الذي يقول: ))وج

معنى الكسبي (، حيث ال24أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون(( )السجدة/

لإلمامة ظاهر في هذه اآلية كسابقتها.

ا فته لإلمامة، ذلك ان الطاعة هي : ليس مفهوم الطاعة كمفهوم اإلتباع في مضايثانيا

، وبهذا تصلح 1218االنقياد لما يقوله اآلمر من األمر والنهي، وهي تقع رغبة أو رهبةللمعنيين السياسي والديني من حيث انها تؤدي فعل االنقياد واالذعان، لكنها خالف اإلتباع

يتحقق رهبة وإال تحول الذي يفيد الوالء والتأسي واالقتداء. فالفارق بينهما هو ان اإلتباع ال

إلى الطاعة واالنقياد. ومع ان الطاعة واردة في الشأن الديني، مثلها في ذلك مثل اإلتباع، لكنها ليست بدرجته، فاإلتباع أقرب إلى الدين من الطاعة، مثلما ان هذه األخيرة أقرب إلى

السياسة من األول.

يات كذا آمة، كلفظة إمام وأئمة، ووالذي يسرد اآليات الخاصة باإلتباع، وآيات اإلما. وحتى سياسيالوالية كلفظة والية وولي وأولياء، ال يجد فيها داللة صريحة على المعنى ال

ة محدد لفظة )أولي األمر( فإن لها داللة واسعة تخص األمور العامة، وكذا انها غير

عالى: توله قا جاء في بأشخاص معينين بقرينة ما اقترن معها من كلمة )منكم أو منهم(، مثلمشيء زعتم فين تنا))يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم فإ

يال(( ن تأوفردوه إلى هللا والرسول إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم اآلخر ذلك خير وأحس

وه إلى ولو رد (، وقوله: ))وإذا جاءهم أمر من األمن أو الخوف أذاعوا به59)النساء/ه م ورحمتعليك الرسول وإلى أولي األمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولوال فضل هللا

(.83التبعتم الشيطان إال قليال(( )النساء/

وحول مشتقات لفظ اإلمامة كما وردت في القرآن الكريم فهي اثنا عشر موردا، إما بلفظ لمذكورة ال توجد اشارة صريحة دالة على المعنى إمام أو أئمة، وفي جميع الموارد ا

السياسي. فبعضها يشير إلى معنى الكتاب، مثل قوله تعالى: ))إنا نحن نحيي الموتى ونكتب

(، وقوله: ))يوم ندعو كل 12ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين (( )يس/ن كتابهم وال يظلمون فتيال(( أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤو

(، وبعض آخر له معنى الطريق، وهو قوله تعالى: ))فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام 71)اإلسراء/

(، وبعض ثالث له معنى صريح بالهداية واالضالل، بما فيه الهداية 79مبين(( )الحجر/الى: ))وجعلنا منهم واالضالل إلى الجنة والنار، وهو الغالب في الموارد، كما في قوله تع

(، وقوله: ))وجعلناهم 24أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون(( )السجدة/

(، وقوله: ))أفمن كان على 73أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات(( )األنبياء/(، ومثله في 17بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة(( )هود/

(، وقوله: ))فقاتلوا أئمة الكفر إنهم ال إيمان لهم لعلهم ينتهون(( 12سورة )األحقاف/

.335و 47معجم الفروق اللغوية، ص 1218

حيى محمد ي مشكلة الحديث

204

(، وقوله: ))وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة ال ينصرون(( 12)التوبة/

(، وبعض رابع ليس له داللة صريحة على القضايا الدينية أو السياسية، بل له 41)القصص/

العموم، وان كان باعتبارات خارجية وسياقية له داللة على المعنى الديني، مثل قوله صفةتعالى: ))وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي

(، وقوله: ))والذين يقولون ربنا هب لنا من 124قال ال ينال عهدي الظالمين(( )البقرة/

(، وقوله: ))ونريد أن نمن 74زواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما(( )الفرقان/أ (.5على الذين استضعفوا في األرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين(( )القصص/

من تعاريف لإلمامة ال عالقة له بما جاء في -شيعة وسنة -وعليه فإن ما أورده العلماء

ريم، فكال الفريقين ربط المعنى بالرياسة في أمور الدنيا أو السياسة، فبعض القرآن الككالذي قاله علماء الشيعة، مثل -السياسي -التعاريف أضفى عليها البعدين الديني والدنيوي

، كما 1219‹‹رياسة عامة لشخص من األشخاص في أمور الدين والدنيا››قول الطوسي بأنها

مة مختصة في الرياسة لألمور الدنيوية ال الدينية. وجاء في ان بعضها اآلخر جعل اإلما، وهو 1220‹‹موضوعة لخالفة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا››تعريف الماوردي أنها

ما سل ››مفهوم شائع لدى علماء أهل السنة، وقد عول عليه الشهرستاني في قوله الشهير:

.1221‹‹على اإلمامة في كل زمان سيف في اإلسالم على قاعدة دينية مثل ما سلفاإلمامة بهذا المعنى لها داللة على الملك، والبعض اعتبر الملك توأما للدين، كالذي أشار

الملك والدين توأمان، فالدين أصل والسلطان حارس، وما ال أصل له ››اليه الغزالي بقوله:

. 1222‹‹فمهدوم، وما ال حارس له فضائعاإلمامة بالمعنى المتقدم، فبعضهم توقف عند حدود وقد اتفق العلماء على وجوب

الوجوب الشرعي كما هو حال جمهور األشاعرة وأكثر المعتزلة، وبعض آخر أضاف اليه

الوجوب العقلي على األمة، كما هو حال جماعة من المعتزلة، مثل الجاحظ والكعبي وابي كما هو حال اإلمامية االثنى الحسين البصري، وبعض ثالث قال بوجوبها العقلي على هللا،

، إذ أرتبطت هذه الفكرة عندهم بنظرية اللطف والعصمة، أي أن لها مصدرا 1223عشرية

حالها كحال النبوة على حد سواء. فهي لطف عقلي واجب على هللا ألن بها تتم عملية إلهيا وسياسيا واجتماعيا من أن ، كما أنها مشروطة بالعصمة احترازا 1224توجيه الناس دينيا

يكون هناك خلل في الغرض المشار اليه.

وال شك ان هذا الربط لإلمامة بنظرية اللطف أثار إشكالية حول معنى اللطف الخاص بغيبة اإلمام المهدي، فبحسب الظاهر ان اللطف معدوم خالل الغيبة، لذلك انبرى بعض

واضح الضعف وعدم المنظرين من قدماء الشيعة ليجيب على هذه االشكالية ولو بجواب

.301الرسائل العشر، ص 1219م، 1985هـ ـ5140الماوردي: األحكام السلطانية والواليات الدينية، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة األولى، 1220

.3صم، 1990 دانية للنشر،عبد الكريم الشهرستاني: الملل والنحل، عرض وتعريف حسين جمعة، الطبعة األولى، دار 1221

.6ص .17، ص1الغزالي: احياء علوم الدين، دار احياء التراث العربي، بيروت، ج 1222انظر حول ذلك المصادر التالية : فخر الدين الرازي: األربعين في أصول الدين، مطبعة دائرة المعارف 1223

دم له وعلق عليه طه تقدمين والمتأخرين، راجعه وق. ومحصل أفكار الم427ـ426العثمانية، بلدة حيدر آباد الدكن، الهند، ص

لخيص ت. ونصير الدين الطوسي: 351م، ص1984هـ ـ 1404عبد الرؤوف سعد، دار الكتاب العربي، الطبعة األولى،

العدل، تحقيق . وعبد الجبار الهمداني: المغني في أبواب التوحيد و406المحصل، انتشارات مؤسسة مطالعات إسالمي، ص

لطالبين إلى نهج . ومقداد السيوري الحلي: ارشاد ا41و 17، ص20عال عفيفي، الدار المصرية للتأليف والترجمة، جأبي ال

.328و 326هـ، ص1405المسترشدين، منشورات مكتبة المرعشي النجفي، قم، .329ـ328ارشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين، ص 1224

حيى محمد ي مشكلة الحديث

205

اذا قالوا: ان نصب اإلمام اذا كان ››اإلفادة مع اضطراب العبارة وردائتها لغويا، إذ قال:

للمكلفين في فعل الواجبات وتجنب المقبحات، فإن استتاره وغيبته ينقضان هذا البناء لطفا

ا الباب أقوى، ويبطالن هذا الغرض. قلنا لهم: ال يمتنع ان يقع هذا اللطف مع غيبته في هذألن الملك اذا لم يعلم مكانه يقف موضعه ويجوز فيمن ال عرفه ان اإلمام يكون إلى ان ال

.1225‹‹يفعل القبيح وال يقصر في فعل الواجب أقرب منه لو عرفه، وال يجوز فيه كونه إماما

ومن حيث التحقيق ان اإلمامة ليست من صلب الدين وضروراته اذا ما أخذت بالمعنى ياسي اآلنف الذكر كما يتحدث عنها الناس. فهذا المعنى تخالفه الكثير من القرائن الس

والشهادات، بخالف ما لو حملت على المعنى الديني المشار اليه سلفا، وقد جاء في بعض

الروايات عن اإلمام موسى الكاظم أنه نفى ان يكون والء الخالئق ألهل البيت هو والء ملك، نحن ندعي ان والء جميع الخالئق لنا ››، ففي جوابه لهارون الرشيد قال: بل إنه والء دين

نعني والء الدين، وهؤالء الجهال يظنون والء الملك، حملوا دعواهم على ذلك، ونحن ندعي

‹‹ ذلك لقول النبي )ص( يوم غدير خم من كنت مواله فعلي مواله، يعني بذلك والء الدينصحيحة لحملها الشيعة على التقية، ولهم في ذلك مبررات . وال شك أن الرواية لو كانت 1226

تتفق مع هذا التوجه. ونحن لم نوردها على سبيل االستدالل في األساس، وال يحق لنا فعل

ذلك، سواء االستدالل بها أو بغيرها من الروايات المستقلة، إنما الغرض من ذكرنا لها هو الء السياسي المعبر عنه بالملك. فللفظ األخير لما تحمله من تمييز بين الوالء الديني والو

داللته المعبرة.

أما جوهر البحث فهو علمنا بأنه لم يطلب من األنبياء أن يكونوا قادة سياسيين، مثلما طلب منهم التبليغ بدواعي النبوة والرسالة. أو هم غير مكلفين بهذا األمر ما لم يبايعهم الناس،

الرسل لم يتولوا هذه المهمة ولم يطلبوها. ومن الشواهد على ذلك خاصة ان بعض األنبياء و

ان موسى وهارون )ع( لم يذهبا إلى فرعون لالنقالب عليه وابدال منصبه بمنصبهما، بل ذهبا اليه ألجل اإلصالح فحسب، كالذي يكشف عنه قوله تعالى: ))إذهب انت وأخوك بآياتي

لعله يتذكر أو يخشى(( وال تنيا في ذكري. إذهبا إلى فرعون أنه طغى، فقوال له قوال لينا

(. وكذا الحال فيما إرتضاه يوسف )ع( من عمل تحت امرة وزعامة أحد ملوك 43ـ42)طه/مصر، مع أنه نبي مبعوث من قبل هللا تعالى، فقال جل وعال: ))وقال الملك أئتوني به

. قال اجعلني على خزائن األرض استخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين

إني حفيظ عليم. وكذلك مكنا ليوسف في األرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من (. كما من األنبياء من طلب منه الناس ان 56ـ54نشاء وال نضيع أجر المحسنين(( )يوسف/

يرأسهم، وقد تحقق هذا الطلب، كالذي حصل في زمن نبي هللا داود، كما يولي عليهم ملكا

جاء في قوله تعالى: ))ألم تر إلى المأل من بني اسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم نقاتل في سبيل هللا.. وقال لهم نبيهم ان هللا قد بعث لكم طالوت ملكا(( ابعث لنا ملكا

(. ويخمن بعض العلماء ان هذا النبي الذي لم يسمه القرآن هو 247ـ246)البقرة/

. وابلغ من ذلك داللة ما جاء في قوله تعالى من الفصل بين النبوة والملك أو 1227يلصموئالرئاسة والسياسة: ))اذكروا نعمة هللا عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا((

(.20)المائدة/

وفي اإلسالم لم ترد نصوص دينية تبين كيفية النظام السياسي، فمثال ال يوجد هناك ما ليات التنصيب ولوائح الدستور العام وطبيعة العالقة بين الحاكم والمحكوم، وكذا ينص على آ

.145، ص3مجموعة رسائل الشريف المرتضى، ج 1225 .109رضي الدين بن طاوس: فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص 1226 .475، ص2محمد رشيد رضا: المنار في تفسير القرآن، دار الفكر، الطبعة الثانية، ج 1227

حيى محمد ي مشكلة الحديث

206

بأن عملية التنصيب -مثال -صالحيات الحاكم وشروط استمراريته في الحكم. فنحن نعلم

التي جرت مع الخلفاء الراشدين بعضها يختلف عن البعض اآلخر، فما جرى من تنصيب

مع الخليفة الثاني، وهما غير ما حدث مع الثالث، وكذا ان ما للخليفة األول يختلف عما جرىجرى مع الثالثة مختلف عما جرى مع الرابع. ولم تكن جميع صور التنصيب السابقة قائمة

على مبدأ الشورى، كما ان األخيرة التي حدثت بفعل قرار الخليفة الثاني لم تكن بين جميع

كذا يقال بخصوص البيعة حيث لم تحدث على وتيرة المؤمنين وال جميع أهل الحل والعقد، وواحدة، وبالتالي ال توجد هناك آليات ثابتة ومفصلة للتنصيب. والحال ذاته ينطبق على ما

يتعلق بطبيعة العالقة التي تحكم الحاكم بالمحكوم، ونعلم كم الفارق بين الطريقة التي سار

. 1228الخليفة الثالث من تغييرعليها الخليفتان األول والثاني، وبين ما أحدثه أما حول فكرة الشيعة عن الخالفة فمن الواضح أنه رغم ما ظهر من نزاع بين الصحابة

، وال يعقل أن 1229بعد النبي حول الخالفة إال أنه لم يرد عنهم أي ذكر للوصية والنص عليها

هاجرين يوم المهاجرين واألنصار تجاهلوها بإجماع، ال سيما وإن خسارة األنصار أمام المالسقيفة يجعلهم في أمس الحاجة لتوظيف مثل هذا السالح إن كان موجودا، وبحسب بعض

هو 1230الروايات انهم بعد خسارتهم تشبثوا بالقول: )ال نبايع إال عليا( . كما ان اإلمام عليا

اآلخر لم يحتج بالنص على حقه في الخالفة، بل روي أنه احتج على حقه تبعا العتبارات ضله في اإلسالم ومكانته من النبي، وفي بعض المناسبات روي أنه كان يذكر مناقبه ف

‹‹ من كنت مواله فعلي مواله››ويعددها في مناشداته لغيره، ويذكر من بينها قول النبي فيه

دون ان يراد به المعنى الخاص بالخالفة كما هو واضح من سياق تلك الروايات والردود بالحديث من الصحابة، ومن ذلك ما روي يوم الشورى قبيل وفاة عمر، التي ترد من المقرين

فإن تنازله عن حقه في الخالفة ومبايعته 1231وأيام عثمان، ويوم الرحبة في الكوفة . وأيضا

لغيره وقبوله أن يرضى كواحد من أعضاء الشورى المرشحين للخالفة بعد عمر بن رغم ما آلت -كان يذكر به من مناقبه سوى ما -الخطاب من غير اعتراض يتعلق بالنص

اليه النتيجة من عدم اختياره للحكم، كل ذلك يجعل أمر الوصية في الخالفة مستبعدا. هذا

باإلضافة إلى الروايات التي دلت على ما أبداه من مرونة فائقة عند الحاح الناس عليه بالبيعة أن يكون عليهم أميرا، وكما جاء ، حيث فضل ان يكون لهم وزيرا من 1232بعد مقتل عثمان

دعوني والتمسوا غيري.. واعلموا اني ان أجبتكم ركبت بكم ما ››في )نهج البالغة( قوله:

أعلم، ولم اصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وان تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي اسمعكم لكنه مع ذلك اذعن .1233‹‹واطوعكم لمن وليتموه أمركم، وانا لكم وزير خير لكم مني أميرا

، 15ياة الطيبة، عدد انظر بهذا الصدد دراستنا: الفكر اإلسالمي والفهم المقصدي والتعبدي للدين، مجلة الح 1228

م.2004يستشهد بها علماء الشيعة حول رغبة النبي في تنصيب علي -في الكتب السنية -هناك عدد من الروايات 1229

وال أراكم فاعلين تجدو ه هاديللخالفة، لكنه لم يأمر بذلك. فقد روي ان النبي )ص( قال: إن تؤمروا عليا مهديا يأخذ بكم ا

مهديدوه هاوفي رواية أخرى قوله: إن تستخلفوه )عليا( ولن تفعلوا ذلك يسلك بكم الطريق وتج الطريق المستقيم. ا. كما ديا

: يا رسول، فقلتورد في رواية ثالثة عن عبد هللا بن مسعود أنه قال: كنت مع رسول هللا )ص( وقد أصحر فتنفس الصعداء

تنفس، فسكت، ثم با بكرفقلت: يا رسول هللا استخلف، قال: من؟ قلت: أ هللا ما لك تتنفس؟ قال: يا بن مسعود نعيت إلي نفسي،

م ثب، فسكت، الخطا فقلت ؟ ما لي أراك تتنفس؟ قال: نعيت إلي نفسي. فقلت: استخلف يا رسول هللا، قال: من؟ قلت: عمر بن

طالب، ن أبيبن؟ قلت: علي تنفس فقلت: ما شأنك يا رسول هللا؟ قال: نعيت إلي نفسي، فقلت: يا رسول استخلف، قال: م

(.13ـ12، ص1قال: أوه ولن تفعلوا إذا أبدا، وهللا لئن فعلتموه ليدخلنكم الجنة )الحظ كتاب الغدير، ج .142يراجع بهذا الصدد: محمد رضا المظفر: السقيفة، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية، ص 1230 الحظ حول ذلك الجزء األول من كتاب الغدير. 1231حاجة للتذكير بأن استشهادي بالروايات ال يعني أنها ثابتة صحيحة، بل كل ما يرد بالمقام هو التأييد والدعم ال 1232

لألصول التي اعتمدنا عليها كما سبق عرضها. .92هـ، خطبة رقم 1412صبحي الصالح: نهج البالغة، منشورات دار الهجرة، قم، الطبعة الخامسة، 1233

حيى محمد ي مشكلة الحديث

207

فاقبلتم الي اقبال ››لإللحاح واستجاب إلى رغبة الناس، فكما روي في )نهج البالغة( أنه قال:

العوذ المطافيل على أوالدها، تقولون: البيعة البيعة! قبضت كفي فبسطتموها، ونازعتكم يدي

ال في الوالية اربة، وهللا ما كانت لي في الخالفة رغبة و››. وقال أيضا: 1234..‹‹فجاذبتموها .1235‹‹ولكنكم دعوتموني اليها وحملتموني عليها

وال شك ان المرونة التي أبداها اإلمام ال تتسق مع مبدأ التعيين والوصية. وينطبق هذا

األمر على ما حدث لولده الحسن الزكي حين صالح معاوية وتنازل له عن أمر الخالفة. بل ي على الخالفة التحديد الالهوتي وال الشخصي، بل ان عليا في بعض ما روي عنه ال يضف

إسالمية عامة، وكما روي في النهج قوله: قد علمتم أنه ال ينبغي ان ››رأى ان لها شروطا

يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم واألحكام وإمامة المسلمين البخيل.. وال الجاهل.. . وكذا 1236..‹‹ي في الحكم .. وال المعطل للسنة وال الجافي.. وال الحائف للدول.. وال مرتش

انه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر ››قوله عليه السالم في رسالة له إلى معاوية:

وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد ان يختار وال للغائب ان يرد، وانما الشورى كان ذلك هلل رضى ... للمهاجرين واألنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسم . 1237‹‹وه اماما

أقواهم عليه وأعلمهم بأمر -الخالفة -أيها الناس ان أحق الناس بهذا األمر ››بل حتى قوله:

.1238ال يحمل التعيين الالهوتي‹‹ هللا فيهن وهناك امارات أخرى تتسق مع ما ذكرنا، مثل عدم وجود داللة صريحة في القرآ

لغ الها باحكان وما على هذه الشاكلة من الزعامة االلهية. إذ لو الكريم تتعلق بأمر الخالفة

ورا عنقل ظهتاألهمية من حيث التعيين كالنبوة لكانت بينة مثلها، أو على األقل لكانت ال لى حجة عضرورات الدين من الصالة والصوم والحج .. وأيضا فإن فرض التعيين وإبالغ ال

و ألكفر ى ما هو عليه من عظيم األمر يفضي بهم إلى االمسلمين، ومن ثم تجاهلهم له عل

لقرآنالنفاق كما يقول اإلخباريون وغيرهم، وهو أمر غير معقول، لتضاربه مع نصوص ا الكريم في الكثير من المواضع.

عناها ذلك مكهكذا فجميع االمارات السابقة ال تنفي اإلمامة بالمعنى السياسي فحسب، بل

ه صفة التعيين المنزل كرديف للنبوة كما هو واضح.الالهوتي المضفى علي

ـ مشكلة التفسير3ليه، عهناك اشكاالت جوهرية تتعلق بكتاب )الكافي( تجعل من غير الممكن اإلعتماد

ن كتاب ناك مهرغم ان علماء المذهب حسبوه أهم الكتب المعتبرة واوثقها واتقنها، وانه ليس

تفسيرا لقرآناا في هذه الفقرة وما بعدها حول موقفه من يدانيه في مجاله. وسنحصر اشكاالتن

وتنزيال، ثم نستعرض أخيرا نماذج من رواياته الخرافية.مجاميع كبيرة من الروايات تجعل من -حاله حال الكثير من القدماء -فقد حشد الكليني

تدور حوله المعاني القرآنية، بحيث تصور لنا ان اآليات ال تتحدث إال عن الوالية قطبا

األئمة وعالقاتهم، كبنية ال يضاهيها غيرها من بنى القرآن بما فيها التوحيد، وعقد الكليني بهذا الصدد عددا من االبواب، أبرزها باب كبير اطلق عليه )نكت ونتف من التنزيل في

اني الوالية( حيث حشد فيه أكثر من تسعين رواية أغلبها يخص اسقاط فكرة الوالية على مع

.137قم المصدر السابق، خطبة ر 1234 .205المصدر الساق، خطبة رقم 1235 .131خطبة رقم 1236 .6نهج البالغة، كتاب 1237 .173انظر خطبة رقم 1238

حيى محمد ي مشكلة الحديث

208

، رغم ان بعض ما رواه يتصف 1239القرآن، بنحو من التأويل واالستبطان )الترميز(

بالتناقض الصارخ، كالذي مر علينا في رواية معنى الذكر بأنه رسول هللا في قوله تعالى:

))وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون((. وهي رواية تخالف ما جاء بعدها من رواية، حاح بحسب التقسيم المستحدث للحديث، كما اشرنا من قبل.وكالهما معدودتان من الص

فمما جاء في اسقاط فكرة الوالية على اآليات نستشهد بما يلي:

ورد ان معنى األمانة في قوله تعالى: ))إنا عرضنا األمانة على السماوات واألرض (( هو والية والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها اإلنسان أنه كان ظلوما جهوال

. 1240أمير المؤمنين

وان معنى اإليمان في قوله: ))حبب إليكم اإليمان وزينه في قلوبكم(( هو أمير . 1241المؤمنين

. 1242وان معنى النذر في قوله: )) يوفون بالنذر (( هو والية األئمة

.1243وان معنى الدين الحنيف في قوله: ))فأقم وجهك للدين حنيفا(( هو الواليةاالستقامة في قوله: ))الذين قالوا ربنا هللا ثم استقاموا(( هو االستقامة على وان معنى

.1244األئمة واحدا بعد واحد

وان معنى الحكمة في قوله: ))ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا(( هو طاعة هللا .1245ومعرفة اإلمام

.1246ة أمير المؤمنينوان معنى الوالية في قوله: ))هنالك الوالية هلل الحق((: هو والي

وان معنى المساجد في قوله: ))وأن المساجد هلل فال تدعوا مع هللا أحدا(( هو .1247األوصياء

وان معنى العالمات والنجم في قوله: ))وعالمات وبالنجم هم يهتدون(( هو األئمة

.1248والنبي .1249وان معنى الكفلين في قوله: ))يؤتكم كفلين من رحمته(( هو الحسن والحسين

ان معنى الموازين القسط في قوله: ))ونضع الموازين القسط ليوم القيامة(( هو األنبياء و

. 1250واألوصياءوان معنى صبغة هللا في قوله: ))صبغة هللا ومن أحسن من هللا صبغة(( هو صبغ

. 1251المؤمنين بالوالية في الميثاق

فبذلك فليفرحوا هو وان معنى فضل هللا ورحمته في قوله: )) قل بفضل هللا وبرحمته . 1252خير مما يجمعون(( هو والية محمد وآل محمد

المقصود باالستبطان هو الفهم الذي ينتفي عنده ظاهر لفظ النص ومجاله. أما التأويل فهو الفهم الذي ينتفي عنده 1239

،30، عدد لمنهاجاهم النص. كذلك: آليات قراءة النص الديني، مجلة الظاهر فحسب )الحظ القسم األول من كتابنا: منطق ف

(.115ـ114م، ص2003هـ ـ1424 .2، باب نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1األصول من الكافي، ج 1240 .71المصدر السابق، حديث 1241 .5المصدر السابق، حديث 1242 .35المصدر السابق، حديث 1243 .40ديث المصدر السابق، ح 1244 .11كتاب الحجة، باب معرفة اإلمام والرد إليه، حديث 1245 .34، نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1األصول من الكافي، ج 1246 .65المصدر السابق، حديث 1247 .3، وحديث 2، وحديث 1كتاب الحجة، باب أن األئمة هم العالمات التي ذكرها هللا في كتابه، حديث 1248 .86، نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1من الكافي، ج األصول 1249 .36المصدر السابق، حديث 1250 .53المصدر السابق، حديث 1251

حيى محمد ي مشكلة الحديث

209

وان معنى االيفاء بالعهد في قوله: )) وأوفوا بعهدي(( هو االيفاء بوالية أمير

.1253المؤمنين

وان معنى اإلعراض عن ذكر هللا في قوله: ))ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة .1254ينضنكا(( هو اإلعراض عن والية أمير المؤمن

وان معنى الود في قوله: ))إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا((

.1255هو والية أمير المؤمنينوان معنى اإليمان والكفر في قوله: ))فمنكم كافر ومنكم مؤمن(( هواإليمان بوالية األئمة

.1256والكفر بها يوم أخذ عليهم الميثاق؛ وهم ذر في صلب آدم

وان معنى .1257التبديل في قوله: ))ائت بقرآن غير هذا أو بدله(( هو ان بدل علياوان معنى فك رقبة في قوله: ))فال اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة(( هو فك

. وفي رواية أخرى ان معنى العقبة في اآلية هو األئمة من 1258رقبة والية أمير المؤمنين

. 1259اقتحمها نجاح إلى السلم في قوله: ))وإن جنحوا للسلم فاجنح لها(( هو الدخول في وان معنى الجنو

. وكذا ان معنى الدخول في السلم كافة في قوله: ))يا أيها الذين آمنوا ادخلوا 1260أمر األئمة

. 1261في السلم كافة(( هو الدخول في والية األئمة( هو الوالية، وفي وان معنى النبأ العظيم في قوله: ))عم يتساءلون عن النبأ العظيم(

، 1262رواية أخرى انها نزلت في أمير المؤمنين

وان معنى االستقامة على الطريقة في قوله: ))وأن لو استقاموا على الطريقة ألسقيناهم .1263ماء غدقا(( هو االستقامة على والية علي بن أبي طالب واألوصياء

ه بالهدى ودين الحق(( هو وان معنى الهدى ودين الحق في قوله: ))هو الذي أرسل رسول

.1264الوالية لوصي النبيوان معنى البئر المعطلة والقصر المشيد في قوله: ))فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة

فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد(( هو اإلمام الصامت واإلمام

. 1265الناطقعمت هللا كفرا(( هو األئمة التي انعم وان معنى النعمة في قوله: ))ألم تر إلى الذين بدلوا ن

. وكذا ان معنى آالء هللا في قوله: ))فاذكروا آالء هللا(( هو والية 1266هللا بهم على عباده

.55المصدر السابق، حديث 1252 .89المصدر السابق، حديث 1253 .92المصدر السابق، حديث 1254 .90المصدر السابق، حديث 1255 .74، وحديث 4المصدر السابق، حديث 1256 .37المصدر السابق، حديث 1257 .49المصدر السابق، حديث 1258 .88المصدر السابق، حديث 1259 .16المصدر السابق، حديث 1260 .29المصدر السابق، حديث 1261، وكتاب الحجة، باب أن اآليات التي ذكرها هللا عز وجل في كتابه هم األئمة، حديث 34المصدر السابق، حديث 1262

3. ، كذلك كتاب الحجة، باب أن الطريقة التي حث على االستقامة عليها والية علي، 39حديث المصدر السابق، 1263

.2، ومثله حديث 1حديث .91المصدر السابق، حديث 1264 .75المصدر السابق، حديث 1265 .1كتاب الحجة، باب أن النعمة التي ذكرها هللا عز وجل في كتابه األئمة، حديث 1266

حيى محمد ي مشكلة الحديث

210

. ومثل ذلك معنى اآلية: ))فبأي آالء ربكما تكذبان(( أي أبالنبي أم بالوصي 1267األئمة

.1268تكذبان

ر منها وهم من فزع يومئذ وان معنى الحسنة في قوله: ))من جاء بالحسنة فله خيآمنون(( هو معرفة الوالية وحب أهل البيت، وان معنى السيئة في تتمة اآلية: ))ومن جاء

بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إال ما كنتم تعملون(( هو إنكار الوالية وبغض

تخص . وفي رواية أخرى ان معنى: ))من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته((1269أهل البيت .1270من جحد إمامة أمير المؤمنين

لتكونوا شهداء على وان معنى األمة الوسط في قوله: ))وكذلك جعلناكم أمة وسطا

الناس(( هو األئمة الذين هم شهداء هللا على خلقه وحججه في أرضه، وانه عناهم هللا خاصة .1271في قوله: ))ملة أبيكم إبراهيم((

))وما تغني اآليات والنذر عن قوم ال يؤمنون(( هو وان معنى اآليات والنذر في قوله:

. وكذا معنى اآليات في اآلية: ))كذلك أتتك آياتنا فنسيتها(( هو 1272األئمة واألنبياء، ومثله قوله: ))وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب اآلخرة أشد 1273األئمة

ن بآيات ربه وترك األئمة معاندا وأبقى(( أي من أشرك بوالية أمير المؤمنين غيره ولم يؤم

.1274ولم يتبع آثارهم ولم يتولهم فإن له العذاب األشدوان معنى العهد في قوله: ))ال يملكون الشفاعة إال من اتخذ عند الرحمن عهدا(( هو من

. 1275دان هللا بوالية أمير المؤمنين واألئمة من بعده

عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له وان معنى ما عهده هللا إلى آدم في قوله: ))ولقدعزما(( هو أنه كان في محمد واألئمة، لكن آدم ترك ولم يكن له عزم، وفي الرواية إنما

سمي أولو العزم بذلك؛ ألنه عهد إليهم في محمد واألوصياء من بعده والمهدي وسيرته

. 1276وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك واإلقرار بهفي قوله: ))وعلى األعراف رجال يعرفون كال بسيماهم(( هو وان معنى األعراف

األئمة، إذ روي ان اإلمام علي قال: نحن على األعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن

األعراف الذي ال يعرف هللا عز وجل إال بسبيل معرفتنا، ونحن األعراف يعرفنا هللا عز من عرفنا وعرفناه وال يدخل النار إال من وجل يوم القيامة على الصراط فال يدخل الجنة إال

أنكرنا وأنكرناه، إن هللا تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه

وسبيله والوجه الذي يؤتى منه؛ فمن عدل عن واليتنا أو فضل علينا غيرنا فإنهم عن يث ذهب الناس إلى عيون الصراط لناكبون، فال سواء من اعتصم الناس به وال سواء ح

كدرة يفرغ بعضها في بعض وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها ال

.1277نفاد لها وال انقطاع

.3 المصدر السابق، حديث 1267 .2المصدر السابق، حديث 1268 .14كتاب الحجة، باب معرفة اإلمام والرد إليه، حديث 1269 .82، نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1األصول من الكافي، ج 1270 .4، وحديث 2كتاب الحجة، باب في أن األئمة شهداء هللا عز وجل على خلقه، حديث 1271 .1التي ذكرها هللا عز وجل في كتابه هم األئمة، حديث كتاب الحجة، باب أن اآليات 1272 .92، نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1األصول من الكافي، ج 1273 .92المصدر السابق، حديث 1274 .90المصدر السابق، حديث 1275 .22المصدر السابق، حديث 1276 .9كتاب الحجة، باب معرفة اإلمام والرد إليه، حديث 1277

حيى محمد ي مشكلة الحديث

211

وان معنى آيات محكمات في قوله: ))هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن

ي تتمة اآلية: ))وأخر أم الكتاب(( هو أمير المؤمنين واألئمة، وان معنى أخر متشابهات ف

متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله(( هو .1278فالن وفالن

وان معنى ما نزل به الروح األمين في قوله: ))نزل به الروح األمين على قلبك لتكون

. وعلى هذه الشاكلة ان 1279نمن المنذرين بلسان عربي مبين(( هو الوالية ألمير المؤمنيالمقصود بقوله: ))ولو أنهم أقاموا التوراة واإلنجيل وما أنزل إليهم من ربهم(( هو

. وكذا جاء ان ما عناه هللا في قوله: ))قولوا آمنا باهلل وما أنزل إلينا(( هو علي 1280الوالية

.1281وفاطمة والحسن والحسين وجرت بعدهم في األئمةد في عدد من اآليات هو الوالية واإلمامة، ومن ذلك قوله: وان معنى النور الذي ور

))يريدون ليطفؤا نور هللا بأفواههم وهللا متم نوره(( أي يريدون ليطفئوا والية أمير المؤمنين

، وان معنى النور في قوله: 1282بأفواههم، لكن هللا متم اإلمامة، حيث اإلمامة هي النور، وكذا معنى: ))ويجعل 1283أنزلنا(( هو اإلمام أو األئمة))فآمنوا باهلل ورسوله والنور الذي

. ومثله معنى النور في قوله: ))يسعى نورهم 1284لكم نورا تمشون به(( أي إمام تأتمون به

. وكذا ان النور الذي ورد في آية النور هو نور األئمة، فقوله: 1285بين أيديهم وبإيمانهم((إمام بعد إمام ويهدي هللا لألئمة من ))نور على نور يهدي هللا لنوره من يشاء(( أي

، وكذا مثلت آية النور باألئمة، وكما تقول الرواية: قول هللا تعالى: هللا نور 1286يشاء

السماوات واألرض مثل نوره كمشكاة فاطمة فيها مصباح الحسن، المصباح في زجاجة .1287الحسين، الزجاجة كأنها كوكب دري فاطمة... الخ

قوله: ))إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره وان المقصود بالذكر في

، وفي روايات أخرى ان المقصود بالذكر في 1288بمغفرة وأجر كريم(( هو أمير المؤمنين . 1289قوله: ))فسئلوا أهل الذكر إن كنتم ال تعلمون(( هو النبي، وان أهل الذكر هم األئمة

وأبقى(( هو والية أمير المؤمنين، وان المقصود باآلخرة في قوله: ))واآلخرة خير

.1290والمقصود بالدنيا في اآلية: ))بل تؤثرون الحياة الدنيا(( هو والية غيرهم .1291وان المقصود بقوله: ))هللا لطيف بعباده يرزق من يشاء(( هو والية أمير المؤمنين

عناقهم وان المقصود بقوله: ))لقد حق القول على أكثرهم فهم ال يؤمنون إنا جعلنا في أ

أغالال فهي إلى األذقان فهم مقمحون في نار جهنم(( هو من لم يقر بوالية أمير المؤمنين . وكذا جاءت اآلية: ))وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا 1292واألئمة من بعده

.14، نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1صول من الكافي، جاأل 1278 .1المصدر السابق، حديث 1279 .6المصدر السابق، حديث 1280 .19المصدر السابق، حديث 1281 .6كتاب الحجة، باب أن األئمة نور هللا عز وجل، حديث 1282 .6وحديث 4نور هللا عز وجل، حديث ، وباب أن األئمة 91باب نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1283 .86المصدر السابق، حديث 1284 .5كتاب الحجة، باب أن األئمة نور هللا عز وجل، حديث 1285 نفس الكتاب والباب والحديث السابق. 1286 نفس الكتاب والباب والحديث السابق. 1287 .90نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1288 .7، وحديث 6، وحديث 2، وحديث 1ن أمر هللا الخلق بسؤالهم هم األئمة، حديث باب أن أهل الذكر الذي 1289 .30نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1290 .92المصدر السابق، حديث 1291 .90المصدر السابق، حديث 1292

حيى محمد ي مشكلة الحديث

212

فأغشيناهم فهم ال يبصرون(( كعقوبة لهم لما انكروه من والية أمير المؤمنين واألئمة من

ومثلها اآلية: ))وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ال يؤمنون((، وهو انها تخص .1293بعده

.1294من ال يؤمن باهلل وبوالية علي ومن بعدهوان من قصدتهم اآلية: ))ومن الناس من يتخذ من دون هللا أندادا يحبونهم كحب هللا(( هم

أولياء فالن وفالن اتخذوهم أئمة دون اإلمام الذي جعله هللا . وكذا ان من 1295للناس إماما

قصدتهم اآلية: ))والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم(( هم أولئك الذين آمنوا بما جاء به . 1296النبي محمد )ص( من الوالية ولم يخلطوها بوالية فالن وفالن

وان ما عنيت به اآلية: ))ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان واألقربون والذين عقدت

.1297انكم(( هو األئمة حيث بهم عقد هللا اإليمانإيم .1298وان معنى قوله: ))إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم(( هو أنه يهدي إلى اإلمام

.1299وان معنى قوله: )) ووالد وما ولد(( هو أمير المؤمنين وما ولد من األئمة

.1300وان معنى قوله: ))قل إنما أعظكم بواحدة(( هو ان أعظكم بوالية عليوان معنى قوله: ))وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد(( هو الهداية

.1301إلى أمير المؤمنين

وان معنى قوله: ))فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم(( هو انك على . 1302والية علي، وكذا ان معنى الصراط المستقيم في اآليات هو علي

لنا لهم القول لعلهم يتذكرون(( أي وصلنا القول من إمام إلى وان معنى قوله: )) ولقد وص

.1303إماموان معنى قوله: )) ولمن دخل بيتي مؤمنا(( هو من دخل في الوالية دخل في بيت

.1304األنبياء

وان معنى قوله: ))لئن أشركت ليحبطن عملك.. بل هللا فاعبد وكن من الشاكرين(( هو ملك، فاعبد هللا بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك لئن أشركت في الوالية غيره يحبط ع

. 1305بأخيك وابن عمك

وان معنى قوله: ))إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه(( هو والية أهل البيت .1306فمن لم يتوالها لم يرفع هللا له عمال

د وان معنى قوله: ))من كان يريد حرث اآلخرة نزد له في حرثه(( أي من كان يري

معرفة أمير المؤمنين واألئمة نزيده منها ونستوفي نصيبه من دولتهم، ومعنى: ))ومن كان

المصدر السابق، نفس الحديث. 1293 المصدر السابق، نفس الحديث. 1294لها بأهل ومن جحد األئمة أو بعضهم ومن أثبت اإلمامة لمن ليس لها بأهل، حديث باب من ادعى اإلمامة وليس 1295

11. .3نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1296 .1باب أن القرآن يهدي لإلمام، حديث 1297 .2باب أن القرآن يهدي لإلمام، حديث 1298 .11نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1299 .41ق، حديث المصدر الساب 1300 .71المصدر السابق، حديث 1301 .24المصدر السابق، حديث 1302 .18المصدر السابق، حديث 1303 .54المصدر السابق، حديث 1304 .76المصدر السابق، حديث 1305 .85المصدر السابق، حديث 1306

حيى محمد ي مشكلة الحديث

213

يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في اآلخرة من نصيب(( أي ليس له في دولة الحق مع

.1307القائم نصيب

وان معنى قوله: ))من كان في الضاللة فليمدد له الرحمن مدا(( هو ان الذين كانوا في الضاللة هم من ال يؤمنون بوالية أمير المؤمنين وال بوالية األئمة فكانوا ضالين

.1308مضلين

وان معنى قوله: ))فمن اتبع هداي فال يضل وال يشقى(( أنه يخص من قال باألئمة واتبع .1309أمرهم

وان معنى قوله: ))بشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم(( أنه يخص والية أمير

.1310ينالمؤمنوان معنى قوله: ))حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو

شر مكانا وأضعف جندا(( أنه يخص خروج القائم فهو ما يوعدون به وهو الساعة، وعندها

عند القائم واضعف جندا، سيعلمون ما نزل بهم من هللا على يدي قائمه، وهو شر مكاناا جاء في معنى اآلية: )) ويزيد هللا الذين اهتدوا هدى(( وهو ان هللا يزيدهم وعلى خالفهم م

.1311الهدى باتباعهم القائم حيث ال يجحدونه وال ينكرونه

وان معنى قوله: ))وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين وأحسن نديا(( أنه يخص والية األئمة إلى خير مقاما ، حيث دعا رسول هللا )ص( قريشا

والية األئمة فنفر الكافرون وأنكروا وقالوا للذين آمنوا الذين أقروا ألمير المؤمنين وألهل

.1312البيت: أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا لدا(( هو ان هللا وان معنى قوله: ))فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما

.1313ه على لسانه حين أقام أمير المؤمنين علما فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرينيسر

وان معنى قوله: ))ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات(( ان السابق بالخيرات هو اإلمام، وان المقتصد هو العارف

.1314م لنفسه هو الذي ال يعرف اإلماملإلمام، وان الظال

*** اط باسق هذه جملة من الروايات التي تفسر آيات القرآن بغير مجالها وظواهرها، وذلك

ه مكن حمليك ال فكرة اإلمامة والوالية عليها. وقد انتبه بعض المحققين المعاصرين إلى ان ذل

اشم ه، كالذي صرح به إال على الدس والوضع الذي ابتليت به الكتب الشيعية القديمة معروف الحسني في كتابه )الموضوعات في االثار واألخبار(.

ـ مشكلة التحريف4لقد انفرد الكافي دون بقية الكتب األربعة بضمه روايات كثيرة تشير إلى تحريف القرآن

الكريم. وكان الغرض من ذلك هو الدفاع عن نظرية الوالية وتبريرها، رغم ان الكليني

ان من بين المرجحات المعتمدة في الرواية هو العرض على القرآن كما في مقدمة اعترف

.92المصدر السابق، حديث 1307 .90المصدر السابق، حديث 1308 .10المصدر السابق، حديث 1309 .50المصدر السابق، حديث 1310 .90المصدر السابق، حديث 1311 المصدر والحديث السابق. 1312 المصدر والحديث السابق. 1313 .2، ومثله حديث 1باب في أن من اصطفاه هللا من عباده وأورثهم كتابه هم األئمة، حديث 1314

حيى محمد ي مشكلة الحديث

214

كتابه، ووضع بابين ضمن الجزء األول من أصوله؛ أطلق على أحدهما )الرد إلى الكتاب

والسنة( وعلى اآلخر )األخذ بالسنة وشواهد الكتاب(، وجاء فيهما عدد من الروايات التي

ن وترك ما ينافيه واعتباره زخرفا. فمن األحاديث التي تأمر بعرض الحديث على القرآكل حديث ال يوافق كتاب هللا فهو ››وردت في الباب األخير ما جاء عن اإلمام الصادق قوله:

ما جاءكم عني يوافق كتاب هللا فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب ››، وقوله: 1315‹‹زخرف

كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما إن على ››، ومثل ذلك قوله: 1316‹‹هللا فلم أقله .1317‹‹وافق كتاب هللا فخذوه وما خالف كتاب هللا فدعوه

ل بما العم األمر الذي حير عددا من المحققين لما في القضية من تناقض، إذ كيف يمكن

كثرة حشده من روايات دالة على التحريف؟ هل يضرب بها عرض الحائط؟ مع أنه رواها بقدمة في م أورده من روايات مفسرة لآليات تصب في ذات الهدف، وانه ابدى ودلل عليها بما

اديق كتابه أنه أخذ بما وسع له األمر. والغريب أنه صرح في المقدمة ان العلم بمص

ما يعدالالترجيحات، ومنها الترجيح بالقرآن، هو علم قليل. وقد توحي عبارته هذه أنه صح عرضها على القرآن، فهي على هذا الفرض أورده من روايات التحريف هي مما ي

مستثناة، بل وحاكمة على القرآن ال العكس.

وقد يقال ان تشبث الكليني بروايات التحريف، رغم التناقض المشار اليه، يعود إلى تقبل كثرتها. وهو تعليل صحيح، لكن األهم منه هو ان بدون هذه الروايات يصعب تماما

ل أساس الدين وجوهره، إذ كيف يمكن ان تكون بنية الدين بنية إمامية نظرية كون الوالية تمث

ومع ذلك ال يشار لها بآيات صريحة مثلما يشار إلى النبوة وما على شاكلتها؟ وهذا يعني ان بين القول بجوهرية الوالية للدين والقول بالتحريف، وان التعويل على األول هناك اتساقا

عقول، والعكس بالعكس، حيث ان نفي التحريف يقتضي نفي دون الثاني متهافت وغير م

.1318البنية الوالئية للدينبل ان هذين الركنين يكملهما ثالث بنحو من العالقة العضوية، وهو تجريم عموم

الصحابة بتواطئهم ورضاهم بما افترض من تحريف. فهذه األركان الثالثة بعضها يدعو إلى

يدعو إلى انتفاء اآلخرين. وقد استقطب هذا الثالوث روايات البعض اآلخر، وان انتفاء أحدها العقائد، فهي تؤكد على الوالية بجنب النبوة، وان الصحابة لم يعجبهم ذلك فارتدوا بعد النبي

إال عدد قليل؛ كإن يكون ثالثة رجال أو أربعة أو أكثر، كما ان ذلك استدعى تحريف اآليات

لتها كلية. وهذا ما تمسكت به اإلخبارية باتساق، حيث الدالة على اإلمامة صراحة أو ازاالقول ببعضه يفضي إلى القول بالبعض اآلخر، مثلما ان انكار أحدها يدعو إلى انكار البقية.

فالقول بسالمة القرآن يعني انكار ان تكون الوالية أس الدين؛ ألن القرآن ال يدل عليها، كما

واألنصار؛ ألن القرآن يدل عليها، وكذا فإن الشهادة يعني الشهادة بالثناء على المهاجرينبالثناء على هؤالء يبرئهم من الجرم العظيم في التحريف واطماس معالم الوالية، وكذا فإن

للقول بالتحريف المتعمد، كما ال يجد مساغا انكار الوالية بالشكل المطروح ال يجد مساغا

التي أقل ما يقال فيها أنهم قد كفروا وارتدوا كما إلتهام الصحابة بإرتكاب الجريمة العظمى إن أغلب ››يقول اإلخباريون، ومن ذلك ما قاله الشيخ اإلخباري نعمة هللا الجزائري:

الصحابة كانوا على النفاق، لكن كانت نار نفاقهم كامنة في زمنه )ص(، فلما انتقل إلى جوار

.3األصول من الكافي، باب األخذ بالسنة وشواهد الكتاب، حديث 1315 .5صدر السابق، حديث الم 1316 .1نفس المصدر، حديث 1317 من الفروع الدينية وليس األس الذي يقوم عليها 1318 لكن علمنا ان هذه األخيرة تكون بمعنى ما من المعاني فرعا

غيرها من القضايا.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

215

)ع( إرتد الناس كلهم -اإلمام -ا قال ربه برزت نار نفاقهم لوصيه ورجعوا القهقرى، ولذ

. 1319‹‹بعد النبي )ص( إال أربعة، سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار، وهذا مما ال إشكال فيه

وهو األمر الذي يحظى بتأكيد الكثير من الروايات، ال سيما تلك المنقولة عن اإلمام الصادق ، واألمر يطال 1320ع عليهم اللعناتوأبيه الباقر، إذ تتهم بعض الكبار منهم بأبشع التهم وتض

غيرهم من الصحابة؛ سواء بحسب ما تنص عليه الروايات، أو بحسب التحليل السابق وما

أشرنا اليه في بداية البحث. أما ما رواه الكليني بصدد التحريف، فهناك رواية عن اإلمام الصادق تقول: إن القرآن

. أي ان اآليات تقارب 1321شر ألف آيةالذي جاء به جبرائيل إلى محمد )ص( هو سبعة ع

ثالثة أضعاف ما موجود في المصحف، وهي تتفق مع ما جاء في رواية أخرى تتحدث عن . لكن هذه الزيادة 1322مصحف فاطمة وكيف أنه يعادل ثالث مرات المصحف الموجود

المذكورة وجدت نوعا من التأويل لدى النافين للتحريف، وقد يكون الشيخ الصدوق هو أول

انه قد نزل الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع إلى القرآن ››من باشر هذا الفعل، إذ يقول: . وعلى ما يبدو ان غرض الصدوق هو تأويل 1323‹‹لكان مبلغه مقدار سبعة عشر ألف آية

معنى الرواية السابقة لكونه ال يقر التحريف.

ومن اآليات المحرفة التي رواها الكليني نستشهد بما يلي:لقد عهدنا إلى آدم من قبل كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين واألئمة )و

. 1324من ذريتهم فنسي(

. 1325)بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل هللا في علي بغيا( .1326)يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا في علي نورا مبينا(

.1327تدعوهم إليه يا محمد من والية علي( )كبر على المشركين بوالية علي ما

.1328)وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي فأتوا بسورة من مثله( .1329)سأل سائل بعذاب واقع، للكافرين بوالية علي ليس له دافع(

)فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم قوال غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا آل

. 1330ا من السماء بما كانوا يفسقون(محمد حقهم رجز)إن الذين ظلموا آل محمد حقهم لم يكن هللا ليغفر لهم وال ليهديهم طريقا، إال طريق جهنم

خالدين فيها أبدا وكان ذلك على هللا يسيرا... يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم

علي فإن هلل ما في السماوات وما في في والية علي فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا بوالية .1331األرض(

.81، ص1األنوار النعمانية، ج 1319الجهلة والعوام، وفي بعضها ما يدل على ومن هذه الروايات ما ورد بهيئة ادعية وزيارات، يتعبد بها بعض 1320

.معتبرةتحريف القرآن، كما هو الحال مع ما يطلق عليه )دعاء صنمي قريش( ولم يرد ذكره في الكتب األربعة ال .28، كتاب فضل القرآن، باب النوادر، حديث 2األصول من الكافي، ج 1321 .1باب ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة، حديث 1322(، عنوان العدد: تصحيح إعتقادات اإلمامية، 5اإلعتقادات للصدوق، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد، عدد ) 1323

.85ـ84ص .23نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1324 .25المصدر السابق، حديث 1325 .27المصدر السابق، حديث 1326 .32المصدر السابق، حديث 1327 .26ث المصدر السابق، حدي 1328 .47المصدر السابق، حديث 1329 .58المصدر السابق، حديث 1330 .59المصدر السابق، حديث 1331

حيى محمد ي مشكلة الحديث

216

.1332)ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به في علي لكان خيرا لهم(

.1333)فأبى أكثر الناس بوالية علي إال كفورا(

)وقل الحق من ربكم في والية علي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين .1334آل محمد نارا(

.1335له في والية علي ووالية األئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما()ومن يطع هللا ورسو

)فستعلمون من هو في ضالل مبين يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في والية .1336علي واألئمة من بعده من هو في ضالل مبين(

.1337)إن تلووا األمر وتعرضوا عما أمرتم به فإن هللا كان بما تعملون خبيرا(

ذيقن الذين كفروا بتركهم والية أمير المؤمنين عذابا شديدا في الدنيا ولنجزينهم أسوأ )فلن .1338الذي كانوا يعملون(

.1339)هذا صراط علي مستقيم(

.1340)إنكم لفي قول مختلف في أمر الوالية يؤفك عنه من أفك()هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا بوالية علي قطعت لهم ثياب من

. 1341نار(

)وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم وأن .1342محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين(

.1343) قل اعملوا فسيرى هللا عملكم ورسوله والمأمونون(

. 1344)وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها بمحمد(ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين رؤوف )لقد جاءنا رسول من أنفسنا عزيز عليه

. 1345رحيم(

. 1346)فأنزل هللا سكينته على رسوله وأيده بجنود لم تروها(***

وورد في بعض الروايات تمييز بين التفسير والتنزيل للزيادات التي تضمنتها اآليات،

: )... ومن ذلك ما جاء عن بعض األئمة وهو يحاور أحد أصحابه فاعتبر ان هللا يقول كتنزيلوهللا متم نوره والية القائم ولو كره الكافرون بوالية علي(. ثم يتمم اإلمام كالمه حسب

الرواية بأن هللا انزل قرآنا يقول: )يا محمد إذا جاءك المنافقون بوالية وصيك قالوا نشهد إنك

اتخذوا إيمانهم لرسول هللا وهللا يعلم إنك لرسوله وهللا يشهد إن المنافقين بوالية علي لكاذبون،جنة فصدوا عن سبيل هللا والسبيل هو الوصي إنهم ساء ما كانوا يعملون، ذلك بأنهم آمنوا

.28، وحديث 60المصدر السابق، حديث 1332 .64المصدر السابق، حديث 1333 نفس المصدر والحديث السابق. 1334 .8المصدر السابق، حديث 1335 .45المصدر السابق، حديث 1336 السابق.نفس المصدر والحديث 1337 نفس المصدر والحديث السابق. 1338 .63المصدر السابق، حديث 1339 .48المصدر السابق، حديث 1340 .51المصدر السابق، حديث 1341 كتاب الحجة، باب نادر. 1342 .62نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1343 .208روضة الكافي، حديث 1344 .570روضة الكافي، حديث 1345 .571حديث روضة الكافي، 1346

حيى محمد ي مشكلة الحديث

217

برسالتك وكفروا بوالية وصيك فطبع هللا على قلوبهم فهم ال يفقهون... ورأيتهم يصدون عن

علينا والية علي وهم مستكبرون عليه... إن والية علي تنزيل من رب العالمين، ولو تقول

محمد بعض األقاويل، ألخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين... إن والية علي لتذكرة للمتقين للعالمين وإنا لنعلم أن منكم مكذبين، وإن عليا لحسرة على الكافرين، وإن واليته لحق

لي: )قل اليقين، فسبح يا محمد باسم ربك العظيم(. ومن التنزيل الذي تشير اليه الرواية ما ي

إني لن يجيرني من هللا إن عصيته أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إال بالغا من هللا ورساالته في علي... ومن يعص هللا ورسوله في والية علي فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا...

يقولون فيك واهجرهم هجرا جميال. وذرني يا محمد والمكذبين بوصيك أولي النعمة ومهلهم

قليال... الخ(. وتشير الرواية إلى بعض التفسير ال التنزيل، مثل القول: )آمنا بموالنا فمن آمن .1347بوالية مواله فال يخاف بخسا وال رهقا(

كما ورد في بعض الروايات زيادة محرفة دون ان يتبين إن كانت على نحو التنزيل أو

)ويستنبئونك أحق هو قال ما تقول في التفسير، ومن ذلك ما جاء عن اإلمام الصادق قوله: .1348علي قل إي وربي أنه لحق وما أنتم بمعجزين(

ومن الروايات ما يبدو انها تورد اآليات وهي تتضمن الزيادة بنحو التنزيل ال التفسير،

ومن ذلك ما يلي: )أفكلما جاءكم محمد بما ال تهوى أنفسكم بمواالة علي استكبرتم ففريقا من .. 1350.. )ذلكم بأنه إذا دعي هللا وحده وأهل الوالية كفرتم(1349م وفريقا تقتلون(آل محمد كذبت

)وما كان لكم أن تؤذوا رسول هللا في علي واألئمة كالذين آذوا موسى فبرأه هللا مما

. 1351قالوا( تفسيرومن المتأخرين من حاول تأويل الروايات التي ظاهرها التحريف بأنها جاءت ك

م من زيل أعالتنزيل، مثل القول: )هكذا نزلت( باعتبار ان معنى التنوإن وردت بنحو لفظة

فسير و التأتنزيل القرآن، فقد يراد به تنزيل السنة بالوحي كالذي يجمع عليه المسلمون، ضها ان بعوبالوحي. لكن هذا المعنى هو خالف الظاهر الوارد في سياق الروايات، ال سيما

ل التنزي معنى ث ال توجد داللة ضمنية في الرواية تبعث علىيميز بين التنزيل والتفسير. فحي

بنحو التفسير فإنه ال مجال لألخذ بخالف الظاهر.***

ان روايات التحريف كثيرة لدى كتب الحديث القديمة، ولدى عدد من العلماء وعموما

رب أنها متواترة، وأنها بلغت أكثر من ألف رواية كما في )فصل الخطاب في تحريف كتاب، وان طرحها جميعا يوجب 1352األرباب(، وان القدماء قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها

رفع اإلعتماد على األخبار رأسا، بما في ذلك تلك الخاصة باإلمامة، حيث في كال الحالين ان

. وكذا ما صرح به 1353األخبار متواترة، كالذي أكد عليه الشيخ المجلسي في )مرآة العقول(وسف البحراني من ان الطعن بأخبار التحريف على كثرتها يفضي إلى الطعن بأخبار الشيخ ي

الشريعة كلها، حيث األصول والطرق والرواة هي نفسها في كال الحالين.

.91نكت ونتف من التنزيل في الوالية، حديث 1347 .87المصدر السابق، حديث 1348 .31المصدر السابق، حديث 1349 .46المصدر السابق، حديث 1350 .9المصدر السابق، حديث 1351 .357، ص2نعمة هللا الجزائري: األنوار النعمانية، طبعة تبريز، إيران، ج 1352البحراني: اتحاف الفقهاء في تحقيق مسألة إختالف القراءات والقراء، عن مكتبة محسن بن حسين العصفوري 1353

.95الرافد االلكترونية، ص

حيى محمد ي مشكلة الحديث

218

ي بن خه عللكن مثلما ذهب الكثير من القدماء إلى القول بالتحريف، ومنهم الكليني وشي

عياشي والطبرسي صاحب )االحتجاج( ابراهيم القمي ومحمد بن الحسن الصفار وال

ي وغيرهم.. فإنه خالفهم في ذلك كل من الشيخ الصدوق والمرتضى والطوسي والطبرس صاحب التفسير المعروف.

ولعل أعظم خطأ يقع به المحققون هو ظنهم ان الكثرة في األخبار الموثقة تفيد التواتر،

ب، أو لوجود مصلحة غالبة تدفع إلى وهو خطأ، إذ قد يكون منشأ الكثرة بسبب الدس في الكتالكذب في الحديث، كالذي كان يفعله الزهاد من علماء السنة على ما اطلعنا عليه من قبل، أو

لغير ذلك من األسباب التاريخية التي نجهلها. ولو صح التواتر بهذا المعنى االعتباطي

يها بكثرة الحديث، ومن لحصل التناقض في الكثير من القضايا المتعارضة التي يستشهد علذلك التعارض الحاصل بين تواترات أهل السنة، وتواترات الشيعة، وكال الطرفين يدعي ان

رواته ثقات، مع ان التحقيق الوارد لدى علماء الحديث هو تحقيق تاريخي مختزل ضعيف

يفضي وغير مباشر. فهو بالصورة المتاحة لنا من وجود السالسل الرجالية الطويلة يمنع ان إلى قطع في األقوال المنقولة هنا أو هناك، بل يمكن ان ينحصر القطع أو االطمئنان في

حدود القضايا المجملة للحوادث الكبرى والممارسات المتعددة الكثيرة التي تشهد عليها قرائن

مختلفة كثيرة، وبشرط العلم بعدم وجود مصلحة مشتركة في النقل، وكذا ان ال يعارضها عتد به، كإن يكون المنقول هو مما يثبت كونه مستحيل الحدوث. لذلك كان الشهيد معارض ي

الثاني ينفي تحقق خبر خاص بلغ حد التواتر اذا ما روعيت شرائطه، لكنه استثنى من ذلك

، وكذا كان ابن 1354حديث النبي )ص(: )من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار(من أراد مثاال للحديث المتواتر غير هذا الحديث أعياه الصالح من أهل السنة يرى ان

الطلب. وقد عرفنا ما فيه، ومع أنه ال علم للمتأخرين إال بما دونه المتقدمون، فالصلة بين

الطرفين غير مباشرة، والتواتر المذكور هو تواتر نقلي وغير حسي، فإحتماالت الدس االت الكذب ودوافع اشاعة الحديث واردة والوضع في كتب األوائل واردة، مثلما ان إحتم

هي األخرى، وكل ذلك يقف مانعا عن القطع، بخالف ما لو كان التواتر حسيا؛ إذ كل شيء

فيه ظاهر بال خفاء.

ـ مشكلة الخرافة5بعضها ففية. يضم كتاب الكافي، كغيره من كتب الرواية، عددا كبيرا من األحاديث الخرا

لواردة ااطير بعض آخر يتنافى مع العقل والعلم والواقع. وتتعلق األسال يتفق مع القرآن، و

ى مسائلاف إلفي الكتاب بعدد من المسائل؛ أبرزها مسألة اإلمامة وعلم الطبيعة والفلك، يض

أخرى تندرج ضمن قضايا التفسير والسيرة والتاريخ... الخ. ي تبدي العلم الشمولي والغيبي فحول مسألة اإلمامة روى الكليني الكثير من الروايات الت

لألئمة، مثلما جاء حول الجفر ومصحف فاطمة، ففي احدى الروايات عن اإلمام الصادق أنه

ألف باب يفتح من كل باب ألف قال البي بصير: يا أبا محمد علم رسول هللا )ص( علياا سبعون ذراعا باب.. يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة، صحيفة طوله

بذراع رسول هللا )ص( وإمالئه من فلق فيه وخط علي بيمينه؛ فيها كل حالل وحرام وكل

شيء يحتاج الناس إليه حتى األرش في الخدش.. وإن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر، وعاء من آدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل.. وإن

دنا لمصحف فاطمة وما يدريهم ما مصحف فاطمة، مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثالث عن

. وقد نص الحر العاملي على كون الشهيد الثاني قد ذهب إلى عدم وجود خبر متواتر اذا ما 99نهاية الدراية، ص 1354

(.256، ص59)الحظ: الفوائد الطوسية، الفائدة روعيت شرائطه، وهو كحال الشيخ ابن الصالح من أهل السنة

حيى محمد ي مشكلة الحديث

219

مرات، وهللا ما فيه من قرآنكم حرف واحد.. وإن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن

.1355تقوم الساعة.. الخ

وفي عدد من الروايات ان مثل هذا العلم الشمولي جاء من حيث النظر إلى كتاب هللا، فيه تبيان كل شيء، وليس من خالل المصحف والجفر، فقد روي ان اإلمام الصادق حيث

قال: إني ألعلم ما في السماوات وما في األرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم

ما كان وما يكون، ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال: علمت ذلك من . وعلى هذه الشاكلة روى الكليني عن اإلمام 1356فيه تبيان كل شيءكتاب هللا إذ يقول:

الصادق عددا من الروايات التي تشير بأن العلم باألشياء يأتي من خالل النظر في القرآن،

وذلك ضمن باب )الرد إلى الكتاب والسنة(.ي رواية كما روى الكليني ان الدين والعلوم قد خصهما هللا تعالى ألهل البيت، فكما جاء ف

عن اإلمام الرضا أنه قال: نحن أمناء هللا في أرضه عندنا علم الباليا والمنايا وأنساب العرب

ومولد اإلسالم وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة اإليمان وحقيقة النفاق وإن شيعتنا يدخلون لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، أخذ هللا علينا وعليهم الميثاق، يردون موردنا و

مدخلنا، ليس على ملة اإلسالم غيرنا وغيرهم، نحن النجباء النجاة، ونحن أفراط األنبياء،

ونحن أبناء األوصياء، ونحن المخصوصون في كتاب هللا عز وجل، ونحن أولى الناس بكتاب هللا، ونحن أولى الناس برسول هللا )ص( ونحن الذين شرع هللا لنا دينه؛ فقال في

كم يا آل محمد من الدين ما وصى به نوحا؛ قد وصانا بما وصى به نوحا: كتابه: شرع ل

والذي أوحينا إليك يا محمد وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى، فقد علمنا وبلغنا علم ما علمنا واستودعنا علمهم، نحن ورثة أولي العزم من الرسل أن أقيموا الدين يا آل محمد وال

جماعة كبر على المشركين من أشرك بوالية علي ما تدعوهم إليه تتفرقوا فيه وكونوا على

.1357من والية علي إن هللا يا محمد يهدي إليه من ينيب من يجيبك إلى والية علي باللغات جميعا، وقد قدرت بعدد اسطوري، وكما ورد عن وفي رواية ان لألئمة علما

رق واألخرى بالمغرب عليهما سور من اإلمام الحسن أنه قال: إن هلل مدينتين إحداهما بالمش

حديد وعلى كل واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخالف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري

.1358وغير الحسين أخي

، وان هللا جعل 1359ا حيث يشاءكذلك ورد في الروايات ان الدنيا واالخرة لإلمام يضعهاألئمة أركان األرض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق األرض ومن تحت

.1360الثرى

ومن الروايات االسطورية األخرى روى الكليني أنه كانت هناك امرأة اسمها حبابة سين كان جاءت األئمة واحدا بعد آخر تسألهم عن داللة اإلمامة، وعندما ادركت علي بن الح

عمرها مائة وثالث عشرة سنة، وارادت ان تسأله السؤال نفسه، لكن اإلمام كان مشغوال

، باب 3. كذلك: بصائر الدرجات، ج1، باب ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة، حديث 1الكافي، ج 1355

.3، حديث 14، كتاب الحجة، باب أن األئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وانه ال يخفى عليهم الشيء، 1األصول من الكافي، ج 1356

.2حديث ، كتاب الحجة، باب أن األئمة ورثوا علم النبي وجميع األنبياء واألوصياء الذين من 1األصول من الكافي، ج 1357

.1قبلهم، حديث .5المصدر السابق، باب مولد الحسن بن علي، حديث 1358 .4المصدر السابق، باب أن األرض كلها لإلمام، حديث 1359 .4و 3، ومثله حديث 1هم أركان األرض، حديث المصدر السابق، باب أن األئمة 1360

حيى محمد ي مشكلة الحديث

220

بالعبادة فأومأ اليها بالسبابة فأعاد اليها شبابها، وظلت هذه المرأة حية ترزق وادركت كال من

. 1361األئمة الباقر والصادق والكاظم والرضا ثم ماتت

مع أمير المؤمنين فاضطربت األرض فوحاها بيده ثم وروى عن تميم بن حاتم قوله: كنا قال لها: اسكني ما لك؟ ثم التفت إلينا وقال: أما إنها لو كانت التي قال هللا عز وجل ألجابتني

.1362ولكن ليست بتلك

كما روى عن الصادق أنه سئل عن النجوم: أحق هي؟ فأجاب: نعم إن هللا بعث المشتري رجال من العجم فعلمه النجوم حتى ظن أنه قد بلغ، ثم قال إلى األرض في صورة رجل فأخذ

له: انظر أين المشتري؟ فقال: ما أراه في الفلك وما أدري أين هو، فنحاه وأخذ بيد رجل من

الهند فعلمه حتى ظن أنه قد بلغ، وقال: انظر إلى المشتري أين هو؟ فقال: إن حسابي ليدل .1363وورث علمه أهله فالعلم هناكعلى أنك أنت المشتري، وشهق شهقة فمات

وروى عن اإلمام الباقر قوله: لإلمام عشر عالمات: يولد مطهرا مختونا، وإذا وقع على

األرض وقع على راحته رافعا صوته بالشهادتين، وال يجنب، وتنام عينه وال ينام قلبه، وال المسك، واألرض يتثاءب، وال يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة

. 1364موكلة بستره

وروى عن اإلمام الصادق ان الحسين لم يرضع من امه وال من غيرها، بل كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثالث، فنبت لحم الحسين من لحم

. 1365رسول هللا

ليس له لبن فألق اه أبو طالب على ثدي نفسه وروى أنه لما ولد النبي )ص( مكث أياما . 1366فأنزل هللا فيه لبنا فرضع منه أياما حتى وقع أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها

وروى أنه كان للنبي حمار، وكان هذا الحمار قد كلم النبي فقال: بأبي أنت وأمي إن أبي

يه نوح فمسح على كفله حدثني عن أبيه عن جده عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إلثم قال: يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم، فالحمد هلل الذي

جعلني ذلك الحمار. وتشير الرواية إلى ان أول من توفي من الدواب بعد النبي هو هذا

الحمار، حيث قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقبا فرمى بنفسه فيها . 1367نت قبرهفكا

وروى عن اإلمام الصادق ان أبا ذر اسلم من خالل نبوءة ذئب جاءه وابلغه بأن هللا بعث

.1368نبيا إلى أهل مكة فكذبوه وشتموه، فاستعلم أبو ذر ما قاله الذئب فوجده صحيحا في الفلك السابع، فخلقه من قوله: إن هللا عز وجل خلق نجما وروى عن الصادق أيضا

سائر النجوم الستة الجاريات من ماء حار، وهو نجم األنبياء واألوصياء، وهو ماء بارد و

نجم أمير المؤمنين يأمر بالخروج من الدنيا والزهد فيها ويأمر بافتراش التراب وتوسد اللبن .1369ولباس الخشن وأكل الجشب وما خلق هللا نجما أقرب إلى هللا تعالى منه

.3، كتاب الحجة، باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر اإلمامة، حديث 1األصول من الكافي، ج 1361أي لو كانت زلزلة القيامة التي ذكرها هللا في سورة الزلزلة الجابتني لقوله تعالى: ))يومئذ تحدث أخبارها(( 1362

(.366في، حديث )روضة الكا .507روضة الكافي، حديث 1363 .8، كتاب الحجة، باب مواليد األئمة، حديث 1األصول من الكافي، ج 1364 .4نفس المصدر والكتاب السابقين، باب مولد الحسين بن علي، حديث 1365 .27نفس المصدر والكتاب السابقين، باب مولد النبي )ص( ووفاته، حديث 1366 .9اب السابقين، باب ما عند األئمة من سالح رسول هللا )ص( ومتاعه، حديث نفس المصدر والكت 1367 .457روضة الكافي، حديث 1368 .369روضة الكافي، حديث 1369

حيى محمد ي مشكلة الحديث

221

ا أخذ رسول هللا بيد علي يوم الغدير صرخ إبليس في كما روى عن اإلمام الباقر أنه لم

جنوده صرخة فلم يبق منهم أحد في بر وال بحر إال أتاه فقالوا: يا سيدهم وموالهم ماذا دهاك

فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: فعل هذا النبي فعال إن تم لم يعص نبي أنه ينطق عن الهوى، وقال أحدهما لصاحبه: أما هللا أبدا، ثم أنه لما قال المنافقون عن ال

ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون، عندها صرخ إبليس صرخة بطرب، فجمع

أولياءه فقال: أما علمتم أني كنت آلدم من قبل؟ قالوا: نعم، قال: آدم نقض العهد ولم يكفر هللا وأقام الناس غير علي بالرب، وهؤالء نقضوا العهد وكفروا بالرسول. فلما قبض رسول

لبس إبليس تاج الملك ونصب منبرا وقعد في الوثبة وقال لهم: اطربوا ال يطاع هللا حتى يقوم

. 1370اإلمام قوله: كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار ويكثر وروى عن الباقر أيضا

نه وهو يقول: يا جبرئيل إني الكفار في أعين المسلمين، فشد عليه جبرئيل بالسيف فهرب م

مؤجل، إني مؤجل حتى وقع في البحر. فسأل زرارة اإلمام الباقر: الي شيء كان يخاف . 1371وهو مؤجل، فأجاب الباقر: يقطع بعض أطرافه

وروى عن اإلمام الصادق قوله: وجدنا في كتاب علي بن أبي طالب أن هللا لما أهبط آدم

ه بثنية الصفا ورأسه دون أفق السماء، وإنه شكا إلى وزوجته حواء إلى األرض كانت رجالهللا ما يصيبه من حر الشمس فأوحى هللا إلى جبرئيل أن آدم قد شكا ما يصيبه من حر

بذراعه، وأغمز حواء غمزة فصير الشمس، فأغمزه غمزة وصير طوله سبعين ذراعا

.1372طولها خمسة وثالثين ذراعا بذراعهاان رجال سأله: جعلت فداك أهذه قبة آدم؟ قال: نعم، وهلل قباب وروى عن الصادق أيضا

كثيرة، إال إن خلف مغربكم هذا تسعة وثالثون مغربا أرضا بيضاء مملوءة خلقا يستضيئون

بنوره لم يعصوا هللا عز وجل طرفة عين، ما يدرون خلق آدم أم لم يخلق، يبرؤون من فالن .1373وفالن

الروايات ان منبع الطوفان في قصة نوح هو التنور، وروى عن الصادق في عدد من

ففي رواية أنه جاءت امرأة نوح وهو يعمل السفينة فقالت له: إن التنور قد خرج منه ماء، فقام إليه مسرعا حتى جعل الطبق عليه وختمه بخاتمه فقام الماء، فلما فرغ من السفينة جاء

.1374إلى الخاتم ففضه وكشف الطبق ففار الماء

. لكن في 1375ا روى عن الصادق ان مريم حملت بعيسى تسع ساعات كل ساعة شهرا كم . 1376رواية أخرى انها حملت به ستة اشهر

وروى عن اإلمام الكاظم قوله: الشؤم للمسافر في طريقه خمسة أشياء: الغراب الناعق

ذنبه عن يمينه، والناشر لذنبه، والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقع على يعوي، ثم يرتفع ثم ينخفض ثالثا، والظبي السانح من يمين إلى شمال، والبومة الصارخة،

.1377والمرأة الشمطاء تلقاء فرجها، واالتان العضباء يعني الجدعاء

.542روضة الكافي، حديث 1370 .419روضة الكافي، حديث 1371 .308المصدر السابق، حديث 1372 .301المصدر السابق، حديث 1373 .423المصدر السابق، حديث 1374 .516روضة الكافي، حديث 1375 .4، كتاب الحجة، باب مولد الحسين بن علي، حديث 1األصول من الكافي، ج 1376 .493روضة الكافي، حديث 1377

حيى محمد ي مشكلة الحديث

222

وروى عن الصادق قوله: من عطس ثم وضع يده على قصبة أنفه ثم قال الحمد هلل رب

و أهله وصلى هللا على محمد النبي وآله وسلم؛ خرج من العالمين الحمد هلل حمدا كثيرا كما ه

منخره األيسر طائر أصغر من الجراد وأكبر من الذباب حتى يسير تحت العرش يستغفر هللا .1378له إلى يوم القيامة

وفي رواية أخرى عن الصادق ان أحد أصحابه سأله عن الوزغ، فقال: رجس، وهو

صادق بقوله: إن أبي كان قاعدا في الحجر ومعه مسخ كله، فإذا قتلته فاغتسل. واردف الرجل يحدثه فإذا هو بوزغ يولول بلسانه، فقال أبي للرجل: أتدري ما يقول هذا الوزغ؟ قال:

ال علم لي بما يقول، قال: أنه يقول: وهللا لئن ذكرتم عثمان بشتيمة الشتمن عليا حتى يقوم من

إال مسخ وزغا، وقال: إن عبد الملك بن ههنا. وقال أبي: ليس يموت من بني أمية ميتمروان لما نزل به الموت مسخ وزغا فذهب من بين يدي من كان عنده وكان عنده ولده فلما

أن فقدوه عظم ذلك عليهم فلم يدروا كيف يصنعون ثم اجتمع أمرهم على أن يأخذوا جذعا

لفوه في االكفان فلم يطلع فيصنعوه كهيئة الرجل، ففعلوا ذلك وألبسوا الجذع درع حديد ثم . 1379عليه أحد من الناس إال أنا وولده

كما روى عن الصادق قوله: ان األرض على حوت، والحوت على الماء، والماء على

. وجاء في رواية أخرى 1380صخرة، والصخرة على قرن ثور أملس، والثور على الثرىه أنه إنما يحمل األرض قول اإلمام الصادق: إن الحوت الذي يحمل األرض أسر في نفس

أصغر من شبر وأكبر من فتر فدخلت في خياشيمه بقوته، فأرسل هللا تعالى إليه حوبا

فصعق، فمكث بذلك أربعين يوما، ثم إن هللا عز وجل رأف به ورحمه وخرج، فإذا أراد هللا عز وجل بأرض زلزلة بعث ذلك الحوب إلى ذلك الحوت، فإذا رآه اضطرب فتزلزلت

.1381االرض

وروى عن النبي قوله: إن هذه األرض بمن عليها عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فالة قي، وهاتان بمن فيهما ومن عليهما عند التي تحتها كحلقة ملقاة في فالة قي، حتى إنتهى إلى

السابعة وتال هذه اآلية ))خلق سبع سماوات ومن األرض مثلهن(( والسبع االرضين بمن

ن على ظهر الديك كحلقة ملقاة في فالة قي، والديك له جناحان جناح في فيهن ومن عليهالمشرق وجناح في المغرب ورجاله في التخوم السبع، والديك بمن فيه ومن عليه على

الصخرة كحلقة ملقاة في فالة قي، والصخرة بمن فيها ومن عليها على ظهر الحوت كحلقة

ة والحوت بمن فيه ومن عليه على البحر المظلم ملقاة في فالة قي، والسبع والديك والصخركحلقة ملقاة في فالة قي، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم على الهواء

الذاهب كحلقة ملقاة في فالة قي، والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء

في السموات وما في األرض وما على الثرى كحلقة في فالة قي، ثم تال هذه اآلية: ))له مابينهما وما تحت الثرى((، ثم انقطع الخبر عن الثرى، والسبع والديك والصخرة والحوت

والبحر المظلم والهواء والثرى بمن فيه ومن عليه عند السماء األولى كحلقة في فالة قي،

ة قي، وهاتان وهذا كله وسماء الدنيا بمن عليها ومن فيها عند التي فوقها كحلقة في فالالسماءان... حتى انتهى إلى السابعة، وهن ومن فيهن ومن عليهن عند البحر المكفوف عن

أهل األرض كحلقة في فالة قي، وهذه السبع والبحر المكفوف عند جبال البرد كحلقة في فالة

.22، كتاب العشرة، باب العطاس والتسميت، حديث 2األصول من الكافي، ج 1378 .305روضة الكافي، حديث 1379هذا الحديث رموز انما يحلها من كان من أهلها، وذلك ألن حديث األئمة وعلق على ذلك بعض المعلقين بقوله: في 1380

(.55صعب مستصعب )روضة الكافي، حديث .365روضة الكافي، حديث 1381

حيى محمد ي مشكلة الحديث

223

قي، وتال هذه اآلية: ))وينزل من السماء من جبال فيها من برد((، وهذه السبع والبحر

لمكفوف وجبال البرد عند الهواء الذي تحار فيه القلوب كحلقة في فالة قي، وهذه السبع ا

والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء عند حجب النور كحلقة في فالة قي، وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء وحجب النور عند الكرسي كحلقة في فالة قي، ثم تال

كرسيه السموات واألرض وال يؤده حفظهما وهو العلي العظيم((، وهذه هذه اآلية: ))وسع

السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء وحجب النور والكرسي عند العرش كحلقة في .1382فالة قي، وتال هذه اآلية: ))الرحمن على العرش استوى((

األرض السابعة وعنقه وروى عن اإلمام الباقر أنه قال: إن هلل عز وجل ديكا رجاله في

مثبتة تحت العرش وجناحاه في الهواء وانه في نصف الليل أو الثلث الثاني من آخر الليل يضرب بجناحيه ويصيح: )سبوح قدوس ربنا هللا الملك الحق المبين فال إله غيره رب

.1383المالئكة والروح( فتضرب الديكة بأجنحتها وتصيح

وى بالليل، وفي رواية أخرى في آخر وروى عن النبي والصادق ان األرض تط .1384الليل

وروى عن الصادق قوله: إن هللا خلق الخير يوم االحد وما كان ليخلق الشر قبل الخير،

وفي يوم االحد واالثنين خلق االرضين، وخلق أقواتها في يوم الثالثاء، وخلق السماوات يوم وله عز وجل: ))خلق السماوات االربعاء ويوم الخميس، وخلق أقواتها يوم الجمعة وذلك ق

.1385واألرض وما بينهما في ستة أيام((

من هذا وروى عن الباقر قوله: إن هللا خلق الشمس من نور النار وصفو الماء، طبقاوطبقا من هذا، حتى إذا كانت سبعة أطباق ألبسها لباسا من نار، ومن ثم صارت أشد حرارة

وء نور النار وصفو الماء، طبقا من هذا وطبقا من هذا، من القمر. أما القمر فخلقه هللا من ض

.1386حتى إذا كانت سبعة أطباق ألبسها لباسا من ماء، ومن ثم صار القمر أبرد من الشمسوروى عن اإلمام علي قوله: إن للشمس ثالثمائة وستين برجا، كل برج منها مثل جزيرة

ا غابت انتهت إلى حد بطنان العرش، من جزائر العرب، فتنزل كل يوم على برج منها، فإذ

فلم تزل ساجدة إلى الغد ثم ترد إلى موضع مطلعها ومعها ملكان يهتفان معها وإن وجهها ألهل السماء وقفاها ألهل االرض، ولو كان وجهها ألهل األرض الحترقت األرض ومن

. 1387عليها من شدة حرها

ق االشياء، فخلق الريح من الماء، ثم وروى عن الباقر ان هللا أول ما خلق الماء، ومنه خلسلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد فخلق منه أرضا

بيضاء نقية ليس فيها صدع وال ثقب وال صعود وال هبوط وال شجرة، ثم طواها فوضعها

من الماء دخان فخلق فوق الماء، ثم خلق هللا النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثار .1388منه سماءا صافية نقية ليس فيها صدع وال ثقب، ثم طواها فوضعها فوق االرض

كما روى عن الباقر قوله: كان كل شيء ماءا، وكان عرشه على الماء، فأمر هللا الماء

فاضطرم نار، ثم أمر النار فخمدت فارتفع من خمودها دخان، فخلق هللا السماوات من ذلك ن وخلق األرض من الرماد، ثم اختصم الماء والنار والريح فقال الماء: أنا جند هللا الدخا

.143المصدر السابق، حديث 1382 .406المصدر السابق، حديث 1383 .491، وحديث 490، وحديث 489المصدر السابق، حديث 1384 .171المصدر السابق، حديث 1385 .332المصدر السابق، حديث 1386 .148المصدر السابق، حديث 1387 .67المصدر السابق، حديث 1388

حيى محمد ي مشكلة الحديث

224

االكبر، وقالت الريح: أنا جند هللا االكبر، وقالت النار: أنا جند هللا االكبر، فأوحى هللا عز

. 1389وجل إلى الريح أنت جندي االكبر

، فكما روى عن النبي وفي رواية أخرى ان عناصر الخلق تتنازع وتتفاخر فيما بينها)ص( أنه قال: ما خلق هللا عز وجل خلقا إال وقد أمر عليه آخر يغلبه فيه، وذلك أن هللا لما

خلق البحار السفلى فخرت وزخرت وقالت: أي شيء يغلبني؟ فخلق األرض فسطحها على

على ظهرها فذلت، ثم قال: إن األرض فخرت وقالت: أي شيء يغلبني؟ فخلق الجبال فأثبتها ظهرها أوتادا من أن تميد بما عليها فذلت األرض وإستقرت، ثم إن الجبال فخرت على

األرض فشمخت واستطالت وقالت: أي شيء يغلبني؟ فخلق الحديد فقطعها فقرت الجبال

وذلت، ثم إن الحديد فخرت على الجبال وقالت: أي شيء يغلبني؟ فخلق النار فأذابت الحديد لنار زفرت وشهقت وفخرت وقالت: أي شيء يغلبني؟ فخلق الماء فذل الحديد، ثم إن ا

فأطفأها فذلت، ثم إن الماء فخر وزخر وقال: أي شيء يغلبني؟ فخلق الريح فحركت أمواجه

وأثارت ما في قعره وحبسته عن مجاريه فذل الماء، ثم إن الريح فخرت وعصفت وأرخت ى واحتال واتخذ ما يستتر به من الريح أذيالها وقالت: أي شيء يغلبني؟ فخلق االنسان فبن

وغيرها فذلت الريح، ثم إن االنسان طغى وقال: من أشد مني قوة؟ فخلق هللا له الموت فقهره

فذل االنسان، ثم إن الموت فخر في نفسه فقال هللا: ال تفخر فإني ذابحك بين الفريقين: أهل . 1390الجنة وأهل النار ثم ال احييك أبدا

م الباقر ان الرياح أربعة أصناف، هي الشمال والجنوب والصبا وروى عن اإلما

والدبور، وهي أسماء المالئكة الموكلين بها، فإذا أراد هللا أن يهب شماال أمر الملك الذي اسمه الشمال فيهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح

أمر الملك الذي أسمه الشمال حيث يريد هللا من البر والب حر، وإذ أراد هللا أن يبعث جنوبا

الجنوب فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الجنوب في البر والبحر حيث يريد هللا، وإذا أراد هللا أن يبعث ريح الصبا أمر الملك الذي

ركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح اسمه الصبا فهبط على البيت الحرام فقام على ال

الصبا حيث يريد هللا في البر والبحر، وإذا أراد هللا أن يبعث دبورا أمر الملك الذي أسمه الدبور فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الدبور

ان هناك ريحا هي ريح . وفي رواية أخرى عن الباقر1391حيث يريد هللا من البر والبحر

العقيم تخرج من تحت االرضين السبع، وما خرجت منها ريح قط إال على قوم عاد حين غضب هللا عليهم، فأمر الخزان أن يخرجوا منها على مقدار سعة الخاتم، فعتت على الخزان

ذلك فخرج منها على مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، فضج الخزان إلى هللا من

فقالوا: ربنا إنها قد عتت عن أمرنا إنا نخاف أن تهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بالدك، فبعث هللا إليها جبرئيل فاستقبلها بجناحيه فردها إلى موضعها وقال لها: اخرجي على ما

.1392أمرت به، فخرجت على ما أمرت به وأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم

ئل عن السحاب فأجاب بأنه يكون على شجر على كثيب وروى عن اإلمام علي أنه سعلى شاطئ البحر يأوي إليه، فإذا أراد هللا عز وجل أن يرسله أرسل ريحا فأثارته ووكل به

. 1393مالئكة يضربون بالمخاريق، وهو البرق، فيرتفع

.142، وحديث 68المصدر السابق، حديث 1389 .129المصدر السابق، حديث 1390 .63المصدر السابق، حديث 1391 .64المصدر السابق، حديث 1392 .268المصدر السابق، حديث 1393

حيى محمد ي مشكلة الحديث

225

ئتين وفي رواية أخرى سئل علي عن الخلق فقال: خلق هللا ألفا ومائتين في البر، وألفا وما

.1394في البحر، وأجناس بني آدم سبعون جنسا، والناس ولد آدم ما خال يأجوج ومأجوج

وروى عن علي بن الحسين تفسيره للخسوف والكسوف، وهو قوله: إن هللا قدر مجاري ومعه سبعون ألف الشمس والقمر والنجوم والكواكب كله على الفلك، ثم وكل بالفلك ملكا

فإذا أداروه دارت الشمس والقمر والنجوم والكواكب معه فنزلت في ملك، فهم يديرون الفلك،

منازلها التي قدرها هللا فيها ليومها وليلتها، فإذا كثرت ذنوب العباد وأراد هللا أن يستعتبهم بآية من آياته أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك الذى عليه مجاري الشمس والقمر

لملك أولئك السبعين ألف ملك أن يزيلوه عن مجاريه، فيزيلونه والنجوم والكواكب، فيأمر ا

فتصير الشمس في ذلك البحر الذي يجري في الفلك، فيطمس ضوءها ويتغير لونها، فإذا أراد هللا أن يعظم اآلية طمست الشمس في البحر على ما يحب هللا أن يخوف خلقه باآلية

إذا أراد هللا أن يجليها أو يردها إلى وذلك عند انكساف الشمس، وكذلك يفعل بالقمر، ف

مجراها أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الفلك إلى مجراه فيرد الفلك فترجع الشمس إلى .1395مجراها، فتخرج من الماء وهي كدرة، والقمر مثل ذلك

وروى عن الصادق تفسيره للحر والبرد فقال: إن المريخ كوكب حار وزحل كوكب

يخ في االرتفاع انحط زحل وذلك في الربيع، فال يزاالن كذلك كلما ارتفع بارد، فإذا بدأ المرالمريخ درجة انحط زحل درجة ثالثة أشهر حتى ينتهي المريخ في االرتفاع وينتهي زحل

في الهبوط فيجلو المريخ فلذلك يشتد الحر، فإذا كان في آخر الصيف وأول الخريف بدأ زحل

بوط فال يزاالن كذلك كلما ارتفع زحل درجة انحط المريخ في االرتفاع وبدأ المريخ في الهدرجة حتى ينتهي المريخ في الهبوط وينتهي زحل في االرتفاع فيجلو زحل وذلك في أول

الشتاء وآخر الخريف فلذلك يشتد البرد، وكلما ارتفع هذا هبط هذا، وكلما هبط هذا ارتفع

للقمر وإذا كان في الشتاء يوم حار فالفعل هذا، فإذا كان في الصيف يوم بارد فالفعل في ذلك .1396في ذلك للشمس، هذا تقدير العزيز العليم وأنا عبد رب العالمين

وروى عن الصادق أنه قال ألحد أصحابه: أتدري كم بين المشتري والزهرة من دقيقة؟

ال، قال: فأجابه صاحبه: ال وهللا، قال: أفتدري كم بين الزهرة و بين القمر من دقيقة؟ فأجاب: أفتدري كم بين الشمس وبين السنبلة من دقيقة؟ فأجاب: ال وهللا ما سمعته من أحد من

المنجمين قط، قال: أفتدري كم بين السنبلة و بين اللوح المحفوظ من دقيقة؟ فأجاب: ال وهللا

ما سمعته من منجم قط، عندها قال الصادق: ما بين كل واحد منهما إلى صاحبه ستون أو .1397دقيقة سبعون

وروى عن أبي الحسن تفسيره لمنشأ االحالم، وهو قوله: إن االحالم لم تكن فيما مضى

في أول الخلق، لكن بعد ان بعث هللا رسوال إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة هللا وطاعته، : فسألوا عن الجنة والنار، فوصف لهم ذلك، فقالوا: متى نصير إلى ذلك؟ فقال: إذا متم، فقالوا

وبه استخفافا، فأحدث هللا فيهم ورفاتا، فازدادوا له تكذيبا لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما

االحالم، فأتوه فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك فقال: إن هللا عز وجل أراد أن يحتج .1398عليكم بهذا

.274ث المصدر السابق، حدي 1394 .41المصدر السابق، حديث 1395 .474المصدر السابق، حديث 1396 .233المصدر السابق، حديث 1397 .57المصدر السابق، حديث 1398

حيى محمد ي مشكلة الحديث

226

إن خيرا وروى عن الصادق معنى قول الرجل الخيه )جزاك هللا خيرا( وهو أنه قال:

نهر في الجنة مخرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش، عليه منازل األوصياء

وشيعتهم، على حافتي ذلك النهر جواري نابتات، كلما قلعت واحدة نبتت أخرى، سمي بذلك النهر وذلك قوله تعالى: ))فيهن خيرات حسان(( فإذا قال الرجل لصاحبه: جزاك خيرا فإنما

.1399لك المنازل التي أعدها هللا لصفوته وخيرته من خلقهيعني ت

وروى عن اإلمام الباقر تفسير الرتق والفتق في قوله تعالى: ))أو لم ير الذين كفروا أن السموات واألرض كانتا رتقا ففتقناهما(( حيث قال: إن هللا لما أهبط آدم إلى االرض، وكانت

وكانت األ ال تمطر شيئا ال تنبت شيئا، فلما أن تاب هللا على آدم السماوات رتقا رض رتقا

أمر السماء فتقطرت بالغمام ثم أمرها فأرخت عزاليها، ثم أمر األرض فأنبتت االشجار .1400وأثمرت الثمار وتفهقت باالنهار، فكان ذلك رتقها وهذا فتقها

لطبيعة الطينة ال تي خلقوا وروى عن اإلمام الصادق تفسير إختالف مسالك الناس تبعا

منها، حيث عقد بابا في أول الجزء الثاني من أصول الكافي بعنوان )طينة المؤمن والكافر( وذكر فيه عددا من هذه الروايات، ومن ذلك ما رواه عن عبد هللا بن كيسان أنه سأل اإلمام

، الصادق عن علة ما يراه لدى المعادين ألهل البيت من حسن السمت والخلق وكثرة األمانة

وعلى خالفهم من كان من اتباع أهل البيت، حيث فيهم سوء الخلق والزعارة وقلة األمانة؟ فأجاب اإلمام بقوله: أما علمت يا ابن كيسان أن هللا عز وجل أخذ طينة من الجنة وطينة من

ثم نزع هذه من هذه وهذه من هذه، فما رأيت من أولئك من األمانة النار فخلطهما جميعا

لخلق وحسن السمت فمما مستهم من طينة الجنة وهم يعودون إلى ما خلقوا منه، وما وحسن ارأيت من هؤالء من قلة األمانة وسوء الخلق والزعارة فمما مستهم من طينة النار وهم

.1401يعودون إلى ما خلقوا منه

وقد جاءت روايات الطينة في عدد من كتب الحديث، وقيل انها متواترة، رغم ان يدل على الجبر، لذلك تحير فيها العلماء، فبعضهم طرحها جملة معلال طرحه لها ظاهرها

بأنها تخالف الكتاب واالجماع، وهو ما ذهب اليه الشريف المرتضى، وبعض آخر عدها من

المتشابهات ومن ثم اوصى بالوقوف عندها وتسليم األمر إلى األئمة كالذي ذهب اليه ابن .1402من العلماء حاولوا توجيهها بعدد من التأويالت المختلفةادريس، كما ان هناك عددا

***

نشير أخيرا إلى ان الكثير من هذه األساطير قد رواها المكثرون من المشايخ المعتمد عليهم، من أمثال علي بن ابراهيم ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسن الصفار وغيرهم. فاذا

؟! فحتى لو علمنا ان العلماء 1403هم ويؤخذ عنهمكان هذا هو حالهم من الدراية فكيف يثق ب

يتقبلون طرح هذه الروايات فإن اإلشكال يبقى قائما، ذلك ان طرحها يؤثر على سائر ما يرويه أصحاب تلك األساطير في األبواب األخرى التي تعجز مباضع االختبار ان تطولها،

ن واقع الحياة وامور الطبيعة، كأبواب الفقه والعقائد. فأغلب هذه األبواب ال تخبر بشيء ع

وبالتالي ليس بوسع االختبارات العقلية والحسية والعلمية ان تفعل شيئا ازاءها. ونفس الحال على الروايات التي ترويها كتب الصحاح لدى أهل السنة. ومن حيث المنطق ينطبق أيضا

مآلها في الحكم ينبغي ان اإلحتمالي إن لم تجد مثل هذه الروايات شاهدا لها من القرآن فإن

.298المصدر السابق، حديث 1399 .93المصدر السابق، حديث 1400 .5، كتاب اإليمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر، حديث 2األصول من الكافي، ج 1401 .46تضى بن رضي الدين الموسوي الغروي: أثر الوميض في نفي الجبر والتفويض، طبعة تبريز، صمر 1402روي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه أن رسول هللا )ص( قال: كونوا دراة وال تكونوا 1403

رواة، حديث تعرفون فقهه خير من ألف حديث تروونه )نصيحة أهل الحديث، مصدر سابق(.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

227

يكون تابعا لغيرها من الروايات التي طالتها يد االختبار وكانت تعود إلى نفس الراوي. وهي

.1404الطريقة المنطقية التي فصلنا الحديث عنها في كتابنا )منطق فهم النص(

.265ـ255انظر القسم األخير من: منطق فهم النص، ص 1404

حيى محمد ي مشكلة الحديث

228

خاتمة

نظرية التجاوز المذهبي

ال للعداء وال الوحدة وال التقريب، بل للتجاوز..

كان ارسطو يقول من نقد الفلسفة فقد تفلسف.. واليوم قد يقال بحق ا نقدون يلذين قديما

المذهبية بأنهم متمذهبون.. فمن جاوز المذهب أو نقضه فقد تمذهب هو اآلخر..لقضايا اقسيم حديثا وفي إطار فلسفة العلم واجهت الوضعية المنطقية شبهة حول رؤيتها لت

شيء عن بخبر القضايا ال تتجاوز الثالث، فهي إما قضية تحليلية ال ت المعرفية، إذ ترى هذه

مون الواقع الموضوعي، أو قضية تقبل التحقيق الخارجي، أو انها ليس لها معنى. ومضمن ذات ون ضالشبهة هو ان هذا التقسيم يعتبر في حد ذاته من القضايا، لكنه ال يمكن ان يك

القضايا الثالث المذكورة، وبالتالي تناقض. فيفهو قضية رابعة، مما يجعل التقسيم واقعا

رسالة )ابه ومع ان مؤسس هذا التقسيم )فتجنشتاين( قد اعترف بأن ما أشاده من أفكار في كتذي قارئ الن المنطقية فلسفية( تخلو من المعنى طبقا للمبدأ الذي بناه، لكنه استدرك وطلب م

بعد الصعود عليه، فعندهايفهم كتابه: بأن عليه العمل بإلقاء ا م على ى العالسير لسلم جانبا

عة طبي نحو صحيح. لكن الجواب اآلخر األكثر منطقية هو اعتبار قضية التقسيم تختلف عنصفات، لمواقضايا األقسام الثالثة، إذ تعود إلى منطق آخر استعالئي، ال يوصف بمثل تلك ا

أو انه ليس بعرض أي منها وال بطولها..

، وهو تمذهبلك يمكن الجواب على الشبهة السابقة حول اتهام من ينقد المذهبية بالعلى ذ فال بد ان يكون من منطق آخر مختلف عن التمذ لحاصل، هب اأنه اذا كان لهذا النقد تمذهبا

دعو هب أو يلمذاوبالتالي فهو نفي للتمذهب بالمعنى الشائع، مثلما ان من يقول بالتقريب بين ا

ن ل يكوبينها ال يعد بأنه صاحب مذهب جديد على غرار المذاهب الموجودة، بإلى الوحدة مذهبه من صنف آخر مختلف.

آخر ليس فيه ما يوازي سائر المذاهب. اذ للمذاهب اتها عتقادإال شك أننا نقدم منطقا

وأي لحق.االمفصلة، وبعضها يعارض البعض اآلخر، كما ان كال منها يدعي أنه يمثل الدين ب جديد مذه جاه يأتي ليصبغ مثل هذه التفاصيل المطروحة بصبغة الحقيقة الدينية انما هوات

لية يضاف إلى سائر المذاهب المعروفة. أما عندما يطرح منطق جديد ال يعمل بنفس آ

لمذاهب،لك االمذاهب المتعارف عليها من التقليد والتفصيل فانه ال يعد مذهبا على غرار تمذاهب ن العليه بأنه مذهب فالمقصود به أنه نظرية أو مدرسة جديدة تختلف وإذا ما أطلق ع

قد ولعرضي، اط االمشار اليها بالجملة، اذ ما بين المذاهب المعروفة نوع من الموازاة واالرتب

مكمال، في حين ان النقد المذهبي ال يش رضا كل عيضيف الالحق للسالف ارتباطا طولياتبقى لي. والمذاهب، فضال عن أنه ال يدخل ضمن إطار االرتباط الطووتوازيا ألي من هذه

ا. خصوصعالقته معبرة عن الجانب العرضي لجميع هذه المذاهب بجملتها وليس لفرد منها م

ي ليس فووبعبارة أخرى يقع النقض وتجاوز المذهب في قبال المذاهب المعروفة قاطبة، ب يقف كل منها في قبال البعض اآلخر.قبال واحد منها، في حين ان هذه المذاه

أخرى ني، ووال شك ان نظرية التجاوز تارة تكون خارجية متبناة من قبل االتجاه العلما

ذ الديننقاإلداخلية تنتمي إلى ذات الفصيل الديني، وهو ما نتبناه، بل ونوليه أهمية عظمى شعب بمقالة لعملعاد والتضليل وابعد ما دنسته يد التشويه بالخرافة والتكفير والقتل واالستب

يح بته لدين هيفظ لهللا المختار. ومعلوم ان الكثير من الناس يتوق إلى أن يجد حال عقالنيا

و هللا أ ة عنبالبعد عن التمذهب الذي ما زلنا نجني آثار مساوئه بفعل الصراع والنزاع نياب غياب البديل.ثل في تمعن اإللهة المصطنعة )أو الموتى(. وتبقى محنة الكثير ت

حيى محمد ي مشكلة الحديث

229

وتقديم لجذريوتعتمد نظرية التجاوز المذهبي على أمرين أحدهما يتمم اآلخر، هما النقد ا

مكن ال يفالبديل عن دائرة المذاهب دون الخضوع لسلطتها، فهو تعبير آخر عن الالمنتمي،

هبذاتطبيعه ضمن إطار مذهب ما من المذاهب الدينية المعروفة، فقد يتفق مع بعض المانه ذلك بأمر ويختلف معها بأمور، وبالتالي ال يمكن تحديده ضمن مذهب معين. واألهم من

بال ينيةيخالف جميع المذاهب حول التفصيل الذي ابتدعوه واعتبروه جزءا من الهوية الد

لدينية اوية دليل، ال سيما وأن هذا التفصيل مشوب بالظنون، فال يصح إحالة شيء ما إلى اله كن قطعيا.ما لم ي

مصدر وبحسب نظرية التجاوز فإن الدين ليس مصدرا يعول عليه في التفاصيل، بل ال

لقطعااألساس في ذلك هو الواقع، أما الدين فهو مصدر اإلجمال، وباإلجمال نحصل على فصلنا الذيكوالبيان، خالفا للتفصيل المستمد من النصوص عبر الظنون والتكهنات البعيدة،

ه في )فهم الدين والواقع(.الحديث عن

دود، حلها لقد أخرج لنا العلماء منظومة واسعة من التفاصيل )الدينية( التي ال يعرفلدين لو اوعلموا الناس بأن مرجعها الدين ذاته، وأصبح من الصعب على المرء ان يتصور خ

بل ن(،الديمن هذه التفاصيل التاريخية. فكل شيء يمكن ان تجد له جوابا عبر مرجعية )

ق يصد وعبر مرجعيات فرعية جعلت نفسها نائبة عنه.. لقد أصبح من الصعب على المرء انيلة ئل القللمسابأن اغلب ما حشوه لنا من الدين ليس له عالقة باألخير، وان دعواه ال تتعدى ا

بشريوهي فطرية بسيطة، وان ما عداها أوكلت إلى مقاصد الدين كما يدركها العقل ال

ركها الفطرة السليمة.وتدل عن لتمثيوأكثر من ذلك أن هذه المرجعيات تتنافس وتتناحر حول أيها أحق بالنيابة وا

اعات وصر الدين عبر طروحاتها المذهبية.. فلقد أثارت هذه الطروحات في مجتمعاتنا أزمات

غم أنها رن، ال تنتهي. وهي بحكم حالها ضعيفة ال تمتلك الرصيد المعرفي )االبستيمي( المتي تمتلك آيديولوجيا فعالة قوية تتحكم في األتباع.

رغم آلخر،افحول السجال السني الشيعي، يالحظ أن لكل منهما قوة هجومية عالية باتجاه

التمكن دون أنهما يضعفان في حالة الدفاع عن الذات. فهما كمن له القدرة على إصالح اآلخرغم ان ربل، عيف خصمه وايهام أتباعه بتهافت المقامن إصالح ذاته. فلكل منهما القوة في تض

. تنتهياللتي الدفاع عن الذات أمر غير ميسور. فتكثر بذلك التأويالت والتوجيهات البعيدة ا

ا مصدقون باع يفكثيرا ما يمارس كل منهما اإلنتقاء والتعميم ليفرضه على المقابل، واألت ار الصموحو وكثيرا ما تمارس لعبة المخاتلة يقوله زعماؤهم وما يصورونه لهم بال تحقيق.

ما تتحكم ال ية ت النفسحاالواعتبار ما يقدمه الخصم من أدلة قوية انها من الشبهات، وغالبا

بالصراع بعيدا عن الطرح االبستيمي المستقل.ي هلوجي إن اإلنتقاء والتعميم وغياب تفهم الطرف المقابل بممارسة التفكير االيديو

ون المتصد بها ح العامة المشتركة للذهنية المذهبية لدى الطرفين المتناحرين، إذ يعملالمالم

ي أعشيرة، وال للنزاع كما يعمل بها األتباع. فكال المذهبين يتصرف تبعا العتبارات القبيلة لم بهاة مسالسعي لنصرة االنتماء العشائري ضد المقابل دون البحث عن )الحقيقة(. فاألخير

تمثال ملهدف مع الرغبة في ان تظل األمور على ما هي عليه دون قلب الحقائق، ويبقى اسلفا

بليبايقاع الخصم بشتى انواع التهافت، وهو العمل االيديولوجي المشابه للوضع القناء العشائري، مما يفقده صفة التدين وتقوى التعامل مع الذات واآلخر، مع ضعف الب

المعرفي االبستيمي..

حيى محمد ي مشكلة الحديث

230

من يعمم ويرى بان السنة مجسمة أو مش فحول يأتي وبهة، التعميم تجد من الشيعة أحيانا

ن مأن بشواهد تدل على مراده، لكنه يجهل ان هذا التعميم خاطيء، كما يجهل أو يتجاهل

قدماء الشيعة من كان مجسما ومشبها بشهادة عدد من زعماء المذهب. مجسمة، أنهم بأنهم قائلون بتحريف القرآن، أو وتجد من السنة من يتهم الشيعة في القبال

جاهل و يتويأتي بشواهد من روايات المذهب وإعتقادات عدد من علمائه. لكنه اآلخر يجهل أ

ان هذا التعميم خاطئ، وان هناك من يوصف بذات التهمة لدى السنة.سان ، ولةكذلك الحال مع اإلنتقاء، فهي صفة يمارسها المذهبان احدهما ضد اآلخر بكثر

يبحث عناح لكل منهما يقول: من فمك أدينك. فمثال يأتي الشيعي إلى كتب السنة ومنها الصح

لتي ايات المثالب التي تطعن في عدد من الصحابة، فيلتقط بعض األحاديث ويدع اغلب الرواشائرية الع تثني عليهم، إذ ال يهمه ما تقوله هذه الكتب شيئا سوى تأييد نزعته القبلية

لالنقضاض على غريمه، دون إلتفات إلى المعارضات..

ا محول كذلك يفعل السني ذات األمر فيأتي إلى كتب أحاديث الشيعة ويعزز وجهة نظرهاملة ا معتقوله في الغلو وتأليه االئمة أو اعتبارهم غير مخلوقين أو غير ذلك، فيعامله

ها.يترك خالف العلماء حولاألحاديث الصحاح، ويترك سائر الروايات المعارضة، كما

ى ا، وعلاتباعوإن هذه اللعبة والمخاتلة كثيرا ما تزاولها األطراف المتنازعة، علماءا أن بكون الرغم من ان من يتوسمون بإسم العلم يمارسون هذا النهج التعسفي إال أنهم يدر

م، لكنهم ر السقيلدوابهذا الممارسة التي تماثلها في الفقه تعد جهال فاضحا، فال يغتفر لمن يقوم

مع ذلك يزاولونه في العقائد أو عندما يكون األمر متعلقا بالطرف المقابل. لهذا اللعب والمخاتلة؟ ولماذا تحول إلى نه ئلي ج قباعجبا! متى كان الدين خاضعا

وعشائري تتحكم فيه الميول الطائفية على حساب الحق والحقيقة؟

هذه ادف أن نشأوا ضمن الطائفة الند؛ لكانوا مخلصين لفلو أن أتباع كل طائفة صة القبيل وإتباع لهذا المذهب أو ذاك، فالتقليد –مثال –األخيرة، فال فرق بين أن ينتمي زيد

دون تغاير واختالف. مما يجعل الحالة رهينة دراسة علم لنفساوالعشيرة يبقى ثابتا

ق. تحقي ل معهم فيما يقلدونه من األدلة دونسايكولوجي( عوض الجدا -اإلجتماعي )سيسيو راسة دذلك بلذلك فعندما نقول: لماذا ال يخلص هؤالء بإتباع الحق حيثما كان؟ إنما نريد

بي. ا رحم رال محالتهم النفسية قبل كل شيء. فما زالت شبهة الغزالي تالحقهم إلى يومنا هذا إ

ء أوليايه إالباع العقل الصرف فال يقوى علوأما إت »فهو يقول في )اإلقتصاد في اإلعتقاد(: وقواهم على إتباعه، وإن أردت أن تجر ا في ب هذهللا تعالى الذين أراهم هللا الحق حقا

لت ، فلو قولهااإلعتقادات فأورد على فهم العامي المعتزلي مسألة معقولة جلية فيسارع إلى قب

بعين ما صدق به مهمإنه مذهب األشعري لنفر وإمتنع عن القبول وإنقلب مك ن سيء ا كاذباي د العام عنالظن باألشعري، إذ كان قبح ذلك في نفسه منذ الصبا، وكذلك تقرر أمرا معقوال

لتكذيب.لى اإاألشعري ثم تقول له إن هذا قول المعتزلي فينفر عن قبوله بعد التصديق ويعود

لم إنهمتوسمين بإسم العلم، فولست أقول هذا طبع العوام بل طبع أكثر من رأيته من المال ي نظرهمهم ففيفارقوا العوام في أصل التقليد، بل أضافوا إلى تقليد المذهب تقليد الدليل،

بالسماع والتقل إن فيد، يطلبون الحق بل يطلبون طريق الحيلة في نصرة ما إعتقدوه حقا

ذهبهم ضعف مظهر لهم ما يصادفوا في نظرهم ما يؤكد عقائدهم قالوا قد ظفرنا بالدليل، وإن ا هة كل مالشبقالوا قد عرضت لنا شبهة، فيضعون اإلعتقاد المتلقف بالتقليد أصال وينبزون ب

أصال ى ينظر إل ويخالفه، وبالدليل كل ما يوافقه، وإنما الحق ضده، وهو أن ال يعتقد شيئا

ونقيضه باطال، وكل ذلك منشؤه اإلستحسان تقديم ح بواإلستقبا الدليل ويسمي مقتضاه حقا «.اإللفة والتخلق بأخالق منذ الصبا

حيى محمد ي مشكلة الحديث

231

أو لقد أصبحت لفظة )العالم( ال معنى لها، فهي ستار للجهل والمصالح الطائفية

االيديولوجية..

ولها.حعجيب أمر هؤالء إذ يزعمون أنهم مالكو الحقيقة المطلقة ومع ذلك يتناقضون لسني الم االوردي، كيف ان العالم الشيعي والعيذكرني هذا الحال بما صوره المرحوم علي

ياس كل منهما يدعي ان استدالالته منطقية صحيحة ال ريب فيها، ومع ذلك يتضارب الق

المنطقي فيما بينهما.. قداسةيبقى ان من الصعب حل النزاع بين الطرفين وكل منهما يضفي على نفسه وهم ال

ء ة. فسوالغايا، وصار التفريق بينهما عسيرا لالدينية، فأصبح المذهب دينا، والدين مذهب

فا لما دد، خالن ترالعلماء أم األتباع، أغلبهم يظن بأنه يحمل ما يمثل عين الدين، أو يطابقه دوأنه يرى يحمله المذهب الخصم. فنحن بالتالي أمام حق مطلق في قبال باطل مطلق. فكالهما

ين. ذكورن هذا الحق ال يتجاوز الكيانين المصاحب حق مطلق، وكثيرا ما يكون التوهم بأ

هذا أتذكر بوهما. ما يقوله الشيعة أو ما يقوله أهل السنة وال ثالثة لتمثل في فالدين إما أن ير ن الحوارى االصدد كالما لمحمد جواد مغنية وهو ينقل حواره مع أحد المشايخ السنة الذي ي

سيحي أولى ميبه مغنية بأن ذلك يعني الحاجة إبين السنة والشيعة يحتاج إلى طرف ثالث، فيج

يهودي، مما يعني ان اإلسالم قد انحصر في هذين المذهبين المتخاصمين.ر. فمن اآلخ لقد اعتادت المؤسسات الدينية إظهار التناقضات العقائدية الحادة الستفزاز

نا حيااته وأالمألوف تضليل المقابل وجواز غيبته وعدم االعتراف بإيمانه وإبطال عباد

باع ة أتتكفيره، ويصل ببعض كبار العلماء إلى أن يصف في أحد كتبه الفقهية االستداللييجوز ه الالطرف اآلخر بأنهم أشر من النصارى واليهود وأنجس من الكالب والخنازير، وأن

ئهم.علماوالترحم على موتاهم.. الخ. ومثل هذا الوصف نجده لدى عدد من رجاالت الطرفين

ئق الحقاوولألسف فإن نسبة كبيرة من الطرفين تساهم في هذه النغمة، بدعوى الديانة، وما الى الواضحة، وانجالء الحق وتمايزه عن الباطل، والفرقة الناجية وسط فرق الضالل،

آلثار ذه اذلك من مبررات قد اشبعتها الكتب المتنافسة. لذلك كان من الصعب القضاء على ه

ا.تباعمرة والتي مازالت تخيم على عقول الكثير من الناس، علماءا وأالتاريخية المدن يحذر مونائه فمن الحقائق المفارقة والمصادمة أنه بالرغم من أن اإلسالم جاء ليوحد أب

قويضه!ه وتحلول الفرقة فيهم، كما حلت بأهل الكتاب من قبل، فإذا بهم يعملون على تفريق

ويلة، قود طلمذاهب فهي لم تجن شيئا رغم ما مر عليها من عأما دعوات التقريب بين ا الى أبعد الحدود.. و توقع ال أوان اإلعتراف بشرعية الطرف المقابل ظل محصورا وضيقا

فزة لمستاأنها ستتغلب على المشاكل التي تواجهها، لمسألة بسيطة تتعلق ببعض التناقضات

لدينية.يدة اأمور تعتبر لدى الطرفين من صميم العقوالتي يصعب حلها ما لم يتم التنازل عن ن هذا اكبيفالدعوة إلى الوفاق تتطلب التضحية بأغلى األثمان. وقد كنت في الماضي من الر

المركب.. لكن أين التمني من الرياح العاتية؟!

موضوعفالمشكلة ليست ثنائية، بل ثالثية يدخل فيها بعمق طرف ثالث هو ما يجعل المظلم.. لنفق الية ا. وبالتالي ال بد من صياغتها بدقة لرؤية ما إذا كان هناك ضوء في نهامعقدا.

أو أن األفق مسدود..

بل ال بد من معالجة أخرى مختلفة قد تفتح لألجيال القادمة سعة في الحياة والتواصل بعد هو ال ماضي ال ما أصابنا الضيق والتخلف وسوء الحال. وال أقل من ان ما يشغلنا دوما

المستقبل، والموتى ال األحياء.. وكما يعبر الشهيد محمد باقر الصدر في )المحنة( عن نزعتنا

نعيش مع »االستصحابية التي تجعلنا نثبت على األشياء من دون تغيير، والتي تجعلنا دائما

حيى محمد ي مشكلة الحديث

232

نتعامل أمة قد مضى وقتها، مع أمة قد ماتت وانتهت بظروفها ومالبساتها.. واألمة الحية ال

«.معها

ا ممي بكل إلسالأقول: ال الشيعة وال السنة تمثل اإلسالم ذاته، فهما ينتميان الى الفكر ان يحمله هذا الفكر من مضامين اجتهادية وصور ذهنية بشرية ال تطابق بالضرورة عي

ى الفكرن الاإلسالم، وان باإلمكان نهج طريق ثالث غير هذين المذهبين، طالما كانا منتميي

ما مضى م ماإلسالمي ال اإلسالم ذاته، فالفكر واسع وقد يأتي ما هو الحق أقرب إلى اإلسالشيء، ا المن مذاهب. فالفرق بين المذهب واإلسالم كالفرق بين تصورنا لشيء ما وحقيقة هذ

افية كدلة أفكل منهما يمثل نفسه وليس عين اآلخر، وان التطابق المدعى بينهما يحتاج الى

لما لكلي ـ مثبالمعنى الهرمنوطيق –سهل تحصيلها. ويبقى ان للكل رؤيته التأويلية ليس من الراف العتامنا هذه الرؤية للعالم، وهي ال تطابق العالم بالضرورة. وكل ذلك يدعونا إلى

بالتواضع المعرفي دون التعصب والزعم بإمتالك الحقيقة المطلقة.

عليها تقوم ع ال يهمهم التفكير في األسس التيلألسف فأغلب الباحثين والعلماء واألتبايث . فالحدألسسااإلعتقادات المذهبية أو ما يطلق عليها اإلعتقادات الدينية، ومدى متانة هذه

ز يتجاونه العن الدين ملتبس بالحديث عن المذهب، فيوهم بأنه يحمل القداسة المطلقة، رغم أ

لضد من اعلى لمذهب، وقد سوقها األخير لنفسه والرأي. لقد تحولت قداسة الدين إلى قداسة ا اآلخر، لهذا ظهر التكفير والتضليل وساد وما زال..

لنزاع، راف افلو التفت الباحثون إلى أسس البحث الديني لكانت النتيجة غير ما يصوره أط

ما بعدع يوولكان الحديث عن المقدس والحق المطلق يضيق إلى أبعد الحدود. في حين أنه يتسلمطلقة قة اآخر لدى األطراف المتنازعة التي يدعي كل منها أنه يحمل جوهر القداسة والحقي

دون ما سواه.

سعين توبنظرة فاحصة للمذهبين السني والشيعي سيجد الباحث أنهما يحمالن أكثر من تنها ليسقل أبالمائة من األفكار مردها الظنون واألوهام واالحتماالت الكثيرة، أو على األ

لك، يف ذكمعلومة من الدين. ولألسف فإن أغلب الناس ال يعرفون هذه الحقيقة وال يدركون

ومعرفيا. وأحيانا لك يعرف ذ ن مناباعتبارهم لم يطلعوا على كيفية نشأة المذاهب تاريخيا، تستريخشى التصريح به، لكن الحقيقة تكشف عن نفسها مهما طالت محاوالت التغطية وال

عصبنا.ا وتنجل اليوم فستظهر لألجيال غدا، وسنكون محل إشكال واتهام على جهلنفاذا لم ت

ل الدينه يمثلقد حدث كال المذهبين بعد فترة طويلة من اإلسالم، فكيف يدعي كل منهما أن الخالص بحق؟! مع أنهما نتاج تاريخي..

ين رف الدتحضرني المحاورة التي جاءت في كتاب )المراجعات( للسيد عبد الحسين ش

ي طبيعمع شيخ األزهر سليم البشري، وكيف ان كال المحاورين أراد ان يثبت امتداده ال على الجماعة اإلسالمية.. لآلخر الذي اعتبره حادثا وطارئا ومثل ذلك ما لالسالم، خالفا

صادف لبعض السنة والشيعة أن حكوا قصة مماثلة لتطيح باآلخر، وهي قصة )النعل

)ص(، لنبياقدموا للمقابل تهمة تلوح مؤسس المذهب بأنه سرق نعال في عهد المسروق(، إذومن ثم ال عهد،ليثبتوا أنه اذا لم يكن زعيم المذهب سارقا فمذهبه حادث أو متأخر عن ذلك ال

دون استثناء، فزعماء االيدي يا ولوجقيمة له. مع ان الفكرة تصدق على المذاهب جميعا

فيما لدين(يصادف أحد منهم ان سرق نعال في عهد النبي، لكنه سرق )االمذهبية جميعهم لم بعد..

قع تإلسالم أمة ابلقد حذر القرآن الكريم من الفرقة كتلك التي أصابت األمم السالفة، واذا

ا ية خالفلناجبمثل ما وقعت به أخواتها من األمم القديمة، فكل مذهب يرى نفسه أنه الفرقة ا وأنه حلقة الوصل باإلسالم..لسائر الفرق،

حيى محمد ي مشكلة الحديث

233

هى عن قد ن ال أدري ما هي العالقة التي تربط المذهبية باالسالم، ال سيما وان األخير

مذهب لدينالفرقة أو التمذهب. فالمذهب مذهب والدين دين. والدين هلل والمذهب للبشر، فا

هو س. فدون عكإلهي، والمذهب دين بشري، فهما يفترقان، إذ يسعى المذهب لفهم الدين من عترفيجتهد، سواء في العقائد واألصول، أو في الفقه والفروع، رغم ان المذاهب ال ت

ة قانيبطابعها االجتهادي على مستوى العقائد واألصول لتبرر لنفسها قطعية المسار وح

كما آخر،بالمسلك. فالمذهب يخطئ ويصيب، وبالتالي كان من الممكن نقده وتقويضه وإبداله ه ا بمصدرترفنننقض سائر أفكار البشر، في حين ال يجري هذا الحال مع الدين اذا ما اعننقد و

االلهي.

أنها دعى بيمن الناحية المعرفية االبستيمية ان كال الطرفين يمتلك منظومة واسعة لما ذه حقائق دينية، وهي في غالبها مقتبسة من الحديث المعنعن. وان من يراجع أصول ه

واء، ى الستكونت سوف يجد أنها تفتقر إلى القيمة العلمية لدى الطرفين علاألحاديث وكيف

كافي و الكالذي سبق عرضه. فكما عرفنا أن الشيعة يرون بأن أهم كتاب لديهم في الحديث ه . فهو الباشرللكليني، وهو كتاب ضعيف االعتبار لكونه لم يلتزم الدقة من النقل الصريح الم

أو غير اشرا على الروايات، فهل رواها بالسماع؟ وهل كان السماع مبيشير إلى كيفية تعويله

أن دون مباشر؟ أو أنه نقلها من الكتب الموجودة في عصره عبر ما يطلق عليه )الوجادة( ي رواهاالت يبين ذلك؟ ففي الغالب انه اعتمد في نقله على الوجادة، كما تدل بعض الروايات

بهذا الشأن.

يح ده صحيرون بأن أهم كتبهم في الحديث هو صحيح البخاري ومن بع أما أهل السنة فهم أخبرني ي أومسلم، وكالهما إلتزم السماع المباشر الصريح بداية السند، كالقول بكلمة حدثن

ن ها مزيد أو عمر... الخ. لكن كتب الصحاح في المقابل وبغض النظر عن سائر ما تعتري

بار بار فيما لو قارناها بفعل ما كان عليه كمشاكل قوية تسقط هي األخرى من االعتل بهم د طاقالصحابة، كالذي يشهد عليه أهل السنة أنفسهم. فلو تخيلنا بأن كبار الصحابة

دع العمر إلى عصر الصحاح، لما رضوا عن فعل أصحاب الحديث، والعتبروا ذلك من الب

الا أحلعنعنة، وقد كانوالتي ال يمكن السكوت عنها، ال سيما بعد طول الزمان وكثرة ا يانان يتقبلون الرواية بشاهد واحد رغم اتصال عصرهم بعصر النبي )ص(، فكيف الحال وا

ن العصور قد تعددت وتغيرت، وان العنعنة زادت وكثرت، وان الحديث قد جرى عليه م

التغيير الكثير، كما يشهد على ذلك أهل السنة أنفسهم.ن إما ألسنة واقعون بحرج بين أمرين، أحالهما مر، فعلى ذلك فالمنصف يجد أن أهل ا

جرأتهم تستدعيهم ضرب ما فعله كبار الصحابة عرض الحائط، كالذي يقوله الشيعة

ن البدعنه مويتهمون به هؤالء الكبار، أو أنهم ال يتقبلون ما فعله أصحاب الصحاح ويعتبرو وسيرة النبي األكرم. التي ال يرضى بها الصحابة الذين هم أدرى بمقاصد الدين

ح هذا هو الحرج المنطقي، ومع ان السنة لجأوا إلى قبول ما فعله أصحاب الصحا

ذه خالل ه منوغيرهم من المكثرين في الحديث، ظنا منهم أنه ال يمكن فهم الدين وادراكه إالة األحاديث، وإال اندرس الدين وانتهى، للتصور الذي يرى ضرورة اتصاف الدين بسع

ه بفضي ايا وتفصيلها لمختلف مجاالت الحياة، وان التضييق يحصر الدين في زاوية تالقض

ل لسؤااإلى الموت واالندراس.. فمع ان السنة لجأت إلى هذا الخيار، لكنها ظلت تواجه ة لتهملالحرج، وهو لماذا كان الصحابة حريصين على تضييق قبول الرواية؟ فهل كان ذلك

اية؟ ير الروتكث أم ألنهم كانوا يخشون ان يتبدل الدين إلى آخر بفعل التي يتهمهم بها الشيعة؟

وبالتالي لماذا كان الصحابة مضيقين، في حين كان األتباع موسعين؟

حيى محمد ي مشكلة الحديث

234

عليه، ولو ان الناس الواعين ا شافيا ذه ا إلى هلتفتوهذا سؤال محرج ال نجد للسنة جوابا

موقف ن الباألحاديث الواصلة الينا؛ لكا الناحية مع غيرها من النواحي التي تضعف العمل

إزاء ما يقوله السنة والشيعة موقفا يشوبه الكثير من الشك والحذر.لحديث وله اوعموما نجد ان الحديث الشيعي ساقط بحسب اعتبار الدقة ولو بالحد الذي حا

الصحيح السني، وان األخير ساقط بحسب اعتبار مسلك كبار الصحابة دون معارضة.

أحدهما ن، فالتالي فمن الناحية االبستيمية ال يمكن الركون إلى ما يدعيه كل من الطرفيوب)ع( لبيتاانقلب فيما انحرف اآلخر، وان من الالزم الرجوع إلى األصل كما كان عليه أهل

ابها.بشع وكبار الصحابة، ال سيما أنه لم يردنا خالف بينهم حول ما سبق، وأهل مكة أدرى

لمذاهب من ا ن أمام فهم جديد ال يعود إلى أحد من هذين المذهبين أو غيرهماعلى ذلك فنحت إحتماال ، أوالناشئة. فالفهم الجديد يبتعد عما اعتاد عليه كال المذهبين من ظنون متهافتة

الا أنهم ، كميظن بأنها تنم عن العلم، فهم يعتمدون في األساس على النقل البعيد المعنعن

لنص عن د ابار إحتماالت تغير المعنى، سواء بالنقل المعنعن، أو عند تجر يضعون في االعت )جدلية ه فيالواقع، ال سيما وهم ال يولون األخير أهمية في الفهم الديني كالذي كشفنا عن

ام أوه الخطاب والواقع(. وبالتالي ستكون المحصلة لدى الطرفين ان ما يسمى بالدين هو

يقولونه وينقلونه ويعدونه من الدين.بأوهام، فال دليل على ما المية. اإلس وهذا ما يجعلنا نعتمد على طريقة أخرى مباينة هي جوهر ما جاءت به الديانة

. تفاصيل دون فاآليات على كثرتها تجدها في األعم األغلب تتناول مسائل هامة وقليلة للغاية

وح بوض ار اليه في القرآنولو كان من الدين ما ينقله المذهبان لكان من األولى أن يش هي..كوضوح ما أتى ألجله، بدل هذا اإلختالف والتنازع والصراع المخزي الذي ال ينت

شيعة.. ة والوكلمة أخيرة نقولها: إذا كان اإلسالم يحصر في إت باع وتقليد رؤساء السن

نهم م إتفهل كان علي والحسن والحسين وأبو بكر وعمر: من أهل السنة أم الشيعة؟ فان قل

هدفكم ظل المؤسسون للفريقين.. قلنا فلماذا انقلبتم عليهم أو انحرفتم عنهم؟! بل لماذا

ا االقتتال، مع أنكم تعد ون أنفسكم من أخلص أتباع وهو الدين، هذا التفرقة والتنابذ، وأحيانا

؛ وئاميدعو بما ال مزيد عليه من الصراحة والوضوح إلى المحبة واألخوة والتعاون وال

كمقصد هو من أسمى المقاصد والغايات؟!

حيى محمد ي مشكلة الحديث

235

حيى محمد ي مشكلة الحديث

236

ملحق

حوار مشروع التقريب بين المذاهب مع يحيى محمد

(25\10\2010)

وع في حوار مع موقع تواصل أون الين اعتبر المفكر اإلسالمي يحيى محمد أن مشر

لى ة، وإنما عالتقريب بين المذاهب هو مشروع قاصر وال ينبني على أسس معرفية راسخ

ية ا الفكرعاتنظواهر سطحية ال تخدم المذهبين، معتقدا أن المشكلة األساس فيما يتعلق بنزوأنه والمذهبية هي مشكلة الفهم، وأن المشكالت األخرى تعتبر هامشية لهذه المشكلة،

يطرح الفكر الديني بمنهجية ، ديدةجبمشروعه الممتد منذ ما يقرب من الثالثين عاما قاطعا

ر ب واألطمذاهالدوائر المعرفية التاريخية التقليدية، ومتجاوزا بصيغته العلمية كل ال معيم أسس وق بناءلاإلسالمية، معتمدا على ما يسميه بعلم الطريقة الذي يصرح بأنه منهج جديد

إسالمية جديدة.

راءة ادة قلفكرة إعفي هذا الحوار يشرح لنا يحيى محمد مشروعه الفكري كامال مرسخا

في حديثه إلى "مشكل هما: تين"النص الديني على أساس الواقع الجديد المتغير، ومتطرقا

مشكلة الحديث النبوي كمصدر أساسي من مصادر العقيدة الدينية، ومشكلة الغلو.

نص الحوار:

المشكلة األساس: مشكلة الفهم

ا هي ممنذ أكثر من عشرين عاماا، س: في مشروعكم الفكري الذي ال ما زال مستمراا

أبرز اإلشكاالت التي حددتها لواقعنا العربي واإلسالمي؟

ي تلك سالمالمشكلة األساس والتي أعتقد أنها مشكلة المشاكل في عالمنا العربي واإل ج: اب.التي أعبر عنها بمشكلة الفهم: فهم اإلسالم، فهم الدين، فهم النص، فهم الخط

مي؟إلسالالتركيز على أن مشكلة الفهم هي المشكلة الوحيدة في عالمنا س: لماذا هذا ا

تعتبر هذه المشكلة قديمة حديثة، ولها مفرزات ونتائج كثيرة تظهر في اوساط ج:

مجتمعاتنا، والعديد من هذه النتائج سلبية، كمظاهر االنغالق الطائفي والتعصب والتطرف

ات جذور تتعلق بالفهم الديني، وهي أمور خارجة عن والتكفير والقتل المجاني. فلهذه المفرزالسيطرة لحد اآلن وتعود إلى الواقع المفروض. فرغم ان الكثير منا يراها بعيدة عن مقاصد

اإلسالم وروحه باعتبارها مظاهر سلبية ومضرة للغاية، أو على االقل أنها متخلفة وغير

ر من الجماعات المسلمة التي تفهم مرتبطة بفهم الكثي -مع ذلك –حضارية، لكنها تظل اإلسالم بهذه الصورة أو تلك. وهي مشكلة ليست جديدة علينا، بل لها من القدم ما يفوق

غيرها من المشاكل. وعندما اشخصها كمشكل رئيسي ال ألغي في الوقت ذاته سائر المشاكل

رغم ان هذه االخيرة المعروفة التي تعاني منها مجتمعاتنا، وعلى رأسها المشكلة السياسية،مرتبطة هي األخرى بجذور الفهم المذكور. وعلى العموم فهناك مشاكل مختلفة كثيرة، لكن

ما يميز مشكلة الفهم هو انها ظلت ثابتة دون ان يجري عليها شيء من التغيير الجذري، وال

تلك المتعلقة زالت هذه المشكلة تدفع بالمزيد من المظاهر المربكة والخطيرة يوما بعد آخر كبالعنف وقتل االبرياء. واإلختالف بيننا وبين الغرب مثال، هو ان اشكالية الفهم تحولت عنده

حيى محمد ي مشكلة الحديث

237

إلى االشكالية العلمية، اذ تحول الموضوع الذي مورس عليه التفكير من الكتاب المقدس

، ال بمعنى وفهمه إلى الطبيعة وعلمها. اما في عالمنا اإلسالمي فقد بقي الحال ذاته دون تغيير

أنه ينبغي تبديل الموضوع ذاته كما حصل في الغرب، بل بمعنى ان الفهم ذاته لم يجر عليه شيء من التغيير االساس.

من هنا واضرا، هو المشكل األساس الذي تميز بالثبات قديما وح‹‹ الفهم››وبالتالي نعتبر

حث ن البميحتاج إلى المزيد كان ال بد من ان يسلط عليه ضوء من التفكير كشيء في ذاته والدرس قبل الدخول في حيثيات اخرى متفرعة عنه.

خر. ففيقبل الحوار مع اآل‹‹ الفهم››وأرى ان من الواجب تكثيف الحوار الذاتي حول

يف يمكنكن، اذ ذاته قبل حوارنا مع اآلخري‹‹ الفهم››البدء علينا أن نتحاور فيما بيننا حول إلى ا ننتميكن ن في حين ان مشكلتنا الذاتية مازالت لم تحل بعد؟ فاذاحل مشكلتنا مع اآلخري

ننتمي ذا كنا. واالدائرة اإلسالمية علينا ان نكثف الحوار الداخلي قبل حوارنا مع الغرب مثال

رى. ية األخسالمإلى مذهب معين فعلينا ايضا تكثيف حوارنا المذهبي قبل مالقاتنا للمذاهب اإلم ه اإلسالي أنمحاور خارج دائرة اإلسالم فسيجد عندنا اسالمات كثيرة جميعها يدعفاذا كان ال

ا ه ونفسننفس الحق دون غيره. واذا كان المحاور داخليا كمذهب من المذاهب اإلسالمية فسيجد

لقاسم ي فاعبارة عن دوائر مذهبية داخلية، كل منها يدعي أنه يمثل المذهب الحق. وبالتاللية شكاه الحوارات انما هو الحوار المتعلق بالفهم ذاته كفهم، فهو االالمشترك بين هذ

لضوء اليط المشتركة لمختلف الحوارات، سواء كانت خارجية أو داخلية، ومن ثم ال بد من تس

عليه.

تجاوز االعتبارات المذهبية

ص فهم الن –س: اليوم أنت تطرح موضوع الفهم وتعتبر أن هناك مشكلة في الفهم

ة كلهامشروع يحيى محمد يدور حول النص، معظم المشاريع الفكري ة والفلسفي –يني الد

تدور حول النص، ما الجديد الذي جاء به يحيى محمد في مشروعه حول فهم النص؟

أهم ما يتميز به المشروع الذي اشتغل عليه هو أنه مشروع متعلق بالفهم كفهم دون ج:بحث المنهجي. فمن جهة أنه ألول مرة توضع مسألة اعتبارات اخرى، وانه قائم على ال

تحت طائلة البحث والتفكير كموضوع في ذاته، ومن جهة ثانية ان تناول هذا ‹‹ الفهم››

للمعايير المنهجية، فالبحث الجاري فيه هو بحث منهجي يتجاوز الموضوع قد تم طبقامعها في مناهج محددة، كما أنه االعتبارات المذهبية، ذلك أنه من جهة يوحد بين المذاهب ليج

يفكك المذهب الواحد إلى مناهج متعددة متضاربة، بمعنى ان هذا البحث يفضي إلى التعالي

عن المذاهب بجمعها تحت طائلة المنهج، كما ويكشف عن الحرب المستعرة بين المناهج دة حضور في داخل المذهب الواحد، فللمذاهب حضور في المنهج الواحد، كما للمناهج المتعد

المذهب الواحد |أيضا. بل حتى على صعيد المضمون الفكري، ال تجد افكارا هنا اال وتجد

مثلها هناك، سواء اعتبرنا هذه األفكار صحيحة أو خاطئة، فما موجود في هذا المذهب له نظيره في المذهب اآلخر، والعكس بالعكس، واقصد بذلك دائرتي السنة والشيعة، كل ما في

مر قد تجد الغلبة المعرفية للفكرة في هذا المذهب، في حين تجد الندرة لهذه الفكرة لدى األ

في فترة زمنية قد يصير شاذا أو المذهب اآلخر. وقد ينعكس األمر تاريخيا، فما يعد غالباقليال في فترة اخرى، وقد يتناوب الحال بين المذاهب. وبالتالي فهناك تعددية تداخلية تتيح

بحث المنهجي ان يؤدي دوره للعمل دون الوقوع في براثن المذهبية واالسقاطات لل

االيديولوجية. ففي البحث المنهجي تتبين حاالت الصراع والتصالح المعرفي التي تختلف جدا ألنه سيجعلنا جذرا عن تلك التي تجري بين المذاهب. وهذا ما يجعل المشروع مهما

حيى محمد ي مشكلة الحديث

238

النغالق الطائفي، والتي أدى بها األمر إلى جعل المذهب أساس نتجاوز التفكير المذهبي وا

واصبح االتجاه سائرا سقطنا بالفكر اآليديولوجي وضياع الحقيقة.العلم ال العكس، ومن ثم

العشائري(! )القبلي أو نحو االتجاه ى زمنصحيح ان حل هذه االشكالية من الناحية العملية أو من حيث الواقع يحتاج إل

أزق الم ، لكن من الناحية النظرية ان من الممكن حل اشكالية الفهم دون التورط فيطويل

ا لنا رسمهتالمذهبي، فمن خالل التفكير المنهجي يمكننا ابداء تصورات تختلف عن تلك التي ة، اال ذهبيالمذاهب وتقيدنا بها. فرغم ان من ضمن ما يشتغل عليه المشروع هو األفكار الم

و لتي ندعيجة اونتائجه ال عالقة لها بهذا الحد من االنغالق. وبالتالي فالنتان صيغة البحث

لعلم جديد اطلقنا علم )ليه عاليها تتجاوز الصيغ المذهبية لتدخلنا في عصر مختلف طبقارس لدى يما الطريقة(. فهذا العلم يدخل فيما نسميه بالبحث الطريقي للفهم، وهو يختلف عما

عليه )البحث االستنباطي للفهم(.العلماء والذي نطلق

قصور مشروع الوحدة اإلسالمية

هل قديركس: لنتكلم بواقعي ة هنا، اليوم النزاع المذهبي هو مشكلة من المشكالت، بت

لتقريب ادات طريقة اإلسالمي ين الوحدوي ين الذين حاولوا معالجة هذا االشكال من خالل مفر

يف زة للوصول إلى حل لهذه المشكلة؟ وأنتم كالتي انطرحت، هي صائبة ؟ وهل هي عاج

تعاطيتم مع هذا الموضوع؟ ونحن نتكلم بموضوع الوحدة ألنه موضوع جوهري وأساسي

ومهم.

ل منذ أو د كنتيعد التفكير في سبيل الوحدة أو التقريب بين المذاهب عمال جليال، وق ج:

اك آنذ بارزة التي استهوتنيشبابي وبداية تديني تواق لهذا المشروع، ومن الشخصيات ال

ن ألي شخصية جمال الدين االفغاني، لكني مع خبرة السنين وطول البحث والتفكير تبين في المشروع، فاعتقد أنه مهما فعل أهل الوحدة والتقريب ف نجحوا، لن يهناك قصورا ذاتيا

لالخر، فيند الطرفليس من الممكن حل المشكلة القائمة بين السنة والشيعة من دون تنازل أح

لقة ة المتعركزيأو يعترف بالخطأ، أو على االقل يحتمل ذلك صدقا. وهنا نعود إلى المشكلة المخطأ تمال الباح بالفهم. اذ يرجع العجز الذاتي لدى األطراف الداعية للتقريب إلى عدم اإلقرار

لمقرر يث احالكالم، الوارد في فهم اإلسالم والعقيدة قبال اآلخر. وكل ذلك من تبعيات علم

يوجد فال وجوب القطع في أصول اإلعتقاد، وإال افضى األمر إلى الكفر والضالل. وبالتالي ي كلفحس نقدي على صعيد الذات ليتقرب أحد الطرفين لالخر، فكل طرف يرى نفسه محقا

ما يطرحه من مفردات ورثها عن غيره من االسالف، وهذا في حد ذاته ال يدع مجاال

غم ان رلي، تقريب، ولو طرحت المسألة بعنوان المعايشة مع اآلخر لكانت أقرب للحل العمللات ن مؤتمري فاواقعنا الحالي ال يحتمل احيانا صور المعايشة واالنفتاح على اآلخر. وبالتال

–بة التقريبيين ومشاريعهم ما زالت بعيدة جدا عن الواقع الفعلي، وهي بعيدة وغري - احيانا

الت ى لدى التقريبيين أنفسهم. لذا فما يبقى ال يخرج في الغالب عن حدود المجامحتلى عوالتعاطف، دون حل جذري الصل المشكل. فمثال كيف يمكنك التقارب مع طرف يعمل

لعالقة امن تضليل وتكفير من تعدهم من الشخصيات المقدسة؟ فالتقريب القائم على هذا النحو

هو تقريب مستحيل.

تراف باآلخر طريق الوحدةاالع

س: ما هو العنوان األساس في موضوع الوحدة اإلسالمي ة؟

حيى محمد ي مشكلة الحديث

239

شتركةال شك ان سعي أهل التقريب والوحدة منصب على محاولة ايجاد العناصر الم ج:

ة شتركبين الطرفين، فهذا ما يتمركزون حوله من بحث، ومن ذلك البحث حول العقائد الم

ناك ظل هتكة، وكذلك الروايات المشتركة بين الطرفين، لكن واصول الفقه واالحكام المشترنازل لو توعناصر مستعصية تمثل أساس االفتراق واالبتعاد، وليس فيها ما يدعو لالشتراك،

لذكر ص باأحد الطرفين لالخر بما يعتقده حولها لكان يعني السقوط ضمن دائرة اآلخر. واخ

اللتحاميه اوالتي اعدها المفصل الذي يتشكل عل موضوع كبار الصحابة أو الخلفاء الراشدين،ة. اما لشيعأو الخصام، فهي النقطة المركزية التي يدور حولها جوهر المشاكل بين السنة وا

قابلة و كونهاأها، سائر المشاكل فإما أنها تعتمد على هذه المشكلة، أو أنها ثانوية، أو مبالغ ب

شرعية، الفةخوله السنة بأن الخالفة الراشدة كانت للحل. فلو أن الشيعة استجابت إلى ما تقلنص. ة والكان يعني ذلك بطالن المذهب الشيعي القائم على فكرة اإلمامة االلهية والوصي

قرب أرها لذلك فالشيعة ليست مستعدة للتخلي عن فكرة المؤامرة واغتصاب الخالفة، باعتبا

ا مبت إلى ستجادعمها. كذلك فلو ان السنة ااالقوال التي تنسجم مع نظريتها ورواياتها التي تلشيعة، لى اإتقوله الشيعة حول نظريتها بشأن اإلمامة والوصية والنص، لتحولت هذه الطائفة

غايرا مكا وإلعترفت بأن الخالفة الراشدة لم تكن صحيحة، وان الخلفاء الراشدين سلكوا مس

بايعهم برضى وطواعية. لما اراده هللا ورسوله، وكل ذلك يعد طعنا بهم ومنوهم لراشدينالفاء هكذا فان التسليم بما يقوله الشيعة حول اإلمامة االلهية يعني طعنا بالخ

ي دين يعنلراشامقدسون بنظر أهل السنة. كما ان التسليم بما يقوله السنة حول شرعية الخلفاء

بفكرة اإلمامة االلهية، ومن ثم ضرب آالف الروايات الشيعي ال بذلك لة التي تدعو طعناا هي ممور على شيء يمكن االعتماد عليه. أما إبقاء األ –بعد ذلك –منافس، فال يبقى للشيعة

ا عتقد بميان عليه، بمعنى ان على الشيعي ان يعتقد بما يعتقده حول اإلمامة، وان على السني

حدهما اعتقاد ، إلين الطرفينيعتقده حول الخالفة الراشدة، فذلك يعني إبقاء حالة التوتر قائمة ب ب أوبضالل أو كفر زعماء اآلخر المقدسين. فهل يمكن لهذا الحال ان يسفر عن التقري

أبي أو كفرتطييب الخواطر بين الطرفين؟ فمثال هل يمكن لي ان اجالس انسانا اعرف بانه ي

لنظربغض ايضلله أو يلعنه؟ فكيف الحال عندما يكون الشخص المعني من المقدسين لدي؟ عن حقيقة امر هذا الشخص واقعا.

كون ال ي طبعا لست اقصد بذلك ذات االشخاص الذين يجلسون على طاولة التقريب، اذ قد

من خاص،بينهم من يعتقد أو يمارس ذلك الفعل، إنما اقصد الطرف الذي يمثله هؤالء االشانت كلية للناس، وإن حيث نتائج اإلعتقاد الالزمة حتى بغض النظر عن الممارسة الفع

.حاضرا كإنعكاس لإلعتقاد، كالذي نالحظه في الواقع قديما و -عادة -الممارسة تأتي

و أشدين الخلفاء الراتمثل في ويمكن أن أصور الخالف بين الطرفين بوجود طرف ثالث يل س، بكبار الصحابة. اذ يرى أحد الطرفين أنه ال مشكلة لديه مع الطرف اآلخر المناف

له لحم مشكلته مع الطرف الثالث، في حين يرى الطرف الثاني ان مشكلته مع الطرف االول

ختلف، ملين الموقف السلبي اتجاه الطرف الثالث. وبالتالي فموضع المشكل بين الطرفين األولته ان مشك الماحيث ما يراه احدهما بأن له مشكلة مع اآلخر، ال يقابله اآلخر بذات المنظار ط

االساس مع الطرف الثالث.محددة ب

وبعبارة اخرى ان الشيعة ال ترى لها مشكلة عند السنة، وهو امر يفسر لماذا يهتم الشيعة اكثر من السنة بالتقريب بين المذاهب. في حين يرى اغلب السنة أن من العسير التعامل مع

اتذكر فإن رشيد الشيعة، إلى درجة انهم ال يثقون احيانا بدعواتهم نحو التقريب. وعلى ما

رضا يعترف في تفسير )المنار( بأن اليران الفضل في الدعوات الخالصة للبدء بالتقريب بين المذاهب رغم اتهامها في الوقت ذاته انها سبب هذا االنشقاق والفتنة بين المسلمين، انتقاما من

حيى محمد ي مشكلة الحديث

240

لذي يفسر شدة العرب الذين قضوا على امبراطوريتهم ايام الخليفة عمر بن الخطاب، وهو ا

الكراهة لهذه الشخصية الكبيرة.

رن وقد لمست ما يقوله رشيد رضا عند اقامتي في ايران خالل الثمانينات من القما ، ربالماضي، فوجدت الحس االيراني العلمائي اكثر انفتاحا من الحس العربي الشيعي

باستثناء لبنان مؤخرا.

ة الوحد للمسلمين ال تأتي من خالل مشروعوما أود قوله هو ان حل المشكلة المذهبية يل لكنهه جموالتقريب، باعتباره عاجزا عن ان يفعل شيئا، فالحلم الذي يحمله هذا االتجا

يحمل العجز معه ايضا.

ة التي القبلي نوازعوعموما ان للمشكلة جذورها المتعلقة بالفهم، فأساليب الفهم المختلفة وال بعد يوم يزداد االفتراق تقف خلفه هي ما جعلت الم كثيرة، ويوما أكثر، فكثر اسلمين فرقا

، وهو ختلفموبالتالي ال يأتي الحل عبر مشاريع التقريب والوحدة، انما ياتي عبر باب اخر

ضوعا اته موكما في ذ‹‹ الفهم››ما عالجته في مشروع )المنهج في فهم اإلسالم( طبقا لجعل على اوز الطروحات المذهبية. صحيح اننا اليوم نتحدثللبحث المنهجي، مما جعلني اتج

قت والصعيد النظري، ومشروعنا هو مشروع نظري ال يمكن العمل به ونشره وتطبيقه في

قريب، لكن عسى ان يأتي اليوم الذي تجنى من هذا المشروع ثماره وتطبيقاته. فط لهذا بقاة، تعددشيعي من مناهج مشتركة ومالمشروع يمكننا دراسة ما يتضمنه المذهبان السني وال

لك أنه ذعنى فالمناهج الواردة لدى السنة هي ذاتها لدى الشيعة، واذا كان بعضها صحيحا فم

بالها في قمتقاسم عليه لدى الطرفين، فما موجود هنا موجود هناك، وما من حسنة هنا اال ونا صحيحة، فتراثحسنة هناك، وكذا العكس بالعكس. وقد تكون جميع هذه المناهج غير

ن ابار المعرفي غير معصوم من الخطأ، وخطأ التراث ال يعني خطأ الفكر اإلسالمي، باعت

ذه ك خطأ هندر االخير اعم منه وانه قابل للجود عبر الزمان بال نهاية. وهذا يعني أنه عندما أو قصورها، فالواجب الملقى علينا هو البحث عن منهج جديد منا في سب يالمناهج جميعا

ديدا نهجا جقدم مأن ن -اذا -بالغرض من حل اشكالية الفهم الديني، وهو ما نسعى إليه. فعلينا

وليس مذهبا في قبال المذاهب المتعارف عليها. لذا اجد في كثير من االحيان ان كالمي مقبول لدى الكثير ممن ينتمي إلى السنة والشيعة.

يها، كما في عدد من الجامعات للدراسات العليا فمن خالل المحاضرات والدروس التي الق

اإلسالمية وبعض الحوزات وغيرها، أجد ان باالستطاعة توصيل الفكر المنهجي الجديد حتى للبعض المحسوبين على التيار السلفي، فهنا لست بحاجة للعمل بما يطلق عليه التقريب

غم أنه يتعرض الفكار والوحدة، كما ان طرحي ال يمت إلى الجانب المذهبي بصلة، ر

المذاهب كشواهد متماثلة لدى السنة والشيعة. وكثيرا ما اقول بأن كل حسنة أو سيئة تجدها هنا؛ يوجد مثلها هناك، وان في الطرفين رجاال يجتهدون من دون عصمة، فال يوجد فكر

على معصوم أو حق مطلق في قبال خطأ وباطل مطلقين، وبالتالي ما الضرورة التي تجبرنا

التمسك بهذا أو بذاك؟ بالحقيقة ال أرى من ضرورة سوى االعتبارات االجتماعية والبيئية التي تربينا عليها، فكل شخص ولد في بيئة شيعية كان شيعيا، أو ولد في بيئة سنية كان سنيا.

نها، فسينقلب لكن لو كنا قد تربينا على دراسة المناهج بخلط المذاهب وجعلها متداخلة فيما بي

الحال، ويتولد رجال يعدون أنفسهم من اتباع المنهج الفالني دون ان يبالوا بالفارق المتعلق بكونهم شيعة أو سنة، أو ان هذا الفارق سيتضاءل وينمحي بمرور السنين، طالما كان

التركيز على الشكل المنهجي ال المذهبي، وان االساس هو العلم ال المذهب. ويكون الشعار

المتبع هو العمل بمبدأ مراجعة األفكار والمسلمات باستمرار الجل مزيد من العلم والتحقيق

حيى محمد ي مشكلة الحديث

241

بدل التوقف والتقليد. ففي تصوري ان هذا هو الحل األمثل للمشكل الذي نعانيه قديما

وحاضرا..

األمة بين الحاضر والمستقبل

ومستقبلها؟ س: هل األمة مختلفة على الموضوع التاريخي أو على حاضرها

لى عفي الحقيقة ولألسف ان األمة مختلفة على ماضيها، وهو ما يجعلها تختلف ج: تجد دعوات الستحضار الموتى لخوض حرب مفتعلة بين حاضرها ومستقبلها. فحاليا

االحياء، ويكون ضحيتها االبرياء في الغالب.

الفكر الواحد ـ الدين الواحد!

ا واحداا وإس: كأنك تطرح موضوع االنحصار اك ن هنية الدينية والقول إن هناك دينا

ا واحداا فقط، والباقي هو مجرد خالف علمي كما يختلف الفقيه مع الفقيه . آلخرامذهبا

ن يكون رض أالتعددي ة هي مسألة طبيعي ة وليست مسألة قسري ة وقهري ة، طبيعة األشياء تفت

اوز تتج يعة بشري ة. أنت هنا تحاول أنهناك مذاهب..أنت تقوم بضرب طبيعة إنساني ة وطب

دي ة الطبيعية عبر الحائط لتقول أنا أريد فقط فكرة واحدة، نح م إلى تد اليون نرأو ترمي التعد

الفكرة الواحدة فيما تطرحه.

لمطلقة.ئية الست من دعاة االنحصارية الدينية، كما لست ممن يدعو إلى األفكار النها ج:

يل ر طريقة البحث والنظر لالمور، وارى ان من الممكن تحولكني ممن يذهب إلى تغيينجني لئفي البحث المذهبي إلى البحث المنهجي، فبدل ان نساعد على المزيد من الصراع الطا

ائه ن ورمن ورائه العنف واالحقاد؛ علينا ان نحول ذلك إلى صراع منهجي ابستيمي نجني م

تصف تال ى مدارس ومذاهب متعددة فإنها سوفثمارا علمية، وحتى حينما تتحول األخيرة إل لما هو الحال في هب التيلمذاابالتعصب والدوغمائية واالنغالق لخلوها من القداسة، خالفا

من القداسة ورأت ذاتها ممثلة وناطقة عن الحق أو الدين التالي ، وباضفت على نفسها شيئا

تعدديص الواقع نحن ال ننكر الكان الصراع فيما بينها خطيرا ومضرا. ومن حيث تشخما نجد عند الطبيعي للمذاهب، فالتعدد وارد في كل شيء من حياتنا، لكن ذلك ال يلغي نقدنا

ل بمعنىبية، هذا التعدد ضارا ويحتاج إلى إصالح أو تبديل، ال بمعنى انحيازنا إلى الوحدو

، أو نهجي، كالتعدد المالعمل على تحويل التعدد المذهبي الدوغمائي إلى تعدد اخر مختلفال ا األجيبينالتعدد المذهبي المنفتح الذي يتجه صوب العلم دون تقليد وانغالق. فلو اننا ر

لتحقيق فكير واعلى غير التقليد، وزرعنا في نفوسهم قداسة الت -في المدارس مثال –الناشئة

لرجال ل اى االدلة بدالعلمي بغض النظر عن النتائج، وثبتنا فيهم روح الحياد والنظر إلاع االستم حسن والفئات، وعودناهم على المراجعة الدائمة للنتائج للتأكد منها، ودربناهم على

ى الهوولالخر عندما يكون جادا في قول شيء يراه صحيحا، وحذرناهم من آفات التعصب

تبرنا افة واعثق ذاواالغترار، ودعوناهم إلى النقد الذاتي باستمرار.. فلو اننا ربيناهم على هك بالبحث عن الحقيقة كحقيقة، وهو ك عمل بذل هذا الفعل من اعظم االعمال باعتباره مرتبطا

ن يه مفمقدس ال يدانيه عمل آخر، ألضحينا في عالم من الرقي والحضارة يختلف عما نحن

مهازل واوضاع مزرية.و امر طبيعي، لكن وبطبيعة الحال ال توجد مشكلة عندما يسود الخالف المعرفي، فه

المشكلة حينما يتحول هذا الخالف إلى خالف عقائدي، فقد كثرت العقائد المتحولة عن

االراء، ومنها ما يتعلق بالنواحي التاريخية التي تم تصويرها كعقائد دينية. والحال ان علينا ري، وهو ان نعيد األمور إلى نصابها بتحويل العقائد إلى آراء بدل األمر المعكوس كما يج

حيى محمد ي مشكلة الحديث

242

كارثة، اذ حينما يتحول الرأي إلى عقيدة فان النقاش سيضحى بين المقدسات، وهو نقاش

، والعالقة فيه تكون خطيرة وصعبة للغاية. لهذا فإن العمل بالبحث المنهجي عمل مستعص

مبرر ومهم.

معالم المشروع ـ البداية

ثنا عن أبرز معالم هذا المشروع وبداية انطالقته. س: حد

إلسالمي ، وكنت آنذاك افكر بدراسة مناهج الفكر ا1986بدأ المشروع لدي منذ سنة ج:

ملي مع وضع البديل المناسب، وقد صنفتها إلى أربعة، هي المنهج النقلي والعقل الع

لمنهج ايته )الكالمي( والفلسفي والعرفاني. وكان طموحي ان اضع بديال لهذه المناهج، وسمدى لى احإالغرض أربعة اجزاء صغيرة عن المناهج التراثية وقدمتها الواقعي. وكتبت لهذا

ديل (. وقد دفعني إلى البحث عن وضع الب1988-1986مؤسسات التحقيق في ايران خالل )

دنى أ‹‹ عالواق››ما شاهدته من ان علماء الدين وأساتذة الحوزة في مدينة قم لم يراعوا دمة صمنتصف الثمانينات من القرن المنصرم مراعاة، وقد شكل لي ذلك منذ لحاظه قبل

–ادق سع وواستغرابا دفعاني للخوض في البحث المنهجي، األمر الذي تأكد لي ذلك بشكل او

رحت ندما طفيما بعد، ال سيما وانه تهيئت لي فرصة البحث في التراث ألول مرة ع –علميا حوث المشرف العلمي على بالفكرة على الشيخ واعظ زادة الخراساني، وكان يشغل منصب

مسة احدى مؤسسات التحقيق انذاك، فرحب بها حتى النهاية، وكان المفترض ان اكتب خ

هج لمنااجزاء عن هذه المناهج ومن بينها المنهج الواقعي، لكن األمر توقف عند حدود ا نات منيلتسعااألربعة التراثية. ثم عاودت البحث من جديد في السنوات التالية، خصوصا بعد

طلقتالقرن المنصرم، فتمثلت لدي أربع طرق للتفكير التراثي ضمن نظامين معرفيين، ا

نظامعلى احدهما النظام الوجودي ويشمل الفلسفة والعرفان، كما اطلقت على اآلخر ال)مدخل تابيالمعياري ويشمل المنهج العقلي والبياني، وقد ضمنت هذه الطرق المعرفية في ك

رفي، ، ووضعته كمدخل لنظم التراث المع1994الم( الذي انتهيت منه سنة إلى فهم اإلس

م وكنت في ذلك الوقت افكر بوضع مشروع متكامل بخمسة اجزاء سميته )المنهج في فه طيهااإلسالم(، وصدرته بمدخل متعلق بعلم الطريقة، اذ شعرت بحاجة إلى علم خاص يغ

و علم أ‹‹ ةعلم الطريق››م الجديد الذي سميته منطقيا، لذلك كتبت بعض المداخل لهذا العل

م إلى فه مدخلمناهج الفهم، وهو يبحث في البنى التحتية للفهم دون الفوقية منه. وفي كتاب )تفصيل مت باإلسالم( عملت على حصر المناهج التراثية بغية دراستها ونقدها، ثم بعد ذلك ق

ت شكالياواال ين، هما: )الفلسفة والعرفانهذه المناهج أو النظم المعرفية ضمن كتابين مستقل

الدينية( و)العقل والبيان واالشكاليات الدينية(. وطرحت في قبال هذه النظم ن للفهم جديدا ظاما)فهم وواقع( وقد صدر حوله كتابان هما )جدلية الخطاب وال‹‹. النظام الواقعي››اطلقت عليه

ة، فتم طريقة ما بدأت البحث فيه حول علم الالدين والواقع(. وكنت طيلة سنوات افكر بتوسع

سبق ى مالي ان وضعت كتابا جديدا بهذا المضمار سميته )منطق فهم النص(، فهو يضاف إللعلم اهذا لطرحه لدى القسم االول من كتاب )مدخل إلى فهم اإلسالم(. وما زالت هناك بقية

ليل الق ثم سأجمع ما نشرته مع بصدد اكمالها. واليوم ارى ان المشروع يكاد ينتهي، ومن

الباقي ألضع كل ذلك ضمن مجلدات خمسة كالتالي: المجلد االول: مقدمة في علم الطريقة

المجلد الثاني: مدخل إلى نظم التراث اإلسالمي

المجلد الثالث: الفلسفة والعرفان واالشكاليات الدينية المجلد الرابع: العقل والبيان واالشكاليات الدينية

حيى محمد ي مشكلة الحديث

243

جلد الخامس: النظام الواقعي واالشكاليات الدينيةالم

وهناك مالحق لبعض من هذه المجلدات أو المشروع، وهي كتب مستقلة مثل كتاب

حديث(.ة ال)االجتهاد والتقليد واالتباع والنظر( و)القطيعة بين المثقف والفقيه( و)مشكلة لطريقايتعلق بعلم ويمكن القول ان المشروع ينقسم إلى مشروعين متكاملين، احدهما

مية بستيكعلم منطقي جديد يتعالى على مناهج الفهم، بل يضعها موضع البحث والدراسة اال

بما تبدالهاو اسالنقدية. أما اآلخر فيتعلق بذات المناهج وقبولنا لبعضها دون البعض اآلخر، أ هو جديد مناسب.

لعلم الطريقة، أن لدراسةأحول البحث من اعلى اني استطعت بهذا المشروع، وطبقا

اسات ن الدرممع كل ما ألفناه ‹‹ القطيعة››المذهبية إلى المنهجية، وقد استهدفت من ذلك ديث مع الح الدينية المذهبية وااليديولوجية، شبيه بالذي جرى في العلم، حيث قطيعة العلم

القديم، كالذي اشرت اليه في مقدمة كتابي الجديد )منطق فهم النص(.

ذي يطلع على مشروعي هذا ال يجد الطرح المذهبي واردا فيه، وعموم كتاباتي ال والتتضمن االنعكاسات الشيعية كما هي نشأتي، كما ال تجدني بعيدا عن الشيعة وال عن السنة،

بل أدرس هذا وذاك، وأنقض هذا وأنقض ذاك، وأعتبر أن هذا جزء من شخصيتي دون

ا وال سنيا، بل انسان مسلم فحسب، فاحترم االنسان كإنسان، بل افتعال. ال أعتبر نفسي شيعياعشقه عندما يحافظ على هوية الفطرة التي فطر الناس عليها، دون حجبها بدين أو عرق أو

مذهب. وأعتبر جميع المذاهب اإلسالمية طارئة، فعلى األقل انها لم تكن في عصر النبي وال

فيما بعد السباب اغلبها يتعلق بالفهم والسياسة. وبالتالي في عصر الخالفة الراشدة، بل حدثت اعتبر نفسي ممن يدعو إلى )نظرية التجاوز المذهبي( بالمعنى القائم على الدين والقداسة،

.1405ولي دراسة حول ذلك ما زلت بصدد اتمامها

مشكلة الغلو

ا ا مختلفا الل خ من س: هذا الكالم مهم جداا على المستوى النظري، وقد قدمت عالجا

ي هيم التلمفااتقديم طريقة التغيير، لو أردنا أخذ مثالا لمشكلة محددة وحاولنا استخدام كل

استحضرتها في مشروعك الفكري من أجل معالجة هذه المشلكة، وذلك بهدف تبسيط

ريقة نا طالنقاش للقارىء، الغلو مثالا: الذي هو من المشكالت الكبيرة، حبذا لو تقدم ل

ة سالمي ة اإلهذه المسألة، وكيف أننا نشعر بأننا اقتربنا بخطوة كبيرة من الناحيمقاربتك ل

لمعالجة هذه المشكلة.

ظاهرة الغلو طرحت تارة لدى بعض النظم التراثية لكونها منسجمة معه كالعرفان ج:

والباطنية، وطرحت تارة اخرى على الصعيد المذهبي لكثرة الروايات الداعمة لها من هنا ناك، سيما لدى الشيعة، رغم انها جاءت مخالفة للقرآن الكريم، بمعنى ان المخالفة واردة وه

بين ما هو قطعي الصدور، وهو القرآن، وغيره مما لم يثبت القطع فيه وال الظن. فالمشكلة

اذا محددة بالرواية، وفيها ما فيها من المشاكل التي تضعف مضمونها ودالالتها، فضال عن وسبق لي ان طرحت في كتاب )مشكلة الحديث( االخطار الجسيمة التي تتضمنها حجيتها.

مثل هذه الروايات، والمشاكل التي تعانيها، سواء من حيث الداللة أو السند أو التوثيق وعلم

كان عدد من القدماء يدركون المشاكل المنبعثة من الروايات التي بلغتهم. الرجال. وقديماالنقد الجذري كما هو الحال مع الشريف المرتضى وغيره. حتى ان وبعضهم مارس ضدها

الكليني كان يشير في مقدمة كتابه )الكافي( إلى ان الحقيقة المتضمنة في الروايات التي

اشير إلى أن هذه الدراسة جعلتها خاتمة لهذه الطبعة من الكتاب. وكان من المفترض ان اتوسع فيها لوال كثرة 1405

المشاغل.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

244

جمعها ليست واضحة، أو ان الحقيقة فيها ضائعة، وبالتالي فهو يدعو إلى العمل بما وسع له

االختيار.

كريم آن الول ظاهرة الغلو، فحتى لو انها ال تتنافى مع القرأما الجديد الذي نطرحه حلى إعها صراحة، وكونها مجردة ال تمتد اليها يد التحقيق المباشر، فان من الممكن اخضا

ليه في نا االتحقيق غير المباشر كالذي فصلنا الحديث عنه في )منطق فهم النص(، أو ما اشر

نهاية كتابنا )مشكلة الحديث(.

لحديثمشكلة ا

اكل لق مشس: توجد نقطة رئيسي ة وصلنا إليها: من العناصر التي تشدنا إلى الخلف وتخ

نابل قناك ههي مشكلة الحديث الذي يلزم إعادة قراءته من جديد، وفي هذا العالم تشعر أن

دمتم ما قكموقوتة، وأنتم عملتم على هذا الموضوع وقدمتم قراءة نقدي ة للحديث الموجود،

ا جديداا في قراءة الحديث..منهجا

في مقدمة )مشكلة الحديث( اشرت إلى ان ج: داننا في وج اكثر القضايا التي نحسبها دينا

لك بالمائة من مجموع ت 90أكثر من كعقيدة وشريعة يكون مصدرها الحديث، وقد تبلغ

بأكثر يمتسلفإذا كان لدينا إشكال جوهري على الحديث، فمعنى ذلك أنه ال يمكن ال القضايا.لسنة، اطبق على بأنه من الدين. وهو امر ينطبق على الشيعة كما ين –تقريبا -بالمائة 90من

حدهما اق اسواء بسواء. فالمشاكل التي يواجهها الطرفان متشابهة ومتقاربة رغم إختالف سي

قبل نمينه عن اآلخر، وتظل مشكلة الحديث قائمة في حد ذاتها، اذ ال نجد تشجيعا على تدوما لدى ة. أالمشرع الديني، بل تجد في الروايات المصححة ما ينهى عن تدوينه كما لدى السن

له ذي يرادى الالشيعة فال يوجد لدى ائمة أهل البيت المتقدمين حث ايضا على التدوين بالمعن

فيها أ لتي بداخالل الفترة -كما في الروايات الشيعية -التدويل العام، فقد ظهر هذا الحث التدوين يأخذ طريقه بين المسلمين عموما، اذ كانت الحاجة اليه عامة.

س: بتقديرك لماذا ال يوجد تشجيع للحديث؟

ل في تمثي في تصوري ال يعتبر الحديث )القولي( جزء أصيال من الدين، فأصل الدين ج:

مارتم كانت القرآن الكريم. مع لحاظ ان الفروض الدينية التي امر بها القرآن الكري س عمليا

دى الة تؤالص باستمرار عبر السيرة النبوية، كالصالة والصوم والحج وما إلى ذلك. فقد كانتها خيف عليمن ويوميا وحفظت طبقا لهذه الممارسة ايام الصحابة والتابعين، لكن لما طال الز

نها من يتعلمو نواالناس كا من التغير فقد قام الحديث بحفظها لالجيال الالحقة. أما قبل ذلك فان

فيها تغيراالباء والمعلمين دون االعتماد على الحديث ذاته، ومع أنه يحتمل طروء بعض ال بداللة إختالف المذاهب والروايات حولها، لكن أهم ما فيها قد تم حفظه ونقله.

نصولييوهنا بودي ان اشير إلى ان تعريف السنة النبوية الذي اشتهر على ألسنة اال

م وفعلهمعصوالمتأخرين يختلف عن االصل الوارد في هذه السنة، فهم يعرفونها بأنها قول الوتقريره، وهو تعريف مستحدث ويواجه عددا من االشكاالت، فهو من جانب يتضمن

ب لمذهااإلعتقاد بالعصمة الشمولية المطلقة، وهي مورد خالف بين المسلمين، بل وداخل

ينية،من جانب اخر يضفي على جميع تصرفات المعصوم الصبغة الدالواحد منهم. كما أنه ية لشخصوهو امر غير معقول، اذ بعض تصرفاته بشرية تماما، مثل اكله وشربه ورغباته ا

ت لتي سادات افي االطعمة والنكاح وما اليها. كذلك فان هذا التعريف يبرر الجمود على العاد

كوبه م ورسها، مثل طريقة لبسه وكيفية اكله للطعالدى العرب القدماء وكان المعصوم يمار الخيل وما إلى ذلك.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

245

س: هناك إيحاء وكأنك تريد نسف الحديث وإخراجه من دائرة الحجية؟

ا محجية بترد في الموضوع مشكلتان، تتعلق احداهما بحجية الحديث علينا، واالخرى ج:ي، لقولتنا عدم حجية الحديث اوصلنا منه على فرض ثبوت حجيته. وفي كال المسألتين اثب

دقة ر للفمن حيث االصل ال يوجد دليل يثبت هذه الحجية، اما من حيث ما وصلنا فهو يفتق

لدس اثرة واالطمئنان لكثرة العنعنة والتعارض والنقل بالمعنى والتساهل بالتوثيق، مع كة شكلفي )م والخرافة والتعارض مع القرآن الكريم وغير ذلك من المشاكل التي اثرناها

ية، د الدينموارالحديث(. وهو امر يختلف فيه الحال عما وردنا من السنة النبوية المتعلقة بال

ن ، ومكالصالة وغيرها، باعتبارها مورست من جيل إلى اخر دون االعتماد على االحاديث ييرا د تغثم تم حفظها ضمن االحاديث المدونة، فاذا ما حصل فيها شيء من التغيير فال يع

ة لدى عتمدكبيرا، وقد يكون التسامح في مضامين ادائها واردا بحيث يسع جميع الصور الم

إما بعنوان التأييد رآن ره كالقلغي المدارس الفقهية. وال بأس ان يعتمد على الحديث احياناقا سانجد ات ندماالكريم، أو الوجدان العقلي، أو غير ذلك، أو يعتمد عليه في موارد التفسير ع

.ل مثال لنزوقريبا للمعنى المراد مقارنة بغيره، كالذي يستخدم احيانا في معرفة اسباب ا

ريصينويكفي ان نالحظ موقف كبار الصحابة من االحاديث التي وردتهم، فقد كانوا حلى استمر إين وعلى عدم تدويل الحديث خالفا للقرآن الكريم. اذ ظهر التحفظ في النقل والتدو

فاف. ستختابعين. وعادة ما تنطلق كلماتهم بشأن هذا التحفظ من موقع الورع ال االعصر ال

ص( )بان اباها قد جمع الحديث عن رسول هللاومن ذلك مثال ما ينقل عن السيدة عائشة ء أو لشي شكوىوكانت خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب كثيرا، فغمها ذلك وقالت له: أتتقلب ل

ها دعا بقال: أي بنية هلمي األحاديث التي عندك، فجاءته باالحاديث فبلغك؟ فلما أصبح

ث عن حاديأفحرقها، فقالت عائشة: لم أحرقتها؟ قال خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذلك.

ال مائة، سواء كان فعويالحظ بحسب هذه الرواية ان األمر بحرق االحاديث الخمس

أو خاطئا، يتضمن سياق الورع ال االستخفاف. فقد كان ابو بكر )رض( يخ ن شى مصحيحا في الحديث دون قصد ثم ينقل ذلك إلى غيره فتكون بة عاق ان يكون قد أضاف وغير شيئا

األمر في عنقه. بمعنى أنه قد خشي الكذب على النبي دون قصد.

ان جميع ما رو ان كي عن الصحابة في تحفظهم من الحديث رواية وتدوينا وعمومان ؟ ومضمن هذا السياق من الورع، بغض النظر إن كنا نتفق على صواب هذا الفعل ام ال

االغراضفظ وذلك ما نقل عن الكثير من الصحابة والتابعين بانهم كانوا يدونون الحديث للح

عن د دنو األجل، حيث يوصون بحرقها الشخصية، وبعد ذلك يقومون بمحوها، خصوصا واتالفها خشية ان تصل إلى غيرهم ويضعها في غير موضعها على حد تعبير البعض.

الحديث ونظرية المؤامرة

السبب لهذا س: الشيعة يقولون إن هذه األحاديث فيها كالم إيجابي عن اإلمام علي )ع(

ها؟!حرقها ابو بكر كما في الرواية االولى التي اشرت الي

على المدعي ان يثبت ذلك بالدليل، فالسياق المذكور هو ذلك الذي نقلته، وهو دال ج:على الورع كما قلت، بل لو كان حرق الحديث للغرض المتعلق باالمام علي )ع( لما دعا ذلك

إلى نقل حادثة الحرق من الجماعة المفترض انها مشتركة في الجريمة، اذ كيف يعقل ان تنقل

ائشة حادثة لها داللة على تجريم ابيها؟ بل كان ينبغي التكتيم وغلق الملفات دون السيدة ع

حيى محمد ي مشكلة الحديث

246

فتحها ونشرها، مع ان من المعلوم ان هذه الحادثة وما اليها كانت عادية يمارسها الكثير، حتى

أولئك الذين لم يكن لهم عالقة بالسلطة الحاكمة، وقد استمر العمل بذلك إلى عهد التابعين.

ق، بلي هذا السياق ان كبار الصحابة لم يمارسوا النهي عن الحديث باطالويالحظ فغير بغال جرى النهي عن االكثار منه، وكذا تدويله، خشية الكذب على النبي )ص( أو االنش

كتاب هللا، وكل ذلك نابع من سياق الورع ال االستخفاف.

د دة بعمفتردد في ذلك ومن ذلك ما جاء عن عمر بن الخطاب أنه أراد أن يكتب السنن، ن مثلمالقرآاستشارته للصحابة، ثم قرر بعد ذلك عدم كتابتها؛ خشية االنكباب عليها وترك ا

مر وي عن عما ركفعل أهل الكتاب من قبل، ومن ذلك قوله: إني وهللا ال ألبس كتاب هللا كتبا.

على لكذبللخوف من ابانه كان يمنع االكثار من الرواية خشية االنشغال بغير القرآن، أو ونهم ي لكالنبي، ومن ذلك أنه حبس كال من ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي مسعود األنصار

صحابأاكثروا الحديث عن رسول هللا )ص(. ومما يروى عنه بهذا الصدد قوله لجماعة من

يثحادالنبي )ص(: إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فال تصدوهم باأل فتشغلوهم؛ جودوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول هللا )ص(.

ا موهذا ما قصدته من الورع في الفعل بغض النظر عن صوابه وخطئه. ولو الحظنا

باب علىالنكاجرى فيما بعد لعرفنا بأن ما توقعه الخليفة الراشد كان في محله تماما، حيث ننا.كتب الحديث واستنباط منها اغلب ما يتعلق بدي

لتي فاالهتمام بكتب الحديث يفوق اضعاف اضعاف ما يتعلق بالقرآن، إلى الدرجة ا

مائة مني الوصلت فيها منظومتنا الدينية المستمدة من الحديث إلى ما قد يتجاوز التسعين فلى عيعة مجمل القضايا، رغم المشاكل الجسيمة التي تعترضه. وهو امر يتعلق بالسنة والش

السواء.

اشدين ء الر ان القول بان هناك مؤامرة على الحديث النبوي أجرتها سلطة الخلفاوعموما القل انلى اعهو امر ال يعقل اطالقا، فكما ذكرنا في )مشكلة الحديث( أنه لو صح هذا لكان

موم جهل عالحديث كتابة ورواية باطالق، ولكان ذلك يعني إما القول بيقوم الخلفاء بمنع

خوفهم ول بحولهم من دسائس، أو اتهامهم بالتواطؤ على الجريمة، أو الق الصحابة بما يجريوجميع هذه من السلطة الحاكمة، حيث لم يظهر منهم أي رد فعل مناهض؛ ال قوال وال فعال.

ن ما جهلوياللوازم المفترضة غير معقولة. فبحسب الفرض االول أنه اذا كان عموم الصحابة

امهم معرفة ما كانوا يجهلون؟ أما الفرض الثاني وهو اتهيدور حولهم، كيف تسنى لنا ن كن ابالتواطؤ على الجريمة فهو غير معقول ألكثر من سبب، حيث انهم كثيرون فكيف ام

ناقضتجتمع دوافعهم ومصالحهم على هذا الغرض المشين؟ ناهيك عن ان هذا االفتراض يت

بقى يصار ومن اتبعهم باحسان. ومضمون اآليات الصريحة في مدح عموم المهاجرين واألن افت،االفتراض االخير وهو القول بخوف الصحابة من السلطة الحاكمة، وهو افتراض مته

افية الك ليس فقط أنه من غير المعقول ان يخاف الجميع دون ان يظهر منهم من له الشجاعة

لق م المطتسالالسلمناهضة ما تفعله تلك السلطة، ولم يحدثنا التاريخ عن مثل هذه الحالة من احيث دوم؛حتى في اشد االنظمة االستبدادية عتوا وشراسة، بل كذلك ألن حالة الخوف ال ت

تزول بزوال مسبباتها، فعند موت الزعماء تتكشف الحقيقة بالقول والفعل.

له وبطبيعة الحال لو كانت هناك ارادة حقيقية ضد الحديث النبوي، لصدق ما يقوف أنه نعر بأن الخلفاء عمدوا إلى تحريف القرآن لذات السبب، ونحن االخباريون من الشيعة

ي ليس هناك مصحف آخر متداول ومتفق عليه لدى السنة والشيعة غير مصحف عثمان الذ

ه بن تلعب ون ادكان بأيدي الخلفاء الراشدين. فكيف يتأتى لنا الثقة بأن هذا القرآن هو ذاته ق.األيادي العابثة تبعا للفرض الساب

حيى محمد ي مشكلة الحديث

247

ألنصار،هم ا بل نقول لو كانت هناك مؤامرة تتعلق بالخالفة السياسية لكان المتهم االول

فهم أول من تداول موضوع الخالفة في سقيفة بني ساعدة، وقد تحرك عدد قليل من

رض ان لمفتاالمهاجرين بعد ان سمعوا بذلك كرد فعل عما قام به األنصار، وبالتالي كان من يته اهم تبارهم اول من شعل فتيل الفتنة وخالف النص االلهي رغم عظمةنتهم األنصار باع

على وعلى فرض وجوده، ومن ثم تمت مبايعة الجميع ألبي بكر )رض( سوى عدد قليل جدا

ضال عن ف - رأسهم االمام علي )ع(. لكن في قبال ذلك نجد القرآن الكريم يكيل على األنصار وثناءا في مو –المهاجرين ة الشجر اقف عديدة ومنها ما عرف ببيعة الرضوان تحتمدحا

عن المؤمنين إذ يب ة فعلم ما في حت الشجر ت ونك ايع كما في قوله تعالى: ))لقد رضي للا

قر قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا عن المهاجرين فضال رضا عنهم وذا ال((. فهيبال عمن اتبع األولين منهم باحسان؛ كما في قوله تعالى: ))والسابقون األ ين ن المهاجر ون م و

عنهم و ها ت هم جنات تجري تح ل ه وأعد وا عن رض واألنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي للا

هة قبال دراية، تهامهم بأنه شباك يجعل ل ذلاألنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم((.. كم لت إن لي نزسيما ان اآلية االخيرة هي من سورة التوبة، وهي من أواخر السور القرآنية الت

عن الثابت فيه هو مرضاتهتكن آخرها. فاألصل في القرآن الكريم هو الرضا، كما ان

ر هماألولين منهم بداللة مدحه التابعين لهم باحسان، وان على رأس من بايع أبا بكما لذيناالمهاجرون واألنصار، ومنهم األولون، باستثناء عدد محدود جدا من المعارضين

لبثوا أن بايعوا فيما بعد، سوى من شذ منهم كسعد بن عبادة األنصاري.

التي نعرف بان مصدر الشبهة نابع من الرواية، وعلى خالفها تلك الدرايةويجب ان ار ألنصامصدها القرآن الكريم، حتى اننا ال نجد وال آية واحدة تقدح في المهاجرين أو

دث نما نتحنا اصراحة. وفي قبال ذلك نجد العديد من اآليات تكيل لهم بالمدح والثناء. ونحن ه

لنبي، فقد يظهر ما يخصص العام، فال يعني ان كل من نصر ابعنوان العموم ال الخصوصذا يه هأو كان مهاجرا هو مما يصدق عليه المدح والثناء الثابت، لكن العموم يصدق عل

جرينالوصف، في حين ان نظرية المؤامرة تجر إلى اتهام وتجريم عامة األنصار والمها

ها بهذاواجهنه. وبالتالي فالمشكلة التي على السواء، وهو ما ال يتفق مع روح القرآن ومنطق ييف. التزالصدد تتعلق بالحديث الذي سلك واديا مخالفا لما عليه القرآن لكثرة الدس و

هناك من علماء الشيعة من يعد الخلفاء الراشدين من كبار المؤمنين ا دموا خلذين طبعا

سباب مة ألذلك بالمحافل العااإلسالم بتضحياتهم وأعمالهم الجليلة، لكن بعضهم يخشى ذكر ام كنت ء أيمعروفة، بمعنى أنه يمارس التقية على أهل التقية، وقد تعرفت على عدد من هؤال

هذا إلى في ايران خالل الثمانينات من القرن المنصرم. وكان من ابرز العلماء المتجهين

كان ، ولخراسانيالنحو المرحوم آية هللا البروجردي كما نقل لي ذلك الشيخ واعظ زادة ايخشى ان يصرح برأيه أمام الناس ورجال الحوزة، ويمارس معهم ذات السالح الذي

وم لدى لمعلصدروه وهو التقية. ويعد موقف البروجردي وغيره من االيرانيين خالف السائد ا

حلي.الشيعة حول الخلفاء، حيث انقسموا إلى رأيين سلبيين، كالذي يذكره العالمة الأن ايران ستتجه نحو هذا االتجاه الشاذ وسط الشيعة، وستتخذ من االطروحة وأتوقع ب

لها، لكونها تقف موقفا وسطا إلعتقادها بالنص االلهي على اإلمامة الزيدية المعتدلة منهجا

من جهة، واعترافها بفضائل الخلفاء الراشدين وجهادهم من جهة ثانية. فهي تذهب إلى ان صراحة، بل تم تحديد صفته ونعته ال اسمه ونسبه، مما يعني تقديم تشخيص االمام لم يتم

العذر للصحابة في جهلهم لإلمام. وهو موقف قريب من الرأي الذي اتخذه الشريف المرتضى

في كتابه )الشافي في اإلمامة( وبعض الرسائل، حيث اعترف بأن حديث الغدير ليس جليا في وهو قول النبي )ص(: داللته على التعيين، لكنه عول على هذا ››حديث آخر اعتبره جليا

حيى محمد ي مشكلة الحديث

248

، مع أنه عد السامعين له قليلين، األمر الذي يعني جهل غالبية الصحابة ‹‹خليفتي من بعدي

له، لهذا فقد احتمل ورود الشبهة على بعض القوم الذين خالفوا االمام جهال بالنص والوصية،

الوزر على الصحابة، فوزر يتعلق بجهلهم، لكن الغريب أنه اعتبر هذه النتيجة تضاعف ووزر آخر يخص عدم اتباعهم الحق. وهو إلزام ما ال يلزم، كما هو واضح وجدانا.

عمة الدا مع هذا فالمشكلة التي يواجهها الشيعة االثنى عشرية، هي الروايات الكثيرة

نها اية، أو لغالية صعبة لنظرية المؤامرة، خالفا للزيدية، األمر الذي يجعل مهمة التوفيق عمل مستحيلة ما لم تكن على حساب الروايات الشيعية. وفيه ما فيه!

كن عة، لس: أنت أضأت على نقطة مهمة في التاريخ اإلسالمي: األنصار هم بادروا للبي

ؤامرة مها الذين اختلفوا حول السقيفة فيما بعد هم الشيعة، الشيعة بشكل عام يعتبرون أن

م لمسؤولية أبو بكر وعمر، لماذا بقي الموقف على أبي بكر وعمر ولحصلت ويتحمل ا

ي تب فكيشمل األنصار كافة؟ هل جموع الشيعة نسوا موقف األنصار في السقيفة ورأوا ما

القرآن عن مدح األنصار وما إلى ذلك؟؟

شك ان ة. الالمشكلة روائية، فآالف الروايات الشيعية تدعم فكرة المؤامرة والخيان ج:

يل بيت للنل الالدس والتزوير في الروايات كثير جدا، وان فرقا دخلت اإلسالم بدافع حب أهيات لرواامن اإلسالم وتعميق الشرخ بين الفرق اإلسالمية، ولم يجدوا طريقة اعظم من دس

اك ن هنوتزويرها. فكان التركيز على اتهام الخليفتين الصالحين ابي بكر وعمر، ولم يك

فر نة والكلخياااألنصار باعتبارهم لم يحكموا، واال فالكثير من الروايات تبدي ان تركيز على خباريةه االوالنفاق عام باستثناء القليل جدا ممن بقي على اإلسالم الصحيح كالذي تبشر ب

هل رة ضد أمؤامتعويال على الروايات ذاتها. فالجميع باستثناء عدد محدود جدا متواطئ مع ال

البيت. ساقها دى اتممما يؤسف له ان هذه األفكار الرائجة لم تعرض على القرآن الكريم ليعرف

د حجة يعالأو انحرافها. نعم ان أغلب اإلخباريين صريحون بتحريف القرآن، وبالتالي فانه

لى آن علديهم، بل يعتبرونه أحد ضحايا المؤامرة المذكورة. وبالتالي فهم يعرضون القرى ألخرعكس، ومنه يستنتجون التحريف والمؤامرة العظمى وسائر الجرائم االرواية ال ال

ر االمالمفترضة. لكن مع القول بسالمة القرآن الكريم كما يذهب إلى ذلك االصوليون ف

لك ير ذيختلف، اذ نرى التعويل على الرواية يكون على حساب القرآن، بدعوى التواتر وغ منضبطة.ر السباب تقليدية تمس قبلياتهم المعرفية غيمن الوهم النابع من كثرة الرواية وال

فلألسف لم يفعل االستقراء القرآني للوصول إلى النتائج المرجوة، فمثال هناك أكثر من

خمسين آية قرآنية ظاهرها يدل على نفي العصمة الشاملة لدى األنبياء، ومع ذلك يقوم بتأويلها بحجة معارضتها للعقل المفترض؛ االصوليون أو ذوي االتجاه العقلي في علم الكالم

ليثبتوا عصمة األنبياء عصمة شاملة ومن ثم ليصلوا إلى عصمة االئمة ايضا. ومع ان بعض

وال اآليات تصرح بان النبي ال يعلم الغيب، كما في قوله تعالى: )) قل ال أملك لنفسي نفعا ول و كنت أعلم الغيب الستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إال ضرا إال ما شاء للا

((، لكنهم مع ذلك يؤكدون على علم األئمة للغيب، استنادا للروايات نذير وبشير لقوم يؤمنون

األنوار( للمجلسي وغيرهما من الكتب الكثيرة كالتي يتضمنها كتاب )الكافي( للكليني و)بحار الروائية. وبالتالي فان القرآن يقول شيئا والروايات تقول شيئا آخر، ويقف العلماء بجانب هذه

الروايات بحجة كثرتها أو ما يدعى تواترها، أو بحجة ان تفسير القرآن يأتي من خالل االئمة

هو ما يدعو اليه االخباريون. وينطبق وبالتالي يجب عرض القرآن على الرواية ال العكس، وهذا الحال على الروايات المتعلقة بالفقه، فمع ان النص القرآني يشير إلى حلية الزواج من

حيى محمد ي مشكلة الحديث

249

الكتابية صراحة، لكن الكثير من الروايات واالراء الفقهية تذهب إلى نجاسة أهل الكتاب،

ين الزوجين مع وجود فتخيل كيف يمكن ان تحصل المعاشرة الزوجية والود والرحمة ب

النجاسة لدى الزوجة؟! ومثل ذلك ما يتعلق بالموقف من ولد الزنا وولد الكافر، فمع ان القرآن من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل الكريم يضع قاعدة عدم الوزر كما في قوله تعالى: ))

(( اال ان الروايات تخالفه، ومنها يستنتج الفقهاء ازرة وزر أخرىفإنما يضل عليها وال تزر و

أقواال تخالف القرآن الكريم، فيذهب الكثير من الفقهاء إلى كفر ولد الزنا ونجاسة وكفر ولد الكافر، والبعض يرى في االخير إجماع المذهب، في حين ينفي بعض اخر وجود خالف بين

األصحاب على االول.

بر عسيمه لك أقول ولألسف فان ما يقارب تسعين بالمائة أو أكثر من ديننا قد تم ترلذ الروايات ذاتها، ولو كان ذلك على حساب القرآن الكريم.

القراءة النقدية للحديث

يرة س: الخالصة: القراءة النقدية للحديث ممكن أن توصلنا للتخلص من مطب ات كث

و السنةعة أاالت على مر التاريخ اإلسالمي سواء من الشيوألغام كثيرة وذكرتم أن هناك رج

ا. وضعوا عالمات استفهام على الروايات. كما بالسنة أيضا

شتغال أو اال كاره لالنشغال بالحديثجو عام القرنين األول والثاني للهجرة برز خالل ج:

شر من الفيه، وقد ظهرت شخصيات كبيرة ناقدة لهذا الفعل المستحدث، وكانوا يعدونه

أتي علىها تالمتزايد، فبعضهم يعلل هذه الكراهة بكثرة الكذب في الحديث، واخر يعللها بانا باب هذ ي سدفحساب االنشغال بالقرآن وذكر هللا. لذلك ظهر لدى الكثير منهم الندم والرغبة

ان فيكوكان من ابرز النصوص حول ذلك ما قاله سفيان الثوري: لو ‹‹. الشر المستطير››

اء في جمما هذا الحديث خير لنقص كما ينقص الخير، ولكنه شر فأراه يزيد كما يزيد الشر. و ( :296الشعر حول ذلك ما انشده بكر بن حماد )المتوفى سنة

وينقص نقصا والحديث يزيد أرى الخير في الدنيا يقل كثيره

ولكن شيطان الحديث مريد فلو كان خيرا قل كالخير كله سيسأل عنها والمليك شهيد في الرجال مقالة وإلبن معين

وإن تك زورا فالقصاص شديد فإن تك حقا فهي في الحكم غيبة

اد اليام زاه مع طبعا عندما بدأ تدوين الحديث خالل القرن الثاني للهجرة كان بسيطا، لكنن ا منوكثر، ثم توسع جدا خالل القرن الثالث، وهو قرن الموسوعات والصحاح. ولم يصل

فانه حريهتكتب الحديث خالل القرن الثاني سوى كتاب )الموطأ( لإلمام مالك بن انس. ورغم

حديث ن الالم يكن لديه من الحديث أعشار أعشار ما ذكر من أكداس الحديث فيما بعد، وحتى ، ية الشكه غاالذي اعتمده كان حافال بكثرة المراسيل والمنقطعات، وكان مع ذلك متشككا في

يب والتبو دوينكان ينقص منه شيئا فشيئا طوال حياته. كما يالحظ ان الحديث ما إن دخل التو

صح ته أفي ارض الحجاز حتى بدت فيه عالمات الشك والتردد من قبل مدونيه. فرغم ان منبذلك فمع منبت باعتراف العلماء، ورغم قرب العهد بالصحابة مقارنة بما بعده من العهود؛

ة وقل تراود أولئك الذين نذروا أنفسهم لنقله وتدوينه، معترفين بالجهل كانت الشكوك

البضاعة، حتى جعلوا من لفظة )ال ادري( اصال يفزعون اليه.

جدلية النص والواقع

س: نالحظ أن لديك مفهومين تستخدمهما في موضوع النص الديني: النص، وهو

ا تذكره العنصر األول من عناصر الفهم ألنه الموضوع، واآل خر هو الواقع الذي دائما

حيى محمد ي مشكلة الحديث

250

ا في كتاب جدلية الخطاب والواقع. ما هو الواقع الذي تفترض أنه الدليل أو السبيل خصوصا

إلى فهم النص؟

لواقع اخصوص بال ندخل بالتعريف الدقيق الجامع المانع ألنه عملية معقدة، ليس فقط ج:ان واء كالموضوع الخارجي الشهودي، سولكن مع أي مفهوم كان. فما نقصده من الواقع هو

كذلك ئية،يعبر عن أمر محسوس أو غير محسوس كعالم الفيزياء الذرية وعوالم الكون الفضا

السنن مثل ذلكة، وما يتعلق بالعالقات القائمة في هذه العوالم مما يطلق عليه القوانين الطبيعيلك ما لى ذيه عالم الغيب. ونضيف إاالجتماعية والنفسية، وكل ما ال يدخل ضمن ما يطلق عل

اقعية وضار منسميه بالواقع االعتباري كما يتعلق بالمصالح والمفاسد، حيث تتضمن فوائد أو

ري. عتباوليست خيالية رغم انها ليست مادية أو محسوسة، لذلك ادرجناها ضمن الواقع االعالم واقع أون العليه نعتبر افهذا هو الواقع أو عالم الشهود الذي يقف في قبال عالم الغيب. و

ا ستطاعتنس باالشهود هو األساس الذي ال بد من االعتماد عليه في عملية الفهم. فمن جانب لي

ع معله فهم النص بمعزل كلي عن الواقع، حيث يولد االنسان وينشأ نشأة واقعية قبل تفار، أو لعصاحمل ثقافة النص، فهو في االساس يحمل لغة وثقافة عصرية، فاللغة في حد ذاتها ت

رة المباش افيةهي تضمر هذه الثقافة المكتسبة دون ان تكون محايدة، ناهيك عن اهتماماته الثق

ان يس بامك. فلوما يكسبه من معارف بيئية، فكل ذلك له انعكاساته على الفهم عند االحتكاك به و عمليةه هبه القيام القارئ ان يخلع ثوب الثقافة هذه ليتصل بالنص مباشرة، بل كل ما يمكن

اسه لقاء لبم بإالتهذيب عندما يحقق في معاني النص التاريخية واغراضه، فعند ذلك يمكنه القيا

بالتدريج شيئا فشيئا، ومع ذلك يستحيل عمليا طرح جميع ما تم لبسه من قبل.لى عنزل هذا من جانب، اما من جانب اخر فهو اننا لو رجعنا إلى النص لرأينا أنه قد

ان ينزلكيان هيئة خطاب مشافه، ولم ينزل مدونا، كما أنه نزل بالتدريج، وفي كثير من االح

ذلك ه، ككرد فعل على ما يستجد من احداث، وكل ذلك له عالقة ماسة بالواقع الذي نزل فيو أما هي، ها كفانه قد راعى الكثير من االحكام والعادات السائدة في ذلك الوقت، إما بابقائ

لو قبل، و ع منتهذيبها كالذي تشير اليه المصادر اإلسالمية. بمعنى أنه راعى ما عليه الواقب

ولكانت فرضنا أنه نزل في واقع اخر مختلف لتوقعنا بأنه سيحاكي ما يناسب هذا الواقع،ذلك ربية فيالع هناك أحكام تختلف تماما عن هذه األحكام التي ألفناها والتي هي نتاج البيئة

قت.الو

ينهما بلجدل اكذلك فان النص أو الخطاب الديني قد تفاعل مع الواقع الذي نزل فيه، واخذ أثيرا للنص ت ا انإلى تغيير العديد من االحكام، فكان للواقع تأثير على النص بهذا المعنى مثلم

ومنا ى يا إلفين على الواقع، ومن ذلك أنه غير واقع الكفر إلى االيمان، وما زال النص مؤثرا

هذا. ن ليس مومما يلفت النظر اليه هو ان النص كثيرا ما يظهر التعارض في منطوقاته، و

كان الممكن تفسير هذا التعارض اال من حيث تعارض الواقع وتأثيره على النص. فالنص

لى عبعث يستجيب للواقع ضمن سياق تاريخي معين، لكن عندما يتغير هذا السياق فان ذلك يل ن أهص أو حكمه، وهو ما كان يحدث، كالذي يالحظ بالنسبة إلى موقف النص متغيير الن

أو الكتاب والمشركين. كذلك فيما يتعلق بحاالت النسخ، فهي تعبر عن احكام مختلفة

متعارضة، وليس لها من تفسير سوى ما للواقع من صور مختلفة ومؤثرة على النص.مع اخذ لنص في الفهم والحجية والتأثير،وفي جميع األحوال فان الواقع يتقدم على ا

لنص، ول ااعتبار ما يحدثه النص من تغيير للواقع ضمن حاالت الجدل بينهما، سواء عند نز

أو بعد ذلك إلى يومنا هذا.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

251

د ل ع لنص، س: أمام اعتراض الواقع، النص كان يتغي ر؟ هناك أمثلة: الواقع لم يستجب ل

هناك أمثلة؟النص كي يستجيب له الواقع وقلت

يما لو دقة فهناك آية النجوى على سبيل المثال والتي جاءت تطالب المؤمنين بتقديم ص ج: قديمتناجى بعضهم النبي )ص(، ثم تالها ما ينسخها مباشرة، بسبب اشفاق المؤمنين من

لب تطا الصدقات. كذلك هناك االيتان المتعلقتان بالمصابرة في الحرب، اذ كانت االولى

ا بعدهيض على القتال ما لم يكن العدو يفوق المؤمنين بأكثر من عشرة اضعاف، وبالتحربي ا الن ه يا أي خففت اآلية الحكم إلى الضعف فقط؛ لضعف المؤمنين، وهو قوله تعالى: ))

ض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون ص م مئة تين وإن يكن منك ائ غلبوا م رون ي اب حر

. اآل هون يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم ال يفق فيكم ضعفا فإن عنكم وعلم أن ن خفف للا يغلبوا مائتين وإن يك و أ ف يغلبوا م أل ك ن من يكن منكم مئة صابرة مع لفين بإذن للا للا

ابرين ((.الص

ا، كان الحكم هو الحرمة ، ثم س: عدم مقاربة الزوجة في الليل في شهر رمضان أيضا

أصبح حالالا.

وصلهانعم هذا صحيح. وهناك آيات عديدة خضعت إلى عنوان النسخ، بعضهم بالغ وا ج:حكم وى وى اكثر من مائتين، وهو خطأ، والبعض كالسيد الخوئي لم يعترف اال بآية النجإل

عشرين رب ال، في حين توسط البعض واوصلها إلى ما يقافي الصالة إلى القبلة األولىالتوجه

أن بلنا آية، كما هو الحال مع جالل الدين السيوطي خالل القرن التاسع الهجري. واذا قية القرآن حكامية كان عمرها يقارب هذا العدد، فمعنى ذلك ان معدل النسخ لالالرسالة اإلسالم

ة لحظ هو واحد لكل سنة. لكن ذلك في ظرف ضيق كما هو حال شبه الجزيرة العربية، وفي

كثر ور اتاريخية ضيقة ال تتجاوز ثالثا وعشرين سنة، فكيف نتصور مصير االحكام بعد مرمني بعد الزر الوسع رقعة المسلمين في العالم؟ فلو اخذنا باعتبامن الف واربعمائة سنة، ومع ت

م نلتفتللو دون الجغرافي لكان يفترض ان يتغير ما يزيد على الف واربعمائة حكم. هذا فيما

ن مديث إلى ما جرى لدى السنة النبوية من تغيير لالحكام والى ما طرأ على الواقع الح القرآن هو انويتضاعف كثيرا. وهنا نثير التساؤل الكبير تغيرات كبيرة، واال فالتقدير سوف

اط لالسقعاءا والكريم قد راعى الواقع الذي نزل فيه، فلماذا ال نراعي نحن واقعنا بدل جعله

فحسب؟اس والمقي م ال؟فحينما يتغير الواقع ينبغي االلتفات إلى األحكام إن كانت تقتضي التغير ا

صد لمقاادد هو المقاصد، فحينما يصل الحكم إلى التضارب مع الذي نعول عليه في هذا الص

الحكام اشأت نعند تغير الواقع فان ذلك يعني ايذانا بضرورة تغيير الحكم ليتفق معها. فقد م ال االحكا متفقة مع المقاصد، لكن تغير الواقع جعل الكثير من هذه -في البدء –الشرعية

ورتين: صو من ال بد من تغيير االولى.. ألن األمر ال يخلتتناسب مع االخيرة، وبالتالي كان

الخيرة اساب فإما ان تتغير االحكام لصالح المقاصد، أو يبقى اإلقرار بثبات االحكام على حمن أهم لتنافيها معها، لكن حيث ان المقاصد غايات، واالحكام وسائل لها، وان الغايات

فعله الذي المقاصد بتبديل االحكام. وهو األمرالوسائل، لذا كان ال بد من المحافظة على

القرآن الكريم طيلة المدة التي نزل خاللها.

س: مع تغي ر الواقع تتغير األحكام بالتأكيد. في موضوع الميراث بخصوص المرأة أو

البنت في هذا اإلطار المرأة كانت بالسابق ال تعمل واليوم تعمل، وهي جزء أساسي سواء

حيى محمد ي مشكلة الحديث

252

ها أو في منزل زوجها. الحكمة من الميراث في النص اإلسالمي وكأن المرأة في منزل والدي

ال تعمل.

ا حتاجهيهناك رأي يقول أن ها حالة عارضة واألصل أن ال تعمل المرأة اال في حاالت

نص، ن المفيها المجتمع، وهذا في بعض المفاصل وألنها في أسرتها، فبالتالي ال تقتربوا

الموضوع؟ ما هو تعليقكم في هذا

ى جع علبطبيعة الحال لسنا مسؤولين عن إحداث النظام االجتماعي الحديث الذي يش ج:ا ، كمعمل المرأة، وال يمكن تحميل جهة معينة بالخصوص عن مسؤولية إحداث هذا النظام

م ن النظايكو ان الفقهاء ليسوا معنيين بخلق االنظمة االجتماعية أو الحفاظ عليها، وعندما

فعلى الفقيه أن يفتي بحسب ما يتناسب معه إن أراد مراعاة االجتما ‹‹ لالعد››عي قائمابد ل البكمقصد أساس، وال يفتي بنفس الفتوى القديمة إن أصبحت تتعارض مع هذا المقصد،

م ن الكريلقرآمن اخذ اعتباره واعطاء التغيرات المؤثرة في الواقع ما يناسبه كالذي راعاه ا

ت فأصدر احكاما مختلفة تبعا للمقاصد العامة.لمثل هذه التغيرا

ا معي نة، اآلن الواقع له سمات وصفات مخ ا وأوقاتا نريد وتلفة س: هذا النص عالج ظروفا

أن نراعي المقصد؟

دمة علىية مقال شك ان المقصد هو المهم، ألنه غاية الحكم، واالخير وسيلة له، والغا ج:

سائل الو غير. واهم المقاصد العدل، فهو ثابت مع تغيرالوسيلة، والمقصد ثابت والحكم مت

ما ال عند واالحكام التي تستهدفه. فعندما تقترض ماال لتسترجعه، فقد تسترجع ذات الماللمال ية لتتغير القيمة الشرائية بشيء، وهو عين العدل، لكن عندما تتغير القيمة الشرائ

رد ان تست عليكرداد ظلم، ولكي تتقيد بالعدل فالمقترض فانك لو استرددته عينه لكان في االست

ية من الغاوما يعادل القيمة الشرائية للمال. وفي هذه الحالة يالحظ ان العدل هو الثابت يتطلبه ق ماالمعاملة القرضية، وان االحكام الكفيلة باالسترداد ينبغي ان تكون متغيرة وف

وعا من التغيير.العدل؛ طالما أحدث الواقع على القيمة الشرائية ن

الواقع على حساب النص!

مسكون نا متس: هناك نقد على اليسار الفكري، وكل التيارات الفكري ة الحديثة تقول بأن

ا والدني لقيمبشيء تاريخي ولسنا مختلفين معكم، كل شيء تغير، المفاهيم والعدالة تغي رت، ا

ا. تغيرت، فالنص علينا أن نضعه جانبا

لكلية اقاصد ين بأن كل شيء تغير أو قابل للتغير باطالق، فهناك الملست من القائل ج:

اال وهي من الثوابت، كما هناك المسائل التعبدية والتي ال يفترض فيها التغيير ، فالصالة نسبيا ل..ن قبمالتي كانت تصلى من قبل أنا اليوم أصليها، وبعد ألف سنة سيبقى الحال كما هو

بصدد االحكام فحسب. والمشكلة هي ان الكثير يتصور بان اإلسالم يضاف إلى اننا هنا

منحصر في مجال الفقه، وهو خطأ. فالمجال الفقهي في القرآن ضيق، ومجموع أحكامه قد ال تتجاوز الخمسمائة آية، والبعض يراها اقل من ذلك بكثير، وعلى رأي الكواكبي انها مائة، أو

يزيد على ما فيه من احكام باكثر من اثني عشر ضعفا، مائة وخمسين آية. فالقرآن بذلك

وبالتالي كان من الخطأ حصر اإلسالم في زاوية الفقه. فمجاالت القرآن رحبة، واغلبها ال عالقة له بمورد االحكام. ويالحظ ان ما اواله القرآن الكريم من اهتمام كمحور مركزي هو

على االيمان باهلل والعمل الصالح. فقد دعا القرآ ن الكريم إلى االرتباط والتعلق باهلل روحيا

صعيد العقيدة والسلوك، وامر بالرجوع اليه دون غيره في العبادة والدعاء وتقديم القرابين، وحارب الشرك دون هوادة، رغم ان المشركين كانوا يعترفون بوجود هللا لكنهم اضافوا اليه

حيى محمد ي مشكلة الحديث

253

فعل المشركون من قبل في جعل العالقة مع وسائط وشركاء، وما زال الكثير منا يفعل كما

هللا عبر الوسائط والشركاء في الدعاء والنذر وما إلى ذلك، رغم ان القرآن الكريم جاء

لمحاربة مثل هذه العادات في المجتمع الجاهلي. وتشير بعض الروايات كما جاء في صحيح المشركون كانت تعود ألناس البخاري عن ابن عباس إلى ان االوثان القديمة التي تعبد بها

فلما ماتوا نصب قومهم انصابا لهم وسموها بأسمائهم، ثم بعد ذلك صالحين من قوم نوح )ع(،

بمدة قاموا بعبادتها. وال يختلف هذا الحال كثيرا عما يجري في واقعنا قديما وحاضرا. ن م القرآهتمااستقطبت ومع ان مسألة اإليمان باهلل والعمل الصالح هما أهم المسائل التي ا

ن مع ، لكالكريم كبنية ثابتة، بل هما المحور الجوهري الذي دار حوله رحا النص القرآني

في لقه باهللن تعمذلك قلما نجد من اوفاهما حقهما، فالكثير منا إما أنه متعلق بغير هللا اعظم اف ادة اضعلعبيولي ما لدينه وذكره وجل اهتماماته، أو أنه قليل االهتمام بالعمل الصالح، ف

بين االهتمام مقارنة بأعمال الخير المتعلقة بمصالح الناس، حتى اذا ما ورد تعارض

لي د يوالمستحب لبعض التعبديات وفعل الخير مثال؛ رجح االول على الثاني. فالكثير قما ان . كثال ام ماالهتمام ببناء المساجد مع كثرتها دون االهتمام ببناء المدارس أو دور االيت

لك ان ذكالكثير منا يفصل ما بين الدين ونوازع الخير، وهو يندفع بدافع الدين حتى لو

ستهان يلها ظمصادما لفعل الخير والضمير. وهي ازمة كبيرة نعاني منها في مجتمعاتنا، وفي بالدماء واالرواح واحترام الناس والقيم االخالقية.

ين ـ عباس النابلسيحاوره: علي سمور ـ محمود فخر الد

حيى محمد ي مشكلة الحديث

254

المصادر

)أ(

ابن أبي شيبة، محمد بن عثمان

.www.yasoob.comكتاب العرش، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية: ية.سؤاالت ابن أبي شيبة لعلي بن جعفر المديني، مكتبة يعسوب الدين االلكترون

ابن أبي الوفا .www.almeshkat.netهر المضيئة في طبقات الحنفية، شبكة المشكاة االلكترونية: الجوا

ابن تغري بردي، يوسفالنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، مكتبة نداء اإليمان االلكترونية:

comwww.aleman..

ابن تيمية

لثانية،اطبعة الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، المكتب اإلسالمي، بيروت، ال

هـ.1390وال مقدمة في أصول التفسير، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته

فقراته(.

(.فحاتهاقتضاء الصراط المستقيم، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صته وال صفحا رفع المالم عن األئمة األعالم، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام

فقراته(.

ابن الجوزي، أبو الفرج

الموضوعات، ضبط وتقديم وتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية بالمدينة

فية االلكترونية: م، عن مكتبة سحاب السل1966هـ ـ 1386المنورة، الطبعة األولى، www.sahab.org.

تلبيس ابليس، مكتبة سحاب السلفية )لم تذكر ارقام صفحاته وال فقراته(.

الطبعة نووي،دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه، حققه وقدم له حسن السقاف، دار اإلمام ال عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية. االردن،-م، عمان1992هـ ـ 1413الثالثة،

ابن حزم االندلسي النبذ في أصول الفقه، شبكة المشكاة االلكترونية.

حاته(.ام صفالفصل في الملل واألهواء والنحل، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارق

ر، اإلحكام في أصول األحكام، قوبل الكتاب على نسخة أشرف على طبعها أحمد شاك هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.1345

ابن حنبل، احمد

حيى محمد ي مشكلة الحديث

255

وب ة يعسمسند اإلمام احمد بن حنبل، وبهامشه منتخب كنز العمال، دار صادر، عن مكتب

الدين االلكترونية.

ابن خلدون

مقدمة ابن خلدون، مؤسسة االعلمي، بيروت.

م.1986مقدمة ابن خلدون، طبعة دار الهالل،

و العباس أحمدابن خلكان، أب

بكة شم، عن 1968وفيات األعيان وأنباء الزمان، تحقيق إحسان عباس، دار الثقافة، المشكاة االلكترونية.

ابن داود .www.aljaafaria.comالرجال، مكتبة الجعفرية االلكترونية:

ابن رجب الحنبلي شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.ذيل طبقات الحنابلة،

ابن الصالح ة نورمقدمة ابن الصالح في مصطلح الحديث، دار الفكر المعاصرـ دار الفكر، مراجع

)لم تذكر هـ، مكتبة سحاب السلفية االلكترونية1406م ـ 1986الدين عتر، بيروت ـ دمشق،

ارقام صفحاته(.

ليابن شهر آشوب، محمد بن ع

عن مكتبة م،1961هـ ـ1380معالم العلماء، المطبعة الحيدرية، النجف، الطبعة الثانية، يعسوب الدين االلكترونية.

ابن طاوس، رضي الدينسعد السعود للنفوس، تحقيق فارس تبريزيان الحسون، مكتبة العقائد االلكترونية:

www.aqaed.com.

فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

ابن عاشور، محمد طاهر

تحقيقات وانظار في القرآن والسنة.

ابن عبد البر النمري، أبو عمر

ة ن شبكعجامع بيان العلم وفضله، موقع أم الكتاب لألبحاث والدراسات اإللكترونية، كر ارقام صفحاته(.المشكاة االلكترونية )لم تذ

ابن عبد ربه

حيى محمد ي مشكلة الحديث

256

ألولى، اطبعة العقد الفريد، تحقيق عبد المجيد الترحيني، دار الكتب العلمية، بيروت، ال

م.1983هـ ـ1404

ابن عياش الجوهري، احمد

مقتضب االثر في النص على األئمة االثني عشر، خرج أحاديثه وقدم له لطف هللا

عسوب لي، نشر مكتبة الطباطبائي، قم، عن مكتبة يالصافي، تعليق وتصحيح هاشم الرسو الدين االلكترونية.

ابن فرحون كر لم تذ)الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، شبكة المشكاة االلكترونية

ارقام صفحاته(.

ابن قتيبة الدينوري

م 1972تأويل مختلف الحديث، دار الجيل، مراجعة محمد زهري النجار، بيروت،

هـ، عن مكتبة سحاب السلفية االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.1393ـ

ابن القيم الجوزية

، دارأعالم الموقعين عن رب العالمين، راجعه وقدم له وعلق عليه طه عبد الرؤوف م.1973الجيل، بيروت،

لم تذكر) نيةنقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول، شبكة المشكاة االلكترو

ارقام صفحاته(. قام المنار المنيف في الصحيح والضعيف، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ار

صفحاته(.

زاد المعاد، شبكة المشكاة االلكترونية.

ابن كثير

اختصار علوم الحديث، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.تراث له وعلق حواشيه علي شيري، دار إحياء الالبداية والنهاية، حققه ودقق اصو

العربي، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

تفسير القرآن العظيم، دار قتيبة.

ابن المبرد، أبو المحاسن

د ية عببحر الدم فيمن تكلم فيه اإلمام احمد بمدح أو ذم تأليف، تحقيق وتعليق روحن مكتبة عم، 1992هـ ـ1413روت، الطبعة األولى، الرحمن السويفي، دار الكتب العلمية، بي

يعسوب الدين االلكترونية.

ابن منظور

.http://www.baheth.info لسان العرب، موقع الباحث العربي اإللكتروني:

ابن منيع، محمد بن سعد

حيى محمد ي مشكلة الحديث

257

ته(.ونية )لم تذكر ارقام صفحاالطبقات الكبرى، عن مكتبة نداء اإليمان االلكتر

ابن الموصلي، محمد مختصر الصواعق المرسلة إلبن القيم الجوزية، تصحيح زكريا علي يوسف، مطبعة

، مصر.13اإلمام

ابن النديم

لى، الفهرست، اعتناء وتعليق ابراهيم رمضان، دار المعرفة، بيروت، الطبعة األو

م.1994هـ ـ1415

ابو زهرة

هب اإلسالمية، دار الفكر العربي.تاريخ المذا ابن حنبل، دار الفكر العربي.

ابن تيمية، دار الفكر العربي.

ابو يعلى الحنبلي

طبقات الحنابلة، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.

اآلجري، أبو عبيد

عبد عليمد السؤاالت أبي عبيد اآلجري ألبي داود سليمان السجستاني، دراسة وتحقيق عب

هـ ـ 1418مؤسسة الريان ببيروت، الطبعة األولى، -العظيم، مكتبة دار االستقامة بمكة م، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.1997

األردبيلي، محمد علي جامع الرواة، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

االسترابادي، محمد أمين .الفوائد المدنية، طبعة حجرية قديمة

األصفهاني، محمد حسين هـ.1404الفصول الغروية في األصول الفقهية، دار إحياء العلوم اإلسالمية، قم،

األعظمي، محمد مصطفى م.1980 -هـ 1400دراسات في الحديث النبوي، المكتب اإلسالمي، بيروت،

األمين، محسن أعيان الشيعة، حققه واخرجه حسن االمين، دار التعارف، بيروت.

األميني، عبد الحسين أحمد

حيى محمد ي مشكلة الحديث

258

1397بعة، الغدير في الكتاب والسنة واألدب، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الرا

م، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.1977هـ ـ

االنصاري، مرتضى

طبعة م، الفرائد االصول، تحقيق وتقديم عبد هللا النوراني، مؤسسة النشر اإلسالمي، ق

هـ.1411الثالثة،

)ب(

الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلفحمد التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، دراسة وتحقيق أ

لبزار، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

بحر العلوم، محمد مهدي

ر شوم، نالفوائد الرجالية، حققه وعلق عليه محمد صادق بحر العلوم وحسين بحر العل

مكتبة الصادق، طهران، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

البحراني، يوسف

الدرر النجفية، مؤسسة آل البيت الحياء التراث. لنجف.لؤلؤة البحرين، حققه وعلق عليه محمد صادق بحر العلوم، مطبعة النعمان، ا

مد ه محعلى طبع الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، حققه وعلق عليه واشرف

سوب بة يعتقي االيرواني، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم، عن مكت الدين االلكترونية.

البخاري، محمد بن اسماعيلصحيح البخاري، ضبطه، ورقمه، وذكر تكرار مواضعه، وشرح ألفاظه وجمله وخرج

ونية.غا، شبكة المشكاة االلكترأحاديثه في صحيح مسلم، ووضع فهارسه مصطفى ديب الب

التاريخ الكبير، مكتبة سحاب السلفية االلكترونية.

البغدادي، أبو بكر الخطيب

ن عروت، تاريخ بغداد، دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بي مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

لمكتبة دني، االسورقي وإبراهيم حمدي المالكفاية في علم الرواية، مراجعة: أبو عبدهللا

فحاته(.قام صالعلمية، المدينة المنورة، عن مكتبة سحاب السلفية االلكترونية )لم تذكر ار تقييد العلم، شبكة المشكاة االلكترونية.

الجامع ألخالق الراوي وآداب السامع، شبكة المشكاة االلكترونية.

لكترونية.نصيحة أهل الحديث، شبكة المشكاة اال الرحلة في طلب الحديث، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

البهبهاني، محمد باقر

حيى محمد ي مشكلة الحديث

259

ية فيرسالة االجتهاد واألخبار، وهي ملحقة خلف عدة األصول للشيخ الطوسي مع حاش

هـ.1317األخير، طبعة حجرية، مطبعة ميرزا حبيب هللا، دار الخالفة بطهران،

عسوب الدين االلكترونية.الفوائد الرجالية، مكتبة ي

البهبودي، محمد باقر

هـ.1362معرفة الحديث، مركز انتشارات علمي وفرهنكي، ايران،

)ت(

التبريزي، علي الغروي التنقيح في شرح العروة الوثقى، كتاب االجتهاد والتقليد )انظر: الخوئي(.

التوني، عبد هللا بن محمد الخراسانيفكر تحقيق محمد حسين الرضوي الكشميري، مؤسسة مجمع الالوافية في أصول الفقه،

اإلسالمي، قم، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

)ج(

الجزائري، نعمة هللا

األنوار النعمانية، طبعة تبريز، إيران.

الجاللي، محمد حسين الحسيني

راتدراسة حول األصول االربعماءة، سلسلة احياء تراث أهل البيت، مركز انتشا هـ.1394االعلمي، طهران،

الجندي، مؤيد الديند، شرح فصوص الحكم، تعليق وتصحيح جالل الدين اشتياني، انتشارات دانشگاه مشه

ايران.

)ح(

حاجي خليفة

ية.كترونكشف الظنون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، عن مكتبة يعسوب الدين االل

الحازمي، محمد بن موسى

روط الخمسة، علق عليه محمد زاهد الكوثري، وهو مطبوع خلف كتاب ششروط األئمة هـ.1357األئمة الستة للمقدسي، دار زاهد القدسي، القاهرة،

الحسني، هاشم معروف ولى، الموضوعات في اآلثار واألخبار، دار الكتاب اللبناني، بيروت، الطبعـة األ

م.1973

.www.shiaweb.orgعة العالمية االلكترونية: دراسات في الحديث والمحدثين، شبكة الشي

حيى محمد ي مشكلة الحديث

260

الحلبي، ابن امير الحاج

لبحوثاالتقرير والتحبير، سي دي مكتبة الفقه واصوله، عن دار الفكر، تحقيق مكتب

م.1996والدراسات، الطبعة األولى، بيروت،

الحلبي، سبط بن العجمي

بة ث عمن رمي بوضع الحديث، حققه وعلق عليه صبحي السامرائي، مكتالكشف الحثي كترونية.م، عن مكتبة يعسوب الدين اإلل1987هـ ـ1407النهضة العربية، الطبعة األولى،

لطبعةالتبيين ألسماء المدلسين، تحقيق يحيى شفيق، دار الكتب العلمية، بيروت، ا

دين اإللكترونية.م، عن مكتبة يعسوب ال1986هـ ـ1406األولى،

الحلي، محمد بن ادريس

هـ، عن مكتبة التبيان 1410السرائر، مؤسسة النشر اإلسالمي، الطبعة الثانية، .http://hozeh.tebyan.netااللكترونية:

الحلي، مقداد السيوري هـ.1405مكتبة المرعشي النجفي، قم، ارشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين، منشورات

الحلي، نجم الدين المعتبر في شرح المختصر، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

الحلي، يوسف بن المطهرالطبعة خالصة األقوال في معرفة الرجال، تحقيق جواد القيومي، مؤسسة نشر الفقاهة،

.هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية1417األولى،

الحكمي، حافظ احمد

كتبة ماتي، دليل ارباب الفالح لتحقيق فن االصطالح، نقل الكتاب أبو عبد هللا عمر الع

سحاب السلفية االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته وال فقراته(.

)خ(

الخراساني، محمد كاظم، كفاية االصول، مؤسسة النشر اإلسالمي لجماعة المدرسين بقم، الطبعة األولى

هـ.1412

الخزاز القمي، علي بن محمد الرازي

، لخوئيكفاية األثر في النص على األئمة االثني عشر، تحقيق عبد اللطيف الحسيني ا

نية.هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترو1401انتشارات بيدار، مطبعة الخيام، قم،

الخوانساري، محمد باقر

ولى، ة األت، الدار اإلسالمية، بيروت، الطبعروضات الجنات في أحوال العلماء والسادا م.1991هـ ـ1411

حيى محمد ي مشكلة الحديث

261

الخوئي، أبو القاسم

غروي لي الالتنقيح في شرح العروة الوثقى، كتاب االجتهاد والتقليد، تحرير الميرزا ع التبريزي، مقدمة عبد الرزاق الموسوي المقرم، مطبعة اآلداب، النجف.

م.1992هـ ـ1412بيروت، الطبعة األولى، البيان في تفسير القرآن، دار الزهراء،

.kawthar.com-www.alمعجم رجال الحديث، مكتبة الكوثر االلكترونية:

الخياط، عبد العزيز

م.1977هـ ـ1397نظرية العرف، مكتبة االقصى، عمان،

)د(

الدارقطني، علي بن عمر، األولى لطبعةحقيق عبد هللا الغنيمان، مكتبة الدار، المدينة المنورة، اكتاب الصفات، ت

هـ، عن شبكة المشكاة االلكترونية.1402

مشكاة كة الرؤية هللا، تحقيق مبروك إسماعيل مبروك، مكتبة القرآن، القاهرة، نشرته شب االلكترونية مع كتاب الصفات اآلنف الذكر.

الداماد، المير محمد باقر م، في، قواشح السماوية في شرح األحاديث اإلمامية، منشورات مكتبة المرعشي النجالر

هـ، عن مكتبة يعسوب الدين اإللكترونية.1405

الدهلوي، ولي هللا

هـ.1355حجة هللا البالغة، دار التراث، القاهرة،

بكة ن شعهـ، 1404االنصاف في بيان أسباب اإلختالف، دار النفائس، الطبعة الثانية، المشكاة االلكترونية.

)ذ( الذهبي

يروت،بتذكرة الحفاظ، مراجعة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، دار الكتب العلمية،

هـ، عن شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.1374ة، لرسالاسير أعالم النبالء، تحقيق شعيب األرناؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة

هـ، عن شبكة المشكاة االلكترونية.1413ة التاسعة، الطبع

المـوقظـة في علم مصطلح الحـديث، شبكة المشكاة االلكترونية.بن لرحمنابيان زغل العلم، شبكة المشكاة االلكترونية. كذلك عرضه في االنترنيت عبد

.aofakeeh@yahoo.comعمر الفقيه الغامدي:

)ر(

الرازي، ابن أبي حاتم

المعرفة، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(. تقدمة

حيى محمد ي مشكلة الحديث

262

الرازي، فخر الدين

د.ن، الهنالدك األربعين في أصول الدين، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، بلدة حيدر آباد

سي، محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين، وبذيله تلخيص المحصل لنصير الدين الطو ألولى،عليه طه عبد الرؤوف سعد، دار الكتاب العربي، الطبعة اراجعه وقدم له وعلق

م.1984هـ ـ 1404

الرازي، محمد بن أبي بكر

طبعة مختار الصحاح، ضبطه وصححه احمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، ال

م، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.1994هـ ـ1415األولى،

دلسي الراعي، محمد بن محمد االن

دار الغرب انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب اإلمام مالك، تحقيق محمد أبو االجفان، م.1981اإلسالمي، بيروت، الطبعة األولى،

الرامهرمزي المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، شبكة المشكاة االلكترونية.

رشيد رضا، محمد

ثانية.المنار في تفسير القرآن، دار الفكر، الطبعة ال

)ز(

الزراد، زيدأصل زيد الزراد، ضمن األصول الستة عشر، منشورات دار الشبستري للمطبوعات،

.www.rafed.netقم، عن مكتبة الرافد االلكترونية:

الزرقاء، مصطفى

الفقه اإلسالمي في ثوبه الجديد، دار الفكر، الطبعة السابعة.

زركشي، بدر الديال البحر المحيط، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.

)س( السباعي، مصطفى

، ثالثةالسنة ومكانتها في التشريع اإلسالمي، المكتب اإلسالمي، بيروت، الطبعة ال

م.1982هـ ـ1402

السبحاني، جعفر

بعة ، الطة لجماعة المدرسين بقمكليات في علم الرجال، مؤسسة النشر اإلسالمي التابع هـ، عن مكتبة التبيان االلكترونية.1414الثالثة،

السبكي، عبد الوهاب بن علي طبقات الشافعية الكبرى، شبكة المشكاة االلكترونية.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

263

السبكي، علي بن عبد الكافي

ردلة العلي بن عبد الكافي السبكي: السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل، ومعه تكم ،مكتبة زهران على نونية ابن القيم بقلم محمد زاهد الكوثري، تقديم لجنة من علماء االزهر،

عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

السمعاني، عبد الكريم بن محمد

م، عن 1989هـ ـ1409أدب االمالء واالستمالء، دار الهالل، بيروت، الطبعة األولى،

مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

السيوطي، جالل الدين

لدين االدر المنثور في التفسير بالمأثور، دار المعرفة، بيروت، عن مكتبة يعسوب االلكترونية.

روت، إسعاف المبطأ برجال الموطأ، تحقيق وتعليق موفق فوزي جبر، دار الهجرة، بي

م، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.1990هـ ـ1410الطبعة األولى، )لم تذكر أرقام صفحاته(، عن شبكة ملتقى أهل التفسير اح في أصول النحواإلقتر

.http://www.tafsir.netااللكترونية:

)ش(

الشافعي، محمد بن ادريس

ي.إختالف الحديث، عن مكتبة العلوم اإلسالمية، ضمن موقع الجعفرية االلكترون كة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(. جماع العلم، شب

األم، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.

الرسالة، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

الشبستري، عبد الحسين

عة ة لجماالفائق في رواة وأصحاب اإلمام الصادق، مؤسسة النشر اإلسالمي التابع المدرسين بقم، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

شرف الدين، عبد الحسين م.1966هـ ـ1386النص واالجتهاد، مؤسسة االعلمي، بيروت، الطبعة الرابعة،

م.1989هـ ـ1410المراجعات، دار البيان العربي،

الشهرستاني، عبد الكريم

م.1990طبعة األولى، دار دانية للنشر، الملل والنحل، عرض وتعريف حسين جمعة، ال

الشوكاني، محمد بن علي

ارشاد الفحول، دار الكتب العلمية، بيروت.

)ص(

حيى محمد ي مشكلة الحديث

264

صبحي الصالح

ح، نهج البالغة لإلمام علي بن أبي طالب، ضبط نصه وإبتكر فهارسه صبحي الصال

هـ.1412منشورات دار الهجرة، قم، الطبعة الخامسة،

الصدر، حسن

لشيعة، انتشارات اعلمي، لم تذكر سنة الطبع وال مكانه.تأسيس ا نهاية الدراية، تحقيق ماجد الغرباوي، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

الصدر، محمد باقر لطبعةابحوث في علم األصول، تحرير محمود الهاشمي، المجمع العلمي لإلمام الصدر،

هـ.1405األولى،

م.1979هـ ـ1399ت، الطبعة الحادية عشر، اقتصادنا، دار التعارف، بيرو

صدقي، محمد توفيق

، ، مصراإلسالم هو القرآن وحده، مجلة المنار، اصدرها محمد رشيد رضا، دار الوفاء م.1906

الصدوق، أبو جعفر القمي هران.من ال يحضره الفقيه، مقدمة حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب اإلسالمية بط

، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة من ال يحضره الفقيه

لدين اهـ، عن مكتبة يعسوب 1404المدرسين في الحوزة العلمية بقم، الطبعة الثانية، االلكترونية.

ر كمال الدين وتمام النعمة، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، مؤسسة النش

كترونية.عن مكتبة يعسوب الدين االل هـ،1405اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم، الخصال، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين في

الحوزة العلمية بقم، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

قادات (، عنوان العدد: تصحيح إعت5اإلعتقادات، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ) اإلمامية.

بن الحسنالصفار، محمد .bayt.org-ul-www.ahlبصائر الدرجات، مكتبة أهل البيت االلكترونية:

الصنعاني، محمد بن إسماعيل الحسنيار سخة دتوضيح األفكار لمعاني تنقيح األنظار، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ن

ة.ة، المدينة المنورة، عن شبكة المشكاة االلكترونيالتراث، نشر المكتبة السلفي

)ط(

الطبرسي

أعالم الورى، مكتبة الكوثر االلكترونية.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

265

الطبري، أبو جعفر

جامع البيان، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

الطحاوي، أبو جعفر

مشكل اآلثار، شبكة المشكاة االلكترونية.

الطوسي، محمد بن الحسن

ورات الشريف الرضي، قم، لم تذكر سنة النشر.الفهرست، منش

اعة ة لجمرجال الطوسي، تحقيق جواد القيومي االصفهاني، مؤسسة النشر اإلسالمي التابع هـ، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.1415المدرسين بقم،

هـ.ش.1362تمهيد األصول في علم الكالم، انتشارات دانشگاه طهران،

األنصاري القمي، مطبعة ستارة، قم. عدة األصول، تحقيقة، لثالثتهذيب األحكام، تقديم حسن الخرسان، دار الكتب اإلسالمية، طهران، الطبعة ا

هـ.1390

االستبصار، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.ين لمدرساالرسائل العشر، تقديم واعظ زادة الخراساني، مؤسسة النشر اإلسالمي لجماعة

بقم.

جائي،فة الرجال، تصحيح وتعليق ميرداماد االسترابادي، تحقيق مهدي الراختيار معر مؤسسة آل البيت، عن مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

ن ية، عالغيبة، تحقيق عباد هللا الطهراني وعلي احمد ناصح، مؤسسة المعارف اإلسالم

مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

الطوسي، نصير الدين

، انتشارات مؤسسة مطالعات إسالمي.تلخيص المحصل

الطوفي، نجم الدين

اب رسالة في رعاية المصلحة، نشرت خلف كتاب مصادر التشريع اإلسالمي لعبد الوه م.1970خالف، دار القلم، الكويت، الطبعة الثانية،

الطهراني، اغا بزرك م.1983هـ ـ1403الذريعة إلى تصانيف الشيعة، دار االضواء، بيروت،

)ع( العاملي، الحر

وسائل الشيعة، المكتبة اإلسالمية، طهران.

.www.alkadhum.orgوسائل الشيعة، مكتبة الحديث االلكترونية، موقع الكاظم: هـ.1403الفوائد الطوسية، المطبعة العلمية، قم،

العاملي، حسن بن زين الدين

حيى محمد ي مشكلة الحديث

266

كتبة تعليق علي أكبر الغفاري، منشورات جامعة المدرسين بقم، عن م منتقى الجمان،

يعسوب الدين االلكترونية.

قال، معالم الدين ومالذ المجتهدين، اخراج وتحقيق وتعليق عبد الحسين محمد علي ب منشورات مكتبة الداوري، قم.

العسقالني، ابن حجر احمد بن عليم ارقا ة سحاب السلفية االلكترونية )لم تذكرنخبة الفكر في مصطلح أهل األثر، مكتب

صفحاته(.

كترونية.، عن مكتبة يعسوب الدين االل1984هـ ـ 1404تهذيب التهذيب، الطبعة األولى، يروت،تقريب التهذيب، دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، ب

االلكترونية. م، عن مكتبة يعسوب الدين1997هـ ـ1417الطبعة األولى،

قراته(.فوال مقدمة فتح الباري، مكتبة سحاب السلفية االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته فتح الباري، دار المعرفة، بيروت، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

اة النكت على كتاب ابن الصالح، ملتقى أهل الحديث االلكترونية، عن شبكة المشك

رقام صفحاته(.االلكترونية )لم تذكر ا طبقات المدلسين، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.

سلسلة الذهب، مكتبة يعسوب الدين اإللكترونية.

العسكري، أبو احمد

تصحيفات المحدثين، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

العسكري، أبو هالل

، زائريا من كتاب نور الدين الجمعجم الفروق اللغوية، الحاوي لكتاب العسكري وجزء

هـ، عن 1412تحقيق مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بقم، الطبعة األولى، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

العصفوري، محسن بن حسين نية.لكترواتحاف الفقهاء في تحقيق مسألة إختالف القراءات والقراء، مكتبة الرافد اال

، ثامر هاشم حبيبالعميديهـ، عن موقع الحوزة 1418مع الكليني وكتابه الكافي، مجلة علوم الحديث، العدد االول،

.www.hawzah.net/Arb/Magazineااللكتروني:

دفاع عن الكافي، مكتبة فقه اإلسالم )لم تذكر ارقام صفحاته(: www.islamicfeqh.com.

)غ( الغروي، مرتضى الموسوي

أثر الوميض في نفي الجبر والتفويض، طبعة تبريز.

الغزالي، أبو حامد

حيى محمد ي مشكلة الحديث

267

إحياء علوم الدين، دار احياء التراث العربي، بيروت.

م.1969هـ ـ1388اإلقتصاد في اإلعتقاد، دار األمانة ببيروت،

)ق(

القاسمي، جمال الدين

المشكاة االلكترونية.قواعد التحديث، شبكة

القرطبي

م.1967هـ ـ1387الجامع ألحكام القرآن، دار الكاتب العربي، مصر، الطبعة الثالثة، القمي، عباس

.shia.com-www.alاألنوار البهية في تواريخ الحجج االلهية، مكتبة الشيعة االلكترونية:

، المكتبة الجعفرية االلكترونية.الكنى وااللقاب

القمي، علي بن ابراهي

تفسير القمي للقرآن، مكتبة الكوثر االلكترونية.

القهپائي

مجمع الرجال، مكتبة أهل البيت االلكترونية.

)ك(

الكاشاني، الفيض محسناه، األصول األصيلة، تصحيح وتعليق مير جالل الدين الحسيني، سازمان چاب دانشگ

هـ.1390، ايران

، المقدمة.1الوافي في شرح الكافي، طبعة حجرية لم يكتب عنها شيء، ج

الكاظمي، محسن بن الحسن االعرجي

الطبعة عدة الرجال، تحقيق مؤسسة الهداية الحياء التراث، نشر اسماعيليان، ايران، هـ.1415األولى،

الكتاني، عبد الحي

وت.الدارية، دار الكتاب العربي، بيرنظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب ا

الكتاني، محمد بن إدريس

الرسالة المستطرفة، مكتبة نداء اإليمان االلكترونية.

الكركي، حسين العاملي

هـ.1396هداية األبرار، الطبعة األولى،

الكليني، محمد بن يعقوب

مؤسسة دار الكافي في األصول والفروع، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، لكترونية.هـ، عن مكتبة يعسوب الدين اال1389الكتب اإلسالمية، طهران، الطبعة الثانية،

حيى محمد ي مشكلة الحديث

268

الكوثري، محمد زاهد

زفيل تكملة الرد على نونية ابن القيم، نشر ضمن: السيف الصقيل في الرد على ابن )انظر: السبكي، علي بن عبد الكافي(.

ر: الحازمي(.تعليق على شروط األئمة الخمسة )انظ

تعليق على شروط األئمة الستة )انظر: المقدسي(.

)م(

المازندراني، محمد صالح شرح أصول الكافي، تعاليق الميرزا أبو الحسن الشعراني، مكتبة يعسوب الدين

االلكترونية.

مالك بن أنسار موطأ اإلمام مالك، رواية يحيى بن يحيى الليثي، أعداد احمد راتب عرموش، د

م. 1994هـ ـ 1414فائس، بيروت، الطبعة الثانية عشرة، الن

الماوردي، علي بن محمد

لى، األو األحكام السلطانية والواليات الدينية، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة

م.1985هـ ـ1405

المبرد

ه(.الكامل في اللغة واالدب، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحات

حيىمحمد، ي

م.2012مدخل إلى فهم اإلسالم، مؤسسة االنتشار العربي، الطبعة الثالثة، عة ء، الطبلبيضااالجتهاد والتقليد واالتباع والنظر، دار افريقيا الشرق، المغرب، الدار ا

م.2010الثالثة،

م.2013، القطيعة بين المثقف والفقيه، دار أفريقيا الشرق، المغرب، الطبعة الثانيةة، الثاني لطبعةة والعرفان واالشكاليات الدينية، مؤسسة االنتشار العربي، بيروت، االفلسف

م.2008

م.2010ى، منطق فهم النص، دار افريقيا الشرق، المغرب، الدار البيضاء، الطبعة األول م.2011ة، لثانيفهم الدين والواقع، دار افريقيا الشرق، المغرب، الدار البيضاء، الطبعة ا

انية، ة الثخطاب والواقع، دار افريقيا الشرق، المغرب، الدار البيضاء، الطبعجدلية ال

م.2012

، 24ـ23العصمة وكتاب االلفين والمنهج اإلستقرائي، مجلة الموسم، العدد المزدوج

م. 1995هـ ـ1416 م.2004، 33حقيقة النبوة في الفكر الفلسفي العرفاني، مجلة المنهاج، العدد

م.2003هـ ـ1424، 30نص الديني، مجلة المنهاج، عدد آليات قراءة ال

، 15دد الفكر اإلسالمي والفهم المقصدي والتعبدي للدين، مجلة الحياة الطيبة، الع م.2004

حيى محمد ي مشكلة الحديث

269

المجلسي، محمد باقر

بحار األنوار، مكتبة الكوثر االلكترونية.

المرتضى، الشريف علم الهدى

دي رجائي، تقديم واشراف احمد مجموعة رسائل الشريف المرتضى، أعداد مه هـ.1405الحسيني، نشر دار القرآن الكريم، قم،

مسلم بن الحجاج صحيح مسلم، شبكة المشكاة االلكترونية.

المظفر، عبد الحسين هـ 1389، الشافي في شرح أصول الكافي، مطبعة الغري الحديثة، النجف، الطبعة الثانية

م.1969ـ

المظفر، محمد رضا

م.1966هـ ـ1386الفقه، دار النعمان، النجف، الطبعة الثانية، اصول

السقيفة، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

مغنية، محمد جواد

لمجلدامع كتاب محاضرات في أصول الفقه الجعفري للشيخ أبي زهرة، رسالة اإلسالم، م.1991هـ ــ1411العاشر، نشر االستانة الرضوية، مشهد،

عبد هللا العكبري المفيد، أبولطبعة ا( دار المفيد، بيروت، 4أوائل المقاالت، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد )

م.1993هـ ـ1414الثانية،

(.5تصحيح اإلعتقاد، ضمن السلسلة السابقة، عدد ) (.7المسائل السروية، ضمن السلسلة السابقة، عدد )

(.11االرشاد، ضمن السلسلة السابقة، عدد )

(.12صاص، ضمن السلسلة السابقة، عدد )االخت .شرح عقائد الصدوق، وهو ملحق خلف أوائل المقاالت، نشر مكتبة الداوري، قم

الفصول المختارة، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

المقدسي، محمد بن طاهر

هرة، شروط األئمة الستة، علق عليه محمد زاهد الكوثري، دار زاهد القدسي، القا

هـ.1357

موسوعة

حيى محمد ي مشكلة الحديث

270

ات موسوعة اإلمام الجواد، باشراف اللجنة العلمية في مؤسسة ولي العصر للدراس

اإلسالمية، قم، الطبعة األولى، عن مكتبة اإلمام الجواد االلكترونية:

www.imamjawad.net.

)ن(

النجاشي، أبو العباس وسى مم، تحقيق رجال النجاشي، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين بق

الزنجاني، لم تذكر سنة النشر.

النجفي، محمد حسن

، دارجواهر الكالم في شرح شرائع اإلسالم، تحقيق وتعليق وتصحيح محمود القوچاني

هـ ـ ش.1367الكتب اإلسالمية بطهران،

النسائي: زهير أبو خيثمة

كتاب العلم، مكتبة يعسوب الدين اإللكترونية.

بةالنميري، ابن ش

وب الدين هـ، عن مكتبة يعس1410تاريخ المدينة، تحقيق فهيم محمد شلتوت، دار الفكر، االلكترونية.

النوري، حسين الطبرسيعسوب يخاتمة مستدرك وسائل الشيعة، تحقيق مؤسسة آل البيت الحياء التراث، مكتبة

الدين االلكترونية.

االلكتروني: فصل الخطاب في تحريف كتاب رب األرباب، عن الموقعhttp://ia600200.us.archive.org

نولدكه، تيودور

طبعة أدناور للنشر، بيروت، ال –تاريخ القرآن، ترجمة جورج تامر، مؤسسة كونراد

.www.4shared.com، عن الموقع االلكتروني: 2004االولى،

النووي، يحيى بن شرف

م، عن شبكة المشكاة 1981هـ ـ1401صحيح مسلم بشرح النووي، دار الفكر، االلكترونية.

(.المنهاج شرح صحيح مسلم، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته

النيسابوري، الحاكم أبو عبد هللا

ات(. قرالفالمدخل إلى اإلكليل، شبكة المشكاة االلكترونية )لم تذكر ارقام الصفحات و

هـ 1397، معرفة علوم الحديث، مراجعة معظم حسين، المكتبة العلمية، المدينة المنورة م، عن مكتبة سحاب السلفية االلكترونية )لم تذكر ارقام صفحاته(.1977ـ

المستدرك على الصحيحين، عن شبكة المشكاة االلكترونية.

حيى محمد ي مشكلة الحديث

271

)هـ(

الهاشمي، محمود باقر الصدر(.بحوث في علم األصول )انظر: محمد

الهمداني، عبد الجبارر، مدكو المغني في أبواب التوحيد والعدل، تحقيق أبي العال عفيفي، مراجعة ابراهيم

اشراف طه حسين، الدار المصرية للتأليف والترجمة.

الهمذاني، أبو بكر محمد بن موسى

طبعةكمي، ماالعتبار في الناسخ والمنسوخ من االثار، نشر وتعليق وتصحيح راتب حا

م.1966هـ ـ1386االندلس، حمص، الطبعة األولى،

الهندي، المتقي

كنز العمال في سنن األقوال واالفعال، مكتبة نداء اإليمان االلكترونية.

)و(

الواسطي النصيحة في صفات الرب، مكتبة يعسوب الدين االلكترونية.

William St. Clair Tisdall, Shi’ah Additions To The Koran, In: The Moslem World, Vol. III, No. 3, July, 1913. Look;

http://www.muhammadanism.org/Tisdall/shiah_additions/shiah_ad

ditions_koran.pdf