مطرانية الزقـازيق ومنيا القمح لألقباط األرثوذكس

كاتدرائية السيدة العذراء وماريوحنا بالزقـازيق

رؤية كنسية آبائية :

الصليب فى المسيحية

بنعمة هللا

األنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح

مقـدمـة

الصليب ... ! صليب ربنا يسوع المسيح ، قوة حقيقية للخالص والنصرة فى

الجهاد .

" إن كلمة منا هذا االيمان الحى بقوله : ومعلمنا بولس الرسول يسل

الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة

. )18: 1كو1(هللا "

والصليب وإن كانت له أعياد زمنية ومكانية ، فهو فوق كل شئ

وقبل كل شئ حقيقة إلهية سماوية .

ياد التاريخية فى لذلك نستطيع أن نقول فى جرأة االيمان أن األع

كنيستنا تستمد مجدها وبهاءها من واقع حياتنا وإيماننا أكثر من أنها

تعطى لحياتنا شيئا من الواقع أو شيئا من االيمان .

وصليب ربنا فى مضمونه الكلى يلزم أن ال يكون فى بالنا حقيقة

من حقائق الماضى بأى حال من األحوال ، ال لشئ إال ألن تأثيره

فعال ممتد بالحقيقة فى الحاضر والمستقبل ، طالما يوجد إنسان ال

يعيش على األرض . ألن الصليب مرتبط أساسا بالمصلوب ،

-7-

والمصلوب حى فى السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل

يوم بل كل لحظة غفرانا وتطهيرا ، بل قداسة وبرا وفداء . فنحن

دنا وأرواحنا صليب ربنا كل يوم .نختبر بأنفسنا بل ونمارس بأجسا

وحينما نقول الصليب " المحيى " فإنما نقول ذلك ونظرنا على الدم

االلهى الذى انفجر لنا من الجنب المطعون وجرى على خشبة

الصليب نهر حياة !! .

وال يمكن أن نذكر الصليب ذكرا حسنا أو ننشد نشيده بالروح إال

كياننا اإلنسانى ، فالدم هو الصلة الحية واإلحساس بالدم يمأل أعماق

المحيية بين الصليب وقلوبنا ، بين المصلوب وبين ضمائرنا ، بين

المسيح فى السماء والكنيسة على األرض ! .

وال يغيب عن بالنا قط أن شركة الدم أو شركة األلم أو شركة

ة أى شرك –المجد ، هذه األنواع المتعددة التى للشركة الواحدة

إنما تأخذ قوتها من المسيح " الحى " أى من القيامة . –الصليب

فالصليب قوة حياة أو قوة محيية ، ألن المسيح الذى صلب هو

اآلن حى ! فبدون المسيح الحى يصبح الصليب عثرة وجهالة . ولكن

إيماننا بالمسيح الحى القائم من بين األموات أو بالحرى شركتنا اآلن

-8-

الحى تجعل لنا من الصليب قوة حياة . فقيامة المسيح فى المسيح

المصلوب جعلت خشبة العار سبب مجد وافتخار ظاهر لكل العالم .

وإن كان التحول الذى تم على الصليب من عار إلى افتخار يظهر

أمامنا هائال وغير معقول ، فإنما ذلك من أجلنا نحن ، وقد استدعى

أيضا وهائال أكثر مما يتصوره العقل ، يقول عمال من هللا اآلب فائقا

عنه بولس الرسول : " وما هى عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن

من المؤمنين حسب عمل شدة قوته . الذى عمله فى المسيح إذ أقامه

)19،20: 1(أفعن يمينه فى السمويات " األموات وأجلسه

والتصور التى فهذه القدرة المتعاظمة والفائقة عن حدود العقل

أجراها هللا اآلب فى المسيح من أجلنا ، هذه العظمة وهذه القدرة

الفائقة وهذه الشدة المتناهية التى استخدمها اآلب ليحول لنا عار

الصليب إلى افتخار فى المجد األسنى بقيامة المسيح ، هذا كله

وبكامله مذخر فى الصليب !! .

ر البشرى ، كذلك وبمقدار أعظم فبقدر ما احتوى الصليب كل العا

احتوى شدة قوة هللا للمجد األبدى !! .

-9-

ونستطيع أيضا فى جرأة االيمان أن نقول أنه ليس من بين أعمال هللا

كلها عمل بلغ فى قوته ، بل فى شموله ، بل فى مجده ،

بل فى سلطانه ، بل فى غايته ، مثلما بلغ الصليب ! .

ن دائرة العصيان إلى الصفح الكلى ألنه رفع الخليقة كلها م

والمصالحة ، من الرفض إلى القبول واالختيار ، من العبودية إلى

البنوة والميراث مع المسيح فى هللا !! .

والصليب مذخر فيه كل مجد هللا بل وكل مجد االنسان . فمن

أدرك سر المسيح المصلوب وآمن باإلله المهان ، انكشف له السر

يفه إلى دموع وهتاف ، وعثرته إلى إيمان وشهادة ، وانقلب تجد

وتجلى له الصليب كمصدر وحيد للحق والمعرفة والخالص ...

آالف من المعجزات عملها هللا فى القديم وعملها المسيح فى االنجيل

وكلها معجزات لالنسان ، أما الصليب فهو معجزة هللا ! ...

صدها فى نفسه لتدبير " إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التى ق

ملء األزمنة ليجمع كل شئ فى المسيح ما فى السموات وما على

) . 10، 9: 1األرض فى ذاك " ( أف

والصليب فى حياة المسيح ليس حادثة عرضية بل غاية ، جاء

وتجسد من أجلها ، ونهجا شمل حياته كلها جاعال من الصليب كأسه

-10-

وبرهان حبه األبدى لإلنسان كل المفضل وطاعته العظمى لآلب ،

االنسان ، نقض به ناموس الخطيئة وبرر به الخطاة ، وظفر به على

اإلنسان كل شمل ، وجمع تحت لوائه به العداوة وقتل ، قوات الظلمة

البعيدين والقريبين ، كرعية مع القديسين وأهل بيت هللا .

الجمعة، صليب المسيح صورة الصليب الذى عرفناه يوم حول لقد

الخشب الثقيل الذى لم يقوى هو على حمله فسقط تحت ثقله ،

الصليب الذى بدا أمام أحبائه كريها مشئوما ، والذى تراءى ألعدائه

ذال وشماتة ، وكان بالنسبة للناموس لعنة وعارا ، هذا صار لنا من

أجل يسوع وفى يسوع شركة سعادة أبدية ومصدر راحة وسرور

، وكلما ازدادت اآلالم من أجل شهادة يسوع ازدادت رؤية وافتخار

وازدادت الحياة قوة وعزاءا ، وارتفع الصليب من الصليب نورا

التاريخ لينغرس فى عمق أعماق الضمير .

وتكريم الصليب نابع من كرامة القيامة ، ألن الموت الذى باشره

كون الصليب الرب على الصليب ، أثمر قيامة وبالتالى مجدا . في

باختصار هو سبب المجد !! .

الصليب بالمجد قائال فى –هذا يصف القديس يوحنا فى إنجيله وفى

)39: 7" (يو مجد بعد قد لم يكن ألن يسوع " : موضوع انسكاب الروح

-11-

ى الصليب ارتفاعا : مشيرا بذلك الى الصليب ، والمسيح نفسه سم

الجميع . قال هذا مشيرا إلى أية ميتة وأنا إن ارتفعت أجذب إلى "

. )33، 32: 12( يوكان مزمعا أن يموت "

إذا فحق لنا أن نهتف بملء أفواهنا : السالم للصليب مصدر كل

ارتفاع ومجد !! فإن كان الصليب هو أقصى صورة لإلتضاع

والمذلة ، فهو قد صار أعظم واسطة لإلرتفاع والمجد .

عليه دفع المسيح ثمن كل خطايانا . السالم للصليب الذى

السالم للصليب المحيي الذى به زالت اللعنة وقبلنا الحياة األبدية .

السالم للصليب رمز المجد والنصرة على الخطية والعالم والجسد

وكل قوات الظلمة .

إذا جيد لنا جدا أن نمجد الصليب واشارة الصليب ، فهو محور كل

، سر القوة المتدفقة فى كل سر ، ية كل تقديسطقس وبداية ونها

والنعمة الحالة على كل نفس .

فلنحب صليب ربنا يسوع المسيح الذى به صار لنا الفداء والدخول

إلى شركة اآلالم لكى نحيا له بالحب ، وحمل الصليب هو عالمة

التلمذة الحقيقية بحفظ الوصية ، واحتمال المشقة والتجارب ونحن

على درب الصليب وقبول اإلهانات بشكر، وجحد الذات نسير

-12-

والخدمة والبذل بتقديم ذواتنا ذبيحة حب ، على مذبح الحب اإللهى

تتقد بنار محبة هللا يشتمها الرب رائحة رضى عن العالم .

ليشرق المسيح بالحب فى أعماقنا . وليضئ بالحكمة فى عقولنا

الصليب كما قال معلمنا وليكن فينا فكرالمسيح حتى نتصالح مع

بولس الرسول : "فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضا

الذى إذ كان فى صورة هللا لم يحسب خلسة أن يكون معادال ل . لكنه

أخلى نفسه أخذا صورة عبد صائرا فى شبه الناس . وإذ وجد فى

يب ."الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصل

) . 8 – 5: 2(فى

فإن كان لنا فكر المسيح هكذا نكون فعال فى مصالحة مع الصليب :

" وضع نفسه " ... " وأطاع حتى الموت موت الصليب " .

وحينما نحاول أن نعيش حسب وصايا المسيح ، قبل أن يكون لنا "

) من جهة المصالحة مع الصليب وطاعة 16: 2كو1يح " (فكر المس

المسير فى الدرب المؤدى إليه ، نخفق بشدة ، ويتزيف لنا التعليم

المسيحى كله ، فنصير معلمين كذبة ومتعلمين ألكاذيب .

ألن معرفة اإلنجيل ووصايا يسوع إلنسان ليس له " فكر المسيح

تخار والمجد والدينونة .من جهة الصليب ، تصبح كلها معرفة لإلف

-13-

أما الذى له " فكر المسيح " ، "وقد وضع ذاته فعال وأطاع مصمما

على المسير فى درب الصليب حتى الموت ، فلمثل هذا تصير

معرفة االنجيل ال لدينونة آخرين ، وال لتمجيد الذات أو اإلفتخار

لمصالحة ولكن لقيادة اآلخرين إلى" فكر المسيح " عينه ول ، بالمعرفة

مع الصليب .

فيصير الصليب سبب فرح لنا ، وننال به قوة للخالص وحياة

للمجد األبدى .

بين يديك أيها القارئ العزيز كتاب :

رؤية كنسية آبائية :

الصليب فى المسيحية

يتضمن سبعة فصول كاآلتى :

} الصليب وأسرار الكنيسة السبعة.2{ } سر الصليب 1{

} اشارة الصليب . 4{ ب فى حياتنا} الصلي3{

} عيد الصليب .6{ } قوة الصليب5{

} الصليب فى التقليد المقدس .7{

-14-

ليت الرب يستخدم هذا الكتاب سبب بركة لحياتنا لنحمل الصليب

ونسير خلف الرب وننال بركة شركة االالم وننال مجد الرب فى

األبدية .

له . وكافة المالئكة والشهداء بشفاعة القديسة العذراء مريم والدة اإل

والقديسين . وبركة صلوات صاحب الغبطة والقداسة

البابا شنودة الثالث

بابا االسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر افريقيا وبالد

المهجر .

وإللهنا المجد واالكرام والشكر والسجود فى كنيسته المقدسة الى أبد

الدهور آمين .

بنعمة هللا

األنبا ياكوبوس 2001سبتمبر

أسقف الزقازيق ومنيا القمح

-15-

محتـوى الكـتاب

] الفصل األول :1[

سـر الصـليب

] الفصل الثانى :2[

سرار الكنيسة السبعة الصليب وأ

] الفصل الثالث :3[

الصليب فى حياتنا

] الفصل الرابع :4[

اشـارة الصـليب

] الفصل الخامس :5[

قـوة الصــليب

] الفصل السادس :6[

عيــد الصـليب

{ب} دورة الصليب . } ظهور الصليب . أ {

] الفصل السابع :7[

س الصليب فى التقليد المقد

-16-

الفصل األول :

ســــر الصـليب

سـر الصليب

] التجسد والصليب :1[

إذا أردنا أن نتعمق األصول األولى التى نبع منها الصليب وبلغت

اآلالم غايتها العظمى بالفداء ، علينا أن نعود مباشرة إلى التجسد ،

لجسد المكسور الذى وا) ، 14: 1(يولنربط " الكلمة صار جسدا "

ينزف على الصليب ! فلوال التجسد ، أى لوال أن ابن هللا صار إنسانا

كامال ذا جسد ونفس وروح مثلنا تماما ، لما استطاع أن يتألم بآالم

تنتهى بالموت الفدائى .

وال يغيب عن أذهاننا قط لحظة الصلة الحية الجوهرية بين

لمة صار جسدا ، ليستطيع عمل الفداء " التجسد " والصليب !! . فالك

ويكمله بجسده بدم صليبه !! .

ولكى نسير خطوة أعمق نحو سر الفداء ، الذى نرى أنفسنا فيه

كمفديين ونلنا الخالص بدم المسيح المسفوك على الصليب ألجلنا

بالحب الباذل المعطى الموهوب للعالم من قبل اآلب ، يلزم أن نعرف

وقعنا من سر التجسد ، ألنه هو السر المؤدى للفداء .قبال ما هو م

-19-

والتجسد هو اتحاد كامل بين هللا واإلنسان فى شخص المسيح ،

لذلك صار قبولنا للفداء واتحادنا بشخص المسيح ( بتناولنا دمه )

سرالمسيح !! أى – معناه أننا دخلنا فى سر االتحاد بين هللا واالنسان

هللا !! عودة حياة الشركة المقطوعة بآدم التى وهو عودة اإلنسان إلى

كانت بين اإلنسان وهللا !! .

أما كيف ندخل إلى سر االتحاد بين هللا واالنسان ، لنستعيد الصلة

مع هللا ، فهذا أكمله لنا المسيح بدم صليبه بآالم الموت ، بالفداء الذى

ه وموته .هو تقديم نفس عوضا عن نفس ، ليربطنا فى هللا بآالم

–أى يدخل سر الفداء –فاآلن ، كل من يؤمن بصليب المسيح

ويشرب دم المسيح الذى للخالص ، يتحد بالمسيح ، فيدخل فى سر

التجسد ، سر العالقة أو سر االتحاد بين هللا واإلنسان .

وهذا هو واقع المصالحة التى أكملها المسيح لإلنسان مع هللا بدم

وضح لنا معلمنا بولس الرسول فى رسالته الى أهل صليبه . وكما

" ألن فيه سر أن يحل كل الملء . وأن يصالح به الكل كولوسى :

لنفسه عامال الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على األرض

) . 20، 19: 1أم ما فى السموات . " ( كو

-20-

أنشأ االتحاد وباختصار ، يكون التجسد قد أنشأ الفداء . والفداء عاد ف

بال ، الذى كان مقطوعا بسبب الخطية . واالتحاد هو المصالحة

وهو الخالص . وبهذا يرتبط الصليب بالتجسد ارتباطا جوهريا من

جهة خالصنا . فالمسيح له المجد ابن هللا الكلمة تجسد ليخلصنا بآالمه

وموته بالجسد .

) ابن اإلنسان (بالتجسد" ابن هللا صار ويقول القديس ايرينيئوس :

لكى يصير االنسان ابن هللا ( بالموت على الصليب ) " .

هذا هو السر المخفى منذ الدهور ، واآلن قد أعلنه هللا للعالم كله

بموت المسيح وقيامته :

أن هللا أضمر منذ البدء أن يرفع الخليقة البشرية الخاطئة والساقطة

بواسطة تجسد كلمته ، الذى به أكمل فداءها إلى حالة التبنى ليتحد بها

من الخطية والموت بموته على الصليب .

وهكذا تمت مشورة هللا على مرحلتين :

} هللا استعلن للبشرية أوال بالتجسد ، فأصبح التجسد تاج الخليقة 1{

" عظيم هو سر : وكمالها اإللهى فى شخص يسوع المسيح

. ) 16: 3تى1(فى الجسد " التقوى هللا ظهر

-21-

} الحياة األبدية التى كانت عند اآلب محجوزة عنا ، استـعلنت 2{

ووهبت لالنسان بموت المسيح على الصليب ، عندما قام ناقضا

أوجاع الموت وقاهرا سلطانه وكاسرا شوكته .

) .20: 15كو1 –المسيح بقيامته صار باكورة الراقدين ألن (

والنتيجة الحتمية للقيامة هى أن الروح القدس روح الحياة فى

المسيح يسوع انسكب على البشرية ، وهكذا انتقلت الحياة األبدية

لإلنسان عبر التجسد والصليب ثم الموت والقيامة .

وهكذا يظهر التجسد كدرجة أساسية فى تكميل الخليقة البشرية

ألولى األساسية المكرمة فى هللا ، فى ورفعها إلى مستوى صورتها ا

شخص المسيح نفسه . ثم يظهر الفداء بموت المسيح على الصليب

كدرجة حتمية لتكميل غاية التجسد وهو االتحاد ، حتمية من وجهة

نظر هللا ، حتمية الحب الذى أحب به هللا العالم ، ليرفع الخليقة

لة التبنى .البشرية كلها من الهالك إلى حياة أبدية فى حا

وهكذا يتضح أمامنا أن التجسد والفداء عمالن متالزمان أساسيان ،

بل وحتميان .

االتحاد كنموذج فعال . التجسد :

إعطاء هذا االتحاد كهبة . الفداء :

-22-

العداوة من ورفعها اإللهى لتكميل الخليقة البشرية هو التدبير هذا

. االتحاد بال بواسطة المسيح صال إلىومن االنف ، إلى حالة التبنى

من هذا يتضح لنا أن الفداء الذى أكمله المسيح على الصليب ليعيد

لنا شركتنا واتحادنا المفقود مع هللا ، إنما يقوم على أساس الهوتى

بالنسبة للتجسد باعتبار أن التجسد هو المسئول عن عطية الفداء ، أى

. إعادة اتحاد اإلنسان بال

أنواع اآلالم التى قبلها المسيح

يوجد نوعان أساسيان لآلالم التى قبلها :

: النوع األول

هى اآلالم التى دخلت إليه من واقع قبوله للطبيعة البشرية بكل

اعوازها وضعفها .

فآالم الجوع والعطش والتعب وحزن النفس من جراء االتهامات

انات والشتيمة واإلهانة ، كل هذه والمطاردات والمصادمات والخي

قبلها المسيح كما يقبلها أى إنسان ، فقد صار مثلنا فى كل شئ ما خال

" الخطية وحدها :" بل مجرب فى كل شئ مثلنا بال خطية

. )15: 4(عب

-23-

ة الحب والحق هذا النوع من اآلالم قبلها اضطرارا من جه

واالتضاع ، والتزاما من جهة المشورة اإللهية التى حتمت بالتجسد

ولكن لم يكن مضطرا لقبولها ، وال تحتم عليه االلتزام بها من جهة

خبث الناس وشرهم أو جور الطبيعة واختالل موازينها ، فهو كان

لذى قادرا على أن يمنعها ويرد عليها ويلغى سطوتها وكل آثارها ، فا

سار على الماء كان فى قدرته أن ال يتعب من السفر على األرض ،

والذى قال للسامرية أنه قادر أن يعطى ماء حيا وكل من يشرب منه

ال يعطش ابدا بل ينبع فيه الى حياة أبدية كان قادرا أن ال يطلب منها

ليشرب ويستقى بفمه من دلوها النحاسى ، والذى أطعم الخمسة آالف

قادرا أن ال يجوع أو على األقل الجموع من خمس خبزات كانمن

أن ال يطلب طعاما ليرد به جوعه ، والذى أقام لعازر من الموت كان

قادرا أن يميت أو يخرس فم األشرار من الكتبة والفريسيين

والرؤساء الذين تربصوا به وأهانوه وأخرجوا عليه كالما شريرا .

ق◌ب◌ل هذه اآلالم فى جسده ونفسه قبوال وهكذا يتضح أنه

طبيعيا بالتزام الحب ، وبدافع االتضاع والمشاركة لنا فى آالمنا التى

بحسب هذا الدهر " مجرب فى كل شئ مثلنا " ، ولكن ليس بحتمية

-24-اإللتزام أو الخضوع لشر األشرار وجور الفجار أو ضعف الطبيعة

لمجرد الشركة فى طبيعتنا ، دخلت أو تسلط المقادير . إذن فهى آالم

إليه دخوال طبيعيا ، فقبلها هو حبا لنا وتكريما لضعفنا ومذلتنا.

النوع الثانى :

هى آالم الفداء ! آالم الصليب والموت ! هذه قبلها هو بارادته

ها هو على نفسه تحتيما " ألجل هذا أتيت الى هذه الساعة " وحتم

وقبل حتميتها من اآلب بحسب مشورة ما قبل الدهور ) ، 27: 12( يو

) . 11: 18(يو كلها : " الكأس التى أعطانى اآلب أال أشربها "

فالصليب محسوب حسابه قبل الزمن : " عالمين أنكم افتديتم ال

بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التى تقلدتموها من

بال عيب وال دنس دم المسيح . اآلباء . بل بدم كريم كما من حمل

معروفا سابقا قبل تأسيس العالم ولكن قد أظهر فى األزمنة األخيرة

. ) 20 – 18: 1بط1( من أجلكم "

وصلب السيد المسيح له المجد على خشبة الصليب ، هذا أيضا

ال فى التدبير االلهى كفعل كامل تم فى المشورة كان مرسوما ومكم

. ، وال ينتظر إال استعالنه بحسب الواقع البشرى العلوية

... الذين ليست اسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم فى سفر حياة "

) . 8: 13( رؤالخروف الذى ذبح . "

-25-

وهكذا فإن آالم الصليب الفدائية لها فى الحقيقة وجهان :

هم المريع وعداوت هم وجه بشع أرضى ، يمثله حقد اليهود وشر

وكذبهم ونميمتهم ، مع ظلم وعنف القضاء األممى .

ووجه الصليب سمائى ، ينضح بالحب والمسرة والبذل اإللهى

هكذا أحب هللا العالم حتى بذل ابنه الفائق الوصف من نحو العالم : "

وإنصافا للحق وتكميال للبر األبدى وخالصا ، ) 16: 3( يوالوحيد "

كل الدهور . عميقا متسعا يشمل

ولكن الوجه البشع األرضى لم يثنى المسيح قط عن أن يتمم

مطالب الوجه السمائى المملوء حبا وطاعة ومجدا وكرامة لآلب

وخالصا عميقا أبديا لإلنسان !! .

لذلك فبسبب حقيقة الوجه السمائى للصليب ، صار قبول المسيح

لهوان واإلذالل المريع ، صار لعار الصليب بكل صنوف المهانة وا

يعتبر انتصارا رائعا للحب اإللهى ولمجد هللا فى السماء وخالص

اإلنسان على األرض !! .

فالصليب كان طريق االتضاع ، بل والمذلة اإلرادية المذهلة التى

أوصلت المسيح الى قمة االنتصار والمجد السمائى ومعه الخليقة

ديين من بنى االنسان الذين رفعهم الى ذات الجديدة ، ماليين المف-26-

المجد وذات االنتصار وأدخلهم معه الى الحياة األبدية فى شركة

اآلب فى الفرح األبدى .

آالم المسيح بالنسبة لحياتنا اليومية وخالصنا األبدى

] آالم المشاركة : 1[

آلالم لقد شارك هللا البشرية فى آالمها الطبيعية التى كانت هذه ا

اليومية محسوبة أنها لعنة بسبب الخطية ، فبتجسد ابنه لم تعد آالم

حياتنا اليومية معتبرة أنها لعنة أو عقوبة ، فالجهد والتعب والعرق

من أجل لقمة العيش الذى صار عقوبة الدم شاركنا فيه كلمة هللا

بنفسه متنازال عن مجده محتمال كل اآلالم والتجارب مثلنا ، ليرفع

اللعنة عن الجهد والتعب والعرق واأللم ، ويحوله لنا الى شركة حب

مع هللا فى المسيح ، محوال الحياة برمتها لتكون غايتها ميراثا مع هللا

فى المسيح .

" من ثم كان ينبغى أن يشبه اخوته فى كل شئ لكى يكون رحيما

ألنه فى ما ورئيس كهنة أمينا فى ما ل حتى يكفر خطايا الشعب .

.) 18، 17: 2(عبهو قد تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين " .

" وهو مات ألجل الجميع كى يعيش األحياء فيما بعد ال ألنفسهم بل

. )15: 5كو2(للذى مات ألجلهم وقام . "

-27-

فاذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئا فافعلوا كل شئ لمجد "

.) 31: 10كو1(هللا . "

كيف يكون ذلك ؟ .

لقد استقطب المسيح ليس فقط اآلالم اليومية الطبيعية عندما بلغ

ل باآلالم إلى الموت الفدائى لرفع الخطية وإبطال سلطانها ، بل حو

الحياة كلها لحسابه !! .

أى أننا نتعب ونشقى ونتألم من اآلن من أجل الرب وحبا فيه وشركة

معه .

كانت سببا فى انفصال آدم عن هللا ، ودخوله فى لعنة ألن الخطية

. )17: 3(تكآالم الحياة اليومية : " ملعونة األرض بسببك "

ولكن ألن المسيح أبطل سلطان الخطية التى هى سبب اللعنة

بالفداء على الصليب ، فانه ينتج من ذلك أن المسيح قد رفع عنصر

عاب اليومية باعتبارها عقوبة الحياة .اللعنة المتغلغل فى اآلالم واألت

هو –يعيش فى الفداء والصليب –فصار الجهاد واأللم لكل انسان

مشاركة حياة مع المسيح الذى قبل لعنة الموت فى نفسه ورفع

االنفصال عن هللا .

-28-

اآلن نحن ال نحيا ألنفسنا ، وبالتالى ال نتألم ألنفسنا ، ألن ابن هللا

دنا الى الحياة مرة أخرى وتألم عنا ليرفع اللعنة عن مات عنا ليعي

األلم ، فال ..يحسب األلم عقوبة بل شركة فى آالم المسيح .

لذلك أصبحت اآلالم اليومية لكل مفدى هللا هى شركة حب ، هى

وقود إلشعال القلب كل يوم بالحب اإللهى ، وكأننا ال نتألم وحدنا

ربا من هللا ونزداد حبا وحياة فيه !! .والألنفسنا بل نتألم لنزداد ق

] آالم الفداء : 2[

هنا اآلالم التى احتملها المسيح حتى الموت ، هى كفارة للفداء ،

هى موجهة ضد الخطية مباشرة ،آالم فوق مستوى البشر فهى لذلك

ليست لمجرد غفران الخطية ، وليست لمجرد المصالحة مع هللا ،

الخطية نفسها من أصولها ، ومحوها ، واالنقاذ من ولكن القتالع

سلطان الخطية وسطوة الموت !! .

. )20: 1(كو" الفداء بدم صليبه " هذا هو معنى الفداء

-29-

الذى تم ضد هنا ليس آالم وحسب بل آالم للموت . واالنتصار

سلطان الخطية والموت وإبليس لم يتم باحتمال اآلالم وحسب بل

لتتم القيامة . بقبول الموت

فالموت إجراء فدائى أساسى ، ولكنه ال ينتهى فى ذاته بل هو

موت لقيامة . والقيامة هنا مرتبطة بالموت { الفداء } ، ثم بالصليب

والقيامة معا . فكل من قبل موت المسيح على الصليب ، يكون قبل

القيامة ، وحاز الفداء .

المسيح نصرة فوق الموت . لذلك فبسبب القيامة ، صار موت

ولذلك كان االيمان بموت المسيح على الصليب ليس لمجرد قبول

غفران خطايا وال لمصالحة مع اآلب وحسب ، وال للحصول على

لقبول نصرة على الموت ، وعل سلطان البراءة أو التبرير، ولكن :

جديدة الخطية ، بقبول القيامة كحياة أبدية ، حياة جديدة ، خليقة

بالروح القدس .

عمل قوة موت المسيح على الصليب فى الطبيعة البشرية

صارت –بقبول آدم لعنة الموت ، بسبب التعدى على وصية هللا

نتيجته المباشرة ، فقدان االنسان الصلة المحيية التى كانت تربطه

بالحياة مع هللا .

-30-

ط الذى كان يربطهما بال لقد فقدت النفس وفقد الجسد األلفة والربا

قابلين للتفكك والنزاع ، وبالتالى قابلين للمرض واالنفصال ، وصارا

أى الموت والفساد . ولكن هللا خلق االنسان على غير فساد . إذا –

الفساد هنا عرض . وليس من صميم طبيعة خلقته الحسنة ، " الموت

ية !! .، هو استعالن الخط) 23: 6(روهو أجرة الخطية "

والموت هنا واقع على الجسد ، ألن النفس ال تموت . لذلك بقى

غلبة الموت ، رجاء . موت المسيح حقق هذا الرجاء لإلنسان رجاء

)، 20 :15كو1( باكورة الراقدين . وصار فقام الجسد ، أجرة الخطية بدفع

أى أعطى كل الراقدين رجاء بل قوة القيامة!! قيامة الجسد والنفس

ألفة الروح القدس باالتحاد بالمسيح الذى هو القيامة والحياة !! . فى

وبذلك صار موت المسيح على الصليب هو نفسه مصدر القوة

إللغاء الموت وإعطاء قوة القيامة .

-31-

الفصل الثانى :

الصليب واسرار الكنيسة السبعة

الصليب وأسرار الكنيسة السبعة

الرسولى وانتشار المسيحية فى كثير من المدن منذ العصر

واألقطار وايمان الكثير من الناس ، إذ يقول سفر األعمال : " وكان

. وكانت )47: 2(أعالرب كل يوم يضم الى الكنيسة الذين يخلصون "

الكنائس تبنى وتسير فى خوف الرب ، فيقول معلمنا لوقا فى سفر

فى جميع اليهودية والجليل والسامرة وأما الكنائس " : األعمال أيضا

فكان لها سالم وكانت تبنى وتسير فى خوف الرب وبتعزية الروح

. )31: 9(أعالقدس كانت تتكاثر "

عرف المسيحيون مركز الصليب ، وفاعليته فى حياة المؤمن ،

فرتب الرسل القديسون بارشاد الروح القدس ، أن يكون الصليب

ألسرار . لما له من فاعلية ، فيصبح للسر أساسى فى خدمة جميع ا

قوة المصلوب التى تعمل فى الشخص الذى ينال بركة السر .

الصليب وسر المعمودية :

السيد المسيح له المجد اكتنز فى هذا السر فاعلية صلبه وموته

وقيامته إذ يقول معلمنا بولس الرسول فى رسالته الى أهل رومية : "

متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها . أم تجهلون أننا كل نحن الذين

من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته . فدفنا معه بالمعمودية

للموت حتى كما أقيم المسيح من األموات بمجد اآلب هكذا نسلك نحن

. ) 4-2: 6(روفى جدة الحياة . "

الخليقة فالروح القدس الذى كان يرف على وجه المياه وأعطى

الحياة ، فى بداية خلقة العالم ، هو بعينه يعطى ماء المعمودية قوة

لكى يولد المسيحى المؤمن ميالدا ثانيا روحيا جديدا . وهذا الميالد

-35-

الروحى الذى من فوق وضحه السيد المسيح له المجد فى حديثه مع

ن " المولود من الجسد جسد هو والمولود منيقوديموس قائال له :

. )16: 3(يوالروح هو روح "

فيصيرالمعمد بهذا الميالد الثانى ، ابنا لآلب السماوى فى المسيح

بعمل الروح القدس .

والمعمد بميالده الجديد ترجع إليه الصورة اإللهية مرة أخرى التى

فقدها آدم بمخالفة الوصية وتشوهت بالخطية .

الوحيد الذى يغمر الكاهن ولما كان سر المعمودية هو السر

الصليب فى مادته . والصليب له أثره الظاهر فى خدمة قداس

المعمودية كما يلى :

] عندما يبدأ الكاهن صالة قداس المعمودية يأخذ الزيت الساذج 1[

ويسكب منه فيها على مثال رسم الصليب .

] لتقديس الماء يأخذ الزيت المقدس ويسكب منه فى جرن 2[

المعمودية ثالث مرات بمثال الصليب .

نفخة فى الماء ثالث مرات برشم الماء ثالث مرات بعد ]3[

بالصليب .

] وبعد صالة آجيوس يرشم الماء بالصليب ثالث مرات .4[

-36-

] يأخذ الكاهن الميرون ويسكب منه قليال فى المعمودية مثال 5[

الصليب ليتقدس الماء .

. فان كانت ا يخرج المعمد بعد والدته الجديدة ، البسا الصليبفلذ

المعمودية بالصليب هى موت المعمد مع المسيح عن الخطية ، كذلك

هى ارتقاء المعمد الى السماء حامال الصليب فى جسده .

سر الميرون :

المسحة ، ، وهو سر ينال المعمد سر الميرون بعد المعمودية مباشرة

التثبيت . أو سر

ففى سر المعمودية يحل الروح القدس على الماء فيقدسه لنوال نعمة

الميالد الثانى ، ليصير المؤمن ابنا ل ، ومن قطيعه المقدس الذى

اقتناه بدمه على الصليب ليرث الحياة األبدية .

وفى سر الميرون يحل الروح القدس فى المؤمن لإلمتالء .

رون يمسح جسم الطفل بمثال الصليب ويرشم الكاهن فى سر المي

على مختلف أعضائه بالميرون المقدس ستة وثالثين صليبا ،

للتقديس فيصير هيكال مقدسا لسكنى الروح القدس فيه .

فهو يختم المؤمن بالميرون بشكل صليب على جبهته ، وعينيه

. ثم وأنفه وفمه وأذنيه ، ثم القلب ، والسرة ، والظهر و الصلب

-37-

ذراعيه ، وساقيه ، ويقول " أدهنك يا فالن بدهن مقدس" باسم اآلب

واالبن والروح القدس . ثم يرتدى المعمد الثياب البيضاء . ثم يشد

وسط المعمد بزنار كمثال الصليب .

أننا قد رشمنا بالميرون المقدس بمثال الصليب لنبارك الرب فى كل

ل الصليب قد أمات الموت بموته . ألنه من قب حين ، ونسبح قيامته ،

ونشهد أنه قام من األموات وصعد إلى السموات ، وأرسل لنا الروح

القدس المعزى ليثبت فينا .

ان رشم المعمد بالميرون بمثال الصليب هو تعهد المسيحى المؤمن

أمام الرب أن يصير تلميذا حقيقيا للرب ويحمل الصليب كل يوم

بحياته . فالصليب هو رمز إيماننا ومحور حياتنا ويتبعه شاهدا للرب

، التى نعيشها على األرض فى جهاد مستمر ، قابلين األلم كشركة

مقدسة مع المسيح لننال اكليل المجد المعد لنا .

سـر التـوبة :

بالمعمودية ننال العتق من عبودية الخطية ، وبالمعمودية ننال

غربة هذا العالم نجاهد ضد الخالص ، وننال التبنى . ونحن فى

شهوات الجسد ، وفى حرب دائمة مع ابليس وجنوده ، وأيضا نجاهد

ضد اغراءات العالم وسرابه الخادع .

-38-

وفى جهادنا اليومى والدائم معرضين للسقوط فى الخطية . بسبب

الضعف البشرى والتراخى والكسل وفى لحظات التوانى فى الجهاد .

نا سر التوبة واالعتراف .ولكن الكنيسة وضعت ل

على ترك الخطية ومكانها ، والحزن والندم عليها العزم التوبة فى

واالقرار واالعتراف بها . ثم السلوك حسب وصايا االنجيل .

وفى االعتراف ، جلسة مع النفس لمراجعتها ومحاسبتها .

. ) 5: 2(رؤ" فاذكر من أين سقطت وتب واعمل األعمال األولى "

ثم جلسة مع هللا لالعتراف بكل الخطايا ، وطلب مراحم الرب ، ثم

الذهاب إلى األب الكاهن ، وبعد أن يقر المعترف بكل خطاياه ،

ويعترف بكل آثامه . بندم وانسحاق ، لتجديد الحياة مرة أخرى يضع

األب الكاهن الصليب على رأس المعترف ، ويقرأ له التحاليل الثالثة

تراب العالم الذى سقط على ثوب العريس ويستعيد لينفض عنه

نقاوته ، وطهارته ، ويكون مهيئا للتناول من جسد الرب ودمه

األقدسين ، ليثبت فى المسيح مجاهدا بالصالة والصوم ، فيحفظ نفسه

ويبقى بال عثرة .

ان وضع الصليب على رأس المعترف يكون بمثابة اعالن وتعهد

منه بأن انسانه العتيق قد صلب : " عالمين هذا منه ، بل أيضا قبول

-39-

أن انساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كى ال نعود

. وأنه مستعد الحتمال الصليب )6: 6(رونستعبد أيضا للخطية . "

مستهينا بالخزى وصلب الجسد مع األهواء والشهوات . كما يقول

هل غالطية : " ولكن الذين هم معلمنا بولس الرسول فى رسالته الى أ

)24: 5(غل للمسيح قد صلبوا الجسد مع األهواء والشهوات " .

لتصبح النفس المعترفة عروسا للمسيح ، وتحفظ نفسها فى نقاوة

كالعذارى الحكيمات ، فى االيمان ، والرجاء ، والمحبة .

قل وتستعد بمصباحها المملوء بزيت كلمة الحياة الذى يغذى الع

والروح وبأعمال صالحة هى ثمر الروح ، وتكون مستعدة للقاء

عريسها بسراج النفس المضئ وآنية الزيت القلب المملوء صالحا

حينما يأتى فى نصف الليل . تخرج مترنمة بقدومه للدخول إلى

العرس السمائى ، بفرح وبهجة وتسبيح .

سـر الشـكر :

ر المحبة المصلوبة ، يقودنا حضور هللا فى القداس االلهى حضو

من الصالة الى التسبيح ثم الى عمق الشركة مع هللا واالتحاد به ،

والثبوت فى المسيح بالتناول من الجسد والدم األقدسين .

-40-

ان هدف القداس هو أن يستمر الصليب ، ليسهل لنا أن نتحد

بذبيحة الجلجثة ، ونستطيع أن نخلص .

ت الرب كما قال معلمنا بولس الرسول : ان القداس هو شركة لمو

) .10: 3(فى" " ألعرفه وقوة قيامته وشركة آالمه متشبها بموته .

: رشم الصليب فى تقدمة الحمل

يرشم الكاهن خبز الصعيدة عند وضعه على المذبح قائال : "باسم

اآلب واالبن والروح القدس فهو يقدم بعد ذلك البركة لآلب ضابط

ه يسوع المسيح ربنا والروح القدس المعزى " . ثالث الكل وابن

رشومات تقال ، وهو يخبر المؤمنين بدعوتهم السماوية قائال :

" باسم اآلب واالبن والروح القدس " . وبأن سر التبنى الذى من

اآلب هو الذى يباركون اآلب عليه قائلين : مبارك اآلب ضابط الكل

فى الصعيدة الناطقة الروحانية . الذى أعطانا جديدا سر التبنى

والكاهن يدعوهم معلنا دعوتهم الى وليمة االبن السماوية ويقول

بعدها " مبارك االبن الوحيد يسوع المسيح ربنا " الذى خلع عليهم

مالبس الوليمة وجعلهم أهال لحضور العرس السمائى أى القداس

االلهى .

-41-

المعزى فإننا نعترف بأن أما عند قولنا مبارك الروح القدس

الباراكليت الذى نلناه بعد اغتسالنا هو الذى سيعلن لنا سر جسد الرب

ودمه .

: رشم بعد تقدمة الحمل

يقول الكاهن " السالم لجميعكم " ويرشم رشما واحدا معلنا قبول

هللا للشعب بعد اعترافهم بقبول الدعوة السمائية .

أيضا " ألن الوحدة الروحية قائمة يجاوبه الشعب : " ولروحك

بالسالم أى ربنا يسوع المسيح وصليبه . ألن بصليبه المحيى صار

الصلح والسالم للبشر .

: رشم أثناء صالة الشكر

وعند تالوة صالة الشكر يقول الكاهن : " وعن سائر شعبك " لكى

تبطل عالمة الصليب المحيى أفعال الشياطين .

عب داعيا إياهم إلى اليقظة الروحية وأن يحفظوا ويرشم الكاهن الش

، بل نقى دائما يليق بأوالد اآلب السماوى دنس غير معموديتهم ثوب

: وعن هذه المائدة

يرشم الكاهن المذبح مؤكدا أن الواقف أمام المذبح ال يمكنه أن

يحضر معه الخالفات األرضية وأفعال األرواح النجسة .ومن يزمع

-42-

كل من الصعيدة بعد تقديسها برشم الصليب وبالروح القدس أن يأ

ليس له قبول وال استحقاق لهذه البركة السماوية إال إذا كان قد تاب

وعاد واتحد بالصليب وتصالح مع غيره ، بمحبة قلبية خالصة

اساسها محبة هللا .

: رشومات أوشية التقدمة

وهو يصلى لالبن يرشم الكاهن خبز الصعيدة والكأس ثالث دفعات

الوحيد ربنا يسوع محب البشر وعندما يسأله أن يظهر وجهه ، يرشم

رشما واحدا قائال : " باركهما " . ثم يرشم دفعة ثانية قائال " قدسهما

" . والرشم الثالث " طهرهما " .

: رشومات تحليل الخدام

الشعب الكاهن يرشم شريكه فى الخدمة ، القس والشماس والخدام و

ثم ذاته خمسة رشومات سائال الحل من الثالوث والكنيسة الجامعة

ورأس البيعة فى الديار المصرية مارمرقس وشهود االيمان

األرثوذكسى وبطريرك وأسقف الزمان ويشير الى ذاته برشم

الصليب الخامس .

-43-

ومع تنوع طغمات الكنيسة إال أن الذى يجمع الكل فى الحياة الواحدة

ليب ولذلك يطلب التحليل لشريكه الخديم وهو يفعل ذلك هو الص

بإيمان صحيح وبغير رياء .

ألن الصليب يظهر الحق الذى ينير القلوب .

: رشم الصليب فى قدوس هللا

يقف المؤمنون جميعا لالعتراف بالوهية ربنا يسوع المسيح

وتجسده وموته وقيامته وصعوده . وفى كل مرة يقولون " أجيوس "

يرشمون الصليب عالمة التقديس الذى نالوه من اإلبن الوحيد فهو

إلهنا القوى والحى الذى تجسد ومات وقام .

ولذلك يختمون أجيوس بذكصولوجية الثالوث شاكرين اآلب واالبن

والروح القدس على نعمة الحياة الدائمة وهو ما يؤهلهم لسماع كلمة

االنجيل الذى به يبشرون .

ب هنا اعتراف بااليمان وشركة مع السمائيين فى تقديس ورشم الصلي

الحمل ابن هللا .

: رشم الصليب قبل وبعد قراءة االنجيل

عند قراءة االنجيل يقف الشعب كله بسكوت تام لكى يسمع صوت

ابن هللا الحى الذى يخرج أمامه الكاهن بالشورية والشماس حامال

-44-

ك اآلتى باسم الرب إله القوات البشارة وعندما يصرخ يقول : " مبار

. بارك يارب الفصل من االنجيل المقدس " . والشعب يصرخ قائال

وهو يرشم الصليب " المجد لك يارب " . وهم بذلك يستقبلون

االنجيل برشم الصليب ألنه ختم الحمل الحى ابن هللا وعالمة شريعة

الحياة .

: رشم الصليب فى األواشى بعد االنجيل

كل أوشية يقول الكاهن " اشليل " ثم يرشم الشعب بمثال قبل

الصليب قائال " السالم لجميعكم " طالبا اليقظة واالنتباه لكى ينالوا

قوة االنتباه للصالة .

وعن كل شعبك " يرشم الكاهن الشعب بالصليب واذا ومتى قال "

كان األسقف حاضرا فهو الذى يرشم عوض الكاهن .

نا ضرورى والزم ألننا فى أوشية اآلباء نطلب من ورشم الصليب ه

اآلب السماوى أن ينعم على الكنيسة بالسالم وأن يمألها بالخدام

الملتهبين بالمحبة والتقوى .

: رشم الصليب فى أوشية االجتماعات

وعند قوله " أذكر يارب اجتماعاتنا باركها " يرشم الشعب رشما

بقوة صليبك لكى تصير للطهارة واالتحاد واحدا عند قوله " باركها "

-45-

ورجوعهم الى الكنيسة عمود الحق وقاعدته وتوبة المنشقين .

وبرجوعهم يصيرون فى وحدة مقدسة يحفظها الروح القدس فى

روحانية الحق الذى يضئ بكلمة االنجيل التى تنير بصائرهم

تى فيعرفون الحق ، والحق يحررهم . ولوال طهارة االبن الوحيد ال

تفاض علينا بالروح القدس بسبب صليبه وقيامته لما كانت لنا

اجتماعات فى الكنيسة ولكننا به نجتمع وبه نحيا وبقوة صليبه نتطهر

.

ويرفع الكاهن البخور فوق المذبح إلى الجهات األربعة على مثال

الصليب أى شرقا وغربا وشماال وجنوبا ضارعا إلى هللا اآلب

ة . بيوت طهارة . بيوت بركة ... " ." بيوت صال

قانون االيمان :

وبعد ذلك يمسك الشماس الصليب المكرم ويرفعه مناديا الشعب "

انصتوا بحكمة هللا . يارب أرحم . يارب ارحم . يارب ارحم .

". ويظل واقفا مكانه حتى ينتهى الشعب بالحقيقة نؤمن بإله واحد ..

، ألن حكمة أقوالها ليست حكمة بشرية من تالوة قانون االيمان

تعلنها أقوال بشرية وإنما هى حكمة إلهية وحسب اعالن محبة هللا فى

صليب ابنه يسوع المسيح .

-46-

صالة الصلح

المصالحة وعالمة الصليب :

ومتى بدأ الكاهن صالة الصلح يقف الشماس أمام الكاهن ويرفع

من أجل السالمة الكاملة عالمة الصليب المكرم قائال : " صلوا

والمحبة والقبالت الطاهرة الرسولية " ، محذرا الشعب أن ال يقبل

سالم آخر غير سالم ربنا يسوع المسيح الذى مات عنا وتراءف على

جنسنا الساقط وأقامه من الموت بموته المحيى .

قداس المؤمنين

الشعب يأخذ الكاهن اللفافة التى على الصينية ويرفعها ويرشم

رشما واحدا بمثال الصليب : الرب مع جميعكم .

ارفعوا قلوبكم :

ويرشم عن يمينه بعد رشم الشعب سائال أن يساعدوه بالطلبة

باتحادهم معه فى سر موت المسيح وقيامته المزمع أن يعلن فى هذه

الصلوات .

-47- فلنشكر الرب :

آلب الذى أرسل وحيده ذاته بعالمة الصليب شاكرا ا ويرشم الكاهن

، والروح الصليب ودعاه ألن يحمل معه الذى أقامه لهذه النعمة واالبن

أقامه بشريعة الصليب وأفاض عليه النعمة المبررة الثابتة الذى القدس

قدوس :

يضع الكاهن اللفافة التى على يده اليسرى على المذبح ويأخذ

على يده اليسرى . ويأخذ اللفافة اللفافة التى على يده اليمنى ويضعها

التى على الكأس ويرشم بها ثالث صلبان وفى كل مرة يقول أجيوس

. وفى الرشم األول يكون متجه إلى الشرق ويرشم ذاته . والثانى عن

الغرب ويرشم الشعب ، يمين المذبح ويرشم الخدام والثالث يتجه إلى

فى المرات الثالث بمثال الصليب .

رشم الخبز

وعندما يمسك الكاهن الخبز يرشم صليبا واحدا يقول : وشكر :

" وشكر " معلنا أن الشكربعالمة الصليب هو الشكر الكامل المقبول

لدى اآلب ولدى مسيحه يسوع المسيح ربنا الحمل الذى بال عيب

والروح القدس الباراقليط .

. ويرشم صليبا ثانيا قائال " وباركه " وباركه :

-48-

وعند قوله " وقدسه " يرشم صليبا ثالثا ، والتقديس هو وقدسه :

امالك وتخصيص . وهكذا من قبل صليب ربنا يسوع المسيح يصير

الخبز صعيدة مقدسة لآلب ضابط الكل ويتم قول الرب االلهى : "

من أجلهم أقدس ذاتى " .

الكـأس

لصليب مثل وبعد ذلك يمسك الكاهن بالكأس ويرشمه بعالمة ا

الخبز ويردد نفس الكلمات . والصلوات على الجسد أوال ثم على الدم

ألن الدم نبع من الجسد وال دم بدون جسد .

استدعاء الروح القدس

وعند سجوده يقول بعد ذلك صلوات استدعاء الروح القدس ساجدا

وهو مطاطى رأسه وساجدا عند المذبح ووجهه الى الكاهن ويطلب .

منتظرا الروح المعزى . وإذا وقف فليقف منحنيا قائال : أسفل

" وهذا الخبز يجعله جسدا مقدسا له " وينحنى أمام الملك ورئيس

الكهنة يسوع المسيح . ويرشم الصليب ثالث دفوع قائال : " ربنا

والهنا ومخلصنا يسوع المسيح " ألن الذى يقدس إنما هو الرب وإذا

وباالعتراف بالهوته يستدعى المسيح قائال:يسوع وقف فليقف منحنيا

الكاهن الروح القدس الذى يحل معلنا أن يسوع المسيح هو الرب .

-49-

أما رشم الصليب عند استدعاء الروح القدس فهو ست رشومات

ثالثة على الخبز وثالثة على الكأس . والرشومات متساوية فى

أن الدم هو بالجسد . أما المعنى والعدد ألن الجسد هو بالدم كما

ر الفائق الذى ال يمكن الرشومات فهى سرية ال يجوز فيها الكالم فالس

النطق به يتم تقديسه سرا .

تقدمة القسمة

يقول الكاهن هذه الصلوات بهدوء وبعدها مباشرة يأخذ الخبز

المقدس بيديه وينظر الى فوق الى السماء . ويقدم صالة شكر على

ية العظمى ويكسر الخبز .هذه العط

وبينما يكسر الخبز يصلى من أجل الشعب لكى تحل عليهم نعمة هللا

ويختم بقوله " لتكن نعمة ربنا يسوع المسيح معكم " . ويجاوبه

الشعب بالكلمات المناسبة . وبالخبز يعمل عالمة الصليب على الدم

على الرغم وبالدم على الخبز ، ثم يوحدهما معا لكى يعلن للكل أنه

من أنهما عنصرين إال أنهما واحد السيما فى القوة وهما لذكرى

الموت واآلالم التى حدثت لجسد ربنا عندما سفك دمه على الصليب

من أجل الكل . وعندما يرشم الكاهن عالمة الصليب عليهما فإنه

-50-

بهذه العالمة يعلن أنهما واحد وألن الجسد البشرى هو واحد مع دمه

وجد الجسد يوجد الدم أيضا .وحيثما ي

ورشم الجسد والدم يؤكد أنهما واحد فى القوة ، وأنهما يخصان

األقنوم الواحد الذى تألم أى أنهما جسد ودم ربنا يسوع المسيح الذى

سفك على الصليب .

ويقول الكاهن : القدسات للقديسين ويرشم بالجسد والدم رشما

وفتح لنا طريق األقداس ودخل واحدا ألن المسيح حمل ناسوته

بذبيحة ذاته إلى قدس األقداس . ثم يأخذ " االسباديقون " ويغمسه

بالدم ويرشم به الجسد الطاهر رشما واحدا ألن من قبل اتحاد النفس

بالجسد وحياة عدم الموت يصير بعد ذلك الرشم بهما معا بدون

دم باالسباديقون انفصال وبعد أن يرشم الجسد باالسباديقون يرشم ال

ويكون الرشم بالجسد ( االسباديقون ) والدم منهما وبهما واحدا .

ويترك االسباديقون فى الكأس حتى يتناول كل المؤمنين بذبيحة

واحدة يوزع جسده ودمه الواحد على المؤمنين ليصير الكل واحدا .

زيع ومن ثم صارت العادة أن ال يتناول الكاهن االسباديقون حتى تو

األسرار وبعد تناول الشعب كله .

-51-

سر مسحة المرضى

الذين يسقطون فى االمراض بسبب سوء حياتهم وعجزهم وخوفهم

من الموت فهؤالء أحيانا يؤدبون بالمرض لشفاء النفس من الشهوة

ومتى كشفوا هؤالء لشيوخ الكهنة أمراضهم الحقيقية يأتون بهم إلى

الصالة لكى يقيم الرب هؤالء البيعة ويشترك الشعب كله فى

الساقطين بالطلبة والصوم وتضرع الكهنة . وبعد ذلك يرشمونهم

بزيت مسحة المرضى :

ويرشمون ذات موضع ختم الميرون ألن قوة الروح على جباههم

التى ختمتهم هى التى تعيدهم إلى الحياة وترد لهم بهاء العطية األولى

قا فهو ختم ملكوتى قائم بقوة ربنا أى ختم الميرون الذى ال يزول مطل

يسوع الملك . ولكن بهاء ذلك الختم الذى يحرق الشياطين كمن

بسبب السقطات أما بالمسحة فهو يشع من جديد . ويرشم أيضا

ألن فيها اللسان والنطق وهى التى فيها تصدر موضع الحنجرة

ية بالنميمة أفعال الشر وتولد فيها األفكار الخفية التى تصبح جهران

والسعاية .

والحنجرة رحم العداوة والوقيعة وليس عبثا أن قال القديس يعقوب

الرسول : " الرجل الكامل هو من يلجم لسانه بالكمال " . فال يتكلم

-52-

إال كالم المحبة الذى يرطب قلوب الناس ويقضى على الشكاية فيزيل

مرارة السعاية ويجعل كلمات العتاب بلسم .

فهو على ذات موضع اليمنىوبعدها اليسرى أما رشم اليدين

الرشم بالميرون .

ورشم اليد اليسرى هو طلب شفاء االرادة الخفية أما رشم اليد

اليمنى فهو طلب شفاء قوة االنسان لكى يعود صحيحا معافا وبال

أمراض .

سر الزيجة

م ما يمكنهما سر الزواج به يتقدس الزوجان ، ويمنحهما من النع

من النهوض بأعباء الحياة الزوجية . ويرمز إلى اتحاد المسيح

" أيها الرجال أحبوا : بالكنيسة كما أعلن معلمنا بولس الرسول قائال

لكى يقدسها . نسائكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه ألجلها

حبوا كذلك يجب على الرجال أن ي .. مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة

عظيم هذا السر .. من يحب امرأته يحب نفسه نساءهم كأجسادهم .

) .32-25 :5(أف ولكننى أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة "

فسر الزواج مرتبط بسر الصليب ، فكالهما أساسه حب وبذل

وتضحية وطاعة بال مقابل .

-53-

الصليب له اشتراك فى صلوات سر الزواج كما يلى :

الكاهن عقد االمالك و االكليل ، يمسك الصليب بيمينه ، عندما يعلن

ويعقد برشم الصليب المقدس ، ويقول : باسم ربنا والهنا ومخلصنا

يسوع المسيح..نعقد عقد أمالك وزواج االبن المبارك االرثوذكسى

البكر ( فالن ) على االبنة المباركة االرثوذكسية البكر ( فالنة ) .

رشومات وعندما يذكر الكاهن فى صالته ويرشم بالصليب ثالث

العريس ومعينته ، يرشمهما على جبهتيهما بالصليب .

يرشم الكاهن بالصليب الحلل الموضوعة لكى تصير للزوجين

اللذين يلبسانها حلل المجد والخالص ، حلل الفرح والتهليل .

بعد صالة الكاهن على زيت الفرح يدهن الكاهن العريس وعروسه

الصليب .برشم

وهذا يرمزلرجوع الكرامة –يضع الكاهن اكليلين على رأسيهما

الملوكية األولى ، وكرامة الكائن االنسانى قبل السقوط ، واستعادتها

اآلن فى وحدة الزواج . ثم يبارك األكاليل الموضوعة على رأسيهما

آلب ، ويرشم بالصليب عليهما قائال : " كللهما بالمجد والكرامة أيها ا

آمين . باركهما أيها االبن الوحيد آمين . قدسهما أيها الروح القدس

آمين .

-54-

أنها كرامة نقاوة الرباط بين العريس وعروسه ، وعودة الطبيعة

الى وظيفتها فى اتحاد الرجل والمرأة . هذا كله من أعمال الصليب

والفداء .

سر الكهنوت وهو خادم جميع األسرار

( القارئ ) : إقامة االغنسطس

أول درجات الخدمة هى القارئ الذى يقام مع غيره من درجات

الشماسية فى قداس المؤمنين وبعد صالة الصلح ألنه يقام لخدمة

المؤمنين فقط ويسهر على رعايتهم .

أما األسقف فيقام بعد االبركسيس ألنه يقام لرعاية الموعوظين

والمؤمنين .

قارئ وشهد له الذين قدموه فإن األسقف يقص ومتى قرأت تزكية ال

شعره من فوق جبهته لزوال مجد العالم ومن خلف ألنه ال يعود يضع

يده على أى محراث بل يحرث للرب فقط ثم من فوق الصدغ اليمين

لتقبل االهانات والتحقير وفوق الصدغ الشمال ألنه يدير خده األيسر

الذى يقرأه اإللهى عامال بالقول كقول الرب ويصير

ويكمل بذلك رشم الصليب ودعاء الثالوث القدوس الذى دعاه إلى

خدمته .

-55-

إقامة اإليبوذياكون :

ال يقص شعر االيبوذياكون وانما يرشم ثالث مرات على جبهته

بدون وضع يد ألنه يقام لخدمة البيت وحراسة األوانى واالهتمام

اكون ألنه يخدم معه بعد بحسن وجمال البيعة . ويدعوه االرشيدي

الرشم األول قائال للشعب " فالن " ابوذياكون لبيعة هللا المقدسة .

آمين ، دون أن يقول مثل األسقف " ندعوك " ألن هذه الكلمة خاصة

باألسقف ألنه هو الذى يكرس ويرشم كل رتب الكهنوت .

ويرشم أوال باسم اآلب واالبن والروح القدس ألنه يخدم بيت

الثالوث ويحرس األسرار االلهية ، ويرشم رشما ثانيا باسم االبن

الوحيد ألنه يقام لخدمة اسراره والرشم الثالث للروح القدس الذى

يفيض عليه نعمة الخدمة . ويلبسه { البطرشيل } قائال : مجدا

واكراما السمك القدوس أيها اآلب واالبن والروح القدس المساوى .

انا للكنيسة المقدسة .سالما وبني

إقامة الذياكون :

الذياكون أول درجات الكهنوت .يضع األسقف اليد على الشخص

وهى أول صالة لوضع اليد للشرطونية قائال " أيها السيد الرب اإلله

..امأله من الروح القدس والحكمة ضابط الكل الحقيقى غير الكاذب

-56-

الشمامسة ورأس الشهداء والقوة كما مألت عبدك اسطفانوس أول

المتشبه بأوجاع المسيح " .

ويدعوه األسقف قائال : " قسمنا فالن شماسا على المذبح الطاهر

الذى للقديس أو الشهيد فى كنيسة هللا االرثوذكسية الكائنة بالمدينة أو

الكورة .." وبهذه الكلمات يناديه قائال : باسم اآلب واالبن والروح

ن . رشما واحدا على جبهته معلنا أن يقام بواسطة القدس . آمي

الثالوث القدوس ثم يكرر الكالم معلنا شركته فى الخدمة الرسولية مع

األسقف بقوله :

" ندعوك يا فالن فى بيعة هللا المقدسة آمين باسم االبن الوحيد ربنا

يسوع المسيح . باسم الروح القدس الباراقليط آمين .

رتين ألنه فى المرة األولى يقيمه الثالوث وهى مثال صيغة ويرشمه م

التعميد أى باسم اآلب واالبن والروح القدس .

ويرشمه على جبهته ألنه أقيم فى أول درجات الكهنوت ليخدم

المذبح السمائى الذى يقع فى قسمته وهنا عند ذكر المذبح والبيعة

م الروح القدس الفاعل يرشمه باسم االبن الوحيد رئيس الكهنة وباس

فى الكهنوت .ثم يضع األوراريون على كتفه الشمال ويقول مجدا

واكراما للثالوث القدوس . ألن األوراريون هو عالمة الخدمة ويكمل

-57-

قوله " سالما وبنيانا للواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية ..

كنيسة هللا " .

إقامة القـس :

قسم ذياكون يكمل األسقف رسامته قسا وإال فليقسم واذا كان قد

ويناديه من بعد صالة األسقف معلنا بندائه أنه ينتقل من طقس

الشماسية الى طقس القسيسية ويبارك األسقف عليه ثم يضع يده

اليمنى لكى يقام للخدمة ويصلى طالبا أن يمتلئ من روح الحكمة

وك فى كنيسة هللا المقدسة وبعد أن يطلب له ذلك يقول االسقف ندع

قسيسا . ويرشمه باسم اآلب واالبن والروح القدس ويعضده باسم

االبن الوحيد ويباركه باسم الروح القدس ثالث رشومات من بعد

وضع اليد .

وأما الرشم األول فهو دعوة الخدمة والرشم الثانى إقامة بسلطان

ى . ويكون قائما الصليب والرشم الثالث تأييد بالروح القدس المعز

لدى اآلب بواسطة االبن وبعمل الروح القدس الذى يوآزره فى

االنسان الداخلى .

-58-

الفصل الثالث :

الصليب فى حياتنا

الصليب فى حياتنا

ين " فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلص

. )18: 1كو1(فهى قوة هللا "

يب هو أقوى حدث فى حياة المسيح بالرغم من أنه أضعف الصل

فهو الذى يقول عنه الرسول –موقف من مواقف الرب على األرض

بولس " ألنه وإن كان قد صلب من ضعف لكنه حى بقوة هللا . فنحن

أيضا ضعفاء فيه لكننا سنحيا معه بقوة هللا من جهتكم ."

) . 4: 13كو2(

تلك هى لحظة اإلخالء العظمى التى بلغ فيها المسيح أقصى حدود

ألنه معروف أن كل من الهوان عندما علق على خشبة الصليب .

" ألن المعلق : يعلق على خشبة هو ملعون بحسب الناموس القديم

إلهك نصيبا " ملعون من هللا . فال تنجس أرضك التى يعطيك الرب

. لذلك فالقديس بولس الرسول يقول : )23: 21(تث

" المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة ألجلنا ألنه مكتوب

. )13: 3(غلملعون كل من علق على خشبة . "

وإذا تأملنا الصليب ، فنحن نتأمله كقوة فاعلة ، حولت الموت إلى

أبدية ، . حولت اللعنة الزمانية إلى بركة " بالموت داس الموت " حياة

-61-

حولت الخطية إلى بر ، حولت العداوة الى محبة ، والظالم الى نور

ينطفئ! إشراقا ال الموت قلوب الجالسين فى الظلمة وظالل فى اشرق

فكل نور يرى بالعين يمكن أن ينطفئ ، أما نور هللا إذا أشرق فى

يمكن أن تطفئه . القلوب فال توجد قوة فى العالم

" الذى قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذى أشرق فى قلوبنا إلنارة

. )6: 4كو2(معرفة مجد هللا فى وجه يسوع المسيح "

نرى بوضوح إذن أن الصليب قوة جديدة دخلت العالم وأقوى من

ولت السلبيات التى كان يرزح تحتها اإلنسان إلى كل ما فى العالم . ح

يات ينعم بها .ايجاب

فإن كان الصليب من الخارج هوانا ولعنة ، فهو فى الداخل مجد

وكرامة . وهذا فى الواقع يعبر عن مضمون حياتنا التى نحياها فى

" من ال يحمل صليبه المسيح والتى يطالبنا بها االنجيل كل يوم :

) .27: 14ويأتى ورائى فال يقدر أن يكون لى تلميذا " ( لو

كل المطلوب منا أن نحمله –بالمفهوم االنجيلى –الصليب هنا

يوم على أكتافنا كنير ثقيل ، هو فى حقيقته قوة حاملة لإلنسان وليس

ثقال عليه ، يحول الموت الذى تملك الجسد بسبب الخطية إلى قيامة

وحياة أبدية بسبب دم الغفران المنسكب عليه .

-62-

ذا العالم التى تسيطر على قلوبنا بسبب الصليب نواجه به ظلمة ه

الخطيئة التى تقتحم حياتنا كل ساعة ، ألنه معروف أن بقوة الصليب

تموت النفس عن شهواتها ، فيتحول الحزن والكآبة والندم إلى بر

وابتهاج مع فرح أبدى .

وبقدر ما يكون الصليب محنة حقيقية للنفس تجوز فيها غصة الموت

الصليب عن سالم يفوق العقل . ، بقدر ما يتجلى

نحن ننظر إلى الصليب كممارسة وحياة ، وأن كل من لم يعش

صليب ربنا يسوع المسيح ، فهو لم ينتقل أو يتحرك داخليا ليذوق

معنى العبور من حياة حسب الجسد لحياة حسب الروح ، الصليب آلة

لحياة .الفصح والقوة الخفية التى تحمل االنسان من الموت الى ا

الصليب حركة داخلية وقوة محولة ، والذى لم يدخل اختبار

" وأما أنتم الصليب ال يمكن أن يفهم قول القديس بطرس الرسول :

فجنس مختار وكهنوت ملوكى أمة مقدسة شعب اقتناء لكى تخبروا

) .9: 2بط1(بفضائل الذى دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب . "

رف كيف يحول عداوة الناس المقدمة له مجانا إلى وأيضا ال يع

محبة ، والحزن الذى يضغط به العالم على قلبه إلى فرح . أما من

ارتضى أن يدخل فى اختبار صليب المسيح ، كنير يعيشه كل يوم

-63-

بكل خسائره عن مسرة ، هذا يعرف كيف تتحول الظلمة إلى نور ،

لضيق إلى مسرة وسالم .، وا والحزن إلى فرح ، والعداوة إلى حب

ال يوجد فى العالم كله ما يعادل فرح الصليب !! .

" ودعوا الرسل وجلدوهم وأوصوهم أن ال يتكلموا باسم يسوع ثم

أطلقوهم . وأما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع ألنهم حسبوا

. )41، 40: 5(أعمستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه . "

ولد من عبور األلم الذى يكون على مستوى الصليب ان الفرح المت

فهو يكون فرحا متحركا يغير ويجدد القلب والفكر والنفس إذ حينما

تنقشع المحنة بكل خسائرها يلتفت االنسان فإذا به قد عبر مرحلة ما

قبل الصليب ليدخل مرحلة ما بعد الصليب ، والفارق بينهما كالفارق

ينسلخ االنسان من األشياء المحسوسة لتتجلى بين الموت والقيامة :

أمامه وفى أعماقه األشياء غير المحسوسة ، وينتقل وهو فى ملء

الوعى لينفك من أمور الدهر الفانى .

هذا هو عجب الصليب ، فالصليب هو معجزة اإلنسان المسيحى

التى يحياها كل يوم ، هو سر المسيح . وكل من لم يدخل بعد فى

صليب فهو لم يذق بعد حالوة المسيح وال استمتع بعمق خبرة ال

المسيحية .

-64-

وإذا انتبهنا نجد أن الصليب هو القالب الذى ينصب فيه اإلنجيل

، يقولها على )44: 5(متكله . فحينما يقول المسيح " أحبوا أعدائكم "

اساس أنك تحمل صليبه وتتقبل فى نفسك موت الصليب باالرادة ،

ن تنفتح يديك للصالبين ليطعنوا كرامتك ، ويهينوا اسمك ، فامكانية أ

ويسلبوا كل امكانياتك ، وقدراتك ، وكل مالك ، هى كلها وصايا

يسوع القائمة على أساس حمل الصليب بمهارة كل يوم للمسير وراء

المسيح .

الصليب بحسب الواقع النظرى جمود وخسران وعدم ؛ أما بحسب

حرك داخلى إلى أعلى ، وانتقال من حال إلى الواقع الروحى فهو ت

حال أسمى ، وتغيير جوهرى من مستوى جسدى الى مستوى إلهى ،

وبشارة عجيبة ومفرحة من موت إلى قيامة !! .

لذلك نستطيع أن نقول إن الصليب كان الواسطة االولى التى استعلن

أن تتم المسيح بها أنه ابن هللا ، ألنه لم يكن ممكنا بدون الصليب

القيامة من األموات بكل أمجادها ، ثم أعطانا فى صميم طبيعتنا هذا

–الصليب وأيضا بواسطة – )2: 3يو1(مثله السر العجيب أن نصير

لننال قيامة تعطينا استعالن بنويتنا ل !! .

، هذا هو القانون الذى وضعه ابن هللا فى نفسه صليب ثم قيامة

-65-

الصليب وقيامته ، لذلك أصبح من غير وفى جسده بموته على

الممكن أبدا أن يدخل االنسان فى خبرة الصليب مع المسيح بإيمان

كامل إال ويحوز على قيامة داخلية وتغيير حياة .

، هو أكثر أنواع الموت لعنة وعارا . هذا هو الحكم بالصلب

زرى مظهره ، ولكن المسيح استطاع أن يحول هذا الحكم المهين والم

إلى أعلى وأسمى حقيقة يمكن أن تستعلن على األرض لمنطق أو

لعقل بشرى ، وهى القيامة بمجد الهى ! ...

هذا هو جوهر رسالة المسيح بالنسبة لإلنسان .

فصليب العار جعله المسيح ، لما قبله على نفسه ، قوة محولة قادرة

قيامة أن تحول ذل اإلنسان وعاره وضعفه إلى شركة فى أمجاد

المسيح مع هبة التبنى ل .

أنه جهالة من الناس ال يزال ينظرإليه عند كثير الذى الصليب هو هذا

) .25 :1كو1(" جهالة هللا أحكم من الناس " وإن كان جهالة فإن ولكنه

أى خطة الخالص العظمى التى فدى بها االنسان وأقامه من الموت

لحياة أبدية .

محصورا فى فكر اإلنسان كحقيقة الهوتية أو مبدأ والصليب يظل

عقيدى ، إلى أن يرتفع إلى المستوى العملى للصليب فى حياتنا وذلك

-66-

حينما نقبل حكم الموت فى أنفسنا اضطهادا أو ظلما واعتسافا بيد

الطغاة أو نسلم أنفسنا بإرادة حسنة للموت االختيارى ، كما يقول

عمق االماتة لنموت عن أنفسنا وشهواتنا القديسون ، أى ندخل فى

مضيئة وقوة رافعة فى حياتنا كخبرة تتجلى حينئذ تبدأ حقيقة الصليب

فاالنسان الذى يرفض أن يموت بإرادته عن العالم ، ويجزع من أن

هذا اإلنسان –من أجل المسيح –يصلب أهواءه وشهواته وأعضاءه

ون دارسا مدققا لمعانى يظل غريبا عن حقيقة الصليب . ربما يك

الصليب الالهوتية متقنا لمفهوم العقيدة نظريا وفلسفيا ، ولكن

الصليب كحركة داخلية وقوة ترفع اإلنسان إلى مستوى تقديس هللا ،

هذا يبقى شيئا مخفيا عن عين اإلنسان وعقله . لهذا فالصليب ال يمكن

ماتة . أن تكشف قوته اإللهية إال عند قبول الموت واإل

وهكذا يظل الصليب جهالة ورعبة وموتا جاهال ال يستطيع

اإلنسان أن يقترب منه ، إلى اللحظة التى فيها يكشف الروح لإلنسان

عن سر مجد الشركة فى صليب ربنا يسوع المسيح ، حينئذ تدفع

معنى –فى شجاعة –النعمة اإلنسان فى طريق الصليب ليذوق

مسيح . وحينئذ يتجلى الصليب كحكمة هللا وقوة الموت المحيى مع ال

هللا للخالص .

-67-

إن أصدق عالمة لحمل الصليب هى أن يكون البذل واإلماتة

والخسارة عن رضى وحب وسرور ، بمعنى أن أفقد بالفعل ذاتى

وأنكرها ، ذاتى التى تطلب الشكر والمديح ورد الجميل . هنا تبدأ

ربح ون عائد كرامة أو شكر أوفعال صورة الصليب ، حيث ال يك

من أى نوع ، بل على النقيض نكران وهجران وعداء واعتداء .

يالحظ هنا أن مواصفات الصليب مأخوذة من مشهد الجلجثة

ومحاكمة المسيح بعد حياة كلها بذل وحب .

ولقد أعطانا السيد المسيح المواصفات اإليجابية للصليب وما هو

نعمل عن مسرة حتى ولو كان عملنا مكروها قبل الصليب ، أى

وبذلنا مرفوضا .

أما السر األخير للصليب فهو الموت على الصليب . لذلك فالمسيح

لما أكمل الموت على الصليب أعطانا سر الصليب وقوة موته كاملة

، بل وكل ما هو قبل الصليب من صبر واحتمال على الموت ،

أن نمارسها كل يوم . وهذا يعتبر من أعطاه لنا كخبرة حية ممكن

أهم معجزات ومواهب الحياة المسيحية . فباإليمان بالمسيح نأخذ

أشياء لم نعملها ، كأن نصير شركاء الصليب وارثين لبركاته دون أن

-68-

نصلب فعال ، وهكذا نأخذ حقوقا ال نستحقها ، ونأخذ مواهب ال ندفع

ثمنها .

ه الحقوق والمواهب : " مع المسيح وقوة الصليب هو من أهم هذ

) ، أى أن المسيح حينما صلب عن العالم 20: 2غل صلبت " (

أعطانا أن نحصل على هذه الموهبة عينها باإليمان ، فصارت فى

متناول حياتنا . ليس فقط أن نبذل من أجل أحبائنا أو نفقد إزاء

الم كحقيقة مضطهدينا وأعداءنا ، بل أن نموت أيضا بإرادتنا عن الع

نستطيع أن نمارسها بقوة صليب المسيح .

فالصليب يحسب لنا صليبا ، إذا استطعنا أن نمتد من البذل من

أجل أحبائنا الى البذل من أجل اعدائنا ، ثم الى الخسارة بإصرار

وبرضى ، وباستعداد الموت من أجل أحبائنا وأعدائنا معا .

نصب أعيننا كمسيحيين فنحن نكرم إذا استطعنا أن نضع هذا الحق

الصليب وخشبة الصليب ، ألننا بذلك نأخذ من المسيح سر الصليب

كحقيقة نمارسها بالحب .

إن كان لنا هذا االستعداد : أن نبذل من أجل أحبائنا وأعدائنا

ونخسر كل شئ فى حياتنا باستعداد الموت ، فنحن نستطيع أن

ة القيامة . نتجاوز مرارة الصليب الى مسر

-69-

ولكن الصليب بالكالم سهل ، أما الحقيقة فمرة... الكالم عن

الصليب الهوتيا ووعظيا لذيذ وسهل ومنطقى ، ولكن كتجربة ،

حينما ندخل فيها نجدها مليئة باأللم .

وال يبدو لها نهاية ، حينئذ –من أى نوع –حينما نجوز اآلالم

. ولكن كل ضيقه نجوزها ، و كل ظلم أو تبدأ المرارة ورعبة الموت

مرض نجوزه ونرتضيه حتى الى حدود الموت فإنه يحسب لنا في

صليبا وشركة حقيقية فى صليب المسيح . الحال

هذا بذل محبة ، ، األصدقاء من أجل اإلخوة أو األحباء أو إن البذل

با ليس له ثمن ، ألن ثمنه مردود لك فى حينه فهو محبة وليس صلي

فرحا ومسرة للنفس فثمنه فيه . أن تحب أخاك أو تسلم ألنه ينشى

عليه فأى فضل لك ؟! . لكن المحبة تبدأ تحسب أنها تسير على درب

الصليب على نمط الجلجثة ، حينما يبدأ البذل أن يكون مرفوضا

والمحبة ترد إليك عداوة وخسارة ، والبساطة والتودد يقابل بالحقد

قام . واالنت

ولكن ال غنى لنا عن خبرة الصليب والسعى وراء حمله حسب

–أى الموت عن العالم –وصية الرب ، ألنه إن لم يصير الصليب

فى حياتنا حقيقة مقبولة وطريقا مشتهى ، فسنبقى بعيدين كل البعد

-70-

عن سر القيامة والحياة األبدية . فالحياة المسيحية كلها هى حركة

ألنتقال من الحياة حسب الجسد الى الحياة حسب الروح ، مستمرة ل

وذلك ال يتم إال من خالل الصليب .

على أن الصليب وإن كان خارجه أو بدايته رعبة ومرارة ،

فعاقبته نصرة حتمية وسالم وفرح ال يوصف . فعندما ندخل فى

ونتذكر الصليب الذى صلب عليه –أى ضيق من أى نوع –ضيق

ع المسيح ، ونضعه أمامنا هدفا لنا ، تتحول الضيقة المرة ربنا يسو

الى بركة وسالم فيه ، وتتحول الخطية الى احساس بالتبرير فيه ،

والعداوة تزول ويحل محلها مصالحة وصفح أمام المسيح واآلب فيه

إذن فلننتبه جدا حينما يداهمنا الضيق ، ألننا عندما نجوزه برضى

مسيح على الصليب كإرادة اآلب عن رضى ونتقبله كما تقبله ال

وسرور داخلى ، ننال قوة الصليب ، ونذوق النور والحق والحياة من

خالل الحزن واأللم والضيق .

، هو بحسب فعله السرى فى كيان اإلنسان والجسد محيى الصليب

حقا ، فإذا استطعت أن تحتوى الصليب فى قلبك كهدية حياة من

لباطل الذى فى العالم يستطيع أن يغشاك وال ظلمة السماء ، فال ا

العالم تستطيع أن تطفئ نور الحياة داخلك ، وال أى ضيقة فى العالم

-71-

أو خطية تستطيع أن تحصرك أو تربطك . هذا لو قبلت الصليب

كقوة غلبة وخالص فى شخص المسيح المصلوب . وهذه هى حقيقة

قوة هللا " ، و"حكمة هللا " و اإلنجيل كله : " قوة هللا للخالص " ، و"

" مجد هللا " .

وهذه الحقيقة هى التى انكشفت لجميع الشهداء والقديسين ،

فقبلواالصليب بفرح من أجل ما وراءه من سرور ونصرة .

لهذا فإن كل من أدرك سر الصليب فإنه ال يعود يتهرب من

لصليب قوة الضيق أو يخشى الظلم أو يخور تحت االضطهاد فسر ا

وهبت لنا لتسكن داخل قلبنا وأجسادنا لتحول كل ما فينا وكل ما هو

خارجنا لحساب مجد هللا . وهى كهدية ، تظل بال قيمة الى أن ندخل

الضيقة ، أو الى أن تتضافر ضدنا قوى الظالم ، حيث يبدأ الصليب

يعمل عمله ليتمجد هللا فى موتنا وحياتنا .

البغضة إلى المحبة ؟!.كيف ينقلنا الصليب من

إنسان مظلوم يحقد و يبغض ويهدد ، هذا فى الحقيقة انحصر عنه

نور الصليب ألن روح العالم استطاع أن يحتويه .

واالنسان الذى ينفتح كيانه لحركة العداوة والحقد يلبسه روح العالم

فى الحال ، ألن العداوة تتغلغل فى النفس والجسد والعقل واألعصاب

-72-

ويصير وكأنه سحابة مظلمة تخيم عليه . وكما يقول القديس يوحنا

" وأما من يبغض أخاه فهو فى الظلمة وفى الظلمة يسلك الرسول :

وال يعلم أين يمضى ألن الظلمة أعمت عينيه "

) . 11: 2يو1(

عن اإلنسان هو العداوة أكبر حاجز يحجب نور الحب اإللهى

والبغضة حينما تكون دفينة فى القلب . الصليب وحده هو القوة

اإللهية التى هدمت العداوة والتى جاء المسيح لكى يرفعها فى جميع

صورها ، سواء بين االنسان وهللا أو بين اإلنسان واإلنسان .

ل من " هكذا أحب هللا العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى ال يهلك ك

) . 16: 3يؤمن به بل تكون له الحياة األبدية " ( يو

هنا حب هللا للعالم لم يكمله إال صليب المسيح ، فالحب ال يملك

القلوب إال بالصليب .

ففى الحقيقة إن الحب والصليب ال يمكن أن يفصلهما عن بعض إال

معا ، العداوة . والعداوة والبغضة تلغيان قوة الحب وقوة الصليب

لذلك حينما تدخل البغضة تفصل االنسان نهائيا عن الصليب ،

وبالتالى عن كل ما يختص بالفداء والخالص .

هللا حينما أراد أن يصالح اإلنسان بنفسه ، صالحه بالصليب !!.

-73-

ال يمكن أن ترتفع البغضة من قلب االنسان إالإذا قبل أن يموت عن

استعداد لهذا الموت االنسان فى البد أن يكون الصليب أى قبل مبغضيه

أمامه باب الحياة . ، لينفتح عن العالم وكل ما فى العالم دائما وكامال

فإنسان يترك قلبه للبغضة معناه أنه لم يمت عن العالم بعد ، لم

يذق هبة محبة اآلب للعالم أى الصليب !!. هبة االب للعالم هى بذل

الصليب . فالصليب بحق هو قوة حولت حالة العالم ابنه الوحيد على

كله من تحت الغضب اإللهى إلى محبة أبوية فائقة . ويقول معلمنا

بولس الرسول فى رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس : " أى إن هللا

كان فى المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم

) لكن حينما يتجاهل 19 : 5كو2 وواضعا فينا كلمة المصالحة (

الصليب التى أكمل بها المصالحة وأسس االنسان ذبيحة المسيح على

بها الحب ثم يعود ويملك العداوة والبغضة فى قلبه ، فإن هذا يكون

بمثابة إعطاء تصريح رسمى للشيطان ليعود بنا مرة أخرى لنكون

وبالتالى صليبغياب ال معناه المحبة فغياب تحت الغضب االلهى . إذن

عن قوة القديس بولس الرسول عبر غياب محبة هللا وسالمه، لقد

"ويصالح االثنين فى جسد واحد الصليب هكذا: المصالحة الكامنة فى

. ) 16: 2( أفمع هللا بالصليب قاتال العداوة به ."

-74-

لو استطعنا أن نؤسس فى القلب عهد حب على هذا المستوى ، فهذا

للصليب فى األرض وفى السماء . يكون عيدا

وحينما أراد هللا أن يحب العالم ، بذل ابنه على الصليب ، هكذا إن

أردت أن تحب ، فالبد أن يكون حبك على أساس البذل لتحيا نفسك

والعالم حولك .

من أجل هذا كان هم القديس بولس الرسول األول من جهة ثبوت

يكون الصليب حقيقة حية وقوة محركة الكنائس فى ايمان المسيح أن

" ألنى لم أعزم أن أعرف شيئا بينكم إال يسوع المسيح وإياه :

ليس يسوع المسيح فقط وإنما يسوع ) ، 2: 2كو1مصلوبا . " (

المسيح مصلوبا . ممكن أن تكون مسيحيا وال تحتمل الظلم

ان بالمسيح واالضطهاد واإلهانة فتكون حينئذ غير مدرك لمعنى االيم

" ألنى لم أعزم أن أعرف شيئا بينكم إال يسوع المسيح –المصلوب

) . معناها أنى أريد أن يكون إيمانكم 2: 2كو1وإياه مصلوبا " (

قائما على أساس المسيح الذى مات من أجلكم وأن يكون ثمر هذا

اإليمان فيكم استعدادكم أيضا للموت حبا ولآلخرين .

يار هذه المحبة للمستوى الذى صلب به المسيح الذى لو ارتفع مع

وهبه لنا فى سر الكنيسة ، سواء فى سر المعمودية أو التناول أو بقية

-75-

األسرار ، الستطعنا أن نقدم المسيح للعالم كله دون أن نتحرك من

مكاننا !! . ألن كل من حاز سر الصليب فى قلبه وحياته ، صار هو

تنتهى لتحويل البغضة الى المحبة بدوره قوة فى العالم ال

ألن الذى يصنع سالما ويصالح اثنين ، ابن السالم يدعى . ولكن

من ذا الذى يستطيع أن يصالح اثنين متخاصمين إال من كان على

استعداد أن يبذل حياته عنهما ؟.

العالم اليوم محتاج النسان المصالحة ، إنسان الصليب ، الذى

رز بالحب والصلح والسالم والحياة يقول القديس يوحنا يستطيع أن يك

الموت إلى الحياة ألننا نحب " نحن نعلم أننا قد انتقلنا من : الرسول

) .14: 3يو1 ." ( االخوة . من ال يحب أخاه يبق فى الموت

االخوة ننتقل من الموت الى الحياة . نعم ، ومن يستطيع عندما نحب

هو على استعداد أن يموت كل يوم على أن يحب اإلخوة إال الذى

صليب ربنا يسوع المسيح ، الذى أخذ فى نفسه قوة أن يغلب الشر

بالخير وقدرة أن يقتل العداوة بالحب ؟ هذا هو الذى انتقل من الموت

إلى الحياة ، واستطاع بالتالى أن يحول الموت فى اآلخرين إلى حياة

قوته فنعيد لصليب . نحن فى احتياج لنعيش فى سر الصليب و

المسيح بالروح والحق .

-76-

الفصل الرابع :

إشارة الصليب

إشارة الصليب

لماذا نستخدم نحن إشارة الصليب ؟!

الصليب حامل لشخص المسيح :

الصليب ليس هو مجرد عالمة أو اشارة بل هو أعمق من ذلك

سيح . كما يعرفه المالك بكثير ، فهو يحمل صفة شخصية مالزمة للم

لمريم المجدلية ومريم األخرى : " فإنى أعلم انكما تطلبان يسوع

. )5: 28(متالمصلوب "

وكما يقول معلمنا بولس الرسول : " ولكننا نحن نكرز بالمسيح

. )23: 1كو1(جهالة . " مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين

انتهى بل هى حادثة استعدت لها اذن فعملية الصلب لم تكن حادثا و

كل األزمنة السابقة وحملتها كل األجيال الالحقة مثل باب حى مفتوح

للخالص والعبور الى الملكوت المعد .

وال زال المصلوب يحمل فى يديه ورجليه جروح الصليب حتى

هذه الساعة . ويوضح لنا سفر الرؤيا ذلك : " ورأيت فإذا فى وسط

نات األربعة وفى وسط الشيوخ خروف قائم كأنه العرش والحيوا

مذبوح ... ونظرت وسمعت صوت مالئكة كثيرين حول العرش

والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف .

-79-

قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة

) 12، 11، 6: 5(رؤ " والقوة والكرامة والمجد والبركة. والحكمة والغنى

فاذا كان المصلوب الزال دمه يقطر فالصليب الزال قائما يعمل

. )20: 1(كوبقوة الدم المسفوك عليه ! " عامال الصلح بدم صليبه "

رسالة الصليب :

؟. وراه ونسير بأن نحمل صليبه المجد ماذا يعنى السيد المسيح له *

لمسيح هو حمل الصليب ونسير من شروط التلمذة الحقيقية للسيد ا

فى إثره ، وفى ذلك معانى روحية عميقة :

" هكذا أحب هللا العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى } بذل النفس :1{

.) 16: 3(يوال يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة األبدية "

" ليس ألحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد } أعظم الحب :2{

. )13: 15(يوألجل أحبائه . " نفسه

" إن شئت أن تجيز عنى هذه } تتميم ارادة هللا حتى الموت : 3{

. )42: 22(لوالكأس . ولكن لتكن ال إرادتى بل إرادتك . "

" ناظرين إلى رئيس االيمان ومكمله يسوع } احتمال الخزى :4{

ب مستهينا الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصلي

. ) 2: 12(عببالخزى فجلس فى يمين عرش هللا . "

-80-

" وبذلك أيضا كان اللصان اللذان صلبا معه } احتمال التعيير : 5{

. )44: 27( متيعيرانه "

" ألعرفه وقوة قيامته وشركة آالمه متشبها } احتمال اآلالم :6{

. ) 10: 3(فىبموته "

" فلما أخذ يسوع الخل قال قد أكمل . آخر نسمة : } االجتهاد الى7{

. )30: 19(يوونكس رأسه وأسلم الروح "

" وإذ وجد فى الهيئة كانسان وضع نفسه } آخر درجة للطاعة : 8{

. )8: 2(فىوأطاع حتى الموت موت الصليب . "

" ويصالح االثنين فى جسد واحد مع هللا } قتل روح العداوة :9{

. ) 16: 2(أف بالصليب قاتال العداوة به . "

" وأن يصالح به الكل لنفسه عامال } العمل للصلح حتى الدم : 10{

الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على األرض أم ما فى

. )20: 1(كوالسموات ."

" عالمين هذا أن انساننا العتيق } التحرر من سلطان الخطية :11{

قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كى ال نعود نستعبد أيضا

. )6: 6(روللخطية . "

-81-

" إذ محا الصك الذى علينا فى } دفع الدين وتمزيق الحجة :12{

الفرائض الذى كان ضدا لنا وقد رفعه من الوسط مسمرا إياه

. )14: 2(كوبالصليب . "

" مع المسيح صلبت فأحيا المسيح :} شركة موت وحياة مع 13{

)20 :2(غل " ال أنا بل المسيح يحيا فى .

وأما من جهتى فحاشا لى أن أفتخر إال بصليب ربنا " : } افتخار14{

) 14: 6(غل" . لى وأنا للعالم يسوع المسيح الذى به قد صلب العالم

أشهرهم " إذ جرد الرياسات والسالطين } افتضاح الشيطان :15{

. ) 15: 2(كوجهارا ظافرا بهم فيه [ فى الصليب ] "

وحينما نؤمن بهذه المبادئ ونعمل بها فنحن نحمل الصليب بحق

وندعى مع القديسين " البسى الصليب " ، وهذه الكلمة تعنى الحهاد

فى السير خلف المسيح حاملين لفضائل الصليب .

اشارة الصليب فى العبادة :لمحة تاريخية عن استخدام

اشارة الصليب تقليد كنسى قديم جدا يبتدئ بابتداء االنجيل حيث

" وحينئذ تظهر عالمة : البشير فى انجيله قائال يشير اليه معلمنا متى

فيذكر هنا معلمنا متى ) . 30: 24(متابن االنسان فى السماء . "

ن االنسان . االنجيلى البشير أن الصليب هو عالمة اب

-82-

ميالدية . 150وأول اشارة بعد االنجيل نجدها فى سنة

] فى قول للعالمة ترتليان : 1[

[ فى جميع اسفارنا وتحركاتنا ، عندما ندخل وعندما نخرج ،

عندما نلبس مالبسنا وعندما نخلعها ، فى الحمام وعلى المائدة ،

م ، فى جلوسنا وفى عندما نشعل مصابيحنا وعندما نطفئها لننا

أعمالنا نرشم أنفسنا بعالمة الصليب ] . كل

م } :240– 160] ثم نسمع عنها فى قول لوليوس أفريكانوس {2[

[ وحينئذ نرفع أيدينا ونرشم جبهتنا بعالمة الصليب ] .

ميالدية ] : 397– 339] ونجدها فى تعاليم امبروسيوس {3[

ن نشكر المسيح ونبدأ نتمم أعمالنا [ وعلينا حينما نستيقظ أ

اليومية بقوة الصليب ] .

القديس امبروسيوس .

ميالدية ] للموعوظين يقول :386– 315] كيرلس األورشليمى [4[

[ فال نخزى اذن أن نعترف بالمسيح مصلوبا ، بل ليت اشارة

ختما نصنعه بشجاعة بأصابعنا على جبهتنا وعلى الصليب تكون

كل شئ ، على الخبز وعلى كأس الشرب ، فى مجيئنا وذهابنا ،

قبل نومنا وعند يقظتنا ، وفى الطريق وفى البيت ] .

-83-

ميالدية ] :407– 347] يوحنا ذهبى الفم : [5[

آلن يعشقها [ ان اشارة الصليب التى كانت قبال فزعا لكل الناس ا

ويتبارى فى اقتناءها كل واحد ، حتى صارت فى كل مكان بين

والعذارى المتزوجين بين ، والنساء ، بين الرجال والعامة الحكام

بين المخطوبين وغير المخطوبين ، ال يكف الناس عن رسمها

فى كل موضع كريم ومكرم ، ويحملونها منقوشة على جباههم

عالمة ظفر على ساريه ، نراها كل يوم على المائدة كأنها

المقدسة ، نراها عند رسامة الكهنة ، نراها تتألق فوق جسد

. وفى كل مكان يحتفل بها فى المسيح وقت التناول السرى

األسواق ، فى الصحارى ، فى الطرق ، على الجبال البيوت ، فى

ل فى البحار ، على المراكب ، فى مغائر الرهبان ، على التال

[ المدارس ] ، فى األروقة ، المخدع على المالبس فى الجزر، فى

فى المجتمعات ، على األوانى الذهبية ، على األوانى الفضية ،

على الؤلؤ ، فى الرسومات على الحوائط ، على أجساد الذين

الليل ، فى النهار مسهم الشيطان ، فى الحرب ، فى السالم ، فى

فى الذين يبتهجون ، فى جماعات النساك ، وهكذا يتبارى الجميع

فى اقتناء هذه العطية العجيبة كنعمة ال ينطق بها ] .

-84-

ميالدية } : 430 – 354] القديس اغسطينوس {6[

[ من أجل هذا فالرب نفسه يثبت قوة الصليب على جبهتنا حتى

كانت للخزى تصير لالفتخار ] . أن العالمة التى

أقوال اآلباء عن إشارة الصليب النار فى ينفذ نافذا سالحا الصليب الهنا أعطانا السيد المسيح ]1[

أويعترض قوته عارض . شئ واليحجبه واألرض والماء والهواء

فهو قوة هللا التى التقاوم . تهرب من صورته الشياطين حينما

عليها ! الصليب هو قوة المسيح للخالص والمالئكة يرسم به

يخضعون لقوته ويتبعونه حيثما شاهدوا رسمه ليعينوا الملتجئ

أمانته فيه إال للذى ضعفت حمل الصليب والتحصل تخلية لمن إليه

البابا اثناسيوس الرسولى

ع سالحا أو شيئا يحميك ، احمل الصليب واطب ] بدال من أن تحمل2[

صورته على اعضائك وقلبك . وارسم به ذاتك ال بتحريك اليد

فقط بل ليكن برسم الذهن والفكر أيضا . ارسمه فى كل مناسبة :

فى دخولك وخروجك ، فى جلوسك وقيامك ، فى نومك وفى

عملك ، ارسمه باسم اآلب واالبن والروح القدس .

مارافرآم السريانى

-85-

الشجاعة والبركات ينبوع فهو الصليب عالمة من أخى يا تخجل ال ]3[

به كتاج وفيه نحيا مخلوقين خلقة جديدة فى المسيح..ألبسه وافتخر

يوحنا ذهبى الفم

ذى يرسم ذاته بعالمة الصليب فى عجلة بال ] يقول اآلباء أن ال4[

اهتمام أو ترتيب ، فان الشياطين تفرح به .أما الذى فى روية

وثبات يرسم ذاته بالصليب من رأسه الى صدره ثم من كتفه

الصليب وتفرح به المالئكة األيسر إلى األيمن فهذا تحل عليه قوة

ب أمر ربما ندان عليه . فان ] إن االهمال فى تأدية رسم الصلي5[

وايمان باآلالم ، اعتراف بيسوع المسيح مصلوبا الصليب رسم

الرب لعمل وذكرى اعتراف أنه . الصليب عاناها فوق التى

الرب برخاوة " عمل يعمل من )ملعون10 :48 ارميا( ومكتوب فى

سيحى : ] ان فى اشارة الصليب كل روح االيمان الم6[

فيه اعتراف بالثالوث اآلب واالبن والروح القدس . •

فيه اعتراف بوحدانية هللا كإله واحد . •

فيه اعتراف بتجسد االبن وحلوله فى بطن العذراء . •

-86-

فيه اعتراف بقوة عملية الفداء التى تمت على الصليب •

بانتقالنا من الشمال الى اليمين .

ليب فيه حرارة االيمان .اذن فيليق بنا أن يكون رسمنا للص

األب يوحنا من كرونستادت

نحن نكرم الصليب ونطلب قوته المحيية فى صلواتنا قبل أن ] 7[

نطلب معونة القديسين أو شفاعتهم . وذلك ألن الصليب هو

عالمة ابن االنسان ورسم تجسده وآالمه لخالصنا . فعلى

الصليب قدم السيد المسيح نفسه ذبيحة ل اآلب من أجل خطايانا

لذلك صارت عالمة الصليب هى االشارة لكل من يؤمن به .

والمحبة المشتركة . جميع المؤمنين كرمز للخالص المشتركة بين

] فلنكرم الصليب المقدس الذى أعطينا أن نغلب به العدو اللئيم 8[

جباهنا وقلوبنا وسائر أعضائنا لنطرد به الشيطان. على ونرشم به

الصليب عالمة الرب وخاتمه الذى صار الخالص آلدم وذريته

من أسر ابليس عدونا .

، كما عالمة ايماننا وهو موضوع فخرنا فى هذه الحياة هو الصليب

بصليب ربنا إال افتخر أن لى فحاشا جهتى من وأما الرسول" بولس قال

)14: 6(غل" يسوع المسيح الذى به قد صلب العالم لى وأنا للعالم

-87-

" كلمة الصليب عند مكتوب أن من الصليب ألنه كذلك ال نستحى

)18: 1كو1( قوة هللا " نحن المخلصين فهى عندنا الهالكين جهالة أما

ه لما بالصليب غلب قسطنطين الملك البار اعداءه وارتفع شأن

بهذه :" له عالمة الصليب مضيئة فى السماء قائال له أظهر الرب

وعزاءهم وصار الصليب قوة الملوك ، فغلب ". العالمة تغلب اعداءك

لكى يباركهم ويؤيدهم وينصرهم . تيجانهم فوق . يضعونه ونصرتهم

د أوصاهم الرب قائال :] الصليب هو قوة المجاهدين وسالحهم فق9[

" ان اراد أحد يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى "

) .24: 16(مت

كانت الحية النحاسية قد أبطلت سم الحيات فى العهد القديم ] ان10[

ى رفع عليه ، ال فكم بالحرى صليب ربنا يسوع المسيح ، الذ

حية نحاسية بل رب المجد وسكب دمه على الصليب ليصير لنا

بالدم الحياة وبالصليب النصرة .

القديس كيرلس األورشليمى

توجه هجماتنا المنظورة الى الجبناء فارسموا ] ان الشياطين11[

يسخرون من ذواتهم ودعوا هؤالء ب بشجاعةبعالمة الصلي أنفسكم

-88-

أما أنتم فتحصنوا بعالمة الصليب .

قوة العرافة السحر وتالشت ضعف الصليب اشارة وجدت حيث ]12[

أنبا أنطونيوس الكبير

رواح ] قدم األنبا أنطونيوس بعض المرضى المعذبين من األ13[

هل تستطيعون : الى بعض فالسفة الهراطقة قائال لهم النجسة

تختارون داعين أصنامكم ؟ سحر تطهيرهم بالحجج أو بأى فن أو

صليب المسيح. قوة ترون وعندئذ عجزتم إن منازعتنا عن كفوا وإال

قال هذا ودعا المسيح ورشم المرضى ثالث مرات بعالمة

صليب وفى الحال قام الرجال أصحاء وعقلهم سليم وقدموا ال

الشكر للرب فى نفس اللحظة .

سيرة أنبا أنطونيوس ألثناسيوس الرسولى

] حينما ترشم ذاتك بعالمة الصليب، اذكر دائما أنك تستطيع 14[

هوذا بقوته أن تصلب شهواتك وخطاياك على خشبة المخلص "

. عالما أن فى الصليب )29: 1(يو " العالم حمل هللا الذى يرفع خطية

عليه. قوة اخماد الشهوة وابطال سلطان الخطية برحمة المصلوب

-89-

] حينما ترفع نظرك الى خشبة الصليب المعلقة فوق الهيكل ، 15[

ال اذكر مقدار الحب الذى أحبنا به هللا حتى بذل ابنه الحبيب لكى

يهلك كل من يؤمن به .

فأينما وجد الصليب وجدت المحبة ، ألنه هو عالمة الحب الذى

غلب الموت وقهر الهاوية واستهان بالخزى والعار واأللم ! .

فاذا رأيت الكنيسة مزدانة بصلبان كثيرة فهذا عالمة امتالئها

بالحب الكثير نحو جميع أوالدها .

المقدس،افرح بالصليب ويرشمك الكاهن أواالسقف يباركك ماحين ]16[

من السيد المسيح . طوبى لمن قبل رسم كبركة ذلك واقبل

الصليب على رأسه بايمان .

) .27: 6.(عدد اسرائيل وأنا اباركهم " على بنى " فيجعلون اسمى

] ان الشياطين ترتعب من منظر الصليب وحتى من مجرد 17[

االشارة به باليد . ألن السيد المسيح له المجد ظفر بالشيطان

وكل قواته ورئاساته على الصليب ، وجردهم من رئاستهم

-90-

وفضحهم علنا فصارت عالمة الصليب تذكيرا لهم بالفضيحة

واشارة الىالعذاب المزمع أن يطرحوا فيه .

األب يوحنا من كرونستادت

] ان الشياطين اذا رأت المسيحيين سيما الرهبان مجدين بابتهاج 18[

ومتقدمين ، فانها تهاجمهم أوال بالتجربة ووضع الصعاب لعرقلة

طريقهم محاولة أن تنفث فيهم األفكار الشريرة . ولكن ال مبرر

ا فى الحال بالصالة للخوف من اغراءاتها ألن هجومها يرتد خائب

والصوم .. سيما ان كان المرء قد سبق فحصن نفسه بااليمان

وعالمة الصليب .

] اذا مدحت الشياطين نسككم ودعتكم مباركين فال تصغوا إليها 19[

وال تكن لكم معامالت معها . بل باألحرى ارشموا ذواتكم

قد انقشعت . ألنها فى وبيوتكم بعالمة الصليب ، وصلوا تجدوها

غاية الجبن وتخشى جدا عالمة صليب الرب . ألن الرب قد

. ) 15: 2(كوجردها بالحق وأشهرها جهارا على الصليب .

-91-

] جاء بعض الحكماء اليونانيين وطلبوا من القديس االنبا 20[

أنطونيوس ان يشرح لهم سبب االيمان بالمسيح . ولكنهم حاولوا

وه بصدد الكرازة بالصليب االلهى قاصدين االستهزاء أن يحاج

بالصليب .

فوقف انطونيوس قليال واشفق على جهلهم ثم خاطبهم بواسطة

مترجم قائال : ان ما اخترناه هو االعتراف بالصليب عالمة

الشجاعة واحتقار الموت أما أنتم فقد اخترتم شهوات الخالعة .

أيهما أفضل عمل الصليب وقت الجهاد ضد مؤامرة األشرار

دون مخافة الموت مهما أتى فى أى وضع من أوضاعه ، أم

االلتجاء الى آلهة األحجار ؟! .

ما الذى وجد فى الصليب حتى يستحق الهزء ؟ .

بل الصليب هو عالمة الغلبة والنصرة على األعداء . فى كل

حملناه بااليمان . وقت اذا

من سيرة األنبا أنطونيوس

بقلم اثناسيوس الرسولى

-92-

: الفصل الخامس

قوة الصليب

قـوة الصليب

، مكرمة جدا عالمة صليب يسوع المسيح الملك ، إلهنا الحقيقى

، بل صارت قوة لسحق الشيطان ، فأضحت عنوان الشرف والفخار

وعمل المعجزات والخالص من التجارب ، وحصنا للمؤمنين ،

وتعنى بذلك القديسون ، وآباء الكنيسة فى مختلف العصور .

أنه لمدهش بالحق ، وغير مدرك ، كيف أن قوة المسيح تحل فى

شياطين ، وتسكين اآلالم رسم الصليب الطفاء الحريق وطرد ال

وشفاء المرضى .

وفى هذا الفصل سوف نرى عينات من اختبارات آباء الكنيسة ،

التى تؤكد فاعلية الصليب وقوته على الشياطين وشفاء المرضى ،

وعلى الطبيعة ، والمادة واطفاء النار والموت والحياة .

وحارسا لهم وقد انتصر به القديسون على األعداء وكان مرشدا

فأعطى قوة للمجاهدين ، وأضاء قلب غير المؤمنين فآمنوا بالسيد

المسيح المصلوب على الصليب ، وصار مصدر ايمان لهم .

-95- ] قوة الصليب على طرد الشياطين واخماد قوة الشهوة . 1[

)1(أ) القديس باسيليوس يخلص شابا اتحد به الشيطان

ا ونفسا ، وأحب فتاة مسيحية ، ولم ارتبط الشيطان بشاب قلب

يستطع أبواها إقناعها بتركه ، فاعتمدا على الصالة وسكبا دموعا

أمام هللا ليتراءف عليها فاستجاب السيد المسيح لصالتهما وأيقظ عقل

الشابة ، وأظهر لها أن الشاب الذى هوته غير مسيحى إذ لم تره قد

اول من األسرار المقدسة ، وال دخل البيعة مدة إقامتها معه ، وال تن

رشم نفسه بعالمة الصليب . فبكت وندمت ولما علم الشاب ذلك منها

أنكر . فقالت له إن كنت أنت مسيحيا ، وما تقوله حق ، فادخل معى

.ولما ألحت عليه ، أخبرها بأنه الكنيسة ، وتناول من األسرار أمامى

حد السحرة الكفرة ، عندما أراد أن يجذب قلبها إليه ، ذهب إلى أ

وكتب له ورقة ، وأمره أن يذهب بها إلى القبور .

وهناك ظهر له الشيطان ، ووعده أن يعطيه أمنيته على أن يكفر

وعقال. فلما علمت الشيطان قلبا به . فأجاب طلبه فأتحد بالمسيح كتابة

الشابة باقراره ، بكت على نفسها ، وأسرعت الى القديس باسيليوس

توت 13 ميالدية1935 السنكسار القبطى طبعة القمص عبد المسيح ميخائيل) 1-96-

لاليمان فرشمه القديس وأعلمته بما جرى ان الشاب مشتاقا أن يعود

بالصليب ، وأبقاه عنده ، ورسم له صالة ليصليها مدة اربعين يوما

وفى نهاية المدة دعا القديس رهبان الدير ، وكان يرشم الغالم

والجميع يصلون يارب أرحم . واستمروا يصرخون يارب بالصليب

أرحم حتى سقطت الورقة ، وقرأها على الشعب وبارك الشاب ،

وناوله من األسرار المقدسة وسلمه لزوجته .

. )1(ب) القديسة أوفيمية تطرد شيطانا أتاها بزى مالك

بعمل ثابرت القديسة أوفيمية بعد وفاة زوجها ، على االهتمام

الصدقات الكثيرة ، فى أعياد تذكار المالك ميخائيل ، ووالدة اإلله ،

والميالد المجيد فى كل شهر. حسدها الشيطان ، وأتاها فى شكل

راهب ، وجعل يحدثها ويؤكد لها أنه مشفق عليها ثم أشار عليها أن

فأجابته . تتزوج لترزق أوالدا وأن ال تعمل صدقات لئال ينفذ مالها

زوجى .. ننى قد قطعت عهدا مع نفسى بأن ال ألتصق برجل بعدا

غاضبا . فتركها الشيطان

204بؤونة ص12) السنكسار القبطى مراجعة كامل صالح نخلة مطبعة المحبة 1

-97-

، وقد اهتمت بما يلزم كعادتها ظهر لها عيد المالك ميخائيل ولما أتى

المالك ميخائيل أنه : ، وأعطاها السالم قائال مالك الشيطان فى زى

أرسله هللا إليها يأمرها أن تترك الصدقات وتتزوج برجل مؤمن

إن كنت مالك هللا فأين الصليب عالمة جنديتك ؟ فلما : فأجابته قائلة

سمع منها هذا الكالم ، عاد الى شكله األول وتبخر مثل الدخان .

)1(جـ) القديس بالمون يطرد شيطان الشهوة .

على الزواج وأخذ يغريه ، للقديس بالمون فى شكل امرأة لشيطانظهرا

ذاكرا بعض رجال العهد القديم الذين كانوا متزوجين ومع ذلك كانوا

نفسه عالمة على عرفه أنه الشيطان فرسم أبرارا. ولكن القديس

الى دخان وغاب ، وصلى إلى الرب فتحول الشيطان الصليب

)2(قديسين. ودى يطرد شياطين ظهروا بزىأغاثو العم األنبا د)

ظهرت الشياطين لألنبا أغاثو العمودى فى زى مالئكة ، يرتلون

ترتيال حسنا ويعطونه الطوبى . فعرف مكرهم بقوة السيد المسيح ،

وصلب عليهم فانصرفوا مهزومين . 213بؤونة ص17السنكسار القبطى مراجعة كامل صالح نخلة مطبعة المحبة )1

30توت ص14 م1935المسيح ميخائيل سنة عبد طبعة القمص القبطى السنكسار )2-98-

هـ) القديسة مارينا تربط الشيطان بعالمة الصليب المجيد

بعد ما عذب الوالى مارينا بعذابات قاسية ، ظهر لها الشيطان وقال

لها : " يا مارينا لو أطعت الوالى كان أصلح لك ، فإنه رجل قاسى

يمحوا اسمك من على األرض " .فعرفت أنه شيطان . وفى ويريد أن

رأسه ، وأخذت مرزبة من حديد وبدأت الحال أمسكته من شعر

" ثم ربطته بعالمة الصليب " كف عنى يا شيطان تضربه وتقول له

المجيد أن ال يبرح من أمامها حتى يعرفها جميع ما يعمله بالبشريين

فها طردته القديسة ولما رآها الوالى تعجب كثيرا . . وبعدما عر

الصليب ، وحتى من مجرد رشمه ان الشياطين ترتعب من منظر

باليد،ألن السيد المسيح له المجد انتصر على الشيطان وكل قواته

عالمة الصليب تذكيرا لهم بالفضيحة وجردهم فصارت ، الصليب على

] قوة الصليب على مقاومة الوحوش 2[

. )1(رسوم العريان يحول ثعبانا هائال عن طبعه القديس ب حبس القديس برسوم العريان نفسه فى مغارة داخل كنيسة القديس

مدة عشرين سنة ، مالزما األصوام ، –مرقوريوس أبى سيفين م . 1951) السنكسار القبطى طبعة كامل صالح نخلة . مكتبة المحبة 1

. 355من الشهر الصغير ص 5 -99-

هائل. . وكان فى تلك المغارة ثعبان والصلوات ، ليل نهار بال فتور

فعند دخوله رأى هذا الثعبان فصرخ قائال : " ياربى يسوع المسيح

ابن هللا الحى . أنت الذى أعطيتنا السلطان أن ندوس الحيات

والعقارب ، وكل قوات العدو . أنت الذى وهبت الشفاء لشعب

الحيات ، عندما نظروا الى تلك الحية النحاسية اسرائيل الذين لدغتهم

. فاآلن انظر اليك يا من علقت على الصليب كى تعطينى قوة بها

استطيع مقاومة هذا الوحش" . ثم رسم ذاته بعالمة الصليب وتقدم

نحو الثعبان قائال : تطأ األفعى وتدوس األسد والتنين . الرب نورى

تى ممن أجزع . ثم قال ممن أخاف . الرب ناصر حيا وخالصى

للثعبان " أيها المبارك قف مكانك "ورشم عليه عالمة الصليب ،

وطلب من هللا أن ينزع منه طبعه الوحشى . ولم ينته من صالته

حتى تحول الثعبان عن طبعه وصار أليفا ...

] قوة الصليب على المادة :3[

أ) بالصليب تحول الماء المنتن إلى ماء حلو .

كانت الشعوب تحج إلى أورشليم للتبرك من الصليب المقدس ،

واتفق أن انسانا كان مسافرا هو وجماعته مع الشعب إلى أورشليم

-100-

يدعى اسحق السامرى . هذا كان يبكت الناس ، على تكبدهم المتاعب

فى الذهاب الى أورشليم للسجود لخشبة .

م سائرون فى وكان مع الشعب قسيس يسمى اوخيدس . وفيما ه

الطريق عطشوا ، ولم يجدوا ماء فأتوا إلى بئر فوجدوا ماءها منتنا

مرا . فضاق جمهور الشعب جدا . وابتدأ اسحق السامرى يستهزئ

بهم ، ويقول : ان أنا شاهدت قوة باسم الصليب آمنت بالمسيح ، فغار

القس أوخيدس غيرة إلهية وصلى على الماء المنتن ورسمه بعالمة

صليب فصار حلوا وشرب منه كل الشعب ودوابه .ال

أما اسحق فانه لما تناول وعاء ليشرب ، وجده منتنا مدودا : فأتى

إلى القديس أوخيدس وخر عند قدميه وآمن بالسيد المسيح وشرب من

الماء فكان حلوا فى فمه وصارت فى ماء هذه البئر قوة أن يكون

. كما ظهر فيه صليب من نور وبنوا حلوا للمؤمنين ، ومرا لغيرهم

عليه كنيسة . لئال يظن الناس أن قوة الشفاء كائنة فى الخشب أو

الذهب المصنوع منه الصليب ، أو فى مجرد لفظ االسم فقط ،

صارت قوته وفاعليته متوقفة ومحدودة على الذين يؤمنون به فقط .

-101-

مال الدلتا .ب) الصليب يطرد ماء البحر المالح بعدما أغرق ش

قال األنبا يؤانس فى ميمره ، أن كنيسة القديسة دميانة فى الجيل

الثامن خربت بيد أحد حكام العرب وبنى مكانها قصرا إلقامته .

طغت بعد ذلك مياه البحر على هذه المنطقة ، بسبب قطع الجسر

الحاجز لمياه البحر ، وصل الخبر للملك حسان بن عتاهية بأن بالدا

ة خربت . أحضر البطريرك وألزمه برد كل شئ ألصله بقوة كثير

إيمانه . أعان هللا هذا البطريرك بمعاونة أحد قديسيه المعروف

فأقاموا صالة القداس فى بيعة " بالتفاحى " على هذه التجربة .

سمنود المسماه صهيون ، بحضور الملك . وخرج البطريرك رافعا

ياليسون والتفاحى خلفه . وللوقت الصليب بيده ، والشعب يصلى كير

هرب الماء قدام الناس تجاه البحر واألب البطريرك وخلفه الرجل

التفاحى والكهنة والشعب والملك وعسكره إلى أن آتوا الى الدميرتين

، والماء هاربا أمامهم ، ووصلوا الى الزعفرانة فضربوا الخيام

ديسة دميانة وبقية للملك بجوار القصر المهدوم الذى تحته جسد الق

الشهداء ، والماء يجرى أمامهم مثل جرى السحاب أمام الريح

الشديدة ... أمر الملك بإعادة بناء بيعة القديسة دميانة .

-102-

] قوة الصليب على الطبيعة والمرض :4[

الصليب يشفى مريضا ويجعل الجو صحوا .

، وانطلقوا بها القديسة ثاؤغنسطا اختطفها رسل من قبل ملك الهند

إلى بالدهم وصارت رئيسة على حشم الملك ونسائه . واتفق أن ابن

الملك مرض مرضا شديدا ، فأخذته فى حضنها وصلبت عليه بعالمة

الصليب ، فعوفى لوقته ، فشاع خبرها فى تلك البالد . واتفق أن

الملك ذهب إلى الحرب فحل عليه قتام وضباب ، ولمعرفته بعالمة

التى تعملها ثاؤغنسطا ، صلب على الريح فصار الجو الصليب

صحوا ، وبعالمة الصليب غلب أعداءه ولما عاد من الحرب ركع

عند قدمى القديسة طالبا المعمودية المقدسة ، هو ومن بتلك المدينة .

قس كان فعرفتهم أنه ليس لها أن تعمد ، فأرسل الملك اندريوس الى

ا .يقطن بالمنطقة فعمدهم جميع

اذا حلت قوة المسيح فى مكان ما ، تستطيع أن تدعو األشياء غير

الموجودة الى الوجود ، أى تخلقها من العدم خلقا .

فقد أعطى اسم المسيح لمعقد باب هيكل الجميل نعمة الشفاء . وباسم

المسيح وقوة صليبه ، استطاع المؤمنون أن يهبوا الصحة والشفاء

يب المحيي .للمرضى باشارة الصل

-103-

] قوة الصليب على إطفاء النار 5[

ا) الصليب يطفئ نار اآلتون :

كان سافورا ملك الفرس يعبد النار والشمس ، وكان يعذب المؤمنين

كثيرا . فلما علم أن طاطس مسيحى ، أمر أن يعد له آتون نار

ويطرح فيه . صلب القديس طاطس على النار فأنطفأت ، فتعجب

ابن الملك وصديق طاطس ، وقال له كيف تعلمت هذا كوبتالس

السحر ؟ فأجابه ليس هذا من السحر ، بل من االيمان بالمسيح ، فقال

له هل أستطيع أن أفعل هكذا ؟ أجابه بااليمان تفعل أكثر من هذا ..

فآمن كوبتالس بالسيد المسيح ، ثم تقدم الى النار وصلب عليها ،

ا فأرسل الوالى إلى الملك يبلغه ذلك فانثنت راجعة خمس عشر ذراع

األمر . فأمر بقطع رأس طاطس ، وتقطيع ابنه ثالث قطع ، ورميه

على الجبال لتأكله طيور السماء فناال أكاليل الشهادة .

ب) الصليب يحول نار اآلتون إلى ندى بارد .

بيستس وهلبيس القديسات العذارى استشهاد قصة فى يذكرتاريخ الكنيسة

، أن الصغيرة أغابى وكان سنها تسع سنوات وأغابى وأمهن صوفية

فكانت تقويها وتصبرها . . خافت أمها عليها بأن تجذع من التعذيب

-104-

فلما أمر الملك أن تعصر بالهمبازين . استغاثت بالسيد المسيح

فأرسل مالكه وكسر الهمبازين . فأمر الملك أن تطرح فى النار

المة الصليب وانطرحت فيها فأبصر فصلت ورسمت وجهها بع

، واألتون كالندى الحاضرون ثالثة رجال بثياب بيضاء محيطين بها

البارد فتعجبوا ، وآمن كثيرون بالسيد المسيح فأمر بقطع رؤوسهم .

] قوة الصليب على شفاء المرضى . 6[

القديس جاؤرجيوس يشفى أعمى وأصم وأخرس .

وكان أعمى ، وأصم ، لقديس جاؤرجيوسقدمت امرأة ابنها الى ا

الصليب ، . فصلى الى السيد المسيح ، ورسم الطفل بعالمة وأخرس

فشفى من جميع أمراضه .

أننا كمؤمنين نرى فى كل انسان أيا كان ... ذلك األخ الذى مات

المسيح ألجله ، لذلك يصبح كل انسان فى نظرنا ذا قيمة ال تقدر ،

سفك من أجله . قيمة الدم الذى

لذلك جاهد القديسون بالصالة والطلبة من أجل شفاء اآلخرين ،

طالبين فى صلواتهم قوة الصليب المحيي ، الذى هو عالمة ابن

االنسان ورسم تجسده وآالمه من أجل خالصنا .

-105-

] قوة الصليب على الموت والحياة 7[

الى طفل ميت . أ) بالصليب أعاد القديس الراهب أباهور الحياة

القديس أباهور الراهب الناسك ، ذهب الى االسكندرية ، بعد

انفراده فى البرية ، وكان يسقى الماء للمسجونين والمنقطعين وحدث

أن خيوال كانت تركض وسط المدينة ، فصدم أحدها طفال ومات

، لوقته . وكان القديس أباهور واقفا فى المكان الذى مات فيه الطفل

: ، وجعلهم يصرخون قائلين فدخل الشيطان فى أناس كانوا حاضرين

" ان القاتل لهذا الطفل هو الشيخ الراهب " . فتجمهر عليه عدد

عظيم من المارة وكانوا يهزأون به . ولكن القديس أباهور لم

يضطرب ، وتقدم وأخذ الطفل واحتضنه ، وهو يصلى الى السيد

عالمة الصليب المجيد فرجعت إليه المسيح فى قلبه . ثم رشم عليه

الحياة وأعطاه ألبويه فتعجب الحاضرون ومجدوا هللا .

ألمه . وحيد الرسول الحياة البن القديس يوحنا أعاد ب) بالصليب

مضى القديس يوحنا الرسول إلى مدينة افسس ، ونادى فيها بكلمة

ى أن حدث ذات الخالص . فلم يقبل أهلها تبشيره فى أول األمر ، إل

يوم أن سقط ابن وحيد ألمه فى مستوقد حمام كانت تديره . فأسرعوا

-106-

إلخراجه ، ولكنه قد مات . فعال الصراخ من والدته فتقدم الرسول

من الميت ، وصلى إلى هللا بحرارة ورشمه بعالمة الصليب ونفخ فى

، فعادت إليه الحياة للوقت فأبتهجت أمه .. وجهه

خذ أهل المدينة يأتون إليه ليسمعوا تعاليمه .ومن تلك اللحظة أ

جـ) بقوة الصليب أعاد القديس األنبا يعقوب الحياة لطفل .

االسكندرية الخمسون وهبه هللا قدرة بابا العظيم األنبا يعقوب القديس

مقاريوس من نبروه اسمه على عمل اآليات من ذلك أن أرخنا شهيرا

ق نسال وبعد زمن أعطاه هللا ولدا كان قد طعن فى السن ولم يرز

فصنع وليمة ، ودعا إليها هذا القديس فحدث أثناء الوليمة أن مات

الطفل فلم يضطرب والده ، بل حمله بايمان ووضعه أمام البابا واثقا

أن هللا يسمع لصفيه ويعيد نفس الطفل إليه. فأخذ البابا الطفل الميت

وصدره ، وقلبه وهو يصلى ورشمه بعالمة الصليب على جبهته

. أقم بقدرتك هذا الميت الحياة قائال : يا سيدى يسوع المسيح الواهب

حيا ألبيه ثم نفخ فى وجهه فعادت نفس الطفل إليه ، فدفعه إلى أبيه.

الصليب هو قوة المسيح للخالص من الموت ، فحينما نرسم عالمة

المسيح وقيامته ويكون الصليب بايمان نكون قد اعترفنا وآمنا بموت

-107-

عملنا بمثابة رؤية حقيقية بااليمان المقدس لقوة يسوع المصلوب على

عود الصليب ، وثقة بانتصار المسيح القائم من األموات على الموت

، إذ بموته داس الموت وكسر شوكته وأبطل سلطانه ، ووهب الحياة

للذين يؤمنون به .

لى األعداء .] بقوة الصليب انتصر القديسون ع8[

كان البابا سانتويوس األول الخامس والخمسون من باباوات الكرازة

األربعين المقدسة مع برية شيهيت ليصوم الى قد صعد المرقسية ،

من العربان على البرية وفى أحد الشعانين أقبل كثير . اآلباء الرهبان

ة ، ، وأقاموا هناك على الصخرة الكائنة شرق الكنيس لنهب األديرة

وسيوفهم مجردة استعدادا للقتل والسلب فاجتمع األساقفة والرهبان

الى البابا ورفعوا األمر المجيد عيد القيامة وقرروا مبارحة البرية قبل

أن أكمل الفصح ال أفارق البرية إلى فانى أما أنا سانتويوس فقال لهم:

البابا عكازه وازداد القلق فأخذ هذا يوم خميس العهد تعظم األمر وفى

العربان وبيده ذلك العكاز فعندما عالمة الصليب.وخرج الى عليه الذى

هاربين كأن جنودا أشداء قد صدوهم وفروا ، رأوه رجعوا إلى الوراء

عن ذلك المكان ، ولم يعودوا إليه من ذلك اليوم بقصد سيء .

-108-

الفصل السادس :

عيد الصليب

رة الصليب دو }2{ ظهور الصليب }1{

عيد الصـليب

] االحتفال بظهور الصليب :1[

تحتفل الكنيسة بظهور الصليب المجيد الذى لربنا ومخلصنا يسوع

المسيح احتفالين األول فى اليوم السابع عشر من شهر توت

م ، على يد الملكة البارة القديسة هيالنة ، والدة االمبراطور 326سنة

وقت أن قبل ابنها قسطنطين –هذه القديسة قسطنطين الكبير ، ألن

نذرت أن تمضى إلى أورشليم . فأعد ابنها البار –االيمان بالمسيح

كل شئ التمام هذه الزيارة المقدسة .

ولما وصلت إلى أورشليم ومعها عسكر عظيم وسألت عن مكان

الصليب لم يعلمها به أحد ، فأخذت شيخا من اليهود ، وضيقت عليه

الجوع والعطش ، حتى اضطر إلى االرشاد عن المكان الذى يحتمل ب

وجود الصليب فيه بكيمان الجلجثة . فاشارت بتنظيف الجلجثة ،

م . ولما لم يعرفوا 326فعثرت على ثالثة صلبان ، وذلك فى

الصليب الذى صلب عليه السيد المسيح أحضروا ميتا ووضعوا عليه

ملوا فى اآلخر ، ولكنهم لما وضعوا أحد الصلبان فلم يقم ، وكذا ع

على الميت الصليب الثالث قام لوقته .

فتحققوا بذلك أنه صليب السيد المسيح . فسجدت له الملكة هيالنة

-111-وكل الشعب المؤمن ، وأرسلت جزءا منه إلى ابنها قسطنطين مع

عشر السابع اليوم فى تشييد الكنائس المذكورة فى وأسرعت ، المسامير

حتفال الثانى الذى تقيم فيه الكنيسة تذكار الصليب فى اليوم واال م. 628وكان على يد االمبراطور هرقل فىالعاشر من برمهات .

وذلك أنه لما ارتد الفرس منهزمين من مصر إلى بالدهم أمام هرقل

حدث أنه عند مرورهم على بيت المقدس دخل أحد امراء الفرس

ملكة هيالنة . فرأى ضوءا ساطعا يشع كنيسة الصليب التى شيدتها ال

من قطعة خشبية موضوعة على مكان محلى بالذهب . فمد يده

األمير إليها ، فخرجت منها نار وأحرقت أصابعه . فأعلمه النصارى

أن هذه قاعدة الصليب المقدس ، كما قصوا عليه أيضا أمر اكتشافه ،

على شماسين كانا وأنه ال يستطيع أن يمسها إال المسيحى . فاحتال

القطعة قائمين بحراستها ، وأجزل لهما العطاء على أن يحمال هذه

من شعب أورشليم من سباهم إلى بالده مع ويذهبا بها معه

وسمع هرقل ملك الروم بذلك ، فذهب بجيشه إلى بالد الفرس

وحاربهم وخذلهم وقتل منهم كثيرين . وجعل يطوف تلك البالد يبحث

ة فلم يعثر عليها . ألن األمير كان قد حفر فى بستانه عن هذه القطع

حفرة وأمر الشماسين بوضع هذا الصندوق فيها وردمها ثم قتلهما .

ورأت ذلك إحدى سباياه وهى ابنة أحد الكهنة ، وكانت تتطلع من -112-

طاقة بطريق الصدفة ، فأسرعت إلى هرقل الملك وأعلمته بما كانت

الكهنة والعسكر إلى ذلك الموضع قد رأته فقصد ومعه األساقفة و

وحفروا فعثروا على الصندوق بما فيه فأخرجوا القطعة المقدسة

م . ولفوها فى أقمشة فاخرة وأخذها هرقل إلى مدينة 628سنة

القسطنطينية وأودعاها هناك باحتفال عظيم .

] دورة الصليب2[

فى صالة رفع بخور باكر فى عيدى الصليب ، تحتفل الكنيسة

الصليب وتكرمه بطريقة بديعة مؤثرة للغاية فيحمل الشمامسة ب

الصليب المقدس مزينا بالورود ومضاء بثالث شمعات ويطوفون

البيعة به والكهنة البسين البرانس حاملين المجامر .

ويبدأون بدورة الصليب حول المذبح ثم يقفون أمام باب الهيكل

يردون مرد الصليب ثم يقفون الكبير ويقرأون فصال من االنجيل ثم

أمام أيقونة السيدة العذراء ويقرأون فصال من االنجيل ... وهكذا إلى

أن يرجعوا مرة أخرى .

-113-

ولكن السؤال الذى يطرح نفسه لماذا كل هذا الطقس وما هو السر

وراء هذه الدورة التى قد تعمل بطريقة شكلية وقراءات سريعة آلية

تفقدها معناها ؟! .

واقع أن الكنيسة تكرم الصليب حيا معاشا فيها بوضوح على * ال

مستويين : ) الصليب الحى والمعلن فى الكنيسة كمبنى وممارسة وعبادة 1

توصل النفس الى حياة أبدية .

) الصليب الحى المعلن فى الكنيسة كنفوس قديسين مكملين فى 2

يا .المجد مبنيين كحجارة حية بيتا روح

ففى دورة الصليب عندما نقف أمام الهيكل وأبواب الكنيسة

يد للصليب من واللقان والمعمودية ... الخ فنحن فى الواقع نع

خالل عبادتنا الكنسية ودخولنا إلى بيت هللا وفى جميع

الممارسات األخرى .

مالئكة * وعندما نقف أمام أيقونات القديسة مريم العذراء وال

والشهداء والقديسين فنحن فى الواقع ال نتذكر القديسين تذكارا نفسيا

بل ندخل معهم فى شركة حياتهم وجهادهم وفضائلهم وباالختصار

فى شركة مع الروح الذى فيهم .

-114-

إن القديس أعطى ذاته كلية ل ليحل فيه وينيره . فذكرنا للقديسين

ركتنا مع المسيح وفى ذات الوقت إذن يكون بمثابة تنمية وتعميق لش

دخول وارتباط بالخليقة الجديدة وفى سر قداستها .

والصليب فى حقيقته هو الصلح بين السمائيين واألرضيين ،

والرباط الذى يربط هذه الطبيعة الممجدة فيهم والتى ال تزال فى

طريقها للتمجيد فينا .

لحن االحتفال بالصليب .

، لحن االنتصارفأحد الشعانين يقال فى أحد الشعانين الذى اللحن وهو

االنتصارى راكبا على أتان وجحش بدخول الرب ، هو بداية الصليب

ابن أتان كالتدبير وهذا اللحن يشيع فى النفس الفرح والغبطة .

والصليب فى واقعه هو ملكوت هللا وهو الوسيلة التى استرد بها

. وعن طريق الصليب نزل إلى الرب جنسنا من قبضة العدو .

الجحيم وسبى سبيا وأعطى الناس كرامات . والرب ملك بالصليب

نعم ملك على المديونين عندما قال قد أكمل وسدد ديون الجميع ،

وملك على المذنبين حين صلب بينهم وأحصى مع أثمة ، وملك على

فلحن الراجعين والتائبين حينما فتح ذراعيه بالصليب ليحتضنهم.

الصليب هو اللحن الملكى الذى عندما تصرخ به الكنيسة تتوافق مع

-115-

تسبيح األطفال فى هيكل أورشليم يوم دخول الرب االنتصارى وهم

يقولون أوصنا مبارك الملك اآلتى باسم الرب .

: أمام الهيكل الكبير }1{

)50-44: 1(يو-1 :137، مز4: 103مز

فى هيكل هللا ومذبحه المقدس . فالواقف نعيد للصليب المعلن لنا

أمام الهيكل كمن يقف أمام الجلجثة تماما ...

المذبح هو الصليب وجسد ودم عمانوئيل موضوعان عليه .

الذى يقبل المذبح بفمه يقبل الصليب ويكرمه والساجد أمام باب

الهيكل يحسب مع الساجدين على أعتاب السماء .

ب من هذا المكان يكون بمثابة اكتشاف األسرار التى التعييد للصلي

تشتهى المالئكة أن تطلع عليها داخل الهيكل .

} أمام أيقونة السيدة العذراء2{

).56-39 :1(لو 7 ،5، 2: 86مز

وانحنت تحته بالطاعة الصليب حمل من السيدة العذراء تعتبر أول

المطلقة .

-116-

ء ايمان بسببه تطوبها جميع األجيال على الصليب فى حياة العذرا

" . األرض وفى السماء " فهوذا منذ اآلن جميع األجيال تطوبنى

. ) 48: 1( لو

الصليب فى حياة العذراء تسبيح وابتهاج وفرح ال ينطق به .

)47، 46 :1(لو. " بال مخلصى" تعظم نفسى الرب . وتبتهج روحى

} أمام أيقونة المالك غبلایر 3{

) .38-26: 1(لو7، 6: 33مز

مع أن المالئكة األطهار لم يشتركوا معنا فى حمل الصليب ماديا ،

إذ أنهم أرواح مقدسة غير قابلة لآلالم إال أنهم اشتركوا معنا فى

مة والموت .أفراح الصليب وانتصاراته على سلطان الظل

المالك ميخائيل أمام أيقونة }4{

) .53-44 :13(مت 18، 17 :102مز

القيامة التى بشرنا بها رئيس المالئكة ميخائيل هى جوهر الصليب

ألن الرب ارتضى أن يعلق على الصليب ألنه قادر أن يقوم أيضا

اة. وألنه ليس ممكنا للموت أن يمسكه ألن فيه كانت الحي

-117-

إذن يستحيل أن نتكلم عن الصليب أو نعيد للصليب منفصال عن

القيامة ويستحيل أن نبشر بموت الرب إال مقترنا بحياة يسوع المسيح

الذى مات بل بالحرى قام .

} أمام أيقونة القديس مارمرقس االنجيلى 5{

) .12-1: 10(لو 13: 67مز

وقوة هللا للخالص إلى أرضنا تشبه بسيده وحمل صليب البشارة

وبشرنا بالسالم ونقلنا من الظلمة الى استنارة االيمان . بالملك المسيح

وعلمنا السجود للثالوث األقدس وآخيرا روى بذرة االيمان التى

غرسها فى قلوبنا وسقاها بدمه الطاهر فى يوم استشهاده .

} أمام أيقونة سادتنا الرسل 6{

) . 8 -1: 10، (مت 4، 3: 18مز

اذا ما وقفنا أمام أيقونة الرسل األطهار أيقونة أبينا بطرس ومعلمنا

بولس ، وأمام أيقونة االثنى عشر رسوال مجتمعين مع العذراء

القديسة مريم عند حلول الروح القدس عليهم يوم الخمسين .

-118-

نكون قد وقفنا لنمجد صليب ربنا يسوع المسيح الذى ارتفع فى

ياتهم ، وأضاء فيهم فصاروا نورا للعالم وملحا لألرض . ح

} أمام أيقونة الشهيد مارجرجس 7{

) .19، 12: 21، ( لو 11: 96مز

ظل هذا الشهيد ممسكا بصليبه حتى اختلط دمه بالصليب وصار

أرق تعبير وأعظم إخالص للمسيح المصلوب بل يعتبر تجاوبا مع

بعد ما يستطيع االنسان " مع المسيح صلبت صليب المسيح إلى أ

) .20: 2فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا فى " . (غل

هنا يشير فصل االنجيل إلى الصليب الذى احتمله الشهداء لكى نأخذ

نحن بركة آبائنا الشهداء فى عبادتنا ونتمثل بهم .

} أما أيقونة أنبا أنطونيوس 8{

فى قديسيه إله اسرائيل هو يعطى المزمور : " عجيب هو هللا

قوة وعزاءا لشعبه . والصديقون يفرحون ويتهللون ويتنعمون

بالسرور هلليلويا " .

) . 28 – 24: 16االنجيل (متى

-119-

حياة القديس انطونيوس توضح أصالة االتجاه المسيحى فى تطبيق

لتى أضاءت وصايا االنجيل وحمل الصليب من اللحظة األولى ا

أمامه وصية االنجيل طريق الخالص والحياة األبدية .

هنا الصليب . هو صليب االيمان المعاش . وفصل االنجيل يشير

الى الصليب كما عاشه القديس انطونيوس باختصار .

أنبا انطونيوس الذى أنار لنا دروب الرب وحمل الصليب خلف

سيده الى النهاية .

اب البحرى } أمام الب9{

مزمور : " مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات ... "

) . 30 – 23: 13االنجيل : (لو

الباب البحرى هو باب الموعوظين الداخلين ليقبلوا سر العماد

المقدس ، ووضع المعمودية فى الكنيسة يكون بجوار الباب البحرى

من الجهة الغربية .

التوبة وتجديد باب ، هللا الدخول إلى الباب باب هذا أن نسمى اذن يصح

الحياة وجحد الشيطان والعالم هنا نقف أمام هذا الباب لنعيد للصليب

الواقع أن هذا هو الصليب عينه ، الداخل من هذا الباب رفض

-120-

العالم وكره الطريق الرحب المؤدى الى الهالك ورضى أن يموت

والشهوات واألهواء ... وقبوله جسدال عن العالم ليحيا ل وأن يصلب

المعمودية هو قبوله أن يدفن مع المسيح ويقوم فى جدة الحياة ...

} أمام اللقان [ غسل األرجل ] .10{

المياه .إله المجد أرعد . الرب على على الرب " صوت مزمور :

المياه الكثيرة صوت الرب بقوة هلليلويا " .

) . 17 – 13: 3جيل : (متاالن

ممارسة غسل األرجل فى الكنيسة يكمن فيها سر االتضاع .

اتضاع الهنا العجيب . ويعتبر بالدرجة األولى مرحلة من مراحل

الصليب المجيد .

صليب –صليب األردن –هيا يا أخوة نعيد لهذا الصليب العجيب

.االعتراف واالغتسال المتكرر وصليب غسل األرجل

} أمام باب الكنيسة القبلى .11{

مزمور : " افتحوا لى أبواب العدل لكيما أدخل فيها واعترف للرب"

) . 11-1: 21االنجيل : (مت

-121-

هذا الفصل يذكرنا بدخول الرب ممجدا ألورشليم فى وسط تالميذه

ومحاطا بتسبيحات شاروبيمية من فم األطفال ... هكذا الداخل إلى

ن كمن يدخل فى موكب يوم الشعانين ...الكنيسة يكو

الصليب هنا صليب الملك المنتصر الوديع وعالمة القوة والنصرة

على العالم والجسد والموت والشيطان والظلمة التى فى العالم .

الداخلون إلى الكنيسة يرشمون ذواتهم بهذا الصليب المحيي وهم :

مسيح الملك ) يحملون سعف النخل صليب االنتصار ويجدون ال1

قائم فى وسط الكنيسة .

) خلعوا ثيابهم وفرشوها فى الطريق الملوكى .2

) امتألت أفواههم فرحا وألسنتهم تسبيحا .3

} أمام أيقونة يوحنا المعمدان .12{

مزمور : " وأنا مثل شجرة الزيتون المثمرة فى بيت هللا اتمسك

قدام ابرارك . هلليلويا " .باسمك فإنه صالح

) . 35 – 28: 7االنجيل : ( لو

-122-

تأمل :

ما أجمل الصليب فى حياتك أيها السابق البن هللا الشاهد

للحق من غير محاباة .

ما أجمل الصليب كما عشته فى النسك والطهارة والتمسك

باسم الهك حتى الموت ... السالم لك أيها الصليب المتربع

ش قلب يوحنا الكاهن بن الكاهن ... الذى وضع على عر

يده على رأس الذبيحة الحقيقية ربنا يسوع المسيح .

ما أحوجنا أن نعيد للصليب فى حياتنا ... ونمجده فى

القديسين الذين نالوا المواعيد العظمى والثمينة ونظروها

من بعيد وحيوها فى قلبهم وكرموها فى ضمائرهم

غرباء ونزالء . وتصاغروا وأقروا أنهم

-123-

الفصل السابع :

الصليب فى التقليد المقدس

الصليب فى التقليد المقدس

" وأما من جهتى فحاشا لى أن أفتخر إال بصليب ربنا يسوع

. ) 14: 6(غلالمسيح الذى به قد صلب العالم لى وأنا للعالم " غل حياة المؤمنين من } اشارة الصليب تراث تقليدى زاخر يتغل21{

القرن األول بتسليم رسولى .

" بخصوص المعتقدات والممارسات المحفوظة فى الكنيسة

والمسلمة عموما ، بعضها استلمناه كتابة وبعضها اآلخر تسلمناه

كما وصلنا ، فى سر حسب تقليد الرسل .

بالدين ... وكال هذين التسليمين لهما نفس القوة فيما يختص

وعلى سبيل المثال للنوع الثانى فلنأخذ المثل األول والعام ، فمن

الذى علمنا كتابة أن نرسم بعالمة الصليب ؟ . أو ما هى الكتابة

التى علمتنا أن نتجه فى الصالة ناحية الشرق ؟ ...

وس القديس باسيلي

وإن كنا ال نستطيع أن نحدد استخدام الصليب ، ألن من المسلم به

أن اشارة الصليب يلزم أن تشاركنا حياتنا كلها بحركاتها وسكناتها ،

كما يخبرنا بذلك كل من القديس كيرلس األورشليمى وترتلياس

والقديس يوحنا ذهبى الفم .-135-

بها فى دخولنا } فى كل خطوة نقدم عليها أو أى حركة نقوم22{

نجلس لنأكل، عندما ، عندما نستحم عندما نلبس مالبسنا وخروجنا

عندما نوقد المصابيح ، وعندما نخلد الى الفراش ، وفى كل

أعمالنا اليومية علينا أن نرسم الصليب على جبهتنا ،

وبخصوص هذه القوانين اذا كنتم تصممون على العثور على

ات من االسفار المقدسة تثبتها فلن تجدوا شيئا . فالتقليد استشهاد

يقوم لكم بمثابة المصدر الوحيد الذى انحدرت منه هذه الوصايا

إليكم ، كما تقوم العادة السارية كموثق لهذه الشهادة ، وااليمان

كالشاهد .

ليانوسالعالمة ترت

} وصارت عالمة الصليب ترسم على مالبسهم وعلى تيجان 23{

الملوك وترسم فى الصلوات ، وعلى المائدة المقدسة يرتفع

الصليب ، وفى كل مكان من ارجاء العالم يضيئ الصليب بأكثر

مما تضيء الشمس .

ذهبى الفم القديس يوحنا

يمكننا أن نقسم أنواع مواقف الحياة التى تستدعى االلتجاء الى

استخدام الصليب :-136-

أوال : مواقف الصالة :

من أعظم المصادر التى نستقى منها ضرورة استخدام قوة

الصليب اثناء الصالة ، هى التقليد الرهبانى الذى ال يزال حيا فى

لرهبنة األولى ، وذلك ألن الرهبنة هى كثير من تسليماته منذ نشأة ا

حياة الصالة بجملتها .

والحياة الرهبانية هى فى الواقع حرارة الكنيسة غير المنطفئة ،

والدعوة الرسولية األولى غير المتزعزعة .

ونرى أن حمل الراهب للصليب أثناء الصالة ، أمر واقعى مطابق

مه يشعله اشعاال اذ يزكى لحياته ، ألن منظر الصليب فى يده أو أما

موقعه كمن يتبع المسيح فعال ، قلبا وعقال وروحا .

والصليب ال يفارق يد الراهب أو فمه أو قلبه ! ...

وهو بحد ذاته حينما ينتصب فى الصالة يرفع يديه بمقتضى واجب

طقس الصالة ، وال يخفضهما ، فيرسم بشكله صليبا ويقدم نفسه

... للعالم مصلوبا

وعند بدء كل سجدة يصنعها الراهب فى صلواته يرشم صليبا على

جبهته استمرارا للمتابعة العقلية والقلبية للمسيح ، إذ أن السجدة هى

-137-

تعبير عن التوبة واالنسحاق واشارة الصليب هى قوة االتضاع بعينها

التى تغذى التوبة أى المطانية .

الوضع الرهبانى األصيل فى هذا الصليب اذن يرفع فكرنا الى

حياة الجهاد والصالة ، فالراهب يلبس الصليب بطقس خاص وصالة

وتسليم انواع صلوات حتى يستمد منه قوة مستمرة على التجرد

المطلق وإماتة الشهوات والجسد والسهر قبالة الحروب التى يثيرها

العدو .

يشمل كل أى أن الصليب فى حياة الراهب يمتد من أوقات الصالة ل

ساعات العمر . لذلك يدعى الرهبان الناسكون بلباس الصليب .

ال شئ مثل ميت انسان صار ، هو والبسى الصليب بالمعنى االنجيلى

وفى التقليد الرهبانى األصيل كما سلمه المالك لألنبا باخوميوس

يفرض على الراهب أن يلبس لباس الرأس عليه صليب بخيط

وف أنه حصن االنسان الذى يتحصن فيه ضد قرمزى . ألنه معر

العدو هو الفكر المقدس ، لذلك صار الصليب على الجبهة قوة تعين

المنظورة . غير الراهب فى صراعه الفكرى مع قوات الظلمة العقلية

-138-

} بواسطة الصليب يستطيع االنسان أن يطرد كل خداعات 24{

الشياطين .

القديس اثناسيوس الرسولى

ومن معدات الراهب التقليدية الهامة فى حياته ، عكازه وتسلمته

م ] ، وهى 256– 251الرهبنة عن مؤسسها القديس انطونيوس [

العصا التى يتوكأ عليها اثناء وقوفه فى الليل والتى يصحبها معه فى

ه عبر الصحراء ، ولكن هى فى الظاهر عصا ، وفى تنقالته ورحالت

الحقيقة سالح خفى يعرفه العدو فهى صليب ، إنما صليب خاص

: معروف لدى علماء فنون الصليب ، بصليب انطونيوس ويسمى

Crux commissa االنطالق ، وهو على أو أى صليب االستعداد

ب الذى الصلي: ألنه يوجد ثالثة اشكال رئيسية للصليب . Tشكل

Cruxويسمى +صلب عليه السيد المسيح والمتفق على شكله

immissa والصليب الذى صلب عليه اندراوس الرسول . × . Crux Decussataويسمى

والمعروف أن عكاز الراهب هو فى حقيقته صليب خفى يعتبر

أول استخدام لصليب اليد ، ألن الكنيسة ظلت مدة فى البدء تستخدم

اليد فى رشم الصليب . أصابع-139-

إذن فعكاز الراهب هو بداية استخدام الصليب فى اليد ، لذلك نرى

من التقاليد الراسخة والمتبعة تماما أن االسقف يحمل عكازه إياه

القديم بصفته راهبا ، أى صليبه الخفى الذى سمى فيما بعد بعصا

الرعاية ، عوضا عن الصليب فى اليد .

هن فال يحمل عكازا حسب التقليد األصيل وإنما يحمل أما الكا

صليبا فى يده دائما .

وليس فى طقس سيامة الكاهن أى اشارة الى تسليمه عصا الرعاية

، ولكن فى سيامة االسقف يدخل عكازه القديم معه فىالرسامة وتبارك

الكنيسة عليه ليصير عصا الرعاية .

ى الكنيسة كلها بعد ذلك ، فصارت وانتقل شكل العكاز ومعناه ال

تحمله على البيارق للتعبير عن النصرة والقيامة . كل هذه التقاليد

الرهبانية لم تنحصر فى الطقس الرهبانى بل صارت مشاعة للكنيسة

كلها بكل شعبها ، ألن الرهبنة كانت ويجب أن تظل نموذجا للحياة

ا خاصا أو نموذجا المسيحية ، نموذجا واضحا واصيال وليس وضع

فريدا أو حياة غريبة ، فالرهبنة صورة أصيلة للكنيسة األولى . لذلك

نرى العلمانيين األتقياء يستخدمون نفس هذه التقاليد عينها بصورة

مبسطة . -140-

ذات قوة فعالة للخالص لكل الناس ، ولو } إن خشبة الصليب25{

ل قيمة من كافة أنها كما أعلم جزء من شجرة حقيرة ربما أق

االشجار ، ولكن العليقة التى رآها موسى أيضا كانت كذلك وهللا

استعلن بحضوره فيها ... فهذه كلها قد جعلت واسطة لتكميل

معجزات عظيمة لما قبلت قوة هللا .

( القديس غريغوريوس النيسى )

قليدية المتوازنة فى الحياة الرهبانية األصيلة ، أن ومن األمور الت

صليب الراهب الذى كان يستمد منه القوة والعون فى صلواته أثناء

حياته كان يوضع فى يده اليمنى وتسند يده على صدره عندما توضع

جثته فى القبر . وذلك ألن من المقطوع به أن للصليب قوة الغلبة

لطان الموت . على الموت والفساد ومن له س

} عالمة الصليب تذكار االنتصار فوق الموت وفوق فساده .26{

القديس اثناسيوس الرسولى

ثانيا: مواقف الخطر وزمان األتعاب والتجارب :

أبناء النور ينظرون للمخاطر واالتعاب والتجارب كحرب ينبغى

شجاع وبأس وقوة . لذلك يسارعون بدون قلق الى مالقاتها بقلب -141-

لبس اسلحة الحرب لمواجهة العدو فى الداخل والخارج ، فى الداخل

لصد كل هجمات الشكوك والحزن المفسد والتذمر واليأس ، وفى

الخارج الحتمال جروح العدو واشواكه التى تصيب الجسد واالسم

والكرامة واألمال الكاذبة .

يدخل كسالح فعال جدا فى هذه الحروب ويأتى بنتائج هنا الصليب

منظورة ومحسوسة وباهرة للغاية .

} من يريد أن يختبر هذا عمليا فليأت وينظر كيف تبطل خداع 27{

الصليب، رشم السحر بمجرد الكاذبة وعجائب الشياطين والعرافة

والشياطين تلوذ بالفرار .

القديس اثناسيوس الرسولى

} بدال من أن تحمل سالحا أو شيئا يحميك ، احمل الصليب 28{

واطبع صورته على اعضائك وقلبك ، وارسم به ذاتك ال بتحريك

اليد فقط بل ليكن برسم الذهن والفكر أيضا . ارسمه فى كل

قيامك ، فى نومك مناسبة فى دخولك وخروجك ، فى جلوسك و

وعملك ، ارسمه باسم اآلب واالبن والروح القدس .

القديس مارافرام السريانى -142-

} نحن نكرم الصليب ونطلب قوته المحيية فى صلواتنا قبل أن 29{

نطلب معونة القديسين أو شفاعتهم . وذلك ألن الصليب هو

ورسم تجسده وآالمه لخالصنا . فعلى الصليب مة ابن االنسانعال

قدم السيد المسيح نفسه ذبيحة ل اآلب من أجل خطايانا لكل من

يؤمن به .

لذلك صارت عالمة الصليب هى االشارة المشتركة بين جميع

المؤمنين كرمز للخالص والمحبة المشتركة .

القديس كيرلس األورشليمى

ثالثا : مواقف السالمة والراحة والفرح :

يوجد سالم حقيقى ويوجد سالم كاذب ، وتوجد راحة حقيقية وراحة

كاذبة ، ويوجد فرح حقيقى وفرح كاذب ، والفرق بين الحقيقى

م والكاذب فى الحياة المسيحية هو أن الحقيقى يدوم والكاذب ال يدو

بل ينتهى ويزول الى النهاية .

أوالد مسرات هذا الدهر ينغمسون فىالفرح حتى آخر لحظة ، وال

يستيقظون منه إال على طعنة من طعنات العالم تنزعهم من أفراحهم

انتزاعا لتطرحهم فى التعاسة واليأس الذى يبدد كل سالمهم الماضى

واجهة والحرب فى آخر ويأتى على كل آمالهم ... وإن هم حاولوا الم-143-

لحظة ، يجدون يدهم عاجزة عن حمل الصليب وعكازهم مكسورا !

...

والراحة والفرح الحقيقى ، فال يعرفها إال أوالد النور أما السالم

والتى توجد وتنمو فى كل وقت وفى كل ظرف بل وال تزدهر

و وتتجلى إال فيما يسميه اآلخرون بالمصائب والمحن ، ففيها يحل

النشيد نشيد الصليب والتأمل فيه ويرتفع رسمه فى اليد وفى القلب

والفكر عاليا . ويصير تمجيده كسالح النجاح ويعتز الصليب جدا فى

عين من جاوزوا الموت وقاموا ...

} إن مجد الصليب قاد كل من فقد البصيرة بسبب الجهالة من 30{

وا جدا بالخطية وفدى الظلمة الىالنور وفك قيود كل من ارتبط

كل عالم االنسان .

القديس كيرلس األورشليمى

-144-