ﺙﻟﺎﺜﻟﺍ ﻡﺴﻘﻟﺍ ﺱﺭﺎﻓﻭ ﻝﺎﺒﺠﻟﺍ ﻝﻫﺃ … · 822...

789
821 ﻳﺘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻫﺮ- ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﱯ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻤﻠﺢ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺃﻫﻝ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﻓﺎﺭﺱ ﻭﺠﺭﺠﺎﻥ ﻭﻁﺒﺭﺴﺘﺎﻥ ﺃﲪﺪ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺁﻻﺋﻪ، ﻭﺃﺳﺄﻟﻪ ﺷﻜﺮ ﻧﻌﻤﺎﺋﻪ، ﻭﺃﺻﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﳏﻤﺪ ﺍﳌﺼﻄﻔﻰ ﺍﳌﺨﺘﺎﺭ، ﻭﺃﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺍﻷﻃﻬﺎﺭ. ﻭﺑﻌﺪ، ﻓﻠﻤﺎ ﰎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﻳﺘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺃﺗﺒﻌﺘﻪ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﺢ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﺍﳉﺒ ﺎﻝﺎ ﻭﺷﻌﺮﺍﺋﻬﺎ، ﻭﺳﺎﺋﺮ ﻓﻀﻼﺋﻬﺎ ﻭﻏﺮﺑﺎﺋﻬﺎ، ﻭﻣﺎﺎ ﻭﻗﻀﺎ ﻭﻓﺎﺱ ﻭﺟﺮﺟﺎﻥ ﻭﻃﱪﺳﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻠﻤﻴﺔ ﻭﻛﺘﺎ ﻳﻨﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﻢ، ﻭﻏﺮﺭ ﺃﻟﻔﺎﻇﻬﻢ. ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺫﻜﺭ ﺍﺒﻥ ﺍﻟﻌﻤﻴﺩ ﻭﺇﻴﺭﺍﺩ ﻟﻤﻊ ﻤﻥ ﺃﻭﺼﺎﻓﻪ ﻭﺃﺨﺒﺎﺭﻩ ﻭﻏﺭﺭﻩ ﻤﻥ ﻨﺜﺭﻩ ﻭﻨﻅﻤﻪ ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ، ﻋﲔ ﺍ ﳌﺸﺮﻕ ﻭﻟﺴﺎﻥ ﺍﳉﺒﻞ ﻭﻋﻤﺎﺩ ﻣﻠﻚ ﺁﻝ ﺑﻮﻳﻪ ﻭﺻﺪﺭ ﻭﺯﺭﺍﺋﻬﻢ ﻭﺃﻭﺟﺪ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﰲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ﻭﲨﻴﻊ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺳﺔ، ﻭﺁﻻﺕ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ، ﻭﺍﻟﻀﺎﺭﺏ ﰲ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺑﺎﻟﺴﻬﺎﻡ ﺍﻟﻔﺎﺋﺰﺓ، ﻭﺍﻵﺧﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺑﺎﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ، ﻳﺪﻋﻰ ﺍﳉﺎﺣﻆ ﺍﻷﺧﲑ، ﻭﺍﻷﺳﺘﺎﺫ، ﻭﺍﻟﺮﺋﻴﺲ، ﻳﻀﺮﺏ ﺑﻪ ﺍﳌﺜﻞ ﰲ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ، ﻭﻳﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﱪﺍﻋﺔ، ﻣﻊ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﺮﺳﻞ ﻭﺟﺰﺍﻟﺔ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﺳﻼﺳﺘﻬﺎ، ﺇﱃ ﺑﺮﺍﻋﺔ ﺍﳌﻌﺎﱐ ﻭﻧﻔﺎﺳﺘﻬﺎ. ﻭﻣﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﻭﺃﺻﺪﻕ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺼﺎﺣﺐ- ﻭﻗﺪ ﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﺼﺮﻓﻪ ﻋﻨﻬﺎ- ﺑﻐﺪﺍﺩ ﰲ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻛﺎﻷﺳﺘﺎﺫ ﰲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ. ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﺎﻝ: ﺑﺪﺋﺖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﻌﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ، ﻭﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﺑﻦ ﺍﻟﻌﻤﻴ. ﹰ ﺃﺑﻮ ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﹰ ﻣﺜﻼ ﻭﻗﺪ ﺃﺟﺮﻯ ﺫﻛﺮﳘﺎ ﻣﻌﺎﺎ ﺍﻟﺼﺎﺣﺐ، ﻓﻠﻤﺎ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﱃ ﻭﺻﻒ ﺑﻼﻏﺘﻪ ﻗﺎﻝ ﻭﺃﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﺷﺎﺀ ﺃﲪﺪ ﺍﳋﺎﺯﻥ ﺍﻷﺻﺒﻬﺎﱐ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﻣﺪﺡ: ﺩﻋﻭﺍ ﺍﻷﻗﺎﺼﻴﺹ ﻭﺍﻷﻨﺒﺎﺀ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻅﻬﺭﻫﺎ ﻏﻴﺭ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺩ ﻭﺍﻟﻲ ﻤﺘﻰ ﻴﻁﻠﻕ ﺃﻋﻨﺘﻪ ﺒﻴﺎﻥ ﻴﺩﻉ ﺭﻫﻥ ﺃ ﻟﺴﺎﻥ ﺇﻴﺎﺩ ﻗﻴﺎﺩ ﻭﻤﻭﺭﺩ ﻋﻁﻠﺕ ﺯﻫﺭﺍ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﹰ ﻓﻭﻕ ﺃﺠﻴﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺭﻴﺎﺽ ﻭﺩﺭﺍ ﻭﺘﺎﺭﻙ ﹰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ ﺒﻬﺎ ﺃﻭﻻ ﻭﺍﺒﻥ ﹰ ﻓﻲ ﺃﺒﻲ ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻌﻤﻴﺩ ﺃﺨﻴﺭﺍ

Upload: others

Post on 10-Jan-2020

32 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 821

    القسم الثالث

    ملح أشعار أهل الجبال وفارس

    وجرجان وطبرستان

    .أمحد اهللا على آالئه، وأسأله شكر نعمائه، وأصلي على حممد املصطفى املختار، وأله وصحبه األطهارال وبعد، فلما مت القسم الثاين من يتيمة الدهر أتبعته بالقسم الثالث منها، وهو يشتمل على ملح أشعار أهل اجلب

    وفاس وجرجان وطربستان من وزراء الدولة الديلمية وكتاا وقضاا وشعرائها، وسائر فضالئها وغربائها، وما .ينضاف إليها من أخبارهم، وغرر ألفاظهم

    الباب األول

    في ذكر ابن العميد

    وإيراد لمع من أوصافه وأخباره وغرره

    من نثره ونظمه

    ملشرق ولسان اجلبل وعماد ملك آل بويه وصدر وزرائهم وأوجد العصر هو أبو الفضل حممد بن احلسني، عني ايف الكتابة، ومجيع أدوات الرياسة، وآالت الوزارة، والضارب يف اآلداب بالسهام الفائزة، واآلخذ من العلوم

    اإلشارة باألطراف القوية، يدعى اجلاحظ األخري، واألستاذ، والرئيس، يضرب به املثل يف البالغة، وينتهي إليه يفوما أحسن . بالفصاحة والرباعة، مع حسن الترسل وجزالة األلفاظ وسالستها، إىل براعة املعاين ونفاستها

    . بغداد يف البالد، كاألستاذ يف العباد- وقد سأله عن بغداد عند منصرفه عنها -وأصدق ما قال له الصاحب وقد أجرى ذكرمها معاً مثالً أبو حممد عبد اهللا بن . دبدئت الكتابة بعبد احلميد، وختمت بابن العمي: وكان يقال

    : أمحد اخلازن األصبهاين يف قصيدة فريدة مدح ا الصاحب، فلما انتهى إىل وصف بالغته قال وأحسن ما شاء فما على ظهرها غير ابن عباد األقاصيص واألنباء ناحيةً دعوا قيادلسان إياٍد رهن أ يدع بياٍن متى يطلق أعنته والي

    على رياض ودراً فوق أجياد كلماٍت عطلت زهراً ومورٍد العميد أخيراً في أبي جاد وابن أوالً عبد الحميد بها وتارٍك

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 822

    ألفى أباه بذاك : ومل يرث ابن العميد الكتابة عن كاللة، بل كان كما قال ذو الرمة يف وصف صياد حاذقحممد املعروف بكلة يف الرتبة الكربى من الكتابة ورسائله الكسب يكتسب ألن أباه أبا عبد اهللا احلسني بن

    .مدونة خبراسانوذكر أبو إسحاق الصايب يف الكتاب التاجي أن رسائل أيب عبد اهللا ال تقصر يف البالغة عن رسائل ابنه أيب

    .الفضل، وعندي أن هذا احلكم من أيب إسحاق فيه حيف شديد على ابن العميد، والقاص ال حيب القاصومن خرب أيب عبد اهللا أن أصله من قم، وكان يكتب ملا كان بن كاكي، فلما قتل ما كان من املعركة واستبيح عسكره، ومحل قواده وخواصه مقرنني يف األصفاد إىل احلضرة ببخارى، ويف مجلتهم أبو عبد اهللا نفعته شفاعة

    ولقب . قلد ديوان الرسائل للملك نوح بن نصروملا ت. فأطلق عنه وأكرم ورتب يف الدار السلطانية. فضله ونبله : الشيخ كالعادة فيمن يلي ذلك الديوان حسده أبو جعفر حممد بن العباس بن احلسني الوزير، فقال فيه

    إلى الملك القرم الهمام وحق له ديوان الرسائل كله تظلمك أبو القاسم علي بن حممد النيسابوري من أبيات أنسانيها تطاول املدة ا، واستعجم علي مكاا، وكان إذا ذا

    وله . اإلسكايف يكتب يف ديوانه، ويرى نفسه أحق برتبته ومكانه، ويتمىن زوال أمره ليقوم مقامه، ويقعد مقعده : فيه أبيات تستظرف وتستلمح، فمنها قوله

    كلٍة تطلبه من ماذا الذي وقائل منه لقبه يقلب قلت له أطلب أن

    : ضر الديوان يف حمفة لسوء أثر النقرس على قدمهوقوله فيه، وكان حي جامعاً فيها جهازه ة يا ذا الذي ركب المحف

    يرينيها جنازة حتى أرى اإلله يعيشني : وقوله فيه، وقد أستوزر والديوان برمسه

    أبو عبد اإلله كسيرا وفيها وقد سرنا وراء محفٍة قول قدمتك وزيراأيام سوٍء من من شكواك ثم شقاؤنا شقاؤك

    إلى النعش محموالً تصر صريرا ترقيك من هذي المحفة حيةٌ

    ومل تطل األيام حىت أتت على أيب عبد اهللا منيته، ووافت أبا القاسم أمنيته، وتوىل ديوان الرسائل فسبق من قبله يتدرج إىل املعايل . سوأتعب من بعده، ومل يزل أبو الفضل يف حياة أبيه وبعد وفاته بالري وكور اجلبل وفار

    ويزداد على األيام فضالً وبراعة، حىت بلغ ما بلغ، واستقر يف الذورة العليا من وزارة ركن الدولة، ورياسة اجلبل،

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 823

    وخدمة الكرباء، وانتجعه الشعراء، وورد عليه أبو الطيب املتنيب عند صدوره من حضرة كافور اإلخشيدي، : ة اليت منهافمدحه بتلك القصائد املشهورة السائر

    شاهدت رسطاليس واإلسكندرا من مبلغ األعراب أني بعدهم مبتدياً متحضرا متملكاً بطليموس دارس كتبه وسمعت اإلله نفوسهم واألعصرا رد كل الفاضلين كأنما ولقيت فذلك إذا أتيت مؤخراً وأتى لنا نسق الحساب مقدماً نسقوا اع به القلوب وتشتريثمن تب وأمي ناطقٌ في لفظه بأبي

    أنت القول لما نورا وقطفت الرجال القول وقت نباته قطف : ومدحه الصاحب مبدح كثرية استفرغ فيها جهده، وألقى محيته، فمن عيون شعره فيه قوله من قصيدة

    للحب من غير واد وقتيل لقب يهيم في كل واد ن سعدي مكثراً للسواد د أذكر الغواني والمقص إنما وروضتي ومرادي ومنائي ما صدقت فيه مرامي وإذا

    هواها ألية األمجاد من ابن العميد إني عميد وندى قدر سائر األوالد الزدرى درى الدهر أنه من بنيه لو قدر سائر األوالد الزدرى درى الدهر أنه من بنيه و

    لما عددوه في األطواد د أو رأى الناس كيف يهتز للجو العماد واري الزناد يرفع آلملون حطوا سريعاًا أيها إن قال قل قس إياد وهو إن جاد ضن حاتم طي فهو عاله وأين آل زياد من ما ارتأى فأين زياد وإذا

    عاله العزيزة األنداد من قبل العيد يستعير حاله ويبقى بقية األعياد ه فيه لمن ال يوالي سيضحي فقد طال في مجالي الجياد تاً أبياإن لم يكن طال ومديحي

    البالد في كل ناد شعراء خير المداح من مدحته إن : وإمنا أمل فيه بقول يزيد بن حممد املهليب البن املدبر! ما أحسن ما أدمج االفتخار يف أثناء املدح

    بيت تهدى له األشعار البن إن أكن مهدياً لك الشعر إني

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 824

    : ه فيه وقد قدم إصبهانومن خمتار شعر الصاحب قول الدنيا جرت في طرقه وكأنما قدم الرئيس مقدماً في سبقه جوده، ورياضها من خلقه من فجبالها من حلمه، وبحارها

    منقاداً لمالك رقه كالعبد األفالك طوع يمينه وكأنما وسعودها في أفقه لعدوه، فنحوسها: قاسمته نجومها قد شوق الرياض إلى السحاب وودقه هزلت مشتاقاً لنور جبين ما

    قال فت الريح فاه بصدقه إن بدا من فوق اجرد سابٍح حتى رعده ومسيره من برقه من السحاب طلوعه فصيله يحكي

    شكراً ال نهوض بحقه وسجدت مدحاً ال وفاء بمثله فنظمت : وقوله

    البشارة بالنعم فلك ربيعك قد قدم :قالوا ء أم الربيع أخو الكرم؟ شتاالربيع أخو ال :قلت المقل عن العدم يغني الذي بنواله :قالوا !نعم: إذاً؟ فقالوا لي د الرئيس ابن العمي :قلت

    : وقوله الشؤبوب منسجمه بمستهل ترى اليوم كيف جادلنا أما

    هيهات أن يعتزى إلى شيمه أبا الفضل في تفضله يحكى :من غيظه ومن ألمه يقول حاسٍد لي وكنت أحسده كم عده ابن العميد من خدمه إذ ابن عباد المنى كمالً نال : وقوله يف توديعه

    ال دمعتي هاميه ونفسي حضرتك العالية أودع بعده العافية فتهنؤه ذا يودع هذا الجناب ومن

    مكارمها دانيه قطوف رعيت به جنةً جناب العاليهما للهمم وعلمت رأيت به فائضات العال

    وأدمعها الجاريه إليك بغداد في شوقها كأني

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 825

    وبآماليه بآمالها المرجى إلظفارها وأنت سرت في جملة الحاشيه إذاً ولو كنت تأذن لي في المسير

    وفي يدي الغاشيه وسرت جوادك مد الطريق سبقت : والبن خالد القاضي فيه مدح تشوا ملح، كقوله

    سعادة كل عيد بطلعته منطالٍع عيدت يا بأسعد العمر في زمٍن جديد جديد فعش ما شئت كيف تشاء والبس

    بالبصائر من شهود وحسبك شهدت عقول الخلق طراً فقد الرئيس ابن العميد بأفنية محاسن الدنيا جميعاً بأن

    : وأليب احلسن البديهي فيه من قصيدة ابن العميدوكان اعتمادي على اعتمدتني خطوب الزمان إذا

    من مكاٍن بعيد فيممته قربي من قلبه تذكرت نداه عن المستزيد وجل تجاوز في الجود حد المزيد

    سديٍد، وبأس شديد برأٍي وفات األنام، وفاق الكرام : ومما يستبدع فيه ويستحسن معناه قول أيب علي بن مسكويه له عند انتقاله إىل قصر جديد بناه

    الشمس ليست في منازلها فضيلة قصر تنزلهيعجبنك حسن ال ال زاد ذلك شيئاً في فضائلها ما لو زيدت الشمس في أبراجها مائة

    : وأنشده ابن أيب الشباب يف يوم مهرجان قصدية يف مدحه أوهلاوحيا الحيا المسكوب ذلك من ثل لنا طالت ثراك يد الطل أقبر بفضل أبي الفضلإال معاودةً فقدناه فما نرتجي له نعيم

    عيه يوماً، وقد هاج به - وكان متقدماً يف علم العربية، متأخراً يف قول الشعر -ودخل أبو بشر الفارسي احلافظ : النقرس أنشده

    علٍم ونطيس أخو شكى النقرس نقريس لكم جوس فنفسي دام لكم قوس فما

    .يا أبا بشر، هذه رقية النقرس: فقال له :الفطن باألمور العالم بها، وأنشد: الداهية، الحاذق من االدالء، والنطيس: شرع عن التفسير، النقريسوال غنى لهذا ال

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 826

    نقريسابأدواء النسا طباً وقد أكون مرةً نطيساً ".فجاسوا خالل الديار"التردد، ويف القرآن : مجع جايس، واجلوسان: صومعة الراهب، اجلوس: والقوس

    : قولهومن أمثل شعر أيب بشر حي بال منفعه زيارة ال أكره من شيمتي وأني لم يكن منه فعٌل معه إذا أحمد القول من قائٍل وال

    نضيق بان نقطعه فلسنا ومن ضاق ذرعاً بإكرامناوكان كل من أيب العالء السروي، وأيب احلسن العلوي العباسي، وابن خالد القاضي، وابن مسكة القمي، وأيب

    س، وأيب حممد بن هندو، خيتص به ويداخله وينادمه حاضراً، ويكاتبه وجياويه ويهاديه نثراً ونظماً، احلسني بن فارإن أحسن رسائله اإلخوانيات وما كانت به أبا العالء، لصدوره عن صدر مائل إليه حمب له مناسب : ويقال

    .باألدب إياه

    فصول من رسائله

    لم يسبق إليه فصل من رسالة له إليه في شهر رمضان وهو مما

    وأنا يف كد وتعب، ومنذ فارقت شعبان ويف جهد ونصب من شهر رمضان، ويف - جعلين اهللا فداك -كتايب ومرن بتضاعف حرور لو أن اللحم يصلى . العذاب األدىن دون العذاب األكرب من أمل اجلوع ووقع الصوم

    ها يذيب دماغ الضب ويصرف وجه احلرباء ببعضها غريضاً أتى أصحابه وهو منضج، وممتحن واجر يكاد أوار : عن التحنق، ويزويه عن التبصر، يقبض يده عن إمساك ساق وإرسال ساق

    النار بين الجلد والعصب ويقدح ويترك الجاب في شغٍل عن الحقب : ويغادر الوحش وقد مالت هواديها

    صداع أو فواقٌ يصورها عالها سجوداً لدى األرطى كأن رؤوسها : قال الفرزدقوكما

    تظل المها صوراً جماجمها تغلي ليوٍم أتت دون الظالل شموسه : وكما قال مسكني الدارمي

    ما اتقتها بالقون سجود إذا ظلت كأن ظباءها وهاجرٍة كما الذ من وخز السنان طريد تلوذ بشؤبوٍب من الشمس فوقها

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 827

    القطاة قصراً، ونوم كالً وال قلة، وكسحو الطائر من ماء الثماد وممنو بأيام حتاكي ظل الرمح طوالً، وليال كإام : دقة، وكتصفيقة الطائر املستحر خفة

    رجوها أقشعت وتجلت فلما كما أبرقت قوماً عطاشاً غمامةٌ النواطير يانع الرطب من العصافير وهي خائفةٌ وكنقر

    قيين اخلري يف باقي أيامه وخامتته، وأرغب إليه من وأمحد اهللا على كل حال، وأسجله أن يعرفين فضل بركته، ويلينقض مسافة فلكه ودائرته، ويزيل . أن يقرب على القمر دوره، ويقصر سريه، وخيفف حركته، ويعجل ضته

    بركه الطول من ساعاته، ويرد علي غرة شوال فهي أسر الغرر عندي وأقرها لعيين، ويسمعين النعرة يف قفا شهر هالله أخفى من السر، وأظلم من الكفر، وأحنف من جمنون بين عامر، وأضىن من قيس بن رمضان ويعرض على

    . ذريح، وأبلى من أسري اهلجر، ويسلط عليه احلور بعد الكور، ويرسل على رقاقته اليت يغشى العيون ضوءهار، قد مجعه وحيط من األجسام نوؤها، كلفا يعمرها، وكسوفا يسترها، وبرينيه مغمور النور، مقمور الظهو

    وينقص من أطرافه كما تنقص النريات من طرف الزند، ويبعث عليه . والشمس برج واحد ودرجة مشتركةاألرضة، ويهدي إليه السوس، ويغري به الدود، ويبليه بالفار وخيترمه باجلراد، ويبيده بالنمل، وجيتحفه بالذر،

    معاودته، ويرحينا من دورته، ويعذبه كما عذب وخيلصنا من. وجيعله من جنوم الرجم، ويرمي به مسترق السمععباده وخلقه، ويفعل به فعله بالكتان ويصنع به صنعه باأللوان، ويقابله مبا تقتضيه دعوة السارق إذا افتتح بضوئه

    وتك بطلوعه ويرحم اهللا عبداً قال آمينا وأستغفر اهللا جل وجهه مما قلته إن كرهه، وأستعفيه من توفيقي ملا وأسأله صفحاً يفيضه، وعفواً يسيغه، وحايل بعد ما شكوته صاحلة، وعلى ما حتب ووى جارية، وهللا يذمه،

    .احلمد تقدست أمساؤه والشكروقد أمجع أهل البصرية يف الترسل على أن رسالته اليت كتبها إىل ابن بلكا ونداد خورشيد عند استعصائه على

    ك بأجود كالم، ألبلغ إمام؟ ركن الدولة غرة كالمه، وواسطة عقد وما ظن

    فصل من أولها

    كتايب وأنا مترجح بني طمع فيك، ويأس منك، وإقبال عليك، وإعراض عنك، فإنك تدل بسابق حرمٍة، ومتتبسالف خدمة، أيسرمها يوجب رعاية، ويقتضي حمافظة وعناية، مث تشفعهما حبادث غلول وخيانة، وتتبعهما

    بط أعمالكن وميحق كل ما يرعى لك، ال جرم أين وقفت بني ميل إليك، وأدىن ذلك حي. بآنف خالف ومعصيةوأؤخر أخرى عن قصدك، وأبسط يداً الصطالمك واجتياحك، وأثين ثانية . أقدم رجالً لصدمك: وميل عليك

    الستبقائك واستصالحك، وأتوقف عن امتثال بعض املأمور فيك، ضناً بالنعمة عندك، ومنافسة يف الصنيعة ميال لفيئتك وانصرافك، ورجاء ملراجعتك وانعطافك، فقد يغرب العقل مث يؤوب، ويعزب اللب مث لديك، وتأ

    يثوب، ويذهب احلزم مث يعود، ويفسد العزم مث يصلح، ويضاع الرأي مث يستدرك، ويسكر املرء مث يصحو،

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 828

    إساءتك مبا مل حتتسبه وكما أنك أتيت من . ويكدر املاء مث يصفو، وكل ضيقة إىل رخاء، وكل غمرة فإىل اجنالءما ال ترتقبه أعداؤك، وكما استمرت بك الغفلة حىت ركبت ما . أولياؤك، فال بدع أن تأيت من إحسانك

    وسأقيم . فال عجب أن تنتبه انتباهةً تبصر فهيا قبح ما صنعت، وسوء ما آثرت. ركبت، واخترت ما اخترت واملطاولة ما أمكن، طمعاً يف إنابتك، وحتكمياً حلسن على رمسي يف اإلبقاء واملماطلة ما صلح، وعلى االستياء

    الظن بك، فلست أعدم فيما أظاهره من أعذار، وأرادفه من إنذار، احتجاجاً عليك واستدراجاً لك، فإن يشأ اهللا .يرشدك، ويأخذ بك إىل حظك ويسددك، فإنه على كل شيء قدير، وباإلجابة جدير

    فصل منها

    لطاعة، بعد أن كنت متوسطها، وإذا كنت كذلك فقد عرفت حاليها، وحلبت وزعمت أنك يف طرف من اكيف وجدت ما زلت عنه؟ ويكف جتد بليل، وهواء عذى وماء . فنشدتك اهللا ملا صدقت عما سألتك. شطريها

    ويكنفك . يقيك املتالف، ويؤمنك املخاوف. روي، ومهاد وطي، وكن كنني، ومكان مكني، وحصن حصنين، وحيفظك من طوارق احلدثان، عززت به بعد الذلة، وكثرت بعد القلة، وارتفعت بعد من نوائب ا لزما

    الضعة، وأيسرت بعد العسرة، وأثريت بعد املتربة، واتسعت بعد الضيقة، وظفرت بالواليات، وخفقت فوقك ذكر الرايات، ووطئ عقبك الرجال، وتعلقت بك اآلمال، وصرت تكاثر ويكاثر بك، وتشري ويشار إليك، وي

    ففيم اآلن أنت من األمر؟ وما العوض عما عددت، واخللف مما وصفت؟ . على املنابر امسك، ويف احملاضر ذكركوما استفدت حني أخرجت من الطاعة نفسك، ونفضت منها كفك، وغمست يف خالفها يدك؟ وما الذي

    كذلك، فهو واهللا ! نعمأظلك بعد احنسار ظلها عنك؟ أظل ذو ثالث شعب، ال ظليل وال يغين من اللهب؟ قل .أكثف ظاللك يف العاجلة، وأروحها يف اآلجلة، إن أقمت على احملايدة والعنود، ووقفت على املشاقة واجلحود

    تأمل حالك وقد بلغت هذا الفصل من كتايب، فستنكرها، واملس جسدك، وانظر هل حيس؟ واجسس -ومنها قلبك؟ وهل حلى بصدرك أن تظفر بفوت سريح، أو عرقك هل ينبض؟ وفتش ما حنا عليك هل جتد يف عرضها

    .موت مريح؟ مث قس غائب أمرك بشاهدمه، وأخر شأنك بأولهواهللا ما كانت يل حال عند قراءة : أنه كان يقول- وكان أدب أمثاله - بلغين عن بلكا : قال مؤلف هذا الكتاب

    الكتائب يف عرك أدميي واستصالحي، وردى هذا الفضل إال كما أشار إليه األستاذ الرئيس، ولقد ناب كتابه عن .إىل طاعة صاحبه

    الفضل . وقد اجتمعنا بإسفرائني عند زعيمها أيب العباس- أقرأين أبو احلسني حممد بن احلسني الفارسي النحوي فصالً من كتاب البن العميد إىل عضد الدولة، وكنت مررت عليه وأنا عنه غافل، فنبهين على شرفه -بن علي

    قد يعد أهل التحصيل يف : نسه، وحرك مين ساكناً معجباً حبسنه متعجباً من نفاسة معناه، وبراعة لفظه، وهويف ج

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 829

    واألحوال الداعية إىل ارتفاع جل املوجود منها، وعدم . وانتقاض مررها. أسباب انقراض العلوم وانقباض مددهاوم األوباء، وتسلط املخالفني يف املذاهب واآلراء، فإن الطوفان بالنار واملاء، واملوتان العارض من عم: الزيادة فيها

    وينتهكها انتهاكاً، وجيتث أصوهلا اجتثاثاً، وليس عندي اخلطب يف مجيع ذلك . كل ذلك حيترم العلوم احتراماًفإن البالء به ال يعد له بالء، وحبسب عظم احملنة . يقارب ما يولده تسلط ملك جاهل تطول مدته، وتتسع قدرته

    هذه صفته، والبلوى مبن هذه صورته، تعظم النعمة يف متلك سلطان عامل عادل، كاألمري اجلليل الذي أحله مبن اهللا من الفضائل مبلتقى طرقها، وجمتمع فرقها، وهو نور، نوافر ممن القت حىت تصري إليه، وشرد نوازع حيث

    تتلفت إليه . حلت حىت تقع عليهتتلفت إليه تلفت الوامق وتتشوف حنوه نوازع حيث . حلت حىت تقع عليه : قد ملكتها وحشة املضاع، وحرية املرتاع. تلفت الوامق وتتشوف حنوه تشوف الصب العاشق

    فكالوحش يدنيها من األنس المحُل تغش قوماً بعده أو تزورهم فإن

    وهذا فصول قصار له تجري مجرى األمثال

    بن أمحد امليكايل، من غرره وفقره، وكفاين شغالً شاغالً، وقد أخرجتها مما أخرجه األمري أبو الفضل عبيد اهللا .وقادين منه شكره، وليست تنكر أياديه عندي

    من أسر داءه، وستر ظمأه بعد عليه أن يبل من غلله ويبل من علل مىت خلصت للدهر حال من اعتوار : فمنهاهزله الرتب ال تبلغ إال بتدرج أذى، وصفا فيه شرب من اعتراض قذى خري القول ما أغناك جده، وأهلاك

    وتدرب، وال تدرك إىل بتجشم كلفة وتصعب املرء أشبه شيء بزمانه، وصفة كل زمان منتسخة من سجايا سلطانه قد يبذلك املرء ماله يف إصالح أعدائه، فكيف يذهل العاقل عن حفظ أوليائه، هل السيد إال من ابه إذا

    هلوى، وشيطان امليل، وغلبة اإلرادة املزح واهلزل بابان إذا فتحا مل يغلقا حضر، وتغتابه إذا أدبر اجتنب سلطان ا .إال بعد العسر، وفحالن إذا ألقحا مل ينتجا غري الشر

    مكاتباته الشعرية مع ابن جالد القاضي

    ما أخرج من المكاتبات بالشعر التي دارت بينه وبين أبن جالد القاضي

    يئاً من األطعمة، وكبت إليه يف وصفها، وابن العميد إذا ذاك يف عقب مرض أهدى ابن خالد إىل ابن العميد ش : عرض له، فكتب إىل ابن خالد قصدية أوهلا

    الفضل برز فيه أي تبريز في البن خالد المفضى إلى أمد قل عن مدى الغايات محجوز مؤخٍر اهتزازك للعلياء كل فتى يعدى

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 830

    ن حمى اللذات ملهوزع مدفٍع أردت إلى منهوض نائبٍة ماذا زال يهتز فيها غير مهزوز ما هززت بالوصف في أحشائه قرماً

    األطايب عضواً غير محفوز من يترك فيه فحوى ما وصفت له لم المطامير في آٍب وتموز كرب أهديت نبرمةً أهدت آلكلها

    .ق ويعجن حبالوةنربمة هكذا يف النسخة، ولست أعرافها، وأظن أا شيء جيمع من احلبوب، ويد جنٍس من السمن في دوشاب شهريز كنت لوال فساد الحسن تأمل في ما

    المهاريس أو نخز المناخيز جيش غير شتى حبوٍب قد تعاورها هل اللسان بطعٍم جد ممزوز تحذى الحالوة فيها ثم جئت بها رمت

    ما كان فيهم غير ملموز عليه لو ساعدتك بنو حواء قاطبٍة القصائد تروى واألراجيز بين للشعر في أوصافها شغالًأوقعت

    إذا عضرناه أصناف الشواريز ال أحمد المرء أقصى ما يجود به يزهى عليك بخاٍل فيه مركوز متعة العين من خد تورده ما

    بدائع بين تسهيٍم وتطريز الحسن في توشيع وجنته مستغرب بالكأس أو يمناه بالكوز هيسرا على القمر الموفى إذا اتصلت يوفى صحن وجنتها خيالن شونيز في إليك من الشيراز قد وضحت أشهى

    فضةً تغلى بأبريز فضارعت جرى الزيت في مثنى أسرتها وقد بخلت بمذخوٍر ومكنوز وقد السماح بتقريٍظ وتزكيٍة ماذا

    ومنها زىفالبخل مستحسن في شيمة الخو ال غرو إن لم ترح للجود راحته .هكذا يف النسخة، وأظن أنه مل ترح للجود رائحة

    : فأجابه ابن خالد بقصيدة منها األكاسر من كسرى وفيروز تاج أيها السيد السامي بدوحته يا

    الربى باشرت أنفاس نيروز زهو قريضك يزهى في محاسنه أتى النبارم فيه والشواريز خطب حسنه لو كفينا ين يبهجنا يا

    علي فقدك اليوم تعجيزي به عجز واأللباب قد حكمتبال أقررت

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 831

    قائل عد قواالً بتجويز من جوز قريضي في بحر القريض فكم ألشجع من عمرو بن جرموز إني عدت في حلبٍة تجري بها طمعاً إن

    استبيروا على أسطمة الخوز لما إنا لمن معشٍر حطوا رحالهم الغبوق على لحٍم وخاميز وال نعرف الكسم والطرذين يوم قرى ال

    : وابن العميد ناقه من علة كانت به، فكتب إىل ابن خالد قصيدة منها. وأهدى ابن خالد إليه كتاباً يف األطعمة كان نولي أن أفهمه وما كتابك في األطعمة فهمت

    من شهوٍة مبهمه وأوضح هاج من قرم ساكٍن فكم مهالجوع نيرانها مضر من في كبدي غلةً وأرث للطوى مسلمه جوانحه عمدت به ناقهاً فكيف من الجوع في صدره همهمه الحشى إن تصخ تستمع خفوق به نهمةً مؤلمه وتغري له شرهاً موجعاً تتيح فينا إذا غاضت المكرمه ض تكرمك المستفي وأين شيئاً نهش ألن نطعمه ت أضفت إلى ما وصف وهال ا رآه ويشجى فمهم إذا الصديق إليه يداً يمد

    ما تفاضلت األطعمة إذا سواريزك المرتضاة وأين دون األطايب بالتكرمه ة كواميخك المجتبا وأين

    !دعوه فما أألمه :ذكرت وهل أنت راٍض بقولي إذا أكرم اهللا من أكرمه فال المرء أكرم شيرازه إذا

    إذا ليم أعتب النبرمه وكيف ارتقابي بقياً امرٍئ الجوع ناب أذاه فمه إذا كان يجذبك نعت الطعام ذافإ بجوذابة الموز مستفرمه جعت فاعمد لمسموطٍة إذا

    كما جاءت األبلمه سواء قستها بالمنى جاءتا متى بها فلذ األسنمه تخال السرابيل عن أفرٍخ وبز

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 832

    الطبع إن زاره استوخمه وال تهب النفوس إلى ذاقه مجه تلفيق شطريه بالهندمه ع د الصناوسطاً أجا ودونك كثيفاً كما تحمل المقرمه على دفه هيدبا وعالي باللوز ما درهمه ودرهم بالجوز أجوازه ودنر من بيضٍة مدعمه صفائح بزيتونها والجبن وقاني أسطٍر كتبت معجمه ومن أسطٍر فيه مشكولٍة فمن

    كحاشية معلمه فوافى وفوف بالبقل أعطافه التفاويف والنمنمه بديع تخال به مطرفاً موشى

    له المعدة المظلمه أضاءت ضاحكتك تباشيره إذا العبد إنعامه أنعمه على خبيصاً إذا ما اقترحت وهاك

    انساب في خلٍل ألمه أو إذا سار في ثغرة سدها إن شئت فادع إليه لمه شئت فادخل به مفرداً فإن

    اً وتنقض ما أبرمههدم ه تهدم ما قد بنا وإياك ما سغبت فقل لي لمه إذا لم تجد ذاك يجدي عليك فإن تقول بأن تطعمه ولست من الجود وصف الطعام تعد

    وتطلق ما حرمه ضراراً ما قد أحل اإلله وتحظر أحٍد أيةٌ محكمه على فهل نزلت في الذي قد شرعت

    ألشياخكم علقمه رواها وهل سنةٌ فيه مأثورةٌ ذهبت عن المرحمه فأين تواصوا بصبٍر جميٍل وقلت يرجى ليحكم في مظلمه عجٍب حاكم ظالم ومن

    : فأجابه ابن خالد بقصدية منها المحيبرة المفعمه وأدن الصحيفة والمقلمه هلم

    فقد عظم الخوض في النبرمه ما جاش في خاطري ألكتب من الخوض في ملحمه فإني علي بهذي وذي وعجل

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 833

    كتابي المصنف في األكعمه حبذا ثم يا حبذا أال سيدنا المؤلمه بعلة به اهللا ما راعنا كفانا

    شهوته المبهمه ففتق الحديث له في الطعام أطاب لنا شكر من سلمه وطاب وعاد بأوصافه للغذاء

    قال األعمش من خيثمه كما يشكر اهللا بعط المزيد ومن أوجب الدين أن نعظمه منو أيا ذا الندى والحجى والعال

    تأت صنعتها محكمه ولم كان نبرمتي أفسدت لئن باهللا أن تكرمه فنقسم يزورك شيرازنا فسوف يخطر في الحلة المسهمه س بشونيزه كالعرو يميس عندها محكمه وجوذابٍة وسط مسموطٍة ويبطل

    ويحمد من قدمه عليه ويزهى الخوان بتقديمه كأن تحاورهم زمزمه هإخواننا دون ويرمز

    ما أخرج من إخوانياته

    : وكتب إىل أيب احلسن العباسي هذه األبيات، وهي من مشهور شعره وجيده األديم ومن يعدى على الزمن عرك إليك زماناً ظل يعركني أشكو

    فغادرني فرداً بال سكن دهراً كنت مغبوطاً بصحبته وصاحباً السرور وألجاني إلى الحزن حون له ريح إقباٍل فطار بها هبت من األسى ودواعي الشوق في قرن بجانبه عني وصيرني نأى

    مجتهداً في السر والعلن عليه وباع صفو وداٍد كنت أقصره من رأى صفو ود بيع بالغبن يا وكان غالى به حيناً فأرخصه

    ولم يكن في ضروب الشعر أنشدني كان مطوياً على إحٍن كأنه كان يألفهم في المنزل الخشن من الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا إن

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 834

    وكبت إىل بعض إخوانه هذه القصيدة، ليعرضها على أيب احلسن العباسي، وهي سائرة يف اآلفاق، وكأنه قد مجع : فيها أكثر إحسانه، فقال

    بين حر هوى وحر هواء ما ذبت غير حشاشٍة وذماء قد من األشجان والبرحاء خلواً أرىأستفيق من الغرام وال ال

    الخليط وفرقة القرناء بنوى أياٍم أقمن قيامتي وصروف خباه مهيج الهيجاء فيما هيٍج ال يشق غباره ومثير على السراء والضراء عوني خل كنت أحسب أنه وجفاء

    كتنقل األفياء متنقٍل العزيمة في العقوق ووده ثبِت كالخط يرقم في بسيط الماء ذي ملٍة يأتيك أثبت عهده

    كحاضر ضحكه وبكائي عجماً أبكي ويضحكه الفراق ولن ترى نشوان من أكرومٍة وحياء فداؤك يا محمد من فتى نفسيالعال عاٍر من العوراء درك من الشيِم التي في ضمنها كأس في شدٍة ورخاء وبلوته الخالئق قد أحطت بخبره عذب

    العود أكرم منه في اإلبداء في وجدتهحاليه معاً ف وبلوت اتئب أربيت في الغلواء قدك رسالتي الشريف وقل له أبلغ

    اتئب أربيت في الغلواء قدك أنت رسالتي الشريف وقل هل نار الشوق في أحشائي وقدحت الذي شتت شمل مسرتي أنت

    بين مبرتي وجفائي وقرنت وجمعت بين مساءتي ومسرتي مائي خلتي وإخائي وهرقت رتي ومودتيحقي عش ونبذت خائبةً وفود رجائي ورددت آمالي على أدراجها وثنيت

    السراب بقفرٍة بيداء راجي عنك ما يؤوب بمثله فرجعت يباع وداده بلقاء ممن ودي بالحقير ولم أكن وعرضت فهال بعتني بغالء مني، بالثمن اليسير معوضةً ورضيت يداك بذمة األمراء علقت بعدماأنك لست تفكر وزعمت

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 835

    قد أوهمتك غنى عن الوزراء هيهات لم تصدقك فكرتك التي وال أرض بغير سماء أرضاً تغن عن أحٍد سماء لم تجد لم

    وجئت بغدره الشوهاء أهالً، العتبى فل ترني لها وسألتك ولم ترزق من اإلصغاء طرفٌ مموهة ولم يرفع لها وردت

    تمشي على استحياء فتراجعت ا التذمم سكتةًوأعار منطقه ولم تمنح جوانب داء كبٍد، تشف من كمٍد، ولم تبرد على لم

    أثرت جوانحه من األدواء يشف من داٍء بأخر مثله من يستكف النار بالحلفاء من جوى بجوى، وليس بحازٍم داوت

    تضيها على األقذاء كالعين ال تغتنم إغضاءتي فلعلها يوماً أقيك بها من األسواء بِق بعض حشاشتي فلعلنيواست

    العين لم يمنع من اإلعفاء في فلو آن ما أبقيت من جسمي قذى : نظريه قول املتنيب من السقم ما غيرت من خط كاتب قلم ألقيت من شق رأسه ولو

    : رجع ووجدت في نفسي نسيم عزاء فلئن أرحت إلي غارب سلوتي

    وألنثرن عليك سوء ثناء بح تشكٍرإليك ق ألجهزن من حيٍة رقشاء متروعةً كل يوٍم حلة وألكسونك أزوجها من األكفاء حتى مودتي من بعدها وألعضلن

    : وكتب إىل العلوي عني ومال وصد يا من تخلى وولى

    العقد حالً وأتبع العهد نكثاً وأوسع الشبيبة ولى عهد كان عهدك إال ما

    ألم ثم تولى ن خياٍلأو طائفاً م

    دنى فتدلى إذا عارضاً الح حتى أو

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 836

    الصبا فتجلى من ألوت به نسماتٌ كل حاٍل وسهالً في بما ترتضيه أهالً

    فعلك فعالً بمثل ودي ليجزينك أو شئت وصالً فوصال شئت هجراً فهجراً إن

    بالصبر أم ال ظفرت صبرت عني فانظر ما تولىإني إذا الخل ولى وليته

    : وكتب إىل أيب حممد بن هندو، وقد أهدى له مداداً ارتضاه بمداد أمددتني سيدي وعمادي يا

    من ناظري وفؤادي جميعاً كمسكنيك بالبعاد رميننا كالليالي اللواتي أو

    : وكتب إىل أخيه أيب احلسن بن هندو صبيحة عرسه اًبزوجتك ارتياح وازداد أبا حسن صباحاً أنعم استلنت له جماحاً؟ فهل رضت طرفك خالياً قد

    استنبت له انقداحاً؟ فهل زندك جاهداً وقدحت اإلله له انفتاحاً؟ سنى منغلقاً فهل وطرقت

    ن صباح يومك والوراحا قد كن أرسلت العيو ت لديك ترتقب النجاحا مصغيةً تبي وبعثت

    تولني إال افتضاحا لم فغدت علي بجملٍة وأوشحةً فصاحا خرساً إلي خالخالً شكتو

    أن تحس لكم صياحا مع وساوسها المسا منعتوهذه األبيات بديعة يف فنها، ومل أمسع أملح منها يف معناها، إال قول الصاحب وهو أقرب من التصريح وأظرف،

    : وأبيات ابن العميد أجزل وأخفى، وأدخل يف باب الكناية والتعريض فهل فتحت الموضع المقفال يا أبا العالقلبي على الجمرة

    كحلت الناظر األكحال وهل فككت الختم عن كيسه وهل نثاراً يمأل المنزال أبعث إنك إن قلت نعم صادقا

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 837

    إليك القطن والمغزال أبعث تجبني من حياٍء بال وإن

    هذا ما أخرج من مقارضاته

    سم بن أيب الحسني بن سعد، وأبو احلسني بن فارس، وأبو عبد اجتمع عنده يوماً أبو حممد بن هندو، وأبو القا .اهللا الطربي، وأبو احلسن البديهي

    إن رأى سيدنا أن يبتدئ : تعالوا نتجاذب أهداب وصفها، فقالوا: فحياه بعض الزائرين بأترجة حسنة، فقال هلم : فعل، فابتدأ وقال

    وأترجة فيها طبائع : فقال أبو حممد

    هو للشرب أجمعوفيها فنون الل : فقال أبو القاسم

    يشبهها الرائي سبيكة عسجد : فقال أبو احلسني بن فارس

    على أنها من فأرة المسك أضوع : فقال أبو عبد اهللا الطربي

    وما اصفر منها اللون للعشق والهوى : فقال أبو احلسن البديهي

    ولكن أراها للمحبين تجمع : فقال ومل يقصد وزنا. ة لهوسئل بعض حاضري جملسه عن قص

    وشقاٍء شقيته؟ جهٍد لقيته أيقولوا على هذا الوزن شعراً، ويف الس أبو احلسن العباسي، وابن خالد القاضي، فقال أبو : فقال األستاذ

    : احلسن إذ هويته شفني عزاٌل مقرطقٌ بي

    الغنج ليته وحوى أحرز السحر طرفه ني وليتهرآ إذ في الكبر عامداً زاد

    لما قد دهيتُه س اهللا والرئي حسبي

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 838

    : وقال ابن خالد على ما دهيته ني يا خليلي ساعدا

    أتيته بقضاٍء أي معذٍل انظرا محاالً شنيته س سامني السيد الرئي

    رشٍأ قد هويته مستعدياً على ظل والياً من وليته أن يكون لي عجباً

    ن خشيتهولك ه ما خشيت فيه الحروب في منامي أريته في روحي لو أنني فاز

    : وقال األستاذ شقيتُه وشقاٍء جهٍد لقيته أي

    لي سكوته نصحه من نصيٍح أود من صبري رزيته أن قال صبراً وما درى

    هويته باختياري عنك المالم ما قلت

    ء لو أني كفيته أكن أجشم البال لم هفيه كسيت ة رب ثوٍب من المذل نسيته فكأني ضل عندي تجلدي

    لو طويته رقني فؤادي هوى يح في شاع في الناس صيته يا بن خالد الذي

    شاع في الناس صيته الهائم الذي أنصف مبيته يتجافى الهائم الذي أنصف

    وليته مقلتاه لمن أشبه المها قل اصطباري شتيته ل قد أشت شم ثغره صب إال مميته يحيى المتيم ال ليس

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 839

    امرئ بان قوته ء قوتي وما بقا أنت ة في الحب جيته ذنٍب سوى المذل أي لو أني سقيته ك أسيغ السلو عن ما

    الماء حوته باين يرجو البقاء إن كيف فإن شئت شيته ك ما أشاء السلو عن

    غرامي رضيته من شيٍء رضيته كل

    ما أخرج من شعره في الغزل

    : يدةقال من قص البرح إال ما تكلفينه أم البث إال ما تحملينِه هبل غير األيام تسلبنيه به علقت نفسي حبيبا تعلقت متى

    إذا وجهت غير وجيه ووجهي شفيعي إذا استشفعت غير مشفٍع : وقال

    أعز علي من نفسي نفس تظللني من الشمس ظلت شمس تظللني من الشمس واعجباً ومن عجٍب فأقول

    : وقال يف الفصد ملعشوقه كان أجهله فيما قد اعتمدك ما ويح الطبيب الذي جست يداه يدك

    مسه بحديٍد مؤلم جسدك من بأي شيٍء تراه كان معتذراً انتحاك بها من رقٍة فصدك ثم أن ألحاظه كانت مباضعه لو

    ما أخرج من شعره في سائر الفنون

    : بن العالفقال من قصيدته اهلرية عارض فيها ا جميع النفوس بالثكل عمت هر فارقتنا مفارقةً يا أتاك الصريخ من قبلي إذاً كان بالحادثات لي قبٌل لو

    حسن تركت الحسان كالمثل يا مثالً سائراً إذا ذكر ال

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 840

    فداء فقلت حيهل هر وقيل هل تفتديه إن قبل الد والخللدون األخدان إخوان بالصفوة الكرام من ال أفديه

    وحب القلوب والمقل فكر بمحل الكرى ومعتلج ال بل إلى قلب خائٍب وجل أمن بسكون الوجيب يجلبه ال بل

    بعد األوصاب والعلل حة بل بحلول الشفاء يجنبه الص عفواً ونهبه األمل بغية ببلوغ المنى وقاصية ال بل

    : وقال يف املغين القرشي ناني برؤيته وضربهوع غناني القرشي يوماً إذا

    وأن عيني مثل قلبه اك وددت لو أن أذني مثل عيني : وللمهليب يف هذا املعىن

    اهللا بالطرش دعوت غناني القرشي إذا فوا لهفي على العمِش أبصرت طلعته وإن : وقال فيه أيضاً حضوت مسامعي صمما غنى لنا أمماً إذا

    نواظري بعمى كحلت أبصرت طلعته وإن : وقال

    واألقارب ال تقارب عد، الرجال من األبا أِخ رب، بل أضر من العقارب األقارب كالعقا إن

    : وقال مركبةً فوق الثنايا أنامله وللرأي زالتٌ يظل بها الفتى

    هذا ما أخرج من شعره في المعمي

    : قال يف السفرجل أر سير الخليط استقالً ولم خطب من البين جال يقولون

    أر أقرب منه محالً ولم لقبوه نوى غربٍة وقد

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 841

    لما تعرى تحلى فألفي وبزت سرابيله عنوةً فما غض من حسنه أن تخلى من بين أترابه وأفرد إذا ما تعلى تدلى لعاٍل فقلنا لعاً ناعشاً وزل ما الغمام عليه استهالً إذا مكاسره لذةً تزيد

    نال منه السقيم استبالً نوإ إذا نال منه السليم استقل لذلك من أن يمال فحاشا إذا ما امرؤ مل روح الحياة

    : وقال يف ماء الورد أتتك صماء الغير ن لألديب أبي الحسي قل

    البصائر معتبر لذوي في حاالتها نكراء بها مسه قد اإلبر ر يعترف الضمي دهياء

    تباشراً طرفاً وزر وتحفة من بعده الحياة المشتهر وهو وسط الردىبه أزرى

    بلطيف حدسك والنظر لنا عن سره فاكشف : وقال من الشمس منه أواله وأخراه تشابهت ترى يا أبا العباس في عجٍب ماذا ويمناه في تمثال يسراه حسناً، مقمه شروى مؤخره ترى

    قابلته أغناك مغناه وكيف من حيث واجهته أرضاك منظره حتى إذا ما تغشاه تحاماه د منه قرب منزلهالمباع يهوى

    الباب الثاني

    في ذكر ابنه

    أبي الفتح ذي الكفايتين

    واألخذ بطرف من طرف أخباره، وملح بنات أفكاره

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 842

    هو على بن حممد، مثرة تلك الشجرة، وشبل ذلك القسورة وحق على ابن الصقر أن يشبه الصقرا وما أصدق ما : قال الشاعر

    وابن السري إذا سرى أسراهما ا سرى فبنفسهالسري إذ إنوكان جنيباً ذكياً، لطيفاً سخياً، رفيع اهلمة، كامل املروءة، ظريف التفصيل واجلملة، قد تأنق أبوه يف تأديبه

    وذيبه، وجالس به أدباء عصره، وفضالء وقته، حىت خترج وخرج حسن الترسل، متقدم القدم يف النظم، آخذاً ومجع تدبري . داب بأوفر احلظ، وملا قام مقام أبيه قبل االستكمال، وعلى مدى بعيد من االكتهالمن حماسن اآل

    السيف والقلم لركن الدولة، لقب بذي الكفايتني، وعال شأنه، وارتفع قدره، وبعد صيته، وطاب ذكره، وجرى ذكره آخر الباب مبشيئة اهللا أمره أحسن جمرى، إىل أن تويف ركن الدولة وأفضت حال أيب الفتح إىل ما سيأيت

    .وعونهومن طرف أخباره ما حدثنيه أبو جعفر الكاتب، وكان أبو بكر اخلوارزمي يدعوه القمغدي لكونه قمي املولد

    كان : بغدادي املنشأ، وكان أبو جعفر هذا من حاشية أيب الفتح فترامت به بعده احلوادث إىل نيسابور، قالن ثقاته يف السر يشرفون على األستاذ أيب الفتح يف مرتلة ومكتبه ويشاهدون األستاذ الرئيس قد قبض مجاعة م

    فرفع إليه بعضهم أن أبا الفتح اشتغل .. أحواله ويعدون أنفاسه وينهون إليه مجيع ما يأتيه ويذره ويقول ويفعلهع مشل اللهو، يف خفية ليلة مبا يشتغل به األحداث املترفون، من عقد جملس األنس واختاذ الندماء، وتعاطي ما جيم

    شديدة، واحتياط متام، وأنه كتب يف تلك احلالة رقعة إىل من مساه يل أبو جعفر، ونسيت امسه، يف استهداء فدس األستاذ الرئيس إىل ذلك اإلنسان من أتاه برقعة أيب . الشراب، فحمل إليه ما يصلحهم من املشموم والنقل

    أطال اهللا بقاك يا سيدي - قد اغتنمت الليلة . م اهللا الرمحن الرحيمبس: الفتح الصادرة إليه، فإذا فيها خبطه رقدة من عني الدهر، وانتهزت فيها فرصة من فرص العمر، وانتظمت مع أصحايب يف مسط الثريا، -! وموالي

    .فإن مل حتفظ علينا النظام، بإهداء املدام، عدنا كبنات نعش، والسالماآلن ظهر يل أثر براعته، ووثقت جبريه يف طريقي، : ذه الرقعة البديعة، وقالفاستطري األستاذ فرحاً وإعجاباً،

    .وينابته منايب، ووقع له بألفي ديناركنت عند األستاذ أيب الفتح يف يوم شديد احلر فرمت الشمس جبمرات : وحكى أبو احلسني بن فارس، قال

    ين مل أفطن ملا أراد، فلما كان بعد هنية أقبل رسول ما قول الشيخ يف قلبه؟ فلم أحر جواباً أل: اهلاجرة، فقال يلما قول : والده األستاذ الرئيس يستدعيين إىل جملسه فقمت إليه، فلما مثلت بني يديه تبسم ضاحكاً إيل وقال

    الشيخ يف قلبه؟ فبهت وشكت، وما زلت أفكر حىت تنبهت على أما أرادا اخليش، فكأن من كان يشرف على هة أبيه األستاذ أتاه بتلك اللفظة يف تلك الساعة، ولفرط اهتزازه هلا أراد جمارايت، وقرأت صحيفة أيب الفتح من ج

    .السرور من وجهه إعجاباً ا، مث أخذت أحتفه بنكت نثره، وملح نظمهرقعة الشيخ أصغر : وكان مما أ عجب به، وتعجب منه، واستضحك له، حكاييت رقعة له وردت علي، وصدرها

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 843

    .بقة، وأقصر من أمنلة منلةمن عنفقة

    وجرى يف بعض أيامنا ذكر أبيات استحسن األستاذ الرئيس وزا، واستحلى رونقها، وأنشد : قال أبو احلسني : مجاعة ممن حضر ما حضرهم على ذلك الروى، وهو قول القائل

    شققت منك ثيابي كففت وإال لئن : الوقتفأصغى إلينا األستاذ أبو الفتح، مث أنشدين يف

    رحمت شبابي أما مولعاً بعذابي يا نهب األسى والتصابي قلبي قريحاً تركت

    ذلتي واكتئابي من كنت تنكر ما بي إن العظام ثيابي عن فارفع قليالً قليال

    مل فتأمل هذه الطريقة، وانظر إىل هذا الطبع، فإنه أتى مبثل ما أنشده يف رشاقته وخفته، ومل يعد اجلنس، و: قال .وبذلك تعرف قدرة القادر على اخلطابة والبالغة. يقصر دونه

    : ومن شعره وهو يف املكتب قوله من قصيدة يف أبيه أوهلا: قال هو أم ثغر وبرقٌ هو أم شعر أليٌل نت األحشاء أم جمر؟ الدر ما ضم وحر

    لها السفر يرتاع كمثل البحر ويهماء بازٌل جسر وتحتي على هوٍل تعسفت

    راحته بحر ومن إلى من وجهه بدر ليس له جزر ورى جدواه مد لل ومن الفخر هو الذخر هو الغيث هو الليث هو

    فادٍح يعرو وخطٍب مظلٍم يخشى ألمر : وقوله من نريوزية فيه

    وزيادٍة ودواِم بسعادٍة بنيروٍز أتاك مبشراً أبشر بساِممنظٍر متهلل عن فقد حل الربيع نقابه واشرب يبقى على األيام ومديحه شعر عجيب نظمه وهديتي

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 844

    غير نتيجة األفهام إهداء فاقبله واقبل عذر من لم يستطع : ومن إحسانه املشهورة قوله من قصيدة

    تعمدي لمقاتل المعموِد ال عودي وماء شبيبتي في عودي في فيء لها ممدود تؤويه ما دامت أصايل عيشه وصليه

    الذرى فينان كالعنقود رجل ن ليل الصبا في فاحٍمدام م ما يققاً بسحٍم سود يبدلنه المشيب فطارقات جنوده قبل

    : وقوله ملا تقلد الوزارة بعد أبيه فلما أجابا دعوت القدح دعوت الغنى ودعوت المنى

    له بعدها مقترح فليس بلغ المرء آماله إذا : وقال

    ألفاً فكلني إلى الخمر وأضعافه إذا أنا بلغت الذي كنتُ أشتهي تهوي ودعني مع الدهر عليه وقل لنديمي قم إلى الدهر فاقترح

    : وله أضافت خيالها وخيالي إذ أين لي من يفي بشكر الليالي

    منيةً فجاد بها لي غيرها لم يكن لي على الزمان اقتراح : وقوله يف أترجة أهداها إىل والده األستاذ الرئيس

    راٍح حشاها شادن خنثُ وريح ك صفراء تحكي لون ذي مقٍةأتت غالمك ال مين وال عبثُ إني حين زفت لي على أمٍل زففتها

    : وقوله من قصيدة أخرى يف عذد الدولة، أوهلا لو أعقبت ذنبها عتبى وعاتبتها عتبت على األيام لو عرفت عتباً

    اً غربن بها غرباطلعن بنا شرق بيننا أحكامها البين كلما قضت رياها الركائب والركبا وتمنح تحجب عني الشمس من نور وجهها

    : ومنها فها هو ذا يغري بمخلبه الخلبا أظن الحب قبُل خالبةً وكنت سرباً يزجي لنا سربا فنحسبها السقاة باألباريق بيننا تدور

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 845

    : ومنها عصباالنوار تحسبها منورةُ وقد نظمت شمل العصابة روضةٌ

    : ومنها يف وصف النجائب نهضت نجباً تسير بنا نجبا فال متى لم أنل أقصى المنى بنجابها

    كان لي ما بين آمالها نهبا وال رحلت نحو العفاة رحالها وال النجوم بعد صحبته حصبا أعد كنت عبداً للذي الدهر عبده وال

    : وقوله من قصيدة أخرى فيه، أوهلا موع أم نفوس هوامع؟ وهذي م أفيضت مدامعأفضت عقوداً أ

    وللمال وهاب وللجار مانع الملك قوام وللدين حافظٌ علىشموس ولكن الصفوف مطالع ولكن الحراب عرينها أسود

    لهم تحت المنايا مناقع وكان أشاحوا وما شحوا ونابوا ومانبوا : ومنها يف ذلك األعداء

    الظهور واستقام األخادع قناة حنتذل الهزيمة فان أذالهم فخاطت لهم منه السيوف القواطع لهم لبس المعصفر عادةً وكان

    : ومنها عبد الهون بالهون نافع وتقويم بطرتم فطرتم والعصا زجر من عصى

    : ومنها والبيض الرقاق هوالع وأقدمت والخيل العتاق عوابس تبسمت

    بقاء الليل والصبح صادع كيفو صدعت بصبح النصر ليل جموعهم النصل خوان وال السهم طالع وال الصبح مناد وال الليل خاذٌل فما

    : ومنها يف وصف الشعر لإلحسان فيها ودائع بدائع في القوافي بداءةً ومقترحاٍت

    أطلقت من عنانه كالم صنائع تخجلن النهار نواصع شكور وغى والقول للفعل شافعخدمت بقولي ذا ومن قبل قوله خدمت

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 846

    : وقال من أخرى، وقد ذكر الشعر وإن كان مرضياً فقل شعر كاتبي فإن كان مسخوطاً فقل شعر كاتٍب

    ذكر آخر أمره

    ملا تويف ركن الدولة، وقام مقامه مؤيد الدولة خليفة ألخيه : حدثين أبو منصور سعيد بن أمحد الربيدي، قالىل الري، ومعه الصاحب أبو القاسم، وخلع على أيب الفتح خلعة الوزارة، وألقى عضد الدولة، أقبل من أصبهان إ

    إليه مقاليد اململكة، والصاحب على مجلته يف الكتابة ملؤيد الدولة واالختصاص به، وشدة احلظوة لديه، فكرة أبو نه، فأمره مؤيد الدولة مبعاودة الفتح مكانه، وأساء الظن به، فبعث اجلند على أن يشغبوا عليه، ومهوا مبا مل ينالوا م

    أصبهان وأسر يف نفسه املوجدة على أيب الفتح هلذا الشأن وغريه، وانضاف ذلك إىل تغري عضد الدولة واحتقاده عليه ألشياء كثرية يف أيام أبيه وبعدها، منها ممايلته خبتيار، ومنها ميل القواد إليه، بل غلوهم من مواالته وحبته،

    وملا اعتقل يف بعض . لتواضع له يف مكاتباته، واجتمعت أراء األخوين على اعتقاله، وأخذ أموالهومنها ترفعه عن االقالع بدرت منه كلمات منت إىل عضد الدولة، فزادت يف استيحاشه منه، وأض من حضرته من طالبه

    لك احلال يقول أبو الفتح إنه مسل إحدى عينيه، وقطع أنفه، وجز حليته، ففي ت: باألموال، وعذبه ومثل به، ويقال : وقد يئس من نفسه، واستأذن يف صالة ركعتني، فصالمها ودعا بدواة وقرطاس وكتب

    ما غير المخبر لكنه من صورتي المنظر بدل على من لي يستعبر لكن ولست ذا حزمن على فائت

    عني وال يخبر مستخبر القلب لما مسني وواله أن يسكل ذا المعبرال بد لمن سر بما ساءنا فقل

    قد . كان أبو الفتح قبيل النكبة اليت أتت على نفسه: قال. وأخربين أبو جعفر الذي قدمت ذكره، وكأن خمتصاً به : أغرى بإنشاد هذين البيتني، ال جيف لسات من ترديدمها يف أ كثر أوقاته وأحواله، ولست أدري أمهاله أم لغريه

    عنها وخلوها لناورحلوا الدنيا أناس قلبنا دخل لقوٍم بعدنا ونخليها فنزلناها كما قد نزلوا

    فلما حصل يف االعتقال، واستيقن أن القوم يريدون ال حمالة وأنه ال ينجو منهم وإن بذل ماله، مد يده إىل جيب ار بني يديه، جبة عليه ففتقه عن رقعة فيها ثبت ما ال حيصى من ودائعه وكنوز أبيه وذخائره، فألقاها يف كانون ن

    اصنع ما أنت صانع فواهللا ال يصل من أموايل املستورة إىل : وقال للقائد املوكل به املأمور بقتله بعد مطالبتهصاحبك دينار واحد، فما زال يعرضه على العذاب، وميثل به، حىت تلف رمحه اهللا تعاىل، وفيه يقول بعض

    : أصحابه

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 847

    !كم وذل الناصرالمعين ل قل العميد وأل برمك ما لكم آل إن الزمان هو المحب الغادر الزمان يحبكم فبدا له كان

    : وأليب بكر اخلوارزمي يف مرثيته من قصيدةما تجتاحهم وتبير فلذاك يا دهر إنك بالرجال بصير

    .وهي تذكر يف موضعها من شعره، إن شاء اهللا سبحانه وتعاىل

    الباب الثالث

    الصاحب بن عباد

    لصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد وإيراد لمع من أخباره وغرر نظمه ونثره في ذكر ا

    وتفرده . ليست حتضريت عبارة أرضاها لإلفصاح عن علو حمله يف العلم واألدب وجاللة شأنه يف اجلود والكرمد وصفي بغايات احملاسن، ومجعه أشتات املفاخر، ألن مهة قويل تنخفض عن بلوغ أدىن فضائله ومعاليه، وجه

    هو صدر املشرق، وتاريخ اد، وغرة الزمان، وينبوع العدل : يقصر عن أيسر فواضله ومساعيه، ولكين أقولواإلحسان، ومن ال حرج يف مدحه بكل ما ميدح به خملوق، ولواله ما قامت للفضل يف دهرنا سوق، وكانت

    وأمواله . ومترع آماهلم. وموسم فضالئهمأيامه للعلوية والعلماء، واألدباء والشعراء، وحضرته حمط رحاهلم،وفاضل يصطنعه، وكالم حسن . مصروفة إليهم، وصنائعه مقصورة عليهم، ومهته يف جمد يشيده، وإنعام حيدده

    وملا كان نادرة عطارد يف البالغة، وواسطة عقد الدهر يف السماحة، جلب إليه من اآلفاق . يصنعه أو يسمعهومثار . وصارت حضرته مشرعاً لروائع الكالم، وبدائع األفهام. وقول فصلوأقاصي البالد كل خطاب جزل،

    فبلغ من البالغة ما يعد يف السحر، ويكاد . وذوب العلوم ودرر القرائح. اخلواطر، وجملسه جممعاً لصوب العقوليدخل ف حيد اإلعجاز، وسار كالمه مسري الشمس، ونظم ناحييت الشرق والغرب، واحتف به من جنوم

    رض، وأفراد العصر، وأبناء الفضل، وفرسان الشعر، من يرىب عددهم على شعراء الرشيد، وال يقصرون عنهم األيف األخذ برقاب القوايف وملك رق املعاين، فإنه مل جيتمع بباب أحد من اخللفاء وامللوك مثل ما اجتمع بباب

    العتايب، والنمري ومسلم بن الوليد، وأيب الرشيد من فحولة الشعراء املذكورين، كأيب نواس، وأيب العتاهية، والشيص، ومروان بن أيب حفصة، وحممد بن مناذر، ومجعت حضرة الصاحب بأصبهان، والري وجرجان، مثل

    أيب احلسني السالمي، وأيب بكر اخلوارزمي، وأيب طالب املأموين، وأيب احلسن البديهي، وأيب سعد الرستمي، وأيب عباس الضيب، وأيب احلسن بن عبد العزيز اجلرجاين، وأيب القاسم بن أيب العالء، وأيب القاسم الزعفراين، وأيب ال

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 848

    حممد اخلازن وأيب هاشم العلوي، وأيب احلسن اجلوهري، وبين املنجم، وابن بابك، وابن القاشاين، وأيب الفضل خلزرجي، وأيب حفص اهلمذاين، وإمساعيل الشاشي، وأيب العالء األسدي، وأيب احلسن الغويري، وأيب دلف ا

    الشهزوري، وأيب معمر اإلمساعيلي، وأيب الفياض الطربي، وغريهم ممن مل يبلغين ذكرهم أو ذهب عين امسه، ومدحه مكاتبة الشريف املوسوي الرضى، وأبو إسحاق الصايب، وابن حجاج، وابن سكرة، وابن نباته، ولذكر

    : ر، وما أحسن وأصدق قول الصاحبكل من هؤالء مكان من هذا الكتاب، إما متقدم أو متأخ شعراء البالد في كل نادي خير المداح من مدحته إن

    لمع من أخبار محاسنه

    وملح من نوادر توقيعاته

    إن موالنا الصاحب نشأ من الوزارة يف حجرها، ودب ودرج يف وكرها، : مسعت أبا بكر اخلوارزمي يقول : أبو سعيدورضع أفاويق درها، وورثها من أبيه كما قال اإلسناد باإلسناد موصولة ورث الوزارة كابراً عن كابر

    وإسماعيل عن عباد ته عن العباس عباد وزار يرويلك يف هذه الدولة من إرث الوزارة، ما لنا : وملا ملك فخر الدولة واستعفى الصاحب من الوزارة قال له: قال

    .حبقهفيها من إرث اإلمارة، فسبيل كل منا أن حيتفظ كنت يوماً يف خزانة اخللع للصاحب، فرأيت يف ثبت حسبانات : وحدثين عون بن احلسني اهلمداين التميمي، قال

    : مبلغ عمائم اخلز اليت صارت الشتوة يف خلع اخلدم واحلاشية، مثامنائة وعشرين قال- وكان صديقي - كاتبها و القاسم الزعفراين يوماً إىل مجيع من فيها من اخلدم وكان يعجبه اخلز ويأمر باالستكثار منه يف داره، فنظر أب

    إنه غي : فقيل: واحلاشية عليهم اخلزوز الفاخرة امللونة، فاعتزل ناحية وأخذ يكتب شيئاً، فسأل الصاحب عنهعلي به، فاستمهل الزعفراين ريثما يكمل مكتوبه، فأعجله الصاحب، وأمر بأن يؤخذ : جملس كذا يكتب، فقال

    : أيد اهللا الصاحب: ن الدرج، فقام الزعفراين أليه، وقالما يف يده م عجباً فحسن الورد في أغصانه ممن قاله تزدد به اسمعه

    : هات يا أبا القاسم، فأنشده أبياتاً منها: قال ويأمره الحرص أن يخزنا يعد الغنى ما اقتنى سواك تعد نوالك نيل المنى ابن عباٍد المرتجى وأنت

    قريب الجنى من باسٍط كفّهوممن ثناها وخيرك

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 849

    فأصغر ما ملّكوه الغنى غمرت الورى بصنوف الندى عاجزاً ألكنا وأشكرهم أشعرهم مفحماً وغادرت

    راحتي من نأى أو دنا إلى من عطاياه تهدى الغنى أيا لم يخل مثلها ممكنا كسى كسوت المقيمين والزائرين

    من الخز إالّ أنا ضروب الدار يمشون في وحاشية العهد يحسن أن يحسنا على أذكر لي جارياً ولست

    امحلين أيها األمري، فأمر له بناقة وفرس وبغلة : قرأت يف أخبار مع بن زائدة، أن رجالً قال له: فقال الصاحب لك من اخلز لو علمت أن اهللا تعاىل خلق مركوباً غري هذه حلملتك عليه، وقد أمرنا: ومحار وجارية، مث قال له

    جببة وقميص ودراعة وسراويل وعمامة ومنديل ومطرف ورداء وجورب، ولو علمنا لباساً آخر يتخذ من اخلز .ألعطيناكه، مث أمر بإدخاله اخلزانة، وصب تلك اخللع عليه وتسليم ما فضل عن لبسه يف الوقت إىل غالمه

    حممد اخلازن ماثالً بني يدي الصاحب ينشده عهدي بأيب: وحدثين أبو عبد اهللا حممد بن حامد احلامدي، قال : قصيدة له فيه، أوهلا

    رأيك شورى بين أراء وذلك فؤادك نهبي بين أهواء هذا داء لعمرك ما أباله من داء بين العيون النجل مقتسم هواك

    أخرى بشخٍص قريٍب عزمه نائي تستقر بأرض أو تسير إلى ال يوماً ويوماً بالخليصاء عذيب وبالبحزوة ويوماً بالعقيق يوماً

    العقيق وطوراً قصر تيماء شعب تنتحي نجداً وآونةً وتارةًفرأيت الصاحب مقبالً عليه مبجامعه حسن اإلصغاء إىل إنشاده، مستعيداً أكثر أبياته، مظهراً من اإلعجاب : قال

    : به، واالهتزاز له، ما يعجب احلاضرين فلما بلغ قوله أسماء أضحت بعض أسمائي كأن نبزاً في قبائلهابأسماء أدعى

    بين إصباٍح وإمساء فألّفا أطلعت شعري وألقت شعرها طرباً : زحف عن دسته طرباً، فلما بلغ قوله ف باملدح

    خطابته أذيال فأفاء على لو أن سحبان باراه ألسحبه مستبقاٍت أي إلقاء إليه أرى األقاليم قد ألقت مقالدها

    ونهي وتثبيتٌ وإمضاء أمر سبعتها منه بأربعٍة فساس

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 850

    وجبر وتشبيه وإرجاء كفر توحيده ألوى بأربعٍة كذاك : جعل حيرك رأس مستحسن، فلما أنشد

    ابن عطاٍء لثغة الراء تجنّب يوم العطاء كما" ال"نعم تجنّب : استعاده وصفق بيديه، وملا ختمها ذه األبيات

    أحسن ببهجة إطرابي وإطرائي ر أنشدهاأطرى وأطرب باألشعا من زنده قدحي وإيرائي ألن منائح موالنا مدائحه ومن ال البحتري يدانيها وال الطائي إليك ابن عباد محبرةً فخذ

    .أحسنت أحسنت، وهللا أنت، وتناول النسخة وتشاغل بإعارا نظره، مث أمر خبلعة ومحالن وصلة: قالأهدي إىل الصاحب هدية أهدى منها إىل شيخ الدولتني أيب سعيد الشبييب، : أيضاً يقولومسعت أبا عبد اهللا

    : وكتب معها رقعة مصدرة ذا البيت أن الهدية في اإلخوان مشتركه السنّة المشهورة البركه رويت

    و العباس تاش أنفذ إىل أب: مسعت الصاحب يقول: وحدثين أبو احلسني حممد بن احلسني الفارسي النحوي، قالاحلاجب رقعة يف السر خبط صاحبه نوح بن منصور ملك خراسان يريدين فيها على االحنياز إىل حضرته، ليلقى

    فكان فيما اعتذرت به من تركي امتثال أمره . إىل مقاليد مملكته، ويعتمدين لوزارته، وحيكمين يف مثرات بالده وحاجيت لنقل كتيب خاصة إىل أربعمائة مجل، فما والصدر ع رأيه، ذكر طول ذيلي وكثرة حاشييت وضمنيت

    ! الظن مبا يليق ا من حتمل مثليحضرت جملس ابن العميد عشية من عشايا شهر رمضان، وقد : مسعت الصاحب يقول: وحدثين أيضاً، قال

    لقوم، وقد حل حضره الفقهاء واملتكلمون للمناظرة، وأنا إذ ذاك يف ريعان شبايب، فلما تقوض الس، وانصرف ااإلفطار نكرت ذلك فيما بيين وبني نفسي، واستقبحت إغفاله املر بتفريط احلاضرين مع وفور رياسته، واتساع

    فكان الصاحب ال يدخل عليه يف شهر رمضان : حاله، واعتقدت أال أخل مبا أخلّ به إذا قمت يوماً مقامه، قالعد اإلفطار عنده، وكانت داره ال ختلو يف كل ليلة من ليايل بعد العصر أحد كائناً من كان فيخرج من داره إال ب

    شهر رمضان من ألف نفس مفطرة فيها، وكانت صالته وصدقاته وقرباته يف هذا الشهر تبلغ مبلغ ما يطاق منها .يف مجيع شهور السنة

    لسه، واصلت ملا أدخلين والدي إىل الصاحب ووصلت إىل جم: وحدثين بديع الزمان أبو الفضل اهلمذاين، قالوقد قال يوماً لبعض من تأخر هم : قال! كأنك هدهد. يا بين اقعد، كم تسجد: اخلدمة بتقبيل األرض، فقال يل

    ".القهوة"يعين " وه"فقال " احلماقة"يعين " قه"قال " احلما"ما الذي كنت تشتكيه؟ قال : جملسه لعلة وجدها .يف حنطته" السوس"يف حليته، و " الطر"ال واستأذن عليه احلاجب يوماً إلنسان طرسوسي فق: قال

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 851

    كنت يوماً بني يدي الصاحب فقدم : مسعت بعض ندماء الصاحب يقول: ومسعت األمري أبا الفضل امليكايل يقول؟ وكنت أريد أن أقول ال مترك للبطيخ فسبقين إىل التنادر ذا " بالعجلة ملترك"فقال " ال مترك"الصاحب فقلت

    .التجنيسلعلّي طولت : دخلت يوماً على الصاحب فطاولته احلديث فلما أردت القيام قلت: منصور البيع قالحدثين أبو

    .ال بل تطولت: فقال : وحدثين أبو منصور اللجيمي الدينوري، قال أهدي العمريي قاضي قزوين إىل الصاحب كتباً وكتب معها

    اعتد في وجوه القضاة ومن عبد كافي الكفاة العميري مفعماٍت من حسنها مترعات المجلس الرفيع بكتٍب خدم

    : فوقع حتتها لوقتها الباقيات ورددنا قبلنا من الجميع كتاباً قد

    قول خذ، ليس مذهبي قول هات أستغنم الكثير فطبعي لست .وكتب إليه بعض العلوية خيرب بأنه رزق مولوداً، ويسأله أن يسميه ويكنيه فوقع يف رقعته: قال

    واالسم علي . ك اهللا بالفارس اجلديد، والطالع السعيد، فقد واهللا مأل العني قرة، والنفس مسرة مستقرةأسعدفإين أرجو له فضل جده، وسعادة جده، وقد بعثت . ليعلي اهللا ذكره، والكنية أبو احلسن ليحسن اهللا أمره

    ائة عام، وخيلص خالص الذهب اإلبريز لتعويذه ديناراً من مائة مثقال، قصدت به مقصد الفال، رجاء أن يعيش م .من نوب األيام، والسالم

    : وكتب إليه أبو منصور اجلرجاين: قال الكفاة الملتجى كافي للوزير المرتجى قل كالصبح إذ تبلجا رزقت ولداً إني ل المكِرمات والحجى زال في ظلّك ظ ال

    متوجا مشرفاً وكنٍِّه فسمه : فوقع حتتها

    شمس الضحى بدر الدجى هنتئه ههنئت أبا الرجا وكنّه محسناً فسمه

    وعرض على بعض اإلصبهانيني رقعة أليب حفص الوراق اإلصبهاين، قد أخذ منها البلى، وفيها توقيع الصاحب، مصام تنفع املؤمنني، وهزة الص- ! أطال اهللا بقاء موالنا الصاحب اجلليل- لوال أن الذكرى : وهذه نسخة الرقعة

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 852

    ولكن ذا احلاجة لضرورته يستعجل النجح، ويكن اجلواد . تعني املصلتني، ملا ذكرت ذاكراً، وال هززت ماضياًفإن رأى أن خيلط . يف احلنطة خمتلفه، وجرذان داره عنها منصرفه- ! أدام اهللا تأييده-وحال عبد موالنا . السمح

    أحسنت أبا حفص : وهذه نسخة التوقيع... تعاىلعبده مبن أخصب رحله، ومل يشد رحله، فعل إن شاء اهللاقوالً، وسنحسن فعالً، فبشر جرذان دارك باخلصب، وأمنها من اجلدب، فاحلنطة تأتيك يف األسبوع، ولست عن

    .غريها من النفقة مبمنوع، إن شاء اهللا تعاىل

    قعة إليه يف حاجة فوقع كتب بعض أصحاب الصاحب ر: ومسعت أبا النصر حممد بن عبد اجلبار العتيب، يقولفيها، وملا ردت إليه مل ير فيها توقيعاً، وقد تواترت األخبار بوقوع التوقيع فيها، فعرضها على أيب العباس الضيب،

    فإن رأى موالنا أن ينعم بكذا فعل، : فما زال يتصفحها، حىت عثر بالتوقيع وهو ألف واحدة وكان يف الرقعة ".أفعل"يعين ألفأ " فعل"فأثبت الصاحب أمام

    إن : كتب بعض العمال رقعة إىل الصاحب يف التماس شغل، ويف الرقعة: ومسعت األمري أبا الفضل امليكايل، يقول .من كتب إشغايل، ال يصلح ألشغايل: رأى موالنا أن يأمر بإشغايل ببعض أشغاله، فوقع حتتها

    دار الضرب قصة إىل الصاحب يف ظالمة هلم رفع الضرابون من : وحدثين أبو احلسن علي بن حممد احلمريي، قال ".يف حديد بارد"مترمجة بالضرابني، فوقع حتتها

    : كان الصاحب يقول بالليايل جللسائه إذا أراد أن يبسطهم ويؤنسهم: وحدثين أبو سعد نصر بن يعقوب، قال .حنن بالنهار سلطان، وبالليل إخوان

    كالبديهي، فإنه كان عندي يوماً، وأتينا بفاكهة ومشمش ما أفحمين أحد : قال الصاحب: وحدثين أيضاً قال .ال يعجبين امليزبان إذا تطبب: إن املشمش يلطخ املعدة، فقال: فأمعن فيه، فاتفق أيت قلت

    : كان الصاحب إذا شرب ماء بثلج أنشد على أثره: ومسعت أبا نصر سهل بن املرزبان يقول قصى القلبتستخرج الحمد من أ الثلج بماٍء عذِب قعقعة

    .اللهم جدد اللعن على يزيد: مث يقولانتحل فالن يعين أحد املتشاعرين حبضرة الصاحب شعراً له، وبلغه : وحدثين أبو احلسن الدلفي املصيصي، قال

    : أبلغوه عين: ذلك، فقال فيه ويخدع يضام سرقت شعري، وغيري

    رأساً وأخدع يكد أجزيك صفعاً فسوف الشعر يصفع وسارق المال يقطع فسارق

    .فاختذ الليل مجالً، وهرب من الري: قالكتب إنسان إىل الصاحب رقعة وقد أغار فيها على رسائله وسرق مجلة من ألفاظه، فوقع فيها : وحدثين غريه قال

  • الثعاليب-يتيمة الدهر 853

    .هذه بضاعتنا ردت إلينا .ووقع يف رقعة استحسنها أفسحر هذا أم أنتم ال تبصرون؟

    .يه فويل هلم مما كتبت أيديهم وويل هلم مما يكسبونووقع يف كتاب بعض خمالفووقع يف رقعة أيب حممد اخلازن وكان ذهب مغاضباً مث كتب إليه يستأذنه يف معاودة حضرته أمل نربك فينا وليداً

    .ولبثت فينا من عمرك سنني وفعلت فعلتك اليت فعلتمن نظر لدينه نظرنا لدنياه، فإن آثرت : قعةوعرض على أبو احلسن الشقيقي البلخي توقيع الصاحب إليه يف ر

    .العدل والتوحيد، بسطنا لك الفضل والتمهيد، وإن أقمت على اجلرب، فليس لكسرك من جرب .التصرف ال يلتمس بالتكفف إن احتجنا إليك صرفناك، وإال صرفناك: ووقع يف رقعة بعض خطاب األعمال

    وي له على غري اجلميل يدخل داره يف الناس، مث يتلوم على أن رجالً ممن ينط: ورفه إليه بعض منهي األخبار .دارنا هذه خان، يدخلها من وىف ومن خان: استراق السمع، فوقع

    كان مكي املنشد قد انتاب الصاحب جبرجان، وكان قدمي اخلدمة له، أدبه غري : وحدثين أبو احلسني النحوي قالي جبواره جبرجان، فاتفق أنه صعد يوماً سطح داره حلاجة مرة، فأمر الصاحب خببسه، فحبس يف دار الضرب وه

    فاطلع فرآه يف سواء اجلحيم فضحك : يف نفسه وأشرف على دار الضرب، فلما رآه مكي نادى بأعلى صوته .الصاحب وقال اخشوا فيها وال تكلمون مث أمر بإطالقه

    قدمت إىل الصاحب هدية : قولمسعت أبا جعفر دهقان بن ذي القرنني ي: وحدثين أبو النصر العتيب قالإا إذا نقلت إىل حضرته من خراسان : أصحبنيها األمري أبو علي حممد بن حممد برمسه واعتذرت إليه بأن قلت

    قد ينقل التمر من املدينة إىل البصرة على جهة التربك وهذه سبيل ما : فقال. كانت كالتمر ينقل إىل كرمان .يصحبك

    احد من الفقهاء يعرف بابن اخلضريي، حيضر جملس النظر للصاحب بالليايل، فغلبته كان و: وحدثين اهلمداين قال : أبلغوه عين: عيناه مرة وخرج منه ريح هلا صوت، فخجل وانقطع عن الس، فقال الصاحب

    منك مثل الناي والعود لحادٍث يا ابن الخضيري ال تذهب على خجل ست سليمان بن داودإذ أنت ل الريح ال تستطيع تحبسها فإنها

    : صرير التخت، فقال الصاحب: وحكي أن مثل هذا األمر وقع للهمداين يف جملس الصاحب فخجل، وقال .أخشى أن يكون صرير التحت، فيقال إن هذه اخلجلة كانت سبب مفارقته احلضرة وخروجه إىل خراسان

    انصرفت يوماً من : بن عبد العزيز يقولمسعت القاضي أبا احلسن علي: وحدثين أبو نصر النمري جبرجان قال : دار الصاحب، وذلك قبيل العيد، فجاءين رسول بعطر الفطر ومعه رقعة خبطه فيها هذان البيتان

    قرب عهد لقائه مشتاقه مع يا أيها القاضي �