البرصان والعرجان

126
1 ﺍﻟﱪﺻﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺮﺟﺎﻥ- ﺍﳉﺎﺣﻆ ﺍﻟﱪﺻﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺮﺟﺎﻥ ﺍﳉﺎﺣﻆto pdf: http://www.al http://www.al-mostafa.com

Upload: api-26929792

Post on 13-Nov-2014

212 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 1

الربصان والعرجان

اجلاحظ to pdf: http://www.alhttp://www.al-mostafa.com

Page 2: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 2

بسم اهللا الرمحن الرحيم وصلى اهللا عليه حممد وسلم

يك، وأحالها يف صدرك، وهب اهللا لك حسن االستماع، وأشعر قلبك حب التثبت، وجعل أحسن األمور يف عينوأبقاها أثرا عليك يف دينك ودنياك علما تفيده وضاال ترشده، وبابا من اخلري تفتحه، وأعاذك من التكلف،

وعصمك من التلون، وبغض إليك اللجاج، وكره إليك االستبداد، ونزهك عن الفضول، وعرفك سوء عاقبة املراء، : وقد علمت مع ذلك من مدح بقوله

ذي بدآت ال تزال له بزالء يعيا بها الجثامة اللبدمن رأي

: وأن اآلخر قد قال

وشفت أنفسنا مما نجد هندا أنجزتنا ما تعد ليت

إنما العاجز من ال يستبد مرة واحدة واستبدت

.وال أعلم املوصوف باالستبداد إال جمهال مذموما، وال أعرف املنعوت بالبدوات إال مدفعا مضعوفا

...فليتصور ما زاد.... وإمنا الشأن يف وجدان آلة التصرف، ويف متام العزم بعد التبني، ال أعرف إال هذين

".....".وما كالم الشاعر يف قصيدته إال كقول اخلطيب يف خطبته، وما ذلك إال كاحتجاج احملتج واختبار املخترب

...ويف كل ذلك يكون اخلطأ والصواب

: وقد قال الشاعر

لعبد اهللا في الناس قاليا خليال يل تصاريف الخليقة ال ترىقل

: املتلون واملستطرف، فقال..." قول "وقد وصف اآلخر

واش وأدنى صاحب يستطرفه األخالء خليل يصرفه شر

تنكره وتعرفه ملون

مقسومة حمصلة، فاجعل حماسبة نفسك صناعة تعتقدها، وتفقد حاالتك عقدة ترجع إليها، حىت خترج أفعالكوألفاظك موزونة معدلة، ومعانيك مصفاة مذهبة، وخمارج أمورك مقبولة حمببة، فمىت كنت كذلك، كانت رقتك على اجلاهل الغيب، بقدر غلطتك على املعاند الذكي، وحتب اجلماعة بقدر بغضك للفرقة، وترغب يف االستخارة

.أ من العلم مبا ال يسع جهله، قبل التطوع مبا يسع جهلهواالستشارة بقدر زهدك يف االستبداد واللجاجة، وتبد

وال تلتمس الفروع إال بعد إحكام األصول، وال تنظر يف الطرف والغرائب وتؤثر رواية امللح والنوادر، وكل ما خف على قلوب الفراغ وراق أمساع األغمار، إال بعد إقامة العمود، والبصر مبا يلثم من ذلك العمود، فإن بعض من

كلف برواية األشعار بدأ برواية أشعار هذيل قبل رواية شعر عباس بن األحنف، ورواية شعر ابن أمحر قبل رواية شعر أيب نواس، وناس من أصحاب الفتيا نظروا يف العني والدين قبل أن يرووا االختالف يف طالق السنة، وناس من

Page 3: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 3

.، قبل أن ينظروا يف التوحيد والعدل واآلجال واألرزاقوالكفر واملداخلة وااورة"..." أهل الكالم نظروا يف

أحبث الناس عن صغري وأتركهم لكبري، وسئل عن بعض الفقهاء، : وسئل بعض العلماء عن بعض أهل البلدان، فقالأعلم الناس مبا مل يكن، وأجهلهم مبا كان وقد خفت أن تكون مسألتك إياي كتابا يف تسمية العرجان : فقال

.والعميان والصمان واحلوالن، من الباب الذي يتك عنه وزهدتك فيهوالربصان

وذكرت يل كتاب اهليثم بن عدي يف ذلك، وقد خربتك أن مل أرض مبذهبه، ومل أحبه له حظا يف حياته، وال لولده .بعد مماته

الستطراف والتكلف، فإن وأنا أحذرك اللجاح والتتايع، وأرغب إىل اهللا لك يف السالمة من التلون والتزيد، ويف االلجاج ال يكون إال من خلل القوة، وإال من نقصان قد دخل على التمكني، واللجوج يف معىن املغلوب، واملتصرف يف معىن الغالب واملكتفي، وال يكون إال والعقدة منحلة والنفس منقوصة، مث ال بد أن يتصل ضعف املنة بقلة املعرفة،

فاعرف فضل ما . املنة فاضلة، وكان الفاعل إما جلوجا مسارعا، وإما ذا بدوات متلوناومىت نقصت املعرفة مل تكن وقد يكون االعتراض حممودا ومذموما، وال يكون . بني التصرف والتلون، وليس االعتراض من صفة اللجاج

لجاج، وأن يكون اللجاج إال مذموما، والتلون أن تكون سرعة رجوعه عن الصواب كسرعة رجوعه عن اخلطأ وال .ثبات عزمه على إمضاء اخلطأ الضار كثبوت عزمه على إمضاء الصواب النافع

من أسوأ الناس حاال؟ : قيل لبعض العلماء. والذهول عن العواقب مقرون باللجاج، وضعف العقدة مقرون بالبدواتلن ينتفع بعقله، حىت ينتفع : ابوقال عمر بن اخلط. من ال يثق بأحد لسوء ظنه، وال يثق به أحد لسوء فعله: قال .صواب الظن الباب األكرب من الفراسة: وقال حممد بن حرب. بظنه

: وقال بلعاء بن قيس

إذا طاش ظن المرء طاشت مقادره صواب الظن، أعلم أنه وأبغي

.أال تراهم ميدحون ضربا من الظن، ويذمون ضربا آخر

.تنيوأما الصواب ففي احلال اليت بني احلال

، وهذا البعض هو ذاك الكثري الذي ذكره، ألن قليل "اجتنبوا كثريا من الظن إن بعض الظن إمث: "وقال اهللا عز ذكره .الكثري رمبا كان كثريا

.بسوء الظن: مب بلغتم املبالغ؟ قالوا: وقيل لثقيف

: وإىل ذلك ذهب الشاعر حيث يقول

ناسوالحزم سوء الظن بال إذ أحسنت ظني بكم أسأت

.وذلك على ما قدر ما تصادف عليه الزمان، وتشاهد من حاالت الناس

وليس سوء الظن، يف اجلملة باملذموم، وال حبسن الظن باحملمود، وإمنا احملمود من ذلك الصواب على قدر األسباب ة، ولقد قال اهللا القوية والضعيفة، والذي يتجلى للعيون من األمور املقربة، وعلى ما جرت عليه العادة والتجرب

Page 4: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 4

، اعلم أنه مل يرد تصويب ظن إبليس، وليس مذهب الكالم وصف إبليس "ولقد صدق عليهم إبليس ظنه: "تعاىلبشيء من الصواب، وإمنا أراد ذم الذين كثرت ذنوم حىت طرقوا على أنفسهم سوء الظن، فصار كل من ظن م

.اعلونسوءا يصري ظنه موافقا للذين حياولون والذين هم ف

فاطلب العلم على ترتيل املراتب، وعلى ترتيب املقدمات، وليكن لتدبريك نطاق، فإنه أمان من اخلطأن وللذي تعتقد .رباط، فإنه ال بد للبنيان من قواعد

وليكن أحب العلم إليك أطوعه هللا، فإن مل تفعل فاكسبه للحال اجلميلة، والذي ال بد للشريف من معرفته علم عرفة علل النحو، ولوال أن الذي أكتبه لك جمانب لطرق اهليثم، وخارج مما يشتهيه الريض املتكلف األخبار، وم

.امللول، وأنه كتاب جد غري هزل ملا كتبته لك، وباهللا التوفيق

أبو طالب، معاذ بن جبل، عبد اهللا بن جدعان، احلارث بن أيب مشر، احلوفزان : العرج األشراف: قال اهليثم بن عديريك، عمرو بن اجلموح األنصاري، الربيع بن مسعود الكليب، عبد احلميد بن عبد الرمحن بن زيد بن اخلطاب، بن ش

.وذكر القعقاع بن سويد املنقري، وسليمان بن كيسان الكليب، ومل يك يذكر غري هؤالء

.وذكر العميان، وكان الذي ترك منهم أكثر مما ذكر

والعمي األشراف أكثر، ولكن ما معناه يف أن أبا فالن كان أعمى، إذا مل يكن كثري، - أبقاك اهللا-والعرج األشراف إمنا اجتلب ذكر العرج والعمى ليجعل ذاك سببا إىل قصص يف أولئك العرجان، وإىل فوائد أخبار يف أولئك العميان،

كون ما ال يدركه أكثر وإىل أن مجاعة فيهم كانوا يبلغون مع العرج ما ال يبلغه عامة األصحاء، ومع العمى يدرالبصراء، وملا جاء أيضا يف ذلك من األشعار الصحيحة ومن األمثال املضروبة، وكيف اجوا بذلك ومتادحوا به، وكيف جزع من جزع، وصرب من صرب، وما رووا يف ذلك من األخبار النافعة واألحاديث السائرة، واللفظ املونق

.ص، وظهر ذلك اخللل على بعض، ومل يتبني على بعضواملعىن املتخري، وكيف تبني ذلك النق

عثمان بن أيب العاص، وعمران بن احلصني، وخباب بن األرت، : أن ممن سقي بطنه- حفظك اهللا-ولو ذكرنا وقبيصة بن املهلب وفالن وفالن، مث مل نذكر حسن عزائهم ونوادر كالمهم عند نزول تلك احلوادث، وعند توقع

ق، وأي شيء كرهوا من أصناف العالج وحرموه، وأي شيء استجازوه واستحلوه، والذي الفرج من تلك املضايرووا من األحاديث يف ذلك الداء، أو من الروايات يف ذلك الدواء، وكيف كانت تعزية العائد وجواب املعود،

ه، وصالح ملن وكيف كان دعاؤهم، وبأي ضرب من الكالم كان ابتهاهلم، فإن ذلك عظة ملن مسعه، وأدب ملن وعااستعمله، فمن مل يذكر هذه العلل لذكر هذه الفوائد مل يكن ذكره لزمانة قوم أشراف باحملمود، وال تنويهه قوما

.بأدواء مستورين، باملرضي

وأول الشروط اليت وضعت يف أعناق األطباء ستر ما يطلعون عليه يف أبدان املرضى، وكذلك حكم من غسل .املوتى

أ بذكر الربصان، وأثين بذكر العرجان، مث أذكر ما قالوا يف األمين واألعسر، ويف األضبط ويف كل وسألتين أن أبدأعسر يسر، واختالف طبائع احليوان يف ذلك مع اختالف حاالت البشر يف الصغر والكرب، وكيف القول يف األشل

وضيقها، ويف عظم األنوف واألقطع، ويف األضجم واألفقم ويف صاحب اللقوة واألشدق، ويف سعة األفواه

Page 5: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 5

وصغرها، وكيف مدحوا الرؤوس بالعظم وذموها بالصغر، وما قالوا يف الدمامة والنبالة ويف القصر والطول، مث الذي .قالوا يف األجلح واألنزع، ويف األصلع واألقرع، ويف األزعر واألمعر

فقح، وما ذكروا به األعضاء، ووصفوا به وما قالوا يف الثط والسنوط، ويف األحدب واألعلم، ويف اآلدر واأل .اجلوارح، وما جاء يف ذلك من األشعار واألخبار، واألمثال واآلثار

.وقد فخروا بالعمى، وذلك كثري، واحتجوا بالعرج وذلك غري قليل

والعمى، ومها وإذا كان األعرايب يعتريه الربص فيجعله زيادة يف اجلمال ودليال على اد، فما ظنك بقوله يف العرج ال يستقذران وال يتقزز منهما وال يعديان وال يظن ذلك ما، وال ينقصان من تدبري، وال مينعان من سؤدد، وهذا

: املعىن نفسه قد ذكره شاعر قريش حني عدد أمساء من عمي من أشرافهم فقال يف كلمة له

فذاك داء قريش آخر الزمن وعدي في سيادته ومطعم

تبيت تمنى لذة الوسن وال ء ال تسب بهدائك دا وخير

هللا ذي اآلالء والمنن فالحمد كريم فال دعوى فتحذره داء

وقد يفر األعرايب يف احلرب، فال يقر باجلنب عن األعداء، وبالنكول عن األكفاء، بل خيرج لذلك الفرار معىن، وجيعل : يف اآلفاق، قال مالك بن أيب كعب يف الفرارله مذهبا، مث ال يرضى حىت جيعل ذلك املفخر شعرا، ويشهره

فر عني مالك بن أبي كعب أال معاذ إلهي أن تقول حليلتي

وأنجو إذا غم الجبان من الكرب أقاتل حتى ال أرى لي مقاتال

ف املفر أنا وإن وليت هاربا حني ال أجد يل مقاتال، فقد وليت ومعي عقلي، وأمت الفرار يف احلرب آلة من عر: يقولفلست كمن يستفزعه وهل اجلبان، وال كالذي يعجل فيلجم ذنب فرسه، ويركبه : كما يعرف املكر، يقول

مشكوال، ويركله برجله وهو مقيد، ويرتل عن ظهره ويظن أن سعيه على رجليه أبلغ من ركض فرسه يف النجاة، : وقال زيد اخليل

إال المكيسإذا لم ينج وأنجو حتى ال أرى لي مقاتال أقاتل

إذا طلعت أولى المغيرة أعبس بذي كهرورة غير أنني ولست

: وقال احلارث بن هشام

رموا فرسي بأشقر مزبد حتى يعلم ما تركت قتالهم اهللا

لهم بعقاب يوم مفسد طمعا عنهم واألحبة فيهم فصددت

أقتل وال يضرر عدوي مشهدي أني إن أقاتل واحدا وعلمت

Page 6: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 6

. من الصواب أن أقف موقفا أقاتل فيه باطالليس: يقول

: وقال عمرو بن معدي كرب

الموت، وإني لفرور حذر أمأل رجلي بها ولقد

حين للنفس من الموت فرير أعطفها كارهة ولقد

أنا في الروع جدير وبكل كل ما ذلك مني خلق

: الف قول ابن مطيعفزعم أن الفرار من أخالقه، كما أن اإلقدام من أخالقه، وهذا خ

والشيخ ال يفر إال مره الذي فررت يوم الحره أنا

وال بأس بالكرة بعد الفرة

: وقول ابن مطيع شبيه بقول عتيبة بن احلارث بن شهاب حيث يقول

الفتى غادرته بإمره نعم نجيت نفسي وتركت حزره

ال يترك المرء الكريم بكره

: لى حدته بالعيب، فأما اآلخر فإنه حني فر ألزم نفسه ومجيع اجليش، وهو قولهوقد أقر كل واحد من هذين ع

فراري، فذاك الجيش قد فر أجمع يك عارا يوم ذاك أتيته فإن

: وأما عامر بن الطفيل، فقال

ولكن أتونا في العديد المجمهر لو كان البداد لقوتلوا أعاذل

: قال لبيد

أتونا كل جن وخابل ولكن والو كان البداد لقوتل أعاذل

وما نحن إال مثل إحدى القبائل بشهران ومذحج كلها أتونا

: وأقر قيس بن اخلطيم بغري هذا اجلنس من الفرار فقال

صدود الخدود وازورار المناكب ما فررنا كان أسوا فرارنا إذا

.وقد علم قيس أن هذا املقدار ال يسمى فرارا، وال يعري به أحد

أنا عباد بن : وملا ازم الناس يوم أىب فديك كان عباد بن احلصني من املنهزمني وهو يصيح بأعلى صوته: القأال ترى أن . لكي ال تركبين غمرة: فلم تنوه بامسك على هذه احلال؟ قال عباد: احلصني، فقال له بعض املنهزمني

ري جنب، وترك القتال كي ال يقتل ضياعا، وعباد فارس عبادا صحيح التدبري يف حال ازامه، وقد ترك القتال عن غ : الناس غري مدافع، وإياه عىن الشاعر حيث يقول

عبادا أخا الحبطات فدونك من مبلغ عني نهيك بن محرز

Page 7: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 7

إذا خاضت الفرسان في الغمرات يستهزم الجيش باسمه فدونكه،

. موجودوالشاهد من الشعر على تقدمي عباد على الفرسان كثري

.ويكون األعرايب شختا مهزوال ومقرقما ضئيال، فيجعل ذلك دليال على كرم أعراقه وشرف والدته

وأنشدوا . قرقمين العز: قال! مايل أراك ضعيفا حنيفا وصغري احلجم قليال مهزوال؟: قلت لغالم أعرايب: قال األصمعي : قول اآلخر

ضاويانمن كرم األعراق علمت أنا أتاويان قد

: وأنشدوا

قرقمه العز وأضواه الكرم

: إن العز يقرقم، ألن األول قد قال: إن األعراق تضوى، وإمنا العجب يف قوله: وليس العجب يف قوله

فيضوى وقد يضوى رديد القرائب لم تلده بنت عم قريبة فتى

: وقال األسدي

في خالد بعد خالد والدته بضاوي تموج عظامه ولست

إلى نسب أدنى من الشبر واحد من آبائه أمهاته تقارب

فالحي للحي والد مشاغرة أخوات أنكحوهن إخوة بنو

.وهكذا كثري

والضوى يف البهائم أوجد منها يف الناس، فليس العجب من ذكرهم الضوى إذا ترددت األوالد يف القرابات، وإمنا ابتلي بالدمامة والعلة ثقل عليه أن يقر بالذل والضعف، فاحتج العز يقرقم، ألن األعرايب حني: العجب يف قوهلم

-حفظك اهللا-فبهذه النفوس . لذلك، وأحال الناس على معىن ال يدركونه باملشاهدة، وهذا من ذكائه ودهائه

رأوا حفظوا أنسام، وتذاكروا مآثرهم، وقيدوا ألنفسهم باألشعار مناقبهم وحاربوا أعداءهم، وطالبوا بطوائلهم، و بعض ما افتخر به -إن شاء اهللا-وسأنشدك . للشرف حقا مل يره سواهم، وعملوا على أن الناس كلهم دوم

.األعمى واحتج به األعرج، قبل أن تصري إىل قراءة اجلميع ألعجل عليك معرفة اجلملة من مذاهبهم، وباهللا التوفيق

: رج، فقالفمن العرجان أبو الدمهاء، وهو الذي عريته امرأته بالع

تزحف العرج بين الصف والنضد ضر فارسهم في كل ملحمة ما

الفروسة وثاب على األسد ففي إذا نزلوا كان ليس بمرقال إن

: وخطب الطائي األعرج امرأة فشكت عرجه إىل جاراا، فأنشأ يقول

فقالت معاذ اهللا أنكح ذا الرجل إلى جاراتها وتعيبني تشكى

Page 8: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 8

سواء أو لمال به حملي لكنا يوازن بيننامن صحيح لو فكم

: وقال أبو العملس يف امرأته

وفي السرج ليث صادق ضيغم الشد ضرها أني أدب على العصا ما

وقال أبو طالب بن عبد املطلب وامسه عبد مناف، وأول هامشي يف األرض ولده هامشيان بنوه األربعة، وعريه بعض : نسائه بالعرج فقال

من جلدي وحسن فعالي أنكرت ت فقد عرجت فما الذيقالت عرج

كل مسود مفضال وسليل وأنا ابن بجدتها في صبابتها

أفيد رغائب األموال كيما الفراجة ال أريد نماءها أدع

تصيب مقاتل البخال حتى سهمي عن وجوه جمة وأكف

.النجارة والتثمري: الرفاجة

: من قول اجلميع وذلك أنه قال وفسروقال أبو طالب قوال هو أمجل وأرجح

الحرب فارس ويوم يوم السلم مكفي أنا

حين ما للخمس عاطس أنا للخميسة أنف

فزعم كما ترى أنه إذا كان يف السلم فهو ال حيتاج مع الكفاية إىل ابتذال نفسه يف حوائجه، وإذا كان يف احلرب .فهو فارس يبلغ مجيع إرادته

هرمثة بن أعني ونصر بن شيث وغريمها من الرؤساء احملاربني املقربني الذي كان مينعهم من -أكرمه اهللا-وما ضر .املشي إذا كانوا على ظهور اخليل أمثال العقبان

: وذكر سيار بن رافع الليثي عرج أوىف بن موألة بعد أن اكتهل وكان له صديقا، فقال

رجل من الخشبفي الدار يمشي على أوفى بعيد الشيب من كثب رأيت

وللقصار مقاال آخر الحقب للعرج مجدا لم يكن لهم جعلت

: وكان أوىف مع شرفه وسؤدده قصريا حنيفا، وهو الذي يقول

حل أمر ساحتي لجسيم إذا إذا كنت قصدا في الرجال فإنني

: وهذا أشبه بقول اآلخر

لحتى يقال طوي بعارفة إذا كنت في القوم الطوال فضلتهم

.فهؤالء بعض من فخرج بالعرج، وسنذكر ذلك يف باب القول يف العرجان إن شاء اهللا

: وأما من فخر بالعمى، فمنهم بشار بن برد، وكنيته أبو معاذ ولقبه املرعث، موىل لبين عقيل، وهو الذي يقول

Page 9: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 9

أهدى من بصير وأحوال وجدك ولد المولود أعمى وجدته إذا

عجيب الظن للعلم معقال فجئت من العمىجنينا والذكاء عميت

إذا ما ضيع الناس حصال وقلب ضياء العين للعلم رافد وغاض

إذا ما أحزن الشعر أسهال بقول وشعر كنور الروض الءمت بينه

وممن فخر بالربص مث من بين رزام احملجل، وكان بساقيه وضح، وامسه معاوية بن حزن بن موألة بن معاوية بن : ، وقد رأس ومسى احملجل على الكناية من البياض والكناية أيضا من الربص، وهو الذي يقولاحلارث

ووضحا أوفى على خصيلي مي ال تستنكري تحويلي يا

بالغرة والتحجيل يكمل نعت الفرس الرجيل فإن

: وهو الذي يقول

وال غفل اإلهاب من الوشوم أنا بالبهيم فتذكروني وما

: تهم احملجل مأخوذ من احلجل، واحلجل هو اخللخال فإذا كان يف الفرس يف موضع املخلخل بياض قيلوأصل تسمي

: خملخل، وقال النعمان بن بشري

وتبيض من وقع السيوف المقادم ويبدو من الخود الغريرة حجلها

: وقال الفرزدق

ولو كان في األكفان تحت الصفائح الحجلين لو أن ميتا مائلة

: ذا ابيض من خلف الناقة موضع الضرار فهم يسمون ذلك اخللف أيضا حمجال، وأنشدوإ

مقدم مؤخر محجل نيط بحقويها رعيب أقمر

: وقال يف ذلك أبو النجم

عن ذي قراميص لها محجل بلحيى الهج مخلل يذب

.د حمجال على التشبيه باحلجلوقد يقال أيضا للغراب حمجل على غري هذا املعىن، وذلك أم يسمون حلقة القي

: والغراب إذا مشى فكأنه مقيد، واحملجل هو املقيد، فذلك احلجل، وقال الشاعر

الذئب يعوي والغراب المحجل من امرؤ ال تقشعر ذؤابتي وإني

: وقال الطرماح

في الدار بعد الظاعنين مقيد النسا قذف الجناح كأنه شنج

: وقال اآلخر

البين شحاج حجول غداة من بطن قووصاح بصرمها

Page 10: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 10

لهن في بلد قبول فليس الالئي لعن بكل أرض من

.ولذكر احملجل مكان غري هذا

وإذا كان الشيء مشهرا معلما شبهوه بالفرس األغر احملجل، فإنه إذا كان يف اخليل كانت العيون إليه أسرع، : ولذلك قال زفر بن احلارث

ولما يكن يوم أغر محجل ورب البيت ال تقتلونه كال

ملا قال عمرو بن كلثوم : ومن الربصان الذين فخروا بالربص، احلارث بن حلزة اليشكري الشاعر، قال أبو عبيدة : قصيدته اليت فخر فيها لتغلب على بكر وهي اليت أوهلا

أال هبي بصحنك فاصبحينا

: ا لبكر على تغلب، وهي اليت أوهلاوأنشدها امللك، قال احلارث بن حلزة قصيدته اليت فخر فيه

آذنتنا ببينها أسماء

وكان احلارث أبرص، وكان امللك ال ميأل عينه من رجل به بالء، فأنشده : مث أتى عمرو بن هند فأنشده إياها، قالريه من وراء الستر، فلما مسعها استخفه الطرب ومحله السرور على أن أمر برفع احلجاب، مث أقعده على طعامه وص

.يف مساره

: هو املفتخر بالربص حيث يقول: وقالوا

يضر الطرف توليع البلق ليس أم عمرو ال تغرى بالروق يا

إذا حوى الحلبة في يوم السبق

.فهذا قول الشاعر، فأما حممد بن سالم فزعم أنه مل يسبق احللبة قط أبلق وال بلقاء

.مل يسبق احللبة أهضم قط: قال األصمعي

جيوز أن يكون الشاعر أراد نفس احللبة يوم الرهان وأراد غري ذلك من أبواب املسابقة، على أن صديقا يل قد وقد .أخربين أن فرسا للمأمون جاءت سابقة

: ومما يدل على افتخاره بالربص قول ابن حبناء وامسه املغرية

ملعتيك وال أخوالي العوق ال إني امرؤ حنظلي حين تنسبني

اللهاميم في أقرابها البلق إن ن بياضا في منقصةتحسب ال

فقول ابن حبناء وقول احلارث بن حلزة يردان على حممد بن سالم ما قال، وكان زياد األعجم قد أحل على بين : احلبناء يهجوهم بالربص، فمن ذلك قوله

كأن عجانه الشعرى العبور ألبلق الخصيين عبد عجبت

: واهللا ألرفعنهم أيضا، فقال: م يا أبا أمامة، قالقد رفعته: فلما قيل له

Page 11: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 11

إال حسبت على باب استه القمرا يبرح الدهر منهم خارئا أبدا ال

: والبياض واألوضاح تستعري ذكره العرب وتنقله يف األماكن، قال الرعل بن جبلة

الشباب كذا في الناس أوضاح فذو كالخيل إن ذموا وإن مدحوا والناس .فرس كريم وفرس جواد، وفرس عتيق وفرس رائع وليست هذه األسماء الكريمة إال لإلنسان والفرس: ولون

وأصل البلق إمنا هو يف الفرس، والعرب تستعري ذلك وتضعه يف مواضع كثرية، وقال الشاعر، وهو يريد بياض : الصبح املخالط بسواد يف بقية الليل

الصبح مشهور الشواكل أبلق منحبسناهم حتى أضاء لنا

الصبح مشهور الشواكل أبلق من :األبلق، قالوا ذلك حين كان بني بالحجارة البيض والسود، قال األعشى: وسموا أيضا قصر السموءل بن عادياء حصين وجار غير غدار باألبلق الفرد من تيماء منزله حصن

:السموءل بن عادياء

المصير سوى األبلق وباألبلق الفرد بيتي به وبيت

: وقال خالد بن يزيد بن معاوية

التمام وليته لم يؤلق ليل أرقت لعارض متألق إني

بلقاء تضرب عن فلو أبلق أن ينام وال ينيم كأنه ما

: وأنشدوا قول الراجز يف صفة السحاب

بلقاء تطفي الخيل عن طفل متم ابتسمفي ريقه إذا كأنه

: وقال حمرز بن مكعرب الضيب

شميك اللون ليس لها حجول أقر العين أن طارت عليهم

: أبلق، وإياه عىن ذو الرمة فقال: ولذلك مسوا األبرص األسيدي الراقي املتكهن

من السوء ال تخفى على من توسما أسيدي عليه عالمة وعندي

: العلبان الشاعر أحد بين عبد اهللا بن دارم حيث يقولوإياه يعين

فؤادي من حبي جواري بني بدر األبلق الراقي األسيدي مبرئ هل

.ليس يعين رهط حذيفة بن بدر

: وكان جرير بن اخلطفى زوج أبلق بنته أم غيالن على أنه رقاها فأفاقت، فعند ذلك قال العلبان

Page 12: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 12

علت بنتك نسلة لألبلقوج أخزيت نفسك يا جرير وشنتها

: وهجا جرير أيضا األبلق بأنه أبلق وبغري ذلك، فقال

أن المهاجر يخزي كل كذاب أبلق الكشح إن الناس قد علموا يا

يوم الفريقين ما دنست أثوابي لو كنت شاورت ذا عقل فأرشدني

بعراقي الدلو أكرابي مستحكما كنت عندك قبل الفعل ذا أرب قد

مازن أو عدي رهط منجاب في صاهرت إن الصهر ذو نسبلو كنت

السوابق ريح الكودن الرابي سوف كنت ذا الجلدة البلقاء تعجبني ما

: واعترض على جرير البلتع العنربي ألن عمرو بن متيم ولدهم مجيعا، فقال

وأبوه خير من أبيك وأمنع أتعيب أبلق يا جرير وصهره

عبد بالخورنق أوكع وأبوك أتعيب من رضيت قريش صهره

ومن الفرسان الربصان ممن مسي باألبلق ملكان الربص، الفارس السلمي، وكان أيام مروان يقاتل وهو أبلق على فرس : أبلق، وهو الذي يقول

يوم أكب الناس في الخندق سوائي كنت أوعدته هال

أناديك فال تنطق ثم األبلق في صفهم وأحمل

: تلك احلربوفيما قالوا يف

وصاحب الراية والخندق أبلق الكشح على أبلق يا

ولزم األبلق مكان غري هذا، وهو أن الفارس يشهر بركوبه يف احلرب، ليس جيترئ على ركوب األبلق يف احلرب إىل .غمر أو مدل بنفسه معلم يقصد إىل ذلك

: يمي على فرس أبلق، أنشد قول الشاعروملا رأى إبراهيم بن عبد اهللا بن حسن بن حسن عمر بن سلمة اهلج

ولئن فررت ليعرفن األبلق أما القتال فال أراك مقاتال

.قال ذلك وهو ميازحه، وكان عمر بن سلمة شجاعا

: ولذلك قال طفيل الغنوي

فال تبقى ونودي بالركاب بهجر تهلك البلقاء فيه

: وقال يف ذلك النابغة

يمسي ويصبح فيها البلق ضالال األرض ال يعفو لها أثر بوجه

Page 13: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 13

.وصف طول اجليش وعرضه وكثافته وكثرة عددهم، فلذلك خفي مكان األبلق مع كثرة األوضاح اليت تشهره

كيف تعرف من مل تر من ! يا رسول اهللا: قلت: "وروى عن حيىي بن محاد، عن عاصم، عن زر، عن عبد اهللا، قال ".وءهم غر حمجلون من آثار الوض: أمتك؟ قال

أنتم الغر احملجلون من آثار : "قال رسول اهللا عليه السالم: معن، عن مالك، عن العالء، عن أبيه، عن أيب هريرة، قال ".الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وحتجيله فليفعل

: ومن الربصان ممن فخر بالربص، سويد بن أيب كاهل وهو الذي يقول

الرأس وفي الجلد وضحصلع سودة مني أن رأت نفرت

يفرج الكربة عنا والكلح يا سودة هذا والذي قلت

الطرف تحاسين القزح زين زين الوجه للمرء كما هو

وممن فخر بالربص من الرؤساء والشعراء بلعاء بن قيس بن يعمر، وهو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث سيف : وكان سيد بين ليث فاشتد ذلك عليهم، فقيل له يف ذلك فقالاعتراه الربص بعد أن أسن، : بن بكر، قالوا

.اهللا صقله

سيف اهللا حاله، من احللية، : هذه رواية أيب عبيدة واملفضل، فأما الذي مل أزل أمسعه فإن أهل احلجاز يزعمون أنه قاله لقبان، أحدمها مدح وهو أبو مساحق ول. سيف اهللا جاله، من اجللي، وكل عريب: بل قال: ويقول أهل العراق

كان بلعاء حيجب بالنبل من مكان بعيد، : واآلخر ذم، فأما املدح فاحلجب واحملجوب، ويقول بنو ليث بن بكر : باكغ اجلريان ألنه كان نكدا جلوجا شكسا وداهية ال يرام ما وراء ظهره، وهو الذي يقول: واللقب اآلخر

مرء طاشت مقادرهإذا طاش ظن ال صواب الظن أعلم أنه وأبغي

: وهو الذي يقول

الهدو له قوائم أربع بعد جررت برجله" قد"ومغير حجر

: وهو الذي يقول

إذا ما مشى من أخمص الرجل ظالع كل مسترخي اإلزار كأنه معي

: وقال كلثوم بن رزين بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل يف تسمية بلغاء ببالع اجلريان

إذا تالقيني فرور وأنت جيران سيفيبالع ال تمنى

القوم أو وحد أسير أمام منت لك أن تالقيني المنايا

: وقال يف بالغ اجلريان ربيعة بن أمية بن زعر بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل

حالئله وقد بدت المعاري بالع منا وخلى وأفلت

Page 14: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 14

بالربص أبو أسيد عمرو بن هداب املازين، مدحه بذلك أبو ومن الربصان السادة القادة، الذين مدحتهم الشعراءما رأينا أحدا قط أبل ريقا وال أمت نقسا وال اربط جأشا من أيب أسيد عمرو بن : الشعثاء العرتي، قال أصحابنا

بو هداب، كانوا عنده والناس يغزونه على ذهاب بصره، إذ مثل أبو عتاب اجلرار بني يديه وهو مثل احملجوم، وأال حتزن على ذهاما؛ فإنك لو قد رأيت ! يا أبا أسيد: عتاب هو إبراهيم بن جلع بن مصاد موىل بلعدوية فقال

فلم يبق من : قال. ثواما يف ميزانك لقد متنيت أن يكون اهللا قد قطع يديدك ورجليك ودق ظهرك وأدمى ظلفكه، إال أبا أسيد نفسه، فإنه مل يتغري لذلك ومل يظهر القوم أحد إال استغرب ضحكا أو صاح بأيب عتاب وأراد إسكات

.يرعى له حسن نيته ويلغى سوء لفظه: منه قبول وال إنكار، وأقبل على القوم، فقال

أنشدك أبا : مث ما لبثنا إال يسريا حىت دخل أبو الشعثاء العرتي وعليه بت وكور ضخم وخف جاف، فقال: قالواهات، فأنشده أرجوزة أعرابية فصيحة، فبينا حنن نستحسن معانيها : قالأسيد ما حربته فيك من أراجيزي؟

: ونستجيد حوكها إذ قال

والبرص أندى باللهى وأعرف فياض اليدين أكلف أبرص

في الرجفات يزحف مجلوز

حت ارفقوا بشاعرنا وزائرنا فإن أكثر الشعراء الذين توض: فقال عمرو. فصحنا حىت قطعنا عليه إنشاده: قال : جلودهم قد افتخروا بذلك، وقد قال الشاعر

أيشتمني زيد بأن كنت أبرصافكل كريم ال أبا لك أبرص

.وهذا من املقلوب. كري كرمي أبرص: كل أبرص كرمي، فقال: أراد

.وزعم كثري من الناس أن ذلك البياض إمنا أصابه بسبب ميني حلف ا عند أستار الكعبة

ه وأصحابه يزعمون أم ما زالوا يعلمون به وضحا إال أن الوضح يزيد وال يقف، وقد ومسعت غري واحد من جريان .ذكرنا شأن عمرو بن هداب والذي حضرنا من مناقبه يف كتاب العميان، فلذلك مل نذكره يف هذا الباب

ب، وكان وكان خاصا بالربامكة يدخل عليهم مىت أح. حدثين علي بن رياح بن شبيب اجلوهري، عن أبيه رياحدعاين يوما جعفر بن حيىي وهو كئيب حزين خاشع : يصل إىل مواضع ال يكاد يصل إليها اخلاص عندهم، قال

.هذا مثن العقوق! يا أبا علي: الطرف شديد االنكسار، فرفع يل عن بطنه، فإذا على بطنه مقدار الدرهم برص، فقال

.وكان الذي بينه وبني أبيه قد ساء: قال

وأطباء اهلند تزعم أن العقوق يورث الربص، وهذه القصة . ذا شيء أخذه جعفر بن حيىي عن أطباء اهلندوه: قالوا .جمانبة لسبيل الطب

وقد بينوا املستغلق العضال املؤيس من غري . وآفات الدنيا كثرية وأمراضها الشداد معروفة املقادير عند األطباءفإن برئ فإنه مل يكن . السرطان ال يربأ: السرطان، قال جالينوسذلك، فقالوا يف مثل اجلذام والربص العتيق و

سرطانا، واملاء األصفر والقروح اليت تكون يف الكلية واملثانة من الباب أيضا الذي يعسر التخلص منه والعرب ختاف

Page 15: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 15

الشدة فإن إعداء اجلرب والصفر والعدسة واجلدري وهم وإن استعظموا هذه األشياء ومل يقدموا الربص عليها يفوالفرس . القرآن أصدق منهم، ولوال أن الربص العتيق أشد امتناعا وأبعد برءا ملا ذكر اهللا الربص دون هذه األدواء

وأبرئ األكمه : "أشد نفارا من الربص، والدليل على ذلك ما خربتك به من شدته وامتناع التخلص منه، قولهوإىل إبراء األكمه وهو األعمى املطموس ومل يذكر غري " إىل إبراء األبرصفأشار " "واألبرص وأحيي املوتى بإذين اهللا

.ذلك من مجيع األدواء واملعاضل والعلل واملؤيسة

أو لو جئتك بشيء مبني، قال فأت به إن كنت من : وقال يف وجه آخر من معارضة الربص خبالفه وضده، قالأدخل يدك يف : "وقال اهللا ملوسى" فإذا هي بيضاء للناظرينالصادقني، فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبني، ونزع يده

هذا إىل ما حدث عبد اهللا بن عمرو، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن أيب املغرية، ". جيبك خترج بيضاء من غري سوءعصاه ويده : ما جاءكم به موسى، قالوا: جاءت قريش إىل اليهود فقالوا: عن سعيد بن جبري، عن ابن عباس، قالكان يربئ األكمه واألبرص وحيي املوتى، فأتوا : ما جاءكم به عيسى؟ قالوا: بيضاء للناظرين، مث أتوا النصارى فقالوا

.ادع لنا ربك جيعل لنا الصفا ذهبا: النيب صلى اهللا عليه وسلم، فقالوا

.د أمره القرآن واآلثارفهذا أيضا مما عظم شأن الربص إذ كان مذكورا يف احلاالت كلها، وإذا اجتمع على تشدي

اجعل لنا الصفا ذهبا، فإن اهللا ال يعطي الناس األعالم على قدر شهوام : وأما قوهلم للنيب صلى اهللا عليه وسلموامتحام ومتنيهم، وال على سبيل التفكه، فإذا مل يعطهم ذلك على سبيل التفكه فإعطاؤهم إياها على سبيل التعنت

.ملن مل يسمع بآية ومل ير عالمةأبعد، وال جيب ذلك إال

فأما املغموس فيها ومن قد غمرته الربهانات فليس من احلكمة متكني السفهاء من مسألة ذلك، وإمنا يرتل اهللا األعالم على قدر املصلحة ال على أقدار الشهوة، وعلى إلزام احلجة ال على الطلب واملسألة، ومىت كان الطالب لذلك

لو كان : هذا سحر، وإن منعها قال: يكن إال بني أمرين، إن جالها لعنته وإجابته إىل مسألته، قالمعاندا وجاسيا مل صادقا ألتى ا، وآيات اهللا وبرهاناته أجل خطرا من أن توضع يف هذا املكان، إال أن يريد اهللا ببعض ذلك تعذيبهم

.واستئصال شأفتهم وأن ينكل م سواهم

البلغم، وإذا رأيت الرجل القضيف اليابس أبرص اجللد، فاعلم أن املرة هي اليت اعتصرت والربص أصله من : قالوابدنه حىت قذفت بالبلغم وجمته يف ظاهر جسده، فلما مل يقو ذلك املكان على إنفاذه وهضمه حتري هناك فأفسد ما

.هناك

.لتعاجلورمبا كان من حرق النار، ورمبا كان من الكي، إما من كي البالء وإما من ا

وليس يعتري السودان من كي البالء كالذي يعتري الشقران واحلمران، وكذلك الوسم، فإذا خاف النخاس أن .يكون ذلك البياض برصا قرص ذلك املكان، فإن امحر فهناك دم، وإن مل حيمر عزم على أن به عيبا وفحشة

الوزغ برصا، بكل ذلك جاء الشعر وكل ذلك ويعترى غراميل اخليل وخصاها وجحافلها وتكون العظاء واحليات وسام : قالت العرب، ويف احلديث املرفوع أن الوزغة ملا نفخت على نار إبراهيم صمت وبرصت، فمن ذلك قيل

ولوال األخبار واألشعار واآلثار وكان كل بياض يكون يف . أبرص، فهذا احلديث شهد ألولئك الشعراء بالصدق .ال يسمى برصا وال يسمى الربص لوال العارض احلادثأصل التركيب يف نفس اخللقة

Page 16: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 16

.ال يقال لباطن جلد الكف أقرع وال للطفل آدر، ألن ذلك مل يكن يذهب: وقال صاحب املنطق

.والذي نرجع إليه اتباع اآلثار وما جاء يف األشعار

.وحشفة املختون رمبا برصت من حز املوسى، وليس ذلك مما يزداد ويتفشى

ع احملاجم ويصيب أشياء من النبات كنحو البطيخ وغري ذلك، وقد رأيت من نزفه الدم من جراح ويعتري مواض .فربص

.ورمبا جرى من ذلك على عرق، وهو عندهم مما يعتري األوالد ويعدي إىل الصحيح

هدل ضرب من الربص، وهو يصيب بواطن شفاه اخلصيان من احلبشان، ورمبا كان احلبشي منهم ضخما أ: واللطع .أدمل ألطع فيكون هوال من األهوال

وشعر الرأس واللحية يبيض عن اهلول الشديد، ويبيض الشعر احلدث إذا كانت املرة تقذف بالبلغم إىل ما هناك، .ويبيض على األعراق املتقدمة

.ويبيض الشعر من جبهة املرأة إذا طال نتفه، والغالية تشيب الشعر، وغسل الرأس بالسدر يرقه

ينتتف أصحاب اخليل جبهة الفرس البهيم مرارا مبقدار القرحة فيبيض شعر ذلك املكان ويصري ذا قرحة وذلك وقد .الغريب: إذا كرهوا أن يكون يما، واسم هذه القرحة املعمولة فيها

.وتصيب الدابة الدبرة فيبيض شعر ذلك املكان، وذلك هو التوقيع واجللد نفسه هو املوقع

: املكعرب الضيبوقال حمرز بن

إال ذلول موقع لغارتنا فما منكم أفناء بكر بن وائل

.وذلك البياض يكون يف معىن الربص، ألن اجللد ال ينبت الشعر األبيض حىت يبيض

.وجلد احلافر كله وجلد الظلف كله إذا كان أسود، كان أسود الشعر، وإذا كان أبيض كان أبيض الشعر

فيصري األشهب األبيض أرقط مدنرا، ويسقى الفرس احلليب احملض فإذا طال ذلك عليه واخليول تتحول يف ألواا، : صار لونه أشنع، وقال الشاعر

عليها سندسا وسدوسا كأن وداويتها حتى مشت حبشية

: والناقة إذا كانت محراء مث صارت عشراء صارت خلساء بعد أن كانت محراء ولذلك قال الشاعر

إلتمامحمراء ال خلسية ا

: وقد حتمر أوبار اإلبل جدا على بعض املراعي، وقال الفزاري يف صفة إبله

من حرض القيعان والهرم الخضم علت بحناء ودم كأنما

: وتبيض اإلبل ورؤوسها ووجوهها من أكل احلمض، قال عمر بن جلأ

شابت ولما تدن من ذكائها

Page 17: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 17

: وقال اآلخر

حتى نزح القليب شربن أكلن حمضا فالوجوه شيب

واملرأة اجلميلة الرقيقة اللون إذا كان العشي ضرب لوا إىل الصفرة، وبالغداة يضرب لوا إىل البياض، قال : األعشى

العشية كالعرارة راء بيضاء ضحوتها وصف

: وقال اآلخر

قد علمت بيضاء صفراء األصل

جها وأدق حماسنا، يف نفاسها وغب ليلة عرسها، وأطيب ما وأحسن ما تكون املرأة وأرق ما تكون لونا، وأعتق و : تكون خلوة إذا رقصت يف مناحة أو تعبت من طواسني وأنشد ابن األعرايب لرجل قال المرأته

وغب الكالل كل ذلك معجب أغبتني غب البناء ونافسا

: وقال بشار

هدي غداة العرس أو نفساء كأن الذي يأتيك من راحتيهما

: العروس، وقال املتلمس أو غريه: اهلديو

صميم قذاله بمهند ضربوا وطريفة بن العبد كان هديهم

وأنا أعلم أن عامة من يقرأ كتايب هذا وسائر كتيب ال يعرف معاين هذه األشعار وال يفسر هذا الغريب، ولكين إن . إمنا أكتبها للعلماء، واهللا املعنيتكلفت ذلك ضعف مقدار كل كتاب منه، وإذا طال جدا ثقل، فقد صرت كأين

.الصقليب من مل تنضجه األرحام فهو فطري: وجلد الشيخ يسود ويبيض، ويقول املتطببون وناس من املتفلسفني

وأرحام الزجنيات جاوزت اإلنضاج وأحرقت األوالد، واحتج بعضهم بقول عبيد اهللا بن زياد بن ظبيان لعبد امللك به بأيب من التمرة بالتمرة واجلمرة باجلمرة والذباب بالذباب والغراب بالغراب، ولكن إن أنا واهللا أش: بن مروان

الذي مل تنضجه األرحام ولو يولد لتمام ومل يشبه األخوال : ومن ذلك؟ قال: شئت خربتك بالذي ال يشبه أباه، قال .واألعمام

عبد امللك كان ولد لسبعة أشهر، وكذلك عامر وعبيد اهللا بن زياد مل يرد معىن هذا املتطبب، إمنا ذهب إىل أن : الشعيب وكذلك جرير بن اخلطفى، وكذلك قال الفرزدق

وأنت ابن صغرى لم تتم شهورها

.ومل يرد اللون، إمنا أراد متام البدن يف الطول والعرض، ألن لون من ولد لسبعة أشهر ليس بالفاسد

ري اجللد، وأن ذلك يكون مالزما، وحكوا ذلك عن لون خارجة بن وقد زعموا أن البقري من الناس واخليل خيرج متغسنان، وعن جلد الفرس الذي قال فيه ابن أقيصر ما قال، وعن بعض أوالد نساء بين تغلب ليلة نفر اجلحاف بن

Page 18: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 18

بن حكيم، ولست أعرف تأويل قول عبيد اهللا بن زياد ألن عبد امللك كان موصوفا حبسن اللون، وملا قال عبد اهللا : قيس الرقيات يف عبد امللك

جبين كأنه الذهب على يعتدل التاج فوق مفرقه

نشهد أنه قد كان رآه، وإن كان إمنا أراد أنه مل يكن بتام اللحم والعظم، فما مسعنا أحدا عاب عبد امللك : قالواليس القصر والنحافة فيهم بأفشى بقصر وال حنافة، وإمنا كان أراد ولد لسبعة أشهر فإن الذين يولدون لسبعة أشهر

.وأشد استفاضة منه يف غريهم

إين ولدت توأم أخي، ومل : يقول. زومحت يف الرحم! يا أمري املؤمنني: مايل أراك ضئيال؟ قال: وقال عبد امللك للشعيب : يقل ألين ولدت لسبعة أشهر، وقال معاوية بن سنان الكليب وكان أخا سنان بن أيب حارثة ألمه

وعوفا دعوت أبا قهطم دعوت وأشياعه ناسنا

لم يتلبث ولم يهمم ع فتى وشوشي الذرا فقام

ليس بيتن وال توأم س تمطن به أمه في النفا

فكره أن يكون توأما ألن التوأم يكون ضئيال، وقد رأيت أنا غري الذي يقولون، ولعل بعض من رأيت وأكثر كانوا ولد لتمام، رأيت احلكم ومروان ابين بشر بن أيب عمرو بن العالء، وكان كل واحد أغلظ عظما وأوثج وثاجة ممن

منهما كالبغل املزنوق، ورأيت األخوين اللذين كانا يلقبان مبنكر ونكري، كل واحد منهما كاجلمل احملجوم، ورأيت دمها أوصى اآلخر ومات بعده األخوين املازنيني وكان أحدمها إذا حم حم اآلخر وإذا رمد رمد اآلخر، فلما مات أح

.بقليل، وكان كل واحد منهما كأنه الرمح الرديين، ومل أر فيهم حنيفا إال عبدان تلميذ حيىي بن ماسويه

حدثين احلسن بن إبراهيم العلوي أن احلسن بن علي بن أيب طالب ولد لسبعة أشهر، فمن كان أبرع عقال وأمت قواما .احد منهم بعد الواحد حنيفامنه؟ وليس مبستنكر أن ترى الو

وإمنا صارت ألوان سكان إقليم بابل السمرة وهي أعدل األلوان، ألم مل يولدوا يف جبال وال على سواحل : قالوا .حبار، فخرجت عقوهلم الباطنة من االعتدال واالستواء على حسب ألوام ومشائلهم الظاهرة

وإن كان بياضهما خارجا من املقدار، ولو أن بعض . ما يف الربصانواألقشر وال يعدو... ويولد باملغرب : قالوا .جلد املغرب صار لبعض السودان واألدمان لعدومها ال حمالة يف الربصان

.ويسود من الزجني كل شيء إال أسنانه وبياض مقلتيه، وعلى أن لون راحته وظفره لون بني البياض والسواد

.ل البادية الربص مع كثرة التعسر وقلة الغذاء واجلفاف؟كيف اعترى أه: وسأل بعض املعترضني

وجدنا ذلك يف عدد كثري من أهل الشرف والنباهة، وقد علمنا أنه يف أهل اخلمول على أضعاف ذلك، إذا : قالوا .كان اخلامل ليس فيه معىن يذكر من أجله بسالمة وال آفة

فإن الزط يف اآلجام يداومون بني السمك واللنب وهم : قيل لهفإن قالوا ملكان اللنب وكل ما جيىن من اللنب، : قالوا .مغتمسون يف مجيع أصناف الرطوبات، وأهل البدو يف بالد اجلفاء واجلفاف يداومون بني اللنب والتمر

وليس يف الزط من الربص ما ينكر، إال أن تكون احلرارة هي اليت تقذف بالبلغم من أجواف أهل البدو إىل ظاهر

Page 19: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 19

وليس هو عندي كذا كما قالوا، ولكن العرب تتهاجى باألشعار اليت تشهر كل خري وشر، وتتعايب جلودهم، باأللفاظ املتعسفة املستحسنة اليت تستدعي الرواية واحلكاية، والرواة ال تعىن بلسان الزط وسكان اآلجام هلوام

و مجعتهم أيضا كلهم مل يكونوا كقبيلة من قبائل عليهم، وألم مل يتعايبوا بينهم بالكالم الذي حيفظ الرواة مثله، ول .بين سعد

وهذا املقدار من عدد الربصان إمنا وجدمتوه يف مجيع جزيرة العرب منذ كانت العرب إىل يومنا هذا، فهذا املقدار م قليل، ولو قصدمت إىل أمة من األمم يكون عدد مجاعتهم على الشطر من عدد مجاجم العرب، لوجدمت عدد برصا

.على الضعف من عدد برصان العرب

.ولوال طعن احلاسد هلم والباغي عليهم، لكنت عسى أال أحتمل لك نسخ هذا الكتاب مع ثقله علي، وباهللا التوفيق

واإلنسان يعتريه الربش من شرب اللنب وأكل التمر، وقد هجا بذلك الفرزدق بين سعد لقرم من التمر، : قالوا : فقال

بعبدي حقيبته التمر ولست فيه حبرةبسعدي على ولست

بحمد اهللا والدي الفزر وليس ولكنني من دار وهب بن مالك

.والفزر هو سعد نفسه

وأما الربش الذي يعتري األظفار فإن ذلك شيء يعتري األظفار يف حداثة السن، والسواد يعتري الناس كثريا يف ا اعترى جلود اآلباط وجلد العجان، وإذا كرب الشيخ جدا وصلع مواضع من جلودهم، يعتري احلصا واملذاكري ورمب

: وطال عمره، عاد لرأسه شعر أسود كالقنازع، وقال الشاعر، وهذا الشعر مبهم

حوال ثم قوم فانصاتا وعشرون بن دهمان الهنيدة عاشها لنصر

حلما بعدما كان قد فاتا وراجع وعاد له شرخ الشباب الذي مضى

من بعد ذا كله ماتا ولكنه د الرأس بعد ابيضاضهوعاد سوا

ومل أرد هذا الشعر لرداءة طبع صاحبه، ولكن جلهله شأن الشيوخ اهلرمني، والشاعر اجلاهل الذي أضيف هذا الشعر : إليه ال جيهل أمر الشيوخ يف ذلك، وإمنا فسد لقوله

تاحلما بعد ما كان قد فا وراجع وعاد له شرخ الذباب الذي مضى

.وهذا باطل البتة

ومن البهق األسود واألبيض، وإمنا ذلك على قدر النقص، فإن كان من املرة السوداء كان أسود، وإن كان من .البلغم كان أبيض، وإذا ابيض مل يؤمن

وتزعم العرب وناس من مجال أصحاب األخبار أن ناسا من العرب ومن قريش خاصة، أصام املاء األصفر والربص .عا، وأن بعضهم اكتوى فربأ منهما مجيعا، وبعضهم وجأ بطنه حبديدة فربأ منهما مجيعا، وبعضهم اكتوى فماتمجي

Page 20: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 20

.فمن الذين ماتوا مسافر بن أيب عمرو بن أمية، وأما الذي وجأ بطنه فربأ منهما مجيعا أبو عزة اجلمحي

هللا بن وهيب بن حذافة بن مجح وهو أبو عزة كان عمرو بن عبد ا: مسعت أيب وأبا مسكني قاال: قال ابن الكليبالشاعر أصابه برص فسقي بطنه، فأخرجته قريش من مكة خمافة العدوى، وهم خيافون عدوى اجلذام والربص

وكان إذا جن عليه الليل أوى إىل شعاب يف تلك اجلبال، فإذا محيت عليه : واجلرب والصفر والعدسة واجلدري، قاالشجار، فلما طال عليه البالء أخذ مدية فوجأ ا جنبه ليموت فيستريح، فسال ذلك املاء الشمس استدرى بظالل األ

: وذهب ما كان به من برص، فأقام أياما مث دخل إىل قريش كما كان يدخل، فقال

والخيول الجرد واليعمالت الهم رب وائل ونهد

عبدا لك وابن عبد أصبحت ورب من يسعى بأرض نجد

من بعدما طعنت في معدي ضحا بجلديمنى و أبرأت

ممن كشح بالنار مسافر بن أيب عمرو بن أمية بن عبد مشس كان وفد على النعمان فسقي بطنه هناك وأصابه : وقالوا : ليس له دواء إىل الكي، وخربوه بشأن أيب عزة، فكواه فمات، وهو الذي قال عند الكي: وضح، فقيل للنعمان

اة في النارقد يضرط العير والمكو

: فأرسلها مثال، فرثاه أبو طالب يف كلمة له طويلة

وليت يقولها المحزون عمرو شعري مسافر بن أبي ليت

في مرمس مدفون وخليل الوفد سالمين جميعا رجع

بورك نضح الرمان والزيتون الميت الكريم كما بورك

: وفيه يقول بعض العبليني

ى هبالة بيته بيت الحمارن مس لدى النعما ومكشوح

كتلماع النهار بكشحيه بنفسه ويرى بياضا يفوق

.ألنه مات مبوضع يقال له هبالة

الكواء وامسه عمرو، وهو أبو عبد اهللا بن الكواء وإخوته النسابون الذي يقال هلم بنو الكواء، : وممن اكتوى فربص : ويف الكواء وأخيه يقول الشاعر

وهذا غراب فاحم اللون مصمت لون منهماهذا أبقع ال غرابان

. وامسه هبرية بن عبد يغوث، وهو أبو قيس بن املكشوح الفارس الرئيس. املكشوح املرادي: وممن اكتوى فربص

: واملكشوح الذي يقول

ولكن كي النار في الجلد موضح وضحي من داء سوء علمته فما

: ويف بين الكواء يقول الشاعر

Page 21: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 21

عليهم جلود النمر خنس المعاطس الكشوح مصاقعمعشر بيض إلى

: ولذلك ملا قال له معاوية: وإمنا قال مصاقع ألم خطباء، وابن الكواء يذكر يف اخلطباء، ويف النسابني، ويف العوران

فإمنا ... عليهم جلود النمر: كانوا مييلون إىل قول اخلوارج، وأما قول الشاعر. أعور مسني: فما تقول يف نفسك؟ قال .يعين التبقيع والتفليس الذي كان يف جلودهم من البياض، وكانوا فطسا

ومن الربصان، عبد العزى بن كعب بن سعد، قال أبو خنيلة واحد محان كقوم حم، وإمنا مسي محان ألنه كان ألطع ان بن عفان يف أول ما التسويد يف هذا املوضع، ولذلك قال الشاعر يف أبان بن عثم: فكان حيمم شفتيه، والتحميم

: ظهر به البياض، قال

وعين يغم الناظرين احواللها شفة قد حمم الدهر بطنها له

.وكان أحول أبرص أعرج، وبفاجل أبان يضرب أهل املدينة املثل

وكان يف بين عثمان عوارن وعرجان وحوالن وبرصان، كان سعيد ابن عثمان أعور، وكان أبان أحول، وقال مالك : لريببن ا

ابن في نجله ثم أدبرا سوى كان في عثمان عيب علمته وما

بطون العظايا من كسير وأعورا بنو حرب لطلت دماؤكم فلوال

.ألن بطن العظاية أبرص

وكان أمين بن خرمي ملكان الوضح الذي يف يده وأصابعه وشفتيه ووجهه يدلك هذه املواضع باحلص، واحلض هو : بياض، فقال األقيشر يهجوه بذلكالورس، ليكون أخفى لل

دواء وما داواك عيسى بن مريما بالحص البياض فلم يصب يعالج

ومن الربصان السادة والفرسان القادة، الربيع بن زياد وهو أحد الكملة، وهو كان قائد عبس وعبد اهللا بن غطفان لوفادات شاعرا، وكان باملنذر خاصا وله يف حرب داحس، وبنو زهري بن جذمية حتت لوائه، وكان رحاال وكثري ا

: ندميا، وكان امللك ال يشعر بالذي به من الوضح، حىت قال لبيد بن ربيعة

استه من برص ملمعه إن مهال أبيت اللعن ال تأكل معه

حتى توارى أشجعه يدخله يدخل فيها إصبعه وإنه

يطلب شيئا أطمعه كأنما

: لته ومنادمته جترد مث عدا بني يديه ذاهبا وجائيا، فقال امللكفلما ترك امللك مؤاك: قال

فما اعتذارك من شيء إذا قيال قد قيل ذلك إن حق وإن كذب

Page 22: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 22

.وأنا ال أظن هذا البيت كان قيل إال قبل ذلك اليوم

وس بن حجر حني ومن الربصان األشراف املذكورين ومن آباء القبائل والعمائر، يربوع بن حنظلة وإياه عىن أ: قال : قصد إىل تقريع عامر بن مالك مالعب األسنة ببعض الوقائع فقال

فأدركوا األحدث واألقدما بنو األبرص أقرانكم كان

ال تعجوا المرة أن تحكما إذ قال عمرو لبني مالك

مثوى خدك المخرما لكان لوال قرزل إذ نجا واهللا

ميسماأحميت وسط الوبر ال جياش هزيم كما نجاك

إذا ما ليلهم أظلما حتى يصيب القوم ضيفانهم باتوا

حريق النار أو أظلما مثل قروهم شهباء ملمومة

ركضا وقد أعجل أن يلجما من قد فات من عامر ففات

ضمرة بن ضمرة النهشلي، : ومن الربصاء الرؤساء واألشراف الشعراء، ومن الرحالني إىل امللوك واحلكام من العرب .تسمع باملعيدي ال أن تراه: هو الذي ملا رآه امللك حنيفا، قالو

: وزعم أبو عبيدة أنه أحد من حكم بالرشوة، وهو الذي يقول

عليك مالمتي وعتابي مهال بكرت تلومك بعد وهن في الندى

من إبة علي وعاب فكفاك وبني عمي ساغب أأصرها

: وهو الذي يقول

التجار وال أشد تكلمي آتي كنساغ لي الشراب ولم أ اآلن

يوما في حديث الموسم وأخذت يوما بالنسار بمثله وأبأت

بين عارفة السناء وأيم من ومسست مسا في الرقاق عباءها

صدر معتدل القناة مقوم في لحق الرماح ببعلها فتركنه

ينثر من جراب الجرم كالتمر من خلل الغبار خوارج والخيل

: الشاعروقال فيه

مثلنا في مثلها لك عاقر وما أضمرة ترجو األبلق االست والقفا

وقد سال من جمع عليك قراقر دفاعي عنك إذ أنت مسلم أتنسى

Page 23: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 23

من الربص األشراف، ومن الرؤساء املتوجني، مالك ذو الرقيبة، وهو الذي أخذ فداء حاجب : قال أبو عبد الرمحنن حاجب أسري الزهدمني من بين عبس، ويف مديح مالك يقول املسيب بن بن زرارة وغصب الزهدمني ذاك، وكا

: علس

الرقيبة مالك فضل فلذي ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم

متخرق جزل وعطاؤه مخلفة ومتلفة كفاه

: واحتجوا بشعر عوف بن اخلرع يف الوضح الذي كان على ظهر كفه، حيث يقول

األصرة في السداد األكرمعدل أراك وما تؤبن هالكا ولقد

مخلوطا مخاطك بالدم فتركت تروحت المخاض عشية حتى

الرباءة بظرها لم تكلم مثل رضعت بثدي ذات رضاعة عبد

الفقير إلى الغني المنعم كبكا إليك إذا عرفت سوادها تبكي

د، مل يكن يوم مبايض فارس مثله، ومن الربصان األشراف املذكورين والفرسان املشهورين، شيطان ابن عوف بن مزيخرجتم برؤساء ثالثة إىل : وكان أبرص على فرس كثري األوضاح، فلما رجعت بنو متيم عن تلك الوقعة المهم وقال

.واهللا ما لقينا إال شياطينا برصا على خيل بلق: حيي حريد مث جئتم منهزمني، وقد قتل منكم رئيسان، قالوا

ن األشراف الرؤساء، قيس بن خارجة بن سنان بن أيب حارثة خطيب غطفان، وهو الذي ومن الربصان واخلطباء، ومما يل يف هذه احلمالة أيها : ملا ضرب بسيفه مؤخرة رحل أبيه خارجة بن سنان واحلارث بن عوف احلاملني، وقال هلما

طلع الشمس إىل أن عندي رضا كل ساخط، وقرى كل نازل، وخطبة من لدن وت: فما عندك؟ قال: العشمتان، قال. فلما خطب بتلك اخلطبة اليت مسيت العذراء ضربوا ا املثل. تغرب، آمر فيها بالتواصل وأى فيها عن التقاطع

: فقال عجالن بن سحبان

وال األسلع الحمال حين يجيب كأخي ذهل إذا قام قائال وال

.فجعل قيسا أيضا حامال وضرب به املثل

ألبرص سواء، ولذلك قال جرير يف قتل أنس الفوارس عمرو بن عدس، وكان من املشهرين األسلع وا: وقوهلم : بالربص

أنس الفوارس حين يهوى األسلع تذكرون على ثنية أقرن هل

: الربيع الكامل وعمارة الوهاب وأنس الفوارس بين زياد وهم الكملة من بين عبس، وقيل ألمهم: وكانوا ثالثة إخوة

أنس، ال بل عمارة، ال بل الربيع، ثكلتهم إن كنت أدري أيهم أكمل، وهي اليت قالت يف : ؟ قالتأي بنيك أكمل .ما محلته وضعا، وال وضعته يتنا، وال سقيته غيال، وال أبته على مأقة: بعض الكلمة

: وملا سعموا بأن األسلع هو األبرص، قالوا يف قول مساور بن هند

Page 24: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 24

ارثان ومالك واألسلعوالح بنو بدر ومنا هاشم منا

فمزعموا أن األسلع القيسي كان أبرص، وهذا ال جيب، قد جيب أن يكون امسه األسلع وجيب أن يكون ذا سلعة، وجيب أن يكون أبرص وال بد من أن يكون على ذلك دليل، إما شعر وإما حديث، وإما أن يقول ذلك العلماء، فإن

.مل يأتوا بشاهد فليس قوهلم حجةجاءوا مع ذلك بشاهد فهذا أصح للخرب وإن

، فإمنا عىن دغفل بن حنظلة اخلطيب العالمة، غرق دغفل يوم دوالب حني ...وال كأخي ذهل : وأما قول عجان .عرب الناس يف دجيل مع حارثة بن بدر الغداين أيام األزارقة

ن حارثة بن ألم، وكان شريفا نبيها من الربصان األشراف، سعد األثرم بن حارثة بن ألم أخو أوس ب: قال ابن الكليب .ولكن إفراط نبأ أخيه هذا غريه

: ومن الربصان األشراف، املرقع بن صيفي بن رباح، وأنشدوا قول الشاعر: قال

أن المرقع مرقوع بأوضاح يعلم واألقوام قد علموا اهللا

جيد الوضح، : اللنب، قالواأبني من وضح الصبح، والوضح من الدرهم، والوضح: الوضح وضح الصبح، يقالوالوضح كناية عن البياض، والبياض كناية عن الربص، وأوضاح اخليل ما فيها من البياض، وحلي الفضة تسمى

: أوضاح، قال كميت

من األوضاح والقدم الخضيب من الكعاب مخبآت والح

األبرش بعد أن كان يقال له :عامر بن حوط األبرش، قيل له ذلك كما قيل جلذمية: ومن الربصان األشراف : األبرص، إكبارا له وكناية عما يكره، وهو أخو عبد مناة بن بكر بن ضبة وهو القائل

بعدها خوف علي وال عدم ما علمت لتأتين عشية ولقد

ما إن أبالي من تقوض وانهدم بيت الحق ليس بباطل وولجت

وأنشدين جعفر الضيب بيتا . أن رواة أشعار بين ضبة زعموا ذلكوليس يف هذين البيتني دليل على أنه كان أبرص إال : كان جيعله دليال على برصه، وهو بيت ال يقطع الشهادة ولكنه يقرب إىل ما قالوا وهو قوله

كان ابن حوط مكان الشمس والقمر كان ينجو من اآلفات ذو كرم لو

املذكورين واخلوارج املقدمني، ابن الفجاءة وكذلك كان ابنه ومن الربصان السادة واألشراف اخلطباء، والفرسانوكذلك كان أخوال أبيه، ال يعرف يف الربص أعرق من ابن قطري املذكور يف هذا الكتاب، فإنه املقابل املدابر

.واملعم املخول، ألن أخواله بنو احلبناء وأعمامه آل افجاءة

بلغين أنك تشتري : إىل قطري بن الفجاءة وهو بني الصفني فقالخرج جرموز املازين: قال أبو عبيدةوأبو احلسنإن بعثت : أفال أبعث إليك ببين جتربهم وتغنيهم؟ قال قطري: ، قال"نعم: "السيف بعشرين ألف درهم وأكثر، قال

بنوك وعيالك يف مرتيل بالبصرة أموم ! يا عجبا: إيل م ضربت أعناقهم وبعثت إليك برؤوسهم، قال جرموز

Page 25: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 25

إن الذي صنعت بعيايل تراه يف ديناك، والذي أصنع بعيالك شيء : قال قطري! وأبعث إليك ببين تضرب أعناقهم: فدعا بغالم شاب على برذون، فقال جرموز: نعم، قال: هل أصبت بعدي ولدا؟ قال: أراه يف ديين، قال له جرموز

يا : اهللا، أمه الوجناء بنت احلبناء، مث قالمعاذ: لعلك أفسدته بشيء من هذه األعاجم ومن هذه السبايا؟ قالإن رأيته فاعرفه، وهو جرموز بن الفجاءة أخو : يقول-يعين الوضح-إن به العالمة اليت بنا أهل البيت ! جرموز

.قطري بن الفجاءة

ذلك وكان األقيشر األسدي أبرص، ولذلك مسوه األقيشري، وكان مع ذلك يهجو الربصان بالربص، وقد فعل : قالوابأمين بن خرمي وغريه، وكان األقيشر يلعب باحلمام ويشرف يف جوف مرتل أيب الصلت الثقفي، وكان إذا طري

: احلمام يصفر بفيه ويصفق بيديه، وإن سقط فرخ على حائط جاره رماه، فقال أبو الصلت

تراجم جار البيت من كثب وكم بطن العظاية كم تمكو على شرف

وما كان صالم عند البيت إال : " بالصفري، وكان من عمل أهل اجلاهلية، قال اهللا عز وجلصفري أو شبيه: فاملكو : ، وقد ذكر غريه املكو حيث يقول"مكاء وتصدية

تمكو فريصته بشدق األعلم

.شيء بني النفخ والصفري، ألنه ملا طعنه نفخ بالدم، فخرج منه الدم مكانه: واملكو

من يعذرين من : "عاص بياض، ولذلك حني اطلع يف مرتل النيب صلى اهللا عليه وسلم قالوكان باحلكم بن أيب ال: قال ".الوزغة

: وقال حسان أو عبد الرمحن بن حسان أو سعيد بن عبد الرمحن بن حسان للحكم وأوالده وبين عثمان

بموسم أهل الجمع لطمة أسعد بطون العظايا سرع ما قد نسيتم

إين ": يقول"بيت تفسري يدخل يف املثالب، مسعت األصمعي وسأله رجل عن بعض املثالب وللنصف الثاين من هذا ال . إن علمنيها اهللا قط-واهللا-واهللا ما أقول إين ال أحسنها، ولكن أدعها حترجا، ولكن

والعرجان إين واهللا ما ألد العوران: قال الزبري لعثمان بن عفان يف شأن ابنه عبد اهللا: قال أبو احلسن وأبو عبيدة .والربصان وال احلوالن

واهللا هلممت أن : ومن الربصان أبو هوذة بن مشاس الباهلي أحد بين قتيبة، قال أبو احلسن، قال معاوية يوما: قالإذا ما رضينا : فقال له أبو هوذة بن مشاس: أمأل سفينة من باهلة فأبعث ا إىل اليم، فإذا توسطوا غرقتهم، قال

. إن الغراب رمبا مشى إىل الرمخة حىت ينقر عينها: اسكت أيها الغراب األبقع، فقال هوذة: أمية، قالبعددهم من بين

هذا : مث إن معاوية أرسله يف بعض البعوث فقتل، فقال معاوية ليزيد. هال قتلته: فلما كان بعد ذلك قال له ابنه يزيد : أخفى وأعفى، قال أصم باهلة يف مشاس بن هوذة بن مشاس

ولكن الشآمى أرقط عذرت اس لو كانت صحاحا جلودكمأشم

فبهذا البيت محل بعض الناس كل من قيل يف الشعر إنه أرقط أنه أبرص، وليس ذلك بالواجب، يقولون محيد األرقط وهو محيد بن مالك الراجز، ومل يزعم أحد أنه كان أبرص، وخالد بن يزيد األبرص ومل يكن بأبرص، وأم مجيل

Page 26: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 26

احبة املغرية بن شبعة، ومل يزعم أحد أا كانت برصاء، وعبيد اهللا بن زياد كان أرقط وقد جاء ذكره يف الرقطاء ص .الشعر

: والرقط يف الرباذين والدجاج واحليات والسمك، ويوصف به قميص احلمار، قال الشاعر

وفود الروم ترفل في الحرير كأن دجاجهم في الدار رقطا

: كان قالهوقال حسان بن ثابت إن

شوقا كل يوم إلى القبط يحنون أسد ما بال آل خويلد بني

وللرمث المقرون والسمك الرقط ذكرت قهقاء حنوا لذكرها إذا

: وهذا الشعر كفر، ألن خدجية الواسطة من آل خويلد، والزبري بن العوام كما قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

.وحسان مل يكن كافرا". من أميتالزبري ابن عميت وحواريي "

ويف احليات الرقط وغري الرقط، فأما الوزغ والعظاء فإن الرقط فيها عام، وأما سربال احلمار فكما قال معاوية بن : أوس

كالرجل األسحم تمأل، وزق سبأت لدى تاجر

كيد األجذم وقائمه بفيه على نحره ضربت

قط األرقموسرباله ر يرى العار في جلده واضحا

فالن األرقط أن يكون أبرص، إال أن يكون عليه شاهد من شعر أو مثل أو حديث، أو يقول : فليس جيب لقوهلم .ذلك بعض الثقات من العلماء فيكون مقبوال

أراد عبد : بقيع، من ذلك حديث يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي، قال: ورمبا مسوا األبقع مث يصغرون ذلك فيقولونفليبعث إيل : بن جعفر أن يفد إىل عبد امللك وعلى املدينة أبان بن عثمان، فأرسل إليه بدحيا ليستأذنه، فقال أباناهللا

أما اجلارية فال، : ارجع إىل بقيع فقل له: أما اجلارية فال وال كرامة، وقال له: جباريته فالنة، فرجع إليه فأخربه فقال .نعم وهو يشبهه فأذن له فوفد إىل عبد امللك: قال عبد اهللافليبعث إيل بغالمه الزامر،: فقال أبان

ومن الربصان األشراف من امللوك، جذمية بن مالك صاحب الزباء وقصري، وكان يقال له جذمية األبرص، فلما ملك م جذمية األوضح أل: جذمية الوضاح، ومل يقولوا: جذمية األبرش، فلما عظم شأنه قالوا: قالوا على وجه الكناية

يضعون هذا االسم يف موضع الكناية عن األبرص، وذلك كثري، وليس يف األرض أبرص يقال له الوضاح غري .جذمية، ومن يقال له األوضح كثري، والكناية إذا طال استعماهلم هلا صارت كاألوضاح

ج والقبل والدبر كله كشف علينا متاعه، فصار املتاع والفرج سواء، والفر: فمن ذلك أم كنوا عن الفرج فقالواأيضا كنايات، وكذلك اخلالء واحلش والغائط كلها كنايات، وكذلك التراب والزبل والنجو كنايات، واالسم

.اخلرء ومجعه خرءان

Page 27: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 27

.فالن يدعو إىل نفسه، فلما طال ذلك وكثر قام يف القبح مقام األول: وقالوا يف الكناية

: السعال، وقال الشاعر يف شاة له: -حبت، والقحابق: وقالوا يف الكناية عن قوهلم زنت فالنة

جاوب المبعد منها فخضف ما قحبت واحدة وإذا

.فكأم كانوا يف التقدير يضعون سعلت مكان زنت، فلما طال ذلك صار قوهلم قحبت أقبح من قوهلم زنت

ك جاء الشعر، قال السيد أبرش وأقشر وأرقط وأبقع ومبقع وبقيع ومولع ومرقع، وبكل ذل: ورمبا قيل لألبرصاحلمريي وكان إذا قضى وطره من الكالم مل يكن حيفل مبا وراء ذلك، والسيد محريي، وهو السيد بن حممد ويكىن

قال يف هجائه أبا بكر وعمر وعبد اهللا بن عمر -أبا هاشم، ومولده بعمان ومنشأه بالبصرة، ومات يف خالفة الرشيد : ولغريهم من الصحابة

للخبت والعدل واألبرش ه سحقا لتلك الوجوهو فبعدا

وعجلهما ذلك األرقش صاحبه الظالمين ..

ن على الخائن األول المرتشي نفس حتى مت تليطي فيا

: مث قال

وال قول سفيان واألعمش وال قول نعمانهم فهذا

إن عبد اهللا بن عمر كان : أحد منهمأما العلماء فلم يقل أحد منهم إن أبا بكر كان أبرش وكذلك عمر، وال قال أرقش، وهو الذي مساه العجل، وكان شديد األدمة، أتاه ذلك من قبل أخواله آل مظعون ومن العجب خرب ضرب

.األعمش مع أيب حنيفة وسفيان وهذان من املرجئة، واألعمش من الغالية

: املرقعوقال ابن عنقاء الفزاري يف املرقع بن ذي الرأسني، وهو أبو شوال بن

وال تحم أنفا أن يخيم مرقع لشوال توق ذبابه فقلت

: -فيما أظن-وقال أبو عاصم يف أمين بن خرمي

جلدك في تسفيعه بقعا وزاد اهللا أنفا أنت حامله فأرغم

واستبطن اللؤم حتى ضاق فانصدعا تسربل ثوب الذل ظاهره جلد

.ألبرش، وأمجعوا على أنه كان أبرص، وأن األبرش كان كنايةومن الربصان مث من بين ضبة، عامر ا: قالوا

وممن مسي األبرش ومل يكن أبرص، األبرش الكليب، وهو سعيد ابن الوليد وكنيته أبو جماشع، وكان أخص الناس شام وأغلبهم عليه، وقد كان به برش وكانت فيه عفة ومل يقل أحد من أجل أنه كان يدعى األبرش أنه كان

.أبرص

ومنهم الربشاء أم قيس بن ثعلبة وأخته تسمى اجلذماء، فزعم بعض الناس أا كانت برصاء ومل يأت على ذلك .دليل

Page 28: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 28

أن اجلذماء كانت ضرة الربشاء، وأا رمت الربشاء جبمر كان يف يدها فربش جلدها من : وذكر سحيم بن حفصشيطان، والغراب النافذ : ليها، كما يسمون الرجل اجلميلبل إمنا قيل ذلك هلا من خمافة العني ع: النار، وقال بعضهم

شوهاء، وكذلك مسوا : السليم، والفرس العتيق إذا كان أنثى: املفازة، والنهيش: األعور، واألرض السباريت: البصر .العوراء وكانت عند متيم: بنت ضبة

ء يف مهدان، وعلى ذلك مسوا بنام وكذلك العوراء بنت أيب جهل، وكذلك اجلرباء بنت عقيل، وكذلك بين العوجا .بكلفاء وسوداء ودملاء وخشناء وخنساء

: أن أم سراقة بن مالك بن جشم املدجلي كانت برصاء، وأنشد قول أمية بن األسكر: وزعم أبو عثمان البقطري

بها البغضاء بين الحواجب رمته جرت البرشاء أو سراقة قد

كالقنفذ المتحارب همشافر وقد نيل شطر الليل حتى تغضنت

لو أنه غير شائب واحسنه غمزته الكف قال آلله إذا

فهو لعمري شعر أمية بن األسكر، وليس يف ذكر الربش دليل على الربص، والذي هجا به أمية بن األسكر نفسه يف .هذا الشعر السخيف السفيه، أمسج وأشنع مما هجا به سراقة، وهذا املثل يرغب مبثله عنه

لوال الذي كان من زهري من الفحش يف هجاء بين أسد ملا كان يف األرض أمت من : شيخا من مزينة يقولومسعت .مروءة شعره، وال أقصد وال أقل تزيدا من زهري، ألنه وصف امللوك والسوقة والفرسان والسادة بالذي يكون فيهم

سراقة بن مالك بن جشم املدجلي، واآلخر ثالثة رجال سادوا يف اجلاهلية واإلسالم، أحدهم: ويقول أهل العلم .اجلارود بن املعلى العبدي، والثالث جرير بن عبد اهللا البجلي

كان مثامة بن عبد اهللا بن أنس أسلع بن أسلع بن أسلع، ولذلك قال خليفة األقطع : وقالوا يف املولع، قال أبو عبيدة : أبو خلف بن خليفة الشاعر

لسنخ المولع في عناءمن ا قبل مستقضى بالل وكنا

قد الحذاء على الحذاء كما تقيل سنخه وأبا أبيه

إن ولد أنس بن مالك ال ينفكون يف كل زمان أن يكون فيهم رؤساء، إما يف الفقه وإما يف الزهد وإما يف : ويقال صلبه، وقد كان وولد ألنس عشرون ومائة من. اخلطابة، ومل يكن بالبصرة أنظر من أيب مثامة ومن موسى بن محزة

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم دعا له بكثرة الولد والسعة يف الرزق، ويستدل على مصداق ذلك بكثرة قطائعه، أنه ليس : ومل يكن يعتريهم عطاس مذ صار فيهم قدح رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وزعم أصحاب املسند: قالوا

.هيف مجيع املسند أكثر منها فوائد من مسندات

.على األنصار، ملا فيهم من الصالح واحلال اجلميلة" ة"وإمامة مسجد اجلامع بالبصرة مقصور

وليس ألحد من أهل البصرة من املوايل مثل ما هلم، فمن مواليهم احلسن وابن سريين، ومل يتلطخوا بشيء من الفنت

Page 29: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 29

.يف طول ما حاربت األزد بالبصرة لتميم، هذا وهم فرسان األزد

: ن بين منري برصاء، واستشهدوا قول كعب بن سعد الغنويوزعموا أ

أوالد جعدة من كريم وال ما في الحريش وال عقيل" أال"

وال العجالن رائدة الظليم البرص الفقاح بني نمير وال

ال تسير مع النجوم رواكد معشر كبنات نعش أولئك

: وهذا هو معىن قول جرير: قال

خبث الحديد إذا لذابا على ولو وضعت فقاح بني نمير

: ومن الربصان، األبرص الكليب، قال املختار بن أيب عبيد حني أيقن بالقتل: قالوا

محمدا قتلته وعمرا يقتلوني يجدوني جزرا إن

واألبرص الكلبي لما أدبرا

قبل أن يقتله -ه اهللا عليه ومن الربصان، مشر بن ذي اجلوشن الضبايب، قال احلسني بن علي بن أيب طالب رمح: قالإين رأيت يف املنام كأن كلبا أبقع يلغ يف دمائنا، فعربته هذا األبرص الضبايب، يعين مشر بن ذي اجلوشن، كان : -بليلة

الرئيس يف قتل احلسني بن علي، وامللك يزيد بن معاوية، وكان أمري العراق الذي جهز اجليش وعقد اللواء عبيد اهللا صاحب اجليش وأمري اجلماعة عمر بن سعد، وكان قائده األكرب مشر بن ذي اجلوشن، وكان الذي بن زياد، وكان

.توىل قتله يزيد بن خوىل، والذي حفظ ظهر يزيد حىت نزل إليه وحز رأسه سنان بن أنس

فىت وسألت مشيخة بين ضبري عن برص البهلول بن سليمان بن عبيد بن عالق بن مشاس الصبريي، وكان البهلول كانت برصاء مل تلد قط إال أبرص أو -يعنون أم ولد سليمان بن عبيد-إن أم عيسى : بين يربوع وشيخها، فقالوا

.برصاء، إال أنه يف بعضهم أخفى ويف بعضهم أظهر

عبد اهللا وعبد الصمد، وأخومها، وكان هشام بن عبد : ومن الربصان، بنو عبد األعلى الشيباين الشعراء اخلطباء بعث م إىل يوسف بن عمر، وكانوا أصحاب الوليد بن يزيد وخاصته والوليد يومئذ القائم بعد هشام، امللك

فدفعهم يوسف بن عمر إىل حممد بن بانة، فطني عليهم إال مبقدار ما يدخل عليهم منه الطعام فأطعمهم ومل يسقهم، ى أن اسم أبينا عبد األعلى وأمساؤنا عبد اهللا أال تر. إنا مسلمون! يا مسي رسول اهللا: فلما أجهدهم العطش صاحوا

وإمنا قالوا ذلك ألن هشاما بعث م إىل . وعبد الصمد، فلم ميسوا حىت اسودوا مث اسودوا مث برصوا مث تسلخوا : وهجا بعض أوالدهم شاعر فقال. يوسف على أم زنادقة، وأراد بذلك التشنيع على الوليد

الذل والعطش والطويلأسير أبيض القرنين داج وجدك

: وعبد اهللا بن عبد األعلى هو الذي يقول

إنني اليوم كمد ليعدني هنا من صديق فليعد من

Page 30: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 30

المحور بالقت المسد قلق هموم تركتني قلقا من

أين صار الروح مذ بان الجسد شعري ولليت نبوة ليت

ضرب الدهر سناه فخمد بينما المرء شهاب ثاقب

المرة مأمون العقد موفي توت حنكتهلبيب اس أو

وانتضاه من عديد وولد الدهر وغطى حزمه غاله

: وهو الذي يقول

لكل حي فوقها مصرع يا ويح هذي األرض ما تصنع

لهم تحصد ما تزرع عادت حتى إذا ما أنوا نذرعهم

.بد اهللاويزعم كثري من الرواة أن القصيدة اليت تضاف إىل لقيط اإليادي إمنا هي لع

: ومن الربصان، سعد املطر، وهو الذي يقول

الريح أجربا منتن كنت مغربا ليتني

يرقب الذيب أحنبا غرابا مطردا أو

: ذهب إىل قول رؤبة

سيدا مغيرا ولياحا مغربا تشقى بي الغيران حتى أحسبا

ى جيفة، فإذا تنحى الذئب أكل الغراب، وإمنا قيل ليتين كنت شيئا يهرب الناس منه، أو غرابا يرقب ذئبا عل: يقول : له سعد املطر ألنه كان يقول يف شعره

المواعيد مقرون بها المطر إن المواعيد ال تعرض لوجهتها دع

بأنكر ما يمنى به بشر منه المواعيد واألعياد قد منيا إن

قديم وال شمس وال قمر صحو أما الثياب فال يغررك إن غسلت

بليت فذاك الفالج الذكر فإن الشخوص له نوء وبارقة وفي

ومن الربصان والعميان الشعراء، علي بن جبلة، وكان يكىن أبا احلسن، وكان مع عمائه وشنعة برصه يتعشق جارية، ويتعشقها شاعرة ظريفة أديبة، وكان أنشد محيد بن عبد احلميد شعرا فوهب له مائيت دينار، فانصرف من دار محيد

إىل مرتل املعشوقة فصب الدنانري يف حجرها مث مضى إىل مرتله وليس فيه درهم وال شيء قيمته درهم، وكان أحسن : خلق اهللا إنشادا، ما رأيت مثله بدويا وال حضريا، وهو القائل

لم يرد عقال على هدره أهرقت من رشأ ودم

بين مغزاه ومحتضره الدنيا أبو دلف إنما

Page 31: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 31

الدنيا على أثره ولت بو دلفولى أ فإذا

: وهو الذي قال يف محيد

دجلة تسقى وأبو غانم يطعم من يسقي من الناس

.ومن الربصان مث من بين قشري بن كعب عبد األبرص بن هبرية بن زفر بن عبد اهللا بن األعور بن قشري

ا قدر، ووىل واليات جسيمة، ومن الربصان عمرو بن بانة، وهو عمرو بن حممد بن سليمان بن راشد، وكان ذموىل أمري املؤمنني، وثقيف تدعيه، وأمه بانة بنت روح كاتب سلمة، وكنيته أبو الفضل، وهو شريف : ويقولون

األبوين، وإمنا أضيف إىل أمه كما قيل حممد بن حفص بن عائشة، وكما قيل حفص بن بانة، وعلى ذلك املعىن .إىل أمهم، وكذلك مزينة وكذلك يصنعون إذا كانت لألم نباهةأضافوا بين سلول إىل أمهام، وباهلة

وعمرو أروى الناس للغناء وأعلمهم به وأجودهم له صنعة، وله سخاء على الطعام ومروءة يف نفسه، وهجاه بعض : البغداديني فقال

تسليمة جافيه فسمل أقول وقد مر عمرو بنا

لعافيهفضل اهللا با لقد لئن تاه عمرو بحسن الغنا

.بئس ما قال ألنه ذهب مذهب التعيري، فعريه بشيء ال يدري لعله يرتل به

.ومن الربصان أبو عبد العزيز األسلع، وكان صاحب أخبار، وقد روى لنا اهليثم عنه

قدم على سليمان بن عبد امللك وفد من املدينة وحضر طعامة، فدعاهم إليه فدنوا، : أبو احلسن، عن عوانة، قالمث ! ما هذا األنس قبل اخللطة: ما هذا الرمكا يا أمري املؤمنني؟ فقال له سليمان: -وجاءت ثردة- رجل منهم فقال

زيدوا : فلما أمر هلم جبوائزهم قال: وهذا أيضا؟ قال: حسر الرجل عن ذراعه وعن يده فإذا يف ذراعه وضح، فقال .الرجل مائة دينار ملا كلمناه به

ن بن خرمي أبرص، وكان خاصا ببشر بن مروان مث غضب عليه، ومضى إىل عبد العزيز وكان أمي: قال أبو احلسنال واهللا، : وهو على مصر، فوهب له قيمة ألف ألف درهم، مث جرى بينه بعد ذلك وبني بشر كالم، فقال أمين

.أنا ملول مستطرف؟ وأنا أؤاكلك منذ كذا وكذا: ولكنك ملول مستطرف، فقال له بشر

، بشر بن املعتمر وهو معلم أيب موسى املدرار وبشر القالنسي وأيب عمران الرقاشي وروح العبدي ومن الربصانوأيب عبيد اهللا األفوه وهاشم بن ناصح، وكان متكلما رصينا، شاعرا مفلقا، ورواية ناسبا، ومل يقو أحد من املخمس

بان بن عبد احلميد الالحقي، ألن أبانا إمنا نقل واملزدوج على مثل ما قوي عليه بشر، حىت كان يف ذلك أكثر من أكتاب كليلة ودمنة وبعض كتاب املنطق خممسا ومزدوجا فقط، وبشر أصح يف أصناف الكالم ودقاق املعاين

باملخمس فلم يستكره قافية واحدة، وهجاه معمر بن عباد موىل بين سليم ورئيس أصحاب املعاين، وكان يكىن بأيب : تمر، بشعر فضح فيه املتكلمني، وهو أول شعر قال وآخره، وذلك أنه قالعمرو وأيب املع

Page 32: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 32

يرى السعاية فينا وقلبه ممراض فياض لوجهه رياض وأبرص

.ومن الربصان، أبو محاد املروزي صاحب لواء أيب مسلم صاحب الدعوة

. الربصوكان فاحش: ومن الربصان، مسمع بن مالك بن مسمع، ويل شرطة سليمان بن علي، قال

ومن الربصان، الصفري صاحب السبعني، قتله ابن راعول أيام املبيضة، وال أظنه كان متسلحا، وقد رأيته وكان ضخما أقشر أرقط مغربا، وكان ذلك لونه، وال يقال ملن كان لون جسده كله لون الربص أبرص، إذا كان ذلك

.اللون ليس حبادث

لنسابني، وأصحاب األخبار احلكماء، ومن الصحابة عبد اهللا بن عياش اهلمداين ومن الربصان مث من الرواة وا: قالوا .املنتوف، وكنيته أبو اجلراح، وهو الذي ال نعلم أحدا أكثر عنه إال اهليثم بن عدي

عبث شبة بن عقال بعبد اهللا بن عياش على باب اخلليفة، وكان على كف عبد اهللا وضح، : قال أبو عبيدة واهليثم : وكان شبة يلقب بسلح النعامة، وأنشدوا: سلح النعامة، قال: ما هذا على ظهر كفك يا ابن عياش؟ قال: فقال

النعامة شبة بن عقال سلح فضح المنابر يوم يخطب قائما

: وليس هكذا روى الناس الشعر، بل إمنا قال الشاعر

النعامة شبة بن عقال سلح فضح المنابر يوم يخطب قائما

: ن مفرط الطول، وإمنا ذلك على معىن قول الشاعرألنه كا

الظل ما إن رأيه بطويل مع لعمري لئن طال الفضيل بن ديسم

: وقال جرير

نعامة ظله فيحول ويرى إذ ظل يحسب كل شخص فارسا

: وأنشد البطني

الدهور وما ينقضي تقضى وطول حديث كطول الشروق

.الشمس ليس له غاية ينتهي النظر إليهألم يزعمون أن ظل الشخص مع طلوع

سام أبرص وسامان أبرص وسوام : يقال: وقال أبو زيد النحوي وامسه سعيد بن أوس من ولد القارئ األنصاري : أبرص وأبارص، وأنشد: وبإسقاط سام من سام أبرص، ويقولون: أبرص

لكنت عبدا يأكل األبارصا لو كنت لهذا خالصا واهللا

بن عمر بن اخلطاب حني هجاهم بعض القرشيني مبحالفة عدي لبين بكري بن عبد ياليل، وكانوا أربعة وقال عبد اهللا : إخوة قد شهدوا بدرا وكانوا برصا، فقال عبد اهللا

وكلهم قرح الوجعاء مثقار تهجوهم وتثلبهم أباألبارص

Page 33: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 33

غيركم مقاء مذكار وأم كل مئنات مجددة وأمكم

أيره في الكف طومار كأنما ومي بعظاوةسائل يستحك والر

وق الربص يعرض خلصى اخليل وغراميلها، وهذا غري الباب األول، فإذا مل يعرض ذلك هلا فإن خصاها : قال : وغراميلها هي املثل املضروب يف شدة السواد، وكذلك احلمري يف هذا املعىن، قالت ليلى بنت احمللق

النسار وقنب العير جوابايوم اإلله أبا ليلى بفرته لحا

والقنب هو اخلصية، هجته بشدة السواد، وكذلك قال الربيع بن زياد الكامل ليزيد بن عمرو بن خويلد بن الصعق، : وفخر بنفسه وبإخوته عمارة وأنس على يزيد وزرعة وعلس

الفساء شر من أنس وزرعة الوهاب خير من علس عمارة

وأنا خير منك يا قنب الفرس

: وكان يزيد شديد السواد وكذلك جواب، وجواب هو الذي ذكره لبيد فقال

حتى نحاكمهم إلى جواب

.ومن الربصان، عمرو الثقفي الذي كان يلقب جزره، وكان يكىن أبا عثمان، وكان سليطا ذا شهامة وعارضة

قد بان بشيء مل يكن ألحد قبله، ومن الربصان من ثقيف، احلكم بن صخر يكىن أبا عثمان، وتزعم ثقيف أن احلكم .مل يبغض أحدا قط وال أبغضه أحد قط: قالوا

ومن الربصان مث من بين األعرج، األسلع، وقد صحب النيب وكان قد رحل له، وأراد النيب صلى اهللا عليه وسلم أن .إين جنب وليس عندي ما أغتسل به، فأنزل اهللا آية الصعيد: يرحل له يوما، فقال

الربص من اآلباء واألمهاتباب ذكر

فمنهم الربصاء أم شبيب بن الربصاء، وهو شبيب بن يزيد بن محزة بن عوف بن أيب حارثة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن سعد بن ذبيان، وهذه الربصاء بنت احلارث بن عوف احلمال وكنيته أبو أمساء، وزعموا أن النيب صلى اهللا عليه

وهذا ال يكون إال . ليكن كذاك، فريجع النيب وقد برصت: سوء يعين برصا، فقال النيبا : وسلم خطبها إليه فقال .أن تكون قد شاركت أباها يف كراهة النيب عليه السالم مبعىن استحقت به ذلك

ومن هؤالء الربص، أبو عبيد بن األبرص الشاعر، رمبا غلب هذا االسم األول كما غلب على يربوع بن حنظلة، : أوس بن حجرولذلك قال

فأدركوا األحدث واألقدما بنو األبرص أقرانكم كان

Page 34: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 34

.والدليل على ذلك أنه مل يقرع ببين يربوع عامر بن مالك إال وهو راض عنهم

.ومنهم الربصاء أم سليمان بن الربصاء، وقد روى ومسع الناس منه

: ومنهم األبرص أبو حارث بن األبرص، واحلارث الذي يقول

أنا في تأسيهم بغمر وما راري أم عمرومن س أتعجب

لحى الفتيان في عرف ونكر من فارس لم تزدريه فكم

حزامة في قتل عمرو بأمر آمرته فعصى إماري لقد

أمره قيس وأمري فضيع به لتخمش حنتاه أمرت

م على النفل يف بعض استعمل النيب عليه السال: ومنهم الربصاء أم خالد بن الربصاء ذكر أن عياض بن جعدبة قالنصييب أكثر : األيام أبا اجلهم ابن حذيفة، فجاء خالد بن الربصاء فتناول زماما من شعر فمنعه أبو اجلهم، فقال خالد

خذ مخسني شاة، فما زال : من هذا، فعاله أبو اجلهم بعصا فشجه منقلة فأتى النيب صلى اهللا عليه وسلم فأخربه، فقالال : "وعلى ذلك املعىن قال أبو بكر الصديق". ال أقصك من عامل عليك: "ه النيب عليه السالميزيد ويأىب حىت قال ل

.أقص وزعة اهللا

ماتت أمه وهي تطلق به : وكان خارجة بن سنان بقريا، والبقري الذي يبقر عن أمه فيستخرج لتمام، قالوا: قال .واخليل يعرف ذلك يف لون جلدهفاستخرج من بطنها فسمي خارجة، ويزعمون أن البقري من الناس

وكان مسلمة بن عبد امللك أصفر اجللد كأنه جرادة صفراء، وكان يلقب ويقال له جرادة مروان، وكان بشر : قالوا .بن مروان مصفرا

أفرس الناس أمحربين : وكان عمر بن عبيد اهللا بن معمر أمحر غليظا حيتجم يف كل سبعة أيام مرة، ولذلك كان يقالخترجون : محار بين متيم يريدون عباد بن احلصني، ولذلك قال عمر بن عبيد اهللا يف خطبته لعائشة بنت طلحةتيم و

.من عند أصفر إىل أمحر مشهور

الصفرة اليت تنسب إليها األلوان أم اصفرار اجللدة : وأما قوهلم يف األصفر القحطاين فإنا ال ندري أي املعاين أرادواوقد خرج عبد الرمحن بن حممد بن األشعث ويزيد بن املهلب على حتقيق الرواية يف األصفر كجلد جرادة مروان؟

القحطاين ومل يكن بني ألواما وبني الصفر سبب، وخرج على ذلك ثابت بن نعيم اخلامدي بالشام، وكان كأنه مل ير .رأيته مصلوبا: مغموسا يف الورس، وخرب أبو عبيدة قال

وكان كأنه الزعفران، واسم أيب مسلم دينار ومل يكن موىل احلجاج، وكان : أيب مسلم، قالواومن الصفر يزيد بن يرى قتل األمة، زعم بعضهم أنه كان يرى رأي اخلوارج، وكان لسنا خطيبا شديد العارضة حسن امللبس حسن

على ديوان الرسائل فلشهوته املأكل، ال خيون وال يدع أحدا خيون، ومل يكن حيب الوالئد إال لقتل الناس، وكان .لقتل الناس سأل احلجاج أن يوليه ديوان االستخراج، وكان يكىن بأيب العالء

ومن الصفر املضايق، القاسم التغليب الفارس اخلطيب، قتله املنصور بعد خروجه مع إبراهيم بن عبد اهللا صربا،

Page 35: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 35

.مة صفراء وخفتان أصفروخربين من رآه يوم املربد وهو أصفر على برذون أصفر عليه عما

وكان كل شيء من املأمون على لون جسده إىل ساقيه، فإنه كان يف لوما صفرة، وكان جيد يف رجليه حصرا .شديدا، وكان رمبا لبس يف الصيف خف لبود وهو جالس يف اخليش

عم أم أضيفوا إىل وزعم ناس أن العيص بن إسحاق كان أصفر اللون، ولذلك قيل للروم بنو األصفر، والروم تز .الذهب األصفر

وفد رجل من النخع يقال : وذهب عين امسه، قال: حدثين رجل من جرم، قال: ومن الربصان ااهيل، قال الكليبرأيت يف طريقي رؤيا فقدمت على النيب عليه : له قيس ابن زرارة بن احلارق يف نفر من قومه وكان نصرانيا فقال

رأيت أتانا يل : وما هي؟ قلت: إين رأيت يف سفري هذا إليك رؤيا، قال! يا رسول اهللا:السالم وأسلمت وقلتتركتها يف احلي وأا ولدت جديا أسفع أحوى، ورأيت عجوزا مشطاء خرجت من األرض، ورأيت النعمان بن املنذر

ى، بصري وأعمى، أطعموين لظى لظ: يف أعظم ما كان ملكه، عليه قرطان ودملجان، ورأيت نارا أقبلت وهي تقولأنا األتان اليت وضعت جديا : "فحال بيين وبينها ابن يل يقال له عمرو، فقال النيب صلى اهللا عليه وسلم: أكلكم، قال

ادن مين، فدنوت منه فقال : نعم فما باله أسفع أحوى؟ قال: فهي جارية لك أحببتها فولدت غالما فانتفيت منه، قالوأما النار فإا فتنة تكون يف بعض : نعم، والذي بعثك باحلق، ما رآه إنسي علمته، قال: قلت: أبك بياض؟ قال: يل

.الزمان وإن مت أدركت ابنك، وإن مات ابنك أدركتك، وفيه كالم غري هذا

كان بأيب جهل برص بإليته وغري ذاك، فكان يردعه بالزعفران، فلذلك قال: أبو احلسن وغريه، عن ابن جعدبة، قال

بل كان مستوها مثفارا، ولكن عتبة كىن عن : وسيعلم مصفر استه أينا ينتفخ سحره، ويقول بعضهم: عتبة ابن ربيعةإن حذيفة : فقد قال قيس بن زهري ألصحابه وهو يريدهم على قص أثر حذيفة بن بدر وأصحابه: ذلك، قالت خمزوم

ع يف جفر اهلباءة، فاتبعوهم فألفوهم على تلك احلال اليت رجل خمرفج حمرق اخليل نازه ولكأين باملصفر استه مستنق .ظن وقدر

وقد بلغين أيضا بأن حذيفة كان مستوها مثفارا، ومل نر أحدا قال ذلك، وإمنا هذه الكلمة تقال ألصحاب الترف .والدعة

باس، أن رسول اهللا عبيد اهللا بن حممد، عن محاد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبري، عن ابن ع ".احلجر األسود من اجلنة، كان أشد بياضا من الثلج حىت سودته خطايا أهل الشرك: "صلى اهللا عليه وسلم قال

.وزعم ابن الكليب وغريه، أن خالد األصبغ بن جعفر بن كالب ولد أبيض الناصية

. ولد أبرصوزعم أبو سعد الرفاعي، عن مقاتل، أن األبرص الذي دعا له عيسى بن مرمي

وزعم بعضهم أن أم الفرزدق كانت برصاء، أما عورها وعمى غالب فهذا ما ال يدفعونه ألن الشاهد عليه من : األشعار كثري، فأما ما ادعوا عليها من الربص فلسبب قول جرير

كعنفقة الفرزدق حين شابا برصا بأسفل اسكتيها ترى

Page 36: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 36

بوب، وأكثر من يتكلم مبثل هذا الغضبان السفيه الضيق الصدر، والذي وإمنا هذا سفه وتفحش يلتمس به غيظ املسيقول لصاحبه يا ابن الفاعلة، ليس يقدر فيه أن الناس جيعلون قوله ذلك شاهدا، إمنا هو تشفي غضبان يريد بذلك

: هالفحش وإدخال الغيظ، وهذا كما ذكر عمرو األعور اخلاركي أم عمرو املخلخل الشاعر الذي كان يهاجي

فصار اإلسب قاريه طولت اإلسب وقد

بردانيه فصارت عالها برص الصدغ

قدم يزيد بن أسيد السلمي رسول من قبل املنصور، فدخل الرسول وكان شديد السواد : وقال أبو احلسن وغريه .حسبك يا غراب البني: وعليه عمامة خضراء وعليه خفتان أمحر فجعل يتكلم، فقال يزيد

: وكان عمرو بن عمرو بن عدس أبرص، قتله أنس الفوارس فقال جرير: قالوا

أنس الفوارس يوم يهوي األسلع تذكرون على ثنية أقرن هل

: وهجا بعض الشعراء ولده بذاك ورماهم بالربص، فقال: قال

لترحل إال في الخميس العرمرم كان أفواه الكالب وبقعها وما

د زعموا أم إمنا قيل هلم أفواه الكالب ملكان البخر، وقد كذبوا، إمنا يقال ذلك أما البقيع فقد قلنا فيه، وقألصحاب اخلطوم واخلراطيم، وكل سبع يكون طيب الفم كالكلب وما أشبهه فإنه ال يوصف بذلك، وإمنا يعتري

نون يسيل لعابه، ذلك مثل األسد والصقر وكل شيء جاف الفم، أال ترى أن طيب األفواه عام يف الزنج ويف كل جم .ومن استنكه النائم السائل الفم والنائم اجلاف الريق عرف اختالف ما بينهما

ويزعمون أن الظباء أطيب البهائم أفواها، وفيها مجلة ليست يف شيء من احليوان، وذلك أن أبعار الظيب موصوفة :بطيب البنية، نعم، حىت صاروا إذا سلوا السمن طيبوه ا، قال الفرزدق

أرآم وعود بشام بأبعار من السمن ربعي يكون خالصه

: والدليل على ننت أفواه األسد قول احلكم بن عبدل حملمد بن حسان بن سعد

شتيم شابك األنياب ورد ونكهته كنكهة أخدري

موىل بين ومن الربصان، أمين بن خرمي بن فاتك، كان عند عبد العزيز بن مروان فدخل عليه نصيب أبو احلجناء إن كان قال هذا فليس له مثن، وإن كان رواه قيمته كذا : كيف ترى شعره؟ قال: ضمرة فامتدحه، فقال عبد العزيز

أنا طرف ملول وأنا : ال واهللا، ولكنك طرف ملول، قال: هو واهللا أشعر منك، قال: وكذا، فقال عبد العزيز : ركه أمين وحلق ببشر بن مروان، وقالأؤاكلك منذ كذا وكذا؟ وكان بأمين بياض يف يده، فت

إلى بشر بن مروان البريدا ركبت من المقطم في جمادى

حقا عليه أن يزيدا رأى أعطاك بشر ألف ألف فلو

Page 37: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 37

فأعطاه بشر بن مروان مائة ألف، وكان أمين خيضب يده ليغطي البياض بالورس، وكان بشر ال يؤاكله، فاشتهى بشر انظر من يأكل معي، فخرج فوجد أمين بن خرمي، فلما رآه بشر ساءه دخوله، : نب، فقال حلاجبهلبنا فأيت بثريدة ل

يا أمين اشتهيت البارحة لبنا، مث إين نويت الصوم فال أرى أحدا أحق به منك، فأكل أمين فلم يلبث أن صفر : فقال : اللنب، فقال نصيب

بن مريمادواء وما داواك عيسى تعالج بالحص البياض فلم تجد

ومن الربصان، جعفر اخلياط، وهو جعفر بن دينار، اصطنعه املأمون فقاد اجليوش وفتح الفتوح وويل الواليات، وله .يف مرتله مروءة ظاهرة، وهو يعد يف هذه األقوال، ويف الطوال اللحى، وفيمن ال يكاد يسكت

ابن القدري، وكان راوية للغناء عاملا به : كان يقال لهومن الربصان، علوية املغين، وهو علويه األعسر، وأبوه الذي جيد الصنعة، وهو أحد مطريب عصره، مل يكن يف ذلك العصر أبلغ يف اإلطراب من خمارق وعلويه، وكان يضرب

بالعسراء من غري أن يغري األوتار، وكان صحيح الضرب صايف الوتر، وكان إذا حتدث بعد أن يضع العود من يده مل ش من حسن حديثه إىل غنائه وصوته، فإن حكى تصور يف كل صورة وأضحك الثكالن والغضبان، وكان يستوح

.جيد الفرشة ظريف اآلنية

لو أخربك خمرب أن علويه دخل : وحدثين عن نفسه حديثني عجيبني، قال يل وحنن يف مرتل بعض مياسري أهل الكرخفإن األمر كما : ال واهللا، قال: ميلك طيلسانا أكنت تصدق؟ قلتالكرخ اليوم ليبتاع طيلسانا مطيقا إذا كان ال

وأحدثك حبديث هو أغرب من هذا وأعجب، رب واهللا ما أصبحت يف يوم دجن من أوله إىل : خربتك، قال يلآخره فيتفق إال يبعث إيل أحد وال ميكنين أن أبعث إىل بعض إخواين لتوقعي يف كل حال رسول من ال أمتنع من

ابته، فال يبقى من أولئك أحد إال والذي مينعه من اإلرسال إيل أنه ال جيوز أن يكون اخلليفة وأشباه اخلليفة يتفق إجأمرهم وقوهلم على مثلي، ال يتفق أن يتركه اجلميع إال توهم كل واحد على حدته أن غريه قد سبق إيل، واتفق منهم

ن يدعين يف ذلك اليوم امللك األعظم ويتفقون كلهم على هذا التدافع وبقيت أتثاءب وحدي، وإمنا يتهيأ ذلك أ .الرأي

وكان وضحه يف حلقومه حيث تغطيه اللحية، وذكر يوحنا بن ماسويه أن موته إمنا كان لسبب دواء كان دفعه إليه .حلسنهلذه العلة، فلما دعا به السحر غلط اخلادم فسقاه دواء كثري األفيون فشربه فمات، وكان يكىن أبا ا

بسم اهللا الرمحن الرحيم

قد قلنا يف الربصان وأمسائهم وأنسام وصفام وأقدارهم والدليل على ذلك والشاهد عليه بالشعر الصحيح واحلديث املسند، وسنذكر شأن العرجان وأمسائهم وأنسام وصفام وأقدارهم مبثل ذاك من األشعار الصحيحة

.واألسانيد املرضية

احلارث األعرج امللك الغساين، وهو احلارث األصغر بن احلارث األوسط بن احلارث األكرب، وما ومن العرجان،

Page 38: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 38

.أقل ما جييء مثل هذا

ويف آل أيب طالب حسن بن حسن بن حسن، وكان يف بين خمزوم الوليد بن الوليد بن الوليد، فلما قال رسول اهللا فلم جاز حسن بن حسن بن . فإن قال قائل. موا بغري الوليد، تس"قد جعلتم الوليد حنانا: "صلى اهللا عليه وسلم

كأم أرادوا تعظيم شأن الوليد األول وإحياء ذكره والتيمن بامسه، : حسن ومل جيز الوليد بن الوليد بن الوليد؟ قلناعظيم شأن أولئك وكان الوليد بن املغرية أحد املستهزئني، فكره النيب صلى اهللا عليه وسلم مع قرب العهد باجلاهلية ت

.العظماء، والتنويه بأقدار أولئك الكرباء

وكان احلسن األول الذي مسي الثاين بامسه والثاين الذي مسي الثالث بامسه، ابن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ف، وسليله وأشبه الناس خلقا وخلقا به، وسيد شباب أهل اجلنة، وأرفع الناس يف اإلسالم درجة، فحكمهما خيتل

ولو فعل مثل ذلك اليوم بعض بين خمزوم مل يكن حكمه اليوم كحكمه يومئذ، كأمور كثرية قد كانوا ينهون عنها يومئذ، كالذي كان من عدد املسلمني وكثرة عدد املشركني، من ذلك ترك احلرص على طلب الولد والشغف

.القدرة واإلقرار للعدولكثرة الرزق والرغبة يف املكاثرة للتهيب والتخويف للمناهضة، وب

ومن ذلك حضور صالة اجلماعة، مل جيعل رسول اهللا يف ذلك الدهر البن مكتوم وهو أعمى عدمي القائد عذرا يف التخلف إذا كان يسمع النداء، ولو قصر يف ذلك العميان يف بعض احلاالت مل يكن حرجا وال عند تلك اجلماعة

ضة اإلسالم ولتمكنه وعلوه على أعدائه وظهور بنيانه ومتكن أركانه، فصاروا مبهرجا، وإمنا جاز ذلك اليوم الستفاأال ترى أنه ليس على ظهرها بلد يناله األخفاف واحلوافر " ليظهره على الدين كله ولو كره املشركني: "كما قال اهللا

ل وجلج البحار وبالوعول يف إال وهو مأخوذ عنوة أو صلحا على إعطاء اجلزية، ومل يبق إال من اعتصم برؤوس اجلبا .األدغال، أو ملك خضع للصلح وأعطى بعض اخلرج فوسم نفسه بالذلة وشهرها بإعطاء اجلزية

: وقد ذكر احلارث األعرج النابغة الذبياين فقال

الخير سريع التمام مستقبل غالم حسن وجهه هذا

واألكبر خير األنام أوسط للحارث األصغر والحارث ال

العرجان، األعرج وهو احلارث بن كعب بن سعد، وهو أبو قبيل من قبائل بين سعد، وهم بنو األعرج الذي ومنمسعت م رهط زهرة بن جوية الفارس البطل، وإمنا أعرجه عبد مشس بن سعد يف حرب وقعت بينهم يف شأن

سم مقاعس وهو احلارث بن عمرو اهليجمانة بنت العنرب بن عمرو بن متيم، وكذلك اسم سليط بن يربوع، وكذلك اوكذلك : بن كعب بن سعد، وكذلك شقرة، وكذلك احلرماز، وهو احلارث بن مالك بن عمرو بن متيم، قالوا

القباع املخزومي اخلطيب، امسه احلارث بن عبد اهللا بن أيب ربيعة املخزومي، وقالوا من كان ذا لقب يف بين متيم فإن كل حارث يف بين متيم فهو ذو لقب، وقال شاعرهم يف رجل األعرج، وهو : ولامسه احلارث وكان ينبغي أن يق

: احلارث بن كعب بن سعد

ترى داهية تنسيها حتى ال نعقل الرجل وال نديها

Page 39: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 39

ومن أشراف العرجان، احلارث بن شريك الشيباين، وهو احلوفزان وكنيته أبو محار، وقال مقاعس العائذي لبين : تغلب

مع الحوفزان يجمع الجيش غازيا لهذيل فإنناال توعدونا با

نحن حير أنفسا ومواليا كما هو خير من أبيكم بقية فتى

ضمها جمع األراقم شانيا ولو تحلم العذراء في خدر أهلها به

.كان جرارا ومل يكن زجاء: ألنه كان غزاء مل ندرك يف هذا الباب مثله، قال أبو عبيدة

أمر بكر بن وائل إىل أعرجها محران ابن عبد عمرو واحلوفزان بن شريك، هذا قول بعضهم، وقال : وكان يقال: قالأمر بكر بن وائل إىل أعرجها عمران بن مرة واحلوفزان بن احلارث بن شريك، والقول اآلخر أحق : آخرون

: بالصواب ملكان الشاهد، قال شاعرهم

الماوعمران بن مرة قد أ األعرجين أبا حمار رأيت

تبدل بعدنا ملكا هماما أتاني أن حارثة بن وعل

ألويته إال غراما وما وأنت لواء رمحك في عمود

نسوجه عاما فعاما تجد العنكبوت عليه بيتا ستبني

كان قيس بن عاصم املنقري على أنثى، وكان احلوفزان : وكان الذي أعرج احلوفزان قيس بن عاصم املنقري، قالواصان، فلما خاف قيس بن عاصم أن يفوته جنله بالرمح يف غرابة وركه فعرج منها، فسمي احلوفزان حني حفز على ح

: بالرمح، وقال قيس بن عاصم يف ذلك

سوى يوم ما أشويت يوم روام كل عام أنت ناجي طعنة أفي

: وأنشدين

عجلن بين حجاجه والمعصم الحوائم عاكفات حوله تركوا

جرا بحل األلجم بالمنقري تداركته سرب والحوفزان

أسمر كالجديل مقوم بشباة واألبطال تحفز بالقنا حفزوه

: والدليل على أن احلوفزان يكىن أبا محار قول ابن عنمة الضيب، وكان نازال يف بين شيبان ويغزو معهم

حمار وأنت المرء تتبع أبا لو كنت في حبس بسطام لعيمنى

كزوم وبكر ناحف جذع ناب هب تقسمهحظى من ن أكان

ويف عمران بن مرة أخي دب بن مرة يقول ابن مفرغ، وعمران هذا هو الذي أسر األقرع بن حابس، واألقرع : أعرج وآسره أعرج، فقال ابن مفرغ

Page 40: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 40

عوف بن نعمان أو عمران أو مطر كنت جار بني هند تداركني لو

يسلموه ولم تسنح له البقرلم قوم إذا حل جار في بيوتهم

: وقال أبو أوس يذكر احلوفزان احلارث

كشحين مثلك من نزار إلى لعمرو أبيك ما ضمت حسان

وأوفى عند نائبة لجار إذا نفوس القوم ذلت أعز

: فعندها قال اآلخر

كواضح السطر آياتهن الديار بجانب الغمر لمن

خو بني جسرأثنى عليك أ يا حار أعطاك اإلله كما

أجودهم إذا تثرى وألنت أكسبهم إذا افتقروا فألنت

وكان حنظلة بن عمرو بن بشر بن مرثد أسر احلوفزان وجز ناصيته ومن عليه قيس بن عاصم طعنه يف وركه حفزه .ا فسمى احلوفزان

: وذكر شاعر بين شيبان فرة كانت من قيس بن عاصم واحلوفزان يطلبه، فقال

خيل الحارث بن شريك أظلتك فلق الصخر بعدماجد ي بحال

بجبل المال غير مليك ألمسى ألمت بنا وجه النهار قيس بأرضنا

وقيس بن عاصم أحد بين مالك األعرج، ومل يكن إبله متت ألفا، ولو متت ألفا لقد كان فقأ عني فحلها، ولو فعل أنه "شاعرا وكان أحد حلماء العرب، وقد جاء يف احلديث لرفع شعراؤهم ذكر ذلك، على أن قيسا نفسه قد كان

.وكان أحد الفرسان املعدودين، وكان بعيد الصوت يف العرب" سيد أهل الوبر

ومن العرجان األشراف، األقرع بن حابس، وكان أحد حكام العرب بعكاظ، وقد حتاكمت إليه العرب يف ما أخر قومك : "من فتح مكة، وقال له النيب صلى اهللا عليه وسلمالنفورات، وقد ساير النيب عليه السالم يف مرجعه

مل يتأخر عنك قوم معك منهم ألف رجل يعين مزينة ويف تصديق ذلك يقول عباس بن : ؟ قال"عن مثل هذا األمر : مرداس

وألف من بني عثمان واف بألف من سليم صبحناهم

.األم إذا كانت ذات نباهة أضافوا الولد إليها وإن كان األب نبيهاوبنو مزينة هم بنو عثمان، ومزينة أمهم، ولكن

ألنه نفر جرير بن عبد اهللا على : أن أول حكم يف اجلاهلية جار يف احلكم األقرع بن حابس، وقال: وزعم أبو عبيدةفضله يف مضر الكليب حني وجده أقرب إىل مضر فلعله إذا كان أقرب إىل مضر وإىل نزار أن يكون أحق بالنفورة ل

أو يف نزار، ولعله رأى مع ذلك جريرا يف نفسه أكثر من هذا الرجل الذي نافره، وإمنا ينبغي أن حيتج ذا رجل من

Page 41: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 41

.وليس به فقر إىل هذه احلجة كفقر القضاعي إليها. قضاعة، فأما أبو عبيدة فما يدعوه إىل هذا

: رى، ولذلك قال له احلصني بن عوف بن القعقاعوكان األقرع أقرع الرأس سنوط اللحية، أعرج رجل اليس

وأعرج الرجل من الشمال يا أقرع الرأس من القذال

.وسنذكر األقرع يف موضع ذكرنا للقرعان يف آخر الكتاب إن شاء اهللا

ومن العرجان مهيم بن صعصعة بن ناجية بن عقال، وهو عم الفرزدق وبه مسي الفرزدق مهام، وكان غالب بن : يسمي الفرزدق مهيم، ومهيم بن صعصعة هو الذي قالصعصعة

ذهب الخير إال قليال فقد أبيك فال تكذبن لعمرو

وخلى ابن عفان حزنا طويال فتن الناس في دينهم وقد

: وهو الذي قال يف عرجه، وعرج وهو شاب

خماع وظالع وعرج ومن أعوذ بالرحمن من سوء العرج

وكنت كالظبي إذا الظبي معج الفتاة بالفتى جد سمج إن

ومن العرجان األشراف، أبو األسود الدؤيل، ظامل بن عمرو بن سفيان، وهو يعد يف العرجان، ويف مفاليج األشراف، ويف رجال الشيعة، وهو رأس النحويني وبنوه بعده، وكان شاعرا، داهيا، ويعد يف البخر، ويف البخالء، وهو الذي

.لو كنت مجال كنت ثفاال: مر به وهو يعرجقال له ابن عباس ملا

: من العرجان بنو األدرم وأصام ذلك يف حرب كانت، وقال الشاعر: وقال مسلمة بن حمارب

وأقبل إقبال الليوث الضراغم غداة الكوم أدبر مقبال وتيم

: كأنه رماهم وهو مول كما حيكون ذاك عن األتراك، فرد عليه اآلخر وقلب الكالم

وأدبر إدبار المحضنة الذعر غداة الكوم أقبل مدبرا وتيم

: وذكر آخر فقال

فعاد دريم الكعب يمشي على العصا سيف الجعد أخمص رجله وصادف

وملا أهوى قرت أيب الزبري إليه بالسيف سقط على قفاه ورفع رجليه، فلم جيد مضربا إال أمخص رجليه فعرج من : صا بيمينه وعصا بشماله، فقال ابن أيب كرميةذلك، وكان إذا مشى أخذ ع

على كل مشلول القوائم أعرج لقد زادك الرحمن فضل تزيد

ومن العرجان، الربيع بن زياد بن أيب سفيان، فداه سلم بن زياد حني أسرته اخلزر مبائة ألف درهم، وكانت عنده .بنت القعقاع بن شور

حيىي بن زيد بن علي، قتله أبو مسلم وهو شيخ كبري ووقف بنفسه على بابه ومن العرجان، إبراهيم البيطار قاتل أكنت شهدت قتل حيىي بن : وأمر بإخراجه، والذي توىل ذلك سليمان بن كثري اخلزاعي النقيب، فقال له أبو مسلم

Page 42: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 42

: م، قالنع: هذا كان خروجك مكرها، أفأكرهت على الرمي؟ قال: نعم وكنت مع موالي مكرها، قال: زيد؟ قال

فهذا أكرهت على الرمي، أفأكرهت على اإلصابة والتسديد، مث أمر بضرب عنقه، وكان أبو مسلم ال ينظر إىل .مضروب العنق إال ما كان من ضرب عنق إبراهيم البيطار وسليمان بن كثري

: ومن العرجان، ابن أنف الكلب الصيداوي، طعنه مسري بن احلارث الضيب فأعرجه، وقال: قال

يخر على حر الجبين ويعثر ابن أنف الكلب ينقل رجله تركت

سريع عنده متمطر وزيد إذا قام لم يحمس على األرض رجله

عشت يوما كان الحي مفخر وإن التي إن مت أورثت مجدها أردت

لطعام على ومن العرجان ومن جيوز يف النوكي، األعرج املسعودي، وهو الذي قال لرقبة بن مصقلة مىت حيرم ا .الزم الصمت األول يا أعرج: فإن طلع الفجر نصف الليل؟ قال: إذا طلع الفجر، قال: الصائم؟ قال

ومن العرجان مث من النساك الزهاد، ومن القصاص اخلطباء، ومن املفوهني البلغاء أبو حازم األعرج، موىل بين ليث اضمنوا يل خصلتني : نة أربعني ومائة، وهو الذي قالبن بكر مث أحد بين شجع بن ليث، مات يف خالفة أيب جعفر س

.أضمن لكم اجلنة، اعملوا ما تكرهون إذا أحب اهللا، واتركوا ما حتبون إذا كره اهللا

رأى الوليد بن عبد امللك يف : ومن العرجان، مث من أصحاب الفتوح والزحوف، موسى بن نصري، قال أبو احلسنرج يكىن أبا عبد الرمحن من أهل اجلنة يفتح اهللا على يديه املغرب، فكتب إليه املنام أن رجال من أهل األندلس أع

أنام اهللا عينك يا أمري املؤمنني، أنا أبو عبد الرمحن وأنا موسى بن نصري وأنا أعرج وأنا باألندلس، : موسى بن نصريل الغريب الذي وصفت لك أنت موسى بن نصري من أهل كفر هندا ولست به، فاطلب إىل الرج: فكتب إليه الوليد

.مث امحله إيل، فسأل عنه بعد ذلك فإذا كما وصف، وإذا هو عبد اهللا فحمله إليه

ومن العرجان، األحوص بن حممد األنصاري الشاعر، قال يونس بن حبيب النحوي قدم األحوص البصرة فرتل على ذ عمرو عصاه فضرب ا رجله األخرى فجاء يتوكأ على عصا حىت جلس يف احللقة فتالحيا فأخ.. عمرو بن عبيد

.مذ ماتت العجوز: مذ كم عهدك بالزنا؟ قال: فكسرها مث محل إىل مرتله، مث مر به الفرزدق فقال له األحوص

ومن العرجان مث من أهل الشرف واجلمال املنعوت، عمر بن عبد احلميد بن عبد الرمحن بن زيد بن اخلطاب، : قال .، وكان يدع اخلروج لكثرة نظر الناس إليهوقد ويل اليمن أليب العباس

.ومن العرجان، أبان بن عثمان البجلي األعرج، وكان صاحب أخبار، وقد أكثر عنه حممد بن سالم اجلمحي

ومن العرجان، أبو راشد الضيب، وكان أعرج مث عمي مث أقعد من رجليه، فقال حني عمي، وقد كان ابن حبيب : ي عليهاوهب له عصا حني عرج وكان ميش

عصا العميان يابن حبيب فأين عصا العرجان عونا ومرفقا وهبت

على عود أصم صليب أنوء فقد صرت أعمى بعد أن كنت أعرجا

: فلما صار أعرج أعمى مل يتعاط املشي، فلما طال قعوده أقعد من رجليه، فقال

Page 43: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 43

مسمور الرتاج عسير وداؤك أرى كل داء فيه للقوم راحة

وأنواع البالء كثير عليك فإن الصبر أجدى مغبةقصيرا

: فقال حني جفاه أصحابه وجريانه وأهله

جماع األرض كفة حابل فصار قد كنت أنضي الخافقين برحلتي

عجوز ما تعين بطائل وعندي وأنجو في مكاني ومقعدي أبول

قد عودن بعض المغازل كواسد صدق من عقائل معشر وأبكار

البعل إال محفل للعقائل وما فتاة الحي في الدار مغزل كشأن

وفي القبر ستر للفقير المحامل وفي الموت للزمني جمال وراحة

في األقوام لؤم المداخل ويؤثر كل محتاج يجود بعرضه وما

ما ابتلي فيها بجوع مطاول إذا كذاك وما للمرء صبر وحسبة

بؤسا من مخافة عاذل يهلكف بمعذور إذا طال صمته وليس

فيثنى عليه لؤمه في المحافل ذاك من عزل وال خور به وما

بد أن يحيا ببعض المآكل فال ما دام حيا كميت ولكنه

غبا من فضول المناهل ويشرب حشاشات النفوس بمذقة يقيم

حديثا غبة غير طائل ويجشا ويضبر ضبر العير من دون رهطه

كل مجهول المناسب خامل إلى ف العين إيماض مشفقبطر ويشكو

أنا عن ذم القريب بغافل وما سأعرف قومي ثم أعرف جبيرتي

فيهم عارفا مثل جاهل فأصبح أشتهي ذكر اللئام تكلفا وال

ويشرح صدري بالهجاء المذاحل وأسأل ربي أن ينشطني لهم

ر قيل األباطلوصدق مقال غي فيهم عروضا محببا ويرزقني

أني مدرك بطوائل وأعلم وسمي الئحا بجلودهم فيصبح

: وكان أبو بكر بن بكار إذا أنشد قوله

فال بد أن يحيا ببعض المآكل ما دام حيا كميت ولكنه

: أنشد قوله اآلخر

Page 44: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 44

الضر والسراء والحدثان على على كل حال يأكل المرء زاده

نراك : ، فاشتد حزنه وترك كالم الناس دهرا، فقيل له بعد أن رأوه قد حتدث وضحكوقتل لبعض العرب بنون: قال .كان جرحا فربأ: قال! قد حتدثت وضحكت

: وقالت اخلنساء

هي إقبال وإدبار فإنما ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت

: وقال أبو العتاهية

فكذا يبلى عليهن الحزن فكما تبلى وجوه في الثرى

نظرت نائلة بنت الفرافصة يف املرآة فرأت حسن ثناياها تناولت فهرا فدقت به ثناياها فقيل هلا يف ذلك، وملا: قال .إين أرى أن احلزن يبلى كما يبلى الثوب، فخفت أن يبلى حزين على عثمان فأتزوج بعده: فقالت

لية، عن يونس، عن احلسن، ومن العرجان األشراف ممن له صحبة، جمالد بن مسعود السلمي، ذكر إمساعيل بن عكان األسود ابن سريع يقص يف ناحية املسجد ورفع الناس أيديهم فأتاهم جمالد بن مسعود وكان فيه قزل، : قال

واهللا ما جئت ألجالسكم وإن كنتم جلساء صدق، ولكين رأيتكم صنعتم شيئا فشفر الناس لكم، : فأوسعوا له، فقال . والقزل أسوأ العرج، هكذا احلديث:قالوا. فإياكم وما أنكر املسلمون

: ومن العرجان، املنهال العنربي وهو الذي يقول

وأودى كل لهو ومقصد لداتي ألفت العصا وابتزني الشيب وانتهت

اللهو زجي بالثفال المقيد إلى أزج النفس وهي بطيئة وظلت

أجلي وال يكحلن عينا بإثمد من فأصبحن ال يخضبن كفا لزينة

ا الشاهر وإن خرب أنه ميشي على العصا فلم خيرب أنه أعرج، وقد تعرض للكرب من الضعف ما يدعوه ذلك إىل وهذ : أخذ العصا، وفيه قال األول

غيرني وما يتغير والدهر أفناني وما أفنيته الدهر

فيه وكل يوم يقصر فمشيت قيدني بقيد مرمل والدهر

اب لحق من يتفكرتحت التر امرأ أمسى أبوه وأمه إن

: ومن هذا الشكل قوله

وأقود للشرف الرفيع حمارا الندى فال يقرب مجلسي آتى

: ومن هذا الشكل قوله

على البراجم حتى يذهب البقر أقوم عجبت األرض معتمدا إذا

: ومن هذا الشكل قوله

Page 45: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 45

تزور مني وتلقى دوني الحجر للكواعب يا دهماء قد جعلت يا

إلي إذا ما خولس النظر تعشو فراج أبواب مغلقةكنت قد

: وهو الذي يقول

فصرت أمشي على رجل من الخشب أمشي على رجلين معتمدا وكنت

أطمع من أشعب، : وممن تعرج ومل يكن به عرج، الزبري وهو موىل الزبري، والزبري هذا هو أبو األشعب الذي يقال مصعب بن الزبري ورآه مصعب يف الطريق وإذا هو يتعارج ويتعاور فأثبته وكان خرج مع املختار بن أيب عبيد على

.مصعب فقدمه فضرب عنقه

: وتزوج أبو الغول الطهوي امرأته فوجدها عرجاء من رجليها مجيعا فقال

نيط ثوباها على عود كأنما باهللا من زالء فاحشة أعوذ

العرقوب تحديدالذنابي وفي وفي ال يمسك الحبل حقواها إذا انتطقت

من حديد القين سفود كأنها باهللا من ساق بها عوج أعوذ

: وأنشدين ألعرايب

رجليها كراعا شاة كأن من العوج العملجات ليست

في قدمي عوجاء كالمسحاة

وة وقدم فقدمت غد: ومن العرجان، أبو الفوارس الباهلي، كان رسول ابن هبرية إىل هشام بن هبرية يف اجليش، قال .ابن هبرية نفسه بالعشي

: ومن العرجان، األعرج الضيب مث الكوزي، وكان شاعرا وهو الذي يقول: قال

إال ببيض صفائح تحيتنا تلق حيا من جوية ال تكن متى

على أقرانها ثوب ماتح كأن على القاطعات الحزن بالخيل والقنا

لدهر نازحسوى نسب في أول ا ال قربى تناصر بينا هنالك

: ومن هذا الشكل، وليس من ذكر باب العرجان، قول كنانة بن عبد ياليل

حذر امرئ ال يمزح احذرهم عمرو ال تأخذك فيهم رأفة يا

القرابة كل يوم تنزح إن واحذرهم كالمصطلى بجحيمها

ومائة، وقد لقي احلسني، وهو ومن العرجان، سعيد بن أيب عروبة، واسم أيب عروبة مهران، مات سنة تسع ومخسنيطالق سعيد بن أيب عروبة، وقد : صاحب قتادة وروى عنه املخالف واملوافق، وله تصنيف كتاب الطالق، يقولون

Page 46: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 46

مسعت أنا من عبد األعلى السامي، وأصحاب سعيد كبار ثقات فحدث عنهم املخالف واملوافق، ومن أعاجيب سعيد .أنه مل ميس امرأة قط من غري عجز

ما فعل : قدمت على أيب مسلم صاحب الدولة من البصرة فسألين عما أراد، مث قال يل: قال يزيد بن قبيصة املهليبفما فعل هشام الدستوائي؟ كأين : سامل صاحل، قال: قلت: األعرج سعيد بن أيب عروبة؟ كأين أنظر إىل نظافة بيته، قال

ومل ذاك أيها : أما أين إن دخلت العراق قتلتهما، قلت: قال. سامل صاحل: قلت: أنظر إىل دموعه على خديه، قال .وقدم العراق فلم يعرض هلما: قال. ألما يزعمان أن عثمان أفضل من علي: األمري؟ قال

.ومن العرجان، سعد األعرج من أصحاب يعلى بن منية، ولقي عمر بن اخلطاب: قال

هللا، مسع أبا هريرة وعبد اهللا بن عمر، ومات باملدينة سنة عشر ومن العرجان، إبراهيم بن حممد بن طلحة بن عبيد ا .ومائة

: ومن العرجان الشعراء، جملودة األعرج، وهو الذي يقول

وأعرفها إذا امتد الغبار هنيدة من بنيها وتعرفني

كأن رجليه شجار تؤز متى ما تلق منا ذا ثناء

رحين يبتل العذا منافع تعجل عليه فإن فيه فال

وقال أبو خمنف يف الزراية على الشجاع الذي ال دواء له، وليس هذا من ذكر باب العرجان ولكنه يناسب شعر : جملودة، وهو قوله

وهو موتور مشيح لنضلة ألم تسأل فوارس من سليم

وينفع أهله الرجل القبيح فازدروه وهو خرق رأوه

لصريحوتحت الرغوة اللبن ا يخشوا مصالته عليهم ولم

: وقال املسرهد يف زنبور التغليب

الصور خبيث االسم وناقص يا أعرج الرجل صغير الجرم

: وقال أبو خراش اهلذيل

فيذهب لم يدنس ثيابي وال جرمي ألثوي الجوع حتى يملني وإني

.ومن العرجان، اهليثم بن مطهر الفأفاء، ونوادره كثرية

العرجان من احليوان

يوان عرج وأشباه العرج، وأشكال من املشي واختالف يف العدو وتفاوت يف الوطء، ولإلنسان نفسه ويف أصناف احلاختالف شديد على قدر احلاالت املختلفة عليه، وبكل ذلك نطقت األشعار واستفاضت األخبار وشهد عليه العيان

Page 47: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 47

.وميزته العقول

حلوم الناس وأشد اخللق معاد وأسنان، ويقال إا فمن العرج، الضبع عرجاء ألبتة، وهي أشد السباع حرصا على .ممطولة يف فكيها، وهي تنبش القبور وحتفرها حىت تنتهي إىل أبدان املوتى

.مث الذئب، وهو أقزل والقزل أقبح العرج

: والفرس شنج النسا كأن به عقاال، وقال عمرو بن العاص

األنساء في غير فحج شنج شنج المرسن مجبول القرى

: الغراب حيجل وميشي مشي املقيد، وقال الطرماحو

في الدار بعد الظاعنين مقيد النسا واثي الجناح كأنه شنج

: وقال أبو عمران األعجم

خليط وال عز الذين تحملوا فما استوحش الحي المقيم لرحلة ال

ففاته فأصبح يحجل ألخرى يوما مشية من سجية كتارك

وكأنه إذا مشى يتقلع من طني علك أو دهاس كثري الرمل، وكذلك السنور على قدره، . عواألسد يتبهنس ويتخلواألسد والبرب والنمر والفهد والسنور متشابه يف عمود الصورة، وكذلك متشابه يف جهات أخر، قال أبو زبيد يف

: مشية األسد

وعت سواعد منه بعد تكسير تبهنس يمشي خلته وعثا إذا

: رب تزعم أن رب عظم إذا جرب بعد الكسر يصري أشد، وقال يف ذلك أيضا زهريوذلك أن الع

عن ذي لبدة عرك جهم تصدون آل البروك كأنما رأيتكم

وعت بعد كسر ساعداه على عثم طويل الساعدين كأنما أزب

: طنابةكأمنا كسر مث جرب، ولألسد حتت املطر مشي آخر، وقال يف ذلك عمرو بن اإل: ويف املثل

يمشون مشي األسد تحت الوابل عيونهم لدى أعدائهم خزر

: وقال سويد بن أيب كاهل

ثادت األرض عليه فظلع سويد غير ليث ضيغم هل

: قال أبو زبيد. وللخماع الذي يف قوائم األسد

من ذي زوائد في أرساغه فدع يتفادى أهل ودهم كأنما

وذلك أنه ال ميشي ألبتة وإمنا جيمع رجليه فيضعهما مجيعا ويرفعهما مجيعا ال يقدر والعصفور على خالف احليوان، .على غري ذلك

وأما الزرازير وواحدها زرزور فإنه طائر شديد الطريان خفيف البدن صغر اجلرم، وهو ال ميشي ألبتة يرسل نفسه من

Page 48: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 48

.وكره طائرا مث يعود إىل جوف وكره طائرا

ء مجع قوائمه ووثب، فإن شاء واتر بني ذلك وإن شاء مل يواتر، إال أن الظباء ليس هلا عدو وال والظيب ميشي وإذا شا : ضرب مذكور إال على بسيط األرض، وليس لألوعال عمل مذكور إال يف اجلبال، قال الشاعر

كمشي الوعول على الظاهره وخيل تكدس بالدارعين

أرادت مث تشب، كل ذلك عندها، وكذلك الربغوث ميشي وإذا شاء واجلرادة متشي وجتمع نفسها وقوائمها إذا : وثب، والوثب أكثر عمله، وإمنا قيل له طامر لطموره، قال الراجز

لم ينجه طموره في اللوح وكم من طول طموح فكم

صلتان فلتان شيح من

: وقال يف الربغوث

لم ينجه منه وثابه طامري واثب أو

: اء بضروب البقر، وإذا قاربت اخلطو وحركت منكبيها شبهوا مشيها مبشي القطا، قال الشاعرويوصف مشي النس

وان شحبا بازالت وعلى يبرين صف

قطا أو بقرات شي كما يم يتمشين

ون مجيب الدعوات ويدع يتخاصرن

: وقال الكميت بن زيد

لالبطون رواجح األكفا قب يمشين مشي القطا البطاح تأودا

: وقال الغطمش

وال قاضيا من حبها حاجي عمري سمية أني لست ناسيها أبلغ

تمشي رويدا كمشي الظالع الواجي كأن بها وهنا إذا نهضت خود

: ويف شبيه ذا املعىن يف صفة مشيها يقول الشماخ بن ضرار

تخامص حافي الخيل في األمعز الوجى عن برد الوشاح إذا مشت تخامص

: قال عمرو بن العاصو

روع أن يمشون قطعا لهم أمي غداة ال ففدا

ووصفوا مشي اهللوك من النساء، وهي اليت الك إىل الرجال وتزيف يف مشيها إذا رأم، وقد أخطأ من زعم أن : اهللوك البغي ال حمالة، وقد تكون بغيا وغري بغي، قال اهلذيل

تجرد ال خال وال بخل إذا أمه رجال تأبى به بدال ويل

Page 49: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 49

مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل الثغرة اليقظان كالئها السالك

: وقال آخر ووصف العجمة وفحلها، فقال

رجس لهاه الرعد كأنما منه جالل فهد يقودها

العذارى بينهن ود مشي يمشي إليها ذو سمات نهد

: وقال الفرزدق

لعن إلى عذارعذار يط كأن تطلع الترغيب فيها

: وقال قطران العبشمي يف ختزهلا إذا مشت

إذا العشة العضالء خف نقيلها من الماشيات الخيزلي وتهاديا

: وقال يف تثنيها وتأودها يف املشي ويف بعدها من اخلفة

وذبن كما ذاب السديف المسرهد حتى قلت لسن بوارحا تأطرن

: وقال يربوع اجلرمي

بداء تمشي مشية األبد بن أدمن ضبة جارية

: وقال ابن مهام يف األبد

عريض القصيري لحمه متكاوس لها من شرطة الحي جانب أتيح

من دماميل الجزيرة ناخس به أبد إذا يمشي كأنما

: األوىل صارت بداء لعظم ركبها وغلظ شفريها، والثاين صار لعظم أيره، ولذلك قالت عمرة بنت احلمارس

يبد األسكتين بداأير

: وهذا غري قوله

بدمائه أو ساقط متجعجع حتوفهن فظالع فأبدهن

: قسم احلقوق بينهن سواء، وإىل هذا املعىن ذهب عمر بن أيب ربيعة: يقول

أمبد سوالك العالمينا

: ويضم إىل بيت قطران العبشمي قول الشاعر

إال تبسماوال ينتهزن الضحك أوانس ال يمشين إال تخزال

: ووصفوا مشي العجوز ومشي الشيخ، فقال أعشى مهدان

وأصابهم ريب الزمان األعوج بالجيش الذين تمزقوا أسمعت

Page 50: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 50

فيظل جيشك بالمالمة ينتجى فيها الرغيف بدرهم وتبيهم

تمشي كاألبد األفحج مآلن فأمتهم هزال وأنت ضفنددإل

: شي الرهلة واألرملة، وقالوا يف العجوزووصفوا مشي العجوز ومشي الشيوخ وم

تمشي الهوينى وهي قدام اإلبل بوسق وحنين وزجل جاءت

الجمعليلة بالخف النقل مشي

: وقال

للصيد في يوم قليل النحس اغتدى قبل طلوع الشمس وقد

كمشي الخاظيا المقسى يمشي الخطم كمى النفس بأحجن

مشي النصارى في ثياب ورس

: وقال أبو النجم

رجلي بخط مختلف أجر من عند زياد كالخرف أقبلت

تخط رجلي في الطريق الم ألف

: وقال أبو نواس يف مرثية خلف األمحر

تغذو فرخين في لجف شغواء تئل العصم في الهضاب وال ال

سواد الدجى إلى هدف ويها الجو بالنهار ويؤ يحضنها

إذا الح حاجب السدف حتى ديدنه ذاك سوام ليلته

قطقط عن متنتيه والكتف كوقف الهلوك ينهفت ال غدا

صاله فملعب الشنف بين شذرا وهت معاقده كأن

صال أمين الفصوص والوظف صلب الصواهل صل وأخدرى

قوي وكل ذي ضعف كل رأيت المنون آخذة لما

وبات دمعي إال يفض يكف أعزي الفؤاد عن خلف بت

رهين التراب في جدف أمسى الرزايا ميت فجعت به سىأق

: وله أيضا

شغواء في أعلى لجف لوألت كان حي وائال من التلف لو

مزغب األلغاد لم يأكل بكف فريخ أحرزته في لجف أم

Page 51: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 51

هاتيك أم عصماء في أعلى شعف مستقعد من الخرف كأنه

علم مذ أودى خلفجماع ال أودى في الطباق والمغد األلف ترود

من العياليم الخسف فليذم ال يعد العلم إال ما عرف من

ال تجتنى عن الصحف رواية متى نشاء منه نغترف كنا

: ووصفوا مشية انون، فقال خلف بن حيان

المياه سهب المنون وحسيف كم أجازت من قوز رمل وقف

في مسربخ مردون دخلت أسأرت ليلة ويما فلما

نيها وتمشي تخلع المجنون تعرف الحالء بعي أصبحت

: وقال اهلذيل

عفاء كالعباءة عفشليل كمشي األقبل الساري عليه

: وأنشد مسعود بن هند

مشي العروس طهرت من عركها على حسن اعتدال وركها تمشي

خلطت محلبها بمسكها قد

: وهجا آخر رجال فشبه مشيته مبشية الضب، فقال

صرصراني من اإلبل وخصيتا و القرنبي ومشي الضب تعرفهه

.بنو خمزوم وبنو بدر وبنو جعفر بن كالب: وأصحاب اخليالء يف املشي ثالثة

.وكانت لعيينة بن حصن مشية عجيبة، ولعيينة يف ذلك حديث

: وقال األخطل

بغير الماء حاول أن يطوال شرب الفتى منها ثالثا إذا

من جوانبه الفيوال وسحب ال عيب فيهامشي قرشية

إن هذه : "ورأى النيب صلى اهللا عليه وسلم أبا دجانة مساك بن خرشة وهو ميشي اخليالء بني الصفني يف احلرب، فقال ".ملشية يبغضها اهللا إال يف هذا املكان

: قال الشاعر يف مرثية أيب دؤاد بن جرير وذكر حرب إياد وفارس فقال

في كاب من النقع أصهب ويخطر لغيران يمشي بسيفهترى المغضب ا

فيعنق نحو الفارس المتلبب مأثور الحديث حفيظة ويذكر

Page 52: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 52

قال رسول اهللا : خالد األحول، عن خالد بن عبد اهللا، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد اهللا بن عمرو، قالحلة له مشتمال ا فأمر اهللا األرض فأخذته فهو يتخلخل فيها بينا رجل يف اجلاهلية يتبختر يف : "صلى اهللا عليه وسلم

".إىل يوم القيامة

إن هذه مشية : "وقد أخربنا قبل هذا عن قول النيب صلى اهللا عليه وسلم أليب دجانة حني رآه يتبختر بني الصفني ".يبغضها اهللا إال يف هذا املكان

". إنك لن خترق األرض ولن تبلغ اجلبال طوالوال متش يف األرض مرحا: "وقد خرب اهللا عن قوله

.خنوة بين خمزوم: وعرك عمر بن اخلطاب أذن فىت من بين املغرية رآه يتبختر يف مشيته، وقال

: وقال حسان بن ثابت

سبط المشية في اليوم الخصر رب خال لي لو أبصرته

.يةاآل" يا بين ال تشرك باهللا: "وخرب اهللا عن قول لقمان البنه

: ومن مشي العدو إذا رأى عدوه، قال الشاعر

من العداوة والبغضاء مشكوال العدو إذا ما مر تحسبه تلقى

: وقال بلعاء بن قيس

إذا ما مشى من أخمص الرجل ظالع كل مسترخي اإلزار كأنه معي

: وقال آخر يف مشي العدو إىل العدو

مشى السبنتا واجه السبنتا

.لناقة بالسبنتا حني سبهوها بالسبعوإمنا مسوا ا

: ومن ذلك مشية انون، وقال عبد الرمحن بن حسان

ترم ترم مخلخال مجنونا إن إن اللعين أخوك فارم عظامه

ومن العرج من أصناف احليوان، اجلعل، واجلعل أفحج، واألفحج واألفلج سواء، ويف قوائمه تفريض وحزوز، وقال : الشماخ

مفرض أطراف الذراعين أفلج أوا بأرض هوى لهيلقيا ش وإن

: وقال سعد املطر يهجو رجال من احلبشان

كأنه جعل يمشي بقرواح أسود نوبي به فدع وذاك

: وقال األصمعي يف صفة اجلعل

تحته عوج لهن أشور ومن النوبي نخست ظهره كأربية

Page 53: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 53

جادي لهن سطور مهاريق على األنقاء مشي كأنه لهن

على القهقري رجاله حين يغير رجاله يداه فينثني تراوح

: وقال الشاعر يف اجلعل

شرطي بات في حرس كأنه يبيت في مجلس األقوام يربأهم

.وهذا البيت وإن كان يف اجلعل فليس هو يف معىن الشعر األول

: القيسويقال للربذون مشى مشية النعاج، ويقال للفرس مشى مشي الثعلبية، وقال امرؤ

وإرخاء سرحان وتقريب تتفل أيطال ظبي وساقا نعامة له

: وقال آخر

بلله العشى ممطور يعدو كعدو الثعلب ال

وهادور عييى طيط عوج شما بقوائم

: واملاشي أيضا صاحب املاشية، قال آخر

إذا أجدب الماشي وقل اللواقح فابكي لي شبيبا وأعولي أعيني

: ئةوقال احلطي

ويمشي إن أريد به المشاء

: ووصفوا ضروب االعوجاج واحلنو واإلكباب وعطف العنق واجلنوح، قال الكميت

مكبا يجتلي نقب النصال الهالكي على يديه جنوح

: وقال جعيفران

صياقل في جالية النصل واأليور غامدة كأنهم

: وقال الطرماح

زقة غدا يتهبدحا حبشي يمشي بعقوتها الهجف كأنه

: وقال قيس بن زهري

ء صدت عن الذنب أن تلطما كخدود اإلما سوالفها

: وقال احلادرة

جرور بينها سلب جرد دوالي ضنك والرماح كأنها بمحبس

بطاء ال تخب وال تعدو وتثنى سراعا بالمضيق عليهم تصب

دوخامت عن األعداء أقحمها الق هي شك السمهري نحورها إذ

Page 54: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 54

سريع فهي قابعة حرد لكر سوالفها عوج إذا هي أدبرت

: وقال ابن ميادة

ذو خصل أشقر مقلص بها قرم بني هاشم يغدو

والطعن في منحره أشتر من طول تمعاجه كأنه

: وقال اآلخر

المقادم ملطم حر فوق وإذا قصرت لها الزمام سما

رالحديث بأذنه وق بعض مصغ لتسمعه فكأنها

وأضداد العرجان، الذين كانوا يعدون على أرجلهم فيبلغون مبالغ أصحاب اخليول املضمرة، وما ظنك باملنتشر بن : وهب، وللشاعر يقول فيه

يعض على شرسوفه الصفر وال ال يغمز الساق من أين وال وصب

كل أوب وإال يغز ينتظر من يأمن الناس ممساه ومصبحه ال

ن وهب من أوىف بن مطر الذي حيكى عن مهره بأن الرجل منهم يقيم ثالثة أمحال بعضها إىل وأعجب من املنتشر بجنب بعض مث يقوم دوا بأذرع، مث جيمع جراميزه مث يثب فيجوزها، واعجب من ذلك ما حدث به أبو احلسن عن

.أرسلوا احللبة مبكة، وأرسلوا معها امرأة حبلى فجاءت سابقة: رجاله، قال

مشي احليات على ثالث طبقات، واحليات سوى األفعى والقزه متشي مستقيمة ومعوجة، واألفعى ال متشي و: قال : أبدا إال على شق، وأما القزه فإن ا عرجا، قال خلف األمحر

أذاك أم بعض القزاة العرجان

: والضبع عرجاء نباشة للقبور شديدة احلرص على أكل حلوم الناس، وقال الشاعر

المقلتين به خماع أحم ت جيال وبنو أبيهاوجاء

وما أنا ويب غيرك والضباع ينبشان الترب عني فظال

: وقال اهلذيل

وغودر ثاويا وتأوبتهمذرعة أميم لها فليل

: وقال اآلخر

عليها حلي صقب مخلد كأن له الويل من عرفاء ترقل موهنا

في جانب القبر تلحدملحدا لها حفر القبور متى تجد معاودة

Page 55: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 55

: وقال أبو أسامة حليف بين خمزوم

ودونك مالكا يا أم عمرو بني وهب أخاكم فدونكم

القوائم أم أجر موقفة مشهدي قامت عليه فلوال

بوجهها تحميم قدر كأن للقبور بمنكبيها دفوع

: وقال جريبة بن أشيم يف ذلك

األوثقين األقاربأن وأسلم مبلغ عني سنانا ونافعا من

تنزو على الجنادب بديمومة تدفنني في صوى وادفننني فال

فال قام في مال لك الدهر حالب أنت لم تعقر على مطية وإن

فرعل مثل القصيرة دارب وال يأكلني الذئب فيما دفنتم وال

إذا انتشبت أنيابه والمخالب هلب ال يزال مطابقا أزب

: ن يف عرجها ومخاعها ويف نوكها والغثارة اليت فيهاوقال مدرك بن حص

موشمة الجنبين رطب عرينها رغوة بعد البكاء كما رغت رغا

الظلع إما هرولت أم يمينها بها من الغثر ما يدري أرجل شمالها

: وذكرها املفضل النكري بالعرج فقال

فراحت كلها تئق يفوق الضباع وأشبعوها وأشبعنا

من شبع نعيق وللغربان العرج عاكفة عليهمتركنا

: وقال اآلخر

بشلوه عرج الضباع يطوف وكم غادرن من خرق صريع

: وذكر عنترة عرج الضباع فقال

السربال عند مجال متخرق يا رب قرن قد تركت مجندال

جوانحه من الجريال خضبت عرج الضباع كأنما تنتابه

: لضبع ومل يذكر عرجهاوقال عباس بن مرداس يف ا

بأكناف األراك عرائسا ضباع فلو مات منهم من جرحنا ألصبحت

: والضبع تكىن أم عامر، قال الكميت بن زيد

لدى الحبل حتى عال أوس عيالها خامرت في حضنها أم عامر كما

Page 56: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 56

: وقال الشنفرى

ولكن أبشري أم عامر عليكم تقبروني إن دفني محرم ال

ولست على ما قد عهدت بقادر قد كان ذلك مرةلقلت لها

: وقال اآلخر

لذو حاجة جاف مع القوم ظالع إن يجدوك أم عويمر فإنك

.وكان أسريا يقاد مع األسرى، ويزعمون أن الضباع والذئاب تتبع األسرى واجليوش ويف هذا املوضع كالم كثري

: ، وهم يزعمون أن القزل أقبح العرج، وقال الشاعرومن العرجان، الذئب وهو يوصف يف مشيه بالقزل

مستكره الرجل أقزل إذا ما مشى كأنه

: ولذلك وصفوا مشيته بالعسالن، وقال جران العود

الذراعين والخرطوم تأسيل وفي المماضغ منه كل مضطمر شد

القناة وفيها لهذم غول منه كالرمح أرقل في الكفين واطردت

وضبعة ولقد قال رجل من كبار الناس وأشرافهم يف بعض املقاالت وهو ويقولون ذئب وذئبة وال يقولون ضبع .فإا لتؤثر عنه إىل يومنا هذا" هذه الضبعة: "يذكر رجال

: وقال زهري بن مسعود، وهو يشبه مشي فرس بعسالن الذئب

يعسل تحت الثلة الذيب يعسل عسالنا كما

االستقامة وال يف االعوجاج، وإمنا الشأن يف املصاحل واملنافع وما هو أرد وأربح، أال ترى أن وليس الشأن يف : قالأمورا كثرية وفوق الكثرية من األمور امللتوية واملعوجة لو كانت مستوية مستقيمة لعظم الضرر وظهرت اخللة، فمن

املناخل واألهلة والعراجني واحملاجني األضالع واملفاتيح واملزاليج وأطالل السفن والعقود والنقوش و: ذلكوالكالليب والشصوص وشوك القنافذ ومغاليق رمانات القبانات والقرسطونات والربادات، ومن األشياء املخلوقة

: املناسر والرباثن والقرون وإبر العقارب وأنياب الفيلة واألفاعي، وقد بني الشاعر يف شعره هذا املعىن فقال

إلى الجهل في بعض األحايين أحوج ى الحلم إننيكنت محتاجا إل لئن

فرس للجهل بالجهل مسرج ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ولي

شاء تعويجي فإني معوج ومن شاء تقويمي فإني مقوم فمن

أرضى به حين أحرج ولكنني ولست براضي الجهل خدنا وصاحبا

ذل بالمرء أسمجصدقوا وال فقد قال بعض القوم فيه سماجة فإن

: وما ذكروا يف االعوجاج ويف حد الشيء إذا كان معوجا وما يشبه ذلك وما مسى بأعوج قال الشاعر

Page 57: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 57

ومن طريق األعوج المقيت رب هيت يجتنى من هيت يا

القير والكبريت ونفحات

بأيب العوجاء منهم أبو العوجاء واألعوج معروف املواضع من شاطئ الفرات، والعوجان ر من أار الروم، واكتنوا : بن قبيصة بن خمارق اهلاليل، وقال أبو الشيص األعمى

أن بدا قرن من الليل أبلج إلى سروا يخبطون الليل فوق ظهورها

وبعض إذا ما حاول المشي يعرج وبعض ما يقيم لسانه وأضحوا

.هذا يقع مع ذكر مشي السكران

: وقال حكيم بن جبلة

علي وأستقيم تعوجهم وقومي كل يوم وأهلكني

وأستاه على األكوار كوم كالمواجن خاظيات رقاب

: وقال قيس بن زهري

ب تخاله للضمر قدحا مثل العقا ومحنب

: والتحنيب االعوجاج، ويسمون الفرس أعوج والعوجاء، قال مسكني الدارمي

حملت على جمل ثفال وقد الحنظلية إذ لحقنا دعتنا

وأعوج عند مختلف العوالي ولم يعدل شريح فأدركها

: وقال الشماخ بن ضرار

ترمت بها الشك الذي هو عاجر مجذام وأمر صريمة وعوجاء

.أسوي كل معوج: أين تذهب؟ قال: قيل للشحم: خطة عوجاء، ومن أمثال العامة: كما يقال

صاحب إن تعوجت أقامين، وفوز من رزق ليس : لى ثالثما آسى من الدنيا إال ع: وقال حممد بن واسع األزدي .وال هللا فيه تبعة، وصالة يف مجاعة يرفع عين سهوها ويكتب يل فضلها. ألحد علي فيه منة

: وقال اآلخر

فسيرة الدهر تعويج وتقويم

خلقت : "ليه وسلمقال رسول اهللا صلى اهللا ع: شبابة، عن ورقاء، عن أيب الزناد، عن األعرج، عن أيب هريرة، قالاملرأة من ضلع، ومىت أردت أن تقيمه كسرته، وليست تستقيم لك املرأة على خلق واحد وأن تستمتع ا وفيها

".عوج

: وقال طفيل الغنوي

Page 58: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 58

منها المرار وبعض المر مأكول النساء كأشجار نبتن معا إن

خلق ال بد مفعول فإنه النساء متى ينهين عن خلق إن

:وقال آخر

وفي قوائمها طول وتحنيب عريانة الساق في أنسائها شنج

: وقال آخر

تقاربت الوعساء فيه وأعوج كميت مشرف حجناته بكل

وقالوا يف املنازلة واملشي بالسيف، ويف مديح الذي يقاتل على ظهر األرض كما يقاتل على ظهر الفرس، ويف القلع ، ويف الكفل يستمسك بقربوسه وبغري ذلك خمافة السقوط عن ظهره، الذي ينبو عن ظهر الفرس إذا اشتد ركضه

: فال مهلهل

وأخو الحرب أطاق النزوال يطيقوا أن ينزلوا ونزلنا لم

: وقال القحيف

إذا ابيضت من الخلل النصال يجعلون الهام فيها وبيض

وعادة لهم نزال نزال :ولما أن دعوا كعبا وقالوا

النبع واألسل النهال فحن ريخ كعببالعقيق ص أتانا

: وقال ربيعة بن مقروم

بسليم أوظفة القوائم هيكل ولقد شهدت الخيل يوم طرادها

أركبها إذا لم أنزل وعالم فدعوا نزال وكنت أول نازل

: وقال ابن هرمة

اللقاء وكل ورد صاهل يوم والمظاهر نسجها والمشرفية

فمعانق فمنازل فمسايف نولكل أرعن كالحريق مطاع

ومن القلعني، حارث بن موسى بن مسرة، وكان على فرس زمن الفتنة، قتله ابن األشعث وال عقب له، وكان قلعا .يشد منطقته بسرجه

.وكان املخارق بن عباد قلعا، وكان خفيفا حنيفا وضئيال دميما، وكان يوفن بسرجه، وكان شجاعا بطال

لقد : أطنب املسور بن عمرو بن عباد ذات يوم يف وصف حسكة بن عتاب احلبطي، فقال هلم قائل: ةقال أبو عبيد .وما يضره ذلك والفارس النجيد يف كفه كاخلرنق يف كف العقاب: كان حسكة قلعا، قال

. عنهوكان جرير بن عبد اهللا قلعا حىت شكا ذلك إىل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فدعا له فأذهب اهللا

Page 59: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 59

وكان عيسى بن يزيد اجللودي قلعا، وكان إذا محى الوطيس ضرب بنفسه األرض فقاتل بالرمح والسيف ورمى .باحلجارة، وكان يفخر بذلك على مجيع األفارقة

: وكان حذيفة بن بدر ال يثبت على ظهر فرسه مع شدة الركض وطول السري، ولذلك قال قيس بن زهري ألصحابه

.ج حمرق اخليل نازه، ولكأين باملصفر استه يف اهلباءةإن حذيفة رجل خمرف

: اخرج يب معك، فقال: وأراد أعرايب سفرا طويال فقالت امرأته

الحنوان فانفشحت وحكك لو سافرت قد مذحت إنك

هذا حسك تحت استي: وقلت

: وقال خزز بن لوذان

لونك مثل لون األجرب فيكون ال تذكري مهري وما أطعمته

ما شئت أو فتحوبي فتأوهي العبوق له وأنت مسوءة نإ

كنت سائلتي غبوقا فاذهبي إن العتيق وماء شن بارد كذب

هذا غبار ساطع فتلبب ألخشى أن تقول حليلتي إني

يأخذوك تكحلي وتخضبي إن العدو لهم إليك وسيلة إن

يالنعامة يوم ذلك مركب وابن ويكون مركبك القعود وحدجة

أقرن إلى سير الركاب وأجنب وأنا امرؤ إن يأخذوني عنوة

: اخرج يب معك، فأنشأ يقول: وأراد رجل من اخلوارج اهلرب مع أصحابه فقالت له امرأته

يستطيع لهم أمثالك الطلبا ال الحرورية الحرى إذا ركبوا إن

تطيقي مع الترحالة الخببا وال إن يركبوا فرسا ال تركبي فرسا

: وقال الطرماح

متخشعا للنائبات وال أشمط فلم لئيما وإن

أصم القلب حشوى الطيات وال كفل الفروسة شاب غمرا

: وقال آخر

كفل الفروسية دائم اإلعصام على الجواد غنيمة والتغلبي

القول يف الساق العليلة والساق السليمة

Page 60: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 60

القدم على األرض وضرا ضارب بعصا مل تنكسر إال أن تصيبها إذا كانت ساق اإلنسان منتصبة وكانت: قالوا .الضربة وهي على غري اهلبة

: سفيان، عن زياد، عن سعيد، عن الزهري، عن سعيد بن املسيب، عن أيب هريرة، عن النيب عليه السالم، قال

".خيرب الكعبة ذو السويقتني من احلبشة"

".كأين أنظر إليه أصلع أفحج يهدمها حجرا حجرا: "الوعن ابن عباس، عن النيب عليه السالم، ق

أمر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ابن مسعود أن : وحممد بن فضيل، عن املغرية، عن أم موسى، عن علي، قالما : "يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها، فنظر أصحابه إىل محوشة ساقيه فضحكوا منها، فقال النيب عليه السالم

".ل عند اهللا يف امليزان أثقل من أحدتضحكون لرج

: والذي مسي شريح بن ضبيعة احلطم، رشيد بن رميض حني رجز به يف احلرب، فقال

ليس براعي إبل وال غنم قد لفها الليل بسواق حطم

الساقين خفاق القدم خدلج وال بجزار على ظهر الوضم

: وهذا غري قول الشاعر

يعض على شرسوفه الصفر وال وصبال يغمز الساق من أين وال

وممن كان دميما دقيق الساق فاحش الدقة عوير بن شجنة العطاردي وهو الوايف، وكان خفري امرئ القيس بن ما رأيت ساقي واف أقبح، فقال : حجر، فبينا هو يقودهم ليال طلع القمر فأبصر نساء امرئ القيس ساقيه، فقالت

: ياه يعين امرؤ القيس حيث يقولمها ساقا غادر أقبح، وإ: عوير

وال است عير يحكها الثفر حميري وفي وال عدس ال

قصر عابه وال عور ال عوير وفي بذمته لكن

: وقال

وأفضل في حال البالبل صفوان ومن مثل العوير ورهطه عوير

.وممن كان يوصف بدقة الساق أبو حنبل الطائي

.لى ساققد قامت احلرب ع: ويف املثل

: ويزعم الناس أن الساق اسم من أمساء احلمام الذكر، قال الطرماح

كالساق ساق الحمام

.بل امسه ساق حر، واألصمعي خيالف يف ذلك: وقال اآلخرون

.وهذا مثل" والتفت الساق بالساق: "وقال اهللا تعاىل

كان قائما على ساق فهو جنم، وما كان جنم وشجر ويقطني، فما: إن مجيع نبات األرض على ثالثة أصناف: ويقال

Page 61: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 61

فمن ذهب يف النجم إىل غري " والنجم والشجر يسجدان"منفرجا ذا أغصان ومتشعبا بأفنان فهو يقطني، ويف القرآن : هذا فليس يذهب إىل الثريا، إمنا يذهب إىل قول الشاعر

سريع على أيدي الطهاة جمودها يعد النجم في مستحيرة فبات

ا وصف جفنة غراء كثرية اإلهالة قدمها إىل أضيافة ليال، فكانوا يرون صورة النجوم فيها، وال يسقيم يف هذا وإمن .الوضع أن يعين جنم الثريا وحدها، والنجم اسم الثريا إال أن التأويل اآلخر أعم وأشبه بالتأويل

لعارض الذي مل يكن يف أصل اخللقة، وهو وباب آخر من العرج احلادث الذي يزول بزوال العلة من الظلع ا: قالأن البعري يسمن جدا ويتراكم عليه الشحم واللحم فيصري به ظلع، وخيلط يف املشي، ويهاب بسيط األرض، وحيسب

: املستوى هبطة والسهولة وعورة، قال طفيل الغنوي وذكر إبله

وراط وهي بيداء بلقع وعور تهاب الطريق السهل تحسب أنها

ظلع وليست بظلع تفشغها سمنت حتى كأن مخاضها وقد

إا إذا مسنت جدا وتراكم عليها اللحم وصار ظل أبداا أعظم استهالته وفزعت منه، وأنشدين أبو العاص : ويقال : أنشدين يونس بن حبيب وخلف بن حيان قول العكلي: بن عبد الوهاب، قال

هن قلوبوقد عادت ل فعدن مضت فزعات من زوائد ظلها

: رجعن من تلك السفرة وقد تواضعن وذهب عنهن ذلك الشحم، فذهب عنهن ذلك الفزع، وقال آخر: يقول

بكارا وثنيا تربت الحزن ظلعا من أيديهم وأنوفهم معاقيل

: هجاهم بأخذ الديات وجعلها مسانا على زجه السخرية، وقال حمرز ابن املكعرب

كاد من اللوم المبين تظلعت بها مذمومة حرشية وجئتم

: قد امتألت لؤما وأثقلها ذلك، ويف مسن اإلبل قال الشاعر: يقول

تستدير به السحاب غزيرا أرى غيثا كأفواه الغزالي

وتنفع أهلها المعزى الزناب تمشي العشار مخرمات به

.هلكخرموا مشافر اإلبل كي ال ترتع يف ذلك املكان فتزداد مسنا فت: يقول

رمبا رأيت البعري يف بعض مراعي مضر وقد قتله الشحم، وإنه ملتصدع جلد : وحدثين مهدي بن إبراهيم قال .الكركرة على مثل شط السنام

إذا جفنا على اإلبل أن متوت مسنا عدلنا ا عن : وحدثين أبو البهلول اهلجيمي، وكان شاعرا فصيحا داهيا، قال أرق نباتا وأقل دمشا، وزعم أم حيصدون السنبل يف واديهم كل عام مرتني، وحنن قد وداي بلهجيم إىل موضع هو

نرى الدجاجة تسمن يف بعض البيوت وكذلك البطة فإذا فرط عليها السمن فرمبا ماتت، وال بد من أن تعمى قبل طمرين وكذلك ذلك، وذلك إذا جعلوها يف وعاء وحيطوا عليها ومنعوها من احلركة، وقد يتخذون للصيب

Page 62: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 62

.الفصيل، فال يزال ذلك الشحم القدمي الزما لتلك األبدان، وما سقي اللنب فهو يف البهائم أجنع

تعقم وال تعقم األصالب، كأنه يذهب إىل أن املرأة والشاة واألتان والناقة إذا مسن جدا صرن : وقال أبو جميب: قال .لعقرا، وال يعتري ذلك الرجل والتيس والعري واجلم

وإذا نزل الغيث وعم ودر كان حزن املمعز واملصرم بقدر سرور صاحب اهلجمة ممن يقولون كأل تيجع به كبد : مرعى وال أكولة، وقد قال الشاعر يف الدعاء على رجل: املصرم، ويقولون عند ذلك

وجاد على مسارحك السحاب الجيوش أبا زهير وجنبت

: ء السحاب على مسارح املصرم كان أشد حلسرته، وقال آخرألن الفقري ال يغزوه أحد، وإذا جا

هيهات من نوء الثريا عهده سماكي أجش رعده غيث

معا كماته وربده حات عشواء يحر صعده أرزم

ويقال؛ غمامة خرساء ورعد أجش، كذلك جيدون يف الغيوم الثقال املرجحنة، ويف يف السحاب املتكاثف القليل : لظاهر الرطوبة القريب من األرض، وقال شاعرهم يف صفة الغيث واشتراطه صفة دون صفةاملخارق وا

محرقات صوتهن حميم وال ال من صيف ذي صواعق سحائب

بكين بها حتى يعيش هشيم إذا ما هبطن األرض قد مات عودها

: ووصف امرؤ القيس املرعى املوفر النبت، فقال

عليه كل أسحم هطال وجاد تحاماه أطراف الرماح تحاميا

: وإىل ذلك ذهب أبو النجم يف قوله

بين رماحي مالك ونهشل من أول التبقل تبقلت

: وقال اهلذيل

وشرابان بالنطف الطوامي لجوابا خروق إنها

ياه ليست هلا أرباب وال هي على طرق كأما يف طول ما ينقبان يف البالد، وجيوبان يف املفاوز، ويهجمان على م : الغزاة والبغاة، واملاء طاف يطفح، ورب موضع هو ضد هذا، وهو كما قال امرؤ القيس

مجر جيوش غانمين وخيب

: ووصف النمر بن تولب الروضة واألرض احملمودة، والبطن اخلصيب العشيب، والوادي الكرمي، فقال

الضال نبت بحارهاأنف يغم دقرى تخيل نبتها وكأنها

تمألها إلى أصبارها وطفاء وباكرها الشتاء بديمة عزبت

: وقال يف مثل ذلك

Page 63: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 63

العين تالقينا بأرمام في حمدة أوعزت لها شبها كأن

الحتيال فرط أعوام فأمرعت جاد عليها واكف هطل ميثاء

والكف بزل بالماء سحام من إذا يجف ثراها بلها ديم

فأو من األرض محفوف بأعالم أحد واربتها زمنايرعها لم

أصواتها أصوات جرام كأن للطير في حافاتها زجال تسمع

ريح ألنجوج وأهضام باليل كأن ريح خزاماها وحنوتها

: وقال آخر يف صفة روضة

ظعانة سياره حاللة لنا من غطفان جاره كانت

تبر والحجارهوالحلى حلى ال من دبل وشاره كأنها

أعني واسمعي يا جاره إياك ميثاء إلى قراره مدفع

: وقال بشار بن برد

ض وفيه الصفراء والحمراء كأنه قطع الرو وحديث

: وأنشد األصمعي يف هزال املال

منعنا الريف من عيالها ومن وطائية تبكي على أجمالها

فما تخطى الطنب من تهزالها

إن سعة اجللد من أعون املور على بعد : ان حبتشي من اللحم والشحم على قدر سعة جلده، ويقالإن احليو: ويقالالوثبة، وإذا كان فضفاض اإلهاب واسع اإلبطني ضابعا وكان طويل العنق ال يسبقه شيء، فالبعري بطول عنقه وبه

يف عنقه، واحلمار يسرع بطول ينهض حبمله الثقيل بعد بروكه، والثور يسرع بسعة جلده ويبطئ بالوقص الذي : عنقه، ويبطئ بضيق جلده، والفرس يسرع بسعة إبطه وبطول عنقه وعظم جفرته، ولذلك قال الشاعر

ببطنه يعدو الذكر

ولذلك ال حيتشي رحيا وال يناله من الربو ما ينال غريه : أن الفرس ليس له طحال، قاال: وزعم أبو عبيدة وأبو احلسن : قال الشاعرمن ذوات األربع،

هريت الشدق فضفاض اإلهاب الجوف معتدل قراه رحيب

: وقال آخر

وضاق عنه جلده الفضفاض

: وأما قول اآلخر

Page 64: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 64

فتركوا عتابي عاتبتهم سعد كيف أنت إذ أصحابي يا

فواضل اإلهاب وكثرت وحل جسمي وانحنت أصالبي

وحلمه، ودق عظمه ورق عصبه، فماج إهابه وصار وهذا عيب ألنه وصف شيخا قد حنل جسمه، وذهب شحمه فارغا بعد أن كان مملوءا، وإذا صار اجللد كذلك وذهب الذي كان ميأله ومتدد وتبسط وذهبت البلة وأعقب

: مكاا التيبس تقبض جلده وتشنج إهابه، ولذلك قال النمر بن تولب

صناع علت مني به الجلد من عل محطا في يدي حارثية كأن

مدلكة ممتلئة حيط ا أصحاب املصاحف ظهور جلود رقاب املصاحف ليجعل ذلك احلزوز نقوشا، وما : واحملطأحسن ما قال النمر بن تولب، ولقد جهدت أن أصيب بيت شعر مثل هذا للعرب فما قدرت عليه، وكذلك قول

: عنترة

كفعل الشارب المترنم هزجا الذباب بها يغني وحده فترى

فعل المكب على الزناد األجذم يحك ذراعه بذراعه غردا

: ووصف الشاعر الثور فقال

غبغبه بالوظيف يدافع وأغلب فضفاض جلد اللبان

.إذا صغر رأسها ودق قرا واتسع جلدها فإا قد تكون كرمية: ووصف أبو موسى األشعري البقرة فقال

سلخ تربأ من اللحم وفرق ما بني جلده وسائر اجللود فرق ما بني وليس لألنسان من بني مجيع احليوان جلد إذا .القرقمان واحلوصلة

ليبس املطبق : سابقوا بني فرس ومحار وثور، فجاء الفرس سابقا وشهد ذلك بعض األعراب، فقال: وقال البقطري .كالضابع وال أوقص كاألعنق

: دا أن ميد صبعيه كالفرس والكلب، قال الشاعرألن احلمار طبق كزه رجع اإلبطني ال يستطيع إذا ع: يقول

ألف ألف أو تزيدونا وأنتم كم تضبعون وكم تأسو كلومكم

: وقال رؤبة

بما أصبناها وأخرى تشفع أيد علينا تضبع والتني

: إذا دعا اهللا علينا مد ضبعيه ورفعهما إىل السماء، وقال الراجز: يقول

إن الجياد الضابعات

: اللصوص وهو يتمىن أن تستاق أموال عبد القيسوقال بعض

دعا وقد جاوزن عرض الشقائق عبدي يكون بغارة نجائب

Page 65: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 65

.ليس عندهم من بذل اهود إال الدعاء واالبتهال على من ظلمهم: يقول

: ووصف اهلذيل الثور وجلده للنعل فقال

وصلهما جميل

إال من البقر واإلبل، ومن رديء اجللود عندهم جلد الضبع وهم ال يذكرون جلد اجلاموس وال يعرفون النعال : وجلد العث، قال الراجز

من استها ال ينقطع وشركا ليت لي نعلين من جلد الضبع يا

كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع

.كل احلذاء حيتذي احلايف الوقع، على أنه قد وضعه يف موضع التجوز واالحتمال: فعد ذلك بقوله

: ال اآلخروق

إهابه مثل إهاب العث

: مث رجع بنا القول يف العرج والظلع، قال احلطيئة

وأخبى ناره كل موقد كالب تسديتها من بعد ما نام ظالع ال

قال األصمعي يف ظلع الكالب وزعم أن الكلب إذا أصاب رجله شيء قطع، وهو يريد سفاد الكلبة وخياف أن متنعه ان، وهو ينتظر نومها وهي ال تنام حىت متل من النباح والتجاوب ويهدأ كل رجل منها، الكالب السليمة األبد

: ولذلك قال

أخبى ناره كل موقد

: ال، ولكن الكلب الظالع هو اهلائج، ويقال للكلب ظلع إذا هاج، وأنشد: وقال اآلخر

إذا أعطى زادا ابتلع وهو يشكو وجعا وال وجع يبيت

الكلب إذا الكلب ظلع كأنه الطمعأسرع شيء عدوه إلى

: بل الكلب إذا هاج اعتراه بعض اخلماع، فإذا مشى رأيته كأنه يظلع، وقد قال الطفيل: وقال اآلخر

ظلع وليست بظلع تفشغها وقد سمنت حتى كأن مخاضها

: وقال ابن عنقاء الفزاري

وليس به ظلع من الخمص ظالع على عوج طوال كأنها أمرا

ليس به ظلع من علة حادثة سوى الظلع الذي ركب عليه يف أصل اخللقة، ألنه أقزل واألقزال أسوأ حاال من : يقولكثري من العرجان، ألن الذئب ال يزال مضطربا يف مشيته، ونساه أشد تشنجا من نساء الفرس والغراب، والذئب

ائال ومرثوما بسواد، وكذلك الكلب، وأما أقزل مرثوم اخلطم بسواد سائل األنف، وكذلك أنف البقرة يكون س : قول الشاعر

Page 66: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 66

حد نابه لعابه يسبق غاداك ذئب سلجم أنيابه

: فإمنا ذكر ذلك على جهة املثل، كما قال الشاعر

تضب لثاتها للمغنم خبل وبنو نهير قد لقينا جمعهم

: وقال اآلخر

حشدايوم النجير وكانوا معشرا لثات بني عمرو لوقعتهم ضبت

وإمنا هذا على جهة املثل، ألن اإلنسان ما دام له ريق فهو حي، وصاحب الرتع والذي يكيد بنفسه جيف ريقه جفونا شديدا، وعلى حساب ذلك يصيب احملزون، واجلبان يف احلرب واخلائف يشتد عطشهما وجيف ريقهما، وقال ابن

: أمحر

طامع األملوقد يدوم ريق ال الثناء وأجدر أن أصاحبه هذا

: وقد قال اآلخر

إذا ما استيبس الريق عاصبه ..

: وقال الزبري بن العوام وهو يرقص عروة بن الزبري

مبارك من ولد الصديق من آل أبي عتيق أبيض

كما ألذ ريقي ألذه

: وقال بشار

إنه إن شاء أحلى وأمر أو رغبة في وده رهبة

ف الريق وانشق البصرحين ج الموت به أشياعه يتقي

: وقالوا يف سواد منخر الذئب والكلب، قال الشاعر ووصف ذئبة

حلقا مسودين ومنخرين مألولة األذنين كحالء العين

: وقال الطرماح أيضا يف سواد لثام الذئب

من صواها ضبج بوم وهام يستفز الحشا وفالة

امالنحر أحم اللث أبرق الذئب بها قائما تفجا

: فزعم كما ترى أنه أحم اللثام، وكذلك وصف الشاعر الكلب، فقال

رذم الخيشوم هرار لوهوه وأغضف األذن طاوي البطن مضطمر

: وقال كعب بن زهري يذكر سيالن أنف الذئب

كعب ويحك هال تشتري غنما يا قالت أراهط من عوف ومن جشم

Page 67: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 67

إذا ما أنفه رذماأويس ومن لي منها إذا ما أزمة أزمت من

: واسم الذئب أوس، فلما صغره قال أويس، وقال الشاعر

ما فعل اليوم أويس في الغنم

: أبرق النحر، هو مثل قول عمرو بن معدي كرب: وقال الطرماح

البوم ليس لها كتيع قليل وكم من غائط من دون سلمى

بياض لبته الصديع كأن السرحان مفترشا يديه يرى

األبرق يكون سواده خمالطا للبياض، والصديع هو الفجر، والفجر خمتلط بياض النهار ببقية سواد الليل، وأما ألن : قوله

لكل ريح لقحت معدين

: فقد وصف الراجز استرواح الذئب وحرصه على استنشاق الريح، فقال

بمثل مقراع الصفا الموقع الريح إذا لم يسمع يستبخر

من رؤساء املتكلمني، ومن مشايخ املعتزلة، ومن أرباب النحل، ومن العلماء باختالف امللل، وكان ومن العرجان، مثأعلم من رأينا من اخلوارج، وكان من أرىب على املائة وهو أبو كلدة، وهو الذي قال له النضر بن إمساعيل القاص

صرة يا أبا كلدة، إن لك شرجا وإن يل شرجا قبلت بالب: البليغ الشجاع وكنيته أبو املنذر، وكان رئيس الشعوبيةهذه رقية وأنا ? يا أبا املنذر: فاطلب شرجك فيما بينهما وفيما بني بينهما إن كان بني بينهما بون، قال أبو كلدة

.رجل أعرج، فاقصد ا رجلي فلعل اهللا أن يرزقين على يديك الشفاء

.احلروف ومنك التأليف، كما كان منه النتاج ومنك الكنيفمنه : والنضر هو الذي ملا سئل عن خلق الكالم قال

.إذا جتنبت املسان واملهازيل من السمان: أضحى باجلذع من الضأن؟ فقال: وقال له رجل

.ومن العرجان، مالك بن احملراس، كسرت رجله يوم اهلباءة فعرج

. عبد اهللا بن الشخريومن العرجان الفقهاء البلغاء، أبو العالء يزيد بن الشخري أخو مطرف بن

ومن العرجان األشراف ومن أهل العارضة واللسن واجللد، إبراهيم بن حممد بن طلحة بن عبيد اهللا أخو حسن بن وكان قد غلب على أمواهلم حىت شكوا ذلك إىل أيب هاشم عبد اهللا حممد بن علي بن أيب طالب، : حسن ألمه، قالوا

أال أدلك أيها األمري على الظامل الضالع الظالع، يف كالم غري هذا قد : قالفدخل على وايل املدينة فلما رآه عنده .عرضه الرواة

: وقال محيد بن ثور اهلاليل

مستزاد إلى أهلي ...... حزنا أال أرد مطيتي كفى

فجاج الصوى بالليل في الغائط المحل أدل القوم والليل دامس وأال

Page 68: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 68

سوادي ال أمر وال أحلي مكان يتقي األعداء شري وقد يرى وال

البيت ال يبلى شراكي وال نعلي لدي سالحي واحتبائي قاعدا وطرحي

وما قام الحواضن عن مثلي علي أهلي الضعيف مخافة وإيصابتي

عدلت مثلي عصاي وال رجلي فما العصا بالرجل والرجل بالعصا أعين

وليس حيمل أحدهم العصا على جهة محل األعرج، ولكنه مما هذا رجل يصف الكرب والضعف الذي يعتري اهلرمي، .جيوز أن يدخل يف هذا الباب

والعرج أيضا يعرض من أمور كثرية، وقد علمنا أن صاحب النقرس أسوأ حاال إذا تكلف املشي من األعرج، كما .كان يصيب هرمثة بن أعني ونصر بن شبث وإمساعيل بن نيبخت

تد سكة حديد يف األرض حىت يغرقها، مث يشد ساقه ا، مث يضع رجله اليسرى يف وكان العالء بن الوضاح يوالركاب ويثب فيقلع السكة ويستوي على ظهر الفرس كأنه مل يصنع شيئا من شدة متنه وقوة عصبه وتوتري نساه،

اة قرة وهو على فانقطعت يف بعض ذلك عصبة من ساقه فكان أسوأ حاال من األعرج، ولقد رأيته باملنازل يف غد .فرس له سرج وجلام يف قباطان فما رأيت مثله أشد وال أفرس

ومن العرجان األشراف السادة، ومن قدمته العشائر طوعا ورأسته اخللفاء اختيارا وحتفظ الناس كالمه ودونوا ووصفهم باخلصال الشريفة، مل ألفاظه واقتبسوا من علمه، ويف طول ما مدح اهللا به عباده والصاحلني باألمساء الكرمية

ميدحهم بشيء أقل من ذكره هلم باحللم، ومل جند ذلك يف القرآن إال يف موضعني، وقد وصف الناس باحللم عادا يف : اجلملة، كما قال النابغة

من المعقة واآلفات واألثم عاد وأجساد مطهرة أحالم

ذكروا قيس بن عاصم ومعاوية بن أيب سفيان ورجاال كثريا، ما وقد ذكروا يف الشعر حلم لقمان ولقيم بن لقمان، ورأينا هذا االسم التزق والتحم بإنسان وظهر على األلسن كما رأيناه يأ لألحنف بن قيس، وكان مع ذلك رئيسا يف

لوك املتغلبني وال أكثر تلك الفنت فلم تر حاله عند اخلاصة والعامة وعند النساك والفتاك، وعند اخللفاء الراشدين واملفينبغي أن تكون قد سبقت له من النيب صلى اهللا عليه وسلم دعوة أو . حاله يف حياته وال حاله بعد موته إال مستويا

قال فيه خريا كما رووه وذكروه، أو كان قد ظهر منه من حسن النية ومن شدة اإلخالص ما مل يكن عليه أحد من .نظرائه

إن األحنف كان : ون أن عبد املطلب أحلم الناس وكذلك العباس بن عبد املطلب، قلناأنتم تزعم: فإن قال قائلاحللم غالبا عليه فبان من سائر أعماله، وحماسن عبد املطلب وخصال العباس يف اد والشرف كانت متكاثفة

: متساوية، كل خصلة منها تنتصف من أختها وكانت كما قال الشاعر

غرض المحب إلى الحبيب الغائب ههاغرضت إلى تناصف وج أنى

Page 69: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 69

: وكذلك قوله

يدفع منها بعضها عن بعض تهض األرض أي هض جاءت

مثل العذارى شمن عين المغضي

: وقال جرير يف شبه ذلك

فلم يفضح بهن مريب وقلن برزن فال ذو اللب وفرن عقله

: وقال قيس بن اخلطيم

هها النزفشف وج كأنما تغترق الطرف وهي ساهمة

.وهذا البيت ليس من الشكل األول ولكنه مما يتعلق به ويروى معه

وإذا كانت اخلصال كذلك مل يغلب على صاحبه اسم دون اسم، ورجع األمر فيه إىل أن يسمى سيدا وما أشبه .ذلك، والنبوة تأيت على الغايات وجتوز النهايات

إال بيضة واحدة، وكان قد ضرب على رأسه خبراسان فماهت وكان األحنف أحنف من رجليه مجيعا ومل يكن له ولد األحنف مرتتق حتار االست حىت : إنك لضئيل وإن أمك لورهاء، وقال أبو احلسن: إحدى عينيه، وقال احلتات

فتق وعوجل، فإن كانت هذه الصفات كذبا وباطال فإنا ال نشك أن احلسد الذي أخرج من أعدائه هذه األمور مل إال على نعمة سابغة غامرة، وإال على خصال عالية فاضلة، مث مل يضره ذلك وال وضع منه، وال زادته األيام إال يكن

رفعة معلومة معروفة، مل تنقض من قدره عروة، وال فتحت من معاقد رياسته عقدة، فيعلم الطاعن عليه أنه إمنا يريد ناس يف كل حال، وأخطبهم يف يوم حفل ومصنع، ويف يوم أن يطمس عني الشمس، ويرد هبوب الريح، كان أبني ال

: أنس واسترسال، وهو صاحب الراية خبراسان، وقد انغمس يف حومة احلرب ثالث مرات وهو يقول

أن يخضب الصعدة أو تنشقا إن على كل رئيس حقا

الزبري بغري حذاء وال وسار حتت لوائه األقرع بن حابس، وكان واليه على اجلوزجان ومشى يف جنازته مصعب بنرداء، مع علمه مبا قال الناس يف شأنه وشأن ابن جرموز، وكان مع ذلك ال يرى احلكمني، وهو الذي قال لرسول

إن ركبوا بنات شحاج وقادوا بنات أعوج وأصبحوا ببلدة وأمسوا بأخرى، طال : قطري ولرائده وبغيه واملبلغ عنه .أمرهم

أبلغ : امللك للجفوة اليت حدثت بينه وبني مصعب وجرد إليه رسوال، فقال للرسولوهو الذي قال ملا طمع فيه عبد .صاحبك أنه إن مل يغزنا مل نغزه، وإن أتانا مل نقاتله، فعندها قوى عبد امللك يف نفسه

ا م: ومما يدل على تواضعه وحسن نيته، وعلى أنه مل يعم بالرأي ومل خيص، مما رووا من شأن الرجل الذي قال له .فلذلك ال أدخلها: ال أترك، قال: فأنت ما مينعك من دخوهلا، قال: مينعك من دخول املقصورة؟ قال

أخافك إن : مل ال تتلكم يا أبا حبر؟ قال: وتكلم الناس عند معاوية يف توكيد بيعة يزيد واألحنف ساكت، فقال معاوية .صدقتك، وأخاف اهللا إن كذبتك

Page 70: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 70

إين واهللا وإن قلت : معاوية عند معاوية، فلما خرج الناس أقبل على األحنف فقالوأطرى رجل من قريش يزيد بن إن ذا الوجهني ال : ، قال األحنف...وإن ابنه ما علمت للذي... الذي قلت رغبة أو رهبة فإنه ما علمت للذي

.يكون عند اهللا وجيها

: ثقة كذا وأبلغين عنك الثقة كذا، فقال األحنفأبلغين عنك ال: وشهد مصعبا يوما وهو يوبخ رجال ويقرعه، ويقول

.كال أيها األمري، إن الثقة ال يبلغ

هذا الذي كتبت لك قليل من كثري، ومل نرد اإلخبار عن بالغة لسانه وال عن كثرة معرفته، وإمنا أردت أن تعرف اهللا إذا أحب عبدا حببه يا سعد سعد بين وهيب، إن : "حسن نيته، وكتب عمر بن اخلطاب إىل سعد بن أيب وقاص

فنحن نظن أن هذه ". إىل خلقه، فاعترب مرتلتك من اهللا مبرتلتك من الناس، واعلم أن ما لك عند اهللا مثل ما هللا عنداملرتلة اليت صارت لألحنف يف قلوب الناس ملرتلة اإلسالم من قلبه، وهو الذي ملا دخل يف الوفد على مسيلمة

.واهللا ما هو بنيب صادق وال متنبئ حاذق: كيف رأيته؟ قال: له بعض رؤساء القومالكذاب فخرج من عنده، فقال

وهو الذي ملا وفد على عمر وتنازعوا الكالم عنده أمسك حىت كان عمر هو املستنطق له الكالم، وخص القوم والعباد، بالكالم عمر وذكروا شأن أنفسهم، وتكلم األحنف عمن غاب من جملسهم فتكلم يف مصلحة البالد

.إن شاء اهللا، وباهللا التوفيق" البيان والتبيان"وسنذكر فقرا من كالمه يف كتاب

ومن العرجان مث من امللوك يزدجرد بن شهريار بن شريويه بن كسرى برواز، وطئ خبراسان أيام خرج من العراق إنه سيكون : بوركه، وقيل جلدهامرأة فولدت له ابنا خمدجا ذاهب الشق، وكان عرج يزدجرد من قبل نقصان كان

.ذهاب ملككم على رأس غالم أعرج ناقص الورك، فعزم على قتله حىت صرفته عن ذلك سريين

كان أنو شروان أعور، وكان يزدجرد أعرج، واحلارث امللك األصغر الغساين أعرج، وكان : قال أبو عبد الرمحنة ملك اهلند قبل أن ميوت بسنة، وكان يزيد بن جذمية ابن مالك الوضاح أبرص، وعمى صصة أبو زاهر بن صص

وكان النعمان بن املنذر أمحر العني أمحر . عبد امللك أفقم، وكان هشام أحول، وكان مروان احلمار أشقر أزرق .اللون

ومل يكن يف أصحابنا مذ هلك أبو العباس إىل ملك املتوكل إال سليم اجلوارح نقيا من االبن صحيح األعضاء مجيل نظر ي الرواء، فأما الصلع فإنه انقطع بعد مروان بن احلكم، فلم يكن يف ملوكهم وال يف خلفائنا أصلع إىل يومنا امل

.هذا

سلمان بن ربيعة الباهلي، وهو سلمان اخليل، كان أبصر الناس بعنق دابة، وأبصرهم بإقراف وهجنة، : ومن العرجانوكان ابن أقيصر على مثاله حيتذي وإياه : ابق من املصلى، قالواوأعلمهم خبارجي وعريق وم وبعري، ويعرف الس

: حيكى، ويف قربه وقرب قتيبة بن مسلم يقول شاعرهم

وقبرا بصين استان يالك من قبر لنا قبرين بلنجر إن

وسلمان يسيسقي بها سبل القطر الذي بالصين عمت فتوحه فأما

Page 71: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 71

جلس للناس شهرين فلما مل يتقدم إليه : خلطاب على الكوفة، قالواوكان على املقاسم، وأول من قضى لعمر بن ا .خصمان لصالح الزمان واصطالح الناس طوى بساطه ومحد اهللا على ذلك، وله أخبار وأحاديث

يا أمري : وكانت دار سلمان بن ربيعة لسعيد بن قيس اهلمداين حىت رحل سلمان إىل عمر بن اخلطاب، فقال: قالواأن أقطعه أقرب املواضع : عرج وال قوة يل على املشي إىل املسجد، فكتب عمر إىل سعد بن أيب وقاصاملؤمنني رجل أ

يا أبا عبد الرمحن؟ هذا رجل زمن، فتحول عن داراك وأعطك : إىل املسجد، وكلم سعد سعيد بن قيس، فقال له .حول عنها سعيد ونزهلا سلمان ووىف له سعد بالذي قاله0مثلها، فت

ن عبد احلميد بن عبد الرمحن بن زيد بن اخلطاب وايل الكوفة وكان أعرج، وكان على شرطه القعقاع بن وكا: قالواسويد املنقري وكان أعرج، وكان على كتابته سلمان بن كيسان وكان أعرج، فكان صاحب الشرطة خيرج وهو

دل الشاعر أعرج، فرآهم خيمع، مث خيرج األمري وهو خيمع، مث خيرج الكاتب وهو خيمع، وكان احلكم بن عب : وخاطب نفسه فقال

فهذي دولة العرجان عمال ألقى العصا ودع التخادع والتمس

قومنا لكليهما رجالن يا وأمير شرطتنا معا ألميرنا

.مل أر الشعر دل إال على عرج األمري وصاحب الشرطة وعلى عرج احلكم الشاعر

. ابن أيب موسى واآلخر سليمان بن كيسان وهذا عندي عجبويف حديث اهليثم زيادة أعرجني، أحدمها

وكان احلكم بن عبدل قد خافه الناس وهابته األمراء بعد هجائه حملمد بن حسان وكان بعد ذلك ال يغشى أبوام، ولكنه كان يكتب على عصاه حاجته ويبعث ا مع غالمه فيدخل احلاجب العصا ويقضي حاجته، والناس والشعراء

ون، فلما رأى حيىي بن نوفل ومحزة بن بيض وأبو جسرح ما صنع احلاجب بعصا احلكم وهم مبزجر الكلب، حمجوب : قال حيىي بن نوفل

ونحن لدى األبواب نقضي ونحجب حكم في الناس أول داخل عصا

ل املثري، وهو ذو الركبة العوجاء وأظنه السائ: ومن العرجان مث من العبيد الشعراء، وممن يعد يف احلدب والعرجوإياه " الصحراء واهلجناء"الذي يقول فيه الشاعر يف قصيدته اليت ذكر فيها شعر العبيد، وقد ذكرنا هذه يف كتاب

: يعين يف قوله

على بشر بقاصمة الظهر أراح درك والعبد ذكوان والذي وفي

وذي الركبة العوجاء والسائل المثري بني الحسحاس والشيخ مورق وعبد

: فذو الركبة الذي يقول

أكلف شاحب منهوك كالنوء الغواني إن رأين مويهنا سخر

حدي فعليه وسلوك مهرى البيوت فجاء يأمل خيرها ورأى

Page 72: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 72

والظهر أحدب والمعاش ركيك مفارالق رأساهما والركبتان

الفقير وذلة المملوك قشف الحياة والح في أعطافه سئم

خرق البطون قليلة التبريك هالبلية برحت بحيات مثل

أنا راعي ضأن والضائنة آكل كل شيء، وأدومه رغبة وأكال، وهي ال تربك كربوك اإلبل فيستريح الراعي، : يقولأمحق من راعي ضأن مثانني، ألنه يتعايا ا وتغلبه فيعجز عنها، والنعجة موصوفة : ولغظ مؤونتها على الراعي قالوا

: أي الدواب آكل؟ قال: والرمكة آكل من الربذون، وقيل ألعرايب. ي آكل من الكبشبشدة األكل ودوامه، وه

إنه لو مجع أكل : برذونة رغوث، فإذا كانت الربذونة آكل الدواب فعلى حساب ذلك أكلها إذا أرضعت، ويقالوهي متضغ من غدوة املرأة من غدوة إىل الليل لكان أكثر من غداء الرجل وعشائه، هكذا حيكون يف أكثر النساء،

.إىل الليل وكذلك احلجر والفرس

وكان معاذ أمة، وكان يشبه إبراهيم خليل الرمحن، ومل يكن يف السلف أحسن : ومن العرجان، معاذ بن جبل، قالواآمن كل شيء من معاذ حىت "وقال النيب صلى اهللا عليه وسلم . جردة وال أنعم بدنا من معاذ وسهل بن حنيف

ن يعد من الزهاد الستة، وقد شهد املشاهد ووىل للنيب الواليات، وقبض الصدقات، وتعليم الناس ، وكا"خامتهوهو ابن أقل من عشرين سنة، وكان عند رسول اهللا وجيها ويف عيون املسلمني عظيما، . اإلسالم وتدريسهم القرآن

بعث النيب صلى اهللا عليه وسلم معاذ بن جبل : لأنبأنا أبو اهلذيل سعيد بن عبيد الطائي يف إسناد له، قا: وقال اهليثمال تروين أصنع شيئا إال صنعتم مثله، وكان به عرج فكان إذا صلى قدم إحدى : إىل اليمن فرتل يف حي منهم، وقال

إين إمنا فعلت هذا من : فلما انصرفوا قال هلم: فلما صلوا مل يبق منهم أحد إال قدم إحدى رجليه، قال: رجليه، قال .ج، فال تفعلوا مثل هذاعر

وزعموا أنه صلى إىل قرب شجرة فكان غصن منها قد ضرب إحدى عينيه فتناوله فكسره فلم يبق أحد ممن خلفه .إال تقدم إىل الشجرة فكسر منها غصنا

يرون وملا قدم معاذ على النيب عليه السالم ومعه أصحابه الذي قدم م سجدوا للنيب عليه السالم، وكان : قالوااسجدوا لربكم وأكرموا أخاكم، ولو أمرت : "ذلك من صنيع العامة تعظيما للنيب صلى اهللا عليه وسلم فقال النيب

".أحدا يسجد ألمرت املرأة أن تسجد لبعلها

وكان أبو عبدان املخلع موىل بلعنرب وامسه مرثد، وكان أطيب الناس شعرا، وكان صعتريا صاحب نيزكية وختلع، ا نشال، وإذا تكلم عقف أصابعه، فلم يزل يتكلف ذلك حىت صار خملعا باحلق، وصار أسوأ حاال من وكان ذ

: األشل، وكان يف صغره خياطا فصار يف حال ال يستطيع أن ميلك نفسه وال ميسك إبرة بيده، وهو الذي يقول

وأدنى من الدين الذي لديات أدناني وما كنت بالدني الدين

: ول يف أبيات له فحشة يذكر فيها الغلمانوهو الذي يق

نحوي مزاجرا ذربا أصبح نكش بالكشح مغترف وكل

Page 73: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 73

لو عز هذا النمير ما خضبا صار له خاضبا فواحزنا

كنت وأنا غالم أشتهي الصعترية واملواثبة والتكاتف : ومثله ما خربين به أبو عباد النمريي واسم أيب عباد مروان، قالل، وتعقيف األصابع إذا تكلمت، فصرت واهللا كأين أفرغت يف ذلك القالب إفراغا، فلما عقلت احتجت إىل والنشا

أن أستوى فما أجابتين الطبيعة وال أجابتين تلك اجلوارح إال بشدة االستكراه، وبقيت واهللا مخصر أصابعي ما تنبسط يقول ملا وجهه بعض العمال يف السعاية وحفظ البيدر إال بأن أمدها، ومىت تركتها عادت معقفة، وأبو عباد هو الذي

: وما فيه، فقال

كي والطير العظاما كنت بازا أضرب الكر

القدامى فأوهنت بي الصعو فتقنصت

زي على الصعو تعامى ما أرسل البا وإذا

، فقال عند ذلك يف أبيات وكان يتمثل يف ذلك يف بقول الفرزدق حني بعثوه يرعى الغنم، فضيعها وعاث فيها الذئب : له وهو أول شعر قاله

سوى الرعي مفطوما وإذ أنا يافع كنت مضياعا ولكن همتي وما

وطئت بالمكثرين المضاجع إذا أسوم النفس كل عظيمة أبيت

: وقد كان أبو عباد أراد بقول أيب النجم يف صفة الراعي

اد الدخلكالصقر يجفو عن طر بين الغانيات الجهل يميس

وقد وصف عبيد الراعي كيف تتحول صورة الراعي وتتبدل خلقته، وكذلك كل صناعة تصور صاحبها على ما يشاكلها، أال ترى أن احلائك يعرف بصدرته وتفحج رجليه، وال يكون أبدا إال وجلد بطنه أسود، وقد ذكر خلف

: وقال عبيد الراعي-بن خليفة

لبد تحت العصابة أنزعا وذا ترى وجهه قد شاب في غير لحية

قد عاش حوال مكنعا وتحسبه كعبه قد كان كعبين مرة ترى

: وقال يزيد بن مفرغ ما يؤكد قولنا ويفسره، قال

وما أنا إن لم أهج أوسا بشاعر أوس شاعر فاحذرنه يقولون

حراث وتقطيع جازر لهازم ألوس خلقة فشنأتها رأيت

: وقال آخر

قلت فيه واحدا من ثمانيه فما بجهدي وجه حفص وخلقهوصفت

Page 74: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 74

كشخان ورأس ابن زانيه وتقطيع أكار وخلقة كافر لهازم

مأبون يناك عالنيه وجبهة ولحية قواد وعيني مخنق

سقط رد في الرحم ثانيه ومرفق صباغ وصدرة حائك وراحة

: قال أبو نواس يف جعفر بن حيىيوممن هجى باخللقة وليس بشيء اجتلبه، جعفر بن حيىي،

خرق النعال وإخالق السراويل :قالوا امتدحت فماذا اعتضت قلت لهم

أو وصفه يعدل التفسير في القيل فسم لنا هذا فقلت لهم قالوا

ناظر في السيف بالطول كأنه الوزير الذي طالت عالوته ذاك

: وقال أبو نواس فيه أيضا

من جعفر خلقة السلق يومله ما الذيلهارون الخليفة عجبت

ملك يقضي الهموم على بثق قفا خلف وجه قد أطيل كأنه قفا

من كلب عقور على عرق وأألم زهوا من ذباب على خرا وأعظم

إذا زاده الرحمن في سعة الرزق جعفرا يزداد بخال ورقة أرى

إال على حمقوضعوه الناس لما ولو جاء غير البخل من عند جعفر

ومن العرجان، هرمثة بن النضر اجلبلي، وما رأيت أحدا قط ميشي وهو أعرج إال وقد كان هرمثة أقبح مشيا منه، .وذكروا أنه كان على ظهر الفرس يعطي يوم الروع حقه من الطعان

كأمنا خلق هنالك، كان عمر بن اخلطاب ميسك أذنه اليسرى بإصبعه اليمىن مث يثب على ظهر الفرس : قال العمريإياكم والسمنة فإا عقلة، : اقطعوا الركب وانزوا على اخليل، ومتعددوا واخشوشنوا، وكان يقول: وكان يقول

.وامشوا حفاة فإنكم ال تدرون مىت تكون اجلولة

ام ومجع الوليد بن يزيد جراميزه ووثب من األرض على ظهر فرسه كأنه مل يزل فوقه مث أقبل على ابن هش: قال .أليب مائة عبد كلهم حيسن مثل هذا: أبوك حيسن مثل هذا؟ قال: وكان الوليد ويل عمه هشام، فقال

.ومل يكن من ولد العباس إىل يومنا هذا خليفة إال وهو فارس صبور على شدة الركض وعلى طول السرى: قالوا

: ومن العرجان، أبو مالك األعرج الشاعر، وهو الذي عناه اليزيدي بقوله

الناس إال آير ومئير فما لعمري لئن كان العيرج آرها

: وأبو مالك الذي يقول

فيالك من دبر ترد المظالما تلوط دهرا ثم عاذ بدبره

Page 75: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 75

بينما عمر بن اخلطاب جالسا إذ قيل أقبل : قال: ومن العرجان ااهيل، ما حدث به أبو احلسن، عن أيب الوليد : وقف عليه فقالأعرج يقود ناقة تظلع حىت

وإنك مدعو بسيماك يا عمر إنك مسترعى وإنا رعية

وقد حملتك اليوم أحسابها مضر يوم شر شره متفاقم أرى

وشكا عرج رجله وظلع ناقته، فقبض عمر الناقة ومحله على مجل وزوده، مث . ال حول وال قوة إال باهللا: فقال عمر : إذا حلق راكبا وهو يقولخرج عمر حاجا يف عقب ذلك فبيناه يسري

النبي صاحب الكتاب بعد ما إنما رأينا مثلك يا ابن الخطاب

باألدنى وباألحباب أبر

.فنخسه عمر مبخصرة معه

: ويف بين النضري عرجان وحوالن، فلذلك قال خفاف بن ندبة السلمي يف تعيري الربيع بن أيب احلقيق

وأحساب الرجال تزيل توزال ترى إن ردت األوس حلفها فسوف

يدعى وسطها والسمول وشعبة شهبا تخطر بالقنا والقيتها

إذا برقت في عارض الصبح أغيل وسط البيوت كأنها وأبصرتها

رهط أعرجان وأحول ثالثة وسط القوم لما اصطففتم وغودر

: وكذلك يقال يف بارق أن األعمى واألعرج فيهم كثري، ولذلك قال حشية: قالوا

أعمى مقعد وكسير شيخان كشحتك استك للعجار وبارق

ليس الشأن يف االستقامة واالعوجاج وإمنا مدار األمر : وقال الصحيح لألعرج ذكرت االعوجاج فمدحته وقلتعلى املصاحل، وحنن جند مجيع أعضاء اجلسم إذا دخله االعوجاج فسد، كما يقال للرجل أعرج وأفحج وأفلح

أحنف : أحدب وأزور وأبزخ وأقعس، ومثل: خامع وظالع، ويف الظهر مثل: أحنف وأصدف، ومثلوأفدع وأقفد وأشتر وأحول وأقبل، : ملقم وأضجم وأفقم وأشغى، ويف العني: وأعرج وأعصل وأصدف وأعقف وأجىن، ويف الفم

ع، وقد قالت مرة يف ويف األذن أخذى وأذقى وأفد، ويف الضرع والثدي احلضون والشطور، ويف اليد املكنع واملقف : صفة ساق شيخ

غرب عينه فلخا وسال للشيخ إذا ما اجلخا عجبت

تحت رواق البيت يغشى الدخا أكال دائما وشخا وصار

: وقال بعض الشيوخ يف احنناء ظهره

بعد قعس إجناء والمشي لما رأت في ظهري انحناء

Page 76: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 76

ثلثي غبوقي ماء وجعلت وكان حبها إجالء أجلت

إن شئت أو إلقاء دحرجة تقول من بعيد هاء ثم

جعل اهللا لها شفاء ال تمنى أن يكون داء ثم

: وقال محيد بن مالك األرقط يصف أنوف ضيفانه بأا حجن، واألحجن واألعوج سواء

وعباء فيه تفنين حقائب مزملين على األقتاب بزهم

انينحجنا فال جدعت تلك العر مقدمين أنوفا في غطائهم

: وقال اهلذيل

ألتته الخيل أعينها قبل إذا ولو سمعوا منه دعاء يروعهم

: وقال بشامة بن الغدير يف صفة ناقته

إذا ما ثنيت إليها الجديال شازرة طرفها توقر

إذا ما أفاض إليها الحويال كعين مفيض القداح بعين

: من احلوالن والرمصان واحلدبوقال سويد بن صامت يذكر ما كان يف قريظة والنضري

من قبل عاد فأخفوا الشخص واقتصدوا لليهودي إن اللؤم حالفكم قل

خنازير أهل األرض والقرد منهم ورمص لئام في مجالسهم حول

الخلق في أطرافه أود مشوه الظهر ما ترجى مروءته وأحدب

: وأنشد أبو الرديين العكلي يف األعصل واملعوج

وال تخافا جفوتي وال بخل حبي حماله ما حملصا يا

في وشيء من عصل ودقة على بطء قيامي وكسل إني

أذب عن عرضي وأودي بالجمل

وذكروا أن أخوين من أهل اليمامة أو من بعض بالد النخل كان أحدمها صاحب إبل واآلخر صاحب خنل، فقال زراية على الفسيل وجني شأا بأا مقيمة ال تربح وال متشي صاحب اإلبل يفخر على صاحب النخل، فلما أراد ال

: وال تتصرف جعلها عرجا فقال

لغائط ملتج وبدها ألهاك عن سوق المخاض الثبج

تنبت أوالت األشاء العرج أحوى كلون الليل مزمئج

كسبايا الزنج محنبات

Page 77: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 77

: فرد عليه صاحب النخل فقال

والجدول العاسل من فراضها هاإني وجدت النفس في حياض

القلب من أمراضها ونزوات من القعد أو اعتضاضها خيرا

يحوط خشية ارفضاضها ولم الذرا لم تثن من إباضها كوم

: فقال! أخيطبين أعرج: ومن العرجان، الطائي، وخطب امرأة فشكت إىل جاراا وقالت

نكح ذا الرجلفقالت معاذ اهللا أ إلى جاراتها وتعيبني تشكو

سواء أو لمال به حملى لكنا من صحيح لو يوازن بيننا فكم

: واألعرج الطائي هو الذي يقول

تظهروها للمعاشر أوال ولم علم األقوام أن قد فررتم لقد

رب من قد فر ثمت أقبال أال كداعي كرة بعد فرة فكونوا

مغزالسنان معشر الغوث بكل أنتم لم تفعلوا فتبدلوا فإن

مرآة وبالسيف مكحال وبالترس وبالدرع ذات الفرج درجا وعيبة

ألرجو أن يقولوا بأن ال وإني وأعطوهم حكم الصبي بأهله

: وحكم الصبيان مضروب به املثل، وقال اآلخر

كثير على ظهر الطريق مجاهله تحكما حكم الصبي فإنه وال

احلكم بن أيوب الثقفي، واله احلجاج البصرة ثالث مرات، فلما كان ومن العرجان األشراف وأصحاب الواليات، .أيام يزيد ابن املهلب وصاحل بن عبد الرمحن قتل يف العذاب

ومن العرجان، حممد بن ثابت موىل نصري، أتلف الناس لدرهم وأبصرهم بكل شكل وزي ولباس وفرشة ومركب .يدي مل ير نزهة قطوأداة، ومن مل ير فيه مترتها، وأمحد بن خلف الرب

وكل ذي رجلني يف األرض وكل ذي أربع إذا قطعت واحدة أو انكسرت واحدة فإنه ميشي على األخرى شيئا قليال كان أو كثريا، وإن كان ذلك على التحامل والوثوب على رجل واحدة أو على ثالث، إال النعامة من بني مجيع

. مل يربح مكانه أبدا مات أو عاشاخللق، فإن الظليم مىت انكسرت إحدى رجليه

وأنشدنا ابن األعرايب أو بعض إخواين من النحويني الثقات لبعض األعراب خياطب امرأة يف جفائها بأخيه، وكان : اسم أخيه رحبة

طير طرن كل مطير بلحمك عني تطردين تبددت أرحبة

جبور وزالت النساء كثير ال تزلي زلة ليس بعدها قفي

Page 78: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 78

على كل حال من غنى وفقير إياه كرجلي نعامةفإني و

وذكر العرج إذا عم أهل البيت وجرى القوم منه على عرق أو غري ذلك من العلل واآلفات، كان بنو احلذاء عرجا : وكانت أرجلهم معوجة شديدة االعوجاج، فقال بشر بن أيب خازم

جار على جيرانه كلب وكل در بني الحذاء من نفر هللا

كما تنصب وسط البيعة الصلب غدوا وعصى الطلح أرجلهم إذا

عصى الطلح وأغصانه أشد األغصان اعوجاجا فوصف أرجلهم ا، ومن ذلك قول البطني لرجل من : قال األصمعي : بين تغلب

كالم كعصى الطلح له موقع الوجه قليل الصفح

: أنشدين أبو الرديين العكليألنه كان معوج الكالم خمرجه على غري االستقامة، و

إذا الخطباء الصيد عصل قيلها فتى كان يعلو مفرق الحق قيله

.إذا اعوج كالم الناس وزل عن الطريق عال كالمه مفرق احلق: يقول

: الوبينا بيان بن مسعان يف غرفة باملدائن مع أصحابه وهو خيربهم مبا يكون من املالحم، ومر به رجل أعور سكري، فق

نعم واهللا ال تنقضي الفتنة حىت ميلك هذا األعور أعنة اخليل، إذ أشرف رجل منهم فرأى رجال على الباب يف زي أتيتم، : السلطان، وكان الرجل رسول صاحب اخلراج إىل رب الدار، ومل يكن رسول السلطان إليهم، فقال املشرف

ن مسعان فانكسر ساقه وشم وجهه، فلما علموا أن قد جاءتكم رسل السلطان، فتطافروا اجلدران وسقط بيان بأنت ختربنا عن األمور الكائنة وال : الرسول مل يكتب بسلطان وأنه إمنا جاء ايل رب الدار تراجعوا فقال له بعضهم

قد عرفت شأنه، ولكنين أردت أن أبلو أخباركم، فقال معدان : تعلم بشأن هذا الرجل حىت قتلت نفسك؟ قال يذكر بيان يف قصيدته اليت يذكر فيها أصناف الغالية -من أهل املازج واملديرب-أبو السري الشميطي األعمى وهو

: وغريهم ممن خالف قول الشميطية

وقد بات قاسم األنفال ب والذي طفف الجدار من الرع

أن سيقتاد ضمرا كالسعالي األعور المدامن سكرا يعد

ورى وقود الرعالال نقمات مع الخزائن طرا وإليه

كعود طلح بال وبساق خامعا بوجه هشيم فغدا

: فهذا كله يدل على تفسري األصمعي، وقال البطني

مرادى سفين في البطائح تمهر ترى األفخاذ منهم بسوقها أناس

Page 79: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 79

لعني أو وصف اعوجاج سوق هؤالء العرجان باملرادى إذا رأيتها، فإنك ال ترى املرادى إال وهي معوجة يف ا .متهر يريد تسبح، وذلك ألن املاهر هو السابح: متكسرة، وقوله

وكان زيد بن عمارة صاحب الربيد باألهواز أعرج من رجليه مجيعا، وكانت ساقه شديدة االعوجاج، فقال أبو : الشمقمق

مفتاح مناره مثل رجل زيد بن عماره

.يةألن مفاتيح املزاليج أشد أعوجاجا من القسى الفارس

: وبنو كابية بن حرقوص صلعام كثري، فقال القائل

هامته كاألفحوص كاكم أنتم بنو كابية بن حرقوص

: ولذلك قاال اآلخر لبىن محان

أم كلكم يا بني حمان مزكوم خلقت في صدر أولكم أجشة

: وقال اآلخر

فطح أباهيم عراض األعقاب بنو جعدة قرع صياب نحن

: بن أسافوقال يك

إذا حارد الجون المجاليح فرد إني أتمم أيساري بذي أود

وفي مباركها الجون المصابيح في يوم غرب وماء البئر مشترك

إذا استقبلته روح كأنهن بها بازل فتخ قوائمه يسعى

: والفتخ والفطح سواء، وقال أبو زبيد يف صفة األسد

أخلفه األنيسوقد نادى ف بالشمال إلى حشاه فيضرب

يقيها قضة األرض الدخيس كالمحاجن في فتوخ بسمر

ألن األسد وأشباه األسد إذا وطئت األرض دخلت أظفارها يف أكمام، فهي ال متس األرض فتأكلها، فهي أبدا ب نا: مصونة كأا حراب مذربة، وكذلك ناب األفعى إذا فتحت فاها فإن ناا يف كم، وهي كالغالف، يقال له

: أغلف، فذلك قال الشاعر، وهو جاهلي

لميمة من حنش أعمى أصم فابعث له في بعض أعراض اللمم

أفضل منه الجوع شم فكلما عاش حتى هو ما يمشي بدم قد

به داهية وال سقم تمس إذا أمسى أبو عمرو ولم حتى

يقم إلبل وال غنم ولم وود بعدها أن لم يقم قام

Page 80: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 80

بين الشراك والقدم فخاضه نضناض أصمحتى دنا من رأس

أخرجه من جوف كم بمذرب

: وقال بغثر بن لقيط يزعم أن بين رواحة بنو أسد

مدان وال متقارب هناك إذا قلتم أبونا وأمنا ليس

ومنصبكم إن عدتم في المناصب أبوكم فقعس قد علمتم ولكن

والحواجببين اللحي وآنفنا هذه أقدامنا في نعالكم فها

ما أبينا ال ندر لغاصب إذا في خيمنا وإباؤنا وإعطاؤنا

: وقال يف ذلك مرار األسدي

كرام الناس مشتبهي النعال بني خفافة من عقيل رأيت

قبيلة منهم عوالي لكل كمثل بني أمية في قريش

: وقال يف العراق واإلعداء ونزع الشبه

نظر إلى أخيهاكريمة فا أردت امرأة تعليها إذا

فإن أشباه أبيها فيها يخبرك عنها، وإلى أبيها

: كما قال ابن الدمينة

بنفسك فانظر من أبوها وخالها كنت مرتادا لنجلك أمه إذا

قيس من نعل بنعل مثالها كما منها كما هي منهما فإنهما

: وقال آخر يف نزع الشبه ويف الضوى مجيعا

في خالد بعد خالد والدته ظامهبضاوي تموج ع ولست

إلى نسب أدنى من الشبر واحد من آبائه أمهاته تقارب

فالحى للحي والد مشاغرة أخوات أنكحوهن إخوة بني

: وقال آخر يف التسوية بينهم يف موضع الذم واهلجاء

لذي شيبة منهم على ناشئ فضال كأسنان الحمار فال ترى سواس

: الزرقة يف مهدان فاشية، ولذلك قال الشاعر:وقال اهليثم

وال الزرق من همدان غير شريد وما أنزل الكذاب من حل مالنا

Page 81: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 81

: وقال آخر

تشابهت المناكب والرءوس إذا ما قلت أيهم ألي

: وقال آخر

الناس من ولد الزبير فشر ما قيل أي الناس شر إذا

ؤم الغفيرهم الجماء في الل كبيرهم وطفلهم سواء

: مث من هذا الباب إال أنه من املدح قوله

مكرمة أبناء أيسار سواس لينون أيسار ذوو يسر هينون

مثل النجوم التي يسري بها الساري تلق منهم تقل القيت سيدهم من

يهم أعظم كفرا فأما الذي جيعل أوالد املكدين عميانا وعرجانا وعمشا وحدبا فهو يسمى املشعب، فال أدري أوأقسى قلبا، اآلباء أو األمهات الذين يسلمون أوالدهم إىل املشعب وهم أطفال، حىت يعمي أبصارهم ويعرج

أرجلهم ويزمنهم ويشوه م، أو املشعب نفسه الذي ترك كل صناعة يف األرض وتعلم هذه الصناعة فجعلها مكسبه ".املكدين"ة قد أزمنوا أوالدهم، وكتبت عنهم تصنيف اليت ال يفارقها، وأنا رأيت من هذه الصفة مجاع

وباب آخر

وحنن ذاكرون إن شاء اهللا كل من كان عرجه من قبل قطع رجله يف احلرب ويف غري ذلك، وكل أقطع وأحدب : ومقعد وآدر وأعسر وأشباه ذلك، واألجذم واألقطع سواء، قال عنترة

شارب المترنمهزجا كفعل ال الذباب بها يغني وحده فترى

فعل المكب على يديه األجذم يحك ذراعه بذراعه غردا

املقطع اليدين، ومن ذلك قول إياس بن غسان التغليب حني قطعت يده : فعل األجذم املكب على الزناد، ويريد: يريد : يوم البشر

أن الفتى يضرب وهو أجذم علمت قيس ونحن نعلم قد

من بين تراقيه الدم يفور

: وقطعت رجال عبد اهللا بن وهب الراسيب إمام اخلوارج، فقاتل وهو يقول

الفحل يحمي شوله معقوال

: وقال أخر شعرا يف هذا املعىن، وهو قوله

وبها يساعي من سعى الفتى يمشي بها رجل

Page 82: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 82

ألف القعود وأسرعا أصيبت رجله فإذا

ر بن قشري، وهو الذي كان ينشد رجله وهو يقاتل، وقطعت يف احلرب رجل حامت بن عتاب بن قيس بن األعوفسمي ناشد رجله، وهو الذي كان حيجل يوم الريموك على األخرى ويقاتل الروم، وذهب إىل قدر زيت تغلي

: فأدخل رجله فيها لتكويها ويقطع عنها الرتف، وقال شاعرهم

لدن شب حتى مات في الحمد راغبا أبو حمل أعني ربيعة لم يزل

الذي أدى إلى الحرب حاجبا ومنا ابن عتاب وناشد رجله اومن

: ومن بين قيس بن ثعلبة عمر بن عبد اهللا ذو الكف األشل، وقد رأس وكان سيدا، وهو يقول

ولكن إذا ما ضاق أمر توسعا بالماء ال لهوانهم يمدهم

.رقةومنهم األجذم أبو ربيع بن عمرو بن األجذم، رأس الناس يوم عبيس واألزا

وممن شلت يده وبقي كذلك عمر بن وازع احلنفي، ضربه دمل بن صامت بن مالك أحد بين احلارث بن منري، فقال : النمريي

ذات غبار وقتم ملمومة نحن صبحنا عمرا حين ظلم

دقا كنثيج الغتم ندقهم غتيم ورياح ودلم فيها

: وقال دمل بن صامت

من أبصارهم فوق البصريرفع النميري الذي عمى عمر أنا

والشدات أجواف الثغر بالطعن الراية مرزوق الظفر مبارك

يكون الناس أبناء مضر حتى

رأيت أعرابيا مقطوع يد اليمىن ورجل اليسرى، وهو ميشي على عصا ذات زج، وأنشدين : وخربين صديق يل، قال : لنفسه

طماريتخدد عن متني أ وإن يعلم أني من رجالهم اهللا

وإن مشيت على زج ومسمار رزئت يدا كانت تجملني وإن

: وقال اآلخر وقدموه لتقطع يده

اليوم أن تلقي مكانا يشينها بك يا أمير المؤمنين أعيدها يدي

إليك المهاري وهي خوص عيونها فلو قد أتى األخبار قومي لقطعت

: وقال جحدر اللص لعياش الضيب

Page 83: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 83

لملمات سبا وسعير غدا سك فاصطبرإذ وطنت نف أعياش

من عظم اليمين جذير وكفك وأنت قطيع الرجل تمشي على العصا

وحماقات الرجال كثير بها وأحموقة وطنت نفسك خاليا

الذل ما نفسي لها بصبور على فإن وطن الضبي نفسا لئيمة

.جارة وتقتله، قتله عاصم بن األجذم امللعيوقطعت بنو تغلب ميني عمري بن احلباب قبل أن ترضخه باحل: قال

.ولكن زيادا ملا كان ابنه من أخيه عاصم أضيف إليه، فمنهم األجذم وأبو عاصم: قال أبو عبيدة

: ومنهم عمري بن احلباب ويدل على ذلك قول اجلحاف بن حكيم السلمي

الغليل وحرها لم يبرد برد ولقد وجدت على عمير حرة

اإلله للحمه المتبدد طلب أسه ويمينهالنصارى ر قطع

ومنهم حكيم بن جبلة أحد بين عثمان بن وديعة بن عبد القيس، شهد قتل عثمان وزعم أنه الذي جاء بالزبري بن : العوام إىل علي حىت بايعه، وهو الذي يقول

علي وأستقيم تعوجهم وقومي كل يوم وأهلكني

على كالمآجن خاظيات رقاب األكوار كوموأستاه

: قتل يوم الزابوقة بالبصرة مع ابنه األسرف وأخيه رعل، فقالت أمه

بل الرزية مثل الرعل والحكم ليس الرزية بالتنبال تفقده

قطعت رجله بفخذها فتناوهلا فرمى ا قاطع رجله فكبده ا فسقط، فزحف إليه حىت ذحبه مث استرخى من : قالوافهذا مما ينكره أصحاب . وسادي: من بك؟ قال: وهو قاطع رجله، فمر به رجل فقالالرتف، فاتكأ على قتيله

احلرب، وأعجب منه حديث أيب عبيدة عن أيب عمرو بن العالء، فإن كان أبو عبيدة قد صحح هذا اخلرب عن أيب .عمرو فإنا هللا وإنا إليه راجعون

اذهنب فإين أمحيكن ما : بن حبيب، قال للظعن اللوايت معهوملا أثبت ربيعة بن مكدم وهو على فرسه قتله نبيشة : قالوافلم يتبعوهن ملا رأوه : دمت واقفا على ظهر فرسي وال يتبعونكم ما داموا يرون سواد شخصي وإن كنت ميتا، قال

.منتصبا

وا ملا كان اليت ما نعلم قتيال ميتا محى ظعائن غري ربيعة، ولو كان األمر كما حدث: قال أبو عبيدة، قال أبو عمروفلما قضينا عليه املوت ما دهلم على : "خص ا سليمان بن داود فضيلة على حال ربيعة بن مكدم، قال اهللا عز وجل

فهذا إمنا كان شيئا خص اهللا به سليمان وهو من . اآلية" موته إال دابة األرض تأكل منسأته، فلما خر تبينت اجلن، فأما ما ترويه رواة السوء من شأت املغرية بن الفزر ومردويه كرداين باألهواز عالمات النبيني وبرهانات املرسلني

التقيا فاختلفا ضربتني فضرب املغرية وسطه فمن حدته وجودته : فهو من احملال الذي ال خييل على ذي عقل، قالوا

Page 84: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 84

به، مث قال املضروب ومن شدة ضربته وقوته مر السيف يف وسطه حىت نفذ من اجلانب اآلخر، واملضروب مل يشعرفإن كنت صادقا فتحرك، فلما حترك تباين نصفاه فسقط أحدمها عن ميني : ما صنعت شيئا، قال املغرية: للمغرية

.فهذا من أحاديث اخلرافات، وليس حيتمل هذا الضرب من األحاديث إال من ال علم له. الفرس واآلخر عن يساره

: اصرب حلحلة، قال: ملا قدموه لتضرب عنقه قيل لهوهم يزعمون أن حلحلة بن أشيم الفزاري

أصبر من عود بد فيه جلب

: اصرب حلحلة، قال: وقال

بواني زوره للمبرك ألقي أصبر من ذي ضاغط عركرك

.فلما ضربوا عنقه خطا خطوتني لرييهم أن عقله معه

. مددت إحدى رجلي وقبضت األخرىإن : أجزعت من القتل؟ قال: وزعموا أن هدبة بن خشرم العذري ملا قيل له

.وهذا الضرب من األحاديث ال يصدق به إال جاهل

ومن العرجان، مث من علماء املتكلمني، ومن الدهاة املناكري، ومن املطعمني وأصحاب القرى ممن كان يقرى الليل ر، وقد مجع بينه وبني أيب كله، كلثوم بن حبيب بن أنيف، أحد بين امرئ القيس بن متيم رئيس الشمرية بعد أيب مش

اهلذيل وكتب الكتب اجلياد، وهو الذي اختاره حممد املخلوع مع سعيد بن جبري احلمريي يف تقريب ما بينه وبني .املأمون، وكان جده أنيف من الدعاة أيام ظهر السواد، وكان يكىن أبا عمرو

: يقول يف أوىف بن موألة حني عرجسيار بن رافع، قطعت يده يف بعض قالع فارس، وهو الذي: ومن احلدب

في الدار يمشي على رجل من الخشب أوفى بعيد الشيب من كثب رأيت

وللقصار مقاال آخر الحقب للعرج مجلدا لم يكن لهم جعلت

.وكان أوىف قصريا

وزيد ". ىل اجلنةيسبقه عضو منه إ: "ومنهم زيد بن صوحان العبدي، اخلطيب الفارس القائد، ويف احلديث املرفوعرأيت يدين يف املنام حىت نزلت : ومل؟ قال: إين مقتول غدا، قال: هو الذي قال لعلي بن أيب طالب رمحة اهللا عليهما

: من السماء فاستشلت يدي، فلما قتله عمرية بن يثريب مبارزة، ومر به علي بن أيب طالب وهو مقتول فوقف وقال

.عونة خفيف املؤونةأما واهللا ما علمتك إال حاضر امل

تكلم زيد : وبنو صوحان كلهم خطيب إال أن صعصعة كان أعالهم يف اخلطابة، وذكروا عن سالم أيب املنذر، قالإا اليسرى : إن كالمك ليعجبين، وإن يدك لتريبين، فقال: بن صوحان فجعل أعرايب يسمع كالمه ويتعجب، مث قال

: يا أعرايب، وهو الذي قال

ي وهذا أثرهمن يشتري سيف

: وملا قطعت يد زياد بن عطارد بن زياد جعل السليك اخلويلدي ينشد يده وهو يقاتل، ويقول: قال

Page 85: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 85

من حنيفة المواردا أذود كيف تراني والفتى عطاردا

كفا ذهبت وساعدا أنشد منهم سرعانا واردا أذود

أنشدها وال أراني واجدا

: وقال زياد ومر به مقتوال

وشعثت بعد الدهان لمتي مت بنتي وآمت كنتيقد يت

حدثنا محيد، عن أنس، أن رهطا من عكل وعرينة تقدموا على النيب صلى اهللا عليه وسلم فاجتووا : األنصاري، قالففعلوا " لو خرجتم إىل إبل الصدقة فشربتم من ألباا وأبواهلا: "املدينة، فقال هلم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

وا، فقتلوا الراعي واستاقوا اإلبل وخرجوا مرتدين، فبعث رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فأيت م فقطع فصح .أيديهم وأرجلهم ومسل أعينهم وألقاهم يف الشمس حىت ماتوا

ملا صنع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: ثنا أبو هالل، عن قتادة، عن أنس، قال: وحدثنا زيد بن احلباب، قال: قال

.إىل آخر اآلية" إمنا جزاء الذين حياربون اهللا ورسوله ويسعون يف األرض فسادا: "بأصحاب اللقاح ما صنع نزلت

: وقال أبو الدمهاء يف الباب األول

عني ويلقى دوني الحجر تزور يا للكواعب يا دهماء قد جعلت

طويال يناغيني له القمر ليال ال أسمع الصوت حتى أستدير له

: الوق

فصرت أمشي على رجل من الشجر وكنت أمشي على رجلين معتدال

: وقال رجل من بين عجل

له ليلى مقالة ذي عقل فقالت واش عند ليلى سفاهة وشاني

تجتر المالمة للبعل كورهاء أني عرجت فلم تكن وخبرها

جعلت العصا رجال أقيم بها رجلي بي من عيب الفتى غير أنني وما

: هذا أعرج، والذي قبل هذا وصف الكرب واهلرم، وقال أبو ضبة

ظهري وقمت قيام الشارف الظهر جعلت إذا ما قمت أوجعني وقد

ومنهم كردويه العسر، رأس بكل كورة سبذان، كان أمين فلما قطعت ميينه يف احلرب استعمل يساره فمرن حىت ".العرب واملوايل"تله، وله حديث يف كتاب كأن مل يزل أعسر، مل يضرب بعمود أحدا قط إال ق

.ومنهم اصطاث الرومي صديق أيب عمارة، قاتل باليسار وشد ترسه على ميينه املقطوعة فكأنه مل يزل رجال أعسر

باب ذكر من سقي بطنه من األشراف

Page 86: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 86

ى انقطع ذلك عنه، وملا وكان مكلما فلما اكتو: منهم عمران بن احلصني اخلزاعي، وكنيته أبو النجيد، اكتوى، قالوا .ى رسول اهللا عليه السالم عن االكتواء فما أفلحنا وال أجنحنا حني اكتوينا: مل ير يف الكي ما أحب قال

ال تفعل فإن ذاك أحب إىل : لوال ما أرى بك لكثر إتياين لك، قال: وعاده أبو بردة فلما رأى شدة حاله قال: قالوا .اهللا وإيل

لوال أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ى أن : رت، وقد اكتوى يف بطنه سبع كياث، فقالومنهم خباب بن األندعة باملوت لدعوت به، وكان قدمي اإلسالم وعذبه أهل مكة وألقوه على الرضف حىت انقطع ماء متنه، وكان من

من اللسان الذي كان يقدم به ولده ببغداد خباب موىل بريه وصاحب مثامة والعروضي، رأيته وقد فلج ومعه بقية .على مجيع أهل بغداد، وله أحاديث وفيه أخبار

.وممن سقي بطنه من األشراف قبيصة بن املهلب

ومن األشراف أيضا عثمان بن أيب العاص وإليه يضاف شط عثمان، شكا إىل النيب صلى اهللا عليه وسلم نسيان منه، وقال لثقيف بعد وفاة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم القرآن فتفل يف فيه فكان بعد ذلك ال ينسى ما حفظ

يا معشر ثقيف كنتم آخر الناس إسالما فال تكونوا أوهلم ارتدادا، وكان فارس ثقيف، خرج : حني مهت باالرتدادإىل عمرو بن معدي كرب حني غزاهم يف بين زبيد وغريهم فلم يلبث له، وطلبه ففاته، وله يف ذلك شعر مشهور

ن شاعرا بينا عاقال رئيسا سيدا مطاعا، وله فتوح كبار ومقامات شريفة، وكان يف شرط ثقيف أال يوىل عليهم وكاإال رجال منهم فواله النيب صلى اهللا عليه وسلم، وكتب عمر بن اخلطاب إىل عثمان وأيب موسى حني كانا يف شق

.هذا وحال أيب موسى حاله عند عمر. المإذا التقيتما فعثمان األمري وتطاوعا والس: بالد فارس

.وممن سقي بطنه أبو عزة الشاعر، وقد كتبنا قصته وكيف اكتوى وكيف برأ يف باب ذكر الربصان

وممن سقي بطنه فاكتوى فمات، مسافر بن أيب عمرو بن أيب أمية، وقد كتبنا قصته والدليل على شأنه يف الشعر يف : باب الربصان، وفيه قال الشاعر

هبالة بيته بيت الحمار مكشوح له النعمان أمسىو

كتلماع النهار بكشحيه بنفسه ويرى بياضا يفوق

وذكر موسى بن داود، عن زهري، عن أيب الزبري، عن جابر، أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كوى سعد بن معاذ ولون لو كان ساملا ما سق، ما أملك لنفسي بئس امليت ليهود، يق"يف أكحله، وكوى أسعد بن زرارة يف عنقه، وقال

".شيئا

مل يتوكل من : "قال النيب عليه السالم: سفيان، عن أيب جنيح، عن عبد الغفار بن املغرية بن شعبة، عن أبيه، قال .وقد طعن يف هذا قوم وسألوا عن ما ال يلزم". اكتوى واسترقى

يعين يف علم الغيب، ليس أنه كأحدهم يف " ال يومي إيل كأحدكمأنا فيما : "قال النيب صلى اهللا عليه وسلم: وقال .احللم والعلم والصرب واليقني والشجاعة والطهارة والرأي وكثرة الصواب والكمال والتمام

Page 87: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 87

، ومىت عاجل النيب بعالج مثل عالج "إمنا قلت برأيي: "وقد قال النيب عليه السالم يف التأبري فلما قيل له يف ذلك، قال بعضهم لبعض فلم يربأ ذلك املعاجل فليس يف هذا مسألة على أحد، ألن نفس العالج باألدوية من الكي الناس

والوجود واللدود وأشباه ذلك يدل على أنه مل جيعل ذلك عالمة وأعجوبة وبرهانا، وإمنا عاجله من طريق عالج يربأ فالن اليوم أو ميرض فالن : اشفه، أو قالاللهم أبره و: الناس بعضهم لبعض، وإمنا كانت املسألة الزمة لو قال

اليوم، فإذا مل يكن ذلك جاز للسائل حينئذ أن يطعن، فأما غري ذلك من األمور فاملسألة فيه ظلم، ومن أفاق على .يديه عليه السالم أكثر، ومل جيعل ذلك برهانا على نبوته وداللة على رسالته

بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن زنباع اجلذامي أيب روح بن زنباع، أنه وذكر املعلى، عن ابن هليعة، عن عمرو .قدم على النيب صلى اهللا عليه وسلم وقد أخصى غالمه فأعتقه النيب عليه السالم

كان ماين صاحب الزنادقة مكنع اليد، وكان زرادشت آدر، وكان أرسطاطاليس أمحر أزرق، وكان : قال أبو إسحاقا ال يولد له، وكان املقنع الذي ادعى الربوبية خبراسان أيام محيد بن قحطبة أعور قصارا يسمى مسيلمة الكذاب عاقر

.عطاء، وكان سفادا أصم

.وخربين من رأى بابك عند املعتصم بعد أن نزعت القلنسوة السمور من رأسه فإذا أصلع صعل الرأس

يع األزمنة، فإمنا ذهبوا منه إىل التناسخ الذي يتهاونون واعلم أن يف كل من ادعى الربوبية من مجيع هذا اخللق يف مج .به وفساده كثري

باب من قتلت الصواعق والرياح

خويلد الصعق جد يزيد بن عمرو بن خويلد الصعق، ولذلك مسي الصعق، عمل طعاما فتأنق فيه، وهبت رياح : الشاعروعصفت عليه فأذرت التراب يف قدره، فسب الرياح فصعق من يومه، قال

قتيل الرعد بالبلد التهام

ألن الصاعقة تقتل بشدة الصوت كما حترق بالنار اليت فيها، وكان احلسن يسميها صاقعة وجيعل الصواعق ما كان من العذاب النازل على األمم، فأما هذه اليت تراها اليوم فهي عنده صواقع، وال أعرف وجهه وهو أعلم مبا قال

.وأوىل بذلك

: عق، أربد بن جزء بن خالد بن جعفر بن كالب أخو لبيد ابن ربيعة ألمه، فلذلك قالوممن ص

نوء السماك واألسد أرهب على أربد الحتوف وال أخشى

فارس يوم الكريهة النجد فجعني الرعد والصواعق بال

قدم على بغل له ناج، صحبنا يف طريق مصر مهيد النصراين اجلهبذ، وكان يسايرنا إذ ت: زعم سند بن صدقة، قالوارتفعت سحابة فربقت ورعدت وأرسلت صاعقة فتقع عليه وهو منا غري بعيد فجئناه فإذا هو وبغله قد ماتا، وإذا

Page 88: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 88

.يف كفه صرة فيها دراهم انسبكت فصارت نقرة واحدة وكمه صحيح مل حيترق، وهذا عندي من العجب

وخلفت عنترة يف الدار شيخا كبريا ال حراك به، فصعقت ظعنت عبس لبعض األمر: قال أبو عبيدة يف ميتة عنترة .ريح فمات فيها خفاتا

يف قتل : بل مر به نفر من طيئ فلما رأوه خملفا يف الدار أثبتوه معرفة، قال بعضهم لبعض: قال أبو الوجيه العكلي .أيب خفض حيزرون: هذا شرف، فلما خبطوه بأسيافهم قال عنترة

ذكر احلدب

، واصل األحدب، وهو واصل بن حيان األحدب األسدي من بين قعني بن احلارث بن ثعلبة بن دودان، ومن احلدب .تويف سنة عشرين ومائة: قال أبو نعيم

واهللا ما أنصفت وما كنت منصفا يا معاوية، فغضب معاوية : ومن احلدب، سلمة بن اخلطل األعرجي، قال ملعاويةلكأين أنظر إىل بيتك من مهيعة بطنبه تيس مربوط، بفنائه أعرت عفر درهن غرب، واهللا ! ما أنت وذاك يا أحدب: وقال

أين أنت : قد كان ذلك، فهل رأيتين يا معاوية قتلت مسلما أو غصبت ماال حراما؟ قال معاوية: قال األحدب اجلس أجلسك فأراك؟ ال تدب إال يف محر، وأي مسلم يعجز عنك حىت تقتله؟ وأي مال تقوى عليه حىت تغصبه،

.أستغفر اهللا منك يا أحدب: اهللا؟ مث قال

: ومن احلدب، ذو الركبة العوجاء الشاعر العبد، وهو الذي يقول

كالذئب أطلس شاحب منهوك الغواني أن رأين مويهنا سخر

".اهلجناء والصرحاء"وقد ذكرنا قصته يف كتاب

نساء مل أر قط أحسن وال أملح شكال، وال أظهر دال، رأيت مجاعة: ومن احلدب، مشمرخ األحدب، قال يل مثامةمع لباس وشارة، وإذا فتيان من فتيان الغزل واجلمال واليسار قد عارضوهن، والتفت فإذا أنا باملشمرخ األحدب،

وإذا هو يتقدمهن مرة ويزامحهن مرة، وإذا هو يف ذلك خيتال يف مشيته وخيطر بكميه، فأقبلت عليه واحدة منهن : عذرت هؤالء الذين يدلون بالشباب واجلمال واليسار، فقد أطمعهم ذلك فينا، أنت بأي شيء تدل؟ قال: قالتف

.فضحكن منه وصار أكثر كالمهن معه دون مجيع الناس وغلب عليهن وشغلهن: بالرباعة والظرف، قال

عد، ويف يزيد واملأموم تقول املرثدية ولد علقمة بن زرارة شيبان، فولد شيبان املأموم وامسه حنظلة، وولد يزيد املق : وهي ترقص ابنها

ليس بمأموم وال بمقعد هذا غالم ولدته مهدد

.وهي مهدد بنت محان بن عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد

ومن احلدب، أبو مازن األحدب، وكان أحدب أعضد العظام أضعف الناس قبل كل شيء، وقد مسعته مع ذلك ألين ال آخذ الناس إال عنوة، وهو الذي دق عليه الباب جبل العمى بعد : ومل؟ قال: سويا، قالواأنا ال أموت : يقول

أن مضى هزيع من الليل وهدأت الرجل، فخرج إليه أبو مازن األحدب وهو ال يظن أنه إنسان يريد أن يبيت عنده،

Page 89: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 89

حنن يف الشتاء فتكره أكون قرب ليس حنن يف الصيف فأضيق على عيالك السطح، وال: فلما رآه جبل العمى قالحرمتك، وحنن يف الفصل وقد تعشيت وإمنا خفت الطائف، فدعين أبيت بقية ليليت يف الدهليز يف ثيايب اليت علي،

: فأعاد عليه القول، فقال. ويلك، أنا واهللا سكران ما أفهم عنك قليل وال كثري: فإذا كان مع الفجر مضيت، قال

فضحك جبل، فمر به الطائف فسأله عن شأنه، فضحك . نك، وأصفق الباب يف وجههسكران واهللا، ليس أفهم ع .الطائف وشيعه إىل أهله

الذي جاء أشر من : سقط أحدب يف بئر فاستوت حدبته وصار آدر، فلما جاءه الناس يهنئونه قال: قال أبو احلسن .الذي ذهب

: لئن ركلت حدبتك هذه ركلة ألسوينها بظهرك، قالواهللا : ووقع بني شيخ أحدب وبني رجل شر، فقال له الرجل

.وأبيك إنك إذا لعظيم الربكة

دخلت مع روح بن الطائفية محام أفراذادين يف قنطرة قرة، وكان روح أكثر الناس عبثا وهزال، وإذا يف احلمام شيخنا وغريه وحنن شباب، فقال يل أحدب مل أر مثل حدبته، وإذا هو مطلي وقد وىل وجهه احلائط، وليس يف احلمام غري

قد صح عندي أن األحدب إذا حكوا حدبته ضرط، وليس يل بد : وما هو؟ قال: إين عزمت على شيء، قلت: روحفدنا منه وكأنه ليس . فدونك: واهللا لضرطة أحب إيل من بدرة، قلت: ومالك يف ذلك؟ قال: من ذلك، فقلت له

فيه ما أراد وإذا األحدب على حذر، ولكأنه قد حكت حدبته ألف مرة يريده، فلما صار باملوضع الذي قد أمكنه وضرط ألف ضرطة، وهو يستعمل احلراسة استعمال جمرب، فلما كاد روح أن ينال ظهره انفتل إليه انفتالة أسرع

أشد أنا بلطمته : من الطرف، مث لطمه لطمة ما مسعت مبثل وقعتها قط، وسقط روح مغشيا عليه من الضحك، وقال .عجبا مين بضرطته، ووىل األحدب وجهه إىل احلائط كأنه مل يصنع شيئا

.وتزعم العامة أن من اعتراه احلدب طال أيره واشتد شبقه، وأحدث ذلك له ظرفا وخبثا

ومن الوقص، مالك بن سلمة، وهو ذو الرقيبة، وهو الذي أسر حاجب بن زرارة وكان من املمدحني واملعمرين، : املسيب بن علس بقولهوإياه عىن

الرقيبة مالك فضل فلذي ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم

ومن الوقص، األوقص السلمي جد خولة بنت حكيم بن األوقص، وهي اليت وهبت نفسها للنيب صلى اهللا عليه .وسلم

ن جابر، عن يزيد بن ومما يدخل يف هذا الباب املقعد التبوكي، ذكر أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، عن يزيد باللهم اقطع أثره، فما : مررت بني يدي النيب عليه السالم وهو يصلي، فقال: رأيت مقعدا بتبوك، فقال: مروان، قال .مشيت عليه

.ومن احلدب، األحدب بن سيار بن عمرو بن جابر العشراء، وهو عم هرم وأخيه زبان بن قطبة

Page 90: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 90

باب األدران

اسكت يا : إنك لضئيل، وإن أمك لورهاء، قال األحنف: ااشعي، قال لألحنفومن األدران احلتات بن يزيد .دريه

: وأنشد أبو القمقام بن حبر السقا، يف أدرة عدي بن الرقاع

أعشى أدير فاسد الحليلة عديا فاضح القبيلة إن

: وقال سنحاد

عن التقوى لئام الضرائب بطاة بني وهب تراعى أذلة وجدت

بفتيان الصباح السواجب وليسوا بان الشتاء إذا شتواأل مراوب

إذا أشرفوا فوق األكام الحباحب يمشون أدرانا كأن خصاهم

: وقال آخر

ابتنيت فال بالبنينا وإما ما نكحت فال بالرفاء إذا

الحليلة منه جنونا تجن تزوجت أصلع ذا أدرة

ناإذا ما تسوك يقلعن طي المساويك في شدقه كأن

: وقال آخر

كأنك تضغو في إزارك خرنق فيأيها المهدي الخنا من كالمه

: وقال جرير بن اخلطفي يف بين ضرار بن عمرو الضيب

كتصويت الجالجل في القطار أدر تجلجل في خصاهم لهم

: وقال حسان بن ثابت لبين عبد الدار

ومن أبأوائل من خال لهم لحاق القوم فاستأخرت بهم أرادوا

وما هذا بخلق بني كعب لئام، عظام الخصى رمص جعاد أنوفهم

القوم أرداف كزائدة الكلب بل عامر فانظر وال ولد مالك وال

قامر عبد اهللا بن عنمة الضيب بين هند من بين شيبان فأحسنوا مقامرته إال ما كان من أخوق، وكان : وقال أبو عبيدة : مةيف أخوق أدرة، فقال ابن عن

من أيسارهم غير أخوقا فمالت بني هند لتربح قمرتي أتيت

خصيته إذا هو أعنقا وتطرب ذي يلعب القوم باسته خنافس

Page 91: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 91

خصى أكلب ينبحن في رأس أرقا متنيه تديص كأنها حرابي

: وقال آخر

وأن كنتم في قومكم معشرا أدرا ذنبنا في أن أداءت خصاكم وما

: هجو زبان بن منظوروقال عقيل بن علفة ي

ذئب عوى وهو مشدود على كور بارك اهللا في قوم يسودهم ال

قرأ رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : يزيد بن هارون، عن محاد بن سلمة، عن علي بن يزيد، عن أنس بن مالك، قالإن موسى كان : صلى اهللا عليه وسلمفقال رسول اهللا" ال تكونوا كالذين آذوا موسى فربأه اهللا مما قالوا: "هذه اآلية

فقالت بنو : إذا دخل املاء ليغتسل دخل وعليه إزاره، فإذا بلغ املاء منه عورته خلع اإلزار فوضعه على صخرة، قالإن موسى إمنا يفعل هذه ألنه آدر، فلما كان ذات يوم جاء ليغتسل فتناول اإلزار فوثبت الصخرة تسعى : إسرائيل

صخرة إزاري صخرة، وهو يضرا بعصاه، فلما ضرب أثر ذلك فيها حىت مر على املإل من إزاري: وموسى يقول .بين إسرائيل، فعلموا أنه ليس بآدر

: وأما قوله

وأحيانا يعيد ويؤرق مرارا ألم تر أن الفرق يعرج أهله

ألف بعري أو شبيه بألف، فليس قوله يعرج مأخوذ من العرج واخلماع، وإمنا هو من العرج بإسكان الراء، والعرج .فمن ملك العرج فقأ عني بعري عن ألف بعري

حرثان بن جزء بن كعب بن احلارث اجلعفي ملك ألف بعري وفقأ عني فحلها ليدفع بذلك عنه العني والسواف : والغارة، وقال الشاعر

وفيهن رعالء المسامع والحامي لها عين الفحيل تعيفا فقأت

ل كرميا فهو فحيل، وإذا كان الفحل كرميا فهو فحال، وإن أرادوا فرق ما بني الذكر واألنثى وإذا كان فحل اإلب : فهو فحل فقط، قال الراعي

وطرقهن فحيال أماتهن كانت نجائب منذر ومحرق

: وقال الشاعر يف نافع بن خليفة الغنوي

غطيط خفي الرز غير فحيل دوني نافع وابن أمه تعرض

بأصل ثابت بمسيل ولست ع ثابت في رباوةبفر فلست

: وقال أيضا جرير

الوالدات وال أبوك فحيل في قل لألخيطل ال عجوزك أنجبت

Page 92: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 92

وممن ملك من العرجان، شيبان بن علقمة بن زرارة، وقد مدح بكثرة املال وهجى به يف فقء عني بعري عن ألف بعري : بقول األول

أ فيها أعين البعرانتفق وأنت ذو امتنان وهبته

: وقال اآلخر

كي الصحيحات وفقء األعين فكان شكر القوم عند المنن

: والكلى مثل قول النابغة

كذي العريكوي غيره وهوراتع ذنب امرئ وتركتني وكلفتني

: وقال الفرزدق

وبيت المحتبي والخافقات بالمفقإ والمعمى غلبتك

ه، فإن ملك زيادة على األلف فقأ عينيه، فذلك هو املفقأ واملعمى، وقد قال بعض العلماء ألنه إذا ملك ألفا فقأ عينيف تفسري هذا البيت قوال دل على أنه حني مل يعرف أخالقه اجلاهلية احتال ببعض ما حيضر مثله، وهذا قول يونس

: بن حبيب، وقال الكميت بن زيد

ا كلكلألقى من بركه ن اللزبات إذا ما السنو وفي

ن هذا المعيم لنا المرحل يقول له المؤلفو بعام

باب ما حيضرنا يف اللقوة وما أشبه ذلك??

: قال ابن ميادة يف باب من االشتقاق والتشبيه

مقلص ذو خصل أشقر به قرم بني هاشم يعدو

والطعن في مسلحه أشتر كأنه من طول تمعاجه

: وقال أيوب الوهسلي يف الزبري

حتى يطول شهودها مميلة اهللا عين ابن الزبير بلقوة منا

مشعشعة حمراء باق وقودها مآقي المقلتين بحمرة وعل

كانت غلوال مشيدها مشاتيها بكيت على دار ألسماء هدمت

حتى حرقت جنودها لهامية تبك بيت اهللا إذ دلفت به ولم

لى االشتقاق وعلى تشبيه الشيء بالشيء، قول أيب الشيص األعمى وما يدخل يف هذا الباب مما يكون القول فيه ع : وهو حممد بن عبد اهللا بن رزين

Page 93: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 93

من والد على ولد أشفق كان لي وكنت له وصاحب

كذراع نيطت على عضد أو كساق تسعى بها قدم كنا

بنا وحشة إلى أحد ليست لي مؤنسا وكنت له وكان

طوي وحل الزمان من عقديخ إذا دانت الحوادث من حتى

ويرمي بساعدي ويدي عيني عنى وكان ينظر من احول

كمسترفد يد األسد كنت حتى إذا استرفدت يدي يده

: وهو الذي يقول

إذا سلكت طريقي ونوحا صرت نشزا إذا التحفت بثوبي

: وملا ضرب معتر وأسرع السيف يف شقه، قال األشتر بن عمارة

أخوكم أخوكم أحول الشق مائله معتر يال جعفريدعو عشية

: ومن هذا الشكل قوله

والشمس كالمرآة في وجه األشل عليه قانص لما غفل صب

: قال أبو النجم

فهي على األفق كعين األحول

: وقال الشاعر يف صفة عني أفعى

فطس وفي أنيابه مثل المدى عينه حول وفي خيشومه في

: وقال آخر

مهدولة الشدقين حوالء النظر شقت لها عينان طوال في شتر

: وقال زهري بن مسعود

تراقب الجونة كاألحول ظل وظلت حولها ضيما

: كان النضر السلمي األحول طائفا للجراح بن احلكم بالليل، فأخذ نوح الضيب، فقال الفرزدق

طرك القدرسفيه فكيف اض إال يا نوح ما اغتر بالجراح من أحد

يدمج مقلوبا له البصر والنضر من الليل والظلماء داجية آنا

.كان يزيد بن عبد امللك أفقم، وكان عمرو بن سعيد أفقم

كان ألمامة امرأة جرير ابن أخ ذو إبل، وكان يسمى عضيدة، وكان ناقص العضد، فلم تزل : قال أبو رجاء الكليب : ذلك يقول بعد ذلكحترض حىت زوج ابنته من عضيدة، ويف

Page 94: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 94

إذ تنخبت الفحول عضيدة أمامة فافتحلنا وغرتنا

خلجت الفحل أو لؤم الفصيل ما كان فحلك فحل سوء إذا

وفد خموس بن معديكرب بن وليعة : عو موىل لبين هاشم، عن أيب عبيدة من ولد عمار بن ياسر، قال: ابن الكليبن قومه مث خرجت من عنده فأصابت خموسا اللقوة، فرجع بعضهم إىل النيب الكندي على النيب عليه السالم يف نفر م

خذوا خمبطا فامحوه يف النار مث : يا سيد العرب أصابته اللقوة فادللنا على دوائه، قال: صلى اهللا عليه وسلم فقال .م النحريافتلوا شفر عينيه ففتلهما شفاؤه، واهللا أعلم مبا قلتم حني خرجتم من عندي، فربأ وقتل يو

: وأنشد عوانة يف عمرو بن سعيد

هذا األمر ملتبسان بأسواء وعمرو لطيم الجن وابن محمد

.يدك عنه يا لطيم الشيطان: وملا هوى بيده إىل عبد اهللا بن معاوية وهو رديف عبيد اهللا بن زياد، قال له عبد اهللا

حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن صدقة بن : ن حممد، قالوممن أصابته اللقوة، احلكم بن أيب العاص، ذكر عبيد اهللا برأيت النيب صلى اهللا عليه وسلم جالسا واحلكم بن أيب العاص خلفه فجعل يلوي : مجيع بن عمري أن ابن عمر قال

، وكان عبد الرمحن بن احلكم حيكي مشيته، فقال "اللهم الو وجهه: "شدقه يهزأ منه، فقال رسول اهللا عليه السالم : د الرمحن بن حسانعب

ترم ترم مخلجا مجنونا إن إن اللعين أبوك فارم عظامه

.يف هجائه عبد الرمحن بن احلكم

وممن أصابته اللقوة، عيينة بن حصن، جحظت عينه وزال فكه فسمي عيينة، وكان امسه حذيفة، وإذا عظمت : قالإما أبو العيناء وإما مثل عينون الكاتب وال يسمون بأعني عني اإلنسان لقبوه أبا عينية وأبا عيناء مثل حباء وعيناء، و

.وال يلقبونه ألن تأويل أعني خالف تأويل األول

: ومما قالوه على االشتقاق والتشبيه كقول ذي الرمة

من آل الجديل وداعر حراجيج بشعث كالسيوف وأينق ألمت

اخررءوس المهارى لقوة في المن البري حتى شدفن وأورثت جذبن

: وقال احلادرة وهو يدخل يف هذا الباب

جرور بينها سلب جرد دوالي ضنك والرماح كأنها يمحبس

وتثني بطاء ال نخب وال تعدو سراعا بالمضيق عليهم تضب

وخامت على األعداء أقحمها القد هي شك السمهري نحورها إذا

حردسراعا فهي قابعة تكر عوج إذا هي أدبرت سوالفها

: وقال قيس بن زهري

Page 95: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 95

صددن عن الذنب أن تلطما كخدود اإلماء سوالفها

: وقال الكميت

مكبا يجتلي نقب النصال الهالكي على يديه جنوح

: وقال مزرد بن ضرار

سيوف جالها صيقل وهو جانف صدق من قريش كأنهم بفتيان

ذكر املفاليج

احلبطي الفارس الذي مل يدرك مثله، سئل املهلب بن أيب صفرة عن أفرس الناس، ومن املفاليج، عباد بن احلصنيما تقول يف : محار بين متيم وأمحر بين تيم يعين باحلمار عباد بن احلصني، وباألمحر عبيد اهللا بن معمر، فقيل له: فقال

.إمنا سألتموين عن الناس: عبد اهللا بن الزبري ويف عبد اهللا بن خازم، فقال

وإمنا قدم الناس عباد وشعبة بن ظهري ورقبة بن احلر : وكان املهلب حكما ومقنعا يف القضية بني الفرسان، قال: لقا .ألم كانوا يف شدة األبدان مثلهم يف القلوب

اكن يف ومن املفاليج، عبيد اهللا بن زياد بن ظبيان التيمي العائشي، وكان فارسا فاتكا وخطيبا مفوها، ولعبيد اهللا أم .هذا الكتاب ألنه يذكر يف املسمومني ويف املفاليج ويف ضروب سنذكرها إن شاء اهللا

ومن املفاليج، أبو األسود الدؤيل، وهو ظامل بن عمرو بن سفيان، ويقع ذكره يف مواضع، كان رئيس الناس يف . البخرالنحو، ويف مشايخ الشيعة، ويف الشعراء والظرفاء، ويف العرجان ويف البخالء ويف

إنك واهللا ال تسود حىت تصرب : دنا من عبيد اهللا بن زياد يساره فخمر عبيد اهللا أنفه فجذب يده جذبا عنيفا مث قال : على سرار الشيوخ البخر، وهو الذي قال يف قصيدته اليت يعرف فيها اخلاصة حلن العامة

أقول لباب الدار مغلوق وال وال أقول لقدر الحي قد غلبت

املفاليج، شجرة بن سليم اجلديل، خرج يوما إىل احلرب فرأى جاريته اليت ألبسته السالح تشرف، فقال هلا بعد ومن فعمد إىل مسمار فضربه يف عينها حىت . أنظرت إىل الرجال؟ فقالت، واهللا ما نظرت إال إليك ختوفا مين عليك: ذلك

.أثبته يف احلائط فماتت وأصبح شجرة مفلوجا

ليج، إدريس النيب، ورووا أن الفاجل من أمراض األنبياء، وال أعرف إسناد هذين القولني، وهذا حيتاج فيه ومن املفاقال : إىل الرواية عن الثقات إال ما حدث به عباد بن كثري، عن احلسن، وذكوان عن عبد الواحد بن قيس، قال

".داء األنبياء الفاجل واللقوة: "رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

.ومن املفاليج، عمران بن احلصني اخلزاعي ويكىن أبا النجيد، ويقع ذكره يف مواضع، وقد ذكرناه فيمن سقي بطنه

.ويزعم أهل البصرة أنه مل يزل مكلما حىت اكتوى

Page 96: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 96

ومن املفاليج، عامر بن مسمع سيد ربيعة قاطبة يف زمانه، ويف عامر يقول ار بن توسعة حني خاطب أخا عامر مقاتل : مسمع فقالبن

عند باب الجحدري معرجا لها مررنا على سابور يوما فلم نجد

روحات إليك وأدلجا تكلف لحا اهللا بعدي من يري الحصن راجعا

أرعدت أشدقه وتخلجا إذا أنت إال كابن أمك عامر فهل

دينة يضربون املثل بفاجل أبان، ومن املفاليج، أبان بن عثمان، ويقع أيضا ذكره يف احلوالن والعرجان، وأهل امل : ويسمون هذا النوع من الفاجل الفاجل الذكر، وهو الذي يهجم على اجلوف، وقال سعد املطر

فإن بليت فذاك الفالج الذكر

قال رسول اهللا : حدثنا ابن أيب الزناد، عن أبيه، عن عامر بن سعد، عن أبان بن عثمان، عن عثمان، قال: شريح، قالبسم اهللا الذي ال يضر مع امسه شيء يف األرض وهو : من قال يف كل صباح ومساء ثالث مرات: "عليه وسلم

احلديث كما حدثتك، : ، فنظر رجل إىل أبان بن عثمان بعدما فلج، فقال"السميع العليم، مل يضره ذلك اليوم شيء .ولكن مل أقلها يومئذ ليقضي قدر اهللا

يح الكاهن، وهو الذي يقال له الذئيب الذي كان كاهنا، وكان حكيما وكان ومن املفاليج، من يسطحه الفاجل سط : شجاعا، وقال األعشى

حقا كما صدق الذئبي إذ سجعا نظرت ذات أشفار كنظرتها ما

وكان احلارث بن بشر بن هالل بن أحوز سطيحا، وكان صاحب نكاح ال يصرب عنه، وكانت املرأة تركبه، ومن م حممد بن إبراهيم املفلوج احملدثهؤالء بأعيا.

وممن كان سطيحا عبد الواحد بن زيد، ويكىن أبا عبيدة رئيس أصحاب املضمار والكالم والوساوس وحماسبة النفوس والتبلغ باليسري وتقومي الفضول والقول يف نفي العجب والكرب والرياء واخليالء، وكان يكىن أبا عبيدة، وهو

سجده يف أصحاب القماقم، وكان من غلمانه رؤساء املتزهدة مثل حيان أيب األسود ودهثم أيب موىل بين جحدر، ومالعالء ورياح القيسي ورابعة القيسية وأمحد اهلجيمي ومنصور الساجي وعبد اهللا الشقري وموسى زوادان وخداش

عجب أن الفاجل أكثر ما يعتري ضرب عبد الواحد الفاجل بعد الكرب وقلة الرزق، فكان فيه من ال. وخملد الشهيداناملتوسطني يف األسنان، ألن الشباب كثري احلرارة والشيخ كثري اليبس فأكثر ما يعتري بني هذين السنني، وكان عبد

الواحد رجال يعرف النجم، وقد رأيت من ضربه الفاجل عند غريه، ورأيت رجال من جند قريش بن شبل أصابت .جنيق فذهب شقه األيسر وذهب لسانه ومسعه، وبقي بصرهشقه األمين شظية من حجر املن

ويزعم نساك البصريني أن عبد الواحد بيناه سطيحا وليس عنده أحد إذ أخذه بطنه فسأل اهللا أن يطلق عنه ريث ما

Page 97: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 97

.يأيت املتوضأ مث يرجع إىل موضعه ففعل ذلك

: خ بن ضرار يف صفة اجلعلالفاجل يف الرجلني شيء يكون بني الفحج والعرج، وقال مشا: وقالوا

مفرض أطراف الذراعين أفلج يلقيا شأوا بأرض هوى له وإن

رجل أفلج بني : مفلج الثنايا، ومن ذلك تفاح مفلج، وإذا كان الرجل كذلك قيل: والفاجل أيضا يف الثنايا، ويقال .البعري الذي قد انشق سنامه نصفني: الفلج، والفاجل مكيال العينة، والفاجل

بعث عمر حذيفة وعثمان بن حنيف ففلجا اجلزية على أهل السواد، والفاجل من املكيال الذي يقتسمون به، : وقال : وقال الشاعر

وفلج من فلفل ضرم رين ألقي عليها فلجان من مسك دا

: وقال أبو داود اإليادي

وفريق لطابخيه قتار يفلج اللحم نيئا ففريق

قال رسول اهللا : م، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشري بن يك، عن أيب هريرة، قاليزيد بن هارون، عن مها ".ما من رجل له امرأتان مييل إلحدامها على األخرى إال جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل: "صلى اهللا عليه وسلم

ولد يف خالفه عمر بن اخلطاب، وهو ومن املفاليج، أبو بكر بن عبد الرمحن بن احلارث بن هشام، وكنيته هي امسه، .راهب قريش

واهللا ما أحدثت يف : صلى العصر ودخل مغتسله فسقط، فجعل يقول: أخربين عبد اهللا بن جعفر، قال: قال الواقديصدر اري شيئا، فما غابت الشمس حىت مات باملدينة، وكان أعمى فأبو بكر بن عبد الرمحن يعد يف املفاليج، ويف

ويف األشراف، ويف الفقهاء، ويف العباد، وفيمن كان يفيت باملدينة، وفيمن كنيته هي امسه، وأبو بكر وعمر العميان، ابنا عبد الرمحن بن احلارث بن هشام خامس مخسة يف الشرف، وعبد الرمحن كان القائم والساعي يف صلح األزد

.وبكر بن متيم حىت مت ذلك على يديه

رث بن عمرو املقصور ملك بين تغلب، وهو قاتل شرحبيل بن احلارث ملك متيم ومن املفاليج، سلمة بن احلاوالرباب يوم الكالب األول، وكان معدي كرب بن احلارث وهو الغلفاء ملك قيس عيالن وسوس حني قتل أخواه

.وذهب ملكهم، وقيس بن احلارث كان سيارة فأميا قوم نزل م فهو ملكهم

امللك ثالثة، كلهم قد كان بلغ يف السن ويف سلطان اليبس ما قد كان يؤمنهم من هذه وفلج من أطباء حممد بن عبدالعلة، وما كانوا إال جلودا على عظام، فمنهم ابن مرايا ومنهم أبو عمرو بن بابويه ومنهم إسحاق بن دينارويه،

رفع املتكأ عن ميينك، وخترج ت: ما حاجتك؟ قال: يل إليك حاجة، قال: وإسحاق هذا هو الذي قال البن عبد امللك .العدس من مطبخك

ومن املفاليج، معبد وهو مغين أهل املدينة، وكان من الفحول، ويكىن أبا عباد، موىل آل مطر وآل مطر موايل العاص .ابن وابصة املخزومي، وساءت حاله وثقل لسانه فسئل عن سبب سوء حاله فأشار إىل لسانه

.ية بن خالدومن املفاليج عبيد اهللا بن حي

Page 98: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 98

.امسه مصدع: ومن العرجان، أبو حيىي األعرج يروي عنه، وهو موىل معاذ بن عفراء، قال ابن املديين

أشج ولد عمر، وكان عبد اهللا بن عمر : باب االشجني منهم بالل بن عبد اهللا بن عمر بن اخلطاب، كان يقال له?من ولدي رجل بوجهه شني ميأل : بن اخلطاب كان يقولأترجو يا بالل أن تكون أشج ولد عمر، ألن عمر : رمبا قال

.األرض عدال، فكان ذلك عمر بن عبد العزيز، فقد ولده عمر من قبل أمه

: فيك خصلتان ميقك اهللا عليهما: "ومن األشجني، وافد عبد القيس، وهو الذي قال له النيب صلى اهللا عليه وسلم

.وامسه عائذ بن منذر" الشجاعة واحلياء

.ن األشجني، أبو بكري بن األشج الفقيهوم

: -وهو يعين عبد الرمحن بن حممد بن األشعث-وقال أبو حراقة

أما ترى ذا فرسي في المرج قريع كندة األشج يابن

فتنة الناس وهذا الهرج في وما سواس ذهبت بسرج

: ومن الدليل أنه مل يعن قيسا نفسه قول الشاعر: قال

بخ لوالده وللمولود بخ يس باذخابين األشج وبين ق

بل إمنا ذهب إىل قيس أيب سعيد بن قيس اهلمداين، ومل يذهب إىل قيس بن معدي كرب، واألشج ال حمالة قيس بن .معدي كرب

: وقال أعشى مهدان يف عبد الرمحن بن حممد بن األشعث

فالجود بين محمد وسعيد ولقد سألت الجود أين محله

بخ لوالده وللمولود بخ ن قيس باذخااألشج وبي بين

.قيس هذا هو أبو عبد الرمحن بن قيس

: ومن األشجني يزيد بن مزيد بن زائدة، والدليل على ذلك قول الشاعر وهو يهجوه

لم تكن رمحة برذون إن ما أحسن الضربة في وجهه

: وقال ابن النطاح حني مدحه

عاقد التجيانالوفا وم أثر ملك يلوح على محاسن وجهه

اتقته نوائب الحدثان إال ينقطع أحد إليك بوده لم

: ومن األشجني، مزيد بن زائدة وكنيته أبو داود، ذكر شجته الشاعر فقال

الجبان قراع نور ويحسبه ويحسبه الشجاع قراع سيف

Page 99: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 99

.وأسد بن يزيد بن مزيد أشج بن أشج بن أشج

: يقول الشاعرومن األشجني، عمر بن عبد العزيز، وفيه

وأعينكم عليه تدمع وقفوا مروا على قبر األشج فسلموا

وذكر عمر رياح بن عبيدة الباهلي، وكان رياح من خاصة عمر، وكانت الشجة من جبينه إىل حاجبه يف قصيدة له : طويلة

وأثر في جبين وحاجب بوال فال تبعدن تحت الضريحين أعظم

وجودوا بالدموع السواكب ليهع فقوموا على قبر األشج فسلموا

وكان عمر أشج أصلع فاحش الصلع وصلع قبل الثالثني، ومن زعم أنه مل يكن بعد مروان بن احلكم أصلع فقد .غلط، وعمر بن عبد العزيز أشهر بالصلع من مروان

جاج ذات يوم كانت بوجه متيم بن زيد ضربة منكرة فسأله احل: ومن األشجني متيم بن زيد القيين، قال ابن عياشأصابين يوم كذا : لكن واهللا بعض فسقة أهل العراق لو كانت به لقال: رحمين فرس، فقال احلجاج: عنها، فقال

.وكذا

باب ما جاء يف شبيه األعضاء املرغوب عنها

من أعضاء الذئاب والكالب وغري ذلك

: قال الشاعر

قاالبه عن قتال القوم ع ترى مولى من الخوف يدعي وهو مشتمل

وخصية الكلب وسط القوم مسالال بنانيه وسط القوم يشتمني حنى

أحمرة يحملن أثقاال آذان فتية من بني هند كأنهم في

: ومما ذكروا فيه اآلذان وليس من الباب األول قول األعرايب

فإني أذن الحمار أصبو يا حمل المغبوط والغدار

: األولوقال الباهلي وليس هذا أيضا من الباب

وطعن كإيزاغ المخاض تبورها كآذان الفراء فضوله بضرب

احلمري، قال النيب : احلمار والفراء: ضربوهم بالسيوف فعلقوا على أيديهم من حلومهم كآذان احلمري، والفراء: يقول ".كل الصيد يف بطن الفرا: "عليه السالم

: وقال الشاعر يف الباب األول

Page 100: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 100

تواعدتني يا برثن الطير لما فقع قرقرةما كنت لألعداء إال

: وقال أبو عزة وهو عمرو بن عبد اهللا بن وهب بن حذافة بن سعد بن مجح

مما تجن صدورهم أو تخمر اإلله وجوههم وشياتهم قبح

الكالب لناظر يتبصر كمر العيون كأن حد أنوفهم زرق

: وقال زويهر بن عبد احلارث الضيب

حصين بن زيد مؤخر العنق الرطب معرفا بهإن شر الناس أال

أشالء برابية حدب ويقسمن ال يوفين جارا بذمة ثعالب

: وقال حمرز بن املكعرب الضيب

كأن آنفهم في المجلس الكمر أفواههم أحراح نسوتهم تخال

: وقد يدخل يف هذا الباب قول اللعني

ي الكبساء والخوقيا خول هل لك ف نبئت خولة تهجوني فقلت لها

مهبل صادفت داء اللخاقين في مثل الصالية متآم إذا ولجت

رجال حصان ومتن غير معروق كعمود األثل يحفزه وقاسح

شيخ من الحرمان مخنوق حلقوم كأن أوداجه منه إذا انشخبت

: وقال يف هذا الباب معبد بن شعبة الضيب

بني البروك مويلد واألعورل ما كان لو طاعنت عن بكراتها

العظاية أن يجيء بمنكر جلد جيش كنت أنت رئيسه ولحق

: فقال اآلخر

عرفت األنوف الجثم واألعين الزرقا لو أبصرتهن بيترب فإنك

: وقال اآلخر

برابية فيها قناد وشبرم قفا حزر عرد تبوأ مجثما

: ما قالوا يف مديح األنوف وغريها قال حسان بن ثابتوقال الشاعر يف الرقاب الغلب واألنف الشم، فم

شم األنوف من الطراز األول الوجوه نقية أجسادهم بيض

: وقال ابن مقروم الضيب

Page 101: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 101

شم العرانين ال ميل وال عرل ال يشين الفحش مجلسهم وفتية

: وقال ابن قنرب

ومانع ظهري خازم وابن خازم إذا كانت األحرار أصلي ومنصبي

الثريا قاعدا غير قائم يداي بأنف شامخ وتناولت عطست

: وقال آخر

صغير الجسم تحسبه وليدا وأبغض من قريش كل إزب

قاموا حسبتهم قعودا إذا كال بقر األضاحي كأنهم

: وقال الشاعر

هم األنف المقدم والسنام وقال الناس آل بني هاشم

. يأكل أحدهم جذعة ويشرب فرقا ترد أنوفهم املاء قبل شفاههمكانوا بنو عبد املطلب عشرة: وقالوا

: كأن أنفه نعرة، ويف أنفه خرتوانة، وإمنا أنفه يف أسلوب، قال الشاعر: وإذا ذكروا إنسانا بالكرب قالوا

تركنا لهم يوما كأيام فقد جاءوا إلينا وهم صيد رءوسهم

: أنف ومرسن ومعطس وحنوه، ورمبا قالوا: التراب، ويقولون: الرغامجدع اهللا أنفه وأرغم اهللا أنفه، و: ويقولون

: خرطوم، قال الشاعر

كما كان المضاء يقول ليسوا أمسى المضاء ورهطه في هبطة

تخرأ فوقها وتبول فاليوم تخرأ الذبان فوق أنوفهم ال

: وقال آخر

رحن على بغضائه واغتدين رب من يبغض أذوادنا يا

منه أصال قد أنين لرحن البقل على أنفهينبت لو

: وقال محيد بن ثور اهلاليل

أعينهم مطموسة عور وأن الملوك بأشراف مجدعة ود

إذ جربونا وأن الجد منصور أبانا أبوهم غير منتحل أن

: ، وقال خليفة األقطع"سنسمه على اخلرطوم: "ويف القرآن

را على الخرطوموجذوا مسو منطق الرئيس هريم قطعوا

: وقال الشاعر

خنزير أدن قصير ويشكر وجدنا بني شيبان خرطوم وائل

Page 102: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 102

: وقال أبو قيس بن األسلت يف إرغام األنف

من زاعب في ذي سنان مطرد فتركت سيدهم ينوء بطعنة

الجياد الخب قدما فابعدوا أهل ألنفكم رعيي فإنكم رغما

: قول قائلوباب آخر من ذكر األنوف، وهو

مع القتل هيآت السيوف الصوارم وآذان وأيد أمدها أنوف

: وقال آخر يف عيب الرضا بالديات وترك طلب الثأر

تركناه عن فرط من السن أجدعا كلوا أنف حيان بكارا فإننا

: ولذلك قال الشاعر

بكارا وثنيا تركب الحزن ظلعا من أيديهم وأنوفهم معاقيل

: اب األول يقول الشاعرويف الب

عطس الجود بأنف مصطلم أنف الجود إن زايلته أنت

: ويف باب آخر ذكر األنوف، وما يكون فيها من الشعر، قال ذو الرمة

عمران بن حيداء قصرا ولكن فلو كان عمران بن موسى أتى بها

كان من ثؤلول أنفك أوجرا لقد كان موسى لح منك بدعوة لئن

: ل بن علفة يهجو عمار بن عيينة بن حصنوقال عقي

أنوفهم حول ابن عمار شعر لم يبق من آل بدر غير أهجنة

: وفزارة جي بشعر القفا، ولذلك قال احلارث بن ظامل حيث انتسب إىل قريش وانتفى من بين مرة بن عوف

وال بفزارة الشعر الرقابا قومي بثعلبة بن سعد فما

: ر فإنه جعل ذلك مفخرا وجمدا حيث قالوأما مزرد بن ضرا

لم يبلغك انتسابي وجدك الفرعين من غطفان أنمي إلى

فزارة الشعر الرقاب وبين بين ثعلبة بن سعد نجيب

وجدك في الخطوب وال بكابي من كن بينهما بنكس فما

: احبوإذا عظم األنف وطال شبهوه بثيل اجلمل وعابوه بذلك، قال قعنب ابن أم ص

قد علمت عييا بخيال كما أتيت الوليد فألفيته

ال يفعل الخير إال قليال العطا سريع العصا بطي

Page 103: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 103

كثيل القعود أبى أن يبوال الوليد وأنفا له فقدت

: وقال آخر يف مثل ذلك

وعينا له خوصاء من تحت حاجب لمتها لما تبينت وجهه وما

لحية شمطاء ذات عجائب على كثيل العود يقطر ماؤه وأنفا

: وأنشد أبو الرديين العكلي

امرئ قد عدم الجماال من أنفا ها هنا مستاال عدمت

وعين سوء تكسر المكحاال عظما وطاال وحاجبين

: وقال أبو فرعون

غوت في الفخر وقبل الفخر يا محمد بن عمرو إليك

كرأنف كثيل الب بينهما كأن عينيه صرار صبر

ويزعمون أن معاقرة الشراب تعظم األنف، وقال محاد بن سابور يهجو محاد بن أيب ليلى الراوية، وذكر معاقرته : الشراب، وكذلك عظم أنفه لذلك، فقال

وقت صالته حماد ويقوم الفتى لو كان يعبد ربه نعم

القدوم يسنه الحداد مثل مشافره الشمول فأنفه هدلت

فبياضه يوم الحساب سواد امة وجههوأبيض من شرب المد

: وقال جرير يهجو األخطل يف إكبابه على شرب املسكر وبترك طلب ثأره حىت عظم لذلك أنفه

تشرب تارة وتبول بالحضر موتورا وطالب دمنة قبحت

الديان كأن أنفك ثيل سكر وشربت بعد أبي ظهير وابنه

: وقال الشاعر يف املعىن األول

ر أن كنانة أنف العرب لناس عند الفخاعلم ا قد

: فكذلك يضعون الغلصمة والغالصم، كما يضربون املثل باخلرطوم واخلراطيم باألنف واألنوف ولذلك قال الشاعر

من بني جشم بن بكر فإني فإن تك في الغالصم من قريش

: وقال شريك بن األعور

مدانمن بني عبد ال فإني فإن تك في أمية من ذراها

: وللخرطوم أيضا أماكن، فمنها قول ذي الرمة

Page 104: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 104

أقالم تخط وتمصع خراطيم كأن أنوف الطير في عرصاتها

: وقال أيضا ذو الرمة

صبي كخرطوم الشعيرة فاطر تطاوى البعد أو حد نابها سديس

: وقد جعل مسكني الدارمي للبعري خرطوما حيث يقول

لقطن هاجته األكف النوادفمن ا على خرطومه متهافتا كأن

: ويوصف اإلنسان بأنه أقىن مدح، وكذلك جوارح الطري، قال ذو الرمة

من الطير أقنى ينفض الطل أزرق كما جلى على رأس مرقب نظرت

: -وجعل أنفها يف قفاها كما يزعمون أن جلام السفينة يف ذنبها-ووصف اخلرميي املنجنيق فقال

منصوبة لنا بالفناء آطام التمطر الموت ك ومجانيق

أوفت على علياء عنتريس وقصاء أنفها في قفاها كل

بصخرة صاء يتهادى أنفها بماضي الحميا فسما

أم عدوا أصاب عند الرماء يبالي الرامي بها أوليا ما

كأنها بنت ماء بالمنايا فتوارت في الجو ثم تدلت

: قال الراجزالشم ودقة االسترواح يكون للنعامة،

أشم من هيق وأهدى من جمل

ومن أعاجيب الدنيا شم الفرس لريح احلجر وبينها عدة دور، وشم النملة ملا ال رائحة له عند الناس، والسباع .توصف جبودة الشم، ويف الناس األخشم املصمت الذي ال جيد رائحة ألبتة، وإذا كان كذلك مل جيد طعما ألبتة

ما أفصل بني اخلل والعسل، وكذلك كان عيسى بن حطان املروزي األزرق، وكان : د الصرييفقال موسى بن يزيصاحب حيىي بن خاقان،وكذلك كان خاقان بن صبيح النحوي املتكلم، وكذلك كان عبد الرمحن بن احلكم بن

.هشام بن عبد الرمحن بن معاوية بن هشام بن عبد امللك صاحب األندلس

: وألطف حسا من غريهم، وأوالدهم أجود مشا منهم، وقال الشاعروأهل البدو أجود مشا

ألخرى خفى الشخص لليل تابع احتل حضني بلدة طر متهما إذا

: وقال اآلخر

لعقبيه من وقع الصخور قعاقع كمثل الرأل يتبع أنفه وجاء

: وقال الشاعر

لفبها إال اليماني مح وليس يستاف التراب دليلها وبهماء

Page 105: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 105

نجم أو جواد مخلف دليلي تجاوزتها وحدي ولم أرهب الردى

: وقال

إذا الدليل استاف أخالق الطرق

: وقال يف بعض يف ما يستدل به األدالء

وعن ملمومة أحناؤه عني هاتكته حتى انجلت ظلماؤه

: وأما قوله

بمثل مقراع الصفا الموقع الريح إذا لم يسمع يستخبر

.ين الذئب واستراوحهفإمنا يع

: وكان دعيميص الرمل أهدى من قطاة، مل يكن يف العرب مثله، وهو الذي قال لبين له صغري

ونظري في األرض واستئناسي منك طمعي وياسي أعرف

: ويقال إنه ملخش وإنه خلريت إذا كان دليال معاىف، قال امرؤ القيس

النباطي جرجراإذا سافه العود الحب ال يهتدي لمناره على

: وقال آخر

فوز من قراقر إلى سوى در نافع أني اهتدي هللا

ساره قبلك إنسي يرى ما خمس إذا ما ساره الجبس بكى

أن أنفه : يزيد بن هارون، عن أيب األشهب، وعبد اهللا بن خملد، عن أيب األشهب، مسع عبد اهللا بن طرفة بن عرفجة .ن ورق فأننت عليه، فأمره رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهبأصيب يوم الكالب فاختذ أنفا م

باب القول يف الرءوس صغارها وكبارها وممن يضاف إىل صغر الرأس ويعاب بذلك سنان بن سلمة اهلذيل، وهو ? .ن فارساواهللا ما أنت بعظيم الرأس فتكون سيدا وما أنت بأرسح فتكو: الذي قال له ابن راشد اجلديدي

: كان يلقب رأس العصا، ولذلك قال الشاعر: ومنهم عمر بن هبرية الفزاري، قالوا

................ .................... .ومنهم عبد الرمحن بن حممد بن األشعث

الكف ويف ومنهم إفريقي هرمثة قدم به هرمثة ينظر يف األكتاف ويتكهن، والنظر يف األكتاف شبيه بالنظر يف أسرار قرض الفأر ويف اخليالن، ولكل صنف من هذه األبواب صنف من الناس يدعون أن فيه علما، وخربين بكر بن

ال ميوت هرمثة حىت يهزم : مل يزل يقول: األشقر صاحب مخس بين متيم بالبصرة وكان أبو زيد جارا له ببغداد، قال .جيش املبيضة

: متيمقال مسكني الدارمي يف عظم رءوس بين

Page 106: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 106

ونحن حواريون حين نزاحف أناس تمأل البيض هامنا وإنا

ال أزال أحب بين متيم لثالث مسعتها من : املعال بن جوبري، عن عمارة بن القعقاع، عن أيب زرعة، عن أيب هريرة، قالل النيب عليه جاء سيب بين العنرب وكان على عائشة رقبة من ولد إمساعيل، فقا: رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

: ، وجاءت صدقة بين متيم فقال رسول اهللا"إن أردت أن تعتقي من ولد إمساعيل فهذا من ولد إمساعيل: "السالم

".ضخم اهلام رجح األحالم وأشد الناس على الرجال يف آخر الزمان: "، ومسعته يقول"هذه صدقة قومي"

الصورة الرأس فإذا ذهب : "رسول اهللا عليه السالمقال : عبد الوارث، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال ".الرأس فال صورة

رأى رسول اهللا عليه السالم محارا موسوما يف : عبد اهللا بن موسى، عن أيب ليلى، عن عطية، عن أيب سعيد، قال .وجهه فكره ذلك وقال فيه قوال شديدا

ول من وشم احلمار على جاعرتيه وقال العبلي يف وكان أول من اجتنب الوشم يف الوجه العباس، وكان أ: قالوا : رأس عتبة بن ربيعة حني طلبوا لرأسه بيضة تسعه يف ذلك العسكر

بها والقوم دلم شواحب أنوه وقد عجزت عن رأسه كل بيضة

: وقال ابن عنمة الذيب

وال شاكهت ألوانهم للجعاثم لعمرك ما غيظ بأشباه صاهل

سناط وصلع أو عظام الجماجم يتهمغيظ إذا ما لق ولكنما

: وقال اخلرميي يصف رءوس أهل خراسان يف كلمته اليت يقول فيها

يأوى إلى جحفل بجحفل يرميهم بأرواقه والشوق

كاللبوة المشبل مستأسد من كل مقطوع صليف القفا

: وقال آخر يف تعظيم شأن الرأس العظيم

اء الموقرفي ش بنجران ود نفير الكاس لوانه

عليه كل أعيس مشقر وأعيا أسعيا إلى نجران في شهر ناجر

تدبيج شاء معفر كأنهم وصرت لهم عتبي بيوم حرية

كبير عظام الرأس ضخم المذمر إلى شلو تنوذر قبلكم عمدتم

: وقال اآلخر

حين جد به المداس تقدم يقول لي األمير بغير نصح

ومالي بعد هذا الرأس رأس حياةإن أطعتك من فمالي

Page 107: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 107

: وقال أخر وقدمة قائد يف احلرب فأىب مقال

أخاف على فخارتي أن تحطما ال تلمني يا بن صوحان إنني أال

متى شئت ما باليت أن أتقدما أنني أبتاع في السوق مثلها فلو

: ومنهم ذو الرأسني جد شوال بن املرقع بن ذي الرأسني، وقال الشاعر

إذا مس الكريهة يقطع وسيف ا البن ذي الرأسين مجد مقومأم

: وكنا نتعجب من حسن يقول

فيها اللسان وفيها السمع والبصر الكواهل واألعناق تقدمها منا

: فلما مسعنا قول اآلخر

ولكن أبشري أم عامر عليكم تقبروني إن قبري محرم ال

عند الملتقى ثم سائري وغودر إذا ضربوا رأسي وفي الرأس أكثري

الليالي مسلم بالجرائر سمير ال أبغي حياة تسرني هنالك

: رأيناه عاليا على كل ما جاء يف هذا الباب من الشعر، فقال يف ذلك بلعاء بن قيس

تهدي السبيل له سمع وعينان مرتفع فيه مشاعره كالرأس

: قال الفرزدق حني مدحه فلم يعطه إال مخس مائة درهموكان رأس هشام بن عبد امللك صغريا، ولذلك : قال

وكفا ككف الكلب بل هي أحقر رأسا لم يكن رأس سيد وقبلت

: قول اآلخر-وإن مل يكن يف ذكر الرأس-ومما يدخل يف هذا الباب

بيعة قلبي لها غير عارف إلى ابن مطيع للبياع فجئته دعا

يست من أكف الخالئفبكفي ل خشناء لما لمستها فناولني

وضخم الرأس يف املرأة أمحد، وعلى حسب ذلك يكون صغر رأسها يف القبح، ورأس الرجل وإن كان العظم ممدوحا فيه فإن للعظم غاية إذا جاوزها الرأس عاد ذلك إىل فساد، وضخم الثدي يف غري سرد حممود يف املرأة، قال املرار بن

: منقذ

الثدي ولما ينكسر ضخمة الخد طويل جيدها صلتة

ضخمة تفرق عنها كالضفر جعدة فرعاء في جمجمة

كيف رأى أمري املؤمنني أهله؟ : ودخل مالك األشتر على علي بن أيب طالب يف صبيحة عرسه ببعض نسائه، فقالئ الضجيع وتروي ال، حىت تدف: وهل يريد الرجال من النساء غري ذلك؟ قال: كاخلري من امرأة خباء قباء، قال: قال

.الرضيع

Page 108: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 108

.وقد مسعت رجاال من أهل البيان يستحسنون هذا الكالم جدا

: ورب جنس من احليوان يكون عظم الرأس فيه أمحد، وذلك كاجلمل، ولذلك قال ذو الرمة

ورأس كقبر المرء من آل تبع

.فأما البقر فصغر الرأس فيها أمحد

لئن قلت ذلك إين لعامل : أنت بالبقر أبصر منك باخليل، فقال أبو موسى: هوملا هجا أبا موسى رجل من العرب فقال ل .ا، إذا أردا عزيزة فعليك ا ضخمة اجلوف صغرية الرأس دقيقة القرن

: قال الكميت بن معروف

األفل به العزيز األكثر ينفي إذا اجتمع النفير لمجمع إنا

جماجم مجهررأس إذا اجتمع ال حقيقتنا ويدرك حقنا يحمي

: وإذا عزت القبيلة وقهرت القبائل فهي رأس كذلك تسمى، ولذلك قال عمرو بن كلثوم

به السهولة والحزونا ندق برأس من بني جشم بن بكر

.إن شيئا فيه السمع والبصر جلدير بأن يوقى احلر والقر: إنك لتكثر لبس العمامة، قال: وقيل ألعرايب: قال

: جناءوقال نصيب أبو احل

أتتك بنا الحاجات والقدر فقد هللا أما بعد يا عمر الحمد

والرأس يكون السمع والبصر رأس قريش وابن سيدها وأنت

: وقال الشاعر

يرد إلى الحارث األضجم الظالمة من وائل قاوص

: وقال لقيط بن زرارة أو حاجب بن زرارة

يعة أضجماضبيعة قيس ال ضب به خير الضبيعات كلها قتلت

: وكان ابن مارية أقصم أثرم، وهو امللك الذي مدحه احلارث بن حلزة، فقال

شروى أبي حسان في اإلنس ابن مارية الجواد وهل فإلى

: ولذلك قال احلارث بن حلزة

ق كسعي ابن مارية األقصم سعيت لصلح الصدي فهال

: يقولومن الثرم ذو األصابع العدواين، وهو الذي : قال

ونباته النضر لذاته يبعدن عهد الشباب وال ال

Page 109: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 109

ماض الغمام صواحب القطر من الخدود كإي والمرشفات

من حرج إلى قبر عوليت أولئك ما حفلت متى لوال

انحنى لتقادم ظهري وأن أنيلة أن رأت هرمي هزجت

: قال الشاعرباب ما قالوا يف األعناق يف الصنفني مجيعا من الرجال والنساء ?

كأس الكرى وانتشى المسقي والساقي تساقوا على األكوار بينهم ركب

المناكب لم تعدل بأعناق على هامهم والسكر واضعها كأن

: وقال آخر

من اللين لم تخلق لهن عظام شربوا حتى كأن رقابهم وقد

: وقال الشاعر يف غري هذا الباب من ذكر األعناق

عظم أعجاز ثقال الروادف سوى ضيت لبانتيكل لبني قد ق من

كما الن خيطان األراك الضعائف أعناقا تلين فتنثني وهصري

: وقال ذو الرمة

تباعد الخد منه فهو يضطرب القرط في واضح الذفري معلقة

: وقال ابن أيب ربيعة املخزومي

أبوها وإما عبد شمس وهاشم مهوى القرط إما لنوفل بعيدة

: ال عبيد بن األبرصوق

ندق دون تالقي اللبة القرط ال ناطوا الرعاث بمهوى لو تزل به

: وقال مطيع بن إياس

وحب طول األعناق من خلقي دلهتني طويلة العنق قد

: وقال اآلخر

هي هزت جيدها لفخار إذا لعوب ترى خرصانها بمهالك

: مث ذكر أنفها فقال

لم تصنها كفها بخمار إذا ح أنفهاإذا الريح هبت ترتم الري

: وقال آخر ووصف عنق رجل فقال

تالقي الشيظم المقوما يوم ربها يوم تالقي أسلما يا

Page 110: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 110

كأن بين منكبيه سلما عبل المشاش وتراه أهضما

.عنق الفرس، وعنق البعري، وعنق الظيب: األعناق الطوال

: عنقه يقول الشاعرالفيل واخلرتير والثور، وأما الفرس ففي: والوقص

هاد كجذع النخل يعبوب المتنين ينمي لها مدفقة

: وقال آخر

وبطنها وظهرها أسفلها شد المليك أسرها ملبوبة

يكاد هاديها يكون شطرها

.وهذا كثري

: وأما قوهلم يف عنق البعري فكقول الشاعر

تناول الحوض إذا الحوض شغل مال إال كل صهباء فضل ال

صهابي هدل بشعشعاني خلف أوراك اإلبل ومنكباها

: وقال آخر

بأعناقها برد النطاف الصباصب أن جاءت ظماء وباشرت أغرك

وأعناق طوال المذانب بخرج تناولن ما في الحوض ثم امترينه

: وقال اآلخر

كأن أثباج وبار تعدو أعناق وهام لد لهن

فهو عليك رديسقها ما حشاها والسحال مد ومن

وثمن فيه وفاء نقد مخض إذا شئت وسير وخد

منها جالل نهد يقودها جمال وغنا ورفد فهي

رجس اللهاة الرعد كأنما

باب الصلع والقرع

: أنشدنا األصمعي

كبرت ولم يجزع من الشيب مجزعا قلت الحسناء يوم لقيتها أال

ع منها رأسه ما تقنعاتقن رأت ذا عصا يمشي عليها وشيبة

Page 111: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 111

الفتى حتى يشيب ويصلعا يسود لها ال تهزئن فقل ما فقلت

من الجذع المجري وأبعد منزعا اليعبوب خير عاللة وللقارح

: وقال املساور بن هند بن قيس بن زهري

أعرضن ثمت قلن شيخ أعور الغواني بعدما واجهنني وأرى

فاي ولحية ما تضفرق إال رأسي صار وجها كله ورأين

: وقال آخر

صلع الرءوس وسيما السادة الصلع لنا المجد آباء لنا سلفوا بني

: وقال اآلخر

طويل القرى ضخم العثانين أكلفا إذا ما لقينا أصلع الرأس أشيبا

بساما وإن كان مدنفا ويصبح الذي ال يخلف البرق ودقه فذاك

كان مختال أبى وتكلفا وإن عطوف على بذل اللها وهو واجد

صداف عن الضيم أشرفا بوازخ من طودي غنى بن يعصر تفرع

مجد كان باألمس مطرفا وحادث صلع في قديم أرومة لهاميم

طخا الليل أو ضوءا من الصبح أسدفا عليه حين يجتاب وحده سواء

: وأنشد

أصلع ينميه رجال صلع زيادا وزياد فرع إن

: وأنشد ابن األعرايب

يرى شيئا عجيبا فيعجبا وأال الفتى أال يراح إلى الندى وهلك

إذا ما رآني أصلع الرأس أشيبا يتبع منى الطلع يلقني ومن

: وأنشد أبو عبيدة

المحز غالئظ القصر جفاة وصلع الرءوس عظام البطون

رحاب الشداق طياب الخبر المقابض يوم الجالد شداد

: وذكر السيد صلع علي بن أيب طالب يف ذكر حوض النيب صلى اهللا عليه وسلم وسقيه الناس منه، فقال: قال

يوم الجمع أو أوسع أيلة حوض له ما بين بصرى إلى

Page 112: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 112

من مائهما مترع فالحوض فيه مثعبا فضة يصب

عنه الرجل األصلع يذب فيه أباريق وقدحانه

ك جربا إبل تشرعذب عنه ابن أبي طالب يذب

.الصلع، واندحاق البطن، وترك اإلفراط يف الغرية: ثالث خصال من السؤدد: وقال معاوية بن أيب سفيان

.اللهم إين أستصلعك وأستبطنك وأستحمشك: وحدثين رجل مسع شيخا من الشيعة يقول يف دعائه: قال أبو احلسن

: وكان أبو النجم أصلع، ويف ذلك يقول

ذنبا كله لم أصنع على الخيار تدعيأصبحت أم قد

أن أبصرت رأسي كرأس األفرع

: ومن الصلعان واجللحان أسيلم بن األحنف، وفيه يقول الشاعر

لعين تدجى أو ألذن تسمع ذاكم ال خفا بمكانه أسيلم

وهاب الرجال حلقة الباب قعقعوا النفر الشم الذين إذا انتجوا من

الدهان رأسه فهو أنزع وطيب ن المسك فرقهجال األذفر األحوى م

حوك برديه أرقوا وأوسعوا له إذا النفر السود اليمانون حاولوا

.الغالية تورث الشيب، وغسل الرأس بالسدر حيت الشعر: قال

: وقال ابن أيب كرمية

فمن له بدواء يذهب الصلعا هب المشيب يداوي فرط منظره

.كفروا كفرة صلعاء: وسىوقال ابن أيب بردة بن أيب م

: وقال أمية بن األسكر

تزل الطير كالرأس الحليق نميت إلى ذراها ومرقبة

: وقال عمرو بن معدي يكرب

زهاءها رأس صليع كأن وزحف كتيبة دلفت ألخرى

بن طلحة دخل إبراهيم بن حممد: حدثين رجل، عن احلسني بن عمارة، عن نعيم بن أيب هند، قال: أبو احلسن، قالبن عبيد اهللا على عمر بن عبد العزيز، وكان إبراهيم ذا مجة حسنة، وكان عمر أصلع ذهب الشعر وصلع قبل

أما لئن قلت ذاك لقد قال رسول اهللا : أما إن قريشا تزعم أن كرامها صلعاا، فقال إبراهيم: الثالثني، فقال له عمر ".سلم بالشعر احلسنإن اهللا ليزين املرء امل: "صلى اهللا عليه وسلم

.والذي زين الرجال باللحى: وقالت عائشة

.وليس شيء أشد على الرجال وأشنع عندهم يف عقوبة السلطان من حلق الرءوس واللحى

Page 113: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 113

باب القزعان والقرعان

.فمن القرعان، األقرع بن حابس، كان أقرع الرأس سنوطا ال حلية له

.وكان عبد اهللا بن جدعان أقزع غري أقرع

.كذلك عمري بن احلباب كان سنوطا قطو

.وكذلك قيس بن سعد كان سنوطا

: وكذلك سويد بن منجوف، وإياه يعين عبيد اهللا بن احلر يف معاتبته مصعب بن الزبري حني يقول

قبلي مسلم والمهلب يقدم بالء أو بأية نقمة بأي

خصمي أتى للماء من غير مشرب ابن منجوف أمامي كأنه ويدعي

: وعمري بن احلباب هو الذي يقول

فإن اللحى جاءت بغير قلوب من يشتري قلبا كميا بلحية

: وكان قطبة بن حصراء أقرع أزعر سنوطا، وكان سيدا فارسا، وهو الذي يقول

في القوم قلة الشعر يحمل يمنع المرء أن يسود وأن ال

فهل تراني يضرني زعري يك ذا لمة يفيئها من

: وقال حصني بن القعقاع لألقرع بن حابس

وأعرج الرجل من الشمال يا أقرع الرأس من القذال

: وقال الفرزدق

منا أبو معبد زراة ترأنا بنو دارم ألم

بكاظمة المورد وقبر وناجية الخير واألقرعان

: وقال الرشيد بن رميض

ات بسطامحتى أناخت إلى أبي هدايا من الرحمن مرسلة جاءت

وكبة الخيل واألزواد في عام جيش الهذيل وجيش األقرعين معا

.وكان محران بن أبان النمري أقرع الرأس أجرد، أو سنوط اللحية ليس يف وجهه شعر

.وكذلك أبو زكريا حيىي بن أيب طلحة األنصاري إمام مسجد اجلامع بالبصرة

: ويقال إن بين اهلجيم أثطاط، قال الشاعر

اللحى متشابهو األلوان ثط الهجيم سفيهة أحالمهموبنو

Page 114: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 114

.عاجلتها ستني سنة فلما بلغتها يئست منها: وكان عبد اهللا بن الزبري حنيفا خفيف اللحية جدا، وكان يقول

.وكان األقرع أبو السائب بن األقرع من دهاة الرجال، وكذلك السائب

: احلاجبني ولذلك مسي حاجبا، وأما قول الفرزدقوكان اسم حاجب بن زرارة زيد، وكان عظيم : قال

زرارة منا أبو معبد

: فذلك كقوله

وأبو قبيصة والرئيس األول

: فجعل زرارة بن عمرو أبا قبيصة، وكان زرارة يكىن أبا خزمية، وإمنا ذلك كقول الشاعر يف معاوية بن أيب سفيان

أميرها وأبو يزيد يزيد فهبها أمة هلكت ضياعا

استجاز ذلك ألنه قد كان له ابن يسمى يزيد، ولو زعم أن ذلك كنيته كان قد كذب، وضرار بن عمرو الضيب : كان يكىن أبا عمرو، ولك يكن يكىن أبا قبيصة، وإياه يعين الشاعر

أن كان قولك ظهر الغيب يأتينا أبلغ ضرارا أبا عمرو مغلغلة

منكم فاعدلوا الديناعمران وأن ضحيكا قتيل من سراتكم أن

خير له من نهي ناهينا نهيك عبيدا فال يؤذي عشيرته وأنه

باب القول يف األمين واألعسر واألضبط

ويف كل أعسر يسر

يزيد بن حذيفة األعيسر، وهو الذي كان أسر اهلذيل التغليب يف اجلاهلية، من ولد سعد بن زيد، : فمن العسر: قال .نه جماعة بن سعد، وكان من وجوه بين متيم، وقد ويل الواليات وقاد اجليوشوكان رأس بين متيم، واب

: ومن العسر، حابس بن حبيس األعسر األزرقي، وهو القائل

الحرب ألقت لها كلكال إذا وأعسر في الحرب ذي تدرإ

ولم ير عنها له معدال تهكم فيها على قرنه

قتالكبش الكتيبة أن أ ت فلست أبالي إذا ما قتل

ومن العسر، زهري بن عمرو بن معاوية الضبايب، كان أول من خرج على أيب اجلون ولقيط وحاجب بن زرارة، وعلى ذلك اجليش أمجع يوم شعب جبلة، وهو قابض بيمينه على ذنب فحل أعور، وقابض بيساره على السيف

: صلتا، وهو يقول

الخير في والشر الغالم األعسر أنا

Page 115: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 115

كثروالشر في أ

.حاربين أعسر وذو ناب أعور، ارجعوا يا بين أسد، فكان ذلك أول هزميتهم: فقال

.ومن العسر، زهري بن مسعود بن سلمى الشاعر الضيب، كذلك كان يدعى: قال

ومن العسر، كردويه األقطع رئيس بطارقة سندان وبكاكرة الفتيان، فكان يضرب بيده اليسرى على عادته األوىل أحدا إال حطمه، وكان إذا ضرب قتل فإن مل يصب بعموده الضربة سقط ألن جناحه اآلخر كان ومل يضرب

مقطوعا، وكان حممد بن يزيد موىل املهالبة أشد الناس يف فتنة سندان، له يف كل يوم يكون فيه حرب أسري يأخذه من ردويه ذات يوم وثبت له حممد بن صف عدوه عنوة أخذ يد، فيضجعه ويذحبه والناس ينظرون إليه، فشد عليه ك

يزيد فاختلفا ضربتني فضربه كردويه ضربة خر منها ميتا مل يفحص برجل ومل يتحرك له عرق، وكان كردويه مع .فتكه وإقدامه يتشيع، فكان ال يبدأ بقتال حىت يبتدأ

: ومما جاء يف الشعر من املثل بضرب األعسر ورميه من قول الشاعر: قال

إذا نجلته رجلها حذف أعسرا من خلفها وأمامهاالحصا كأن

: زقال مشاخ بن ضرار

كأن الحصا من خلفه حذف أعسرا منسم مثل المحارة خفه لها

: وقال مزرد بن ضرار يف ضيف له شرب عسا من لنب، فوصف خفته على يده وسرعة إهوائه به إىل فيه

لمخاطربيسرى يديه كالشمال ا جذالن حتى أمره فواجهه

: وأنشد يف صفة الفرس

كميت مدمي أصبغ اللون أفرع يعبا في الخليج كأنه فبات

: املقود املفتول شزرا، وهو ما يفتل على العسر أو من الفتل القبيل والدبري، وكذلك قوله: واخلليج

ألمين على نابل لفتك نطعنهم سلكى ومخلوجة

: ووصف اآلخر صقرا لصا ينقض ويضرب مبخلبه، فقالطعن على االستقامة وعلى العسراء،

حتى انتحى كالنبطي األعسر

ولذلك قال اجلارود بن أيب سربة اهلذيل يف مشاتته ببالل بن : وليس يكون الولد إال من البيضة اليسرى، قالوا: قال : أيب بردة حني عذب

رىوأن قوى األوتار في البيضة اليس يقر بعيني أن ساقيه دقتا

فأما النفس من املنخرين مجيعا فإنه مقسم بالساعات عليهما بأعدل قسمة، إن اإلنسان ليس يتنفس يف كل : قالواحاالته من املنخرين مجيعا إال أن يستكره ذلك، فأما إذا ترك الطبيعة وسوسها وسجيتها فإا تدفع النفس وخبار

Page 116: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 116

من األيسر، وقال جهيل اليشكري يصف تعاقب عيين الذئب اجلوف وجتلب روح النسيم ساعة من األمين وساعة : إذا قسم احلراسة بينهما إذا نام

وإن شاء من يسراه ما كان راقدا من يمناه ما شاء مرة وأعور

نابا يفلق الصخر حاردا فأعطيت لقد فزت دون العور أوس بوثبة

: وقال محيد بن ثور يف صفة نوم الذئب

بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع ه ويتقيبإحدى مقلتي ينام

: فلم يرض مبا قال محيد حىت قسم بينهما احلراسة على السواء، ومحيد إمنا قال هذا على املثل ال على التحقيق، قالوا

والسباع هي الظاهرة عليها واآلكلة هلا، وكانت البهائم هي املغلوبة واملأكولة، ويف القياس أن الصائد أرفع من .دالصي

والسباع عسر، والدليل على ذلك أن سيد السباع ورئيسها وهو األسد كذلك، وكذلك كل شيء صور على صورته ومحل على تركيبه، ولو تفقدمت ذلك يف سنانري البيوت والدور لوجدمتوها عسراء، ويدل على ذلك قول أيب

: زبيد الطائي، وكان بأخالق السباع وعاداا عارفا، قال يف صفة األسد

نادى فأخلفه األنيس وقد فيضرب بالشمال على حشاه

.وليس األمين بأشد ذهابا من األعسر بيساره وراينا األمين يتعلم الدمى بالعسراء فتكون رميتة أشد و أسد: وقالوا

ن يضرب به ومل نر عسرا قط يتعلم بيمينه الرمي، ولو أن إنسانا علق أوتار العود على العسراء مل يكن يف األرض أميوال يتعاطى ذلك منه ومل يطمع فيه، غري أن يعيد تلك األوتار، وقد كان علويه يتناول العود وأوتاره على اليمني

.فيضرب وهو أعسر من غري أن يغريه ضربا يعجز عنه كل أمين يف األرض

األمين أشد هيبة لألعسر ومىت لقي يف احلرب رجل أعسر رجال أمين مع كل واحد منهما سيف أو عصا، كان : قالوا .من األعسر لألمين

وكل طفل يف األرض فهو أعسر ال خيتلفون يف هذا حىت إذا شبوا افترقوا، فصار منهم األعسر واألمين : قالوا .واألضبط، ومنهم من يصري أعسر يسر إال يف إمساك الثدي، فإن الطفل أكثر ما ميسكه باليمني

بع من ذوات األربع، فإنه إذا ربض ال يربض إال على شقه األيسر يتجاىف عن كل يمة يف األرض وكل س: قالواالشق الذي فيه الكبد لقلة احتمال الكبد للحمل عليها، بال تعليم وال تلقني ولكن بإهلام خالقها وبتعريفه هلا

ع املتكأ عن ميينك حاجيت أن ترف: مصاحلها فسبحانه، ومن ذلك قول إسحاق ابن دينارويه املتطبب البن عبد امللك .وخترج العدس من مطبخك

لو هرب هارب من حرب أو سبع أو ما أشبه ذلك وقد ترك نفسه على سومها ومل يستكرهها على غري : قالواسجيتها فإن ذلك اهلارب ال يوجد إال يف الشق األيسر، إال أن خيرج لسانه، فإنه إن أخرجه من حاق وهل اجلنان أو

اد فإنه يعدل به إىل ميينه عن مشاله، وكذلك الثور إذا هرب من الكالب، ولذلك قال عبدة من حاق اجلد واالجته : بن الطبيب

Page 117: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 117

لسانه عن شمال الشدق معدول مستقبل الريح يهفو وهو مبترك

: وأنشد األصمعي لبعض الشعراء وهو ميدح قوما خبالف أخالق اهلرب

لف القلوب الخوافقولم يمسكوا خ فزعوا لم يأخذوا عن شمالهم إذا

.ومن النساء نساء يعملن كل شيء بأميام غري النقاب وغري ضرب الدف

: ومن العرب قبائل تدير الكأس عن اليسار، منهم باهلة بن أعصر، وقد قال الشاعر: قالوا

من المهل المذاب مليكها سقاها وباهل ال يسقي على اليمن كاسها

: ايت يلبسن الثياب باليسار واليمنيوقد قال الشاعر يف النساء اللو

بعبالت أناملها طفول يلثن الخز ميمنة ويسرى

: وشدت الذئاب على غنم ناس عسر يرمون عن أمشلهم، فقال يف ذلك قائلهم

بمقتل السرحان بعد السرحان هللا الذي أرضاني الحمد

باألشمل قبل األيمان يرمون على سياسة العسران ماض

اللحم من اللحم فمن مل يأكل اللحم : قال علي بن أيب طالب: و بن مجيع، عن ليث بن أيب سليم، قالوعن عمر .ومل يقل يف اليسرى: قالوا. أربعني يوما ساء خلقه، ومن ساء خلقه فأذنوا يف أذنه اليمىن

ة واألخبار الصحيحة واألحكام وأنتم ال ترضون إال بالتفصيل، وال من التفصيل إال باإلفراط والروايات املأثور: قالوا .املستعملة ترد عليكم مذهبني بنكر مقالتكم

: بصر النيب صلى اهللا عليه وسلم بنخامة يف املسجد فحكها مث قال: روى يزيد بن هارون، عن محيد، عن أنس، قال

عن ميينه وال عن يساره، إن أحدكم إذا كان يصلي استقبلته الرمحة، وكان ربه بينه وبني القبلة فال يبزقن أمامه وال "فلم نر النيب عليه السالم قدم يدا على يد، ورأيناه قد : قالوا" يفعل هكذا مث بصق يف ثوبه ورد بعضه على بعض

.ساوى بينهما

ال جيعلن أحدكم للشيطان من صالته جزءا، أال ترى أن : قال عبد اهللا: وأبو معاوية، عن األعمش، عن إبراهيم، قالوهذا احلديث . ال ينصرف إال عن ميينه، فقد رأيت رسول اهللا عليه السالم أكثر ما ينصرف عن يسارهحتما عليه أ

.أشد عليكم من األولني

: وروى أبو هريرة عن النيب صلى اهللا عليه وسلم أنه كان يبدأ بامليامن، فدعا علي بالوضوء فبدأ مبياسره، وقال

.ألكذبن حديث أيب هريرة

األيدي واألصابع واألرجل واآلذان سواء، فإن اعتللتم بأن الكبد الشق األمين والطحال الشق وجدنا ديات : قالوااأليسر، وزعمتم أن الكبد أرفع مرتلة من الطحال فالفؤاد الذي هو سيد األعضاء مركب يف اجلوف مما يلي اليسار

.دون اليمني، وهذه أيضا فضيلة لليسار على اليمني

ا وعوامنا ال يتختمون إال يف اليسار ومعاقبة اخلواتيم يف األصابع ليس للخاصة فيه فضل على ووجدنا فقهاءن: قالوا

Page 118: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 118

.العامة، فنحن ال ندع هذا األمر الظاهر للرواية الشاذة

رأيت : وروى املعال، عن أيب بكر بن عياش، عن أيب إسحاق، عن صلة أبو حيىي بن جارية، عن عمار بن ياسر، قال . ينصرف عن ميينه ويساره، فقد سوى بينهماالنيب عليه السالم

باب ما جاء يف فضل األمين على األيسر

أمين، وهو الذي يكون أكثر أعماله بيمينه، : الناس كلهم يقتسمون يف هذا الباب على أربعة أقسام: قال األمينر يعسر، وهو الذي وأعسر، وهو الذي يكون أكثر أعماله بيساره، وأضبط، وهو الذي يعمل ما مجيعا، وأعس

.وكان عمر بن اخلطاب أعسر يسر. يكون استعماله ليمينه كاستعماله ليساره، سواء

ما رجل رأيته أعسر يسر ال يأخذ أحدا إال : نظر أعرايب إىل عمر مث قال للناس: عن بعض رجاله، قال: األصمعي .كدس به؟ إما أن يكون خري الناس أو شر الناس

نف أن عمر كان أعسر يسر، وقد جعل الناس كبريا األضبط مثل أيب عامر األضبط وهو وقد روى الناس عن األحفإن كان امسه أضبط فقد بطل دليلهم، إال . الذي قتله حملم بن جثامة أضبط الناس، وجعلوا األضبط بن قريع كذلك

: الشاعرأن يكون له اسم غري األضبط وكذلك القول يف البيت الذي أنشدوه يف الناقة، حيث يقول

تخذى كأنها فنيق عذافرة ضبطاء

.فلعله ذهب إىل الضباطة إال أن تكون الناقة قد كانت تقدم يدها اليمىن مرة واليسرى مرة وهذا ال يعرف

وقال قالوا يف الفرس األعسر الذي يغرق ألبتة من مجيع اخليل، وزعموا أنه إذا مشى قدم يده اليسرى، فأحسب أن ك كما ذكروا ألية علة إذا كان أعسر غرق، وحنن جند األعسر من الناس ساحبا ماهرا مثل الذي ذكروا من ذل

.األمين، ال ندري ما هذا إال أنا قد علمنا أن من اخليل ما ال يسبح وهو الذي يسمونه األعسر ليس عندنا إال هذا

ألعسر فأما اإلنسان فإنه بالتعلم يصري ومجيع احليوانات إذا سقط يف املاء سبح وجنا إال اإلنسان والقرد والفرس اساحبا، وأما القرد والفرس األعسر فليس إىل سباحتهما سبيل، واحليات تسبح إال بعض احليات فإن هلا سباحة سوء، فأما العقرب فإنك إذا ألقيتها يف املاء مل ترسب ومل تطف ومل تتحرك، ولكنها تبقى يف وسط عمق املاء غري زائلة من

.وهذا عجبمكاا،

وقد زعم أناس أن عبد اهللا بن عمر بن العاص كان أعسر يسر، ألنه كان يقاتل يف حرب صفني بسيفني وهذا ال .يكون

وممن كان يتقلد سيفني يف احلرب وال يضرب ما معا بيد وال بيدين عباس النخشي، وأنا رأيت رحمه وكان كله من ل أيام املبيضة يتقلد بسيفني، وكان الفضل بن سهل يتقلد بسيفني وكان الصفري الذي قتله ابن راعو. حديد

وكان عمرو . جيعلهما كالوشاح، وقد تقلد خالد بن الوليد يف يوم مؤتة عدة أسياف، وانقطعت يف يده تسعة أسياف

Page 119: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 119

.دومل يكن عمرو أعرف بذلك من خال. عليكم بالنفح وإياكم واهلرب فإنه يقطع منت السيف: بن معدي كرب يقول

: وقد يستعمل الرجل يديه مجيعا يف مواضع حنن ذاكروها إن شاء اهللا، وقالت امرأة ترثي عمري بن معبد بن زرارة

ضروبا باليدين وباليد وكان أعيني أال فابكي عمير بن معبد

أطعام : البنهتعين باليد السيف، وتعين باليدين القداح، وقربوا إىل حسان بن ثابت طعاما بعد أن كف بصره، فقاليد أو يدين، طعام اليد الثريد وما أشبه ذلك من احلريرة والعصائد واحليس والوطيئة واألرز والفالوذج وما أشبه

.ذلك، وطعام يدين كالشواء وما أشبه ذلك

يدين، ب: بيدين أو بيد، فقال: وقال يزيد بن أسيد لغالم له وقد أتوه بأسري اضرب، ومل يزده على ذلك، فقال الغالم .فضرب عنقه، فأعتقه يزيد بن أسيد وزوجه وأدناه للذي رأى من فهمه وجودة استفهامه

: وقال الفرزدق مثل ذلك حني ضرب عنق الرومي فنضا سيفه فضحك الناس

اهللا يستسقى به المطر خليفة الناس أن أضحكت خيرهم أيعجب

دمع اليدين وال الصمصامة الذكر تقدم نفس قبل ميتتها ولن

: ألم كانوا يفعلون ذلك إذا ضربوا األعناق، وقالت بنت عتيبة بن مرداس ترثي أباها

تلقاه يدخر النصيبا وال .......عتيبة وكان

عوان الحرب ال ورعا هيوبا ضروب باليدين إذا اشمعلت

، ألن ذلك ال ميكن يف كان يلحق الفارس والفارس مستخذ له حىت جيمع يديه على مقبض سيفه مث يضربه: قالوا : نفس املعركة وعند املشاولة واملنازلة، وقالت خرنق بنت هفان

العداة وآفة الجزر سم يبعدن قومي الذين هم ال

والطاعنين وخيلهم تجري لدى أعنتهم الضاربين

.ا رجاال وال ركباناومل ترد أم يطعنون بالرماح ويضربون بالسيوف، ولكنها خربت أم كانوا فرسانا ومل يكونو

كان أبو السرايا إذا حلق الفارس ال يضربه بسيفه حىت : وحدثين حسني بن عبيد، وكان من خاصة أيب السرايا، قال .جيوزه مث يستقبله بضربة

: قد أخذ فالن فالنا باليدين، وقال الشاعر: ويقال

ليس نداهما بمكدر بيدين صنعت صنيعة أتممتها وإذا

فسواك بائعها وأنت المشتري ع كريمة أو تشتريتبا وإذا

: ومما حيفظ مع هذين البيتني وإن مل يكن فيه ذكر اليدين قول الشاعر

على كرم وإن سفروا أناروا لبسوا عمائمهم طووها إذا

بالطعان هم تجار ولكن ويشتري لهم سواهم يبيع

Page 120: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 120

ألكرم الثقلين جار فأنت ما كنت جار بني خريم إذا

: وقال سليم

تركت مجدال والقوم زور وذي كلب تعادي القوم منه

سوآته عني تطير عشا جمعت له يدي بذي كعوب

فذكر أنه طعن بيديه مجيعا، وهذا عند أهل احلرب اليوم، وإمنا هو طعنة رجل إال أن يكون يف حال استخذاء من ل القائل أخذ فالن فالنا باليدين، قال احلارث بن الوليد املطعون وقد أمن ما وراء ظهره، وقد قالوا يف معىن قو

: وكان شاعرا

أربي إلى كذب ومين وما أبلغ بني أروى رسوال أال

طلب البراءة ذو رعين كما فإني قد طلبت العذر منكم

قد لف بينكم وبيني وما اهللا واإلسالم مني فلوال

دينالمثال عينا غير من بقافية شرود رحلتكم

المحير باليدين وأخذكم وتر ككم أخاكم كأنكم

فخيرت الرصاص على اللجين أرادت أن تحلي كعاطلة

مث " وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال: "، وقال"وأصحاب اليمني ما أصحاب اليمني: "وقال اهللا عز ثناؤه : وقال امرؤ القيس" والسماوات مطويات بيمينه: "وقال اهللا تبارك وتعاىل. وصف الفريقني

ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي وقلت يمين اهللا أبرح قاعدا

: وقال الشاعر مجيل

بهودج أهله مظعون جمل تامكة السنام كأنها حمراء

كلتا يدي عمرو الغداة يمين جادت له عمرو الغداة يمينه

كريم الخيم أو مجنون إال إن يجود بمثلها في مثله ما

واهللا لشمالك خري من ميينه، : أين أنا من النعمان بن املنذر؟ قال حسان: جبلة بن األيهم حلسان بن ثابتوقال .ولقفاك أحسن من وجهه، وألمك أكرم من أبيه

: وقال عبد الرمحن بن احلكم يف مروان بن احلكم

بمعروف الخالئق أعسرا أراه فذا العرش غير ما بمروان إنني

: وقال ابن هرمة

Page 121: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 121

بحق، ولم آخذ بأيمن أعسرا وكنت امرءا لم أبغ بيعة باطل

: ما يسوي فالن كعبا أعسر، وإمنا بنو فالن كعاب عسر، قال الشاعر: وقال األمين تقول العامة

يعنوا يكبر وإن إن كبر الناس عنا

إذ قيل خالف تذكر يعدو خالفا فليس

في الرأس أعسر ن خالف كعب ذي دارتي

ورأينا يف امللوك األشراف احلول والزرق والعرج وكذلك العلماء ومل نر عاملا قط وال ملكا أعسر، واألعسر : قالواإذا اشتمل بثوبه ومشى فكأنه خمتل، ويظهر عند ذلك نقصه والتشويه الذي يف خلقه، والعسر قبيح بالرجال وهو

.باملرأة أقبح، ومل نر أعسر إال حائكا أو ساقطا نذال

يا خمذل، : مر األحنف بعكراش بن ذويب وقد كان شهد اجلمل فقطعت يداه مجيعا، فلما مر به األحنف صاحو .أما إنك لو كنت أطعتين المتسحت بشمالك وأكلت بيمينك: فقال األحنف

: أال ترى أن الشمال إمنا هي لالستنجاء واملخاط واألمور املرغوب عنها، وقال الشاعر

يش جاثماغراب شمال ينفض الر

: وقال شتيم بن خويلد

إنك لم تأس أسوا رفيقا م لسيدنا يا حكي وقلت

فريقا وتبقي فريقا تعادي عديا على شأوها أعنت

يجز بحد المواسي الحلوقا عريب إبط الشمال أطعت

: وقال الشاعر

أولى قدم في الشغب صهب سبالها وخصم غضاب ينفضون رءوسهم

يرد عداة آخرين نكالها ط الشمال فأصبحتضربت لهم إب

فقطعوا اليمني وإن كان إمنا يسرق باليسار، وكذلك إن " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما: "وقال اهللا جل ذكرهكان أعسر، واجلانب األيسر من الدابة هو اجلانب الوحشي، وقوهلم أمر عسري من األعسر من اليد العسراء، وقال

: الشاعر

يمينك حين تبسطها شمال تفعل فإنك حذلمي ماو

وذكرمت االتكاء على املساد وربوض ذات األربع على الشق األيسر، وهذا حجة عليكم، ألن ذلك إمنا كان من الناس والبهائم صيانة للكبد اليت بصالحها تصلح املعد والكروش وأجواف السباع، وهي اليت تقسم األغذية

.عةوبصالحها تصلح الطبي

اجلندي إذا ذهبت عينه اليمني سقط من الديوان ألنه إذا اتقى بترسه حجبت عينه اليسرى وهو ذاهب اليمني : قالوا

Page 122: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 122

.فيصري كاألعمى

أين أنتم عن احلجاج بن صامت قائد الناس يوم األزارقة، وهاشم املرقال وفالن إمنا كانوا عورانا من : قال األعسر .جهة العني اليمني

هؤالء قادة، وإمنا حنن يف ذكر األتباع، وهؤالء إمنا يراد منهم التدبري والتوقف واالسم املهيب الطائر يف :قال القوم .اآلفاق

وكان كالس ومقالس أخوين أحدمها أمين واآلخر أعسر، فكان األمين يفخر على األعسر فأخذوا يف سرق فقطعت األعسر يعمل بيده العسراء أعماله كلها على صحته وعادته أيديهما، فكان األمين ال يستطيع أن يعتمل بيده، وكان

.ما علمت لأليسر فضيلة إال أن يسرق فيؤخذ فتقطع ميينه: ففخر األعسر على األمين بذلك، فقال األمين

وكان عمر بن اخلطاب خيرج الضاد من شدقه األيسر كما خيرجه من شدقه األمين، ومن مل يكن أعسر يسر : قالوا . من شدق واحد وهو األمين، وهذه فضيلة األمين على األعسرفإمنا خيرجه

وإمنا صار هذا أعسر وهذا أمين على قدر قوة الكبد والطحال، فإن كانت جواذب الكبد أكثر وأشد كانت : قالوا .األعمال لليمىن، وإن كانت جواذب الطحال أكثر وأشد كانت األعمال لليسرى

افترقوا بعد اجتماعهم وهم أطفال على العمل بالعسراء على قدر ما جيب على كل وأما الذين زعموا أن الناس إمناإنسان، وعلى قدر ما اتفق فهذا القول باطل، ومل تكن ها هنا علة ولو كانت علة ذلك التكلف لكانت العادة األوىل

ك، ولو كان ذلك من أخف عليهم، ومل يكونوا ليستكرهوا أنفسهم على شيء ال يرون فيه من الفضل ما يوازن ذل .طريق االتفاق مل يتفق ذلك يف مجيع األمم يف كل زمان ويف كل بلد إال يف الواحد الشاذ وهو باطل

هذا ما ال يقف عليه وليس يقع على أهل : فقد كان ينبغي ألهل اجلنة أال يكون منهم إال أعسر يسر، قلنا: قالواة ألن الغايات هناك تامة، واألمور كائنة على غاية املوافقة وعلى اجلنة اسم أعسر وال اسم أمين، وليست هناك معانا

.متام النعمة

.ولو مل يكره األمين ألن يكون أعسر إال ألن الشيطان أعسر لكان ينبغي له أن يكره ذلك: قالوا

: وسلمقال رسول اهللا صلى اهللا عليه: يزيد بن هارون، عن هشام بن عبد اهللا، عن هفان، عن أنس بن مالك، قال

بيساره ألنت ... فإن الشيطان: مل يقل" إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله" .اليسار كناية عن الشمال ووين األمر

وهذا أبو داود صاحب الطيالسة، وكان من حفاظ احلديث عند حيىي بن سعيد األحول القطان، وكان حيىي فوقه يف : قال. ال: بيدك اليمني على؟ قال: فأكل بشماله، فقال له حيىي. احلال احلسنة عند أصحاب احلديثاحلديث ويف

: كان فالن ال يرى بأسا أن يأكل الرجل بيده اليسار، قال: فلم ال تأكل بيمينك؟ قال: ال، قال: فهي مشغولة؟ قال

من خيرج لك فيه عذرا، مث جذب يده اليمىن وما حاجتك إىل أن تصنع شيئا من غري علة فتحتاج فيه إىل أن تصيب .فأدخلها يف الصحفة

ومما يؤكد حال الشيطان يف ذلك، ما رواه يزيد بن هارون عن اجلريري، عن أيب العالء، عن عثمان بن أيب : قالوا

Page 123: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 123

ول اهللا عليه إن الشيطان قد حال بيين وبني صاليت، فقال رس! يا رسول اهللا: العاص أنه أتى النيب عليه السالم فقالأال ترى أن " ذلك شيطان يقال له خرتب، فإذا أحسست ذلك فاتفل عن يسارك ثالثا وتعوذ باهللا من شره: "السالم

: الشيطان إمنا أتاه من قبل يساره ألنه أعسر، فهو يذهب إىل شكله من اجلوارح، وأنشد أبو زيد لبعض الرجاز

األعسراألحوال األعفك ثم قلت ألم تعجب لضر الضيطر

الخاتن زب المعذر تلوية يلوي باللحاء األقشر حتى

: ووصف فحل اإلبل فقال: قال أبو حممد الفقعسي

جذالء كالوطب لحاه الماخض لهاة ورجاح فارض لها

كان لنا جار تزوج امرأة عسراء فلما ماتت املرأة جعل خيطب فكان يدل على ما يسأل الناس عن : وقال أبو القماقموحنن ما علمنا : خربوين عنها عسراء هي، وخربوين عن أمها، قالوا: اهلا وماهلا وعفافها وحسبها وهو يسأل فيقولمج

.بذلك وال مسعنا بأحد يسأل عن هذه املسألة، فكانوا يضحكون منه ويعتذر إليهم مبا ابتلى به يف مجيع ولده

.قبح مشائلهواألعسر احلارض البائر الذي خرجت أخالقه على قدر : قالوا

: وناس من أصحاب األهواء يدفنون امليت من يده اليسرى كيال يأخذ كتابه بشماله، فقال زرارة بن أعني: قالوا

وقام عسيب العين ميعاء يخطب قامت شمال بحقها فيومئذ

: وقال معدان األعمى، وهو السري الشميطي

وفريق يرض زيد الشمال جاعل العسيب إماما منهم

حدثنا عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة عن أبيه، أن رجال أكل عند النيب عليه السالم فأكل : النضر، قالأبو .فما وصلت بعد إىل فيه" ال استطعت: "ال أستطيع، قال: ، قال"كل بيمينك"بشماله، فقال

ا ابن عشر سنني ودخل علينا قدم النيب صلى اهللا عليه وسلم إىل املدينة وأن: وسفيان، عن الزهري، عن أنس، قالأعط أبا بكر، : دارنا فحلبنا له من شاة داجن لنا وأبو بكر عن مشاله وأعرايب عن ميينه، وكان عمر ناحية، فقال

.فهي السنة: األمين فاألمين، قال: فأعطى األعرايب وقال

ابن عمر، أن النيب عليه السالم وسعيد، عن سلمة، عن هشام، عن عبد امللك، عن إمساعيل بن أمية، عن نافع، عن ".هكذا نبعث يوم القيامة: "دخل املسجد ويده اليمىن على أيب بكر ويده اليسرى على عمر، وقال

واملتطببون يزعمون أن النوم على شق اليمني يوهن الكبد ويثقل الكبد عن هضم ما يف املعدة، وقد رأيت من ال ن، وما أحسوا بسوء ذلك قط، وقد جيوز أن يكون تأوي حديث أحصي من الرجال أكثر نومهم على الشق األمي

.النيب صلى اهللا عليه وسلم على أن يبدأ على اليمني مث يتحول إذا شاء

قال رسول اهللا صلى اهللا عليه : ذكر ذلك يزيد، عن هشام، عن حممد بن عجالن، عن املقربي، عن أيب هريرة، قالضه بإزاره فإنه ال يدري ما خلف عليه بعده، مث ليضطجع على شقه األمين، إذا أوى أحدكم إىل فراشه فلينف: "وسلم

Page 124: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 124

".بامسك رب وضعت جنيب، رب رب لدفعه: ويقول

رب، : أن النيب صلى اهللا عليه وسلم كان إذا أوى إىل فراشه توسد يده اليمىن، وقال: ومن حديث حفصة بنت عمر ".قين عذابك يوم تبعث عبادك

.جان والعميان واحلوالن حبمد اهللا وعونه وتأييده، وصلى اهللا عليه حممد وآله وسلممت كتاب الربصان والعر

كتاب اهليثم بن عدي

بسم اهللا الرمحن الرحيم

: قال اهليثم بن عدي

العميان األشراف

شعيب النيب، عبد املطلب بن هاشم، العباس بن عبد املطلب، عبد اهللا بن العباس، أبو سفيان بن حرب، جابر بن

عبد اهللا، عبد اهللا بن أرقم، احلكم بن أيب العاص، احلارث بن العباس، عتبان بن مالك، عمرو بن أم مكتوم، الرباء بن عازب، كعب بن مالك، حسان بن ثابت، عبد اهللا بن أيب أوىف، قتادة بن النعمان، أبو عبد الرمحن السلمي، أبو

.بن هشام، مطعم بن عدي، أبو بشر بن مطعمأسيد الساعدي، أبو بكر بن عبد الرمحن بن احلارث

العور

.أبو سفيان بن حرب، ذهبت عينه يوم الطائف

.األشعث بن قيس، ذهبت عينه يوم الريموك

.املغرية بن شعبة، ذهبت عينه يوم القادسية

.جرير بن عبد اهللا، ذهبت عينه مذان حيث وليها يف زمان عثمان بن عفان

.وم اجلملعدي بن حامت، ذهبت عينه ي

.عتبة بن أيب سفيان، ذهبت عينه يوم اجلمل

.سعيد بن عثمان، ذهبت عينه بسمرقند مع طلحة الطلحات، ذهبت عينه بسمرقند مع سعيد بن عثمان

.األحنف بن قيس

.قبيصة بن ذؤيب، ذهبت عينه يوم اجلزيرة

.بالبصرة.... مالك بن مسمع، ذهبت عينه يوم

. ذهبت عينه بأذربيجان، كان واليا عليها فلقي العدو فذهبت عينهقطن بن عبد اهللا بن احلصني،

.قيس بن مكشوح، ذهبت عينه يوم الريموك

Page 125: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 125

.األشتر النخعي، ذهبت عينه يوم الريموك

.املختار بن أيب عبيد، تناوله عبيد اهللا بن زياد بسوط فذهبت عينه

.عبد اهللا بن زيد، أبو خالد القسري، ذهبت عينه يوم مرج راهط

.عبد اهللا بن أيب عقيل

.احلنتف بن السجف التميمي

.علباء بن اهليثم السدوسي

.عمرو بن معدي كرب، ذهبت عينه يوم الريموك

.احلارث األعور

.إبراهيم بن يزيد النخعي

.عبد اهللا بن عبيد بن عمري الليثي

.عبد اهللا بن عامر

احلوالن

، عمرو بن عتبة بن أيب سفيان، أبان بن عثمان بن عفان، عروة بن أبو جهل بن هشام، أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعةاملغرية بن شعبة، أبو بكر بن أيب موسى األشعري، هشام بن عبد امللك، عبيد اهللا بن عبد اهللا بن مسرة، زياد بن أبيه،

.عدي بن زيد الساعدي

الزرق

.وان بن حممد بن مروانعبد الرمحن بن عياش العبدي، العباس بن الوليد بن عبد امللك، مر

الفقم

.عمرو بن سعيد بن العاص، يزيد بن عبد امللك، عمرو بن الزبري

Page 126: البرصان والعرجان

اجلاحظ- الربصان والعرجان 126

الفهرس

33..........................................................................باب ذكر الربص من اآلباء واألمهات

46.............................................................................................عرجان من احليوانال

59.......................................................................القول يف الساق العليلة والساق السليمة

81.......................................................................................................وباب آخر

85..........................................................................باب ذكر من سقي بطنه من األشراف

87...............................................................................باب من قتلت الصواعق والرياح

88......................................................................................................ذكر احلدب

90.....................................................................................................باب األدران

92....................................................................باب ما حيضرنا يف اللقوة وما أشبه ذلك??

95......................................................................................................ذكر املفاليج

99...................................................................باب ما جاء يف شبيه األعضاء املرغوب عنها

99.......................................................................من أعضاء الذئاب والكالب وغري ذلك

110...........................................................................................باب الصلع والقرع

113.......................................................................................باب القزعان والقرعان

114....................................................................باب القول يف األمين واألعسر واألضبط

114...........................................................................................ويف كل أعسر يسر

118....................................................................باب ما جاء يف فضل األمين على األيسر

124.........................................................................................كتاب اهليثم بن عدي

124..........................................................................................العميان األشراف

124.......................................................................................................العور

125....................................................................................................احلوالن

125......................................................................................................الزرق

125.......................................................................................................الفقم

    

to pdf: http://www.alhttp://www.al-mostafa.com