معراج التشوف الى حقائق التصوف

27
١ ١ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺸﻮﻑ ﻣﻌﺮﺍﺝ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺸﻮﻑ ﻣﻌﺮﺍﺝ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻭﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻭﺍﻟﺼﻮﰲ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﳊﺴﲏ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﲪﺪ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﳊﺴﲏ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﲪﺪ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﷲ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﺭﲪﻪ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﳏﻤﺪ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﷲ ﺑﺴﻢ ﺳﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻖ ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺍﳊﻘﺎﺋﻖ ﺣﻘﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳊﻤﺪ ﺍﳋﻼﺋﻖ. ﺍﳌﻌﺠﺰﺍﺕ ﺑﺘﻮﺍﺗﺮ ﺍﳌﺨﺼﻮﺹ ﺍﳋﻮﺍﺭﻕ ﻭﺗﻈﺎﻫﺮ. ﻭﺍﳌﺸﺎﺭﻕ ﺍﳌﻐﺎﺭﺏ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﻘﻮﱘ ﺩﻳﻨﻪ ﺍﷲ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻋﻦ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﻭﺭﺿﻲ. ﻭﺑﻌﺪ: ﻣﻘﺎﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﳌﻘﺎﻡ ﺗﻔﺴﲑ ﻭﻫﻮ ﻭﻛﻴﻒ ﻭﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻟﺒﺎﺏ ﻭﺭﺋﻴﺴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺳﻴﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﻓﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻌﻴﺎﻥ. ﺍﻹﳝﺎﻥ ﳌﻘﺎﻡ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻛﻤﺎ. ﺍﻹﺳﻼﻡ ﳌﻘﺎﻡ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﻋﻠﻢ. ﺟﱪﻳﻞ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻭﻗﺪ ﺍﳉﻤﻴﻊ ﺗﻔﺴﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ. ﺑﻪ ﻳﺘﻘﺮﺏ ﻣﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﺑﻪ ﺍﻻﺷﺘﻐﺎﻝ ﺃﻥ ﺗﺒﲔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻧﻪ ﺗﻘﺮﺭ ﺍﻟﻌﻴﺎﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﷲ ﺇﱃ. ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﺷﺘﻤﻞ ﻭﻗﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﳋﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﳌﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺍﺻﻄﻠﺢ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ. ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﷲ ﻟﻌﻞ ﻭﺍﺻﻄﻼﺣﺎﺗﻪ ﺍﻟﻔﻦ ﻫﺬﺍ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﺻﺎﳊﺔ ﻧﺒﺬﺓ ﺃﻥ ﻭﻗﻮﺗﻪ ﺍﷲﻮﻝ ﺃﺭﺩﺕ ﻭﻗﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ. ﺘﻪ: : ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺸﻮﻑ ﻣﻌﺮﺍﺝ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺸﻮﻑ ﻣﻌﺮﺍﺝ ﻣﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻜﻞﻛﺮﺄﺫ ﻭﺳ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺳﻮﺍ ﺇﱃﺎﺩﻱ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻭﺑﺎﷲﺎﻳﺔ ﻭﻭﺳﻄﺎ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻳﺘﻌﻠﻖ.

Upload: ahmad-baabde

Post on 27-Jul-2015

575 views

Category:

Documents


6 download

TRANSCRIPT

Page 1: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١١

معراج التشوف إىل حقائق التصوفمعراج التشوف إىل حقائق التصوف

العالمة اجلليل والصويف الكبريالعالمة اجلليل والصويف الكبري رمحه اهللارمحه اهللاسيدي أمحد بن حممد عجيبة احلسين سيدي أمحد بن حممد عجيبة احلسين

بسم اهللا الرمحن الرحيم وصلى اهللا على سيدنا حممد وآله وصحبه وسلم تسليما

املخصوص بتواتر املعجزات . اخلالئقاحلمد هللا الذي حقق احلقائق وأوضح الطرائق والصالة والسالم على موالنا حممد سيد . ورضي اهللا تعاىل عن أصحابه األعالم الذين أظهر اهللا م دينه القومي يف أقصى املغارب واملشارق. وتظاهر اخلوارق

فعلم التصوف هو سيد العلوم ورئيسها ولباب الشريعة وأساسها وكيف ال وهو تفسري ملقام اإلحسان الذي هو مقام : وبعد

.وعلم الفقه تفسري ملقام اإلسالم. كما أن علم الكالم تفسري ملقام اإلميان. والعيانالشهودذا تقرر أنه أفضل العلوم تبني أن االشتغال به أفضل ما يتقرب به اف. عليه السالم على تفسري اجلميعوقد اشتمل حديث جربيل

.إىل اهللا تعاىل لكونه سببا للمعرفة اخلاصة الذي هي معرفة العيان

ريقة وعبارات دقيقة اصطلح القوم على استعماهلا فينبغي الوقوف على معانيها ملن أراد اخلوض فيه غوقد اشتمل على حقائق وقد أردت حبول اهللا وقوته أن أمجع نبذة صاحلة من حقائق هذا الفن واصطالحاته لعل اهللا ينفع من يريد . والوقوف على معانيه . الوقوف على هذا العلم

وباهللا التوفيق وهو اهلادي إىل سواء الطريق وسأذكر لكل حقيقة ما معراج التشوف إىل حقائق التصوفمعراج التشوف إىل حقائق التصوف: : تهومسي .يتعلق ا بداية ووسطا واية

Page 2: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢٢

بسم اهللا الرمحن الرحيمبسم اهللا الرمحن الرحيم

أو ائل و تصفية البوطن من الرذائل و حتليتها بأنواع الفضعلم يعرف به كيفية السلوك إىل حضرة ملك امللوك : : التصوف

.يف أوله علم ووسطه عمل وآخره موهبة. غيبة اخللق يف شهود احلق أو مع الرجوع إىل األثر الصوفية ت أو من صفة املسجد النبوي ألنالاألا تصاف بالكم. واشتقاقه إما من الصفاء ألن مداره على التصفية أو من الصفة

اختاروا ذلك . ألن جل لباسهم الصوف تقلال من الدنيا وزهدا فيهاشبهون بأهل الصفة يف التوجه واالنقطاع أو من الصوف تمألن لباس الصوف حكم ظاهر على . لغة وأظهر نسبةأليقوهذا االشتقاق . السالمالصالة و ألنه كان لباس األنبياء عليهم

تقمص إذا لبس : قالكما ي. تصوف إذا لبس الصوف: يقال. وأقربقفإليه أمر باطن واحلكم بالظاهر أوالظاهر ونسبتهم .والنسبة إليه صويف. القميص أي ال رغبة له ن البشر واستوى عنده الذهب واملدر،عامتأل من الفكر وانقطع إىل اهللا الصويف من صفا من الكدر و: ل قال سه

.يف شيء دون مواله الرب الصويف كاألرض يطأه: ضاوقال أي. ليحكل مالصويف كاألرض يطرح عليه كل قبيح وال خيرج منه إال : اجلنيدوقال

.والفاجر وكالسماء يظل كل شيء وكاملطر يسقي كل شيء

أو عن شهود . ق بكل وصف سينأو عن كل وصف دين إىل التحق. ليحالرجوع عن كل فعل قبيح إىل كل فعل م: التوبة املظامل ففرض مستقل تصح بدونه كما ع ونفي اإلصرار وأما ردقالالندم واال: وشروطها. ود احلقاخللق إىل االستغراق يف شه

: وتوبة خاصة اخلاصة. من العيوب: الذنوب وتوبة اخلاصةنم: فتوبة العامة. تصح من ذنب مع اإلصرار على آخر من غري نوعهحها وفالتوبة تفتقر إىل توبة أخرى بعدم نص. وكل املقامات تفتقر إىل التوبة. من كل ما يشغل السر عن حضرة عالم الغيوب

حبصول القنوط واإلياس والصرب حبصول اجلزع والزهد خبواطر الرغبة اءيها حبصول األمن واالغترار والرجواخلوف يفتقر إل م والتسليم بالكراهية والتربااالختبار واالهتمام بالرزق والرضوالورع بتتبع الرخص وخواطر الطمع والتوكل خبواطر التدبري و

ء األدب يف الظاهر وخواطر السوء يف الباطن واحملاسبة بتضييع األوقات يف غري ما يقرب إىل عند نزول األقدار واملراقبة بسواحلق واحملبة مبيل القلب إىل غري احملبوب واملشاهدة بالتفات السر إىل غري املشهود أو باشتغاله بالوقوف مع شئ من احلس وعدم

والتوبة . والسالم يستغفر يف الس الواحد سبعني مرة أو مائةلك كان عليه الصالة دة الترقي يف معاريج األسرار ولذزيا .سيئ اخلالنرار باجلنان ومهاجرة صلسان واإلقالع باألبدان وعدم اإلاالستغفار بال: النصوح جيمعها أربعة أشياء

.القلة والعلة والذلة والغربة: عالمة التوبة النصوح أربعة: وقال سفيان الثوري

رجوع من الذنب إىل : مراتب وهي ثالث. ص من التوبة ألا رجوع يصحبه انكسار ووض إىل السري وهي أخ: اإلنابة .التوبة ومن الغفلة إىل اليقظة ومن الفرق إىل اجلمع على اهللا

Page 3: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٣٣

ت مرغوب ومثرته النهوض إىل الطاعة واهلروب من املعصية فإظهار اخلوف اانزعاج القلب من حلوق مكروه أو فو: اخلوفوخوف خاصة . من العتاب وفوت االقتراب: من العقاب وفوت الثواب وخوف اخلاصة: ع التقصري دعوى فخوف العامةم

.من االحتجاب بعروض سوء األدب: اخلاصة

حسن املآب حبصول : فرجاء العامة. وإال فأمنية وغرور. سكون القلب إىل انتظار حمبوب بشرط السعي يف أسبابه: الرجاءزيادة الترقي يف أسرار امللك التمكن من الشهود و: ورجاء خاصة اخلاصة. حصول الرضوان واالقتراب: ء اخلاصةورجا. الثواب .ورمبا يترجح الرجاء عند العارفني واخلوف عند الصاحلني. ال يطري إال ما. واخلوف والرجاء للقلب كجناحي الطري. ودعبامل

: وصرب اخلاصة. حبس القلب على مشاق الطاعات ورفض املخالفات : مةفصرب العا. حبس القلب على حكم الرب: الصربوطلب . حبس النفس على الرياضات وااهدات وارتكاب األهوال يف سلوك طريق األحوال مع مراقبة القلب يف دوام احلضور

. والعكوف يف احلضرة دوام النظر أو ،حبس الروح أو السر يف املشاهدات واملعاينات: وصرب خاصة اخلاصة. رفع الستور

على وجه اخلضوع ومرجعه املنعم واالعتراف بنعمة . مع صرف اجلوارح يف طاعة املنعم. النعمةصولفرح القلب حب: الشكروشكر بالبدن وهو اتصاف باخلدمة وشكر بالقلب وهو شهود . اإلستكانة ت بالنعمة بنعهشكر باللسان وهو اعتراف: لثالث

: الثناء باللسان وشكر اخلاصة: فشكر العامة. أال يعصى اهللا بنعمه: مة ومرجعه الكل إىل ما قاله اجلنيداملنعم عند حصول النع .االستغراق يف شهود املنان: اخلدمة باألركان وشكر خاصة اخلاصة

ما يكدر القلب ترك احلرام املتشابه وورع اخلاصة ترك كل: فورع العامة. كف النفس عن ارتكاب ما تكره عاقبته: الورعرفض التعلق بغري : وورع خاصة اخلاصة. )دع ما يريبك إىل ما ال يريبكدع ما يريبك إىل ما ال يريبك (:وجيد منه حزازة أو ظلمة وجيمع قوله عليه السالم

.اهللا وسد باب الطمع يف غري اهللا وعكوف اهلم على اهللا وعدم الركون إىل شيء سواه

وقيل له، وما فساد . ما مالك الدين؟ فقال الورع. ري حني سئلكما قال احلسن البص. وهذا الورع الذي هو مالك الدين من الصالة اوجزء منه يعدل آالف: ورع خاصة اخلاصة: الطمع فالورع الذي يقابل الطمع كل املقابلة هو: الدين؟ فقال على نوره وفهمه غناه وليس يدل على فهم العبد كثرة علمه وال مداومته على ورده وإمنا يدل: ولذا قال يف التنوير. والصيام

.بربه واحنياشه إليه بقلبه والتحرر من رق الطمع والتحلي حبلية الورع يعين ورع اخلاصة أو خاصة اخلاصة واهللا تعاىل أعلم

ترك ما فضل : فزهد العامة . وعزوف النفس عنها . خلو القلب من التعلق بغري الرب، أو برودة الدنيا من القلب: الزهدترك النظر إىل ما : وزهد خاصة اخلاصة. ترك ما يشغل عن التقرب إىل اهللا يف كل حال: كل شئ وزهد اخلاصةعن احلاجة يف

Page 4: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٤٤

، وهو سبب احملبة كما قال احلبيب وحاصل اجلميع، برودة القلب عن سوى وعن الرغبة يف غري .سوى اهللا يف مجيع األوقات .إذ ال سري للقلب إذا تعلق بشئ سوى احملبوب. والوصولريوهو سبب الس احلديث )......اهللاهللا ازهد يف الدنيا حيبكازهد يف الدنيا حيبك(: عليه السالم

وأن . ثقة القلب باهللا حىت ال يعتمد على سواه، أو التعلق باهللا والتعويل عليه يف كل شئ علما بأنه عامل بكل شئ: التوكلووسطه كالطفل مع أمه . لوكيل الشفيق املالطففأدناه أن تكون مع اهللا كاملوكل مع ا. تكون مبا يف يد اهللا أوثق منك مبا يف يدك

. لث خلاصة اخلاصةافاألول للعامة والثاين للخاصة والث. ال يرجع يف مجيع أموره إال إليها وأعاله أن تكون كامليت مع الغاسل. نه فان عن نفسه ينظر كل فاألول خيطر بباله مة والثاين ال اام له لكن يتعلق بأمه عند احلاجة والثالث ال اام وال تعلق أل

.ساعة ما يفعل اهللا به

الرضى تلقي املهالك بوجه ضاحك أو سرور جيده القلب عند حلول القضاء أو ترك االختبار على : الرضى والتسليم . اهللا فيما دبر وأمضا و شرح الصدر ورفع اإلنكار ملا يرد من الواحد القهار

م منه على ظفريادف الرضى على احلد األخري والرضى أع. سكون حتت جماري األقدارترك التدبري واالختيار بال: والتسليم عند الرتول والتسليم قبل الرتول وهو التفويض بعينه فبدايتهما الصرب وااهدة ووسطهما يكونالرضى: األولني وقيل

للعامة والثاين للخاصة والثالث خلاصة بالسكون مع خواطر التربم والكراهية وايتهما بفرح وسكون مع عدم التربم فاألول .ضعف البشرية إذ ال خيلوا منه بشراخلاصة ويغتفر اخلاطر األول عند اجلميع ل

الع الرب، أو القيام حبقوق اهللا سرا وجهرا خالصا من األوهام، صادقا يف اإلحترام وهي أصل طإدامة علم البعد با: املراقبةحفظ اجلوارح من : فمراقبة أهل الظاهر. فمن عظمت مراقبته عظمت بعد ذلك مشاهدته . كل اخلري وبقدرها تكون املشاهدة

حفظ السر من : حفظ القلوب من اإلسترسال مع اخلواطر والغفالت ومراقبة أهل باطن الباطن: اهلفوات ومراقبة أهل الباطن .املساكنة إىل غري اهللا

ن املشارطة تكون كما أ. وتكون آخر النهار. ات يف غري أنواع الطاعاتعتاب النفس على تضييع األنفاس واألوق: احملاسبةولو مت . يف تعمري أوقاته مبا يقربك إىل اهللايهذا يوم جديد، وهو عليك شهيد، فاجتهد: لنفسه يف أول ارهليقو. أول النهار

معها حىت عليها عند إدباره، هكذا يدوم وكذلك يقول هلا عند إقبال الليل وحياسبها. باألمس لفاتك اخلري الذي تفوزين فيهفتحصل أن املشارطة . الستغراق يف الشهود فال يبقى من حياسب وال من يعاقباتتمكن من احلضرة، فحينئذ يتحد الوقت وهو

.أوال واحملاسبة آخرا واملراقبة دائما ما دام يف السري ، فإذا حصل الوصول فال حماسبة وال مشارطة

ئم، بقلب هائم، ويظهر هذا امليل أوال على اجلوارح الطاهرة باخلدمة، وهو مقام األبرار وثانيا على القلوب ميل دا: احملبةالشائقة بالتصفية والتحلية وهو مقام املريدين السالكني وثالثا على األرواح واألسرار الصافية بالتمكني من شهود احملبوب، وهو

Page 5: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٥٥

كون والصحو يف مقام سها باخلدمة ووسطها ظهور أثرها بالسكر واهليام وايتها ظهوره بالمقام العارفني، فبداية احملبة ظهور أثرفبدايتها سلوك وخدمة . أرباب اخلدمة وأرباب األحوال وأرباب املقامات: العرفان، فلهذا انقسم الناس على ثالث مراتب

.ووسطها جذب ووفاء وايتها صحو وبقاء

ة رؤية الذات اللطيفة يف مظاهر جتلياا الكثيفة، فترجع إىل تكثيف اللطيف، فإذا ترقق املشاهد: املشاهدة واملعاينةواحلاصل أن . فاملعاينة أرق من املشاهدة وأمت. الوداد ورجعت األنوار الكثيفة لطيفة، فهي املعاينة، فترجع إىل تلطيف الكثيف

فرؤية . م لطيفاإذ ال ميكن إدراك اللطيف ما دا. اهر التجلياتشهود الذات ال ميكن إال بواسطة تكثيف أسرارها اللطيفة يف مظ .وردها إىل أصلها بانطباق حبر األحدية عليها معاينة وقيل مها سواء. مشاهدةالتجليات كثيفة

. فال يشهد إال مواله وال يعرج على أحد سواه. دائم بقلب هائمدفهي شهو. وهي التمكن من املشاهدة واتصاهلا: املعرفة .مع إقامة العدل وحفظ مراسم الشريعة فهذه حدود املقامات قد انتهت يف املعرفة

:مث نرجع إىل حقائق أخرى يكثر استعماهلا بداية واية منها

أو مواصلة الطاعات واالعراض عن املخالفات فتقوى . وهي امتثال األوامر واجتناب املناكر الظواهر والسرائر: التقوىالغيبة عن السوى بالعكوف يف حضرة عالم : التخلي عن العيوب وتقوى خاصة اخلاصة: الذنوب وتقوى اخلاصةاجتناب : العامة .الغيوب

وال ميل مع أوهام . ل عليه السالم وأفعاله وأحواله وأخالقه من غري تعمق وتأنقاستعمال العلم بأقوال الرسو: االستقامةرسوم والعادات أو القيام بني يدي اهللا تعاىل على حقيقة الصدق يف مجيع احلاالت اخلروج عن املعهودات ومفارقة ال وأالوسواس

مبوافقة : فاستقامة العامة. سنن الشريعة األحوال بعدم اخلروج عن األقوال بترك الغيبة ويف األفعال بترك البدعة ويفىف وهي بالتخلق بأخالق الرمحان مع االستغراق يف حضرة : اصةبالتخلق باألخالق النبوية واستقامة خاصة اخل: السنة واستقامة اخلاصة

.العيان

فإخالص . إخراج اخللق من معاملة احلق، أو إفراد احلق تعاىل يف الطاعة بالقصد أو غيبة القلب عن غري الرب: اإلخالصوإخالص خاصة . نتصفيتهاعن طلب العوض يف الداري: وإخالص اخلاصة. تصفية األعمال عن مالحظة املخلوقني: العامة .ىت يكون العمل باهللا ومن اهللا وإىل اهللا غائبا عما سواهن رؤية الغري يف القصد واحلركة حالتربي من احلول والقوة وم: اخلاصة

Page 6: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٦٦

إسقاط حظوظ النفس يف الوجهة إىل اهللا تعاىل تعويال على ثلج اليقني أو استواء الظاهر والباطن يف األقوال : الصدقغري بالكلية والفرق التصفية الباطن من اإلنتفاتات إىل : وحاصله. نمة الكتمان غرية على أسرار الرمححوال ومالزواألفعال واأل

رك اجللي واخلفي والصدق ينفي النفاق واملداهنة بالكلية فمثال الصدق مع اإلخالص شبينه وبني اإلخالص أن اإلخالص ينفي ال األوهام وكذلك أن صاحب اإلخالص ال خيلوا من مداهنة ورة ويصفيه من كداقض النفالتشحرة للذهب فهو ينفي عنه عوارك

الصدق فإنه يذهب باملداهنات ويرفع املساحمات إذ ال يشم رائحة الصدق من داهن نفسه صاحب النفس ومساحمة اهلوى خبالف ق بكشف ما يكره إطالع الناس عليه فال يبايل صاحب الصد. استواء السر والعالنية: وعالمة الصدق. أو غريه فيما دق أو جل

تصفية : ب األعراض وصدق اخلاصةلتصفية األعمال من ط: فصدق العامة بعلم اهللا به اكتفاءو وال يستحيي من ظهوره لغريه ويقال لصاحب املقام . إىل ما سوى اهللاتصفية مشرب التوحيد من اإللتفات: األحوال من قصد غري اهللا وصدق خاصة اخلاصة

وأما التصديق بوجود احلق أو بوجود اخلصوصية عند األولياء وتعظيمهم ألجلها فهو . صديق: صادق وللثاين والثالث: األولفالصديق يطلق على معظم . صديق أيضا: ويقال ملن عظم تصديقه. خالف ما يعتقده بعض فقراء زماننا هذا. تصديق ال صدق .صدقه أو تصديقه

إىل اهللا عاريا عن التقلب واإلضطراب ثقة بضمانه أو اكتفاء بعلمه أو رسوخا يف معرفته وهي سكون القلب : الطمأنينةوتكون من وراء احلجاب بتواتر األدلة واستعمال الفكرة أو بتوال الطاعة وجماهدة الرياضة وتكون بعد زوال احلجاب بتمكن

البيان وقوم اطمأنوا بشهود اهللا بعد ظهوره من طريق فقوم اطمأنوا بوجود اهللا من طريق الربهان أو. النظرة ورسوخ املعرفة .للعارفني املقربني: والثالث. العلماء والثاين للعباد والزهاد والصاحلني: فاألول . العيان

الشوق الشوق انزاع القلب اىل لقاء احلبيب و االشتياق ارتياح القلب اىل دوام االتصال به ف: الشوق واإلشتياق: فشوق العامة. لطلب الروح الزيادة يف كشف األسرار والقرب إىل األبد . يب ولقائه واإلشتياق ال يزول أبدايزول برؤية احلب .إىل حضرة عيانه: ه وشوق اخلاصة إىل نيل رضوانه وشوق خاصة اخلاصة نإىل زخاريف جنا

فغرية البشرية على النفوس : غرية غريتانال: قال الشبلي. كراهية رؤية حبيبك عند غريك فيهيج التنافس يف حيازته: الغريةأن الطبع البشري يكره أن يرى حمبوبه عند غريه كالزوجة مثال واحلق تعاىل يكره أن يرى : ومعناه. وغرية اإلهلية على القلوب

يف الوجود إال وما) ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ،، أغري من اهللا أغري من اهللاأحدأحدال ال (:قلوب أوليائه متعلقة بغريه ويف احلديثفغرية النفوس للعامة وهي غريم على هتك حرمة حرميهم وغرية القلوب للخاصة وهي . ية سرت يف مظاهر جتليااغرية األهل

غريم على قلوم أن متيل لغري حمبوم وغرية األرواح واألسرار خلاصة اخلاصة وهي غريم على أرواحهم أن تلتفت إىل شيء : م على احلبيب أن مييل إىل غريهم وعلى هذا األمر العظيم حق للعبد أن يغار كما قال الشاعردون حمبوم وغري

عليك ففيمن ليت شعر أنافس عليك ففيمن ليت شعر أنافس * * إذا مل أنافس يف هواك ومل أغرإذا مل أنافس يف هواك ومل أغر فكل امرئ يصبوا إىل من جيانسفكل امرئ يصبوا إىل من جيانس * * فال متقنت نفسي فأنت حبيبها فال متقنت نفسي فأنت حبيبها

Page 7: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٧٧

م نيظهرهم جلملة اخللق فيضال م إذا أذوهم ومن غريته أيضا عليهم أن وقد يغار احلق تعاىل على أوليائه فينتقم من أعدائه

.على خلقه حىت يلقوه حتت أستار اخلمول وهم عرائس حضرته

وهي اإليثار على النفس مبا حتب، واإلحسان إىل اخللق مبا حيب، ولذا تكمل الفتوة إال لرسول اهللا صلى اهللا عليه : الفتوةوالفىت من ال . ال ترى لنفسك فضال على غريكأن: أميت أميت وقيل : أحد إال نفسهع ال يذكر فيهوسلم، حيث يقول يف موض

بالنفوس : باألموال وفتوة اخلاصة : ففتوة العامة. خصم له ومرجعها إىل السخاء والتواضع والشجاعة يف مواطن االضطراب .باألرواح وبذل املهج يف جانب احملبوب: وفتوة خاصة اخلاصة

واخللوص يف نصيحة األمة واألنس . والتحبب إىل اهللا مبا يرضى. وهي قصد الوصول إىل احملبوب بنعت ااهدة: اإلرادةواإليثار ألمره واحلياء من نظره وبذل اهود يف حمبوبه والتعرض . باخللوة والصرب على مقاسات األهوال ومنازالت األحوال

ليه والقناعة باخلمول وعدم سكون القلب إىل شيء دون الوصول وهي أول مرتلة لكل سبب يوصل إليه وصحبة من يدل ع .القاصدين وبدء طريق السالكني

إرادة التربك واحلرمة وهي ملن ضعفت مهته وكثرت عالقته وإرادة : من اإلرادة له دون مواله وهي ثالث مراتب : واملريده وصرح وإرادة اخلالفة وكمال املعرفة وهي ملن ظهرت جنابته وكملت أهليتالوصول إىل احلضرة وهي ألهل التجريد وقوة العزم

.أو هاتف صادقله باخلالفة من شيخ كامل

قال . االتاألوقات وخرق عوائدها يف مجيع احلخمالفة هواها يف عموم على وهي فطم النفس عن املألوفات ومحلها : ااهدةوايتها املشاهدة فال . ة وال تتكلم إال عند الضرورةبل الفاقة وال تنم إال عند الغ عندال تأكل إال: بعضهم مرجعها إىل ثالث

جماهدة بعدها فال جتتمع جماهدة ومشاهدة إذ اية التعب متام السفر فإذا حصل الوصول فما بقي إال الراحة ومشاهدة احلبيب ات وجماهدة البواطن ينفي اخلواطر الرديئة ودوام جماهدة الظواهر بدوام الطاعات وكف املنهي: مع حفظ األدب وهي ثالث

.احلضور يف احلضرة القدسية وجماهدة السرائر باستدامة الشهود وعدم اإللتفات إىل غري املعبود

الذات بعد ذهاب حس وهي حصول األنس بعد املكابدة واعتناق الروح بعد ااهدة وحاصلها حتقيق الفناء يف: الوالية البقاء وبقاء البقاء ويبقى الترقي واالتساع التحقق مل يزل فأوهلا التمكن من الفناء وايتها ن مل يكن ويبقى من مفىنالكائنات في

ال ترغب يف : نعم، قال: ؟ قال الرجلوليا أحتب أن تكون هللا : قال إبراهيم بن أدهم لرجل. اىل ماال اية له فيها أبدا سرمداالويل من كان مهه : وقال غريه. نفسك هللا عز وجل وأقبل بوجهك عليه يرفق عليك ويواليكشيء من الدنيا واآلخرة وفرغ ( وهى قوله وتطلق على ثالث مراتب والية عامة وهي ألهل اإلميان والتقوى كما يف اآلية . اهللا وشغله اهللا وفناؤه دائما يف اهللا

Page 8: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٨٨

على فوهي ألهل االستشرا: ووالية خاصة ) الذين آمنوا و كانوا يتقون الذين آمنوا و كانوا يتقون**هم يحزنون هم يحزنون أال ان أولياء اهللا ال خوف عليهم و ال أال ان أولياء اهللا ال خوف عليهم و ال من أولياء اهللا يا رسول : قيل: ويف احلديث. وهي ألهل التمكن يف معرفة اهللا على نعت العيان: العلم باهللا ووالية خاصة اخلاصة

فشمل . احلديث)......الذين نظروا إىل باطن الدنيا حني نظر الناس إىل ظاهرهاالذين نظروا إىل باطن الدنيا حني نظر الناس إىل ظاهرها( : ويف رواية ) املتحابون يف اهللاملتحابون يف اهللا (:اهللا؟ قال .احلديث، والية اخلاصة وخاصة اخلاصة واهللا تعاىل أعلم

احلرية الكسبية، وهي سبب للظفر باحلرية تصفية الباطن منم حب غري احلق حىت ال تبقى فيه بقية لغري اهللا و هذةوهي: احلرية. فتنتفى ظلمة احلدوث يف نور القدم وختتفي قوالب العبودية يف جتلي مظاهر الربوبية. غيبة العبد يف مظاهر الربوهي . الومهية

أفال أفال (:فيبقى احلق بال خلق فحينئذ يكتب للعبد عقد احلرية فتكون عبادته وعبوديته شكرا ال قهرا كما قال سيد العارفني .عبادة العارف تاج على الرؤوس، يعين كمال الكمال: ة اجلنيدوقال إمام هذه الطائف) أكون عبدا شكورا؟أكون عبدا شكورا؟

هي القيام حبق الطاعات، بشرط التوقري : وقال بعضهم. وهي القيام بأدب الربوبية، مع شهود ضعف البشرية: العبوديةوالقوة واإلقرار مبا يوليك ول وا من األقدار، أو التربي من احلوالنظر إىل ما منك بعني التقصري، أو ترك االختيار فيما يبد

حفظ احلدود، والوفاء : ترك التدبري بشهود التقدير، وأمجع العبارات فيها، قول ابن عطاء اهللا: وعالمتها. ويعطيك من املنة .بالعهود، والرضى باملوجود، والصرب على املفقود

كما حتب أن يكون عبدك معك، فكن أنت مع وأحسن ما يف تفسري العبودية، أن تقدر أن لك عبدا اشتريته مبالك، ف: قلت إال بزي العبيد سيده تدبري وال اختيار وال يتزيهريةق من نفسه وال ماله وال ميكنه مع موالك، فالعبد ال ميلك مع سيده شيئا

أدىن إشارة أهل اخلدمة ويكون عند أمر سيده ويه وإذا كان حاذقا فامها عمل ما يرضي سيده قبل أن يأمره ويفهم عن سيده ب: فأول املراتب. العبودية أمت من العبادة: وقال أبو علي الدقاق رضي اهللا عنه. إىل غري ذلك من األدب املرضية يف العبيد املؤدبني

ية باحلرية الوه: والعبودة هي: ، قلتفالعبادة للعوام والعبودية للخواص والعبودة خلواص اخلواص. عبادة مث عبودية مث عبودة .اىل أعلمواهللا تع

أو االستغناء باملوجود وترك التشوف إىل املفقود وهي احلياة الطيبة ة االكتفاء بالقسمة، وعدم التشوف للزياد: القناعة . )ليرزقنهم اهللا رزقا حسناليرزقنهم اهللا رزقا حسنا( : والرزق احلسن، يف قوله تعاىل

.رزقا حسنا ، وهى من مثرة الغىن باهللا هللا من بقى منهم أي والذين هاجروا يف سبيل اهللا مث قتل بعضهم أو مات لريزقن استقرا فيها ومرجعها إىل سد باب الطمع وفتح باب الورع وهي ا جيوالن فلقيا القناعة فان العز و الغىن: قال وهب بن منبه

القناعة من اهللا : ولذلك قيلمطلوبة يف أمور الدنيا فقط وأما أمور اآلخرة أو يف زيادة العلم أو الترقي يف املعرفة فمذمومة .حرمان

وهي سكون القلب وخلوه من اإلنزعاج واالضطراب والتقلب مث إن كان بالسكون إىل اهللا والرضى عنه فهي : العافية ) عافيةعافيةما أعطى أحد بعد اليقني خريا من الما أعطى أحد بعد اليقني خريا من ال( : ويف احلديث. ملوافقة فهي العافية العاديةاالكاملة وإن كان جبريان األسباب العافية

Page 9: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٩٩

سكوم : وعافية اخلاصة. ا من نور اليقني را اخنرمت اضطربت قلوم وتزلزلت حلفعافية العامة سكوم إىل األسباب فإذا. حنن كالنجوم كلما اشتدت : كما قال بعضهم. فعافيتهم دائمة ورمبا يزيد يقينهم إذا اخنرمت األسباب. إىل مسبب األسبابلو كانت السماء من زجاج واألرض من حناس ومصر كلها عيايل ما : ذو النون رضي اهللا عنهوقال . الظلمة قوي نورناسكوم إىل شهود احلق غائبني عن األسباب وعدمها يف حبر التوحيد وأسرار : وعافية خاصة اخلاصة. اهتممت هلم برزق

.آمنيال ترتل اهلموم بساحتهم وال تكدر صفاء مشرم جعلنا اهللا منهم . التفريد

وهو سكون القلب إىل اهللا بعلم ال يتغري وال يتحول وال يتقلب وال يزول عند هيجان احملركات أو ارتفاع الريب يف : اليقنيفيقني . رفع اهلمة عن اخللق عند احلاجة وترك املدح يف العطية والترته عن ذمهم عند املنعة : مشاهدة الغيب وعالمته ثالث

بتوحيد صفاته، فرأوا اخللق موتى ليس بيدهم حركة وال : ويقني اخلاصة. ، فسكنوا إليه يف املنع والعطاءبتوحيد أفعاله: العامة .فشاهدوه يف كل شيء وعرفوه عند كل شيء ومل يشاهدوا معه شيئا. بتوحيد ذاته: ويقني خاصة اخلاصة. سكون

ما نشأ عن : وعني اليقني. عن الربهان ما كان ناشئا : علم اليقني : علم اليقني وعني اليقني وحق اليقني ألرباب : وعني اليقني. فعلم اليقني ألرباب العقول من أهل اإلميان. ما نشأ عن الشهود والعيان: وحق اليقني. الكشف والبيان

كمن مسع : ومثال ذلك. ألهل الرسوخ والتمكني يف مقام اإلحسان: وحق اليقني. الوجدان من أهل االستشراف على العيانفإذا استشرف عليها ورآها ومل يدخلها فعنده عني اليقني فإذا دخلها وعرف . فعنده علم اليقني بوجودها. مبكة مثال ومل يرها

فأهل احلجاب استدلوا حىت حصل هلم العلم اليقيين . طرقها وأماكنها فهذا عنده حق اليقني وكذلك الناس يف معرفة احلق تعاىلاملريدين املستشرفني على الفناء يف الذات حصل هلم عني اليقني حىت أشرفت عليهم أنوار املعاين وأهل السري من . بوجود احلق

فإذا متكنوا من دوام شهوده . وغابت عنهم ظالل األواين غري أم باقون يف دهشة الفناء مل يتمكنوا من دوام شهود احلق .جعلنا اهللا منهم مبنه وكرمه. وغاية السعادة. عمةوهذه اية الن. ورسخت أقدامهم يف معرفته حصل هلم حق اليقني

نعمة ظاهرة كالصحة : وهي على قسمني. هي مالزمة األفراح ومباعدة األتراح وإصابة األغراض ونزاهة األعراض: النعمةقوم فرحوا : الثة أقساموالناس يف النعمة الظاهرة على ث. ونعمة باطنة كاإلميان واهلداية واملعرفة. والعافية والكفاية من احلالل

وقوم فرحوا بالنعم . بالنعمة ملا هلم فيها من املتعة فحجبوا ا عن املنعم وقوم فرحوا بالنعمة إلقبال املنعم عليهم حيث ذكرهم ا يف السراء والضراء فشكر األولني يزول بزواهلا وشكر الثالث دائم) قل اهللا ثم ذرهم فى خوضهم يلعبونقل اهللا ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون . (دون شيء سواه

.وهذا شكر اخلواص

اتقوا فراسة اتقوا فراسة ( ( : ويف احلديث. وهي خاطر يهجم على القلب أو وارد يتجلى فيه ال حيظى غالبا إذا صفا القلب: الفراسةفكما قوى القرب ومتكنت املعرفة صدقت الفراسة ألن . وهي على حسب قوة القرب واملعرفة. ، فإنه ينظر بنور اهللا )املؤمناملؤمنفراسة العامة، وهي كشف ما يف ضمائر : لروح إذا قربت من حضرة احلق ال يتجلى فيها غالبا إال احلق وهي ثالث مراتبا

Page 10: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٠١٠

وفراسة اخلاصة وهي كشف أسرار املقامات . الناس وما غاب من أحواهلم وهي فتنة يف حق من مل يتخلق بأخالق الرمحانوهي كشف أسرار الذات وأنوار الصفات والغرق يف حبر : خاصة اخلاصةوفراسة. واملنازالت واإلطالع على أنوار امللكوت

هي سواطع أنوار الذات ومتكني مجلة : وقال الواسطي. هي مكاشفة احلق، ومعانية الغيب: وقال الكتاين. أسرار اجلربوت: قوله: قلت. مائر احلقالسرائر يف الغيوب من غيب إىل غيب حىت يشهد األشياء من حيث إشهاده احلق إياها فيتكلم على ض

.إىل آخره ليس بشرط يف فراسة اخلاصة واهللا تعاىل أعلم..... فيتكلم

. وهي ملكة تصدر عنه األفعال بسهولة مث إن كانت األفعال حسنه كاحللم والعفو واجلود وحنوها مسي خلقا حسنا : اخللق ما ختلق عبد خبلق أربعني صباحا إال جعل اهللا ذلك :قال وهب. وإن كانت سيئة كالغضب والعجلة والبخل مسي خلقا سيئا

فمن مل . واخللق احلسن يعدل الصيام والقيام وهي مثرة التصوف . فاخللق احلسن يكتسب والسيئ جياهد حىت يزول. طبيعة فيه .فيقحيسن خلقه فتصوفه أشجار بال مثار ومرجع حسن اخللق، أال تغضب وال تغضب وال تبخل وال حتقد وباهللا التو

البعض وأبقى األكثر فصاحبفاجلود من ال يصعب على صاحبه البذل، فمن أعطى : اجلود والسخاء واإليثاروجود اخلاصة . باألموال : فجود العامة. ومن قاسى الضراء وآثر غريه فصاحب إيثار. ومن بذل األكثر فصاحب جود. سخاء

. بااهدة مث حتيا احلياة األبدية باملشاهدةبالنفوس وجود خاصة اخلاصة باألرواح ليبذلوا للموت

صيانة فقره وحفظ : وهو نقض اليد من الدنيا وصيانة القلب من إظهار الشكوى ونعت الفقري الصادق ثالثة أشياء: الفقرهللا خدمت ستمائة شيخ، فما وجدت من شفى قليب من أربع مسائل، حىت رأيت رسول ا: قال جعفر اخللدي. سره وإقامة دينه

هو ترك التفكر يف ذات اهللا، فكل ما أتى : وما التوحيد؟ فقال: سل عن مسائلك؟ فقلت: صلى اهللا عليه وسلم يف النوم فقال يلوما : فقلت. ترك الدعاوي وكتمان املعاين: وما التصوف؟ فقال: به الوهم أو جاله الفهم فرمبا عز وجل خمالف لذلك، فقلت

ر اهللا يودعه فيمن يشاء من عباده فمن كتمه فهو من أهله وزاده اهللا منه، ومن باح به نفته اهللا هو سر من أسرا: الفقر؟ فقال .عنه، فقوله عليه السالم يف ) خاطبوا الناس بقدر ما يفهمونخاطبوا الناس بقدر ما يفهمون( : جواب كل إنسان على قدر مقامه، كما قال عليه السالم: قلت

كر يف كنه الربوبية منهي عنه إذ ال يدرك ، وأما التفكر يف أسرار الربوبية ترك التفكر يف ذات اهللا، أي ألن التف: التوحيد أعالهإىل آخره ال يدرك إال حس الكائنات ...كل ما أتى به وهم: وقال عليه السالم يف التوحيد. وأنوار صفاا فال عبادة أعظم منها

كل ما : فظهر معىن قوله عليه السالم. رك العقلفهو قصري والفهم بالذوق ال يدرك أسرار التوحيد، ألا خارجة عن الوهم ودمن كتمه فهو من أهله، أي فيكون من السابقني ويزيده تعاىل من : إىل آخره، وقوله عليه السالم يف شأن الفقر ... أتى به الوهم

فكانت منه غفلة، أنه جلس يوما مع بعض أصحابه : حيكى عن أيب علي الدقاق. أسراره وأنواره وهي حالوة املعاملة واملعرفةباهللا أبلغ أبا عبد اهللا علي الدقاق ما أقول لك، مث : حىت شكى ضيق حاله، فلما تفرق أصحابه، نام بعضهم فهتف به هاتف وقال

:أنشد

Page 11: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١١١١

الفقر من شيمة األحرارالفقر من شيمة األحرار * * قل للروجيل من ذوي األقدار قل للروجيل من ذوي األقدار هال شكوت حتمل األوزارهال شكوت حتمل األوزار* * يا من شكا للخلق فعلة ربه يا من شكا للخلق فعلة ربه

لو شاء ربك كنت عنها عار لو شاء ربك كنت عنها عار * * ت من حلل التقىت من حلل التقىإن الذي ألبسإن الذي ألبس

فمن أهلم الذكر فقد . وهو إذا أطلق ينصرف لذكر اللسان، وهو ركن قوي يف طريق الوصول وهو منشور الوالية: الذكربالروح : وذكر خاصة اخلاصة. باجلنان: وذكر اخلاصة. باللسان: فذكر العامة. ومن سلب الذكر فقد عزل. أعطي املنشور

وهنا خيص اللسان ويبقى كاملبهوت يف . فيذكر اهللا عند كل شيئ وعلى كل شيئ يعرف اهللا فيه. لسر؟، وهو الشهود والعيانوا :كما قال القائل .... حمل العيان وبعد ذكر اللسان يف هذا املقام يكون ذلك ضعفا وبطالة

سري و قلىب و روحى عند ذكراكسري و قلىب و روحى عند ذكراك* * ما ان ذكرتك اللهم يلعنىن ما ان ذكرتك اللهم يلعنىن

اياك وحيك و التذكار اياكاياك وحيك و التذكار اياك* * ن رقيبا منك يهتف يب ن رقيبا منك يهتف يب حىت كأحىت كأ وواصل الكل من معناه معناكوواصل الكل من معناه معناك* * اما ترى احلق قد الحت شواهده اما ترى احلق قد الحت شواهده

.قد يطلقونه على ما يكون العبد عليه يف احلال من قبض وبسط أو حزن أو سرور: الوقتيريد أن . ن كنت بالعقىب فوقتك العقىب'دنيا وفإن كنت بالدنيا فوقتك ال. الوقت ما أنت به يف احلال: وقال أبو علي الدقاق

أنه : يريدون. إن الصويف وقته: يقولون. وقد يعنون به الزمان الذي بني املاضي واملستقبل. الوقت ما كان الغالب على اإلنسانفمن أخل . فيه وكل وقت له آداب يطلب . ال يدبر يف مستقبل وال ماضي بل يهمه ما هو فيه. مشغل مبا هو أوىل به يف الوقت

: آدابه. ومالينته القيام بأدبه بوقت القهرية. الوقت كالسيف، فمن آل ينه سلم ومن خاشنه قسم: بأدبه، مقته، ولذلك قيلشهود املنة من اهللا ، ووقت : الشكر، ووقت الطاعات، آدابه: ووقت النعمة، آدابه. الرضى والتسليم حتت جماري األقدار

.ةالتوبة واإلناب: املعصية

من بسط أو قبض أو . معىن يرد على القلب من غري تعمل وال اجتناب،وال تسبب وال اكتساب: احلال -: احلال واملقاموهو أثر احملبة، ألا . ويظهر أثره على اجلوارح قبل التمكني من شطح ورقص وسري وهيام. شوق أو انزعاج أو هيبة أو اهتياجوقد يكتسب احلال بنوع . أوهلا جنون ووسطها فنون وآخرها سكون: ولذا قيل فيها.حترك الساكن أوال مث تسكن وتطمئن

تعمل كحضور حلق الذكر واستعمال السماع وقد يطلب اكتسابه خبرق عوائد النفس حني يعتريها برودة وفتور، وفرق فالن ضار عنده : املقام فيقالفينبغي أن يتحرك يف تسخينها مبا يثقل عليها من خرق العوائد وقد يطلق احلال على . وكسل

:الشهود مثال حاال، ومنه قول اذوب

وأمسيت يف احلال هاين وأمسيت يف احلال هاين* * ه ه حققت ما وجدت غريحققت ما وجدت غري

Page 12: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٢١٢

فمقام . فهو ما يتحقق العبد مبنازلته واجتهاده من األدب وما يتمكن فيه من مقامات اليقني، بتكسب وتطلب : وأما املقام. أوال أحواال حيث مل يتمكن املريد منها ألا تتحوصل مث تصري مقامات بعد التمكنيكل أحد موضع إقامته، فاملقامات تكون

أال يترقى مقاما حىت يستويف : وشرطه. كالتوبة مثال حتصل مث تنقص حىت تصري مقاما وهي التوبة النصوح وهكذا بقية املقاماتوقد . وهكذا. ومن ال ورع له ال يصح له زهد. ه استقامتهأحكامه فمن ال توبة له، ال تصح له إنابة ومن ال إنابة له ال تصح ل

إن رآه . يتحقق املقام األول بالثاين، إذا ترقى عنه قبل أحكامه، إن كان له شيخ كامل وقد يطوي عنه املقامات ويدسه إىل الفناءوأما بالضم فمعناه اإلقامة وال . يمهذا معىن املقام بفتح امل. فاألحوال مواهب واملقامات مكاسب. أهال بتوقد قرحيته ورقة فطنته

من عالمات النجح يف النهاية الرجوع إىل اهللا يف البداية : ويف احلكم. يكمل ألحد منازلة مقام، إال بشهود إقامة احلق تعاىل فيه .من كانت باهللا بدايته كانت إليه ايته: وقال أيضا

والبسط . فالقبض للعارف مبرتلة اخلوف املطالب. والرجاءومها حالتان بعد الترقي من حال اخلوف: القبض والبسطوالفرق بني اخلوف والقبض وبني الرجاء أن اخلوف متعلقه مستقبل، إما فوات حمبوب أو مهوم . للعارف مبرتلة الرجاء للمريد

والبسط . ب يف املستقبلوكذلك الرجاء، يكون النتظار حمبو. ما بسبب أو ال'خبالف القبض، فإنه معىن حيصل يف القلب . حمذورانطالق : والبسط. انكماش وضيق حيصل يف القلب يوجب السكون واهلدوء: فحقيقة القبض. شيء موهوب حيصل يف الوقت

.ولكل واحد آداب مذكور يف املطوالت. وانشراح للقلب يوجب التحرك واالنبساط

فإذا كان . اء ملك، أو شيطان أو حديث نفسخطابات ترد على القلب، تكون بإلق: اخلواطر-: اخلواطر والوارداتفما وافق احلق ودعا إىل اتباعه فمن امللك وما وافق الباطل أو . من امللك، فإهلام أو من الشيطان فوسواس أومن النفس فهواجس

ىل إتباع وقد يدعوا إىل الطاعة حيث يترتب عنها معصية كالربا وحب املدح وما دعا إ. دعا إىل معصية غالبا فمن الشيطان .الشهرة والدعة أي الراحة فمن النفس

وفرق اجلنيد بني هواجس . من أكل احلرام مل يفرق بني اإلهلام والوسواس وكذلك من كان قوته معلوما: قال أبو علي الدقاقوسواس النفس ووسواس الشيطان بأن ما دعت إليه النفس ال تنتقل عنه بل تعاوده مرة بعد مرة، إال بعد جماهدة كبرية و

الشيطان ينتقل عنها، فإذا خالفته يف معصية انتقل ألخرى ورمبا يذهب بالتعود وحنوه ولذلك كانت النفس أخبث من سبعني فهي ما يرد على القلوب من التجليات القوية واخلواطر احملمودة مبا ال يكون للعبد فيه تكسب والفرق : وأما الواردات.شيطانا

تكون : والواردات. لواردات أعم من اخلواطر ألن اخلواطر ختتص بنوع خطاب أو ما يتضمن معناهبني اخلواطر والواردات أن اوارد سرور ووارد حزن ووارد قبض ووارد بسط ووارد شوق ووارد خوف إىل غري ذلك من املعاين وقد خيتطفه عن شاهد

.لب من كدرات اخلواطر واهللا تعاىل أعلمحسه وهو قريب من احلال وقد يأيت الوارد بكشف غيب فيجب تصديقه إن صفا الق

عبارة عما يذم من أفعال العبد وأخالقه، فاألول ما كان من كسب : النفس عند القوم-:النفس والروح والسرالعبد كمعاصيه وخمالفته والثاين ما كان من جبلته وطبيعته، كالكرب واحلسد والغضب وسوء اخللق وقلة االحتمال وغري ذلك من

. الذميمة، ينسب للنفس أدبا مع احلقاألخالق

Page 13: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٣١٣

.عبارة عن حمل التجليات اإلهلية وكشف األنوار امللكوتية: والروح .عبارة عن حمل التجليات اإلهلية وكشف األنوار امللكوتية للخواص والسر خلواص اخلواص: والسر

وهل النفس والروح والسر . وسيأيت حقائقها. توالروح ألهل عامل امللكوت والسر ألهل عامل اجلربو، والنفس ألهل عامل امللك النفس لطيفة مودعة يف هذا القالب، هي : قال بعضهم.متعددات يف نفسها أو متحدة؟ وإمنا ختتلف التسمية باختالف التصفية

اإلنسان، حمل األخالق املذمومة، كما أن الروح لطيفة مودعة يف هذا القالب، هي حمل األخالق احملمودة، وحملها واحد، وهو ومها ساكنان يف اإلنسان فكما أن البصر حمل الرؤية واألذن حمل . فالنفس والروح من األجساد اللطيفة ، كاملالئكة والشياطني

السمع واألنف حمل الشم من ذات واحدة فكذلك حمل األوصاف الذميمة النفس وحمل األوصاف احلميدة الروح وأما السر فهو . ح إال أنه أشرف من الروح لكمال صفائهلطيف مودع يف القلب كالرو

النفس والقلب والروح والسر والباطن أمساء ملسمى واحد، وهو اللطيفة الربانية اليت كان اإلنسان ا إنسانا : وقال الساحلين مسيت قلبا وختتلف أمساؤها باختالف أوصافها، فإن مالت جلهة النقص مسيت نفسا وإن ختلصت من مقام اإلسالم إىل مقام اإلميا

وإن ختلصت منه إىل مقام اإلحسان ولكن بقي فيها أثر النقص كأثر اجلراحات بعد الربء مسيت روحا، وإن ذهبت تلك األثر أعيان : وقال بعضهم. هي احلياة: قال بعضهم. وصفيت مسيت بالسر وإن أشكل األمر مسيت بالباطن واالختالف يف الروح شهري

فاإنسان حي باحلياة، ولكن األرواح مودعة يف . ى اهللا العادة خبلق احلياة يف القالب ما دامت فيهأجر. مودعة يف هذه القوالبا . وأما النفس هي خملوقة يف اجلنني قبل نفخ الروح. القوالب، وهلا ترق يف حال النوم ومفارقة ورجوع هي اليت وقع ا النفخ

فاإلنسان روح . فتخرج الروح أوال مث تنقطع النفس فتنقطع احلياة لإلنسان. تيقع التحرك وهي مالزمة للبدن ال تفارقه إال باملوواألرواح خملوقة قبل األبدان سارية فيها سريان النار يف الفحم واملاء . واحلشر للجملة وكذلك العقاب والثواب. ونفس وجسد

.يف العود األرطبة الالهوتية وهي اليت تتطور وختتلف أمساؤها باختالف تطورها كما قال هذه األعيان املودعة يف القوالب هي اللطيفة الرباني: قلت

وكون األرواح حادثة جيري . وهي اليت تتطور وختتلف أمساؤها باختالف تطورها كما قال الساحلي واهللا أعلم. الربانية الالهوتيةإذا اقترن احلادث بالقدمي، : قال اجلنيد. على مذهب أهل الفرق وأما أهل اجلمع فال حادث عندهم لفناء الكائنات عن نظرهم

األشباح عندهم قدمية : هل األرواح حادثة أو قدمية؟ فقال الرجال: تالشى احلادث وبقي القدمي وسألت بعض إخواننا العارفني .يشري إىل مقام الفناء كما تقدم لكنه سر مكتوم

والتأييد تقوية البصرية من داخل يف الباعث الباطين النصر تقوية اجلوارح على فعل اخلري: النصر والتأييد والعصمةملا عليه الشيئ . وهو جامع اهلداية اليت مرجعها للبصرية العلمية الكاشفة. والبطش ومساعدة األسباب من خارج نصر. تأييد

ى توجيه احلركات إىل حبقيقته والرشد الذي مرجعه إىل اإلرادة الباعثة إىل جهة السعادة والتسديد الذي مرجعه إىل القوة عل . صوب املطلوب وتيسريها عليه ويقرب من التأكيد اجلامع ملا ذكر

يسنح يف الباطن يقوى به اإلنسان على حتري اخلري وجتنب الشر حىت يصري كصانع يف باطنه . وهي عبارة عن جود إهلي:العصمةلتسديد والنصر والتأييد وقد علمت كلها من كالم اهلداية والرشد والعصمة وا: فهذه ست حقائق. قاله الغزايل. غري حمسوس

هو : والرشد. والتحقيق أن اهلداية هي تصويب العبد إىل طريق توصله إىل احلق وقد تطلق على بياا فقط. الغزايل رضي اهللا عنه

Page 14: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٤١٤

ود إهلي إىل آخر ما هو ج: والعصمة. هو القدرة على سلوك طريق اخلري وجتنب الشر: توجيه القلب إىل طريق السعادة والتسديد .تقدم

ويف العمل إتقانه . إجيازه وتكثري معانيه : ويف األقوال. وهي اتفاق الشيء وإبداعه ففي العلم حتقيقه والعمل به: احلكمة .على ألسنة العرب، وأيدي الصني، وعقول اليونان واهللا تعاىل أعلم: نزلت احلكمة على ثالث فرق: ويقال. وإكماله

أو نور روحاين تدرك به النفس العلوم . وحيجز صاحبه عن ارتكاب األوزار. نور مييز به بني النافع والضاروهو: العقلعقل أكرب وعقل : ألنه يعقل صاحبه عما ال ينبغي وهو على قسمني. مسي عقال. الضرورية والنظرية أو قوة مهيأة لقبول العلم

الروح األعظم ويسمى أيضا القبضة احملمدية ومن نوره ميتد : ويقال له. للوجودأما العقل األكرب فهو أول نور أظهره اهللا . أصغرفال يزال نوره ينموا بالطاعة والرياضة والتطهري من اهلوى حىت يدخل العبد مقام . العقل األصغر كامتداد القمر من نور الشمس

فريى من . اء نور القمر عند طلوع الشمساإلحسان وتشرق عليه مشس العرفان فينطوي نوره يف نور العقل األكرب كانطوال يدرك إال افتقار الصنعة إىل صانعها، وال يدري ما وراء . ألن العقل األصغر نوره ضعيف. األسرار والغيوب ما مل يكن يره قبل

أول ما أول ما ( : ارويف بعض األخب. خبالف العقل األكرب فإنه يدرك الصانع القدمي قبل التجلي وبعده لصفاء نوره وشدة شعاعه. ذلكما خلقت ما خلقت وعزيت وجاليل وعزيت وجاليل : : له اقعد فقعد مث قال قم فقام فقال له اقعد فقعد مث قال قم فقام فقالأقبل فأقبل مث قال له أدبر فأدبر مث قالأقبل فأقبل مث قال له أدبر فأدبر مث قال: : خلق اهللا العقل، فقال لهخلق اهللا العقل، فقال له

أو كما قال عليه السالم، )بك أعبد و بك أعصىبك أعبد و بك أعصى( وىف بعض الروايات .))خلقا وال شيئا أعز على منك بك آخذ و بك أعطىخلقا وال شيئا أعز على منك بك آخذ و بك أعطىصغر فيعطيه للخاص وأما العقل األ. فالعقل األكرب ال يناله إال احملبون الذين اختارهم اهللا ملعرفته اخلاصة. م فيهواحلديث متكل

فاملوهوب هو الذي جعله اهللا فيه غريزة واملكسوب هو الذي يكتسب . عقل موهوب وعقل مكسوب: وهو على قسمني. والعامتقوى اهللا عز وجل وصدق احلديث وترك ما ال يعين : وعالمة الغقل ثالث: قال بعضهم. بالتجارب والرياضات وارتكاب احملن

وإن من عالمة العقل التجايف عن دار الغرور واإلنابة إىل دار اخللود والتزود لسكىن القبور والتأهب وإن من عالمة العقل التجايف عن دار الغرور واإلنابة إىل دار اخللود والتزود لسكىن القبور والتأهب أال أال ( : وقال عليه السالمفإن . فإن مل يكن فمال يستره. خري ما أعطى اإلنسان، عقل يزجره فإن مل يكن فحياء مينعه: وقال بعض احلكماء. )ليوم النشورليوم النشور

وهل األرواح قبل األشباح كان هلا عقل أم ال؟ والتحقيق أا كانت هلا عقول . مل يكن فصاعقة حترقه تستريح منه البالد والعبادواملعرفة واإلدراك إمنا : مقتبسة من العقل األكرب فلذلك أقرت بالربوبية بل كانت عالمة دراكة لإلشياء كما قال ابن البناء

و من العقل األكرب وأنبت فيها العقل األصغر عند فلما برزت لعامل األشباح أزال اهللا منها ذلك العقل الذي ه. يكونان بالعقلفما زال ينموا إىل احللم وقيل إىل األربعني سنة فإذا اتصل العبد بالطبيب عاجله حىت يوصله إىل العقل . اجتناب الولد يف البطن

.األكرب فيكون صاحبه من األولياء الكبار وباهللا التوفيق

و توحيد ، هان و هو افراد احلق باألفعال و الصفات و الذات من طريق الربهان توحيد الرب: و هو على قسمني : التوحيدهو معىن تضمحل فيه الرسوم و تندرج فيه : و قال اجلنيد رضى اهللا عنه .العيان وهو افراد احلق بالوجود ىف األزل و األبد

القدم و هجران االخوان و مفارقة األوطان و رفع احلدث و افراد: و اصوله مخسة أشياء ، العلوم و يكون اهللا كما مل يزل .نسيان ما علم و ما جهل

Page 15: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٥١٥

و املعىن الذى تضمحل فيه الرسوم هو ظهور اسرار الذات فاذا وقع الكشف عنها بغيبة حس الكائنات الىت هى أواىن : قلت شىء معه و هو اآلن كما كان فريتفع لتلك املعاىن انفرد احلق بالوجود و يكون فيها مل يزل كما كان ىف األزل كان اهللا و ال

احلدث و ينفرد القدم و يهجر صاحب هذا الذوق مجيع االخوان اال من يستعني م على ربه و يفارق األوطان يف طلب احلق و سئل أيضا رضى اهللا عنه عن التوحيد . ألن اهلجرة سنة و ينسى ما علم و ما جهل أى يغيب عنه ىف جنب الكرت الذى ظفر به

و معىن كالمه رضى اهللا عنه أن الذات العلية كانت لطيفة خفية نورانية فلما جتلت بالرسوم و ، لون املاء لون انائه: الفقاألشكال تلونت بتلوا فافهم و سلم ان مل تذق و مقامات التوحيد غري متناهية ، ألا تتزايد بتزايد الكشف و الترقى ففوق

التوحيد و أعلى ، ألن التوحيد يصدق على توحيد اهل العلم و التفريد خاص بأهل الذوق و التوحيد التفريد ، فانه أرق من :فوق التفريد

و هكذا رتبتهم ىف القوة ، فاألحدية مبالغة : األحدية واالحياد و الفردانية و الوحدانية و االنفرادافراد احلق بالوجود و ال : والوحدانية و االنفراد معناها ىف الوحدة ، و االحياد مصدر أوحد الشىء اذا صار واحدا و الفردانية

يكون اال بعد انطباق حبر األحدية على الكل حبيث مل يبق وجود لغريه قط و هو يذوق ذلك ذوقا و يغرق فيه غرقا و يقال ألهل عن دائرة تصرفه و اهللا تعاىل أعلم هذا املقام االفراد و اآلحاد و هم أكمل من القطب ىف العلم باهللا كما قال احلامتى و خارجون

.

هى ذات كلية أزلية لطيفة متجلية بالرسوم و األشكال متصفة بصفات الكمال ، واحدة ىف : حقيقة الذات العلية .األزل وفيما ال يزال ، هذا رمسها باخلزاص و اما كنه احلقيقة فال حييط ا اال هو تعاىل

ال حد لفوقيته و . علية ىف األزل قبل التجلى و حقيقة فضاء اطيف خفى صاىف ال يدرك هو عبارة عن صفة الذات ال: العماال حتتية و ال جلوانبه األربع، و ال اية ألوليته و ال آلخريته ، خالل عن الرسوم و األشكال متصف بأوصاف الكمال من القدرة

:قول ابن الفارض ىف مخريته و االرادة و العلم و احلياة و السمع و البصر و الكالم و جيمعه

خبري أجل عندى بأوصافها علمخبري أجل عندى بأوصافها علم* * يقولون ىل صفها فأنت بوصفها يقولون ىل صفها فأنت بوصفها و نور و ال نار و روح و ال جسمو نور و ال نار و روح و ال جسم* * صفاء و ال ماء و لطف و ال هوى صفاء و ال ماء و لطف و ال هوى

قدميا و ال شكل هناك و ال رسمقدميا و ال شكل هناك و ال رسم* * تقدم كل الكائنات حديثها تقدم كل الكائنات حديثها ى ظاهرا و الغيب شهادة فما كان ىف األزل هو عني ما جتلى به ىف مث جتلت بالرسوم و األشكال حبيث صار اللطيف كثيفا و اخلف

األبد كان اهللا و ال شىء معه وهو األن على ما عليه كان ، و ىف حديث الترمذى عن ايب رزين العقيلي قلت يا رسول اهللا أين ن ىف خفاء و لطافه ليس فوقه ليس فوقه كان ىف عما ، ما فوقه هواء و ال حتته هواء ، أى كا: كان ربنا قبل أن خيلق خلقه ؟ قال

هواء و ال حتته هواء بل عظمة ذاته أحاطت بكل فوق و بكل حتت و بكل هواء و قل لسيدنا علي كرم اهللا وجهه يابن عم

Page 16: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٦١٦

قولكم أين اهللا سؤال عن مكان ، و كان اهللا و ال: رسول اهللا أين كان ربنا أوهل له مكان ؟ فتغري وجهه مث سكت سعة مث قال أى كان اهللا و ال شىء معه و هو اآلن ال شىء معه . مكان مث خلق الزمان و املكان و هو اآلن كما كان دون زمان و ال مكان

.فافهم

اذا اطلق الفناء امنا ينصرف لللفناء ىف الذات و حقيقته حمو الرسوم و األشكال بشهود الكبري املتعال و : الفناء و البقاء .ر املعىن استهالك احلس ىف ظهو

حمو و اضمحالل ، و ذهاب عنك و زوال ، و قال أبو سعيد بن األعرايب هو أن تبدو العظمة و األجالل : و قال أبو املواهب على العبد فتنسيه الدنياا و اآلخرة و األحوال و الدرجات و املقامات و األذكارر يفنيه عن كل شيء و عن عقله و عن نفسه،

ع فنائه عن الفناء ألنه يغرق ىف التعظيم أى تتجلى له عظمة الذات فتفنيه عن رؤية االشياء و من مجلتها و فنائه عن األشياء و نفسه فيصري عني العني و يغرق ىف حبر األحدية و قد يطلق الفناء على الفناء ىف األفعال فال يرى فاعال اال اهللا و على الفناء ىف

ال اهللا ، يعىن انه يرى الخلق موتى ال قدرة هلم و ال مسع و ال بصر اال باهللا و بعد هذا الصفات فال قدير و ال مسيع و ال بصري ا :يققع الفناء ىف الذات و ىف ذلك يقول الشاعر

فكان فناؤه عني البقاءفكان فناؤه عني البقاء* * فيفىن مث يفىن مث يفىن فيفىن مث يفىن مث يفىن

ه بشهود املعىن لكنه يراه قائما باهللا و نورا و أما البقاء فهو الرجوع اىل شهود األثر بعد الغيبة عنه أو شهود احلس بعد الغيبة عن

من أنوار جتلياته اذ لوال احلس ما ظهرت املعىن و لوال الواسطة ما عرف املوسوط ، فاحلق تاىل جتلى بني الضدين بني احلس و ء فالغيبة عن احلس و عن املعىن و بني القدرة و احلكمة ، و بني الفرق و اجلمع ، فالغيبة عن أحد الضدين فناء و رؤيتهما معا بقا

احلكمة و عن الفرق فناء و مالحظتهما معا بقاء فالبقاء اتساع ىف الفناء حبيث ال حيجبه مجعه عن فرقه و ال فناؤه عن بقائه والشهود القدرة عن احلكمة بلل يعطى كل ذى حق حقه و يوىف كل ذى قسط قسطه و قد يطلق الفناء على التخلى والتحلى

.أوصافه املذمومة و بقى باألوصاف احملمودة و اهللا تعاىل أعلم فيقال فىن عن

القدرة عبارة عن اظهار االشياء على وفق االرادة،و احلكمة عباره عن تسترها بوجود األسباب و : القدرة و احلكمةأو شعوذة و قد تطلق القدرة العلل ، فالقدرة تربز و احلكمة تستر و القدرة ال تنفك عن احلكمة اال نادرا ىف معجزة أو كرامة

عللى الذات بعد جتليها من اطالق الصفةعلى املوصوف و احلكمة ما يسترها من احلس و أوصاف البشرية و احكام العبودي ةفظهورة تعاىل مبقتضى امسه الباطن يسمى حكمة ، فتجليه تعاىل من عامل الغيب اىل عامل الشهادة قدرة ، و خفاءه ىف ظهوره

.ه يشري قول احلكم سبحان من ستر سر اخلصوصة بظهور وصف البشرية و ظهر بعظمة الربوبية ىف اظهار العبودية حكمة و الي

الفرق عبارة عن شهود حس الكائنات و القيام بأحكامه و ادابه من العبادة و العبودية و اجلمع عبارة : الفرق و اجلمعيط اجلربوتى أو تقول الفرق شهود القوالب و اجلمع شهود املظاهر فالقوالب عن شهود املعىن القائم باألشياء متصال بالبحر احمل

Page 17: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٧١٧

فالفرق بال مجع . الفرق ما نسب اليك و اجلمع ما سلب منك : و قال ابو على الدقاق .حمل الشرائع و املظاهر عني احلقائقنه يؤدى اىل ابطال الشرائع الىت جاء ا فسوق و مجود و جهل باهللا تعاىل و اجلمع بال فرق زندقة و كفر ان مل يكن سكر ال

و القدرة ال تنفك عن احلكمة فالواجب أن يكون العبد جمموعا ىف فرقه . الرسل عليهم الصالة و السالم و اىل ابطال احلكمة .مفروقا ىف مجعه ، اجلمع ىف الباطن موجود و الفرق على الظاهر مشهود

ألشياء ظاهرا ، و املعىن عبارة عن تلطيفها باطنا فحس الكائنات أوان حاملة احلس عبارة عن تكثيف ا: احلس و املعىن .للمعاىن

ال تنظر اىل األواىن و خض حبر املعاىن لعلك تراىن فمثال الكون كالثلجة ظاهرها ثلج و باطنها : قال الششتري رضى اهللا عنه اللطيفة القائمة باألشياء فقد سرت املعاىن ىف األواىن ماء كذلك الكون ظاهره حس و باطنه معىن و املعىن هى أسرار الذات : ضى اهللا عنهسريان املاء ىف الثلجة و ىف ذلك يقول قطب األقطاب الشيخ اجليالىن ر

و انت هلا املاء الذى هو نابعو انت هلا املاء الذى هو نابع* * و ما الكون ىف التمثال اال كثلجة و ما الكون ىف التمثال اال كثلجة ععو غريان ىف حكم دعته الشرائو غريان ىف حكم دعته الشرائ* * فما الثلج اال ىف حتقيقنا غري مائه فما الثلج اال ىف حتقيقنا غري مائه

فال قيام باحلس اال باملعىن و ال ظهور للمعىن اال باحلس فاملعىن رقيقة لطيفة ال تدرك اال بتحسسها ىف قوالب الكائنت فظهور

الكون كله ظلمة و امنا اناره ظهور احلق : املعىن بال حس حمال و شهود احلس بال معىن جهل و ظلمة، و لذلك قال ىف احلكم :عاىل اال بواسطة التجليات ىف هذة الدار و ىف تلك التار و ىف ذلك يقول بعضهم اخل فال يرى اخلق ت.. فيه

و لو هتك االنسان من شدة احلرصو لو هتك االنسان من شدة احلرص* * و ليست تنال الذات من غري مظهر و ليست تنال الذات من غري مظهر

امللك ما ظهر من حس الكائنات ، و املللكوت ما بطن فيها من أسرار املعاىن ، : امللك و امللكوت و اجلربوتحمليط الذى تدفق منه حلس و املعىن، و احلاصل أن القبضة الىت ظهرت أوال من فضاء العماء حسها لظاهر و اجلربوت البحر ا

ملك و معناها الباطن ملكوت و البحر احمليط الذى تدفقت منه جربوت، فأسرار املعاىن رياض العارفني ألا حمل نزهة أرواحهم احلس الذى هو امللك و احلس من حيث هو مضاف اىل نبينا عليه الصالة و و ال شك أن املعاىن اللطيفة ال تظهر جتها اال ىف

فرياض : السالم ألنه ما ظهر اال له و ما انشقت أسرار الذات اال من نوره فلذلك قال القطب بن مشيش رضى اهللا عنه اىن ال يظهر اال ىف حس الكائنات و هو امللكوت بزهر مجاله مونقة أى حمسنة معجبة ، فقد ذكر امللك بااللتزام ألن مجال زهر املع

امللك ، و قوله و حياض اجلربوت بفيض أنواره متدفقة األصل أن يقول و حبر اجلربوت بفيض نوره ممتدفق اشارة اىل ظهور ة كما مجع القبضة احملمدية من حبر نوره اللطيف و امنا عرب باحلياض ليناسب الرياض و امنا مجع نور القبضة لتفرقه اىل أنوار كثري

فحقيقة امللك ما يدررك باحلس و الوهم و حقيقة امللكوت ما يدرك . العاملني مع أن العامل واحد لتعدد أنواعه و اهللا تعاىل أعلمبالعلم و الذوق و حقيقة اجلربوت ما يدرك بالكشف و الوجدان فالوجود واحد و امنا ختتلف النسبة باعتبار الرؤية و الترقية

الطائنات و حجب ا عن املعىن مسى ىف حقه ملكا و من نفذ اىل شهود املعاىن مسى ىف حقه ملكوتا ، و من فمن وقف مع حسنظراىل أصل القبضة الذى برزت منه سناهجربوتا فان ضم الفروع اىل األصول و تلطفت األواىن حىت صارت كلها معاىن و

Page 18: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٨١٨

قام حيجب عن ما قبله فامللكوت حيجب عن شهود امللك واجلربوت انطبق حبر األحدية على الكل صار اجلميع جربوتا فكل م .حيجب عن امللكوت اال بالترتل ىف حال السلوك و اهللا تعاىل أعلم

الناسوت عبارة عن حس االواىن ،و الالهوت عبارة عن أسرار املعاىن و : الناسوت و الالهوت و الرمحوتوت عبارة عن سريان اللطف و ارمحة ىف مجيع األشياء جالهلا و مجاهلا، من ظن مرجع األول للملك و الثاىن للملكوت ـ و الرمح .انفكاك لطف اللله عن قدره فذلك لقصور نظره

التواجد تكلف الوجد و استعماله كاستعمال الرقص و الشطح : التواجد و الوجد و الوجدان و الوجوددين، فال بأس بتكلف الوجد و استعماله كما يطلب احلال دواء للنفوس و القيام و غري ذلك وهو غري مسلم اال للفقراء املتجر

اذا حضر : ما حالك ىف السماع ؟ فقال : قيل أليب حممد اجلريري .وهو مقام الضعفاء و قد تستعمله األقوياء مساعفة أو حالوة يتواجد مث سكن فقيل له يا و أما اجلنيد فكان أوال . هناك حمتشم أمسكت وجدى و اذا خلوت أرسلت وجدي فتواجدت

).و ترى اجلبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحابو ترى اجلبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب : (سيدى أما لك ىف السماع شىء ؟ فقالو قد حضرت مساعا مع شيخنا البوزيدي رضى اهللا عنه فكان يتمايل ميينا و مشاال ، و حدثىن من حضر مساعا مع شيخه : قلت

مازال قائما يرقص حىت كمل السماع و ال ينكر السماع اال جامد جاهل خال من أسرار : عريب الدرقاوى فقال موالى الاحلقيقة و أما الوجد فهو الذى يرد على القلب و يصادمه بال تأمل و ال تكلف اما شوق مقلق أو خوف مزعج أو هو بعد

ق كما أن حالوة الطاعات مثرات املنازلة ىف الطاعات الظاهرة فكلما اشتد التواجد و يقال التواجد مثرات املنازلة ىف أسرار احلقائالتحقق بأسرار احلقائق و التوحيد قوى الوجد كما انه كلما اشتد الدوام على الطاعة قويت حالوا ، و أما الوجدان فهو دوام

دهشة و احلرية و صفت الفكرة و النظرة حالوة الشهود و اتصاهلا مع غلبة السكر و الدهش فان استم مع ذلك حىت زالت ال :فهو الوجود و اليه يشري قول اجلنيد رضى اهللا عنه

مبا يبدو على من الشهودمبا يبدو على من الشهود* * وجودى أن أغيب عن الوجود وجودى أن أغيب عن الوجود

التواجد يوجب استيعاب العبد و الوجد وجب استغراق العبد و الوجود يوجب : و قال أبو على الدقاق رضى اهللا عنه

و ترتيب هذا األمر قصود مث ورود مث شهود مث : و قال القشريي . هو كمن شهد البحر مث ركب مث غرق استهالك العبد ففالقصود للمتواجدين القاصدين ، و الورود للواجدين الشاربني ، اخلمرة و الشهود ألهل الوجدان السكارى ، : وجود مث مخود

.والوجود واخلمود ألهل الصحو و اهللا تعاىل أعلم

الذوق يكون بعد العلم باحلقيقة ، وهو عبارة عن بروق : وق و الشرب و السكر و الصحوالذأنوارالذات القدمية على العقل فيغيب عن رؤية احلدوث ىف أنوار القدم لكنه ال يدوم ذلك بل يلمع تارة و خيفى تارة فصاحبه

Page 19: معراج التشوف الى حقائق التصوف

١٩١٩

سه ، فهذا يسمى عندهم ذوقا فان دام له ذلك النور يدخل و خيرج فاذا ملع غاب عن حسه و اذا خفى رجع اىل حسه و رؤية نفساعة أو ساعتني فهو الشرب و ان اتصل و دام فهو السكر ومرجعه اىل فناء لرسوم ىف شهود احلى القيوم و الغبية عن األثر ىف

فهو الصحو ، و يسمى أيضا شهود املؤثر ، ويسمى أيضا الفناء فان رجع اىل شهود األثر و قيامها باهللا و أا نور من أنوار اهللا بالري و بالبقاء ألبقاء األشياء باهللا بعد فنائها و يسمى أيضا فناء الفناء ألنه علم أنه مل يكون مث شىء يفنيه غري الوهم و اجلهل و

.مها ال حقيقة هلما سكره حبظ مشوبا و اعلم أن الصحو على قدر السكر فكل من كان سكره حبق كان صحوه حبق و من كان: قال القشريي

:كان صحوه حبظ مصحوبا ، و من كان حمقا ىف حاله كان حمفوظا ىف سكره مث قال فمن قوى حبه تسرمد شربه و هللا در القائل

فما نفد الشراب وال رويتفما نفد الشراب وال رويت* * شربت احلب كأسا بعد كأس شربت احلب كأسا بعد كأس

يطلق على حمو األوصاف الذميمة ، و اثبات احملو الغيبة عن الكائنات فناء ، و االثبات اثباا بقاء و : احملو و االثباتحمو الزلة عن الظواهر وحمو الغفلة عن الضمائر و حمو العلة عن السرائر ، ففى حمو الزلة اثبات : األوصاف احلميدة و هى ثالث

.التوبة وىف حمو الغفلة اثبات اليقظة وىف حمو العلة اثبات الصفاء

عن غيبة العبد عن ربه تروحيا و ترتال و شغال بشأن من الشؤون ، و التجلى الستر عندهم عبارة: الستر و التجلىعبارة عن كشف العبد بعظمة ربه و هذا قبل الرسوخ ، و أما بعد الرسوخ فال غيبة له فالعوام ىف غطاء الستر على الدوام و

و للخواص رمحة اذ لوال ام يستر عنهم اخلواص ما بني كشف و غطاء و خواص اخلواص ىف دوام التجلى فالستر للعوام عقوبةىف بعض األحيان لتالشوا عند سلطان احلقيقة و لكنه كما يظهر هلم يستر عنهم فاخلواص بني عيش و طيش اذا جتلى هلم طاشوا

. و اذا ستر عنهم ردوا اليهم فعاشوا

من وراء احلجاب ، اما بتواتر احملاضرة حضور القلب مع الرب و يكون : احملاضرة و املكاشفة و املسامرةالربهان أو بفكرة االعتبار أو باستيالء سلطان الذكر على القلب مث بعده املكاشفة وهى حضور القلب مع الرب بنعت البيان غري مفتقر ىف هذة احلالة اىل تأمل الدليل و تطلب السبيل و يكون أيضا مع احلجاب بنعت القرب ىف مقام املراقبة وهو للعباد و

الزهاد و اية األسرار ، وأما مكاشفة ضمائر الناس فليست مبقصودة عندهم قد يعطاها من مل يبلغ هلذا املقام ، و بعد احملاضرة و ظهور أسرارالذات فيغيب العبد عن وجوده و غر ىف حبر األحدية ساعة أو ساعتني مث يرجع اىل شاهده : املكاشفة املسامرة وهى لعوم حتت املاء ساعة و أكثر مث خيرج ، و هى من بداية الوجدان و ملعان أنوار املشاهدة ، مث بعدها و حسه كمن يستمر ىف ا

املشاهده وجود احلق مع :و قال اجلنيد رضى اهللا عنه .دوام شهود احلق بال تعب أو وجود احلق بال مة : املشاهده وهى فصاحب احملاضرة مرربوط بآياته و : قال القشريي . لى ما قبلها فقدانك و قد تقدم تفسريها و امنا اعيدت هنا لترتبها ع

Page 20: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢٠٢٠

: و صاحب املسامرة تارة بتارة ، مث قال القشريي : قلت .صاحب املكاشفة مبسوط بصفاته و صاحب املشاهده ملقى بذاته ما قيل ىف املشاهدة أنه صاحب احملاضرة يهديه عققله و صاحب املكاشفة يدنيه علمه و صاحب املشاهدة متحوه معرفته ، و أمجع

تواىل أنوار التجلى على القلب من غري أن يتخللها ستر و انقطاع كما لو قدر اتصال الربوق ىف الليلة الظلماء فاا تصري ىف :ضوء النهار و كذلك القلب اذا دام له دوام التجلى فال ليل و أنشدوا

و ظالمه ىف الناس سارو ظالمه ىف الناس سار* * ليلي وجهك مشرق ليلي وجهك مشرق

م و حنن ىف ضوء النهرم و حنن ىف ضوء النهر* * ف الظال ف الظال الناس ىف سدالناس ىف سد

اذا طلع الصباح ستغىن عن املصباح ، و قول الشاعر ليلي : و قال النووى . و السدف بالسني الظلمة كما ىف القاموس .أى ليل وجودى مشرق بوجود ذاتك فقد ذهبت ظلمة وجودى ىف ار وجودك : اخل ... بوجهك

لفاظ متقاربة ، و هى ألهل البدايات حني تربق عليهم أنوار الشهود مث و هى أ : اللوائح و اللوامع و الطوائعتستر فتكون أوال لوائح مث لوامع مث طوالع ، فاللوامع أظهر من اللوائح ، و الطوالع أظهر من اللوامع فقد تبقى اللوامع ساعتني

: أو ثالث خبالف اللوائح فاا أخف لزواهلا بسرعة كما قال الشاعر

كان تسليمه على وداعاكان تسليمه على وداعا* * حوال فلما اجتمعنا حوال فلما اجتمعنا افترقناافترقنا

:و قال آخر

كأنه مقتبس ناراكأنه مقتبس نارا* * يا ذا الذى زار وما زارا يا ذا الذى زار وما زارا

ما ضره لو دخل الداراما ضره لو دخل الدارا* * مر بباب الدار مستعجال مر بباب الدار مستعجال

من و أما الطوالع فاا أبقى وقتا و أقوى سلطانا و أذهب للظلمة و أنفى للتهمة ، لكنها على خطر االفول مل يتمكن صاحبهاطلوع مشس عرفانه فأوقات حصوهلا وشيكة االرحتال و أحوال افوهلا طويلة األذيال لكن اذا غربت أنوارها بقيت آثارها

فصاحبها اذا غربت أنوارها يعيش ىف بركات آثارها اىل أن تعود ثانيا هكذا حىت تطلع مشس اره بتمكنه فال مغيب هلا حينئذ :كما قال القائل

و استنارت فما تالها غروبو استنارت فما تالها غروب* * احب بليل احب بليل طلعت مشس من طلعت مشس من

و مشوس القوب ليست تغيبو مشوس القوب ليست تغيب* * ان مشس النهار تغرب ليال ان مشس النهار تغرب ليال

Page 21: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢١٢١

البواده ما يفاجأ القلب من ناحية الغيب على سبيل البغتة اما موجب فرح أو ترح ، واهلجوم ما يرد : البواده و اهلجومحبسب ضعفهم و قوم ، فمنهم من تغريه البواده و على القلب بقوة الوقت من غري تصنع و ال كسب ، و ختتلف أحواهلم

تنصرف فيه اهلواجم ، ومنهم من يكون فوق ما يفاجأه حاال و قوة ال تغريه اهلواجم و ال تتصرف فيه البواده والتزعجه اهلموم :وال حتركه املخاوف اؤلئك سادات الوقت كما قيل

ل جلامل جلاموهلم على اخلطب اجلليوهلم على اخلطب اجللي* * التدي نوب الزمان اليهم التدي نوب الزمان اليهم

.و هؤالء هم أهل الرسوخ و التمكني جعلنا اهللا منهم آمني

االنتقال من حال اىل حال ومن مقام اىل مقام و قد يسقط و يقوم ، فاذا وصل اىل : التلوين هو: التلوين والتمكنيصل و متكن فانتهاء صريح العرفان و متكن من الشهود فصاحب متكني فصاحب التلوين أبدأ ىف الزيادة و صاحب التمكني و

سريهم الظفر بنفوسهم ، فان ظفروا ا فقد وصلوا فاخننسنت أوصاف و استوىل عليها سلطان احلقيقة ، فاذا دام ذلك للعبد فهو صاحب متكني و قد يكون التلوين بعد التمكني و معناه الرتول ىف املقامات كرتول ىف بروجها فيتلون العارف مع املقادير و

يث دارت و يتلون بتلون الوقت فيكون بني قبض و بسط و قوة و ضعف و منع و عطاء و سرور و حزن و غري يدور معها ح .ذلك من تقلبات األحوال غري أنه مالك غري مملوك ال يتغري بتغري األحوال و ال يتأثر بتأثر الزالزل و األهوال و اهللا تعاىل أعلم

قرب بالطاعة و ترك : العبد من ربه بطاعته و توفيقه وهوعلى ثالث مراتب كناية عن قرب : القرب : القرب و البعداملخالفة ، و قرب بالرياضة وااهدة ، و قرب بالوصول و املشاهدة ، فقرب الطالبني بالطاعة و قرب املريدين بااهدة و قرب

وىف احلديث القدسي عن اهللا .مث البعد عن التحقيق الواصلني باملشاهدة فأول البعد البعد عن التوفيق مث البعد عن سلوك الطريق و ال يزال العبد يتقرب اىل بالنوافل حىت أحبه فاذا و ال يزال العبد يتقرب اىل بالنوافل حىت أحبه فاذا ، ، ما تقرب اىل املتقربون مبثل أداء ما افترضته عليهم ما تقرب اىل املتقربون مبثل أداء ما افترضته عليهم : (عز و جل يقول

احنياشه عن اليه بقلبه و فقرب العبد من ربه ) كنتهكنتهأحببته أحببته فاذا فاذا :( وىف حديث آخر ، احلديث ) ......أحببته كنت له مسعا و بصرا أحببته كنت له مسعا و بصرا قرب احلق من عبده تغييبه عن وجوده الومهي و كشف احلجاب عن عني بصريته حىت يرى احلق أقرب اليه من كل شىء ، مث

:يغيب القرب ىف القرب فيتحد القريب و القرب و احملب و احلبيب كما قال القائل

ومن أهوى أناومن أهوى أنا* * أنا من أهوى أنا من أهوى

:و كما قال الششترى

ما مث ثاىنما مث ثاىن* * ا احملب و احلبيب ا احملب و احلبيب أنأن

Page 22: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢٢٢٢

الشريعة تكليف الظواهر ، و الطريقة تصفية الضمائر ، و احلقيقة شهود احلق ىف : الشريعة و الطريقة و احلقيقةجتليات املظاهر ، فالشريعة أن تعبده و الطريقة أن تقصده و احلقيقة أن تشهده ، فلما جتلى احلق بني الضدين فتجلى مبظاهر

بية ىف قوالب العبودية ظهرت الشريعة و احلقيقة ، فشهود العظمة من حيث هى حقيقة و القيام بآداب القوالب عبادة و الربوعبودية شريعة ، و أما الطريقة فهى اصالح الضمائر لتتهيأ الشراق أنوار احلقائق عليها ، فالشريعة الصالح الظواهر و الطريقة

.السرائر الصالح الضمائر و احلقيقة لتزيني ان الشريعة عني احلقيقة من حيث ألا وجبت بأمره ، و احلقيقة عني الشريعة من حيث أا مكلف ا من قبل الشريعة : و يقال

، و قد تطلق عندهم الشريعة على كل ما يتوصل به اىل شىء أو يكون سببا ىف ادراكه ، فاألسباب كلها شرائع و املقاصد كلها املعىن اذ به قبضت وااهدة ةشريعة املشاهدة و الذل شريعة العز و الفقر شريع الغىن و هكذا و احلرث و حقائق فاحلس شريعة

من غرس الشرائع أمثرت له احلقائق و من غرس احلقائق أمثرت له الشرائع أى : الغرس شريع جىن الثمار و لذلك يقولون :أخرجته اىل الرجوع اىل الشرائع و ىف ذلك يقول الشاعر

و هذة عادة الزمانو هذة عادة الزمان* * مثار ما قد غرست جتىن مثار ما قد غرست جتىن

اعلم ان احلق جل جالله ذات و صفات ىف األزل و ىف األبد ، أعىن قبل التجلى و بعده ، اذ : الذات و الصفاتصفاته قدميه بقدم ذاته و الصف ال تفارق املوصوف فحيث جتلت الذات فالصفات الزم هلا كامن فيها و حيث ظهرت الصفات

ذات الزمة هلا فالذات ظاهرة و الصفات باطنة ، و املراد بالصفات صفات املعاىن و سائر أوصاف الكمال فكل ما وقع به فالالتجلى والظهور فهو بني ذات و صفات الذات ال تفارق الصفات ، و الصفات التفارق الذات و هذا التالزم بينهما ىف الوجود

احلس عني املعىن احتد مظهرمها قال بعض : ت أى مظهرمها واحد ، كما قالوا الذات عني الصفا: هو الذى قصد من قال :املشارقة ىف ازجاله

حققت زال الشكحققت زال الشك* * يا وارد العني ان يا وارد العني ان

ما ىف املعاىن شكما ىف املعاىن شك* * الذات عني الصفات الذات عني الصفات

دان ال من طريق و ال يصدنك عن شهود الذات رداء احلس املنشور على وجه املعاىن فان هذا األمر من مدارك األذواق والوج :دليل العقل و الربهان و هللا در ابن الفارض حيث يقول

مدارك غايات العقول السليمةمدارك غايات العقول السليمة* * فثم رواء النقل علم يدق عن فثم رواء النقل علم يدق عن

واعلم أن الذات ال تتجلى اال ىف مظاهر أثر الصفات ، اذ لو جتلت بال واسطة الضمحلت املكونات و تالشت و لذلك يقولون

جتلى الصفات مجاىل ، ألن الذات بال واسطة ميحق و حيرق كما ىف احلدث و جتلى الصفات بكون تتجلى الذات جالىل و

Page 23: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢٣٢٣

باألثر فيكون معه الشهود و املعرفة فهو مجاىل ، مث توسعوا فأطلقوا على كل ما هو جالىل ذات و كل ما هو مجاىل صفات و كره شيخ شيوخنا سيدى على اجلمل العمراىن رضى العز صفات الصمت ذات و الكالم صفات و هكذا و هذا االصطالح ذ

.اهللا عنه ىف كتابه و ال أدرى هل سبق به أم ال

األنوار عبارة عن ما ظهر من كثائف التجليات ، و األسرار عبارة عن ما بطن فيها من املعاىن : األنوار و األسرار للصفات ألا أثرها ، فاالذات بعد التجلى بني أنوار ظاهرة و اللطيفة فاألسرار أرق من األنوار ، فاألسرار للذات و األنوار

أسرار باطنة و أما ىف حالة الكرتية فما كان اال األسرار فاجلربوت كله أسرار و امللكوت أنوار و امللك أغيار و أكدار فالوجود ر اال األنوار ، و من نظر بعني الفرق مل ير اال واحد ، فمن نظر اىل باطنه مل ير اال األسرار و من نظر اىل ظاهره بعني اجلمع مل ي

األغيار مجع غري بالسكون و من شغله عن التوجه اىل اهللا بتشغيبه و أهواله كان حقه أكدار ، و امنا مسيت جتليات احلق أنوار يظهر العلم به على وجه التشبيه ألن من شأن النور أ، يكشف الظلمة و يذهبها و كذلك جتلى احلق يكشف عن ظلمة اجلهل و

العلم نور و اجله ظمة على وجه االستعارة و أما السر فال فهو األمر اخلفى الذى ال يدرك فلذلك قالوا ىف حق : و لذلك قالوا اخلمرة األزلة و املععاىن القدمية أسرار و مسوا األرواح بعد التصفية أسرار ألا ملا تصفت رجعت ألصلها و هى قطعة من السر

. القدمي فاذا استولت على األشباح رجع اجلميع قدميا و اهللا أعلم اجلربوتى

فقيل معنامها واحد ، و قيل السرائر أرق و أصفى كما أن الروح أرق من القلب ، : و أما الضمائر و السرائرىء واحد عبارة عما كمن ألن الضمائر كل ما خفى ىف الباطن خريا أو شرا و السرائر ما كمن فيه من احملاسن و التحقيق أما ش

.و اهللا تعاىل أعلم ) يوم تبلى السرائريوم تبلى السرائر: ( ىف الباطن من العقائد و النيات بدليل اآلية

يعنون به ترويح القلوب بلطائف الغيوب ، فصاحب األنفاس أرفع من صاحب : بالتحريك ، قال القشريي : النفسمبتدىء و صاحب األنفاس منتهى و صاحب األحوال بينهما ، فاألوقات األحوال و من صاحب الوقت ، فكأن صاحب الوقت

.ألصحاب القلوب و األحوال ألصحاب األرواح و األنفاس ألهل السرائر النفس أدق من الوقت ، فحفظ األوقات من التضييع للعباد و الزهاد و حفظ األنفاس للعارفني الواصلني و استعمال : قلت

ملراد حبفظ الوقت حضور القلب فيه و حبفظ النفس حضور السر ىف مشاهدة احلق ، يقال فالن طابت األحوال للمريدين ، و اأنفاسه اذا صفا مشربه من عني التوحيد من كدورة األغيار ، فقوله ىف حد النفس و ترويح القلوب أى خروجها من تعب العسة

و قالوا أفضل : مث قال القشريي . سرار التوحيد و فضاء الشهود و دوام املراقبة اىل راحة املشاهدة مبا يبدو هلا من لطائف أ :العبادة حفظ األنفاس أى دوام الفكرة و النظرة كما قال الشاعر

سكر على الدوامسكر على الدوام* * من أحسن املذاهب من أحسن املذاهب وصل بال انصراموصل بال انصرام* * و أكمل الرغائب و أكمل الرغائب

Page 24: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢٤٢٤

رى معه أو احملب البد له من النفس ، اذ لوال ذلك العارف اليسلم له النفس أى تضييعه اذ ال مساحمة جت: قال أبو على الدقاق

فالعارف ملا اتسعت معرفته سهل عليه حفظ أنفاسه لسهولة حضوره و متكن شهوده خبالف احملب فلضيق . لتالشا لعدم طاقته يه الصالة و حاله ال يستطيع دوام حضوره ىف خدمته و على تقدير سهولتها عليه لفنائه فيها قد ختتل بشريته و لذلك قال عل

لو تدومون على ما انتم عليه لو تدومون على ما انتم عليه ( أو كما قال صلى اهللا عليه و سلم حلنظلة و الصديق ) روحوا قلوبكم بشىء من املباحروحوا قلوبكم بشىء من املباح( السالم ) .عندى لصافحتكم املالئكة و لكن ساعة بساعةعندى لصافحتكم املالئكة و لكن ساعة بساعة

ميادين األغيار و هذة هى سري القلب ىف: الفكرة جوالن القلب ىف جتليات الرب و قال ىف احلكم : الفكرة و النظرةفكرة الطالبني ، و فكرة السائرين سري القلب ىف ميادين األنوار ، و فكرة الواصلني سري الروح ىف ميادين األسرار و ترجع اىل فكرتني فكرة تصديق و اميان ، و هى ألهل االعتبار من عامة أهل اليمني و فكرة شهود و عيان وهى ألهل االستبصار من جنباء

ز هى سراج القلب فاذا ذهبت فال اضاءة له و هى سبب الغىن األكرب و ا يتحقق السري . يدين و خاصة العارفني املتمكنني املر: و حيصل الوصول فمن ال فكرة له ال سري له و من ال سري له ال وصول له ، و كان شيخنا البوزيدى رضى اهللا عنه يقول

و اما النظرة فهى أق من الفكرة و أرفع ألا مبدأ الشهود فاجلوالن ىف األكوان و هدمهما . الفقري بال فكرة كاخلياط بال ابرة و تلطيفها فكرة ، و النظرة ىف نفسه أو غريه من التجليات و غيبته عنها بشهود احلق نظرة فان متكن من الشهود و دام فيه مسى

.مث نظرة مث عكوف ىف احلضرة و اهللا تعاىل أعلم العكوف ىف احلضرة و لذلك يقال أول املقامات ذكر مث فكرة

قد جيرى ىف كالمهم فالن بشاهد العلم و فالن بشاهد الوجد و فالن بشاهد احلال و يريدون : قال القشريي : الشاهدىل على بلفظ الشاهد ما يكون حاضر قلب االنسان و ما هو غالب ذكره كأنه يراه و يبصره و ان كان غائبا عنه و كا ما يستو

قلب االنسان ذكره فهو شاهده فان كان الغالب عليه ذكر العلم فهو بشاهد العلم و ان كان غالب عليه ا الوجد فهو بشاهد .الوجد و معىن الشاهد احلاضر فكل ما هو حاضر قلبك فهو بشاهدك

ى و على األسرا القائمة أما اخلمرة فقد يطلقوا على الذات العلية قبل التجل : اخلمرة و الكأس و الشراباخلمرة األزلية جتت بكذا و من نعتها كذا و قامت ا األشياء تسترا على سر الربوبية و عليها : باألشياء بعد التجلى فيقولون

ا اذا جتلت للقلوب غابت عن حسها كما تغيب باخلمرة احلسية و قد يطلقوا غنىن ابن الفارض ىف مخريته و امنا مسوها مخرة ألعلى نفس السكر والوجد و الوجدان ، يقولون كنا ىف مخرة عظيمة أى ىف غيبة عن االحساس كبرية و على هذا غنى الششتري

:حيث قال

مخرتى أزليةمخرتى أزلية* * مخرها دون مخرى مخرها دون مخرى

Page 25: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢٥٢٥

قلوب أى سكر مخرة الدواىل دون مخرتى أما الكأس الذى تشرب منه هذة اخلمرة فهو كناية عن سطوع أنوار التجلى على العند هيجان احملبة فتدخل عليها حالوة الوجد حىت تغيب و ذلك عند مساع أو ذكر أو مذاكرة و قيل الكأس هو قلب الشيخ

فقلوب الشيوخ حضور القلب و استعمال الفكرة و النظرة حىت تغيب عن وجودك ىف وجوده ، هو السكر فالشرب و السكر .رة الدنيا متصالن ىف زمن واحد ىف هذة اخلمرة خبالف مخ

احملبة آخذة من اهللا قلب من أحب مبا يكشف له من نور مجاله و قدس كمال جالله و شراب احملبو : و قال القطب ابن مشيش مزج األوصاف باألوصاف و األخالق باألخالق و األنوار باألنوار و األمساء باألمساء والنعوت بالنعوت و األفعال باألفعال و

اهللا عز و جل و الشراب يسقى القلوب و األوصال و العروق من هذا الشرب ، و يكون الشرب يتسع النظر ملن شاء .بالتدريب بعد التدريب و التهذيب فيسقى كل على قدره فمنهم من يسقى بغري واسطة و اهللا تعاىل يتوىل ذلك منه

والكأس مغرفة احلق : كابر من املقربني مث قال و هذا نادر و منهم من يسقى من جهة الوسائط كاملالئكة و العلماء و األ: قلت .يغرف ا من ذلك الشراب الطهور احملض لصاىف ملن شاء من عباده املخصوصني اىل آخر كالامه وقد فسرناه ىف شرح اخلمرية

ة املشايخ ما املريد فهو الذى تعلقت ارادته مبعرفة احلق و دخل حتت تربي : املريد و الفقري و املالمىت و املقربوقد تقدم ، و أما الفقري فهو الذى افتقر مما سوى اهللا و رفض كل ما يشغله عن اهللا ، و لذلك قالوا الفقي ال ميلك و ال ميلك

أى ال ميلك شيئا و ال ميلكه شىء فهو أض من املريد و أخص ألن املريد قد يكون من أهل األسباب ، و قيل الفقري هو الذى .ال تظله السماء أى ال حيصره اكون رفع مهته و نفوذ بصريته ال تقله األرض و

و أما املالمىت فقالوا هو . رفع اهلمة ، و حسن اخلدمة ، و تعظيم احلرمة ، و نفوذ العزمية : و قال بعضهم شروط الفقري أربعة و املقرب هو احملقق . الناس عنه الذى ال يظهر خريا و ال يضمر شرا أى هو الذى خيفى واليته و يظهر من االحوال ما ينفر

الفقر و املالمته و التقريب أنواع من التصوف و مراتب فيه فان الصويف هو العامل ىف تصفية : بالفناء و البقاء ، قال بعضهم شر فهو وقته مما سوى احلق فاذا سقط ما سوى احلق من يده فهو الفقري ، و ان كان ال يباىل بالناس فال يظهر خريرا و ال يضمر

. املالمىت ، و املقرب من كملت أحواله فكان بربه لربه و ليس له عن سوى احلق اخبار و ال مع غري اهللا قرار

هذة ألفاظ معانيها متقاربة جيمعها معىن التصوف ىف اجلملة الذى هو قصد التوجه : العباد و الزهاد و العارفونعمل كان عابد و من غلب عليه الترك كان زاهدا و من وصل اىل شهود احلق و رسخ فيه اىل اهللا تعاىل ، اال ان من غلب عليه ال

كال نمد هؤالء و كال نمد هؤالء و : ( فالعباد و الزهاد شغلهم خبدمته اذ مل يصلحوا الصريح معرفته ، و العارفون شغلهم مبحبته . كان عارفا بكطاء را كان عم و بكطاء رالء من عؤهبكطاء را كان عم و بكطاء رالء من عؤاهحظورا محظورم . (

أما الصاحلون : الصاحلون و األولياء و البدالء و النقباء و النجباء و األوتاد و القطبو أما األولياء فهم أهل العلم باهللا على نعت العيان من الوىل . فهم من صلحت أعماهلم الظاهرة و استقامت أحواهلم الباطنة

ق قررم و اتصل مددهم ، و أما البدالء فهم الذين استبدلوا املساوىء باحملاسن من توالت طاعتهم و حتق: وهو القررب ، و قيل

Page 26: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢٦٢٦

و أما النجباء فهم . و استبدلوا صفام بصفاة حمبوم ، و أما النقباء فهم الذين نقبوا الكون و خرجوا اىل فضاء الشهود املكون و أما األوتاد فهم الراسخون ىف معرفة اهللا و هم أربعة كأم . ين الساقمون اىل اهللا لنجابتهم و هم أهل اجلد و القرحية من املريد

.أوتد ألركان الكون األربعة و أما القط فهو االقاائم حبق الكون واملكون وهو واحد و قد يطلق على من حتقق مبقام و على هذا يتعدد ىف الزمن الواحد

ىف العلوم أو قطب ىف األحوال أو قطب ىف املقامات اذا غلب عليه أقطاب ىف املقامات و األحوال و العلوم ، يقال فالن قطب شىء منها ، فاذا اريد املقام الذى ال يتصف به اال واحد عرب عنه بالغوث و هو الذى يصل منه املدد الروحاىن اىل دوائر األولياء

الذى عليه مداره كما يشرياىل روح الكون من جنيب ونقيب و أوتاد و أبدال و له االمامة و االرث و اخلالفة الباطنة ، وهوذلك كونه مبرتلة انسان العني من العني ، و ال يعرف ذلك اال من له قسط و نصيب من سر البقاء باهللا ، و أما تسميته الغوث

: رضى اهللا عنه فمن حيث اغاثته العوامل مبادته و رتبته اخلاصة و له عالمات يعرف ا ، قال القطب الشهري أبو احلسن الشاذىل للقطب مخس عشرة عالمة فمن ادعاها و شيئا منها فليربز مبدد االرمحة والعصمة و اخلالفة و النياة و مدد محلة لعرش االعظيم

و يكشف له عن حقيقة الذات و احاظة الصفات و يكرم احلكم و الفصل بني الوجودن و انفصال األول عن األول و ما ال قبل و ال بعد و علم البدء و هو العلم احمليط بكل علم و ما ثبت فيه و حكم ما قبل و ما بعد وماانفصل عنه اىل منتهاه و

.بكل معلوم وما يعود اليه فالعالمة االوىل أن يكون متخلقا بأخالق الرمحة على قدم موروثه صلى اهللا عليه و سلم ، و العالمة الثانية أن ميد مبدد العصمة

العصمة الربانية كما كان موروثه صلى اهللا عليه و سلم ، غري أا ىف األنبياء واجبة و ىف األولياء جائزة ، و وهى احلفظ االهلي وو الثالثة اخلالفة وهو أن يكون خليفة اهللا ىف أرضه أمينا على عباده باخلالفة . يقال هلا احلفظ فال يتجاوز حدا و ال ينقض عهدا

ادت اليه األشباح ، و الرابعة النيابة وهو أن يكون نائبا عن احلق ىف تصريف األحكام حسبما النبوية قد بايعته األرواح و انقأن ميد مبدد محلة العرش من القوة و القرب فهو حامل : و اخلامسة . اقتضته احلكمة االهلية وىف احلقيقة ما مث اال القدرة األزلية أن يكشف له عن حقيقة الذات فيكون عارفا باهللا معرفة العيان ، : سادسة عرش األكوان كما أن املالئكة محلة عرش الرمحن و ال

أن يكشف له عن احاطة الصفات بالكائنات فا مكون اال وهو قائم : و أما جلاهل باهللا فال نصيب له ىف القطبانية ، و السابعة ان يكرم باحلكم : الثامنة . ة ذوقية ال علمية بالصفات و أسرار الذات ، وعرفة القطب باحاطة لصفات أمت ممن غريه ألا ىف حق

و الفصل بني الوجودين أي بني الوجود األول قبل الجتلى وهو املعرب عنه باألزل و بالكرت القدمي و بني الثاىن وهو الذى وقع به لثاىن فانه متصف بالضدين التجلى و الفصل بينها أن يعلم أن األول ربوبية بال عبودية ومعىن بال حس وقدرة بال حكمة خبالف ا

ربوبية و عبودية ومعىن و حس و قدرة و حكمة ليتحقق فيه امسه الظاهر و امسه الباطن فالضدين خاصة بالقبضة املتجلى ا و أما ول عن أن يكرم باحلكم بانفصال األ: و التاسعة و العاشرة . العظمة احمليطة ا الباقية على كرتيتها فهى باقية على أصلها فافهم

األول ، واملراد بانفصال األول انفصال نور القبضة عن النور األزىل الكرتي وهو حبر اجلربوت ، واملراد مبا انفصل عنه ما تفرع من القبضة اىل منتهاه من فروع التجليات أى ىف احلال و أما ىف املآل فال انتهاء له ألن جتليات احلق ال تنقطع أبدا فاذا انقضى

أن يعلم ما ثبت ىف املنفصالت من املزايا و الكرامات : دنيوي جتلى بوجود آخر اخروي وال اية له ، واحلادية عشرة الوجود الأن يعلم حكم ما قبل أى ما قبل التجلى : و الثانية عشرة . أو ضد ذلك ، يعىن اجلملة وأما التفصيل فمن خصائص الربوبية

أن يعلم حكم ما بعد وهو التكليف : و الثالثة عشرة . ى كرتيته مل تدخله الضدان وحكمه هو الترتيه املطلق ألنه باق علأن يعلم ما ال قبل و ال بعد أى يعلم ما ال قبل : و الرابعة عشرة . ىفمظاهر التعريف قياما برسم احلكمة و سترا ألسرار القدرة

:بن الفارض هلا و ال بعد هلا و هى اخلمرة األزلية و الذات األصلية كما قال ا

Page 27: معراج التشوف الى حقائق التصوف

٢٧٢٧

و قبلية األبعاد هى هلا ختمو قبلية األبعاد هى هلا ختم* * فال قبلها قبل وال بعدها بعد فال قبلها قبل وال بعدها بعد

أن يطلع على علم البدء و املراد علمه تعاىل األوىل السابق لألشياء قبل أن تكون وهو العلم احمليط بكل علم و : اخلامسة عشرة

ه و هذا هو سر القدر فقد يكاشف االقطب على بكل معلوم اذ ال خيرج عن علمه تعاىل شىء و كل علم و كل معلوم يعود اليجزئيات منه واليشترط احاطته بكلية األشياء و جزئياا ألن ذلك من وظائف الربوبية ،و امنا يطلعه اهللا تعاىل على جزئيات من

ائن اال وقد أطلعىن ما من وىل كان أو هو ك: نوع خمصوص و قد أشار أبو العباس املرسي رمحه اهللا تعاىل اىل شىء من ذلك فقال ما من نطفة تقع ىف األرحام اال وقد أطلعىن اهللا عليها وما : و قال آخر . اهللا عليه و على امسه و نسبه و حظه من اهللا تعاىل

يكون منها من ذكر أو أنثى وهذا من مجلة الكرامات الىت أحتف اهللا ا أولياءه وقد يكون القطب كامال وهو مل يطلع على شىء ذة األمور اال أنه عارف باهللا راسخ القدم ىف املعرفة واذا أراد اهللا تعاىل أن يظهر شيئا ىف ممكلته أطلعه عليه وقد ال يطلعه من ه

قال ذلك حني ضلت ناقته فلم يدر أين ذهبت فتكلم بعض ) واهللا ال أعلم اال ما علمىن ريبواهللا ال أعلم اال ما علمىن ريب: ( وقد قال عليه الصالة و السالم . لمه اهللا تعاىل ا املنافقني ىف ذلك مث أع

.و باجلملة فاالطالع على املغيبات من مجلة الكرامات ، وهى ال تشترط ىف الوىل قطبا كان أو غريه ، واهللا تعاىل أعلم .و صلى اللهم على سيدنا حممد و سلم تسليما

مت حبمد اهللا تعاىلمت حبمد اهللا تعاىل

روسةروسةبالقاهرة مبصر احملبالقاهرة مبصر احمل هـ هـ ١٤٢٧١٤٢٧ صفر سنة صفر سنة ١١مت ىف صباح يوم مت ىف صباح يوم و أن تتغمـدىن برمحتـك و أن تتغمـدىن برمحتـك فاللهم حبق كل حرف كتبته خملصا لوجهك الكرمي ان تعفوا عن سيئاتى الكثرية و ان تتقبل أعماىل احلقرية فاللهم حبق كل حرف كتبته خملصا لوجهك الكرمي ان تعفوا عن سيئاتى الكثرية و ان تتقبل أعماىل احلقرية

. .و آخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملنيو آخر دعوانا أن احلمد هللا رب العاملنيجميب دعاء املضطرين جميب دعاء املضطرين و أنت أرحم الرامحني و أنت أرحم الرامحني و على آله و سلم تسليما و على آله و سلم تسليماحممد بن عبد اهللاحممد بن عبد اهللاموالى موالى واللهم صلى على خامت النبيني و سيد اخللق أمجعني سيدى و واللهم صلى على خامت النبيني و سيد اخللق أمجعني سيدى و كرمي فانت األحق بالعبادة كرمي فانت األحق بالعبادةفى و ثبت قلىب على دينك يا اهللا يافى و ثبت قلىب على دينك يا اهللا يافاللهم بلغه مىن السالم و ثبت قلىب على حمبة احلبيب املصطفاللهم بلغه مىن السالم و ثبت قلىب على حمبة احلبيب املصط

. .و أشهد أن ال اله اال اهللا و أن حممدا رسول اهللاو أشهد أن ال اله اال اهللا و أن حممدا رسول اهللا