وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

183
1 ة ن ي مد ل ا ة ق ي ي و ة لدلا و ال ون م ض م ل ا: ف ي ل! أ ت ي% ب ي ع ش ل د ا! ات مد ق ح! ا

Upload: muhammad-naseh-abdulla

Post on 14-Jun-2015

4.669 views

Category:

Documents


2 download

DESCRIPTION

أول دستور في التاريخ تتجلى فيه المواطنة الحقيقية

TRANSCRIPT

Page 1: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

1

وثيقة المدينة المضمون و

الداللةأحمد قائد الشعيبي تأليف :

�ف: ��ام المؤل��د اليمن، ع��الوريوس1967 من موالي��ل على البك� م.حص�ة��ال التربي��ل في مج��نعاء.عم��ة ص� في الدراسات اإلسالمية من جامع والتعليم.حصل على شهادة الدراسات المعمقة )ماجستير( من جامعة�ة��ل درج��ة لني��داد أطروح�ا على إع H���ل حالي��ونس.يعم��ة في ت� الزيتون

الدكتوراه في جامعة الزيتونة، تونس.110 كتاب األمة اإلصدار )العدد ( :

Page 2: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

2

�ر :���خ النش��دة ت�اري��������1426ذو القع���� � ه م�2006 - كانون ثاني )يناير( 2005كانون أول )ديسمبر(

تقديم: عمر عبيد حسنهم اإلنسان بمجرد خلقه كإنسان، فقال تعالى: ﴿الحمد لله، األكرم، كر]

من[ا ب[ن_ي آد[م[ aد ك[ر ل[ق[ �ار70)اإلس�راء:﴾و[��ة االختي��ه اإلرادة وحري� (، ومنح�ئولية��اره، فالمس��ئوال عن اختي� واالعتقاد، أراد له أن يريد، وجعله مس�ق��دين، طري��داه النج��ة، وه� فرع الحرية، وزوده بالعقل وأهaله للمعرف�راه��بر اإلك��ارزة، واعت��حة ب��ة واض��الم وأدل��ر، بمع��ق الش��ير وطري� الخ واإلجبار حطا من كرامة اإلنسان وانتقاصا من إنسانيته، فقال تعالى:

اه[ ف_ي الدiين_ - ﴾ ال[ إ_كر[ (، 256)البقرة:﴿- jارaب م ب_ج[ ا أ[نت[ ع[ل[يه_ ﴾ و[م[ (، 45)ق:﴿- jيط_ر م ب_مmس[ ﴾ لaست[ ع[ل[يه_ (، 22)الغاشية:﴿

�ة��واع الحري��بر من أرقى أن��دين، يعت� ذلك أن حرية التدين، أو اختيار ال�ة��اقض كرام� واالختيار وأعالها وأسماها، لذلك فاإلكراه على الدين ين�ر،��انب آخ��ه من ج��دين ونصوص� اإلنسان من جانب، كما يناقض قيم ال�راه��دم اإلك��المي، وع��ع اإلس��اس في المجتم��ة أس� فحرية التدين قيم�دين��ر ال� والقبول بصاحب الخيار والمعتقد )اآلخر( ه�و استجابة ألوام

�دiين_والتزام بقيمه، قال تعالى مخاطبا المؤمنين به: �اه[ ف_ي ال ﴿ ال[ إ_كر[ iم_ن[ الغ[ي mد `��ش uن[ الرaب[يaد ت ]���د من﴾ق��ان الرش��و بي���المطلوب إليهم ه� ، ف

�اس،��ة للن��رك الحري��قالغي وت��ة وال يحق��ة مزيف� ف�اإلكراه يض�ع أقنع قناعة، ويخل�ق إنس�انا مزيف�ا منق�وص اإلنس�انية، ويزي�د من مس�احة

النفاق والمنافقين. �ل]مات في� وقضية عدم اإلكراه، كانت حقيقة قائمة ومسل]مة من المس�نة،��رآن والس� الواقع اإلسالمي، كما أنها إحدى القيم الرئيسة في الق�يد في���ل والتجس���دا عن التجلي والتمث���ا بعي���عارا مثالي�� ولم تكن ش الواقع؛ لم تكن شعارا للمفاخرة، ألن انتقاصها يعني معصية وعصيانا�ا��تزام به��دين، واالل� لله وانتقاصا للتدين وإثما وعدم التزام بتعاليم ال

طاعة لله وثواب على ه�ذه الطاعة. �ارته��ه وحض��الم وتاريخ��تزال اإلس��ول: ال يمكن اخ��ك نق� وفي ضوء ذل�تي��اك، ال��نا وهن���ثرة ه��اذة والمبع��ات الش���ه ببعض الممارس� وقيم�راه��ف اإلك��تي تفلس� تمارس اإلكراه، أو ببعض االجتهادات المحزنة ال

Page 3: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

3

�ها تن�اقض إرادة[ الل�ه كرام�ة[ اإلنس�ان � ،باسم الغيرة على ال�دين؛ ألنمن[ا ب[ن_ي آد[م[ aد ك[ر ل[ق[ ﴾ و[ �وحي: ،﴿��اليم ال��اقض تع��ا تن�اه[كما أنه �ر[� ﴿ ال[ إ_ك

.﴾ف_ي الدiين_ �عي��ل في الس��لم تتمث� ذلك أن المطلوب من المسلم، أو رسالة المس�ار��ا الخي� الدائب لبيان الرشد واإلغراء به وبيان الغي والتنفير منه، أم�اء إلنس�انية اإلنس�ان،��و إلغ��ار ه��اء الخي� النهائي فه�و لإلنس�ان، فإلغ�اد��تى الجه��لفنا- ح��ا أس��الق -كم��ا الخ��تي قرره��ه ال��قاط لكرامت� وإس�ال� والمجاهدة في اإلسالم إنما شرع لدرء الفتنة وممارسة اإلكراه، ق

ة� تعالى: ]�تن ون[ ف_ m�تaى ال[ ت[ك م ح[ mوهmات_ل ق[ ﴾ و[ (، والفتن�ة في193)البق�رة:﴿�ة��ه في حري� أدق مدلوالتها ومفهوماتها: إكراه اإلنسان ومنعه من حق

�ه االختيار، وفي ذلك إعدام إلنسانيته، وهي أكبر من قتله� وإنهاء حياتل_ `��ت رm م_ن[ الق[ ]��ةm أ[كب ]��تن الف_ ﴾ و[ �رة:﴿��اء أن217)البق��رر الفقه��ذلك ق� (، ل

�ان��دم اإليم��رد ع��ة والظلم والبغي -ال مج��ون للحراب��ا يك��ال إنم� القت�انية��ترداد إنس��ة، واس��ان والفتن��اس من الطغي��ر الن��الم- وتحري� باإلس�ة��دعوة وإزال��اخ لل��أمين المن��ار، وت��ة االختي��ق حري��ان، وتحقي� اإلنس�د من الغي. ����������ان الرش����������ق بي����������ات عن طري���������العقب�الى:� والصالة والسالم على الرسول محل التأسي واالقتداء، يقول تع

ن[ة� ]��س و[ة� ح[ `��ه_ أmس a��ول_ الل mس د ك[ان[ ل[كmم ف_ي ر[ ﴾ لaق[ �زاب:﴿��ذي21)األح� (، ال�ا��ا عملي� كانت حياته وسيرته، فعله وقوله، تجسيدا وتجليا واقعيا وبيان�اس،��ع الن��زيلها على واق���ا، وتن��ل معه��ة التعام��رآن، وكيفي� لقيم الق�يرة��تلهام لمس��ريع واس� لتبقى على الزمن، وسيلة إيضاح ومصدر تش�ل��و مح��ا؛ فه��ه األرض ومن عليه��رث الل��تى ي��ا ح��ويب له� الحياة وتص�مه من��ه، وعص��ده ب��الوحي، وأي��دده ب��ه س��داء؛ ألن الل� التأسي واالقت

﴿فقال تعالى: الخطأ، وبعثه رحمة للعالمين، ليكون أنموذجا لالقتداء، jيط_ر م ب_مmس[ ا أ[نت[، وقال: ﴾لaست[ ع[ل[يه_ ]��يظHا و[م ف_ م ح[ ع[لن[اك[ ع[ل[يه_ ا ج[ ﴿ و[م[

jم ب_و[ك_يل �ام:﴾ع[ل[يه_��ال: 104)األنع�ا(، وق ]��ون[ و[م m��ول mا ي[ق ]��[عل[مm ب_م ﴿ نaحنm أيد_ افm و[ع_ رآن_ م[ن ي[خ[ mر ب_القiذ[ك بaارj ف[ م ب_ج[ (.45)ق:﴾أ[نت[ ع[ل[يه_

�د: ��������������������������������������������������������������������������������������وبع�مون��ة.. المض��ة المدين��ة: »وثيق��د المائ� فهذا »كتاب األمة« العاشر بع�اب��لة »كت��ي، في سلس���د الشعيب��د محم� والداللة«، لألستاذ أحمد قائ

�ة«��اف األم��ات في وزارة األوق��وث الدراس��ز البح��درها مرك��تي يص� ال�ة��راج األم��اودة إخ��ه مع��ر، في محاولت��ة قط� والشئون اإلسالمية بدول�التها في��طالع برس��ا من االض��ا، وتمكينه� المسلمة، واسترداد خيريته�ير� إيصال عطاء الوحي للناس جميعا، وتحقيق كرامة اإلنسان في توف

Page 4: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

4

�دل� حرية االختيار والمعتقد، وإلحاق الرحمة بالعالمين، في إشاعة الع ومدافعة الظلم والفساد والعدوان، واإلقرار بسنة التنوع، واالعتراف�راز��ا، وإب��و موليه���ة ه��لj وجه��ر، وأن لك��ة االختالف بين البش� بحقيق�ترك���يل المش���يس وتأص���ا في تأس���ان دوره���ة، وبي�� القيم القرآني�ر،��ني البش��تركة بين ب��م المش��يز على القواس��اني، والترك� اإلنس�زاعات إلى��در الطاق�ات والجه�ود في الح�روب والن� والتح�ول من ه�ا��وار انطالق� تأسيس وتأصيل ثقافة التعايش والتفاهم والتعاون والح

من قوله تعالى:ل[ _��ب[ائ ق[ عmوبHا و[ m��اكmم ش ]��ع[لن mنث[ى و[ج[ أ ل[قن[اكmم مiن ذ[ك[رj و[ _نaا خ[ ا النaاسm إ [يuه[ ﴿ ي[ا أ

وا mف (،13)الحجرات:﴾ل_ت[ع[ار[�اء��اء، وإغن��ة، وعط��ة إلى نعم� بحيث يتحول التنوع واالختالف من نقم للمسيرة اإلنسانية، ذلك أن الناس منحدرون من أصل واحد، وأن سنة�رافي���اخي والجغ���ق، وأن االختالف المن���نة الخل���ي س����وع ه�� التن�اون��ق إلى التع��و الطري�� والديمغرافي والقومي والعرقي والديني ه�ا أن��تحيل عقال وواقع��ايش، إذ يس� والتكامل والتعارف والتحاور والتع�تحيل��دها تس��هم، عن��ررة عن بعض��خة مك��ائعهم نس��ر بطب� يكون البش

�ران ��ف العم�ل[الحياة، وتتعطل اإلرادات، ويتوق ]��ع ك[ ل[ج[ u��ب اء[ ر[ ]��و ش ]��ل ﴿ و[ين[ خت[ل_ف_ mون[ مmال د[ةH و[ال[ ي[ز[ اح_ ةH و[ aم

mاس[ أa(.118)هود:﴾الن وقد يكون من األولويات المط�لوبة اليوم، في إطار المس�ألة الفكرية�د على��اد والتجدي��اب االجته��ام فتح ب��كل ع��ة بش��ألة الثقافي� أو المس�دين أو��رق الت� مصراعيه، بعد ه�ذا التبعثر والشتات وتفريق الدين )تف�ة إلى أمم���رق األم���ع القيم( وتف���ل م���رية في التعام���ة البش�� الرؤي�واجز��ام الح��ذات(، وقي��توى )ال��تى على مس��ات، ح��ف وأميم� وطوائ النفسية والجدران السميكة وضمور القاعدة المشتركة واالفتقار إلى�ذات(��ع )ال��ل م��ة التعام��ع وكيفي��راءة الواق��حيحة لق��ة الص� األبجدي�تطيع أن��ا نس��ل لعلن��ه، ب��ه ورؤيت��ل أبجديت��بح لك��ر(، حيث أص� و)اآلخ نقول: لقد أصبح لكلj فهمه، قرآنه وسنته، حيث غاب عن الساحة، أو�ة��طلعون بمهم��ذين يض��دول، ال��اء الع��وب من العلم� كاد، القدر المطل التص�ويب وبي�ان األم�ر الج�امع، وتس�ديد مس�يرة األم�ة، ونفي الغل�و�ديث��برون ح��ذين يعت��نة، ال��اب والس��ل لقيم الكت��ف والتأوي� والتحري

ه، ينف�ون عن�ه: الرس�ول m��ذا العلم من ك�ل خل�ف عدmول� ﴿ يحم�ل ه�الين ��ف الغ��ال المبطلين، وتحري��اهلين، وانتح��ل الج��ه﴾تأوي� )أخرج

البيهقي (، تكليفا ومسئولية وتجديدا، وليس إخبارا فقط.

Page 5: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

5

�يرات��وء المتغ��دد، في ض��د والتج��اد والتجدي��ة االجته��ك أن ديموم� ذل�ني� المستمرة، ه�و الروح السارية في األمة، واإليقاف لهذه الروح يع الموت والتشرذم والتقطع وانطف�اء الفاعلي�ة، والس�قوط في فخ�اخ�دم��يء ع��ل ش��ل ك��ارية، وأوال وقب��ة الحض��ود والغيبوب��د والجم� التقلي

استشعار المسئولية الشرعية التقصيرية أمام الله سبحانه وتعالى. �ذا��هر، وه��وم أو ش��ل ي��ول ك� إن الواقع المتغير في كل لحظة، وال أق�افة� التسارع على مستوى )الذات( و)اآلخر(، وما نالحظه من طي مس�د في��دود، يتطلب التجدي��دود والس��قوط الح��ان، وس��ان والمك� الزم�ع��المية على الواق��زيل القيم اإلس�� الرؤية، واالجتهاد في استمرار تن

�تجدات: ��دير للمس��ن التق��ير، وحس�تaىالمتغ اع[ةm ح[ a��ومm الس m�� ﴿ » ال ت[قmون m��ت[ك ة_، و[ ]��ع mم mك[الج mهر a��هر_، و[الش a��ن[ةm ك[الش a��ونm الس m��ت[ك ، ف[ mان م[ aب[ الز ار[ ي[ت[ق[

ة_ ب_النaار_ م[ ر[ aك[الض mاع[ة aالس mونmت[ك اع[ة_، و[ aك[الس mالي[وم mونmي[ك ع[ةm ك[الي[وم_، و[ mم mالج .)أخرجه الترمذي (﴾«

�ددة��توياتها المتع��ة، في مس��ر األم��ة بين عناص��ة الداخلي� إن المفاعل�ر(،��ذات( و)اآلخ��توى )ال��ة على مس��ل والفاعلي��ة، أو التفاع� والمتنوع�ير��ا التغي��دفع إليه��ادات ي��ير من اجته��داخلها الكث��دخلها وي��وف ي� س�ذي��ر ال��مين، األم��ل الغث والس��وف تحم��ديات، وس��ارع والتح� والتس يتطلب اليقظة الدائمة وال�وعي المحي�ط ال�ذي يثم�ر اس�تمرار النق�د�اء��وط بالعلم��ر المن��نة، األم��اب والس��ويم بقيم الكت��ة والتق� والغربل�ك أن��ابه، ذل� العدول، الذين يؤطرون المسيرة ويعيدون األمر إلى نص�احة لم� قضية إيقاف االجته�اد واإلنت�اج الفك�ري واالنس�حاب من الس�ف� يعد أمرا اختياريا، فالعملية الفكرية تأبى بطبيعتها أن تmلغى أو تmوق�ادة��ل على إع��دد بالعم� بقرار إداري أو بقوة قسرية، وإنما تبنى وتتج�دول،� بناء جسم األمة ونسيجها الفكري والثقافي من قبل العلماء الع�تمرار��منون اس��اباتها، ويض��الجون إص��ا، ويع��ون روحه��ذين يحم� ال فاعليتها، ويضعون األوعية الشرعية لحركتها، ويكسرون قيود الجمود والتقليد أو الجنوح والمغاالة والفهوم السقيمة والتحريفات المغرضة�ة. ����������������������������������اوى الرخيص���������������������������������والفت�اب��راءة القيم في الكت��د ق��ادرة على تجدي��ة ق��ة ثقافي��اء رؤي� إن بن�ه��ل مكونات��ع، بك��ه الواق��حيحة، من خالل فق��ة ص��نة بأبجدي� والس

�ه،��تطاعاته وعالقات��ر(، واس��ذات( و)اآلخ��توى )ال��ه على مس� وتفاعالت�ا��ادرة أيض� أصبحت من الضروريات الشرعية، تلك القراء التي تكون ق�بابها من خالل قيم��رف إلى أس��ابة، والتع��واطن اإلص��د م� على تحدي�لمين في��ري للمس��تراث الفك��تيعاب ال��نة، واس� ومعايير الكتاب والس

Page 6: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

6

�ذا���واب في ه��أ والص��ذلك من الخط��ق ب��ا لح� كيفية التعامل معها، وم�رعي��ف الش��حيح والتكلي��ع الص� التاريخ الطويل، ومن ثم تحديد الموق�وء���ع، في ض���ذا الواق����ع ه���ل م���ب للتعام�� والحكم المالئم والمناس�تي��ات ال� االستطاعات المتوفرة والظروف المحيطة، بعيدا عن األمني�زداد��ذلك ت��ات، وب� تستدعي الكثير من المجازفات وتنتهي بهدر الطاق�ا��ل تنميته� األمة تخلفا وتراجعا وعجزا عن توظيف إمكاناتها إن لم نق�اء.�������بر من العط�������در أك�������ق ق�������ا لتحقي�������اء به������واالرتق�تطاعة،���ع واالس��وط بالوس��ف المن��دود التكلي� فإذا عرفنا أو فقهنا ح�ليم��ق الس��توينا على الطري��عها، اس��ا إال وس��ه نفس��ف الل� وأنه ال يكل�اء��ب في بن� واإلنجاز المقدور، واسترددنا حالة التوازن وانضباط النس�ات��وع في المجازف��دم الوق��تمراره، وع��ان إلى اس��ل واالطمئن� العم�ة���ة لذهني���قوط فريس���وبة والس���ير المحس���ارك غ���ول المع�� ودخ�ل.���������تحالة في المقاب���������ة االس���������هال، أو ذهني��������االستس�ه��ة بين��تطاعاته، والمقارن� إن فقه الواقع، والتعرف إلى مكوناته واس�ق من خالل��ة، ال يتحق��ذه األم��ني له� وبين مسيرة التاريخ والتراث الغ ذهنية ال�خmطب والتحشيد الكالمي، أو بعض المجازفات التي يmعتذر لها�ة��ية واالجتماعي��برات السياس��ا من خالل الخ��نة، وإنم��ا الحس� بالنواي

واالقتصادية والنفسية... إلخ.�ة��عب المعرفي��ذه الش���صات في ه���وم وتخص��ناك عل�� لقد أصبح�ت ه�اباته،��د إص��ه، وتحدي��ل مكونات��ه، وتحلي��د تحوالت��ع، ورص� لقياس الواق�رة��أتي ثم��تي ت��ة، ال� والتنبوء بمستقبله، إضافة إلى الخبرات الميداني�أ، �������������������ة والخط�������������������ة والمالحظ������������������للتجرب

�ول: ��الى يق��ه تع�يرj والل _��ب لm خ[ `��ث ك[ م_ m��﴾ و[ال[ يmن[بiئ �اطر:﴿��ه:14)ف� (، وقولا Hب_ير ل ب_ه_ خ[

اسأ[ ﴾ ف[ (.59)الفرقان:﴿

�ة��اب المعرف���وم، ليس غي���ا الي���كالية في ثقافتن���ون اإلش���د تك� وق�ا،��ة أيض��اب أدب المعرف��ا غي��ا، وإنم��دير أهميته��دم تق��ص وع� والتخص

والتطاول على ما نحسن وما ال نحسن، وادعاء الخبرة والعلم.

�اب��ه، وغي��اني من��ذي نع��افي ال��ل الثق��ل في أن الخل��كالية تتمث� اإلش�ير من الغش��داد الكث��ات وامت��مح بنب��ة، يس��ة الجامع��ايير والرؤي� المع�ع��امي، م��ل الع��ة، والتعميم، أو التعام��ا الثقافي��اج في حياتن� واالعوج�دع في� األشياء واألشخاص واألفكار، واختالل الرؤية، حتى الذي قد يب

شيء يصبح عندنا مؤهل لكل شيء، دون حواجز أو معايير)!(

Page 7: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

7

�د��ادرة على النق��ارمة ق��ة ص��ة ثقافي��اء رؤي��وم: بن��وب الي� إن المطل�ا��كيل ذهنيتن��د تش��ة، تعي��ة والمقارب��ة والمقارن��ويم والمراجع� والتق�ار��ا من اختب��تي تمكنن��ايير، ال��ار للقيم والمع��د االعتب��ة، وتعي� الجمعي�ليل��ذا التض���ف ه� األشياء، وتحديد وفرز ما نعرف منها وما ننكر، تmوق�ادة خطب���ا إلى م���المية وتحويله���ويه للقيم اإلس���افي والتش�� الثق�ل� واحتفاالت ومناسبات، كما تساهم بنقلة نوعية في التغيير والتحوي�ري والفقهي� الثقافي بحيث تفتح الباب على مصراعيه لالجتهاد الفك

في كل أمور

�دا��ع بعي� المجتمع من أمن أو خوف، وتتيح المجال للتداول فيها للجمي�رد� عن الكهانات، بحيث ينطلق ذلك من بناء حصون ثقافية تخصصية ت

�ا،��وابها وتنفي خطأه��دد ص��ها وتح��ول إليها األمور لتحللها وتدرس� يق_ل[ىتعالى: دuوهm إ و ر[ ]��ل [ذ[اعmوا ب_ه_ و[ وف_ أ و_ الخ[

] [من_ أ [مر� مiن[ األ م أ mاء[ه _ذ[ا ج[ إ ﴿ و[م mنه ت[نب_طmون[هm م_ `��ذ_ين[ ي[س a��هm ال ]��م ل[ع[ل_م mنه ر_ م_ `��[م _ل[ى أmول_ي األ إ ول_ و[ m��س aالر﴾

�اء:�����������������������������������������������������������������������������(.83)النس�ع��ة يخض� إن األمة بعمومها كالشاشة الالقطة، لكن ما تلتقطه الشاش�طط��اوز والش��ه التج� لمعايير علماء عدول، يحكمون عليه، وينفون عن�و��ة ونم��ة الثقافي��ة والحرك� واالنحراف والفساد، وبذلك تكون الفاعلي�ور��ة تتبل��افي، وفي النهاي��راك الثق��ل الح��ار، ويحص��ول واألنظ� العق

الحقيقة وال يصح إال الصحيح.

�ة��ول الثقافي� وما لم نعيد بناء رؤيتنا الثقافية القادرة على وضع األص السليمة لمسيرة األمة فسوف تستمر رحلة الضياع؛ ألن الثقافة ه�ي المناخ والرحم الذي تتخلق فيه وتنمو القابليات والطاقات، ه�ي التي�آالت،��ر للم��عار المبك� تمنح البصيرة والوعي والحس الصحيح واالستش�اء��ة بن��ة، وكيفي��ات المتنوع��ف االختصاص��ادرة على توظي� وهي الق�ل��ة في التعام� الخبرات، والحيلولة دون االختراقات والفوضى الفكري�د��ة، وتعي��دد الوجه��تي تح� مع القيم والتراث والواقع؛ ه�ي البوصلة ال�د��ه بع��ترداد عافيت��ه، واس��ل المس�لم، وتس�هم في إنعاش� ترتيب العق�ر��افي الح� عطالته وتعطيله باسم الدين والتدين، في ذلك المناخ الثق

السليم ينمو اإلسالم وينتشر وينتصر ويثير االقتداء.

�ة��اس إلى إدراك أهمي��ة الحم��ة من حال��ة ذهني��ق نقل��ة تحق� ثقاف�اء إلى إدراك دور��اء الخطب��دود عط� االختصاص، ومن تقدير جدوى وح�داع��ة اإلب��د إلى ذهني��ل والتقلي��ديس والنق��ة التك��براء؛ من عقلي� الخ واالجتهاد والتجديد واالتباع بإحسان؛ من مرحلة اإلحساس إلى مرحلة

Page 8: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

8

اإلدراك؛ ومن اإلبصار للمقدمات إلى البصيرة للمآالت والعواقب؛ من�ديث عن���حته والح���دليل على ص���ق النص والت���ار على تحقي�� االقتص�ات��ات وكيفي��ير بآلي��اريخي إلى التفك��از الت��ه ودوره في اإلنج� عظمت إعمال النص في واقع الحياة؛ من تق�ديس ال�تراث واالفتخ�ار ب�ه إلىر بالمس�تقبل؛ من ش�عار: i� استنطاقه ليجيب عن أسئلة الحاض�ر ويبص�ا��ان دائم��ه »باإلمك��ة أن��ان« إلى حقيق��ا ك��ل مم� »ليس باإلمكان أفض�وع إلى��دم الرج��ي وع��ة في الماض��ان«؛ من الغيبوب��ا ك��ل مم� أفض�زمن��اد ال��وعي بأبع��ان، إلى ال��ان والمك��ة الزم��اة غرب� الحاضر، ومعان�ول��ع والقب��ف المجتم��ير خل��تقبل؛ من الس��ر والمس� الماضي والحاض�ان��ه وبي��ع وقيادت� بمجرد الحكم على تصرفاته إلى السير أمام المجتم�ة� سبل السالم واألمن لمسيرته؛ من ذهنية اختزال اإلسالم في جماع�اس��ع للن��الم الواس��اء اإلس��د أو جنس أو زمن إلى فض��زب أو بل� أو ح

�ان؛��ان واإلنس��ان والمك��دود الزم��رد عن ح��وده المج��ا وخل� من جميع�ة إلى��ام الجزئي��ات واألحك��يقة لبعض الفروعي��ة الض��رة الجزئي� النظ الرؤية الشاملة لمقاصد الدين ودوره في بناء الحياة وإقامة العمران؛�ودة��ه إلى الع� من االنسحاب من المجتمع وتشكيل أجسام منفصلة عن�د��داء عن��ير االقت� إليه، والتوسع في دوائر الخير فيه، وتقديم نماذج تث أفراده؛ من التمحور حول فقه المخارج والمسوغات والحيل الشرعية�ريعي إلى��ه الحكم التش��ار على فق��د ؛ من االقتص��ه المقاص� إلى فق�تربوي��ي وال��ال السياس��المي في المج��اب اإلس��اد الخط��ار أبع� إبص�حية:���مو والتض���ات الس���أن أرقى درج���وهم ب���اعي؛ من الت�� واالجتم�اء��وازن لبن��ير المت��ه إلى التفك��بيل الل��وت في س��ار على الم� االقتص�دم��زة التعص�ب وع��ه؛ من غري��ه، وف�ق منهج الل��بيل الل� الحياة في س�وع��نة التن��ار س� إبصار غير )الذات( إلى رحابة الفطرة والمعرفة وإبص�ايش؛ من��اون والتع��تركة للتع��م المش��ار القواس� واالختالف، وإبص�ل��ة الرج��ال؛ من مرحل��ار واألفع��دير األفك��خاص إلى تق� تقديس األش�يم��ص وتقس� الملحمة الذي يعرف كل شيء إلى اإليمان بفكرة التخص العمل وتكامله؛ من التمحور حول الفروض العينية الفردية إلى إدراك�ع��ات المجتم��اء مؤسس��ا في بن��ة ودوره� أهمية إحياء الفروض الكفائي

من العمل المؤسسي الصوري، حيث المؤسسة وتنميته والنهوض به؛ في خدم�ة الف�رد، إلى العم�ل المؤسس�ي الحقيقي، حيث الف�رد في�ة،��ادئ العريض��عارات والمب��ة الش��ي؛ من ذهني��ل المؤسس� خدمة العم�برامج��ط وال��ع الخط��ة وض��ة إدراك أهمي��ة، إلى عقلي��ا المبهم� وأحيان وتن�زيل ه�ذه الشعارات والمبادئ على واقع الناس وتقويمه بها؛ من

Page 9: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

9

اتهام العق�ل ومحاص�رته وتعطي�ل فاعليت�ه ومحاول�ة إلغ�اء وظيفت�ه،�ل��اش العق��وحي، إلى إنع��ة ال��ار لمعرف��دين واالنتص� باسم الدين والت�ادين االجته�اد والفهم��ه وإطالق�ه في مي� وفك حصاره وإدراك وظيفت�ة� الصحيح، تن�زيل قيم الوحي على واقع الناس، فالعقل وسيلة معرف�رج على أن��ة ال يخ�� الوحي ومحل تكليفه، وبذلك فالوحي في الحقيق يكون إح�دى معارف العقل، وأنه ال تكليف بال عقل؛ من ذهنية التستر�ويم���د والتق���ة النق���اء عقلي���د إلى بن���وف من النق���ليم والخ� والتس�وابه��تى يثبت ص��اد ح��حة االجته� والمراجعة والمناصحة والشك في ص�ؤهالتهم، إلى��انت م��ا ك��والء، مهم��ة وال� وفائدته؛ من اعتماد أهل الثق�والء��ة وال��ة الحقيقي��ل الثق��اء؛ ألنهم أه��برة والوف��ل الخ��اد أه� اعتم�رة��والء للفك��ة إلى ال��ة والقبيل��زب والجماع��والء للح��ل؛ من ال� العاق

�دة؛��اعد، إلى والحق والعقي��دة والتعنت والس��ف والش��ة العن� من ذهنيذهنية الحكمة والتعقل والمعرفة والمرونة...

�ة��باب العزل��دين وأس��ل الت��ف وعل��اهر التخل��ة لمظ��ذا، فالقائم� وهك�را عن��ه يبقى قاص��ير إلي��ا نش� الحضارية تطول وتطول، ومع ذلك فم�ا أن� استيعاب جوانب الصورة، لكنها نوافذ فقط لالستدالل، ويمكن لن�وش،��دين المغش��وهة من الت��ور المش��ذه الص���وء ه� نقول: أنه في ض�ه،��ات الل� حيث يمارس ذلك كله ويسوغ باسم الدين والغيرة على حرم�ير� وصل األمر بالكثير منا إلى تحريم الكثير من المباحات، وتقييد الكث�اد��م فس��ية باس��د األساس��ير من المقاص��ف الكث��ام، وتوقي� من األحك

العصر وسد ذريعة الفساد.

�ف��المية وحنiطت، وأوق��ود القيم اإلس��ر خل� بل لعلنا نقول: لقد حوص�ف� العقل واالجتهاد، سدا لذريعة الفساد، وبدأ الفهم السقيم والمتخل�اذج��ورع الس��رة لل��رعية، ثم��وص الش��ام والنص� يخيم على بعض األحك�ان��ق اإلنس��ذي خل��الى ال��بحانه وتع� والغيرة المغشوشة، وكأن الله س�زل��الحه، وأن� وعلم بكينونته، وخلق الزمن وعلم بتقلباته وفساده وص�اء بعض��ه! فج��رع ل��ع فيش��ع أو المتوق� شرعه، ال يدري بالفساد الواق�ر إلى� المتدينين، األكثر غيرة، ليدركوا ذلك ويشرعوا له، ولو أدى األم نسخ أو توقيف أو تعطيل األحكام الشرعية، وح�اولوا أن يجعل�وا ذل�ك�ه إلى� حكرا على فهمهم وفقههم، وحولوا رحابة الدين وعموم خطاب

كهانات دينية أخطر من الكهانات المورثة لعلل األمم السابقة.

�ع��ة للواق��التقويم والمراجع��ام ب��ا القي��وب دائم��ذلك يبقى المطل� ل�ذ��ع األخ��نة، م��اب والس��ه بقيم الكت� الفكري والثقافي، وإعادة معايرت

Page 10: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

10

�دود��ار الح��روف، وأن بعين االعتب��ل الظ��ف في ك��ة للتكلي� المطلوب العصمة ه�ي فقط لمعرفة الوحي بضوابطها المنهجية الصحيحة، وأن�اد��ا االجته��ني دائم� كل إنسان يؤخذ من كالمه ويرد، وأن التجديد ال يع�تجدة��دة أو مس��وادث جدي��دة لح��ام جدي� في تعدية الرؤية وتشريع أحك�ني-��ا يع��ني -فيم��د يع��ا ق��د أيض��ا التجدي��يرات، وإنم� واالستجابة للمتغ�دة��رة والفاس� التصويب لالجتهاد، وإزالة االجتهادات المتخلفة والقاص�المية في��القيم اإلس��تي لحقت ب��بية، ال��ة والتعص��يزة والحزبي� والمتح�واجز��ة الح��ه القيم، وإزال� الكتاب والسنة، ونفي نوابت السوء عن وج�ا��ا ورحمته��ا وخلوده��ود لعطائه��تى تع��يئة، ح��ورة القيم المض� عن ص

للعالمين.

�تى��د، ح��زات التجدي��ي مرتك�� ذلك أن التصويب والتقويم والمراجعة ه�كالت أو��ة مش��ر معين ولمواجه��د في عص� بعض االجتهادات التي تتول�وابيتها��ر، فص��ل عص��الحة لك��ا ص��رورة أنه� أزمات معينة ال يعني بالض�و للقيم���د ه��واب الخال��ر، فالص��ل عص��وابيتها لك��ني ص��ر ال تع� لعص�اد��ل االجته��ي مح���ذلك ه��نة، ل��اب والس��حيحة في الكت� اإلسالمية الص

والنظر واالغتراف ومعيار التقويم والتصويب الجتهادات البشر.

�ي دونفالرسول ��داء والتأس��ل االقت��ده مح��و وح���وحي، ه��ل ال� مح�احب��رد إال ص��ه وي��ذ من كالم� غيره من سائر البشر »فكل إنسان يؤخ�ه��ك ، رحم��ام مال��ال اإلم� ه�ذا القبر، عليه الصالة والسالم«، أو كما ق�ذلك��يرة ب� الله؛ ه�و محل االقتداء؛ ألنه مسدد بالوحي ومؤيد به، فالس�نا�� مصدر للتشريع، بكل آفاقه وأبعاده، وليس التشريع الذي نقصده ه

�داء��ات الحكم التشريعي وإنما االقت��اة وكيفي��االت الحي��ع مج� في جمي�درا��اريخ فيبقى مص� التعامل معها والتعاطي لها، وأن ما عداه من الت�ا��ل خالف وإنم��ة مح��ذه الحقيق���ون ه��د ال تك��درس.. وق��برة وال� للع�داء؛� االختالف ه�و في منهجية االقتداء، أو فقه االقتداء، وكيفية االقت�ة��روف المحيط��ة والظ� ألن التعسف وعدم اإلحاطة باإلمكانات المتاح

قد يجعل من االقتداء المغلوط إشكالية بدل أن يكون حال.

�ال��تيعاب الح��ة واس��وعي واإلحاط��ه وال� ذلك أن المطلوب دائما الفق�يرة��داء من مس��ب لالقت��ع المناس��اس، ومن ثم الموق��ا الن� التي عليه�ور��ام وص��زيل لألحك���ل العبث في التن��وف يحص��يرة، وإال فس� الس

االقتداء.

Page 11: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

11

واألمر الذي ال بد أن نلفت النظر إليه، أن السيرة والسنة ال يمكن أن يحكمها عصر أو شخص أو جغرافية أو فعل أو جنس أو زمن أو تاريخ،�ر��ل عص��ر ولك��ل عص� وإنما ه�ي محل للنظر واالجتهاد والعطاء في ك�ع��اء أو تقطي��ني االنتق��ذا ال يع��ه، وه��ا يالئم��ب م��ع، بحس��ل واق� ولك�از إلى��ة واالرتك��ورة الكلي��ان بالص��ز إلى اإليم��ا يرتك��ورة، وإنم� الص�داء.������������ع االقت������������د موق������������تطاعة في تحدي�����������االس�و���ري، ه��اج البش��ه واإلنت��ادات والفق��وم واالجته��التراث، من الفه� ف�ال��وز بح��ا ال يج��ة، وأنه� وسائل معينة لفهم قيم الوحي وليست ملزم من األحوال أن تكون حاجزا بين الناس وبين عطاء القيم، وحائال دون�لم��ل مس��ق ك� خلود القيم وتجردها واستبدال رأي الناس بها، فمن ح�يرة��نة والس��اب والس��ذه القيم في الكت���تلهم ه��ر أن يس��ل عص� وك�ة� ويرتكز إليها بما يحقق معالجة إشكالية عصره، في ضوء رؤية فقهي

�منون بصيرة خاضعة للنقد والمراجعة من العلماء��ذين يض��دول، ال� الع�ع��ر إلى الواق��ة في النظ��روط المطلوب��ات والش��تيفاءها للمقوم� اس�ه. ��ه ومتطلبات��ه ومعانات��ه في مرحلت��زيلها علي��وإلى القيم المراد تن�اب��زيل للقيم في الكت���يد والتن� نعاود التأكيد بأن السيرة ه�ي التجس�وم للقيم��ا، والتجلي المعص��ا به��اس، وتقويمه��اة الن� والسنة على حي�انت��وة، وهي وإن ك��نن النب��ة من س��نة العملي��ي الس���ع؛ ه� في الواق تشكل حقبة تاريخية تم من خ�اللها بناء أنموذج االقتداء والتأسي في�ه� كل المجاالت والحاالت التي مرت ب�ها مسيرة النبوة ابت�داءH من قول

أ تعالى: ﴾ اقر[ �الى: ﴿��ه تع��اءH بقول�لتm ل[كmم د_ين[كmم... وانته وم[ أ[كم[ ]��﴾ الي ﴿ �ا (،3)المائدة:��ل م��داء في ك��وذج اقت��يرة أنم� بكل ما فيها لتكون الس

تعاني األمة وم�ا يع�رض له�ا على مس�توى الف�رد والجماع�ة والدول�ة�اء��ترة بن��ا ف��اريخ بأنه��ف عن الت��ا تختل��رب... إال أنه��لم والح� والس�االت��ع مج��ريع في جمي��درية التش��ة ومص��ترة المرجعي��وذج، ف� األنم�اد��اريخ اجته��بر الت��ا يعت��ه، فيم� الحياة؛ ألنها مسددة بالوحي ومؤيدة ب�اة��ة ومحاك��اوالتهم لمقارب� البشر وفعلهم وخطأهم وصوابهم في مح�اف إلى��ة تض��برة ودرس وتجرب� األنموذج، فالتاريخ بهذا يكون محل ع عقل األمة وخبرته�ا، لكن ال ي�رقى بح�ال من األح�وال ليك�ون مص�در

تشريع ومعيار تقويم وتشكيل مرجعية.

�داء، في��ة االقت� وقد تكون اإلشكالية، كل اإلشكالية اليوم، في منهجي�يرة(��وذج )من الس� كيفية االقتداء في المحل المعين من مسيرة األنم�ر� الذي يشكل أنموذج االقتداء في ه�ذه المرحلة وهذه الحالة التي تم�ة��ادرا على اإلجاب��ون ق� بها األمة ويعاني منها الناس، الموقع الذي يك

Page 12: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

12

�ع عن المشكلة والهداية إلى الحلول� المناسبة، ذلك أن عدم فقه موق�ذه���ة في ه��ه األم� االقتداء بالضبط، أو التعرف إلى الواقع الذي تعيش�يرة��يرة الس��ب من مس��ع المناس��د الموق� المرحلة بالذات، وعدم تحدي�كالية��وع إش��ى إلى ن� الذي يالئمه، فسوف يتحول ه�ذا االقتداء األعش�ل��داء بفع��رغم من االقت��كالية على ال��بح إش��ون حال، يص��دل أن يك� ب�يرة ال��ار من الس��ل المخت��الم؛ ألن المح��الة والس� المعصوم، عليه الص�ر��تي تم��ة ال� يشكل محل اقتداء بالنسبة لحالة األمة واللحظة التاريخي

بها.

�داء��ور االقت��ول: إن ص��تطيع أن نق� هذا من جانب، ومن جانب آخر نس�ولت إلى��ف تح��ل التخل� عند مسلمي عصر التخلف وفكر التخلف وعق نوع من التقليد والمحاكاة، واالقتصار على األشكال فقط من اللباس والطعام والهيئة، على ما فيها من خير، دون القدرة على فقه االتباع�داء� والتأسي والتدبر، من خالل معطيات السيرة، لتدبير الواقع واالهت

واالستضاءة بها لكيفية التعامل معه ومعالجته.

إن المحاكاة والتقليد في األشكال والهيئات يتقنها األطفال، بل ه�م�دين،��وط بالراش��اع المن��ي واالتب� أقدر على التقليد؛ والمطلوب التأس حتى يش�كل التبص�ر بالس�يرة البص�يرة للحاض�ر والم�آالت والع�واقب�د��كال فاق� التي سوف يئول لها في المستقبل، فكم من ملتزم باألش للكثير من القيم واألفكار والسلوكيات)!( فاإلشكالية اليوم تكاد تكونفي الوقوف عند تقليد الشخص دون القدرة على التأسي بالشخصية.

�ا،��ادرين على تجاوزه��ا، إن لم نكن ق� وإشكالية أخرى، قد ال تقل عنه�يرة، والتحليالت���ول الس��mلiفت ح �تي أ���ير من الكتب ال���ك أن الكث�� ذل�زبي� والدراسات التي قدمت، تأثرت بالمناخ الثقافي والسياسي والح�قاطها� واالجتماعي التي أنتجت فيه، وتمت الكثير من المحاوالت إلس�ا� على الواقع، واإلسقاط غير التن�زيل، وكأن القضية قصا ولصقا -كم�ات��راد والجماع��الك األف��روعية لمس��وغ والمش��اد المس��ال- إليج� يق�رؤى��ير من ال��رز الكث��ذي أف��ر ال��ف، األم��رق والطوائ��زاب والف� واألح�يرة... وحيث إن��تظل بالس��تي تس��ية ال��ة والسياس��ة والحزبي� األحادي�تعمارية���ة االس���ة الهيمن���ت أزم���المية عاش���ير من البالد اإلس�� الكث�ير� واالضطهاد من قبل )اآلخر( وما رافق ذلك من أفكار الغزو والتبش واالس�تالب الحض�اري، فق�د دف�ع ذل�ك معظم الب�احثين والكت�اب إلى�بث��ا، للتش� العودة إلى القيم والسيرة والتراث، مما يعتبر أمرا طبيعي�ار� واالحتماء في مواجهة األزمة؛ دفعهم إلى عسكرة السيرة واالقتص

Page 13: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

13

�اب��ع غي� على استحضار صور الجهاد والمعارك والغزوات والتضحية، م�ة���ة والتنموي���ة واالجتماعي���ية والتربوي���اد السياس���ير من األبع�� الكث�ة��وب رؤي� والتكافلية وتقسيم العمل واإلدارة... إلخ؛ وقد يكون المطل األبعاد جميعها ابتداءH ومن ث�مa بناء الخطة في ضوء اإلمكانات المتاحة

والظروف المحيطة.

�ف،��ة أو لموق� وقد تكون العسكرة وفكر األزمة، الذي قد يصلح لمرحل�ؤدي إلى��ذي أدى إلى وي��ر ال� غير مؤهل للصالحية لكل المراح�ل، األم�ك��ر من ذل� أزمة ت[ع[امmل أو أزمة فكر في التعامل مع السيرة.. واألخط

�انت���كرة ك���ذه العس����ام في بالد أن ه���بيعي والع���اج الط�� هي اإلنت�ة،��ا، وال مواجه��تعمار فيه��ا في بالدj ال اس��تعم[رة، أم� المسلمين المس

فإن األمر يتطلب رؤى وأبعادا أخرى مناسبة لها.

�ه��ري، في��ع بش��و مجتم���لمين ه��ع المس��افة إلى أن مجتم��ذا إض� ه�د��ان يزي��ط، واإليم� السلبيات واإليجابيات، وأن أقدار التدين تعلو وتهب

ائ_ين[وينقص، وأن كل ابن آدم خطاء: a��يرm الخ[ط طaاء� و[خ[ ﴿ كmلu ابن_ آد[م[ خ[ » ابmون[ aوaأخرجه الترمذي ( وليس مجرد خاطئ، وإنما كثير الوقوع﴾الت(

�ع��ير المجتم��ا بتغي��ر مؤذن��ان األم���وع لك��ك الوق��وال ذل��أ، ول� بالخطي ب_ي[د_ه_ ل[و ل[م تmذن_بmوا ل[ذ[ه[ب[ اللaهm ب_كmمواستبداله بخطائين: الaذ_ي ن[فس_ ﴿ و[

م« mل[ه mر ي[غف_ ون[ اللaه[ ف[ mر ي[ست[غف_ ومj يmذن_بmون[ ف[ اء[ ب_ق[ ل[ج[ )أخرجه مسلم (. ﴾و[�الي،���انب المث���ك على الج���ار في ذل���يرة، واالقتص���ة الس�� فدراس�رازه،��ه وإب��غط علي��وال في الض��روف واألح��ل الظ� واالستمرار في ك�ع��ور مجتم� وإخفاء بعض الجوانب السلبية، التي ه�ي واقع بشري، تص�ذلك��ير، وب��ل الخ��برمجين على فع��ة م��ع مالئك��ه مجتم� القدوة على أن نفتقد األنموذج المتكامل لكيفية التعامل مع الفعل السلبي وكيفيات�وذج،��ا لألنم��ور رؤيتن��تربوي وقص��ا ال��ا، لعجزن� معالجته، فيسقط يومي�ر(،��لمين إلى )اآلخ� الكثير من الضحايا الذين قد يغادرون مجتمع المس�ط بهم����ع، تحي����حبون من المجتم����ون على ذواتهم وينس��� أو ينكفئ�داء��وذج االقت��يرة وأنم��وج إلى الس��م األح���ون ه� أخطاؤهم، وقد يكون�اتهم. �������������������������������لهم من معان������������������������������لينتش�داء، وهي� وقضية أخرى قد ال تقل خط�ورة في مسألة التأسي واالقت ما يمكن أن نطلق عليه: وباء »ذهنية االستعصاء« حيث ندخل أنفسنا،

�ر نتيج��ف أن تقري��ف، وكي��ية التكلي���ه قض��دم فق��ة وع��ور الرؤي� لقص�تطاعات،��وء االس��دد في ض��ا يتح��رفات إنم��ف والتص� األحكام والمواق�ة��نا نتيج��دخل أنفس��ال، ن� فإذا لم تتوفر االستطاعة ال يرد التكليف أص

Page 14: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

14

ه�ذه الرؤية القاصرة في مآزق أو ما يسمى »الدوائر اليزيدية«، حيث�ه،��رة حول��م دائ��ه لرس��د نفس��يطان من عن� يندفع بعض من عبدة الش�تطيع��د يس� ومن ثم يقنع نفسه أن الشيطان ه�و الذي حبسه، فلم يع�ة��ل الرؤي��ذا تفع� الخروج، وتصيبه العطالة حتى يأتي من يخرجه؛ وهك

القاصرة المتخلفة للسيرة لكن بمسميات أخرى.

فإذا قررنا عقال وواقعا أن أقدار التدين تعلو وتهبط، وأن االستطاعة�بر��ذه أن تعت���ة ه��تراجع، فال يمكن والحال��و وت��اظم، وتخب��و وتتع� تنم�ذلك� فترات التعاظم والنصر محال لالقتداء ألوقات الهبوط والتراجع، ل�ه إلى العبث في��ة الفق��الكثير من حمل��ه ب� انتهى ه�ذا الفهم أو الفق�داء، دون��واطن االقت� إسقاط األحكام الشرعية على الواقع، وتحديد م النظر للحالة والواقع واالستطاعة؛ جعلوا الزمن والمراحل التي مرت�ع��تطاعة والمجتم��ر لالس��ذي يتحكم دون النظ��و ال���دعوة ه��ا ال� به�ة��تطاعة، نتيج��ال واالس��وقت والم��ير من ال��دروا الكث��ه، فاه� ومكونات

لغياب منهجية االقتداء وحسن اختيار الموقع بحسب الواقع.

�ال��ة الكم� وليس أقل من ذلك اضطرابا وتخبطا من توقفوا عند مرحل واالكتمال التي وصل إليها األنموذج، ولم يبصروا إال األحكام الشرعية�ال، فلم� النهائية التي تناسب مرحلة القوة والتمكين والكمال واالكتم�عف��االتهم من الض��ع ح��ل م��تى في التعام��ا ح��وا أن يغادروه� يرض�اجزون عن��ة وهم ع� والتراجع، فهم ينادون بالقتال حتى ال تكون فتن

درء الفتنة عن أنفسهم.

�ه��ات قول��ا بين تطبيق��راوحت حوادثه��يرة ت� عجزوا أن يبصروا أن السان_ تعالى: ]��ئ_ن� ب_اإل_يم لبmهm مmطم[ ق[ ن أmكر_ه[ و[ ﴾ إ_الa م[ �ل:﴿��ه106)النح� (، وقولتن[ة� تعالى: تaى ال[ ت[كmون[ ف_ م ح[ mوهmات_ل ق[ ﴾ و[ ، وأن منهجية االقتداء تقتضي﴿

�تي أتت��يرة، ال��ذه المس�� منهم اختيار الموضع والموقع المالئم من ه�وء��ا، في ض��ل معه��ة التعام� على أصول الحياة اإلنسانية جميعا وكيفي

الحال التي عليها الناس.

�ر،��ا نص��ة يعقبه��ر، والهزيم��بب أو آلخ��زيمة، لس���ه ه� فالنصر قد تعقب�ة��ل في حال��ون التعام��ف يك��ر، وكي��ة النص��داء بحال� فكيف يكون االقت

�ول ��ذا، فالرس��ة؟ وهك��امالهزيم��ر أحك��ان للنص��در فك��ر في ب� انتص�ات...��ام وآداب ومعطي��ة أحك��ان للهزيم��د فك�زم في أح m�� وآداب، وه

وهكذا.

Page 15: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

15

فالسيرة بكل أبعادها، وما وقع فيها، تشكل سفرا مفتوحا لكل قارئ�ان،� ومفكر وباحث وسياسي واجتماعي واقتصادي في كل زمان ومك�ان أو��را على إنس��ت حك��ا، وهي ليس� حتى يرث الله األرض ومن عليه�ماتها��ا-ومن س��ا أنه��ا، كم� طبقة أو جماعة أو زمان أو جغرافية بعينه�ير أو��ة أو تفس��تزل بفهم أو رؤي��اء- ال تخ��تمرارية العط��ود واس� الخل�اده� تحليل أو موقف أو اجتهاد، مهما بلغ، فلكلj قراءته ونظرته واجته�ع��ل مجتم��ا، ولك��ة حاجاته��ل بيئ� ومشكالته، ولكل عصر متغيراته، ولك

عمره الحضاري والثقافي وأسئلته.

�وحي� والسيرة عطاء مفتوح لكل زمان ومكان، فهي من عطاء قيم ال�ي���اس، ه��اة الن��زلها على حي���ع وتن� الخالدة، التي تجسدها في الواق�ر��ا، يتطلب النظ� خالدة كخلود القيم، بل ه�ي سنة وقيمة ومعيار أيض

تجريدها عن حدود الزمان والمكان واإلنسان وتوليدها واالجتهاد فيها�ا ال��ة فيه��زمن، فمرحل� في كل زمان ومكان، عطاءH ال ينضب بمرور ال�ر، والنص�ر� تلغي مرحلة، والنظر في زمن ال يلغي النظ�ر في زمن آخ�ة ال تلغي��ترة المكي��ر، والف��ة ال تلغي النص��ة، والهزيم� ال يلغى الهزيم�اب��ا.. وفتح ب��ل معه��ة التعام��ا وآلي��ة حكمه� الفترة المدنية، ولكل حال�ال��ؤدي إلى االنفع��اس ي��ل الن��راعيه لك��ري على مص��اد الفك� االجته�اء ال��الم فض� بأحداث السيرة، والتفاعل معها، والتمحور حولها؛ فاإلس�ة أو� يحده الزمان والمكان، نزل لكل البشر، سواء كانوا من أمة اإلجاب�دفعون��ة وي��ون الحقيق� أمة الدعوة؛ والعلماء العدول ه�م الذين يحمل

التفسير الغالي والتأويل الجاهل واالنتحال الباطل.

�ا��ة وتحنيطه��ترة تاريخي��ة أو ف��ة أو حادث��يرة في حقب��اختزال الس� ف�ري من��اب الفك� ومحاصرة خلودها وإيقاف عطائها، والتخويف واإلره�ة��ة ديني��زب أو كهان��ة أو ح��ة أو جماع� التعامل معها، وحجرها على فئ�ه��د في��راغ يمت��داث ف��ا، وإح��اة بعطائه��د الحي��ا من م� معينة، إخراج� له�ييب��اخ، وتغ��ة أو من��رف أو بيئ��بب أو ظ� )اآلخر(؛ وعسكرة السيرة لس�اة،��ات الحي��ير من متطلب��ا عن الكث��ا، يعزله��رى لعطائه��اد األخ� األبع

ويحاصر عطاءها، ويشوه مقاصدها.

�ارئ،��ل ق��وح لك� إن السيرة، التي جسدت قيم القرآن، ه�ي سفر مفت�رآن��ا أن الق��ه، كم��اؤه وقراءت��ه وعط� في كل زمن، ولكل زمن حاجات�خ��ك ال يمكن نس� ميسر للذكر، فن�زل الخطاب للناس جميعا، وعلى ذل�كرة��اخ العس��اتي معين.. وفي من��د حي��ره على بع��خه وقص� آياته ومس

�ة للقيم اإلسالمية��دعوة والمجادل��ات ال��خ آي� تستخدم آية السيف لتنس

Page 16: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

16

�دم��اج وع��ر والحج��الح والتناص��د والتص��ة والتعاه��وار والمناقش� والح�اس،��ر إلرادة الن��ه قه��الم وكأن��ذلك اإلس��دوا ب��ة، فيب��راه والهيمن� اإلك�ير من��ع كث��دين؛ حيث يول��دة وال��راه على العقي��ر(، وإك� وإقصاء )لآلخ�اس� المفكرين والخطباء في التفتيش والتنقيب عن وسائل إخراج الن�دة��و]ه العقي� من حظيرة الدين، والحكم عليهم بالمروق والخروج وتش

واالبتداع في الدين.

�ول��ذي أتى على أص��وذج، ال��اء األنم��ة بن� إن السيرة، التي تعتبر مرحل الحياة جميعا، تعتبر دليال لكيفية التعامل مع حياة الناس، وتن�زيل قيم�ات� القرآن عليها؛ وهي كالمنجم الغني بالخامات الثمينة، وهذه الخام�ة��ة للحرك��ا إلى أوعي��نيعها وتحويله� تتطلب البراعة واالجتهاد في تص�احات��ل المس��اة.. ولع��ورت الحي��وازل وتط��ل الن��ول لك��ديم الحل� وتق�ل� الكبيرة التي قدمتها السيرة للتعامل مع )اآلخر( بشتى أنواع التعام من التصالح والتسالم والتحاور والتعاهد والتعاقد والتصالح والتحالف�ير من� والمواجهة، تحتل جزءا مهما من حوادث السيرة، وإن كان الكث�ل��ه من التعطي��ا نتج عن��ف، وم��بب التخل��ه بس� المسلمين قد غفل عن�ليم��ت على الفهم الس��ه انعكس��بابه ونتائج��خ... إلخ، حيث أس� والنس�ام. ������كل ع������ا بش������اطي معه������يرة والتع������وازن للس�����المت�المي��اح الع��ة االنفت��وم، في حقب��ا الي��ثر إلحاح��ة أك��دو الحاج��د تب� وق�تي فتحت��ة ، ال��ة العولم� واختزال الزمان والمكان واستحقاقاته، حقب�دات��يء، من معاه��ل ش� علينا كل شيء، في الوقت الذي فتحت لنا ك

�وارات��ات وح��ع وتحالف��ل م��ارا التعام��د خي��دات، حيث لم تع� وتعاق�يرة��ترة الس��تلهام ف��دة، إلى اس� )اآلخر(، وحيث أصبح العالم أمة واح وعطائها في ه�ذا المجال، ليشكل لنا أدلة عمل وإشارات ه�ادية على

الطريق الطويل.

�دول وأمراءه�ا، وأذن ألص�حابهفالرسول ��وك ال��ل مل��اطب وراس� خ�ا ال��ا ملك��المي(، ألن فيه��ير إس��ة )حكم غ��الهجرة إلى أرض الحبش� ب�دة��ة الش��ائف ، في رحل� يظلم الناس عنده؛ ونزل بعد العودة من الط�ازي،��ير والمغ��شام، الس���دي )ابن ه��وار المطعم بن ع��ديدة، بج� الش

2/24.)

�ين من���ير المؤمن��الب غ��ب أبي ط���ار في شع��اركه في الحص� وش

�ه ��ول الل��وا رس��ريش على أن يقتل��غأصحابه، إذ لما أجمعت ق� ، وبل�ه��ول الل��أدخلوا رس� ذلك أبا طالب، جمع بني ه�اشم وبني المطلب، ف

�ارهم،��تى كف��ك، ح�عبهم ومنعوه ممن أراد قتله، فأجابوه إلى ذل iش

Page 17: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

17

�ازي،��ير والمغ��شام، الس�� فعلوا ذلك حمية على عادة الجاهلية )ابن ه1/430.)

وحضر حلفا في الجاهلية، وكان له من العمر عشرين عاما، كما تروى�د��ة ، حيث تعاق� بعض كتب السيرة في دار عبد الله بن جدعان في مك�ك��ارك ذل��ه، وب� أهلها أن ال يبقى في مكة مظلوما إال وترد إليه ظالمت�ق��د تحق��و لم يكن ق��دين ول� العمل في اإلسالم، ألنه يحقق مقاصد ال

�هدت﴿ رس�ول الله ذلك على يديه؛ روى الحميدي أن � قال: »لق�د ش�الم ألجبت،��ه في اإلس��و دعيت ب��ا ل��دعان حلف� في دار عبد الله ابن ج

�ا ��الم مظلوم��ز ظ� )ابن﴾تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها وأال يع(.2/315كثير، البداية والنهاية،

�بين«،��ك »الفتح الم��مي ذل��ة ، وس��لح الحديبي���ا في ص��د قريش� وعاه�ة��واثبت خزاع��ر: »فت��انت على الكف��ة ، وك��ه خزاع��ل في حلف� ودخ

�ه ��ول الل��د رس��يرفقالوا: نحن مع عق��ع غ� وعه�ده«، فالمعاه�دة م�ر ،��و بك��لت بن���ا، حيث دخ��لمين أيض�� مسلمين، والتحالف مع غير مس�الوا:��ر فق��و بك��واثبت بن��ريش : »وت� وكانت على اإلسالم، في حلف ق�حاق(.��������دهم« )ابن إس��������ريش وعه��������د ق�������نحن في عق�د��كل العق��تي تش��اب، ال��ذا الكت���وع ه��ة«، موض��ة المدين��ا »وثيق� أم�زات��بر أهم المرتك��ذي يعت��رية، وال��اريخ البش��اعي األول في ت� االجتم�تي حمت الس�لم األهلي، فس�وف ال��ة ، وال� للمواطنة في دولة المدين�يل.�����اب بالتفص�����ا الكت�����رض له�����ها، حيث ع�����رض لنصوص����نع

�ر ابنوبعد الرس�ول ��يدنا عم��ع س��اه، فوق���ابته على خط�� سار صح�اب ، ��هالخط��ه عن��ي الل��دةرض��مي »بالعه��ا س��ل أيلي��ع أه��دا م� ، عه

العمرية«، ومن نصوصها: »هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل أيليا من األمان؛ أعطاهم أمانا ألنفس�هم وأم�والهم، ولكنائس�هم�هم،��كن كنائس��ه ال تس��ا، أن� وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملته�ليبهم، وال من��ا وال من ص��ا وال من حيiزه��دم، وال ينتقص منه� وال تmه�د منهم... «��ارa أح� شيء من أموالهم، وال يmكرهون على دينهم، وال يmض

�ة أو4/436)تاريخ الطبري، ��ة في الوثيق� (.. ه�ذه بعض البن�ود المهم�ا -��ة أيض��ه دالل� العهدة العمرية التي شهد عليها من الصحابة - وهذا ل�ة��وف ، معاوي��رحمن ابن ع� خ�الد بن الوليد ، عمرو بن العاص ، عبد ال

بن أبي سفيان .

�يدها��نة، وتجس��رآن والس��وحي في الق��ول: إن قيم ال��ود إلى الق� نع�م���ا ه��تطاعاتهم وم��ب اس��اس بحس��ع الن� العملي، وتن�زيلها على واق

Page 18: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

18

�ان��دود الزم��ود وح��ردة عن قي��دة، مج� عليه من أقدار التدين ه�ي خال�ان��ل زم��اء في ك��تجابة والعط��اج واالس��ادرة على اإلنت��ان، ق� والمك�ر��راءة والنظ��زمن، للق��زمن ولل��وح على ال��فر مفت��ان، وهي س� ومك واالجتهاد، سفر مفتوح لكل الناس، سواء في ذلك أمة الدعوة أو أمة�ة��ترة تاريخي��ذه القيم بف���اصرة ه���ك أن مح��لفنا- ذل� اإلج�ابة -كما أس�رة��ني- محاص���ا يع��ني -فيم��اء معين يع��ة أو بفهم معين أو بعط� معين�ة��ترة زمني��اءت لف��ا ج� الخلود، والحكم بتاريخية ه�ذه القيم، وأنها إنم�ة��اد ومحاول��ير واالجته��ر والتفك��اب النظ��ا.. وإغالق ب��ى وقته� انقض�ة��ة حج��دا للذريع��ع س��زيل على الواق���ذه القيم والتن���ادة من ه� اإلف�اس��ه الن��ا يتقلب ب��زمن أعلم بم� باطلة؛ ألن الذي شرع ه�ذه القيم لل�ها���ا ومحاصرت��ا وإغالقه��ول: إن إيقافه��ل نق��اد، ب� من الصالح والفس�دول��اء الع��اد، فالعلم� بفهم وتاريخ كان الذريعة المتداد الجهل والفس�يرة. ��المة المس��ة س��منون بالحقيق��ون القيم ويض��ذين يحرس��م ال��ه�لمين��ف المس� إن الفهم المعوج أو الفقه الكليل لمبدأ سد الذرائع كل�ري��راغ الفك��زائم والف��الكثير من اله��اهم ب��ابات، وس� الكثير من اإلص�ال��ل واالنفع��ل التفاع� والفقهي، الذي امتد فيه )اآلخر(، كما أنه عط�و��ذي ه��ذرائع، ال��د ال��دأ س��ات مب��تى ب��القيم، ح� والتفاكر والتثاقف ب�ريعة��داد الش��ر امت� استثناء، ه�و القاعدة التي تعطل النصوص وتحاص

وتحقيق مقاصدها.

�د��ل مجته��ر، ولك� فالقيم الخالدة مؤهلة بطبيعتها للعطاء في كل عص�ة��ول المطلوب��ديم الحل��ر وتق��ع العص��امل م���ب التع� رؤى جديدة تناس�دنا إلى القيم��ا وع��ا نظرن� إلشكاالته واألوعية الصحيحة لحركته، وكلم�نى��ا مع��ا، وإال فم��ل لمعاناتن��ة وح��دتنا برؤي� من خالل معاناتنا كلما م

الخلود إذن؟

�عب أبي��ة في ش���حيفة المقاطع��ول، وص� لذلك نقول: إن حلف الفض طالب، والن�زول بجوار المطعم بن عدي، والسماح بالهجرة إلى أرض�ة،��لح الحديبي��ده، وص��اس عن��ك ال يظلم الن��ود مل��دل لوج� الصدق والع�ا��دس، كله��ل بيت المق��ة« أله��دة العمري��ة«، و»العه��ة المدين� و»وثيق�ارف��ل والتع� معالم رئيسة لكيفية التعامل والتعاقد والشراكة والتكام والتواف�ق م�ع )اآلخ�ر(، يس�تدعي االجته�اد والنظ�ر والتفك�ير وإيج�اد الصيغ المالئمة لتعامل المسلمين مع )اآلخر(، ذلك أن )اآلخر( موجود،�نن��اس س��وام واألجن��وان واألق��ار واألل��د واألفك��وع بالعقائ� وأن التن اجتماعية وكونية ال بد من التوافق معها على صيغ وقواسم مشتركة،

Page 19: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

19

�ه��ق مع��ه، والتواف��ل مع��ع، والتعام� وأن االعتراف بوجود )اآلخر( كواق�اره وال��ه خي��ه، فل��و علي���ا ه��راره على م� على صيغ تعاون ال يعني إق

إكراه.

�ع��اء الواس��ل على الفض��ا دلي��ا على ذكره��تي أتين��ائق ال� إن ه�ذه الوث�ا��ان، وإنم� للقيم اإلسالمية وإنسانيتها، فضاء ال يحده الزمان وال المك�رة��أتي ثم��ذي ي��ب ال��ل والتعص��ه العلي��رة والفق��ة القاص� تحدده الرؤي�ة العلم��ع قل��ردا م��ب ط��ب يتناس��دم العلم؛ ألن التعص��ل وع� للجه�راكة��دات الش��ة، ومعاه��ة العولم��الم، وحقب� والمعرفة.. إن انفتاح الع

على المستويات السياسية واالقتصادية

�ا��كل فرص��ورا، ويش� والمعلوماتية ، ه�نا وهناك، تتطلب وجودا أو حض�ا��ا وتراثن��توى قيمن��ا بمس��ا، إذا كن��ادة منه��ا واإلف� يمكن التقاطه�ا في� وإسالمنا، وعصرنا، ذلك أن انتشار اإلسالم وظهوره امتد تاريخي فترات السلم واألمن والحرية أكثر من فترات العنف والمواجهة التي�ل��ي الح��ة ه��ائق النبوي� لم تأت بخير، وأن مثل ه�ذه المعاهدات والوث�دم��ا وع��ل مجتمعاتن��ا وتآك��ا وتفككن��د، لمعاناتن��ل والوحي��ل، ب� األمث

اجتماعها على أمر جامع.

�ات��ات والوثني��عبة، العالج للقومي��ة الص��ة المواطن� هي العالج لمعادل�وم��لمين الي��ا بالد المس��تي تعج به� واألديان والطائفيات واألجناس، ال

حيث تغيب القواسم المشتركة والتوافق على األمور المشتركة.

�عها في��ائق، ووض��ذه الوث���وم الكالم عن ه��د الي� وقد يكون من المفي�ي��اعي وسياس��د اجتم��ا كعق��ر، وأهميته��اريخي المبك��ياقها الت� س�ا��ا من خالل زمنه� واقتصادي ودفاعي، وإعطائها قيمتها، والنظر إليه�ك��ة، تل��ع والمواطن� والصور التي تشكلت على أساسها األمة والمجتم�اد��ر واالجته��ير من النظ� المفاهيم والمصطلحات التي تحتاج إلى الكث

لن�زع فتيل المواجهات وتعطيل القدرات باسم الشرع والدين.

�ي��انوني والسياس��بق الق��ول: ليس المهم الكالم عن الس��ا نق� لكنن�ف��وم كي��ل المهم الي� والدستوري والعقد االجتماعي غير المسبوق، ب�ة��ا الرؤي��ر، وتمنحن��ئلة الحاض� تجيب ه�ذه الوثائق والمعاهدات عن أس�از��ة اإلنج��ديث عن عظم��ك أن الح��ر(، ذل��ع )اآلخ��ل م��ليمة للتعام� الس

�ال في���د، واإليغ���ر والرائ���ركب النقص المبك���ة م���ي لمعالج�� الماض�ز� المترافق مع عجز الحاضر ه�و نوع من توبيخ النفس، وتكريس العج عن ترجمة ه�ذه »الوثيقة« وغيرها من العقود والعهود، وإبصار كامل

Page 20: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

20

�حيح��ة وتص��ر األم��زيلها على حاض���ة تن��اد في كيفي��ا، واالجته� أبعاده صورة العهود والمواثيق والمواطنة، وصياغة مؤسسات السلم األهلي�اق� في المجتمع، وتحقيق كرامة اإلنسان، وضمان حرية اختياره، وإلح�ادات��ة باالجته��انية النبيل� الرحمة به، وعدم إفساد ه�ذه المعاني اإلنس�اب��ة الكت� السقيمة، وحجر الفهم على كهانات بعينها، لتصبح من حملذرنا منه، من mتلقى فهمه من قبلها، وبذلك نقع بما حmالمقدس، الذي ي

�ول: تسلل علل تدين األمم السابقة،�رآن[والله يق m��رن[ا الق a��د ي[س ]��ل[ق ﴿ و[ jك_رaد u������������ل م_ن م ]������������ه �ذiكر_ ف[������������ر:﴾ل_ل�����������(.17)القم

وبعد؛ فالكتاب الذي نقدمه نحسب أنه جاء في الظرف المناسب، فهو�ادة��ة ج��ة« ومحاول��ة المدين��رة ل�»وثيق��راءات المعاص� يعتبر إحدى الق�وم��ة الي��ك أن الحاج��منتها، ذل��تي تض��دالالت ال� لبلوغ بعض األبعاد وال�ة،��ة التاريخي��ة، أو اللحظ��ة التاريخي� تشتد أكثر فأكثر، في ه�ذه الحقب�احاته��ام س� من محاوالت عولمة العالم، وفتح أسواقه التجارية، واقتح الثقافية، وإسقاط الحدود والسدود الجغرافية والسياسية والسيادية،�ة���ادية، وإقام���ات االقتص���ة والتجمع���ة الثقافي���تبدالها بالعولم�� واس�اء��اوالت بن��ية، ومح��ادية والسياس��دات االقتص��ات والمعاه� التحالف�ادي��ي االقتص��افي السياس��اخ الثق� المشترك اإلنساني، في ه�ذا المن

�اعي،��تلهامه االجتم��تراث الس��ة ال��ودة لدراس��ة إلى الع��تد الحاج� تش�يرة،��ة الس� وطلب إجابته عن أسئلة الحاضر ومآالت المستقبل، وخاص�ول��ديم الحل��ئلة وتق��ة عن األس� ميراث النبوة، ألنها قادرة على اإلجاب

العملية وأدلة التعامل مع اإلشكاليات في كل زمان ومكان.

�در��تراث، وعلى األخص الق��وف على ال� كم نحن بحاجة اليوم إلى العك�ة،� المتأت�ي من معرفة الوحي، من مثل: ح�لف الفضول، صلح الحديبي�ركب��ة م��اخر ومعالج��ة«، ال للتف��دة العمري��دينة«، »العه���ة الم� »وثيق�ددا��ا م��كل لن��تلهام، لتش��تنطاق واالس��اد واالس��ا لالجته� النقص وإنم�ه في��ون ب� وحماية ودافعية، فنقدم عطاءH حضاريا إنسانيا مشتركا، نك�رنا. ��������������������المنا وعص��������������������توى إس�������������������مس�ا��بر بعمومه��ة، يمكن أن تعت��ة محكم��اله علمي��له رس��اب في أص� والكت اس�تدعاءH للموض�وع لس�احة الهم واالجته�اد والتولي�د، فه�ذه الوث�ائق�ا� الخ�الدة سفر مفتوح للنظر في كل زمان ومكان وإنسان، ال يغطيه

أو يحيط بعطائها زمان وال مكان وال باحث أو دارس.

ولله األمر من قبل ومن بعد.

Page 21: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

21

المقدمة�د، وعلى��يدنا محم��الم على س��الة والس� الحمد لله رب العالمين، والص

من سار على نهجه إلى يوم الدين... وبعد،

�اتير��دء الدس��اريخ ب��دثوا عن ت��توري إذا تح��انون الدس��اء الق� فإن فقه�ادر��ة الص��دة األمريكي��ات المتح� المكتوبة عدوا في أولها دستور الوالي

�ذي1776سنة � م والمعروف بدستور فيالدلفيا، والدستور الفرنسي ال�نة ��ة س��ترة الثوري��ر في الف��تور1791-1789ظه��و أول دس� م، وه

�تور� فرنسي مكتوب. واعتبرت السلطات الحاكمة إذا خرجت عن الدس�د��ا ق��ا، أنه��اس في وجوده��انت األس��تي ك��تورية ال��د الدس� أو القواع�ة ، وإذا� ه�دمت أساس وجودها القانوني، وبذلك تفقد الصفة القانوني�ور��ذر تص��ك يتع��رفاتها، وعلى ذل� فقدتها زالت صفة الشرعية عن تص�وده��ان وج��نا ك���تور، ومن ه��ود الدس� وجود الدولة القانونية بدون وج

أساسا في إقامة الدولة القانونية .

�ذه���ور ه��ا من ظه��ا تقريب��ر قرن� لكن إذا ما عدنا إلى ما قبل أحد عش�ره� الدساتير يتبين لنا أن ه�ناك من الحقائق ما ال يستطيع أحد أن ينك

�بي ��ي بين الن��د السياس��ةذلك أنه على إثر التعاق��ار في بيع� واألنص�دة -��ة جدي��ونت دول��ة تك��ول إلى المدين��رة الرس��ة وهج��ة الثاني�العقب

�راق- على���ان واألع���ة األدي���ومتنوع���وب -وه���تور مكت���اس دس�� أس »الصحيفة«-، لها ذاتي�ة مس�تقلة تميزه�ا عن غيره�ا، يحكمه�ا ق�انون�تركة��ات مش��دف إلى غاي� واحد، وتسير حياتها وفقا لنظام واحد، وته�ا.�����������������������������������ع طوائفه����������������������������������بين جمي

في الع�ام األول منإن »الوثيقة« ال�تي كتبت ب�إمالء من الرس�ول �ع��المية م���ة اإلس��ة للدول� ه�جرته إلى المدينة مثلت الس�ياسة الداخلي�ديث��ر الح��مى في العص��ا يس��و م��ني- وه��ودي، والوث��ر( - اليه� )اآلخ�ات��امال للعالق��ا متك��ذلك مثلت نظام��اص، وك��دولي الخ��انون ال� بالق الخارجية مع القبائل والشعوب والدول وهو ما اصطلح عليه فيما بعد

بالقانون الدولي العام .

�دةلقد كان ه�م الرسول ��د إلى وح��ه الجدي� » أن يصل بيثرب موطن�از «،� سياسية ونظامية لم تكن معروفة من قبل في سائر أنحاء الحج�ه،��ة تحت قيادت��ية منظم��د سياس� فأنشأ دولته التي أقامها على قواع وعمل على ت�دعيم روح اإلخ�اء اإلنس�اني بين س�كانها، ون�زع أس�باب

Page 22: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

22

�ا..��جرته إليه���ل ه��ة قب� الفرقة والتناحر التي كانت سائدة في المدين�دى الظلم� أحدث ذلك التغيير من خالل »الوثيقة«، التي كشفت عن م�اكنين� االجتماعي الذي كانت تعانيه يثرب قبل ذلك، حيث نقلت المتس�ة��ام األم��ة إلى نظ��يرة والطائف��ة والعش��رة والقبيل��ام األس� من نظ�دوان���د أي ع���دفاع المحكم ض���ا عملت على تنظيم ال���دة، كم�� الواح

�ة��دين »وكفال��وق خارجي، وتوفير األمن الداخلي لجميع المتعاق� الحق�امح��دأ التس� والحريات، واألخذ بمبدأ التكافل االجتماعي«، وتحقيق مب الديني المفضي إلى التعايش السلمي والتعاون بين األفراد والقضاء�دل��يادة الع��ة، وعملت على س��رية والطائفي��ة والعنص� على الطبقي�ا من��انون وغيره��ام الق� والمساواة في الحقوق والواجبات العامة أم المبادئ والقيم اإلنسانية النبيلة التي لم يعرفها العالم إال منذ قرنين

تقريبا.

في المدين�ة وف�ق أس�لوبإن الدولة اإلسالمية التي أنشأها محم�د �ة��به، وفي طليع��ي ورواس��لبيات الماض� حضاري راق، ال تتعامل مع س�ة، ألن��ارات الجاهلي��ة، والث��زعة الطائفي���ة، والن��بية القبلي��ك العص� ذل دستورها ينص على أن »يثرب حرام جوفها ألهل ه�ذه الصحيفة، وأن

بين جميع المتعاقدين النصح والنصيحة والبر دون اإلثم...«.

�و��الم، فه��اتير الع��ل دس��بة لك� لقد كان لدستورها قصب السبق بالنس يعتبر أول تجربة سياسية إسالمية في صدر اإلس�الم بقي�ادة الرس�ول

�راع��ة الص��ع من دوام��راج المجتم��ارز في إخ��ه دور ب��ان ل��د ك� ، فق�ير من��ز على كث��امح، إذ رك��ة والتس� القبلي إلى رحاب األخوة والمحب�ة��ار، ورعاي��ة الج��وم، وحماي� المبادئ اإلنسانية السامية كنصرة المظل الحقوق الخاصة والعامة، وتحريم الجريمة، والتعاون في دفع الديات،�تي��ادئ ال��ك من المب��ير ذل� وافتداء األسرى، ومساعدة المدين، إلى غ

�راقهم��هم وأع��داتهم تشعر أبناء الوطن الواحد بمختلف أجناس� ومعتق أنهم أسرة واحدة مكلفة بالدفاع عن الوطن أمام أي اعتداء يفاجئهم�انية��ة اإلنس��اس القيم��امت بينهم على أس��اواة ق� من الخارج. فالمس�انية وفي��ة اإلنس� المشتركة؛ الناس جميعا متساوون في أصل الكرام�ا��ل غيره��ة تفض��ناك جماع���ه ليس ه��ئولية، وأن��ف والمس� أصل التكلي

بحسب عنصرها اإلنساني وخلقها األول.

�ا��وع وم��وانب الموض��ع ج��د أحطت بجمي��ذا ق�� وال أزعم أني بعملي ه�ة��د اإلحاط��لت إلى ح��ا ال أدعي أني وص��ات، كم��ه من جزئي��ق ب� يتعل

Page 23: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

23

�ار ودالالت��ة« من أفك��منته »الوثيق��ا تض� والشمولية في توضيح كل مولكني حاولت ذلك قدر استطاعتي.

�ية��ة السياس� وحسبي أني حاولت لفت األنظار إلى أهمية ه�ذه الوثيق�د��المي وق��ي اإلس��ر التأسيس��ود إلى العص� اإلسالمية المهمة التي تع

صيغت بلغة قانونية ولها صبغة دستورية.

�ان��إن ك��ية، ف� ولم آل جهدا في سبيل إخراج ه�ذا البحث بصورة مرض�رى،��انت األخ� التوفيق قد حالفني فذلك من فضل الله وكرمه، وإن ك

فما إلى ذلك قصدت.

والحمد لله رب العالمين.

مدخلأوال: تسمية الكتاب

�ا��ع عنوان� أطلق ابن إسحاق على ه�ذا النص اسم »الكتاب« حينما وض

�ار وادعله بقول�ه: »وكتب رسول الله ��اجرين واألنص� كتابا بين المه�مية وردت��ذه التس��رهم على دينهم« ، وه��دهم وأق��ود وعاه��ه يه� في

�بي 1مرتين، األولى في البند رقم )��د الن��اب من محم� «،(: »هذا كت(: »وأنه ال يحول ه�ذا الكتاب...«.47والثانية في البند رقم )

�ود:��رات )البن��اني م��حيفة« ورد في المتن ثم� بينما نجد أن اسم »الص�د:39 و37، 22��رتين )البن��رر م��د:42(، وتك��رات )البن� (،46( وثالث م

ورغم ه�ذا التكرار السم »الصحيفة« في المتن إال أن ابن إسحاق قد�رب إلى� يكون فضل اسم »الكتاب« ألن مدلول »الصحيفة« يجعلها أق

يظه�ر في�ه األم�ور ال�تي يري�د االل�تزامكونها إعالنا من جانب الرسول �دل على� بتنفيذها من جميع األطراف داخل المدينة، أما الكتاب فقد ي

األمر الواجب التنفيذ .

Page 24: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

24

�حاق��د ابن إس��اءوا بع��ذين ج��ؤرخين ال��د]ثين والم��رواة من المح� أما ال�ه��ار إلي��ه أو أش��ا من��اول نتف� ونقل بعضهم »النص« وبعضهم اآلخر تن

�ا��ارة فإنن��م إش��وا على »النص« اس��د أطلق��اتهم ق��دهم في مؤلف� نج»الصحيفة« و»الكتاب« .

�وا� أما الباحثون المعاصرون من المسلمين والمستشرقين، فقد أطلق�ه��ق علي��هم أطل��تور« وبعض��ة والدس��م »الوثيق� عليه في كتاباتهم اس�م��يز بين اس��دون تمي� اسم »الوثيقة والصحيفة والدستور والكتاب« ب�ذه���رق بين ه��ه ال ف��ديري، إلى أن��ب تق��ارا منهم، حس��ر، اعتب� وآخ

المسميات، فجميعها يؤدي إلى نوع من العقد االجتماعي.

�ه ���ة )كتاب���ا: نص الوثيق���اجرينثاني�� بين المهواألنصار واليهود(

�ه ��ول الل��حاق: وكتب رس��ال ابن إس��اجرينق��ا بين المه� كتاب�والهم،��رهم على دينهم وأم� واألنصار وادع فيه يهود وعاهدهم وأق

واشترط عليهم وشرط لهم.

بسم الله الرحمن الرحيم

�نين-1��ه( ) بين المؤم��ول الل��بي )رس��د الن��اب من محم��ذا كت�� ه�ق بهم��ثرب ومن تبعهم فلح��ل( ي� والمسلمين من قريش و)أه

وجاهد معهم.

- أنهم أمة واحدة من دون الناس.2

�دون3� - المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم، وهم يفعانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

�ة4��ل طائف��اقلهم األولى، وك��اقلون مع� - وبنو عوف على ربعتهم يتعتفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

�ة5��ل طائف� - وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم األولى، وكمنهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

Page 25: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

25

- وبنو الحارث )بن الخزرج( على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم األولى،6وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

�ة7��ل طائف��اقلهم األولى، وك��اقلون مع� - وبنو جشم على ربعتهم يتعتفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

�ة8��ل طائف��اقلهم األولى، وك� - وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معتفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

�ل9� - وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم األولى، وكطائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

- وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم األولى، وكل طائفة10تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

- وبنو األوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم األولى، وكل طائفة11تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

�المعروف في12� - وأن المؤمنين ال يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بفداء أو عقل.

�ل( من بغى منهم، أو13��لى )ك���ديهم( ع� - وأن المؤمنين المتقين )أي�نين، وأن��ادا بين المؤم��دوانا أو فس��ا، أو ع� ابتغى دسيعة ظلم، أو إثم

أيديهم عليه، جميعا ولو كان ولد أحدهم.

- وال يقتل مؤمن مؤمنا في كافر، وال ينصر كافر على مؤمن.14

�هم15��نين بعض� - وأن ذمة الله واحدة، يجير عليهم أدناهم، وأن المؤمموالي بعض دون الناس.

- وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر واألسوة غير مظلومين وال16متناصر عليهم.

- وأن سلم المؤمنين واحدة، ال يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال17في سبيل الله، إال على سواء وعدل بينهم.

- وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا.18

�بيل19� - وأن المؤمنين يبيئ بعضهم عن بعض بما نال دماءهم في سالله.

- وأن المؤمنين المتقين على أحسن ه�دي وأقومه.20

Page 26: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

26

ب- وأنه ال يجير مشرك ماال لقريش وال نفسا، وال يحول دونه على20مؤمن.

- وأنه من اعتبط مؤمنا قتال عن بين�ة فإن�ه ق�ود ب�ه، إال أن يرض�ى21�ل لهم إال��ة وال يح��ه كاف��نين علي��ل( وأن المؤم��ول )بالعق� ولي المقت

قيام عليه.

�ه22��حيفة، وآمن بالل��ذه الص���ا في ه��ر بم��ؤمن أق��ل لم��ه ال يح� - وأن�إن��ره، أو آواه ف��ه، وأن من نص�� واليوم اآلخر أن ينصر مح�دثا أو يئوي

عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، وال يؤخذ منه صرف وال عدل.

�ز23��ه ع��رده إلى الل��إن م��يء، ف���ه من ش��تلفتم في�� - وأنكم مهما اخ

.وجل وإلى محمد

- وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين.24

- وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمس�لمين25�ه��غ إال نفس��ه ال يوت��هم إال من ظلم وإثم، فإن� دينهم، مواليهم وأنفس

وأهل بيته.

- وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف .26

- وأن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف .27

- وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف .28

- وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف. 29

- وأن ليهود بني األوس مثل ما ليهود بني عوف.30

�وف، إال من ظلم وإثم،31� - وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عفإنه ال يوتغ إال نفسه وأهل بيته.

- وأن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم.32

�بر دون33��وف، وأن ال��ني ع��ود ب��ا ليه��ل م��يبة مث���ني الشط� - وأن لباإلثم.

- وأن موالي ثعلبة كأنفسهم.34

- وأن بطانة يهود كأنفسهم.35

.- وأنه ال يخرج منهم أحد إال بإذن محمد 36

Page 27: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

27

ب- وأنه ال ينحجز على ثأر جرح، وأنه من فتك فبنفسه وأه�ل بيت�ه36إال من ظلم وأن الله على أبر ه�ذا.

�لمين نفقتهم، وأن بينهم37��ود نفقتهم، وعلى المس� - وأن على اليه�ح���حيفة، وأن بينهم النص���ذه الص����ل ه���ارب أه���ر على من ح�� النص

والنصيحة والبر دون اإلثم.

ب- وأنه ال يأثم امرؤ بحليفه وأن النصر للمظلوم.37

- وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين.38

- وأن يثرب حرام جوفها ألهل ه�ذه الصحيفة.39

- وأن الجار كالنفس غير مضار وال آثم.40

- وأنه ال تجار حرمة إال بإذن أهلها.41

�اف42���تجار يخ� - وأنه ما كان بين أهل ه�ذه الصحيفة من حدث أو اش

�ه ��ول الل� ، وأنفساده فإن مرده إلى الله عز وج�ل وإلى محمد رسالله على أتقى ما في ه�ذه الصحيفة وأبره.

- وأنه ال تجار قريش وال من نصرها.43

- وأن بينهم النصر على من دهم يثرب.44

�الحونه45��إنهم يص��ونه ف��الحونه ويلبس� - وأنهم إذا دعوا إلى صلح يص�نين إال��إن لهم على المؤم��ك، ف� ويلبسونه، وأنهم إذ دعوا إلى مثل ذل

من حارب في الدين.

ب- على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.45

�ذه46��ل ه��ا أله��ل م��واليهم وأنفس�هم على مث� - وأن يه�ود األوس م الصحيفة مع البر المحض من أهل ه�ذه الصحيفة، وأن البر دون اإلثم�ذه���ا في ه��دق م��ه على أص��ه، وأن الل��ب إال على نفس� ال يكسب كاس

الصحيفة وأبره.

�رج آمن47��ه من خ��الم أو آثم، وأن� - وأنه ال يحول ه�ذا الكتاب دون ظ�ر��ار لمن ب��ه ج��ة، إال من ظلم وأثم، وأن الل��د آمن بالمدين� ومن قع

.واتقى، ومحمد رسول الله

Page 28: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

28

ثالثا: طرق ورود نص »الصحيفة«�ول ��يرة الرس��دثين والمهتمين بس��د المح��اتعددت الروايات عن� فيم

�د أوردته�ا المص�ادر��ة« وط�رق وروده�ا، فق��ق بموض�وع »الوثيق� يتعل�ة ،��ة ابن أبي خيثم��حاق ، ورواي��ة ابن إس� بروايات متعددة، منها: رواي�ة��ه، ورواي� ورواية أبي عبيد القاسم بن سالم، ورواية حميد بن زنجوي

ابن أبي حاتم .

�ل� وهناك طرق أخرى وردت منها »الوثيقة« ولكن ليست بنصها الكام�ة��ا: رواي� وإنما اقتصرت على ذكر جزء من النص، أو اإلشارة إليه، منه

اإلمام أحمد ، ورواية اإلمام البيهقي .

رابعا: تاريخية الوثيقة ووحدتها �ول ��دوم الرس� إلىصرحت المصادر بأن »الوثيقة« تمت أول ق

�دم��ا ق��دي: »لم��ال الواق��ائهم، ق� المدينة وألحقت كل قوم بحلف

�ارسول الله ��ا كتاب� المدينة وادعته يهود كلها، وكتب بينه وبينه�ا،��ه وبينهم أمان� وألحق رسول الله كل قوم بحلفائهم، وجعل بين وشرط عليهم شروطا، فكان فيما شرط أال يظاهروا عليه عدوا،�ود��ة بغت يه��دم المدين��در وق��حاب ب��ه أص��ول الل� فلما أصاب رس�دي��رح الواق��د« .. ص� وقطعت ما بينها وبين رسول الله من العه�ك��ح ذل��در ، يتض��ل ب� بأن »الصحيفة« كانت بين سكان المدينة قب

�ول �جليا من خالل األحالف التي كانت بينهم قبل مجيء الرس�وم��ل ق��ه ك��ول الل��ق رس��أقرهم على أحالفهم »وألح� إليهم ف

بحلفائهم« وهذا ما يجعلنا نجزم بأنها تمت بين الجميع.�ا� وقال أبو عبيد القاسم بن سالم : »وإنما كان ه�ذا الكتاب -فيم

�المنرى- حدثان مقدم رسول الله � المدينة، قبل أن يظهر اإلس ويقوى، وقبل أن يؤمر بأخذ الجزية من أهل الكتاب، وكانوا ثالث ف�رق: بن�و قينق�اع ، والنض�ير، وقريظ�ة « . ف�أبو عبي�د ي�رى أن�ة، ولم� »الوثيقة« كتبت حال قدوم النبي عليه السالم إلى المدين يخص بالذكر موادعة النبي لليهود أو»الوثيقة« التي تحدد العالقة�ريحة� بين المهاجرين واألنصار »وإنما كان ه�ذا الكتاب« عبارة ص وواضحة ال تحتمل التفسير أو التأويل بأن »الكتاب« تناول طرفا�اتهم��اكنين لتنظيم حي��ع المتس��ا تم بين جمي��ر، وإنم� دون اآلخ

Page 29: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

29

�ا��دا م��ريح توكي� وسبل عيشهم جنبا إلى جنب. وقد زاد ه�ذا التص�ة��ه المدين��ان قدوم��ني إب��ائال: »يع��ق ق��راس من تعلي� أورده اله�ل��ط أه��د رب� ويعتبر دليال على عظمته السياسية وبعد نظره، فق المدينة كلهم بهذا الحلف حتى يجعل منهم حصنا منيعا يقيها شر

الغزو ويضمن به والء اليهود ويأمن به غدرهم« .�ذا��ه: »ه��دءا قول��امال مبت��اب ك� أما ابن زنجويه فقد أورد نص الكت

�ه ��ول الل��اب رس��هكت��ثرب وموادعت��ل ي��نين و أه� بين المؤم يهودها، مقدمه المدينة« فقد جزم بأن »الكتاب« وضعه الرسول

بين المه�اجرين واألنص�ار وموادع�ة اليه�ود قب�ل ب�در ح�ال قدوم�ه�د إالعليه السالم� إلى المدينة، وهو ما ذهب إليه من قبله أبو عبي

�يل��ة« بالتفص� أن ابن زنجويه ذكر األطراف التي شملتها »الوثيق�اح��د واإليض� )المؤمنون من أهل يثرب ويهودها( زيادة في التوكي

وتجنبا للوقوع في الغموض وااللتباس.

�ة، ه�( »إن رسول الله 276يقول البالذري )ت � لما قدم المدين

�اب ��ا أص��ا، فلم��ه وبينهم كتاب��ا، وكتب بين��ا كله�وادعته يهوده�ورا، بغت وقطعت��ا موف��الما غانم��ة س��دم المدين� أصحاب بدر وق

�ول ���ة الرس���د البالذري أن موادع��ذا أك��د« . وهك��ودالعه� لليه�ح��تي توض��ة« ال��ذكر »الوثيق��ه لم ي��در، ولكن��زوة ب��ل غ� كانت قب�اتهم��وقهم وواجب� التزامات المسلمين من مهاجرين وأنصار وحق سواء قبل ب�در أو بع�دها، وال نظن أن�ه ق�د أهم�ل ذكره�ا، وإنم�ا�و��ة«، وه��ود من »الوثيق� يغلب الظن أنه خص بالذكر موادعة اليه�ا��ة لم��انت نتيج��تي ك��اع وال���ني قينق��زوة ب��بب غ��دث عن س� يتح�ار���ا س��ذا م� أظهره ه�ؤالء من الحسد والبغي والنقض للعهد، وه

�ول310عليه أبو جعفر الط�بري )ت ��ول: »ثم أق�ام رس� ه�( إذ يق�ة��دم المدين� الله بالمدينة منصرفه من بدر، وكان قد وادع حين ق يهودها، على أال يعينوا عليه أحدا، وأنه إن دهمه بها عدو نصروه،�روا��ريش أظه� فلما قتل رسول الله من قتل ببدر من مشركي ق�ا��و لقين��ال، ول��ن القت���د من يحس� له الحسد وقالوا: لم يلق محم

القى عندنا قتاال ال يشبهه قتال أحد، وأظهروا نقض العهد« .�ة��ر موادع��بة ذك��ع البالذري في مناس��ق م� نالحظ أن الطبري يتف�در��ور غ��ا وظه��در غانم��ة ب��بي من موقع��ودة الن��ود وهي ع� اليه�ر من��يص ذك���توجب تخص���ا يس��و م��د، وه��هم العه��ود بنقض� اليه�ار���ك من أخط��رتب عن ذل��ا ت� أحدث وغير ما تم االتفاق عليه وم�ة«��ا وردت »الوثيق��ه. كم��ديني ووحدت��ع الم��ددت أمن المجتم�� ه

Page 30: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

30

�اريخ���اريخ وت���ل في الت���ابقة في »الكام���ات الس�� بنفس الروايالخميس في أحوال أنفس نفيس« .

�ة« من��ة »الوثيق��ة اهتمت بدراس��ع الحديث��د المراج��ذلك نج� وك�لمين���ؤرخين المس���د اختلفت آراء الم���ة، فق���ا التاريخي�� ناحيته والمستشرقين حول تاريخية »الوثيقة« ووحدتها، فمنهم القائل

�ةبأنها وضعت غداة وصول الرسول ��انت بمثاب� إلى المدينة، فك�ل� أول دستور وضع في اإلسالم، يعيش في ظله المسلمون وأه

�توراالكتاب على السواء . ومنهم القائل: بأن النبي ��ع دس� وض�ا وبين��ات بينه��دد العالق��ة ويح��ة في المدين��اة العام� ينظم الحي

�در .. جيرانها قبل انصرام� العام األول للهجرة ، أي قبل موقعه ب ويؤكد أحمد إبراهيم الشريف أن »الوثيقة« كتبت قبل بدر قائال:�اس� »وال نكاد نعرف من قبل دولة قامت منذ أول أمرها على أس�دول��وم ال��ا تق��المية، فإنم��ة اإلس� دستور مكتوب غير ه�ذه الدول أوال ثم يتطور أمرها إلى وضع دستور، ولكن النبي ما كاد يستقر�تى��ا ينتهي ح��جرته إليه���ام األول من ه��اد الع� في المدينة وما ك�اجرين،��ا األول المه��ل طرفه��تي جع��حيفة« ال��ذه »الص�� كتب ه والطرف الثاني األنصار، وهم األوس والخزرج ، والطرف الثالث

اليهود من أهل يثرب« .�اب��ذا الكت���ول: إن ه��ة، يق��ؤرخين، وهم قل��د بعض الم��ا نج� بينم�اره في��ر انتص��الم على إث��ان اإلس� »أصدره الرسول بعد ثبات كي موقعة بدر الكبرى، ذلك االنتص�ار ال�ذي ك�ان مبعث ق�وة معنوي�ة كبيرة للمسلمين، وهو أول دستور شامل ينظم شئون األمة في

المدينة« .�ة« في��أن »الوثيق� أما الفريق الثالث فهو صاحب الرأي القائل ب�در��ل ب��ود كتبت قب��ة اليه��ق بموادع� األصل وثيقتان إحداهما تتعل

�بي ��دوم الن��اتأول ق��ح التزام��ة توض��ة، والثاني� إلى المدين المس�لمين من مه�اجرين وأنص�ار وحق�وقهم وواجب�اتهم وكتبت

بعد موقعة بدر الكبرى لكن المؤرخين جمعوا بين الوثيقتين .�لة��تمل على سلس��ة« تش� وهناك رأي رابع يذهب إلى أن »الوثيق�ان��يز وجمعت في مك��مت دون تمي��لة ض��دات المنفص� من المعاه واحد، فتبدو متداخلة في بعض المواضع ومكمال بعضها بعضا في�ا تنص على��رات بأكمله��رار فق��ك تك��رى، فمن ذل��ع أخ� مواض

�رتين: )��ال في الفق��و الح���ا ه� و23التزامات وشروط واحدة كم�دين إلى42��ان على رد أي خالف ينجم بين المتعاه��تين تنص� ( الل

Page 31: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

31

�رتين: )��وله، والفق��ه ورس��ان على أن38 و24الل��تين تنص� ( الل�رتين: )� 37اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين، والفق

�ا على44و��هم بعض��راف لبعض� ( اللتين تنصان على مناصرة األط�رتين: )��ا46 و30من دهم يثرب، والفق��دثان على م��تين تتح� ( الل

�رتين: )��وق، والفق��ني األوس من حق��تين45 و37ليهود ب� ب( الل�زم��تي تل��ات ال��دثان عن النفق��روط حين تتح��ذكران نفس الش� ت

�رتين: )��ثرب، والفق��ة في ي��ة األم� (43ب و20جانبي اليهود وبقياللتين تحرمان إجارة قريش ومالها .

�حيفة«��ع »الص��اريخ وض��ول ت� أما آراء المؤرخين المستشرقين ح ووحدتها فقد ذهب بعضهم أمثال ) فلهاوزن ( و )ولفنسون ( و)

�د��در، فق��ل ب��عت قب��ا وض��اوزن«، كايتاني ( إلى أنه��رح »فله� ص�ل� قائال: »وقد حفظت لنا األيام في العصر األول بعد الهجرة، قب

�د ) ��ا« لمحم��در »كتاب��ة ب��ه الس�المموقع��اطعلي� ( بين بعض النق�ان��ية وك��ة والسياس� الكبرى في القانون الذي ينظم الحياة العام

معموال به في المدينة أول األمر« .�أن��ه: »ب��در معلال قول��ة ب� بينما يضعها » ه�دبيرجريم « بعد موقع

�دين )���د في البن����وبة لمحم����ائف المنس�� ( وهي36 و 23الوظ

�ير إلى القت�ال ال�ذي45 و19و17والبنود )الطاعة له � ( ال�تي تش�ريش��ع ق��در م��ة ب��ة -أي أن موقع� كان قد وقع مع القوة المعادي�ر ال يمكن أن يطلب من���و أم����ة- ه���ع الوثيق���ل وض�� وقعت قب

المؤمنين المدينيين إال بعد بدر« .�ومرى واط« إلى��رقين ك� »مونتج� ويذهب بعض آخر من المستش

�ام ��ر إلى ع� م627القول: بأن »الوثيقة« تعود في شكلها الحاض�ة��ل اليهودي��فية القبائ��اد أو تص��ه إبع��ذي انتهى في��ام ال� وهو الع�ر���رد ذك���ة( وال ي���ير وقريظ���اع ، النض���ية الثالث )قينق�� الرئيس�ات��ود مجموع��ار إلى وج� القبيلتين األخيرتين في الوثيقة،بل يش

م .627صغيرة من اليهود في المدينة بعد عام �ادر��إن المص��ة«، ف��ة »الوثيق��ول تاريخي��انت اآلراء ح��ا ك��ا م� وأي�ة أو��حيفة« كامل��تي أوردت »الص��ا وال� اإلسالمية التي رجعنا إليه�ار��اجرين واألنص��ا تخص المه��ة على أنه��به مجمع��ا، ش��ا منه� نتف

�ةوموادعة يهود المدينة بعد ه�جرته ��ل موقع� إلى المدينة، وقببدر الكبرى .

�رة��د الهج��د كتبت بع��ة« ق��و أن »الوثيق���ه ه��ذي أراه وأطمئن إلي� وال�ة��ة واليهودي��ل العربي��ملت القبائ��ا ش��برى، وأنه� وقبل موقعة بدر الك

Page 32: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

32

كلها، التي ورد ذكرها على ه�يئة بطون بما يتوافق مع تركيبة القبيلة العربية وأحالفها؛ ألن القبيلة اسم عام ينضوي تحته عدة طوائف لكل طائفة الحق في عقد األحالف مع البطون األخرى بمعزل عن القبيلة

األم.

�وص��ع نص��ة« م��ود »الوثيق��ق بن� خامسا: مدى توافالكتاب والسنة

�دإذا كان رسول الله ��أن عق��اء ب��ع األنبي� قد انفرد من بين جمي�ا��بي ولم تتجاوزه��ا ن� أكبر وأعظم وثيقة سياسية لم يسبقه إليه�ا أن��يوم، فلن�� في روحها وداللتها أي وثيق�ة تاريخ�ية معروفة ال�ع��ا م��ق بنوده� نتس�اءل -إذا كان األمر كما أسلفنا- عن مدى تواف

نصوص الوحي؟�تي��ارية ال��ة« الحض� ولإلجابة عن ذلك نشير إلى أن ه�ذه »الوثيق

�ول ��ورة،وضعها الرس��ة المن��الم بالمدين��ر اإلس��زوغ فج��ذ ب� من�ا بين��ه في م��ق علي� واستكتبها أصحابه، ثم جعلها األساس المتف�ق��ة، تتف� المسلمين وجيرانهم اليهود والوثنيين من سكان المدين�ة( في��ية )المقدس��المية التأسيس��وص اإلس��ع النص��ا م� بنوده�دة من� المبادئ العامة من حيث وجوب اعتبار المسلمين أمة واح�يث���اون بينهم، ومن ح��تراحم والتع��اس، ومن حيث ال� دون الن�واالة، ثم� االحتفاظ برابطة الوالء وما يترتب عليها من حقوق الم�د� من حيث مراعاة حقوق القرابة والصحبة والجوار، وكذلك تحدي�ا، وفي��ة وحميته��ارات الجاهلي� المسئولية الشخصية والبعد عن ث�رف� وجوب الخضوع للقانون ورد األمر إلى الدولة بأجهزتها للتص�ة��ة الدول��ذلك معاون� في األمور، في شئون الحرب والسلم... وك�دث��رة المح� في إقرار النظام، واألخذ على يد الظالم، وعدم نص�ق��ة«، تتواف� أو إيوائه ، وغيرها من القضايا التي شملتها »الوثيق

مع نصوص الوحي من حيث المعنى.

Page 33: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

33

الفصل األول: البعدالسياسي

المبحث األول: مرجعية الحكم�ة��تي العقب��د بيع� كان ميالد الدولة اإلسالمية حينما وجد لها موطن، بع

�ول ��ة بين الرس��ا مناألولى والثاني��ا تالهم��ة، وم��ود المدين� ووف�اة��ول في حي��ة التح� الهجرة.. »والواقع أن ه�اتين البيعتين كانتا نقط اإلسالم، ولم تكن الهجرة إال إحدى النتائج التي ترتبت عنها« . فعندما�د األرض أو��دين، وتوج��ة والجنس وال��دة اللغ� توجد أمة تؤلف بينها وح�ذه�� الوطن الذي تقطنه ه�ذه األمة، وتوجد سلطة عليا تنظم شئون ه�تقرار��د اس��لمة بع��ة المس��وفر لألم��ه ت� األمة، توجد )الدولة(، وهذا كل

�ا،الرسول ��ا دائم��ا لهم ومقام� وأصحابه في المدينة، واتخاذها وطن�ا��ا إمامه��ة، وله��انوني للدول� وإنشائه لدولة ينطبق عليها التعريف الق

�ه ��ل في شخص��كانها ، ويتمث��ع س��ه جمي��ع ل��ذي يخض��ها ال�ورئيس

Page 34: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

34

�ام��ا لقي� باعتباره حاكما وقائدا لتلك الدولة، يفصل في الخالفات، منع�ة في��تور( المدين��ه )دس��ا نص علي��ا لم��داخل، وفق��طرابات في ال� اض

�ع أي23(، حيث ينص البند رقم )42 و23البندين رقم )� ( على أن مرج

�د خالف قد� :يحصل بين المؤمنين إنما يكون إلى الله ورسوله محم�د��ه وإلى محم��رده إلى الل� »وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن م

�ان، وال��ان وال مك��ده زم��د وال يح� «.. ولما كان الله تعالى غير مجس�إن اإلرادة��دور، ف���تي في الص��وب ال��ه القل� تدركه األبصار ولكن تدرك�د��انت بي��لطة«، ك��ميه »الس� والح�كم الفعلي في المجتم�ع، أي ما نس

�ل منالرسول ��ير قلي��دد غ��لمين في ع��الى المس��ه تع��ر الل� وقد أم�وله ���������������ه ورس���������������ة الل���������������ات بطاع��������������اآلي

ول[ ومن ذلك قوله تعالى: mس aالر أ[ط_يعmوا اللaه[ و[ ﴾ و[ �ام،﴿� في تنفيذ األحك ولهذا نجد أن »الوثيقة« قد جعلت األمر لله ولرسوله في مسألة فض

�الى: ��ه تع�ان[أي نزاع أو اشتجار قد يقع بين المؤمنين، وقول ]��ا ك ]��_نaم ﴿ إوا m��ول mم أ[ن ي[ق mم[ ب[ين[هmول_ه_ ل_ي[حك m��س ه_ و[ر[ a��_ل[ى الل وا إ m��_ذ[ا دmع ن_ين[ إ ؤم_ m��ول[ الم ]�� ق

أ[ط[عن[ا عن[ا و[ م_ (.51)النور:﴾س[

�د رقم )��دعم البن��ا ت��رى مجراه��ا ج��ة«23هذه اآليات وم� ( من »الوثيق�و المرج�ع الوحي�د في ك�ل خالفعليه السالمالذي يقرر أن النبي � ه

�ه� يقع بين المسلمين في المدينة وذلك حينما أوجبت عليهم طاعة اللورسوله صيانة لوحدتهم من التفرق واالنقسام.

�ما:���تين ه��ين مهم���كم على قضيت���ال الح���ة« في مج� ركزت »الوثيق�هما،��هما أولوي�ة مطلق�ة يجب تحقق� العدل وتنظيم القضاء، واعتبرت

�ول ����ع إلى إدراك الرس����ذا راج����ك أن ه���ذينوال ش����ية ه��� ألهم�باب األساسين لكل��وى أس��ان من أق��هما ك���ليم، وأن غياب��ع س� مجتم

�يالقلق واالضطراب قبل اإلسالم، لذا كان رسول الله �� ه�و القاضاألول في الدولة اإلس�المية، فح�كم بما أنزل الله، قال تعالى:

- ... وا ب_الع[دل_ mمmاس_ أ[ن ت[حكaم ب[ين[ النmك[مت _ذ[ا ح[ إ ﴾ ...و[ (،58)النساء:﴿

-mب ر[ `���و[ أ[ق�د_لmوا هـ `��د_لmوا اع `��ومj ع[ل[ى أ[الa ت[ع ]��ن[آنm ق ]��نaكmم ش ر_م[ `�� ﴿ ...و[ال[ ي[ج(، 8)المائدة:﴾ل_لتaقو[ى...

- ... ان_ اإل_حس[ رm ب_الع[دل_ و[ mه[ ي[أمaالل aإ_ن ﴾ (، 90)النحل:﴿

رب[ى... - mل[و ك[ان[ ذ[ا ق اعد_لmوا و[ لتmم ف[ mذ[ا ق_ إ ﴾ و[ (.152)األنعام:﴿

Page 35: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

35

�ة��ة في المدين� لقد كان من الضروريات الملحة للدولة اإلسالمية الفتي�آزق والفتن��ك الم� أن تولي اهتماما بالغا لمسألة القضاء على مثل تل�ة،��ه الجاهلي��ع، في مرحلت��اء المجتم��ؤرق أبن��انت ت��تي ك��يرة، ال� الخط ضمانا لتوفير األمن واالطمئنان لهم، وال يمكن أن يتحقق لها ذلك إال�اء��ا أبن��ام إليه��ة يطمئن في االحتك��ة عادل��لطة مركزي� من خالل س�ا���ل حينم��ق بالفع� المجتمع بمختلف أجناسهم وألوانهم، وهذا ما تحق�األمن��ة ب��ور المتعلق� جعل القرآن الكري�م الس�لطة القضائية في األم

دuوهm، فقال تعالى: وغيره بيد الرسول mر ]��يءj ف عتmم ف_ي ش[ إ_ن ت[ن[از[ ﴿ ف[

ر� `��ي ك[ خ[ _��ر_ ذ[ل _��وم_ اآلخ ]��الي ه_ و[ a��ون[ ب_الل m��ن ول_ إ_ن كmنتmم تmؤم_ m��س aالر ه_ و[ a��_ل[ى الل إ Hت[أو_يال mن أ[حس[ �ول: إن(،59)النساء:﴾و[��ا الق��بق يمكنن��ا س� وفي ضوء م

�ول ���ة،الرس���ريعية والتنفيذي���لطات الثالث »التش���ع بين الس�� جم�ا من��ه م��رف أن��ان يع��ه، وك��وحي من الل��كم ب� والقض�ائية«، وكان يح جماعة أو أمة إال ودب الخصام والن�زاع فيه�ا، وف�رق بين ن�زاع ي�ؤدي�أ���زاع ينش� إلى خصام ال يلبث أن يزول ليتجدد جو الصفاء والمحبة، ون�اء عن��ه اآلب��ات ورث���تى إذا م��به ح���بر صاح��ا ك��بر كلم��غيرا ثم يك� ص

�ان ��وب وفضاألجداد، واألبناء عن األباء.. وك��ادر إلى ائتالف القل� يب�و��ه أو يعف��ق عن حق��احب الح� الن�زاع؛ ألن كلمة منه تكفي ليتنازل ص

عن خطأ غيره .

�ة،��المية في المدين��ة اإلس��نين في الدول��ود، كمواط��ترف اليه� وقد اع�ة«، بمن��كان المدين��ائر س��ا س��ع إليه� »بوجود سلطة قضائية عليا يرج�اء��الرجوع إلى القض��وا ب��هم »لم يلزم���هم، إال أن��ود أنفس� فيهم اليه�تجار بينهم وبين� اإلسالمي دائما بل فقط عندما يكون الحدث أو االش�ية فهم��والهم الشخص��ة وأح��اياهم الخاص��ا في قض��لمين، أم� المس

يحتكمون إلى التوراة ويقضى بينهم أحبارهم« .

�اء���اكمهم إلى القض���ون في تح���ود يلجئ�� - اليهاإلسالمي

إذا كانت »الوثيقة« قد أنصفت )اآلخر( -اليه�ودي- بع�دم الت�دخل�الحكم��ق ب��ا يتعل��ية فيم��ه الشخص��ة، وأحوال��ئونه الداخلي� في ش

Page 36: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

36

والقضاء، فإنها في المقابل تركت له حرية االختيار في االحتكام

.إلى أهل ملته أو إلى النبي

�ول ��ود إلى الرس��اكم اليه��ير تح��انواونتيجة لهذا التخي��ا ك� فيم�ان لهم��ير ك��ني النض��ك أن قتلى ب��ة، وذل��ه في الدي� يتظالمون ب�ع��ري£ا دف��رظي نض��ل ق��إذا قت� الشرف على قتلى بني قريظة ، ف الدية كاملة، وإذا قتل نضري قرظي£ا دفع نصف الدي�ة ، وق�د خ�ير

�الالله نبيه ��ارهم، ق��ول الحكم فيهم أو ردهم إلى أحب� بين قبإ_ن تmعر_ضتعالى: م و[ mعر_ض ع[نه] [و أ م أ mم ب[ين[هmاحك اءmوك[ ف[ إ_ن ج[ ﴿ ...ف[

aط_ إ_ن `�س م ب_الق_ mم ب[ين[هmاحك ]�ك[مت[ ف إ_ن ح[ يئHا و[ ]�وك[ ش uر m�ل[ن ي[ض م ف[ mع[نه ط_ين[ _�بu المmقس �دة:﴾اللaه[ يmح_��ه42)المائ��ول الل� (، فحكم بينهم رس

بحملهم على الحق في ذلك، فجعل الدية سواء.

�ول ���ك أن حكم الرس���رافوال ش���اس األع���وم على أس�� يق�ه� المنسجمة مع العدالة ومبادئ اإلسالم، طبقا لما نص عليه قول

ل[ اللaهm... تعالى: ا أ[نز[ م ب_م[ mم ب[ين[هmن_ احكأ[ ﴾ ...و[ �دة:﴿� (،49-48)المائ

�رتب على� بغ�ض النظر ع�ن الجن�س أو اللغ�ة أو المع�تقد، وق�د ت

�ول ��تذلك أن اليهود لم يتحاكموا إلى الرس���ا نص��اء على م� بن�د رقم )��ة« في البن��ام42عليه »الوثيق��األمن الع��ق ب��ا يتعل� ( فيم

فحسب وإن�ما كانوا يتحاكم�ون إليه في بعض أمورهم الشخص�ية�هم�� التي لم تشم�لها »الوثيقة« فيأخ�ذون من الحك�م ما يروق ل�بيل��هواتهم. فعلى س��وائهم وش��ع أه��ب م��ا ال يتناس� ويتركون م

�بي ��ود إلى الن��ع اليه��زانيالمثال ال الحصر، رج��ة ال� في عقوبر[ المحصن: �م[mه_ بن_ عaن ع[بد_ الل��ا﴿ فع[�ود[رضي الله عنهم m�� ، أ[نa الي[ه

ول_ اللaه_ mس _ل[ى ر[ اءmوا إ ا،ج[ ]��ن[ي [ةH ز[ أ ر[ `��ام م و[ mنه ال م_ mج هm أ[نa ر[ ]��وا ل mذ[ك[ر ف[

ه_ a���ولm الل�� mس م ر[ mال[ ل[ه ]��ق أن_ف[ ]��اة_ ف_ي ش ور[ a��دmون[ ف_ي الت _��ا ت[ج ]�� : م:jالم ]��ه_ بنm س a���دm الل�ال[ ع[ب ]��ق .. ف[ يmجل[دmون[ م و[ mه mح الmوا: ن[فض[ ق[ جم_؟ ف[ aالر م mهmد ]��ع[ أ[ح ]��و[ض ا، ف[ وه[ mر ن[ش[ اة_ ف[ [ت[وا ب_التaور[ أ .. ف[ جم[ aا الر يه[ ك[ذ[بتmم، إ_نa ف_ه_ a��ال[ ل[هm ع[بدm الل ق[ ا، ف[ ا ب[عد[ه[ ا و[م[ بل[�ه[ ا ق[ [ م[ أ ر[ ق[ ج�م_ ف[ aع[ل[ى آي[ة_ الر mي[د[ه الmوا: ]��ق �م_، ف[��ج aالر mا آي[ة ي�ه[ إ_ذ[ا ف_ ع[ ي[�د[هm ف[ ف[ ر[ ، ف[ ع ي[د[ك[ المj: ارف[ ابنm س[

ه_ a��ولm الل m��س ا ر[ �م[� ر[ ب_ه_ م[أ[ ]��م_.. ف�ج aالر mة ]�ا آي ]�يه دm، ف_ aم ح[ mد[ق[ ي[ا م� ص[

ا ]��يه [ة_ ي[ق_ رأ ]��أm ع[ل[ى الم ]��ل[ ي[جن m��ج aالر mيت] أ ر[ ]��ه_: ف a��ال[ ع[بدm الل ا.. ق[ م[ ج_ mر ف[ة[ ار[ ج[ .﴾الح_

Page 37: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

37

أبطلت »الوثيقة« االزدواجية في الحكم وأعلنت في البند رقم )�دة42 و23��م بالوح��المية تتس��ة اإلس��لطة في الدول� ( »أن الس

وتكفل الحرية، ذلك أن النظام اإلسالمي يقوم على التوحيد« .

للناس أنه صاح�ب السلطة القضائية، تأكيداوقد بيaن الرس�ول �تي��ة ال��ه رئيس الحكوم��هم من أن��تقر في نفوس� لما أراد أن يس

في البن�دين رقم )قامت في المدينة بهجرته إليها، أم�ا قول�ه �ه (: »... فإن مرده إلى42 و23� الله عز وجل« فهو إشارة إلى أن

�ام..��ه من أحك� سيتبع في فصله بين الناس ما يجده في كتاب الل

جه�ده في نق�ل عبء الث�أر عن كاه�ل المجتم�ع،وقد عمل النبي �ا��ة علي��ام محكم��اة أم��ة على الجن� الذي بدوره يقيم الدعوة العام

، وكذلك قض�ى الرس�ول مرد األمور فيها إلى الله ورسوله �ا��رب أوزاره��ع الح��ة أن تض��ة األم��ة؛ ألن غاي��رب األهلي� على الح�ذا���دائم، ه� داخل المدينة، وإنهاء أي نزاع يعترض طريق السلم ال

�ول ��ة الرس��د اتجهت ني��ارج فق��ا في الخ��داخل، أم� إلىفي ال�ارج ،»وألول��رب من الخ��ة الح��دفع غائل��دادها ل��ة، وإع� تربية األم�الرأي��ع ب��ة، ويرج��ور إلى الدول� مرة يحكم القانون حيث ترد األم األخير إلى رئيسها، وبذلك قام مجتمع جديد على مفاهيم جديدة،�ذه���أن ه��ول: ب��ة « ، ومن ثم يمكن الق��دا عن القيم القبلي� بعي�ة��ه في النهاي��ي وتمثل��ر السياس� المرحلة قد تميزت بتوحيد الفك

.في القرارات السياسية التي يتخذها الرسول

المبحث الثاني: أساس المواطنة فيالدولة

�ول �تكونت الدولة اإلسالمية، منذ نشأتها بالمدينة تحت قيادة الرس وعلى أساس دستوري مكتوب، من رعايا مختلف الديانات: المسلمون�ركي��ا مش��ود، وبقاي��اب من اليه��ل الكت� من المهاجرين واألنصار، وأه�نى��ان مع��المية »وإن ك��ة اإلس��ا الدول� المدينة؛ وقد أطلق عليهم رعاي�ور من��دة ص��ق على ع��ريف ، ينطب� )الرعية( كما جاء في الحديث الش�ة...��وق الرعي��ع حق� المسئولية، إال أن القدر المشترك ه�و رعاية جمي�ون"��ة : "المواطن��ي لب كلم���روعة ه��وق المش��ع الحق��ة جمي� ورعاي

Page 38: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

38

�ا��دلول الرعاي��ق بين م��ه للتفري��ر، فال وج��طلح المعاص��ب المص� بحسوالمواطنين في المجتمع اإلسالمي« .

- مفهوم المواطنة �ة )��ارف البريطاني��ة3/332تشير دائرة المع��ة عالق� ( إلى أن »المواطن

�ك��منه تل��ا تتض��ة، وبم��ك الدول��انون تل��ددها ق� بين فرد ودولة، كما يح�ة��د أن »المواطن��ة«. وتؤك��ك الدول� العالقة من واجبات وحقوق في تل

�ا يص�حبها من مس�ئوليات«.. تدل ضمنا على��ع م��ة م��ة من الحري� مرتب�ة، حيث��ة للمواطن��ون مرادف� وعلى الرغم من أن الجنسية غالبا ما تك�ة،��رى خاص��ازات أخ��ني امتي� تتضمن عالقة بين فرد ودولة، إال أنها تع�يز بين��وعة ال تم��ذه الموس���ظ أن ه��ارج . نالح��ة من الخ��ا الحماي� منه�ة على��رد والدول��ة بين الف� المواطنة والجنسية، ألنهما تتضمنان عالق

حد سواء.

- الجنسية في الشريعة اإلسالمية كان الفقهاء يطلقون على الدولة اإلس�المية اس�م ) دار اإلسالم�ل� (، كما كانوا يصفون األفراد الذين يستوطنون فيها بأنهم ) أه دار اإلسالم ( أي من أتباع الدولة اإلسالمية، وكان ارتباط األفراد�ة��الفرد؛ ألن الدول��رد ب� بالدولة ارتباطا خاصا، ال يشبه ارتباط الف�به��ا ال يش� اإلسالمية ليست فردا، وإنما ه�ي منظمة سياسية، كم�ة،��ية كالدول��ة سياس� ارتباط الفرد باألمة، ألن األمة ليست منظم�ية��ة سياس��دار رابط��ذه ال��الم( به� فرابطة أفراد شعب )دار اإلس�رف��ية ط��ة سياس��المية وهي منظم��ة اإلس��ة؛ ألن الدول� وقانوني فيها، وألن آثارا قانونية تنتج عنه�ا، ويل�تزم به�ا الف�رد والدول�ة،�ة��ل الدول��رد في ظ� فهذه اآلثار ه�ي الحقوق التي يتمتع بها الف�ية��ي الجنس���ة ه��ذه الرابط��ا، وه� والواجبات التي يلتزم بها قبله

بمفهومها الحديث، وإن لم يسمها الفقهاء بهذا االسم .

- الجنسية في المفهوم المعاصر �ا،��عب فيه��ع الش��ه وض��دد ب��ة«، لتح��عه الدول��انوني، تض� هي »نظام ق�د انتس�ابه إليه�ا« . فالجنس�ية��رد ص�فة تفي��ه الف� ويكتسب عن طريق�عبها.. ليس��ويته في ش� صفة في الفرد تفيد انتماءه إلى الدولة وعض�ي وروحي��عور نفس��ق عن ش��فة تنبث��ذه الص���ل إن ه� ه�ذا فحسب، ب

Page 39: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

39

�اء��ذا االنتم��اء، وه��د روح االنتم��ية إذا تفي��ه، فالجنس� تجسده وتدل علي�ده��اطفي، يؤك��اء روحي وع��و انتم���ل ه��ب، ب��يا وحس� ليس سياس�أ إال� المفهوم االجتماعي للجنسية، إذ أن ه�ذا الشعور النفسي ال ينش�ي بين��انوني والسياس��اط الق��ل االرتب� عن وجود ارتباط اجتماعي قب

الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه .

�ديما��المية ق��ة اإلس��ده في الدول��ية نج��ركب للجنس��وم الم� هذا المفه�ة،��راد بالدول� بوجود تلك الرابطة الروحية واالجتماعية التي تربط األف وإن اختلف أساس وجود ه�ذه الرابطة واآلثار المترتبة عليها الختالف�لمون��اش المس��د ع��ا .. فق� المصدر »القانوني« الشرعي المنشئ له�اة���اركونهم الحي���دة، يش���الفونهم في العقي���يرهم ممن يخ���ع غ�� م�تور«��ك أن »دس��الم، ذل��ة من اإلس� المجتمعية في رابطة إنسانية نابع�ير��مل غ��ع لتش� المدينة يقرر »أن المواطنة في الدولة اإلسالمية تتس�ارون أن��ذين يخت��ك ال��ليين، وأولئ��وطن األص��اء ال��لمين من أبن� المس

�موا إلى��ة ينض��ة في الدول��ية« . فالمواطن��الم السياس��ة اإلس� جماع�دت��ل امت��دهم، ب��لمين وح��ر في المس��المية األولى لم تنحص� اإلس�ة« من��برتهم »الوثيق��ة، واعت��ود المقيمين في المدين��مل اليه� لتش�وق��هم من الحق��ا ل��ددت م��نين – وح� مواطني الدولة - أمة مع المؤم

�د رقم )��راه في البن��ا ن��ات، وه�ذا م��ا عليهم من الواجب� (: »وأن25وم�ني��ود ب��د يه� يهود بني عوف أمة مع المؤمنين..«؛ ولم يقف األمر عن ع�وف وح�دهم، وإنم�ا امت�د لب�اقي قبائ�ل اليه�ود، ب�ل إن بعض بن�ود�ا��ة، مم��ل المدين� »الوثيقة« تنص على واجبات على المشركين من أه�س��عوا ألس��دة وخض��ة الجدي��وا في حكم الدول��ير إلى أنهم دخل� يش�د رقم )��ود البن��ذه البن���ح ه��ا، وأوض��تي وردت في وثيقته�تنظيمها ال

�ه20��ول دون��ا وال يح��ريش وال نفس� ب(: »وأنه ال يجير مش�رك ماال لق على مؤمن«. وهكذا يتبين أن عنصر اإلقليم، »المدينة«، واإلقامة فيه�ة،��ق المواطن� عند نشأة الدولة ه�و الذي أعطى اليهود والمشركين ح�ذا�� وضمن لهم التمتع بالحقوق التي كفلتها »الوثيقة«، بعد أن كان ه�ل��دارها من أص��لتها أو انح���اس ص��ل على أس��وم بين القبائ� الحق يق

مشترك، كما كان في الجاهلية .

�ان��ببا للحرم��حيفة«، س��ام »الص� »فاختالف الدين ليس، بمقتضى أحك�رت� من مبدأ » المواطنة «، كما كان ذلك مطبقا في الدول التي عاص�اء��اوي االنتم��ة ال تس��ا« .. والمواطن��دء تكوينه� الدولة اإلسالمية في ب�ي��ع السياس� الديني دائما، بل يمكن أن تفترق عنه حين يكون المجتم

Page 40: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

40

�ال مكونا من فئات ذات��ا في ح� انتماء ديني متنوع؛ وقد يتساويان كم�وم� وجود مجتمع ذي انتماء ديني واحد، فيلتقي مفهوم األمة مع مفه�م��د يض��ناك وطن واح���ون ه��ا يمكن أن يك��ة(، كم��ة و)المواطن� الدول�تين��ات األم��الج عالق��تي تع��حيفة« ال� أمتين، كما ه�و الحال في »الص�ير���ة على غ���ق المواطن���رم ح���ة، فهي لم تح���المية واليهودي�� اإلس�دفاع عن��ة عليهم كال� المسلمين، ما داموا يقومون بالواجبات المترتب�دوان��ها لع��ال تعرض��ال في ح��النفس والم��نين ب��ع المؤم��ة م� المدين�ذلك��ه، وك��ذي قبل��ه ال��ل من جانب��تقرارها، ك� خارجي يهدد أمنها واس�الخير� تبادل المعلومات والمشاورات والتناصح في األمور التي تعود ب

والبر على أبناء الوطن جميعا .

�واردة في��ود ال��ا للبن��ة، وفق��دين للدول��اء المتعاق��ترتب على انتم� وي�مة��لمين، بالعص� »الوثيقة«، أن ينعم أهلها، من المسلمين وغير المس�لمون� في أنفسهم وأموالهم، فهم جميعا آمنون بأمان اإلسالم: المس�اء��ار انتم��ة، وهي نفس آث��د الذم��بب عق��ذميون بس��المهم وال� بإس

األشخاص إلى دولهم وفقا لرابطة الجنسية، بمفهومها القانوني.

- مواطنة المسلم �ةاعتبر الرسول ��ذه الدول��اء له��ة( واالنتم��اس )المواطن� أن أس

�ع��ا في مجتم��ون مواطن��د أن يك� ه�و الهجرة إليها، فعلى من يري المدينة أن يهاجر إليها، لكي يتحقق في المسلم الذي يسكن في

�ما:���يان ه��والء الدولة اإلسالمية رابطان أساس��ان أوال، وال� اإليم�ذين��لمون ال��ا المس��ا؛ أم��ة ثاني��ه في الدول��ول ب��ام المعم� للنظ�دون من��المية فال يع��ة اإلس��دود الدول��ارج ح� يفضلون التوطن خ�ع من��ة، وإن لم يمن��اع الوالي��المية النقط��ة اإلس��ني الدول� مواط�ل في��دين، واألص��طهاد في ال��هم لالض��د تعرض� وجوب النصر عن

مه�ذا قوله تعالى: ال_ه_ أ[مو[ _�دmوا ب ]�اه وا و[ج[ mر اج[ ]�وا و[ه m�ن ﴿ إ_نa الaذ_ين[ آم[م mه m��ك[ ب[عض _��وا أmول[ئ mر ]��ن[ص aذ_ين[ آو[وا و a��ال ه_ و[ a��ب_يل_ الل ]��م ف_ي س ه_ س_ mأ[نف و[ي[ت_ه_م مiن ا ل[كmم مiن و[ال[ ]��وا م mر اج_ ]��ل[م يmه وا و[ m��ن ذ_ين[ آم[ a��ال [ول_ي[اءm ب[عضj و[ أ

mر `�mمm النaص ع[ل[يك وكmم ف_ي ال�دiين_ ف[ mر ]�إ_ن_ است[نص وا و[ mر اج_ ]�تaى يmه يءj ح[ ش[ير� _��ون[ ب[ص m��ل ا ت[عم[ ]��هm ب_م a��الل اق� و[ ]��يث iم م mب[ين[ه ومj ب[ين[كmم و[ ]�� ﴾إ_الa ع[ل[ى ق

�تور«72)األنفال:��ود »دس��ع بن��ة تتواف�ق م��ة الكريم� (، فه�ذه اآلي

بالمدين�ة بين »المؤم�نينالدولة اإلسالمية الذي وضعه الرسول �ق بهم��ثرب ومن تبعهم فلح��ل ي��ريش وأه��لمين من ق� والمس�ارج��ذكر أن من يقطن خ� وجاهد معهم« فالجزء األول من اآلي�ة ي

Page 41: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

41

�ا��ية(، أم��ة السياس� حدود الدولة اإلسالمية يخرج عن دائرة )الوالي�ة على��وة الديني��رة األخ��ولهم في دائ��ح دخ��اني فيوض��زء الث� الج

الرغم من خروجهم عن دائرة الوالية السياسية.

�انهم��دتهم إيم��اس وح��ة أس� »فالمواطنون المسلمون في ه�ذه الدول�بية��ة والعص��ديال عن الوثني��ريعا، ب��دة وتش��د، عقي��دين الجدي��ذا ال� به�ا��ارا مرن��ذا معي���ان ه��ون، فك��ل والل��ر عن األص��ع النظ� القبلية، بقط�ة«� لتكوين األمة الجديدة من دون الناس« طبقا لما نصت عليه »وثيق

�ا،2المدينة في بندها رقم )��ة تمام��بية القبلي��اط العص� ( الذي ألغى ربوأقام بدال عنها رباط العقيدة.

- مواطنة غير المسلم�والء«��و »ال���ة ه��اس المواطن��لمين فأس��ير المس��بة لغ� أما بالنس�تلزم��ة ال يس� للدولة اإلسالمية عن طريق العهد؛ ألن حق المواطن

�ال ��ر، ق��دة العنص��لمينوحدة العقيدة وال وح��ا للمس� : »لهم م�تور� وعليهم ما عليهم« وهذا الدليل يتواف�ق م�ع ما نص عليه دس

�د رقم )��ة من البن��رة األولى والثاني��ة في الفق��ذي25المدين� ( ال�لمين تحت��ع المس��يرهم م��ود وغ��اوية لليه� قرر المواطنة المتس�ا��اال وعرض��ا وم��ومين دم��ون معص� لواء الدولة اإلسالمية... يعيشبحكم مواطنتهم الدائمة، وعلى من يكتسب ه�ذا الحق أن يقوم -�ة،��ع الدول��ل م��ق التكاف��ا تحقي��ات مؤداه��ك- بواجب��ير ذل� في نظ

والوالء لها، لحفظ كيانها داخليا، وفي ه�ذا داللة على أمرين: : تأصيل مبدأ حرية العقيدة، وهو من المبادئ األساس التياألول

تقوم عليها ه�ذه الدولة الناشئة.�كالثاني��رى، وذل��ماوية األخ��ان الس� : مبدأ التسامح مع أهل األدي

�ات،� بأن جعل لهم اإلسالم من الحقوق وأوجب عليهم من الواجب�ه��اويك بنفس��دل ممن يس��لمين وعليهم، وليس أع� عين ما للمس

في النصفة والعدل والحكم .�ة� وهكذا يكون ألول مرة في تلك البقاع »شعب« تتعدد فيه عالق االنتماء إلى )وطن( فترقى العالقة الجديدة بالناس جميعا - أهل�ائدا بين��ان س��ذي ك��ور القبلي ، ال��وق الط��ا ف� الصحيفة - إلى م

العرب في العصر الجاهلي. لق�د وف�رت »الص�حيفة« لغ�ير المس�لم في المجتم�ع اإلس�المي�يته، وفي��ات شخص��ع مكون� وجودا اندماجيا يحافظ فيه على جمي

Page 42: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

42

طليعتها المكون الديني وما يرتبط به من ممارسات وعادات، بها يؤكد ذاته عقديا وثقافيا ونفسيا، ومعها يثبت خصوصيات ه�ويته�ة،��ون المواطن��ا تك� داخ�ل المقومات العامة لهذه الهوية التي به

مما يتحقق به االنتماء إلى ذلك المجتمع .�اعقد الذمة��لمين، وهي م��ير المس��ا من غ��ة ألهله� : تعطى الذم

يشبه في عص�رنا الحاض�ر - الجنس�ية - السياس�ية ال�تي تعطيه�ا الدولة لرعاياها، فيكتسبون بذلك حقوق المواطنة التي تربطهم،�ون��الي يتمتع��ة، وبالت��والء والتبعي��اط ال��المية، برب��ة اإلس� بالدول�انية، وال غراب�ة في ذل�ك وال� ب�الحقوق المدني�ة والديني�ة واإلنس�ه يقيم��زعم أن��الم ب��د على اإلس��نى أح� انتقاد فيه.. وحتى ال يتج

الناس بحسب عقيدتهم يجب أن نذكر أن »فكرة عقد تفرقة بين�ده��ا وج��ي مم���ا ه���دأة، وإنم��المية مبت���رة إس��ت فك� الذمة« ليس

�روعيته،اإلسالم شائعا بين الناس عند بعثة النبي � فأكسبه مش�ة العاق�د أو��ة من ذم��ول الذم��أن ح��دا ب� وأضاف إليه تحص�ينا جدي�ة��ة الدول��نين، أي ذم��وله والمؤم��ه ورس��ة الل��ير إلى ذم� المج�ة��خ حماي� اإلسالمية نفسها، وبأن جعل العقد مؤبدا ال يقبل الفس للداخلين فيه من غير المسلمين ، ألنهم صاروا مواطنين عاديين�ا على��ات م��لمين، وعليهم من الواجب��ا للمس� لهم من الحقوق م�الم��ذر اإلس��د ح��دة، وق� المسلمين، باستثناء تلك المتعلقة بالعقيدHا _��ع[اه mن ظ[ل[م[ م من اضطهاد المسلم لغير المسلم فقال ): »أ[ال م[

jا ب_غ[ير_ ط_يب_ ن[فسHيئ نهm ش[ ذ[ م_ [و أ[خ[ ت_ه_ أ وق[ ط[اق[ هm ف[ [و ك[لaف[ هm أ ص[ و_ انت[ق[] أ

ة_ « ، وعلى ه�ذا »ال يجوز االعتداء ال على ي[ام[ هm ي[وم[ الق_ mيج ج_ [ن[ا ح[ أ ف[ أنفسهم، وال على أبدانهم وال على أموالهم، وال على أعراضهم،ت[ل[ ن ق[ ألنهم معصومو الدم والمال بأمانهم المؤبد« ، وقال ): »م[

[رب[ع_ين[ ة_ أ ير[ _��ن م[س دm م_ ]��ا تmوج ه[ إ_نa ر_يح[ نaة_، و[ ة[ الج[ ائ_ح[ دHا ل[م ي[ر_ح ر[ ع[اه[ mم ا« . Hع[ام

المبحث الثالث: نظام الدولة كانت يثرب قبل قيام الدولة اإلسالمية مقسمة إلى خمسة أجزاء، كل�ة أو��انت عربي��واء ك��ل، س��ة من القبائ��ه قبيل��يطر علي��ا تس��زء منه� ج

Page 43: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

43

�ة��ائر للقبيل��ون والعش��ف البط��زء مختل� يهودية، ويعيش على ذلك الج�ة، وفي��اة االجتماعي��دة الحي��كل وح��ة تش��ل قبيل��انت ك��دة، وك� الواح مضمونها وحدة الحياة السياسية المستقلة بنفسها. وقد كان الخالف�وا��ة نكل��ير وقريظ��ني النض��ود ب��تحكما، فيه��ل مس� بين مختلف القبائ�فكوا��زارعهم وس��ارهم وم��وهم من دي��اع وأخرج��ني قينق��ود ب� بيه�ريم��رآن الك��دد الق��د ن��ية، وق��الحهم الشخص��ا وراء مص��اءهم، جري� دم

بأعمالهم .

�حة من��ة واض��ا في حال��ود وبطونه��ل اليه��انت قبائ��رة ك��د الهج� وبع�د أي بطن من��دما، فلم يب��ط منع��هم بالتراب��ان إحساس��ك، وك� التفك�ع��وا في خالف م��ر حين وقع��و اآلخ��العطف نح� بطونهم أي إحساس ب

.عليه السالمالنبي

�ائس� أما العرب - األوس والخزرج- فقد تمكن اليهود، عن طريق الدس�انوا��ريقين، فك��حناء بين الف��داوة والش��وا الع��ؤامرات، أن يلق� والم�اث(��رب )بmع��ا ح��ان آخره��لة، ك� يعيشون دائما في حروب دامية متواص�داء��تحكم، والع��افر بينهم مس��نوات.. فالتن��رة بخمس س��ل الهج� قب

�زرجوصف حال[هم ه�ذا للنبي مزمن، منذ أمد بعيد. وقد� نفر� من الخ�نا� حينما عرض عليهم نفسه فآمنوا به، قائلين له: إن�ا ق�د تركن�ا قوم�ه��ى أن يجمعهم الل� وال قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعس�تقل��لطان مس��ا س��ة له��الم دول��ور اإلس��ل ظه� بك . فلم تكن لهم قب�ا��ة يوظفونه��يئة منظم���ائلهم، وال ه��ه على اختالف قب��عون ل� يخض�رف في��ا لم يكن لهم ع��ا، كم��د حكمه��زول عن���ا والن��وع إليه� للرج�ا���ها المنظم وارتباطاته����ها جيش����ور ل���دود وثغ���رتهم على ح�� جزي وعالئقها... وإنما كان كيان العرب االجتماعي الطبيعي ينمو وتتشابك�ذي��ط ال�� أغصانه، وتلتف فروعه، وترسو جذوره في إطار القبيلة فق�ئول في� يرأسها »شيخ« ه�و لها بمقام الملك؛ ألنه ه�و المرجع المس�ولى� السلم وفي الحرب، يقصده أفراد القبيلة من ذوي الحاجات، ويت�ا� الشئون العامة، ويفصل في المنازعات، لكن كثرة الخالفات وعمقه�وء� بين القبائل والبطون أو بين أفرادهما تظل عالقة بينهم، ألن اللج�ل��الب ب��م في الغ��ائريا ال ينتهي إلى الحس� إلى حلها حال قبليا أو عش�ي .����������������فة التراض����������������ه ص����������������ل ل���������������تظ أما بالنسبة لمفهوم األمة في العرف العربي فلم يكن يتجاوز األسرة الكبيرة التي تمسكها رابطة الرحم القريبة، وتجمع أفرادها في أسرة

�ة إلى واحدة،��ا حاج��دم دونم��ة ال��ا- قراب��ا -تلقائي��ا بينه� وتتقدس فيم

Page 44: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

44

�ة، وفي��ود روح الجماع� شيء خارج عنها... فوحدة الدم ه�ي التي تس�ا��ه عالقاته��ي على أساس��ذي ترس��رفي، ال��ا الع��ام قانونه��ا ق� ظله بأفرادها وسياستها مع غيرها ، لذلك »كان طبيعيا أن يضع العرب في�دارة� مطلع القرن السابع )الميالدي( مفهوم »القبيلة« في مركز الص�ية��يئة سياس�� في تفكيرهم السياسي، إذ لم يكن لدى غالبية العرب ه

أخرى غير القبيلة« .

- المبدأ »األيديولوجي« للدولة �د 1��ه محم��ذي أدخل��ام ال��اوزن « أن النظ��رى » فله��ك- ي��ط تل� وس

�ر، ولم��وى والعناص��د الق��ببا في توحي��ال س� الفوضى كان على كل حmة���د ابتلعت الجماع��ا ق��دأ كأنم��د ب��ك الحين، وق��تى ذل��ا ح� يكن معروف القائمة على أساس الدين تلك الجماعات القديم�ة المقدس�ة القائم�ة�ي،���ا ه� على رابطة الدم، ولكن تلك الجماعات بقيت في الحقيقة كم�دخلت��برى، ف��ة الك��ا إلى الجماع� وإن كان الشأن األول قد انتقل منه�ل��ا القبائ��ني به��ك الحين، ونع��تى ذل��ودة ح� الطوائف التي كانت موج�ا��ظ له��دة، واحتف��برى الجدي��ة الك��ائر، في الجماع��ون والعش� والبط

�اتها��ا اختصاص��دات »دستور« المدينة بشخصيتها، ولكنه نقل منه� كوح�ظ على��أنه أن يحف��ا من ش��ل م��ا ك��ة، وإن أبقى له��ة إلى الدول� قبلي

الناس الروابط فيما بينهم .

�ذا-1���رحيم: ه��رحمن ال��ه ال��م الل��اب: »بس��ة الكت� ورد في ديباج�نين���ه( بين المؤم���ول الل���بي )رس���د الن���اب من محم�� كت�ق بهم��ثرب ومن تبعهم فلح� والمسلمين من قريش و)أهل( ي�ذا���اس«، وفي ه��دة من دون الن��ة واح� وجاهد معهم، إنهم أم�ديولوجي(� إعالن صريح -حسب اللغة المعاصرة- لألساس )األي�دة »من��رة والعقي��ة الفك��ا دول� العالمي للدولة الجديدة... إنه�توي في��ان، ويس��و اإليم���ا ه��وج إليه��اب الول� دون الناس«، ب�ثرب(��ل )ي��ريش(، وأه��ة )ق��ة(، قبيل��ل )مك��ا أه��اء إليه� االنتم

وغيرها ممن تابع وجاهد.�ة2-3��أمور الدول��املة ب��ة ش� - لقد أحاط »دستور« المدينة إحاط

اإلسالمية، من تنظيمات وعالقات داخلية وخارجية، فهو يعتبر�ا،��ذ أول تكوينه� أول نظام مكتوب قامت على أساسه دولة من كما يمثل تطورا كبيرا في مفاهيم االجتماع والسياسة، فهذه�ام��ير نظ��ة على غ� جماعة تقوم ألول مرة في الجزيرة العربي

Page 45: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

45

�ا� القبيلة، وعلى غير أساس رابطة الدم، حيث انصهرت طائفت�ار��هر األنص��ار، ثم انص��ة األنص��زرج في جماع� األوس والخ�ذه����رابطت ه���لمين، ثم ت���ة المس���اجرون في جماع�� والمه

�اركونهم��ذين يش��ود، ال��اة في الجماعة المسلمة مع اليه� الحي�ب��درالي -حس��اد الكونف��وع من االتح��د، كن��ة إلى أم� المدين المفهوم المعاصر- وألول مرة يحكم القانون حيث تmرد] األمور إلى الدولة، ويرجع بالرأي األخير إلى رئيسها. وبذلك بدأ قيام

مجتمع جديد على مفاهيم جديدة بعيدا عن القيم القبلية .

- ه�يكلة التنظيم السياسي للمجتمع �ألف من1��ا لم تكن تت� - ضمت الدولة طوائف المدينة كلها، ولكنه

�الفرد ال ينتمي إلى��ات، ف��ون من جماع��انت تتك��ا ك��راد، وإنم� أف�ود���اءت بن���د ج���ة، فق���يرة والقبيل���ق العش���ة إال عن طري�� األم

�حيفة« من رقم )��ة11 إلى 3»الص��المؤمنين مبقي��ة ب� ( المتعلق�كيل��ة على التش��راد األم��دخل أف� التشكيل القبلي كما ه�و وأن ي

�ود من رقم )��اليهود ،35 إلى 25نفسه، وكذلك البن��ة ب� ( المتعلق�ائر ال عن��ل والعش��ق القبائ��ا عن طري��املت معهم أيض��د تع� فق�ا��اعي كم���كيل االجتم��ة التش��ذلك أبقت الدول��راد، وب� طريق األف�ان��ا ك��ه، فم��را كل��يرة لم يكن ش��ة والعش� ه�و، ألن نظ�ام القبيل�ان��ا ك��ل م��وف مثال، وك��ة المله��ة كإغاث��ه الدول��دا أبقت علي� مفي�ه،��ه ونبذت��تغنت عن��د اس��اعي الجدي��اء االجتم��ع االنتم��ارض م� يتع�ا��ل والعش�ائر كم��اء القبائ��ركت رؤس� كالعصبية والثأر مثال، كما ت

ه�م ولم يحل محلهم موظفون دينيون .�ة2��ف الدول��ائرية في كن��ة والعش��ات القبلي��هار الكيان� - إن انص

�دم ال��ة ال��دال من رابط� المركزية القائمة على الفكرة والعقيدة ب�اعي���ا دور اجتم���د انتهى، إذ بقي له���ة ق���ني أن دور القبيل�� يع�دة في��ة الجدي� وسياسي إسالمي فاعل في تطبيق سياسة الدول�ت ذات��تي ليس��ات ال��ات النفق��ا واجب��ة، حيث أبقت عليه� المدين�داء��ديات ، وف��دفع ال� صبغة خاصة محضة، وخصوصا فيما يتعلق ب

�د رقم )� (3األسرى، وهذا ما نصت عليه »الوثيقة« ابتداءH من البن�د رقم )��ة11إلى البن��د خزين��دت بع��د وmج��ه لم تكن ق��ك أن� (، ذل

�ا ورد��والء ، كم��ألة ال� للدولة. وكذلك أبقت للعشيرة والقبيلة مس�د رقم )��ولى دون12في البن��الف م��د أن يح��وز ألح� ب(، فال يج

�د��دون تقيي��دين ب��ل المتعاق��ارة لك��ق اإلج� مواله، وكذلك أبقت ح

Page 46: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

46

�زم��ذلك يل��و ب��ا وه��ا غريب��ير شخص��ق في أن يج��رد الح��ل ف� فلك الجماعة كلها، ولكنها استثنت من ه�ذا إجارة قريش ومن نصرها

�دين رقم )��تثناء في البن��تور43ب و20مؤكدة ذلك االس� ( من دسالدولة الجديدة.

�ه��ي األول في قبيلت��دور السياس� أما شيخ القبيلة الذي كان له ال�ولى� يتقدمها في حروبها، ويبرم المعاهدات والصلح باسمها، ويت�فايا ،��رب، والص� تقسيم غنائمها، ويأخذ المرباع من كل غنيمة ح�ربي��اعر الع��ه الش��بر عن��ا ع��ول، كم��ذلك الفض��يطة ، وك� والنش

بقوله:

لك المرباع فينا والصفايا وحكمك والنشيطة

والفضول�ار-3��د أعلى إط��تي تع��ة ال��ا للقبيل��اره رئيس��يخ باعتب��ذا الش�� ه

�ك��حب تل� سياسي، قد عملت الدولة المركزية الجديدة على س�ا� المسئوليات السيادية منه، وأبقت له دورا سياسيا واجتماعي�راد��ة عن أف��ام الدول��ئول أم��و مس��دة، فه� بروح إسالمية جدي�ا��ة فيم��والهم وخاص��د أح��ايتهم وتفق��يرته برع� قبيلته أو عش�ادة،��وا عن الج��تى ال ينحرف��اهم، ح��أمور دينهم ودني��ق ب� يتعل وهكذا تغير الوضع في المجتمع المديني الجديد، حيث أصبحت القبائل والعشائر تمثل تكتال إسالميا واحدا تحت مسمى جديد�مه��ر اس��ل آخ� ه�و )األنصار( تربطهم قيم دينية جديدة مع تكت

�انون:��ا ق��اجرون( يحكمهم�و[ة� )المه `��ون[ إ_خ m��ن ؤم_ mا الم ]��_نaم ﴾ إ ﴿ �رات:��ادئ10)الحج��ل المب��د حطم ك��دأ قيمي جدي��و مب� (، وه

�هيبا��ي، وص��ل بالال الحبش��ة، وجع��ة القديم� والقيم الجاهلي�عد بن��اري، وس��ا ذر الغف��ي، وأب��لمان الفارس��رومي، وس� ال�د��زة، وعب��ا، وحم� معاذ، وسعد بن عبادة، وأبا بكر، وعمر وعلي�الم��وة اإلس��واء تجمعهم أخ��ه س��وف، أمام��رحمن بن ع� ال�ع القبلي��ذكيرهم بالوض� والعقيدة، وكان القرآن ال يكف عن ت�ة��اره قريب��زل آث�ا ت الذي كانوا عليه ويكشف لهم أوزاره، ولم]

منهم فيقول:وب_كmم m��ل mف[ ب[ين[ قaأ[ل ]��[عد[اءH ف _ذ كmنتmم أ mم إ وا ن_عم[ت[ اللaه_ ع[ل[يك mرm اذك ﴿ و[

ار_ a��ةj مiن[ الن ر[ `��ف mا ح ف[ ]��ا و[كmنتmم ع[ل[ى ش H��ان _خو[ ه_ إ _��ت ب[حتmم ب_ن_عم[ `��أ[ص ف[دmون[ ]��ه_ ل[ع[لaكmم ت[هت _��ا ك[ذ[ل_ك[ يmب[يiنm اللaهm ل[كmم آي[ات نه[ iم مmذ[ك أ[نق[ )آل﴾ف[

(.103عمران:

Page 47: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

47

يقول المستشرق ) فون كريمر (: »جمعت فكرة الدين المشترك�ك��د، ذل��ي واح� تحت زعامة واحدة شتى القبائل في نظام سياس�اب، وإن��رعة تبعث على اإلعج��اه في س� النظام الذي سرت مزاي�دأ��ي مب���ك ه��ة، تل��ذه النتيج���تي حققت ه��ي ال���دة ه� فكرة واح�ة��دة الديني��ت الوح��د قض��رب، فق��رة الع� الحياة القومية في جزي�ذي��و ال���الم ه��ان اإلس��ديم، وك� الجديدة على الشعور القبلي القمهد لالئتالف القومي الذي لم تعرفه القبائل العربية من قبل«.

�رة��ة للفك� ويضيف قائال: »أدى اإلسالم إلى إضعاف القوة الرابط القبلية القديمة، تلك الفكرة التي أق�امت بن�اء المجتم�ع الع�ربي�ه في��ربي ودخول��الم الع��ان إس��دم، وك��ة ال��اس قراب� على أس المجتمع الجديد ه�دما ألهم قوانين الحياة العربية األساسية التي�ة��اة قومي��ام حي� أدت إلى تفتيت النظام القبلي وتركه ضعيفا أم

شديدة التماسك« .�المية - في��ة اإلس� ويمكن القول إجماال: إن ما ه�دفت إليه الدول�ا��حيفة« يتلخص في م� مجال التنظيم السياسي - من خالل »الص

يأتي:

�دم1��ة ال��اس رابط��ة على أس��ة القائم��ات القديم��واء الجماع� - احت)القبائل والبطون والعشائر(.

- احتواء الجماعات القائمة على أساس الدين )أهل الكتاب(.2

�ة3��ة والتفرق��بية القبلي��ائم على العص��ديم الق��ام الق��دم النظ�� - ه�اس��ثرب على أس��ر ي��ع عناص��ة من جمي��ة مؤلف��اد أم��رية وإيج� العنص

مبادئ الحق والخير والمساواة وتحقيق المصالح المشتركة.

- سلطة القانون وسيادة الدولة �م1��تي تض��ة، ال��ل من المدين� - استطاعت الدولة الجديدة أن تجع

�افرة،��ة المتن��ة المختلف��ة واليهودي��اء العربي� عددا كبيرا من األحي�دة،��ة موح� التي حكمتها الفوضى وأنهكتها العصبية القبلية، مدين�هم���اتهم وخصائص���ا على اختالف ديان���كان جميع��دت الس a��� وح وأعرافهم حول إعالن دستوري مركزي ه�و »األول من نوعه في�ة��ذه حكوم��هر على تنفي��ع، تس��ه الجمي� تاريخ اإلنسانية« يخضع ل�ه��ا حقوق��اكم فيه��ة، للح� مركزية تملك السلطة العليا في المدين

Page 48: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

48

�انون��ئولياتهم، وللق��وقهم ومس��نين حق��ئولياته، وللمواط� ومس�انت��تي ك��ة ال��اء المدين��ل أحي��ل ك��ا جع��ذا م� كلمته وسيادته ، وه

( على40تعيش في فرقة كالجسد الواحد، حيث ينص البند رقم )»أن الجار كالنفس غير مضار وال آثم«.

�ا2� - وبالنسبة للقيادة والرئاسة، فقد تم تحديد ه�ذا العنصر خطي

�ول ��ذهفي »دستور المدينة« بأن الرس��اكم األعلى له��و الح�� ه�ة��احب الوالي��و ص��امال، فه��ة ك��لطان الحكوم��ا س��ه فيه� الدولة، ل�ع���ير في اإلذن أو المن���رار األول واألخ���احب الق���ة، وص�� العام�ذ��ه التنفي��اء، وإلي� بالدخول إلى المدينة والخروج منها، وله القض�ام� في حل أي نزاع ينشأ بين مواطني »الدولة« استنادا إلى أحك

.عليه السالمالقرآن الكريم وسنة النبي �ة على األمن��يمنتها الكامل�� وقد تأكدت سيادة الدولة من خالل ه داخل المدينة، وذلك باستئصال شأفة الجرائم التي تعبث بسالمة�ا� المجتمع وأمنه، أيا كانت طبيعة ه�ذه الجرائم، وأهمها وأعظمه�ة��ذه الجريم���انت ه��د ك��ا، وق��اهمة فيه��ل( والمس��ة )القت� جريم�ا،��رة كله��ائم األمن في الجزي��ت دع��ار بحيث قوaض� واسعة االنتش على أثر الحروب المستعرة والدائمة بين القبائل الجاهلية ؛ وقد�تي��ة«، ال��ود »الوثيق��تنادا إلى بن��ر اس� وقع التحكم في ه�ذا األم�ل��ود من أج� تنطق برغبة المسلمين في التعاون الصادق مع اليه�ة واألمن،��ة من الطمأنين��ة إلى حال� الوصول بالمجتمع في المدين�ان دينهم، أو��ا ك��دبري الفتن أي��ادين وم��دي الع��رب على أي� والض

جنسهم، دون تفرقة أو تمييز.

الفصل الثاني: البعداالجتماعي

المبحث األول: مفهوم األمة في اإلسالم�رة64وردت لفظة »األم]ة« في القرآن الكريم أربعا وستين )� ( م

�ة ،��ان متباين� بصيغ مختلفة ، كما استعملت في اللغة العربية بمع�يد من كتب��وان الس��ا رض��وه، جرده��ة وج��ك ثماني��اع ذل� وجم

اللغويين، وهي كاآلتي:

Page 49: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

49

�د،-1��ه أح��ه في��ذي ال يداخل��اه ال��د في معن� الرجل األم�ة، األوح

�ده﴿ قال النبي ��ة وح��ل أم��رو بن نفي��د بن عم� : »يبعث زيفمعناه: يبعث منفردا بدين.﴾«

ه_- وتكون األمة الجماعة، كما قال الله عز وجل : 2 `��د[ ع[ل[ي ]�� ﴿ ...و[ج ... ون[ mق `��اس_ ي[س a��ةH مiن[ الن a��م

mص:﴾أ���ه23)القص��د علي��اه: وج� ( معنجماعة.

�د،-2��ة محم��ول: نحن من أم� وتكون األمة أتباع األنبياء، كما تقأي من أتباعه على دينه.

�ل : 4��ز وج��ه ع��ال الل�دن[ا- وتكون األمة الدين، كما ق ]��ا و[ج a��_ن ﴿ ...إ ...jة aم

m( معناه: على دين.23)الزخرف:﴾آب[اء[ن[ا ع[ل[ى أ

ق�ال5 كم�ا به، يؤتم الذي الصالح الرجل األمة وتكون - ا... تع�الى: Hن_يف ان_تHا لiلaه_ ح[ ةH ق[ aم

mاه_يم[ ك[ان[ أ _بر[ ﴾ إ_نa إ (.120)النحل:﴿

�الى: 6 ��ال تع�د[ - وتكون األمة الزمان، كما ق `��ر[ ب[ع ]��ادaك ﴿ ...و[ ...jة aم

mل[ى(، وقوله تعالى: 45)يوسف:﴾أ_ مm الع[ذ[اب[ إ mرن[ا ع[نه aل[ئ_ن أ[خ ﴿ و[ ...jود[ةmعد aم jة aم

m(. 8)هود:﴾أ

- وتكون األمة القامة، يقال: فالن حسن األمة.7

- وتكون األمةm األم، يقال: ه�ذه أمة فالن، أي أم فالن. 8

�ة( في��ة )األم��اني لفظ��ب لمع� يتضح من ه�ذا العرض المقتض�وي��ديث النب� كالم العرب أن ستة منها وردت في القرآن والح�ير��ط وردا بغ��امن فق��ابع والث��يين الس��ريف وأن المعن� الش

شواهد من القرآن.�ريم��رآن الك��ذرة في الق��ة( متج��ة )األم��د لفظ���ذا نج�� وهك�ة،��اجمهم اللغوي��رب ومع��ريف وكالم الع� والحديث النبوي الش�ت��ها ليس���زعم أن� في حين أن ه�ناك من المستشرقين من ي�أخوذة� مشتقة من الكلمة العربية )أم( بل ه�ي كلمة دخيل�ة م

�ذلك��ا(، ول��ية )أميث���ا( أو من اآلرام��ة )أم��لة من العبري�� فال ص�ل:��رى مث��اني أخ���دل] على مع��تي ت��ة( ال� بينها وبين كلمة )أم

�ة ��ود، آي���ورة ه���زمن )س��ورة8حين من ال��يل )س�� ( أو الج�ة22الزخ�رف، آية ��ة األجنبي���ون الكلم��د تك��دها(؛ وق���ا بع� وم

�ا يكن��يء، ومهم� دخلت لغة العرب في زمن متق�دم بعض الش

Page 50: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

50

�ارتمن أمر فإن محم�دا �� أخذ ه�ذه الكلم�ة واستعملها وص�تي وردت��ات ال� منذ ذلك الحين لفظ�ا إس�الميا أص�يال. أما اآلي�ة��رآن فهي مختلف��ا )أمم( في الق��ة( وجمعه��ة )أم��ا كلم� فيه

المعنى . �وع��ط الموض� لقد ذهب صاحب ه�ذا الرأي إلى ذلك؛ ألنه لم يع�ة( في��ة )األم��ق بلفظ��ا يتعل��ة فيم��ة المتأني��ه من الدراس� حق�ه��ذي جعل��ر ال��ريم، األم��رآن الك��ا في الق� اللغة وتحديد معناه�ة��ة على اللغ��ة دخيل��ة أجنبي��ا لفظ� يصدر حكما جازما على أنه�لمين من��د المحققين المس��بره أح��ا اعت��و م��ة، وه� العربي�ز� المزاعم االستشراقية التي تف�تقر إلى الصح�ة ؛ ألن الله ع

وج�ل يق�ول في كتابه العزيز:دmون_ m��اعب بuكmم ف[ ا ر[ ]��[ن أ د[ةH و[ _��ةH و[اح a��م

mم أmكmت aمm ﴾ إ_نa هـذ_ه_ أ �اء:﴿�)األنبي

�رآن92��بر عنهم الق��ذين يع��ك ال� (، فالمقصود ه�نا باألمة أولئ

�الم إذابالناس. فالرس�ول غالبا��ة، فالع��اس كاف� أرس�ل للن�و���ه ه��م كل���ة. العال��ع للكلم���نى الواس���ه، بالمع��و أمت�� كله ه

�د � ،مج�ال الدعوة، والناس في العالم ه�م بالتالي أمة محم... قال تعالى : اس_ a��ةH لiلن a��لن[اك[ إ_الa ك[اف ]��ا أ[رس ]��﴾ و[م �بأ:﴿� (،28)س

ال[م_ين[ وق�ال تعالى: ]��ةH لiلع ]��حم لن[اك[ إ_الa ر[ ]��ا أ[رس ﴾ و[م[ �اء:﴿�)األنبي107 ..)

�ة( في��ة )األم��ا أن كلم��د لن��واهد، يتأك��ذه الش���وء ه� وفي ض�ة� القرآن الكريم واضحة في معناها كوضوح الشمس في رابع

النهار.

- التعريف االصطالحي لألمة �الت��ربطهم ص��دون ت��عرون أنهم متح��راد، يش� األمة مجموعة من األف�ا.��تركة في العيش مع��ة المش��ع بينهم الرغب��ة وتجم��ة ومعنوي� مادي�د من��ة العدي��أ نتيج��ية تنش��ة نفس��ة رابط��رد واألم��ة بين الف� فالرابط�ة، وال�دين، والت�اريخ،� العناصر المتداخلة المعقدة مث�ل الجنس، واللغ

والمصالح المشتركة التي تؤدي إلى زيادة الروابط بينهم .

- األمة من خالل بنود »الوثيق�ة« �دة� ه�ي كيان اجتماعي سياسي، تقوم على أساس الفكر والعقي�ة أو��دها لغ��ة، ال تح��س بيولوجي��دم أو على أس��اس ال� ال على أس

�ا من ج�نس أو وطن، وال تصادر األفكار والعقائد األخرى،��ل له� ب

Page 51: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

51

�ذويب،��هر أو ت��رى دون ص��ر األخ��ه العناص�� الرحابة ما تستوعب ب�ا��ا أو يتركه��م إليه��دد من ينض��ا لع��ع والتقلص تبع��ة للتوس� قابل

باختياره .�ي��ب الماض��رر من رواس� »فوثيقة« المدينة تعتبر دعوة إلى التح�اص��ة، وامتص��ارات الجاهلي��بية والث��زعة العص���ا الن� وفي طليعته�زرج، حيث تنص على أن����دي بين األوس والخ����راع التقلي��� الص »المؤمنين والمسلمين سواء كانوا من )مكة( أو )يثرب( يشكلون�اء��دة االنتم��ز على وح��ه ترتك��دة في� مجتمعا موحدا«؛ وفكرة الوح�ا��رط تكونه��ة، وش��الة األم��ي رس���تي ه� إلى العقيدة الجديدة، ال

�دة«: ���د »الوح��بuكmمالجدي ا ر[ ]���[ن أ د[ةH و[ _���ةH و[اح a���تmكmم أmم aمm �ذ_ه_ أ�� ﴿ إ_نa هـ

اعبmدmون_ ( . والفرق ه�نا بين اإلسالم واإليمان: أن92)األنبياء:﴾ف[�ه��ه وأعمال��هادتين، أركان� اإلسالم ه�و انقياد ظاهري ونطق بالش�إن��ان، ف��ه، بخالف اإليم��ه وفرائض��وع ألحكام��اهرة، كالخض� ظ�ه إال��بي ال يعلم��ر غي��و أم��ه، وه��القلب ركن من أركان� التصديق ب

واإليم�ان في قول�ه تع�الى: الله. ويتضح لنا الف�رق بين اإلس�الما a��ل[م ل[من[ا و[ `��وا أ[س m��ول mل[ك_ن ق وا و[ m��ن ل لaم تmؤم_ m��ا ق a��ن ابm آم[ ر[ `��[ع ال[ت_ األ ﴿ ق[

لmوب_كmم... mف_ي ق mان ل_ اإل_يم[ mرات:﴾ي[دخ���نفان14)الحج��يز الص� (، ويتم في أهل يثرب فقط لظهور النفاق فيهم، أما المهاجرون فليس�ا��و م���ايز ه��ذا التم��ه، وه� فيهم مسلم إال وهو مؤمن مصدق بقلب

( الذي نص في إحدى فقراته1قصدته »الوثيقة« في البند رقم )�واة األولى��انوا الن��ذين ك��لمين - ال���نين والمس� على أن المؤم�بي��أها الن��تي أنش��ثرب، ال� لتأسيس األمة والدولة النظامية في ي

على أساس دس�توري - من ق�ريش وأه�ل ي�ثرب »أم�ة ق�امتعلى أساس الفكرة والعقيدة«.

�د2لقد بينت »الوثيقة« -البند رقم )� (- االنتظام االجتماعي الجديللمؤمنين والمسلمين:

�م��بية وال تتس� »أنهم أمة واح�دة من دون الناس« ال تتلفع بالعص�لمون من��المؤمنون والمس� بالعنصرية ، وال تأخذ من الطبقية ، ف�ة��د معهم »أم��هم وجاه���ق ب� قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلح�راف���ي لالعت� واحدة«، والجديد في ه�ذا المبدأ أنه الجذر األساس بتكوين »األمة« للمرة األولى في تاريخ جزيرة العرب السياسي،

�ا��ير في وأنها وحدة واحدة ال تتجزأ... وهن��ال الكب��عر باالنتق�� نشحياة العرب من حياة الفرد والقبيلة إلى حياة األمة الواحدة .

Page 52: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

52

�نهم���ون م��ذين يتك� لقد ح�ددت مواد ه�ذه »الوثيق�ة« األعض�اء ال�اس« وهم:��دة من دون الن��ة الواح��ا ب�»األم��ه فيه� ما اصطلح علي�ريش��ار )من ق��اجرين واألنص��د من المه��دين الجدي� المؤمنون بال�األعراب،���د معهم: )ك���ق بهم وجاه���ثرب ( ومن تبعهم ولح�� وي�دة،� والمنافقين، والمؤلفة قلوبهم الذين يحاربون لألجر ال للعقي�تطاعت��ية اس��ة« التأسيس� واليهود(.. والطريف أن ه�ذه »الوثيق�اج وه�ذا الش�تات المجم�وع� أن تستقطب وتقود كل ه�ذه األمش�اس على��ائم باألس��د ق��ور جدي��ق تص��ف وف��ف ال تعس��ع تولي� جم�دي��دني ال العقي��ي والم��ابع السياس��ة« ذي الط��وم »األم� مفه

�ة1الديني، ولهذا جاء النص في البند رقم )� ( من »وثيقة« المدين�لية »ومن تبعهم��ا األص��ة على أطرافه��ها منطبق� على أن نصوص�راف��رف من األط��يص لط��د معهم« دون تخص��ق بهم وجاه� فلح

( مستهدفا اليهود16دون اآلخر، وتكرر ذلك أيضا في البند رقم )�ه��إن ل��ود ف��ا من يه��ه من تبعن��ة، حيث ينص على »أن� بصفة خاص�و���ة ه� النصر واألسوة«، وعلى ه�ذا األساس يعتبر دستور المدين

�دات أول وثيقة في التاريخ تقرر مبدأ� جواز االنضمام إلى المعاه�د��لمات قواع��بح من مس� بعد التوقيع عليها. وذلك المبدأ الذي أص

المعاهدات الدولية في العصر الحديث .�أته��ذي أنش��ي ، ال��ع السياس��ا »أن المجتم��بين لن��نا يت�� ومن ه الوثيقة، ه�و مجتمع تعاقدي متنوع في انتمائه الديني«؛ ألنها لم

�ودة2تكتف باإلعالن في البند رقم )� ( عن أن كل األطراف الموج�ود من رقم )��راحة في البن��ل أعلنت ص��دة، ب��ة واح�في يثرب أم

�ع35إلى25���ة م���لمين )أم���الفوا المس���ذين ح���ود ال�� ( أن اليه المؤمنين(، »وليسوا جماعة سياسية منفصلة، فهم يشكلون أمة�لمين� ب�المعنى السياس�ي وليس العق�دي )لليه�ود دينهم وللمس�ي��المعنى السياس��دة ب��ة واح� دينهم(، فيك�ون المجتمع الجديد أم

وأمتين بالمعنى العقدي« .�د��ل من يري���ال لك��ة« المج��اس فتحت »الوثيق��ذا األس�� وعلى ه�ة��ة األم��ة؛ ألن »كلم��دود المدين��ارج ح��و من خ� االلتحاق باألمة ول ه�نا، ليست اسما للجماعة العربية القديمة ال�تي تربطه�ا رابط�ة�دخلت� النسب بل ه�ي تدل على الجماعة بالمعنى المطلق« ، »ف�ع��ددة دون أن يض��راق متع��ف وأع��دة طوائ��ذه القاع�� بناء على ه

�ول ��ا وبينالرس��ول بينه��ا أو تح��ات تمنعه��واجز أو عقب��ة ح� أي

Page 53: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

53

المشاركة في حياة العالم اإلسالمي؛ ألن الحدود القبلية أصبحتغير معترف بها رسميا في الدولة الجديدة« .

�و�� وألن اإلسالم دعوة شاملة، والعالم كله -وليس يثرب فقط- ه مجال تحققه، لذا أمكن إدخال اليه�ود، باعتب�ارهم ج�زءا من أم�ة�ع��م م�� الدعوة، ضمن الكيان السياسي واالجتماعي لألمة، فإذا ه

المؤمنين من قريش ويثرب )أمه من دون الناس(. �ة��ون مقدم��د يمكن أن يك��ي واح� إن ه�ذا العيش في إطار سياس

�االنضمام اليهود إلى أمة اإلجابة، وهو أمل راود النبي � على م�ادي أن�� يبدو بقوة في السنة األولى لمقامه بيثرب .. وفي اعتق ما ذهب إليه أبو عبيد القاسم ابن سالم في كتابه »األموال« عن�اونتهم��نين ومع��رهم المؤم��ا أراد نص��ال: »فإنم��ا ق��ود حينم� اليه إي�اهم على ع�دوهم بالنفق�ة ال�تي ش�رطها عليهم، فأم�ا ال�دين�ود دينهم� فليسوا منه في شيء، أال تراه قد بين ذلك فقال: لليه�ي� وللمؤمنين دينهم«، يندرج تحت مفهوم األمة بالمعنى السياس

ال المعنى العقدي.�ة« من��وم »األم��ير إلى مفه��ذا المبحث أود أن أش�� وفي ختام ه

�ول:��ومري واط« حيث يق��رق » مونتج��ر المستش��ة نظ� »إن وجه�تي لم��ة ال� فكرة »األمة« كما جاء بها اإلسالم ه�ي الفكرة البديع�ل فيض من��ا لك��زمن ينبوع��ذا ال���زل إلى ه��ا، ولم ت��بق إليه� يmس�دة� فيوض اإليمان يدفع المسلمين إلى »الوحدة« في »أمة« واح�ب���بيات النس���ات، وعص���اس واللغ���واجز األجن���ا ح�� تختفي فيه�ه��دة بين أتباع��ذه الوح���ق ه��الم بخل��رد اإلس��د تف��اللة، وق� والس فاشتملت أمته على أقوام من العرب والفرس والهنود والمغول�اوت� والصينيين والبربر والسود والبيض على تباعد األقطار، وتف�ا،��ق عليه� المصالح، ولم يخرج من حضرة ه�ذه »األمة« أحد لينش�ديولوجي� ويقطع الصلة بينه وبينها« ؛ ألنها قائمة على أساس أي

عالمي جديد. �ع��رد إلى المجتم� والس�ؤال الذي يطرح ه�نا: إذا كان انضمام الف�ق��ة- إال عن طري���ه الوثيق�� اإلسالمي ال يتم -في إط�ار ما عالجت�رد���ئولية الف���ذا أن مس���ني ه���ل يع��يرة، فه���ة أو العش� القبيل المدنية واألخ�القية والدينية ال تكون إال ع�بر القبيل�ة والعش�يرة؟

ه�ذا ما سنتناوله في المبحث التالي.

المبحث الثاني: عالقة الفرد بالمجتمع

Page 54: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

54

�طو���ة إلى أرس���رد والجماع���راع بين الف����رة الص���ذور فك���د ج�� تمت�راع الطبقي في��ل الص��طو عام��ر أرس��ر في فك��ون، إذ يظه� وأفالط�ات ثالث��اعي في طبق��ها االجتم��ل أساس��تي يتمث��لة وال� دولته الفاض متصارعة: غنية، وفقيرة، ومتوسطة، بشرط أن تكون الطبقة األخيرة�نى، وال��د الغ��اء ح��وا باألغني��ذين ليس��ك ال� قوية، وهي تتألف من أولئ الفقراء حد الفقر، ه�ذه الطبقة ه�ي التي تكفل للدولة االرتكاز على أساس شعبي، بينما يرى أفالطون في كتابه »الجمهورية« أن المدينة�راع��ا في ص��راء، وهم��ة للفق� الواحدة مدينتان األولى لألغنياء، والثاني�راع، أو على��ك الص��ة لعالج ذل��ة الفردي��اء الملكي��رى إلغ� دائم، وكان ي

األقل إزالة الفروق الشاسعة بين الغنى والفقر .

أما قبل دستور دولة المدينة فقد كانت شخصية الفرد ذائبة في إرادة�ه��نى أدق(، ولم يكن ل��ة بمع���ة )أو إرادة رئيس القبيل���ة العربي� القبيل�ات��وق والواجب��اط الحق� »حرية« أو »حق« ولم يكن له اختيار؛ ألن من�ي من���ال ه��ومات على اإلجم��اص والخص��ة والقص� في مسائل الرعاي حقوق القبيلة وحدها، إضافة إلى ذلك أنها لم تكن تختلف في وضعها�ون من��طو وأفالط��ام أرس��ع أي��ه الوض� االجتماعي كثيرا عما كان علي

�انون��ع، فالق��ة حيث تقسيم أفراد المجتم��ائد في القبيل��رفي الس� الع�ها��ا عن بعض� يصنفها إلى طبقات ثالث مرتبة بحسب أهميتها وتفوقه�ي: �������ات ه������ذه الطبق������رف، وه������ة والش�����من حيث المكان

- طبقة األحرار.1

القائمة على اعتبارات ثالثة: : - طبقة الموالي2

أ- والء الجوار.

ب - والء الحلف.

ج - والء العتق.

- طبقة األرقاء.3

�ة� كان الفرد قبل اإلسالم يكسب للقبيلة، وكان يقترف اإلثم والجريم�ا��رفه له��ا، ش��ة له� وتؤدي عنه القبيلة، فهو يدور في حلقة من التبعي�تي��رائم ال��ات الج��ا عقوب��ا، وعليه� ووزره عليها، وتبعاته مطلوبة منه�ة� يقترفها.. ومع بزوغ فجر اإلسالم وقيام دولته اإلسالمية في المدين�ة��لطان القبيل��رد من س��رر الف��وب، تح��توري مكت��اس دس� على أس

Page 55: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

55

�ذي��ر ال� وسلطان السادة والكبراء بذوبان القبيلة في األمة، وه�و األم أدى إلى بروز ذاتية الفرد ومسئوليته، ووقفت اآلثار في أحيان كثيرة�انت��د أن ك��ه( وبع��غ إال نفس�ه وأه�ل بيت��ه ال يوت��ه )فإن��د أه�ل بيت� عن�ذا���ه ه��ذي قنن��ور ال��ذا التط���اء ه� القبيلة تلحق إثم الحليف بحليفه ج

�ال��ذلك الح��ع الدستور عندما نص على )أنه ال يأثم امرؤ بحليفه( وك� م »الجار« )وأن الجار كالنفس، غير مض�ار وال آثم( وهك�ذا ب�رزت ذاتي�ة

الفرد المسئول المكلف .

وهنا يتأكد لنا أن »دستور« الدولة اإلسالمية قد اعتنى بالفرد اعتناءه�ع،��ام المجتم��رد أم��ئولية الف� بالجماعة على حد سواء، فبينما حدد مس�ئولية��رد في مس��ع عن الف��ئولية المجتم��ا وبين مس��دمج بينه��ده ي� نج�ي في��رد يفض��ا يخص الف��ل م��زأ، ألن ك� مشتركة كي تصبح كال ال يتج�اف،��ر المط��ع، في آخ� النهاية إلى المجتمع إيجابا أو سلبا، إذا المجتم�ليمة��س س��ه على أس��اس لقيام��كل األس��ذي يش��رد ال��ذا الف���و ه�� ه

دuومتماسكة. قال رسول الله m��ان_ ي[ش ]��ؤم_ن_ ك[البmني m��ؤم_ن[ ل_لم mالم aإ_ن« : �ئول عن أداء واجب معين،��ع مس��رد في المجتم��ل ف�ا« فك H��هm ب[عض mب[عض �ول��ربها الرس� ومسئول مسئولية شخصية، ومن روائع األمثلة التي ض

:عليه السالم﴿ قوله في تحديد الدور الذي يجب أن ينهض به الفرد يaت_ه_، ع_ سئmول� ع[ن ر[ اعj و[م[ امm ر[ يaت_ه_، اإل_م[ ع_ سئmول� ع[ن ر[ كmلuكmم م[ اعj و[ »كmلuكmم ر[ي[ة� ف_ي ب[يت_ اع_ [ةm ر[ رأ الم[ يaت_ه_، و[ ع_ سئmول� ع[ن ر[ و[ م[ mهل_ه_ و[ه] اعj ف_ي أ لm ر[ mج aالر و[ئmول� `�يiد_ه_ و[م[س ]��ال_ س ]�اعj ف_ي م اد_مm ر[ ]��الخ ا، و[ ]�يaت_ه ع_ سئmول[ة� ع[ن ر[ ا و[م[ ه[ وج_ ز[

ه_ _��يaت ع_ �ذا﴾ع[ن ر[���ع ه��رعى المجتم��ه ي��وقت عين��الفرد راع وفي ال� . ف مستقلة عن الفرد، بل يشكل الراعي، فالمجتمع ليس وحدة متناقضة

�ه،��وقت عين��د في ال��رد عض�و وقائ��ة متراص�ة؛ ألن الف��ة كامل� مجموعولذلك ال يمكن نشوء طبقات اجتماعية.

�ات� فاألمة يرتبط أعضاؤها برابطة العقيدة، ويشتركون بحقوق وواجب�ة، فهي��ت طاغي��ا ليس� تعبر عن وحدتهم وتقوي من تماسكهم، ولكنه تهدف إلى تنسيق حرية الفرد مع مصلحة الجماعة، وأن وجود األمة ال�ة���ئولية المدني��ه، فالمس���رد ومكانت���ان الف���اء على كي��ني القض�� يع

واألخالقية والدينية فردية .

�ة��حيفة« بالكرام��ور »الص��ان في منظ��ة ترتبط��ئولية والحري� إن المس�ني آدم -��رم ب� اإلنسانية ارتباطا وثيقا، فالله سبحانه وتعالى - الذي ك�ذ��ة، ال يؤاخ���ردا وجماع��ه، ف��ئوال عن عمل� ه�و الذي جعل اإلنسان مس

�ه �ه_ين� واحد بوزر واحد، وال أمة بوزر أم ب[ ر[ ]��ا ك[س ]��ر_ئj ب_م `��لu ام m��﴾ ...ك ﴿

Page 56: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

56

�يرة من21)الطور:��ل األخ��رة قب��ة« في الفق��ه »الوثيق� ( وهذا ما عنت�د رقم )��ب إال على46البن��ب كاس��ه »ال يكس��ت على أن���تي نص� ( ال

نفسه«، كل فرد يحمل ه�م نفسه وتبعتها، ويضع نفسه حيث شاء أن�ا��ة بم��ا، فهي رهين��ا أو يهينه��أخر، يكرمه��ا أو يت��دم به��عها، يتق� يض�ع من��ئولة تنب� تكتسب، مقيدة بما تفعل. فهي إذن كرامة إنسانية مس إحساس المرء بوجوده الحر، وبذاتيته المتفردة، تترتب عنها تبعات إن نهض بها صاحبها على النحو الذي يرضي الله أوال ثم يرضي ضميره ،�روف في� فالعقوبة تلحق من ارتكب جرما دون غيره، وهو المبدأ المع

الفقه الجنائي المعاصر بمبدأ »شخصية العقوبة«.

- فردية المسئولية )شخصية العقوبة( �ة��ية( أن العقوب��ة الشخص��ئولية أو )خصيص��ة المس��د بفردي� يقص�ه،��وم علي��ذنب المحك��خص الم� الجنائية تقتصر في آثارها على ش�ر��ا آخ��ة شخص��ذه العقوب�� وال يجوز بحال من األحوال أن تمس ه

غير المحكوم عليه، مهما كانت صلة قرابته من المحكوم عليه .�رف� والمقصود بعدم مساس العقوبة بغير المحكوم عليه، أال تنص�أثير��ا من الت��ع أحيان��ذا ال يمن���يره، لكن ه� آثارها القانونية إلى غ�در� الفعلي للعقوبة على أقارب المحكوم عليه. ولهذا قيل: إنه ين�ق،��و مطل��ة على نح� أن تتحقق في العمل ضمانة شخصية العقوب�ه��الب ذوي��يب في الغ��خص يص��ة على ش��ع العقوب� حيث إن توقي�ك فمن��ع ذل��رار. وم��ه باألض��دون علي��ائر من يعتم��ه وس� ودائني�ي���ا ه��ة، وإنم� المسلم به أن ه�ذه اآلثار ال تخل بشخصية العقوب

آثار غير مباشرة لها بل وغير مقصودة .�ر��ة عش��ل أربع��المية قب��ة اإلس��تور« الدول� وهذا ما صرح به »دس

�د4و3قرنا ونيف من الزمان حينما نص في الفقرتين )� ( من البن�د رقم )3 و2والفقرتين ) (25رقم )��رة )31( من البن� (2( والفق

�د رقم )��د رقم )36من البن��رة )37( والبن��د3ب( والفق� ( من البن ( التي نصت على47( من البند رقم )1( والفقرة رقم )46رقم )

�ده وال��اني وح��ر على الج��ا تقتص� شخصية العقوبة الجنائية، وأنه�ل��ة أه��ة الجنائي��مل العقوب� تتعدى غيره، لكن ه�ذا ال يمنع أن تش�ل��ه وأه� بيت الجاني حسبما تقتضيه الحالة )فإنه ال يوتغ إال نفس�ة��يزان العدال��وح م� بيته(. وهكذا أعلنت »الوثيقة« بكل جالء ووض�ي��رم يمض��دع المج��ترح. وال ي��ا اج��رد على م� الذي يحاسب كل ف

Page 57: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

57

�المي� ناجيا إذا ألقى جرمه على سواه، »فليس في القانون اإلسأن يترك المجرم ويقبض على البرئ« .

�ا��يرة، وربم��مل العش��ة تش��ية في الجاهلي� كانت الجريمة الشخص�يح��د على توض��د بعي��زت إلى ح��ة« رك��ا، و»الوثيق� القبيلة بأكمله�ارات��ع على اإلقالع عن ث��ت الجمي��ية، وحض��ئولية الشخص� المس�ه� الجاهلية وحميتها، كما حظرت التقاتل وسفك الدماء بدون وج�ل��ل ك��ذكر على تحم��ة ال��رات اآلنف� حق شرعي، فقد أكدت الفق�بحت��ة أص��وية، فالعقوب��ير س��ال غ� شخص لما يصدر عنه من أفع�رؤ��أثم ام��ه ال ي��يره؛ )وأن��داه إلى غ� منحصرة بشخص اآلثم ال تتع�ه؛ )وأن��ه حليف��ا يرتكب��ل وزر م��ف يتحم��د الحلي��ه( فلم يع� بحليف�لم إذا��ير المس��لم ولغ� النصر للمظلوم(؛ والنصر ه�نا يكون للمس

�ه��الم أو آثم«، كان مظلوما ؛ »وأن��اب دون ظ��ذا الكت���ول ه� ال يح�ة��وم أن العقوب��ة الي��ك في لغ� يقول ظافر القاسمي: »معنى ذل�يره«،��داه إلى غ��رم، ال تتع��خص من ارتكب الج��رة في ش� منحص

�ول ��جاء الرس���ذع في ه��ذي أق��ري ال�فكعب بن األشرف النض وشبب في أشعاره بنساء الص�حابة وآذاهم بس�الطة لس�انه أش�د اإليذاء وتأليبه األعداء، باتصاله بكفار قريش اتصال تآمر وتحالف

�بي ��لوكيد ضد الن��ا جع��ه مم��ك العه�د بينهم وبين��ام ذل��ع قي� م

�ول ��هالرس��راد قبيلت��ه من أف��ذ أتباع��ه، ولم يؤاخ��أذن بقتل� ي�ه )ال46( من البند رقم )3تطبيقا للفقرة )��لى أن���تي تنص ع� ( ال

�بق��تي س��رات ال��ا من الفق� يكسب كاسب إال على نفسه( وغيره�ا��ف ال يحمله��ة الحلي� أن ذكرناها في طيات ه�ذا المبحث، فخطيئ�ية وال��ئوليته الشخص��ل مس� الحليف اآلخر، فكل فريق حالف يحم

�ذايحمل مسئولية غدر الحلفاء اآلخرين، وقد ترجم الرسول � ه�عد��رو ابن س��ع عم��ة م��ني قريظ��زوة ب� على أرض الواق�ع في غ�درهم��ة في غ��ني قريظ��ع ب��دخل م��ذي رفض أن ي��رظي ال� الق�ك��ه ذل��ة لوفائ��دا«، ونتيج��د أب��در بمحم� برسول الله قائال: »ال أغ

�ه« عليه السالم﴿ وقال خلى سبيله � ﴾: »ذاك رجل نجاه الله بوفائ�ا في��ان واقع��ا ك��ردهم، بعكس م� ثم قتل الناكثين بالعهود ، بمف

الجاهلية، ألنه ليست ه�ناك خطيئة موروثة في اإلسالم: ه_... _��بmهm ع[ل[ى ن[فس _��ا ي[كس _نaم[ إ ا ف[ Hثم_ ب إ ﴾ و[م[ن ي[كس_ �اء:﴿� (.111)النس

�ه��ه وجرائم��أل إال عن أفعال���ة ال يس� فاإلنسان في دستور المدين�رون؛��ا اآلخ��رائم اقترفه��بب ج��ه بس��وز القبض علي� فقط، وال يج�ة، وال��رة الجماع��رد بجري� )وأنه من فتك فبنفسه..( فال يؤخذ الف

Page 58: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

58

�الى: ��ال تع��رد، ق��رة الف�زر[تؤخذ الجماعة بجري ة� و_ از_ر[ ز_رm و[ ]�� ﴿ و[ال[ تى... �ة،18)فاطر:﴾أmخر[��ة بالقائم��اس جمل��ب الن� (، فالله ال يحاس

�ه،��دود واجب��ه، وفي ح��ردا، كال على عمل��ردا ف� وإنما يحاسبهم ف�إذا� ومن واجب الفرد أن ينصح وأن يحاول اإلصالح غاية جهده، ف�تي يعيش��ة ال� أقام بقسطه ه�ذا فال عليه من السوء في الجماع�الح��و محاس�ب على إحس�انه. ك�ذلك ال ينفع�ه ص� فيه�ا فإنم�ا ه�اده��ب عب���ه ال يحاس��الح، فالل��ير ص��ه غ� الجماعة إذا كان ه�و بذات

�يربالجملة، ��ل غ�مث[ة[ - واسمه رفاعة بن يثربي، وقي ب_ي ر_] ﴿ فع[ن أ

iب_يaب_ي ن[حو[ الن] ع[ أ : »انط[ل[قتm م[ ال[ ه ذلك – ق[ a��ول[ الل mس ثmمa إ_نa ر[

: ال[ ]��ا؟ ق £��ق : ح[ ال[ ]��ة_. ق ]��[عب بi الك : إ_ي و[ر[ ال[ ]��ب_ي: ابنmك[ هـذ[ا؟ قال[ أل[ ق[

ولm اللaه_ mس م[ ر[ aت[ب[س : ف[ ال[ دm ب_ه_.. ق[ ب[ه_ي ف_يأ[شه[ ]�ن ث[بت_ ش كHا م_ اح_ ]� ضك[ و[ال `��هm ال ي[جن_ي ع[ل[ي a��_ن ا إ ]��: أ[م ال[ ]��، ثmمa ق aب_ي ع[ل[ي

] ف_ أ _��ل ن ح[ ب_ي و[م_] أ

ه_ a��ولm الل m��س أ[ ر[ ر[ ]�ى : ت[جن_ي ع[ل[يه_ و[ق ر[ `��زر[ أmخ ة� و_ از_ر[ ز_رm و[ ]�﴾ أ[الa ت ﴿﴾ (« .38)النجم:

المبحث الثالث: األخالق االجتماعية�احرة،حين قدم الرسول ��ة، متن��ات متفرق��ا جماع� المدينة وجد فيه

�ه عن��احي حيات��ع من� فكون منها مجتمعا جديدا موحدا يختلف في جمي المجتمع الجاهلي، ويمتاز عن أي مجتم�ع يوج�د في الع�الم اإلنس�اني�دم��بية وه��ارب العص��ذي ح� حينئذ، ألنه ارتكز في بنائه على اإلسالم ال�احنات،��ى على المش��ارة، وقض��زاعات الض���دة، والن��ادئ الفاس� المب والعداوة التي ولدتها، وأقام بناء المجتمع على أسس واضحة ودعائم�ببا في��انت س��تي ك� قوية، سقطت معها القيم االجتماعية الجاهلية ال

التناحر والظلم، وجمع بين المسلمين برباط وثيق ه�و اإليمان.

�ده��و وح���الم ه��ة ينص على أن اإلس��ة« المدين� فالبند األول من »وثيق�يزات��وارق والمم��ع الف��دة، وعلى أن جمي��ة واح��ل منهم أم� الذي يجع�تي��املة، ال��دة الش� فيما بينهم تذوب وتضمحل ضمن نطاق ه�ذه الوح

�ه ��حة في قول��ة وواض��رت جلي��لمين منظه��نين والمس� : »المؤم�ة��د معهم أنهم أم��ق بهم وجاه��ثرب ومن تبعهم فلح��ل ي��ريش وأه� ق�ع��ة مجتم��ه إلقام��د من��اس ال ب��و أول أس� واحدة من دون الناس«، وه

Page 59: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

59

�ل��نى التكاف��ور مع��ماته ظه��ك من أهم س��اري متماس��المي حض� إس�كاله، فهم��وره وأش� والتضامن فيما بين المسلمين وغيرهم بأجلى ص�رتهم .���اهم وآخ���ئون دني���هم في ش���ئولون عن بعض���ا مس�� جميع

�بي ��ا الن��ة خطبه��د أن أول خطب��ذا نج��وة إلىل��انت دع��ة ك� بالمدين ﴿ روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أن رسولالتعاون والتكافل..

االله [���ال: »أم� قام فيهم: فحمد الله وأثنى عليه بما ه�و أهله، ثم ق

�دكم ثم]��عقن] أح��ه ليص��كم، تعلمن] والل� بعد، أي]ها الن]اس فقد]موا ألنفس ليدعن] غنمه ليس لها راع، ثم] ليق�ولن] ل�ه رب�ه وليس ل�ه ترجم�ان وال�لت��اال، وأفض��ك م��ك، وآتيت� حاجب يحجبه دونه: ألم يأتك رسولي فبل]غ

�يئا، ثم]��رى ش� عليك، فما قد]مت لنفسك؟ فلينظرن] يمينا وشماال فال ي�ه من��تطاع أن يقي وجه� لينظرن] قد]امه فال يرى غير جهن]م، فمن اس�ا� الن]ار ولو بشق] من تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طي]بة، فإن] بهالم عليكم [���عف، والس��بعمائة ض��ا إلى س��ر أمثاله��نة عش��زى الحس� تج

�ه ��ه وبركات��ل﴾ورحمة الل��ة لك�ه �ة الموج]��ة العام��ذه الخطب�� ، ثم تلت ه�ورة��ائر بص��ل والعش��رت القبائ� الناس بدون استثناء خطوة أخرى، ذك�يرة من��ل عش��راد ك��ل بين أف��اون والتكاف��دة على التع��ة، مؤك� خاص

عشائر القبيلة وطوائفها على حدة.

�ف من���ائر والطوائ���ل بين العش�� أوال: التكافخالل بنود الوثيقة

�دخصص النبي ���ن البن���ة م���ة« المدين��ن »وثيق�� الجزء األول م�ة11إلى 3رقم )��اجرين كتل��برت المه� ( للكيانات العشائرية، واعت

�د رقم )����ددهم، حيث ينص البن����ة ع����دة لقل��� ( على »أن3واح�ريش على���اجرين من ق���اقلون بينهم، وهم المه�� ربعتهم ، يتع

�ار��ا األنص� يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين«، أم فنسبتهم إلى عشائرهم فتقول -الوثيقة-: »وبنو... على ربعتهم�المعروف��ا ب� يتعاقلون معاقلهم األولى، وكل طائفة تفدي عانيه�بارها���ني اعت��ائر ال يع���ر العش��نين« وذك��ط بين المؤم� والقس�اء على���ني اإلبق��اس، وال يع��اط بين الن��اس األول لالرتب� األس

:﴿ ق�ال العصبية القبل�ية والعشائرية، فقد حرم اإلس�الم ذلك. »jةaي���ب_ _ل[ى ع[ص[ ن د[ع[�ا إ نaا م[ �ا في﴾»ل[يس[ م_��تفادة منه��ا لالس� ، وإنم

�ل األول��و األص���دة ه��الم العقي��ل اإلس� التكافل االجتماعي، وجع

Page 60: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

60

�درج تحت� الذي يربط بين أتباعه، لكنه اعترف بارتباطات أخرى تن�ل��اء التكاف��اهم في بن��ع وتس���دم المجتم��يدة وتخ���ة العق� رابط

االجتماعي بين أبنائه .�ة« من رقم )��ود »الوثيق� (11إلى3وعلى ه�ذا األساس نجد أن بن

�ا��د لن��ا يؤك��و م��الم، وه��ة في اإلس� اقتصرت على العشائر الداخل

�بي ���عي الن���دى س���اعي بينم���ل االجتم���ق التكاف�� إلى تحقي�ل��توى القبائ��يق، أي على مس��توى األض��نين على المس� المؤم والعشائر التي كانت تشكل عصب الحياة االجتماعية آنذاك، يتضح�ود��د من البن��ل بن��الم في ك��ه الس��ده علي��ا من تأكي��ك جلي��ا ذل� لن�ادات���لة في الع���ة المتأص���راف القبلي���عة على بعض األع�� التس الجاهلية والتي ال تتعارض مع مبادئ الدين اإلسالمي الجديد مثل�ا��ة يؤديه��ات مالي��ا التزام��رى، باعتباره��داء األس� دفع الديات، وف�ط ،��المعروف والقس��نين ب� أفراد كل عشيرة، وطائفة من المؤم�د.�����د بع�����د وج�����ة لم يكن ق�����ة الدول�����ام خزان����ألن نظ�ذه���ق ه��ؤد وف��المية لم ي��ة اإلس��وء الدول� نالحظ ه�نا إذا أن »نش النصوص إلى اإللغاء التام لوظائف القبيلة االجتماعية، وذلك أنها�تي��ة« له�ا بعض وظائفه�ا ال� لم تكن شرا كله�ا، ف�أبقت »الوثيق�ك� تحمل معاني التعاون في الخير والتواصي بال�بر، وقد كانت تل�راف��ان من أع��ا ك��ا، يبقي م��ريعاته كله��الم في تش��ق اإلس� طري�ع��ا م��دا أو متعارض��ان فاس��ا ك��دل م��الحا ويلغي أو يع��رب ص� الع

مبادئه األساسية« .�ه��رف قيمت��د الع��حيفة« لم تفق��ول: إن »الص��تطيع الق� وهنا نس

كلية، بل أقرته، وذلك في العبارات التالية:

�رات، في� األول�ى: »على ربعتهم« التي تكررت في »الوثيقة« تسع م�ائدا11 إلى 3البنود من رقم )��ان س��ذي ك� (، وهي تفيد بقاء الوضع ال

�ة��ة الزعام��ة من ناحي��داخلي للقبيل��تركيب ال��الم في ال��ل اإلس� قب�وية��ديات وتس� والعادات والملكية، وشبكة العالقات، كذلك من حيث ال�حته��ا أوض��ذا م��دد وه��و المح���نا ه���رف ه��ات، حيث بقي الع� المنازع�ا في��ررت أيض��تي تك��اقلهم األولى« ال� العبارة الثانية: »يتعاقلون مع

بنود »الوثيقة« تسع مرات.

�أ،��دHا خط���ا أح��رد منه��ل ف���يرة إذا قت���راد العش� أي أنه يتعين على أف�ة��رض على العاقل��ا- تف� فإنها تدفع دية القتيل -بالتضامن بين أفراده�يبة��ع المص��ا لواق��ابين وتخفيف��اطر المص��ذ بخ� من قرابة القاتل لألخ

Page 61: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

61

�ا��ه ورفق��ا عن� عليهم، وفي نفس الوقت تعد للجاني بغير قصد تخفيف�دائد وهم� به، فناسب إيجابها على من عادتهم القيام بنصرته عند الش�ة��لة الواجب��اعدة والص��ه المس��والهم على وج� عاقلته ففرضت في أم�اني���ييق على الج��ة التض��و من حكم��انت ال تخل��ة، وإن ك��ق القراب� بح�ذلك��ومة ، فبقيت ب� ليأخذ ح�ذره وال يتس�اهل في إهدار الدماء المعص�د��د ق��ه لم يكن بع��يرة؛ ألن��ل عش� فسحة كبيرة لالستقالل الداخلي لك�ديات� نزل تشريع ينص على تغيير التركيب الداخلي، وال حكم خاص بال

والمنازعات.

�رف إلى القيم���اع الع���دف إلى إخض���ان يه���ه اآلني ك�� إال أن التوج�ة��دماء، فالدي��اوت بين المس�لمين في ال��تي س� اإلسالمية ومبادئه�ا ال

�دة، بعكس��راد عليهم واح��ة األف��انت دي��ة، حيث ك��ال في الجاهلي� الح�ة��ف عن دي���ريف تختل��ة الش��ة، فدي��انتهم االجتماعي� تختلف حسب مك�ليه���زت ع��ا رك��ذا م��د، وه��ة العب��ف عن دي��ر تختل��ة الح��يع، ودي� الوض�نين«��ط بين المؤم� »الوثيقة« في العبارة الثال�ثة: »بالمعروف والقس�ة« من رقم )��ود »الوثيق��د من بن��ل بن��ا ك� 3وهي العبارة التي ختم به

�ل11إلى��ا قب��انت له��تي ك��لطتها ال���ظ على س��ة لم تحاف� ( فالقبيل�ق��ا مطل��الم وال أنكره��ا اإلس��رى لم يحطمه��ة أخ� اإلس�الم، ومن ناحي�ل��ا من ك��د أن جرده��دة بع��ة الواح� اإلنكار »بل أدمجها في جسم األم

مضمون سياسي« سلبي.

�ا� أما فيما يتعلق بالفداء فقد تكررت عبارة » وكل طائفة تفدي عانيه�رات��ر م��ة« عش� بالمعروف والقسط بين المؤمنين« في بنود »الوثيق

( مؤكدة أهمية التعاون والتكافل بين أبناء المجتمع12إلى3من البند )�فة��لمين بص��ف المس� المديني بصفة عامة وأبناء كل طائفة من طوائ�ر��د ذك� خاصة، في إطالق سراح أحد أعض�ائهم إذا وقع في األسر، وق�اعي��ق االجتم��دا له�ذا الخل��ز مؤي��ه العزي��داء في كتاب��الى الف��ه تع� الل

دmالعظيم، فقال: `��ا ب[ع £��ن ا م[ a��إ_م ث[اق[ ف[ دuوا الو[ mم ف[ش mوهmمmنت [ثخ[ _ذ[ا أ تaى إ ﴿ ...ح[

ا... ]��ه ار[ [وز[ ربm أ ]��ع[ الح ]��تaى ت[ض د[اءH ح[ _��ا ف aإ_م �د:﴾و[��ال (،4)محم� : »﴿ وقر_يض[ ]��ودmوا الم m��، و[ع ائ_ع[ ]��وا الج m��أ[طع_م ، و[ ان_ي[ ]��كuوا الع mذي﴾ف���ؤال ال� ، والس

�ا��ط؟ أم أنه��ال فق�� يطرح ه�نا ه�و: ه�ل حددت »الوثيقة« الفداء بالم�ه؟���������������������ر على عموم���������������������ركت األم��������������������ت�ل��داء: »وك��رت الف��تي ذك��رة ال��ة« العش� حينما نعود إلى بنود »الوثيق طائفة تفدي عانيها...« نجد أنها لم تقي�د ذل�ك الف�داء بالم�ال فق�ط،�أي��راها ب��داء أس��ة من ف� وإنما تركت األمر عاما لكي تتمكن كل طائف

Page 62: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

62

�ابل�� طريقة من الطرق اإلسالمية المشروعة، كالفداء بالمال، أو بمقأسرى للعدو بيد المسلمين، أو بمقابل خدمات، أو غير ذلك.

أ- الفداء بالمال�ر��ا حض��رار حينم��ارث بن أبي ض� يتجلى ه�ذا النوع في حادثة الح�تي� إلى المدينة ومعه الكثير من اإلبل ليفتدي بها ابنته جويرية ال

�ول ���ل الرس�وقعت في األسر في غزوة بني المصط�لق، فقب�ول� عرض الحارث اإلبل عليه. ولكن لما أسلم القوم تفضل الرس

�ذلك ��ا . وك�د[اء_فمن] عليهم جميع _��ة[ ف_ي ف a��ك لm م[ `��ا ب[ع[ث[ أ[ه a�� ﴿ ل[م

ين[بm - بنت رسول الله م ب[ع[ث[ت ز[ mاه ب_ي الع�[اص_ -أ[سر[] د[اء_ أ _� - ف_ي ف

ا ]��ا ب_ه ل[ته[ [دخ[ ة[ أ د_يج[ ند[ خ[ ا ك[ان[ت ع_ الد[ةj ل[ه[ يه_ ب_ق_ ب[ع[ث[ت ف_ الj و[ زوجها- ب_م[Hد_يد[ة ]�ةH ش a�ا ر_ق ]�قa ل[ه ه_ ر[ a��ولm الل m��س ا ر[ ]�آه ا ر[ aل[م ب_ي الع[اص_ … ف[

] ع[ل[ى أا، ]��ذ_ي ل[ه a��ا ال ]��دuوا ع[ل[يه mت[ر ا و[ ه[ ير[ ا أ[س_ وا ل[ه[ mطل_قmن ت] [يتmم أ أ _ن ر[ : إ ال[ و[ق[

الmوا: ن[ع[م ق[ .﴾ف[

ب - الفداء بمقابل أسرى للعدو بيد المسلمين�يء��ه ش��لمين ال يعدل��داء، ألن دم المس��واع الف� وهذا النوع من أهم أن�رى� من األموال فالمصلحة ه�ي تبادل األسرى، ولئن جاز استبدال أس�لمين،��رى المس��تبدل بهم أس� المشركين بمال فمن باب أولى أن نس

�ه بن جحش ، ��د الل��رية عب��ه﴿ ففي س��ه عن��ي الل��يرانرض��ع أس� ، وق

الع�ير واألس�يرين، فافت�دتهما من�ه ق�ريش ، فق�ال:وقبض رسول الله �اص ،��عد بن أبي وق��ني س��احبانا« يع��دم ص��تى يق��ديكموهما ح� »ال نف�ل��ا نقت��إن قتلتموهم��ا، ف��اكم عليهم��ا نخش��زوان »فأن��ة بن غ� وعتب

ب�دل﴾منهم صاحبيكم« فق�دم سعد وعتب�ة، فف�داهما رس�ول الل�ه األسيرين. يتضح من ه�ذه الحادثة أن مبادل�ة األس�رى أم�ر ج�ائز، وأن�ه��ول الل��ا »ف�دى رس��ال، كم��اداة بالم� المفاداة بالرجال خير من المف

رجلين من المسلمين برجل من المشركين من بني عقيل« .

ج - الفداء بمقابل خدمات

Page 63: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

63

�ه ��ول الل��ادى رس��د ف��در، فق��رى ب��ارزا في أس��ثرهمكان ه�ذا ب� أك بالمال، واكتفى من الباقي بتقديم خدمات للمسلمين، كتعليم صبيان

من جه�ودهم وأف�داهم مقاب�ل خ�دماتهم .المدينة، فاستفاد الرسول �حيفة«���ترفت »الص���د اع���يد »لق���الم، الس���ز س���د العزي���ول عب�� يق�ا عبء��ة، وألقت على كاهله��انت قائم� بالمجموعات العشائرية التي ك�ا� دفع ديات القتلى وفديات األسرى على نفس النظام الذي كان متبع في العصر الجاهلي؛ ألن االندماج لم يتم إال عن طريق القبيلة، فكأن�اء��ع إبق��ة« ويرج��ة القديم��ا القبلي��ة بتنظيماته��ل دخلت األم� القبائ�ه��وس ومكانت��ه في النف��ق تغلغل� الرسول ) التكتل العشائري إلى عم�د من��ان ال ب� في حياتهم، ومن الطبيعي أن ه�ذا التنظيم العشائري ك زواله بعد تشرب الناس لمبادئ الدين الجديد، الذي يقوم على أساس�ل��دة... فالتكت��ة العقي��اس برابط��ع الن��ة ويجم��ئولية الفردي� المس�رض��و مع��ا، وه��ع له��و خاض��ة وه� العشائري إذا يقع ضمن رابطة األم�ق��دة، إذ أن من يعتن��يرة الواح� للتفكك على مر األيام من صميم العش�د عمن يبقى��دين ويبتع� اإلسالم يرتبط برابطة عامة مع إخوانه في ال

متمسكا بالشرك .

ثانيا: وفاء الدين على الغارمين �ق��ة« فيتعل��ه »الوثيق��ذي نظمت��الث ال��الي الث��تزام الم��ا االل� أم�ه والء��ذي ليس ل��ال، وال��ير العي� بالمفرح أي المثقل بالدين، الكث�اون���اطي، حيث يتع���انب االحتي���ني الج���ذا يع���يرة، وه�� وال عش�اء��يرة عن الوف��ة أو العش��ة من القبيل� المؤمنون عند عجز العاقل�ات���ة« بواجب���اس اهتمت »الوثيق���ذا األس����ة ، وعلى ه�� بالحاج�ة��ا، داعي��ا بالغ��ا اهتمام��هم بعض��و بعض��ة نح��نين االجتماعي� المؤم�ل،� إياهم إلى التعاون والتآزر والتكافل االجتماعي الشامل الكام

�د رقم )����تركون12حيث ينص البن����نين ال ي��� ( على » أن المؤم�ل«؛���داء أو عق���المعروف في ف���وه ب����ا بينهم أن يعط��� مفرح�اج� والمفرح ه�نا المثقل بالدين، الكثير العيال، ورجل مفرح محت�ان��اء في لس��ا ج��ه. كم��ال ل� مغلوب. وقيل ه�و الفقير الذي ال م

العرب ، وأنشد أبو عبيد العذري:

Page 64: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

64

إذا أنت لم تبرح تودي أمانة وتحمل أخرى أفرحتك الودائع�د��يسها عن���ل تأس��ازالت في مراح��المية م��ة اإلس��ا أن الدول� وبم�اة� الهجرة، ولم يكن نظام خزانة الدولة قد وجد، ولم تفرض الزك�ارمين��ع دين الغ��ة من دف��ة لتتمكن الدول� بعد، وال الغنائم والجزي في تلك الفترة، فقد جعلت »الوثيقة« ه�ذا االلتزام المالي على

�د رقم )��ذي12المسلمين في المجتمع المديني من خالل البن� ( ال�اك��ديات وفك��ع ال� ينص على التراحم والتكافل والتضامن في دف�ه��وا دين��دين إال قض��تركوا بينهم مثقال بال��رى، وعلى أال ي� األس�ال أو��ثرة عي� بالمعروف، س�واء كان ه�ذا الدين ناتجا عن فقر وك

�ذا البن�د ق�ول الرس�ول عن فداء،�نأو عق�ل، وق�د ع�زز ه ﴿ : » م[ن ةH م_ ]��هm كmرب `��هm ع[ن a���دuني[ا ن[فaس[ الل�ب_ ال ن كmر[ سل_مj كmرب[ةH م_ mس[ ع[ن مaن[ف

mه a��ر[ الل a���دuني[ا ي[س�رj ف_ي ال _��ر[ ع[ل[ى مmعس a��ن ي[س ة_، و[م[ ]��ي[ام ب_ ي[وم_ الق_ كmر[

ت[ر[ ]���دuني[ا س�ل_مj ف_ي ال `��ت[ر[ ع[ل[ى مmس ]��ة_، و[م[ن س ر[ ع[ل[يه_ ف_ي الدuني[ا و[اآلخ_mد��ان[ الع[ب ]��ا ك ]��اللaهm ف_ي ع[ون_ الع[بد_ م ة_، و[ ر[ اللaهm ع[ل[يه_ ف_ي الدuني[ا و[اآلخ_

يه_« ب[ح[، ﴾ف_ي ع[ون_ أ[خ_ `��ةj أ[ص ا أ[هلm ع[رص[ [يuم[ ﴿ وقال عليه السالم: » أةm اللaه_ ت[ع[ال[ى « aم ذ_م mنه د ب[ر_ئ[ت م_ ق[ ائ_ع� ف[ ؤ� ج[ mامر mم يه_ .﴾ف_

�ير��ل األس��ان من أه��رح: إذا ك��اد، عن المف� يقول جمال الدين عي�ة��ان من عاقل��داء، وإذا ك��ارك في الف��تى يش��ون ح� أعانه المؤمن�زه عن��ه بعج��زداد دين� المرء الذي جنى خطأ عقلوا عنه، حتى ال ي�ه��ات عيال��ز عن نفق� أداء حصته من الدية أو الفداء، وحتى ال يعج�لمون إذ��اق عليهم. والمس��دخره لإلنف��ان ي��ا ك� إذا شارك فيها بم�ل،��داء والعق�� يعطون المفرح في فداء أو عقل، أو في غ�ير الف�انية،��ه اإلنس��تز ب��ذي تع� إنما يحققون مبدأ التعاون االجتماعي ال�دين في��ان الم��د ك��د. فق��وت في آن واح��رق والم��اربون ال� ويح الجاهلية إذا عجز عن وفاء دينه في الموعد المحدد زاد دينه ونما�را��ه أم� وعظم خطبه وفدح، وأصبح كالعبد الخادم للدائن، ال يكلف

إال فعله، وال ينهاه عن شيء إال انتهى عنه .

�بر� وقد كان صاحب العيال يقتل أوالده عند خوف الفقر والفاقة، فيق�ه��ك كل� فلذات أكباده في غير اكتراث أو مباالة. وقد حارب اإلسالم ذل

�ول ��ر الرس��دما أم��ا، عن��بابه فقطعه�فبدأ بمقدماته فهدمها، وبأس�ؤدون عن��ون ي��ان المؤمن��وه، فك��رح ويعين��وا المف��أن يعط��حابه ب� أص

أخيهم دينه، أو يعطونه في ضائقة كفداء أو عقل .

Page 65: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

65

�ديني� وهكذا بلغت اإلنسانية والتعاون والمحبة غايتها في المجتمع الم�اكل��اء على المش��يرة القض��ترة قص��تطاع خالل ف��ذي اس��د، ال� الجدي�ا��ولهم إليه� االقتصادية واالجتماعية التي صادفت المهاجرين حين وص�ف��جرتهم، ووص�� فقراء بال مال، فقد صادرت قريش أموالهم عقب ه الله لنا ه�ذا المجتمع الذي نشأ على األخوة والتكافل والتراحم بقوله�ل:������������������������������������������ز وج�����������������������������������������عون[ m��م ي[بت[غ ال_ه_ و[ `��م

أ[ م و[ ار_ه_ ]��وا م_ن د_ي m��ذ_ين[ أmخر_ج a��ر_ين[ ال اج_ ]��اء_ المmه ر[ ق[ mل_لف ﴿

mم���ك[ هـ _���ول[هm أmول[ئ m���س ه[ و[ر[ a���ون[ الل mر m���ي[نص انHا و[ و[ `���ه_ و[ر_ض a���الH مiن[ الل `��� ف[ضن ون[ م[ u��ب م يmح_ بل_ه_ ان[ م_ن ق[ ]�اإل_يم ءmوا ال�دaار[ و[ aو ]�ذ_ين[ ت[ب a�ال ، و[ اد_قmون[ a�﴿الص ﴾ ون[ ع[ل[ى mؤث_ر m��ي وا و[ m��ا أmوت aم iم Hة اج[ م ح[ دmور_ه_ mون[ ف_ي صmد م و[ال[ ي[ج_ _ل[يه_ ر[ إ هـاج[

mم�ك[ هـ _�أmول[ئ ه_ ف[ _�حa ن[فس m�وق[ ش m�ة� و[م[ن ي ]�اص ص[ م خ[ ان[ ب_ه_ ]�و ك ]�ل م و[ ه_ س_ mأ[نف ون[ m��������������������فل_ح mر:﴾الم��������������������(. 9-8)الحش

ونخلص إلى الق�ول: إذا كان يقصد بالضمان االجتماعي التزام الدولة�راد��ة، وي��االت الموجب� اإلسالمية بتقديم المساعدة للمحتاجين في الح�د طبقت��و بعض، فق��هم نح��راد بعض��تزام األف� بالتكافل االجتماعي ال

�ود ه�ذه العالقة )مابين��اعيين( من خالل بن��ل االجتم��مان والتكاف� الض�دة12إلى3»الوثيقة« من رقم )��يرة الواح��اء العش��ل أبن� ( فعندما يكف

�اعي،��ل االجتم��ذلك التكاف��وا ب��د حقق��يرهم، فق� محتاجهم ويفدوا أس�و�� وعندما يجب على المس�لمين بمجموعهم أن ال يدع�وا بينهم من ه�يال، كائن�ا من ك�ان، إال س�اعدوه، فهن�ا يتحق�ق� مثق�ل بال�ديون والع�ل��ب )التكاف���راد بواج��تزام األف��د ال��ة عن��اعي وخاص��مان االجتم� الض�مان��ا )الض��ة في واجبه���باء الدول���ف أع��ذي يخف��اعي( ال�� االجتم

االجتماعي( .

ثالثا: مراعاة مبدأ الوالء �ل��ة قب� أقرت »وثيقة« المدينة األحالف التي كانت بين القبائل العربي�المي��ام اإلس��ق النظ��ا وف��ا وتقنينه��الم وعملت على تنظيمه� اإلس

�د رقم )��د، حيث ينص البن��ؤمن12الجدي��الف م��ه ال يح� ب( على: »وأن�بح� مولى من دونه«، والمقصود بالمولى ه�نا »عبد أعتقه سيده، فأص

�ه��ا عليهم، ولكن��ه م��را وعلي��ة ح��ديم برابط��يده الق��ا بس� يبقى مرتبط مخصوصة تسمى ) الوالء ( ومن مقتضاها أن المولى إذا مات من غير�ا، وإذا ارتكب� وارث ورثة معتقه، وإذا قتل دفعت ديته إلى معتقه أيض�اؤه��ز أقرب��ة وعج��ه الدي� المعتق جريمة قتل أو قطع عضو ووجبت علي

Page 66: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

66

�ا�ة فإنه ]��م�ولى أ[��ان الم��دفعها، وإذا ك��الب ب��المولى مط� عن دفعها، ف

تخطب من معتقها وهو الذي يقبض مهرها.

�ولى��ال فالن، م��ابق، فيق��يده الس��ب إلى س��ذا ينس�� والمولى فوق ه�د� فالن، وصلة الوالء بوجه عام تس�توجب التناصر والتع�اون« لذلك نج

�ه_أكد ه�ذا المبدأ بقوله: أن النبي �ال_ي و[ _ذ`ن_ م[ ا ب_غ[ير_ إ Hوم ال[ى ق[ ن و[ م[ ﴿ و[رف� و[ال ]���هm ص�ن لm م_ ]��، ال يmقب ع_ين[ [جم[ اس_ أ a��الن ة_ و[ ]��الم[الئ_ك ه_ و[ a��ع[ل[يه_ ل[عن[ةm الل ف[

» ، وقد ورد ذكر كلمة )المولى( في القرآن الكريم كثيرا بمعنى﴾ع[دل��الى: ��ال تع��ف، ق�بm م_نالنصير، وبمعنى الحلي ر[ `��هm أ[ق uر ]��دعmو ل[م[ن ض ]�� ﴿ ي

mير _��������ل[ب_ئس[ الع[ش ول[ى و[ ]��������ه_ ل[ب_ئس[ الم _��������(، 13)الحج:﴾نaفع�الى: �ن_عم[وقوله تع ول[ى و[ ]��ن_عم[ الم كmم ف[ وال[ ]���و[ م�ه_ هـ a��وا ب_الل mم _��اعت[ص ﴿...و[

mير �د رقم )78)الحج:﴾النaص_��ة« في البن�(، ومع ه�ذا فقد أقرت »الوثيق�ع12��ل والعش�ائر في المجتم��ه القبائ��انت علي��ذي ك� ب( بقاء الوالء ال

قبل اإلس�الم، ولكن�ه من�ع المؤم�نين من التج�اوز على حق�وق ال�والء�وز��ه ال يج��ه، حيث ينص على أن��يد على المعتقين من موالي��تي للس� ال�الح؛ ألن��رر المص��تى ال تتض��يدهم، ح��الفتهم دون إذن س��د مح� ألح

�ولى مؤسسة الوالء قديمة، وفيها��ا الم� منافع للمولى وللعشيرة، فأم�تي��ة ال��ل الحماي� فإنه يستطيع ممارسة نشاطه وأعماله بحرية في ظ يوفرها الوالء ، كما أن العشيرة تس�تفيد من الم�والي ال�ذين يزي�دون�ة��ت ثابت��ا ليس��اعدات، ولكنه��ا بعض المس��دمون له��ددها، ويق� في ع

كرابطة الدم .

�افظت على��ة« ح��ا أن »الوثيق��ح جلي��ه يتض��رنا إلي��ا أش��ا مم� وانطالق�زرج ( حين منعت���تي ) األوس والخ���ائرية بين قبيل���ات العش�� التوازن انتقال ال�والء من عش�يرة إلى عش�يرة أخ�رى، لكي ال تض�عف األولى�ق��تقرار، وإلى خل� وتقوى األخرى، األمر الذي قد يؤدي إلى عدم االس�اظ��والء والحف� مشاكل اجتماعية وسياسية، ولكن في مقابل إقرار ال

�اتعلى التوازنات العشائرية، عمل الرسول ��ام تحالف��ع قي� على من�ائر��ار أو بين العش��يرة من األنص� جديدة سواء كانت بين عشيرة وعش

: »﴿ يق�ول الرس�ول والبطون ومواليها أو بينهم وبين اليهود، حيث ل_يaة_ ل[م ي[ز_دهm اإل_سالمm إ_ال اه_ لفj ك[ان[ ف_ي الج[ ا ح_ [يuم[ أ لف[ ف_ي اإل_سالم_،و[ ال ح_

» Hةaد .﴾ش_

�د »يجب أن��ديني الجدي��ع الم��ات المجتم��ة بين فئ��ات الداخلي� فالعالق تكون عالقات تحاب وتعاون، لذلك رفض اإلس�الم الحل�ف ألن�ه ين�افي التضامن العام داخل األمة« الذي أكدت عليه الفقرة األخيرة من البند

Page 67: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

67

�اس«، (: »وأن15رقم )���والي بعض دون الن���هم م���نين بعض�� المؤم�د رقم )��ان البن��إذا ك��رة، ف��د12والمواالة تقتضي المحبة والنص� ب( ق

�ائر��ه بين عش��ة« وهم علي��اءت »الوثيق��ذي ج��والء ال��ال ال��ع انتق� من�إن��ائرية، ف� المؤمنين دون إذن أس�يادهم حفاظا على التوازنات العش

�اء15الفقرة األخيرة من البند رقم )� ( اعتبرت المؤمنين جميعهم أولي�الى: �اءmبعضهم لبعض، قال تع ]��[ول_ي م أ mه m��اتm ب[عض ]��ن ؤم_ mالم ون[ و[ m��ن ؤم_ mالم ﴿ و[

... jالى:71)التوبة:﴾ب[عض���ال تع��افرا، ق� ( فال يجوز لمؤمن أن يوالي ك ... ن_ين[ ؤم_ m���اء[ م_ن دmون_ الم ]���[ول_ي ر_ين[ أ اف_ ]���ون[ الك m���ن ؤم_ mذ_ الم _���﴾ الa ي[تaخ )آل﴿

�ران:��رة رقم )28عم��نين في الفق��داخلي بين المؤم��الترتيب ال�(؛ ف�ات؛ ألن12��ك االرتباط��ال تل��اء آج��زول بوف��ة ت��ة طارئ��بر حال� ب( يعت

�يرة من��رة األخ��ه الفق��ا قررت��المي م��ع اإلس� الوضع الطبيعي للمجتم(.15البند رقم )

رابعا: المساواة �ديد��ة« ش��ة »الوثيق��ل كتاب� كان الوضع االجتماعي بالنسبة لألف�راد قب

التفاوت، إذ ينقسم الناس إال ثالث طبقات متباينة:

أ- طبقة األحرار �دم��ترك وال��ب المش��ع بينهم النس��ذين يجم��رحاء ال��اء الص� وهم األبن�ه ال� الواحد ويتمتعون بحقوق مدنية ليست لغيرهم كاإلجارة مثال، ولكن�ه،��ه وكيان��ا حريت��ه وفيه��ا شخص� يقدر أن ينفصل عنها -القبيلة - ألنه

�ه:��د بن الص�مة بقول��ا إال يعيش لها وبها، وهذا ما عبر عنه دري��ا أن� وممن غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد .

ب- طبقة الموالي �رى عن��ل األخ��رار القبائ��بيلتهم من أح� وهم الذين ينتمون إلى غير ق�ة في��ؤالء أدنى مكان��رق وه� طريق الحلف أو الجوار، أو التحرر من ال�رحاء��رار الص��ق لألح��ا يح��ق لهم م� المجتمع من الطبقة األولى وال يح

كالجوار مثال، حتى ولو كانوا من أشراف القوم وساداتهم.

ج- طبقة األرقاء

Page 68: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

68

�تي� وهم الذين يؤسرون في الحروب، أو يكونون في القوافل ال�رض عليهم��ؤالء ف��رق، وه��اع الط��زاة أو قط��ا الغ��تولي عليه� يس�ون��ا يمكن أن يك� المجتمع الجاهلي وضعا اجتماعيا يسلبهم كل م�اة� إلنسان، ويثقلون كواهلهم بتبعات تحول بينهم وبين ريح الحي

الكريمة .�ح��ا، يتض��كالها وألوانه��ل أش��ة بك� ولما جاء اإلسالم حارب الطبقي

�د رقم )� ( على15ذلك من خالل »وثيقة« المدينة، حيث ينص البن�ارة(� »أن ذمة الله واحدة، يج�ير عليهم أدناهم...«، واألمان )اإلج�الى:��ال تع� عقد من العقود الشرعية التي أمر الله بالوفاء بها، ق

ود_... mقmالع _��وا ب m��[وف وا أ m��ن ذ_ين[ آم[ a��ا ال ]��[يuه ﴾ ي[ا أ �دة:﴿��د (.1)المائ� وينعق�ك علي��ك، أو ل��ك، أو أجرت��اظ كأمنت��ظ من األلف��أي لف��ان ب� األم�ل أو��ارة من الرج��د باإلش��ا ينعق��ك، كم��اكل ذل� عهد...(، أو ما ش المرأة، والعب�د أو الح�ر، والغ�ني أو الفق�ير، ب�دون تمي�يز، حطم

( كل موازين الجاهلية وأعلن مبدأ المساواة. 15البند رقم )�ق��ان من ح��الم، وك� فإذا كان األمان )الجوار( قد عرف قبل اإلس�د� طبقة األحرار الصرحاء في المجتمع )القبيلة( فإن ه�ذا البند ق�ة� جعل »من حق كل مسلم أن يجير وأن ال يخفر جواره« ، فكرام�لمين،��ع المس��ري على جمي� أدنى فرد من المسلمين وكلمته تس�ا لم يكن��لطة م� وإجارته لشخص ينفذها رئيس الدولة وجهاز الس

في ذلك ضرر على المجتمع اإلسالمي الجديد.�ارة، فهم��لمين في اإلج��ك بين المس��ذا تتجلى روح التماس� وهك�ا،��ف أمامه�ا جميع��ل، وتق��يز عن غيره�ا من الكت� كتلة واحدة تتم�ان من��الحليف وإن ك��اهلي، ف��ع الج��ه المجتم� بعكس ما كان علي أشراف القوم وساداتها ال يحق له الج�وار، والدليل على ذلك أن

�بي ��االن��وه إلى م��ائف ولم يجيب���ل الط��رف عن أه��ا انص� »لم�راء، ثم بعث إلى��ار إلى ح��رته ص��ديقه ونص��ه من تص��اهم إلي� دع�ف� األخنس بن شريق )حليف بني زهرة ( ليج�يره، فقال: أنا حلي�ني��ال: إن ب��رو، فق��هيل بن عم��ير؛ فبعث إلى س� والحليف ال يج�دي���ني كعب؛ فبعث إلى المطعم بن ع���ير على ب���امر ال تج�� ع

فأجابه« .

�راد��ة بين أف��ايز والطبقي��ق التم��دى عم��اهد م��ذا الش���ظ في ه� نالح المجتمع قبل كتابة »الوثيقة« وكيف أصبح حال األف�راد في المجتم�ع�د��اهم( وق��ير عليهم أدن� القائم على التعاون والتناصر والمساواة )يج

�اطبق الرسول � ه�ذا المبدأ في الواقع تطبيقا عمليا ولم يكن فرض

Page 69: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

69

�ال ال��بيل المث��ا على س��ذكر منه��يرة، ن��واهد كث��ذا ش�� خياليا، وعلى هالحصر اآلتي:

- أمان المرأة 1�الب ��انئ بنت أبي ط���ارت أم ه��ا﴿ أج��ه عنه��ي الل��وم فتحرض� ، ي

د`مك�ة ، رجال مش�ركا، ف�أقر رس�ول الل�ه ]� جواره�ا وق�ال: » ق jهـان_ئ aمmرت_ ي[ا أ ن أ[ج[ رن[ا م[ .﴾أ[ج[

�ني﴿ أجارت زينب بنت رسول الله ��ع الوث� زوجها العاص بن ربي�بر وهم��اس الخ��ه.. وأعلنت على الن��ا فأجارت��تجار به��ا اس� حينم�ع..«��اص بن الربي��رت الع��د أج� يصلون، قائلة: أيها الناس »إني ق

�ذي نفسفقال رسول الله ��ا وال��الة: »أم��ه من الص��د فراغ� بع�ه� محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمع�تم إن

م mاه ]��[دن ين[ أ سل_م_ mع[ل[ى الم mير �الى: ﴾يmج_��ه تع��ال الل�د� مiن[ق ]��_ن أ[ح إ ﴿ و[

mه ]�ن أم[ [بل_غهm م[ م[ اللaه_ ثmمa أ ع[ ك[ال[ تaى ي[سم[ رهm ح[ ج_أ[ ك[ ف[ ار[ شر_ك_ين[ است[ج[ mالم

وم� الa ي[عل[مmون[ م ق[ mهaن] (.6)التوبة:﴾ذ[ل_ك[ ب_أ

- أمان العبد 2�ر بن��د عم� ﴿ عن الفضيل بن زيد الرقاش قال: حاصرنا حصنا على عه�وا��ان، فخرج��ه أم��هم في��ا بس��د من� الخطاب رضي الله عنه، فرمى عب�يز��د، وال نج��ا ذاك إال عب��ا: م� فقلنا ما أخرجكم، فقالوا أمنتمونا، فقلن�ي��ر رض��ا إلى عم� أمره. فقالوا: ال نعرف العبد منكم من الحر.. فكتبن�ه��لمين ذمت��ل من المس��د رج� الله عنه نسأله عن ذلك، فكتب: إن العب

�رأة واألعمى، كم�ا﴾ذمتكم .� يقول صبحي محمصاني : يصح أمان الم يصح أمان العبد في القول السائد، ويستند جواز عهد األمان إلى نص

�ريم: ��رآن الك�رهm... الق ج_أ[ ]��ك[ ف ار[ ت[ج[ `��ر_ك_ين[ اس `��د� مiن[ المmش ]��_ن أ[ح إ ﴾ و[ ﴿

( 6)التوبة:

�ول ��ول الرس��تند إلى ق��ذلك يس�م،: ك mهmاؤ ]��أm د_م ]��ون[ ت[ت[ك[اف m��ن ؤم_ mالم ﴿ اهmم« و[ _��م ي[د� ع[ل[ى م[ن س mم، و[ه mدن[اه] م أ ت_ه_ aي[سع[ى ب_ذ_م �ائج﴾و[��ذا من نت� وه

�ام وبين��ه ع��ا بوج��اس جميع��مة النفس بين الن��اواة في عص� المسالمسلمين بوجه خاص« .

�ان��ذي ك��وار ال��رف الج��وير ع��ة تح��ة« المدين� وهكذا استطاعت »وثيق�المي،��ك اإلس��عا للتماس��ه خاض� سائدا عند القبائل منذ القديم، وجعلت�ر،��بها البش� الذي حارب العصبية القبلية وحطم كل الموازين التي نص

Page 70: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

70

�الى: وأقر ميزانا سماويا عادال��ه تع��ول الل��د[هو ق�ن كmم ع_ م[ �ر[� ﴿ ...إ_نa أ[ك

اكmم... ]���[تق ه_ أ a����رات:﴾الل���ول 13)الحج���ول الرس��ةm: ( وق a���ذ_م ﴿ ... و[mة ]���ه_ ل[عن�ع[ل[ي ا ف[ Hل_م `�ر[ مmس ]�ن أ[خف م[ م، ف[ mدن[اه] ا أ د[ة�، ي[سع[ى ب_ه[ سل_م_ين[ و[اح_ mالم

ع_ين[ [جم[ النaاس_ أ الم[الئ_ك[ة_ و[ .﴾اللaه_ و[

أما منح األمان في حالة الحرب فقد قيدته »الوثيقة« في البند رقم ) ( الذي قرر »أن سلم المؤمنين واحدة، ال يسالم مؤمن دون مؤمن17

�راد أن��دل بينهم«، والم��واء وع��ه، إال على س� في قتال في سبيل الل حالهم وصفتهم واحدة، ال تختلف بل ه�ي على استقامة وعدل بحيث�رب على��ا الح��رف م��إذا أعلن ط��يره ، ف� ال يطلب أحد أن يتميز عن غ�م��ع الخص��رب م��ة ح� المسلمين فإن سائر المؤمنين يصبحون في حال�ة���ة العام���ط بالسياس���ه مرتب���ه؛ ألن���رد منهم مهادنت�� وال يمكن لف�رب ويبقى��ترك البعض في الح��ذلك ال يمكن أن يش��نين ، وك� للمؤم البعض اآلخر في حالة سلم مع العدو، ألن عقد السلم مسألة جماعي�ة ال يجوز أن تنفرد بها قبيلة دون األخرى . »فالصحيفة« في ه�ذا البند ألزمت المس�لمين بالتض�امن والجماعي�ة في ح�التي الس�لم والح�رب

( اللذان ينصان على أن الغزو19 و18وهذا ما أكد عليه البندان رقم )�ات��كل مجموع��ون على ش��نين يك��ع المؤم��ه من جمي��بيل الل� في س

�زت18حيث ينص البند رقم ) منظمة متعاونة،� ( على »أن كل غازية غ�ع على��رب ال يق��نا أن عبء الح���راد ه��ا« والم� معنا يعقب بعضها بعض�نين، وهم��ع المؤم��رض على جمي� عشيرة دون األخرى بل إن الجهاد ف�ا،��زو بينهم نوب��ون الغ��زوات »فيك��رايا والغ� يتناوبون الخروج في الس�ا��تى تعقبه��ة ح��ود ثاني��ف أن تع��ادت لم تكل��ة ثم ع� فإذا خرجت طائف�د��ه، وق��بيل الل��اد في س� أخرى غيرها« حتى يشترك الجميع في الجه

( األمر وضوحا وجالء حينما نص على »أن المؤمنين19زاد البند رقم )يبيئ بعضهم عن بعض بما نال دماءهم في سبيل الله«.

�نين��تراف المؤم��اواة، أي »اع��تراف والمس��ني االع��نا تع���واء ه� والب�ه« فهم��بيل الل���اءهم في س��ال دم��ا ن��اوي فيم���ئولية بالتس� بالمس�ائر في األرواح�����ويض عن الخس����رون في التع����اونون ويتناص��� يتع�ة:����داقا لآلي����ا، مص����هم بعض����ون آالم بعض����وال ويحمل���واألم

... jب[عض mاء ]���[ول_ي م أ mه m���اتm ب[عض ]���ن ؤم_ mالم ون[ و[ m���ن ؤم_ mالم ﴾ و[ �ة:﴿�� (،71)التوب�رز��الى من أب��ة الثك��امى ورعاي��ة اليت��ال وكفال��اة في الم� فالمواس

�د رقم )��ه البن��د علي��ا أك��ذا م��ماتهم، وه� ( حيث ينص على »وأن20س�دوj أن��ه«، فه�ذا إعالن م��دى وأقوم� المؤمنين المتقين على أحسن ه

Page 71: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

71

�ه على��ذين ل��لمين المنف��دى وأن المس��ير اله��و خ���ده ه��الم وح� اإلسأحسن ه�دى وأقومه .

خامسا: مراعاة حق الجار �ات� اهتمت »الصحيفة« بتوثيق الروابط بين الناس وتقوية العالق�انية��ر اإلنس��ريب بين األس��رورة التق� بين الجيران إيمانا منها بض بكل وسيلة من وسائل التق�ريب، فجعلت ص�لة الج�وار جنب�ا إلى�ه، على��ه وهي نفس��ربين إلي��رب المق� جنب مع صلة اإلنسان ألق أن ال يسبب ه�ذا الجار ضررا وال إثما، وقد بلغ األمر في اإلسالم أن جعل إكرام الجار آية من آيات اإليمان الصادق والتدين األكيد،

هm« ﴿ قال ار[ ]��ؤذ_ي ج m��ر_ ف[ال ي الي[وم_ اآلخ_ ن ك[ان[ يmؤم_نm ب_اللaه_ و[ ﴾: » م[�اس� لكي تسود المجتمع المديني عالقات سليمة، ترتكز في األس�ة��ع األذى، وإقام��يلة ومن��ة الفض��بر، ورعاي��اون على ال� على التع

�د رقم )��ا، حيث ينص البن��اس جميع��ق بين الن� ( على »أن40الح�و���اءل: من ه��ا أن نتس��ار وال آثم«.. ولن��ير مض� الجار كالنفس غ

الجار الذي عنته »الوثيقة« في ه�ذا البند؟�ة��نا وردت عام�� إن اإلجابة عن ذلك تتضح من أن كلمة »الجار« ه�ار��ك أن ج��ني، وال ش��ودي والوث� تشمل -إلى جانب المؤمن- اليه المرء ه�و أقرب الناس إليه بعد عائلته وأهله، وبذلك يتأكد لنا أن

�د رقم )��دت في البن��ة« قص��اكنين في40»الوثيق���ل المتس� ( ك�راف��رف من األط��تثناء ألي ط��د دون اس� المجتمع المديني الجدي�وة إلى��د دع��ذا البن���بر ه� المتع�اقدة على الطرف اآلخ�ر، كما يعت التحرر من رواسب الماضي -الجاهلي- ومخلفاته ودعوة حضارية�انون،��يات الق��دود مقتض��د في ح��اعي المقي� إلى التكافل االجتم

�الى: ��ال تع�د[ين_ق _��ال ب_الو[ يئHا و[ ]��ه_ ش _��ر_كmوا ب `��ه[ و[ال[ تmش a��دmوا الل m��اعب ﴿ و[رب[ى m��ار_ ذ_ي الق ]��الج اك_ين_ و[ ]��الم[س ام[ى و[ ]��الي[ت رب[ى و[ mب_ذ_ي الق انHا و[ إ_حس[

... نmب_ mار_ الج الج[ (.36)النساء:﴾و[ وقد ذهب حميد الله في كتابه »مجموعة الوثائق السياسية« إلى�و الحلي�ف، يق�ول: إن حق�وق��نا ه� القول: إن الجار المقصود ه�ا ذهب��ه . بينم��ير وفرائض� الجار وفرائضه تكون مثل حقوق المج�ظ��رف لف��ع من أن ينص��ا يمن��رى م� ظافر الق�اسمي إلى أنه ال ي�ف« .. وفي���ار الحقيقي، والحلي���يين »الج���ار« إلى المعن�� »الج

Page 72: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

72

�واب، ألن��رب إلى الص� اعتقادي أن رأي ظافر القاسمي ه�و األق�ك )أن��دليل على ذل��اء، وال� أهل المدينة )المؤمنين واليهود( حلف�تعين��ه( أال نس��ول الل��ا رس��ول ): )ي� األنصار يوم أحد قالوا للرس�ة،� بحلفائنا من يهود؟ فقال: »ال حاجة لنا فيهم« .. ه�ذا من ناحي�وار��كنون إلى ج��ه يس��وقت ذات��م في ال���رى، ه��ة أخ� ومن ناحي�ديني،��ع الم��كان المجتم��ان في س��ق المعني��ا تحق��هم، وهن� بعض�الم على��ره اإلس��ذي أق��ف، ال��ه الحلي� فالجار الحقيقي ه�و نفس�ة.��������������وة ومتان��������������ل زاده ق��������������ه ب�������������حلف�ان� فما أعظم المشاعر اإلنسانية الفياضة بالبر والرحمة واإلحس�ار��ار »وأن الج��ق الج��ق بح��ا يتعل��ة« فيم��ا »الوثيق��تي أبرزته� ال

�د كالنفس« بدون تمييز بين مسلم��ذا البن���ل ه��د جع� وكافر، فق�وع حيث��ريف المرف��ديث الش��اء في الح��ا ج��ا لم� األمر عاما طبق

�ال �هm﴿ ق a��[ن تaى ظ[ن[نتm أ ار_ ح[ ]���لm ب_الج�بر_ي ين_ي ج_ _��ال[ يmوص ا ز[ ]�� : »م »mهmث iر يmو[ ]���اة﴾س��ع الحي��ابي على واق��اس إيج��ه انعك��ان ل��ذا ك� وه

�ات��انية والعالق� العملية في المجتمع اإلسالمي من مراعاة لإلنسالطيبة وسمو العشرة، بينهم وبين غيرهم من غير المسلمين.

اآلنية من ه�ذه »الوثيقة« إيجاد مجتمع موحدإن غاية الرسول �ة��ة، والعدال��ودة والرحم��انية، والم��وة اإلنس��ر األخ��ه أواص� تربط�د��دة، وق��المية الجدي�� االجتماعية في الشئون العامة للدولة اإلس

،رض�ي الل�ه عن�ه﴿ ق�ال عم�ر، شدد على ه�ذه المعاني السامية،

ار_ه_« سمعت رسول الله ]��لm دmون[ ج mج aالر mل﴾يقول: »ال ي[شب[ع�� ، ب�وقهم إلى��يران وحق��م الج��ا قس��وحا وجالءH حينم��ر وض� وزاد األم�الم،� ثالثة أقسام وبين أن للجار الغير المسلم حقا ثابتا في اإلس

ه�و حق الجوار.

�دولم يقتصر االهتمام بالجار على عصر الرسول ��ل أك��ط ب� فق�د روى� على ه�ذا الخلق االجتماعي العظيم الخلفاء من بعده، فق

�ف )ت ��و يوس��ام أب��ابه�( أن 182اإلم��ر بن الخط��ة عم� ﴿ الخليف رضي الله عنه م�ر يوم�ا بب�اب ق�وم وعلي�ه س�ائل يس�أل، وك�ان�اب��ل الكت��ال: من أي أه��ده، وق��ر بعض��رب عم� شيخا أعمى، فض�ا أرى؟��أك إلى م��ا ألج��ه: وم� أنت؟ فقال الرجل: يهودي، فقال ل فقال: أسأل الجزية، والحاج�ة، والس�ن، فأخ�ذ عم�ر بي�ده وذهب�ازن بيت��ل إلى خ��ده، ثم أرس��ا عن��يئا مم��اه ش� إلى من�زله وأعط�ل،� المال وق�ال ل�ه : انظر ه�ذا وضرباءه، فوالله ما أنصفنا الرج

�د اله�رم ��ه عن��بيبته ثم نخذل��ا ش�اء_ ﴾أكلن ر[ ]��ق mل_لف mات د[ق[ a�ا الص ]��_نaم ﴿ إ

Page 73: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

73

... اك_ين_ ]��الم[س �ة:﴾و[��اب60)التوب��ل الكت��اكين أه��ذا من مس� (، وه�ير من��ة« الكث� وأرفع الجزية عنه وعن أمثاله . كما أكدت »الوثيق�ف��ة بين مختل��ات االجتماعي� المبادئ األخالقية المهمة في العالق

�د رقم )��زت37سكان المدينة، ففي الفقرة األخيرة من البن� ( رك�دة��اء على قاع��اكنين بن� »الوثيقة« على مبدأ النصيحة بين المتس�ح��رة على »أن بينهم النص��ت الفق��يحة« حيث نص��دين النص� »ال�يء إذا أخلص، والنص�ح� والنصيحة وال�بر دون اإلثم«؛ ونص�ح الش�ال��ه ق��وح ل��ير للمنص���ي إرادة الخ���يحة ه� نقيض الغش، والنص

�الى: �_تع _ثم نmوا ع[ل[ى اإل او[ ]��و[ى و[ال[ ت[ع `��التaق رi و[ _��نmوا ع[ل[ى الب او[ ]��ت[ع ﴿ ...و[ ... العmدو[ان_ ( .2)المائدة:﴾و[

�د رقم )��يرة من البن��الفقرة األخ��ة« ب��ذي47وتختتم »الوثيق� ( ال

�ه ��ول الل��د رس� «تنص على »أن الله جار لمن بر واتقى ومحم أي أن الله يحمي من يبر ويتقي ويتخلق باألخالق الفاضلة فعمل�وى��ه، وتق��وان الل� الصالحات كالبر والتقوى توصل العبد إلى رض�إن��ه ف� الله توصله إلى الفوز بسعادة الدارين، فمن كان عمله لل

أيضا يكون جارا له.الله يكون جارا ل�ه ومحمد �ني��ة س��ة« وطيل��دار »الوثيق��ل من إص��د قلي��دث بع� لكن الذي ح�ود،��لمين واليه���ات بين المس��رى العالق�ر مج [���دني غي� العصر الم�اروا »النقض«� وجمد البنود المتعلقة بهم، ال لشيء إال ألنهم اخت�الحهم��تزام، واالنغالق على مص��ة على االل��اء، والخيان� على الوف�ان��يرة لألدي��ة الكب��داف العام��اح على األه��ة، على االنفت� القومي�درتهم��دم ق� السماوية جمعاء، وخاصة بعد أن تبددت أطماعهم بع�ه��داد دعوت� على أن يضموه إلى صفوفهم، وكذلك الخوف من امت�يهم����امتهم، على حين تقتض����و في ع����ود وأن تفش��� إلى اليه�أجمعوا��رائيل...ف��ني إس��ير ب� تعاليمهم أن ال يعترفوا بنبي من غ

أمرهم على أن يكيدوا لمحمد وينكروا نبوته .

�را منفقامت حرب جدل بينه ��بر مك� وبين اليهود أشد لددHا وأك�ذه���ة، وفي ه��ريش بمك��ه وبين ق��انت بين��تي ك��دل ال��رب الج� ح�ار���اق والعلم بأخب���ة والنف���اونت الدسيس���ة تع���رب اليثربي�� الح�فوفا� السابقين من األنبياء والمرسلين. أقامتها اليهود جميعا ص�اجرين��حابه من المه��الته وأص� متراصة يهاجمون بها محمدا ورس�داء المتمكن في��ل دفعهم الع��ب، ب��ذا فحس���ار .. ليس ه� واألنص�ل� نفوسهم نحو النبي الكريم والدين الجديد إلى نبذ المسالمة، ب�ة� اضطرهم وهم أهل كتاب إلى تفضيل الوثنية المشركة في مك

Page 74: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

74

على التوحيد الصادق في دعوة اإلسالم، مناقضين تعاليم التوراة�وف معهم��نام، والوق��حاب األص��النفور من أص��يهم ب��تي توص� ال

�ريحهم��ريم بتص��رآن الك��دد الق��د ن��ومة، وق��ف الخص��ام موق�� أمقريش بأن ع�بادة األص�نام أفضل من التوحيد اإلسالمي،

ون[قال تعالى: m��ن اب_ يmؤم_ ]��يبHا مiن[ الك_ت _��وا ن[ص m��_ل[ى الaذ_ين[ أmوت [ل[م ت[ر[ إ ﴿ أ

ء_ أ[هد[ى م_ن[ الaذ_ين[ وا هـؤmال[ mر ولmون[ ل_لaذ_ين[ ك[ف[ mي[ق بت_ و[الطaاغmوت_ و[ ب_الج_ Hب_يال نmوا س[ (.51)النساء:﴾آم[

�تى��ول ح� وهكذا بدت البغضاء من أفواههم، فتساهل معهم الرس�دوا��ا عاه��ريحا م� انتقل الحقد من القول إلى العمل، فنقضوا ص

الله عليه، ولقوا من جراء ذلك ما يستحقون من جزاء .�اعر� لقد أخفقت »صحيفة« المدينة في ترويض نوازع الشر ومش�ائس��ة إلى الدس��دا، الظامئ� العداوة من أنفس اليهود الجامحة أب�ابقا، ليس��ه س� دائما.. ولنا أن نؤكد أن ه�ذا اإلخفاق، المشار إلي راجعا إلى نصها أو إلى تقصير من المسلمين في حمايتها، وإنما�ل��اوز ك��داوة تتج��انوا على ع� مرده بالدرجة األولى كون اليهود ك�حيفة��در »ص��ا لم تق��د م��ان بهم من الحق��آخي، وك� دعوة إلى الت�ايش بين��تحال التع��ذلك اس��اله، ل��ا من استئص��ثرب« وال غيره� ي العداوة الكامن�ة والموادع�ة المنش�ودة في نفوس�هم، وأن ال�ذي�أن��دائم ب��عورهم ال��و ش���ة األولى ه��رجيح الكف� استحثهم على ت�ع��د وق��ا ق� »المجد التليد والزعامة الدينية التي أوهموا الناس به

تقزيمها إن لم نقل حجبها مطلقا« .

الفصل الثالث: البعداألمني

المبحث األول: ضمان األمن لطوائف المجتمع�رة��اء الهج��ديني أثن� إن من أبرز القضايا التي كانت تؤرق المجتمع الم�أر، حيث� وقبل كتابة »الوثيقة« قضية انعدام األمن وسيادة ظاهرة الث�ة،��ام الدول��وم مق� كان المجتمع منفرط العقد، وكان نظام القبيلة يق

Page 75: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

75

�ام��ة األحك��ه كاف��رع عن��ذي تتف��اس ال��انون األس��ي الق���بية ه� والعص�ا«،��ا أو مظلوم��اك ظالم��ر أخ��عارهم: »انص��ة، ش��وائح المطاع� والل�اعرهم: ��������ال ش��������ا ق��������اهلي، أو كم��������المفهوم الج�������ب�ا ،��ال برهان��ا ق��ات على م��دبهم في النائب��اهم حين ين��ألون أخ� ال يس�ذ بالث�أر من القداس�ة في نفوس�هم درج�ة القيم� وبذلك بلغ أم�ر األخ�ان��ه ك��ه ، ألن� الدينية... فما على الثائر إال أن يدرك ثأره أو يموت دون�اة،��ه يتنعم بالحي��ل بعض أهل��ترك قات��ل أن ي� من أشد العار على الرج�بب��ان س� وادعا، حتى أنهم كانوا يعتقدون أن القتيل إذا قتل -مهما ك�ائال:��يح ق���ل يص��بره، يظ��ول ق��دور ح��ائر ي��ه ط� قتله - يخرج من رأس�ه��ذ قوم��تى يأخ��ياح ح��ذا الص���ف عن ه� اسقوني... اسقوني... وال يك�ددا��دواني مه��بع الع��ول ذو اإلص��ذا يق� بثأره، كما يرضى ويرضون وله

عدوا له:

�تمي��دع ش��رو إال ت��ا عم� يومنقصتي

�ة� أضربك حتى تقول الهاماسقوني

�داوات،��ا بينهم من الع��اس، وأزال م��الم آخى بين الن��اء اإلس��ا ج� فلم وسلa ما في قلوبهم من السخائم، وقضى على خرافة الهامة، وعدها

�ال من أباطيل الجاهلية، �ة[ و[ال﴿ ق �ام[�ة[ و[ال هـ ر[ ]��دو[ى و[ال ط_ي ]�� : » ال عد_ « رu م_ن[ األ[س[ ا ت[ف_ جذmوم_ ك[م[ رa م_ن[ الم[ ، و[ف_ ر[ ف[ .﴾ص[

م_ أ[ووقال عن الذحل: ر[ ]�ل[ ف_ي الح ]�ت ن ق[ [ع�د[ى النaاس_ ع[ل[ى اللaه_ م[ ﴿ إ_نa أل_يaة_ اه_ ول_ الج[ mحmت[ل[ ب_ذ [و ق[ ات_ل_ه_ أ ت[ل[ غ[ير[ ق[ �ة﴾ق[� ، كما وضع »صحيفة المدين

لتغير القانون الذي كان سائدا قبل كتابتها، فعمل على محاربة البغي�ى ولي��القود« إال أن يرض��ل »ب��أر، وبيaن أن القت��رم الث� والظلم، وح�أرا��ر ث��أر يج� المقتول بالعقل، وبذلك لم يصبح الثأر أمرا يتحول إلى ث�ناك���ل، حيث لم تكن ه��ة من قب��ة العربي��ال في القبيل��انت الح� كما ك

سلطة لها قوة القهر.

�ارما؛ ألن حكم� أما في المدينة فقد نفذ مبدأ العقاب بالمثل تنفيذا ص�ل��ان من المحتم��ا ك��دم ، ولم� الله ورسوله في المدينة فوق رابطة ال�أ إلى البغي، جعلت��دل، ويلج��د الع��لمين عن قواع��د المس� أن يشذ أح

�ة��حيفة« جماع��ا »الص��اغي، وله��امنة على الب��ا متض��لمين كله� المس�وة��القة األب�� وحدها حق الرعاية والتنفيذ، حتى ولو تعارض ذلك م�ع ع

�ها ؛ ألن الن�بي � لم يش�كل ق�وة منظم�ة كالش�رطةوالبنوة وحقوق�دين: )���ا خص في البن���اردتهم، وإنم���اة ومط�� (21 و13لتعقب الجن

�دين��اة والمعت��د البغ��ذ على ي��ئولية في األخ��ل المس��نين بتحم� المؤم

Page 76: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

76

�د رقم )��اء في البن��نين المتقين13والمفسدين، كما ج� (، و»أن المؤم�ا أو���يعة ظلم أو إثم����ل من بغى منهم أو ابتغى دس���ديهم على ك�� أي�د��ان ول� عدوانا أو فسادا بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعا ولو ك

�ة21أحدهم«؛ وفي البند رقم )��ا قتال عن بين� (: »وأنه من اعتبط مؤمن�ه��نين علي��ل وأن المؤم� فإنه قود به إال أن يرضى ولي المقتول بالعق

كافة وال يحل لهم إال قيام عليه«.

- منع البغي ( يقصد به الظلم والتعدي والتكبر: »بغى الرجل13فالبغي في البند )

�اس إذا��تطال«، و»فالن يبغي على الن��ق واس� علينا بغيا: عدل عن الح ظلمهم وطلب أذاهم«. وأصل البغي: »مجاوزة الحد, وبغى عليه بغيا،�راط على��اوزة وإف��ل مج��والي: ظلم، وك��ه« وبغى ال��ه وظلم� عال علي

�الى: المقدار الذي ه�و حد��ال تع��ذب، ق��ا : ك��يء، بغي، وبغى بغي� الشا ن[بغ_ي... [ب[ان[ا م[ ﴾ ...ي[ا أ (، كما جاء في لسان العرب .65)يوسف:﴿

�ل بغى على� ويقول الشوكاني عن البغي: »الباغي أحد رجلين إما رج�ك��ائهم وهت��فك دم��والهم وس��هم بنهب أم��لمين أو بعض��ع المس� جمي�ا��ز. وإم� حرمتهم، فهذا قد جعل الله له حدودا مذكورة في كتابه العزي�اع كلمتهم على��د اجتم��لمين بع��ة المس��ام من أئم��ل بغى على إم� رج�ه« ؛� دخولهم تحت طاعته، سواء كانوا قليال أو كثيرا فهذا تجب مقاتلت�الى:��ال تع��ز، ق��ه العزي��رم اإلثم والبغي في كتاب��الى ح��ه تع� ألن الل

... jن[ا ع[ل[ى ب[عض mان_ ب[غ[ى ب[عض صم[ ﴾ ...خ[ ( ومعنى »بغى بعضنا«21)ص:﴿ر[تعدى وظلم وجار، وقال تعالى: ]��ا ظ[ه ]��و[اح_ش[ م ]��بiي[ الف م[ ر[ aر ]��ا ح _نaم[ ﴿ إ

iق الب[غي[ ب_غ[ير_ الح[ _ثم[ و[ اإل ا ب[ط[ن[ و[ ا و[م[ نه[ (.33)األعراف:﴾م_

�ي��ع سياس��ة، كمجتم��ة المديني��ئولية األم��د على مس� لقد أكد ه�ذا البن�ه الظلم��وف في وج��ه من الوق��ا يعني��لم األهلي، بم��ائم على الس� ق�ع،��ذا المجتم���راد ه��ل بين أف��تي تحص��ية ال� واإلثم والفتن السياس�ائال���ورا ه� فأيديهم جميعا عليه ، »ولو كان ولد أح�دهم« وهذا يعد تط

�دل��ا ع��رى حينم��اريخ البش��ول في الت��رب فيالرس��عار الع� ش�ه� جاهليتهم من »نصر األخ ظالما أو مظلوما« إلى »نصره ظالما بردع

عن ظلمه فذلك نصره«.

�اء��ه؛ ألن البن��د علي��وع والتأكي��ذا الموض���د من النص على ه� وكان ال ب�ا أن��ه، وطالم� القبلي ه�و الذي يجعل للظالم سندا وسطوة من قبيلت

Page 77: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

77

�ل��لبه ك���د من س��ال ب���ع، ف� »الوثيقة« أقرت البناء القبلي في المجتم�الم��د الظ��رع في تأيي��ام الش��ة أم��ود للقبيل� شروره وآثامه وأن ال وج�ي���ة ه� ونصره »ولو كان ولد أحدهم«؛ ألن أول غاية لألمة في المدين�بب��داخل بس��الم في ال��ر الس��إذا تعك� منع نشوب حرب في الداخل، ف�ني��اجم عن الظلم والبغي وجب ليس على المج��اد الن� القتل أو الفس�الم��ه الظ� عليه أو على قبيلته أو كل أفراد المجتمع أن يقفوا في وج�اتفين��وا متك��ه أن يهب� فحسب، وإنما يتوجب على أقرباء الجاني نفس�ة��دة األم� عليه وأن يسلموه لصاحب الثأر، لكن يقتاد منه بالعدل، فوح�األمن.����ة ب����رائم المخل����ا من الج����كها يتجلى في مواقفه���وتماس لذا نج�د أن »الوثيقة« أك�دت على إبراز دور المؤم�نين في البند رقم

�ة... وأن21)���ا قتال عن بين���ط مؤمن���ه من »اعتب�� ( حيث ينص على أن�ه وال��انت من��ة ك��ل بال جناي��ة....« أي أن من قت��ه كاف��نين علي� المؤم جريرة توجب قتله فإن القاتل يقاد به ويقتل إال إذا اختار أهل القتيل

أخذ الدية بدل القصاص أو وقع منهم العفو .

�اء: إن��ال العلم��رعية«: »ق��ة الش��ه »السياس��ة في كتاب� قال ابن تيمي�ل� أولياء المقتول تغلي قلوبهم بالغ�يظ، حتى يؤثروا أن يق�تلوا القات�حاب��يرا من أص� وأولياءه، وربما لم يرضوا بقتل القاتل، بل يقتلوا كث�دى في��د اعت��ل ق� القاتل كسيد القبيلة ومقدم الطائفة، فيكون القات�ة��ل الجاهلي��ه أه��ان يفعل��ا ك� االبتداء، وتعدى ه�ؤالء في االستيفاء كم�رف من� و.... وغيرهم، وقد يستعظمون قتل القاتل لكونه عظيما أش�ه��دروا علي��ون من ق��ول يقتل��اء المقت� المقتول فيفضي ذلك إلى أولي�ؤالء��تعانوا بهم، وه��ا واس��ؤالء قوم�� من أولياء القاتل، وربما حالف ه�روجهم��ك خ� قوما، فيفضي إلى الفتن والعداوات العظيمة، وسبب ذل�اواة��و المس��اص في القتلى وه��و القص���ذي ه��دل ال��نن الع� عن س�اء���ل من أولي���ير القات���ه يحقن دم غ���ة في القتلى؛ ألن�� والمعادل

الرجلين« .

- حق الحياة�يانة��داوات وص��اء على الفتن والع��ة« القض��تطاعت »الوثيق��د اس� لق

�ازل21المجتمع المديني حينما قررت في البند رقم )� ( أن القصاص ن�ة دون��ه، وأن الحيلول��ر من��ر ال مف��ل أم� بالجميع، وأن القود من القات�ام على��نين إال القي��ل للمؤم��ا واجب، وال يح��ان نوعه��ا ك��ة أي� الجريم�ريعا��ل تش��اب التكاف� الجاني ولو كان ولد أحدهم »وهذا ضرب من إيج�تقرار األمن في� الستئصال شأفة الجريمة في المجتمع عمال على اس

Page 78: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

78

�تل الداخل« ، وتثبيت لسيادة القانون اإلسالمي الجديد��رم ق��ذي ح� ال ﴿ و[م[ن ي[قتmلالنفس إال بالح�ق، فأصبح القتل من الكبائر، قال تعالى:

aد ]��أ[ع هm و[ ]��ل[ع[ن ا و[غ[ض_ب[ اللaهm ع[ل[يه_ و[ يه[ ال_دHا ف_ نaمm خ[ ه[ اؤmهm ج[ ز[ ج[ دHا ف[ iت[ع[م uا مHن ؤم_ mم ا Hا ع[ظ_يمHع[ذ[اب m(.93)النساء:﴾ل[ه

�ظ��أر، وحف��داعي للث��اهلي ال� وبالتالي ألغى ه�ذا البند ذاك العرف الجي[اة�... الحياة اص_ ح[ ص[ ل[كmم ف_ي الق_ ﴾ و[ �رة:﴿��ال179)البق��رم االقتت� (، وح

�ول� بين ذوي القاتل والمقتول؛ ألن تنفيذ القانون أصبح ساري المفع�ود��انون الق��ذHا لق��لحتهم وتنفي��ه لمص��ع في تحقيق��هم الجمي� يس )القصاص( العادل ال الثأر الجامح والقتل الباغي، فجعل العقاب على قدر الجريمة، وجع�ل ك�ل م�رئ م�أخوذا بذنب�ه وح�ده، وال يج�وز ألح�د�ا بلغت��ه، مهم��عي في تخليص��ه أو الس� حمايته أو مؤازرته بالدفاع عن

( حيث ينص ص�راحة22درجة قرابته ل�ه، وه�ذا م�ا تناول�ه البن�د رقم )على:

- منع إيواء المجرمين �وم��ه والي��حيفة، وآمن بالل� »وأنه ال يحل لمؤمن أقر بما في ه�ذه الص�ة��ه لعن��إن علي� اآلخر أن ينصر محدثا أو يأويه، وأن من نصره أو آواه ف�دث��دل« ، والمح��رف وال ع��ه ص��ذ من� الله وغضبه يوم القيامة وال يؤخ�ة��ه من إقام��د منع� كل من أتى حدا من حدود الله عز وجل فليس ألح

الحد عليه .

�أخرة في��رون المت��ور إال في الق��رف الن��ذي لم يع��انون ال��ذا الق� ه�ر� التشريعات الوضعية، عرفته الدولة اإلسالمية األولى قبل أربعة عش�ايتهم��دفاع عنهم وحم��ين وال���واء المجرم� قرنا من الزمان، فمنعت إي�ك،��د من ذل��داقة، وذهبت إلى أبع��طان أو ص���ة أو سل��م قراب�� باس�رة��بها من دائ���رج صاح��يرة تخ��ة كب��رمين جريم��واء المج��اعتبرت إي� ف�ة ،� اإليم�ان بالله واليوم اآلخر، ال يقبل من صاحبها ال فريضة وال نافل

�ره، ��ه في أم��ادون الل��ال بل ويعتبر من الذين يض�ال[ت﴿ ق ]��ن ح : »م[ه[« a��ادa الل ]��د ض ق[ دmود_ اللaه_ ف[ mن ح دª م_ اع[تmهm دmون[ ح[ ف[ ن، ﴾ش[ م[ �ال: »...ف[� ﴿ وق

اس_ a��الن ة_ و[ ]��الم[الئ_ك ه_ و[ a��ةm الل ]��ه_ ل[عن `��ع[ل[ي حد_ثHا، ف[ mو آو[ى م] د[ثHا، أ ا ح[ يه[ [حد[ث[ ف_ أ » دل� ]��رف� و[ال ع ]��ة_ ص ]��ي[ام وم[ الق_ ]��هm ي `��ن لm م_ ]��، ال يmقب ع_ين[ [جم[ �ذه﴾أ�� ،»ألن ه

�اة��ع في النج��ه والطم��ع، واختالل� الجريمة تؤدي إلى اضطراب المجتم

Page 79: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

79

�االت��ة في ح��ا إلى الطمأنين��ع محتاج��ان المجتم��ة، وإذا ك� من العقوبالسلم فإنه إليها في حاالت الحرب أحوج« .

- منع الغدر�ك36يقرر البند رقم )��ه من فت��رح، وأن��أر ج� ب( »أنه ال ينحجز على ث

�ذا«.���ر ه��ه على أب��ه إال من ظلم وأن الل��ل بيت��ه وأه��ك فبنفس� والفت�ريء،� »ركوب ما ه�م به من أمور ودعت إليه النفس«، ورجل فاتك: ج�ل��و القت�� وفتك بالرجل فتكا انتهز منه غرة فقتله أو جرحه، وقيل: ه�ار��و غ��احبه وه��ل ص��أتي الرج��ا: أن ي��ك أيض� أو الجرح مجاهرة، والفت غافل حتى يش�د علي�ه فيقتل�ه، وإن لم يكن أعط�اه أمان�ا قب�ل ذل�ك،�ع يخفي� وهو: االغتيال: وهو أن يخ�دع الرجل حتى يخرج به إلى موض

فm﴿ قال فيه أمره ثم يقتله، ر[ `��ة_ يmع ]��ي[ام وم[ الق_ ]��اء� ي و[ _��اد_رj ل ]��لi غ m�� : »ل_ك�وداء﴾ب_ه_ ��ة س��در راي��ة بيض�اء وللغ� . وقد كانت العرب ترفع للوف�اء راي

�ادر��ك للغ��ل ذل��وع مث��ديث وق��ى الح��ذموه فاقتض��ادر وي��وا الغ� ليلوم�ف .�����ل الموق�����ه أه�����ة فيذم�����فته في القيام�����تهر بص����ليش

( فيما يتعلق بالبغي21 و13إن ه�ذا البند يعد استمرارا للبندين رقم )�رر أن��و يق��باب، فه� والفساد والغدر والقتل والثأر الجامح ألتفه األس�ه��روح فعالج��ك من ج��دى ذل��ا ع��ا م� حق الثأر مرتبط فقط بالقتل، أم�اء��ل؛ ألن دم��رث والنس��دماء وإهالك الح��فك ال��رقى إلى س� ه�ين ال ي�ة،��وى متغطرس� البشر أغلى من أن تهدر ظلما نتيجة إرادة ظالمة وق

�اني، بحيث فالقضاء وحده ه�و الذي يقرر��د الج��بة ض��ة المناس� العقوب�الى: ���ال تع��ا ق�ز_رmإنها ال تسري إلى األقارب والعشيرة، كم ]�� ﴿ ...و[ال[ ت

ى... زر[ أmخر[ ة� و_ از_ر[ �ون164)األنعام:﴾و[��د يك��ذا القي� ( والذي ال يلتزم به�ا..��ان مظلوم��دم إال إذا ك��دور ال� قد أهلك نفسه وأهل بيته وأصبح مه�واء��ل س��ايا القت��المي في قض��انون اإلس� فالمدعى الحقيقي في الق�روح،��تى الج��در أو ح��ق الغ��اال عن طري��ة أو اغتي��ا عن بين� كان اعتباط�ة��و أو الدي� ليس الحكومة بل أولياء المقتول، فهم الذين يقبلون العف ب�دال عن القص�اص، ف�القرار األول واألخ�ير بي�د ولي المقت�ول، ق�ال

ر_فتعالى: `��ال[ يmس لط[انHا ف[ m��ه_ س i��ل_ي ا ل_و[ ]��ع[لن د ج[ ]��ق ا ف[ Hومmت_ل[ م[ظل mو[م[ن ق... ﴿

ا Hور mك[ان[ م[نص mهaن_ تل_ إ ل[﴿ وق�ال (. 33)اإلسراء:﴾فiي الق[ _��ت mن ق : »و[م[ mاد ا يmق[ aم_ إ ا يmود[ى و[ aم_ : إ ين_ �ير_ النaظ[ر[ �و[ ب_خ[ mه ت_يل� ف[ .﴾ل[هm ق[

�اعدته��ول أو مس��ا تمكين ولي المقت��تي يتم به� وإذا كانت الطريقة ال

�ول ��عها الرس��تي وض��ة« ال��إن »الوثيق��ة، ف��ير معروف��ة وغ�غامض

Page 80: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

80

�ك إلى��ند ذل� وطبقها وفق الحكم الجديد للمجتمع المديني تقرر أن س الحكومة ونظام قضائها، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، فليس ألحد�در الحكم��ذي يص� أن يثأر بالقتل من تلقاء نفسه، وإنما القضاء ه�و ال

�الى: ��ال تع�ا أ[نaوتنفذه الدولة تحقيقا للعدالة، ق ]��يه م ف_ ا ع[ل[يه_ ]��ك[ت[بن ﴿ و[

aن i��mذmن_ و[الس األ _��mذmن[ ب األ [نف_ و[ األ _��[نف[ ب األ الع[ين[ ب_الع[ين_ و[ النaفس[ ب_النaفس_ و[ ... اص� وح[ ق_ص[ mر mالج نi و[ iه (.45)المائدة:﴾ب_الس� وهذا بخالف ما ك�ان علي

حكام اليهود، فق�د ك�ان بن�و النض�ير يفض�لون على ب�ني قريظ�ة في

�ه ��ول الل��ك إلى رس��اكموا في ذل��دماء، فتح��قال� فحملهم على الح

�لفجعل الدية سواء. والمالحظ أن ه�ذا اإلجراء من الرسول � المتمث في جعل المحافظة على األمن -مبدئيا- مسئولية جماعية، تبدي نحوه�ذا���ر ه��د ظه��يرا، وق��ا كب��ر اهتمام��ذا العص���ة في ه��ل الدولي� المحاف االهتمام جليا في مؤتمر األمم المتحدة الثالث لمنع الجريمة ومعاملة

�اول البحث1965المذنبين الذي انعقد في استكهولم سنة � م، حيث تن�رام. ���ة من اإلج���ة، في الوقاي���رة، والمدرس���ور، واألس��دور الجمه�نة��و« س��د في »كيوت��ذي انعق��دة ال��ع لألمم المتح��ؤتمر الراب��ا الم� أم

�وع المهم1970��ذا الموض���ه لبحث ه��اني من� م فقد خصص القسم الث�ا«،� تحت عنوان »مساهمة الجمهور في منع الجريمة والسيطرة عليه�ة���ة في مكافح���اهمة الجماهيري���ة المس���ؤتمر »أهمي���د الم�� حيث أك�ك��عبية في ذل��اهمة الش��د المس��ات أن تؤي��ة، وعلى الحكوم� الجريم�ة��ار الجريم��اهير بأخط��ة الجم��ؤتمر بتوعي��ا اهتم الم��دعمها، كم� وت

ومسئوليتهم عن منعها« .

�نة� والموضوع نفسه بحث في المؤتمر العربي الذي انعقد بالكويت س�ات1970��ول بعض االتجاه��ه ح��ر في��ات النظ��ذي تالقت وجه� م، ال

�ريعة��ام الش��ؤتمر من أن في أحك��ا رآه الم��ك مثال م� الرئيسة، ومن ذل�د��المية وفي التقالي��ام اإلس��ا على قي��يرا معين��يلة خ��ة األص� العربي

�بطها.��ة وض��ع الجريم��انون لمن��اندة الق��ال في مس� الجمهور بدور فع كذلك رأى المؤتمر وجوب توعية الجمهور بمساندة الق�انون وأجهزت�ه�ور على��ل الجمه��تى يقب��رطة ح��ال الش��توى رج� واالهتمام برفع مس

التعاون معهم .

�اح��اهير في كف��اهمة الجم��ام بمس��ة إلى االهتم��دعوة الدولي��ذه ال� وه

�بي ��نها الن��تي س��دالجريمة تعد إحياء وتنمية وبعثا لتلك السنة ال� بع�ة يمكن أن��ة الجريم��مية لمكافح��ود رس��الم »أن أي جه��بين للع� أن ت�اب��ح في خط��ذا واض��ور« ، وه��اندة الجمه��ق مس��ا لم تل��ل م� تفش

Page 81: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

81

�ور��برت الجمه��ذكر، حيث اعت��ة ال��ا اآلنف��ة في بنوده��ة« المدين� »وثيقاألساس في حفظ األمن في المجتمع المديني الجديد.

�اال��بر انتق��رد يعت��دال من الف��ة ب��أديب إلى الجماع��ق الت��ويض ح� إن تف�طة��ة متوس��و مرحل��د، وه� حاسما له داللته في المجتمع العربي الجدي�ردي في���توى الف���ة على المس���ات بين العقوب���انون العقوب�� في ق�وانين في��ريعات والق��توى تش��ة على مس��ع القبلي والعقوب� المجتم�روب��ادي الح��ر في تف��ذلك التنظيم أعظم األث� مجتمع الدولة، وكان ل

الداخلية واالضطرابات.

�د رقم )��برز في البن��افرين، فينص14ي��نين على الك��تعالء المؤم� ( اس�ل��ر إذا قت���ؤمن آخ��ؤمن من م� صراحة أنه لم يعد من الجائز أن يثأر م قريبا له كافرا: »وال يقتل مؤمن مؤمنا في كافر وال ينصر كافر على

�تى مؤمن«، وكذلك لم يعد��افر ح� من الجائز أيضا مناصرة المؤمن للك�ز:��ه العزي��ول في كتاب�اولو بالمودة؛ ألن الله تعالى يق H��وم دm ق[ _�� ﴿ الa ت[ج

انmوا ]��و ك ]��ل ول[هm و[ m��س ه[ و[ر[ a��ادa الل ]��ن ح ادuون[ م[ و[ m��ر_ ي الي[وم_ اآلخ_ نmون[ ب_اللaه_ و[ يmؤم_م... mت[ه ير[ [و ع[ش_ م أ mان[ه _خو[ و إ

] م أ mبن[اء[ه] [و أ م أ m(.22)المجادلة:﴾آب[اء[ه

�ة��رة المطالب��رك من دائ��داء على المش��رج االعت��و خ��ذا النح�� وعلى ه بالثأر، وأصبحت المسألة في ه�ذه الحال�ة من ض�حايا الح�رب ال يج�وز�ارك� الثأر لدمه ، وكم كان ه�ذا البند ضروريا والمسلمون يخوضون مع دامية ضد الوث�نيين، ولو لم يكن ه�ذا القيد لقتلوا بعضهم حمية وثأرا آلبائهم وأبنائهم وإخوانهم وعشائرهم، وهذا ما جعل عبد الله بن عبد

�لالله بن أبي يقول لرسول الله ��ك قات��ني أن� : »يا رسول الله، بلغ�ا��زرجm م��د علمت الخ��ه لق� أبي... فمرني به فأحمل إليك رأسه، فو الل�ه،��يري بقتل� كان لها من رجل أبر بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر غ�ه��اس فأقتل��ي في الن��ل أبي يمش��ر إلى قات��ي أنظ��دعني نفس� فال ت

فأقتل )رجال( مؤمنا بكافر، فأدخل النار« .

�د على� »وهذا دليل آخر على أن دم الكافر ال يكافئ دم المؤمن، وتأكي�ود��الت ال��ع ص� الترابط الوثيق بين المؤمنين ومواالتهم لبعضهم وقط

القديمة مع الكافر« ، ألن الترابط الذي تقتضيه القرابة بالدم، والوالءوكذلك الروح القبلية يقف عند حد اإليمان وال يتعداه.

( قوله: »إن األثرNoeldKeيذكر حسن إبراهيم حسن، نقال عن نولدكه )�اء على� الوحيد الجدير بالذكر الذي تركه اإلسالم في العرب في القض�ه��دين ل��الم أو ت��ع لإلس��انت تخض��ة ك��ل قبيل��تى أن ك��أر، ح� األخذ بالث

Page 82: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

82

�اؤهم في��فكت دم��أر من س��ذ بث��ا في األخ��زل عن حقه���ه، تن� وتعتنق�رى��روف ي� الوقائع والحروب، مع أنا كنا نجد العربي في غير تلك الظ ترك األخذ بالثأر أو دية الدم من أحط مظاهر الذلة والعار. ولكن اتخاذ العرب الرسول زعيما لهم، وذلك األمر الذي كان شاقا على نفوسهم�ول��ربي لقب��عب الع� وصعبا عليها، أن يدينوا لواحد منهم، قد ه�يأ الش�أمره،��أتمروا ب� تلك الحالة الجديدة، فأالن قناتهم، وأسلس قيادهم، ف�ذود عن��ين في ال� حتى إنه لم يعد ه�ناك عربي إال دافع دفاع المخلص�ر��ك العص��رب ذل� ذلك الدين الجديد، ومن ثم يتضح لك كيف استطاع ع

نشر دينهم في جميع الربوع واألرجاء« .

�اظ على األمن��نين بالحف� وأخيرا، إذا كانت »الوثيقة« قد خصت المؤم�هم���ف أجناس���ديني بمختل���ع الم���كان المجتم���ع س���ام بين جمي�� الت�ا من��ة وحمايته��دفاع عن المدين��ية ال� ومعتقداتهم، فكيف عالجت قض

أي عدوان خارجي؟

المبحث الثاني: مسئولية الدفاع المشترك

�ا من��ع جيرانه��ا م��ة، تربطه� كانت يثرب منطقة خصبة تشتهر بالزراع�ة��ادة بالحيط� القبائل البدوية الضاربة حولها عالقات مزعزعة تتسم ع�نها� والحذر والتربص، فقد كانت تتعرض من حين آلخر إلى غارات تش�الت��د من حاص��ه الي��ع علي��ا تق��لب م��ل لس��ك القبائ��ا بعض تل� عليه�راء� ومواشي، ولذلك كثيرا ما كانت تلحق بالمدينة أضرار فادحة من ج�داخلي��راع ال��ة الص��زين فرص��اراتهم منته��دو وغ��ؤالء الب���طو ه� س�ر� والتفكك االجتماعي بين السكان ومحاولة كل فريق منهم قهر اآلخ�ده.��������������������ا في ي��������������������يطرة على م�������������������والس�زاع ال�داخلي فق�د ك�انوا يص�دون تل�ك الغ�ارات بق�وة� ورغم ه�ذا الن�ذونها��ا ويتخ��ون به��ام، يحتم��ون واآلط� السالح، وباالعتماد على الحص�ده��ا أك��ذا م��دوهم. ه� مخازن لحفظ محاصيلهم ويحترزون فيها من ع

�روجعبد الله بن أبي حينما أشار على الرسول ��دم الخ��د بع��وم أح� ي ﴿ ي�ا رس�ول الل�ه كن�ا نقات�ل فيمن المدينة لمالق�اة ق�ريش فق�ال:

�ل��ي، ونجع��ذه الصياص�� الجاهلية فيها، ونجعل النساء والذراري في ه معهم الحجارة ونشبك المدينة بالبنيان فتكون كالحصن من كل ناحية،

Page 83: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

83

�يافنا� وترمي المرأة والصبي من فوق الصياصي واآلطام، ونقاتل بأس�ا��ط، وم� في السكك، يا رسول الله إن مدينتنا عذراء ما فضت علينا ق�ا��بناه... ي��ط إال أص��ا ق� خرجنا إلى عدو قط إال نال منا، وما دخل علين�رأي عن��ذا ال���ر واعلم أني ورثت ه��ذا األم�� رسول الله أطعني في ه

.﴾أكابر قومي وأهل الرأي منهم، فهم أهل الحرب والتجربة

�ول ��اجر الرس���د ه��روبلق��الفتن والح��وج ب��ة وهي تم� إلى المدين�ة��ة« المدين��تطاع من خالل »وثيق��ة، فاس� واألحقاد الداخلية والخارجي�ة إلى��ول المدين��ات، وح��ك الخالف��ة، على تل� القضاء ولو بصورة مؤقت�ا من أي��ازحين إليه��ركين، وللن��ود والمش� وطن آمن للمسلمين واليه�رة��ر ألول م��ا، فظه��ا أو عجم��بوا، عرب��ر انتس��انوا وألي عنص� قبيلة ك�اب��ر إلى األحس��ير نظ� معنى الوطن، يتساوى فيه جميع الناس من غ

واألنساب والعصبيات والعقائد.

�ا��اس، وجعلتهم جميع�دت »وثيقة« المدينة بين أهل األديان واألجن aوح �ة��اجئ المدين� مواطنين مكلفين بالدفاع عن الوطن أمام أي اعتداء يف

�البنود رقم )�����ارج، ف���� ب( تنص45 و45 و44 و38 و37 و24من الخ�ة��دفاع عن المدين��ئولية ال��حيفة« مس��ل »الص��ل أه��راحة على تحم� ص »وتؤكد على توحيد الموقف السياسي الدفاعي الداخلي ضد العدوان�ارجي«. �������������������������������������������������������������������������������الخ�ان على��ود، ك� فإذا ضم الجيش معسكرين، واحد للمسلمين وآخر لليه كل معسكر أن يتكفل بنفقاته، فيبتاع األسلحة ويطعم الجند من ماله�وا معهم��م وقف���ود إذا ه��لمون على اليه��ق المس��ا أن ينف� الخاص. أم

�دين رقم )��ة في البن� 24لقتال عدوهم، فذلك ما نفته »وثيقة« المدين�اداموا38و��نين م��ع المؤم��ون م� ( اللذين ينصان على »أن اليهود ينفق

�نين على محاربين« ينفقون من� أموالهم على مقاتليهم كنفقة المؤم مقاتليهم، سواء بسواء، مهما بلغ حبهم للمال وحرصهم الشديد على�اركة��ود المش��اح على اليه��ة« وبإلح��دت »الوثيق��د أك� عدم إنفاقه، فق�ون� اإليجابية في تحملهم أعباء نفقات دفاعهم عن األرض التي يعيش�ارجي��دوان خ��د أي ع��ا إلى جنب ض� فيها، والوقوف مع المؤمنين جنب�المته. �����������ديني وس�����������ع الم�����������دد أمن المجتم����������يه�ادية في��ة االقتص� وعلى الرغم من سيطرة اليهود الغالبة على الناحي�ة� المدينة، في بداية األمر، حيث كانوا يسيطرون على السوق التجاري�ا��لع فيحتكرونه� ويتصرفون بخيرات المدينة وأموالها، ويتحكمون بالس�اعفة،��عافا مض� ليرفعوا األسعار، ويستغلون حاجة الناس فيرابون أض

Page 84: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

84

رغم ه�ذا كله نجد أن »الوثيقة« تؤكد المساواة بينهم وبين المؤمنين في عملية اإلنفاق م�اداموا مح�اربين، وتنص على االس�تقالل الم�الي

�د رقم )��رر البن� ( »أن على اليه�ود نفقتهم38لكال الط�رفين، حيث يقوعلى المسلمين نفقتهم..«.

�ر على��ة ال تقتص��ود المالي��ات اليه��د إلى أن التزام��و عبي� وقد ذهب أب�لمين��ع المس��زون م��انوا يغ��ود ك��رى أن اليه��و ي� الحرب الدفاعية، فه أيضا، وفي ذلك يقول: »فهذه النفقة في الحرب خاصة، شرط عليهم�ع��زو م��ود إذا غ��هم لليه��ان يس��ا ك��دوه، وإنم��ه على ع��ة ل� المعاون المسلمين بهذا الشرط الذي شرطه عليهم من النفقة، ولوال ه�ذا لم يكن لهم في غنائم المسلمين سهم... وإنما كان ه�ذا الكتاب قبل أن�اب«��ل الكت��ة من أه� يظهر اإلسالم ويقوى، وقبل أن يؤمر بأخذ الجزي

�ه:��ال في��ري ق��ه الزه��ل يروي��ديث مرس��ه بح��ان واستدل على رأي� ﴿ ك

، ول�م يوافق النقاد أبا﴾فيسهم لهم« اليهود يغزون مع رسول الله عبيد على االحتجاج بهذا الحديث المرسل .

خرج في غزوة أح�د حتى انتهى إلى﴿ روى أبو داود أن النبي وق�د �ال:��ه، فق��ل خلف�� رأس الثنية، التفت فنظر إلى كتيبة خش�ناء لها زج�اء ابن أبي من يه�ود،��ؤالء حلف��ه ه��ول الل��ا رس��ذه؟« ق�الوا ي� »ما ه

.. وروى ابن﴾: »ال نستنص�ر بأه�ل الش�رك على أه�ل الش�رك« فقال

: »أال﴿ عن الزهرى ، أن األنصار يوم أحد قالوا لرسول الله إسحاق .﴾نستعين بحلفائنا من يهود؟ فقال: ال حاجة لنا فيهم«

�د��ملهم العق��ر بين من ش��وص أن التناص��ذه النص���بين من خالل ه� يت�د رقم )��ا، فالبن��د إلى خارجه��ط وال يمت��ة فق��ر على المدين� (44يقتص

�دين، حيث��ترك بين المتعاق��دفاع المش��وطن ال��وح م� يحدد بجالء ووض�ر ال��ذا التناص���ثرب «. ه��ر على من دهم ي� ينص على »أن بينهم النص

�ود رقم )��ا ورد في البن� و24يقتصر على االشتراك باألموال فقط كم�ل37 و38��ربي لك��اد الح��ير العت��ذلها لتوف��رورة ب��د ض��ا يؤك� ( وإنم

�ة من��دهم المدين��د ي��ارجي ق��دوان خ��ة أي ع��ادرين على مواجه� الق�ل45قبلهم، طبقا لما ورد في البند رقم )� ب( حيث ينص أنه »على ك

أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم« من بذل األموال واألنفس.

�د رقم )��رة األولى من البن��انت الفق��تقالل37فإذا ك� ( تنص على االس المالي لكل طرف من أط�راف »الوثيق�ة« في النفق�ات على الح�رب

�ئولية44الدفاعية عن المدينة، فإن البند رقم )��دود المس� ( يؤكد أن ح

Page 85: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

85

�د رقم )� ب(45الدفاعية ال تتجاوز حدود المدينة فحسب بل خصص البن مكانا محددا لكل طرف من األطراف المتعاقدة يتولى مسئولية حماية�د على��اوز من أح��دون تج��ه، ب��ذي من قبل� الدولة الجديدة من جانبه ال

�ول ��ع الرس��تركوا م��ود لم يش��زم أن اليه��ا نج�اآلخر. وهو ما يجعلن�ا ذهب��ة ، وأن م��ارج المدين��زوات خ� والمسلمين في أي غزوة من الغ

�ر إلىإليه أبو عبيد من اشتراكهم مع الرسول ��ة يفتق��ارج المدين� خ الدليل؛ ألنه ليس ه�ناك أي إشارة أو دليل على قتالهم مع المسلمين�ة.�����������������������دود المدين�����������������������ارج ح����������������������خ�رب في� لقد أدرك اليهود قيمة الفرق بين الحرب في سبيل الله والح سبيل الوطن، فهم لم يلزموا بالحرب مع المؤمنين دفاعا عن دينهم،�إن� ولكنهم ملزمون بالحرب إذا ه�اجم المدينة مهاجم يريد ه�الكها، ف المنفعة مشتركة حينئذ وال يمكن أن يتخلوا عنها، وهكذا يكون موقف

المشركين.

�ني«��ودي والوث��ر »اليه��لم واآلخ� فحدود التحالف السياسي بين المس�دة ولكنهم��رب العقي� يقتصر على من دهم يثرب، فال دخل لهم في ح

�ول ��أسمطالبون بالحرب دفاعا عن األمة فقد كان الرس��ى ب� يخش قريش ، ويتوقع أن تهاجم المدينة يوما م�ا، ف�لم يكن يعتقد أن األمر�لمين، أول��رى في المس��ه، ولم يكن ي��ا بهجرت��ه وبينه��د انتهى بين� ق�ه��دهم في وج��ام وح��ا يمكنهم من القي� عهدهم بالمدينة، من القوة م�ة��رك كلم��د ت��ده ق��ذا نج� قريش أو غير قريش ممن يكيد له ويعاديه، ل

�د رقم )���ة في البن���ر« عام���ر على من (: »وأن37»النص�� بينهم النص�د رقم )��ك في البن��د ذل��حيفة...« وأك��ذه الص�� ( »وأن44حارب أهل ه

بينهم النصر على من دهم يثرب « .

وهذه قرائن نصية صريحة تؤكد بما ال يدع مجاال للشك أن الرسول �ذه��ان به��ه ك��ل إن��اتح، ب��ازي والف��دافع ال الغ� إنما كان في موقف الم�ه في��و وأتباع���زل ه� »الوثيقة« يريد أن يعزل قريش في مكة وأال يع�ريش��د ق��ي في درء كي��الف السياس��ة التح��ذلك قيم� المدينة، مدركا ب�اعتبر��ة »ف��يس الدول��رة من تأس��ة المبك��ذه المرحل�� وشد أزره في ه�ع��ة م��حيفة« وأنهم »أم��ذه »الص���وص ه��ريح نص� اليهود مواطنين بص�ة على��ات المترتب��ع الواجب��رض عليهم جمي��نين« ولكن لم تف� المؤم�ذي يمكن أن��عار ال� المسلمين، وأخصها القتال؛ ألنهم ال يؤمنون بالش�د أن� يقاتل المسلمون تحت لوائه، وكان ذلك تخفيفا عنهم، ولكن ال ب�اداموا��ط« م��رب فق��ام الح��دفاع، وفي أي��ات ال��هموا في نفق� يس

Page 86: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

86

�د رقممحاربين، وحيث إن الرسول � ضمن لهم حرية دينهم في البن�ات25)��اء نفق��اب أولى تحملهم أعب��ة فمن ب��كناهم في المدين� ( وس

�ذا���ا، ويخلص من ه��تي يمتلكونه��دراتهم ال��اعهم عن وطنهم ومق� دف�ات��ون نفق��تماعية، فهم ال يتحمل���دالة االج���ات الع��مى آي��د أس� البن�ايتهم��زءا من حم� الجيش عندما يكون مهاجما، بل عليهم أن يوفروا ج

ألهاليهم وأرضهم في المدينة .

فاألرض يوم تحكم بشريعة السماء، فسوف ينعم بها المسلمون وغير المسلمين؛ ألنه ليس من الحكمة أن تكون دماء المسلمين وأعراضهم

�اتهم وأرواحهم��يرهم وممتلك��وال غ��دورة وأم� وأموالهم مستباحة مه�الغنم،��رم ب��و الغ���ادل ه��المي الع� وأعراضهم مصونة.. إن المبدأ اإلس ف�إذا ك�انت »الوثيق�ة« ق�د حملت المس�لمين عبء التض�حية والف�داء�اء��دا الحلف��ذا ال يعفي أب���إن ه��الم ف��ة اإلس��ة دول��وت إلقام� والم�هداء��ع أرواح الش� السياسيين من مسئولياتهم المالية حتى يكتمل دف بدفع أموال الحلفاء، وليس ه�ذا تفضال منهم وال كرما، بل ه�و واجبأصلي عليهم، حتمته »الوثيقة« التي تنظم حياة جميع أهل المدينة .

�ة«��ا »وثيق��زت عليه��تي رك��ة ال��ادئ المهم��يحة من المب� إن مبدأ النص�ي� المدينة من أجل إتاحة الفرص لكل المتعاقدين في التجمع السياس�ة��ية الدائم��اورات السياس��ة في المش� المديني على المشاركة الفعال�ة��ات، والثق��برات والطاق��تفادة من الخ��دائم واالس��ط ال� والتخطي�دة في��اهيم جدي��املهم من خالل مف��اء في تع��ة، بين األعض� المتبادل

التناصر والتفاهم والتعاون على »البر دون اإلثم« .

�الم إلى مس�توى� إن الذي يعيش في ظل اإلسالم ال بد أن يرفعه اإلس�منون إحالل األمن��لمون يض� الثقة والتعامل الحضاري المميز، فالمس والسالم الداخلي ومنع نشوب أي حرب داخلية في المدينة عن طريق�اف��ة واالستكش��ة الدول��دفها حماي���كرية ه��ات أمن عس��كيل دوري� تش وض�مان األمن ودف�ع األذى ال�ذي ق�د ي�أتي من الخ�ارج، وك�ذلك من�ع

تجارة قريش من المرور في أراضي الدولة الجديدة.

أما اليهود الذين ضمنت لهم »الوثيقة« حرية العقيدة واإلقامة وحرية االشتغال والكسب مادام ضمن حدود الله، وضمان الحماية في بيعهم�ل��دم التعام��إن عليهم ع��نين، ف��ا بينهم وبين المؤم��رائهم فيم� وش

قريش، وعدم السماح لها بترويج منتجاتها داخ�ل المدين�ة التجاري مع�ارة��ب التج��ول على مكاس��ا بالحص��ماح له��دم الس��ريقهم، وع� عن ط

Page 87: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

87

�يا��اديا، وسياس��دو اقتص��ة للع��نى أدق إعالن المقاطع��ة ، بمع� الدولي�ذي ينص على45تطبيقا لما نصت عليه »الوثيقة« في البند رقم )� ( ال

جواز عقد الص�لح م�ع حلف�اء المتعاق�دين إذ دع�ا إلي�ه أح�د الط�رفين�الحونه���لح يص���وا إلى ص���دين: »وإذا دع���ارب في ال���تثناء المح�� باس�ك��ل ذل��وا إلى مث� ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبس�ونه، وأنهم إذا دع�ول العلي:��دين«، يق��ارب في ال��نين إال من ح��إن لهم على المؤم� ف�ة،��دفاع عن المدين� »وقد وضعت ه�ذه المادة تالية للمواد المتعلقة بال�ير��ذي تش� لذلك يمكن اعتبارها مكملة لها ومرتبطة بها، وأن الصلح ال

إليه ه�ذه المادة يتعلق باألخطار التي تهدد المدينة« .

�ترطت��ا اش��ل م� فأعطت الحق لليهود أن يجابوا إلى صلح يطلبونه مث�درس��اء ت��تركة للحلف��لحة المش��لح؛ ألن المص��ذا الص���ول ه� عليهم قب

�رىوتقرر في ضوء ه�ذا الصلح. وإنما فعل الرسول ��ا لع� ذلك توثيق�ا� التضامن الحربي بين المسلمين واليهود، وتأكيدا للوحدة التي أراده لعناصر األمة البش�رية، غ�ير أن�ه وض�ع قي�دا خاص�ا اس�تثنى ب�ه علي�ه�رب��ة ح� السالم قريشا »إال من حارب في الدين« ألنهم كانوا في حال

معهم .

�دفاع��ئولية ال��د جعلت مس��ة« ق��انت »الوثيق��ول: إذا ك��ة الق� وخالص المشترك واجبا على جميع متساكني المدينة فإنه وبالمقاب�ل منحتهم�ام��ا أم��واجب، وه�و مس�اواتهم جميع��ك ال��ة عن ذل��ل أهمي��ا ال يق� حق�حا في��ده واض��ا نج��ذا م� القانون، دون النظر إلى الدين أو العرق، وه

بنود »الوثيقة«.

المبحث الثالث: مساواة الجميع أمامالقانون

�جرة الرس�ول � إلى المدين�ة قائم�ة علىكانت حي�اة الن�اس قب�ل ه�ات،� أساس التفاضل بالمال والجاه، والشرف، والتفاخر باآلباء واألمه�اس فيهم ثالث���طلحوا على »أن الن���ل اص���اس، ب���ل واألجن�� والقبائ�ل من��ة القتي� طبقات: سادة، وسوقه وموالي عتق، وكانوا يجعلون دي�در��دماء، فيق��ل في ال� السادة مضاعفة لدية السوقة، ويسمونه التكاي�الم��اء اإلس��نين، فج��ة أو اث��وقة أو الخمس��رة من الس��يد بعش� دم الس�زعة���ة لن��رية الميال��ة البش��ادم الطبيع� بإبطال ذلك« مما أدى إلى تص

Page 88: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

88

من دعوةالتعالي وحب السيطرة واالضطهاد مع ما جاء به الرسول الكث�ير من المت�اعب والمش�اقعلي�ه الس�المإلى المساواة. لذا واجه

�ا، حيث��اس جميع��دأ بين الن��ذا المب���ق ه��ه إلى تحقي��بيل دعوت� في س�ك��أن. وفي ذل��ذا الش���اد في ه��ه بالمرص��ريش ل��ادة من ق� وقف الس�بي��ا من الن��اظ قريش��ا أغ��ظ م��ان أغي��ين : »... وك��ه حس��ول ط�� يق�يد��رق بين الس��اواة، ولم يكن يف��دعوها إلى المس��ان ي� ودعوته، أنه ك والمسود وال بين الحر والعبد، وال بين القوى والضعيف وال بين الغني�د� والفقير،... وال يستعلي بعضهم على بعض، وقد سخطت قريش أش

�هالسخط وأعنفه على النبي � لما أظهر من ذلك حتى ألكاد أعتقد أن�اعي����امهم االجتم����د دون...أن يمس نظ����اهم إلى التوحي����و دع��� ل�ه من��د أو ألجاب��قة وال جه��ير مش��ثرتهم من غ��ه ك� واالقتصادي ألجابت قريش من أجاب وامتنع عليه من امتنع دون أن يلقى من ذلك مشقة�ه��بي ألن��ريش على الن��خطت ق� أو عنتا، ومهما يكن من شيء فقد س�دل ال يالئم��ا من الع��ا نوع��رض عليه��اعي وف��ا االجتم��رض لنظامه� ع

�ة منافع سادات�ها وكبرائها« .��ه الدول��ا حققت��إن من أعظم م� وهكذا ف�ايز بين��رية والتم��ة العنص��ا حطمت التفرق��ة، أنه��دة في المدين� الجدي�يين��ود والوثن� جميع المتعاقدين في الحقوق والواجبات العامة، فلليه�لمين��ا على المس� من الحقوق ما للمسلمين، وعليهم من الواجبات م�ه، وال��ا ال يحرمون��د فيم��ام عليهم الح��دينهم، فال يق��ل ب� إال فيما يتص�تور«��برز في »دس��اني ت� يدعون للقضاء في أعيادهم، وكل ه�ذه المع

الدولة.

�ي���ا ه��انون؟ وم��ام الق��اواة أم��ني بالمس��اذا نع��اءل: م��ا أن نتس� ولنالمفاهيم التفسيرية لذلك انطالقا من مضمون الوثيقة؟

�اوين� إننا نقصد بالمساواة أمام القانون: أن يكون األفراد جميعا متس�بب��ك بس��يز بينهم في ذل��ة، فال تمي��ات العام��وق والواجب� في الحق�ل��دة، بحيث يتمكن ك��دين أو العقي��ة أو ال��ل أو اللغ� الجنس أو األص

�ع شخص من التمتع بنفس��رون ويخض��ا اآلخ��ع به��تي يتمت��وق ال� الحقلجميع التكاليف التي يفرضها القانون على األفراد .

�ع فتحكم��ام المجتم��تي تقيم نظ� أما القانون فهو مجموعة القواعد ال�ك��ا تمل� سلوك األفراد وعالقاتهم فيه، والتي تناط كفالة احترامها بم

السلطة العامة في المجتمع من قوة الجبر واإللزام .

Page 89: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

89

لم يلبث أن عقد مع مختلف األطراف في المدينةلذا نجد أن النبي �ام��لمين أم��الفين بالمس��اواة المخ��دأ مس��رت مب��ة أق� »وثيقة« مكتوب القانون دون ه�ضم لحقوقهم وواجباتهم، وه�و األم�ر ال�ذي لم تص�ل�ل في��ه مثي� إليه شريعة من الشرائع السماوية الس�ابقة ولم يس�بق ل�عي ال في��انون وض��ه ق��رق ل��ة من أمم األرض، ولم ي��اريخ أي أم� ت

القديم وال في الحديث.

�يرهم،��نيهم وفق��انون اإللهي، غ��ام الق��ية أم��ا سواس��اس جميع� فالنذ_ين[شريفهم ووضيعهم، المس�لم وال�ذمي، ق�ال تع�الى: a�ا ال ]�[يuه ا أ ]� ﴿ ي

ومj ع[ل[ى ن[آنm ق[ نaكmم ش[ سط_ و[ال[ ي[جر_م[ د[اء[ ب_الق_ ه[ mه_ شaام_ين[ ل_ل aو نmوا كmونmوا ق[ آم[ا ]��ير� ب_م _��ب ه[ خ[ a��ه[ إ_نa الل a��وا الل m��اتaق و[ى و[ `��بm ل_لتaق ر[ `���و[ أ[ق� أ[الa ت[عد_لmوا اعد_لmوا هـ

لmون[ (.8)المائدة:﴾ت[عم[

�الم� وقد طبقت »وثيقة« الم�دينة ه�ذا المفهوم عمليا في ص�در اإلس

فحطمت ب�ذلك التفرق�ة العنص�ريةفي المجتمع الذي أنشأه محم�د �راد��ع األف��برت جمي��ا اعت��ديني لم��ع الم��اء المجتم��ايز بين أعض� والتم�ة.��بات العام���وق والواج��اويين في الحق��ثرب متس��دين في ي� المتعاق�اة� وليس في القانون أي تمييز ألي فئة كيفما كانت أمام مغان�م الحي العام�ة ومغرمها في المدينة؛ ألن »المبدأ اإلسالمي العادل ه�و الغرم�حية��لمين عبء التض��ل المس��د حم��الى ق��ه تع��ان الل��الغنم ، وإن ك� ب�ة«��د أن »وثيق��ذلك نج��الم« . ل��ة اإلس��ة دول��وت إلقام��داء والم� والف

�ا رقم )� و39 و38 و37 و35إلى25 و24المدينة قد جسدت في بنوده�لم47ب و45 و45 و44 و43 و41��ودي( بالمس��ر( )اليه��ام )اآلخ� ( التح

�ة��ذه الدول��دة له��ة المتح��ة والرعي��يال في األم��زءا أص��بح ج��ذي »أص� ال�ذي يحكم��اف ال��دل واإلنص��اس الع��امت على أس��تي ق��المية« ال� اإلس�د ):� ع�القة الناس بعضهم ببعض، قال تع�الى على لس�ان سيدنا محم

... mمmعد_ل[ ب[ين[ك] رتm أل_ أmم_ ﴾ و[ (. 15)الشورى:﴿

ت[لmوا م_نرضي الله عنهما﴿ وعن ابن عباس _ذ[ا ق[ ير_ إ قال: ك[ان[ ب[نmو النaض_

ير_ _��ن ب[ن_ي النaض ة[ م_ ]��يظ ر[ mو ق m��ل[ ب[ن ]��ت _ذ[ا ق[ إ ة_، و[ ]��[دaوا ن_صف[ الدiي يظ[ة[ أ ر[ mب[ن_ي ق

ولm اللaه_ mس �وaى ر[ ل[ةH، ف[س[ مm الدiي[ة[ ك[ام_ _ل[يه_ [دaوا إ م أ mب[ين[ه﴾.

ه�ذا فيما يتع�لق باليهود، أما فيما يتعلق بالمسلمين فقد جاء اإلسالماكmمواضعا ألساس المساواة بقوله تعالى: ]��ل[قن ا خ[ a��_ن اسm إ a��ا الن ]��[يuه ا أ ]�� ﴿ ي

ه_ a��ند[ الل كmم ع_ م[ وا إ_نa أ[كر[ mف ب[ائ_ل[ ل_ت[ع[ار[ عmوبHا و[ق[ mم شmع[لن[اك mنث[ى و[ج[ أ مiن ذ[ك[رj و[

اكmم... [تق[ ال إ_نa﴿ وقول الرسول (، 13)الحجرات:﴾أ: أ[ mاسa�ا الن ]�[يuه : ي�[ا أ

Page 90: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

90

م_يª و[ال ب_يª ع[ل[ى أ[عج[ ر[ ]��ل[ ل_ع `��د�، أ[ال ال ف[ض _��اكmم و[اح ]��[ب إ_نa أ د�، و[ _��اح بaكmم و[ ر[ر[ إ_ال ]��د[ ع[ل[ى أ[حم و[ `��د[ و[ال أ[س و[ `��ر[ ع[ل[ى أ[س ]��ب_يª و[ال أل[حم ر[ ]��م_يª ع[ل[ى ع ل_ع[ج[

.﴾ب_التaقو[ى

�ل� وبهذا القانون الجديد تحطمت كل الموازين –الوضعية– األرضية وح�د: ��ماوي األوح�اكmم محلها الميزان الس ]��[تق ه_ أ a���د[ الل�ن كmم ع_ م[ �ر[�﴾ إ_نa أ[ك ﴿،

�المفبلغت المساواة بين الناس غايتها، عندما أمر ��ه الس��ا بينعلي� بهد_يكmم،المرء وخادمه فقال: `��[ي هm ت[حت[ أ a��مm الل mع[ل[ه لmكmم، ج[ و[ انmكmم خ[ _خو[ ﴿ ... إ

، و[ال mا ي[لب[س a��ليmلب_سهm م_م ، و[ mلmا ي[أك aم ليmطع_مهm م_ وهm ت[حت[ ي[د_ه_ ف[ mن ك[ان[ أ[خ م[ ف[م mوهmين أ[ع_ م ف[ mوهmمmفتaإ_ن ك[ل م، ف[ mهmا ي[غل_ب م م[ mوه mفiك[لmرآن﴾ت�� . وهكذا جاء الق

ليخت�ط أص�وال جدي�دة، وج�اءت »الص�حيفة« مؤك�دة مع�نى المس�اواة�دة( على 15شاجبة للطبقية، حيث ينص البند رقم )� ﴿ أن ذمة الله واح

�اس � ﴾يجير عليهم أدناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الن.

�اواة��ني - فالمس��ودي، والوث��ر( - اليه� أما فيما يتعلق بالمسلم و)اآلخ�ا��اس جميع� قائمة بينهم على أساس القيمة اإلنسانية المشتركة، فالن�ف���ل التكلي���انية وفي أص���ة اإلنس���ل الكرام���اوون في أص�� متس�رها��ب عنص��ا بحس��ل غيره� والمسئولية، وأنه ليس ه�ناك جماعة تفض

ذ_ياإلنساني وخلقها األول، قال تعالى: a��بaكmمm ال وا ر[ mقaات mاسaا الن [يuه[ ﴿ ي[ا أا Hير _��االH ك[ث ]��ا ر_ج ]��م mنه ب[ثa م_ ا و[ ]��ه وج[ ا ز[ ]��نه ل[ق[ م_ د[ةj و[خ[ اح_ كmم مiن نaفسj و[ ل[ق[ خ[

...Hاء ن_س[ (. 1)النساء:﴾و[

�ا��هم إال طبق��ة بينهم وبين بعض��وارق وال طبقي��واء، ال ف���ل س�� فالك�ة��المي والمتمثل��تور اإلس��ا الدس��تي قرره��وعية ال��ايير الموض� للمع�ة في��ة« المدين��ه »وثيق��دت علي��ا أك� باإليمان والعمل الصالح، وهذا م�ق��ديني وف��ع الم��كان المجتم��ع س��اوت بين جمي��تي س��ا ال� بنوده

المعطيات الجديدة.

�حيفة«��ملتهم »الص��ل من ش��انون بين ك��ام الق��اواة أم� إن مبدأ المسيمكن إجماله في اآلتي:

أوال: المساواة في النفقات المالية

Page 91: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

91

�دين رقم )��ة« في البن��ت »الوثيق��رة األولى من38 و24نص� ( والفق�ة37البند رقم )��رب الدفاعي��ات الح��ط نفق� ( على دفع كل طرف قس

عن المدينة على حد سواء بدون تمييز ألي طرف على اآلخر.

�ة عن��ة الدفاعي��ات الحربي��اواة في العملي��ا:المس� ثانيالمدينة من أي عدوان خارجي

( والبندان رقم37أكدت »الوثيقة« في الفقرة الثانية من البند رقم )�ل45 و44)� ب( على وجوب التناصر بين أهل ه�ذه »الصحيفة« على ك

من دهم يثرب، كل من جانبه الذي قبله.

ثالثا: المساواة في واجب منع إجارة العدو ومن نصره �اكنين في��ع المتس��وار من جمي� عملت »الوثيقة« على إبطال حق الجالمجتمع المديني للعدو الخارجي ومن نصره، حيث منع البندان رقم )

�دهم. فالمس�لمون واليه�ود43 و41��د أح��ان ول��و ك� ( اإلجارة للعدو ولوالوثنيون أمام ه�ذا اإلجراء القانوني متساوون.

رابعا: المس�اواة في االنتس�اب إلى األمة �م )���ود من رق��دأ في البن��ذا المب���برز ه��لت35 إلى 25ي���تي كف� ( ال

�ديد في���ع الج�� )لآلخر( - اليهودي - انتسابه لألم�ة، حيث أصبح المجتم�رها��اوية عناص��ي - متس��المعنى السياس� يثرب يش�كل أم�ة واح�دة - ب�لى���ود ع� أمام القانون؛ وأmمتين بالمعنى العقدي، حيث تنص ه�ذه البن�ذا��لمين دينهم«. وبه��ود دينهم وللمس� أن�هم »أمة م�ع المؤمنين، لليه�ه��ه عقيدت��ه، ل��اقدين على دين���رف من المتع��ل ط� أقرت »الوثيقة« ك�ي المنظم��انون السياس��ذا الق���ل ه� وحريته فيما يعبد، الجميع في ظ�راف��د من األط��ل واح� لشئون الحياة في المجتمع المديني سواء، وك�رده ال��ل بمف��ز وج� المتعاقدة مسئول عن دينه ومعتقداته أمام الله ع

يشاركه في ذلك أحد.

خامسا: المساواة في معاملة كل طرف من المتعاقدينلحلفاء )اآلخر(�ع45تضمن البند رقم )��لح م��ود إلى الص� ( أن المسلمين إذا دعوا اليه

حليف لهم فإن�هم يصالحونه، وإن اليهود إذا دعوا المسلمين إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين مثل ذلك، وهذا دليل واضح وصريح على

�دة أن الرسول ��دا للوح��يز تأكي��دون تمي� عام�لهم معاملة الند للند بالتي أرادها لعناصر مجتمع المدينة.

Page 92: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

92

�الموقد استثنى ��ه الس��ه منعلي��د نفس��يرة من البن��رة األخ� في الفق�لمين أن��ه ال ينبغي للمس��دين« ألن��ارب في ال� حارب الدين »إال من ح�الم� يصالحوا من حارب دينهم، بل ليس لليهود أن يصالحوا أعداء اإلس

ثم يدعوا المسلمين إلى مصالحة من صالحوا .

�دة على اختالف��راف المتعاق��ع األط��ة« بين جمي��اوت »الوثيق��ا س� كم�المية��ة اإلس��دود الدول� أعراقها وانتماءاتها الدينية في العيش داخل ح آمنين على أموالهم وأنفسهم من أي اعتداء قد يهددها بالخطر، حيث

�د رقم )���ذه39ينص البن����ل ه���ا أله���رام جوفه���ثرب ح�� ( على »أن ي�ل��ال بين القبائ��روب والقت��ريم الح� الصحيفة«، فالنص ص�ريح في تح والعش�ائر، وتث�بيت الس�لم في المدين�ة، ال�تي رس�مت ح�دود حرمه�ا

ببعض العالمات البارزة في أطرافها.

المبحث الرابع: التدابير األمنية الخاصةبقريش

�ل من آمن��د ك��طهاد ض��ع واالض��اليب القم��ل أس� استخدمت قريش ك�ذاب��وان الع� بالله، فانقلبت كل قبيلة على أبنائها ومواليها تذيقهم أل�حاق في��ال ابن إس��ه، ق� وصنوفه لتصرفهم عن دين الله وتصدهم عن ه�ذا الشأن: »إنهم عدوا على من أسلم واتبع رسول الله من أصحابه�ونهم��وا يحبس��لمين فجعل��ا من المس��ة على من فيه��ل قبيل� فوثبت كويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر« .

�اركين وراءهم��ا، ت��هم بعض��ع بعض��اال يتب��ثرب أرس��اجروا إلى ي� فه�ذي��ر ال��أرواحهم، األم��اة ب��ل النج� مصالحهم مضحين بأموالهم من أج�كل� أحدث ضجة أثارت القالقل واألحزان في أوساط مشركي مكة بش�ذي��ر الحقيقي ال��امهم الخط� لم يسبق له مثيل، إذ جسدت الهجرة أم

�ول ��ا رأوا أن الرس��ادي لم��ني واالقتص��انهم الوث��هيهدد كي��بح ل� أص�ه��دين ل� شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ، بل أصبحت له دولة ت�واء��ة س��اة العام� بالوالء والطاعة وفق »وثيقة« تنظم كل جوانب الحي منها الداخلية أو الخارجية بين جميع سكان المدينة بمختلف أجناسهم

�اد ومعتقداتهم.��دو لالتح��ا ع� أعلنت »وثيقة« المدينة صراحة أن قريش�ا، حيث ينص��اون معه��ة أي تع��ركي المدين� المديني، وحرمت على مش

Page 93: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

93

�ير20البند رقم )��ثرب أن يج� ب( على أنه »ال يجوز لمشرك من أهل ي�اعدتها��اع عن مس��رب يجب االمتن� أيا كان من قريش... وفي حالة الح بأي ش�كل من األشكال«، »وأنه ال يجير مشرك ماال لقريش وال نفسا�ات� وال يحول دونه على مؤمن«؛ والمقصود بالمشركين ه�نا تلك الفئ التي بقيت على شركها في يثرب من األوس والخزرج خاصة، فهؤالء ال يجوز لهم إجارة قريش وتجارتها أو الوقوف أمام تصدي المسلمين لها، فالنص واضح وصريح أنه ال إجارة لعدو محارب من مشرك مهادن�ة دم��د إباح��رة، فعن� معنا، وال أمان له، وال لماله، إال من القيادة مباش�ه في� المشرك المحارب وإباحة ماله فال يستطيع مش�رك مش�ترك مع�ا��د خاص��ذا البن���اء ه��د ج��ه . وق��ه أو دون مال��ول دون��دة أن يح� العقي�ركي� بالمشركين نتيجة للضغط المتزايد من مشركي قريش على مش

_ل[ى ابن_ المدينة. �وا إ��mك[ت[ب jيش ر[ m��ار[ ق a���ننه أ[نa كmف���و داود في س� ﴿ روى أب

ولm الل�aه_ m�س ج_ ، و[ر[ زر[ ]�الخ ع�[هm األ[وث�[ان[ م_ن[ األ[وس_ و[ ن ك�[ان[ ي[عب�mدm م[ mب[يª و[م[ أمm ب_اللaه_ _نaا نmقس_ إ ب[ن[ا، و[ اح_ �م ص[mيت _نaكmم آو[ قع[ة_ ب[درj : إ بل[ و[ د_ين[ة_ ، ق[ ئ_ذj ب_الم[ ي[وم[ات_ل[ت[كmم ]��ل[ مmق m��تaى ن[قت ع_ن[ا ح[ mم ب_أ[جم[ _ل[يك نa إ ير[ [و ل[ن[س_ نaهm، أ mخر_جmو ل[ت] ات_لmنaهm، أ ل[تmق[ن هm م_ ]��ع ان[ م[ ]��ن ك mب[يª و[م[ ه_ بن[ أ a��ا ب[ل[غ[ ذ[ل_ك[ ع[بد[ الل aل[م اء[كmم.. ف[ ن[ست[ب_يح[ ن_س[ و[

iب_يaت[ال_ الن عmوا ل_ق_ ك[ النaب_يa ع[ب[د[ة_ األ[وث[ان_ اجت[م[ _��غ[ ذ[ل ]��ا ب[ل a��ل[م م، ف[ mي[ه ل[ق_ا a��ا ك[ان[ت ت[ك_يدmكmم ب_أ[كث[ر[ م_م ، م[ ب[ال_غ[ mمm الم[ نك يشj م_ ر[ mق mيد د ب[ل[غ[ و[ع_ : ل[ق[ ال[ ق[ ف[ان[كmم.. و[ `��إ_خ [بن[اء[كmم و[ ات_لmوا أ [ن تmق[ كmم، تmر_يدmون[ أ س[ mنف] [ن ت[ك_يدmوا ب_ه_ أ تmر_يدmون[ أ

iب_يaوا ذ[ل_ك[ م_ن[ النmع م_ ا س[ aل[م ك[ت[ب[تف[ ، ف[ jيش ر[ m��ار[ ق aفmب[ل[غ[ ذ[ل_ك[ ك وا، ف[ mق aر ت[ف[، ون_ m��الحmص ة_ و[ ]��لق لm الح[ `��_نaكmم أ[ه ود_: إ mل[ى الي[ه_ قع[ة_ ب[درj إ يشj ب[عد[ و[ ر[ mق mار aفmك

د[م_ ]��ب[ين[ خ ا و[ ]��ولm ب[ين[ن m��[و ل[ن[فع[ل[نa ك[ذ[ا و[ك[ذ[ا و[ال ي[ح ب[ن[ا أ اح_ ات_لmنa ص[ _نaكmم ل[تmق[ إ و[

aب_يaالن mم mهmاب ]��ا ب[ل[غ[ ك_ت aل[م - ف[ mيل يء� -و[ه_ي[ الخ[الخ_ ائ_كmم ش[ ون_س[ m��ع[ت ب[ن [جم[ أير_ ب_الغ[در_... .﴾النaض_

- تفتيت التجمع الوثني �ول ��تعمل الرس��ائري فياس��لوب العش��ني، األس��لوب الوط� األس

غ[ ]��د ب[ل ]���ال: »ل[ق��برة، ق��يطة مع� فضحه ه�ذا التجمع وتفتيته بكلمات بس�دهم��يا عن��ب[ال_غ[« حرك بهذه الفقرة عام�ال نفس mمm الم[ نك يشj م_ ر[ mق mيد و[ع_ان[ت ]��ا ك ]���ور؛ »... م���وف، أو الخ� يأبون أن يعيروا به وهو الجبن، أو الخ�ذه��رك به�كmم...« ح ]��س mنف] ه_ أ _���دmوا ب�[ن ت[ك_ي �دmون[ أ�ا تmر_ي a��أ[كث[ر[ م_م _���دmكmم ب� ت[ك_ي�ارجي على��دو الخ� الفقرة عامال نفسيا آخر وهو الترهيب من تآمر العات_لmوا ]��[ن تmق �دmون[ أ��د؛ » تmر_ي� أهل المدينة أصحاب المصير المشترك الواح

Page 94: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

94

�ول �ان[كmم...«؛ ركز الرس _خو[ إ [بن[اء[كmم و[ �وةأ��رة على أخ��ذه الفق�� في ه�اء والطين،��ة الم��ب، وعلى رابط��ل النس��وم واأله��عور الق� وعلى ش

�دو��بر من ع��دا أك��ط كي��ركين، ليحب��لمين والمش��وطن بين المس� وال�ترك��دو مش� أعظم، ليخذل بين األعداء جميعهم فيجعلهم حلفاء ضد ع

واحد .

�رنكم��ول: »ال يغ��ريش تق��د كتبت إليهم ق��اجرين فق� أما بالنسبة للمه�راءكم في��د خض��لكم ونبي� أنكم أفلتمونا إلى يثرب، سنأتيكم فنستأص�ل��ة من قب��دة للمدين��دات المتزاي��ل التهدي��ر داركم« ، وفي ظ� عق

مشركي مكة أعلنت »الوثيقة« لكل سكان المدينة أنه :

- ال جوار لقريش �ة��ة إلى درج� كانت عادة الجوار متأصلة في نفوس العرب في الجاهلي�ول��در الرس� التقديس، بحيث أصبحت من دواعي الشرف والنجدة، وق

�و أن� أنه إن أبقى عليها جلبت على المسلمين البالء والخسران، فل�ل� قرشيا اشتد في إيذائه وعدائه للمسلمين، ثم استجار برجل من أه

�تطاع��ا اس��ة ، لم��ه المدين��ه وال من عدوان��وا من��لمون أن يتخلص� المس�رب،� لهم، حيث إن المجتمع اإلسالمي في المدينة، كان في ظروف ح

�رف،أو أنه كان يتهيأ للحرب، لذلك وجد الرسول ��ذا الع���اء ه� أن إلغ�د رقم )��وجب البن��ار43أعنى اإلجارة بم��ه ال تج��ذي ينص على »أن� ( ال

�تي��ة ال��ة الحربي��تلزمات الحال��و من مس���رها«، ه��ريش وال من نص� قيعيشها المجتمع.

�بيعي، إذ أن��ر ط��ة أم��ريش في المعامل��ركي ق��يز مش� والشك أن تمي مشركي قريش ه�م الذين قاوموا اإلسالم وحاولوا خنقه، وهم الذين

�داضطهدوا الرسول ��رة، وق� والمسلمين حتى اضطروهم إلى الهج ظلوا الخصم األلد لإلسالم، والعقبة الكأداء أمام انتشاره، والواقع أنه ما كان باإلمكان نشر اإلسالم مادامت قريش تقف موقف العداء، وما�هم��ذلك خص��يف، ل��د الس��ريش إال بح� كان من المنتظر أن تستسلم ق�فة��ير بص��دد المج��د أال يح��ذا البن�� الرسول بهذه القيود، مراعيا في ه معينة كي يشمل الم�ؤمن إلى ج�انب اليه�ودي والمش�رك. فق�د ك�ان�اجرين��ارفهم من المه��اربهم ومع��يون إلى أق��أ القرش� يخشى أن يلج

فيتذكر ه�ؤالء الجوار، ويقع ما ال يحمد عقباه.

رضي الله عنهوقد ح�دث عام الفتح أن أجار العباس بن عبد المطلب �وار.��ق الج��اس بح��ك العب��ه فتمس��ر قتل� أبا سفيان بن حرب وأراد عم

Page 95: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

95

وفق بين القرار الذي اتخذه وبين ما بقي من ذكرىولكن الرسول الجاهلي�ة في نف�وس الص�حابة، فلم يقت�ل أب�ا س�فيان لس�اعته، ولم

أم�ر العب�اس أن ي�ذهب ب�ه ليلت�ه إكرام�ا لم�ا يتركه حرا إلى األبد، بل�أبي��ا جيء ب��باح، فلم��ه في الص��أتي ب� يشعر به من حق الجوار، وأن ي

�ول ��رض الرس��يءسفيان ع��ردد بعض الش��ه ت��الم، ولكن��ه اإلس� علي

والتردد من جانب أبي سفيانفكان ه�ذا العرض من جانب الرسول �ل��ده بالقت� حافزا للعباس على التخلي عن جواره، ودافعا له إلى تهدي

إذا ه�و أصر على شركه .

�ال20فإذا كان البند رقم )��ارة نفس أو م��ة إلج� ب( قد بيaن أنه ال حرم ( لم يكتف بمنع43من مشرك مديني لمشرك قرشي فإن البند رقم )

المسلمين واليهود والوثنيين في المدينة من إجارة األموال واألنفس�ه،��ق علي��ا ينطب� القرشية فحسب بل نص على أنه من ينصرها فحكمه�ريش وال من��ار ق��ه ال تج��د »وأن��ا ورد في البن��ار«، كم��ه ال يج� »أي أن�رها«.�����������������������������������������������������������������������������������نص�ريش��وار لق��ترك، وأي ج��دو المش� فالحلفاء يحددون موقفهم من الع�ريش(��ة )ق��ة بين مك��الحرب المعلن��د. ف� ومن نصرها يعتبر نقضا للعه�د أن��ة« ال ب� والمدينة )المسلمون واليهود والوثنيون( بموجب »الوثيق�ات ذات��ل الفئ��ون ك��د أن تك��دها، وال ب��ه ض��داخلي كل� يكون الصف ال

ك�ان »يس�تهدف التع�رضموقف موحد منه�ا، خاص�ة وأن الرس�ول لتجارة قريش التي تمر غربي المدينة في طريقها إلى الشام، فال بد�ريش إلى الخالف بينهم��ارة ق��ارتهم لتج��ؤدي إج� من أخذ التعهد لئال ت

وبين المسلمين«.

الرس�ول اآلني�ة والملح�ة من ه�ذه »الوثيقة« تتمثل فيإن غ�اية النقاط التالية:

�أتي1��د ي��ذي ق� - ضمان األمن، وتقوية الجبهة الداخلية، ودفع األذى المن الخارج.

�د2��ة أو من أح��تفيد من المدين��ريش كي ال تس� - قطع الطريق على ق�اال� سكانها، حيث حظر على من سكن في المدينة أن يئوي نفسا أو م

لقريش.

�ة-3��ات حربي��ارة عن دوري��انت عب��تي ك��رايا، ال��ال الس� إرس�ا� استكشافية صغيرة، ه�دفها تأمين الدولة الجديدة وحمايته

Page 96: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

96

�اداتهم في��داء، كع��موا باالعت�� من خصومها المجاورين إذا ه�ا في���دثت أثره���د أح���ذار، وق���ة دون إن���ارات المفاجئ�� الغ

نفوسهم مما جعلهم يترددون في محاوالت االعتداء .�د-4��ك بعق� عزل قريش القوية حتى ال تتعاظم قوتها أكثر، وذل

�ا��ة مم��ة بالمدين��ل المحيط��ع القبائ��ات واألحالف م� الموادع�ا دون أن تلقى من��ة قوافله� يسهل على المهاجرين مهاجم

وأصحابه .جوار ه�اته القبائل ما يحميها من محمد عدم فتح أكثر من جبهة والدولة اإلسالمية لم يشتد ساعدها-5

بعد.

�ي الدول�ة6 � - منع قوافل ق�ريش من الم�رور في أراض�ل��دوانا ب��د ع��ذا ال يع��ة«، وه� اإلس�المية، طبقا لما نصت عليه »الوثيق

ه�و داخل دائرة أعمال السيادة للدولة اإلسالمية .

- سد الثغرات ومنع الشبهات �اطنين��ة الق��ير لتنظيم حرك��ا الكب��ا واهتمامه� أولت »الوثيقة« عنايته

: »وأن�ه ال يخ�رجبالمدين�ة، فال يخ�رج أح�د منهم إال ب�إذن الرس�ول �و��االتهم، وه��اتهم واتص� منهم أحد إال بإذن محمد « وذلك لضبط تحرك�به��ا يش��ة إلى م��ة، وهي بحاج� إجراء له ما يبرره.. فالدولة ال تزال فتي�ك��تهدف ذل��ارئ.. ويس��ل ط� الجهاز األمني المراقب والضامن لردع ك�اركة��كري، كالمش��اط عس��أي نش��ام ب� بالدرجة األولى منعهم من القي�ؤثر��ا ي� في حروب القبائل خارج المدينة والتجسس ونقل األخبار، مم

�ول ���ادها. فالرس���ة واقتص���اطعلى أمن المدين���ة النش�� أراد معرف�رار��ل ق� اليهودي ليس عسكريا فحسب بل اقتصاديا )تجاريا( أيضا، قب

عدم السماح بالتعامل التجاري مع قريش أو من يعادي المسلمين .

�ع��ألوف في جمي��و م��كرية، وه��رورات عس��ع لض��دبير واق��ذا الت� فه�ل��س ونق��ة التجس��دول، خيف��ع ال��د جمي��كرية، وعن��روف العس� »الظ

األخبار« ألعداء الدولة.

- حرمة المدينة �ع��ز المجتم��دودها، ومرك��ها وح��ة، وأرض��ز الدول��ي مرك���ة ه� المدين�ة��ا حرم��ل له��الم، وجع��ه باإلس��ول الل��ا رس��وع، حباه��دي المتن� التعاق

Page 97: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

97

�كنها من��ل من يس��ا لك��دهم، وإنم��لمين وح��ك للمس��يرة، وليس ذل� كب�د رقم )��ا ورد في البن��ا لم��يين، طبق��ود ووثن��ذي39مسلمين ويه� ( ال

�و���رم ه� ينص على »أن يثرب حرام جوفها ألهل ه�ذه الصحيفة« والح�ع� ما ال يحل انتهاكه، فال يقتل صيده، وال يقطع شجره، والحرم مواض�رة��ة بين الح� معروفة محددة، خارجها حل وداخلها حرم، وحرم المدين الشرقية والحرة الغربية، وبين جب�ل »ث�ور« في الش�مال وجب�ل ع�ير�ة��خة خطي��ه نس��ة - ومن� في الجنوب.. وذكر المطري في تاريخ المدين

�لفي مكتبة عارف حكمة في المدينة المنورة- إن رسول الله � أرس�ا��ة بين البتيه��رم المدين��دود ح��ا على ح��وا أعالم��حابه أن يبن� بعض أص شرقا وغرب�ا، وبين جب�ل ث�ور في الش�مال وجب�ل ع�ير في الجن�وب،�ل��د األمن داخ��ذا البن���ل ه� ووادي العقيق داخل في الحرم، وبذلك أح�لم��ائر وثبت الس��ل والعش��ال بين القبائ��روب والقت� المدينة ومنع الح�طراب،��ق واالض��ق القل��ل في خل� في المدينة، فوضع حدا ألقوى عام وما يجره من أمور، وال ريب أن استعمال كلمة حرام قصد منه إعطاء

�ذه���ا أن ه��وى، كم��ره أق��ا السلم طابعا دينيا، فيكون أث��ادة تعطين� الم�ك��تلزم ذل��د اس��رة، وق� فكرة عن كيفية ظهور بعض الحرم في الجزي

تحديد حرم المدينة .

وفي اعتقادي أن الحكمة من رسم حدود المدينة وجعلها حرما ال يحل�ة��ة المطمئن��اة اآلمن��اس الحي��ود الن��ذلك أن يتع� فيها قتال إنما يراد ب

�ولالتي ال تكدرها جريمة وال يعكر صفوها حرب أو شجار. ��ال رس� ﴿ ق

�ا ب[ين[الله �� ام� م[ ر[ ]��ة[، ح ]��د_ين مm الم[ iر ]��_نiي أmح إ كaة[، و[ م[ م[ aر اه_يم[ ح[ _بر[ : » إ_نa إا « ت[يه[ aر ، وحم�اها كله ال يختلى خالها ، وال ينفر ص�يدها، وال تلتقط﴾ح[

�يره��ل بع��ف رج� لقطتها إال لمن أشار بها، وال تقطع شجرة إال أن يعل

�ال« ��ال وال يحمل فيها السالح لقت��ة[﴿ وق a��ك م[ م[ aر ]��يم[ ح اه_ ر[ `��_ب : »إ_نa إ

mوت ]��_نiي د[ع إ كaة[، و[ اه_يمm م[ _بر[ م[ إ aر ا ح[ د_ين[ة[ ك[م[ متm الم[ aر _نiي ح[ إ ا، و[ د[ع[ا أل[هل_ه[ و[كaة[« يمm أل[هل_ م[ اه_ _بر[ ا د[ع[ا ب_ه_ إ ثل[ي م[ ا ب_م_ دiه[ mا و[م ه[ اع_ �ك﴾ف_ي ص[� ، »فال تنته

�ل� حرمة وال يعتدى على عرض، وال يصادر مال... إال بحق اإلسالم، وكمواطن يخضع لإلسالم فهو آمن« .

Page 98: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

98

الفصل الرابع: البعدالحضاري

المبحث األول: التسامح الدينيتمهيد

�رن ��ذ ق��ديني إال من��امح ال��ة وال التس��ة الديني� لم يعرف الغرب الحري�طهاد��ديني واالض��ب ال��ة من التعص��رون مظلم��د ق��ك بع��ف، وذل� وني�حيتها��تي ذهبت ض��يحيين ، ال��ود والمس��ة، بين اليه��ازر الرهيب� والمج�د أن��ك بع��ط، وذل��رق األوس��احة الش��ر على س��يرة من البش� أعداد كب�رت��ع الميالدي، وظف� تنصرت الدولة الرومانية في مطلع القرن الراب الكنيسة بسلطة مدنية في عهد اإلمبراطور الروماني ) قسطنطين (، فأخذ المسيحيون على عاتقهم مهم�ة أب�اطرة الروم�ان الس�ابقة في انتهاك الحرية الدينية لآلخرين، حيث شرعوا في اضطهاد اليهود أوال،�ارس على��ودي يم��ل يه��إحراق ك��ي ب��ا يقض� فأصدر قسطنطين قانون�راني��ل نص��إحراق ك��ة، وب��رانيا إلى اليهودي� مرأى عبادته، أو يدعو نص

يتهود . وكان نصارى اإلمبراطوري�ة يقوم�ون باض�طهاد اليه�ود انتقام�ا منهم�اع��ذا ش��دون. ل� الضطهاد المسيح والحكم عليه بالقتل صلبا، كما يعتق�رت��ادس ظه��رن الس� قتل اليهود بالصلب والتحريق بالنار. وخالل الق�ارى،��أر من النص� في يهود فلسطين المضطهدين نزعة إلى األخذ بالث

ذلك قيام حكم باليمن على رأسه » ذو نواس الحميري وشجعهم على « الذي نبذ النصرانية واعتن�ق اليهودي�ة ، فحرض�وه على االنتق�ام من�ل��ع ك��هم وجم��رق كنائس��ران ، فح��ودين بنج��ارى اليمن الموج� نص معتنقي النصرانية في أخدود وعمل على تصفيتهم بإحراق أجسادهم

Page 99: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

99

�ا��رض له��ة يتع��ة جماعي��ذه أول محرق���انت ه��ه. وك��ة في� ودفنهم جملمعتنقو النصرانية ، وقد سجل القرآن الكريم ه�ذه المحرقة المروعة.

واستمر مسلسل التناحر ال�ديني بين اليه�ود والنص�ارى ، إذ على إث�ر�ا��ة وطلبت من حليفته��ة الروماني��ركت اإلمبراطوري� ه�ذه المحرقة تح�نيعهم��رد على ص��ود اليمن، وال��ام من يه��ة االنتق��ة الحبش� إمبراطوري�ة ف�ارس لحمايته�ا.��أت اليمن المته�ودة إلى إمبراطوري��ه، فالتج� بمثل�رب��ة : ح��ة ديني��رب عالمي��ط في ح��رق األوس��ل الش��ذا دخ� وهك�ل��رب دخ��ذه الح��روم... وبه��رس وال��يين، الف� اإلمبراطوريتين العظم�ة��انت المواجه��ديني... وك��ب ال��دم األمن والتعص��ة ع��الم دوام� الع�ابع���طين ، الت���راب فلس���تين على ت���رة بين اإلمبراطوري�� المباش

�ارس لإلمبراطورية الرومانية، وقت��رت ف��الم، حيث انتص� ظهور اإلس�ع��روم في بض��ار ال��ا انتص��ة األولى، ثم أعقبه��روم في الجول� على ال

�الى: ��ال تع��رآن، ق�ومm ف_يسنين كما تنبأ به الق uر��﴿ الم غmل_ب[ت_ ال ﴾ ﴿ ﴾ ﴿ ه_ a��ن_ين[ ل_ل _��ع_ س `��ي[غل_بmون[ ف_ي ب_ض ]��م س د_ غ[ل[ب_ه_ `��[رض_ و[هmم مiن ب[ع [دن[ى األ ﴿أ ﴾ ه_ a��ر_ الل `��ون[ ب_ن[ص m��ن ؤم_ mالم mح ر[ `��ذj ي[ف _��ئ ي[وم[ دm و[ `��لm و[م_ن ب[ع `��ب رm م_ن ق[ `��[م ﴾األ ﴿ ﴾

�روم:�����������������������������������������������������������������������������(.4-1)ال�ري��اب الفك� وفي ظل ذلك الوضع القائم على التعصب الديني واإلره�رب��رة الع��الم من جزي���مس اإلس��زغت ش��اب، ب��انون الغ��يادة ق� وس�يرهم –��ع غ��اال من وض��ن ح��ا أحس��ع أهله��تي لم يكن وض��ة، ال� الوثني�ول��الة رس� اليهود والنصارى – ألن القريشيين لم يتحملوا مشاهدة ص

�جودهالله � فتآمروا عليه وبعثوا سفيههم فوضع على ظهره حين س

.سلى جزور وعدوا على من أسلم واتبع رسول الله

�الم��ل اإلس��رب قب��الب، وهكذا كانت حياة الع��ر بن أبي ط��ا جعف� ﴿ كم�ه��ذيرضي الله عن��دين ال��ذا ال��ة عن ه��ي الحبش��أله نجاش��ا س� ، حينم

mل m��ن[أك ، و[ ن[ام[ `��ص] دm األ m��ةj : ن[عب a��ل_ي اه_ ل[ ج[ `��ا أ[ه H��وم ا ق[ a�� فارقوا فيه قومهم: كmن

mل m��، ي[أك ار[ و[ _��يءm الج _��نmس ، و[ ام[ ]��[رح عm األ ]��ن[قط ، و[ و[اح_ش[ ]��أت_ي الف ]��ن ة[، و[ ]��يت الم[ا، a��ن والH م_ m��س ا ر[ ]��_ل[ين هm إ a��تaى ب[ع[ث[ الل ، ح[ كmنaا ع[ل[ى ذ[ل_ك[ ، ف[ ع_يف[ aا الضaن و_يu م_ الق[،mد[ه i��ه_ ؛ ل_نmو[ح a��_ل[ى الل د[ع[ان[ا إ ]��هm، ف ]��اف هm، و[ع[ف[ ]��ان[ت م[

] أ هm، و[ دق[ ب[هm، و[ص_ ن[عر_فm ن[س[ة_ ار[ ]��ج ه_ م_ن[ الح_ _��ن دmون ا م_ ]��ن mآب[اؤ دm ن[حنm و[ m��ا ن[عب a��ا كmن ]��ع[ م ]��ن[خل د[هm، و[ m��ن[عب و[

ن_ `��م_، و[حmس ح_ aر��ل[ة_ ال _��ان[ة_، و[ص [د[اء_ األ[م[ أ ، و[ د_يث_ دق_ الح[ ن[ا ب_ص_ ر[ م[أ[ ؛ و[ األ[وث[ان_ و[

ول_ ]��، و[ق و[اح_ش_ ]��ا ع[ن_ الف ]��ان ن[ه[ اء_، و[ �دiم[�ال ار_م_ و[ ]��فi ع[ن_ الم[ح ]��الك ار_، و[ و[ الج_،mد[ه `��[ن ن[عبmد[ اللaه[ و[ح ن[ا أ ر[ م[

أ[ ن[ة_؛ و[ حص[ mذف_ الم ال[ الي[ت_يم_، و[ق[ أ[كل_ م[ ور_، و[ uالز

mحد[ه ع[ب[دن[ا اللaه[ و[ ي[ام_… ف[ iالص ك[اة_ و[ aالز الة_ و[ aن[ا ب_الص ر[ م[أ[ يئHا، و[ ال نmشر_كm ب_ه_ ش[

Page 100: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

100

د[ا ]��ع ا، ف[ ]��لa ل[ن ]��ا أ[ح [حل[لن[ا م[ أ م[ ع[ل[ين[ا، و[ aر ا ح[ من[ا م[ aر يئHا، و[ح[ ل[م نmشر_ك ب_ه_ ش[ ف[ن ان_ م_ ]��ب[اد[ة_ األ[وث _ل[ى ع_ دuون[ا إ mون[ا ع[ن د_ين_ن[ا، ل_ي[رmت[ن ف[ ع[ذaبmون[ا و[ ن[ا، ف[ mوم ع[ل[ين[ا ق[ا ]��ون mر ه[ ا ق[ a��ل[م ، ف[ ائ_ث_ ]��ب لu م_ن[ الخ[ ت[ح_ `��ا ن[س a��ا كmن ]��لa م ت[ح_ `��[ن ن[س أ ب[اد[ة_ اللaه_، و[ ع_، د_ك[ ]��_ل[ى ب[ل ا إ ]��جن ر[ ا خ[ ]��ب[ين[ د_ين_ن ا و[ ]��الmوا ب[ين[ن ]��ا و[ح ]��وا ع[ل[ين uق ]��ا و[ش ]�� و[ظ[ل[مmون

ا أ[ن ال نmظل[م[ ]��ون ج[ ، و[ر[ ار_ك[ و[ _��ا ف_ي ج ]��بن غ_ ر[ ، و[ و[اك[ _��ن س اك[ ع[ل[ى م[ ]��اخت[رن و[ mك _�����������������������ل ا الم[ ]�����������������������[يuه د[ك[ أ `�����������������������ن . ﴾ع_

�اب��ديني واإلره��ب ال� ونتيجة لذلك الظلم والعدوان القائم على التعص�و،� الفكري ، أعلن اإلسالم بكل صراحة ووضوح عداوته للتطرف والغل�ه� سواء في الدين أو في التعامل األخالقي البشري، متوخيا في دعوت�ديني� أسلوبا حضاريا راقيا يقوم على مبدأ التسامح ويندد بالتعصب ال�ه��وح في قول� واإلرهاب الفكري، وقد أعلن القرآن ذلك بصراحة ووض

... تعالى: iم_ن[ الغ[ي mد `��ش uن[ الرaب[يaد ت ]���دiين_ ق�اه[ ف_ي ال �ر[�﴾ ال[ إ_ك �رة:﴿�)البق256)

�ع� والشواهد النصية على ه�ذا التوجه اإلسالمي كثيرة وهي تتواف�ق م�امح��دأ التس��ر مب��ذي أق��ة ال� بنود »دستور الدولة اإلسالمية في المدين�يين-��ود، والوثن��لمين، واليه��دة من -المس� بين جميع األطراف المتعاق

�ة��ه، ألن دول��ار فكرت��ه في اختي��ان حريت��رك لإلنس��ة وت��الم دول� اإلسم[ن»الحرية« ال »الحتمية«، قامت على أس�اس إنس�اني مفت�وح ﴿ ...ف[

ر... m��لي[كف اء[ ف[ ]��ؤم_ن و[م[ن ش m��لي اء[ ف[ ]���ف:﴾ش��ادر29)الكه� ( فهي ال تص�ك��حاب تل��انب أص� األفكار والعقائد األخرى، وإنما تدفع العدوان من ج

ات[لmوكmم ف_ياألفكار والعقائد فحسب ]��ذ_ين[ ق a��هm ع[ن_ ال a��اكmمm الل ]��ا ي[نه ]��_نaم ﴿ إم و[م[ن mوهaل كmم أ[ن ت[و[ اج_ _خر[ وا ع[ل[ى إ mر وكmم مiن د_ي[ار_كmم و[ظ[اه[ mج [خر[ أ الدiين_ و[

أmول[ئ_ك[ هـمm الظaال_مmون[ م ف[ mهaل (.9)الممتحنة:﴾ي[ت[و[

اكmمm اللaهm ع[ن_فإن توقف العدوان فقد تقدست حرمات اإلنسان ﴿ الa ي[نه[م mوه uر ]��ار_كmم أ[ن ت[ب ]��وكmم مiن د_ي m��ل[م يmخر_ج ات_لmوكmم ف_ي الدiين_ و[ الaذ_ين[ ل[م يmق[

ط_ين[ م إ_نa اللaه[ يmح_بu المmقس_ _ل[يه_ طmوا إ تmقس_ �ل جالء8)الممتحنة:﴾و[� (، وبك�وده من رقم )� ( إلى25ووضوح يصرح »دستور« الدولة الجديدة في بن

�ده،35رقم )��ه ومعتق��دة دين��راف المتعاق��رف من األط��ل ط� ( أن لك يمارسه بكل حرية في ظل النظام الجديد لهذه الدولة الفتية، التي ال�ة��ت دول� تتلفع بعصبيات الدم واألرض لتصنع عصبية أخرى؛ ألن�ها ليس�ي���ا ه��ة دم وال أرض، وإنم��ا دول��ة، ولم تكن أيض��ة مدين� قبيل�ة أو دول دولة فكرة تفتح أبواب�ها لمختلف األديان ما برئت من نزعات العدوان�وح ال لبس��ة، بوض� ، يقول محمد الطالبي : »وكذا يقرر دستور المدين

Page 101: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

101

�ا��د من حريته��ه ال يح��ة، وأن��ة الديني��ا في الحري� فيه، أن لكل أمة حقهه�ذه شيء، سوى عدم االعتداء على الطرف المقابل وظلمه« .

�اد عن��ع الفس��ع الظلم ودف��ه في رف��تور « واجب��د أدى » الدس� لق اإلنسان، وال شك أن لروح التسامح التي طبعت بنوده أثرا عظيما في ذلك، فالدستور بمضمونه وروحه محاولة جادة إلزالة التمييز العنصري�احن��ردي والتط��د الف��موم التحاس��رية من س��ات البش��ة العالق� وتنقي�ائص� القبلي والتناحر الطائفي والتعصب الديني. »فالتسامح من خص�ا��ه به��تي أنعم الل� دين اإلسالم، وهو أشهر مميزاته، وإنه من النعم ال�المية��الة اإلس��ة الرس��ة على رحم��ه، وأدل حج��داده وأعدائ� على أض

ال[م_ين[ المقررة بقوله تعالى: ]��ةH لiلع ]��حم لن[اك[ إ_الa ر[ ا أ[رس[ ﴾ و[م[ �اء:﴿�)األنبي107. »)

�ود من العيش��ره لليه� وقد ترجم »دستور« المدينة تلك الرحمة بما أق�ور��داتهم وأم��ون معتق��لمين، يمارس��انب المس��الم إلى ج��أمن وس� ب�ى��تي أرس� دنياهم الخاصة بهم، التي تضاد معتقد الدولة اإلسالمية، ال�ا��بر دون اإلثم، معترف��ح وال��امح والتناص��د ) على التس��ا محم� دعائمه

)لآلخر( اليهودي بأنه »أمة مع المؤمنين«، دون االلتفات لعقيدته.

�ع اختالف���ه من طب���ر، وأن���ة البش���روري في جبل�� »إن االختالف ض�ه��ق ب��دأ إذا تخل��ذا المب��تقامة، وه��ول في االس� المدارك وتفاوت العق�ه��اوت في� المرء أصبح ينظر إلى االختالف نظرة إلى تفكير جبلiي، تتف�ب«،��ير للغض��دواني المث� المدارك إصابة وخطأ، ال نظرة إلى األمر الع

�الى: ��ال تع�ون[ق m��ال د[ةH و[ال[ ي[ز[ _��ةH و[اح a��مmاس[ أ a��ل[ الن ]��ع ك[ ل[ج[ u��ب اء[ ر[ ]��و ش ]��ل ﴿ و[

م mه ل[ق[ ل_ذ[ل_ك[ خ[ بuك[ و[ م[ ر[ ح_ aم[ن ر aإ_ال ، ين[ خت[ل_ف_ m(.118)هود:﴾م

�ه:� والسر ه�نا في بلوغ اإلس�الم شأوا بعيدا من التسامح تجاه مخالفي�ه،��عائر دين��ته لش� أنه ال يجد في منح المخالف حرية العقيدة، وممارس

�بين: �ل ع[ل[ىحرجا يضعف من الثقة بما ه�و عليه من الحق الم a��ت[و[ك ﴿ ف[ب_ين_ mالم iق ]��ك[ ع[ل[ى الح a��_ن ه_ إ a���ل:﴾الل��ك79)النم��ون تل� ( ومن ثم فال تك

�اعر� الحرية والممارسة لشعائر الدين المخالف مثارا للتعصب أو المش�ألة��ألة لم تكن مس��دات، ألن المس��ادرة اآلراء والمعتق��ة ومص� العدائي

تص�فية أعدائ�ه في الخ�ارج لكيتكتيك مرحلي ريثما يتسنى للرسول �در��ا أص��اه... إنم� يبدأ تصفية أخرى إزاء أولئك الذين عاهدهم... وحاش ه�ذا الموقف السمح المنفتح عن اعتقاد كامل بأن اليهود، باعتبارهم�نادها في���دون إلس��دة وينه��دعوة الجدي� أهل كتاب، سيتجاوبون مع ال

Page 102: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

102

�يء��ه ال ش��ترك؛ ألن��ني المش��دو الوث� لحظ�ات الخطر والصراع ضد الع�دوا��ه أن يبي� أدعى إلى العنف واالضطراب من أن يسمح دين لمعتقدي سائر األديان األخرى ألنهم يخالفونهم في الدين، ف�»الصحيفة« تؤكد�الى:��ه تع��ا لقول��لمين دينهم« طبق��ود دينهم وللمس��دأ: »لليه�المب

ل_ي[ د_ين_ ﴾ ل[كmم د_ينmكmم و[ (.6)الكافرون:﴿

�و��راههم ه��دم إك��رين وع��د اآلخ��ترام عقائ��ا أن اح� وهنا يتبين لنا جلي�ة:��ور التالي��وز لألم��دين ال يج��راه في ال��امح؛ ألن اإلك��اس التس�أس

... - النص الص�ريح، حيث يق�ول الل�ه تع�الى: 1 اه[ ف_ي ال�دiين_ ﴾ ال[ إ_ك�ر[ ﴿ �الى: 256)البقرة:��ول تع�وا(؛ ويق m��تaى ي[كmون اس[ ح[ a���ر_هm الن�أ[نت[ تmك ]�� ﴿ ...أ[ف

ن_ين[ ؤم_ m(.99)يونس:﴾م

تنافي اإلكراه م�ع طبيع�ة العقي�دة نفس�ها، من حيث كونه�ا-1�ة��يس حقيق��وين أو تأس��ال تك��يا، ومن المح��را نفس� عنص

نفسية باإلكراه .

�ور��د ممكن في األم��ى ح��ح إلى أقص���ي بالتسام���القرآن يوص� ف�تنكر أي� الدينية، كما يوصي بحرية الفكر واحترام جميع اآلراء، ويس�ة، وعلى��ة أو الجماعي��واء منه�ا الفردي��دات، س��داء على المعتق� اعت�رض��وز أن تف��ذاتي. فال يج��اع ال� الناس أن يهتدوا عن طريق االقتن�ة��و حري���اعهم ه��ه اقتن��ذي ينبغي أن يوج� عليهم اآلراء، ولكن ال�ل��ه عليهم التأم� االختيار والمقارنة بين الحق والباطل حسبما يملي�ديانات��ترام ال��ر اح��د ذك��ا نج� وإعمال العقل . ويؤكد الثعالبي: »إنن�ت وثالثين��ع اآلراء في س��ترام جمي��دات واح� األخرى وحرية المعتق سورة، وخمس وعشرين ومائة آية. فالتسامح يمث�ل حينئ�ذ الفك�رة

األساسية في القرآن« .

�ه في��ور: إن التس�امح يظه�ر مفعول��د الط�اهر بن عاش� يقول محم المواقع التي ه�ي مظن�ة ظه�ور ض�ده، أع�ني التعص�ب، وق�د ك�ان

�ران:���دين مظه���ب في ال���امالت للتعص���ر األول: في المع�� المظه�ر��د أم��ديني، وق��الف ال��ئة عن التخ��االت الناش��د االنفع� العارضة عن�الفين في��ة المخ��د مش�اهدة مزاول� القرآن المسلمين باإلغض�اء عن�انهم، ���������������������وم أدي���������������������دين لرس��������������������ال

ه[قال تعالى: a�بuوا الل m�ي[س ه_ ف[ a�دعmون[ م_ن دmون_ الل ]�ذ_ين[ ي a�بuوا ال m� ﴿ و[ال[ ت[سم mهmع رج_ a��بiه_م م _ل[ى ر[ م ثmمa إ mل[ه ةj ع[م[ a��م

mأ iل m��ا ل_ك a��يaن j ك[ذ[ل_ك[ ز[ لم ا ب_غ[ير_ ع_ Hع[دو لmون[ ا ك[انmوا ي[عم[ م ب_م[ mهmئiن[بmي (.108)األنعام:﴾ف[

Page 103: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

103

�ا��ة له��تي ال عالق��ة ال��امالت الدنيوي��اني: في المع��ر الث� المظه�ريقين��رض بين ف��تي تع��امالت ال��ة، وهي المع��االت الديني� باالنفع�رض من��ا ع��ل م��كان، مث���اورين في م��دين متج� مختلفين في ال�ا.��ا جاوره��ة وم��ود في المدين��لمين واليه���ة بين المس��المعامل وقد تجلت س�ماحة اإلس�الم في بن�ود »الوثيق�ة« من خالل معامل�ة�اة،��االت الحي��تركوا معهم في مج��ة إذ اش� المسلمين لليهود، وخاص واتبعوا المؤمنين فإن المؤمنين ينصرونهم، ويم�دونهم بالمس�اعدة�د��ة« في البن��ت »الوثيق��د نص� والمعونة وبكل ما يحتاجون إليه، فق

�وة16رقم )��ر واألس��ه النص��إن ل� ( على: »وأنه من تبعنا من يهود ف�ؤدي� غير مظلومين وال متناصر عليهم« فالمتعاقدون ال ينبغي أن ي�هم� اختالفهم في أديانهم إلى أن يقتل بعضهم بعضا أو يعتدي بعض�ة الش�ر،��ير ومكافح��ل الخ� على بعض، بل يجب أن يتعاونوا على فع

�الى: �نmوا ع[ل[ى اإل_ثم_قال تع او[ ]��و[ى و[ال[ ت[ع `��التaق رi و[ _��نmوا ع[ل[ى الب او[ ]��ت[ع ﴿ و[العmدو[ان_ (.2)المائد:﴾و[

�اري��ل الحض��دأ التواص��ى مب��د أرس� وهذا دليل بيiن� على أن اإلسالم ق بصورة مطلقة، دون تحديد للطرف اآلخر، الذي يتم التعاون معه على�دأ��ذا المب���ق ه��ول دون تحقي��تي تح��ات ال��ة للعقب� البر والتقوى، إزاح�بر��ول دون ال��ان ال يح� العظيم، حضارة وإنسانية، فاالختالف في األدي

والصلة والضيافة »وأن البر دون اإلثم« كما ورد في »الوثيقة«.

- بعض مظاهر التسامح �ه ��ول الل��ان رس��ةك��ني الدول��ع مواط��ا م��دأ عملي��ذا المب���ق ه� يطب

اإلسالمية في المدين�ة من غ�ير المس�لمين، فك�ان يحض�ر والئم أه�ل�ل��املهم بك��ائبهم، ويع� الكتاب، ويغشى مجالسهم ويواسيهم في مص�انون��ا ق� أنواع المعامالت التي يتبادلها المجتمعون في جماعة يحكمه واحد، وتشغل مكان�ا مش�تركا، فك�ان يق�ترض منهم وي�رهنهم متاع�ا،�ان منهم��وه، فك��حابه أن يقرض� ولم يكن ذلك لضرورة أو عجز من أص

�ه منالذي ال يبخل بماله، وال يمنعه عنه ��ف على أن يقرض��ل يتله� ب�ود .�����������������������������������������ير قي����������������������������������������غ�حائف��بر ص��زوة خي� كان من بين الغنائم التي غنمها المسلمون في غ

بتس�ليمهامتعددة من التوراة، فلما جاء اليهود يطلبونها، أمر النبي �ول من��حائف في نفس الرس� لهم . ويدل ه�ذا على ما كان لهذه الص

مكانة.

Page 104: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

104

�بي ��ول الن��الم﴿ يق��ه الس�_نiيعلي ةH، إ ح[ `��ا فmس ]��ودm أ[نa ف_ي د_ين_ن m�� : ل[ت[عل[مm ي[ه jة مح[ يaةj س[ ن_يف_ لتm ب_ح[ �ه﴾أmرس_��رع عن� ، من ه�ذا الجانب السلوكي وما يتف

من أبع�اد ترتب�ط باإلس�الم في ش�موليته وتكامل�ه ينبث�ق »التس�امح«�ه���الم إلى قيام���دعو اإلس���ذي ي���ع، ال���ع المجتم���يزة تطب���مة مم�� س�ه وال��يق في��ذي ال ض��ماحة«، ال��فته دين »الس��ه بص��ايش« في� و»التع�ذات( أو��ع )ال� تعصب وال غلو وال تطرف، وال عنف وال إرهاب، سواء م

مع )اآلخر( .

�ة��ام األم��الم، فتحت أم��ا اإلس��ام عليه��تي ق��امح ال��دة التس� إن قاع�جعت��األمم والش�عوب، وش��ع ب� اإلسالمية السبيل إلى االحتكاك الواس�ا،��ارات جميع��ات والحض��ع الثقاف��ل م� الحضارة اإلسالمية على التفاع�ع��ة في المجتم��ل طائف��ون لك��دا أن تك��ديني تحدي� ونعني بالتسامح ال�ام��ع أم��ون الجمي��ا، وأن يك��عائر دينه��ة ش��ة في تأدي��المي الحري� اإلس�الم، من حيث��ا إلى اإلس��واء. وإذا نظرن��المية س��ة اإلس��وانين الدول� ق�دأ��ق مب��ان في تحقي��ه أرقى األدي��د أن��لية، نج��ه األص��ه وتعاليم� مبادئ�اره��اري باعتب��ل الحض��دة األولى للتفاع��و القاع���ذي ه��امح« ال� »التس�لوكية،��ريعية والس��ة والتش��ه العقدي�ا جامعHا يطبع مختلف جوانب Hملمح �رب��وب الع��ول بين قل��ف الرس��د أل��ون: »لق��تاف لوب��ول غوس� يق�ه من��رهم ب��ا أم��ذوا م��لمون - اتخ��ول والمس� باإلسالم، وإنهم - الرس�تورا لهم��ة دس��األمم المظلوم��ة ب��امح والرأف� العدل واإلحسان والتس�ر أن��تقرار بقط��ة إذا أرادوا االس��رب الثابت��ة الع� »... وكان من سياس�ترموا دينهم، وأن��وبين، وأن يح��يين المغل��ع األهل� يكونوا على وئام م

�لطة في يكتفوا بأخذ الجزية منهم« ؛��ان الس��ه »ليس ألي إنس� ذلك أن�ه��ه أو أن يفعل��ؤمن ب��ه أن ي��ا يجب علي��ر م� أن يفرض على إنسان آخ�ني أي��اص وال يع��أن خ��ألة ش��ذه المس���و، ألن ه���ه ه� ألجل نجاة روح�ة��ان وال ألي��لطة ألي إنس��ذه الس�� إنسان آخر، إن الله لم يمنح مثل ه

جماعة وال يمكن أي إنسان أن يعطيها إلنسان آخر فوقه إطالقا« .

�امح� يذكر عماد الدين خليل نقال عن »لويس يونغ« قوله: »... إن التس�امح��وق التس��طى، يف��رون الوس� الديني الذي مارسه اإلسالم في الق�اد أال��طى، حيث ك��رون الوس��يحية في الق� الديني الذي مارسته المس يكون ه�ناك أي تساهل ديني مع اليهود أو المسلمين واآلخرين الذين

خضعوا لسلطان المسيحية«.

�ع� وخالصة القول: إن »دستور« المدينة، الذي تعاقد فيه المسلمون م�بة��اق -عص��ك أول ميث��أ عن ذل��رى فنش� غيرهم من أهل الديانات األخ

Page 105: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

105

�بر دون اإلثم،��يحة، وال��ح والنص��وم، والنص��ر للمظل� أمم- أساسه النص وحرمة الوطن المشترك، كان - ه�ذا الدستور- األساس المتين للدولة�تركين� العالمية، وللمعامالت الدولية القائمة على أساس الحرية للمش�ه، فال ظلم� فيه وعلى مبدأ االستقالل، كما أنه أعطى كل ذي حق حق

وال أنانية وال تحيز لطرف على آخر.

المبحث الثاني: التعايش السلمي والتعاونبين األفراد

إن التعايش مع األديان بصفة خاص�ة، ض�رورة من الض�رورات الملح�ة�رص��ا الح��اني ويمليه� التي يفرضها الحفاظ على سالمة الكيان اإلنس�بر��ذا يعت��وكب، له��ذا الك���وق ه��ريم ف��ر الك��اء الح� المشترك على البق�تجيب��ذه األرض، تس���اة على ه��رورات الحي��رورة من ض��ايش ض� التع�داء��بي ن��د، وتل��افع ودرء المفاس��دة جلب المن��ة لقاع��دواعي الملح� لل�تى��ة، ح��الم وطمأنين��وية للعيش في أمن وس��انية الس� الفطرة اإلنس�المعنى��ير األرض، ب��كينة إلى تعم��ة وس��ان في دع��رف اإلنس� ينص�د��الم ق��د أن اإلس��ذا نج��ير ، ل� الحضاري واإلنساني الواسع لهذا التعم�الم��داء الس��ة إلى إعالن ن��ات الدولي��ة والمنظم��بق األمم العالمي� س

واالعالمي الشامل بمقتضى قوله تعالى: m��ل mوا ادخ m��ن ذ_ين[ آم[ a��ا ال ]��[يuه ﴿ ي[ا أ Hة a��_ ك[اف لم i���لم،﴾ف_ي الس��ادئ الس��اإلخالل بمب��ريم ب��رآن الك��دد الق� ، ون

�يطان،��وات الش��يرا على خط� واعتبر ذلك نزوعا مشينا إلى الشر، وس�ه: ��ام بقول��لم الع�و[ات_فذيل نداء الدخول في الس m��ط mوا خ m�� ﴿ ...و[ال[ ت[تaب_ع

ب_ين� uو� مmد ]��هm ل[كmم ع a��_ن يط[ان_ إ a���رة:﴾الش��و208)البق���لم ه�� ( ؛ ألن الس�عوب واألمم، ��������������ة بين الش��������������ة الطبيعي��������������العالق

اكmمقال تعالى: ]��ع[لن mنث[ى و[ج[ أ رj و[ ]��اكmم مiن ذ[ك ]��ل[قن ا خ[ a��_ن اسm إ a��ا الن ]��[يuه ا أ ]�� ﴿ يوا... mف ار[ ]�������ل[ ل_ت[ع _�������ب[ائ ق[ عmوبHا و[ m��������رات:﴾ش������(، 13)الحج

�اكن وفي ه�ذا دعوة صريحة إلى التعارف المفضي� إلى التجمع والتس�أثر��اء وت��ذ وعط��ايش، في أخ��الح، أي إلى التع� وتبادل المنافع والمص

وتأثير دائمين.

فاإلسالم يريد أن يؤكد في ضمير الن�اس حقيق�ة مهم�ة وهي أن ك�ل�الم،������ه الس������و آدم، علي������د، وه������ل واح������اس من أص�����الن

Page 106: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

106

د[ةjقال تعالى: _��كmم مiن نaفسj و[اح ل[ق[ ذ_ي خ[ a��بaكmمm ال وا ر[ mقaات mاسaا الن [يuه[ ﴿ ي[ا أ ...Hاء ن_س[ ا و[ Hك[ث_ير Hاال ا ر_ج[ م[ mنه ب[ثa م_ ا و[ ه[ وج[ ا ز[ نه[ ل[ق[ م_ (.1)النساء:﴾و[خ[

�اون� وبمقتضى وحدة ه�ذا األصل كان األولى أن تتعارف الفروع وتتع�الم وأمن��ون في س��انية، يعيش��وة في اإلنس� على أن يكون الناس إخ واطمئنان، بعيدا عن أية عصبية جنسية أو عنصرية أو إقليمية أو نعرة�ازعوا��موا ويتن��آلفوا ال ليتخاص��ارفوا ويت� ثقافية؛ ألن الله خلقهم ليتع

ويتحاربوا .

أما االختالف الكامن في طبيعة الحياة وجبلة الخلق، ال�ذي أش�ار إلي�هالقرآن في قوله تعالى:

ين[ إ_الa م[ن خت[ل_ف_ mون[ مmال د[ةH و[ال[ ي[ز[ اح_ ةH و[ aمmاس[ أaع[ل[ الن بuك[ ل[ج[ اء[ ر[ ل[و ش[ ﴿ و[ ﴾ ﴿ م... mه ل[ق[ ذ[ل_ك[ خ[ _��ل بuك[ و[ م[ ر[ ح_ aود:﴾ر���ه119-118)ه��نة الل��ني أن س� (، فيع

�ق��اين يتعل��ذا التب���ان ه��واء أك��ر س� في األرض تقوم على تباين البش�بر� بالجنس أم اللغة أم الدين أم أي مكون من مكونات الحضارة، فيعت�تركة��الح المش� تعددا وتنوعا في الخصوصيات ال يتعارض وفضاء المص�دتي� بين الشعوب واألمم في إطار التعاون اإلنساني القائم على قاع�ذي��ر تغ��وع على عناص��ذا التن���وي ه��ا ينط��ايش، وإنم��ارف والتع� التع

�افز الميول اإلنسانية��رقي بح� الفطرية نحو امتالك أسباب التقدم والمن التنافس الطبيعي وبوازع من التدافع الحضاري .

- استراتيجية التعايش �دعوة� انطلقت ه�ذه االستراتيجية من أرضية عقائدية، حيث توجهت ال�اء��اهم إلى االلتق��ة إي��اب داعي��ل الكت� اإلسالمية بالنداء اإللهي إلى أه

ل[على كلم�ة التوحي�د في مقاب�ل الش�رك، ق�ال تع�الى: `�ا أ[ه ]�ل ي m� ﴿ قر_ك[ `�ه[ و[ال[ نmش a�د[ إ_الa الل m�ب[ين[كmم أ[الa ن[عب اءj ب[ين[ن[ا و[ و[ ةj س[ _ل[ى ك[ل_م[ الك_ت[اب_ ت[ع[ال[وا إ

[رب[ابHا مiن دmون_ اللaه_... ا أ Hن[ا ب[عض mذ[ ب[عض يئHا و[ال[ ي[تaخ_ (،64)آل عمران:﴾ب_ه_ ش[

�تراتيجي بين��ايش االس��المي للتع��داء ع��كل أول ن��داء يش��ذا الن�� ه الديانات. ويمكن أن نقول عنه: إنه أول نداء عالمي للتعايش السلمي

�ول ��اةبين المجتمعات المختلفة، عمل الرس��ه في الحي� على تطبيق�ثرب��ا في ي��تي أعلنه� العملية وذلك حينما قننه في »دستور« دولته ال�مي��ذي س��وب ال��تور المكت��ك الدس��رة، ذل��ا مباش��جرته إليه���د ه� بع�ذ��رب، من��ر الغ��ل أن يق� ب�»الصحيفة«، وهو أول دستور في العالم قب

Page 107: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

107

�ات��تور الوالي��ان أوله�ا دس��تي ك��اتير ال� قرنين فقط، سنaة كتابة الدس�نة ��ة س��دة األمريكي��نة1776المتح��ي س��تور الفرنس� م، وتاله الدس

1789.

- االعتراف ب�)اآلخر( �تي��ة ال� أي غاية أسمى وأقرب إلى اإلنسانية ودين الله من تلكم الغاي

﴿ ت[ع[ال[واكان يرمي إليها الرسول في توحيد القلوب وإظهار الحقيقة- jاء و[ ةj س[ _ل[ى ك[ل_م[ �المية﴾إ��ة اإلس� - بين أهل الديانات المختلفة في الدول

�ة. ������������������������������������دة بالمدين�����������������������������������الجدي

�بي ��عه الن��ذي وض��ة، ال��تور« المدين��دث »دس��د أح��علق� بين جمي المتساكنين بمختلف فئاتهم ومعتقداتهم، نقلة نوعية بإخراج أصحاب�ع��احر، حيث فتح لجمي��راع والتن��آزق الص��ة من م��ديانات المختلف� ال�وم��د يق��ايش بين العقائ��اهم والتع��ام والتف� المتعاقدين عهدا من الوئ

( بإعالنه�ا25على مبدأ عظيم سجلته الفق�رة الثاني�ة من البن�د رقم )�ه��ع التوجي��ق م��ذا يتواف��لمين دينهم«، وه��ود دينهم وللمس� أن »لليه

�ول لمن الالقرآني لص�احب الرسالة ��الى أن يق� عندم�ا أمره ربه تعيستجيب لدعوته:

ل_ي[ د_ين_ - ﴾ ل[كmم د_ينmكmم و[ (، 6)الكافرون:﴿

ر... - m��لي[كف اء[ ف[ ]��ؤم_ن و[م[ن ش m��لي اء[ ف[ ]��م[ن ش بiكmم ف[ aم_ن ر uق ]��ل_ الح m��﴾ و[ق ﴿ (، 29)الكهف:

�ة،��ق من الثق��ذي ينطل��اآلخرين( ال��تراف )ب��واع االع��ى أن��ذا أقص� وه�انية في��ير اإلنس��اون لخ��ة في التع��ادلين، ومن الرغب� واالحترام المتب�ان من��اة اإلنس��ا يمس حي��ترك وفيم��ام المش��االت ذات االهتم� المج�ه.������ل تحت������ه وال طائ������ع في������ا ال نف������ريب وليس فيم�����ق

�ةلقد بادر النبي ��كل اتفاقي��اء في ش��ذي ج� في »دستور« دولته، ال مبرمة بين جميع المتساكنين في يثرب على اختالف أصولهم العرقية�د من� وعقائدهم الدينية، إلى إعطاء )اآلخرين( المخالفين في المعتق

مخ�اوفهم، من أج�ل أن تص�بح المدين�ة حرم�ا آمن�ا الضمانات ما يب�دد للتعايش السلمي في ظل اح�ترام جمي�ع العقائ�د، حيث تض�من البن�د

�حيفة«39رقم )� ( من الدستور »أن يثرب حرام جوفها ألهل ه�ذه الصدون استثناء ألحد من سكانها، مسلمين كانوا أو يهودا أو وثنيين.

Page 108: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

108

�دة في��ة الجدي��كان الدول��دة س��تور« على وح� وهكذا جاء تركيز »الدس�ب،��زرج فحس� المدينة، ليس تجاوزا لالختالف القبلي بين األوس والخ�ل��تور« عن أه��دث »الدس��ديني إذ تح��اين ال� وإنما ه�و تجاوز أيضا للتب�ار(��اجرين واألنص��لمين )من المه��وائفهم، مس��ل ط��دمجا ك��ثرب م� ي�دد��ل من يه��د ك��الفي ض��اد تح� ويهودا، ومتهودين ومشركين، في اتح�الف��و تح� المدينة في وحدتها أو يعمل إللحاق الضرر بالمتعاقدين؛ وه�د��ام محم��د أن أق��ة بع��زو المدين��ر في غ��انت تفك� ضد قريش، التي ك�ائم على��لمي الق��ايش الس��ل التع��د في ظ��المي الجدي��ام اإلس� النظ�كريا أو��يا أو عس��اديا أو سياس��اون اقتص� التعاون، سواء كان ه�ذا التع غير ذلك مما اشتمل عليه »دستور« الدولة في معظم بنوده الموجهة

لجميع المتساكنين فيها.

�ير المس�لمين من��دة لغ��المية الجدي��ة اإلس��تور« الدول��ل »دس� لقد كف�ة��ل لهم حري��ا يكف��ط م��ايش ليس فق��ي إلى التع��امح المفض� التس�ذه���نين في ه��ا يجعلهم مواط��ل لهم م��ا كف��دهم، وإنم� ممارسة عقائ الدولة، مندمجين فيها، موفوري الحري�ة والكرام�ة، غ�ير منع�زلين وال

مهمشين، وتكفي اإلشارة في ه�ذا الصدد إلى المظاهر التالية:

ل[النهي عن مجادلت�هم إال بالتي ه�ي أحسن: -1 `��اد_لmوا أ[ه ﴿ و[ال[ تmج[وا m�ول mم و[ق mنه وا م_ m�ذ_ين[ ظ[ل[م a�نm إ_الa ال ]�الaت_ي هـ�ي[ أ[حس _� الك_ت[اب_ إ_الa ب

mل[ه mن[حن د� و[ اح_ كmم و[ mل[ه_ إ ن[ا و[ mل[ه_ إ mم و[ _ل[يك أmنز_ل[ إ _ل[ين[ا و[ نaا ب_الaذ_ي أmنز_ل[ إ آم[ل_مmون[ `�����������������وت:﴾مmس���������������(؛ 46)العنكب

�ة��تور« دول��اوز »دس��ل تج��د ب��ذا الح���د ه��ر عن��ف األم� ولم يق

قض�ية الج�دال، ونصa على أن بين جمي�ع المتعاق�دينالرسول )النصح والنصيحة والبر دون اإلثم(.

حرية ممارسة العقيدة.-2�الى : -3��ال تع��امهم، ق�لaإباحة مصاهرتهم وأكل طع _��وم[ أmح ]�� ﴿ الي

كmم mام ]��ل� لaكmم و[ط[ع _��اب[ ح ]��وا الك_ت m��ذ_ين[ أmوت a�� ل[كmمm الطaيiب[اتm و[ط[ع[امm ال

ذ_ين[ a��ن[اتm م_ن[ ال ]��المmحص ات_ و[ ]��ن ؤم_ mم_ن[ الم mن[ات ]��المmحص م و[ mهaل� ل _�� حبل_كmم... اب[ م_ن ق[ ]�����������وا الك_ت m������������دة:﴾أmوت����������(.5)المائ

�غ��المي بل��ع اإلس��ا أن المجتم��بين لن��ا ت� فهذه المظاهر وغيره�ائزه��ة رك��ع حماي��لمي م��ايش الس��ق التع� شأوا بعيدا في تحقي

اإلسالمية .

�ام��ابع الع��و الط���يرهم ه��لمين وغ��لمي بين المس��ايش الس� فالتع

وظ�لللمجتمع اإلسالمي األول بالمدينة المنورة في عصر النبي

Page 109: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

109

�ذا، وإلى أن ي�رث الل�ه األرض� كذلك متجددا ومستمرا إلى يومن�ا ه�ان رقم )� 8ومن عليها، وأعظم دليل على ه�ذا الدستور المرن اآليت

�تي أعلنت9و���ة ال���ورة الممتحن���بر ( من س���وح أن ال�� بجالء ووض�ارا��انوا كف��و ك��ا، ول��اس جميع��لم للن��ان من المس� والقسط مطلوب

بدينه، ما لم يقفوا في وجهه ويحاربوا دعاته ويضطهدوا أهله .

�انية��وق اإلنس��ود الحق��وا اليه� »إن المسلمين بين جميع األمم أعط�اليم��ة دينهم وبتع��ل على أنهم بطبيع� والحرية االجتماعية، وهذا دلي كتابهم أمة من�زهة من األحقاد الدينية، والتعصبات المذهبية، أليس�ة��ديدة البطش، قوي��ة ش��ان أم� من المدهش أن نجد في تاريخ األدي�تي��ل األمم ال��دتها، تعام��ة بعقي��وى، مغرم� السلطان، متماسكة الق تخالفها في الدين معاملة قصر عنها ورثة الكتب السماوية القديمة

وحفظة المدنية اإلنسانية العتيقة« .

فهذا الدين بمبادئه السامية وقيمه الرفيعة »نراه وبكل رحابة صدر�انب��ة إلى ج��رى في المدين��ان األخ� يوافق على عيش أصحاب األدي�دهم.��زعجهم في عقائ��دا لن ي��أنهم إلى أن أح��لمين، وطم� المس�وف على��ذا فال خ� فاإلسالم قام على أساس الحرية والمساواة، له�ا��د وإنم��ذا الح���د ه��ر عن��ف األم� معتنقي الديانات األخرى«. ولم يق�رى،��ديانات األخ��انب ال��المية، إلى ج��ة اإلس��تور« الدول��مل »دس� ش�ذي��امل ال��د الش��ح البع��ا يوض��الم، مم��المين لإلس� المشركين المس

أعطاه الستراتيجية التعايش السلمي واالعتراف )باآلخر(.

�ة��د والكراهي��واء الحق��ة من أج��ل المدين��حيفة« أه��د نقلت »الص� لق�ادل،��ترام المتب��واء االح��ة إلى أج� والتفرقة العنصرية والعصبية القبلي�بر دون اإلثم،� والتسامح الديني، والتعايش السلمي، والتعاون على ال�وا من��واء؛ ألنهم خلق��الق س��ام الخ��اس جميعهم أم��اواة، فالن� والمس

نفس واحدة، اإلنسانية تجمعها، واآلدمية تشملها.

يقول عبد الهادي أبو طالب: » إن اإلسالم وديانتي أهل الكتاب جاءت�الم من��تثنى اإلس��ك اس��ع ذل� لمناهضة الشرك والقضاء عليه، ولكن م�لم�ن بينه وبينهم عهد وميثاق للس أهل الشرك من سالموه منهم، وم[�ان� والتعايش، ويطلق عليهم اسم المعاهدين أو المستأمنين... وقد ك�ذي��ايش ال� مشركو المدينة، وهم من ه�ذا النوع، طرفا أصيال في التع�واة��ثرب، ن��ة ي��ا أم��ألفت جميع��تور«، ومنهم ت� ضبط مقتضياته »الدس�رائع� اإلمبراطورية اإلسالمية العظمى، التي قامت تعلم أصحاب »الش�دة��ا في العقي��ا خالفه��وطن مهم� وغيرهم« التواد مع المعاشر في ال

Page 110: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

110

�در��ذا الص���الم ه��در اإلس��رى في ص��دهش أن ن��ه من الم� والنظر... إنالرحب والذراع الواسع والكرم الجم في معاملة األجانب عن الدين«.

�حيفة« في��لمي من خالل »الص��ايش الس��س التع� ويمكن تلخيص أسه�ذه النقاط:

�ت1���ذات(، وليس���ة من )ال���ايش نابع���تركة في التع���ة المش�� - الرغب�ا يكن� مفروضة تحت ضغوط، أيا كان مصدرها، أو مرهونة بشرط مهم

مسببه.

�ي من2� - التفاهم حول األهداف المشتركة بحيث يكون القصد الرئيس�و خدم�ة األه�داف اإلنس�انية الس�امية، وتحقي�ق المص�الح� التعايش ه�لم في األرض،��تتباب األمن والس��دمتها اس��ا، وفي مق��رية العلي� البش�دوان��زاعات، وردع الع���روب والن��باب الح��ام أس��ة دون قي� والحيلول

والظلم واالضطهاد، الذي يلحق باألفراد والجماعات.

- التعاون على العمل المش�ترك من أج�ل تحقي�ق األه�داف المتف�ق3عليها.

�ة4��ادل ومن الثق��ترام المتب��ياج من االح��ايش بس��ذا التع���يانة ه� -ص�ا��بب.. مهم��وم ألي س� المتبادلة أيضا حتى ال ينحرف عن الخط المرس�يم���ون إال إلى الق��تكام ال يك���إن االح��وط، ف���دواعي والضغ� تكن ال�ددة� والمثل والمبادئ التي ال خالف عليها وال نزاع حولها كما ه�ي مح

في »دستور« الدولة الجديدة في المدينة .

�تي��دة ال��ده البعي��تور ومقاص���ذا الدس���أمل في ه���احث المت� إن الب�ك���امره أدنى ش���ا، ال يخ� كانت وراء تلك الثوابت، التي ألمح�نا إليه�المية،��ة اإلس� أنه أعظم ميثاق للتعايش السلمي بين مواطني الدول�داتهم. ���������راقهم ومعتق���������هم وأع���������ف أجناس��������بمختل�ا��ادت علين��تي ج��ي ال���ة ه��ة الحديث� لقد ظن بعض الناس أن المدني�اتهم أن��اة، وف��ا روح الحي��وانين والنظم، ونفخت فيه��ذه الق� به�و���ا ه��رون وأتى بم��ة بق��ذه المدني���بق ه��د س��ة ق� »دستور« المدين

�دسيدنا محمد أفضل وأنجع لنظم العمران، منذ أن دونه��ذا نج� ، ل�لمين، وال عجب��ير المس��ط من غ��ل ق� أن المجتمع اإلسالمي لم يخ�لمين، وال��وا مس��تى يكون��اس ح��ره الن� في ه�ذا فإن اإلسالم لم يك يمنع المسلمين من العيش مع مخالفيهم في العقيدة والدين، فهم�ع��ة م��دين القطيع� جميعا عباد الله، وليس من لوازم اإليمان بهذا ال

Page 111: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

111

�ة��ل دول��ترك معهم في ظ��لمين ورفض العيش المش��ير المس� غ�الم.��������������������������������������������������������������������������������اإلس�ه : »..إن��ويلر(، قول��غ، ك��ل، نقال عن )يون��دين خلي��اد ال��ذكر عم� ي�د��انية، وق��ة اإلنس� اإلسالم قد أسهم بصفة فعالة في تقدم الجماع�دم-��ة ال� استبدل بالنظام القبلي الذي ورثه-والذي يقوم على رابط�ا��وم ترابطه��تي يق��دة وال��تركة في العقي��ة المش��ام الجماع� نظ

االجتماعي على أساس من األخوة - اإلنسانية - والمساواة...« .

وهنا نستطيع القول: إن »الوثيقة« اشتملت على كثير من المبادئ اإلنسانية السامية، كنصرة المظلوم، وحماية الجار، ورعاية الحقوق�رى،��داء األس��ة وافت��ع الدي��اون على دف��ة، والتع��ة والعام� الخاص�اء��عر أبن��تي تش��ادئ ال��ك من المب��ير ذل��دين، إلى غ��اعدة الم� ومس

الوطن الواحد كأنهم أسرة واحدة.

المبحث الثالث: رعاية حقوق اإلنسان وتأكيدحرمتها

�هوات��فة من الش��ة عاص��وج بحرك��الم تم��ل اإلس� كانت حياة العرب قب�اط��ا برب��ع فيه��راد المجتم��و، يعيش أف��يادة والعل��آثم، وحب الس� والم

�دة: » ��ني على قاع��ر مب��رالوالء للقبيلة، وما يستتبعه من تناص� ﴿ انص�ا ��ا أو مظلوم��اك ظالم��د﴾أخ��وجههم تقالي��المفهوم القبلي، ت� «، ب

متوارثة - قطع األرحام، وإساءة الجوار، وأكل القوي منهم للضعيف - حالت بينهم وبين االنخراط في حضارات عصرهم ومدنيات�ه، ل�ذا ك�ان

�د ��يدنا محم��أها س�من أولويات الدولة اإلسالمية الجديدة، التي أنش�ل لهم��ذي يكف��ويم، ال��اس المنهج الق��مت للن��ا رس��ة، أنه� في المدين�رية،��اريخ البش��د في ت��ة فتح جدي��انت بمثاب� الكرامة اإلنسانية، فقد ك�ان،��ة لإلنس��ة والكرام��امين الحري� حينما نص دستورها على أرقى مض�اة،��ذه الحي�� التي تمكنه من ممارسة حقوقه وحرياته الشخصية في ه

معتبرا انتهاكها واالعتداء عليها جريمة تستوجب العقوبة.

�بية أولقد وضع الرسول ���ورة شع� »دستور« دولته دون خوف من ث�ة��ه، أو نتيج� نتيجة لتفتح وعي الناس وقيامهم بمظاهرات للمطالبة ب�ة� للتطور االجتماعي واالقتصادي في مجتمع المدينة، وإنما كان بمثاب

Page 112: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

112

�ة،��ل، كالعبودي��ات الباط��اجير ظلم� حركة إصالح وتحرر وانعتاق من دي�اء��طهاد األقوي��ايز الطبقي، واض��انية، والتم��ة اإلنس��ان الكرام� وامته

�اخر��عفاء، والتف��ان للض��ور، وإتي��اب، والظلم والج��اب واألنس� باألحس الفواحش، وقول الزور، وإس�اءة الج�وار، وانته�اك المح�ارم، وس�فك الدماء مبينا لإلنسان حقوقه التي ال يجوز التنازل عنها أو عن بعضها؛�انت أو��ة ك��دونها، فردي� ألنها ضرورات إنسانية ال سبيل لحياة الناس ب

جماعية، ومن ه�ذه الحقوق:

حق الحرية.-1حق الحياة.-2حق حرية االعتقاد.-3حق العدل والمساواة.-4كفالة حرية الرأي.-5حق األمن والمسكن والتنقل.-6حق الفرد في المعونة المالية )التكافل والضمان االجتماعي(.-7

�ول ��ة الرس� ، وهيوغيرها من الحقوق التي كفلها »دستور« دول�الب��ه أن يط� في نظر اإلسالم ليست فقط حقوقا لإلنسان من حق�ده عن� بها ويسعى في سبيلها ويتمسك بالحصول عليها، ويحرم ص�د� طلبها، وإنما ه�ي ضرورات واجبة لهذا اإلنسان، أي أن اإلسالم ق�ة��ا مرتب��اوز به��ذي تج��د ال��ان إلى الح��وق اإلنس��إقراره لحق��غ ب� بل

�رورات،��ا ض��دما اعتبره��وق عن��رة الحق��ا في دائ� ومن ثم أدخله�و واجب���ل ه� الواجبات، فالحفاظ عليها ليس مجرد حق لإلنسان، ب�ا، بعكس��رط فيه��ة، إذا ف��ردا أو جماع� عليه أيضا، يأثم ه�و بذاته، ف�ل��تورية )ب��ات الدس��انية، والدراس��ية واإلنس��ات السياس� اإلعالن�ابرة إلى��ارة ع���ع إش��وق« م���ز على »الحق��ا( ترك��اتير أحيان� والدس الواجبات، أو عدم اإلشارة إليها إطالقا. ومن أبرز األمثلة على ذلك�د��ادة ال نج��ون من ثالثين م� )اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان( المك

�اء29من بينها نصا على »الواجبات« إال في المادة )��د ج��ه، وق� ( من�ه: » على� الحث على الواجب في ه�ذا النص مقيدا غير مطلق، وفي�يته أن��ده لشخص��ه وح��اح في��ذي يت� كل فرد واجبات نحو المجتمع ال

تنمو نموا حرا كامال«.

�يق��ه، في تنس��ات علي� لقد أرست »الوثيقة« حقوقا لإلنسان وواجب ب�ديع مت�وازن يس�ير في عالق�ات ت�وازن بين الح�ق وال�واجب، بم�ا�رد أو��ا للف��د حق��ا يع��ة. فم� يحقق لإلنسانية الخير والعدالة والكرام

Page 113: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

113

�رد، وعلى��رد للف� المجتمع في »الوثيقة« ه�و فرض واجب على الف�رد���ة للف���ع، وعلى الدول���رد للمجتم���رد، وعلى الف���ع للف�� المجتم�د��المي الجدي��المجتمع اإلس��المي. ف� والجماعة معا في النظام اإلس

�واجب كل� متكامل يلتقي��ه ال���ام يحكم� فيه الفرد بالمجتمع في نظ�ة� الذي يرقى إلى درجة اإللزام، وهذا ما صرحت به »وثيقة« المدين

�ود )12 إلى 3في بنودها من رقم )��ذلك البن� 25 و21 و16 و13( وك�و40 و39 و37و���ق ه��ع من ح��رد أو للمجتم��ا للف� ( وهذا يعني أن م

�زام.����ة اإلل����رقى إلى درج����ع ي����رد والمجتم���واجب على الف فالحرية حق لكل إنس�ان وواجب على اآلخرين رع�ايته، وكذلك حق�ة��حية واالجتماعي� اإلنسان في الحياة وفي التعلم وفي الرعاية الص�اء� واجب على المجتمع كفالته، وهو واجب ال يملك المجتم�ع اإلغض عنه أو إنكاره، إذ أن حق الفرد على المجتمع واجب ملزم للجماعة،�ا، وال��ل أنواعه� ويتضمن ه�ذا الواجب الرعاية والكفالة والحماية بك�رد في��ية الف��اء شخص��ة، أو فن��ة المطلق� يعني ذلك مسئولية الدول�وافزه��ة وح��يته المتكامل��ك شخص��د ذل��رد بع� الجماعة، بل تبقى للف�ة،��ئونه الخاص��ق بش� الذاتية حرة طليقة من كل قيد في كل ما يتعل

لم يف�رق فيأو نشاطه الخاص وفقا لح�دود الشريعة، فالرسول �ني��ه بين غ��تور« دولت��ه في »دس��ان وواجبات� تقريره لحقوق اإلنس�ود،��يع، وأبيض أو أس��ريف ووض��لم، وش��ير مس� وفقير، ومسلم وغ

فالكل سواسية كأسنان المشط أمام القانون.

حقوق اإلنسان في »دستور« الدولةاإلسالمية األولى

- حق الحرية 1�د أن��ذا نج��ية، ل��وق قدس��ثر الحق��ي أك���الم ه��ة في اإلس� إن الحري�ان��ة لإلنس��اة الكريم��ق الحي��ا بح��ا بالغ� »دستور« المدينة اهتم اهتمام وحق حري�ة العقي�دة... ودف�ع به�ا أش�واطا بعي�دة في طري�ق ال�رقي�ل.�������رة بمراح�������ارة المعاص�������اوز الحض�������دم تتج������والتق فاإلنسان حر بفطرته ال يقبل أن يستعبد أو يسترق، فال يحق ألحد أن يستعبد اآلخ�ر؛ ألن الل�ه ك�رم ابن آدم وفض�له على س�ائر مخلوقات�ه،

Page 114: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

114

�اني ال��اس رب��لية مقي��ذه األفض��ل.. وه� وجعله في ذاته عزيزا غير ذلي�وده من� يحق لفرد تجاوزها ليستعبد غيره، وقد أكد »الدستور« في بن

�المعروف...« لكي ال12 إلى 3رقم )��ا ب��دي عانيه� ( »أن كل طائفة تف�ق��ذا الح���برا ه��ة، معت��دا للحري��دا فاق��بح عب��ير ويص� يسترق ذلك األس�ذ� للفرد واجبا على المجتمع حمايته والمحافظة عليه؛ ألن اإلنسان من

والدته يولد حرا ال يملكه أحد.

فإذا كانت غاية الحماية الدولية لحقوق اإلنسان ه�ي حماية الفرد من�من��ك ويض��وفر ذل��الم ي��إن اإلس��ة ف��ة العادل� خالل اإلجراءات القانوني�راد��ية لألف��وق الشخص��اك الحق��دم انته��دأ ع��ة. إن مب��ة الفردي� العدال

�الحق في��ة ب��ا المتعلق��ا إال طبق��ف أنواعه��ة بمختل��اة والحري� الحي للقانون، ومبدأ إخضاع الحكام لسيادة القانون منعا الستبدادهم، ه�ما�ان��وق اإلنس��ة حق��الم ونظري��ا اإلس��ق عليه��تي يتف��ادئ ال� من المب

المحمية دوليا .

- حق الحياة:2 يتضح ه�ذا الحق عندما ننظر إلى العقوبات التي تضمنتها »الصحيفة«�ا قتال� تجاه القاتل الذي ينهي حياة شخص دون حق » من اعتبط مؤمن

�د رقم )���ه « وينص البن���ود ب���ه ق���ة فإن���ار40عن بين�� ( على أن »الج�يز أو� كالنفس...« فالحياة حق مشترك يتمتع به جيمع الناس دون تمي

�الى : ��ال تع��ة، ق�... تفرق النaفس_ _��ا أ[نa النaفس[ ب ]��يه م ف_ ا ع[ل[يه_ ]��ك[ت[بن ﴾ و[ ﴿ �واء45)المائدة:��رأة، كلهم س� (، فالمسلم وغير المسلم، والرجل والم

�ة رقم )��اة، فاآلي��تحقاق الحي��دم واس��ة ال��ورة178في حرم� ( من س البقرة تنص على أن جزاء كل من يقتل نفسا بغير حق ه�و القتل -إال�ا� إذا عفا عنه ولي المقتول- بقطع النظر عن عقيدته وجنسه، وهذا م يجعلنا نجزم بأن الحرص على حياة جميع المتساكنين في المدينة من�ة��ة«، فاآلي��ياغة »الوثيق��برا في ص� غير استثناء ألحد كان مرعيا ومعت

�رر أن32رقم )��ة« تق��ود »الوثيق��زز بن��تي تع��دة ال��ورة المائ� ( من س االعتداء على نفس واحدة لم تقتل نفسا أخرى ولم تفسد في األرض�داءH على��الم اعت��د في حكم اإلس��نين يع��ع اآلم��ق وتروي��ع الطري� بقط

الناس جميعا.

�ذا جع�ل الش�رع حماي�ة روح أي إنس�ان تع�دل حماي�ة� وفي مقاب�ل ه�د��ان إذ اجته��إن اإلنس� أرواح النوع اإلنساني بأسره. وبعبارة أخرى، ف�اء��ذا إيم���ه. وفي ه��ان ذات� في حماية الحياة اإلنسانية فقد أحيا اإلنس�ة��أفة جريم��ال ش��ل على استئص��اني للعم��ل اإلنس� إلى وجوب التكاف

Page 115: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

115

�ود��يرا لوج� القتل في المجتمع اإلسالمي كله، ألنها تشكل تهديدا خط�دد��ذا ش��تقراره، له��ه واس��ا ألمن��اعره وتقويض��ديا لمش��ان وتح� اإلنس اإلسالم في عقوبة القتل، فجعل قتل القاتل بيد ولي القتيل، واعتبر

احترام ه�ذا الجزاء سببا من أسباب حياة المجتمع.

�ه ��ول الل��رص رس��د ح��اة،لق��ان في الحي��ق اإلنس��يح ح� على توض�رة إلى��د الهج��ذي أماله بع��تور« ال� وعقوبة المعتدي عليها في »الدس�هم��ا بعض��ة أفراده��دة وعالق��ة الجدي��ع األم��ه وض� المدينة، كما بين في�رى من��ات األخ��ود وبعض الفئ��يرهم من اليه��ع غ��ا وعالقتهم م� بعض�ة��ا بطريق��ة إم��اس الحياتي��وق الن� الوثنيين، وذلك حينما نص على حق

�وده )رقم ��رة في بن��ير مباش��رة أو غ� (40 و25 و21 و16 و14مباش�ق��ه ح� بشكل ال تمييز فيه بين إنسان وآخر؛ ألن إزهاق الروح بغير وج�ة على��ا من الهالك نعم��ا أن حمايته��ا، كم��انية كله��د اإلنس��ة ض� جريم

اإلنسانية كلها.

لقد أباح اإلسالم من خالل »الوثيقة« لكل المتعاقدين أن يعيشوا جنبا�واء في��لم س��ير المس��لم وغ��ة، فالمس��ع المدين� إلى جنب في مجتم

�دم��ل حرمة ال��المين من أه��داء على المس��اة، واالعت��تحقاق الحي� واس�وء��ه س��لمين ول��داء على المس��ه كاالعت� الكتاب ه�و في نكارته وفحش

الجزاء في الدنيا واآلخرة .

�اءكما أكد النبي ��وداع ، حيث ج��ة ال��ة حج� على حق الحياة في خطب�ه: ��ا قول��د األول منه�كmم ب[ين[كmمالبن ]��اض [عر[ أ ال[كmم و[ و[ `��م

أ[ اء[كmم و[ ]��إ_نa د_م ]�� ﴿ فهر_كmم هـذ[ا ف_ي ب[ل[د_كmم هـذ[ا كmم هـذ[ا ف_ي ش[ ة_ ي[وم_ رم[ mام� ك[ح ر[ .. إن حق﴾ح[

�بة إلى��ار بالنس��ة من االعتب� الحياة في »الوثيقة« ه�و في أعلى مرتب�ذلك إذا��ا. ل��اس تحققه��وق وأس� سائر حقوق اإلنسان؛ ألنه أصل الحق�افظ على���ه أن يح��إن من واجب� كان من حق اإلنسان الفرد أن يحيا ف�ين، ����ر أو يهين أو يش����ا يض����ل م����ونها من ك����ه، وأن يص����حيات

�الى: ��ال تع�ة_... ق ]��_ل[ى التaهلmك د_يكmم إ `��وا ب_أ[ي m��﴾ ...و[ال[ تmلق �رة:﴿� (195)البقوذلك تمكينا له من أداء رسالته في الحياة.

- حق حرية االعتقاد 3�وده��ة في بن��المية األولى في المدين� عندما أقر »دستور« الدولة اإلس

�ذلك35 إلى 25من رقم )��ف ب��دة، لم يكت��ة العقي� ( حق الفرد في حريبل عمل على حمايتها بوسيلتين:

Page 116: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

116

�ا��ل طبق��ه يعم��اء، وفي ترك��ا يش��اد م��ير( في اعتق� - احترام حق )الغلعقيدته، وعدم إكراهه على اعتناق ما يخالف ه�ذه العقيدة.

�ه��إن أمكن إقناع� - مجادلة صاحب ه�ذه العقيدة المخالفة بالحسنى، ف�راه فال��غط وال إك��ار دون ض��ة واختي��ه عن طواعي� بالعدول عن عقيدت�ه� حرج في ذلك، وإن ظل على عقيدته فال يجوز التأثير عليه بما يحمل

على تغييرها وهو غير راض .

�انية��ة لإلنس��ة« أعلنت من أول وهل��ول: إن »الوثيق� وهنا نستطيع الق�دين،��راه في ال��دم اإلك��دأ ع��ان، مب� مبدأ مهما من مبادئ حقوق اإلنس�ا��دات م��ار من المعتق��ة في أن يخت��رد الحري� وأعطت في ظلها كل ف�لمون في��ل المس��الي وثمين ظ��ق غ� يشاء؛ ألن حق حرية االعتقاد ح�اق في��ون المش��ه، ويتحمل��افحون من أجل��ا يك��ر عام��ة عش��ة ثالث� مك�ترفوا��ه اع� سبيله حتى استقر في النهاية، وكما حصل المسلمون علي�و من��ه يخل��المي كل��اريخ اإلس� به كامال متكامال بالنسبة لآلخرين، والت�لمين،��ير المس� فرض المسلمين دينهم بالقوة واإلكراه على الرعايا غ�خ أن��انهم الراس��رف، إليم��ة أو ح��ق بكلم��عبا لينط��طهادهم ش� أو اض�ذا���ذي منح ه��الى، ال��ه تع��يئة الل��ع بمش� اختالف الناس في الدين واق�الى:��ال تع��دع، ق��ل وي��ا يفع��ار فيم��ة واالختي��ه الحري��وع من خلق� الن

ر... m��لي[كف اء[ ف[ ]��ليmؤم_ن و[م[ن ش اء[ ف[ م[ن ش[ ﴾ ...ف[ �ف:﴿��ذا ال29)الكه� (، وله�و ليس� يفكر المسلم يوما أن يجبر الناس ليصيروا كلهم مسلمين، فه�الين على��اقب الض��رهم، أو يع��افرين على كف��ب الك��ا أن يحاس� مكلف

�ة ضاللهم، فهذا ليس إليه، وإنما حسابهم��ذا عملت الدول��ه، ل� على الل اإلسالمية في المدينة على حماية ه�ذا الحق معتبرة ذلك من واجباتها

نحو رعاياها بمختلف مشاربهم ومعتقداتهم.

�اد في��ة االعتق��ق حري��ه، عن ح� يقول محمد الخضر حسين ، رحمه الل اإلسالم: »لقد قرر اإلسالم في معاملة األمم التي ضمها تحت حمايته�امهم� حقوقا تضمن لهم الحرية في ديانتهم، والفسحة في إجراء أحك�ر على��بيل ألولي األم��تقلة، فال س� بينهم، وإقامة شعائرها بإرادة مس�ل� تعطيل شعيرة من شعائرهم، وال مدخل للسلطة القضائية في فص�ا فتحكم بينهم��ة أمامه��وا على المحاكم��ة إال إذا تراض� نوازلهم الخاص

�الى: ��ال تع��وية، ق��دل والتس��انون الع�احكmمعلى ق ]��ك[مت[ ف إ_ن ح[ ﴿ ...و[ط_ين[ بu المmقس_ سط_ إ_نa اللaه[ يmح_ م ب_الق_ m(.. 42)المائدة:﴾ب[ين[ه

Page 117: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

117

�اظر��ر من من��دهم منظ��رائعهم وعوائ��ومين على ش��اء المحك� وإبق السياسة العالية، وباب من أبواب العدالة يدخلون من قبله إلى أكناف

الحرية« .

�ه على��القي والعملي ال يمكن فرض���ائدي واألخ�� إن ه�ذا النظام العق�ر في ذهن��ذي يحش��يء ال� أي إنسان بالق�وة والج�بر، فهو ليس بالش�ة إلى��المية األولى بالمدين��ة اإلس� اإلنسان حشرا، وهذا ما ح�دا بالدول�اكنين��ع المتس��ق لجمي��ذا الح���ة ه��ا واجب حماي� أن تحمل على عاتقه

بمخلتف أجناسهم وعقائدهم.

- حق العدل والمساواة 4�د��ات، وأعظم مؤي��وق والواجب� المساواة ه�ي مبدأ أولي لمعرفة الحق�بر��اروق األك��اواة- الف� للعدالة والحرية بين سائر األفراد، وهي -المس�ام األمم وتمتص��ر عظ��تي تنخ��ة ال� بين العدالة الحقة والعدالة الوهمي

دم حياتها .

�ا��ع، جعلهم��ان والمجتم� فالع�دالة والمس�اواة حقان من حق�وق اإلنس�ير،��ريف وحق��ير وال ش���ير وصغ��رق بين كب��ال ف���اس ف� الله لجميع الن

د�، أ[ال ال﴿ قال _��اكmم و[اح ]��[ب إ_نa أ د�، و[ _��بaكmم و[اح ال إ_نa ر[: أ[ mاس a��ا الن [يuه[ : »ي[ا أ

ر[ ع[ل[ى ]��ب_يª و[ال أل[حم ر[ ]��م_يª ع[ل[ى ع م_يª و[ال ل_ع[ج[ ب_يª ع[ل[ى أ[عج[ ر[ ]��ل[ ل_ع `�� ف[ضر[ إ_ال ب_التaقو[ى« [حم[ د[ ع[ل[ى أ د[ و[ال أ[سو[ .﴾أ[سو[

فالخلق كلهم عيال الله، وإن أحبهم إليه أنفعهم لعياله، وإنه ال فضل�تور«��ا في »دس� ألحد منهم على اآلخر إال بالتقوى والعمل الصالح؛ أم

�د رقم )��د ورد في البن��ير(: 15المدينة فق��دة، يج��ه واح��ة الل� ﴿ أن ذم�اهم« ��ق﴾عليهم أدن��دت على ح��دة أك��رى عدي��ود أخ��افة إلى بن� إض

�ة،���بات العام���وق والواج��يرهم في الحق� المساواة بين المسلمين وغ�ق���ا يتعل���ين إال فيم����ركون عن المسلم���ود والمش���ف اليه�� فال يختل�ه، وه�ذا��دة ال مس�اواة في��ق بالعقي��ا يتعل��ل م� بالعقيدة، ولذلك كان ك

المتساويين عدال تأكيد للمساواة، فالواقع أنه إذا كانت المساواة بين�بر� خالصا فإن المساواة بين المتخالفين ظلم واضح، وال يمكن أن يعت�تثناء��دة اس��ق بالعقي� عدم المساواة بين المسلمين وغيرهم فيما يتعل�د��ي تأكي���ل ه��ة«، ب��ا »الوثيق��تي قررته��اواة ال��دة المس� من قاع�اس��دل بين الن��ق الع� للمس�اواة، إذ المساواة ال يقصد بها سوى تحقي�ه��ك أن الل��دليل على ذل��داتهم، وال��راقهم ومعتق� بقطع النظر عن أع�و���ة ه��ه تهم� أنزل في كتابه آيات تتلى تبرئة لساحة يهودي ألصقت ب

Page 118: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

118

�لمين،��د المس��ا ألح��رق درع��يرق س��ة بن أب� بريء منها، وذلك أن طعم�اق��اول إلص� فلما خشي أن ينكشف أمره رمى به في بيت يهودي، وح�اءوا إلى��ه، وج��ك بعض قوم��ايعه على ذل� فعلته باليهودي البريء، وش

�بي ��ظ قلبالن��احبهم وتغلي��احة ص��ة س��اولين تبرئ��ادلون، مح� يج

�ول ��حالرس��ا يفض��وله قرآن��ه على رس��أنزل الل��ودي، ف� على اليهاب[مؤامراتهم ويكشف دسيستهم، قال تعالى: ]���ك[ الك_ت�_ل[ي ا إ ]��لن ا أنز[ a��_ن ﴿ إ

ا... Hيم _��ائ_ن_ين[ خ[ص ]��هm و[ال[ ت[كmن لiلخ a��اك[ الل ر[] ا أ ]��قi ل_ت[حكmم[ ب[ين[ النaاس_ ب_م ﴾ب_الح[

( . 105)النساء:

�ول ��ة الرس��دل في دول��د الع��ذا توط��اسوهك��ة على أس� القائم »دستور« منظم يؤيده القرآن الكريم، وعمل على تطبيق�ه فيم�ا بع�د

�هالخلفاء، فعندما كان عمرو بن الع�اص ، ��ه عن��ي الل��ا علىرض� ، وآلي�تبك ابنرضي الله عنهمصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، � ، اش

�روب له مع أحد المصريين وأغراه سلطان��م المض� أبيه فضربه، فأقس�ر ... ��نين عم��ير المؤم��رو بنليبلغن شكواه إلى أم��ر لعم��ال عم� ﴿ فق

�رارا« ��اتهم أح��دتهم أمه��د ول� ثم ﴾العاص : »متى استعبدتم الناس وق توج�ه إلى الش�اكي وناوله سوط�ه وقال له: اضرب ابن األكرمين كما

، بين جبلة بن األيهم )أحدرضي الله عنهضربك .. وكذلك ساوى عمر، ملوك غسان( وبين أعرابي من العامة، وذلك حينما كان جبل�ة يط�وف�ه،��ه على وجه� بالكعبة فزحمه األعرابي وداس ثوبه بدون قصد فلطم�و��اص إال أن يعف��اب فحكم بالقص��ر بن الخط� ورفعت القضية إلى عم�ة أرض��ترك جبل��ا، ف��وى بينكم��الم س��ة: إن اإلس��ائال لجبل��رابي ق� األع�دا عن��ان مرت��راره إلى أرض الروم��ات بف� المساواة وآثر أرض الطبق

اإلسالم، ولكنه تحركت في نفسه ه�واجس الندم فأنشد قائال:

�ار� تنصرت األشراف عن علطمة

�برت��و ص��ا ل��ان فيه� وما كلها ضرر

تكنفني منها لجاج ونخوة وبعت له�ا العين الص�حيحة

بالعور�دني���ا ليت أمي لم تل�� في

وليتني �ذي����ر ال��� رجعت إلى األم

قاله عمر لقد أكد اإلس�الم على أن المس�اواة بين الن�اس ال تس�ود إال في ظ�لالحرية والعدل والسالم؛ ألنها المعايير األساسية للحياة في المجتمع.

Page 119: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

119

- كفالة حرية الرأي5�ة��و ص�ورة عملي� إن كشف الخطأ للوقاية منه أو تجنب التمادي فيه ه�ذا النق�د إال م�ع� لنقد البناء المس�تنير المخلص، وال يمكن ممارس�ة ه�ا،��ه حق��دأ وجعلت� كفالة حرية الرأي، وقد تضمنت »الوثيقة« ه�ذا المب�داء��ا إب��ؤالء جميع��احت له� ليس للمسلم وحده وإنما لسائر البشر، وأت

�رة )��د رقم )4رأيهم، حيث تنص الفق� ( على: »وأن بينهم37( من البن�ه��دعو إلي��ذي ي��رأي ال� النصح والنصيحة والبر دون اإلثم« فحق إبداء ال�ة القيم� »الدستور« ه�و ما يؤدي في النهاية إلى خير المجتمع، وتزكي�ة��ق كرام��ا يحق��ام، بم��دان الع� األخالقية الفاضلة وترسيخها في الوج

�ذااإلنسان، ويحفظ له إنسانيته، وقد حرص الرسول � على تعمي�ق ه�ه،��رأي مع��ة ال��ة حري��حابه على ممارس��تحث أص��ان يس� المبدأ حينما ك فكان يستطلع آراءهم في الشئون العامة، بل وفي المسائل الخاصة،�بيل��ك على س��ه، من ذل��الفت رأي��آرائهم، وإن خ��ا ب��ذ غالب��ان يأخ� وك�ه��ان ل� المثال: ما حدث في معركة بدر ، من الحباب بن المنذر الذي ك�ازل��زول الجيش، فتن��ان ن��د مك��ول في تحدي��الف رأي الرس� رأي يخ

عن رأيه وأخذ برأي ه�ذا الصحابي .الرسول

�ع،� فعلى أما في عهد الخلفاء، فقد كان حق إبداء الرأي مكفوال للجمي�ه ��اب ،سبيل المثال أن��ر بن الخط��ة عم��ل إلى الخليف��ا رج��اء يوم� ﴿ ج

�ام� رضي الله عنه، وخاطبه في معرض حديثه: اتق الله يا عمر )!( فق�ة، إال� له بعض الحضور وقد غضبوا أن يmحدث الخليفة بمثل ه�ذه اللهج أن عمر أسكتهم، وقال: دعوه فليقلها، فال خير فيكم إن لم تقولوها،

�راقي﴾وال خير فينا إن لم نسمعها منكم � . وهذا التصرف األخالقي ال�الم��ا اإلس��ادى به� من أمير المؤمنين إنما انبعث من تلك الروح التي ن

قبل خمسة عشر قرنا حين أرسى مبدأ حرية الفكر والرأي .

- حق األمن والمسكن والتنقل 6�رك��ائن متح��ان ك��ك أن اإلنس� هي من الحريات األساسية لإلنسان، ذل�اة، ومن��وام الحي��ل ق��ة التنق��كن وحرك��األمن والمس��ه، ف� بطبيعت�ل،��يلة للعم��ة وس��واء، ألن الحرك��اء واله��رورات الم��روراتها، كض� ض�ال عن أن��ذا فض���اة، ه��يلة الحي��ب وس� والعمل وسيلة للكسب، والكس�ية على��دية والنفس��ان الجس��حة اإلنس� في الحركة والتنقل حماية لص

حد سواء.

Page 120: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

120

�داف� إذا كانت ه�ذه الح�قوق قد أقرت�ها النظم الوضعية كهدف من أه�المي���ام اإلس��ا في النظ� اإلنسانية التي توص�لت إليها بعد عناء، فإنه

�ول ��ةتعد أمرا طبيعيا م�الزما للحياة منذ أن ه�اجر الرس� إلى المدين�دين رقم )��تورها في البن���تي ينص دس��ه ال� ( على47 و39وأنشأ دولت

�ة��دود الدول��ل ح� حق األمن والمسكن والتنقل لجميع المتساكنين داخاإلسالمية الجديدة وخارجها.

- حق الفرد في المعونة المالية واالقتصادية )التكافل،7والضمان االجتماعي(

ثمة مبدأ أساسي ه�و أن للجائع –تحت أي ظرف من الظ�روف– الح�ق�ول على��ق في الحص� في أن يحصل على الطعام، كما أن للعريان الح

�الى: ��ال تع��اء، ق�وم_ الكس mر `��الم[ح ائ_ل_ و[ a��ق� لiلس ]��م ح ال_ه_ و[ `��﴾ و[ف_ي أ[م ﴿ ا (، 19)الذاريات: Hير أ[س_ ا و[ Hي[ت_يم سك_ينHا و[ بiه_ م_ mع[ام[ ع[ل[ى حaون[ الطmطع_مmي ﴾ و[ ﴿

�ان:��ا8)اإلنس��زت عليه��ان رك���اسية لإلنس���وق األس��ذه الحق�� (، ه(.11 إلى 3»الوثيقة« في بنودها من رقم )

�ات��ة، وفي الدراس��ية والقانوني� لكن من الشائع في الكتابات السياس�ه��ورت حقوق��تي بل� االجتماعية، أن عهد اإلنسان بالوثائق والشرائع ال�إعالن� اإلنسانية، أو تحدثت عنها مقننة لها، ومحددة ألبعادها، قد بدأ ب

�ام ��ر ع��ذي ظه��ان ال��وق اإلنس��ون أنهم1789حق��د الغربي� م، ويؤك�تي��برى ال��ية الك��ورة الفرنس��ادئ الث��وق من مب��ك الحق��تمدوا تل� اس�انول��ع » أم��ورة وض��ذه الث���ان ه��اع،... فإب��ة واإلقط��احت بالملكي� أط

�تي1836-1748جوزيف سيس « )��ك ال��ان، تل��وق اإلنس� م( وثيقة حق�ة��اريخي« وثيق��إعالن ت��درتها »ب��ية( وأص��ة التأسيس��ا )الجمعي� أقرته

�ة في ��ة ثوري��طس 26سياسية واجتماعي��تقة1789 أغس� م، وهي مش�رن��ا في الق��وير في فرنس��ر التن��فة عص��ار فالس��ات وأفك� من كتاب

�تRousseauالثامن عشر خصوصا نظرية ) جان جاك رسو � (.. ولقد نص�ه في��ل حق��ة« مث��ان »الطبيعي��وق اإلنس��ة« على حق��ذه »الوثيق�� ه�رائع��ام الش��نين أم��ع المواط��اواة بين جمي��ة، واألمن، والمس� الحري

�وانين...إلخ،��حر في والق���ل الس��ة« فع��ذه »الوثيق���د فعلت ه� وق�ك��ذ ذل��ا، من��ا أو خارجه� الحركات الثورية واإلصالحية، سواء في أوروب�بة��اق »عص��امينها ميث��دخلت مض��دويلها، ف��اء دور ت��تى ج� التاريخ... ح

�نة ���نة 1920األمم« س���دة، س���اق األمم المتح�� م، ثم1945م، ثم ميث

Page 121: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

121

�ان«��وق اإلنس��المي لحق� أفردت دوليا بوثيقة خاصة ه�ي »اإلعالن العم .1948 ديسمبر 10الذي أقرته األمم المتحدة في

�اريخ إذا��و ت� ذلك ه�و التاريخ الشائع لنشأة مواثيق حقوق اإلنسان، وه�ه��ان، ألن��وق اإلنس��اريخ األوروبي لحق��ة الت� تأملناه وج�دناه يمثل بداي

يتضح لنا مما سبق أمران:

�ود��ه وال وج��اريخ ل��ربي ال ت��الم الغ� - أن تصور حقوق اإلنسان في العقبل قرنين أو ثالثة.

�ا ويطنطن��أ يردده��ا يفت��الم م��الرغم من أن الع� - أن ه�ذه الحقوق –ب�ان��رد أم��ي مج�� باسمها– ليس وراءها أية سلطة أو قوة منفذة، بل ه�ا��برت إلى أوروب��ة، ع� ورغبات، صبت في كلمات وألفاظ ساحرة براق

في ضوء الثقافة اإلسالمية في العصور الوسطى .

فإذا نظرنا إلى تاريخ اإلسالم، نجد أنه قد تقرر إعالن حقوق اإلنس�ان

في المدين�ة، وأذاع ملخص�ه الرس�ول في »دستور« دولة الرسول �دة في خطبة��بق إعالن األمم المتح��د س��ون ق��ذا يك��وداع، وبه� حجة ال

�ا.���������������ر قرن���������������ة عش���������������أكثر من أربع��������������ب�ا��ارف عليه��ان المتع��وق اإلنس� والدليل على ذلك أن أغلبية مبادئ حق عالميا اليوم والمذكورة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان موجودة�تي��ريم وال��رآن الك��تمدة من الق��المية المس��اليم اإلس� وثابتة في التع

�رنادى بها الرسول ��د عش��ل أح��ابع الميالدي، أي قب� منذ القرن السقرنا من عصر التنوير في فرنسا .

�ة��المية الثابت��اليم اإلس��ذكورة في التع� إننا نجد بعض المصطلحات الم�ا على��ان، منه���وق اإلنس��المي لحق��ا في اإلعالن الع��ودة حرفي� موج

سبيل المثال ما ورد في المواد التالية:

�ة��اوين في الكرام��رارا متس��اس أح��ع الن��د جمي��ادة األولى: »يول� الم�ا��هم بعض� والحقوق، وقد وهبوا عقال وضميرا، وعليهم أن يعامل بعض

بروح اإلخاء«.

�اب��ر بن الخط��نين عم� إن ه�ذه المادة متطابقة مع مقولة أمير المؤم�ه��ه عن��ي الل��اتهم: رض��دتهم أمه��د ول��اس وق��تعبدتم الن��تى اس� ﴿ م

ا. Hرار���وق ﴾أح��ة الحق��ع بكاف��ق التمت��ان ح��ل إنس��ة: »لك��ادة الثاني� الم�بب��التمييز بس��يز ك��الن، دون أي تمي�� والحريات الواردة في ه�ذا اإلع

العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين... «.

Page 122: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

122

�د� تكاد تكون ه�ذه المادة ترجمة أو نقالH عن الحديث الشريف الذي يؤك

�ال: فيه الرسول ��ا ق��اواة حينم�بaكmمالمس ال إ_نa ر[: أ[ mاس a��ا الن ]��[يuه ا أ ]�� ﴿ ي

ªم_ي م_يª و[ال ل_ع[ج[ ب_يª ع[ل[ى أ[عج[ ر[ ]��ل[ ل_ع `�د�، أ[ال ال ف[ض _��اكmم و[اح ]��[ب إ_نa أ د�، و[ _�� و[احالتaقو[ى _�ر[ إ_ال ب [حم[ د[ ع[ل[ى أ د[ و[ال أ[سو[ ر[ ع[ل[ى أ[سو[ ب_يª و[ال أل[حم[ ..﴾ع[ل[ى ع[ر[

�ادئ��رار مب��الم في إق��بقية اإلس��يا في أس��بر أساس� وهذا الحديث يعت حقوق اإلنسان، وعدم التمييز بين إنسان وآخر بسبب العنصر )عربي،أعجمي( أو اللون )أبيض، أحم�ر، أس�ود( أو اللغ�ة )عربي�ة، أعجمي�ة(. كما أن بعض اآليات يؤكد عدم التفاض�ل بين الناس بس�بب الجنس أو

�الى: ��ال تع�[رض_اللون أو العنصر، ق األ او[ات_ و[ م[ a��قm الس `��ل ه_ خ[ _��ن آي[ات ﴿ و[م_ي[اتj لiلع[ال_م_ين[ ان_كmم إ_نa ف_ي ذ[ل_ك[ آل[ [لو[ أ ن[ت_كmم و[ [لس_ فm أ اخت_ال[ (.22)الروم:﴾و[

�اس،��ل بين الن��ا للتفاض��ة ليس أساس� فاالختالف في اللون وفي اللغ�اع��اء االجتم��ا علم��ردده حالي��ا ي� وإنما ه�و من نعم الله عليهم، وهذا م�اس��ات واألجن��ات واللغ��يات والثقاف� في أوروبا من أن اختالف الجنس�ق� إنما ه�و إثراء للمجتمعات.. أما عالقتها بدستور المدينة فإنها تتواف�ير��ة غ��ا بطريق��رة وإم��ة مباش��ا بطريق��رات، إم��ير من الفق��ع كث� م�رة.�����������������������������������������������������������������������������������مباش�ق في��انون، ولهم الح��ام الق� المادة السابعة: »كل الناس سواسية أم�ة...«.������ة تفرق������ه دون أي������ة من������ة متكافئ������ع بحماي�����التمت�ية« وهي نفس��ة »سواس��ادة إلى كلم��ذه الم���اه في ه��ت االنتب�� نلف

�اء: �اسmالكلمة التي قصدتها اآلية األولى من سورة النس a��ا الن ]��[يuه ا أ ]�� ﴿ ي jد[ة اح_ كmم مiن نaفسj و[ ل[ق[ بaكmمm الaذ_ي خ[ وا ر[ mقaرة من﴾ات� ، واآلية الثالث�ة عش

ع[لن[اكmم سورة الحجرات: mنث[ى و[ج[ أ ل[قن[اكmم مiن ذ[ك[رj و[ _نaا خ[ ا النaاسm إ [يuه[ ﴿ ي[ا أاكmم ]��[تق ه_ أ a���د[ الل�ن كmم ع_ م[ وا إ_نa أ[كر[ mف ب[ائ_ل[ ل_ت[ع[ار[ ق[ عmوبHا و[ mا﴾ش���ا وروده� ، أم

�ا رقم )��ا في بنوده��ر جلي� و35 إلى 25 و24في »الوثيقة« فإنه يظه(.47ب و45 و45 و44 و43 و41 و39 و38 و37

وخالصة القول:

�اغها��ة ص��ة دولي��ان ليس إال وثيق��وق اإلنس��المي لحق� إن اإلعالن الع�عة1948بعض البشر عام � م، أرادوا بها أن يتفادوا جرائم الحرب البش

�ف��ة والنص��ة األولى والثاني��رب العالمي��اء الح��اريخ أثن� التي سجلها الت�ة اإلعالن :��ك في ديباج��روا ذل��ا ذك��رين مثلم��رن العش� األول من الق�ال���ى إلى أعم��د أفض��ا ق� »ولما كان تناسي حقوق اإلنسان وازدرائه�ر��ة البش��ه عام� ه�مج�ية آذت الضمير اإلنساني، وكان غاية ما يرنو إلي�رر من��دة ويتح��ول والعقي��ة الق��رد بحري��ه الف��ع في��الم يتمت� انبثاق ع

Page 123: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

123

�ا��ا مم��الم مخرج��دول الع��عوا ل���د أرادوا أن يض� الفزع والفاقة...«، لق�ان، ولكن لم يتم��وق اإلنس��ارخة لحق���ات ص��ه من انتهاك��لت إلي�� وص�ذي��ا كال��ه لم يكن ملزم��ه؛ ألن��لوا إلي��ذي توص��الن ال�� تطبيق ه�ذا اإلع

�ةوضعه سيدنا محمد ��كان الدول� وطبقه من أول وهلة على جميع ساإلسالمية األولى في المدينة.

الخاتمة

هذه الدراسة التي ق�امت على التحلي�ل واالس�تنتاج والمقارن�ة لبن�ود

�ول ��عها الرس��تي وض��ة« ال��اس»الوثيق��ان واألجن��ل األدي� بين أه المختلفة في المدينة بعد ه�جرته إليها، أوصلتني إلى النتائج اآلتية: -�اري في��اني والحض��د اإلنس� كشف موضوع »الوثيقة« بوضوح أن البع فعاليات السيرة النبوية، وأن االهتمام بالمسألة االجتماعية والعالقات�يلة� البشرية ليس أمرا عارضا أملته ظروف طارئة، وإنما ه�و سمة أص

�بيلغواهتمام مركزي في المشروع اإلسالمي. فالرسول � لم يأت لت الرسالة والهداية باعتباره رائدا للدين ومبشرا ورسوال فحسب، وإنما كان أيضا قائدا عسكريا، ورجال سياسيا، وحاكما يدير شئون األمة في�اني.-��ل اإلنس��كالت التواص��ول لمش� مختلف مناحي الحياة ويضع الحل

وح�دة سياس�ية وتنظيمي�ة بمعناه�ا الواس�ع حينم�ا وض�عأوجد الرسول الخطوط العامة لنظام الحكم في دولته التي أقامها في المدينة، ولم�ة«��ع »وثيق��از ، حيث وض��ائر بالد الحج��ل في س��ة من قب� تكن معروف�ه��ان وفطرت���ة اإلنس��الها بطبيع��ات -التص��وق والحري��ل الحق� تكف�ذا العم�ل أح�د� وغريزت�ه- لك�ل أبن�اء ال�وطن، لم يس�بقه إلى مث�ل ه�راع بين��ة والص��وم الفرق� قبله.- عملت »الوثيقة« على استبدال مفه�ع��ايش م��اق والتع��ائم على الوف� الشعوب والقبائل بمفهوم األمة الق�دد��ع تتع��ة مجتم��رة في المدين� حفظ الخصوصيات، حيث تكون ألول م�ة��ه عالق��د في��دين والجنس، ولكن تتوح��اء إلى ال��ات االنتم��ه عالق� في

االنتماء إلى األرض المشتركة، ه�ي أرض الوطن.

�ع��امال للمجتم��ا متك��عت نظام��حيفة« وض��ول: إن »الص� - يمكن الق�ك��ائدة في ذل��انت س��تي ك� المديني الجديد يختلف كليا عن األنظمة ال

Page 124: وثيقة المدينة المضمون و الدلالة

124

�ة، إن��دول الحديث��ة في ال� العصر، وال يقل تنظيما عن األنظمة القائملم يتفوق عليها في مجاالت عديدة بسبقه وحسن تنظيمه ودقته.

�ول ��ة الرس��اهد على أن دول��ونت من- تعتبر »الصحيفة« أكبر ش� تك�د اعتنت��ه، فق��ه وأطراف��ع جهات��ق من جمي��اعي متناس� تنظيم اجتم�ا��ه يعيش به��ا يجعل��وق م��ه من الحق��منت ل��ة، وض��ة فائق� بالفرد عناي إنسانيته في حرية، وعزة، وكرامة، وكلفته بواجبات تجعل منه شخصا�ه.���ه وأهميت���ا مكانت���ات تخوله���ع ينهض بمهم���ئوال في المجتم��مس�ة� - فرضت »الوثيقة« حقوقا عامة على اإلنسان لإلنسان، بحكم عالق�عيف،��ون الض��ه، كع� اإلنسانية، بقطع النظر عن اتحاد الدين أو اختالف�ني��تي تجب لمواط� وإشباع الجائع، وتأمين الخائف، وسائر الحقوق ال�لمين.����������وا مس����������المية، وإن لم يكون����������ة اإلس���������الدول�عوب��دها الش��ة« لم تعه� - إن التسامح الديني سمة بارزة في »الوثيقهروا وشردوا في mبهذه الصفة من قبل، فالتاريخ يثبت أن اليهود قد ق �دود -��حاب األخ��ل أص��ذلك قت��ب، وك��ة التعص��الم نتيج��اء الع��ل أنح� ك النصارى- لنفس السبب؛ وأصبح أهل األديان كلهم آمنين محميين من�تور«��ل »دس��لطته ولكن في ظ��انون وس��ديني بنص الق��راه ال� اإلك

المدينة.

- جاءت »الوثيقة« بمفهوم جديد للمساواة وهي أنها ال تعني المثلية،�د��ع قواع��ة في المجتم��اس كاف� وإنما تعني أن تحكم العالقات بين الن عامة ومج�ردة، س�ابقة على نش�أة تل�ك العالق�ات، تس�اوي بينهم من

حيث ه�م بشر، وإن اختلفت عقائدهم.