٥

آداب الغذاء يف اإلسالم

املقدمةاحلمد هللا رب العاملني والصالة والسالم على املبعوث رمحة

.نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني، للعاملني : أما بعد

، وجعله خامت األديان، فقد اختار اهللا لنا دين اإلسالم وارتضاهإن الدين عند : حيث قال سبحانه، فال يقبل من أحد دين سواه

ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل : وقال، )١(إسلامالله الهمن)فما من أمر من ، بل كله حماسن، باحملاسنئوهو دين مل، )٢

وما من أمر فيه ، األمور فيه خري لنا يف الدنيا واآلخرة إال وحثنا عليهت مجيع أحكامه فجاء، شر لنا يف الدنيا واآلخرة إال وحذرنا منه

ولذلك جند األدلة من الكتاب ، لو أم قبلوه، ملصلحة البشر مجيعافتحرمي الزنا مثال ملا يترتب عليه من ، والسنة متضمنة هلذه املعاين

وانتشار العداوة وسفك ، األضرار العظيمة كاختالط األنساب مثالبب هذه وانتشار األمراض اخلطرية اليت تنشأ بس، الدماء بني الناس

حيث تصبح املرأة كالكأس ، االتصاالت اجلنسية غري املنضبطةويف املقابل حث ، ويتصل ا كل موبوء، يصب فيها كل سائل

اإلسالم على النكاح املشروع الذي من خالله يطفئ بنو آدم من ذكور وإناث هلب الغريزة اليت ركبها اهللا فيهم حلكمة فالبنكاح

وخيتص ، ويخلف الناس بعضهم بعضاوتعمر األرض، يتوالد البشر

.١٩اآلية : سورة آل عمران) 1( .٨٥اآلية : سورة آل عمران) 2(

٦

آداب الغذاء يف اإلسالموإذا ما قدر ملرأة مفارقة ، كل رجل بزوجته ال يشاركه فيها أحد

فال جيوز هلا الزواج إال بعد مضي مدة ، الزوج لعدم التوافق بينهماكافية للتأكد من خلو رمحها من احلمل من الزوج السابق وتكون

ية لتطهري رحم تلك املدة وما حصل خالهلا للمرأة من الطمث كافوهكذا يف قضايا كثرية وأمور ، املرأة من ماء زوجها السابق

والعطاء ، والتواصل بني الناس مستمر، ومبا أن احلياة ممتدة، متعددةومل تشمل جزئياا ، فلرمبا استجدت أمور مل تكن موجودة، متجدد

لذا كانت هناك قواعد عامة ، النصوص الشرعية على وجه التحديد األصل :مثل قاعدة، يعة يندرج حتدا كل ما مل ينص عليهيف الشر

يف األشياء اإلباحة ما مل يكن فيها ضرر فإا حترم أو تكره حينذاك : لذا قال تعاىل يف وصف نبينا ، حبسب قوة الضرر من عدمها

مهنع عضيائث وبالخ همليع مرحيات وبالطي محل لهيو مهرإص همليع تالأغلال التي كانو)وقال ، )١ يف احلديث الذي رواه

.)٢(»ال ضرر وال ضرار«: اإلمام أمحد وغريهويف هذا الدين تنظيم جلميع نواحي احلياة وليس مقصورا على

بل إن فيه تنظيما لسياسة الدول الداخلية ، العبادات فقطوشؤوا ، وتعليمها وإعالمها، ا القتصادهاوتنظيم، واخلارجية

.١٥٧اآلية : سورة األعراف) 1() ٣٢٧ -٣٢٦/ ٥(و، من حديث ابن عبـاس ) ٣١٣/ ١(أخرجه اإلمام أمحد يف املسند ) 2(

بإسـناد ) ٣١ رقـم ٧٤٥/ ٢(واإلمام مالك يف املوطأ ، من حديث عبادة بن الصامت فاحلديث حسن مبجمـوع ، صحيح إىل حيىي بن عمارة املازين يرويه مرسال عن النيب

.للشيخ األلباين) ٨٩٦ رقم ٤٠٨/ ٣(» إرواء الغليل«وانظر تفصيل ذلك يف ، طرقه

٧

آداب الغذاء يف اإلسالم

كما أن فيه ، ومواصالا وغري ذلك من سائر اهتماماا، الصحيةومع بضعهم ، تنظيما تمعات الناس يف عالقام مع أولياء أمورهم

، والتراحم، والعطف والشفقه، واألخوة، واجلوار، بعضا يف الصلةكما أن فيه تنظيما ، وغري ذلك... ، والتزواج، والتزاور، والترابط

، وملبسه، ومشربه، ومأكله، يف عبادته، لسلوك الفرد مجيعهفما من ، حىت قضاء حاجته، وتعلمه وتعليمه، وطلبه لدنيا، ومنكحه

ففي ، مسألة دقيقة أو جليلة إال وهي خاضعة لسلطان اهللا وحكمهقال لنا «: صحيح مسلم عن سلمان الفارسي رضي اهللا عنه قال

فقال ، إين أرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حىت اخلراءة: ملشركونالقد انا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن ، أجل: رضي اهللا عنه

أو أن ، أو أن نستنجي بأقل من ثالثة أحجار، نستنجي باليمني .)١(»نستنجي برجيع أو بعظم

ألة وسنتناول يف هذه العجالة مس، والرجيع هو الروث والعذرةمن هذه املسائل وهي فيما يتعلق بغذاء اإلنسان الذي جند

ويرون أنه عنصر فعال فيما ، االهتمامات البشرية اليوم منصبة عليهفها هي ، يصيب اإلنسان من أمراض نتيجة نقصه أو اإلفراط فيه

وتكاد تنحصر يف طبقة ، أمراض القلب والسكر تشكل قلقا عاملياألمراض األخرى املترتبة على نقص الغذاء جتتاح بينما جند ا، األغنياء

فنقص الغذاء وزيادته طرفا نقيض وكالمها ، اتمعات الفقرية

بـاب ، يف كتـاب الطهـارة ) ٥٧ رقم ٢٢٤ -٢٢٣/ ١(أخرجه مسلم يف صحيحه ) 1(

.االستطابة

٨

آداب الغذاء يف اإلسالموهذا ما جند عالجه يف آية واحدة من القرآن الكرمي وهي ، مذموم

وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب : قوله تعاىلرفنيسالم)لك ما يعرب عنه األطباء وخباصة يف القدمي وسر ذ. )١

ويوضح ذلك لنا ابن القيم رمحه اهللا ، باحلرارة والرطوبة يف اجلسمملا كان اعتدال البدن وصحته وبقاؤه إمنا هو بواسطة «: )٢(بقوله

وتدفع ، واحلرارة تنضجها، فالرطوبة مادته، الرطوبة املقاومة للحرارة، ال أفسدت البدن ومل ميكن قيامهوإ، وتلطفها، وتصلحها، فضالا

ألحرقت البدن ، فلوال الرطوبة، وكذلك الرطوبة هي غذاء احلرارةوقوام البدن ، فقوام كل واحدة منهما بصاحبتها، وأيبسته وأفسدته

فاحلرارة مادة للرطوبة ، وكل منهما مادة لألخرى، ما مجيعادة للحرارة والرطوبة ما، حتفظها ومتنعها من الفساد واالستحالة

ومىت مالت إحدامها إىل الزيادة على األخرى ، تغذوها وحتملهافاحلرارة دائما حتلل ، حصل ملزاج البدن االحنراف حبسب ذلك

-فيحتاج البدن إىل ما به خيلف عليه ما حللته احلرارة ، الرطوبةومىت زاد على مقدار التحلل ، لضرورة بقائه وهو الطعام والشراب

فعاثت ، فاستحالت مواد رديئة، عن حتليل فضالتهضعفت احلرارةفحصلت األمراض املتنوعة حبسب تنوع ، وأفسدت، يف البدن

وهذا كله مستفاد من قوله ، موادها وقبول األعضاء واستعدادهافأرشد عباده إىل إدخال ما ، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا: تعاىل

وأن يكون ، وض ما حتلل منهيقيم البدن من الطعام والشراب ع

.٣١اآلية : سورة األعراف) 1( ).٢١٥ -٢١٣/ ٤(» زاد املعاد يف هدي خري العباد«كتاب ) 2(

٩

آداب الغذاء يف اإلسالم

فمىت جاوز ذلك كان ، بقدر ما ينتفع به البدن يف الكمية والكيفيةأعين عدم األكل ، وكالمها مانع من الصحة جالب للمرض، إسرافا

.أو اإلسراف فيه، والشربوال ريب أن ، فحفظ الصحة كله يف هاتني الكلمتني اإلهليتني

وكلما كثر التحلل ضعفت ، البدن دائما يف التحلل واالستخالفوهي مادة ، فإن كثرة التحلل تفين الرطوبة، احلرارة لفناء مادا

وال يزال كذلك حىت ، ضعف اهلضم، وإذا ضعفت احلرارة، احلرارةفيستكمل العبد األجل الذي ، وتنطفئ احلرارة مجلة، تفىن الرطوبة

ه حراسة فغاية عالج اإلنسان لنفسه ولغري، كتب اهللا له أن يصل إليهال أنه يستلزم بقاء احلرارة ، البدن إىل أن يصل إىل هذه احلالة

فإن هذا مما مل ، والرطوبة اللتني بقاء الشباب والصحة والقوة ماوإمنا غاية الطبيب أن حيمي الرطوبة عن ، حيصل لبشر يف هذا الدار

، وحيمي احلرارة عن مضاعفاا، مفسداا من العفونة وغريهاكما أن ، ينهما بالعدل يف التدبري الذي به قام بدن اإلنسانويعدل ب

، إمنا قوامها بالعدل، وسائر املخلوقات، به قامت السموات واألرض، وجده أفضل هدي ميكن حفظ الصحة بهومن تأمل هدي النيب

وامللبس ، فإن حفظها موقوف على حسن تدبري املطعم واملشرب، واملنكح، والسكون، ظة واحلركةواليق، واهلواء والنوم، واملسكن

فإذا حصلت هذه على الوجه املعتدل ، واالحتباس، واالستفراغكان أقرب إىل دوام ، املوافق املالئم للبدن والبلد والسن والعادة

.الصحة أو غلبتها إىل انقضاء األجل

١٠

آداب الغذاء يف اإلسالموأجزل ، وملا كانت الصحة والعافية من أجل نعم اهللا على عبده

، أجل النعم على اإلطالق، بل العافية املطلقة، وأوفر منحه، عطاياهفحقيق ملن رزق حظا من التوفيق مراعاا وحفظها ومحايتها عما

اهـ. »يضادها

١١

آداب الغذاء يف اإلسالم

)١(الصحة نعمةروى البخاري يف صحيحه من حديث ابن كعباس رضي اهللا

نعمتان مغبون فيهما كثري من «: قال رسول اهللا : قال، عنهما .)٢(»راغالصحة والف: الناس

: أنه قالعن النيب ، ويف الترمذي أيضا من حديث أيب هريرةأن ، من النعيم - يعين العبد -إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة «

.)٣(»ونرويك من املاء البارد ؟، أمل نصح لك جسمك: يقال لهثم لتسألن : ومن ههنا قال من قال من السلف يف قوله تعاىل

موعيمين النئذ ع)عن الصحة: قال- )٤ . يا ، يا عباس«: قال للعباسويف مسند اإلمام أمحد أن النيب

.)٥(»سل اهللا العافية يف الدنيا واآلخرة، عم رسول اهللا

).٢١٥/ ٤(هذه الفقرة مستمدة من املرجع السابق ) 1(باب ما جـاء ، اب الرقاقيف كت) ٦٤١٢ رقم ٢٢٩/ ١١(أخرجه البخاري يف صحيحه ) 2(

.يف الرقاق وأن ال عيش إال عيش اآلخرةباب ومـن ، يف كتاب التفسري) ٣٣٥٨ رقم ٤٤٨/ ٥(حديث صحيح أخرجه الترمذي ) 3(

).٧٣٦٤ رقم ٣٦٥ - ٢٦٤/ ١٦(وابن حبان يف صحيحه ، سورة التكاثر .٨اآلية : سورة التكاثر) 4(يف ، )٣٥١٤ رقـم ٥٣٤/ ٥(والترمـذي ، )٢٠٩/ ١(أخرجه اإلمام أمحد يف املسند ) 5(

وله طريـق ، ويف سنده يزيد بن أيب زياد الكويف وهو ضعيف ، كتاب الدعوات باب منه وأخرجـه احلـاكم يف ، ويف سنده رجـل جمهـول ) ٢٠٦/ ١(أخرى عند اإلمام أمحد

أن الـنيب ، عن ابن عباس، عن عكرمة، من طريق هالل بن خباب، )٥٢٩/ ١(املستدرك وصححه احلاكم على شرط البخـاري ووافقـه ، »أكثر الدعاء بالعافية «: ه قال لعم

.ويشهد له احلديث اآليت، الذهيب

١٢

آداب الغذاء يف اإلسالمويف املسند أيضا من حديث أيب بكر الصديق رضي اهللا عنه

فما ، افاةسلو اهللا اليقني واملع«: يقولمسعت رسول اهللا : قال .)١(»أويت أحد بعد اليقني خريا من العافية

/ ٢(وابن ماجـه يف سـننه ، )٥، ٣/ ١(حديث صحيح أخرجه اإلمام أمحد يف املسند ) 1(

.باب الدعاء بالعفو والعافية، يف الدعاء، )٣٨٤٩ رقم ١٢٦٥

١٣

آداب الغذاء يف اإلسالم

آداب الغذاء يف اإلسالمومها مرغوب فيهما عند ، فإذا كان هذا شأن الصحة والعافية

فال غرابة أن نرى مجيع األمم ترعى ، مؤمنني وغريهم، الناس كلهم، جانب الغذاء حبكم أنه من أهم أسباب الصحة والعافية الدنيوية

حترمي كل : فمن قواعده العامة، جند اإلسالم قد عين بهوهذا ماويحل لهم : وتقدم قوله تعاىل، وإباحة كل طيب، خبيث وضار

كلوا مما في الأرض : ويقول، الطيبات ويحرم عليهم الخبائث آمنوا كلوا من طيبات ما يا أيها الذين: ويقول، )١(حلالا طيبااكمقنزر)٢( ،ويقول :ابلالا طيح الله قكمزا ركلوا ممو)٣( ، .)٤(يا أيها الرسل كلوا من الطيبات: ويقول

ويحرم عليهم : كما أنه سبحانه حرم كل خبيث وضار بقولهيا أيها الذين آمنوا : ولذلك حرم اخلمر بقوله سبحانه، ثالخبائ

إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ؛ وذلك ملا يترتب عليها من األضرار )٥(فاجتنبوه لعلكم تفلحون

!!.ث اليت تكلمت عنها وما أكثرها املدونة يف البحو

.١٦٨: اآلية، سورة البقرة) 1( .١٧٢: اآلية، سورة البقرة)2( .٨٨: اآلية، سورة املائدة) 3( ٥١: اآلية، سورة املؤمنون) 4( .٩٠: اآلية، سورة املائدة) 5(

١٤

آداب الغذاء يف اإلسالمويلحق ا املخدرات والدخان ويشملها وصف اخلبث

.ويحرم عليهم الخبائث: فتندرج حتت قوله سبحانه، والضررمبا يف ذلك ، وهكذا جند اإلسالم نظم حياة املسلمني عامة

: الغذاء حيث جعل له آدابا عديدة منها : الغذاء عبادة-١

فإن املسلم ، مبا أن األكل والشرب حمبوب للنفس ومرغوب فيهيستطيع أن جيعله عبادة يثاب عليها كما يثاب على الصالة وغريها

: وذلك بأمرين، من العباداتفأكل أو شرب وهو ينوي بأكله وشربه ، إذا صحت نيته) أ(

؛ كاجلهاد والصالة وغريها من العبادات، التقوي على طاعة اهللاوإمنا لكل امرئ ما ، إمنا األعمال بالنيات«: لعموم قوله

.)١(»نوىفيحرص على اآلداب اليت صحت ، أن يتحرى فيه السنة) ب(

وقد أخرج ، واليت نتحدث عنها يف حبثنا هذا، ا النصوص الشرعيةمسلم يف صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي اهللا عنه أن

ى عن العبد أن يأكل األكلة إن اهللا لريض«: قالرسول اهللا .)٢(»ويشرب الشربة فيحمده عليها، فيحمده عليها

يف كتاب بدء الوحي باب كيف كان بدء ، )١ رقم ٩/ ١(أخرجه البخاري يف صحيحه ) 1(

يف ، )١٥٥ رقـم ١٥١٦ -١٥١٥/ ٣(ومسلم يف صحيحه ، الوحي إىل رسول اهللا .»إمنا األعمال بالنيات«: باب قوله ، اب اإلمارةكت

بـاب ، يف كتاب الـذكر والـدعاء ) ٨٩ رقم ٢٠٩٥/ ٤(أخرجه مسلم يف صحيحه ) 2( .استحباب محد اهللا تعاىل بعد الكل والشرب

١٥

آداب الغذاء يف اإلسالم : غسل اليد-٢

من اآلداب اليت مصلحتها ظاهرة غسل اليدين قبل الطعام وبعده ولو مل يكن يف ذلك أدلة صرحية لكانت قواعد اإلسالم

وخباصة إذا كانت اليد متلوثة من جراء ، العامة تشمل هذا األدبوقد ، و غريه؛ ملا يترتب على ذلك من األضرار املعلومة طبياعمل أ

كان إذا أراد أن أن رسول اهللا : صح عن عائشة رضي اهللا عنهاوإذا أراد أن يأكل وهو ، ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصالة

.)١(جنب غسل يديهبركة الطعام «: وهذا احلديث يغين عن احلديث الضعيف

وهذا يف غسل اليدين قبل ، )٢(»عدهالوضوء قبله والوضوء ب .وأما غسل اليدين بعد الطعام فسيأيت احلديث عنه .الطعام

: االعتدال يف اجللوس- ٣ يرشد فكان ، لقد نظم اإلسالم طريقة اجللوس لألكلإين ال «: فيقول، أصحابه إىل االقتداء به يف هيئة جلوسه لألكل

.)٣(»ئال آكل وأنا متك«: ويف لفظ، »آكل متكئا

.يف كتاب الطهارة باب اجلنب يأكل، )٢٢٢ رقم ١٥١-١٥٠ / ١(أخرجه أبو داود يف سننه ) 1(باب يف غسل اليد قبـل ، يف كتاب األطعمة ، )٣٧٦١ رقم ١٣٦/ ٤ (أخرجه أبو داود ) 2(

يف كتـاب ، )١٨٤٦ رقم ٢٨٢-٢٨١/ ٤(والترمذي ، »وهو ضعيف «: وقال، الطعامال نعرف هذا احلديث إال «: وقال، باب ما جاء يف الوضوء قبل الطعام وبعده ، األطعمة

.»وقيس بن الربيع يضعف يف احلديث، من حديث قيس بن الربيعباب ، يف كتاب األطعمة ) ٥٣٩٩، ٥٣٩٨ رقم ٥٤٠/ ٩(أخرجه البخاري يف صحيحه ) 3(

.األكل متكئا

١٦

آداب الغذاء يف اإلسالموفسر باالتكاء ، )٢(وقد فسر االتكاء بالتربع: ()١(قال ابن القيم

، )٣(وفسر باالتكاء على اجلنب، على الشيء وهو االعتماد عليهاالتكاء : وهو، فنوع منها يضر باآلكل، واألنواع الثالثة من االتكاء

فإنه مينع جمرى الطعام الطبيعي عن هيئته ويعوقه عن ، على اجلنبويضغط على املعدة فال يستحكم فتحها ، نفوذه إىل املعدةسرعة فال يصل الغذاء إليها ، وأيضا فإا متيل وال تبقى منتصبة، للغذاء

وأما النوعان اآلخران فمن جلوس اجلبابرة املنايف ، بسهولة اهـ). للعبودية

، وأما اجللسة اليت ينبغي لآلكل اعتمادها فلم يرد دليل حيددها .كل اختيار أي جلسة أحب إذا اجتنب االتكاءفبإمكان اآل

وأحيانا وهو ، )٤( يأكل أحيانا وهو مقعوقد كان النيب . على ركبتيه)٥(جاث

فقد أخرج مسلم يف صحيحه عن أنس بن مالك رضي اهللا عنه .)٦( مقعيا يأكل مترارأيت النيب : قال

).٢٢١/ ٤(زاد املعاد يف هدي خري العباد البن القيم ) 1(من أن االتكـاء ) ٥٤١/ ٩(وقريب من هذا املعىن ما ذكره احلافظ ابن حجر يف الفتح ) 2(

؛ ألن اجللوس على مثل هذه ) أي صفة كان أن يتمكن من اجللوس لألكل على (فسر بـ .اهليئة مدعاة لإلكثار من األكل

انظـر املوضـع (أو يعتمد على يديه اليسرى من األرض ، وهو أن مييل على أحد شقيه ) 3( ).السابق من فتح الباري

وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه علـى ، هو أن يلصق الرجل أليتيه باألرض : اإلقعاء) 4( ).١٩٢/ ١٥(من لسان العرب . هـا. األرض

).١٣٢-١٣١/ ١٤(انظر لسان العرب ، جالس على ركبتيه: أي) 5(باب اسـتحباب مواضـع ، يف كتاب األشربة ، )١٤٨ رقم ١٦١٦/ ٣(أخرجه مسلم ) 6(

.اآلكل وصفة قعوده

١٧

آداب الغذاء يف اإلسالم

ر رضي وأخرج أبو داود وابن ماجه من حديث عبد اهللا بن بس على فجثا رسول اهللا ، شاةأهديت للنيب : اهللا عنه قال: ما هذه اجللسة ؟ فقال رسول اهللا : فقال أعرايب، ركبتيه يأكل

.)١(»إن اهللا جعلين عبدا كرميا ومل جيعلين جبارا عنيدا« أنه كان جيلس لألكل ويذكر عنه : (ويقول ابن القيمقدمه اليسرى على ظهر قدمه ويضع بطن ، متوركا على ركبتيه

واحتراما للطعام ، وأدبا بني يديه، اليمىن تواضعا لربه عز وجلفهذه اهليئة أنفع هيئات األكل وأفضلها؛ ألن األعضاء ، وللمؤاكل

مع ، كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقها اهللا سبحانه عليه إذا كانت وأجود ما اغتذى اإلنسان، ما فيها من اهليئة األدبية

وال يكون كذلك إال إذا كان ، أعضاؤه على وضعها الطبيعيوأردأ اجللسات لألكل االتكاء . اإلنسان منتصبا االنتصاب الطبيعي

على اجلنب؛ ملا تقدم من أن املريء وأعضاء االزدراء تضيق عند واملعدة ال تبقى على وضعها الطبيعي؛ ألا تنعصر مما ، هذه اهليئة

وما يلي الظهر باحلجاب الفاصل بين آالت ، األرضيلي البطن ب .الغذاء وآالت التنفس

الوسائد والوطاء الذي االعتماد على: وإن كان املراد باالتكاءإين إذا أكلت مل أقعد متكئا على : فيكون املعىن، حتت اجلالس

يف كتاب األطعمة باب ما جـاء يف ، )٣٧٧٣ رقم ١٤٣/ ٤(أخرجه أبو داود يف سننه ) 1(

يف كتـاب ) ٣٢٦٣ رقـم ١٠٩٦/ ٢(وابن ماجه يف سـننه ، أعلى الصحفة األكل من هذا إسناد ): (٧٣/ ٣(وقال البوصريي يف مصباح الزجاجة ، باب األكل متكئا ، األطعمة ).صحيح

١٨

آداب الغذاء يف اإلسالم، األوطية والوسائد كفعل اجلبابرة ومن يريد اإلكثار من الطعام

.)١() كما يأكل العبدلكين آكل بلغة : التسمية يف أول الطعام-٤

، ذكر اسم اهللا يف أول الطعام: ومن آداب الطعام يف اإلسالموتكون التسمية حاجزا بني ، فبالتسمية ترتل الربكة يف الطعام

.الشيطان وبني الطعام: ففي الصحيحني عن عمر بن أيب سلمة رضي اهللا عنهما قال

وكانت يدي تطيش يف ، اهللا كنت غالما يف حجر رسولوكل ، سم اهللا، يا غالم«: فقال يل رسول اهللا ، الصحفة .فما زالت تلك طعميت بعد، )٢(»وكل مما يليك، بيمينك

ويف صحيح مسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي اهللا عنه حىت يبدأ ، طعاما مل نضع أيديناكنا إذا حضرنا مع النيب : قال

فجاءت ، وإنا حضرنا معه مرة طعاما. ضع يده فيرسول اهللا فأخذ رسول ، فذهبت لتضع يدها يف الطعام، )٣(جارية كأا تدفع

فقال رسول ، فأخذ بيده، مث جاء أعرايب كأمنا يدفع، بيدهااهللا ، إن الشيطان يستحل الطعام أن ال يذكر اسم اهللا عليه«: اهللا

فجاء ذا ، أخذت بيدهاف، وإنه جاء ذه اجلارية ليستحل ا

).٢٢٢-٢٢١/ ٤(زاد املعاد ) 1(باب التسمية على الطعام ، يف كتاب األطعمة ، )٥٣٧٦ رقم ٥٢١/ ٩(أخرجه البخاري ) 2(

باب آداب ، يف كتاب األشربة ) ١٠٩، ١٠٨ رقم ١٥٩٩/ ٣(ومسلم ، باليمني واألكل .الطعام والشراب وأحكامهما

.إن هذه الطفلة الصغرية جاءت مسرعة إىل الطعام كأن هناك من يدفعها: أي) 3(

١٩

آداب الغذاء يف اإلسالم

إن يده ، والذي نفسي بيده، فأخذت بيده، األعرايب ليستحل به .)٢(»مث ذكر اسم اهللا وأكل«: زاد يف رواية. )١(»يف يدي مع يدها

ويف صحيح مسلم أيضا من حديث جابر بن عبد اهللا رضي اهللا إذا دخل الرجل بيته فذكر اهللا «: يقولأنه مسع رسول اهللا ، عنه ال مبيت لكم وال :)٣(د دخوله وعند طعامه قال الشيطانعن

: وإذا دخل فلم يذكر اهللا عند دخوله قال الشيطان، عشاءأدركتم املبيت : وإذا مل يذكر اهللا عند طعامه قال، أدركتم املبيت

.)٤(»والعشاءكان النيب : وأخرج الترمذي عن عائشة رضي اهللا عنها قالت

ا يف ستة من أفجاء أعرايب فأكله بلقمتني، صحابه يأكل طعام ، .)٥(»أما إنه لو مسى كفاكم«: فقال رسول اهللا

قال : وأخرج الترمذي كذلك عن عائشة رضي اهللا عنها قالتفإن ، بسم اهللا: إذا أكل أحدكم طعاما فليقل«: رسول اهللا

.)٦(»بسم اهللا يف أوله وآخره: نسي يف أوله فليقل

فيعود الضمري علـى اجلاريـة » يدمها«: ويف رواية ، إن يد الشيطان مع يد اجلارية : أي) 1(

.واألعرايب ).١٠٢ رقم ١٥٩٧/ ٣(أخرجه مسلم يف املوضع السابق ) 2( .ألعوانه: أي) 3( ).١٠٣ رقم ١٥٩٨/ ٣(أخرجه مسلم يف املوضع السابق ) 4(يف كتاب األطعمة باب ما جاء ) ١٨٥٨ رقم ٢٨٨/ ٤( أخرجهما الترمذي يف سننه )٦،5(

.»هذا حديث حسن صحيح«: مث قال، يف التسمية على الطعام

٢٠

آداب الغذاء يف اإلسالم :ني األكل والشرب باليم-٥

لقد ورد يف بعض نصوص الشرع األمر باألكل والشرب : والنهي عن األكل والشرب بالشمال ومن ذلك، باليمني

ما أخرجه مسلم يف صحيحه عن جابر بن عبد اهللا رضي اهللا ال تأكلوا بالشمال؛ فإن الشيطان «: قالعن رسول اهللا ، عنه

.»يأكل بالشمالاهللا عنهما أن رسول وأخرج مسلم أيضا عن ابن عمر رضي

وإذا شرب ، إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه«: قالاهللا .»فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، فليشرب بيمينه

وأخرج أيضا عن سلمة بن األكوع رضي اهللا عنه أن رجال ال : قال، »كل بيمينك«: بشماله فقالأكل عند رسول اهللا

فما رفعها : قال، ما منعه إال الكرب، »ال استطعت«: قال، أستطيع .)١(إىل فيه

وكل بيمينك ، سم اهللا«: لعمر بن أيب سلمةوتقدم قوله .»وكل مما يليك

باألكل والشرب باليمني ويه عن األكل ويف أمر الرسول ، والشرب بالشمال دليل على عناية اإلسالم جبانب النظافة والوقاية

بل دلت نصوص ، ذا يف األكل فقطوليس ه، وهذا ظاهر ملن تأمله ومنها -الشرع على ضرورة ختصيص اليمني لألشياء املستطابة

، ١٠٦، ١٠٥، ١٠٤ رقـم ١٥٩٩، ١٥٩٨/ ٣(حاديث الثالثة أخرجها مسلم هذه األ ) 1(

.باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، يف كتاب األشربة) ١٠٧

٢١

آداب الغذاء يف اإلسالمومن . وجتنيبها األشياء املستقبحة كاالستنجاء-األكل والشرب

-ذلك حديث سلمان الفارسي رضي اهللا عنه الذي أخرجه مسلم أن نستقبل - يعين النيب -لقد انا : أنه قال-وسبق ذكره

.احلديث، ...أو أن نستنجي باليمني، بلة لغائط أو بولالق عن النيب ، ويف الصحيحني من حديث أيب قتادة رضي اهللا عنه

وال ، وال يستنج بيمينه، إذا بال أحدكم فال يأخذن ذكره بيمينه«: قال .»يتنفس يف اإلناءوال ، ال ميسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول«: ويف رواية

.)١(»وال يتنفس يف اإلناء، ء بيمينهيتمسح من اخلالكانت يد : وأخرج أبو داود عن عائشة رضي اهللا عنها قالت

وكانت يده اليسرى خلالئه ، اليمىن لطهوره وطعامهرسول اهللا .وما كان من أذى

وأخرج أبو داود أيضا عن حفصة رضي اهللا عنها أن رسول اهللا .)٢(وجيعل مشاله ملا سوى ذلك ،كان جيعل ميينه لطعامه وشرابه وثيابه

إن كان : (ويف هذا املعىن حديث عائشة رضي اهللا عنها قالتويف ترجله إذا ، ليحب التيمن يف طهوره إذا تطهررسول اهللا

).ويف انتعاله إذا انتعل، ترجليف ، حيب التيمن يف شأنه كلهكان رسول اهللا : (ويف رواية

.)٣()وطهوره، وترجله، نعليه

باب النهي عن ، يف كتاب الوضوء ) ١٥٤، ١٥٣ رقم ٢٥٤، ١/٢٥٣(أخرجه البخاري ) 1(، ٦٣رقـم ١/٢٢٥(ومـسلم ، وباب ال ميسك ذكره بيمينه إذا بال ، االستنجاء باليمني

.باب النهي عن االستنجاء باليمني، يف كتاب الطهارة) ٦٥، ٦٤، يف الطهارة) ٣٤-٣٢ رقم ١/٣٢(هذا احلديث والذي قبله أخرجهما أبو داود يف سننه ) 2(

.باب كراهية مس الذكر باليد .يف الطهارة، باب التيمن يف الطهور وغريه) ٦٧، ٦٦ رقم ١/٢٢٦(أخرجه مسلم يف صحيحه ) 3(

٢٢

آداب الغذاء يف اإلسالم: وهي، هذه قاعدة مستمرة يف الشرع: (ال النووي رمحه اهللاق

أن ما كان من باب التكرمي والتشريف؛ كلبس الثوب والسراويل واخلف ودخول املسجد والسواك واالكتحال وتقليم األظفار وقص

ونتف اإلبط وحلق الرأس - وهو مشطه -الشارب وترجيل الشعر هارة واخلروج من اخلالء والسالم يف الصالة وغسل أعضاء الط

واألكل والشرب واملصافحة واستالم احلجر األسود وغري ذلك مما .يستحب التيامن فيه، هو يف معناه

وأما ما كان بضده كدخول اخلالء واخلروج من املسجد واالمتخاط واالستنجاء وخلع الثوب والسراويل واخلف وما أشبه

ة اليمنيوذلك كله بكرام، فيستحب التياسر يه، ذلك .اهـ.)١()وشرفها

: األكل بثالث أصابع-٦أخرج مسلم يف صححيه من حديث أنس بن مالك رضي اهللا

كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه «: عنه أن رسول اهللا .)٢(»الثالثة

كعب ويؤكده حديث، وهذا يدل على أنه يأكل بثالث أصابعكان «: بن مالك رضي اهللا عنه الذي أخرجه مسلم أيضا قال

.)٣(»رسول اهللا يأكل بثالث أصابع

).١٦٠/ ٣(شرح صحيح مسلم للنووي ) 1(ويف األشـربة بـاب ، )ت١٣٦، ١٣١ رقم ١٦٠٧، ١٦٠٥/ ٣( أخرجهما مسلم )٣،2(

.استحباب لعق األصابع

٢٣

آداب الغذاء يف اإلسالم

وهكذا ، وكان يأكل بأصابعه الثالث: (قال ابن القيم رمحه اهللافإن األكل بأصبع أو أصبعني ال يستلذ به ، أنفع ما يكون من األكل

وال تفرح آالت الطعام ، وال يشبعه إال بعد طول، وال يمريه، اآلكلكما يأخذ ، ذها على إغماضواملعدة مبا يناهلا يف أكل أكلة فتأخ

وال يسر ، أو حنو ذلك فال يلتذ بأخذه، الرجل حقه حبة أو حبتنيوالكل باخلمسة والراحة يوجب ازدحام الطعام على آالته وعلى ، به

، وتغصب اآلالت على دفعه، ورمبا انسدت اآلالت فمات، املدةكل فأنفع األ، وال جيد له لذة وال استمراء، واملعدة على احتماله

.اهـ.)١()وأكل من اقتدى به باألصابع الثالث، أكله : األكل مما يليه-٧

، واملقصود به كراهة جوالن يده يف اإلناء إذا كان معه غريهأو كان الطعام ، أما إذا كان وحده فال بأس، وكان الطعام واحداألن نفوس الناس تتقذر من جوالن اليد ذه ، متنوعا فال بأس

ودليل الكراهة ، دليل الشراهة يف األكل وسوء العشرةوهو ، الصفةما تقدم من حديث عمر بن أيب سلمة رضي اهللا عنهما وهو خمرج

، كنت غالما يف حجر رسول اهللا : يف الصحيحني أنه قاليا «: فقال يل رسول اهللا ، وكانت يدي تطيش يف الصحفة

املبحث وانظر ، »وكل مما يليك، وكل بيمينك، سم اهللا، غالم .اآليت ففيه مزيد بيان

).٢٢٢/ ٤(زاد املعاد )1(

٢٤

آداب الغذاء يف اإلسالم : األكل من جانب اإلناء وترك االبتداء بالسوط-٨

، وهي نزول الربكة، وههنا حكمة مذكورة يف نفس الدليل .وهذه مسألة غيبية

، فقد أخرج أبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي اهللا عنهماإذا أكل أحدكم طعاما فال يأكل من أعلى «: قالعن النيب

.»ولكن ليأكل من أسلفها؛ فإن الربكة ترتل من أعالها، صحفةالفكلوا من حافتيه وال ، الربكة ترتل وسط الطعام«ويف رواية

.)١(»تأكلوا من وسطهكان لرسول : ويف حديث عبد اهللا بن بسر رضي اهللا عنه قال

فلما أضحوا ، الغراء حيملها أربعة رجال: قصعة يقال هلااهللا فالتفوا - يعين وقد ثرد فيها - أيت بتلك القصعة وسجدوا الضحى

ما هذه اجللسة : فقال أعرايب، فلما كثروا جثا رسول اهللا ، عليهاومل جيعلين جبارا ، إن اهللا جعلين عبدا كرميا«: ؟ فقال النيب

ودعوا ذروا ، كلوا من حواليها«: مث قال رسول اهللا ، »عنيدا .)٢(»يبارك فيها

باب مـا ، يف كتاب األطعمة ) ٣٧٧٢ رقم ١٤٣ -١٤٢/ ٤(أخرجه أبو داود يف سننه ) 1(

، يف كتاب األطعمة ) ١٨٠٥ رقم ٢٦٠/ ٤(ي والترمذ، جاء يف األكل من أعلى الصحفة .حديث حسن صحيح: وقال، باب ما جاء يف كراهية األكل من وسط الطعام

باب ما جاء يف األكـل ، يف األطعمة ) ٣٧٧٣ رقم ١٤٣/ ٤(أخرجه أبو داود يف سننه ) 2(وتقدم خترجيه يف مبحث االعتـدال يف ، وقد أخرجه ابن ماجه خمتصرا ، من أعلى الصحفة

.لوساجل

٢٥

آداب الغذاء يف اإلسالم

قد ذكر يف هذا احلديث أن النهي إمنا : (طايب رمحة اهللاقال اخلوقد حيتمل ، كان عن ذلك من أجل أن الربكة إمنا ترتل من أعالها

أن يكون النهي إمنا وقع عنه إذا أكل مع : وهو، أيضا وجها آخرفإذا قصده باألكل ، وذلك أن وجه الطعام هو أطيبه وأفضله، غريه

وفيه من ترك األدب وسوء العشرة ، هكان مستأثرا به على أصحاب .اهـ.)١()فأما إذا أكل وحده فال بأس به، ما ال خفاء به

: عدم الشبع-٩وأنه سبحانه ، تقدم أن اهللا سبحانه أباح لنا الكل من الطيبات

ويف آية أخرى قال ، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا: مع ذلك قالشأ جنات معروشات وغير معروشات وهو الذي أن: سبحانه

والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا

رفنيسالم حبي)ففي هاتني اآليتني إرشاد منه سبحانه إىل ، )٢األكل الذي به قوام اجلسد واالعتدال فيه منعا من الضرر املترتب

.مجع اهللا الطب كله يف هذه اآلية: حىت قال بعضهم، على الشبعويف الصحيحني أن عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما كان ال

فأدخل عليه نافع مواله رجال ، سكني يأكل معهيأكل حىت يؤتى مبمسعت ، ال تدخل هذا علي، يا نافع: فقال، فأكل كثريا، يأكل معه

أو -والكافر ، املسلم يأكل يف معى واحد«: يقولرسول اهللا

).٣٠٣-٥/٣٠٢(معامل السنن للخطايب ) 1( .١٤١: اآلية، سورة األنعام) 2(

٢٦

آداب الغذاء يف اإلسالم .)١(» يأكل يف سبعة أمعاء-املنافق

مسعت رسول : وعن املقدام بن معد يكرب رضي اهللا عنه قالحبسب ابن آدم ، ما مأل آدمي وعاء شرا من بطن«: يقول اهللا

وثلث ، فإن كان ال حمالة فثلث لطعامه، لقيمات يقمن صلبه .)٢(»وثلث لنفسه، لشرابه

قال : ويف الصحيحني من حديث أيب هريرة رضي اهللا عنه قالوطعام الثالثة كايف ، طعام االثنني كايف الثالثة«: رسول اهللا

.)٣(»األربعة جتشأت عند النيب : اء عن أيب جحيفة رضي اهللا عنه قالوج

إن «: فقال، خبزا وحلما: فقلت» ما أكلت يا أبا جحيفة ؟«: فقال .)٤(»أطول الناس جوعا يوم القيامة أكثرهم شبعا يف الدنيا

باب املـؤمن ، يف كتاب األطعمة ) ٥٣٩٣ رقم ٥٣٦/ ٩(أخرجه البخاري يف صحيحه ) 1(

يف كتـاب ) ١٨٣-١٨٢ رقـم ١٦٣١/ ٣(ومسلم يف صحيحه ، يأكل يف معى واحد .باب املؤمن يأكل يف معى واحد، األشربة

باب ما جاء يف كراهية كثرة ، يف كتاب الزهد ) ٢٣٨٠ رقم ٤/٥٩٠( الترمذي أخرجه) 2( .»هذا حديث حسن صحيح«: وقال، الكل

باب طعـام ، يف كتاب األطعمة ) ٥٣٩٢ رقم ٥٣٥/ ٩(أخرجه البخاري يف صحيحه ) 3(بـاب فـضيلة ، يف كتاب األشربة) ١٧٨ رقم ١٦٣٠/ ٣(وسلم ، الواحد يكفي االثنني

.طعام القليلاملواساة يف الوالطرباين يف معجمه ، ) كشف األستار -٣٦٧٠ رقم ٢٥٨/ ٤(أخرجه البزار يف مسنده ) 4(

، )٣/١٢٦(وذكر املنـذري يف الترغيـب والترهيـب ، )٣٢٧ رقم ٢٢/١٢٦(الكبري وله شـواهد ، أن أحد إسنادي البزار رجاله ثقات ) ١٠/٣٢٣(واهليثمي يف جممع الزوائد .وحكم عليها باحلسن، )٣٤٣( السلسلة الصحيحة برقم ذكرها الشيخ األلباين يف

٢٧

آداب الغذاء يف اإلسالم

صدق عليهم أم أمة ، فإذا كان املسلمون ملتزمني ذا األدب، وإذا أكلوا ال يشبعوا، جيوعواال مترض؛ ألم ال يأكلوا حىت

وتقدم يف كالم ابن القيم الذي سبق نقله يف املقدمة ذكر بعض .مضار الشبع مبا يغين عن إعادته هنا

: لعق األصابع-١٠سواء من قبل ، دلت النصوص الشرعية على سنية لعق األصابع

إذ لعل ، اآلكل نفسه أو غريه وذلك قبل غسلها أو حمسها باملنديلوقد تكون هناك حكمة ال ، وهذه أيضا مسألة غيبية، كة تكون فيهاالرب

، وقد مسعنا أن اليد تفرز إفرازات تساعد على هضم الطعام ، ندركها، فإن صح هذا فهو من اإلعجاز العلمي الذي يعىن بتتبعه بعض الباحثني

على اعتبار هذا الفعل سنة - سواء ثبت أم ال -ولكن هذا ال يؤثر . ومتأسيا بفعلها املسلم إذا كان ممتثال لقول النيب يثاب عليه

: ففي الصحيحني من حديث ابن عباس رضي اهللا عنهما قالإذا أكل أحدكم فال ميسح يده حىت يلعقها «: قال رسول اهللا

.)١(»أو يلعقها أمر ويف صحيح مسلم من حديث جابر رضي اهللا عنه أن النيب

.»إنكم ال تدرون يف أية الربكة«: وقال ،بلعق األصابع والصحفةفليمط ما ، إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها«: ويف رواية

وال ميسح يده ، كان ا من أذى وليأكلها وال يدعها للشيطان

/ ٣(ومـسلم ، يف األطعمة باب لعق األصابع ، )٥٤٥٦ رقم ٩/٥٧٧(أخرجه البخاري ) 1( .باب استحباب لعق األصابع والقصعة، يف األشربة، )١٣٠، ١٢٩ رقم ١٦٠٥

٢٨

آداب الغذاء يف اإلسالم .)١(»باملنديل حىت يلعق أصابعه فإنه ال يدري يف أي طعامه الربكة

فيما رواه-وتقدم يف مبحث الكل بثالث أصابع قول أنس كان إذا أكل طعاما يلعق أصابعه « : إن رسول اهللا -مسلم .»الثالث

وقد جاء احلث على لعقها أيضا من حديث كعب بن مالك .)٢(وأيب هريرة رضي اهللا عنهما

: احلمد يف آخر الطعام-١١أن مسلما أخرج يف صحيحه من »الغذاء عبادة«تقدم يف مبحث

إن اهللا لريضى عن «: قالاهللا حديث أنس رضي اهللا عنه أن رسول ويشرب الشربة فيحمده ، العبد أن يأكل األكلة فيحمده عليها

.وقد وردت عدة صيغ للحمد يف آخر الطعام، »عليهافأخرج البخاري يف صحيحه عن أيب أمامة الباهلي رضي اهللا

احلمد هللا كثريا طيبا «: كان إذا رفع مائدته قالعنه أن النيب .»وال مستغين عنه ربنا، غري مكفي وال مودع، يهمباركا ف

.»غري مكفي وال مكفور، احلمد هللا الذي كفانا وأروانا«: ويف روايةغري مكفي وال مودع وال ، لك احلمد ربنا«: و يف رواية

.)٣(»مستغين ربنا

).١٣٧ - ١٣١(أخرجها مسلم يف املوضع السابق رقم ) 1( ).١٣٧-١٣١( املوضع السابق رقم أخرجها مسلم يف) 2(باب ، يف كتاب األطعمة ) ٥٤٥٩، ٥٤٥٨ رقم ٩/٥٨٠( أخرجه البخاري يف صحيحه ) 3(

.ما يقول إذا فرغ من طعامه

٢٩

آداب الغذاء يف اإلسالموال ، غري مكفي: (وقال اخلطايب، هو املقلوب: واملكفي قيل

، أن اهللا سبحانه هو املطعم والكايف: همعنا، وال مستغين عنه، مودعهو يطعم ولا و: قال اهللا تعاىل، وهو غري مطعم وال مكفى

مطعي)ع«: وقوله، )١أي غري متروك الطلب إليه ، »وال مودما : أي)٢(ما ودعك ربك: ومنه قوله تعاىل، والرغبة فيما عنده

ال نكفر » وال مكفور«: املستغىن عنه: ومعىن املتروك، تركك .)٣()نعمتك علينا ذا الطعام

: فعلى هذا التفسري الثاين حيتاج أن يكون قوله: ()٤(قال ابن األثري .ربنا غري مكفي وال مودع وال مستغين عنه: أي، مرفوعا» ربنا«

، منصوبا على النداء املضاف» ربنا«وعلى التفسري األول يكون .يا ربنا: وحرف النداء حمذوف أي

محدا : كأنه قال، وجيوز أن يكون الكالم راجعا إىل احلمدعن : أي، كثريا مباركا فيه غري مكفي وال مودع وال مستغين عنه

اهـ). منصوبا أيضا كما سبق» ربنا«ويكون ، احلمد، وأخرج أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك رضي اهللا عنه

احلمد هللا الذي : من أكل طعاما مث قال«: قالهللا أن رسول اغفر له ما ، أطعمين هذا الطعام ورزقنيه من غري حول مين وال قوة

.)٥(»تقدم من ذنبه

.١٤: اآلية، سورة األنعام) 1( .٣: اآلية، سورة الضحى) 2( ).٣٠٨-٣٠٧/ ٤(جامع األصول البن األثري ) 3( ).٣٠٨-٣٠٧/ ٤(جامع األصول البن األثري ) 4(والترمـذي ، بـاب منـه ، يف كتاب اللباس ، )٤٠٢٣ رقم ٣١٠/ ٤(أخرجه أبو داود ) 5(

هـذا : (مث قال ، باب ما يقول إذا فرغ من الطعام ، يف الدعوات ) ٣٤٥٨ رقم ٥/٥٠٨( ).حديث حسن غريب

٣٠

آداب الغذاء يف اإلسالمكان : وأخرجا أيضا عن أيب سعيد اخلدري رضي اهللا عنه قال

احلمد هللا الذي أطعمنا «: إذا فرغ من طعامه قالرسول اهللا .)١(»نيوسقانا وجعلنا مسلم

كان رسول اهللا : وأخرج أبو داود عن أيب أيوب األنصاري قالاحلمد هللا الذي أطعم وسقى وسوغه «: إذا أكل أو شرب قال

.)٢(»وجعل له خمرجا : الدعاء لصاحب الطعام-١٢

إكرام : من مكارم األخالق اليت كانت عند العرب قبل اإلسالمويف ، حلميد وحث عليهمث جاء اإلسالم فأقر هذا اخللق ا، الضيف

املقابل ومن باب اإلثابة على املعروف وتقديره جاءت بعض .النصوص اليت ترشد إىل ما ينبغي للطعام فعله إذا طعم عند أحد

ففي صحيح مسلم من حديث عبد اهللا بن بسر رضي اهللا فقربنا إليه طعاما : قال، على أيبنزل رسول اهللا «: عنهما قال

فكان يأكله ويلقي النوى بني ، منها مث أيت بتمر فأكل )٣(ووطبة مث ناوله ، مث أيت بشراب فشربه، وجيمع السبابة والوسطى، إصبعيه

، ادع اهللا لنا-)٤( وأخذ بلجام دابته-فقال أيب : قال، الذي عن ميينه

، باب ما يقول الرجل إذا طعـم ، يف األطعمة ) ٣٨٥٠ رقم ١٨٧/ ٤(أخرجه أبو داود ) 1( .باب ما يقول إذا فرغ من الطعام، يف الدعوات) ٣٤٥٧ رقم ٥٠٨/ ٥(والترمذي

وصحح النووي سنده يف األذكـار ، )٣٨٥١(أخرجه أبو داود يف املوضع السابق برقم ) 2( ).٢٠٢ص (

).٣٩٨/ ٧(احليس، وهو متر خيلط باألقط املدقوق والسمن، انظر جامع األصول : الوطبة) 3( .أي جلام دابة النيب ) 4(

٣١

آداب الغذاء يف اإلسالم

.)١(»اللهم بارك هلم يف ما رزقتهم واغفر هلم وارمحهم: فقال أن النيب ، س رضي اهللا عنه ويف سنن أيب داود من حديث أن

مث قال النيب ، )٣(فأكل، خببز وزيت)٢(جاء إىل سعد بن عبادة فجاء :»وصلت ، وأكل طعامكم األبرار، أفطر عندكم الصائمون

.)٤(»عليكم املالئكة : غسل اليد والفم بعد الطعام-١٣

وذكرت هناك أنه لو ، تقدم الكالم عن غسل اليد قبل الطعام ، اك أدلة صرحية يف مشروعية غسل اليد قبل الطعاممل يكن هن

وخباصة إذا ، لكانت قواعد اإلسالم العامة تشمل ذلك األدب .ملا يترتب على ذلك من األضرار، كانت اليد متلوثة

علمنا أن اإلسالم حيث وتأكد هذا إذا، ويقال هنا ما قيل هناك، لوضوءعلى النظافة كما يظهر ملن تأمل كثريا من األحكام كا

.وغري ذلك كثري، والسواك، وغسل اجلمعة، والغسل من اجلنابةومع ذلك فقد ورد حديث صحيح يف احلث على غسل اليد

وهو ما أخرجه أبو داود يف سننه والترمذي ، بعد الفراغ من األكلعن النيب ، وابن ماجه وغريهم من حديث أيب هريرة رضي اهللا عنه

باب اسـتحباب وضـع ، يف األشربة ) ١٤٦ رقم ١٦١٦ - ١٦١٥/ ٣(أخرجه مسلم ) 1(

.النوى خارج التمر .سعد بن عبادة: أي) 2( .النيب : أي) 3(باب ما جاء يف الـدعاء لـرب ، يف األطعمة ، )٣٨٥٤ رقم ١٨٩/ ٤(أخرجه أبو داود ) 4(

.)٢٠٣: ص(وصحح النووي سنده يف األذكار ، الطعام إذا أكل عنده

٣٢

آداب الغذاء يف اإلسالميده ريح غمر فلم يغسل يده إذا نام أحدكم ويف«: أنه قال

.)١(»فأصابه شيء فال يلومن إال نفسهففي ، )٢(ريح اللحم وزهومته: - بفتح الغني وامليم -الغمر

وخباصة إذا ، احلديث داللة على ضرورة غسل اليد بعد الطعام .كانت له دسامة

ويؤيده ما جاء يف الصحيحني من حديث ابن عباس رضي اهللا إن له «: مث دعا مباء فتمضمض وقال، شرب لبنا أن النيب، عنهما .)٣(»دمسا

: وهنك بعض اآلداب اليت تتعلق بالشرب وهي : النهي عن الشرب قائما-١

ملا رواه مسلم يف صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي اهللا .)٤(قائما ى عن اشربأن النيب ، عنه

رضي اهللا ورواه مسلم أيضا من حديث أيب سعيد اخلدري .)٥(عنه

، باب غسل اليد من الطعام، يف كتاب األطعمة) ٣٨٥٢ رقم ١٨٨/ ٤(أخرجه أبو داود ) 1(

باب ما جاء يف كراهية البيتوتة ويف يده ، يف األطعمة ) ١٨٦٠ رقم ٢٨٩/ ٤(والترمذي باب من بات ويف يده ريح ، يف األطعمة ) ٣٢٩٧ رقم ١٠٩٦/ ٢(وابن ماجه ، ريح غمر

).هذا حديث حسن غريب: (ذيوقال الترم، واللفظ له، غمر ).٤٠٣/ ٧(جامع األصول ) 2(باب هل ميـضمض مـن ، يف كتاب الوضوء ، )٢١١ رقم ٣١٣/ ١(أخرجه البخاري ) 3(

.يف كتاب احليض باب نسخ الوضوء مما مست النار) ٩٥ رقم ٢٧٤/ ١(ومسلم ، اللنب، شربةيف كتاب األ ) ١١٣، ١١٢ رقم ١٦٠١، ١٦٠٠/ ٣(أخرجه مسلم يف صحيحه ) 4(

.باب كراهية الشرب قائما ).١١٥، ١١٤(املصدر السابق برقم ) 5(

٣٣

آداب الغذاء يف اإلسالمأنه ال : منها، وللشرب قائما آفات عديدة: (قال ابن القيم

وال يستقر يف املعدة حىت يقسمه الكبد على ، حيصل به الري التامفيخشى منه أن يربد ، ويرتل بسرعة وحدة إىل املعدة، األعضاء

، ويسرع النفوذ إىل أسفل البدن بغري تدريج، حرارا ويشوشهاوأما إذا فعله نادرا أو حلاجة مل ، يضر بالشاربوكل هذا

.اهـ. )١()يضرهوإمنا مكروه كراهة ، ومع هذا فال يعترب الشرب قائما حمرما

إال أنه شرب قائما ، ى عن الشرب قائمافمع كونه ، ترتيهليبني أن النهي ليس للتحرمي ولكن العلماء كرهوا الشرب قائما لغري

.الم ابن القيمحاجة كما سبق يف كفمنه ما أخرجه البخاري ، شرب قائماوأما الدليل على أنه

، ومسلم يف صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي اهللا عنهما .)٢()فشرب وهو قائم، من زمزمسقيت النيب : قال

وأخرج البخاري يف صحيحه عن الرتال بن سربة أنه حدث عن مث قعد يف حوائج ، الظهرعلي بن أيب طالب رضي اهللا عنه أنه صلى

الناس يف رحبة الكوفة حىت حضرت صالة العصر مث أتى مباء فشرب وذكر رأسه ورجليه مث قام فشرب فضله -وغسل وجهه ويديه

وإن النيب ، إن ناسا يكرهون الشرب قائما: مث قال، وهو قائم .)٣(صنع مثل ما صنعت

).٤/٢٢٩(زاد املعاد ) 1(ـا، ومـسلم ) ٥٦١٧ رقـم ٨١/ ١٠(أخرجه البخاري ) 2( ـاب الـشرب قائم يف األشـربة، ب

.، يف األشربة، باب يف الشرب من زمزم قائما)١٢٠، ١١٩، ١١٨، ١١٧ رقم ١٦٠١/ ٣( ).٥٦١٦، ٥٦١٥( يف املوضع السابق برقم أخرجه البخاري )3(

٣٤

آداب الغذاء يف اإلسالم : النهي عن الشرب من يف السقاء-٢

أخرجه البخاري ومسلم يف صحيحيهما من حديث وذلك ملا عن ى رسول اهللا «: أيب سعيد اخلدري رضي اهللا عنه قال

.)١(»أن يشرب من أفواهها: اختناث األسقيةوأخرج البخاري من حديث أيب هريرة وابن عباس رضي اهللا

.)٢(»ى عن الشرب من يف السقاء«: عنهم أن النيب أن : منها، ويف هذا آداب عديدة: ( هللاقال ابن القيم رمحه ا

تردد أنفاس الشارب فيه يكسبه زهومة ورائحة كريهة يعاف ، ومنها أنه رمبا غلب الداخل إىل جوفه من املاء فتضرر به، ألجلها

ومنها أن املاء ، فيؤذيه، ومنها أنه رمبا كان فيه حيوان ال يشعر بهومنها ، شرب فتلج جوفهرمبا كان فيه قذاة أو غريها ال يراها عند ال

فيضيق عن أخذ حظه من ، أن الشرب كذلك ميأل البطن من اهلواء .اهـ.)٣()املاء أو يزامحه أو يؤذيه ولغري ذلك من احلكم

: النهي عن النفخ يف الشراب أو التنفس يف اإلناء-٣ وذلك ملا رواه البخاري ومسلم يف صحيحيهما من حديث أيب

إذا شرب أحدكم «: قال رسول اهللا : قتادة رضي اهللا عنه قال .»فال يتنفس يف اإلناء

، باب اختناث األسـقية ، يف األشربة ) ٥٦٢٦، ٥٦٢٥ رقم ٨٩/ ١٠(أخرجه البخاري ) 1(

يف األشـربة بـاب آداب الطعـام والـشراب ) ١١١، ١١٠ رقم ١٦٠٠/ ٣(ومسلم .وأحكامهما

بـاب ، يف األشـربة ) ٥٦٢٩، ٥٦٢٨ رقم ٩/ ١٠((أخرجهما البخاري يف صحيحه ) 2( .لشرب من السقاءا

).٢٣٤-٤/٢٣٣(زاد املعاد ) 3(

٣٥

آداب الغذاء يف اإلسالم

.)١( ى أن يتنفس يف اإلناءإن النيب : ويف روايةوأخرج أبو داود والترمذي من حديث ابن عباس رضي اهللا

.)٢( ى أن يتنفس يف اإلناء أو ينفخ فيهأن النيب ، عنهما، عنهوأخرج الترمذي من حديث أيب سعيد اخلدري رضي اهللا

القذاة أراها يف : فقال رجل، ى عن النفخ يف الشربأن النيب : فإين ال أروى من نفس واحد ؟ قال: قال، أهرقها: اإلناء؟ قال

.)٣(فأبن القدح عن فيكاإلرشاد إىل ما ينبغي : فيها من الفوائدفمحاورة هذا الرجل للنيب

.تنفس يف اإلناءأو ال، فعله إذا دعا الداعي إىل النفخ يف الشرابفلريق من الشراب ، فإذا وقع يف الشراب ما يتأذى منه الشارب

فإن اضطر للتنفس فليبعد القدح عن فمه ، ما خيرج به ذلك األذى .وليتنفس خارج اإلناء . يفعل ذلكوقد كان النيب

ففي الصحيحني من حديث أنس رضي اهللا عنه أن النيب .كان يتنفس يف اإلناء ثالثا

، باب النهي عن التنفس يف اإلنـاء ، يف األشربة ) ٥٦٣٠ رقم ١٠/٩٢(أخرجه البخاري ) 1(

.باب كراهة التنفس يف اإلناء، يف األشربة) ١٢١ رقم ١٦٠٢/ ٣(ومسلم ـ ، يف األشربة ) ٣٧٢٨ رقم ١١٥ - ١١٤/ ٤(أخرجه أبو داود ) 2( شراب باب النفخ يف ال

بـاب مـا جـاء يف ، يف األشربة) ١٨٨٨ رقم ٣٠٤/ ٤(والترمذي ، والتنفس يف اإلناء .هذا حديث حسن صحيح: وقال، كراهية النفخ يف الشراب

.هذا حديث حسن صحيح: وقال، )١٨٨٧(أخرجه الترمذي يف املوضع السابق برقم ) 3(

٣٦

آداب الغذاء يف اإلسالم ي الصحيحني من حديث أنس رضي اهللا عنه أن النيب فف

.كان يتنفس يف اإلناء ثالثا، إنه أروى«: - أي النيب -ويقول : زاد مسلم يف رواية

.)١(»وأمرأ، وأبرأأو مرض حيصل بسبب ، وأبرأ من أمل العطش، إنه أكثر ريا: أي

.)٢(»وأمرأ«: وهو معىن، وأمجل انسياغا، الشرب يف نفس واحد كان يتنفس داخل وليس املقصود يف هذه الرواية أن النيب

.وهذا سائغ يف لغة العرب، بل املقصود أنه يتنفس يف شربه، اإلناءويف ذكر مضار ، يقول ابن القيم رمحه اهللا يف نفي هذا الفهم

وأما النفخ يف الشراب فإنه : (النفخ يف الشراب والتنفس يف اإلناءائحة كريهة يعاف ألجلها وال سيما إن كان يكسبه من فم النافخ ر

وباجلملة فأنفاس النافخ ختالطه وهلذا مجع رسول اهللا ، متغري الفمبني النهي عن التنفس يف اإلناء والنفخ فيه يف احلديث الذي رواه

ى رسول : الترمذي وصححه عن ابن عباس رضي اهللا عنهما قال .هأو ينفخ في، أن يتنفس يف اإلناءاهللا

أن ، فما تصنعون مبا يف الصحيحني من حديث أنس: فإن قيلنقابله بالقبول : كان يتنفس يف اإلناء ثالثا ؟ قيلرسول اهللا

باب الـشرب ، ربةيف كتاب األش) ٥٦٣١ رقم ٩٢/ ١٠(أخرجه البخاري يف صحيحه ) 1(

بـاب ، يف األشـربة ، )١٢٣، ١٢٢ رقم ١٦٠٣-٣/١٦٠٢(ومسلم ، بنفسني أو ثالثة .واستحباب التنفس ثالثا خارج اإلناء، كراهة التنفس يف اإلناء

.كما يف حاشية صحيح مسلم يف املوضع السابق) 2(

٣٧

آداب الغذاء يف اإلسالم

وال معارضة بينه وبني األول؛ فإن معناه أنه كان يتنفس ، والتسليموهذا كما جاء يف ، وذكر اإلناء ألنه آلة الشرب، يف شربه ثالثا

)١( مات يف الثديإبراهيم ابن رسول اهللا أن : احلديث الصحيح .اهـ. )٢()يف مدة الرضاع: أي

بيان الص رمحته ، يف كتاب الفضائل ) ٦٣ رقم ١٨٠٨/ ٤(أخرجه مسلم يف صحيحه ) 1(

.والعيال وتواضعه وفضل ذلك ).٢٣٦-٤/٢٣٥(زاد املعاد ) 2(

٣٨

آداب الغذاء يف اإلسالم

اخلامتةووضوح ، هذا ويف ختام هذا البحث جند أنه ظهر لنا جبالء

تنظيم اإلسالم للغذاء يف حياة املسلمني من خالل هذه اآلداب اليت روعي فيها أن تكون حياة املؤمن مجيعها عبادة هللا تعاىل استجابة

. )١(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون: ه سبحانهلقول، والتذكري بنعمة اهللا على عباده فيمنعهم ذلك من األشر والبطر

والوقاية من األمراض ، والصحة، وعناية اإلسالم جبانب النظافة، واالقتصاد، وآداب الصحبة وحسن املعاشرة واإليثار، ومسببااوأشياء كثرية من ... ن إىل الناس واملكافأة على ذلك واإلحسا

حماسن هذا الدين الذي نظم مجيع نواحي احلياة تنظيما ال جنده يف ألن اهللا سبحانه اختاره ليكون وما ذاك إال، دين من األديان سواه

. )٢(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منهخامت األديان .واهللا أعلم وصلى اهللا وسلم على نبينا حممد

.٥٦: اآلية، سورة الذاريات) 1( .٨٥: اآلية، سورة آل عمران) 2(

٣٩

آداب الغذاء يف اإلسالم

املراجعترتيب علي بن بلبـان ، اإلحسان يف ترتيب صحيح ابن حبان -١

مؤسـسة ، حتقيق شعيب األرناؤوط ، )هـ٧٣٩ت (الفارسي . هـ١٤١٢سنة ، بريوت، الرسالة

حتقيق ، أليب زكريا حميي الدين حيىي بن شرف النووي ، األذكار -٢ .هـ١٣٩١مطبعة املالح بدمشق سنة ، األرناؤوطعبد القادر

حممد ناصر الدين ، إرواء الغليل يف ختريج أحاديث منار السبيل -٣ـ ١٣٩٩الطبعة األوىل سنة ، األلباين ، املكتب اإلسـالمي ، ه .بريوت

ت (لعبد العظيم بن عبد القوي املنـذري ، الترغيب والترهيب -٤ .مصورة مكتبة اإلرشاد) هـ٦٥٦

البن األثري املبارك بن ، األصول يف أحاديث الرسول جامع -٥ـ ٦٠٦ت (حممد نـشر ، حتقيق عبد القادر األرنـاؤوط ) ه

. هـ١٣٩٢ومطبعة املالح سنة ، ودار البيان، مكتبة احللواينت (البن القيم حممد بن أيب بكر ، زاد املعاد يف هدي خري العباد -٦

ـ ٧٥١ ، در األرناؤوط حتقيق شعيب األرناؤوط وعبد القا ) ه . هـ١٤٠٦بريوت سنة ، مؤسسة الرسالة ومكتبة املنار

.مصباح الزجاجة، زوائد سنن ابن ماجه-٧

٤٠

آداب الغذاء يف اإلسالم، حملمد ناصـر الـدين األلبـاين ، سلسلة األحاديث الصحيحة -٨

.بريوت، املكتب اإلسالميت (ابـن ماجـه ، حملمد بن يزيد القـزويين ، سنن ابن ماجه -٩

مكتبة عيسى البـايب ، بد الباقي حتقيق حممد فؤاد ع ) هـ٢٧٥ .مصر، احلليب

أليب عيسى حممد بن عيـسى بـن سـورة : سنن الترمذي -١٠حتقيق أمحد حممد شاكر وحممد فؤاد ، )هـ٢٧٩ت (الترمذي

ـ ١٣٩٨الطبعة الثانية سنة ، عبد الباقي وإبراهيم عطوة ، هـ .مصر، مكتبة مصطفى احلليب

ن األشعث السجـستاين أليب داود سليمان ب ، سنن أيب داود -١١الطبعة األوىل سنة ، حتقيق عزت عبيد الدعاس ، )هـ٢٧٥ت (

.هـ١٣٨٨ت (لـيحىي بـن شـرف النـووي ، شرح صحيح مسلم -١٢

.املكتبة املصرية، )هـ٦٧٦أليب عبد اهللا حممد بن إمساعيل البخـاري ، صحيح البخاري -١٣

ـ ٢٥٦ت ( ، مع شرح فتح الباري البن حجر العسقالين ، ) ه .عة األوىل باملطبعة السلفيةالطب

ت (أليب احلسني مسلم بن احلجاج القشريي ، صحيح مسلم -١٤الطبعة األوىل سـنة ، حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي ، )هـ٢٦١

.مصر، مطبعة احلليب، هـ١٣٧٤

٤١

آداب الغذاء يف اإلسالم

.اإلحسان، صحيح ابن حبان-١٥، حملمـد الـسفاريين ، غذاء األلباب لشرح منظومة اآلداب -١٦

.ض احلديثة الرياضمكتبة الرياألمحد بن علي بن حجر ، فتح الباري شرح صحيح البخاري -١٧

الطبعـة ، صحيح البخـاري : ومعه) هـ٨٥٢ت (العسقالين .األوىل باملطبعة السلفية

لعلي بن أيب بكر اهليثمـي ، كشف األستار عن زوائد البزار -١٨الطبعة األوىل ، حتقيق حبيب الرمحن األعظمي ) هـ٨٠٧ت (

.بريوت، مؤسسة الرسالة، هـ١٣٩٩سنة دار ، )هـ٧١١ت (حملمد بن مكرم بن منظور ، لسان العرب -١٩

.بريوت، صادرت (لعلي بن أيب بكر اهليثمـي ، جممع الزوائد ومنبع الفوائد -٢٠

ـ ٨٠٧ دار ، م١٩٦٧سـنة مصورة عن الطبعة الثانيـة ، ) ه .بريوت، الكتاب

هللا حممد بن عبـد اهللا أليب عبد ا ، املستدرك على الصحيحني -٢١ـ ٤٠٥ت (احلاكم دار ، ومعه تلخيص املستدرك للذهيب ، ) ه

.هـ١٣٩٨سنة ، بريوت، الفكرت (أليب عبد اهللا أمحـد بـن حممـد بـن حنبـل ، املسند -٢٢

.تصوير املكتب اإلسالمي ودار صادر بريوت، )هـ٢٤١ .كشف األستار، مسند البزار-٢٣

٤٢

آداب الغذاء يف اإلسالمألمحد بـن أيب بكـر ، ماجه مصباح الزجاجة يف زوائد ابن -٢٤

، حتقيق موسى علي وعزت عطيـة ، )هـ٨٤٠ت (البوصريي .دار الكتب احلديثة مبصر

: حتقيق، )هـ٣٨٨ت (حلمد بن حممد اخلطايب ، معامل السنن -٢٥، تصوير دار املعرفـة ، وحممد حامد الفقي ، أمحد حممد شاكر

.بريوتروايـة ، )هـ١٧٩ت (أليب عبد اهللا مالك بن أنس ، املوطأ -٢٦

، دار إحياء الكتب ، حممد فؤاد عبد الباقي : حتقيق، حيىي بن حيىي .بريوت

٤٣

آداب الغذاء يف اإلسالم

الفهرس ٥.....................................................املقدمة

١١...............................................الصحة نعمة ١٣.....................................آداب الغذاء يف اإلسالم

١٤........................................: الغذاء عبادة-١ ١٥..........................................: غسل اليد-٢ ١٥................................: االعتدال يف اجللوس- ٣ ١٨..............................: التسمية يف أول الطعام-٤ ٢٠.............................: األكل والشرب باليمني-٥ ٢٢................................: األكل بثالث أصابع-٦ ٢٣......................................: األكل مما يليه-٧ ٢٤.........:وترك االبتداء بالسوط األكل من جانب اإلناء -٨ ٢٥.........................................: عدم الشبع-٩

٢٧......................................: لعق األصابع-١٠ ٢٨..............................: احلمد يف آخر الطعام-١١ ٣٠............................: الدعاء لصاحب الطعام-١٢ ٣١........................: غسل اليد والفم بعد الطعام-١٣

٣٢.............:وهنك بعض اآلداب اليت تتعلق بالشرب وهي ٣٢.............................: النهي عن الشرب قائما-١ ٣٤......................: النهي عن الشرب من يف السقاء-٢

٤٤

آداب الغذاء يف اإلسالم ٣٤........: النهي عن النفخ يف الشراب أو التنفس يف اإلناء-٣

٣٨.....................................................اخلامتة ٣٩....................................................املراجع ٤٣...................................................الفهرس