إصلاح النظام الجنائي في سورية

س���������������������ات درا������م������رح������ل������ة الن����ت����ق����ال����ي����ة النظامح ا إصلجنائي في ا سوريةاد: إعد مهند الحسني نائل جرجس مراجعة: عمار قحف تحرير:ة المنجد أسام

Upload: strescom-centre

Post on 12-Feb-2016

225 views

Category:

Documents


4 download

DESCRIPTION

يعالج هذا البحث أهم عيوب السياسة الجنائية المتبعة في سورية منذ وصول حزب البعث إلى السلطة بعد انقلاب عام 1963. ويمهّد إلى إصلاح جنائي جذري على ضوء الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها سورية.

TRANSCRIPT

Page 1: إصلاح النظام الجنائي في سورية

دراس���������������������ات ال������م������رح������ل������ة االن����ت����ق����ال����ي����ة

إصالح النظام الجنائي في

سورية

إعداد: مهند الحسني

نائل جرجسمراجعة:

عمار قحفتحرير:

أسامة المنجد

Page 2: إصلاح النظام الجنائي في سورية

Strategic Research & Communication Centre90 Hatton Garden, Holborn, London EC1N 8PN, United Kingdom

www.strescom.org :الموقع اإللكتروني[email protected] :البريد اإللكتروني

الهاتف: 442030868989+

جميع الحقوق محفوظة لمركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 2012 ©

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية

تم تأسيس مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية في عام 2010 ويقدم دراسات وأبحاث تتمتع بمهنية عالية باإلضافة إل���ى الخدمات اإلعامية لكل من وس���ائل اإلع���ام الغربية والعربية، الدوائر الحكومية، المؤسس���ات األكاديمية ومراكز األبح���اث، وذل���ك من خال خدمة األخبار اآلنية ومنش���وراتنا من الدراس���ات واألبحاث، باإلضافة إل���ى التحليل والتعليق على أهم األخبار والمواضيع الراهنة. وقد أصدر المركز مجموعة دراس���ات علمية للكش���ف عن أهم التحديات السياسية

واالجتماعية واالقتصادية في سورية – الفقر، البطالة، االضطهاد السياسي واالجتماعي.

إن معظ���م الدراس���ات الجيدة التي قدمت حول س���ورية تمت في الغ���رب، وبالرغم من قيمته���ا العالية وأهميتها في فهم المنطقة، وبالرغم من النقص الذي تعانيه منطقة الش���رق األوس���ط في أبحاث السياسة والمجتمع، إال أنه يجب عل���ى الباحثين المحليين المس���اهمة ف���ي ردم ثغرة المعلومات تلك. إن الفهم العمي���ق لقضايا المنطقة يمكن بلوغه عندم���ا تت���م المزاوج���ة بين فكر ومناهج البحث الغربية مع المعرفة المس���تقاة من أرض الواق���ع والمعلومات التي يتم جمعها ميدانيا، لذا فإن مركز التواصل واألبحاث االس���تراتيجية ينخرط مع باحثين وأكاديميين سوريين وغربيين للوصول إلى هذه النتيجة. إن البيانات السياس���ية واالقتصادية واالجتماعية باإلضافة إلى الدراس���ات االس���تراتيجية، س���تكون متوفرة لصناع القرار والمراسلين والصحفيين واألكاديميين المهتمين بالقضايا السورية، كما أن باحثي مركز التواصل واألبحاث االس���تراتيجية س���يقومون أيضا بتحليل ودراس���ة ه���ذه البيانات وإصدار تقارير وأبحاث ف���ي القضايا المحلية، وسيتم عرض هذه الدراسات على العامة باإلضافة إلى صناع القرار وكل من المؤثرين والمتأثرين بها. إن دراسات مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية ستعمل على الوصول إلى فهم أعمق وأفضل للنسيج االجتماعي واالقتصادي في س���ورية في محاولة لرفع الوعي حول كل ما يؤثر على حياة الجميع في س���ورية، إن هدفنا هو الس���عي للوصول إلى

مجتمع أكثر اطاعا، والتأثير على صناع القرار عن طريق وضع هذه المعلومات في متناول وسائل اإلعام المختلفة.

دراسات المرحلة االنتقاليةف���ي ض���وء المتغيرات والتحديات الراهنة في س���ورية، أطلق المركز برنامج دراس���ات وبحوث المرحلة االنتقالية لنش���ر مقترحات وتوصيات الخبراء والمتخصصين والباحثين ذوي الصلة المباش���رة مع المجتمع الس���وري وتقديمها لصانعي القرار المعنيين برس���م السياس���ات العامة في مختلف القطاعات االجتماعية واالقتصادية والسياسية. برنامج دراسات المرحلة االنتقالية سيتناول العديد من المجاالت منها التنمية االقتصادية واإلصاح القضائي والدستوري والقانوني وعملي���ة المصالح���ة الوطنية والعدالة االنتقالي���ة وإعادة هيكلة قطاع الطاقة وإصاح التعلي���م وإصاح النظام الصحي

والسياسة الخارجية.

Page 3: إصلاح النظام الجنائي في سورية

إصالح النظام الجنائي في سورية

إعداد: مهند الحسني

نائل جرجسمراجعة:

عمار قحفتحرير:

أسامة المنجد

Page 4: إصلاح النظام الجنائي في سورية

المحتويات

ملخص البحث.......................................................................................... 1

مقدمة.................................................................................................. 3

أوال: التعسف في حجز الحرية....................................................................... 6

6 ........................................ 1– حرية التعبير وتكوين الجمعيات واالنضمام إليها

8 ..................................................... 2– المحاكمة العادلة واستقاللية القضاء

13 ............................................................... ثانيا: التعذيب واإلفالت من العقاب

13 ........................................................................ 1– التعذيب في سورية

15 ................................................................ 2– ترسيخ اإلفالت من العقاب

1. تشريعات إيجابية........................................................................ 15

2. غياب التشريعات الالزمة .............................................................. 16

ثالثا: الوضع في السجون............................................................................ 17

التوصيات والنتائج..................................................................................... 21

المراجع.................................................................................................. 25

25 .................................................................................... وثائق رسمية

كتب وتقارير....................................................................................... 26

مقاالت قانونية.................................................................................. 27

Page 5: إصلاح النظام الجنائي في سورية

1 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

ملخص البحث

تعتب���ر المنظومة الجنائي���ة ذات أهمية قصوى نظرا لصلتها المباش���رة لي���س فق���ط بحق���وق المواطني���ن وحريته���م وكرامته���م وس���المتهم الجسدية والنفسية، إنما أيضا بأمن المجتمع وتقدمه وتطوره. ولذلك يتوج���ب في أية سياس���ية عقابي���ة أن تراعي كال من حق���وق المواطن ومصلح���ة المجتمع العليا ف���ي آن واحد. ومن الواض���ح بأن المنظومة الجنائية الحالية والتشريعات المعمول بها في سورية كانت قد أهملت بشكل واضح الكثير من حقوق المواطنين على حساب األمن، فلم تراع السياس���ات الجنائية الحالية في س���ورية الغاية األساسية من العقوبة

التي تتمثل في شقين أساسيين، هما اإلصالح والردع)1).

لقد كان إلضعاف مبدأ استقاللية القضاء وتعزيز حصانة األجهزة األمنية والسياسة الجنائية المنحرفة، وما رافقها من استباحة كرامة المواطنين وشعورهم بالظلم، األثر األكبر الندالع الث���ورة الس���ورية، وبالتال���ي البد م���ن اتخاذ خطوات جذري���ة على كافة األصعدة السياس���ية والتش���ريعية والعملية وخاصة اس���تئصال النص���وص القانونية المنتهك���ة للحريات ولحقوق االنس���ان أو استصدار تشريعات مجدية في هذا المجال مع عدم إغفال أهمية تعزيز الرقابة على احترام وتطبيق نصوص القوانين ومحاسبة المنتهكين، فضال عن نشر الثقافة العقابية

الالزمة للمعنيين بهذا األمر.

إن احترام تشريعات القانون الدولي ومالءمة التشريعات والسياسات الجنائية مع االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنس���ان هو من أولويات المرحلة االنتقالية. وذلك ألن مبدأ س���مو القانون الدولي على القانون الداخلي يعتبر أحد أهم المبادئ الدولية التي لطالما اعترفت به صراحة الحكوم���ات الطرف باالتفاقي���ات الدولية أمام لجان األمم المتحدة ومنها الحكومة الس���ورية حي���ث أكدت المادة 27 م���ن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عل���ى أنه »ال يجوز لطرف في

معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر إلخفاقه في تنفيذ المعاهدة«.

يعالج هذا البحث أهم عيوب السياس���ة الجنائية المتبعة في سورية منذ وصول حزب البعث إلى الس���لطة بعد انقالب عام 1963. ويمهد إلى إصالح سياس���ي جنائي جذري على ضوء

يه���دف الش���ق الردعي إلى مكافحة اإلفالت من العق���اب، أي أن العقوبة موجودة ل���ردع من يفكر بارتكاب (1(أي���ة جريم���ة وهذا ما يوفر إج���راءات وقائية تؤدي إلى التقليص من ارتكاب الجرائم. رغم أهمية هذا الش���ق األول فإنه يعتبر غير كاف لمنع الجرائم أو تقليص عددها، وبالتالي ال يجوز أن يغفل بأي حال الشق الثاني اإلصالحي وذلك لصلته بشكل مباشر بمصلحة المجتمع العليا. فالبد من أن تساهم العقوبة في إصالح مرتكب الفعل الجرمي لكي يس���اهم بدوره، بعد إطالق س���راحه، ببناء المجتمع بدال من أن يش���كل عالة أو

خطورة عليه من خالل إعادة ارتكابه للجرائم.

المنظومة الجنائية الحالية والتشريعات المعمول بها

في سورية كانت قد أهملت بشكل واضح الكثير من حقوق المواطنين على حساب األمن

Page 6: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 2

إصالح النظام الجنائي في سورية

االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنس���ان التي صادقت عليها س���ورية والتزمت بتطبيق أحكامها. وسيؤدي هذا حتما إلى المساهمة في إعادة توجيه السياسة الجنائية السورية إلى مسارها

الصحيح. ويوصي هذا البحث الحكومة االنتقالية بتبني السياسات اآلتية:

اعتماد دستور 1950 ريثما يتم صياغة دستور وطني جديد من قبل هيئة منتخبة. –1

إلغ���اء جميع القوانين والتش���ريعات القمعي���ة والمكبلة للحريات وإلغاء جميع أش���كال –2المحاكم الشاذة واالستثنائية.

إلغ���اء مراس���يم تأس����يس إدارات المخاب���رات المختلفة والت���ي تمن���ح العاملين فيها –3صالحيات مطلقة.

وضع كافة أماكن االحتجاز والتوقيف تحت اإلشراف القضائي. –4

تعزيز احترام بنود االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان واإلقرار بسمو القانون الدولي –5على القانون الداخلي في حال التعارض.

المصادقة على جميع االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان مع البروتوكوالت الملحقة –6وقب���ول اختصاص كل من لجنة حقوق االنس���ان ولجنة مناهضة التعذيب فيما يتعلق

بتلقي الشكاوى الفردية.

الع���ودة لألصول الدس���تورية والقانوني���ة األصيلة مثل: أن المته���م بريء حتى تثبت –7إدانته وأن قرينة البراءة تبقى الصقة به إلى أن يصدر بحقه حكم نهائي.

عصرنة القوانين والتش���ريعات وإجراءات أصول المحاكمات الجزائية بما يضمن عدالة –8سريعة ومحايدة وجدية.

العم���ل على رزمة متكاملة من اإلصالحات الدس���تورية والقانونية بهدف إعادة الثقة –9بالجهاز القضائي.

العمل على تعزيز مبدأ الشفافية وذلك بإنشاء قاعدة بيانات تتضمن أسماء المعتقلين –10وتواريخ اعتقالهم والتهم الموجهة إليهم وأماكن احتجازهم ومواعيد زيارتهم.

اتخ���اذ اإلج���راءات الكفيلة من أج���ل التوعية والوقاية من الجريمة ونش���ر ثقافة حقوق –11اإلنسان والسياسة الجنائية اإلصالحية خاصة للقائمين على مختلف السجون.

التأكيد على عنصر شرعية القوانين عبر مبدأ الفصل بين السلطات وإحكام استقاللية –12السلطة التشريعية.

إنش���اء مكتب للمحاس���بة الوطنية تابع للنائب العام يأخذ على عاتقه مس���اعدة ضحايا –13الثورة السورية.

الحد من اللجوء إلى االحتجاز والعقوبات المقيدة للحريات قدر اإلمكان. –14

تعزيز دور واستقاللية مؤسسات المجتمع المدني وإشراكها في البرامج التثقيفية والرقابية. –15

Page 7: إصلاح النظام الجنائي في سورية

3 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

مقدمة

كرس���ت الحقبة الثورية، التي جاءت في أعقاب انقالب الثامن من آذار/مارس لعام 1963، أس���س الطغيان واالس���تبداد وحكم الفرد. وس���نت تش���ريعات ومراسيم وقوانين مكبلة للحريات)2) بوجه كل من تسول له نفسه مناهضة أهداف »ثورة الثامن من آذار« أو عرقلة عملية »التحول االش���تراكي«. ثم اعتمد الدستور السوري لعام 1973 الذي كان له أكبر األثر في انتقال سورية إلى مرحلة الديكتاتورية حيث جمعت السلطات

التشريعية والتنفيذية والقضائية بيد رئيس الجمهورية.

وقد أس���بل هذا التطور بظالله على مختلف نواحي الحياة في سورية ومنها السياسة الجنائية والعقابية حيث انحرف مفهوم األمان عما كان من المفترض أن يكون عليه، س���واء أكان األمان النفس���ي أو االجتماعي أو االقتصادي أو الحياتي أو المعاشي أو البيئي أو الصحي وغيرها من ضروب األمان. هذا وقد فرض العسكر مفهوم الذراع األمني الذي يتدخل بس���طوته وبطش���ه عند كل س���انحة وفي جميع مفاصل الحي���اة الخاصة للناس لحماي���ة مصالح فئوية ضيقة مما أزهق هامش الحري���ات وبالتالي جذوة األمل التي يعيش عليها الناس وأدى بالنتيجة إلى الزالزل والبراكين المجتمعية التي يدفع ثمنها السوريون دما

على يد مليشيات النظام دون وازع من ضمير أو أخالق.

إن ه���ذا الواقع األليم الذي عاش���ته س���ورية خ���الل العقود الماضية قد ألق���ى بظالله على جميع مناحي الحياة. وقد انحرفت السياسة العقابية عن أهدافها في إعادة التأهيل واالعتبار واالنخراط بالمجتمع إلى سياس���ة الحفاظ على س���لطة الحاكم وبالتالي القصاص واالنتقام

فقد صدر، في غضون س���نة واحدة من إعالن حالة الطوارئ، قانون حماية الثورة بالمرس���وم رقم 6 لعام (2(1964 والذي نص على تجريم ومعاقبة كل من يناهض أهداف الثورة ويقاوم النظام االش���تراكي بالقول أو الكتابة أو الفعل بالس���جن المؤبد وقد تصل العقوبة إلى اإلعدام في بعض الحاالت وهذا المرس���وم مازال س���اريا حتى اآلن. وبعدها أنش���ئت محكمة أمن الدولة العليا بالمرسوم رقم 47 لعام 1968 وتختص بالنظ���ر بجمي���ع القضايا التي يحيلها إليها الحاكم العرفي أو نائبه ولها س���جل مرعب في عالم العدالة على مدى نصف قرن من الزمن تقريبا. وازدادت بش���كل ملحوظ المحاكم العس���كرية ذات الصالحيات الواس���عة ف���ي محاكمة المدنيين. كما صدر قانون العقوبات االقتصادية بالمرس���وم رقم 37 تاريخ 1966/5/6 والذي كان الغ���رض من���ه التحك���م باالقتصاد وتوجيهه وتقييده. ث���م صدر قانون إحداث محاك���م األمن االقتصادي بالمرس���وم التش���ريعي رقم 46 تاريخ 1977/8/8 الذي تشكلت بموجبه محكمة استثنائية كان لها دور شائن في عالم العدالة بسورية حيث زاد ضحاياه على عشرات اآلالف استنادا إلى بعض مواد قانون العقوبات االقتصادي���ة الفضفاض���ة كالمادة 13 التي تحكم بعقوبة تصل لخمس���ة عش���ر عاما عل���ى مقاومة النظام االش���تراكي. وأخيرا صدر القانون الخاص بأمن حزب البعث العربي االش���تراكي رقم 52 لعام 1979 والذي نصت المادة 9 منه على االعتقال لمدة ال تقل عن خمس سنوات عن كل فعل يقصد منه منع حزب البعث

من ممارسة مهامه المنصوص عليها بالدستور والقانون، وباإلعدام إذا اقترن الفعل بالعنف.

فرض العسكر مفهوم الذراع األمني الذي يتدخل بسطوته وبطشه عند كل سانحة وفي جميع مفاصل الحياة الخاصة للناس لحماية مصالح فئوية

ضيقة مما أزهق هامش الحريات

Page 8: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 4

إصالح النظام الجنائي في سورية

في كثير من جوانبها السيما بالنسبة للمعتقل السياسي الذي يوصف على أنه عدو لله والوطن.

وال يمكن نكران ما للسلطة الشرطية من أهمية بما أوكل لها المجتمع من مهمة الس���هر على أمن وراحة المواط���ن، وبالتالي البد من وجود جهاز فعال ومؤهل قادر على أن يتدخل عند اللزوم لدرء مختلف أشكال اإلجرام وزرع الطمأنينة في المجتمع. كما ال يخفى على أحد أنه بمقدار ما تتجذر قيم المدنية ونهج التحضر والنضوج العام والرقي السياسي واالجتماع���ي واإلداري والقانوني والثقافي ف���ي الدولة تزداد فعالية الس���لطة الش���رطية فتصبح أكثر تنظيما وأقل تدخ���ال في حياة الناس. وبالمقاب���ل فبمقدار ما تستش���ري قيم االنع���زال والتوحش والهمجية واالستئثار واالس���تحواذ تصبح األجهزة األمنية أقل تنظيما وأكثر تشعبا ويصبح تدخلها في حي���اة الن���اس والمجتمع أكبر. إن العدل بما يتطلبه من خض���وع لمقتضيات الواجب ومقاومة

النفس لجوامح الهوى لن يتوفر إال إذا تهيأت له أجواؤه المناسبة من خالل األمن.

كما ال بد للمجتمع المتحضر من منظومة قوانين ش���رعية تس���ن من قبل هيئات تش���ريعية منتخبة يش���عر المواطن أنها تمثله فعال وتعبر عن مصالحه. إن تلك القوانين الش���رعية هي الت���ي ينصاع المواطن لها طوعا واختيارا وال يحاول االلتفاف عليها ألنها تمثل الصالح العام والعقل العام لمعظم أبناء الوطن. تلك القوانين التي يستطيع حتى المعارض لها أن يعبر عن معارضته ولكن بالطرق الديمقراطية المقررة. إن مثل تلك الهيئات التش���ريعية المنتخبة )البرلمانات(، التي تعبر عن مصالح الناس والتي تصدر قوانين شرعية من ينابيعها الطبيعية أي من الوجدان العام والعقل العام لمعظم أبناء الوطن، هي القادرة على إصالح المنظومة

القانونية والدستورية والجنائية.

إن التس���اوق م���ا بين الع���دل واألمن ومبدأ الفصل بين الس���لطات ض���روري وتالزمي وهو المدخ���ل الالزم والض���روري لإلصالح القانون���ي الجنائي وغير الجنائ���ي. فالعدل هو صمام األمان داخل المجتمع الذي يحول دون طغيان س���لطة على أخرى، كما يحول دون استش���راء الهاج���س األمني المحض. فالقاضي هو الوحي���د المخول والقادر على أن يحول دون جموح الطغيان عند الجهاز األمني وبالتالي إعادته إلى رش���ده. إن ممارس���ة الرقابة القضائية على مبدأ الفصل ما بين السلطات من خالل المحكمة الدستورية العليا من جهة وممارسة الرقابة القضائية على الهواجس األمنية من جهة أخرى أمر في غاية األهمية، ألنه يعزز األمن الذي ينع���م به المواطن ال األمن الذي يعاني منه، بما يش���يع أج���واء الحكمة والفضيلة والتعقل

وأيضا التسامح وحتى المحبة داخل نسيج المجتمع.

إن أهمي���ة وج���ود جهاز قضائ���ي قادر وعادل ومس���تقل يم���ارس رقابة حقيقي���ة على أجهزة الدول���ة األمني���ة وعل���ى دور التوقيف )الس���جون وغيرها من مراك���ز االحتجاز( يعتبر وس���يلة رئيس���ية لتعميق وتجسير الشعور باألمان النفسي واالجتماعي. فالقضاء يعمل على تقرير العقوبة المناس���بة بحق المجرم الجنائي ويعم���ل على أن تكون إصالحية وموجهة نحو إعادة تأهيل���ه واعتباره ال إيالمه والثأر منه. وفي ذات الوقت فإن القضاء يؤدي دور عيادة الوقاية

انحرفت السياسة العقابية عن أهدافها في إعادة

التأهيل واالعتبار واالنخراط بالمجتمع إلى سياسة الحفاظ

على سلطة الحاكم وبالتالي القصاص واالنتقام في كثير من جوانبها السيما بالنسبة

للمعتقل السياسي

Page 9: إصلاح النظام الجنائي في سورية

5 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

االجتماعية بالنسبة للقضايا ذات الطابع السياسي تمشيا مع ما آلت إليه الحضارة من تمدن وتطور منذ ما يقارب القرن من الزمن. إن هذا القضاء المس���تقل مرجعية ضامنة تحول دون االفتئ���ات األمني على حقوق الناس وحرياته���م وكراماتهم وهو أمر في غاية األهمية، ألن الح���رص على عدالة كاملة يش���يع األم���ن في النفوس وهو اله���دف النهائي من أي إصالح

جنائي عتيد ويبني األساس الالزم لدولة القانون والمؤسسات.

يتضمن هذا البحث اس���تعراضا تحليليا ونقديا للنظ���ام الجنائي الحالي والذي يقصد به في ه���ذه الورق���ة كال من التش���ريعات الجنائية – مثل قانون أصول المحاكم���ات الجزائية وقانون العقوبات والمحاكم الجنائية. وبالتأكيد س���تركز الدراس���ة عل���ى انتهاكات نصوص االتفاقيات الدولي���ة لحقوق اإلنس���ان وخاصة العه���د الدولي الخ���اص بالحقوق المدنية والسياس���ية)3) واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير اإلنسانية أو المهينة)4). وتتمثل أبرز هذه االنتهاكات، بالتعس���ف في حجز الحرية والتعذيب واإلفالت من العقاب وكذلك الوضع في الس���جون. وأخيرا س���تخلص الدراس���ة إل���ى اقتراح توصيات محددة قادرة على التأسيس إلصالح جنائي حقيقي قائم على احترام مبادئ حقوق اإلنسان

وتحقيق االستقرار واألمن وبالتالي النهوض بالمجتمع وتحسين أوضاعه.

يشار إليه أدناه بالعهد الدولي. (3(

صادقت سورية على هذا العهد في 21 نيسان/أبريل 1969 وعلى اتفاقية مناهضة التعذيب عام 2004. (4(

Page 10: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 6

إصالح النظام الجنائي في سورية

أوال: التعسف في حجز الحرية

يعتب���ر التخفيف من اللجوء إلى حجز الحري���ة أو الحبس أحد أهم أركان اإلصالح الجنائي، وهو م���ا أش���ارت إليه صراحة المنظم���ة الدولية لإلص���الح الجنائي من ضمن أولوياته���ا)5). وغالبا م���ا تقصر ال���دول المتقدمة هذا اإلج���راء – أي حجز الحرية – على األش���خاص الخطيرين الذي يعتق���د بأن وجودهم في المجتمع يش���كل خطورة عليه، وذلك خ���الل فترة التحقيق األولي. ف���ي الحقيقة، إن االس���تعاضة عن حجز الحري���ة بتدابير احترازية أخرى فيه���ا مصلحة مزدوجة: للمته���م الذي يمكن أن تثب���ت براءته فيما بعد وبالتالي تحفظ حقوق���ه، وأيضا للدولة التي يمك���ن أن تقتص���د من إنفاق األموال الباهظة على الس���جون أو المراكز العقابية. وقد لجأت ال���دول المتقدم���ة إلى الكثير من اإلج���راءات في هذا الصدد منها إطالق الس���راح بكفالة أو تطبيق ما يعرف بنظام األسوارة اإللكترونية لمراقبة المتهم وإلزامه باإلقامة الجبرية. وعلى الرغم من الفائدة المذكورة أعاله، فمن المالحظ أن المعمول به في س���ورية خالل العقود الماضية هو العكس تماما. ففي كثير من األحيان تقوم أجهزة األمن والش���رطة بممارس���ة االعتقال التعس���في دون تدخل الجهاز القضائي وهذا ما يش���كل خرقا واضحا لقرينة البراءة ويس���بب أضرارا جسيمة للموقوف وأس���رته ويكبد الدولة خسائر مادية باهظة. يخلص مما س���بق بأن التعسف في حجز الحرية يعود ألمرين أساسيين أولهما انتشار القوانين القامعة لحرية التعبير وللحق في تكوين الجمعيات واالنضمام إليها وثانيهما انتهاك الحق بالمحاكمة

العادلة واستقاللية القضاء.

1– حرية التعبير وتكوين الجمعيات واالنضمام إليها

تن���ص الم���ادة 19 من العهد الدولي على حق كل إنس���ان »في اعتن���اق آراء دون مضايقة«. وتنص الفقرة الثانية من نفس المادة على أن »لكل إنس���ان حق في حرية التعبير. ويش���مل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، س���واء على ش���كل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها«. وال يجوز تقييد هذا الحق، بحسب الفقرة الثالثة من نفس المادة، إال ألسباب محددة بنص القانون، وضرورة احترام حقوق اآلخرين أو سمعتهم، لحماية األمن القومي أو

النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة.

والبد من اإلشارة لما لحرية التعبير من أهمية في بناء المجتمع الديمقراطي التعددي وذلك بتوجيه النقد للس���لطات المختلفة حتى يتم تحس���ين أدائها ومحاس���بتها على أوجه التقصير

http://www.penalreform.org :انظر الرابط التالي (5(

Page 11: إصلاح النظام الجنائي في سورية

7 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

المختلف���ة ووضعه���ا تح���ت الرقابة الش���عبية المس���تمرة. وق���د أكدت الدس���اتير المختلفة المتعاقبة في س���ورية على ه���ذا الحق حيث تنص المادة 14 من دستور 1950 على أن »تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير ولكل س���وري أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وس���ائل التعبي���ر وال يؤاخذ فرد على آرائه إال إذا تج���اوز الحدود المعينة ف���ي القانون«. ف���ي حين تنص المادة 38 من الدس���تور الحالي النافذ حاليا على أن: »لكل مواطن الحق أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وس���ائل التعبير األخرى وأن يس���هم بالرقابة بما يضمن س���المة البناء الوطن���ي والقومي ويدعم النظام االش���تراكي، وتكفل

الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر وفقا للقانون«.

ومع ذلك يالحظ من خالل قراءة مواد قانون العقوبات وجود العديد من النصوص الفضفاضة والمبهمة التي لطالما استخدمت من أجل توقيف ومالحقة الناشطين الحقوقيين أو غيرهم م���ن المفكرين والمثقفين في س���ورية، وذلك انتهاك صارخ للح���ق في حرية التعبير. فمثال تقض���ي المادة 287 بالحبس على من ينش���ر »أنب���اء كاذبة أو مبالغ فيها من ش���أنها المس بهيبة الدولة أو مكانتها المالية«. كما تنص المادة 286 على عقوبات مماثلة بحق من ينقل أنب���اء يع���رف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من ش���أنها أن توهن نفس���ية األم���ة. وتقضي المادة 307 بالحب���س بح���ق كل من قام ب���� »عمل وكل كتاب���ة وكل خطاب يقصد منه���ا أو ينتج عنها إث���ارة النع���رات المذهبية أو العنصري���ة أو الحض على النزاع بين الطوائ���ف«. ولطالما بررت السلطات السورية هذا النص القانوني بما أوردته المادة 20 من العهد الدولي التي تنص في فقرتها الثانية على أنه »تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تش���كل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف«. إال أنه في الواقع، اس���تخدمت

هذه المادة لتجريم العديد من الكتاب السوريين.

أما فيما يتعلق بالحق في التجمع السلمي، فقد كفلت كل من المادتين 21 و 22 من العهد الدولي هذه الحقوق. وقد أشار دستور عام 1950 على حق االجتماع والتظاهر السلمي دون س���الح في حين أن الدس���تور النافذ حاليا ضمن بمقتضى المادة 39 حق االجتماع والتظاهر س���لميا. صحيح أن اس���تصدار المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2011 المتعلق بتنظيم حق التظاهر السلمي قد كرس وقفا النتهاك دستوري، إال أن أكثر أحكامه متعارضة مع الدستور الس���وري وكذلك مع القان���ون الدولي وخاصة فيم���ا يتعلق بمبدأ المس���اواة أمام القانون. وف���ي الحقيقة كانت الغاية من هذا المرس���وم تقنين العقاب بحق المتظاهرين الس���لميين

حيث تم الزج باآلالف منهم في السجون)6).

فيما يتعلق بإنش���اء الجمعيات والنقابات واألحزاب واالنضمام إليها، فهو أيضا من الحقوق الدولي���ة والدس���تورية، حيث تن���ص المادة 48 م���ن الدس���تور الحالي عل���ى أن: »للقطاعات الجماهيري���ة حق إقامة تنظيمات نقابية أو اجتماعي���ة أو مهنية أو جمعيات تعاونية لإلنتاج أو

نائل جرجس وبس���ام القاضي، دراس���ة، ومش���روع مرس���وم بديل حول حق التظاهر السلمي في سورية، (6(مرصد نساء سورية، أيار/مايو 2011.

يالحظ من خالل قراءة مواد قانون العقوبات وجود العديد

من النصوص الفضفاضة والمبهمة التي لطالما

استخدمت من أجل توقيف ومالحقة الناشطين الحقوقيين

أو غيرهم من المفكرين والمثقفين في سورية

Page 12: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 8

إصالح النظام الجنائي في سورية

الخدم���ات وتحدد القوانين إطار التنظيمات وعالقاتها وح���دود عملها«. وغني عن البيان آلية مش���اركة القطاعات الجماهيرية من خ���الل التنظيمات النقابية التابع���ة لمكتب النقابات في القيادة القطرية لحزب البعث. أما قانون تكوين الجمعيات واألحزاب، فقد كان دس���تور 1973 متوافقا مع الواقع عندما لم ينبس بكلمة واحدة عن األحزاب لعدم الجدوى. هذا وقد دأبت الس���لطات الس���ورية في العقود الماضية على مالحقة ومحاكمة العديد من ممارسي هذا الحق، مستندة إلى بعض أحكام قانون العقوبات وخاصة المادة 306 التي تجرم من ينشئ جمعي���ة بقصد تغيير كيان الدول���ة االقتصادي أو االجتماعي أو أوضاع المجتمع األساس���ية. كما ال يلبي قانون الجمعيات والمنظمات الخاصة رقم 93 لعام 1958 الحاجة بشأن ترخيص جمعيات كهذه وتنظيم عملها. واليوم وبعد خمس���ين سنة من الصبر وبعد دماء اآلالف من السوريين صدر المرسوم التشريعي رقم 100 لعام 2011 بخصوص األحزاب والذي اشترط على الحزب السياس���ي أن يلتزم بأحكام الدس���تور الس���الف ش���رحه وبملحقاته من القوانين القمعية التي ظلت س���ارية المفعول س���ندا للمادة 153 منه كما ورد سابقا، كما اعتبر أحزاب

الجبهة الوطنية الديمقراطية أحزابا مرخصة حكما.

ويخلص مما سبق بأن وجود النصوص التشريعية المذكورة أعاله لن يسهم أبدا في تحقيق الركن األساس���ي لإلصالح الجنائ���ي المتمثل بالتخفيف من اللجوء إل���ى حجز الحرية وهو ما يشكل عقبة أساسية تمس الضحايا بالدرجة األولى ومن ثم المجتمع بأسره، ومن هنا تأتي

أهمية تعديل هذه التشريعات أو إلغائها على النحو المبين الحقا.

2– المحاكمة العادلة واستقاللية القضاء

البد من أجل تحقيق اإلصالح الجنائي المتمثل بالتخفيف من اللجوء إلى حجز الحرية كما سبق ذك���ره، فضال عن تحقي���ق العدالة الجنائية، أن يتم احترام وتطبي���ق نصوص كل من المادتين 9 و 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياس���ية، وكلتاهما تتعلقان بضرورة

احترام شروط المحاكمة العادلة واستقاللية القضاء، كما يلي في نص المادة 9:

لكل فرد حق في الحرية وفى األمان على ش���خصه. وال يجوز توقيف أحد أو اعتقاله .1تعسفا. وال يجوز حرمان أحد من حريته إال ألسباب ينص عليها القانون وطبقا لإلجراء

المقرر فيه.

يتوجب إبالغ أي ش���خص يتم توقيفه بأس���باب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب .2إبالغه سريعا بأية تهمة توجه إليه.

يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين .3المخولي���ن قانون���ا مباش���رة وظائف قضائية، ويك���ون من حقه أن يحاك���م خالل مهلة معقولة أو أن يفرج عنه. وال يجوز أن يكون احتجاز األشخاص الذين ينتظرون المحاكمة ه���و القاعدة العامة، فمن الجائز تعليق اإلفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم

Page 13: إصلاح النظام الجنائي في سورية

9 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

المحاكم���ة في أية مرحلة أخرى من مراحل اإلج���راءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند االقتضاء.

لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو االعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل .4هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر باإلفراج عنه إذا كان االعتقال غير

قانوني.

لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض. .5

أم���ا الم���ادة 14 من العهد الدولي، فتع���زز الضمانات القانونية الواردة في المادة التاس���عة وتشدد على استقاللية القضاء، حيث تنص على ما يلي:

الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية .1توج���ه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي اآلداب العامة أو النظ���ام العام أو األمن القومي في مجتم���ع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة ألطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من ش���أن العلنية في بعض الظروف االستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، إال أن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إال إذا كان األمر يتص���ل بأحداث تقتضي مصلحتهم خالف ذل���ك أو كانت الدعوى تتناول خالفات بين

زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال.

من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا. .2

ل���كل متهم بجريم���ة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المس���اواة التامة، .3بالضمانات الدنيا التالية:

1. أن يت���م إعالمه س���ريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمه���ا، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها.

2. أن يعطى من الوقت ومن التس���هيالت م���ا يكفيه إلعداد دفاعه ولالتصال بمحام يختاره بنفسه.

3. أن يحاكم دون تأخير ال مبرر له.

أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفس���ه بش���خصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن .4يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكم���ا، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذل���ك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا

على ذلك إذا كان ال يملك الوسائل الكافية لدفع هذا األجر.

أن يناقش شهود االتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على .5استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود االتهام.

Page 14: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 10

إصالح النظام الجنائي في سورية

أن يزود مجانا بترجمان إذا كان ال يفهم أو ال يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة. .6

أال يكره على الشهادة ضد نفسه أو على االعتراف بذنب. .7

في حالة األحداث، يراعى جعل اإلجراءات مناس���بة لس���نهم ومواتية لضرورة العمل .8على إعادة تأهيلهم.

لكل ش���خص أدي���ن بجريمة حق اللجوء، وفق���ا للقانون، إلى محكم���ة أعلى كيما تعيد .9النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه.

حين يكون قد صدر على ش���خص ما حكم نهائ���ي يدينه بجريمة، ثم أبطل هذا الحكم .10أو صدر عفو خاص عنه على أس���اس واقعة جديدة أو واقعة حديثة االكتش���اف تحمل الدلي���ل القاط���ع على وق���وع خطأ قضائي، يتوجب تعويض الش���خص ال���ذي أنزل به العق���اب نتيج���ة تل���ك اإلدانة، وفق���ا للقانون، ما لم يثب���ت أنه يتحمل، كلي���ا أو جزئيا،

المسؤولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب.

ال يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ .11منها بحكم نهائي وفقا للقانون ولإلجراءات الجنائية في كل بلد.

ومن خالل مراقبة أداء الس���لطات في س���ورية خالل العقود الماضية، يتبين بأنه قد تم اإلخالل بش���كل واضح بش���روط المحاكمة العادلة بل وغدت عدم اس���تقاللية السلطة القضائية، متمثلة بنقص التشريعات القانوني���ة المؤدي���ة لذل���ك وتدخل الس���لطة التنفيذي���ة بعملها، إحدى السياسات الحكومية التي أدت إلى إحكام االستبداد وتدهور األوضاع وم���ن ثم تفجرها. فقد تم بتاريخ 14 ش���باط/فبراير 1966 تعديل قانون الس���لطة القضائية بموجب المرسوم التش���ريعي رقم 24 الصادر عن مجلس الرئاس���ة والذي أش���ار ف���ي مادت���ه الثالثة إلى ت���رؤس »رئيس الجمهوري���ة ينوب عنه وزي���ر العدل« لمجلس القضاء األعلى. هذا وكرس���ت المادة 132 من الدس���تور النافذ لعام 1973 انتهاك مبدأ فصل الس���لطات وتدخل الس���لطة التنفيذية في عم���ل القضاء حيث نصت عل���ى أن »يرأس رئيس الجمهورية مجل���س القضاء األعلى«. كما أعطت المادة 67 من هذا القانون صالحيات واس���عة جدا لمجلس القضاء األعلى بما يمس بمب���دأ حصان���ة القضاة وع���دم قابليتهم للعزل. وقد أضح���ى الجهاز القضائ���ي خالل الفترة

الماضية برمته تابعا ومنفذا يصدع باألمر والتوجيه في كل ما يصدر عنه لألجهزة األمنية.

وقد أعربت اللجان المنبثقة عن االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان مرارا عن قلقها إزاء عدم اس���تقاللية القضاء واإلجراءات التعس���فية الت���ي تؤدي إلى عدم احت���رام الحق في محاكمة عادلة. حيث أش���ارت لجنة مناهضة التعذيب في مالحظاتها الختامية إلى عدم تمتع القضاة

من خالل مراقبة أداء السلطات في سورية خالل العقود

الماضية، يتبين بأنه قد تم اإلخالل بشكل واضح بشروط

المحاكمة العادلة

Page 15: إصلاح النظام الجنائي في سورية

11 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

بالحصانة وفقا ألحكام المرس���وم التش���ريعي رقم 40 الصادر في 21 أيار/مايو 1966 الذي يتيح نقلهم بأمر ال يخضع ألي شكل من أشكال المراجعة)7).

كما تميزت المرحلة الس���ابقة بالتدخل المس���تمر لما يسمى بالمحاكم االس���تثنائية والعس���كرية من أج���ل محاكم���ة المواطني���ن. وتمتاز هذه المحاكم بافتقارها ألدنى شروط المحاكمة العادلة من غياب الستقاللية القض���اء إل���ى الحد من حق���وق الدف���اع. واليوم بعد إلغ���اء محكمة أمن الدول���ة التي تمي���زت محاكماتها بالس���رعة وعدم احترام حق���وق الدفاع وح���ق الطعن واالس���تقاللية والحيادية والش���فافية، ال ت���زال المخاوف قائمة نظرا الس���تمرار محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، األمر

ال���ذي اعتبرته لجنة حقوق اإلنس���ان انتهاكا صارخا لبنود العه���د الدولي. كما أن تقديم بعض المواطنين المدنيين أمام المحاكم العسكرية يشكل خرقا لمبدأ المساواة أمام القضاء الذي نص���ت عليه الفقرة األولى من المادة 14 المذكورة أعاله. وهنا البد من التذكير بأن دس���تور عام 1950 كان قد أش���ار إلى عدم جواز محاكمة أحد أمام المحاكم العس���كرية ما لم يكن من

أفراد الجيش.

كم���ا تطبق ه���ذه المحاكم العس���كرية نص���وص قانون أص���ول المحاكمات العس���كرية الذي يفتق���ر للكثير من الضمان���ات الواردة في نص المادة 14 من العه���د الدولي أو تلك الواردة ف���ي نص���وص قانون أص���ول المحاكمات الجزائية. حي���ث تحرم المادة 71 م���ن قانون أصول المحاكمات العس���كرية المتهم الغائب من حقه بتوكيل أحد للدفاع عنه والمادة 72 تشير إلى ضمان حق الدفاع عن المتهمين بواسطة أحد الضباط الذي غالبا ما يفتقر للخلفية القانونية الالزمة لتأمين الدفاع الفعال. كما تتولى غالبا أجهزة األمن أو النيابة العس���كرية اإلحالة إلى هذه المحاكم العس���كرية، وغالبا ما يتم اس���تخدام االعترافات التي انتزعت تحت التعذيب أو غيره���ا من وس���ائل التهديد أثناء ه���ذه المحاكمات وذلك انتهاك واض���ح لنص المادة 15 من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تحظر »االستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم اإلدالء بها نتيجة للتعذيب«. كما تتمتع النيابة العس���كرية بصالحيات واس���عة وال تك���ون خصما عادال وحياديا في الدعوى كما يفترض بها. هذا وتهيمن على قرارات المحاكم العسكرية ما تفرضه أجهزة

األمن والمخابرات.

مع اإلش���ارة إل���ى أن التدخالت ف���ي عمل المحاكم العس���كرية تطال أيضا وف���ي الكثير من األحي���ان غيرها من المحاكم الجنائية غير العس���كرية التي التزال ت���زج باآلالف من المعتقلين السياسيين في السجون. هذا وقد جاء المرسوم رقم 55 ليضيف إلى المادة 17 من قانون أصول المحاكمات الجزائية فقرة قانونية بتخويل »الضابطة العدلية أو المفوضون بمهامها باس���تقصاء الجرائ���م المنصوص عليه���ا في المواد من 260 حت���ى 339 والمواد 221 و388 و392 و393 من قانون العقوبات وجمع أدلتها واالس���تماع إلى المشتبه بهم فيها على أال تتج���اوز مدة التحفظ عليهم س���بعة أي���ام قابلة للتجديد من النائب الع���ام وفقا لمعطيات كل

أنظر: لجنة مناهضة التعذيب، المالحظات الختامية، الدورة الرابعة واألربعون، 26 نيس���ان/أبريل – 14 أيار/ (7(مايو 2010، ص 6.

تميزت المرحلة السابقة بالتدخل المستمر لما يسمى بالمحاكم

االستثنائية والعسكرية من أجل محاكمة المواطنين

Page 16: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 12

إصالح النظام الجنائي في سورية

مل���ف على حدة وعلى أال تزيد هذه المدة على س���تين يوما«. ويؤخذ على هذا المرس���وم إعطاؤه صالحيات واس���عة للضابطة العدلية ومن تفوضه���م وهم في الغالب أجهزة األمن المختلف���ة، وع���دم فصله س���لطة االته���ام عن س���لطة التحقيق بما يضمن حقوق اإلنس���ان وحرياته. وتكمن خطورة هذا المرسوم من إعطاء األجهزة األمنية حق التحفظ على المتهمين لمدة قد تصل الستين يوما يكون خاللها الموقوف بمعزل عن العالم الخارجي وتحت قبضة األجه���زة األمني���ة وبالتالي معرضا النتهاك حقوقه وتأخي���ر عرضه على المحكمة في انتهاك واض���ح لبن���ود الفقرة الثالثة من الم���ادة 14 المذكورة أعاله وكذلك لن���ص الفقرة الرابعة من

المادة التاسعة من العهد الدولي المذكورة أعاله.

وقضية المحامي مهند الحس���ني – المشارك في كتابة هذا البحث – خير مثال على انتهاك نص���وص مادتي العهد الدولي 9 و14 المذكورتين أعاله، وذلك خالل محاكمته أمام محكمة الجناي���ات بدمش���ق)8). هذا وتبين المذك���رة المقدمة من المحامي مهند الحس���ني بمواجهة جهة الحق العام التي تمثلها النيابة العامة عرضا حيا ومباشرا للطريقة التي يتم فيها امتهان

الحق في محاكمة عادلة مع الداللة إلى عدم استقاللية القضاء)9).

وأخي���را يتم اللجوء إلى حجز الحرية بموجب نص���وص قانونية محلية أخرى في انتهاك واضح لبعض بنود العهد الدولي، ونذكر على سبيل المثال ما أوردته المادة 460 من قانون أصول المحاكم���ات المدنية الصادر بالمرس���وم التش���ريعي رقم 84 تاري���خ 1953/9/28، حيث يمكن بمقتض���ى أح���كام هذه المادة حبس المحكوم عليه لتأمين اس���تيفاء بع���ض الحقوق كالنفقة والمهر، وفي هذا خرق لنص المادة 11 من العهد التي ال تجيز »سجن أي إنسان لمجرد عجزه

عن الوفاء بالتزام تعاقدي«.

القضية رقم 115 لعام 2010 جلسة 2010/6/10. (8(

http://www.shro-syria.net/data/0906201002.html :انظر الرابط التالي (9(

Page 17: إصلاح النظام الجنائي في سورية

13 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

ثانيا: التعذيب واإلفالت من العقاب

1– التعذيب في سورية

إن تطبيق السياسة الجنائية اإلصالحية تتطلب المحافظة على السالمة الجسدية والنفسية للمته���م وذلك خالل كافة مراح���ل وإجراءات الدعوى والمحاكمة. حيث يعاني ضحايا التعذيب من مش���اكل نفس���ية أو جس���دية كبيرة تتطلب معالجتها إنفاق الكثير من األموال، باإلضافة إل���ى الحد من قدرة هؤالء الضحايا على االنخراط بالمجتمع والمس���اهمة بتطويره وتقدمه، بل وأثبتت التجربة إعادة تورط العديد منهم بالجرائم بعد إطالق س���راحهم. يضاف إلى هذا التزام الحكومة السورية بموجب االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان على تجنب اللجوء إلى التعذيب حيث تنص المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على عدم جواز »إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاس���ية أو غير اإلنس���انية أو

الحاطة بالكرامة«.

كما صادقت الحكومة السورية على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير اإلنسانية أو المهينة، وبذلك تعهدت باحترام مضمون هذه االتفاقية وتطبيق بنودها وهو ما لم يتم حتى تاريخه. فقد ألزمت المادة الثانية من االتفاقية المذكورة م���ن أج���ل تحقيق بنودها، أن تتخذ الحكومات الموقعة جميع التدابير الالزمة من تش���ريعية أو إدارية أو قضائية لمنع التعذيب وأكدت الفقرتان الثانية والثالثة من نفس المادة بأنه »ال يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسيا داخليا أو أية حالة من حاالت الطوارئ العامة األخرى كمبرر للتعذيب. ال يجوز التذرع باألوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب«. ه���ذا وقد أكدت لجنة مناهضة التعذيب في دورته���ا الرابعة واألربعين أثناء مراجعتها للتقرير الدوري األول المقدم من طرف الحكومة السورية عام 2010 على استمرار الحكومة السورية

بانتهاك التزاماتها بشكل دوري، وهو ما يتبين على الصعيدين التشريعي والعملي:

فمن الناحية التش���ريعية: ال تزال النصوص القانونية قاص���رة وال تعكس التزامات الحكومة السورية بمقتضى هذه االتفاقية. صحيح أن الدستور السوري ينص في مادته 28 على أنه »ال يجوز تعذيب أحد جس���ديا أو معنويا أو معاملته معاملة مهينة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك«، وهو ما أدرجته المادة 391 من قانون العقوبات الس���وري التي تحظر التعذيب وتعاق���ب مرتكبي هذه الجريمة)10)؛ إال أن هذه النصوص ال تتضمن تعريفا لجريمة التعذيب

تنص هذه المادة على ما يلي: »1 من س���ام ش���خصا ضروبا من الش���دة ال يجيزها القانون رغبة منه في (10(الحصول على إقرار عن جريمة أو على معلومات بشأنها عوقب بالحبس من ثالثة أشهر إلى ثالث سنوات.

2 وإذا أفضت أعمال العنف عليه إلى مرض أو جراح كان أدنى العقاب الحبس سنة«.

Page 18: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 14

إصالح النظام الجنائي في سورية

كم���ا أوردت���ه المادة األولى من االتفاقية. وفي هذا الص���دد، أعربت لجنة مناهضة التعذيب في توصياتها الصادرة عام 2010 على أنه »ينبغي للدولة الطرف أن تعدل تش���ريعها بحيث تعتم���د تعريف���ا للتعذيب يتفق تماما مع المادة األولى من االتفاقية ويش���مل جميع عناصر التعري���ف الوارد في هذه المادة. وت���رى اللجنة أن قيام الدول األطراف بذكر جريمة التعذيب وتعريفها وفقا ألحكام المادتين 1 و 4 من االتفاقية، وتمييزها عن الجرائم األخرى من شأنه أن يس���هم مباش���رة في المضي قدما نحو تحقيق هدف االتفاقية الش���امل المتمثل في من���ع التعذيب، وذلك بوس���ائل منها تنبيه كل فرد، بما يش���مل مرتكب���ي األفعال والضحايا والجمه���ور، إل���ى الخطورة الش���ديدة لجريم���ة التعذيب وتحس���ين األثر ال���رادع لعملية المنع ذاتها«)11). كم���ا أضاف���ت اللجنة بأن العقوبة المنصوص عليه���ا لجريمة التعذيب في قانون

العقوبات السوري غير كافية وغير متناسبة مع الطابع الجسيم لهذه األفعال)12).

م���ن الناحي���ة العملية: تنتش���ر عملي���ات التعذي���ب وغيره م���ن ضروب المعاملة أو العقوبة القاس���ية أو غير اإلنس���انية أو المهينة بكثرة في الف���روع األمنية المختلفة. ب���ل وقد تطور األمر إلى أبعد من ذلك، منذ ب���دء االحتجاجات في س���ورية، لما يمكن وصفه جريمة ضد اإلنس���انية بحس���ب المادة الس���ابعة من نظام روما األساس���ي للمحكم���ة الجنائية الدولي���ة. فتدرج هذه المادة، في فقرتها السادس���ة، التعذيب بوصفه عنصرا مكونا لهذه الجريمة »متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهج���ي موجه ضد أي���ة مجموعة من الس���كان المدنيين، وعن علم بالهج���وم«، وهو م���ا يمكن انطباقه على الوضع الراهن في س���ورية. وق���د أدت عملي���ات التعذيب هذه ف���ي الكثير من األحي���ان إلى إحداث عاهات دائمة للضحايا أو وفاتهم تحت التعذيب. ومن الجدير بالذكر بأن ح���وادث الوفاة ه���ذه نتيجة التعذيب ال تقتصر أب���دا على مرحلة ما بعد الثورة إنما كانت منتشرة قبل ذلك، األمر الذي وثقته العديد من المنظمات الحقوقية)13).

وتش���كل ظاهرة تفش���ي حاالت االختفاء القس���ري)14) في س���ورية أحد أهم أس���باب انتشار عملي���ات التعذي���ب حيث تنعدم خالل هذه الفترة جميع الضمان���ات القانونية وتبقى الضحية تحت رحمة الجالد دون أي رقيب، األمر الذي أش���ارت إليه لجنة حقوق اإلنسان في توصياتها

لجن���ة مناهضة التعذي���ب، المالحظات الختامية، الدورة الرابعة واألربعون، 26 نيس���ان/أبريل – 14 أيار/مايو (11(2010، ص 2.

المرجع السابق، ص 3. (12(

انظر تقرير الكرامة، حالة الطوارئ في س���ورية: مناخ مالئم للتعذيب، تقرير مقدم للجنة مناهضة التعذيب (13(في إطار دراسة التقرير األولي لسورية، نيسان/أبريل 2010، ص 23.

يعرف هذا المصطلح بحسب نص المادة الثانية من االتفاقية الدولية لحماية جميع األشخاص من االختفاء (14(القس���ري ب� »االعتقال أو االحتجاز أو االختطاف أو أي ش���كل من أش���كال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظف���ي الدولة، أو أش���خاص أو مجموعات من األفراد يتصرفون ب���إذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض االعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما

يحرمه من حماية القانون«. هذا ولم توقع الحكومة السورية حتى اليوم على هذه االتفاقية.

تنتشر عمليات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير

اإلنسانية أو المهينة بكثرة في الفروع األمنية المختلفة. بل

وقد تطور األمر إلى أبعد من ذلك، منذ بدء االحتجاجات في

سورية، لما يمكن وصفه جريمة ضد اإلنسانية

Page 19: إصلاح النظام الجنائي في سورية

15 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

الختامية للحكومة السورية عام 2006 )15). هذا وقد ساهم المرسوم المذكور أعاله رقم 55 بتفاقم وتقنين جريمة االختفاء القس���ري وذلك خالل فترة الش���هرين المنصوص عليها. كما يمكن أن تتجاوز مدة االختفاء القس���ري الش���هرين في الكثير من األحيان، مع اإلشارة إلى أن التعذي���ب ال يلح���ق المتهم قيد االختفاء القس���ري فقط، إنما أيضا ذوي���ه الذين يعانون من التعذيب النفس���ي لجهلهم بمصير فقيدهم. كما يمكن أن تعتبر االحتجازات الطويلة األمد

بمعزل عن العالم الخارجي أفعاال تعذيبية بحد ذاتها.

2– ترسيخ اإلفالت من العقاب

تعتبر ثقافة اإلفالت من العقاب التي تنتشر بخاصة في الدول التسلطية من أهم األسباب المؤدية إلى تردي أوضاع حقوق اإلنسان وانتشار االنتهاكات الممنهجة والجسيمة التي غالبا ما ترقى لمستوى جرائم ضد اإلنسانية. أما عن ترسيخ ثقافة اإلفالت من العقاب في سورية فيعود بش���كل رئيسي لوجود تشريعات تعطي حصانة لرجال األمن والسلطة ضد المالحقة

القضائية أو على العكس أي نقص التشريعات الالزمة لمالحقة المجرمين ومحاكمتهم.

1. تشريعات إيجابيةتنص المادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب على أن »تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى االعتقاد بأن عمال من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي من األقاليم الخاضعة لواليتها القضائية«. وتؤكد كل الم���واد 2 و 4 و 16 على ضرورة تجريم ومالحقة مرتكبي عمليات التعذيب أو المس���اهمين بها. وعلى الرغم من ذلك، فقد اس���تصدرت الس���لطات الس���ورية العديد من التش���ريعات

والمراسيم المقننة لإلفالت من العقاب.

وم���ع ذلك يضمن المرس���وم التش���ريعي رقم 14 تاري���خ 1969/1/15 الحصان���ة ألتباع أجهزة المخاب���رات وذلك على الجرائ���م المرتكبة أثناء تأديتهم الخدمة. هذا المرس���وم الذي تضمن إحداث إدارة المخابرات العامة، نص في مادته 16 على ما يلي: »يشكل في إدارة المخابرات العام���ة مجل���س لتأديب العاملين فيها أو المنتدبين أو المعاري���ن إليها. وال يجوز مالحقة أي م���ن العاملين في اإلدارة عن الجرائ���م التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليه���م أو في معرض قيامهم به���ا إال بموجب أمر مالحقة يصدر عن مدير اإلدارة«. كما جاء في المادة الرابعة من المرسوم رقم 5409 لعام 1969 والذي يبدو أنه جاء ناظما لعمل إدارة المخابرات ما يلي: »ال يجوز مالحقة أي من العاملين في إدارة المخابرات العامة أو المنتدبين أو المعارين إليها أو المتعاقدين معها مباشرة أمام القضاء في الجرائم الناشئة عن الوظيفة أو في معرض قيامه بها قبل إحالته على مجلس التأديب في اإلدارة واستصدار أمر مالحقة من قبل المدير. ويبقى استصدار أمر المالحقة واجبا حتى بعد انتهاء خدمته في اإلدارة«.

لجنة حقوق اإلنسان، المالحظات الختامية للحكومة السورية، آب/أغسطس 2005، ص 3. (15(

Page 20: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 16

إصالح النظام الجنائي في سورية

وال يخفى أن هذه المواد تقوم بحماية العاملين في إدارة المخابرات العامة من أي مساءلة قضائية عن الجرائم التي قد يرتكبونها مما يفتح الباب واسعا أمام انتهاكات جسيمة لحقوق اإلنس���ان ومخارج مفتوحة لإلفالت من العقاب بموجب مادة قانونية تضفي الحصانة على كل م���ا ق���د يعزى إليهم من جرائم. وقد عزز المرس���وم رقم 64 لعام 2008 من هذه الحصانة

عندما حظر مالحقة مرتكبي الجرائم من عناصر األمن دون موافقة رؤسائهم)16).

2. غياب التشريعات الالزمة إن ح���ق االلتم���اس ورف���ع القضية أمام هيئة مس���تقلة س���واء أكان في ح���االت التعذيب أو االعتقال التعس���في)17) هو أمر في غاية األهمية من أجل الحد من ارتكاب الجرائم ومالحقة الفاعلي���ن وبالتال���ي الحد من اإلفالت من العق���اب. ومع ذلك يالحظ غي���اب هيئات قضائية مستقلة وحيادية وكذلك آليات فعالة كفيلة بتحقيق مالحقات كهذه. كما يخشى الضحايا من اإلج���راءات االنتقامي���ة التي يمكن أن يتعرضوا لها وذويهم في حال تقديم ش���كاوى كهذه. مع اإلش���ارة هنا إلى أن الحكومة الس���ورية لم تقبل اختص���اص لجنة مناهضة التعذيب في

استقبال الشكاوى الفردية بمقتضى المادة 20 من اتفاقية مناهضة التعذيب.

يض���اف إلى ذلك غياب أي تش���ريع س���وري يخول المحاكم الوطني���ة بمالحقة مرتكبي جرائم التعذيب وغيرها من الجرائم الدولية بمقتضى ما يس���مى مبدأ الوالية القضائية العالمية، وذلك في انتهاك واضح لاللتزامات التي يفرضها القانون الدولي، وخاصة المادة الخامسة من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تفرض على الدول األطراف إقامة واليتها القضائية على جرائم التعذيب وذلك بمالحقة مرتكبي هذه الجرائم عند دخولهم أراضيها، وكذلك اتفاقيات جني���ف الت���ي تفرض على ال���دول األطراف مالحقة المش���تبه في ارتكابه���م انتهاكات لهذه االتفاقي���ات. إن هذا المبدأ يتيح للمحاكم الوطنية في دولة ما بمالحقة مرتكبي االنتهاكات الجس���يمة لحقوق اإلنس���ان بمجرد وجودهم عل���ى أراضيها بصرف النظر عن جنس���ياتهم أو جنسية الضحايا أو مكان اقتراف الجرائم)18). وفي الحقيقة فإن التطور القانوني للتشريعات الجنائية في سورية لم ينضج بعد الستصدار مثل هذه القوانين، إال أن الظروف اإلقليمية الحالية في المنطقة العربية المتمثلة في االزدياد الملحوظ لألعمال الهمجية والجرائم ضد اإلنس���انية وحاالت التعذيب، تتطلب من النظام السياس���ي المقبل في سورية أن يسعى له���ذا األم���ر من أجل مكافح���ة ثقافة اإلفالت م���ن العقاب والعمل عل���ى توقيف المجرمين

الفارين من الدول المجاورة وبالتالي احترام نصوص االتفاقيات الدولية.

انظر المقدمة. (16(

من المهم اإلشارة إلى المادة 555 من قانون العقوبات السوري التي تنص على ما يلي: 1– من حرم آخر (17(حريته الش���خصية بأية وسيلة كانت، عوقب بالحبس من س���تة أشهر إلى سنتين. 2– وتخفض العقوبة عن المجرم، حس���بما نصت عليه المادة 241 فقرتها الثالثة، إذا أطلق عفوا س���راح الشخص خالل ثمان وأربعين س���اعة دون أن يرتك���ب به جريمة أخرى جنائي���ة كانت أو جنحة. وكذلك المادة 556 من القانون نفس���ه، التي نص���ت عل���ى ما يلي: يقضى على المجرم باألش���غال الش���اقة المؤقتة: أ – إذا جاوزت م���دة حرمان الحرية

الشخصية الشهر .ب– إذا أنزل بمن حرم حريته تعذيب جسدي أو معنوي.

انظر لمزيد من التفاصيل، نائل جرجس، محاكمة مرتكبي االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان أمام القضاء (18(الوطني للدول األوروبية، مساواة، 29 نيسان/أبريل 2011.

Page 21: إصلاح النظام الجنائي في سورية

17 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

ثالثا: الوضع في السجون

لقد أولى دس���تور عام 1950 السياس���ة العقابية دورا رائدا عندما أش���ار إلى أن هذه األخيرة تهدف إلى إصالح المجرم وتربيته ال إيالمه والقصاص منه. وقد اعتبرت المادة 11 من هذا الدس���تور أن السجن هو دار عقوبة وهو وسيلة إلصالح المجرم وتربيته تربية صالحة ويكفل

القانون تحقيق هذه الغاية.

وقد كان لمنظمات حقوق اإلنس���ان ومنهم »سواسية« اهتمام بالغ بالسجون والمعتقالت واألنظمة العقابية، وقد نص النظام الداخلي للمنظمة السورية لحقوق اإلنسان على العمل على أن تكون أنظمة الس���جون متوافقة مع المعايير الدولية. ومن أجل تحقيق هذا الهدف جرى تقس���يم حقوق النزيل في المؤسس���ة العقابية )سجون ومعتقالت ومعاهد اإلصالح( الصحي���ة والزي���ارة والمراس���لة والتعلي���م الرعاي���ة ف���ي النزي���ل كح���ق إل���ى مجموع���ات: والغ���ذاء وال���دواء واالتص���ال بالعالم الخارج���ي، والحماية م���ن العقاب الجماع���ي والتعذيب واس���تعمال القس���وة، وبيان ماهية دور الجمعيات األهلية ومنظمات حقوق اإلنس���ان في الرعاي���ة وكذلك دور القضاء في إس���بال الرقابة على الس���جون والمعتق���الت، وغيرها. وتم رصد مدى التقدم أو التراجع في كل حق من الحقوق السالفة الذكر على مدى سنوات عدة، والتأكيد على أهمية السياس���ة العقابية الحديثة الهادفة إلعادة التأهيل المهني واألخالقي واالجتماعي والتي من المفترض أن تأخذ بعين االعتبار عنصر التربية المدنية المعالج فتحول دون تك���رار المرتك���ب ألخطائه وتنأى به عن درب الجريمة واالنحراف وتس���اعده للوصول إلى

حياة كريمة وشريفة.

واكتشفت المنظمات المعنية أن التربية المدنية على برامج إعادة التأهيل وتسهيل االندماج ليس���ت حكرا على الجاني وحده وأن المجتمع ال���ذي يرفض انصهار الجاني بعد إصالحه إنما يجني على نفسه ألنه بنبذه للراغب في االندماج وإعادة االعتبار له إنما يخلق لديه ردة فعل تعيده للجريمة بشكل أشرس مما كان عليه. لذلك كان ال بد من التربية المدنية القائمة على برامج التسامح والعفو عند المقدرة والترفع عن أخطاء الماضي وهو ما يستتبع تكوين ثقافة به���ذا االتجاه. فالش���عور بالنقمة يولد الحق���د والضغينة وبالتالي التم���ادي بالباطل وصوال إلى العدوان واإلجرام، لهذا أكدت المنظمة الس���ورية لحقوق اإلنس���ان على برامج التسامح والصفح الجميل بروحيتها وجماليتها بما يؤس���س لثقافة تقوم على هذا األس���اس. كما كان أول أهدافها المعلنة العمل على احترام وتعزيز حقوق اإلنس���ان، وكان أول أس���اليب عملها نش���ر وتعميم وتعميق ثقافة حقوق اإلنس���ان التي أكدت على االهتمام بمجال السياس���ة

العقابية والتي يأتي في مقدمتها:

تبني المعاهدات واالتفاقيات التي تهدف إلى تحس���ين شروط السجن وتوفير الحد األدنى من المعاملة اإلنسانية في السجون ومن هذه القرارات:

Page 22: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 18

إصالح النظام الجنائي في سورية

– مؤتم���ر لن���دن ع���ام 1872 الذي أدى إلى إنش���اء منظمة دولية في جنيف تهتم بالس���جون والسجناء ثم تلته مؤتمرات عدة في عواصم الدول العشرين التي حضرت مؤتمر لندن.

– مؤتم���ر جنيف ع���ام 1959 والذي تمت فيه المصادقة عل���ى القواعد النموذجية في حدها األدنى لمعاملة السجناء.

– العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياس���ية والبروتوكول االختياري األول الملحق به���ذا العهد والمتعلق بتقديم ش���كاوى من قبل األفراد، ونذكر ما جاء في المادة العاش���رة

من العهد:يعام���ل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنس���انية، تحت���رم الكرامة األصيلة في .1

الشخص اإلنساني.أ. يفصل األش���خاص المتهمون عن األش���خاص المدانين، إال في ظروف استثنائية، .2

ويكونون محل معاملة على حدة تتفق مع كونهم أشخاصا غير مدانين.ب. يفصل المتهمون األحداث عن البالغين. ويحالون بالس���رعة الممكنة إلى القضاء

للفصل في قضاياهم.يجب أن يراعي نظام الس���جون معاملة المس���جونين معاملة يكون هدفها األساسي .3إصالحه���م وإع���ادة تأهيله���م االجتماعي. ويفص���ل المذنبون األحداث ع���ن البالغين

ويعاملون معاملة تتفق مع سنهم ومركزهم القانوني.

– اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير اإلنسانية.

– قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة للمبادئ األساس���ية لمعاملة الس���جناء في 14 كانون األول/ديسمبر 1990 بموجب القرار رقم 111/45، والذي كان من أهم ما جاء فيه ما يلي:

يعامل كل السجناء بما يلزم من االحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر. .1ال يج���وز التمييز بين الس���جناء على أس���اس العنصر أو اللون، أو الجن���س أو اللغة أو .2الدين، أو الرأي السياس���ي أو غير السياس���ي، أو األصل القومي أو االجتماعي، أو

الثروة، أو المولد أو أي وضع آخر.احترام المعتقدات الدينية والمبادئ الثقافية للفئة التي ينتمي إليها السجناء. .3

تضطلع السجون بمسؤوليتها عن حبس السجناء وحماية المجتمع من الجريمة بشكل .4يتوافق مع األهداف االجتماعية األخرى للدولة ومس���ؤولياتها األساسية بتعزيز رفاه

المجتمع.باس���تثناء القيود التي من الواضح أن عملية الس���جن تقتضيها، يحتفظ كل الس���جناء .5بحقوق اإلنسان والحريات األساسية المبينة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان.

يحق لكل الس���جناء أن يش���اركوا في األنش���طة الثقافية والتربوية الرامية إلى النمو .6الكامل للشخصية البشرية.

يضطلع بجهود إللغاء عقوبة الحبس االنفرادي أو للحد من استخدامها. .7ينبغي تهيئة الظروف التي تمكن الس���جناء من االضطالع بعمل مفيد مأجور ييس���ر .8إعادة انخراطهم في س���وق العمل في بلدهم ويتيح لهم أن يس���اهموا في التكفل

بأسرهم وبأنفسهم ماليا.

Page 23: إصلاح النظام الجنائي في سورية

19 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

ينبغي أن توفر للس���جناء س���بل الحصول على الخدمات الصحية المتوفرة في البلد .9دون تمييز على أساس وضعهم القانوني.

ينبغي العمل، بمش���اركة ومعاونة المجتمع المحلي والمؤسس���ات االجتماعية ومع .10إي���الء االعتبار الواجب لمصال���ح الضحايا، على تهيئة الظ���روف المواتية إلعادة إدماج

السجناء المطلق سراحهم في المجتمع في ظل أحسن الظروف الممكنة.

– قرارات الجمعية العامة لألمم المتحدة الصادرة في 14 كانون األول/ديسمبر 1990 وفي 4 كانون األول 1979 والقرار الصادر في 8 كانون األول 1992 وغيره.

وبذلت المنظمة السورية لحقوق اإلنسان جهدها في محاولة تطوير نظام السجون السوري الص���ادر بموجب القرار رقم 1222 تاري���خ 1929/6/20، حيث طالبت مرارا وتكرارا بأن تتبع إدارة الس���جون وزارة العدل بدال من وزارة الداخلية ودللت على أوجه أحقية مطلبها هذا من خالل العدي���د م���ن الدراس���ات المس���تقلة. وكان جهدها منصبا عل���ى الدفاع عن حق���وق الضحية، ومارس���ت حق التظلم بكل أش���كاله دفاعا عنها إيمانا مها بأن الش���عور باالنتماء المش���ترك لمجتم���ع ووط���ن واحد، وتعزيز الش���عور بالتماس���ك المجتمعي )والتي هي أس���اس برامج التس���امح وإعادة التأهيل وتس���هيل االندماج(، ال تزكيها النظرة األحادية الجانب أو التقليدية لألجهزة األمنية المناط بها القيام بدور الحماية للنظام الحاكم وتقديمه كأولوية على الوطن وعل���ى الحس باالنتماء الوطني وعلى إرادة العيش المش���ترك بين جميع أبنائه وعلى إزكاء د فيه، وأن هذا الوطن مس���ؤول المش���اعر الوطني���ة ل���دى المواطن بأن الوطن له وأنه س���يعن س���المته وكرامته وأمنه وحتى رفاهيته بمعن���ى الرعاية. تلك الرابطة الروحية التي هي المدخل الوحيد الذي البد منه إذا ما كان المطلوب أي شكل من أشكال اإلصالح التي تجمع المواطن بمجتمعه ال تلك التي تفرق المواطن عن وطنه وتشعره بأنه عبد ذليل فيه ضمن ملكي���ات وإقطاعي���ة الحاكم الفرد المطل���ق وأنه ال قيمة لحياته ومعاش���ه وأمنه إال في ظل

العبودية والخنوع لذلك الحاكم.

إن اإلحس���اس باالنتماء المش���ترك وبأن المواطن السوري جزء من كل ف���ي س���ورية وأن له دورا وأهمي���ة هو ما أثار اهتمام نش���طاء الحقوق المدني���ة، وبالتال���ي ف���إن دور المواط���ن ف���ي المجتمع ل���ن يتأتى من خالل العواطف المهترئة س���واء منها العاب���رة أو الظرفية التي كثيرا ما يقتات عليها النظام الحاكم في س���ورية، إنما بتكريس واحترام الحقوق األساس���ية والحريات العامة قوال وفعال وعمال. وهو ما يضفي على المواطن الش���عور اإلنس���اني باألهمية وبدور وظيف���ي في المجتمع وبأن له حقوقا أساس���ية مصانة وعليه واجبات والتزامات تجاه المجتمع فتتوط���د أواص���ر الصلة وتش���تد الرابطة م���ع اآلخر على أس���اس تلك الحقوق والواجبات ال على أس���اس تقس���يم الناس أو على أساس من ليس معي فهو ضدي كما ورد في خطاب الرئيس األس���د االبن األخير

مدعيا بأن االحتجاجات في س���ورية موجهة ضد الوطن ال ضده ش���خصيا، ومتجاهال أنه حاكم فرد مطلق الصالحيات يقود منظومة كثيرا ما أوغلت، لألسباب السالف ذكرها في مقدمة

دور المواطن في المجتمع لن يتأتى من خالل العواطف المهترئة سواء منها العابرة أو الظرفية التي كثيرا ما يقتات

عليها النظام الحاكم في سورية، إنما بتكريس واحترام الحقوق األساسية والحريات

العامة قوال وفعال وعمال

Page 24: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 20

إصالح النظام الجنائي في سورية

ه���ذا البح���ث، في دماء وكرامات الس���وريين. تل���ك النظرة الضيقة التي بناها على أس���اس وجه���ة نظ���ره األحادية الجانب والمس���تندة إلى بيئ���ة افتراضية ال وجود له���ا إال في مخيلته القائمة على المؤامرة الكونية، كما سمعنا في الخطاب، والتي تستهدف الوطن من خالله هو وبش���خصه بالذات وفقا لنظرته المنطلقة من اإلحس���اس بتضخم الش���عور باألنا الذاتية الناجم عن إحساس عميق بالنقص على حساب الحس بالمسؤولية عن الوطن كمكون لجميع

السوريين.

من هذه النقطة يبدأ مش���وار اإلصالح الحقيقي، وال يكون ذلك إال على أس���اس الفصل ما بين الوطن الباقي والنظام المتغير وعدم طمس المسافة بينهما، وعلى أرضية اإلحساس الجام���ع باأللف���ة داخ���ل بوتق���ة الوطن من خ���الل ذل���ك الش���عور الدافق الفعال المس���مى »المواطن���ة« وال���ذي يجمع وال يفرق على أس���س وقيم مجتمعية س���امية ومبادئ حقوقية كريمة ال على أساس شخص حاكم فرد مطلق الصالحيات. إنه ذلك الشعور الجامع باالنصهار

الذي حرم منه السوريون لنصف قرن من الزمان.

Page 25: إصلاح النظام الجنائي في سورية

21 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

التوصيات والنتائج

إن المله���م ف���ي عمل أجهزة العدالة، ال س���يما الجنائي���ة منها، هو مصلح���ة المواطن التي تنس���جم دون أدنى ش���ك مع مصلحة الوطن. وبالتأكيد فهذه المصلحة يفترض بها أن توحد وال تف���رق ف���ي األهداف ما بينهم وما بين أية حكومة منتخبة قائمة مس���تقبال في ظروف طبيعي���ة تأخ���ذ على عاتقها االرتقاء بالبالد وتحس���ين ش���روط إنتاج الحياة. وم���ن أجل تحقيق اإلصالح المرجو للنظام الجنائي وخاصة العمل على إعادة توجيه المسار في االتجاه الصحيح وتجاوز العقبات والمش���اكل الحالية في المنظومة الجنائية، البد أن يتم بأس���رع وقت ممكن

ما يلي:

أوال: اإلقرار بأن المنظومة القائمة حاليا سواء منها الدستورية أو التشريعية ال يمكن رتقها أو إصالح معايبها أو س���تر عوراتها ألنها منظومة قائمة على االستبداد وترسيخ عبادة الفرد وهي لن ترس���ي مس���تقبال إال مزيدا من مش���اعر القهر والدونية لدى السوريين. ومن حق دماء الس���وريين علينا أن نطالب لهم بتغيير تلك المنظوم���ة كليا إذا ما أردنا إصالحا حقيقيا، فالحري���ة ال تعط���ى على جرعات، فالمرء إم���ا أن يكون حرا أو ال يكون ح���را، والجبناء يموتون م���رات عديدة قب���ل موتهم، في حين أن الش���جاع ال يذوق الموت إال م���رة واحدة كما يقول

نلسن ماندال.

لذلك ال بد من العودة إلى أي من الدس���اتير الس���ورية التي س���نت على يد هيئات منتخبة ش���رعية من قبل الشعب الس���وري كدس���تور 1950 الذي يتضمن ضمانات أساسية لحقوق المواطن الس���وري وقيما ديمقراطية راس���خة وليس كالدس���تور الحالي الذي س���ن على يد مجلس ش���عب معين من قبل القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم في س���ورية لعام 1971

.1972 –

ثانيا: إلغاء جميع القوانين والتشريعات القمعية والمكبلة للحريات بدءا بالمرسوم 6 المتضمن معاقب���ة مناهضة أهداف الث���ورة والصادر عام 1964 مرورا بقواني���ن العقوبات االقتصادية وقان���ون أمن حزب البعث، ووصوال إلى القانون األخير والمتضمن معاقبة االتجار بالس���الح باإلع���دام والص���ادر عام 2011 في ظل ما ع���رف بإصالحات الرئيس الس���وري، وكذلك إلغاء جميع أشكال المحاكم الشاذة واالستثنائية وعلى رأسها محاكم الميدان العسكرية والمحاكم

األمنية السرية التي تعقد داخل فروع المخابرات المختلفة.

ثالثا: إلغاء مراسيم تأسيس إدارات المخابرات المختلفة والتي تمنح العاملين فيها صالحيات مطلقة لإلفالت من العقاب وسلطات كاملة لممارسة أشنع أشكال التعذيب التي يندى لها

جبين اإلنسانية والعودة لمظلة القانون والدستور.

Page 26: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 22

إصالح النظام الجنائي في سورية

رابعا: وضع كافة أماكن االحتجاز والتوقيف ال س���يما المؤقتة منها تحت اإلشراف القضائي ومطالبة النيابة العامة بتحمل مسؤولياتها وضمان عودة القضاء لممارسة سلطاته كسلطة

حقيقية في ظل دولة قانون ومؤسسات تعرف للحق قيمة ولكرامة اإلنسان معنى.

خامس���ا: تعزيز احت���رام بنود االتفاقي���ات الدولية لحقوق اإلنس���ان واإلقرار بس���مو القانون الدول���ي على القانون الداخل���ي في حال التعارض، وكذلك تعزي���ز الحماية القانونية لحقوق اإلنس���ان أثن���اء جميع مراحل اإلج���راءات الجنائية والعقابية. فقد كان لس���ورية دور فعال في المس���اهمة في إعداد المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان وتقنين القانون الدولي اإلنساني وبالتال���ي يتوج���ب على الحكومة الس���ورية االنفتاح الكامل على اآللي���ات األممية المتعلقة

باحترام حقوق اإلنسان.

سادس���ا: المصادق���ة على جمي���ع االتفاقي���ات الدولية لحقوق اإلنس���ان م���ع البروتوكوالت الملحقة وليس مجرد التوقيع عليها ال س���يما حماية جميع األش���خاص من االختفاء القسري، وإلغ���اء كافة التحفظات على المواد التي تم التحفظ عليها كما هو الحال في المواد 20 وما بعده���ا من اتفاقية مناهضة التعذيب وقبول اختصاص كل من لجنة حقوق االنس���ان ولجنة

مناهضة التعذيب فيما يتعلق بتلقي الشكاوى الفردية)19).

س���ابعا: العودة لألصول الدستورية والقانونية األصيلة والتي تشكل سياجا للحريات العامة تمن���ع االفتئات على حقوق اإلنس���ان بحجة تطبيق النص القانون���ي. من تلك المبادئ على سبيل المثال ال الحصر أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وأن قرينة البراءة تبقى الصقة به إل���ى أن يصدر بحقه حكم نهائي مبرم صادر وفقا ألس�����س ومب���ادئ المحاكمة العادلة. وأنه ال يجوز التوس���ع في تفس���ير النصوص الجزائية كي ال تطبق على حاالت لم تتجه إليها إرادة المش���رع أصال حينما س���ن تلك النصوص والتش���ريعات. وأن األصل في األشياء اإلباحة ال المن���ع، وأن���ه ال جريمة وال عقوبة بغير نص، وغيرها م���ن تلك المبادئ الذهبية التي ال غنى

عنها كضامن كي ال تتحول سلطة القضاة إلى سلطة طغاة بحكم األمر الواقع.

ثامنا: عصرنة القوانين والتش���ريعات وإج���راءات أصول المحاكمات الجزائية بما يضمن عدالة س���ريعة ومحاي���دة وجدي���ة، والتأكيد على تنظيم ضوابط صارمة لتس����بيب األح���كام الجزائية وبنائها على حس���ن االستدالل واالستنتاج ووضع ضوابط راسخة تضمن عدم انحراف آليات االستدالل واالستنتاج عند القضاة عن مسارها الصحيح، وذلك بتضييق دائرة الركون للقناعة الوجداني���ة عند القاضي ف���ي بنائه لألحكام الجزائية، وأن ال تكون مطلقة أو مجرد كليش���ات

شكلية معنونة باسم الشعب العربي في سورية ومفرغة من الحق والعدل.

تاس���عا: العمل على رزمة متكاملة من اإلصالحات الدستورية والقانونية بهدف إعادة الثقة بالجهاز القضائي لس���ابق عهده قبل استيالء العس���كر على السلطة في سورية، باإلضافة إلى تحقيق ش���روط المحاكمة العادلة كما هو منص���وص عليه باالتفاقيات الدولية بما يحول

انظر: المؤسس���ات الوطنية لحقوق االنس���ان: التاريخ والمبادئ واألدوار والمس���ؤوليات، منشورات األمم (19(http://www.ohchr.org/ :المتح���دة، نيوي���ورك وجني���ف، 2010، ص 231، متوف���ر على الراب���ط التال���ي

Documents/Publications/PTS-4Rev1-NHRI_ar.pdf

Page 27: إصلاح النظام الجنائي في سورية

23 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

دون محاكمة المدنيين أمام محاكم عس���كرية أو ش���اذة أو اس���تثنائية وغيرها من المحاكمات التعس���فية، وبما ي���ؤدي للتضييق إلى أقصى حد ممكن من تطبي���ق عقوبة اإلعدام وإعادة

النظر بالنصوص القانونية الحالية التي تنص على تطبيقها.

عاش���را: وضع كافة مراكز االعتقال أو الحجز ال سيما معاهد األحداث الجانحين تحت اإلشراف القضائ���ي الت���ام وتش���كيل لجان حقوقي���ة وقانونية واجتماعي���ة من الخب���راء مهمتها متابعة التدابير اإلصالحية والوقائية التي أهملت على مدى خمس���ين س���نة من النظام الشمولي

في سورية.

حادي عش���ر: العمل على تعزيز مبدأ الش���فافية وذلك بإنش���اء قاعدة بيانات تتضمن أسماء المعتقلي���ن وتواريخ اعتقالهم والته���م الموجهة إليهم وأماكن احتجازه���م ومواعيد زيارتهم. ويكون من حق ذويهم تقديم طلب بذلك لجهاز النيابة العامة المش���رف على السجون ودور التوقيف، وعلى جهاز النيابة العامة أن يكشف البيانات السالف ذكرها تماما خالل 24 ساعة

من تاريخ التوقيف أو حجز الحرية.

ثاني عشر: اتخاذ اإلجراءات الكفيلة، بما فيها الدورات التدريبية والتثقيفية، من أجل التوعية والوقاية من الجريمة ونش���ر ثقافة حقوق اإلنس���ان والسياس���ة الجنائي���ة اإلصالحية وذلك للقائمين على مختلف الس���جون أو مراكز إعادة اإلص���الح والتأهيل ومراكز الحجز االحتياطي، فض���ال عن االعتم���اد على مختلف وس���ائل اإلعالم الس���معية والبصري���ة والمكتوبة ومنها

اإلنترنت.

ثالث عش���ر: التأكيد على عنصر ش���رعية القوانين، ولن يكون ذل���ك إال من خالل إعمال مبدأ الفصل بين الس���لطات وإحكام استقاللية السلطة التشريعية، وأن تكون القوانين منطلقة م���ن ينابيعه���ا الطبيعية بضمي���ر الناس ووجدانهم وعقله���م العام ال أن تك���ون مجرد أدوات لحماي���ة النظام. كما يتوجب تعزي���ز التفهم لدى المواطن بمضم���ون القانون وانفتاحه عليه وتفهمه له كوس���يلة وقاية وع���الج من االنحراف والجريمة وأن القانون باألس���اس لم يخلق

لقهر الناس وإذاللهم.

رابع عش���ر: أخذا بعين االعتبار وحدة الهدف بين منظمات العمل اإلنساني الحقوقي وجهاز النيابة العامة، فمن الواجب على الحكومة االنتقالية إنش���اء مكتب للمحاس���بة الوطنية تابع للنائ���ب العام يأخذ على عاتقه مس���اعدة الضحايا الذين فقدوا المعيل أو القريب في الثورة الس���ورية ومالحقة دعواهم للوصول إلى حقوقه���م، وأن يكون هناك قناة اتصال مفتوحة

بين مؤسسات العمل اإلنساني التطوعي وبين هذا المكتب التابع للنائب العام.

خامس عش���ر: الحد من اللجوء إلى االحتجاز والعقوبات المقيدة للحريات قدر اإلمكان وذلك باللجوء إلى التدابير الوقائية والعالجية األخرى والتي أثبتت مفعولها أكثر بكثير من العقوبات الجس���دية كالخدمة االجتماعية على س���بيل المثال أو العقوبة مع تعليق التنفيذ على ش���رط لمصلحة المجتمع أو كاإلفراج المشروط أو اإلقامة الجبرية أو ما بات يعرف بنظام األسوارة اإللكتروني���ة وتطبيق عقوبات مرتبطة بالنفع االجتماعي، فضال عن عدم تمديد فترات الحجز

Page 28: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 24

إصالح النظام الجنائي في سورية

االحتياط���ي إال في حاالت الض���رورة القصوى وتقديم المتهمين إلى المحاكمة في أس���رع وقت.

سادس عشر: تعزيز دور واستقاللية مؤسسات المجتمع المدني وإشراكها بالبرامج التثقيفية والرقابية في مجال تطبيق السياس���ة الجنائية اإلصالحية وخاصة منها نش���ر التربية المدنية

القائمة على برامج التسامح بحق المجرمين السابقين وإعادة انخراط هؤالء بالمجتمع.

وختام���ا، البد من اإلش���ارة إلى أن���ه ال يمكن إعمال التوصيات المذك���ورة أعاله وبالتالي بناء إصالح قانوني جنائي في ظل وجود النظام السياسي بشكله وهيكليته الحالية التي ترعى االس���تبداد وترسي الديكتاتورية، فهذه األخيرة ال يمكن رتقها أو التستر على عيوبها. لذلك يتوجب كخطوة أولى اس���تبدال هذه المنظومة السياس���ية ببنية عصرية مدنية دس���تورية ال تقي���م حاكما أبديا وترس���م آفاق دولة حديث���ة قائمة على حكم القانون ال عل���ى عبادة الفرد. وبذلك يمكن التمهيد لبناء مجتمع عصري تعددي مدني قائم على الحريات وحقوق اإلنسان وبالتالي إصالح جنائي منش���ود تش���رف عليه س���لطة قضائية وتش���ريعية مستقلة ونزيهة

وذات بصيرة وإدراك بأهداف السياسة العقابية.

Page 29: إصلاح النظام الجنائي في سورية

25 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

المراجع

أوال: وثائق رسمية

1– على الصعيد الدولي:قواعد األمم المتحدة لمعاملة .1

السجينات والتدابير غير االحتجازية للمجرمات )قواعد بانكوك(، قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة،

المؤرخ في 6 تشرين األول/أكتوبر 2010، الدورة الخامسة والستون.

االتفاقية الدولية لحماية جميع .2األشخاص من االختفاء القسري،

قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 177/61 المؤرخ في 20 كانون

األول/ديسمبر 2006.

مبادئ التحقيق الفعال والتوثيق .3للتعذيب والمعاملة أو العقوبة

الالإنسانية أو المهينة، قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة

89/55 المؤرخ في 4 كانون األول/ديسمبر 2000.

المبادئ األساسية لمعاملة .4السجناء، قرار الجمعية العامة

لألمم المتحدة 111/45 المؤرخ في 14 كانون األول/ديسمبر

.1990

مجموعة المبادئ الخاصة بحماية .5جميع األشخاص الذين يتعرضون

ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن، قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة 173/43 المؤرخ

في 9 كانون األول/ديسمبر .1988

إعالن المبادئ األساسية للعدالة .6لضحايا الجرائم واستغالل النفوذ،

قرار الجمعية العامة رقم 34/40 لعام 1985.

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره .7من ضروب المعاملة أو العقوبة

القاسية أو الالإنسانية أو المهينة، قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة

46/39 المؤرخ في 10 كانون األول/ديسمبر 1984.

مدونة لقواعد سلوك الموظفين .8المكلفين بإنفاذ القوانين، قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة

169/34، 17 كانون األول/ديسمبر .1979

العهد الدولي الخاص بالحقوق .9المدنية والسياسية، قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة 2200 ألف )د–21(، 16 كانون األول/ديسمبر

.1966

2– على الصعيد الداخلي:1. دستور الجمهورية العربية

السورية لعام 1973، 13 آذار/مارس 1971.

دستور الجمهورية السورية لعام .21950، 5 أيلول/سبتمبر 1950.

قانون أصول المحاكمات المدنية .3الصادر بالمرسوم التشريعي رقم

84، تاريخ 1953/9/28.

Page 30: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 26

إصالح النظام الجنائي في سورية

قانون العقوبات السوري الصادر .4بالمرسوم التشريعي رقم 148،

تاريخ 22 حزيران/يونيو 1949.

قانون أصول المحاكمات الجزائية .5الصادر بالمرسوم 112، تاريخ

.1950/3/13

المرسوم رقم 54 المتعلق بتنظيم .6حق التظاهر السلمى للمواطنين

بوصفه حقا من حقوق اإلنسان األساسية التي كفلها دستور

الجمهورية العربية السورية، 21 نيسان/أبريل 2011.

نظام السجون السوري الصادر .7بموجب القرار رقم 1222، 20

تموز/يوليو 1929.

المرسوم رقم 55، 21 نيسان/ .8أبريل 2011.

المرسوم التشريعي رقم 108 .9الخاص بقانون اإلعالم، 28 آب/

أغسطس 2011.

المرسوم التشريعي رقم 100 .10لعام 2011 المتعلق بقانون

األحزاب، 6 آب/أغسطس 2011.

المرسوم رقم 64، 2008. .11

القانون رقم 52 الخاص بأمن حزب .12البعث العربي االشتراكي، 1979.

المرسوم التشريعي رقم 46 .13المتعلق بإحداث محاكم األمن االقتصادي، 8 آب/أغسطس

.1977

المرسوم رقم 47 المتعلق بإنشاء .14محكمة أمن الدولة العليا، 1968.

المرسوم التشريعي رقم 24 .15المتعلق بتعديل قانون السلطة

القضائية، 14 شباط/فبراير 1966.

16. المرسوم رقم 37 المتعلق بقانون العقوبات االقتصادية، 6

أيار/مايو 1966.

17. المرسوم التشريعي رقم 40، 21 أيار/مايو 1966.

18. المرسوم رقم 6 المتعلق بحماية الثورة، 1964.

19. األمر العسكري رقم 2، 8 آذار/مارس 1963.

20. قانون الطوارئ نفسه رقم 51 لعام 1962

21. المرسوم التشريعي رقم 61 لعام 1950.

ثانيا: كتب وتقارير

المنظمة السورية لحقوق اإلنسان .1»سواسية« تقرير عن أوضاع

السجون والمعتقالت لعام 2006.

المنظمة السورية لحقوق اإلنسان .2»سواسية« تقرير عن أوضاع

السجون السورية والمعتقالت – تقرير عام 2005.

المنظمة السورية لحقوق اإلنسان .3»سواسية« تقرير عن أوضاع

السجون والمعتقالت السورية – تقرير عام 2004.

Yves Jeanclos, Droit pénal .4européen قانون العقوبات

Page 31: إصلاح النظام الجنائي في سورية

27 دراسات المرحلة االنتقالية

إصالح النظام الجنائي في سورية

Economica, 2009, ,األوروبي .583 p

Robert Cario, Introduction .5 aux sciences criminelles:

pour une approche globale et intégrée du phénomène

criminel، مقدمة للعلوم الجنائية: اتباع نهج شامل ومتكامل L'Harmattan ,للظاهرة اإلجرامية

.Paris, 2008, 348 p

محمد الطراونة، األطر .6اإلستراتيجية للتطبيق الفعال

لإلصالح في مجال عدالة األحداث بما يتماشى مع المعايير الدولية ويتناسب مع االحتياجات الوطنية

واإلقليمية في الدول العربية، دراسة للمنظمة الدولية لإلصالح

الجنائي، 2006، 75 صفحة.

لجنة مناهضة التعذيب، .7المالحظات الختامية، الجمهورية العربية السورية، الدورة الرابعة

واألربعون، 26 نيسان/أبريل – 14 أيار/مايو 2010.

المؤسسات الوطنية لحقوق .8اإلنسان: التاريخ والمبادئ واألدوار

والمسؤوليات، منشورات األمم المتحدة، نيويورك وجنيف، 2010،

ص 231.

لجنة حقوق اإلنسان، المالحظات .9الختامية، الجمهورية العربية

السورية، الدورة الرابعة والثمانون، 9 آب/أغسطس 2005.

التقرير األولي للجمهورية العربية .10السورية، لجنة مناهضة التعذيب،

20 تموز/يوليو 2009.

تقرير الكرامة، حالة الطوارئ في .11سورية: مناخ مالئم للتعذيب،

تقرير مقدم للجنة مناهضة التعذيب في إطار دراسة التقرير

األولي لسورية، نيسان/أبريل 2010، 30 صفحة.

ثالثا: مقاالت قانونية

نائل جرجس، محاكمة مرتكبي .1االنتهاكات الجسيمة لحقوق

اإلنسان أمام القضاء الوطني للدول األوروبية، مساواة، 29

نيسان/أبريل 2011.

نائل جرجس وبسام القاضي، .2دراسة، ومشروع مرسوم بديل حول حق التظاهر السلمي في

سورية، مرصد نساء سورية، أيار/مايو 2011.

العربية نت، »العقوبات البديلة« .3مشروع جديد لخفض أعداد

السجناء في السعودية إلى النصف، 2011/10/17.

أحمد البراك، العقوبات السالبة .4للحرية في ميزان السياسة

العقابية المعاصرة، جريدة القدس، http://www. ،2011 تموز/يوليو

alquds.com

أبها: نادية الفواز، العقوبات .5البديلة حلول تساهم في إصالح السجناء، الوطن أون الين، 2010-http://www.alwatan. ،19-12

com.sa

Page 32: إصلاح النظام الجنائي في سورية

مركز التواصل واألبحاث االستراتيجية

www.strescom.org

جميع الحقوق محفوظة لمركز التواصل واألبحاث االستراتيجية 2012 ©

المحام���ي مهند الحس���ني من أبناء مدينة دمش���ق. ل���ه العديد من الدراس���ات القانوني���ة والحقوقية ونش���اط حقوقي مع���روف أدى إلى اعتقاله ثم منعه من ممارسة مهنة المحاماة مدى الحياة بقرار فرع نقابة المحامين بدمش���ق على خلفية دفاعه عن حقوق اإلنسان في سورية. كان أحد مؤسس���ي اللجنة الوطنية للدفاع عن معتقلي الرأي والضمير في سورية عام 2001، وهو عضو مؤسس للمنظمة السورية لحقوق اإلنسان »سواسية« عام 2004 ورئيس مجلس إدارتها الحالي. كما أنه مؤس���س ائتالف المدافعين عن العدالة من أجل سورية »عدالة« في

عام 2011 وعضو في اللجنة الدولية لخبراء القانون في جنيف.

الدكت���ور نائ���ل جرجس من أبناء قري���ة مرمريتا، س���ورية. حصل على ش���هادة تقدير لتفوق���ه في ش���هادة الثانوية العامة، ليتاب���ع فيما بعد دراس���ته في كلية الحقوق في جامعة دمشق. أكمل دراسته العليا في جامعة غرنوبل الثانية في فرنس���ا حيث حصل على ش���هادة ماجس���تير في القانون الدولي واألوروبي وشهادة دكتوراه في القانون الدولي لحقوق اإلنس���ان. لديه العديد من المنش���ورات باللغة العربية واللغات األجنبي���ة أهمه���ا كت���اب »حق���وق األقلي���ات المس���يحية في المش���رق العرب���ي«. يعمل حاليا كباحث في مجال حقوق اإلنس���ان وحوار األديان

في جامعة جنيف.