تفكر التعديل النهائي

رّ تفكلة ثقافية علمية تصدر عن جامعة بنغـــازية الوطنيـــةصــايــة وا أبو صــوة: الهولرعـــاشـيل اشــلســــون الجهــة بـاركن موا بــيفيســـور لي بروفخـتعرفـــة وا ا جاكـــوبيز و ديلــــو بعلمي اليـــال وأدب اليوتوبيــــا اـــري ب مفكرة القويدابم واعلــــو الثـــقف بزع ا م: تنــــاُ حن وه نأمـولاقــع وا الويا ب ليب لذكـــاء ا2015 سبتمولد ا العد

Upload: suliman-m-k-ibrahim

Post on 14-Jan-2017

308 views

Category:

Documents


19 download

TRANSCRIPT

جملة تفكرثقافية علمية

تصدر عن جامعة بنغـــازي

أبو صــوة: الهويــة واملصــاحلة الوطنيـــة

يشـ

ـــارع

ل الشــل

ن الـو

ســـكن

ارة بـ

هــاج

مويف

ي يبــ

ر لـو

ســفي

روب

بني ديلــــوز وجاكـــوبي يف املعرفـــة واالخـتالف

مفكرة القويـــري بني اليوتوبيــــا وأدب اخليـــال العلمي

نحن وهم: تنــــازع املثـــقف بني العلــــوم واآلداب

الذكـــاء يف ليبيا بني الواقــع واملأمـول

سبتمرب 2015 العدد األول

يؤمن هذا املشروع قاعدة بيانات إلكرتونية متكاملة تضم كل

بيانات موظفي اجلامعة حتت رقم وظيفي خاص يوثق

احلالة الوظيفية بدءا من تاريخ التعيني حتى تاريخ

اإلحالة إىل التقاعد. وتقوم اجلامعة عرب كوادرها الفنية

وبالتنسيق مع »جلنة دعم تصنيف جامعة بنغازي على

املستوى الدويل« و»مركز املعلومات والتوثيق باجلامعة«

بإدخال هذه البيانات ضمن قاعدة بيانات إلكرتونية متكاملة.

● ملء النموذج الذي ميكن احلصول عليه من اإلدارة التي يعمل بها املوظف أو من املوقع اإللكتروني للجامعة، والتصديق عليه إلرساله

إلى مكتب املحفوظات والتوثيق باملركز اإلعالمي باحلميضة.

● إحالة امللفات بعد مراجعتها والتصديق عليها إلى فريق التجميع واإلدخال وإجراء عملية

االعتماد النهائي.● استخراج الرقم الوظيفي وبطاقة التعريف

وإرسالها إلى اإلدارات املعنية.● حتويل امللفات إلى شركة التأمني الطبي

إلصدار بطاقات التأمني الطبي.

● حصر العاملني باجلامعة من موظفني وأعضاء هيئة تدريس ضمن

قاعدة بيانات إلكترونية متكاملة.● إصدار رقم وظيفي خاص بكل

موظف.● يكون احتساب املرتب مستقبال

مرتبطا بالرقم الوظيفي. ● منح تعريف جامعي يحمل بيانات

املوظف وصورته الشخصية ورقمه الوظيفي.

● حتويل بيانات كل موظف إلى شركة التأمني الطبي إلصدار بطاقات التأمني

"مالحظة: تتكفل اجلامعة بتغطية تكاليف التأمني الطبي بالكامل".

وعشر

ملف ا

داأه

ميقد

التة

فيكي

شــروع قاعــدة البيــانــات العامــة والرقــم الوظـيفــيم

نـأمـل من اجلميـع التعــاون إلجنــاح املشــروع

ر تفكالفهرس مجلة ثقافية علمية

تصدر عن جامعة بنغازي

العدد األول - سبتمبر 2015

رئيس التحرير:

مدير التحرير:

سكرتير التحرير:

هيأة التحرير:

تدقيق لغوي:

● لوحة الغالف للفنان علي العباني● لوحة الغالف األخير للفنان

عبدالقادر بدر

املراسالت:

إخــراج:

جنيب احلصادي

صبــــري جبران

طـــــارق الشـرع

سليمان إبراهيمأحمد مـــامي

عادل التــواتي محمد العمـــاري

امراجع الطلحي

www.tafakkur.lywww.facebook.com

/[email protected]

0922371401

عبداهلل الفاضلي

إشكــاليــة الدميقراطية يف اقتصـــاد 6 أحـــادي اجلــانب

إشكــالية تكــون العقــود التي تتدخل 9 وســائط الكرتونيــة يف إبرامها 25 أكــادمييات القانـــون 29 الذكـــاء يف ليبيــا

جتارب ودروس مستفادة ملعاجلة أوضاع 42 العاملني 54 مؤمترات اجلامعة

بروفيسور ليبي يف مواجهة باركنسون58 الشلل الرعاشي 64 نحــن وهـــم 68 ـــانية اآلالت املوسيقية احلس78 بني ديلــوز وجاكـوبي 86 املوسيقا بني التجريد والفلسفة 96 حطــاب األرض الوعــرة 98 جميلة رغــم كــل شيء

100 دون سـبب 101 من مفكرة رجــل لـم يولـــد 113 نــدوة حــول احلـــوار الوطــني 130 مراجعـة كتــــاب

حـــوار مع الشــــاعر عاشــور الطويبي

61

هذا ليس زمن الشعرسامل العوكلي..

110

87 متثالت الصحراء

يف احلضارة العربية 133

عبدالناصر بوخشيم

سليمان إبراهيم

الصديق الشحومي

علي الدليمي - ساملة الزائدي

بالقاسم اشتيوي

ابراهيم احليسنكمال الشلبي

خليل احلاسيمفتاح العماري

محمد الفقيه صـــالح

عبد السالم العجيليصالح قادربوه

أحمد احلوات

عبدالرحمن بدوي

ر تفك 4

منذ واألكادميي املثقف بني العالقة ظلت اختالالت من تعاني الليبية اجلامعة تأسيس النهاية يف وأسفرت كليهما، يف سلبا أثرت عن ندرة مشاركة كل منهما يف أوساط اآلخر. وكانت هناك باستمرار مشاعر توجس متبادلة تشي بها ندرة وجود مثقفني من خارج اجلامعة البحوث مراكز تكلفها التي العمل فرق يف واالستشارات بإجناز مهامها، وندرة مشاركاتهم يف الندوات واملحاضرات التي ترعاها الكليات. حظا أوفر األكادمييني أن من الرغم وعلى لم الثقافية، األوساط من حيث حضورهم يف

يتحقق دمجهم فيها على النحو املرجو. االهتمامات، متنوع باحث افتراضا واملثقف بالفن ويحتفي العام، بالشأن طوعا ينشغل إلى وينزع التجريد، عمليات ويتقن واألدب، االتفاقات وتقصي اجلامعة، الروابط استكناه غير البينية. املقاربات وتوظيف املشتركة، لم البحثي لألداء املفيدة السجايا هذه أن أبواب ظلت الذي الليبي للمثقف كثيرا تشفع مواربة املحلية واألكادميية البحثية املؤسسات

يف وجهه. قلبي اجتماع دون يحول شيء ال وألنه عرفت واحد، جوف يف واملثقف األكادميي اجلامعة عبر تاريخها املديد ثلة من األكادمييني

املثقفني أسهمت بشكل الفت يف إثراء املشهد الثقايف املحلي واإلقليمي، واملؤسف أن نسبتهم تتضاءل مبرور الزمن، وال تليق باملهام التنويرية اجلامعة، بها تقوم أن يفترض التي والقيادية والتي عادة ما يتكفل بحملها مثل هذا الصنف

من البحاث. بيد أن اجلامعة التي انتهى حالها عاجزة عن هي املثقفني األكادمييني من كاف عدد ضم اجلامعة نفسها التي كان طالبها حتى منتصف السبعينيات يصدرون مجلة قورينا، وهي مجلة أكادميية علمية ثقافية بامتياز. وال مراء يف أن ثمة خرابا ممنهجا لم ينج منه طالب وال أساتذة قد حدث منذ إغالق قورينا، ولعل صدور تفكر خطوة يف طريق عسير وطويل، ومبلغ األمل أن يصل بنا أوال إلى حيث بدأنا؛ أن تضم اجلامعة طالب أيديهم على يتخرج مثقفني أكادمييني

قادرون على إصدار مجلة مثل قورينا. الثقايف الشأن لتناول محاولة إذن تفكر أكادمييون يبذلها األكادميي باألداء واالرتقاء بفتح وهي مثقفون، وأكادمييون ومثقفون، دعوة تضمر إمنا للمثقفني اجلامعة أبواب الرحب، الثقافة عالم األكادمييون يلج ألن طوعا، دخوله عن منهم بعض أحجم أن بعد واملدنية الوطنية مسؤولياتهم يتحملوا وألن

رئيس التحرير

,,

ر 5تفك

منها حتللوا أن بعد والتنويرية، واألخالقية كرها، أو اعتصموا بحبل التنصل منها عن طيب

خاطر.وبحكم كونها مجلة ذات طابع علمي، تفسح الرصينة، األكادميية لألعمال املجال تفكر تأمل كانت وإن التحكيم، معايير التي تستويف استحقاقات يلبي الذي احلد إلى ترقى أن يصعب غائم، مفهوم والرصانة الرصانة. يف عناء ثمة يكن لم وإن مؤشراته، حتديد حتديد ماصدقاته، وهي يف سياق البحث العلمي مطلب يستوفيه األكادميي املثقف باقتدار، وإن

لم يكن بأي حال حكرا عليه. األداء لإلسهام يف حتسني إطار سعيها ويف بالشأن الصلة ذات املواضيع يف البحثي الثقايف، تخصص هيأة التحرير بدءا من العدد القادم جائزة ألفضل بحث يوظف مقاربة بينية قضية يعالج أو فنية أو أدبية ويتعلق مبسألة تعنى بدراستها العلوم اإلنسانية أو االجتماعية. فإنها ترعى العام، بالشأن تفكر معنية وألن تهتم نقاش وحلقات ومحاضرات ندوات يتميز ما صفحاتها على وتنشر الشأن، بهذا من الصنف هذا دشنت وقد مشاركات. من األنشطة بندوة حول احلوار الوطني، الذي قد يرتهن بعقده قدر ومصير شعب بأكمله، وحال

ومآل وطن بأسره. يشكل فإنه االزدهار، سبيل التنوع وألن تلبيته. ففضال على تفكر آخر حترص مطلبا والعلمية الثقافية والدراسات األبحاث عن الندوات واملحاضرات وحلقات والفكرية، وعن نشر إلى املجلة تسعى ترعاها، التي النقاش مراجعات لكتب علمية وثقافية وفكرية حديثة، مميزة، ليبية وأطروحات لرسائل وملخصات ومقاالت ميسرة تعنى بتوضيح اكتشافات علمية ولقاءات حوارية مع شخصيات علمية وتقنية، وثقافية، وأعمال إبداعية أدبية وفنية متميزة، ونبذ عن األعمال املؤلفة واملترجمة التي تصدر عن اجلامعة قبيل صدور كل عدد، وأخرى عن

األنشطة الثقافية والعلمية التي ترعاها.هذه إذن طموحات تفكر؛ وكما هو متوقع يف القائمني نفوس تتنازع الطموحة، املشاريع كل عليها عاطفتان: خشية من أال تسعف الظروف الهمم تكفل أن يف ورجاء األماني، حتقيق الطموحات تلك مآل أما الصعاب. تخطي متلك ال الذي املثقف، األكادميي على فوقف هيأة حترير مفعمة باألمل سوى أن تراهن على

تفاؤل إراداته.

,,

نحو التحول دراسة على هيمن اإلطار، هذا يف هو أحدهما منهجان، )الدمقرطة( الدميقراطية املدخل السياسي، الذي يركز على التفاعالت قصيرة أسلوبا ويتخذ السياسيني، الالعبني بني فيما املدى الذي الهيكلي، املدخل وهو الثاني، للمدخل مغايرا الدميقراطية بني فيما املدى العالقات طويلة يختبر والتغيرات الهيكلية، مثل التنمية أو التطور االقتصادي.ويفيد املدخل الهيكلي إلى جانب ما تفيد به القراءة الدميقراطية، الدول يف السيما للتاريخ، املتأنية اقتصادية لتطورات نتاجا كانت الدميقراطية أن معينة اجتماعية طبقات عنها انبثقت واجتماعية حتددت أشكالها وطبيعتها، وتباينت مصاحلها ضمن الفكرية إفرازاته له تكون أن البد كان كلي، إطار بوصفها األحزاب قيام يف متثلت التي والسياسية، واجتماعية اقتصادية مصالح عن سياسيا تعبيرا التنظير من يخلو ال أيديولوجي، سياق يف معينة،

والتنافس الفكري على كافة األصعدة.

ويف هذا السياق، ميكن القول بارتباط مسألة بناء نحو التطور بإشكالية السياسية األحزاب وفعالية تبدو املسألة هذه أن والشك تاريخيا. الدميقراطية أصعب يف مجتمع مثل املجتمع الليبي، لم يتمكن بعد بالشكل واالقتصادية االجتماعية هياكله تطوير من الذي يسمح ببناء دميقراطي يتوج حالة من النهوض يف شتى املجاالت، ناهيك عما عايشه هذا املجتمع وال يزال، من غياب تام لتجربة احلراك السياسي الفعال، قيام منذ واحلزبية، السياسية التعددية على القائم

الدولة احلديثة يف ليبيا، حتى اآلن.واقتصادية ثقافية عوامل تضافرت ليبيا يف نعم، التعددية نحو التحول إمكانية تعطيل يف واجتماعية والتمثيل السياسي، يأتي يف مقدمتها موروث تاريخي الديني، املوروث مع الشعبي املخيال فيه يتداخل مرورا شتى، أشكال يف األسطورة فيه وتتجذر األبوية السلطة حيث قبلية، اجتماعية مبنظومة وانتهاء املستقرة، غير الرعوية والصبغة والعصبية

إشكالية الدميقراطية يف اقتصاد أحادي اجلانب:ليبيــا منـوذجــا

هل ميكن أن تتحقق تعددية سياسية دون وجود تنويع اقتصادي، ودون سيادة ثقافة منفتحة، تقوم على قبول اآلخر والتعايش معه؟ وهل ميكن أن تتحقق الدميقراطية السياسية دون حتقق دميقراطية اجتماعية موازية؟ أيهما شرط وأيهما نتيجة؟ موضوع يحتاج إىل عمق

يف التحليل وإىل الكثري من التفكري والتأمل..

,,

عبدالناصر عزالدين بوخشيم

دراســــات

ر 7تفك

باقتصاد يعتمد على الريع.ويف الواقع:

- لم يكن الريع نتاجا للنفط فقط يف ليبيا، بل رمبا الريعية احلالة عمق قد النفط إن القول األدق من القائمة أصال، إذ إن الطبيعة الريعية لالقتصاد الليبي كانت سابقة على النفط، حني كان االعتماد جوهريا على اإلعانات واملساعدات اخلارجية. وهو األمر الذي تراكم بتحقيق بعده أو النفط قبل سواء يسمح، لم لقيام املواتية الظروف يخلق والثروة، لإلنتاج صحي طبقات اجتماعية قادرة على حتديد مصاحلها وتكوين

األطر السياسية الالزمة للدفاع عنها وحمايتها.منوذجا قدمت النفطية الدول من الكثير أن فمع األمر، واقع يف فإنها ظاهريا، رائدا يبدو تنمويا، كونها عن تخرج ال املتسرعة، األحكام عن وبعيدا مناذج تنموية كرتونية، مسنودة بأموال النفط، وتعتمد اعتمادها من بكثير أكثر االفتراضي االقتصاد على استهالك ثقافة وتعمق احلقيقي، االقتصاد على إفرازاته بكل الريع، على املستدام واالعتماد الثروة، السلبية اجتماعيا وسياسيا وحتى بيئيا وقيميا. فهي مصادر يف أو االقتصاد هيكل يف تنويعا حتقق لم الدخل، بل أوغلت يف سياق تبعية اقتصادية وسياسية ال يغطي فشلها السياسي، وباألخص يف جانب حتقيق إال املرأة، ومتكني الشعبية واملشاركة الدميقراطية الوفرة النفطية، مبا متثله من سهولة يف احلصول على

اإليرادات، وقدرة كبيرة على اإلنفاق.حياة لقيام 1951م سنة دستور يؤسس - لم

سياسية حقيقية، بقدر ما كان امتدادا ودسترة لتحويل تستمد شرعيتها تبعية سياسية، إلى الدينية التبعية من ثقافة دينية قائمة بوعي أو دون وعي على نظرية يف ترسخت التي الثقافة وهي اإللهي، التفويض الزمن، من طويل ردح عبر الليبي الشعبي الوجدان تأسست فيه شرعية قائمة على مرجعية شعبية ذات ما مرحلة يف مبررة تكون قد وتاريخية ثقافية أطر

قبل الدولة. السابق احلكم من عقود أربعة فإن ذلك على زد عبر السياسية للحياة جتريفا منظم بشكل شهدت مثل الدميقراطية، أشكال من وعبثي مهلهل شكل صممت اقتصادية لديكتاتورية ممنهجا متكينا السائدة، السياسية الدكتاتورية لترسيخ خصيصا قيام حتقق التي املادية القاعدة توفير طريق عن هذه الديكتاتورية وتعزز بقاءها واستمرارها، فالدولة والسيما االقتصاد، مفاصل كل على تسيطر كانت املصدر الرئيس لتوليد الدخل والتوظف، وهو النفط، ولم تسع جادة إليجاد مصادر بديلة للدخل أو لتنويع هيكل االقتصاد، ألن من شأن ذلك لو حدث أن يخفف أكبر مساحة يوفر وأن وإحكامها، قبضتها من شدة االقتصادي االستقالل خالل من تسمح للمواطنني اجتماعي صحيح وتطور الدولة مبعايشة حراك عن وصحي، وبالتالي ممارسة التعبير السياسي والثقايف

بعيدا عن سيطرتها.اإلنتاجية الهياكل تنم لم سبق، ما على - عطفا نسق تشكيل إلى تفضي بحيث الليبي، االقتصاد يف

مل يؤسس دستور سنة1951م لقيام حياة سياسية حقيقية، بقدر ما كان امتدادا ودسرتة

لتحويل التبعية الدينية إىل تبعية سياسية..

ر تفك 8

عموده املنتجة الوسطى الطبقة متثل اجتماعي الفقري، ويؤسس لقيام الدميقراطية وتطور مؤسساتها ورسوخها عبر الزمن، إذ ال يزال معتمدا على النفط عناصر على التأثير ويف الدخل مصادر توليد يف اإلنفاق، وفيم، وفيمن يوجه إليهم اإلنفاق ومن يجنون

ثماره، ويف اإليرادات من العمالت من الصعبة. املجتمع التي عرفها السياسية - لم تكن األحزاب الليبي منذ قيام الدولة احلديثة نتاجا حلراك اجتماعي داخلي، بل كانت استجابة وتأثرا بعوامل خارجية تعكس ظروفا مغايرة وتعبر عن احتياجات مختلفة، وإن كانت

ال وطنية مضامني على تنطوي تخلو من املوضوعية يف تعاملها مع املحيط اإلقليمي املتمثل يف الوطن نشأت اإلطار هذا ويف العربي. التجربة احلزبية يف ليبيا يف سياق املد الهائل حلركة التحرر الوطني ومحاربة االستعمار، مما فرغ هذه التجربة من أي مضامني اجتماعية االجتماعية القوى مصالح تعكس

وتوازنها على املستوى الوطني.- الطبقة البرجوازية التي تعد عماد الدميقراطية القائمة على التعددية احلزبية منت وترعرعت يف ليبيا يف االقتصادية قوتها واستمدت الدولة، أحضان يف اخلدمية، واألنشطة التجارية التوكيالت من الغالب املرض أعراض من وسياسي اجتماعي كعرض الهولندي أو النفطي، وبالتالي لم تكن لتملك الرغبة نهضوية شاملة رؤية مجتمعية بلورة القدرة على وال

تضغط باجتاه حتقيق أهدافها. صناعة يف مهم عنصر الوطنية الهوية - حتديد حيث االجتاهات، عليها بناء تتحدد التي البوصلة البد من وجود رؤية وطنية شاملة تنضوي يف نطاقها كل التيارات السياسية يف سياق من تعدد االجتاهات هوية تتحدد لم الواقع ويف والطروحات. والتيارات رؤية تنبثق ولم ليبيا، استقالل منذ جامعة وطنية شاملة يف هذا اإلطار حتظى بتوافق مجتمعي، وتسمح يف ظل وجود ثوابت وطنية باالجتهاد، وتعزز االنتماء

اجلهوية الضيقة، االنتماءات عن بعيدا الوطني، كان أيا الفضفاضة االنتماءات أو وغيرها، والقبلية

مصدرها.جتربة ألي مهم عنصر األيديولوجي - التباين احلالية يف احلزبية التجربة تفتقده ما وهو حزبية، خصبة، أرضية األيديولوجي التباين يخلق إذ ليبيا، تثري من خالل التنوع الفكري الذي يفرزه هذا التباين، النشاط السياسي والثقايف، ما من شأنه أن يسهم يف دعم فرص قيام حياة حزبية حقيقية. فاملتابع واملدقق فيما تطرحه األحزاب القائمة يف ليبيا ال يلحظ تباينا يذكر يف رؤاها التنموية وطبيعة النظام االقتصادي املنشود، وملن توجه التنمية أو مبن تقوم، إال يف

مرجعياتها الفكرية فقط. املشهد يهيمن على باختصار، واقع مسطح ليبيا السياسي يف ويتسم فكرا، يفرز ال هالمي، السطح إلى تبرز أحادية بنظرة عمودية، وانقسامات تناقضات مثل اجلهوية والقبلية والتعصب الديني والعرقي، حيث يصبح الصراع على توزيع الثروة أهم من التنافس على إنتاجها، ما قد يهدد استقرار املجتمع وينذر بحالة من التشظي تأخذ يف طريقها كل

فرص التقدم والنمو والتحول نحو الدميقراطية.

مل تتحدد هوية وطنية جامعة منذ استقالل

ليبيا... والتبـــاين األيديولوجي عنصر

مهم ألي جتربة حزبية..

ر 9تفك

ألمتتة الكترونية وسائط استخدمت ذلك، لتفادي مراحل التعامل املختلفة على نحو يوفر الوقت واجلهد. غير أن هذا االستخدام لم يخل من إشكاليات يهمنا منها يف إطار هذا البحث إشكالية تكون العقود املبرمة عبر هذه سنعرض الورقة، هذه ويف الوسائط، هذه تدخل اإلشكالية )املطلب األول(، قبل االنتقال إلى بحث احللول

املقدمة )املطلب الثاني(.

املطلب األولعرض اإلشكالية

تتمثل اإلشكالية التي يدور حولها هذا البحث يف مدى استيفاء العقود التي تتدخل وسائط الكترونية يف إبرامها إثارة املقررة قانونا. والسبب يف العقود ملتطلبات تكون هذه اإلشكالية هو طبيعة هذه الوسائط، والدور الواسع

الذي تؤهلها هذه الطبيعة للقيام به يف إبرام العقود. لهذا، يلزم تعريف الوسائط االلكترونية، وبيان دورها يف عملية إبرام العقود )الفقرة األولى(، قبل االنتقال لتوضيح كيف أن العقود املبرمة باستخدام هذه الوسائط قد ال تستويف

متطلبات التعاقد التقليدية )الفقرة الثانية(.

الفقرة األوىليف دورها وبيان االلكترونية الوسائط تعريف

عملية التعاقديعد الوسيط االلكتروني برنامجا حاسوبيا، وما عدا هذا القدر، فإن تعريفه تكتنفه إشكاليات عديدة. تتعلق لإلشارة املستخدم باالصطالح اإلشكاليات هذه أولى إليه، فبجانب اصطالح الوسيط االلكتروني، املستخدم يف هذا البحث، هناك اصطالح الوكيل االلكتروني الذي

إشكــاليــة تكــون العقـــود التي تتـدخـــل وســائـط الكتــرونيــة يف إبــرامها

يف حني ازداد دور االنرتنت كفضاء تتم من خالله التجارة على نحو فاق توقعات الكثريين، فإن هذه الزيادة قد حملت بذور انتكاس لهذه التجارة.

يعود هذا إىل الكم الكبري من املعلومات املتعلقة بالسلع واخلدمات ومقدميها التي البد للمتعاملني من استعراضها لتلبية حاجاتهم، مما

قد يجعل مهمتهم صعبة إىل احلد الذي قد يصرفهم عن التعامل عرب االنرتنت، واللجوء إىل إشباع هذه احلاجات عرب الطرق التقليدية، واحملصلة

قد تكون انتكاسة التجارة االلكرتونية..

,,

سليمان محمد إبراهيم

دراســـات

ر تفك 10

استخدمه بعض الباحثني. “1” ومرجع هذا االصطالح األخير، حسب اعتقادي، هو ترجمة املصطلح االجنليزي ذات إلى لإلشارة املستخدم ،”electronic agent“االجنليزية يف يأتي ”agent“ لفظ إن إذ البرنامج، بعدة معان، منها عامل )كيميائي(، وموظف )خاصة يف الشرطة وقوى األمن(، وأداة أو وسيلة، ووكيل أو ممثل. “2” ورغم أن تكييف الوسيط االلكتروني على أنه وكيل عن مستخدمه هو أحد اآلراء املقول بها حلل إشكالية براجح حتى ليس الرأي هذا أن إال ”3“ العقد، تكون أن نرى لهذا، إليهم أعاله. “4” املشار الباحثني عند استخدام اصطالح الوكيل غير دقيق، ونفضل اصطالح الوسيط ألنه يصف بدقة ما يقوم به هذا البرنامج يف مع تناسبا أكثر ويعد ناحية، من العقود، إبرام عملية التكييف الراجح لهذا البرنامج بوصفه مجرد أداة إلبرام

هذه العقود من ناحية أخرى “5”.باإلضافة إلى االختالف حول مسألة االصطالح، فإنه ويف ”6“ االلكتروني، للوسيط موحد تعريف يوجد ال حني تركز بعض التعريفات على اخلصائص الذاتية لهذا الوسيط، ينطلق بعضها اآلخر من املهام التي بإمكانه تأديتها. “7” بالنسبة لهذا البحث، فإن التعريف املتبنى هو ذاك الذي يجمع بني االجتاهني يف تعريف الوسيط الوسائط لنوعي تضمنه إلى باإلضافة االلكتروني، التعريف لهذا وفقا واملستقلة. التلقائية االلكترونية: فإن الوسيط االلكتروني هو “برنامج أو نظام الكتروني بشكل يستجيب أو يتصرف أن ممكن آلي حلاسب مستقل كليا أو جزئيا، دون إشراف أي شخص طبيعي له.” االستجابة أو التصرف فيه يتم الذي الوقت يف الباحثني بعض أشار كما يالحظ، التعريف هذا ”8“دون التصرف يستطيع االلكتروني الوسيط أن بحق، حاجة إلى إشراف أو أي تصرف من قبل مشغله، وهو، أي التعريف، يتسع ليشمل كال من الوسيط االلكتروني الذي يستطيع العمل بشكل تلقائي، وذاك الذي يستطيع الوسيط من كل يشترك .”9“ مستقل بشكل العمل التلقائي والوسيط املستقل يف ممارستهما لعملهما دون حاجة إلى إشراف أو إقرار من قبل مشغلهما، ولكن ما مييزهما أن األول يقوم بعمله وفقا للبرمجة التي ادخلها

الثاني، أن التعديل فيها، يف حني إمكانية مشغله، دون يتميز بخصائص ذاتية متكنه من تعديل تلك البرمجة.

autono- أوال، االستقاللية “ذذه اخلصائص هي، دون يعمل أن البرنامج بإمكان يكون أن وتعني ،”myمن نوعا وأن ميلك غيره، أو إنسان من مباشر تدخل املكنة هذه الداخلية. وحالته أفعاله على السيطرة قادرة لتكون برمجتها خالل من الوسائط لهذه تتأتى التعليمات تعدل وأن اخلبرة، خالل من تتعلم أن على جديدة، تعليمات تستحدث وأن سابقا، فيها املدخلة ذلك. على مبنية قرارات باتخاذ كمحصلة، تقوم، وأن social“ أما اخلاصية الثانية فهي القدرة االجتماعيةability”، فيكون بإمكان البرنامج أن يتفاعل مع غيره من الوسطاء أو البشر من خالل استخدام لغة خاصة. reactiv- التفاعلية هي األساسية اخلصائص “االث

بيئته مع يتواصل أن البرنامج بإمكان أن وتعني ،”ityاألساسية اخلصائص آخر أما ملتغيراتها. ويستجيب فهي املبادأة “pro-activeness”، وتعني أن تصرفات البرنامج ليست ببساطة مجرد استجابات لبيئته، بل أن املبادرة أخذ هادفا من خالل يظهر سلوكا أن بإمكانه

.”10“متيز خاصية االستقاللية الوسيط االلكتروني املستقل عن غيره من برامج احلاسوب ذات الصلة. فهي متيزه، يقتصر التي البسيطة احلاسوب برامج عن أوال، أم إيجابا كانت التعبيرات اإلرادية، دورها على إيصال استخدام يف املثال، سبيل على احلال، هو كما قبوال، برامج البريد االلكتروني، أو املحادثة الفورية. قد يثير باإلثبات، تتعلق إشكاليات األخير النوع هذا استخدام أو بالسرية، ولكنه ال يثير إشكاليات تتعلق مبدى انعقاد وسائل من أكثر ليست هنا احلاسوب فبرامج العقد، الذي التعاقد على وتنطبق والبرق، كالهاتف اتصال من .”11“ التقليدية التعاقد قواعد طريقها عن يتم الوسيط متيز االستقاللية خاصية فإن أخرى، ناحية التلقائي. االلكتروني الوسيط عن املستقل االلكتروني رغم أن دور هذا األخير يتعدى إيصال التعبير عن إرادة التعبير القيام بإصدار هذا إلى اإلطراف عند صدوره لبرمجة وفقا أوتوماتيكية، تلقائية، بصورة وتسجيله

ر 11تفك

مسبقة، كما هو احلال عندما يعد هذا البرنامج ليقوم بإصدار إيجاب منوذجي وتسجيل القبول، إال أن إثارته

للمشكلة محل البحث ليست محل اتفاق “12”. للقيام إذن، تؤهله، قد االلكتروني الوسيط تقنية بشكل االنترنت عبر العقود إبرام عملية يف بالتدخل لتوضيح مستقل. بشكل أرقى، صورة يف أو، تلقائي، السلوك بنموذج يعرف مبا االستعانة ميكن ذلك، The Consumer Buying( للمستهلك الشرائي Behaviour )CBB( Model(، والذي مبوجبه تقسم عملية الشراء إلى ست مراحل. أولى هذه املراحل هي مرحلة حتديد الشخص الحتياجاته غير امللباة، ويعقب

اخلدمات أو السلع اختيار ذلك ثم االحتياجات، هذه تشبع التي السلع لهذه معني مقدم اختيار ذلك، متام وعند اخلدمات، أو حول معه التفاوض يف البدء جنحت ما وإذا التعاقد، شروط إبرام إلى االنتقال املفاوضات، مت خدمة أخيرا، ثم، وتنفيذه، العقد املعاملة وتقومي التعاقد بعد ما “13”. ميكن للوسيط االلكتروني باملراحل حاليا يقوم أن ”14“يتمكن أن ويتوقع األولى، األربعة

تدخل إلى حاجة دون ببقيتها القيام من املستقبل يف مباشر من مشغل البرنامج أو مستخدمه “15”. كما

عبر بعض الباحثني:الوسطاء سيستخدمون دون أي شك ملساعدة التفاعل اإلنساني خالل مراحل املعاملة املختلفة من اختيار املنتج والتاجر مرورا باملفاوضات إلى البيع، والتوزيع والدفع. ليس من غير الوجيه أن يتوقع، يف الوقت املناسب، أن ألداء كاف بشكل دقيقة تصبح سوف الوسيط تقنية معظم إن لم يكن كل هذه األنواع من املهام دون إشراف

أو تدخل إنساني “16”. النقطة املهمة هنا أن عمل الوسيط االلكتروني يكون تلقائيا محضا، أو مستقال، بحسب ما إذا كانت البرمجة التي يستند إليها يف أداء عمله تلك التي وضعها مشغله

من ذاتيا بتعديلها الوسيط قام برمجة أو تغيير، دون خالل العمليات التي سبق له أن تدخل يف إبرامها. ميكن قام التالي: السيناريو األخيرة من خالل تصور احلالة بالدخول إلى موقع على االنترنت، مستخدم من مشتر قبل تاجر معدات لتسويق بضاعته، وسأل عن ثمن هذه املعدات. لم يسبق لهذا املشتري أن تعامل مع هذا البائع، أو موقعه. بعد أن تأكد من وجود املعدات املطلوبة، قام الوسيط االلكتروني املستخدم من قبل البائع، مستعمال يف ذلك املعلومات التي حصلها بنفسه، بحساب السعر املشتري. به واعلم بنفسه، طورها معادلة طريق عن املعروض. بالسعر املعدات بطلب عدد من املشتري رد بإعالم االلكتروني الوسيط قام قام ثم طلبه، بقبول املشتري باألمر بإرسال املعدات إلى األخير، وخصم الثمن من حسابه املصريف. لم يعلم البائع إطالقا بحدوث هذه املعاملة “17”. بدال عن املشتري، بالعملية قام من يكون أن يتصور يكون ثم ومن االلكتروني، وسيطه طرفا التعامل وسيطني الكترونيني. محضا، نظريا ليس املثال هذا التطبيق يف يعضده ما فهناك )ebay( العملي. يف موقع إي-بايالتلقائية باملزايدة يعرف ما إطار ويف للمزايدات، ميكن )Automatic Bidding( األوتوماتيكية أو للمستخدم، بدال من متابعة املزايدة وزيادة العطاء كلما فاق عطاء آخر العطاء الذي قام هذا املستخدم بطرحه من قبل، باملوافقة على أن يقوم البرنامج املستخدم يف ما وإذا معني، حد إلى عنه “بالنيابة” باملزايدة املوقع كان العطاء الذي طرحه البرنامج أكبر العروض، يرسو العطاء على مستخدمه، ويرتبط بهذا بعقد ملزم، وفقا ملا تقضي به قواعد املوقع “18”. النقطة املهمة هنا، هي أن هذا العقد امللزم، وفقا ملا تصرح به قواعد املوقع، قد ينشأ دون علم املستخدم الذي قد يكون توقف عن متابعة املزايدة، التي قد تستغرق ساعات أو أياما، بعد سقف إلى واملزايدة متابعتها يف البرنامج “فوض” أن

االستقاللية تعني أن يكون بإمكان الربنامج

أن يعمل دون تدخل مباشر من إنسان أو غريه، وأن ميلك نوعا

من السيطرة على أفعاله وحالته الداخلية

ر تفك 12

معني.إبرام االلكتروني يف الوسيط يؤديه الذي الدور هذا العقد، أثار تساؤال حول مدى استيفاء العقد الناشئ عن

تدخله للمتطلبات القانونية.

الفقرة الثانيةمقومات انعقاد العقد

الوسيط تدخل يثير أعاله، اإلشارة سبقت كما االلكتروني يف عملية التعاقد تساؤال حول مدى استيفاء يلي، فيما التقليدية. التعاقد ملتطلبات العملية هذه سنوضح هذه املتطلبات، وكيف أنها قد تتخلف يف العقود

التي تدخل وسيط الكتروني يف إبرامها. يجب النعقاد العقد، أن تتحقق شروط معينة. فيلزم أن يكون هناك طرفان على األقل، تتجه إراداتهم إلى إحداث

آثار قانونية يف عالقاتهم ببعضهم البعض، وأن تتوافق هذه اإلرادات “19”. تطبيق هذه املتطلبات على الكتروني وسيط تدخل بيع عقد مستقل يف إبرامه عن البائع، على سبيل املثال، سيثير تساؤالت حول مدى إمكانية اعتباره عقدا باملعنى ناحية من الصحيح. القانوني العقد ال ميكن أطراف فإن أولى، طبيعيني أشخاصا، إال يكونوا أن

أو اعتباريني “20”، ومبا أن الوسيط االلكتروني ال يعد وفقا للقانون القائم شخصا، لم يبق إال اعتبار املشتري والبائع أطرافا لهذا العقد. ولكن، هل يتحقق التراضي الالزم النعقاد العقد يف احلاالت التي يقوم فيها الوسيط

االلكتروني، دون علم البائع، بإبرام العقد؟من ناحية ثانية، فإن التراضي هو ركن العقد األول، وقوامه تالقي إرادتني على إحداث أثر قانوني، ويصطلح على تسميتهما باإليجاب والقبول. يتعني أن تكون هاتان اإلرادتان إرادتي أطراف العقد. بالنسبة للسيناريو الذي سبق ذكره، على سبيل املثال، هل ميكن أن يقال بتحقق التراضي املتطلب؟ بالنسبة لإليجاب، فهو عرض يعبر محدد، عقد إبرام يف اجلازمة رغبته عن شخص به

قبول مطابق، به يقترن أن العقد مبجرد ينعقد بحيث هو األول الشرط توافر شرطني. يستلزم فهو ثم ومن العقد إبرام إلى املوجب قصد يتجه أن أي اجلزم، فهو الثاني الشرط أما املطابق. القبول مبجرد حتقق الكمال، ويعني أن تتوافر يف العرض العناصر األساسية القبول صدور يكفي بحيث إبرامه املراد العقد يف املطابق النعقاده “21”. أما القبول، فهو اإلرادة الثانية العقد اإليجاب إلرادة التامة مبطابقتها ينعقد التي “22”. بالنظر إلى السيناريو الذي سبق عرضه، فإن اإليجاب يتمثل يف طلب املشتري شراء كمية معينة من املعدات بالسعر الذي أعلمه به البرنامج، إذ تضمن هذا الطلب العناصر األساسية يف العقد املراد إبرامه، واتسم باجلزم؛ ولكن ماذا عن القبول؟ يف السيناريو املفترض، يستويف الرد الذي قابل به البرنامج اإليجاب املوجه من املشتري، إذا نظر إلى هذا الرد يف حد ذاته بغض النظر عن مصدره، شروط القبول، إذ طابق ما جاء يف اإليجاب مطابقة تامة، وصيغ على إلى اإلرادة اجتاه على يدل نحو هو كما هو، قانوني، أثر إحداث احلال يف كل قبول، انعقاد العقد. ولكن السؤال يثور حول من تنسب

إليه هذه اإلرادة؟ هناك ثالث إجابات محتملة هنا. االلكتروني الوسيط إلى تنسب اإلرادة أن هي األولى فحسب، ولكن يرد على هذا بأنه إذا كان العقد تطابق بني إرادات طرفني أو أكثر، وأن الوسيط االلكتروني ال ميكن أن يكون طرفا، ألنه ليس بشخص، فإن ركن التراضي لن يتحقق. اإلجابة الثانية هي أن اإلرادة تنسب إلى البائع بالقبول قط يعلم لم البائع أن هنا واالعتراض فقط، تبق لم إليه. ينسب أن ثم ال ميكن ومن عند صدوره، إال اإلجابة الثالثة ومفادها أن اإلرادة تنسب إلى البائع بحكم أنه هو من برمج الوسيط، ولكن ما يعترض به هنا أن الوسيط قد أصدر القبول دون علم البائع وبناء على البائع إلى تغدو نسبته ثم ذاتيا، ومن معلومات طورها

غير دقيقة “23”.

هل يتحقق الرتاضي الالزم النعقاد العقد

يف احلاالت التي يقوم فيها الوسيط االلكرتوين، دون علم البائع، بإبرام العقد؟

ر 13تفك

يالحظ هنا أن إشكالية تكون العقد ترد بشكل واضح برامج أي املستقلة، االلكترونية الوسائط حالة يف احلاسوب املتميزة بإمكانية تعديل البرمجة ذاتيا، والتعلم من خالل اخلبرة، والتصرف وفقا لهذه املعطيات. لكن استعمال حال يف الوضوح هذا مبثل ليست املسألة الوسائط االلكترونية التلقائية، أي برامج احلاسوب التي بشكل القبول وتسجيل منوذجي إيجاب إصدار متلك تلقائي، أو أوتوماتيكي، دون حاجة إلى تدخل املستخدم، تشير أولى، ناحية فمن املسبقة. لبرمجته وفقا ولكن كل املقاالت املشار إليها يف هذا البحث، واملتعلقة ببحث عرضها عند الوسائط هذه إلى العقد، تكون إشكالية لتلك اإلشكالية، دون تفرقة بينها وبني الوسائط املستقلة، التشريعية املقدمة، وكلها، كما تشير أيضا إلى احللول التلقائية الوسائط إلى بوضوح تشير التشريعات، أي بالنسبة التعاقد ترد يعني أن إشكالية “24”. هذا قد لكل من الوسائط املستقلة وتلك التلقائية على حد سواء. أن بحق، الباحثني، أحد يرى ثانية، ناحية من ألن التلقائية، الوسائط حالة يف ترد ال اإلشكالية بعيد إلى حد العقد يشبه إبرام الوسائط يف دور هذه األماكن يف عادة املوجودة االلكترونية، البيع آالت دور قطع مثل متنوعة أشياء للبيع تعرض التي العامة، ال هنا الناشئة العقود بأنواعها. واملشروبات احللوى، والشخص اآللة أنها عقود مبرمة بني حتلل عادة على الذي قام بإدخال العملة، أو العمالت النقدية، املحددة. على العكس، يكيف عرض البيع الذي تظهره اآللة على أنه مقدم من الشخص الذي ميلك اآللة، ويعد تصرف الطرف اآلخر املتمثل يف إدخال العملة النقدية املحددة قبوال لهذا العرض. نعم، قد يقال إن البائع ال يستطيع حتى أو اآللة، طريق عن ستتم التي باملعامالت التنبؤ العلم بها عند وقوعها، ومن ثم فإن إرادته لم تنصرف إلى إبرام العقد املعني الذي وقع بالفعل، ولكن يرد على املتعلقة الدقيقة للشروط وفقا مت قد العقد بأن هذا بالسعر والكمية التي حددها البائع. من ثم، فإن اإلرادة لم التي اآللة إرادة ال البائع، إرادة هي حتققت التي تصل إلى درجة الذكاء التي تخولها استقاللية يف تعديل

شروط العقد أو إنشائها دون تدخل إنساني “25”.

ويف تقديري أن اإلشكالية محل البحث تقع يف احلالني: حال استخدام الوسيط التلقائي أو ذاك املستقل، إذ إنه رغم التزام الوسيط التلقائي حرفيا بالبرمجة التي أدخلها مشغله، فإن هذا ال ينفي جهل هذا األخير بالعقود التي التساؤل مشروعا يغدو ثم ومن الوسيط، هذا أبرمها حول مدى اجتاه إرادته إلى إبرام تلك العقود حتديدا. عالج هذه اإلشكالية يعد على درجة كبيرة من األهمية، إذ قد يضطر األشخاص يف حال تيقنهم من عدم قانونية العقود املبرمة عن طريق الوسائط االلكترونية، ومن ثم أو لإلذن، بشكل شخصي التدخل إلى إلزاميتها، عدم من سيقلل وهذا منها، عقد بكل لإلقرار، األقل على املزايا املتحققة عن طريق اللجوء لهذه الوسائط. لهذا قدمت حلول مختلفة لهذه اإلشكالية، نبحثها فيما يلي.

املطلب الثايناحللول املقدمة

تدخلت التي العقود تكون ملشكلة حلول عدة قدمت وسائط الكترونية يف إبرامها. ميكن تقسم هذه احللول إلى نوعني: حلول تندرج ضمن ما يعرف بالنظام املغلق، وأخرى تندرج ضمن ما يسمى بالنظام املفتوح. فيما يلي،

سنتناول كل منها بالشرح والتحليل.

الفقرة األوىلالنظام املغلق حال ملشكلة تكون العقد

يكون مبثابة إبرام عقد مبدئي يقوم هذا احلل على يف األطراف بني ستبرم التي للعقود احلاكم اإلطار التي يتضمنها عقد اإلطار القواعد املستقبل. من أهم وسائط تتدخل التي العقود صالحية تقرر التي تلك الكترونية يف إبرامها، وحتدد متى وكيف تتم تلك العقود. انعقاد مكان حتديد أيضا، القواعد، هذه تتضمن قد العقد، والقانون املختص، وطرق فض أي نزاع قد ينشأ يأخذ ما احلل هذا تطبيقات من .”26“ أطرافه بني به موقع Ebay.com للمزايدات، إذ ينذر مستخدميه قبل طرح عطاءاتهم بأن عقدا ملزما قانونا سينشأ مع سوق هو اآلخر واملثال .”27“ األكبر العطاء مقدم التي حتكم عالقة قواعدها، تتضمن التي املالية لندن

ر تفك 14

منتسبي السوق بهيئتها وعالقات هؤالء ببعضهم البعض، تقرير صالحية العقود التي تتدخل وسائط الكترونية يف إبرامها “28”. على العكس من ذلك، قد يتضمن عقد وسائط تتدخل عقود انعقاد عدم تقرر قواعد اإلطار الكترونية يف إبرامها، متى شاب هذه العقود غموض ما. من ذلك ما يقرره موقع Amazon.com من أن استالم يعد وال املوقع، إلى موجها إيجابا يعد الزبون طلبية هذا اإليجاب مقبوال إال عندما ترسل رسالة الكترونية، امييل، إلى ذلك الزبون تفيد بشحن البضاعة املطلوبة. عدم انعقاد العقد حتى ذلك احلني مينح مديري املوقع

فرصة ملراجعة املعاملة والتأكد من صحتها “29”. على كل، فإن هذا احلل ال يخلو من عيوب. فهو، أوال، browsewrap agree- ثثير مسألة العقود املسماةاملسماة شهرة األكثر العقود على قياسا ،mentsعندما تنعقد والتي ،shrinkwrap agreementsبرنامجا مغلفا ومحتويا على شروط يشتري املستخدم الترخيص باالستعمال، بحيث يعد املشتري موافقا على هذه الشروط مبجرد فض العبوة. حيث إن إلزامية هذه العقود األخيرة تعد، من الناحية القانونية، محل تساؤل، والرأي الغالب هو أنها ال تكون كذلك إال عند التأكد من املعاملة، إكمال قبل الترخيص لشروط املشتري قراءة حد إلى تشابهها التي هي اإلطار، عقود إلزامية فإن ما، قد تكون هي األخرى محال للتشكيك. العيب اآلخر اإلشكاليات تفادي يف تسعف ال قد اإلطار عقود أن التي ذلك احلالة مثال لتفاديها. أبرمت التي القانونية التعاقد شروط بتعديل االلكتروني الوسيط فيها يقوم اجلغرايف للموقع مراعاة اإلطار، عقد تضمنها التي العقد هذا ينسب أن كيف ميكن لغته. أو للمستخدم، إلى البائع الذي لم يعلم به حني عقده، ولم تكن الشروط املضمنة يف العقد شروطه؟ “30” يضاف إلى هذا، أن التي يغيب فيها، يفترض، ويف احلاالت عقد اإلطار ال االلكترونية التجارة معامالت اغلب يف احلال هو كما عبر االنترنت التي تتم بني أشخاص ال جتمعهم عالقة سابقة، تظل اإلشكاليات القانونية املتعلقة بتكون العقد يف انتظار احلل. هذا يقود إلى بحث احلل املقترح الثاني.

الفقرة الثانيةحلول مشكلة تكون العقد يف إطار النظام املفتوح

التجارة معامالت تتم ما غالبا اإلشارة، سبقت كما جتمعهم ال أشخاص بني االنترنت عبر االلكترونية عالقة سابقة، ومن ثم، فإن احللول القائمة على النظام تصلح ال العالقة هذه مثل وجود تفترض التي املغلق، عالجا للمشكلة محل البحث. لهذا طرحت حلول أخرى تصنف أن وميكن األطر، اتفاقات غياب بينها يجمع الوسائط عبر تبرم التي العقود تواجه حلوال بوصفها االلكترونية يف نظام مفتوح. هذه احللول ميكن أن تقسم إلى نوعني، يقوم أولها على إضفاء الشخصية القانونية على ثانيها يقوم حني يف االلكتروني، الوسيط على ويسلك تعاقدية، وسيلة كمجرد الوسيط هذه معاملة

طرقا مختلفة لتأسيس هذا التكييف.أوال: إضفاء الشخصية القانونية على الوسيط

االلكتروني التعاقدية للمشاكل احلل الرأي هذا أنصار يجد املتعلقة بتكون العقود التي يتدخل وسطاء إلكترونيون يف إبرامها يف إسباغ شخصية قانونية على هؤالء الوسطاء. وتكون العقود، لتلك أطرافا يكون هؤالء أن بذا، يصح اإلرادة املتجهة إلى إحداث األثر القانوني، إيجابا كانت أو قبوال، إرادتهم. يكون مركز الوسطاء اإللكترونيون يف هؤالء يعبر إذ البشر، من الوكالء كمركز احلالة هذه عن إراداتهم الذاتية حني إبرام العقود، يف حني تنصرف بالنسبة احلال كما األصالء. إلى العقود هذه آثار األصالء تلزم ال املبرمة العقود فإن األخيرين، لهؤالء إال متى كان إبرامها داخال ضمن سلطات الوكالة، ويف هذا حماية من آثار األخطاء التي قد يقع فيها الوسيط االلكتروني، كما يف حالة إرساله أكثر من قبول ببيع منتج واحد، فالعقد، يف هذه احلالة، ال ينفذ يف حق األصيل

.”31“القائلون بهذا الرأي يؤسسونه على عدد من احلجج. على القانونية الشخصية إسباغ أن احلجج هذه أولى الوسيط االلكتروني يستند إلى اعتبارات أخالقية تتمثل يف استيفائه ملعايير منح هذه الشخصية، وهي يف نظر هؤالء الوعي الذاتي، أو اإلحساس، على اختالف بينهم.

ر 15تفك

حقيقة يعد االلكتروني الوسيط أن هي احلجج ثاني على يتم هنا والقياس بها، االعتراف ينبغي اجتماعية بأنواعها كاملنظمات االعتبارية القانونية األشخاص هوية املنظمات لهذه بأن االعتراف كان لقد املختلفة. ومن بأعضائها، اخلاصة تلك عن مستقلة وتصرفات إلى ال إليها ينسب جماعي بتصرف للقيام قابلية ثم القانونية. بالشخصية لها االعتراف يف سببا هؤالء، االلكتروني الوسيط هوية بني الفصل مت متى باملثل، نسبة ثم ومن مبديريه، اخلاصة تلك وبني وتصرفاته القابلية للتصرف بشكل مستقل لألول، ينبغي أن يعترف بالشخصية القانونية لهذا الوسيط. بتعبير آخر، القدرة للمنظمات على التصرف اجلماعي تقابلها االجتماعية التصرف على االلكتروني للوسيط االجتماعية القدرة لالعتراف سببا يكون أن ينبغي وكالهما املستقل،

.”32“ القانونية بالشخصية هناك أن فهي الثالثة احلجة أما االعتراف توجب عملية اعتبارات بهذه الشخصية، وتتمثل يف أن هذا بقانونية االعتراف إلى سيؤدي العقود القائمة على تدخل الوسيط بدوره سيؤدي وهذا االلكتروني، االلكترونية. التجارة تعزيز إلى باإلضافة إلى هذا، فإن االعتراف االعتبارية القانونية بالشخصية

شائع يف عالم القانون، وما شخصية الشركات والسفن إال مثال واضح على ذلك “33”.

للحجة فبالنسبة للنقد. تعرضت احلجج هذه لكن األولى، رغم أن تقنيات الذكاء الصناعي قد بلغت مستوى هزمية من اآللي، الرجل ،Deep Blue مكن مرتفعا بطل العالم يف الشطرجن، إال أنه مازال من املبكر نسبة وعي ذاتي، أو حتى إحساس، إلى الوسيط االلكتروني. أو ذاتي وعي بامتالك االحتجاج أن هذا إلى يضاف إحساس بهدف تبرير استحقاق الشخصية القانونية كان يستهدف، حني استعمل يف شأن احليوانات أو األشجار الشخصية نيل إن إذ الكائنات، هذه حماية مثال، الذي األمر باحلقوق، وهو للتمتع يعد سبيال القانونية

احلماية إذ االلكتروني، الوسيط شأن يف يتحقق ال االلكترونية بالعقود العالقة ذوي األشخاص تستهدف “34”. أما بالنسبة للحجة الثانية، فالرد عليها يستند االلكتروني للوسيط فاالعتراف واقعية. اعتبارات إلى بالشخصية القانونية يستلزم أن يبدأ املتعاملون معه يف النظر إليه، ال إلى األشخاص القائمني على إدارته، على بعد يتحقق لم وهذا االجتماعي، للتصرف أنه مصدر

.”35“الفوائد يف واملتمثلة الثالثة، احلجة على الرد يبقى بشخصية االلكتروني للوسيط لالعتراف العملية أو حتديد تعيني أوال، قانونية. هذا االعتراف يستلزم، الوسيط االلكتروني، وهو أمر ليس بالهني يف احلاالت التي يتوزع فيها الوسيط، كبرنامج، على أكثر من موقع، يقال قد واحد. شخص من أكثر قبل من ويستخدم خاصة ليست املشكلة هذه إن فالشركة االلكتروني، بالوسيط على تتوزع قد مثال، الواحدة، هذه يف والعبرة مكان، من أكثر باملثل، تسجيلها. مبكان احلالة وسيط استخدام أراد ملن ميكن باسم بتسجيله يقوم أن الكتروني إلى باإلضافة معينني، وتوقيع عن مسؤوال طرفا نفسه تسجيل هذا الوسيط “36”. لكن املشكلة هنا هي أن هذا التسجيل يستتبع نفقات، وإذا كان يف تبرر لفوائد حتقيق القانونية للشخصية الشركة نيل ودميومة الشركاء مسؤولية مثل حتديد النفقات، هذه الوسيط شخصنة من املتحققة الفائدة فإن الشركة، ال االلكترونية، العقود قانونية تقرير وهي االلكتروني،

تبرر نفقات التسجيل “37”. قد يقال هنا بأن لهذه الشخصنة فائدة أخرى تتمثل يف حماية مستخدم الوسيط االلكتروني من أخطاء هذا يقوم كأن الوقوع، النادر باألمر ليست وهي الوسيط، أكثر من موقع بالشراء من بتوجيه قبول الوسيط هذا على االنترنت يف الوقت ذاته. خطأ الوسيط االلكتروني هنا قد يعامل كخطأ وكيل عادي، ومن ثم ال يسأل عنه

إسباغ الشخصية القانونية على الوسيط

االلكرتوين يستند إىل اعتبارات أخالقية تتمثل

يف استيفائه ملعايري منح هذه الشخصية..

ر تفك 16

حلدود الوسيط جتاوز اثبت متى املستخدم، األصيل، حالة يف اآلخر، الطرف أن هنا االعتراض الوكالة. الوكالة العادية، لن يتضرر بالضرورة من هذه املسألة، إذ قد يكون بإمكانه الرجوع بالتعويض على الوكيل يف ذمته فيفتقد االلكتروني، الوسيط حالة يف أما الشخصية. هذا الطرف إلى هذه الضمانة، فحتى مع فرض ثبوت له، فإنها ستكون بثبوت الشخصية ذمة مالية للوسيط فارغة وتكون الضمانة، من ثم، نظرية محضة، إذ ليس بالرجوع القول تغذي ذمته، وال ميكن للوسيط مصادر املتضرر أن الواضح من املستخدم. أي األصيل، على

سيكون احلالة هذه يف الوحيد االلكتروني الوسيط مع املتعامل “38”. لهذا، فإن إضفاء الشخصية القانونية على الوسيط االلكتروني ليس باحلل الوجيه، على األقل يف

الوقت الراهن. الوسيط ثانيا: معاملة مجرد بوصفه االلكتروني

وسيلة تعاقديةيذهب األول الرأي كان إذا عن العقد تكون مشكلة حل إلى القانونية الشخصية إسباغ طريق ومن االلكتروني، الوسيط على ونسبة للعقد، طرفا اعتباره ثم،

فإن إليه، قبوال، أو كانت إيجابا اإلرادية، التعبيرات الثاني يذهب، على العكس من ذلك، إلى اعتبار الرأي للتعبير عن يستعمله مشغله الوسيط مجرد شيء هذا االلكتروني، الوسيط مشغل هو العقد فطرف إرادته. واإلرادة تنسب إليه، ويقتصر دور الوسيط على إيصالها، كالهاتف األخرى االتصال وسائل مع احلال هو كما الوسيط مشغل بني التعاقد يكون كنتيجة، والفاكس. مكانا غائبني بني تعاقدا اآلخر والطرف االلكتروني

وزمانا، أو مكانا فقط، بحسب األحوال “39”. ال به األخذ أن األولى امليزة مميزاته. الرأي لهذا خالفا النافذ، القانون يف تعديل أي إجراء يقتضي الوسيط على قانونية شخصية بإسباغ القائل للرأي

االلكتروني، فالقانون يعرف التعاقد عن طريق استخدام أدوات اتصال كالهاتف، وال يقتضي األمر أكثر من إحلاق هذا النوع اجلديد بها. هذا الرأي يحقق العدالة أيضا، اختار الذي هو االلكتروني الوسيط مشغل أن وذلك استخدامه يف التعامل، ومن ثم، فهو األولى بتحمل نتائج يحمل هذا الوسيط. هذا فيها يقع قد التي األخطاء نشوء مخاطر يحمل الرأي فهذا مشابهة. أخرى ميزة أي التزامات غير متوقعة للشخص األقدر على التحكم فيها: الشخص الذي يدير برنامج الوسيط االلكتروني، لبرمجة أفضل جهد ممكن بذل على يحمله قد وهذا هذا الوسيط والتحكم فيه “40”. أيضا. مشاكله الرأي لهذا لكن فهو، أوال، يتجاهل أن هناك فرقا االلكتروني الوسيط بني مهما الهاتف مثل اتصال وأدوات والفاكس، يتمثل يف أنه يف حني أن التعبير الذي تقوم األخيرة بإيصاله يعد، قوال واحدا، تعبير مستخدمها، فإن التعبير الذي يصل عن طريق األول ليس كذلك. فهذا التعبير قد يبنى، كما أسلفنا، ليس فقط على املستخدم أدخلها التي املعلومات يف برمجة الوسيط االلكتروني، بل أيضا على معلومات جديدة أدخلها بعد أجراها التي للمعامالت كنتاج ذاتيا الوسيط هذا التعبير نسبة تغدو كنتيجة، األصلية. البرمجة متام اإلرادي إلى مستخدم الوسيط االلكتروني، وحصر دور

هذا الوسيط يف إيصاله، غير دقيقة.مستخدم يحمل أنه الرأي هذا يف األخرى املشكلة هذا أخطاء كل عن املسؤولية االلكتروني الوسيط الوسيط، ولو كانت أخطاء تقنية “41”. قد يكون هذا منطقيا، وعادال، يف بعض الفروض، وقد رأينا أن البعض عد هذا التحميل ميزة للرأي، ولكن هناك فروض أخرى يكون األمر فيها مختلفا. مثال ذلك احلالة التي يكون فيها الطرف اآلخر أقدر من مستخدم الوسيط االلكتروني على تفادي مساوئ االلتزامات غير املتوقعة الناجتة عن

هناك فرق مهم بني الوسيط االلكرتوين

وأدوات االتصال، فالتعبري الذي تقوم األخرية بإيصاله يعد “قوال واحدا” تعبري

مستخدمها، والتعبري الذي يصل عن طريق

األول ليس كذلك..

ر 17تفك

عمل الوسيط االلكتروني. يتحقق هذا، على سبيل املثال، الذي وصله ال اإلرادي التعبير أن األول تبني يف حالة أن البد وأنه الثاني، قبل من مقصودا يكون أن ميكن ينبغي على الوسيط االلكتروني. نتيجة خطأ من يكون هذا الطرف، ال على مستخدم الوسيط االلكتروني، أن يتحمل آثار هذا اخلطأ، ألنه قد كان بإمكانه أن يتفاداه

بسهولة “42”. بهدف الوصول إلى النتيجة نفسها، أي معاملة الوسيط اقترح بعض تعاقدية، االلكتروني بوصفه مجرد وسيلة متطلبات من التخفيف على يعتمد آخر حال الفقهاء التراضي املتمثلة يف وجوب اجتاه إرادات األطراف إلى إصدار اإليجاب والقبول يف العقد محل النزاع حتديدا. بذا تكون نية الشخص املتجهة بشكل عام وغير مباشر يف االلكتروني وسيطه يتدخل التي بالعقود لاللتزام إبرامها كافية العتبار هذه العقود ملزمة قانونا “43”. هذا االستثناء على القواعد العامة يف التراضي قد يعد عقدا يوقع الذي الشخص أن املقرر املبدأ يف توسعا صعوبة رغم بشروطه ملزما عادة، يعد، قراءته بدون الشروط بتلك االلتزام إلى إرادته بانصراف القول حتديدا. مبرر اإللزام هنا أن واقعة التوقيع تشكل أساسا وجيها لألطراف اآلخرين لالعتقاد بإلزامية العقد، ومن تأكيد يف ممثلة القانونية احلماية هؤالء يستحق ثم إلزام إذا أمكن أنه القياس هنا اعتقادهم هذا “44”. الشخص مبا وقع من عقود، وإن لم يقرأها، فإنه يبدو وجيها إلزامه بالعقود التي تتدخل الوسائط االلكترونية يف إبرامها، متى تسبب يف وضع هذه الوسائط على نحو أن هي املشكلة .”45“ العقود هذا إبرام معه ميكن القياس هنا يعد قياسا مع الفارق، فأطراف العقد، يف حالة العقد غير املقروء، كانوا على علم بأن العقد قد انعقد، وجهالتهم انصبت فقط على شروط هذا العقد الوسائط تتدخل التي العقود حالة أما يف التفصيلية، بعضهم، أو األطراف، فهؤالء إبرامها، يف االلكترونية على جهالة بأن ذاك العقد املحدد قد أبرم أصال “46”. وسيلة مجرد االلكتروني الوسيط اعتبار أن رغم املعروضة اآلراء أكثر نظرنا، وجهة من يعد، تعاقدية وجاهة “47”، فإن األسس املقترحة لتبنيه تشوبها، على

لهذا، بها. التسليم متنع عيوب أعاله، املبني التفصيل مختلف، نحو على تأسيسه مع الرأي هذا تبني أرى يتجنب ما وجه إلى األسس األخرى من انتقادات. وفقا يتدخل التي العقود تكون التأسيس، جتد مشكلة لهذا وسيط الكتروني يف ابرامها حلها يف النظرة املوضوعية بالتعبير عن اإلرادة، أي اإلرادة الظاهرة، ال التي تعتد مبا يكمن خلف هذا التعبير من نية، أي اإلرادة الباطنة. يف وله وجيها، نظرنا، وجهة من يعد، التأسيس هذا مفهومه، سنوضح يلي، فيما يؤيده. ما الليبي القانون من إليه وجه وما البحث، محل املشكلة يعالج وكيف انتقادات، وكيف رد عليها، قبل أن ننتقل إلى بيان أسس

األخذ به يف القانون الليبي.مذهب أو املوضوعي، املذهب عن احلديث يفترض اإلرادة الظاهرة، وجود اختالف بني اإلرادة التي يبطنها اإلرادة هنا عن التساؤل يثور عنها. والتعبير الشخص الباطنة، اإلرادة هي هل بها: االعتداد ينبغي التي التي جتلت يف تلك أي الظاهرة، اإلرادة أو احلقيقية، التعبير الصادر عن الشخص؟ إذا قيل باألخذ باألولى، ببطالن القول وجب الشخصية، النظرية مذهب وهو العقد لعدم تطابق اإلرادات، احلقيقية، أما إذا فضلت الثانية، وهذا هو مذهب النظرية املوضوعية، فإنه يجب أي التعبيرات، تطابق لذلك يكفي إذ بصحته، اإلقرار التساؤل هذا عن اإلجابة ترتبط الظاهرة. اإلرادات امللزمة القوة بأساس يتعلق آخر تساؤل عن باإلجابة وإذا القانون؟ أم لإلرادة الذاتي السلطان أهو للعقد، كان األخير، فهل يرجع ذلك إلى االعتبارات األخالقية التي توجب الوفاء بالعهود، أو إلى االعتبارات االجتماعية التي تتمثل يف وجوب استقرار املعامالت وحفظ ما يولده التعاقد من ثقة يف النفوس. إذا أسست هذه القوة على بالعهد الوفاء واجب على أو لإلرادة، الذاتي السلطان املقطوع، وجب األخذ مببدأ اإلرادة الباطنة أو احلقيقية، إذ ال محل لهذه االعتبارات إال فيما يتعلق بهذه اإلرادة. على دليال كونها يف إال هنا الظاهرة لإلرادة قيمة ال تبني متى استبعادها بالتالي، ويتعني، الباطنة، اإلرادة اختالفهما. خالفا لذلك، يتعني األخذ باإلرادة الظاهرة، وجتاهل اإلرادة الباطنة، إذا أسست القوة امللزمة للعقد

ر تفك 18

استقرار على احلفاظ العتبارات تقديرا القانون على التعامل وما يولده التعاقد من ثقة، إذ إن هذه االعتبارات كما ال عنها، التعبير عند جتلت كما باإلرادة ترتبط على النقاش هذا تأثير هو ما ولكن .”48“ أبطنت

املشكلة محل البحث؟من واالعتداد، الشخصي املذهب تبني أن حني يف ثم، باإلرادة احلقيقية، سيؤدي إلى إثارة اإلشكالية محل ثم، من واألخذ، املوضوعي املذهب تبني فإن البحث، أن ذلك تفصيل حلها. على سيعني الظاهرة باإلرادة االعتداد باإلرادة احلقيقية يستوجب، بداهة، وجودها، الكترونيا وسيطا األطراف أحد استخدام حالة ويف الوسيط إلى هذا اإلرادة ناحية، نسبة هذه ميتنع، من إلى نسبتها تقتضي كما القانونية، للشخصية الفتقاده املستخدم، من ناحية أخرى، القول بعدم انعقاد العقد، إذ الفرض أن األخير لم يعلم بالعقد، ومن ثم ال ميكن خالف على إبرامه. إلى اجتهت قد إرادته بأن القول ذلك يؤدي األخذ باإلرادة الظاهرة إلى جتاهل ما انطوى عليه صدر مستخدم الوسيط االلكتروني، والتركيز، بدال عن ذلك، على ما إذا كانت التعبيرات الصادرة عن هذا الوسيط تشكل ما ميكن أن يفهمه الشخص املعتاد على أنه إيجاب أو قبول، بحسب األحوال. التساؤل حول ماذا كان العمل الذهني الداخلي للوسيط االلكتروني يصح أن

يشكل إرادة يصبح غير ذي قيمة “49”. يف املوضوعي املذهب جدوى على البعض يعترض يجدي هذا قد لهم، وفقا البحث. املشكلة محل عالج املذهب يف حالة اقتصار دور الوسيط االلكتروني على التوسط يف نقل التعبير عن اإلرادة، ولكنه غير مجد يف حالة قيام هذا الوسيط بإصدار إيجاب بشكل مستقل، أي على نحو غير معروف وال متوقع من قبل املستخدم: هذا بأن القول األخيرة احلالة هذه يف ميكن كيف املستخدم قد وضع نفسه يف وضع ميكن معه للشخص بشروط قبل قد املستخدم، أي بأنه، يفهم أن املعتاد املوضوعي، املذهب فإن كذلك، ”50“ اآلخر؟ املتعاقد وفقا للمعترضني، لن يفلح يف جتنيب الوسيط االلكتروني اإلشكالية محل البحث، إذ إن هذا الوسيط، رغم تعقد تقنياته، ليس شخصا قانونيا، وهو يفتقد القدرة الفكرية

على إرادة العالقات القانونية، وال ميكن القول بدخوله يف أي اتفاقات بشكل تطوعي “51”.

كامن االعتراضني هذين على الرد فإن كل، على هذا ملنطق فوفقا ذاته. املوضوعي املذهب مفهوم يف عن يصدر قد مبا ما طرف إللزام يكفي املذهب، أنها على تفسر قد تصرفات من االلكتروني الوسيط وأن املعاملة، يف باستخدامه يقوم أن قبول أو إيجاب الشخص يفهمه أن ما ميكن الوسيط هذا عن يصدر تاجر، قام ما فإذا قبول. أو إيجاب أنه على املعتاد موقع خالل من بضاعته بتسويق املثال، سبيل على بهذه للقيام الكترونيا االنترنت، واستخدم وسيطا على من الوسيط هذا عن يصدر مبا ملزما عد العملية، أنها على تفسيرها املعتاد للشخص ميكن تصرفات إيجاب أو قبول. حقيقة أن إرادته احلقيقية قد ال تكون قد اجتهت إلى إبرام عقد معني تصبح غير ذي عالقة، من اإلرادة. تلك إلى ينصرف لن ببساطة النظر ألن ناحية أخرى، فإنه، وإن كانت اإلرادة املعتبرة هي اإلرادة الظاهرة كما جتلت يف تصرفات الوسيط االلكتروني، اال أنها ال تنسب لهذا األخير، بل تنسب ملستخدمه، ومن ثم فإن افتقاد الوسيط للشخصية القانونية يصبح غير ذي

عالقة “52”. يترتب على األخذ باملذهب املوضوعي اعتبار الوسيط االلكتروني مجرد وسيلة يعبر بها املستخدم عن إرادته، إلى ه وج الذي النقد إليه يوجه أن يتصور ولهذا الوسيط مستخدم يحمل أنه يف واملتمثل األخر، احلل االلكتروني املسؤولية عن األخطاء التي قد يقع فيها هذا إصابة أو البرمجة كان مرجعها خلل يف ولو الوسيط، بفيروس، مثل إصدار أكثر من رسالة الكترونية بقبول بيع سلعة واحدة “53”. لكن هذا االعتراض مردود عليه بأن االلكتروني الوسيط املستخدم ال يسأل عن كل أخطاء متى كان الطرف اآلخر على علم بها، أو كان من السهل عليه أن يتبينها وفقا ملعيار الشخص املعتاد، إذ ال ميكن لهذا الطرف أن يدعي بأنه قد تولدت لديه ثقة مشروعة يف صحة التعامل ينبغي على القانون، إعماال ملذهبه يف

األخذ باإلرادة الظاهرة، حمايتها. نخلص مما سبق إلى أن يف األخذ بالنظرة املوضوعية

ر 19تفك

يتدخل التي العقود تكون ملشكلة عالج التراضي إلى وسيط الكتروني يف إبرامها. يبقى اآلن أن نبني كيف أن

القانون الليبي يأخذ بهذه النظرة. أن هو الراجح فإن النظر، وجهات اختالف رغم يعتد الذي املوضوعي املذهب تبنى قد الليبي القانون النص تاريخ دراسة هذا على تدل الظاهرة. باإلرادة القانون املتعلق بتكوين العقد، أي نص املادة )89( من املدني، والذي يجري كالتالي: “يتم العقد مبجرد تبادل النص هذا متطابقتني”. إرادتني عن التعبير طرفان املدني القانون املادة )89( من منقول حرفيا عن نص التحضيرية األعمال مجموعة إلى وبالرجوع املصري، لهذا القانون األخير، يتبني أن النص األصلي الذي نقلت املشروع من )135( املادة نص هو )89( املادة عنه التمهيدي الذي صيغ، يف مبدأ أمره بالفرنسية، ويترجم

حرفيا كالتالي: “يتم العقد مبجرد وجه على الطرفان يتبادل أن إرادتهما”، عن التعبير متطابق، بني هو املتطلب التطابق أن أي التعبيرات، ال بني اإلرادات الكامنة أن صحيح التعبيرات. هذه خلف العربية إلي ترجم قد النص هذا املادة يف ورد الذي النحو على صياغتها توحي قد والتي ،)89(اإلرادات بني التطابق بتطلب

للمشروع اإليضاحية املذكرة يف جاء ولكن احلقيقية، اإلرادة مذهب تبني على البقاء يؤكد ما التمهيدي الظاهرة، فهذا النص، وفقا لهذه املذكرة، قد قطع، رغم ظاهر عباراته “... بإيثار مذهب اإلرادة الظاهرة بصورة واضحة ... فلم يتطلب النعقاد العقد توافق إرادتني، بل

استلزم التعبير عن إرادتني متطابقتني” “54”. تدل الظاهرة اإلرادة ملذهب الليبي القانون تبني عليه، أيضا، نصوصه األخرى. على سبيل املثال، املادة )15( من القانون رقم )17/92( بشأن تنظيم أحوال القاصرين ومن يف حكمهم تقضي بأن تصرفات املجنون أو املعتوه السابقة على رفع دعوى احلجر ال تكون باطلة إال إذا كانت حالة اجلنون شائعة أو كان الطرف اآلخر

على بينة منها “55”. هذا يعني أن هذه التصرفات، يستقيم ال وهذا تعد صحيحة، احلاالت هذه غير يف احلقيقية اإلرادة إن إذ الظاهرة، باإلرادة باألخذ إال القانون. نظر يف منعدمة تعد املعتوه أو للمجنون نصوص هي املوضوعي املذهب لتبني األخرى األمثلة املواد )120، 126، 128( من القانون املدني املتعلقة بعيوب الرضا، فالغلط، ومثله التدليس واإلكراه الصادر من الغير، ال يكون سببا يف إبطال العقد إال إذا اتصل باملتعاقد األخير بأن كان عاملا به، أو كان من السهل عليه تبينه. حتصن العقد من البطالن يف غير هذه احلاالت مبناه األخذ باإلرادة الظاهرة التي بدت للمتعاقد اآلخر سليمة وخالية من العيوب، ال اإلرادة الباطنة التي شابتها تلك العيوب “56”. اخلالصة إذن أن القانون الليبي قد التاريخي، األخذ باملذهب املوضوعي آثر، أسوة بأصله بالتالي، ويصح، التراضي، يف االستناد إلى هذا املذهب يف القول بصحة العقود التي تتدخل وسائط طريق عن إبرامها، يف الكترونية تلك عنها تعبر التي اإلرادة نسبة املستخدم الشخص إلى الوسائط

لها.التي اإلرادية التعبيرات إسناد االلكترونية الوسائط عبر تصدر الوسائط هو إلى مستخدمي هذه مختلف يف التشريعات من العديد تبنته الذي املسلك الدول. فيما يلي سنركز على القانون النموذجي للجنة )األونسيترال( الدولي التجاري للقانون املتحدة األمم بشأن التجارة االلكترونية لسنة 1996، “57” والذي، املثال التشريع باملعنى الدقيق، كان رغم افتقاده لصفة الدول من العديد تشريعات منواله على نسجت الذي العقود املادة )11(، وحتت عنوان “إنشاء “58”. يف وصحتها”، نص هذا القانون على أنه “يف سياق إنشاء يجوز ذلك، غير على الطرفان يتفق لم وما العقود، وقبول العرض عن للتعبير البيانات رسائل استخدام إنشاء يف البيانات رسالة استخدام وعند العرض. للتنفيذ قابليته أو صحته العقد ذلك يفقد ال العقد،

األخذ بالنظرة املوضوعية إىل الرتاضي

عالج ملشكلة تكون العقود التي يتدخل

وسيط الكرتوين يف إبرامها..

ر تفك 20

ويف الغرض”، لذلك بيانات رسالة استخدام ملجرد )2/أ( املادة نصت البيانات، برسائل املقصود حتديد إرسالها أو إنتاجها يتم التي “املعلومات هي أنها على أو استالمها أو تخزينها بوسائل الكترونية أو بصرية أو بوسائل مماثلة، مبا يف ذلك على سبيل املثال ال احلصر أو االلكتروني، البريد أو االلكترونية، البيانات تبادل إسناد عن أما البرقي”. النسخ أو التلكس، أو البرق، أنه املادة )13( على البيانات هذه، فقد نصت رسائل تعتبر إليه، واملرسل املنشئ بني العالقة يف )2( ...“رسالة البيانات أنها صادرة عن املنشئ إذا أرسلت: ... )ب( من نظام معلومات مبرمج على يد املنشئ أو نيابة عنه للعمل تلقائيا”، ونظام املعلومات، كما حددته املادة )2/و( من القانون، هو “...النظام الذي يستخدم إلنشاء رسائل البيانات أو إرسالها أو استالمها أو تخزينها أو لتجهيزها على أي وجه آخر”، وهذا التعريف، كما عقب أحد الباحثني بحق، يشمل الوسائط االلكترونية الذكية “59”. فهذا القانون، إذن، يقر بصحة العقود التي تتم عن طريق تبادل رسائل بيانات، والذي، أي التبادل، ميكن أن يتم عن طريق أنظمة معلومات مبرمجة للعمل تلقائيا، االلكترونية، الوسائط تقنيات يتضمن تعريف وهو وينسب رسائل البيانات التي تصل عبر أنظمة املعلومات هذه إلى منشئ هذه األنظمة، أو كما عبر دليل التشريع املرفق بهذا القانون: “... ينبغي اعتبار رسائل البيانات التي تنشئها احلواسيب تلقائيا دون تدخل بشري مباشر “ناشئة” عن الكيان القانوني الذي شغل احلاسوب نيابة

عنه” “60”. النموذجي، يف القانون يقررها التي النتيجة أن رغم شأن التعاقد عن طريق الوسائط االلكترونية، هي ذاتها وفقا يتبناه، الذي املوضوعي املذهب إليها يقود التي للرأي الراجح، القانون الليبي، فإن هذا ال ينفي احلاجة إلى متثل هذا القانون عند وضع تشريع خاص بالتجارة االلكترونية يف ليبيا. العلة أن هذا القانون النموذجي قد وضع كثيرا من األحكام التفصيلية التي قد ال تقود إليها القواعد العامة يف القانون الليبي، باإلضافة إلى أن من حول صحة ينشأ قد الذي اخلالف حسم تبنيه شأن العقود التي تتدخل وسائط الكترونية يف إبرامها، فيما

لو رفض البعض االدعاء بتبني القانون الليبي للمذهب املوضوعي “61”.

اخلامتةالعقود تكون مدى مشكلة الورقة هذه يف ناقشنا التي تتدخل وسائط الكترونية يف إبرامها، وهي مشكلة مرجعها تطور تقنيات هذه الوسائط من ناحية، وااللتزام مبعطيات التعاقد التقليدية، التي تتطلب أن يكون أطراف العقود إبرام إلى إراداتهم تتجه وأن أشخاصا، العقد محل التنازع حتديدا. بعد عرض اإلشكالية، استعراضنا يف إما رئيسي، بشكل تتمثل، والتي املقترحة، احللول االلكتروني، الوسيط على القانونية الشخصية إضفاء العقد الذي يعتد باجتاه إرادته واعتباره، من ثم طرف الذاتية إلى إبرامه، ال إرادة مستخدمه، وإما يف معاملة يد يف تعاقدية وسيلة مجرد بوصفه الوسيط هذا طرف هو املستخدم هذا يكون ثم ومن مستخدمه، العقد، ومن ينظر إلى إرادته عند عالج اإلشكالية محل احلل تبني إلى انتهينا احللول، هذه بني من البحث. األخير، وأسسناه على النظرية املوضوعية التي رأينا أن القانون الليبي يتبناها، ووفقا لها يعد مستخدم الوسيط الظاهرة، بإرادته ويعتد العقد، طرف هو االلكتروني االلكتروني، الوسيط نقله الذي التعبير يف جتلت كما من املستخدم هذا أكنه قد يكون قد مبا اعتداد دون الوسيط رأينا، أيضا، أن إسناد تصرفات باطنة. إرادة االلكتروني إلى مستخدمه هو املسلك الذي تبناه القانون النموذجي للتجارة االلكترونية لسنة 1996 الذي أعدته الدولي، ويف هذا التجاري للقانون املتحدة جلنة األمم السياق، نوصي بدراسة هذا القانون للنظر يف مدى إمكان تبنيه، تشجيعا للتجارة االلكترونية، وتأسيا مبسلك دول نظامنا القانونية تشابه نظمها دول عربية منها كثيرة، القانوني كاألردن، خصوصا أن تبني هذا القانون ال يعني استنساخه، إذ ميكن إدخال تعديالت تناسب ما قد يكون

للقانون الليبي من خصوصية.

ر 21تفك

الهوامش:1- االء يعقوب النعيمي، »الوكيل اإللكتروني-مفهومه وطبيعته »احلكومة اإللكترونية املعامالت ملؤمتر قدمت )ورقة القانونية« اإللكترونية-التجارة اإللكترونية«، أبو ظبي، 19-20/5/2009

.).43 ،)20092- منير البعلبكي، »املورد قاموس انكليزي - عربي،« )بيروت:

دار العلم للماليني، 1996(، 33.املثال، سبيل على انظر -3 Samir Chopra and Laurence Frederic White، »Artifcial Agents and the Contracting Problem:A Solution Via an Agency Analysis،« The Select-

ed Works of Samir Chopra)2009(، available at http://works.bepress.com/samir_chopra/1/،

accessed date: 25/06/20094- )النعيمي، »الوكيل اإللكتروني-مفهومه وطبيعته القانونية«،

.453 ،4525- انظر أدناه ص 15 وما بعدها.

Emily M. Weitzenboeck، »Electronic -6 Agents and the Formation of Contracts،« International Journal of Law and InformationTechnology 9، no. 3 )2001(، available at http://folk.uio.no/emilyw/documents/EMILY%20-%20Version%2019%20August%20&%20source.

.pdf، accessed date: 02/10/20097- النعيمي، »الوكيل اإللكتروني-مفهومه وطبيعته القانونية«، بأنه االلكتروني الوسيط يعرف البعض .411 ،410ستقوم كنت التي باألشياء القيام كيفية يعرف الذي »البرنامج لدى إليه الكايف«، )مشار الوقت لديك كان لو بنفسك فيما بها I Kafeza، E Kafeza، and DKW Chiu، »Legal Issues in Agents for Electronic Contracting« )paper presented at the the 38th Hawaii InternationalConference on System Sciences، Big Island، Ha-

خاصية إلى بحق، التعريف، إشارة رغم ( waii، 2005(، 2املعرفة التي متيز الوسيط االلكتروني عن بقية البرامج احلاسوبية، إال أنه قاصر عن اإلشارة إلى بقية اخلصائص األساسية األخرى،

وفيه غموض مينع األخذ به.إمارة قانون من األولى املادة عليه نصت التعريف هذا -8ttp://www.( االلكترونية والتجارة املعامالت شأن يف دبي

damascusbar.org/arabic/law_lib1/ar_law/ ،)16/10/2009 بتاريخ عليه االطالع مت ،.uae10.docوهو مياثل، تقريبا، التعريف الذي تضمنه قانون الواليات املتحدة U.S. Uniform Electronic( املوحد للمعامالت االلكترونيةلدى موجود قسم6/2 ،1999 لسنة )Transactions Acthttp://www.law.upenn.edu/bll/archives/ulc/ fnact99/1990s/ueta99.htm، accessed date

16/10/2009 Weitzenboeck، »Electronic Agents and the -9

Formation of Contractsاألساسية، اخلصائص هذه مقابل يف السابق. املرجع -10دون بعضها أو كلها تخلفها يحول ال أخرى خصائص هناك هذه يجمع املقصود. باملعنى الكترونيا وسيطا البرنامج اعتبار املعرفة، ومثالها: اإلنسان، إلى عادة، تنسب، أنها اخلصائص

واالعتقاد، والقصد، والواجب. ) املرجع السابق(.T Allen and R Widdison، »Can Comput- -11 ers Make Contracts?،« Harvard Journal of Law

& Technology 9 (1996): 2612- انظر ص 8 أدناه.

Guttman Moukas Maes، »Agents That -13 Buy and Sell: Transforming Commerce as We Know It،« Communications of the ACM 42، no.3 )March 1999(، available at http://eprints. kfupm.edu.sa/23249/1/23249.pdf، accessed

. date: 02/10/2009وسيط من أكثر يستخدم قد املشتري أن هنا يالحظ -14 buying( والبيع الشراء وسطاء فهناك واحد. الكتروني matchmak-( املطابقة ووسطاء ،)and selling agentsعلى املعلومات. وتنقيح لتصفية ووسطاء ،)ing agents )Watcher agents( املراقبة وسطاء يقوم املثال، سبيل إليها وتنبيهه املستخدم قبل من املحددة املعلومات عن بالبحث النوع أمثلة هذا املستقبلي. من أو تخزينها لالستعمال مباشرة، Fsh wrap and Newshound or Dow :الوسطاء من

Jones’Personal Journalتفضيالت مع أدائهم بأقلمة القائمني الوسطاء أيضا هناك السلوك خالل من إليها تعرفوا التي الشخصية، املستخدمني Frefly، Web hunter،( ،السابق لهؤالء، ومن أمثلة هذا النوعNews Weeder(. هناك أيضا وسطاء التسوق، ولهم القدرة على

ر تفك 22

BargainF- )ققارنة السلع وإيجاد أفضل األسعار، ومن أمثلتهم Information( أيضا، هناك وسطاء استرداد املعلومات .)nderretrieval(، ولهم القدرة على القيام بأبحاث معقدة من خالل استخدام معايير بحث حددها املستخدم، ومن أمثلة هؤالء الوسطاء انظر، .)Architext، AppleSearch، Pageakeeper( Kafeza، Kafeza، and Chiu، »Legal Issues in

Agents for Electronic Contracting«، 2، 3 Maes، »Agents That Buy and Sell: انظر، -15

،Transforming Commerce as We Know ItKerr، ‘Providing for Autonomous Elec--16tronic Devices in the Uniform Electronic Com-merce Act’، p.18، available at http://www.law.

ualberta.ca/alri/ulc/current/ekerr.htm )lastvisited 15.08.2001(. As cited by )Weitzen-

boeck، »Electronic Agents and the Formation of )»،Contracts

Allen and Widdison، »Can Computers -17.Make Contracts?،« 29

http://pages.ebay.com/help/buy/auto- -18.matic-bidding.html، last accessed 06/10/2009IR Kerr، »Ensuring the Success of Con- -19

tract Formation in Agent-Mediated Electronic Commerce،« Electronic Commerce Research 1، no. 1 )2001(: 187-190. Allen and Widdison،

.»Can Computers Make Contracts?،« 30إسماعيل غامن، يف النظرية العامة لاللتزام اجلزء األول مصادر عبد .78 ،)1968 وهبة، اهلل عبد مكتبة )القاهرة: االلتزام املنعم فرج الصده، نظرية العقد يف قوانني البالد العربية )القانون املصري واللبناني والسوري والليبي والكويتي والسوداني( )بيروت:

دار النهضة العربية، 1974(، 51-54. Allen and Widdison، »Can Computers -20

Make Contracts?،« 3021- غامن، يف النظرية العامة لاللتزام اجلزء األول مصادر

االلتزام، Allen and .105 ،104 Widdison، »Can Computers Make Contracts?،«

.31األول مصادر اجلزء لاللتزام العامة النظرية 22- غامن، يف

االلتزام، 115. Allen and Widdison، »Can Computers -23

.Make Contracts?،« 32انظر، على سبيل املثال، التشريعات املشار إليها لدى: -24 Weitzenboeck، »Electronic Agents and the Formation of Contracts،«. White، »ArtifcialAgents and the Contracting Problem: A Solu-

»،tion Via an Agency Analysis Kerr، »Ensuring the Success of Contract -25Formation in Agent-Mediated Electronic Com-

.merce،« 188White، »Artifcial Agents and the Con- -26 tracting Problem: A Solution Via an Agency

»،Analysis www.ebay.com، accessed date: -27

07/10/2009قواعد من G2101 البند املثال، سبيل على انظر -28الس موقع على منشورة القواعد )هذه لندن بورصة، سوق، www.londonstock- قق exchange.com/traders-and.../rules-lse-2009.

pdf، accessed date 07/10/2009White، »Artifcial Agents and the Con- -29 tracting Problem: A Solution Via an Agency

»،Analysisاملرجع السابق. -30

وطبيعته اإللكتروني-مفهومه »الوكيل النعيمي، -31القانونية«، 445.

White، »Artifcial Agents and the Contracting Problem: A Solution Via an Agency Analysis،«. Allen and Widdison، »Can Computers Make

.Contracts?،« 35 Allen and Widdison، »Can Computers -32

.Make Contracts?،« 3933- املرجع السابق، 41.34- املرجع السابق، 36.

35- املرجع السابق، 39، 40. 36- املرجع السابق، 42.

اإللكتروني- »الوكيل النعيمي، .43 السابق، املرجع -37

ر 23تفك

مفهومه وطبيعته القانونية«، 448، 449.القانون وطبيعته اإللكتروني-مفهومه »الوكيل النعيمي، -38

Allen and .452 ،»ية Widdison، »Can Computers Make Contracts?،«

.46وطبيعته اإللكتروني-مفهومه »الوكيل النعيمي، -39

القانونية«، 453، 454. Allen and Widdison، »Can Computers -40

Make Contracts?،« 46وطبيعته اإللكتروني-مفهومه »الوكيل النعيمي، -41»الشكلية العيش، محمد الصاحلني .455 ،454 القانونية«، كلية عن )الصادرة قانونية دراسات اإللكترونية،« العقود يف . 107 :)2007( ،16 ع ،16 م قاريونس( بجامعة القانون F Andrade et al.، »Contracting Agents: LegalPersonality and Representation،« Artifcial Intel-

.ligence and Law 15، no. 4 )2007(: 361 Allen and Widdison، »Can Computers -42

Make Contracts?،« 46، 4743- املرجع السابق، 43، 44.

Patrick. S. Atiyah، Essays on Contract -44ch.2 )1990(، كما متت اإلشارة إليه يف

املرجع السابق، 44. Allen and Widdison، »Can Computers -45

.Make Contracts?،« 4446- املرجع السابق، 45.

47- انظر يف بيان مبررات ذلك، ص 17 أدناهاألول مصادر اجلزء لاللتزام العامة النظرية 48- غامن، يف

االلتزام، 89، 91. Weitzenboeck، »Electronic Agents and -49

»،the Formation of ContractsKerr، ‘Providing for Autonomous Elec- -50tronic Devices in the Uniform Electroni Com-merce Act’، p.23، available at http://www.law.

ualberta.ca/alri/ulc/current/ekerr.htm )last.visited 15.08.2001(. As cited by Ibid

51- املرجع السابق. Weitzenboeck، »Electronic Agents and -52

»،the Formation of Contracts

53- النعيمي، »الوكيل اإللكتروني-مفهومه وطبيعته القانونية«، .455

األول مصادر اجلزء لاللتزام العامة النظرية 54- غامن، يف االلتزام، 93، 94

55- اجلريدة الرسمية، س 10، ع 36، ص 1249.األول مصادر اجلزء لاللتزام العامة النظرية 56- غامن، يف

االلتزام، 95، 96.57- انظر موقع جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدولي

)األونسيترال(:http://www.uncitral.org/uncitral/ar/uncit-ral_texts/electronic_commerce/1996Model.

html متت زيارته بتاريخ 16/10/2009.املتحدة األمم قبل جلنة من النموذجية القوانني تصاغ -58للقانون التجاري الدولي لكي تكون منطا مقترحا ميكن للمشرعني تبنى التي الدول ضمن ومن الداخلية، تشريعاتهم يف تبنيه للتجارة االلكترونية لسنة 1996، النموذجي القانون مشرعوها وفقا ملا ورد يف موقع اللجنة: األردن )2001( واإلمارات العربية املتحدة )2006( وأستراليا )1999( الرأس األخضر)2003( )2000( وأيرلندا )2002( وإكوادور )2004( والصني وباكستان )2002( وبروني دار السالم )2000( وبنما )2001( وجمهورية الدومينيكية )2002( واجلمهورية وتايلند )2002( كوريا )1999( وجنوب أفريقيا )2002( وسري النكا )2006( )2000( وفرنســا )1998( وسنغافورة )2000( وسلوفينيــــا والفلبني )2000( وفنـزويــال )اجلمهورية - البوليفارية( )2001( )2000( واملكسيـــــك )1999( وكولومبيـا )2005( وفيتنام وموريشيوس )2000( ونيوزيلنــــدا )2002( والهنــد )2000(. وباملبادئ النموذجي بالقانون متأثر موحد تشريع كذلك وأعد التي يستند إليها يف الواليات املتحدة األمريكية )قانون املعامالت اإللكترونية املوحد الذي اعتمده يف عام 1999 املؤمتر الوطني : للجنة موقع انظر املوحد(. الواليات قانون بشأن للمفوضني http://www.uncitral.org/uncitral/ar/uncit-ral_texts/electronic_commerce/1996Model_

status.html متت زيارته بتاريخ 16/10/2009 Kerr، »Ensuring the Success of Contract -59Formation in Agent-Mediated Electronic Com-

.merce،« 192بشأن النموذجي األونسيترال قانون انظر -60موجود ،1996 التشريع، دليل مع االلكترونية التجارة

ر تفك 24

http://www.uncitral.org/pdf/arabic/ لدى ، texts/electcom/ml-ecomm-a_ebook.pdf

مت االطالع عليه بتاريخ 16/10/2009.61- هذا االفتراض ليس بعيد الوقوع، فبعض الفقهاء قد ذهب بالفعل إلى أن القانون الليبي قد »انحاز إلى االجتاه الالتيني الذي يأخذ بنظرية اإلرادة الباطنية...«. محمد علي البدوي، النظرية العامة لاللتزام، اجلزء األول، مصادر االلتزام، ط 3. )طرابلس:

املركز القومي للبحوث والدراسات العلمية، دون تاريخ(، 58.

قائمة املراجعاجلزء لاللتزام، العامة النظرية علي. محمد • البدوي، للبحوث القومي املركز االلتزام، ط 3. طرابلس: األول، مصادر

والدراسات العلمية، دون تاريخ.البالد قوانني يف العقد نظرية فرج. املنعم عبد • الصده، والكويتي والليبي والسوري واللبناني املصري )القانون العربية

والسوداني(. بيروت: دار النهضة العربية، 1974.• العيش، الصاحلني محمد. “الشكلية يف العقود اإللكترونية.” دراسات قانونية )الصادرة عن كلية القانون بجامعة قاريونس( م

16، ع 16 )2007(، 94-124. • النعيمي، أالء يعقوب. “الوكيل اإللكتروني-مفهومه وطبيعته اإللكترونية املعامالت ملؤمتر قدمت بحثية ورقة القانونية.” 19- ظبي، أبو اإللكترونية”، اإللكترونية-التجارة “احلكومة

.2009 20/5/2009األول اجلزء لاللتزام العامة النظرية يف إسماعيل. غامن،

مصادر االلتزام. القاهرة: مكتبة عبد اهلل وهبة، 1968.- Allen، T، and R Widdison. ”Can Computers

Make Contracts?” Harvard Journal of Law & Technology 9، )1996(: 25-52.

- Andrade، F، P Novais، J Machado، and J Neves. ”Contracting Agents: Legal Personality and Representation.“ Artifcial Intelligence and Law 15، no. 4 )2007(: 357-373.

- Kafeza، I، E Kafeza، and DKW Chiu. ”Legal Issues in Agents for Electronic Contracting.“ Paper presented at the the 38th Hawaii Inter-national Conference on System Sciences، Big Island، Hawaii، 2005.

- Kerr، IR. ”Ensuring the Success of Contract

Formation in Agent-Mediated Electronic Com-merce.“ Electronic Commerce Research 1، no. 1 )2001(: 183-202.

- Maes، Guttman Moukas. ”Agents That Buy and Sell: Transforming Commerce as We Know It،“ Communications of the ACM 42، no. 3 )March 1999(، available at http://eprints.kfupm.edu.sa/23249/1/23249.pdf، accessed date: 02/10/2009.

- Weitzenboeck، Emily M. ”Electronic Agents and the Formation of Contracts،“ International Journal of Law and Information Technology 9، no. 3 )2001(، available at http://folk.uio.no/emilyw/documents/EMILY%20-%20Version%2019%20August%20&%20source.pdf، accessed date: 02/10/2009.

- White، Samir Chopra and Laurence Freder-ic. ”Artifcial Agents and the Contracting Prob-lem: A Solution Via an Agency Analysis،“ The Selected Works of Samir Chopra)2009(، avail-able at http://works.bepress.com/samir_cho-pra/1/، accessed date: 25/06/2009

ر 25تفك

القانون كلية يف األكادمييات نسبة أن علمنا حني بجامعة بنغازي كبيرة بشكل الفت، قررنا إجراء هذا املرأة به تقوم استثنائيا دورا ثمة أن يبدو التحقيق. الليبية يف األكادمييا لم يسلط عليه الضوء كما ينبغي. تفسير كثرة اإلناث محل اختالف؛ فالبعض يرجح أن السبب يعود إلى أن ميل الطالبات إلى دراسة القانون أشد من ميل الطالب؛ لكن هناك من يرى أن األمر أعضاء من واحدة ال أنه الالفت مصادفة. محض وقد محاضر، درجة بالكلية جتاوزت التدريس هيأة األوضاع وإلى التخرج، سنة حداثة إلى ذلك يعود االجتماعية، وشغل املناصب اإلدارية، لكنه يثير أيضا كانت إذا عما وآخر األكادميية، املثابرة عن سؤاال هناك عوائق توضع يف الطريق. لن نخوض كثيرا يف التحليالت، بل سنحيل أمرها إلى القارئ. غير أنه ال يفوتنا أن نذكر بأن أول عضوة يف املجلس االنتقالي، لهذه ابنة اليدين، أصابع يتجاوز ال عدده كان أيام الكلية؛ وأن بنتا أخرى لها حصلت على أكبر عدد من األصوات حتصل عليه أي عضو يف الهيأة التأسيسة ملشروع صياغة الدستور، وأن ثالثة أسهمت يف تأسيس مركز دعم املجتمع املدني وكانت أول من ترأس مجلس إدارته. لكنه ال يفوتنا أن نذكر أيضا بأن عميد الكلية، ومدير بها، التدريس هيأة أعضاء ونقيب ووكيلها، مكتب ضمان جودتها، ورئيس قسم القانون اجلنائي، القانون قسم رئيس الدولي، القانون قسم ورئيس

اخلاص فيها، كلهن سيدات! • يف اآلونة األخيرة، ضعف بشكل واضح دور املرأة املسؤولة عن املدني. ما األسباب الليبية يف احلراك

هذا الضعف؟ دور وكذلك ضعيف، املرأة دور اإلله: عبد عبير الرجل، فاألمر ليس مرتبط بالنوع بل بالظروف األمنية التي متر بها البالد، فضال عن محاربة الدولة نفسها اإلعالمية وسائلها سخرت حيث املدني، للحراك ومنابرها الدينية إلضعافه، بل وصل األمر إلى إصدار فتاوى دينية متس شرعية وأخالقية من يقفون وراءه، وكل هذا أسهم يف إضعاف الدعم الشعبي واملجتمعي

للمؤسسات املدنية.منى العقوري: حداثة التجربة، وانعدام األطر، وقلة الدعم املؤسسي هي األسباب املسؤولة عن ضعف دور

املرأة يف احلراك املدني.الرئيس، السبب هو األمن اجلازوي: ضعف ساملة دعم وعدم املرأة عمل يف الثقة عدم إلى باإلضافة تخطي يف املرأة تقاعص أيضا هناك لها. املجتمع والسماح أمامها، وضعت التي املصطعنة احلواجز

باستغالل اسمها أو وجودها بصورة اسمية. جازية شعيتر: دور املرأة على صعيد احلراك املدني فعال وقوي، لكن التمكني السياسي هو الذي يعاني من ضعف. التوجه السائد يف الدولة هو أن املرأة ال تصلح لتولي مناصب سيادية، كما أن املرأة حتجم هي نفسها

أكـادمييـــات القانـــــون..

,, حتقيقــات

ر تفك 26

عن الدخول إلى الساحة السياسية ألنه شبيه بساحة حرب تستخدم فيها أسلحة محظورة. سبب الضعف يف املرأة ثقة وعدم املجتمع يف السائدة العقلية هو على مبنية سياسية وجود وعدم أختها، ويف نفسها العدالة بني اجلنسني، وهناك أيضا أسباب اقتصادية، فاملرأة التستطيع تغطية نفقات االنتخابات، وال حتصل

على دعم من الدولة. الدعم غياب هو الضعف سبب النهوي: أحالم

احلقيقي حلراك املرأة املدني. فكرة فهم عدم عن ناجت الضعف بوهادي: رجاء البناء يف أساسا املتملثة وأهميته املدني، املجتمع

الفكري والثقايف.املرأة حققتها التي احلقوقية املكتسبات ما •وما فبراير؟ ثورة بعد مآلها وما السابق؟ النظام يف احلقوق التي تؤكد األكادمييات دسترتها بوجه خاص؟

وما مدى استعداد املجتمع الليبي لتقبل دسترتها؟املرأة تقلد املكتسبات هذه أهم اإلله: عبد عبير وظائف حيوية يف الدولة، كما حدث يف مرفق القضاء، حيث تولت املرأة منصب وكيل نيابة، وقاضية، ومبلغ األمل أن حتافظ املرأة على هذه املكتسبات. أما أهم احلقوق التي نؤكد دسترتها فهي حق املرأة يف التعليم واملشاركة يف احلياة السياسية عبر تقلد وظائف قيادية وسيادية يف الدولة طاملا استوفت شروط تقلدها. وال الليبي سوف يعارض ذلك بعد ما أعتقد أن املجتمع

ملسه من دور بارز وقيادي للمرأة بعد الثورة.السابق النظام قوانني كرست العقوري: منى من واملرأة الرجل بني التفريق مبدأ عدم وتشريعاته امتهن الواقع الوظائف، لكنه يف املعاملة وتقلد حيث املرأة. والوقت لم يحن بعد للحكم عن مآل املكتسبات احلقوقية بعد ثورة فبراير. حق املشاركة السياسية هو أهم احلقوق التي يجب دسترتها، فضال عن املساواة يف تقلد الوظائف، واحلق يف التعليم. واملجتمع الليبي ال أنها طاملا احلقوق، هذه لدسترة داعم عام بوجه

تتعارض مع تعاليم ديننا احلنيف.السابق النظام يف القوانني كانت اجلازوي: ساملة منصفة بوجه عام، لكن اخللل يف نظرة املجتمع للمرأة،

فمازالت التقاليد متنع املرأة من التمتع بحقوقها، وما زال املجتمع ينظر إليها نظرة دونية.

جازية شعيتر: كان الطاغية يتباهى بأنه نصير املرأة ذلك سبيل يف سن وقد وحرياتها، حقوقها وحامي وتفعل اآلن تبقى أن التي ميكن القوانني من العديد أداة النساء يستخدم كان ولكنه موضوعي. بشكل لتجميل صورته، رغم أنه لم يكن باإلمكان للمرأة أن تكون يف موقع اتخاذ القرار العسكري. املرأة احلقيقية يف تدافعها عبر فبراير ثورة بعد ظهرت التي هي مؤسسات املجتمع املدني ومشاركتها السياسية. أما عن مآل املكتسبات احلقوقية، فإن النظرة إلى مكتسبات النظام السابق على أنها تركة سيئة جعل القائمني على املاضي، مخلفات من والسمني الغث ينبذون احلكم وصدق ذلك حتديدا حني قدم رئيس املجلس االنتقالي بإلغاء إذن الزوجة التحرير لليبيات يوم إعالن هدية السفر منع مت كما الثاني، الزواج عقد على األولى بدون محرم، واحلديث عن جواز تولي املرأة القضاء. إلى يرجعن لم احلربية الكلية خريجات الضابطات االستيالء مت بل كليتهن، قفل بعد اآلن، إلى عملهن بخصوص لهن. مخصصا كان الذي املبنى على بني املساواة احترام دسترتها، أؤكد التي احلقوق النساء والرجال واحترام االتفاقيات الدولية اخلاصة

االتفاقية خصوصا باملرأة، السياسية، باحلقوق اخلاصة أنواع جميع على والقضاء عن فضال ضدها، التمييز واحلقوق احلرية ضمان

املدنية والعدالة االجتماعية.احلقوق النهوي: أحالم التي احلقوق أهم السياسة باإلضافة دسترتها، يجب واحلق التعليم يف احلق إلى الليبي املجتمع أما العمل. يف

فهناك من ومعارض، مؤيد يكون منقسما بني فيكاد يدعم املرأة، وهناك من يرى أن مكانها الطبيعي هو

البيت وتربية األبناء.

جازية شعيتري

ر 27تفك

احلقوق معظم على املرأة بوهادي: حتصلت رجاء اإلنسان حلقوق العاملي امليثاق يف العليها املنصوص النظام يف عليها وحافظت امللكي احلكم فترة منذ احلريات على الدستور يف التأكيد ويجب السابق. اخلاصة، وعدم التمييز بسبب املعتقدات األيديولوجية، والتأكيد على املشاركة يف السلطات الثالثة. وبالنسبة الدولة مؤسسات مستوى فعلى املجتمع، الستعداد هناك تقبل صوري من أجل إعطاء صورة بأننا دولة حتترم حقوق اإلنسان وحقوق املرأة حتديدا؛ أما على

مستوى املواطن فهناك تقبل محدود.إلى املرأة أن تسعى ما يجب أهم الدغيلي: سلوى يعرف ما السياسية عبر دسترته هو دعم مشاركتها الكوتا مبدأ لقبول مستعدا أصبح املجتمع بالكوتا. والهيأة املؤمتر انتخاب قانون يف إرساؤه مت أن بعد أصال فموجودة احلقوق سائر أما التأسيسية. الوثيقة يف عليه املنصوص املواطنة مبدأ ويرسيها املرأة توعية احلقوق دسترة من واألهم الدستورية. بحقوقها بحيث تستشعر ما يهددها من مخاطر، وهذا أمر منوط بالدرجة األولى باألكادمييات. وبخصوص املكتسبات احلقوقية يف النظام السابق أشير إلى أنه املرأة مشاركة حتديدا يتضمن قانون هناك يكن لم إلى باملرأة للدفع برنامج هناك كان بل السياسية بنفسها تنأى كانت املرأة أن غير القيادية. املناصب عن املشاركة يف العمل السياسي ألنها كانت تتوجس على هذا والالأخالقي. القمعي القذايف نظام من فإن التشريعي املستوى على أما السياسي. املستوى القوانني السابقة كانت منصفة إلى حد كبير للمرأة، وهي لم تأت نتيجة نضال املرأة الليبية بقدر ما كانت تعكس توجهات القذايف، الذي رغب يف ضرب املجتمع

الليبي املحافظ من خالل املرأة ويف حتسني صورته يف املجتمع الدولي. من أهم هذه القوانني القانون رقم 10 لسنة 1984 اخلاص بالزواج بني سوى الذي والطالق الرجل واملرأة يف طلب الطالق، وحدد سن الزواج بـ18 لألنثى الضرورة حالة يف و16 تعدد ومنع املحكمة، وبإذن الزوجة برضا إال الزوجات املطلقة وجعل القاضي، أمام حال الزوجية ببيت حتتفظ حضانتها وحقها يف احلصول على نفقة لها وألطفالها طول فترة حضانتها. هناك أيضا قانون رقم 8 لعام 1989 القضائية، الوظائف تولي يف املرأة حق الذي ضمن منح الذي 1010 لسنة 24 رقم قانون عن فضال أبناء الليبيات املتزوجات من أجانب اجلنسية الليبية، عقب الثورة بعد إال يفعل لم القانون هذا أن رغم

صدور الئحته التنفيذية.األكادمييات بني غالبة تنافسية روح هناك • هل بشكل بنغازي بجامعة القانون كلية ويف عام، بوجه تترجم عادة الروح، هل خاص؟ ويف حال وجود هذه بشكل إيجابي يف شكل فرق عمل وأبحاث مشتركة، أم

يف شكل مشاعر سلبية؟عبير عبد اإلله: توجد روح تنافسية لكنها عادة ما

تترجم بشكل إيجابي.ملنصب وتقلدها امرأة أي جناح العقوري: منى للمرأة جناح علمية منجزات ألي وإحرازها قيادي بصفة عامة وحافز لبذل اجلهد وحتقيق النجاح على

جازية شعيتري: النظرة إىل مكتسبات النظام السابق على أنها تركة سيئة جعل القائمني على احلكم

ينبذون الغث والسمني من خملفات املاضي..

سلوى الدغيلي

ر تفك 28

الصعيد الشخصي.بني غالبة تنافسية روح توجد اجلازوي: ساملة ما وعادة القانون، كلية يف خصوصا األكادمييات،

تترجم بشكل إيجابي.تنافسية روحا هناك أن أعتقد ال النهوي: أحالم

عالية، واألغلب هو وجود مشاعر سلبية.جازية شعيتر: هناك تعاون أكادميي ووظيفي سائد.رجاء بوهادي: هناك تعاون قائم على االحترام ونحن نشارك يف صياغة قرارات الكلية اإلدارية واألكادميية ونسعى جميعا لتجويد األداء. لكن هذه الروح اإليجابية

لم ترق إلى درجة القيام بأبحاث مشتركة.األكادمييات بني اإليجابي التعاون الدغيلي: سلوى جيد ولكنه ليس كما ينبغي، وعلى أي حال فإنه أفضل

من التعاون الذي نلمسه بني األكادمييني.• هل توجد يف ليبيا حركة نسوية ذات بعد فكري املجتمع خصوصية عن يعبر واجتماعي وسياسي ويثري احلركة النسوية العاملية؟ أم أن احلركة النسائية مجرد استمرار منطي للجمعيات النسائية التي عرفتها

البالد منذ اخلمسينيات؟منى العقوري: ال هذا وال ذاك، فهي حركة لم تتخذ

إطارا محددا بعد.مجرد ليبيا يف النسائية احلركة اجلازوي: ساملة

استمرار منطي للجمعيات النسائية.منها نتوقع وال وليدة، دولة ليبيا بوهادي: رجاء حراكا على املستوى العاملي. احلركة النسائية يف ليبيا الذي كانت عليه يف إلى املستوى لم تصل حتى اآلن

السابق من حيث الثراء الفكري والثقايف.• كيف تقوم األكادمييات الدور الذي قامت به املرأة يف املؤمتر الوطني العام؟ وما سبل حتسني أدائها يف

السلطتني التشريعية والتنفيذية؟عبير عبد اإلله: دور املرأة يف املؤمتر الوطني ضعيف عامل ألن وقت إلى يحتاج األداء وحتسني وسلبي، اخلبرة مهم يف هذا املجال، وميكن للمنظمات الدولية مؤمترات يف املرأة إشراك عبر العون يد متد أن وباملجمل السياسي. العمل يف متخصصة ودورات وجود جهات تشريعية وتنفيذية منتخبة أمر لم يعهده

الصدد هذا متميز يف أداء منهم يتوقع وال الليبيون دون سابق خبرة.

منوذجا املؤمتر يف املرأة قدمت العقوري: منى أكثر كانت كثيرة مواقف ويف الليبية، للمرأة مشرفا باالطالع األداء الرجال. وميكن حتسني من شجاعة على التجارب الدميقراطية والعمل البرملاني واملؤسسي

يف الدول املتقدمة.جازية شعيتر: مشاركة املرأة كان لها أن تكون بسيطة لوال الكوتا. األداء ضعيف بسبب غلبة األحزاب وغلبة ثقافة اإلكراه املعنوي واملادي وتوظيفها يف التأثير على عمل املؤمتر. وميكن حتسني األداء بنشر ثقافة املساوة يف املرأة ثقة وتعزيز الكفاءة، معايير وفق والتنافس

نفسها ويف أختها املرأة.يف للمرأة فاعل دور هناك ليس النهوي: أحالم

املؤمتر الوطني حتى أقوم بتقوميه.رجاال ضعيف، بأكمله املؤمتر الدغيلي: سلوى النساء، بل إن الرجال عن يتميز لم وبالتالي ونساء،

هناك مواقف شجاعة لبعض العضوات.املستوى على فاعل حضور الليبية للمرأة هل •)األدبي والثقايف والبحثي( )التدريسي األكادميي والتشكيلي( واملدني )السياسي واحلقوقي(؟ ومن هن

أهم أعالم هذه املجاالت؟وأهم فاعل، حضور للمرأة نعم العقوري: منى بوقعيقيص، سلوى احلقوقي املستوى على األعالم

وأمال بوقعيقيص، وعزة املقهور.ساملة اجلازوي: هناك حضور يف هذه املجاالت لكنه

ال يزال ضعيفا.رجاء بوهادي: حضور املرأة فاعل على مستوى العلوم واآلداب بسبب فرصة التعليم التي حصلت عليها؛ أما على املستوى السياسي فمازالت حتت التجربة بسبب

تخليها عن هذا املجال بإرادتها عقودا طويلة. سلوى الدغيلي: يف املجال األكادميي أهم األعالم هن منى الساحلي وابتسام بحيح وخديجة بحيح وإميان بن يونس، ويف املجال اإلعالمي والثقايف فاطمة غندور،

ويف املجال احلقوقي آمال بوقعيقيص.

ر 29تفك

يف حني أنه يف ليبيا ونتيجة للخلط بني مفهوم الذكاء ومفهوم التحصيل مازالت بعض مؤسساتنا تعتمد على الدرجات املتحصل عليها يف من االمتحانات املدرسية التنسيب عليها يف وتعتمد الذكاء على دليال بوصفها إلى التخصص الدراسى أو التعيني يف املهنة، وهو األمر الذي جتاوزته الكثير من الثقافات األخرى بعد أن ثبت أن العالقة بني الذكاء ونتائج االختبارات املدرسية التي ذلك أن يف والشك ضعيفة. عالقة املعلمون يجريها منها تعاني التى التربوية املشاكل من الكثير قد خلق الطالب أعداد كثرة يف واملتمثلة وجامعاتنا مدارسنا نتيجة لعدم تنسيب الطالب التحصيل وتدني مستوى العقلية وقدراتهم الدراسي حتصيلهم ملستوى وفقا

ورغباتهم وميولهم املهنية. إن ندرة اخلبراء الباحثني يف مجال القياس العقلي على املقننة الذكاء اختبارات ندرة إلى أدى ليبيا يف البيئة املحلية، لذلك تبنى البعض االجتاه الثاني واملتمثل يف اقتباس واستخدام نتائج اختبارات لقياس القدرات وتقنينها يف إعدادها الشخصية مت أو سمات العقلية

مجتمعات أخرى مختلفة عنا. غير أنه لم يتم التأكد من خصائصها السيكومترية يف البيئة املحلية، والشك يف أن ضرر هذه العملية أكثر من فائدتها حيث يكثر عدد الضحايا على طريف منحنى التوزيع االعتدالي للقدرة العقلية ما بني التخلف العقل والعبقرية، ألن التشخيص ال قد أخرى مجتمعات من اقتبست ملعايير وفقا يتم

تصلح لغيرها. سبيل على )Majdub، 1991( املجدوب ويرى يسمى مبا ليبيا يف اهتمام أي يوجد ال أنه املثال ووفينهانني لني اوضح وكذلك النفسيه. باالختبارات غير أفريقيا شمال منطقة يف الذكاء أن )2006(

معروف بشكل دقيق ويحتاج إلى الدراسةو البحث.يف مضى وقت أي من أكثر اليوم ليبيا يف ونحن عمليات نستخدمه يف عقلي اختبار إلى ماسة حاجة التخصصية الثانويات إلى وتنسيبهم الطالب اختيار الكثيرة األعداد إلى نحتاج ال فنحن العالي. والتعليم يف أكثر أعداد إلى حاجتنا قدر اجلامعي التعليم يف التعليم املهني املتوسط، واجلميع يعرف أن الكثير من

الذكـــاء يف ليبيــا بيــن الواقـــع و املأمـول..

يف املسح الذي أجرته كل من سنيدرمان ورثمان عام 1996 أشارت إىل أن 99.3% يعتقدون أن الذكاء هو القدرة على التفكري اجملرد وأن

97.7% يرون أنه القدرة على حل املشكالت، فيما يعتقد 96% أنه .)Li, 1996( القدرة على اكتساب املعارف املهمة

,,

الصديق عبدالقادر الشحوميجامعة عمر املختار

أبحاث محكمة..

ر تفك 30

خريجي اجلامعات عادة ما يعينون أو يقومون بإعمال بها القيام وشهادة تعليما منهم أقل هم من بإمكان )أبوجعفر Aboujaafer، 1983(. وها هو جينسن االختبارات باستخدام يطالب )Jensen، 1981(العقلية واختبارات التحصيل املقنن باإلضافة الى نتائج إلى التنسيب عمليات يف العامة الثانوية اختبارات

اجلامعات األمريكية. ويشير هاينمان )Heynman، 1987( إلى األهمية مجال يف النفسيه االختبارات الستخدام االقتصادية التنسيب واالختيار التربوي واملهني يف الدول النامية. فعدم اختيار الشخص املناسب لتولى مهنة أو تخصص يتوافق مع رغبته وقدرته العقلية سوف يكون له مردود أن النامية الدول وتستطيع البلد، اقتصاد على سيء تزيد من دخلها القومي بنسبة تتجاوز الــ )5 %) إذا ما

وضعت الشخص املناسب يف املكان املناسب. ملشكلة احلل )Ezeilo، 1978( ايزيلو ويقدم بعض قابلية وعدم االجتماعية اخلصوصيات ينصح عندما األصلية، مجتمعاتها خارج االختبارات الباحثني واألخصائيني النفسيني األفارقة املشتغلني يف

مجال القياس العقلي بتبني أحد املقترحات اآلتية:ثقافته يف االختبار أداة بتصميم يقوموا 1. أن

املحلية، وهذا يحتاج إلى الكثير من الوقت واجلهد.2. أن يعدلوا يف اختبار مستخدم من قبل لدى الدول الغربية بحيث يدخلون عليه بعض املفردات أو األسئلة من الثقافة املحلية ومن ثم يقومون بتقنينه واستخراج

املعايير.3. أن يستخدموا اختبارا عبر ثقايف سبق تقنينه يف باستخراج يقوموا أن بعد األخرى الثقافات من كثير

معاييره من البيئة املحلية.أكثر من ايزيلو قدمه الذى األخير اخليار ولعل املعدة االختبارات تقنني جتارب يف تكرارا اخليارات لقياس القدرات العقلية وسمات الشخصية، ألنه يتطلب أقل جهدا وقت مما يتطلبه كل من البديلني السابقني. التعليمية احلالة إلى وبالنظر سبق، ما خالل ومن أننا يبدو احلاضر، الوقت يف ليبيا يف واالقتصادية البدء يف مشاريع تقنني وتصميم إلى يف حاجة ماسة

واالختبارات الذكاء، تقيس التي العقلية االختبارات واختبارات الشخصية، سمات تقيس التي النفسيه متخذي الباحثون يزود حتى وذلك املهنية، امليول القرارات بأدوات مقاييس قادرة على التقييم واالختيار والتنسيب والتشخيص اجليد والنابع من معايير محلية.ومن هنا كان الشعور بأهمية حتديد مستوى الذكاء للعينة الليبية ثم مقارنتها بعينات عربية وأجنبية لتحديد نحتاج وماذا اآلخرى للعينات بالنسبة العينة تقع أين من أجل إحداث عمليات التحسني والتحفيز للقدرات العقلية. وهو األمر الذي جعلنا نقوم يف املرحلة الثانية الثقافية العوامل من ومتحرر مشهور اختبار بتقنني وميكن تطبيقه بصورة جماعية، أو فردية كما ثبت أنه يتمتع مبؤشرات مرتفعة على مقاييس الثبات والصدق يف كثير من الثقافات املختلفة، وهذا االختبار هو اختبار املصفوفات املتدرجه )SPM( الذي صممه جون رايفن

عام 1938.عينة الدراسة:

)2600( عدد من احلالية الدراسة عينة تكونت طالب وطالبة من عمر )8( سنوات إلى )21( سنة من املرحلة الثالثة من التعليم االبتدائي إلى املرحلة النهاية العينة أسلوب استخدم وقد اجلامعي، التعليم من عينة اختيار يف املراحل متعددة العشوائية الطبقية الدراسة احلالية، وهو األسلوب الذي مت استخدامه من قبل أحد مؤلفي هذا العمل الختبار املصفوفات املتدرجة

SPM )Raven، 1939( مع العينة اإلجنليزية.ولقد روعي تساوي العمر الزمني للطالب مع املرحلة للذكور بالنسبة العدد يف التساوي وأيضا الدراسية واإلناث. وقد اختيرت عينة الدراسة من مناطق جغرافية واجلبلية الساحلية املناطق وقرى مدن من مختلفة والصحراوية باملنطقة الشرقية. كذلك استخدم أسلوب مدى الثقة بالنسبة للعينة املسحوبة من املجتمع األصلي وهو املجتمع الليبي ككل )88.( ولزيادة مستوى الثقة مت رفع عدد العينة من أجل االطمئنان ولسهولة املقارنة

مع العينات األخرى يف الدراسات العربية واألجنبية .أداة الدراسة:

املصفوفات صيغة احلالية الدراسة استخدمت

ر 31تفك

بندا تتألف من )60( القياسية SPMوهي املتدرجة )A، B، C، D، E( تتوزع على خمس مجموعات هيحيث حتتوي كل مجموعة على )12( مصفوفة مفردة تصميمات أو رسوم من مصفوفة كل تتألف وحيث كل داخل الفقرات صعوبة تتزايد بحيث هندسية، الصورة أما االختبار. نهاية حتى تدريجيا مجموعة العربية )والصورة الليبية أيضا( للمقياس فقد قسمت األعمار وتناسب ) هـ د، ج، ب، )أ، : إلى أقسامها من )6( سنوات فما فوق. وقد طبق االختبار بطريقة والدرجة احلالية. الدراسة عينة أفراد على جماعية

الكاملة على االختبار SPM هي الدرجة 60.نتائج الدراسة ومناقشتها:

السيكومترية اخلصائص من التحقق مت أن بعد الختبار وفقا للذكاء الليبية املعايير واستخرج سابقة دراسات يف SPM املتدرجة املصفوفات )عبداهلل 2002، الشحومي ولني 2010، الشحومي ولني 2010، الشحومى 2010، الشحومي 2012، هذه دلت حيث ،)2013 والغماري ولني الشحومي النتائج على أن اختبار SPM يتمتع مبعامالت صدق وثبات مرتفعني، ما يجيز استخدامه مع العينة الليبية بكل ثقة. وسيكون الغرض من هذه الورقة هو استخراج للمعايير وفقا الليبية للعينة )IQ( الذكاء حاصل بحاصل ذلك مقارنة ثم ومن واألمريكية، البريطانية الذكاء لبعض العينات يف املجتمعات العربية واألجنبية. باستخدام للعينة الذكاء حاصل احتساب مت وقد جدول معد من قبل مؤلف االختبار Revan. واجلدول واالنحرافات العينة درجات متوسطات يوضح التالي املعيارية وقيمة )ت( ومستوى داللة الفروق يف اختبار املصفوفات املتدرجة املقنن وحاصل الذكاء )IQ( وفقا

للمرحلة العمرية والنوع) ذكور- إناث(.أن نستطيع )1( رقم السابق اجلدول خالل من

نستخلص مايلى:املصفوفات اختبار على الدرجات 1. متوسطات املتدرجة SPM تزداد مع زيادة العمر بصورة متدرجة إلى سنوات )8( العمر مع درجة )15.51( من

)42.56( مع العمر )21( سنة.

بني اجلنسني يف املتوسطات فروق يف توجد 2. ال العينة الكلية، غير أنه توجد فروق ذات داللة إحصائية بالنسبة للمرحلة العمرية )10( سنوات لصالح اإلناث، وفروق يف املرحلة العمرية )11( سنة لصالح الذكور، الى وفروق ذات داللة إحصائية يف األعمار من )15 معايير وضع يتطلب وهذا الذكور. لصالح سنة )17القرن بداية فمنذ األعمار. لهذه النوع خاصة حسب عدم إلى الدراسات من العديد توصلت العشرين واإلناث الذكور بني إحصائية داللة ذات فروق وجود g” (Terman 1916 & Spear- “ الذكاء العام man 1923(. ومن اجلدير بالذكر أن نتيجة الدراسة احلالية تتفق مع نتائج الدراسات الغربية، على سبيل Lynn، 1994، 1999، Lynn and Flynn( املثالالنمو حيث نظرية تدعمان اللتان )2004، 2005تتحصل اإلناث على معدالت ذكاء أعلى من الذكور يف معدالت على الذكور ويتحصل تقريبا العاشرة السن لذا فوق. فما سنة 15 عمر من بداية أعلى ذكاء نالحظ أن الذكور هم من يبتكرون االختراعات مقارنة باإلناث. كما وضحت هذه الدراسة أن معدالت الذكاء النتيجة متيل إلى االستقرار من عمر 18 سنة وهذه دراسات 1939، 1941، 1986،1989، مع تتفق Revan et. al 1995 2000 ،1998 ،1996

. and Revan3. متوسط حاصل الذكاء للعينة الكلية وفقا للمعايير البريطانية كان )81( درجة وتراوحت هذه املعدالت ما بني )74( درجة مع العمر 11 سنة إلى )85( درجة مع العمر )8( سنوات. مع مالحظة أن الزيادة يف العمر لطبيعة وذلك الذكاء حاصل يف زيادة يتبعها لم هنا مقابلة الدرجة اخلام مع املائيني، حيث إن حصول طفل يف )15( تساوي خام درجة على سنوات )8( عمره اختبار املصفوفات تضعه وفقا للمعايير البريطانية يف املائيني )13(، بينما حصول فرد آخر عمره )15( سنه على الدرجة اخلام نفسها )15( تضعه يف املائيني )1(. من عليه املتحصل )IQ( الذكاء حاصل ومبقارنة للمعايير وفقا درجة )81( لـ واملساوي الليبية العينة الدول لبعض )IQ( الذكاء حاصل مع البريطانية

ر تفك 32

ر 33تفك

واقع من جتميعها مت والتي واألجنبية، العربية الدراسات السابقة املتاحة عن الفترة من 1968 إلى Meta Analy-( 2008 وذلك باستخدام حتليل ميتا

sis(، حصلنا على النتائج التالية:

إن حاصل الذكاء للعينة الليبية يف الدراسة احلالية التي النامية الدول ذكاء حلاصل مساوي تقريبا هو تقع يف شمال أفريقيا وجنوب أسيا الذي ورد يف كتاب لني ووفينهانني 2006، وهذا يعطي مؤشرا قويا على صالحية األداة املستخدمة يف قياس الذكاء يف الدراسة احلالية ( )SPM Test. فقد كان حاصل الذكاء للدول )2006( وفينهانني لينو كتاب يف وراد كما النامية ذكاء مساو حلاصل تقريبا وهو )82.95( يساوي الشحومي دراسة إليه توصلت الذي النامية الدول 2010 من خالل حتليل ميتا وهو .82 كما كان هناك تقريبا تقارب بني حاصل ذكاء الدول املتقدمة 98.6(( الذي ورد يف كتاب لني ووفينهانني 2006 وحاصل ذكاء الشحومي دراسة إليه توصلت الذي املتقدمة الدول 2010 من خالل حتليل ميتا وهو 95. واجلدول التالي )ت( وقيمة املعيارية واالنحرافات املتوسطات يوضح ومستوى داللة الفروق يف اختبار املصفوفات املتدرجة وفقا والنامية املتقدمة للدول الذكاء وحاصل املقنن

للفئات العمرية واجلنس والعينة الكلية.

ومن املعروف أن الذكاء قد تطور يف الدول املتقدمة ،)2007 1984- )فلني املاضية السنة 70 خالل غير أن السبب يف هذا التطور غير محدد بشكل دقيق حيث مت إرجاعه إلى عوامل كالبيئة والتغذية والتعليم

وحتسن مستوى املعيشة )لني 1990(.دول ذكاء ارتفاع يف حاصل نتوقع أن لنا لذا ميكن

املتوقع التطور مع األوسط والشرق أفريقيا شمال املختلفة مبقدار املجاالت يف القادمة السنوات خالل دراسة توصلت وقد سنوات. عشر كل نقاط ثالث مستوى أن إلى السودان يف )2009( وولني خليفة الذكاء ارتفع مع عينة الدراسة من خالل تقدمي بعض حل أسلوب استخدام على حتفز التي العلمية املواد هذا أن الدراسة هذه حدود من أن غير املشكالت. االرتفاع يف مستوى الذكاء قد يختفي مع مرور الزمن وخاصة بانقطاع هذا البرنامج التعليمي املحفز ألسلوب

حل املشكالت.تعتمد ليبيا التعليم يف املتعارف عليه أن طرق ومن حل على يعتمد أسلوبا كونه من أكثر التلقني على الدول يف املستخدم باألسلوب مقارنة املشكالت إلى اليخضعون ليبيا يف املعلمني أن املتقدمة،كما التطوير والتدريب املستمر وخالل خطة ثابتة. إضافة إلى ذلك أن العينة الليبية بشكل عام المتلك اخلبرة يف

التعامل مع اختبارات الذكاء.قترح لينو وفينهانني -2002 2006 ثالث نظريات

يف محاولة لشرح كيفية تأثير حالة التنمية بالذكاء. 1- يحدد الذكاء التطور البشري .2- يحدد التطور البشري الذكاء .

فعل ردود طريق عن العمليتني كلتا وشارك -3إيجابية، واملعروف أيضا باسم التفاعل املتبادل.

باإلضافة إلى ذلك، ميكن التأكيد على بعض العوامل الرئيسة املسؤولة عن اكتساب بعض املجتمعات درجات

معدل ذكاء أعلى من غيرها، والعوامل هي كما يلي:األكثر العامل يعتبر : التعليم نوعية ( حتسني 1 (

أهمية الذي اقترحه كل من: Tuddenham )1948(، Flynn )1984،2007(، Teasdale and Owen )1994(، Fli-

نتوقع ارتفاع يف حاصل ذكاء دول شمال أفريقيا والشرق األوسط مع التطور املتوقع خالل

السنوات القادمة..

ر تفك 34

ر 35تفك

eller )1996، 1999(، Greenfeld )1998(، Jensen (1998)، Weede & Kampf (2002)، Garlick )2002(، Blair، Gamson، Thorne& Baker (2005)، and Meisenberg، Law-

:)less، Lambert & Newton (2006من العديد إلى يحتاج التعليم أن يعلم اجلميع ويتم مختلفة، بطرق عليه احلصول وميكن اجلوانب، حتقيق التعليم يف الغالب من قبل الذهاب إلى املدرسة. ومن املتوقع أن يتلقى الطلبة يف الدول املتقدمة أفضل تعليم مدرسي مقارنه بنظرائهم من الطلبة يف البلدان الفكرية املهارات بتنمية تسمح املدارس إن النامية. أن تبني فقد األطفال. يف مختلفة بدرجات املهمة الطالب الذين يقضون وقتا أطول يف املدرسة يكون من ذوي الذكاء املرتفع بعكس الطالب الذين يذهبون إلى املدرسة بشكل متقطع )نيسر، 1995(. كما وضحت املتعلمة حتصلوا العائالت من الطالب أن الدراسات على حاصل ذكاء أعلى مقارنة مع الطالب املنحدرين

.)Abdalla 2002 (من عائالت غير متعلمة) 2 ( زيادة استخدام اختبار الذكاء، إذ يذكر كل من:

Tuddenham )1948(، Brand )1987(، :)and Jensen )1998

مع يتعاملون املتقدمة الدول يف الطالب أن االختبارات النفسية منذ الطفولة، حيث تكتسب بعض األلفة مع مثل هذه االختبارات، يف حني أن طالب من البلدان النامية عادة ال تتاح لهم فرصة التعامل مع مثل Abdalla ( هذه االختبارات، وهذا يؤثر على أدائهم

.)2002التلفزيون املثال سبيل على املعريف، التحفيز )3 (ووسائل اإلعالم وألعاب الكمبيوتر، حيث يذكر كل من:

Elley )1969(، Jensen )1998(، Schooler )1998(، Williams )1998(، and Sundet،

:)Barlaug & Torjussen (2004أن التحفيز املعريف من شأنه أن يحسن القدرة العقلية إلى باإلضافة األطفال. عند والوعي اإلدراك ويعزز ( السن التقدم يف مع املعرفية القدرة من يزيد ذلك

اتصال هاتفي مع البروفسور لني 2013(.) 4 ( حتسينات يف تربية األطفال، حيث يرى كل من:

)Elley (1969) & Flieller (1996من معينا مستوى يتطلب الطبيعي الطفل منو أن لبيئات وأن الشديد، واالحترام املسؤولة الرعاية اإلهمال والبيئات املسيئة آثارا سلبية على العديد من ومن الفكرية. اجلوانب ذلك يف مبا التنمية، جوانب

ر تفك 36

ر 37تفك

تربية األطفال يحسن من قدراتهم املتوقع أن حتسني العقلية.

) 5 ( ثقة زائدة يف التعامل مع اخبارات الذكاء، حيث يرى كل من:

Brand )1987( and Brand، Freshwater:)& Dockrell (1989

أن الطالب يف البلدان النامية ال ميلكون الكثير من اخلبرة يف التعامل مع اختبار الذكاء باملقارنة مع الطلبة يف الدول املتقدمة. ففي البلدان النامية الطالب عادة ما يكون لديهم تخوف من اختبارات الذكاء. هذه نقطة للفرد والثقة اخلبرة من املزيد إن حيث جدا مهمة Lynn( االختبار يف الدرجات أعلى يسجل يجعله

.)2008التغذية لسوء التغذية: مجال يف حتسينات ) 6 (املستوى على سيئة آثار الطفولة أثناء طويلة لفترات الفكري على املدى الطويل. فاألطفال الذين يعانون من سوء التغذية عادة ما يكون أقل استجابة للبالغني، وأقل نظرائهم من التنقيب يف نشاطا وأقل للتعلم، حماسا Lynn )1990a،(أفضل بطريقة يتغذوا الذين 1998( Jensen )1998 ،1993(( . ومن املتوقع أن الطالب يف البلدان النامية أكثر عرضة لسوء التغذية

من نظرائهم يف البلدان املتقدمة.)7( الذكاء الفردي والذكاء اجلماعي، ويقصد بالذكاء الفردي أن الفرد يزداد ذكاؤه من خالل حتقيق جناحاته بالذكاء يتعلق وفيما النجاح. هذا بنتائج وشعوره اجلماعي فإن وجود الفرد يف مجتمع ذكي سوف يؤثر Dickens &(. بطريقة إيجابية على قدراته العقلية

)Flynn 2001;Flynn، 2007)8 ( صغر حجم األسرة، الذي يعني عبئا اقتصاديا أقل، مما يتيح لآلباء القدرة على توفير تعليم وتغذية تربية وأن األطفال احتياجات كل تلبية وأيضا أفضل الطفل تكون أسهل وأكثر تركيزا. والعالقة بني الذكاء وحجم األسرة عالقة سلبية، أي أن األطفال مع أعداد كبيرة من األشقاء ذكاؤهم أقل من األطفال يف األسر

)Abdel-Khalek & Lynn 2008 (الصغيرةأن يف السبب توضح أعاله املذكورة العوامل إن

من أعلى املتقدمة البلدان من الطالب لدى الذكاء نظرائهم الطالب يف الدول النامية؛ وأن الطالب من البلدان املتقدمة لديهم مزايا البيئة كالتغذية املمتازة، والصحة، والتعليم، وأحيانا هم من أسر أصغر حجما.

املراجعAbdalla، S. )2000(: The Performance of Libyan

Students on the Raven’s Standard Progressive Matrices Test . Ph.D.، Thesis ، University of Man-chester .

Abaujaafer، A. )1983(: Pupils’ Achievement in Preparatory Schools in the City of Tripoli، Libya and its Relationship to Parents’ Attitudes، Home circumstance and Schooling. Ph.D.، Thesis، Uni-versity of Sheffeld.

Abdel-Khalek، A. )1988(. ”Egyptian Results on )SPM(. Personality and Individual Difference ” 9: 193-195.

Abdel-Khalek، A. and R.، J. )2006(. Normative data from the standardization of Raven’s Pro-gressive Matrices in Kuwait in an international context. Social Behavior and Personality، 34، 169-180.

Abdel-Khalek، A.M. and L.، R. )2006(. Sex differences on a standardisation of the Standard Progressive Matrices in Kuwait. Personality and Individual Differences 40: 175-182.

Abu-Hatab، F. et al )1977(. The standardiza-tion of the Standard Progressive Matrices in a Saudi sample. In F. Abu-Hatab )ed.(: Studies on

ر تفك 38

the Standardization of Psychological Tests، Vol. 1، pp. 191-246. Cairo، Egypt: Anglo-Egyptian Library [in Arabic].

Abul-Hubb، D. )1972(. Application of Pro-gressive Matrices in Iraq. In: L.J. Cronbach and P.J. Drenth )eds.(: Mental Tests and Cultural Ad-aptation. The Hague: Mouton.

Al-Shahomee، A.A. & Lynn، R. (2010). Norms and sex differences for the Standard Progressive Matrices in Libya. Mankind Quarterly، 51، 97-107.

Al-Shahomee، A. A. and R. Lynn )2010( ”IQs of Men and Women and of Arts and Science Stu-dents in Libya. Mankind Quarterly 51 )2(153-157.

Al-Shahomee، A.A. )2010(.Gender differences in intelligence in relation to Development status and Age: A meta-analysis، Al-Mukhtar journal

Al-Shahomee، A. A. )2012(. A standardisation of the Standard Progressive Matrices for adults in Libya. Personality and Individual Differences 53 ، 142–146. Also this paper has been re-pub-lished with full permission of Elsevier BV in a book: RACE AND SEX DIFFERENCES IN INTEL-LIGENCE AND PERSONALITY :A Tribute to Rich-ard Lynn at 80. December 2013 .

Al-Shahomee A. A. and R. Lynn )2012( A standardisation of the Standard Progressive Ma-trices aged 38 to 50 years in Libya Volume LII، Nos. 3&4، Mankind Quarterly.

Al-Shahomee A. A.، Lynn R، and Abdalla S،) 2013( Dysgenic fertility، intelligence and family size in Libya، Intelligence 41 )2013( 67–69.

Bart، W. K. A. and Lane، J. )1986(. ”The De-velopment of Proportional Reasoning in Qatar.“ The Journal of Genetic Psychology 148: 95-103.

Benton، D. )2001(. ”Micro-nutrient supple-mentation and the intelligence of children.“ Neuroscience and Behavioral Reviews: 297-309.

Blair، C.، Gamson، D.، Thorne، S. & Baker، D. )2005(. Rising mean IQ: Cognitive demand of mathematics education for young children، population exposure to formal schooling، and the neurobiology of the prefrontal cortex. Intel-ligence، 33، 93 –106.

Brand، C.R. )1987(. Bryter still and bryter? Nature، 328، 110.

Brand، C.R.، Freshwater، S. & Dockrell، W.B. )1989(. Has there been a massive rise in IQ lev-els in the West? Evidence from Scottish children. Irish Journal of Psychology، 10، 388-393.

Carroll، J. B. )1993(. Human cognitive abili-ties: A survey of factor-analytic studies. New York، Cambridge University Press.

Dickens، W.T. & Flynn، J.R. (2001). Heritabil-ity estimates versus large environmental effects: the IQ paradox resolved. Psychological Review، 108، 346-369.

Elley، W.B. )1969(. Changes in mental ability in New Zealand. New Zealand Journal of Educa-tional Studies، 4، 140-155.

Ezeilo، B )1978(: Validating Panga Munthu Test and Porteus Maze Test in Zambia. Interna-tional Journal of Psychology، 13، 333- 42.

Flieller، A. )1996(.Trends in child rearing practices as a partial explanation for the in-crease in children’s scores on intelligence and cognitive development tests. Polish Quarterly of Developmental Psychology، 2، 51-61.

Flieller، A. )1999(. Comparison of the devel-opment of formal thought in adolescent cohorts aged 10-15 years )1967-1996 and 1972-1993(. Developmental Psychology،35، 1048-1058.

Flynn، J.R. )1984(. The mean IQ of Americans: massive gains 1932 to 1978. Psychological Bul-letin، 95،29-51.

Flynn، J.R. )2007(.What is Intelligence? Be-yond the Flynn effect. Cambridge: Cambridge

ر 39تفك

University Press. Greenfeld، P.M. )1998(. The cultural evolu-

tion of IQ. In U. Neisser )Ed( The Rising Curve. Washington، DC: American Psychological As-sociation.

Heyneman، S. )1987(: Use of Examination in Developing Countries: Selection، Research and Education Sector Management. International Journal of Educational Development، 7، 251-263.

Jensen، A. )1981(: Straight Talk about Mental Tests. London: Methuen and Co.، Ltd،.

Jensen، A.R. )1998(. The g Factor. Westport، CT: Praeger.

Khaleefa، O. & Lynn، R. (2009). The increase of intelligence in Sudan 1964-2006. Personality and Individual Differences، 45، 412-413.

Khaleefa، O. & Lynn، R. (2008a) Sex differenc-es on the Progressive Matrices: Some data from Syria. Mankind Quarterly، 48، 345-352.

Khaleefa، O.، Khatib، M.A.، Mutwakkil، M.M. & Lynn، R. (2008b). Norms and gender differ-ences on the Progressive Matrices in Sudan . Mankind Quarterly، 49، 177-183.

Khaleefa، O. & Lynn، R. (2008d). Norms for intelligence assessed by the Standard Progres-sive Matrices in Qatar . Mankind Quarterly، 49، 65-71.

Li، R. )1996(. A theory of conceptual intelli-gence. London:، Praeger.

Lynn، R. )1977b(. The intelligence of the Chi-nese and Malays in Singapore. Mankind Quar-terly،18، 125-128.

Lynn، R. )1982(. IQ in Japan and the United States shows a growing disparity. Nature، 297، 222-223.

Lynn، R. H.، S.L. )1986(. ”The rise of national intelligence: evidence from

Lynn، R.، Pagliari، C.، and Chan، J. )1988(.

Intelligence in Hong Kong measured for Spear-man’s g and the visuospatial and verbal prima-ries. Intelligence، 12، 423-433.

Lynn، R. )1990a(. The role of nutrition in secu-lar increases of intelligence. Personality and In-dividual Differences، 1990b، 11، 273–285.

Lynn، R. )1990b(. Differential rates of secular increase of fve major primary abilities. Social Bi-ology، 38، 137-141.

Lynn، R. )1993(. Nutrition and intelligence. In P.A. Vernon )Ed( Biological Approaches to the Study of Intelligence. Norwood، NJ: Ablex.

Lynn، R. )1994(. Sex differences in intelligence and brain size: a paradox resolved. Personality and Individual Differences 17: 257-271.

Lynn، R. )1998(. In support of nutrition theo-ry. In U. Neisser )Ed( The Rising Curve. Wash-ington، DC: American Psychological Associa-tion.

Lynn، R. )1999(. Sex differences in intelli-gence and brain size: a developmental theory. Intelligence 27: 1-12.

Lynn، R. )2008(. The Global Bell Curve. Au-gusta،، GA: Washington Summit Publishers.

Majdub، G. )1991(: The Psychological Deter-mining of Academic Achievement. Ph.D.، Thesis، University of Bristol.

Meisenberg، G.، Lawless، E.، Lambert، E. & Newton، A. )2005(. The Flynn effect in the Carib-bean: generational change in test performance in Dominica. Mankind Quarterly، 46، 29-70.

Pind، J.، Gunnarsdóttir، E. K.، and Jóhanssesson، H. S. )2003(. Raven’s Standard Progressive Ma-trices: new school age norms and a study of the test’s validity. Personality and Individual Differ-ences، 34، 375-386.

Raven، J. )1981(. Irish and British Standardi-sations. Oxford، UK: Oxford Psychologists Press.

Raven، J.C. )1939(. The RECI series of percep-

ر تفك 40

tual tests: An experimental survey. British Jour-nal of Medical Psychology، 18، 16-34.

Raven، J.C. )1941(. Standardisation of Pro-gressive Matrices. British Journal of Medical Psychology، 19، 137-150.

Raven، J.C.، Court، J.H. & Raven، J. (1977). Manual for Raven’s Progressive Matrices & Vo-cabulary Scales: The Crichton Vocabulary Scale، 1983 Revision. London: H.K.Lewis.

Raven، J.C.، Court، J.H. & Raven، J. (1982). The Mill Hill Vocabulary Scale، 1982 Revision. Lon-don: H.K.Lewis.

Raven، J.C.، Court، J.H. & Raven، J. (1983). Manual for Raven’s Progressive Matrices & Vo-cabulary Scales: Section 2. London: H.K.Lewis.

Raven، J.C.، Court، J.H. & Raven، J. (1995). Co-loured Progressive Matrices Manual. London: Lewis.

Raven، J.C.، Court، J.H. & Raven، J. (1996). Standard Progressive Matrices. Oxford، UK: Oxford Psychologists Press.

Raven، J.; Raven، J. and Court، J. )1996(: Ra-ven Manual: General Overview. Oxford: Oxford Psychological Press.

Raven، J.، Raven، J.C. & Court، J.H. (1998). Standard Progressive Matrices. Oxford، UK: Oxford Psychologists Press.

Rushton J. and Arthur R. )2009(. Race and IQ: A Theory-Based Review of the Research in Rich-ard Nisbett’s Intelligence and How to Get It. The Open Psychology Journal، 2010، 3، 9-35

Sahin، N.، Duzen، E. )1994(. Turkish standar-tisation of Raven’s SMP. Proceedings of the 23rd International Congress of Applied Psychology، Madrid، Spain.

Schooler، C. )1998(. Environmental complex-ity and the Flynn effect. In U. Neisser )Ed( The Rising Curve. Washington، DC: American Psy-chological Association.

Shigehisa، T.، and. Lynn، R. )1991(. Reaction times and intelligence in Japanese children.In-ternational Journal of Psychology، 26، 195-202.

Scottish Council for Research in Education )1949(. The Trend of Scottish Intelligence. Lon-don: University of London Press.

Spearman، C. E. )1923(. The nature of intel-ligence and the principles of cognition. London، Macmillan.

Spicher، P. )1993(. Nouvel etalonnage du SPM. Freiburg، Switzerland: University of Freiburg.

Sundet، J.M.، Barlaug، D.G. & Torjussen، T.M. )2004(. The end of the Flynn effect? A study of secular trends in mean intelligence test scores of Norwegian conscripts during half a century. In-telligence، 32، 349-362.

Teasdale، T.W. & Owen، D.R. (1994). Thirty year secular trend in the cognitive abilities of Danish male school leavers at a high educational level. Scandinavian Journal of Psychology، 35، 328-335.

Terman، L.M. )1916(. The Measurement of Intelligence. New York: Houghton Mifflin.

Tuddenham، R.D. )1948(. Soldier intelligence in world wars 1 and 11. American Psychologist، 3، 54-56.

Vejleskov، H. )1968(. ”An Analysis of Raven Matrix Responses in Ffth Grade Children.“ Scan-dinavian Journal of Psychology 9: 177-186.

Weede، E. & Kampf، S. (2002). The impact of intelligence and institutional improvements on economic growth. Kyklos، 55، 361-380.

Williams، W.M. )1998(. Are we raising smarter children today? School and home-relat-ed influences on IQ. In U.Neisser )Ed( The Ris-ing Curve. Washington، DC: American Psycho-logical Association.

ر 41تفك

نتقدم بالشكـر اخلالص للدكتور “محمد الطبولي”

ملبادرته بفكرة اجمللة، وإصدار قرار إنشائها، ولوضعه الثقة يف من اختريوا لهيئة حتريرها، ولدعمه املستمر لهم طيلة

توليه منصب رئاسة اجلامعة.

شكر وتقدير

أسرة التحرير

يف للخصخصة املصاحبة القضايا ضمن ومن التجارب العاملية والعربية قضية معاجلة مشاكل العمالة فائض خصوصا للخصخصة، املعدة املنظمات يف املعاجلة ألن اخلصخصة، عملية عن الناجت العمالة غير املناسبة قد تضيف إلى فئات العاطلني عن العمل أعدادا جديدة ما قد يثير مشكالت اجتماعية وأمنية قد تقف بدورها حجر عثرة أمام تنفيذ برنامج التحول

نحو خصخصة املنظمات العامة. العاملني قدرات تأهيل برامج ملحدودية ونظرا للخصخصة، املطروحة املنظمات يف وتطويرها تقليل مشاكل ملعاجلة مسبقا معدة خلطط واالفتقار برنامج جراء األحيان من كثير يف العمالة حجم كثير والقيادات يف العاملني لدى تكونت اخلصخصة، من املنظمات العامة صورة قامتة عن اخلصخصة، ما أدى إلى وجود مقاومة من القيادات والعاملني يف هذه املنظمات لبرنامج اخلصخصة. وقد ضاعف من هذه املقاومة عدم وجود برامج توعوية لقضايا اخلصخصة واملنظمات واملستثمرين املواطنني مستوى على

وتأخذ والعاملني. واإلدارية السياسية والقيادات تأثيرات اخلصخصة على موضوع التوظيف والتشغيل لقوة العمل بعدين أساسيني، األول على مستوى املنظمة والثاني على مستوى االقتصاد برمته وما يصاحبه من تباين يف وجهات نظر آثار املدى القصير والطويل. ولعل

من أبرز تلك التأثيرات ما يلي:امللكية من انتقال الوظائف مبجرد • فقدان بعض إلى للحاجة نظرا اخلاص القطاع إلى العام القطاع زيادة رأس املال الذي يسبب انخفاضا يف الطلب على

القوى العاملة. • تقنني عمليات التوظيف والتشغيل اجلديدة للقوى

العاملة.• نشوء قوة تفاوضية عمالية، وبروز مشاكل سياسية احلكومية، واإلدارة اخلصخصة إدارة مع ومطلبية عمالية نقابات لديها التي الدول تلك يف خصوصا

منظمة وفاعلة. Park، 1998: 44- 52 & Spicer and et(

.)al.، 2000: 630- 640

جتــارب ودروس مسـتفــادة ملعـاجلـة أوضــاع العـاملني عند خصخصة املنظمـات الليبيــة

يحتدم اجلدل الفكري بني خرباء االقتصاد والسياسة واملشتغلني بالسياسات العامة والنقابات العمالية حول نوعية القضايا املرتبطة

باخلصخصة، وحول كيفية طرح هذه القضايا ومعاجلتها على الساحة السياسية واالقتصادية واالجتماعية..

,,

علي موسى الدليميساملة عمر الزائدي

جامعة بنغازي

أبحاث محكمة..

ر 43تفك

ومن هذا املنطلق، فإن هناك فرصة أمام املسؤولني املستهدفة باملنظمات العاملني مخاوف من للتقليل للخصخصة. ففي املنظمات التي تظل يف مرحلة منو، زيادة يف حجم على خصخصتها يترتب أن يتوقع قد البريطانية جاكوار شركة خصخصة فبعد العمالة، عامل. 2000 يعادل مبا العمالة حجم زاد مثال، أن تفهم إلى ضرورة التنويه ينبغي السياق، هذا ويف على العام القطاع يف العمل إلى ينظرون ال العاملني فالوظيفة أجر، منها على أنه مجرد وظيفة يحصلون يف القطاع العام توفر يف الغالب األمان الوظيفي، األمر الدول من العديد ويف كثيرا. العاملون يثمنه الذي النامية حتل املنظمات االقتصادية اململوكة للدولة محل أنظمة الضمان االجتماعي وتقدم الكثير من اخلدمات واملواصالت. واإلسكان العالج مثل: االجتماعية وباألسلوب ذلك توفير اخلاص القطاع يستطيع فهل نفسه؟ وبشكل عام، يتوقع تزايد مخاوف العاملني من اخلصخصة خصوصا يف الدول التي اليوجد فيها نظام العمالة توزيع إلعادة خطة أو البطالة ضد للتأمني

الفائضة )هندي، 1995(. ويف هذا اإلطار تتناول هذه الورقة استعراضا ألهم أبرز وترصد اخلصخصة، ببرامج املتأثرة األطراف املخاوف والشكوك التي قد تنتاب العاملني جراء هذه بعض لتوضيح معمقة قراءة إلى باإلضافة البرامج، اجلوانب التى من املمكن أن تسهم يف تبديد أو التقليل الورقة هذه تسلط كما والشكوك. املخاوف تلك من اخلصخصة مع الدولية التجارب بعض على الضوء وتستخلص القضايا، تلك بها عوملت التي والكيفية

بعض الدروس املستفادة يف هذا املضمار.اخلصخصة وإثارة مخاوف أهم األطراف املعنية

متثل للخصخصة املصاحبة القضايا بعض مازالت اجلدل يتسع أن املمكن من حيث خالفية، قضايا فإنه ولذا حولها. املتباينة النظر وجهات تتعدد وأن تداعيات حول الغموض احتماالت تزايد املتوقع من واالعتراضات املخاوف تزايد عن فضال اخلصخصة اخلصخصة. برنامج مراحل من مرحلة كل حول وبشكل عام، فإن اإلجراءات التي تتخذ يف إطار برامج

إلى العامة امللكية من والتحول االقتصادي، اإلصالح امللكية اخلاصة، غالبا ما تصاحبها بعض اآلثار السلبية الرئيسة األطراف من بعدد الضرر تلحق قد التي

التالية:1 – العاملون: يشير رصيد جتارب اخلصخصة يف موقفا يقفون العاملني أن إلى العالم دول من العديد األطراف أكثر من باعتبارهم للخصخصة، معارضا األمر للخسارة، تعرضا وأكثرها التحول بهذا املتأثرة التي املعوقات أكبر من الكثيرين نظر يعتبر يف الذي برنامج إجناز يف بسرعة التقدم طريق يف تقف اخلصخصة )Cowen، 1989: 15(. وميكن حصر يف منظماتهم خلصخصة العاملني معارضة أسباب

اآلتي: ببرنامج ارتباطها بعد املنظمة تخلي إن •اخلصخصة عن األهداف االجتماعية وتركيزها األكثر يف تقليص عليه يترتب االقتصادية، األهداف على العمالة يف تلك املنظمات، فقد أوضحت إحدى حجم املنظمات على ميدانيا مسحا أجرت التي الدراسات التي حتولت ملكيتها إلى القطاع اخلاص يف مصر أن %45 منها استغنت عن عدد كبير من العمال واملوظفني

.)Alkhafaj، 1993: 26( بهاكانوا إذا عما النظر بصرف العاملني، لدى •يفكرون فهم أخرى، مشاكل وظائفهم، سيفقدون قلقون أنهم كما تغير، أجورهم من فيما سيطرأ على يف وأقدميتهم التقاعد دخل يف حقوقهم بخصوص سيظلون كانوا إذا ما يعلمون ال إنهم حيث العمل،

يحتفظون بهذه احلقوق بعد اخلصخصة. • انخفاض ثقة العاملني يف قدرة برنامج اخلصخصة على حتقيق مصلحتهم Guislain، 1992: 10(( أو

مصلحة املنظمة التي يعملون لديها.للحفاظ العمالية: يسعى هؤالء النقابات قادة – 2على كبيرة بدرجة تعتمد التى وقوتهم مكانتهم على يقودونها التي العمالية بالتنظيمات العضوية حجم EFIIWC )2002،(، الذي يتأثر بعد تطبيق برنامج العمال من كبيرة أعداد لتسريح نتيجة اخلصخصة النقابات تقف وقد .))Millard، 1999: 36

ر تفك 44

تسريح من اخلوف بدعوى املعارضة موقف العمالية دفع أو واملرتبات األجور بزيادة املطالبة أو العمالة Mil- 1999 )ململرتبات املتأخرة، ومن مشاكل البطالة

lard،(. وعلى سبيل املثال عارضت النقابات العمالية يف بعض الدول ومنها تشيلي بشدة اجتاه احلكومة لبيع املنظمات العامة )Shirley & Nellis، 1991(، بل عارضت أيضا النقابات العمالية حتى يف احلاالت التي لم ينطو فيها األمر على تقليص حجم العمالة، وذلك كاحلوافز املزايا، بعض فقدان من اخلوف بدعوى بعض فقدان من واخلوف املجزي، املرتبات نظام أو

.)Vuylsteke، 1989( الوظائف مستقبالهؤالء أن بالذكر واجلدير النهاية يف هم النقابيني القادة املقرر املنظمات يف العاملني من إدراجها ضمن برامج اخلصخصة، التي نفسها الشكوك وتساورهم يبديها زمالؤهم إزاء هذا التحول )محمود، 2003: 4(، فضال عن العمالية النقابات ذلك، ال تستند والعائد، التكلفة حسابات إلى العالقة من نوع ايجاد بل حتاول

اإليجابية بني العمال واإلدارة. املديرون ميارس املنظمات: إدارات مجالس – 3أنشطة معارضة للخصخصة، حيث يصل األمر أيضا تأييد يف تتمثل عروض تقدمي إلى األحيان بعض يف حلول وبدائل أخرى منافسة لسياسة اخلصخصة، كما حدث يف تركيا )Kjellstrom 1990،(، األمر الذي التأكد وعدم االضطراب من حالة إشاعة إلى يؤدي لدى املشتري، ويضعف بال شك من املركز التفاوضي خصخصة من املديرين لدى خشية وتنشأ للدولة.

منظماتهم نتيجة عدة أسباب أهمها:عملية تأييد عن املديرين من الكثير يحجم قد •التحول أن وهو واضح لسبب وذلك اخلصخصة، وسلطاتهم مركزهم يفقدهم قد اخلاصة امللكية إلى بعض يفقدهم مثلما ،)6 :2002 )ماهر، الوظيفية املزايا املادية واملعنوية التي يتمتعون بها، باإلضافة إلى

تخوفهم من املجهول الذي ينتظرهم. وأسلوب جديد بإدارة املحتمل املشتري يأتي أن •متاما حتالن محل اإلدارة احلالية، أو على األقل بعض أفرادها. وتزداد املخاوف إذا كان جانب كبير من العمالة الفائضة يتمركز يف فئة اإلداريني، فقد أوضحت دراسة استغني أنه مصر يف )Alkhafaji، 1993: 27(عن %30 من املديرين يف املنظمات التي خصخصت. املؤهالت يعوز بعضهم كان إذا املخاوف هذه وتزداد إلدارة اخلاصة اإلمكانات لديه تتوفر ال أو العلمية، التجاري باألسلوب بعد خصخصتها العامة املنظمات القطاع اخلاص(. وتسود مشاعر املديرين يف )بكفاءة يف املديرين لدى هذه املخاوف الوقت الذي ينظر فيه إليهم – أو على األقل لفئة اإلدارة العليا منهم – على أنهم إحدى القوى الدافعة اخلصخصة، لبرنامج املهمة منظماتهم تهيئة بهم يناط حيث ظروف مع للتكيف وإعدادها القطاع ظل يف وطبيعته العمل اخلاص )الصحن،1996: 53(. أغلب تبدي قد احلكومة: – 4حكومات الدول بعض املخاوف من أساليب كأحد اخلصخصة سياسة تبني على اإلقدام منظمات حتول بأن منها زعما االقتصادي، اإلصالح على سيطرتها فقدان يعني اخلاص إلى العام القطاع عجلة االقتصاد الوطني، وفقدان جزء من قوتها، خصوصا يف ظل وجود مشترين من املستثمرين األجانب، ما يؤثر للدولة. االقتصادية السياسة صنع يف بآخر أو بشكل بني اختالالت بحدوث متعلقة مخاوف هناك أن كما فئات املجتمع فيما يتصل باملستويات املعيشية املرتكزة على دخول العاملني يف القطاع العام واخلاص، واتساع والفقراء، فضال عن مخاوف أخرى الهوة بني األغنياء متعلقة بظهور نقابات عمالية قوية تقود إلى إضرابات

واضطرابات على مستوى الدولة )حودانة، 2004(. وعلى أي حال هناك جوانب أخرى من شأنها تعزيز هذه املخاوف خاصة يف الدول التي تتبع أنظمة سياسية

قد يحجم الكثري من املديرين عن تأييد

عملية اخلصخصة، ألن التحول إىل امللكية

اخلاصة قد يفقدهم مركزهم وسلطاتهم

الوظيفية..

ر 45تفك

تعتمد على االنتخابات يف الوصول إلى مقاعد احلكم، حيث ميثل العاملون يف املنظمات املعنية باخلصخصة إلى يؤدي قد ما املجتمع، أفراد من كبيرة شريحة عزوفهم عن االنتخابات، وعدم إعطاء أصواتهم للحزب احلاكم يف الدولة إذا ساد االعتقاد بأن هذا البرنامج Rattso & Srensen،( قد يلحق الضرر مبصاحلهم

.)2002: 2الدول فكرة اخلصخصة يف تقترن املواطنون: -5 النامية بشكوك كثيرة حول جدواها بالنسبة ملحدودي بأن عام تصور يسود حيث ومعدوميه، الدخل األسعار، يف زيادة مباشرة بصورة تعني اخلصخصة وانخفاضا يف مستويات املعيشة وقيام الدولة برفع يدها التوجهات االجتماعية يف رسم وتنفيذ السياسات عن يف خصوصا الهيكلية، واإلصالحات االقتصادية الدخل توزيع إعادة املجتمع على سياسات تعود ظل كما .)12 :2005 )ثابت، األسعار دعم باستخدام البطالة، نسب ارتفاع من النامية الدول معظم تعاني وانتشار البطالة املقنعة، وضآلة نشاط البحث والتطوير يف مشروعاتها الصناعية )الدليمي، 2000(، وارتفاع نسب األمية، وانخفاض مستويات االدخار واالستثمار املحلي، وضعف البنية التحتية األساسية. ومن ثم فإن على انعكاساتها واملعقدة املتراكمة املشاكل هذه لكل املواطنني، والسير يف طريق اخلصخصة أمر محفوف املضي يف أهمية رغم الدول، لتلك بالنسبة باملخاطر هذا الطريق. ويف ظل هذه الضرورة، فإن األمر يحتاج مراحل من مرحلة كل الستقبال املواطن تهيئة إلى

اخلصخصة يف إطارها الصحيح. جتارب ودروس مستفادة

ودورها باخلصخصة االهتمام يقتصر أن يجب ال يف االرتقاء مبستوى األداء االقتصادي على الدراسات وإمنا فقط، والفلسفية الفكرية بالنواحي املتعلقة يف واملتمثلة التطبيقية اجلوانب ليمس يتعداها اخلصخصة برامج تطبيق قبل الفعلية االنعكاسات وبعده، سواء على متغيرات بيئة العمل وأداء املنظمات، النمو ومعدالت االقتصادي األداء مستوى على أم املرتقبة. والشك يف أن دراسة التجارب التي خاضتها

األساليب واستيعاب اخلصخصة، مع األخرى الدول املتعلقة واملشاكل القضايا إدارة بها يف استعانت التي من يقلل ال ضروري مطلب لها، واملصاحبة بالعمالة أهمية القول بعدم منطقية نقل جتربة دولة معينة إلى البيئات، دولة أخرى بدعوى اختالف الظروف وتباين إذ إن األمر ال يعدو كونه محاولة الستخالص الدروس تطبق الذي الواقع معطيات مع تتوافق التي والنتائج

فيه اخلصخصة مرة أخرى وتتناسب معه.اقتصادات من التجارب بعض انتقينا فقد وعليه مختلفة ألغراض التنوع، ولتعزيز تبيان أهمية أن يؤخذ التعرف برنامج اخلصخصة تطبيق يف احلسبان عند على مضامني ماهية املعاجلات املتبناة ألوضاع العاملني ضمن هذا البرنامج، وذلك بالتركيز على اجلوانب التي واملشاكل القضايا إدارة يف الدول تلك بها استعانت املتعلقة بالعمالة واملصاحبة لعملية اخلصخصة، وتأثير اجلزء ويفرد هذا البرنامج. أو فشل ذلك على جناح خالل من التجارب، تلك لبعض موجزا استعراضا االستفادة بشكل واسع من دراسة الزائدي )2006(. وبشكل مختصر ميكن إبراز املضامني ذات العالقة من

هذه التجارب وفق اآلتي:

جتربة اململكة التحدة: تتصف التجربة البريطانية يف اخلصخصة بالنجاح، منذ أن بدأت مع حكومة املحافظني برئاسة مارجريت وإعالنية إعالمية حمالت استخدمت فقد تاتشر، املستهدفة السوقية القطاعات كل إلى موجهة مكثفة األجهزة املديرين، العاملني، املستثمرين، )الشعب، وذلك واالجتماعية(، السياسية القيادات الرسمية، وإلقناعهم والستمالتهم ولترغيبهم للبرنامج للترويج استمرت املثال سبيل فعلى اخلصخصة. بجدوى احلمالت اإلعالمية واإلعالنية يف بيع شركة االتصاالت

البريطانية )BT( مدة بلغت سنة ونصفا.والشراكة التحشيد على ركز آخر جانب ومن واملديرين واملواطنني للمستثمرين اإلستراجتية والعاملني، ومؤسسي املنظمات، يف توسيع قاعدة امللكية

اخلاصة، على النحو التالي:

ر تفك 46

على األول املقام يف للمؤسسني الدولة تشجيع )1تلك من جزءا أو األسهم من الدولة نصيب شراء

األسهم.أولوية يف بإعطائهم والعاملني املديرين تشجيع )2يف نصيبهم مقابل أسهما إعطاهم أو األسهم، شراء األرباح أو تخفيض ثمن األسهم لهم، أو توفير حوافز لشرائها، أو منح املتميزين من العاملني أسهما مجانية عطائهم استمرار يف األولى املسؤولية ذوي لكونهم للمنظمة وتطويرها ومضاعفة إنتاجها )أي منح مزايا

واضحة للعاملني(.3( تشجيع املستثمرين على شراء األسهم بإعطائهم لفرص الواعد االجتاه تبني وصادقة كاملة معلومات

الربحية يف املنظمات املعروضة للبيع.بريطانيا يف متت التي اخلصخصة عملية وتعد

االقتصاد يف حتول عملية أكبر العاملية احلرب منذ البريطاني برنامج اتسم وقد الثانية، املتحدة اململكة يف اخلصخصة للعاملني، خاص اهتمام بإعطاء ومنحهم العديد من املزايا، فضال من عدد ببيع احلكومة قيام عن الحتادات بالكامل املنظمات العمال. ويف هذا الصدد، اتخذت اإلجراءات البريطانية احلكومة اآلتية )السقا،1997: -56 62(:

من األسهم املجانية يف معينا العمال عددا 1( منح املنظمات التي يعملون بها، فعلى سبيل املثال، حتصل كل عامل يف شركة الغاز البريطانية على أسهم بقيمة إسترلينيا، إضافة إلى جنيهني إسترلينيني 70 جنيها

عن كل سنة قضاها يف اخلدمة.2( منح العمال مجموعة أخرى من األسهم املجانية قاموا التي األسهم عدد مع معني حد حتى تتناسب بشرائها بالفعل، بحيث حتصل عمال املنظمة املذكورة آنفا على سهمني مجانيني مقابل كل سهم قاموا بشرائه، وذلك بحد أقصى بلغ 300 جنيه إسترليني من األسهم

املجانية.

3( منح العمال خصما على سعر اإلصدار لألسهم املياه على حتى حد معني، حيث حتصل عمال شركة خصم مقداره 10% على مشترياتهم من األسهم بحد

أقصى 5000 جنيه إسترليني.4( إعطاء العمال األولوية عند تخصيص األسهم يف إلى التي خصخصت حتى حد معني، وصل املنظمات

5000 جنيه إسترليني يف بعض األحيان. 5( اللجوء إلى فكرة السهم الذهبي )ماهر، 2002: تتمكن حتى السياسية الصعوبات من للتخفيف )23العمومية اجلمعيات حضور خالله من احلكومة تعيني حق تكتسب مثلما التصويت، حق واكتساب ممثل يف مجلس اإلدارة )ليس من املوظفني العموميني، أحيانا للحكومة يحق وقد األعمال(. رجال من ولكن بعض على واخلطيرة الطارئة األحوال يف االعتراض القرارات، إذ يكون السهم الذهبي الشركات داخل الدولة عني هو التي خصخصت، ما يعطي صورة واملواطنني العمال أمام ذهنية تتمثل يف أن املنظمات املخصخصة إلعمال الدولة رقابة حتت تعمل الصالح العام ودون إضرار متعمد

بحقوق املستثمرين واملساهمني.للمديرين االختيار إتاحة )6الدولة، يف العامة باملنظمات واملعارضني للخصخصة، إما بنقلهم إلى وظائف بديلة املنظمات، هذه بحل أو املخصخصة املنظمات يف

فيفقدون وظائفهم.

جتربة بولندا: محمود يذكر بولندا لتجربة تقوميية دراسة يف أهم من تعتبر بولندا يف اخلصخصة أن )2000(كون من الرغم وعلى القتصادها، الرئيسية املكونات االقتصاد إنعاش يف رئيسيا عنصرا اخلصخصة حيث من سواء خالفية، قضية تظل فإنها البولندي، ولقد ونطاقها. مداها حيث من أم وأثرها تكاليفها أصبح من املعتاد يف استطالعات الرأي العام أن تدرس

تقرتن فكرة اخلصخصة يف الدول النامية

بشكوك كثرية حول جدواها بالنسبة

حملدودي الدخل ومعدوميه..

ر 47تفك

ثالثة أبعاد يف ردود األفعال العامة حول اخلصخصة، حيث يطلب من املواطنني تقومي كيفية استفادة كل من املشروعات يف والعاملني وأنفسهم، بأكمله، االقتصاد التى متت خصخصتها، من برنامج اخلصخصة. وكانت االقتصاد أفادت اخلصخصة أن املتكررة اإلجابة بالنسبة فائدة أقل وكانت غيره، من أكثر القومي للعاملني، فيما كان املواطنون العاديون األقل استفادة من اخلصخصة. ومن أهم معالم تعاطي احلكومة البولندية Privatiza- )عع اخلصخصة إنشاء صناديق أسمتها

كل حسب املواطنني كل فيها يساهم )tion Fundsمعينا حدا األسهم شراء نسبة تتعدى أال على ثروته

)Voucher System( )ثابت، 2005: 25(. ما أو للخصخصة الفجائي التحول لبرنامج وكان متعددة تأثيرات “ بالصدمة العالج “ أحيانا يسمى على العمالة وأصحاب املشروعات، حيث فقدت بعض املنظمات وضعها االحتكاري يف السوق، ووجدت نفسها إلى أدى ما األجنبية، الشركات منافسة حتدي أمام وتسريح السوق، يف وجودها من كبيرا جزءا فقدها العمالة وزيادة معدالت البطالة التي تراوحت فيما بني %18 و%30 يف بداية التسعينيات من القرن املاضي، احلقيقية واألجور املعيشة مستويات انخفضت كما األسعار وارتفعت ،1992 عام يف 24.2% بحوالى ووجد العمال أنفسهم يف وضع حرج، ولم يكن املواطن املترتبة عن اآلثار االجتماعية لهذه البولندي مستعدا عملية التحول االقتصادي، خاصة مع عدم توقع حدوث ركود اقتصادي واستمرار معدالت التضخم العالية. وكل ذلك أفضى إلى زيادة معدالت الفقر واحلرمان، وزيادة الفجوة بني الفقراء واألغنياء، بكل آثارها السلبية على

املجتمع البولندي.

جتربة بنغالدش: نفذت حكومة بنغالدش برنامجا واسعا للتحول إلى امللكية اخلاصة، وكان األسلوب األساسي الذي انتهجته هو إلغاء التأميم أو سحب االستثمارات من عدد كبير تراجع إلى أدى ما العامة، الصناعية املنظمات من من أكثر بلغت التي الصناعية لألصول الدولة ملكية

%90 يف بداية السبعينيات من القرن املاضي ووصلت %40 يف نهاية الثمانينيات )رضا، 1993: 26(.

بدعم اخلاصة للملكية التحول عملية حظيت وقد ،1975 سنة منذ والتزامها املتعاقبة احلكومات من كغيرها بنغالدش يف اخلصخصة عملية تتم ولم الدول النامية بسالسة ولم تخل مسيرتها من الغموض من كبيرة معارضة البداية يف القت حيث والتقلبات، قبل السياسيني واملثقفني، فضال عن أصحاب املصالح يف املنظمات العامة مبن فيهم البيروقراطيون والعمال بالقوة تتمتع التي )32 :1993 )رضا، ونقاباتهم وحسن التنظيم، ولهذا شكلت جلنة ملقاومة التصرف يف من اإلجراءات العام، واتخذت احلكومة عددا القطاع Cowen،( التالي النحو إيراد بعض منها على ميكن

:)1989: 9- 131( يتضمن عقد بيع املنظمات إلزام املشتري باإلبقاء على العاملني وعدم التخلص منهم قبل مضي سنة على األقل من تاريخ البيع، وبعدها يكون مبقدورهم خفض

أعداد العاملني إلى املستوى املناسب للتشغيل. دعمها تقدمي مواصلة يف الدولة استمرت )2اخلاص، القطاع إلى ملكيتها انتقلت التي للمنظمات التي واملرتبات األجور على العمال يحصل بحيث يحصل عليها زمالؤهم يف املنظمات املشابهة التي ظلت

تابعة للدولة. 3( عرض خطط للتقاعد املبكر على العاملني بغرض

تخفيف حدة املشكلة. العامة املنظمات أسهم من 49% نسبة بيع )4للمواطنني، %15 منها لعمال املنظمات العامة من خالل سوق األوراق املالية بهدف إنعاش سوق األسهم وتكوين رأس مال ذاتي أكبر، حيث رفعت بعدها نسبة األسهم

املطروحة للبيع إلى %100 )رضا، 1993: 35(. كانت البنغالديشية احلكومة فإن آخر جانب من تفضل البيع إلى النقابات العمالية إذا هي شاركت يف املزايدة، وحتى لو كان السعر الذي تقدمه تلك النقابات األولوية متنح فإنها معروض سعر أعلى من أقل لشراء الوحدة املراد بيعها بالسعر األعلى، وتتمتع إلى جانب ذلك بشروط أحسن لتسديد ذلك املبلغ. وتقدر

ر تفك 48

الوحدات التي بيعت للنقابات العمالية مابني %30 إلى %40 من الوحدات االقتصادية املعروضة للبيع )رضا،

.) 32 :1993

جتربة ماليزيا: يف للدولة اململوكة املنظمات العاملون يف يواجه لم ماليزيا مشكلة كبيرة عند تطبيق برنامج اخلصخصة، رواتب من أعلى القطاع اخلاص العاملني يف فرواتب العاملني يف القطاع العام مما منى الرغبة يف العمل يف من احلكومة اتخذته ما إلى إضافة اخلاص، القطاع العامة امللكية من آمنا انتقاال التي حققت اإلجراءات إلى امللكية اخلاصة. ومن بني هذه اإلجراءات ما يلي

)اجلزاف، 1996: -132 135(: دفع بضرورة اجلدد املشترين احلكومة ألزمت )1رواتبهم عن تقل ال املنقولة العاملة للقوى رواتب السابقة كموظفني يف الدولة، وفيما عدا ذلك تخضع القوى العاملة املنقولة لنفس شروط القوى العاملة يف

القطاع اخلاص دون متييز.2( ألزمت احلكومة املشترين اجلدد بتوظيف القوى سنوات، عن خمس تقل ال ملدة إليهم املنتقلة العاملة ومنعت فصلهم إال لألسباب التأديبية املنصوص عليها

يف القانون. نقلت التى باملنظمات العاملني احلكومة منحت )3ملكيتها يف إطار برنامج اخلصخصة احلق يف االكتتاب يف حصة من أسهم املنظمة تبلغ نسبتها %5، وذلك وفقا من شراء على متكينهم عملت بينما ميسرة، لشروط مضي بعد اإلصدار بسعر األسهم من محددة نسبة ثالث سنوات من العمل يف املنظمة، مثلما أتاحت لهم العمل بكفاءة استثمارية أخرى لتحفيزهم على فرصا

عالية. 4( ميكن للعاملني الذين ليست لديهم رغبة يف العمل لدى املنظمة اجلديدة التقدم بطلب التقاعد إذا كانت أعمارهم تسمح بذلك، أو االستقالة إذا رغبوا يف ذلك. وتشير البيانات املتوفرة عن جتربة اخلصخصة يف ماليزيا إلى أن %99 من العاملني قد استمروا يف العمل لدى املنظمات اجلديدة، مما لم يكن له أي تأثير سلبي

على سعر بيع املنظمات، على الرغم من االشتراطات بالعاملني واملحافظة على اخلاصة بضرورة االحتفاظ

حقوقهم ) الشريف، 1997: 438(.

جتربة فرنسا:بني وقبوال رواجا جتد اخلصخصة فكرة بدأت وكانت ،1986 عام يف الفرنسية القيادية األوساط األهداف واألساليب املتبعة لتنفيذ برنامج اخلصخصة واألساليب باألهداف كبير إلى حد فرنسا شبيهة يف املتبعة يف برنامج اخلصخصة لدى احلكومة البريطانية بتهيئة الفرنسية احلكومة قامت حيث ،1979 عام املناخ االستثماري، وتطوير أسواق رأس املال الفرنسية، وأعطت اهتماما متزايدا لتوسيع قاعدة امللكية اخلاصة

من خالل:1( تشجيع صغار املستثمرين من املواطنني، بإعطائهم

أولوية يف شراء األسهم املعروضة.يشملها التي املنظمات يف بالعاملني االهتمام )2برنامج اخلصخصة، بإعطائهم حق االكتتاب يف حدود السهم قيمة مع خصم يف منشآتهم، أسهم من 10%احتفظ إذا 20% إلى نسبة اخلصم ورفع 5% بنسبة بالسهم ملدة عامني. كما سمح للعاملني بتقسيط قيمة بإسهام يسمح ولم سنوات، ثالث مدى على األسهم الفرد الواحد مبا يزيد عن %5 من رأس مال املنظمة

لضمان عدم تركز امللكية لدى عدد قليل من املالك. بعض يف ذهبي بسهم لنفسها الدولة احتفظت )3

املنظمات. 4( القيام بحمالت إعالمية مكثفة لتشجيع املواطنني املنظمات أسهم شراء وباألخص األسهم، شراء على

التي يعملون لديها.يف األسهم لشراء للعاملني األولوية إعطاء )5املنظمات التي يعملون بها، وقد مينحون سهما مجانيا ملدة سنة لألسهم مع فرض حيازة أسهم، لكل عشرة وعدم التصرف فيها.

جتربة مصر: كان القطاع العام املصري يسيطر بشكل شبه كامل

ر 49تفك

على قطاعات عديدة يف االقتصاد املصري خالل فترة ونظرا املاضي. القرن من والثمانينيات السبعينيات إلى تصل ال العام القطاع وحدات بعض إنتاجية ألن تعكسها التي أو املنشودة اإلنتاجية الكفاية مستوى وحدات القطاع اخلاص، فقد فضلت احلكومة مواجهة مشاكل القطاع العام من خالل إصالحه واالجتاه إلى

اخلصخصة.مصر يف اخلصخصة برنامج تنفيذ واجه وقد

صعوبات من أهمها ) حبتور، 1997: 40(: نشاطه لتوقف املالية األوراق سوق تواضع )1أعواما طويلة إلى جانب ندرة اخلبراء العاملني يف هذا

املجال. نحو التحول لقبول العام الرأي تعبئة عدم )2

اخلصخصة. 3( تواضع اخلبرة وندرة اخلبراء يف مجال التفاوض

وإبرام العقود. وعلى الرغم من ذلك شددت احلكومة املصرية على منظماتها على اخلصخصة برنامج تنفيذ ضرورة انتشال يف منها أمال ذلك يف فعال وشرعت العامة، هذه املنظمات من اخلسائر التي سببتها إدارات القطاع )خضر، منها بسيط جزء على إال يبق ولم العام، 2004( ألسباب اجتماعية وإستراتيجية. ولقد انتهجت احلكومة سياسة املعاش املبكر، حيث يقدر عدد العمال الذين سرحوا وفقا لهذه السياسة بحوالى 450 ألف عام حتى نهاية عام 2002، وعلى الرغم من ذلك لم حترز احلكومة تقدما يف بيع املستهدف من املنظمات

املطروحة للبيع ) اجلندي وعبد اخلالق، 2004(.تخلي أن )2004( اخلالق وعبد اجلندي ويضيف من واحلد االجتماعية ومسؤوليتها دورها عن الدولة البطالة حتت زعم اإلصالح االقتصادي واخلصخصة بنسبة احلقيقي الدخل منو معدل انخفاض عنه نتج ،2003 وحتى 1999 من األعوام يف و2% 1.4%يف الرسمي غير العمل قطاع ظاهرة تزايدت كما التنامي مبعدالت كبيرة، لدرجة أنه استوعب ما يقارب األعمال، قطاع منظمات من عامل مليون 9.6 من و900 اخلاص، القطاع يف عامل مليون 1.5 مقابل

أولئك ألف عامل مبنظمات متلكها احلكومة. ومعظم العمال تعرضوا النتهاكات بسبب عدم وجود حد أقصى وأدنى لساعات العمل، وكذلك الفصل والتشريد وعدم

احلصول على التأمني االجتماعي والصحي. تزايد برنامج اخلصخصة يف مصر نتائج بني ومن التي اخلاص، القطاع عمال بني االحتجاج معدالت 86 إلى وصلت حتى 2003 عام حدتها تزايدت احتجاجا، منها 25 حالة إضراب عن العمل والطعام، حاالت و6 اعتصام، حالة و22 جتمهر، حالة و33 تظاهر تدور كلها حول أسباب قرارات النقل والفصل الرواتب، صرف وعدم األجور وتخفيض التعسفي وإغالق املصانع ) اجلندي وعبد اخلالق، 2004(. وقد سببت سياسة حتجيم التوظيف يف احلكومة والهيئات أعداد تخفيض يف العام األعمال وقطاع االقتصاية العاملني يف القطاع العام، وأصبحت القوانني واللوائح على السياسة متثل هجوما تلك التي صدرت يف ظل حقوق العمال، حيث شملت بعض موادها االعتداء على حقوق العمال يف التعبير عن آرائهم أو تداول املعلومات، أو يف العمل النقابي، مثلما أسهمت يف تقليص حقوقهم يف اإلجازات وتخفيض الرواتب، وتقليص نصيب العمال

يف األرباح ) اجلندي وعبد اخلالق، 2004(. باملنظمات العاملني منح املعاجلة أوجه شملت وقد أسهم من حصة شراء فرصة للخصخصة املعروضة رأس املال يف حدود %5 من عدد األسهم، وبخصم على السعر قدره %20، وبيع حصة للعاملني من خالل احتاد لهم(. )يعد مبثابة صندوق استثمار خاص خاص بهم وتوزع األرباح املتولدة من األسهم على العاملني أعضاء باالنسحاب باإلحتاد العامل عضوية وتزول االحتاد، منه أو بانتهاء خدمته. وقد وجد أن كثيرا من العاملني األرباح وراء سعيا أسهم من ميتلكون فيما يتصرفون عليهم يفرض أن األفضل من يكون لذا الرأسمالية،

االحتفاظ بها ملدة عام على األقل.

اخلالصة: القول العاملية، ميكن التجارب باستعراض مجموعة إن هذه التجارب قد توفر دروسا ميكن أن يستفاد منها

ر تفك 50

عند محاولة التعرض ملوضوع معاجلة أوضاع العاملني فعلى ليبيا. يف للخصخصة املستهدفة املنظمات يف االقتصادية الظروف اختالف أو التباين من الرغم حيث من اختالفا هناك أن يبدو ال السابقة، للدول عوامل الفشل والنجاح املتعلقة باخلصخصة، مبعنى أن االهتمام بالعاملني ومبعاجلة األمور املتعلقة بأوضاعهم يزيد من فرص أن بعد اخلصخصة ميكن ومصيرهم النجاح، ويقلل من مسببات الفشل، يف حني يتوقف ذلك املضمار. الدول يف هذا تتخذها التي الترتيبات على وميكن إيضاح ذلك من خالل استخالص نتائج دروس

التجارب الدولية املنتقاة آنفا:

1( عدم اللجوء إلى فصل العمال أو ممارسة ضغوط إلجبارهم على وإلزام املالك اجلدد العمل، ترك حدث كما – األحيان بعض يف يف جتربة ماليزيا – بدفع األجور عليها يحصل كان التي واملرتبات

العاملون يف ظل امللكية العامة.الذين العاملني تشجيع )2يرغبون يف ترك العمل مبنظماتهم وذلك مبنحهم تعويضات ومكافآت

مناسبة. العمالة من التدريجي للتخلص خطط وضع )3تنويع إلى باإلضافة بدائل عدة تتضمن الفائضة التقاعد مكافآت مثل: العاملني أمام املتاحة البدائل منظمات إنشاء على اخلاص القطاع وتشجيع املبكر، على واحلصول الفائضة، العمالة الستيعاب جديدة

قروض ميسرة إلقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة. لبيعها املنظمات أسهم من حصة تخصيص )4للعاملني وبشروط ميسرة. وقد أسهمت هذه اإلجراءات أو الترتيبات يف بعض الدول )اململكة املتحدة، وفرنسا، تنفيذ لفكرة العاملني تقبل يف وبنغالديش( وماليزيا،

برنامج اخلصخصة يف منظماتهم.

يف املقابل، أسهمت اجلوانب التالية يف عرقلة و تنفيذ

)بولندا، الدول بعض يف وبطئه اخلصخصة برنامج ومصر( وكان ذلك نتيجة:

“العالج أحيانا يعرف ما أو الفجائي التحول )1بالصدمة” دون التمهيد املسبق لعملية اخلصخصة.

2( التخلص من العمالة الفائضة بصورة غير مدروسة، على احلفاظ وعدم العمل ترك على وإجبارالعاملني وهذا خصخصت، التي املنظمات يف العاملني حقوق بدوره أدى إلى زيادة معدالت البطالة، والفقر وانخفاض

مستويات املعيشة. ويستبني أنه ال جناح لبرنامج اخلصحصة دون تناول باملنظمات العاملني حقوق بضمان املتعلقة القضايا املطروحة للخصخصة، واعتبارهم من والتقليل فيها، أساسيا طرفا ووضع تنتابهم، قد التي املخاوف من التي والترتيبات التدابير العاملني على تسهل أن شأنها يف أسهم امتالك الراغبني برامج وضع وكذلك منظماتهم، متكاملة الستيعاب العمالة الزائدة سن ضرورة ينبغي كما منها، اللوائح والقوانني العادلة واملنظمة املرتبات نظام – العمل لعالقة واملكافآت والتعويضات – بني العاملني واملالك اجلدد، وبعث الثقة يف العاملني بأن تلزم الدولة القطاع اخلاص

باحترام تلك اللوائح القوانني واالمتثال لتطبيقها. من مجموعة إبداء ميكن السياق، هذا ويف املالحظات التي ميكن أن تسهم يف إفساح املجال أكثر ملعاجلة أوضاع العاملني وتقبلهم لبرنامج التحول نحو

خصخصة املنظمات التي يعملون بها:1( أهمية تهيئة الرأي العام من البداية، فعلى الرغم الرأي تستهدف أن يجب التوعية حمالت أن من رئيسي جزء توجيه املناسب من فإنه بأكمله، العام تتضمن بحيث بالبرنامج، املتأثرين العاملني إلى منها برنامج اخلصخصة هذه احلمالت شرح املقصود من

رغم تباين الظروف االقتصادية لبعض

الدول، ال يبدو أن هناك اختالفا من

حيث عوامل الفشل والنجاح املتعلقة

باخلصخصة..

ر 51تفك

وأيضا الوطني، االقتصاد يف وتطبيقاتها وأهدافها مقنعة إجابات على احلمالت هذه تنطوي أن ينبغي العاملني تساور قد التي واملخاوف الشكوك لتبدد

.)Berg & Shirley، 1987(2( التدرج يف تطبيق برنامج اخلصخصة، وذلك على سبيل املثال من خالل خصخصة املشروعات التي يكون

حجم العمالة بها محدودا أوال، ثم التي تليها.برنامج عن املسؤولة اجلهات تؤكد أن يجب )3اخلصخصة التزامها بالوفاء بحقوق العاملني. فالعاملون الذين يستمرون يف العمل باملنظمات بعد اخلصخصة، يجب على اجلهات املسئولة أن تسعى جاهدة لتضمن من تعهدات على حصولها خالل من حقوقهم لهم جانب املشتري - ينص عليها يف عقد البيع – بضرورة Nankani،( العاملني حقوق كافة على املحافظة املنظمات، حاجة عن يزيدون الذين أما ،)1993

العادل، التعويض لهم تقدم فإنها عدة تبني مبوجب ذلك ويكون إنهاء تعويضات بينها من أشكال خدمة، والتقاعد املبكر، والتدريب إلقامة قروض وتقدمي التحويلي، ومتوسطة، صغيرة مشروعات وظيفة عن البحث يف واملساعدة مع باالتفاق وذلك أخرى،.الخ، خالل من أو أنفسهم العمال

نقاباتهم )ماهر، 2002(. من قضية لكل تسويقية رؤية هناك تكون أن )4قضايا اخلصخصة، والسيما القضايا املتعلقة بالعمالة، وأن يتم ذلك من خالل مزيج تسويقي متكامل يراعي الترويج بهدف وذلك بالبرنامج، املتأثرة األطراف كل باملعلومات، وإثارة اهتماماتهم للخصخصة، وإمدادهم إشباع على البرنامج بقدرة وإقناعهم باخلصخصة حاجاتهم وفهم رغباتهم، مما يدفعهم إلى اتخاذ قرار ثم ومن اخلصخصة، برنامج مع بالتعامل إيجابي املستقبل. يف إيجابية بصورة التعامل هذا استمرار مالحظة عن اإلغفال عدم ضرورة آخر جانب ومن ردود الفعل التي تنعكس على طبيعة العالقة ونوعيات

املحفزات وتأثيرها للتعامل مع برنامج اخلصخصة من األطراف ذوي العالقة جميعا.

املراجعأوال: املراجع العربية

اخلصخصة: قضايا “ترويج ،)2005( نحمده، ثابت، -جتارب عاملية”، املؤمتر العاملي الثالث لالقتصاد اإلسالمي، 31 مايو- 2 يونيو، مكة املكرمة: كلية الشريعة- جامعة أم القرى، ص

ص. -1 37.- اجلزاف، مهدي، )1996(، “جتارب دولية يف اخلصخصة: العلوم مجلة واملكسيك”، ونيوزيلندا ماليزيا جتارب من دروس

االجتماعية، املجلد 24، العدد األول، ص ص. -129 160.اخلالق، وعبد اميان اجلندي، -عامل ألف 450“ ،)2004( أسامة، يف سجن املعاش املبكر”، جريدة الوفد، الرسمي املوقع ،2004 أبريل 29 le://A:/:على متاحة الوفد. جلريدة الرسمي%20اجلريدة املوقع20%

/03 بتاريخ أخذت ،http://20%.2005 /02

،)1997( العزيز، عبد حبتور، -يف وأثرها اخلصخصة عمليات إدارة

اقتصاديات الوطن العربي، الطبعة االولى، عمان: دار صفاء.القطاع “خصوصيات ،)2004( عيسى، بن حودانة، -مؤمتر اخلصخصة”، جناح واحتماالت ليبيا يف الصناعي اخلصخصة يف االقتصاد الليبي، -19 20 يونيو، بنغازي: مركز

بحوث العلوم االقتصادية.مليار 3.1 تخسر مصر ،)2004( الوهاب، عبد خضر، -جنية سنويا بسبب برنامج اخلصخصة”، احلوار املتمدن، العدد

.872- الدليمي، علي، )2000(، “معوقات ممارسة نشاط البحث غير ماجستير رسالة الليبية”، الصناعية باملنظمات والتطوير

منشورة، بنغازي: كلية االقتصاد- جامعة بنغازي.- رضا، سدرال، )1993(، “خصخصة املؤسسات العمومية:

يجب أن تؤكد اجلهات املسؤولة عن برنامج

اخلصخصة التزامها بالوفاء بحقوق

العاملني..

ر تفك 52

الدول بني االقتصادي التعاون مجلة بنغالديش”، جتربة اإلسالمية، املجلد 14، ص ص. -25 43.

- الزائدي، ساملة، )2006(، “اجتاهات العاملني يف املنظمات الصناعية العامة نحو اخلصخصة: دراسة ميدانية على املنظمات الصناعية العامة املطروحة للخصخصة مبدينة بنغازي”، رسالة ماجستير غير منشورة، بنغازي: كلية االقتصاد- جامعة بنغازي.

اململكة “جتربة اخلصخصة يف ،)1997( محمد، السقا، -ص ،2 العدد ،25 املجلد االجتماعية، العلوم مجلة املتحدة”،

ص. -54 87. حلل التشريعات “اجتاهات ،)1997( عزيزة، الشريف، -مجلة اخلصخصة”، حركة أعقاب يف الزائدة العمالة مشكلة ص ،21 العدد االول، املجلد واالقتصادية، القانونية البحوث

ص. -234 249. التسويق مفاهيم “استخدام ،)1996( محمد، الصحن، -نحو العام االعمال قطاع قيادات اجتاهات قياس يف الدخلي العدد والتجارة، لالقتصاد العلمية املجلة اخلصخصة”، برامج

االول، ص ص. -505 543.اخلصخصة، يف املدير دليل ،)2002( أحمد، ماهر، -

االسكندرية: الدار اجلامعية.املشكالت لبعض “دراسة ،)2000( محمد، محمد، -والقضايا العمالية التي تنشأ يف ظل تطبيق برنامج اخلصخصة يف قطاع االعمال العام املصري”، رسالة ماجستير غير منشورة،

االسكندرية: كلية التجارة- جامعة االسكندرية. - محمود، صدفة، )2003(، “دور النقابات العمالية يف التحول التسعينيات”، املؤمتر السنوي االقتصادي يف بولندا خالل فترة مركز القاهرة: ابريل، 24 22- الشباب، للباحثني اخلامس http://www. على: متاحة النامية. الدول بحوث دراسات

frps.eun.eg/csdc، أخذت بتاريخ 03/ 02/ 2005.خصخصة وطرق أساليب ،)1995( منير، هندي، -املشروعات العامة: خالصة اخلبرات العاملية، القاهرة: املنظمة

العربية للتنمية اإلدارية.

ثانيا: املراجـع اإلجنليزية- Alkhafaji، A. )1993( ”Privatisation: An

overview“، Journal of Organisational Change Management، Vol. 6، No. 3، pp. 24- 42.

- Berg، E. & Shirley، M. (1987)، “Divestiture in Developing Countries“، World Bank discus-sion paper، No. 11، Washington، D.C.: World Bank.

- Cowen، G. )1989(، Critical Issues in Privati-sation: policies، institutions and labours، Cairo: Agency for International Development.

- Cuervo، A. & Villalonga، B. (2000)، “ Ex-plaining the Variance in the Performance Ef-fects of Privatization“ ، The Academy of Man-agement Review، Vol. 25، No. 3، pp. 581- 590.

- Guislain، P. )1992(، ”Divestiture of State Enterprise: an overview of the legal frame-work“، World Bank technical paper، No. 186. Washington، D.C.: World Bank.

EFIIWC، )2002(، ”European Industrial Rela-tions Observatory On-Line: Poland“، Dublin: European Foundation for the Improvement of Living and Working Conditions. Available at: www.eiro.Eurofound.ie/2002، accessed on 10/01/ 2012.

Kjellstrom، S. )1990(، ”Privatisation in Tur-key“، World Bank working paper، No. 532. Washington، D.C.: World Bank.

-Millard، F. )1999(، Polish Policies and Soci-ety، London: Routledge.

- Nankani، H. )1993(،“ Techniques of Priva-tisation of State-owned Enterprises: selected country case studies“، World Bank technical paper، No. 89. Washington، D.C.: World Bank.

- Nellis، J. )1999(، ”Time to Rethink Privatisa-tion in Transition Economy?“، Finance and De-velopment، Vol. 36، No. 2، pp. 16- 19.

Park، H. )1998(، ”A Selective Privatisation

ر 53تفك

Model: a valuable lesson from Eastern Europe-an countries“، Multinational Business Review، Vol. 6، No. 3، pp. 421- 439.

- Rattso، J. & Srensen، R. (2002)، “Public Em-ployees as Swenge Voters: empirical evidence on opposition to public reform“، Norwegian University of Sceince and Technology )NTNU(. Avialable at: http://www.SVT.Ntnu.nol/iso/jorn/rattso/papers/jrrsswingvotei.pdf، ac-cessed on 10/01/2012.

- Shirley، M. & Nellis، J. (1991)، Public Enter-prise Reform: the lessons of experience، Wash-ington، D.C.: World Bank.

- Spicer، A.، McDermott، G.، and Kogut، B. )2000(، ”Entrepreneurship and Privatisation in Central Europe: the tenuous balance between destruction and creation“، The Academy of Management Review، Vol. 25، No. 3، pp. 630- 649.

- Suleiman، E. )1990(، ”The Politics of Privati-zation in Britain and France” in Suleiman، E. & Waterbury، J.، eds.، Political Economy of Public Sector Reform and Privatization، Oxford: West View Press.

- Vuylsteke، C. )1989(، ”Techniques of Pri-vatisation of State-owned Enterprises: methods and implement action“، World Bank technical paper، No. 88. Washington، D.C.: World Bank.

- Zahra، S. & Hansen، C. (2000)، “Privatisa-tion، Entrepreneurship and Global Competi-tiveness in the 21st Century“، Competitiveness Review، Vol. 10، No. 1، pp. 83 - 103.

بكلية 2014 مارس و26 25 يومي املؤمتر عقد العالي التعليم وزير افتتحه حيث باجلامعة، اآلداب الكلية وعميد اجلامعة رئيس ألقى ثم العلمي، والبحث اآلمال فيها أكدوا كلمات التحضيرية اللجنة ورئيس للمشاكل حلول اقتراح يف املؤمتر هذا على املعقودة بالدنا. املكتبات اجلامعية يف منها تعاني التي اخلدمية ويف كلمة لضيوف املؤمتر أشار الدكتور جمال اخلولي من جامعة اإلسكندرية إلى أن اخلدمات املكتبية يف كثير من اجلامعات العربية ليست أفضال حاال مما هي عليه يف ليبيا. بعد ذلك افتتح معرض الكتاب املصاحب لفعاليات ومؤسسات دور من العديد فيه شاركت الذي املؤمتر النشر املحلية. وعلى مدار يومني عقدت خمس جلسات مشاركات هناك وكانت بحثا، 17 خاللها ألقي علمية

لباحثني من ليبيا ومصر والعراق وفلسطني وسوريا.

حماور املؤمتر:ومراحل )التاريخ ليبيا يف اجلامعية املكتبات •املجموعات وتنمية بناء والتجهيزات، املباني التطور، العاملة القوى الفنية، واجلوانب اإلجراءات املكتبية، املعلومات، تكنولوجيا والتطوير، التدريب وإجراءات

خدمات املستفيدين( والنامية املتقدمة الدول يف اجلامعية • املكتبات )مناذج، دور املكتبات اجلامعية يف دعم العملية التعليمية،

وتدعيم البحث العلمي، وبناء مجتمع املعرفة(• التأهيل والتدريب ودور األقسام العلمية واجلمعيات واالحتادات املهنية يف االرتقاء باملكتبات اجلامعية )املناهج دور والتدريب، التأهيل دور املهنة، ومستقبل الدراسية

اجلمعيات واالحتادات املهنية(املباني، )مواصفات اجلامعية املكتبات معايير •القوى معايير اجلامعية، املكتبات مجموعات معايير

العاملة، معايير تقومي النظم اآللية(• خدمات املعلومات يف املكتبات اجلامعية )اخلدمات التقليدية املعلومات مصادر املباشرة، وغير املباشرة واإللكترونية، دور املكتبات اجلامعية يف تسويق املعلومات،

املستفيدون وتقومي خدمات املعلومات(اجلامعية املكتبات يف وشبكاتها املعلومات نظم •املعلومات وشبكات قواعد املستخدمة، اآللية )النظم وتقنية اجلامعية املكتبات ائتالف واستخداماتها، البيئة يف املؤلفني حقوق اإللكتروني، النشر املعلومات،

الرقمية، احلوسبة السحابية وتقنية الويب(.

مؤمتر املكتبــات اجلامعيــة يف ليبيـــا:دراسـة الواقـع واسـتشــراف املسـتقبـل

متابعات

ر 55تفك

ليبيا فيها تستضيف التي الثانية املرة هي وهذه هذا املؤمتر. وقد استهدف املؤمتر اعتماد رؤية جديدة فى الصيدلية واملمارسة الصيدلى التعليم لتطوير الوطن العربى، تلبية الحتياجات املجتمع ومبا يتوافق الرعاية مجال فى القياسية الدولية املعايير مع

الصحية. الدوليني املتحدثني من عددا املؤمتر استضاف فى مختلفة مدارس ميثلون االختصاص ذوى من التعليم الصــــــــيدلى واملمارسة الصيدلية، كما شارك الصيدلة بكليات التدريس هيأة أعضاء أعماله فى وبحاث وبعض العاملني فى قطاع الدواء من ليبيا ودول عربية أخرى. كذلك شارك يف أعمال املؤمتر املنــدوب ذوى من وعدد العالــمية الصحة ملنــظمة االقــليمى االختصاص ملناقشة السياسة الدوائية الوطنية مبا فى

ذلك التسجيل الدوائى وأصناف القائمة النمطية.ومصر السودان من كل من وفود حضرت وقد ومسقط وعمان وأمريكا واألردن باإلضافة إلى العديد من املشاركات التي متت عن بعد من قطر وبريطانيا، باإلضافة إلى املشاركات املحلية من مختلف اجلامعات

الليبية.اجلمعية اجتماع املؤمتر هامش على أقيم وقد العربى، الوطن فى الصيدلة كليات الحتاد العمومية ومعرض ملنتجات شركات األدوية واملستلزمات الطبية

ذات األهمية للسوق الليبي.وورش املحاضرات من العديد املؤمتر تضمن مناهج منها: نذكر عدة محاور على تركزت العمل املريض، وضمان اجلودة يف املوجهة خلدمة الصيدلة يف للصيدلي املعاصرة والوظائف الصيدلي، التعليم املجتمع، والسياسات الدوائية ملنظمة الصحة العاملية، والتطوير التعليمي والوظيفي للصيدالني، والصناعات الصيدالنية، وبرامج اجلمعية الليبية للعلوم الصيدالنية، املجال يف احلرة األوراق من العديد إلى باإلضافة

الصيدالني، وتعريب التعليم يف املجال الصيدالني. القائمة عن ورشة تضمنت فقد العمل ورش أما اإلجراءات عن وأخرى األساسية، لألدوية الليبية الوطنية النمطية لتسجيل شركات األدوية، وثالثة حول بالكشف اخلاصة العاملية الصحة منظمة إرشادات عن املواقع الصيدالنية، ورابعة عن تأثيرات استعمال املعلوماتية الصيدالنية على أداء الصيدالني السريري

واملعوقات.هذا وقد تخلل املؤمتر العديد من النقاشات الهادفة التعهد مت جديدة عمل وخطط أفكار إضافة إلى

بالعمل حثيثا على تنفيذها.وقد وزعت استبانة يف نهاية املؤمتر على احلاضرين مثل تطوير بغرض آرائهم من لالستفادة واملشاركني

هذه النشاطات.

“املؤمتر العلمي السادس عشر للجمعية العلمية لكليات الصيدلة يف الوطن العربي”

عقد هذا املؤمتر يف رحاب جامعة بنغازي ومركز بنغازي الطبي خالل الفرتة 7-4 نوفمرب 2013، وذلك بعد جهود حثيثة بذلتها كل من

اللجنة التحضريية برئاسة األستاذ الدكتور مصطفى الفاخري واللجنة العلمية برئاسة األستاذ الدكتور عبداهلل احلويجي وبدعم من رئيس

املؤمتر األستاذ الدكتور حممد الطبويل رئيس جامعة بنغازي.

ر تفك 56

انعقد مؤمتر تطبيقات نظم املعلومات اجلغرافية األول خالل الفترة 3-2 أكتوبر 2013م مببنى جمعية الدعوة اإلسالمية مبدينة بنغازي بتنظيم مشترك بني كلية تقنية للبرمجيات ليبيا وشركة بنغازي بجامعة املعلومات الشركات من عدد ورعاية املحدودة، واالستشارات واملؤسسات احلكومية واخلاصة )شركة املدار اجلديد، شركة اخلليج العربي للنفط، شركة هاتف ليبيا، شركة بريد ليبيا، مركز البحوث واالستشارات بجامعة بنغازي، الليبي املركز بعد، عن لالستشعار البيضاء شركة لدعم إسناد ومركز البشرية، والتنمية لالستشارات

اتخاذ القرار(.الدولة مؤسسات تعريف املؤمتر استهدف وقد اجلغرافية املعلومات نظم بأهمية واالفراد واملجتمع وتطبيقاتها يف مجاالت مختلفة، واجلمع بني مستخدمي نظم املعلومات اجلغرافية من أفراد مستقلني، أكادمييني تابعة عامة وشركات مؤسسات من وأفراد وبحاثا، املجاالت شتى يف خاصة ومنظمات وشركات للدولة، العلمية والصناعية واألمنية واالجتماعية، وذلك لتبادل يف القرار ملتخذي عملية أدوات وبلورة واألفكار اآلراء

مختلف احلقول، ورفع مستوى الوعي بهذا الفرع املهم من املعرفة.

وكانت عدة، محاور املؤمتر فعاليات غطت وقد التميز من كبير قدر على واملداخالت املشاركات املؤمتر 47 مشاركة متثلت يف واألهمية، حيث تضمن أوراق علمية وبحثية ومحاضرات مفتوحة قام بعرضها يتبعون عربية دول وعدة ليبيا من ومختصون باحثون

جامعات ومراكز علمية وبحثية مختلفة.بكلميتني األول لليوم للمؤمتر العلمي البرنامج بدأ اليوم وبدأ علمية، تلتهما 6 جلسات رئيسني ملتحدثني الثاني ايضا بكلميتني ملتحدثني رئيسني، تلتهما جلستان علميتان. وقد تضمنت اجللسات مناقشة املحاور التالية:

خدمة فى اجلغرافية املعلومات نظم • تقنية مؤسسات الدولة.

مجال يف اجلغرافية املعلومات نظم • تطبيقات الصناعات النفطية.

املساعدة يف اجلغرافية يف املعلومات أنظمة • دور اتخاذ القرار.

• تطبيقات نظم املعلومات اجلغرافية يف االتصاالت

مؤمتــــر تطـبيقــات نظـــم املعـلومات اجلغـــرافيـــة األول..

ر 57تفك

واخلدمات املبنية على املواقع.شبكات تخطيط يف اجلغرافية املعلومات • نظم

)الكهرباء-املياه–الصرف الصحي-االتصاالت(.• تطبيقات نظم املعلومات اجلغرافية يف التخطيط

احلضاري للمدن واملؤسسات.• التقنيات اجلديدة والهواتف الذكية يف دعم مشاريع

نظم املعلومات اجلغرافية.الطبوغرافية اخلرائط بناء يف الليزر • استخدام

والنماذج ثالثية االبعاد.• إدارة املوارد الطبيعية ومشكالت التنمية املستدامة

ومشكالت التصحر.• تطبيقات نظم املعلومات اجلغرافية يف إدارة وتنمية

املوارد املائية.اجلغرافية يف املعلومات لنظم األمنية • التطبيقات

خدمة املؤسسات االمنية.نظم مجال يف العليا الدراسات وأبحاث • التعليم

املعلومات اجلغرافية.الثاني صاحب املؤمتر إقامة معرض تقنية املعلومات مبشاركة العديد من شركات االتصاالت وتقنية العلومات املحلية ووكالء عدد من الشركات العاملية يف مجال تقنية

املعلومات.وقد انتهى املؤمترون إلى التوصيات التالية:

1. إقامة املؤمتر بشكل دورى كل سنتني.اجلغرافية املعلومات لنظم الوطنى املركز 2. إنشاء تكون بحيث واالستشارات، البحوث مركز غرار على

تبعيته جلامعة بنغازى.3. إنشاء الشبكة العربية لنظم املعلومات اجلغرافية على أن يكون مقرها جامعة بنغازي، بحيث تتألف األمانة

العامة لها من األساتذة واخلبراء العرب.بنشر األبحاث تهتم 4. إصدار مجلة علمية محكمة عن واالستشعار اجلغرافية املعلومات بنظم اخلاصة

بعد، ويكون مقرها جامعة بنغازي.5. التعاون مع معاهد ومراكز البحوث الدولية لتأهيل

الكوادر واخلبرات يف مجال نظم املعلومات اجلغرافية.من الفينة الكوادر وتأهيل تدريب على 6. التركيز اتصال على واإلبقاء واخلاصة العامة املؤسسات قبل اجلغرافية املعلومات بنظم اخلاصة املستجدات مع

واملساحية.على العليا الدراسات وطلبة الباحثني 7. تشجيع ومشاريع بحوثهم يف احلديثة التقنيات استخدام تخرجهم وعمل مشاريع ريادية ميكن تعميمها وتطبيقها

على مستوى الدولة.أهمية تبني الوزراء مجلس إلى رسالة 8. توجيه تبني مفهوم نظم املعلومات اجلغرافية يف مرافق الدولة والعمل على تعزيز تبني هذه التقنية يف تخطيط وإدارة

املدن اجلديدة.نظم باستخدام وطني معلومات نظام 9. استحداث املعلومات اجلغرافية وإتاحة الوصول إلى هذه املعلومات شبكة على إلكترونيا موقع وتصميم إنشاء خالل من

املعلومات الدولية.من ليبيا يف املهمة املواقع توثيق على العمل .10خالل استخدام تقنيات نظم املعلومات اجلغرافية بهدف احلفاظ على هذه املواقع وحتقيق التنمية املستدامة بها.

الوصول من ومتكينهم الباحثني مهمة تسهيل .11إلى املعلومات دون حجبها وذلك ألهميتها يف التخطيط

والتنمية.املؤمتر أجريت مجموعة التالي النعقاد ويف األسبوع من األنشطة متثلت يف ورش عمل مقدمة من مجموعة من شركات وخبراء دوليني، كما عقدت دورات تدريبية يف مجال مفاهيم وتطبيقات نظم املعلومات اجلغرافية.

نقال عن صحيفة البيان اإلمارتية، يف عددها الصادر يوم 24 ديسمبر 2013، حصلت جامعة اإلمارات على وأوروبا األمريكية املتحدة الواليات اختراع من براءة وهوجن كوجن، يف مجال تطوير طريقة فعالة لتشخيص الرعاشي( وبعض األمراض باركنسون )الشلل مرض اجتيازها أول مرة يف حال له،والتي ستوفر املشابهة تستطيع تصويرية وسيلة السريرية، االختبارات اكتشاف اإلصابة باملرض وحتديد أسبابه، األمر الذي يعد نقلة نوعية يف مجال تشخيص األمراض العصبية. وبهذه املناسبة اشاد الدكتورعلي راشد النعيمي مدير اجلامعة بهذا اإلجناز الطبي الكبير، الذي يضاف إلى

التي العلمية اجلهود على اجلامعة، إجنازات سجل للوصول العلمي، وفريقه األجنف البروفيسور بذلها إلى براءة اختراع تسهم إسهاما كبيرا يف التخفيف من

خطر مرض منتشر.ناشيونال مجلة ترويها االختراع هذا قصة مارس يف الصادر عددها يف العربية، جيوغرافيك 2014، يف مقالة بعنوان “اختراق عربي يف مواجهة

باركنسون )الشلل الرعاشي(”، على النحو التالي:بحثي صغير، فريق املاضي متكن العام أواخر يف يقوده عالم عربي كبير، من لفت أنظار املجتمع الطبي يف مهمني علميني اختراقني حتقيقه عقب الدولي

,,بروفيسور ليبي يف

مواجهة باركنسون الشلل الرعاشي..

األجنف: أتوقع أن تستغرق هذه الدراسات، التي

ستجريها شركات دولية على مرضى من البشر يف

شتى أنحاء العامل، ما بني 5 و 7 سنوات وأن تتكلف

ما بني 200 و300 مليون دوالر..

مات خازنو املال وهم أحياء والعلماء باقون مابقي الدهر..علي ابن أبي طالب

علماء ليبيون

ر 59تفك

مجال أمراض الدماغ املتعلقة بالشيخوخة.يستهل اإلماراتية، العني مدينة يف مختبره من لـ”ناشيونال املختار األجنف حديثه البروفيسور عمر قائال: األول االختراق حول العربية” جيوغرافيك “هو طريقة حديثة وفعالة تستطيع اكتشاف اإلصابة، الرعاشي( )الشلل باركنسون مبرض مبكر، بشكل ألزهامير مثل املشابهة، األخرى العصبية واألمراض شأن “ومن بالشيخوخة(”. املرتبط الذاكرة )فقدان يوفر “أن األجنف، يتابع فيما اجلديد”، األسلوب املرضني بهذين اإلصابة تشخيص إمكانية لألطباء باألشعة التصوير آالت بواسطة أسبابهما وحتديد املتوفرة يف معظم املراكز الطبية، ما يعد نقلة نوعية

طال انتظارها”.يبني مبكرا، اإلصابة تشخيص أهمية مدى وحول البروفيسور األجنف “إن عدم وجود أدوات تشخيص دقيقة أو عالمات بيولوجية ميكن االعتماد عليها لدى مرضى باركنسون يؤدي إلى زيادة معدالت التشخيص للمرض. ويكمن املراحل األولى اخلاطئ ال سيما يف اكتشاف من األطباء عدم متكن هنا يف املشكلة لب ما يقارب بني 20 إلى 30 باملئة من حاالت اإلصابة، املبكر العالجي التدخل إمكانية يعطل الذي األمر وبالتالي منع تطور املرض وكبح تأثيراته السلبية على

كبار السن”. ويعتمد أسلوب التشخيص اجلديد، على استحداث طريقة تصوير “ذكية” قادرة على رصد تطور املرض )MRI( باستخدام إحدى تقنيتني: الرنني املغناطيسي .)CT-Scan/PET( أو التصوير املقطعي البوزيترونيسريرية لدراسات اجلديدة الطريقة هذه وستخضع أداة استخدامها فرص تقييم بهدف مرحلتني، على لتطوير فعالة قياس وسيلة أيضا ولتكون تشخيص، مستحضرات دوائية جديدة تعالج األمراض العصبية. قدرها بحثية منحة على مؤخرا األجنف حصل 100 ألف دوالر من جمعية عالج الشيخوخة املرتبط واملنظمة اخليرية الكتشاف )LBDA( ليوي بأجسام عقاقير ملرضى ألزهامير)ADDF( األميركيتني. وفاز إلى جانبه عالم واحد فقط بهذه املنحة، هو البروفيسور

وذلك كلينيك”، “مايو مستشفى من ميلكي ميشيل يف احلديثة واكتشافاتهما املتميزة ألبحاثهما تقديرا

هذا املجال.ليبيا يف ولد الذي األجنف، البروفيسور ويطمح يلتحق أن قبل بريطانيا يف اجلامعية دراساته وتابع منذ ثمانية أعوام بـ”كلية الطب والعلوم الصحية” يف جامعة اإلمارات، إلى ترجمة طريقته املستحدثة “إلى تطبيقات معتمدة من خالل دراسات سريرية معمقة” حسب قوله. وتوقع أن تستغرق هذه الدراسات، التي يف البشر من مرضى على دولية شركات ستجريها شتى أنحاء العالم، ما بني 5 و 7 سنوات وأن تتكلف ما بني 200 و300 مليون دوالر، موضحا أن نسبة جناح متوقعا باملئة”، الـ99 “فاقت الفئران على اختباراته

نسب جناح “عالية جدا” لدى تطبيقها على البشر.إجناز األجنف الثاني متثل يف فتحه الباب أمام عالج تطوير من وفريقه متكن بعدما لـ”باركنسون”، واعد املكونات إلى التعرف على قادرة مضادة” “أجسام العام املاضي الداء. وقد نشر األجنف املرضية لهذا خالصة بحثه، الذي دعمته “مدرسة الطب الصيني يف هونغ كونغ”، حتت عنوان “دور بروتني ألفا-سنيوكلني للمرض اجلزيئية الدراسة من باركنسون: مرض يف األبحاث مراكز تعليقات أجمعت وقد عالجه”. إلى الدولية املتخصصة، عقب نشر الدراسة، على أن من شأن هذا االكتشاف متهيد الطريق نحو توفير عقاقير طبية جديدة ميكنها إبراء أمراض عصبية ظلت حتى

اليوم من دون عالج ناجع. ويروي البروفيسور األجنف رحلته الشاقة مع هذا الدراسة هذه على العمل “استغرقنا قائال: البحث تأثير ركزنا خاللها على العام، قرابة عامني ونصف مركبات تتراسيكلني ومشتقات فينوثيازين املستخدمة يف الطب الشعبي الصيني، على بروتني يدعى ألفا-سنيوكلني يؤدي تراكمه املستمر يف دماغ املريض إلى ظهور أعراض الرعاش وتيبس العضالت وتشنج كامل األمراض من أخرى ومجموعة )باركنسون( اجلسم

املرتبطة بتلف اخلاليا العصبية”.“وخالل إجرائنا األبحاث” يوضح األجنف “الحظنا

ر تفك 60

الدور املهم الذي تلعبه بعض هذه املركبات الكيميائية يف حماية اخلاليا املنتجة للدوبامني؛ وهو ناقل عصبي لدى احلركية املهارات عن رئيسي بشكل مسؤول األجنف، يشرح االختبارات، اكتمال ومع اإلنسان”. النباتات من استخلصناها مركبات أربع “جنحت لبروتني املؤذي الوظيفي اخللل كبح يف الصينية من دهشتي مقدار الحظ وعندما ألفا-سنيوكلني”. تتعجب، “ال قال األعشاب على فعل ذلك قدرة هذه فـ75 باملئة من األدوية التي نستعملها اليوم مصدرها النهائية التصنيع مراحل يف تدمج نباتية مركبات بطريقة كيميائية”، موضحا أن العقار اجلديد، عقب حالي دواء أي من أفضل “سيكون تطويره، اكتمال

آخر”.منهجا يتبع أنه إلى األجنف البروفيسور وأشار علميا يف البحث ال يقتصر على محاولة تقدمي عالج يخفف من أعراض املرض فحسب، بل يذهب إلى ما املستوى على أعمل “فأنا بكثير، ذلك من أبعد هو اإلمراضية آليته فهم من ألمتكن للمرض اجلزيئي على حيوانات التجارب”. وأكد أن نتائج بحثه “ستفتح وغير معتمد لعالج التوصل إمكانية أمام الطريق ومن املرض تطور إبطاء على يساعد نسبيا، مكلف ثم حتسني نوعية حياة املرضى”، وذلك بعد التأكد من مضاعفات ألي إحداثها وعدم املركبات هذه فعالية

جانبية عند استخدامها على البشر.لفت العلمي، نبوغه بفضل األجنف، استطاع ما العالم، أنحاء شتى يف البحثية اجلهات أنظار إلى وصينية أميركية عريقة طبية مبؤسسات حدا تخصيص منح بحثية بلغت ماليني الدوالرات لتمويل أبحاثه الثورية. ذلك أن املعركة مع األمراض العصبية القليلة األعوام مدى فعلى احلسم؛ سهلة ليست املاضية فشلت عشرات األدوية التجريبية يف مراحل

االختبار. مكلفا العصبية وعالجها األمراض ويعد تشخيص أعمار معدل ازدياد مع االقتصادية الناحية من خصوصا الصحية الرعاية تكلفة وارتفاع الشعوب، السريرية البيانات أثبتت حيث املتقدمة، الدول يف

)انظر مطردة بصورة به املصابني وتيرة تصاعد املتعلقة اإلحصاءات معظم أن كما البياني(. الرسم املتعلقة تلك ذلك يف مبا األمراض، بهذه باإلصابة غياب نتيجة تقديرات مجرد هي العربية، باملنطقة وتفشي التوعية وضعف املتقدمة التشخيص وسائل

اجلهل والفقر.األمراض أكثر ثاني هو “باركنسون” أن ومعلوم املرتبطة بتلف اخلاليا العصبية انتشارا على مستوى العالم )7 ماليني مريض( بعد مرض ألزهامير )44 التحديات أصعب من يعدان وهما مريض(، مليون الطبية التي تواجه العلماء اليوم. ويصنف “باركنسون” يبلغ إذ السن، يف بالتقدم املرتبطة األمراض ضمن معدل اإلصابة باملرض لدى من تتراوح أعمارهم بني سنويا، شخص ألف كل من ستة عاما، 69 و 65فيما يرتفع العدد لدى من تعدوا 85 عاما ليصل إلى إلى اآلن حتى يتوصل ولم سنويا. ألف كل من 26أسباب محددة لإلصابة بهذا املرض، إذ تتفاوت ما بني التعرض للتلوث البيئي وصوال إلى االستعداد الوراثي يقضي قاتال مرضا ألزهامير ويعد به. لإلصابة ملكافحة الدولية اجلمعية وتتوقع املخ، وظائف على إلى130 باملرض املصابني عدد يزداد أن ألزهامير

مليونا مع حلول عام 2050.

ر 61تفك

الطويبي عاشور عند العطاء ميادين في التنوع يميز ما المهني المستوى على سواء اإلنساني الجانب في اشتراكه من للعديد ومؤسس وفاعل كناشط وجوده أو األدبي أو فتح أردنا هنا من الثقافية، والصحف األهلية الجمعيات

الحوار مع الكاتب الليبي عاشور الطويبي.

وجمعية والمحيط، الرؤية جمعية فكرة صاحب أنت •أركنو مجلة تحرير هيأة ورئيس الواحدة، اليد تصفيق التي والغايات بها، تقوم التي الشعرية. حدثنا عن األنشطة

تصبو إليها.في الجمال عن البحث هي األنشطة هذه من الغاية •اآلخرين في مع والنفس، المحيط في واألشياء، الكائنات إطار جمعية أو منظمة أو مجلة. الفن هو االسم السري للحياة، ومهما تعددت أشكاله ومراميه، فإن اإلنسان هو مصبه ومنبعه. في بداية التسعينات وفي غياب القوانين التي تسمح بتأسيس منظمات المجتمع المدني، أسست مع أصدقاء آخرين، منهم الشاعر محي الدين محجوب، واإلعالمي والمخرج التلفازي والمحيط، الرؤية اسميناها الكريم، جمعية عبد الدين عز همها المحافظة على البيئة وربطها باإلبداع بكل أشكاله. وقد الحصول القدرة على واجهتنا عراقيل لوجستية، منها عدم كل هذا المشروط. مع المالي غير الدعم على مقر، وعوز الهندسة كلية مسرح على تنظم أن الجمعية استطاعت بصبراتة أول مهرجان شعري غير حكومي على مستوى ليبيا، والمهتمين الليبيين الشعراء أيام وحضره معظم امتد ثالثة بالشأن الثقافي، وتم فيه اإلحتفاء بالشاعر الكبير الجيالني

■ عاشور الطويبي

تفكر - خاص

رغم انتمائه املهني واألكادميي لعوامل الطب، إال إن الطويبي كان حريصا دائما على ممارسة الكتابة بشكل

متفوق يف أكرث من جنس أدبي، رمبا كان يف مقدمتها اإلبداع الشعري إىل جانب ترجمته للعربية عن لغات

أخرى، هذا إىل جانب انشغاله بالنشاط الثقايف يف إطار املؤسسة األهلية أو الرسمية.

,, حوارات

قد يراين البعض أغرد خـارج السرب! لكن ليس هناك سرب وال طيور!

ر تفك 62

ولم للمهرجان، تحمسوا أفرادا الرعاة وكان طريبشان. تكن هناك دورة ثانية مع األسف. أما بخصوص جمعية تصفيق اليد الواحدة، فقد تأسست خريف 2009، من الككلي، أبوالقاسم عمر األصدقاء: من مجموعة قبل العباني، علي حميدان، إبراهيم صالح، الفقيه محمد وبعد اسبوعية، اللقاءات استمرت الطويبي. وعاشور 17 فبراير توسعت الجماعة والتحق بها كتاب ومثقفون آخرون: صالد الحداد، نور الدين النمر، فتحي نصيب، مصطفى الهاشمي، عبد الحكيم المملوك، ومفتاح شبل.

السياسة عقودا بأنفسهم عن ممارسة الليبيون نأى •الجميع. شاغل السياسة أصبحت وبعده فبراير، قبل كيف عنها. بمنأى حد إلى وتظل عنها بنفسك ونأيت

تنظر إلى الشأن العام؟ وما الذي يعنيه لك الوطن؟• لم أكن يوما مهتما بالسياسة، وال ناشطا فيها. لي اهتماماتي الجمالية التي تأخذ كل وقتي. علينا أن نعمل ما نحب وما نعتقد أننا قادرون على اإلنجاز فيه، ولو فعل

كل شخص هذا، لصار الشأن السياسي واضحا وهينا.

العالمي للشعر طرابلس مهرجان عن حدثنا •لجنته وترأست الماضي العام طرابلس في أقيم الذي

التحضيرية. ماذا كنت تتوقع منه، وما الذي أسفر عنه؟رغم ناجحا كان للشعر العالمي مهرجان طرابلس •الظروف، وهو لن يتكرر ألن هناك من يرى أنه كان فاشال

وال ضرورة لدورة ثانية.

• تساءل خليفة التليسي منذ أكثر من نصف قرن “هل لدينا شعراء؟”، ونسألك اليوم “هل أصبح لدينا شعراء؟”،

وهل واكب الشعر الليبي نقد يليق بخطره؟• أعتقد أن كالم خليفة التليسي يظل صحيحا حتى عادي، األخيرة السنة مائة في الليبي اإلبداع تاريخه.

والجيد فيه أقل من القليل.

• تمارس عملك أستاذا جامعيا، وحضورك في المشهد األكاديمي من كل يضيفه الذي ما مميز. الثقافي

والثقافي لآلخر؟ • في ليبيا الجامعات تتراجع سريعا، وبسبب التجهيل بأساتذة تعج أصبحت السابق، النظام مارسه الذي من خال األكاديمي الوسط والقبح. التخلف يعلمون اإلبداع، واإلنجازات العلمية صفر كبير. أما على المستوى الشخصي، فإن عملي مدرسا وطبيبا جعلني أقترب أكثر والتي يمكن أن من روح اإلنسان في أكثر حاالته ضعفا الثقافي تتحول إلى أكثر حاالته قوة. بالنسبة لي يتقدم

واألدبي على األكاديمي.

بعض وتتعالى السياسي، بالعزل ينادي من ثمة •ما األكاديمي. بالعزل مطالبة الجامعات في األصوات وهل التوجه، هذا في الحسابات تصفية ألثر تقديرك

تجد عالقة بين التسامح والوعي؟ فعل إن وتاريخي، سياسي خطأ السياسي العزل •ولن طويلة، لسنوات سيئة ليبيا على عواقبه فستكون أما الوطنية. المصالحة تحقيق من الليبيون يتمكن من الفصل تعني كنت )إن األكاديمي العزل بخصوص السياسي. للعزل آخر تمظهر مجرد فهو الجامعة( إن فأقول والوعي التسامح بين العالقة بخصوص أما اإلنسان الجاهل المتخلف هو من يحمل الضغينة والحقد

وهو الذي ال يستنكف عن ممارسة اإلقصاء والعنف.

التي والعلمية والفكرية الثقافية األعمال أهم ما •تقترح على طالب يتحسسون طريقهم في مجاهل األدب؟• هناك وصفة سهلة وواضحة: اقرأوا كل شيء، الكل متصل بالكل. اإلبداع ليس وحيا أو موهبة، هو يأتي بعد

جهد وعناء ومثابرة.المطاوع، خالد الكوني، إبراهيم النيهوم، الصادق •

اإلنســان اجلاهــل املتخــلف هو من يحمــل الضغينــة واحلقــد وهــو الذي ال يســتنكـف عن

ممارســة اإلقصاء والعنف..

ر 63تفك

الذي فما العالمية؛ حققت محلية أسماء مطر، هشام مكنها من تحقيقها؟ وما األسماء األخرى التي ترى أنها

جديرة بتحقيقها؟العالمية! بمصطلح يختص فيما فهم سوء لدينا •في تقديري أن العالمية ال تعني أن تنشر أعمالك بلغات أخرى، فهذا له ظروفه ومقياس الجودة ليس دائما العامل إلى تكتب ما مستوى يرقى أن هي العالمية الوحيد. مستوى اإلبداع اإلنساني، بغض النظر عن اللغة المكتوب جديرة أسماء لدينا هل فيه. كتب الذي الزمن أو بها،

بتحقيق العالمية؟ نعم، بكل تأكيد.من أكثر منذ صدرت وقد الوحيدة، روايتك دردنين •وجدت وهل والنقاد؟ القراء استقبلها كيف سنين. عشر من رضيت أنك أم الشعر؟ في تجد لم ما الراوية في

غنيمتها باإلياب؟• دردنين نشرت عام 2001، ونسيت، ألنها مختلفة وجريئة، وقد تجد مكانها بعد عقود. كتبت رواية أخرى، بعنوان الميلودي، لم تنشر بعد، وقد ال تنشر! السرد في تقديري شيء عظيم ويحمل كل أنواع األدب، بما في ذلك

الشعر.

• تغرد قصيدة الطويبي خارج السرب الليبي، وتحتفي أسهم كيف اإليرلندية. والرومانسية الياباني بالهايكو االحتفاء سر وما الشعرية؟ ذائقتك تشكيل في كالهما

بهما؟ليس لكن السرب! خارج أغرد البعض يراني قد •

عليه وأعمل مشروعي لدي طيور! وال سرب هناك التكرار، وعدم المستمر التطور شرطه ومثابرة، بهدوء والكتابة بمنحنى وليس بشكل أفقي. أنا منفتح على األدب جماليا وتواصال وترجمة قراءة معه أتعاطى اإلنساني، قبل ما فترة في كتبت أعماال أقرأ ما كثيرا معرفيا. التاريخ فأرتجف وأندهش من روعتها وجودتها الفائقة. ثم أقرأ لكاتب لم يجتز الخمسين من عمره شيئا يشعرني

باأللم والغضب معا. اإلبداع الجيد ال عمر له.• ماذا عن الموسيقا؟ ما الذي تقوله وال يقوله غيرها

من صنوف الفن؟ وأي عكاز تمده للشاعر؟• الموسيقا بالنسبة لي أمر ضروري وكثير من قصائدي

كتبت تحت تأثير هذا الفن المهيب بالغ الفخامة.

• يقول النفري “البقاء في مقام أكثر من نفس واحد ال يعول عليه”. أعرف أنه يطيب لك أال يطيب لك مقام. ما القدم، منذ الفالسفة أقلق الذي بالتغير، احتفائك سر

فظلوا يبحثوا عن الثبات الكامن خلفه؟• يا صديقي، ال مقام واحدا يكفي لروح تحمل الكون

وما فيه!

وإن أنا، والفن نحن، العلم “إن قالة في ماذاترى •معايير تقويم العلم والفن ليست مشتركة”؟

• هذا ما يبدو في الظاهر. أما في الباطن فإن العلم نحن هو الذي اإلنسان، هو واحد، بقلب شيئان والفن

وأنا.

بالقاسم اشتيوي

تنــازع املثـقف بني العـلوم واآلداب

أيامنا مثقف لفظة تستخدم كيف الحظت “هل أن تعريفها اجلديد ال يشملني، هذه؟ إذ يبدو موكدا كما ال يشمل رذرفورد أو إدنغتون أو ديراك أو أدريان. أال توافقني الرأي بأن األمر يبدو غريبا؟” هذه كانت ه تساؤالت عالم الرياضيات غودفري هاردي التي توجالقرن ثالثينيات يف سنو تشارلز صديقه إلى بها نها األخير يف محاضرة له تتناول العشرين، حيث ضم

ظاهرة “الثقافتني”.العلوم ثقافتي بني التضاد صورة تكتمل وكيما واآلداب يف محاضرة سنو، يورد يف ثناياها واقعة أخرى جامعة من سميث أرثر املؤرخ هو الرئيس شخصها ى دعوة أكسفورد. فاألخير، بحسب ما يروي سنو، لبالتاسع القرن أواخر كيمبردج جامعة يف عشاء إلى عشر. ورغبة منه يف إضافة شيء من احلميمية على احلفل، عمد إلى جتاذب أطراف احلديث مع من كان

جالسا قبالته على مائدة العشاء.عا، إذ لم يزد أتاه لم يكن مشج غير أن الرد الذي الذي ذاته الرد وهو قائله. م بتبر تشي همهمة عن حصل عليه من الضيف اجلالس عن ميينه. على أي حال لم تكن هذه نهاية املسألة، فاجلالس قبالته التفت ا يتحدث إلى من كان عن ميني سميث متسائال: “عماجلواب. أتاه فكرة”، أدنى لدي “ليست صاحبنا؟” سميث إلراحة املضيفة ة الكلي عميد تدخل وهنا فخاطبه قائال: “ال عليك، إنهم علماء رياضيات ونحن

ة”! ال نبادلهم احلديث البت

ولكن قبل االسترسال يف الطرح، ودون اخلوض يف ضرورة ثمة والترادف، واالشتقاق الترجمة مسائل وأعني املقالة، هذه يف يردان مفهومني إليضاح مقابال فيها يرد فأولهما و”ثقافة”. “مثقف” بهما حني يف ،Intellectual اإلجنليزية للفظة عربيا Cul- اإلجنليزية للفظة عربيا مقابال ثانيهما أأتي ى مسم إطالق أن إلى كذلك اإلشارة جتدر .tureالعلوم على الفروع األساسية، مثل الفيزياء والكيمياء والرياضيات، ال يعني بأي حال من األحوال نزع صفة ى مبسم املقصودة والفنون اإلنسانيات عن العلموية الفرع التزام يسبغها الذكر سالفة فالصفة اآلداب. املعريف منهجا علميا متفقا عليه كائنا ما كان املحتوى

املعريف لذلك الفرع.ا إذا لنعد إلى ظاهرة الثقافتني من باب التساؤل عمكانت كل أمم األرض تتساوى يف نظرتها إلى الظاهرة من سأنطلق التساؤل هذا شأن ويف املقالة؟ موضوع يف املالية اإلدارة أقسام أحد رئيس لي رواها واقعة اجلامعة. ويف التفاصيل أن جدال دار بني رئيس القسم وأحد أساتذة “العلوم” حول إجراء مالي يخص األخير. للدخول يف سجال معه استشهد رئيس القسم با وجتنه سيقطع كل قول لألستاذ املعترض: ند الذي ظن بالسسل زميلك أستاذ “اآلداب” الواقف بجانبك، لقد مرت يعترض ولم مها فتفه ذاتها املستندية بالدورة معاملته أن إلى “العلوم” أستاذ صاحبنا من كان فما عليها؛ تساءل منكرا: ولكن كيف تساويني بأستاذ من “اآلداب”؟

نحــن وهـــم:

,,املثقف من يستطيع عقله مراقبة نفسه..

ألبير كامو

مقاالت

ر 65تفك

ر هذا القبيل من الردود عن راهن النظرة العامة يعبالعربي األكادميية الوطن التي تسود معظم جغرافية ووجه القطرية. التفاصيل بعض يف اختالف على اخلالف الرئيس بني هذا الراهن وما يناظره يف األمم املتقدمة يكمن يف أن البيئة العربية تفصل بني العلوم األولى. إزاء األخيرة دونية يستبطن فصال واآلداب اطراحه زائد علينا اآلداب حمل أن بذلك واملقصود عاليا. يحلق أن العلمي التقدم ملنطاد أردنا ما إذا ظاهرة بشأن الدائر للحوار ع املتتب يجد املقابل، يف جله أن املتقدمة املدينية املجتمعات يف الثقافتني يستبطن جدال حول سياسة توزيع املوارد االقتصادية صة للدراسات العلمية، وال تلحظ فيه أي شبهة املخص

استعالء يف طرح جماعة العلوم ألفكارها.

بالتعليم إلى حتقيقه يف دول إن ما يسعى املعنيون العلوم جماعتي دفع حول يتمحور املتقدمة العام تكلل هذا لني مؤم بينهما، فيما التحاور إلى واآلداب حاجة مؤداها قناعة إلى كليهما بخلوص احلوار إلى سميث أرثر سيصل وهكذا لألخرى. منهما كل التحدث بلغة مشتركة مع جيرانه علماء الرياضيات، يشعر هاردي غودفري الرياضيات عالم يعود وال

بغربته يف وطن “املثقفني”.

م تطور وبالعودة إلى موروثنا العربي، يف محاولة لتفهنظرته إلى العلم واألدب، سنجد أفضل تعبير عن جذور تلك النظرة يف مقولة “الشعر جميل ولكن العلم هو ما يهم”! التي كانت عنوان ندوة أقامتها جامعة أكسفورد عن السابق العنوان ر ويعب الثقافتني. موضوع حول النظرة “النفعية” إلى العلم، وإلى كل املناشط البشرية،

التي تتشاركها املجتمعات األوربية واملجتمعات العربية وإن متايزت فيما بينها من حيث املنطلقات واملترتبات.

إن تغلغل النفعية يف الثقافة العربية قدميا وحديثا بلغة التقانية ـ املادية جوانبها على مقصورا يكن لم تلك يف احتفاء ا أمي به املحتفى فالشعر، عصرنا. دا من جماليات الشعر الثقافة، جاء االحتفاء به مجرالباطنية التي وصفها شيلي بقوله إن “الشعر يخلد كل د تلك إنه يجس الكون. ه األفضل واألجمل يف ما نعدحاق األطياف املتالشية التي تسكن تواتر احلياة بني امأغراض من غرض يف نا متعي احتفاء كان وإهالل”. بالشاعر حتتفي فالقبيلة الفخر. هو العربي الشعر بني شأنها إعالء يف “منفعته” بقدر شأنه وتعظم

القبائل األخرى.

نزول بعد ر تتغي لم للشعر فعية الن النظرة هذه تلك خ الشعراء بشأنه رس القرآن. فما ورد يف سورة النظرة لتنازع تفسير ذم الشعراء بني من يقولون إنه اللفظ”، عموم ال السبب “خصوص سياق يف يأتي وهكذا يخرج من الذم من التزم سبل احلق والرشاد بعموم “العبرة بأن اجلمهور قول وبني يقول. فيما ى اللفظ ال بخصوص السبب”، وهكذا يدخل فيه مسم

الشاعر على اإلطالق.

ا يف اجلوانب التقانية، التي تعد املدخل التاريخي أمللعلوم، فتكاد شواهد التاريخ تقطع بأن البيئة العربية املغرقة يف بداوتها كانت حتتقر كل ما ميت للصناعة بصلة. ويف هذا الصدد يقول ابن خلدون إن “العرب أبعد الناس عن الصنائع، والسبب يف ذلك أنهم أعرق

راحــه إذا ما أردنا ملنطــاد اآلداب حمل زائــد علينا اطـــق عـاليــــا.. التقـــدم العلمــي أن يحل

ر تفك 66

تكاد شواهد التاريخ تقطع بأن البيئة العربية املغرقة يف بداوتها كانت حتتقر كل ما ميت للصناعة بصلة..

يدعو وما احلضري العمران عن وأبعد البداوة، يف إليه من الصنائع وغيرها”. غير أن البعض قد يطعن يف آراء ابن خلدون التهامهم إياه بالشعوبية. ولكن ماذا الوردي علي فالباحث املعاصرين؟ بعض آراء بشأن يقول يف مؤلفه عن طبيعة املجتمع العراقي “إن البدو احلائك يحتقرون فهم االحتقار. كل املهن يحتقرون بكد ميينه رزقه يكسب وكل من . والصانع واحلداد والضعف”. اجلنب على دليال ذلك يعدون إنهم .ويسترسل قائال إنهم “. يحتقرون املهن الفكرية كمثل محتقر عندهم فاملعلم اليدوية. املهن يحتقرون ما

وكذلك الكاتب . واملغني والعازف”.

يشكل ما هو البداوة إمالءات يف االستنقاع هذا نظرة بعض األعراب املعاصرين إلى التكوين احلضري ر عنه حافظ وهبة يعب للمجتمعات احلديثة. وهو ما بقوله “إن البدو إذا أرادوا حتقير إنسان وسبه بكلمة وقد الصانع!. ابن يا له قالوا السباب” تكون مجمع كانت هي الكلمة التي قالها امللك ابن سعود ألحد أمراء اء تكرر خيانتهم له. ولعل يف اشتقاقات آل عايض جرز اجلذر “مهن” ما يعبر عن النظرة سالفة الذكر. ويتعزهذا املذهب اللغوي بلفظة “قني” التي تنصرف داللتها عند البعض إلى كل صانع. فالقني عند العرب كاذب

غير مؤمتن. وهو ما نفهمه من قول أوس بن حجر:

ة غدوة برهني بكرت أميخانتك إن القني غير أمني

س فعي الذي فتله “تأويل” املقد الن وينسحب القيد القرآن التي وردت يف العلم على لفظة الديني أيضا املغالني بعض تأول ولكن قيد داللي. أي رة من محردت داللة العلم يف األحاديث افع”، التي قي لصفة “الن

العلوم على داللتها قصر إلى بهم ذهبت النبوية، تأولهم وفر وهكذا العلوم. من دون سواها الشرعية دعما إضافيا ملن يقولون بدونية أي انشغاالت بشرية العلوم. من افع الن لفئة فهمهم نطاق عن تخرج يف املسلمني من ينغمس من وصم النتيجة فكانت بالذي ينشغلون الذين فئة من بأنه االنشغاالت تلك هو أدنى عن الذي هو خير. ومصدر اخلوف من هذه فيما “عمره عن سيسأل املرء أن من نابع الوصمة

أفناه”.

وال بأس يف هذا السياق من مقابلة النفعية “املباشرة” تعليم األوالد “السباحة والرماية وركوب للحض على األلعاب املجردة يف الرياضية باالنشغاالت ، اخليل” لها اإلغريق لتحقيق غاية إبراز األوملبية. فاألخيرة توسرا تهم قائمة أكثر أمم العالم املسكون حتض ر أم تصدز هذه الرؤية التاريخية للمذهب النفعي ا. وما يعز ورقييف البيئة العربية قصة الرجل الذي استعرض مهارته ة أمام اخلليفة بغرز إبرة يف األرض ثم قام برمي بقيثقب يف منها كل لتنغرز األخرى، تلو واحدة اإلبر، وأمر دينار مبائة اخلليفة كافأه أن فكان سابقتها. بجلده مائة جلدة إلضاعته وقته يف “تعلم” وإتقان ما

ال “ينفع” الناس.لم التاريخ يف املوغلة البدوية الثقافة هذه جوهر لوا يتبدل. وكل ما هنالك أن أعراب العصر احلديث بدالغزو عن فاستعيض مقتضياته. لتواكب متظهراتها ما بكل االجتماعية املكانة لتحديد سبيلني واإلغارة من شأنه تعزيز احلضور املادي للساعي خلف االرتقاء هذه خالل ومن االجتماعية. الهرمية يف مبكانته ى لنا فهم ثورة أستاذ العلوم واعتراضه املقاربة يتسنعلة منها نفهم كما اآلداب. بأستاذ مساواته على التبرير األخالقي لسرقة املال العام يف الدول العربية

ر 67تفك

وليبيا. اخلليج دول مثل القبلي النظام على القائمة بل إن األمر يف حالة ليبيا واليمن بلغ حد التجاوز عن التي األنظمة مع القبيلة أبناء من تعاون من سيئات والعميل اخلائن ر يتصد وهكذا للثورة. هدفا كانت أو عقاب. أي حساب من دون خوف القبيلة مجلس إال يستقيم ال أفعاله أخالقية على احلكم أن ذلك من والرفع للقبيلة التمكني زاوية من إليها بالنظر

شأنها على حساب التجمعات الدميغرافية األخرى.

هذا املحتوى الثقايف الذي تغذيه البداوة واملؤسسة القائم بني مؤسسة التحالف مثلما هو حال الدينية، الشيخ ومؤسسة احلكم آل الوهابية ممثلة يف الدين املجتمع مينح الذي هو سعود، آل يف البدوي ممثلة استثنيا ما إذا البارزة سماته العربي األكادميي عاصمة ويف تونس يف الناجحة املدينية البؤر بعض ما هي املؤسستني بني التكافلية فالعالقة األمويني. مينح شرعية الوجود للفرع املعريف يف حالة املؤسسة عن اجلميلة والفنون الفلسفة تبعد وبذا الدينية. بواحا يف حالة ا باعتبارها كفرا املشهد األكادميي إما باعتبارها سقط متاع يف حالة الثانية. كما األولى وإماحلكم مؤسسة حالة يف ذاتها التكافلية العالقة أن يف التخصص على ارس الد جتبر التي هي البدوي م فرع معريف بعينه. واملقصود بذلك أن الرغبة يف تسنى إال بالتخصص التراتبية االجتماعية أكادمييا لن يتأتفيما تبيحه الشريعة ويحض عليه املجتمع من معارف. وهكذا ال يعود احلديث الذي يدور داخل عموم املجتمع حديثا باألدب العلم عالقة عن العربي األكادميي السوق وحاجة العلمية البحوث اقتصاديات كه حترحتركه حديثا يغدو بل أوروبا. يف احلال هو مثلما إمالءات االجتماع السياسي وما يخلقه من تراتبيات

داخل املنظومة الدميغرافية.

ولعله من املفيد يف هذا السياق ذكر مثال تستبان منه السياسة النفعية الفجة التي تنتهجها املؤسسة الدينية أراقت املؤسسة هذه أن املعلوم فمن قبليا. املحمية كثيرا يف تأصيل فتوى حرمة تصوير الصحابة حبرا

رضوان اهلل عليهم. ولكنها لم تتحرج يف العام 2013 من نسخ كل تلك الفتاوى بجرة قلم من فقهائها حني كان حراما ما للمسلمني حتل أن اقتضت مصلحتها يدور الذي اإلعالم أن التفاصيل ويف شرعتهم. يف مرئيا أنتج مبباركتها مسلسال يف فلك تلك املؤسسة د صورة اخلليفة الثاني رضي اهلل عنه. إن علة يجسة غايتها هذا التحليل بعد التحرمي تكمن يف نفعية فجفقد الضخم. السينمائي اإليراني االنتاج محاربة ة يف ذلك االنتاج الشيعي رأت املؤسسة الدينية السنيد سيطرتها على يتهد للقصص القرآني خطرا داهما

ة. تفسير املقدس الديني على مستوى األم

على أي حال، يتعذر يف مقام مقالة كهذه اإلحاطة العربية. زاويته من الثقافتني موضوع جوانب بكافة يحرك حجر إلقاء إال تروم ال إنها القول وميكن بالقول وسأختم الثقافتني. تينك بني الفاصلة املياه للبت يف كل العلم، على أهميته، ال يصلح منفردا إن إضفاؤه يتعني ذاته األهمية فقدر حيواتنا. شؤون على اآلداب إذا ما أردنا للعنصر البشر املضي قدما ه يلزمنا يف ارتقاء سلم احلضارة. إن مثل هذا التوجالعمل على فتح باب التعاون بني العلوم واآلداب على مصراعيه. فكما أنه ال غنى عن العلم يف فهم تطور اآلداب يف عن أيضا غنى فال واستخدامها. التقانة

إدراك أهمية التقانة ومترتباتها.

وهم البيضان مبجتمع املقال هذا موضوع يتعلق انية(، احلس )اللهجة بالعربية الناطقون البشرة بيض بـ”تراب ى يسم واسع جغرايف مجال داخل يعيشون البيظان”، ميتد من وادي نون إلى نهر السنيغال جنوبا ومن املحيط األطلسي غربا إلى مالي شرقا، وهو مجال Pays كان الفرنسيون يطلقون عليه اسم بالد البيضانmaures، حيث شاع هذا االستعمال كثيرا يف تقاريرهم الرحالة مذكرات عن فضال اإلدارية، ومراسالتهم )بالد التسمية هذه اكتسبت وهكذا واملستكشفني. األكثر الكلمة أمست حتى املصطلح صبغة البيضان(

استخداما يف الوثائق الرسمية خاصة عند الفرنسيني.اآللة املوسيقية وسيلة صنعها اإلنسان من مادة واحدة أو أكثر إلخراج الصوت منها إما بالطرق أو النقر، مثل آالت مثل الهواء يف جتويفها بتسرب أو اإليقاع، آالت النفخ، أو بتحريك األوتار ونبر ها كما يف اآلالت الوترية.ونشأتها، املوسيقى أصل يف الباحثون العلماء ويرى الصوت. أخرجت آلة أول كانت اإلنسان حنجرة أن ونقرات الزمن أخرجت آلة أول فكانت األيدي، ا أماملوسيقى متثلت واأليدي وباحلنجرة وأنظمته. امليزان من فيه مبا الصوت، وهما األساسيني عنصريها يف ى أنغام وطبقات مختلفة، والزمن أي امليزان أو ما يسم

موسيقيا اإليقاع املوسيقي.يف جسمه ألعضاء القدمي اإلنسان استخدام إن

ق باألرجل قد جعله يتعرف يف التصفيق والصفير والدمرحلة مبكرة جدا من تاريخ وجوده على سطح األرض على كيفية إحداث األصوات املختلفة وكيفية خروجها، فصنع جسمه أعضاء يقوم مبحاكاة جعله الذي األمر لهذا الغرض اإليقاع أوال ثم آالت النفخ ثانيا، ثم اآلالت

الوترية. حول اإلنسان القدمي بعض املواد املوجودة يف الطبيعة مثال فحول املوسيقية، األصوات لتوليد أدوات إلى العظام يف ثقوبا عمل أن بعد صافرات إلى العظام لتكون وصنع من بعض جذوع األشجار طبوله املختلفة آالت إيقاعية، كما حول البندق والقرع إلى خرخاشات، إلى آالت نفخية والقصب والقواقع واألغصان املجوفة

.”1“للبيضان طقوسهم الشعبية اخلاصة يف مجال العزف وممارسة الغناء والطرب، التي يعتمدون فيها باألساس والهوائية اإليقاعية اآلالت استعمال مجموعة من على على اعتمادا نوا يف صنعها، وتفن أبدعوا التي والوترية الصحراوية، البيئة خامات من ة مستمد ومواد سنائد كجلد األغنام واإلبل واخلشب والتراب وغير ذلك كثير،

ومن أهم هذه اآلالت املوسيقية. نذكر:

1- الطبل عنوان احلنني إلى املاضيالقدم، بحيث يعود إلى تاريخ عريق موغل يف للطبل

ــانيـــة اآلالت املوسيقيــة احلس

,,

أنغام وإيقاعات خلف مطاوي الرمال

ابراهيم احليسن

املوسيقى تعبر عما ال ميكنك قوله وال تستطيع السكوت عنه..فيكتور هوغو

مقاالت

ر 69تفك

سة وكان يحظى مبكانة مقد حوالى 6000 سنة ق.م. عند قدماء السومريني والبابليني يف بيوت احلكمة ويف الهياكل الدينية واملوسيقى املدنية. فهو من أوسع اآلالت املوسيقية وأكثرها انتشارا واستعماال يف القارة اإلفريقية

وهو ذو أصول زجنية. والطبل من آالت القرع ذات الوجهني، يرجع إلى أصل ورمبا حروبهم، يف يستعملونه العرب وكان فرعوني، انتقلت هذه اآللة إلى أوروبا أثناء احلروب الصليبية أو عن طريق األندلس، وهو أسطواني الشكل، قد يبلغ قطر وجه الطبل الكبير منه 100 سم. أجوف مشدود على من اخلشب بعصوين عليه رقيق، يضرب بجلد وجهيه اخلفيف اخلشب من مصنوع ودائره بكرتني، ينهيان وضوابط بأربطة ومحاط املعدن من وحافتاه املتني األروبية املوسيقى ويستعمل يف الطبل، بوجهي متصلة ملصاحبة نغم املجموعة اآللية )أوركسترا(، وقد يستعمل النفخ يف وآالت النحاسية اآلالت لنغم إيقاع آلة أيضا الفرق العسكرية، ومن هذا الصنف أنواع أصغر حجما، وأصغرها ما كان قطر كل من وجهيه 30 سم )تقريبا( نغم العربية يف مصاحبة املوسيقى استعماله يف وأكثر

ونه بالطبل البلدي “2”. املزامير، ويسميعتبر الطبل T’bel-أو التازوة كما هو معروف لدى البعض يف الصحراء- من أهم وأقدم اآلالت اإليقاعية موسيقي نطاق على البيضاني املجتمع يستعملها التي والسيما واخلشب اجللد مواد من يصنع فهو واسع.

املنتشرة وإكنني ويط والطلح )األكاسيا( تيشط أشجار بوفرة يف الصحراء.ويفضله الصحراويون كثيرا عن باقي اآلالت املوسيقية األخرى، ألنه يتيح لهم إمكانيات واسعة

للحصول على مختلف الصنوف الصوتية يف العزف.من مستورد اآللة هذه جسم بأن االعتقاد ويسود إفريقيا التي يشيع فيها استخدام هذا النوع من اآلالت قد دائرية مساحة على باجللد يغلف الذي املوسيقية بخلق اجللد هذا ويشد سم. 40 إلى قطرها يصل ثقوب على أطرافه متكن من تثبيت ودعم املرابط والعقد بواسطة أوتاد خشبية صغيرة توضع يف حواشي الفوهة، ز هذه األوتاد )أو تزين( بأشرطة وسيور جلدية وقد تعز

سميكة.أن يسند الطبل يف حالة جلوس -بعد يضرب على اليد. راحتي بكلتا مباشرة ركبته- على كوعه العازف وأحيانا أخرى برؤوس األصابع وفقا للرغبة يف الرفع أو التخفيض من اإليقاع، ويقولون وفقا لتعبيرهم الشعبي:

“إريتم”، أي يضرب الطبل.تها، وخيمة شيخ قو القبيلة، ورمز الطبل هو “مجد احلرب راية ميثل والطبل الطبل، خيمة هي القبيلة التي يؤخذ طبلها يف احلرب حتسب مهزومة، والقبيلة

ويلحقها العار واإلهانة.للسلم، للحرب، مناسبة، لكل نة معي طرقات وللطبل يف وأيضا قافلة ولوصول قافلة ولضياع ولالجتماع الطرب وللطبل شخص يقرعه. وال يقرعه سواه ويكون

■ آلة آردين

حنجرة اإلنسان كانت أول آلة أخرجت الصوت..

تعترب صحراء جنوب اجلزائر من أهم املواقع

الستخدام الناي..

ر تفك 70

ا يف الطرب، فتقرعه حتت نظارة الشيخ وقريبا منه، أمأنغام على تامنهولت( أو )تيكويت، املطرب زوجة املوسيقى والغناء. ويصنع الطبل من جلد البعير، يربط على قصعة من العود، ويشد بحبل وتكون بأعاله ثقوب

خلروج الهواء عند القرع حتى ال ينفجر “3”.الطبل أن الصحراء عليها يف املتعارف األشياء ومن واملناسبات الطقوس كافة خالل كذلك يستعمل االحتفالي، الطابع ذات والثقافية والدينية االجتماعية واإلشارات النداءات مختلف إلرسال يستخدم كما الصحراويون البيضان وكان بعيدة. ملسافات الصوتية دهم يدقون الطبول ويقرعونها كلما حل بهم خطر أو هدغزو، حيث توجد العديد من الشواهد املادية التي تدل على ذلك من بينها )مثاال( “حجرت الطبيله” التي توجد عند مخرج مدينة السمارة يف اجتاه ضريح الولي سيدي أحمد لعروصي، وعلى بعد حوالى 25 كلم، توجد كدية ى “گور الطبل” )أو گور البرد راهنا( كان أهل )جبل( تسمالطبول لدق -قدميا- إليه إليها/ يصعدون الصحراء د حتسيسا لساكنة املنطقة وإشعارا لهم بوجود خطر يهد

حياتهم.

ارة، أو اإلبداع يف النفخ يف 2- النيف الناي هي ،”4“ لگصيبة أو ،Niffara يفارة النانية. والتسمية ترتبط قاموس املوسيقى التقليدية احلساألشجار حلاء من أو حديدية قصبة وهي بالنفير، وهي الدواب، بأمعاء وغلفت عودها عن فسخت مسدودة من فتحتيها، وينفخ فيها من ثقب جانبي وبها ثمان فتحات تصدر منها األصوات بواسطة سد أنامل النافخ فيها لتلك الفتحات. تعزف فيها بحور “أژوان”، وتصاحبها حكايات يحكيها صاحبها بواسطة النفخ، من ما اله الرج ابات واكل حد گوم “گوم. حكاية: أبرزها فقد أباه. أكل رجل ألسد قتل عن قصة وهي يرگد”، ا وجده نائما أيقظه ليقتله باملبارزة ى أثر األسد، ومل تقف

املباشرة “5”.إنها آلة مصنوعة من القصب املجوف يف حدود املتر وذات صوت شجي. الرأسني تكون مفتوحة من تقريبا األساسية الوجهة يف متقايسة ثقوب ستة يفارة للن

ومقسمة إلى مجموعتني متساويتني يف األبعاد، كما لها ثقب واحد يف وسط الوجهة اخللفية. يستعمل البيضان نفخية آلة كل اسم القصبة ألن لكصيبة الصحراويون تشبه الناي، مما تصنع من القصب وهو خشب مجوف والشبابة، الناي، أصناف منه تصنع متقاربة عقد ذو ون القصبة والصفارة اخلشبية وما مياثلها، والبعض يسم

غابة، لكونها من اخلشب املعروف باسم الغاب “6”.يفارة( من أقدم اآلالت املوسيقية )الن اي الن آلة وتعد يف احلضارة املصرية القدمية والتي ارتبطت باملعتقدات له املصري القدمي على الدينية، فهي من أعرق ما سجاملجتمع له سج ما وكذلك املصرية، املعابد جدران ل يف آثار الهند وإفريقيا من اإلغريقي القدمي، وما سج

لوحات نحتتها احلضارات القدمية “7”.اي الذي عرف تبعا اي يف العصر اإلسالمي، هو الن النلالسم الفارسي )ناي(، والذي حل محل االسم العربي الشكل حيث من يختلف ال وهو قصابة(، أو )قصبة، العزف يف العقل وطريقة وعدد الثقوب وعدد والطول الدولة األموية والدولة العباسية. ونقل العرب موسيقاهم واإليقاع، اآلالت أهم اي الن آلة وكانت األندلس، إلى للغناء ومصاحبة الدينية االحتفاالت يف تقدم وكانت آلة استخدام اتسع ثم واملناسبات. واألفراح والرقص اي يف العصور التالية مثل العصر الفاطمي والعصر الن

اململوكي يف مصر “8”.فصيلة من وهي بالفلوت، اآللة هذه البعض ي يسمآالت النفخ اخلشبية، والفلوت عبارة عن أنبوبة جوفاء على وحتتوي األعلى من ومغلفة األسفل من مفتوحة ثقب صغير جانبي قرب العليا ينفخ فيه العازف، إضافة على الفلوت حتتوي آلة فإن اجلانبي، الثقب هذا إلى ثمانية ثقوب رئيسية ألصابع اليدين وإثني عشر أو ستة صل كل واحد منها بثقب وبالضغط على عشر مفتاحا يتهذه املفاتيح تنتج تغييرات يف التدرج الصوتي املوسيقي

الصادر من هذه اآللة.اي التي كان أول وميكن إرجاع أصل الفلوت إلى آلة الناستعمال لها يف الشرق القدمي يف عصور ما قبل التاريخ، ويف العصور الوسطى انتقلت هذه اآللة إلى أروبا التي قامت بإدخال التحسينات عليها وطورت صناعتها حتى

ر 71تفك

تطوير يف الفضل ويعود الكمال. درجة إلى أوصلتها صناعة هذه اآللة إلى العازف األملاني “ثيوبالد بيم”.

القرن منذ الرئيسية األوركسترا آالت من الفلوت السابع عشر ولغاية اآلن، ويعد صوت هذه اآللة من أرق وهادئ ورقيق وشاعري األصوات يف األوركسترا فهو لنييفارة التي اي هو الن اي.والن يفارة، إذن، هي الن “9”. فالند يبد القافلة رحلة يف بالصحراء الراعي أنيس هي وامتدادها اجلغرايف الطبيعة الشاعري صمت بصوتها خالل يسمها.ومن الذي املهول الفراغ وميأل الواسع ج مشاعر السامع على إيقاع فتحاتها يصدر زفيرا يؤج

تسابيح الوجود “10”.يف الراعي رفيقة املوسيقى وحدته، وهو إن جلس على صخرة ابته أحلانا يف وسط قطيعه نفخ بشباألعشاب فترعى نعاجه تعرفها الراعي عند ابة والشب آمنة. وسطه، تفارق ال عزيز كصديق سكينة تستبدل محبوب، وندمي مأهولة، برياض الرهيبة األودية وحشتها، الشجية بأنغامها وتقتل

ومتأل الهواء أنسا وحالوة “11”.تفيد يفارة الن فإن اد(، عو )ج. العواويد من وألنها العزف على البراعة بالنفخ. “فهي عبارة عن أنبوبة من القصب أو من النحاس، تثقب ثقوبا معدودة على أبعاد متساوية، نفخ فيها العازف مع حتريك أنامله على تلك ى كذلك )الشبابة(، كما ذكرها ابن خلدون الثقوب، وتسم

.”12“اي آلة “تعتمد على الطبيعة يفارة، أو الن بذلك، تعد النمن الصوت بها يحدث. اآللة هذه تصنيعها، مواد يف نة يف أحد طرفيها ومبيل القصبة ة معي خالل النفخ بقوالقصبة أطراف أحد حافة وعلى محدودة بزاوية فتحة من الهواء اندفاع خالل ومن منها، املصنوعة ر الهواء ويتخلخل يف عمودها وينتج عن القصبة، يتكسالطرف من يخرج طنينا تخلق ذبذبات التخلخل ذلك الثاني بشكل صوت اآللة، تلك هي آلية استخراج الصوت

اي أو أي آلة نفخ أخرى “13”. وكيفيته من آلة الن

التي املوسيقية احلميمية اي. هذه اآللة الن يفارة/ النراح( كلما شعروا باالختناق يستأنس بها رعاة الغنم )السالذي تولده العزلة والفراغ، قد ترمز إلى النفس املنفصلة عن أصلها اإللهي كما يجسد ذلك كالم شاعر الفرس “إصغ :)1207-1273( الرومي الدين جالل الكبير ب من ألم الفراق”، أو كما إلى الناي يحكي ويشكو ويتعذيقول باحلرف يف ملحمته الكونية املشهورة: “إستمع إلى

الناي، إنه يحكي قصة الفراق بني الروح واجلسد”.الفم جانب على بوضعها يفارة الن على العزف يتم انية(، لكن العازف بطريقة مستقيمة )إنش باللهجة احلسعالمات على اعتمادا النغمات تنويع يف يرغب حني التحويل )الرافع، اخلافض.(، يلجأ وضعية يف يفارة الن استعمال إلى أو اليمنى اجلهة إلى سواء مائلة ويف الفم. من اليسرى اجلهة إلى احلالتني معا، يحتفظ النافخ بهذه فمه يف الهواء من بكمية اآللة الضرورة دعت كلما بها ليستعني يتحكم ذلك. وعادة إلى اإلبداعية من الكثير يف يفارة الن عازف املستعني حماس شد يف األحيان املوسيقية اآللة هذه به ز تتمي ملا مشاعرهم وحتريك الهوائية من صوت شجي رخيم ينفذ بسرعة إلى داخل بحسب الرقص أداء تنويع يف يساهم الوجدان.مثلما

فخ. مستوى إيقاع الن

املواقع أهم من اجلزائر جنوب صحراء تعتبر اي. ويعزف عليه رعاة اإلبل. وإن اإلنسان الستخدام النينطلق احلزين الشجي الصوت ذلك سماع ينسى ال أماسي ربوة عالية يف راع يجلس على وأصابع فم من الربيع أو ليالي الصيف املقمرة، بعيدا عن اخليام يبث خذ من كثيب شجونه وحده للسكون تصغي إليه اإلبل ويترمل فراشا ووسادة له “14”، مثلما أن الفرس أول من اي اي بصور متقدمة، وأطلقوا على الن استخدموا آلة الناسم )ناي نارم(، أي ناي ذو صوت رخو بغرض املقارنة بينه وبني املزمار ذي الصوت القوي الصارخ الذي أطلق

إن استخدام اإلنسان القدمي ألعضاء جسمه..

ف.. على جعله يتعركيفية إحداث األصوات

اخملتلفة وكيفية خروجها.

ر تفك 72

عليه اسم )صورناي( “15”.وقد أنشد شاعر الفرس الكبير جالل الدين الرومي )مذكور سابقا( كثيرا يف وصف الناي، من ذلك ما جاء

يف مطلع افتتاح مؤلفه املثنوي: “16”ــاي عنـــــى وحـــــكـى استمـــع للن

شفـــــــه الوجـــــد وهـــدرا فشـــكا منـذ كان الغــاب وكـــــان الوطـــن

مــــأل النــــاس أنـــيـــــن شــــــجنا

3- الگدرة: آلة الرقص بامتيازمشهورة إيقاعية موسيقية آلة Guedra الگدرة تتشكل من مادتني املغرب(، نون )جنوب وادي مبنطقة رئيسيتني هما: الطني املفخور-اإلناء املدور الذي يشكل واملثبت الفوهة يغطي الذي واجللد )املجوفة( القاعدة على املشقوقة الفتحات كل على بالتناوب بأحبال متر حواشي الغشاء. يضرب أن ينقر على الگدرة جلوسا على الركبة باستعمال عودين دقيقني مستقيمني “ملغازل” على األنشاد يف وترديد األداء إيقاع متحول يخضع ملستوى

)رقصة الگدرة(.الذي اإلناء ذلك على أصال )الگدرة( اسم يطلق يستخدم أداة موسيقية وحيدة يف )رقصة الگدرة(، وهو ة أو قلة من الطني حتكم فوهتها بقطعة من عبارة عن جراجللد من أجل تكثيف الهواء داخلها. وبناء على قانون خاص، يضرب على قطعة اجللد هاته بواسطة قضيبني ز من غصن شجرة، يحدث على إثره إيقاع موسيقي مييالرقصة، وتسايره عملية التصفيق املستمرة “17”. إنها أيضا: آلة يغلب اسمها على )رقصة الگدرة(، وهي عبارة عن طبل مصنوع من الفخار ومغلف باجللد، ينقر عليه

بقضيب أو قضيبني “18”.فلهذه اآللة املوسيقية أهمية قصوى يف الرقصة، يدل على ذلك -كما يقول الباحث املغربي عبد العزيز بن عبد بأذهان عالقا بات حتى باسمها سميت أنها اجلليل-

الناس أن الگدرة مرادف للطبل. وردت لفظة وهي قدور، جمعها القدر، من والگدرة راسيات” وقدور كاجلوابي “وجفان الكرمي: القرآن يف اسم الصغير القدر على العرب ويطلق .)13 )سبأ-

احلديد من املصنوع القدر أما الكاف، بكسر الكفت/ أو النحاس، فيدعى املرجل. والسخام هو سواد القدر، ما وقيل القدر. يطبخ يف ما هو العرب، عند والقدير فهو توابل ذا يكـن لم فإن بتوابل، من حلم فيه يطبخ

)طبيخ(. والقدار: الطباخ “19”.لة بالعديد فالگدرة / اإلناء بشكلها املستدير تظل محممن الرموز واألدلة ذات املنحى الصويف، ففكرة الدائرة -كصورة رمزية للخلود وكشكل هندسي تام ال بداية وال ر نهاية له- حتيل على احلركة واحلياة البشرية التي تعبالغشاء أن ذاتها.كما حول دورانها يف الراقصة عنها البيئي االنتماء إلى يرمز فوهتها، يغلف الذي اجللدي أن إلى إضافة اإلبل.(، وبر أو البقر، أو الغنم )جلد أصواتا تختزل بالقضيبني عليها تؤدى التي الضربات

إيقاعية متناغمة بالغة االتصال باألرض واجلذور. بشكل شعبي يف تستعمل موسيقية آلة الگدرة تشبه عليها يعزف مفردة آلة وهي “النقارة”، هي: العراق، األكراد يها يسم كما واألعياد. األفراح أثناء البيوت يف تعني )النقرزان( أن بـ”نقرزان”.بينما جند الصورانيون يف قاموس اآلالت املوسيقية املصرية “طبلة صغيرة تعلق على الرقبة ويضرب عليها بزوج من العصي، وهي عبارة يشد على فوهتها النحاس نصف كروية عن قطعة من

جلد سميك “20”.وإذا كان عازف الطبل يقود احلصة إيقاعيا، فإنه يغني يف نفس الوقت بتبادل مع مجموعة مختلطة من الرجال والنساء. ويستطيع صوت الطبل أن يحدث تعارضا بني كذلك التعارض وميتد التصفيق. ة وحد العميق صوته إلى تزامن الثنائي والثالثي بني وسيلتي اإليقاع: الطبل يؤمن إيقاعا قاعديا من 8/6 مزدوج املقاس )ستة على ثمانية مضروبة يف اثنني(، بينما اليدان تضربان مقاسا املصاحب للغناء يتيح ما وهذا ثنائية. أزمنة ثالثة من أن يكون تارة يف تقسيم إيقاعي ثنائي، وتارة أخرى يف تقسيم إيقاعي ثالثي محققا تركيبا كامال للنوعني من

التقسيم الزمني.يستطيع عازف الطبل أن يرجتل إيقاعات مختلفة داخل األخير. هذا إخفاء معتمدا القاعدي، اإليقاعي الدور أما الغناء، فهو يف مقام خماسي يبدأ دون إيقاع يف شكل

ر 73تفك

نداء متنازل النغمات ويتبعه دور من أربعة مقاسات يف وزن 4/3 )ثالثة على أربعة( من فقرتني متناظرتني. ويف املرحلة التي تسرع فيها الرقصة، يتقلص الدور اإليقاعي إلى مقاسني فقط يستمدان بعض مضمون نغماتهما من اجلملة األولى )واحد للمغني والثاني للمرددين(، ونسمع

بني الفينة واألخرى زغاريد للتشجيع “21”.

4- التيدنيت: مزمار الذكرطويال شكلت التي املوسيقية اآلالت أهم بني من يدنيت اني، توجد آلة الت املصاحب الرئيسي للشعر احلسالغنم بجلد مغطى قاعدي طبل من املشكلة Tidinitاملعروف الدوم شجر من مصنوع اخلشب من وعود

اآللة وهذه بالتيدوم، بالصحراء خاصة مبجتمع الرجال لها خمسة اسة عند اللمس أوتار ناعمة وحسى تسم اخليل. شعر من تصنع مفردها “ملهار”، الثالثة أوتارها العلوي الوتران ى يسم بينما مهر، )مفردها “تيشبطن” والسفلي تاشيط( أقصر من األولني )بعض األوتار عدد زاد الفنية األسر مالحظة وجود مع بواحد(،

أوتار بخالف رقيقة تكون ملهار أوتار أن هي أساسية تيشط التي تكون غليظة. كما أن هذه األوتار-بنوعيها- ليست متتالية من األول إلى الرابع، إذ يوجد الوتر األول الذي ينقر عليه بالسبابة مبوازاة مع الوتر الرابع الذي بينما األول. املستوى يف وكالهما باالبهام عليه ينقر

يوجد الوتران الثالث والرابع يف املستوى الثاني.دينيت الت على العزف أثناء األنغام أولى ى تسمخاصة )التيشبطن( يف يكون “آمنگري” أو بـ”آنگري”، وما بـ”العبار” املوسيقى أرباب عند ى يسم وارتفاعها رون عن جمالية العزف لدى اإليگيو بينهما “أژاي”. ويعببتعبيرهم الشعبي “ظفر زين”، أو ظفر يطرب لوذن”، أي

يطرب األذن ويسر السمع.إلخ. يدنيت من شجر األدرس أيضا، وتتكون من تصنع التعود.( )دبوس، رافعة وهي الصيدح(، )أو تامونانت

يف املوجودة الفتحة عند لألوتار خشبية أو معدنية، مجوف بيضوي ذات حجم وهي تازوة، اة املسم الطبلة ل( يوضع بداخله “ججاب ومغلف باجللد )اجلنب، أو اجلان حتى يصير العزف محبوبا صر” من طرف شيخ فن النامعني، وتوجد يف أحد جانبيه فتحة دائرية يتم لدى السيف وتثبيته ه وشد للمقبض السفلي الطرف ربط فيها جسد اآللة، وعلى الطرف العلوي للمقبض، توجد قطعة أو نحاسية بحلقات محاطة )حلرب( تسمى معدنية

فضية )خلرس(، كما هو بالنسبة للقيثارة.وبحسب الباحث الليبي حمد سعيد القشاط، فإن آلة بجلد وجهه يغطي مستطيل قدح من تصنع يدنيت التيتجاوز أو جلد شاة، وتشد يف جانبه عصا طويلة بقر عليها ويربط أحيانا املتر طولها أربعة أوتار من شعر ذيل احلصان أو من النايلون )حاليا(. وقد حتمل الوتران ويسمى أوتار. خمسة الوتران أما )األمهار(، الطويالن )تيشبطن(، فيسميا القصيران

ويعزف عليها الرجال.بالطرف يدنيت الت أوتار تثبت حلقات بواسطة للمقبض العلوي ومستويات أبعاد يف جلدية متقايسة، لتمتد فوق اجللد الذي يغلف تازوة لتشد إلى إلى “أقرب يدنيت الت آلة تعد لذلك السفلي. الطرف هيأة العود من حيث الشكل، فهو تشد عليه أربعة أوتار يولج يشد يف خامت جلدي العظم بلوح من وينقر عليه آلة باستخدام الرجال اليمنى. ويختص اليد يف سبابة يدنيت يف موريتانيا، بينما تختص النساء بها يف باقي الت

الدول اإلفريقية “22”.يدينيت أحدهما مثبت الت فاألمهار وتران طويالن يف قبل الثاني، حتى يكون صوته أعلى يف السلم املوسيقي )دو(. الفوگاني” “املهر الطويل الوتر صوت من )مي( الفرس. بولد ترتبط والتسمية مهر، مفردها األمهار، يت على خيل انية سم وكثير من وحدات املوسيقى احلسبجنسها أو بأعيانها )املزوزه، أم أعگال، البيگ، احلو.(. القرار نغمات يف التحكم دور املذكوران الوتران يلعب

جمالية النص الشعري الشعبي وأهميته

تكمنان يف كونه جاء مليئا مبفردات وألفاظ

خاصة بالقاموس اين.. املوسيقي احلس

ر تفك 74

واجلواب يف املوسيقى، فأحدهما )الفوگاني( احلكالء، الطريق يف القرار نغمات يؤدي يف القرار نغمات يؤدي و)التحتاني(

الطريق البيضاء.أو أبظن، تش أو يشبطن، الت ا أمأو بالوترين فتتعلق الشبوطيات، األوتار الثالثة، أو األربعة القصيرة ثالثة أغلبها يدينيت، الت آلة يف يدينيت البيضان. وأقلها اثنان يف تيف النغمات األوتار هذه تؤدي املوسيقياخلماسي، السلم أعلى صول، فا، )ري، السباعي أو مع بالتجاوب سي( ال، “األمهار” الطويلني الوترين التأليف حسب ومي(، )دو، وتبادل للمقامات، املوسيقي

النغمات على السلم “23”.ولتسمية التيشبطن إحالتان، هما: “24” - إحالة إلى العود الشبوط، وهو العود الذي اتخذه الغالم زلزل تشبيها لها بسمك الشبوط النهري، فتنسب

يدينيت. إليه األوتار القصيرة يف التالبنت والوديعة، الصغيرة، “تشأبظن” هو ا وإم -كلمة صنهاجية الكبير، وهي التي يحنو عليها الكرمية

متداولة. فتكون هي لبنة “أمؤهر” التي يحنو عليها.موريتانيا( )شرق الطوارق لدى يدنيت الت وتعرف باسم “تيهردنت”، واسمها احلقيقي عربي هو “عودو”، من وهم شريحة بالتكارير، به احتفظ الذي العود أي شرائح املجتمع املوريتاني. كما تعزف هذه اآللة الوترية على ثالثة جوانب )مفردها جانب(، هي: اجلانب لبيظ ، وذلك وفق إيقاعات وأوزان لــكحل ولــگنيدي واجلانب تيدينيت” يتبارى موسيقية متنوعة تعرف باسم “أشوار فيها املؤدون ملعرفة أسمائها وشواهدها، وهي املعروفة

بـ”حوصت أشوار”.اني متغنيا بآلة التيدنيت )وجمعها يقول الشاعر احلس

يدناتن(: الت

الحكني ندخل تيـــــگفيـــــه أزوان يـــــــفــــاتن

يـــــگـ. بني إيـــگاون والتــــيدنـــــاتن واتــــــن والـت

الشعبية األمثال يف يدنيت الت آلة حضرت كما انية، منها هذا املثل املبنى على االستعارة والتشبيه: احلس“أژيون من تيدنيت ولد مان أل خبطت امبيح لكالب”، الذي مان ابن عود من املوسيقى بفن أعلم تفصيحه: ن نباح الكالب. يقولون أن ابن مان هذا كان من علماء حلكل صوت ن يلح حيث وعباقرتها، املوريتانية املوسيقى ن نباح الكالب فصار مضرب مثل يف سمعه حتى أنه حل

هذا الشأن “25”.الحقا، املذكور آلردين بالنسبة الشأن هو وكما يدنيت ز آلة الت وغيره من اآلالت الوترية األخرى(، تتمي-من الوجهة املظهرية- بالكثير من النقوشات احلقيقية نها. نة التي تعطي جل السطوح التي تكو والزخارف امللو

يدنيت مشكلة أساسا من مادتني رئيسيتني هما فآلة التاخلشب واجللد، مما يجعل االشتغال عليهما )تشكيليا( سبقا حرفيا )بكسر احلاء( على هذا املستوى، يساعدهم يف ذلك توظيفهم لصبغات ومساحيق لونية محلية ذات

جودة وفاعلية عالية.اإلضافة من جانبا نقرأ يدنيت الت سطوح على اإلبداعية، ونتعايش بصريا مع بصمات جمال صحراوي لة إنسان الصحراء ويبرز يعكس يف بنيته شيئا من مخيالذي اجلمالي ووعيه التشكيلية ثقافته من مساحات ينهض على تكوين فطري وعصامية مطلقة ال تخلو من

.Créativité إبداعيةفيه تتالعب ”26“ جمالي فضاء يدنيت، التنظام وفق ومتتزج اللونية والكتل واألشكال اخلطوط زخريف ينسجم يف الكثير من االستعماالت مع الترانيم يدنيت، وااليقاعات املوسيقية الناجمة عن العزف على الت

■ آلة التيدينيت

ر 75تفك

■ آلة النيفارة

الشيء الذي يجعل من الشكل والوظيفة حوارا حميميا بني التشكيل واملوسيقى.واملوسيقى والتشكيل.

5- آردين: العزف بأنامل النساء Ardine آردين آلة تظل الرجالية، يدنيت للت خالفا )تيگواتن، املغنيات النساء مجتمع على حكرا الوترية خشبية قطعة عن عبارة وهي تيگيويت(، ومفردها وذات املذكور التيدوم شجر من مستخلصة مجوفة هيأة مكورة يف شكل طبل صغير مغطى باجللد املدبوغ نا واملزخرف باحلناء واملشدود بأحزمة جلدية متينة مكوقطع توجد السطح )الطبل(.وعلى “الرنان” ى يسم ما معدنية محاطة بحلقات نحاسية -خلراس- تساهم يف

النقر وتنويع الصوت.إضافة إلى ذلك، يوجد عمود مثبت بحاشية الطبل يف وضعية مائلة لشد األوتار التي يختلف عددها من ثمانية أوتار إلى ثالثة عشر وترا واملصنوعة من )لعصب(، وهي من أمعاء الغنم، أو زغب أذناب اخليل، تشد األوتار إلى رب( املحاطة باحللقات، أي حول الذراع املستعرض )حلفوق )تامونانت(، وهو ظهر الطبل. مع إشارة إلى نوعني من األوتار )لعصب(: أوتار قصيرة تعرف باسم تيشبطن،

وأخرى طويلة هي “ملهار”. وهذه األوتار مشدودة مبسامير تستطيع املطربة “تيگيويت” حتريكها وقتما تشاء بشكل لولبي وفق ما يتطلبه التحول

برام( من مقام موسيقي إلى آخر. )التويغطي الكوز قدح “من آردين آلة تصنع فوهه بجلد الغنم وتشد عصا طويلة قرابة املتر

يدنيت. وهذه اآللة لها أوتار واسمها وتشبه آلة التروا كس املرابطني إن إذ الدين(، )آلة من مشتق

ألنه الغناء وحرموا واملوسيقى الطرب آالت الفساد مظاهر من آنذاك- ملعتقدهم -وفقا على اآللة بهذه املطربون فتحايل االجتماعي. أساس أنها تساعد على ذكر اهلل ومدح رسوله.

وتعزف النساء على آردين “27”. آردين ف ذ. عبد العزيز بن عبد اجلليل يعرذات قيثارة هيأة على تبدو آلة “آردين بقوله:

ويشد مجففة قرعة نصف على قائم قضيب عليها ثالثة عشر وترا تنقر عادة بظفر اليد. ويختص

الدول يف يجري ما عكس موريتانيا يف النساء بعزفه اإلفريقية املجاورة “28”.

وأهميته الشعبي الشعري النص هذا جمالية إن خاصة وألفاظ مبفردات مليئا جاء كونه يف تكمنان اني، من ذلك ملهار التي تعني بالقاموس املوسيقي احلسآردين تيشط(، )بخالف الرقيقة النغمات ذات األوتار آلة العزف النسائي، إروغ أي النقر على األوتار، انتماس وهو حلن إيقاعي، منني إسم علم مؤنث يف إشارة إلى أن العازف إمرأة، واحلرب وهي القطع الفضية أو النحاسية

التي تشترك يف الرنني وإصدار األصوات.عادة من أن إلى يشار الشعبي، املعتقد مجال يف انة التي تريد غلق فوهة طبل آردين بجلد جديد، أن الفنمها قطعا على نساء احلي تأخد جلدته املتقادمة وتقس)لفريگ( مقابل حصولها على هدايا يف شكل شية من

ذهب، أو ثوب جديد، أو ناقة.أو أي شيء ثمني.هو ذا آردين: آلة موسيقية وترية تلعب عليها النساء منغمة أصوتا بها يرسمن حيث الذهبية، بأناملهن

ر تفك 76

وأحلانا عذبة تتمايز قيمتها اجلمالية بحسب السالليم لبتيت، آخر والبحور التي تؤدى على إيقاعاتها، أبرزها احلركة فيه تقل الذي اني احلس الشعبي الشعر بحور

ويسوده الهدوء والصمت.

انية أخرى أغلبها هذا إلى جانب آالت موسيقية حسكعاري املصنوع من عروق مشهور مبوريتانيا، من بينها الزالصحراويات العازفات تستعمله واحد وتر وبه الطلح أطفال يستعملها الوترية اآللة فهذه اإليقاع. لضبط آلة إنها موتور. قوس شكل يف وهي غالبا، الصحراء مشتقة من الزعبري يف اللغة، وهو ضرب من السهام. وتكون األعلى إلى الوتر يوجه أن استخدامه وطريقة قاعدة القوس إلى األرض ويوضع إناء فارغ على القاعدة ى ويسم ه. جس حال الوتر لصوت قويا صدى محدثا مثل: شعبية، بكلمات األوالد عليه ويغنى اي، بي أيضا

اي، حد احمر جاي، عدلول أتاي “29”. “سهوت بي

مزمار، شاكلة على يراع وهي وزاي، الز هناك ثم مفتوحة الشكل بيضوية إيقاعية )آلة دغمي أو ة، دغمقرعة عن عبارة اآللة هذه بالنساء(. خاصة اجلانبني طويلة أفرغت من الداخل وتكون أعرض يف أحد طرفيها النساء السيما عليها من طرف العزف ويتم املفتوحني أساور بإشراك نغما تزداد التي املفتوحة الناحية من التي هي الكصل آلة الصوت، هناك كذلك العازفة يف عبارة عن علبة صغيرة يف حجم األكواب متأل باحلصي الشعبية، الرقصات بعض وأداء اللعب خالل وتخض رك وهي آلة وترية قدمية إضافة إلى اآلالت التالية: الزتشبه إلى حد ما الكمنجة، الكحكاح ذو الثقب الواحد، طرف من كثيرا ويستخدم وترين من نة املكو الربابه يجلد قدح من اآللة هذه تتكون والغنم، البقر رعاة بجلد الورل )الكوتي( تثبت به عصا من جذور األشجار، الربابة من نسبيا األكبر احلجم ذات الكنبرة وأيضا على عودها ويكون البشام، شجر من قدحها ويصنع الضأن بجلد يجلد مستطيل، وضع ويف بيضوي شكل املدبوغ.إلى جانب بوزغيب وهو عود يشد وترا واحدا وال يستخدم إال يف العزف املنفرد، التاغمبيت “أشعل”، آلة

بذورها وحترك على مغلقة على لغشاشة من تستعمل على زد جميال، نغما بذلك فتعطي اللنب شكوة إيقاع ذلك الغيثارة العادية والكهربائية واألورغ، وهي كلها آالت

موسيقية مستحدثة.

الهوامش:1- محمد بوذينة: اآلالت املوسيقية- منشورات محمد بوذينةـ

الطبعة األولى 1999 )ص. 11(.2- اآلالت املوسيقية/ م. م. )ص. 81 و82(.

3 - محمد سعيد القشاط: صحراء العرب الكبرى- دار الرواد األولى- الطبعة للنشر املتقي ودار والتوزيع والنشر للطباعة

طرابلس/ ليبيا 1994 )ص. 240(. Gasba )حتيل تسمية لكصيبة إلى مصطلح جوسبا )أو جسبا Histoire générale ”العام املوسيقى “تاريخ كتاب الوارد يف de la musique لفيتس F. J. Fetis، وهو صادر بباريس عام القصبة اة املسم النايات من به صنف يراد واملصطلح .1869

.Qasabaالبنية مالمح تيدينيت/ موسيقى انية احلس “املوسيقى - 5

والداللة والوظيفة”- م. م. )ص. 137(.6 - اآلالت املوسيقية/ م. م. )ص. 107(.

ر 77تفك

الدينية املوسيقى يف الناي “آلة فهمي: إمام عاطف - 7العدد -72 73 / الشعبية الفنون املصرية”- مجلة اإلسالمية

أكتوبر - مارس -2007 القاهرة )ص. 89(.عليها العزف أسلوب وبتطوير الناي “آلة سرور: قدري - 8جامعة املوسيقية- التربية كلية منشورة- غير ماجستر رسالة الفنون مجلة وأيضا: )ص.136(. 1979 القاهرة حلوان/

الشعبية/ م. م. )ص. 92(.الواقع بني املوسيقية الغاب “قصبة كمال: صفوت -9واألسطورة”- بحث منشور ضمن فعاليات املهرجان الثالث للفنون العريش. 1994 العلمية- -الندوة الغاب( )فنون آالت الشعبية )ص. 3 و4(. وكذلك: مجلة الفنون الشعبية مرجع مذكور )ص.

.)9010 - اآلالت املوسيقية/ م. م. )ص. 99(.

11 - كتاب املوسيقى/ مرجع مذكور )ص. 17(.12 - أحمد بوزيد الكنساني: أحواش، الرقص والغناء اجلماعي

بسوس )عادات وتقاليد(- الطبعة األولى 1996 )ص. 118(. الفنون واإلنسان”- جريدة “املوسيقى الرشيد: يوسف - 13

الكويتية- العدد 16 أبريل 2002 )ص. 40(.14 - صحراء العرب الكبرى/ م. م. )ص. 241(.

15 - محمد محمود سامي حافظ: “تاريخ املوسيقى والغناء .)26 )ص. 1971 القاهرة، األجنلو- مكتبة العرب”- عند

وأيضا: مجلة الفنون الشعبية/ م. م. )ص. 92(.اإلنساني/ الفكر غيرت كتب الشنواني: أحمد محمد - 16اجلزء السابع- الهيأة املصرية العامة للكتاب/ القاهرة، 1996

)ص. 258(.“رقصة يف “املقدس” سمات بعض جوماني: محمد - 17 1998 مارس الرباط- /58 العدد املناهل- مجلة -“ الگدرة

)ص. 427 و428 (.الشعبية “املوسيقى اجلليل: عبد بن العزيز عبد - 18رمضان اخلامسة السنة األول- العدد الفنون: مجلة املغربية”-

-1398 غشت 1978 )ص. 56(.19 - يرجى اإلطالع على: - الثعالبي: فقه اللغة ( ص. 74، 370، 377)- جواد علي: املفضل يف تاريخ العرب قبل اإلسالم األواني حسن: محمود سليمان وأيضا: .4/670-7/567اخلشبية التقليدية عند جزيرة العرب- مدخل لدراسة الفولكلور

العربي- الطبعة األولى 1989 (ص. 51).20 - عائشة بصري: “بحث يف اآلالت املوسيقية املصرية”- 1398- رمضان اخلامسة، األول/السنة العدد الفنون- مجلة

غشت 1978 )ص. 141(.الفنية الواحة احلوارية”- “الرقصات عيدون: أحمد - 21

)جريدة الصحراء املغربية(/ السبت 06 مارس 1999. H. Noris: The shengiti, Folk literature - 22

.and song -Oxford, 1968وأيضا: عبد العزيز بن عبد اجلليل: املشترك يف مجال النغم واإليقاع بني املغرب والشعوب اإلفريقية املجاورة. منشورات معهد

الدراسات اإلفريقية بالرباط- 1995 )ص. 37(.البنية انية موسيقى تيدينيت/ مالمح 23 - “املوسيقى احلس

والداللة والوظيفة”- مقالة مذكورة )ص. 135(.24 - نفس املقالة السابقة )نفس الصفحة(.

25 - أخت البنني بنت محمد األمني بن اباه: قيد األوابد يف انية ذات الفوائد- مطبعة األطلس/ انواكشوط ب. األمثلة احلس

ت. )ص. 29(.جريدة والتيدنيت”- “املسواك مقالنا: ضمن واردة - 26

اإلحتاد االشتراكي - عدد 6744 /26 يناير 2002.27 - صحراء العرب الكبرى/ م. م. )ص. 241(.

28 - تقرير الوفد املوريتاني إلى املؤمتر السادس للموسيقى العربية ليبيا/ مارس -1979 وارد ضمن مرجع مذكور.

29 - اسماعيل ول محمد يحظيه ول احلسن: املمتع املحيط يف كالم أهل شنقيط )اجلز الثاني(- منشورات موالي احلسن ول بنواكشوط- الطبعة األولى الفكر املختار ول احلسن، تنفيذ دار

2010 )ص. 310(.

يف املعـرفـة واالختــالفبني ديلــوز وجاكـوبي:

السبب الذي دعاين ألخذ الفيلسوف والالهوتي األملاين فريدريك جاكوبي أداة مساعدة للمحاججة )مع أو ضد( الفيلسوف

الفرنسي جيل ديلوز تكمن يف ثالث نقاط متعالقة.

,,

أوال: الدور املهم ملفهوم )الفردية( يف فلسفته. ثانيا: أنه يتحرك وبشكل نقدي باجتاه ابستمولوجي معارض الذاتية. أو الهوية لفلسفات االبستمولوجي لالجتاه ميكن ال ديلوز، عند احلال هو مثلما فلسفته، ثالثا: سبينوزا، من كل فلسفة عن بعيدا تام بشكل فهمها

وهيوم، وليبينز، واملثالية األملانية.الفيلسوفني، أعمال يتعلق بحضور سبينوزا يف فيما سبينوزا: عقيدة )حول جاكوبي كتاب جهة من نذكر كتابي أخرى جهة من ونذكر مندلسون(، إلى رسائل و)سبينوزا: سبينوزا( الفلسفة: يف )التعبيرية ديلوز تعامل جاكوبي مع كل العملية(. وميكن رصد الفلسفة اإلميان يف هيوم: )ديفيد كتابه يف وليبينز هيوم من ديلوز كتاب لدينا املقابل، ويف والواقعية(. املثالية أو لدراسة خصيصا كرس الذي والذاتية( )التجريبية فلسفة هيوم، وكتابه )امللف: ليبينز والباروك( املخصص

لدراسة ليبينز.أيضا، احتلت الفلسفة املثالية األملانية موقعا متميزا متثل جلاكوبي، بالنسبة الفيلسوفني. اهتمامات يف فشته(، إلى مفتوحة )رسالة كتابه يف االهتمام هذا

القوي وجدله كانط، للفيلسوف واملؤثر الشهير ونقده من جعلت االهتمامات هذه كل شلنغ. الفيلسوف مع انصب التي الفكرية الشخصيات أهم أحد جاكوبي واملعرفة( )اإلميان الالفت كتابه يف هيجل نقد عليها بجانب كانط وفشته. ومن اجلانب اآلخر نذكر كتاب ديلوز املهم ) الفلسفة النقدية لكانط( “1” ، باالضافة إلى النقد املباشر وغير املباشر الذي وجهه ديلوز لهيجل

يف عديد من أعماله. املقاربة املحتملة التي سأجريها بني هذين الفيلسوفني ستجري وفقا لآلتي: سأمتحن العنصر االساسي الذي تقوم عليه فلسفة كل من جاكوبي وديلوز، حيث أقترح أن البناء العام لفلسفتيهما يقوم على إعطاء األولية ملفهوم مع سجالهما )الكلية( يف ضوء مفهوم على )الفردية( النطاق وملحدودية كانط. و وهيوم، سبينوزا، من كل التطرق عن أعزف سوف الورقة لهذه التحليلي للتفصيالت املعقدة حلجج هوالء الفالسفة الذين كانوا محط اهتمام جاكوبي وديلوز، وأركز نقاشي على األفكار الرئيسة املمكن اعتبارها خطوطا تقود منهما واليهما. االبستمولوجية الروح من منبثقا يكون حتليلي وسوف

كمال عبدالكرمي الشلبي

أعمق موضوع يف تاريخ االنسان هو صراع الشك واليقني.. غوته

أبحـــاث

ر 79تفك

للفلسفة احلديثة.تتجه فلسفة كل من ديلوز وجاكوبي يف اجتاه معاكس احلديثة، الفلسفة يف املهيمنة االبستمولوجية للنزعة التي جتد حتققها األكبر يف األنساق املعرفية املختلفة والتكرار( )االختالف ديلوز كتاب )التمثل(. لنظرية للتقاليد الرئيسة لألسس جذريا نقدا بوصفه انبثق بها نظرية نادت التي )التمثل( االبستمولوجية النساق املعرفة احلديثة. غير أنه ال سبيل لفهم الوجهة املعرفية بشكل والتكرار( )االختالف لكتابه املابعد-حداثوية يف فلسفته ديلوز حرر كيف أوال نفهم لم ما صحيح

االختالف من النظام املعريف للتمثل.ديلوز يطرح والتكرار( )االختالف كتابه مقدمة يف نقترح “نحن بقوله: االختالف يف اجلديدة رؤيته التفكير يف االختالف )يف ذاته( وباستقاللية عن صور

التمثل التي تختزله إلى )املساوي(، ومختلف مختلف بني والعالقة بشكل مستقل عن تلك الصور التي

جتعله مير عبر )النفي(” “2” .تشكل جلاكوبي، بالنسبة للتمثل االبستمولوجية اإلشكالية الرئيس الفكري الهم أيضا يف واضحا ذلك يبدو لفلسفته.

ضوء األزمتني الرئيستني اللتني عصفتا باجلو الفكري ووحدة )الشكية بهما ونقصد التنوير، لعصر العام الوجود(. يف احلقيقة، هاتان األزمتان هما اللتان قادتا قامت الذي االبستمولوجي األساس النتقاد جاكوبي هذا عقالنية. فلسفة أي أو )الذاتية( فلسفات عليه األساس هو )صور التمثل( التي جتد بداياتها احلديثة عند ونهاياتها الديكارتية، العقالنية الفلسفة عند

الفلسفة املثالية االملانية.هذه هي إذن أنواع الفلسفات التي انتقدها جاكوبي لكونها ال تفسح يف فضاءاتها الفلسفية املتسمة بالنسقية املغلقة التي يفرضها العقل أي مجال للحرية الفردية. يرنو الفلسفات لهذه االبستمولوجي األساس وضد يتجاوز )الفردية( ملفهوم فلسفية رؤية لتقدمي جاكوبي )الفرضيات املعرفية للتمثل( بشكل يحفظ عدم ذوبان

اآلخر يف الذات.عزم من إذن تبدأ وديلوز جاكوبي من لكل مقاربتي التي االبستمولوجية التمثل بأنظمة اإلطاحة كليهما احلديثة. الفلسفية األوساط يف مهيمنة ميزة صارت تثير جاكوبي فلسفة بعدسات لديلوز قراءتنا لكن السؤال التالي: هل بإمكان فلسفة االختالف عند ديلوز أن تتجاوز )الشكية ووحدة الوجود( اللتني اتهم جاكوبي

بهما كال من السبينوزية والعقالنية واملثالية االملانية؟)وحدة مصطلح من نزيل أن اوال الواجب من لعل بعده عليه يضفيه الذي املفهومي اللبس الوجود( من فقط أتناوله سوف التحليل وملوضوعية الديني. ناحية بعده االبستمولوجي الذي ال يعني شيئا جلاكوبي حتت خاضغا يصير احلر نشاطه يف الفرد أن عدا يهدف باجتاه تشتغل لوحدة ميكانيكية صارمة قوانني

لتذويبه يف وحدة أعلى.للتكرار الديلوزية للرؤية وفقا التي املعضلة على واملؤسسة كون يف املتعينة ديلوز، يقترحها التكرار تكرار غير القابل للتكرار، ديلوز نظر يف التكرار يصير واستثنائيا، “متجاوزا بطبيعته التي الفردية إلى يفضي دائما ” 3“ لقوانني.” تخضع جزئيات مجرد كونها تعارض للتكرار ديلوز يطرحها التي اجلديدة الرؤية هذه لكن تؤسس التي العلماوية النزعات مع تعارض يف تقف القابل تكرار هو التكرار أن على العلمية فرضياتها ممكنة تكون أن إذن التجريبية للعلوم كيف للتكرار. لنظرية للتكرار؟ كيف ميكن الديلوزية الرؤية يف ضوء )الوجود املوحد( التي دافع عنها ديلوز بوصفها )توزيع املختلفة اجلزئيات بني فوضوية( و)تراتبية ارحتالي( القائمة و)املسبب( )السبب( بني العالقة تشرح أن على مفهوم )الضرورة( و)الكلية(؟ هذه العالقة املعتبرة أساسية للنجاح احلاصل يف العلوم التجريبية. وال شك للتكرار ديلوز يقترحها التي العشوائية السمة أن يف والظهور والتخفي والترحال االنتشار على والقائمة تتعارض مع الرؤية العلمية الدقيقة لألبحاث التجريبية

مل يقدم ديلوز أي نوع من النقد الصريح والواضح

البستمولوجياسبينوزا كما فعل جاكوبي..

ر تفك 80

يف العلوم املختلفة. هذا يجعلنا نبصر الشكية واضحة من يصير للتكرار ديلوز رؤية ضوء ففي ديلوز. عند الصائب أن نشك بالنتائج العلمية وبادعاءات احلقيقة العالقات بني اجلزئيات أن شبكة التي تصحبها طاملا اعتبار إذن ميكن هل لالانتظام. وفقا تسير املختلفة الوجهة الديلوزية للتكرار نوعا حديثا من الشك موجه يف القائمة احلقيقة تلك العلمية؟ احلقيقة الدعاءات نظر ديلوز على )التكرار االستاتيكي الوهمي( يف مقابل )التكرار الديناميكي احلقيقي(. ففي حني أن الناجت من التكرار االستاتيكي هو نسخة طبق األصل للمبدأ الذي صورة الديناميكي التكرار يف الناجت يكون عنه، تكرر معلنة منه، وتفر تراوغه وتخونه، األصل من تتنطع

انفراديتها غير القابلة لالختزال يف كلية أعلى.هل ميكن تبرئة ديلوز من تهمة )الشكية( عن طريق املستوى إلى الفيزيائي املستوى من فلسفته نقل امليتافيزيائي؟ لكننا إن قمنا بذلك سوف نرى من أعني جاكوبية أن تهمة أخرى تالحق ديلوز، ونعني بها تهمة

اإلغواء واالرمتاء يف شرك )وحدة الوجود(.يف احلاصل الشهير للجدل يقودنا اآلن الطريق حول باألساس متحور الذي عشر الثامن القرن الصرعة الفكرية املستشرية آنذاك حول نظرية )وحدة نسج خيوطها اشترك يف التي النظرية الوجود(. هذه سلسلة طويلة من الفالسفة املتعاقبني على مر العصور. جاكوبي هو من أعاد أيقاد شعلة هذه احلماسة الفكرية حول )وحدة الوجود( يف رسائلة مع صديقه مندلسون. وقد اجتذب هذا احلوار فيما بعد كبار مفكري العصر يف بالرومانسية عرف فيما وتأطر وفنانيه وشعرائه الفكر الغربي احلديث “4”. ما يهمنا يف هذه اجلدل الوثيق بفلسفة سبينوزا. وطاملا أن فلسفة هو ارتباطه سبينوزا محورية يف هذا اجلدل فإنه من املهم أن نلقي

نظرة سريعة على فهم جاكوبي لها. على تقوم سبينوزا فلسفة جاكوبي، نظر وجهة من مبدأ اجلوهر الواحد املطلق، اجلوهر الذي تذوب فيه بقوانني صارمة. فيزيائية ميكانيكية يف الفرديات كل امليكانيكا والفيزياء والرياضيات يتحول إله سبينوزا إلى

معادلة كونية ميكن شرحها والتعامل معها.

سبينوزا وفلسفة جاكوبي فلسفة بني العالقة لكن على بينهما كبيرا اختالفا هناك إن إذ جدا. معقدة املستوى األنطولوجي بينما هناك نوع من ما ميكن اعتباره )حميمية عدوانية( بينهما على املستوى االبستمولوجي. وأقول حميمية عدوانية ألنه يف الوقت الذي يتفق فيه االبستمولوجي الدور أهمية مع سبينوزا على جاكوبي للنوع الثالث واألخير للمعرفة )احلدس(، يخالف وبشدة املعرفة( من الثاني )النوع للمعرفة العقالني النهج الذي يعتمده اسبينوزا واملتأسس على حتمية ميكانيكية صارمة ال تفتح أي مجال للحرية الفردية. وهي إذ تغلق املنافذ املحتملة للوجود تسد ذاتها عن اآلخر وتنعزل. على والقائم للوجود السبينوزي التصور هذا عكس تعتمد للوجود فلسفية رؤية جاكوبي يقدم االنغالقية، االنفتاح والتكرار املولد للجديد املغاير لالصل. وبالتالي يكسر جاكوبي الدرع احلديدي امليكانيكي الذي تصور

به سبينوزا الوجود.من اجلانب االبستمولوجي، يتفق جاكوبي وسبينوزا، االبستمولوجي البعد على مختلف، منطلق من كل )واسطة(؛ بأي املرور بدون مباشرة واملتحقق للحدس أي االنطالق من املقدمة إلى النتيجة مباشرة. يف هذا من أكثر ألنه سبينوزا أحب “ جاكوبي: يقول الصدد ثمة بأن التامة القناعة إلى قادني آخر فيلسوف أي أال يجب املرء أن إال شرح، أي تقبل ال معينة أشياء يقطع نظره عنها وأن يأخذها كما وجدها. “5” هنا تتجلى احلميمية بني جاكوبي وسبينوزا. لكن العدوانية الثقة وبشدة ينتقد جاكوبي أن نكتشف حني تظهر والقائمة على )العقل( يبديها سبينوزا يف التي العالية نزعة عقالنية صارمة تصبو إلى حتليل كل شئ وتدعي امتالك احلقيقة. يف هذه النقطة األخيرة جند التقارب بني جاكوبي وديلوز. ذلك أن ديلوز ينفي من منظور ما

بعد حداثوي إمكانية وجود حقيقة أصلية واحدة.وديلوز جاكوبي بني املقارية أن إلى ننتبه أن علينا عكس ديلوز، أن ذلك لسبينوزا. ديلوز بنقد تتعلق ال جاكوبي، لم يقدم أي نوع من النقد الصريح والواضح ديلوز إن بل كما فعل جاكوبي. البستمولوجيا سبينوزا االبستمولوجيا كتاباته عن أنحاء عديدة من يدافع يف

ر 81تفك

السبينوزية وينطلق من خاللها حامال معه لونه اخلاص ديلوز كان يف ذات أن ننسى لكننا ال املابعد-حداثوي. إدراكية من العقل وكل ملكة الوقت ينزع دائما إلخالء

أي صورة للحتمية امليكانيكية الصارمة.على اجلانب االنطولوجي، يذيب سبينوزا كل االفراد يف جوهر واحد ال متناهي. يف املقابل، يخصص جاكوبي فخ يف السقوط من الفرد فردانية حلفظ فلسفته التعميم ومن الذوبان يف أي نوع من التماثل املطلق. يف يصف فشته، األملاني الفيلسوف إلى املفتوحة رسالته املوحد، “جوهره بقوله السبينوزي اجلوهر جاكوبي املفكرة واملاهية املمتدة املاهية من كال يتضمن الذي املطلقة الهوية كونه يعدو لالنفصال، ال القابلتني غير

غير املرئية لوحدة الذات واملوضوع.” “6”.األوساط يف الصيت الذائع )العدمية( مصطلح

جاكوبي كان احلديثة، الفكرية التي العدمية نحته. من أول هو فلسفة يف جاكوبي اكتشفها صارت التي احلديثة امليكانيكا الغربي الفكري املناخ يف مهيمنة منذ القرن اخلامس عشر اكتشفها أيضا يف املثالية األملانية كما متتلث الترنستندالية الفلسفة يف أساسا مع تتوافق أنها ذلك كانط. عند إلى تهدف كونها يف السبينوزية

تذويب اآلخر وسط متثالت ذاتية لألنا املتعالية. لكن جاكوبي عند تتحول املتعالية الترنستندالية املثالية السبينوزية العقالنية اخليالية الصورة “ لتصير

مقلوبة.” “7” الترنستندالية، واملثالية السبينوزية، من كل عكس لــ أعلى قيمة جاكوبي يعطي التنورية، والعقالنية )اآلخر( عن طريق منح األولوية للحرية الفردية على أوروبا فالسفة بها يقول التي امليكانيكية احلتمية وصلت التي احلتمية هذه ديكارت؛ من بدءا احلديثة املطلق، الواحد اجلوهر فيلسوف سبينوزا، مع ذروتها أي فيه وتنفى األزلية ضرورته وحده حتكمه الذي

مفهوم آخر للحرية.

فهم احلرية مسألة يف جاكوبي أن كيف أبني لكي سبينوزا فهما جيدأ، سأسوق نصا جلاكوبي يتخيل فيه

سبينوزا يقول ما يلي:-املاهية األعمق لالنسان، مبعنى “حرية اإلنسان هي كونها درجة قوة اإلنسان الفعلية التي معها يكون ما هو. لقوانني وجوده، فهو فاإلنسان بقدر ما هو يفعل وفقا يفعل بحرية كاملة. ولهذا فإن اهلل الذي يفعل حصريا وفق أساس ما هو، وفقط من خالل ذاته، ميلك حرية

مطلقة. هذا هو رأيي احلقيقي حول املسألة” “8”. هنا نلحط أن جاكوبي سبق ديلوز يف ادراك أن سبينوزا ضمن النوعي )االختالف بــ اإلنسان ماهية يحدد ال درجة بــ” جاكوبي يقول كما وإمنا الواحد(، اجلنس قوة اإلنسان الفعلية”. فاملاهية اإلنسانية التي اكتشفها عقل يف تكمن أال يجب سبينوزا فلسفة يف جاكوبي رياضية منطقية بقوانني محكم صارمة، بل يف درجة قوة اإلنسان القوانني على تسمو التي الفعلية هذا وللنظام. للعقل اجلبرية التصور للماهية عند جاكوبي كما لسبينوزا قراءته من خالل تشكل يرى الذي ديلوز تصور من قريب أن املاهية تتشكل حد تعبيره وفقا هي والتي الفردية “لالختالفات

درجات من القوة.” “9”. سبينوزا؛ ابستمولوجيا مع ديلوز يتعاطف حني ويف النطام فالسفة قائمة ضمن إياه إدراجه عدم بدليل ال كتابه؛ مقدمة ساقهم يف الذين )التمثل( لــ املعريف يجد جاكوبي مشكلة يف تعرية البعد التمثيلي يف النوع فهو العقل. يف واملتمثل سبينوزا عند للمعرفة الثاني يعرض هذا البعد التمثيلي البستمولوجيا سبينوزا بقوله:وحتتاج الواسطة املفاهيم من تنهض “التمثالت كانت هناك متثالث كلما أنه مواضيع واسطة. مبعنى صورية فال بد أن تكون هناك عدة أشياء فردية تشير يوجد حتما شئ داخلي لكل شئ لألخرى. واحدة كل

خارجي” “10”. يف العقل عمل آللية التمثلية السمة فإن وهكذا

املاهية اإلنسانية التي اكتشفها جاكوبي يف فلسفة سبينوزا يجب أن ال تكمن يف

عقل حمكم بقوانني منطقية صارمة..

ر تفك 82

يف سبينوزا تضع )العقل( املعرفة من الثاني النوع جاكوبي. نقد استهدفهم الذين التمثل فالسفة جانب فهو يرفض هذا البعد االبستمولوجي التمثلي، ويفضل ابستمولوجية سبينوزا؛ بدال عنه اجلانب احلدسي يف حيث ال مكان للمفاهيم الواسطة، بل ثمة فقط مفاهيم مباشرة. مباشرية الفهم هو السمة األساسية للحدس؛ اذ ال مكان ملن يتوسط بني العارف واملعروف، بني املدرك واملدرك، بني العالم واملعلوم، بني املشرق واملشرق عليه. االستداللية األداة أنها يف تكمن الواسطة وظيفة ولكل وللربط وللنفي وللشرح لإلثبات العقالنية اآلليات املنطقية العقلية املؤسسة على مفاهيم واضحة ومتمايزة حسب ما أسست لها الديكارتية. بهذه اآللية كل شرح على قادرا العقل أن يعتقد سبينوزا العقلية

هذا يرفض جاكوبي لكن شئ. االستجداء املبالغ فيه لقدرة العقل

الالمتناهية ويقول:أراد اذا عقل أعظم “حتى بإطالق، األشياء كل يشرح أن بعضها مع متناغمة يجعلها أن متمايزة، ملفاهيم وفقا البعض؛ البد أن يقع يف الالمعقول.” “11”السبينوزي املنهج فشل يكمن

يف املعرفة، إذن، يف محاولته البائسة الخضاع كل شئ ملفاهيم متمايزة. يؤكد جاكوبي هذه النقطة بالقول:

نبحث يجعلنا األشياء كل شرح يف الرغبة “هاجس بأناة وصبر عن ما هو مشترك بني األشياء وبشكل ال ونحن العملية. يف احلاصل التنوع إلى نلتفت يجعلنا دائما نريد أن نوصل االشياء بعضها ببعض، يف حني أنه

سيكون من االفضل أن نفصل بينها.” “12”.التمثل فلسفات التشخيص اجلاكوبي إلشكالية هذا يشابه إلى حد ما التشخيص الديلوزي. رفض جاكوبي بالرفض يذكرنا األشياء( بني مشترك هو )ما لفكرة فكرة يرد أيضا جاكوبي )املساوي(. لفكرة الديلوزي فكرة على واملتأسسة األشياء( بني والتعليق )االتصال بدال ويفضل احلديثة، الفلسفة يف الذاتية الهوية عنها فكرة )الفصل( التي تتناسب مع فكرة )التنوع يف

العملية(. كل هذه األفكار التي أشار اليها جاكوبي ميكن أن جندها يف فلسفة )الكثرة( عند ديلوز.

لفلسفة املوجه االبستمولوجي النقد هذا على بناء لفلسفة االنظولوجية للنتائج جاكوبي يلتفت سبينوزا، سبينوزا من أجل أن يشير إلى العيوب االبستمولوجية الغائب بالدور العيوب متعلق أول هذه املتضمنة فيها. الصدد هذا ويف سبينوزا. نظام يف )الفردية( ملفهوم

يقول جاكوبي:ما كل يف للفاعلية املحض املبدأ هو سبينوزا “إله املطلق هذا موجود. هو ما كل يف للوجود فعلي، هو اهلل وحدة فردي. ال احليثيات بكل هو الالمتناهي عند سبينوزا تقوم على هوية غير قابلة للتمييز؛ ولهذا

السبب يقصي يف ذاته كل اشكال الكثرة.” “13”بالنسق متعلقة الثانية النقطة املفتوح النسق من بدال املغلق جاكوبي الواحد. اجلوهر لفلسفة مع سبينوزا التخيلية يف محاورته حول رسائله يف دونها والتي

سبينوزا يكتب:سبينوزا. عزيزي رسلك “على يف ثانية نفسك تخسر أنت الطريق خيالك. ما جعلك تخطئ واضح بشكل هما شيئني بني التمييز يف فشلك هو متمايزان، بل حتى إنهما متعارضان: الكفاءة واخلمود. هذا النشاط، هذه الطاقة، هذه القوة البدائية املوجودة يف الوجود هي ملكة أن يكون الفرد قادرا على الفعل يف األشياء التي تسكن عامله. هذه الفاعلية موجهه يف كل االجتاهات املمكنة، وهنا بالذات تكمن حريتها. إنها قوة

غير محددة التي تؤسس ملوقف اإلرادة.” “14”.تكمن التي جاكوبي فلسفة روح النص هذا يعكس انفتاح على يقوم الفلسفة من نوع تأسيس أساسا يف السبينوزية املمكنة. االجتاهات كل يف الوجود فاعلية عند جاكوبي ال تعدو كونها نوعا من صورة حديثة للنسق كل املوجهه يف الفاعلية يقبل ال الذي املغلق الفلسفي

االجتاهات. يف احلوار التخيلي السابق نستمع إلى سبينوزا وهو

يكمن فشل املنهج السبينوزي يف املعرفة .. يف حماولته البائسة

الخضاع كل شئ ملفاهيم متمايزة..

ر 83تفك

يرد بلسان جاكوبي على جاكوبي:جوابي: اآلن فلتسمع كما حتب. تتكلم تركتك “لقد ليس لدي تفهم لقوة بدائية عدا القوة التي بها شئ ما الفعل قادرة على تكون أو قدرة مللكة أو ما هو، يكون يف ما هو مستبطن يف عالم موجود مفطور على هذه القدرة. ال أتفهم فاعلية يف كل االجتاهات املمكنة، أو قوة ال محدودة متارس قوتها وطاقتها يف كل االجتاهات، مثل زنبقة تنفث رائحتها يف األرجاء. يف اعتقادي هذا الكالم ال يقدم سوى خياالت بدال من مفاهيم، وهي ال

تقول أي شئ معقول.” “15”.كما جاكوبي لفلسفة املنفتح العام األفق يتناسب عكسها نقده النغالقية اجلوهر الواحد عند سبينوزا مع املغلقة(. التمثل )أنظمة ديلوز حتقيقه ضد يحاول ما ألم يقل ديلوز إن “االنفتاح هو السمة املاهوية للوجود

املوحد.” “16”؟ حقيقة يف إذن وديلوز جاكوبي بني املشابهة تكمن األسس نقد من انطالقا فلسفته بنى كليهما أن االبستمولوجية لفلسفات التمثل السابقة. املقاربة تصير االبستمولوجي النهج أن نكتشف عندما إمتاعا أكثر البديل لكال الفيلسوفني متشابه إلى حد ما، فكالهما هيوم؛ عند ملجأ يجدا أن أجل من كانط على قفز وكالهما رفض ثنائية )الفينومينا أو الظاهرة: النومينا الفلسفة نسيج يف بقوة املتأصلة ذاته( يف الشئ أو فكرة رفض يف يتفقان أنهما كما لكانط. النقدية )املقوالت الصورية القبلية( التى نادى بها كانط. ففي

رأي جاكوبي: األساسية املفاهيم هذه جنعل ألن النحتاج نحن “تصير وبالتالي للفهم؛ مسبقة أحكام مجرد واألحكام نطره وجهة ويقدم .”17“ التجربة.” عن مستقلة

البديلة بالقول:“ اذا كان باالمكان اشتقاق هذه املقوالت القبلية من

املاهية ومن تضافر االشياء الفردية بعام، إذن، ستكتسب املشروطة. غير الكلية من أعلى درجة املقوالت هذه مسبقة احكام أنها على الكانطي وبوصفها املقوالت لإلنسان، فقط شرعية ستكون اإلنسانية للفاهمة وبالتحديد للحساسية املناسبة لإلنسانية، وهكذا فإنها يف اعتقادي ستكون شرعية فقط حتت شروط حترمها

يف النهاية من كل قيمة.” “18”.احلل يف لسبينوزا جاكوبي قراءة أهمية تنعكس اجلاكوبي البديل للمشكلة الكانطية اخلاصة باملفاهيم العقل )نقد كتاب حجج عليها تأسست التي املحضة ديلوز قراءة مع تتقاطع قراءة وهي لكانط. املحض( لسبينوزا. هذا التقاطع ميكن رصده يف اهتمام جاكوبي شك ال وهو )األخالق(، األهم سبينوزا بكتاب الكبير معبرا يقول جاكوبي به. ديلوز باهتمام يذكرنا اهتمام

عن تقديره لهذا الكتاب:زودتني التي هي لسبينوزا )األخالق( كانت لقد “بهذا االستنتاج، أو باألحرى بهذه اجلينات األولية لهذه استنتاجات ضد باعتراض أضعها اآلن وأنا االفكار. كانط للمقوالت، التي تشتق نفس املفاهيم واألحكام من ببساطة الفهم هذا مفبرك. لكنه محض فهم صوري فقط املتأسس الفكر ميكانزم الطبيعة على يضفي املكان صورتي) يف املحصورة اإلنسانية الفاهمة على والزمان(. لكن كانط يف احلقيقة يلعب لعبة مفاهيمية انها بل االعتيادي، الرجل فاهمة حال بأي ترضي ال هيوم(.” عند احلال هو )مثلما سخافة. إلى ستحيله

.”19“للفلسفة االبستمولوجية للمشكلة جاكوبي تشخيص الكانطية ال يبعد كثيرا عن تشخيص ديلوز له؛ خاصة عندما نعرف أن جاكوبي، كما يشير إلى ذلك جيوفاني، “أيضا التفت إلى ليبينز ليدعم ادعاءه التالي القائل إن العقل فاعلية متعايشة مع احلياة؛ ولذلك فإن درجة أعلى

تشخيص جاكوبي للمشكلة االبستمولوجية للفلسفة الكانطية اليبعد كثريا عن تشخيص ديلوز له..

ر تفك 84

من العقالنية، التي تساوى درجة أعلى من احلساسية، تساوى أيضا درجة أعلى من احلياة.” “20” ديلوز هو للمقوالت الصورية للطبيعة شديدا نقدا وجه اآلخر الكانطي اإلقحام لديلوز، بالنسبة كانط. عند القبلية للزمن كصورة قبلية للذات سوف تتضمن يف الذات نوعا وال االيجابية. الفاعلية من بدال السلبية املفعولية من شك يف أن هناك فرقا كبيرا بني أن تكون الذات فاعلة وأن تكون مفعوال فيها. كانط هو أول من أسس للقول تتأسس أن البد الذات حرية أن يرى الذي الفلسفي على الذات الفاعلة. لكن قراءة ديلوز تبني أن الذات عند كانط تصير )مفعوال بها بالسلب( بدال أن تكون )فاعلة

باإليجاب(. يقول ديلوز موضحا ذلك: ضمن فقط يحدد أن ميكن املحدد غير وجودي “لذات ما، لظاهرة وجود بوصفه يحدد )الزمن(. ضمن تتمظهر فيها ومفعوال انتكاسية ظاهراتية

)الزمن(” “21”. شيئا بوصفها األنا فاعلية للذات، املركبة الفاعلية ما يف هذا الزمن، التي كافح كانط ليجعل منها مفتاح أنها على ديلوز نظر يف اآلن تستبان لفلسفته، رئيس فاعلية من بدال السلبية الذات انتكاسية على قائمة

الذات االيجابية. فيما يتعلق بهيوم، يتفق جاكوبي وديلوز على العنصر مفهوم يف واملتضمن ابستمولوجيته يف األساسي )اإلميان(. كتاب جاكوبي عن هيوم هو محاولة إلثبات أنه يف )رسائله حول سبينوزا( كان فقط يقصد باإلميان هو مثلما املشاعر؛ يصاحب الذي املباشر “الدليل احلال عند فهم هيوم لإلدراك” “22”. هذه هي السمة املعرفية التي يضفيها جاكوبي على مفهوم اإلميان كونها حلظة واجبة ضمن عملية اإلدراك عند اإلنسان. إنها املوائمة بني حقائق االميان وحقائق اإلدراك اإلنساني، العصور فالسفة فتئ ما والتي والفلسفة، الدين بني لها. يدعون االكويني وتوما رشد ابن أمثال الوسطي مفكر أيضا فإنه دين رجل جاكوبي كان وإن وهكذا وفيلسوف. بهذا الفهم لإلميان على أنه اعتقاد يصاحب األحاسيس فإن جاكوبي يستطيع الرد على أولئك الذين اعتبروه، كما يقول جاكوبي، “ عدو للعقل، منظر لإلميان

والفلسفة، العلوم على يشنعون الذين أحد االعمى، متأله وقديس” “23”.

تقدير ديلوز، يف املقابل، ملفهوم )اإلميان( كما جاء عند هيوم، واضح وصريح. يكفي أن ديلوز يعتبر “ أن اعظم قد لديه اإلميان مفهوم أن يف تكمن هيوم إسهامات ارتفع إلى مستوى )املعرفة(. لقد صارت )املعرفة عند

هيوم )اميان مشروع(” “24”. ديلوز قارئ غير اعتيادي للفلسفة، ينتمي، كما يقول، “جليل من الفالسفة، أحد آخر األجيال التي غطست املوت.” حتى الفلسفة تاريخ يف أقل أو أكثر بشكل معهم تعامل الذين للفالسفة باستحضارنا ”25“وجها أنفسنا جند وكانط، هيوم، سبينوزا، جاكوبي: يف ديلوز معهم تعامل الذين الفالسفة أهم مع لوجه ديلوز لسوء احلظ، والتكرار(. )االختالف األهم كتابه لم يشر ولو بكلمة جلاكوبي. مساهمة جاكوبي يف هذه يف غائبة بالكامل كانت باالنطولوجيا املختص احلقل

قراءة ديلوز لتاريخ الفلسفة.

ر 85تفك

الهوامش:1- توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب قام بها أسامة احلاج عن منشورات املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت

لبنان، 1997 . Deleuze، Gilles. Difference and Repetition. -2trans. Paul Patton. New York: Columbia Uni-

versity Press. 1994، p. .xv3-Deleuze، Difference & Repetition. p. 5

4- بخصوص أهمية هذا اجلدل يكتب فردريك بايسير: »على )انفجار( غوته كتب العصر ذلك يف احلاصل اجلدل هذا أثر تسعينيات مفكري معظم أن كما األزرق(. خارج )رعد وهيجل لهذا فعل كرد فالسفاتهم صوروا العظماء عشر الثامن القرن كلهم رينهولد، كانط، رهيرغ، هامان، ووايزمان، اجلدل. هيردر، الدفترية واملالحضات اجلدل. هذا يف إسهاماتهم لهم كانت و نافليس، أمثال شليغل، هيغل، الشباب الفالسفة التي سجلها

هولدرلن، تشي بانخراطهم املكثف يف هذا اجلدل«. Beiser، Frederick. The Enlightenment andidealism، The Cambridge Companion to Ger-man Idealism. Cambridge.UK: Cambridge Uni-

.versity Press، 2000، p.265-Jacobi، Friedrich Heinrich. The Main Phil-

osophical Writings and the Novel Allwill. trans. George di Giovanni. Montreal: McGill-Queen’s

University Press، 1994، p. 193 6-Jacobi، Friedrich Heinrich. Open Letter toFichte، Philosophy of German idealism: Fich-

te، Jacobi and Schelling. ed. Ernst Behler، NewYork : Continuum.، 2003، p. 123

7-Jacobi، The Main Philosophical Writings،p. 123

8-Ibid.، p. 212 9-Deleuze، Difference &Repetition، p. 303 10-Jacobi، The Main Philosophical Writings،

p. 22311-Ibid.، p.194

12-Ibid.، pp.194-195113-Ibid.، p. 199

14-Ibid.، p. 207 15-Jacobi، The Main Philosophical Writings

، p. 208Deleuze، Difference & Repetition، p. 304 16- Jacobi، The Main Philosophical Writings. 17-

p.296Ibid.، pp. 296-297 18-

Ibid.، p. 297 19-20-Ibid.، p. 96

21-Deleuze، Difference & Repetition، p. 86 22-Jacobi، The Main Philosophical Writings.

p 9023-Ibid.، p.538

24-Deleuze، Gilles. Empiricism and Subjec- tivity. New York: Columbia university press .

1991 p.ix 25-Deleuze، Gilles. Negotiations، trans. Martin Joughin. New York: Columbia Univer-

sity Press، 1995، p. 5

بني ضجيج السائد من األفكار وصخب جوقة األغنيات، تبدو املوسيقى اآللية مفردة نخبوية ال تستسيغها الذائقة الفنية للفكر العربي اجلمعي، رمبا بسبب ارتباط العاطفة العربية بالنص املكتوب والشعر، وعدم اهتمام املوسيقيني بعض كانت وإن اآللي، املوسيقي بالتأليف العرب محاوالت عمد املوسيقى العربية قد حققت جناحا مهما من املفترض أنه قد أفسح املجال ألسالفهم التخاذ خطوة

أوسع يف تكوين ذائقة فنية موسيقية جديدة. يف املباشرة إلى دائما مييل العام الذوق فإن كذلك الطرح بعيدا عن التعقيد، فاملوسيقى متثل انعكاس الفكر املركب الذي يخلق بالضرورة عاطفة متطورة ترى األشياء ما وهذا تأويالت مسبقة، أي عن بعيدا مختلف بشكل يستبني يف السيمفونية اخلامسة للعظيم بيتهوفن، عندما استطاع أن يلملم أجزاء احلكاية ليثير انفعاالت مدهشة مكتملة العناصر. تتراقص داخل النفس، وليرسم صورا لقد قولب بيتهوفن املوسيقى يف إطار فلسفي مثير يفقد املرء شعوره بالتوازن، كأنه يقرأ رواية جلوته أو يستمتع

بقصيدة جلون كيتس.حاجة اإلنسان امللحة لتذوق اجلمال الكامن خلف ماهية األشياء، التي حتتاج لتدريب على اخليال وآليات التفكير املستمع من جتعل موسيقية قطعة تختزلها قد احلر، فيلسوفا يطرح األسئلة املجردة ويناقض تصوراته بصور

ترتسم كدهشة أولى يف خياالته. وبذلك تكون املوسيقى وتعلم تذوقها مرحلة تأسيسية خللق فكر يزعزع املألوف، وعي خلق يف تسهم شريحة املجتمع لدى تتوفر بحيث بكل اإلنسانية التجربة يواكبون اجلميع يجعل حقيقي تفاصيلها، فلطاملا كانت املوسيقى مرآة صادقة ملدى تطور الشعوب على املستوى اإلنساني. إن املوسيقى لغة تذوب أرضها على وتختفي املفاهيم حواجز كل أدبياتها يف للعاطفة تصوير هي ما بقدر املواضيع، بني احلدود وغاية للمفاهيم إبداع إنها املعقدة. بأشكالها االنسانية ليكون صمتنا تختار لغة وهي للشغف، وكمال للمعنى

جسر عبور إلى أرواحنا.صناعة على تساعد علمية مادة ليست املوسيقى اإلنسان بل هي حسب فيثاغورس أهم عنصر يف الطبيعة الذي الكون مبنظومة يرتبط فهي ضابط تكوينها، ويف قلب إيقاع يتوقف أن وما منتظمة، بإيقاعات يسير الكائن احلي حتى تتوقف موسيقاه الداخلية عن جتديد لإليقاع يخضع شيء كل أن يعني ما الروح، سيمفونية والفن إيقاع الشعر إن املوسيقى. ملعنى الرئيس املكون إيقاع والفكرة تخضع لإليقاع الذي قد يعلو بها لتستحيل نظرية تتقولب بأشكال عدة ومفاهيم تطرق احلقيقة من

أبواب مختلفة.

,,

املوسيقى بني التجريد وعمق الفلسفة..

خليل احلاسي

مقاالت

ر 87تفك

متثالت الصحــراء يف أفـــالم الناصــر اخلميــر..

-I-رسام، وهو الكتب، عشرات اخلمير الناصر ألف ومصمم، وخطاط، وحكاء، وممثل. كتب وأخرج عدة أفالم “1” روائية “2” ووثائقية “3” طويلة. مؤلف متكامل أو فنان شمولي. جتد يف أفالمه الكثير من الهموم الفردية واالنشغاالت اجلمعية التي تنطلق من عالقته بأمه وأبيه

فقد إذ بورقيبة؛ احلبيب للرئيس صديقا كان الذي هذا األب املناضل أراضيه من أجل استقالل تونس ولم أعماله تنشغل تكاد ذلك. بعد استرجاعها من يتمكن يف مجملها بأسئلة التراث اإلسالمي والعربي من خالل طرح إشكاليات األصالة واملعاصرة، وجتديد البحث يف الذهنية التركيبة لفهم كمدخل الصوفية الروحانيات

للمجتمع العربي اإلسالمي.تتميز أعماله السينمائية بنفسها احلكائي الذي يرتبط وليلة ليلة أللف احلكائية بالعوالم املرجعية حيث من وباملخيال اجلماعي الشرقي املنبثق منها، وكذا بتوظيف والعمارة كاخلط اإلسالمي الفن عناصر مختلف االفتتان عن فضال الصويف. والرقص واملوسيقى

بالصحراء كفضاء ومتخيل.الناصر لسينما واجلمالي الفكري األفق ما ترى البصري ن املكو ثالثيته يف يتداخل كيف اخلمير؟ الصويف، التراث إلى العودة ستساعد هل باملكتوب؟ اليوم، على حل املشاكل الوجودية وامليتافيزيقية لإلنسان املسلم؟ أال يشكل التصوف نوعا من الهروب إلى الذات )إلى اخللف( أمام هيمنة املادة؟ كيف ميكن للمرجعيات الصوفية إخراج اإلنسان من القلق الوجودي الذي ينتابه؟

-II-اخلمير ناصر ثالثية يف السينمائي البناء يعتمد واستثمار الكوني، احلكي مالمح بعض على الفيلمية األسس ذات ”Les contes de fées“ حكايات اجلن

,,حممد اشويكة

وظيفة الفن هي كشف العالقة بني اإلنسان وبيئته..ديفيد هربرت لورانس

مقاالت

ر تفك 88

فحكاياته املتحولة. والرمزية واالستعارية البالغية القشرة يزيل متتبعها يكاد فما البصل، بتقشير شبيهة على احلصول دون النهاية إلى يصل حتى األخرى تلو نواة، فيظل مشتاقا حائرا. أفالمه مقتصدة يف احلوار شخصياته اللغة. كوليستيرول من عليها يخاف وكأنه تائهة تبحث عن احلب واملحبة. قد تعاني من العمى لكنها غير فاقدة للبصيرة ألن قبسات النور الداخلي تشع من حولها فتضيء لها عتمات السبل. زمن أفالمه ضارب يف النكوص إلى الوراء دون التفريط يف استشراف املستقبل.

-أ- من الهيم إلى الهيام: [1986] “الهائمون” فيلم يف األم احلكاية تنبني فيها يحلم التي ليلته شاب فلكل “اللعنة”، مقولة على ا يتحقق له ذلك يلتحق بالباحثني عن احلصان بالبراق، وملاألسطوري وسط الصحراء. حينها تلجأ أسرته إلى تعليق

صورة البراق بإحدى أركان البيت إلى أن يعود. يسأل املعلم الشيخ هؤالء هوية عن - الفيلم يف -يا الهائمون الرجال الرجال: من حاج؟ يجيب احلاج قائال: أوالدنا العمر يا ولدي. أوالدنا يف زهرة

يرحلون الواحد بعد اآلخر”.تتلخص فلسفة الشريط يف ذلك احلوار املتبوع بحكمة ينطقها الشيخ الذي يرمز حضوره لتلك املركزية اخلاصة التي يكتسيها الشيخ يف اخلطاب الصويف )من ال شيخ فقد بصره لكن روحه له فالشيطان وليه(؛ فالرجل قد ظلت متقدة ال تعوزها احلكمة والرصانة. بالرغم من أنه أنه إال “اللعنة” كتاب قراءة إمتام عيا( )مد يستطع لم يوكل أمر فك رموزه للمعلم، وهذا ما يعني استمرار ثقافة التنشئة التدريجية للمريد من خالل دفعه إلى االقتراب، رويدا رويدا، من عالم األلغاز كبداية لالنخراط الكلي يف اللعبة والتماهي معها قصد الوصول إلى مرتبة املشيخة

التي ال ينطق خاللها الشيخ عن الهوى حيث يقول:- “لن يروا إال الرمال. لن يثمروا إال الغبار”.

- “القدر مسألة اعتقاد”.يف إطار هذه املرجعية احلكمية الشذرية التي حتاول

أن تقبض على أسرار الوجود يورد الفيلم مقتطفا/إشارة من كتاب “اللعنة” تشبه، من حيث صياغتها، العبارة التي كتبها أفالطون على أبواب أكادمييته “ال يدخلها إال من أن إال املحبون” إال يدخله “ال ومفادها: رياضيا”، كان هذه العبارة األخيرة مدونة على أبواب اجلنان كرمز ملا

هو مقدس.تظهر الصحراء يف هذا الفيلم:

- كمعادل للسفر: يفتتح املخرج فيلمه بتراڤلينغ على منت حافلة حتمل عددا من املسافرين، ومن ضمنهم معلم

يتجه صوب بعض املناطق الصحراوية.للثلث اخلالي: تتجلى الفكرة من - كمعادل أسطوري خالل إخالء الناس للقرية ملدة ثالثة أيام خوفا من اجلن

مزكيا بذلك الطابع األسطوري للفضاء الصحراوي.- كعالم روحاني مشحون: تعضده األشعار واخلطوط إال اهلل، ال الفيلم من قبيل: ال غالب التي تظهر داخل إاله إال اهلل، اللوح اخلشبي املكتوب.

الشعر الصويف )احلالج(.أحد يحكي للموت: كمعادل -اللوز أشجار فناء عن الواحة شيوخ الهندي واملشمش والتني والرمان فيها فالصمود وبالتالي والنخيل. القاسي مناخها مواجهة يتطلب ة. لي حم واملميت. إنها امتحان للذات واختبار لقدراتها الت

نشير وألغاز رموز بعدة الفيلم يعج ذلك، عن فضال من بينها إلى سرقة الطفل ملرآة جدته وتكسيره لها مرة أخرى، والتركيز على مرآة الشابة الصغيرة )15 سنة(، ثم تكسير مرايا احلالق. واستثمار حكاية البئر واجلن، والشيخ األصم األخرس الباحث عن الكنز، وحديث الشاب مع اجلن املفترض، والبحث عن اإلبن سالم املختفي من طرف أمه، وحكاية املركب الشراعي، وعصفور الصني، تفوح الذي املفقود( )الكتاب الهائمون” “الرجال وكتاب منه أنوار مدن أندلسية ضائعة كقرطبة ومالقة وإشبيلية املخرج يتخذها حكايات عمومها يف وهي وغرناطة. ألغازها. يفك أن املحقق الضابط يحاول درامية ذرائع فهي تخدم وظيفيا السرد الفيلمي الذي ميزج بني طابع حكايات على يجرب جديد كأسلوب البوليسي احلكي

الواو حرف مبثابة الدخول إىل بوابة

الفردوس يف املاخيل األسطوري الصحراوي..

ر 89تفك

تراثية، وهو األمر الذي يدفع إلى تعميق البحث الرمزي التوظيف والدالالت. فضال عن استثمار تقنية يف غنى كما وتراكبها احلكايات تداخل تعتمد التي التكثيف

تتراص قشور البصل.الباحثون عن إنهم يا ترى؟ الهائمون يكون هؤالء من البراق. أولئك الذين صارت القرية تعيش على إيقاعهم من خالل حالة االنتظار املقلق. وترقب العودة املجهولة.

ذلك فيقترن غيابهم. يف اجلدة املوت مالك يتصيد جواده. لرحيله ممتطيا صهوة “حسن” بإعالن احلدث وذلك ما ساهم، بشكل أو بآخر، يف تخلي الطفل “حسني”

عن مرافقته.القرية إلى احلافلة رجوع انتظار طول بعد النهاية: ميتطي إليها. عودتهما حول وكاتبه الضابط يختلف األول صهوة حصانه، ويستقل الثاني ظهر حماره مرددا: لوحده وسط هائما يترك صاحبه الدهر”. إال لغز “ال الصحراء ثم يتوارى، شيئا فشيئا، خلف احلمار. فينتهي أنواره على يبسط الذي القمر الفيلم على صفاء ضوء

تضاريس الصحراء الرحبة.

-ب- من الفقد إلى احلب:تنطلق أحداث فيلم “طوق احلمامة املفقود” [1991] الشاب “حسن” ينطلق )مقبرة( حيث مكان مقدس من مدينة أزقة يخترق وهو صغير، طفل رفقة مسرعا، على يطلعه كي شيخه/معلمه إلى يصل حتى قدمية الشيخ يفحص العربي. اخلط تعلم يف األمس مترين الورقة فتصدر عنه احلكمة التالية: اخلط إيقاع مطلق،

هو الصلة بني العالم الباطن والعالم الظاهر.الروحاني اجلو احلكمة الشذرة هذه لنا تقدم للفيلم، الذهنية البنية يحكم الذي العام وامليتافيزيقي واملتكئة الشيخ مبريده، املستندة يف عمقها على عالقة

على رؤية صوفية واضحة للذات والعالم.ادي املدينة التي تشبه فضاءاتها تلك التي كانت يف حتالفيلم السابق واحة غناء، ظليلة املمرات، يانعة النخيل. الدرويش إليها يفر التي الصحراء بجنوانبها حتف والشاب: اخلطاط املريد الذي يجري سائال عمن يدله عن طريق مكة لعله يلحق بشيخه قصد السير على منواله

يف كل األمور بغية التدرج السليم عبر مراتب الصالح.لوحة خطية مريده الشيخ يهب األحداث، توالي بعد

) بابا عزيز ( يقودونا إىل متاهات احلياة الدائرية التي جند انفسنا نلف داخل مضمارها..

ر تفك 90

اآلية من انطالقا الواو حلرف بديعا تشكيال تتضمن ة ولرسوله وللمؤمنني ولكن املنافقني الكرمية: “وهلل العزوهو )املنافقون(]، سورة من الثامنة يعلمون”[اآلية ال املتضمن الوحيد احلرف هو حسن يا الواو يخاطبه: ر، حرف مسافر. ملعناه، فريد ومتعدد على صورة املصو

تشكل هذه اللوحة قفل/نهاية الفيلم.يف وأسرارا ألغازا احلروف لبعض أن املعلوم من التأويالت. وتختلف حولها اآليات، تبدأ بها إذ القرآن؛ أما يف مجال األدب الذي يتناول تيمة الصحراء، فيتحدث ”4“ السردية متونه إحدى الكوني يف إبراهيم الروائي اسمها ما جنة محجوبة “واو”. ففي مكان متحدثا عن التي الصحراوية “واو” واحة أو واو” “جزيرة أو “واو” يبحث عنها سكان الصحراء والتي غرقت بفعل طوفان

الرمال. يدور احلوار التالي بني الشيخ وابنه:- أما زال الطريق طويال؟

- إذا تعبت هربت منك “واو” وإذا صبرت وصلت. - جدتي تقول إن أهل الصحراء

أشقياء وواو ال وجود لها. - تقول ذلك ألنها ال تريدك أن تريد جدتك “واو”. إلى ترافقني أن تشدك إلى األرض لتصبح عبدا ، إذن، أن هذا احلرف هو لها. جلي

مبثابة الدخول إلى بوابة الفردوس يف املتخيل األسطوري اسم متنكرة حتت فتاة الشاب “حسن” يرى للصحراء. رأسها على تضع وهي جوادها “عزيز”، متتطي صهوة بيدها الطوارق، ومتسك لباس تشبه عمامة صحراوية

صقرا للداللة على الشموخ والقوة والشجاعة واإلقدام.سيلتقيان كلما فرقت بينهما الظروف والسبل:

حوار بينهما فيدور احلليب تشرب وهي يقابلها -ممتع حول احلب وأميرة سمرقند التي تأبى حكايتها أن

تكتمل. حتمله على فرسها ويذهبان.- كانت فاكهة الرمان كفيلة بضمان لم الشمل بعد أن

فرق بينهما جيش املستضعفني.على مباغتتهم املهاجمون سيعاود ما سرعان لكن، حافة البحر. يهمان بالقفز. فتختفي الفتاة ويتمزق كتاب على األميرة صورة لتظهر املياه بني احلمامة” “طوق

ورقاته املبللة التي أصبحت كاملرآة املجلوة.الستجالء والتقصي البحث من كثير إلى نحتاج ال “طوق كتاب استثمار إلى تعود التي الفيلم مرجعية املخرج أن إال حزم، ابن األندلسي للعالمة احلمامة” يقترب جعلته تخييلية جديدة بطريقة احلكاية بنى قد الذاتية املقاربة من بنوع وإن الواقع، من فأكثر أكثر التي حاولت أن تنطلق من تصور سابق لبناء آخر الحق )معاصر أو راهن( ال يتخلى عن املؤثثات الرمزية لقصص

احلب الكونية اخلالدة.يكتسي املجال الصحراوي يف هذا الفيلم بعدا خاصا، فنانني وشيوخا، شبابا تضم التي املدينة يحمي فهو وقراء، عشاقا متيمني وآخرين ناقمني. وكأن املدينة هي تلك األندلس، الفردوس، الذي ضاع يف غفلة من العشاق لهم آبهني مبا تخبئه الرومانسية غير املنغمسني يف مي

فيايف الصحراء اجلدباء من هزائم نكراء.الرحالة يتحرك كما تتحرك والكاميرا هذا يحدث ترصد األليفة، أماكنهم يف الواحات داخل الشخصيات الطينية، والقصور احلصينة، الصخرية والهضاب والسهول الشاسعة، واجلبال الوعرة املتاخمة لها، والكثبان الرملية املمتدة. وذلك السهول لون بالقوة عليها يستحوذ لونية وحدة ضمن القريبة من االحمرار واخلالية من الغطاء النباتي، ذاك د للون الصحراء واجلامع ألطيافها املتداخلة اللون املوح

بشكل يصعب الفصل بني تبايناته.

-ج- من العمى إلى التأمل: روحه” يتأمل الذي األمير أو عزيز “بابا فيلم ينبني ذاته حول املمثل يطوف دائري: إيقاع على [2005]تقوم ذلك، مع وباملوازاة يسقط. أن إلى كهف داخل حول سفلى التقاط زاوية من دائرية بدورة الكاميرا ة بديعة على إيقاع أناشيد دينية. وهنا ال بد من سقف قباإلشارة إلى مكانة الدائرة يف الفكر الباطني عموما، فهي احلصار والنهاية، البداية واملستقبل، املاضي على تدل االكتشافات. وهي الالمتناهية من الدوامة واالحتباس،

أفالم الناصر اخلمريي جتعل من اجلمال

مكمنا للروح..

ر 91تفك

االنفصال. ورفض والتكامل االرتباط إلى تشير أيضا إنها متتزج بطعم احلياة الغامضة التي حتيل على فكرة القدر املحتوم الذي يفتحنا على متاهات احلياة الدائرية

التي جند أنفسنا نلف داخل مضمارها.“الطرق عبارة: تطالعنا البصرية املقدمة هذه بعد الفيلم حوار وينساب اخلالئق”، نفوس بعدد اهلل على البعد على للداللة والعربية الفارسية باللغتني القليل التثاقفي املمتد للصوفية. األمر الذي يزكيه ورود لفظة “بابا” ضمن عنوان الشريط، وهي كلمة تعني بالفارسية بالواضح “الدرويش”، وهذا ما يشير والتركية والهندية مختلفة جنسيات بني املزج على التصوف قدرة إلى تتماشى الشرقية الروح وأن سيما متعددون وأقوام والثقافات واحلضارات املنتشرة ببلدان الشرق اإلسالمي

ذات األبعاد اإلشراقية اجللية.اخلمير الناصر املخرج ثالثية من فيلم آخر يندرج العرفاني الصويف البعد ذات الروحانية األفالم ضمن األحاسيس لفيوض وتنتصر باملعاني، تفيض الذي رهان إن الغائرة. اإلنسانية التدفقات وجتلو الداخلية، النوع من إثارة هذا إلى يسعى املجال السينما يف هذا إليها. الناس وتنبيه اإلنسان، لدى القوية األحاسيس بأصول التسلح على املخرج الهدف حرص ذلك ولبلوغ املعرفة الصوفية الالزمة قصد ضمان الوضوح، وحصول الفهم الكامل لدى املتلقي، وهو ما يعطي االنطباع بأنه

وينفتح على يعالج احلاضر أكثر مما املاضي إلى يعود هذه زخم عكس املخرج على استعصى إذ املستقبل؛ التجربة الروحية يف ظل طغيان املادة وسيادة االستهالك األفكار نقل على فقط تقتصر ال السينما أن رغم واملشاعر كما هو احلال يف القصة والرواية مثال، وإمنا

تشخص األحاسيس وتبرزها.رغم طغيان اجلوانب الشكلية على الفيلم فإن استناد املخرج على املرجعية الصوفية تبرز أطروحته الراغبة يف مساءلة الهوية انطالقا مما هو مشترك كالدين والتاريخ والسياسة، السيما أنه يدافع بقوة على أن ضياع أسس

الهوية يهدد وجود الفرد.

البحث تعميق على املخرج إصرار النظرة تلك يعزز السينمائية الكتابة وتطويع معا، واملضمون الشكل يف الستيعاب مختلف الوضعيات املتولدة عن دراما األفالم التنامي على بناء اخليال فيها يتطور التي الروحية باملؤشرات املدعومة واللقطات للمشاهد البطيء يف اإلسهاب عن األحيان بعض يف البعيدة الروحانية واألكسسوارات املالبس كاستلهام البصرية البالغة حتجبها التي اإلميانية وعواملهم الشخوص ذهنية من املظاهر. فاخلفي يف اجللي كما يقول ابن عربي، وسلوك

اآلخر وكالمه ال يدالن عليه “5”.قدرة سينما املؤلف على حتقيق نوع يبني هذا الفيلم

صحراء “الهائمون” امتحان للذات واختبار لقدراتها التحملية..

ر تفك 92

يعبر عنها سيناريو الرسالة كما التوازن بني أهمية من الفيلم، وجمالية الصور الفيلمية.

-III-للمخرج الصحراء ثالثية مشاهدة من االنتهاء بعد مشحونا يخرج أن إال للمرء ميكن ال اخلمير الناصر البحث إلى التواقة اإلنسانية املسحة ذات باألحاسيس العالقات حول املتسائلة وتقلباته، الكائن أحوال يف والساعية واملخلوق، اخلالق بني الرابطة امليتافيزيقية ة إلى رفع الروابط إلى مستوى السمو. فأشرطته ضاجواملريدين، والشيوخ والدراويش واالجنذاب، بالعشق يف احلفر عن ينفك ال مؤلفها ألن املقدسة. واألماكن تناوله يف ثابتة سمة يظل كي الباطن العقل تفاصيل

الفني لقضايا اإلنسان املسلم.تسعى هذه األفالم ألن جتعل من اجلمال مكمنا للروح: يبحث فيه عن الذات، يتأمل الطبيعة، وينظر إلى عالقاته املتنوعة بالناس واألشياء. هكذا، تصبح الصحراء مالذا للتيه والهيام، ومرتعا للتطلعات السامية، وخلوة بعيدة عن

رجال السلطة، ورمزا للزهد والقناعة واحلكمة.إذا، نالحظ أن املخرج املؤلف الناصر اخلمير يتناول فضاء الصحراء من خالل زوايا مختلفة تسكنها تساؤالت

متعددة أهمها:سؤال املوضوع: تركز الثالثية على تيمات صوفية يظل

احلب هاجسها املركزي.

سؤال الشكل: يلجأ املخرج من حيث املكان إلى تصوير الفيلم يأتي فيما بالصحراء كليا واألخير األول الفيلم الثاني مخاتال لها ألن املدينة التي حتتضن أطواره تأخذ طابعا موحدا يطغى عليه منط املعمار الكالسيكي للمدينة األندلسية، املالمح ذات القدمية اإلسالمية العربية رياضاتها والفضاءات الشاسعة، واملنازل املتميزة بأناقة أما منافذها. وانفتاح نقوشها وتعدد باحاتها وجمال إشارات هناك أن ولو افتراضيا يكون فيكاد الزمن إلى احلقبة األندلسية مع ذكر بعض أسماء اخلطاطني اإلخراجي باألسلوب يتعلق وفيما وغيرهم. واملؤلفني املخرج وكأن الثالثية على تهيمن العامة اللقطات فإن ميتلك رؤية شمولية لقضايا الفرد واجلماعة، السيما أن اللباس واألكسسوارات واللغة )احلوارات( ضاربة يف املنت

العرفاني الصويف، ومنتقاة بعناية تتماشى وتلك الرؤية.يف مركزيا بعدا السؤال هذا يأخذ املصير: سؤال املنشغل الفرد ملح قضايا يستنطق بشكل الثالثية ألنه باخلالص والباحث عنه شغف، ويرثي ضياع الفردوس من خالل سقوط األندلس. وذلك يف أفق التأسيس خلطاب سينمائي ينبني على نشر قيم احلب والتحرر والتسامح والصفاء. إال أن السؤال الذي يطرح على مثل هذه الرؤى يتمثل يف مدى جناعتها ملواجهة األسئلة الكبرى املطروحة الصحراء، إلى الهروب يشكل أال اليوم: اإلنسان على والتملص النكوصية من نوعا االختالء أسلوب وانتهاج من املخرج موقف ما الراهنة؟ التحديات مواجهة من

ر 93تفك

يف العرفاني تراثنا يسعفنا مدى أي إلى التكنولوجيا؟ جتاوز املضايق املادية التي حتيط بنا من كل جانب؟ هل مثال، اجلن، كظاهرة الغيبية املمارسات بعض توظيف يحن العقل يف مجتمع مكانة ما لها؟ تكريس أم انتقاد

إلى املاضي؟نستطيع مداخل عدة علينا يقترح املخرج أن نعتقد يف يتلخص الذي اجلمالي أفقها خالل من متييزها

القضايا التالية:Er- التيه مبفهوم احلرية ربط ميكن احلرية: (بني احلاصل للتقارب نظرا الثالثية يف )ranceاملؤلف على ذلك إسقاط وإمكانية جهة، من املفهومني ذاته باعتباره يعيش وضعا شبيها باملنفى االختياري حيث فضال ثانية. جهة من بفرنسا طويلة مدة منذ يعيش الكتابة مستوى على نستشفه الذي احلرية طابع عن

جل تيه من ابع والن واإلخراج، نفسه األسلوب وهو الشخصيات. تيه إلى ممارسة املخرج الذي قاد فني من نوع آخر جعله يتنقل بحرية املتراوح السردي الشكل حيث من بني احلكاية واخلرافة واملقامة. كي يقدم مادة سينمائية منسجمة فيما

بينها.- الزمن: رغم أن األفالم حتيل،

سنة من املمتدة األندلسية احلقبة إلى كليا، أو جزئيا 711 ميالدية إلى حني جالء املسلمني من طرف امللوك الكاثوليك سنة 1492 ميالدية، فإن أجواءها العامة تظل تخييلية متيل يف بعض أجزائها إلى الزمن امليتولوجي أو

الفانطاستيكي.- األفق: يرتبط برؤية ذاتية لقراءة واقع احلال، وكأننا أمام جتديد ألسئلة مفكري النهضة من أمثال محمد عبدو والكواكبي لكن مع اختالف يف املنطلقات واملرجعيات. إال أن ما يسجل على رؤية املخرج طابعها امليتافيزيقي الذي يجعل الوهم يحاصر مفهومها من كل صوب ألنه ينبني على التخمني والظن واالستغراق يف اإلميان لتظل النتائج املنتظرة يف عداد االحتمال والشك. وبالتالي، فالصحراء مالذ الهائمني، والباحثني عن احلقيقة القلبية، والزهاد،

والعاشقني، واحلاملني، والطوباويني.كتابه يف برغسون هنري الفيلسوف يؤكد التقدم: -“التطور اخلالق” )1907( على أن امليكانيزم االستعمالي فالسينما وبالتالي سينمائية، طبيعة من ينبع ملعرفتنا محاولة للقبض على شكل املعرفة كما يؤكد ذلك الباحث Siegfried( كراكووير” “سيگفريد األملاني واملنظر Kracauer( من خالل اعتباره السينما نوعا من التعبير التوثيقي عن العالم االجتماعي الذي يحدد الثقافة ألنها يف العلم تضاهي الكائن عن وشهادة العالم عن وثيقة

عظمتها.وإجماال، يعتبر الناصر اخلمير أن الصحراء لغة كما يقول يف إحدى حواراته، يقول: “أكثر العرب ال يعرفون فمثال اللغة. هي الصحراء أن وإحساسي الصحراء الصحراء من نتحدث فإننا احلب عن نتحدث عندما أساس من تأتي مرادفاته فكل صحراوي، مثل الهيام فهي باألصل مرض يصيب اجلمل فيختل توازنه هنا ونعني ويتوه، الطريق ويترك بالهيام ضيعه احلب. وكلمة حب لها تسعة معان من بينها محمل مكون من ثالثة أخشاب يحمل كامل الثقل إناء املاء أمام ويوضع بني أخشابه اخليمة ومعنى آخر وهو اجلرة إذا امتألت عن آخرها باملاء ال ميكن أن تزيد عليه قطرة، وعندما يتكلم العربي ينطلق شيء من غابر الصحراء مع أقرب شيء يعطي جتسيدا ثم فالصحراء الكالم. ومن يف نهائية ال نقطة إلى اإلنسان يتحول عندما للكون

فراغها الشاسع” “6”.وإمنا ومتخيل، كفضاء الصحراء املخرج يتمثل ال املفاهيم، بناء مستوى إلى ترقى مكتملة لغة يعتبرها السينمائية اللغة تصريف وما األحاسيس. واحتضان فيها إال نوع من التحقيق املعريف واإلستيتيقي لذلك النوع من التجريب الواعي للعالقات الوطيدة بني الفنون وما

سواها من األشكال التعبيرية اإلنسانية األخرى.

مرجعية اخملرج الصوفية تربز اطروحته

الراغبة يف مساءلة الهوية انطالقا مما هو

مشرتك ..

ر تفك 94

-IV-ما املشترك يف هذه الثالثية؟

ميكن الوقوف بوضوح عند ما يلي:االستمرار على تدل التي والطفل الشيخ ثنائية -وعدم االنقطاع، واالعتماد التلقني عبر املشيخة كطريقة تربوية لتمرير املوروث. ضدا على عدم االنتصار لفكرة البطل، فكلما تطورت شخصية معينة سرعان ما تختفي أو يزاحمها يف تضخمها طفل، وكأن املخرج يعلن موت

البطل يف الزمن العربي! فال غالب إال اهلل، واهلل أكبر.على عمقه يحيل يف الذي واملعمار الفضاء تشابه -اخلط جماليات على وينبني باألندلس، احلياة منط وبعض الهندسية واألبعاد النباتية والزخارف العربي طورت عن حضارات التي اجلمالية واألمناط األشكال

اإلغريق والرومان القدمية.أو األمير حكاية توظيف -من ذلك شابه وما األميرة تلك وكذا الشعبية، املعتقدات الكالسيكية بامليثولوجيا املرتبطة )حكاية بئر املاء واجلني(. والغرض التي العوملة ثقافة مواجهة منها Walt Dis- )ششكل “وول ديزني”

ney( منوذجها التخييلي الفاقع.األول فيلمه منذ املوسيقى: -

L’histoire du pays du( ربي” ملك بلد “حكاية على اخلمير الناصر ينفتح [Bon Dieu( [1975الروحية واألناشيد املوسيقى الصوفية ويستثمر األنغام الدينية واألدعية املقدسة. وما يقترن بها من آالت النفخ )الناي( واآلالت الوترية )العود، البوزق، القانون( وآالت من النوع هذا يف بشدة حتضر التي املتنوعة. اإليقاع الصوفية والطرق اإلخوانيات تتعاطاها التي املوسيقى

واملواجيد والدراويش.- االقتراب من السرد يف ألف ليلة وليلة بشكل جمالي يحاكي يف صياغته البصرية احللم ويسمو بشكل مفارق

فوق محسوسات الدنيا.الفيلمية الصحراء لثالثية السينمائية اللغة متتح -من الفن اإلسالمي بكل مكوناته املعمارية والكاليغرافية

والطوب والطني اآلجور لون عليها يطغى التي واللونية األصل املادة إلى ترمز طبيعية عناصر وهي والتراب. اآليات بعض ذلك على تدل كما اإلسالمي الدين يف و)كمثل [احلج: 5]، تراب( من خلقناكم )فإنا القرآنية: آدم خلقه من تراب( [آل عمران: 59]. وميكن تأويل هذا املنحى بالرهان الذي يعقده املخرج على جناعة التصور الشرقي لإلنسان الروحية للمنظومة املتكامل الفني كل وجه يف والصمود املقاومة على وقدرته املسلم،

ثقافات التهجني.

-V-ما أفق هذه الثالثية؟

أنها نالحظ املخرج أفالم نهايات من انطلقنا إذا متدرجة بشكل يفسر، بطريقة واعية أو الواعية، تطلعات صاحبها، ففي فيلمه الروائي األول “حكاية بلد ملك ربي” يختتم الفيلم بلقطة كبيرة على وجه طفل. أما يف “الهائمون” فيلمه فينهي الثالثية وهو جدته إلى الطفل بحديث يستسلم ثم قبرها، قرب يجلس الفيلم فيغلق بقربه، للنوم بعدئذ بلقطة عامة على الصحراء متبوعة ليلها يضيء الذي للهالل بأخرى الهادئ. أما فيلمه “طوق احلمامة املفقود” فينتهي بلقطة جدار ع ترص الواو كاليغرافية حلرف لوحة بة على مقربناء تقليدي جميل. ويقدم الشيخ لباسه للفتى التائه يف نهاية فيلم “بابا عزيز” ثم يختفي هذا األخير ماشيا بني

كثبان الرمال الصحراوية.إذا، نحن أمام معطيات تشير إلى الطفولة والشيخوخة يه والضوء والظالم. وهي مجازات أو عناصر واملوت والتتارة، امللتبسة املخرج رؤية تعكس وداللية استعارية واملضيئة تارة أخرى، لقضايا األمة الراهنة، تلك الهموم بشكل يحملها التي الضاغطة واحلضارية الثقافية

شخصي ويتقاسمها مع املتلقي عبر شخصيات أفالمه.ليست الصحراء مجرد فضاء. رمال ورياح. تيه وصراع. إنس وجان. إنها حالة من االنسجام بني كل تلك العناصر

يعترب اخملرج الصحراء لغة مكتملة ترقى

إىل مستوى بناء املفاهيم، واحتضان

األحاسيس..

ر 95تفك

التي يتماهى معها املخرج كي يعلن خصامه مع الوجود، اآلنية احلالة قراءة من انطالقا نظره وجهة ويطرح للمجتمع الذي ينتسب إليه على ضوء التراث عله ينجح يف تشييد سمائه اخلاصة. فقد انشغل بتوجيه كاميراه صوب أي مكان فيه احلياة. يهاب محاسبة مجتمعه عن قرب كي ال يكرهه، ولكنه يصبو إلى االقتراب منه ليظل ا حيث ال سبيل أمامه سوى األلم والغضب. ال يعتبر حينفسه مصلحا، وإمنا هو مجرد إنسان يسعى للتعلم كي يخرج من حالة اليتم الذي يحسه. فهو يرى بأن تراجيديا بعض املثقفني تكمن يف كونهم درسوا باخلارج، وجتدهم على اطالعهم من أكثر الغربية الثقافة أعالم يعرفون

القامات التي شيدت بنيان ثقافتهم األصلية “7”.اخلمير الناصر املخرج بأن اخلتام يف القول ميكن على تتأسس مضادة سينمائية رؤية بناء يف ينخرط معارضة السينما الكولونيالية، ونقد الرؤية االستشراقية النمطية، والتحليق خارج دوائر اإلنتاج التدجينية، والبحث عن أساليب فنية متتح من املوروث العربي اإلسالمي على مستوى احلكي )ألف ليلة وليلة(، والتراث الصويف )ابن عربي(، والعمارة اإلسالمية )النموذج األندلسي(، واخلط العرفانية(، واألنغام )اإليقاعات واملوسيقى العربي،

والرقص )رقص الدراويش واجلذبة(.

الهوامش:1- بدأ مشواره الفني بإجناز فيلم حتريك حتت عنوان “البغل”

.[Le mulet( [1975(و”الهائمون” [1986]؛ بلد ملك ربي” [1975]؛ 2- “حكاية أمير حكاية عزيز: و”بابا [1991]؛ املفقود” احلمامة و”طوق

يتأمل روحه” [2005].3- “البحث عن ألف ليلة وليلة” [1991]؛ و”شهرزاد: الكلمة مقابل املوت” [2011]؛ “ياسمينة أو اللعنة القدمية” [2011]؛ و”املرور عبر أندري ميكيل” [2011]؛ و”البحث عن الشيخ محيي

الدين” [2012].للطباعة التنوير دار البري؛ النثر ديوان الكوني؛ إبراهيم -4

والنشر؛ 1991؛ ابتداء من الصفحة 20. Merleau-Ponty; Phénoménologie de la - 5

.perception; Éd. Gallimard; P: 409ونشر املخرج، مع عواد طارق أجراه حوار من مقتطف -6بجريدة الشرق األوسط ليوم اجلمعـة 07 رمضـان 1430 هـ 28

أغسطس 2009 العدد 11231.املخرج به أدلى مما مستقاة الفقرة هذه أفكار بعض - 7أدرنا وأن سبق ندوة خالل السينمائية أعماله حول أفكار من لسينما الدولي الرباط مهرجان من الدورة 19 أطوارها خالل

املؤلف املنعقدة من 27 شتنبر إلى 6 أكتوبر من سنة 2013.

الناصر اخلمريي: أكرث العرب اليعرفون الصحراء واعتقادي أن الصحراء هي اللغة

حطاب األرض الوعرة

ألني من نسغ األرض الوعرةأبي حطاب أحالموأمي نساجة وعد

ووالدة مغزىلن أنوي الهجرةإلى لغة أخرى

ألطير مثل رماد مخدوعتتخاطفه طواحني هواء

فوق بروج من دخانمغمرا مبباهج وهموثرثرة نزوات نزقة

ومهما تشردت لغتيلن تأفل أغنيتي

عن سماء منازلناومزارع ألفتنا

ومهما أخطأت أميلن أنشر غسيل أيامي

على حبل جارتنا

وستظل أمي رغم جراحي النازفةتتربع على عرش مخيلتي

كما لو أنها ملكةورغم لدغة الزمان الوضيع

سأظل كل صباحأشرب من قهوتها املرة

ومهما يكنسأبقى هنا

فوق هذه األرض الوعرةأضرب فأس خيالي قويا

أقتلع األشعار من عروق حجارتهاأمنحها من روحي وهج الروح

ومن قلبيأهبها أجنحة اجلدوى

هنا سأعتق خمرة حدسيوأشرب كأسيفيسكر قمري

ويرقص ظل جالسي

مفتاح العماري

شعـــر

ر 97تفك

وحني تسهو أذن الليلأسبر غور جدراني

وأغافل حراسيوأدق أوتادي عميقا

يف كبد املعنىفتهتز عروش الكواكبوتسقط قبعات النجوم

وتطلق الشمس يف حقول قصائديقطعان خيولها املرحة

وألني جنديحتمله خفة عيون

كحلتها التجارب بلون مفازات عطشىبلون ساعات رمل

مكسورة بهزائم شتىبلون مطر من غربان

وأصداء جيف تأكلها هبة السهوبلون هتاف جماعي لغابات القتلة

مهما يكنلن أهجر عش أطفالي

وخلوة الظل الفقيروكرمة الندىسأبقى هنا

حد الوارفة مثل نافورة من هداهد حكمةتصدح بنداء التمر

توأم النحاس األصيلأظفر املديح لألنثى

أميرة الشجرمحرضا معرفتي أن تأخذ عراجني الكشف

وتكنس أوساخ احلواةوشباك العنكبوتلتتعرى العورات

وتسقط أوراق التوتأواه ما أجمل هذا املوت

حني تكون القبضة ظافرة بالطيروعصير األسرار

وتصبح أروقة الشعرثرية بالرؤى

ومناجم امللح واآلبارحني تخمد يف عجينة الطني

جمرة يديوأموت هنا

وتبقى كأسي مترعة بالنشيدوكلماتي أسراب غيوم

ترعى فوق األرض الوعرة.

ر تفك 98

,,جميلة رغم كل شيء

بطيئة مثل سلحفاة عجوز، وظامئة مثل عانس متشط أيامها املتكررة، أيامها اخلالية من احللوى والضحك.

مازالت شبابيكها تصعد األغاني إلى السماء، ومازالت األسماك املهاجرة موعودة بأحضانها الدافئة، وما زالت تفتح

ذراعيها لكل الطيور الهاربة من جليد الضفة األخرى.ومازلنا نتمسك بأهدابها الناعمة إذا اشتد عصف الريح،

ونأكل كراثها إذا جفتنا املحاريث.مازالت جميلة رغم كل احلروب، ورغم كل الصفقات الرخيصة،

تلك التي تتآمر على كحل عينيها، ومسك أردانها، وما تبقى من ظل وماء وورود؛

جميلة رغم انطفاء الدفلة يف الوادي الكبير، وصمت السواقي والطواحني، وغياب النوارس واملراكب واملسافرين.

جميلة، ألننا ال نعرف سواها، ولم جنرب البعد عنها، وألنها مثل حبة توت حمراء يف مهب “القبلي”، تشاطرتها القبائل التي نهضت من رماد املواقد، لتكسر اجلرار وتشعل النار يف

العسل.هنا كانت زيتونة يضيء زيتها وحشة األزقة يف ليالي الشتاء

احلزينة.

ر 99تفك

عبد السالم العجيلي

هنا كانت نخلة ترشق بزهوها النوافذ اخلارجة من جبة النعاس يف صباحات اخلريف.

هنا حكاية حب لعذراء حملت نسرينها وصعدت تصلي.ألننا نريدك جميلة، وقفنا يف طوابير اخلبز ونحن على مرمى

حجر من سهولك الشاسعة؛ اشترينا املاء ونحن قبل هدير شاللك بخطوتني؛ علمنا أوالدنا وبناتنا الصبر واألحالم البسيطة؛ دربنا

زوجاتنا على املجاعة واحلروب؛ ربطنا األحزمة، وانتظرنا قطار املوت.مازلت جميلة ألنك وسادتنا املعطرة، وفرحتنا املسروقة من أيامنا املتشابهة، وألنك هوانا وهويتنا الصامدة يف وجه كل ريح قبيحة.

جميلة حتى وإن كنت بكل هذا الفقر، بكل هذا اخلواء؛ جميلة بال أندية وال مالعب وال مسارح وال سينما وال شواطئ وال صحافة وال

إذاعة، وال أرصفة تسمح بالعناق، وال حدائق تتسع للغزل.لكني سأهمس لك من بعيد؛ سوف يسمعني زهر أشبيلية الناهض

رغم هذا اخلراب، وسوف تسمعني “براكة” املسرح الوطني الواثقة من جنومها رغم هذا الضباب.

ألجلك، وألجل حبة التوت، وهذا األزرق املنسي، وألجل مزمار اعتلى سدة البوح، فذاب يف األجساد، يف ليلة أسمرية، جمرها توقد، وبخورها

غطى النجوم، نفاوض السماء على وقت أطول.

ر تفك 100

دون سبب

احلقول التي ال تشبه بساتني الغناء

احلصى املتساقط يف شكل ندف

شجر احلكايات الذي يكبر يف أسرة البيوت

اجلروح على أذرع السياج

وأثر األصابع فوق الزهور اليانعة

النايات وهي تطارد عصافير املاء

القسطل املسروق من محل جانبي

السماء حني بال باب تضحك

وبال باب تهرب الغيوم

األرانب تخرج من أكمام الشمس

وتندس يف سواد القبعة

ثالث طفالت معجونات بالعسل

وطفالن يرتديان الفقاقيع الراقصة بال

ثياب

الكتب على الرصيف النظيف تنعس

البرق دون مطر وأسنانه تبتل بالعقيق

املالعق فوق طاولة املواعيد الدافئة

العناق دون سبب

النهر بأجنحة يعبر حشائش احلرب

ويزفر أسماكه احلمراء يف الرمل

احلفالت يف الغابات بال مدافن

املدخنة بعطر تفجر فجوة يف الرئتني

الذين ينزلون من البرد

ويصعدون مرتفع احلنني بال وصول

املراكب النائمة على شاطيء ال ينام

إنه طريق حلمك .

صالح قادربوه

,,

ر 101تفك

)1(احلياة يف بارزة مكانة القويري” “يوسف يحتـــــل األدبية الليبية املعاصرة، إذ أسهم منذ رجوعه من املهجر إثراء يف املاضي، القرن خمسينيات أواخر املصري، الليبية الصحافة يف بكتاباته الليبي الثقايف الفضاء التي لفتت إليها األنظار منذ البداية، جلديتها ونضجها وميكن فيها. واألسلوبي اللغوي األداء ومتيز وعمقها الثقافة تاريخ يف املهمة الستينيات عشرية إن القول الليبية احلديثة واملعاصرة شهدت -من ضمن ما شهدت- واألسلوب، األداء يف متيزا األكثر يعتبران كاتبني بروز واألكثر العام، الثقايف التلقي أوساط يف تأثيرا واألكثر إسهاما يف ترسيخ الوعي احلداثي، هما املرحوم صادق كاتبا القويري يوسف عرف القويري. ويوسف النيهوم سردية أدبية وحساسية نافذ، نقدي حس ذا متميزا النقدية املعاجلة كتاباته يف مجملها بني وتتوزع مرهفة، املقالة قالب ضمن الفكري، والتأمل الثقايف والتحليل يف والسردية، الدرامية الكتابة وبني والنقدية، األدبية ممارساته يف وهو قصصية. ولوحات أقاصيص صورة النقدية ال يقتصر على مقاربة اإلنتاج األدبي والفني، بل يتناول كذلك مظاهر الفكر والثقافة االجتماعية، ما يجيز لنا أن نعده أحد أهم املسهمني يف مضمار النقد الثقايف جميع فإن “القادمون”، مسرحية بالدنا.وباستثناء يف

إما يأخذ ظل القويري”، “يوسف كتابات من نعرفه ما النثرية، اللوحة شكل أو والنقدية، األدبية املقالة قالب وأحيانا السردية، التي اقترح هو نفسه تسميتها فيما بعد ظل ما سياق يف ،”1“ القصيرة” النثرية أو بـ”املنثورة، ينشره يف أعمدة الصحافة الليبية أو زواياها، السيما إبان سني الستينيات. ومع ذلك فإن ما جمعه من تلك الكتابات الستينيات نهاية منذ تباعا صدرت كتب، يف الستينية فيما وثيق بترابط يتسم يظل احلاضر، وقتنا حتى الطرح ومنهجية األداء وطريقة األسلوب حيث من بينه والرؤية والرؤيا، مايجعل منه كاتبا مبدعا ذا منهج ورسالة أن استطاعوا الذين القالئل الكتاب وأحد وأسلوب، يحافظوا، يف حياتنا األدبية والثقافية، على صيغة متوازنة ودقيقة، بني االلتزام االجتماعي، الوطني واالنساني، وبني

األداء األدبي الرفيع.إلى كتاباته مجمل يف القويري” “يوسف ويستند العربي األدب يف اإلنسانية الواقعية الرؤية تقاليد والعاملي املعاصر، وإلى أسس الفكر العقالني والتنويري، من األول النصف العربية خالل الثقافة تبلور يف الذي املشرق يف أقطابه أبرز أيدي على العشرين، القرن الفكر ثم موسى، وسالمة وطه حسني كالعقاد العربي، الدميقراطي الثوري العربي، ممثال يف أقطابه البارزين، أمني ومحمود عوض ولويس مندور محمد أمثال من

من مفكرة رجل مل يولد:

,,

بيـن اليوتــوبيــا وأدب اخليــال العلمي

حممد الفقيه صـــالح

أنا ال أعيش يف األحالم، بل يف تأمالت الواقع الذي رمبا يكون املستقبل..

راينر ماريا ريلكه

مقاالت

ر تفك 102

العالم وغيرهم.ولئن كانت البيئة الثقافية واالجتماعية املصرية – خالل أربعينيات القرن املاضي وخمسينياته – قد شكلت أحد القويري، يوسف لدى وأبرزها التكوين مرجعيات أهم اليعني ذلك فإن املصري، باملهجر ونشأته والدته بحكم غياب املؤثرات املحلية الليبية يف تنشئته وتكوينه، سواء يف صورة ما كان يتشربه من معني العادات والتقاليد والقيم الليبية، التي كانت تربط بني أسر املهاجرين الليبيني يف مصر، أم عبر أصداء القضية الوطنية الليبية وتفاعالتها املاضي القرن ثالثينيات إبان السيما أوساطهم، بني وأربعينياته، إذ البد أن يكون كاتبنا “يوسف القويري” قد تنفس تلك األجواء والتفاعالت وتأثر بها، فشكلت بذلك جزءا من تكوينه ومرجعياته، شأنه يف ذلك شأن أترابه من التاريخية الظروف عليهم فرضت الذين الليبي، النشء ربوع عن بعيدا ويترعرعوا يولدوا أن آنذاك، العصيبة

الوطن.األولى والثقايف األدبي تكويني سني طيلة ظللت لقد الناقد، األديب هذا كتابات إلى مشدودا أزال- -وما السيما كتابه اآلسر “الكلمات التي تقاتل”، الذي صدر يف أواخر ستينيات القرن املاضي، عن دار املصراتي للطباعة والنشر، والذي منعت سلطات العهد امللكي تداوله، حتفظا منها -فيما يبدو- على طرحه النقدي اجلريء والرصني، تألق وقد .”2“ آنذاك واملجتمع والثقافة األدب لشؤون فرسان من كفارس الكتاب هذا يف القويري يوسف املقالة األدبية يف األدب الليبي املعاصر، وشكل مع كل من املرحومني خليفة التليسي وصادق النيهوم الثالثي البارز يف هذا املجال، مع متيز كل منهم بأسلوبه ومزاجه وذوقه اخلاص، يف إطار حداثة ليبية معاصرة، نزع بها التليسي نزعة رومانطيقية متوهجة ومتكئة على رصيد كالسيكي عربي ثري، واتسمت لدى النيهوم بنزعة فردانية واضحة، أما الذع، تهكمي وأسلوب تنويري، نقدي عقل يرفدها لدى يوسف القويري فبدت نابضة برؤية واقعية جديدة

ومنفتحة على منابع فنية وثقافية متعددة. )2(

الكاتب، بهذا للتذكير منها البد سطورا كانت تلك وتبيان مكانته املرموقة يف السياق الثقايف الليبي احلديث

“من واملدهش املمتع كتابه ملقاربة متهيدا واملعاصر، رؤى من عليه ينطوي ما وإبراز يولد”، لم رجل مفكرة

وأبعاد ودالالت.بصحيفة منجمة ونشرت الكتاب هذا مادة كتبت ثم و1968، 1966 عامي بني فيما الليبية، امليدان صدرت يف كتاب عن إحدى دور النشر الليبية، وهي دار الفكر، يف طبعة أولى، عام 1972، ويف طبعة ثانية عن الدار العربية للكتاب عام 1981، ثم لم تلبث دار الرواد بطرابلس الغرب، ودار اجليل ببيروت، أن اشتركتا معا يف إصدار طبعة ثالثة منه، عام 1997، وإن كان الناشران على األولى، الطبعة أنها الداخلي قد سجال يف غالفه الرغم من أن تصدير املؤلف يشير صراحة إلى الطبعتني

السابقتني من الكتاب “3”.مفكرة شكل يف مدونة على املذكور الكتاب يشتمل مدينة يف يعيش ليبي رجل يوميات تتضمن متخيلة، طرابلس الغرب، مع أسرته الصغيرة املكونة – باالضافة إليه – من زوجته وابنته، وتغطي هذه اليوميات مدة تزيد قليال على العامني، فيما بني خريف عام 2565 وخريف وقتنا من عاما )560( حوالى بعد أي ،2567 عام

احلاضر.ولعل أبرز ما شدني يف هذا الكتاب، ولفت نظري إليه، ودفعني للكتابة عنه، عدا عن أسلوبه املمتع، كونه يؤسس األدبية احلياة يف به، وتنشغل للمستقبل تتجه لثقافة والثقافية الليبية املعاصرة، يف مواجهة االنصراف املبالغ فيه نحو املاضي، باإلضافة إلى ما ينطوي عليه الكتاب يف والثقافة للمجتمع نقدي فكر ومن طليق، خيال من مكترثة غير ثقافية بيئة يف بالعلم احتفاء ومن ليبيا، به، وغير متفطنة ألهمية دوره يف حتويلنا ثقافيا باجتاه ال فيها، اإلسهام بغية العصر، حضارة يف االنخراط -يف التمتع مع وأبلستها شتمها مفارقة على االقتصار

اآلن نفسه- باستهالك منجزاتها.ولئن جاز لنا إدراج هذا الكتاب يف باب ما يعرف بآدب أدوات بعض يعتمد لكونه ”4“ الناعم العلمي اخليال وغيرها، وحوار من وصف وشخوص السردي، التخييل النظريات إلى عدد من استنادا املستقبل إلى والجتاهه املستقبلي التنبؤ فيها ميتزج التي العلمية، واملعطيات

ر 103تفك

باملنظور النقدي للواقع الراهن، واحللم الطوباوي بتجاوزه، بالعلم، الراسخة وثقته درامية، أي حبكة من خلوه فإن مبستقبل تفاؤلها يف املوغلة املثالية النظرة عن فضال وجه على الليبي الواقع ومستقبل عموما، اإلنسان اخلصوص، يف إطار حضارة مؤسسة على احلق والعدل أن إلى ماميكن الكتاب يحيل هذا اإلنساني، والتضامن

نطلق عليه مالمح يوتوبيا ليبية عربية معاصرة.األدب باب يف عموما تدخل الكتاب مادة أن ومع السردي، إال أنها تخلو متاما من عناصر البناء الدرامي، املعتمد أساسا على وجود حبكة ينمو من خاللها احلدث الرئيسة الثالث الشخصيات فباستثناء والشخصيات. التي يتكرر حضورها يف املفكرة، وتتمثل يف الراوي صاحب املدونة، وزوجته التي جتسد منوذج امرأة املستقبل املثقفة املتوازنة واملعتدة بنفسها، يضاف إليهما ابنتهما “سلوى”، ذات األربعة عشر ربيعا، ومتثل اجليل الطالع، فإن سائر الشخوص الذين يردون يف يوميات املفكرة، وهم يف الغالب مرة من أكثر منهم كل مثقفون، اليظهر وباحثون علماء واحدة، يف حوارات هي أدنى إلى املناقشة حول مواضيع وشؤون متفرقة، تكاد تخلو من عنصر التوتر والتشويق، ما يجعل من تلك الشخوص جميعا مناذج عرضية أو ديكورية بينها اليربط وتصورات ألفكار مطايا تكون أن تعدو ال رابط سوى إطار املدونة العام، واملدى الزمني املستقبلي، من كثير ترتيب يف – مثال – لوغيرنا أننا درجة إلى ورسالته الكتاب بنية البتة يف ذلك يؤثر فلن اليوميات،

املضمونية.الثالث الرئيسية بالشخصيات يتعلق فيما وحتى يخلو يكاد وابنته(، وزوجته املدونة )صاحب املذكورة فيما توتر اتقاد حتى أو بنائها، يف منو أي من األمر ومتناثرة يف وتعارضات محدودة باستثناء مواقف بينها، تضاعيف “املفكرة”، تكاد تشكل يف حد ذاتها أقاصيص قصيرة جدا، توخى الكاتب يف معظمها التكثيف والتركيز، ونحا بها منحى االمياء وااليحاء، وسنشير إلى مناذج منها

فيما يأتي من صفحات.شكل من مزيجا الكتاب يبدو األساس، هذا وعلى نفسه للمؤلف سبق التي السردية، املقالة أو اخلاطرة النثرية أن اقترح -كما ذكرنا آنفا- تسميتها باملنثورة أو

التي القصصية، السردية اللوحة شكل ومن القصيرة، وعلى املكتملة. األقصوصة مستوى إلى بعضها يرقى إلى الكتاب هذا يف يعمد لم املؤلف أن من الرغم استخدام هذا املزيج من األشكال السردية واألسلوبية يف بناء حبكة أو يف تنمية حدث وشخصيات، كما ذكرنا آنفا، فإنه وظف لوحاته ومنثوراته السردية، التي يتألف منها منت املفكرة، توظيفا مباشرا وبسيطا يف رسم مالمح رؤية الليبي، ضمن تصور حلضارة بشرية مستقبلية ملجتمعنا متقدمة، نسهم نحن فيها، يف إطار عالم إنساني متكامل ومتضامن، متوسال يف ذلك تقنية إخفاء الفن، التي تأخذ الشخصية. املفكرة أو املدونة شكل هذه- حالتنا -يف أو وحدة كل يف التصور، أو الفكرة تؤدي ذلك كل ويف لوحة سردية من لوحات الكتاب، دورا رئيسيا يتراوح بني على إسقاطي منظور الكتابة، من خالل زمن واقع نقد املفكرة زمن متثل مستقبلية، رؤى رسم وبني املستقبل،

املتخيل.)3(

ورد مبا الكتابة، زمن واقع نقد على التمثيل ميكننا حكم من )11 ،10 )ص. اليوميات إحدى يف -مثال- حتى “املحدود” الليبي األدبي النتاج على صارم سلبي الراوي، سأل حينما العشرين، القرن ستينيات نهاية املفترض أنه صاحب املفكرة، زوجته عن أدباء ليبيا خالل “ال فتجيبه مفيدة؟”، بقايا تركوا “هل املاضية القرون أظن! فهناك أكوام فجة وركيكة. بعضها يلطم املعاني دون استثناء بها. وميكن لتحس القلوب يهصر أو يحللها أن

بعض أصابع اليد عبر تلك األزمنة العقيمة”.ويف يومية أخرى )ص. 78، 79(، يسجل الراوي برمه من ثقافة اخلطابة، إذ يرى أن عصره لم يعد يف حاجة ال التي الرنانة األلفاظ “وضوضاء اخلطباء وإلى إليها تعني شيئا على اإلطالق .ولم يعد أحد أيضا -إال فيما ندر- يرفع عقيرته بكالم ال فكر فيه. فقد نضج البشر، ولم يعد ميسورا استدرار استجابتهم إال من خالل العقل نقد من فيه ما ذلك ويف املتأنية”. العميقة والعاطفة عصرنا إنسان الكتابة، زمن وإلنسان عصرنا، لثقافة اخلطابة مبالغات خالل من استثارته لسهولة احلالي،

واخلطباء.

ر تفك 104

ويدين يف يومية أخرى )ص. 64( الفصل بني اجلنسني، )واملقصود طبعا هو كان سائدا يف عصور سابقة الذي عصرنا احلالي( ويتساءل مستنكرا “ما مصيري لو كنت

من أهل ذلك الزمان البائس؟”زمننا يف السيارات حوادث كثرة الراوي ويستفظع احلالي )ص. 77( نتيجة “جنون السرعة”، التي ال تعدو أن تكون زحفا، إذا ما قورنت بسرعة املركبات يف عصره، جتهيزاتها وتخلف الشديد، الطرق ضيق عن فضال الفنية، وتخلف صناعة العربات، وعدم التزام نسبة كبيرة من الناس بقواعد املرور، واإلفراط يف تناول املشروبات حيث متاما، مختلف فاألمر عصره يف أما الكحولية. تبدو األوتوسترادات عظيمة االتساع، وهناك أجهزة إنذار الدقة، فائقة الصناعة ذات السيارات، داخل متعددة

وذات الوقود اخلاص.بني )55 )ص. اليوميات إحدى يف الراوي ويقارن وبني الثالثة، األلفية منتصف يف احلديثة، األسواق منظمة، األولى تبدو حيث املاضية، العصور يف مثيلتها الضغط طريق عن الطلبات وجتري مبوبة، ومحتوياتها األسواق عكس على املطلوبة، باملادة اخلاص الزر على كانت التي الكتابة( زمن يف ليبيا أسواق )أي مية القد

مثاال للفوضى واجلشع.القويري مفكرة يف احلالي، عصرنا يبدو هكذا يف بائسا، عقيما عصرا مباشر، بشكل املستقبلية، أخرى، وجوانب وجوه وثمة واجلوانب، الوجوه من كثير املخالفة، داللة وراء مواربا النقدي املنحى فيها يبدو السيما فيما يتصل بوضعية املرأة يف املجتمع، والعالقة بينها وبني الرجل، إذ يتوسل الكاتب نقد هذين اجلانبني، أي املفكرة، زمن يف لهما سوية صورة رسم خالل من يف زمن املستقبل، لكي يستبني القارئ صورتهما الدميمة

“القدمية” يف واقعنا الراهن.وعلى الرغم من أن النقد يقتصر تقريبا على اجلوانب السياسي، يطال اجلانب أن دون والثقافية، االجتماعية املباشرة للمواجهة تفاد تقية، ومن ويف ذلك ما فيه من مع السلطة، فإننا نالحظ يف مجمل منظور املفكرة موقفا نقديا واضحا للمؤلف حيال عصره وواقعه، وفيه كذلك إلى يرى تاريخي خطي صاعد، منظور على ينطوي ما

التاريخ اإلنساني بوصفه حركة متواصلة نحو مزيد من التقدم.

)4(أما زمن املفكرة، أي زمن املستقبل، فال ينقلنا يوسف القويري إليه، يف كتابه هذا، عن طريق آلة أو مركبة، كما فعل جورج هربرت ويلز مثال، يف روايته ذائعة الصيت إليه من خالل مدونة مكتوبة يف ينقلنا الزمن”، بل “آلة زمن لم يحن بعد. الالفت أن املؤلف لم يعمد - يف هذا الصدد- إلى اختالق “حكاية إطار”، تفسر واقعة العثور املفترضة يف وقتنا الراهن، على مدونة اليوميات املكتوبة السردي، اإليهام عملية تقتضيه ما وفق املستقبل، يف بني مضمر تواطؤ على تنهض التي عموما، واإلبداعي نص إلى مباشرة بنا يدلف أن آثر بل واملتلقي، الباث فيها، املستقبل يدل على زمن وما من مؤشر “املفكرة”، سوى التاريخ املثبت يف صدارة كل يومية، باإلضافة إلى ما يشتمل عليه كثير من اليوميات، أو بعضها على األقل، من أعاجيب ما تزال -بالنسبة إلى وقتنا الراهن- يف طور

احللم واخليال.رئيسني إلى منطني املفكرة يوميات وميكننا تصنيف يكون أن يعدو ال تقريري طابع ذو أولهما متداخلني، التصور، أو الفكرة خاللها من تعرض قصيرة، مقاالت لغة تتعدى ال اليوميات نصوص من القسم هذا ويف أدوات من يتبقى يكاد ال بحيث التوصيل، هدف النثر فن الكتابة األدبية سوى أسلوب يوسف القويري السلس والرشيق يف العرض والوصف، والذي يذكرنا من جديد

بأمثولة السهل املمتنع. وثانيهما لوحات قصصية، يكاد بعضها يكون قصصا الفرشاة ضربات نلمح وفيها التكوين، مكتملة قصيرة باملشاعر املشحونة الذكية املرهفة، واحلوارات السردية

والنأمات املضمرة، التي غالبا ما تنتهي بقفلة محكمة.يندرج يف إطار النمط التقريري املذكور أعاله، تصور املؤلف لشكل بيوتنا يف منتصف األلفية الثالثة، حيث يبدو إرتفاعات على واألرض، السماء بني “معلقا منها كثير كرة عن عبارة أي” باملنطاد، شبيه منها وكل شاهقة”، ضخمة من البالستيك، أنيق التصميم واقتصادي، متتد أمامه حديقة صغيرة تنبت زهورها وأعشابها بال تربة”

ر 105تفك

طاقة إلى الشمس أشعة بتحويل منها بيت كل ويضاء كهربائية تختزنها بطاريات خاصة”، ويستفاد من املفكرة أن البيوت تبنى من الورق املقوى، بدال من الطوب واخلرسانة بواسطة بيوتهم إلى” السكان ويصل واحلديد، واحلجر البالستيك من بدورها املصنوعة الهيلوكوبتر، طائرات امللون، وهي زهيدة الثمن لدرجة أن الطائرة الواحدة منها تساوي معطفا. يف النهار حني تسطع الشمس بال حاجب، غمامة وهي فوق سطحه، الظل “غمامة بيت كل يطلق حرارة سكانه تقي ومتحركة، دائرية نصف صناعية، الشمس، ومتتص بعض األشعة الضارة، وتهيئ ظال كبيرا أحياء بني ويتنقل ،)13-14 “)ص. كله بالبيت يحيط

مدينة طرابلس بواسطة ترام معلق سريع.بل تتحدث املفكرة عن تخزين أشعة شمس الصيف، من خالل مرايا هائلة، لصنع ما تسميه شمسا صناعية” تكاد جتعل الليل نهارا، ويتم توجيه حركتها الدورية عن بعد، واسعة مربعات فوق اخلريف، من وجزء الشتاء خالل من األرض تشمل أحيانا يف زواياها ثالث مدن أو أكثر، عليها تتساقط التي الريفية الضواحي إلى باإلضافة ولعلنا نالحظ لوقت محدد” )ص.20(. األشعة عموديا أن مثل هذه التطورات، املتعلقة بتوظيف الطاقة الشمسية حتديدا، قد أصبحت يف الوقت احلاضر- أي بعد أقل من خمسني سنة فقط من زمن الكتابة- يف متناول احلضارة

املعاصرة، أو هي قاب قوسني أو أدنى.ومتضي املفكرة بعيدا يف احلديث عن مفاعيل التحوالت اجلافة املناطق حتويل السيما العميقة، االيكولوجية والقاحلة إلى حقول خضراء، إلى درجة أن الصحراء لم يعد موجودا منها يف خريطة العالم سوى بقع رملية محدودة بغرض االختبار العلمي للبيئة الصحراوية” البائدة” )ص. 108(. وعوضا عن الرمال، تنتشر اآلن -بطول الصحراء القدمية )التي هي صحراؤنا احلالية( وعرضها –”الغابات واملدن العذبة الصناعية والبحيرات والبساتني واملزارع العامة واحلدائق احليوان وحدائق بالسكان املكتظة ومؤسسات الري العاملية اخلاضعة للجنة الطاقة الذرية يف خدمة السلم والتقدم” )ص. 109(. كل هذا التقدم يف الصناعي للسحاب معامل إقامة نتيجة جاء الهائل املناطق القاحلة تنسق عملها مع “مراكز التحكم يف الرياح

األرض، سطح فوق الهامة النقاط جميع على املنتشرة لتكييف مؤخرا د شي الذي اجلبار الرئيسي املركز ومع

نظام احلرارة يف أرجاء العالم” )ص.103(.وال تقتصر هذه الصورة الزاهية للحياة املتطورة الرغدة املدن سائر تشمل هي بل الغرب، طرابلس مدينة على والبدوية الريفية املناطق ذلك يف مبا الليبية، والبلدات النائية. “فمدينة غات الصحراوية احلالية مثال، تتحول يف مفكرة املستقبل إلى مدينة “غرزيل” الصناعية، وقرب “على كبيرة، اصطناعية بحيرة تنشأ “سرت” مدينة ويف الرخام، من دائري نصف كورنيش األيسر جانبها وبالقرب معرض باسقة مشذبة، أشجار األمين اجلانب كبير لألسماك، حتيط به حديقة واسعة”) )ص.102(. دور أربع عن الراوي يحدثنا الليبية، القرى إحدى ويف التي تقع حديثة للسينما، يختار منها سينما “السنبلة” على ربوة، “ويصلها بقلب القرية طريق عريض يلمع حتت األضواء، وتتناثر على جانبيه أكشاك الصحف واملأكوالت املظاهر هذه يف أنظارنا ويلفت )ص.51(. اخلفيفة” الزاهية وغيرها، ملستقبل احلياة يف القرى الليبية، مستوى ويف الريف، ألهل الرفيع واحلضاري اإلنساني التطور ومشاركتها للرجل، ونديتها املرأة، انطالقة ذلك مقدمة

الفعالة يف شؤون املجتمع والعلم واحلضارة.ويسافر الراوي، كما تخبرنا اليومية الثانية من مفكرته، الضوئية، “الفيزو” طائرة منت على بكني إلى لندن من التي تقارب سرعتها سرعة الصوت، يف رحلة لم تستغرق سوى بضع دقائق. وأطول خط لهذه الطائرة، هو اخلط تتجاوز ال مدة يف األرضية، الكرة حول الدائري، شبه

ساعة ونصف ساعة.وتتحدث املفكرة عن توصل اإلنسان إلى عتبة السرعة الضوئية، واستعداده لالنطالق خارج مجموعتنا الشمسية، “وحني تصل سرعة الصاروخ الذي يستقله اإلنسان إلى من كحزمة اإلنسان سيتراءى الضوء، سرعة مايقارب القوى” )ص.32-31(. وتتحدث عن “استنباط الوسائل التي جتعل اخللية قادرة على جتديد نفسها يف سن متقدمة “وهو ما يعني أن “املرء الهرم سيدخل مرحلة أخرى من اليفاعة” )ص.37-36(، دون أن تبني لنا املفكرة ما إذا يتعلق مبرحلة واحدة فقط يف حياة اإلنسان، كان األمر

ر تفك 106

أم أنه يتعلق مبشارفة التوق اإلنساني الدفني إلى اخللود واالنتصار احلاسم والدائم على املوت.

وعلى ذكر املوت، يعن لنا أن نتساءل: كيف ميوت البشر يتعامل وكيف املستقبلية؟ القويري يوسف يوتوبيا يف الراوي “ليس هناك من الناس مع موتاهم فيها؟ يجيب ميوت من املرض أو حوادث الطرقات والبحار والطيران، أو ميوت من اجلوع كما يف الهند القدمية )التي هي هند القرن العشرين( وليس هناك من يصرع يف ساحة حرب ال يعرف ملاذا سيق نحوها، بيد أنه يف هذا العصر )أي يف عام 2565( هناك من ميوت باملصادفة يف حوادث الفضاء واملختبرات اجلوفية )ص.14(، وهو ما يعني أن املوت سيظل، رغم ما يشهده عالم املفكرة من تقدم علمي وتقان مذهل، إحدى الظواهر واألسرار املرتبطة باحلياة

اإلنسانية.ويبدو أن طريقة التعامل مع جثث املوتى من البشر يف احلالية طريقتنا ستظل املفكرة، يف ورد كما املستقبل، نفسها، حيث يشير صاحب املفكرة إلى أن التطور قوض “معظم مظاهر احلياة اإلنسانية املاضية، لكنه -على ما يبدو- لم يصل إلى بعض تلك املظاهر” )ص.81(، ومن ومع البشر، من املوتى مع جثث التعامل ضمنها طريقة ذلك فهو يشير يف يومية أخرى، إلى انعقاد مؤمتر علمي عاملي مبدينة طوكيو، لدراسة تطوير طريقة دفن املوتى واألدوات املستعملة فيها، من خالل مشروع مقترح يف هذا الصدد “هو عبارة عن صندوق رقيق من املعدن يحلل املادة العضوية، وهي نفس املهمة التي يؤديها القبر العادي يف شروط رديئة. وقيمة التجهيز اجلديد تكمن يف اختصار العطن، وإبعاد الكيميائية التحوالت لهذه العادي الوقت كما أنه يوفر للتابوت احلديث وسيلة نقل خاصة لوضعه يف املقابر التي صارت أنفاقا مضيئة حتت األرض، بعيدا

عن األماكن املأهولة” )ص.82(.العواصف السيما الطبيعية، بالكوارث يتعلق وفيما اإلمساك من العلم متكن بأن املفكرة تفيد واألعاصير، الهوجاء طاقتهما “ووضع عليهما، والسيطرة بزمامهما املدمرة يف خدمة اإلنتاج والرخاء، ويتجه للسيطرة على

ظاهرة الزالزل األرضية” )ص.79-80(.“جميع بصهر اليوميات إحدى يف الراوي ويخبرنا

الدبابات واملصفحات والعربات احلربية يف العالم داخل تراكتورات إلى الفوالذ أطنان وحتويل املصانع، أفران وماكينات للتشغيل الصناعي وقطارات وآالت حفر. وجاء املخزون وإعدام اجليوش إلغاء أعقاب يف اإلجراء هذا

النووي وتوجيه الذرة نحو خدمة السلم” )ص.3(.

)5(هكذا يرزح عالم “ املفكرة “ حتت وطأة نظرة مثالية موغلة يف تفاؤلها وثقتها بالعلم وباملستقبل، حيث يتبدى بل متآلفا، متناغما مساملا خاللهما، من العالم، لنا اليعرف حروب، وال سالح وال جيوش بال ومتضامنا، الصراعات والتناحرات، وال االحقاد والضغائن، ويقترب واملتعددة املختلفة لغاتهم توحيد من جميعا البشر فيه إميانا بالعلم مؤمن عالم وهو مشتركة. واحدة لغة يف ومخططاته، وكشوفاته وفتوحاته ملنطقه وخاضع قويا، “من كتاب إن القول إلى يدفعنا أن ذلك من شأنه وكل مفكرة رجل لم يولد” إمنا يدخل فعليا يف باب اليوتوبيا

اإلنسانية.ومع ذلك، فما كل ما يتغياه العلم يحققه. حيث يستبان الذي الساحق املبيد أن )ص.89( اليوميات إحدى من استحدث للقضاء على البعوض والذباب، لم ينجح متاما يف استئصال هذه احلشرات، بل كانت النتيجة أن البعوض اجلديد اكتسب مناعة ضد املبيد، واكتسب خواص وأحواال وهيآت جديدة، كالطيران يف أسراب كثيفة، وإبداء نزعة

قتالية عدوانية، واستبدال الطنني بأزيز قوي.الراوي إلبادة يأسى يومية أخرى )ص.43-44( ويف العصافير يف ليبيا بدافع حماية املحاصيل، وإبادة النخيل أصبح حتى قرون، عبر االجتماعي بالتخلف الرتباطها رمزا لها، ويتساءل متأملا: ألم يكن ذلك شيئا بال مغزى؟ أليس للتقدم أخطاء؟ فيجيبه صديقه ضاحكا، وهو أستاذ العشب يقتلع جبار، محراث التقدم “إن النبات علم يف الضار، وينظف التربة، وقد يجتث بعض األشياء التي لم عظمة من يقلل ال ذلك أن إال مؤذيا، استمرارها يكن

نتائجه، بل وإنسانية تلك النتائج”.العلم عجائب من املفكرة عالم به يعج ما كل ورغم والتقانة، يف إطار من التغير الدائم الذي ميس الكائنات

ر 107تفك

واألشياء، يظل اإلنسان يشكو من القلق والرتابة والسأم )ص.27-26(، بل من شأن هذا التقدم املذهل، أن يغرب بآليته وماديته الصماء، مشاعر اإلنسان، ويجفف منابعه اجلوانية. ومن هذا القبيل ما ورد يف املفكرة عن اكتشاف نبات يف كوكب املريخ، متكن أحد علماء النبات والكيمياء حالة ملتعاطيها تسبب منه، تركيبة استخالص من وحينما متوالية. أيام عدة يدوم الذي املستمر االبتسام ليل يبتسم ظل العقار، هذا من جرعات الراوي تناول نهار، إلى حد أثار ضيق زوجته وبرمها، فقالت له “أنت تبتسم اآلن بال حساب وال شعور، لكن قبل هذه احلبوب

اللعينة كانت ابتسامتك مريحة”. )ص29(.الضوضاء من الراوي برم أيضا، القبيل هذا ومن النوافذ زجاج أن رغم مكتبه، حجرة إلى تتسرب التي حل عن البحث إلى دفعه ما للصوت، عازل واجلدران لهذه املشكلة، لم يلبث أن عثر عليه، يف صورة طالء جديد قادر على امتصاص األصوات، األمر الذي هيأ له أن ينعم بهدوء كامل مرمي، بيد أنه لم يلبث أن برم كذلك من هذا السكون الثقيل، فصرخ يف وجه زوجته: “ياله من هدوء!!

فلتكسري بعض األطباق” )ص.100 (.

)6(لعلنا نالحظ كيف أننا قد بدأنا نقترب من ملسة الفن الساحرة، يف ما أشرنا إليه وخلصناه من يوميات املفكرة، يف خواتيم الفقرة السابقة، وهو ما يؤدي بنا إلى استنطاق يف واضحا يتجلى الذي فيها، الثاني املستوى وحتليل مساحات متناثرة من القص املرهف، الذي هو أقرب إلى

اللوحات واملشاهد القصصية. يف إحدى هذه اللوحات -على سبيل املثال ال احلصر- بدأت التي األنوثة أمارات ابنته، مالحظا الراوي يتملى الزواج تريد ال بأنها تخبره بها يفاجأ ثم عليها، تظهر من ولغيرها لها املبكر، الزواج هو يفضل فيما مبكرا، واإلنساني، العاطفي االستقرار لهن يوفر ألنه البنات، لكنها تصر على التأني ألن االختيار يستغرق وقتا طويال، االختيار، يف سيساعدانها وأمها إنه لها يقول وحينما واألمر ميضي إلى هنا توافق ألنها ال ترفض خبرتهما. سلسا يسيرا، بل يبدو موغال يف بساطته وعاديته، لكن

اليومية ال تلبث أن تنتهي نهاية عذبة، تتحول بها فجأة من تعدو مبرح، “وانفلتت التلميح: أفق إلى التصريح أرض وشيعتها حتى اختفت وراء الباب، ثم همست لنفسي :ما التو سمعت زالت صغيرة، وأردفت: وما زلت شابا، ويف

ضحكة زوجتي خلف قفاي” )ص.4(.املشار واألسلحة اجليوش إلغاء خبر خلفية وعلى إليه آنفا، حتتج ابنة الراوي، املسماة يف بداية اليوميات باسم “سهام”، على تسميتها بهذا االسم، لكونه يدل على سالح، ويف محاورة وامضة تصر الفتاة على تغيير اسمها من بفيض شعرت “حينها الراوي فيكتب “سلوى”، إلى العاطفة، فابنتي ال تتحداني، لكنها تفكر وتختار، وتعيد

النظر يف كل شيء” )ص.31(.وحينما تقع ابنته “سلوى” يف احلب، تبث ألبيها انفعاالت ألنه الطب، طالب حبيبها، من يأسها ومشاعر غضبها أعار دفتر محاضراته لفتاة أخرى، ووقف معها يتناقشان

أكثر من نصف ساعة.ويشي هذا املوقف وسابقه بنمط العالقة بني األجيال، يف زمن املفكرة، وبالتحديد بني األب وابنته، املختلف عما عن فضال الكتابة، زمن يف أي زماننا، يف سائدا نراه واالنفعاالت املشاعر عالم ثبات إلى املضمرة اإلشارة الغيرة، هنا حتديدا يف مشاعر تتجسد التي اإلنسانية، األخرى املظاهر تشهدها التي الهائلة التحوالت رغم

للحياة.ينقل الطالق، عن وزوجته الراوي بني مناقشة ويف الراوي عن كتاب كان يقرأه يف هذا املوضوع، أن السبب الرئيس للطالق، هو إما سوء االختيار أو امللل اجلنسي، فترد عليه زوجته بأن السببني يف حقيقة األمر شيء واحد، وأن سوء االختيار- من وجهة نظرها- ينتج امللل، وحينما قال لها عابثا: “أتشعرين بأنك أسأت االختيار؟ ضحكت ومدت يدها فعم احلجرة ظالم”. ولعلنا نالحظ هنا مرة يف وحدها، املحكمة املكثفة القفلة تتكفل كيف أخرى، نص هذه اليومية، بانتزاع املوقف من عاديته وتقريريته،

لتسرحه طليقا يف براح الفن.وترصد يومية أخرى حلظة متوترة ملتبسة بني الراوي وتثور يف وجهه لسبب أنها تغضب التي الحظ وزوجته، تافه )ال يبلغنا به(، واليلبث ذلك أن يثير يف نفسه سؤاال

ر تفك 108

استنكاريا “ملاذا تبدو زوجتي هكذا؟ هذه املرأة املثقفة التي ورغبة باحترام لها اإلصغاء على األحيان أكثر جتبرني حقيقية يف الفهم، ملاذا تتصرف -يف بعض األوقات- كفتاة

صغيرة حمقاء؟” )ص.42(.جراء من وتوتر قلق الراوي ينتاب أخرى، يومية ويف تخطره أن دون البيت، خارج مشوار يف زوجته تأخر وملع “اقتربت الليل منتصف يف رجعت وحينما بذلك، اخلير، :مساء بتعب تقول وهي املصباح حتت وجهها قالت: يا عزيزتي؟ كنت :أين الغضب أغالب وأنا فقلت طويال، عيني يف حدقت ثم طارئ. اجتماع يف كنت وهمست بأسى: أحيانا تبدو كالطفل الذي ال يكبر أبدا”

)ص.61(.الالفت يف كل هذه املواقف واملشاهد، ويف سواها مما لم نعرض له أو نتطرق إليه، تلك الهشاشة اإلنسانية التي يتمظهر بها أحيانا سلوك الراوي وزوجته وابنتهما، يف زمن واالنفعاالت واألحاسيس باملشاعر يتصل فيما املفكرة، رغد من البشر، مع سائر به، ينعمون ما رغم حتديدا، وبلهنية، ومن تقدم باد يف مختلف مجاالت احلياة، ورغم املعرفة مستوى على به، يتمتعون الذي العميق الوعي والذوق اجلمالي. وهو ما يعني، يف منظور املفكرة وكاتبها، والعواطف املشاعر عالم يف والتطور، التحول وتيرة أن ستظل البشرية، النفس دخيلة يف الراكزة واالنفعاالت، أبطأ مبا أدق - ستكون -بعبارة أو ثابتة، أو شبه ثابتة نطاق يف املوار والتحول احلركة وتيرة من يقاس، ال عالم األشياء. ولعل هذا ما يفسر التجاء الكاتب إلى لغة اإليحاء والتلميح، كلما تعلق األمر برصد أو تصوير موقف إنساني، نفسي أو عاطفي، فيما يركن إلى لغة التقرير، املتطورة احلضارة شؤون من ذلك لسوى يعرض حينما

ومظاهرها.)7(

القويري يوسف “مفكرة” ملقاربة محاولة كانت تلك ال لكننا النص، داخل من حتليلية مقاربة املستقبلية، ما الداللة، آفاق من مزيد الستشراف كافيا ذلك نرى لم يتواشج معه محاولة مقاربة النص من خارجه أيضا، والسياسي، التاريخي، االجتماعي السياق أي من خالل السطور هذه كاتب اقتناع من انطالقا فيه، كتب الذي

بفرضية التعالق العضوي بني النص، أي نص، وبني سياقه التاريخي واالجتماعي.

سياق يف النص كتب الليبي، الوطني الصعيد على متلمل اجتماعي وسياسي من النظام امللكي، إبان النصف وطأة املاضي، حتت القرن ستينيات عشرية من الثاني الطبقة دائرة اتساع أولهما أساسيني، عاملني تأثير الوسطى وتزايد فئاتها، وتصاعد مطامحها يف احلصول املادية واملعنوية، يف إطار حتول على مزيد من املكاسب اكتشاف بفعل آنذاك، واالجتماعية االقتصادية البنية النفط وتصديره، من بنية زراعية رعوية هشة، إلى بنية وقوع وثانيها اخلدمي، االقتصاد عليها يهيمن ريعية دوائر واسعة من تلك الفئات الوسطى حتت تأثير النفوذ

اجلارف للمد القومي الناصري يف تلك السنوات. املد وصول إبان النص كتب القومي، الصعيد على القومي الناصري إلى ذروته، يف املنطقة العربية بأكملها، ثم انكساره الفاجع يف هزمية 1967 املدوية، وما ترتب وانهيار العربية، الشعوب لدى إحباط حالة من عليها

للمشروع القومي التحرري الوحدوي برمته.العالم شعوب كانت فقد العاملي، املستوى على أما املعسكرين بني شرس إيديولوجي صراع رهينة تعيش الرأسمالي واالشتراكي، وحتت التهديد املتواصل بانفجار احلرب النووية، التي من شأنها -إن وقعت- أن تأتي على

األخضر واليابس يف كوكب األرض برمته.هذه ضوء يف النص، قراءة خالل من سنالحظ التي اإليديولوجية، الرطانة من متاما خلوه السياقات، السنوات، السيما يف بعض تلك كتابات كانت شائعة يف ما كان منتسبا منها للمدرسة الواقعية، لكن ذلك ال يحول ثم وثقافيا -ومن أدبيا ردا النص أن نستشف يف دون إيديولوجيا مضمرا- على أسئلة تلك املرحلة وحمولتها

التاريخية.محليا لعلنا الحظنا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أنه يعني الرضا، ما الواقع بعني إلى ينظر النص ال أن يف متسقا، النص بدا ولئن جتاوزه. على ضمنيا يحث توجهه املستقبلي املتفائل، مع حالة صعود املشروع القومي الهزمية أن هنا، حقا النظر يلفت ما فإن التحرري، املدوية التي حلقت بهذا املشروع يف يونيو 67، لم تؤد إلى

ر 109تفك

إجهاض النص أو وأده قبل أن يكتمل، السيما إذا تذكرنا أن بعضه كتب ونشر قبل كارثة الهزمية، وبعضا آخر كتب )ونشر أيضا( بعدها، ولم يدفعه اإلحباط الناجم عن تلك الهزمية، إلى النكوص نحو املاضي، كما حدث مع العديد بالنص ميضي وجدناه بل ومبدعيها، أمتنا مثقفي من قدما نحو املستقبل، يف حتد مضمر للهزمية، وكل ذلك يدفعنا إلى حسبان هذا النص إسهاما حقيقيا يف ثقافة

التجاوز واملقاومة.)8(

الالفت اجلميل النص كتابة هذا وبعد؛ فقد مر على قرابة نصف قرن، تدفقت حتت جسره مياه غزيرة. وألنه نص يحرضنا على اخليال واملقارنة، يطيب لنا أن نتساءل :ترى هل حتقق شيء مما تنبأ به، أو توقعه أو حلم به، بعد كل هذه العقود من الزمن؟ ولو قيض للكاتب أن يعيد بنفس سيكتبه ترى يا هل احلاضر، الوقت يف كتابته األمل والتفاؤل، أم أن ثقل ما مر عليه من سنني طويلة، السياسي املسار من عاما أربعني على يزيد ما ظل يف املستويني على واملتراجع، املشوه والثقايف والتنموي إلى ينظر سيجعله العاملي، وحتى بل والقومي، الوطني

األمر نظرة مغايرة؟قد تستعصي علينا مقاربة اإلجابة عن السؤال األخير، لذا ليس لنا إال أن نتركه مطروحا يف مهب االحتماالت، بأن نقر أن لنا جاز فلئن األول، السؤال بخصوص أما بعض املسائل العلمية والتقانية الواردة يف يوميات املفكرة قد حتققت، وأن بعضها اآلخر يقترب من التحقق، فإن حال أي وعلى والتمني. احللم قيد يزال ما منها كثيرا فإن مفكرة القويري املستقبلية اجتهدت أن تقدم لنا، إلى جانب نقد الواقع، مستقبال يتراوح بني املمكن واملأمول، أو هو مزيج من اإلثنني، وذلك ما يجعلها حتتل بجدارة، أدب ليس يف املعاصرة، الليبية ثقافتنا الريادة يف مقام اخليال العلمي فحسب، بل ويف مجال اليوتوبيا أيضا، وما يدرجها - على هذا الصعيد - ضمن النصوص اجلديرة بالدرس واالهتمام. فهل نطمع يف أن نرى وزارة التعليم ثقافية وتربوية، الكتاب، مادة تبني هذا إلى تبادر العام وتقرر إدراجه ضمن مقرر املطالعة العامة إلحدى سنوات

املرحلة الثانوية العامة؟

الهوامش:1- وردت هذه التسمية االصطالحية املقترحة، يف مقدمة الطبعة الثانية من كتابه »خيوط رفيعة«، الصادرة عن املنشأة الشعبية للنشر سجلت ص.5. ،1981 طرابلس، واملطابع، واإلعالن والتوزيع املنشأة املذكورة يف الغالف الداخلي عن هذه الطبعة أنها األولى، يف حني أن الطبعة األولى كانت قد صدرت، عام 1971، عن اإلدارة التسمية للثقافة، وزارة اإلعالم، طرابلس-ليبيا. كما وردت العامة املنشأة الصادرعن احلبر«، من »قطرات كتابه مقدمة يف أيضا العامة للنشر والتوزيع واإلعالن، الطبعة األولى؟!، 1983، ص.7، ونطبق املالحظة السابقة نفسها على هذه الطبعة التي هي يف واقع األمر الثانية، ألن الطبعة األولى كانت قد صدرت، خالل النصف

الثاني من سبعينيات القرن املاضي، عن الدار العربية للكتاب.2- سبق لي كتابة مقالة حتليلية عن كتاب »الكلمات التي تقاتل«، حاولت فيها آنذاك مقاربة ما ينطوي عليه من رؤية نقدية وثقافية اجلديد الفجر بجريدة 1977 عام املقالة نشرت وقد عميقة. الليبية على حلقتني، ثم بادرت مجلة املنتدى العربي الثقافية، التي كانت تصدر بلندن، إلى إعادة نشرها يف عدد شهر أكتوبر من العام ومتابعات آراء آخر. »أفق كتابي مواد ضمن أدرجته وقد نفسه، يف الشأن الثقايف الليبي« الذي صدر عن منشورات مجلة املؤمتر،

مبدينة طرابلس الغرب، يف شهر أغسطس 2002.3- يتركز االهتمام يف ما يسمى »أدب اخليال العلمي الناعم« على األبعاد الفلسفية والنفسية والسياسية واالجتماعية، أكثر من يسمى« عما يختلف بذلك وهو والتقاني. العلمي بالبعد االهتمام ذلك، من العكس على يتميز، الذي اخلشن« العلمي اخليال باالنضباط العلمي، ويحتل فيه اجلانب العلمي مركز االهتمام. ملزيد

من التحليل التأصيلي لهذين املفهومني انظر: العبد، محمد، اخليال العلمي، إستراتيجية سردية، مجلة فصول، العدد 71، صيف وخريف 2007، القاهرة، الهيأة املصرية العامة

للكتاب.من نقتبسه ما ويف التحليلية، املقاربة هذه يف سنعتمد -4 « القويري يوسف األستاذ كتاب من الثالثة الطبعة على شواهد، الرواد دار عن ،1997 عام الصادرة يولد«، لم رجل مفكرة من الشواهد كثرة إلى ونظرا ببيروت. اجليل ودار الغرب، بطرابلس واإلحالة إلى هذا الكتاب، فسنكتفي داخل منت املقالة باإلشارة إلى

رقم الصفحة، دون اإلحالة يف كل مرة إلى الهامش.

هـذا ليــس زمــن الشعــــــر..

بهذا التقيت أين وال بالتحديد، بدأ متى أعرف ال أحدد أن أستطيع الشعر. اسمه الذي الغامض الكائن تقريبا زمنه ومكانه عبر فسحة وقت من التوق ألن يكون

ألحدنا مكان مختار يف جغرافيا هذا الوهم اللذيذ.خالء واملكان املاضي، القرن سبعينيات الزمن كان أن تعلمت وحينذاك هناك صاخب. بفراغ مزدحما أوشوش الكائنات بجانبي، وأن أالحق بدهشة وخدر تلك الكلمات املرتبة بعناية على الورق األبيض، وأغبط ناثريه الكلمات تلك املارقة. الكلمات إلى التودد حنكة على نقابلها التي الكلمات نفسها اليومية، املألوفة يف حياتنا تتحول كيف املقيتة، التاريخ مناهج يف عابس بوجه بكيمياء ساحرة إلى حدائق من املجاز نتنزه فيها صحبة

عشيقات محتمالت.أحببت هذه الشعوذة النبيلة، وسقطت يف حبائل هذه الكيمياء التي جتعل من الكالم املبتذل حقل أحالم هي من

اجلموح لدرجة أنها ستغدو فيما بعد أوهاما أكبر.وغزلي مفترضة حبيبة إلى رسائلي الشعر كان السرمدي يف صداقات لم اكتشفها بعد، ومديحي املطرد لكل ما من شأنه أن يجعل احلياة أجمل. وكان فوق ذلك بخطر. أحسست كلما كقنفذ استنفرها التي أشواكي وكان يراودني إحساس بأنني بهذه الكلمات املرتبة بعناية الشعوذة وبهذه املتعالية، الطبيعة قاموس من واملنتخبة الكون من املنسية البقعة هذه أجعل أن ميكن األنيقة، من غفلة يف تسرب دبابات سرب أقصف وان أفضل،

التاريخ إلى غرف نومنا.كنت، وكان العديد من الرفاق املوقنني من طاقة الشعر، نعتقد أن ليبيا هذه غزالة شردت عن قطيعها فتاهت يف أدغال ال تعرفها، وأن ما يحدث استثنائي وغير وارد طبق منطق الكلمات املرتبة بعناية، وأن هذا الوطن الطيب حد التاريخ عائدا من مدرسة كان اختطف حينما الدروشة بصلة ميتون ال اختطفوه من وأن بيته، إلى االبتدائية إليه وال إلينا، وأن عودته ممكنة باملزيد من تقصي األثر ومن نزيف احلبر املؤمن بعدالة القضية. كنا ورعني حد محكمته، ونزاهة التاريخ حكمة من وواثقني التصوف

وبأن عودة الوطن الضال يقني ال مراء فيه.بوصلة يثقون يف نشيد شعرائنا، ممن كان كله لذلك احلبر التي ستعيد الغزالة التائهة إلى قطيعها، هو احلرية محاولة أو توصيفها عنت حتمل دون احلرية هكذا -تفتيش أرشيفها األحمر الغاص بأشباح القتلة وهم يتغنون املفردة هذه اشتقاقات بكل اإلنسان نشيدنا وكان بها. الغامضة، دون أن نتفحص تعقيد هذا االصطالح، وكأن أو متناسني مفارقة اإلنسان فقط هو الضحية، مهملني

املصير العابثة التي كم جعلت من الضحايا جالدين.للتعدد يف كونية كاستعارة بأبهة يف قوس قزح تغزلنا زمن سطوة اللون الواحد... واستدعينا من مقابر التاريخ واخلصب والبعث التمرد رموز واألساطير واملالحم على املائلة التالميذ حقائب واستلهمنا والقيامة... ظهورهم كأمل حقيقي يف متناول احللم... وصار لدى قلة

)اعتذار عن عدم املشاركة يف أمسية شعرية(

سامل العوكلي

,, مقاالت

ر 111تفك

من الشعراء مازالت تؤمن أن ما حدث استثنائي، عقيدة جمالية بأن ثمة عصابة هبطت من اجلحيم تختطف ما

كنا نعتقد بشدة أنه الوطن.أصبح لهؤالء الشعراء حبيبة واحدة باملواصفات نفسها الشعر حدس من الواثقون والقراء لواعجهم، يبثونها يؤولون احلبيبة النمطية على أنها ليبيا وال أحد سواها... وكان كل شاعر تضبطه زوجته متلبسا يف قصيدة، يبتسم ليبيا استعارته: هذه واثقا من ويقول ببراءة شديدة لها

وال أحد سواها.صارت مفردة الوطن أكثر املفردات رومانتيكية، وشفرة مقدسا مجازا الوطن أصبح حتى قصيدة، لكل ممكنة من شأنه أن يسمو بالنص عن أي نقد ينال منه، وفضاء مطلقا خاليا من الزمان، وخاليا من املكان، وخاليا حتى

نعتقد كنا الذين البشر البشر، من ماداموا إنسان جمع ميثلون أنهم

ضحايا...أنت ما بقدر جدا إنسان فأنت ضحية جدا. هذا هو كوجيتو املرحلة إلى طاولة زهر املفاهيم الذي حول ورمية نرد عمياء. أما اجلالدون فهم كوكب من جاءت متوحشة كائنات كما واإلنسان الوطن لتخسف آخر

يف أفالم اخليال غير العلمي.هذه حصيلة كانت النهاية ويف

الشعوذة وطنا ال وجود له سوى يف أطلس احلبر، وإنسانا لم نقابله حتى اآلن، ويقينا موقنا بأن هذه القيم مؤجلة احلتمية نذور تطمئننا كما املختطفون يختفي حتى

وصيرورة التاريخ.تؤمن ال التي - التاريخ لوصايا ورع بكل ومن يصغي سوى باألحداث العظيمة - يسهو عن سماع تلك األصوات اخلافتة وهمس احلياة اليومية وأنني النزوات الصغيرة، التاريخ احلقيقي لإلنسان؛ وأنى التي يف مجملها تشكل تواريخ أكداس وسط اإلنسان تاريخ على نعثر أن لنا األمم؟ كفرنا مبفهوم اللحظة يف ذروة اعتناقنا للدميومة وبالتالي فقدنا اإلحساس بالزمن؛ وما الشعر دون زمن إال مجرد كلمات لطيفة مرتبة بعناية على ورق أبيض صقيل.

عبر هذا اإلصغاء الورع كنا ندرك أن حدثا كبيرا آخر سيحدث استجابة ألدعية قصائدنا، وسيصرح كل شاعر ورع بأنه كمشعوذ ناجح تنبأ بالثورة يف قصائده: سيدلي مجددا بكل سياق أو مفردة حتمل إشارة أو إيحاء؛ مثل العنقاء أو الربيع أو املطر أو الشمس املشرقة يف منتصف الليل أو احلبيبة الناهضة من نومها أخيرا. وتلك الشعوذة الشعرية تدين بنجاحها املفترض لشعوذة التاريخ نفسه. ولم نكتشف إال مؤخرا، أو لم نكتشف بعد، أن الشعر يف حقيقته مضاد لقوة إقناع التاريخ أو باألحرى للعبته، ألن املنسية وسط األصوات لتلك ينصت أن به اجلدير من تاريخ مواجهة يف اإلنسان تاريخ يكتب وأن اجلعجعة،

األمم.أدعيتنا استجابة أن ندرك أن علينا كان حينها، ومجازاتنا ونبوءاتنا ال تكون بالتخلص أنها ال متت نعتقد كنا من عصابة، للمكان وال للزمان وال لنا بصلة، وأن األمر أكثر تعقيدا من هذا االختزال املخل بالقيم اجلمالية وغير اجلمالية

للشعر وللحياة نفسها.من التحرر دون احلرية فنيل أفكارنا القدمية التي تربت يف كنف يجعلنا ال الطغيان، مع التواطؤ بالضرورة أحرارا. واليقظة املفاجئة من الكابوس ال تعني أن اخلوف رحل دون عودة، أو أن هذا الكابوس لن يعود من جديد متنكرا يف هيأة حلم ال يقوى على أن ينعش لذته بوعي مختلف.

كما أن غمس السبابة يف الصباغ البنفسجي ال يعني أن الدميقراطية صارت واقعا ملموسا.******

حني كنت يف القاهرة، بداية انتفاضة فبراير، لطباعة األعداد األولى من جريدة ميادين، قال لي صديق مصري: حني رأيت أحد الثوار يقود دبابة يف أحد شوارع بنغازي وقد كتب على ماسورة مدفعها “سلمية... سلمية”، عرفت

أن هذه الثورة املجنونة ستنجح.اجلنون ورمبا مجنونة تكون أن للثورة يصح أجل، الثورة بعد اجلنون يستمر أن لكن لنجاحها؛ ضروري

فأنت إنسان جدا بقدر ما أنت ضحية

جدا. هذا هو كوجيتو املرحلة الذي حول

املفاهيم إىل طاولة زهر ورمية نرد عمياء..

ر تفك 112

إلى عودة الطرق النهاية هو أقصر فمحض جنون، ويف التي ال تتوقف تنتهي، متاما الثورة الكابوس من جديد.

كما قالت رفيقة كاسترو لزوجها وهي حتتضر.كوكب من يأتوا لم اجلالدين أن مبكرا عرفنا لو آه آخر، لكنهم كانوا نتاجا طبيعيا لهذا املكان وهذا الزمان، مازال مشعوذ ولتاريخ قاسية جلغرافية طبيعيا نتاجا ميارس خداعه البصري والسمعي؛ وأن هذه البيئة التي أنتجت الطغاة مازالت قادرة على أن تضخ املزيد منهم، وأن املتفرجني على اللعبة دائما سيكونون هم الضحايا، وسنظل ننعتهم يف قصائدنا باإلنسان مجموعا، وسيظل املنظمات ترف اإلنسان، حقوق حقوقهم، عن احلديث التراتيل، تلك املنظمات التي تقتات على هذه اإلنسانية التي حتولت إلى االهتمام بحقوق اإلنسان يف العالم الثالث يف باحليوان الرفق نصوص تكريس من فرغت بعدما

مجتمعات عن لها يوما أن تتحكم يف التاريخ، وأن تفكر يف حلظة شعرية الوطن، من أهم املواطن أن متقدة يصنع الذي هو اإلنسان تاريخ وأن

تاريخ األمم.************

اإلعدادية املرحلة يف كنت حني احلصة من البرم املعلم علينا وزع

أوراقا مكتوبا بها سؤال تقليدي عما نرغب أن نكونه حني نكبر؟ كتبت: شاعرا؛ فقال لي بغضب: الشعر ليس مهنة؛ فكتبت: آخر، خيار يف فكرت أكن لم آخر. شيئا اكتب طيارا. رغبتان لم يكن يجمع بينهما شيء سوى التحليق

فوق السحاب.مبهارة مقاومة السحاب فوق حتلق قصائدنا كانت األحالم... متناه من األرض، حتلق يف فضاء ال جاذبية آسف لم نكن نحلم فعال لكننا كنا “نهترس”، ألننا نسينا

كل شيء مبجرد أن استيقظنا. احلارة األرض المسنا وحني السحاب فوق حقا كنا فجأة هالنا ما رأينا؛ تلك القبور التي تتكاثر دون هوادة يف تراب وطننا )الغالي(، وتلك الفوهات النارية املصوبة يندبون الذين وأولئك أحد، وال أحد كل إلى مبرر دون

وطنا ضاع يف اللحظة التي عثروا فيها عليه.

فهل غدا للشعر مكان وسط هذه الفوهات املتثائبة قرب وأنا حني شعرية جملة اقترح أن باإلمكان هل أسرتنا؟ أدير مفتاح سيارتي ينقبض جسدي توقعا النفجارها؟ هل

ثمة أصابع شاغرة لقلم وكل األصابع مشغولة بالزناد؟ السياسيون يختطف حني للشعر مكان ثمة هل تنتهي ال ألكاذيب مادة ويجعلونها اللغة والعسكريون

وشتائم ال تستحي؟األخبار نشرات تسرق حني للشعر فرصة ثمة هل

املؤدجلة كل صنوف االستعارة والكناية واملجاز؟أو تصادر رصاصة طائشة للشعر حني ثمة حظ هل

غير طائشة، اخليال، كل اخليال؟هذه إن القائلون: يقول ما أكثر وما قائل، يقول قد لنهاية تداعيات طبيعية ذلك كل وإن منها، البد مرحلة

نظام غير طبيعي. كل ذلك حق... ولكن احلزن وبعض حق... كلها أيضا واخليبة اليأس

فامنحوني حق أن ال أقرأ شعرا.واعذروني..

يوما ستعود املختطفة اللغة لعل دون أن ندفع فدية، ويكتب الشعراء اآلمن املقبل، وطنهم يف املقبلون

والسعيد:عن فراشة حطت بأمان على كراسة تلميذ يف احلصة

األولى..أن دون املدينة ريف يف العشب ترتع غزالة عن أو

جتفلها رصاصة..أو عن أم تنتظر أبناءها على الغداء وهي على يقني أنهم

سيأتون يف املوعد..صغير ريفي بيت من تتهادى هادئة موسيقى عن أو

حتبو أزهار املنديليا على عتبته..أو عن امرأة ليبية تسير يف الشارع منتصف الليل دون

خوف..الغزالن بحماية تطالب الشارع يف مظاهرة عن أو

وطيور احلجل..أو عن شاعر مات كما يشتهي بعد أن ترك قصائد عن

الفراشات واألمومة واملوسيقى.

كنا حقا فوق السحاب وحني المســنا األرض احلـــارة فجـــأة هالنا

ما رأينا..

ر 113تفك

تأمل القوى الوطنية يف ليبيا مبختلف أطيافها عقد يتهددها من مخاطر. ويف البالد مما ينقذ حوار وطني للتحليل الوطني احلوار مفهوم يطرح الندوة، هذه العام، إطاره ومقاربة له، التأسيس بهدف والتأصيل، نقاش عبر وذلك أهدافه، حتقيق يف فرصه وتعظيم دالالت هذا الصنف من احلوارات وضوابطه وآلياته وفن

إدارته.

محاور الندوة• دالالت مفهوم احلوار الوطني

• ضوابط احلوار الوطني وآلياته وعوائقه ومحاذيره وفن إدارته

• التوافق حول الهوية الوطنية مطلبا مسبقا للحوار الوطني

برعاية مجلة تفكر، عقدت ندوة حول احلوار الوطني مساء يوم 30 نوفمبر 2013، بقاعة مركز الدراسات مبدينة واالجتماعية، واالقتصادية السياسية والبحوث بنغازي، شارك فيها كل من: د. جمعة اعتيقة، د. محمود بوصوة، ود. جنيب احلصادي. وقد حضر الندوة جمع من املثقفني واألكادمييني والنشطاء السياسيني واحلقوقني،

وأعقبها حوار استغرق أكثر من ساعة.ويف مداخلته التي ارجتلها أكد د. اعتيقة أهمية ضبط بني حتديدا والتمييز املفاهيم، وحتديد املصطلحات احلوار والتفاوض والوساطة، كما بني أن احلوار الوطني

الوطنية، الهوية ويحدد األولويات يرتب مشروع شامل وال يقتصر على حل املشاكل بني املتنازعني، ما يتطلب وإدارة وفعاليته، جداواه يضمن نحو على له اإلعداد

محايدة مستقلة تكسب ثقة املشاركني. الدكتور جنيب احلصادي محاضرته، ألقى بعد ذلك ويف جلسة أخرى ألقى الدكتور محمود بوصوة محاضرته،

وكلتاهما مدونة يف الصفحات التالية.

احلوار الوطني: الدالالت واألطر والضوابط

ر30 نوفمرب 2013 برعاية تفكقاعة مركز الدراسات والبحوث السياسية واالقتصادية واالجتماعية

نـدوة العدد,,

ر تفك 114

)objectives( أهداف )process( عملية لكل تسفر )products( ونتاجات حتقيقها، إلى تسعى النتاجات عنها، حيث يقاس جناح العملية بقدر تقارب من األهداف. يسري هذا على فالحة األرض بقدر ما وحتى الدستور وصناعة القدم كرة لعب على يسري

ممارسة العلم. يتوقف جناح بعينها، نتاجات وكأي عملية تسفر عن احلوار الوطني يف حتقيق املرجو منه على استيفاء عمليته استحقاقات أهمها: ركائز ومبادئ حاكمة يرتهن مصيره بالتأسيس عليها، وآليات وضوابط يتوقف جناحه على

تطبيقها، ومحاذير وأغاليط يفشل بالوقوع فيها.اإلحاطة إلى األقرب تعريفه يف الوطني واحلوار والشمول عملية تشمل طيفا واسعا من األطراف، وتتيح فرصة لتبادل اآلراء واألفكار والرؤى، وتسعى إلى حتديد ومناقشة ومعاجلة مسائل مشتركة، وصوال إلى تشكيل اتفاق حولها، وتخطي ما تواجهه البالد من مصاعب أو

اختناقات أو أزمات )ماري زهار(.وتتعني ركائز احلوار الوطني التي يلزم التأسيس عليها يف الشمولية والشفافية والتوافقية، واإلعالء من الصالح اآلخرين، جهود على واملراكمة اخلاص، على العام والركون إلى اخلبرات املحلية والدولية، وااللتزام بآداب

احلوار. والشرائح الفئات مختلف متثيل الشمولية وتعني والتيارات على نحو يجعل احلوار متاحا لكل من يتوقع أو أحد يقصى فال قرارات، من عنه يسفر مبا تأثره فرص فيه املشاركني لدى تكون وال عالقة، ذات جهة

متفاوتة يف التأثير يف عملية التشاور. ومفاد الشفافية يجري ما على للتعرف سبيل املواطنني لدى تكون أن معرفة تتسنى بحيث مراحله، مختلف يف احلوار يف القوى األحرص على الصالح العام، وتلك األحرص على سياسة اتباع فيعني التوافق أما اخلاصة. مصاحلها وقد واالقتراع، التصويت من بدال واإلقناع، التراضي يجعلنا نتبنى خيارات ملجرد قدرتنا على التعايش معها.

التي التعددية، التوافق على مصادرة وتتأسس ركيزة مؤداها أن يفترض كل طرف مشارك يف احلوار أن مبلغ ما لديه من احلقيقة نصيب، وأن الظفر باحلقيقة كاملة ال يتسنى إال عبر رؤية يسهم فيها كل بقدره. وألن بعض من يشارك يف احلوار الوطني ال تتسع ضمائرهم لفهم هذا األمر، ينبغي على األطراف األكثر استعدادا لفهمه حتمل عبء الصبر على األطراف األقل استعدادا لفهمه ومحاولة إقناعها بضرورته. خالفا لذلك فإنها تخاطر بفرص وتخاطر والتداول، التواصل سوانح بتقويض شعب بأكمله ووطن بأسره يف العيش والتعايش يف أمن

وسالم.وتتأسس مصادرة التعددية على حقيقة أن املتيقن ال يحاور بل يسعى إلى فرض وجهة نظره. وفعل التيقن، مبا يترتب عليه من قطع وتشبث، إمنا يفضي إلى االستبداد أنه محق يعتقد فالذي احلكم، والطغيان يف الرأي يف يلزمهم أنه بداية يعتقد سوف مخطئون اآلخرين وأن حتى يلبث ال ثم مبذهبه، واالقتداء مبوقفه التأسي تسول له نفسه مصادرة حقهم يف التعبير عن أنفسهم، وقد يذهب إلى حد التضحية مبن يخالفه يف مذهبه إما

احلـــوار الوطنـي:ركـــائــز وضــوابـط وحمـاذيــر

,,

جنيب احلصادي

مستلزمات العدالة أول مستلزمات احلضارة..سيغموند فرويد

ر 115تفك

تزلفا لنعيم دنيوي أو قربانا لفردوس أخروي.وألن احلوار الوطني أداة تتوسلها األمم والشعوب يف وقت املحن واألزمات، حني تكون على شفير صراعات ما غالبا العواقب، مجهولة ملخاطر أوطانها تعرض الصالح على العام الصالح تقدمي على أيضا يتأسس تقدمي نحو السعي يكون أن ينبغي أنه غير اخلاص. الصالح العام على الصالح اخلاص يف ضوء حقيقة أن رؤى أطراف احلوار قد تختلف يف فهمها ملا يعنيه هذا يجده قد الوطن يعتبره طرف يف صالح فما الصالح، آخر أوثق سبيل لهالكه. وحسب مصادرة التعددية، يف إعالء الوطني أطراف احلوار يتوجب على جميع حني مصلحة الوطن على املصالح اخلاصة، ينبغي أال يتشبث

أي منها بتصوره ملا تعنيه هذه املصلحة.وثمة رؤيتان يف الدور الذي يقوم به الصالح اخلاص يف احلوار الوطني. يف املثال الكالسيكي تبدأ األطراف بآراء متعارضة حول ما يشكل الصالح العام، وغالبا ما مختلفة لبدائل الداعمة املبررات عرض عقب تخلص إلى رأي تتوافق عليه، أي رأي يرضى به كل طرف وإن لم يرض عنه. ووفق هذا املثال يتأسس احلوار الوطني على أسباب محايدة ال تعتد باملصالح اخلاصة. غير أن هناك تصورا أكثر واقعية يقر أن املشاركني يف السياسة الذين وأن أنفسهم، هم تخصهم قرارات يتخذون عنها، بالدفاع أولى معرفة أفضل مصاحلهم يعرفون وأن التصريح باملصالح اخلاصة يعزز عمليات املكاشفة وأن واملواربة، التعتيم احتماالت من ويقلل واملصارحة ل فيه مختلف شرائح املجتمع الصالح العام يف حوار متثقد يتماهى ومجموع مصاحلها اخلاصة، وكل هذا إمنا الصالح على العام الصالح قيمة من اإلعالء أن يعني يعني ما بقدر اخلاص الصالح نبذ يعني ال اخلاص العام، التضحية به إذا كان يشكل خطرا يهدد الصالح أي حول التفاوض يلتزم أن األحوال كل وجب يف وإن اإلنسان وحقوق باإلنصاف تتعلق عامة لقيود مصالح

وحقوق األقليات )جني مانسبردج(. من منحى آخر، قد يلتبس مفهوم احلوار الوطني مع مفاهيم قريبة النسب كاجلدل والسجال واملنافحة. ويف هذا السياق نلحظ أنه على الرغم من الدور الذي تقوم

املتخذة املواقف به األنساق املؤدجلة يف حتديد طبيعة مقاما ليس الوطني احلوار فإن خالفية، مسائل من مناسبا للدفاع عنها، وال لتأليف القلوب وحشد األشياع أن يسفر عن أي يتوقع ملثل هذا اجلدل لنصرتها. وال هناك ليست أنه أقلها ليس ألسباب إيجابية، نتائج القيمية فاألنساق حسمه، على قادرة مستقلة معايير والفكرية غالبا ما تتضمن خلسة أو صراحة معاييرها ضد مبدئيا محصنة يجعلها ما اخلاصة، التقوميية

القابلية للقياس وفق أي معايير محايدة. العابر بالظريف الوطني يرتهن احلوار أال أيضا يلزم أسس وضع على يركز وأن القار، القادم حساب على اتخاذ وعلى املجتمع يشهدها التي الكبرى للتحوالت مواقف مفصلية ومصيرية. غير أن هذا ال يعني غض وتسبب تتفاقم قد التي الراهنة، األزمات عن الطرف صراعات دامية تقوض إمكان وضع أي أسس واتخاذ أي

مواقف بصرف النظر عن دميومتها. بها قامت جهود من اإلفادة املراكمة ركيزة وتعني آليات جهات أخرى، دولية ومحلية، ولذا فإنه من أهم احلوار الوطني الناجح االطالع على جتارب شعوب وأمم مرت بظروف مشابهة ووجدت يف احلوار الوطني وسيلة لتحقيق األمن والسلم االجتماعي. غير أنه يتعني الركون إلى التجارب الدولية دون اجلور على خصوصية التجربة الكشف أهمية الضبط مكمن املحلية، وهذا على وجه

عن اخلصوصيات التي يتمزى بها املجتمع املحلي. ومن هذه اآلليات أيضا تشكيل جلنة صياغة تستقبل املبادرات املحلية التي تقترحها جهات مختلفة يف املجتمع، التحوالت أزمنة يف وتتناسل تتكاثر ما عادة والتي إلى احلاجة يولد ما الكبرى، والسياسية االجتماعية األطراف متونها من بينها، وحتدد تنسق محايدة جهة النسبية واألوزان احلوار، يف مشاركتها على املجمع بني املشترك صياغة على وتعمل منها، طرف لكل وإدارة عليها، املختلف املسائل املبادرات، وحتديد هذه عليه، املختلف يف تخوض املبادرين بني نقاش حلقات بحيث يبلور يف النهاية عدد قليل من املبادرات، ثم يشرع وفرص ملناقشاتها. الوطني احلوار جلسات عقد يف أو مبادرة غياب يف ضئيلة النجاح يف الوطني احلوار

ر تفك 116

مبادرات متوافق عليها، فلكل حوار مجد أرضية ينطلق املقترحة اآللية تشكل وقد عليها، ينهض وركائز منها وسيلة مناسبة لتحقيق هذه املهمة. وال ريب يف أن هذه اآلليات سوف تعزز الثقة يف حياد اجلهة التي توكل إليها مهمة إدارة احلوار، فمن يضع قواعد اللعبة ال يشارك يف اللعب، ومن يهيئ طاولة احلوار ال يجلس عليها. ثم أن التوافق وفق أحد تعريفاته إن هو إال جتمع حول األفكار أجل من عليه املختلف حول واحلوار املشتركة والرؤى

االتفاق بشأنه. ومن آليات احلوار الناجح األخرى حتديد بديل حلسم اخلالف حول أي مسألة يف حال فشل األطراف املتحاورة يف الوصول إلى توافق بشأنها، ومن هذه البدائل إحالة البت فيها إلى جلنة خاصة يتعهد اجلميع بااللتزام مبا

تخلص إليه. ومن املفيد أيضا حتديد دالالت املفاهيم ألن االتفاق نقاش يف الوقت إضاعة احلوار أطراف يجنب عليها من كثيرا أن الراهن فهمها. على تتفق ال قضايا يعنيه ملا طرف فهم سوء بسبب يقوم إمنا اخلالفات طرف آخر من مفهوم محوري يف املسألة قيد النقاش، وما أن تتضح الدالالت حتى يستبني أنه ال خالف بينهما

أصال. يلزم من ما وإجراء الوقائع، االتفاق على وكذا شأن الكشف عنها. صحيح التي تستهدف التقصي عمليات أن الوقائع بذاتها عاجزة عن حل أي خالف قيمي، لكن االتفاق عليها غالبا ما يسهم يف متهيد الطريق حلسمه. بالشأن يتعلق فيما املتخذة املواقف بعض أن احلال أو للواقع، يكون مؤسسا على سوء فهم ما العام غالبا على قراءة خاطئة له، وهذا متوقع خصوصا يف مجتمع تعرض أبناؤه لعمليات تزييف وعي مقصود وممنهج. لكن هذا يبني الدور الفاعل الذي ميكن أن يقوم به اخلبراء املختصون، األدرى من غيرهم بالوقائع. ويلزمنا دائما أن نتذكر أن السياسة يف النهاية فرع تطبيقي من األخالق، وأنه إذا كانت األخالق تخبرنا عما ينبغي علينا أن نسعى إلى حتقيقه، فإن العلم يخبرنا كيف نسعى إلى حتقيقه

)فرنسيس بيكون(.ميوال بل فنية أمورا املعنية الوقائع تكون ال وقد

مختلفا على غلبتها بني أفراد املجتمع، ويف هذه احلالة أن نلحظ وهنا اخلبراء. بدور اآلراء مستطلعو يقوم كثيرا من الساسة والنشطاء السياسيني ال يجدون حرجا تخميناتهم يعززوا أن دون شعوبهم باسم التحدث يف تعاني وقد باسمهم. يتحدثون من آلراء مبسوح شاملة ثقافة االستطالع من خلل بنيوي سببه عوز يف الدراية باألساليب اإلحصائية، يستبان من حقيقة أن درجة الثقة التي ميكن وفقها تعميم نتائج االستطالع ال تنعكس يف درجة ثقة عموم الناس يف هذه النتائج، فتراهم يتوجسون

فيما حقه الثقة ويثقون فيما حقه التوجس.مبادرة كل وراء أن فكرة عن نتخلى أن أيضا يجب تطرح للحوار الوطني ما يكفي من اخلبرات إلبداء الرأي وإذا العام. الصالح كل قضية خالفية متس العليم يف كانت خبرات البالد بأسرها قد تعجزها مسائل بعينها فتضطرها إلى التماس العون من منظمات دولية، فأجدر أن يقر أصحاب كل مبادرة بحاجتهم إلى التماس العون

من أطراف ال تقف وراء مبادرتهم.يفترض يف التي وآدابه وللحوار، أي حوار، ضوابطه واآلداب الضوابط هذه وأول بها. االلتزام أطرافه كل االحترام املتبادل، مبا يتضمنه من تأدب واعتبار آلدمية اآلخر وتقدير لوجهة نظره، وما يفرضه من حلم وكظم يف واألمانة القول يف الصدق وثانيها والتبرم. للغيظ نقل املعلومات وتبليغ األفكار، فال تضليل وال خداع، وال مقاصد خفية وال مآرب مستترة. وثالثها التزام كل طرف أو ملعتقداته مخالفا كان مهما احلوار عنه يسفر مبا يقف بل يحسن، ال ما املرء يتكلف أال ورابعها رغابه. عند حد علمه، فال يفتي يف أمر ال دراية له بتفاصيله. وخامسها أن تعاير احلجج وفق قوتها املنطقية فال يكون

للقوة أثر يف فرض رأي أو موقف.ومن محاذير احلوار التزيد واالستطراد يف احلديث، واالنفعال والتشنج يف القول، وهي سلوكات تقوض مرام يوجز ممن املتلقي نفس يف أثرا أوقع فال صاحبها،

حديثه ويدلي بصوته بنبرة هادئة مطمئنة.وألن السلم االجتماعي من أهم استحقاقات املصاحلة الوطني، أولويات احلوار تكون ضمن التي قد الوطنية عدو االجتماعي السلم وألن يصل، ال املتلفت وألن

ر 117تفك

الذكريات، يلزم أن يتجنب املتحاورون نبش املاضي إذا كان مدعاة الستذكار أوجاع قدمية أليمة تثير يف النفوس أحقادا ورغابا يف التشفي واالنتقام يف سياق يفترض فيه

السعي إلى التراحم والوئام. وثمة مهام تلقى على عاتق إدارة احلوار، من أهمها احلد من املمارسات التناحرية واالستبدادية والتآمرية، وأعني بها على التوالي السلوكات التي تشي بأن صاحبها يعتبر احلوار معركة صفرية، تسفر عن منتصرين ومهزومني، أو يعتقد أنه وحده الذي يعرف السبيل لقيادة البالد إلى بر األمان، أو يتوجس من أن ما يحدث أمامه مؤامرة وأن

اجلميع يتكاتفون ضده. إدارته وألن احلجاج أداة كل حوار ناجح، يتعني على تشتيت إلى تعمد التي احلجاج أساليب إلى االنتباه االنتباه عن محاوره، ومثالها أن يهاجم طرف موقفا بعد عرضه يف أضعف صوره، وهذا نوع من احلجاج الفاسد يعرف بأغلوطة رجل القش ألن مستخدمه يحاول دحض يتبناه ال يختلقه موقف على بالهجوم خصمه موقف خصمه أصال. ولعل أوضح مثال على هذا األسلوب يف يتوجسون حني الفيدرالية خصوم موقف هو احلجاج منها تقسيم دولة موحدة، وموقف خصوم العلمانية حني باملروق عن طاعة اهلل، وموقف خصوم أربابها يتهمون أنصارها جميع يرمون السياسي حني اإلسالم تيارات

بالتشدد واإلرهاب.موقف صياغة املحاور يسيء ما نادرا املقابل، يف هذه أن رغم عليه، هو مما أقوى يجعله بأن خصمه رغيبة تبغى يف السياقات احلوارية. احلال أن التعاطف مع اخلصم يف هذه السياقات موقف أخالقي نبيل، وهو أيضا موقف وطني إذا كان احلوار يستهدف التوافق على

خارطة طريق تنقذ الوطن مما يتهدده من مخاطر.ت االنتباه مبا يعرف بكرت هتلر الذي يشهر وقد يشتعبر ربط الرؤية التي يرفضها املحاور بشخصية بغيضة، واعتبار هذا الربط مبررا كافيا لرفضها، ويف هذا إغفال أو صحيحا يكون إمنا املذهب أو املوقف أن حلقيقة خاطئا بسبب ما يتكئ عليه من حجج وشواهد، وحلقيقة أن كون شخصية مستهجنة قد تبنته ال تعني بالضرورة

أنه موقف خاطئ.

والهجوم على الشخص عوضا عن انتقاد رأيه وسيلة سوف اخلصم ألن االنتباه، تشتيت يف أخرى فعالة يحيد يجعله ما نفسه، عن الدفاع إلى بحاجته يشعر عن مناقشة محاور احلوار األساسية. غير أننا منارس هذا النوع من احلجاج الفاسد حتى حني ندافع عن رأي عبر ذكر مناقب صاحبه. ذلك أن األغلوطة الشخصية عوضا شخص عن دفاع أو هجوم األعم تعريفها يف فيها نقع فإننا ولذا مبرراته، مع مباشرة التعامل عن حتى حني نشرع يف الثناء على احلجج عبر الثناء على

صاحبها. االنتباه ثالث يف تشتيت القوة أسلوب إلى واالحتكام احلوار. كسب يف وسيلة بها التلويح يكون حني واالختالالت الناجمة عن استيفاء احلق بالذات وفرض التي الوحيدة القوة أن إلى تنبهنا إمنا بالسالح الرأي يجوز االحتكام إليها هي قوة احلق، ال احلق الذي يظفر

به باستخدام القوة. ومجمل القول هو أن ينأى كل طرف من أطراف احلوار دوغمائية، بطرائق خالفية مواقف عن الدفاع عن فيتشبث بآرائه وينكر حق اآلخرين يف التعبير عن وجهات اإلقناع عبر بأساليب دمياغوجية، فيتوسل أو نظرهم؛ خطايا بارتكاب أو الدفينة؛ واألحقاد احلميات إثارة

ابستمولوجية، كاالفتراء واملبالغة والتضليل واملغالطة.الوعي به يقوم الذي احلاسم الدور أؤكد أن يبقى ثماره الوطني التمكني من حتقيق احلوار املجتمعي يف إدارة عن مجتمع عجز إذا أنه تقديري ويف املرجوة. أن فعلينا الزدهاره، ويؤسس سلمه يحقق وطني حوار نفتش عن اخللل يف وعيه، وسوف جند أنه مؤسس على منظومة قيمية ال تتسع للتسامح، وأن قياداته ونخبه ال األخالقي والوعي املعريف النضج من يكفي مبا تتمتع بحيث تفهم أن الرأي الذي يدافع عنه املرء ليس سوى

فرضيته املفضلة )ميالن كونديرا(.

ر تفك 118

هذه دراسة مجال يف به قمت ما ذلك، عن فضال املسألة يف اآلونة األخيرة، وأقصد بذلك حتديدا كتاب إثراء بها أردت قراءة د مجر والهوية، املجال جدلية املراجعات الثقافية التي لم حتظ بها ليبيا طوال العهدين ! وألنني من بني الذين - اجلماهيري امللكي واجلمهوريا ألي مشكلة، فإنه يؤمنون بأنه ال أحد ميلك حال نهائياليوم حال مهما كانت ن مداخلة من الطبيعي أال تتضم، إن كان ال بد من . إن مفتاح احلل براغماتية هذا احللاحلديث عن مفتاح يف صيغة املفرد، هو احلوار؛ فاحلوار سواء املوسع أم الضيق مثل هذه الندوة قادر على خلق وعي بذات/هوية ال يفرضها أصحاب االستحقاقات بل بنية غيره على متكني من أكثر القادر الفكري التراكم ثقافة ال تخشى االختالف وال التنوع وإمنا تعمل بوعي من اآلن ليبيا به ما متر فإن عليه بناء دعمهما. على مخاض وعلى أكثر من مستوى يجب أن يدفعنا جميعا ألن نعيد النظر يف مسألة الهوية ويف غيرها من املسائل وأال نقفز إلى النتائج قبل حتليل جميع مكونات مجتمعنا. التفكيك مسألة تقتصر أال يجب أخرى، ناحية من الليبي على املجتمع التركيب اخلاصة مبكونات وإعادة موروث البالد الثقايف وحسب، وإمنا من املفترض أيضا

باملجتمع وأقصد السياسي، املجتمع مكونات تطال أن السياسي ذلك اجلزء الذي يجعل من الشأن العام محور الذي اآللي التضامن منظور اهتمامه، من منظور غير تختزله مقولة أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي

على الغريب! اآلن سأنتقل البسيط، التمهيد هذا على تأسيسا عالقتها وعن ناحية من الهوية مسألة عن للحديث العضوية باملصاحلة الوطنية من ناحية أخرى. أزعم أن الهوية يف سياق احلديث عن املصاحلة ق ملسألة التطربعني أخذنا ما إذا خاصة ، مهم جد أمر الوطنية االعتبار اخللفية األيديولوجية الرسمية وغير الرسمية التي أسهمت يف العقود األخيرة على وجه التحديد يف تسببت لكنها محالة ال شكلية فوق-وطنية ثقافة نشر لليبيا. الليبيني انتماء إضعاف أخرى يف عوامل ضمن هو فوق-الوطنية بالثقافة أقصده ما فإن وباملناسبة الوطن، على باسمها الناطقون يقفز التي الثقافة تلك ففي ابن خلدون. ذلك على د يشد كما االلتحام مجال الوقت الذي يعتبر دعاة القومية العربية ليبيا جزءا من مجال ميتد من اخلليج إلى املحيط، فإن دعاة القومية األمازيغية يعتبرون ليبيا جزءا من )تامزغا(، أي املنطقة

محمود أبوصوة

الهويــــة واملصـــاحلة الوطنيــة..

د على أن الهوية التي يقول بادئ ذي بدء أود أن أشدعلماء األنرثوبولوجيا الثقافية إنها ولدت مشكلة ال ناتها، ناهيك ميكن يل أو لغريي تفكيك جميع مكو

عن إعادة تركيبها.

,,

ر 119تفك

. وأن تنتمي ليبيا لهذا التي تضم كامل الشمال األفريقيليست فليبيا طبيعية، مسألة فتلك ذاك، أو الفضاء قلة عن أو وعي عن الطرفان، يصر أن أما جزيرة. ن وعي، ومن منطلق التعصب واإلقصاء، على حصر مكوهوية ربط ثم ومن دون غيره البشري يف عنصر ليبيا املجال الترابي بهذا العنصر وإقصاء غيره، فكارثة بكل املقاييس. ألنه إذا ما سلم املرء بأن الهوية شأنها شأن أي مكان املكان فإن هوية التاريخ، رواسب الثقافة من ال ميكن أن تكون أحادية، وبالتالي فإن االنتماء لفضاء أوسع انتماء ال يعمل على إقصاء املكونات األخرى لليبيا

فوق- نزعة يؤكد وإمنا وحسب وتتشبث الواقع على تقفز وطنية حتقيقها املستحيل من مبشاريع ناحية من التغير مرحلية خارج واعتماد نقطة انطالق لبناء املجال

من ناحية أخرى! هذا كما يجب التذكير بأن التيار يف حصره ميكن ال فوق-الوطني فالتيار الرئيسني. التيارين هذين اإلسالمي على سبيل املثال، ورغم استبعاده مفهوم العرق من مكونات

التي اإلسالم، دار اعتبار على أنصاره حرص األمة، ، الترابي يصعب رسم حدودها، مجال األمة اإلسالمية للشأن واملتتبع بامتياز؛ فوق-وطني تيارا منه جعل ما وطنية الفوق- الهوية هيمنة أن يالحظ مؤخرا الليبي تكاد تنحصر، بعد أفول جنم دعاة القومية العربية التي شوهتها جتربة دولة العقيد، يف تيارين اثنني: األمازيغي ومجاله تامزغا، واإلسالمي ومجاله دار اإلسالم. وهذه الوقفة ال عالقة لها يف حقيقة األمر بتقومي هذه النزعة التيار هذا أنصار د يتعم ملسلمة النظر للفت وإمنا الهوية، إن الهوية؛ عن احلديث عند جتاهلها ذاك أو س على تؤس التاريخ، ال أنها من رواسب إلى باإلضافة تعاقد التعاقد، على بالتدريج س تؤس وإمنا الفرض حتكمه وال االجتماعية الشبكات ديناميكيات حتكمه

وحدة األعراق أو الثقافات.وجتدر اإلشارة إلى أن مشكلة إضعاف الدولة الوطنية

أني ال غير مركبة. الليبية هي مشكلة للحالة بالنسبة أستطيع اجلزم يف هذا السياق مبا إذا كانت هذه املشكلة ناجتة عن فكرة الفرض التي انتهجتها دولة العقيد مثال أم أن لهذه الظاهرة أسبابا أخرى. وأيا ما كان السبب فإن القفز على فكرة وجود دولة وطنية قبل العام 1969،حتى إن كانت يف أولى مراحل تشكلها من ناحية، والعمل على حتقيرها من ناحية أخرى، لم يسهما يف ضرب االنتماء لظهور الطريق مهدا وإمنا وحسب، مقتل يف للوطن د يف مقال أشد هويات حتت- وطنية. وهذا ما جعلني وبعض بل واجلهات املناطق سكان وصف على سابق طرابلس، مدينة املدن، أحياء بالشعوب )يا شعوب ليبيا احتدوا، املستقبل،9/6/2013(؛ ليبيا يقفز الذي هذا األخير والتطور عليه معظم املحللني هو تطور ليس فقط خطيرا وإمنا يصعب تفاديه. حكم التي “الثورية” فالديناميكية ثالثة من ألزيد ليبيا القذايف بها سة مؤس ديكتاتورية أفرزت عقود ينهل منها اآلن معظم قادة احلراك وغير مقاتلني من السياسي مقاتلني. وسر تفشي ديناميكيات الثورية/ الديكتاتورية كما بينت هذا األمر يف مقال سابق )على هامش الثقافة يكمن، 14/4/2013( املستقبل، ليبيا السياسية، اقتداء أو افتتان ظاهرة يف ، اخللدوني التعبير وفق بفرد يرتبط ال فاالقتداء بالغالب. الالشعوري املغلوب أو مبجموعة أفراد مورس عليهم الظلم فمارسوه، وإمنا النفس إلى خلدون ابن يعزوها إنسانية ظاهرة هو إليه فتنقاد عليها غلب فيمن الكمال تعتقد أبدا التي )املقدمة، 195(. ومن بني خصائص املرحلة االنتقالية التي متر بها املجتمعات يصعب على أفراد أي مجتمع ال حتكمه املصالح الطبقية وحسب، وإمنا تنظمه أيضا ديناميكيات الشبكات االجتماعية، االنفكاك من ثقافة ما قبل الثورة/ تغيير النظام رغم انتقاد اجلميع تقريبا لتلك

الثقافة وانتقاصهم منها.وهذه احلالة، حالة االنفصال التي ال يعزوها الكاتب

التيار اإلسالمي ...... ورغم استبعاده

مفهوم العرق من مكونات األمة، حرص أنصاره على اعتبار دار اإلسالم، التي يصعب

رسم حدودها..

ر تفك 120

Edmond De )Goncourt 1822–( الفرنسي إمنا أيضا، للنفاق وإمنا وحسب، الكذب إلى 1896الثوار معظم دافع أن يف نظره وجهة حسب تكمن يف تعود الكاتب بهذا االستشهاد وأهمية احلقد. هو األوربية الثورات مرحلة يف عاش أنه إلى اعتقادي خاضت التي فرنسا ذلك يف مبا أوربا، اجتاحت التي جتربة الثورة يف القرن الثامن عشر. فعلى الرغم من أن د على املرحلة املمتدة من 1826 إلى 1926، كما يشد The( ذلك صامويل هنتنغتون يف كتابه املوجة الثالثةدمقرطة موجة وأطول أول تعتبر ،)Third Wave)frst، long wave of democratization(، فإن بت يف انتكاسة أوربا شهدت يف 1848 عدة ثورات تسبال املثال على سبيل الفرنسية الثورة السابقة، الثورات من العديد تنبيه رغم الديكتاتوريات، وعودة احلصر، مفكري املرحلة، أليكسس دو توكفيل على وجه التحديد Alexis de Tocqueville 29 July 1805 – 16(April 1859(، إلى مغبة نوم اجلميع يف قاع البركان. وهذا ما حاولت لفت النظر إليه بالنسبة للحالة الليبية إلى فبراير 17 ثورة تتحول ال )حتى سابق مقال يف

انقالب، ليبيا املستقبل، 26/5/2013 (.م فإنه ميكن القول بأن ما يحدث تأسيسا على ما تقداألمر، حقيقة يف سنة من أكثر ومنذ ليبيا، يف اآلن reverse( يعكس جزئيا مرحلة املوجة املعكوسة للثورةما أن أعتقد زلت ما ألنني جزئيا وأقول ؛ )waveالنظم بطبيعة عالقة له الليبية الثورة انتكاسة ر يفسناحية من انهيارها وبآليات ناحية، من الديكتاتورية أخرى. ففي الوقت الذي ميكن عزو انهيار دولة العقيد فإن اخلروج من والدولية، املحلية اإلرادتني توافق إلى األزمة التي متر بها البالد يستدعي استحضار السيناريو ذاته؛ ذلك أن الوضع الذي تؤول إليه البالد بعد سقوط مؤسساته واضمحالل دوالني شبه كيان يف النظام القوميات عليها تصبح الذي بالوضع تشبيهه ميكن ينتج عن إمبراطورية. فكما أي بعد سقوط والثقافات سقوط اإلمبراطوريات ظهور الدول القومية، فإن سقوط )parastatal( الدويالت أو الكيانات شبه احلكوميةب يف ظهور كيانات ليست فقط مصطنعة كثيرا ما يتسب

وإمنا معادية لكل ما هو دوالني. إن السير من التشرذم ت ال ميكن بالنسبة للحالة الليبية اختزاله يف إلى التفتتراث دولة العقيد وحسب، وإمنا أيضا يف تراث حتت- وطني يخلط أصحابه فيه عند احلديث عن الهوية بني

االستحقاقات السياسية واالستحقاقات الثقافية.ليبيا ال اآلن يف اللغط من الكثير تثير التي فالهوية الثقافية الليبيني بهويات األمر حقيقة يف لها عالقة لها وإمنا والطوارقية(، التبوية، األمازيغية، )العربية، إستراتيجيات لهم استحقاقات أصحاب بهوية عالقة برزت بشكل واضح يف فترة ما بعد انهيار دولة العقيد فإن ذلك من االحتالل. بدولة أشبهها ما كثيرا التي إدراج اللغة الليبية القدمية يف الدستور والذي أثار كثيرا مت ما إذا مشكلة يعد ال األخيرة اآلونة يف اللغط من فصلها عن مطالب أصحاب االستحقاقات لهذا اجلانب يعكس ليبيا يف االجتماعي الثقايف/ فالواقع ذاك. أو تنوعا يجب اعتماده يف دستور البالدد. إن اللغة الليبية القدمية التي تشكل جزءا مهما يف تراث ليبيا وتاريخها العديد من األغلبية يف لغة ل الليبيني متث لكل بالنسبة ناحية ينهي من اعتمادها سوف فإن وبالتالي املناطق، نات ليبيا، ويدفع صفة األقلية عن مكون أساسي من مكواجلميع من ناحية أخرى للتفكير يف بناء دولة تقوم على

. ) quota system( املواطنة ال على املحاصصةمسألة أن أزعم فإنني م، تقد ما على تأسيسا االستحقاقات الثقافية وإثارتها، وعلى أكثر من مستوى، املجتمع؛ فاملجتمع لهوية أي مشكلة تشكل أن ميكن ال الليبي مجتمع متناغم وال يشكو من انقسامات حقيقية؛ الوطني باملسح باالستشهاد السياق هذا يف وسأكتفي البحوث مركز أعده الذي الدستور حول الشامل لهذا فوفقا بنغازي يف 2013؛ بجامعة واالستشارات الليبيني على ضرورة أكثر من 80% من األخير شدد %97 من أكثر طالب كما الثقافية؛ التعددية احترام من الليبيني على ضرورة أن ينص الدستور على حماية املوروث الثقايف. لذلك فإنني أشدد مجددا بأنه ال خوف على املجتمع الليبي. إن اخلوف كل اخلوف عليه ال يكمن يكمن يف وإمنا الثقايف أو االجتماعي نسيجه تنوع يف تنوعه السياسي الذي ال يحسن املواطن الليبي التعبير

ر 121تفك

ناحية من السياسية التجربة تواضع شدة بسبب عنه وشدة بؤس جتربة دولة العقيد من ناحية أخرى. وتواضع التجربة الليبية باملناسبة ال عالقة له بتخلف املجتمع، بل الذي العام، األمر بالشأن الليبيني اكتراث معظم بعدم مقدرات على الهيمنة السياسيني الفاعلني على سهل يف تشكو هؤالء استراتيجيات وألن والعباد. البالد معظمها من تخلف مزمن، هيمن على مخيالهم جمود يف الرؤى يعكسه تشبث معظمهم مبرحلة معينة أو بتجربة تأسيس إلعادة منها واالنطالق ليبيا تاريخ من معينة هوية اجلميع؛ إن هذه الرؤية غير احليوية التي تهيمن إلى تفض لم السياسيني الفاعلني معظم عقول على سجن البالد والعباد أيضا يف منظومة سياسية مهمومة باملاضي وحسب، وإمنا دعمت ثقافة سياسة عاجزة عن

ولذا املعاصرة؛ التحديات مواجهة الليبيني معظم اكتراث عدم فإن املجتمع يصب لم العام بالشأن السياسي بوهن شديد وحسب وإمنا االستحقاقات، أصحاب على يسر فيدراليني وغير فيدراليني من إسالميني وغير وإسالميني إلى مناطقيني، وغير ومناطقيني آخر القائمة، مهمة االستحواذ على أشكالها، بجميع الهيمنة أدوات

العنف احتكار من أصحابها متكن ال أدوات وهي عسكرية قوة امتالك من أيضا متكنهم وإمنا وحسب معدة لهذا الغرض؛ وهذه النزعة التي تختلف بني تيار وآخر ستستمر، بشكل انتكاسي، يف دعم مصالح أنصار هذا التيار أو ذاك وفق نظام احلصص. وبكل تأكيد إن الدخول يف تفاصيل هذا التحول على أهميته لن يعقد املسائل وحسب وإمنا قد يدفعنا إلى االبتعاد عن موضوع املداخلة الذي من املفترض أن ينحصر يف موضوع الهوية

وعالقتها باملصاحلة الوطنية.سأجتاوز احلديث هنا عن جزئية تعريف الهوية لغة أو اصطالحا وسأكتفي يف املقابل بالتنويه إلى أن التماثل الثقافية األنثروبولوجيا علماء ملعظم بالنسبة يشكل يدرك ال باملناسبة، والتماثل، للهوية. األساسي املكون

جون، )جوزيف، مختلف هو مبا االحتكاك عبر إال اللغة والهوية: قومية-اثنية-دينية، ترجمة د. عبد النور ،342 العدد املعرفة، عالم سلسلة الكويت، خراقي، ظاهرة عن ظر الن وبصرف 63(؛ ،2007 أغسطس االختالف التي يعزو لها البعض فشل العديد من الدول وجود أن أزعم فإنني تناغمها، واملجتمعات يف حتقيق ل هويات متنوعة ومختلفة داخل املجتمع الواحد ال ميثقد التي املشكلة إن حقيقية. مشكلة األمر حقيقة يف ل إلى إشكالية إمنا تكمن يف حرص البعض، من تتحوأو طوارقيني أو أمازيغيني أو إسالمويني أو عروبيني ب تبويني، على إرساء حواجز داخل املجتمع الواحد يسبمؤسسو إليه ه نب ما وهذا كوارث. حدوث اختراقها Arthur deالتاسع عشر القرن العلمية يف العنصرية )Gobineau 1816-1882تقفز التي احلقيقية الكارثة إن .)العلمية العنصرية أدبيات عليها أنصار تشديد يف تكمن ال اآلن التماثل جزئية على التيار هذا ويف اجلنس يف االحتاد تعني التي الصفات وحسب، وإمنا تكمن أيضا مفادها لنظرية هؤالء ترويج يف الهوية. يصنع الذي هو العرق أن نشرها يتولى التي املغالطة وهذه تسخر من عقل السادة)Missi Dominici( ال رسل ع عليه نعمة االختيار اإلنسان وحسب وإمنا أيضا تضيالتاريخ. رواسب من هي جديد من فالهوية الصحيح. وألن أصحاب االستحقاقات درجوا على دراسة التاريخ من منظور جتزيئي، فمن املنطقي أن يؤسسوا مطالبهم التاريخ، أن هؤالء فات أنه غير مجزأة. هوية على املدى أم الطويل، املدى مفهوم الباحث اعتمد وسواء د حدث، وإمنا هو عبارة القصير، هو بالقطع ليس مجرفها دة ال يكي عن عمليات/سيرورات )Processes( معقأصحاب االستحقاقات مبفردهم، وإمنا يكيفها قبل ذلك ، موطن االلتحام وفق املفهوم وبعده مجال اإلقليم الترابي

اخللدوني. Jules Mi- )نن التاريخ، فيما يقول املؤرخ الفرنسي

اخلوف كل اخلوف على اجملتمع الليبي

ال يكمن يف تنوع نسيجه االجتماعي أو الثقايف وإمنا يكمن يف

تنوعه السياسي..

ر تفك 122

chelet 1798- 1874(، هو قبل كل شيء جغرافيا؛ معنى ذلك أن اجلغرافيا هي التي تشكل تاريخ البلدان. يف ولد الذي سترابو( بوصف تذكرني املسألة وهذه يف سنة 24 ميالدية( لليبيا سنة 63 قبل امليالد وتويفالتاريخية ؛ فهذه األراضي فيما يقول “تشبه جلد الفهد إذ إنها منقطة مبواطن مأهولة محاطة بأرض صحراء ال ماء فيها” )نقال عن علي فهمي خشيم، نصوص ليبية،)93 ة األخيرة هذه باملناسبة كانت قد ة حضور اجلزئي ؛ وشدني بالشأن الليبي من أجانب لفتت نظر العديد من املهتمة اإلجنليزية )Nina Epton( على وليبيني؛ فالصحفيسبيل املثال كانت قد خلصت إلى أن اململكة الليبية هي Oasis Kingdom: the Libyan( واحات مملكة الليبي لألديب كانت ولقد story،London،1952(؛ املوضوع اآلخر حول هو القويري مالحظته اهلل عبد بعد كتاب الصحفية اإلجنليزية لم ذاته يف كتاب صدر ى يكتف خالله باإلشادة بصاحبة الفكرة وحسب، بل تبنالفكرة نفسها( معنى الكيان: محاولة نظرية لفهم الواقع ما أن غير )؛ د.ت لبنان، دار مطابع بيروت، ، الليبية الكتاب، هو االختصار يؤخذ على القويري، رغم أهمياملفرط للفكرة رغم وصفها بالذكية؛ فليبيا كما وصفها بامتياز. الواحات بالد هي الوسطى العصور جغرافيو لكن ما لم تلتفت إليه األعمال األولى واملتأخرة أيضا هو اقترنت خصوصيته كيان إلى الفضاء كيف حتول هذا )Characteristics( بخصائص )Peculiarity(ناحية ناحية، وبتشكل شخصية اإلقليم من الواحة من أخرى؛ وشخصية اإلقليم، كما يشدد على ذلك الدكتور املحصلة مجرد من أكبر “شيء هي حمدان، جمال الرياضية خلصائص وتوزيعات اإلقليم. فهي إمنا تتساءل عما يعطي منطقة تفردها ومتيزها بني سائر املناطق، محاولة أن تنفذ إلى روح املكان لتستشف عبقريته الذاتية التي حتدد شخصيته الكامنة ) شخصية مصر. دراسة يف عبقرية املكان، اجلزء األول، القاهرة، دار الهالل، د. ت، 11( ؛ ويف دراسة سابقة كنت قد خلصت إلى أن دور الواحات يف توحيد ليبيا يشبه دور النيل يف توحيد الوقت ففي دقيقة؛ غير املقارنة إن تأكيد بكل مصر؛ لدولة ظهورا السياسية، مصر وحدة النيل دعم الذي

املركزية منذ عصر احلضارات، فإن دور الواحات الذي ة اتساع اقتصر على اجلانب االجتماعي دعم، بسبب شدر معظم األراضي الليبية، عملية التجزئة السياسية ونف

الليبيني من فكرة السلطة املركزية.ال أعتقد أن املجال يسمح للخوض يف تفاصيل كنت قد توقفت عندها يف عملي األخير الذي تعمدت فيه على )change( مستوى التحليل التمييز بني عمليتي التحولر )transformation( اللتني أسهمتا من ناحية والتغيirrevers- ر إلغاؤه ) تشكيل هوية العباد وبشكل يتعذ

ible(، ولكنهما فشلتا من ناحية أخرى يف تكوين هوية البالد السياسية؛ صحيح أن البعض قد يجد صعوبة يف استيعاب دور العمليتني يف بناء الهوية الليبية خاصة أن لغة؛ ذاته الشيء يعنيان ر، والتغي ل التحو أي اللفظني، اختالفا يختلفان أنهما إليه النظر لفت يجب ما لكن ببساطة ل فالتحو االجتماعية. العلوم مجال جذريا يف د حدث ))event يرتبط ظهوره عادة بأعمال هو مجرالفوقية، بالبنية أي االستحقاقات، القرار/ أصحاب أما التغير فهو سيرورة )process( تتخلل ببطء معظم يف فإنه لذلك التحتية. البنية أي املجتمع، شبكات ل فكرة تناغم م وتقب الوقت الذي يسهل على اجلميع تفهمعظم فإن التجانس، فكرة غير وهي ، الليبي املجتمع الليبيني حني يتعلق األمر بالسياسة ال يقبلون بغير نظام احلصص. والسؤال الذي ال مندوحة من طرحه يف سياق لنا ردم الوطنية هو كيف ميكن احلديث عن املصاحلة

ة؟ هذه الهوللتاريخ قد تسهم يف فهم الظاهرة العودة مجددا إن الثغرة، ردم يف واحدة دفعة تسهم لن بالقطع لكنها والسبب أن الذين يستحضرون التاريخ ال يستحضرونه وهذه وقبائل، شعوب أجل من وإمنا الشعب أجل من الشعوب لهذه داعمة يف ظاهرها تبدو مؤدجلة عملية والقبائل ولبعض األسر أيضا، لكن يف باطنها استحقاقات آنية تخص اخلواص منهم. إن هذا النهج املفروض على د يف معظمه القفز على الكثير من التفاصيل اجلميع يتعم

التي ال تستجيب ملطالب هؤالء وهؤالء.ومما زاد الطني بلة بالنسبة للحالة الليبية هو موقف املتعلم الليبي؛ فهذا الذي كان من املفترض أن يقلل من

ر 123تفك

وطأة هيمنة أصحاب االستحقاقات عجز، بسبب طبيعة ، عن أداء دور تكوينه العلمي وتواضع وضعه االجتماعيبني االختيار على بالتدريج وأجبر املجتمع يف إيجابي للسلطة الوالء وبني املدينة، أو أو اجلهة للقبيلة الوالء هامشية يؤكد لم املأساوي الوضع هذا إن السياسية. دوره يف املجتمع وحسب وإمنا جعله يقوم بدور” رسول م بالتالي دعما مجانيا / السيد/ الفكر األخضر” ويقدإضافيا جلميع أصحاب االستحقاقات؛ لذلك وحتى ال ب نقع بدورنا ضحية للعملية االنتقائية من ناحية ونتجنقدر املستطاع الدور السلبي للمتعلم الليبي يف السابق من اخلروج أن على التشديد يجب أخرى، ناحية من بناء دولة مرحلة التشرذم/اإلقطاع اجلديد إلى مرحلة ق إال إذا قمنا مبراجعة لتاريخنا وطنية ال ميكن أن يتحقالسياسي من منظور اجتماعي. إن التناغم، أي الوحدة املبنية على التنوع، وليس التجانس، كان وما يزال يشكل

حجر الزاوية لهوية املجتمع الليبي؛ بناء عليه فإن عملية خروج ليبيا من مرهونة السياسي التشرذم دائرة بابتعاد اجلميع عن الرؤى اإلقصائية مدخل / كأساس بالتنوع والقبول من قوته يستمد سياسي ملجتمع جتانسه/ من ال املجتمع تناغم

أحاديته. هذا أن إلى اإلشارة هذا وجتدر

االجتاه الذي أدعو إليه يف حقيقة األمر غير مستمد من دراسات امبريقية كما يفعل عادة علماء األنثروبولوجيا من يشكو اجتاه فإنه وبالتالي والثقافية، االجتماعية عيوب كثيرة ال محالة. مع ذلك فإن هذا الفهم املستمد من ة القراءة، قراءة التاريخ االجتماعي من منظور علمي ولعدنسبيا تعوض حتليل بأدوات زودتني أنها أزعم عقود، هذا النقص وتقترح قراءة مغايرة لتاريخ ليبيا السياسي. إضافة إلى ذلك، وبسبب ابتعادي عن استعمال املقاربات يقترحها التي التحاليل وبفضل ونقدها، بل التقليدية منظور الشبكات االجتماعية، توصلت إلى نتيجة مفادها أنه يف الوقت الذي متكن الليبيون، جراء انتشار قبائلهم يف معظم واحات ومدن وقرى وجبال األراضي الليبية،

باألرض يرتبطون جعلهم جماعي مخيال تكوين من ومبكوناتها االجتماعية والثقافية، فإن عالقتهم باملجتمع السياسي ليست فقط ضعيفة وإمنا تعكس عداء دفينا رون عنه بوسائل تخريبية طالت يعب الليبيون ما ينفك

وما تزال تطال جميع املؤسسات الرسمية.معاداة على الليبي املواطن ز ف حت التي األسباب إن هذا كلها يف إبانتها وال ميكن كثيرة العامة املؤسسات ر الظاهرة أكثر السياق، لكن السبب الذي أعتقد أنه يفسمن غيره إمنا يكمن يف اقتران هوية ليبيا السياسية يف الذي كان يف بهوية احلاكم البالد تاريخ معظم مراحل احلاكم كان وسواء وافدا. البالد تاريخ مراحل معظم على كانت املهيمنة األيديولوجية فإن محليا أم وافدا فيما التاريخ وألن أعتقده، ما هذا وافدة. الدوام Thucydes( ق.م )395 460- ثيوسيدس يقول النماذج ببعض االستشهاد فإن باألمثلة، تعلم فلسفة املقترح هذا يدعم قد تاريخنا من بالتالي املقترحة ة املحاج ويجعل صني املتخص غير عند قبوال أكثر ملراحل العودة بودي ليس خاصة. معظم إن إذ التاريخ، يف موغلة تكاد واملحلية األجنبية الدراسات السياسي ليبيا تاريخ أن تتفق على بالوافد. مراحله معظم يف اقترن فق مع هذه الرؤية صحيح أنني ال أتولكنني السابقة، أعمالي كثيرا يف توقفت عندها التي أيضا ال أستطيع استبعادها بالكامل، فليبيا شأنها شأن منذ تعرضت األفريقي الشمال املغرب/ بلدان بقية أقدم العصور للغزو وانقسمت إلى إقليمني اثنني: إقليم األعمال تتجاهله ما أن غير الداخل. وإقليم الساحل لم الغازي أن العربية هو والعديد من األعمال الغربية والهيمنة الواحات( )بالد الداخل يف ل التوغ على يقو عليه. لذلك كنت وما زلت أعتقد أن تاريخ ليبيا احلقيقي وهو الساحل، تاريخ وليس الداخل/الواحات تاريخ هو الليبيني معظم رفض احلال، بطبيعة جزئيا، ر يفس ما الالواعي للمجتمع السياسي الذي اقترن وجوده بالوافد

الذي اختار الساحل مقرا إلقامته.

كنت وما زلت أعتقد أن تاريخ ليبيا احلقيقي

هو تاريخ الداخل/الواحات وليس تاريخ

الساحل..

ر تفك 124

رئيس يذكره مبا بالتذكير السياق وسأكتفي يف هذا موقف حول الصيد عثمان محمد األسبق ليبيا وزراء سكان الداخل يف إقليمي فزان وبرقة من طرابلس التي ل هؤالء اجلماعي موطن الوافد بامتياز. تشكل يف مخيبقرار الصيد، يقول النصر، سيف أحمد سمع فحني فزان، لوالية ليبيا وزراء رئيس املنتصر محمود زيارة صرح بأنه لن يتردد يف قتله مبررا ذلك بعمالة املنتصر وأسرته، بل وكل سكان والية طرابلس لإليطاليني. واألمر يذكره ملا فوفقا برقة؛ زعامات على ينسحب نفسه الصيد يف مذكراته، لم يخف بعض اإلخوة يف إقليم برقة

إنهم إذ الوحدة لفكرة عداءهم حد مع مالطا وال “كانوا يقولون نتلهيمنة نظرا طرابلس”( مع حد نت

اإليطاليني على اإلقليم( Asseid، Muhammad( Othman، Landmarks in History of Libya: the memoirs of MuhammadOthman Asseid، translat-ed by Thoraya Mahdi Al-lam، al Hadara publish-

ing، December، 2007، .85

للحكام الليبيني معظم كره إن إليها املنوه اخللفية من املستمد خالل من أيضا رصده ميكن

تصريحات صائدي الوظائف القيادية من غير أصحاب االستحقاقات، وهي تصريحات تفوح منها رائحة النفاق، توليهم أن على املإل أمام فيها أصحابها يؤكد حيث وظائف قيادية كبرى هو تكليف وقد أجبروا على القبول منه. أعفوا لو اهلل خلق أسعد سيكونون وأنهم به، ق هؤالء يف املاضي وال اآلن؛ لكن، بالتأكيد ال أحد يصدألن السياسة هي أقدم ثاني مهنة شريرة يف العالم، وكما والسياسة يف االجتماع علماء ذلك معظم د على يشدالعصر احلديث، فإن رائحة النفاق هذه ال ميكن حصرها يف صائدي الوظائف وحسب، وإمنا ميكن رصدها أيضا

من خالل تصريحات قادة البالد، وسأكتفي بالتذكير يف هذا السياق بتصريحات العقيد يف مرحلة ما بعد إعالن سلطة الشعب يف 2 مارس 1977، فلكي يؤكد القذايف انفك هذا الكارهة للحكام ما للثقافة الشعبية انحيازه د أمام املحليني خاصة على أنه ليس حاكما األخير يشدبيده الذي السيد احلاكم هو الشعب وأن رئيسا وال

الثروة والسلطة والسالح!وليس للحاكم، الليبيني كراهية إن أخرى، ناحية من ديرك من كل يزعم كما الدولة تفادي على حرصهم اندرسون وليزا )Dirk Vanderwall( فاندفال عمليهما يف Lisa Anderson

عن ليبيا A history of modernLibya، Cambridge، Cam-

bridge University Press، 2006 ;The State and social transformation in Tunisia and Libya، 1830- 1980، PrincetonUniversity Press، Princ-eton، New Jersey، Pa-

perback printing، 1987ى وإن جعلتهم يرفضون احلاكم حتولد وعاش وترعرع يف ليبيا. ولعل احلديث الذي دار بني رئيس وزراء ليبيا األسبق عثمان الصيد واللواء الليبي، للجيش أركان رئيس أول األطيوش، السنوسي على خلفية املحاولة االنقالبية األولى يف ليبيا يف العام ه إليها بامتياز، م الدليل على الظاهرة املنو 1961 يقدفاللواء السنوسي األطيوش يذكر يف حضور رئيس وزراء ليبيا عثمان الصيد بأن أمثاله من الليبيني جعلوا إدريس قد كانوا الليبيني من معهم ومن أجداده أن كما ملكا! استقبلوا محمد بن علي السنوسي عندما جاء إلى ليبيا موا له العون! )عثمان الصيد، ال يحمل معه إال الكتب فقدمحطات من تاريخ ليبيا، 230-229( ؛ وموقف الليبيني وظائف بعضهم وتولي اخلارج الليبية يف املعارضة من

القفز من نظام آلخر منذ قيام دولة

االستقالل، وهو ما أصفه بالقفز

الضفدعي، والتسليم بوجوده، سبب فتقا

يصعب رتقه يف الذاكرة اجلماعية وبالتايل يف

دعم هوية وطنية جمزأة..

ر 125تفك

قيادية بعد 17 فبراير ال يحتاج منا أي تذكير. واملشكلة يف حقيقة األمر ال تنتهي عند هذا احلد، فهيمنة هذا العامل على فكر وعقل معظم الليبيني جعلهم ال يكتفون وحسب، قيادية وظيفة تولي يف يفكر من كل بتأصيل البالد وإمنا يعيدون بناء هويته من منظور يربطه بغير ويف بعض األحيان بغير عقيدتها. إن الليبيني يف معظمهم يكن من أصول غير لم القذايف بأن دون يرد انفكوا ما ليبية وحسب، وإمنا كان أيضا يهوديا. وظاهرة التأصيل ،)a priori( مسبقا احلاكم تصنيف إلى تهدف التي ومن ثم شرعنة عملية إقصائه، لم تشغال بال املحكومني ينفي فحتى أيضا. احلاكم بال شغلتا وإمنا وحسب، دور بتأصيل يكتف لم الوافد تهمة نفسه عن القذايف ر قر وإمنا وحسب اإليطالية الليبية احلرب يف والده أيضا نفي تهمة اليهودية عن نفسه وإثبات نسبه وإدعاء

النسب الشريف.ومع كل ما ميكن قوله حول حرص احلكام على استبعاد يصعب فإنه والنفوذ، السلطة دوائر من املحكومني واملحكومني؛ احلكام بني حقيقي فصل عن احلديث فمن يدعو إلى تغليب مفهوم الشبكات االجتماعية على الفصل بني املفهوم الطبقي ال بد وأن تستوقفه مسألة احلكام واملحكومني وتدفعه إلى القيام مبراجعة حقيقية م هذا اجلانب جيدا، لهذه املسألة. وأنا أزعم أنني أتفهلكن التراث السياسي يف عاملنا العربي بصفة عامة ويف بالتالي ويكشف الفكرة هذه ز يعز يكاد حتديدا ليبيا مجال من تقريبا ة كلي اجلمهور فيه يستبعد واقع عن باملقولة عليها التدليل حالة ميكن وهي السلطة، إنتاج الشعبية البسيطة التي تقول “الضرب للمحاميد والثناء لغومة”. مع ذلك ما زلت أعتقد أن الفصل بني احلكام واملحكومني يف داخل املجتمع الواحد مسألة غير ممكنة الضرورات لكن املعتمدة. املقاربة عن النظر وبصرف املتعلقة الضرورات هنا وأقصد املحظورات تبيح عناصر تفكيك بحثه مجال يفترض الذي باملوضوع الظاهرة قبل حتليلها وإعادة تركيبها. إن حرص أصحاب االستحقاقات على االستمرار يف التعامل مع تاريخ ليبيا أي ،)Micro History( التاريخ اجلزئي من منظور د أصحابه على دور البطل إعادة كتابته من منظور يشد

س لذاكرة يف هذه األسرة أو القبيلة أو اجلهة أو تلك، أستة تشكل واقعا يصعب القفز عليه. لذلك وحتى تخرج مفتليبيا من دوائر االنقسام/ التجزئة، وتتجاوز عجزها عن السير يف مسار ال يغفل عن املاضي، لكنه يسير باجتاه ب علينا إعادة كتابة تاريخنا من منظور املستقبل، يتوجكلي )Macro history( ال يتجاهل التفاصيل وإمنا بعيدا ناته مكو جميع يشمل بتحليل للقيام منها ينطلق عن األفكار املسبقة. صحيح أن ليبيا كانت قد حتولت يف العام 1963 من دولة فيدرالية إلى دولة موحدة أي عن ينتج لم التحول هذا لكن الواحدة، احلكومة دولة عن ناحية من نتج وإمنا املجتمع قاده سياسي حراك قبول وعن األجنبية( النفطية )الشركات أجنبية إرادة بتغير مواقعهم تتأثر لم الذين االستحقاقات أصحاب شكل احلكم من فيدرالي إلى غير فيدرالي. واملالحظة نفسها ميكن سحبها على جتربة دولة العقيد، فالتحول من النظام اجلمهوري إلى اجلماهيري، وهو حتول لم يستشر فيه الليبيون، لم يؤثر بدوره من قريب أو بعيد

على أصحاب االستحقاقات.االستقالل، دولة قيام منذ نظام آلخر من القفز إن بوجوده، والتسليم الضفدعي، بالقفز أصفه ما وهو وبالتالي الذاكرة اجلماعية رتقه يف فتقا يصعب سبب سعت البالد أن صحيح مجزأة. وطنية هوية دعم يف يف حياء يف مرحلة ما بعد 1963 إلى ردم الهوة التي تفصل احلكام عن املحكومني وإقامة دولة موحدة؛ لكنه سرعان ما توقفت هذه املساعي وعادت ظاهرة التجزئة من جديد رغم مركزية دولة العقيد. قد ال يقبل الكثيرون الوراء إلى قليال العودة عليهم لكن هذه النظر بوجهة أن يدركوا حتى املرحلة تلك مشاهد بعض واسترجاع نظاما إقطاعيا جديدا مت استجالبه من مصر الناصرية. عموما املجال ال يسمح بالتوقف عند هذه التفاصيل التي فلنتركها ولذلك والتحاليل، الدراسات ملزيد من حتتاج جانبا ونواصل احلديث عن املشاكل التي تعرقل حتول

ليبيا من مرحلة التشرذم إلى مرحلة الوحدة! واحد حل عن احلديث السهل من ليس أخرى مرة جعلتني للتاريخ قراءتي لكن لغيرها، أو املعضلة لهذه ة تقوم على تناغم مقابل تنافر. ففي حني أنتبه إلى ثنائي

ر تفك 126

ة متاسكه/ تناغمه فإنه يشكو ز املجتمع الليبي بشد يتميبالسياسة، يتعلق األمر العني حني تنافر ال تخطئه من يستدعي احلل عن احلديث وألن حتديدا. بالغنائم بها، ق إلى املشاكل، فإن كثرة الوقفات ورمبا تشع التطرفضال عن أن االستطرادات غير الضرورية قد جتعلنا رفض الي وبالت املشكلة فهم على قادرين غير جميعا

. املقترح وال أقول احللمن ناحية أخرى، فإن إخفاق دراسات العلوم االجتماعية الليبي للمجتمع املختلفة املكونات رصد واإلنسانية يف بني اجلمع منظور من حتديدا( والسياسية )البشرية أي الوافد تاريخ وتغليب ناحية، من والكلي اجلزئي ، أي اجلزئي من ناحية أخرى، الكلي على تاريخ املحليب يف دعم الفجوة القائمة بني املكون االجتماعي لم يتسببشكل دعم وإمنا الواحد وحسب، البلد والسياسي يف فج الفرضيات غير املحلية التي تقتضي مصلحتها جعل الوقت ويف .)study-case( أمنوذجا الليبية احلالة الذي ميكن توجيه اللوم ملدارس الغرب لتغليبها املشاهد سلبية األقل املشاهد من غيرها على الكاريكاتورية أسباب على القفز ميكن ال املقابل يف فإنه ملجتمعنا، فشل مجتمعنا السياسي منذ أزيد من نصف قرن على األقل يف نقل البالد من بؤس التشرذم إلى نعمة الوحدة. لذلك وحتى نبتعد عن األفكار النمطية يجب علينا جميعا الوطنية التاريخ، مع الهوية. فاملصاحلة نتصالح مع أن ميكن ال األزمة وهذه أزمة حالة يف وطن وجود تعني د بتعد القبول فإن عليه بناء العنصر. أحادية تكون أن لن بعد فيما وجتاهلها فقط األزمة حالة العناصر يف يجعلنا نستمر يف اجترار جتاربنا الفاشلة وحسب وإمنا ل يف ، فرصة التدخ سيمنح اآلخر، الغربي وغير الغربي

شأننا الداخلي والتنظير له.نزعة ذات احلديثة السوسيولوجيا فإن ذلك من تراث على احلملة هذه تقود تعد لم األوربي التمركز باحثون لديها أصبح فقد مبفردها، الليبي املجتمع ال املثال سبيل على السياق هذا يف منهم أذكر عرب احلصر أستاذي علم االجتماع التونسيني املولدي األحمر الليبية احلديثة، 2009(، للدولة االجتماعية )اجلذور ثالوث الليبية: القاعدية (الشخصية وناس واملنصف

من جزءا يتولون ،2013( والغلبة، والغنيمة القبيلة مهامها. وكنت قد راجعت منذ حوالى أربع سنوات كتاب األول ( اجلذور االجتماعية للدولة احلديثة لليبيا )وبينت بعض مشاكل العمل التي تكمن يف اعتماد صاحبه على املنهج الغربي التقليدي الذي يتجاهل أصحابه عن قصد لون عليها األفكار النمطية قوانني العلم الصارمة ويفضة من عينات منتقاة من مراحل تاريخية مختلفة املستمدوسحب نتائجها على جميع مراحل تاريخنا. واآلن وبعد مضي أكثر من سنتني على ثورة 17 فبراير خرج علينا الثاني أقصد األستاذ املنصف وناس يف األسابيع القليلة املاضية بدراسة عن ليبيا “الشخصية القاعدية الليبية: ثالوث القبيلة والغنيمة والغلبة” استمد أساسها النظري من أدبيات غربية تعتمد مقاربة نفسية- اجتماعية سبق ة القاعدية للعرب، أي سلوكهم أن حللت بها الشخصيالتي ذاع صيتها يف البائسة الفرضية ؛ وهذه اجلماعيمن لها يكن مطلع السبعينيات يف أمريكا وإسرائيل لم هدف يف حقيقة األمر سوى ترسيخ أفكار منطية مفادها ر أن العقل العربي الذي شكل يف املاضي عائقا ألي تطودون الدوام على سيحول واألفكار للمؤسسات ممكن العربية اإلسالمية. البلدان كن يف مم ر تطو أي حتقيق إن التأكيد على خصوصية، أي استثنائية بعض األفراد كن بل من القادة أو من اجلمهور واجلماعات هو أمر ممة من مالحظات على م نتائج مستمد ومفيد، أما أن نعمبأكملها شعوب أو شعب على ونسحبها األفراد بعض

فتلك كارثة يصعب تقومي حجمها يف الوقت الراهن.أو الليبي العقل أي الليبية ة الذهني عن احلديث إن بتراث لها عالقة ال كلها صفات اإلسالمي أو العربي رواد باجتهادات عالقة لها وإمنا وتاريخهم الشعوب العنصرية العلمية. صحيح أن األعمال الغربية استعملت ها لكن الغرب يف السياسة عن حديثها عند عقل لفظ وفعلنا الحقا حني كما فعلت ثقافة أو بعرق تربطه لم تعلق األمر بعاملنا. ال أريد أن أتوقف عند عمل اجلابري من وغيره ) العربي العقل نقد ، العربي العقل )تكوين ، الباحثني العرب الذين استهواهم هذا التيار غير العلميالسياسي عمل إلى باإلشارة املقابل يف وسأكتفي عام كتابا وضع الذي دبريه روجي الفرنسي واملناضل

ر 127تفك

ق فيه ، ولم يتطر 1981 التزم فيه بنقد العقل السياسيللذهنيات

Regis Debray، critique de la raison(politique ou l’inconscient religieux، Par-

)is، Gallimard،1981من ناحية أخرى فإن انتقادي لألعمال الغربية ال يكمن يف تعاليها واحتقارها لكل ما هو غير غربي فلدينا نحن حاول معقدة جد مسألة وهي تقريبا نفسها املشكلة ليل بعض أبعادها سمير أمني )نحو نظرية شرحها وحتللثقافة: نقد التمركز األوربي والتمركز األوربي املعكوس، ، 1989(، وإمنا يكمن يف تزكيتها معهد اإلمناء العربي

ة. ة وتزيدهم قو ة تزيدنا تبعي لفرضييستكثر على الغرب حرصه ال أحد يف حقيقة األمر ة، القو وسائل بجميع انتزعها بصدارة االحتفاظ على كنه أن ينحى بالالئمة الناعمة منها والعاتية؛ وال أحد ميفرصة أي محاربة إلى الرامية الغرب مساعي على جناح/ نهضة يف هذا اجلزء أو ذاك من العالم. ومحاربة كن اختزالها ة وال مي الغرب لآلخر باملناسبة مسألة معقديف ثنائية غرب وشرق مثال أو اإلسالم وأعداء اإلسالم. كن التوقف عندها والشواهد ذات العالقة كثيرة وال مييف هذا السياق؛ مع ذلك ميكن التنويه ويف عجالة إلى أن األمر الذي ال يدعو لالستنكار وحسب، وإمنا للتفكير لفكرة السياسي مجتمعنا استمراء ظاهرة هو أيضا االحتالل. فترة الغربية األعمال ابتكرتها التي اجلمود على مقتصرة تعد لم الفكرة هذه أن اآلن واملصيبة نات املجتمع السياسي يف ليبيا وحسب وإمنا شملت مكوفالوضع الليبيني؛ فني املثق النشطاء/ من العديد أيضا د هؤالء ميؤوس منه. واملصيبة األكبر، السياسي فيما يردنتيجة الليبيني، من العديد أن الكارثة، أقول ال حتى يترحمون أصبحوا اآلن، البالد بها متر التي الفوضى على فترة حكم القذايف. إن هذا القصور يف التفكير ال ه يعكس يف معظمه موقفا من السلطة يعكس ذهنية لكنالسياسية التي عجزت منذ أكثر من ستني سنة عن ردم الثغرة بني احلاكم واملحكوم. بناء عليه فإن الدعوة إلى ذهنية حترير إلى ترمي ال اجلمود حالة من ر التحرشعب بأكمله وإمنا تهدف إلى كشف زيف إستراتيجيات

احلوار يرفضون الذين االستحقاقات أصحاب معظم أعمال د متج ال تاريخية لرواية االحتكام لون ويفضاألحفاد وأحفاد األحفاد متكن وإمنا وحسب، األجداد أيضا من حصد استحقاقات آنية بأثر رجعي. من ذلك فإن تأسيس العديد منهم لتشكيالت مسلحة، التي ميكن تشبيهها بتشكيالت صائدي اجلوائز يف الغرب األمريكي الهوة بني احلكام )Bounty hunters(، سوف يعمق واملحكومني من ناحية، وقد يدفع معظم الليبيني للقبول مجددا بهوية سياسية مصطنعة. إن تعدد أشكال احلكم يف ليبيا يف اخلمسني سنة األخيرة هو خير دليل على عدم اكتراث معظم الليبيني بالشأن السياسي من ناحية، قادة الختيارات تذمرهم، شدة رغم واستسالمهم،

البالد/أصحاب االستحقاقات من ناحية أخرى. يف اخلتام، لقد خلصت يف كتاب جدلية املجال والهوية كانت مجتمعهم تكوين أجل من الليبيني رحلة أن إلى وال جتانس، رئيسية )جتانس، مراحل بثالث قد مرت التاريخ قبل ما عصر من متتد مراحل وهي وتناغم( إلى العصر احلديث مرورا بالعصر الوسيط. وسواء قبل املرء بوجهة النظر هذه أو لم يقبل بها فإن األمر األكيد وقبول معظم ناحية من الليبي املجتمع مكون تعدد أن الليبيني مبسألة التنوع من ناحية أخرى يقدمان الدليل على أن املجتمع الليبي كغيره من املجتمعات هو مجتمع الفوقية بنيته على وإن هيمن وغير جامد حتى حيوي الكثير من اجلمود؛ إن هذا اجلمود الذي ال تخطئه عني الدارس الناقد لم يلحظه معظم املهمومني بالوطن بعد ثورة 17 فبراير، وأزعم أن أصحاب االستحقاقات الذين بالضرورة استحسنوا بسببه املكاسب حصد اعتادوا مطالب توافق عدم من الرغم وعلى لذلك استمراره. الطرفني فإنهما أعادا إنتاج ثقافة سياسية ال تستهجن اجلمود وإمنا تعمل عن وعي أو عن قلة وعي على إعادة إنتاج مشهد يف غاية إنتاجه. وهذه احلالة أسهمت يف البؤس لم يحفز معظم الليبيني على تبادل التهم وحسب،

وإمنا جعلهم يتعمدون إقصاء بعضهم البعض.يف اجلميع فتش هذه واملرج الهرج ثقافة ظل ويف دفاترهم القدمية واقترح كل واحد من هؤالء حال واحدا زعموا أنه أقدر من غيره على حل جميع مشاكل الدولة.

ر تفك 128

مما زاد الطني بلة أنه رغم اتسام معظم احللول املقترحة ببعد ماضوي فإن معظمها لم يستحضر من تاريخ ليبيا التقليدية، األدبيات يف حضورا األكثر اجلزء سوى وهو حضور يدعم بشكل ال لبس فيه مصالح أصحاب االستحقاقات. إن انزالق أصحاب االستحقاقات األولني وتبسيط ناحية من املاضوية النزعة نحو واملتأخرين كارثة يشكالن الليبي املجتمع بساطة بحكم املسائل ابتدعتها األعمال الغربية األولى وتبناها اجلميع تقريبا دون متحيص. فما أن تعرضت العديد من الدول العربية واألفريقية ملشاكل انتهت بتقسيمها حتى تعالت العديد من األصوات التي رددت بأن ما حدث يف هذه الدول ال ميكن أن يحدث يف ليبيا ولسبب بسيط يكمن يف خلو ليبيا من أي تعددية عرقية أو مذهبية أو مناطقية. إن تبسيط

املسائل عادة ما يحدث ذات األثر النقود، يف التضخم يحدثه الذي أي الهبوط يف القيمة. إن ليبيا وإن كانت تتميز بتناغم مجتمعها فإنها، السياسي مجتمعها عجز وبسبب عن االنتقال إلى الوحدة عبر بوابة معرضة وتوافقهم، اجلميع تعاون وإمنا للتقسيم بالضرورة ليس ملزيد من اجلمود الذي سيعيق قيام

الدولة يف أقرب اآلجال.حرص فإن ذلك عن فضال املراحل حرق على تقريبا اجلميع

والقفز إلى النتائج لن يؤخر عملية انتقال البالد سلميا إلى مرحلة التناغم وحسب، وإمنا سيعرض املجتمع إلى هزة كبيرة ستعود به إلى مرحلة التجانس، وهي مرحلة ال صوت فيها ألي شكل من أشكال االختالف/ التنوع. حتى عدة قرونا ينتظروا أن لليبيني ميكن ال بالتأكيد يحققوا يف املجال السياسي ذات النجاح الذي حتقق يف املقابل القفز يف لكن املجال االجتماعي. هذا صحيح، مبادرات أو مقترحات واختزاله يف الليبي الواقع على اإلقصاء مبدئي ديناميكياتها ضمن تؤكد ال رؤى أو والتعصب وحسب، وإمنا تقدم الدعم عن غير وعي لفكر انقسامي، سوف يقودنا إلى وضع يكون اإلخفاق فيه هو

احلل الوحيد املتاح.بكل تأكيد إن التشديد على أهمية التناغم يف مجال السياسة أمر مقبول من الناحية النظرية أما من الناحية فيما خاصة ذلك وسبب مختلف. جد فاألمر العملية على تعمل ال أنها هو املتطورة غير باملجتمعات يتعلق السلوك هذا إن االنتظار. تفضل وإمنا وضعها تغيير ال يساعد على عملية االنتقال من مرحلة الال جتانس املسافة يقرب لن أنه عن فضال التناغم، مرحلة إلى ال األمر السلوك يف حقيقة وهذا وأخرى. مرحلة بني ميكن عزوه للحكام وحسب وإمنا ملعظم املحكومني أيضا، فاجلميع يف انتظار املنقذ. وعلى الرغم من سلبية هذا إجماع ألن إيجابيا، بعدا طياته يحمل يف فإنه املشهد الليبيني على أهمية وجود منقذ للخروج من األزمة سوف عملي بشكل يفكرون ال يجعلهم جماعي بشكل وإمنا وحسب، أيضا. إن العمل اجلماعي واملنظم أوال للتوافق الليبيني بدفع كفيل وللبحث ثانيا عن هوية سياسية ال تستمد وإمنا املاضي على تقفز هذا إن األصلي. وجودها منه املاضي وكما أفهمه انتهى مبكونات والتنوع االختالف شديدة بشرية يف جنب إلى جنبا العيش إلى الداخل ويف الساحل ملئات السنني وإلى إقامة كيانات سياسية حديثة ومتعددة. صحيح أن هذه الكيانات لم تعمر طويال، لكن، تغيير أو سقوطها يف قيامها يؤثر لم األهم، هو وهذا نسيج البالد. بناء عليه فإن االنطالق من نواة حقيقية، ناحية ليبيا االجتماعي من تناغم نسيج بذلك وأقصد وطبيعة الكيانات السياسية التاريخية املختلفة من ناحية أخرى، كفيل بأن يصنع خارطة طريق يشترك يف صنعها لها عالقة ال استحقاقات وفق استثناء دون اجلميع

باملحاصة وإمنا باملواطنة.تاريخها من طويلة مراحل يف متكنت التي ليبيا إن اآلن قادرة ذاكرة بنصف احلياة قيد على البقاء من بفضل عودة الوعي التي أحدثتها ثورة 17 فبراير على

املصيبة األكرب، حتى ال أقول الكارثة، أن العديد

من الليبيني، نتيجة الفوضى التي متر بها

البالد اآلن، أصبحوا مون على فرتة يرتح

حكم القذايف..

ر 129تفك

استكمال النصف الثاني. والدعوة الستكمال الذاكرة من يدفعنا وأن بد ال تنشيطها على اجلميع وحث ناحية التاريخ إلعادة النظر يف تاريخنا املجزأ. فتجزئة هذا لم تتسبب يف جتزئة هوية البالد وحسب )وافد ومحلي( وإمنا هيأت اجلميع تقريبا للقبول بفكرة قابلية الشعوب الفكرة هذه وفق محكومة لكونها لالستعمار املتخلفة املتكررة )leitmotiv( بإحدى الديناميتني: فإما حرية وبربرية وإما حضارة وعبودية. إن ما شهدته العديد من حلراك صحوة من األخيرة األسابيع يف ة الليبي املدن م الدليل على أن تضامن الليبيني مدني غير مسبوق يقدد مشاربها قادر الذي أفرز هوية ليبية متناغمة رغم تعدد مته حديثة سياسية ثقافة صنع على اعتقادي يف الطريق لظهور دولة لها هوية تستجيب ملتطلبات املرحلة وال تخضع هويتها ألصحاب االستحقاقات الذين هيمنوا

على تاريخ ليبيا احلديث.ه إلى بعض مالمحه صحيح أن التراث السياسي املنوما يزال جاثما على صدور معظم الليبيني، لكن اشتراك ب يف ظهور معظم الليبيني يف إسقاط دولة العقيد تسبأصحاب دائرة إلى بصلة معظمها يف متت ال قيادات تهم من انتماءاتهم االستحقاقات الذين يستمدون شرعيط تخب من ليبيا يف يحدث ما إن األسرية. أو ة القبليثورية أيديولوجية بغياب لهما عالقة ال اآلن وفوضى لصراع خفي يعود وإمنا الثورة لهذه تاريخية قيادة أو عن النظر وبصرف املحكومني، من صاعدة قوى بني االستحقاقات ذوي من وقوى األيديولوجية، انتماءاتهم الذين كانوا أداة مقايضة بني احلكام يف العهدين امللكي اجلميع ولعل واملحكومني. اجلماهيري - واجلمهوريمللمة األمر بداية يف حاول القذايف أن كيف يتذكر املوضوع من خالل االتصال ببعض األعيان يف مصراته وبنغازي والزنتان. لكن اجلهود باءت بالفشل ألن انتماء معظم الشباب الليبي إلى طبقة وسطى يف طور التشكل، إلى دفعهم انتماءاتهم االجتماعية، عن النظر وبصرف منافسة إلى دفعهم كما العقيد؛ دولة على اخلروج غير صراع يف معهم والدخول االستحقاقات أصحاب للشريحة بعضهم انتماء رغم السلطة أجل من معلن

نفسها.

إن التوقف عند هذه املحطات جد مهم ملن رام احلديث عن الهوية من ناحية وعن عالقتها باملصاحلة الوطنية من ناحية أخرى، فاملجتمع الليبي سواء سلمنا بتناغمه حقيقي ع تصد أي من عليه خوف ال به نسلم لم أم مر على نسيجه نت كو التي ة االجتماعي الشبكات ألن العصور، فضال عن اختياره مبلء إرادته الثقافة العربية اإلسالمية منذ القرن الثاني للهجرة، شكلت ضمن عوامل نات هوية البالد والعباد. لكن اخلوف كما أخرى أهم مكوته صنع هوية مت التنويه يكمن يف غياب تراث دوالني مهمة، ولذلك فاحلوار الوطني الذي ما تنفك البالد السياسييجعلنا أال يجب عليه تلح األخيرة الفترة األصوات يف أ من ناحية، وأن يدفعنا نتجاهل الواقع السياسي املجزللعمل سويا من ناحية أخرى على مراجعة املطالب وليس من ته شرعي يستمد وطني منظور من االستحقاقات

ة. تناغم الهوية الوطنية، أي غير السياسيكلمة أخيرة؛ إن جسر العبور للدولة وتأسيس تقاليد قا فجأة وإمنا باملحافظة أوال على وحدة دوالنية لن يتحقالعالقات ع وتصد الشعب. أي اإلقليم، مكونات أهم ر مؤش تلك أو اجلهة هذه أو تلك أو املدينة هذه بني حكومة تديره الذي الكيان هذا ل حتو د يهد ال خطير إلى كيان فاشل، وإمنا قد يهدد هوية البالد والعباد التي استطاعت أن تستمر رغم هشاشة الكيانات السياسية التي تعاقبت على حكم البالد منذ القرن السادس عشر. محاورة استمرار يستدعي الصدع رأب فإن عليه بناء الليبيني لبعضهم البعض والصبر على بعضهم البعض، د حدث يتبناه صاحب استحقاق إذ إن احلوار ليس مجرمنظم عمل هو وإمنا إعالم، وسائل نشره على وتقوم

إمامه العقل.وقدميا قال املعري:

يرجتي الناس أن يقوم إمامناطق يف الكتيبة اخلرساء

كذب الظن ال إمام سوى العقلمشيرا يف صبحه واملساء

مراجعة أ.د أحمد احلوات

مراجعـة كتــــاب..

هو كتاب نشر حديثا ألحد أعضاء هيأة التدريس بقسم علوم األرض بكلية العلوم جامعة بنغازى )د. خليفة الدرسى( وهو أحد

AV Akademikeverleg GmbH & Co.( منشورات دار الطبع والنشرKG( األملانية, نشر بتاريخ )23 يوليو 2013(.

Peri-granitic hydrothermal circulation and Mineraliza

مراجعات

ر 131تفك

وموزع والفرنسية، االجنليزية باللغتني منشور الكتاب موقع بينها من موزع طريق 80،000 عن العالم حول لعلوم )NASA( ومكتبة )Amazon( الشهير الكتب الفضاء. أحد أبواب هذا الكتاب منشور يف إحدى أفضل املجالت العملية يف العالم واألولى يف أوربا يف مجال علوم Earth and Planetary Sci- مجلة وهى )ألألرض

. )ence Lettersالتقنية )املقدمة، أبواب خمسة على الكتاب يحتوى احلقلي، العمل يف للتقنية والتطبيقات النتائج املتبعة، ورقة بحثية منشورة يف مجلة علمية للنتائج األولية للبحث، تقنية 3D يف عملية استكشاف املعادن حلقل محدد يف وهو األخير الباب ثم ومن )املغرب( الثالث العالم دول خالصة البحث أو االستنتاج(. وسنقوم من خالل األجزاء الالحقة تقدمي شرح مختصر لكل باب من أبواب الكتاب. يأتي سعى دار النشر األملانية لنشر هذا الكتاب ملا لهذا الكتاب من قيمة فكرية وعلمية، حيث تكمن قيمته العلمية اجلديدة والتقنيات املعلومات من الكثير يقدم كونه يف التي سوف تساهم يف إرساء مفهوم جديد للتقنية الرقمية وتطبيقاتها يف علوم األرض بشكل عام واستكشاف املوارد املعدنية بشكل خاص. وسنذكر هنا نقاط قوة هذا الكتاب

ومأسهمته يف إثراء البحث العلمي:تتعني املشكلة التي تواجه اجليولوجيني يف أن ما يرون طويلة جيولوجية لعمليات نتاج سوى ليس الطبيعة يف وتراكمية، ولذا فإنهم يسعون من خالل البحث والتحليل يف فروع اجليولوجيا املختلفة إلى بناء سيناريو األحداث املتعاقبة التي أدت إلى نشوء الطبيعة بالشكل الذي توجد نتاج عمليات وعوامل متداخلة الطبيعة عليه اآلن. وألن ومختلفة تزداد وتتناقص قوة تأثيرها مع الزمن، فإن كل ال فريدة حالة يشكل املعدنية املوارد لتجمعات تواجد ميكن أن تتكرر بنفس السيناريو التفصيلي يف مكان آخر، وبالتالي فإن ما يصلح للتحليل والتوضيح يف منطقة ما

قد ال يصلح يف منطقة أخرى.من هذا املنطلق سعى املؤلف جلمع كل نقاط التشابه يف حاالت كثيرة مختلفة التي تظهر فيها التجمعات املعدنية املؤلف يعرض كما النارية، الصخور مع مترافقة مكانيا آراء املدارس املختلفة حول نشأة هذه التجمعات املعدنية

وعالقتها مبتداخالت الصخور النارية من أصل جرانيتي.أما العنصر األساسى الذي يعطى الكتاب قيمته العلمية فهو تقدمي منوذج جديد للمحاكاة الرقمية وميكانيكية عمله واملعادالت الرياضية الداخلة يف تصميم منوذج رقمي أكثر واقعية لعمليات متوضع الصهير وتصلبه. واجلديد كذلك بترو-فيزيائية جديدة تقدمي عوامل الكتاب هو يف هذا رياضية مبعادالت عنها التعبير وال معايرتها تسبق لم وال محاكاتها. فدراسات الرقمية السابقة مثال يف مجال علوم األرض قامت مبحاكاة ثالثة عوامل بترو-فيزيائية يف بعدين كما حاكت الفترة األخيرة من متوضع الصهير وهى مرحلة التبريد، بينما يقدم الكتاب إمكانية محاكاة تصلب مراحل ومحاكاة بترو-فيزيائية عوامل ثمانية الصهير الثالث كاملة، وهى مرحلة التموضع والتسخني بحيث العملية إلى الزمن عامل يضيف كما والتصلب، منوذج تقدمي وبالتالي السنيني، ماليني محاكاة ميكن جيولوجي قابل ملحاكاة 100 مليون سنة يعتمد عليه يف دراسة عمليات سريان املحاليل خالل مسمات الصخور )املضيفة للصهير( وانتقال احلرارة يف بعدين، باإلضافة على يضفي إمنا هذا وكل ثالث. كبعد الزمن بعد إلى جديدة خطوة منه ويجعل علمية قيمة والبحث الكتاب

تضاف إلى املجهود العاملى يف املحاكاة الرقمية.لتحويل الرياضية العمليات كل الكتاب ويتضمن إدخالها ميكن رياضية تعابير إلى الفيزيائية املعامالت داخل النموذج الرقمي ملحاكاة العوامل الفيزيائية للصخور الفيزيائية العوامل بالصهير،وكذلك املحيطة املختلفة للصهير يف حالته السائلة والصلبة، باإلضافة إلى حركة السوائل وانتقال احلرارة بينهما، وهى العمليات املسؤولة

بشكل رئيس عن عمليات تكون املعادن.الكتاب أول مرة معامل )RAI( الذي قام كذلك يقدم األكثر األماكن على املؤشر ليكون باختراعه الباحث ويظهر النارية. الصخور حول املعادن لوجود احتمالية محاكاة من خالل وذلك الرقمي النموذج ناجعة الكتاب مناذج سابقة ومنشورة يف مجالت علمية، وذلك للتحقق النتائج إلى الوصول على قادر اجلديد النموذج أن من السابقة منشورة يف مجاالت علمية التي حققتها مناذج

وأثبت صحة نتائجها.

ر تفك 132

استخدام كيفية الكتاب يوضح سبق، ما إلى إضافة النموذج الرقمي واملعامل اجلديد )RAI( وقدرتهما على محاكاة خالل من وذلك املعادن جتمعات أماكن توقع الصخور مع املترافقة املعادن مناجم أشهر من بعض أوضاع محاكاة على النموذج قدرة يوضح النارية،كما جيولوجية وتكتونية مختلفة )مثل يوكن يف كندا، بوبوراس اجلديدة، غينيا يف وبابوا ايطاليا، يف ألبا اسبانيا، يف التي تظهر فيها جتمعات املعادن مرافقة للصخور النارية ولكن يف أوضاع جيولوجية وتكتونية مختلفة، مثل تواجد الهالة املتحولة، ثم تواجد الصدوع العميقة مع الصدوع مع قبب الصخور النارية يف املناطق الضحلة(، وذلك من عملية )GIS( يف اجلغرافية املعلومات نظم دمج خالل املحاكاة. ويستمر الباحث يف عرض نتائج النموذج اجلديد يشير التي املواقع ومقارنة )RAI( اجلديد واملعامل االحتمالية كمواقع عالية )RAI( واملعامل النموذج إليها يقترحها النموذج واملعامل لتواجد جتمعات املعادن يف هذه األمثلة ومقارنة هذه املواقع االفتراضية باألمثلة املدروسة ملعرفة درجة التطابق بني النموذج واملثال احلي املستكشف ومن بتأكيد الباب الباحث هذا ويختتم واملدروسسابقا. خالل توضيح مفصل ودقيق أن النموذج كان قادرا على التنبؤ بجميع مواقع جتمعات املعادن املوجودة يف األمثلة إلى بالنموذج باالنتقال الباحث يقوم املعروضة. كذلك التي املرحلة وهى )D4( مرحلة وهى أخرى مرحلة )الزمن(، الرابع والبعد اجليومترية لألبعاد 3D متثل النموذج استخدام إلى الباحث يسعى اجلزء هذا وفى التجمعات املعدنية ولكن أيضا للتنبؤ مبواقع ليس فقط منطقة ففي أخرى، جيولوجية مشكلة تفسير ملحاولة تغزا باملغرب تتواجد جتمعات معدنية مترافقة مع صخور ترتبط أنها اجليوكيميائية الدراسات أثبتت جرانيتية جينيا بالصخور اجلرانيتية، ولكن ومن خالل طرق حتديد تبني املطلق( )الزمن طرق عبر واملعادن الصخور عمر أن التجمعات املعدنية هي أقدم من الصخور اجلرانيتية، وهذا يطرح السؤال: كيف ميكن أن تكون هذه التجمعات املعدنية ناشئة عن الصخور النارية اجلرانيتية وهي أقدم السؤال هذا عن ولإلجابة النارية؟ الصخور من عمرا )قياسات جيوفيزيائية تقنيات باستخدام الباحث قام

اجلاذبية( وتقنيات نظم معلومات اجلغرافية )GIS( من )3D( تشكيل األبعاد الثالثة اجليومترية للصخور الناريةالعمليات جميع دراسة ومحاولة منوذجه يف وإدخالها اجليولوجية خالل 100 مليون سنة ملنطقة تيغزا آخذا

بعني االعتبار العمليات التكتونية.الكتاب التي يقدمها النتائج اجلديدة اختصار وميكن الرقمية املحاكاة عالم يف جديدة خطوة تعتبر والتي وتطبيقاتها يف علوم األرض واستكشاف املعادن على النحو

االتالي:بعني تأخذ لم مهمة فيزيائية 1. الكشف عن عوامل االعتبار يف دراسات سابقة، وهي عوامل تلعب دورا رئيسا

يف تكوين املعادن وجتميعها.تركيبا من وأكثر واقعية أكثر 2. تقدمي منوذج جديد سابقاته وذلك من خالل التعامل مع عدة عوامل فيزيائية وكيميائية ألنواع مختلفة من الصخور والسوائل التي كان العوامل هذه وربط والتعبير ثابتة، بأرقام إليها يشار ببعضها البعض من خالل معادالت رياضية تساعد على أزمنة مختلف يف الفيزيائية املعامالت جميع حساب

املحاكاة.لتموضع املختلفة املراحل محاكاة إمكانية 3. عرض وتصلب الصهير التي ساعدت مراقبتها على فهم أفضل

للعالقة بني التجمعات املعدنية والصخور النارية.4. الكشف عن أداة جديدة وهو معامل )RAI( والذي التجمعات املعدنية بغض التنبؤ مبواقع ميكن من خالله

النظر عن الوضع اجليولوجي والتكتونى للمنطقة.5. تطوير النموذج من منوذج ثالثي األبعاد إلى رباعي األبعاد )3D إلى 4D(، ودمج النموذج مع برمجيات أخرى وتقنيات )GIS( اجلغرافية معلومات نظم تقنيات مثل على للحصول اجلاذبية قراءات النقالب األبعاد ثالثية

الشكل اجليومترى للصخور حتت سطح األرض.6. إثبات قدرة النموذج الرمي املستحدث على دراسة الظواهر املرتبطة بطرق حتديد األعمار وتفسيرها، مبا يوضح عمليا كيف ميكن لتجمعات معدنية قدمية االرتباط جينيا بصخور نارية أحدث منها )كما يف منطقة تيغزا

باملغرب(.

ر 133تفك

نتوجه بشكر خاص للدكتورة منى الساحلي التي أمضت ساعات عاكفة على تفريغ هذه املحاضرة التي حصلنا على نسخة مسموعة منها من قسم الوثائق باملكتبة املركزية باجلامعة. وهانحن ننشرها كاملة على صفحات هذه املجلة، ليس فقط إحساسا منا

باحتفاظها بأهميتها، بل أيضا لتبليغ رسالة مؤداها أنه هكذا كانت املواسم الثقافية يف اجلامعة الليبية

منذ ما يقرب من نصف قرن!

منت املحاضرة:يطيب لي يف هذا احلديث أن أعرض على حضراتكم بعض اخلواطر والتأمالت عن احلضارة العربية التي أعنيت بها ردحا من الزمن، ثم شاء لي احلظ يف سنة 1941 أن ألقي محاضرة عن خصائص هذه احلضارة العربية. بيد أنني أعترف اآلن بأنني كنت آنذاك حتت أزولد املشهور احلضارة فيلسوف لفكر غامر تأثير شبنجلر، ولهذا كان رأيي يف بعض املسائل مختلفا عنه

اليوم. ونتيجة لهذه الدراسات والتأمالت التي قمت بها خالل ربع قرن تقريبا، استطعت أن أغير كثيرا من هذه اآلراء، وها أنا ذا اليوم أعرض على حضراتكم بعض هذه اخلواطر واآلراء. ولكنها مع ذلك تدور يف نفس املعاني ونفس اإلطارات التي قلتها وأظهرتها منذ تلك املدة املديدة. وأبدأ أوال فأحدد معنى احلضارة، وأقول إنني سآخذ هذا اللفظ بنفس املعنى الذي اصطلح عليه الفالسفة اآلملان، أي الفترة التي متثل نبوغ احلضارة، متثل إمنا شبنجلر: تعبير حد على أو شبابها، متثل دور الصيف يف هذه احلضارة، ولهذا سأقصر حديثي، تلك على عنها التي سأحتدث اخلصائص وسأقصر الفترة، التي متتد من القرن الثاني للهجرة إلى القرن عشر الثاني إلى الثامن من أي للهجرة، السادس أن أردت التي اخلصائص هذه وأولى امليالديني. يف العربية احلضارة خصائص من عليكم أعرضها تلك الفترة، وسأقصر حديثي دائما على هذه الفترة، سائر وعلى احلضارات، سائر على االنفتاح هي تيارات الفكر البشري. يف ذلك الزمان، لم يكن يعرف

تأمالت يف احلضـــارة العربيـة..

,,عبدالرحمن بـدوي

ألقيت هذه احملاضرة صباح اإلربعاء 15 نوفمرب 1967، وبها افتتحت كلية اآلداب موسمها الثقايف للعام اجلامعي -19671968. ألقى كلمة االفتتاح الدكتور خمتار بورو عميد الكلية،

وصاحبها هو الدكتور عبد الرحمن بدوي، رئيس قسم الفلسفة بالكلية، وأحد أبرز املشتغلني العرب بحقل الفلسفة.

ما التاريخ اإلنساني يف حقيقته إال تاريخ أفكار هربرت جورج ويلز

حماضرات

ر تفك 134

اليونانية، احلضارة أربع: غير العليا احلضارات من احلضارة الهندية، احلضارة اإليرانية أو الفارسية، ثم

احلضارة الصينية.نفذ فقد اليوناني، أوالفكر األولى احلضارة أما العربي والتفكير العربي، العقل نشاط أوجه كل يف ميدان كل التأثير يف هذا نتلمس أن نستطيع بحيث من امليادين، حتى يف أبعدها يف الظاهر عن ذلك مثل

األدب أو اللغة.دراساتي نتيجة يقني- بكل أؤكد أن وسعي ويف أن اليونانية- العربية النصوص لهذه وحتقيقاتي احلضارات من حضارة يف يحظ لم اليوناني الفكر من حظوة يف احلضارة اليوناني الفكر به مبا حظي العربية، سواء من ناحية العناية به أو نقله أو االحتفال

له، أو تنميته والبناء عليه. وحتى يف احلضارة األوربية نفسها، وهي التي تتمثل دائما اليونان مصباحا يتعلق ما كل يف لها ومشكاة حتضن أن تستطع لم بأمورها، التراث اليوناني، كما حضنته هذه

احلضارة العربية، على الرغم مما قد يبدو يف هذا من مفارقة وشيء غير مألوف. بل إن أصوات الهجوم التي ظهرت وتعالت يف أنحاء العالم اإلسالمي، منذ القرن الثالث حتى القرن السادس، هذه األصوات نفسها التي بدت كردة فعل ضد التراث اليوناني، لم يكن لها من قويا عنيفا التيار هذا جرى بل شأن، من وال تأثير يسيطر أن واستطاع مقاوم، يقاومه أن يستطيع ال فصيحات كلها. الفترة هذه طوال التفكير هذا على أمثال ابن قتيبة، أو أبي سعيد السيرايف، أو اجلبائي، التيار أو غيرهم ممن أرادوا أن يدفعوا يف وجه هذا ذهبت بل تأثير، أدنى تؤثر أن تستطع لم اليوناني، طريقه يشق اليوناني الفكر وظل الرياح، أدراج كلها الفكرية، امليادين العقول يف سائر إلى جميع الظافر فازداد املنكرة، املنكرة األصوات بتلك يحفل أن دون نفوذ العلوم اليونانية يف كل األوساط، وأتت الترجمة على كل ما كان معروفا من كتب يونانية يف ذلك العهد، التراث من تكون جزءا وأصبحت فترجمتها جميعها،

التراث أن أقرر أن إنني أستطيع بل الثقايف. العربي مبثل اللغات من أخرى لغة إلى يترجم لم اليوناني ما لكل دقيق فبإحصاء العربية. اللغة إلى ترجم ما ترجم من اليونانية إلى العربية، استطعت أن أقرر بكل اطمئنان أنه حتى احلضارة األوربية احلديثة نفسها لم رد أتى وإمنا اليونانية. الكتب من القدر تترجم هذا ابن مع السادس، القرن بعد التراث هذا الفعل ضد فيه صار عصر يف وأضرابهما، تيمية وابن الصالح الفكر العربي إلى النضوب، إلى حالة من االضمحالل من األخير الدور دائما تالزم التي هي واالنحالل أدوار احلضارة، دور اخلريف والشتاء. بل إن محاوالت أمثال هذين، ابن الصالح أوابن تيمية، لم يظهر أثرها إال يف عصر الحق، ألن تأثير الفكر اليوناني كان من يجعله ما واالندفاع الزخم قوة مستمرا ملدة طويلة بعد ذلك. فلم تستطع ردود الفعل هذه أن تعرقل سيره، بلى وال أن تفل من عزمه، وإن حد. عند توقفه أن ناهيك عبد الدين موفق مثل شخصية اللطيف البغدادي الذي تويف عا 629هـ، لتدل داللة قاطعة على أن التراث اليوناني كان ال يزال حتى ذلك العصر، أي يف النصف األول من القرن السابع، قويا كل القوة. فإن عبد اللطيف البغدادي قد كتب ما ال يقل عن مائة وخمسني كتابا يف العلوم اليونانية، وكل هذا اليونانية كانت ال تزال حية كل العلوم أن يشهد على

احلياة يف ذلك العصر املتأخر تقريبا.وإذا تصفحنا كتب التراجم أمثال أخبار العلماء، أو أخبار احلكماء للقفطي، ثم كتاب ابن أبي أصيبعة يف عيون األنباء يف طبقات األطباء، لوجدنا عددا ضخما اليوناني يف هذا بالتراث من املفكرين ومن املشتغلني ومن الهجري. السابع القرن يف أي املتأخر، العصر اخلطأ البني أن نتخذ من مثل هذه األصوات الرجعية دليال أو عام تيار على شاهدا اليوناني التراث ضد على خاصية عامة. فكم يف تاريخ احلضارات من أمثال هذه األصوات الرجعية، التي بقيت منعزلة يف عصرها، التدل عليه وال تؤثر فيه. ففي احلضارات احلديثة يف

الفكر اليوناين نقل إىل العربية بأمانة وتدقيق

وافرين..

ر 135تفك

عصر النهضة، جند مثال يف إيطاليا يف القرن اخلامس عصر بأنه خصوصا امتاز الذي القرن ذلك عشر، إحياء التراث القدمي، التراث اليوناني الروماني، جند أمثال سافوناروال، ولكننا مع ذلك ال نستطيع أن نعد هذا الصوت املنبعث من سافوناروال دليال على احلياة القرن يف بالذات فرنسا يف أو إيطاليا يف العقلية املاضي، القرن يف فرنسا يف كذلك عشر. اخلامس جند أمثال جوزيف دميتر، أو دي بونان، يحملون راية الرجعية هذه ضد األفكار اليونانية أو األفكار احلديثة، ومع ذلك ال ميكن أن نعد مطلقا جوزيف دي متر، أو املاضي. القرن يف الفرنسي للفكر بونان ممثلني دي وأظن أيضا أن مؤرخ املستقبل لن يعد مثال السيناتور مكارثي كممثل للفكر األمريكي، يف منتصف هذا القرن العشرين. وعلى هذا، فال ينبغي أبدا أن نتخذ من هذه األقوال املنعزلة، التي جندها لدى هذا أو ذاك دليال الفكر آنذاك. وإمنا كان على روح عامة كانت سائدة العربي أكثر خصوبة، وأكثر قوة من أن يتأثر أو يحفل االنكماش إلى تدعوه كانت التي اآلراء، هذه مبثل وإلى االنحسار. وإن بعض الباحثني، يف القرن املاضي اليوم الباحثني بعض يزال ال بل القرن، هذا وأوائل عن األقوال هذه يرددون أوربيني، وغير أوربيني من األقوال، هذه بعض إلى استنادا العربية؛ احلضارة وهذا إليهم. من أو تيمية ابن أو الصالح ابن أقوال ظهرت أن بعد خصوصا اليوم، يغتفر أال يجب أمر ينتظرنا يزال وال الترجمات وحققت كلها، النصوص

الكثير لنحققه مما يدل على مدى انتشار وتأثير هذا التراث الفكري العظيم لإلنسانية. وبتوالي الكشف عن هذه النصوص، سيتبني أن هذه اآلراء التي استند إليها رينولد يف القرن املاضي، أو جولدتسيهر يف أوائل هذا القرن عن تأثر احلضارة العربية باحلضارة اليونانية، أقول إن هذه اآلراء ستصبح أو البد أن تصبح اآلن يف متحف التاريخ، ال يؤخذ بها وال يؤبه لها. نعم لقد دخل األبواب؛ أوسع من العربي العالم إلى اليوناني الفكر اخللفاء، باب من الرسمية، السلطة باب من دخله واملأمون املنصور من اخللفاء كبار أن نرى فإننا من الرغم على املتوكل- حتى بل واملعتضد، والواثق العربي التراث نقل هذا قد عملوا على أفقه- ضيق إلى العالم اإلسالمي، وقام إلى جوارهم كبار الوزراء، وكبار األمراء يعملون كل ما يف وسعهم من أجل نشر هذا التراث واإلنفاق عليه، وبذل كل ما ميكن من أجل نقله وشرحه. واستمر هذا العمل مدة طويلة، تتجاوز قرنني، استطاع فيها هذا التراث أن ينقل إلى العربية، وأن يصبح بفضل الدولة ومبعونتها وبتشجيعها وببذل أو جوهرا يصبح أن ذلك، سبيل الطائلة يف األموال مميزا جوهريا لهذا التفكير، رغم أنه تفكير أجنبي عن التربة اإلسالمية العربية. وفيما حققته أنا يف ترجمات من اليونانية إلى العربية، ويف املحاضرات التي ألقيتها أن أثبت باريس، بجامعة السوربون يف العام هذا األحوال معظم يف الدقة من كانت الترجمات هذه غيرة املعاصرين املترجمني أشد حسد تثير بحيث

ر تفك 136

من جديد، ترجمتها إعادة وتغني عن وحرصا، ودقة بالنصوص املتصلة الفيلولوجية الدراسات تقدم رغم اليونانية. وكان املترجمون يحرصون قبل الترجمة على األدق، الرواية وحتقيق النصوص، قيمة من التثبت ومقارنة املخطوطات ببعضها ببعض، وإثبات اختالفات يثير نحو على األم، الرواية عماد وبيان الرواية، الدهشة من كيفية متسكهم بهذا املنهج الفيلولولوجي الدقيق الذي ما كنا نظن إال أنه ثمرة من ثمرات التقدم العلمي الفيلولوجي خصوصا يف القرن املاضي. وتلك حقيقة ينبغي أال منل من تكرارها وتوكيدها، وهاهي نقول. ما على قاطعة شاهدة أمامنا الترجمات ذي ومعنى هذا أن هذا الفكر اليوناني قد نقل إلى العربية

اللهم وافرين، وتدقيق بأمانة أو القليلة، األحوال بعض يف إال التي لها يف ظروف البيئة ما يبرر القليلة األحوال وهذه وجودها. األول الضرب ضربني: على والعبارات الكلمات تصدم حني

واملسيحيني للمسلمني املوحدة الدينية احلساسية على السواء. وثانيا حينما تعوز األشكال أو الصور أو وينتسب التراث. لهذا املماثلة املطابقة املصطلحات إلى السبب األول األساطير اليونانية، مبا فيها من أمور الصافية املوحدة الدينية التقوى جترح غليظة فجة التوحيد. وينتسب إلى السبب الثاني األشكال األدبية عدم يف السبب عن تساءلنا فإذا املسرحيات. مثل أشعار أو العربية، إلى اليونانية املسرحيات ترجمة رجال مثل هوميروس، أو فيندار، فإن رأيي هو أن هذا على أساسا تقوم اليونانية املسرحيات أن إلى يرجع أساطير يونانية، وهذه األساطير اليونانية تقوم أساسا على اآللهة: على آلهة األوملب، وهم يف الغالب األبطال احلقيقيون لهذه املسرحيات الظاهرون أو املستترون. يونانية أساطير من فيها مبا ترجمت قد كانت فلو هذا يف وجدت كانت ملا اآللهة، أعمال عن تتحدث أي املوحدة الدينية باحلساسة املشبع الديني اجلو ننسى أال وينبغي نفسها. تلقاء من ولسقطت تقدير، أن املثقفني يف ذلك العصر، كانت تستولي عليهم نزعة

عقلية واضحة، فما كان ميكن أن يتصوروا أمثال هذه اليونانية، املسرحيات هذه يف جتري التي األحداث مبا تقوم عليها من أمور خارقة للمعقول، وأمور يأباها العقلية. النزعة أو ذو العقلي التفكير ويأباها العقل، على أنه يبدو مع ذلك أن هوميروس قد حظي بعناية خاصة، إذ يذكر لنا القفطي، يف كتابه أخبار احلكماء، إسحاق، بن حنني املترجمني شيخ عن الكالم عند حتى شعره أطلق قد كان فتى صغير وهو حنينا أن غطى جبينه، وصار شبيها بفتيان احلي الالتيني اليوم يترمن وهو بغداد، يتجول يف شوارع وكان باريس، يف بشعر هوميروس. هذه الظاهرة نفسها تدل على مدى نفوذ هذا الشعر اليوناني يف أوساط الشباب آنذاك. بشعر هوميروس يف الترمن وكأن اليوم نراه مبا شبيها العهد ذلك س ت. بشعر الشباب ترمن من إليوت مثال، أو غارسيا لوركا، أو شولوخوف، أو ماياكوفسكي على يدل فهذا هؤالء. ثقافة حسب على املدى الذي وصل إليه نفوذ أدب وشعر هوميروس، واألدب اليوناني عامة يف تلك األوساط. صحيح أننا ال جند ترجمة لإللياذة وال لألوديسا، على الرغم من أنه من املؤكد أن اإللياذة قد ترجمت إلى السريانية قبيل القرن الثالث الهجري. ولكن ما بقي لدينا من آثار عن هوميروس جندها أيضا ليست بالقليلة. فهناك أوال ما ذكره أرسطوطاليس من شعر لهوميروس، خصوصا يف فن الشعر، ويف كتابه اخلطابة، ويف تفاريق يف مختلف كتبه. وهناك أيضا مجموعة حافلة من احلكم واآلداب كبار إلى نسبت كما هوميروس، إلى نسبت التي وبندار سوفوكليس رأسهم وعلى اليونانيني، الشعراء ولو احلكم ضخمة، من املجموعة وهذه ويوروبيدس، أننا- مع األسف- لم نعثر على أصولها اليونانية، ألنها ترجع يف الغالب إلى تلك الفترة اإلسكندرانية املتأخرة التي نحل فيها فيها هؤالء كثيرا من احلكم، ألن الروح العامة كانت متيل إلى احلكم وإلى األقوال املأثورة وإلى اجلمل املنحوتة القصيرة. هذا يف ما يتصل باآلداب، أما يف ما يتصل بالعلوم باملعنى املحدود: الرياضيات

ليس ثمة كتاب يوناين مهم واحد إال وترجم

إىل العربية..

ر 137تفك

امليكانيكا األرصاد الكيمياءالطب الفلك الفيزياء النبات واحليوان ثم الفلسفة، فليس ثمة كتاب يوناني الشروح، وتناولته العربية، إلى وترجم إال واحد مهم

وتناوله امللخصون. هذا يف ما يتعلق باحلضارة اليونانية، فإن انتقلنا عن التراث أن أيضا وجدنا أوال، الهند بالد إلى اليونان اإلسالمي، العالم يف بالغة بعناية حظي قد الهندي وخصوصا يف ما يتعلق بالرياضيات، فأعمال أريابهاتا، الهنود الرياضيني كبار من وغيرهم وبراهمابختا أثر كبير يف تطور لها العربية، وكان إلى قد ترجمت جعفر أبي من ابتداء خصوصا العربية، الرياضيات محمد بن موسى اخلوارزمي، الذي بسط حساب الغبار

واملقابلة، ويف اجلبر كتابه يف يف سائر كتبه. وابن الندمي يف كتابه ثبتا لنا يورد الفهرست، العظيم طويال جدا باملؤلفني الهنود الذين مع لكننا- العربية، إلى ترجموا األسف الشديد- ال منلك اليوم إال القليل جدا من هذه الترجمات من السنسكريتية إلى العربية. ولكننا املزيد أو البحث، يسفر أن نأمل من البحث يف ما يزال مجهوال من

املخطوطات، عن نصوص مترجمة أخرى. ومع األسف الشديد أيضا أن الباحثني لم يولوا هذه الناحية أيضا املتعلقة األبواب سائر مثال أولوا كما خاصة، عناية نشر حينما إال بحث من هناك وليس بالترجمات. ساخاو يف سنة 1886 كتاب )يف الهند(، أو )ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أو مرذولة(، ألبي الريحان بسنتني. ذلك بعد اإلجنليزية إلى وترجمه البيروني، بهذه االهتمام فقط بدأ التاريخ، هذا من فابتداء العربية. وإنه لكتاب السنسكريتية إلى الترجمات من البيروني الريحان أبي لصاحبه يشهد حقا عجيب دقيق، علمي ومنهج النظير، منقطع استطالع بحب واطالع واسع وثقافة لغوية هندية، ال يعرف لها التاريخ نظيرا يف ذلك العصر. كما أنه يدل على االهتمام الذي بدأ ينتشر بني املفكرين العرب واملسلمني بتراث الهند،

السلطان عهد يف للهند األكبر الفتح بعد خصوصا وأن اخلامس. القرن بداية يف أي الغزنوي، محمود فتح الهند بدأ أوال يف أيام احلجاج على يد ابن أخيه، ولكنه اقتصر على اجلزء الغربي من الهند، أما الفتح احلقيقي للهند، فهو الذي قام به محمود الغزنوي يف يبسط أن بذلك واستطاع الهجري، اخلامس القرن نفوذ اإلسالم على معظم شبه القارة الهندية. ومن هنا بدأ التأثير فعال، ال يف العصر السابق، بل وابتداء من عصر محمود الغزنوي ودولة الغزنويني. وهنا أيضا يف ما يتصل بعدم انتقال كثير من األدب الهندي إلى اللغة العربية، نستطيع أن نسوق نفس السبب الذي سقناه هذا أن وهو اليوناني. باألدب يتصل ما يف قبل من األدب قائم أيضا على امليثيولوجيا تقوم امليثيولوجيا وهذه الهندية، اآللهة، تعدد وعلى الشرك، على ما يف جدا فاضحة أمور وفيها مما اآللهة بني بالعالقات يتعلق لم يكن من املمكن أبدا أن ينتقل إلى العالم اإلسالمي، وأن يجد له صداه، أو أن يجد أي تشجيع يف فإن بعض به. ورغم ذلك العناية مثل الكبرى الدينية النصوص املهابهارتا من فصول وبعض فيدا والريج الفيداوات والرامايانا، وهي تعد الروائع األصلية لألدب الهندي، قد ترجم إلى اللغة العربية، وجند طائفة صاحلة منها

يف كتاب أبي الريحان البيروني هذا. أو البهلفية اللغة الفارسية، وعن أما عن احلضارة الكتب، الوسطى، فقد ترجم عدد كبير من الفارسية وابن الندمي يف كتاب الفهرست يورد ثبتا حافال بأسماء هذه ومعظم ترجموها. من وأسماء املترجمة، الكتب يقال كما اآليني، أو واآلداب، السياسة يف الكتب أو األمراء، وأخالق األخالقية، واحلكم بالفارسية، مرايا األمراء، فمسكويه مثال يف كتاب جافيدال حراب، أو احلكمة اخلالدة، يورد لنا مجموعة ضخمة من هذه النصوص الفارسية املتعلقة باآلداب واآليني والسياسة. ويف عصر األمراء البويهيني يف القرن الرابع، منت هذه

الشرك وتعدد األلهة واألمور الفاضحة يف

العالقات بني األلهة... كلها أسباب حالت دون

نقل كثري من األدب الهندي إىل العربية..

ر تفك 138

هائال انتشارا وانتشرت جدا، سريعا منوا احلركة ذلك يف واملفكرين، الكتاب كبار من كثيرا أن حتى العربية اللغتني ناصية ميتلكون صاروا قد العصر، يف أيضا، العصر ذلك ويف تاما. امتالكا والفارسية القرن الثالث ويف القرن الرابع، انتشرت هذه الظاهرة، Bilin- )ااهرة املثنوية اللغوية- إن صح هذا التعبير gualism( أي أن ميلك اإلنسان ناصية لغتني كتابة انتشارا الظاهرة هذه انتشرت .الخ. وتكلما وخطابة عظيما حتى أننا لنرى، ابتداء من القرن الثالث حتى القرن السادس، معظم الكتاب يكتبون باللغتني وبنفس املستوى تقريبا: السريانية والعربية، الفارسية والعربية، العبرية والعربية، القبطية والعربية، ورمبا أيضا، وإن لم تكن هنالك شواهد خطية على هذا، السنسكريتية الظاهرة، لهذه كان أنه يف شك من وليس والعربية. الثنوية أو اللغوية، املثنوية أو اللغوي االزدواج ظاهرة اللغوية إن شئتم، كان لهذه الظاهرة أثر عظيم جدا يف إغناء اللغتني معا. وليس صحيحا ما ذهب إليه اجلاحظ أدخلت لسان يف اجتمعتا إذا اللغتني إن قال: ما يف كلتاهما الضيم على األخرى، وإمنا هي فلتة من فلتات منه على الذين كانوا يعرفون اللغات اجلاحظ حسدا فاألسلوب منها. شيئا يعرف يكن لم وهو األجنبية، بن واحلسن املقفع، ابن قلم به جرى الذي اجلديد والصاحب بن العميد، وابن الهمذاني، والبديع سهل، عباد، وعشرات غيرهم، إمنا يرجع الفضل يف إيجاده الفارسية اللغوية: الثنوية ظاهرة الظاهرة، هذه إلى

والعربية. وكذلك أسلوب حنني بن إسحاق، وقسطا بن لوقا، أو أبي عثمان الدمشقي، ويحيى بن علي، وعيسى الثنوية هذه من خصائصه يستمد إمنا جمعة، بن والعربية السريانية أو واليونانية، العربية اللغوية: بالنسبة إلى الثالثة اآلخرين. وكم يكون مفيدا وخصبا اللغوية الثنوية هذه تأثيرات بدراسة دارس يقوم أن على النظم العربي، وأقصد بالنظم املعنى الذي أعطاه عبد القاهر، وهو Syntax، أي طريقة تركيب الكلمة، أو اجلملة، تراكيب العبارة اللغوية استنادا إلى شواهد عينية يف النصوص التي كتبها هؤالء. فما أبعد أسلوب هؤالء الكتاب عن ذلك األسلوب التقطيعي ذي الفقرات إلى وما املشحونة، واإلضمارات املستقلة والفواصل رحمه ماسينيون- أستاذنا كان خصائص من ذلك اهلل- يلذ له دائما أن ينسبها إلى اللغات السامية، وإلى العربية خاصة. وإذن فهذا التصادم والتبادل والتقابل والتالقي بني احلضارات والثقافات هي خاصية مميزة

واضحة كل الوضوح يف احلضارة العربية. يف الكبير التسامح خصوصا ذلك نتيجة وكانت قبول األفكار، ويف نشرها من أي مصدر وردت. ومن وقبل بل للهجرة، الثاني القرن من ابتداء نرى، هنا ذلك بقليل، انتشار األفكار املتعارضة املتباينة انتشارا أو لفرض روحية سلطة أي تتدخل ولم قويا. واسعا تكوين فكر من قالب واحد )مونوليتيك( بل كانت أغرب األفكار وأشدها تفاوتا وتباينا تعيش إلى جوار بعضها بعمود املتمسكة األفكار جوار إلى وتعيش البعض،

ر 139تفك

السنة التقليدية أو النزعات التقليدية أو السلفية على اختالف منابعها. صحيح وقع الكثير من التصادم، بل يسحق لم ولكن الدماء، إراقة حتى العنيفة واملعارك مذهب منها سحقا تاما بحيث يزول نهائيا ويعدم. لقد كان بعضها يتخذ التقية والتستر حينا، لكنه ما يلبث- بعد ذلك- أن ينبثق ويظهر أحيانا بصورة أقوى، وأشد ضراوة من قبل. ولدينا الشواهد القاطعة على ذلك يف ولدى الفروع، ومختلف والقرامطة الباطنية مذاهب محمد بن زكريا الرازي، وإخوان الصفا، وأبي سليمان والسهروردي التوحيدي، حيان وأبي السجستاني،

املقتول، أو احلالج. وهنا أود أن أقف وقفة قصيرة على أسطورة، كانت

ومع تردد، تزال وال كثيرا تردد دعوا الذين أول فإن األسف، إليها هو أكثر الباحثني توفرا على ماسينيون. أستاذنا وهو احلالج، احلالج أن تزعم األسطورة هذه شهيدا، مات أو قتل، إمنا

احللول. أو الوجود وحدة يف الصوفية ملعتقداته الصوفية، معتقداته شهيد ميت لم احلالج إن كال، وقطعت وما صلب قتل ألسباب سياسية محضة، بل دجلة يف سنة 309هـ، نهر رماده يف وذري أوصاله، إال ألسباب سياسية خالصة يف حقيقة األمر، إذ كان متطرفا، وكان الصراع يف بغداد آنذاك عنيفا حنبليا بني الشيعة واحلنابلة، فلما صارت السلطة للشيعة يف عهد وزارة حامد بن العباس، وأخمدت الثورة احلنبلية ومثيريها، دعاتها كبار من احلالج وكان البربهارية، حوكم احلالج محاكمة صورية، وأودع السجن سنوات عديدة إلى أن حكم بإعدامه صلبا. وطبعا لم تكشف آخر بقناع تقنعت بل احلقيقي، وجهها عن املحاكمة السياسية على مدى املحاكمات معروف يف مثل هذه التاريخ. وإال فما السبب يف أن هذه املحاكمة استمرت أطوارها فيها تغيرت سنة، عشرة خمس حوالى املضطرب العهد ذلك يف احلاكمة السلطات بحسب من اخلالفة اإلسالمية، عهد املعتضد. وهل من يلفظ إدانته املحكمة يف إليها استندت التي العبارات بتلك

نطق لقد كال، ومحاكمته؟ سجنه قبيل إال بالكفر، بها قبل ذلك بوقت طويل، ولم تثر اهتمام أحد بوجه خاص. واحلق أنه إمنا حوكم، ثم تقرر إعدامه صلبا وإحراقا بسبب الدور السياسي الكبير الذي قام به مع احلنابلة ضد الشيعة وسيطرة الشيعة يف ذلك العهد. وثم دليل آخر على هذا، هو أنه كان يحيا يف نفس آراء أشد وله الرازي، بن زكريا محمد تقريبا الوقت ظل ذلك ومع احلالج، آراء من اجلنوح يف إيغاال رئيسا أي )ساعورة( الكبير والطبيب املفكر هذا للبيمارستان العضدي يف بغداد، وكان هذا البيمارستان أعني املستشفى، أكبر مستشفيات اخلالفة اإلسالمية يف ذلك العهد. ولو أن محمد بن زكريا الرازي اكتوى مصيره لكان السياسة، بنار إمنا كله فاألمر احلالج. مصير احلالج اشتغال إلى إذن يرجع مطلقا لهذا شأن وال بالسياسة، قال التي اآلراء أو الفكر، بحرية

بها ونادى بها احلالج. والذي أود أن أستخلصه من هذا كله، هو أنه طوال سادت األربعة، القرون هذه طوال كلها، الفترة هذه الفكري املستوى على كاملة حرية اإلسالمي العالم اخلاصية لتلك نتيجة ذلك خصوصا وكان اخلالص، األولى من خصائص احلضارة العربية، أعني االنفتاح أينما ومن كانت ما أيا والثقافات األفكار كل على

وردت. باألولى، وثيقة صلة على وهي الثانية، واخلاصية روحية بسلطة يتقيد ال الذي احلر البحث روح هي الدنيوية، العلوم كل جلية يف اخلاصية وهذه مقررة. كانت وإن الكالم، علم مثل الدينية العلوم بعض ويف أقل وضوحا فيه. فلم يكن ثم إقرار بسلطة معينة كائنة ما كانت، كما هي احلال مثال يف الكنيسة الكاثوليكية السلطة حجة وكانت هذا. الناس يوم حتى أوربا يف معدودة باطلة بطالنا أصليا، ال يجوز ملفكر كائنا من بها، يهيب ومن بها. يهيب أو عليها، يعتمد أن كان كان سرعان ما يصبح مثارا للسخرية والتنديد، يف ما ال هذا على والشواهد بالتقليد. آنذاك يعرف كان

أغرب األفكار وأشدها تفاوتا وتباينا تعيش

إىل جوار بعضها البعض

ر تفك 140

حتصى، فمحمد بن زكريا الرازي الذي ذكرناه، يسخر من أولئك- على حد تعبيره- الذين غرهم طول حلى حلوقهم ميزقون املجالس يف املتصدرين الـ.......

باألكاذيب.الخ.واجلاحظ يف كتاب احليوان، نراه ينقد املعلم األول يف أرسطو صار بينما موضعا، عشرين يف أرسطو الرابع القرن من ابتداء خصوصا الوسطى، القرون عشر حتى السابع عشر، احلجة التي ال ترد، وكان يكفي مناظره، ينقطع لكي أرسطو” “قال يقول أن املناظر ويفحم إفحاما تاما. هذه الظاهرة لم توجد مطلقا منذ دخول أرسطو العالم اإلسالمي حتى آخر عهده. وأبو حيان التوحيدي، أو من قال على لسانه وهو أبو سعيد

املشهورة املناظرة يف السيرايف، جرت أنها التوحيدي زعم التي بني السيرايف، وأبي بشر متى بن وفائدة املنطق، فائدة عن يونس علوم اليونان بعامة، يهاجم سلطان مزودا عنيفا هجوما أرسطو واألدلة املقنعة احلجج من بكثير عبر طاملا سينا وابن السديدة. عن رغبته يف التخلص من سلطان

أرسطو، وإن كان قد أخفق يف هذا متاما، ولم يستطع إيجاد فلسفته الشرقية املوعودة، التي كان يود بها أن يعارض فلسفة أرسطو، ولكن النية كانت موجودة لديه وجالينوس، كتبه. يف مرارا عنها عبر حال، كل على وكان عمدة الطب، كما كان أرسطو عمدة الفلسفة، قد كان هدفا للكثير من النقد والهجوم من جانب األطباء املسلمني الذين حاجوه باملشاهدات وبالتجارب الطبية،

وأبطلوا آراءه يف كثير من أمور الطب والتشريح. موفق قالها جليلة عبارة هنا نذكر أن بنا ويخلق بدراسة تالميذه مع قيامه البغدادي، مبناسبة الدين تشريحية على تل من اجلماجم رآه يف منطقة املكس التشريح لهم ليشرح تالميذه فأخذ باإلسكندرية، على الطبيعة، وكان يتخذ دائما هذه الوسيلة يف إلقاء دروسه؛ بأن يبحث على اجلثث وعلى آثار اجلثث كل مثال والحظ عام. بوجه والطب بالتشريح يتعلق ما

من يتألف السفلي الفك عظم أن املواضع بعض يف عظم واحد، ال من عظمني كما زعم جالينوس. فقال تعقيبا على ذلك: “إن احلس أقوى دليال من السمع أي من العليا الدرجة يف كان وإن جالينوس، وإن النقل، احلس فإن ويحكيه، يباشره ما يف والتحقق التحري آالف أصدق واملالحظة التجربة أن أي منه: أصدق املرات مما يحكي به جالينوس وأمثال جالينوس”. هذه العبارة ترن يف أسماعنا، وكأنها عبارة قالها بيكون أو ديكارت أو جاليليو يف أوائل القرن السابع عشر. ولهذا ما لسلطة إهابة العرب العلماء عند جند ما نادرا ألرسطوطاليس أو جلالينوس، بوصفها سلطة فوق كل نقد، وقد كانوا مفكرين غير مقيدين بأي سلطة روحية

أو عقلية مهما كانت. الدينية العلوم إلى انتقلنا وإذا وجدنا نفس املوقف، ولكن بدرجة مهما معصوم إنسان فال أقل، بلغت منزلته، خليفة كان أو إماما العصمة فكرة تظهر ولم دينيا. فقد ذلك، ومع الشيعة، لدى إال قصروها على فئة قليلة محدودة لها خصائص معينة، لم تكد تتوافر هنا، ومن التاريخ. مدى على جدا قليل عدد يف إال نادرة يف أخرى نشاهد ظاهرة الظاهرة، بسبب هذه تاريخ املدارس الفكرية، ولكننا جندها واسعة االنتشار يف الفرق اإلسالمية الكالمية، أال وهي أن يهاجم أبناء املدرسة الواحدة بعضهم بعضا، وأحيانا بصورة عنيفة جدا. فمثال فرقة املعتزلة، جند فيها أن املردار من كبار رجال املعتزلة، كتب كتابا بعنوان “فضائح أبي الهذيل”، وأبو هذيل من كبار مؤسسي املذهب. واجلبائي الكبير كتب مناقضة ألبي الهذيل، وجعفر بن حرب كتب ضد أبي الهذيل، وكثير من املعتزلة أو املعتزلة كتبوا رسائل ضد النظام، منهم خاله أبو الهذيل نفسه، واإلسكايف الظاهرة- على غرابتها- لكن هذه وجعفر بن حرب. ينبغي أال تدهشنا، فهي نابعة من روح حرية الفحص، ومن روح رفض كل سلطة تزعم لنفسها عصمة كائنة

ما كانت.

يف انتظار إيجاد فلسفته الشرقية

املوعودة ... فشل ابن سينا يف التخلص من

سلطان أرسطو..

ر 141تفك

وعن نفس الروح يصدر الشك املنهجي عند الغزالي، الذي قال صراحة يف كتابه ميزان العمل: من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي يف العمى واحليرة والضالل. وال خالص اإلنسان إال يف

االستقالل بالرأي، ومتثل بهذا البيت: خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به يف طلعة الشمس

ما يغنيك عن زحلويف بل العلماء، كبار لدى الروح هذه سادت ولقد الفقه، وإن كانت أقل بكثير جدا. ولوال أن هذه الروح العهد، ذلك يف العربية احلضارة طبع يف مغروزة ال السلطة إن نفسها. تفرض التي السلطة لوجدت تفرض نفسها إال إذا وجدت أناسا مستعدين لقبولها.

يدل الفترة تلك قيامها يف فعدم على أنه لم يكن ثم من العلماء من هو على استعداد لقبول سلطة ما. وبهذه اخلاصية نستطيع تفسير يف األخرى الظواهر من كثير اإلسالمي، الفكر ويف التصوف، وقد عاجلت البعض منها يف كتاب يف اإلنسانية “النزعة بعنوان لي

الفكر العربي” مما ال أحتاج معه إلى فضل بيان. الفترة العربية، يف تلك الثالثة للحضارة واخلاصية هي ما أسميه بـ”الزمانية اللولبية”. وأنا أضعها يف مقابل الزمانية املستقيمة، والزمانية املنحنية، والزمانية ذات املنظور الواحد. وال تتجلى هذه اخلاصية يف املذاهب املذكورة وحدها القائلة بفكرة األكوار، بل نستطيع أن نعثر عليها يف كل تصورات املفكرين املسلمني للزمان. لولبية، إنها أقول التي للزمانية، التصور لهذا وفقا أي راجعة بصورة دورية باستمرار، حلزونية كاللولب، يف منطلق بصاروخ شبيه أنه على الزمان يتصور ال الزمان على شكل حلزوني اجتاه مستقيم، بل يتصور يعود على نفسه باستمرار ويتولد باستمرار. فاإلنسان والشخصيات املفكرين، كبار وبخاصة نفسه، يتصور الروحية العظيمة، على أنه مناظر لشخص آخر نظيره يف دور أو كور آخر. صحيح أنه ال يوجد تناظر دقيق متاما بني كليهما، لكن املرء يشعر بأنه نظير آلخر يف

دور آخر. ويف الشيعة، عند األكوار نظرية يف واضح وهذا املناهج الغنوصية اإلسالمية: القرامطة، اإلسماعيلية، محمد عند أيضا موجود ولكنه إليهم، ومن الدروز، بن زكريا الرازي، واحلالج والسهروردي املقتول، وابن عربي، وكثير غيرهم ممن عبروا عن هذه الظاهرة يف نفسه تصور هؤالء من واحد فكل ووضوح. صراحة بن فمحمد أخرى. مثيله يف حضارة لشخص نظيرا واحلالج لسقراط، نظيرا نفسه تصور الرازي زكريا تصور نفسه نظيرا لعيسى عليه السالم، والسهروردي تصور نفسه نظيرا لزرادشت، وابن عربي متثل لنفسه كل الشخصيات العظيمة من األنبياء، ويف هذا كله حاول لهؤالء، نظيرا نفسه يصور أن الظاهرة، هذه أن على يدل مما باستمرار مناظر تصور ظاهرة أو تصور الزمان، نابعة من فكرة الزمان يف احلضارة العربية، على أنه دورات، وذو عودات، ذو أنه على ال لولبي، شكل على يسير شكل خط مستقيم، وال حتى على شكل قطع ناقص، كما هو يف بعض احلضارات. على ،)Functional( أن هذا التصور كان وظيفيا فحسبأي يتعلق بالوظيفة، أو الدور أو الرسالة التي يؤديها كل

منهم بالنسبة إلى عصره. كذلك احلال يف اخللفاء والسالطني والقضاة وكبار مناظرين أنفسهم يتصورون كانوا احلكام. أو الوزراء لنظراء لهم على مدى التاريخ. هذا يتصور نفسه على سليمان أو اخلطاب، بن عمر أو آخر، إسكندر أنه النبي، أو كسرى أنوشروان، وكل هذا يدل على أن فكرة أساس وعلى أساسية، كانت بني احلضارات التناظر أن العملية هي عملية عود مستمر ألشخاص متناظرة، وهذا ال ميكن أن يفسر إال على أساس تصور الزمان

على أنه حلزوني لولبي. وإلى هذه اخلاصية نفسها، نعزو هذه الفكرة األثيرة واملكان. الزمان طي فكرة وهي الصوفيني، لدى ألنه طيه ميكن طبعا- الصوفية نظر يف فالزمان-

السلطة التفرض نفسها إال إذا وجدت

ناسا مستعدين لقبولها..

ر تفك 142

الزمان يتصوروا أن بعيدا يكن لم حلزوني. ومن هنا وثنايا. وطوايا تثنيات ذات طويلة ورقة أنه على تصورات مختلف ندرس أن شائقا بحثا ليكون وإنه الزمان يف احلضارة العربية وفقا لوجهة النظر هذه. ليست اللولبية، أو احللزونية أو املنيبة الزمانية هذه تاريخية خالصة، أي تقول بالتاريخ املطلق واملستمر يف )structural( تركيبية خالصة، أبدا. وال هي تقدم كما يقال يف هذه األيام، بل تشارك يف كلتيهما جتمع بني الناحية التاريخية والناحية التركيبية. ولتحديدها بإيجاز، نقول إنها تقوم على أساس تصور الزمان على أنه حلزوني ذو عودات متغيرة ومستمرة. وعلى ضوء خصائص بعض تفسير ميكن للزمان، التصور هذا والقوس التوريق وخصوصا اإلسالمي. الفن وملحات

فرس، نعل شكل على العربية وأفاريز األعمدة، فهي كلها مبثابة اللولبي. الزمان عن تعبيرات تقوم نفسها العربية واملوسيقى اللولبي، الزمان على أساس هذا فهي كللها ميلودية، وليس فيها أي

هارمونية، وإمنا كلها تأتي على شكل دورات متكررة، بنفس باستمرار اإليقاع يعود فيه على شكل حلزوني

الطريقة. الرابعة، ومن املمكن أن ولننتقل اآلن إلى اخلاصية أو تركيبية، أم حتليلية، العربية الروح هل نتساءل: هذه من واحد ال أنه وعندي توفيقية. أو انتقائية، الصفات ينطبق على الروح العربية بدقة، إمنا نظن أن العربية، للروح أو العربية، للحضارة الدقيق الوصف الزمان، إلى بالنسبة أيضا استعملناه الذي ذلك هو تتقدم وتعود، تدور إنها لولبي. أو حلزوني أعني دائما تصحبها وحتليالتها تتقدم، ال أنها تبدو وهي املتواصل التكرار جاء هنا، ومن وبالعكس. تركيبات، ومن التنوع. من شيء على ينطوي ولكنه املقصود، أو االنبثاق على شكل دفقات، شبه التدفق هنا، هذا هذه النافورات التي كانت تزين فناءات البيوت العربية القدمية، والتي اليزال بعضها- فيما أعلم حتى اآلن- حي يف دمشق يف القدمية البيوتات بعض يف توجد

امليدان، وسوق الطويلة. ومن هنا، ميكن أن ننعت هذه التعبير- هذا صح إن نافورية- بأنها العربية الروح أي تتدفق دائما كالنافورة، وال تنطلق يف اجتاه واحد. حيان وأبي اجلاحظ، كتب يتصفح أن املرء ويكفي هذه له لتتجلى الصفا إخوان ورسائل التوحيدي، يف عيبا هذا يف أن املحدثني، نحن وعندنا الروح. التعبير والتفكير، ونقصا يف إحكام األفكار وتسلسلها، كانت ومفكريه، العصر ذلك كتاب إلى بالنسبة ولكن بالنا ما بل والتعبير. التفكير يف وفضيلة ميزة هذه نذهب بعيدا، ولدينا من الكتاب املعاصرين من يتخذون حسني طه خذ والتفكير. التعبير يف األسلوب نفس والعقاد، فلن جتد عندهما غير هذه الروح، ومع ذلك، فهما مشبعان بالفكر األوربي: يلذ لهما التكرار، وإعادة مع ولكن واملعاني، األلفاظ نفس وهذا خفيفة. وتوزيعات تنويعات يف أظهر تعلمون- كما طبعا- لدى وخصوصا العربي، الغناء أم كلثوم، فهي تردد نفس املقطع

مئات املرات، وال متل من هذا. ولم يكن بالصدفة، بل بسبب هذه الروح نفسها، أن واملتكلمني والفقهاء والعلماء والفالسفة الكتاب جند يضع رشد فابن مختلفة. كتب يف أنفسهم يكررون ثالثة أنواع من الشروح على كل كتاب تناوله من كتب أرسطو، تفسير: يضع النص ثم الشرح عليه، تلخيص، ثم جوامع أصغر من هذا التلخيص. وابن سينا يكتب نفس تتناول وكلها احلكمة، وعيون والنجاة، الشفاء، يف تفاوت مع العبارات، بنفس وأحيانا املوضوعات، املوضوع يف يكتب والفارابي فحسب. العرض حجم الواحد، وعلى الكتاب الواحد ثالثة أنواع من الشروح: الصغير. والشرح األوسط، والشرح الكبير، الشرح يف تفسيرا فسره قد اخلطابة ألرسطو، كتاب فمثال شرح كبير يقع يف عشرين مجلدا، ثم وضع له شرحا اكتشف مخطوط منه يوجد كبير مجلد يف أوسط، جوامع ثم تشيكوسلوفاكيا، يف براتسالفا يف حديثا

صغيرة لهذا الكتاب.وهكذا جند هذا التكرار ليس فقط يف الشروح، بل

طه حسني والعقاد مشبعان بالفكر

األوروبي..

ر 143تفك

الظاهرة ونفس هذه تأليفا. املؤلفة الكتب وأيضا يف جندها عند الفقهاء واملتكلمني واألطباء، وسائر رجال ما إلى ترجع أنها وعندي العربي. العالم يف الفكر ولعل النافورية. الروح أو النافوري، الفكر باسم نعته هذا يفسر أيضا ظاهرة أخرى، وهي أنه لم يكد يوجد مطلقا فكرة التقدم يف العالم العربي، كان النظر دائما وجرت احلاضر، من أحسن أنه على املاضي إلى الشعراء غادر ف:)هل األساس، هذا على األمثال آخر هذه لآلخر شيئا.إلى األول ترك ما متردم، من أن املاضي كان أحسن التي تدل دائما على العبارات وسيكون أحسن من احلاضر، ثم من املستقبل. وال جند فكرة التقدم إال بصورة متوارية لدى محمد بن زكريا الرازي، يف كتابه )الشكوك على جالينوس(. وهذا إمنا

التصور هذا إلى أساسا يرجع للزمان على أساس حلزوني بهذه الصورة. لكنني مع ذلك ال أقصد من هذه اخلاصية، أن هذا الفكر غير آخر منطقا يتبع تكراره يف فهو كال، التناقض. عدم منطق األساسية الفكر قوانني يلتزم

الطريقة نفس على ليس ولكنه املعروفة، املنطقية أنه كما األخرى، احلضارة يف الفكر بها يسير التي ليس فكرا دياكتيكيا على طريقة هيجل، وال حتى على طريقة أفالطون، بل البرهان ال يزال يف غاية اإلحكام املنطق هذا تكسر وحدهم الصوفية وعند املنطقي، لكن شديدا. مروعا عبثا أحيانا به عبث بل املحكم، أي حضارة إلى الصوفية كل على يصدق األمر هذا

انتسبوا، وعن أي دين انبثقوا.بقيت خاصة خامسة وأخيرة، تتعلق مبوقف اإلنسان يف العالم. يف احلضارة العربية يف الفترة التي نبحث فيها كان اإلنسان يف العالم، أو املوجود يف العالم- كما العالم، يقال يف الوجودية- كان موجودا مفتوحا على وليس فعالياته، فيه ميارس أن يستطيع بأنه يشعر احلرية، بطابع السلوك ألوان فانطبعت إليه. مسلما بطابع االستقالل، ولم يشعر املرء بأنه مدمج يف جهاز نشاطه ألوان عليه وميلي مبعاييره، عليه مفروض

دون يتنقل أن وسعه كان يف فقد سلوكه. وتوجيهات قيود وال حدود، داخل دار اإلسالم الواسعة الشاسعة املترامية األطراف، ولم يكن ثم سلطة دينية أو مدنية نشاطه وبذل إمكانياته، حتقيقه وبني بينه حتول املستقلة احلرة العقول وأصحاب بآفاقها. والتوسع معينا، أو نشاطا لم تستطع أي قوة أن تلزمهم مكانا بعينه، ألن يف استطاعة كل منهم، كما يقول أبو متام، أن يتحول إذا بلغته الشمس، كما قال يف بيته املشهور:

وإن صريح الرأي واحلزم المرئ . إذا بلغته الشمس أن يتحوال

أو كما قال- بصورة إنسانية أجمل وأروع- أبو الفتح البستي يف ما قال:

وإن نأت بك أوطان نشأت بها فارحل، فكل بالد اهلل أوطان

يف جنده ما لنا يفسر وهذا جميعا واألدباء العلماء، تراجم وال قيود، دون ترحل مستمر من حدود التماسا آلفاق أوسع يف ما نشأوا التي املواطن بهم تضيق

بها.على اإلنسان بانفتاح األصيل الشعور هذا ولوال العالم، ملا شاهدنا هذه الظاهرة التي التكاد تخلو منها حياة إنسان مفكر أو أديب يف احلضارة العربية هاته. بل كان ذلك حتى شعور الرجل العادي يف دار اإلسالم نواحيها: مختلف من املسألة هذه ولنتأمل كلها. مواجهة يف اإلنسان الطبيعة، مواجهة يف اإلنسان

الكون، واإلنسان يف اإلنسان. مواجهة يف اإلنسان أعني األولى، الناحية من أما على إليها ينظر العربي اإلنسان كان فقد الطبيعة، تغيير بقدرته على يشعر كان أنه أنه سيدها، مبعنى مجرى الطبيعة، ووجه األحداث، بل وأن يؤدي أحيانا الذي الطبيعة أمام اجلزع فذلك عنها. بدال دورها جنده عند اليونانيني حتى يف عصر أفالطون وأرسطو، أو الكيماويون، فقط وليس العربي. املفكر منه خال أو راحوا، الذين وحدهم يقولون، كما الصنعاويون، رغبوا يف أن يحلوا محل الطبيعة، بل وأيضا األطباء،

الفارابي يكتب يف املوضوع الواحد وعلى

الكتاب الواحد ثالثة أنواع من الشروح..

ر تفك 144

ولم يكن ذلك عن جهل بقوانني الطبيعة، بل عن إميان بقدرة اإلنسان. ويكفي أن نذكر يف هذا املجال أسماء التي حتمل الكتب إليه أو من نسبت بن حيان، جابر زكريا بن ومحمد املجريطي، ومسلمة جابر، اسم املعنى، هذا يف بليغة صفحات كتبوا فقد الرازي. يؤكدون فيها قدرة اإلنسان على إجراء هذا التغيير يف الطبيعة. وبالتجارب التي قاموا بها حاولوا حتقيق هذه يهاجم فالرازي الطبيعة. بإزاء لإلنسان اإلمكانيات تقول “أنت له: ويقول للطبيعة، تعريفه يف جالينوس إن الطبيعة تدبر احلي، والعكس هو الصحيح، وهو أن احلي هو الذي يدبر الطبيعة.” وكذلك يف خالل هذه املقالة )يف ما بعد الطبيعة(، يؤكد الرازي قدرة اإلنسان الذين اليونانيني الفالسفة مهاجما الطبيعة، على وجالينو، واإلسكندر أرسطوطاليس، ذلك: ينكرون ويحيى النحوي. ويأخذ عليهم مغاالتهم يف الرفع من دور الطبيعة، والتقليل من شأن اإلنسان، بل واستبعاده. املفكرين لدى جند ال الثانية، املسألة يف كذلك املسلمني ذلك اجلزع من الكون، الذي جنده خصوصا يف احلضارة اليونانية والهندية. فالرازي يف ختام تلك املقالة )مابعد الطبيعة(، يقول بوجود ما ال نهاية له من العوالم. وهكذا لم يعد هذا الكون ذلك الكون املحدود ذاتها يف تنطوي )Cosmos( وكلمة ،)Cosmos(أيضا على فكرة اجلمال، أو الشيء املحدود كل احلدة، التجميل. ومن هنا أتت كلمة Cosmotique مبعنى الخ. فاليونانيون تصوروا الكون تصورا محدودا بحدود مرسومة املعالم، أما الرازي فقد نظر إلى الكون على أنه مؤلف من عوالم النهائية وال محدودة. صحيح أن الرازي يف هذه احلالة ميثل حالة فريدة، بينما سار أكثر علماء املسلمني على ما سنه أرسطوطاليس من قبل، وأفلوطني املشهور، الفلكي (كالوديوس( وبطليموس من وجود عالم واحد منظم مرتب بني بعضه وبعض. هذا املسلمني املفكرين لدى جند ذلك- مع ولكننا- السماوية- باألكر التالعب بل الكون، إلى االطمئنان املظهر هذا ويأخذ السماوية، الكرات أو يقال- كما ابن عند خصوصا جند كما صبيانيا، شكال أحيانا

عربي.

يف روعي فقد اإلنسان، مواجهة يف اإلنسان أما واالستقالل. باحلرية الكامل الشعور العالقة هذه درجة إلى الفرد، وتوقير الفردية، روح شاعت لقد قدر الغير عن االستغناء إلى الوسائل بكل السعي املستطاع، وعدم االعتماد عليه إال إلى الدرجة الدنيا، الفرد، حرية محلها وحلت القبيلة، روح وتبددت واآلفاق للميول وفقا مختارة أخرى روابط واختيار العقلية. وكان اإلنسان يف نزوع دائب، ونزوع حار إلى وجغرافية روحية جديدة وآفاق جديدة، مجتمعات على السواء. وكان الرجل منهم يقطع اآلفاق الشاسعة أو حجة، عالم من إلجازة أوطلبا وراء حديث، سعيا لتناول خرقة من صويف كبير. ولم يكن ذلك يف غالب أنا، من أجل هذه األمور نفسها، الظن، ويف ما أقدر الضيقة اجلماعة من التحرر يف رغبة كان ما بقدر ومن امليالد. بحكم إليها ينتسب كان التي املحصورة يقوم كان التي العديدة الطويلة الرحالت جاءت هنا بها رجال احلديث والفقه واألدباء والصوفية والعلماء األسفار صعوبة رغم يتم كان هذا وكل والفالسفة. يقومون كانوا لقد نعم املسالك. ومخاطر ووعورتها، بأسفار أكثر بكثير جدا مما نقوم به اليوم مع طائراتنا إلى رأيي هذا يف ومرجع الراحة. ألوان وكل النفاثة استقالل شيء: كل إزاء باالستقالل الشعور ذلك اإلنسان إزاء اإلنسان، إزاء اجلماعة، إزاء الطائفة، إزاء البيئة إزاء الطبقة االجتماعية، إزاء الطبيعي، املنظر احلرية من النغمة هذه وعلى إليها. وما اجلغرافية، ولقد التأمالت. هذه أختم أن أود الفكر، واستقالل إلى وأساسا كثيرا استندت إنني منكم البعض يقول أقوال كبار املفكرين املسلمني، وهؤالء على كل حال ال ميثلون غير الصفوة املمتازة، ولكنني أنبه أوال إلى أن هؤالء هم الذين ميثلون ضمير احلضارة العربية أوال، وأنه ليس لدينا شواهد نستند إليها يف معرفة الروح

العربية يف ذلك العصر غير أقوال هؤالء.

ر 145تفك

● أن يستويف البحث املعايري األكادميية املتعارف عليها وفق تقرير جلنة من احملكمني تختارهم هيأة حترير اجمللة.

● أن يحصل البحث على أغلبية أصوات هيأة حترير اجمللة.من واسعا قطاعا تهم ثقافية مسألة حول البحث يدور أن ●األدب، اللغة، التالية: املعرفية احلقول بأحد وتتعلق املثقفني النقد األدبي، النقد الفني )التشكيلي أو املسرحي أو املوسيقي علم االجتماع، علم الفلسفة، التاريخ، السينمائي(، أو

النفس، علم الرتبية، العلوم السياسية، القانون. )interdisciplinary( بينية البحث مقاربة ● أن يوظف

.)multidisciplinary( أو متعددة التخصصات● أال يكون سبق نشره ورقيا أو إلكرتونيا.

ر الســنوية إعــــالن عن جائـــزة تفكألفضــل بحث ثقــــايف أكادميي

في إطار سعيها لإلسهام في حتسني األداء األكادميي في البحث ر جائزة في املواضيع ذات الصلة بالشأن الثقافي، متنح مجلة تفك

سنوية واحدة ألفضل بحث ثقافي أكادميي قيمتها ألف دوالر.

ة:ائز

جلق ا

قاح

ستط ا

روش

وعــر

ش امل

احجنــ

إلن

اوعــ

لتع ا

ميـجل

ن ال م

أمـنـ

ب:جلان

ي ااد

أحد

صاقت

يف اة

طيقرا

ميلد

ة االي

شكإ