· web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل...

50
www.alukah. 20

Upload: others

Post on 26-Dec-2019

1 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net1

Page 2:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net2

Page 3:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

محمد مختاري

التقويضية: المفاهيمواألسس

3

Page 4:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

تمهيد يسعى هذا البحث إلى محاول��ة إيض��اح مع��الم التقويض��ية، وال��تي يبدو، من خالل اإلنتاجات النقدية ال��تي راكمت ه��ذه الفلس��فة، أنه��ا تحتاج إلى مزيد من الجهد من أجل اإلمساك بالم��ا قب��ل والم��ا بع��د الم��رتبطين به��ا، وذل��ك قص��د إزاح��ة الض��بابية عن ه��ذا التص��ور

التقويضي. يمكن أن نؤك���د، ودون أي ت���ردد، إن الق���رن الماض���ي، الق���رن العشرين، في التاريخ األوروبي طبعا، كان من أعظم الق��رون ال��تي شهدت أعمق البراديغمات على جميع النواحي، سواء السياس��ية أو االقتصادية أو االجتماعية أو الفكري��ة...، ومن ه��ذه الناحي��ة األخ��يرة بالضبط، ستتغير نظرة األوروبي إلى األشياء ولن تصبح، كما كانت، نظرة ترجو التناسق في الموضوعات، وإدراك العالم والوجود على أنهم��ا بني��ة متماس��كة، وفي ظ��ل ه��ذا التح��ول العمي��ق س��تظهر مجموعة من التصورات واألفكار ال��تي تس��لك نفس المنحى، منحىائد، ومن ه��ذه التص��ورات: يث��ور، بمع��نى م��ا، على المنحى الس�� الفلسفة التقويضية التي تالمحت بشكل مكنها من نقد كل م��ا ك��ان قبلها من فكر يرتكن إلى العقل والبنية والنس�ق والفهم الخ�الص..،

ال��تي 1وهي الفلسفة التي سنحاول، فيما يأتي، تحدي��د "مفاهيمه��ا"��بين، تشكل خطوات البد منها الستيعاب تصوراتها، وأسس��ها ال��تي تكآت التي اس��تندت عليه��ا ه��ذه الفلس��فة على نحو من األنحاء، المت في تشكلها ونهوضها، ولكن قبل ذلك، ال يمكننا أن نب��دأ في إيض��اح معالم التقويضية إن لم نوضح، أوال، السياق العام التي ظهرت في��ه هذه الفلسفة، والذي يتجلى في اإلش��ارة إلى أهم المم��يزات ال��تي تتسم بها كل من مرحلتي الحداثة وما بعد الحداثة، فذلك من شأنه أن يجعلنا قادرين، بشكل كبير، على وضع الفلس��فة التقويض��ية فيئنا بأن الفلسفة التقويضية ليست ضلعا أع��وج إبستيمها الخاص، وينب خ��رج عن ه��ذه الف��ترة التاريخي��ة في الفك��ر األوروبي، ب��ل على العكس من ذلك، يندرج ضمن ه��ذه الف��ترة مجموع��ة من المظ��اهر

نضع، هنا، مفردة مفاهيم بين قوسين، إش��ارة إلى أن دري��دا ينفي، ك��ل النفي،-�� 1 قابلية أن نسمي ما يص��در عن��ه مف��اهيم، إال أنن��ا، وعلى ال��رغم من ذل��ك، نوظ��ف كلمات مثل "مفاهيم"، "نقد"، "نسق"، "أنظمة"...وم��ا إلى ذل��ك، إيمان��ا من��ا ب��أن خصائص هذه التصورات الصادرة عن دري��دا يمكن تس��ميتها به��ذه الكلم��ات نظ��را ألن فلسفته تستوعب ه��ذه الص��فات، ثم إن��ه بمق��دورنا دراس��ة النص��وص، نق��ديا، ومنطلقين من التصور التقويضي، دون حاجتنا إلى نفي هذه الصفات، التي رفضها

دريدا، عن التقويضية.4

Page 5:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

الفلس��فية والمعرفي��ة ال��تي نحت نفس االتج��اه في فهمه��ا للع��الم واألشياء. هذا من الجهة؛ أما من جه��ة ثاني��ة، س��نقوم بالكش��ف عن اإلرهاصات األولية التي أن�ذرت بظه�ور ه�ذا المنحى التقويض��ي في الفلس��فة األوروبي��ة الحديث��ة، وه��ذا األم��ر، وإن ك��ان ين��درج ض��من الس��ياق الت��اريخي له��ذه الفلس��فة؛ إال أن��ه يح��اول، على نح��و أش��د خصوصية، أن يبين لنا المواطن المنتمية إلى المرحلة الثانية وال��تي ك��انت متخفي��ة، على نح��و م��ا، في المرحل��ة األولى، وأم��ا من جه��ة ثالث��ة، وهي مح��ور موض��وعنا، فيتعل��ق األم��ر بالمف��اهيم واألس��س المرتبطة بالتقويضية، وسيتم بيانه��ا، بش��كل يق��ترب إلى التفص��يل، في لب الحديث، وأم��ا من الجه��ة األخ�يرة، س�نحاول الوق��وف عن��د أهم الخالص��ات والنت��ائج ال��تي أس��فرت عنه��ا التقويض��ية، قاص��دين بذلك إعطاء صورة "شبه شاملة" للقارئ عن هذا الموضوع، وتاليا، ال ندعي، في هذه الورقة، أننا "قبضنا على السمكة، في البحر، من ذيلها"، فذلك منال شبه مستحيل؛ ألن الموضوع يندرج، أوال، ض��من العلوم اإلنسانية، وثانيا إن هذه الفلس��فة ال��تي نعاينه��ا أش��د تعقي��دا من أي فلس��فة ظه��رت في الق��رن العش��رين، مم��ا يص��عب األم��ر ويعق��ده على أي راغب في فهمه��ا. وبه��ذا يمكنن��ا أن نتس��اءل اآلن بشكل مشروع. ما هو السياق التاريخي العام لظهور التقويضية في أوروبا؟ وما أهم اإلرهاصات التي أدت إلى ذلك؟ وم��ا أب��رز مف��اهيم التقويضية؟ وما أهم أسس��ها؟ وأخ��يرا، وليس آخ��را، م��ا الخالص��ات واالستنتاجات التي قد نخرج بها انطالقا من فهمنا للتقويض��ية؟ ه��ذا

ما سنقف عنده من خالل هذه الورقة.

5

Page 6:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

الحداثة وما بعد الحداثة تع��د هات��ان المرحلت��ان من أهم المراح��ل ال��تي ش��هدها الفك��ر األوروبي من���ذ بدايات���ه، فلق���د أثارت���ا ج���داال واس���عا على جمي���ع المستويات السياسية واالجتماعية والفكرية...؛ ألن كل مرحل��ة من هذه المرحلتين تتسم بمجموع��ة من الس��مات والخصوص��يات ال��تي تبين الكيفية التي تتطور بها عقل اإلنسان األوروبي، وكيف استطاع

االنتقال من مرحلة إلى أخرى في ظل هذه التحوالت.الحداثة

يمكن القول إن الحداثة انطلقت "مع األحداث التاريخية الكبرى ]ك�[اكتشاف العالم الجديد من طرف كريس��توف كولومب��وس س��نة

... وأح��داث علمي��ة وتقني��ة هام��ة1453، وس��قوط بيزنط��ة 1492 ، ]...[ واكتش��اف1440]ك���[اكتش��اف الطباع��ة م��ع غوتن��برغ س��نة

ولكنه��ا ظه��رت، بش��كل2الدورة الدموية... وأحداث فكرية محددة" بارز، ب�"إيطاليا زمن "عصر النهضة" حيث ازدهرت الفنون والعل��وم واآلداب، وقامت حركة النهضة باس��تعادة فك�ر اليون��ان وفك�ر روم��ا القديم��ة، وب��دأت ه��ذه الدينامي��ة في الس��ريان ع��بر بل��دان أوروب��ا

بش�كل جع��ل منه��ا تس�توعب جغرافي��ة واس��عة من ه�ذه3الغربي��ة" القارة، وتتميز هذه المرحلة، أي مرحل��ة الحداث��ة، في كونه��ا تعتم��د منظ��ورا بنيوي��ا يش��مل جمي��ع من��احي الحي��اة، فاإلنس��ان، في ه��ذه المرحلة، حاول أن يخض��ع العل��وم لمس��ألة الواحدي��ة؛ أي ح��اول أن يتعامل مع هذه العلوم على أنها خاض��عة لمنط�ق واح�د ومتماس��ك، من خالله يس�تطيع اإلنس��ان معاين��ة ك��ل العل�وم عن طري�ق بنيوي��ة

واحدية. وفي جمي��ع الح��االت تم "إيالء اإلنس��ان قيم��ة مركزي��ة نظري��ة وعلمية. ففي مج�ال المعرف�ة أص��بحت ذاتي�ة العق�ل اإلنس�اني هي المؤسس��ة لموض��وعية الموض��وعات. وتم إرج��اع ك��ل معرف��ة إلى

، وهذا يع��ني أن اإلنس��ان أص��بح4الذات المفكرة أو الشيء المفكر" المحك في هذه الفترة، وأصبح س��يد الع��الم والطبيع��ة، وه��و ال��ذي يس��تطيع أن يخض��ع األخ��يرة لتدخالت��ه وكأنه��ا "ال يمكن أن تس��لم قيادها وتكشف أسرارها إال نتيجة تدخل ميتافيزيقي للذات البشرية

، دار توبق��ال للنش��ر، المغ��رب، ال��دارالحداثة وما بعد الحداثة- محمد سبيال، 2.22م، ص: 2000البيضاء، الطبعة األولى،

.44- المرجع نفسه، الصفحة: 3.13- المرجع نفسه، الصفحة: 4

6

Page 7:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

، وب�ذاك أص�بح العلم نتيج�ة لت�دخل ال�ذات، ونتيج�ة إنش�اء5نفسها"وإعداد نظري وافتراض منهجي فقط.

وأما المسألة الثانية، فتتعلق بالتمركز ح��ول العق��ل وتمجي��ده؛ إذ تم "إخضاع كل شيء لقدرة العقل ]...[ وعبره يتحقق اإلنسان من

،6س�يادته النظري�ة على الع�الم الذي يغدو شفافا وخالي�ا من األسرار" فارتبطت هذه النزعة العقالنية بالسيطرة واالستحواذ على الطبيعة عبر توظيف التقنية وتسخيرها من أجل إخضاع كل ش��يء للمعرف��ة اإلنسانية، ولذلك أصبح ما هو علمي وموضوعي مرتبط بمدى تقب��ل

نزع الط##ابعالعقل له، وبذلك ساد تصور مفاده أن الحداث��ة هي "".السحري عن العالم

وعلي��ه، يتض��ح أن الحداث��ة األوروبي��ة ارتبطت بتمجي��د اإلنس��ان والعقل واعتبارهم��ا المنطل��ق األول واألخ��ير لالنخ��راط في الع��الم، وبهذا، ساد التصور البنيوي في هذه المرحلة، باعتبار أن البني��ة، هي الش��كل الوحي��د ال��ذي يقبل��ه العق��ل والمنط��ق؛ إذ أنه��ا ت��دل على النسقية والموضوعية وقابلية التعامل، ولذلك يمكننا أن نؤك��د، ومن

دون أي مغامرة، أن الحداثة هي االسم الثاني للنسق.

ما بعد الحداثة نعرف اآلن أن الحداثة هي المرحلة التي سادت فيها معتقدات

تمركزت حول اإلنسان والعق��ل، ونع��رف أيض��ا أنه��ا مرحل��ة اعتب��ار العلم الشيء ال��ذي ال يمكن أن تعل��و فوق��ه أي ق��درة، فك��ل ش��يء يرتكن إلي��ه؛ إنه��ا ف��ترة البني��ة، أو بص��فة أق��رب إلى الوض��وح، إنه��ا الفترة الصلبة؛ أم��ا مرحل��ة م��ا بع��د الحداث��ة فهي على العكس من ذلك، مرحلة السيولة والدالالت العائمة، فهي تتطلع إلى " األشكال المفتوح��ة، المرح��ة والطموح��ة، واالنفص��الية المتروك��ة أو غ��ير المحددة لتكوين خط��اب مؤل��ف من ش��ظايا، أو تك��وين إيديولوجي��ة

.7التصدع التي تعمد إلى الحل والفض وتستنطق الصمت" أي إن م��ا بع��د الحداث��ة هي مرحل��ة االنتق��ال من العق��ل إلى الالعق��ل، والتش��كيك في ك��ل الث��وابت والمس��لمات الس��ائدة في مرحلة الحداثة ك�العقل واإلنسان والعلم والبنية...وغيرها، و"يمكنن��ا

.55- المرجع نفسه، الصفحة: 5.19- المرجع نفسه، الصفحة: 6 ، ترجمة وإع�داد: محم�د س��بيال 2 ما بعد الحداثة: فلسفتها- نصوص مختارة ، 7

وعبد السالم بنعبد العالي ، دار توبق��ال للنش��ر، المغ��رب، ال��دار البيض��اء، الطبع��ة.38م، ص: 2007األولى،

7

Page 8:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

فهم ما بعد الحداث��ة، بش��كل ع��ام، بوص��فها تع��ديا ت��دريجيا لم��ا ه��و جم��الي على مج��االت الفلس��فة واألخالق والعلم، وبوص��فها إزاح��ة تدريجية لالكتشاف والعمق والحقيق�ة والتواص��ل والتماس��ك لص��الح

.8]...[ التشظي الساخر" ومن رواد ما بعد الحداثة العديد من الفالسفة والمفكرين واألدب��اء مثل: جاك دريدا، وجاك الكان، وجاك فرانسوا ليوتار، ميشيل فوكو، وجي��ل دول��وز، وج��ان بودي��ار، وي��ورغن هابرم��اس، وروالن ب��ارت، وجوليا كريستيفا، وفولفغانغ إيزر، وصمويل بيكيت، وخورخي لويس ب��ورخيس، وغابريي��ل غارس��يا م��اركيز، وميش��يل بوت��ور... وآخ��رون

كثيرون جدا. وعليه، ف��إن م��ا بع��د الحداث��ة مرحل��ة ح��اولت زعزع��ة ك��ل القيم الثابت���ة ال���تي آمن به���ا الح���داثيون، وتبنت الالتحدي���د والالثب���ات والالتمركز، ومجدت الالعقل في مقاب��ل تنقيص��ها من ش��أن العق��ل

الذي اعتبرته ميتافيزيقا متحكمة في التاريخ الغربي ليس إال.الحداثة وما بعد الحداثة أي عالقة؟

واآلن، وصلنا إلى تبيان العالقة التي تجم��ع م��ا بين المرحل��تين، وهي عالقة ضدية، يمكننا توض��يحها من خالل الج��دول اآلتي وال��ذي

من أج��لحسن إيه##اباقترح��ه المفك��ر والفيلس��وف األم��ريكي تعيين هذه العالقة الضدية:ما بعد الحداثةالحداث###ة

الشكل )متضام،مغلق(

ضد الشكل)متقطع، مفتوح(

اللعبالهدف أو الغرضالصدفةالتصميم واإلعدادالكتابةالصوت المنطوق

الالإبداعاإلبداعالغيابالحضورالتبعثر أو الالتمركزالتمركز

النوع األدبي/النص/ التناصالحدود

البالغةعلم الداللةالكنايةاالستعارة

المزج والخلطاالنتقاء والفصل

.48- المرجع نفسه، الصفحة: 88

Page 9:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

ضد التأويل/ إساءةالتأويل/ القراءةالقراءة

الدالالمدلول االختالف المرجئ/األصل/ السبب

األثرالمفارقةالميتافيزيقا

الالتوجهالتوجه1.9الجدول رقم:

وبهذا، تتبين أشكال التضاد بين المرحلتين ال��تي قمن��ا بمعاينتهم��ا، ونالحظ الثورة التي قامتها ما بعد الحداثة على الحداث��ة، وذل��ك في مختل�ف المج�االت والمن��احي، على اعتب�ار أن المرحل�ة الثاني�ة هي محاولة تبن لكل م��ا ين��اقض المرحل��ة األولى، والح��ال ك��ذلك، وفي هذه المرحلة )أي ما بعد الحداثة(، ستظهر الفلسفة التقويضية، بما هي فلسفة التشكيك وتقويض كل التمركزات، س��واء ال��تي ظه��رت في مرحل��ة الحداث��ة، أو ال��تي تمت��د إلى أق��دم من ذل��ك؛ أي من��ذ

الفلسفة السقراطية.

إرهاصات التقويضية لم تظه��ر التقويض��ية ص��دفة، ب��ل ظه��رت بس��بب مجموع��ة من اإلرهاص��ات ال��تي تخللت مرحل��ة الحداث��ة، وزعزعته��ا في ال��وقت نفس��ه، ولق��د س��اهمت ه��ذه اإلرهاص��ات، بش��كل كب��ير، في ظه��ور

مرحلة ما بعد الحداثة، ويمكن تجلية هذه البوادر على نحو اآلتي:الج#روح الثالث#ةوهو ال��ذي "ق��وض مركزي��ة األرض ال��تي ق��ال به��اكوبرنيك :

بطليموس وتبنتها الكنيس��ة، وهي النظري��ة ال��تي ك��انت ق��د ع��ودت اإلنسان على الحياة في ع��الم مغل��ق ه��و ل��ه بمثاب��ة المرك��ز. وه��و بذلك يكون قد قوض مركزية اإلنسان، وكشف له أنه هو وكوكب��ه ال يمثالن س��وى نقط��ة ال متناهي��ة الص��غر وعديم��ة الش��أن في بح��ر

.10المجرات واألفالك الذي ال قرار له"وق��د س��ببت نظري��ة ه��ذا الع��الم في إذالل الك��ائنداروين :

البش��ري وإهانت��ه "حينم��ا بينت انتم��اءه إلى ع��الم الحي��وان، ع��الم–�� 16- المرجع السابق، الصفحة: 9 . ولقد قمنا بش��يء من التص��رف في ه��ذا17

الجدول، نظرا لضعف الترجمة في الكتاب المأخوذ عنه. ، دار كن��وزإش#كالية التح#يز في النق#د الع#ربي المعاصر- علي ص��ديقي، 10

.76 – 75م، ص: 2016المعرفة، األردن، عمان، الطبعة األولى، 9

Page 10:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

، وهذا يعني إس��قاط اإلنس��ان من11يحكمه الصراع من أجل البقاء" برجه العاجي، حين كان يظن أنه أرقى المخلوقات وأس��ماها ش��أنا، وق��د أث��رت نظري��ة داروين، على ال��رغم من ه��ذا الج��رح العمي��ق، مجموعة من المباحث التي ستظهر فيما بعد؛ ألن قض��ية التط��ور ال

يمكن االستغناء عنها في شتى المجاالت. أما هذا المحلل النفساني الشهير، فه��و ال��ذي تس��ببفرويد :

في الطعن��ة الثالث��ة لت��اريخ مركزي��ة اإلنس��ان، فباكتش��افه "مفه��وم الالشعور يكون قد قوض أهم رك��ائز الشخص��ية اإلنس��انية المتمثل��ة في العقل، والوعي، واإلرادة الحرة؛ إذ لم تعد تتحدد أهمية اإلنسان في كونه عاقال وال في كونه ذاتا قاصدة وواعية متحكمة في نفس��ها ومواض��يعها الخارجي��ة... ولكن بوص��فه كائن��ا حيوان��ا ل��ه حاجيات��ه

التي تتكدس في الوعيه والشعوره. 12ورغباته" وباإلض��افة إلى ه��ؤالء الثالث��ة، تنض��اف أس��ماء أخ��رى س��اهمت، ب��دورها، بش��كل أو ب��آخر، في ظه��ور التقويض��ية، وك��انت عوام��ل

مفصلية في تحول الفكر األوروبي، وفي هذا السياق نذكر منهم:ويعد من أهم مقوضي التمركز اإلنساني فيكارل ماركس :

الفكر الغربي، فنظريته تق��ول ب��أن اإلنس��ان ال يمل��ك قيمت��ه إال في وجوده داخ��ل الحي�اة االجتماعي��ة؛ أي أن اإلنس��ان بمف�رده غ�ير ذي قيمة، فالمجتمع فقط هو الذي يجب أن يهتم ب��ه في المق��ام األول، فه��و المنطل��ق األول واألخ��ير في تح��رك الس��يرورة االقتص��ادية باألخص، أما الفرد الواحد فما له إال أن ينساق إلى الجماعة وينق��اد

لها؛ ألنه غير ذي قيمة في تفرده وانفراده.رت بظه���ورنيتشه : ويعت����بر من أب���رز األعالم ال���تي بش���

التقويضية، كيف ال وهو الذي أعلن عن موت اإلله، أي موت الث��ابت األكبر، وبقاء اإلنسان لوحده دون إل��ه يع��اني التش��ظي، والالتوج��ه، وب��ذلك ف��إن نيتش��ه س��بب في تق��ويض أهم مرتك��ز في فلس��فة الحداثة؛" إذ من تحت عباءته خرج ليفي ستراوس وألتوسير وفوك��و ودريدا، ال��ذين ه��اجموا مث��ل االس��تنارة واإلنس��انية الهيوماني��ة بك��ل

، فنيتشه ال ي��ؤمن بمركزي��ة الش��يء، وال يخفى عن13قسوة وعنف" الجميع ثورته على المفاهيم السائدة ك���العقل والحقيق��ة..، وإيمان��ه القوي بموت اإلله ووالدة اإلنسان الخارق )السوبرمان(؛ أض��ف إلى ذلك إيمانه نظرية بالعود األبدي وما إلى ذل��ك من المعطي��ات ال��تي

.76- المرجع نفسه، الصفحة: 11- المرجع نفسه، والصفحة نفسها.12.77_ المرجع نفسه، ص: 13

10

Page 11:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

تثبت انعط��اف المس��ار ال��ذي س��لكه نيتش��ه؛ ك��ل ذل��ك س��بب فيتحطيم العقل البنيوي األوروبي.

وتتحدد أهمية هذا المحلل النفساني، الذي أع��ادجاك الكان : ق��راءة أعم��ال فروي��د في ظ��ل البنيوي��ة، في إلحاح��ه "على أولوي��ة

، ألج��ل اللعب باأللف��اظ واس��تخدام مجم��ل14ال��دال في اللغ��ة " وهذه من أهم سمات م��ا التوريات والجناسات التصحيفية الممكنة،

بعد الحداثة؛ أضف إلى ذلك غموض الكان في تقديم أفكاره، لتصبح ، وبه�ذا الط�ابع15أقرب لأللغ�از منه�ا إلى أفك�ار علمي�ة وموض��وعية

ال�ذي يتم��يز ب��ه في مس�يرته الفكري��ة، جع�ل من��ه فيلس�وفا ه�دميابامتياز.

وليست هذه هي اإلرهاصات الوحيدة لظهور التقويضية، أو ما بعد الحداثة بشكل عام؛ بل اقتصرنا فقط على أهمها؛ أي على األسماء

التي كان لها وقع فعال في تغيير مسار الفكر األوروبيالتقويضية ومفاهيمها

التقويضيةDéconstruction قبل أن نشرع في محاولة تعريف مصطلح التقويضية؛ سنحاول

اإلجابة على سؤال ال شك أن��ه ي��دور اآلن في ق��رارة الق��ارئ، وه��و البد أن يكونا مرسوما في ذهن��ه على النح��و اآلتي: لم��اذا التق��ويض وليس التفكيك؟ ومن هذا التساؤل المشروع طبعا، يمكن أن ندافع عن موقفنا من المنطلق اآلتي: فمعاض��دة الق��تراح ك��ل من ميج��ان ال��رويلي وس��عد الب��ازعي وعب��د المل��ك مرت��اض، ارتأين��ا أن نجع��لمص�����طلح "التقويض������ية" الترجم�����ة األمث�����ل واألدق لل������ "

Déconstruction،الدريدي����ة، ألن التق����ويض نقيض للبن����اء " والتقويض��ي نقيض للب��نيوي وث��ائر علي��ه، فديري��دا س��عى من خالل فلس���فته إلى تق���ويض الفلس���فة الميتافيزيقي���ة ال إلى تفكيكه���ا، فالتقويض ال يحافظ على األجزاء التي مثلت بني��ة في الس��ابق، ب��ل يش���وه ص���ورتها وال يبقي على ش���كلها األص���لي، على العكس من التفكي��ك ال��ذي يحاف��ظ على ه��ذه األج��زاء باعتب��اره تق��ابال مس��اويا لعملية التركيب فقط، ف�" التفكيك في اللغة العربي��ة يقتض��ي ع��زل قطع جهاز، أو بناء عن بعضها بعض، دون إيذائها أو إص��ابتها بعطب،

، مم�ا يع�ني أن مص�طلح16كتفكيك قطع مح�رك، أو أج�زاء بندقي�ة"

، ت�: ثائر ديب، دار الفرقد، س��ورية، دمش��ق،بؤس البنيوية- ليونارد جاكسون، 14.168م، ص: 2008الطبعة الثانية،

- المرجع نفسه، والصفحة نفسها.1511

Page 12:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

التفكيك ال يعبر، بشكل موضوعي، عن أسس الفلس��فة وتص��وراتهاالخاصة.

ودون أن نطيل في هذا الجانب، يسوغ لن��ا الق��ول إن التق��ويض هو" المصطلح ال��ذي أطلق��ه الفيلس��وف الفرنس��ي المعاص��ر ج��اك دريدا على القراءة النقدي��ة )المزدوج��ة( ال��تي اتبعه��ا في مهاجمت��ه

17الفكر الغربي الماورائي ]الميت��افيزيقي[ من��ذ بداي��ة ه��ذا الفك��ر " إلى آخر تالمح للميتافيزيق�ا. ثم إن الق�راءة التقويض�ية هي" ق��راءة مزدوجة تسعى إلى دراسة النص )مهم��ا ك��ان( دراس��ة تقليدي��ة أوال إلثبات معانيه الص��ريحة، ثم تس��عى إلى تق��ويض م��ا تص��ل إلي��ه من نت��ائج في ق��راءة معاكس��ة تعتم��د على م��ا ينط��وي علي��ه النص من

، و"يتج�ه ]التق�ويض[ بش�كل أس�اس18معان تتناقض مع ما يصرح به" إلى نقد الطرح البنيوي، وإنك��ار ثب��ات المع��نى في منظوم��ة النص، واختزال الفرد المنتج، وتحويل مس��ار الس��لطة الداللي��ة إلى حرك��ة ال���دال، وتحلي���ل اله���وامش والفج���وات والتوقف���ات والتناقض���ات واالس��تطرادات داخ��ل النص��وص، بوص��فها ص��ياغات تس��هم في

وعلى ال��رغم من ذل��ك19الكشف عن ما ورائيات اللغة وال��تراكيب" فدريدا يصرح في أماكن عدي��دة فيق��ول: "إن التفكي��ك، بأي��ة ح��ال، ورغم المظاهر، ليس تحليال، وال نق��دا...]و[ س��أقول الش��يء نفس��ه عن المنهج )أو الطريقة(. ليس التفكيك منهجا وال يمكن تحويله إلى

، ففي جمي��ع21، إذا ما التقويض؟ يجيب دري��دا: "ال ش��يء"!20منهج" األحوال، كيف يمكن ل�"ال شيء" أن يقرأ الفك��ر الغ��ربي من��ذ ب��زوغ فج��ره إلى أق��رب لحظ��ة حداثي��ة، ثم يكش��ف عن تناقض��اته، ثم يسعى، بعد ذل��ك كل��ه، إلى اإلعالن عن تقويض��ه؟! ذل��ك م��ا يح��اول

دريدا أن يخفيه. ولكي نستطيع فهم التقويضية أكثر، ال بد، إذا، من عرض مف��اهيم هذه الفلس��فة، ومحاول��ة تعريفه��ا؛ إال أن دري��دا ال يحب أن نس��ميها

، دار الغرب، الجزائر، وهران، الطبعةنظرية القراءة- عبد المالك مرتاض، 16.23، ص 2003األولى،

، المرك��ز الثق��افيدلي##ل الناق##د األدبي- ميج��ان ال��رويلي وس��عد الب��ازعي، 17.53م، 2000العربي، لبنان – بيروت، المغرب – الدار البيضاء، الطبعة الثانية،

.54- المرجع نفسه، الصفحة: 18 ، داراألسس الفلس##فية لنق##د م##ا بع##د البنيوية- محمد سالم س��عد الل��ه، 19

.161م، ص: 2007الحوار، سورية، الالذقية، الطبعة األولى، ، ت�: كاظم جهاد، دار توبقال للنشر، المغ��رب،الكتابة واالختالف_ جاك دريدا، 20

.61 – 60م، ص: 2000الدار البيضاء، الطبعة الثانية، .63- المرجع نفسه، الصفحة: 21

12

Page 13:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

"مفاهيم"، ألنن��ا س��نكون، بحس��به، ميت��افيزيقيين ج��دا! ألن��ه ال ي��ني يؤكد، مرارا وتكرارا، أن تلك ال��تي نس��ميها مف��اهيم "نحن" ليس��ت شيئا، وال يمكنها أن تكون شيئا، وأيضا ال تعرف وال يمكن أن تعرف. لكن على رغم ذل��ك، س��نحاول الكش��ف عن أهم المف��اهيم ال��تي تشكل مفتاح الدخول إلى حصن التقويضية؛ الحصن الذي يبدو، إلى

حد بعيد، سائال جدا!

13

Page 14:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

مفاهيم التقويضية نق######د التمرك######ز اللوغوس######يCritique de

logocentrisme " دون أننقد التمركز اللوغوسيال يمكننا أن نعرف عبارة "

ب��دءا؛ إن��ه يمل��ك، في ال��تراثlogos اللوغ##وسنعلم م��ا ه��و اليوناني، مجموع��ة من ال��دالالت منه��ا: العق��ل والص��وت والحض��ور والمنطق واإلله... أي كل ما يشكل ثابتا ومطلقا ترانسندنتاليا، ومن المعروف أن الفكر الغربي منذ سقراط إلى القرن العشرين، ك��ان يتمركز، بحس�ب دري��دا، على ه�ذا اللوغ��وس بش��كل كب��ير، ف��الفكر الميتافيزيقي الغربي كان يمجد العقل ويعت��بره المح��ك، كم��ا تق��دم معنا القول، وإضافة إلى ذلك فإنه )أي الفكر الميتافيزيقي الغربي( كان يتمركز حول الصوت المنط��وق، ويعت��بره األص��ل؛ ألن الص��وت المنطوق يشترط "حضور" المتكلم؛ أي "حضور" "الحقيق��ة" ذاته��ا، وب��ذاك تم تمجي��ده واإلعالء من ش��أنه على حس��اب الكتاب��ة ال��تي تشترط "غياب" المتكلم، وتالي��ا، "غي��اب" "الحقيق��ة"، وب��ذاك ف��إن الصوت المنطوق يلزم وجود "أبيه" ال��ذي يل��ده/يقول��ه؛ أم��ا الكتاب��ة

،22فيتيمة ولقيطة ال أب لها تستند إليه، ويحميه�ا من الغ�ير/ الق�ارئ وهك�ذا يس�عى دري��دا إلى نق�د ه�ذا التمرك�ز ال��ذي يرف��ع من قيم��ة العق��ل والص��وت ويجعل��ه في مق��ام التع��الي، "والحقيق��ة إن س��عي دري��دا لتق��ويض التمرك��ز ق��اده إلى تحطيم ك��ل المراك��ز، وتفكي��ك أنظمتها بدءا من مركز كل شيء وهو اإلله وهو سبب مركزي لك��ل

، ويق��وم23األحداث، مرورا بمركز الحقيقة، وانتهاء بمركز العقالنية" دريدا بهذا النقد عبر االستناد إلى مجموعة من المفاهيم، وهي التي

سيأتي تعريفها اآلن.

، ت�: كاظم جه��اد، دار الجن��وب للنش��ر، ت��ونس،صيدلية أفالطون- جاك دريدا، 22.29م، ص: 1998طبعة

، م. س.األسس الفلسفية لنقد ما بع##د البنيوية- محمد سالم سعد الله، 23.167ص:

14

Page 15:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

علم الكتابةgrammatologie ال يس����عنا، اآلن، الح����ديث عن الش����يء ال����ذي جعلن����ا نقاب����ل

grammatologieبعلم الكتاب��ة، دون غيره��ا من المص��طلحات ...وغيره��ا، ولعل��ه26، وعلم أنس��اق الكتابة25، وعلم النحو24كالنحوية

يكفي أن نش��ير إلى أن ترجم��ة المف��اهيم تقتض��ي "الق��ول الش��يء نفسه تقريبا"، وبذاك فعلم الكتابة يعد مفهوما أنسب لكون��ه يقاب��ل

logieبالعلم، و grammeبالكتبة أو الكتابة، وهي ترجم��ة س��ليمة ، ال ضباب حولها.

وعلم الكتابة، في حقيقة أمره، ما ه��و إال "دع��وة إلع��ادة النظ��ر الجدي��ة في دور الكتاب��ة، ال بوص��فها غط��اء للكالم المنط��وق، إنم��ا بوص��فها كيان��ا ذا خصوص��ية وتمي��يز. إن الغراماتولوجي��ا ال��تي ي��دعو دريدا إليها ال تعيد إنتاج واقع خارج نفسها، كما أنها ال تختزله، وبهذه الحرية الجديدة يمكن أن نراه��ا على أنه��ا الس��بب في ظه��ور واق��ع

27جديد إلى الوجود." هذا وتتميز الكتابة بالخص��ائص اآلتي��ة: "إنه��ا أوال بوص��فها عالم��ة مكتوبة يمكنها أن تتكرر رغم غياب سياقها، وإنه��ا ثاني��ا ق��ادرة على أن تحطم س��ياقها الحقيقي وتق��رأ ض��من أنظم��ة س��ياقات جدي��دة بوصفها عالمة في خطابات أخرى، وإنها ثالثا، تكون فض��اء للمع��نى بوجهين؛ األول قابليتها االنتق��ال إلى سلس��لة جدي��دة من العالم��ات، والث��اني ق��درتها على االنتق��ال من مرج��ع حاض��ر إلى آخ��ر، وه��ذه

، وه��ذا كل��ه28س��مات خاص��ة بالكتاب��ة ال يمكن للكالم أن يمتلكه��ا." يجعل من "الكتابة لغة ذات اكتفاء ذاتي إلى أبع��د ح��د، لكونه��ا لغ��ة ذات فضائية أكثر، وال توجد بص��ورة خيالي��ة في ال��ذهن، وال بص��ورة

- يؤكد د. علي ص��ديقي أن��ه على ال��رغم من أن ه��ذه الترجم��ة وردت في كت��اب24 "دلي��ل الناق��د األدبي" ال��ذي اش��ترك في تأليف��ه ك��ل من س��عد الب��ازعي وميج��ان��رح ص��ادر من ميج��ان ال��رويلي، إال أن ترجم��ة "الغراماتولوجي��ا" ب���"النحوي��ة" مقت

إشكالية التح##يز في النق##د الع##ربيالرويلي بال��ذات. انظ��ر: علي ص��ديقي، دلي##ل، وانظر أيضا: ميجان الرويلي وسعد البازعي، 365، م. س. ص: المعاصر

.172-157، م. س. ص ص: الناقد األدبي ، ت:ما فوق البنيوي##ة: فلس##فة البنيوي##ة وم##ا بع##دها- ريتش��رد هارلن��د، 25

.181م، ص: 2009لحسن أحمامة، دار الحوار، سورية، الالذيقية، الطبعة الثانية، ، ت: حسام ناي��ل،البنيوية والتفكيك: مداخل نقدية- مجموعة من الكتاب، 26

.136م، ص: 2007أزمنة للنشر والتوزيع، األردن، عمان، الطبعة األولى، معرفة اآلخر: مدخل إلى المناهج النقدية- عبد الله إبراهيم وآخران، 27

، المركز الثقافي العربي، لبنان – بيروت، المغرب – الدار البيضاء،الحديثة.136م، ص: 1990الطبعة األولى

- المرجع السابق والصفحة نفسه.2815

Page 16:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

موجزة وشفافة في ذبذبات الص��وت الهوائي��ة. ولكن بش��كل ص��لب ودائم في العالم��ات على الص��فحة، وه��ذه العالم��ات ال تحت��اج ألن تك��ون مدعم���ة بحض��ور من يص���فها، ألن���ه دائم��ا غ��ائب بش��كل

.29جوهري" بهذا فإن الغراماتولوجيا أو علم الكتابة ه��و "العلم الب��ديل" ال��ذي ولد، بالنسبة لدري��دا، مباش��رة، بع��د "م��وت الكالم"، فبع��دما ك��انت الفلس���فة األوروبي���ة، تعطي األولوي���ة واألهمي���ة للكالم )الص���وت والكلم��ة المنطوق��ة؛ أي اللوغ��وس(، باعتب��اره يش��ترط الحض��ور،��د على أن والحقيقة والحسم في أمرها، فإن دريدا قد أبى ذلك وأك هذا التمركز حول اللوغوس ليس إال مرادفا للميتافيزيقا ال��تي يجب أن تك��ف عن تس��لطها و"ديكتاتوريته��ا". وديري��دا يعلي من ش��أن الكتابة بوصفها األكثر قدرة على التعبير، فهي، حسب دري��دا دائم��ا، تستطيع أن تقوم بما يقوم به الكالم، كما أنها ق��ادرة على أن تق��وم حتى بما يعجز الكالم عن القيام به، وبهذا، فإن الكالم يشكل فرع��ا من الكتابة وليس العكس كما ساد في الفلسفة م��ا قب��ل الدريدي��ة. وهكذا يبدو لدريدا أن "مهمة علم الكتابة هي خلخلة ك��ل م��ا يخل��ق قواع���د أو مفه���وم ب���الالهوت األنطول���وجي والمركزي���ة العقلي���ة

، فهي عودة لنصرة الدال الكت��ابي وتمجي��ده، وتق��ويض30والصوتية"كل مركزية تدعي أسبقية الصوت المنطوق عليه.

التشتيتDissémination ويعد هذا المفهوم من المفاهيم التي تشكل تعاضدا مع المفاهيم

األخ��رى في "النس��ق" التقويض��ي، وتنب��ع ص��عوبة اإلحاط��ة به��ذا المفهوم نظرا للشكل ال��ذي تح�دث دري��دا عن��ه، وفي ه��ذا الس��ياق نجده يقول:" إن التشتيت ال يعني في نهاية المطاف شيئا وال يمكن جمعه ضمن تعريف واضح، وأنا لن أقوم بهذا الترف هن��ا ب��ل أكتفي باإلحالة على اشتغال النصوص التي كتبت في هذا اإلط��ار. وإذا كن��ا ال نس��تطيع أن نلخص التش��تيت أي المغ��ايرة الذري��ة في فحواه��ا

،31المفهومي فذلك ألن قوة وش��كل ظه��وره تفق��أ األف��ق ال��داللي"مجة أن ي��دعي أح��دنا أن ه��ذا وهك��ذا، فإن��ه لمن ب��اب النكت��ة الس�� التعري���ف يش���كل منطلق���ا معرفي���ا ال محي���د عن���ه لفهم مفه���وم

.184، م. س. ص: ما فوق البنيوية وما بعدها- ريتشد هارلند، 29 ت���: فري��د ال��زاهي، دار توبق��ال للنش��ر،، مواق##ع: )ح##وارات(- ج��اك دري��دا، 30

.63م، ص: 1992المغرب، الدار البيضاء، الطبعة األولى، .45- جاك دريدا، المرجع نفسه، ص: 31

16

Page 17:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

التشتيت!... ورغم ذلك فإننا نستطيع أن نأخ��ذ عب��ارة "تفق��أ األف��ق الداللي" لتفي��دنا في ه��ذا الس��ياق، فدري��دا يع��ني به��ذه العب��ارة أن التشتيت ال أفق له وال حد يحده من انفجاره الداللي، ب��ل إن��ه، على العكس من ذلك، يفقأ ك��ل أف��ق يض��ع نهاي��ة لل��دالالت. فالتقويض��ية ترى "أن التشتيت هو تعدد توليدي غير قابل إلجراء أي اختزال، إن��ه شغب يعمل على إجراء شروخات في النص ويق��ف دون انغالق��ه أو

.32إضفاء أي شكلنة تامة عليه" ويع��ني التش��تيت، بش��كل أوض��ح، الالنهائي��ة الداللي��ة للنص مم��ا يجعل تحديد معانيه الخاصة أمرا مستحيال، فالفارماكون، مثال، يعني "العق��ار، وتري��اق الحب والعالج والس��م وطرائ��ق الطبخ ومكونات��ه،

،33فينتشر المعنى بينها مما يجعل تحديد معن�اه غاي�ة في الص�عوبة" وهذا ما يقصده دري��دا بالتش��تيت؛ أي تش��تت العق��ل البش��ري أم��ام

دالالت الدال الواحد فال نعرف عن قراءتنا للنص أيها نالحق! وبذلك، يخلص إلى أن التشتيت هو الفعل الالنهائي للداللة داخل نص ما. فالمعنى، بهذا الوسم، يصبح متناثرا ومشتتا غ��ير قاب��ل ألي تحديد أو إحاطة، و"يوحي بتكاثر المعنى وانتش��اره بطريق��ة يص��عب

.34ضبطها والتحكم بها" االختالف المرجئDifférance

باالخ�)ت�(الف )بوضع التاء، Différance يترجم الدارسون لفظة (، وباالختل���)ا(ف )بوض��ع األل��ف بينكاظم جه##ادبين قوسين م��ع

(، واإلخالف )م��ععزالدين الخطابي وإدريس كث##يرقوسين مع (،عب##د الوه##اب المس##يري( واالخ��ترجالف )م��ع فتحي إنق##زو (،فري##د ال##زاهي(، وبالمغ��ايرة )م��ع طلبة م##نىوباإلرج��اء )م��ع

( وباالختالف المرجأ )مععبد السالم بنعبد العاليوالمباينة )مع عب##د العزي##ز بن(، وب��االختالف المرجأ )م��ع هدى شكري عي##اد

،االختالف المرجئ(...وغيرها. لكن، في نظرن��ا، ن��رى أن عرفة معاضدين مقترح الناقد حسام نايل، هو المص��طلح األمث��ل في ه��ذا

ن "قص��د" دري��دا من مفه��وم ،Différanceالسياق، وبع��د أن ن��بيسنوضح السبب الذي جعلنا نفضل هذه الترجمة دون أخرى.

الفك##ر النق##دي األدبي المعاص##ر )من##اهج ونظري##ات- حمي��د لحم��داني، 32.206م، 2012، مطبعة آنفو_برانت، المغرب، فاس، الطبعة الثانية، ومواقف(

.66، م. س. ص: دليل الناقد األدبي- ميجان الرويلي وسعد البازعي، 33 - محمد سالم سعد الله، األسس الفلسفية لنقد ما بعد البنيوية، م. س. ص:34

175.17

Page 18:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

��درك في يوم من األيام، صاح دريدا إني أتيتكم بمف��ردة عجيب��ة، ت ،35بالكتابة والقراءة فقط؛ أي ال يمكن أن تدرك ب��النطق وبالس��ماع

��ه!.. وهك��ذا قلب دري��دا مف��ردة خارق��ة تثبت عج��ز الكالم؛ بل��ه موت إلى كلمة، Différenceالعرف اللغوي الفرنسي بخصوص كلمة

Différanceبتحويل ال� ،eإلى ال� a ، ولم تعد تعني الكلمة اختالفا في المكان فق��ط؛ ب��ل عالوة على ذل��ك، ص��ارت تع��ني اختالف��ا في الزمان؛ أي اس��تدعاء لمفه��وم التأجي��ل واإلرج��اء أيض��ا، وذل��ك ع��بر

، ال��ذي يع��ني فع��ل "ب��اين"،différerاالستفادة من الجذر اللغوي كم��ا يع��ني، ك��ذلك، فع��ل "أرج��أ" أو "أج��ل"، وب��النظر إلى ه��ذه الداللتين، حاول دريدا أن يصوغهما في كلمة واحدة، وه��ذه الكلم��ة

يختل##ف م##ع غ##يره، وتع��ني الش��يء ال��ذي Différanceهي ، "وهي مقول��ة ال يمكن أن نفك��ر به��اويرجئه في الوقت نفسه

؛36هي ذاتها، ذلك ]ب�[أننا ننطلق منها في بناء كل األش��ياء األخ��رى" موعده مع ذاته ويحي##ل على اآلخ##ر يخلفألنها الشيء الذي

، وبشيء من الوضوح، فاالختالف المرجئ هو الش��كل37باستمرار الذي يحيل في��ه ك��ل دال على دال آخ��ر، باختالف��ه مع��ه، بطريق��ة ال يمكننا معه�ا أن نمس�ك بالدالل�ة بش�كل حاس��م، فالدالل�ة دائم�ا م�ا تكون مؤجلة تنتظر الدال الذي يأتي بعده كي تسند إليه نهائيتها؛ إال أن الدال الذي يأتي بدوره ينتظر داال آخر يستند إليه. وهكذا إلى ما ال نهاية، وباختالف كل دال على آخر يحدث اإلرجاء ال��ذي يق��ول ب��ه

،Différanceدريدا، وب��ذاك نع��ود، هن��ا، فنعل��ل اختيارن��ا لترجم��ة ب��االختالف الم��رجئ؛ ك��ون االختالف ال��ذي يك��ون بين ال��دوال، وبين الفونيمات في ال��دال نفس��ه، ه��و ال��ذي يس��بب في عملي��ة اإلرج��اء

كما يظن كلمفعوال بهال فاعالوالتأجيل، وبهذا فاالختالف يكون من هدى شكري وعبد العزيز بن عرفة...وغيرهما.

، "لست أدري إن ك��انDifférance- يقول جاك دريدا في جوابه عن ماهية ال� 35 يعني شيئا أو كان شيئا آخر من نتاج م��ا تس��ميه الميتافيزيق��ا دليال )دال- م��دلول(. لقد الحظت أن ه��ذا الح��رف يكتب ويق��رأ بينم��ا ال يمكن س��ماعه ]...[ إن الص��فة

، والتي قياس��ا عليه��ا ابتك��ر ه��ذا االس��مdifférerالمشتقة من فعل خالف/اختلف تجمع صنفا كامال من المفاهيم أعتبرها نسقية

وغير قابلة لالختزال، يتدخل كل واحد منها –بل تتزايد فعاليته- في لحظة حاس��مة.14، م. س. ص: مواقع )حوارات(من العمل" انظر كتاب: جاك دريدا،

، م. س. ص:بؤس البنيوية: األدب والنظرية البنيوية- ليوناردو جاكسون، 36246.

الكتابة- انظر مقدمة المترجم كاظم جهاد على كتاب: جاك دريدا، 37.31، م. س. ص: واالختالف

18

Page 19:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

اإلضافة / الملحق/المكملSupplément يشكل هذا المفهوم من المفاهيم التي يتكئ عليه فكر دريدا على نحو كبير؛ ذلك بأنه ذو فعالي��ة كب��يرة في نج��اح عملي��ة القلب ال��ذي

ه��و وح��ده38يستند إليه التصور الدريدي، ف�"هذا المكم��ل الخط��ير" القادر على أن يقوض أص��لية األص��ل، فلم��ا ك��ان الكالم أص��ال، عن��د أفالطون ومن بعده كأرسطو حتى ج. ج. روسو)ال��ذي اس��تعار من��ه دريدا لفظة المكمل( ودي سوسير...، كانت الكتاب��ة ملحق��ا ومكمال للكالم فقط؛ ألن الحضور، وحس��ب ه��ذا المنظ��ور بال��ذات، يس��بق

" كما يفع�ل الكالم، ال�ذي يك�ونتنتجالغياب، وال يمكن للكتابة أن " " دائم��ا، فالكتاب��ة، مهمته��ا الحف��ظ فق��ط؛ أي مهم��ةأبيهبج��انب "

إضافية وتكميلية حسب. وقد تمكن دريدا من جعل هذا المكمل الهامشي ذا بعد هام جدا، وذل��ك حين أك��د أن األص��ل ال يمكن ل��ه أن يك��ون أص��ال دون ه��ذا "الث��انوي" ال��ذي يجعل��ه ك��ذلك؛ أي أن األص��ل إذا ك��ان وحي��دا دون نسخة تصدر عنه، ال يستسيغ لنا أن نقول عنه أصال، ألنه يحت��اج إلى ث��ان يجعل��ه في المقدم��ة، فيكش��ف ه��ذا المكم��ل عن نقص في

. وه��ذا القلب ال��ذي يق��وم ب��ه دري��دا يجع��ل39األصلي وتاليا، يقوضه المكمل أص��ال واألص��ل مكمال، وب��ذاك تك��ون الكتاب��ة أص��ال، والكالم

مكمال وحسب.

األثرLe trace إذا كان الدال النطقي أو الصوتي يشترط الحضور، ويعتبر نفسه

مركزيا وأصال، فإن األث��ر، على العكس من ذل��ك، يع��ارض الحض��ور ، وه��و الش��يء ال��ذي "يش��ير، في األوان ذات��ه،40واألصل ويناقضهما

،41إلى امح��اء الش��يء وبقائ��ه محفوظ��ا في الب��اقي من عالمات��ه" ويعني هذا أن األثر ه�و "الطي�ف" ال�ذي يتب�دى لن�ا من خالل ال�دال الكتابي المعطى أمامنا فقط، وهو الذي ينتقل من دال إلى آخ��ر وال يري��د أن يق��ترن بم��دلول م��ا؛ أي أن األث��ر ليس إال تمظه��را آخ��ر لالختالف المرجئ؛ ألن��ه ال يحي��ل على ذات��ه؛ ب��ل يحي��ل على اآلخ��ر،

، ت: أنور مغيث ومنى طلبة، المركز القوميفي علم الكتابة- جاك دريدا، 38.283م، ص:2008للترجمة، مصر، القاهرة، الطبعة الثانية،

، م. س.صيدلية أفالطون- انظر مقدمة المترجم على كتاب: جاك دريدا، 39.9ص:

، مطبعة عين برانت،مطارحات نقدية في األدب والفكر- علي صديقي، 40.59م، ص: 2013المغرب، وجدة، الطبعة األولى،

.27، م. س. ص: الكتابة واالختالف- جاك دريدا، 4119

Page 20:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

وهذا اآلخر يحيل، بدوره، على آخر آخر، وهذه هي السمة التي تميز العالمة ال##تي ال يمكن اإلمس##اك به##ا،األثر، وتتجلى في كونه

،ألنها تشير إلى مدلول غائب ال يمكننا الحس##م في أم##ره فهو ال يفرض نفسه كأصل، وال يحضر البتة، وبهذا التجلي فاألثر ه��و

ما يمنع الذات أبدا من أن تصبح ذاتا أهم أو ذاتا "أصل"،" ألن العالق##ة ب##اآلخر هي أق##دم من الذاتي##ة، ب##ل إن ه##ذه

، وهذه الصعوبة تطرحه��ا العالق��ة42"العالقة هي أساس الذاتيةبين الدال والمدلول المبنية، بشكل كبير، على االختالف.

ومن جه��ة أخ��رى، فإن��ه لمن المفي��د، هن��ا، أن نق��ول: إن ال��دال الكتابي هو بمثابة أثر لمعنى غائب، معنى ممكن، معنى حاضر بداله

الكتابي فقط؛ أي حاضر بأثره. إذن؛ يعني األثر الشكل الذي يش��ير في��ه ال��دال الكت��ابي إلى دال هو يلتبس معه فيما يشير إليه، وهذه اإلش��ارة ال تك��ف عن االمح��اء كلما أحالت على دال بعينه، فال يبقى بين أيدينا ش��يء س��وى اآلث��ار

Les traces؛ ألن المعنى الذي يمكن أن يحل المش�كلة غ��ائب!! بالمرة.

التكرار يتداخل هذا المفهوم مع مفهوم االختالف الم��رجئ، وم��ع مفه��وم المكمل أيضا، فعالقته باألول هي أن التكرار هو الكيفية التي تجعلنا

، وم��ع43ننتقل من األصل إلى تكرار له عبر عملية اإلرج��اء والتأجيل ، فدري�دا44مفه�وم المكم�ل باعتب�ار التك�رار انبثاق�ا ثاني�ا عن األصل

يعني بالتكرار اإلمكانية التي تكون أمام كل دال في أن يكرر الحقا، وهذه سمة البد منها "فاإلشارة التي ال تقبل التكرار ليس��ت إش��ارة

، وبم��ا أن من45حتى لو لم يفهمها أو ينطق بها سوى متكلم واح��د" سمات الكتابة قابليتها لتكري��ر نفس العالم��ات رغم غي��اب الس��ياق، ف��إن دري��دا يح��اول به��ذا المفه��وم تق��ويض مركزي��ة الص��وت ع��بر

الكشف عن هذا النقص الكامن فيه. س##يرل وأوس##تين ومفه��وم التك��رار ج��اء ض��دا على معطي��ات

وغيرهم من الت��داوليين البرغم��اتيين ال�ذين يقول�ون بنظري�ة أفع�ال الكالم، النظرية التي تلغي س�مة التكراري�ة في اللغ�ة، وب�ذاك ف�إن

.61، م. س. ص:دليل الناقد األدبي- ميجان الرويلي وسعد البازعي، 42.68- المرجع نفسه، الصفحة: 43- المرجع نفسه والصفحة نفسها.44.67- المرجع نفسه ص: 45

20

Page 21:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

دريدا قد ق��وض ه��ذه النظري��ة وكش��ف عن ميتافيزيقيته��ا منطلق��ا،بشكل محوري، من هذا المفهوم.

الكتابة األصليةArchi-écriture يمكن القول، بالنسبة لدريدا على األقل، إن األصل ال أصل له،

فهو ال يمكن أن يكون مستقال وقائما بذات��ه؛ ألن��ه يحت��اج إلى مكمل ما يجعله يظن نفسه أصال! أي: إن م��ا س��اد في المنط��ق الص��وري األرسطي من أن الجوهر يبقى قائما بذات��ه من دون حاجت��ه إلى أي مستند، لقول باطل من منظور دري��دي؛ ألن ه��ذا الج��وهر، بال��ذات،ت��ه، ��دعم أص��ليته وجوهري لم يسم جوهرا إال لكون العرض موجودا ي وبما أن الح��ال هك��ذا، ف��إن دري��دا يعتق��د أن المكم��ل موج��ود قب��ل األصل )الذي يدعي أصليته(، وبهذا فالكتابة، بما هي مكم��ل حس��ب الميت���افيزيقيين، فإنه���ا األص���ل، والكالم ال���ذي يعت���بر، حس���ب الميت��افيزيقيين دائم��ا، أص��ال ليس إال انبثاق��ا عن "الكتاب��ة األص��لية"

، فدريدا يؤكد أن الكالم، والكتابة المادية46التي تعود إليها كل عالمة أيض��ا، منبثق��ان عن كتاب��ة هي روحي��ة بش��كل أس��اس، وه��ذا يحي��ل بشكل أو بآخر على المعتقدات اليهودية التي تثبت أس��بقية الكتاب��ة وحجيتها )والمرتبطة بتزويرات الحاخامات وتحريفاتهم التي الب��د أن تكون مرجعا لكل يهودي( في مقابل الص��وت المنط��وق ال��ذي ك��ان في أول أمره سابقا ومحتكما إليه )والذي يرتبط ب��التوراة وبالكلم��ةتغلت تحريف��ات الحاخام��ات وتم اعتباره��ا حق��ا اإللهي��ة(، وبه��ذا اس����ه تم ه، ونتيج��ة ل��ذلك كل مكتوبا وس��ابقا على الكت��اب الم��نزل نفس�� الح���ديث عن كتاب���ة أص���لية ذات خلفي���ة يهودي���ة بش���كل ال يمكن

التغاضي عنه. نظرية اللعبThéorie de jeu

يعد اللعب من المميزات الخاصة بمرحلة م��ا بع��د الحداث��ة، فه��و يعني توظيف تقني��ات البالغ��ة من أج��ل تش��تيت ذهن الق��ارئ أم��ام المع��نى الص��حيح والص��ائب، ولم نس��تعر، هن��ا، لفظ��ة "تش��تيت" بطريقة اعتباطي��ة فق��ط؛ ب��ل عنين��ا به��ا، على نح��و مقص��ود، عالق��ة اللعب بالتشتيت، المفه��وم ال��ذي يع��ني انتش��ار ال��دالالت من النص بحيث ال يمكن حسم األمر معها، أي: إن هذه الدالالت "تتوالد بفعل

متواص��لة اللعبةالكتابة مثل تيار متدفق، فينتج الدال داال آخ��ر في نهائية دون أن يتيح سيل الدالالت لم��دلول م��ا أن يف��رض حض��وره، أي أن يتعالى. ومن هنا ي��أتي اإلص��رار على ع��دم االع��تراف بوج��ود

.61، م. س. ص: مطارحات نقدية في األدب والفكر- علي صديقي، 4621

Page 22:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

، هذا من جهة؛ أما من جهة ثانية ف��إن اللعب47حدود تحصر المعنى" يسعى إلى استغالل كل االلتباسات ال��تي تنتجه��ا اللغ��ة كالجناس��ات واألناغرامات وما شابه ذل��ك... إن دري��دا ي��بين أن الكتاب��ة تس��تطيع استغالل اللعب إلى حد بعي��د، في مقاب��ل الكالم ال��ذي، في أح��ايين

كثيرة، ال يمكنه ذلك. لنأخ��ذ مث��اال على ذل��ك، في مواض��ع كث��يرة يس��تخدم دري��دا بعض األلفاظ التي ال ت�درك إال بقراءته��ا، وب�ذا يؤك�د أن الكالم ع��اجز عن اللعب، بعكس الكتابة. ففي الفرنسية، مثال، ي��أتي دري��دا بمجموع��ة

sensمن األلف��اظ متش��ابهة عن��د النط��ق به��ا ك���)) مع��نى أبيض( blanc )دم أبيض( sang blanc )بدون بي��اض( sans blanc (cent blanc )مائ��ة أبيض( semblant)طي��ف( ، فيس��تغل48

دريدا هذه االلتباسات ليلعب على األلفاظ بطريقة ال تقف أمامها إال.اللعبالكتابة/القراءة، مما يجعل الكالم عاجزا على

وينتمي إلى حقل هذا المفهوم مجموعة من المفاهيم الفرعية ك�) اللغ��ز – التخطي��ط – الكناي��ة – ال��وهم – الغم��وض– األس��طورة – الهذيان – المفارق��ة – اله��زل – التس��لية – األض��حوكة – الجن��اس –

... وغيره���ا، وهي مف���اهيم يتوس���ط به���ا49االقتب���اس – الرم���وز(التقويضيون في تمجيد هذه اإلمكانية المتعلقة باللعب الكتابي.

وعلى سبيل التركيب، نود أن نشير إال أن هذه المفاهيم، مفاهيم التقويض، مترابط��ة فيم��ا بينه��ا إلى ح��د بعي��د؛ إذ ال يمكن اس��تيعاب مفهوم دون آخر، فهي )أي المفاهيم( تعمل بشكل يحي��ل ك��ل منه��ا إلى اآلخر بشكل يصعب التفريق بينها، وقد نستطيع الق��ول أن ك��ل مفاهيم دريدا يمكن أن تنضوي تحت تص��ور م��ا بع��د ح��داثي واح��دة

وهو العبث، وذلك كما الح معنا قبل.التقويضية وأسسها

ال شك في أنه ال يمكننا أن نفكر من دون أن نبني أفكارنا على شيء كان موجودا قب��ل أن نوج��د، ش��يء نؤس��س علي��ه معتق��داتنا. واألم��ر نفس��ه نقول��ه عن التقويض��ية، فهي لم ت��أت من ف��راغ؛ ب��ل تالمحت إثر مجموع��ة من األفك��ار ال��تي ك��انت س��ائدة قب��ل دري��دا،

، النشر الجامعي الجديد،المدارس النقدية المعاصرة- لخضر العرابي، 47.132م، ص: 2016الجزائر، تلمسان، الطبعة األولى،

.41، م. س. ص: مواقع )حوارات(- جاك دريدا، 48 ، م. س.األسس الفلسفية لنقد ما بعد البنيوية - محمد سالم سعد الله، 49

.171ص: 22

Page 23:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

ومتزامن��ة مع��ه أيض��ا. ول��ذلك نس��تطيع أن نتس��اءل؛ م��ا هي أهم األس��س ال��تي اس��تند إليه��ا دري��دا في إنش��اء تص��وره التقويض��ي؟

سنحاول اإلجابة عن ذلك بعد قليل.القبااله أو القبالنية

،50 لعل أول ما يتبادر لدى الذهن حينم��ا نتأم��ل مص��طلح القب��االهد اإلل��ه في ه��و الص��وفية اليهودي��ة القديم��ة ال��تي ت��دعو إلى تجس�� اإلنسان واإلنسان في اإلله، إلى أن نصبح أمام إله مؤنسن وإنسان مؤله، وهذا بالضبط م�ا نس�ميه ب�الفكر الحل�ولي؛ أي حل��ول ال��ذات اإللهية في الذات البش��رية والعكس، أيض��ا، ص��حيح. ونحن إذ نبحث

��ه يه��ودي من عائل��ة يهودي��ة خالصة ف أن ،51حياة جاك دري��دا، نكتش�� وهذا المعتقد أثر، بشكل كبير، في الفلسفة التقويضية لجاك دريدا،

52فعلى الرغم من أنه يؤكد، مرارا، على أنه "يه�ودي ال يه�ودي" ، إال أننا نعرف جميعا أن معظم مفاهيم جاك دريدا تلغي الثنائيات وتؤكد على الط����ابع المتح����د لكي����انين في كي����ان واح����د، كمفه����وم

Différance،ال��ذي يش��ير إلى االختالف والتأجي��ل دفع��ة واح��دة ، الذي يعني ما يتب��دى وم��ا يمحي في ال��وقت نفس��ه،األثرومفهوم

ليح��ل ك��ل منهم��ا مح��للثنائية دال وم##دلولوكذلك نفي دريدا اآلخ��ر فيص��بحا داال فق��ط، وك��ذلك المكم��ل ال��ذي يع��ني الهامش��ي والمرك��زي في اآلن ذات��ه... وهك��ذا يق��دم دري��دا فلس��فته، فلس��فة حلولي��ة قبالي��ة محض��ة تمج��د مس��ألة اتح��اد المتناقض��ات وحل��ول

عنصري الثنائية محل اآلخر ليشكال عنصرا واحدا.أفالطون

المثير لالنتباه في دريدا، أنه يس��تعير معظم مفاهيم��ه من الفك��ر الذي يقوضه، فمن أفالطون استعار مفهوم "اللعب"، الذي يعد أحد أهم مف��اهيم دري��دا، وق��د س��بق معن��ا اإلش��ارة إلي��ه، وق��د رأى أن أفالطون ي�تيح لإلنس�ان أن ال يك�ون، في معظم أحوال�ه، ج�ديا، ب��ل يحثه على اللعب الذي يك��ون، أيض��ا، ج��ادا؛ أي ليس لعب��ا من أج��ل

، وق�د اس�تعان دري�دا به�ذا المفه�وم53اللعب؛ بل بلوغا لمقاصد سامية إشكالية التحيز في- لعله مفيد في هذا الجانب قراءة كتاب: علي صديقي، 50

، وقد تحدث الناقد152 – 142، م. س. ص ص: النقد العربي المعاصربشيء من التفصيل عن العالقة بين القبااله والتقويضية.

- لالطالع على الشكل الذي يدافع به جاك دريدا عن ديانته اليهودية، يمكن قراءة51 ، ت�:المصالحة والتسامح وسياسات الذاكرةكتاب: جاك دريدا وآخرون،

م.2005حسن العمراني، دار توبقال للنشر، الطبعة األولى، .56، م. س. ص: الكتابة واالختالف- جاك دريدا، 52.119 – 118، م. س. ص: صيدلية أفالطون- جاك دريدا، 53

23

Page 24:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

��ه ليقلب التمركز اللوغوسي رأسا على عقب. أضف إلى ذلك، إفادت من مفهوم "األب" عن��د أفالط��ون، "األب" )أي قائ��ل الكالم( ال��ذي��ه إن أراد المتلقي استفس��ارا م��ا، لكن ��دعم الكالم، ويك��ون بجانب ي الكتابة ال أب لها؛ إنها لقيطة، ال حقيقة محددة وراءها، وهك��ذا يؤك��در دريدا أن كل نص مكتوب دالالته ال نهائية، ألن��ه ال يمل��ك أب��ا يحاص��

هذه الداللة.روسو

يشكل مفهوم المكمل المفهوم ال��ذي اس��تعاره دري��دا من ج. ج. روس��و، وذل��ك من كت��اب له��ذا األخ��ير عنوان��ه "محاول��ة في أص��ل اللغ�ات"، ويعت��بر في�ه روس�و الكتاب��ة ش�يئا إض�افيا وملحق�ا ومكمال للكالم فق���ط؛ ألن الكالم يص���حبه الن���بر وتنوي���ع ال���دالالت وأداء المشاعر؛ أما الكتابة فيجب أن تحمل على معناها العام فقط؛ ألنها

،54ال تمكننا من االس��تفادة من الم��يزات نفس��ها ال��تي يتيحه��ا الكالم��د أن المكم��ل ه��و وبما أن الحال كذلك عن��د روس��و، ف��إن دري��دا أك "الشيء الذي يأتي ليكمل نقص��ا م��ا" أي: إن دور المكم�ل مرك�زي وهام؛ ألنه يواري سوءات األصل، ويجعله أصال "كامال"؛ إال أن "ه��ذا المكمل الخطير" على رغم من ميسمه الهامشي، فإنه ه��و األص��ل

"الخطيروهو أصل األصل عند دري��دا، م��ا دام يق��وم به��ذا ال��دور " حسب اصطالح دريدا، وبهذا يفيد دريدا من روسو ويقوضه في اآلن

ذاته.

، ت���: محم��د محج��وب، ال��دارمحاولة في أص##ل اللغ#ات- جان جاك روسو، 54.45، ص: 1985التونسية للنشر، تونس، تونس، طبعة

24

Page 25:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

نتشه تع��د الفلس��فة التقويض��ية قريب��ة، بش��كل من األش��كال، من

، وعلى ال�رغم من أن دري�دا ال يع�ترف55الفلس�فة النتش�ية العدمية بفكرة موت اإلله التي نضجت عن��د نتش��ه؛ ألن ذل��ك يعت��بر اعتراف��اف أن��ه يح��اول، في فك��ره، بأن اإلله كان حاضرا قبل، إال أنن��ا نكتش�� نفي اإلله على اعتبار أنه ثابت من ثوابت الحداثة الق��ارة. ه��ذا وق��د استفاد دري��دا من نيتش�ه فك��ره ال�ذي ي��نزع إلى التش�كيك في ك�ل األفكار الباحثة عن الحقيقة، وهذا واضح من خالل الفكر التقويض��ي

لدى دريدا. كم��ا أن نيتش��ه ن��ادى بع��دم تبعي��ة ال��دال للم��دلول، واعتب��ار األول عن الث��اني، وال ش��ك أن دري��دا بل��ور ه��ذه الفك��رة في مس��تقال تقويض��يته بش��كل ب��ارز، وجع��ل من ال��دال المنطل��ق في تص��ورها

الفلسفي,

دي سوسير يعتبر دريدا أن دي سوسير فيلسوف بنيوي وما بعد بنيوي في

ه، فه��و ب��نيوي ألن نظريت��ه في اللس��انيات قائم��ة على اآلن نفس�� الصوت المنطوق دون الكتابة، وبهذا ف��إن سوس��ير، حس��ب دري��دا، يمج��د التمرك��ز اللوغوس��ي الميت��افيزيقي ع��بر جع��ل الكالم أص��ال والكتابة فرعا. وهو بنيوي أيضا ألنه يحاول أن يقوم بنظري��ة ش��املة حول اللغة أسماها علم اللسان العام، وهذا يشير، على نحو واضح، إلى اعتم���اد معطي���ات النس���ق والبني���ة ال���تي تنتمي إلى الحقب���ة الميتافيزيقي��ة؛ أم��ا كون��ه م��ا بع��د ب��نيوي، فه��ذا يس��تند إلى أن دي سوسير يؤكد أن اللغة نس��ق من االختالف��ات؛ إذ ال يمكن ال��دال أن يكون داال دون اختالف��ه م��ع مدلول��ه، ودري��دا اس��تفاد، بالض�بط، من الجانب الثاني؛ أي ك��ون اللغ��ة مجموع��ة من االختالف��ات. وليق��وض دريدا ما أتى به دي سوسير يطرح السؤال اآلتي: كيف يمكننا وضع نظرية شاملة لالختالفات؟ مم��ا يجع�ل دي سوس��ير، حس�ب دري��دا،

يسقط في فخ التناقض. وعلى الرغم من ذل��ك، ف��إن دري��دا اس��تثمر مقول��ة االختالف��ات،

Différالخاصة بدي سوسير، ألج��ل نحت مفهوم��ه األب��رز وه��و ال���

نظريات النقد األدبي والبالغة: في مرحل##ة م##ا بع##د- جميل حمداوي، 55 م، ص:2016، دار النابغة للنشر والتوزيع، مصر، طنط��ا، الطبع��ة األولى، الحداثة

33.25

Page 26:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

ance ليؤكد أن اللغة مبنية على االختالفات وال يمكن حصرها على .56وجه معين

هايدغر يصرح دريدا في أحد المواضع فيقول: "إن ديني لهايدغر له��و من الك��بر، بحيث إن��ه يص��عب أن نق��وم هن��ا بج��رده، والتح��دث عن��ه

، لكن�ه يص�رح، أيض�ا، أن في هاي�دغر، رغم57بمفردات تقييمية وكمية" ميله إلى تقويض الميتافيزيقا، نوع من التمركز اللوغوس��ي وتمجي��د

، ك��ذلك تمجي��ده للص��وت المنط��وق، ل��ذلك يعت��بر58عق��ل اإلنس��ان هايدغر ميتافيزيقي��ا وال ميت��افيزيقي في األوان نفس��ه، وه��ذا المي��ل إلى تمجيد الصوت المنطوق يظهر في كون هايدغر يعتبر القص��يدة المبني��ة على اإلنش��اد )وتالي��ا الص��وت(، األنم��وذج األمث��ل للتحق��ق الفني؛ بل أبع��د من ذل��ك يؤك��د م��ارتن هاي��دغر أن ه��ذا األم��ر ليع��د

جوهر الفن نفسه. ويتجلى دين دريدا لهايدغر في استخدام األخير لمصطلح الت��دمير

، وه���ذا المص���طلح ق���ريب ج���دا منDestruction59أو اله���دم ، أي: إن هاي���دغر يع���دDéconstructionمص���طلح التق���ويض

األساس األول لدريدا في استناده إلى الفكر التقويضي.

جوليا كرستيفا ال شك أن جوليا كرستيفا من بين األعالم التي تشارك جاك دريدا

مرحلة ما بعد الحداث��ة؛ ب��ل تش��اركه أك��ثر من ذل��ك، انتماؤهم��ا إلىتيل كيلنفس االتجاه؛ أقصد، هنا، جماعة بال��ذات، وال ش��ك أيض��ا

أن اسم جوليا كرستيفا مرتبط، إلى حد بعيد، بمفهوم التناص ال��ذي ظهر في النصف الثاني من القرن العش��رين، وال��ذي يع��ني ت��داخل النصوص فيم��ا بينه��ا، وق��د اس��تثمرته الناق��دة "لنعي الجنس األدبي وطرح صيغة المتعدد، والذي يتوال��د – في اآلن عين��ه – من نص��وص

، وقد درج النقاد على اعتب�ار التن�اص م�ا هو إال اس�ما60عديدة سابقة" ، م. س. ص:البنيوية والتفكيك: مداخل نقدية- مجموعة من الكتاب، 56

160 – 162..47، م. س. ص: الكتابة واالختالف- جاك دريدا، 57.48 – 47- المرجع نفسه، الصفحة 58 الفكر النقدي األدبي المعاصر: )مناهج ونظريات- حميد لحمداني، 59

204، م. س. ص:ومواقف( ، منشوراتفي أصول الخطاب النقدي الجديد - مجموعة من الكتاب، 60

.98م، ص: 1989عيون المقاالت، المغرب، الدار البيضاء، الطبعة الثانية، 26

Page 27:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

؛ إال أن كرستيفا كانت أكثر تنظ��يرا ل��ه ووعي��ا61آخر لحوارية باختينبه.

وقد استثمر دريدا مفه��وم التن��اص للتأكي��د على أن النص ال مب��دع له، وأن كل نص وراءه نصوص سابقة عليه تت��داخل مع��ه بش��كل ال واع، وبهذا فدريدا يلغي فكرة اإلبداع ب��المرة، ويس�تبدلها، كم�ا عن�د

كرستيفا، بفكرة اإلنتاج.خالصات واستنتاجات

انطالقا مما مر معنا، يمكن أن نسجل مجموعة من النقاط ال��تيهي عبارة عن استنتاجات وخالصات عن تبعات الفكر التقويضي:

التقويضية تمنع من الوصول إلى دالالت نهائية؛(1 التقويضية ذات نزعة هدمية ألنها تسعى إلى كش��ف تناقض��ات(2

النص؛ التقويضية ال تعترف بقراءة ما، فكل القراءات سيئة، والقراءة(3

الوحيدة التي يمكنها أن تكون جيدة هي القراءة ال��تي ال ه��دف له��اسوى اللعب؛

التقويض��ية تزع��زع مرتب��ة اإلنس��ان من الع��الم على حس��اب(4تجسيد االغتراب والالمعيارية والالعقالنية؛

التقويضية عائق أمام العلم؛ ألن العلم ميتافيزيقي بطبعه؛ أي:(5 يسعى إلى دراسة "طبيعة العالم العام��ة... ]فالميتافيزيق��ا[ تتفحص االفتراضات األساسية ال�تي تق�ف خل�ف رؤي�ة الع�الم القائم�ة على الحس المش��ترك أو الفهم الش��ائع. كم��ا تتفحص تل��ك االفتراض��ات األساسية التي تقف خلف أش��كال االستقص��اء التجريبي��ة النظامي��ة،

، ودري�دا يح�اول أن يق�وض ه�ذه62ك�العلوم الطبيعي�ة واالجتماعي�ة" الميتافيزيقا كي ال يبقى أمامنا ما يمكننا تسميته علما؛ ألن األساس والثابت األول الذي تنهض عليه العلوم هي الميتافيزيقا التي يح��اول

دريدا تدميرها؛ ال تعترف التقويضية بفكرة الجنس األدبي؛ ألن فكرة االختالف(6

تحول دون وضع النص ضمن إطار جنس��ي مح��دد، وبالخص��وص م��ا ينتج عن مفه��وم التن��اص؛ إذ يؤك��د األخ��ير أن النص ملتقى نص��وص سابقة من أجناس وأنواع متعددة؛ إذ كيف يمكن وضع هذه األجناس واألن��واع داخ��ل جنس بعين��ه، وب��ذاك يص��بح لف��ظ "النص"، بحس��ب

، مجلة البالغة والنقدالتناص: المرجعيات والتجليات- محمد عدناني، 61.275م، ص: 2016، 6األدبي، ع

، م. س. ص:بؤس البنيوية: األدب والنظرية البنيوية- ليونارد جاكسون، 62240.

27

Page 28:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

دريدا ومعاصريه ما بعد الحداثيين، ه��و اللف��ظ األنس��ب لتع��يين نص؛63مهما كانت طبيعته التجنيسية

التقويضية تمرير لمعتقدات دينية يهودية وقبالية؛(7 التقويضية عبارة عن ملتقى لتصورات ما بعد الحداث��ة وتنمي��ق(8

لها؛ التقويضية ذات مفاهيم ملتبسة جدا، وذلك نظ��را ألنه��ا ال تري��د(9

أن تكون ذات طابع إجرائي.

على سبيل الختم ولذلك قد يتسنى لنا التأكيد، اآلن، على أن التقويضية ليس��ت إال تعبيرا عن مرحلة تاريخية محددة في الفك��ر األوروبي، وب��ذاك فق��د ساهمت، بشكل كبير، في تعميق ه��ذا التح��ول ال��ذي ش��هدته أروب��ا منذ النصف الثاني من القرن العشرين؛ ذلك بأن جاك دري��دا، زعيم التقويضيين، كان وفيا، إلى حد بعي��د، له��ذا التص��ور المتأس��س على

تمجيد العبث والال نسقية والال عقل. بعض ما قاله الدارسون عن التقويضية

: التقويضية عمل تعسفي.يورغن هابرماس: التقويضية لعبة.بيير بورديو

: التقويضية هو "أن ترتدي قلنسوة وتضع فيهاليوناردو جاكسون جرسا، وتقف ب��المقلوب على ي��ديك، وتض��ع على ق��دميك س��مكتين

!64كبيرتين دون أن تقعا" : يص��ف م��ا بع��د الحداث��ة، ومن ض��منها التقويض��ية،إيه##اب حسن

65بإصابتها بمرض "مالزمة الالتوجه"

، أفريقيا الشرق، المغرب، الدارنظرية األجناس األدبية- جميل حمداوي، 63.89 – 88م، ص: 2015البيضاء، الطبعة األولى،

، م. س.بؤس البنيوي#ة: األدب والنظري#ة البنيوية- ليون��اردو جاكس��ون، 64.268ص:

.18، م. س. ص: 2 ما بعد الحداثة فلسفتها _ نصوص مختارة، 6528

Page 29:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

قائمة المراجع . جاك دريدا وآخرون، المصالحة والتسامح وسياسات الذاكرة، ت�:1

م.2005حسن العمراني، دار توبقال للنشر، الطبعة األولى، . ج��اك دري��دا، الكتاب��ة واالختالف، ت���: ك��اظم جه��اد، دار توبق��ال2

م.2000للنشر، المغرب، الدار البيضاء، الطبعة الثانية، . جاك دري��دا، ص��يدلية أفالط��ون، ت���: ك��اظم جه��اد، دار الجن��وب3

م.1998للنشر، تونس، طبعة . ج��اك دري��دا، في علم الكتاب��ة، ت: أن��ور مغيث وم��نى طلب��ة،4

م.2008المركز القومي للترجمة، مصر، القاهرة، الطبعة الثانية، . جاك دريدا، مواقع: )ح��وارات(، ت���: فري��د ال��زاهي، دار توبق��ال5

م.1992للنشر، المغرب، الدار البيضاء، الطبعة األولى، . جان جاك روسو، محاولة في أصل اللغات، ت�: محمد محجوب،6

.1985الدار التونسية للنشر، تونس، تونس، طبعة . جميل حمداوي، نظريات النقد األدبي والبالغة: في مرحل��ة م��ا7

بع��د الحداث��ة، دار النابغ��ة للنش��ر والتوزي��ع، مص��ر، طنط��ا، الطبع��ةم.2016األولى،

. جمي��ل حم��داوي، نظري��ة األجن��اس األدبي��ة، أفريقي��ا الش��رق،8 م.2015المغرب، الدار البيضاء، الطبعة األولى،

. حميد لحمداني، الفكر النقدي األدبي المعاصر )مناهج ونظريات9 ومواقف(، مطبع��ة آنف��و_ب��رانت، المغ��رب، ف��اس، الطبع��ة الثاني��ة،

م.2012 . ريتشرد هارلند، ما فوق البنيوية: فلسفة البنيوية وم��ا بع��دها،10

ت: لحسن أحمامة، دار الحوار، س�ورية، الالذيقي��ة، الطبع�ة الثاني�ة،م.2009

. عب��د المال��ك مرت��اض، نظري��ة الق��راءة، دار الغ��رب، الجزائ��ر،11.2003وهران، الطبعة األولى،

. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة اآلخ�ر: م��دخل إلى المن��اهج12 النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي، لبنان – بيروت، المغرب –

م، ص.1990الدار البيضاء، الطبعة األولى . علي صديقي، إشكالية التحيز في النقد العربي المعاصر، دار13

م.2016كنوز المعرفة، األردن، عمان، الطبعة األولى، 29

Page 30:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

. علي ص��ديقي، مطارح��ات نقدي��ة في األدب والفك��ر، مطبع��ة14 م.2013عين برانت، المغرب، وجدة، الطبعة األولى،

. لخضر العرابي، المدارس النقدية المعاصرة، النشر الجامعي15 م.2016الجديد، الجزائر، تلمسان، الطبعة األولى،

. ليونارد جاكسون، ب�ؤس البنيوي��ة، ت��: ث�ائر ديب، دار الفرق�د،16 م.2008سورية، دمشق، الطبعة الثانية،

. مجموعة من الكتاب، البنيوية والتفكي��ك: م��داخل نقدي��ة، ت:17 حسام نايل، أزمنة للنشر والتوزي�ع، األردن، عم�ان، الطبع�ة األولى،

م.2007 . مجموعة من الكت��اب، في أص��ول الخط��اب النق��دي الجدي��د،18

منشورات عيون المقاالت، المغرب، الدار البيضاء، الطبع��ة الثاني��ة،م.1989

. محمد سالم سعد الله، األسس الفلسفية لنقد ما بعد البنيوية،19 م.2007دار الحوار، سورية، الالذقية، الطبعة األولى،

. محمد سبيال، الحداث��ة وم��ا بع��د الحداث��ة، دار توبق��ال للنش��ر،20 م.2000المغرب، الدار البيضاء، الطبعة األولى،

. محمد عدناني، التناص: المرجعيات والتجليات، مجل��ة البالغ��ة21 م.2016، 6والنقد األدبي، ع

. ميجان الرويلي وسعد البازعي، دلي��ل الناق��د األدبي، المرك��ز22 الثقافي العربي، لبن��ان ب��يروت، المغ��رب – ال��دار البيض��اء، الطبع��ة

م.2000الثانية، ، ترجم��ة وإع��داد:2. نصوص مختارة، ما بعد الحداثة: فلس��فتها23

محمد سبيال وعبد السالم بنعبد العالي، دار توبقال للنشر، المغرب،م.2007الدار البيضاء، الطبعة األولى،

: ب��احث مغ��ربي في الدراس��ات األدبي��ة والنقدي��ة،محمد مختاري حاصل على ش��هادة الدراس��ات الجامعي��ة، في الدراس��ات العربي��ة، تخصص أدب نقد، بكلية محم��د األول التابع��ة لوج��دة/ المغ��رب، ل��ه

كتب ومقاالت عديدة، منشورة ورقيا وإلكترونيا.

البريد اإللكتروني: [email protected]

المحتويات2.........................................................................تمهيد

30

Page 31:  · Web view12. عبد الله إبراهيم وآخران، معرفة الآخر: مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة، المركز الثقافي العربي،

www.alukah.net

4..................................................الحداثة وما بعد الحداثة7.......................................................إرهاصات التقويضية

9......................................................التقويضية ومفاهيمها11.......................................................مفاهيم التقويضية

19......................................................التقويضية وأسسها23...................................................خالصات واستنتاجات

24........................................................على سبيل الختم25............................................................قائمة المراجع

31