الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

55
ل ص ف ل اادس س ل ا ور ه ظ ة ي ب ر لع ا ولدة م ل ا6-1 ة ي م لا س( لا ا ة وري ط را- مب( لا ا ي ف وي غ ل ل ع ا ض و ل ا( ول س ر ل ا اة وف ت ل ت ي لت ا ة ي م لا س( لا ا وحات ت ف ل ا لة ح ر م ت ن كا ) عام10 )( * 1 ة غ ل ل ا خ ي ار ت ي ف ل م اW س ل ر ا بX ي غ ت ل ا ة داي- ت ة- ايW ث م- ب رةW ش ا- ث م اً رت- ج ه ة ق ط ن م ي ف ة ي ب ر لع وا ا م ل ك ت م رW شk تm ن ا اً د- ح لة ث ل ف- ب ف حq ون ض غ ي ف ف، ة ي ب ر لع اq نx اq ن م م غ ر ل ا- ، وت وحة ت ف م لد ا لا- ث ل اq ان ي سك عل وا ض ر ف و غة واس ة ي ف را ع- حq نx ا لا( ، ا وحات ت ف ل ل ا- ث ف ة وري س ر و مص ي فq ن ي ود- ج و م وا ن كا ة ي ب ر لع ا ي م ل ك ت م م ل ك ل ي د عل اء ث- ب ، و ة ي ب ر لع ا رة ي ر- ج ل ة ا- يW شq ارج ح غة ت ف ر ة غ ط ل قq ن ك ت م ل م ه ت غ ل. ة ي ب ر لع م ا غل ت بq نx ا ي- ب ر ع ر ب غ يx د ا ث ع ع ف دا اك ث هq ن ك ت ة ي ل م ع و ي- ب ر لع خ ا ت ف ل ا غات- ت ت- ن ل ص ف ل ا ا هد ي ف م ت ه ن وف س1 ( * ) ة- ج ح وداع ل ا ت ن كا عام10 ه، ي ف و ن و ول س ر ل ا ي ف ع ت ب ر ولx لا ا عام11 ه غة- راح م لا( ) ة وي غ ل ل ا. 1

Upload: lin1990

Post on 18-Jan-2016

9 views

Category:

Documents


0 download

DESCRIPTION

الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

TRANSCRIPT

Page 1: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

السادس الفصل

المولدة العربية ظهور

الوضع اللغوي في اإلمبراطورية اإلسالمية6-1 كانت مرحلة الفتوحات اإلسالمية التي تلت وفاة

3ا مباشرة بمثابة بداية التغيير1)*(10( عام الرسول ) هجري الشامل في تاريخ اللغة العربية، ففي غضون حقب قليلة

جد3ا انتشر متكلموا العربية في منطقة جغرافية واسعة وفرضوا على سكان البالد المفتوحة، وبالرغم من أن

متكلمي العربية كانوا موجودين في مصر وسورية قبل الفتوحات، إال أن لغتهم لم تكن قط لغة رفيعة خارج شبه

الجزيرة العربية، وبناء على ذلك لم يكن هناك دافع عندأي غير عربي أن يتعلم العربية.

سوف نهتم في هذا الفصل بتبعات الفتح العربي وعملية التعريب فيما يخص بنية اللغة العربية، سوف

3 بالوضع اللغوي في البالد المفتوحة ثم سوف نهتم أوال نناقش التغيرات اللغوية التي تلت الفتح، وسوف نهتم

بعد ذلك بالتفسيرات المختلفة التي قدمها العلماء لتلكالتغيرات.

استطعنا أن نتعرف على تفاصيل الفتوحات العربية من األوصاف المفصلة التي قدمها لنا المؤرخون

المسلمون، ولكننا ال نعرف نفس القدر من المعلومات عن التعريب، لقد كانت جهود السلطات اإلسالمية في المدينة من الناحية العسكرية في الفترات األولى من

الفتوحات موجهة للسيطرة على القبائل التي تتكلم العربية، وكان هذا النشاط على مرحلتين: األولى في شبه الجزيرة العربية في فترة حروب الردة، والثانية

خارج الجزيرة العربية في الصحراء العراقية والسورية حيث أقامت القبائل العربية منذ عصور قديمة خلت، ربما

في الرسول وتوفي هـ،10 عام كانت الوداع حجة( *)1.اللغوية( )المراجعة هـ11 عام األول ربيع

1

Page 2: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

كانت الفكرة األساسية وراء الفتح هي جمع القبائل التي تتكلم العربية تحت راية اإلسالم، وفي ذلك السياق تكونفكرة غزو المناطق المحيطة بشبه الجزيرة فكرة الحقة. يصعب تحديد درجة التعريب في األمصار اإلسالمية

بسبب نقص الوثائق، وفي مناطق معينة ال نملك إال التخمين في مسألة الفترة التي تم فيها تبني العربية لغة

للبالد، ولكننا نعرف أن التعريب كان عملية أشمل من األسلحة بل وكان أسرع منها، ومن المحتمل أنه كانت

للدخول في اإلسالم مميزات مادية كاإلعفاء من الجزية3، ولكن نزعة التسامح العامة التي كانت عند مثال

3 ا عادال المسلمين تجاه المسيحيين واليهود لم تخلق حافز3 للدخول في اإلسالم، وكان من نتيجة ذلك أن اللغة

أصبحت عنصر توحيد في اإلمبراطورية اإلسالمية أكثر من الدين، وما تزال تجد حتى اآلن جماعات كبيرة من

المسيحيين واليهود تقطن العالم العربي وتتكلم العربيةكجيرانهم من المسلمين.

أما بالنسبة للوضع اللغوي في اإلمبراطورية3ا، ففي شبه اإلسالمية الناشئة فقط كان واضح3ا نسبي

الجزيرة العربية كانت اللغة األجنبية الوحيدة التي صافها العرب هي العربية الجنوبية، ولم تكن تلك اللغة

مستخدمة في شكلها الكتابي بل في شكل لهجات عامية فقط، يتضح ذلك من أن تلك اللهجات العربية الجنوبية ما تزال مستخدمة في بعض الجيوب اللغوية في محافظتيا في اليمن وفي جزيرة سوقطرة ظفار في عمان ومهر3

حيث يتكلم تلك اللهجات عشرات اآلالف من أبناء تلك اللغة األصليين، حدد العلماء ست لغات منفصلة في تلك

الجيوب وهي المهري والحرسوسي والبطحاقي والسوقطري والجبالي والهبيوت، وتعتبر كل تلك اللغات غير مفهومة تمام3ا لمتكلم العربية، وقد رأينا في وصف

الهمداني لجزيرة العرب أنه يفصل بين تلك اللغات وباقي اللهجات العربية التي تأثرت بالعربية الجنوبية،

وعبر عن ذلك الفصل بقوله إن تلك اللغات أعجمية على

2

Page 3: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

متكلم العربية، وليست اللغات العربية الجنوبية الحديثة مستمدة بشكل مباشر من العربية الجنوبية القديمة، بل هي أشكال منفصلة منعزلة لم يرد عليها أي تأثير عربي

إال في العصر الحديث فقط. كان معظم الشعب في العراق يتكلم اآلرامية التي

ا، وكانت اللغة كانت اللغة المشتركة األوسع انتشار3 البهلوية مستخدمة كلغة إدارة في المناطق الخاضعة

للسيطرة الساسانية، وكانت العربية لغة عدد ال يستهان به من شعب العراق، أي القبائل البدوية التي كانت

تجوب الصحراء، وأصبحت بعض قبائل العرب في تلك المنطقة قبائل حضرية كما هي الحال عند بني طنوح، التي سكنت ربع قبيلة حلب قبل الفتح، تحولت معظم

تلك القبائل إلى المسيحية منذ فترة طويلة، وخاصة تلك العشائر التي كونت إمارة الحيرة، بالرغم من أن منطقة

نفوذ بعض القبائل في شمال وشرق الجزيرة العربية كانت داخل الجزيرة نفسها إال أنها كانت متصلة بالقبائل

3 وثيق3ا. المقيمة في العراق اتصاال وفي سوريا ظلت اللغة اليونانية مستخدمة كلغة كتابة لفترة من الزمن، ولكن العربية حلت محلها في

تلك الوظيفة في نهاية القرن األول الهجري، وظل المسيحيون السوريون يستخدمون السريانية كلغة كالم

حتى القرن الثامن الميالدي، وظلت السريانية مستخدمة كلغة أدبية حتى القرن الرابع عشر الميالدي، ولكن هناك

بعض الجيوب اللغوية السريانية حتى اآلن في قرية معلولة حيث يتكلم السكان نوع3ا من اآلرامية الغربية، وفي غرب كردستان في شكل اآلرامية الوسيطة وما

ألف شخص يتكلمون اآلشورية أو300يزال حوالي اآلرامية الشرقية في إيران وتركيا والعراق ومن

المهاجرين العراقيين في القوقاز وسوريا، وكل منيتكلمون تلك اللغة ينتمون للمجتمع المسيحي.

يمثل تاريخ اللغة الفارسية حالة خاصة، فقد ظلت البهلوية مستخدمة كلغة إدارية في فارس في القرن

3

Page 4: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

األول العربي، ولكن العربية حلت محلها بعد إصالحات عبدالملك بن مروان ولكن تعريب الديوان بدأ في

ا عن غرب إيران،124خرسان حوالي عام 3ا متأخر3 هجري وبعد ذلك ظلت البهلوية مستخدمة كلغة كتابة فقط في

دوائر المزدكيين وأفسحت المجال للعربية كلغة أدب وإدارة ودين، وبحلول القرن الثالث الهجري أصبحت

العربية لغة الثقافة واألدب في عموم إيران، فترجمت معظم األعمال األدبية الفارسية إلى العربية، وقبل

المثقفون الفرس، حتى أثناء هجومهم على العرب فيحركة الشعوبية، اللغة العربية كوسيلة طبيعية للخطاب.

ومع ذلك كانت لغة الكالم في األقاليم اإليرانية مسألة مختلفة، لقد كانت العربية لغة العرب الوافدين

الذين اختاروا الحياة في المدن، وكذلك كانت لغة القبائل العربية التي نزحت إلى خرسان، ولكن بحلول القرن

الثامن الميالدي تحول العرب الستخدام العامية الدارجة للشعب اإليراني الذي يعيشون وسطه، فتبنوا الدرية أو

الفارسية الوسيطة التي كانت لغة البالط الساساني، وبانتشار اإلسالم توسعت الدرية وحجبت باقي اللهجات المحلية األخرى، إذ أصبحت الكثير من األقاليم اإليرانية

3 من لهجاتها المحلية، سوف نرى فيما بعد أنه تتكلمها بدال في القرنين التاسع والعاشر استعادت الفارسية التي

كانت لغة كالم فقط موقعها السابق كلغة أدب في بالطالممالك واإلمارات المستقلة في شرقي إيران.

وفي مصر، كما كانت الحال في سوريا، كانت اليونانية لغة الصفوة الهلينية المحدودة، وإلى جانب ذلك

كانت لغة اإلدارة، ولكن معظم الشعب المصري كان يتكلم القبطية التي أصبحت في القرن التاسع لغة أدبية

عندما ترجم الكتااب المقدس للهجة الصعيدية، عالوة على ذلك كانت القبطية لغة الدين للمؤمنين العاديين

الذين لم يفهموا اليونانية، عندما بدأ عمرو بن العاص فتح مصر بجيش عليل ال يزيد عدد رجاله على أربعة آالف

اتبع نفس سياسة التوطين التي اتبعت في العراق من

4

Page 5: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

قبل، وبذلك جعل من مخيم الفسطاط مركز اإلدارة الجديدة، وسرعان ما توافد األقباط على المدينة الجديدة

وتزايد التواصل بين متكلمي القبطية ومتكلمي العربية في كل مكان، وبمجرد ما انخرطت مصر في سلك

اإلمبراطورية العربية اإلسالمية بدأت هجرات من قبائلعربية تتوافد إليها بشكل عشوائي.

في القرون األولى من الحكم اإلسالمي تعين على اآلباء القبط أن يتواصلوا مع الحكام العرب من خالل

مترجمين، ولكن بحلول القرن العاشر، اشتكى سويرس األشموني صاحب سير اآلباء والبطارقة من أن معظم

القبط لم يعودوا يفهمون اليونانية والقبطية، بل يتكلمون بالعربية فقط، قد يعني ذلك أن كل المسيحيين في مصر السفلى قد انتقلوا للعربية وتركوا القبطية، ولكن الحال3، إذ ظلت القبطية في صعيد مصر قد يكون مختلف3ا قليال موجودة لفترة أطول، ولكن بحلول القرن الرابع عشرا على بعض الميالدي تقلص استخدامها وأصبح مقصور3

الجيوب اللغوية في الريف والكهنة في األديرة، بالرغم من وجود بعض اإلشارات الستخدام القبطية في بعض

القرى حتى القرن السادس عشر الميالدي فإن االعتقادا العام أن استخدام اللغة في تلك الفترة كان مقصور3

على الكنيسة، كانت فترة االزدواجية اللغوية في مصر السفلى والتي دامت قرنين أقصر من مثيلتها في سوريا

وقد يكون ذلك هو السبب في التأثير الضعيف للقبطية على اللهجة العربية المصرية، فحتى عدد الكلمات

المقترضة من القبطية في عربية مصر محدود جد3ا. عملية تعريب شمال إفريقيا عملية خاصة جد3ا ألنها حدثت في موجتين، وكان الفارق الزمني بين الموجتين3ا؛ أثناء الفتح العربي األول احتلت الجيوش العربية قرون

المدن القليلة التي تركها السكان في ترحالهم في القرنين الرابع والخامس الميالدي، ولكن مركز نشر

الثقافة واللغة العربيتين كان مدينة جديدة، وهي مدينة القيروان التي سرعان ما أصبحت أهم مدينة في شمال

5

Page 6: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

إفريقيا، ففي القيروان كما كانت الحال في المدن العربية األخرى أصبحت العربية لغة التواصل، ذلك

بالرغم من أن هناك بعض اإلشارات إلى أنه في القرن الثاني عشر الميالدي كان هناك متكلمون للهجات

البربرية ما يزالون موجودين، وظل معظم سكان الريف والقبائل البدوية يتكلمون البربرية حتى الفتح الثاني في القرن الحادي عشر عندما دخلت قبائل بنو سليم وبنو

هالل المغرب، جاءت تلكما القبيلتان من سوريا وشمال الجزيرة العربية في األساس، ودخلت معهما قبيلة أخرى

وهي قبيلة معقل التي تنتمي ألصل عربي جنوبي، هاجرت تلك القبائل لمصر في بداية األمر ولكن الخلفاء

الفاطميين رحلوها إلى المغرب، وأغلب الظن أن السبب في ذلك كان الخطر الذي مثله وجود عدد كبير من البدو

في المجتمع المصري. قدرت المصادر المعاصر لتلك الهجرات عدد

المهاجرين البدو بحوالي مليون وفدوا على شعب يناهز3ا الماليين الستة، ولكن ذلك الدخول القوي لم يكن حدث

واحد3ا، فقد استغرق البدو عامين ليصلوا إلى تونس ولكنهم احتاجوا مائة عام ليدخلوا الجزائر، واحتاجوا كذلك ثمانين عام3ا أخرى للتوغل في المغرب، احتل

العرب أجزاء من المغرب األقصى قبل ذلك بفترة فقد دخل بعض المعاقلة موريتانيا، حيث ما يزال الناس

يتكلمون لهجتهم التي تسمى الحسانية حتى اآلن، وقد3ا مهم3ا أينما حلوا، فلم ا عسكري أصبح العرب البدو عنصر3 يكونوا هم أنفسهم مهتمين بالمسائل السياسية، ولكن

الجو السياسي في شمال إفريقيا بصراعاته الكثيرةمكنهم من تغيير تحالفاتهم طول الوقت.

كانت نتيجة غزو القبائل البدوية لتلك المنطقة أنا من الشعب البربري في الريف تحول إلى قسم3ا كبير3

العربية، أما اللغة البربرية فهي موجودة فقط في الجبال حيث لم تستطع الموجة الثانية من الفتح أن تعرب تلك

المناطق، وما زالت هناك نسبة كبيرة من الشعب تتكلم

6

Page 7: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

البربرية كلغة أولى أو كلغة وحيدة، ال توجد هناك أرقام محددة ودقيقة بشأن أعداد متكلمي البربرية ربما بسبب وضع اللغة والثقافة البربرية الحساس، ولكن التقديرات العادية هي أن عدد متكلمي البربرية في المغرب يصل

30 بالمائة، وفي الجزائر يصل إلى 45 إلى 40من بالمائة ويصل في ليبيا5بالمائة، ويصل في تونس إلى

بالمائة، أما في مصر فاللهجة البربرية ما تزال25إلى مستخدمة في واحة سيوة فقط.

كان فتح شمال أفريقيا نقطة انطالق لفتح شبه الجزيرة األيبيرية، وبداية محاولة الختراق أوروبا بعد ذلك،

3ا711أصبح الوجود العربي في األندلس من عام ثابت3ا، وسرعان ما1492وغير منقطع حتى عام ميالدي

أصبحت اللغة العربية لغة اإلدارة والثقافة والدين وحتى لغة الكالم في معظم شبه الجزيرة، وفتح األغالبة جزيرة

هجرية، وسوف نتعامل مع256مالطا من تونس عام تاريخ العربية في تلك الجزيرة في الفصل الثالث عشر.

وفي بدايات مراحل الفتح انتشرت اللغة العربية3 مثل 3ا قائمة فعال ا من المدن، سواء كانت مدن أساس3

دمشق أو معسكرات تحولت لمدن كما هي الحال في عموم اإلمبراطورية العربية اإلسالمية، وقد كانت تلك

المعسكرات مكان معظم االتصاالت التي جرت بين العرب والسكان األصليين للبالد المفتوحة، وسرعان ما3ا كالبصرة والكوفة نمت تلك المعسكرات وأصبحت مدن

والفسطاط والقيروان، وقد أدت االتصاالت بين الفاتحين والسكان األصليين بشأن الضرائب والتجارة واإلدارة في تلك المدن إلى نوع من عمليات التطويع اللغوي من قبل

السكان األصليين، تذكر المصادر الجغرافية العربيةا، الفرق بين عربية أهل المدن وعربية العرب البدو كثير3

ولكن المصدر اللغوي الوحيد الذي بين أيدينا عن كالم العرب مع غير العرب هو القصص الكثيرة الموجودة في الكتب عن لغة الموالي، السيناريو األساسي ألمثال تلك القصص هو أن أحد الموالي يدخل على الخليفة فيحاول

7

Page 8: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

أن يتكلم بعربية سليمة، ولكنه يفشل، وهذه القصص ال توثق عامية الموالي الحقيقية، ولكنها توثق محاوالتهم استخدام العربية الفصحى في بعض المواقف، بل إن تلك القصص تدلل على أن العربية الفصحى بتصرفها

اإلعرابي كانت ما تزال متاحة في بدايات الفتح كنموذج لغوي يتبع، فالخطأ في عالمة اإلعراب يأتي عندما يحاول

فر أن يقد النظام اللغوي الذي يحتوي على تلكالعالمات.

وعلى طول تاريخ البيئات اللغوية العربية كتبت رسائل كثيرة في لحن العامة، بالرغم من أي فكرة

فهي«لحن العامة»يمكن أن نصل إليها من مصطلح ليست رسائل معنية بالعاميات الدارجة في حد ذاتها، بل إن غرض تلك الدراسات األساسي هوالحفاظ على نقاء العربية الفصحى، وبينما يمكن أن يكون سبب بعض تلك األخطاء هو تدخل العاميات، إال أن من الخطأ أن نزعم أننا نستطيع أن نعيد بناء عاميات تلك الفترة بناء على المادة الموجودة في تلك الرسائل، سأقدم فيما يلي

بعض األمثلة المأخوذة من أحد كتب لحن العامة األندلسية المكتوبة في القرن السادس الهجري، يشير

مدخل»هـ( في كتابه 577ابن هشام اللخمي )توفي عام إلى عدد كبير من«إلى تقويم اللسان وتعليم البيان

«يقولون....»األخطاء التي يرتكبها العامة، ويبدأها بقوله ، من«والصواب....»ثم يعطي الشكل الصحيح بقوله

3 من«متدعدع»بين األخطاء في نطق األصوات ذكره بدال ، ومن بين األخطاء ولكن االهتمام األساسي«متضعضع»

في تلك الرسالة هو األخطاء التي يرتكبها المرء في «حلوة»الكتابة، لذلك تجده يذكر من بين األخطاء كتابة

3 من باأللف المقصورة، قد«حلوى»بالتاء المربوطة بدال تعلمنا تلك األخطاء بعض الشيء عن العامية التي كانت دارجة ساعتها وتدخلها السلبي في استخدام الفصحى،

ولكنها في مجموعها ال تقدم صورة كاملة عن بنية عاميةالزمن الذي كتبت فيه الرسالة.

8

Page 9: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

ا آخر مهم3ا تعتبر نصوص العربية الوسيطة مصدر3 جد3ا إلعادة تركيب عامية العصور اإلسالمية المبكرة،

وتنقسم تلك النصوص إلى البرديات كشق أول والنصوص األدبية التي تحتوي على أخطاء حيود عن الفصحى الكالسيكية كشق ثان، يمكن تعليل بعض

األخطاء الموجودة في العربية الوسيطة بتدخل اللهجات الدارجة ساعة الكتابة، ولكن بما أن الكتابة كانت دائم3ا

3 من مجاالت الفصحى فمن الصعب أن تمدنا مجاال العربية الوسيطة بتطور تاريخي للهجات الدارجة، الذي

توثقه تلك النصوص هو تغير قواعد العربية الفصحى. واحد من أبرز التغيرات في تلك النصوص هو

استخدام الضمائر الشخصية العامية في كتابات المغرب العربي، بينما يوجد ضمير المتكلم المفرد المضارع/ ن /

بكثرة في تلك النصوص فإن استخدام النون«نقتل»في نادر جد3ا في«نقتلو»في ضمير المتكلم الجمع مثل

العربية الوسيطة، يمكن أن نفترض أن تفادي استخدام شكل الجمع من ضمير المتكلم يرجع إلى أنه ال يمكن ظهور مثل هذا الشكال في الكتابة، بينما يعتبر شكل3ا في الفصحى المفمرد من هذا الضمير العامي ممكن

ولذلك يجوز استخدامه في الكتابة وإن كان يعطي معنى مختلف3ا، وعندما يظهر ضمير المتكلم الجمع في النصوص المتأخرة، ال يعني ذلك أن هذا الشكل من الضمير قد تم3ا بل يعني ببساطة أن إدخاله على العامية المغربية حديث

قواعد اللغة المكتوبة قد تغيرت، وأن الشكل الحادث لميعد مرفوض3ا بنفس الدرجة القديمة.

النوع الجديد من العربية6-2 مصدرنا األساسي إلعادة بناء العملية التاريخية لظهور العاميات العربية هو اللهجات العربية الحديثة،

للتعبير«العربية المولدة»سوف نستخدم هنا مصطلح عن اللهجات الدارجة التي كانت موجودة أيام الفتح

األولى والتي تطورت إلى اللهجات العربية الحديثة، وهي ، أي العربية التي«العربية القديمة»في ذلك تتقابل مع

9

Page 10: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

كانت مستخدمة أيام الجاهلية، ولذلك فإننا نعني لغة القرآن والشعر الجاهلي«العربية القديمة»بمصطلح

وأي لهجة من المفروض أنها كانت قائمة قبل اإلسالم، على أية حال، نعني بالعربية القديمة تلك اللغة التي

تطورت فأصبحت اللغة الرفيعة الفصحى في اإلمبراطورية العربية اإلسالمية، وفي مرحلة ما بعد الفتح

تجاورت العربية المولدة والعربية الفصحى القديمة فيعالقة اجتماعية لغوية تسمى باالزدواجية اللغوية. ومهما كانت آراؤنا بشأن الوضع اللغوي في

الجاهلية فما زلنا بحاجة إلى تفسير لظهور العربية المولدة، فحتى لو كانت بعض سمات العربية المولدة

موجودة في عربية العصر الجاهلي كاحتمال غياب عالمة اإلعراب في اللهجات الحدودية فإن أحد3ا ال يزعم أن كل

سمات اللهجات العربية الحديثة يمكن ردها إلى عربية العصر الجاهلي، على ذلك فإن كل نظرية تأخذ على عاتقها تفسير ظهور اللهجات الحديثة عليها أن تفسر

التغييرات التي حدثت بعد الفتوحات والتي تفصل العربية المولدة عن العربية القديمة، وفي نفس الوقت ال يجب على تلك النظرية فقط أن تبرر السمات المشتركة بين اللهجات في مقابل الفصحى الكالسيكية، بل يجب عليها

ا لالختالفات الكثيرة بين اللهجات أيض3ا أن تقدم تفسير33ا على العرب نفسها، في الجاهلية كان من السهل نسبي من مختلف القبائل أن يفهموا بعضهم البعض، أما في

الوقت الحاضر فيصعب على العراقي والمغربي إذا تكلم3ا لهجتيهما أن يفهما بعضهما البعض، ومن الممكن أن

نقول إن الفروق بين اللهجات العربية أكبر فهي تساويالفروق بين اللغات الجرمانية والرومانسية إن لم تفقها.

قبل الدخول في النظريات التي ظهرت لتفسير الوضع اللغوي الحالي للغة العربية سوف نقدم السمات

المشتركة التي تجمع اللهجات في مقابل الفصحى، ال تعكس كل لهجة تلك السمات كلها ولكنها في مجموعها3ا بين اللهجات المجددة، في العموم تعتبر قاسم3ا مشترك

10

Page 11: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

تعتبر التجديدات منتشرة بشكل واسع في اللهجات الحضرية بينما تنزع اللهجات البدوية ألن تكون أكثر

محافظة، استخدمنا هنا أمثلة كثيرة من اللهجة الحضرية السورية، تظهر عدد3ا من التغييرات في النظام الصوتي

في اللهجات العربية: صوت الهمزة الذي لم يكن موجود3ا في اللهجات*

الجاهلية الغربية اختفى تمام3ا من كل اللهجات3 الكلمة الفصيحة التي«رأس»الحديثة، انظر مثال

.«راس»تحولت في السورية إلى تحولت األصوات االحتكاكية األسنانية إلى أصوات*

افنجارية في اللهجات الحضرية، فتحول صوت الثاء «تالتة» إلى التاء في «ثالث»في الكلمة الفصيحة

السورية، وظلت األصوات الفصيحة موجودة عامةفي اللهجات البدوية.

3ا الضاد والظاء في الفصحى في صوت* اندمج صوت الضادفي اللهجات الحضرية الحديثة، انظر كلمة

في«ضهر» الفصحى التي تحولت إلى «ظهر» السورية، وبقي فونيم الظاء في اللهجات البدوية

3 على نحو كامل. عامال أهملت اللهجات الحديثة أصوات اللين القصيرة في*

آخر الكلمات، وقصرت األصوات اللينة الطويلة، انظر�ب�» �ت التي«كتبوا» و«كتب» التي تحولت إلى «ك

في السورية.«كتب�»تحولت إلى 3ا بشكل أكبر* أصبح النبر في اللهجات العربية انفجاري

كما يشهد على ذلك حذف أصوات اللين القصيرة من�ة»المقاطع المفتوحة، انظر كلمة �ب الفصيحة التي«كات

�ة»تحولت إلى في السورية، وفي لهجات«كاتب شمال أفريقيا لم يبق إال أصوات اللين القصيرة

المنبورة. انتهى في الكثير من اللهجات الحضرية التقابل بين*

3ا واحد3ا، انظر الكلمةuصوتي /أ/و/ / وأصبحنا صوت qissa التي هي في الفصحى essa «قصة»السورية

11

Page 12: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

السورية التي هي في الفصحى«مر» merrوكلمة murr.

كنتيجة جزئية للتغيرات الصوتية حدثت اختالفاتصرفية بين اللهجات الحديثة والفصحى الكالسيكية.

3 من الفتح في سابقة الفعل* استخدام الكسر بدال المضارع، وهو تغير حدث بالفعل في الجاهلية وخاصة

في اللهجات الغربية.3 من «ف�عال»استخدام صيغة * في جمع«ف�عال» بدال

�بار»الصفات انظر صفة الفصيحة التي تحولت في«ك�بار»السورية إلى .«ك

غياب صوت الهاء ضمير الوصل للغائب المذكر بعد*الصوائت.

3 من صيغة «فعاليل»استخدام صيغة * «ف�عاليل» بدالفي الجموع الرباعية.

3 من –استخدام صوت اللين * -.yyi في النسبة بدال ويعتبر تخفيض التصنيفات الصرفية بشكل كبير من*

أهم سمات النظام الصرفي في اللهجات العربيةالحديثة.

فقدت اللهجات الحضرية الفصل في الجنس بين* المذكر والمؤنث في المتكلم والغائب في األفعال

والضمائر، بينما احتفظت اللهجات البدوية بهذاالفرق.

اختفاء تصنيف المثنى في الضمائر واألفعال، وفي* األسماء، احتفظت أسماء أعضاء الجسم المزوجة بالحقة المثنى التاريخية التي استخدمت بعد ذلك

كالحقة جمع لتلك األسماء، وطورت معظم اللهجات الحقة مثنى جديدة ال تعبر إال عن المثنى، وتستخدم

مع تصنيفات أسماء كثيرة./»اختفى المجهول العربي المصاغ بصيغة * ف�ع�ل�

�فع�ل� أو«انف�ع�ل�» وحل محله في اللهجات «ي�ع�ل�» السورية وانظر«انضرب»، انظر «افت الفصيحة،«ض�ر�ب�» المغربية في مقابل «اتضرب»

12

Page 13: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

وما تزال بعض اللهجات البدوية تستخدم المجهولالفصيح حتى اآلن.

من اللهجات الحضرية،«أفع�ل�»اختفاء صيغة *ووجودها في بعض اللهجات البدوية الحديثة.

من صيغ الفعل الماضي الثالثة،«ف�ع�ل�»اختفت صيغة *.«ف�ع�ل�»واندمجت أفعال تلك الصيغة في صيغة

اندمجت نهايات المؤنث الثالثة في الفصحى في نهاية*-.aواحدة في اللهجات الحضرية وهي

فقد االسم الموصول )الذي، التى، اللذين، الالتي(*تصرفه في اللهجات الحديثة.

هذا وقد حذفت من اللهجات العربية األشكال والصيغ الشاذة؛ ففي الفصحى الكالسيكية كان هناك تصنيف الفعل المعتل الذي ينتهي بواو والمعتل الذي

ينتهي بياء، وكان الفصل بينهما واضح3ا، أما في اللهجات العربية الحديثة فقد اندمج التصنيفان في المعتل بياء في

«لقيت»آخره، لذلك تجد في اللهجة السورية ،«شكوت» و«لقيت» وتجد في الفصحى «شكيت»و

وبنفس الشكل حل�ت اللهجات العربية األفعال المضعفة في الفصحى وتعاملت معها كما تتعامل مع«رد»مثل

األفعال معتلة اآلخر بياء، لذلك تجد في السورية شكل في المتكلم المفرد.«رديت»الفعل كما يلي:

3 في قطعت اللهجات العربية منفردة شوط3ا طويال توحيد نهايات األفعال المعتلة والسالمة، وفي بعض

اللهجات حلت نهايات األفعال الصحيحة محل نهايات3 بين «رمو»األفعال المعتلة، فتجد في السورية تماثال

موا» في مقابل الفصحى التي تفرق بين «كتبو»و «ر� ، وفي لهجات أخرى كلهجة مسلمي بغداد حلت«كتبوا»و

نهايات الفعل المعتل محل بعض نهايات الفعل الصحيح، وفي لهجة يهود بغداد تنعكس تلك الظاهرة في نهايات الفعل المضارع، أما في لهجة شيعة البحرين فقد أخذ المتكلم المفرد في كل تصنيفات الفعل الماضي نهاية

.«نميت» و«كتبيت»الفعل المعتل، فتجد

13

Page 14: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

تطورت اللهجات العربية الحديثة باتجاه نمط لغوي تحليلي وخاصة في بعض التراكيب النحوية، وفي هذا

النمط يتم التعبير عن الوظائف النحوية باستخدام كلمات3 من مورفيمات متصلة بالكلمات، حدث ذلك منفصلة بدال في حالة اللهجات العربية وتم بعده تقعيد تلك الكلمات فأصبحت مورفيمات نحوية في حد ذاتها، عندما اختفت

عالمات اإلعراب من اللهجات حل تركيب إضافة تحليلي محل تركيب اإلضافة العربي الكالسيكي القديم، وفي

هذا التركيب تحل أداة إضافة تحليلية محل عالمة اإلعراب القديمة، أما في النظام الفعلي في اللهجات

فقد اختفى الفرق بين صيغ المضارع الثالثة، فقد استولى الفعل المضارع الخالي من لواحق الصيغ على معظم وظائف الصيغ في اللهجات العربية، هذا وقد طورت بعض اللهجات العربية مجموعة من األدوات الجديدة

للتعبير عن الزمن النحوي والجهة على الفعل. تغير بناء الجملة العربية بشكل جذري في اللهجات

الحديثة، فقد اختفى الفصل بين الجملة االسمية التي ويبدو أن ترتيب»تبدأ بمبتدأ والفعلية التي يبدؤها فعل،

الكلمات األساسي أصبح الجملة االسمية ولكن الجملة التي تبدأ بفعل تظهر في بعض اللهجات لم تزل، وحتى

في تلك الجمل التي يسبق فيها الفعل تكون هناك مطابقة كاملة في العدد بين الفعل والفاعل، ويعني ذلك أن المركبات ليست مجرد ترجمة من الفصحى بل هي

مركبات أصيلة في اللهجات. في الفصحى الكالسيكية كان ضمير المفعول بعد

3 من ا في الجملة، فتجد كال أريد أن أكتب»حرف الجر جر3 ، أما في«أريد أن أكتب رسالة لكم» و«لكم راسلة

اللهجات الحديثة فهذا الضمير مربوط بالفعل، وتختلف اللهجات بعضها مع بعضها اآلخر في درجة حرية وجود

أمثال تلك الضمائر بعد األفعال، فبعض اللهجات تحد من هذه الحرية بينما تسمح لهجات أخرى بحرية أكثر في

إضافة ضمائر المفعول بعد الفعل، انظر هذا المثل

14

Page 15: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

المغربي المعقد الذي تشترك فيه الضمائر مع أداة النفي ش:/–/ما

ما جنكتبلكشوانظر المثل المصري التالي:

ما بتجبيبهالنهاش في التعبير عن صيغ اإلرادة والتوجب وما شابه3ا من فعلين ذلك تستخدم الفصحى الكالسيكية تركيب

مضارعين غير معلمين، تحكم /أن / الفعل الثاني فيهما، :يريد أن»وهو الفعل المنصوب، كما في المثل التالي

�لني ، استبدلت اللهجات الحديثة هذا التركيب بتركيب«يقت3 آخر مكون من فعلين مضارعين غير معل�مين، انظر مثال

الزم» بالسورية، انظر المثل المصري: «بده يقتلني».«تعملي ده

هناك مجموعات من المفردات موجودة في كل3ا مثل «راح» و«شاف» و«جاب»لهجة عربية حديثة تقريب

، كانت بعض تلك الكلمات مستخدمة في«سوى»و الفصحى الكالسيكية بطريقة آقل عمومية، وأصابها في

3 مستخدم3ا«شاف»اللهجات توسيع داللي، فقد كان مثال يعني«راح»بمعنى المراقبة من أعلى، وكذلك كان فعل

الذهاب بالليل، ومن خصائص اللهجات المعجمية أيض3ا أدوات االستفهام فهي كلها تحتوي على جزء من الكلمة

في اللهجة المصرية«إيه»، انظر «أي»الفصيحة في السورية.«إيش» في المغربية و«آش»و

نظريات ظهور العربية المولدة6-3 الرأي السائد حول الوضع اللغوي في الجاهلية هو

أن التحول من العربية القديمة للعربية المولدة حدث3 في الجاهلية في شكل العاميات التي كانت قبائل فعال العرب تتكلمها، ولكن المصادر العربية تنظر إلى تطور اللغة من منظور مختلف تمام3ا، يقول النحويون العرب إنه طالما كانت القبائل تعيش في الجزيرة كانت لغتها واحدة مع وجود اختالفات بسيطة، ولكن عندما اتصل العرب بشعوب ال تتكلم العربية بعد الفتح فقد نقلوا

15

Page 16: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

لغتهم لتلك الشعوب التي نطقتها بكثير من األخطاء، وفسدت اللغة بناء على ذلك، فتدخل النحويون العرب

لما ظهر خطر استعصاء القرآن الكريم على الفهم، هجرية( تلك757يلخص لنا ابن خلدون )توفي عام

فلما جاء اإلسالم وفارقوا الحجاز»النظرية كما يلي: وخالطوا العجم تغيرت تلك الملكة بما ألقى إليها السمع من المستعربين والسمع أبو الملكات اللسانية وفسدت بما ألقى إليها، وخشي أهل العلوم منهم أن تفسر تلكا ويطول العهد بها فينغلق القرآن والحديث الملكة رأس3

على المفهوم فاستنبطوا من مجاري كالمهم قوانين لتلك «الملكة مضطردة يقيسون عليها سائر أنواع الكالم

(.645)انظر مقدمة بن خلدون، طبعة بيروت، ص يبين هذا االقتباس أن العرب تصوروا أن التغييرات

التي حدثت في لغتهم وظهور العاميات كان مرتبط3ا بالوضع التعددي في العالم اإلسالمي وظهور العربية

كلغة مشتركة. وقد حاول بعض الباحثين أن يبرروا وجود سمات

مشتركة كثيرة بين اللهجات في مقابل الفصحى الكالسيكية باستخدام نظرية أصل واحد تقول بأن كل اللهجات الحديثة قد خرجت من أصل واحد في مرحلة

( على سبيل1959تاريخية معينة، يقول فرجسون ) المثال إن األصل اللغوي الواحد للهجا العربية كان في المعسكرات التي أقامها جيش الفتح في العراق حيث اختلط متكلمو مختلف اللهجات العربية، وقد أدى ذلك االختالط بين اللهجات إلى ظهور مزيج لغوي مشترك

تطورت منه السمات المشتركة بين اللهجات الحديثة، سمة41بني فرجسون نظريته على قائمة مكونة من

لغوية زعم أنها ال يمكن أن تكون قد خرجت من عملية تطور مستقلة في حالة كل لهجة على حدة، بل البد أن تكون قد ظهرت من أصل واحد، من بين تلك السمات

3 استخدام مفردتي ، واختفاء«جاب» و«شاف»مثال المثنى من الفعل والضمائر، واندماج األفعال التي آخرها

16

Page 17: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

واو وياء. إذن ظهور نظرية األصل المشترك التي عرضها

فرجسون من أجل تبرير السمات المشتركة بين اللهجات العربية الحديثة، وتفسر تلك النظرية االجتماعية

بين اللهجات على أنها نتجت من عمليات تشعب الحقة ربما تكون قد نتجت عن تأثير اللغات األصلية في المناطق التي دخلت عليها، وقد اعترض نقاد تلك

النظرية بقولهم إن السمات المشتركة في اللهجات قد تكون ناتجة عن نزعة لغوية عامة أو عن عملية توحيد

متأخرة جمعت شتات المناطق اللهجاتية المختلفة يشير أصحاب نظرية النزعة اللغوية العامة إلى أن اللغات التي ليست لها عالقة بالعربية قد فقدت المثنى، ولذلك يصبح

من الممكن جد3ا أن نتصور أن اللهجات العربية فقدت هذا التصنيف بشكل فردي مستقل ومشكلة نظرية

النزعة اللغوية العامة هي أنها ال تحتوي على قوة إقناع وشرح كبيرة ألن حقيقة أن نفس الظاهرة تحدث في

لغات مختلفة ال تفسر سبب الظاهرة. يركز نقاد آخرون لنظرية األصل المشترك على

دور عمليات التوحيد المتأخرة تطور اللغة العربية، يقول ( إن الجيوش العربية كانت تتكون من1970كوهين )

خليط من قبائل مختلفة، ولذلك تمت تسوية االختالفات اللغوية بين اللهجات الجاهلية في تلك المعسكرات، وقد

تطورت اللهجات الحضرية في البالد المفتوحة من عمليات نشوء وارتقاء محلية ومستقلة، وفي مرحلة الحقة بدأت عملية التجميع من خالل تأثير الفصحى

الكالسيكية الكبير وانتقال التجديدات اللغوية من مركز حضاري آلخر في شكل موجات، وأخذ المتكلمون تلك

التجديدات وتبنوها ألنها من واردات اللغة الرفيعة، تنظر نظرية التجميع إلى نشأة اللهجات العربية على أنها نابعة

من أصول مختلفة، فبحسب هذه الفكرة فقد تطورت كل لهجة عامية في كل إقليم بشكل مستقل، ولكنها

تشابهت بعد ذلك بسبب االتصاالت بينما يمكن دون شك

17

Page 18: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

اعتبار بعض التشابهات داخل اإلقليم الواحد ناتجة عن عملية تجميع نشأت من انتشار تجديدات لغوية من مركز

حضاري معين، إال أن هذه النظرية يصعب أن تفسر التشابهات بين األقاليم البعيدة بعضها عن بعضها اآلخر

في العالم العربي، إذ لم تكن تلك األقاليم متصلة بعضهاببعضها اآلخر قط.

مهما كان األمر فهنا اختالفات كثيرة بين اللهجات، ينظر أصحاب نظرية التطور المستقل لهذه االختالفات

على أنها نتيجة طبيعة لنشوء العاميات بشكل منفرد، ولقد كان المدخل اللغوي في كافة األقاليم خارج

3 واحد3ا، أال وهو اللغة العربي التي الجزيرة العربية مدخال كانت الجيوش العربية تتكلمها، ولكن الظروف الداخلية

في كل إقليم كانت مختلفة بسبب وجود لغات أخرى، وعندما اتصل متكلمو تلك اللغات بمتكلمي العربية بدءوا

يتكلمون اللغة العربية بطريقتهم الخاصة التي حتمتها تدخالت اللغة األم التي عادة ما تحدث في كل عملية

تعلم لغة ثانية، وتطورت هذه التدخالت بمرور الوقت إلى سمات محلية تأصلت حتى بعد أن انتقل متكلمو تلك

اللغات إلى العربية كلغة أم. في حالة اللغات البربرية فإن لغة السكان

األصليين التي من المزعوم أنها سببت االختالفات بين العربية المغربية واللهجات العربية األخرى والفصحى في

آن ما تزال مستخدمة وحية، نحن نتكلم هنا عن تأثير للغة معاصرة للعربية تأثيرها على استخدام اللهجة

العربية عند مزدوجي اللغة وأحاديى اللغة متوقع وحادث، لذلك تجد مركياس يتتبع بعض السمات التي يظن أنها

من أثر اللهجات البربرية في الجزائر، يتجلى التأثير كلمة عربية من أصل150البربري في وجود أكثر من

التي تعنيagruum مثل كلمة -aجزائري تبدأ كلها بسابقة ، وقد توسع استخدام هذه السابقة في الكلمات«خبز»

3 كلمة التي هي بالعربية«أصد�ر»عربية األصل، انظر مثال وفي حاالت كثيرة يمكن حذف هذه السابقة،«صدر»

18

Page 19: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

موجودتين مع3ا في«أصد�ر» و«صدر»لذلك تجد الكلمتين آن واحد، أصل تلك السابقة البربرية مجهول وغير واضح، ولكن متكلمي البربرية المحدثين ينظرون إليها على أنها أداة تعريف، فال تجدها مجتمعة مع أداة التعريف العربية

في كلمة واحدة، يشير مركياس أيض3ا إلى القليل من الظواهر النحوية التي فيها تأثير بربري، فتجد بعض الكلمات العربية يختلف جنسها عن الجنس العربي

في عربية«لح�م»بحسب جنسها في البربرية، فكلمة tifiتلك اللهجة الجزائرية مؤنثة مثل الكلمة البربرية

في تلك اللهجة العربية كلمة مجموعة مثل«ماء»وكلمة وفي تراكيب اإلضافة التيamanمعادلتها الجزائرية

ا تحتوي على أسماء قرابة يحمل االسم األول ضمير33، انظر .«أخت محمد» التي تعني «ختو دا محمد»متصال

الصلة بالبربرية واضحة من األمثلة التي سقناها من تلك اللهجة الجزائرية، ذلك ألن معظم متكلمي تلك اللهجة العربية يتكلمون البربرية أيض3ا وأن تلك الظواهر

ال تظهر في أي لهجة عربية أخرى، ولكن في حاالت كثيرة في العالم العربي اختفت اللغة األصلية لسكان

المناطق بالكلية، كما هي الحال بالنسبة للسريانيةا لتلك اللغات البائدة في والقبطية، وعندما ندعى تأثير3

تطور العربية فإننا نتكلم عن تأثير لغة تحتية أصعب في إثباته من تأثير لغة حية مزامنة كالبربرية، فالظواهر التي

تظهر في منطقة معينة ويمكن من حيث المبدأ أن نعزوها لتأثير اللغة التحتية التي كانت متداولة في هذا

3ا ما تظهر في منطقة أخرى لم اإلقليم قبل العربية أحيان تكن نفس اللغة التحتية متداولة فيها، على سبيل المثال، اختفت من اللهجات العربية المصرية األصوات األسنانية،

وقد عزى بعض العلماء ذلك إلى تأثير قبطي، ولكن اختفاء األصوات األسنانية ظاهرة موجودة في معظم اللهجات الحضرية العربية في أماكن لم تكن القبطة

متداولة فيها، وعلى ذلك فال يمكن أن نعزو اختفاء األصوات األسنانية إلى تأثير اللغة التحتية بل يجب أن

19

Page 20: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

نفكر في تلك الظاهرة على أنها نتاج لعملية أوسع في إطار تعلم اللغة الثانية، وهي العملية التي تختفي

بمقتضاها الظواهر غير االعتيادية لصالح ظواهر اعتيادية. نتوقع أنه كانت هناك حالة من التعدد اللغوي بين

اآلرامية والعربية في المنطقة السورية مشابهة لتلك3ا في شمال أفريقيا، بل وما تزال الحالة الموجودة حالي

تلك الحالة قائمة في منطقة جبال قلمون شمالي دمشق حيث ما تزال ثالث قرى بجوار معلولة تتكلم

اآلرامية الجديدة الغربية، في شكل جيوب لغوية محدودة، وتجد أن اللهجات العربية المستخدمة في

القرى المحيطة بتلك الجيوب اللغوية تعكس تأثيرات ( إن مناطق1993آرامية، يقول أرنولد وبينشتيد )

السمات اآلرامية في تلك اللهجات تتزايد عندما نقترب من المنطقة التي ما تزال اآلرامية مستخدمة فيها،

ويخلص الباحثان إلى أن اآلرامية ربما كانت لغة الحديث في األقليم كله حتى القرن الرابع عشر وبعد ذلك أجبرت

بشكل تدريجي على التراجع لمنطقتها الحالية، قد تساعدنا بعض الظواهر اللغوية في عربية تلك المنطقة

في استجالء أمر التأثير اآلرامي المحتمل في عربية3 أن ضمير سوريا بوجه عام، يبين أرنولد وبينشتيد مثال

�ي»الغائب لجمع المذكر في تلك اللهجة والضمير«هين قد يكون ظهر في بيئة متعددة اللغات«ـهون»المتصل

ا فيها. hinnكان ضمير اآلرامي منتشر3 من بين ظواهر اللهجة السورية األخرى التي يعزوها العلماء إلى التأثير اآلرامي المحتمل حذف

/، والنطق المهموسi /و /uأصوات اللين القصيرة / لصوت القاف وغياب األصوات التي تصدر من بين

األسنان، ولكن ظهور نفس تلك الظواهر في مناطق أخرى كثيرة من العالم العربي يبرز الحاجة إلى

تفسيرات أخرى، ولكن ذلك ال يعني أن فكرة تأثير اللغات التحتية مسألة غير ذات موضوع، فبطبيعة الحال

عندما يكون متكلمو لغة ما تحتوي على أصوات تخرج

20

Page 21: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

من بين األسنان يتعلمون العربية، فليس لديهم حاجة للتخلي عن تلك األصوات لصالح األصوات األسنانية،

ولكن المسألة تختلف في حالة متكلمي لغات كالسريانية والقبطية التي لم تكن تمتلك أصوات تخرج من بين

األسنان، ففي تلك الحالة ال يوجد مانع في لغتهم األصلية يعيق اتباعهم للنزعة العامة في تبسيط نطق األصوات التي تخرج من بين األسنان، ولذلك يمكننا أن نقول إن

بنية القبطية واآلرامية ساعدت على تطورات كانت.3 سارية في العربية أصال

يمكننا أن نقول على وجه العموم إن فكرة تأثيرا في حاالت اللهجات اللغة التحتية قد استخدمت كثير3

العربية دون أي تبرير، وقد تابع ديم في مقال كتبه عام كل حاالت ادعاء تأثير اللغة التحتية على اللهجات1979

العربية، وقال إنه يسمح بمثل هذا التفسير بشرطين: الشرط األول هو وجود ظاهرة لغوية معينة في اللهجة

العربية الحديثة وفي اللغة التحتية التي كانت مستخدمة قبل العربية في ذلك اإلقليم، والشرط الثاني هو غياب

تلك الظاهرة من أي إقليم آخر، وخلص ديم إلى أنه في معظم حاالت ادعاء تأثير اللغة التحتية مستخدمة فيها قط، ولذلك فقوة تلك النظرية محدودة جد3ا في حالة العربية، ويوافق ديم على وجود بعض الحاالت القليلة لتأثير اللغة التحتية على اللهجات العربية، وذلك عندما

يتوافق فيها تركيب العربية مع تركيب اللغة التحتية األصلية كما هي الحال في حذف صوت الفتحة القصيرة

في المقاطع المفتوحة في لهجات شمال لبنان، وقد يكون السبب في ذلك الحذف هو بنية شمال أفريقيا

3ا يذكر ديم بعض الظواهر مثل جعل صوت التاء احتكاكي مع سمته االنفجارية األساسية، ولكنه يعود ليقول إنه من3 على تأثير لغة تحتية أو الصعب إدراك ما إذا كان هذا مثال

تداخل لغة مزامنة بسبب حالة التعدد اللغوي الطويلةالتي يعيشها ذلك اإلقليم.

من بين الظواهر المهمة تلك السمات الموجودة

21

Page 22: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

في عربية اليمن والتي يعزوها الباحثون لتأثير اللغة العربية الجنوبية التحتية، يسهل وجود العربية الجنوبية الحديثة في تلك المنطقة تحديد تأثير اللغة التحتية إن

وجد، من بين الظواهر التي ذكرها ديم لهذا التأثير ، وفي بعض«ف�عاو�ل» وصيغة الجمع kاستخدام سابقة

في آخر الفعل الماضي-kلهجات اليمن هناك الحقة - 3 من التاء الموجودة في المتكلم والمخاطب المفرد بدال

في العربية، وتظهر هذه السمة التي تشترك فيها اللهجات اليمنية مع اللغات السامية الجنوبية في منطقة

الجبال الغربية، حيث كانت اللغة الحميرية مستخدمة كماتقول المصادر العربية القديمة.

في«ف�عو�ل» و«ف�ع�و�ل»تستخدم صيغ الجمع منطقة اليمن فقط، بالنسبة للصيغة األولى وجد ديم

، تتطابق تلك الصيغة مع صيغة«كتوب» و«بلود»أمثلة كـ جمع موجودة في اللغة المهرية، وفي تلك الحالة ال يصبح من الغريب أن نقول إن العربية اقتبست تلك الصيغة من

العربية الجنوبية في فترات االستقرار العربي المبكرة في المنطقة، وربما كان ذلك قبل الفتح العربي، أما

فهي موجودة في المناطق الجبلية«ف�عو�ل»صيغة الجمع التي استقرت بها أول قبائل عربية وفدت إلى اإلقليم،

«طروج»فتقدم لنا لهجة تلك المنطقة صيغ جمع مثل - وهي صيغ تشبه جموع اللغات العربية«طرق»بمعنى

الجنوبية الحديثة. في معظم الحاالت فإن التدخل الذي نتج عن االتصال بين اللغات لم يؤد إلى حدوث ظواهر لغوية

جديدة بقدر ما رج�ح كفة الميزان لصالح بديل من بديلين كانا موجودين، في هذه الحالة من المملكة أن تكون

اللغة األصلية لمتعلمي العربية قد أثرت عليهم في اختيار بديل وإهمال آخر، واحد من أهم األمثلة هو حالة أدوات االستفهام في اللهجة العربية المصرية، في تلك اللهجة ليس هناك تقديم ألداة االستفهام في أول الجملة، بل تبقى في مكانها الطبيعي في الجملة، وانظر الجملتين

22

Page 23: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

التاليتين.قلت ده للمعلمقلت إيه للمعلم

في لهجات عربية أخرى، يعتبر ترتيب الكلمات هذا3، ولكنه ترتيب غير اعتيادي، ويمكن في المصرية مقبوال

توجد تلك البدائل في كل«إيه قلت للمعلم؟»أن تقول لغات العالم كظواهر خطابية لها عالقة بالتركيز على

عنصر بعينه، وكان متكلمو القبطية معتادين على لغتهم التي لم تكن تقدم أداة االستفهام إلى أول الجملة، انظر

3 تالحظ أن ضمير«ماذا تقول؟» التي تعني eddo de uمثال ظل في مكان المفعول به ولم يتقدم،uاالستفهام

وعندما تعرف القبط على االختيارين الموجودين في حتى–العربية فقد اختاروا النوع المشابه للغتهم األصلية ولو كان النوع الذي اختاروه غير اعتيادي بالنسبة

لمتكلمي العربية. ليس تأثير اللغة التحتية بتفسير كاف لالختالفات بين اللهجات العربية، وكذلك ليس التجميع في مرحلة3 للسمات المشتركة بينها، هناك ا مقبوال متأخرة تفسير3 أمثلة كثيرة لتغييرات تركيبية حدثت في كل اللهجات

3 مختلف3ا في كل لهجة عن األخرى، من ولكنها أخذت شكال بين تلك التغييرات تركيب اإلضافة وأدوات الجهة، من –أهم سمات العربية المولدة اختفاء عالمات اإلعراب

وهوما يعتبره الكثيرون الفارق األساسي بين اللهجات والفصحى الكالسيكية، )رأينا في الفصل الرابع أن هناك3ا كثيرة تجعل من التفسير الصوتي لتلك الظاهرة أسباب غير مقبول(، وفي اللهجات الحديثة حلت أداة تحليلية

محل عالمة الكسر في الفصحى، انظر:بيت الملكالفصحى

البيت بتاع الملكعربية مصر في تركيب اإلضافة التحليلي تعبر أداة اإلضافة / بتاع / عن معنى الملكية، وهي أداة تحل محل تركيب

اإلضافة التولميدي الذي تعبر عالمة الكسر فيه الملكية،

23

Page 24: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

هذا التركيب التحليلي الحادث موجود في كل اللهجات العربية ولكن تلك اللهجات اختلفت في شكل أداة

اإلضافة المستخدمة للتعبير عن الملكية، فلهجة مصر ، بينما تستخدم لهجة دمشق«بتاع»القاهرية تستخدم

، وتستخدم لهجة الرابط المغربية تشاد«تبع»السورية ، وتستخدم لهجة«تاع»، وتستخدم لهجة ملطا «ه�ن�»

«ه�ن�»، بينما تستخدم لهجة تشاد «حق»السودان ، وتستخدم لهجة بغداد،«شايت»وتستخدم لهجة قبرض

.«ليل» و«مال» أما بخصوص ظاهرة التطور الواحد ذو األشكال المنفصلة الثانية فهي مرتبطة بفقدان عالمات النصب

والجزم على الفعل، في الفصحى هناك فصل بين الفعل والفعل«يكتب�» والفعل المنصوب «يكتب�»المرفوع ، أما في الهجات فقد اختفى تصنيف«يكتب»المجزوم

الصيغة الصرفي، ولذلك تجد شكل الفعل في المفرد ، ولكن الفعل المضارع غير المعلم في«يكتب»دائم3ا

معظم اللهجات قد اكتسب معنى صيغى، فتجد في3 شكل الفعل المضارع «تشرب»اللهجة المصرية مثال

يعبر عن سؤال عن رغبة المخاطب إن كان يود أن3ا، أما بالنسبة للصيغ، فقد طورت اللهجات يشرب شيئ عالمات تدل عليها، وكانت تلك العالمات في أساسها

3 مساعدة أو ظروف زمان تجمدت وأصبحت جزء3ا أفعاال من الشكل الصرفي للفعل، عالمة جهة االستمرار في

3 هي /بـ/ قبل الفعل وعالمة العامية المصرية مثالالمستقبل هي ه�ا: /

بتشربهتشرب

في هذا التطور أيض3ا كل اللهجات العربية اكتسبت3 3 منفصال 3 منها انتخب شكال نفس التجديد، ولكن كال

3ا من لألدوات الجهوية، معظم اللهجات تمتلك نظام3ا مكون أداتين، األولى أداة الجهة االستمرارية واالعتيادية،

والثانية لجهة المستقبل، ولكن الوظيفة الداللية لكل من

24

Page 25: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

األداتين تختلف من لهجة ألخرى، فتستخدم اللهجة السورية /عم/ للتعبير عن االستمرار، بينما تستخدم /بـ/ للتعبير عن األحداث التي ينوي الشخص القيام بها في

المستقبل أو لألحداث االعتيادية، وفي لهجة العراق تستخدم /تـ/ للتعبير عن االستمرار والعادة، وتستخدم

الفعل غير المعلم بسابقة جهة للتعبير عن األحداث الصحيحة بشكل دائم والحقائق، في الكثير من الحاالت ال يمكننا تحديد أصل تلك األدوات بدقة، ولكنه يبدو من

3ا ما تكون مأخوذة من الواضح أن أداة االستقبال غالب أفعال تعطى معنى االستقبال كما هي الحال في لهجة

يهود تونس حيث يستخدمون /ماشي/ لتلك الوظيفة، أما السوريون فيستخدمون /راح/ لنفس الوظيفة، أما أدوات جهة االستمرار فيبدو أنها مأخوذة من فعل /كان/ أو من

أسماء أفعال تدل على الجلوس والبقاء والقيام، انظر3 /واقف/ التي تعمل كأداة جهة االستمرار في عربية مثال

/ المغربية التي تقوم بنفس الغرض. أوزبكستان و/ك� نجد في حالتي اإلضافة التحليلية وأدوات الجهة

نمط سلوك واحد: ظاهرة عامة حدثت في كل اللهجات العربية، وكل منطقة عبرت عن تلك الظاهرة بشكل

مختلف، لذلك يجب على أي نظرية تحاول تبرير ظهور العربية المولدة أن تأخذ تلك الظاهرة بعين االعتبار،

ويجب أن نضع في اعتبارنا أيض3ا أن اختالف التعبير عن نفس الظاهرة ينفي أي اعتقاد بوجود عملية تجميع الحقة3ا على اكتساب العربية، ألنه من الطبيعي في حالة تاريخي

االتصال بين اللهجات أن تكتسب لهجة من األخرى عالماتها النحوية، ولكنه ليس من الطبيعي اكتساب

تركيب يتم اختراع تعبير لغوي له في شكل عالمة نحويةبعد ذلك.

الحديثة العربية اللهجات في الجهة سوابق جدول

االستمرار/اللهجةالعادة

المستقبل

/اللهجة السورية ـ� /راح//عم/ و/ب/اللهجة المصرية ـ� /ح�ـ//ب

25

Page 26: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

/اللهجة المغربية ـ� /غ�//ك/راح//د�/اللهجة العراقية/اللهجة اليمنية ـ� //ب /عـ�

أحد السيناريوهات المطروحة لتفسير ظهور العربية المولدة يربط بين أصل التغيرات التي حدثت في

اللغة وبين عملية تعلم العربية؛ ففي القرن األول الهجري تعلم الناس العربية كلغة ثانية بشكل غير منظم

وبدون عملية تعليمية، وكان التركيز األساسي على التواصل والفهم ولم يكن على الصحة اللغوية، أثناء فترة التعدد اللغوي استخدم معظم الناس العربية كلغة ثانية، واستخدمتها أقلية من شعب اإلمبراطورية كلغة أم، في

أمثال تلك الحاالت تختفي األشكال الزائدة، مما يؤدي لقدر أكبر من االنتظام، ويكون التركيز على التراكيب التحليلية، ويتم تقليص تصنيفات كثيرة ليسهل تعلمها،

وعالوة على ذلك تحدث عادة عملية إعادة بناء للقاموس اللغوي حيث يتم إهمال المفردات غير الواضحة أو تلك

�ستخدم مفردات واضحة التي تعبر عن أكثر من معنى وت3 منها. بدال

في مثل هذا السيناريو كل عبء المبادرة واقع على سكان البالد المفتوحة األصليين، ومع ذلك فإن معظم نظريات نشوء اللهجات العربية ترجع أسباب

التغييرات اللغوية إلى نزعات طبيعية كانت كامنة في عربية العصر الجاهلي، ويتفق الباحثون على وجه العموم

أنه كانت هناك أنماط لغوية مبسطة في بدايات الفتوحات العربية، ولكن تلك األنماط اختفت دون أثر يذكر، تعتمد تلك المسألة على تطور العربية الفصحى الكالسيكية، فلو أن اكتساب العربية في بداية األمر قد

أدى إلى تغييرات جذرية في بنية اللغة وإلى قيام أنماط لغوية مبسطة فيجب أن نفترض أن تأثير العربية

الفصحى في وقت الحق وخاصة عربية القرآن قد أعادت تقديم كثير من سمات العربية الفصحى الموجودة اآلن

في اللهجات العربية، تفترض تلك النظرية أن سكان

26

Page 27: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

المناطق الحضرية في البالد المفتوحة من غير العرب كانوا يتواصلون مع العرب الفاتحين بلغة عربية مبسطة،

وأصبحت تلك األنماط المبسطة في المدن العربية التي كانت بوتقة تجميع الحضارات واأللسن -–الناشئة

اللغة األم لألطفال الذين نتجوا عن زيجات مشتركة بين رجال عرب وسيدات من السكان األصليين، أو قل بين

أناس من خلفيات لغوية مختلفة تجمع العربية بينهم كلغةثانية للتواصل.

وقد أدى انتشار الفصحى كلغة رفيعة لألدب والدينا ا كبير3 إلى تقديم نموذج أثر في الوضع اللغوي تأثير3

لدرجة أنه أقام تجريج3ا من المستويات اللغوية التي تشبه3ا، حالة االزدواجية اللغوية القائمة في العالم العربي حالي وقد أهمل المتكلمون المستويات األقل في هذا المدرج

ليستخدم المستويات األعلى فيه، وليست عملية االستبدال تلك عملية غريبة أو غير اعتيادية من حيث

المبدأ، فبالرغم من أنه ال توجد لدينا أي أدلة على عملية إعادة البناء تلك في العصور القديمة، إال أن تلك الحالة يمكن مقارنتها لحد ما بتدخل العربية الفصحى في لغة

الكالم في العصر الحديث مما ينتج عنه تغيرات وتحوالت في لغة متكلمي العامية، انظر على سبيل المثال إلى

الكثير من متكلمي العربية المتعليمن الذين أصبحا في استخدام مركب اإلضافة التوليدي القديم متجاور3

لغتهم مع استخدام المركب التحليل العامي، فأصبح بذلك جزء3ا من كفاءتهم اللغوية، وتجد عالوة على ذلك أن

استخدام هذا المركب بعينه يتسرب لغة األميين من أبناء اللهجات العربية الحديثة، ولكن االختالف الكبير من الحالة الراهنة والحالة التي كانت قائمة في القرون األولى من الفتح هو وجود وسائل اإلعالم في العصر

الحديث. تحدث عملية مشابهة بين اللهجات بعضها مع بعضها اآلخر، ففي لهجة القاهرة العربية أدى تزايد الهجرات الريفية إلى المدينة الكبيرة على تهميش

27

Page 28: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

السمات اللغوية المشتركة بين تلك اللهجة ولهجات الريف التي ورد منها المهاجرون، وكانت النتيجة أن

أصبحت تلك السمات المهملة محدودة بالطبقات الدنيا، بل وقد تختفي تلك السمات تمام3ا في فترة ما، نستطيع

3 بسيط3ا، ففي القرن التاسع ربما أن نسوق هناك مثال�م/ كالحقة ضمير كانت كل اللهجات المصرية تستخدم /ت

الغائب الجمع في الفعل الماضي، ولكن تلك الالحقة اآلن مستخدمة في األحياء الفقيرة في القاهرة فقط، هناك/ في ـ� مثل آخر وهو ظهور الفعل المضارع المعلم بـ /بلهجات البدو في صحراء النقب وسيناء، يقول بالفا )

( إن تلك اللهجات تنتمي لمجموعة لهجية ال تمتلك1991 تلك السابقة على المضارع، ويقول إنها ظهرت كنتيجة

للتسوية باللهجات الحضرية، ويمكن أن تالحظ بعض االختالف والتنوع في استخدام هذه السابقة في حاالت

اجتماعية معينة، أي في حاالت الكالم المهذب معحضريين بينما يستخدم المضارع المعلم بـ /يـ/ مع البدو. ويمكن التمثيل على اختفاء السمات اللغوية الدنيا التي تقبع في آخر مدرج الكالم بشكل درامي في حالة

التطورات اللغوية في السودان، ما يحدث في السودان قد«عربية جوبا»هو أن األنماط المهجنة التي تسمى

بدأت في استعادة بعض تصنيفات اللهجات العربية العادية تحت تأثير لهجة الخرطوم الرفيعة والمحترمة،3ا واحد3ا تستخدم بصحبة 3 فعلي تستخدم عربية جوبا شكال

أدوات الجهة المختلفة، وعندما تعرض متكلمو عربية جوبا إلى اللغة العربية الفصحى ولهجة الخرطوم من

خالل وسائل اإلعالم وتعرفوا على تصريف الفعل العربي بالسوابق واللواحق، فقد أعادوا تحليل السوابق الوجودة

/ لتكون ـ� / و/ن / و/ت� ـ� على الفعل المضارع العربي /ي3 أدوات جهة يستخدمونها بمعية األدوات الموجودة فعال

3 منها دون أي مراعاة للمطابقة،–في عربية جوبا أو بدال وفي مرحلة الحقة استطاعوا أن يدركوا الوظيفة

الحقيقية لتلك السوابق وتعلموا أن يستخدموها بشكل

28

Page 29: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

سليم، من الناحية التاريخية يعني هذا السيناريو أن متكلمي عربية جوبا قد قدموا مقابلة بين الفعل الماضي والفعل المضارع مما يجعل لهجتهم قريبة في بنيتها من

اللهجات العربية العادية في ذلك المجال. حدث هذا التطور الذي أصاب عربية جوبا في كالم فئة

محدودة من المتكلمين، ولكن التنوع القائم في تلك3ا يبين أن أي لهجة عربية تستطيع أن تفقد اللهجة حالي الفرق بين المضارع والماضي وتستعيده بعد ذلك عن

طريق تدخل نمط لغوي رفيع ومحترم، وإن لم يكن لدينا علم ببنية لغة هؤالء المتكلمين السابقة فقد نعتقد أنها

مجرد لهجة إقليمية عربية من بين اللهجات الكثيرة، ولما كانت كل معلوماتنا عن اللهجة الدارجة في القرون

اإلسالمية األولى مستقاة من المصادر المكتوبة الكالسيكية الفصيحة في طبيعتها، يجب على األقل أن

نسمح بإمكانية أن اللهجة الدارجة كانت تشبه لهجة عربية جوبا غير المتأثرة بالفصحى، وفي فترة الحقة تم

إدخال عناصر فصيحة عليها لدرجة أنها أهملت بنيتهااألصلية التي اختفت بناء على ذلك.

وجهت انتقادات كثيرة لسيناريو الفصحى السابق، من بين األدلة على قصور هذا السيناريو وجود عناصر

فصيحة كالسيكية في اللهجات ال يمكن أن تكون قد دخلت إليها عن طريق التدخل سالف الذكر، يذكر

( حالة المثنى في اللهجات الحديثة1989فرجسون ) كمثل، ويزعم فرجسون أن معظم اللهجات تفرق بين

شبيه المثنى والمثنى الحقيقي، يستخدم شبيه المثنى مع « رجلين - ودنين–إيدين »أجزاء الجسم المزدوجة

وجموع تلك الكلمات، في حالة وجود ضمير متصل مع واحدة من تلك الكلمات تفقد نون المثنى في آخرها،

يحتوي المثنى الحقيقي على نفس نهاية شبيه المثنى في الغالبية العظمى من الحاالت، ولكن تلك النهايات ال

تستخدم للجمع وال يمكن أن يلحق بها ضمير متصل، في3 عندنا كشبيه المثنى،«رجلين»اللهجة المصرية مثال

29

Page 30: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

ونفس الكلمة كجمع، وفي حالة وجود ضمير متصل ، أما كلمة«رجليك»تحذف النون فتصبح الكلمة

فهي كلمة مثنى حقيقي، وفي بعض اللهجات«ولدين» هناك فصل بين نوعي المثنى، فتجد في اللهجة المغربية

3 ككلمة مثنى«يوم�ين» كشبيه المثنى وتجد «رجلين»مثال حقيقي، المسألة المهمة هنا أن المثنى الحقيقي في

اللهجات الحديثة يحصل على مطابقة عددية في الجميع، ولذلك ال يمكن الزعم بأنه وارد من الفصحى الكالسيكية،

تبين األدلة المأخوذة من نصوص العربية الوسيطة أن3ا المثنى عندما يستخدم كوسيلة لتفصيح الكالم أحيان

3ا أخرى يحصل يحصل على مطابقة مفرد مؤنث وأحيان على مطابقة جمع، لذلك يزعم فرجسون أن نوعي المثنى ال يمكن أن يكونا إال سمة قديمة من سمات اللهجات العربية، وألنهما كانا مستخدمين مع أسماء

مجموعة فإنهما يحصالن على مطابقة جمع. يشير فرجسون كذلك إلى وجود نمط مطابقة

غامض كبديل لمطابقة الجمع في اللهجات، فيمكن أن3 من مطابقة الجمع 3 بدال تستخدم في لهجة دمشق مثال

أجانا»بين المبتدأ والخبر نمط مطابقة مختلف في: ، ويمكننا لذلك أن«إجتنا مكاتيب كتير» أو «مكاتيب كثير

نعزو وجو تلك السمة إلى تدخل من الفصحى الكالسيكية، ولكن فرجسون ال يعتقد أن تلك السمة

إعادة تقديم لسمة الفصحى الكالسيكية في اللهجات، ، لم«إجونا مكاتيب كتير»ألن نمط المطابقة اللهجاتي

ا( يختلف كما هو متوقع بل على العكس ازداد انتشار3 على حساب النمط الفصيح، ولكن في ظل غياب أي مادة مجموعة للهجات تسمح بإجراء نسب توارد فإن

3ا، الحكم على صحة تلك الحجة عند فرجسون ليس ممكن ولكن المسألة الجديرة بالمالحظة في كالم فرجسون

هي أنه ليس بالضروري في كل انتقال بين عامية3 للعامية، وفصحى أن يكون التطور ناحية الفصحى وإهماال

في بعض الحاالت يكون من الممكن جد3ا أن تسري

30

Page 31: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

التطورات باتجاه اللهجة، ولكن التدخل من الفصحى الكالسيكية يؤدي إلى عملية إعادة توزيع في الوظائف

النحوية، ففي حالة مابقة الجمع في اللهجة السورية ربما يكون هناك اختالف داللي، فتستخدم مطابقة الجمع

لألسماء الجمع التي يمكن عدها، بينما تستخدم مطابقةالمفرد المؤنث مع أسماء الجمع.

هناك وجه نقد آخر لنظرية تدخل الفصحى في اللهجات، وهو نق يقوم على إنكار قدرة الفصحى

الكالسيكية على التأثير في تراكيب اللهجات وبنيتها، ( إلى أنه في معظم المناطق اللهجية1978يشير ديم )

هناك مستويات، الموجة األولى من الفتح أدت إلى قيام اللهجات الحضرية التي تحتوي على الكثير من التجديدات

اللغوية، وانتشرت تلك اللهجات إلى المناطق المجاورة للمدن، ولكن موجة ثانية غير مفاجئة من التعريب غطت

على موجة اللهجات الحضرية المبكرة، وقد نتجت تلك الموجة من الهجرات المستمرة على موجة اللهجات

الحضرية المبكرة، وقد نتجت تلك الموجة من الهجرات المستمرة التي قامت بها قبائل البدو العربية من شبه الجزيرة إلى خارجها، ففي العراق على سبيل المثال

على«جلت»عطت موجة لغوية بدوية نسميها لهجة ،«قلت»اللهجة الحضرية المبكرة التي نسميها لهجة

وكذلك في مصر كانت هناك لهجة حضرية دخلت على مصر السفلى في الموجة األولى من الفتح العربي،

ولكن الريف المصري والصعيد تم تعريبه بواسطة موجة أخرى من الهجرات البدوية من شبه الجزيرة، وفي

شمال أفريقيا لم يتحقق تعريب الريف بشكل كامل إال في القرن الحادي عشر مع هجرة بني هالل، تقول

نظرية ديم إن موجة الهجرات البدوية الثانية حققت بعض التجانس في اللهجات العربية خارج شبه الجزيرة،

بالمقارنة لتطور اللهجات اآلرامية التي أنتجت أنماط3ا شرقية وغربية شاسعة الفوراق فإن اللهجات العربية

متشابهة بشكل مثير من الناحية الطبولوجية، وقد نتجت

31

Page 32: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

تلك التشابهات في وجهة نظر ديم من خالل التجميع الذي حدث في فترة تشكيل تلك اللهجات، وحسب هذا

السيناريو يكون اللهجات البدوية دور في توحيد اللهجات الحضرية أكبر بكثير من دور العربية الفصحى

الكالسيكية. ( إلى1995يضيف باحثون آخرون من أمثال هولز )

االعتراضات على نظرية تدخل الفصحى اعتراض3ا ذا طبيعة اجتماعية، فهو يعتقد أن الوضع االجتماعي في البال المفتوحة عقب الفتح مباشرة لم يسمح لألنماط

اللغوية المبسطة بأن تتطور فتصبح لهجات حديثة كاملة، يؤكد هولز على أنه في الفترة المبكرة للفتح كانت هناك

3، ولكن المعلومات اللغوية المبكرة تعديالت لغوية فعال والسجالت التاريخية ال تسمح لنا باالعتقاد بأن اللهجات

المبسطة حافظت على نفسها لفترة طويلة من الزمن، يقول هولز إن البرديات بينت وجود حالة انتقالية ناحية

التقعيد اللغوي لم تثبت فيها بعد األسس والمعايير اللغوية، فال تجد أن البرديات تبين أي تغيير جذري شامل

في اللغة، لذلك يفترض هولز وجود عملية انتقال تدريجية من بداية تعلم العربية باتجاه الوضع اللغوي

الراهن والشكل اللهجاتي الحالي، فبينما تعلمت مجموعة قليلة من السكان األصليين الفصحى الكالسيكية ألنهم

محترفون في ذلك المجال فإن عامة الشعب لم تع وجود أي نموذج لغوي فصيح، باختصار عندما تعلم الناس

العربية تعلموها كلغة ثانية ولم يتعلموها كلغة مؤقتة. هناك طريقة للتوفيق بين وجهتي النظر المتعلقتين بتأثير الفصحى الكالسيكية، وهي تصور أن الموجة الثانية

من الهجرة البدوية هي التي جلبت العناصر الكالسيكية في اللهجات العربية، لم يكن البدو الذين يتكلمون

لهجات بدوية قد تأثروا بعد باللهجات الحضرية واستطاعوا أن يفرضوا لهجاتهم، ال تعتبر عملية بدونة

اللهجة عملية غريبة حتى في العصر الحديث حيث تحولت الجماعات المسلمة إلى لهجات أكثر بدوية من

32

Page 33: الفصل السادس - ظهور العربية المولدة 3

اللهجات الحضرية التي تمسك بها المسيحيون واليهود، أما بالنسبة للبدو أنفسهم فق أفلحوا في االحتفاظ

بلهجتهم بعيد3ا عن التأثير الحضري نوع3ا ما، عالوة على ذلك فإن نمط السمو واالحترام قد تغير عبر الزمن،

ففي الماضي لم تكن اللهجات الحضرية البدوية، وفي مرحلة الحقة أصبحت المناطق الحضرية مركز

اإلمبراطورية ومقر الحكم ولذلك أصبح من الصعب علىالبدو تجنب تدخل اللهجات الحضرية في لغتهم.

وفي الختام أود أن أقول إننا ال نعرف الكفاية عن عملية قيام العربية الفصيحة الكالسيكية لنعرف أثرها على اللهجات، وألننا ال نعرف إال نتيجة عملية التعريب

والتطور اللغوي وهي اللهجات العربية الحديثة فإن مسألة دور الفصحى في تكوين اللهجات العربية مهمة

جد3ا إذا كان لنا أن نستنتج تركيب اللهجات العربية المبكرة من اللهجات الحديثة، وفي نفس الوقت ال تقدم

أي نظرية موجودة لتفسير اللهجات العربية الحديثة3 ألسباب وجودها ولتركيبها الحالي ا كامال ا وتبرير3 تفسير3 بالرغم من أن كل نظرية تفسر جزء3ا من هذا التطور، ويجب أن نقول إنه في تلك المرحلة ال يمكن االعتماد

على دراسة تاريخ العربية فقط للحصول على إجابة عن سؤال لماذا قامت اللهجات بهذا الشكل وكيف، بل إننا بحاجة إلى معلومات كثيرة عن الوضع االجتماعي في اإلمبراطورية اإلسالمية المبكرة وأماكن توطن العرب وأساليب هذا التوطن، ونحتاج أيض3ا على مساعدة علم

اللغة التاريخي العام ليقدم لنا أنماط تطور أكثر كفاءة أو أكبر على التطور اللغوي.أدلة

33