شرح كتاب التجريد الصريحألحاديث اجلامع الصحيح

فضيلة الشيخ الدكتورعبد الكريم بن عبد الله الخضير

عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلميةواإلفتاء

(السابعة بعد المائة )الحلقة

/ / 14

المقدم: بسم هللا الرحمن الرحيم.

2 السابعة بعدالتجريد الصريح– الحلقة المائة

الحمد هلل رب العالمين، والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

بكم إلى لقاء جديد ضمن برنامجكمحب:ا ومرهال: أيها اإلخوة واألخوات، السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته، وأ "شرح كتاب التجريد الصريح ألحاديث الجامع الصحيح". مع مطلع حلقتنا يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة

الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد هللا الخضير- عضو هيئة التدريس بجامعة اإلمام محمد بن سعود بكم شيخ عبد الكريم.حب:ا ومرهال:اإلسالمية، قسم السنة وعلومها، كلية أصول الدين بالرياض- فأ

حياكم هللا، وبارك فيكم، وفي اإلخوة المستمعين. المقدم: نحن اآلن، أطل علينا كتاب العلم من هذا الكتاب، قبل أن نقرأ الحديث األول في هذا الكتاب نود أن

انتحدث عن كتاب العلم بداية:، خصو أن أهل العلم صنفوا هذا الكتاب، أو عنونوا لهذا الكتاب في عدد منص:كتب السنة.

الحمد هلل رب العالمين، وصلى هللا وسلم، وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. - علم يعلم علماأيضا، والعلم مصدر- كتبا وكتابة وباالكتاب سبق التعريف به، وأنه مصدر كتب يكتب كتا

عرفته. قال العيني:علما فهو عالم. قال الجوهري: علمت الشيء أعلمه علما عرفته، علمت الشيء أعلمه فهذا -يعني قول الجوهري- كما ترى لم يفرق بين العلم والمعرفة، والفرق بينهما ظاهر؛ ألن المعرفة

)إدراك الجزئيات(، والعلم )إدراك الكليات(؛ ولهذا ال يجوز أن يقال: "هللا عارف" كما يقال "عالم". قلت: وفي للفالسفةفا هذا الكالم نظر، بل نظر ظاهر؛ ألن هللا-سبحانه وتعالى- يعلم الجزئيات كعلمه بالكليات- خالكابن سينا وغيرهم- الذين يقولون: إن هللا يعلم الكليات، وال يعلم الجزئيات، يعني كالم العيني.

المقدم: خوفهم من حلول حوادث في عدم علم الجزئيات، ما سبب نفيهم لعدم علمه بالجزئيات؟ تبعا للفالسفة، الفالسفة عندهم أن هللا -جل وعال- يعلم الكليات في الجملة، وال يعلم دقائق األمور وإنكار

العلم معروف عند غالة القدرية، إنكار العلم جملة، إنكار علم الجزئيات هذا قول الفالسفة، لكن كالم العينيا فيقول: فهذا كما ترى لم يفرق بين العلم، والمعرفة، يعني )الجوهري(، والفرق بينهما ظاهر؛ ألن خطير جد

المعرفة إدراك الجزئيات، والعلم إدراك الكليات؛ ولهذا ال يجوز أن يقال: "هللا عارف"، كما يقال: "عالم"، مقتضى ذلك أن هللا -سبحانه وتعالى- يعلم الكليات؛ ألن العلم إدراك الكليات، وليس بـ "عارف"، وال يقال: "هللا عارف"؛ ألن المعرفة إدراك الجزئيات، هذا فيه شبه من قول الفالسفة، وإن كنا نربأ بالعيني أن يقول

بقولهم، لكن هذا على كل حال كالمه فيه نظر ظاهر؛ ألن هللا-سبحانه وتعالى- يعلم الجزئيات كعلمه بالكليات للفالسفة.فاخال

في مختصر التحرير وشرحه "البن النجار" يقول: وال يوصف -سبحانه وتعالى- بأنه "عارف". قال ابن والعلة عند هؤالء ال ماعا.تعالى ال يسمى "معرفة"، حكاه القاضي إجما حمدان في "نهاية المبتدئين": علم هللا

ذكره العيني، إنما العلة؛ ألن المعرفة تستلزم سبق الجهل، والعلم ال يستلزمه، المعرفة عند هؤالء تستلزم سبق تعرف على هللا في الرخاء»الجهل، والعلم ال يستلزمه، لكن يرد على هذا قوله- صلى هللا عليه وسلم-:

3 فضيلة الشيخ عبد الكريم3الخضير

فأضاف المعرفة إلى هللا -جل وعال- إال أن يقال: إن هذا من باب المشاكلة، والمقابلة.«يعرفك في الشدة وعلم هو نفسه، ورجل عالم وعليم من قوم علماء، وعالمعلما وقال ابن سيده: العلم نقيض الجهل، علم

وعالمة من قوم عالمين، والعالم والعالمة النسابة، وإذا بولغ في وصف الشخص بالعلم يقال له عالمة،وعلمه العلم وأعلمه إياه فتعلمه، فإذا بولغ في وصف الشخص بالعلم يقال له عالمة.

عن العلماء، صاروافضال وابتذل كثير من طالب العلم هذه الكلمة، فصاروا يطلقونها على طالب العلم عن العلماء، وهذا مخالف لقوله -عليه الصالة والسالم- ألمره -عليهفضال يطلقونها على طالب العلم

.»أمرنا أن ننزل الناس منازلهم«الصالة والسالم- بإنزال الناس منازلهم، تقول عائشة -رضي هللا عنها-: فطالب العلم له منزلة، العالم له منزلة، العالمة له منزلة، فهذا فيه مخالفة ألمره-عليه الصالة والسالم- فيه

غش للشخص نفسه الذي يوصف بهذا الوصف، وغش لغيره، يعني الثناء على الشخص ومدحه بماأيضا لمتغرير بغيره، تغرير بغيره ممن يريد أن يفيد منه، فإذا قيل له عالمة، وفالن عالمة وأيضا ليس فيه غش،

يوجد فرق، وإذا فرق بين الناس وميز بينهم، وأخذ من كل شخص ما يحسنه ويتقنه أدرك الناس العلم، وإالبهذه الطريقة يضيع طالب العلم، وهللا المستعان.

ا أن بعض بالذات اإلعالميين الذين ربما المقدم: يعني كأننا نريد أن نحد من استخدام لفظ "العالمة"، خصوص: وقد نبهنااألسف،يكون لهم مناشط إعالمية عديدة يتعرضون للقاء بعدد من العلماء، يطلقون هذا اللفظ مع

في أكثر من محفل على ضرورة المحافظة على هذا اللفظ أال يطلق إال على من يستحق. أذكر أن أحد كبارا قاطع:ا أن يقال له عالمة، مع أنه يستحق هذا اللفظ. علماء هذه البالد-رحمه هللا- كان يرفض رفض:

نعم، كون اإلنسان يستحق ويتواضع مطلوب هذا، لكن أيضا بالمقابل الشخص الذي يطلق هذا اللفظ ويتجوز فيه فيطلقه على من يستحق ومن ال يستحق، هذا فيه مخالفة ألمره -عليه الصالة والسالم- أن ننزل الناس منازلهم، هذا ما صار في فرق بين طالب علم وعالمة، ال فرق بينهم، وحينئذ يكون الطالب المبتدئ الذي

وبعض العلماء الذين يريد أن يتعلم يضيع بين هؤالء. والسبب في إطالق هذا اللقب الكبير على طالب العلم وتقريره، وتعليمه يعني ال شك أنه سببه اإلعجاب وتأصيله لم يصلوا إلى درجة المبالغة في تحصيل العلم

بعض المسائل،ببحثيعجب هؤالء الشباب والطالب بفالن من الناس، إما بطريقة عرض أو بأسلوب، أو في العلم كله، وهللا المستعان. يطردونهواستقصائها، واستقرائها، ثم بعد ذلك هم

ألنه من العالمة وهي الداللة، واإلشارة. ومما هو من ضرب العلم قولهمعلما؛ قال أبو علي: سمي العلم اليقين وال ينعكس، فتقول كل يقين علم، وليس كل علم يقينا. وذلك أن اليقين علم يحصل بعد استكمال

االستدالل والنظر لغموض فيه، والعلم النظر والتصفح ومن العلم الدراية، وهي ضرب مخصوص منه. ثم إن العلماء اختلفوا في حد العلم، اختلفوا في حد العلم، قال في مختصر التحرير وشرحه: العلم ال يحد، العلم ال يحد في وجه، قال بعضهم لعسره، ويميز بتمثيل وتقسيم، وقال بعضهم: ألنه ضروري. وممن قال: ال يحد

لعسره إمام الحرمين والغزالي. وممن قال: ال يحد؛ ألنه ضروري الرازي، كما في عمدة القاري. وقالآخرون: يحد يعني يعرف، ولهم في ذلك أقوال.

4 السابعة بعدالتجريد الصريح– الحلقة المائة

قال العيني: أصح الحدود أنه صفة من صفات النفس توجب تمييزا ال يحتمل النقيض في األمور المعنوية.

فقوله: صفة جنس يتناول جميع صفات النفس، وقوله: توجب تمييزا احتراز عما لم يوجب تمييزا كالحياة. .ا ضعيفاوقوله: ال يحتمل النقيض احتراز عن مثل الظن؛ ألن الظن يحتمل النقيض، وإن كان النقيض احتمال

وقوله: في األمور المعنوية: يخرج إدراك الحواس، وعرفه في مختصر التحرير بقوله: هو صفة يميز أي ال يحتمل النقيض. في األول قال: العلم ال يحد في وجه، العلم ال يحدبقا مطاماجاز المتصف بها تمييزا

بهذا افتتح ابن النجار كالمه عن العلم، العلم ال يحد في وجه، ثم عرفه بقوله: هو صفة يميز المتصف بهاكيف ال يحد ثم عرفه؟ بقا، مطاماتمييزا جاز

ألنه قال في مقدمة الكتاب: إذا قلت في وجه فالمقدم غيره، يعني إذا قلت في وجه فهو قول مرجوح، فالمقدم ال يحتمل النقيض. يأمطابقا ماجاز غيره؛ ولذلك عرفه فيما بعد فقال: صفة يميز المتصف بها تمييزا

الذين آمنوا منكم والذينقال البخاري -رحمه هللا تعالى-: باب فضل العلم، وقول هللا- تعالى-: }يرفع هللا بما تعملون خبير{]المجادلة: ا{]طه:وقوله- عز وجل-: . [11أوتوا العلم درجات وهللا }رب زدني علم:

نقل ابن حجر عن ابن العربي قال: بدأ المصنف بالنظر في فضل العلم قبل النظر في حقيقته، بدأ .[114 المصنف بالنظر في فضل العلم قبل النظر في حقيقته؛ ولذلك العتقاده أنه في نهاية الوضوح، فال يحتاج إلى

تعريف، أو ألن النظر في حقائق األشياء ليس من فن الكتاب؛ ألن البخاري -رحمه هللا تعالى- لم يضع كتابهلحدود الحقائق، لو سبرنا مؤلفات المتقدمين ما وجدنا فيها عناية بالحدود، لماذا؟

ألن الحقائق ال تخفى عليهم؛ ألنهم لم يختلطوا بغيرهم، وعهدهم بالشارع قريب، فعلمهم بمصطلحاته ال يحتاج إلى ذكر، نعم يحتاج الناس إلى ذكر الحدود، والتعاريف، وركبوا على هذه الحدود وهذه التعاريف بقية ما

عن تصوره، وجعلوا التصور قبل الحكم؛ ألنهم بحاجةايتعلق بأي باب من األبواب، فجعلوا الحكم عليه فرع إلى معرفته، وتعريفه. يعني بعد أن طال الزمان، واختلط الناس بغيرهم، وخفيت عليهم بعض المصطلحات

الشرعية. أقول: نقل ابن حجر عن ابن العربي قال بدأ: المصنف بالنظر في فضل العلم قبل النظر في حقيقته؛ وذلك

العتقاده أنه في نهاية الوضوح فال يحتاج إلى تعريف، أو ألن النظر في حقائق األشياء ليس من فن الكتاب. مختصرة وتبعهم غيرهم عليها، وجعلوا من شرطها أن تكون جامعة مانعةطقة يعني التعاريف التي حدها المنا

يعني نظرت إلى مصنفات المتقدمين وجدتها خالية تماما عن هذا، إذا نظرت في النصوص الشرعية وجدتف الشيء ببعض أفراده، ببعض أفراده. النبي-عليه الصالة والسالم- فسر الظلم أن النص الشرعي قد يعر

ما يجيء، ما يمكنالمناطقةبالشرك فرد من أفراده، وفسر القوة بالرمي فرد من أفراده، لكن هذا على طريقة على طريقة المتأخرين. ألن البخاري لم يضع كتابه لحدود الحقائق وتصورها، بل هو جار على أساليب

ون بفضيلة المطلوب للتشويق عليه إذاؤون بفضيلة المطلوب للتشويق إليه، يبدؤالعرب القديمة، فإنهم يبدكانت حقيقته مكشوفة معلومة.

5 فضيلة الشيخ عبد الكريم5الخضير

أنكر ابن العربي في شرح الترمذي على من تصدى لتعريف العلم، وقال: هو أبين من أن يبين. قلت:قدو اإلمام أن العلم ال يحد؛ لوضوحه، أو لعسره كما تقدم. يقول:شيخه)القائل ابن حجر( وهذه طريقة الغزالي، و

بدأ بفضل العلم، ثم ذكر ما يتعلق به. طيب ماذا عنبل هو جار على أساليب العرب القديمة )يقصد البخاري( فضائل القرآن؟ هل هي قبل تفسير القرآن، أو بعده عند البخاري؟ أيهما األول التفسير أم الفضائل؟ التفسير

كالم ابن العربي، هذا يرد على كالم ابن العربي، يقول: بل هو جار على أساليبيخرققبل الفضائل هذا ون بفضيلة المطلوب للتشويق إليه، إذا كانت حقيقته مكشوفة، معلومة. وقد أنكرؤالعرب القديمة في أنهم يبد

ابن العربي في شرح الترمذي على من تصدى لتعريف العلم، وهو أبين من أن يبين. الحافظ ابن كثير -رحمه هللا تعالى- في تفسيره تردد مرة جعل فضائل القرآن في آخر الكتاب، ومرة جعلها

في أول الكتاب تبعا لهذا الكالم، بدأ بالفضائل للتشويق، وفي بعض عرضات الكتاب، وبعض نسخ الكتاب هو مؤخر؛ اقتداء باإلمام البخاري -رحمه هللا تعالى- حينما أخر فضائل القرآن عن التفسير. وقد جاء في فضل

العلم وأهله العاملين به من نصوص الكتاب والسنة ما ال يدخل تحت الحصر، من ذلك ما ذكره اإلمام الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات{]المجادلة:}البخاري- رحمه هللا تعالى- فاآلية األولى: يرفع هللا

قيل في تفسيرها: يرفع هللا المؤمن العالم على المؤمن غير العالم، ورفعة الدرجات تدل على الفضل، إذ [11 المراد به كثرة الثواب، وبها ترفع الدرجات، ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت

وفي اآلخرة بعلو المنزلة في الجنة. وفي صحيح مسلم من حديث عمر- رضي هللا عنه- قال: إن نبيكم- }رب زدني. وقوله تعالى: ، ويضع به آخرين«ما»إن هللا يرفع بهذا الكتاب أقواصلى هللا عليه وسلم- قال:

ا{]طه: نبيه بطلب االزدياد من شيء إال العلم.يأمر واضح الداللة في فضل العلم؛ ألن هللا تعالى لم [114علم: ودرجات أصحابهم، وفي شرح ابن بطال جاء في كثير من اآلثار أن درجات العلماء تتلوا درجات األنبياء

والعلماء ورثة األنبياء، وإنما ورثوا العلم وبينوه لألمة، وذبوا عنه وحموه من تحريف الجاهلين، وانتحال}نرفع درجات من نشاء{المبطلين. روى ابن وهب عن مالك قال: سمعت زيد بن أسلم يقول في قوله تعالى:

قال: بالعلم. وذكر عن األوزاعي قال: جاء رجل البن مسعود فقال: يا أبا عبد الرحمن، أي [83]األنعام: األعمال أفضل؟ قال: العلم، ثم سأله: أي األعمال أفضل؟ قال: العلم. قال: أنا أسألك عن أفضل األعمال وأنت

وال تقول: العلم، قال: ويحك، إنما العلم باهلل ينفعك قليل العمل وكثيره، ومع الجهل باهلل ال ينفعك قليل العملكثيره.

ثم قال ابن بطال: غير أن فضل العلم إنما هو لمن عمل به، ونوى بطلبه وجه هللا تعالى، غير أن فضل العلم إنما هو لمن عمل به، ونوى بطلبه وجه هللا تعالى. ذكر مالك أن عبد هللا بن سالم قال لكعب: من أرباب

هم أهله الذين يعملون بعلمهم، قال: صدقت. قال: فما ينفي العلم من صدور العلماء بعد إذ علموه؟ قال:العلم؟قال: الطمع.

وبيان منزلة قال ابن حجر: والمراد بالعلم العلم الشرعي، المراد بالعلم الذي جاءت النصوص بالحث عليه أهله إنما هو: العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته، ومعامالته

6 السابعة بعدالتجريد الصريح– الحلقة المائة

والعلم باهلل وصفاته، وما يجب له من القيام بأمره، وتنزيهه عن النقائص، ومدار ذلك على التفسير، والحديث، والفقه. وقد ضرب هذا الجامع، وقد ضرب هذا الجامع )يعني الصحيح، صحيح البخاري( وقد ضرب هذا

هللا عن مصنفه. بنصيب- فرضيالثالثة الجامع الصحيح في كل من األنواع من عباده العلماء{]فاطر: وذكر الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: أي: إنما يخشاه [28}إنما يخشى هللا

القدير العليم الموصوف بصفات الكمال حق خشيته العلماء العارفون به؛ ألنه كلما كانت المعرفة للعظيم المنعوت باألسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتم، والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر. يعني من

«إن أعلمكم باهلل وأخشاكم وأتقاكم ألنا»كان باهلل أعرف كان منه أخوف، وجاء في الحديث الصحيح: الرسول-عليه الصالة والسالم-. ثم نقل عن الحسن البصري قوله: العالم من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب هللا فيه، وزهد فيما سخط هللا فيه، ثم تال اآلية. وعن ابن مسعود-رضي هللا عنه- قال: ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية. وقال أحمد بن صالح المصري، عن ابن وهب، عن مالك:

قال إن العلم ليس بكثرة الرواية، وإنما العلم نور يجعله هللا في القلب. قال أحمد بن صالح معناه: أن الخشية ال تدرك بكثرة الرواية، وإنما العلم الذي فرض هللا-عز وجل- أن يتبع

فإنما هو الكتاب، والسنة، وما جاء عن الصحابة-رضي هللا عنهم- ومن بعدهم من أئمة المسلمين فهذا ال يدرك، يقول: وما جاء عن الصحابة-رضي هللا عنهم- ومن بعدهم من أئمة المسلمين فهذا ال يدرك إال

بالرواية. ويكون تأويل قوله: نور يريد به فهم العلم، ومعرفة معانيه أصل العلم، العلم الشرعي مبني على درايتها ومعرفة ما تشتمل عليه من تأويل هذا يدرك ويفهم،، نصوص، ال تدرك هذه النصوص إال برواية

وهو النور الذي أشاروا إليه. ونقل القرطبي في تفسيره عن علي -رضي هللا عنه- قال: )إن الفقيه حق الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة هللا، ولم يرخص لهم في معاصي هللا، ولم يؤمنهم من عذاب هللا، ولم يدع القرآن

رغبة عنه إلى غيره، إنه ال خير في عبادة ال علم فيها، وال علم ال فقه فيه، وال قراءة ال تدبر فيها(. هذا فإن العلم منه ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض كفاية. قال أبو عمر بن عبد البر، أبو عمرإذا علم

بن عبد البر في كتابه "جامع بيان العلم وفضله"- وهذا كتاب ال يستغني عنه طالب علم، ال أقول ال يستغني عن اقتنائه، بل ال يستغني عن قراءته طالب علم- يقول أبو عمر: أجمع العلماء على أن من العلم ما هو

فرض متعين على كل امرئ في خاصته بنفسه، ومنه ما هو فرض على الكفاية إذا قام به قائم سقط فرضه على أهل ذلك الموضع. واختلفوا في تلخيص ذلك والذي يلزم الجميع، والذي يلزم الجميع فرضهم من ذلك ما ال يسع اإلنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه نحو الشهادة باللسان، واإلقرار بالقلب بأن هللا وحده

لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد خالق كل شيء، وإليه مرجع كل شيء المحيي ال شريك له وال شبه له المميت الحي الذي ال يموت. والذي عليه جماعة أهل السنة أنه لم يزل بصفاته وأسمائه ليس ألوليته ابتداء،

-عبده ورسوله- وخاتم أنبيائه حق، وأناوال آلخريته انقضاء، وهو على العرش استوى. والشهادة بأن محمد البعث بعد الموت للمجازاة باألعمال والخلود في اآلخرة ألهل السعادة باإليمان والطاعة في الجنة، وألهل

الشقاوة بالكفر والجحود في السعير حق.

7 فضيلة الشيخ عبد الكريم7الخضير

وأن القرآن كالم هللا، وما فيه حق من عند هللا يجب اإليمان بجميعه، واستعمال محكمه، وأن الصلوات الخمس فرض ويلزمه من علمها علم ما ال تتم إال به من طهارتها وسائر أحكامها. وأن صوم رمضان فرض ويلزم

أن يعرف ما تجب فيهضاعلم ما يفسد صومه، وما ال يتم إال به. وإن كان ذا مال وقدرة على الحج لزمه فر الزكاة، ومتى تجب، وفي كم تجب، ويلزمه أن يعلم بأن الحج عليه فرض مرة واحدة في دهره إن استطاع

وتحريم الخمر والخنزير ، إلى أشياء يلزمه معرفة جملها، وال يعذر بجهلها نحو تحريم الزنا والرباسبيالإليه والرشوة على الحكم، والشهادة بالزور وأكل أموال الناس بالباطل وبغير وأكل الميتة واألنجاس كلها والغصب

طيب من أنفسهم إال إذا كان شيئا ال يتشاح فيه وال يرغب في مثله، وتحريم الظلم كله وتحريم نكاح األمهات واألخوات ومن ذكر معهن، وتحريم قتل النفس المؤمنة بغير حق، وما كان مثل هذا كله مما قد نطق الكتاب

.به، وأجمعت األمة عليه ثم سائر العلم وطلبه والتفقه فيه، وتعليم الناس إياه وفتواهم به في مصالح دينهم ودنياهم فهو فرض على

الكفاية يلزم الجميع فرضه إذا قام به قائم سقط فرضه عن الباقين ال خالف بين العلماء في ذلك وحجتهم فيهين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم{ قوله-عز وجل-: هوا في الد }فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفق

فألزم النفير في ذلك البعض دون الكل ثم ينصرفون فيعلمون غيرهم، والطائفة في لسان [122]التوبة: }ال يستوي القاعدون منالعرب الواحد فما فوقه. وكذا الجهاد فرض على الكفاية لقول هللا -عز وجل-:

رر والمجاهدون في سبيل هللا{ ا إلى قوله: المؤمنين غير أولي الض المجاهدين على القاعدين أجر: ل هللا }وفضا{]النساء: ا. ، [95عظيم: ففضل المجاهد ولم يذم المتخلف، واآليات في فرض الجهاد كثيرة جد

وفي إرشاد الساري: ينقسم العلم بانقسام المعلومات وهي ال تحصى فمنها الظاهر، والمراد به )العلم الشرعي( المقيد بما يلزم المكلف في أمر دينه عبادة، ومعاملة وهو يدور على التفسير والفقه والحديث. وقد عد الشيخ

وحفظ غريب الكتاب والسنة وتدوين أصول الفقه من البدع الواجبة، عز الدين بن عبد السالم تعلم النحوومنها علم الباطن وهو نوعان:

األول علم المعاملة، وهو فرض عين في فتوى علماء اآلخرة، فالمعرض عنه هالك. وحقيقته النظر في تصفية القلب وتهذيب النفس باتقاء األخالق الذميمة التي ذمها الشارع كالرياء والعجب والغش وحب العلو

والشكر والصبر والزهد والتقوى والطمع ليتصف باألخالق الحميدة المحمدية كاإلخالص والثناء والفخروالقناعة.

وأما النوع الثاني )يعني من علم الباطن( فهو علم المكاشفة وهو نور يظهر في القلب عند تزكيته فتظهر به وصفاته وكتبه ورسله إلى آخره. هذا النوع الثاني المعاني المجملة؛ فتحصل له المعرفة باهلل تعالى وأسمائه

المتصوفة فهو باطل بالغالة من علم الباطن إن أراد به الفراسة فهو حق، وإال إن أراد به ما يسترسل فيه شك.

المقدم: أحسن هللا إليك يا شيخ. في حلقة تأتي إن شاء هللا تعالى.ناولعلنا نزيد هذا بيا

8 السابعة بعدالتجريد الصريح– الحلقة المائة

لكماالمقدم: شكر هللا لكم، لعلنا نستكمل بإذن هللا ما تبقى في هذا الموضوع في الحلقة القادمة شكر:الكرام. مستمعين

والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته.