ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ...

423
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ: ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺎﺳﺐ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ: ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﺻﻔﻬﺎﻧﻲ٥ : ﺍﻟﺠﺰﺀ١٣٦١ : ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ: ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ: ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺤﻤﺪ ﺁﻝ ﺳﺒﺎﻉ ﺍﻟﻘﻄﻴﻔﻲ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ: ﺍﻷﻭﻟﻰ١٤١٩ : ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ: ﻧﻬﻀﺖ ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ: ﺫﻭﻱ ﺍﻟﻘﺮﺑﻰ ﺭﺩﻣﻚ: ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ:

Upload: others

Post on 15-Aug-2020

5 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الكتاب: حاشية المكاسبالمؤلف: الشيخ األصفهاني

الجزء: ٥الوفاة: ١٣٦١

المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامنتحقيق: الشيخ عباس محمد آل سباع القطيفي

الطبعة: األولىسنة الطبع: ١٤١٩

المطبعة: نهضتالناشر: ذوي القربى

ردمك:مالحظات:

Page 2: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حاشيةكتاب المكاسب

(١)

Page 3: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اسم الكتاب: حاشية كتاب المكاسبتأليف: الشيخ محمد حسين األصفهانيتحقيق: الشيخ عباس محمد آل سباع

الطبع: األولى ١٤١٩. ه قالعدد: ١٠٠٠ نسخةالناشر: ذوي القربى

المطبعة: نهضت

(٢)

Page 4: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حاشيةكتاب المكاسب

تأليفسماحة آية الله العظمى

المحقق الفقيه الشيخ محمد حسين األصفهانيالمتوفى سنة ١٣٦١ ه

تحقيقالشيخ عباس محمد آل سباع القطيفي

(٣)

Page 5: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بسم الله الرحمن الرحيم

(٥)

Page 6: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اختالف المتبايعين

(٧)

Page 7: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اختالف المتبايعين- قوله (قدس سره): (نعم لو علم كونه نقصا... الخ) (١).

فمرجع االختالف إلى أنه نقص في العين يوجب نقصا في القيمة حتى يكونعيبا موجبا للرد واألرش معا، أو غير موجب لنقص القيمة حتى ال يوجب إال الرد،

لكنه إذا كان المدرك أخبار خيار العيب فموضوعها المعيب، ومع الشك في الصدقال رد وال أرش، وإذا كان المدرك االلتزام الضمني بالصحة وبسالمة المبيع فال يقتضي

إال الرد.وتوهم: عدم جريان قاعدة الضرر التي هي مدرك الخيار عند تخلف الشرط

الصريح أو الضمني فيما إذا لم يكن هناك نقص في المالية.مدفوع: بابتنائه على حصر الضرر في الضرر المالي، وإال فبناء على شموله لنقض

الغرض المعاملي ال وجه له كما هو واضح.- قوله (قدس سره): (لو اختلفا في حدوث العيب في ضمان البائع... الخ) (٢).

ظاهره وإن كان االختالف في حدوث العيب قبل القبض أو بعده وقبل انقضاءالخيار أو بعده دون حدوثه حال العقد أو بعده فإنه أجنبي عن ضمان البائع بالمعنى

المعهود، لكنه حيث صرح (قدس سره) فيما بعد بأصالة عدم العقد حين حدوثالعيب،

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ١١.(٢) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ١٢.

(٩)

Page 8: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فاألولى بيان حكم تمام الصور فنقول:حيث إن األثر وهو الخيار مرتب على وقوع العقد على ما به عيب حال العقد

بمقتضى أخبار خيار العيب، وكذا هذا األثر مرتب على تلف وصف الصحة قبلالقبض بمقتضى قاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه بناء على تعميمها لتلف الوصف

وتعميم الضمان للخيار، وكذا هذا األثر مرتب على تلف الوصف في زمان الخياروقبل انقضائه بمقتضى أخبار خيار الحيوان وغيرها، فال محالة تجري أصالة عدم

حدوث العيب إلى ما بعد حدوث العقد، فالعقد على العين محرز بالوجدان، وعدمالعيب إلى ما بعد تحققه باألصل، فينتفي موضوع الخيار، فإنه قد اشترى ما ليس به

عيب وعوار، وال مجال ألصالة عدم وقوع العقد إلى ما بعد حدوث العيب، فإنموضوع الخيار وقوع العقد على ما به عيب، وهذا ال يثبت باألصل المزبور إال علىالقول باألصل المثبت، وتقدم (١) بعض ما يناسب المقام وسيجئ (٢) إن شاء الله

تعالىعما قريب.

وهكذا في الصورتين األخيرتين ال مجال إال ألصالة عدم التلف إلى ما بعد القبضأو انقضاء زمان الخيار، فإن الضمان مرتب على التلف قبل القبض وقبل االنقضاء،

وعدم التلف إلى ما بعدهما نفي لذلك الموضوع، بخالف أصالة عدم القبض وعدماالنقضاء إلى ما بعد التلف فإنه ال يثبت الموضوع المزبور إال باألصل المثبت.

- قوله (قدس سره): (ولعله ألصالة عدم تسليم البائع... الخ) (٣).أما أصالة عدم التسليم فمدفوعة بأنه ال أثر للتسليم وعدمه إال من حيث إن تلف

الوصف قبل القبض موجب للضمان، وقد عرفت (٤) أنه ال أثر إال للتلف قبل التسليمال لعدم التسليم على الوجه المقصود، وأما أصالة عدم استحقاق الثمن كامال فمبنية

على أن األرش بمقتضى قاعدة المعاوضة، وأن التقسيط على ذات الموصوفووصفه يوجب عدم انتقال ما يقابل الوصف، وهو مبنى سخيف ضعيف، فالثمن قد

--------------------(١) تعليقة ١٩.

(٢) ح ٤: ٥١٧، تعليقة ٣٦٧.(٣) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ١٤.

(٤) التعليقة السابقة.

(١٠)

Page 9: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

انتقل كال إلى البائع وإنما الشك في استحقاق المشتري لألرش، وعدمه مطابقلألصل.

وأما أصالة عدم لزوم العقد فغاية تقريبها: أن موضوع اللزوم هو العقد علىالصحيح، ووقوع العقد على الصحيح مسبوق بالعدم، وبعدم وقوعه يحكم بعدم

اللزوم.ويندفع: بما قدمناه في آخر خيار الرؤية (١) بأن وصف الصحة ال دخل له شرعا في

اللزوم، فموضوع اللزوم هو العقد الصحيح، ال العقد على الصحيح، بل المأخوذشرعا في دليله هو كون المبيع به عيب وعوار في موضوع الجواز والخيار، وبما تقدم

من األصل وبأصالة عدم العقد على ما به عيب ينفى موضوع الخيار.- قوله (قدس سره): (قال في التذكرة (٢) ولو أقام أحدهما بينة... الخ) (٣).أما سماع البينة من البائع مع كونه منكرا فمبني عن أن جعل اليمين على المنكر

لمجرد االرفاق به حيث يتعذر عليه غالبا إقامة البينة، ومعنى أن اليمين على المنكرأن المدعي ال يستحق من المنكر إال المطالبة باليمين، ال أنه ال يسمع منه البينة، وله

شواهد من األخبار واآلثار وكلمات علمائنا األخيار فليراجع محله.وأما تقديم بينة المشتري مع إقامة البائع أيضا الراجع إلى تقديم بينة الخارج ففيه

بحث طويل، إال أن وجه التقديم ليس ما في عبارة التذكرة من أن القول قول البائع،ألنه منكر فالبينة على المشتري، فإنه خلف لما تقدم منه من سماع بينة المنكر أيضا،

فال بد من بيان وجه الرجحان ال وجه البطالن، إال أن يكون مرجعه إلى ما قيل فيوجه ترجيح بينة الخارج من أن وظيفة المنكر مرتبة على عدم قيام المدعي

بوظيفته، فكما أن اليمين ال يقبل من المنكر مع إقامة المدعي للبينة كذلك ال يقبلمنه ما هو بديل اليمين وبمنزلته، فمراده (قدس سره) (فالبينة على المشتري) أن البينة

المسموعة بال حالة منتظرة وظيفة المدعي، فمعها ال مجال لبينة المنكر، ال أنه ال--------------------

(١) ٤: ٤٢٥، تعليقة ٣٠٩.(٢) التذكرة ١: ٥٤١ سطر ٨.

(٣) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ١٦.

(١١)

Page 10: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تسمع بينة المنكر مطلقا حتى يلزم التهافت بين العبارتين، والله أعلم.

- قوله (قدس سره): (فلو لم يختبر ففي جواز االستناد... الخ) (١).حيث إن الدعوى متعلقة بالواقع، والبنية حاكية عن الواقع، فكذا اليمين ناظرة إلى

الواقع، فاليمين على النفي في الظاهر غير مرتبطة بالدعوى، ولذا اشتهر في كلماتهمأن اليمين ال بد من أن يكون على الجزم والبت، فال يصح االستناد إلى األصل في

مقام الحلف، كما ال تجوز الشهادة استنادا إلى أصل أو ظاهر أو أمارة، ولو كانت بينة،مع أنه ال شبهة أن الدعاوي والشهادات واأليمان غالبا تتوقف على أمارة أو أصل أو

أصول، فإن ما بيد زيد مثال وإن كان منتقال إليه من أبيه جرما إال أن ولديته له بقاعدةالفراش أو االقرار، وكون المال مال أبيه حتى يرثه وارثه بمقتضى اليد، ولو فرضالجزم بشرائه فصحة الشراء باألصل، وكونه ماال لبائعه حتى يصح االشتراء أيضابالقاعدة، فال تكاد تجد موردا يخلو عن أصل أو ظاهر، وندرة معلومية شئ من

جميع الجهات، ومن الواضح تبعية النتيجة ألخس المقدمات، فالدعوى والشهادةوالحلف غالبا غير جزمية وال بينة، فال بد حينئذ من عدم سماع الدعاوي وعدم جواز

الشهادة والحلف إال نادرا، وهو خالف طريقة الشارع والمتشرعة.مضافا إلى ما ورد (٢) من جواز الشهادة بمقتضى اليد، كما يجوز االشتراء من ذي

اليد، وإلى (٣) ما صح عندهم من جواز الشهادة بمقتضى استصحاب الملكية، وربمايجمع بين األمرين ببعض الوجوه التي ال تخلو عن النقض واالبرام، ولتحقيق الكالم

فيه مقام آخر.- قوله (قدس سره): (ويمكن الفرق بين الطهارة... الخ) (٤).

حاصله: أن العيب وشبهه من الموضوعات الواقعية وإن اختلف ترتب حكمهاعليها بالعلم والجهل، فمع عدم العلم بها ال يمكن الحلف بتا على عدمها، وإن جاز

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ١٩.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٢٥ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعاوي.(٣) عطف على (إلى ما ورد..).

(٤) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ٢٠.

(١٢)

Page 11: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

على عدم فعلية أثرها، كأن يحلف على عدم الحق فعال ردا وأرشا، بخالف الطهارةوالملكية فإنهما بنفسهما من الموضوعات الشرعية، فما ال يعلم بتنجسه طاهر فعالشرعا، وكذا ما كان تحت اليد ملك شرعا، فإذا كانت الدعوى في الطهارة الفعليةوعدمها صح الحلف على الطهارة الفعلية وعدم نجاسته فعال، وكذا تجوز الشهادة

بأن العين ملك لذي اليد فعال.وبعبارة أخرى وجود الموضوع الواقعي تعبدا ليس إال التعبد بحكمه بلسان التعبد

بموضوعه، ووجود الطهارة تعبدا أو الملكية تعبدا مقتضاه اعتبار الطهارة فعال واعتبارالملكية فعال على حد اعتبارهما في غير مورد األصل واألمارة، وتحقيق الحال في

كفاية هذا المقدار في جواز الشهادة والحلف موكول إلى باب القضاء، والله أعلم.- قوله (قدس سره): (وإن كان المراد االكتفاء بالحلف... الخ) (١).

ال يخفى أن مصب الدعوى إن كان هو العلم لترتب األثر عليه كما في العلمبالغبن، فالحلف على نفي العلم حينئذ من الحلف على البت، وأما إن كان مصب

الدعوى هو الواقع كما في دعوى العيب الذي يترتب عليه استحقاق الرد واألرش مندون دخل لعلمه وجهله به فاالكتفاء بالحلف على نفي العلم حلف ال يطابق

الدعوى، فتأثيره في سقوط الدعوى يحتاج إلى دليل، ولم يثبت إال على نفي العلمفيما يتعلق بفعل الغير، كما في الوارث باإلضافة إلى الدعوى على الميت، واستفادةالمالك - وهو كونه مما ال يمكن الحلف فيه على نفي الواقع بتا سواء كان في ما

يتعلقبفعل الغير أو فيما يتعلق بموضوع خارجي - مشكلة جدا، وتمام الكالم في محله.

والمورد الذي يثبت فيه الحلف على نفي العلم كما في الوارث فأثره اسقاطالدعوى والذهاب بالحق المدعى به، وأما تأثيره في ايقاف الدعوى إلى أن يقوم بها

البينة من المدعي فهو خالف ظاهر أدلة البينات واأليمان المجعولة ميزانا لفصلالخصومة، ومما ذكرنا تعرف أن فصل الخصومة برد اليمين على المدعي أوفق

بالقواعد بعد فرض كون ايقاف الدعوى وعدم فصل الخصومة بالحكومة خالف--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ٢٣.

(١٣)

Page 12: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حكمة تشريع القضاء.- قوله (قدس سره): (ألن اليمين على نفي العلم... الخ) (١).

أال أنه ال دليل على الكفاية ولو قلنا بالكفاية في صورة عدم التمكن من الحلفبتا، إال إذا كان مصب الدعوى هو العلم فإنه يجوز الحلف على عدمه ولو مع امكان

الحلف على نفي الواقع بتا، ولعله (قدس سره) يريد مثل هذه الصورة، والله أعلم.إذا اختلف الموكل والمشتري في قدم العيب وحدوثه

- قوله (قدس سره): (والوكيل نائب عنه بطلت وكالته... الخ) (٢).إال إذا علم أنه وكيل مطلق في أمر المال عقدا وحال فسخا وردا وإقالة وما أشبه

ذلك، فإن المشتري له الرد إليه ملكا وخارجا، إال أنه غير محل الفرض.- قوله (قدس سره): (وال يقبل اقرار الوكيل بقدمه ألنه أجنبي... الخ) (٣).

ما يتوهم دليال لنفوذ اقراره على موكله أمران:أحدهما: قاعدة من ملك شيئا ملك االقرار به، وحيث إنه يملك التصرف في المال

وينفذ تصرفه فينفذ منه االقرار على ما بيده وتحت سلطانه، وليس زوال وكالته موجبالعدم نفوذ إقراره، كما هو مقتضى تعليل عدم نفوذه بقوله (رحمه الله) (ألنه أجنبي)،

فإنه مبنيعلى اختصاص هذه القاعدة بصورة بقاء الوكالة، مع أنه ال شبهة في نفوذ اقرار الوكيل

بالبيع إذا أنكر الموكل وقوعه، بل الوجه في عدم اندراج ما نحن فيه تحت هذهالقاعدة أن كل ما يكون أمرا قابال لالستنابة من التصرفات فإنها كما تنفذ من الوكيلكذلك ينفذ اقراره بها، وقدم العيب وحدوثه وأمثالهما ليس قابال للوكالة حتى ينفذ

اقرار الوكيل بها، فتدبر.ثانيهما: ما ورد (٤) من وجوب تصديق الوكيل حيث إنه أمين ال يجوز اتهامه،

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ٢٧.(٢) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ٢٨.(٣) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ٢٩.

(٤) لم أجد رواية بهذا النص وإنما هو متكرر في عبائر الفقهاء.

(١٤)

Page 13: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فيصدق دعواه بتلف المال، ومنه تلف وصفه قبل بيعه واقباضه.والجواب: أن الدعوى إن كانت بين الموكل والوكيل فمقتضى التأمين عدم اتهامه

وعدم تغريمه كما هو ظاهر ما ورد في هذا الباب، وأما إن كانت الدعوى بين الموكلوالمشتري فال غرامة على فرض صدق الموكل إال على المشتري، فال تضمين للوكيل

حتى يقال بأنه أمين، ولذا ذكروا في باب الوكالة أن الوكيل إذا ادعى تلف الثمنوأنكره الموكل كان القول قول الوكيل، فال يغرم للموكل، بخالف ما إذا ادعى قبض

الثمن من المشتري وأنكره الموكل فإن الغرامة ال توجه لها إال على المشتري دونالوكيل، فال يوجب عدم تصديقه تغريمه، وما نحن فيه من قبيل الثاني هذا.

نعم إن أمكن جريان الوكالة حتى في االقرار عن الموكل وكان الوكيل وكيال مطلقانفذ اقراره على الموكل، من حيث إنه بنفسه من التصرفات التي له السلطنة عليها، إال

أنه خارج عن محل البحث.- قوله (قدس سره): (ألنه لو اعترف نفع الوكيل... الخ) (١).

قد تقرر في محله أن كل منكر ليس عليه اليمين، بل فيما يكون عليه غرامةللمدعي باقراره كان عليه اليمين بانكاره، والغرامة هنا في الحقيقة ليست إال

للمشتري، وتطبيقه على هذه القاعدة المسلمة بتقريب: أن الغرامة واقعا وإن كانتللمشتري لكنها حيث توجهت ظاهرا إلى الوكيل فاقرار الموكل يوجب قرار الغرامة

المتوجهة نحو الوكيل على الموكل، وحلفه يوجب دفع هذه الغرامة عن نفسهواستقرارها ظاهرا على الوكيل، كما أن حلف الوكيل المنكر لقدم العيب يوجب دفعالغرامة المتوجهة نحوه ظاهرا عن نفسه، ال أنه يوجب دفع الغرامة واقعا عن الموكل،

بل لو التفت المشتري إلى كونه وكيال له إقامة الدعوى على الموكل.- قوله (قدس سره): (وجهان بناهما في القواعد... الخ) (٢).

أما الترديد فبمالحظة حصر ميزان القضاء في البينة واليمين، وحيث إن المدعي--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ٣٠.

(٢) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ٣٤.

(١٥)

Page 14: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ال يمين عليه فال بد من أن يكون اليمين المردودة بمنزلة بينة المدعي حفظا للحصر،أو يكون بمنزلة اقرار المنكر الذي ال تبقى معه خصومة حتى يحتاج إلى أعمال

موازين الحكومة، فيكون الحصر أيضا محفوظا.وأما كونها ملحقة بالبينة أو باالقرار فوجه كونها كالبينة أنها حاكية عن الواقع

وحجة مثبتة للمدعى به، ومما يستخرج بها الحق كما في الرواية (١)، ال أنها مما التبقى معه خصومة ليحتاج إلى استخراج المدعى به، ووجه كونها كاالقرار أنها هييمين المنكر ردت إلى المدعي، فالمنكر في الحقيقة ملتزم بالمدعى به على تقديرحلف المدعى، وال نعني باالقرار إال االلتزام بالمدعي به، غاية األمر أنه في اليمينالمردودة تقديري ال تحقيقي، وتمام الكالم واستيفاء النقض واالبرام موكول إلىمحله، وإن كان أصل الترديد بال ملزم، لعدم محذور في التخصيص، وعلى فرض

التحفظ على الحصر فكونها كالبينة أوجه من كونها كاالقرار.- قوله (قدس سره): (وفي مفتاح الكرامة (٢) أن اعتراضه (٣)... الخ).

ال موجب لتوهم االبتناء إال تعبير جامع المقاصد حيث قال (رحمه الله) (ألن البينة فيهذه

الحالة غير مسموعة من الوكيل) (٤) بتوهم أن بينة الوكيل - وهو الراد - غير مسموعةمنه، فاليمين المردودة بمنزلة بينة الراد وهو الوكيل، مع أن المراد أن البينة التي

يقيمها المشتري وإن كانت حجة له على الوكيل لكنها ال تجدي الوكيل، وال يصح لهاالستناد إليها على الموكل لعلمه بكذبها، وال منافاة بين صحة استناد المشتري إليها

وعدم صحة استناد الوكيل إليها، لوجود المانع من االستناد في الثاني دون األول،ومنه تعرف أن لزوم تنفيذ البينة بعد حكم الحاكم ال يقتضي إال نفوذها في حق

الوكيل، ال تنفيذ الوكيل لها في حق الموكل مع العلم بكذبها.- قوله (قدس سره): (الرابعة: لو رد سلعة بالعيب... الخ) (٥).

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٧ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعاوي.

(٢) مفتاح الكرامة ٤: ٦٦٤.(٣) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ٢.

(٤) جامع المقاصد ٤: ٣٦٠.(٥) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ٣.

(١٦)

Page 15: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الكالم في مقامين:أحدهما: ما إذا ادعى المشتري على البائع أن هذه سلعتك وهي معيبة، وأنكر

البائع كونها سلعته وأنها سلعة أخرى صحيحة، ومقتضاه االختالف في الخيار، وفيالمسألة أصل موضوعي وأصل حكمي يوافقان انكار البائع.

أما األصل الموضوعي فأصالة عدم كون هذه السلعة الشخصية واقعة موقع البيعمن البائع، لسبق اليقين بعدمها، وهذا هو المراد من أصالة عدم كونها سلعة البائع، إذ

ال تعين لسلعة البائع إال وقوعها موقع البيع منه، وهذه الحيثية هي المسبوقة بالعدم،وأما المغائرة خارجا بين هذه السلعة وغيرها فهي محسوسة ال شك فيها، لفرض

االثنينية، كما أن أصالة عدم كونها للبائع ال تجدي لما نحن فيه إال بمالحظة الزمهالعقلي وهو عدم وقوع العقد عليها من البائع، لفرض عدم كونها له.

وأما األصل الحكمي فالخيار حق حادث مسبوق بالعدم، فاألصل عدم حقللمشتري على البائع، وسيجئ (١) إن شاء الله تعالى بيان بعض األصول األخر التي

ربما يقال بجريانها في المقام.ثانيهما: ما إذا اتفقا على الخيار واختلفا في كون العين المردودة سلعة البائع، وفيه

قوالن: قول باشتراكه مع الفرع المتقدم، الشتراكهما في أصالة عدم كون السلعة مماوقع العقد عليها، وقول بتقديم قول المشتري لوجهين:

األول: أن مرجع االختالف إلى دعوى البائع لخيانة المشتري بتغيير السلعة وابرازسلعة أخرى مكانها، وتقريبه بحيث تندفع عنه شبهة جريانه في الفرع المتقدم: هو

أن المشتري بمقتضى ثبوت حق الخيار وحق رد العين له يكون له الوالية شرعا علىالعين المشتراة، فيجب تصديقه فيما له الوالية عليه، ألنه أمين من قبل الشارع فاليجوز اتهامه وتخوينه للنصوص الخاصة، بخالف الفرع المتقدم فإن أصل الخيار

مشكوك فالوالية واألمانة غير ثابتة هناك.ومنه تبين اندفاع ما عن جامع المقاصد (٢) بأن كل مدعيين يدعي أحدهما خيانة

--------------------(١) في نفس التعليقة.

(٢) جامع المقاصد ٤: ٣٦٣.

(١٧)

Page 16: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اآلخر إلى آخر ما قال وتبعه على ذلك المصنف (قدس سره) حيث قال: (أما دعوىالخيانة فلو

احتاجت إلى االثبات... الخ) والفارق ما ذكرناه، وأما مجرد ظهور حال المسلم فيعدم الخيانة فهو كظهور حاله في عدم الكذب، فإنه ال أثر له إال عدم الحكم بفسقه ال

وجوب تصديقه.ومنه تعرف أن مدرك أصالة عدم الخيانة ليس ما أفاده المصنف (قدس سره) في طي

كالمهمن ظهور حال المسلم في عدم الخيانة، وهو الموجب لدعوى االشتراك بين

المسألتين في هذا األصل، بل ما دل على عدم جواز اتهام األمين وعدم تغريمهوتضمينه بتخوينه.

وربما يوجه باندراجه تحت قاعدة من ملك شيئا ملك االقرار به، نظرا إلى أنالمشتري يملك الخيار برد العين فيملك االقرار بحل العقد برد العين، فكما أن رده

نافذ فكذا االقرار به نافذ، ومقتضى تقديم قول البائع الحكم بعدم نفوذ رده.إال أنه - بعد االغماض عن شمول تلك القاعدة لمورد البحث - يرد عليه أنه إنما

يسلم إذا كان الفسخ منوطا برد العين، حتى يقال إنه يجب تصديقه في القيد وهو غيردخيل في سائر الخيارات المجتمعة مع تلف العين، وأما في خيار العيب فليس

المراد حصول الحل بالفعل وهو رد العين خارجا حتى يختص فسخ العقد بخيارالعيب بالفعلي دون القولي، بل المراد قصر حق حل العقد ورد الملك بصورة بقاءالعين، وعليه فحل العقد غير منوط برد العين ليكون قيدا لما له السلطنة عليه حتىينفذ اقراره فيه، فيكون حال العين بعد تحقق الفسخ كحال غيرها من حيث عدم

اندراجها تحت القاعدة المزبورة.الثاني: أن انكار البائع يقتضي سقوط الخيار المتفق عليه، واألصل بقاؤه فيقتضي

تقديم قول المشتري لموافقته لألصل المزبور، وال يخفى عليك أن غاية ما يقتضيهانكار البائع عدم حصول الفسخ برد السلعة المتنازع فيها، ال عدم الخيار واستحقاقالفسخ برد المبيع، ولعله ألجله فرض المصنف (قدس سره) تلف المبيع على فرض

صدقالبائع وأن الخيار خيار العيب، وإال فلو اتفقا على بقاء المبيع وكان النزاع في تعيينه،

(١٨)

Page 17: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أو كان الخيار غير خيار العيب فال يرجع األمر إلى دعوى سقوط الخيار.ويمكن أن يقال: إنه في فرض انكار المشتري لوقوع العقد على غير هذه السلعة

الخاصة يؤول دعوى البائع إلى عدم امكان الفسخ، وال نعني بالخيار إال السلطنة علىالفسخ فعال، فالمشتري مع فرض اقراره بوقوع العقد على هذه السلعة ال غيرها ال

سلطنة له بحسب اقراره إال برد هذه السلعة، والبائع ينكر سلطنته على حل العقد بردهذه السلعة، والمفروض انحصار خيار المشتري في هذه السلطنة الخاصة، وهذا

التوجيه وجيه في خصوص خيار العيب المنوط بامكان رد المبيع.ويمكن أن يقال أيضا: إن الغرض سقوط الخيار بحسب النتيجة، إذ مقتضى انحالل

العقد استحقاق المشتري السترداد الثمن واستحقاق البائع السترداد المبيع، ولكلمنهما االمتناع مع امتناع اآلخر، فللبائع االمتناع من رد الثمن مع عدم وصول مبيعه

إليه، فدعوى البائع ترجع إلى عدم استحقاق المشتري السترداد الثمن، لفرض انكارهلكون هذه السلعة مبيعه، فوجود الفسخ من حيث األثر كعدمه، وهذا الوجه يعم

جميع الخيارات، ودعوى بقاء العين الواقعية وتلفها.ويمكن أن يقال أيضا: إن انكار البائع يرجع إلى إحدى دعويين، إما تلف ما وقع

عليه العقد واقعا فال خيار، واألصل موافق للمشتري، وإما بقاء العين وامكان األخذبالخيار، إال أن البائع يدعي غرامة ما أنكر المشتري وقوع العقد عليه، والقاعدة

موافقة أيضا للمشتري، ألنه أمين فال يناسب التغريم والتضمين.إال أن هذا الوجه خالف ما حكي عن االيضاح (١)، فإن ظاهره مخالفة قول البائعألصلين، ال ألحد أصلين على تقديرين، وهذا الوجه على فرض صحته يختص بخيار

العيب، وهو واضح.ثم إنه أورد المصنف العالمة (قدس سره) على هذا الوجه - بعد فرض صحة أصالة بقاء

الخيار مطلقا - بما محصله: أن األصل - الذي يكون موافقته ألحد الطرفين موجبةلكون الموافق منكرا ليكون قوله مقبوال مع يمينه - هو ما إذا كان األصل مربوطا

بمورد--------------------

(١) إيضاح الفوائد ١: ٤٩٩.

(١٩)

Page 18: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

النزاع، وحيث إن النزاع في كون السلعة الشخصية سلعة البائع - فيجوز للمشتريردها ويجب على البائع قبولها - أم ال، فأصالة بقاء الخيار ال توجب كون السلعة سلعة

البائع، وال يوجب قبولها على البائع، إذ ليس بقاء الخيار تعبدا أقوى من بقائه قطعاوجدانا، وهو يجامع الشك في كون السلعة سلعة البائع والشك في لزوم قبولها على

البائع.نعم الزم بقاء الخيار ونفوذ الفسخ برد العين المشكوكة الحال كونها سلعة البائع،

وإال لما انحل العقد بردها، لما مر (١) منا من أن بقاء السلطنة على الفسخ [و] (٢) ردالمعيب - مع أنه ال تمكن للمشتري إال من رد هذه السلعة الشخصية - يقتضي عقال

أن تكون السلعة الخاصة المتمكن من ردها هي متعلق السلطنة الشرعية الفعلية،واألصل بلحاظ هذا الالزم العقلي من األصول المثبتة، ومما ذكرنا تبين أن الصحيح

في المقام الثاني من الوجهين لقبول قول المشتري بيمينه هو الوجه األول.- قوله (قدس سره): (وإن كانت هناك أصول متعددة... الخ) (٣).

حيث أراد (قدس سره) اشتراك المسألة األولى مع الثانية في أصالة عدم الخيانة أراد أنيبين

أن اختصاص المسألة األولى بأصول متعددة ال يوجب تخصيص قبول قولالمشتري ألصالة عدم الخيانة بالمسألة الثانية لوجهين:

أحدهما: أن االعتبار بموافقة قول لألصل ومخالفته له فيما إذا لم يكن األصلمحكوما، وإال فالعبرة بالموافقة والمخالفة لألصل الحاكم، وأصالة عدم الخيانة

حاكمة على كل أصل عملي يتصور في المسألتين، ألن مدركها الظهور المقدم علىاألصل العملي الذي هو وظيفة من ال حجة له، إال أنك قد عرفت أن مدرك األصلبمعنى القاعدة ليس هو الظهور، بل النصوص القاضية بأن األمين ال يتهم وال يغرم.

وثانيهما: أن بعض هذه األصول ال اعتبار به في نفسه كأصالة صحة القبض،توضيحه: أن المراد بصحة القبض إن كان صحة المقبوض، نظرا إلى عدم حدوث

--------------------(١) نفس التعليقة.

(٢) إضافة يقتضيها سياق الكالم.(٣) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ١٣.

(٢٠)

Page 19: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

العيب إلى تحقق القبض فهو نظير عدم حدوث العيب قبل العقد المذكور في طياألصول، إذ ال فرق في عدم الخيار بين عدم حدوث العيب قبل العقد وعدم حدوثه

قبل القبض.وإن كان صحة القبض بنفسه في قبال فساده فهو فاسد، إذ ليس للقبض سببية

شرعا لمسبب حتى يوصف بالنفوذ تارة وبعدمه أخرى، بل لو كان له أثر لكان منقبيل الحكم باإلضافة إلى موضوعه، فمع القبض يترتب عليه حكمه ومع عدمه فال،

ال أن القبض المحقق يؤثر تارة وال يؤثر أخرى.وإن كان صحة القبض بمعنى الخروج معه عن الضمان في قبال عدمه مع عدمهكما فسرها به المصنف (قدس سره) فالجواب عنه: أن قبض ذات المبيع يوجب

الخروج عنضمانه في قبال تلفه الموجب النفساخ العقد، وقبضه موصوفا بوصف الصحة في

قبال العيب يوجب الخروج عن ضمانه في قبال تلف الوصف الموجب لخيارالمشتري، ومن الواضح أن قبض ذات المبيع معلوم مفروض هنا، وقبضه موصوفابالصحة غير معلوم، وال أصل يقتضي قبض الوصف أو قبض الموصوف بالوصف

حتى يترتب عليه الخروج عن ضمانه، بل مقتضى األصل - كما تقدم من المصنف(قدس سره)

في أوائل مسألة التنازع (١) - عدم تسليم المبيع على الوجه المقصود، وإن كان أجبنا(٢)

عنه بأن الخيار مترتب على التلف قبل القبض، ألن اللزوم مترتب على القبض قبلالتلف فأصالة عدم تلف الوصف قبل القبض جارية، ومقتضاها عدم الخيار بعدم

موضوعها، إال أنها كما مر ال دخل لها بأصالة صحة القبض.ومما ذكرنا تبين: أن الوجه في رد أصالة صحة القبض ما ذكرنا من عدم المجال

لألصل، إما للعلم بحصوله كما في قبض ذات المبيع، وإما لعدم العلم بحصوله كمافي قبض الوصف بقبض الموصوف، ال أن أصالة الصحة صحيحة وال تثبت لزوم

القبض كما هو ظاهر المصنف (قدس سره).فإن قلت: كما أن ظاهر حال المتبايعين العقد على الصحيح كذلك ظاهر حالهما

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٣ سطر ١٤.

(٢) هذا هو الصحيح وفي األصل (أجنبيا).

(٢١)

Page 20: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اقباض الصحيح وقبضه دون غيره، وقبض الصحيح موصوف بالصحة بمعنىالخروج عن الضمان.

قلت: أما ظهور حالهما في العقد على الصحيح في مورد العين الشخصية فهو إمابمعنى االلتزام بالصحة أو بمعنى الظن بالسالمة لغلبة السالمة، وأما ظهور حالهما في

اقباض الصحيح وقبضه فليس مقتضاه إال الجري على وفق العقد بتسليم ما التزمبصحته وتسلمه، أو تسليم ما يظن سالمته وتسلمه، وكال األمرين مما ال شك فيه، فإن

المبيع سواء كان هذه السلعة أو سلعة أخرى مما التزم البائع بصحته ومما يظنبسالمته، وإنما النزاع في أن المبيع هذه السلعة حتى يكون على خالف ما التزم

بصحته أو على خالف ما ظن سالمته أو سلعة أخرى توافق الواقع من حيث االلتزامأو الظن، وأصالة الصحة بالمعنى المتقدم ال تثبت أن المقبوض كان واجدا للوصف

الملتزم به أو الوصف المظنون وجوده، فتدبر جيدا.- قوله (قدس سره): (قدم منكر العلم فيثبت الخيار... الخ) (١).

قد مر منه (قدس سره) في مبحث خيار الغبن (٢) أن المغبون المدعي للجهل مدع،ولذا

قال (قدس سره) (إنه لو تعذر عليه إقامة البينة قبل قوله بيمينه من حيث إنه مدع يتعذرعليه

إقامة البينة، فلو لم يقبل قوله لزم ايقاف الدعوى)، وقد مر بعض الكالم فيه (٣).ويمكن أن يقال هنا: بكون المشتري منكرا نظرا إلى أخذ عدم العلم في المقتضي

للخيار في مقام االثبات، حيث قال (عليه السالم) (أيما رجل اشترى شيئا به عيب أوعوار ولم

يتبرء إليه ولم ينبه... الخبر) (٤) بتقريب: أنه لم ينبه حتى يتنبه، فعدم العلم مقومالمقتضي للخيار وجزء موضوع األثر، فقول المشتري موافق لألصل الذي له أثر

شرعا.نعم بناء على القول بالخيار بقاعدة الضرر فاألمر مشكل، نظرا إلى أن اللزوم

الضرري مرفوع وهو مساوق لجواز العقد، وضررية اللزوم من حيث إنه حكم ضرري--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ١٨.(٢) كتاب المكاسب ٢٣٦.(٣) ٤: ٢٥٥، تعليقة ١٦٨.

(٤) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب الخيار، ح ٢.

(٢٢)

Page 21: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

من الشرع يتوقف عقال على عدم استناده إلى المكلف ليتمحض في استناده إلىالشارع، ومع علم المشتري بالعيب ال استناد في وقوعه في الضرر إلى الشرع عقال الشرعا، فال أثر شرعا لعدم العلم حتى يجري األصل، فال محالة تصل النوبة إلى أصالة

عدم الخيار وعدم تأثير الفسخ.- قوله (قدس سره): (لو اختلفا في زواله قبل... الخ) (١).

ال يخفى أن هنا مسألتين:إحداهما: لزوم بقاء العيب عند الرد، بتوهم أن موضوعه المعيب، وعدم لزومه ألن

الموضوع من اشترى شيئا وبه عيب أو عوار، والموضوع صادق بعد زواله عند الردكما تقدم (٢)، فعلى األول ال مجال للنزاع الرتفاع الخيار، وعلى الثاني ال مجال

للنزاعفي بقاء الخيار، فال يتصور النزاع الذي ينحسم بالبينة واليمين، وإنما يتصور النزاع في

الحكم إذا اختلفا اجتهادا أو تقليدا، فال ينحسم إال بالرجوع إلى األعلم أو مطلقا.ثانيهما: ثبوت الخيار بمجرد وجود العيب واقعا أو عدمه إال بعد ظهور العيب، ومن

الواضح أنه على األول ال مجال للنزاع وإنما يتصور النزاع بناء على الثاني، إذ معزواله قبل العلم ال ظهور للعيب حتى يثبت الخيار، بخالف زواله بعد الظهور.

ومما ذكرنا تبين: أن ما أفاده (قدس سره) من الوجهين غير واردين على مبنى واحد،وأن

الصحيح تحرير النزاع بلحاظ المبنى الثاني من المسألة الثانية، وعليه فحيث إنالموضوع متقوم بالعيب وظهوره فكما أن األصل عدم ظهوره حال وجود العيب

كذلك األصل بقاء العيب إلى زمان ظهوره ومع التساقط، فاألصل عدم الخيار، ومنهتعرف أن النزاع في أصل الخيار ال في سقوطه بعد ثبوته.

- قوله (قدس سره): (والعبارة المتقدمة من التذكرة... الخ) (٣).(وهي لو كان المبيع معيبا عند البائع ثم أقبضه وقد زال عيبه فال رد لعدم موجبه،

وسبق العيب ال يوجب خيارا كما لو سبق على العقد ثم زال قبله... الخ) (٤) ووجه--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ١٩.(٢) ٤: ٥١٧، تعليقة ٣٦٧.

(٣) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ٢١.(٤) التذكرة ١: ٥٤١ سطر ٢٢.

(٢٣)

Page 22: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ايمائها إلى الوجه الثاني ما قيل من أن سبق العيب ال يوجب خيارا مع زواله، حيث لميظهر قبل زواله، بل لعل تعبيره (رحمه الله) بعدم الموجب للخيار ال بزوال الموجب له

أولىبكونه وجها لاليماء، إال أن االنصاف أن العبارة ظاهرة في أن مالك عدم الخيار نفسزوال العيب، ال عدم ظهوره قبل زواله، ألن الحق الثابت هو حق رد المعيب ال حق

رد ما كان به عيب، ولذا ذكر في موضع آخر من التذكرة في باب خيار التصرية (لوظهرت التصرية لكن در اللبن على الحد الذي كان يدر مع التصرية واستمر كذلك فال

خيار، لزوال الموجب له، وللشافعي قوالن هذا أحدهما، والثاني ال يسقط لثبوتهبمجرد التصرية، وكذا الوجهان إذا لم يعرف المشتري بالعيب القديم إال بعد زواله

... الخ) (١) فيظهر أن المدار في بقاء الخيار نفيا واثباتا على كون العيب المستمر إلىحال الرد مناطا له، أو مجرد ثبوت العيب حال العقد أو قبل القبض.- قوله (قدس سره): (وال يعارضه أصالة بقاء الجديد... الخ) (٢).

هذا إذا كان ارتفاع الخيار منحصرا في زوال العيب القديم، وأما إذا كان نفسحدوث العيب الجديد مانعا شرعا عن الخيار - كما هو مقتضى المرسلة - فالتعبد

ببقاء العيب الجديد تعبد بموضوع الحكم ال يالزم موضوع الحكم.والتحقيق: أنا لو قلنا بأن زوال العيب القديم ال أثر له في ارتفاع الخيار كما اخترناهسابقا فال أثر ألصالة بقاء العيب القديم، بل األثر لبقاء الجديد وزواله فيجري أصالةبقاء العيب الجديد، وأثره سقوط حق الرد وبقاء استحقاق األرش، وأما لو قلنا بأن

زواله يوجب ارتفاع الخيار وكان النزاع في بقاء حق الخيار بمعنى استحقاق الرد أواألرش وعدم بقاء حق الرد واألرش فال محالة يكون ترتب هذا األثر بلحاظ بقاء

العيب القديم وزواله، وبقاء العيب الجديد أجنبي عن مثله إال بلحاظ الزمه وهو زوالالعيب القديم، وعليه ينبغي أن يحمل كالم المصنف (قدس سره).

ومما ذكرنا يتبين: أن النزاع الصحيح الذي له أثر بأحد وجهين، إما بدعوى بقاءالعيب القديم وزواله لبقاء خيار العيب وارتفاعه، واألصل بقاؤه، وقد عرفت أنه بال

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٢٧ سطر ٤١.

(٢) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ٢٣.

(٢٤)

Page 23: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

معارض، وإما بدعوى بقاء العيب الجديد وزواله حتى يكون مستحقا لألرش فقط، أومستحقا للرد واألرش معا، واألصل بقاؤه فال يستحق إال األرش، وقد مر أنه ال أثر

لبقاء العيب القديم وارتفاعه.وأما بناء على أن زوال العيب القديم رافع للخيار فال يرجع دعوى زوال العيب

القديم أو زوال العيب الجديد - بما هما زوال العيب - إلى محصل، ألن دعوى البائعيرجع إلى دعوى عدم المقتضي، ودعوى المشتري يرجع إلى دعوى عدم المانع،

ومن الواضح أن مجرد عدم المانع ال أثر له إال بعد الفراغ عن وجود المقتضي، وعليهفيتوجه ما حكاه في التذكرة (١) عن الشافعي من التحالف، فإن المشتري يدعي زوال

العيب الجديد وينكر زوال العيب القديم تحقيقا للمقتضي مع عدم مانعه فيحلفعلى عدم زوال العيب القديم، والبائع يدعي زوال العيب القديم وينكر زوال العيبالجديد فيحلف على عدم زوال العيب الجديد، ومقتضى بقاء العيبين بالحلف علىزوالهما من البائع والمشتري استحقاق األرش فقط، وإنما يقول بالحلف من البائع

على عدم زوال العيب الجديد مع أن نفي الخيار بنفي مقتضيه نافع للبائع، ألنالمشتري حيث يدعي عدم المانع فال بد في اسقاط دعوى المشتري من الحلف على

عدم زواله.- قوله (قدس سره): (لو كان عيب مشاهدا غير المتفق عليه... الخ) (٢).

ال يخفى عليك أن لسبق العيب المشاهد المذكور أثرا وهو الخيار، ولو بمعنىاستحقاق زيادة األرش، وللحوقه وحدوثه عند المشتري أثر آخر وهو سقوط الخيار

المتفق عليه، فإن كان النزاع بلحاظ استحقاق األرش الزائد وعدمه فأصالة عدمتحققه إلى حال القبض كاف في نفي الخيار، النتفائه بانتفاء العيب حال العقد

والقبض تعبدا من دون حاجة إلى اثبات التأخر، ليقال بأنه ال يثبت إال على األصلالمثبت، وإن كان النزاع بلحاظ سقوط الخيار وعدمه فأصالة عدم العيب إلى ما بعد

القبض ال يثبت الحدوث عند المشتري، فالقول قول البائع على األول، وقول--------------------

(١) التذكرة ١: ٥٣٠ سطر ٤٢.(٢) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ٢٦.

(٢٥)

Page 24: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المشتري على الثاني، ألصالة بقاء الخيار عند الشك في سقوطه، ولعل كالم الشهيدمن جعل القول قول البائع بالنظر إلى النزاع األول، ولو فرض تحرير النزاع من

الوجهين فكل من البائع والمشتري مدع من وجه ومنكر من وجه، ومع التحالفيحكم بعدم استحقاق زيادة األرش وببقاء الخيار، فتدبر جيدا.

- قوله (قدس سره): (ثم قال في الدروس لو ادعى البائع... الخ) (١).الكالم في الزيادة كالكالم في أصل وجود العيب الجديد، إال أن الكالم في الفرق

بين هذه المسألة والمسألة المتقدمة، حيث ذكر (رحمه الله) في األولى أن القول قولالبائع

مطلقا، وهنا ذكر احتمالين مع أن نسبة أصالة بقاء الخيار المتيقن ثبوته الموهومسقوطه بالنسبة إلى الفرعين على حد سواء، وكذلك نسبة أصالة عدم التقدم، مع أنه

ال مجال ألصالة بقاء الخيار مع صحة أصالة عدم تقدم العيب الجديد لحكومة األصلالموضوعي على األصل الحكمي.

ويمكن أن يقال: إن عدم الزيادة ليس دائما موافقا لألصل، إذ ربما يتدرج العيبفيخرج من حد النقص إلى الزيادة، وربما يحدث من أول األمر بنحو الشدة والزيادة،

فال مجرى ألصالة عدم الزيادة حينئذ بعد التعين بأصل وجود العيب المردد بينالزائد والناقص، والله العالم.

- قوله (قدس سره): (وربما يترائى من مكاتبة... الخ) (٢).محتمالت الرواية بحيث ال تنافي قاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر

ثالثة:أحدها: أن موردها البراءة عن العيب بمعنى سالمة المتاع من العيب، ال براءة البائع

من عهدة العيب، فقوله (فإذا نادى المنادي عليه برئ من كل عيب) (٣) يراد به نداؤهعلى المتاع ببرائته وسالمته من العيب، فقوله (برئ) وصف للمتاع ال صفة للبائع،وقوله فيما بعد (قد تبرأت منها) يراد بأني أظهرت براءة المتاع من العيب، وأنه ال

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ٢٩.(٢) كتاب المكاسب ٢٦٤ سطر ٣٣.

(٣) وسائل الشيعة، باب ٨ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.

(٢٦)

Page 25: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عيب فيه حتى يكون تنبيها للمشتري وموجبا لفحصه عن حال المتاع، فيؤول النزاعإلى دعوى تقدم العيب وتأخره، وقول البائع حينئذ موافق ألصالة عدم العيب إلى ما

بعد العقد.وفيه: أنه مخالف لظاهر جملة من فقرات المكاتبة، منها قوله (برئ من كل عيبفيه) لظهوره في البراءة من العيب الموجود فيه، ال سالمته من العيب، وحمل قوله

(فيه) على سالمته من كل عيب يفرض في مثله خالف الظاهر جدا، ومنها قوله(تبرأت منها) فإن ظاهره اظهار البراءة من العيوب ال اظهار براءة المتاع من العيوب،ومنها قوله (لم أسمع البراءة) فإن النزاع إن كان في وجود العيب حال العقد وعدمه

فدعوى النداء وانكار السماع أجنبي عن محل النزاع الذي يترتب عليه األثر.ثانيها: ما عن صاحب الحدائق (١) من ظهور السؤال في أن انكار المشتري إنما وقعمدالسة من جهة تجدد زهده في المتاع، ال من جهة عدم علمه بالبراءة، واإلمام (عليه

السالم)إنما ألزمه بالثمن من هذه الجهة، ال من جهة عدم علمه بالتبري، وقال (رحمه الله)

أخيرابأنهم (عليهم السالم) كثيرا ما يحكمون بمقتضى علمهم (عليهم السالم) بالحال فكيف

مع ظهور ذلك فيالسؤال؟!

وفيه: ما في المتن من أن السؤال ليس عن حكم المشتري شرعا واقعا، بل عمايقتضيه ميزان القضاء بالنسبة إلى الدعوى المسموعة ظاهرا، وليس حكم اإلمام (عليه

السالم)في واقعة شخصية رفع أمرها إليه (عليه السالم) حتى يتوهم أن القضاء بمقتضى علمه

(عليه السالم) جائزنافذ، فال مورد لما أفاده في الحدائق أخيرا، فتدبر جيدا.

ثالثها: ما أفاده المصنف العالمة (قدس سره) في المتن من أن المشتري وإن كان قولهموافقا

لألصل، إال أنه مخالف للظاهر الحاكم على األصل، فقول البائع حيث إنه موافقللظاهر هو المقبول بيمينه المعلوم من الخارج في كل مورد يقال إن القول قول البائع

أو المشتري، فال يرد عليه ما قيل من أنه ال وجه اليجاب الثمن على المشتري مندون احالف البائع.

--------------------(١) الحدائق الناظرة ١٩: ٩١.

Page 26: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

(٢٧)

Page 27: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ولعمري إنه توجيه وجيه إال أنه يتوقف على أن موافقة الظاهر ومخالفته الموجبةلتشخيص المدعي والمنكر مجرد الموافقة والمخالفة للظاهر العرفي وإن لم يقم

دليل على حجيته، وإال فكل ظهور حال ال دليل على حجيته ولو من العقالء وظهورمقام النداء في سماع كل من حضر للشراء من هذا القبيل، والله أعلم.

- قوله (قدس سره): (وما أبعد ما بينه وبين ما في الكفاية... الخ) (١).ربما يوجه ما في الكفاية من كون الرواية مؤيدة للقاعدة بأنه مبني على ما

استظهره في الحدائق من أن حكم اإلمام (عليه السالم) بأداء الثمن من جهة وقوع انكارالسماع

مدالسة، فهي دليل على أنه لوال المدالسة كان قول المشتري مقبوال.واالنصاف أنه بناء على االستظهار المزبور لم تكن الرواية مخالفة للقاعدة، ال أنها

مؤيدة لها، ومن المحتمل أن يكون نظر صاحب الكفاية إلى ما أدى إليه نظرالمصنف (رحمه الله) من كون قول البائع موافقا للظاهر فيوافق قاعدة البينة على

المدعيواليمين على من أنكر، ويحتمل أيضا أن يكون نظره إلى موافقة قول البائع ألصالة

عدم الخيار، نعم يتوجه عليه أنها محكومة بأصالة عدم التبري.- قوله (قدس سره): (إما بالتزام كفاية تقدم الشرط... الخ) (٢).

قد مر منا في البحث عن خيار المجلس (٣) أن الشرط الفقهي الذي هو التزام فيضمن االلتزام ال يكاد يتحقق بالتباني عليه، ال لقصور في مقام االثبات ليجاب بأنقرينة الحال نعم الدال، بل لقصور في مقام (٤) الثبوت، فإن الشرط التزام انشائي

ضمني، وااللتزام السابق وقع ال في ضمن شئ، والبناء والقصد ال يوجب ضمنية ماوقع ال في ضمن شئ، وإال لزم االنقالب، وليس البناء انشاء لاللتزام الشرطي، فإنه -

مع أنه ليس هناك إال مجرد البناء من دون قول أو فعل ينشأ بهما - فهو خلف أيضا، إذالمفروض كفاية البناء ال حصول انشاء آخر بعد االنشاء أوال.

ومما ذكرنا ظهر الفرق بين االلتزام الشرطي وقيود المبيع، فإنها غير انشائية،--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ١.

(٢) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ٨.(٣) ح ٤: ١٠٢، تعليقة ٥٦.

(٤) هذا هو الصحيح وفي األصل (مقاب).

(٢٨)

Page 28: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فمجرد ثبوتها لبا عند إرادة البيع مع داللة حال أو مقال عليها كاف في تقيد المبيع بهاعرفا وشرعا.

ال يقال: ال حاجة في ارتباط االلتزام الشرطي بالبيع إلى وقوعه في ضمن االنشاءالبيعي، بل الغرض ارتباط أحد االلتزامين باآلخر في قبال االلتزام الغير المرتبط، وهو

الشرط االبتدائي.ألنا نقول: ال حاجة إلى االرتباط، إال أن االرتباط االنشائي ال يتحقق بمجرد القصدوإن تقوم بالقصد، بل ال بد من تحقق االرتباط بين االلتزامين االنشائيين ليكون أحد

االلتزامين مرتبطا باآلخر انشاء ال قصدا وبناء فقط، ولعلنا نستوفي الكالم فيه فيبحث الشروط (١) إن شاء الله تعالى.

ثم إن هذا كله إن كان مدرك تأثير التبري في عدم الخيار رجوع التبري إلى شرطعدم الخيار، وأما إن كان مدركه أن الخيار من ناحية االلتزام بالصحة والتبري بمعنىعدم االلتزام بصحة المبيع فليس من مقولة الشرط حتى يرد محذور تقدم الشرط، بل

مع التصريح بعدم االلتزام بالصحة قبل العقد ال يبقى وجه لداللة العقد على االلتزامبالصحة، فال خيار.

- قوله (قدس سره): (ثم الحلف هنا على نفي العلم... الخ) (٢).ال يخفى عليك أن التبري إن كان بمعنى عدم االلتزام بالصحة فهو أمر واقعي يعلم

تارة ويجهل أخرى، وإن كان بمعنى االلتزام بعدم الخيار فال محالة يتقوم بقبولالمشتري، فال يعقل بال التفات وعلم من المشتري، فال يبقى نزاع على الوجه الثانيإال دعوى الجهل والعلم، فال حلف إال على نفي العلم، وأما على الوجه األول فهو

أيضا يكتفي فيه بالحلف على نفي العلم مع عدم التمكن من الحلف بناء (٣) على نفيالواقع، حيث إن المورد فعل الغير والمشهور االكتفاء فيه بالحلف على نفي العلم به،

ومما ذكرنا تبين أن التعليل المذكور في المتن يناسب الوجه الثاني.--------------------

(١) تعليقة ٥٢.(٢) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ١١.

(٣) هكذا في األصل، والظاهر زيادة لفظ (بناء).

(٢٩)

Page 29: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

- قوله (قدس سره): (ولو وجد في المعيب عيب... الخ) (١).الظاهر أنه تكرار لما في المسألة الثالثة من مسائل االختالف في المسقط، ولذا

ربما يوجه بأن المراد أن المبيع كان معيبا وفي حال النزاع به عيب يدعي المشتريأنه ذلك العيب القديم الذي وقع عليه العقد، فالخيار باق، والبائع يدعي أن العيب

القديم قد زال وهذا عيب حادث عند المشتري فال خيار، إما لزوال الموجب وإمالحدوث المسقط (٢) لو لم نقل بل زوال العيب القديم مانع من الرد، لكنه خالف

ظاهرالعبارة.

ثم إن الكالم في األصل الجاري في الطرفين قد تقدم (٣)، إنما الكالم فيما أفاده (قدسسره)

من أصالة عدم وقوع العقد على السليم من هذا العيب، فإن وقوع العقد على السليممن هذا العيب الزمه العقلي حدوثه عند المشتري، وأصالة عدم وقوعه على السليممنه ليس نفيا لموضوع األثر، بل لملزوم موضوع األثر، فاألصل الصحيح هو أصالة

عدم حدوث العيب عند المشتري، فيكون تعبدا بعدم المسقط للخيار.ومنه تعرف أنه ال مجال ألصالة بقاء الخيار مع ذلك األصل النافي، كما أنه ال

مجال لتفريع أصالة عدم وقوع العقد على السليم على أصالة بقاء الخيار، وعلىأصالة عدم السقوط بحدوث العيب عند المشتري، فإن كال منها أصل برأسه، ال

معنى لتفريع أصل على أصل، واألمر سهل.- قوله (قدس سره): (يمكن أن يجعل اقراره انشاء... الخ) (٤).

ظاهر عبارة الدروس كون اقراره نافذا من حيث إنه انشاء للفسخ، ال من حيث إنهاخبار بالفسخ، حتى يعلل بأنه من باب قاعدة من ملك شيئا ملك االقرار به، وتحقيق

المقام بتنقيح الكالم في موردين:أحدهما: في نفوذ االقرار من حيث كونه انشاء للفسخ فنقول: إن أريد من االنشاء ما

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ١٣.

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (أسقط).(٣) تعليقة ٢٠.

(٤) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ١٦.

(٣٠)

Page 30: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يقابل االخبار الذي هو من وجوه استعمال اللفظ في المعنى ففرض كونه اقرارا - وهواالخبار عن الفسخ المحقق - يبائن فرض االنشاء الذي به الفسخ يتحقق، كيف

واالنشاء واإلخبار متقابالن، فيستحيل اتصاف االستعمال بهما؟!وإن أريد من االنشاء مجرد ايجاد الفسخ، نظرا إلى أن تمام حقيقة الفسخ هو عدمااللتزام بالعقد المنكشف بكاشف قولي أو فعلي، واالقرار بالفسخ يصلح للكشف

عن عدم االلتزام بالعقد، فهو مبني على أن حل العقد يقابل العقد حتى يكونانشائيا، وال يجدي في تحققه مجرد عدم االلتزام واقعا، أو يقابل اإلجازة التي هي

حقيقة االلتزام بالعقد واظهار الرضا المتجدد ببقاء العقد، فكما أن اإلجازة ال تحتاجإلى انشاء وتسبيب إلى حصول شئ كذلك الفسخ.

والحق أن الفسخ هو حل العقد، فهو مقابل مع العقد تقابال بالذات، واإلجازةوهي االلتزام بالعقد مقابل لعدمه بالذات، وعليه فتقابل الفسخ لإلجازة تقابل

بالعرض، ألن الزم حل العقد عدم االلتزام بالعقد، ال أنه عينه، كما أن الزم اإلجازةهو عدم حل العقد وابقاؤه على حاله، ال أنه عينه، وأما أن الفسخ مع تقابله بالذات

للعقد يجب أن يكون انشائيا تسبيبيا لمجرد المقابلة ألمر تسبيبي فتحقيق حالهموكول إلى مباحث أحكام الخيار، ولعلنا نتكلم (١) فيه إن شاء الله تعالى.

ثانيهما: في نفوذ االقرار من حيث كونه اخبارا عن تحقق الفسخ، فتارة لقاعدة منملك شيئا ملك االقرار به، فإنه المتيقن من موارد القاعدة، ألن الفرض عدم انقضاءزمان الخيار، فهو له فعال انشاؤه فله االقرار به، بل يقال إن عدوله من االنشاء إلى

االخبار به مع تمكنه فعال من انشائه شاهد عدل على صدق دعواه، وأخرى لقاعدةاقرار العقالء، نظرا إلى أنه اقرار بعدم حق الخيار له وإن ترتب عليه استحقاق استرداد

الثمن، نظير االقرار بالطالق الذي يترتب عليه عدم استحقاق الزوجة للنفقة،ولتفصيل الكالم فيه مقام آخر.

--------------------(١) تعليقة ١١٥.

(٣١)

Page 31: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

- قوله (قدس سره): (يحتمل أقل األمرين من األرش... الخ) (١).ال يخفى عليك أن األرش إذا كان في ذمة البائع كان استحقاق ما يساوي األرشمن زيادة الثمن على القيمة، أو أقل األمرين من األرش وزيادة الثمن بحسب الواقع

والعلم االجمالي باستحقاق أحد األمرين صحيحا، وأما إذا كان األرش غرامة شرعيةفمرجعها إلى استحقاق المشتري لتغريم البائع، فال علم اجماال بثبوت شئ في ذمةالبائع، بل مجرد االحتمال بالنسبة إلى زيادة الثمن على تقدير التقاص فيما يساويقيمة المبيع، وعليه فمقتضى اقراره بالفسخ - هو االقرار بعدم استحقاق التغريم -

فليس له مطالبة الغرامة.نعم إذا رجع المدعي للفسخ عن دعواه وصدق البائع في انكاره كان له المطالبة

باألرش، إذ لم يثبت من المشتري االقرار بعدم استحقاق األرش ليحتمل اسقاط مرادهبوجوه (٢) الزم الدعوى التي رجع عنها، فتدبر، كما أن انكار البائع ليس اقرارا

باستحقاق المشتري لألرش، فتدبر.- قوله (قدس سره): (لو اختلفا في تأخر الفسخ عن أول الوقت... الخ) (٣).

الكالم تارة فيما يقصيه األصول في الطرفين، وأخرى في أصالة الصحة.أما الكالم في األصول فنقول: حيث إن الفسخ في أول الوقت هو المؤثر شرعا في

انحالل العقد فكما أن األصل بقاء زمان الخيار إلى حال تحقق الفسخ كذلك األصلعدم الفسخ في أول الوقت.

وأما أصالة بقاء العقد - المذكورة في المتن - فهي ليست في عرض أصالة بقاءزمان الخيار، وال في عرض أصالة عدم حدوث الفسخ في ذلك الزمان، ألن الشكفي بقاء العقد مسبب عن الشك فيهما، لكن الظاهر أن الفسخ في أول الوقت إنما

يكون له األثر، وال أثر للفسخ في غيره، من حيث إن انشاء الفسخ ال يؤثر إال إذا كانعن استحقاق ووالية على الفسخ، وال والية وال حق إال في أول الوقت، فأصالة بقاء

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ١٩، وفيه (يحتمل أن يأخذ أقل األمرين...).

(٢) هكذا في األصل، وال يخفى ما فيه.(٣) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ٢١.

(٣٢)

Page 32: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

زمان الخيار إلى زمان الفسخ يوجب التعبد ببقاء الحق حال الفسخ المحقق، والحاجة إلى اثبات وقوع الفسخ في تلك الحال، حتى يقال إنه ال يثبت بالتعبد بنفس

بقاء الحق إال على األصل المثبت، وحيث إن وقوع الفسخ في أول الوقت بهذاالعنوان ال أثر له فليس أصالة عدم حدوث الفسخ في زمان الخيار تعبدا بعدم موضوع

األثر، ليكون تعبدا بعدم األثر، بل الالزم في تأثير الفسخ الوالية عليه حال تحققه،وهو مما يثبت باستصحاب بقاء زمان الخيار إلى زمان صدور الفسخ، من دون حاجة

إلى اثبات وقوعه فيه ليكون األصل مثبتا، أو يتمسك بأصالة عدم وقوعه فيه، هذهنبذة مما ينبغي أن يقال في هذا المجال.

وأما الكالم في أصالة صحة الفسخ: فاالشكال في جريانها في نفسها مع قطع النظرعن مقام التنازع هو ما أشار إليه المصنف (قدس سره) في أواخر كتاب البيع (١) في

اختالفالمتبايعين من أن مجرى أصالة الصحة ما إذا أحرزت قابلية المحل عقال وعرفا وشكفي تأثيره شرعا، ومن الواضح أن انشاء الفسخ بعد انقضاء زمان الخيار لغو في نفسه،إذ ال فسخ ممن ال حق له عقال وعرفا، نظير ما ذكره (قدس سره) في رجوع المرتهن

عن اإلذن،فإن رجوع المرتهن عن اإلذن بعد تصرف الراهن لغو ال أثر له عقال وال عرفا، لعدمبقاء المحل إلذنه كي يجدي رجوعه، وقد بينا ما عندنا هناك من أن أصالة الصحةالتي مدركها بناء العقالء ال يعقل أن يكون موضوعها البيع العرفي مثال، بل في كلمورد أحرز أن العاقل الشاعر في مقام البيع بانشاء البيع يبنى على صحته، وإن شك

في ما يتقوم به عقال في شخص هذه المعاملة اتفاقا، حتى مثل قصد التسبب إلىالملكية المنوط به حقيقة العقد، فضال عن غيره، فراجع (٢).

- قوله (قدس سره): (ال تثبت وقوع الفسخ... الخ) (٣).كما ال تثبت وقوع العقد في أول الوقت ليترتب عليه ثبوت حق الخيار في حال

الفسخ، فالصحيح أصالة بقاء زمان الخيار حال الفسخ المعلوم زمانه كما قدمناه في--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٠٠ سطر ٢٦.(٢) ح ٣: ٣٦٥، تعليقة ٢٧٨.

(٣) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ٢٤.

(٣٣)

Page 33: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مجهول التاريخ (١).- قوله (قدس سره): (لو ادعى المشتري الجهل بالخيار أو بفوريته... الخ) (٢).

ال يخفى عليك أنه ال أثر للشارع هنا إال بمالحظة الفورية، وإال فمع عدمها - سواءكان عالما بالخيار أم جهال به - فالخيار ثابت (٣) واقعا، ومع االلتفات إليه ال مانع من

أعماله، فال معنى للنزاع في الجهل بالخيار بما هو، وعليه فإن كان الخيار بوجودهالواقعي فوريا فال مجال للنزاع أيضا، إذ مع االلتفات إليه ال خيار على الفرض فال

موقع العماله أيضا حتى يتنازع فيه، فينحصر النزاع فيما إذا كان الخيار المعلوم فوريا،بحيث ال فورية له إال بعد العلم بأصل الخيار، فال يبقى نزاع إال في الجهل بالخيار،

حتى ال يكون فوريا ويبقى مجال أعماله للمشتري.وأما دعوى الجهل بالفورية مع فرض العلم بالخيار - كما هو مقتضى ترديد المتن

بين الجهل بالخيار والجهل بفوريته - فإنما يعقل إذا أمكن تقيد فورية الخيار بالعلمبفوريته، مع أنه - كما هو المعروف في نظائره - دور أو خلف محال.

نعم يمكن أن يقال: إن فورية الخيار إن كانت بمعنى تقيد الخيار بأول الوقت فكمايقال ال يعقل تقيد الخيار بالعلم به كذلك ال يعقل تقيده بأول الوقت بالعلم بتقيده،

وأما إن كانت فورية الخيار بمعنى أن الخيار المجعول ال قيد له إال أن الشارع أوجببعد العلم بالخيار أعماله أو امضائه في أول الوقت، وإال فال حق له، فالفورية منتزعةمن هذا االيجاب الخاص، وحينئذ يمكن أن يكون هذا الحكم غير فعلي مع الجهلبواقعه كما في سائر موارد العلم والجهل بالتكليف، فإن إناطة فعليته بوصول الواقع

ال يوجب دورا وال خلفا، وعليه فينبغي مالحظة مدرك فورية الخيار وأن مقتضاها ماذكرناه أوال أو ما احتملناه ثانيا فراجع (٤).

- قوله (قدس سره): (إن احتمل في حقه الجهل لألصل... الخ) (٥).--------------------

(١) التعليقة السابقة.(٢) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ٢٥.

(٣) الظاهر أنها (ثابت).(٤) ح ٤: ٣٣٦، تعليقة ٢٣٦.

(٥) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ٢٥.

(٣٤)

Page 34: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بأن ال يكون في بلد يعرفون األحكام حتى ال يكون قوله مخالفا للظاهر، ال بأنيكون في بلد ال يعرفون األحكام، فإن موافقة الظاهر غير الزمة في صيرورته منكرا

بعد موافقة قوله لألصل كما هو المفروض، بل مخالفة قوله للظاهر موجبة لكونهمدعيا ال يقبل قوله بيمينه، ومنه يعرف ما في عبارة التفصيل المذكور فيما بعد، فإن

ظاهر االستثناء لزوم موافقة قول المشتري للظاهر، مع أنه غير الزم، فالصحيح أنيقال يعذر إال إذا نشأ في بلد يعرفون األحكام، فإن قوله حينئذ مخالف للظاهر،

فيكون مدعيا ال منكرا، واألمر سهل ألن المقصود معلوم.بيان ماهية العيب

- قوله (قدس سره): (أما العيب فالظاهر من اللغة والعرف... الخ) (١).توضيح المقام بتنقيح الكالم في أمور:

منها: أن المراد بالخلقة األصلية المعبر بها في كلمات األصحاب - تبعا لمرسلةالسياري (٢) الواردة في الباب - ليس ما يتكون خارجا بتكوين الله تعالى، فإن

المتكونمن نوع واحد يختلف بالزيادة والنقيصة، فما هو المالك لألصالة وغلبة األفراد على

الفرض كاشفة عن الخلقة األصلية، والكالم في تعيينها، وال مناص من أن يقال إن كلنوع من أنواع المخلوقات بلحاظ أول مكون من ذلك النوع الذي هو األصل لسائر

أفراده، متقوم بأعضاء خاصة وبأجزاء وأوصاف مخصوصة، فما وافق في أصولخلقته ذلك األصل فهو صحيح تام، وما نقص عنه أو زاد عليه بما يرغب عنه فهو

معيب غير تام.وهذا قد يعلم من الخارج كما في اإلنسان مثال، وقد يعلم من غلبة أفراده على

وضع واحد في أصول خلقته، إال أن هذا االستكشاف ال ربط له بالكشف عن اقتضاءالماهية المشتركة فيحكم على سائر أفرادها بذلك، وذلك ألن مقتضيات الماهية

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٥ سطر ٢٧.

(٢) وسائل الشيعة، باب ١ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.

(٣٥)

Page 35: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المشتركة ال يعقل التخلف عنها، ولذا يشترط في االستقراء الناقص الموجب للظنبأن [يكون] (١) غير المشاهد من األفراد كالمشاهد منها [في] (٢) عدم التخلف ولو

فيفرد، وإال الستحال حصول الظن بأن هذه الخصوصية من مقتضيات الجامع.ولذا ذكرنا في محله أن مالك إفادة الغلبة للظن مغائر لمالك إفادة االستقراء

الناقص للظن، فإن الغلبة تجامع القطع بمخالفة األفراد الغالبة لألفراد النادرة دوناالستقراء الناقص، وأن مجرد تردد المشكوك في اللحوق بالغالب أو النادر كاف في

الظن باللحوق بالغالب، لتقوي المردد وترجحه بالغالب فيظن بأنه كالغالب الكالنادر (٣).

ومنه يتضح ما في المتن من االستدالل باألفراد الغالبة على أن الجامع كذلك، ثمالحكم به على الفرد المشكوك، وكيفية تطبيق ما نحن فيه على الغلبة أن المخلوقباألصالة يتردد أمره بين أن يكون على طبق األفراد الغالبة حتى تكون األفراد النادرة

معيبة، أو على طبق األفراد النادرة حتى تكون األفراد الغالبة متضمنة لزيادة كمالعلى المخلوق باألصالة فيتقوى الفرد المردد بالغالب، فيظن أنه كذلك، فافهم جيدا.

منها: أن غير واحد من األصحاب عبر عن العيب بالخروج عن المجرى الطبيعيالعادي، وجعل بعضهم هذه عبارة أخرى عن النقص والزيادة في أصل الخلقة، وال

يخفى أنه أوسع من ذلك، فإن الخراج على األرض أجنبي عن الخلقة األصليةلألرض ومع ذلك فالخراج الثقيل الخارج عن ما جرت العادة عليه في األراضي عيب

عندهم، وكذا كون األرض محال لنزول العساكر كما مثلوا به.وال يخفى عليك أن غلبة األفراد كما يمكن أن تكون كاشفة عن كون الخراج

العادي بحسب الوضع األولي من السلطان هو الثلث وأن كونه النصف في بعضاألراضي لخصوصية عارضة فيكون خارجا عن المجرى العادي، كذلك يمكن أن

تكون محققة للمالك إذا كان الوضع األولي في باب قانون الخراج باإلضافة إلى طائفة--------------------

(١) إضافة يقتضيها السياق.

(٢) إضافة يقتضيها السياق.(٣) هذا هو الصحيح، وفي األصل (كالمنادر).

(٣٦)

Page 36: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

كثيرة من األراضي بالثلث، وبالنسبة إلى طائفة قليلة منها بالنصف، فال أصالة لشئباإلضافة إلى شئ، وال عادة لشئ بالنسبة إلى شئ، إال أن الغالب حيث إنه الثلثفيكون ظاهر االقدام على ما هو الغالب اقداما على شراء ما يكون خراجه الثلث.

منها: أن االعتبار في خيار العيب بما له من اآلثار هل هو على العيب بمعنىخصوص النقص والزيادة في أصل الخلقة، أو على األعم منه ومن الخروج عن

المجرى العادي الذي ال ينبغي الشك في أنه عيب عرفا؟ وال يخفى عليك أنه معصدق العيب عرفا ال ينبغي الريب في شمول أخبار العيب له إال بمالحظة الكلية التي

تضمنتها مرسلة السياري وهي قوله (صلى الله عليه وآله) (كل ما كان في أصل الخلقةفزاد أو نقص فهو

عيب... الخ) (١) نظرا إلى أنه في مقام تحديد العيب، فال حكم شرعا للعيب العرفيفنقول محتمالت الكلية ثالثة:

أحدها: ما هو ظاهرها من أن كل ما كان وثبت في أصل الخلقة من األجزاءواألوصاف فزاد ذلك الشئ أو نقص فهو عيب، فينحصر العيب في الزيادة والنقصالخلقي من دون حاجة إلى جعل كان زائدة، وجعل الكالم من باب القلب ليكون

معناه أن ما زاد أو نقص في الخلقة األصلية فهو عيب كما توهم.ثانيها: ما حكي عن بعض المشائخ من جعل الخلقة بمعنى المخلوق، والمعنى كلما حدث في المخلوق فزاد على أصله أو نقص فهو عيب، فيعم كل زيادة ونقص

يوجد في الشئ، وإن لم يكن من أجزائه وصفاته األصلية، وهو خالف الظاهر.وثالثها: أن يكون الخلقة اسما لمعنى مصدري يراد به ما عليه الشئ من الهيئة

والصفة، فيعم كل نقص أو زيادة على ما هو عليه من الهيئة، وإن كانت عادية ال خلقيةوهو أيضا خالف الظاهر، فإن الخلقة وإن كانت للهيئة كالجلسة - بكسر الجيم -

لنحوخاص من الجلوس إال أنها لهيئة المخلوقية ال لكل هيئة، وإن كانت عادية عرضية.

وحيث تبين أن الظاهر هو المعنى األول فاألمر في الحصر يدور مدار استفادةالتحديد ال مجرد بيان أن الزيادة والنقص الخلقي عيب، فإنه غير مناف لكون الزيادة

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.

(٣٧)

Page 37: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

والنقص اللذين يرغب عنهما من وجه آخر أيضا عيبا، ومن البين أن لسان التحديديقتضي جعل العيب موضوعا للقضية، وتعريفه بالزيادة والنقص الخلقي وليس ما في

الكلية كذلك.مضافا إلى ما ورد في الشرع مما يستكشف منه أن العيب شرعا أعم من ذلك،

كما في الجارية المدركة التي ال تحيض حيث حكم اإلمام (عليه السالم) بأنه عيب(١)، مع أن

عدم الحيض ال يجب أن يكون لنقص في الخلقة، بل ربما يكون احتباس الدملعارض مزاجي، وكما في رد الجارية التي وجدها حامال (٢) بناء على أنها ترد ألجلعيب الحمل، ال ألنها أم ولد، مع أن الحمل ليس من زيادة أو نقص في أصل الخلقة،

بل إما لكونها في معرض التلف بوضع الحمل، أو لمنع الحمل من استخدامها كماينبغي، وكما في رد العبد باإلباق (٣)، فإن اإلباق ليس من الزيادة والنقص في الخلقة،فهذه الموارد مما نص شرعا على الرد بها، وال خيار آخر فيها، فالرد من حيث العيبمع التصريح بكونه عيبا في خبر من ال تحيض، فيعلم منها أن العيب الشرعي مساوق

للعيب العرفي، وأن الكلية ليست إال لبيان العيب ال لتحديده كما عرفت.منها: بعد ما عرفت من التوسعة في دائرة العيب فتارة يالحظ الصحة والعيب

بمقتضى الحقيقة األصلية األولية، وبمقتضى الحقيقة العادية الثانوية باإلضافة إلىجهتين، فلكل من الجهتين حكمها، مثال ربما تكون األرض سبخة غير قابلة للزرعلكنها خراجية على العادة والمتعارف، وربما تكون غير سبخة وال ذات نقص في

نفسها لكنها ثقيلة الخراج فال تزاحم في المالكين، بل في األول يحكم بالعيب كما فيالثاني، إذ ال يجب أن يكون الشئ معيبا من جميع الوجوه، بل إذا كان صحيحا من

ألف جهة ومعيبا من جهة جرى عليه حكم العيب.وأخرى تالحظ الصحة والعيب خلقة وعادة باإلضافة إلى جهة واحدة، كما إذا

كانت األمة ثيبة وجرت العادة على المعاملة معها معاملة البكر ففيها نقص خلقي،--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٣ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.(٢) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العيوب، ح ١، ٥، ٦، وغيرهم.

(٣) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢.

(٣٨)

Page 38: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وتمامية عادية من جهة واحدة، وكما إذا كان العبد الكبير أغلف، فإنه تام من حيثالخلقة لكنه حيث جرت العادة على الختان فيعامل معه معاملة المعيب، فيرون

الغلفة زيادة، وهذا مورد مزاحمة المالكين المعبر عنها في المتن بتعارض مقتضيالحقيقة األولية والثانوية، وعليه فنقول:

حيث إن العادة العرفية في طول الخلقة األصلية فعليها المدار في المعاملة الفعليةبحسب األغراض النوعية العقالئية، إال أن الكالم في أن العيبية وعدمها موضوعيةأو حكمية بمعنى أن الثيبوبة في الكبار من اإلماء ليست عيبا حقيقة عرفا، أو أنها

لشيوعها ال يترتب عليها أثر العيب.وجه األول: أن مطلق النقص الخلقي والزيادة الخلقية ليس بعيب، بل إذا كان

مرغوبا عنه، مثال الختان نقص عن الخلقة األصلية مع أنه كمال يرغب فيه، ال أنهيرغب عنه، وزيادة شعر الحواجب وأشفار العين كمال يرغب فيه، ال أنه يرغب عنه،وعليه فالثيبوبة في الكبار من اإلماء ليست نقصا مرغوبا عنه، كما أن الغلفة في الكبار

من العبيد وإن كانت موافقة ألصول الخلقة لكنها زيادة يرغب عنها، وال حقيقة للعيبالعرفي إال النقص والزيادة المرغوب عنهما بحسب الطباع.

ووجه الثاني: أن شيوع النقص المنفر ال يخرجه عن كونه في نفسه مرغوبا عنه، وأماجري العادة فتارة عن اقتضاء لغرض نوعي عقالئي كأصل الخراج على األرض، فإنهال يعد عيبا، فإنه مما له دخل في انتظام البالد والعباد، والزيادة عليه عيب، وأخرىلعدم غرض نوعي عقالئي، بل لمكان الالبدية كجري العادة على شراء اإلماء مع

نقص الثيبوبة غالبا، فإن مثل هذه العادة ال تخرج النقص عن كونه عيبا، إال أنه كما أنغلبة السالمة توجب كون االقدام على الشراء اقداما على شراء الصحيح - بما هو -فيكون التزاما ضمنيا بالصحة، كذلك مع غلبة النقص يكون االقدام على شرائه اقداما

على شراء الناقص فيكون بمنزلة التبري عن نقصه.نعم إن كانت حقيقة التبري تتحقق بمجرد عدم االلتزام بالصحة فكونه تبريا

واضح، وإن كانت حقيقته االلتزام بعدم الخيار فرجوع األمر إلى التبري غير واضح، إذ

(٣٩)

Page 39: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ال توجب غلبة النقص إال عدم االلتزام بالسالمة.وفيه: أنها توجب أزيد من ذلك، وهو االقدام على شراء المعيب، ال مجرد عدم

االقدام على الصحيح، ومع االقدام على شراء المعيب ال خيار كما تقدم مع ما يتعلقبه من النقض واالبرام، إال أنه غير التبري بمعنى شرط عدم الخيار فراجع (١) ما قدمناه

في البحث عن التبري.منها: أن الثيبوبة التي قد عرفت أنها ليست بعيب موضوعا تارة، وال حكم لها

أخرى رتب عليها ثمرة في كالم المصنف (قدس سره)، وهي أنه بناء على أنها ليستبعيب

حقيقة إذا اشترط المشتري على البائع بكارة الجارية فظهرت ثيبة ال خيار له إال خيارتخلف الشرط، بخالف ما إذا كانت حقيقة عيبا ولمكان شيوعها ال حكم لها، فإنالغلبة تحقق ما هو بمنزلة التبري المانع عن تأثير العيب أو االقدام على شراء المعيب

الذي معه ال مالك للخيار، ومع اشتراط البكارة ال تبري من العيب، وال اقدام علىشراء المعيب فال مانع عن تأثير العيب، فيؤثر المقتضي أثره الخاص، وهو التخيير

بين الرد واألرش.وال يخفى عليك أن المقتضي للخيار إن كان هو االلتزام الضمني بوصف الصحةوكان خيار العيب على القاعدة ال تعبدا محضا فشرط البكارة ال يزيل المانع عنااللتزام الضمني، كيف، وااللتزام ضمني بالصحة على ما هو المفروض من غلبة

الثيبوبة، وال يعقل أن يكون محققا لاللتزام الضمني أيضا، بل هو التزام صريح بوصفالصحة، فإذا كان االلتزام بوصف الصحة بالخصوص مقتضيا لهذا الخيار المخصوص

فصريحه أولى من الضمني، وال يقاس باشتراط البكارة على الوجه اآلخر، فإنالمفروض فيه أن الثيبوبة ليست عيبا حقيقة، فاشتراط البكارة اشتراط وصف كمال ال

وصف الصحة في قبال العيب.وإن كان المقتضي للخيار هو العيب والتبري مانع فقد مر (٢) أن المقتضي في مقام

االثبات بحسب أخبار الخيار متقوم بعدم التبري، وعدم العلم بالعيب، فمع أحد--------------------

(١) ح ٤ تعليقة ٣٦٢.

(٢) ح ٤ تعليقة ٣٦٢.

(٤٠)

Page 40: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

األمرين من التبري وما بمنزلته أو العلم به ال مقتضي للخيار، وشرط الصحة ال يحققالمقتضي، فليس هناك عنوان المانعية ليكون الشرط مزيال للمانع، وال المقتضي

موجود، وال شرط الوصف محقق له على هذا الفرض.وإن كان المدرك والمقتضي قاعدة الضرر فالشرط وإن كان مانعا عن االقدام على

الضرر فيستند الضرر إلى الشرع، إال أنا بينا غير مرة أن قاعدة الضرر ال تقتضي إال رفعاللزوم الضرري، ال حق الخيار، فضال عن األرش، وعليه فال فرق بين خيار تخلف

الشرط وخيار العيب المستند إلى قاعدة الضرر، فافهم وتدبر.منها: أن العيب هل هو مطلق النقص والزيادة خلقة وعادة أو خصوص النقص

للمالية، حتى ال يكون الخصاء عيبا مع كونه من النقص الخلقي لعدم النقص المالي،بل ربما يزيد ماليته، وينبغي تقديم أمرين حتى يتضح حقيقة الحال:

أحدهما: أنه ال ريب في تقابل الصحة والعيب، ومن البين أن الصحة هي التماميةمن حيث أصول الخلقة أو من حيث العادة أيضا، وال يعتبر فيها المساواة في المالية

مع شئ حتى يكون مقابلها - وهو العيب - متقوما بالنقص المالي، مع أنه لو زيدتمالية الناقص على التام كما في الخصي خرج عن كونه صحيحا ومعيبا، إذ ليس

بصحيح للنقص الخلقي، وال بمعيب لزيادة المالية، وال يمكن أن يجعل المدار علىالزيادة والنقص من حيث المالية فقط، وإال لكان األشياء المختلفة من حيث المالية

بعضها صحيحا بالنسبة إلى اآلخر وبعضها معيبا وإن لم يتفقا في النوعية.ثانيهما: أن المعامالت المالية مشتملة على غرضين نوعيين عقالئيين.

األول: من حيث إقامة مال مقام مال بحيث يسد أحدهما مسد اآلخر، فإذا تبينخالفه - كما في الغبن - فقد تخلف هذا الغرض النوعي المعاملي فله خيار الغبن.

والثاني: من حيث عنوان المبيع الذي يترقب منه انتفاعات مخصوصة لنوعالمعاملين، فإن الغرض من كل عين لها عنوان خاص انتفاع مخصوص، فمع وجودنقص فيه يتطرق الخلل في ذلك االنتفاع المقصود، وهذا مالك خيار العيب، فالعين

المشتراة بأقل من ثمن المثل إذا كان معيبا لم يتخلف فيها الغرض النوعي المالي،

(٤١)

Page 41: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وإنما تخلف عنه الغرض اآلخر المترتب على الصحيح، فالرد لتدارك هذا الغرضالنوعي، كما أن األرش لتدارك الغرض الشخصي المتعلق بشراء الصحيح بقيمة

نازلة، فمع تساوي الصحيح والمعيب في المالية أو زيادة العيب لم يتخلف الغرضالمقتضي لألرش، ال أنه لم يتخلف الغرض النوعي المترتب على الصحيح.إذا عرفت ذلك تعرف: أن العيب بلحاظ النقص الخلقي أو العادي في قبالالتمامية المترتب عليها الغرض النوعي المعاملي، فالعبد الخصي معيب من

الوجهين، أما النقص الخلقي فواضح، وأما عدم ترتب الغرض المعاملي المترقب منالعبد الغير الخصي فكذلك لعدم االنتفاع بفحوليته، وال بتحميل بعض الخدمات

الشاقة، وليس الصحيح عنوانا لما يساوي مالية الصحيح، حتى يقال إن الخصي مساوفي المالية مع غيره، بل ربما يزيد عليه.

ويمكن أن يقال: - بناء على تقوم المعيب بالنقص المالي - إن الظاهر هو النقص منحيث ماليته في نفسه، أي بمالحظة الجهة العامة الملحوظة في االنتفاع به، ال بلحاظ

الجهة العارضة الموجبة لزيادة قيمته عند أشخاص خاصة.توضيحه: أن مالية كل شئ في حد نفسه تنتزع من رغبة النوع وميلهم إليه فيمقام المعاملة ونحوها، ورغبة النوع بمالحظة ما يترقب من كل شئ من وجوه

االنتفاعات العامة، فمالية الجارية بما هي أمة بلحاظ جهة االنتفاع العموميباستخدامها في الخدمات المتعارفة ووطيها، وكونها مغنية أو رقاصة ليست من

الجهات العامة الملحوظة في مقام تقدير ماليتها، وإنما تكون ملحوظة ألشخاصخاصة يبذلون بإزائها ما ال يبذلون بإزاء فاقدة تلك الجهة، وكالعبد فإنه - بما هو عبد

-يرغب فيه بما له من المنافع الخاصة، وأما االنتفاع بالخصي فهي جهة ملحوظة

لألمراء والسالطين، ال من الجهات العامة التي تدور عليها المعامالت، ولذا لو غصبالعبد غاصب وجعله خصيا يضمن هذا النقص، وما يتفاوت به مالية التام والناقص.

وال يتوهم متوهم أنه ال يضمن شيئا، لزيادة المالية بتنقيصه، بل كما عن المحقق

(٤٢)

Page 42: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

األردبيلي (قدس سره) (١) على ما حكي عنه أن هذه الزيادة مما أسقطها الشرع،وتقريبه: أن

المنفعة المقصودة من الخصي ليست إال دخوله على النساء مع األمن منه، وإذا كانذلك محرما لكونه غير محرم كان بذل المال بإزاء الخصي من حيث المنفعة الخاصة

أكال للمال بالباطل، فيكون كالجارية المغنية إذا بذل المال بإزائها من حيث صفتهاالخاصة.

وبناء على ما ذكرنا فكما أن هذا النقص الخلقي عيب يقتضي الرد كذلك يقتضياألرش، ألن الخصي مع قطع النظر عن تلك المنفعة الخاصة به أنقص مالية من غير

الخصي، فافهم وتدبر.منها: أن العيب لو كان منحصرا في النقص خلقة وعادة ومالية ألمكن القول

بالخيار واستحقاق الرد في النقص الغير المالي أيضا، بمالحظة غلبة السالمة منالنقص الخلقي الموجبة لظهور االقدام على شراء السالم من النقص الخلقي،

فيستحق الرد في شراء العبد الخصي، وإن لم يستحق األرش من حيث عدم النقصالمالي.

ويمكن أن يقال: كما أن الغالب في األعيان سالمتها من النقص الخلقي كذلكالغالب في النقص الخلقي كونه ناقصا من حيث المالية، ومقتضاه االقدام على شراء

السالم من النقص المنقص للمالية، فال يكون الخصي خارجا عن مورد االقدام.وأما ما يورد عليه من أن كل غلبة ال توجب صرف االقدام إلى ما هو الغالب، وإاللزم صرف االقدام على شراء العبد إلى العبد الكاتب إذا كانت الكتابة غالبة، مع أن

القوم ال يلتزمون بذلك.فيمكن دفعه: بأن الغلبة إذا كانت طبيعية كما في سالمة األعيان من الخروج عما

هي عليه فاألمر كما مر، بخالف ما إذا كانت الغلبة اتفاقية كغلبة الكتابة في العبيد فإنهاال عبرة بها، فتدبر.

منها: في ثمرة القول بكون النقص الخلقي فقط عيبا، والقول بانصراف العقد إلى--------------------

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٨: ٤٢٣.

(٤٣)

Page 43: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

السالم من النقص المزبور وإن لم يكن عيبا فإن الخيار على األول خيار العيب وعلىالثاني خيار تخلف الشرط الضمني، وما ذكره (قدس سره) ثمرتان:

إحداهما: طرو موانع الرد بالعيب فإنه مسقط للخيار إن كان للعيب، وغير مسقط لهإن كان للشرط الضمني، وهذه الثمرة إنما تصح مع اطالق المانعية حتى فيما لم يكنفيه أرش، وأما مع اختصاصها بصورة ثبوت األرش فال ثمرة بين القولين، إذ المفروض

عدم النقص المالي فال أرش، ومع عدم األرش فالرد باق على حاله، لعدم المانع عنهعلى الفرض، وقد تقدم الكالم فيها.

ثانيتهما: - بناء على كون النقص المزبور عيبا - فكما أن ثبوته حال العقد موجبللخيار كذلك حدوثه قبل القبض أو في زمن الخيار، لما سيأتي (١) إن شاء الله تعالى

أنتلف وصف المبيع قبل القبض وفي زمان الخيار على حد تلف الموصوف فيهما

موجب للخيار، وأما بناء على عدم كونه عيبا فالمسلم ثبوت خيار تخلف الشرط،وأما ثبوت الخيار بفقد كل وصف مشروط قبل القبض أو في زمان الخيار فال دليل

عليه، فإن الظاهر أن تلف المبيع ذاتا وجزء ووصفا موجب للخيار، ال تلف ما هو غيرداخل في عنوان المبيع وإن وقع موقع التزام آخر غير االلتزام البيعي.

وفيه: أن تلف ما التزم به البائع - بما هو - أجنبي عن تلف المبيع، وأما تلف ما هومن شؤون المبيع وأوصافه سواء كان أخذه في المبيع بعنوان التوصيف أو بعنوانالشرط فهو داخل في تلف المبيع بناء على أن المراد تلف المبيع ذاتا أو جزء أو

وصفا كما هو المفروض.بيان بعض أفراد العيب

هل حمل الجارية عيب- قوله (قدس سره): (الحبل عيب في اإلماء... الخ) (٢).

توضيح الكالم برسم أمور في المقام:--------------------

(١) تعليقة ١٤٩.(٢) كتاب المكاسب ٢٦٧ سطر ٢٣.

(٤٤)

Page 44: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

منها: أن الحمل بما هو أو بالعرض عيب أم ال؟أما الحمل بما هو هو فليس نقصا في خلقة الحامل وال زيادة في أصول خلقته، بلأمر خارج معه ال فيه، وال موجبا لخروج األمة عن مجراها العادي والطبيعي، حتى

يكون عيبا بالمعنى األعم حيث ال عادة على عدم كون األمة ذات حمل، ليكونالحمل خروجا عن العادة.

وأما كونه عيبا بالعرض فباعتبار أحد أمور تكون هي عيوبا بالحقيقة:األول: كون الحامل في معرض الخطر بالوضع، والكالم عائد في أن المعرضية مع

عدم النقص خلقة وعادة لماذا تعد عيبا حتى يتصف الحمل بسببه بالعيب؟ فإنالمعرضية وإن كانت موجبة لنقص المالية وقلة بذل المال بإزائه، بل ربما يبلغ إلى

حد ال يبذل بإزائه شئ، إال أن إناطة المالية أو كثرتها وقلتها بشئ أجنبية عن العيب،فإن العيب وإن قيل بتقومه بالنقص المالي إال أنه غير متمحض فيه، فليس كل مايوجب نقص المالية عيبا، بل العيب منقص للمالية، وحيث إن المعرضية تجامع

حصول جميع االنتفاعات المترقبة.فال يتوهم أن النقص الموجب لخلل في االنتفاعات المترقبة إذا كان عيبا

فمعرضية المنتفع بها للتلف أولى بأن يكون عيبا، لما عرفت أن الغرض النوعيالمعاملي المتوجه نحو االنتفاعات المرغوبة حاصل مع المعرضية فعال، فال مجالللقياس فضال عن األولوية إال بلحاظ أصل المالية، هذا إال أنه بعد فرض المعرضية

عيبا فال يتدارك بكون الحمل للمشتري، ألن تدارك الحامل بمالية الحمل فرع بقاءوجوده الناقص، مع أن األصل والفرع كالهما في معرض الخطر.

وأما ما في المتن من أن الحمل إذا كان للمشتري فاألمر أوضح، فباعتبار زيادةالضرر أصال وفرعا، إال أنه إنما يكون كذلك إذا كان الثمن بإزائهما معا، ال بإزاء

األصلوالفرع تابع كما هو المفروض في كالم القائلين بأن الحمل للمشتري.

الثاني: أن الحمل مانع عن االستيالد، وهو متين إذا أريد منه طلب الولد لنفسه الطلب المملوك ولو بتزويجه ممن يلتزم برقية الولد، فإن هذه المنفعة حاصله إذا كان

(٤٥)

Page 45: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الحمل للمشتري.الثالث: عدم االستفادة التامة من الحامل باستخدامها في األعمال الشاقة، بل

بوطيها أيضا، نعم إذا كان الغرض االنتفاع بمالية خدماتها ولو بإجارتها أمكن أن يقالبتداركها بمالية الحمل إذا كان للمشتري، هذا.

والمعروف - بل ادعى عليه االجماع - أن الحمل عيب في اإلماء، ويدل عليه فيالجملة أخبار (١) رد الجارية الحبلى، حيث ال موجب له إال عيب الحمل كما فهمهاألصحاب، بل قيل إن الحمل أعظم عيب فيها، ولذا ال يجوز رد الجارية بعد وطيهاولو قبل العلم بعيبها، بخالف الجارية الحبلى فإنه يجوز ردها حتى بعد الوطئ، لئال

يقع المشتري في ضرر امساك الحامل، فعيب الحمل فيها أعظم من غيره منالعيوب.

منها: هل الحمل في البهيمة كالحمل في األمة عيب أم ال؟أما كونه عيبا شرعا فال دليل عليه كما دل على رد الجارية الحبلى بعيب الحمل،وأما المعرضية للخطر فالغالب عدمها في البهائم، وأما االستنتاج منها فيدور مدار

كون الحمل للمشتري فالنتيجة حاصلة، أو للبائع فتفوت معه هذه المنفعة، وأما لزومالخلل في االنتفاعات األخر فهو غير معلوم في البهائم، خصوصا مع تداركها بمالية

الحمل، وإن كان األظهر اختالف الحكم باختالف الحيوانات والمقامات.منها: أنه هل [هناك] فرق بين الحمل عند البائع والحمل عند المشتري؟ بأن

يكون األول عيبا يرد به الحامل، والثاني ال يكون عيبا فال يمنع من الرد بالعيبالقديم، بل يدور مدار حصول النقص بالوضع وعدمه كما يوهمه بعض الكلمات،

فلذا صار معرضا العتراض المصنف (قدس سره)، بدعوى أن الحمل في األمة إن كانعيبا

فيرد به الحامل ويمنع عن ردها إذا حدث عند المشتري، وإن لم يكن عيبا فال يرد بهوال يمنع من الرد، مضافا إلى أن زوال العيب ال يوجب سقوط المانع عن المانعية،

فما الوجه في دوران الرد مدار النقص بالوضع.--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العيوب.

(٤٦)

Page 46: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ويمكن أن يقال: إن الحمل في األمة عيب، إال أن عدم الحكم بمانعية الحملالحادث عند المشتري ليس من حيث عدم كون الحمل عيبا ليكون منافيا للرد بعيبالحمل عند البائع، بل لدوران المانعية عن الرد - كما هو مقتضى المرسلة التي هي

المستند إليها (١) في هذا الحكم - مدار حصول التغير وخروج الشئ عن كونه قائمابعينه، ال مدار عنوان العيب، ومن الواضح أن الجارية قائمة بعينها من دون نقص فيها

وال زيادة فيها، والحمل زيادة معها كالمتاع المحمول، نعم إن حصل فيها نقص بسببالحمل أو بسبب وضعه كان المانع ذلك النقص الذي هو موجب لعدم قيام المبيع

بعينه، فال منافاة بين الحكمين، وال دخل له بمسألة زوال المانع.نعم ربما نقول: بعدم الرد ما دام الحمل، ال لحصول التغير، بل ألن البائع له

االمتناع من وضع اليد على مال الغير، وهو الحمل الذي هو للمشتري بمقتضىانعقاده في ملكه، وهذا غير موانع الرد بالعيب ليدخل تحت عنوان زوال المانع

الحادث.هل الثيبوبة عيب

- قوله (قدس سره): (األكثر على أن الثيبوبة ليست عيبا... الخ) (٢).قد استدل لذلك كما في [المتن] (٣) بوجهين:

أحدهما: أن الثيبوبة حيث كانت غالبة في اإلماء فهي بمنزلة الخلقة األصلية،وظاهر قوله (بمنزلة الخلقة األصلية) كون الغلبة محققة للحقيقة العادية الثانوية، فلذا

كانت بمنزلة الخلقة األصلية، ال أنها كاشفة عن الخلقة األصلية، حتى يورد عليه - كمافي المتن - بأن الكاشفية هنا بعد معلومية مقتضى الخلقة األصلية غير معقولة.وقد تقدم (٤) أن الغلبة ال بد من أن تكون محققة للحقيقة الثانوية حتى يتصور

التعارض بين الحقيقة األصلية األولية والحقيقة العرضية الثانوية، وإال فال معنى--------------------

(١) لو حذفت (إليها) لكانت العبارة أقوى سبكا.(٢) كتاب المكاسب ٢٦٨ سطر ١٦.

(٣) سقط في األصل، يحتمل أنها لفظة المتن.(٤) تعليقة ٣٣.

(٤٧)

Page 47: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

للتعارض بين الكاشف والمنكشف، كما تقدم (١) منا الوجه في عدم كون الثيبوبة عيباموضوعا حقيقة، لما مر من أن كل نقص وزيادة ليس عيبا، بل إذا كان مما يرغب

عنهما، وإذا كانت الثيبوبة لغلبتها بحيث ال يرغب عنها فال محالة ليست عيبا حقيقة.بل المظنون كما عليه جماعة من األجالء أن البكارة صفة كمال، وأن الثيبوبة

عدم كمال، ال أنها عيب، والكامل وغيره يتفاوت فيهما الرغبات، ويختلفان منحيث المالية، فليس التفاوت من الوجهين ميزانا للصحة والعيب، إذ الظاهر من

الزيادة والنقص الخلقيين المنوط بهما العيب المقابل للصحة ما كان في أصول الخلقةالمبنية عادة على الثبات والدوام، ال مثل البكارة والغلفة اللتين هما غير مبنيين على

االستمرار.ثانيهما: رواية سماعة (عن رجل باع جارية على أنها جارية بكر فلم نجدها كذلك؟

قال: ال ترد عليه، وال يجب عليه شئ، إنه قد يكون يذهب في حال مرض أو أمريصيبها) (٢).

وتقريبها: أن الثيبوبة لو كانت عيبا لما حكم (عليه السالم) بعدم الرد واألرش، سواءكان قوله

(على أنها جارية بكر... الخ) بمعنى الشرطية أو بمعنى البناء والزعم الخارجي، إذالعيب ال يدور مدار خطأ الزعم والبناء أو تخلف الشرط وعدمهما، وزوال البكارة

بأحد أسبابه - كما هو مقتضى التعليل - ال يمنع عن صدق العيب، إذ لو كانت الثيبوبةفي نفسها عيبا فال يعقل اختالف الصدق باختالف األسباب.

وما أفاده في المتن من عدم تخلف الشرط فغايته عدم الخيار من ناحية تخلفالشرط، وأما الخيار من ناحية العيب فال موجب لنفيه إال انتفاء موضوعه وهو العيب.

والتحقيق: أن زوال البكارة بما هو ليس عيبا، بل إذا كان بنحو يوجب النفرة،ومقتضى التعليل أيضا ذلك فإنه إذا كان لمرض أصابها فانفتق أو لنزوة ونحوهما فإنه

ال موجب للنفرة والرغبة عنها، بخالف ما إذا كان عن فجور أو بعل في خفاء عن--------------------

(١) تعليقة ٣٣.(٢) وسائل الشيعة، باب ٦ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢.

(٤٨)

Page 48: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أوليائها فإنه موجب للعيب والعار، والمظنون بلحاظ التعليل [من] (١) اإلمام (عليهالسالم) أن

السؤال بلحاظ تدليس البائع ببيعها بعنوان البكر مع أنها غير بكر، فأجاب (عليه السالم)بأن

زوال البكارة ربما يكون ألمر غير منفر، فال يتعين التدليس وال العيب والنقص المنفر،فيؤكد هذا التعليل ما ذكرنا من أن البكارة كمال وعدمها - بما هو - عدم كمال، إال

إذاكان على وجه منفر، وعليه فالمراد من قوله (باع جارية على أنها جارية بكر) أنه

باعها بانيا على ذلك، ال مشترطا للمشتري ليقال بأن التخلف موجب للخيار وإن لميكن عيبا.

وما ذكره (رحمه الله) من أن الشرط لم يتخلف ألن المشروط هو عدم زوال البكارةبالوطئ

فهو خالف الظاهر، بل األولى جعل أصل العيب دائرا مداره، وإال فقد عرفت أنحكم العيب ال يختلف باختالف أسبابه أو باالشتراط وعدمه.

وأما ما في رواية يونس (٢) من اثبات حكم العيب من األرش فيمكن الجواب عنهابأنه من أجل اشتراط المشتري، والخيار لتخلف الشرط، وثبوت األرش في شرط

الوصف المالي بعد ورود النص وفتوى جماعة من األساطين ال بأس به، والفرق بينالروايتين بحمل قوله (على أنها... الخ) على البناء تارة، وعلى االشتراط أخرى

بسبب قرينة التعليل في األولى دون الثانية.هل عدم الختان عيب

- قوله (قدس سره): (من جملة العيوب عدم الختان... الخ) (٣).ال يخفى أن الختان مع أنه نقص خلقي فهو كمال، وعدم الختان - الذي يوافق

أصول الخلقة - عدم كمال ال زيادة على أصول الخلقة، وال زيادة مرغوب عنها عندالعقالء، كيف وتشريع الختان على ما هو المعروف من الخليل (عليه السالم)، نعم

حيث إن--------------------

(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (عن).(٢) وسائل الشيعة، باب ٦ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.

(٣) كتاب المكاسب ٢٦٨ سطر ٣٣.

(٤٩)

Page 49: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

العادة الدينية جرت على الختان فعدمه في الكبير عيب عادي، إال أنه بحسب الدقةليس بنفسه عيبا أيضا، ألن وجوب الختان ال يوجب كون عدمه عيبا منفرا مرغوبا

عنه، بل من حيث المعرضية للخطر إذا كان الختان في حال الكبر، فتدبر.وبمالحظة ما ذكرنا تعرف عدم الفرق بين المجلوب من بالد الشرك وغيره، فإنالمعرضية ال يتفاوت بذلك، وإن تفاوتت العادات بذلك، نعم حيث إن الغالب فيالمجلوب من بالد الشرك كونه أغلف فمع العلم بجلبه من بالد الشرك يظن بأنه

أغلف، فاالقدام على شرائه اقدام على المعيب، فتدبر.هل عدم الحيض عيب

- قوله (قدس سره): (عدم الحيض ممن شأنها الحيض... الخ) (١).ال يخفى عليك أن دم الحيض فضلة ال بد من خروجها في كل شهر، وعدمه تارة

الستقامة في الطبيعة واعتدال تام في الدم بحيث ال يزيد على ما تحتاج إليه المرأة فيتغذية الولد قبل الوالدة وبعدها، وهو كمال في المرأة، ولذا عد مثله من خصائص

الصديقة الطاهرة (سالم الله عليها)، وألجله لقبت بالبتول فإنها التي ال ترى الحمرةكما في الخبر، بل الظاهر أن ذلك جار في سائر بنات األنبياء (سالم الله عليهم)

وأخرى لمرض داخلي أوجب احتباس الدم، فعدم الحيض بهذا االعتبار منالعيوب، وثالثة لعارض خارجي من شرب دواء أو نوع غذاء أوجب االحتباس، وهو

بنفسه ليس من العيوب، ومورد الرواية كما هو الظاهر هي الصورة الثانية، لعدم مقتضلتلك المرتبة من الكمال، ولعدم فرض استعمال دواء أو غذاء مخصوص.

نعم في الرواية محذوران:أحدهما: أن ظاهر قول السائل (فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة أشهر

... الخبر) (٢) أن االنقطاع حدث عنده بعد العقد، ومثله من العيوب الحادثة عند--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٦٩ سطر ٣.(٢) وسائل الشيعة، باب ٣ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.

(٥٠)

Page 50: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المشتري ال يوجب خيارا، بل ربما يدعي مجامعة هذا الفرض مع فرض العلمبحيضها عند البائع، وبمثله يورد على كلمات األساطين المقيدة بمضي ستة أشهر

تبعا للنص، ال لخصوصية في الموضوع.ويندفع: بأن فرض ستة أشهر في كالم السائل لدفع هذا التوهم، حيث إن االنقطاعفي شهر أو شهرين يمكن أن يكون لعارض من ريح ونحوه حادث عند المشتري،

فلذا ذكر مضي ستة أشهر ليكون كاشفا قطعيا عادة عن كونه عن سبق مرض داخليقبل العقد، فالعبرة به (١) ال بمضي ستة أشهر عند المشتري.

ثانيهما: أن التصرف في المعيب مسقط الخيار، ومن البعيد جدا عدم التصرف فيمدة ستة أشهر، فكيف حكم عليها بالرد؟! وحمله على الحكم االقتضائي وأنه بمثله

ترد الجارية، ال أنها ترد فعال وعلى كل تقدير بعيد أيضا، فال بد إما من تخصيص تلكالكلية بهذه الرواية - وهي صحيحة معمول بها - أو تخصيص عموم مسقطية الرضا

بالرضا بعد ظهور العيب، والله أعلم.- قوله (قدس سره): (اإلباق عيب بال اشكال (٢)... الخ).

قيل اإلباق أصله الهرب من المولى ال مطلق الفرار، وأن قوله تعالى في حقيونس (عليه السالم) * (إذ أبق إلى الفلك المشحون) * (٣) أيضا باعتبار أن فراره من

قومه كان بغير إذنربه، فحسن اطالق اإلباق عليه، فكأنه أبق من مواله.

وال يخفى أيضا أن مطلق الفرار من المولى - ولو للفرار من ظلمه - ليس إباقا، فضالعما إذا غاب عنه لمصلحة تعود إلى العبد، بل اإلباق هو الفرار بعنوان التمرد

والخروج عن سلطان المولى، ومقتضى تحقق النسبة ولو بفعله مرة واحدة تحققاإلباق بال حاجة إلى التكرار، إذ ليس المبدأ من المبادئ المتضمنة للملكة ونحوهاحتى يتوقف صدق المشتق منه على صيرورته عادة وخلقا له، إال أن الرواية اآلتية

المتضمنة لكونه موجبا للرد أخذ فيها اإلباق بالعنوان الوصفي، حيث قال (عليه السالم):(إال أن

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (فيه).

(٢) كتاب المكاسب ٢٦٩ سطر ٧.(٣) الصافات، اآلية ١٤٠.

(٥١)

Page 51: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يقيم البينة على أنه كان آبقا عنده) (١) وصدق الوصف في مثله عرفا يتوقف على نحوثبات واستقرار ال يتحققان بال تكرار، إال أن الظاهر عرفا أن الفرار في يوم أو يومين ال

يعد أباقا، بخالف ما إذا فر من مواله شهرا أو أكثر فإنه يصدق اإلباق مع أنه مرةواحدة.

وأما كونه عيبا عرفا ففي الجواهر (٢) أنه بحكم التالف، وأنه أبلغ من السرقة لغيره،فإنه سرقة لنفسه.

وكالهما ال يخلو عن مناقشة، أما أنه بحكم التالف فهو يصح في اإلباق الفعلي،وأن بيع اآلبق بالفعل بيع ما هو بحكم التالف، دون ما إذا أبق عند البائع فباعه بعدقبضه واقباضه للمشتري، نعم إذا كان الوصف خلقا وعادة له كان العبد في معرض

كونه بحكم التالف، وهو على فرض صحته أخص من المدعى.وأما أنه أبلغ من السرقة فوجه اعتباري محض، ولذا ال يترتب عليه أحكام

السرقة، بل السند للرد باإلباق ما في صحيح أبي همام أن محمد بن علي قال:للرضا (عليه السالم) (اإلباق من احداث السنة؟ قال: ليس اإلباق من هذا إال أن يقيم

البينة على أنه كان آبقا عنده) (٣).ومنه يتضح الجواب عما في رواية محمد بن قيس (ليس في اإلباق عهدة) (٤) فإنالظاهر هو اإلباق الفعلي عند المشتري كالجنون الفعلي عنده وسائر احداث السنة،

فالمنفي في هذه الرواية هو المنفي في الرواية األولى، وحمل األولى على التكراروالثانية على المتحد وإن كان ممكنا في نفسه بالتقريب الذي قدمناه من حيث

العنوان الوصفي في الرواية األولى ومجرد اإلباق في الثانية، إال أنه بعيد، فإن التقابلبين النفي واالثبات بكون اإلباق عند البائع وكونه عند المشتري، وإن عبر عن األول

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢.

(٢) جواهر الكالم ٢٣: ٢٨٠.(٣) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢.

(٤) وسائل الشيعة، باب ١٠ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢، هذا نص مرسلة محمد بن أبي حمزة، أما نصرواية محمد بن قيس (قضى علي (عليه السالم): أنه ليس في أباق العبد عهدة إال أن يشترط المبتاع).

(٥٢)

Page 52: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بالوصف العنواني مع أن الثبات الملحوظ في الوصف في قبال التجدد الملحوظ فيالفعل دون الثبات المساوق للعادة والخلق اللذين ال تحقق لهما إال بالتكرار.

هل الثفل عيب- قوله (قدس سره): (الثفل الخارج عن العادة... الخ) (١).

توضيح المقام برسم أمور:منها: أن الثفل له مراتب:

إحداها: المرتبة التي ال تعد من حيث نفسها عيبا، لكون الثفل يسيرا.ثانيتها: المرتبة التي جرت العادة على انضمامها إلى المبيع وإن كان كثيرا في نفسه،

وعيبا لو لم تجر العادة على انضمامه.ثالثتها: المرتبة الزائدة على ما جرت به العادة، ومثلها عيب فعلي بقول مطلق.

ال كالم في حكم األول واألخير، إنما الكالم في المرتبة الثانية، فمن حيث إنهاعيب في نفسها لها حكم العيب إال إذا علم بجريان العادة عليها، ومن حيث إن

االقدام على شراء مثلها اقدام على ما ليس بعيب في المتعارف ليس لها حكمالعيب، وال يجب العلم بجريان العادة عليها، واألظهر لزوم العلم بجريان العادة وإن

لم يعلم بتحقق هذه المرتبة في المبيع تفصيال، حيث إنه ال يتحقق اإلقدام علىالمتعارف إال مع احراز تعارفه، وال يجدي تعارفه واقعا في صرف اقدامه على السليم

من كل عيب إلى ما تعارف بيعه وشراؤه.ورواية ميسر بن عبد العزيز ظاهرة في دوران الخيار وعدمه مدار هذا العلم

وعدمه، ال مدار العلم التفصيلي بوجود الدردي وعدمه، حيث قال (عليه السالم): (إنكان يعلم

أن الدردي يكون في الزيت فليس له أن يرده وإن لم يكن يعلم فله أن يرد) (٢) ومنالواضح أن المراد علمه بكلي هذا األمر الذي جرت عليه العادة، وإال لقال - في

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٦٩ سطر ١١.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٧ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.

(٥٣)

Page 53: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

جواب سؤال فيجد فيه درديا - إن كان يعلم أنه فيه درديا فال رد، فتدبر.ومنها: في تحقيق حال الخبرين المذكورين في الباب، وهما رواية ميسر بن عبد

العزيز ورواية السكوني.أما األولى فمحتمالتها ثالثة:

األول: ما هو المعروف من كون الخيار للعيب.الثاني: ما احتمله في الجواهر (١) من كون الخيار لتبعض الصفقة، الشتمال المبيع

على الزيت وغيره، مع أن المقصود هو الزيت كما هو ظاهر رواية السكوني (٢) اآلتيةفي السمن والرب.

الثالث: أن يكون الخيار للتدليس كما احتمل في رواية السكوني.وعلى الثاني والثالث ال ربط للخيار بباب العيب، أما الثاني فواضح، وأما الثالثفألن التدليس ال يتعين في اخفاء العيب، بل تارة يكون به، وأخرى باظهار صفة

الكمال، وهو هنا خلوص الزيت عن الدردي، والظاهر من هذه الرواية هو االحتمالاألول، وذلك ألن الظاهر من قوله (عليه السالم) (فليس له أن يرده) ومن قوله (عليه

السالم) (فله أن يرد)هو رد زق الزيت وعدمه، فصحة البيع فيما في الزق مفروغ عنها، وإال ما لم يكن هناك

ملك ال رد له، فاحتمال تبعض الصفقة هنا خالف الظاهر جدا، وحيث إنه لم يفرضفي الرواية غير ابتياع زق زيت ووجدان الدردي فال موجب للتدليس، سواء كان

باخفاء العيب أو باظهار صفة الكمال، فال ظهور إال في اشتراء زق الزيت ووجدانالدردي وأن الخيار مستند إلى وجدان الدردي، ال إلى اخفاء الدردي أو اظهار

الخلوص.مضافا إلى أن الفرق بين العلم وعدمه على الوجه الذي ذكرنا في استحقاق الردوعدمه ال يناسب التدليس، فإن العلم بكلي هذا األمر يجامع اظهار الخلوص فيشخص هذه المعاملة، ومع تحقق التدليس له الخيار وإن علم بجريان العادة على

--------------------(١) جواهر الكالم ٢٣: ٢٨٣.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٧ من أبواب أحكام العيوب، ح ٣.

(٥٤)

Page 54: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

انضمام الدردي بالزيت.وأما الثانية فظاهر قول السائل (فوجد فيها ربا) (١) كظاهر قول السائل في الرواية

األولى (فيجد فيها درديا) ومع االتحاد في الموضوع حكم (عليه السالم) في الروايةاألولى بالرد

عند الجهل ولم يحكم بالرد في الثانية، بل حكم فيها بحكم ظاهره مخالف للقواعد،حيث حكم (عليه السالم) بأداء السمن بكيل الرب، مع أنه إن كان الرب موجبا لتعيب

السمنفال يستحق إال الرد واألرش، وإن كان بحد يصدق عليه أن ما في العكة سمن ورب،ال سمن فيه رب فال يصح البيع إال في السمن فقط، وله الرد من حيث التبعض، وعلى

أي حال ال يستحق سمنا بدل الرب، فال بد من توجيه الرواية بأحد وجوه:أحدها: فرض المبيع كليا وأداء العكة الخاصة وفاء فال محالة يستحق السمن

بمقدار الرب، وهو خالف الظاهر، خصوصا بمالحظة قوله (إنما بعته منك حكرة)أي جملة، فإنه صريح في أن العكة الشخصية مورد البيع، وإال فال معنى ألن يكون

كلي السمن المبيع حكرة.ثانيها: أن يكون المراد من قوله (عليه السالم) (لك بكيل الرب سمنا) استحقاق ثمن

ذلكالمقدار من السمن بناء على تبعض الصفقة.

ثالثها: أن يكون المراد استحقاق ما به التفاوت وهو ما يساوي ثمن ذلك المقدارمن السمن بناء على تعيب السمن بالرب، وكالهما على المعروف خالف الظاهرأيضا، نظرا إلى أن السمن هو المستحق دون ثمنه أو أرشه، إال أنه غير بعيد بعد

التأمل، فإن قوله (سمنا) على أي حال تميز لكيل الرب، ال أنه مبتدأ لقوله (لك)،وكذا قوله (بكيل الرب) ال يمكن أن يكون مبتدأ لمكان الباء، فمبتدأ قوله (لك)محذوف، فالمعنى لك الثمن بمقدار السمن الموازي للرب، أو لك األرش بذلك

المقدار.ثم إن ظاهر قوله (فوجد فيها ربا) كقوله (فيجد فيها درديا) كون الموجود في

العكة سمنا فيه رب، ال بالنظر العرفي سمنا وربا، فيكون السمن معيبا والخيار للعيب--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٧ من أبواب أحكام العيوب، ح ٣.

(٥٥)

Page 55: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ويستحق الرد واألرش، إال أن التأمل يقضي بما احتمله في الجواهر من كون الموردمن تبعض الصفقة، فإن قوله (يجد فيه درديا) بقرينة قوله (يكون الدردي في الزيت)أن المبيع فيه الدردي، بخالف قوله (فوجد فيها ربا) أي وجد في العكة ربا، وكذاقول البائع (إنما بعته منه حكرة) أي جمعا وجملة فإنه ظاهر في كون ما في العكة

سمن ورب، ال سمن معيب بما فيه من الرب، والله العالم.ومنها: أن ظاهر الروايتين من قوله (فيجد فيه درديا) وقوله (فوجد فيها ربا) أنوجودهما غير معلوم حال البيع، وأن المبيع هو الزيت والسمن المرتفع عنهما

الجهالة بوزنهما على النهج الذي يعرف وزن المظروف في سائر الموارد، والعلمبوجودهما بعد العقد ال يوجب فساد العقد رأسا، وإن تبين أن الرب مثال بحيث

يساوي السمن ويندرج تحت عنوان التبعض للصفقة، وال ينافي ما في الرواية األولىمن التفصيل بين العلم وعدمه مع فرض الصحة على أي تقدير، ألن العلم بكلي هذا

األمر ال ينافي اعتقاد أن مجموع ما في الزق زيت، أو ما في العكة سمن.ومنه يظهر أنه ال موجب لالستشكال في الصحة حتى بمالحظة الرواية المفصلة

بين العلم وعدمه مع فرض الصحة مطلقا، نعم إنما يشكل إذا كان المورد من بابالتبعض وعلم من األول بوجود الرب، فإن وزن السمن وهو المبيع في فرض العلم

مجهول ال يجديه ما ذكر في االندار للظرف.وما أفاده (قدس سره) في المتن من وجوه الصحة وإن كان صحيحا، إال أن الصحة

بوجه منالوجوه مفروغ عنها في مورد الروايتين وفي كلمات األصحاب، فال موقع إال لدفع

توهم االشكال في صورة العلم بالدردي أو الرب، وقد عرفت أنه فيما إذا كانالدردي والرب موجبا الدراج المبيع في المعيب، فال فرق بين العلم بهما والجهلبهما، فإن الالزم معرفة المبيع - وهو المعيب - وإن لم يعرف وزن الخالص بعد

تخليص المبيع، وإذا كان الدردي أو الرب بحد يعد في قبال الزيت أو السمن فمعالجهل بكون (١) وزن المبيع معلوما دون صورة العلم.

--------------------(١) هكذا في األصل، والظاهر أنها (يكون).

(٥٦)

Page 56: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

- قوله (قدس سره): (خصوصا الجنون والبرص والجذام... الخ) (١).تنقيح المرام بتوضيح الكالم في أمور:

منها: فيما ورد من األخبار في عدد عيوب السنة وهي طوائف ثالث:األولى: ما ورد في الجنون فقط، وهي رواية عبد الله بن سنان قال (عليه السالم):

(وعهدته -أي الرقيق - سنة من الجنون، فما بعد السنة فليس بشئ) (٢).

ورواية الوشا (أن العهدة في الجنون وحده إلى سنة) (٣).الثانية: ما ورد في الجنون والبرص والجذام وهي ما رواه في الكافي وفي التهذيب

عن ابن همام قال: سمعت الرضا (عليه السالم) يقول: (يرد المملوك من احداث السنةمن

الجنون والجذام والبرص... الخبر) (٤).وفي الكافي وروي عن يونس (أن العهدة في الجنون والجذام والبرص سنة) (٥).

الثالثة: ما ورد في الجنون والجذام والبرص والقرن وهي ما عن الشيخ عن أبيهمام قال: سمعت الرضا (عليه السالم) يقول: (يرد المملوك من الجنون والجذام

والبرصوالقرن... الخبر) (٦).

وما في الكافي عن علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا (عليه السالم) قال (عليهالسالم): (واحداث

السنة ترد بعد السنة، قلت: وما أحداث السنة؟ قال (عليه السالم): الجنون والجذاموالبرص

والقرن) (٧).وما عن الشيخ عن محمد بن علي قال سمعت الرضا (عليه السالم) يقول: (يرد

المملوك من--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٦٩ سطر ٢٨.(٢) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٣.(٣) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٦.(٤) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢.(٥) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٥.

(٦) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢، ذيله، تهذيب األحكام ٧: ٦٣، باب العيوبالموجبة للرد، ح ١٧.

(٧) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٤.

(٥٧)

Page 57: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

احداث السنة من الجنون والجذام والبرص والقرن) (١).وما في الكافي باسناده عن ابن فضال عن أبي الحسن الرضا (عليه السالم) قال (عليه

السالم): (تردالجارية من أربع خصال من الجنون والجذام والبرص والقرن... الخبر) (٢) ورواه

الشيخفي التهذيب.

وما رواه الصدوق في الخصال عن ابن فضال عن أبي الحسن الثاني (عليه السالم) قال(عليه السالم):

(في أربعة أشياء خيار سنة الجنون والجذام والبرص والقرن) (٣) هذا ما وقفت عليهمن األخبار.

وما عن المصنف (قدس سره) من خلو رواية محمد بن علي عن الجذام، وأنه ألجلهاستشكل المحقق األردبيلي (رحمه الله) في الجذام فهو ال يخلو عن اشتباه، ألن رواية

محمدبن علي كما في الوسائل مشتملة على الجذام، والذي أوقعه (رحمه الله) في هذا

االشتباه غلطالنسخة أو سهو القلم من الحدائق (٤)، وأما األردبيلي (رحمه الله) (٥) فلم ينقل عنه

اشكال فيالجذام، ومن حيث خلو بعض الروايات عنه، بل االشكال في القرن لخلو بعضها

عنه، وفي البرص لمعارضة هذه الروايات برواية عبد الله بن سنان المذكورة في بابخيار الحيوان، حيث جعل المدة فيها ثالثة أيام.

هذا، وال يخفى أن الروايات المتضمنة لواحد أو ثالثة من العيوب باإلضافة إلىالروايات المتضمنة لألربعة كالظاهر بالنسبة إلى النص، وال ريب في تقديم النص

على الظاهر.وأما ما في الحدائق (٦) من أن تلك األخبار مطلقة، ال أنه فيها ما يدل على نفيه

حتى يحصل المخالفة فمرجعه إلى عدم كونها في مقام التحديد المقتضي للمفهوم--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢، ذيله، التهذيب ٧: ٦٤، باب العيوب الموجبةللرد، ح ١٩.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.

(٣) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٧.(٤) إن كان مراده سهو القلم في هذه الرواية فالموجود في الحدائق مذكور فيها الجذام، وإن كان مراده منأنه ليس هناك رواية على العتق إال رواية السكوني فال ربط له بالمطلب، راجع الحدائق ١٩: ١٠٤، ١٠٨.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان ٨: ٤٤٩.(٦) الحدائق الناظرة ١٩: ١٠٦.

Page 58: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

(٥٨)

Page 59: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المقتضي لنفي سببية غيرها، فغرضه من تقييد االطالق دفع االطالق المستدعيللمفهوم، ال أن التعارض من باب تعارض المطلق والمقيد كما فهمه المصنف (قدس

سره)،فاعترض عليه بأنه ليس من تعارض المطلق والمقيد، نظرا إلى أن مورده وحدة

التكليف، واقتضاء التقييد تضييق دائرة موضوع الحكم الشخصي.ومما ذكرنا يظهر ما في كالم بعض أجلة المحشين (رحمه الله) هنا في المقام فراجع

.(١)نعم مع كون هذه األربعة مذكورة في كتب المشايخ خصوصا في الكافي

والتهذيب بأسناد متعددة لم ينقل القول بالقرن عما عدا اإلسكافي من القدماء، بلكلمات األساطين من الفقهاء متطابقة على أن عيوب السنة ثالثة باسقاط القرن، ولم

يشتهر القول به إال من الشهيد (قدس سره) في الدروس (٢) ومن بعده، فكاد أن يكونعدم

الفتوى على طبق تلك األخبار المشتملة على األربعة موهنا لها مع وثاقة أسانيدبعضها.

منها: أن مقتضى النص والفتوى أن الجذام يوجب انعتاق المملوك على مالكه،فكيف يعقل أن يكون موجبا للخيار؟! حيث ال مملوك حتى يرد إلى البائع.

وأجيب عنه بوجوه:أحدها: ما عن صاحب الحدائق (رحمه الله) (٣) بحمل ما دل على االنعتاق بالجذام

علىاالنعتاق في الملك المستقر الذي ال يتعقبه خيار وال فسخ، وما كان كذلك فال يمكن

أن يمنع عن الخيار.وفيه: أن دعوى انصراف الملك إلى الملك التحقيقي دون األعم منه ومن

التقديري، أو إلى الالزم دون األعم منه ومن الجائز أمر، ودعوى انصرافه إلى ما اليتعقبه خيار أو فسخ أمر آخر، فإن الملك هنا الزم مستقر، حيث إنه على الفرض ال

موجب للخيار قبل حدوث العيب المخصوص، وتعقبه بما يكون مزيال له أجنبيعلى استقرار الملك، إذ ليس بقاء الملك دخيال في حقيقته أو كماله، فزواله بخيار

--------------------(١) حاشية اليزدي ٢: ٩٩.

(٢) الدروس الشرعية ٣: ٢٨١.(٣) الحدائق الناظرة ١٩: ١٠٨.

(٥٩)

Page 60: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حادث كزواله ببيع حادث بعده.وبالجملة: فإن زوال الملك نقيض ثبوته، فالزائل دائما هو الملك السابق المتصل

بآن وجود المزيل، فإذا لم يكن قبل المزيل خيار وجواز - كما في ما نحن فيه -فالزائل

حينئذ ملك مستقر بتمام معناه، ومع انحفاظ االستقرار فتعقبه بالخيار وعدمه غيرموجب النصراف الملك، فتدبر.

ثانيها: ما عن الشهيد الثاني في المسالك (١) وتقريبه بتوضيح مني: أن هذا الخيارمن أفراد خيار العيب، فال بد من ورود البيع على المعيب حتى يؤثر في خيار العيب،وهذه العيوب تمتاز عن غيرها بأن ما عداها ليس لمقام قوتها ومادتها ولمقام فعليتهاوصورتها تعدد إما حقيقة أو حكما، نظرا إلى أن موادها ال تعد عيبا، بخالف هذه

العيوب فإن مادتها - كما قيل - يمكن أن تتقدم على صورتها بسنة، فإذا حدثت بماهي فعلية كشف عن سبق مادتها في حال العقد إذا لم يتأخر حدوثها عن العقد بسنة.

ومن البين أن مادة الجذام هي بنفسها عيب عرفا، بل أعظم بمراتب من غيره مماعد عيبا، ومالك هذا الخيار على الفرض هو العيب الموجود حال العقد، وأما مالكاالنعتاق فهو ليس حيثية كونه عيبا، بل حيثية كونه جذاما، والجذام جذام بصورتهالنوعية ال بمادته كما في غيره من الحقائق، وعليه فيتقدم سبب الخيار دائما على

سبب االنعتاق، فليس هناك خيار حال االنعتاق ليقال بعدم معقوليته، بل قبلاالنعتاق الذي ال مانع منه وال مزاحم.

والجواب: أنه (قدس سره) إما أن يقول بالسلطنة على أعمال الخيار فسخا وامضاءبمجرد

العلم بوجود المادة ولو قبل الفعلية، فكما له حق الخيار له أعماله، أو يقول بثبوتحق الخيار واقعا من دون سلطنة على أعماله إال بعد فعليتها، فإن قال باألول اندفعاالشكال، فإنه إما أن يفسخه فينعتق على البائع عند الفعلية، وإما أن يمضيه فينعتق

على المشتري عند الفعلية.وأما إن قال بالثاني أو مع قوله باألول لم يعمل الخيار لترقب زوال الجذام حتى

--------------------(١) مسالك األفهام ٣: ٣٠٥.

(٦٠)

Page 61: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

صار فعليا فإنه في الصورتين يعود المحذور، فإنه ال يجتمع االنعتاق بفعلية الجذاممع بقاء حق الخيار، فال يجدي الحل الذي أفاده على فرض تسليم مقدماته إال في

بعض الصور.ال يقال: لعل نظره (قدس سره) إلى أن سبق حق الخيار واقعا يمنع عن طروء حق

االنعتاقللمجذوم إال مع سقوط الحق بالفسخ أو االمضاء، ففي الصورتين ال يستحق المجذوم

انعتاقا ما دام للمشتري حق.ألنا نقول أوال: أن مجرد سبق أحد الحقين بسبق سببه في الوجود ال يمنع عن لحوق

اآلخر وإبطال األول، بل المالك أقوائية أحدهما من اآلخر مقدما كان أو مؤخرا.وثانيا: أن سبق حق الغير هو المانع ال سبق حق المالك، فإن ملكه مع أنه أقوى من

الحق إذا لم يمنع حق المجذوم فحقه مع أنه أضعف من الملك ال يمنع حق المجذومباألولوية، واالعتبار أيضا يساعد على أن المجذوم له حق على مالكه ال على غيره،

فال يبطل حق الغير ال أنه ال يبطل حق مالكه، فتدبر.ثالثها: ما نسب إلى كاشف الغطاء (١) من أن الرد أعم من االختيار والقهر، فيراد أعممن حق الخيار والفسخ ومن االنفساخ، ومع االنفساخ الذي مقتضاه انحالل العقد قبلاالنعتاق آنا ما يندفع المحذور المتقدم، إذ ال حق خيار مع االنعتاق ليقال بأنه محال.

وتقريبه ببيان أمرين:األول: ما ورد في رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال (عليه

السالم): (عهدة البيعفي الرقيق ثالثة أيام إن كان به حبل أو برص أو غير ذلك، وعهدته سنة من الجنون،

فما بعد السنة فليس بشئ) (٢) دل الخبر على أن عهدة الجنون ودركه على البائعوأنه مضمون عليه، خصوصا بمالحظة عهدة الحبل والبرص ثالثة أيام، فإن خيار

الحيوان ال يدور مدار حدوث حدث، بل هذه العهدة بمعنى المضمونية.والثاني: قد ورد في باب خيار الحيوان أن الحدث سواء كان بمعنى التلف أو

النقص مضمون على البائع، ومعنى ضمانه في التلف انفساخ العقد، وفي غيره سببية--------------------

(١) كتابه مخطوط.(٢) وسائل الشيعة، باب ٢ من أحكام العيوب ح ٣.

(٦١)

Page 62: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الحدث للخيار.وعليه فالجذام المشترك في الحكم مع الجنون مضمون على البائع، وحيث إنه

بمنزلة التلف النعتاق المجذوم فضمانه على البائع، فيكون العقد منحال قهرا قبلالتلف وما بمنزلته آنا ما فيقع التلف من البائع.

والجواب: أن العهدة وإن كانت بمعنى يالئم الخيار واالنفساخ إال أن أخبار البابظاهرة بل صريحة في الرد بالفسخ وفي الخيار، فإن رواية الخصال (١) متضمنة للفظالخيار، مع أن المعهود من الشارع هو االنفساخ بالتلف قبل القبض وفي زمان الخيار،وليس ما نحن فيه من أحدهما، إال أن يجعل النص المتقدم دليال على المضمونية ولو

بعد القبض، وفي غير زمن الخيار، نعم االنصاف أنه أوجه ما قيل في الباب.رابعها: ما نسب إليه (٢) أيضا من أن الخيار يجامع التلف فينعتق على المشتري،

لكنه مع الفسخ ال تعود العين بعينها، ألن الحر ال يعود رقا، لكنها تعود بماليتها، فلهاسترداد الثمن وأداء قيمة المجذوم كما فصلنا القول في مثله مرارا.

وفيه: أنه يصح في سائر الخيارات دون خيار العيب المتقيد برد العين، ولذا قالوابسقوط خيار العيب بتلف المعيب، وتعين األرش، وظاهر روايات الباب رد المجذومعلى حد رد المجنون والمبروص، ال أن الرد في بعضها رد العين بعينه وفي المجذوم

رده بماليته.وتوهم: بعض أجلة المحشين (٣) (رحمه الله) أن هذا الوجه موقوف على تقدم سبب

الخياروهو ممنوع.

مدفوع: بأنه ناش من عدم االلتفات إلى ما وجهنا به كالمه (رفع الله مقامه)،وال يخفى أن مانعية التلف غير مستند إلى المرسلة المتكفلة إلناطة رد العين بقيامها

بعينها، ليقال بأن موردها ما إذا ورد التلف أو التغير على المعيب بالعيب الحادث فييد البائع، ال على المعيب بالعيب الحادث في يد المشتري، بل مستند إلى ما ذكرناه

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب أحكام العيوب، ح ٧.

(٢) كتابه مخطوط.(٣) حاشية اليزدي ٢: ١٠٠ سطر ١.

(٦٢)

Page 63: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

في محله من أن خيار العيب إذا كان عبارة عن حق رد العين فال رد، إذ ال مردود،فبقاء العين شرط عقلي ال شرعي.

غاية األمر أنه في غير ما نحن فيه يكون التلف رافعا للخيار، وفيما نحن فيه يكوندافعا له، بل ما نحن فيه أعظم من ذلك، إذ حديث الدافعية إنما يتصور في مقتضيينأحدهما يؤثر في الخيار واآلخر في التلف المانع منه، وما نحن فيه ليس إال الجذام

المؤثر في االنعتاق وفي الخيار، فال يعقل التأثير في حق الرد لمكان التأثير في التلفالمساوق لعدم المردود، فال رفع وال دفع، فإن عدم امكان تأثير شئ واحد في أمرين

متقابلين معنى، وعدم امكان تأثير شيئين في أمرين متقابلين حدوثا أو بقاء معنىآخر، وما نحن فيه من األول، والدفع والرفع من الثاني.

خامسها: تخصيص دليل االنعتاق بدليل سببية الجذام للخيار كما هو مسلكالمصنف (قدس سره)، وهذا مما ال بد منه بعد عدم امكان الجمع بينهما بأحد الوجوه

المتقدمةبعد فرض تطابق الفتاوى على استحقاق الرد بالجذام كغيره من احداث السنة،

ونتيجته ثبوت الخيار وعدم االنعتاق بفعلية الجذام من دون سقوط حق الخيار إمابالفسخ وإما باالمضاء، ومع سقوطه بأحدهما ينعتق على البائع تارة وعلى المشتري

أخرى، لعدم المعارض في هذه الحال.نعم ربما يشكل االنعتاق على البائع بعد فسخ المشتري، بمالحظة ظهور أدلة

االنعتاق بالجذام في االنعتاق على مالكه بحدوث الجذام في ملكه، وليس هو إالالمشتري، إذ الفسخ ال يقتضي إال رد ملك المجذوم، فيرد اعتبار الملك على

المجذوم، ال أنه يرد الجذام على ملك البائع بسبب فسخ المشتري إال على أحدتقريبين ال يقول به أحد، إما دعوى كون انشاء الفسخ سببا متأخرا النحالل العقد من

األول، فيكون الجذام بحسب الواقع حادثا في ملك البائع، وإما دعوى االنقالبحقيقة، واألول على فرض معقوليته ال موجب له، والثاني محال، إذ من يقول بأن

الفسخ من األصل ال من حينه إنما يقول باعتبار االنحالل واعتبار رد الملك من األول،ال به حقيقة، واعتبار الملك من األول بحيث يكون االعتبار بالفعل والمعتبر من األول

(٦٣)

Page 64: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ال يقتضي تغير الواقعيات، بل غايته اعتبار ملك المجذوم من األول، ال اعتبار الجذاممن األول، ليتوهم الحكم بترتيب أثر حدوث الجذام في ملك المشتري صونا للغوية

اعتبار الجذام من األول.واالنصاف: أن ظهور (إذا جذم العبد فال رق عليه) (١) كما في خبر السكوني في

حدوث الجذام، وأنه سبب لزوال الرقية مما ال ينبغي انكاره، لكنه يفهم منه بمناسبةالحكم والموضوع منافاة وجود الجذام للبقاء على الرقية، ال منافاة خصوص حدوثه،

وعليه فالمالك وجوده األعم من البقاء والحدوث فيعم البائع والمشتري، وهذا هومراد المصنف (قدس سره) ال ما هو المترائي من عبارته، حيث قال: (موقوف على

داللة الدليلعلى عدم جواز تملك المجذوم... الخ) فإن مقتضاه عدم تحقق الفسخ، إذ ال فسخ إال

مع رد الملك، وال معنى لرد الملك إال صيرورة البائع مالكا، فمراده مما أفاده ماحررناه من أن مجرد وجوده مزيل للملك، ال خصوص حدوثه، فال بد من فرض

الفسخ ورد الملك حتى يتحقق االنعتاق المتقوم بالملك، فافهم جيدا.منها: أن ظاهر كلمات األصحاب أن التصرف مانع عن هذا الخيار - ولو قبلحدوثه بحدوث سببه - إال سالر في مراسمه (٢) حيث صرح بسقوط الخيار

بالتصرفبعد حدوثه، مع أن أخبار الباب على كثرتها لم تقيد بالتصرف، ومن المستبعد جدا

بل يقرب من المحال عادة عدم وقوع التصرف في ظرف السنة بالنسبة إلى المملوكالمشترى لالنتفاع به بوجوه التصرفات، فاطالق الروايات مناف الطالق الكلمات.

وأجيب عن اطالق الروايات بوجهين:أحدهما: أن السؤال لم يقع عن أمر واقع ليقال باستبعاد عدم وقوع التصرف، بلبيان لحكم كلي في موضوع كلي، ويؤول أمر هذا الجواب إلى أن الروايات غيرمتكفلة لحكم فعلي، حتى يشكل باستبعاد عدم وقوع التصرف، بل متكفلة لحكم

طبعي ذاتي، وحاصله أن هذه العيوب مما يوجب الرد ال أنها مما يرد به فعال.--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٢٣ من أبواب العتق، ح ٢.(٢) الينابيع الفقهية ١٣: ١١٢.

(٦٤)

Page 65: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وفيه: أن كلي هذا الموضوع إذا كان عادة ال ينفك عن التصرف فهذا الحكماالقتضائي يلغو جعله لمثل هذا الموضوع.

وثانيهما: أن التصرف المسقط للخيار هو التصرف الواقع بعد صيرورة العقدخياريا، ال في حال لزومه وقبل حدوث موجب الخيار، وما هو المستبعد جدا عدم

التصرف قبل حدوث العيب في ظرف السنة، وال مانع من االلتزام بوقوعه وعدم كونهمانعا من الخيار، فاطالق األخبار بالنسبة إلى ما ال موجب للتقييد به ال مانع منه،

فينحصر المسقط في التصرف بعد حدوث العيب، وال مانع من تقييد األخبار به بماتقدم في خيار العيب، والجواب أن كون التصرف قبل حدوث الخيار غير موجب

لسقوط الخيار محل كالم بين األعالم كما تقدم (١) في الخيار المشروط برد مثلالثمن.

والتحقيق: أن التصرف إن كان مسقطا تعبديا فظاهر أخبار خيار الحيوان وأخبارخيار العيب وقوع الحدث مع تحقق الخيار ال قبله، فال دليل على كونه مسقطا هنا وإن

كان من أفراد خيار العيب، وأما إن كان مسقطا من حيث الداللة على الرضا وااللتزامبالعقد فيمكن أن يقال إن الرضا وااللتزام إنما يكون مسقطا إذا كان المورد من شأنه أن

يلتزم به وأن ال يلتزم به، وهو العقد الخياري دون العقد الالزم.ويمكن أن يقال: إن العقد الالزم بقول مطلق هو الذي ال موقع للرضا وااللتزام به،وأما الالزم الذي هو في معرض الخيارية ويترقب حدوث الخيار فيه فتجدد الرضا

ببقائه على حاله وعدم انقالبه عما هو عليه إلى الجواز أمر معقول، فيكون دافعاللخيار كما نبهنا عليه في محله، ولكن لوال مخافة مخالفة الشهرة لكان القول بعدم

سقوط الخيار هنا باطالق األخبار وجيها جدا، هذا كله من حيث التصرف.وأما من حيث التغير فلم أجد من تعرض له صريحا إال المحقق في الشرائع حيث

قال: (فرع: هذا الحكم يثبت مع عدم االحداث، فلو أحدث فيه ما يغير عينه أو صفتهثبت األرش وسقط الرد... الخ) (٢) وهو ظاهر ابن حمزة في الوسيلة حيث قال: (ما

لم--------------------

(١) ح ٤: ١٩٩، تعليقة ١١٨.(٢) شرائع اإلسالم ٢: ٣٤.

(٦٥)

Page 66: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يحدث عنده عيب آخر) (١).وأما بالنظر إلى األدلة فظاهر أخبار الباب وإن كان عدم التقييد به إال أنه ليس

كالتصرف بحيث ال ينفك عادة عن العين في مدة سنة مثال فال يأبى عن التقييد، إال أنالكالم في الدليل عليه، وليس إال المرسلة، وموردها ورود التغير على المعيب، لكن

سقوط الرد بالتغير وتعين األرش حيث إنه ارفاق بالبائع، وجمع بين حقي البائعوالمشتري، فال فرق بين ورود التغير على المعيب وورود العيب على المتغير، إذ

المالك رجوع العين متغيرة إلى البائع.ثم إنه تبين مما ذكرنا اجماال حال األرش وأن ظاهر كلمات األصحاب إال من شذثبوت األرش على حد سائر العيوب، كما أن مقتضى اطالق النصوص عدمه، ولم

يرد فيها مع كثرتها إشارة إلى األرش ولو مع عدم التمكن من الرد.وبالجملة: إن كان سبب الخيار هنا أصول هذه األمراض وموادها الموجودة حال

العقد دخل ما نحن فيه تحت أخبار خيار العيب، فحالها حال غيرها من العيوب، وإنكان سبب الخيار نفس تلك األمراض المساوقة لمرتبة فعليتها فهي خارجة عن تحتأخبار خيار العيب، فال دليل على األرش ال تخييرا وال تعيينا، وليس األرش على طبق

القاعدة حتى تشترك هذه العيوب مع غيرها، فليس لألرش هنا مدرك إال الشهرة.- قوله (قدس سره): (وفيه أوال: أن ظاهر هذه األخبار... الخ) (٢).

األولى أن يقال: إن ظاهر األخبار أن سبب الخيار هذه األمراض بما هي فعليات،ال بما هي أصول ومواد، وإال فتعليق الحكم على الظهور قابل للحمل على الطريقية،

بل هو الشائع دون الموضوعية، ولعل العدول عنه بمالحظة ما في كالم الشهيدالثاني (رحمه الله) (من أن وجودها في السنة دليل على حدوثها قبل البيع، ألنها تكمن

فيالبدن سنة ثم تخرج... الخ) (٣).

وحينئذ فالمناسب في مرحلة االيراد عليه أن وجودها الواقعي غير مجد في--------------------

(١) الوسيلة ٢٥٦.(٢) كتاب المكاسب ٢٧٠ سطر ٦.

(٣) مسالك األفهام ٣: ٣٠٥.

(٦٦)

Page 67: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الخيار، بل وجودها في الحس والظاهر فإنه القابل للتجدد في أثناء السنة، وأماوجودها الواقعي فهو محفوظ من أول انعقاد البيع إلى آخر السنة، فال معنى ألن يقال

فحدث ما بينك وبين ذي الحجة كما في الخبر، نعم وجود الجذام أو البرص أوالجنون حقيقة واقعا، وتأخر ظهورها حسا خالف الواقع، بخالف وجود موادهاالمنتهية بمرور الزمان إلى فعلية صورها، والشئ شئ، بصورته النوعية ال بمادته

وهيواله.- قوله (قدس سره): (ولوال ذلك لكفى وجود موادها... الخ) (١).

حيث إن هذه المواد ال يتأخر ظهورها عن السنة وإال لم يكن المبيع ذا مادةجذامية حال البيع، فتأخر ظهورها عن سنة كاشف عن حدوث مادتها في ملك

المشتري ال في ملك البائع، فال موقع لهذا االيراد.- قوله (قدس سره): (كان ظهورها زيادة في العيب... الخ) (٢).

أما بناء على ما نقلناه من عبارة الشهيد الثاني فال وجه لهذا االعتراض، ألنالكاشف عن الشئ ال يعقل أن يكون زيادة على الشئ المكشوف، وأما بناء علىالمادية والفعلية - كما هو مبنى اعتراضه - ففعلية الشئ تحققه المساوق لوجوده

المختص به في نظام الوجود، ال أمر زائد عليه، وليس من باب الخروج عن مرتبة منالشئ إلى مرتبة عالية حتى يكتفى به في مانعية العيب الحادث، كما يقال به في

زيادة العيب في يد البائع، ألن المادية والصورية مغايرة لكون الشئ بصورته النوعيةذا مراتب فيخرج من حد إلى حد.

- قوله (رحمه الله): (وثانيا: أن سبق سبب الخيار... الخ) (٣).هذا إنما يرد إذا كان مراد الشهيد الثاني (رحمه الله) مجرد رفع التزاحم بتقدم سبب

الخيار،فإن تأثيره في الخيار وفعلية مقتضاه ال يمنع عن تأثير اآلخر في محله وسقوط الخيار

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٧٠ سطر ٧.(٢) كتاب المكاسب ٢٧٠ سطر ٩.

(٣) كتاب المكاسب ٢٧٠ سطر ١٠.

(٦٧)

Page 68: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الثابت، لكنه إذا كان مراده (رحمه الله) على ما وجهناه به من أن حق المجذوم إنمايؤثر إذا لم

يكن في مورد الحق، فال يرد إذ ال حق حتى ينعتق المملوك، ويكون كالتلف المسقطلحق الخيار، إذ المانعية فرع الوجود، وال وجود له كما سمعت، والظاهر منه (قدس

سره) أنه اليرى لما وجهناه به وجها بنحو الكلية كما يستفاد من تتمة العبارة، والله أعلم.

خاتمة في عيوب متفرقة- قوله (رحمه الله): (خاتمة في عيوب متفرقة... الخ) (١).

تحقيق المقام: أن العيب - كما مر في تضاعيف كلماتنا هنا - إما بمعنى النقصوالزيادة في أصول الخلقة، وإما بمعنى الخروج عن المجرى الطبيعي العادي، وهو

أوسع من األول، وإما بمعنى النقص المرغوب عنه الخالله بالغرض النوعيالمعاملي المترقب من المبيع، وهو أوسع من األولين، فنقول:

أما الكفر فهو ليس بالمعنى األول وجدانا، وليس من الثاني أيضا إال بتوهم والدةكل مولود على فطرة اإلسالم، فكفره عرضي خارج عن مجراه الفطري الذي هو

بمنزلة الطبيعة الثانوية.وهذا التوهم إنما يجدي إذا كان المولود مسلما حال الوالدة مع أنه ليس كذلك

وجدانا بأي معنى يفرض من اإلسالم، بل المراد من كونه مفطورا على اإلسالم أنهكذلك فطرة وقوة، لما أودع الله فيه على القوة العاقلة المؤدية له إلى اإلسالم وااليمانبالله وبرسوله، وهذا االستعداد اإللهي والقوة الربانية محفوظ لم ينعدم وإن لم يصر ما

بالقوة فعليا لغلبة سلطان الجهل وجنوده كما حقق في محله.نعم باإلضافة إلى المعنى الثالث من العيب يمكن أن يقال: إن وقوع الخلل في

المنافع المقصودة المترقبة من شراء المملوك يختلف باختالف أصناف المتعاملين،فإذا اشترى كافر عبدا كافرا لم يختل شئ من منافعه بالنسبة إليه، بخالف ما إذا

اشتراه مسلم فإنه يختل نظام انتفاعاته منه بلحاظ نجاسته، بل بلحاظ كفره أيضا، فإنه--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٠ سطر ٢٥.

(٦٨)

Page 69: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ال يمكن شرعا تزويج الكافرة واالنتفاع بولدها.وال يخفى عليك أن المصنف (قدس سره) فصل بين المجلوب من بالد الكفر وغيرهفأوجب الرد في الثاني دون األول، ال ألنه عيب، بل ألن الغالب في غير المجلوب

حيث إنه اإلسالم فاقدامه اقدام على شراء المسلم، وتخلف الوصف الملتزم بهضمنا موجب للرد، كما أن اقدامه على شراء المجلوب اقدام على شراء المعيب.

لكن هذا المبنى أجنبي عما أفاده (رحمه الله) بأنه نقص لتنفر الطباع عنه، خصوصابمالحظة نجاستهم المانعة عن كثير من االستخدامات، وذلك ألن الغلبة هي

المصححة للرد كان هناك نقص منفر ونجاسة مانعة أم ال، كما أن هذا المعنى مالكالعيب العرفي حقيقة فال وجه لنفي صدق العيب عنه عرفا، ومما ذكرنا ظهر أن الكفر

باإلضافة إلى المسلم عيب موجب للرد واألرش.وأما اإلرتداد فمن حيث النجاسة حاله حال الكفر األصلي، وأما من حيث كونه

مهدور الدم فربما يقال إنه في معرض التلف فهو أولى بكونه عيبا من الكفر الموجبلقلة االنتفاع به.

وفيه: أنه في معرض التلف تشريعا ال تكوينا، فمع القطع بعدم اجراء الحد عليهلعدم بسط يد القائم بهذا األمر فليس هو في معرض التلف خارجا جزما، فال عيب

خارجي له يقينا.وأما محرمية األمة بنسب أو رضاع ففي المتن أنه ال يعد نقصا بالنوع، وال عبرة

بخصوص المشتري.وفيه: أن مدار العيب إذا كان على اختالل الغرض النوعي المعاملي فهو صادق

هنا، ألن الوطئ غرض نوعي من شراء األمة، ال غرض شخصي، وكونها باإلضافة إلىغير المشتري ليست كذلك أجنبي عن نوعية الغرض وشخصيته، فهي معيبة حقيقة

بالنسبة إلى المشتري، نعم عدم التمكن من االنتفاع تارة يكون لنقص في المبيع كمافي عدم تمكن المسلم من االنتفاع بالكافر لنجاسته، فإن وجوب االجتناب على

المسلم السالب لقدرته على االنتفاع ناش عن نجاسة الكافر، وأخرى ألمر إضافي بين

(٦٩)

Page 70: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الطرفين كالنسب والرضاع ال يختص بالمبيع فهو نقص في الطرفين، ال في خصوصالمبيع ليكون له الخيار من حيث نقص المبيع دفعا للضرر، بل ربما يلحق األول

بالثاني، نظرا إلى أن امتناع االنتفاع مستند إلى اختالف المبتاع والمتاع في صفتياإلسالم والكفر، ولذا ال يكون كفره ونجاسته مانعة في حق المتحد معه في صفة

الكفر.إال أن التأمل فيهما يقضي بأنهما ال يجديان شيئا، ألن الشركة في النسب

والرضاع واالختالف باإلسالم والكفر ليسا من العيوب حتى يقال ال ينفرد المبيعبالمعيب، بل هما منشئان تارة لتحقق المحرمية المانعة عن االنتفاع وهي عيب،

وأخرى لمانعية النجاسة وصيرورتها عيبا، والمدار على كون المبيع معيبا، ال علىمنشأ أصل العيب أو عيبية الصفة.

فالتحقيق: أن الوطئ وإن كان غرضا نوعيا من شراء األمة إال أن االخالل به ليسنوعيا بمعنى أن هذه األمة ليست بحيث يمتنع نوعا استيفاء هذا الغرض النوعي

منه، بل يمتنع شخصا استيفاء هذا الغرض النوعي منها، والمناط في صدق العيبعرفا لزوم الخلل نوعا منه في األغراض النوعية، وعليه يحمل ما أفاده في المتن.

وأما سائر األمور المذكورة في المتن فهي وإن كانت منفرة للطباع إال أنه لطباعأهل االيمان ال لطباع المتعاملين، حيث ال يوجب االخالل باألغراض النوعية

المترقبة من المبيع، نعم في مثل أثر الوقف على المبيع، فضال عما إذا كانت أمارةقوية على الوقفية ربما يقال بأنه عيب لنقصان ماليته وقلة رغبة الناس في شرائه، إال

أنه كذلك عند المحتاطين والوسواسيين، ال عند المتعاملين الملتزمين بمقتضياتأحكام الدين، إذ المفروض أنه في نظر الشارع مع غيره على حد سواء.

األرش- قوله (قدس سره): (القول في األرش وهو لغة... الخ) (١).

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٧١ سطر ٣.

(٧٠)

Page 71: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

توضيح المقام بتنقيح الكالم في أمور:منها: أن األرش كما في القاموس (١) بمعنى الدية، وبمعنى الخدش، وللنقص، ولما

به يتفاوت قيمة الصحيح وقيمة المعيب، وهو األرش المتعارف، وللخصومةواالختالف يقال بينهما أرش - أي خصومة -، وتأريش النار تأريثها وإيقادها،

والمأروش بمعنى المخلوق، واألرش - كصاحب - اسم لجبل.وظني - والله أعلم - اندراج الجميع تحت جامع، وبعض ما ذكر مصاديقه، وبعضهامسبب عنه، والجامع ما يعبر عنه في الفارسية ب " برانكيختن "، ويساوقه في العربيةالتحويل والتهييج، فتأريش النار تهييجها بايقادها واشعالها، وتهييج البائع والمشتري

- بمالحظة النقص الحاصل في المبيع مع أنه اشتراه بعنوان التام والصحيح - هوالمعبر عنه بالخصومة واالختالف، واألرش بالمعنى المتعارف مسبب عن هذا

االختالف ونتيجته، والنقص سبب لهذا الهيجان، فأطلق عليه األرش أيضا، وكذاالخدش الموجب للهيجان الموجب لألرش المتعارف، واألرش بمعنى المخلوق

للهيجان والحركة من العدم إلى الوجود، واألرش - كصاحب - للجبل يناسب هيجانهإلى العلو كهيجان النار، إال أن األرش المتعارف في لسان الشرع والعرف يراد به ما

يتدارك به النقص على أي تقدير، سواء كان هو بنفسه من معانيه لغة أو أطلق عليهاألرش بعالقة السببية والمسببية، أو بعالقة االطالق والتقييد بناء على أنه لغة لمطلق

الدية كما في القاموس.وأما ما أفاده المصنف (قدس سره) من (أنه مال يؤخذ بدال... الخ) فهو ليس من

المعانياللغوية، وال من مصطلحات الفقهاء، بل جامع انتزاعي من مصطلحات الفقهاء كما

أفاده (رحمه الله) في آخر كالمه، نعم حيث أخذ في حده بقوله (ولم يقدر له... الخ)فال محالة

ال يصدق على بعض ما ذكره الشهيد (رحمه الله) الغير المنافي للتقدير الشرعي، واألمرسهل.

منها: أن ضمان األرش المتعارف بعد ما لم يكن من ضمان اليد - حيث إنه وقعالعقد على التالف ال أنه تلف مال المشتري في يد البائع - فهل هو من ضمان

--------------------(١) قاموس المحيط - مادة أرش ٢: ٣٨٢.

(٧١)

Page 72: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المعاوضة كما هو صريح أول كالمه (رحمه الله)؟ أم ضمان مستقل خارج عن ضمانياليد

والمعاوضة؟.وال يخفى عليك أن ضمان المعاوضة - كما صرح به المصنف (قدس سره) في باب

(١)القبض - هو ضمان التالف قبل القبض أو قبل انقضاء زمان الخيار، فمورده على أي

حال ورود التلف على المعقود عليه، ال ورود العقد على التالف، فمقتضى تبعيةالجزء للكل وتبعية الوصف للجزء عدم انعقاد العقد على الصحيح، وانعقاده علىالمعيب لتلف الوصف كعدم انعقاده على الكل أو على الجزء مع فرض تلف كل

منهما، فال انفساخ وال غرامة.مضافا إلى ما ذكرنا في بعض المباحث المتقدمة (٢) من أن قاعدة التلف قبل

القبض ال تعم تلف الوصف، ومع فرض الشمول ال تقتضي الخيار، فضال عن األرش،فإن مقتضى تقريب المصنف (قدس سره) في مباحث القبض (٣) هو االنفساخ ال

الخيار، فإنغاية ما أفاده (رحمه الله) أن مقتضى تقدير التلف في ملك البائع فرض العقد كأن لم

يكن،ومقتضاه انفساخ العقد عند تلف الكل أو الجزء، وجريان أحكام العيب عند تلف

الوصف، إذ مقتضى فرض العقد كأن لم يكن على الموصوف من حيث وصفه وقوعالعقد على المعيب الفاقد للوصف، وحكمه خيار العيب، مع أنه لو صح ذلك لكانمقتضاه االنفساخ، إذ الوصف بما هو ال عقد عليه، بل على الموصوف به بالذات،

فيكون الوصف معقودا عليه بالعرض، ففرض العقد كأن لم يكن على الوصفبالعرض بفرض العقد كأن لم يكن على الموصوف به بالذات، وهو معنى االنفساخ،ال وقوع العقد على فاقد الوصف ليكون الزمه الخيار، ومما ذكرنا - كما اعترف بهالمصنف (قدس سره) أخيرا - تبين أن ضمان الوصف المفقود حال البيع خارج عن

الضمانين.منها: بعد ما عرفت من أن ضمان الوصف بالتخيير بين الرد واألرش خارج عن

الضمانين، فهل األرش المضمون على البائع ما به يتفاوت الصحيح والمعيب بحسب--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣١٣.(٢) تعليقة ٣٣.

(٣) كتاب المكاسب ٣١٥.

(٧٢)

Page 73: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

القيمة الواقعية أو ملحوظا بالنسبة إلى الثمن؟ فاألرش على األول ثلث قيمة الصحيحمثال، وعلى الثاني ثلث المسمى، والكالم تارة في ما تقتضيه القواعد، وأخرى فيما

تقتضيه أخبار خيار العيب.أما األول فربما يقال: - كما عن غير واحد منهم المصنف (قدس سره) في طي كالمه

أخيرا - أنالبائع قد التزم على الفرض بوصف الصحة في المبيع بإزاء المسمى المبذول في

مقابل الصحيح بما هو صحيح، ومقتضاه لزوم الخروج عن عهدة الوصف بالمقدارالذي له دخل في المسمى ال بأزيد من ذلك.

والجواب: أن االلتزام بوصف الصحة الدخيل في مالية الصحيح كااللتزام بسائراألوصاف الدخيلة في المالية، فإن دخل الوصف في المالية ال اختصاص له قطعا

بوصف الصحة، ومن البين المسلم عندهم أن تخلف الوصف الملتزم به ال يوجبإال ارتفاع اللزوم، لكون لزوم العقد مع تخلف الوصف ضرريا، فال يثبت من قبل

االلتزام الضمني أزيد مما يثبت بااللتزام الصريح وهو الخيار فقط دون األرش،وااللتزام بالوصف ليس التزاما بتداركه، ليتوهم كون عهدة الوصف عليه بمقدار دخله

في المسمى، ولذا ال يقولون باألرش في تخلف سائر األوصاف مع وحدة سنخااللتزام، واالتحاد في سنخ الدخل في المالية.

وأما حديث المعاوضة اللبية والمعاوضة الحسية والمقابلة بين مقدار من الثمنووصف الصحة في عالم اللب دون عالم الحس - كما أشرنا إليه سابقا (١) وجعله

بعضأجلة المحشين (٢) (رحمهم الله) هنا تحقيقا وثيقا ومدركا صحيحا لألرش بالنسبة إلىالمسمى - فال حكم له شرعا وال اعتبار به بحسب القواعد الفقهية، إذ المعاوضة التيلم يتسبب إليها بسبب من األسباب الشرعية، بل يستحيل أن يتسبب إليه - حيث إن

الوصف ال مال وال مملوك فال معنى للمعاوضة - ال يمكن أن يؤثر في التغريم وال فياالنفساخ، نعم يصح اعتباره حكمة لحكم الشارع بالتغريم بما يناسب المسمى.

وأما الثاني: وهو ما تقتضيه األخبار فتوضيح الحال فيها بعد تمهيد مقدمة: وهي أن--------------------

(١) ٤: ٤٣٦، تعليقة ٣١٦.(٢) حاشية اليزدي ٢: ١٠١ سطر ١٤.

(٧٣)

Page 74: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

لكل من الصحيح والمعيب بلحاظ القيمة السوقية تعينا واقعيا يصح أن يقال بال عنايةيرجع إلى نقصان العيب أو أرش العيب وما أشبههما، وأما بلحاظ المسمى فال تعين

إال للصحيح، بداهة أنه ليس للمعيب مسمى فال يصح أن يقال يرجع إلى قيمةالمعيب ونحوه إال بعناية تقويم الصحيح والمعيب ونسبة ما به التفاوت إلى الثمن

المسمى.ومن هذه المقدمة تعرف أن جل أخبار خيار العيب لها ظهور في الرجوع إلى

التفاوت من حيث القيمة الواقعية، مضافا إلى صراحة رواية طلحة بن زيد في ذلكحيث قال (عليه السالم): (تقوم وهي صحيحة وتقوم وبها الداء، ثم يرد البائع على

المبتاع فضلما بين القيمتين) (١).

وأما حمل االطالق فيها وفي غيرها على صورة عدم تفاوت القيمة الواقعية معالمسمى لمكان غلبة المساواة فهو إنما يصلح لدفع المعارض عن الدليل الدال علىمالحظة التفاوت بالنسبة إلى المسمى، فهو من قبيل دفع المانع ال تحقيق المقتضي،

وما يصلح في بدو النظر للداللة على مالحظة ما به التفاوت مضافا إلى المسمىفقرتان:

إحداهما: من صحيحة زرارة حيث قال (عليه السالم): (ويرد عليه بقدر ما ينقص منذلك الداء

والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به) (٢).ثانيتهما: ما في صحيحة ابن سنان حيث قال (عليه السالم): (ويوضع عنه من ثمنها

بقدرالعيب إن كان فيها) (٣).

وداللة األولى على المطلوب متوقفة على تعلق (٤) قوله (عليه السالم): (بقدر ماينقص)

فيكون الثمن هو المنقوص منه، بخالف ما إذا كان متعلقا بقوله (عليه السالم): (ويردعليه) فإن

الثمن حينئذ هو المخرج ألداء ما به التفاوت واقعا، ولكل منهما جهة بعد:--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب أحكام العيوب ح ٢.(٢) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب الخيار، ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب أحكام العيوب، ح ١.(٤) هكذا في األصل، وال يخفى ما في العبارة.

(٧٤)

Page 75: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أما األول فلما مر (١) من أن المعيب ال تعين لماليته من حيث المسمى، بل منحيث القيمة الواقعية، فال بد من حمل قوله (ما ينقص من ثمن ذلك) على النقص منه

بعد التقويم ومالحظة النسبة.وأما الثاني فألن تعين الثمن للمخرجية بعد القول بأن األرش ما به التفاوت

بلحاظ القيمة الواقعية مما لم يقل به أحد ولم يحتمله محتمل، وإنما يقول بتعينالمخرجية في الثمن بعض من يقول بأن ما به التفاوت يالحظ بالنسبة إلى المسمى،

وداللة الفقرة الثانية أضعف، ألن قوله (من ثمنها) متعلق بقوله (يوضع عنه) إال أنظهورها فيما ادعى من حيث إن الظاهر أن العيب هو الموجب لنقص الثمن والوضععنه، والعمدة استبعاد تعين الثمن للمخرجية، فال محالة يكون ذكر الثمن لمالحظة

النسبة، وأن النقص الحادث من قبل العيب ملحوظ باإلضافة إلى الثمن.وأما ما عن شيخنا األستاذ (قدس سره) (٢) من االستشهاد بمقابلة الشق الثاني في

مرسلةجميل (٣) للشق األول، والرجوع في الشق األول بتمام الثمن، فال محالة يكون فيالشق الثاني ببعض الثمن ال بتمامه ولو أحيانا، وإال لم يتحقق بينهما مقابلة، فمحل

مناقشة، إذ التقابل بين الرد في األول واألرش في الثاني ال بين استرداد الثمن فياألول وبعضه في الثاني، مع أن االطالق إذا كان واردا مورد الغالب فحيث إن الغالب

مساواة القيمة للمسمى فال محالة يكون المردود بعض المسمى والقيمة، وال معينحينئذ لكون المالك هي القيمة بما هي أو المسمى بما هو ليعمل على طبقه في الفرد

الغير الغالب.كما أن ما أفاده المصنف (قدس سره) في طي كالمه من أن األرش لتتميم المعيب ال

لتنقيص الثمن إنما يجدي لمرامه من أن األرش غرامة، إذ ليس لتنقيص الثمن حتىيتوهم االنفساخ، بل لتتميم المعيب المؤكد لعدم االنفساخ، إال أن تتميم المعيب

تارة يكون بلحاظ قيمته واقعا، وأخرى بلحاظ نسبته إلى المسمى، فاألرش على أي--------------------

(١) نفس التعليقة، عند قوله (وأما الثاني).(٢) حاشية اآلخوند ٢٣١.

(٣) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب الخيار، ح ٣.

(٧٥)

Page 76: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تقدير ضميمة للمعيب حتى يوافق الصحيح في قيمته واقعا، أو حتى يوافقه فيمابذل له من المسمى.

ومن جميع ما ذكرنا تبين عدم اقتضاء القاعدة، بل عدم اقتضاء األخبار لمالحظةالنسبة إلى المسمى، نعم المسألة كما عن المصنف (قدس سره) آنفا فيه (١) غير

خالفية.منها: بناء على أن األرش ما به التفاوت بلحاظ المسمى ال بلحاظ القيمة فهل

يتعين دفعه من عين الثمن المسمى أو ال؟ بل الذي يستحقه المشتري على البائع مايوازي بعض المسمى، والكالم تارة فيما يقتضيه األصل والقاعدة، وأخرى في

مقتضي أخبار المسألة.أما األول فتوضيحه بعد تمهيد مقدمة: وهي أن األرش ليس تكليفيا محضا،

كيف؟ وهو قابل لالسقاط، والتكليف غير قابل له، وال كليا ذميا فإنه قابل لالبراء دوناالسقاط، مع أنهم ال يقولون باشتغال الذمة باألرش، بل يستحيل في بدو األمر، إذ اليعقل التخيير بين الرد واشتغال الذمة، وإنما له حق الرد أو التغريم، وليس أيضا ملكامشاعا خارجيا، لوضوح أن األرش قابل لالسقاط، والملك غير قابل لالسقاط، بل

قابل للنقل واالنتقال بعوض أو بال عوض، بل حقيقته حق تغريم البائع بما بهالتفاوت، وحينئذ يشك في أنه يستحق التغريم بما به التفاوت من عين المسمى أوبما به التفاوت مطلقا، فليس على األول للبائع االمتناع بدفع الغرامة من غير عين

الثمن، كما أنه له على الثاني، وليس للمشتري الزامه به.إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه ال مجال ألصالة البراءة عن وجوب دفع الغرامة من

خصوص المسمى، لما عرفت من أن األرش ليس تكليفيا محضا بل حق، ومع الشكفي سقوط الحق بمجرد دفع الغرامة من غير المسمى مع مطالبة المشتري فاألصل

بقاء الحق، فيجب اسقاطه بما يتيقن بسقوطه معه، وليس هو إال جزء الثمن المسمى،وحيث إن الشك في السقوط مسبب عن الشك في كيفية الثبوت فال مجال لألصل

ابتداء إال فيما يتعلق بالثبوت اطالقا وتقييدا، وحينئذ نقول:--------------------

(١) هكذا في األصل، والظاهر زيادة (فيه).

(٧٦)

Page 77: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

إن الفرق بين األرش بالمعنى الذي ال يتعين بعين الثمن وبالمعنى المتعين بعينالثمن هو الفرق بين الماهية ال بشرط والماهية بشرط شئ، واستحقاق المشتري

على البائع للتغريم بما ال تعين له معلوم، واستحقاقه للتغريم بما له تعين مشكوك،واألصل عدم استحقاقه إياه، وهو المراد مما [ذكر] (١) في المتن من أصالة عدم تسلط

المشتري على شئ من الثمن، فما يقطع باستحقاق المشتري إياه يقطع بسقوطهبدفع الغرامة من غير المسمى، وما يشك في سقوطه به واقعا ال قطع بثبوته حتى

يجب الفراغ عنه جزما.وأما التعليل الذي ذكره المصنف (قدس سره) بقوله (ألن المتيقن من مخالفة األصل...

الخ)فهو إنما يجدي لعدم عود بعض الثمن باالنفساخ، لما فرضه من عدم مقابلة الوصفبشئ من الثمن، والكالم هنا في استحقاق استرجاع بعض الثمن تغريما ال انفساخا،بل مقتضى االعتبار في مرحلة التغريم استحقاق استرداد ما بذله بمالحظة الوصف،

ال استرداد ما يساوي لما بذله، فال حاجة إلى التعليل بالوجه المسطور، ويكفياألصل على الوجه المذكور.

نعم بناء على تعين ما يساوي بعض الثمن في النقدين، لتمحضهما في المالية -كما سيجئ (٢) إن شاء الله تعالى - ربما أمكن التفصيل بين ما إذا كان ثمن المعيب

منالنقدين أو من غيرهما، فإنه على األول يدور األمر بين استحقاق التغريم بمطلق

المالية المنفية في النقدين، أو استحقاق التغريم بمالية النقد الخاص المجعول ثمناكما مر، بخالف األمر على الثاني فإن األمر يدور بين استحقاق التغريم بمقدار من

المالية المتعينة في النقدين أو التغريم بالمالية المتعينة في الحنطة، وهما متبائنان،فاألصل متعارض بمثله في الثاني دون األول.

بل التحقيق: أن وجه الرجوع إلى أصالة عدم تسلط المشتري ليس ما قربناه آنفا،ألن الماهية المبهمة ال حكم لها، والماهية الال بشرط القسمي - أي الماهية الملحوظة

--------------------(١) إضافة يقتضيها السياق.

(٢) نفس التعليقة، عند قوله (منها: بناء على أن األرش...).

(٧٧)

Page 78: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ال متقيدة بخصوصية الثمن وال بعدمها - ليست مقطوعا بها، كيف؟ واستحقاقالخصوصية محتمل، فكيف يكون عدم اقترانها بالخصوصية مقطوعا؟! بل كون

الماهية ملحوظة ال بشرط على حد كونها ملحوظة بشرط شئ مشكوك، إال أن أحدالمشكوكين مطابق لألصل دون اآلخر، فإن الفرق بين الملحوظين بتقيد أحدهما

بخصوصية الثمن وعدم تقيد اآلخر ال بوجودها وال بعدمها، فعدم استحقاقالخصوصية مطابق األصل دون استحقاقها.

واالعتبار الال بشرطي وإن كان مقابال العتبار البشرط شئ إال أن االعتبار ال أثر له،بل الحكم للمعتبر، ولذا تجتمع الماهية الال بشرط مع الماهية بشرط شئ، فكال

االعتبارين وإن كان مسبوقا بالعدم إال أن المعتبرين متفاوتان في السبق كما عرفت،وبعد التعبد بعدم استحقاق الخصوصية ال مجال للمشتري أن يطالب ببعض الثمن،

كما أنه للبائع االمتناع إذا طالبه من غير استحقاق، وال محالة يكون سقوط الحق بأداءما يوازي الثمن معلوما شرعا، فال مجال ألصالة بقائه، هذا بعض الكالم في ما يقتضيه

األصل.وأما الثاني وهو ما يقتضيه األخبار فنقول: أخبار المسألة طوائف ثالث:

األولى: ما مضمونها يرجع بقيمة العيب أو فضل القيمة، فمثله ال داللة له على أحدالطرفين، ألنه إن أريد به القيمة الواقعية التي لها تعين وقد نقصها العيب فهو أجنبي

عما نحن فيه، ألن الكالم بعد التنزل، وإن أريد به القيمة المبذولة فهي الثمنالمسمى، وإن أريد به المالية المبذولة فهي قابلة إلرادة ما يوازي المسمى، وال تعين

ألحد المحتمالت.الثانية: ما عنوانه له أرش العيب كما في روايتي حماد (١) وعبد الملك (٢)، وحيث إن

أرش تدارك العيب فاطالقه من حيث التعين بخصوصية الثمن يجدي لما هوالمعروف هنا، ولعله لذلك اقتصر المصنف (قدس سره) على اطالق هاتين الروايتين

دون--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب أحكام العيوب، ح ٧.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العيوب، ح ٣.

(٧٨)

Page 79: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الطائفة األولى.الثالثة: ما تقدم في صحيح زرارة من أنه (يرد عليه بقدر ما ينقص من ذلك الداء

والعيب من ثمن ذلك) (١)، وما في صحيحة ابن سنان من أنه (يوضع من ثمنها بقدرالعيب) (٢) فإن ظاهرهما تعين الثمن الشخصي.

إال أنك قد عرفت (٣) أن ذكر الثمن إما لبيان المخرج لما به التفاوت الواقعي، وإمالبيان كون التفاوت الواقعي يالحظ باإلضافة إلى الثمن المسمى ال لبيان مخرجية

الثمن، واألول خالف المبنى هنا، والثاني غير كاف لما نحن فيه، ألن كون الثمنالمسمى ملحوظا وظرفا للنسبة أمر، وكونه مخرجا أمر آخر.

وأما ما عن المصنف (قدس سره) من إرادة النقدين من الثمن فمرجعه إلى أداء األرشمن

النقدين ال من خصوص الثمن، فهو - مع كونه خالف الظاهر - غير واف بالمراد، ألنإرادة النقد من الثمن دون خصوص المسمى مع اضافته إلى المبيع ال يناسب التعدي

من خصوص المسمى لتعين النقد في المسمى بمالحظة اضافته إلى المبيع، فإنالنقد المضاف إلى المبيع ليس إال خصوص المسمى، لوضوح أن النقد المطلق ال

إضافة له إلى المبيع، فتدبر جيدا.كما أن ما أفاده (قدس سره) في الجواب عن قوله (عليه السالم) (ويوضع من ثمنها...

الخ) أن الغالبكون الثمن كليا فيحتسب األرش على البائع عند أداء الثمن.

مدفوع: بأنه إنما يسلم ذلك فيما إذا اطلع على العيب بعد العقد وموقع أداءالثمن، ال فيما إذا اطلع على العيب بعد التصرف بالوطئ، فإنه بعد أداء الثمن غالبا.منها: بناء على أن األرش مما يوازي المسمى ال من عينه فهل يتعين في النقدين أم

ال؟.فنقول: الغرامات كلية مضمونة بالنقدين، ألن المضمون ليست إال المالية

المحضة بال تعين لخصوصية أصال، وليس في األعيان الخارجية التي لها مالية ما--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب الخيار، ح ٢.(٢) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب أحكام العيب، ح ١.

(٣) عند ذكر الصحيحتين في أول التعليقة.

(٧٩)

Page 80: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ليس فيه خصوصية تتفاوت بها الرغبات إال النقد، فإنه متمحض في المالية، فالوفاءللمال المحض بالمال المحض قهري ليس للضامن والمضمون االمتناع من أدائه

وأخذه.نعم في كالم العالمة في باب الصرف (١) ما أوهم عدم تعين النقدين، حيث ذكر أنأحد العوضين المختلفين في الصرف إذا كان معيبا وظهر العيب بعد التفرق جاز أخذاألرش من غير النقدين ولم يجز منهما، فإنه قد استظهر منه جامع المقاصد (٢) عدم

تعين النقدين عنده فأورد عليه بأن الحقوق المالية إنما يرجع فيها إلى النقدين،فكيف الحق الثابت باعتبار نقصان في أحدهما.

وأجاب عنه المصنف (قدس سره) بما سيجئ (٣) إن شاء الله تعالى توضيحه، ومجملالقول

في ذلك أن األرش حيث إنه - عند العالمة بل عند غير واحد من األصحاب - متممالمعاوضة وتتميم للمعيب ليساوي الصحيح فلذا بنوا على لزوم الربا في

المتجانسين، وعلى عدم جواز أداء النقد أرشا بعد التفرق عن مجلس الصرف، ألنتتميم المعاملة الصرفية بعد التفرق مناف العتبار التقابض في المجلس، بخالف ما

إذا أدى األرش من غير النقدين فإن المعاملة المزبورة تنحل إلى صرف وغير صرف،والتفرق في غير الصرف غير ممنوع عنه.

وغرض جامع المقاصد أن الغرامات تتعين في النقدين في سائر الموارد، وغرامةأحد النقدين أولى بأن تكون منهما، والزمه حينئذ عدم امكان تتميم المعاملةالصرفية، أما بالنقد فلفرض منافاته للتفرق، وأما بغير النقدين فألن ما يستحقه

المشتري على البائع ليس إال النقد كلية، وغيره ال بد من أن يكون بدال عنه، فإذا لميستحق المبدل لفرض التفرق ال يستحق البدل فال أرش أصال، ال نفسا وال بدال.

وغرض المصنف (قدس سره) أن تعين األرش في النقدين كسائر الغرامات بمعنى عدماستحقاق كل من الضامن والمضمون له لالمتناع من أدائهما وأخذهما ال ينافي عدم

--------------------(١) القواعد ١: ١٣٣ سطر ١، التحرير ١: ١٧٢ سطر ٩.

(٢) جامع المقاصد ٤: ١٩٢.(٣) كتاب المكاسب ٢٧٢ سطر ٦.

(٨٠)

Page 81: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تعين األرش فيهما بمعنى وقوع غيرهما أرشا حقيقة مع التراضي، ال أن غير النقدينبدل عن األرش حتى ال يصح البدل حيث ال يصح المبدل كما في الصرف، توضيح

ذلك أن المالية لها اعتبارات ثالثة:أحدها: اعتبار المالية بشرط عدم الخصوصية التي تتفاوت بها الرغبات، وال مطابق

لها إال النقد لتمحضه في المالية، لعدم اقترانه بمثل تلك الخصوصية.ثانيها: اعتبار المالية بشرط الخصوصية إما معينا أو بدليا.

ثالثها: اعتبار المالية ال بشرط وجود خصوصية وال بشرط عدمها.فإن اعتبرت المالية على الوجه األول فال يستحق من له الحق إال النقد الفاقد لكل

خصوصية، كما ال يستحق من عليه الحق االلزام بما فيه خصوصية، لعدم مطابقة (١)بشرط شئ لما هو بشرط ال، وإن اعتبرت المالية على الوجه الثاني فال محالة

يستحق من له الحق ما فيه خصوصية معينة، أو ما فيه خصوصية مطلقا، ويتخير منعليه الحق في أداء أية خصوصية كانت على األخير، وإن اعتبرت المالية على الوجه

الثالث فال يستحق من له الحق مطالبة خصوصية من الخصوصيات، لفرض عدمالتقيد بخصوصية ال تعينيا وال بدليا، ويستحق من عليه الحق أن يؤدي الفاقد لكل

خصوصية كالنقد، وأن يؤدي الواجد ألية خصوصية، لفرض عدم تقيد المالبعدمها.

إذا عرفت ذلك فنقول: إن الفرق بين سائر الغرامات وبين الغرامة األرشية منوجهين:

أحدهما: أن سائر الغرامات المالية تشتغل بها الذمة، لتعلق االعتبار الحقي بنفسالمال، وال وعاء له بعد الخارج إال الذمة، وال بد كما عرفت من تعينه في الذمة بأحد

التعينات الثالثة، والمعروف فيها هو التعين األول أعني المال بشرط ال، وهو كماعرفت منحصر في النقد.

ووجه تعين هذا االعتبار الخاص في الغرامات الغير األرشية هو أنه إذا تلف قيمي--------------------

(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (مطابقته).

(٨١)

Page 82: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

من القيميات فهذا التالف له شؤون ثالثة، حيثية شخصيتها، وحيثية كونها ذات حصةمن طبيعة نوعية، وحيثية المالية، وكل طبيعة نوعية كما أنه لها جهة وجدان ماهويهي مبدأ جنسها الطبيعي ومبدأ فصلها الطبيعي كذلك لها جهة فقدان لما فوقها، بها

تكون هذه الماهية نوعا، والماهية األخرى نوعا آخر، فماهية الشجر مثال المتقومةبالجسمية والقوة النباتية فاقدة لمرتبة الحيوانية، فهي بشرط ال من حيث الحيوان،

ولذا ال يصدق عليها الحيوان كما ال يصدق الشجر على الحيوان.وعلى هذا فإذا فرض تلف فرد من نوع خاص، وشخصية التالف غير قابلة

للتدارك عقال، ونوعيته لعدم المثل غير قابلة للتدارك، فلم يبق إال مالية ماهية هيبشرط ال باإلضافة إلى سائر الماهيات، فال محالة تكون المالية المشتغلة بها الذمة

مالية هي بشرط ال عن سائر الماليات، فتدبره فإنه حقيق به.هذا في سائر الغرامات، وأما الغرامة األرشية فقد عرفت مرارا أنها ال تشتغل بها

الذمة ليجب أن يكون لها تعين مخصوص، فإن حقيقتها حق التغريم ال استحقاقالمال، وحيث أن االستحقاق متعلق بالفعل ال بالمال فال معنى لتعينه الذمي، كما أنه

حيث ال تعين له في الذمة فال بأس بجعل حق التغريم بما هو بشرط ال، وهو النقدعند المخاصمة في الخصوصيات، وبما هو بشرط شئ عند التراضي على

خصوص شئ.ثانيهما: أنه ال ريب في صحة التراضي على غير النقدين في باب الغرامات جميعا،

ففي غير الغرامة األرشية حيث إن الذمة مشغولة بخصوص مال ال يطابقه إال النقد فالمحالة يكون ما تراضيا عليه بدال عن النقد، وفي الغرامة األرشية حيث إنه ال مال في

الخارج وال في الذمة فال معنى للبدلية وال للمعاوضة، بل هو أداء عين ما يستحقالتغريم به عند التراضي، كما أنه إذا أدى النقد كان هو عين ما يستحقه أرشا عند

امتناع كل منهما عن الخصوصية، ومما ذكرنا اتضح صحة ما أفاده المصنف (قدسسره)، وال

يرد عليه شئ من االعتراضات الناشئة عن عدم الوصول إلى حقيقة مرامه (زيد فيعلو مقامه).

(٨٢)

Page 83: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

منها: في تصور األرش المستوعب لتمام الثمن وتحقيق القول بالبحث في موارد:أحدها: أن النقص الوارد على العين على قسمين، فتارة نقص خارجي يوجب

سلب المالية رأسا مع بقاء ذات المبيع كذهاب رائحة ماء الورد مثال رأسا بحيث كانبال فائدة أصال، وكذا إذا أوجب سلب الملكية مع بقاء حق االختصاص كالخل

المنقلب خمرا مع امكان اتخاذه للتخليل، أو إذا لم يمكن ذلك أيضا، وأخرى نقصاعتباري من حيث تعلق حق الجناية به الموجب لالسترقاق أو القصاص أو دية كاملة

مستوعبة لقيمة العبد.فإن كان النقص من قبيل األول وكان قبل القبض ال حال العقد فهل هو مندرج

تحت عنوان التلف قبل القبض بحيث يوجب االنفساخ أو يوجب الخيار؟ فإن كانمن تلف ذات المبيع عرفا فهو موجب لالنفساخ، والرجوع بتمام الثمن حينئذ أجنبي

عن تصور األرش المستوعب.وإن كان من تلف وصف المبيع - وهي حيثية المالية وقد مر (١) أنه موجب للخيار -

فال محالة يتعقل األرش المستوعب، وظاهر قوله (عليه السالم) (كل مبيع تلف قبلقبضه) (٢) هو

تلف ما هو مبيع بالحمل الشائع، وهو عين المال ال المالية، فتلف المالية من تلفالوصف، وقد مر (٣) أن مضمونية تلف وصف المبيع ال يقتضي إال الخيار.

وأما تلف الملكية فقد ادعى أنه كتلف ذات المبيع وذات الملك، وهو فيما إذا لميبق حق االختصاص ال بأس به، ال لصدق تلف المبيع، بل ألنه ليس هناك شئ لهاقباض، حيث إنه ال اعتبار ملكي وال حقي للمشتري كي يترقب قبضه واقباضه.

وإن كان النقص من قبيل الثاني وكان قبل القبض فتارة يحكم عليه بالتلف بلحاظالحكم بأحد تلك األمور من االسترقاق والقصاص والدية، وأخرى بلحاظ فعلية أحد

تلك األمور.أما األول فنقول: أما الحكم باستحقاق المجني عليه لالسترقاق فمن الواضح أن

--------------------(١) تعليقة ٣٣، آخرها.

(٢) مستدرك الوسائل ١٣: ٣٠٣، رواية ١٥٤٣٠.(٣) نفس التعليقة، عند قوله (أما األول فربما يقال...).

(٨٣)

Page 84: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الجاني لم يخرج بذلك عن الملك ولم يدخل فعال في ملك المجني عليه، حتىيكون من قبيل تلف الملكية، بل مجرد استحقاق المجني عليه للتملك فيكون

كاستحقاق الشريك لتملك حصة شريكه من المشتري، غاية األمر أنه هناك بالعوضوهنا مجانا، فمجرد استحقاق التملك وحق اتالف ملكية المشتري وازالتها ليس من

تلف المبيع ال ذاتا وال مالية وال ملكية فال انفساخ وال خيار.نعم ربما يتخيل خيار التعذر فيه بمالحظة استحقاق المجني عليه اقباضه من

البائع.ويندفع: بأن مجرد االستحقاق ال يوجب اقباض الجاني حتى يمتنع اقباضهللمشتري شرعا، بل باالسترقاق يصير ملكا للمجني عليه، فيجب اقباضه.

وأما الحكم بالقصاص كما في قتل العمد فانفساخ العقد بمالحظة أن استحقاقالمجني عليه للقصاص يوجب سقوطه عن المالية، بل عن الملكية، أما سقوطه عن

المالية فإنه مع استحقاق القصاص ال يبذل بإزائه مال مع عدم نفع معتد به، وأماسقوطه عن الملكية فإن اعتبارها للمشتري مع عدم المالية وعدم نفع معتد به لغو،

والتحقيق أن جواز القصاص ليس إال جواز اعدام المال، ال أنه هدر للمالية كالحكمبهدر مالية الخمر والخنزير، ومنه تبين عدم زوال الملكية.

وأما الحكم بدية كاملة فكونه من تلف المبيع ليس إال بتوهم استحقاق ماليةالجاني للمجني عليه، وأنت خبير بأن استحقاق أرش الجناية استحقاق ما يوازيمالية الجاني، ال استحقاق شخص ماليته، فلم يخرج الجاني عن المالية وال عنالملكية ولو بالنسبة إلى المولى، هذا كله في التلف بلحاظ األحكام المزبورة.

وأما باإلضافة إلى نفس االسترقاق أو القصاص أو استيفاء الدية المستوعبة لقيمةالجاني فنقول: أما االسترقاق فهو داخل في القاعدة بمالحظة أنه لم يبق ما يقبض

وأنه ال يرتفع ضمانه إال بالقبض، ال أن التملك - بما هو موجب لالنفساخ لكونه مزيالللملكية - فيدخل في تلف الملكية المسلم كونه موجبا لالنفساخ، أما التملك فهو

موجود في التملك بالشفعة، مع أنه ال يوجب االنفساخ، ومنه تعرف أن زوال

(٨٤)

Page 85: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الملكية بسبب مملك يلزمه عدم بقاء الملك األول غير زوال الملكية بمعنى عدمقابلية الشئ العتبار الملكية.

وأما القصاص أو القتل باالرتداد فهو من أوضح أفراد تلف المبيع.وأما أخذ األرش المستوعب فال يستدعي بوجه انفساخ العقد لبقاء المبيع علىماليته وملكيته، ويستحيل أن تزول عنه المالية والملكية بأخذ ما يوازي ماليته

خارجا، نعم تكون الجناية الموجبة لتفديته بما يساوي ماليته أو بأنقص عيبا مضموناعلى البائع، فأرش الجناية على عهدة البائع، إال أنه لو أداه المشتري بال إذن من البائع

لم يكن له الرجوع عليه، فإنه كأداء الدين بال إذن من المديون كما حكي التصريح بهعن العالمة في جملة من كتبه (١)، هذا كله حكم ما قبل القبض.

ثانيها: في حكم ورود البيع على المعيب بأحد أقسام العيوب المذكورة فنقول:أما النقص الخارجي المسقط للمالية فهو مانع عن انعقاد البيع، فإنه مبادلة مال

بمال، وكذا المسقط للملكية فإنه تمليك عين بعوض، وقد أشرنا إلى بعض ما يتصورمن المناقشات من حيث اعتبار المالية أو الملكية في حقيقة البيع في ما علقناه على

كتاب البيع، فراجع (٢).وأما النقص االعتباري كتعلق حق الجناية بالعبد المبيع فقد بينا في بيع العبد

الجاني سابقا (٣) عدم لزوم شئ من المحاذير المنافية لحقيقة البيع، فإن جهاتالنقص والمنافاة إما راجعة إلى المالك وإما راجعه إلى المملوك، والنقص المنافي

لألول إما عدم ملك العين وإما عدم ملك التصرف، وال دليل على خروجه عن ملكمواله بمجرد الجناية وإن قواه صاحب المقابيس (قدس سره) (٤)، نظرا إلى ظواهر

بعض األخبارالمعارضة لبعضها اآلخر والمنافية للقواعد، كما أن ملك التصرف ال يزول إال بأحد

موجبات الحجر، وليس هنا شئ منها إال تعلق حق المجني عليه بنفس العين،وسيجئ (٥) إن شاء الله تعالى أنه ال يمنع من النقل واالنتقال، فال يعقل أن يوجب

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٤٠ سطر ٣٠.

(٢) ح ١: ١٥، تعليقة ٥.(٣) ح ٣: ٢٧٣، تعليقة ١٩٠.

(٤) مقابس األنوار ١٨٢ سطر ١٨.(٥) نفس التعليقة.

(٨٥)

Page 86: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قصورا في سلطان المالك.وأما جهات النقص في المبيع فتارة خروجه عن المالية، وأخرى خروجه عن

الملكية، وثالثة كون بذل المال بإزائه سفها، ورابعة تعلق حق مانع عن النقل.أما خروجه عن المالية بمجرد استحقاق القصاص أو استحقاق االسترقاق أو

استحقاق قيمته فقد مر أن الحكم باعدام ذات المال ليس هدرا لماليته بوجه والسلبا الحترامه إال المجني عليه، ولذا يكون باإلضافة إلى غيره كسائر األعيان

المحترمة.وأما خروجه عن الملكية بنفس تجويز القصاص أو الترخيص في االسترقاق

فأوضح، أما األول فألن المجني عليه ال يملك الجاني، وال يتوقف القصاص عليه،فضال عن حكمه، وأما الثاني فإن التملك مزيل للملكية وال يعقل أن يكون تجويز

التملك مزيال للملكية وإال لزم الخلف.وأما كون بذل المال بإزائه سفها ففيه: أنه مع كونه مما يتمول في حد ذاته وقابال

للتملك في نفسه فبذل المال بإزاء المحكوم بالقصاص أو االسترقاق مع رجاء العفوأو التفدية بشئ يسير ال يكون االقدام على ابتياعه سفهيا.

وأما مانعية حق القصاص أو استحقاق االسترقاق فمدفوعة: بأن مجرد تعلقالحق غير مانع، بل المانع هو الحق الذي ال يجامع نفوذ البيع شرعا أو عقال، وحيثإن حق القصاص أو االسترقاق يتبع العين أيا ما كان فال يزول بنفوذ البيع حتى يمنع

ثبوته عن نفوذه، فالبيع صحيح والحق ثابت.وحيث عرفت صحة البيع في صورة العلم تعرف أنه كذلك في صورة الجهلأيضا، إال أنه للمشتري حينئذ الخيار، ومقتضى ورود البيع على المعيب بعيب

الجناية الموجبة للقصاص أو االسترقاق مالحظة ما هو عيب حال العقد، ونسبة العبدالمحكوم بكذا وكذا والغير المحكوم به، فما به يتفاوت العبد الذي هو في معرضالقصاص أو االسترقاق هو األرش، وهو ال يوجب استيعاب القيمة، وإنما الموجب

هو العبد المقتص منه أو المسترق.

(٨٦)

Page 87: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ثالثها: أنه لو تعقب العقد المفروض صحته قصاص أو استرقاق فهل يبطل منأصله لكونه مراعى، أو ينفسخ من حينه، أو يوجب الخيار؟

والكل مورد االشكال:أما كونه مراعى بعدم القصاص أو بعدم االسترقاق فهو مبني على منافاة الصحةالفعلية لبقاء حق القصاص أو االسترقاق، ولذا قيل بأن صحة البيع في ما يوجب

القصاص - أي الجناية العمدية - موقوفة على إجازة المجني عليه أو وليه، مع أنكعرفت (١) أنه ال يمتنع أعمال أحد الحقين من القصاص أو االسترقاق مع فرض صحةالبيع، بل يسري الحق مع سريان الجاني في ملك كل واحد إلى آخر، وليس للمجني

عليه إال حق القصاص أو االسترقاق الذين ال يختصان بمالكية أحد، فال معنىللتوقف على إجازة المجني عليه، نعم له اسقاط حق القصاص أو االسترقاق.وأما انفساخ العقد بأحد األمرين من القصاص أو االسترقاق فهو على خالف

القواعد، ألن المفروض أن التلف بعد القبض وفي غير زمان الخيار، وال موجب لهإال أحد األمرين، وإما الخيار مع فرض جهل المشتري، فمع كون المعرضية عيبا

موجبا للخيار فالقتل عيب حادث في ملك المشتري ال يوجب خيارا إال بدعوى أنالعيب السابق باإلضافة إلى الالحق كما بالقوة باإلضافة إلى ما بالفعل فهو ليس عيبا

آخر، وال زيادة العيب بل بابه باب تحقق ما يترقب تحققه.ومما ذكرنا تبين: أنه ليس في هذه الموارد مورد يكون أرشه مستوعبا لقيمته،

بمعنى أن أرش الجناية وإن كان مستوعبا لقيمته إال أن أرش خيار المعيب أرشالمعرضية، ال أرش المقتص منه أو أرش المسترق، وسيجئ (٢) إن شاء الله تعالى بقية

الكالم.رابعها: ذكر العالمة (قدس سره) في جملة من كتبه أن المشتري إذا كان جاهال فله

الفسخ أواألرش، ثم قال - كما حكاه في المتن - ما نصه: (فإن استوعبت الجناية القيمة فاألرش

--------------------(١) في نفس التعليقة.

(٢) نفس التعليقة.

(٨٧)

Page 88: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ثمنه أيضا وإال فقدر األرش... الخ) (١).ومحتمالت العبارة ثالثة:

أحدها: ما هو الظاهر وعليه جل الناظرين في كالمه، وهو أرش خيار العيبواستيفاؤه لتمام ما يوازي ثمنه كما يشهد له تفريعه (٢) على رجوع الجاهل، ووقوعهبين قوله (قدس سره) " فيرجع " وقوله " وال يرجع لو كان عالما " وحينئذ فالمراد من

ثمنه مايوازي الثمن ال عينه.

ثانيها: ما حكي عن بعض المشايخ في شرحه للقواعد من الرجوع إلى عين الثمنبتمامه انفساخا ال أرشا، فيكون البيع باطال عنده، إال أنه ال يناسب عنوان األرش، فإن

األرش ال يصدق إال على أرش الجناية الذي يستحقه المجني عليه، أو أرش خيارالعيب الذي يستحقه المشتري.

ثالثها: ما استظهره جامع المقاصد من أن العبارة متعرضة لحال المشتري الجاهلمع المجني عليه، فإنه بعد إجازة المجني عليه للبيع ال يستحق إال قيمة العبد، قال:

(فهذا األرش إن كان من البائع فقد سبق ذكره في قوله ويضمن أقل األمرين، وإن كانمن المشتري فسيأتي في قوله وله أن يفديه كالمالك، فيكون مستدركا.

ويمكن الجواب: بأن هذا بيان لحكم ما إذا كان المشتري جاهال ورضي باألرش منالبائع، فإنه إن طلب المجني عليه وكان مستوعبا لم يلزم المشتري سوى القيمة، ولو

اقتص منه ذهب على المشتري ولم يذكره هنا لظهوره) (٣) انتهى.والعجب أنه لم يحتمل رجوع الجاهل إلى البائع باألرش الموازي للثمن بتمامه

تارة وبمقدار منه أخرى كما هو الظاهر، ولعله لم يذكره احتماال لعدم تعقل األرشالمستوعب في خيار العيب، أو لعدم تحققه حيث إن العيب الذي ورد عليه العقد

كونه معرضا ألخذ قيمته، ال المأخوذ قيمته واالسترقاق ونحوه أمر حادث في ملكالمشتري، ولذا ذكر في آخر كالمه أنه لو اقتص منه ذهب على المشتري فال مورد

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٤٠ سطر ٢٩، قواعد األحكام ١: ١٤٦ سطر ٢٤.

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (تعريفه).(٣) جامع المقاصد ٤: ٣٤٥.

(٨٨)

Page 89: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

لألرش المستوعب حينئذ ال قبل وقوع أحد األمور المزبورة وال بعده، إال أن كلماتالعالمة في سائر كتبه غير قابلة لما احتمله، بل استظهره جامع المقاصد.

ويمكن أن يقال: إن بيع الجاني إذا كان خطأ التزام من البائع بالدية، حيث إن الخيارله من حيث دفعه إلى المجني عليه ليسترقه وااللتزام بقيمته، فبيعه اختيار منه للدية،

ومع ضمانه للدية ال ضرر على المشتري حتى يرجع إلى البائع بشئ.وإذا كانت الجناية عمدية فالخيار للمجني عليه أو وليه فإجازته للبيع التزام منه

بقبول الدية، وحينئذ فإن رجع المجني عليه على المشتري بالدية فللمشتريالجاهل الرجوع بها على البائع، إال أنها أرش الجناية ال أرش خيار العيب، فال ربط له

باألرش المستوعب.مضافا إلى ما ذكره العالمة (رحمه الله) قبل هذه العبارة تفريعا على إجازة المجني عليهبقوله (رحمه الله) (ويضمن األقل من األرش والقيمة ال الثمن معها - أي مع اإلجازة -

، وإذا كانضمان البائع مانعا عن خيار المشتري في الخطأ فكذا في العمد) (١) فيعلم منه أن

الخيار المذكور بعده ال ينافي ضمان البائع للدية، فيصح حينئذ أن ينسب إليه األرشالمستوعب ولو لم يرجع المجني عليه إلى المشتري، بدعوى أن الجناية الموجبةللدية المستوعبة للقيمة عيب مستوعب، وأرشه تمام ما يوازي ثمنه، سواء رجع

المجني عليه إلى البائع أو إلى المشتري، فإن الرجوع بما أدى رجوع بأرش الجناية،بل لو أداه بال إجازة من البائع كان كقضاء الدين بال إذن المديون.

وأما الفرق بين الخطأ والعمد فهو أن االختيار في األول بيد البائع فيصح أنيجعل البيع اختيارا ألحد األمرين، فيتعين عليه الفداء، وأما الثاني فاالختيار فيه بيدالمجني عليه أو وليه، وإجازته انفاذ للبيع ورضا بالمال، وهذا غير موجب لضمان

البائع.وقوله: (ويضمن... الخ) معناه أنه ال يجب عليه عند الرجوع إليه إال أقل األمرين

دون ثمن المبيع، فللمجني عليه من حيث تعلق حقه بعين الرقبة الرجوع إلى كل من--------------------

(١) القواعد ١: ١٤٦ سطر ٢٣.

(٨٩)

Page 90: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اختار من البائع والمشتري، غاية األمر أن المشتري ال رجوع له إلى البائع من هذهالجهة إال مع إذنه، وأما الرجوع بأرش العيب فهو له ثابت سواء رجع المجني عليه إليه

أو ال، هذه غاية ما يمكن أن يوجه به كالمه (رفع مقامه).كيفية التقويم

- قوله (قدس سره): (وهذا داخل في الشهادة يعتبر فيها... الخ) (١).ال ريب في انحصار القضية في الخبرية واالنشائية، إال أن الخبرية على صنفين،

فصنف منها يتصف بالشهادة، وصنف آخر يتمحض في كونه خبرا، والوجوه التيذكرت للفرق بين الخبر والشهادة كثيرة:

أحدها: ما حكي عن الشهيد (قدس سره) في قواعده (٢) من أن المخبر به إن كانعاما ال

يختص بمعين فهو خبر ورواية، وإن كان مختصا بمعين فهو شهادة.وأورد عليه: بأن الخبر عن خصوص قول المعصوم (عليه السالم) أو فعله أو تقريره

روايةقطعا، مع أن الزم الفرق بالتعميم والتخصيص خروجه عن الرواية واندراجه في

الشهادة، وسيجئ (٣) إن شاء الله تعالى ما فيه.ثانيها: أن األخبار يتكفل االلزام بحقه تعالى، والشهادة خبر بتكفل االلزام بحق الغير.

ورد: بأن الخبر عن شرب الخمر ال يترتب عليه إال حقه تعالى من الحد المعين،وال تعلق له بحق الناس مع أنه شهادة، وكذا في األخبار برؤية الهالل وكون الجبن فيه

الميتة وغيرهما مع اطالق الشهادة بحسب النصوص والكلمات عليه، وليس فيشئ من تلك الموارد حق الناس.

ثالثها: ما قيل من أن كل ما يشترط فيه التعدد فهو شهادة، وإال فهو خبر.ورد: بأنه التزام بعدم الفرق بينهما واقعا، بل بمجرد التسمية، مع أن تحقيق الفرق

إنما هو العتبار التعدد فيما يكون شهادة دون ما يكون خبرا، وعدم ترتبه هنا واضح،--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٣ سطر ٢.(٢) القواعد والفوائد ١: ٢٤٧، قاعدة ٨٢، فائدة ١.(٣) في نفس التعليقة، عند قوله (ولعله إليه يؤول..).

(٩٠)

Page 91: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

لتفرع التسمية على اعتبار التعدد.رابعها: ما عن صاحب الجواهر (١) من الرجوع إلى العرف، فبعض الموارد يعد عرفا

شهادة وبعضها يعد خبرا.ورد: بأنه ال شبهة في تميز مفهوم الشهادة عن مفهوم الخبر، فال اجمال فيمفهومه حتى يرجع إلى العرف، وسيأتي (٢) إن شاء الله تعالى ما يتعلق به.

خامسها: ما نسب إلى شيخنا العالمة األنصاري في بحث القضاء أن ما كان مسبوقابسؤال تحقيقا أو تقديرا فهي شهادة، وأن ما كان ابتدائيا من دون توقع وانتظار فهو

خبر.ورد: بأن الخبر عن المعصوم (عليه السالم) رواية على أي تقدير سواء صدر بعد السؤال

أم ال.سادسها: ما عن بعض األجلة من أنه كل ما كان الغرض منه محض فائدة االعالم

بالوقوع والحصول في الخارج من دون التفات إلى فائدة أخرى فهو خبر، وما كانالغرض منه التوسل إلى تمكن الغير من ترتيب فائدة أخرى فهو شهادة.

ويرد عليه: أن المراد من تمكن الغير من ترتيب الفائدة ما يعم ترتيب األثر الشرعيفهو شامل للخبر والرواية قطعا، وما ال أثر له شرعا خارج عن الخبر المبحوث عنه.

سابعها: ما يمكن أن يقال، ولعله أوجه الوجوه واألقوال: وهو أن ما يحكي عنالحكم الشرعي والموضوع الكلي فهو خبر ورواية، وما يحكي عن التطبيق فهو

شهادة، مثال ما يحكي عن أن الكر ال ينجسه شئ، وما يحكي عن أن الكر ثالثةأشبار ونصف في ثالثة أشبار ونصف فهو خبر ورواية، وما يحكي عن أن هذا الماء كرينطبق عليه المذكور آنفا فهو شهادة، وكذا ما يحكي عن وجوب الصوم بدخول شهر

رمضان، وأن الدخول باهالل الهالل فهو خبر ورواية، وما يحكي عن تحقق الهاللالمرتب عليه الحكم فهو شهادة، وهكذا في غيره من الموارد.

ولعله إليه يؤول كالم الشهيد (قدس سره) في قواعده من العموم والخصوص، والمرادمن

كلية المخبر به حكما أو موضوعا كلية مقول القول، فاخبار زرارة عن قول اإلمام (عليهالسالم)

--------------------(١) جواهر الكالم ٤٠: ١٠٧، ٤١: ٧.

(٢) في نفس التعليقة، عند قوله (وعلى هذا فال فرق...).

(٩١)

Page 92: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

شخصا ليست خبريته باعتبار تضمنه لشخص القول، بل باعتبار تضمنه للحكم علىلسان اإلمام (عليه السالم)، فاندفع ما تقدم ايراده على كالم الشهيد (رحمه الله).ويمكن أن يقال: بسقوط هذا النزاع، فإن الشهادة لها معنى عام لغة وعرفا وهو

متحقق في تمام موارد الخبر من غير فرق بين تعلقه بأمر عام أو خاص أو مورد الحقوغيره، فاالخبار بعنوان اظهار العقيدة والجزم بشئ شهادة، وبما هو حكاية عن أمر

واقعي خبر، فلذا تصدق الشهادة في مورد اظهار االعتقاد بالمبدأ وبصفاته وكتبهورسله وبما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) وهكذا، ولها معنى خاص عند الفقهاء

بحسباصطالحهم عليه وهو االخبار الجازم عن حق الزم للغير من غير الحاكم، ولعله من

االصطالح على بعض مصاديق المعنى العام.وعلى هذا فال فرق بحسب المعنى العام بين أفراد الخبر إال باالعتبار، وبحسبالمعنى الخاص المصطلح عليه ال معنى للنزاع في أن الحكاية الكذائية خبر أو

شهادة مع عدم تضمنها لحق الغير، كما ال معنى له مع تضمنها لحق الغير، وليس معقطع النظر عن المعنى العرفي العام والمعنى الخاص المصطلح عليه معنى عرفي

آخر، حتى يرجع فيه إلى العرف كما عن صاحب الجواهر (قدس سره).وعلى هذا ينبغي تحقيق أن الخبر كلية يشترط في وجوب العمل به التعدد إال ما

خرج، أو بالعكس فال يشترط التعدد إال في موارد خاصة، أو ال كلية في أحد الطرفين.أما الدليل على التعدد كلية إال ما خرج فليس إال ما يستفاد من الموارد المتفرقة،مثل قوله (عليه السالم) في ذيل رواية مسعدة بن صدقة في الشبهات الموضوعية

(واألشياءكلها على ذلك حتى يستبين أو تقوم به البينة) (١) وقوله (عليه السالم) في ما ورد في

الخبر (حتىيجيئك شاهدان على أن فيه الميتة) (٢) وقوله (عليه السالم) في باب ثبوت الهالل (ال

أجيز إالشهادة رجلين عدلين) (٣) فيعلم من ذلك كله أن الخبر عن الموضوعات وإن لم

يتضمن حقا للغير يعتبر فيه التعدد.--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب ما يكتسب به، ح ٤.(٢) وسائل الشيعة، باب ٦١ من أبواب األطعمة المباحة، ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة، باب ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان، ح ١.

(٩٢)

Page 93: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأما الدليل على القبول مطلقا فمنه آية النبأ، وموردها الموضوع، ومنه بناء العقالءوهو العمدة في حجية الخبر فإنه ال فرق عندهم بين الحكم والموضوع مطلقا، وأما

االجماع المدعى على اعتبار التعدد في الشهادة فال يجدي شيئا إذا أريد منهاالشهادة المصطلح عليها، فإن موارد الحقوق كلها منصوصة، واإلجماع متصيد منالنصوص، وإذا أريد ما يصدق عليه الشهادة بمعناها العام فهو غير صحيح قطعا، وال

ثالث على ما مر.والحق: أن العمدة في الباب بناء العقالء، وهو على قسمين:

أحدهما: بناء العقالء على اتباع خبر الثقة.وثانيهما: بناؤهم على الرجوع إلى أهل الخبرة فيما يحتاج إلى أعمال الرأي

والنظر، وهو المدرك الصحيح للرجوع إلى المفتي، والكلية المتقدمة المستفادة منالموارد المتفرقة ال تعم الرجوع إلى أهل الخبرة، فالبناء األول وإن كان مما ردع عنه

الشرع بتلك األخبار، إال أن البناء الثاني ال رادع عنه، ومسألة التقويم من الثاني المجرد الخبر عن القيمة السوقية مع عدم كون المخبر من أهل الخبرة، فإنه ليس

الرجوع إليه رجوعا إلى المقوم عرفا، بل رجوع إلى الشاهد على القيمة السوقية.- قوله (رحمه الله): (ويحتمل ضعيفا األخذ باألكثر... الخ) (١).

قد تقدم ما هو مقتضى األصل في نظائر المقام، وأن األرش من الحقوق، وأنه بعدثبوت أصل الحق ال قطع بسقوطه إال بأداء أكثر األمرين، وقد تقدم جوابه أيضا من أن

استحقاق التغريم بالزائد مشكوك وعدمه مطابق لألصل ال وجوده، فراجع (٢).تعارض المقومين

- قوله (قدس سره): (من وجوب الجمع بينهما بقدر االمكان... الخ) (٣).ال يخفى أن االمكان الموجب للجمع ليس االمكان الذاتي، وال االمكان الوقوعي،

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٧٣ سطر ١١.

(٢) تعليقة ٢٨.(٣) كتاب المكاسب ٢٧٣ سطر ١٤.

(٩٣)

Page 94: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وال االمكان االحتمالي، بل االمكان القياسي، أي بالقياس إلى قواعد المحاورة يمكنالجمع بينهما، بأن يكون أحدهما مثال قرينة على التصرف في اآلخر، ومثله إنما

يعقل في ما إذا كان الكالمان من واحد أو ممن هو بمنزلة الواحد، وأما البينتان فالمعنى ألن تكون إحداهما قرينة على التصرف في األخرى مع فرض االثنينية حقيقة

ومعلومية مراد كل منهما جدا.وحينئذ نقول: األمارتان المتعارضتان إن كانتا حجة على وجه الطريقية فاألصل

فيهما على المعروف هو التساقط والرجوع إلى غيرهما من أصل أو قاعدة، ومسألةحجية إحداهما بال عنوان نظرا إلى وجود المقتضي في كل منهما، وتساوي المانع

باإلضافة إلى المقتضيين، حيث إن المقتضي احتمال اإلصابة شخصا وغلبتها فيهنوعا، والمانع هو العلم االجمالي بكذب أحدهما بال تعين في مرتبة العلم مما

تعرضنا لدفعها في األصول (١)، فاألصل كما مر هو التساقط، فال حجة في البين حتىيصدق في نصف مدلولها، نعم التصنيف من حيث الجمع بين الحقين ال الجمع بين

الحجتين أمر آخر ال ينافي الطريقية.وإن كانتا حجة على وجه الموضوعية والسببية فال تساقط، بل في باب التكاليف

يحكم بالتخيير، وذلك ألن المفروض كون المورد في كل منهما ذا مصلحة لزومية،وحيث إنها استيفائية بايجاد محصلها وال يمكن استيفاؤهما معا فال محالة يتخير

المكلف في استيفاء إحداهما.وأما باب الحقوق والوضعيات فالمصلحة الحاصلة بقيام الحجة ليست استيفائية،

حتى يتصور التخيير، بل تحدث بسبب قيام الحجة على ملكية العين لزيد مثالمصلحة مقتضية العتبار الملكية، وحيث إن العين الواحدة غير قابلة العتبار الملكية

لزيد ولعمرو باالستقالل فال يعقل تأثير السببين معا، والتأثير في أحدهما المعينترجيح بال مرجح، والتأثير في الملكية ألحدهما المردد - مع أنه خالف مقتضي كلمن الحجتين - غير معقول، الستحالة تعلق كل صفة حقيقية أو اعتبارية بالمردد بما

--------------------(١) نهاية الدراية ٦: ٢٨٥.

(٩٤)

Page 95: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

هو مردد، حيث ال ثبوت للمردد ال ذاتا وال وجودا وال ماهية وال هوية، بخالف اعتبارملكية نصف العين لزيد ونصفها لعمرو فإنه معقول، فتأثير السببين في ملكية التماماستقالال غير معقول، وتأثير كل منهما في نصف مدلوله معقول، لعدم المزاحمة،

فال بد من األخذ به، بداهة استحالة عدم تأثير السببين في ما ال تزاحم بينهما، هذهغاية ما يتصور في تأثير الحجتين في نصف مدلولهما.

والتحقيق: أن أعمال السببين في النصف إنما يعقل إذا كان كل ما هو ملكباالستقالل ألحد كانت كسوره االشاعية أيضا ملكا اشاعيا له، مع أنه ليس لمالك

الدار بتمامها إال الملك االستقاللي لتمامها المنحل إلى ملك كل جزء جزء منأجزائها العينية المتعينة خارجا، نعم كسوره االشاعية كسور ملكه االستقاللي، ال أنها

ملك اشاعي له مع فرض عدم شريك له في الملك، وجواز بيع النصف المعينوالمشاع من آثار السلطنة المطلقة على العين المملوكة له، ال من آثار ملك العين

استقالال وإشاعة معا.إذا عرفت هذا تعرف: أن مدلول إحدى البينتين أن العين بتمامها وبأجزائها ملك

استقاللي لزيد، ومدلول األخرى أنها بتمامها وبأجزائها المعينة ملك استقالليلعمرو، فكما أن السببين متزاحمان في اعتبار ملكية التمام لهما كذلك متزاحمان فياعتبار ملكية كل جزء جزء لهما، فما هو مدلول البينة ويترقب منها التأثير فيه موردالمزاحمة، وما ال يكون مورد التزاحم وهما النصفان على اإلشاعة فهو خارج عنمدلول البينة، فال يترقب تأثيرها فيه ليقال إن السببين غير متزاحمين فيه، فال بد منااللتزام بتأثيرهما، هذا كله في التنصيف من حيث العمل بالبينتين واعمال السببين.

وأما التنصيف من حيث رعاية الحقين فنقول: حيث إن العين الواحدة التي هيمورد التداعي غير خارجة عن الطرفين، إما للعلم االجمالي أو لداللة البينتين

بمدلولهما االلتزامي على نفي الثالث، فال بد من ايصالها إلى مستحقها الواقعي ما داماالمكان، وحيث ال يمكن ايصالها بتمامها إلى مستحقها الواقعي وأمكن ايصال نصفها

فيجب، فإن المستحق لها إن كان زيدا فقد وصل إليه نصف ما يستحقه، وإن كان

(٩٥)

Page 96: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عمروا فقد وصل إليه نصف حقه، وال يسوغ عند العقل اهمال الحق رأسا بمجردعدم امكان ايصاله بتمامه.

ثم إن هذا البيان إنما يتم في مثل التداعي بالنسبة إلى عين واحدة، وأما فيما نحنفيه الدائر أمره في الزائد عما اتفق عليه المقومان بين االستحقاق وعدم االستحقاق،

ال استحقاق المشتري واستحقاق البائع فال مجال للتنصيف من باب الجمع بينالحقين لعدم الموضوع كما عرفت.

نعم بناء على سببية البينة ينبغي القول بسببية بينة األكثر، فإن مدلول بينة األقلوإن كان نفي الزائد إال أنه ال معنى لسببية بينة األقل العتبار عدم ملكية الزائد، وعدم

اعتبار ملكية شئ بعدم السبب ال بسبب العدم، فإن العدم ال شئ حتى يتوقفعلى سبب، وعدم القبول بتقديم بينة األكثر مع أنها سبب ال مزاحم له في التأثير لعله

من جهة عدم القول بالسببية، فتدبر جيدا.ثم إن هنا وجها آخر للسببية - ولعل كالم المصنف العالمة (رحمه الله) وغيره من

األعالم(رحمهم الله) مبني عليه - وهو أن قيام البينة ليس سببا العتبار الملكية والحقية حتىيرد المحذور المتقدم، بل سبب لوجوب ترتيب أثر الملك والحق عمال، ففي موردالبينتين معا مصلحة مقتضية لترتيب األثر، وتأثير المقتضيين معا محال، لعدم امكانترتيب األثر على ملكية العين بتمامها لكل منهما، فيجب إما طرح المقتضيين معا،

وهو مع امكان التأثير في الجملة بال موجب، أو طرح أحدهما رأسا واعمال اآلخروهو بال مرجح، أو التخيير وهو في حقوق الناس باطل، فإن معناه التخيير بين أداء

الحق إلى مستحقه وإلى غير مستحقه، بخالف االلتزام بترتيب األثر على كل منهمابمقدار متساوي النسبة إلى البينتين وهو التنصيف، ومدلول كل منهما وإن كان ترتيباألثر على ملكية كل جزء جزء من أجزاء العين الواحدة ووجود المقتضي في األجزاء

المعينة، إال أن التخيير بين أداء هذا النصف المعين إلى زيد واآلخر إلى عمرو أوالعكس بحكم العقل فيكون التخيير في النصف كالتخيير في الكل بناء على جوازه.

ومنه تبين أن العمل بالبينتين في باب التقويم بالتنصيف أيضا ال مانع منه، إذ

(٩٦)

Page 97: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مقتضى بينة األكثر جواز مطالبة الزائد، ومقتضى بينة األقل النافية للزائد حرمةمطالبته، فيمكن ترتيب األثر في الزائد بتجويز مطالبة نصفه وتحريم مطالبة نصفه،

والله أعلم.- قوله (قدس سره): (ثم إن قاعدة الجمع حاكمة... الخ) (١).

ال يخفى أن البينتين إذا كانتا حجة على الطريقية وتساقطتا فال جمع، فيبقى مجالللقرعة لتشخيص الواقع المردد، إما حقيقة أو بداللة البينتين التزاما على نفي الثالث،

وإذا كانتا حجة على الموضوعية وقلنا باقتضائها التنصيف إما حقيقة أو عمال فالمجال للقرعة، لتعين كل نصف لشخص خاص شرعا فعال، وإن كانت البينة على

خالف الواقع فال أثر شرعا فعال للواقع المردد حتى يعين بالقرعة.وإن قلنا بالتنصيف من أجل الجمع بين الحقين ال بين الدليلين فال مجال إال

للقرعة، إذ التنصيف مبني على عدم امكان ايصال الحق بتمامه إلى مستحقه، ومعامكان تعيين المستحق الواقعي بالقرعة ال مورد للتنصيف.

وأما توهم أعمال القرعة في تعيين إحدى البينتين فباطل على أي تقدير، إذ علىتقدير الطريقية فهما متساقطتان، ال شئ حتى يعين، وعلى تقدير السببية فكلتاهما

يؤثران بالمقدار الممكن، ولم يشتبه السبب بغير السبب حتى يتعين السبب من غيرهبالقرعة، نعم بناء على الطريقية وسقوط أحدهما بال عنوان وبقاء أحدهما بال عنوان

فإن قلنا بأن القرعة لكل أمر مشتبه فال مجال للقرعة، إذ ال تعين للحجة واقعا ليدخلتحت عنوان االشتباه، وإن قلنا بأن القرعة لكل أمر مشكل - كما في الخبر المرسل

- (٢)فاالشكال أعم من االشتباه واالبهام، فالقرعة معينة للمبهم ال كاشفة عن المجهول،

فتدبر جيدا.- قوله (قدس سره): (ثم إن المعروف في الجمع بين البينات... الخ) (٣).

توضيح المقام برسم أمور:--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٣ سطر ٣٠.(٢) غوالي الآللئ ٢: ١١٢ رواية ٣٠٨.(٣) كتاب المكاسب ٢٧٣ سطر ٣٢.

(٩٧)

Page 98: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

منها: أن مورد الكالم ما إذا تعارض المقومان، وهذا إنما يكون إذا كان ما بهالتفاوت على قول أحدهما ثلثا وعلى قول اآلخر ربعا مثال، وأما إذا كان ما به التفاوت

ثلثا على أي تقدير وإن اختلفا في قيمتي الصحيح والمعيب فهو خارج عن موردالبحث، حيث ال تعارض لمكان اتحاد النتيجة بالنسبة إلى المسمى وهو استحقاق

ثلث الثمن.ومن البين أن المثال األول الذي ذكره المصنف (قدس سره) وهو ما إذا كان إحدى

قيمتيالصحيح اثني عشر واألخرى ستة، وإحدى قيمتي المعيب أربعة واألخرى اثنان

خارج عن مورد التعارض، ألن التفاوت على كال التقويمين بالثلثين كما صرح (رحمهالله) به،

وكذا المثال اآلتي في كالمه (رحمه الله) تحت عنوان قوله (رحمه الله) (وإن اختلفافي الصحيح

والمعيب فإن اتحدت النسبة... إلى آخره) حيث جعل مثاله ما إذا قوم الصحيح باثنيعشر والمعيب بستة، وقوم الصحيح أيضا بستة والمعيب بثالثة فإن النسبة على أي

حال بالنصف فال تعارض في نتيجة التقويم، وهو مالحظة النسبة باإلضافة إلىالمسمى.

نعم هذان المثاالن إنما يعدان من التعارض إذا قلنا باستحقاق ما به التفاوت منحيث القيمة الواقعية ال من حيث المسمى، فإن مصداق الثلثين في المثال األول

ومصداق النصف في المثال الثاني على أحد التقويمين يختلف مع مصداقهما علىالتقويم اآلخر، إال أنه ال يقول به المصنف (قدس سره)، بل ذكر سابقا (١) أنه ال

اشكال والخالف في ذلك، وإن كان يوهمه ظاهر النصوص وكلمات بعض القدماء، بل في

الجواهر (فما عن بعض الجمهور من أن األرش نقص قيمة المعيب من األغالط) (٢).والعجب أن هذين المثالين مذكوران في الجواهر (٣) في آخر الصورة األولى من

الصور الثالث التي ذكرها في مقام بيان اتحاد طريقتي المشهور والشهيد (رحمه الله)،مع أنهما

خارجان عن مقسم تعارض المقومين، ولعل المصنف (رحمه الله) أخذ منه (رحمه الله)غفلة عن

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٧٣ سطر ٣٢.

(٢) جواهر الكالم ٢٣: ٢٨٩.

(٣) جواهر الكالم ٢٣: ٢٩٢.

Page 99: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

(٩٨)

Page 100: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

خروجه عن مورد التعارض رأسا، والله أعلم.منها: أن طريقة المشهور في التنصيف على مالحظة قيمتي الصحيح وقيمتي

المعيب وتنصيف كل من القيمتين، فقيمة الصحيح نصف مجموع قيمتي الصحيح،وكذا قيمة المعيب نصف قيمتي المعيب، وهو المراد بالقيمة المنتزعة من القيمتين،

فتالحظ نسبة القيمة المنتزعة للمعيب إلى القيمة المنتزعة للصحيح، فإن كانالتفاوت بينهما بالربع مثال أخذ من الثمن المسمى ربعه وهكذا.

وأسهل من ذلك مالحظة مجموع قيمتي الصحيح ومجموع قيمتي المعيبومالحظة نسبة المجموع إلى المجموع، واألخذ من الثمن بتلك النسبة، فإن النسبة

بين المجموعين هي النسبة بين نصفيهما.ونسب إلى الشهيد (قدس سره) طريق آخر للتنصيف، وهو مالحظة قيمة المعيب إلى

صحيحه في كل من التقويميين، وأخذ الكسر الحاصل من نسبة كل معيب إلىصحيحه، وتنصيف الكسرين.

فالمشهور على الكسر بين القيمتين المنتزعتين، والشهيد على نصف مجموعالكسرين، والمراد من اتحاد الطريقين مطابقة نصف الكسرين لكسر مجموع القيمتين

المنتزعتين، والمراد من عدمه عدمها، وصريح المصنف (قدس سره) - كظاهر غيره -هي

المطابقة الدائمية بين الطريقين فيما إذا اتحدت قيمة الصحيح واختلفت قيمةالمعيب، وعدم المطابقة دائما فيما إذا اختلفت قيمة الصحيح واتحدت قيمة

المعيب، والوجه في ذلك أن الصحيح إذا كانت قيمته واحدة انتزاعا كما عليهالمشهور، فال محالة يكون نسبة الكسر المضاف إليها سارية في نصفيها، فكسر

مجموع قيمتي النصفين نصفه كسر نصف القيمة المنتزعة، وهكذا إذا كانت قيمةالصحيح واحدة حقيقة، فإن الكسر وإن كان مختلفا باختالف قيمة المعيب، إال أن

الكسرين متساوي النسبة إلى كل نصف من الصحيح، لفرض تساوي النصفين فيالقيمة، فمجموع الكسرين قهرا هو كسر مجموع النصفين، فال فرق بين مالحظة

قيمتي الصحيح والمعيب ومالحظة الكسر الواحد، وبين مالحظة الكسرين

(٩٩)

Page 101: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

واضافتهما إلى الواحد.بخالف ما إذا اختلفت قيمتا الصحيح واتحدت قيمة المعيب فإن كسر كل نصف

من الصحيح غير متساوي النسبة، لفرض اختالف قيمة كل نصف، فال يعقل أن يكونمجموع الكسرين كسر المجموع المركب من نصفين غير متساويين.

ومنه يظهر حال ما إذا اختلفت قيمتا الصحيح وقيمتا المعيب لفقد الوحدةاالنتزاعية الموجبة للحاظ كسر واحد، وفقد الوحدة الحقيقة الموجبة إلضافة

الكسرين إلى الواحد، وأما ما في آخر كالمه (رحمه الله) من اتحاد النسبة تارةواختالفها (١)

أخرى فقد مر ما فيه لخروج صورة اتحاد النسبة عن محل البحث.ومنها: هل الصحيح طريقة المشهور أو طريق الشهيد (رحمه الله)؟ فنقول:

أما إذا كان التنصيف من أجل الجمع بين الحقين فال مقتضي لمالحظة قيمتيالصحيح والمعيب وانتزاع قيمة متوسطة، ثم مالحظة كسر تلك القيمة المنتزعة، بل

الحق ابتداء دائر أمره بين النصف والربع فال بد من تنصيفهما، وأما إذا كان التنصيفمن أجل تصديق كل بينة في نصف مدلولها فإن قامت البينة ابتداء على نفس ما به

التفاوت من دون تعرض لقيمتي الصحيح والمعيب، بل ربما ال يعلمان بالقيمةالواقعية فال موجب أيضا للقيمة االنتزاعية، بل ال بد من تنصيف ما به التفاوت ابتداء،

فإنه مدلول البينة.وإن قامت البينة على القيمة صحيحا ومعيبا فلكل من البينتين مدلوالن مطابقيوالتزامي فيقع الكالم حينئذ في أنه هل يجب ابتداء مالحظة المدلول المطابقي

وتنصيفه؟ فيتفرع عليه التنصيف في المدلول االلتزامي، أو يجب مالحظة المدلولااللتزامي ابتداء وتنصيفه، وأصالة المدلول المطابقي وإن كانت مقتضية لمالحظة

وترتيب األثر عليه، كما ربما يؤيده قوله (عليه السالم) في أصل أخذ األرش في الجاريةالموطوءة من (أنها تقوم وهي صحيحة وتقوم وبها الداء، ثم يرد البائع على المبتاع

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (اختالفهما).

(١٠٠)

Page 102: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فضل ما بين القيمتين) (١)، حيث يستفاد منها أنه القاعدة في أخذ األرش من دونخصوصية للتعارض وعدمه، إال أن الظاهر الذي ال ينبغي الريب فيه أن التقويم (٢)مقدمة لتعيين ما به التفاوت بين الصحيح والمعيب، فاالعتبار بالمدلول االلتزامي،

واألمر بالتقويم أيضا مقدمي طريقي، بل ربما يشعر رواية أخرى بذلك، حيثقال (عليه السالم): (يقوم ما بين الصحة والعيب ويرد على المبتاع) (٣) فإن الظاهر

رجوع الضميرفي يرد على ما بين الصحة والعيب، وهو نفس ما به التفاوت، فتدبر.

بل التحقيق: أن مالحظة المدلول المطابقي ابتداء أيضا ال يقتضي ما سلكهالمشهور كما يستفاد مما أفاده المصنف (قدس سره)، وذلك ألن كل بينة تشهد بأن

قيمةالصحيح كذا وقيمة المعيب كذا، وحيث ال يمكن العمل بهما تحت (٤) العمل بنصف

مدلولهما، ومقتضى العمل بكل منهما في نصف مدلوله مالحظة قيمتي نصفالمبيع صحيحا ومعيبا ومالحظة كسر هذا النصف، فالالزم الجمع بين كسري

النصفين، ال الجمع بين القيمتين وانتزاع قيمة متوسطة ومالحظة كسرها.وبالجملة: لكل بينة عمل بمدلولها مطابقة والتزاما، وعند التعارض لكل منهما

عمل بنصف مدلولها مطابقة والتزاما، وهذا عين ما نسب إلى الشهيد (رحمه الله)، فهوالوجه

الوجيه في تعيين األرش عند تعارض المقومين.* * * *

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب أحكام العيوب، ح ٢، وفيه (ثم يرد البائع على المبتاع فضل ما بين

الصحة والداء).(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل للتقويم.

(٣) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب أحكام العيوب، ح ٤.(٤) هكذا في األصل، ويحتمل أنها (تعين).

(١٠١)

Page 103: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الشروط- قوله (قدس سره): (الشرط يطلق في العرف على معنيين أحدهما... الخ) (١).

توضيح المقام برسم أمور:منها: أن الشرط على ما في كتب اللغة يطلق على معان: وهي االلزام وااللتزام في

البيع ونحوه، والعهدة، ومطلق الربط والتعليق، بل هو األصل كما في القاموس (٢)،والشق، وأول الشئ ومقدمه، والظاهر من االلزام وااللتزام رجوعهما إلى معنى واحديختلف باختالف المشروط له والمشروط عليه، كما أن الظاهر هو اللزوم الوضعيدون التكليفي، فااللزام المساوق لاليجاب ليس مما يصدق عليه الشرط، بل االلزامالشرطي هو جعل الشئ الزما للشخص ال ينفك عنه إال بالوفاء به، ويساوق العهدة

التي عدت معنى آخر للشرط.بل يمكن أن يقال: إن الشرطية - وهي المبدأ - بمعنى اللزوم، وهو تارة مجعول

بجعل تشريعي كجعله في المعاملة بارتباط عمل أو نتيجة بها، وجعلهما الزما لها،وأخرى مجعول تشريعي ال في المعاملة كجعل الصالة الزمة للطهارة ومتقيدة بها،بحيث ال ينفك وجودها عن وجودها، وثالثة غير مجعول بجعل تشريعي كشرطيةالوضع والمحاذاة الحراق النار، فليس لمثل هذا اللزوم جعل، وإنما الجعل للملزوم

أو الالزم تكوينا، وعليه فليس المعنى الثاني الذي سيجئ (٣) الكالم فيه إن شاء الله--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٥ سطر ٢٠.(٢) قاموس المحيط ٢: ٥٤٢، مادة شرط.

(٣) نفس التعليقة.

(١٠٣)

Page 104: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تعالى معنى آخر.منها: أن الشرط إذا كان بمعنى االلزام وااللتزام هل هو مطلق أو مقيد بوقوعه في

ضمن معاملة كما هو ظاهر القاموس؟.تحقيق المقام: أن الشرط إن كان بمعنى اللزوم الجامع لجميع أنحاء اللزوم فالشرطليس لزومه باعتبار جعل الشئ الزما لنفسه، حتى ال يتوقف معناه على معاملة يرتبط

بها، بل باعتبار جعل شئ الزما لشئ كما في غير الشرط الفقهي، ونتيجته حينئذجعل الخياطة مثال الزما للبيع ونحوه، وكونها له أو عليه من لوازم مورد الجعل ال

مقوم لمعنى المجعول، وإن كان بالمعنى المساوق للعهدة فال يتوقف في نفسه علىمعاملة، بل ال بد من استفادة االطالق أو التقييد من الخارج.

وما يمكن االستناد إليه في دعوى التقييد تنصيص اللغوي - كصاحب القاموس (١)- به، مضافا إلى اقتضاء المعنى الجامع كون اللزوم المجعول لزوم شئ لشئ، ال

اللزوم على الشخص لغيره.فإن قلت: إذا كانت الشرطية بمعنى لزوم شئ لشئ فال محالة تكون المعاملة

المتضمنة لمثله تعليقية، ومقتضاها البطالن، بخالف ما إذا كانت بمعنى االلتزامبشئ، فإن المعاملة منوطة بااللتزام المحقق الذي ال تخلف له، وإن تخلف الملتزم

به.قلت: ال ريب في أن قول القائل " بعت كذا بكذا على أن أخيط كذا " ظاهر في

ابتناء البيع على نفس فعل الخياطة، ومقتضاه البطالن، وإنما يستفاد االلتزام من وقوعالبيع وما بني عليه واقعا موقع االلتزام، فالشرطية إنما تطلق على االلتزام بما بني عليه

العقد من حيث لزوم البيع لما التزم به، ال من حيث االلتزام به، فااللتزام مصداقللشرط بتلك الحيثية ال من حيثية ذاته، وكذا األمر إذا كان بمعنى التعلق والربطومقدم الشئ فإن المبني عليه البيع مصداق لتلك المعاني بحيثية ارتباط البيع به

وتعليقه عليه وكونه مقدما له، بحيث ال يتحقق بدونه.--------------------

(١) قاموس المحيط ٢: ٥٤٢، مادة شرط.

(١٠٤)

Page 105: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأما ما يمكن االستناد إليه في االطالق بعد عدم االعتداد بقول صاحب القاموسلتفرده به اطالق الشرط على االلتزامات وااللزامات االبتدائية كما هو مذكور في

المتن، إال أنها قابلة للمناقشة، أما مثل قوله (عليه السالم): (شرط الله أوثق والوالء لمنأعتق) (١)

وقوله (عليه السالم) (شرط الله قبل شرطكم) (٢) فمن المجاز للمشاكلة، كقوله تعالى* (ومن اعتدى

عليكم فاعتدوا عليه) * (٣)، بل ما نحن فيه أولى بذلك لكمال المنافرة بين الظلموالمجازاة

بالحق، وكمال المالئمة بين االلزام االبتدائي وااللزام الضمني للمشاركة في حقيقةااللزام الجامع.

وأما قوله (عليه السالم) (الشرط في الحيوان ثالثة أيام) (٤) فعن شيخنا األستاذ (قدسسره) (٥) أنه قابل

للحمل على الضمنية، ولعله باعتبار أنه الزام منه تعالى في البيع وجعل حق فيهكجعل أحد المتعاقدين للخيار، لكن الضمنية المدعاة هنا كون االلتزام الوضعي في

ضمن البيع، وحق الخيار ليس من مقولة االلزام وااللتزام الوضعي، كما أن الخيار فيمورد البيع ال أنه مجعول في ضمن البيع، لقيام الحق في مرحلة الجعل بجاعله،

وقيام البيع بالبائع، وإال لكان كل حكم متعلق بموضوعه مصداقا للشرط، لكونه فيهمع أنه ال يصدق على ايجاب الصالة عنوان الشرط.

نعم بناء على ما احتملنا من أن المبدأ لزوم شئ لشئ، وهو تارة مجعول بجعلالشرع، وأخرى بجعل غيره أمكن أن يقال: إن جعل الخيار في البيع مرجعه إلى جعلالخيار الزما له، فباعتبار لزوم الخيار للبيع يصدق عنوان الشرط على الخيار، كما أن

البائع الملتزم بالخيار للمشتري يصدق على فعله جعل الخيار الزما للبيع، وعلىالخيار أنه شرط في البيع عنوانا، وبه يفترق جعل الخيار في البيع وجعل الحكم

لموضوعه فإن الشرطية باعتبار جعل لزوم شئ لشئ، ال باعتبار تعلق الحكم--------------------

(١) مستدرك الوسائل ١٣: ٣٠٠، ح ١٥٤١٩، (الوالء لمن أعتق وشرط الله آكد).(٢) وسائل الشيعة، باب ٢٠ من أبواب المهور، ح ٦، وباب ٣٨ من أبواب المهور، ح ١.

(٣) البقرة اآلية: ١٩٤.(٤) وسائل الشيعة، باب ٣ من أبواب الخيار، ١، ٤، ٥، قريب منه.

(٥) حاشية اآلخوند ٢٣٥.

(١٠٥)

Page 106: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وتقومه بموضوعه، والمراد من الضمنية ما يساوق لزوم شئ لشئ في قبال مجردالزام شخص بشئ أو االلتزام به لغيره، وإن اختلفت موارده بكونها معاملة عقدا أو

ايقاعا، أو جعال شرعيا أو عرفيا.ومنه يتبين الجواب عن الفقرتين في الدعاء، فإن الضمنية محفوظة بكون العهد

مع الله في ضمن التوبة، وإناطة توبته بالمعاهدة معه تعالى، فإن المعاهدة معه تعالىأمر زائد على التوبة المتقومة بالندم والعزم على العدم، وكذا الضمنية في قوله

(وأوجب لي محبتك كما شرطت) (١) فإنه جعل محبته منوطة ومربوطة بالتوبة،والزما لها، وكذا األمر في فقرة دعاء الندبة (بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجاتهذه الدنيا) (٢) فإن اختياره تعالى لهم المقامات المنيعة منوطة بالزهد في الدنيا، وقد

عرفت أن المراد بالضمنية المقومة للشرطية كون الشئ الزما لشئ، وطرفا اللزوممختلف باختالف المقامات.

وأما ورود النص بصدق الشرط على النذر أو العهد فهو إشارة إلى رواية منصور بنيونس بزرج عن العبد الصالح (عليه السالم) قال: (قلت له (عليه السالم) إن رجال من

مواليك تزوج امرأة ثمطلقها فبانت منه فأراد أن يراجعها فأبت عليه إال أن يجعل لله عليه أن ال يطلقها واليتزوج عليها فأعطاها ذلك، ثم بدا له في التزويج بعد ذلك فكيف يصنع؟ فقال (عليه

السالم):بئس ما صنع، وما كان يدريه ما يقع في قلبه في الليل والنهار، قل له فليف للمرأة

بشرطها، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: المؤمنون عند شروطهم) (٣) فإنهال شرط بعنوانه في

السؤال إال ما جعله لله عليه، وهو إما نذر أو عهد.وأما ما في بعض حواشي الكتاب (٤) من أنه إشارة إلى رواية عبد الله بن سنان (٥)

ففيه اشتباه من وجهين:أحدهما: عدم ذكر ما يوهم النذر أو العهد فيها.

--------------------(١) الصحيفة السجادية ١٥٦ دعاء التوبة.

(٢) بحار األنوار ١٠٢: ١٠٤، ح ٢.(٣) وسائل الشيعة، باب ٢٠ من أبواب المهور، ح ٤.

(٤) حاشية اليزدي ٢: ١٠٤ سطر ٩، وهو نفسه رجع عنه.(٥) وسائل الشيعة، باب ٣٨ من أبواب المهور، ح ٢.

(١٠٦)

Page 107: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ثانيهما: أنه ليست الرواية مذيلة بكالم النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلى أي حالفصدق الشرط

هناك ليس باعتبار النذر أو العهد بما هما نذر أو عهد، بل باعتبار إناطة التزويج بعدمالطالق والتزويج عليها بالتزام مؤكد بجعله لله عليه، فالنذر والعهد مورد للشرط

وااللتزام المزبور مما ال ريب في ارتباط التزويج به، سواء ذكر في متن العقد أو مقدماعلى العقد مع بناء العقد عليه، فإنه غير مناف للضمنية المقابلة لاللتزام المجرد الغير

المنوط بشئ.وأما اطالق الشرط على البيع الكاشف عن كونه التزاما مطلقا ال في ضمن التزام

آخر - على ما نسب إلى صاحب الحدائق (رحمه الله) (١) - فقد أشكله شيخنااألستاذ (قدس سره) (٢) بعدم

المعقولية، فال محالة يكون الشرط بمعنى آخر مجازا، ال بمعنى االلتزام، ووجه عدمالمعقولية أن مقولة البيع تتعلق باألعيان، ألنه تمليك عين بعوض، ومقولة االلتزام

تتعلق بفعل أو نتيجة، وال يعقل تعلقه بالعين.ويندفع: بأن البيع وإن لم يكن بمفهومه الزما والتزاما إال أنه واقع موقع العهد

وااللتزام من المتبايعين، أي التمليك واقع موقع القرار المعاملي، وبهذا االعتبار تكونمضامين العقود جميعا عهودا، فإنها كما تقدم مرارا باعتبار تعلق القرار المعاملي بها

عهود، وباعتبار ارتباط أحد القرارين باآلخر تكون عقودا، ولعله ألجل هذه النكتةورد في صحيحة ابن سنان (٣) أن المراد من العقود هي العهود، فإن الوفاء يناسب

العهد وااللتزام ال العقد بما هو ربط، ولذا يستهجن عرفا أن يقال " أوف بربطك " الأن

التفسير بالعهود لتعميم مورد الوفاء إلى العقد وااليقاع، فإن التقابل بينهما منالمصطلحات، وإال فالعقد في لسان الشارع يصدق على االيقاع أيضا باعتبار ارتباط

اليمين مثال بمتعلقه كما في قوله تعالى * (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم االيمان) * (٤).وبالجملة: ال شبهة في معقولية اطالق االلتزام والعهد المساوق له على البيع وسائر

العقود، إنما الكالم في صدق الشرط، وما ظفرت به من موارد االطالق المدعى في--------------------

(١) الحدائق الناظرة ٢٠: ٧٣.(٢) حاشية اآلخوند ٢٣٥.

(٣) وسائل الشيعة، باب ٢٥ من أبواب النذر والعهد، ح ٣.(٤) المائدة اآلية: ٨٩.

(١٠٧)

Page 108: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

كالم صاحب الحدائق (قدس سره) عدة روايات:منها: (عن الرجل يسلم في وصفاء بأسنان معلومة ولون معلوم، ثم يعطى فوق

شرطه أو دون شرطه... الخبر) (١) فإن المراد من الشرط هو المبيع، من الشرط بمعنىالمشروط، وعلى طبقها روايات أخر.

ومنها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: (قال أمير المؤمنين(عليه السالم): من

اشترى طعاما أو علفا إلى أجل فلم يجد صاحبه وليس شرطه إال الورق، وإن قال خذمني بسعر اليوم ورقا فال يأخذ إال شرطه طعامه أو علفه، فإن لم يجد شرطه وأخذ

ورقا ال محالة قبل أن يأخذ شرطه فال يأخذ إال رأس ماله... الخبر) (٢) فإن الشرط فيقوله (إال شرطه طعامه أو علفه) وفي قوله (لم يجد شرطه) وقوله (أن يأخذ شرطه)

يراد منه المبيع، فقد أطلق الشرط على المبيع.وفيه: أن اطالق الشرط في جميع هذه الروايات ليس باعتبار البيع بالمعنى

المفعولي، بل باعتبار كون المبيع قد التزم فيه بوصف خاص من سن مخصوص ولونمخصوص أو كونه طعاما أو علفا، ولذا أطلق الشرط على العوض أيضا في قوله(وليس شرطه إال الورق) مع أن العوض ال يصدق عليه البيع بالمعنى المفعولي

أيضا، فليس اطالق الشرط في الكل إال باعتبار االلتزام والتعهد بأمر مخصوص ثمناومثمنا، والكل واقع في ضمن البيع.

وأما ما ورد في باب اإلجارة ما نصه كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمد (عليهالسالم)

(رجل استأجر أجيرا يعمل له بناء أو غيره وجعل يعطيه طعاما أو قطنا وغير ذلك، ثمتغير الطعام والقطن عن سعره الذي كان أعطاه إلى نقصان أو إلى زيادة أيحتسب له

بسعر يوم أعطاه أو بسعر يوم حاسبه؟ فوقع (عليه السالم) يحتسب بسعر يوم شارطه فيهإن

شاء... الخبر) (٣) فالمراد من يوم المشارطة كما هو صريح روايات أخر هو يوماالعطاء، وحينئذ إن كان اطالق المشارطة على االعطاء باعتبار تضمن الوفاء بغير

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٩ من أبواب السلف، ح ١، وفي نسخة أخرى (وصف أسنان).

(٢) وسائل الشيعة، باب ١١ من أبواب السلف، ح ١٥.(٣) وسائل الشيعة، باب ٢٦ من أبواب أحكام العقود، ح ٤.

(١٠٨)

Page 109: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الجنس لنوع من التبديل وااللتزام بكونه بدال عن األجرة فهو من باب صدق الشرطعلى االلتزام المجرد، وإن كان المراد من يوم شارطه يوم أعطى شرطه - أي أعطى ما

التزم به في اإلجارة - فهو من االلتزام الضمني.منها: أن صريح كالم المصنف (قدس سره) أن للشرط معنى آخر عرفا وهو ما يلزم من

عدمهالعدم، سواء لزم من وجوده الوجود كالسبب والمقتضي أو ال كالشرط المصطلحالمقابل للسبب، وأن الشرط بهذا المعنى اسم جامد ال مصدر، فليس فعال ألحد

على حد قيام االلتزام بأحد المصحح الشتقاقاته المعنوية، من شرط يشرط وشارطومشروط، ومن الواضح أن هذا المعنى وهو ما يلزم من عدمه العدم ال قيام له

بالشخص ليكون مصححا لتلك المشتقات.ثم أجاب عن صدق المشروط الذي هو معنى اشتقاقي على ما يلزم عدمه من

عدم شرطه: بأنه اشتقاق جعلي، كما أن الشارط من الشرط بهذا المعنى أيضا كذلك،فإن الشارط حينئذ بمعنى جاعل الشرط، فالمبدء المصحح لالشتقاق هو الجعل

المضاف إلى ما يلزم من عدمه العدم، ال نفس ما يلزم من عدمه العدم، قال (رحمهالله): (ولذا

ليسا بمتضائفين في الفعل واالنفعال) فإن مقتضى التضائف المزبور هو أن الشارط -بمعنى جاعل الشرط - مضائفة مجعولة - وهو نفس ما يلزم من عدمه العدم - ال

المشروط بالمعنى المتعارف - أي ما يلزم عدمه من عدم شرطه - فإنه غير مجعولللشارط.

ثم جعله نظيرا للسبب والمسبب، فإن القابل لالشتقاق هو جعل السبب ال نفسه،ومضائف المسبب - بالكسر - مجعولة وهو المسبب الذي يصدق على المجعول لهالسببية، وهو السبب ال المسبب المقابل للسبب فإنه ليس مجعوال للمسبب - بالكسر

-، فمن عدم مضائفة المسبب والمشروط - بالمعنى المتعارف - للشارط يعلم أناطالق المسبب والمشروط ليس على وفق األصل، هذا محصل كالمه (زيد في علو

مقامه).وفيه مواقع للنظر:

(١٠٩)

Page 110: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أما أوال: فإن االشتقاق المعنوي في قبال الجمود كون المعنى قابال للقيام بشئبأحد أنحاء القيام، ومن البين أن استلزام شئ لشئ هو معنى قائم بشئ له جميع

تطورات القيام، من كونه مستلزما واستلزم ويستلزم وأشباهها، فاللزوم واالستلزامبالمعنى الذي هو مبدأ سار في جميع المراتب من المعاني القائمة بذاك الشئ الذييقال إنه شرط بالمعنى الوصفي الحملي الذي عبر عنه في مقام التحليل بأنه ما يلزممن عدمه العدم، وما هو الالزم في مقام تشخيص االشتقاق والجمود مالحظة نفسالمبدأ وصالحيته للقيام بشئ وصالحية اللزوم واالستلزام مما ال يكاد ينكر، وعدم

قيام عنوان ما يلزم من عدمه العدم غير ضائر، إذ القيام شأن المبدأ ال شأن المشتق، إذال اشتقاق للمشتق بل لمبدئه، فالعنوان له الصدق والحمل أو االسناد، ال القيام بذات

من الذوات بنحو قيام العرض بمعروضه مثال، وبالجملة فكون اللزوم معنى اشتقاقياال شبهة فيه.

نعم يبقى الكالم في أنه معنى الشرط الذي هو مبدأ لشرط يشرط وشارطومشروط أو أنه معنى آخر ال يصحح تلك االشتقاقات، بل مصحح الشتقاق لزمويلزم والزم وملزوم ونحوها فنقول: إن اللزوم له قيام حلولي بموضوعه يصححعنوان الالزم والملزوم ولزم ويلزم، وله قيام صدوري بجاعل اللزوم، فإن استلزام

الطهارة للصالة بالنحو الخاص مجعول تشريعي تأليفي، وأما الجعل التكويني فهومتعلق بذات الشرط، فقولنا " شرط يشرط " باعتبار القيام الصدوري كقولنا " خلقيخلق ورزق يرزق وكسر يكسر " وأشباه ذلك، فإن المبادئ ال قيام حلولي لها إال

بذاتالمخلوق والمرزوق والمكسور، وقيامها الصدوري بذات الخالق والرازق والكاسر،

فهذا القيام الصدوري هي النسبة العارضة للمبدأ، ال أنه عين الجعل المأخوذ فيالمشتقات الجعلية، فهو نظير القيام الصدوري المتقوم به مفاد هيئة األفعال والتفعيل.

نعم في الموارد التي ال قيام صدوري لها كالشرائط الواقعية الغير الجعلية، مثلشرطية الوضع والمحاذاة ويبوسة المحل لالحراق ال يصدق شرط يشرط، بل

ينحصر في استعمال الشرط بالمعنى الوصفي العنواني الحملي والمشروط، وال بأس

(١١٠)

Page 111: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بااللتزام به فيكون كالموارد التي يستعمل فيه المضارع دون الماضي، مثل ينبغيويدع ويذر.

وثالثا (١): سلمنا أن الشرط بمعنى االلزام - أي جعل اللزوم ال نفس اللزوم - فيكونالقيام الصدوري الملحوظ في باب األفعال بنحو الربط والنسبة مقوم المبدأ هنا، فيعم

جميع الشرائط الجعلية، وال يعم الشرائط الواقعية، واطالق الشرط والمشروط علىيبوسة المحل واالحراق مثال - حينئذ - ال على طبق األصل، بل باعتبار نتيجة

االشتراط، فإن االلزام كما يجعل متعلقه ملزما به كذلك يجعله الزما وملزوما، إال أنااللتزام بهذا المعنى ال دخل له بجمود معنى الشرط المنطبق على ما يلزم من عدمه

العدم، بل غاية األمر أن مفهوم الشرط ليس مساوقا لمفهوم اللزوم واالستلزام، وعدمصدق الشرط - الذي هو مبدأ - على اللزوم واالستلزام المقوم للشرائط الواقعية غير

كون الشرط بمعنى اللزوم واالستلزام من الجوامد كما هو واضح بعد التأمل.ورابعا: أن عدم مضائفة المشروط المقابل للشرط لعنوان الشارط ال يكشف عنكونه على خالف األصل، فإن المشروط باعتبار القيام الحلولي مضائف للشرط

بالمعنى الوصفي كعنواني الالزم والملزوم، وال يشترط في التضائف أن يكونمضائف ما هو على هيئة المفعول هو هيئة الفاعل، وال أن يكون بينهما حيثية الفعل

واالنفعال كالرب والمربوب في األول، وكالالزم والملزوم في الثاني.وقد عرفت آنفا أنه ال منافاة بين صدق الشرط وصفا على مثل الطهارة، وصدق

المشروط باعتبار القيام الصدوري عليها، فإنها باعتبار الزم وباعتبار ملزم به، كما أنالصالة مشروطة أيضا باعتبار القيام الصدوري، فإن التضائف ال ينحصر في شيئين،

وإنما ينحصر فيما ال تعلق للمبدأ بشئ ثالث، مثال اإلرادة التكوينية حيث تتعلقبفعل نفس المريد فال يصحح إال عنواني المريد والمراد، واإلرادة التشريعية حيث لها

تعلق بثالث يصحح المريد والمراد منه، وكذا االلزام بمعنى جعل لزوم شئ لشئيصحح عنوان جاعل اللزوم ومجعول له اللزوم بالمعنيين من حيث الالزم والملزوم،

--------------------(١) لم يذكر المصنف (ثانيا).

(١١١)

Page 112: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فالطهارة ما يلزم من عدمه العدم، والصالة ما يلزم عدمه من عدم شئ، والكل يكونمجعوال بقوله " صل عن طهارة " فال ينحصر المجعول بالجعل التشريعي التأليفي في

خصوص الطهارة، مع أنه لو لم يكن االشتقاق في المشروط الصادق أصليا علىالفرض وال جعليا النحصار المجعول في الطهارة فما المصحح لهذا العنوان الصادق

على الصالة، فتدبر في المقام فإنه حقيق به.شروط صحة الشرط

[الشرط األول: أن يكون مقدورا]- قوله (قدس سره): (أن يكون داخال تحت قدرة المكلف... الخ) (١).

ال بد في تحقيق حال اعتبار القدرة في شرط الفعل والوصف والغاية من بيان أمور:منها: أن المراد من جعل الزرع سنبال إما جعل المشروط عليه كما هو ظاهر الشرائع

(٢)والتذكرة (٣) والقواعد (٤) وهو صريح جامع المقاصد في شرح عبارة القواعد (٥)،

وإماجعل الله تعالى شأنه كما هو صريح الشهيد (قدس سره) على ما حكي عنه وتبعه

المصنف (قدس سره)،وإما جعل األعم من الله ومن المشروط عليه كما هو صريح الجواهر (٦) فنقول:

أما جعل المشروط عليه للزرع فيتصور على وجوه ثالثة:أحدها: أن يريد من جعله الزرع سنبال اخراجه من حد إلى حد بإفاضة الوجود

عليه، ومن الواضح عند أهله أنه من شؤون الواجب تعالى، فإن الممكن - بما هوموجود تعلقي ربطي وحيثية ذاته عين الربط والفقر والتعلق - فيستحيل أن يكونمقتضيا وفاعل ما منه الوجود، وفرضه منه فرض الممكن واجبا وهو خلف، وهو

ممتنع بامتناع ذاتي، ال من حيث فقد القدرة الموجب لكونه ممتنعا بالغير كما فيسائر األفعال الغير المقدورة، وظاهر الشهيد (قدس سره) إرادة هذا المعنى من الجعل

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٧٦ سطر ٤.

(٢) شرائع اإلسالم ٢: ٢٧.(٣) التذكرة ١: ٤٩٠ سطر ٣٢.(٤) القواعد ١: ١٥٢ سطر ١٦.

(٥) جامع المقاصد ٤: ٤١٦.(٦) جواهر الكالم ٢٣: ٢٠٣.

(١١٢)

Page 113: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المنسوب إلى المشروط عليه، وكذلك هو ظاهر جامع المقاصد.ثانيها: جعل الزرع سنبال بمعنى فاعل ما به الوجود بحيث يكون مجرى إفاضة الله

تعالى، وكما أن المعنى األول مختص بواجب الوجود تعالى فهذا المعنى الثانيمختص بغيره من مجاري الفيض ووسائطه، ويستحيل أن يكون مبدأ الوجود مجراه،

وهذا المعنى إنما يتمشى من الجاعل إذا كان من وسائط الفيض أو ذا قوة عمالةمتصرفة في مواد الكائنات، فعدم صدوره من غير من له تلك القوة لفقد القوة ال

المتناع القوة، فضال عن امتناع الجعل بهذا المعنى ذاتا، فحاله كحال سائر األفعالالغير المقدورة، فتدبر.

ثالثها: جعل الزرع سنبال باعداد المقدمات المؤدية إلى صيرورته سنبال، وكونإفاضة الوجود منه تعالى بتوسط المدبرات العلوية ال اختصاص له بالمقام، بل

االحراق بااللقاء في النار أيضا كذلك، فإنه ال فرق بين وجود ووجود وال بين األفعالالمباشرية والتوليدية، كما أنه ال بد في وصول فيض الوجود إلى كل موجود ما عدا

الموجود األول من الوساطة وإفاضة الصور على المواد العنصرية دائما بتوسطالمدبرات العلوية، وليس شرط هذا المعنى من الجعل راجعا إلى شرط ايجاد

المقدمات، بل شرط فعل توليدي بايجاد ما يتولد منه.نعم تتفاوت األفعال بتفاوت موانعها كثرة وقلة، فإذا كان المانع اتفاقيا فالفعل

التوليدي مقدور بالقدرة على المقدمات االعدادية له عادة، وإذا كان المانع عادياكالزرع الذي آفاته السماوية واألرضية عادية فال قدرة على الفعل عادة إال بالقدرة

على دفع موانعه، وحيث إن دفع الموانع غير مقدور فالفعل غير مقدور.ومثل هذا الجعل ينبغي أن يكون محل الكالم بين االعالم، فإن االلتزام بمثله هوالمناسب لحال نوع المتعاملين، دون إرادة إفاضة الوجود أو التصرف على جهة

الوالية المتعينة في العموم، فإنه ال يخطر ببال أحد من المتعاملين حتى يقوم بصددااللتزام به.

وأما اشتراط جعل الله الزرع سنبال - كما أفاده الشهيد (قدس سره) وعليه حملكلمات القوم

(١١٣)

Page 114: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

- فمرجعه إلى ايجاده منه تعالى، وحيث إنه ال سبيل للممكن للسعي في ايجادهتعالى فال يكون من الفعل التسبيبي المقدور بالواسطة، قال جامع المقاصد: (وإنمابطل هذا الشرط أيضا ألن جعل الله الزرع سنبال والبسر تمرا ليس للبائع فيه مجالالسعي، بخالف اشهاد الشاهدين فإن ذلك وإن لم يكن من مقدوراته، ألن تحملالشاهدين الذي هو المطلوب بالشرط فعلهما ال فعل البائع إال أنه يمكنه سعيه في

وقوعه والتماسه لتحققه) (١) انتهى.ويظهر منه (قدس سره) أن فعل الله سبحانه غير قابل للتسبيب إليه، بخالف فعل غيرهتعالى فإنه قابل للتسبيب إليه، فشرط ايجاده منه تعالى شرط فعل غير مقدور، وشرط

ايجاده من غيره شرط فعل مقدور.لكن ال يخفى عليك أن الواجب جل شأنه تام الفاعلية، وفاعليته ليست بالقوة وال

باالمكان حتى يخرج بسبب من حد القوة إلى الفعلية، ومن حد االمكان إلى الضرورةكما حقق في محله، والنقص بالقوة واالمكان إنما هو في طرف القابل، فلو فرض

تمامية قابلية القابل والمفروض أنه ال نقص في الفاعل فال محالة يتحقق فيضالوجود من مبدئه، وإال لزم انفكاك المعلول عن علته التامة، فالتسبب إلى ايجاده

تعالى ليس ممتنعا إال مع فرض نقص في األسباب.وقد عرفت أن األفعال الغير المباشرية تختلف من حيث طرو الموانع كثرة وقلة

عادة واتفاقا، فأصل التسبب إلى ايجاده بتهيئة مقدماته االعدادية التي ال تنفك عنذيها كما هي سنة الله تعالى في عباده معقول مقدور، إال أن الموانع السماوية

واألرضية العادية في بعض األفعال التي ال قدرة للعبد على دفعها هي الموجبة لعدماتصاف االيجاد منه تعالى بالمقدورية.

وأما أن الفعل التسبيبي مع توسط إرادة الفاعل المختار غير معقول كما قيلفالبحث عنه له محل آخر، وقد ذكرنا في بعض تحريراتنا امكانه بل وقوعه كثيرا.

ومما ذكرنا تبين: أن التسبب إلى فعل الواجب تعالى أولى من التسبب إلى فعل--------------------

(١) جامع المقاصد ٤: ٤١٦.

(١١٤)

Page 115: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

غيره للبرهان الذي يختص به تعالى، وأما شرط صيرورة الزرع سنبال فيرجع إلى شرطالوصف االستقبالي، وسيأتي (١) الكالم فيه إن شاء الله تعالى.

منها: أن مورد القدرة هي األفعال سواء كانت مباشرية أو توليدية أو تسبيبية، غايةاألمر أن القدرة على األفعال التوليدية والتسبيبية بالقدرة على الفعل المتولد منه

والقدرة على التسبب، وذلك ألن القدرة تارة يراد منها القوة المثبتة في العضالت فيالحركات األينية والوضعية، وأخرى منها اقتدار النفس في األفعال الجنانية وباعتبار

اتحاد النفس والبدن، ربما يقال إن القدرة كيفية نفسانية وعليه فاألعيان الخارجية التعلق للقدرة بذاتها، ومثلها األوصاف واألعراض القائمة بها ال تعلق للقدرة بذاتها،وإنما لهما الوجود والعدم واالمكان واالمتناع، وإنما يكون للقدرة ماس باألفعالالمتعلقة بهما، وحينئذ فكما ال توصف األعيان وأوصافها بالمقدورية كذلك ال

توصف بعدم المقدورية، ألن القدرة وعدمها من باب العدم والملكة.ومنه يتضح أن متعلق االلتزام إن كان وصفا من األوصاف ككونه روميا أو زنجيا أوكاتبا، أو كون الدابة تحمل في المستقبل وأشباهها ال يوصف بالمقدورية ليعتبر في

االلتزام بها، بل يوصف باالمكان واالمتناع والموجودية والمعدومية.ال يقال: كيف ال يوصف وجود األوصاف واألعيان بالمقدورية ويوصف ايجادها

بها مع اتحاد االيجاد والوجود بالذات واختالفهما باعتبار الصدور والحلول.ألنا نقول: تعلق االلتزام بوجود الوصف منه راجع إلى االلتزام بايجاده وهو عين

حيثية القيام الصدوري، وااللتزام بوجوده في نفسه ال منه غير المرجع إلى ايجادهليكون من مقدوراته، مثال تارة يشترط عليه في شراء العبد منه أن يجعله كاتبا فهوشرط فعل تسبيبي يكون مقدورا بالقدرة على تعليمه الكتابة، وهو عين حيثية قيامهبقيام صدوري، وأخرى يشترط عليه أن يكون كاتبا، فااللتزام بوجوده المفروض،وهذا شرط ذات الوصف ال شرط جعله ذا وصف، وكونه كاتبا خارجا مفروض

الحصول ال الزم التحصيل.--------------------

(١) نفس التعليقة، عند قوله (ثم إنه يتضح..).

(١١٥)

Page 116: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومنه تبين حال ما تقدم من شرط صيرورة الزرع سنبال، فإنه إن أريد صيرورته منهفهو راجع إلى شرط تصييره كذلك، وإن أريد شرط كونه كذلك في المستقبل فهو

شرط الوصف بذاته، وبهذا االعتبار ال معنى لكونه مقدورا أو غير مقدور، فتدبرجيدا.

وأما شرط النتيجة فمرجعه إلى القرار على كون الشئ الفالني ملكا للمشتريبقوله " على أن يكون ملكا له " فهذا القرار مصداق التمليك ال أنه متعلق بالتمليكليكون من شرط الفعل، فللقدرة مساس بحصول الملكية بااللتزام بها، ال أن االلتزام

متعلق بأمر مفروض الحصول حاال أو استقباال كشرط الوصف.ومن جميع ما ذكرنا تبين: أن مورد اشتراط القدرة هي األفعال ونتائج العقود مثال

دون شرط الوصف مطلقا.ومنها: أن مضامين العقود وااليقاعات وااللتزامات وإن كانت من االعتبارات

الوضعية العرفية والشرعية، واالعتبار من المعتبر خفيف المؤونة، إال أن االعتبارالجدي من العاقل الشاعر ال يتعلق بالممتنعات، سواء كان امتناعا لفقد القدرة أولوجه آخر، فالتسبب الجدي إلى تلك االعتبارات من المتعاملين ممتنع، ألن قصد

ايجاد الممتنع لتقومه بالجد محال.وعليه فااللتزام الجدي - بفعل ال يقدر عليه أو بنتيجة ليس التزامه سببا لحصولها -محال، أو بوصف يمتنع حصوله محال، من دون وصول النوبة إلى شرطية القدرة أو

عدم االمتناع شرعا، وإنما يستند إلى شرطية شئ لشئ شرعا إذا أمكن حصوله الشرطيته شرعا، كما ال تصل النوبة إلى التمسك بالعمومات واالطالقات أو منع

التمسك بها إال بعد الفراغ عن مقام الثبوت.وال يخفى أن الغرض إناطة التمليك بالحمل الشائع وااللتزام بالحمل الشائع

بالقدرة عقال، ال التمليك االنشائي وااللتزام االنشائي المتحقق كل منهما بمجرد قوله" ملكت والتزمت " فإنه من أنحاء استعمال اللفظ في معناه، وال يتقوم إال بقصد

استعمال اللفظ في معناه سواء ترتب عليه أثر أم ال.

(١١٦)

Page 117: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومنها: أن مجموع ما ظفرت به من الوجوه التي استند إليها في اعتبار القدرة فيمتعلق الشرط أمور:

أحدها: اللغوية.وثانيها: السفاهة.

وثالثها: لزوم التسليم المنوط بالقدرة.رابعها: لزوم الغرر مع عدم القدرة.

أما لزوم اللغوية والسفاهة فموردها ما إذا أمكن وجود الشئ الموصوف بأنه بالفائدة أو بال غرض عقالئي، وحيث إنه لغو أو سفهي ال يعمه االطالقات فال ينفذ،

وأما ما يمتنع وجوده فال شئ حتى يوصف باللغوية والسفاهة، نعم االلتزام االنشائيحيث ال يترتب عليه األثر لغو وسفاهة، إال أن القدرة لم تالحظ بالنسبة إليه، بلبالنسبة إلى ما هو تمليك والتزام بالحمل الشائع، فما يعتبر فيه القدرة ال يوصف

باللغوية والسفاهة، وما يوصف بهما ال يعتبر فيه القدرة، وقد عرفت أن ال مجال فيمانحن فيه لالطالقات نفيا واثباتا.

وأما لزوم التسليم المنوط بالقدرة فهو إنما يجدي فيما إذا كان العتبار الملكيةمقام، وللزوم التسليم مقام آخر، كما إذا كان التمليك متعلقا بعين من األعيان فإن

التسليم غير مقوم لمتعلق الملكية، ولزوم تسليم العين للتمليك يقتضي الشرطيةبخالف مورد الكالم فإن التمليك وااللتزام متعلقان بايجاد العمل وتسليم العمل عين

ايجاده. ال أنه متفرع على وجوده، فال معنى لجعل القدرة على التسليم دليال علىشرطية القدرة على العمل.

وأما مثل شرط الوصف فتسليمه وإن كان يتبع تسليم الموصوف به حيث التسليم له استقالال إال أن التسليم فرع الوجود، فما يمتنع وجوده خارج عن مقسم

التسليم وعدمه، فنفس عدم معقولية االلتزام بالوصف الممتنع حصوله كاف فيالمقصود، من دون وصول النوبة إلى التسليم المرتب على الوجود.

وأما مثل شرط النتيجة فهو أجنبي عن التسليم بالكلية، فإن النتيجة تارة تحصل

(١١٧)

Page 118: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بمجرد االلتزام بها، وأخرى ال تحصل به، فلها حصول وعدم الحصول، وليس فينفسها تسليميا ال بذاتها وال بالتبع، فالقدرة دخيلة في حصولها عقال، ال في تسليمهابالذات وال بالتبع، مع أن القدرة على التسليم كما تعرضوا لها في محله ال يراد منها

هذا العنوان، بل مجرد امكان وصول العين وحصولها في يد المشتري، فكيفيستدل بها العتبار القدرة بعنوانها على العمل والوصف والنتيجة؟! فإن جعل اللهالزرع سنبال بايجاده منه تعالى غير مقدور حقيقة وممكن الحصول في الخارج،

وكذلك صيرورة الزرع سنبال.وعليه فإن أريد من القدرة في محل البحث حقيقة القدرة بعنوانها فهي أجنبية عن

القدرة على التسليم بمعنى امكان الحصول، وإن أريد منها امكان حصول الفعل أوالوصف أو النتيجة صح االستناد، إال أن امتناع حصول الفعل أو الوصوف غير

مفروض هنا، بل عدم القدرة مفروض، وسيجئ (١) إن شاء الله تعالى تحقيقه.وأما لزوم الغرر من اشتراط ما ال قدرة له عليه فتوضيح القول فيه: أن مورد

التمسك بنفي الغرر ما إذا كان الشئ يتحقق لوال النهي عن الغرر، وإنما نهى الشارععن الغرر وأناط نفوذ العقد به لئال يقع في الخطر، وأما في موارد امتناع الشئ سواء

كان ألجل عدم القدرة أو لجهة أخرى موجبة المتناعه فال يحتمل الوقوع في الخطر،حتى يجب تحصيل الوثوق، بل المفروض القطع بعدم الوقوع لفرض االمتناع، فما

معنى احتمال الخطر المرتب على احتمال الوجود، مثال جعل البائع الزرع سنبالبالمعنى األول محال في حد ذاته، وبمعناه الثاني والثالث غير مقدور قطعا، فال

وجود فال خطر، وكذا جعل الله الزرع سنبال بمعنى ايجاد البائع منه تعالى ليكون منأفعاله التسببية كما عرفت غير مقدور لعدم القدرة على دفع الموانع العادية فال

يتحقق منه هذا المعنى، وهو ايجاده التسببي منه تعالى فال خطر.وأما جعل الله الزرع سنبال بمعنى ايجاده تعالى ال االيجاد منه تعالى فهو خارج

عن األفعال المباشرية والتوليدية والتسببية على الفرض، فهو خارج عن مقسم--------------------

(١) نفس التعليقة.

(١١٨)

Page 119: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المقدور وغيره، بل ال معنى لاللتزام به جدا لعدم ارتباطه به أصال حتى يتعهده، فهووإن كان عنوانا شرط الفعل إال أنه بشرط الوصف أشبه، وإن لم يكن منه حقيقة لعدمكون فعل الغير من شؤون المبيع، وهو على فرض تعلق االلتزام به حاله حال الوصفله امكان وامتناع ووجود وعدم، والغرر غير مربوط باالمتناع والعدم، بل بعدم احراز

االمكان والوجود، وإال فمن المستحيل كون األمر الوجداني الواقع في أفق النفسعلة ألمر واقعي وبالعكس.

وحيث إن ايجاده تعالى ممكن وحصول الوصف االستقبالي ممكن كالوصفالحالي فتخرج المسألة عن عدم االمكان، لخروجها في نفسها عن عنوان غيرالمقدور، فينتفي البحث في مثله عن أن شرط فعل الغير بما هو فعله، وشرط

الوصف االستقبالي مع عدم احراز وجودها في موطنه صحيح أم ال، فحينئذ يصحاالستناد في بطالنه إلى نفي الغرر لمناسبة العلة مع معلولها، إال أن المعتبر في الشرط

حينئذ باإلضافة إلى شرط الوصف االستقبالي، وشرط الفعل بالمعنى األخير الراجعإليه هو عدم كون المتعلق مجهول الحصول، وهو الشرط السادس اآلتي في كالمه

(قدس سره)،وال معنى لتعدد الشرط بتعدد المصاديق.

ومما ذكرنا يتضح حال االستناد إلى الغرر في شرط النتيجة والغاية، فإن مقتضىكالم المصنف من اعتبار القدرة في الشرط للزوم الغرر وجعل شرط النتيجة من أفراده

كون الدليل على اعتباره هو نفي الغرر، مع أن النتيجة إذا كان لها سبب خاصفايجادها بنفس االلتزام من المحال، ألن المعلول ال يوجد إال بما فرض أنه علة له، ال

بما عداه، ومع عدم حصولها المتناع حصولها ال معنى لوقوعه في الخطر.وأما في الشبهة الحكمية من حيث كون النتيجة ذات سبب خاص أو ال، فإن كان

لدليل الشرط اطالق كان مقتضاه سببية الشرط، فالنتيجة مقدورة شرعا، وإن لم يكنله اطالق فال موجب لنفوذ الشرط وصحة التسبب بااللتزام إلى حصولها، ال للزوم

الغرر.

(١١٩)

Page 120: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وتوهم: بعض أجلة المحشين (رحمه الله) (١) أن شرط االنعتاق في نفسه شرط أمرمقدور

للقدرة على سببه، وهو انشاء العتق، وإنما يكون من غير المقدور إذا شرط االنعتاقمقيدا بعدم سببه.

وهو فاسد: ألن المراد بشرط النتيجة االلتزام بالنتيجة، بحيث تحصل بنفسااللتزام، وهو مع فرض السبب الخاص له محال، وأما االلتزام باالنعتاق بسببه فهو من

شرط الفعل حقيقة، وهو خلف، لتمحض البحث في شرط النتيجة الحاصلة بنفسالشرط، فال حاجة في كونها غير مقدورة إلى التقييد بعدم سببها، فتدبر جيدا.

ثم إنه يتضح مما ذكرنا أنه ال فرق بين الوصف الحالي واالستقبالي، ال من حيثعدم مساس للقدرة بهما، وال من حيث الجهل بالحصول ولزوم الغرر، وال من حيث

الوثوق بالحصول الرافع للغرر.ويظهر من المصنف (قدس سره) الفرق بقبول الوصف الحالي للبناء على الوجود دون

االستقبالي، وغاية تقريبه: أن الوصف الحالي قابل للوجود بالفعل فيقبل البناء عليه،والوصف االستقبالي الذي وعاء وجوده الزمان المستقبل ال هو موجود بالفعل وال

هو معدوم بالفعل، ألن المفروض أن وجوده وعدمه إنما هو بلحاظ الزمانالمستقبل، فيكون كالعدم والملكة، وإذا لم يوصف بالموجودية الخاصة بالفعل كما

لم يوصف بالمعدومية الخاصة فكيف يبنى على وجوده ليقع البيع على شئ مبنياعلى كونه موصوفا بكذا، ولعله المراد مما أفاده شيخنا األستاذ (قدس سره) (٢) من أن

الوصفاالستقبالي متوغل في االمكان، بخالف الحالي فإنه خرج عن حدود االمكان إلى

الوجوب واالمتناع.وفي الفرق المزبور نظر كبرى وصغرى:

أما في األولى فألن مجرد البناء والتوصيف ال يوجب الوثوق وال يرفع الغرر.وأما في الثانية فألن البناء خفيف المؤونة، وال يتوقف إال على وجود موضوعه

في أفق البناء، والوصف االستقبالي وإن لم يكن موجودا بالفعل لكنه غير محتاج إليه،--------------------

(١) حاشية اليزدي ٢: ١٠٨ سطر ٨.(٢) حاشية اآلخوند ٢٣٦.

(١٢٠)

Page 121: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بل يتعلق بوجوده في وعائه، فيبنى على وجوده في ظرفه ال على وجوده الخاصبالفعل، وتوصيف األشياء باألوصاف االستقبالية مما ال يكاد ينكر.

نعم يمكن أن يقال: إن الوصف مطلقا غير قابل لاللتزام كما مر مرارا، ألن الشرطليس سببا لحصوله كشرط النتيجة، وال تعهدا بتحصيله كما في شرط الفعل، ووجوده

وعدمه تابعان لوجود علته وعدمها، فال بد من ارجاع االشتراط إلى التوصيف،وحيث إن الغرر ال يرتفع به فال بد من جعل التوصيف اخبارا بوجوده بالداللة

االلتزامية، ويصدق اخبار البائع حينئذ كما في االخبار بالكيل الوزن.وحينئذ يتجه الفرق بين الوصف الحالي واالستقبالي، فإن البائع عادة له االطالع

على عين ماله بما له من الوصف الحالي، وليس له عادة االطالع على ما له من الشأنفيما بعد، فتوصيفه بالوصف الحالي ملزوم عادة لالخبار به، دون توصيفه بالوصف

االستقبالي، إال أنه غير مراد للمصنف (قدس سره)، لتصريحه بصحة التوصيف بالوصفالحالي ولو لم يعلما به.

ومنها: أنه ال اشكال عند المشهور في اشتراط عقد أو ايقاع في ضمن المعاملة،وإنما االشكال عندهم فيما إذا امتنع طرف العقد المشروط عن القبول من حيث

الخيار وعدمه، وتوضيح القول فيه: أن المشروط تارة هو العقد المركب من االيجابوالقبول، وأخرى هو االيجاب فقط، وثالثة بذل نفسه للبيع مثال، ورابعة هو ايجاد

الملكية، وهو البيع بالحمل الشائع.وما هو مصب الكالم المسلم بين االعالم هو الرابع، وهو البيع بالحمل الشائع،

ألن االيجاب فقط ال أثر له حتى يشترط، وليس ببيع، وكذا بذل نفسه للبيع ال دخل لهباشتراط البيع، والعقد المركب من االيجاب والقبول بيع واشتراء انشائي ال بالحمل

الشائع، فعدم كونه مقدورا للمشروط عليه لتركبه من فعله وفعل غيره ال يضر بالقدرةعلى ما هو بيع بالحمل الشائع، وأن البيع بالحمل الشائع هو التمليك الحقيقي الذي

هو قائم بالبائع، ال التمليك والتملك بالحمل الشائع القائم أحدهما بالبائع واآلخربالمشتري، واشتراط تحققه بايجابه منه وقبول من المشتري ال يجعله متقوما

(١٢١)

Page 122: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بشخصين، فهو كاالحراق الذي يتوقف على يبوسة المحل، فكما أن االحراقيتوقف على تحققها ال على القدرة عليها فكذا تعقب القبول لاليجاب، فإنه شرطترتب الملكية على االيجاب، فال حاجة إال إلى وجوده ال إلى القدرة على ايجاده،

فمع القطع بتحققه أو الوثوق بتحققه يتمكن من التمليك بالحمل الشائع، وليسهكذا العقد المركب من االيجاب والقبول فإنه مع القطع بتحقق القبول من المشتري

ال يكون العقد مقدورا للبائع.وعلى ما ذكرنا فال حاجة إلى تأويل كالم القوم بما أفاده (قدس سره) من اشتراط

النتيجةالذي هو بمنزلة االيجاب من المشروط عليه البيع عند الوثوق بالقبول محقق للتمكن

من ايجاد الملكية عندنا، ومحقق لنفس وجود الملكية عنده (قدس سره)، وهو معفرض كون

الملكية البيعية متوقفة على االيجاب والقبول يستحيل حصولها بنفس االشتراطالذي جعله بمنزلة االيجاب، فتدبر جيدا.

وأما ثبوت الخيار وعدمه فمبني األول أن البيع بالحمل الشائع مقدور عادة،وامتناع زيد بمنزلة تعذر الشرط ال خروجه عن كونه مقدورا عادة.

ومبنى الثاني أن المتعارف في مثله اشتراط البيع على تقدير القبول من زيد، أيهذا المعنى الخاص المتقوم بالقبول، وهذا المعنى ال تخلف له، فإنه مع فرض امتناع

زيد محفوظ، وهو البيع على تقدير، وسيجئ (١) إن شاء الله تعالى من المصنف (قدسسره) في

محله أن مثل هذا التعليق بل مطلقا غير ضائر باالشتراط.الشرط الثاني: أن يكون سائغا

- قوله (قدس سره): (الثاني: أن يكون الشرط سائغا... الخ) (٢).وجه تدوينه مستقال مع اندراجه تحت الشرط الرابع ما أشار (قدس سره) إليه من عدم

نفوذااللتزام بالحرام، فإن لزومه مع بقاء الحرام على حرمته يؤول إلى اجتماع الوجوب

والحرمة في شئ واحد، وإن لم تكن المخالفة للكتاب مانعة بمقتضى االستثناء، كما--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٣ سطر ١٠.

(٢) كتاب المكاسب ٢٧٦ سطر ٣٤.

(١٢٢)

Page 123: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أن اإلجارة على المحرم غير نافذة مع أنه ليس فيها هذا االستثناء، نعم هذا األمر اليتم إال إذا لم يكن عنوان الشرط من العناوين المغيرة للعنوان كاإلجارة، وإال فال يتم

األمر إال بلحاظ االستثناء، وحينئذ يندرج تحت الشرط الرابع.الشرط الثالث: أن يكون فيه غرض معتد به

- قوله (قدس سره): (الثالث: أن يكون فيه غرض معتد به... الخ) (١).اللغوية ربما تقابل السفاهة، وهو ما ليس فيه فائدة أصال، في قبال ما فيه فائدة غيرمتعلقة لألغراض العقالئية، وربما تساوق السفاهة وهو ما ليس فيه غرض عقالئي،والمراد من اللغوية هنا هو الثاني، فإن ما ال فائدة فيه أصال يستحيل أن ينقدح فيهاإلرادة المنبعثة عن غرض ما، لتقوم جد االلتزام باإلرادة الجدية، ثم إن الوجه في

اعتبار هذا الشرط قصور مقام الثبوت واالثبات معا عن شمولها له.أما قصور مقام االثبات فالنصراف دليل الشرط كأدلة المعامالت الواردة كال في

مقام امضاء العهود وااللتزامات العرفية عما ال غرض عقالئي فيه.وأما قصور مقام الثبوت فهو من حيث الموضوع والحكم ومناط الحكم.

أما من حيث الموضوع فلما مر منا مرارا أن العهود والعقود وااللتزامات مناالعتبارات العقالئية والشرعية، إذ ليس المراد من العقد مجرد العقد االنشائي الذي

تمام حقيقته المعنى المقصود ثبوته باللفظ، فإنه غير قابل للبقاء حتى ينسب إليهاالبرام والحل، فإن المعدوم ال يبرم وال يحل وال يتأكد وال ينحل، بل المراد هو العقد

اللبي المعنوي، وهما القراران المرتبطان بحسب اعتبار العقالء الممضى شرعا، ومنالواضح أن االلتزام المعنوي االعتباري العقالئي ال يكاد يتحقق مع عدم الغرض

العقالئي، وإال لكان اعتبار االلتزام من العقالء ال بما هم عقالء، وهو خلف.وأما من حيث الحكم فإن استحقاق المشروط له على المشروط عليه ليس إال

كونه ذا حق عليه، والحق من االعتبارات العقالئية كالملكية، واعتبار استحقاق ما ال--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٧ سطر ١.

(١٢٣)

Page 124: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

غرض عقالئي فيه من العقالء خلف، وحيث إنه ال التزام وال حق عند العقالء فالموقع لوجوب الوفاء، كما ال موقع للخيار عند تخلفه.

وأما من حيث المالك فإن انفاذ الشرط رعاية وامتنان على المشروط له، وال منةفي اللغو، ومن جميع ما ذكرنا تبين أنه ال موقع للتمسك باطالق (المؤمنون عند

شروطهم).- قوله (قدس سره): (ولو اشترط كون العبد كافرا... الخ) (١).

ال يخفى عليك أن الكافر إن كان كالمسلم في جميع المنافع والمصالح المقصودةالعقالئية فاشتراط الكفر لغو، سواء كان ترجيح الكافر على المسلم اعالء للكفر علىاإلسالم أم ال، فالتعليل به بال موجب، وإن لم يكن كذلك، بل كان الكافر من حيث

استغراقه في الخدمة ومن حيث التمكن من بيعه من المسلم والكافر ذا غرضعقالئي كما هو كذلك، فاشتراط الكفر من حيث الغرض العقالئي بال اشكال، وكونه

اعالء ممنوعا عنه شرعا ال دخل له باشتراط الغرض العقالئي، فالتعليل بلزوم اعالءالكفر إما بال موجب أو غير مرتبط بشرط الموافقة لألغراض العقالئية هذا.مع أن التحقيق أن اشتراط كفر العبد ليس اعالء، بل ربما يكون الغرض من

اشتراطه دينيا أيضا، لتعلق غرضه بعدم استخدام المسلم لشرافة اسالمه، فال يكونمن التزاحم بين األغراض الدينية والدنيوية كما في المتن.

وأما النقض باشتراء الكافر وترجيحه على المسلم فمن حيث لزوم االعالء وجيه،وأما من حيث اللغوية فال، فإنه مع تساوي المسلم والكافر في المنافع ال حاجة فيشرائه إلى غرض عقالئي آخر زيادة على الموجود في كل معاملة، فإن ترجيح أحدالفردين المتساويين ال يحتاج إلى ذلك، بخالف اشتراطه الذي هو كنفس المعاملة

يحتاج إلى غرض عقالئي، فافهم وتدبر.--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٧ سطر ٥.

(١٢٤)

Page 125: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الشرط الرابع: أن ال يكون مخالفا للكتاب أو السنة- قوله (قدس سره): (الرابع: أن ال يكون مخالفا للكتاب... الخ) (١).

توضيح الكالم برسم أمور في المقام:منها: أن المذكور في أغلب الروايات مخالفة الكتاب فقط، وفي بعضها االقتصار

على السنة، وفي المرسل في الغنية (٢) الجمع بين الكتاب والسنة، وعليه فالمراد منالكتاب كل ما كتب الله على عباده ولو على قلب نبيه (صلى الله عليه وآله) وحيا أو

الهاما، فالمراد كتابهالتشريعي في قبال كتابه التكويني، فإن أنحاء الوجودات الخارجية كما هي أرقامه

تعالى ونقوشه في ألواح الذوات كذلك أنحاء المجعوالت التشريعية أرقامه ونقوشهتعالى على ألواح قلوب أنبيائه ورسله، من دون اختصاصه بخصوص ما في الكالمالمنزل على وجه االعجاز، بل الظاهر خصوص ما بلغ مرتبة البعث والزجر دون ما

أوحي أو ألهم ولم يؤمر بتبليغه، فإنه وإن كان مما كتبه الله إال أنه ال يعقل أن يكونمناطا لنفوذ الشرط وعدمه بعد فرض عدم مساسه فعال بالمكلفين.

والظاهر بدوا من الكتاب وإن كان خصوص القرآن كما هو الظاهر منه في األخبارالعالجية، إال أن باب العرض على الكتاب مع فرض التعارض بين الحديثين لعله

قرينة على إرادة خصوص القرآن، مع أن النبوي المتضمن لبطالن ما ليس في كتابالله دل على (أن قضاء الله أحق وشرطه أوثق والوالء لمن أعتق) (٣) فهو صريح في أن

والء المعتق مما قضى به الله ومما شرطه تعالى، مع أنه ليس في القرآن فيعلم منهسعة دائرة الكتاب.

وتوجيهه - بأنه في الكتاب، فإنه ال رطب وال يابس إال في كتاب مبين وإن لميعرفه غير الراسخين - بعيد، إذ ما ال طريق إليه لعامة الناس ال يمكن أن يجعل ميزانا

لشروطهم والتزاماتهم.وأما ما استدركه المصنف (قدس سره) بقوله (لكن ظاهر النبوي... الخ) فبمالحظة أن

ظاهر--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٧ سطر ٧.(٢) غنية النزوع - سلسلة الينابيع الفقهية ١٣: ٢١١.

(٣) مسند أحمد، رواية ٣٤٦٠٣.

(١٢٥)

Page 126: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ما ليس في كتاب الله هي الليسية المطلقة، وهو مناسب للقرآن لخلوه من الوالء نفياواثباتا، ال ما كتبه الله على عباده فإنه ال يخلو عن أحد األمرين، وكذلك عدم الموافقة

في صحيحة ابن سنان (١) يمكن أن يكون بنحو السالبة بانتفاء الموضوع، وهو يناسبخصوص القرآن كما عرفت.

والجواب: أن المراد مما ليس في كتاب الله عدم كونه في كتابه تعالى كما شرط العدمه مطلقا، وسيجئ (٢) إن شاء الله تعالى بقية الكالم.

ومنها: أن المدار على المخالفة وعدمها أو على الموافقة وعدمها، نظرا إلى امكانالواسطة بين المخالفة والموافقة، فإن ما ال أثر له في الكتاب والسنة يصدق عليه أنهال يوافقهما بنحو السالبة بانتفاء الموضوع، فهو شرط غير موصوف بالمخالفة وال

بالموافقة.والتحقيق: أن عدم الموافقة مثال وإن كان عقال يمكن أن يكون بعدم الطرفين فضالعن طرف واحد إال أن المقابلة بين الموافقة وعدمها عرفا بتقابل العدم والملكة ال

السلب وااليجاب، فال يصدق عرفا أن الشئ الفالني ليس موافقا إال إذا كان له طرفمن شأنه أن يقابله، مع أن صالحية السالبة للعموم فيما إذا كانت هناك قضية مستقلة

ال فيما إذا كان بالمفهوم التابع للمنطوق سعة وضيقا موضوعا ومحموال.مضافا إلى ما أفيد في المتن من أن الموافقة ال تختص بصورة ثبوت المشروط،

خصوصا في الكتاب، بل يعم الموافقة بالعموم أيضا، وحينئذ فال ينفك الموافقة عنعدم المخالفة كما ال ينفك عدمها عن المخالفة، فال واسطة حينئذ بين الموافقة

والمخالفة.ومنها: أن المتصف بالمخالفة هل هو المشروط أي الملتزم به، أو نفس الشرط

وهو االلتزام، وال بد من أن يكون هذا الترديد ألجل ثمرة عملية وهي سعة دائرةالمخالف على الثاني دون األول.

ومنه يتبين: أن ما أفاده (قدس سره) - من عدم انحصار المخالفة في مخالفة الملتزم بهمع

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٦ من أبواب الخيار، ح ١.

(٢) نفس التعليقة.

(١٢٦)

Page 127: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

االعتراف بخروج االلتزام بترك المباح، لكفاية اتصاف االلتزام بفعل الحرام بالمخالفةفي كونه مصداقا لمخالفة الشرط وااللتزام - مورد المناقشة، فإن وجه اتصاف االلتزامبفعل الحرام بالمخالفة إن كان مخالفة فعل الحرام للكتاب فااللتزام به مخالف بالتبع،

فحينئذ ال ثمرة عملية للترديد، فإن توصيف الشرط بالمخالفة حينئذ دائما بالتبع،فأية فائدة في الترديد، وإن لم يكن فعل الحرام مخالفا للحرمة فإن مقابل الحرمة هي

الحلية ال فعل الحرام، بل االلتزام حيث إنه تحليل من الشارط فهو بهذا االعتبار مقابلللتحريم شرعا، فحينئذ ال وجه لالعتراف بخروج االلتزام بترك المباح والعدول عنهإلى االلتزام بفعل الحرام، إذ كما أن االلتزام بفعل الحرام تحليل من الشارط كذلك

االلتزام بترك المباح تحريم من الشارط على نفسه.والتحقيق: أن هنا ظهورين متعارضين:

أحدهما: ظهور الشرط في المعنى المصدري دون المعنى المفعولي أي الملتزم به.ثانيهما: ظهور االسناد في االسناد إلى ما هو له.

فإن قلنا بأن المراد من الشرط هو المعنى المفعولي فاالسناد دائما إلى ما هو له،إال أنه لم ينحفظ الظهور األول، وإن قلنا بأن المراد منه هو المعنى المصدري فالظهوراألول محفوظ، إال أن االسناد إما إلى غير ما هو له دائما، إن كان مخالفة االلتزام بتبع

مخالفة ما التزم به، وأما إلى ما هو له وغير ما هو له بمالحظة اسناد جامع بيناسنادين، إن كان مخالفة الشرط تارة بالتبع وأخرى بالذات فالظهور الثاني غير

محفوظ دائما، إال أن الالزم رفع اليد عن الظهور الثاني لوجوه:أحدها: أن األخبار الواقع فيها استثناء الشرط المحلل والمحرم لبيان أمر واحد

ومطلب فارد، وكما أن المحللية والمحرمية وصفان للشرط بمعنى االلتزام، بداهة أنفعل الحرام فعل الحرام، ال أنه محلل للحرام، فال تحليل إال من قبل الشارط

بشرطه، كما نص به في باب الحلف بقوله (عليه السالم) (فليس له أن يحرم ما أحلالله) (١)

--------------------(١) وسائل الشيعة باب ١٨ من أبواب مقدمات الطالق وشرائطه ح ٢.

(١٢٧)

Page 128: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مستشهدا بقوله تعالى * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) * (١) كذلك المخالفةوصف

لاللتزام.ثانيها: داللة األخبار المقتضية لعدم نفوذ شرط عدم التسري وعدم التزويج ثانيا (٢)أن الملتزم به من المباحات التي ال تخالف الكتاب، فال محالة يكون باعتبار مخالفة

االلتزام المحرم لما أحله الله تعالى.وثالثها: ما في المرسل المروي في الغنية وهو (الشرط جائز بين المسلمين ما لم

يمنع منه كتاب أو سنة) (٣) بل جعله المصنف (قدس سره) أصرح من الكل، ولعلهباعتبار الجواز

المساوق للنفوذ والمضي، وهو صفة االلتزام ال صفة الملتزم به، وكذا باعتبار قوله(بين المسلمين) فإن الشرط بمعنى االلتزام هو الواقع بينهم، لمكان التزام أحد

الطرفين لآلخر دون الملتزم به الذي هو فعل الملتزم خاصة، نعم ال بد من ارجاعالضمير في قوله (ما لم يمنع منه) إلى الملتزم به، فإنه هو الذي يمنع منه الكتاب أو

السنة، فتدبر.ومنها: أن الشرط النافذ حيث إنه من شأنه احداث ما لم يكن فال بد من بيان كيفيةالحكم الذي يخالفه الشرط تارة فال ينفذ وال يخالفه أخرى فينفذ، والكالم تارة في

مقام الثبوت، وأخرى في مقام االثبات فنقول:أما مقام الثبوت فمختصر القول فيه: أن األحكام الطلبية من الوجوب والحرمة

واالستحباب والكراهة كلها منبعثة عن مصلحة لزومية أو غير لزومية وعن مفسدةلزومية أو غير لزومية، وأما اإلباحة فناشئة عن ال اقتضائية الموضوع، لخلوها عنالمصلحة مطلقا وعن المفسدة مطلقا، وحيث إن المصالح والمفاسد مقتضياتفيمكن طرو عنوان ذي مصلحة أو ذي مفسدة على خالف تلك المقتضيات.

فحينئذ إن كانت المصلحة الواقعية أو المفسدة من القوة بحيث ال يزاحمهامصلحة العنوان الطارئ أو مفسدته فال محالة يكون الموضوع ملحوظا بنحو الماهية

--------------------(١) التحريم، اآلية ١.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٢٠ من أبواب المهور.(٣) غنية النزوع - سلسلة الينابيع الفقهية ١٣: ٢١١.

(١٢٨)

Page 129: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الال بشرط (١) القسمي، لفرض عدم دخل العنوان الطارئ وجودا وعدما في تأثيرالمقتضيات الواقعية القائمة بموضوعاتها، والحكم المرتب عليها حكم فعلي تام

الحكمية، وإن كانت المصلحة الواقعية والمفسدة الواقعية ال تقاوم المصلحةوالمفسدة في العنوان الطارئ فال محالة تكون الماهية ملحوظة بشرط ال، فالحكمالمرتب عليها ما دام الموضوع مجردا حكم فعلي، ومع طرو عنوان ال يعقل بقاءالحكم على فعليته لتبدل موضوعه على الفرض، ولكن حيث إن مقتضي الحكماألولي ثابت يقال بثبوت الحكم االقتضائي والطبعي، وقد مر غير مرة أن ثبوت

المقتضى بثبوت المقتضي ثبوت عرضي ال الثبوت المختص به في نظام الوجود.وأما اإلباحة فحيث إنها ال اقتضاء فال محالة يكون موضوعها دائما ملحوظا بنحو

البشرط الئية، ومع عدم طرو عنوان فهي إباحة فعلية، ومع طرو العنوان ال إباحة أصالال فعال وال اقتضاء، أما األول فواضح، وإال لزم الخلف، وأما الثاني فألن المفروضأنها ناشئة عن ال اقتضائية الموضوع، فال مقتضي حتى يكون لإلباحة ثبوت عرضي

بثبوت المقتضي، هذا بحسب مقام الثبوت.وأما مقام االثبات فنقول: اثبات الحكم الطلبي التام الحكمية موقوف على ظهور

االنشاء في كونه بداعي البعث أو الزجر ال بسائر الدواعي، واطالق الموضوع وعدمتقيده بقيد وجودي وال عدمي فيدل على أن موضوع هذا الحكم واقعا على وجه

الال بشرطية، فال محالة يقع التعارض بين دليل الحكم األولي ودليل العنوان الطارئكالشرط، إال أن االستثناء يرفع التعارض ويخصص نفوذ الشرط بما عدا مورد الحكمالتام الحكمية، وأما الحكم الفعلي لوال عروض عارض فثبوته يحتاج إلى دليل خاص

يدل على كون الموضوع بشرط ال، فإذا فرض دليل مثله لم يكن معارضا لعموم دليلالشرط، وإن فرض عدم االستثناء.

ومما ذكرنا تبين أن اثبات الحكم التام الحكمية ال يحتاج إلى دليل مخصوص، بلنفس دليل الواجب والحرام وتجرده عن القيد كاف في اثباته.

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (الال بشرطي).

(١٢٩)

Page 130: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأما توهم أن االطالق يجامع الحكم الطبعي االقتضائي، فيصح أن يقال إن الخمرحرام في نفسه حتى مع االضطرار، فهو مدفوع بأن الحكم االقتضائي في فرض طرو

العنوان ليس من مقولة الحكم الحقيقي، الستحالة اجتماع حكمين فعليين ولوطوليين، بل كما عرفت ثبوته عرضي يتبع ثبوت المقتضي، واالطالق يجامع ثبوت

المقتضي فيكون االنشاء مسوقا لالرشاد إلى ثبوت المالك والمقتضي في جميعالحاالت، وهو كما عرفت خالف الظاهر، فما يمكن فيه االطالق ال دخل له بمقولة

الحكم، وما هو من مقولة الحكم ال يعقل أن يكون له اطالق، ألن موضوعه علىالفرض هي الماهية بشرط ال، وأما إذا لم يكن هناك اطالق فكما ال دليل على الحكم

الطبعي كذلك ال دليل على الحكم التام الحكمية، فتصل النوبة إلى األصول العمليةكما سيجئ (١) إن شاء الله تعالى، هذا حكم األحكام الطلبية.

وأما اإلباحة فكما أن موضوعها الواقعي يستحيل أن يالحظ ال بشرط كذلكيستحيل أن يكون دليلها في مقام االثبات مطلقا من حيث طرو أي عنوان اقتضائي،

بل حيثية كون اإلباحة حكم الموضوع قرينة قطعية على أن موضوعها بشرط ال،فيستحيل أن يعارض دليال اثباتا، كما يستحيل أن يزاحم مقتضيا ثبوتا، وأما الموارد

التي حكم الشارع بعدم نفوذ الشرط فيها مع أن حكمها اإلباحة كعدم التسري وعدمالتزويج ثانيا فال بد من توجيهها بوجوه سيأتي اإلشارة إليها، فتدبر جيدا.

والتحقيق: أن الكلية التي ذكرها المصنف (قدس سره) ونحن أوضحناها بأحسن تقريبثبوتا

واثباتا وإن كانت صحيحة في نفسها لكنها أجنبية عما نحن فيه، بمعنى أن نفوذالشرط تارة وعدمه أخرى ال يدور مدارها، وتوضيح المقام: أن متعلق الشرط إما أن

يكون من األحكام الخمسة التكليفية، وإما أن يكون من االعتبارات الوضعيةالشرعية، وإما أن يكون من األعمال فعال أو تركا.

وإن كان من األحكام التكليفية كإشتراط وجوب شئ أو حرمته شرعا مثال فاليعقل، ألن األحكام التكليفية من المجعوالت الشرعية التي مبادئها بيده وتحت

--------------------(١) تعليقة ٦٣.

(١٣٠)

Page 131: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

سلطانه وقدرته، فااللتزام الجدي بها التزام بأمر غير مقدور للملتزم، بل هي أشكل منالمجعوالت التكوينية للواجب تعالى، لما مر (١) من امكان اعداد المقدمات التي

تالزم إفاضة الوجود منه تعالى، وبالجملة فمثل شرط الحكم الشرعي شرط أمر غيرمقدور، سواء كان استثناء الشرط المخالف للكتاب أم لم يكن.

وإن كان من االعتبارات الوضعية الشرعية كاعتبار الملكية والزوجية واعتباراستحقاق القريب لإلرث واستحقاق المعتق لوالء اإلرث وأشباهها فهذه االعتبارات

على قسمين، قسم منها تسبيبي يمكن التسبب بسبب من األسباب إلى حصولها،كالتسبب إلى الملكية والزوجية وحق الخيار ثبوتا وسقوطا، وقسم منها غير تسبيبي،

بل اعتبار ابتدائي من الشارع لما فيه من المصلحة، كجعل القريب وارثا، وجعل الوالءللمعتق، فهذا يشبه األحكام التكليفية فهي حيث لم تكن تسبيبية فاشتراطها أيضا

شرط أمر غير مقدور، فهو أجنبي أيضا عن اعتبار الموافقة للكتاب والسنة، بمعنىأنه ال يدور عدم نفوذه مدار اعتبار موافقة الكتاب في الشرط.

والقسم اآلخر الذي هو تسبيبي ربما يكون له سبب خاص كالطالق المتوقفعلى صفة خاصة، فاشتراطه بطور شرط النتيجة من باب ايجاد الشئ بغير سببه

الخاص وهو أيضا محال، وال يدور مدار الموافقة وعدم المخالفة للكتاب، وربما اليكون له سبب خاص، والشرط بدليله أحد األسباب من دون محذور.

وإن كان المتعلق من األعمال فعال أو تركا فهو محل الكالم من حيث المخالفةللكتاب وعدمها، وهو مورد أعمال تلك الكلية وتزاحم المصلحة والمفسدة تارة

وعدمه أخرى فنقول: ال ريب في أن عنوان الشرط كعنوان البيع واإلجارة وأشباههماليس من العناوين الحسنة عقال، وال من العناوين ذوات المصالح، لوضوح أن ما فيه

بنفسه مصلحة فال بد من وجوبه إذا كانت المصلحة لزومية، واستحبابه إذا كانت غيرلزومية، وال شبهة ألحد في أن البيع والشرط وأشباههما غير واجبة وال مستحبة، بل

مباحة، وإنما يعرضها الوجوب واالستحباب والحرمة والكراهة بعروض عنوان--------------------

(١) تعليقة ٥٣.

(١٣١)

Page 132: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عليها، وإذا لم يكن عنوان الشرط ذا مصلحة لزومية فكيف يعقل أن يكون انطباقهعلى فعل الحرام أو ترك الواجب موجبا لتزاحم المقتضيين؟! حتى يشكل األمر إذا

لم يعلم أقوائية المقتضي الواقعي من المقتضي الطارئ.وأما وجوب الوفاء بااللتزام فهو مرتب على تحقق االلتزام النافذ، والكالم في

عنوان االلتزام المنطبق على ترك الواجب وفعل الحرام، وال منافاة بين أن يكون أصلااللتزام مباحا إال أنه بعد تحققه يجب الوفاء به لما في الوفاء بالعهد من الحسن عقالوالرجحان شرعا، وأما اعتبار الملكية أو الحقية فهو وإن كان عن مصلحة لكنها في

االعتبار، ال أنها مصلحة استيفائية حتى يجب تحصيلها أو يتدارك بها مفسدة فعلالحرام مثال.

وعليه فنقول: انفاذ االلتزامات المعاملية ومنها االلتزام الشرطي حيث أنه منة منهتعالى على عباده للوصول إلى أغراضهم المعاملية فما لم يكن فيه فوات مصلحة أو

الوقوع في مفسدة فال ريب في أن انفاذه من كمال االمتنان من الكريم المنان، وأما مايتضمن فوات مصلحة أو الوقوع في مفسدة كااللتزام بفعل الحرام أو ترك الواجب مع

عدم التدارك على الفرض فهو خالف المنة عقال، فينحصر نفوذ االلتزام المعاملي فيالمباح أو فعل الواجب وترك الحرام، فإن انفاذ مثله من محض االمتنان بال محذور.ومما ذكرنا تقدر على دفع ما سيأتي إن شاء الله تعالى من الموارد المشتبهة، وأنها

إما خارجة عن محل الكالم، أو داخلة في الشرط المخالف تارة وعدمه أخرى.- قوله (قدس سره): (لكن ظاهر بعض األخبار المتقدمة... الخ) (١).

األخبار الواردة في هذا الباب كثيرة:منها: رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السالم) (في رجل تزوج امرأة وشرط

لها إنهو تزوج عليها امرأة أو هجرها أو اتخذ عليها سرية فهي طالق؟ فقضى (عليه السالم)

في ذلكأن شرط الله قبل شرطكم، فإن شاء وفى بما اشترط وإن شاء أمسكها واتخذ عليها

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٧٨ سطر ٦، وفيه ولكن (ظاهر مورد بعض..).

(١٣٢)

Page 133: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ونكح عليها) (١).منها: رواية ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السالم) قال: (قضى أمير المؤمنين (عليه

السالم) في امرأةتزوجها رجل وشرط عليها وعلى أهلها إن تزوج عليها امرأة أو هجرها أو أتى عليها

سرية فإنها طالق، فقال (عليه السالم): شرط الله قبل شرطكم إن شاء وفى بشرطه، وإنشاء

أمسك امرأته ونكح عليها وتسرى عليها وهجرها إن أتت بسبيل ذلك، قال الله تعالىفي كتابه * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع) * وقال * (أحل لكم

ما ملكتأيمانكم) * وقال * (والالتي تخافون نشوزهن... اآلية) * (٢).

وهاتان الروايتان أصرح ما في الباب في بطالن شرط األمور المذكورة وفي قبالهماما عن منصور بزرج عن العبد الصالح (عليه السالم) قال: قلت له إن رجال من مواليك

تزوج امرأةثم طلقها فبانت منه فأراد أن يراجعها فأبت عليه إال أن يجعل لله عليه أن ال يطلقها وال

يتزوج عليها فأعطاها ذلك ثم بدا له في التزويج بعد ذلك كيف يصنع؟ قال (عليهالسالم): بئس

ما صنع وما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل والنهار، قل له فليف للمرأة بشرطها، فإنرسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: المؤمنون عند شروطهم) (٣).

وما عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليه السالم) (في الرجل يقول لعبده أعتقك علىأن

أزوجك ابنتي فإن تزوجت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار، فأعتقه على ذلكوتسرى أو تزوج؟ قال: عليه شرطه) (٤).

وبمضمونه روايات كثيرة (٥)، ولألصحاب (رضوان الله عليهم) توجيهات بعيدة:منها: حمل األخبار المانعة عن شرط التسري ونحوه على أن اإلباحة فيها كما

ذكرنا سابقا بحيث ال تقبل التغير بالشرط، وهذا إنما يجدي في امتياز هذا المباح عنسائر المباحات التي ال ريب في نفوذ شرطها نصا وفتوى، ال في الجمع بين األخبار

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٣٨ من أبواب المهور، ح ١.(٢) وسائل الشيعة، باب ٢٠ من أبواب المهور، ح ٦.(٣) وسائل الشيعة، باب ٢٠ من أبواب المهور، ح ٤.(٤) وسائل الشيعة، باب ٣٧ من أبواب المهور، ح ١.

(٥) راجع باب ٢٠، ٣٨ من أبواب المهور.

Page 134: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

(١٣٣)

Page 135: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المتعارضة في خصوص التسري والتزويج.ومنها: حمل خبر الجواز على التقية مع أن خبر العتق معمول به من دون حمله

على التقية.منها: أن المنع راجع إلى شرط عدم السلطنة على التسري ونحوه، ال شرط ترك

الفعل، وهو خالف الظاهر نصا وفتوى.منها: أن المنع راجع إلى شرط الطالق على تقدير وقوع أحد األمور المزبورة، ال

شرط ترك األمور المذكورة، وهذا الحمل وإن لم يكن بعيدا عن ظاهر السؤالالمتضمن لتعليق الطالق على فعل تلك األمور إال أن قوله (عليه السالم) في الجواب

(شرط اللهقبل شرطكم) بمالحظة االستدالل باآليات ظاهر في أن شرط الله تعالى تلك األحكام

المتعلقة بالتزويج والتسري والهجر، فبقرينة المقابلة يكون الشرط المقابلشرط ترك تلك األمور الذي هو في الحقيقة تحريم من الشارط لما أحله الله تعالى، مع

أن الظاهر من حال الشارط تعلق الغرض بترك تلك األمور، وااللتزام بالطالق بمنزلةالجزاء على ترك الوفاء، ال أن الغرض انشاء الطالق المعلق، فإنه أجنبي عن مقصد

الزوجين.واالنصاف: أن رواية منصور أظهر في الجواز والنفوذ وفي تعلق االلتزام بترك

التزويج، إال أن المشهور بل ادعى االتفاق عليه بطالن الشرط المزبور، نعم خبر العتقظاهر في تعلق الشرط بدفع مائة دينار إذا تزوج على ابنة المولى لقوله (عليه السالم)

(بعدالتزويج عليه شرطه) فيعلم منه أن المشروط هو دفع المائة بعد التزويج، والله أعلم.

- قوله (قدس سره): (فإن ما دل على أنه ال يملك ولد حر... الخ) (١).الرقية والحرية وإن كانتا لبا بمعنى الملكية، وزوالها رفعا أو دفعا، ومثل الملكية

وزوالها من االعتبارات القابلة للتسبب إليهما، إال أن زوال الملكية ال يتوقف علىقابلية المحل، ولذا ال اشكال في حرية الرق بالعتق االنشائي فكذا بالشرط، وأما

الملكية فهي وإن كانت اعتبارية إال أن قبول المورد لهذا االعتبار شرط، فمجرد صحة--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٨ سطر ١٦.

(١٣٤)

Page 136: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التسبب إلى االعتبارات التسبيبية بالشرط وغيره ال يجدي إال مع احراز قابلية الموردلهذا االعتبار.

وبالجملة: مورد الكالم أمران: أحدهما ولد المزوجة، ثانيهما ولد األمة المحللة،واألخبار فيهما متعارضة، إال أن المشهور في األول انعقاده حرا إال أن يشترط رقيته،

وكذا األمر في الثاني على الظاهر، وإن كان انعقاده رقا ما لم يشترط الحرية هو الظاهرمن غالب النصوص الواردة فيه، مع أن رقية الحر ولو بعود الحر رقا بالشرط منصوص

في باب العتق كما في خبر إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السالم) (قال:سألته عن

الرجل يعتق مملوكه ويزوجه ابنته ويشترط عليه إن هو أغارها أن يرده في الرق؟قال (عليه السالم): له شرطه) (١) فمن مجموع أخبار الباب يستفاد أن رقية الحر

كحرية الرق قابلللتسبب إليها بالشرط وغيره.

- قوله (قدس سره): (ومنها: إرث المتمتع بها... الخ) (٢).الكالم فيه يقع تارة من حيث كون الشرط منافيا لمقتضى عقد االنقطاع، وأخرى

من حيث إنه شرط مخالف للكتاب، والبحث من الجهة األولى سيأتي (٣) إن شاء اللهتعالى في الشرط الخامس، وأما البحث من الجهة الثانية: فهو باعتبار ورود األخباربأن من حدود المتعة أنها ال ترثك وال ترثها فيقع الكالم في أن هذا الحكم السلبيبنحو العلية لئال يتغير بالشرط، أو بنحو االقتضاء حتى يتغير بالشرط، نعم مقتضى

النص الدال على عدم التوارث اشترطا أم لم يشترطا أن الحكم بعدم اإلرث من قبيلاألول.

وأما الكالم من حيث عدم قابلية اإلرث للشرط نظرا إلى ما قدمناه من أنه شرطأمر غير مقدور فإنه من قبيل شرط الحكم الشرعي، فمختصر القول فيه: أن الحكمباإلرث وإن كان من االعتبارات االبتدائية الغير التسبيبية فال يعقل التسبب بالشرط

إليه، إال أن مقتضى صحة والء ضمان الجريرة على ما ذكروا في ايجابه وقبوله كما--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ١٢ من أبواب العتق، ح ٣.(٢) كتاب المكاسب ٢٧٨ سطر ١٨.

(٣) تعليقة ٧٣.

(١٣٥)

Page 137: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عن المحقق الثاني (١) (رحمه الله) من أن صورة عقد الضمان أن يقول أحدالمتعاقدين: " دمك

دمي وثارك ثاري وحربك حربي وسلمك سلمي وترثني وارثك " فيقول اآلخر:" قبلت " هو قبول اعتبار اإلرث للتسبيب، لكن ظاهر أخبار ضمان الجريرة كون

اإلرثمن أحكام ضمان الجريرة، ال أنه من مقومات عقده ومتعلقاته، وتمام الكالم في

محله.- قوله (قدس سره): (ومنها: أنهم اتفقوا على جواز اشتراط الضمان... الخ) (٢).الكالم فيه تارة من حيث إن عقد العارية وعقد اإلجارة يقتضيان عدم الضمان أم ال

كما سيأتي (٣) إن شاء الله تعالى في الشرط الخامس، وأخرى من حيث إن الضمانفي

العارية هل هو مناف لما دل على أنه ال يضمن األمين؟ بأن يكون األمانة علة تامةلعدم الضمان، فيكون شرط الضمان شرطا مخالفا للسنة، أو األمانة مقتضية فال ينافي

مانعية الشرط، إال أن مقتضى النص الوارد في العارية وأنها مضمونة تارة وغيرمضمونة أخرى هو كون األمانة على وجه االقتضاء ال العلية، وهو الفارق بين العارية

واإلجارة.وأما قابلية اعتبار الضمان للتسبب إليه فال ينبغي الريب فيها، لداللة النص الوارد

في العارية على أن اتخاذ العين في العهدة صحيح، فيعلم منه قابليته لذلك، وكفىبدليل الشرط للداللة على نفوذ الشرط الذي يتسبب به إلى الضمان.

- قوله (قدس سره): (ومنها: اشتراط أن ال يخرج بالزوجة... الخ) (٤).البحث فيه أيضا تارة من حيث منافاة هذا الشرط القتضاء عقد الزواج لسلطنة

الزوج على االستمتاع بالزوجة في أي زمان ومكان أراد، فوالية االسكان له دونغيره، فالشرط المزبور المقتضي لسلطنة الزوجة على االمتناع مناف لمقتضى العقد،

وتمام الكالم في الشرط الخامس إن شاء الله تعالى.وأخرى من حيث مخالفة الشرط للكتاب والسنة نظرا إلى أن مقتضى الشرط

--------------------(١) حكاه عنه مفتاح الكرامة ٨: ٢٠٤.(٢) كتاب المكاسب ٢٧٨ سطر ٢١.

(٣) تعليقة ٧١.(٤) كتاب المكاسب ٢٧٨ سطر ٢٣.

(١٣٦)

Page 138: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المزبور إما جعل والية أمر االسكان بيد الزوجة كجعل أمر الجماع بيده فهو مخالفلما ثبت في الكتاب من (أن الرجال قوامون على النساء) (١) كما استدل به اإلمام

(عليه السالم) (٢)في قول الزوج لزوجته أمرك بيدك، وأما شرط عدم االخراج عن البلد كما هو ظاهر

مورد النص فهو مخالف لوجوب إطاعة الزوج على الزوجة، فإنها بالشرط لها االمتناععن امتثال أمره بالخروج، فحينئذ يقع الكالم في أن هذا الوجوب على نحو ال يتغير

أم ال.وأما الوجه األول فهو من قبيل شرط الحكم الذي ليس أمره بيد الشارط وإن انطبقعليه المخالفة للكتاب أيضا، إال أنك عرفت مرارا أن نفوذ الشرط وعدمه ال يدور

مدار استثناء الشرط المخالف، هذا إال أن ظاهر النص الوارد بلزوم الوفاء للزوجة بمااشترط لها من حيث عدم اخراجها إلى بلد آخر أن هذا الحكم قابل للتغير، بل يمكن

أن يقال إن وجوب إطاعة الزوج إنما هو فيما له، ومع الشرط ليس له االلزام بالخروج،فال موضوع لوجوب اإلطاعة، فافهم.

- قوله (قدس سره): (فإن لم يحصل له بنى على أصالة عدم المخالفة... الخ) (٣).توضيح الكالم وتنقيح المرام برسم أمور في المقام:

منها: أن الوجود بحسب القسمة األولية ينقسم إلى وجود في نفسه وإلى وجود الفي نفسه، والمراد باألول هو الوجود المحمولي المضاف إلى ماهية كوجود اإلنسان

ووجود البياض، فيحمل على اإلنسان أنه موجود، وكذا على البياض، والمرادبالثاني هو الوجود الرابط، وهو الوجود المتوسط بين شيئين المعبر عنه بثبوت شئلشئ، في قبال ثبوت الشئ، وهو منحصر في مفاد الهلية المركبة االيجابية في قبال

الهلية البسيطة كاالنسان موجود، فإن حقيقة مفاد تلك القضية ثبوت اإلنسان ال ثبوتشئ له.

--------------------(١) النساء، اآلية: ٣٤.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٤١ من أبواب مقدمات النكاح وشرائطه ح ٦.(٣) كتاب المكاسب ٢٧٨ سطر ٢٨.

(١٣٧)

Page 139: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

والفرق بين الوجود الرابط والثبوت المتوسط والنسبة الحكمية، أن الوجود الرابطبين الموضوع ومبدأ المحمول والنسبة الحكمية بين الموضوع ونفس المحمول،

ولذا يعم جميع القضايا والعقود سواء كانت من الهليات البسيطة أو المركبة، فإن كونهذا ذاك مفاد النسبة الحكمية، وهي موجودة في " زيد كاتب " و " زيد موجود ".

ثم إن الوجود في نفسه المعبر عنه بالوجود المحمولي ينقسم إلى وجود في نفسهلنفسه كالجوهر، وإلى وجود في نفسه لغيره كالعرض، ويسمى األول بالوجودالنفسي، والثاني بالوجود الناعتي والوجود الرابطي ال الرابط، فتوهم أن الوجودالمحمولي في قبال الوجود الناعتي فاسد، فإنه مقسم للوجود النفسي الجوهري

والوجود الناعتي الرابطي العرضي، وإنما المقابل للوجود المحمولي هو الوجود الفي نفسه المصطلح عليه بالوجود الرابط والكون المتوسط، هذا حال الوجود بحسب

القسمة األولية والثانوية.وأما العدم فحيث إنه عين الليسية والالشيئية فال يعقل أن يكون رابطا بين شيئين

ليتصور العدم الرابط، بل المعقول هو عدم الرابط، وكذا النسبة الحكمية فإنها ال تكونإال في الموجبة، وأما السالبة فليس فيها إال سلب النسبة الحكمية كما عليه

المحققون، فإن النسبة الحكمية مطابقها هوية واحدة، وهي ما به اتحاد الموضوعوعنوان المحمول، ال بما هو وجود كل منهما في نفسه، فهذا االتحاد الجزئي

المتصور بينهما تارة يذعن العقل بثبوته، وأخرى بنفيه، ال أنه هناك حالة بينالموضوع والمحمول هي عين االنتفاء والليسية.

إذا عرفت هذا فاعلم: أن مخالفة الشرط للكتاب - كما هو ظاهر األدلة - قد أخذتعلى وجه الربط، ومفاد كان الناقصة، وما يقابلها - أعني عدم المخالفة - وإن لم يكن

بنحو العدم المحمولي، فإنه بديل الوجود المحمولي دون الوجود الرابط، إال أنكحيث عرفت أن العدم الرابط غير معقول، وإنما المعقول عدم الرابط وسلب النسبة

ال النسبة السلبية، ولذا قالوا بأن السالبة المحصلة ال تحتاج إلى وجود الموضوع، بلكما يصدق سلب النسبة بانتفاء المحمول كذلك يصدق بانتفاء الموضوع، فعدم

(١٣٨)

Page 140: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مخالفة الشرط للكتاب كما يصدق مع وجود الطرفين من الشرط والكتاب كذلك مععدمهما، فال منافاة بين كون المخالفة في طرف القضية االيجابية مأخوذة بنحو

الوجود الرابط ومفاد كان الناقصة، وبين كون عدمها أعم من نفي المخالفة مع وجودالطرفين - لتكون القضية سالبة بانتفاء المحمول - ومن نفي المخالفة مع عدمها لتكون

القضية سالبة بانتفاء الموضوع.فحينئذ ال مجال لالشكال في أصالة عدم المخالفة بدعوى: أن عدم المخالفة

بنحو العدم المحمولي ليس موضوعا للحكم، بل بوجه الربط، ألن مقابل الوجودالرابط بديله ال العدم المحمولي الذي هو بديل الوجود المحمولي، فاألصل الجاري

في العدم المحمولي مثبت باإلضافة إلى العدم المقابل للوجود الرابط.وفساد هذه الدعوى ظاهر مما مر، فإنه ال حاجة إلى استصحاب العدم المحموليحتى يرد محذور األصل المثبت، بل المستصحب هو عدم الرابط ومفاد السالبة

المحصلة التي هي صادقة مع وجود الموضوع ومع عدمه، فعدم كون الشرط مخالفابعدم الطرفين معنى وعدم المخالفة معنى آخر، والثاني عدم محمولي، واألول عدمالرابط، وسلب النسبة بعد ما تبين استحالة العدم الرابط والنسبة السلبية، فتدبره فإنه

حقيق به.نعم إذا كان موضوع الحكم كون الشرط غير مخالف بنحو العدم المقابل للملكة

فالقضية قهرا موجبة معدولة المحمول، ومن البين حاجة الموجبة إلى وجودالموضوع، فال حالة سابقة متيقنة حينئذ، وعدم المخالفة إلى حال وجود الموضوع

مالزم عقال لكون الشرط غير مخالف فهو مثبت.والتحقيق: ما قدمناه من أن السالبة المحصلة وإن كانت أعم، إال أنه ليس هنا قضيةسالبة منطوقية حتى يقال بأنها أعم، وإنما يستفاد موضوعية عدم المخالفة للحكممن مفهوم قوله (عليه السالم) (من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله عز وجل فال

يجوز... الخ) (١)،ومن المقرر في محله أن المفهوم تابع للمنطوق سعة وضيقا، فالسالبة حينئذ سالبة

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٦ من أبواب الخيار، ح ١.

(١٣٩)

Page 141: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بانتفاء المحمول فقط، ومثلها ليست لها حالة سابقة متيقنة، فحينئذ ال مجال ألصالةعدم المخالفة بأي وجه لوحظ العدم، سواء لوحظ بنحو العدم المحمولي، أو العدم

المقابل للملكة، أو عدم الرابط، وسلب النسبة في فرض وجود الموضوع هذا هوالذي ينبغي أن يعتمد عليه في تحقيق حال هذا األصل.

وعن بعض أعالم العصر (١) تفصيل في أمثال المقام محصله: أن الموضوع إن كانمركبا من العرض ومحله فوجوده وعدمه وجود نعتي وعدم نعتي لمحله، وإن كان

مركبا من عرضين لمحل واحد أو من عرضين لمحلين فليس وجود أحدهما نعتالآلخر، إذ الناعتية شأن العرض بالنسبة إلى محله، وال يعقل ناعتية العرض لعرض

آخر، وال ناعتية العرض لجوهر آخر غير محله.وعليه فإن كان موضوع الحكم من قبيل األول فال يجدي في ترتيب األثر إال

وجوده النعتي أو عدمه النعتي، فاستصحاب العدم األزلي استصحاب العدمالمحمولي وال يثبت به العدم النعتي، وإن كان الموضوع من قبيل الثاني فحيث إنعدمه على الفرض محمولي ال نعتي فيجدي استصحاب عدمه األزلي المحمولي،

مثال المخالفة عرض للشرط فوجودها نعتي وعدمها نعتي، ومثله ال حالة سابقة له،وعدمها المحمولي وإن جرى فيه األصل إال أنه مثبت، وكذا القرشية للمرأة عرض

للمرأة فوجودها ناعتي وعدمها كذلك، فال يجدي استصحاب عدم االنتسابالمحمولي في اثبات العدم النعتي، بخالف التذكية وزهاق الروح فإنهما عرضان

للحيوان، وليس أحدهما عرضا لآلخر، فعدم الذبح الخاص في حال حياة الحيوانأوجره إلى حال زهاق الروح المحرز بالوجدان يجدي في ترتيب الحرمة والنجاسة،

وال موجب الحراز عدم الذبح في حال زهاق الروح، ألن أحد العرضين ليس نعتالآلخر، وال عدمه ناعتيا باإلضافة إلى زهاق الروح.

ويرد عليه أوال: أن وجود العرض وإن كان نعتا لمحله، إال أن العرض والجوهركليهما من أقسام الوجود المحمولي كما مر، ال أنه في قبال المحمولي، ألن ما هو في

--------------------(١) فوائد األصول ٢: ٥٣٠.

(١٤٠)

Page 142: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قبال المحمولي هو الوجود الرابط ال الرابطي الناعتي، وما هو مفاد كان الناقصة هوالوجود الرابط دون الناعتي الرابطي، ومفاد كان التامة وهو الوجود المحمولي جوهرا

كان أو عرضا.وثانيا: أن الناعتية المختصة باالعراض من شؤون وجود العرض، فإن الناعتية هو

الحلول في الموضوع، وهو شأن الوجود، فالعدم حيث إنه ال شئ ال يعقل له حلولفي شئ، وعدم العرض عبارة عن عدم ماهية إذا وجدت في الخارج كان في

الموضوع، ال أن عدمها في الموضوع، وهذا وسابقه من واضحات فن المعقول عندأهله.

وثالثا: أن فرض العدم المحمولي للعرض يستلزم فرض الوجود المحمولي، فإنالعدم بديل الوجود، فحصر وجود العرض في الناعت المقابل للمحمولي دون

عدمه بال وجه.ورابعا: أن معنى عدم كون العرض نعتا لعرض أو لجوهر غير محله هو عدم قيام

العرض بالعرض وعدم كون العرض عرضا ألي شئ، ال أنه يوجب أن يكون العرضباإلضافة إلى غير محله ملحوظا بنحو المحمولي، فإن الناعتية ليست في قبال

المحمولي حتى إذا استحالت الناعتية وجبت المحمولية، بل الوجود المحمولي فيقبال الوجود الرابط المتوسط، وال يختص الوجود الرابط بكون طرفيه الموضوع

وعرضه، بل مفاد كل قضية مركبة ايجابية هو ثبوت شئ لشئ، سواء كان الموضوعوالمحمول جوهرين ك " اإلنسان حيوان "، فإن مفاد القضية ثبوت حصة من الجنسللنوع، وك " زيد انسان " لتقرر حصة من االنسانية في مرتبة ذات زيد، أو عرضينك " البياض لون " أو جوهر وعرض ك " الجسم أبيض "، بل ال يختص بذلك أيضا

فيجريفي العدم والملكة كقولنا: " زيد أعمى "، بل يجري في األمور االعتبارية بالنسبة إلى

الماهية الخارجية " كزيد ممكن "، بل يجري في الموجودات الذهنية أيضا " كاالنساننوع والحيوان جنس " وأشباه ذلك، فتوهم قصر ما يقابل الوجود المحمولي وما هومفاد كان الناقصة على خصوص العرض باإلضافة إلى محله من أشنع األوهام، فتدبر

(١٤١)

Page 143: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

جيدا.وخامسا: أن العرض وإن لوحظ بنحو الرابطية الناعتية المقابلة للوجود المحمولي

عند هذا المفصل، إال أنك قد عرفت أن العدم ال رابط وال رابطي، فغاية ما يقتضيمالحظة المخالفة بنحو الربط مالحظة عدمها بنحو عدم الرابط وعدم الرابطي، ال

رابطية العدم، ورفع الرابط والرابطي يمكن ولو برفع موضوعهما.وأما ما استقر عليه رأيه من أن وجود العرض وعدمه وإن كان قابال للحاظ النعتيةوللحاظ المحمولية، إال أن البرهان يقتضي تعين لحاظ النعتية للعرض باإلضافة إلىمحله، ألن المحل إما أن يالحظ مطلقا بالنسبة إلى عرضه، أو مقيدا به أو بضده،الستحالة االهمال واقعا، واطالقه باإلضافة إلى عرضه وتقييده بضده محال، للزومالخلف في األول، والتناقض في الثاني، فيتعين لحاظه مقيدا به، وهو معنى الناعتية.

فمندفع: بأن التقييد به الزم الجزئية وتركب الموضوع من شيئين، وترتب أثر واحدعليهما، وهذا أعم مما أفيد، إذ من الممكن تركب الموضوع لألثر من المحل وعرضهكالجسم وبياضه، ومجرد إضافة وجود البياض إلى الجسم ال يخرجه عن المحمولية،

وال يدرجه في الربطية ومفاد كان الناقصة، مثال تركب الموضوع من المرأة ومنانتسابها إلى قريش يلزمه عدم االطالق، وال يلزمه لحاظ القرشية بنحو الوجود الرابط

ومفاد كان الناقصة، فالمتبع لسان الدليل ومقام االثبات، ال أن مقام ثبوت العرضمقتض للزوم مالحظته بنحو الربط مع محله، ومقام ثبوت غيره ال يقتضي ذلك، فتدبر

في أطراف ما ذكرناه في المقام فإنه من مزال األقدام.ومنها: أن شيخنا األستاذ العالمة (رفع الله مقامه) سلك في فقهه وأصوله (١) مسلكامخصوصا لتصحيح األصل المزبور وأمثاله، مع االعتراف بأن مفاده العدم المحمولي

دون العدم الربطي، ومفاد ليس التامة دون ليس الناقصة.وتقريبه: أن العام أو المطلق الذي استثنى منه عنوان ربطي - حيث إنه غير معنون

بعنوان وجودي وال عدمي، ال من حيث نفسه، وال من قبل االستثناء كما بنى عليه--------------------

(١) كفاية األصول ٢٢٣ - مؤسسة آل البيت.

(١٤٢)

Page 144: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

في محله - يمكن نفي حكم الخاص عنه، ال بنفي موضوعه باألصل، ليقال بأن العدمالرابط ليس له حالة سابقة، والعدم المحمولي مثبت، بل بمضادة حكم العام لحكم

الخاص، نظرا إلى أن العام محكوم بحكمه بأي عنوان كان، إال العنوان الخارج، ومنالعناوين الباقية تحت العام المبائنة لعنوان الخاص كل شرط ال مخالفة له مع الكتاب،أو كل امرأة ال انتساب لها إلى قريش، وهذا العدم الذي هو إحدى عناوين العام قابل

لالحراز باألصل، فيثبت له حكم العام، ولعدم مجامعة هذا العنوان لعنوان الخاصينفي حكم الخاص عنه بالمضادة.

وقد ذكرنا في األصول (١) بأن معنى كون العام محكوما بحكمه بأي عنوان كان هوعدم دخل عنوان من العناوين وجودا أو عدما في ثبوت الحكم للعام وللمطلق،

وليست الال بشرطية جمعا بين القيود، بل رفضا للقيود وجودا وعدما، فليس العنوانالمزبور دخيال في حكم العام ولو بنحو جزء الموضوع، حتى يكون له أثر يصححالتعبد به، ولذا التجئنا إلى اصالحه بوجه آخر وهو أن حكم العام حيث إنه حكم

فعلي تام الحكمية ال حكم طبعي من حيث نفسه - فال محالة يدل بااللتزام على أنهليس ألفراده عنوان مناف له بحكمه، والمخصص يثبت منافاة عنوان الخاص فقط

فتبقى سائر العناوين تحت المدلول االلتزامي المنفي عنه ما عدا حكم العام،واألصل المزبور يثبت أحد العناوين المبائنة لعنوان الخاص، والمفروض أنه منفيعنه ما عدا حكم العام، فينفي حكم الخاص بالمناقضة، ال بالمضادة بااللتزام، ال

بالمطابقة، إال أن هذا النفي المدلول عليه بااللتزام الزم عقلي لكل حكم يثبتلموضوع، ال أنه مدلول التزامي عرفي بحيث إن الشارع جعل حكما ايجابيابالمطابقة وحكما سلبيا بااللتزام حتى يكون قابال للتعبد به باألصل، فتدبر.

ومنها: أنه ذكر المصنف (قدس سره) أن مرجع هذا األصل إلى أصالة عدم ثبوت هذاالحكم

على وجه ال يقبل تغيره بالشرط، وحملت هذه العبارة تارة على بطالن األصلالسابق، فعدل عنه إلى هذا األصل، وأخرى على أن األصل السابق محكوم بهذا

--------------------(١) نهاية الدراية ٢: ٤٦٠ - مؤسسة آل البيت.

(١٤٣)

Page 145: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

األصل، ألن الشك في مخالفة الشرط ناش عن الشك في كون الحكم بحيث يتغير،حتى ال يكون الشرط مخالفا، أو بحيث ال يقبل التغير، حتى يكون مخالفا، وكال

الوجهين بعيد عن عنوان رجوع أصل إلى أصل كما ال يخفى، مع أن المخالفةوعدمها غير مترتبين شرعا على نحوي الحكم الثابت، وال هما قابالن للتعبد بهما

بنفسهما، ألنهما من غير سنخ المجعوالت التشريعية.والتحقيق: أن المراد من الرجوع أن األصل السابق عبارة أخرى عن األصل

الالحق، فإن نفي كل عنوان منتزع عن شئ تارة بنفي مبدأ العنوان، وأخرى بنفياالنتساب المقوم لعنوانية العنوان، وثالثة بنفي المعنون، ومآل الكل إلى أمر واحد،

وهي نفي العنوان، فنفي عنوان المخالف المنتزع عن مقام ذات الشرط وحكمالكتاب تارة بعدم المخالفة، وأخرى بعدم الحكم المخالف، أي عدم الحكم الذي ال

يتغير.نعم إن أريد أصالة عدم ثبوت هذا الحكم على وجه ال يتغير فمرجع األصل إلىعدم حيثية عدم قبوله للتغير، وإال فذات الحكم الشخصي قد انقلب عدمها إلى

الوجود، وحينئذ ال فرق في االشكال المتقدم بين أصالة عدم المخالفة وأصالة عدمحيثية عدم قبوله للتغير بنحو العدم المحمولي.

وإن أريد أصالة عدم الحكم المخالف على وجه الكلية فهو ال يجدي في كون هذاالحكم الكتابي مخالفا أو غير مخالف، فهو نظير أصالة عدم الكر في الحوض فإنه ال

يجدي في كون الماء الموجود غير كر، إال أن يقال إن الموارد تختلف من حيثاختالف اآلثار، فإن انفعال الماء الموجود بالمالقاة من آثار عدم كريته، ال من آثارعدم الكر في الحوض، بخالف صحة الشرط فإنه يكفي فيها عدم حكم على خالفه

في الكتاب، وإن لم يعلم حال هذا الحكم الموجود، فتدبر.وقد يورد على هذا األصل بأن غاية مقتضاه عدم مخالفة الكتاب للشرط، مع أن

موضوع الصحة عدم كون الشرط مخالفا للكتاب، واثبات أحد المتالزمين باآلخرونفي أحدهما بنفي اآلخر من األصل المثبت.

(١٤٤)

Page 146: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

والجواب عنه أما أوال: فبما بنى عليه شيخنا األستاذ (قدس سره) في األصول (١) منأن

المتالزمين إذا كانا عنوانين متضائفين فهما كالواحد الذي له وجهان في نظر العرف،فالتعبد بأحدهما تعبد باآلخر عرفا، ال أن التعبد بأحدهما يستلزم التعبد باآلخر

عقال، حتى يقال بأنه ال مالزمة بين التعبدين عقال، بل بين واقعهما، وعليه فالتعبدبعدم مخالفة الكتاب للشرط تعبد بعدم مخالفة الشرط للكتاب، فإن المخالفتين من

المتضائفين باإلضافة المتشابهة األطراف كاألخوة والجوار.وأما ثانيا: فبأن الشرط المخالف عبارة عن االلتزام بترك التسري الذي له إباحة

مطلقة غير قابلة للتغير، والشرط الذي ال يخالف عبارة عن االلتزام بترك ما ليس لهإباحة مطلقة، فكون الملتزم بتركه مباحا باإلباحة المطلقة، أو مباحا ال باإلباحة

المطلقة مصحح النتزاع عنواني المخالفة من الشرط والكتاب، وهو أمر واحد مسبوقبالعدم، فالشرط محرز بالوجدان وعدم إباحة متعلقه إباحة مطلقة محرز بالتعبد، فهونظير تكون شخص من نطفة شخص، فإن هذا الواحد مصحح النتزاع األبوة والبنوة.

وعليه فالمستصحب عدم الحكم الكذائي الذي هو جزء موضوع الصحيح، العنوان المخالف القائم به المضائف لعنوان المخالف القائم بالشرط.

وأما توهم: التعارض بين أصالة عدم الحكم على وجه ال يتغير وأصالة عدم الحكمعلى وجه يتغير.

فمندفع: بأنه ال حاجة في نفي فساد الشرط إال إلى نفي موضوعه، ال إلى اثبات أنهموافق للحكم الذي يتغير، حتى يكون منفيا بأصالة عدم الحكم على وجه يتغير،

فتدبر جيدا.- قوله (قدس سره): (ثم إن بعض مشايخنا المعاصرين بعد ما خص... الخ) (٢).

هو الفاضل النراقي (قدس سره) عن عوائده (٣)، ومطلبه (قدس سره) مؤلف من أمرين:أحدهما: أن الشرط المخالف منحصر فيما إذا كان الملتزم به حكما مخالفا لما ثبت

--------------------(١) كفاية األصول ٤١٦ - مؤسسة آل البيت.

(٢) كتاب المكاسب ٢٧٨ سطر ٣٤.(٣) عوائد األيام ١٤٤.

(١٤٥)

Page 147: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

في الكتاب، فإن كون أمر المرأة بيدها (١) هو المخالف لكون أمرها بيد الزوج،والوالء

لغير من أعتق هو المخالف لكونه لمن أعتق وهكذا، وأما شرط عدم التصرف أو عدمالتسري فليس مخالفا، بمعنى كونه معارضا لما ثبت في الكتاب، وإن كان مخالفا

بمعنى كونه معصية للوجوب والحرمة الثابتين في الكتاب فيما إذا اشترط تركالواجب أو فعل الحرام، وسيجئ (٢) إن شاء الله تعالى كما تقدم (٣) مرارا أن شرط

الحكم شرط أمر غير مقدور.ثانيهما: أنه بناء على االختصاص المذكور يقع التعارض بين الدليل المثبت للحرمة

أو الوجوب ودليل نفوذ الشرط مطلقا، فال بد من أعمال قواعد التعارض، وال يخفىعليك أنه بعد البناء على عدم مخالفة شرط الفعل والترك للكتاب فال مناص من

أعمال قواعد التعارض مع اطالق دليل الحكم، كما ال مناص من األخذ بدليل الشرطمع اهمال دليل الحكم، فإنه ال يعمه االستثناء المخصص للشرط بما عدا المخالف

واقعا، حتى ال يتمسك بعموم دليل الشرط، كما ال تصل النوبة إلى األصل في صورةالشك، فال موقع ألعمال األصل في صورة الشك، الهمال دليل الحكم، كما ال موقعللحكومة إال إذا كان موضوع دليل الحكم ملحوظا بنحو التجرد وبشرط ال، وأنى لنا

بمثله، فما أفاده (قدس سره) من الكلية إنما يجدي في مقام الثبوت ال في مقام االثباتالمنحصر بحسب المتعارف في صورتي االطالق واالهمال.

نعم الذي يرد على الفاضل النراقي (قدس سره) أن ما ذكره من التعارض يختصبالواجبات

والمحرمات، وال يعم اإلباحات التي هي ال اقتضاء، بل ال يعم المستحباتوالمكروهات التي هي أيضا باإلضافة إلى الحيثية المقتضية للوجوب بالشرط ال

اقتضاء، فكما ال يعقل فيها التزاحم في مقام الثبوت كذلك ال يعقل التعارض في مقاماالثبات، الستحالة االطالق كما عرفته سابقا (٤) مفصال.

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (بيده).

(٢) تعليقة ٧٢، ٧٣.(٣) تعليقة ٥٧، عند قوله (والتحقيق أن الكلية التي...).

(٤) التعليقة السابقة.

(١٤٦)

Page 148: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

- قوله (قدس سره): (ثم إنه يشكل األمر في االستثناء... الخ) (١).محصله: أن االستثناء في طرف المحلل للحرام محتاج إليه، وفي طرف المحرم

للحالل مستغنى عنه، فيكون بال فائدة.أما األول فألن اطالق أدلة المحرمات يقتضي كون الحكم فعليا تام الحكمية اليتغير بالشرط ونحوه، فيعارض ما دل على نفوذ الشرط مطلقا، واالستثناء رافعللمعارضة، ويخصص الشرط النافذ بغير ما له حكم فعلي، فاالستثناء يفيد هذه

الفائدة.وأما الثاني فأدلة المباحات بما هي مباحات جميعا ثبوتا واثباتا ال اقتضاء، وعليه

فالشرط بالنسبة إلى مثلها نافذ بال مزاحم وال معارض، فال فائدة لالستثناء بالنسبةإليها.

وأما ما دل على عدم نفوذ شرط التسري ونحوه - مما يستكشف كون اإلباحةلحكمة في نفسها ال تزول - فهو المخصص لعموم دليل الشرط لنصوصيته، ولو لميكن استثناء الشرط المخالف فال فائدة لالستثناء ال باإلضافة إلى اإلباحات المتعارفةالثابتة بأدلتها العامة، وال باإلضافة إلى اإلباحة الغير المتعارفة الثابتة بدليل خاص، إال

أن يقال إن فائدة االستثناء مجرد التنبيه على أن الحالل على قسمين، فلذا صحاستثناء الشرط المتعلق بأحد قسميه.

وما ذكرنا من البيان أولى مما ذكره في نتيجة االشكال من أن الرواية تخرج عنكونها ضابطة الشروط عند الشك، لوضوح أن الحكم إذا كان مشكوك الحال من

حيث القبول للتغير بالشرط وعدمه ال يكون االستثناء ضابطة يستعلم بها حالالمشكوك.

- قوله (قدس سره): (وربما قيل في توجيه الرواية وتوضيح معناها... الخ) (٢).القائل هو الفاضل النراقي (قدس سره) (٣) وتوضيح المقام: أن تحريم الحالل وتحليل

الحرام--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٧٩ سطر ١٨.(٢) كتاب المكاسب ٢٨٠ سطر ٥.

(٣) عوائد األيام ١٤٨.

(١٤٧)

Page 149: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قد فسر بوجوه:أحدها: أن التحريم والتحليل المستندين إلى الشرط إنما هو بلحاظ حكمه، وهو

وجوب الوفاء، فالشرط بحكمه محرم للحالل ومحلل للحرام، فإن الشرط إذا تعلقبترك المباح فايجاب الوفاء به مرجعه إلى طلب تركه وهو التحريم، وإذا تعلق بفعلالحرام فايجاب الوفاء به طلب فعل الحرام، وهو مساوق لتحليله، فالمحرم والمحللهو الشارع بايجابه الوفاء دون الشارط وشرطه، مع أن الظاهر أن الشرط حيث إنه

محلل ومحرم فال يجب الوفاء به، ال أنه من حيث فرض وجوب الوفاء به محللومحرم، فال يصير المفروض محققا.

ثانيها: ما اختاره الفاضل النراقي (قدس سره) من أن التحريم والتحليل بلحاظ متعلقالشرط،

وهو الملتزم به، فااللتزام بحرمة الحالل محرم للحالل، وااللتزام بحلية الحرام محللللحرام، نظرا إلى أن فاعل حرم وأحل في قوله (عليه السالم) (إال شرطا حرم حالال أو

أحلحراما) (١) هو الشرط، وال يتحقق ذلك إال باشتراط حرمة الحالل وحلية الحرام، وأما

اشتراط ترك الحالل مثال فهو شرط ترك التصرف، وال تحريم للشرط إال إذا أنفذهالشارع، وحينئذ فالمحرم هو الشارع دون الشرط.

وأورد عليه في المتن بوجهين:أحدهما: أن الحكم الشرعي أمره بيد الشارع وليس مقدورا للشارط، فال يدخل

تحت الجعل حتى يلتزم به.وثانيهما: أن استثناء الشرط المحلل والمحرم من الشرط الذي يجب الوفاء به،

والحلية التي التزم بها المشترط كالحرمة ليست من مقولة الفعل حتى تكون قابالللوفاء، خصوصا للمشترط، فإنها وإن كانت من أفعال الشارع ولو بنحو التسبيب بما

يتحقق معه الحل والحرمة، إال أنه ليست الحلية والحرمة بهذا االعتبار أيضا فعالللمشترط، ألن مبادئهما التسبيبية بيد الشارع.

ويندفع الثاني: بأن الوفاء كما سيجئ إن شاء الله تعالى ال يختص بشرط الفعل، بل--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٦ من أبواب الخيار، ح ٥.

(١٤٨)

Page 150: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يتحقق في شرط النتيجة أيضا، فااللتزام بالحلية كااللتزام بالملكية في قبولهما للوفاءبابقائهما على حالهما وعدم هدمهما ونقضهما.

وربما يورد على األول: بامكان تعلق الشرط بالحكم كما في شرط الوالء لغير منأعتق، حيث قال (صلى الله عليه وآله): (ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في

كتاب الله) (١) وكما فيشرط اإلرث حيث أطلق عليه الشرط، وكما في شرط الضمان في العارية.

ويندفع: بأن الحكم التكليفي والوضعي االعتباري الذي هو غير تسبيبي كاعتبارالوالء واإلرث حيث إن مبادئ وجودها بيد الشارع الجاعل لها فهي ال تتحقق إال

بتلك المبادئ، ويستحيل تحققها بالشرط.وأما امكان تعلق القصد المقوم لاللتزام الجدي به وامتناعه فهو أمر آخر، فإن كان

الشارط عاقال ملتفتا إلى ذلك فال يتمشى منه االلتزام الجدي، وإن كان غافال يتوجهمنه االلتزام القصدي، إال أن المقصود يستحيل تحققه، فإنه له مباد خاصة ال يمكنتحققه إال بها، فيستحيل تحققه بالشرط، وإن كان مقصودا جديا للغافل، فاطالق

الشرط حقيقة عليه ال ينافي استحالة وقوع متعلقه، وعليه فاستحالة وقوعه مغنية عنابطاله بقوله (عليه السالم) (إال شرطا حرم حالال وأحل حراما) (٢).

وأما الضمان فهو كما مر أمر اعتباري قابل للتسبب إليه، فال موقع للنقض به، ومثلهشرط النتيجة فإنها مقدورة بالقدرة على سببها فال نقض به أيضا، فتدبر جيدا.

ثالثها: ما عن المصنف (قدس سره) وهو أن المراد بالحلية والحرمة مجرد الترخيصوالمنع،

بيانه: أن الشارط حيث إنه التزم بترك التسري مثال فهو بالتزامه حرم نفسه عنالتسري، وحيث إنه التزم بشرب الخمر رخص نفسه في شربه، فهو حرمان ورخصة

من الشارط في قبال الترخيص والتحريم من الشارع، فهو بالتزامه حرم حالل اللهوأحل حرامه تعالى، واستنادهما إلى الشارط يجامع استناده إلى الشرط، كما في كل

فعل آلي يوجد بآلة، فإنه ينسب إلى الموجد وإلى آلة ايجاده كما هو واضح من--------------------

(١) مستدرك الوسائل ١٣: ٣٠٠، باب ٥ ح ١٥٤١٩.(٢) وسائل الشيعة، باب ٦ من أبواب الخيار، ح ٥.

(١٤٩)

Page 151: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

االطالقات اآلتية.والشاهد على صحة هذا المعنى المستند إلى الشارط دون الشارع ما ورد في باب

الحلف على ترك الشراب الحالل بقوله (عليه السالم) (ليس لك أن تحرم ما أحل الله)(١)

مستشهدا تارة بقوله تعالى * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) * (٢) وأخرىبقوله تعالى

* (وال تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) * (٣) بل التحريم المستند إلى النبي (صلى اللهعليه وآله) أيضا لم يكن

إال بحلفه على ترك شرب العسل أو ترك مقاربة مارية، ال شرط حرمتها شرعا عليه،وعلى هذا المنوال قوله تعالى * (إال ما حرم إسرائيل على نفسه) * (٤) وقوله تعالى *

(يحلونهعاما ويحرمونه... إلى آخر اآلية) * (٥) بل الحرمة ربما تطلق على مطلق الحرمان ولو

فيالتكوينيات كما في قوله تعالى * (وحرام على أهل قرية) * (٦) وقوله تعالى * (إن الله

حرمهماعلى الكافرين) * (٧) إلى غير ذلك.

واالنصاف: أن هذا الوجه مع وجاهته في نفسه ومع موافقته لموارد اطالقاته أظهرمن المعنى الثاني، فإن االلتزام بحرمة شئ شرعا في نفسه ليس محرما شرعا، بلسببية االلتزام بالحرمة شرعا للحرمة شرعا إنما هي بلحاظ نفوذه المحقق للحرمة

الشرعية، مع أن الظاهر أن الشرط حيث إنه محرم للحالل ال ينفذ، ال أنه حيث إنهعلى تقدير نفوذه محرم فال ينفذ، بخالف هذا الوجه فإن الشرط بنفسه ما به يحرمالشارط مع قطع النظر عن نفوذه، فهذا الوجه أوجه الوجوه إال أن الزمه عدم صحة

كل شرط يتعلق بالمباح فعال أو تركا، وما أفاده المصنف (قدس سره) من تعقل قسمينللحلية

يجدي في معقولية مقام الثبوت، ال في مقام االثبات كما مر الوجه فيه سابقا (٨).وأحسن ما قيل في المقام: هو أن متعلق الشرط تارة يكون مباحا قبل العقد

والشرط، وبالشرط يكون حراما، وهو من تحريم الحالل كشرط ترك التسري والتزويج--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ١٨ من أبواب مقدمات الطالق وشرائطه، ح ٢.(٢) التحريم، اآلية ١.

(٣) المائدة، اآلية ٨٧.(٤) آل عمران، اآلية ٩٣.

(٥) التوبة، اآلية ٣٧.

Page 152: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

(٦) األنبياء، اآلية ٩٥.(٧) األعراف، اآلية ٥٠.

(٨) تعليقة ٦٤.

(١٥٠)

Page 153: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فإنهما مباحان قبل العقد على المرأة المشروط لها فيكون شرط تركهما محرماللحالل، وأخرى ال يكون مباحا للشارط إال بالعقد فإذا كان العقد متضمنا لشرط تركه

لم يثبت حالل حتى يكون محرما بالشرط، بل في الحقيقة وقع ما هو غير حاللبالعقد فعال، كاشتراط عدم اخراج الزوجة من البلد، فإن اخراجها من البلد قبل عقد

الزواج لم يكن حالال للزوج وال له سلطان عليها، وإنما يحل له اخراجها بالعقدويكون له السلطان عليها به، فإذا انعقد العقد مشروطا بعدم االخراج لم يثبت سلطنة

له على االخراج، وال حل له بعقده اخراج حتى يحرمه شئ.وكذا البيع بشرط أن ال يبيع وال يهب كما وردت النصوص به في الجارية المبيعة

المشترط على المشتري عدم بيعها وهبتها فإن جوازهما إنما هو بالعقد ال قبله، ومعالعقد المشروط ال جواز وال سلطنة حتى يكون الشرط رافعا لهما، بل دافع عن

تحققهما، وأين هو من تحريم الحالل؟! وكذا شرط عدم الوطئ في ضمن عقد المتعةأو مطلقا، فإن جوازه وسلطنة الزوج على هذا االنتفاع الخاص بالعقد ال قبله، فلم

يتحقق له بالعقد المشروط إال سلطنة مقصورة على سائر التصرفات.وأما ما أورده عليه الفاضل النراقي (قدس سره) في عوائده (بأنه يوجب التفرقة بين

اشتراطسكنى البائع في دار باعها في مدة معينة وبين اشتراط سكناه في دار أخرى للمشتري

غير تلك الدار في تلك المدة، وجواز األول وعدم جواز الثاني وهو ليس كذلك، وكذاالفرق بين اشتراط عدم االنتفاع مدة بالمبيع وبين عدم االنتفاع بغيره مما هو من مال

البائع أو المشتري وال وجه له) (١) انتهى.ففيه: أما شرط السكنى فقد عرفت حال شرط سكنى الدار المبيعة، وأما شرط

سكنى دار أخرى للمشتري فليس من تحريم الحالل أيضا، ألن مرجعه إلى شرطالنتيجة وهي ملكية منفعة تلك الدار بالشرط، وحرمة السكنى على المالك من جهةخروجه عن ملكه بالشرط، وال منافاة بين حلية التصرف في الملك وحرمة التصرف

في غيره، فالشرط غير محرم للحالل على المشتري، بل مخرج له عن موضوعه.--------------------

(١) عوائد األيام ١٤٧.

(١٥١)

Page 154: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأما شرط عدم االنتفاع بالمبيع أو بمال آخر فاألول يوجب دخول المبيع فيملكه مسلوب المنفعة إلى مدة فال موضوع للحلية، والثاني تحريم للحالل لكونه

أجنبيا عن البيع، وليس مرجعه إلى تملك ذلك المال بالشرط ليكون من شرطالنتيجة، فال مانع من القول بعدم نفوذ الشرط فيه.

وأما التحليل والتحريم في باب الحلف فإن قلنا بأن مورده ما كان فيه رجحان ديناأو دنيويا - كما في صريح النص فيفارق النذر باختصاصه باألول فقط كما عن جماعة

من األعالم - فاألمر هين، ألنه يتمحض تحريم الحالل فيما ليس فيه فائدة دينية والدنيوية، وعليه فعدم انعقاد الحلف على ترك التسري والتزويج ألن خالفه راجح، وال

ينعقد الحلف على ترك الراجح، ال أنه تحريم للحالل بهذا العنوان.وإن قلنا بأن مورده أعم فينعقد على المباح الذي يتساوى طرفاه كما هو ظاهر

المشهور، وجملة من النصوص فال بد من تأويل التحريم والتحليل بحمل الحاللالمحلوف على تركه على ما كان فيه رجحان ولو دنيويا، فالحلف على تركه ال ينعقد

كما في الجواهر (١) إال أنه ال يخلو عن تكلف.- قوله (قدس سره): (وللنظر في مواضع من كالمه مجال... الخ) (٢).

منها: أن االلتزام بالمذكورات في صدر كالمه ليس حراما ذاتا وال تشريعا، واألولواضح إذ ال دليل عليه ال عقال وال نقال، والثاني خالف الفرض هنا، إذ ليس التزامه

بعنوان االسناد إلى الشارع ليكون تشريعا، وما في ذيل رواية إسحاق بن عمار (٣) مناالستثناء ال يدل على حرمة تحليل الحرام أو تحريم الحالل بشرطه، بل على عدم

نفوذ الشرط المحرم والمحلل أو عدم وجوب الوفاء به.منها: أن الفرق بين الشرط وبين النذر وشبهه - وهو الحلف - بالرخصة شرعا في

الثاني فال يحرم النذر والحلف، وعدم الرخصة في األول فيحرم الشرط بال فارق معاستثناء المحرم والمحلل في باب الحلف أيضا.

--------------------(١) جواهر الكالم ٣٥: ٢٧٧.

(٢) كتاب المكاسب ٢٨١ سطر ٣.(٣) وسائل الشيعة، باب ٦ من أبواب الخيار، ح ٥.

(١٥٢)

Page 155: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

منها: أن حمل التحريم للحالل والتحليل للحرام على االلتزام على وجه الكليةوالعموم، نظرا إلى أن الحرام شرعا والحالل شرعا هو الكلي ابتداء دون الفرد فيه

محذور من وجهين:أحدهما: أن قضية حرمة شرب الخمر مثال وإن كانت بنحو القضية الحقيقة إال أن

مجرد ذلك ال يوجب عدم تعلق الحكم الحقيقي بموضوعاته الفعلية في الخارج، بلفي الحقيقة أحكام حقيقة متعلقة بموضوعات محققة الوجود ومقدرة الوجود،

فااللتزام بشرب هذا الخمر تحليل للحرام الحقيقي، ال الحرام العرضي.وثانيهما: أن قصر التحليل والتحريم على كلي الحرام وكلي الحالل مخالف لما هوالمسلم عند الكل، حيث إنهم مثلوا للصلح المحرم للحالل بما إذا صالح على أن اليطأ حليلته، وأن ال ينتفع بماله، وال فرق عند الكل أيضا في ترك التسري والتزويج

بين تركهما المطلق وترك التسري بشخص خاص، بل ظاهر النصوص في باب اليمينعدم الفرق بين الكلي والجزئي، كما إذا حلف على أن ال يكلم أباه أو أمه وأخاه إلى

غير ذلك.الشرط الخامس: أن ال يكون منافيا لمقتضى العقد

- قوله (قدس سره): (أن ال يكون منافيا لمقتضى العقد... الخ) (١).تفصيل القول فيه: أن مقتضى العقد تارة بمعنى مضمونه الحقيقي وما يتقوم به

ومن علل قوامه، وأخرى يراد منه ما هو من لوازمه وأحكامه، ففي الحقيقة هو أثرالمقتضي بالمعنى األول، والالزم إما مفارق أو غير مفارق، والالزم الذي هو كالمقوم

مبالغة في عدم االنفكاك، وإال فال يعقل أن يكون الخارج عن حقيقة الشئ مقومايأتلف منه الشئ.

ثم إن منافي الزم العقد تارة يكون حكما منافيا لحكم العقد، وأخرى موضوعاينافي حكم العقد بحكمه ال بذاته كشرط عدم التصرف المنافي بنفوذه للسلطنة على

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨١ سطر ٣.

(١٥٣)

Page 156: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التصرف الثابتة بالعقد فنقول:أما شرط عدم المقوم كما إذا شرط عدم الثمن في البيع فتارة يكون المنافي

مقصودا في عرض قصد البيع مثال، وحيث إن قصد المتنافيين جدا من العاقل الشاعرمحال فال يعقل تحقق البيع والشرط معا، وأخرى يقصد المنافي بعد قصد ما ينافيه،بأن قصد البيع حقيقة أوال ثم بدا له أن يعقبه بعدم العوض له، وهو على قسمين إما

مع البقاء على ما قصده أوال، وإما مع رفع اليد عنه حيث إن أمر االيجاب قبل تماميةالعقد بيده، فإن كان مع البقاء على قصده فنفس قصد المنافي محال، ألن المنافي اليقع بعد وقوع ما ينافيه، فقصده بعد قصد ما ينافيه محال، فال يعقل تحقق الشرط،

وأما العقد فال مانع منه عقال وال نقال.وإن كان مع رفع اليد عن االيجاب فهو أيضا على طورين: فتارة برفع اليد عن

االيجاب كلية فالشرط لغو، إذ ال معنى لاللتزام بعدم العوض مع أنه ال شئ حتىيكون له عوض أو بال عوض، وأخرى برفع اليد عن خصوصية االيجاب وحيثية

العوضية فقط فهو وإن قصد التمليك بعوض إال أنه رفع اليد عن خصوص العوضيةوأتمه تمليكا بال عوض، فكان بيعا حدوثا وهبة بقاء وتتميما، وليس فيه استحالة،

إنما المحذور في انعقاده هبة شرعا بعد حدوثه بيعا، وفي انعقاد الهبة باأللفاظالمجازية، وهو قوله " بعت " مريدا به الهبة إما ابتداء أو في األثناء، هذا كله باإلضافة

إلى الملتفت إلى االستحالة.وأما الغافل عن وجوه االستحالة فإذا قصد المتنافيين في عرض واحد ففرض

التنافي فرض استحالة وقوعهما وإن تمشي منه القصد لغفلة الموجب، وإذا قصدالمنافي بعد وقوع المنافي فالقصد وإن لم يكن مستحيال إال أن استحالة وقوعالمنافي بعد وقوع منافيه تابعة للواقع، وحيث إنه غافل عن االستحالة فال موقع

لفرض رفع اليد عن االيجاب كلية أو من جهة خاصة إال بنوع من االتفاق، وعليهفحكمه ما قدمناه.

هذا هو الذي ينبغي أن يقال في هذا المجال، ولألصحاب (رضوان الله عليهم)

(١٥٤)

Page 157: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وجوه في بطالن هذا الشرط:أحدها: ما عن المصنف العالمة (رفع الله مقامه) وهو أن نفوذ العقد والشرط ملزوملوجوب الوفاء، وحيث إن الوفاء بالمتنافين مستحيل فيستحيل ايجابه، فال بد إما من

الحكم بتساقطهما وعدم وجوب الوفاء بهما لعدم المرجح، أو الحكم بوجوب الوفاءبالعقد دون الشرط، ألن العقد مقصود بالذات والشرط تابع، فكأنه مرجح لجانب

العقد.وفيه أوال: أن استحالة القصد الجدي يمنع عن وصول النوبة إلى استحالة الوفاء.

وثانيا: إنما يصح ذلك في ما إذا قصدهما معا، وأما إذا قصد الشرط بعد قصد العقدفال يتردد أمر الوفاء بينهما، بل ينبغي القول بالوفاء بالعقد فقط وطرح الشرط أو

طرحهما أو اصالحهما معا على تفصيل قد عرفته.وأما توهم: أن هذا الدليل أخص من المدعى، لعدم التناقض إال في شرط عدم

المقوم، وال يجري في شرط عدم الالزم.فمندفع: بأن التفكيك بين الملزوم والالزم الغير المفارق أيضا محال، وليس أمر

الالزم الغير المفارق بأوضح من أمر المقوم، ليقال بأنه إذا علم أن الالزم غير مفارقفعدم نفوذ اشتراط عدمه ال يحتاج إلى الدليل.

ثانيها: ما عن المصنف (قدس سره) أيضا من أن الشرط المنافي مخالف للكتاب والسنةفال

ينفذ.والجواب أوال: ما عرفت من عدم وصول النوبة إلى مانعية المخالفة للكتاب مع

فرض االستحالة عقال.وثانيا: أن عنوان المخالفة للكتاب والسنة يناسب اشتراط عدم الالزم، ال اشتراط

عدم المقوم، إذ ما هو من شأن الكتاب اثبات اللوازم واألحكام، وإال فحقيقة البيعليست من المجعوالت التشريعية، بل موضوع للمجعوالت التشريعية.

ثالثها: ما عن الفاضل النراقي (قدس سره) في عوائده (١) بالنسبة إلى شرط عدمالمقوم، وهو

--------------------(١) عوائد األيام ١٥١.

(١٥٥)

Page 158: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أن الشرط المنافي لمقتضى العقد يستلزم فساد العقد، لفرض التنافي وعدم ترتبمقتضى العقد عليه، وهو معنى فساده، وفساد العقد يستلزم فساد الشرط، ألن

الشرط الذي يجب الوفاء به ما كان في ضمن عقد صحيح.والجواب أما أوال: أن التكلم في الصحة والفساد بعد الفراغ عن المعقولية، وقدعرفت عدم معقولية وقوع العقد والشرط معا تارة، وعدم معقولية وقوع الشرط

أخرى، ولغويتهما معا ثالثة، وعدم اللغوية رابعة، فراجع (١).وثانيا: أن االستناد في فساد الشرط إلى فساد العقد مبني على توقف صحة الشرط

على كونه في ضمن عقد صحيح، مع أنا لو قلنا بصحة الشرط االبتدائي أيضا لما كانمجال لتصحيح الشرط، كيف؟ وقد مر أن اشتراط عدم العوض مثال ال يستقل

بالتحصل فراجع (٢).رابعها: ما عن بعض األجلة (رحمه الله) من أن وجود الشرط يستلزم عدم المشروط،

لفرضالتنافي، وعدم المشروط يستلزم عدم الشرط، ألنه التزام ضمني، وما يلزم من

وجوده عدمه فهو محال.والجواب: أن مقتضى هذا البيان أن وجود الشرط المنافي محال، فالعقد صحيح،

ألنه يستحيل وجود المانع عن تحققه، فضال عن صحته، مع إنك قد عرفت أنقصدهما معا محال، ووقوعهما معا في مرتبة واحدة محال، فهما متالزمان في

االستحالة، ال أن وجود الشرط مستلزم لعدم المشروط، كما أنه إن قصد الشرط بعدقصد العقد فوجود الشرط هو بنفسه محال، ألن المنافي ال يقع بعد وقوع منافيه، فال

يستلزم عدم المشروط، كما أنه مع رفع اليد عن االيجاب ينهدم االيجاب برفع اليدعنه، حيث إن أمره بيد الموجب، ال أن وجود الشرط يستلزم هدمه ونقضه.مع أن هذا البيان مبني على أن الشرط بذاته التزام ضمني، فلذا ينعدم الشرط

بانعدام المشروط، والحال أنا لو قلنا بأن الشرط مطلق االلتزام لما كان لاللتزام بعدعدم المشروط هنا مجال، لما مر من عدم استقالله بالتحصل، فالصحيح ما قدمناه.

--------------------(١) ما تقدم في نفس التعليقة.(٢) ما تقدم في نفس التعليقة.

(١٥٦)

Page 159: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

- قوله (قدس سره): (منها: اشتراط عدم البيع... الخ) (١).فإنه بمدلوله المطابقي وإن لم يكن منافيا لمقتضى العقد بكال معنييه، إال أنه

بااللتزام يقتضي عدم السلطنة على البيع، مع أن السلطنة على التصرف منمقتضيات الملك الذي هو مقتضى العقد، والكالم تارة في بطالن الشرط من حيث

منافاته لما يقتضيه العقد من السلطنة على التصرفات، ومنها السلطنة على البيع،وأخرى في بطالنه من حيث منافاته للغرض النوعي المعاملي، فمع منافاة الشرط له

يكون االقدام المعاملي لغوا وسفهيا، فالشرط على األول مناف لمقتضى العقد -بالفتح -، وعلى الثاني مناف للمقتضي للعقد - بالكسر -.

أما األول فإنما يبطل الشرط إذا كانت السلطنة من اللوازم الغير المفارقة، فيكشفعن مالزمتها لطبيعة العقد مطلقا في قبال الالزم المفارق الذي مقتضاه كونه الزماللعقد المجرد عن الشرط ونحوه، والكاشف عن أن السلطنة من اللوازم المفارقة

انفكاكها عن الملكية في موارد الحجر وشبهه من نذر التصدق والحلف على تركبيعه، فليكن الشرط بعموم دليله من األسباب الموجبة لالنفكاك، مع ورود النص

الصريح بصحة شرط عدم بيع الجارية وهبتها، فال ينبغي االشكال في الصحة من هذهالجهة.

وأما الثاني فالغرض النوعي المعاملي من التمليك والتملك وإن كان تحصيلالسلطنة على وجوه التصرفات وأنحاء التقلبات إال أن شرط عدم خصوص تصرفال ينافي الغرض النوعي، وإنما ينافيه إذا كان المشروط عدم االنتفاع بجميع وجوهاالنتفاعات، فإنه الذي يعد لغوا وسفها في باب المعامالت، وعليه فشرط عدم البيع

أو عدم العتق ليس من شرط المنافي لمقتضي العقد وال لمقتضاه.وأما شرط عدم السلطنة سواء أريدت السلطنة التكليفية المنتزعة من إباحة

التصرفات أو السلطنة الوضعية المتحققة باستجماع العقد من حيث العاقد والمعقود--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨١ سطر ١٦.

(١٥٧)

Page 160: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عليه لشرائط النفوذ فهو داخل في شرط أمر غير مقدور، وعدم نفوذه ال يالزم عدمنفوذ شرط عدم التصرف، هذا كله في شرط عدم تصرف خاص.

وأما شرط تصرف خاص كشرط العتق أو البيع أو الوقف فمختصر القول فيه: أنشرط البيع مثال له حيثيتان، حيثية مطابقية وهي ايقاع البيع، وحيثية التزامية وهيعدم السلطنة على سائر التصرفات، إذ الزم قصر السلطنة على البيع عدم السلطنة

على غيره من التصرفات، أما الحيثية االلتزامية فقد عرفت الكالم فيها، إذ ال فرق فيعدم السلطنة بين تحققه بالمطابقة وبااللتزام، وأما الحيثية المطابقية فال ينبغي الريب

في عدم منافاتها لمقتضى العقد، فإن السلطنة على البيع ال تزول بشرط البيع، فإنوجوب ايقاع البيع بالشرط وغيره ال ينافي جوازه بالمعنى األعم، ولعله مراد من قال

إن شرط البيع مؤكد للسلطنة ال مناف لها، فإن التأكد باعتبار هذه الحيثية، ال باعتبارالحيثية االلتزامية.

- قوله (قدس سره): (ومنها: ما ذكره في الدروس... الخ) (١).ال يخفي أن مقتضى إشاعة المال بين شخصين بالمناصفة أن يكون الربح

الحاصل بوقوع المعاوضة عليه بالمناصفة، وأن تكون الخسارة والوضيعة كذلك،وكذلك النماء المتصل والمنفصل مملوك بتبع المال بحسب النسبة إلى المال،

فشرط زيادة الربح ألحدهما يتصور على وجهين:أحدهما: أن ينتقل بنفس المعاوضة الواقعة على المال المشاع أزيد من نصف

العوض إلى أحد الشريكين، وهذا غير معقول، ألن البيع يقتضي انتقال العوض إلىصاحب المعوض، ال إلى غيره بناء على أن البيع معاوضة حقيقة، وأما إذا قلنا بأنحقيقته جعل شئ في قبال شئ فقط فمقتضاه صحة جعل المال من زيد في قبال

دينار لعمرو، فالشرط حينئذ معقول.ثانيهما: أن ينتقل العوض المنتقل إلى صاحبه إلى شريكه بالشرط بطور شرط

النتيجة، فهو شرط أمر معقول، إذ ليست المعاوضة الواقعة على المال مقتضية لعدم--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨١ سطر ١٦.

(١٥٨)

Page 161: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

انتقال العوض كال أو بعضا بسبب ناقل إلى الغير، فهو شرط غير مناف لمقتضى عقدالشركة.

وأما شرط دخول النماء المتصل أو المنفصل كال أو بعضا إلى أحد الشريكينبالخصوص فإن أريد حدوثه في ملكه فهو شرط أمر غير معقول، وأولى بعدم

المعقولية من شرط زيادة الربح، لما عرفت من امكانه على تقدير عدم كون البيعمعاوضة حقيقة، ومثله غير ثابت هنا، ألن حدوثه في ملكه قهري ال بالبيع، وإن أريد

دخوله في ملكه بالشرط بعد حدوثه في ملك صاحب المال فال ريب في صحته،وقد عرفت أنه غير مناف لمقتضى الشركة.

ومما ذكر يتبين حال الفرع المذكور في كتاب الصلح، وهو ما إذا اصطلحالشريكان على أن يكون رأس المال ألحدهما ولآلخر ربح المال وعليه خسرانه،

فإن هذا الصلح إن كان عند انقضاء الشركة ورادة الفسخ لم يكن فيه محذورأصال، لتمحض الصلح في تملك الربح تماما وتدارك الخسران ولو بحصة من

المال المشاع، وإن كان بعد عقد الشركة فحاله حال ما قدمنا من شرط زيادةالربح أو كون الخسران على الشريك من صحته تارة وفساده أخرى، فإن الصلح

المتعلق بأمر غير معقول كالشرط المتعلق به، وال يكون تعلق الصلح به موجبالمعقوليته، فراجع.

- قوله (قدس سره): (ومنها: ما اشتهر بينهم من جواز اشتراط ضمان... الخ) (١).توضيح المقام: إن منافاة عدم الضمان لمقتضى عقد اإلجارة تارة يراد بها منافاته

لما يتقوم به حقيقة اإلجارة، وأخرى يراد بها منافاته لألثر المرتب عليها شرعا، لمامر (٢) من أن المقتضي له اطالقان في كلماتهم.

فإن كان المراد المنافاة بالمعنى األول ففيه: أن حقيقة اإلجارة إما تمليك المنفعةبعوض، وإما جعل العين في الكراء واعطاء العين باألجرة، وإما تمليك العين في مدةمخصوصة في جهة خاصة، فإن كانت بالمعنى األول فهي أجنبية عن العين اقتضاء

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨١ سطر ١٨.

(٢) تعليقة ٦٨.

(١٥٩)

Page 162: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

نفيا واثباتا، فحالها من حيث ضمان العين حال غيرها، فهي ال اقتضاء باإلضافة إلىضمان العين وعدمه.

وإن كانت بالمعنى الثاني كما هو مقتضى تعدي مفهومها إلى العين دون المنفعة،ولذا ال يصح " آجرت منفعة الدار " إال أن مرجعه إلى المقابلة بين المنفعة واألجرة،

فإن عنوان األجرة في قبال الثمن، وكما ال يقع الثمن إال في مقابلة العين كذلك ال تقعاألجرة إال في قبال عمل أو منفعة عين، فمقتضى اإلجارة جعل المنفعة في مقابلة

األجرة بعنوان اعطاء العين باألجرة، فليس في الواقع اعطاء العين، فهي أيضا الاقتضاء من حيث ضمان العين وعدمه.

وإن كانت بالمعنى الثالث فربما أمكن توهم اقتضاء عدم الضمان، نظرا إلى مالكالعين في مدة يستحيل أن يكون ضامنا لما له لنفسه أو لغيره، فاإلجارة حينئذ مقتضية

لعدم ضمان المستأجر عقال، إال أنه ال ريب في أن حقيقة اإلجارة ليست تمليكالعين في مدة بنفسها، بل كما يقول به من يسلك هذا المسلك أنها تمليك العين في

جهة من جهاتها، فمرجعها إلى ملك الجهة، وتوصيف العين بالملكية من بابالوصف بحال متعلقه، وإال فلو أراد تمليك العين المتحيثة بهذه الحيثية لزم ورود

الملكين االستقالليين على عين واحدة، وإن اختلفت العين المملوكة من حيثاالطالق والتقييد بالجهات، وال أظن أن يلتزم أحد بانقطاع ملكية المؤجر بتاتا فيهذه المدة، مع أنه مما تسالم عليه الكل جواز بيع العين وهبتها وسائر التصرفات

الناقلة لها، وعليه فحال هذا الوجه حال الوجهين المتقدمين من حيث الالاقتضائية.وأما إن كان المراد المنافاة بالمعنى الثاني فال مقتضي لعدم الضمان إال االئتمان

المنافي للضمان فنقول: التأمين على قسمين:أحدهما: التأمين بالمعنى األخص، وهو استنابة الغير لحفظ المال، وهو تارة تأمين

مالكي كما في الوديعة، وأخرى تأمين شرعي كما في الولي الشرعي المسلط شرعاعلى مال القصر لحفظه ورعاية حاله، ومن الواضح أن التأمين الحقيقي بهذا المعنى

ليس الزما لحقيقة اإلجارة، ال مالكيا وال شرعيا، بداهة أنه ليس بعد عقد اإلجارة التي

(١٦٠)

Page 163: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عرفت حقيقتها إال تسليط فعلي خارجي على العين المستأجرة من دون استنابةللحفظ، ال من المالك وال من الشارع.

ثانيهما: التأمين بالمعنى األعم، وكون اليد يد أمانة، لكونها باثبات المالك عنرضاه، وباثبات الشارع لها على المال الستيفاء ما يستحقه المستأجر من المنافع،

ومن الواضح أن االستيالء على المال بإذن المالك أو بإذن الشارع هو الزم اإلجارة،إال أن تعنونه بعنوان االئتمان حتى ينافي الضمان، لما مر من أن المالك ومن بمنزلته

ال يكون ضامنا لما بيده مما يحتاج إلى دليل يدل عليه، وغاية ما يدل عليه ما ورد منأن المستعير مؤتمن وأن صاحب البضاعة مؤتمن (١) مع أنه ليس فيهما إال االستيالء

على المال بإذن المالك.وأما ما ورد من عنوان األمين والمأمون وتعليق عدم الضمان عليهما ففيه محذور

من وجهين:األول: أن قوله (عليه السالم): (ال غرم على مستعير عارية إذا كان مأمونا) (٢) يدل

بمقتضىالشرطية أن يد المستعير ليس بقول مطلق يد أمانة، فليس حاله حال قوله (عليه السالم)

(المستعير مؤتمن) (٣) من الحكم على المستعير بأنه مؤتمن بقول مطلق.والثاني: أن ما دل على أنه ال غرم إذا كان مأمونا أو إذا كان أمينا كقوله (عليه السالم)

(ال غرمإذا كان مسلما عدال) (٤) وكل هذه العناوين تناسب توهم التعدي والتفريط، فإن

األمينوالمأمون والمسلم العدل ال ينبغي أن يتهم بالتعدي والتفريط، دون الضمان بالتلف

الذي يستوي البر والفاجر والمأمون وغير المأمون فيه، وهذا هو محل البحث.وأما استفادة االئتمان المنافي للضمان من مثل قوله (عليه السالم) (المستعير مؤتمن)بضميمة ما مر من أنه ليس في العارية إال السلطنة على المال برضا صاحبه فمشكلة

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١ من أبواب العارية، ح ٦.

(٢) وسائل الشيعة، باب ١ من أبواب العارية، ح ٣، وفيه (ال غرم على مستعير عارية إذا هلكت إذا كانمؤمونا).

(٣) وسائل الشيعة، باب ١ من أبواب العارية، ح ٦، وفيه (صاحب العارية والوديعة مؤتمن).(٤) وسائل الشيعة، باب ١ من أبواب العارية، ح ٢.

(١٦١)

Page 164: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

جدا، فإنه مع أن المستعير مؤتمن ورد النص بجواز اشتراط الضمان فيها، فيعلم منهأن المستعير بما هو مؤتمن فإن التسليط المطلق في قوة اتخاذ الشخص أمينا، فلذا

سلطه على المال بال شرط فال ينافي عدم ائتمان من سلطه على المال بشرطالضمان، وهو كذلك حقيقة في العارية واإلجارة، فإن مصحح االئتمان كون استيالئه

على المال باإلذن المطلق من المالك، فال مصحح له موضوعا إذا سلطه باإلذنالمقيد بالضمان.

مضافا إلى أن عموم على اليد لليد المأذونة من المالك بعيد جدا، كما يساعدهالغاية بقوله (عليه السالم) (حتى تؤدي) فإن ظاهره اليد التي من شأنها التأدية إلى

المالك، وهيشأن اليد التي لم يكن اثباتها على المال بإذن المالك وكونها بمنزلة يد المالك، هذا

كله في التأمين المالكي بالمعنى األعم.وأما التأمين الشرعي بالمعنى األعم فبدعوى وجوب تسليم العين المستأجرة،

واستيالء المستأجر مقدمة الستيفاء المنفعة، فاليد حينئذ بإذن الشارع، بل بايجابه،ولعل أمره أقوى من التأمين المالكي، المكان تقيد اإلذن بالضمان المحقق لعدم

االئتمان، دون إذن الشارع فإنه غير متقيد بشئ إال بالتعدي والتفريط الخارجين عنمورد البحث.

ويندفع أوال: بأن مقتضى ملكية المنفعة هو تمكين المستأجر منها بتمكينه منالعين، ال بجعله مستوليا على العين.

وثانيا: أن وجوب تسليم العين ليس وجوبا نفسيا حتى يقال بأن اطالقه يقتضيعدم الضمان، بل وجوب مترتب على عقد اإلجارة، فإذا كان عقد اإلجارة مطلقا

يجب تسليم العين الغير المتقيدة بكونها مضمونة، وإذا كان عقدا مشروطا بالضمانكان الواجب تسليم العين المضمونة، فوجوب التسليم ال اقتضاء من حيثية الضمان

وعدمه، فتدبر جيدا.- قوله (قدس سره): (ومنها: اشتراط عدم اخراج الزوجة... الخ) (١).

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨١ سطر ٢٠.

(١٦٢)

Page 165: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قد مر (١) سابقا أن شرط عدم السلطنة على اخراج الزوجة من باب شرط عدمالحكم الذي ليس هو بيد الزوج وال غيره، نعم لو فرض أن مثل االسكان من الحقوق

فهي ال تأبى من السقوط بالشرط، وأما شرط الفعل والترك فال مانع منه من هذهالحيثية، وإن لزمه عدم السلطنة كما مر (٢) في شرط البيع فعال وتركا، وأما وجوبإطاعة الزوج فهو فرع بقاء سلطنة الزوج عليها من حيث السكنى، فال يمنع من شرط

ال يبقى معه موضوع اإلطاعة.- قوله (قدس سره): (ومنها: مسألة توارث الزوجين... الخ) (٣).

قد مر سابقا (٤) أن اإلرث من سنخ الحكم الوضعي الذي ال يتسبب إليه، فشرطهشرط أمر غير مقدور، وأما مع قطع النظر عنه فنقول: عقد االنقطاع ليس بأسوأ من

البيع مثال، فكما ال اقتضاء للبيع ثبوتا ونفيا لإلرث فكذا عقد االنقطاع، فليس لهاقتضاء عدم اإلرث حتى يكون شرط اإلرث منافيا لمقتضي العقد.

وأما بناء على أن الزوجية مطلقا مقتضية لإلرث فشرط عدمه داخل في محلالبحث، ومع تعارف وجود المانع عن اإلرث - كما هو مذكور في محله - يعلم أنأسبابه مقتضيات ال علل تامة له، فاإلرث باإلضافة إلى الزوجية ليس من اللوازم الغير

المفارقة.وأما ورود النص في الجارية وأن شرط عدم انتقالها باإلرث غير جائز فهو ال يدل

على العلية التامة، بل لعله ألجل ما مر مرارا من أن اإلرث سنخه سنخ الحكمالوضعي الغير التسبيبي، فال مجال للتسبب إلى غير المقدور.

- قوله (قدس سره): (ولو شك في مؤدى الدليل... الخ) (٥).ال يخفى أن مورد كالمه (زيد في علو مقامه) ما إذا شك في أن الالزم مفارق أو

غير مفارق، دون ما له دخل في تحقق حقيقة العقد، حتى يقال إنه ال احراز معه للعقد--------------------

(١) تعليقة ٦٢.

(٢) تعليقة ٦٩.(٣) كتاب المكاسب ٢٨١ سطر ٢٢.

(٤) تعليقة ٦٠.(٥) كتاب المكاسب ٢٨٢ سطر ٧.

(١٦٣)

Page 166: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وال أصل يحرز به العقد.ال يقال: الشك في الالزم كذلك، إذ مع كونه غير مفارق يستحيل انفكاكه عن

العقد، وانفكاك العقد عنه، فتحقق العقد مع عدم الالزم غير محرز.ألنا نقول: امتناع القصد إليهما إنما هو مع احراز التنافي، ومع عدمه يتوجه القصدإلى العقد والشرط، فإما أن يتحققا معا، وإما أن يتحقق العقد بال شرط، الستحالة

وجوده، فيؤثر القصد إلى العقد أثره، وال يؤثر القصد إلى الالزم المنافي.نعم ال بد من دليل على نفوذ الشرط وانفاك الالزم عن ملزومه، وأصالة عدم

الحكم على وجه ال يتغير بالشرط تكفي في المطلوب على ما تقدم، وال حاجة إلىالتعبد بعدم المنافاة بين الشرط والعقد، أو عدم استحالة الوفاء ألنهما من اللوازم

العقلية للحكم األعم من وجوده الواقعي والظاهري، فنسبة األصل إليهما نسبةالمحقق لموضوعهما كما هو واضح.

الشرط السادس: أن ال يكون الشرط غرريا- قوله (قدس سره): (أن ال يكون الشرط مجهوال... الخ) (١).

توضيح الكالم برسم أمور في المقام:منها: أن للشرط المجهول الغرري جهات من الكالم:

األولى: أن الجهالة المستلزمة لغررية الشرط كالجهالة في أحد العوضين مانعة عننفوذ الشرط كمنعها عن نفوذ البيع أم ال؟.

الثانية: أن غررية الشرط هل تستلزم غررية البيع حتى يبطل البيع وإن لم يكن الغررممنوعا عنه في غير البيع؟.

الثالثة: أن العقد إذا فسد من ناحية غرريته السارية من الشرط إليه يوجب بطالنالشرط، حيث ال شرط إما موضوعا أو حكما إال ما كان في عقد صحيح.

ومن البين أن ما ينبغي البحث عنه هنا هي الجهة األولى، إذ الكالم فيما يعتبر في--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٢ سطر ٨.

(١٦٤)

Page 167: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

نفوذ الشرط، ال فيما يعتبر في نفوذ العقد موضوعا أو حكما، وال فساد الشرط لعدمالعقد الصحيح، فإن الكالم في الثاني يناسب مباحث البيع، والكالم في الثالث قد

تقدم في أول البحث (١) عن حقيقة الشرط وأنه التزام في ضمن التزام معاملي، فماعن المصنف (قدس سره) في عنوان اشتراط عدم الجهالة في الشرط بقوله (قدس سره)

(أن ال يكونالشرط مجهوال جهالة توجب الغرر في البيع، ألن الشرط في الحقيقة كالجزء منالعوضين... الخ) يناسب الجهة الثانية موضوعا وتعليال، وال يناسب مورد البحثعنوانا وتعليال، وتصحيحه بأن مرجعه إلى بطالن الشرط ببطالن العقد الغرري بالوجه، لما مر من أنه مما تقدم فيه الكالم كلية، وتعداد محققاته بعنوان اعتبار عدم

الجهالة في الشرط خارج عن سياق سائر ما يعتبر في الشرط.منها: أن جريان الغرر فيما عدا البيع حتى يعم الشرط موقوف على أمرين:

أحدهما: اعتبار المرسلة التي أرسلها العالمة وغيره من أنه (نهى النبي (صلى الله عليهوآله) عن

الغرر).ثانيهما: شمولها للشرط الذي ال استقالل له كسائر المعامالت المستقلة المتداولة.

أما األول فال شاهد الستناد األصحاب إلى المرسلة - حتى ينجبر بعملاألصحاب - إال ما أفاده المصنف (قدس سره) من حكم األصحاب في جميع األبواب

بنفيالغرر، وال مستند لهم إال المرسلة، مع أن احتمال استفادة العلة من الغرر المنهي عنهفي خصوص البيع، وأن المعاملة الغررية الخطرية مرغوب عنها عند العقالء احتمال

قوي جدا.وأما الثاني فدعوى االنصراف إلى المعامالت واألسباب المستقلة غير بعيدة، كماأن شمول معقد اجماعهم لنفي الغرر عن مثله غير محرز، فمانعية الغرر عن نفوذ

الشرط بما هو - وهو الذي ينبغي البحث عنه هنا - ال دليل عليها، فال مخصص لعمومدليل الشرط، والذي يمكن التأييد به لدعوى االنصراف المتقدم أن الجهالة وإن

كانت تعرض الشرط بنفسه إال أن الغررية بمعنى الخطر وذهاب المال هدر ال يتصور--------------------

(١) تعليقة ٥٢.

(١٦٥)

Page 168: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

في الشرط بما هو، بل لو كان غرريا لكان باعتبار غررية المعاملة من قبل جهالته، المن قبل غرريته، نعم يتصور الغرر فيه بنفسه إذا قوبل بشئ واستقل بالتحصيل، وال

يقول المشهور بالشرط االبتدائي، فتدبر.منها: أن جهالة الشرط هل يقتضي غررية البيع المتضمن له حتى يفسد البيع

بوجوده ال بحكمه أم ال؟ فنقول:الشرط إذا كان بمعنى التقييد والتوصيف كما في شرط الوصف الذي قد مر مراراأنه ال يتصور االلتزام بوجوده، فتارة يرد البيع على الموصوف المتقيد به، فالجهالة

راجعة إلى أحد العوضين ويلزم الغرر في البيع بما هو معاوضة بين مالين، وأخرى يردالشرط على البيع فيوصف ما وقع عليه البيع بوصف خاص وهو المراد من شرط

الوصف في البيع، فبالنظر الدقيق وإن لم يكن غرر في البيع بما هو تبديل مال بمال،إذ ال خطر من قبل أحد العوضين، وال حقيقة للبيع إال تبديل ما ال خطر فيه من حيث

كونه مقوما لحقيقة البيع، لكنه بالنظر العرفي الخطر في شأن من شؤون العوضينخطر في العوضين، والبيع المتعلق بمثله خطري عرفا.

وإن كان الشرط بمعنى االلتزام في ضمن التزام بيعي كااللتزام بالخياطة من البائعأو المشتري، فإن مثله يتمحض في االلتزام وال يتعنون بعنوان الوصف والشأن للمبيع

أو الثمن، فال خطر في ما يتقوم به البيع ال ذاتا وال وصفا، وال من حيث مالية العوضين،وإنما الخطر في الغرض المعاملي الباعث على هذه المعاملة الخاصة، ومثل هذا

الغرض المعاملي ليس داعيا محضا ليكون تخلفه من باب تخلف الداعي، بل حيثإنه وقع موقع االلتزام فهو غرض عقدي، فكما يوجب تخلفه الخيار في عقد البيعفكذا يوجب الجهل به الخطر في الغرض البيعي العقدي وإن لم يوجب الغرر من

حيث ذهاب العوض أو المعوض هدرا، وعليه فتصدق عرفا أنها معاملة بيعية غرريةوإن لم تكن كذلك بالدقة العقلية، لخروج االلتزام الشرطي عما يتقوم به االلتزام

البيعي، فتدبر جيدا.نعم الشرط الغير المتعلق بالغرض العقدي بل كان نسبة عقد البيع إليه نسبة

(١٦٦)

Page 169: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الظرف إلى المظروف فقط، بأن كان ايقاعه في ضمن العقد لمجرد اخراجه عناالبتدائية إلى الضمنية، فجهالته ال يوجب غررا في البيع بوجه أصال.

ومنها: أن التبعية على قسمين:أحدهما: التبعية الذاتية عرفا كتبعية بيض الدجاجة لها وكتبعية مفتاح الدار لها

عرفا.ثانيهما: التبعية من حيث الشرطية، حيث إن الشرط من توابع المعاملة ولم يكن

كالعوضين مقصودا من المبادلة.أما التبعية بالمعنى األول فحيث إن التابع يملك بتبع ملكية المتبوع وإن لم يذكر

ولم يلتفت إليه، فذكره مع عدم اإلحاطة به أولى، فال يزيده الشرطية إال تبعية فوقالتبعية، إنما االشكال فيما إذا أخذ التابع العرفي بنحو الجزئية، فإنه في بادئ النظراخراج له عن التبعية وجعله في مقابل العوض أو المعوض المقتضي لتقسيط الثمن

عليه، فحاله حال العوضين فإنه منهما على الفرض، إال أن ظاهر الشهيد (قدس سره) أنالجهل

بالتابع العرفي غير ضائر سواء أخذ في المعاملة بنحو الشرطية أو بنحو الجزئية.ويمكن أن يقال: إن التابع العرفي الذي يملك بالتبع قهرا إن أخذ في العقد فهو ليسإال لمجرد التأكيد والتنبيه، فالجزئية واالشتراط كالهما صوري بال دخل في الغرض

البيعي بجميع وجوهه، وأما إذا فرض أن فيه خصوصية دخيلة في الغرض البيعيفكما أن أخذه بنحو الجزئية موجب للغرر عند الجهل به كذلك أخذه في العقد بنحو

الشرطية، فإنه على الفرض لدخله في الغرض العقدي الذي مر الكالم فيه، وقدعرفت صدق البيع الغرري عليه عرفا، فال فرق بين الجزئية والشرطية على أي تقدير،

فتدبر.وأما التبعية بالمعنى الثاني وإن لم يكن متعلق الشرط مانعا عرفيا فهي ال تجدي

في رفع الغرر، وعدم مانعيته من حيث سريانه إلى البيع، نعم التبيعة لها أثر آخر وهوعدم تقسيط الثمن عليه وترتب الخيار عند تخلفه إلى غير ذلك من اآلثار، فتدبر.

(١٦٧)

Page 170: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الشرط السابع: أن ال يكون مستلزما لمحال- قوله (قدس سره): (أن ال يكون مستلزما لمحال كما لو شرط... الخ) (١).

يمكن تقرير الدور بناء على إرادة ما يلزم من عدمه العدم من الشرط كما هو ظاهرتقرير العالمة (قدس سره)، كما يمكن تقريره بناء على إرادة االلتزام االنشائي من

الشرط.أما على األول فواضح، ألن صحة البيع األول يتوقف على صحة البيع الثاني،

لفرض كون البيع الثاني شرطا للبيع األول بحيث يلزم من عدمه العدم، والبيع الثانيمن المشتري يتوقف على كونه مالكا حيث ال بيع إال في ملك، وال يكون مالكا إال بعد

صحة البيع األول، فتوقف صحة كل من البيعين على اآلخر من باب توقف المشروطعلى شرطه، بمعنى ما يلزم من عدمه العدم.

والجواب: أن الشرط في ضمن البيع بمعنى االلتزام ال بمعنى ما يلزم من عدمهالعدم، فال توقف للبيع إال على االلتزام بالبيع الثاني ال على نفسه، ولذا ال شبهة عندالعالمة في أنه لو باع بشرط الخياطة يتحقق البيع قبل تحقق الخياطة، فيعلم منه أن

البيع غير منوط بوجود الخياطة، بل بااللتزام بها، وعليه فال توقف إال للبيع الثانيعلى البيع األول فال دور.

وأما على الثاني بإرادة االلتزام من الشرط فتقريب الدور: أن االلتزام بشئ ال بدمن أن يكون مقدورا، والملتزم به يختلف من حيث كونه مقدورا في نفسه تارة

كااللتزام بالخياطة، ومن حيث عدم كونه كذلك أخرى كالبيع على المالك، فإنه فينفسه غير مقدور، وعليه فااللتزام به التزام بغير المقدور في نفسه، دون البيع على غير

المالك المكان الوكالة والفضولية فيه، بخالف البيع على المالك فإنه كما ال معنىلبيعه أصالة على المالك كذلك ال معنى لبيعه وكالة أو فضولة على المالك، وعلى ما

ذكرنا فصحة االلتزام متوقفة على حصول الملكية المتوقفة على البيع األول.وأما توقف البيع األول على االلتزام فألن المفروض تقيد البيع وإناطته بااللتزام

وإن لم يكن منوطا بوجود الملتزم به، ومقتضى إناطة شئ بشئ عدم حصوله مع--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٢ سطر ١٩.

(١٦٨)

Page 171: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عدم حصول ما أنيط به، وإال لزم الخلف من فرض اإلناطة، وعليه فشرطية كل منالبيع وااللتزام لآلخر بمعنى ما يلزم من عدمه العدم، غاية األمر أن االشتراط

باإلضافة إلى البيع الثاني التزام، وباإلضافة إلى البيع األول شرط حقيقي.والجواب: أما عن توقف االلتزام على البيع فبأن المراد من عدم معقولية البيع على

المالك - كما هو ظاهر المصنف (قدس سره) في مبحث النقد والنسيئة (١) - إن كاناستحالة البيع

على المالك بما هو مالك فاالستحالة واضحة، إال أنه ال يتوقف على البيع، إذ معفرض صحة البيع األول يخرج البائع الشارط عن كونه مالكا، فال يعقل البيع على

المالك أيضا، حيث إنه ليس بمالك.وإن كان استحالة البيع على ذات المالك حال االلتزام به ألنه غير مقدور في تلك

الحال ففيه: أن عدم القدرة حال االلتزام مسلم، إال أن االلتزام حيث إنه بنحو شرطالفعل ال شرط النتيجة فالالزم هي القدرة في ظرف الوفاء، وهو بعد تحقق االيجاب

والقبول المتضمنين لاللتزام، وقدرته بعده على البيع على ذات المالك بمكان منالوضوح، فااللتزام بفعل مقدور في ظرف يترقب ايجاده فيه مقدور.

وأما عن توقف البيع على االلتزام فبأن اإلناطة ليست بمعنى التعليق حتى يتوقفحصول المعلق على حصول المعلق عليه، وإال لكان البيع باطال وإن لم يلزم الدور،

بل بمعنى تقيد البيع بااللتزام، والمقيد بما هو مقيد متوقف على حصول القيد الذات المقيد، والكالم في توقف البيع وهو ذات المقيد على ذات القيد، وال موجب

لتوقفه عليه بوجه كما في غيره من المقيدات وقيودها.الشرط الثامن: أن يلتزم به في متن العقد

- قوله (قدس سره): (أن يلتزم به في متن العقد... الخ) (٢).توضيح المقام برسم أمور:

منها: أن الشرط تارة بمعنى التقييد، وأخرى بمعنى االلتزام االنشائي، فإن كان--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣٠٨ سطر ١٨.

(٢) كتاب المكاسب ٢٨٢ سطر ٢٥.

(١٦٩)

Page 172: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بمعنى التقييد فالشرط الوصفي بالحمل الشائع سواء كان وصفا من أوصافالعوضين، أو فعال منضما إلى أحد العوضين كسائر قيود الكالم يكفي في تقيد أحدالعوضين به قصد الموصوف بالوصف الخاص، أو المنضم إلى فعل مخصوص كمايكفي في الداللة على القيد المقصود قرائن الحال والمقال، فذكر الوصف أو الفعلقبل العقد بقرينة التواطئ والتباني كاف في الداللة على القيد الخاص، وال فرق في

هذه المرحلة بين المذكور سابقا بعنوان المقاولة أو بعنوان االنشاء.وإن كان بمعنى انشاء االلتزام فالتباني عليه تارة بمعنى لواله لما عقدا، فليس له إال

شأن الداعي والباعث، ومثله ال يجدي شيئا، أما االنشاء السابق بما هو فألنالمفروض أن الشرط االبتدائي إما ليس بشرط حقيقة، وإما أنه ليس له حكم الشرط

شرعا، وأما مجرد الداعي فتخلفه غير ضائر، إذ المفروض عدم تقيد العقد به، فال أثرله ال من حيث نفسه وال من حيث وقوع العقد مقيدا به.

وأخرى بمعنى ايقاع العقد مبنيا عليه، وهو عين قصد البيع الخاص وخصوصيتهكونه مبنيا على االلتزام السابق، وهو عين تقيد العقد بااللتزام، وقد عرفت أن قصد

الخاص يكفي في التقيد، وقرينة الحال والمقال تكفي في الداللة، وال فرق فيحصول التقييد ثبوتا واثباتا بين أن يكون القيد خياطة الثوب أو االلتزام بخياطته، فإن

ما هو انشائي وهو االلتزام متحقق بكالم انشائي سابقا على الفرض، والتقييد ليسبانشائي حتى يتوقف على وجود ما ينشأ به في مرحلة التقييد، نعم إن كان الشرطالمرتب عليه األثر هو انشاء االلتزام في ضمن انشاء آخر ال مجرد االنشاء المرتبط

والمتقيد بانشاء آخر فال مناص من ذكره في متن العقد.والتحقيق: أن المراد بااللتزام الضمني ليس مجرد وقوع االلتزام الشرطي بين

ايجاب البيع وقبوله، فإنه إذا قال " بعت الكتاب بدينار والتزمت بخياطة ثوبك " فقالالمشتري " قبلت " لم يكن هذا االلتزام شرطا، لعدم ترتب البيع عليه وعدم تقيده به،

مع أنه في ضمن العقد، والمفروض أن حقيقة الشرطية متقومة بااللتزام في ضمنالبيع، فمنه يعلم أن حقيقة الشرطية متقومة بترتب العقد على االلتزام، وأن الضمنية

(١٧٠)

Page 173: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أمر أجنبي عن حقيقة الشرطية، وأن المراد بالظرفية مجرد ارتباط االلتزام بالعقد فيقبال وجوده المطلق.

وأما الضمنية في العقد اللفظي فأوضح فسادا، ألن الشرط والبيع من مقولةالمعاني ال من مقولة األلفاظ، هذا إذا أريد عدم تحقق حقيقة الشرطية إال بالضمنية.

وأما إذا أريد عدم ترتب األثر عليه شرعا مع صدق حقيقته عرفا ففيه: أن المتيقنمن االجماع على بطالن الشروط االبتدائية هو االلتزام الذي لم يتقيد به معاملة، دون

ما إذا كان مما بني عليه العقد سواء كان في ضمنه أم ال، فتدبر جيدا.منها: أنه مع فرض لغوية االلتزام السابق فهل يجدي البناء وااللتزام النفساني

المدلول عليه بقرينة حال أو مقال أم ال؟ وهل يجدي االنشاء القلبي دون مجرد البناءأم ال؟ فنقول:

أما األول: فقد مر مرارا أن حقائق العقود وااليقاعات وااللتزامات أمور اعتباريةشرعية أو عرفية يتسبب إليها باألسباب االنشائية من القولية أو الفعلية، فإنها التي لهابقاء وارتفاع شرعا وعرفا ولزوم وجواز كذلك، وابقاء وحل كذلك، دون االلتزامالنفساني الذي ربما يكون وربما ال يكون حقيقة، وال ريب ألحد في أن عقد البيعمثال مع عدم المصحح لحله وفسخه باق عرفا وشرعا سواء كان االلتزام النفسانيبالملكية باقيا في نفس البائع أو ال، مع أن المعدوم ال يحل وال ينحل، وعليه فليسااللتزام النفساني المقارن لعقد البيع مناط االلتزام االنشائي الشرطي عرفا وال شرعا.

وأما الثاني: فمختصر القول فيه: أن مجرد احضار المعنى في النفس ليس مالكاالنشاء المقابل لألخبار، بل حقيقة االنشاء ايجاد المعنى بتبع ايجاد قول أو فعل،

فاالنشاء القلبي حينئذ هو ايجاد المعنى بايجاد لفظه قلبا، بحيث يكون اللفظبوجوده القلبي قصد به معناه، وهو وإن كان معقوال لمعقولية األفعال القلبية إال أن

مثل هذا االنشاء ليس موضوعا لحكم تكليفي وال وضعي في باب المعامالت، ولذاال يشك ذو مسكة بأن مثله غير كاف في تحقق حقيقة البيع عرفا وال شرعا، بل

االنشاء النافع هو ايجاد المعنى بوجوده القولي أو الفعلي خارجا ال قلبا، فتدبر جيدا.

(١٧١)

Page 174: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

منها: في ما استظهره المصنف (قدس سره) من كلمات القوم من عدم كفاية الشرطالغير

المذكور في متن العقد، والكل مخدوش، أما قولهم بعدم لزوم الوفاء باالشتراط ال فيعقد فهو غير مناف للمفروض هنا، وهو الشرط المتقيد به العقد البتنائه عليه فإنا

نقول أيضا بأن الشرط السابق بما هو ال يجب الوفاء به وإن وجب الوفاء بما هو متقيدبه العقد.

وأما ما ذكروه في باب الربا والمرابحة فإنه حيث كان اليجاد العقد مطلقا فيبتنيعلى مجرد المقاولة السابقة مع االستيثاق بالعمل على طبقها، ال مع تقيد العقد به،

وكون المقاولة السابقة باعثة إلى ايجاد العقد مطلقا غير تقييد العقد بها باالبتناءعليها، وليس للذكر حينئذ شأن إال الداللة على البناء والتقييد، ال أنه محقق للشرطية.

وأما ما ذكره جماعة من انقالب العقد المقصود به االنقطاع دائما مع عدم ذكراألجل - فهو مع أنه محل الخالف - ليس مورده ما إذا اشترطا األجل قبال وأوقعا

العقدمبنيا عليه، بل محمول إما على سبق المقاولة فقط فال يجدي البناء أيضا، أو على

كونه من قصد الزوج فقط دون الزوجة أيضا، وتحقيقه موكول إلى محله.وأما األخبار المتضمنة لكون النكاح هادما للشرط السابق فغير منافية لكفاية

التباني، فإن منها ما عن عبد الله بن بكير: قال أبو عبد الله (عليه السالم): (إذا اشترطتعلى المرأة

شروط المتعة فرضيت به وأوجبت التزويج فأردد عليها شرطك األول بعد النكاحفإن إجازته جاز وإن لم تجزه فال يجوز عليها من شرط قبل النكاح) (١) فإن الظاهر

منهلزوم بقائهما على الشرط وعدم كفاية الشرط السابق، والرد واإلجازة طريقي كما يظهر

بالتأمل.ومنها: أنه قد ذكر المصنف (قدس سره) أخيرا وجها لبطالن أصل العقد فضال عن

الشرط،وحكم بوجاهته، واعتمد في تقريبه على أمرين:

أحدهما: أن الشرط من أركان العقد المشروط، ومقتضى الركنية فساد العقد بفسادركنه، وتقريبه: أن الشرط وإن عد تابعا في كلماتهم فال جزئية له فضال عن الركنية، إال

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١٩ من أبواب المتعة، ح ١.

(١٧٢)

Page 175: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أن الشرط تابع لعقد البيع مثال بما هو عقد البيع، ومقوم لعقد البيع المشروط بما هوعقد مشروط، بداهة أن هذا الخاص بما هو خاص مؤتلف من ذات الخاص ومن

خصوصيته، وال نعني بالمقوم والركن إال ما يأتلف الشئ منه بحيث ينعدم بانعدامه.وفيه: أن الشرط وإن كان من علل قوام العقد المشروط، إال أن مقتضى عدم

تحققه عدم العقد المشروط بما هو عقد مشروط، ال بما هو عقد البيع بما هو، ألنالمفروض تحققه بجميع أركانه، ومن يقول بفساد الشرط الغير المذكور يلتزم بعدمتحقق المشروط بما هو مشروط أيضا، ولذا ترى أن األصحاب بين قولين إما بطالنالشرط أو صحته، وأما الحكم بفساد العقد لفساد شرطه بتوهم تقيد الرضا ولو من

حيث البناء الغير المؤثر فهو كالم آخر يصح مع التبعية، وال يتوقف على الجزئية والعلى الركنية، وسيجئ (١) إن شاء الله تعالى منه (قدس سره) تضعيف هذا الوجه أيضا.

ثانيهما: أن الشرط كالجزء من أحد العوضين، فحاله حالهما في عدم تحقق العقدبدون ذكر العوضين فكذا ما هو كأحدهما، وهذا الوجه إن صح فإنما يصح فيما إذا

كان الشرط بمعنى التقييد ال بمعنى االلتزام، وإال فال معنى ألن يكون االلتزامبالخياطة قيدا للثمن أو المثمن حتى يكون كالجزء، مع أن عدم ذكر العوضين في

الكالم مع وجود الدال عليهما في المقام ال دليل على اقتضائه لبطالن العقد، فإن ماهو انشائي ال يعقل تحققه بدون قول أو فعل هو التمليك دون متعلقة، فتدبر جيدا.

اعتبار التنجيز في الشرط- قوله (قدس سره): (وهو تنجيز الشرط بناء على أن تعليقه... الخ) (٢).

البحث في اعتبار تنجيز الشرط يقع من وجهين:أحدهما: من حيث صحة الشرط وفساده من حيث ذاته.

والثاني: من حيث صحة العقد وفساده بسريان التعليق وعدمه من الشرطالتعليقي، والمناسب العتبار بعض الخصوصيات في الشرط هو الوجه األول، ألن

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٨ سطر ١٢، تعليقة ٩٨.

(٢) كتاب المكاسب ٢٨٣ سطر ١٠.

(١٧٣)

Page 176: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مرجع الثاني إلى أن العقد التعليقي هل يبطل ولو من جهة شرطه أم ال؟ وهو مناسبلمباحث البيع ال لمباحث الشرط.

وبالجملة: أما البحث من الجهة األولى فمختصر القول فيها: أن مدرك اعتبارالتنجيز إن كان استحالة التعليق في االنشاء، أو عدم شمول أدلة النفوذ، أو اعتبارالجزم في مقام االنشاء، فالشرط كالعقد لالشتراك في جميع تلك الوجوه بينهما.

وإن كان هو االجماع كما بنى عليه المصنف (قدس سره) في كتاب البيع (١) فمنالواضح أن

المتيقن من مورده هو العقد، بل البيع فقط وال عموم وال اطالق فيه ليعم الشرط.وأما البحث من الجهة الثانية فالكالم فيه تارة من حيث الصغرى، وأخرى من

حيث الكبرى.أما الصغرى فتبنى السراية على أن القيد المعلق عليه الشرط قيد لمتعلق الشرط،

أو قيد لنفس الشرط، فإن كان قيدا لمتعلق الشرط فال معنى لسراية التعليق إلى العقد،ألن االلتزام الذي هو قيد للبيع ال تعليق فيه، وما يكون فيه التعليق ليس قيد للبيع،

وإن كان قيدا لنفس الشرط، فحيث إنه قيد للبيع فال محالة يسري التعليق إليه، ألنالمقيد بقيد تقديري يكون تقديريا، وحيث إن بناء المصنف (قدس سره) في فقهه

وأصوله علىأنه ال تعليق في االنشاء بل في المنشأ، فلذا ال يرى االلتزام تعليقيا، بل الملتزم به

تعليقي.والتحقيق: أن البيع والشرط وغيرهما من مفاهيم العقود وااليقاعات لها نحوان منالوجود، انشائي وحقيقي، والمراد باألول مفهومه المقصود ثبوته باللفظ، فيكوناللفظ موجودا بالذات والمعنى موجودا بالعرض، وال يكاد ينفك هذا الوجود عناستعمال اللفظ في معناه، والمراد بالثاني وجوده الحقيقي الذي يترتب عليه األثر

عرفا أو شرعا.واألول باإلضافة إلى الثاني بمنزلة السبب لمسببه، ومن المبرهن عليه في محله

والبين عند أهله أن كل مرتبة من الوجود متحدة مع تلك المرتبة من االيجاد بالذات--------------------

(١) كتاب المكاسب ٩٩.

(١٧٤)

Page 177: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومختلفان باالعتبار صدورا وحلوال، فال يعقل تنجيزية االنشاء وتعليقية المنشأ، كماال يعقل تعليقية الملكية بالحمل الشائع وتنجيزية التمليك بالحمل الشائع، وحيث إن

االيجاد عين الوجود فال يعقل تحقق أحدهما موصوفا بالتقديرية، فإن مرجعه إلىالتناقض.

ومن الواضح أن قوله " بعت " انشاء موجود ال تقدير فيه، وإنما الكالم االنشائيتعليقي عنوانا ال حقيقة، للداللة على تعليقية البيع بالحمل الشائع، وهناك كما ال

ملكية حقيقية فعال كذلك ال تمليك حقيقي فعال.وعليه فااللتزام االنشائي تعليقي عنوانا وتنجيزي حقيقة انشاء ومنشأ، وإنما

التعليق في االلتزام الجدي، وكما ال ملتزم به تنجيزا كذلك ال التزام تنجيزا، وال تعليقفي ذات الخياطة على شئ، بل في كونها ملتزما بها، كما ال تعليق في ذات المبيع،

بل في صيرورته مملوكا حقيقة، هذا هو الكالم في الصغرى.وأما الكبرى فقد مرت اإلشارة إليه أن مدرك اعتبار التنجيز إن كان ما عدا االجماعفال فرق بين كون تعليقية البيع من ناحية نفسه أو من ناحية شرطه، كما ال فرق بينالعقد والشرط، وإن كان المدرك هو االجماع فالمتيقن منه ما إذا كان العقد بنفسه

تعليقيا ال من ناحية شرطه، كيف؟ والمسألة محل الخالف، بل ظاهر المصنف (قدسسره) أن

المعروف عدم اعتبار التنجيز من حيث الشرط، ولذا نسب اعتباره إلى التوهم، فتدبر.* * * *

(١٧٥)

Page 178: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حكم الشرط الصحيحشرط الوصف

- قوله (قدس سره): (ال حكم للقسم األول إال الخيار... الخ) (١).والكالم في شرط الوصف في موارد:

أحدها: في أصل معقولية االلتزام الجدي به، وقد مر غير مرة أن االلتزام به من دونتأثيره في حصول شئ وال في تحصيله غير معقول، فإن وجود الوصف في

الشخصي ال حصولي وال تحصيلي، بل وجوده وعدمه تابعان لتحقق سببه وعدمه،نعم إن رجع الشرط إلى كونه في عهدته - بحيث يتداركه عند فقده - كان الشرط

معقوال، لكنه ال يقول أحد بتدارك الوصف المفقود، بل بالخيار، وعليه فشرطالوصف ال بد من ارجاعه إلى التوصيف، والخيار من باب تخلف الوصف ال تخلف

الشرط، وعليه يسقط جملة من المباحث المختصة بخصوص الشرط.ثانيها: في معنى صحته ونفوذه بعد الفراغ عن امكانه ومعقوليته، واالشكال في

صحته إنما هو بلحاظ مقام الثبوت دون االثبات، حيث إنه بعد االلتزام لم يتحققشئ كما في شرط النتيجة، وال يترقب عمل كما في شرط العمل حتى يكون صحة

الشرط بمعنى تأثيره في حصول شئ أو في استحقاق عمل، ومع عدم ترتب األثرعلى االنشاء ال معنى لنفوذه، والخيار حكم الشرط الصحيح، ال أنه مصحح للشرط أو

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٣ سطر ١٩.

(١٧٦)

Page 179: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مما يتسبب به إليه.ويندفع: بأنه بعد الفراغ عن معقولية االلتزام يكون األثر استحقاق الوصف، فإنه

لوال االلتزام يكون الوصف على تقدير وجوده مملوكا بتبع ملك العين، ومع االلتزاميكون هذا التابع مملوكا بالشرط، وعلى تقدير عدمه ال خيار مع عدم االلتزام، حيث

ال يستحقه عليه، ويكون الخيار مع االلتزام لفقد ما يستحقه عليه.ثالثها: فيما ذكره (قدس سره) من أن شرط الوصف حيث إنه ال يقدر على تحصيله فال

معنىلوجوب الوفاء فيه، وعموم (المؤمنون عند شروطهم) (١) مختص بغيره.

فإن أريد من هذا البيان عدم صحة شرط الوصف كما يدل عليه االستدالل بمثلهالبطال شرط النتيجة ففيه: مع منافاته للمقسم، فإنه الشرط الصحيح، والكالم في

حكمه، ومع منافاته لترتيب الخيار حيث إنه مرتب على الشرط الصحيح، بداهة أنهال خيار في الشرط الفاسد يرد عليه أن الصحة والنفوذ ال دخل له بوجوب الوفاء

تكليفا كما في العقود الصحيحة الجائزة، والدليل على الصحة غير منحصر فيقوله (صلى الله عليه وآله) (المؤمنون... الخبر) بعد استظهار التكليف منه، لكفاية عموم

قوله (عليه السالم)(الشرط جائز بين المسلمين) (٢) أي نافذ.

وإن أريد من هذا البيان عدم اللزوم تكليفا بعد الفراغ عن الصحة فالتعليل بعدممعقولية تحصيله مشترك بينه وبين شرط النتيجة، بل الالزم التعليل بأنه ال وفاء له

حتى بمعنى ترتيب األثر، فإنه الفارق بينه وبين شرط النتيجة.توضيحه: أن الوفاء تارة بمعنى العمل بمقتضى الشرط وإيجاد متعلق االلتزام فال

محالة يختص بشرط الفعل، فالوفاء به ايجاد ما التزم بايجاده، فكما ال يعم شرطالوصف كذلك ال يعم شرط النتيجة، فإن متعلق الشرط ليس ايجاديا، وأخرى بمعنى

يعم ترتيب األثر كالوفاء بعقد البيع، فإنه بعد نفوذ العقد وحصول الملكية ال عمليقتضيه العقد حتى يكون الوفاء به ايجاده، وإنما يثبت للعقد النافذ آثار يجب ترتيبها

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٢٠ من أبواب المهور، ح ٤، ذيله.

(٢) عوالي الآللئ ٣: ٢٥٥، رواية ١٠٣، باب التجارة.

(١٧٧)

Page 180: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

من المتبايعين، من تسليم العوضين، وعدم التصرف فيما انتقل عن كل واحد إلىاآلخر إال برضاه، وحينئذ فالوفاء بهذا المعنى يعم شرط الفعل وشرط النتيجة.أما األول فواضح، وأما الثاني فإن النتيجة بعد حصولها بالشرط لها آثار يجب

ترتيبها عليها، كتسليم ما ملكه بالشرط، وعدم التصرف فيما انتقل عنه به، على حدالوفاء بعقد البيع، وال يعم شرط الوصف فإنه كما ال وفاء له بالمعنى األول كذلك

بالمعنى الثاني، فإنه مع فقد الوصف ال عمل وال أثر حيث ال تسليم وال شبهه،والخيار ليس أثرا يجب ترتيبه كحرمة التصرف ووجوب التسليم، ومع وجود الوصف

فليس تسليمه إال بتسليم الموصوف، فالوفاء بالعقد يغني عن الوفاء بالشرط، واليعقل له وفاء مستقل ليكون للعقد وفاء بدليله، وللشرط وفاء بدليله، كما في شرط

النتيجة، فإن الوفاء وترتيب األثر على ما ملكه بالشرط مغاير للوفاء وترتيب األثر علىما ملكه بالعقد هذا.

وهنا معنى أوسع من المعنيين، وهو أن الوفاء بالعقد مثال اتمامه والقيام به، فربمايترقب منه عمل كما في اإلجارة، فاتمامه والقيام بمقتضاه ايجاد العمل، وأخرى اليترقب منه عمل فالقيام به وعدم التجاوز عنه بابقائه على حاله وعدم نكثه ونقضه،

فيعم شرط الوصف فإنه مع حله ونقضه ال يوجب فقد الوصف خيارا، حيث الشرط، ومع ابقائه على حاله بعدم حله يترتب عليه الخيار، وقد قدمنا في أوائل

الخيارات ما يتعلق بالوفاء بجميع أطرافه، فراجع (١).شرط النتيجة

- قوله (قدس سره): (وإن أريد حصول الغاية بنفس االشتراط... الخ) (٢).توضيح المقام برسم أمور:

منها: أن الشرط إن كان بمعنى الزام الغير بشئ، أو الزام الشخص نفسه بشئ -كما يستظهر من عبارة القاموس - فال محالة يختص بشرط الفعل فإن طبيعة االلزام

--------------------(١) ح ٤، تعليقة ١٠.

(٢) كتاب المكاسب ٢٨٣ سطر ٢١.

(١٧٨)

Page 181: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وااليجاب ال يعقل تعلقها إال بالفعل، وإن كان بمعنى االلزام وااللتزام الوضعي دونالتكليفي فال اختصاص له بالفعل، والظاهر هو الثاني، فإن االلزام بمعنى االيجاب

معنى اصطالحي، وإال فمفهومه جعل الشئ الزما وقرينا ال ينفك عنه، والمبدأ وهواللزوم بهذا المعنى، وااللزام بمعنى االيجاب، بمناسبة جعل الشارع للعمل على رقبةالعبد والزما ال ينفك عنه إال بأدائه، وعليه فااللتزام ومطاوعة لزوم شئ ال اختصاص

له بالعمل، بل يعم شرط النتيجة.فإن قلت: االلتزام بشئ والتعهد به إما أن يتعلق بعمل فمعناه أن العمل في عهدته

وهو المرجع للمطالبة منه، وإما أن يتعلق بعين مال فمعناه أن المال في عهدته، فإنكان كليا ملكه في ذمته، وإن كان شخصيا فيكون مرجعا لمطالبته وتداركه إذا لميتمكن من أدائه، وليس شئ من ذلك في التعهد بالنتيجة، فإنه على فرض حصولها

به ال مورد لمطالبته منه، كما ال معنى لتملكه عليه وال لتداركه ببدله، فال معنى ألصلالتعهد بالنتيجة حتى يؤثر في حصولها.

قلت: معنى االلتزام بالنتيجة كما مر (١) سابقا هو القرار على أن يكون المال الكذائيملكا للمشروط له على نحو ال ينفك عنه من حيث القيام به وبمقتضاه، وبهذا االعتبارتكون العقود عهودا والتزامات، فإنها من حيث كونها قرارا وجعال عهد، ومن حيث

كونها بحيث ال ينفك الجاعل عنها التزام.فإن قلت: مقتضى مطابقة الوجود االنشائي - الذي هو بمنزلة السبب - والوجود

الحقيقي - الذي هو بمنزلة المسبب - عدم حصول الملكية مثال بااللتزام بها، مثال" بعت " االنشائي سبب يتسبب به إلى البيع الحقيقي بالحمل الشائع، وهما متطابقان

مفهوما، ومقتضاه أن يكون االلتزام االنشائي بقوله " شرطت أن يكون كذا ملكا " سببالحصول االلتزام بالحمل الشائع بذلك المضمون، وصيرورة الملتزم انشاء ملتزما

حقيقة في اعتبار الشارع، وهو أجنبي عن حصول الملكية به.قلت: مضامين العقود االنشائية في مقام تأثيرها مختلفة، فتارة يكون بمدلولها

--------------------(١) التعليقة السابقة.

(١٧٩)

Page 182: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المطابقي مؤثرة فيما يوافقه كقوله " بعت " في حصول البيع الحقيقي، وأخرى يكونبمدلولها االلتزامي مؤثرا في حصول النتيجة كقوله " صالحت على أن يكون هذا ملكالك بعوض كذا " فإن مدلولها المطابقي هو المسالمة على الملكية، ومدلولها االلتزامي

نفس حصول الملكية، فتحصل الملكية كما يحصل المدلول المطابقي، وهيالمسالمة الحقيقية على الملكية، فكذا االلتزام االنشائي الذي هو في مقام القرار على

أن يكون المال الكذائي ملكا، فكما يتحقق بااللتزام االنشائي ما هو التزام جديحقيقي كذلك متعلقه، وهي ملكية المال، فتدبر جيدا.

ومنها: في بيان الدليل على نفوذ شرط النتيجة فيما لم يثبت لها سبب خاصشرعا، وهو أمور:

أحدها: مثل قوله (عليه السالم): (الشرط جائز بين المسلمين) (١) واألدلة الخاصةالدالة على

أن الشرط الذي ال يخالف كتاب الله يجوز على المشترط.ثانيها: قوله (عليه السالم): (المؤمنون عند شروطهم) (٢) فإن مفاد القضية إما نفوذ

الشرطابتداء - كما في بعض كلمات شيخنا األستاذ (قدس سره) (٣) - بشهادة استثناء

الشرط الفاسد،وإما وجوب الوفاء الدال بااللتزام على نفوذ الشرط، حيث إن الفاسد ال يجب الوفاءبه، هذا بعد تعميم الوفاء لترتيب اآلثار، فضال عما إذا جعلناه أوسع من ذلك كما مر

في شرط الوصف (٤).ثالثها: دليل الوفاء بالعقود بعد صيرورة الشرط جزء للعقد، توضيحه: أن الشرط إنكان بمعنى التقييد فالعمل والوصف كل منهما قابل ألن يكون قيدا ألحد العوضين،فيكون مملوكا بتبع مملوكيته العوضين بالبيع، بخالف النتيجة فإن الملكية غير قابلة

ألن تكون قيدا ألحد العوضين، وال قابلة للحصول بالتبع لمملوكية العوضين، فإنالملكية ال تملك.

وإن كان بمعنى االلتزام فهو غير قابل مطلقا ألن يكون قيدا ألحد العوضين، فإن--------------------

(١) عوالي الآللئ ٣: ٢٢٥، رواية ١٠٣، باب التجارة.(٢) وسائل الشيعة باب ٢٠ من أبواب المهور، ح ٤، ذيله.

(٣) حاشية اآلخوند ٢٣٧.(٤) تعليقة ٧٩.

(١٨٠)

Page 183: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

االلتزام ال يملك بتبع مملوكية العوضين، وإنما يقبل أن يكون قيدا لنفس البيع،بمعنى أن المحقق بالعقد الخاص التزام بيعي مقيد بالتزام آخر بوصف أو عمل أونتيجة، والوفاء بالعقد المقيد هو العمل بمقتضى ذات المقيد وقيده، ودليل لزوم

الوفاء بالمطابقة كما عرفت دليل على النفوذ بااللتزام، فكما أن وجوب الوفاء بذاتالعقد مرتب على نفوذه، فكذلك وجوب الوفاء بقيده مرتب على نفوذ قيده وهوااللتزام، فيستحق الوصف والعمل في االلتزام بهما، وتحصل الملكية في االلتزام

بالنتيجة، فدليل الوفاء بالعقد من جملة األدلة على الوفاء بااللتزام الضمني مطلقا،وهو كاشف عن نفوذه فيما له من األثر، فافهم وتدبر.

ومنها: أن النتيجة التي ال سبب مخصوص لها هل المراد بها آثار العقودوااليقاعات أو يمكن حصول مضامينها بالشرط أيضا؟ بمعنى أن الملكية - التي هيأثر البيع والهبة والصلح والحيازة، بل قهرا كاإلرث - هي القابلة لالشتراط أو يمكن

اشتراط كون العين الكذائية مبيعا بكذا بحيث يلحقه أحكام البيع بعنوانه.والتحقيق: أن الشئ ربما يتعدد أسبابه، وال ينحصر في سبب خاص، وأخرى له

سبب واحد لكنه يتعدد أطواره، مثال الملكية - بما هي ملكية - لها أسباب متعددة منالبيع والصلح وغيرهما، بخالف عنوان البيع فإن سببه هو انشاء البيع، وإن كان يتحقق

انشاؤه تارة بلفظ " بعت " و " شريت " و " ملكت "، وأخرى باأللفاظ المجازيةوالكنائية.

ومن البين أن التوسعة من الجهة الثانية ال ربط لها بالتوسعة من الجهة األولى، فإنحقائق العقود متبائنة ال معنى لحصول بعضها ببعض، فالصلح على ملكية عين

بعوض مغائر للبيع حقيقة وإن كان األثر واحدا، وال يعقل تحقق حقيقة البيع بحقيقةالصلح وإن أمكن انشاء البيع بلفظ " صالحت " مجازا أو كناية، ولذا ال يجري على

الصلح أحكام البيع مع وحدة األثر، لكنه يجري أثر البيع إن أريد حقيقة البيع بلفظ" صالحت " مجازا مثال، ومنه يتضح أن القابل لالشتراط هي الملكية التي ليس لها

سبب خاص، ال البيع المغائر لعنوان الشرط كمغائرته لعنوان الصلح.ومنه تعرف أن حال الوكالة حال البيع فإن الوكالة كما أنها عنوان مغائر لعنوان

(١٨١)

Page 184: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اإلذن في التصرف واألمر بالتصرف وال يجري أحكامها عليهما كذلك عنوان مغايرلعنوان الشرط، فال معنى لحصولها به، وكما أن أثر الوكالة وهي السلطنة على

التصرف يتحقق بالوكالة وباإلذن في التصرف وباألمر به كذلك بالشرط، فإن هذهالنتيجة علم أنه ال سبب مخصوص لها، وهذا بخالف الزواج فإن أثره وإن كان ملك

البضع والسلطنة على االستمتاع بالمرأة، لكنه علم أن هذه النتيجة وهذا األثر اليتحقق إال بعنوان الزواج، فكما أن حقيقة الزواج ال يحصل بالشرط كذلك أثره وهي

السلطنة على البضع ال تثبت إال بالزواج، فالزواج ال يحصل بالشرط لتغائر العنوان،ونتيجته ال تحصل بالشرط النحصار سببها في الزواج، فالبيع كالزواج من حيث

العنوان ويتفاوت معه من حيث األثر.ومنه تعرف صحة ما أفاده في المتن من جعل االنعتاق مما له سبب مخصوص،وجعل الحرية مشكوك الحال، فإن الحرية وزوال الرقية يحصل بالعتق وبالتنكيل

وبحدوث بعض األمراض، وأما االنعتاق وكون العبد معتقا بحيث يترتب عليه أحكامالعتق فهو منحصر في ايجاد عنوان العتق بالصيغة الخاصة.

فتحصل من جميع ما ذكرنا أن شرط النتيجة إن أريد به شرط عنوان من عناوينالعقود وااليقاعات بنحو اسم المصدر ال المصدر ليرجع إلى شرط الفعل فال يصحمطلقا، لتقابل بعضها مع بعضها اآلخر، والمقابل ال يتحقق بالمقابل، فإن البيع مثال

تمليك عين بعوض بال عنوان، فمع التمليك بعنوان المسالمة أو بعنوان الشرطمتقابالن تقابل الماهية بشرط ال والماهية بشرط شئ.

وإن أريد به شرط أثر من آثار تلك العناوين فهو ينقسم إلى األقسام الثالثة منحيث العلم بانحصار سببه في شئ، والعلم بعدمه، والشك في االنحصار، فمورد

القسمة حينئذ هذا الشق دون الشق األول.

(١٨٢)

Page 185: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

شرط الفعلالمسألة األولى: في وجوب الوفاء تكليفا

- قوله (قدس سره): (في وجوب الوفاء من حيث التكليف الشرعي... الخ) (١).الكالم تارة في وجوب الوفاء بشرط الفعل تكليفا محضا، وأخرى في استحقاق

المشروط له على المشروط عليه ايجاد ما اشترط له، أما الكالم في وجوب الوفاءتكليفا فالعمدة مما يستدل به عليه قوله (صلوات الله عليه) (المؤمنون عند

شروطهم) توضيحه: أن محتمالت هذه القضية الخبرية المراد بها التشريع بوجه إماالصحة والنفوذ ابتداء، وإما التكليف بالوفاء وإن كان داال على النفوذ بااللتزام، وإمااللزوم وضعا، وال ريب أن ظاهر كون المؤمن عند شرطه هو مالزمته إياه، والقيام

بمقتضاه، وقد تحقق في محله (٢) أن االخبار بالتحقق يناسب إرادة التحقق والبعثنحوه، فيناسب االخبار بمالزمة المؤمن التكليف بمالزمته إياه والعمل بمقتضاه،

وليس االخبار بمالزمته مناسبا ابتداء للصحة والنفوذ، فإنه ال اخبار بتحققه منه حتىيكون كناية عن نفوذه عند الشارع، نعم ال يكلف بمالزمة ما ال واقعية له شرعا، وأما

اللزم الوضعي وعدم انحالل الشرط فهو صفة في الشرط ال في المشروط عليه.وظاهر النبوي كون المؤمن عند شرطه فهو ال ينفك عنه، ال أن الشرط ال ينفك في

نفسه أو ال ينفك عن المؤمن، فكيف يكون دليال على لزومه الوضعي كناية؟! بلاللزوم ليس كالصحة بحيث يكون الدال على التكليف بالوفاء به داال على لزومه،

لمجامعة التكليف بالوفاء مع قابلية العقد أو الشرط لالنحالل، بل قد مر في محله أنوجوب الوفاء حقيقة ال عمال متفرع على قبوله لالنحالل وإال لكان تكليفا بغير

المقدور.ثم إنه بعد الفراغ عن أن مفاد القضية هو التكليف بالوفاء دون غيره فهل هو على

وجه الحتمية والوجوب أو على سبيل الفضل واالستحباب؟--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٣ سطر ٣٢.(٢) نهاية الدراية ١: ٣١٢.

(١٨٣)

Page 186: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومجموع ما يمكن االستشهاد به للوجوب أمور:أحدها: ظهور نفس الجملة الخبرية الواردة مورد االنشاء على نحو الكناية، بتقريب:

أن االخبار بالوقوع ال أنه يناسب إرادة الوقوع فقط ليالئم االستحباب أيضا، بل تتعيناإلرادة الحتمية، فإن البعث الذي ال ينفك عنه المبعوث هو اللزومي، وأما غيره فربما

يكون وربما ال يكون، ولذا قيل إن الجملة الخبرية أبلغ وأظهر من الصيغة.ثانيها: ورود سنخ هذه القضية مستدال بها لألمر بالوفاء كقوله (عليه السالم): (من

شرط المرأتهشرطا فليف لها به، فإن المسلمين عند شروطهم) (١)، وكقوله (عليه السالم) (فقل له

فليتم للمرأةشرطها، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: المسلمون عند شروطهم) (٢)

ومورده شرط الفعل كمايظهر بالمراجعة، وعنوان الوفاء واالتمام - الذي هو معنى الوفاء لغة - غير عنوان أداء

ما يستحقه الغير، ليقال كما عن شيخنا األستاذ (قدس سره) (٣) أن نفوذ الشرطيوجب ثبوت

الحق، وأداء الحق عند مطالبته واجب، ليكون مرجع الخبرين إلى وجوب األداءلنفوذ الشرط بقوله (عليه السالم) (المؤمنون أو المسلمون عند شروطهم)، مضافا إلى ما

مر منعدم مناسبة مفاد القضية للنفوذ والصحة.

ثالثها: جعل المؤمن موضوعا للقضية، ال من حيث إن االيمان واجب فالعملبالشرط واجب، فإنه إنما يستفاد إذا قيل الوفاء من االيمان، بل من حيث إن مفهومقوله " المؤمن عند شرطه " أن من ال يكون عند شرطه ال يكون مؤمنا، وال يكونكذلك إال إذا كان عاصيا وتاركا للواجب حتى يستحق الحكم بعدم ايمانه مبالغة.

رابعها: ما في بعض الروايات (المؤمنون عند شروطهم إال من عصى الله) (٤) فإرادةالعصيان في العمل بالشرط ال العصيان في االشتراط، فيكون استثناءا من المشروط

عليه الذي تكليفه الوفاء وكونه عند شرطه، ال من الشارط سواء كان هو المشروطعليه بالتزامه أو المشروط له بالزامه، وظاهر العصيان هو المخالفة للتكليف ال مخالفة

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٤٠ من أبواب المهور، ح ٤.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٢٠ من أبواب المهور، ح ٤، وفيه (المؤمنون عند شروطهم).(٣) حاشية اآلخوند ٢٤٥.

(٤) مستدرك الوسائل ١٣: ٣٠٠، باب ٥، ح ١٥٤٢٠، وفيه (إال شرطا فيه معصية).

(١٨٤)

Page 187: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الوضع، والمخالفة من حيث االشتراط من الثاني فيتأكد ظهور االستثناء ممن شأنه أنيكون عند شرطه وهو الشارط الذي يجب عليه الوفاء بظهور العصيان في مخالفة

التكليف اللزومي.ويبعده أن القضية حينئذ خبرية محضة غير متكفلة لحكم تكليفي وال وضعي،

ألن مفادها حينئذ أن المؤمن يفي بشرطه إال المؤمن العاصي لله، وهو بعيد لعدمارتباطه بالنبي واإلمام (عليه السالم) المعدين لتشريع األحكام وتبليغها إلى األنام، وغير

مناسبلالستدالل بها اليجاب الوفاء إال بتكلف، وغير موافق لسياق سائر األخبار المتكفلة

الستثناء الشرط المخالف والشرط المحرم للحالل والمحلل للحرام.هذا وفي الوجه األول بل الثاني كفاية الثبات وجوب الوفاء، وعن بعض

األعالم (قدس سره) المناقشة في إفادتها للوجوب، ألن تعليق الوفاء على االيمان دليلالفضل

والندب، نظير قوله (المسلم إذا وعد وفى) (١)، وألن الحمل على الوجوب يستلزمالتخصيص الكثير، لعدم وجوب الوفاء بالشروط الفاقدة ألحد شروطها الثمانية،ولعدم وجوب الوفاء بالشروط المذكورة في العقود الجائزة بالذات أو بالعرض،

لكونها خيارية.أقول: أما المناقشة األولى فإن أريد استظهار الفضل من كثرة ورود هذا التركيبومثل هذا التعليق في مورد الفضل، فيكون بمنزلة القرينة الصارفة لظهور الجملة

الخبرية في الوجوب فعهدته على مدعيه.وإن أريد أن جعل الوفاء من مقتضيات االيمان دليل على الفضل، وأن الوفاء من

صفات المؤمنين بعد لزوم اخراجها عن ظاهرها المقتضي لعدم كون التارك للوفاءمؤمنا، فيعلم منه أنه مقتضى كمال االيمان ال أصله.

فيندفع: بأن ترك الوفاء وإن لم يوجب الخروج من االيمان حقيقة إال أن الوفاء بلغإلى حد من الرجحان بحيث عد تاركه غير مؤمن، وهذا غير صحيح إال مع وجوبه،فإن من يصدق بوجوب شئ ومع ذلك يتركه فكأنه غير مصدق به، بخالف ما إذا

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١٠٩ من أبواب أحكام العشرة، ح ٢، قريب منه وبمعناه.

(١٨٥)

Page 188: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

كان مستحبا فإن التصديق باستحبابه المجامع مع جواز تركه يجامع الترك، فال موجبلعده غير مؤمن وال مصدق، وظاهر القضية أن المؤمن عند شرطه ال المؤمن الكاملفي مراتب االيمان، حتى يجامع الفضل، فإن كمال االيمان يقتضي رعاية المندوب

كرعاية الواجب، فلو ترك المستحب فهو مناف لكمال االيمان، وصح نفيه عنه.ومما يشهد إلرادة أصل االيمان تعليق الوفاء على اإلسالم في جملة من األخبار،

وال يراد منه قطعا اإلسالم بالمعنى الذي هو فوق مرتبة االيمان.وأما المناقشة الثانية: فبالنسبة إلى الشرط الفاسد ال موقع لها، إذ كما يجب االلتزامبخروجه بناء على وجوب الوفاء كذلك بناء على استحبابه، مضافا إلى أن الشرط

الفاسد لعدم القدرة أو الستلزام المحال أو اللغوية ونحوها، فالكل غير مشمول ألدلةالشروط إما لعدم تحققه أو النصرافه عنه.

وبالنسبة إلى الشرط المذكور في العقد الجائز ذاتا أو عرضا تندفع بأن وجوبالوفاء حكم الشرط ما دام الموضوع، فال ينافي قبوله لالنحالل بنفسه أو بتبع انحالل

العقد، وإنما ينافيه اللزوم الوضعي، فتدبر جيدا.هذا كله في وجوب الوفاء بالشرط بعنوانه، وأما بعنوان الوفاء بالعقد الخاص فقد

عرفت مجمل القول فيه في شرط النتيجة (١)، هذا تمام الكالم في الوجوب التكليفي.وأما الكالم في ثبوت الحق واستحقاق العمل فمختصر القول فيه: أن استفادة

الحق تارة من نفس مقام االنشاء فيكون نفوذه موجبا لثبوت مضمونه المتضمن علىالفرض لجعل الحق، وأخرى من آثار الشرط كترتب جواز االجبار المنتهي إلى

الحاكم، وعدم وجوب األداء إال عند المطالبة، وجواز االسقاط، فإنه لو لم يكن حقلم تكن سلطنة على االجبار الذي أمره بيد ذي الحق دون األمر بالمعروف الواجب

على كل أحد، وعلى أي حال كما أنه يجب األداء ولو لم تكن مطالبة من المشروطله، كما أنه ال معنى السقاط التكليف، وثالثة من أدلة الشروط عموما وخصوصا كما

قد يدعي داللتها على االستحقاق.--------------------

(١) تعليقة ٨٠.

(١٨٦)

Page 189: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أما األول فنقول: حقيقة شرط الفعل االلتزام بالعمل لآلخر، فيكون كاإلجارة حيثإنها أيضا التزام بالعمل للمستأجر، فكما أن كون العمل له يفيد االختصاص الملكي

كذلك االلتزام الشرطي بالعمل للمشروط له يفيد االختصاص الحقي.وال يقال: إن اإلجارة تمليك المنفعة، وإن كان مورد االلتزام، وال تمليك وال جعل

االستحقاق هنا، وإال كان من شرط النتيجة، بل مجرد االلتزام بالعمل له.فإنه يقال: إن مفهوم اإلجارة ليس عين مفهوم تمليك العمل، بل جعل نفسه لعملخاص باألجرة، فالتمليك مستفاد من هذا الجعل، وليس لبه إال االلتزام بالعمل له،فكما أن الالم في باب اإلجارة تفيد االختصاص الملكي فكذلك في باب الشرط.وال يقاس الالم هنا بالالم في النذر، نظرا إلى أن الالم في قوله " لله علي أن أفعل

كذا " الم الصلة ال الم الملك كذلك هنا، فإن االلتزام إذا كان بين طرفين فال محالة منأحدهما لآلخر، فحقيقة الشرط االلتزام لشخص بعمل ال االلتزام بعمل لشخص.

وجه فساد القياس أن الملك االعتباري الذي يتسبب إليه باألسباب االنشائيةمفقود في حقه تعالى، وإن كان تعالى شأنه مالكا بأتم أنحاء المالكية إال أنه نحو آخر

من الملكية الحقيقية للمالك واألمالك، فهذه قرينة على أن الالم في النذر للصلة اللالختصاص الملكي، وليس مثل هذا الصارف في ما نحن فيه.

واالنصاف: أن الالم وإن كان متعلقا بالعمل ال يستلزم االختصاص، فإذا قيل" التزمت لك بالخياطة لزيد " صح ومع ذلك ال يستحق زيد شيئا، وإنما المستحق على

القول به هو المشروط له دون األجنبي، ولذا ال شبهة في أن أمر هذا الشرط مطالبةواسقاطا بيد المشروط له ال بيد الثالث، فال فرق بين االلتزام له بعمل وااللتزام بعمل

له.نعم ال يبعد أن يقال إن ظاهر االلتزامات في باب المعامالت والمعاوضات هو

تمليك العمل بالتزامه وتسليط الغير على نفسه، خصوصا إذا كان للملتزم به عوض،كما إذا التزم في ضمن المعاملة بخياطة ثوبه بدرهم، فإن العرف ال يكاد يرتابون فيأن أحدهما يملك العمل، واآلخر يملك الدرهم، ال أن هذا االلتزام محقق لوجوب

(١٨٧)

Page 190: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

العمل ولوجوب اعطاء الدرهم فقط.وأما الثاني: فهو نعم الطريق إلى استفادة الحق، والظاهر ثبوت آثار الحق، وجواز

االجبار وإن كان محل الكالم إال أن جواز االسقاط مما لم ينقل فيه خالف، كما أنالظاهر عدم لزوم العمل مع عدم المطالبة كما عليه الطريقية العرفية.

وأما الثالث: فالعمدة قوله (عليه السالم) (المؤمنون أو المسلمون عند شروطهم) وقد مرمفصال أن غاية داللته على وجوب الوفاء تكليفا ال على اللزوم وضعا، وال على

الصحة بالمطابقة، ومن الواضح أن التكليف بما هو ال يالزم االستحقاق، خصوصا إذاكان بعنوان الوفاء المحبوب عقال وشرعا، فدعوى أن الوفاء ال نفسية له بل هو عنوان

لفعل الخياطة - بما هي للغير ومما يستحقه - غير مسموعة، فتدبر.- قوله (قدس سره): (خالفا لظاهر الشهيد في اللمعة... الخ) (١).

ال يخفى عليك أن ما أفاده الشهيد (قدس سره) في اللمعة وإن كان ال يعم شرط الفعلوالنتيجة، بل يختص باألول كما استظهره المصنف (قدس سره) على خالف ما

استظهرهشارحها (رحمه الله) حيث إن قوله (قدس سره) (فال يجب على المشروط عليه فعله...

الخ) (٢) إنما يقالفيما كان له فعل وترك، ال النتيجة التي لها وقوع وال وقوع، وليس عنوان كالمه

وجوبالوفاء بالشرط حتى يقال إن شرط النتيجة وإن لم يكن له فعل لكنه له وفاء بمعنىترتيب اآلثار، فيعم شرطي الفعل والنتيجة وهو واضح، إال أن ما حكي عن دروسه

في باب شرط تأجيل القرض ظاهر في العموم، حيث قال: (ولو شرط تأجيله في عقدالزم قال الفاضل يلزم تبعا لالزم، ويشكل بأن الشرط في الالزم يجعله جائزا فكيف

ينعكس) (٣) انتهى.وكيف كان فالحري تحقيق كالمه في الفرق بين شرط الفعل والنتيجة، فإن كون

التعليق الذي هو أحد اطالقات الشرط في قبال التقييد وااللتزام موجبا لبطالن البيع،وكون الزمه عدم حصول البيع مع عدم حصول المعلق عليه، ال انقالب الالزم جائزا

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٣ السطر األخير.

(٢) الروضة البهية ٣: ٥٠٦.(٣) الدروس ٣: ٣٢٤.

(١٨٨)

Page 191: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مما ال ينبغي أن ينسب الغفلة عنه إلى الشهيد الوحيد في الفقاهة فنقول:للعقد اطالق من حيث فعلية الصحة والتأثير في الملكية مثال، واطالق من حيث

اللزوم بمناسبة المقام فإن بعض القيود ال يناسب اللزوم، وال يناسب كونه قيدا ألحدالعوضين، فال محالة يكون قيدا للتأثير في الملكية كمجئ زيد مثال، فالقضية حينئذ

تعليقية، كما إذا قال " بعت كذا إن جاء زيد " فهو تعليق محض ال تقييد وال التزام،وبعض القيود قابل ألن يكون قيدا ألحد العوضين، وقابل لتعليق الملكية عليه،

وقابل لاللتزام به كخياطة الثوب، فيصح بيع الدار المنضم إلى الخياطة والمقيد بها،كما يصح االلتزام بها في ضمن البيع، ومثلها إذا علق عليها البيع، كما إذا باع الدار من

زيد إن خاط الثوب كان البيع تعليقيا، وبعض القيود ال يكون إال تقييدا للزوم العقدكشرط الخيار، فإنه ال يعقل أن يكون معلقا عليه للملكية، كيف؟ وال خيار إال على

فرض تأثير العقد، كما ال معنى ألن يكون مثله تقييدا ألحد العوضين، فإن حق الخيارال يملك بالبيع.

وعليه نقول إن شرط ما يوجب تخلفه الخيار يناسب أن يكون قيدا للزوم، فإنه اليمكن فعلية اللزوم على أي تقدير مع خياريته على تقدير، فمراد الشهيد (قدس سره) من

تعليقالبيع على شرط الفعل هذا المعنى من التعليق، وتقييد اطالق العقد من حيث

اقتضائه للزوم، وال يخفى أن القيد وإن كان هو االلتزام بالخياطة وهو أمر فعلي التقديري، إال أن العبرة بالملتزم به ال بااللتزام بما هو، فااللتزام طريقي، فكأن االطالق

من حيث اللزوم مقيد بنفس الخياطة، وحيث إن الخياطة قابلة للفعل والترك فهيممكنة، فالخيارية ممكنة، والمقيد بالممكن ممكن، فإن المقيد بأمر تقديري

تقديري، فال محالة يكون اللزوم مراعى واقعا بفعل الخياطة، وحيث إن هذه الفائدةمتصورة في شرط الفعل وهو معنى جعل العقد عرضة للزوال فال موجب لاللتزام

بوجوب الفعل على المشروط عليه.وأما شرط النتيجة فإنه ال معنى لصحته إال تأثيره في حصول النتيجة، فال ملزم

بجعل الغرض منه جعل العقد في عرضة الزوال، بل ال يعقل أن يكون هذا غرضا

(١٨٩)

Page 192: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ابتدائيا، بخالف شرط الفعل فإنه صونا للغويته مع عدم وجوب الفعل يمكن جعلالغرض منه ما ذكر، وهو معنى صحة الشرط، فصحة الشرط تارة بمعنى تأثيره في

شئ كشرط النتيجة، وأخرى صيرورته موضوعا لوجوب الوفاء كما في شرط الفعلعلى القول بوجوب الوفاء كما هو المشهور، وثالثه بتأثيره في االستحقاق زيادة علىوجوب الوفاء كما هو مختار جماعة، ورابعة تأثيره في جعل العقد الالزم بطبعه في

معرض الزوال كما هو مختار الشهيد (قدس سره).وال يؤول هذا القول إلى جعل الخيار على تقدير التخلف، بل حيث إن الشرط

المستجمع للشروط الثمانية موضوع محكوم بالخيار على تقدير التخلف، فيكونالغرض منه ايجاد هذا الموضوع الكذائي وتقييد العقد به من دون حاجة إلى فرض

وجوب الفعل أو االستحقاق، وحينئذ يندفع عنه جميع ما أورده المصنف (قدس سره)،فإنه

مبني على استفادة تعليق أصل العقد على الفعل المشروط.نعم يرد على انكاره لوجوب الوفاء واالقتصار على الفائدة المزبورة تصحيحا

للشرط ما قدمناه (١) من الوجوه الدالة على داللة قوله (عليه السالم) (المؤمنون عندشروطهم)

على الوجوب، فتدبر.المسألة الثانية: هل يجبر عليه لو امتنع

- قوله (قدس سره): (فاألقوى ما اختاره جماعة... الخ) (٢).علل جواز االجبار ابتداء بوجوب الوفاء، ثم علل اقتضاء وجوب الوفاء لذلك بأنالعمل بالشرط كتسليم العوضين، ثم علل التمثيل بأن المشروط له قد ملك الشرط

على المشروط عليه، وفي الكل نظر:أما اقتضاء وجوب الوفاء - بما هو وجوب الوفاء - لالجبار فال وجه له، بل االجبار

مترتب على االستحقاق سواء كان تكليف بالوفاء أم ال، لما مر من أن وجوب أداء مايستحقه الغير غير وجوب الوفاء بما هو وإن لم يكن استحقاق، كما أن االستحقاق

--------------------(١) تعليقة ٨١.

(٢) كتاب المكاسب ٢٨٥ سطر ٤.

(١٩٠)

Page 193: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يثبت ويجوز االجبار ألجله وإن لم يكن عنوان الوفاء.وأما اقتضاء وجوب الوفاء لكون العمل بالشرط كتسليم العوضين فال وجه له

أيضا، فإن العمل بالشرط وإن كان وفاء بالشرط كما مر إال أن تسليم العوضين أجنبيعن الوفاء كما سيأتي اإلشارة منه (قدس سره) إليه.

وأما اقتضاء كون العمل وفاء كتسليم العوضين لملك الشرط كملك العوضين فالوجه له أيضا، ألن كونه وفاء باعتبار أنه ملتزم به، والقيام بمقتضاه ايجاده، وأين هذا

من الملك واالستحقاق، وسيأتي إن شاء الله تعالى منه (قدس سره) عدم ملك الشرطفي بعض األفعال المنافي لهذه الكلية، فالصحيح أن مقتضى التكليف المحض وجوب

االجبارال جوازه من باب األمر بالمعروف، ومقتضى االستحقاق وإن لم يكن تكليف بالوفاء

جواز االجبار، ال من حيث إنه يجب عليه أداء ما يستحقه الغير، بل من حيث إنهامتناع عما يستحقه الغير، فالعمدة في السلطنة على االجبار ثبوت االستحقاق، فمن

يقول به ال بد له من القول بها، وإال فال.وقد مر ما يتعلق بأمر االستحقاق ثبوتا ونفيا، وقد عرفت أن األقوى ثبوته، نعم

ربما أمكن القول بالفرق بين شرط عمل يقابل بالمال كالخياطة فيملك بالشرط،وشرط عمل ال يقابل بالمال كشرط العتق، فهو مجرد استحقاق، وجواز االجبار ورفعأمره إلى الحاكم ليجبره عليه أثر االمتناع عن أداء المال، دون مجرد االستحقاق، ولذا

ترى في الكلمات المنقولة عن األصحاب في الكتاب أن بعضهم مع اعترافه بأنالعتق حق للبائع يقول ليس له االجبار، ولكن بعض كلماتهم األخر مطلق، واالعتبار

بالدليل والبرهان فنقول:السلطنة على االجبار من شؤون السلطنة الثابتة بقوله (عليه السالم) (الناس مسلطون على

أموالهم) سواء أريد المال المضاف بإضافة الملكية أو بإضافة الحقية، أو أريد األولوثبت الثاني بالفحوى، نظرا إلى أن السلطنة على األقوى يستلزم السلطنة على

األضعف بالفحوى، لكنه لما كان الموضوع هو المال فال عموم وال فحوى إال فيالمورد المذكور، فالحق الغير المالي كحق العتق ونحوه خارج عن الموضوع، فال دليل

(١٩١)

Page 194: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

على السلطنة على استيفائه ولو باالجبار، والسلطنة على االسقاط لم تثبت بعمومالناس، بل للقاعدة المسلمة أن لكل ذي حق اسقاط حقه.

نعم االنصاف: أن مناط جواز االستيفاء ولو بالقهر في الحقوق المالية ثابت فيالحقوق الغير المالية أيضا بمقتضى فرض الحقية المقتضية لكون زمام متعلقها بيده،فله استيفاؤه منه قهرا، فإنه ليس لمن عليه الحق حق االمتناع عنه قطعا، والله أعلم.

- قوله (قدس سره): (من توجيه عدم االجبار بأن له طريقا... الخ) (١).الفرض تارة عدم االجبار فيما كان له الخيار، وإنما له االجبار فيما لم يكن له خيار،

وأخرى أن للمشروط له طريقين بكل منهما يندفع ما يلحقه من ضرر فوات مايستحقه من المشروط عليه الممتنع عن أدائه، وظاهر كالمه في جامع المقاصد هو

الثاني، حيث قال: (ألن للبائع طريقا آخر وهو الفسخ) (٢) ومقتضاه عدم تعين االجبارال عدم جوازه، كما أن مقتضى األول عدم جوازه، وحيث إن السلطنة على االجبار -

كما عرفت - من شؤون السلطنة على استيفاء الحق ممن عليه الحق - ال من حيثلحوق الضرر المنفي بقاعدة الضرر - فال وجه لكال الوجهين، فتدبر.

المسألة الثالثة: مع التمكن من االجبار هل يحق له الفسخ- قوله (قدس سره): (وال نعرف مستندا للخيار مع التمكن من االجبار... الخ) (٣).

ينبغي تحقيق حال مدرك خيار التخلف من االشتراط حتى يتضح أنه في عرضاالجبار أو في طوله وعند تعذره فنقول:

المعروف في اثبات الخيار هو التمسك بقاعدة نفي الضرر، وقد مر مرارا أنالمنفي عند المصنف (قدس سره) هو الحكم الضرري ابتداء، وعند شيخنا األستاذ

(قدس سره) هوالموضوع الضرري فينفي حكمه المناسب رفعه لالمتنان.

فعلى األول يقال: إن لزوم العقد ضرري من ناحية امتناع المشروط عليه، فلو لم--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٥ سطر ٥.(٢) جامع المقاصد ٤: ٤٢٢.

(٣) كتاب المكاسب ٢٨٥ سطر ١١.

(١٩٢)

Page 195: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يتمكن من فسخ المعاملة وال من اجبار المشروط عليه يستقر عليه الضرر، فال ضررحينئذ مع التمكن من االجبار فال خيار.

ويمكن أن يقال: إن المانع من تحقق الضرر فعلية االجبار ال جواز االجبار، بلمرجع الجواز إلى التمكن من رفع ضرر اللزوم، والمنفي هو الحكم الضرري ال الحكم

الضرري الذي ال يتمكن من رفعه، وبعبارة أخرى مرجع جواز االجبار إلى امكانتدارك ضرر اللزوم شرعا، والمرفوع هو الضرر ال الضرر الغير المتدارك، فيكون الخيار

في عرض جواز االجبار.ومما ذكرنا تعرف ما في تعليله (قدس سره)، حيث قال (رحمه الله) (إن مقتضى العقد

المشروط هوالعمل على طبق الشرط اختيارا أو قهرا... الخ) (١) فإن غاية مقتضاه أنه كما ال ضرر

معالعمل بالشرط اختيارا كذلك مع العمل به قهرا إال أن الثابت مع االمتناع جواز االجبار

ال فعلية االجبار المحقق للعمل، ولزوم العقد مع االمتناع ضرري سواء جاز رفعهبالترخيص في االجبار أم ال، هذا على مسلكه (قدس سره).

وأما على الثاني وهو مسلك شيخنا األستاذ (قدس سره) فال خيار أصال، ألن المحققهنا من

الموضوعات التي لها حكم العقد والشرط واالمتناع، والعقد ليس بضرري كما فيبيع العين حتى يرتفع حكمه، والشرط موافق للغرض فال ضرر من قبله، واالمتناع

ضرري القتضائه فوات العمل الذي يستحقه، وحكمه المناسب للرفع جوازه وحرمةاالمتناع، وجواز االجبار ال دخل له باللزوم والخيار، بل غاية مقتضاه رفع جواز

االمتناع ال اثبات جواز االجبار بقاعدة نفي الضرر.ومن جميع ما ذكرنا تبين أنه بناء على االستناد إلى قاعدة الضرر إما ال خيار وإماهو في عرض جواز االجبار، وأما إذا استندنا في الخيار إلى االجماع فال شبهة أنالمتيقن من مورده صورة تعذر االجبار، وربما يستند في الخيار إلى نظير ما ذكرنا

سابقا (٢) في تقريب كالم الشهيد (قدس سره) بتقريب: أن اطالق العقد من حيثاللزوم مقيد

بااللتزام بالخياطة مثال، وحيث إن االلتزام طريقي وال موضوعية له، نظرا إلى أن--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٥ سطر ١١.(٢) تعليقة ٨٢.

(١٩٣)

Page 196: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الفرض المعاملي مترتب على فعل الخياطة ال على مجرد االلتزام، فال محالة يكونالقيد المرتبط به اللزوم فعل الخياطة، فمع تركها ال لزوم، وعليه فيكون الخيار أيضا

في عرض جواز االجبار ال في طوله.ويندفع: بالفرق بين ما نحن فيه وما ذكرنا في تقريب كالم الشهيد (قدس سره)، فإن

الخيار فيكالم الشهيد (قدس سره) مفروغ عنه، وما هو شأن المشترط ايجاد موضوع محكوم

بعد (١)اللزوم، فإن العقد المجرد عن شرط الخيار وعن شرط ما يوجب تخلفه الخيار

محكوم باللزوم، فمع تقيده بأحد األمرين ال لزوم شرعا، والكالم هنا في أصل اثباتالخيار، ومن الواضح كما ذكرنا في أوائل الخيارات (٢) أن اللزوم والجواز حكمانشرعيان، ال من األمور التسبيبية بال واسطة أو معها، حتى يكون أمرها اطالقا وتقييدا

بيد المتعاملين، فتدبر جيدا.- قوله (قدس سره): (إال أن يقال إن العمل بالشرط... الخ) (٣).

حاصله: اثبات نتيجة الخيار في عرض االجبار، وتقريبه: - بعد وضوح أن االجبارموضوعه فرض امتناع من عليه الحق، وبناء من له الحق على استيفائه منه - أن امتناع

المشروط عليه ترك الوفاء وهو نقض للعقد، فللمشروط له أيضا نقضه فيكون تقايالمنهما.

والفرق بين االمتناع عن تسليم أحد العوضين حيث ال يحكمون بكونه نقضاوفسخا حتى يسوغ لآلخر فسخ العقد وبين االمتناع عن العمل - الذي هو تسليم مايستحقه اآلخر - هو أن الوفاء كما مر سابقا يختلف باختالف المقامات، ففي مثلالبيع الذي مقتضاه الملكية الحاصلة بمجرد العقد ليس الوفاء به إال القيام بمقتضاه

وابقاء الملكية على حالها بعدم حل العقد ونقضه، وفي مثل االلتزام بالعمل ليسالقيام بمقتضاه إال ايجاد العمل، فحيث إن تسليم العمل عين ايجاده، وهو عين ما

يقتضيه االلتزام، فالوفاء به ايجاده وتسليمه، وحيث إن تسليم العين ليس عين ما--------------------

(١) هكذا في األصل، ويحتمل أنها (بعدم).(٢) ح ٤، تعليقة ٨.

(٣) كتاب المكاسب ٢٨٥ سطر ١٢.

(١٩٤)

Page 197: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يقتضيه العقد، ألنه لم يقتض عمال، بل اقتضى ملكية العين فليس عدم تسليمهنقضا، حيث إنه ليس تسليمه وفاء.

وهذا التقريب أولى من جعل الفارق أن كال من المتبايعين ملك ما في يد اآلخر،وال يخرج عن ملكه بعدم تسليم اآلخر، بخالف الشرط فإن المشروط حيث فرض

فعال كاالعتاق فال معنى لتملكه كما عن المصنف (قدس سره)، وجه األولوية أنه الفرق بين

الملك واالستحقاق، فكما ال يخرج الملك عن ملكية صاحبه باالمتناع كذلك اليخرج الحق بامتناع من عليه الحق عن كونه مستحقا للغير، مضافا إلى أنه ال وجهلحصر العمل المشروط في مثل االعتاق الذي ال يعد ماال حتى يملك، فإن الخياطة

مال قابل ألن يملك، وهي مورد الشرط الذي يبحث عنه.نعم يرد على أصل التقريب أوال: أن المراد بالوفاء إما الوفاء الحقيقي أو الوفاء العملي،فإن أريد األول فكما أن العقد له ابقاء وحل فكذا الشرط مطلقا، وإن أريد الثاني فكما

أن ترك العمل المشروط نقض عملي للشرط فكذا ترك تسليم العين نقض عمليللعقد، وبناؤه (قدس سره) كما صرح به في أوائل الخيارات (١) على الثاني، وعليه

فالشرطكالعقد على الوفاء الحقيقي، والعقد كالشرط على الوفاء العملي، فال وجه للفرق.

وثانيا: أن ترك الوفاء ليس نقضا، فإن النقض في قبال االبرام، واالبرام يساوقاللزوم، والنقص يساوق الحل والفسخ، والوفاء وترك الوفاء في ظرف انحفاظ العقد،

ال أن ترك الوفاء بالعقد حل له، وليس تجويز الفسخ تخصيصا في دليل الوفاء، بلاعدام لموضوع الوفاء، فإن سنخ الوفاء بشئ غير قابل للتخصيص.

وثالثا: أن التقابل ال يكون إال باالتفاق على حل شئ، ونقض المشروط عليهلشرطه باالمتناع عن العمل ال يقابل نقض المشروط له للعقد، فال اتفاق منهما ال علىنقض العقد وال على نقض الشرط، نعم إن كان الشرط بمعنى تقييد أحد العوضين الااللتزام الضمني كان مورد النقض واحدا، لكنه ال بحث عنه، بل البحث في االلتزام

الضمني الذي له وفاء ونقض بالخصوص، فتدبر جيدا.--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢١٥ سطر ١٣.

(١٩٥)

Page 198: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المسألة الرابعة: إذا تعذر الشرط فهل للمشروط الخيار أو األرش- قوله (قدس سره): (لو تعذر الشرط فليس... الخ) (١).

توضيح المقام برسم أمور:منها: أن تعذر متعلق الشرط من وصف أو نتيجة أو عمل تارة يكون ذاتيا أصليا،

وأخرى يكون عرضيا طارئا، فاألول وإن كان الشرط مستجمعا للشروط الثمانية اليعقل أن يؤثر الستحالة استحقاق الوصف المفقود في العين الشخصية، والستحالة

حصول ملكية ما ال يقبل الملكية، والستحالة استحقاق العمل الذي ال يمكن ايجاده،إال أنه إن بنينا على عدم فساد العقد بفساد الشرط مطلقا، أو بعدم فساده من ناحية

تخلف الشرط المستجمع لجميع الشروط فال محالة يعقل ثبوت الخيار المرتب علىالعقد الصحيح، بخالف ما إذا بنينا على فساد العقد بفساد الشرط مطلقا، فإنه ال

مجال للخيار، حيث ال عقد حتى يستحق حله وفسخه.منها: أن التعذر إن كان ذاتيا فسواء لوحظت المعاملة أو لزومها يثبت الخيار

لضررية المعاملة المتضمنة للشرط المتخلف، وضررية لزوم مثلها وإن كان عرضياطارئا، فحاله حال التخلف من الشرط واالمتناع من أدائه من حيث اختالف حالالمعاملة حكما وموضوعا من حيث الضرر كما مر، إال أنه ال اشكال على ما هو

المعروف في الخيار من دون فرق بين التعذر الذاتي والعرضي، بل أغلب الكلماتناظر إلى طرو التعذر.

منها: أن الشرط إما بمعنى التقييد وإما بمعنى االلتزام الضمني، فإن كان بمعنىالتقييد فالمقابلة المقتضية لألرش ولو بالمعنى األعم تارة تالحظ بين ذات القيد

وأحد العوضين، وأخرى بين المقيد - بما هو مقيد - وأحد العوضين، أما إذا لوحظالقيد ففيه:

أوال: أن القيد ربما ال يكون ماال حتى يقابل بالمال.وثانيا: أن مقتضى القيدية خروجه عن الطرفية للعوض وإال لزم الخلف من فرض

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٥ سطر ١٧.

(١٩٦)

Page 199: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

القيد جزء.وأما إذا لوحظ المقيد بما هو مقيد فحيث إن المقيد ينحل إلى ذات المقيد وتقيده

فالمقابلة ولو تحليال وإن كانت متحققة بين أحد العوضين والتقيد، إال أن التقيد أمرانتزاعي ال مالية له، حتى يقع بإزاء المال ويقتضي عود بعض العوض بعينه أو

بماليته، وإن كان بمعنى االلتزام الضمني فإن لوحظ قيديته للبيع - كما هو الصحيح -فهو في رتبة البيع ال في رتبة المبيع، فيستحيل ما كان في رتبة البيع المتأخر عن رتبة

المبيع أن يقع مقابال للمبيع أو للثمن، وإن لوحظ قيديته للمبيع - كما هو خالفالتحقيق - فاألمر فيه كما مر بناء على التقييد من لزوم الخلف تارة، وعدم المالية

أخرى.منها: أن مجموع ما يتوهم للزوم األرش بالمعنى األعم أمور:

أحدها: ادراج المورد تحت عنوان العيب، ألن المبيع مثال لوحظ فيه وصفاالنضمام بوصف أو عمل، وتعذره يوجب نقصا في المبيع.

ويندفع: بأن العيب المقتضي لألرش ليس كل نقص، بل نقص وصف الصحة.ثانيها: أن الشرط وإن لم يكن مقابال ألحد العوضين في عالم االنشاء، لكنه مقابللمقدار من العوض في عالم اللب، وال منافاة بين القيدية في مرحلة، والجزئية في

مرحلة أخرى، إنما التنافي بينهما في مرحلة واحدة.ويندفع: بما مر مرارا أنه ال حقيقة للمعاملة والمقابلة إال في مرحلة التسبب

المعاملي إلى ملكية شئ بعوض، والسابق على هذه المرحلة ال شأن له إال شأنالمبادئ المؤدية إلى ايقاع المعاملة، ويستحيل أن تؤدي تلك المبادئ إلى ما ينافيها

جزئية وقيدية، فتدبر.ثالثها: أن الواقع بإزاء بعض العوض ليس هو متعلق الشرط ليلزم الخلف، بل بإزاء

نفس الشرط بمعنى أنه إنما بذل عشرة دراهم بإزاء الكتاب مع أنه ال يوازيه بحسبالمالية إال خمسة دراهم، لمكان االلتزام بالخياطة، ففي الحقيقة يكون بذل الخمسةالزائدة على مالية الكتاب في قبال االلتزام، وعليه فبذل الزائد في قبال الشرط كالهبة

(١٩٧)

Page 200: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بإزاء الهبة، فكما أن الموهوب ال عوض له وإنما العوض لنفس الهبة، كذلك الخياطةال عوض لها، والعشرة دراهم ال مقابل لها إال نفس الكتاب، إال أن بذل الخمسة بإزاء

نفس االلتزام بالخياطة.ويندفع: بأنه بعد فرض تمامية مقدماته يستحيل في شخص هذه المعاملة، ألنالملحوظ باالستقالل في مقام تعويض شئ بشئ نفس العوضين، وأما التعويض

فال يعقل أن يكون معوضا بعوض في هذه المعاوضة، بل في معاوضة أخرى يكونهذا التعويض فيها طرفا ملحوظا استقالال، فتدبره جيدا.

منها: أن الملتزم به إن كان ماال فمقتضى االشتراط استحقاق المال الخاص، فإنكان ذلك المال كليا كالخياطة فتعذر الخصوصية ال يمنع عن المطالبة بأصل المالية،وليس ذلك من جهة مقابلته مع الثمن، حتى يقال إنه قيد ال جزء، بل من جهة تملك

الكلي في ذمته بالشرط كتملكه باإلجارة.وإن كان شخصيا كمال العبد المشترط فتعذره ال يوجب جواز المطالبة ببدله

وبماليته، إال إذا فرض مضمن له، وتعذره قبل اقباضه ال يوجب انفساخ العقد فيبعض مقتضاه، حيث ال مقابلة في المعاملة، ومن حيث إنه تلف الوصف، نظرا إلى

أن المبيع هو العبد المصاحب للمال أيضا ال يوجب االنفساخ، لما مر سابقا أن ظاهرقوله (عليه السالم) (كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه) (١) تلفه بذاته كال أو

بعضا ال تلفهبوصفه، فإنه من باب الوصف بحال متعلقه.

ومما بينا يتضح عدم مجال لما استدركه بقوله (قدس سره) (وإن كان مقتضىالمعاوضة

... الخ) إال على الثاني ال مطلقا، ومورد كلمات العالمة هو الشق األول كما هوواضح.

المسألة الخامسة: لو تعذر الشرط وقد خرجت العين عن الملك- قوله (قدس سره): (لو تعذر الشرط وقد خرج العين... الخ) (٢).

--------------------(١) مستدرك الوسائل ١٣: ٣٠٣، باب ٩ ح ١٥٤٣٠، غوالي الآللي ٣: ٢١٢، رواية ٦٩.

(٢) كتاب المكاسب ٢٨٥ سطر ٣٠.

(١٩٨)

Page 201: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

توضيح المقام برسم أمور:منها: أن خروج العين عن سلطنة المشروط عليه تارة يكون مساوقا لتعذر الشرط،

كما إذا مات العبد المشروط عتقه، وأخرى ال يكون كذلك، كما إذا اشترط خياطةثوبه وتلف المبيع مع تعذر الخياطة عليه، فالتعذر في األول مانع عن ثبوت الخيارعلى القول بأن التلف مانع عن الخيار، فال يعقل أن يكون مثل هذا التعذر مقتضياللخيار، وفي الثاني يكون مقتضيا للخيار وتلف العين أو التصرف فيها رافع للخيار

الثابت بثبوت علته، وكال األمرين مورد للبحث لوحدة المالك نفيا واثباتا.منها: أن الكالم تارة في ثبوت المقتضي في مقام االثبات للخيار مع التلف،

وأخرى في عدم المانع عقال عنه.أما األول فنقول: الخيارات بحسب أدلتها متفاوتة ففي مثل خيار العيب ال مقتضيللخيار مع التلف، بل يتعين األرش بمقتضى النص الوارد فيه، وفي مثل شرط الخيار

برد مثل الثمن دل الدليل على الخيار مع تلف عين الثمن كما هو المتعارف في البيعبشرط الخيار، وفي مثل خيار المجلس يقتضي اطالق دليله ثبوت الخيار حتى مع

تلف أحد العوضين في المجلس، وفي مثل خيار الحيوان فتلف المبيع يوجبانفساخ العقد واستقرار خسارته على البائع، وتلف الثمن يقتضي بقاء خيار الحيوان

على حاله بمقتضى نصوص ذلك الباب، وأما الخيارات الثابتة بقاعدة نفي الضرركخيار الغبن وخيار تخلف الشرط فثبوتها مع التلف مما ال ريب فيه، ألن ضررية لزوم

العقد ال يتفاوت حالها بتلف العين وعدمه.وأما الثاني فمبني المانع عقال وجودا وعدما - كما هو المعروف وقد مر مرارا - هوأن الخيار هل هو حق متعلق بالعين كحق الرد واالسترداد، فال خيار مع التلف إذ ال

مردود فال رد، أو هو حق متعلق بالعقد بنفسه ال بأثره، والعقد بعد وجوده باق إلى أنينحل بسبب شرعا أو عرفا، وقد فصلنا القول في ذلك في باب شرط الخيار برد مثل

الثمن، وبينا أن الصحيح تعلقه بالعقد، وأنه ال مانع من انحالل العقد ورجوع العين

(١٩٩)

Page 202: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

إلى صاحبها بماليتها، فراجع (١).منها: أن التصرف هل هو كالتلف في اقتضاء الرجوع إلى البدل وهو رجوع العين

بماليتها، أو ال بد من رجوعها بعينها المكانه؟ وهل مقتضاه انحالل العقد الثاني منحين الفسخ أو انحالله من أصله؟ فنقول:

وجه الرجوع إلى البدل: صحة العقد الثاني على الفرض، وعدم الموجب النحاللهبانحالل العقد األول، كما سيتضح من بطالن ما يذكر وجها النحالل العقد الثاني.

ووجه انحالل العقد الثاني كلية توهم اقتضاء الفسخ رجوع العين بنفسها معامكانه، والمفروض امكانه لعدم التلف المانع عقال من رجوعها بعينها.

ويندفع: بأنه مبني على حصر االمكان في االمكان الذاتي، وعدم رعاية االمكانالقياسي، وعلى قصر المانع على المانع العقلي، وعدم االعتناء بالمانع الشرعي، وإال

فالرجوع الحقيقي للعين وإن كان ممكنا ذاتا لكنه بالقياس إلى القواعد الشرعيةالمقتضية لصحة العقد، بل للزومه أحيانا، وعدم السلطنة للبائع على فسخ عقدالمشتري غير ممكن، ومنه تعرف أن صحة العقد مانعة شرعا عن رجوع العين

بعينها، والمانع الشرعي كالمانع العقلي.ووجه االنحالل من الحين: - على القول باالنحالل كلية - أن االنحالل معلول

ألعمال الخيار، ومقتضى العلية والمعلولية تحقق المعلول حين تحقق علته ال متقدماعليه.

ووجه االنحالل من األصل توهم: لزوم توقيت الملكية باإلضافة إلى المشتريالثاني، مع أن الملكية الحاصلة ملكية مرسلة ال مؤقتة، بخالف ما إذا قيل بأن

االنحالل من األصل، فإن الحاصل للمشتري الثاني بالبيع ملكية مرسلة، والعائدبالفسخ إلى المشتري األول - حتى يتلقى البائع منه - أيضا ملكية مرسلة ال مؤقتة.

ويندفع: بالنقض بكل فسخ، بل بكل تصرف يرد على المال، فإنه ال ريب في أنالملكية الحاصلة بالتصرف هي الملكية من حين التصرف، فيلزمه توقيت الملكية

--------------------(١) ح ٤: ٢٠٣، تعليقة ١٢٠.

(٢٠٠)

Page 203: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التي كانت للمتصرف.وحله: أن زمان وجود الملك وإن كان محدودا إال أنه في كل آن من اآلنات لهالملكية المرسلة الالمؤقتة، فهي الحاصلة بالبيع في آن وجود سببها، وهي العائدة

إلى الفاسخ في آن وجود الفسخ، فتدبر جيدا.منها: أن التصرف من المشتري المشروط عليه تارة ال يكون منافيا للشرط وقد

عرفت حكمه، وأخرى يكون منافيا للشرط كما إذا باع العبد المشروط عتقه، والكالمفيه يقع في مقامين:

أحدهما: في صحة التصرف المنافي وعدمها، ووجه الصحة مطلقا كونه تصرفا منالمالك من دون مانع، ألن المانع إما هو المنع تكليفا، وإما المنع وضعا، وكالهما

منتف أو غير مجد.أما كونه ممنوعا عنه تكليفا فمبني على مقدمية عدم الضد لوجود الضد، لمضادة

التصرف مع العتق المشترط الواجب ايجاده، وقد حقق في األصول (١) أنه ال مقدميةلعدم الضد للضد، فال يحرم التصرف، وعلى فرض حرمته فقد حقق أيضا في محله (٢)

أن الحرمة المولوية المتعلقة بالمعاملة ال يقتضي فسادها، بل يستحيل اقتضاؤهاللفساد، الشتراط الحرمة بالقدرة على متعلقها فعال وتركا، فيكون تحريمها مساوقا

لنفوذها، وإال لم يكن مقدورا عليها فكيف تحرم؟!ودعوى: أن شرط نفوذ التصرف ملك التصرف زيادة على ملك الرقبة، والحرمة

سالبة لملك التصرف.مدفوعة: بما مر مرارا أن السلطنة المسلوبة بالتحريم هي السلطنة التكليفية

المساوقة للرخصة التكليفية، وأما السلطنة الوضعية فهي تابعة الستجماع العقدللشرائط المعتبرة في العقد وفي المتعاقدين وفي العوضين، وثبوتها جميعا مفروضفي المقام، ألن المتوهم هنا هو الخلل في شرائط المتعاقدين، مع أن جميع أسبابالحجر الموجب لسلب ملك التصرف وضعا منتفية، لمكان البلوغ والعقل والرشد

--------------------(١) نهاية الدراية ٢: ١٨٠ - مؤسسة آل البيت.(٢) نهاية الدراية ٢: ٤٠٧ - مؤسسة آل البيت.

(٢٠١)

Page 204: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وعدم الرقية وعدم الفلس، فال وجه لسلب القدرة وضعا على ايجاد المعاملة.وأما كونه ممنوعا عنه وضعا فمبني على تعلق حق الغير بمورد التصرف، حتى

يخرج الملك عن كونه طلقا، مع أن متعلق الحق هو العتق دون العبد، فإن البائعبشرطه يستحق العتق من المشتري، ال أنه يستحق العبد فال يخرج ملك العبد عن

كونه طلقا.وأما منافاة استحقاق العتق للبائع مع نفوذ التصرف من المشتري، ومع وقوع أحد

المتنافيين يستحيل وقوع اآلخر، وإال لزم اجتماع المتنافيين في الوجود.فمندفعة: بأنه ال تقابل بين االستحقاق ونفوذ التصرف بالذات، بل لو كان بينهما

تناف لكان بالعرض، أما عدم التقابل بالذات فألن االستحقاق مقابل لعدمه بالذات،والنفوذ مقابل لعدمه بالذات، وليس أحد األمرين عدميا، وال مالزما لعدم اآلخر، إال

إذا كان بين وجودهما تقابل بالتضاد، وال تقابل بالتضاد إال مع وحدة الموضوع،وموضوع النفوذ هو التصرف، وموضوع االستحقاق هو العتق، نعم نفس التصرف

والعتق متضادان لوحدة موضوعهما وهو العبد، والمفروض عدم حق في العبد.وأما عدم التقابل بين االستحقاق والنفوذ بالعرض فألن تقابلهما عرضا ليس إال

بلحاظ تقابل آثارهما ذاتا، وال تقابل بين آثارهما أيضا فإن أثر استحقاق العتق جوازاالجبار عليه تكليفا وجواز اسقاطه تكليفا ووضعا، والنفوذ كما مر يجتمع مع الحرمة،وهي موافقة لجواز االجبار تكليفا ال متقابلة، كما أن جواز االسقاط مرتب على بقاءالحق، ال أنه متكفل النحفاظ الحق، فال ينافي نفوذ المعاملة التي معها ال يبقى (١)

مجال ألعمال الحق وال السقاطه.وأما وجه البطالن إال مع اإلجازة فهو توهم تعلق الحق بنفس العين، وال سلطان

ألحد على ما للغير ملكا كان أو حقا، فال ينفذ إال بإذنه أو إجازته.لكنه كما مر مرارا إنما ال ينفذ إذا كان على تقدير نفوذه موجبا للتصرف في حق

الغير استيفاء أو اعداما، دون ما إذا لم يكن كذلك كحق الشفعة الباقي على حاله ولو--------------------

(١) لو قدم (ال يبقى) على لفظة (معها) لكانت العبارة أوضح.

(٢٠٢)

Page 205: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مع توارد التصرفات عليه، وكحق الجناية المتعلق برقبة العبد فإنه باق على حاله ولومع ورود البيع عليه، إال أنه قد عرفت أنه ال حق في العين، وإال فمع ثبوته في العينفحاله حال حق الرهانة المانع عن نفوذ تصرف الراهن لزوال المحبوسية على الدين

بانتقاله من الراهن، فكذا ما نحن فيه، فتدبر.وأما وجه البطالن مطلقا بحيث ال تجدي اإلجازة، فهو أن اإلجازة لتحقيق

انتساب العقد إلى المجيز والظهار الرضا المعتبر في باب النقل واالنتقال وحليةاألموال، والعبد الذي ورد عليه التصرف ليس ملكا للبائع وال له حق التصرف ليعتبر

إجازته من إحدى الجهتين، وإنما له اسقاطه، فال شأن لرضاه إال الرضا بسقوط الحق،وهو إنما يجدي فيما إذا صدر اسقاط قولي أو فعلي حتى تكون إجازته له بمنزلة

اسقاطه عن رضاه مباشرة، وقصد االسقاط بالتصرف الصادر من المشتري غيرمفروض، ليدخل تحت عنوان االسقاط الفعلي حتى تجديه اإلجازة، فتدبر جيدا،

وقد سبق بعض الكالم مما يناسب المقام في البحث عن بيع العين المرهونة،فراجع (١).

وأما ما أفاده (قدس سره) من ابتناء الصحة مع اإلجازة وعدمها مع عدمها على القولبجواز

االجبار وعدمه فال يخلو عن المحذور على أي تقدير، فإنه إن أريد جواز االجباربمالحظة وجوب الوفاء بالشرط فقد عرفت أنه ال يالزم حرمة التصرف أوال، وال

تالزم حرمته فساده ثانيا.وإن أريد جواز االجبار بمالحظة الحق الناشئ من الشرط فقد عرفت أن

المستحق هو العتق، وال حق في العين، وما لم يكن حق في العين ال مانع من صحةالتصرف لتمامية مقتضي الصحة ثبوتا واثباتا.

ثانيهما: بعد صحة التصرف مطلقا المحقق للتعذر الموجب للخيار يقع الكالم فيأن انحالل العقد األول بأعمال الخيار يوجب االنتقال إلى البدل، أو يوجب انحالل

التصرف المرتب على العقد األول من األصل، أو من الحين، أو يوجب االنحالل في--------------------

(١) ح ٣: ٢٦٦، تعليقة ١٨٣.

(٢٠٣)

Page 206: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ما عدا العتق، وقد مر الوجه في كل من الوجوه، وحينئذ فالمراد من بطالن العقود فيكالم العالمة انحاللها بفسخ العقد المرتبة عليه تلك العقود، وإال فال تعذر مع بطالنها

حقيقة، كما ال موجب للتغليب مع بطالن العتق.نعم يبقى الكالم فيما ذكره العالمة (قدس سره) في وجه االنحالل بقوله (رحمه الله)

(لوقوعها في غيرملك تام... الخ) (١) فإنه إن أريد بتمامية الملك كونه طلقا في قبال الناقص المتعلق

لحقالغير فالزمه بطالن التصرف حقيقة كما في سائر الموارد التي يبطل التصرف مع كون

الملك غير طلق، وهو مناف لتحقق الخيار المبني على التعذر، وإال فمع بطالنالتصرف ال تعذر حتى يجئ عنوان التخيير بين الفسخ واالمضاء، وال تغليب أيضا،

فإنه لو كان لكان مع تحقق العتق بالحمل الشائع خصوصا مع تصريحه في التذكرةبقوله (ألن العتق مبني على التغليب والسراية فال سبيل إلى فسخه مع القول

بصحته) (٢).وإن أريد بتمامية الملك استقراره في قبال تزلزله فمن البين أن مورد التصرف لم

يكن خياريا ليكون الملك متزلزال، كيف؟ وبالتصرف حصل الخيار في العقد األول،لحصول التعذر به، فلم يقع التصرف في غير ملك تام، بل حصل عدم التمامية المراد

به التزلزل بنفس هذا التصرف الموجب لتعذر الوفاء بالشرط، واألنسب بمرحلةاالنحالل إرادة المعنى الثاني، وحيث إن التزلزل في الملك يجب أن يكون مفروضافي صورة ترقب االنحالل فال يجب ورود التصرف على الملك المتزلزل، بل يصح

مع مقارنته له أيضا، وهنا كذلك، ألن التصرف كما أنه محقق للملك كذلك للتعذرالموجب للخيار، وحيث إنه فرض ترتب التصرف على العقد الخياري بنفس هذا

التصرف فال محالة ينحل بانحالله، ففي العبارة مسامحة والغرض معلوم، إال أنك قدعرفت أن خيارية العقد األول هي الموجبة النحالله بأعمال الخيار، وهو بوجه ال

يوجب خيارية العقد الثاني وال انحالله بانحالل العقد األول.ثم إنه ذكر العالمة (رحمه الله) في التذكرة بعد العبارة المتقدمة ما نصه (ويخالف هنا

العتق--------------------

(١) التذكرة ١: ٤٩٣ سطر ١.

(٢) التذكرة ١: ٤٩٣ سطر ٢.

(٢٠٤)

Page 207: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بشرط) (١) على ما ضبطه جامع المقاصد فقال (قدس سره) (وأما باقي العبارة فليسلها معنى

ظاهر، وحقها ويخالف هنا العتق بشرطه... الخ) (٢)، وهو أيضا ليس له معنى ظاهر،والظاهر كما فهمه المصنف (قدس سره) إرادة العتق بشرط الخدمة، فإن العالمة (قدس

سره) في التذكرةذكر قبل هذا الفرع أنه لو كان شرط العتق مجانا فأعتقه بشرط الخدمة فهو مخالف لما

اشترط عليه، وحينئذ ينبغي الحكم بانحالله بتبع انحالل البيع، لكنه حكم بعدمهلمكان التغليب في العتق، فغرضه (رحمه الله) مما ذكره هنا أن ما عدا العتق من

التصرفاتالمذكورة من البيع والوقف والمكاتبة مخالف للعتق، لمكان بناء العتق على التغليب

فيختص بعدم االنحالل.المسألة السادسة: هل للمشروط له اسقاط شرطه

- قوله (قدس سره): (للمشروط له اسقاط شرطه... الخ) (٣).الشرط تارة يكون شرط النتيجة، وأخرى شرط الفعل، وشرط النتيجة تارة يكون

شرط ملكية مال شخصي، وأخرى يكون شرط ملكية مال كلي، وشرط الفعل تارةيكون شرط عمل يقابل بالمال كالخياطة، وأخرى شرط عمل ال مالية له كالعتق، فإنكان شرط ملكية مال شخصي فهو كما ال يقبل االسقاط - ألن مورده الحقوق دون

األمالك - كذلك ال يقبل االبراء، ألن مورده المال الذمي ال الخارجي، وإن كان شرطملكية مال كلي فهو ال يقبل االسقاط، لما مر لكنه يقبل االبراء لتحقق موضوعه، وإن

كان شرط عمل مالي فهو قابل لالبراء دون االسقاط، ألن المال الكلي مملوك في ذمةالمشروط عليه كما في ذمة األجير، وإن كان شرط عمل غير مالي فهو قابل لالسقاط،

ألنه مستحق له، فقد تبين أن مورد االسقاط هو هذا األخير دون غيره، فتدبر جيدا.- قوله (قدس سره): (فإن أريد مجرد وجوبه عليه... الخ) (٤).

ثبوت الحق له تعالى شأنه بحيث يترتب عليه آثاره إما ألجل وجوب العتق على--------------------

(١) التذكرة ١: ٤٩٣ سطر ٢.(٢) جامع المقاصد ٤: ٤٢٦.

(٣) كتاب المكاسب ٢٨٦ سطر ٧.(٤) كتاب المكاسب ٢٨٦ سطر ١٦.

(٢٠٥)

Page 208: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المشتري، وإما ألجل كون العتق تعبديا قريبا وهو العمل لله.وتقريب األول: أن الفعل إذا كان مباحا كان زمامه بيد المكلف، بخالف ما إذا كانواجبا فإن زمامه بيد الشارع والمكلف ال بد منه، وليست الملكية إال كون زمام شئ

بيد الشخص.وتقريب الثاني: أن فرض التعبدية فرض تعين العمل لله، وتعين العمل ألحد فرض

احتوائه له وكونه مستحقا له دون غيره.ويندفع األول: بأن اإلباحة مساوقة للسلطنة التكليفية، وهذه تزول بضدها ايجابا كان

أو تحريما، وكون زمام العمل بيد الشارع تشريعا مسلم، إال أن هذا المعنى ثابتللشارع قبال وبعدا من دون اختصاص بحكم دون حكم فال ربط له بالملك االعتباريوالحق االعتباري اللذين هما موضوع اآلثار، وكون زمام العمل بيده تعالى تكوينا معأنه خارجا بيد المكلف معنى جار وسار في جميع الممكنات مالكها وأمالكها، وهو

معنى إحاطته الوجودية، دون اإلحاطة واالحتواء االعتباري الموضوع لآلثار.ويندفع الثاني: بأن كون العمل لله في باب األعمال القربية ليس كونه له تعالى بما هو

مفاد الم االختصاص ملكا أو حقا، بل الم الصلة والم الغاية، فال ربط له بالملكوالحق، وتعينه لله ليس معناه إال أن الغرض ال يترتب عليه إال إذا وقع على جهة

القربة، ال كتعين عمل األجير للمستأجر.ومما ذكرنا تبين أن كون العمل له تعالى دون غيره إن اقتضى االختصاص الخاص

فال فرق بين كونه واجبا أو مستحبا، وإن لم يقتض االختصاص الخاص فال فرق فيهأيضا بين تعلق الوجوب به وعدمه، ومسألة عدم الزام الحاكم به أجنبية عن كونه حقا،

وإنما يقتضي عدم كونه حقا وجوبيا.نعم بناء على أن ايجاب العمل أو ايجاب العمل لله يقتضي حقا له تعالى، فإن كان

هذا االيجاب ابتدائيا فهو غير قابل لالسقاط ال باألصالة وال بالتبع، بخالف ما إذا كانموضوع االيجاب ما التزم لزيد فإن حقه تعالى متعلق بما يستحقه، فال محالة إذا

أسقط المشروط له حقه ال يبقى موضوع لحقه تعالى، فيسقط بانعدام موضوعه، وإليه

(٢٠٦)

Page 209: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يؤول ما أفاده (قدس سره) (وال وجوب هنا من غير جهة... الخ).المسألة السابعة: هل يقسط الثمن على الشرط؟

- قوله (قدس سره): (السابعة قد عرفت أن الشرط من حيث... الخ) (١).توضيح المقام برسم أمور:

منها: أن النزاع هنا يتصور على وجوه:أحدها: ما قيل إن النزاع لفظي، فإن من قال بالتقسيط يقول به في صورة الشرط

الصوري وإرادة الجزئية حقيقة، ومن قال بعدمه يقول به في صورة الشرط الحقيقيالذي مقتضاه عدم المقابلة مع الثمن عقال، وهو بعيد جدا عن كلمات األصحاب، بل

النفي واالثبات واردان على أمر واحد وفرض فارد.ثانيها: ما عن شيخنا األستاذ (قدس سره) (٢) من أن النزاع صغروي، وهو أن المبيع

هل هياألرض الشخصية مثال حتى يكون شرط كونها عشرة أذرع مثال التزاما بوصف فيه، فال

يوجب تخلفه إال الخيار، أو هي األرض المتكممة بكم خاص بنحو الكلي فيالمعين، حتى يكون النقص من باب فوات جزء من المتكمم الكلي في هذه األرضالشخصية، وهو أيضا بعيد كما اعترف به (قدس سره)، إذ الظاهر اعتراف الطرفين

بشخصيةالمبيع.

ثالثها: ما ذكره المصنف (قدس سره) من كون النزاع كبرويا بمعنى أن قوله " على أنهعشر

أذرع " مثال شرط حقيقة بحسب جعل المتعاملين، إال أن مثل هذا الشرط لهخصوصية بلحاظها حكم عليه شرعا بترتيب أثر الجزئية، أو ال خصوصية له فحاله

حال سائر الشروط ليس له حكم الجزء شرعا، وهذا بظاهره غير صحيح، ألن حكمالشارع يختلف مع حكم العرف، وما عليه المتعامالن بعد انحفاظ الموضوع وإما

اسقاط الموضوع والغائه وإيجاد موضوع آخر فهو ليس من باب االختالف فيالحكم، فإذا فرض عدم المقابلة بين الشرط والعوض فالحكم بالتقسيط مرجعه إلى

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٦ سطر ١٨.

(٢) حاشية اآلخوند ٢٤٨.

(٢٠٧)

Page 210: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الغاء معاوضة المتعاملين، واثبات معاوضة قهرية، فال يقاس بحكم الشارع باألرشفإنه تقويم من الشارع ال تعويض وتبديل على خالف ما قصده المتعامالن.

رابعها: ما يؤول إليه كالم المصنف العالمة (قدس سره) وهي أن المبيع هي األرضالشخصية، إال أن القائل بالتقسيط يدعي أن بناء المتعاملين على لحاظ المقابلة هناوإن أتى بعنوان الشرط، والقائل بعدمه يدعي أن حال هذا الشرط حال غيره عند

المتعاملين نوعا، وهذا التحرير وجيه سيظهر وجهه إن شاء الله تعالى.منها: أن األوصاف الملتزم بها مختلفة، فمنها ما ال يوجب وجوده وعدمه سعة في

الموصوف وال ضيقا فيه كسواد العبد وسمرته وكتابته وخياطته وجودة الحنطةوردائتها ونحوها، ومنها ما يوجب وجوده وعدمه سعة وضيقا وزيادة ونقصا في

الموصوف كمقولة الكم المتصل والكم المنفصل، فإن فوات الكم المتصل يوجبفوات جزء جوهري من المتكمم، وفوات الكم المنفصل يالزم فوات موجود

جوهري من المتكمم.منها: أن فوات الوصف المستلزم لفوات جزء جوهري من الموصوف إنما يوجب

التقسيط إذا كان الجزء قابال للتقسيط ال مطلقا، فالعبد المشترط فيه أن يكون طولهخمسة أشبار مثال فتبين أنه أربعة أشبار وإن فات منه جزء جوهري بفوات شبر منه إالأن القيمة ال تتقسط على رأسه وبدنه ويده ورجله، بل على هيكله بنحو الوحدة، فال

تخلف إال للوصف بالنسبة إلى ما يبذل بإزائه الثمن.منها: إنا ال ندعي أن اشتراط كل وصف يالزم موجودا جوهريا يفوت بفواته

يوجب التقسيط، حتى ينتقض بحمل الدابة ومال العبد فإنهما موجودان جوهريانوال يوجب عدمهما مع اشتراطهما تقسيط الثمن على المشهور، بل ندعي أن جزء

ذات المبيع إذا أخذ بنحو االشتراط ال يخرج عن كونه جزء ملحوظا كسائر األجزاءمقابال للثمن، حيث ال فرق في الغرض المعاملي النوعي المتعلق باشتراء ذات

األجزاء بين جزء منها وجزء آخر بعد وضوح أن المبيع ليس هو الجسم الطبيعي معقطع النظر عن التعين الموجب لصيرورته جسما تعليميا، كما أنه ال غرض نوعا في

(٢٠٨)

Page 211: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

شراء الجسم التعليمي المطلق الملحوظ معه تعين ما، فليس تعين الجسم أمرا زائداعلى الغرض النوعي حتى يؤخذ بنحو االشتراط الذي هو شأن التابع كما في مال

العبد باإلضافة إليه، أو حمل الدابة باإلضافة إليها.إذا عرفت ما رسمناه من األمور فاعلم: أن المبيع تارة يكون متساوي األجزاء،

وأخرى مختلفها، وكل منهما إما يتبين النقص فيه، وإما أن يتبين الزيادة فيه، فاألقسامأربعة:

أحدها: إذا تبين النقص في متساوي األجزاء، والمشهور على ما قيل على تقسيطالثمن، والوجه ما عرفت في المقدمة في اختصاص وصف الكمية بخصوصية

مقتضية للتقسيط وإن أخذ بنحو االشتراط فيكون نظير ما إذا أشار إلى ما في الداروقال " بعت هذين العبدين " فتبين أنه واحد، وال اشكال هناك في التقسيط، ال أن

المبيع هو ما في الدار واالثنينية وصف.وعند جملة من المتأخرين عدم التقسيط مستدال على ذلك في جامع المقاصد (١)بأن مجموع المبيع المقابل بمجموع الثمن هو ذلك الموجود، غاية ما هناك أنه لم

يعلم بالنقصان فيكون من فوات الوصف.وفي الجواهر (٢) ما ملخصه: أن المبيع هي العين الشخصية التي ال تزيد وال تنقصعما هي عليه، فال محالة كل مقدار يؤخذ فيه فهو من باب اشتراط الوصف الذي ال

أثر له في المبيع، بل في الخيار لتخلف الوصف.ويندفع األول: بأن المبيع وإن كان هو الموجود لكنه ال بما هو موجود، بل بما هو

متكمم بكم خاص، كما إذا أخبره بأنه كذلك وباعه.ويندفع الثاني: بأن العين الشخصية ال تزيد وال تنقص واقعا، فإنه انقالب محال،

لكنها تنقص وتزيد بحسب فرض المتعاملين، ومفروض المتعاملين هو المتكمم بكمخاص، كما أن الموجود في الدار ال يزيد وال ينقص عما هو عليه لكنه بحسب فرض

المتعاملين يزيد وينقص.--------------------

(١) جامع المقاصد ٤: ٤٢٨.(٢) جواهر الكالم ٢٣: ٢١٥.

(٢٠٩)

Page 212: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وربما يستدل على ما قويناه من التقسيط بخبر عمر بن حنظلة (١) المذكور فيالكتاب كما احتج به الشيخ (قدس سره) في النهاية (٢)، وأما تعبير المصنف (قدس

سره) بفحوى الروايةفإنما هو بالنظر إلى أن األرض قيمية، والقيمي ما ال يتساوى أجزاؤه في القيمة كما

اعترف به الشيخ (قدس سره) أيضا، ومن يقول بالتقسيط في مختلف األجزاء معاختصاصه

ببعض االشكاالت فهو يقول به في المتساوي باألولوية.والمناقشة في سنده مع استناد الشيخ (قدس سره) إليه وعمل ابن إدريس (رحمه الله) به

- مع ما علممن حاله أنه ال يعمل إال بالقطعيات - بال وجه.

ثانيها: ما إذا تبين النقص في مختلف األجزاء والحكم فيه من حيث وجودالمقتضي وعدمه ما عرفت في متساوي األجزاء، نعم ربما يستند في عدم التقسيطإلى وجود المانع هنا، وهو المحذور العقلي المحكي عن اإليضاح، وهذه عبارته

المحكية في مفتاح الكرامة (أن ما فات ال قسط له من الثمن، الستحالة تقسيط الثمنعلى األجزاء أو القيم، لعدم الفائت وعدم المماثل له، فاستحال تقومه فاستحال

ثبوت قسط له، ففواته كفوات صفة كمال، وهو كم والكم عرض فكان كالتدليس)(٣)

انتهى.وما ذكره (رحمه الله) أجنبي عن مسألة جهالة القيمة كما ركن إليها الشيخ (قدس

سره) فيالمبسوط (٤)، فارجاعه إليها كما عن المصنف (قدس سره) بال وجه، كما أنه وجه

مخصوصبمختلف األجزاء فاجراؤه في المتساوي كما في الجواهر (٥) أيضا بال وجه، ويظهر

الوجه فيما ذكرنا من توضيح مرام فخر اإلسالم فنقول:كل ما يحكم عليه بأنه جيد أو ردئ أو سهل أو حزن وأشباه ذلك من المتقابالت

ال بد فيه من تعين وجودي أو تعين طبيعي بوجود مماثله في الطبيعة، والفائت التعين وجودي له حتى يقوم بقيمة الجيد أو الردئ ونحوهما، وال تعين ماهوي طبيعي

له كما في متساوي األجزاء، حتى يقال إن الفائت مثل الموجود، وما ال تعين له بأحد--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ١٤ من أبواب الخيار، ح ١.(٢) النهاية، لم نجده فيها.

(٣) مفتاح الكرامة ٤: ٧٤٥.(٤) المبسوط ٢: ١٤٥.

Page 213: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

(٥) جواهر الكالم ٢٣: ٢٢٠.

(٢١٠)

Page 214: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

النحوين مع انحصار التعين عقال في أحد التعينين من الوجودي والماهوي يستحيلتقويمه، وما يستحيل تقويمه يستحيل تقسيط الثمن عليه، وعليه فالفائت من حيث

جزئه الجوهري أي ذات المتكمم يستحيل تقومه، ومن حيث جزئه العرضي أينفس الكمية فهو عرض محض، وال يقابل بالمال كسائر األوصاف، بل يوجب تخلفه

الخيار، هذا توضيح مرامه من كالمه (زيد في علو مقامه).والجواب: أن الفائت وإن لم يكن له تعين وجودي ليتعين جودته وردائته

ونحوهما، وال له تعين ماهوي من حيث عدم التساوي إال أن المنفي هو التعين منحيث خصوص الجودة أو خصوص الرداءة، وأما التعين من حيث كونه جزء مما فيه

الجيد والردئ فال موجب لنفيه، والمفروض أن المبيع بحسب فرض المتعاملينعشرة أمنان من الحنطة المختلطة، أو عشرة أذرع من األرض المختلفة األجزاء

بالسهولة والحزونة، والفائت خمسة أمنان من تلك الحنطة المفروضة، وخمسة أذرعمن األرض المتعينة بهذا التعين فكيف يستحيل تقومه؟!

ومما ذكرنا يندفع اشكال جهالة القيمة، وإن كان ال تصل النوبة إلى محذور الجهالةمع فرض االستحالة، وأما حديث لزوم جهالة الثمن في ابتداء العقد فإنما يصح إذا

كان الالزم معرفة ما يقع واقعا ثمنا لما يكون مبيعا واقعا، فإن ما وقع مبيعا وثمنا له هوالموجود، الستحالة وقوع المعاوضة واقعا بين المعدوم والموجود.

وهذا غير صحيح قطعا، بل الالزم معرفة ما هو مبيع وما هو عوض له في مرحلةالعقد بحسب بناء المتعاملين، وهي عشرة أذرع من األرض مثال وعشرة دنانير، وال

جهالة في شئ منهما، فال اشكال إال في مرحلة التقسيط بلحاظ استحالة التقويم وقدمر دفعه.

ثالثها: ما إذا تبين الزيادة في متساوي األجزاء، والكالم فيه تارة في أن الزيادة للبائعأو للمشتري، وأخرى في الخيار للبائع أو للمشتري أولهما.

أما األول: فإن قلنا بأن المبيع هي ذات األرض الشخصية، والكم الخاص شرطمحض، فالزيادة على المقدار المشترط للمشتري وال تخلف إال للوصف، وإن قلنا

(٢١١)

Page 215: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بأن المبيع هي األرض المتكممة بكم خاص فالجزء الزائد للبائع من دون دخللالبشرطية المبيع وبشرط الئيته في ذلك.

توضيحه: أن الجزء الزائد ال بد له من سبب مملك فيه للمشتري، وال سبب هنا إالعقد البيع، والمفروض أن المبيع هي األرض المتكممة بعشرة أذرع، فالجزء الحادي

عشر مثال غير داخل في المبيع، وال بشرطية المتكمم بالعشرة مقتضاها تحققالمتكمم بالعشرة في ضمن األحد عشر أيضا، كما هو مقتضى كل ال بشرط بالنسبةإلى وجود الشرط وعدمه، فهو غير آب عن ملكية الزائد، ال أنه مقتض لملكية الزائد،فالزائد خارج عن المبيع بمقتضى التقدير الخاص من دون حاجة إلى استثناء وشرط

عدم الزيادة.وعليه فما أفاده المصنف (قدس سره) في أول كالمه من كون الزيادة للمشتري

بمقتضىالال بشرطية غير وجيه على أي تقدير، إذ البيع إن كان ذات األرض فالزائد للمشتريسواء لوحظ وصف الكمية ال بشرط أو بشرط ال، فإن التخلف في صورة بشرط ال

ليس إال للوصف ال للمبيع بذاته، وإن كان المتكمم بكم خاص هو المبيع فالزائدللبائع على الفرض من دون حاجة إلى فرض البشرط الئية، نعم ما أفاده بعد ذلك فهوراجع إلى ما ذكرنا من ابتناء أمر الزيادة على الجزئية والشرطية كما يظهر بالتأمل، ال

إلى الال بشرطية والبشرط الئية.وأما الثاني فنقول: إن اعتبار الال بشرط وبشرط ال تارة يكون من اعتبارات المتقدر،

وأخرى يكون من اعتبارات المقدار، فإن كان من اعتبار المتقدر فحيث إن المبيع هوالمتقدر بمقدار خاص فشرط عدم الزيادة شرط حقيقة، فهناك بيع وشرط، وتخلف

الشرط يوجب الخيار للبائع، وحيث إن الزائد للبائع فيكون هناك عيب الشركةفيقتضي الخيار للمشتري أيضا.

ومنه يتبين أن الال بشرطية بناء على هذا المبنى ليس له شأن، وإنما الخيار وعدمهللبائع بوجود الشرط وعدمه، وأما خيار المشتري فوجوده وعدمه يدور مدار البشرطالئية والالبشرطية، ألن الزيادة وإن كانت للبائع والشركة متحققة إال أن االقدام مع

(٢١٢)

Page 216: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الال بشرطية سواء كان زائدا أو ال اقدام منه على شراء المعيب على تقدير الزيادة، وإنكان من اعتبارات المقدار بمعنى أن المبيع على أي حال هذه األرض الشخصية

زادت أو نقصت، إال أن البائع شرط مقدارا خاصا، فتارة يكون شرط المقدار الخاصفي قبال عدمه فقط فهو ال بشرط من حيث الزيادة، فال خيار المشتري لعدم النقصفي المقدار، ولفرض كون الزيادة له فال خيار من حيث عيب الشركة، كما ال خيار

للبائع لعدم شرط منه حتى يكون له التخلف بتبين الزيادة، وأخرى يكون شرطالمقدار الخاص شرط حد خاص في قبال سائر الحدود فال محالة ال ينحفظ هذا الحد

بحده في ضمن الزائد فقد تخلف الوصف فيكون الخيار للبائع، والغرض من هذاالشرط بهذه الخصوصية أن يكون أمر البيع بيده بعد ظهور الزيادة، من دون فرق بين

أن تكون الزيادة للبائع أو للمشتري.أما على الثاني فواضح، لمكان سلطنته على فسخ العقد بعد ظهور الزيادة.

وأما على األول فألن البائع ربما يتعلق غرضه بامساك عين المبيع لو كان زائداعلى المقدار المأخوذ جزءا أو شرطا، فيشترط عدم الزيادة تحفظا على الغرض

المزبور.فتوهم أنه ال خيار للبائع مع كون الزيادة له حيث ال ضرر مدفوع بعدم انحصار

الضرر في الضرر المالي، بل نقض الغرض المعاملي وإن كان شخصيا ضرر منفيبقاعدة نفي الضرر.

رابعها: ما إذا تبينت الزيادة في مختلف األجزاء، وحاله من جميع جهات الكالمحال الصورة الثالثة، وليس حال الزيادة حال النقصان من حيث المحذور العقلي

المتقدم، فإنه ال تقويم وال تقسيط من حيث الزيادة مع كونها للبائع، والمفروض شركةالبائع بنحو اإلشاعة في جميع األجزاء المختلفة، ال أن جزء غير متعين للبائع حتىيتوهم استحالة ملكية جزء غير متعين كاستحالة تقويم ما ال تعين له، فتدبر جيدا.

- قوله (قدس سره): (ولعل هذا أظهر... الخ) (١).--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٧ سطر ٢١.

(٢١٣)

Page 217: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

دعوى األظهرية مع ما تقدم منه من تقوية جانب الجزئية متنافيان، نعم بناء علىالجزئية يصح أن يقال إن شرط عدم الزيادة شرط حقيقة يوجب تخلفه الخيار بينفسخ العقد وامضائه بتمام الثمن في المقدار الواقع عليه البيع، ال على تمام الشئ.

- قوله (قدس سره): (مضافا إلى امكان الفرق... الخ) (١).إذا بنى على الشرطية فالتقسيط تعبدا ال معنى له، نعم استرجاع ما يوازي الفائت

أرشا وتغريما معقول كما تقدم.- قوله (قدس سره): (وقد يحكي عن المبسوط القول بالبطالن... الخ) (٢).

والظاهر من المحكي في المختلف عن المبسوط (٣) احتمال البطالن ال القول بهكما احتمله في القواعد (٤)، نعم في التبصرة (٥) أن الوجه عندي البطالن لجهالة

المبيع،ألن الزيادة غير متعينة، والظاهر أن مورد هذا االحتمال ما إذا كان المبيع مختلف

األجزاء، فإن العنوان المحكي في المختلف هكذا (لو باعه أرضا على أنه عشر أجربةفظهرت أحد عشرة قال في المبسوط قيل فيه وجهان... الخ) (٦) واألرض قيمية

عندهم، وهي ما ال تتساوى أجزاؤه كما صرح بذلك في المبسوط على ما حكاه عنهفي المختلف، وعليه فكما أن الفائت عنده في صورة النقصان في مختلف األجزاء

غير معلوم فال يتقسط عليه الثمن، كذلك الزائد فيه غير معلوم فال يتعين المبيع، وآثرهفساد البيع.

والجواب: ما تقدم من حيث عدم التعين واقعا، ومن حيث جهالة المبيع كجهالةالثمن، وأما في المبسوط فالمنقول عنه في وجه البطالن ما أوضحه العالمة في

المختلف، حيث قال (رحمه الله): (ووجه البطالن أنه ال يمكن اجبار البائع على تسليمالزيادة، وإنما باع عشرة، وال المشتري على أخذ البعض، وإنما اشترى الكل) (٧).

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٧ سطر ٢١.(٢) كتاب المكاسب ٢٨٧ سطر ٢٣.

(٣) المبسوط ٢: ١٥٤.(٤) القواعد ١: ١٥٣ سطر ١٢.

(٥) التبصرة ١٠٠، ليس فيها التعليل (لجهالة المبيع...).(٦) المختلف ٥: ٢٨٩.(٧) المختلف ٥: ٢٩٠.

(٢١٤)

Page 218: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

والجواب: إن كان المبيع ذات المتقدر فيجب على البائع تسليمه، وال يجبرالمشتري على بعضه، وإن كان المبيع المتقدر بما هو متقدر فالواجب تسليمه دون

غيره ويجير المشتري على قبول حقه، وعلى أي تقدير ال موجب للبطالن، ومنهيتبين الجواب عما أفاده (قدس سره) في المتن، فتدبر جيدا وهو وجه تأمله (قدس

سره).* * * *

(٢١٥)

Page 219: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حكم الشرط الفاسداألمر األول: ال يجب الوفاء به

- قوله (قدس سره): (بل هو داخل في الوعد... الخ) (١).ربما يورد عليه: بأن الشرط التزام انشائي والوعد اخبار، واالنشاء واالخبار

متقابالن، فال يعقل اجتماعهما في كالم واحد، وال يخفى أن الوعد يوصف بالخلفوالوفاء تارة وبالصدق والكذب أخرى، كما تكرر ذلك في االستعماالت القرآنية

وغيرها، واألول مناسب لالنشاء، والثاني مناسب لالخبار، فهل حقيقة الوعد اخبارويوصف بما يوصف به االنشاء بالعناية أو بالعكس؟ والظاهر هو الثاني، فإن الوفاءويقابله الخلف في الوعد ليس إال اتمام الشئ وانجازه، وهو معنى يناسب االخبارواالنشاء، ويعرف كون مورده االنشاء أو االخبار بمقابله، فإن نقض العقد ونكثالعهد ال يكون إال بجعل شد وربط، بخالف الخلف فإنه ليس إال العمل المخالف

للوعد، فالوفاء بالوعد باتمامه وانجازه باخراجه من حد الوجود الحكائي إلى الوجودالحقيقي، هذا.

وأما ما أفاده (قدس سره) من التقييد بعدم كون الشرط الفاسد مفسدا فال أرى له وجهاوجيها، ألن فساد العقد يوجب خروج االلتزام المحقق عن كونه شرطا لخروجه عن

الضمنية، ال أن طبيعة االلتزام تنعدم بفساد العقد، ويستحيل أن يكون طبيعة االلتزام--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٧ سطر ٢٥.

(٢١٦)

Page 220: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

متقومة بكونها في ضمن التزام آخر، والوجه واضح حيث إنه ال ضمنية إال مع فرضتحققه، فكيف تكون مقومة له؟!

- قوله (قدس سره): (وال تأمل أيضا في أن الشرط الفاسد... الخ) (١).حيث إن الكالم في كون الشرط الفاسد مفسدا للعقد فال بد من فرض وجود العقدمع الشرط، ومن تأثير فساد الشرط في فساد العقد ال تأثير وجوده في فساده، وعليه

فالشرط على أقسام:منها: ما وجوده يمنع عن وجود العقد كشرط البيع من البائع (٢) ثانيا بناء على أنه

يستلزم الدور، فال يعقل معه وجود العقد حتى يتكلم في صحته وفساده، وكذاالشرط المنافي للعقد، فإن ايجاد المتنافيين محال على تفصيل عرفته في محله (٣).

ومنها: ما يكون وجوده مؤثرا في فساد العقد كشرط أمر مجهول، فإن وجودهيوجب غررية البيع وإن لم يكن شرط المجهول باطال لفرض اختصاص النهي عن

الغرر بالبيع مثال، وكذا تعليقية الشرط، فإن المقيد بأمر تقديري يكون تقديريا وإن لميكن التعليق ممنوعا في الشرط لعدم االجماع إال على المنع عن التعليق في البيع.ومنها: ما يكون فاسدا، لكنه ال مساس له بالعقد كالشرط الغير المذكور في متن

العقد، فإنه وإن كان فاسدا بناء على أنه مصداق للشرط حقيقة، لكنه ال أثر لهلالجماع على عدم نفوذه، إال أنه حيث ال مساس له بالعقد ال يؤثر فساده في فساد

العقد، وسيجئ (٤) إن شاء الله تعالى تحقيق القول فيه.ومنها: ما يكون من حيث فساده ال من حيث وجوده مؤثرا في فساد العقد ال في

عدمه كشرط ما يخالف الكتاب والسنة مثال، فإنه لوال استثناء الشرط المخالف لميكن وجوده مخال بشرط من شرائط صحة العقد، وإنما يؤثر في فساده على القول به

من حيث فساده، فهذا هو محل الكالم دون سائر األقسام.وأما الشرط المتعلق بغير المقدور فيختلف حاله باختالف المباني المقتضية

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٧ سطر ٢٦.

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (البيع).(٣) تعليقة ٦٣.

(٤) تعليقة ١٠٤.

(٢١٧)

Page 221: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

العتبار القدرة، فإن قلنا باعتبارها من حيث امتناع االلتزام الجدي بغير المقدور فالشرط فال عقد، فحينئذ يدخل في القسم األول، وإن قلنا بأن شرط أمر غير مقدور لغو

وسفهي فال يعتنى به عند العقالء وال يكون ممضى شرعا فهو يدخل في القسماألخير، من حيث إن فساده يوجب فساد العقد، وإن قلنا بأن اعتبار القدرة دفعا للغرر

فهو يدخل في القسم الثاني فإنه بوجوده يوجب غررية البيع، فافهم جيدا.- قوله (قدس سره): (من أن للشرط قسطا للعوض مجهوال... الخ) (١).

قد أجاب عنه المصنف (قدس سره) بوجوه ثالثة:أحدها: عدم المقابلة بين الشرط وبعض أحد العوضين، وقد مر بيانه مرارا (٢) وإنمقتضى القيدية ألحد العوضين عدم المقابلة، وإال لكان جزء ال شرطا وهو خلف،

وأن الشرط إن كان بمعنى االلتزام فهو قيد للبيع ال ألحد العوضين، والبيع متأخر طبعاعن العوضين، وقيده متأخر طبعا عنه، فيستحيل ما هو متأخر طبعا عن العوضين أن

يكون في عرضهما أو قيدا لهما، وقد مر مرارا أن الشرط كما أنه ال مقابلة بينه وبينأحد العوضين في مرحلة االنشاء كذلك في مرحلة اللب، وأنه يستحيل أن تؤدي

المبادئ إلى غير ما تستدعيه من النتائج.وأما ما استشهد (قدس سره) به من أنه ليس في فقده إال الخيار بين الفسخ واالمضاء

مجانافنظره (رحمه الله) إلى عدم التقسيط، فإنه لو كان جزء مقابال بالثمن للزم التقسيط، ال

االمضاءمجانا، ال أن نظره إلى األرش.

نعم بعض الشرائط الموجب انتفائه انتفاء جزء جوهري من المبيع كشرط الكمالمتصل أو المنفصل يوجب التقسيط كما مر (٣)، إال أنه خارج عن محل الكالم، فإن

حاله حال الجزء الذي ال شبهة في تقسيط الثمن عليه، واشكال الجهالة فيما يقابلالجزء بهذا المعنى ال يندفع بعدم المقابلة كما في الشرط بما هو شرط، بل بما سيأتي

إن شاء الله تعالى من الجوابين، ومنه تعرف كما أن خروج هذا الشرط لوجه يختص به--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٨ سطر ٣.(٢) تعليقة ٩١.(٣) تعليقة ٩١.

(٢١٨)

Page 222: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

من عدم المقابلة كذلك، هذا الجواب ليس جوابا كليا عن كل شرط حتى شرطالحكم مطلقا.

ثانيها: أنه مع تسليم المقابلة ال نسلم الجهالة النضباط النسبة عند العرف كما فيباب األرش والقيمة كما في المتن، إال أن هذا الوجه غير وجيه، ألنه مع فرض

المقابلة ال بد من العلم في مرحلة العقد، وتعين الثمن واقعا ال يجدي في التعيينالمعتبر شرعا، وال يقاس باألرش والقيمة لعدم المقابلة في المعاملة فيهما، بل الحكمفي األرش حكم تعبدي من باب التغريم ال من باب استرجاع بعض الثمن، والحكمفي القيمة أيضا ليس باقتضاء المقابلة، بل من حيث استحقاق عمل بالشرط فيملكه

عليه في ذمته، ومع تعذره له المطالبة بماليته، فليس في شئ منهما مقابلة حتىيضره الجهالة في مرحلة المعاملة، فتدبر.

ثالثها: أن رفع مثل هذه الجهالة ولو إلى األخر غير معتبر في صحة المعاملة، لما مرمنا أن الالزم معرفة ما هو مبيع وما هو ثمن في مرحلة البيع بحسب بناء المتعاملين،ال معرفة ما يصير مصداقا للمبيع أو للعوض باألخرة، فلو كان ما نحن فيه من بابالجزئية المستدعية للمقابلة كما في باب بيع ما يملك وما ال يملك لما وجب إال

معرفة المبيع وثمنه بحسب فرض المتبايعين في مرحلة المعاملة، فراجع (١).وهذا البيان أولى مما أفاده (قدس سره) (من أن الجهالة الطارئة غير قادحة، إنما القادح

هوالجهل به عند انشاء العقد) انتهى، فإنه يوهم أنه ال جهل عند العقد وأن عروض

الجهل بعد العقد ال يمنع عن تأثير العقد مع أنه ال شبهة في الجهل من األول بما يقعبإزاء المبيع المجرد عما اشترطه، ال أنه جهل عارض، بل الصحيح أن الجهل

بالعوضين بحسب فرض المتبايعين مضر ال الجهل بما ينتهي أمر المعاملة إليه، فافهمواستقم.

- قوله (قدس سره): (الثاني أن التراضي إنما وقع على العقد... الخ) (٢).بل ربما يقال: بأن المعاملة مقيدة بحسب االنشاء، والمقيد ينتفي بانتفاء قيده، فال

--------------------(١) ٢: ٣٣٥، تعليقة ٣٠٢.

(٢) كتاب المكاسب ٨٨ سطر ١٢.

(٢١٩)

Page 223: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اختصاص لالشكال بخصوص الرضا، والجواب عن االشكال بوجوه:أحدها: ما هو المختار وتوضيحه برسم أمور:

منها: أن العقد بماله من المضمون غير معلق على شئ وإال لبطل البيع وإن كانالمعلق عليه صحيحا بل واقعا، لإلجماع على أنه ال تعليق في البيع، فالعقد والرضا

فعليان، غاية األمر أنهما مقيدان بوجه سيأتي إن شاء الله تعالى.منها: أن الشرط إما بمعنى التقييد، فالمعقود عليه أمر خاص، وهو الكتاب

المنضم إلى الخياطة مثال، وإما بمعنى االلتزام في ضمن البيع فيكون المعقود عليههو الكتاب لكن تمليكه لوحظ مقيدا بااللتزام بالخياطة، وإما الكتاب المنضم إلى

االلتزام بالخياطة فال معنى له حتى يكون المعقود عليه أمرا خاصا.ومنها: أن هذه الكبرى المعروفة وهي أن كل مقيد ينتفي بانتفاء قيده ال معنى لها،

إال أن المقيد - بما هو مقيد لتقومه بالقيد - ال يتحقق إال مع تحقق قيده، حيث الفرق

في علل القوام بين مرحلة ماهيته ووجوده، فكما أن فرض ذات المقيد فقط مبائنلفرض المقيد بما هو مقيد، كذلك وجود ذات المقيد فقط مغائر لوجود المقيد بما

هو مقيد، ومن الواضح أن انتفاء المقيد بما هو مقيد معنى، وانتفاء ذات المقيد معنىآخر، والزم الكبرى المتقدمة انتفاء المقيد بما هو، ال انتفاؤه بذاته لعدم تقومه فيذاته بقيده، وما هو المبحوث عنه بقاء ذات العقد مثال مع عدم سالمة قيده، وإال

فانتفاء القيد مفروض فكيف يعقل دعوى بقاء المقيد بما هو؟!إذا عرفت هذه األمور فنقول: أما إذا كان الشرط بمعنى التقييد وكان الملتزم به

قيدا ألحد العوضين فقد مر مرارا أنه إنما يتصور في شرط الفعل وشرط الوصف دونالنتيجة، وإال لزم حصولها بال سبب، وال يعقل حصولها بالتبع، ألن الملكية مثال غير

قابلة للتمليك فراجع (١).وأما شرط الفعل فحيث أنه لوحظ الفعل وهي الخياطة مثال قيدا منضما إلى

المبيع وهو الكتاب مثال فالكتاب مملوك باألصالة، والخياطة بالتبع، وحيث إن البيع--------------------

(١) تعليقة ٨٠.

(٢٢٠)

Page 224: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فعلي ال على تقدير، والرضا فعلي ال على تقدير، فالعقد يؤثر فيما هو قابل للملكيةباألصالة لعدم المانع، والقيد غير قابل للملكية بالتبع لفرض المانع شرعا، وليس

الكتاب المنضم إلى الخياطة مغائرا خارجا لما هو غير منضم كالكليات التيتتخصص بضم القيود، فتكون حصة منها مبيعا وهي مبائنة لحصة أخرى، فحال مانحن فيه حال ورود العقد على مجموع أشياء بعضها قابل لتأثير العقد فيه، وبعضهاغير قابل، غاية األمر أن الملكية هناك عرضية وباألصالة، وهنا في بعضها باألصالة

وفي بعضها بالتبع، فهنا ملكيتان طوليتان.ومنه تبين حال الوصف فإنه ال يملك إال بالعرض ال بالتبع، فتخلفه (١) أهون من

تخلف الفعل، ومع ذلك فكبري انتفاء المقيد بانتفاء قيده محفوظة كما مر، لكنه اليضر بما نحن فيه كما عرفت.

وأما إن كان الشرط بمعنى االلتزام وكان البيع مقيدا بااللتزام ال بالملتزم به،الستحالة كون الملتزم به قيدا للتمليك أو للملكية، وإال لم يحصل استحقاق الملتزم

به إذا كان االلتزام طريقيا وكان الملتزم به قيدا حقيقة لنفس البيع، وحيث إن البيععلى أي حال محقق ال معلق، والرضا فعلي ال تقديري فال يضر تخلف االلتزام

الشرطي بتحقق البيع والرضا، والكبرى المتقدمة محفوظة كما مر وغير مجدية هناكما عرفت، وإنما التقديري هو عدم الرضا بمعنى أنه لو التفت إلى عدم سالمة

الشرط له لما كان راضيا، واالعتبار في تأثير العقد بالرضا الفعلي ال بالتقديري وجوداوعدما، مع أنه ربما يتخيل أنه ال تخلف للقيد هنا، فإن القيد هو االلتزام لم يتخلف،

ال الملتزم به المتخلف، لكنه كما ترى.ثانيها: ما عن المصنف العالمة (رفع الله مقامه) من دعوى االتحاد بين الواجد

والفاقد القيد عرفا، والمعقود عليه والمرضي به موجود عرفا، فال حاجة إلى تجديدالعقد وتجدد الرضا، وظاهر أول كالمه (رحمه الله) بدوا وإن كان هو الفرق بين القيود

والشروطبالركنية والمقومية للمبيع تارة، وبعد مهما أخرى، فيتوهم أنه تفصيل في المسألة،

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (فتخلف).

(٢٢١)

Page 225: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأن ذلك أخص من المدعى، إال أن مالحظة بقية كالمه تشهد بأن مراده أنالمأخوذ على وجه الشرطية من الوصف والفعل هو قيد غير ركني، وأما الركني فهو

خارج عن محل البحث نفيا واثباتا، سواء أخذ بعنوان الجزئية أو بعنوان الشرطية، فلوقال " بعتك هذا الموجود على أنه عبد " فهو كما إذا قال " بعتك هذا العبد " فتخلفه

تخلف ذات المبيع، ال تخلف قيد من قيود المبيع، بداهة أن المشار إليه بما هوموجود غير قابل للبيع، بل بما هو عبد أو حنطة أو غيرهما من عناوين الذوات

والحقائق.وال يخفى أن مورد البحث وإن كان ما هو غير مقوم للمبيع حقيقة وواقعا، لوضوح

أن الوصف فضال عن الفعل خارج عن ذات المبيع، إال أن المناط ليست المقوميةواقعا وعدمها، بل المقومية وعدمها بحسب بناء المتعاملين، فال بد من تحقيق أن ما

أخذ على وجه الشرطية فرضه فرض الخروج عن المبيع بما هو مبيع بحسب جعلالمتعاملين، فيكون أخذه بعنوان االشتراط قرينة عرفية عامة على أنه غير داخل فيالمبيع، بحيث لو أراد دخوله فيه فرضا لزم عليه نصب قرينة صارفة لهذه القرينة

العامة المحفوفة بالعقود المشروطة.وال يخفى أن ظاهر االشتراط وإن كان ذلك، ولذا اشتهر أن الشرط تابع إال أنالمبيع تارة هو المتقوم بالقيد جعال وبناءا، وأخرى هو المالزم له المنضم إليه ال

بذاته، وحكم العرف بأن المبيع هو الشئ بذاته لئال يكون فرق بين االنضماموالتقييد وعدمهما بال وجه، وكبرى انتفاء المقيد بانتفاء قيده ال اختصاص لها بالقيد

المقوم، وهذا الجواب غير متكفل لدفع هذا االشكال، ولذا اعترف (قدس سره) بوروداالشكال مع اتحاد الواجد والفاقد عرفا في باب خيار الرؤية كما تقدم (١).

ثالثها: ما عن غير واحد من أعالم المتأخرين منهم شيخنا األستاذ (قدس سره) (٢) وهوكون

التقييد يوجب تعدد المطلوب إذا لم يكن القيد مقوما لحقيقة المبيع، ووحدةالمطلوب إذا كان مقوما، بل جعل شيخنا (قدس سره) مرجع جواب المصنف (قدس

سره) إلى هذا--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٥٠ سطر ٢٥.(٢) حاشية اآلخوند ٢٥١.

(٢٢٢)

Page 226: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الجواب.وتوضيحه: أن الطريقة العرفية في معامالتهم على أخذ ما هو دخيل في أصل

الغرض المعاملي بنحو التقويم، فيقولون " بعتك هذه الصبرة من الحنطة "، وعلى أخذما ال دخل له في أصل الغرض بل في مرتبة منه بنحو التبعية والشرطية، فيقولون

" بعتك هذا العبد على أن يكون كاتبا "، فالغرض األصلي (١) مرتب على شراء العبدبما

هو عبد، والغرض األقصى التبعي على شراء الكاتب، فحيث لم يتخلف الغرضاألصيل ولم ينتف الغرض األصلي فال بطالن للبيع بما هو بيع، وحيث تخلفالغرض األقصى، وهو أيضا غرض عقدي معاملي، ال من باب الداعي المحض

فيوجب تخلفه نقض الغرض المعاملي، وهو ضرر منفي فيوجب الخيار.وعليه فال تقييد ألصل الرضا بالمعاملة بما هي بيع، بل ال تقييد ألصل العقد

أيضا، فإن العقد وإن كان بحسب مرحلة انشائه مقيدا ال مطلقا، إال أنه غير مقيد بقيدمطلقا، بل على تقدير سالمة القيد، إما موضوعا أو حكما، والدليل على أن القيد

كذلك هي القرينة النوعية القائمة على أن سنخ الغرض الباعث على تحصيله بالعقدسنخ غرض ال يتقيد به العقد والرضا على االطالق.

إال أن مقتضى هذا الجواب عدم التقييد للغرض وال للرضا وال للعقد بقول مطلق،وإذا لم يكن هناك تقييد بقول مطلق للعقد بمباديه، فليس لزومه مع التخلف أو فساد

الشرط نقضا للغرض وضررا على المشروط، إذ ال تقييد بقول مطلق حتى يستندالضرر إلى الشارع، بل هو قد أقدم على البيع حتى مع تخلف القيد أو فساده.

ومنه يتضح الفرق بين هذا الجواب وما اخترناه، فإنا (٢) نقول بأن القيد مطلقوانتفاؤه يوجب انتفاء المقيد مما هو مقيد ال ذات المقيد، وهم يقولون بأنه ال قيد في

هذه المرتبة حتى ينتفي بانتفائه المقيد، فحيث إن ذات المقيد غير منتف عندنا فهومعنى صحة البيع، وحيث إن المقيد بما (٣) هو مقيد منتف فهو نقض للغرض

--------------------(١) هكذا في األصل، ويحتمل أنها (األصيل).

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (فإذا).

(٣) هذا هو الصحيح، وفي األصل (مما).

(٢٢٣)

Page 227: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المعاملي، فلو لزم البيع لزم الوقوع في الضرر المستقر بلزوم البيع، وحيث إنه ال قيدعندهم في مرحلة التخلف أو الفساد فالبيع صحيح، وحيث إنه قد أقدم على العقد

بال قيد في هذه المرتبة فال موجب السناد الضرر إلى حكم الشارع باللزوم، فأوجهالوجوه المزبورة هو الجواب األول البتنائه على البرهان، وعدم التكلف فيه

بالوجدان، والله المستعان.- قوله (قدس سره): (الثالث رواية عبد الملك... الخ) (١).

توضيح المقام: أن قوله (عليه السالم) (ال ينبغي) (٢) إما يراد به الكراهة - كما هوالظاهر - أو

الحرمة أو االرشاد إلى الفساد كما يدعي في أمثاله في أبواب المعامالت، وعلى أيتقدير إما يرجع إلى اشتراط كون الوضيعة على البائع أو إلى البيع المشتمل على

الشرط المزبور، أما على تقدير الرجوع إلى الشرط فهو [على] (٣) أي حال أجنبيعن محل الكالم، ألن كراهة الشرط أو حرمته أو فساده ال دخل له بمفسدية الشرط

الفاسد.وأما على تقدير الرجوع إلى البيع فإن كان " ال ينبغي " للكراهة، فكراهة البيع

الخاص أجنبية عن فساده، وكذا الحرمة على التحقيق، ألن الحرمة المولوية وإنتعلقت بذات المعاملة ال تدل على فسادها، بل تدل على صحتها، بداهة أن البيع

بالحمل الشائع لو لم يكن مقدورا منه المتنع النهي المولوي عنه.وإن كان " ال ينبغي " لالرشاد إلى الفساد، فحيث إنه ال موجب لفساد البيع إال منحيث اشتماله على الشرط، ولو لم يكن الشرط فاسدا لما كان البيع المشتمل عليه

فاسدا، فحينئذ يدل على المطلوب.والجواب: أنه بناء على تسليم جميع المقدمات ال يتم المطلوب، ألن مثل هذا

الشرط خارج عن محل البحث ألحد وجهين:--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٨٨ سطر ٢٦.(٢) وسائل الشيعة، باب ٣٥ من أبواب أحكام العقود، ح ١.

(٣) إضافة يقتضيها السياق.

(٢٢٤)

Page 228: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

األول: أن الوضيعة - وهي الخسارة الواردة على المال في المعاملة المرتبة علىاشترائه ببيعه من آخر - مجهولة، والشرط الموجب لسريان (١) الجهالة منه إلى البيع

بوجوده ال بحكمه كما مر خارج عن محل البحث، وظاهر الرواية بدوا وإن كان عدمالخسارة على المشتري، إال أن المراد كون الخسارة على البائع، وإال لم يكن الشرط

شرطا عليه كما هو واضح.والثاني: أن ربح المال وخسارته تابعان لنفس المال، فيستحيل أن يكون ربحه

وخسارته لغير صاحب المال، وأما تدارك الخسارة فاشتراطه على البائع معقول،لكنه أجنبي عن مدلول الرواية، فهذا الشرط أيضا خارج عن محل الكالم كما بيناه في

أول البحث (٢).ثم إنه أفاد المصنف (قدس سره) في طي االستدالل ما نصه (والظاهر أن المراد الحرمة

الالكراهة، إذ مع صحة العقد ال وجه لكراهة الوفاء بالوعد) انتهى.

توضيحه: أن منشأ الحرمة والكراهة في العقد هو حرمة الشرط أو كراهته، فإن كانالمراد من " ال ينبغي " هي الحرمة - أي الوضعية - كانت الرواية دليال للمسألة، فإن

فساد العقد ال منشأ له إال فساد الشرط، وإن كان المراد منه الكراهة، فكراهة البيعمجامعة لصحته، وال بد من أن يكون منشأ الكراهة كراهة الشرط، مع أن العقد إذا

فرض صحيحا ال معنى لكراهة الوفاء بالوعد، فإن سنخالوفاء بالوعد آب عن الكراهة.

والجواب: أن كراهة العقد إذا لم يكن لها منشأ إال االشتمال على الشرط فغايتهكراهة االشتراط، ال كراهة الوفاء به، وال منافاة بين كراهة الوعد وبين استحباب الوفاء

به بعد وقوع هذا المكروه.- قوله (قدس سره): (وأما عن الروايتين فأوال... الخ) (٣).

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (لزيان).

(٢) تعليقة ٧٠.(٣) كتاب المكاسب ٢٨٨ سطر ٣٤.

(٢٢٥)

Page 229: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

توضيح المقام: أن المسؤول عنه في الروايتين (١) صحة البيع الثاني وفساده دونالبيع األول، وحكمه (عليه السالم) بفساد البيع الثاني إما ألجل فساد الشرط، وإما

ألجل فسادالبيع األول، فإن كان الثاني كان دليال على المطلوب، وإن كان األول فال داللة [له]

(٢)على المطلوب، نعم فساد الشرط ال بد من أن يوجب اختالال في ما يعتبر في صحة

البيع الثاني، حتى يعقل استناد فساده إلى فساد الشرط.والوجه الذي احتمله المصنف (قدس سره) في اقتضاء فساد الشرط فساد البيع الثاني مع

عدم تقيده به هو أن الشرط لو كان في ضمن العقد األول كان البيع الثاني وفاء بهواجبا، وأما لو كان في خارجه لكان فاسدا غير واجب الوفاء، لكن العرف - حيث اليرون فرقا في لزوم الجري على وفق االلتزام بين كونه في ضمن العقد أو خارجه - فلو

صدر البيع الثاني بتوهم اللزوم كان صادرا عن غير طيب النفس طبعا، فالبيع الثانيفاسد لفقد الطيب المسبب عن توهم لزوم الشرط الفاسد.

وهذا الوجه مع ما فيه من التكلف غير صحيح، لما ذكرنا في محله (٣) من كفايةالطيب العقلي على حد الطيب الطبعي، فكما يصح البيع الثاني المنبعث عن لزوم

الوفاء حقيقة بالشرط الصحيح كذلك يصح فيما إذا انبعث عن لزومه توهما،الشتراكهما في عدم الطيب الطبعي ووجود الطيب العقلي، وإال لم يكن هناك فعل

اختياري بدونهما.نعم قد استثنى االكراه بدليل خاص، ال النحصار الطيب المشروط به صحة العقدبالطبعي، ولذا يصح بيع المضطر مع عدم الطيب الطبعي، فاألولى االلتزام بأن البيعالثاني يستند إلى فساد البيع األول بفساد شرطه، وهو شرط بيعه منه ثانيا، فإنه إما

موجب للدور كما عن العالمة (٤) أو موجب لعدم قصد البيع حقيقة كما عن الشهيد،(٥)

ومثله خارج عن مورد البحث، ألن الكالم في تأثير فساد الشرط في فساد العقد، التأثير نفس وجود الشرط في اختالل العقد بنفسه، حيث يستحيل البيع المستلزم منه

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العقود، ح ٤، ٦.

(٢) إضافة يقتضيها السياق.(٣) ح ٢: ٣٩، تعليقة ٢٩.

(٤) التذكرة ١: ٤٩١ سطر ٢١.(٥) الروضة البهية ٣: ٥١٨.

(٢٢٦)

Page 230: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المحال، أو حيث ال عقد بال قصد هذا، وال يخفى أنه بعد ابطال توهم الدور وعدمالقصد كما هو مسلك المصنف (قدس سره) ال يمكن حمل الرواية عليه.

فالجواب عن الروايتين مستندا إلى فساد الشرط أو إلى فساد العقد على وجهيخرج عن محل البحث مشكل، إال أن يقال كما عن بعض األعالم (قدس سره) أن

البيع الثانيمن دون شرط حالل، ومع الشرط حرام، كما في اعطاء الزيادة في باب القرض، فإنه

مع الشرط حرام وبدونه حالل، فال ربط له بفساد الشرط ومفسديته للمشروط به،والله أعلم.

- قوله (قدس سره): (وقد يستدل على الصحة... الخ) (١).تحقيق الجواب عن الدور المبني على مالحظة طبيعة صحة البيع وصحة الشرط:

هو أن لكل من العقد والشرط جهتين من الصحة، صحة كل منهما في نفسه، وصحةكل منهما باإلضافة إلى اآلخر، من حيث اشتمال العقد على الشرط، ومن حيث كونالشرط في ضمن العقد، وال دور إال إذا توقف صحة كل منهما في نفسه على صحةاآلخر في نفسه، أو إذا توقف صحة كل منهما باإلضافة إلى اآلخر على صحة اآلخرباإلضافة إليه، وأما إذا توقف صحة أحدهما في نفسه على صحة اآلخر باإلضافة أو

بالعكس فال دور، لتغائر الموقوف والموقوف عليه.توضيحه: أن العقد له حيثيات دخيلة في صحته ولو لم يكن هناك شرط،

كحيثيات العربية والماضوية والتنجيز وملك التصرف وأشباهها، وله حيثية دخيلة فيصحته إذا كان مشتمال على شرط، وهي أن ال يكون مشتمال على شرط فاسد، وكذاالشرط له حيثيات دخيلة في صحته مع قطع النظر عن صحة العقد، وهي كون متعلقه

مقدورا غير مناف لمقتضى العقد، وال مخالفا للكتاب والسنة، وأن ال يكون غررياونظائرها، وله حيثية دخيلة في صحته باإلضافة إلى العقد، وهي أن يكون في ضمن

عقد صحيح.ومن الواضح أن شيئا من تلك الحيثيات الدخيلة في صحة العقد في نفسه ال

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٩ سطر ١٦.

(٢٢٧)

Page 231: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يتوقف على الحيثيات الدخيلة في صحة الشرط في نفسه، بداهة عدم توقف الصحةمن حيث العربية والماضوية إلى اآلخر على الصحة من حيث المقدورية والموافقة

للكتاب والمالئمة لمقتضى العقد إلى اآلخر، بل هذه الحيثيات معتبرة في العقد ولولم يكن شرط في العالم، وكذا تلك الحيثيات من طرف الشرط، لبداهة عدم توقف

الصحة من حيث المقدورية والموافقة للكتاب ونحوهما على كون العقد عربياماضويا، لعدم االرتباط بين هذه الحيثيات وتلك الحيثيات، كما أن حيثية عدم كونالعقد مشتمال على الشرط الفاسد ال يعقل أن يكون موقوفا على حيثية كون الشرط

في ضمن العقد فإنه مفروض ال الزم الحصول، وال على صحة الشرط من حيث كونهفي ضمن العقد، فإن وجود الضمنية مالزم لحيثية الصحة من هذه الجهة، وكذا حيثية

كون الشرط في ضمن العقد ال يكون موقوفة على اشتمال العقد على شرط صحيحمن حيث الضمنية حتى يلزم الدور، بل حيثية صحة العقد من حيث االشتمال

موقوفة على صحة الشرط من حيثيات المقدورية وأشباهها، وحيثية الصحة فيالشرط من جهة الضمنية موقوفة على صحة العقد من حيثيات العربية والماضوية

ونظائرهما، ومع تغائر الموقوف والموقوف عليه من جهة تغائر الحيثيات الراجعةإلى توقف حيثية على حيثية أخرى، وعدم توقف تلك الحيثية على الحيثية األولى،

بل التوقف من الطرفين على حيثيتين متغائرتين فال دور.وإنما توهم الدور بمالحظة طبيعي الصحة من الطرفين، وصدق توقف صحة

العقد على صحة الشرط، وصحة الشرط على صحة العقد، ولقد طال بنا الكالم فيالمقام، وبالله االعتصام.

- قوله (قدس سره): (ثم على تقدير صحة العقد ففي ثبوت الخيار... الخ) (١).توضيحه: أن امتناع الوصول إلى غرضه المعاملي باالشتراط تارة واقعي قهري

كتعذر الشرط، وأخرى اختياري لتخلف المشروط عليه عن العمل بالشرط، وثالثةامتناع شرعي لفساد الشرط الموجب لنقض غرضه المعاملي، فالمالك وهو الضرر

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٩ سطر ١٨.

(٢٢٨)

Page 232: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

من نقض غرضه المعاملي مشترك بين الجميع.وأما ما أفاده (قدس سره) أخيرا بأن ضرورة الشرع قاضية في أغلب الموارد بأن الضرر

المترتب على فساد معاملة مع الجهل به ال يتدارك فيمكن الجواب عنه: بأنالمقصود في هذه الموارد الثالثة المتقدمة ليس رفع الضرر المرتب على فقد الشرط،

حتى يشكل في األخير بما أفاده (رحمه الله)، بل رفع الضرر المرتب على لزوم العقدالصحيح

مع فقد الشرط بأحد الوجوه، فليس الغرض أن الفساد ضرري فهو مرفوع عندالجهل، بل الغرض أن لزوم العقد الصحيح من حيث اقتضائه الستقرار الضرر وعدم

التمكن من دفعه ضرر مستند إلى الشارع فهو مرفوع، فال مجال لاليراد على التمسكبقاعدة الضرر هنا، إال أنها تحتاج إلى جابر، وهو عمل األصحاب المفقود هنا.

وعليه فإن احتجنا إلى العمل في كل مورد مورد فااليراد وارد، وإن اكتفينا بالعملبالقاعدة في الضرر الناشئ من الجهل بالحكم كفى في ذلك عملهم بها في الجهل

بالخيار وبفوريته وأشباه ذلك، فتدبر.األمر الثاني: إذا أسقط الشرط الفاسد هل يصح العقد

- قوله (قدس سره): (لو أسقط المشروط له الشرط الفاسد... الخ) (١).ليس المراد من االسقاط ما هو ظاهره من كون مورده قابال للسقوط، فإنه مختص

بالحقوق، وال المراد من رفع اليد عن الشرط كونه قابال لالنقالب عما وقع عليه، فإنهأيضا غير معقول، بل المراد هو الرضا المتجدد بالعقد المجرد.

وحينئذ نقول: إن استندنا في فساد العقد بفساد شرطه إلى انتفاء العقد بانتفاءقيده فال يجدي الرضا المتجدد، فإنه إنما يجدي فيما إذا بقي عقد، وحيث ال عقدفال معنى للرضا به، وإن استندنا فيه إلى تقيد الرضا وأن الرضا بالمقيد ينتفي بانتفاء

قيده فيمكن القول بتأثير الرضا المتجدد، إذ المفروض بقاء العقد وأن عدم تأثيرهالنتفاء الرضا الدخيل في تأثيره، فمع الرضا المتجدد بالعقد المجرد ال مانع من صحة

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٩ سطر ٢٤.

(٢٢٩)

Page 233: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

العقد بلحوقه.وال يقال: ال عقد مجرد حتى يجديه الرضا المتجدد.

فإنه يقال: ال مبائنة بين العقد المجرد والمقيد إال بانضمام التزام شرطي إليهوعدمه، ال أن المعقود عليه أمر خاص حتى يتوهم أنه ال عقد على ذات الخاص،

ولعل ما ذكر هو الوجه في حكم العالمة (قدس سره) باالتفاق.األمر الثالث: إذا ذكر الشرط الفاسد قبل العقد هل يبطل العقد

- قوله (قدس سره): (لو ذكر الشرط الفاسد قبل العقد... الخ) (١).في الحكم بالصحة والبطالن طريقان:

أحدهما: ما عن المصنف العالمة (قدس سره) من دوران الصحة والبطالن مدار القولبتأثير

الشرط المتقدم الغير المذكور في متن العقد وعدمه.والتحقيق: إن بنينا على مالحظة عنوان مفسدية الشرط الفاسد للعقد صح ما أفيد،إذ بناء على عدم تأثير الشرط المتقدم فالعقد غير مشروط بشئ حتى يكون فسادهمؤثرا في فساد العقد، وإن بنينا على مالحظة المالك والدليل فتأثير الشرط المتقدم

وعدمه أجنبيان عن البحث، ألن موضوع البحث هو العقد المبني على الشرط، وإالفال مجال للبحث عن صحة العقد وفساده بفساده إال مساس العقدية، وحيث إن

ابتناء العقد عليه مفروض فتقيد الرضا مفروض، وفساد الشرط من حيث عدم ذكرهفي متن العقد أمر، وابتناء العقد على هذا االلتزام الغير المذكور أمر آخر، وفساد العقد

ينشأ من االبتناء على التزام فاسد من حيث نفسه، وإن لم يكن فاسدا من حيث عدمذكره في العقد.

ثانيهما: ما نسب إلى صاحب المسالك (٢) من ابتناء صحة العقد وفساده على العلمبفساد الشرط المتقدم، فيصح العقد والجهل بفساد الشرط، فيفسد العقد نظرا إلى أنه

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٩ سطر ٣٠.

(٢) مسالك األفهام ٣: ١٥٤ - مؤسسة المعارف االسالمية.

(٢٣٠)

Page 234: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مع علمه بفساد الشرط المتقدم ال يوقع العقد مبنيا على الشرط، فلذا يصح العقدلعدم االبتناء، ومع جهله بالفساد يوقع العقد مبنيا عليه بطبعه، فيفسد لتقيده لبا

بااللتزام الفاسد، وليس غرضه من فساد الشرط الذي جعل العلم والجهل به مالكصحة العقد وفساده فساد الشرط من حيث نفسه، حتى يورد عليه بأن العقالء

يقدمون على الشرط الفاسد كاقدامهم على العقد الفاسد.بل غرضه (رحمه الله) فساد الشرط من حيث عدم ذكره في متن العقد، والفرق بين

نحوىفساد الشرط أن الغرض العقالئي وإن لم يكن منوطا في التسبب إلى حصوله

بموافقته للغرض شرعا، إال أنه ال غرض للعقالء إال في نفس المعقود عليه والملتزمبه، مثال الخياطة التي التزم بها متعلقة للغرض من دون اهتمام من العقالء بكونها

معينة أو مجهولة مثال، وال غرض آخر لهم في ابتناء العقد على االلتزام الفاسدبالخياطة، فمع العلم بفساد االلتزام بالخياطة يقدمون عليه لموافقته لغرضهم،

بخالف العلم بفساد االلتزام من حيث عدم ذكره في العقد فإنه ال غرض عقالئي فياالقدام على جعل العقد مبنيا على هذا االلتزام الغير المذكور، وحيث إنه ال غرض

في االقدام على جعل العقد مبنيا عليه فال محالة ال يتحقق منهم عقد مبني عليه،هذه غاية ما يمكن به توجيه ما في المسالك.

والتحقيق: دوران األمر في مفسدية الشرط وعدمها مدار ايقاع العقد مبنيا عليهوعدمه، سواء كان الشرط فاسدا من حيث نفسه أو من حيث عدم ذكره في العقد،

وسواء علم الشارط بالفساد من أحد الوجهين أم ال.- قوله (قدس سره): (ثم حكي اعتراضا على المحقق (قدس سره)... الخ) (١).العبارة المنقولة في االعتراض والجواب مما تحيرت فيها ألباب األصحاب، فتارة

حكموا بأنه ال محصل لها، وأخرى احتملوا سقطا فيها، والذي يسنح بالبال في حلهاهو أن محصل االيراد أن مقتضى تبعية العقود للقصود الحكم ببطالن العقد، ألنالمقصود هو األمر المقيد بالشرط الغير المذكور المعقود عليه كما تقتضيه عبارة

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٨٩ السطر األخير.

(٢٣١)

Page 235: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

العقد، هو المجرد عن القيد، فال مطابقة بين العقد والقصد.وحاصل الجواب يبتني على مقدمة: هي أن كل عقد له مدلول يترقب حصوله

منه، فال بد أن يكون ذلك األمر المعقود عليه مقصودا، إذ ال عقد بال قصد، وأما عدمحصول ما ليس من مدلوله وإن كان مقصودا فال يعتبر مطابقة العقد له، فالمطابقة بين

المعقود عليه والمقصود يعتبر في طرف تأثير العقد فيما يترقب حصوله من مدلوله،وأما في طرف عدم تأثيره في ما ليس من مدلوله فال يعتبر مطابقة العقد للقصد، فإن

المقصود في ناحية عدم حصول ما ليس من مدلوله ليس من جهة عدم تبعية العقدللقصد، بل من جهة أنه ليس من مدلوله، وال لفظ آخر حتى يكون بانضمام القصد

إليه سببا لحصوله.وعلى هذا فما أفيد في الجواب من أن القصد وإن كان معتبرا في الصحة فال يعتبرفي البطالن يراد منه مطابقة القصد مع العقد، وهو كما أفيد يعتبر موافقتهما فيما

يترقب حصوله من العقد، ال فيما ال يترقب حصوله.وقوله (رحمه الله) (لتوقف البطالن على اللفظ والقصد وكذلك الصحة ولم يوجد في

الفرض) (١) انتهى، راجع إلى المنفي ال إلى النفي، بمعنى أنه ليس دليال لعدم االعتبار،بل تعليل لتوهم االعتبار، أي ال يعتبر الموافقة في طرف البطالن بتوهم أن البطالن

كالصحة منوط بموافقة القصد واللفظ، ومنه يظهر سقوط اعتراض صاحبالمسالك (رحمه الله) عنه.

األمر الرابع: هل يفسد العقد الشرط الفاسد لعدم الغرض- قوله (قدس سره): (لو كان فساد الشرط ألجل عدم تعلق غرض... الخ) (٢).قد مر (٣) في وجه اعتبار هذا الشرط أن الملتزم به إذا لم يكن فيه غرض عقالئي

فمعناه أن العقالء ال يرونه التزاما اعتباريا عندهم، لما مر من أن االلتزام والعقد--------------------

(١) مسالك األفهام ٣: ٣٠٩.(٢) كتاب المكاسب ٢٩٠ سطر ١١.

(٣) تعليقة ٥٥.

(٢٣٢)

Page 236: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

والعهد كالملكية والزوجية اعتبارات عرفية عقالئية، فإذا لم يكن انشاء االلتزام التزامااعتباريا عند العقالء فال تقيد للعقد بالتزام اعتباري حتى يتكلم في أنه مفسد للعقد

أم ال.نعم تقيد الرضا أمر ال يدور مدار اعتبار العقالء، والرضا وعدمه تابعان لألغراض

الشخصية دون الشرعية أو العقالئية، فيفسد العقد من جهة فقد الرضا، ال من جهةاالبتناء على التزام فاسد، حتى يقال بأنه ال التزام فال تقيد للعقد، فافهم جيدا.

* * * *

(٢٣٣)

Page 237: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أحكام الخيار

(٢٣٤)

Page 238: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أحكام الخيارهل يورث الخيار

- قوله (قدس سره): (الخيار موروث بأنواعه... الخ) (١).تنقيح المقام بتوضيح الكالم في موارد:

أحدها: أن الخيار حق حتى يورث، أو حكم كجواز الرجوع في الهبة فال يورث؟فنقول:

أما الخيار المجعول بالشرط فال شبهة في أن المجعول به أمر تسبب إليه باشتراطهكما يتسبب إلى ملكية شئ باشتراطها بنحو شرط النتيجة، والحكم غير قابل للجعل

إال ممن بيده أمره، وهو الشارع في األحكام الشرعية، فال يعقل التسبب إليه بايجاده،نعم ايجاد موضوع يترتب عليه حكمه المجعول من جاعله معقول، لكنه ليس من

التسبب إليه بجعله، وليس من الشارط هنا موضوع حتى يترتب عليه حكم يعبر عنهبالخيار، بل ليس له ابتداء إال جعل الخيار باالشتراط، وعليه فينبغي أن يكون الخيار

المجعول بالشرط خارجا عن مورد البحث.وأما سائر الخيارات فكونها حقا أو حكما يدور مدار أحد أمور: إما ظهور لسان

دليله في جعل الحق، وإما وجود قرينة خاصة تدل على أن المجعول حق، وإما ترتب--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٩٠ سطر ١٧.

(٢٣٥)

Page 239: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

آثار الحق عليه شرعا ولو باالجماع فنقول:الخيارات التي مدركها قاعدة الضرر كخيار الغبن وخيار تخلف الشرط أو التخلف

عن الشرط فهي ليست إال حكما، لما مر مرارا من أن اللزوم إذا كان ضرريا فرفعه اليقتضي إال عدم اللزوم، وهو مساوق لجواز العقد، فاثبات حق حل العقد زيادة على

جواز فسخه تكليفا ووضعا يحتاج إلى دليل آخر.وأما الخيارات الثابتة بعنوانها في لسان أدلتها كقوله (عليه السالم) (البيعان بالخيار) (١)

وقوله (عليه السالم) (صاحب الحيوان المشتري بالخيار) (٢) وقوله (عليه السالم) (لهفي ذلك خيار

الرؤية) (٣) فيمكن استفادة الحقية منها، فإن السلطنة وإن كانت تارة تكليفية، وأخرىاعتبارية، إال أن التكليفية منتزعة عن الترخيص في شئ، فيقال إنه مسلط عليه غيرمصدود عنه (٤)، إال أن ظاهر جعل الخيار جعل نفس السلطنة، ال جعلها بجعل

الترخيص وعنوان الخيار، وكون العاقد مختارا ليس إال جعل هذا العنوان االعتباريالمعبر عنه في كلمات األصحاب بملك فسخ العقد أو السلطنة عليه، وليس الحق

المجعول إال اعتبارا كاعتبار الملكية في مواردها.وأما بقية الخيارات كخيار التأخير وخيار ما يفسده المبيت وخيار العيب فلسان

أدلتها لعدم تكفل عنوان الخيار وشبهه قابل لكال األمرين من الحق والحكم، هذا كلهبمالحظة لسان الدليل المتكفل للخيار.

وأما القرينة المعينة لكون الخيار حقا فمثل ما ذكره المصنف (قدس سره) في المتن منقوله (عليه السالم) في ذيل خبر خيار الحيوان (بأنه رضى منه) (٥)، نظرا إلى أن

التصرف يمكنأن يكون رضا بسقوط الحق، وال يعقل أن يكون رضا بسقوط الحكم حتى يرتفع جوازالفسخ، وإال فلو أريد منه الرضا المتجدد ببقاء العقد أو االلتزام بالعقد بقاء فال مانع من

أن يكون جواز حل العقد ممتدا إلى أن يرضى متجددا ببقاء العقد أو أن يلتزم به،--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ١ من أبواب الخيار، ح ١، وغيره.(٢) وسائل الشيعة، باب ٣ من أبواب الخيار، ح ٢.

(٣) وسائل الشيعة، باب ١٥ من أبواب الخيار، ح ١.(٤) هذا هو الصحيح، وفي األصل (عليه).

(٥) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب الخيار، ح ١.

(٢٣٦)

Page 240: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فحاله حال قوله (عليه السالم) (يستخلف بالله تعالى ما رضيه) (١) أي ما رضي بالبيعأو بالمبيع،

وأما بمالحظة اآلثار فالظاهر تحقق االجماع على أن جميع هذه الخيارات قابلةلالسقاط، وما يقبل االسقاط ال يكون إال الحق.

ثانيها: بعد الفراغ عن كون الخيار حقا هل الحق قابل في نفسه لإلرث أم ال؟وملخص االشكال في قبوله: أن الحق اعتبار خاص في قبال الملكية، وكما أن

الملكية ال تورث وذات الملك يورث فإنه المتروك دون الملكية الزائلة بالموت،فكذا الحق فإنه اعتبار قائم بذي الحق ومتقوم ومتشخص به فيزول بموته، ال أنه باق

متروك بعد موته، وقوله (عليه السالم) (ما ترك الميت فهو لوارثه) (٢) يقتضي بقاء شئبعد موته

ليضاف إلى الوارث بقوله (عليه السالم) (لوارثه)، فال يعقل دخول الحق االعتباري فيعموم

الموصول لوجهين:أحدهما: أنه زائل ال متروك.

وثانيهما: أن الحق ال يمكن أن يضاف إلى الوارث بإضافة حقية، كما أن الملكيةمضافة بذاتها إلى طرفها ال بإضافة ملكية أخرى، فال يعقل أن يعرض الملكية إضافة

الملكية المدلول عليها بقوله (عليه السالم) (٣) (لوارثه).والجواب عنه بالنقض والحل: أما النقض فإن ملكية ما في الذمة تتشخص

بطرفيها، وبالموت تزول اإلضافة، وال يعقل بقاء ما في الذمة حتى يورث، ألنتشخص ما في الذمة إنما هو باعتبار ملك ألحد على أحد، فليس كالعين الخارجية

حتى ال يتقوم وجودها بإضافتها.وأما الحل فنقول: لمتعلق الملكية ومتعلق الحقية تارة بقاء حقيقة، وأخرى

اعتبارا، فالعين الخارجية المملوكة بقاؤها في الخارج حقيقي، وكلي الحنطة بقاؤهافي الذمة اعتباري، فيقال " مات عن من من الحنطة في ذمة فالن "، وكذلك متعلق

الحق فتارة حقيقي كحق األولوية باألرض المحجرة، وحق االختصاص بالخمر--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب الخيار، ح ٤.(٢) دعائم اإلسالم ٢: ٣٩٥ وفيه (ما ترك الميت من شئ فلورثته).

(٣) هذا هو الصحيح، وفي األصل (لقوله).

(٢٣٧)

Page 241: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المتخذ للتخليل، وأخرى اعتباري كحق حل العقد وفسخه، فإن هذا الموضوع لهبقاء عرفا فيستحقه الوارث، فكما أن الملكية ال تورث بل مجعولة بدليل اإلرث

كذلك الحقية ال تورث بل مجعولة بدليل اإلرث، وإنما الموروث هو المتعلق ملكا أوحقا سواء كان متروكا حقيقة أو اعتبارا.

ثالثها: بعد الفراغ عن كون الحق بما هو قابال في حد ذاته لإلرث يتكلم في أنالحقوق تختلف باختالف موضوعاتها، فربما يكون الموضوع مقوما، وربما يكونعنوانا وحيثية تقييدية لذي الحق، وربما يكون معنى بنحو غاية يستحيل بقاؤها بعد

الموت، فمع أحد هذه الخصوصيات ال يقبل االنتقال بالموت فعال، وإن كان في حدذاته قابال، ومع انتفائها جميعا يقبل االنتقال فعال كما كان ذاتا وطبعا.

أما األول: فمثل حق التولية وحق النظارة الملحوظ فيهما شخص خاص، فاليعقل االنتقال فيه باإلرث.

وأما الثاني: فكالحق المجعول للعالم وللطلبة وشبههما، فإن هذه الحيثية حيثيةتقييدية لذي الحق، فال يعقل االنتقال إلى وارثه، وأنها مع فرض اتصاف وارثه

بالعنوان فهو يستحقه بنفس الدليل المتكفل للحق ال بدليل اإلرث كما هو واضح.ومما يتردد أمره في بدو النظر أنه حيثية تقييدية أو حيثية تعليلية هو حق الشفعة

الثابت للشريك، فهل الشركة حيثية تعليلية لذات الشريك فينتقل الحق إلى وارثه، أوحيثية تقييدية فال ينتقل إلى وارثه.

وربما يتخيل التفصيل بين أن يكون الوارث شريكا فيرث حق الشفعة أو لم يكنكالزوجة بالنسبة إلى األرض فال ترث حق الشفعة.

وفيه: أن الشركة الموجبة للشفعة هي الشركة قبل بيع أحد الشريكين حصته، البعد بيع الحصة، مع أنه ال ريب في ثبوت الشفعة لجميع الورثة على المشهور، مع

أنه ال شبهة عندهم في عدم الشفعة مع تعدد الشركاء، فيعلم أن الشفعة بعنواناإلرث ال بعنوان الشركة، وأن الشركة حيثية تعليلية للحق ال حيثية تقييدية، مع أن

استحقاق الوارث لو كان بعنوان الشركة لم يتوقف على إرث الحق أصال، فإنه ثابت

(٢٣٨)

Page 242: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ولو لم ينقل بإرث حق من الحقوق، بل إرث المال يوجب تحقق الشركة، والشركةموجبة لحق الشفعة كنفس المورث، فالموت محقق للشركة ال سبب ألرث الحق.

وأما الثالث: فمثل خيار المجلس المغيي (١) باالفتراق، بناء على ما ذكرنا فيمبحث خيار المجلس أن المراد من االفتراق ما هو في قبال االجتماع على المعاملة

ال مجرد (٢) الحضور في مجلس البيع، ولذا قلنا بأن حضور الموكل فيما (٣) إذا كانالوكيل مستقال في أمر المعاملة كعدمه، إذ ال اجتماع له مع الطرف على المعاملة، وإن

كان أثرها عائدا إليه، فاالجتماع واالفتراق هنا يراد منهما سنخ اجتماع وافتراق اليصدق إال فيمن كان من شأنه ايجاد المعاملة وهو الحي مع الحي، ال الميت الذي هوكالجماد مع الحي، فبمجرد الموت يزول ذلك االجتماع، ولعله المراد مما حكي عنالعالمة (قدس سره) في التذكرة (٤) بأن الموت يوجب المفارقة عن الدنيا وهو أعظم

من المفارقةعن المجلس، فتدبر، وقد مر في مبحث خيار المجلس بعض ما يناسب المقام (٥).

- قوله (قدس سره): (في أن إرث الخيار ليس تابعا ألرث المال... الخ) (٦).الظاهر منه (قدس سره) أن حق الخيار تارة يورث بال كالم، وأخرى ال يورث بال

كالم، وثالثةيكون محل الكالم.

فاألول: في مورد استغراق الدين للتركة، فإن الوارث ال يرث شيئا من المال فعال،ومع ذلك فاستغراق الدين ال يمنع عن إرث الخيار، وهذه الحيثية ال دخل لها بكون

التركة أرضا أو عقارا وأن الزوجة محرومة، فإنها حيثية أخرى سيجئ (٧) إن شاء اللهتعالى الكالم فيها، والقول باإلرث وعدمه هناك أجنبي عن حلية (٨) الدين واستغراقه،

وحرمان (٩) الوارث عن اإلرث الفعلي.ولعل وجه كون اإلرث مسلما هنا - مع أن الحق من جملة التركة، واإلرث على

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (المضي).(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (تجرد).(٣) هذا هو الصحيح، وفي األصل (مما).

(٤) التذكرة ١: ٥١٧ سطر ٣٩.(٥) ح ٤ تعليقة ٣٣.

(٦) كتاب المكاسب ٢٩٠ سطر ٢٦.(٧) التعليقة الالحقة.(٨) يعني كونه حاال.

(٩) هذا هو الصحيح، وفي األصل (جريان).

(٢٣٩)

Page 243: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الفرض بعد الدين - هو أن االستغراق يمنع عن إرث ما يمكن وفاء الدين به وهوالمال المتروك، دون حق الخيار بما هو فهو كحق القصاص مع استغراق دين المقتول

لتركته وحرمان وارثه عنها، فإنه ال مجال للشبهة في إرثه لحق القصاص، وليسمحروما منه على حد حرمانه من المال، فحق الخيار بما هو ليس مما يوفى به الدين،

ليكون الدين مستغرقا مانعا عن انتقاله إلى الوارث.نعم أعمال الخيار من حيث اقتضائه لذهاب مقدار من التركة إلى المفسوخ عليه

اضرارا بالديان، وهو ممنوع عنه، مع أنه يمكن أن يقال بأن الدين المستغرق يمنععن انتقال التركة بأعمال الخيار، فبأعمال الخيار وانتقال المال من المفسوخ عليه إلى

الوارث ال ينتقل من تركة الميت إلى المفسوخ عليه شئ، لكونه كالتالف الذيال يعود، بل يشتغل ذمة الميت بالبدل كما سيجئ (١) إن شاء الله تعالى نظيره في

المبحث اآلتي المعنون بعنوان الفرع فانتظر.والمانع الثاني: الذي ال كالم في مانعيته هو أحد موانع اإلرث كالقتل والرق

والكفر، فإنها موانع متساوية االقدام بالنسبة إلى جميع متروكات الميت، سواء كانتملكا أو حقا، وفي الحقيقة هو أجنبي عن تبعية إرث الحق ألرث المال، فإن (٢)

حرمانالوارث القاتل من اإلرث للحق ليس من أجل حرمانه عن مال الميت، بل هو محروم

منهما في عرض واحد.والمانع الثالث: ما هو مانع تعبدي ككون المتروك (٣) أرضا باإلضافة إلى الزوجة

غير ذات الولد، فإن حرمانها من المال المتروك يوهم حرمانها من حق الخيار المتعلقبه، وحرمانها من الحق حتى فيما إذا كانت األرض منتقلة عن الميت بالخيار باعتبارأن أعمال الخيار يوجب انتقال األرض إلى الميت ثم إلى الورثة، والزوجة محرومة

منها، فالحرمان تارة بالفعل وأخرى باآلخرة.- قوله (قدس سره): (ففي حرمانها من الخيار المتعلق بذلك المال... الخ) (٤).

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٩٣ سطر ٧، تعليقة ١١١.

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (بان).(٣) هذا هو الصحيح، وفي األصل (التروك).

(٤) كتاب المكاسب ٢٩٠ سطر ٢٩.

(٢٤٠)

Page 244: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مورد الكالم أعم مما إذا كان المحرومة منه الزوجة منتقال إلى الميت أو منتقال منالميت، والوجوه أو األقوال فيها أربعة:

أما وجه القول باإلرث مطلقا فلعموم (ما ترك الميت فهو لوارثه)، وعدم المانععن خصوص الحق.

وأما وجه القول بعدمه مطلقا فما أفاده المصنف (قدس سره) بتقريب: أن الخيار هوالسلطنة على استرداد ما انتقل عن ذي الخيار بعد الفراغ عن السلطنة على رد ما

انتقل إليه ولو باإلقالة، والزوجة ال سلطنة لها على رد ما انتقل إلى الميت، لكونه أرضاوهي محرومة منها، وال سلطنة لها على االسترداد ألن المنتقل عن الميت هي أرضال تنتقل إليها، فال معنى الستردادها، ففي كلتا الصورتين ال خيار، إما لعدم السلطنةعلى الرد فيما إذا كان المنتقل إلى الميت أرضا، وإما لعدم السلطنة على االسترداد

فيما إذا كان المنتقل عن الميت أرضا.وأما وجه القول بعدمه إذا كان المنتقل عن الميت أرضا، وثبوته فيما إذا انتقلت

إليه األرض فهو عدم السلطنة على استردادها، ال لنفسها لحرمانها، وال لمن نصب منقبله في األول، وثبوت تلك السلطنة في الثاني مع عدم االعتناء بلزوم السلطنة على

الرد قبال كما يدعيه المصنف (رحمه الله)، أو دعوى أنه وإن لم يكن لها السلطنة علىالرد إال

أن العقد حيث إنه متزلزل على الفرض لثبوت الخيار لسائر الورثة، فالثمن في معرضاالنتقال إلى جميع الورثة ومنهم الزوجة، فللزوجة حق في الثمن فلها استيفاؤه

بأعمال الخيار كما ادعاها المصنف (رحمه الله) في صريح كالمه، مع أنه يرى توقفالسلطنة

على االسترداد على السلطنة على الرد، إال أنه جعل هذا الوجه فارقا بين هذهالمسألة ومسألة عدم الخيار للوكيل المستقل في أمر العقد، وأن الخيار هناك للموكل

دون الوكيل، وسيجئ (١) إن شاء الله تعالى تحقيق الحق فيه.وأما وجه القول بعدمه فيما إذا كان المنتقل إلى الميت أرضا، وثبوته فيما انتقل

عنه، ففي األول أن األرض حق لسائر الورثة فال سلطنة للزوجة بابطال حقهم--------------------

(١) في نفس التعليقة.

(٢٤١)

Page 245: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

واخراجها عن ملكهم كما في جامع المقاصد (١)، وفي الثاني أن الثمن يستحقهالزوجة، والخيار وإن كان سلطنة على االسترداد إال أن االسترداد إلى النفس أو إلى

من كان منصوبا من قبله غير الزم، بل أعمال الخيار يقتضي الرجوع إلى الميت كماسيجئ تفصيل القول فيه، هذه نبذة من وجوه األقوال األربعة.

والحق هو اإلرث مطلقا، وتوضيحه ببيان أمور:منها: إنا قد بينا في مبحث خيار المجلس أن الخيار هو حق حل العقد دون حق

الرد واالسترداد، وعلى فرض كونه حقا متعلقا بمقولة الرد واالسترداد ملكا ال خارجافال موجب أوال لجعل الخيار بمعنى خصوص حق االسترداد، وال موجب لجعله

ثانيا متوقفا على حق الرد ولو باإلقالة كي يلزم منه بعض المحاذير، وقد فصلنا القولفيه هناك، فراجع (٢).

ومنها: أن الخيار حيث إنه حق حل العقد أو حق استرداد الربط الملكي المتعلقبالمبيع مثال فهو ال يقتضي إال انحالل العقد، أو رجوع الربط الملكي إلى ما كان، ال

إلىالمسلط على ارجاع الربط إلى ما كان، حتى يتوهم أن الزوجة حيث ال ترث ال معنى

لسلطنتها على استرداد األرض، وسيجئ (٣) تحقيق هذا المعنى مفصال إن شاء اللهتعالى في شرح كالم المصنف (قدس سره) المعنون بعنوان الفرع في المسألة اآلتية.

ومنها: أنه لو قلنا بأن الخيار هي السلطنة على االسترداد المتوقفة على السلطنةعلى الرد ولو باإلقالة فالالزم ثبوت سلطنة على الرد ملكا أو حقا، وثبوت الخيار لسائر

الورثة ال يوجب الخيار للزوجة كما هو واضح، وتزلزل العقد من ناحية الورثة اليوجب أي سلطنة ملكية أو حقية للزوجة على رد األرض، وكون الثمن في معرض

االنتقال ال يوجب سلطنة فعلية ال عليه وال على األرض بالفعل، بل الثمن ملك شأنيللزوجة على تقدير أعمال الخيار من سائر الورثة، فال حق للزوجة فعال حتى تستوفيهبأعمال الخيار، ولو فرض أن هناك حقا فال يمكن استيفاؤه إال بسبب صحيح، وإال

--------------------(١) جامع المقاصد ٤: ٣٠٦.

(٢) ح ٤ تعليقة ١٠٨.(٣) تعليقة ١١١.

(٢٤٢)

Page 246: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فهو غير قابل لالستيفاء، وال سبب له إال حق الخيار ال حق آخر، حيث ال موجب لهوال دليل عليه، وحق الخيار للزوجة أول الكالم، فإما أن يقال بعدم لزوم السلطنة على

الرد، وإما أن يقال بعدم السلطنة على االسترداد، حيث إن هذه الوجوه ال تحققسلطنة على الرد ولو حقا من غير ناحية حق الخيار، فتدبر.

وأما ما عن الفخر (قدس سره) فيما سيأتي إن شاء الله تعالى في شرح عبارة والده(قدس سره)

(فاألقرب إرثها من الخيار، وألن لها حقا في الثمن، ويحتمل عدمه ألنها ال ترث منالثمن إال بعد الفسخ، فلو علل بإرثها لدار) (١) انتهى، فمرجعه إلى حمل حقها في

الثمن على ملكها الفعلي، وملكها الفعلي موقوف على الفسخ، والفسخ علىاستحقاقه بالخيار، فلو توقف حق الخيار على ملكها الفعلي لزم الدور، وأما إذا أريدمن حقها في الثمن ملكها التقديري فهو ال يتوقف على الفسخ وال على حق الفسخ،

فيتوقف حق الخيار على مثل هذا الملك التقديري المعبر عنه بالحق، باعتبار أنهنحو تشبث لها بالثمن، فال مانع من أن تملك، تملكه بالفسخ، نعم ال موجب لحق

الخيار الستيفاء هذا الحق كما مر.ومنها: أنه قد تقدم في البحث عن جعل الخيار لألجنبي أن مرجعه ليس إلى

التوكيل في أعمال الخيار، ليكون الخيار للجاعل ومباشرة أعماله للمجعول له، بلحق خيار مجعول لألجنبي على حد ثبوته لغيره، وقد بينا في محله تحقيق هذا األمر

فراجع (٢)، ومختار المصنف (قدس سره) أيضا ذلك.وعليه نقول: إن كان األجنبي وكيال عن الجاعل في الفسخ فيصح ما أفاده

المصنف (قدس سره) من أن األجنبي له السلطنة على استرداد المال إلى من هومنصوب من

قبله، فال يتبعض به خيار الزوجة في استرداد المال الذي ال تملكه، والمفروض (٣)عدم كونها منصوبة من قبل أحد، وإن كان األجنبي أحق حقيقة فله السلطنة علىاالسترداد، ورجوع المال إلى مالكه السابق من حيث اقتضاء الفسخ، ال من حيث

--------------------(١) إيضاح الفوائد ١: ٤٨٧.

(٢) ح ٤ تعليقة ١٠٨.(٣) هذا هو الصحيح، وفي األصل (المعروض).

(٢٤٣)

Page 247: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قصد الفاسخ استرداده للمالك، وعليه فللزوجة السلطنة على االسترداد، وإن كانمقتضاه رجوع المال إلى سائر الورثة.

إذا عرفت ما رسمناه من األمور المزبورة تعرف: أن الزوجة ترث الخيار مطلقاسواء كان المال المحرومة منه منتقال إلى الميت أو منتقال عنه، لوجود المقتضي

وعدم المانع، ألن المانع في األول عدم السلطنة لهما على رده، وقد عرفت أن ذلكإما غير الزم في الخيار وهذه السلطنة مجعولة بنفس جعل الخيار الذي هو على هذاالمبنى حق الرد واالسترداد، ورد مال الغير إلى المفسوخ عليه بجعل الشارع كردهبجعل المالك لألجنبي، حيث ال فرق في حقيقة الخيار بين جاعل وجاعل، والمانعفي الثاني عدم السلطنة على استرداده إلى نفسها، ولم يفرض من تكون منصوبة منقبله، وقد عرفت أن السلطنة على االسترداد غير متقومة باالسترداد إلى نفس من لهالسلطنة، وسيجئ (١) إن شاء تعالى بقية الكالم في الفرع اآلتي في المسألة اآلتية.

كيفية استحقاق الورثة للخيار- قوله (قدس سره): (في كيفية استحقاق كل من الورثة للخيار... الخ) (٢).

حيث إن المسألة من مفصالت المسائل فينبغي توضيحها بتقديم أمور:منها: أن وحدة الحق كوحدة الملكية تارة عمومية وأخرى شخصية، أما وحدة

الملكية العمومية فملك الدار مثال، فإن المالك لها كما يملك الكل يملك البعضالمعين والبعض المشاع منها نصفا وثلثا وربعا إلى آخر الكسور، وال يتوهم أحد أن

الملكية شخصية، فإن اإلضافات تتشخص بتشخص أطرافها، فال يعقل كثرة المملوكمعينا ومشاعا مع وحدة اإلضافة شخصا.

وأما وحدة الحق وحدة عمومية كحق التحجير في األرض المحجرة، وكحقاالختصاص في الخمر المتخذ للتخليل، فإن األرض تماما وبعضا متعلق للحق وكذا

الخمر، فكما لذي الحق األولوية بهذه األرض تماما فكذلك بأبعاضها معينا ومشاعا،--------------------

(١) تعليقة ١١١.(٢) كتاب المكاسب ٢٩١ سطر ٢٧.

(٢٤٤)

Page 248: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وكما له االختصاص بالخمر تماما فكذلك بأبعاضها، فلمثل هذا الحق وحدة عموميةينحل إلى الحقوق بحسب تبعض متعلقه معينا ومشاعا.

وتوهم: أن الحق بسيط ال يتجزئ وال يتبعض.مدفوع: بأن االعتبار الحقي كاعتبار الملكية بسيط، بل االعتبارات أشد بساطة من

االعراض، فإنها ذوات أحصاص وفصول عقلية دون االعتباريات، إال أن البساطةتنافي التجزئ والتبعض دون التعدد، فال يعقل نصف الملكية وربعها، لكن يتعقل

تعدد الملكيات بتعدد األمالك، وما نحن فيه من قبيل الثاني، فتدبر.وأما وحدة الملكية شخصا كما إذا ملك باإلجارة أو الشرط عمال غير قابل

للتبعض ال معينا وال مشاعا كما إذا ملك عليه العتق أو البيع ونحوه، فإن العتق بما هوال بعض له وال كسر له، فكذلك الحق كحق القصاص فإن القصاص ال كسر له وال

بعضله، فال يمكن تعدد الملكية والحقية من ناحية تبعض المملوك ومورد الحق.

ومنها: أن مورد حق الخيار وإن كان هو العقد فيوهم أنه ليس له إال حل واحد، إالأن العقد إذا كان على ملكية الدار مثال، فقبول الدار للتبعض يوجب قبول الملكيةللتعدد، فيوجب قبول العقد تحليال لالنحالل إلى عقود، وعليه يبتني صحة العقد

على ما يملك وما ال يملك في األول دون الثاني، ومع فرض قبول العقد للتعدد يكونالحل أيضا قابال له فيعقل تعدد حق الحل والفسخ، وحينئذ فإن كان الحق الثابت

لذي الخيار بحيث كان له حل العقد في الكل والبعض - كما في خيار فسخ العقد بردمثل الثمن تماما في تمامه وبعضا في بعضه، فمثل هذا الحق المنحل إلى الحقوق

قابل ألن ينتقل إلى أشخاص متعددين.وإذا فرض أن الحق الثابت حق حل العقد رأسا وتركه أصال، فال محالة هو غير

متعدد على الفرض، وتعدده بقيامه بأشخاص متعددين خلف واضح، كما هو الظاهرفي جميع الخيارات المجعولة شرعا، فليس لمن له خيار المجلس أو الغبن أو

الحيوان أو العيب إال حل العقد بتاتا أو تركه رأسا، وقد صرح المصنف (قدس سره)بذلك في

مبحث خيار العيب، حيث قال: (إنه ال يشك أحد في أن دليل هذا الخيار كغيره من

(٢٤٥)

Page 249: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أدلة جميع الخيارات صريح في ثبوت هذا الخيار لمجموع المبيع، [ال لكل جزء] ولذالم يجوز أحد تبعيض ذي الخيار بين اجزاء ما له فيه الخيار) (١) انتهى.

ومنها: أن وحدة مورد الحق ال توجب وحدة الحق، لبداهة تعلق حقين لشخصينبالنسبة إلى عقد واحد، كما في خيار المجلس بالبيعين، بل وضوح تعلق حقوق

متعددة لشخص واحد باإلضافة إلى عقد واحد بأسباب متعددة كما في تعلق خيارالمجلس وخيار الحيوان وخيار الغبن في عقد واحد لشخص واحد، وال يلزم منه

اجتماع المثلين في موضوع واحد، وال توارد سببين على مسبب واحد كما أوضحناهفي مبحث خيار الحيوان (٢)، بل الوحدة هنا من حيث فرض تعلق الحق بمورد واحد

بسبب واحد لشخص واحد إما أعماال أو تركا، وأن مثله هل يتعدد باإلرث أم ال؟فتعقل تعدد الخيار بتعدد من له الحق وامكان قيام حق واحد استقالال بشخصين

أجنبي عن موضوع البحث، كقيام حق القصاص بشخصين من أولياء الدم ونحوه.ومنها: أن الموت ليس سببا لملكية الوارث أو استحقاقه ابتداء، بل سبب النتقال

الملك أو الحق من المورث إلى وارثه، فال يعقل تعدد الواحد باالنتقال من طرفه إلىطرف آخر، وال يقاس بالمقوالت العرضية بحيث إذا تعدد موضوعاتها تعددت قهرا،

كما إذا كان المحاذي للجدار واحدا فإن المحاذاة واحدة بوحدته، فإذا قام اثنان مقامذلك الواحد تعددت المحاذاة حقيقة، والفارق أن المقولة وإن كانت إضافة محتاجة

إلى موضوع شخصي تقوم به، وال يعقل عرض واحد وموضوعان، بخالفاالعتبارات الشخصية فإن الواحد باالعتبار يعقل أن يقوم بواحد باالعتبار، فالطرف

وإن كان متعددا بذاته إال أنه واحد بما هو طرف العتبار واحد، وقد عرفت أنالموت سبب النتقال ذلك الواحد، ال أنه سبب (٣) ابتدائي للحق حتى يعقل تعددهبتعدد من له الحق، بداهة أن الموت ليس سببا ألمثال ما للميت، بل سبب لنفس ما

للميت.--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٥٨ سطر ٣٣.(٢) ح ٤ تعليقة ٩١.

(٣) هذا هو الصحيح، وفي األصل (بسبب).

(٢٤٦)

Page 250: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فإن قلت: ليس المتروك الملكية أو الحقية، ليقال بأنها واحدة حقيقة، والواحد اليتعدد باالنتقال، بل المتروك ذات المملوك وذات مورد الحق، وانتقاله بصيرورته

طرفا إلضافة الوارث بعد ما كان طرفا إلضافة الميت، فال مانع من انتقال هذا المتروكالواحد إلى المتعدد بصيرورته طرفا الضافات متعددة بعدد الورثة، إذ ليس فيه المانعالمزبور، وهي صيرورة الواحد متعددا، كما ال مانع من تعلق الحق المستقل متعددا

بعقد واحد كما في خيار المجلس للبيعين بالنسبة إلى عقد واحد، وهو غاية ما يمكنأن يوجه به مختار صاحب الجواهر (رحمه الله) (١).

قلت: نعم المتروك هو مورد الملكية والحقية، وأن انتقاله ملكا أو حقا هو معنىاإلرث المدلول عليه بقوله (عليه السالم) (فهو لوارثه) إال أن المتروك تارة واحد بوحدة

عموميةفهو قابل للتعدد كالدار وكحق خيار الشرط برد مثل الثمن كال وبعضا، وأخرى يكون

واحدا بوحدة شخصية بحسب الفرض وإن كان قابال للتعدد بذاته، فحل العقد معنىله وحدة عمومية قابلة لفرض التعدد بالنسبة إلى العقد المضاف إلى كل جزء من

الملك، لكن المفروض أن المورث له حق حل واحد حقيقة، والحل الواحدبالحقيقة كان طرف اضافته المسماة بالحق، والواحد ال يتعدد باالنتقال من طرف إلى

طرف.وأما أن الحل الذي هو مورد حق المورث واحد حقيقة بوحدة شخصية، فإن

تعدده إما بتعدد الحل بلحاظ تعدد العقد على ملكية منحلة إلى ملكيات،فالمفروض أنه ليس له حل العقد في ابعاضه، وإما بتعدد الحل اعتبارا، وهو بالنسبةإلى شخص واحد بسبب واحد غير معقول، فإن مرجعه إلى اعتبار استحقاقه للحل

مرتين، وهو لغو يستحيل صدوره من جاعل حكيم، ومنه يتضح عدم االنتقاضبتعدد استحقاقه ألشخاص متعددين أو بأسباب متعددة.

ودعوى: أنه ال مانع من صيرورة الواحد متعددا باالنتقال، نظرا إلى أن حق الخيارإذا كان لواحد فصار مجنونا فلكل من الوليين له الخيار.

--------------------(١) جواهر الكالم ٢٣: ٧٦.

(٢٤٧)

Page 251: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فمدفوعة: بأن الجنون ليس من أسباب انتقال الملك أو الحق إلى الولي، بل منأسباب السلطنة للولي على التصرف فيه بالبيع ونحوه في الملك، وبأعمال الخيار أو

اسقاطه في الحق، فكما ال يكون مالكا إال للتصرف فكذا ال يكون ذا حق الخيار، بلله

ملك استيفاء الحق واسقاطه، ولذا ال شبهة في أن هذا الحق ينتقل إلى وارثالمجنون ال إلى ورثة األولياء، ولعمري إنه من الوضوح بمكان وإن اشتبه أمره على

بعض األعيان.ومنها: أنك قد عرفت في تضاعيف ما قدمناه أن مسألة بساطة الحق وعدم تبعضه

أجنبية عن محل البحث، وإنما البحث في وحدته وتعدده، والبسيط ربما يتحد وربمايتعدد، وحينئذ نقول: إن تعدد متعلق الحق تارة يكون واسطة في ثبوت تعدد الحق،

وأخرى يكون واسطة في عروضه، بمعنى أن الحق وإن كان على الفرض واحداحقيقة لكنه لتعدد متعلقه ينسب إليه التعدد، ال أنه حقيقة متعدد، فإن كان األول صح

أن يقال إن لكل واحد من الورثة أعماله في نصيبه، كما أنه له اسقاطه.إال أن المبنى فاسد، لما تقدم من وحدة الحق على الفرض وأن قابلية المتعلق

لفرضه متعددا ال يجدي وأن المتعلق القابل للتعدد ليس بنهج الكثرة والتعدد متعلقاللحق الواحد، بل بنهج الوحدة، وكما يستحيل قيام الواحد الحقيقي بالمتعدد - بماهو متعدد حقيقة ال بما هو واحد باالعتبار - كذلك يستحيل تعلق الواحد الحقيقيبالمتعدد بما هو متعدد وكثير، بل ال بد وأن يكون بما هو واحد باالعتبار، ألن كل

ذلك خلف واضح.وإن كان الثاني فمن الواضح أن المتعدد بالعرض والمجاز ال يعقل أن يترتب عليه

السلطنة على أعمال الحق في نصيبه، مع أنه ال حق له حقيقة، والتشبث بذيل صدقالتعدد عرفا على الحق الواحد في ذاته باعتبار تعدد متعلقه ذاتا ال يصغى إليه، والينبغي االلتفات إليه بعد وضوح مقام الثبوت، ومنه تعرف أن ما في المتن من أن

تجزئ الخيار بحسب متعلقه مما لم يدل عليه أدلة اإلرث ال حاجة إليه، لعدم وصولالنوبة إلى مقام االثبات بعد عدم معقولية مقام الثبوت تارة، وعدم ترتب الثمرة

(٢٤٨)

Page 252: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المترقبة عليه أخرى.ومنها: أن الواحد الحقيقي الشخصي إذا كان مقوليا ال يعقل أن يقوم إال بموضوع

شخصي خارجي، وال يعقل قيامه بالكثير الخارجي وإال لزم إما وحدة الكثير أو كثرةالواحد، وال يعقل أن يقوم بالكثير الواحد باالعتبار، ألن الواحد باالعتبار بما هوكذلك ال ثبوت له إال في أفق االعتبار، والمفروض أن العرض القائم به خارجي،وقيامه أيضا خارجي، بمعنى أنه وجود ناعتي ألمر عيني فيلزم الخلف أيضا، فإنه

يلزم إما تأصل االعتباري أو اعتبارية المتأصل، بخالف االعتباريات فإنها قابلة ألنتقوم بالواحد بالحقيقة وبالواحد باالعتبار، لعدم لزوم محذور من كون الكثير ملحوظا

بنهج الوحدة ومجعوال طرفا واحدا ألمر اعتباري واحد، ومنه يتضح أنه ال مانع منصيرورة الورثة مجموعا طرفا واحدا لحق واحد، فتدبره جيدا.

ومنها: أن الملكية أو الحقية ربما تقوم باألشخاص، وربما تقوم بوجوداتالطبيعة، وال فرق بينهما إال في لحاظ المشخصات المفردة أو الالزمة لألفراد في

األولى دون الثانية، وحديث قيامها بالطبيعي بما هو أجنبي عن القيام بوجود الطبيعةالمتعدد بتعدد أفرادها، بل ما يقوم به اعتبار الملك والحق نفس الطبيعي بما هو، ال

وجود الطبيعي، فإنه ال فرق في الملكية مثال بين طرفيها من ذات المالك وذاتالمملوك، فكما يملك كلي المن من الحنطة في ذمة زيد من دون تعين وجودي عيني

خارجي فكذا يمكن أن يكون مالك الزكاة والخمس كلي الفقير والسيد من دون تعينمن تعينات الفقراء والسادة الموجودين في الخارج، حتى بنهج مالحظة الوجودات

بنحو الوحدة والكثرة، ولحاظ طبيعة الوجود المضافة إلى طبيعة الفقير والسيد، إذ لولوحظت هكذا بنحو فناء العنوان في المعنون لكان الملك أو الحق مختصا بهم، ال

بمن يوجد بعد، ولما احتاج يعينه إلى تعين من عليه الخمس والزكاة، ولكان الخمسوالزكاة مشتركا بين أفراد هذه الطبيعة الملحوظة بنحو الوحدة ولزوم توزيعه عليهم،فإن كل وجود من وجودات الطبيعة مقوم هذا الوجود الوحداني فهو مقوم للمستحق

لهما إلى غير ذلك من المحاذير.

(٢٤٩)

Page 253: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وبالجملة: فكما أن الكلي بما هو طبيعي مملوك من دون نظر إلى وجود خاص والإلى وجود مطلق فكذلك المالك يمكن أن يكون كلي الفقير أو كلي السيد أو كليالوارث، غاية األمر أن جميع المفاهيم الثبوتية مطابقها ما هو بالحمل الشائع فقير أو

سيد أو وارث، وال بد في تعين الطبيعي المجرد عن أنحاء التعينات في مرتبة المالكيةوالمملوكية مثال من معين، إما تعيين البائع الذي له الوالية على تطبيق ما اشتغلت بهذمته، أو تعيين من عليه الخمس والزكاة، وربما يكون بنفس اقدام من هو مصداق

الطبيعي القابل لالنطباق عليه، كالسبق إلى ما يكون بسبقه أحق به، أو باألخذ بالخيارلمن هو مصداق الطبيعي.

ومما ذكرنا تبين: أنه غير استحقاق كل شخص من الورثة في كل مورد الحق أو فيمقدار نصيبه من المال أو مجموع الورثة، فتخيل رجوعه إلى األول فاسد كما عرفت،نعم ال دليل على اعتبار إرث الحق هكذا، كما أن إرث الملك ليس كذلك قطعا كما

نص به المصنف (قدس سره) في المتن.ومنها: أن الورثة إن كان كل واحد منهم ذا حق باالستقالل في الكل - كما عن

صاحب الجواهر (رحمه الله) (١) - فحاله حال البائع والمشتري في خيار المجلس،فلو أسقط

أحدهما حقه لم يوجب سقوط حق اآلخر، كما أنه لو استوفى أحدهما حقه بأعمالالفسخ لم يبق لآلخر موضوع ألعمال الخيار، بل لو قلنا بأن حق الخيار متقوم بالفسخ

واالمضاء واالبرام لم يكن امضاء أحدهما إال موجبا البرام العقد من قبله، وهوال ينافي تزلزل العقد بالنسبة إلى اآلخر، كما إذا كان من األول كذلك، فإن لزوم العقد

باإلضافة إلى أحدهما وتزلزله بالنسبة إلى اآلخر كثير في الغاية.وإن كان كل واحد منهم ذا حق مستقل ولكنه في مقدار نصيبه فله أعماال واسقاطا

في ذلك المقدار، كما هو مقتضى الوجه الثاني المذكور في المتن، فيبقى مجاللآلخرين لألعمال واالسقاط في مقادير سهامهم، وأما لو كان المجموع ذا حق واحد

أعماال واسقاطا فمقتضاه عدم االنفساخ بفسخ أحدهم، وعدم سقوط الحق--------------------

(١) جواهر الكالم ٢٣: ٧٦.

(٢٥٠)

Page 254: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

باسقاطه، بل ال بد من االجتماع على الفسخ أو االسقاط، وهو من القضايا التي قياسهامعها.

إال أنه ورد في الشرع ما ينافي ذلك في موارد، بحيث يوهم أن الحق ليسللمجموع بما هو، بل لكل واحد منهم في الكل ال في مقدار نصيبه، فمن تلك الموارد

ما ورد في الشفعة من أنها تورث، وأن المشهور أنه لو عفى بعض الورثة لم تسقط،وأنه لآلخر أن يأخذ الجميع، وإن تردد فيه المحقق (قدس سره) في الشرائع (١)،

وحكى عنالتذكرة (٢) أن حق العافي (٣) للمشتري، وتأمل فيه المحقق األردبيلي (قدس سره)

.(٤)ومن تلك الموارد حق القذف فإنه يورث أيضا، وقد ذكروا أنه لو عفى أحد الورثة

لم يسقط بمقدار نصيبه من الحد، بل لآلخر استيفاء الحد تماما، بل هو منصوص (٥)أيضا.

ومن تلك الموارد حق القصاص إال أنه عن جماعة أنه إن كان الوارث - الذي هوولي الدم - جماعة لم يجز االستيفاء إال باجتماع الجميع، ونسب ذلك إلى المشهور،

وعن جماعة آخرين أنه يجوز لكل منهم المبادرة إلى استيفائه ولو لم يأذن به اآلخر،ونسب ذلك إلى األكثر، وكذا إذا عفى أحد الورثة كان لآلخر استيفاء حق القصاص،

لكنه مع ضمان حصة من لم يأذن إليه، وأنه إذا عفى بعضهم مجانا يجوز استيفاءالحق لآلخر مع رد نصيب من عفى على القاتل، فإن هذا كله مناف في بدو النظر لقيام

الحق بالمجموع الذي مقتضاه عدم امكان استيفاء الحق أو اسقاطه إال باالجتماع.وبالجملة: فاالشكال من وجهين:

أحدهما: ما معنى نفوذ العفو من أحدهما مع أن الحق واحد قائم بالمجموع أعماالواسقاطا؟!.

وثانيهما: ما معنى جواز االستيفاء من أحدهما ولو لم يأذن به اآلخر؟!.أما األول فيندفع: بأن العفو إن كان مرجعه إلى اسقاط الحق فهو مناف لقيامه

--------------------(١) شرائع اإلسالم ٣: ٢٠٩.

(٢) التذكرة ١: ٦٠٠ سطر ١٧.(٣) يعني من أسقط حقه.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان ٨: ٤١٥.(٥) وسائل الشيعة، باب ٢٢ من أبواب حد القذف، ح ٢.

(٢٥١)

Page 255: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بالمجموع، وأما إذا كان مرجعه إلى اخراج نفسه عن الطرفية إلضافة الحق وعدمالمعية في األخذ بالحق ال اسقاطه فهو غير مناف لوحدة الحق، وال لبقائه وال

الستقالل اآلخر في األخذ بالحق.وتقريبه: أن معنى قيام الحق الوحداني الشخصي بالمجموع أن كل واحد من

الورثة مقوم طرف إضافة الحق، فمعنى جعل الحق لمجموع الورثة جعل كل واحددخيال له المعية مع غيره، وهذه المعية له ال عليه، فله المعية مع غيره في األخذ

بالحق، وله ال (١) أن ال يكون معه، وهذا معنى اخراج نفسه عن الطرفية، وال محالةكل

إضافة شخصية قائمة بشخصين تقوم بالواحد مع خروج أحدهما قهرا أو اختيارا عنالطرفية، فيستقل اآلخر ويكون تمام الطرف، ومقتضاه االستقالل باألخذ، فهذا الذي

قويناه من لوازم طرفية المجموع، فال يقال إن هذا المعنى لم يكن للمورث فكيفيكون للوارث؟! فإنه غير موروث، بل من لوازم إرث المجموع للحق الواحد

الشخصي.وأما الثاني فيندفع أوال: أن جواز االستيفاء من دون إذن من اآلخر غير مسلم، كيف؟

وظاهر جماعة منهم المحقق (رحمه الله) في الشرائع (٢) أنه ال يجوز استيفاء حقالقصاص

ألولياء الدم إال باجتماع الجميع.وثانيا: أن ثبوت حق القصاص لورثة المقتول ليس من باب إرث الحق الثابت

للمقتول، حتى يقال إنه حق واحد، والواحد ال يتعدد باإلرث، بل حق ابتدائي ثابتلورثة المقتول بعنوان أنهم أولياء الدم كما هو ظاهر قوله تعالى (ومن قتل مظلوما فقد

جعلنا لوليه سلطانا) (٣) فالسلطان مجعول ابتدائي لولي الدم، ال أنه للمقتول فيرثهأولياء الدم، فال يقاس به حق الخيار الثابت للمورث، بل هو نظير جعل الخيار ابتداء

للبيعين في المجلس، فال يكون أحدهما منوطا باآلخر استيفاء واسقاطا.نعم إذا فرض اتحاد ولي الدم فمات عن ورثة متعددين كان حق القصاص موروثا

--------------------(١) هكذا في األصل، والظاهر زيادة (ال).

(٢) شرائع اإلسالم ٤: ٢١٣.(٣) األسراء، اآلية ٣٣.

(٢٥٢)

Page 256: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

لهم فيكون كحق الخيار، مع أنه يمكن الفرق أيضا بأن مثل هذا الحق ال يرثه الوارثبما هو بل بما هو ولي الدم، ولذا ال يرثه كل الورثة اجماعا، وحيث إنه بهذا العنوان،وهذا العنوان منطبق على كل واحد فلكل واحد هذا الحق، غاية األمر أن هذه الطبقة

من األولياء متأخرة عن الطبقة األولى المنحصرة في الواحد.وأما اجراء هذا المعنى في حق الشفعة بدعوى أن الورثة شركاء فيثبت الحق لكل

واحد، فقد تقدم دفعه حيث إن الشركة حال البيع هي المؤثرة في استحقاق الشفعة،ال الشركة المحدودة، وهذا الحق يرثه كل الورثة حتى الزوجة التي ال شركة لها في

األرض إلى غير ذلك من المحاذير.وأما سر استحقاق الزوجة مثال تملك ثمن األرض المشتراة بدفع ثمن الثمن من

كيسها (١) فهو أن الحق القائم بالمجموع حيث إنه بعنوان اإلرث فكأن للزوجة ثمنالطرف، واألب سدس الطرف، فال يستحقون تملك أزيد من نصيبهما.

ومنه يتضح ما في المحكي عن الدروس حيث قال (قدس سره): (الثانية إرثها - أيالشفعة -

على حد المال، فلو عفوا إال واحدا فله الجميع... إلى أن قال: ولك أن تقول هلالوارث أخذ بسبب أنه شريك أم أخذه للميت تقديرا ثم يخلفه فيه، فعلى األول

يتجه القول بالرؤس - أي ال بالسهام - وعلى الثاني ال) (٢) انتهى كالمه (قدس سره).أقول: أما الشركة فقد مر ما فيها، وأما األخذ للميت ففيه: أن المتروك الموروث هوالحق فقط، وكل يتملك من المشتري بثمن من كيسه، فال موجب النتقال المأخوذ

إلى الميت، فإن االنتقال إليه كان في باب الخيار من لوازم حل العقد ورجوع كل منالمالين إلى ما كانا عليه، بل الوجه ما ذكرنا من أن اعتبار الحق في اإلرث إذا كانكاعتبار الملك فطرفية الزوجة في ضمن المجموع اعتبار كونها ثمن الطرف، فال

يستحق عند األخذ بالشفعة إال تملك ثمن األرض بثمن ثمنها من كيسها.وتوضيح المقام: أن الحقوق بناء على قيامها بالمجموع مختلفة.

أما حق الخيار: فحيث إن الثابت للمورث استحقاق حل العقد رأسا، ال حله في--------------------

(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (كبسبها).(٢) الدروس الشرعية ٣: ٣٧٤.

(٢٥٣)

Page 257: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

كل جزء جزء بحسب تحليل العقد، فليس للورثة إال االجتماع على حل العقد، فالمورد في هذه المرحلة ألن يقال إنه يستحقون بالسهام أو على الرؤس، وانتقال المال

بعد الفسخ بالسهام، لما مر من أنه ينتقل بالفسخ إلى الميت وارث المال ال محالةبالحصص.

وأما حق القصاص: فهو مع قيامه بالمجموع ال موقع ألن يقال إنه لهم القصاصبالرؤس أو بالسهام، فإن القصاص بما هو قصاص غير قابل للتبعيض، ليتصور بسببه

اعتبار تبعض الحق على السهام أو على الرؤس، نعم خصوص هذا الحق حيث إنه لهبدل مالي بتراضي الجاني وأولياء الدم، ودية المقتول بحكم مال الميت، فباعتبار

بدله يتصور السهام، ولذا قالوا إن عفى بعض أولياء الدم مجانا فكأنه وهب حقه منالدية إلى الجاني، فال بد على مريد القصاص بذل نصيب العافي إلى الجاني، وإنعفى بالتراضي مع الجاني على مقدار نصيبه من الدية يجب على مريد القصاص

بذله للعافي.وأما حق القذف: إذا ورثه جماعة فالحد وإن كان قابال للتبعيض إال أنه ال اشكالعندهم في أنه ال يورث على مقتضى إرث المال، فإذا عفى بعضهم فلآلخر إقامة

الحد عليه كامال، وهو منصوص أيضا، ووجهه ما ذكرنا.وأما حق الشفعة: فحقيقته السلطنة على تملك حصة الشريك من المشتري تماما،أو ترك األخذ بها رأسا، فمن حيث إن السلطنة واحدة فهي تقوم بالمجموع، وال

يستقل أحد الورثة بهذه السلطنة، وحيث إن مورد السلطنة التملك، وال معنى لتملككل واحد للكل، وال لتملك الكل بعنوان المجموع للكل، بحيث يكون المجموع

مالكا واحدا، فال محالة يكون تملك المجموع للمجموع إما على الرؤس وإما علىالسهام، وحيث إن هذا التملك بعنوان اإلرث ال أن ملك المال بعنوان اإلرث، فال

محالة إذا أخذ المجموع بالشفعة كان كل واحد متملكا لما هو نصيبه في اإلرث بتبعإرث الحق المتروك.

وبالجملة: فوحدة السلطنة وقيامها بالمجموع أمر، ووحدة التملك حقيقة أمر آخر،

(٢٥٤)

Page 258: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

والموروث هي السلطنة على التملك ال المال وال تملك الحصة.وأما وجه جواز استيفاء الحق كامال في جميع هذه الحقوق مع عفو البعض

فالصحيح فيه ما ذكرنا من أنه ليس بابه باب اسقاط الحق، بل اخراج نفسه عنالطرفية، فال محالة يستقل الطرف بالحق الواحد، فيجوز له حل العقد وحده، ويجوز

له استيفاء القصاص وحده، ويجوز له إقامة الحد كامال وحده، ويجوز له تملك حصةالشريك تماما وحده، فكأن الطرف من األول واحد.

وأما ما أفاده (قدس سره) في المتن من أن عدم سقوط الحق بعفو البعض ألجل الضررعلى

الغير فهو على فرض تماميته دليل على عدم السقوط، ال أنه دليل على استيفاء الحقفي الكل، فإنه إنما كان يتملك بمقدار حصته مع موافقة اآلخر له، فعدم موافقته لهيوجب تضرره بمقدار نصيبه، فكيف يكون دليال على جواز استيفاء الكل؟! ولعله

(قدس سره)أشار إليه باألمر بالتأمل.

إذا عرفت ما رسمناه من األمور تعرف: أن الحق في إرث الحق ما ذكرهالمصنف (قدس سره) من كونه حقا واحدا شخصيا على الفرض، ومثله ال يعقل أن

ينتقلباإلرث إلى المتعدد على نحو يتعدد الحق الواحد بمجرد االنتقال بالموت، ونتيجةانتقال الواحد الشخصي إلى المتعدد طرفية المتعدد للحق الواحد، وبقية الكالم منالنقض واالبرام مذكورة في األمور المرسومة فراجعها بعين الدقة واالنصاف، والله

المؤيد المسدد.فرع: إذا فسخ الورثة يرد عين الثمن أو قيمته

- قوله (قدس سره): (ولو لم يكن للميت مال ففي وجوب... الخ) (١).ال يخفى عليك أن الحقوق الموروثة على قسمين:

أحدهما: ما ال يقتضي رجوع شئ إلى الميت ثم االنتقال منه إرثا كحق الشفعة، فإنالموروث هو حق تملك حصة الشريك من مشتريها بثمنها، ومن البين أن تملك

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٩٣ سطر ١٠.

(٢٥٥)

Page 259: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حصة الشريك ببذل الثمن ال يقتضي رجوع الحصة إلى الميت ليكون ثمنها منه، بلالموروث نفس حق التملك من دون موجب لرجوع المال إلى الميت.

ثانيهما: حق حل العقد المقتضي لرجوع األمر إلى ما كان، فال محالة تنتقل العينإلى الميت ويعود بدله من الميت، ألن المعاوضة كان بينه وبين المفسوخ عليه،

والعقد كان واردا على مالهما، فهذه الخصوصية من لوازم حق الخيار بما هو حق حلالعقد، ال بما هو حق، كي ينتقض بحق الشفعة، فاالنتقال ابتداء إلى الوارث ورجوع

البدل منه على خالف مقتضى الفسخ، لالختالل في إحدى المقدمات المزبورة.وجملة ما يذكر في هذا الباب أمور:

أحدها: ابتناء هذا الوجه على االنتقال إلى الميت وهو غير معقول، وذلك ألنالملكية إما حقيقية وهي إحدى المقوالت، وإما اعتبارية، فإن كانت حقيقية

فالمقوالت الحقيقية القائمة باالنسان على أقسام، منها ما تقوم بنفسه المجردة فقطكعلمه وإرادته وسائر صفاته النفسانية، والملكية ليست منها، ومنها ما يقوم ببدنه

وجسمه فقط كسواده وبياضه وكمه وكيفه الجسماني، والملكية ليست من عوارضالجسم بما هو، ومنها ما تقوم بالمركب منهما كابصاره واسماعه وشمه وذوقه فإنه

لوالتعلق النفس ببدنه ال يقوم به شئ من تلك األمور، والملكية الحقيقية من هذا

القبيل، فإنها حيثية إحاطته بالعين الموجبة للتمكن من تقليبها وتقلبها، وهذا المعنىيستحيل قيامه بالنفس المجردة والبدن المحض، حتى يتوهم أن موضوعها باق بعدالموت فيقبل عروض هذه الصفة له، وإن كانت اعتبارية فاعتبار أمر محال وإن لميكن محاال إال أنه لغو ال يصدر من معتبر حكيم، فيستحيل صدوره منه بالعرض.والجواب: باختيار الشق الثاني، فإنه الموافق للبراهين القاطعة التي تعرضنا لها في

الفقه (١) واألصول (٢)، إال أن اعتبار معنى مقولي ال مطابق له خارجا ال ينبعث إالعن

حكمة ومصلحة داعية إلى االعتبار، ومع المصلحة الداعية ال لغوية، ونفي المصلحةالداعية ال برهان عليه، مع أنه يكفي للخصم كون المال بحكم ملك الميت كما في

--------------------(١) ح ١: ٣٠.

(٢) نهاية الدراية ٥: ١١٢ - مؤسسة آل البيت.

(٢٥٦)

Page 260: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الدية المعدودة بعد موته من جملة أمواله التي توفى بها ديونه، وينفذ منها وصاياه،ويرثها الوارث، فهو حينئذ بمنزلة اعتبار في اعتبار.

ثانيها: أن الخيار ليس بمعنى حق حل العقد، بل بمعنى حق استرداد العين، والحقيقة لالسترداد إال تملك العين، ولذا قيل بأن الفسخ معاوضة جديدة، فيكون حقتملك العين هنا كحق تملك العين في الشفعة، فكما ال عود إلى الميت هناك فكذا

هنا.والجواب: أن الفسخ وإن لم يقع بعنوانه في موارد جعل الخيار إال أن عنوان رد

البيع واقع فيها، وهو في قبال اثبات البيع واقراره وجعله على حاله، فرد البيع وهوالمعاملة جعله كأن لم يكن بعد إن كان، فيساوق الفسخ بمعنى حل العقد، إذ ال نعنيبه إال القراران المرتبطان، وهو عين التمليك والتملك بعوض، وال موجب لصرف ردالبيع إلى رد المبيع بجعل المصدر مبينا للمفعول، مع أنه لو التزمنا به لكانت نتيجته

نتيجة الفسخ بمعناه، إذ ليس المراد من رد المبيع رده خارجا، بل رده ملكا، وهو عينإعادة الربط الملكي، وحيث إن التمليك والتملك الذي هو المبدأ متحدان بالذات

مختلفان باالعتبار - كما في كل ايجاد ووجود - فرد البيع إنما هو باعتبار االيجاد،ورد

الملك باعتبار الوجود، ومن الواضح مجرد التملك ليس ردا وإعادة للربط الملكي،بل إذا كان بعنوان الملك بحاصل (١) بعقد المعاوضة بين المورث وطرفه كما هو

واضح.ثالثها: أن الوارث ليس نائبا عن الميت حتى يفسخ عنه وله، بل هو كنفس المورث

وقائم مقامه في أنه يفسخ عن نفسه ولنفسه.والجواب: أما عدم كونه نائبا عن الميت في فسخه فمسلم، لكن معناه أنه ليس

الحق للميت وللوارث أعماله كما هو شأن النائب.وأما أن مقتضى كونه ذا حق كالميت أن يكون الفسخ لنفسه ففيه: أن بعض

المعاني إضافية تعلقية تتشخص بتشخص أطرافها كالملكية، فال يعقل القصد إلى--------------------

(١) هكذا في األصل.

(٢٥٧)

Page 261: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حصول الملكية من دون تعيين تفصيلي أو اجمالي لطرفها، وبعض المعاني ليسكذلك فال يحتاج إلى تعيين قصدي، بل نسبة إلى الكل على حد سواء، كالفسخ فإن

معناه حل العقد، والحل ال يختلف حاله باإلضافة إلى األشخاص ليكون حال له أولغيره، وإنما شأنه انحالل القرارين المرتبطين القائمين بشخصين خاصين، بل إذا كان

الفسخ رد الملك كان كذلك، فال معنى لكون الرد له أو لغيره.نعم المردود حيث إنه الملك المتشخص بطرفه فال محالة يقوم بطرفه الذي كان

متعلقا به أوال، وإال فالرد - بما هو عمل قائم بذي الحق - ال يتفاوت حاله، حتى يقالبأن الرد - بما هو رد - له أو لغيره، بل الرد رده وهو يستحقه وإن كان المردود أجنبيا

عنه كما في حق الخيار المجعول لألجنبي.رابعها: أن الوارث حيث إنه قائم مقام مورثه فلذا كان حق الميت حقا لوارثه،

ومقتضاه أن يكون عقده عقدا له، وفسخه فسخا له، فكأن العقد وارد على ماله،والحل حل لهذا العقد المضاف إليه، والزمه تلقي الفاسخ من المفسوخ عليه من

حين فسخه، ال التلقي من الميت.والجواب: أن مقتضى دليل اإلرث قيام الوارث مقام الميت في متروكاته من ملك

أو حق، ال في كل شئ، حتى يكون عقد الميت عقدا لوارثه، وفسخ المورث فسخه،وماله الواقع عليه العقد ماله، وكون العقد والفسخ متضائفين ال يستدعي إال أنه ال

حل إذ ال عقد، ال أن من له الحل له العقد كما في الخيار المجعول لألجنبي.خامسها: أن الخيار ليس حق حل العقد، بل حل أثره ورفعه، فإن العقد قد وجد

وانقضى، والمعدوم ال حل له وال رفع له وال رد له، ومن الواضح أن أثر العقد هيالملكية، وحيث إن الفسخ من حينه ال من األصل فال يتعلق الرفع بالملكية الحاصلة

بالعقد القائمة بالمورث وطرفه، بل الرفع من الطرفين يتعلق بالملك الفعلي، ومقتضاهتلقي الفاسخ من المفسوخ عليه ال من الميت.

والجواب: أن الموجود الذي قد انقضى هو العقد اللفظي التدريجي الوجود الغيرالقار، وكذا المعنى االنشائي الذي ثبوته بثبوت اللفظ حيث إنه موجود بالعرض،

(٢٥٨)

Page 262: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

واللفظ الذي قصد به المعنى موجود بالذات، وال بقاء لما بالعرض مع عدم بقاء مابالذات، وليس شئ من األمرين هو العقد الذي له وفاء وله نقض وله حل، فإنه أمرلبي اعتباري عرفي وشرعي له حدوث بآلية العقد االنشائي، وله بقاء ما لم ينحل،

ومثله لم يقع إال بين الميت وطرفه، مع إنا لو قلنا بأن الفسخ رفع أثر العقد وهو الملكللزم تعلق الرفع بما حصل بالعقد، وأما الملك الفعلي الحاصل باإلرث أو بعقد آخر

فال ربط له بأثر العقد، حتى يكون عنوانه رد الملك وحل العقد ولو باعتبار أثره.وأما حديث كون الفسخ من الحين أو من األصل فهو أجنبي عن هذا المقصد، فإن

معنى كونه من األصل هو أن العقد كأن لم يكن من األول، وكونه من الحين هو كونهكأن لم يكن من حين الفسخ، فيؤثر في نمائه وأشباهه، وحيث إن الخيار محقق ولو

مع فرض تلف العوضين حقيقة أو انتقالهما بتصرف صحيح إلى غير المتعاملين،فال بد من اعتبار عوده تقديرا سواء قلنا بأن الفسخ حل العقد أو رفع أثره، أو أن

الفسخ من الحين أو من أصله.ومن جميع ما ذكرنا في رد الوجوه الخمسة تعرف أنه ليس في المقام وجه

يقتضي السلوك على خالف مقتضى الفسخ وعود المال إلى الميت، ثم انتقاله منالميت إلى الوارث، وعليه فتنتقل العين إلى الميت، فإن كان بدله موجودا فهو بنفسه

يعود إلى طرفه المفسوخ عليه، وال يتعين باإلرث للوارث لكونه ملكا متزلزال، وإن لميكن البدل موجودا فال بد من فرض رجوعه بماليته إلى المفسوخ عليه، وهو مساوقالشتغال ذمة الميت به، فيؤدي هذا الدين كسائر الديون من ماله، بحيث لو فرض أنهلم يكن له مال وترك حق الخيار فقط يوفي ذمته من العين الراجعة إليه بأعمال الخيار،وإن فضل منه شئ كان إرثا، وإال فال، كما أنه لو قلنا بخالف هذا المبنى تنتقل العينإلى الورثة وتشتغل ذممهم بمقدار حصصهم للمفسوخ عليه، فتفصيل المصنف (قدس

سره)بين ما إذا كان للميت مال وبين ما لم يكن ال وجه له ظاهرا.

- قوله (قدس سره): (ثم لو قلنا بجواز فسخ بعض الورثة... الخ) (١).--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٩٣ سطر ١٥.

(٢٥٩)

Page 263: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تفصيل القول في المقام: أنه قد تقدم (١) أن األقوال في كيفية انتقال الحق ثالثة:أحدها: ما عن صاحب الجواهر (٢) وهو انتقال حق الخيار إلى كل واحد من الورثةاستقالال، وحينئذ فإن فسخ البعض فقد فسخ العقد رأسا، ال في مقدار مما تعلق به،

فإن قلنا بأن الفسخ حل العقد ورجوع المال كال إلى الميت فال اشكال، ال من حيثانفساخ العقد رأسا وإن لم يوافق الباقون، وال من حيث انتقال المال من الميت إلىالورثة قهرا بمقدار حصصهم من المال، وإن قلنا بأن حق الخيار حق تملك المعقود

عليه وكان مقتضى انتقال الحق إليه كانتقاله إلى غيره فمقتضاه جواز تملك المال كال.ثانيها: انتقال حق الخيار بالحصص إلى الورثة، فمقتضاه جواز أعمال كل منهم

خياره بمقدار حصته من المال، فإن قلنا بأن أعمال الخيار يقتضي االنتقال إلى الميتفال محالة ينتقل المال إلى كل الورثة، وإن كان بأعمال الخيار في مقدار من المعقود

عليه، وإن قلنا بأن أعمال الخيار يقتضي االنتقال إلى الفاسخ فهو المتملك لهذهالحصة وال يشاركه فيها سائر الورثة.

ثالثها: ما عن المصنف (قدس سره) وقد اخترناه وهو قيام الحق بمجموع الورثة، فالمحالة

ليس لكل منهم أعماله إال مع موافقة الباقين، فإذا فرض عدم اقدامهم على أعمالالحق وقلنا إن مقتضاه اخراج نفسه عن الطرفية واستقالل الفاسخ في كونه طرفا لهذاالحق، فحينئذ إن قلنا بأن مقتضى الخيار رجوع المال إلى الميت فال محالة ينتقل إلىكل الورثة، وإن قلنا بأن مقتضاه تملك الفاسخ فال محالة يختص به، فالعمدة تحقيق

المبنى في المسألتين وإال فالحكم واضح.إذا كان الخيار ألجنبي هل ينتقل لورثته

- قوله (قدس سره): (لو كان الخيار ألجنبي ومات... الخ) (٣).قد تقدم منا في مبحث شرط الخيار (٤) تحقيق مبنى هذه المسألة، وأن جعل

--------------------(١) تعليقة ١١٠.

(٢) جواهر الكالم ٢٣: ٧٦.(٣) كتاب المكاسب ٢٩٣ سطر ١٩.

(٤) ح ٤ تعليقة ١٠٨.

(٢٦٠)

Page 264: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الخيار هل هو تمليك أو توكيل أو تحكيم، وقلنا إن الحق هو األول، وقلنا إن االنتقالمنه إلى غيره صلحا أو إرثا مبني على أن الخيار مجعول له بما هو كما يجعله

المتبايعان ألنفسهما، أو بما هو ذو نظر وبصيرة بأمر العقد وما يقتضيه الصالح إجازةأو حال، بحيث يكون هذه الحيثية تقييدية في نظر الجاعل ال تعليلية لجعله، وهذا هو

الغالب الشائع، وحينئذ ال إرث فإنه غير متروك حتى يرثه وارثه فضال عن جاعله،وكذا ذكرنا كل ما يتعلق بجعل الخيار للعبد ولعبد أحدهما، وتوجيه كالم العالمة بما

يخرجه عن بداهة الفساد وعدم الفارق فراجع.الفسخ بالفعل

- قوله (قدس سره): (والمقصود هنا بيان أنه كما يحصل... الخ) (١).حيث إن المسألة اآلتية يبحث فيها من أن الفعل سبب أو كاشف فيعلم أن

موضوع هذه المسألة أعم، بمعنى أنه يبحث هنا أن الفعل كالقول يصلح للفسخكشفا أو تسبيبا أم ال؟ وتنقيح الكالم فيه بالبحث تارة في أن الفعل يصلح في ذاته

لذلك أم ال، وأخرى أن الظهور الناشئ من الفعل كالظهور القولي، وثالثة أن ما يحصلبه اإلجازة من التصرف في ما انتقل إليه يحصل به الفسخ إذا تعلق بما انتقل عنه أم ال.

أما األول فواضح، فإن الفعل أحد الدوال اخبارا وانشاء كما سيجئ (٢) إن شاء اللهتعالى في دفع توهم أن االنشاء يختص بالقول وأن الفعل ال انشاء فيه.

وأما الثاني فالسيرة المستمرة من العرف والعقالء على اتباع الكاشف عن المرادالجدي قوال كان أو فعال.

وأما الثالث فمورد البحث واالشكال، فإن بيع ما انتقل إليه مع االلتفات إلى الخياركاشف عن رضاه فعال بالعقد، والتزام عملي منه بما عقد عليه قبال، فهو بحسب

الطبع والعادة ظاهر في اإلجازة، بخالف بيع ما انتقل عنه فإنه كما يحتمل أن يكونفسخا كذلك يحتمل أن يكون تصرفا فضوليا في مال الغير أو عدوانيا، أو تصرفا

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٩٣ سطر ٢٥.

(٢) التعليقة الالحقة.

(٢٦١)

Page 265: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

صحيحا للغير لشهادة حاله بالرضا بالبيع له، فال بد من سد باب االحتماالت بأصلمن األصول العقالئية المعمولة في باب تحقيق الظهور والكشف النوعي عن المراد

الجدي فنقول:أما احتمال الفضولية فيدفع بأصالة عدم الفضولية، ومرجعها إلى ظهور االطالق

وعدم التقييد بكونه للغير فضولة أو وكالة أو والية، والظهور االطالقي بهذا المعنىمتبع عند العرف والعقالء.

وأما استصحاب عدم كونه للغير فمرجعه إلى عدم قصد الغير في تمليكه،والقصد كما أنه مقوم ألصل العقد كذلك مقوم لوقوعه عن الغير عقال، ال أنه موضوع

يترتب عليه حكم شرعي حتى يتعبد بأثره بالتعبد به نفيا واثباتا، مع أنه ال يثبت بهتحقق الفسخ إال باألصل المثبت.

وأما احتمال كون التصرف عدوانيا فدفعه بأصالة الصحة في فعل المسلم، بمعنىعدم كونه فاعال للحرام والقبيح، فال يجدي ألن مجرد االنشاء المتعلق بمال الغير ولو

بعنوان االستقالل وعدم البناء على مراجعة المالك ال حرام وال قبيح، حيث اليوجب خروج المال عن ملك مالكه قهرا عليه حتى يقال إنه حرام أو قبيح

كالتصرفات الخارجية التي لها مساس خارجي بالعين.وأما أصالة الصحة بمعنى الحكم بنفوذ تصرف المسلم، فهي وإن كانت من

األصول العقالئية الممضاة شرعا، وال فرق فيها بين المسلم وغيره، إال أن المتيقنمنها ترتيب آثار الصحيح ال ترتيب آثار ما يتوقف عليه التصرف الصحيح، فإذا شكفي بلوغ العاقد وقلنا بصحة تصرفه ال يثبت البلوغ بها كي يترتب عليها آثار البلوغ،فهنا وإن توقف صحة التصرف على الفسخ ال نحكم بتحقق الفسخ وإن قلنا بصحة

بيعه.وأما احتمال كونه بشاهد الحال فأصالة عدم شاهد الحال ليست من األصول

العقالئية، وكونها أصال تعبديا مع فرض ترتب األثر ال يثبت بها الفسخ كما مر، وعليهفال بد من تحقيق الظهور بالقرائن الحافة بالتصرف حتى يثبت بها الفسخ الفعلي،

(٢٦٢)

Page 266: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

واالجماع المدعى على أن ما يحصل به اإلجازة يحصل به الفسخ، إما يراد منه أنالفعل كما يحصل به اإلجازة يحصل به الفسخ، ال أنه متكفل لحكم الصغرى، بل

لبيان التالزم بين الواقعيات، وإما يراد أن ما كان ظاهرا في اإلجازة إذا كان ظاهرا فيالفسخ كان متبعا، لعدم الفرق بين اإلجازة والفسخ في االكتفاء بظهور الفعل فيهما، الأن ما هو ظاهر في اإلجازة فهو ظاهر في الفسخ، ألن الحكم بتحقق الظهور ال يكون

قابال لالجماع، فتدبر.وأما بناء على مسقطية التصرف للخيار تعبدا كما هو أحد الوجوه في باب

اإلجازة، بحمل الصحيحة الواردة في باب خيار الحيوان (١) المعللة " بأنه رضي منه "على أنه رضا منه تنزيال وتعبدا، فعلى فرض القول به ينبغي االقتصار عليه وال

يتعدى منه إلى الفسخ، وال اجماع على أن كل ما يحصل به اإلجازة ولو تعبدا فهوفسخ، بل ما يحصل به اإلجازة حقيقة وواقعا أو ظهورا ال مطلقا، كما ال تأبى عنه

الكلمات المتصيد منها هذا االجماع، والله أعلم.التصرف سبب أو كاشف

- قوله (قدس سره): (التصرف سبب أو كاشف وجهان... الخ) (٢).الموجب لحمل التصرف على الكاشف دون السبب أحد أمور ثالثة: إما عدم

قابلية الفعل لالنشاء، أو عدم كون حقيقة الفسخ أمرا تسبيبيا حتى يتسبب إليه بانشائهولو بالفعل، أو لزوم المحذور العقلي من سببية الفعل للفسخ، فينبغي التكلم في هذه

المقامات الثالثة:أما المقام األول فنقول: ال شبهة في أن الفعل أحد الدوال، إذ ال يتقوم الداللة إالبالكاشفية النوعية عن المراد، والكشف ال اختصاص له باللفظ، بل كشف اللفظجعلي عرضي، وكشف الفعل تارة يكون ذاتيا واقعيا ككشف وجود المعلول عن

وجود علته، وكشف علته التامة عن وجود معلولها، وأخرى جعلي عرضي كما إذا--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب الخيار، ح ١.(٢) كتاب المكاسب ٢٩٤ سطر ١٤.

(٢٦٣)

Page 267: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بنى العرف والعقالء على كاشفية اإلشارة باليد إلى القيام عن ثبوته أو عن البعثنحوه، وكذلك سائر الدوال الفعلية.

وأما اختصاص داللته وكشفه بغير صورة االنشاء كما عن ظاهر عبارة المصنف (قدسسره)،

حيث قال (ألن الفعل ال انشاء فيه... الخ) فمما ال برهان عليه، إذ االنشاء خفيفالمؤونة، وليس في باب اللفظ إال قصد ثبوت المعنى به، بحيث يكون الموجودبالذات وهو اللفظ وجودا جعليا عرضيا للمعنى، وثبوت المعنى بالعرض بثبوتالفعل جعال وبناء في غاية المعقولية، بل كما حقق في محله أن التفهيم والتفهمالطبعي إنما هو باألفعال، والوضع توسعة في ابراز المقاصد اخبارا وانشاء، ال أن

االنشائية شأن اللفظ بحيث لواله لم يكن للعقالء انشاء، وظني أن نفي االنشائية عنالفعل منه (قدس سره) من طغيان القلم، وإال فهو معترف بأن المعاطاة تفيد التمليك

ويقصد بهحصول الملك، ال أنه يخبر به عن حصوله قبال.

وأما المقام الثاني فتوضيح القول فيه: أن الفسخ هو الحل، وهو في الحقيقة مقابلللعقد وبديل له، لما مر مرارا أن العهد هو القرار، وارتباط أحد القرارين باآلخر عقد،وانحالل أحد القرارين عن اآلخر انفساخ، فالفسخ ال يعرض العقد، بل يعرض القرار

المعاملي، كيف؟ والمعروض ال بد من انحفاظه حال عروض عارضه عليه،ويستحيل انحفاظ العقد مع الفسخ، فهو كاشف عن كونه بديال له ومقابال له،

كالوجودوالعدم باإلضافة إلى الماهية، فإن االعدام وإن لم يتعقل إال مع كون الشئ موجودا

إال أنه ال يعرض الموجود بما هو، بل يعرض ما هو معروض الوجود.ومن الواضح أن العقد والشد اعتباران تسبيبيان، ال يحصل هذا األمر االعتباري

بمجرد القصد واإلرادة، وإال لم يكن تسبيبيا، بل كسائر الحركات المباشرية، والحلالذي هو بديله كذلك ال يحصل إال بالتسبب إليه بقول أو فعل، إذ ليس للعقد غايةليزول بحصول غايته كما سيجئ إن شاء الله تعالى في سقوط الخيار، وال له أمد

كامتداد الخيار في الحيوان إلى الثالثة حتى ينحل قهرا ببلوغه إلى منتهى أمده، ولميحصل بمجرد القصد حتى يكون بقاؤه ببقاء القصد، وال كان تحققه بمجرد الرضا

(٢٦٤)

Page 268: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حتى يزول بتبدل الرضا بالكراهة، بل حصل بسبب وزواله بسب آخر، فافهم وتدبر.وأما اإلجازة فليست في قبال الفسخ، بل شأنها ابرام العقد وأحكامه واقراره، وهو

في قبال تزلزله وقبوله لالنحالل، وإبرام العقد بخروجه عن التزلزل، وهو تارة يحصلبانشائه، وأخرى بسقوط حق الخيار الموجب لتزلزل العقد، وسقوطه مع عدم

اإلجازة المبرمة للعقد تارة بانشاء سقوط الحق، فال حق حتى يكون العقد متزلزال،وأخرى بحصول غاية هذا الخيار المجعول، فإن جعل الخيار لالرفاق بالمالك حتىيتروى في أمر العقد، ومع رضاه المتجدد بالعقد ال موقع لهذه الغاية، فال معنى لبقاء

الحق، فسقوط الحق المجعول لغاية عند حصول الغاية أمر، واإلجازة بمعنى ابرامالعقد معنى آخر، ومنه تعرف أن سقوط الحق بحصول المالك الباعث على جعله الدخل له بسقوط الحق باإلجازة، وثالثة بانتهاء أمد الخيار المجعول، فسقوطه بانتهاء

أمده وإن كان يوجب خروج العقد عن التزلزل إال أنه ال دخل له بابرام العقدالتسبيبي.

ومما ذكرنا ظهر الفرق بين الفسخ واإلجازة بلحاظ أثرهما دون نفسهما، كما تبينعدم خلو جملة من الكلمات عن بعض المناقشات، والله مقيل العثرات.

وأما المقام الثالث فنقول: المحاذير المذكورة في الكتاب على فرض ورودها إنما تمنععن سببية التصرف الصحيح للفسخ ال عن سببية مطلقة له، فالدليل أخص من

المدعى، وتفصيل القول فيه أن المحاذير المذكورة:أحدها: ما عن المصنف العالمة (قدس سره) من أن التصرف ال يعقل أن يكون فسخا

موجباللدخول في ملك الفاسخ، ألن المشروط ال يعقل حصوله بدون شرطه، والملك

يحصل بسبب الفسخ الذي هو مسبب عن التصرف، فالملك الذي هو شرط صحةالتصرف لم يكن حاصال.

وتقريبه: بأن مقتضى سببية االنشاء للتمليك حصوله حال تماميته، والملكالمقارن ليس شرط الصحة، بل الملك المتصل بزمان تمامية االنشاء، إذ ال يعقلاشتراط حصول الشئ بضده، ومقتضى وحدة السبب للتمليك والفسخ حصول

(٢٦٥)

Page 269: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ملكية الفاسخ وحصول ملك المشتري في زمان واحد، وال يعقل أن يكون مثل هذهالملكية شرطا، بل الملكية المتصلة بزمان التمليك، والمفروض عدمها، فالتسبب

إلى الفسخ بسبب فاقد لشرطه محال.لكنك قد عرفت أن صحة هذا المحذور مرجعها إلى عدم حصول التصرف

الصحيح والفسخ في آن واحد، فال يعقل أن يكون األول سببا للثاني، ال أن التصرفبما هو فعل العاقد ال يمكن أن يكون سببا، بل يلزم أن يكون كاشفا، فإن عدم تأثيراالنشاء في ملكية المشتري ال ينافي حصول الفسخ من البائع بانشائه الغير المؤثر في

الملك.ثانيها: ما نقل عن بعض العامة في التذكرة (١)، وهو أن الشئ الواحد ال يعقل أن

يكون فسخا وعقدا، وتقريبه بوجهين:األول: ما فهمه العالمة (قدس سره) من أن العقد والفسخ متقابالن، فال يعقل أن يجتمعا

فيواحد، أو عروض أحد المتقابلين على اآلخر، أو سببية أحد المتقابلين لآلخر.

وحينئذ فما أجاب به العالمة من أنه كذلك بالنسبة إلى شئ واحد ال بالنسبة إلىشيئين صحيح، فإن العقد على ملكية عين لزيد وحل تلك الملكية في زمان واحد

غير معقول، وأما العقد على الملكية لزيد وحل ملكية عمرو فليس من اجتماعالمتقابلين.

والثاني: ما يفهم من تنظير ذلك البعض بالتكبيرة الثانية بقصد االفتتاح، بدعوىأن المبطل والمزيل ال يكون مصححا وسببا لشئ آخر.

والجواب: أن الصالة حيث إنها عبادة فالتكبيرة حيث إنها زيادة محرمة فال يعقلأن يكون جزء للعبادة، وإال فلو فرضنا أن ابطال الصالة بالزيادة العمدية غير محرم لميكن مانع من انعقاد الصالة بهذه الزيادة، فالتقريب األول له كبرى عقلية لكنها غير

منطبقة على ما نحن فيه، والتقريب الثاني منطبق على ما نحن فيه لكنه ال كبرى عقليةله.

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٣٨ سطر ١.

(٢٦٦)

Page 270: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ثالثها: لزوم الدور، لتوقف الفسخ على التصرف المتوقف على الفسخ.والجواب: يتوقف على زيادة بسط في الكالم فنقول: التصرفات المقصود بها إما

تصرفات معاملية كالعقود وااليقاعات، وإما تصرفات غير معاملية كالوطئ واألكلوالشرب ونحوها مما ال تتصف في نفسها إال بالحرمة والجواز تكليفا، فهنا موردان

للكالم.أما المورد األول: فالتصرف المعاملي الذي يقصد به الفسخ إما هو البيع بالحملالشائع مثال، وهو التمليك الحقيقي، أو البيع بالحمل األولي أي التمليك االنشائي

العقدي.واألول: ال يعقل حصوله إال ممن كان مالكا بملكية متصلة بزمان تمليك الغير دونالملكية المقارنة، الستحالة ملكيتين شخصيتين استقالال لشخصين في زمان واحد

بالنسبة إلى عين واحدة، ففي جميع المعاوضات الحقيقية يعتبر تلك الملكيةالمتصلة لذلك، كما أنه في موارد االيقاعات كالعتق يلزم اجتماع الملكية وزوالها فيزمان واحد، وفي مثل هذا التصرف ليس محذور الدور، ألن مقتضى سببية التصرف

لحصول الفسخ حصول الملكية المقارنة للتمليك، ال حصول الملكية السابقةالمتصلة بزمان التمليك، فالفسخ وإن كان يتوقف على التصرف لكن التصرف ال

يتوقف على هذه الملكية الحاصلة بالفسخ، ليلزم توقف التصرف على مثل هذاالفسخ، بل محذوره أمران:

أحدهما: اجتماع ملكيتين على عين واحدة للمشتري بالتصرف، وللبائع بالفسخ،وهو محال من غير جهة الدور.

ثانيهما: ايجاد المعلول بغير علته التامة، ألن المفروض التسبب إلى الفسخ بالبيعبالحمل الشائع، والبيع بالحمل الشائع ال يتحقق إال مع الملكية المتصلة بزمان

حصوله، والمفروض عدم حصوله بالفسخ.نعم إن جعل التصرف سببا متأخرا لحصول الفسخ اندفع المحذوران وتحقق

الدور، ألن المفروض توقف الفسخ على البيع توقف المسبب على سببه المتأخر،

(٢٦٧)

Page 271: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وتوقف البيع على الملكية المتصلة الحاصلة بالفسخ الحاصل بنفس التصرف.ومنه يعلم أن محذور الدور غير وارد إال على تقدير محال، وهو تأخر السبب عنمسببه، وعلى فرض معقوليته يحتاج إلى دليل يوجب االلتزام بهذه الكلفة، وحيث

إن البيع بالحمل الشائع له وجود وعدم، ال الصحة والفساد، فكما ال يعقل حصولالبيع ال يعقل حصول الفسخ، وليس كالفسخ بالبيع االنشائي الذي ذكرنا أن فساده

ال يمنع من حصول الفسخ به، هذا كله فيما إذا قصد الفسخ بما هو بيع حقيقي.وأما الثاني: وهو قصد الفسخ بالبيع العقدي االنشائي فتارة يقصد الفسخ بتمام العقداالنشائي المركب من االيجاب والقبول، وأخرى يقصد الفسخ بنفس االيجاب فقطحيث ال شرط في الفعل الذي يقصد به الفسخ خصوص فعل، بل كل ما له مساس

بمورد عقده الذي يقصد حله، فحينئذ إن أريد الفسخ بتمام العقد فمحذوره اجتماعملكين لشخصين مقارنا لتمامية العقد، كما هو شأن كل علة تامة بالنسبة إلى معلولها،

وليس محذوره الدور، ألن البيع االنشائي بما هو ال يتوقف على الملكية، والفسخ اليتوقف إال على البيع االنشائي.

نعم تأثير هذا العقد في الفسخ والتمليك معا محال، إال أن تأثيره في الفسخ فقطال مانع منه لما قدمناه، وتأثيره في التمليك الحقيقي له مانع، وهو عدم حصول شرطه

بمثل هذا الفسخ، إال أن يلتزم بسببية العقد االنشائي بنحو الشرط المتأخر للفسخ،وبنحو الشرط المقارن للتمليك، فحينئذ يندفع محذور اجتماع ملكين في زمان،

ومحذور عدم حصول شرط تأثير العقد، فتدبر.لكن معقولية الشرط المتأخر محل النظر، كما ال دليل هنا بالخصوص ليلتزم به

على فرض معقوليته، إال أن يقال إن مقتضى مقارنة العقد للفسخ حصول الملكيةللفاسخ حال تمامية العقد، وحيث إن تأثير العقد مشروط بالملكية السابقة المتصلة

بزمان حصول األثر فيتأخر حصول األثر عن العقد قهرا كتأخر األثر في باب بيعالصرف لتوقفه على القبض بعد العقد، وكما أن دليل شرطية القبض يوجب تقييد

(٢٦٨)

Page 272: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أدلة العقود بحصوله كذلك قوله (صلى الله عليه وآله) (ال بيع إال في ملك) (١) يوجبتوقف تأثير العقد

على حصول الملك، فيكون العقد في كال المقامين سببا متقدما للملكية، وسببامقارنا لحصول الفسخ كما هو مقتضى طبع كل سبب ومسبب، وكل شرط ومشروط،

فتأمل جيدا.وأما إن قصد حصول الفسخ بجزء من العقد فيندفع المحاذير كلها، أما الدور فمنأصله مندفع، وأما سائر المحاذير فلفرض حصول الفسخ قبل تمامية العقد المترقب

منه التأثير في الملك، فالتأثير واجد لشرطه وهي الملكية المتصلة، وال يجتمع ملكانفي زمان واحد، هذا كله في قصد الفسخ بالتصرفات المعاملية.

وأما المورد الثاني: وهو التصرف الغير المعاملي فنقول: إن الالزم كون الوطئ المباحمقارنا للملك، وحيث إن الوطئ قصد به الفسخ فهو سبب مقارن لحصول الملك،

والوطئ المقارن للملك ال يصدر حراما، وتقدم الملك على الوطئ ال ملزم به عقال،كما كان يقتضيه برهان عدم اجتماع ملكين في زمان واحد في التصرف المعاملي،

وال ملزم به شرعا بقوله (عليه السالم) (ال وطئ إال في ملك) (٢) بدعوى أن الظرفيةالحقيقية

تستدعي تقدم الملك، فال بد من وقوع جزء من الوطئ حراما.وتندفع هذه الدعوى بأنه ال شبهة ألحد في أن الفعل الواقع في زمان خاص ال

يتعداه بالتقدم والتأخر، بل له المعية مع زمانه الواقع فيه، ويوصف الزمان بظرفيته له،ويوصف الفعل بوقوعه فيه، بل البرهان يقتضي أن الظرفية الحقيقية تستدعي

المقارنة، وينافيها التقدم والتأخر، ألن الظرفية والمظروفية متضائفتان، والمتضائفانمتكافئان في القوة والفعلية، فيستحيل الظرفية وال مظروفية، والمظروفية وال ظرفية،

فيستحيل اتصاف الزمان المتقدم بالظرفية مع عدم المظروف، فإذا فرض سبقالملك على الوطئ زمانا فزمان الملك مع سبقه على زمان الوطئ يمنع عن تحقق

ظرفيته للوطئ، وإنما الظرف له هو زمان الملك الواقع فيه الوطئ.وأما قوله (صلى الله عليه وآله) (ال بيع إال في ملك) فإن أريد البيع االنشائي فالالزم

مقارنته ولو عند--------------------

(١) غوالي الآللئ ٢: ٢٤٧ حديث ١٦.(٢) لم أجد رواية بهذا النص.

(٢٦٩)

Page 273: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تماميته لملك البائع، وإن أريد البيع بالحمل الشائع فحيث يستحيل مقارنته لملكالبائع، إذ ال يعقل اشتراط الشئ بضده أو نقيضه فال محالة يجب التصرف فيه بإرادة

الملكية المتصلة بزمانه توسعا في الظرفية، فتدبر.وال بأس باإلشارة إلى توضيح بعض ما في الكتاب:

منها: ما حكاه عن الشهيد (قدس سره) من أن الدور معي ال توقفي، ولعله ألنالموقوف

على الملك هو البيع الحقيقي المعبر عنه في الكتاب بالنقل العرفي دون البيعاالنشائي، فالعقد المتضمن للبيع االنشائي سبب ألمرين، للفسخ المحقق للملك،

وللبيع الحقيقي، فهما معلوالن لعلة واحدة، والفسخ والبيع الحقيقي متالزمان، ال كلمنهما علة لآلخر.

وتوهم: أن الملك حيث إنه شرط البيع الحقيقي فهو في طوله، فكيف يكون فيعرضه؟!

مدفوع: بأن العرضية من حيث المعلولية لعلة واحدة ال تنافي الطولية من حيثشرطية أحد المعلولين لآلخر، وال برهان على استحالة كون شئ واحد سببا للشرط

والمشروط معا.ومنها: قوله (رحمه الله) (والجزء الذي ال يتجزأ غير موجود... الخ).

توضيحه: أنه بناء على لزوم وقوع االنشاء بجميع أجزائه في ملك المنشئ الذييستفاد من قوله (ال بيع إال في ملك)، وقد استظهر (قدس سره) أن مقتضى الظرفية

الحقيقيةتقدم الظرف على المظروف، والزمه تقدم الملك على االنشاء بجميع أجزائه،

فحينئذ إن قصد الفسخ بتمام العقد فعدم التقدم للملك واضح، بل عدم المقارنةلتمام اجزاءه أيضا مفروض، وإن قصد الفسخ بجزئه األول فحيث إن الجزء الذي ال

يتجزئ غير موجود فكل جزء قابل للقسمة، فال يتعين جزء لألولية حتى يكون ماعداه واقعا في ملك المنشئ.

وأما إذا قلنا بوجود الجزء الذي ال يتجزئ ففرضه فرض جزء ليس له يمين واليسار حتى يتصف بهما من حيث فرض التوسط فيه، ومثل هذا الجزء ليس له قبل

(٢٧٠)

Page 274: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وبعد حتى يقال إن الملك حصل بعده، ولذا قال (قدس سره) (إن الجزء الذي اليتجزئ غير

موجود) حتى يقال ال بعد له، حتى يقع الملك بعده، مع أنه لو كان موجودا وكانسببا فال بد من مقارنته للملك، ومقارنة الملك غير مجدية، لفرض لزوم تقدم الملك،

فإن فرض عدم التجزئة فرض عدم القبل والبعد، ال فرض عدم المقارنة، إال أن لزومسبق الملك حينئذ لزوم أمر محال في فرض سببيته الجزء الذي ال يتجزئ، فإما ال

يعقل السببية، وإما ال يعقل اشتراطه بسبق الملك عليه.ومما ذكرنا في توضيح كالمه يندفع ما ذكره بعض أجلة المحشين (قدس سره) (١) في

ردكالمه من أن الجزء بمقتضى السببية مقدم على الملكية، فتدبر جيدا.

ومنها: ما ذكره (رحمه الله) من لزوم سبق الملكية على جميع أجزاء العقد قضاء لحقالظرفية، فإنك قد عرفت أن الظرفية ال تستلزم أزيد من المقارنة، بل البرهان يقضي

بأن الظرفية الحقيقية ال تكون إال مع المقارنة، وحينئذ فإن قصد الفسخ بأول جزء منالصيغة فقد وقعت تمام الصيغة بجميع أجزائها مقارنا للملك.

وتوهم: أن فرض استحالة الجزء الذي ال يتجزئ فرض انقسام كل جزء وال ينتهيإلى جزء غير منقسم ليتعين لألولية حتى يقع تمام األجزاء في الملك.

مدفوع: بأن المفروض استحالة تناهي األجزاء الفرضية والقسمة العقلية الوهمية،ال بحسب القسمة الخارجية، فإن ما في الخارج متناه ال غير متناه، فإذا قصد الفسخ

بمثل تلك القسمة تكون مقارنة للملك ويكون كل أجزائها الوهمية مقارنة له بتبعمنشأ انتزاعها.

ومنها: ما ذكره جوابا عما استدل به بعضهم لصحة التصرف المقصود به الفسخبادراجه تحت عنوان " من باع ثم ملك "، ومرجع جوابه (قدس سره) إلى أن المفروض

صحةالتصرف هنا كسائر تصرفاته ال فضوليا، وإال لتوقف على اإلجازة، والفرض صحته بال

إجازة، مع أن القائل بصحة التصرف هنا ال يفرق بين العقد وااليقاع، مع أنه الفضولي في االيقاعات على المعروف، بل ادعي عليه االجماع.

--------------------(١) حاشية اليزدي ٢: ١٥٥ سطر ١٩.

(٢٧١)

Page 275: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أقول: مناط الفضولية إن كان عدم تعلق االنشاء بملك المنشئ فهو فضولي قطعا،وإن كان تعلق االنشاء بمال الغير بحيث ال يؤثر فيه بمجرد تمامية االنشاء فما نحن فيه

ليس من الفضولي، لفرض مقارنة ملك المنشئ مع تمام انشائه.وأما الحاجة إلى اإلجازة فألحد أمرين إما تحقيق انتساب العقد إلى المالك، وإما

اظهار الرضا المعتبر في نفوذ التصرف، وفي مسألة من باع ثم ملك ال بد من اإلجازةتارة لألمرين معا، كما إذا باعه عن غير مالكه ثم ملك ذلك الغير، فإنه ال انتساب للعقدإليه، وال رضا منه به، فال بد من إجازته، وأخرى لتحقيق الرضا كما إذا باعه عن نفسهثم ملكه، فإن االنتساب محقق فال بد من رضاه، ألن رضاه به حال االنشاء رضا من اليعتبر رضاه، وأما ما نحن فيه فسواء سمي فضوليا أم ال ال حاجة فيه إلى اإلجازة، ألنه

صدر منه ورضي به حال تمامية االنشاء، وهو حال مالكيته، فتدبر جيدا.قصد الفسخ واإلجازة بفعل واحد

- قوله (قدس سره): (لو اشترى عبدا بجارية مع الخيار... الخ) (١).ال يخفي أنه لو لم يقصد بانشاء العتق إال عتق العبد والجارية من دون التفات

وقصد إلى اإلجازة والفسخ، فال محالة يتحقق عتق العبد دون الجارية، لورود االنشاءعلى ماله ومال غيره، فيؤثر في األول دون الثاني، وهل يسقط خياره أو ال؟

فإن قلنا بأن التصرف مسقط تعبدي فال خيار لفرض حصول المسقط، وإال فخيارهباق حيث ال التزام قصدي وال رضا فعلي إال بالعتق، وعليه فإذا أخذ بالخيار فإن أمكنعود الرق حرا فال اشكال، وإال تعذر عوده بماليته، فيأخذ الجارية ويؤدي قيمة العبد،

كما أنه ال اشكال أيضا فيما إذا قلنا بأن اإلجازة ليست إال الظهار الرضا فهو دائمامقدم على الفسخ التسبيبي االنشائي، فال مجال للفسخ، وعلى فرض كون الفسخأيضا البراز الكراهة النفسانية فحصول الرضا ببقاء العقد وكراهة بقائه قلبا ممتنع

الحصول.--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٩٥ سطر ١٩.

(٢٧٢)

Page 276: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وعليه فمورد البحث ما إذا كان مقتضى اإلجازة ابرام العقد انشاء، ومقتضىالفسخ حل العقد، وهما متنافيان ولو بالعرض، حيث إن الفسخ كما عرفت بديل

العقد ومنافيه ذاتا، وإبرام العقد في قبال تزلزله، لكنه لتوقفه على العقد لعروضه عليهفال محالة ال يجامع ارتفاع العقد وانحالله، فالبحث حينئذ يقع في موارد:

األول: ما إذا قصد اإلجازة والفسخ بمعناهما المتنافيين، وال ريب أنه مع االلتفاتإلى تنافيهما يستحيل تحقق القصد إلى المتنافيين جدا، فال موقع للبحث أيضا، وأما

مع عدم االلتفات إلى تنافي مقتضاهما فيتوجه القصد، لكن فرض التنافي واقعايستلزم عدم حصولهما معا، وإال لزم الخلف، وال أحدهما بالخصوص لعدم

المخصص، وحينئذ فكما ال فسخ وال إجازة كذلك ال يقع شئ من العتقين، أو يقعأحدهما وهو عتق العبد، ألن شرط االنشاء فيه وهو الملك حاصل، واإلجازة غير

دخلية في تأثير االنشاء في ملكه، والفسخ الذي هو مزيل لشرطه وهو الملك مزاحمباإلجازة على الفرض، وكل مقتض ال مانع له أو له ما ال مانعية له - البتالئه بالمزاحم

-يؤثر أثره.

ويندفع: بأن الفسخ له حيثيتان، حيثية ذاتية، وحيثية عرضية بلحاظ مقتضاه وآثره،فبالحيثية األولى - وهو كونه حال للعقد - مناف لإلجازة المتقومة ببقاء العقد،

وبالحيثية الثانية أثرها خروج العبد من ملك المشتري ودخوله في ملك البائع، واحداألثرين - وهو خروجه عن ملك المشتري - وإن لم يكن منافيا لعتق العبد ألجل

التوهم المتقدم من حيث كونه مزيال لشرطه، فإن الشرط في تمام العقود وااليقاعاتهي الملكية المتصلة بزمان تمامية االنشاء.

ومن الواضح أن الفسخ على تقدير تحققه باالنشاء يزيل الملك المقارن لتماميةاالنشاء، ال الملك السابق، بل منافاته لعتق العبد بلحاظ األثر الثاني، وهو دخول العبد

في ملك البائع، ومن البين أن دخول العبد في ملك البائع مقارنا لتمامية االنشاء،وزوال الرقية والملكية عنه رأسا في ذلك اآلن محال، فجهة منافاة الفسخ غير

مقصورة على المنافاة مع اإلجازة بلحاظ حيثية الذاتية، بل له جهة منافاة أخرى للعتق

(٢٧٣)

Page 277: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

من حيث اقتضائه لدخول العبد في ملك البائع، وأما عدم انعتاق الجارية، ألن انعتاقالعبد مع وجود شرطه إذا لم يحصل بعتق الجارية ال يحصل باألولوية.

نعم البرهان المتقدم إنما يجدي إذا قصد الفسخ واإلجازة بجزء من الصيغة، فإنمنافي الفسخ هي اإلجازة فقط، حيث ال يترقب تأثير االنشاء في العتق قبل تماميتهليقع التنافي بين تأثير االنشاء في عتق العبد وتأثيره في الفسخ المقتضي لدخوله في

ملك البائع.وأما توهم: أن مرتبة االنشاء في الفسخ متقدمة على مرتبة الفسخ في اقتضاء

الدخول والخروج، فال منافي له في مرتبة نفسه إال اإلجازة.فمندفع: بما ذكرناه في محله أن التنافي ال يكون إال بلحاظ المعية واالجتماع في

نحو الوجود الخارجي الزماني، فالتقدم والتأخر بالطبع ال يجدي في رفع المنافاة معالمعية الزمانية.

ومما ذكرنا يتضح أن ما اقتصر عليه في الجواهر (١) من التدافع بين كونه ملزماوفاسخا إنما يجدي في عدم تحقق اإلجازة والفسخ، ال في عدم تحقق العتق أصال،حتى عتق العبد المصادف لشرط نفوذه وعدم توقفه على اإلجازة، وكذلك ما أفاده

المصنف (قدس سره) من عدم كون المشتري مالكا لهما بالفعل، ألن ملك أحدهمايستلزم

خروج اآلخر عن ملكه، فإنه إنما يجدي في دفع توهم انعتاقهما معا، ال في دفع توهمانعتاق العبد المصادف لشرطه، مع ما عرفت من أن الفسخ غير مزيل لشرط عتق

العبد، فإن شرطه الملك المتصل بزمان تمامية االنشاء، والزائل هو الملك المقارن.وأولى بالمناقشة فيه ما ذكره في صدر كالمه من أن عتق العبد موقوف على عدم

عتق الجارية وبالعكس، فإن التنافي ال يوجب توقف وجود أحدهما على عدم اآلخروبالعكس، بل وجود كل منهما مالزم لعدم اآلخر ال متوقف عليه.

المورد الثاني: ما إذا قصد خصوص الفسخ بانشاء عتقهما، فعن بعض أجلةالمحشين (٢) (رحمه الله) تحقق الفسخ وعتق الجارية والعبد معا، أما الفسخ فلعدم

المزاحم له--------------------

(١) جواهر الكالم ٢٣: ٧١.(٢) حاشية اليزدي ٢: ١٥٦ سطر ٢.

(٢٧٤)

Page 278: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وهي اإلجازة، وأما عتق الجارية فلصيرورتها ملكا له بالفسخ الذي ال مزاحم له، وأماعتق العبد فألن صحته غير متوقفة على اإلجازة، بل على كونه مملوكا له فعال،

ومقارنة الفسخ المزيل للملك له غير ضائرة بصحته، فإنه كالتلف المقارن للفسخ، فإنهال يمنع عن الفسخ، وال الفسخ مانع عنه، بل تأثير الفسخ مع عدم قبوله للدخول في

ملك المفسوخ عليه يوجب االنتقال إلى البدل.هذا محصل ما أفيد، ولكنه غير مفيد، أما في الفسخ فلما عرفت من عدم حصر ما

ينافيه في خصوص اإلجازة، بل انشاء عتق العبد موجب لزوال الملكية رأسا، وانشاءالفسخ موجب لدخوله في ملك البائع، وثبوت الملك وزواله في آن واحد محال.وأما في عتق الجارية فألن دخولها في ملك المشتري وزوال الرقية والملكية عنها

بعتقها في زمان واحد محال، مع أن شرط العتق وهو الملك المتصل بزمان العتق غيرموجود في ذاته، وال يوجد بالفسخ، بل الموجود على فرض محال هو الملك

المقارن لالنعتاق، وإيجاد المعلول بغير علته التامة بل بما ينافيه محال.وأما في عتق العبد فألن الشرط وهي الملكية المتصلة وإن كانت ال تزول بالفسخ

على فرض تحققه إال أن كونه كالتلف المقارن فرع صحته، مع أن صحته موقوفة علىعدم دخوله في ملك البائع وإال لزم اجتماع الملك وزواله في آن واحد، نعم إذا

تحقق الفسخ قبل تمامية الصيغة صح عتق الجارية فقط، وإال لم يصح شئ منالعتقين.

ال يقال: إنه فرق بين هذا المورد والمورد األول حيث إن الفسخ كان هناك مزاحماباإلجازة، وتحققهما معا محال، وتحقق أحدهما بالخصوص بال مخصص، أما هنا فال

مزاحم له إال العتق، فتأثير االنشاء في العتق مع الفسخ الموجب للدخول في ملكالمفسوخ عليه ال يجتمعان، إال أن حصول الفسخ ال يتوقف على االنشاء المؤثر في

مدلوله المطابقي أعني العتق، بل يتحقق بمطلق االنشاء كما مر مرارا.ألنا نقول: إذا كان عدم تأثير االنشاء في العتق مستندا إلى غير التأثير في الفسخ كاناألمر كما ذكر من عدم المزاحم للتأثير في الفسخ، كما إذا فرض أنشأ عتق الجارية

(٢٧٥)

Page 279: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قاصدا به الفسخ، فإنه ال يقع العتق ويقع الفسخ، ألن الفسخ ال يحقق شرط صحةالعتق، وهو الملك المتصل بزمان تمامية االنشاء، بل لو أثر لكان محققا للملك

المقارن لزمان تمامية االنشاء، وإذ ال تأثير لهذا االنشاء في العتق لفقد شرطه، فاليجتمع زوال الملك وثبوته في آن واحد، فال مانع من تأثير االنشاء في الفسخ.بخالف ما إذا قصد بانشاء عتق العبد والجارية فسخ العقد فإن شرط التأثير في

عتق العبد وهو الملك المتصل موجود، فال يمنع من تأثيره فيه إال تأثيره في الفسخ،كما ال مانع من تأثير هذا االنشاء في الفسخ إال تأثيره في عتق العبد، فتأثير االنشاء فيكل منهما مزاحم بالتأثير في اآلخر، وال موجب الختصاص تأثيره بأحدهما، وكما اليكون انشاء عتق الجارية مزاحما لتأثيره في الفسخ كذلك ال يكون مزاحما لتأثيره في

عتق العبد، لما مر من فقد الشرط الموجب لعدم وصول النوبة بتأثير االنشاء عندتماميته، فتدبره جيدا.

المورد الثالث: ما إذا قصد بانشاء عتقهما اإلجازة فقط فإنه ال ريب في حصول عتقالعبد، لمصادفته لشرطه وهو الملك، ووجود اإلجازة وعدمها في تأثيره على حد

سواء، وال ريب في عدم حصول انعتاق الجارية لفقد شرطه وهو الملك، واإلجازةأيضا وجودها وعدمها في عدم تأثير االنشاء فيه على حد سواء، وعليه فتتحقق

اإلجازة بهذا االنشاء فيخرج العقد عن الخيارية والتزلزل.تذنيب: إذا أنشأ وكالة شخص قاصدا به الفسخ أو اإلجازة أو هما معا فله صور:

األولى: انشاء الوكالة في عتق الجارية قاصدا به الفسخ فال شبهة في امكان الفسخوالوكالة في زمان واحد، ألن حال تمامية االنشاء حال الفسخ ودخول الجارية في

ملكه، فله في تلك الحال السلطنة على ملكه، فله السلطنة على تسليط الغير في تلكالحال.

الثانية: ما إذا قصد بتوكيله في عتق العبد إجازة العقد فال شبهة في تحقق الوكالةواإلجازة فيسقط خياره بنفس توكيله.

الثالثة: ما إذا قصد بتوكيله في عتق العبد والجارية اإلجازة والفسخ معا، فهل

(٢٧٦)

Page 280: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يتزاحم الفسخ واإلجازة وتثبت الوكالة في عتق العبد خاصة، ألنه ملكه وله السلطنةعليه وعلى اعطاء السلطنة عليه للغير من دون مزاحم - لسقوط الفسخ المنافي له

باإلجازة - أم ال؟ كما قدمناه في انشاء عتقهما مريدا به الفسخ واإلجازة.والتحقيق: جريان نظير ما قدمناه هنا، إال أنه هناك كان لمنافاة الفسخ من حيث أثرهوهو دخول العبد في ملك البائع لزوال ملكه فعال باالنعتاق، وهنا لمنافاة الفسخ منحيث أثره اآلخر وهو خروج العبد عن ملك المشتري، فإنه ينافي خروجه عن ملكه

عند تمامية االنشاء تحقق الوكالة المترتبة على بقاء الملك في ذلك الزمان، فإن اعطاءالسلطنة للغير فرع سلطنته، وهي فرع بقائه على ملكه في حال اعطاء السلطنة،

فالفسخ مزيل لشرط نفوذ انشاء الوكالة، وليس كالفسخ باإلضافة إلى نفس عتق العبد،فإنه كما مر ال يزيل شرط نفوذه، فإن شرطه هو الملك المتصل بآن تمامية االنشاء.

بخالف ما نحن فيه فإن الملك المقارن شرط لنفوذ االنشاء في الوكالة، وعليهفكما ال يتحقق فسخ وال إجازة كذلك ال تتحقق الوكالة في عتق العبد، وأما عدمها في

عتق الجارية فأوضح، ألنها غير مملوكة له فعال إال بالفسخ المزاحم باإلجازة، ففيهذه يستحيل تحقق الشرط، بخالف السابق فإن الشرط محقق في نفسه، إال أن

مقتضى انشاء الوكالة بقاؤه، ومقتضى قصد الفسخ ارتفاعه.- قوله (قدس سره): (صحة عتق الجارية ويكون فسخا... الخ) (١).

إن أريد حصول الفسخ عند تمامية انشاء عتقها فالحق عدم حصولهما، ألنالفسخ حينئذ ال يحقق الملك المتصل، وهو شرط نفوذ انشاء عتقها، بل يحقق الملك

المقارن المنافي، لما مر من (٢) استحالة وقوع الملك وزواله في آن واحد.وإن أريد حصول الفسخ بجزء من االنشاء فالملك المتصل حاصل، وال منافي

لتأثير االنشاء في عتق الجارية، إال أنه يجب القول بصحة عتق العبد في ما إذا كانالخيار لمشتري العبد وحده، ألن الفسخ واإلجازة ال يتزاحمان في آن ال يترقب فيه

تأثير االنشاء في العتق، فال يكون الفسخ منافيا لعتق العبد، وحيث إن ملكه تحقق--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٩٥ سطر ٢٨.(٢) التعليقة السابقة.

(٢٧٧)

Page 281: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومانعه غير محقق فال بد من تأثير االنشاء في عتق العبد، فتدبر جيدا.تصرفات غير ذي الخيار هل تمنع عن االسترداد

- قوله (قدس سره): (من أحكام الخيار عدم جواز تصرف... الخ) (١).توضيح المقام برسم أمور:

منها: أن المسألة هل هي مبنية جوازا ومنعا على تعلق حق الخيار بالعقد؟ وهوباق ما لم ينحل، فالتصرف غير مفوت لموضوع الحق، أو تعلق الحق بالعين والسلطنة

على استرداد العين مع السلطنة على اتالفاها أو ما بحكمه ال يجتمعان، فال يبعدالتصرف مع السلطنة على استرداد العين، كما ال يجوز تكليفا اتالفها، أو أن المسألة

غير مبنية على شئ من األمرين، بل يمكن المنع على األول، والجواز على الثاني؟.وقبل التعرض لالبتناء على ما ذكر وعدمه ينبغي أن يعلم أن بقاء العقد حتى

يتعلق به حق الخيار مورد المناقشة من وجهين:أحدهما: ما عن غير واحد من األعالم من قصر العقد على اللفظي واالنشائي،

واألول موجود غير قار، والثاني موجود بالعقد اللفظي، فهو موجود بالعرض، ومععدم قرار الموجود بالذات ال يعقل بقاء الموجود بالعرض، ولذا قالوا بأن معنى حل

العقد رفع أثره وهي الملكية االعتبارية التي لها قرار ما دام االعتبار.وقد أجبنا عنه سابقا بأن ما وراء العقد اللفظي واالنشائي عقد لبي معنوي باعتبار

العرف والشرع، ونسبة العقد اللفظي واالنشائي إليه نسبة السبب إلى مسببه، أو نسبةاآللة إلى ذي اآللة، فراجع (٢).

ثانيهما: أن العقد اللبي والقرار المعنوي وإن كان له بقاء عرفا وشرعا إال أنه أمر اليستقل بالتحصل، بداهة أن القرار المطلق ال يوجد، وال محالة يتقوم بمتعلقه وهو

القرار على ملكية شئ بعوض، فبقاؤه ببقاء متعلقه وما يتقوم به، ومع التصرفوالتلف ال ملكية، فال يعقل بقاء القرار، فال فرق حينئذ بين تعلق الحق بنفس العقد أو

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٩٥ سطر ٣٠.

(٢) تعليقة ١١٥.

(٢٧٨)

Page 282: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بالعين.وقد مر دفع هذه المناقشة أيضا بأن المقوم للقرار هي الملكية في أفق القرار ال في

الخارج، فراجع ما تقدم خصوصا في مبحث شرط الخيار (١).وحيث عرفت أن العقد له بقاء حتى مع ارتفاع الملكية خارجا بتلف متعلقها أو ما

بحكمه فاعلم: أنه إن قلنا بتعلق الخيار بنفس العقد الباقي في نفسه ومن حيث تقومهبالملكية فلنا أن نقول بأن مقتضى فسخه وحله الحقيقي رجوع طرفي المعاوضة،

وهما العوضان بشخصهما إلى مالكهما األول، فالعقد وإن كان باقيا مع تلفهما إال أنحلهما ممتنع المتناع رجوعهما بشخصهما، فالتصرف المنافي لرجوع العين

بشخصها غير جائز وال نافذ، ألنه موجب لتفويت موضوع الحق الثابت.ولنا أن نقول بأن فسخ العقد غير مقصور على رجوع العين بشخصها، بل مقتضاه

رجوع العين ولو ببدلها على التقريب اآلتي إن شاء الله تعالى، فحينئذ ال يوجبالتصرف تفويت موضوع هذا الحق الذي لمتعلقه عرض عريض، وكذلك إذا قلنا بأن

الخيار حق يتعلق ابتداء بالعوضين من حيث الرد واالسترداد، فإن مجرد تعلق الحقبالعين ال يمنع عن نفوذ التصرف كما في بيع العبد الجاني، والتصرف فيما فيه حق

الشفعة ونحوهما، بل الجواز وضعا وتكليفا دائر مدار طور الحق وأنه يفوتبالتصرف أو ال يفوت بالتصرف كما في المثالين فنقول:

إن كان حق الرد واالسترداد ملكا حق استرداد شخص العين ملكا فال محالة يكونالتصرف مفوتا له حقيقة أو حكما، وإن كان حق استرداد العين ولو بمرتبة منها من

حيث طبيعتها النوعية أو ماليتها فال يكون التصرف مفوتا لموضوع الحق بجميعمراتبه، فالعمدة تحقيق هذا المعنى في طرف العقد وفي طرف العين من دون فرق

بين تعلقه بالعقد أو بالعين كما هو المعروف.ومنها: أن مقتضى اطالق نصوص الخيار وفتاوى المشهور من علمائنا األخيار هو

أن لذي الخيار حق الفسخ حتى مع تلف العين، فيستكشف منهما أن سنخ الحق ال--------------------

(١) ح ٤: ٢٠٤، تعليقة ١٢٠.

(٢٧٩)

Page 283: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يفوت بالتلف، ومع عدم فواته بعدم فوات موضوعه بتلف العين ال يكون اتالفهاالحقيقي وال ما بمنزلته اعداما لموضوع الحق، فال مانع من جوازه تكليفا ووضعا.

وتوضيحه: بتقديم مقدمات:األولى: أن الرجوع إلى بدل التالف بفسخ العقد مما تسالموا عليه، وهو تارة يكونبفسخ العقد، ومن مقتضياته بمعناه الذي يكون حال وجود العين، فال بد أن يكونالفسخ بمعنى جامع، وأخرى ال من مقتضيات الفسخ بمعناه، بل بتقدير يحتاج إلى

مؤونة ثبوتا واثباتا، وأغلب الوجوه المذكورة في الرجوع إلى البدل غير صالحةالثباته، ألنه إما يحتاج إلى دليل غير دليل الخيار وحل العقد بعنوانه، وإما بتوهم أنه

من مقتضيات الفسخ وليس كذلك.فمن الوجوه: ما هو ظاهر كالم شيخنا األستاذ (قدس سره) في مبحث ملزمات

المعاطاة (١)من أنه يرجع إلى البدل بعد الفسخ بمقتضى اليد واالتالف مع أن التلف تحت يد

المالك غير مضمن، كما إن اتالف المالك لماله كذلك، وتقدير رجوع العين إلىمالكه

من األول بنحو االنقالب الغير المستحيل عنده (قدس سره) في االعتباريات غير مجدهنا،

لورود االعتبار على التالف دون التلف على االعتبار، واعتبار ورود التلف على مااعتبره ملكا للمالك من األول تضمين ابتدائي بال موجب.

ومن الوجوه: ما ذكره (قدس سره) مشافهة في البحث وأشار إليه في تعليقته (٢) هناأن العين

ترجع بنفسها إلى الفاسخ بما هي مضافة بإضافة الملكية مع وجودها، وترجع إليه بماهي تالفة منه مع تلفها، ونفس هذه اإلضافة تقتضي الرجوع إلى بدلها، حيث إنها

تلفت من الفاسخ على المفسوخ عليه.وذكر (قدس سره) في تعليقته أن العين ترجع إلى الفاسخ المنتقل عنه ويصير حاله معها

حال المنتقل إليه، بحيث لو عادت على خالف العادة لكانت ملكا له، وال حال لهامع المنتقل إليه عند تلفها إال أنها تالفة منه، وإال فليس هناك إضافة أخرى من ملكية

--------------------(١) حاشية اآلخوند ٢٢.

(٢) حاشية اآلخوند ٢٦٠، أشار إليهما المصنف في مبحث ملزمات المعاطاة وناقشهما راجع ١: ٢٠٦. منهذا الكتاب.

(٢٨٠)

Page 284: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أو حقية، مع أن تلف شئ من أحد ليس مضافا إليه إال باعتبار إضافة ذات التالف، الأن التلف منه إضافة إليه، بمعنى أن المضاف تلف ال تلفه مضاف، ومع الغض عنه

فاعتبار تلفه منه كما كان عند المفسوخ عليه كان بمعنى كونه خسارة منه، ال خسارةعليه حتى يجب تداركها ببدلها.

ومع االغماض عنه وصدق تلفه عليه إذا رجع بهذا الوصف إلى الفاسخ كان تالفامن الفاسخ عليه، وهو ضد المقصود، والتفكيك بين رجوع العين بما هي تالفة منه

إلى الفاسخ وبقائها على حالها من كونها تالفة على المفسوخ عليه - ليكون تالفا منالفاسخ على المفسوخ عليه - ركيك إلى الغاية.

ومن الوجوه: ما عن بعض األجلة (قدس سره) من أن رجوع العين تارة تحقيقي،وأخرى

تقديري، فمع تلف العين يقدر وجوده عند المفسوخ عليه وفي عهدته، ومقتضىكونه في عهدته تداركه ببدله، مع أن تقدير وجوده عنده ورجوع المفروض الوجود

فقط ال يجدي في وجوب البدل، وتقدير وجوده في عهدته تضمين ابتدائي بالموجب، فإن مجرد تقدير وجوده عنده له مصحح لوجوده عنده تحقيقا، بخالفتقديره في عهدته، مع أن هذا المعنى ليس باقتضاء الفسخ، ألن الفسخ حل العقد

على العوضين، فبعد تلفهما إما ال حل المتناع رجوعهما الذي هو مقتضى حل العقدعما وقع عليه بشخصه، وإما له معنى ال حاجة معه إلى التقدير، والرجوع الحكمي

الذي يحتاج إلى دليل مخصوص، حيث ال يفي به دليل الخيار على الفرض.ومن الوجوه: ما أفاده صاحب الجواهر (قدس سره) (١) وتبعه عليه غيره، وهو أن العينخرجت عن ملك مالكها مضمونة بعوضها، فال بد من رجوعها إليه مضمونة بعوضها،

فوجوب دفع البدل مقتضى رجوعها مضمونة.والجواب: أن ضمان العين على أنحاء:

أحدها: كونها مضمونة بعوضها المسمى، بمعنى كونها معوضة، والثمن عوضها،وهو معنى معاوضتها بشئ.

--------------------(١) جواهر الكالم ٢٢: ٢٣١، وقد ذكره المصنف في ملزمات المعاطاة وناقشه بمناقشة أخرى، راجع ١:

٢٠٧. من هذا الكتاب.

(٢٨١)

Page 285: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ثانيها: كونها في عهدة البائع كما في الضمان قبل القبض، والضمان في أيام خيارالحيوان، فإن ضمانها على البائع بمعنى تقدير ملكها آنا ما قبل التلف، وتلفها من

البائع، وهو بمعنى انفساخ العقد قهرا بحكم الشارع قبل التلف.ثالثها: ضمان الغرامة وموجبه اليد واالتالف.

واألول ال أثر له في دفع البدل، ألن المفروض حل تلك المعاوضة وخروج العينعن كونها معوضة والثمن عن كونه عوضا، والثاني خالف المقصود هنا، إذ المفروضانحالل العقد بحله ال بتلف العوضين، والثالث بال موجب هنا، حيث ال يد على مال

الغير وال اتالف له، وسيجئ (١) إن شاء الله تعالى أن الرجوع إلى البدل من مقتضياتالفسخ على وجه ال يحتاج إلى أمر آخر غير حل العقد.

المقدمة الثانية: أن الخيار له معنى واحد في صورة وجود العين وتلفها كما هومقتضى اطالق نصوصه، لوضوح أن المطلق ال بد من انحفاظه في جميع أطواره

وشؤونه، فإذا كان معنى الخيار في صورة وجود العين رجوع العين بشخصها وبنفسهامحل المعاوضة الواقعة على العوضين بشخصهما، وكان معناه في صورة تلف العينرجوعه تقديرا وفرضا فهو ليس من حل العقد حقيقة حيث يمتنع انحالل المعاوضة

المتقومة بشخص العوضين، فال محالة هو معنى آخر يحتاج إلى فرض وتقدير ثبوتا،وإلى دليل على هذا الفرض والتقدير اثباتا، لعدم كفاية دليل الخيار لهذا المعنى، ألنالمفروض أنه ليس حال حقيقة، وال اطالقه كاف في اثباته، ألن االطالق يكفي في

ثبوت المطلق بتمام شؤونه ولواحقه، والفسخ الحقيقي ال يعقل سريانه إلى هذا الشأنوهو تلف العين، ففرض االطالق فرض قبول المعنى الواحد لعروض التلف وعدمه،

وهو المعنى الجامع الذي سنحققه إن شاء الله تعالى دون الفسخ الحقيقي الدائر مدارشخص العين.

المقدمة الثالثة: أن حق الخيار كما أنه معنى واحد كذلك موجود واحد، فهناك حقواحد معنى ووجودا، إال أنه في صورة وجود العين حق استردادها المتقوم بشخص

--------------------(١) في نفس التعليقة، عند قوله (وتقريب التوسعة بحيث...).

(٢٨٢)

Page 286: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

العين، [و] (١) مع تلفها أو اتالفها يحدث حق استرداد مثلها، ومع تعذره حق استردادقيمتها، فهناك حقوق مترتبة، فال ينافي التنزل إلى مرتبة الحقة حرمة اعدام موضوع

المرتبة السابقة، فال يمكن استكشاف حكم التصرف واالتالف من جواز الرجوع إلىالبدل في صورة التلف وتعدد الحق، مع أنه ال دليل عليه ال يمكن االلتزام بآثاره، فإن

منها منها جواز اسقاط حق المرتبة السابقة، ومطالبة حق الرتبة الالحقة، وبالجملةوحدة الحق نصا وفتوى وأثرا مما ال ينبغي التشكيك فيها.

المقدمة الرابعة: العين التي وقعت المعاوضة العقدية عليها ذات شؤون ثالثة، وهيماهية (٢) الشخصية التي بها تمتأل هذه الحصة من سائر الحصص ماهية، والوجود

الذي يمتاز به هذه الهوية عن سائر الهويات وجودا، فهذه العين الشخصية تنحل إلىماهية شخصية ووجود خاص، والحيثية الثانية حيثية كونها ذات طبيعة نوعية كطبيعة

الحنطة التي لها أفراد مماثلة، والحيثية الثالثة حيثية المالية التي يمتاز بها عين ذاتمالية عن غيرها من األعيان.

ومن الواضح أن أغراض المتعاملين تارة تتعلق بتلك الحيثية األولى التي وقعتالعين بمالحظتها موردا للعقد، وهذه أغراض شخصية، وأخرى تتعلق بحيثية الطبيعة

النوعية وحيثية المالية، وهي األغراض النوعية، فإن الغرض النوعي إنما هو متوجهإلى ايقاع العقد على هذا الشخص من حيث إنه حنطة مثال، وإلى إقامة مال مقام مال،

من دون نظر إلى الخصوصيات الموجبة لتخصص الطبيعة بصيرورتها حصة، أو إلىخصوصية الوجود الخاص الممتاز بذاته عن سائر الوجودات.

وكما أنه للشارع رعاية خصوصية الوجود الخاص كما وقع في خيار العيببالنسبة إلى المعيب، حيث قال (عليه السالم) (إن كان الشئ قائما بعينه رده إلى

صاحبه... إلىآخره) (٣) فلم يعتبر بقاءه بحيثية الطبيعة النوعية أو المالية في الفسخ، كذلك له رعاية

الطبيعة النوعية وحيثية المالية التي هي مدار األغراض النوعية العقالئية فيوسع في--------------------

(١) إضافة يقتضيها السياق.(٢) هكذا في األصل والصحيح (ماهيتها).

(٣) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب الخيار، ح ٣.

(٢٨٣)

Page 287: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

دائرة الحق، وال يجعله مقصورا على صورة بقاء العين الشخصية.وتقريب التوسعة بحيث ال يختل بها المقدمات المزبورة - من كون الرجوع

باقتضاء الفسخ ال بمعونة شئ آخر، وكون الحق واحدا معنى ووجودا - هو أن موردالمعاوضة وإن كان الماهية الشخصية المتحدة مع وجودها من باب اتحاد

الالمتحصل مع المتحصل، إال أن الشارع في مقام اعتبار حق الفسخ لم يعتبر هذااالتحاد الخاص، بل اعتبر الماهية الشخصية بما هي متحدة مع الطبيعة النوعية، فإنها

موجودة بوجود فردها، فإن فرد الطبيعة النوعية هي الحصة المتحدة مع وجودهاالمضاف إليها بالذات، وإال فنفس وجود الماهية الشخصية فرد مفهوم الوجود ال فردماهية اإلنسان، والطبيعة النوعية كما أنها محفوظة مع وجود هذه الماهية الشخصية

كذلك مع تلفها، فليست الطبيعة النوعية ملحوظة بما هي، وال بشرط حتى يكون لمنعليه الخيار أداؤها بأداء ما يماثل العين مع وجودها، وال الماهية الشخصية ملحوظة

بما هي متحدة مع وجودها الخاص بها بالذات، حتى يسقط الحق بتلفها، ويكون أداءبدلها باقتضاء فرد آخر من الحق، أو بمعنى آخر أجنبي عن حقيقة الفسخ.بل لوحظ متعلق الحق الوحداني نفس الماهية الشخصية بما هي متحدة مع

طبيعتها النوعية، فهذا االتحاد هو المصحح لسعة دائرة موضوع الحق الوحداني،فمع وجود الماهية الشخصية يجب رجوعها، ووجودها الزم رجوعها، ال مقوم الالزم

رجوعه، ومع تلفها فهي وإن تلفت بما هي متحدة مع وجودها الخاص - لفرضعدمها البديل - إال أنها لم تتلف بما هي متحدة مع وجود طبيعتها النوعية المفروض

اعتبار اتحادها معها ماهية ووجودا بالذات وبالعرض.ومن البين أن مقتضى رجوع الطبيعة النوعية وطبيعة المالية بلحاظ اتحادهما مع

فردهما هو استحقاق الفاسخ للطبيعة النوعية وحيثية المالية من المفسوخ عليه مندون حاجة إلى سبب آخر للرجوع إلى البدل، هذا بحسب مقام الثبوت، وأما بحسبمقام االثبات فيكفي اطالق دليل الخيار لصورة تلف العين مع انحفاظ وحدته مفهوما

ووجودا، فتدبره فإنه حقيق به.

(٢٨٤)

Page 288: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومنها: أن في المسألة تفصيلين متعاكسين:أحدهما: ما عن شيخنا األستاذ (قدس سره) في التعليقة (١) على الكتاب من جواز

االتالفتكليفا، والمنع عن التصرف المعاملي وضعا.

وثانيهما: ما حكاه في المتن عن المحقق صاحب المقابيس (قدس سره) (٢) من جوازالتصرف المعاملي وضعا، والمنع عن االتالف تكليفا.

أما التفصيل األول: فمبني على أن الفسخ الحقيقي يقتضي رجوع العين بنفسها،وفرض نفوذ التصرف المعاملي فرض عدم امكان رجوعها بنفسها، الستحالة كون

العين الواحدة ملكا للفاسخ وللمشتري من المفسوخ عليه، فانفاذ التصرف معاستحقاق االسترداد الملكي متنافيان، ومع ثبوت أحد المتنافيين يستحيل تحقق

اآلخر.وأما جواز االتالف تكليفا فهو خال عن محذور االستحالة، بل غايته رجوع العين

تالفة إلى الفاسخ فيرجع إلى بدلها.لكنك قد عرفت مما قدمناه أن حق الفسخ إن كان بالمعنى الوسيع المجامع مع

رجوع العين بشخصها، ومع رجوعها بطبيعتها النوعية وحيثية المالية فال فرق بينالتصرف واالتالف، ألن مقتضى الفسخ مع نفوذ التصرف رجوع العين بماليتها مثال،

وال يلزم منه اجتماع الملكين على عين واحدة كما هو واضح.وإن كان بالمعنى المقصور على رجوع العين الشخصية فاالتالف كالتصرف، فإنالتسليط على اعدام العين الشخصية التي هي متعلقة لحق الغير مناف للتسلط على

استرداد العين بشخصها أو ما ينتهي األمر إليه ولو لم يلزم محذور اجتماع الملكينفي صورة االتالف، إذ كما أن الزم اجتماع السلطنتين في التصرف انتهاء األمر إلى

اجتماع الملكين لشخصين في زمان واحد بالنسبة إلى عين واحدة، كذلك الزماجتماع السلطنتين في االتالف اجتماع الملك وعدمه في زمان واحد، ألن مقتضى

السلطنة على استرداد العين بشخصها تملكها باستردادها، وهو إنما يعقل مع--------------------

(١) حاشية اآلخوند ٢٦٠.(٢) مقابس األنوار ٢٠٠ سطر ٢٠.

(٢٨٥)

Page 289: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وجودها، فإن المعدوم ال يملك، فمقتضى نفوذ الفسخ مالكية الفاسخ للعين،ومقتضى اتالفها الجائز عدم مالكيته بعد الفسخ لفرض االتالف.

وليس مقتضى الفسخ مجرد إضافة العين إلى الفاسخ، ليقال إنه في صورة وجودهاتضاف إليه بإضافة الملكية، وفي صورة تلفها تضاف إليه بإضافة أنها تالفة منه، بلالالزم في حقيقة الفسخ عود تلك اإلضافة المنبعثة عن العقد، وهي إضافة الملكية،بل قد مر أنه ال إضافة بين الشخص والعين التالفة، وعلى فرض اعتبارها ال يوجب

الرجوع إلى البدل.وأما التفصيل الثاني: فمبني على انحالل العقد الثاني بحل العقد األول، فال يكون

التصرف مفوتا لحق الغير، بخالف االتالف فإنه مفوت محض لحق الغير، وتقريباالنحالل بوجهين:

أحدهما: أن صحة العقد الثاني ال مانع منها إال الفسخ، وحيث إن الفاسخ يتلقىالملك من المفسوخ عليه فال بد من انحالل العقد الثاني، وإال لم يكن الفسخ فسخا

حقيقة، فالعقد الثاني مترتب على العقد األول حدوثا وبقاء.وثانيهما: ما أشرنا إليه في مبحث خيار الغبن (١) من أن المشتري األول ليس له إالملكية متزلزلة، فنقلها إلى المشتري الثاني، وقيام الثاني مقام األول في إضافة الملكية

المتزلزلة يستدعي انحاللها بانحالل العقد األول قهرا، ولعله إليه يؤول ما هو ببالي منصاحب الجواهر (قدس سره) من أن الفرع ال يزيد على أصله، وألجله قوى االنحالل

في مبحثخيار الغبن (٢).

ويندفع التقريب األول: بأن ترتب العقد الثاني على العقد األول إن كان من حيثالصحة فهو صحيح حدوثا ال بقاء، ألن النفوذ والصحة ليس تدريجيا حتى يتفرع تأثيرالعقد الثاني بقاء على تأثير العقد األول، فليس للنفوذ بقاء وارتفاع، بل عقد البيع فيحال حدوثه إذا كان مستحقا للشرائط يؤثر في الملكية المرسلة الغير المحدودة بحد

زماني، وكذا العقد الثاني، فإما ال نفوذ للثاني، وإما ال انحالل له.--------------------

(١) ح ٤، تعليقة ٢٠٧.(٢) جواهر الكالم ٢٣: ٤٨.

(٢٨٦)

Page 290: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وإن كان ترتب الثاني على األول من حيث االنحالل فاألمر بالعكس، ألن حلالعقد األول مقتضاه تلقي الملك من المشتري األول المفسوخ عليه، وهو فرع

الموضوع، فيتوقف ملك المشتري األول - حتى يتلقاه البائع منه بفسخه - على عودالملك من المشتري الثاني إلى المشتري األول، فكيف يكون عوده معلوال لعود

الملك من المشتري األول إلى البائع الفاسخ؟! وليس للبائع إال حق حل العقد األولدون الثاني ليكون حل األول مقدورا بالواسطة، فإما أن ال ينفذ العقد الثاني لكونهموجبا المتناع حل العقد األول، وإما ال انحالل للعقد الثاني لعدم تقوم حق الخيار

بعود شخص العين.وتوهم: أن المانع من صحة العقد الثاني ليس مجرد حق الخيار، فإن حق الخيار اليمنع عن الصحة، بل عن اللزوم قياسا بحق الشفعة وحق الجناية، فإنهما ال يمنعان

عن صحة التصرفات.مدفوع: ببطالن القياس، فإن حق الشفعة حق تملك حصة الشريك ببذل مثل الثمنوإن تواردت عليه عقود، ال حق التملك من خصوص المشتري األول، وكذا حق

الجناية حق استرقاق الجاني ال من خصوص مواله األول، بخالف حق الخيار فإنمقتضاه تلقي الفاسخ الملك من خصوص طرف المعاوضة، ويستحيل ذلك إال مع

بقائه على ملكه أو عوده إليه، والثاني بال موجب، واألول يقتضي عدم نفوذالتصرف، فال بد لمن يلتزم بصحة التصرف وبقاء الحق من التوسعة بما قدمناه، ال

االلتزام بالصحة واالنحالل المحال.ويندفع التقريب الثاني: بأن المراد من العقد المتزلزل ما كان فيه حق الخيار والملكيةالمعقود عليها متزلزلة بسببه، وكما أن العقد ال يخرج عن التزلزل إال بعد سقوط حق

الخيار بوجه، كذلك الملكية العنوانية المقومة للعقد في أفق القرار المعامليالمعنوي، وأما الملكية الحقيقية التي هي مطابق العنوان المزبور فهي موصوفة به مادامت العين موجودة، ومع تلفها ال ملكية حقيقية، ألن المعدوم ال يملك مع بقاء

العقد بمقومه على التزلزل.

(٢٨٧)

Page 291: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأما مع نقل العين بتصرف معاملي فليس بابه باب نقل إضافة الملكية، حتىيتوهم أنه لم يكن للناقل إال إضافة متزلزلة، بل نقل العين من طرف اضافته إلى طرف

إضافة الغير، واإلضافة الحادثة إضافة جديدة ال توصف بالتزلزل إال مع كون العقدعليها موردا لحق خيار شرعا أو جعال، وعلى أي حال فهي إضافة جديدة حادثة

بعقد جديد، ألن المشتري الثاني يقوم مقام المشتري األول في اضافته التي كانتله، ولذا ال شبهة في أن البائع إذا كان له ملك مستقر له أن يبيع ببيع خياري أو هبة

جائزة، فلو كان البيع أو الهبة جعل الشخص قائما مقامه في اضافته وأنه من باب نقلاضافته لم يكن له إال إضافة مستقرة.

نعم هذا شأن اإلرث فإن مقتضى دليله قيام الوارث مقام مورثه فيما له من ملك أوحق، ولذا ال شبهة أن لذي الخيار حل العقد واسترجاع شخص العين التي هي بيد

الوارث.ومما ذكرنا تبين أنه ال فرق فيما نحن فيه بين التصرف الالزم والجائز، فإنه على

الفرض ال حق للبائع الفاسخ إال في العقد األول، فليس أمر العقد الثاني بيده، وكما الوالية على العقد الثاني كذلك ال والية وال سلطنة على المشتري المفسوخ عليه حتى

يلزمه بفسخ العقد الثاني، وإنما له السلطنة على حل العقد األول فقط، والمفروضامتناع أعماله بحيث يرجع إليه شخص العين لتوقفه على ما ال سلطنة له عليه.

نعم ربما يتوهم كما قدمناه (١) أنه عند االتالف الحقيقي والحكمي يقدر العينموجودة في عهدة المشتري، ومن آثار العهدة جواز مطالبة شخص ما في العهدة مع

امكان أدائه كما ذكروه في قاعدة اليد الموجبة لدخول العين في العهدة، فمعالمطالبة وكون الناقل عقد جائزا له الزام الناقل بفسخ عقده وارجاع شخص العين

التي دخلت في عهدته بسبب تصرفه، بل ربما زيد على ذلك بجواز االلزام فيالمالزم أيضا إذا أمكنه االستقالة أو االشتراء.

--------------------(١) في نفس التعليقة، عند قوله (ومن الوجوه: ما عن بعض األجلة...).

(٢٨٨)

Page 292: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ويندفع هذا التوهم أوال: بما مر منا من أن تقدير وجود العين عند المفسوخ عليهغير تقدير وجوده في عهدته، فإنه تضمين ابتدائي بال موجب.

وثانيا: أن العهدة تارة حقيقية، وأخرى تقديرية فرضية، واألولى كما في موردوضع اليد على مال الغير يترتب عليها جميع آثار العهدة، والثانية كما في ما نحن فيه،فإنه ال عهدة حقيقة هنا، بل يقدر لترتيب أثر الرجوع إلى البدل المسلم عند الكل في

حال تلف العين حقيقة، وأما تقديره ألثر آخر غير مسلم فيحتاج إلى الدليل، فإنالتقدير كما مر ليس من مقتضيات الفسخ، بل يحتاج إلى مؤونة زائدة ثبوتا واثباتا.

وثالثا: أن عود العين إلى المشتري باالستقالة والتفاسخ وإن كان بالعناية عودالملكية الحاصلة بالعقد الثاني فكأن ملكية المشتري باقية، إال أن عودها باالشتراء

ليس من العود في شئ حتى بالعناية والمسامحة، بل ملكية جديدة حاصلة بعقدثالث، فحال المشتري هنا حال غيره من األجانب، فال مجال لتوهم أن الفسخ

يقتضي اإلعادة حتى باالشتراء، فتدبره فإنه حقيق به.ومنها: أنه بناء على انحالل العقد الثاني بانحالل العقد األول كما يراه

صاحب المقابيس (قدس سره) فهل ينحل العقد الثاني من حين انشاء الفسخ أو منأصله؟

والظاهر من صاحب المقابيس (قدس سره) (١) هو الثاني كما حكاه المصنف (قدسسره)، وقد مر منا

بعض الكالم في مبحث خيار الغبن (٢)، وقد عرفت هناك أن المالزمة بين االنحاللينتحقيقا لتلقي الفاسخ الملك من المفسوخ عليه مما ال بد منه على كال الوجهين، فإنهإذا كان الفسخ من الحين كان الفاسخ متلقيا أيضا من المفسوخ عليه دون المشتري

الثاني.وتوهم لزوم توقيت البيع والملكية من كون الفسخ من الحين الزم كل فسخ من

الحين، فال فارق بين الفسخ في المقام وغيره، والمظنون بصاحب المقابيس (قدسسره) أن

مراده من لزوم االنفساخ من األصل هنا - بدعوى لزوم تلقي البائع الملك منالمشتري ال ممن اشترى منه - هو أن فسخ العقد األول من حين انشاء الفسخ ال

--------------------(١) مقابس األنوار ٢٠٠ سطر ٢١.

(٢) ح ٤، تعليقة ٢٠٧.

(٢٨٩)

Page 293: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يمكن، إذ ال ملك للمشتري حين الفسخ وحل العقد الثاني فعال ليتحقق موضوعالملك للمشتري األول فرع (١) كونه ذا حق في العقد الثاني، والمفروض عدمه.

بخالف ما إذا كان الفسخ من األصل فإن ما قبل تحقق العقد الثاني ظرف ملكالمشتري األول ووعاؤه، فإذا أنشأ الفسخ بلحاظ ذلك الزمان فقد تملك مال المشترياألول من األول، والزم هذا االعتبار انحالل كل عقد وارد على المفروض كونه ملكاللبائع، فهو يقول بأن انحالل العقد األول يستلزم انحالل العقد الثاني قهرا، ال أن حل

األول متوقف على حل الثاني.وأما حديث توقيت البيع الثاني فهو بالنظر إلى دفع توهم امكان حل العقد األول

من دون حاجة إلى حل الثاني، وال استلزام انحالل األول النحالل الثاني بكون صحةالعقد الثاني مؤقتة إلى حين انشاء الفسخ، فإنه على الفرض يكون المبيع حينئذ ملكا

للمشتري األول، فال مانع من تلقي الملك منه فعال، فلذا أجاب عنه بقوله (رحمه الله)(وال يمكن توقيت البيع... الخ) (٢).

ومنه يظهر اندفاع جميع ما أورد عليه، وأوردناه عليه هنا وسابقا، نعم الذي يردعليه أن دليل حق الخيار ونفوذ انشاء فسخه للعقد ال يفي بذلك، فإن مقتضى سببية

انشاء الفسخ كما في كل سبب ومسبب تأثيره فيه مقارنا له، ال تأثير المتأخر فيالمتقدم، والكشف االنقالبي في الفسخ كما يقال به في اإلجازة، وإنما يصح ذلك مع

دليل خاص حتى يتكلف له بأحد الوجهين.ومما ذكرنا في توضيح مرامه (زيد في علو مقامه) يندفع عنه أيضا ما أورده

المصنف العالمة (رفع الله مقامه) من النقض بالتلف قبل القبض، فإنه ال شبهة فيانفساخ العقد مع عدم انفساخ العقد الوارد على الثمن المقبوض، وجه االندفاع أن

فرض ورود التصرف بعد رجوع المال إلى مالكه األول يوجب انحالل التصرف، الأن انحالل العقد األول يوجب االنحالل في العقد الثاني كلية، ومسألة التصرف الوارد

على الثمن مفروضة قبل التلف، فاالنحالل واالنفساخ وارد على التصرف، ال أن--------------------

(١) ال يخفى ما في العبارة.(٢) مقابس األنوار ٢٠٠ سطر ٢٣.

(٢٩٠)

Page 294: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التصرف وارد على االنحالل ولو باالعتبار كما فرضناه في تصحيح كالمه وتنقيحمرامه.

ومنها: أن ما ذكرناه من جواز اتالف العين فإنما هو من حيث عدم مانعية حقالخيار، وإال فربما يوجد جهة أخرى مقتضية لوجوب ابقاء العين، كما ربما يدعى في

البيع بشرط الخيار برد مثل الثمن.توضيحه: أن البيع بشرط الخيار برد مثل الثمن غالبا يقع ألحد غرضين، إما أن

المبيع ال مشتري له بقيمته السوقية، والحاجة تضطره إلى بيعه بأقل من القيمة بشرطالخيار تحفظا على مالية المبيع، ومثل هذا الفرض ال يوجب إال التحفظ على مالية

عينه بالخيار، فال ينافي التصرف الموجب لالنتقال إلى بدله الواقعي، وإما أنه لهغرض شخصي في التحفظ على شخص عينه بحيث إذا بذل له قيمتها السوقية لم

يبعها، ومثل هذا الغرض يقتضي التحفظ على خصوص عينه، إال أن الغرضالخارجي ال أثر له ما لم يكن غرضا عقديا واقعا موقع االلتزام.

نعم ربما يكون هناك قرينة نوعية أو شخصية على هذا البناء فيقع العقد مبنياعليه، فيكون شرطا ضمنيا يعامل معه معاملة الشرط الصريح، ويؤول حينئذ شرطالخيار في مثله إلى شرطين، شرط استحقاق االسترداد، وشرط ابقاء العين، ال أنه

يؤول إلى تضيق دائرة شرط الخيار، بحيث يستحق شرط استرداد العين بشخصها،فإنه وإن كان مانعا عن التصرف واالتالف أيضا إال أنه يوجب انتفاء الحق المزبور

بتلف العين كما مر، مع أن الخيار باق هنا كسائر الخيارات في موارد أخر.وحينئذ فيمتاز شرط الخيار برد مثل الثمن عن سائر الخيارات بما ذكرنا من أوله

إلى شرطين بقرينة المقام، إال أن شرط االبقاء ال يقتضي إال حرمة االتالف والتصرفتكليفا، ال عدم نفوذ التصرف، لما مر غير مرة من أن الحرمة المولوية ال تنافي نفوذ

التصرف، وال توجب انتفاء السلطنة الوضعية، وأما انتفاء السلطنة التكليفية فليسمقتضاه إال تبدل جواز التصرف تكليفا بحرمته تكليفا.

وأما ارجاع شرط ابقاء العين إلى شرط عدم السلطنة على التصرفات الناقلة، فإن

(٢٩١)

Page 295: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أريد منه شرط عدم السلطنة التكليفية فمرجعه إلى شرط عدم الحكم الذي أمره بيدالشارع، فيكون شرط أمر غير مقدور مع كونه مخالفا للكتاب والسنة، وإن أريد شرط

عدم السلطنة الوضعية فهو أيضا كذلك، ألن نفوذ السبب وعدمه شرعا تابعانالستجماع السبب وشرائط تأثيره وعدمه، فال يتغير بالشرط، وإن أريد شرط عدمالسلطنة االعتبارية المعبر عنها بالحق المقابل للملك فمن الواضح أن المشتري ال

يتحقق له باالشتراء إال ملك المال فقط، ال ملك وحق حتى يشترط عليه عدم الحق،فتدبر جيدا.

نعم التخلف عن شرط االبقاء هو بنفسه يوجب الخيار، فللبائع حينئذ خياران،أحدهما الخيار المعلق أو المقيد برد الثمن، وثانيهما الخيار الفعلي الناشئ عن

التخلف عن الشرط باتالف أو تصرف، فله حينئذ أعمال الخيار الثاني قبل حصولالمعلق عليه الخيار األول، كما أنه له اسقاطه، لكنه إن أسقط الخيار األول قبل التلف

فال موقع للشرط حتى يكون له تخلف موجب للخيار.بل يمكن االشكال في بقاء الخيار الثاني إذا أسقط الخيار األول بعد التلف أيضا،

ألن خيار التخلف من ناحية الضرر، وهو نقض الغرض الذي قام بحفظه باشتراطه،ومع اسقاط الخيار األول ال يلزم نقض غرض معاملي من تخلف الشرط حتى يثبت

الخيار، نعم إذا كان دليله االجماع وقد فرض تحقق موجبه وهو التخلف عن الشرطفاسقاط الخيار المشترط ال ربط له بالخيار المنبعث عن التخلف عن الشرط، فتدبر.

ومنها: أنه بناء على المنع من التصرفات تكليفا ووضعا فهل يمتاز الزمان الذييكون حق الخيار فيه فعليا كخياري المجلس والحيوان عن الزمان الذي ليس فيه

الخيار فعليا كخيار الغبن والرؤية وخيار التأخير والخيار المشترط في زمان منفصلعن العقد - بناء على كون ظهور الغبن والرؤية على الخالف سببا ال كاشفا - أو ال

فرقبين فعلية الخيار وعدمها؟

والظاهر في بدو النظر أن الحق هو المانع عن التصرف، ومع عدم فعليته يؤثرالمقتضي أثره، والعلم بالمانع المتأخر ال أثر له، ألن المانعية شأن ذات المانع

(٢٩٢)

Page 296: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المتأخر، والعلم به علم بما ال مانعية له فعال وال مانعية للعلم، فالتفصيل بين شرطالخيار في الغد وبين غيره للعلم بمجئ الغد دون ظهور الغبن والرؤية على الخالف

ونحوهما كما عن المصنف (قدس سره) بال وجه ظاهرا.ويمكن أن يقال: بناء على ثبوت الخيار على أي حال وأنه لمكان ثبوته على أيتقدير ال مجال النفاذ التصرف وتجويز االتالف، وأنه ينتقل بسببه إلى البدل مع

التلف القهري، أن األمر هنا دائر بين أمور ثالثة، إما انفاذ التصرف بقول مطلق، بحيثال يبقى مجال ألعمال الخيار فيما بعد، وإما عدم انفاذه بقول مطلق حتى يتمكن ذو

الخيار في ظرفه من أعماله، وإما انفاذ التصرف إلى زمان تحقق الخيار.ال مجال للثالث، ألن الصحة غير قابلة للتوقيت، وال يقاس باللزوم والجواز حيث

يمكن انقالب الجائر الزما والالزم جائزا، والثاني هو المطلوب، واألول خلف، إذالمفروض أن حق أعمال الخيار في ظرفه ثابت، والمفروض أن اعطاء السلطنة علىالتصرف ال يجامع السلطنة على الرد واالسترداد، وال فرق في منافاة السلطنتين بين

أن يكون بدو حدوثهما واحدا أو متعددا، فإن تأخر الخيار إنما يجدي لنفوذ التصرففي إحدى صورتين، إما قبول الصحة للتوقيت، أو سقوط المتأخر بمالحظة سبق

المتقدم، وحيث إن المفروض ثبوته في ظرفه وعدم سقوطه بسبق التصرف فالمحالة ال يجامع المتأخر مع المتقدم في الوجود، والمفروض أن االنتقال إلى البدل

عند القائل بمنع التصرفات مختص بالتلف القهري، وأنه ال يسوغ التصرف والاالتالف.

وعليه فالترخيص وضعا وتكليفا في التصرف واالتالف فعال مع التسليط المحققفيما بعد على رد العين واستردادها بشخصها ال يجتمعان، ال أن معرضية العين

لورود حق عليها مانعة ليطالب بدليلها، وال أن العلم به مانع ليقال بأنه خلف، فتدبرجيدا.

ومنها: في حكم الوطئ الذي هو في معرض االستيالد تكليفا، وحكم نفساالستيالد وضعا فنقول:

(٢٩٣)

Page 297: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أما بناء على سعة دائرة حق الخيار وعدم المنع مطلقا فال شبهة في جواز الوطئتكليفا وتأثير االستيالد أثره لفرض عدم المنافاة، وأما بناء على قصر الخيار علىاسترداد العين بشخصها فالكالم يقع تارة في حكم نفس االستيالد، وأخرى في

الوطئ الذي هو في معرض االستيالد فهنا مقامان:أحدهما: في حكم االستيالد في مورد الخيار، وهو أيضا يقع الكالم فيه تارة من

حيث تأثير االستيالد في المنع من مطلق النقل واالنتقال ولو قهرا، وأخرى من حيثاقتضائه ثبوت حق ألم الولد بحيث يقتضي انعتاقها بموت مالكها.

أما الكالم من الحيثية األولى فمختصر القول فيها: أن االستيالد مقتض للمنع عنالنقل عن مالكها إلى غيره تكليفا ووضعا، والعقد الخياري مقتض للسلطنة علىاستردادها بشخصها وبعينها، فالمسألة من باب تزاحم المقتضيين، ال من باب

التعارض المبني على أن المقتضي موجود في أحد الطرفين، والشاهد على ذلكثبوت المنع عن النقل مع اسقاط الخيار أو شرط سقوطه، وثبوت الخيار مع موت

الولد مثال بعد العقد عليها، وعلى هذا فال بد في الحكم بفعلية المقتضي في أحدهمامن احراز اقوائية سببه ومقتضيه من سبب اآلخر ومقتضيه.

وما يقال من أهمية االنعتاق في نظر الشارع لو صح لصح عتقها اختيارا مع خيارالبائع، ألن الملكية مقتضية للسلطنة على العتق المفروض أنه أهم في نظر الشارع

من استرداد العين بالخيار.ولم يثبت أهمية االنعتاق إال في مسألة السراية وانعتاق بعضها، فإنه ينعتق الباقي

على مالكه قهرا عليه، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل، كما أن التنزل إلى البدل مععدم امكان أعمال الخيار في استرداد العين ال يوجب تقديم جانب االستيالد، إذالمفروض بناء الكالم على القول بالمنع من مطلق التصرفات وضعا وتكليفا لقصرحق الخيار على استرداد العين بشخصها وبعينها، وإنما يتنزل إلى البدل مع فوات

محل الخيار، وفواته هنا فرع تأثير االستيالد، فكيف يجعل امكان التنزل إلى البدلموجبا لتقديم جانب االستيالد المتوقف تأثيره على عدم مانعية حق الخيار؟! إال أن

(٢٩٤)

Page 298: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الذي يهون الخطب أمران:أحدهما: أن المسلم في باب االستيالد المنع عن النقل اختيارا دون مطلق

االنتقال ولو قهرا على مالكها.ثانيهما: أن حق الخيار غير مقصور على استرداد العين بشخصها كما مر مفصال،

فاالشكال إنما هو بناء على القول بمانعية االستيالد مطلقا وقصر الخيار على استردادالعين بشخصها، وعليه فمع عدم احراز اقوائية أحد السببين يحكم ببقاء الخيار

المتيقن ثبوته قبل االستيالد، فتدبر.وأما الكالم في الحيثية الثانية فنقول: تارة يعبر عنه بحق أم الولد لالنعتاق من

نصيب ولدها، وأخرى يعبر عنه بحقها على مالكها بعدم االنتقال من ملكه إلى غيره،فتكون المسألة من تزاحم الحقين، حق الخيار وحق أم الولد، فال بد من تقديم أسبق

السببين أو أقوى الحقين، ويقال في اقوائية حقها ما تقدم من الوجهين.ومقتضى التأمل عدم ثبوت حق لها أصال، إذ ليس انعتاقها من نصيب ولدها إال

الحكم شرعا بانعتاقها من نصيب ولدها، نظير انعتاق العمودين على الولد، ال أنهناك مقولة الحق الذي له آثار مخصوصة، من سقوطه باالسقاط، وقبوله للمصالحةعليه، وانتقاله باإلرث، ومع عدم ترتب شئ من آثار الحق ال معنى العتباره، ومجرد

تعبير الفقيه عن الحكم الشرعي الوضعي بالحق ال يجعله حقا في قبال الحكم،وأوضح منه حق المنع عن االنتقال عن ملك مالكها مع أنه ليس هناك إال المنع وضعا

عن النقل االختياري، أو عن مطلق االنتقال.ثانيهما: في حكم الوطئ الذي هو في معرض االستيالد، أما بناء على عدم مانعية

االستيالد فواضح، حيث إنه ال يفوت الحق حتى يحرم، وأما بناء على المانعيةفالعرضية بما هي ال أثر لها، وإنما األثر لنفس االستيالد، والشبهة في حرمة الوطئواقعا من حيث كونه مؤديا إلى االستيالد أو ال وإن كانت موضوعية، والبراءة فيها

مسلمة، إال أنه حيث إنه تصرف في متعلق حق الغير فال بد من احراز أنه غير مناف لهوال مفوت لمحله ولو باألصل فنقول:

(٢٩٥)

Page 299: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ال حكم للوطئ بما هو وطئ، ولذا ال شبهة في جوازه مع العزل، وإنما الحكملاليالد واالستيالد، وإنما يحرم القاء النطفة المتولد منه االيالد واالستيالد باعتبار

حرمة الفعل المتولد منه، وأصالة عدم تحقق االيالد بالقاء النطفة كأصالة عدم تحققاالحراق المحرم بااللقاء في النار عند الشك في تولده منه، وال حاجة إلى اثبات أنه

ال يتولد منه بطور العدم الرابط.ومنها: أنه هل يجوز إجارة العين في زمان الخيار؟ والوجه في التكلم فيه بعد

الفراغ عن حكم التصرف كلية أن مورد حق الخيار هي العين ابتداء أو باآلخرة،واإلجارة تمليك المنفعة فليست هي من التصرفات الناقلة للعين حتى يلزم من

نفوذها فوات مورد الحق، والكالم تارة في منافاة التصرف اإلجاري ولو من حيثالالزم لحق الخيار، وأخرى في أن عقد اإلجارة ينفسخ بفسخ عقد البيع لخصوصيةفي اإلجازة أم ال؟ وثالثة في أن اإلجارة إذا كانت صحيحة الزمة فهل يجب تداركالمنفعة المستوفاة باإلجارة من حين فسخ البيع بوجه من وجوه التدارك أم ال؟ فهنا

مقامات من الكالم:[المقام] األول: في صحة اإلجارة وعدمها، وغاية ما يمكن أن يقال في تقريب

بطالنها: أن اإلجارة وإن لم تكن منافية بالذات لحق الخيار فإن حق استرداد العينملكا بشخصها ال ينافي السلطنة على استيفاء منافعها بعد الفسخ، وال من حين عقداإلجارة، إال أن الزم حق الخيار هو حق استرداد العين خارجا لكونها ملكا للفاسخ

بفسخ البيع، والزم اإلجارة السلطنة على امساك العين الستيفاء المنافع المملوكةباإلجارة، والسلطنة على امساك العين خارجا والسلطنة على مطالبتها متنافيتان

بالذات، فحق الخيار مع نفوذ اإلجارة متنافيان بالتبع.والجواب: أن السلطنة على مطالبة العين ليست من لوازم حق الخيار ومقتضياته،بل من لوازم ملك العين بدليل (الناس مسلطون على أموالهم)، ومن الواضح أن

السلطنة على مطالبة الملك إنما تكون إذا لم تكن العين متعلق حق الغير بسبب نافذكما في المقام، حيث إن اإلجارة إذا لم تكن منافية لحق الخيار بالذات وال بالتبع فال

(٢٩٦)

Page 300: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

محالة تنفذ فال تصل النوبة إلى السلطنة على مطالبة الملك الذي هو متعلق حقالغير، فالسلطنة على مطالبة الملك متوقفة على عدم كونه متعلق حق الغير، فكيف

يمكن اثباتها بمنافاة السلطنة على امساك العين الستيفاء المنافع المملوكة؟!وأما ما أفاده المصنف (قدس سره) في وجه صحة اإلجارة من االستناد إلى الملك فهو

استناد إلى الجهة المشتركة بين التصرفات المنافية وغيرها، بل الالزم االستناد إلىعدم المانع وعدم المنافاة كما ذكرنا، كما أن ما ذكره (قدس سره) في وجه المنع من

ابطال هذاالتصرف لتسلط الفاسخ على أخذ العين مدفوع بأن هذه السلطنة ليست من شؤون

الخيار، بل من شؤون الملك، فليس للفاسخ - بما هو فاسخ - التسلط على أخذ العينبل بما هو مالك، فتدبر.

المقام الثاني: في انفساخ عقد اإلجارة بفسخ البيع وعدمه، وقد تقدم (١) بعضالوجوه في انفساخ العقد الثاني بفسخ العقد األول، كما تقدم فساد جميع تلك

الوجوه، نعم هنا وجه آخر ربما يتوهم أنه مختص بعقد اإلجارة، وهو أن العين غيرقابلة للتوقيت وكذا الملكية المتعلقة بها، بخالف المنفعة فإنها قابلة للتوقيت

والتحديد بالزمان، وهذا التوقيت تارة يكون باقتضاء عقد اإلجارة كما هو المتعارففي باب اإلجارة من تحديد المنافع بمدة مخصوصة، وأخرى باقتضاء أمر خارج كماإذا تلفت العين في بعض األزمنة، فإنه ينفسخ عقد اإلجارة باإلضافة إلى ذلك الزمان،

حيث ال منفعة واقعا، فال ملك للمؤجر واقعا، فكذا هنا حيث ال ملك للمؤجرالمفسوخ عليه واقعا النتقال العين بشؤونها وحيثياتها إلى الفاسخ في ذلك الزمان.ويندفع هذا التوهم: بالفرق بين تلف العين - فإنه ال منفعة فال ملكية، ألن المعدوم

ال يملك - وبين ما نحن فيه، فإن عدم نفوذ اإلجارة فيما بعد الفسخ أو انفساخها فيهإما لعدم المقتضي، وإما لوجود المانع، والمفروض أن المشتري مالك للعين بمالهامن المنافع ملكية مرسلة ال مؤقتة، وال مانع من بقائها إال فسخ البيع، وليس مقتضىفسخ البيع إال عود مورده إليه بماله من الحيثيات، فإذا كانت إحدى حيثياتها تالفة

--------------------(١) في نفس التعليقة، عند قوله (وأما التفصيل الثاني..).

(٢٩٧)

Page 301: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عقال أو شرعا فال عود لها، والمنفعة المستوفاة باإلجارة الصحيحة على الفرضبمنزلة التالفة، والمفروض أنه ال حق للمؤجر على المستأجر وال للفاسخ عليه فال

موجب النفساخ عقد اإلجارة، كما ال موجب لبطالنها، فمجرد قبول المنفعة للتوقيتال يقتضي فعلية التوقيت، ال من حيث الصحة، وال من حيث اللزوم.

المقام الثالث: في تدارك المنافع المستوفاة باإلجارة من حين الفسخ فنقول: أماالتدارك بأجرة المسمى فهو بال موجب، لفرض كون المؤجر مالكا ال فضوليا، وأما

التدارك بأجرة المثل فمورده ما إذا كان العقد فاسدا وإن كان العاقد مالكا، وحيث إنمال المسلم المستوفى محترم ال يذهب هدرا فال بد من تداركه بماليته، وهي أجرة

مثله هنا، والمفروض صحة العقد.وأما التدارك باقتضاء الفسخ فهو موجه وتقريبه: أنه بناء على انفساخ البيع من

حين الفسخ ال من األصل ال بد من عود العين بجميع ما لها من الحيثيات والشؤونحال الفسخ، ألنها دخلت في ملكه كذلك، فإذا كانت العين تالفة رجعت إلى الفاسخبماليتها، وإذا تلف جزؤها لزم عود الجزء بماليته، وإذا تلف وصفها لزم تداركه حتىيصح عود العين بما لها من الوصف لفرض تداركه، وإذا تلف حيثية منفعتها بمتلف

شرعي ال ينقلب عما هو عليه، فال بد من تداركها حتى يصح عودها بالفسخ بما لهامن شؤونها.

وأما منافعها السابقة على الفسخ فليست هي من شؤونها حال الفسخ حتى يتوهمتداركها، بمعنى أنه يمكن فرض وجود العين حال الفسخ وفرض تلفها، ويمكن

فرض وجود جزئها وفرض تلفه، ويمكن فرض وجود وصفها وفرض تلفه، فيجبالعود في فرض بعينه وفي فرض بماليته، وال يمكن فرض وجود المنافع السابقة حال

الفسخ حتى يجب تداركها بتلفها حال الفسخ، بخالف المنافع بعد الفسخ فإنه يمكنفرض وجودها، ويمكن فرض تلفها، فتعود بعينها تارة وبماليتها أخرى، فتدبر جيدا.

ومنها: أن التصرف المأذون فيه من ذي الخيار أو نفس اإلذن فيه هل يوجبسقوط الخيار أم ال؟ فنقول:

(٢٩٨)

Page 302: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أما اإلذن في التصرف المنافي بما هو إذن ولو قبل تعقبه بالتصرف فكونه مسقطامبني على أن يكون رضا متجددا ببقاء العقد، فال خيار لزوال مالكه، وهو االرفاق بذي

الخيار، ومع رضاه المتجدد ال مورد لالرفاق، أو أن الخيار متقوم بالفسخ واالقراروااللتزام بالعقد واإلذن في التصرف التزام بالعقد، ومع استيفاء الحق بأعمال أحد

طرفيه ال يبقى الحق، أو أن اإلذن انشاء السقاط الحق.والكل ممنوع، إذ ليس اإلذن إال ترخيصا في التصرف، والرضا بالتصرف ليس

رضا ببقاء العقد، لعدم المنافاة بين التصرف وبقاء الحق بمرتبة منه، حتى يكون اإلذنفي التصرف رضا ببقاء العقد الذي به يرتفع مالك الخيار، ومنه تعرف أن مجرد

الترخيص في التصرف ليس التزاما بالعقد ال انشاء وال عمال.وأضعف منهما دعوى انشاء اسقاط الحق باإلذن، فإنه وإن كان االنشاء خفيف

المؤونة يحصل بكل قول أو فعل، إال أنه ال دال على قصد االنشاء بما كان بطبعهترخيصا محضا في التصرف، نعم داللة اإلذن على الترخيص في تفويت محل الحق

فيكون راضيا بسقوط حقه وباستقرار العقد أمر آخر يدور مدار كون التصرف مفوتالمحل الحق أم ال، وستعرف إن شاء الله تعالى الكالم فيه.

وأما نفس التصرف المأذون فيه فقد نص المصنف (قدس سره) على أنه تفويت لمحلالحق فيسقط الحق المتقوم بمحله.

والتحقيق: أن حق الخيار إن كان موضوعه وسيعا ال يتقوم بالعين بشخصها أوبنفسها فالتصرف ليس تفويتا لمحل الحق أصال ولو لمرتبة منه، وإن كان موضوعه

العين بشخصها وبنفسها فليس تفويته تفويتا لمحل الحق بقول مطلق، لوضوح أنه معتلف العين له حق الفسخ والرجوع إلى بدله، فغاية ما يقتضيه التصرف تفويت محلالفسخ الحقيقي االبتدائي، ال تفويت محل الحق بجميع مراتبه، والفرق بين القسمين

أن تفويت هذه المرتبة المتقومة بوجود العين حرام، وباإلذن يحل، دون ما إذا لميتقوم بوجودها بعينها، فإنه ال تفويت حتى يحرم أو يحل باإلذن.

ومنه يتضح الفرق بينه وبين حق الرهانة، فإن حق الرهانة له مرتبة واحدة لكونها

(٢٩٩)

Page 303: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وثيقة، ومع اإلذن في التصرف ولحوق التصرف له ال تبقى وثيقة للمرتهن الدائن،بخالف الخيار كما عرفت.

وأما ما عن المصنف (قدس سره) من أن الرجوع إلى البدل فرع تلف العين في حالحلول

الحق فيه ال مع سقوطه عنه فهو مندفع بما عرفت، من أن سقوط الحق بمرتبة اليالزم سقوطه بجميع مراتبه، ولذا لو أتلف العين لم يسقط حق الرجوع إلى البدل، وال

فرق إال بحرمة االتالف تارة، وإباحته أخرى، ال أن بقاء الحق بمراتبه منوط ببقائهبمرتبته العليا.

وأما االيراد عليه (قدس سره) كما عن بعض أجلة المحشين (رحمه الله) (١) بمامحصله: من أن التلف

حال حلول الحق ال حال سقوطه، نظرا إلى أن التلف علة لسقوط الحق، فسقوطالحق بعد التلف.

فمدفوع: بأن مقتضى العلية التامة مقارنة المعلول لتمامية العلة ال تأخره عنها،فسقوط الحق مقارن للتلف، وال يقارنه حلول الحق حينئذ، ألن المتقابلين ال

يجتمعان في زمان واحد.نعم الذي يرد عليه (قدس سره) أن حلول الحق الذي يعتبر حال التلف ليرجع إلى بدله

ليس كونه مقارنا لتحقق التلف، فإنه بهذا المعنى مستحيل في جميع موارد التلفواالتالف، الستحالة ملكية التالف أو حقيته، بل بمعنى ورود التلف واالتالف علىمورد الملكية أو الحقية حال اتصافه بكونه ملكا أو حقا ليكون التلف مزيال لمحله،

والحالية بهذا المعنى محفوظة هنا، بداهة عدم المزيل له إال التلف على الفرض.وأما كونه اتالفا باإلذن فقد عرفت أنه ال يجدي إال في جوازه وحليته، ال في

سقوطه مع عدم اسقاط الحق به، وال مع عدم قصد اإلذن في اسقاطه بجميع مراتبه،فتدبر جيدا.

وأما الفرق بين الرضا بتصرف نفسه والرضا بتصرف غيره، حيث إن األول يعدإجازة للعقد دون الثاني، فلعله ألن تصرف نفسه عن رضاه التزام عملي بالعقد، ألنه

--------------------(١) حاشية اليزدي ٢: ١٦٥ سطر ٢٧.

(٣٠٠)

Page 304: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

معاملة مع المال معاملة سائر أمالكه المستقرة، فهو يتجاوز عن حقه، وبان عمال علىالتصرف فيه كالتصرف في سائر أمواله، بخالف الثاني فإنه ليس تصرفا منه في ملكه

كي يكون التزاما عمليا بالعقد، بل هو من قبيل رفع المانع تكليفا أو وضعا عن تصرفالغير فيما يملكه، فإن كان الحق ذا مرتبة واحدة كان رفع المانع رفع الحق الوحداني،وإن كان ذا مراتب فرفع بعض مراتبه ليس دليال على رفع الحق بجميع مراتبه، فتدبر.

ثم إن هذا كله من حيث طبع اإلذن والترخيص في التصرف المنافي، وربمايحصل بقرائن المقام كاشف عن رضاه المتجدد ببقاء العقد والتجاوز عن حقه

بالكلية، كما ال يبعد أن يكون كذلك عرفا، والله أعلم.توقف الملك على انقضاء الخيار وعدمه

- قوله (قدس سره): (مأخذه أن الناقل هو العقد... الخ) (١).الوجه األول ناظر إلى أن غاية الخيار والعلة المقتضية لجعله ال تنافي ثبوت

الملك، ألن استدراك ما فاته في أمر العقد بالسلطنة على استرداد الملك ممكن،والوجه الثاني ناظر إلى أن غاية الملك منافية العتباره مع الخيار المانع من التصرف،فإن الغاية المترقبة من اعتبار الملكية التمكن من التصرف، ومع عدم نفوذ التصرفيلغو اعتبار الملكية، فالوجه األول يرجع إلى عدم المانع من الملكية، والوجه الثاني

يرجع إلى عدم المقتضي العتبار الملكية.- قوله (قدس سره): (لعموم أدلة حل البيع وأكل المال... الخ) (٢).

توضيحه: أن المراد من البيع إما هو البيع االنشائي أي البيع في مقام السبب، أوالبيع بالحمل الشائع والتمليك الحقيقي، واألول يوصف بالنفوذ وعدمه، والثاني

بالوجود والعدم فقط، والمراد من الحل أما هي الحلية التكليفية، أو الحلية الجامعةبين التكليف والوضع.

--------------------(١) كتاب المكاسب ٢٩٨ سطر ١٦.(٢) كتاب المكاسب ٢٩٩ سطر ١٣.

(٣٠١)

Page 305: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فإن أريد البيع االنشائي والحلية التكليفية فحيث إنه ال موهم لحرمته شرعا فال بدمن إرادة الحلية باإلضافة إلى التصرفات المترتبة على البيع، وإباحة التصرفات بما

هي وإن لم تستلزم الملكية من أول األمر إال أن إباحة التصرفات المترتبة علىالمعاملة بما هي كذلك تدل بااللتزام على سببية المعاملة للملكية، لرجوعها إلى

إباحة األكل بهذا السبب.وإن أريد البيع االنشائي والحلية المساوقة للنفوذ فاألمر أوضح، فاآلية على الثانيتدل على صحة البيع بالمطابقة، وعلى األول بااللتزام، وحيث إن البيع المحكوم

بالحلية مطلق غير مقيد بانقضاء الخيار فال محالة تدل على ثبوت الملك من حينانعقاد البيع االنشائي.

وإن أريد من البيع ما هو بيع بالحمل الشائع فال معنى لنسبة الحلية المساوقةللنفوذ إليه، إذ هو من شؤون السبب دون المسبب، كما ال فائدة في إباحة التمليكالحقيقي في قبال الحرمة المولوية، فإن فرضه فرض حصول الملك بسببه، فال تدلعلى نفوذ العقد بما هو، فإن التمليك الحقيقي ال بد من انحفاظه في مرتبة اطالقه،

وانحفاظه بعد فرض حصول سببه التام، فال يعقل أن يكون له اطالق كالمي بالنسبةإلى خصوصيات سببه.

نعم ربما يتصور اطالق مقامي كما نبهنا عليه في محله (١)، فإن معنى (أحل اللهالبيع) هو أنه أقره مقره ولم يجعله كالعدم، ومرجعه إلى اعتبار الملكية بالمعاملة

البيعية شرعا كما هو كذلك عرفا، وحيث إنه لم يبين ولم يعين له محققا خاصا فكلمحقق له عرفا فهو محقق له شرعا، ال باطالق الكالم، بل باطالق المقام، وبقية الكالم

في محله.وأما آية التجارة فهي أوضح داللة على المقصود، ألن ظاهرها حلية األكل

المكنى به عن مطلق التصرف في المستثنى وحرمته في المستثنى منه، والمراد منالتجارة هي التجارة المعاملية فإنها القابلة لالشتراط بالتراضي دون المسبب الذي ال

--------------------(١) ح ١: ١٠٥، تعليقة ٥٨، ح ٤ تعليقة ١٢.

(٣٠٢)

Page 306: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

نفوذ له، حتى يكون له شرط النفوذ، فتدبر.- قوله (قدس سره): (ويدل عليه لفظ الخيار... الخ) (١).

إن أريد من الخيار حق استرداد العين ملكا أو حق حل العقد المنتهي باألخرةباسترداد العين ملكا فاألمر واضح، إذ ال يعقل استرداد الملك إال بعد تحققه بالعقد،

وإن أريد منه حق حل العقد في قبال لزومه وإبرامه حيث إن للعقد مقاما، ولتأثيره فيالملك مقاما آخر - كما تقدم من المصنف (قدس سره) في مبحث الفضولي (٢)،

وعليه بنى حرمةنقض األصيل للعقد قبل رد اآلخر - فال داللة للخيار حينئذ إال على أنه مع قطع النظرعن حق الخيار يجب الوفاء بالعقد وعدم نقضه، وحيث إن بناء المصنف (قدس سره)

كما تقدمفي المسألة السابقة على أن الخيار علقة في العقد وحق حله، وبناؤه على أن العقدبما هو عقد له وفاء ونقض ولو لم يؤثر في الملك، فال مجال له لالستدالل بلفظ

الخيار.نعم إذا أريد من البيعين من هو مملك بالحمل الشائع، والخيار مرتب على العقد

من أول انعقاده، فال محالة يدل على حصول البيع الحقيقي قبل انقضاء الخيار، لعدمانفكاك االيجاد عن الوجود.

- قوله (قدس سره): (وما دل على جواز النظر... الخ) (٣).مع أنه ال يحل النظر إال إلى المملوكة، وال يخفى أن االستدالل ليس بجواز النظر

ثبوتا، فإنه من الممكن حصول الملك بنفس النظر، لكونه إجازة للبيع، وهي مقارنةلسقوط الخيار، بل االستدالل بما دل على جواز النظر، فإن ظاهره جواز النظر إلى

الحالل فعال الحرام قبال، ال جواز النظر إلى ما يحل بالنظر.ال يقال: ال ينحصر حلية النظر إلى األمة في كونها مملوكة، بل يحل إذا كانت محللة.ألنا نقول: ال تحليل من البائع ال انشاء - فإنه أنشأ البيع - وال فعال، فإن دفعها خارجا

إلى المشتري بعنوان الوفاء بالبيع، ال بعنوان التحليل.--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٩٩ سطر ٤.(٢) كتاب المكاسب ١٣٤.

(٣) كتاب المكاسب ٢٩٩ سطر ٤.

(٣٠٣)

Page 307: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مضافا إلى ما ذكرنا من أن االستدالل للملك ليس بمجرد جواز النظر ثبوتا حتىيدور األمر بين كون األمة مملوكة أو محللة، بل االستدالل بما دل عليه من حيث

كونها قبل الشراء محرمة النظر وبعده محللة النظر، وهذه القبلية والبعدية أجنبية عنالتحليل المقابل للتمليك، بل هذه القبلية والبعدية بلحاظ الملكية.

مضافا إلى أن الرواية في مقام كون النظر إجازة، والنظر بعد التحليل ال يعقل أنيكون إجازة للبيع المنفسخ بالتحليل الدال بااللتزام على إعادة األمة إلى ملكه،

فتوهم جواز النظر سخيف جدا ال ينبغي أن يسطر أو يذكر، فتدبر.- قوله (قدس سره): (ويدل عليه ما تقدم في أدلة بيع الخيار... الخ) (١).

توضيحه على وجه يندفع عنه ما أفاده المصنف (قدس سره): أن الموجب للسؤال عنحال النماء هو كون المبيع في معرض االنتقال، أما لفعلية حق الخيار أو لحدوثه

بنفسه أو بنتيجته فيما بعد، والجواب بتبعية النماء لألصل كتبعية الخسارة بالتلف له،وأنهما من لوازم الملك بما هو ملك، ال بما هو ملك غير متزلزل بأحد الوجوه،

فالروايات سؤاال وجوابا كاشفة عن عدم دخل اللزوم في الملكية، فكذا في التبعية،وعن عدم منافاة المعرضية للملكية، فكذا في التبعية، وهذا هو المقصود، ولو كان

المقتضي للتبعية هي الملكية المساوقة للزوم بمقتضى توقفها على انقضاء الخيارلكان المناسب الجواب بلزوم العقد ومقتضاه، وأنه ليس شئ هناك يقتضي المنافاة

للتبعية، ال بأنه ملك فيترتب عليه الزمه، فتدبر جيدا.- قوله (قدس سره): (لما عرفت من أن هذا البيع جائز... الخ) (٢).

إال أن ظاهره أن البيع الثاني جائز، ألن البائع ملكه بالعقد، ال بتواطئه معالمشتري على المبايعة الثانية، وأنه ليس بقرك وال غنمك حيث إنه بعته، ال أنه

حيث تواطئت على اشترائه.والعجب من دعواه (قدس سره) أنه واضح لمن تأمل في فقه المسألة، ألنه مقتضى

التدقيق--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٩٩ سطر ٥.(٢) كتاب المكاسب ٢٩٩ سطر ١٤.

(٣٠٤)

Page 308: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

في مقام الثبوت، ال أنه مقتضى الظهور في مقام االثبات، نعم لم يفرض في موردالرواية خيار حتى يكون دليال للمستدل، وحيث إن الحكم مسوق (١) لبيان غير ما

نحنفيه فال وجه لدعوى االطالق، ومنه يظهر أنه ال وجه للتمسك بترك االستفصال.

ثم ال يخفى كما أن ظاهر قوله (عليه السالم) (ليس هو متاعك وال بقرك وال غنمك)(٢) هو ما

ذكرنا من أنه ليس متاعك حيث إنك بعته، ال حيث إنك متواطئ على اشترائه، كذلكظاهره أنه ليس متاعك لما هو المفروض في الرواية من بيعه ال لبيعه المتعقب

باشترائه في علم الله، فال فرق بين النقل والكشف نفيا واثباتا، فتدبر جيدا.- قوله (قدس سره): (إشارة إلى أن هذا ليس... الخ) (٣).

إن كان األمر كما أفاده (قدس سره) فمن الواضح أن مجرد االستيجاب ال يخرجه منعنوان

بيع ما ليس عنده الراجع إلى بيع ما لم يملكه حقيقة، ال ما لم يملكه انشاء، إال أنيكون المراد من كون المال عنده وأنه ليس عنده دخوله تحت سلطانه على التصرف

وعدمه، ومن البين إن لكل من المتعاقدين سلطانا على بيع ما بيده بسلطانهما علىإجازة العقد، فافهم.

والحق أن هذه الرواية ورواية منصور بن حازم ظاهرتان في أن مصحح الشراءالثاني هو الشراء األول المعبر عنه تارة بعنوان الملك بقوله (عليه السالم) (بعد ما

يملكه) (٤)وأخرى ال بعنوان بقوله (عليه السالم) (إنما البيع بعد ما يشتريه) (٥)، وكالهما واحد،

وال يصحالبيع إال بعد الملك الحقيقي ال االنشائي، وقد عرفت أن االستدالل ليس بصحة البيعالثاني بعد البيع األول ثبوتا حتى يقال بأن المفروض فيه هو التواطئ أو حضور البائع

وتعريض المبيع للبيع، أو أن الغالب هو االفتراق عن مجلس البيع األول، بلبتصحيح اإلمام (عليه السالم) للبيع الثاني بحصول الملك باالشتراء في المعاملة األولى

من دون--------------------

(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (مسبوق).(٢) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العقود، ح ٣.

(٣) كتاب المكاسب ٢٩٩ سطر ٢١.(٤) وسائل الشيعة، باب ٨ من أبواب أحكام العقود، ح ٨.(٥) وسائل الشيعة، باب ٨ من أبواب أحكام العقود، ح ٦.

Page 309: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

(٣٠٥)

Page 310: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تقييد بشئ، فتدبر.- قوله (قدس سره): (بناء على أن المبيع في زمان الخيار... الخ) (١).

ال يخفي أن الضمان بمعنى خسارة المال، ال بمعنى الغرامة من لوازم الملكعقال، فإنه من المستحيل أن يكون تلف ملك زيد من عمرو وإن أمكن أن يكون

غرامته بسبب على عمرو، فإن المفروض أنه ملك زيد فتلفه خسارة، وكما أن التلفيكون مضافا إلى الملك حقيقة كذلك الخسارة الصادقة عليه، ومن الواضح أيضا أنمنفعة ملك زيد منفعة ملكه فهي تابعة إذا لم تكن بالخصوص مملوكة لغيره، وكال

األمرين من لوازم الملك، وحيث إنهما بمنزلة معلولين لعلة واحدة فهما متالزمان، الأن أحدهما بإزاء اآلخر، فالباء لمجرد االلصاق والمقاربة ال للسببية.

وعليه فكما يستكشف العلة من أحد معلوليه كذلك من اآلخر من دون توقفعلى مالحظة التالزم بين المعلولين، فإذا كان تلف المبيع من المشتري في الخيار

المفروض في المتن مسلما كان كافيا في استكشاف الملزوم وهو الملك من دونحاجة إلى االستدالل بقوله (عليه السالم) (الخراج بالضمان) (٢) وإال لما تم االستدالل

في نفسه.وربما يتخيل أن االستدالل بالنبوي مختص بغير الخيار المختص بالمشتري، فإن

ظاهر األخبار اآلتية أن التلف من البائع ال من المشتري، وسيجئ (٣) إن شاء تعالى دفعهذا التخيل، وأن الروايات غير منافية لهذه القاعدة.

- قوله (قدس سره): (ألنه مقابل للخراج... الخ) (٤).قد عرفت (٥) أنه ال مقابلة، وأن بينهما المالزمة والمقارنة، وال يتوقف االستداللعلى مالحظة المالزمة بين النماء والضمان، بل على المالزمة بين الملك والضمان،

كما سيجئ (٦) إن شاء تعالى من المصنف (قدس سره)، وإنما الحاجة إلى المالزمةفي الضمان

بنحو الغرامة وهي المالزمة التي يدعيها أبو حنيفة وأن غرامة الملك إذا كان على--------------------

(١) كتاب المكاسب ٢٩٩ سطر ٣٤.(٢) عوالي اآللي ١: ٢١٩ حديث ٨٩.

(٣) التعليقة الالحقة.(٤) كتاب المكاسب ٣٠٠ سطر ١.

(٥) في التعليقة السابقة.(٦) كتاب المكاسب ٣٠٠ سطر ٨.

(٣٠٦)

Page 311: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الغاصب فمنافع الملك له مستدال بالنبوي، وبالجملة يكفي فيما نحن فيه مجرد كونتلف المال من البائع، فهو ملكه لقاعدة تبعية الضمان بمعنى الخسارة للملك.

- قوله (قدس سره): (وهذه األخبار إنما تجدي في مقابل مقابل... الخ) (١).العبارة هكذا حتى في نسخة األصل الموجودة عندي فعال، وال شبهة أنه سهو

من قلمه الشريف (قدس سره) اللطيف، لوضوح أن المراد هو أن هذه األخبار لورودهافي

الخيار المختص بالمشتري إنما تجدي لمن ينكر تملك المشتري مع اختصاصالخيار به، ال لمثل شيخ الطائفة وابن سعيد القائلين بتملك المشتري مع اختصاص

الخيار به، فهما كالمشهور في لزوم الجواب عن هذه األخبار.وأما وجه اختصاص عدم الملك إال بانقضاء الخيار بصورة عدم اختصاص الخيار

بالمشتري - مع أن المأخذ المتقدم عن الشهيد (قدس سره) يعم مطلق الخيار - هو أنظاهر

العناوين حتى عنوان هذا الكتاب اختصاص النزاع بالمبيع، وأن المبيع هل يملكبالعقد أو بانقضاء الخيار، نظرا إلى ملكية العوض تبع لملكية المعوض، فإذا تحققت

ملكية المعوض بالعقد فقط فقد تحققت ملكية الثمن بتبعه، الستحالة تحقق ملكيةالمعوض بعنوان المعاوضة وعدم تحقق ملكية العوض، وإذا لم يتحقق ملكية

المعوض إال بانقضاء الخيار لم يتحقق بالتبع ملكية العوض، لالستحالة المزبورة.وعليه فيتجه التفصيل بين الخيار المختص بالمشتري وغيره سواء كان للبائع فقط

أولهما وذلك بناء على المأخذ المتقدم ذكره عن الشهيد (قدس سره)، فإن الخيار إذاكان

مختصا بالمشتري لم يكن مانع عن تصرف المشتري في المبيع، إذ المنع منالتصرف بالنسبة إلى غير ذي الخيار، فاعتبار الملكية للمشتري ال يكون لغوا، بخالف

ما إذا كان الخيار للبائع فإن المشتري ممنوع من التصرف، وإذا لم يكن المبيع مملوكافال ملكية للثمن، ألنه ملك بالتبع، وكذا إذا كان الخيار لهما فإن المشتري أيضا ممنوع

لمكان خيار البائع، ال لمكان خيار نفسه، هذه غاية التوجيه، إال أن المأخذ باطلوأدلة الطرفين عامة، فتدبر.

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣٠٠ سطر ٦.

(٣٠٧)

Page 312: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

- قوله (قدس سره): (فهذه األخبار إما أن تجعل مخصصة ألدلة المشهور... الخ) (١).بيانه: أن أدلة المشهور عامة تقتضي الملكية بالعقد، سواء كان هناك خيار أم ال،

وقاعدة التالزم بين الضمان والملك أيضا كذلك، سواء كان الملك بالعقد الخياري أمال، وهذه األخبار يدور أمرها بين أن تكون مخصصة لألولى، بمعنى أن العقد يفيد

الملك إال إذا كان خياريا، فإنه ال ملك فيه إال بانقضاء الخيار، وحينئذ فقاعدة التالزممحفوظة، ألن المبيع بعد على حاله وملك للبائع، فلذا كان ضمانه عليه، وأن تكون

مخصصة لقاعدة التالزم، بمعنى أن المبيع ملك للمشتري بنفس العقد وإن كانخياريا، إال أن ضمان هذا المبيع على البائع الذي هو غير مالك له، فالعموماتالمقتضية للملك بالعقد فقط محفوظة وإنما التخصيص لقاعدة التالزم فإنها غير

محفوظة فيما إذا كان الملك بالعقد الخياري.وما أفاده (رحمه الله) من ضم قاعدة التالزم إلى أدلة المشهور ألجل أن مفاد هذه

األخبارليس ابتداءا تخصيص األدلة العامة المقتضية للملكية، بل مفادها اثبات الضمان على

البائع، فكونه مالكا والعين باقية على ملكه حتى تكون العمومات مخصصة بمالحظةالتالزم بين ضمان البائع ومالكيته، ومنه يتضح وجه ضم أدلة المشهور إلى القاعدة

في تخصيص القاعدة.وتحقيق الحال يتوقف على بيان مقدمة: وهي أن الضمان المدعى تالزمه مع

الملك إما بمعنى ضمان الغرامة، وإما بمعنى الخسارة التي مصداقها نفس تلف مالالشخص، وال شبهة ألحد أن الضمان بمعنى الغرامة ليس الزما للملك، الستحالة

كون المالك غارما لملكه عند تلفه، وما معنى أن يتدارك اإلنسان ملكه التالف، فمثلهذا الضمان دائما على غير المالك، إذ ال استحالة أن يغرم اإلنسان مال غيره، غاية

األمر يحتاج تغريمه إياه إلى سبب من يد أو اتالف، أو كونه مبيعا ببيع خياري مثال.وأما الضمان بالمعنى الثاني بمعنى أن يكون تلف ملك زيد خسارة منه ال عليه

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣٠٠ سطر ٨.

(٣٠٨)

Page 313: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فهو كما عرفت سابقا الزم عقلي للملك يستحيل تخلفه للزوم الخلف المحال،فدعوى كون هذه األخبار مخصصة لقاعدة التالزم بين الضمان والملك دعوى غير

معقولة، ألن المراد بالضمان إن كان هي الغرامة فال مالزمة، فما معنى التخصيص وإنكان هي الخسارة منه فالمالزمة محققة، إال أن تخصيصها يستلزم الخلف المحال.

وأما دعوى كون هذه األخبار مخصصة ألدلة المشهور بانضمام قاعدة التالزمفالجواب عنها: أن المراد بالضمان المنصوص عليه في هذه األخبار إن كان هي

الغرامة - كما قيل به هنا وفي التلف قبل القبض - فقد عرفت أن الغرامة تقتضي أنتكون على غير المالك، فضمان البائع بهذا المعنى دليل على أن المشتري هو

المالك دون البائع، فهذه األخبار موافقة للعمومات ال منافية لها حتى تكون مخصصةلها.

وإن كان الضمان بمعنى الخسارة فهو كاشف عن أن الخاسر هو المالك، أما أنههو المالك حين الخسارة أو مالك من أول صدور العقد فال داللة لهذه األخبار عليه،

بل الجمع بين أدلة المشهور ودليل التلف من البائع يقتضي القول بكون المشتريمالكا بنفس العقد إلى ما قبل ورود التلف، فحينئذ ينفسخ العقد ويملكه البائع،

ويكون التالف منه كما هو مسلك المشهور في التلف قبل القبض والتلف في زمانالخيار، وال موجب أصال لكون البائع مالكا من األول ببقائه على ملكه، فإنه تخصيصبال مخصص، ألن المتيقن منه ثبوتا واثباتا هو الملك حال الخسارة، ال من أول األمر،

والضرورة تتقدر بقدرها، بل في الحقيقة ليس االنفساخ قبل التلف وتجدد الملكللبائع تخصيصا في أدلة تأثير العقد بنفسه في الملك، فإن االنفساخ والتجدد مؤكد

لثبوت الملكية المطلقة المرسلة للمشتري بالبيع، وإنما هو مخالف ألصالة بقاء العقدعلى حاله وعدم ارتفاعه وانحالله، وسيجئ (١) بعض الكالم بما يناسب هذه التتمة إن

شاء الله تعالى.--------------------

(١) التعليقة الالحقة.

(٣٠٩)

Page 314: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التلف في زمن الخيار ممن ال خيار له- قوله (قدس سره): (ومن أحكام الخيار كون المبيع في ضمان من... الخ) (١).

توضيح الكالم برسم أمور في المقام:منها: أن أصول الصور المتصورة في المقام أربعة:

أحدها: ما إذا كان الخيار للبائع وتلف المبيع في يد المشتري، فإن تلفه منالمشتري على طبق القاعدة األولية في الملكية.

ثانيها: ما إذا كان الخيار للمشتري وتلف الثمن في يد البائع، فإن تلفه من البائعالذي ال خيار له أيضا على طبق القاعدة.

ثالثها: ما إذا كان الخيار للمشتري وتلف المبيع في يده، فإن كونه من البائع يحتاجإلى دليل.

رابعها: ما إذا كان الخيار للبائع وتلف الثمن في يده، فإن كونه من المشتري أيضايحتاج إلى دليل، فلو تم الدليل على هاتين الصورتين صحت القاعدة على االطالق

بأن التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له.ومنها: أن مورد الروايات المثبتة لهذه القاعدة الثانوية على خالف القاعدة األولية

هو خيار الحيوان وخيار الشرط، وفي االقتصار عليهما أو التعدي إلى خيار المجلسأو إلى جميع الخيارات كالم، فصاحب الجواهر (رحمه الله) (٢) على األول،

والمصنف (قدس سره) علىالثاني مع تأمل منه فيه، والمشهور كما قيل على الثالث.

أما مستند االختصاص بهما فهو اختصاص الدليل من حيث المورد، خصوصابمالحظة ذكر المدة في جميع الروايات إال النبوي المروي في قرب اإلسناد (٣)،

مضافا إلى ما قيل من أن ظاهر قولهم إن التلف في زمن الخيار هو الخيار الذي يختصبزمان، وليس الخيار المحدود بالزمان الموجب إلضافة الزمان إليه إال المحدود شرعا

وهو خيار الحيوان، أو المحدود جعال وهو خيار الشرط، وأما غيرهما فإما ال زمان--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣٠٠ سطر ٢٢.(٢) جواهر الكالم ٢٣: ٨٦.

(٣) مستدرك الوسائل، باب ٩ من أبواب الخيار، ح ١.

(٣١٠)

Page 315: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

خاص له كخيار المجلس المحدود باالفتراق ال بزمان خاص، وإما ال زمان له أصالكسائر الخيارات المثبتة على الفور، والعمدة هو الوجه األول.

وأما مستند التعميم إلى خيار المجلس فهو اطالق الشرط على خياره في أخبارخيار المجلس، وتعليق الحكم في أخبار الباب على انقضاء الشرط ومضية، فيراد منهانقضاء خياره ومضيه، إال أن صدق الشرط على خيار المجلس بل على مطلق الخيار

ال يجدي مع ظهور إرادة الشرط المذكور سابقا في السؤال والجواب.وأما مستند التعميم لسائر الخيارات كخيار الغبن وخيار الرؤية ونحوهما دون

خيار العيب الذي تطابق النص والفتوى على عدم انفساخ العقد فيه بالتلف، وأنهيتعين فيه األرش فهو أمران:

أحدهما: صدق الشرط على مطلق الخيار وقد عرفت أنه مع االعتراف بهذهالصغرى ال كبرى لها إال هذه األخبار المختصة بخيار الحيوان أو الشرط المراد منه

شرط الخيار سؤاال وجوابا.ثانيهما: استفادة المناط الذي يعم جميع الخيارات الموجبة لتزلزل العقد بقرينة

ما هو كالعلة للحكم، وهو قوله (عليه السالم) (ويصير المبيع للمشتري) (١) بعد حملهعلى إرادة

صيرورته ملكا الزما للفراغ عن كونه ملكا له قبل انقضاء خياره، إال أن استفادة مناطعام في غاية االشكال، ألن الظاهر كون قوله (عليه السالم) ويصير المبيع للمشتري تتمة

لماقبله، حيث قال (عليه السالم) في جواب على من ضمان ذلك (على البائع حتى ينقضي

الشرطثالثة أيام ويصير المبيع للمشتري) وعليه فاللزوم من وجه هو المناط، وهي الغاية

الرتفاع ضمان البائع.بل لوال ما في ذيل صحيحة ابن سنان من قوله (عليه السالم) (وإن كان بينهما شرط

أيامامعدودة... الخبر) ألمكن أن يقال باختصاص هذا الحكم بخصوص مورد خيار

الحيوان، فإن مورد األخبار جميعا هو الحيوان مع تصريحه (عليه السالم) بأن الضمانعلى

البائع دون المشتري اشترط أم لم يشترط، وكما للحيوان خصوصية مقتضية لجعل--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب الخيار، ح ٢.

(٣١١)

Page 316: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الخيار ثالثة أيام لالطالع على حاله، وقد عبر عنه بالنظرة في بعض أخباره، فكذلكتلك الخصوصية مقتضية لجعل عهدته على البائع، لئال يلزم نقض الغرض من جعل

الخيار له بمفاجأة الموت أو ظهور العيب الذي ال يكون عادة إال لسبب سابق علىالبيع، فإن فسخ العقد والرجوع إلى الثمن مع تدارك التالف ليس فيه رعاية لحال

المشتري، بل جعل الخيار كعدمه حينئذ، والغرض أنه مع احتمال دخل هذهالخصوصية الظاهرة بحسب العادة كيف يمكن دعوى عموم المناط والحكم بضمان

البائع في سائر الخيارات على خالف قاعدة الملكية؟!.ومنها: أن هذه القاعدة هل تختص بالخيار المتصل بالعقد أم تعم الخيار

المنفصل؟ سواء كان انفصاله لترتبه على ظهور الغبن المنفصل عن العقد، أو علىرؤية المبيع على خالف الوصف، أو على شرطه فيما بعد العقد بمدة، أو على الثالثة

في خيار التأخير وأشباه ذلك.ومدرك التعميم استفادة عموم المناط، وهو التلف في زمان تزلزل الملك، سواء

كان من األول أو في حال التلف، ومدرك االختصاص ما أفيد في المتن من ظهورلفظة " حتى " في االستمرار في حال العقد إلى حال انقضاء الخيار.

وقد عرفت حال المناط وأنه غير منقح بحيث يستفاد منه العموم، كما أن ظهورلفظة " حتى " في االمتداد ال يجدي إال في أن الضمان أمر ممتد بامتداد الخيار، أما أن

مبدأه من حين العقد أو غيره فال داللة للفظة " حتى " عليه جزما، بل مقتضى مناسبةالحكم والموضوع أن الممتد بامتداد شئ كون مبدأه كمنتهاه، أي يحدث بحدوث

الخيار ويبقى ببقائه، وينتهي بانتهائه، نعم مقتضى مورد األخبار سواء كان خيارالحيوان أو خيار الشرط أن مبدأه العقد على الحيوان أو العقد المشروط بالخيار فعال،

كما يظهر للمراجع إليها.وأما ما عن المصنف (قدس سره) من الحاق شرط الخيار المنفصل بالمتصل نظرا إلى

العلمبتحققه فقد عرفت ما فيه سابقا، فراجع (١)، مع أن الكالم في التلف في زمان الخيار

--------------------(١) ح ٤: ١٧٥، تعليقة ١٠٢.

(٣١٢)

Page 317: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأنه هل يفترق الخيار المنفصل فال حكم لتلفه فيه، أو يعمه فالتلف في زمانه كالتلففي زمان الخيار المتصل، ال أن الكالم في التلف قبل حدوث الخيار، ليقال بالفرق

بين الخيار المعلوم تحقق شرطه وعدمه، فالعلم بالشرط لو كان له أثر فهو في غير مانحن فيه، فتدبر.

وأما خيار التأخير فخروجه عن محل البحث مع تلف المبيع بعد الثالثة - وهوزمان خيار البائع - فينبغي أن يكون تلفه من المشتري الذي ال خيار له ليس ألجل

معارضة هذه القاعدة لقاعدة " كل مبيع تلف قبل قبضه... الخ " وتخصيصها بما بعدالقبض كما عن المصنف (قدس سره) في مبحث خيار التأخير وهنا، بل ألن القاعدة في

نفسهاال تعمه، فإن المناط كما أفاده (قدس سره) هنا مكررا أن يكون التالف ملكا الزما على

المشتري، بحيث ال يمكن سلبه عن نفسه، ومع فرض خياره ال يكون الزما عليهبحيث ال يقدر على سلبه عن نفسه، والخيار هنا أي بعد ثالثة التأخير للبائع، والمبيع

منتقل إلى المشتري بانتقال الزم من قبله ال إلى البائع الذي يقدر على سلبه عننفسه، فالخيار لمن لم ينتقل مبيع إليه، وما انتقل إليه ال يوصف ملكه بالتزلزل منقبله، بل تلفه منه بمقتضى قاعدة الملكية ال بمالك التلف في زمان الخيار ممن الخيار له، وإن انطبق عليه هذا العنوان قهرا ال بالمالك العام المتقدم، فافهم وتدبر،

وسيجئ (١) إن شاء الله تعالى الكالم في معارضة القاعدتين وما ينبغي أن يقال فيها.ومنها: هل القاعدة تختص بالمبيع أو تعم الثمن؟ والبحث عن هذا التعميم ال

ينافي الفراغ عن شموله لجميع الخيارات، فإنه مع القول بالشمول يمكن دعوىاختصاص المورد بالمبيع، بأن يكون تلف المبيع في ما إذا كان المشتري مغبونا من

البائع، ال تلف الثمن فيما كان البائع مغبونا من المشتري وهكذا.ومدرك االختصاص هو أن مورد هذه األخبار المثبتة لهذه القاعدة تلف المبيع

حتى ما في ذيل صحيحة ابن سنان حيث قال: (وإن كان بينهما شرط أياما معدودةفإنه يصدق مع اشتراط البائع للخيار) (٢) إال أن ما بعده يعين الخيار للمشتري حيث

--------------------(١) نفس التعليقة.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٨ من أبواب الخيار، ح ٢.

(٣١٣)

Page 318: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قال (عليه السالم): (فهلك في يد المشتري فهو من مال البائع).ومدرك التعميم وجهان:

أحدهما: عموم المناط وأن المالك تلف الملك المتزلزل مبيعا كان أو ثمنا، وقدعرفت حال المناط خصوصا مع أن ما هو كالعلة للحكم متقيد بالمبيع، لقوله (عليه

السالم)(حتى ينقضي شرطه ويصير المبيع للمشتري) فغاية ما يقتضيه عموم هذه العلة هو

أن المبيع إذا كان متزلزال بأي سبب يكون تلفه من البائع، نعم لو كان المالك صيرورةالبيع الزما لكنا نأخذ بعمومه كما هو ظاهر التعبير بقوله (عليه السالم) (حتى يصير البيع

للمشتري) بناء على نقل هذه الرواية بطريق الصدوق، حيث قال (عليه السالم): (الضمان على

المبتاع حتى ينقضي الشرط ويصير البيع له) (١) فيعلم منه أن المالك لزوم البيع إال أنالرواية حيث كانت واحدة يقوى إرادة المبيع من البيع كما هو الشائع في الروايات.

ثانيهما: استصحاب ضمان المشتري للثمن قبل اقباضه للبائع إلى أن ينقضيالخيار، وصحة هذا االستصحاب وبطالنه مبنيان على أن الضمان، وهو الحكم

باالنفساخ بالتلف في زمان الخيار حكم آخر مماثل للحكم باالنفساخ قبل القبض،وكل منهما بموجب غير موجب اآلخر، أو حكم واحد، غاية األمر أنه حدوثا

بموجب وبقاء بموجب آخر، فإن كان من األول فاستصحاب الحكم الشخصي المجال له للقطع بزوال فرد والشك في حدوث فرد آخر، واستصحاب الحكم الكلي

من قبيل القسم الثالث الذي ال يقول به المصنف (قدس سره).وإن كان من الثاني فهو من استصحاب الحكم الشخصي الحادث بموجب جزماالمحتمل بقائه باحتمال موجب آخر لبقائه، وتعدد الموجب فقط ال يوجب تعدد

الحكم، وليس من قبيل الخيارين حيث إن تعدد األثر من سقوطه باسقاطهوالمصالحة عليه بشئ كاشف عن تعددهما، بل الحكم باالنفساخ حكم شرعي غيرقابل لالسقاط والمصالحة، فال كاشف عن تعدد الضمان على فرض كون التلف في

زمان الخيار كالتلف قبل القبض.--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب الخيار، ح ٢، ذيله.

(٣١٤)

Page 319: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

إال أن االنصاف أن ظاهر دليل كل منهما اعتبار االنفساخ بالتلف مستقال ال أندليل التلف قبل القبض يتكفل اعتبار االنفساخ حدوثا، ودليل التلف قبل انقضاء

الخيار يتكفل اعتبار االنفساخ بقاء، بحيث يحكيان عن اعتبار واحد مستمر، غايةاألمر أن أحدهما ناظر إلى حدوثه واآلخر إلى بقائه، بل الحق أن كال منهما متكفل

لهذا االعتبار بنفسه ولو لم يكن موجب آخر ثبوتا أو اثباتا، وإذا كان الحكم في زمانالخيار على فرض وجوده واقعا غير الحكم السابق شخصا ال نوعا فال محالة ال شك

في البقاء هذا.ثم إنه بناء على صحة هذا االستصحاب ال مجال لمعارضته بأصالة عدم

االنفساخ، فإنه إن أريد منه عدم انفساخ العقد فعال قبل التلف المفروض تحققهفالشك فيه ناش من كون الحكم فيه شرعا هو االنفساخ عند التلف أم ال، فمع فرض

اثبات هذا الحكم الكلي تعبدا ال مجال للشك في فعلية االنفساخ، ألن فعلية كلحكم بفعلية موضوعه، وإن أريد عدم اعتبار االنفساخ بالتلف شرعا فالمفروض أنهذا الموضوع كان محكوما بهذا الحكم الكلي وإنما يشك في بقائه، ومما ذكرنا

يتضح اندفاع كثير من االيرادات التي أوردها بعض أجلة المحشين (رحمه الله) (١)عليه (قدس سره).

ثم إنه ربما يؤيد القول بعدم شمول القاعدة للثمن بما ورد في أخبار البيع الخياريبشرط رد مثل الثمن من التصرف مع بقاء الخيار، وعدم انفساخ العقد بالتصرف في

الثمن.وهو مبني على أن االتالف كالتلف موجب لالنفساخ، وال يقولون به، بل مدرك

القاعدة ظاهر في التلف دون االتالف كما سيأتي (٢) إن شاء الله تعالى، وأخبار شرطالخيار ال تدل إال على التصرف في الثمن فإن إصابة المنفعة من الثمن في ثالث سنينكما في رواية (٣)، والحاجة إلى بيع الدار المساوقة للحاجة إلى االنتفاع بثمنها كما

فيرواية (٤) أخرى مقابل للتلف ومساوق للتصرف.

--------------------(١) حاشية اليزدي ٢: ١٦٩ سطر ١٤.

(٢) في نفس التعليقة عند قوله (ومنها: أن االتالف...).(٣) وسائل الشيعة، باب ٨ من أبواب الخيار، ح ٣.

(٤) وسائل الشيعة، باب ٨ من أبواب الخيار، ١

(٣١٥)

Page 320: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأما دفع التأييد بأنه مبني على كون حق الخيار ثابتا من األول ال حادثا برد مثلالثمن فليس التلف في زمان الخيار بل في زمان اللزوم كالجواب عن هذا الدفع منالمصنف (قدس سره) بأن مثل هذا الخيار المنفصل حكمه حكم الخيار المتصل،

فكالهما مماال حاجة إليه، فإنا لو فرضنا أن حق الخيار ثابت من األول لم يكن مثله داخال فيعموم مناط القاعدة، فإن الحق في شرط الخيار وإن كان من األول إال أن أعماله

يتوقف على رد مثل الثمن، ففي ظرف ثبوت الحق ال يقدر على سلبه عن نفسه، وكلما كان حكمه بحسب هذا المناط حكم الالزم الذي ال يقدر على سلبه عن نفسه فال

يكون تلفه من غيره، فتدبره جيدا.كما أن تأييد القول بالعموم بأن ما نحن فيه ليس كالتلف قبل القبض، فإن المأخوذ

في دليله عنوان المبيع بقوله (عليه السالم) (كل مبيع تلف... الخ) (١).مخدوش: بأنه وإن لم يؤخذ فيما نحن فيه المبيع بالحمل األولي، لكنه أخذ فيه

المبيع بالحمل الشائع، ألن مورد جميعها العبد واألمة والدابة والحيوان كما قدمناه.ومنها: أن القاعدة هل تختص بالمبيع الشخصي والثمن الشخصي أم تعم الكلي

منهما بعد التطبيق على الفرد وتعينه فيه، وتحرير البحث هكذا أولى من التكلم فيهتبعا لعموم القاعدة للثمن كما في المتن.

أما مستند االختصاص فأمران:أحدهما: ظهور أخبار الباب في ورود البيع على الشخص وتلفه، ال تلف ما ينطبق

على المقبوض.ثانيهما: ما أفاده المصنف (قدس سره) من أن مقتضى أخبار الباب على ما فهمه غير

واحدمن األصحاب بقاء ضمان البائع مثال في زمان الخيار على ما كان عليه قبل القبض،

ونتيجته انفساخ العقد، ومثل هذا المعنى في الفرد المنطبق عليه الكلي المبيع بقاءالفرد على ما كان عليه قبل قبضه، ونتيجته رجوع الفرد إلى البائع، فكأنه لم يقبض، ال

كأنه ال بيع عليه، حيث لم يكن موردا للبيع.--------------------

(١) تعليقة ١٤٦، عند قوله (ومنها: إن كل ما ذكرنا إنما هو في التلف...).

(٣١٦)

Page 321: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومن الواضح أن الضمان المدلول عليه في األخبار هو المعنى األول ال الجامعبينه وبين عدم القبض، فال محالة تكون نتيجة تلف الفرد تلفه من المشتري، ال

انفساخ العقد، وال انفساخ القبض، أما عدم انفساخ العقد فلعدم كون الفرد موردا له،وأما عدم انفساخ القبض فلعدم داللة األخبار عليه، وجامعهما أنه لم يتلف من البائع

بل من المشتري.وأما مستند التعميم فأيضا أمران:

أحدهما: ما عن شيخنا األستاذ (قدس سره) في تعليقته األنيقة (١)، وحاصله: [عند](٢) تعين

الكلي المبيع الذمي في الفرد وصيرورة الذمي خارجيا فقد استقر البيع عليه، فهوالمبيع بالحمل الشائع من البائع، وتلف المبيع بالحمل الشائع من البائع، ونتيجته

انفساخ العقد المدلول عليه باألخبار، ال انفساخ القبض الخارج عن مدلولها.ويمكن الخدشة فيه: بأن مورد البيع هو المبيع بالحمل الشائع، وهو الكلي الذمي،وصيرورة الكلي الذمي خارجيا ليس مرجعه إلى خروج المبيع بالحمل الشائع من

وعاء إلى وعاء آخر، بل وفاء له، وال يخرج العقد بعد تحققه من حد إلى حد ليستقرالعقد على الفرد، فلو فرض كون التلف من البائع فال محالة مقتضاه أنه كأنه ال وفاء،

ال كأنه ال بيع، واألخبار على الفرض ال تدل إال على انفساخ العقد فقط، ال األعم منهومن انفساخ القبض، وال موجب لاللتزام بانفساخ القبض حتى يقال بأنه ال موجب

الشتغال الذمة ثانيا بالكلي بعد فراغه عنه، فال انفساخ أصال.ثانيهما: عموم المناط، فإنه مع فرض الخيار يكون المشتري قادرا على سلب الفرد

عن نفسه بفسخ العقد الموجب لدخول الفرد في ملك البائع قهرا، وكلما كان كذلكفالتلف من البائع، وقد مر (٣) دفعه.

ومنها: هل الضمان المدلول عليه بهذه األخبار التي هي مدرك القاعدة ضمانالمعاوضة - وانفساخ العقد بالتلف في زمان الخيار كالتلف قبل القبض كما هو

--------------------(١) حاشية اآلخوند ٢٦٣.(٢) إضافة يقتضيها المعنى.

(٣) نفس التعليقة.

(٣١٧)

Page 322: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المعروف هنا وهناك - أو ضمان الغرامة؟ والرجوع على البائع بقيمته وبدله علىتقدير عدم الفسخ كما هو ظاهر العبارة المنقولة عن الشهيد (قدس سره) في المتن،

حيث قال(وبعده - أي بعد القبض - ال يبطل الخيار) (١) وهو فرع بقاء العقد وعدم انفساخه،

وهوأيضا ظاهر العبارة المحكية عن التذكرة (٢)، وهذا االحتمال يميل إليه الشهيد الثاني

(رحمه الله)في التلف قبل القبض كما سيجئ (٣) إن شاء الله تعالى، وأما سائر الوجوه المحتملة

فيالكتاب وغيره فليس بها قائل يعتمد عليه.

أما مستند القول باالنفساخ: فهو ظاهر قوله (عليه السالم) (فهو من مال بائعه) فيمانحن فيه،

وفي النبوي المشهور في باب التلف قبل القبض، حيث إنه ال يعقل تلفه حقيقة منبائعه إال بعد صيرورته ملكا له فعرضه التلف، حيث ال معنى لملك البائع حال التلف،

فإن التالف ال يملك.ومستند القول بالغرامة: ظهور لفظ الضمان في الغرامة والخسارة لمال الغير، فال

يقال اإلنسان ضامن ألمواله التالفة، ويقال خاسر لها، فيعلم أن الضمان ليس مطلقالخسارة، بل خسارة مال الغير، مضافا إلى التعبير ب " على " فإن تلف مال كل أحد

منهخسارة منه ال خسارة عليه، وإنما تكون خسارة عليه إذا تلف من غيره وكان تداركه

عليه، مضافا إلى الجمع بين التلف والحدث في جملة من الروايات، مع أنه الانفساخ في الحدث، بل التدارك فقط، فالضمان الواحد المنسوب إليهما بمعنى

واحد، وهي الغرامة.ويندفع: بأن الضمان الواقع في السؤال والجواب والمنفي عن المشتري والمثبت

للبائع ال يعقل أن يكون بمعنى الغرامة، إذ ال يتوهم عاقل أن يكون المشتري غارما لماتلف في ملكه، ألن تدارك التالف لنفسه محال، لعدم االثنينية، والتدارك للغير محال،لعدم الملكية، فال محالة يكون بمعنى جامع يناسب الغرامة ويناسب االنفساخ وهي

الخسارة، فيتوجه السؤال أن خسارة هذا المال راجعة إلى المشتري حتى تكون--------------------

(١) الدروس ٣٦١.(٢) التذكرة ١: ٥٣٧ سطر ١٦.

(٣) تعليقة ١٤٧.

Page 323: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

(٣١٨)

Page 324: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

خسارة منه أو راجعة إلى البائع حتى تكون خسارة منه بناء على االنفساخ، وخسارةعليه بناء على الغرامة وعدم االنفساخ؟ والظهور في الجامع القابل لالنفساخ ال

يعارض الظهور في االنفساخ بقوله (عليه السالم) (من مال بايعه).ومنه تعرف الجواب عن التعدي بحرف االستعالء للزوم التصرف فيه، وكذا عن

الجمع بين ما يوجب االنفساخ وما يوجب الغرامة، لمكان إرادة الخسارة الجامعة بيناألمرين، فيتعين في االنفساخ في التلف بقوله (عليه السالم) (من مال بائعه)، وبقرينة

خارجيةفي الغرامة في حدث غير التلف بناء على عدم القول باالنفساخ فيه، وإال فال اشكالكما سيجئ (١) إن شاء تعالى تحقيق القول فيه، هذا كله بمالحظة داللة الروايات.

وأما بلحاظ القواعد الشرعية الخارجية فكل من القولين ال محالة مخالف لقاعدةمن القواعد التي يجب االلتزام بها بحسب األخبار، أما القول باالنفساخ فمخالف

ألصالة بقاء العقد، وأما القول بالغرامة فمخالف للبراءة عن وجوب تدارك التالف فيملك صاحبه، فكل من القولين يحتاج إلى دليل، ال أن (٢) القول بالغرامة يختص

بمخالفة القاعدة أو القول باالنفساخ مخصوص بها.وكيف كان فقد رجح المصنف (قدس سره) القول باالنفساخ، نظرا إلى أن القول

بالغرامةمخالف لقاعدتين دون القول باالنفساخ، إحداهما قاعدة عدم ضمان الشخص لما

يتلف في ملك مالكه، وثانيتهما قاعدة التالزم بين الضمان والخراج.وتقريبه: أن التالف إذا كان ملكا للمشتري كما هو مقتضى عدم االنفساخ فال محالةتكون خسارته عليه، فكيف يكون خسارته على البائع؟! بخالف ما إذا قدرناه ملكاللبائع قبل التلف فإنه ملكه وخسارته عليه، وأن التالف إذا كان ملكا للمشتري فال

محالة يكون نماؤه له ويكون خسارته حينئذ عليه ال على البائع، للتالزم بين الخسارةوالخراج، بخالف ما إذا كان ملكا للبائع فإن الخسارة عليه، ومع فرض نماء له في

ذلك اآلن فهو أيضا له، فالمالزمة محفوظة على االنفساخ دون غيره.والجواب: أن أخذ الضمان بنحو االبهام وعدم تعينه أوجب هذا االشكال، أما

--------------------(١) في نفس التعليقة.

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (ألن).

(٣١٩)

Page 325: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المخالفة للقاعدة األولى فإن أريد بالضمان خسارة الملك فهي دائما على المالك،وال يعقل تخلفها عنه، فالقاعدة تقتضي ثبوتها ال عدمها، وإن أريد الضمان بمعنى

الغرامة فالملك باإلضافة إليها ال اقتضاء، وهي بطبعها لو كان لها موجب على غيرالمالك، نعم هي تحتاج إلى موجب لها، وهذه األخبار بناء على تمامية داللتها نعمالموجب، فالالزم الخدشة في داللتها، ال االستناد إلى البراءة عن الغرامة، وإال فكما

أن الغرامة على خالف األصل كذلك انفساخ العقد أيضا على خالف األصل.وأما المخالفة للقاعدة الثانية، فإن أريد بالضمان الغرامة - وهي التي يكون

المستدل بصدد دفعها - فال مالزمة بين الغرامة والنماء إال عند أبي حنيفة، وال يقولبها أحد منا، وإن أريد بالضمان خسارة الملك المساوقة لتلفه من مالكه فالمالزمة

ثابتة، ألن الخسارة بهذا المعنى والنماء بطبعه كالهما من مقتضيات أمر واحد، وهيالملكية، ولذا كانت بينهما المالزمة كالمعلولين لعلة واحدة، إال أن هذه المالزمة ال

تنفي الغرامة، فإن ملك المشتري إذا تلف حال كونه مالكا فهو خسارة منه، إال أنتداركها على البائع، إال أنها خسارة من البائع.

ثم إنه في قبال هذه الدعوى من المصنف (قدس سره) دعوى ترجيح االنفساخ رأساعلى

االنفساخ قبل التلف وتقدير الملك آنا ما كما عن بعض أعالم العصر (قدس سره) فيمسألة

التلف قبل القبض المشاركة لما نحن فيه من حيث االشكال، قائال إن القول باالنفساخرأسا مساوق للقول بالبطالن، فال يكون مخالفا إال للدليل على صحة البيع وسببية

العقد للملكية فقط، وأن القول باالنفساخ من الحين - أي قبل التلف آنا ما - مخالفللقواعد األربع، قاعدة سببية العقد للملكية مطلقا حتى قبل التلف، وقاعدة سلطنةالناس على أموالهم، ودخل إذنهم في خروجه المال عن ملكهم، حيث إن المبيعيخرج عن ملك المشتري قهرا عليه، وقاعدة سلطنة الناس على أنفسهم لدخول

الثمن في ملكه قهرا عليه، وكذا العكس في طرف البائع، وقاعدة الخراج بالضمان،ألن الخسارة على البائع والنماء للمشتري.

بخالف ما إذا قلنا باالنفساخ من رأس المساوق للبطالن فإنه ال ملك من األول

(٣٢٠)

Page 326: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

حتى يلزم مخالفة هذه القواعد، فيجب المصير إلى القول باالنفساخ رأسا ترجيحالمخالفة قاعدة واحدة على مخالفة القواعد األربع.

بل صرح (قدس سره) في محل آخر أن القول باالنفساخ قبل التلف يستلزم مخالفةالقاعدة

العقلية المقتضية لبطالن الجزء الذي ال يتجزئ، وسيجئ (١) إن شاء تعالى تقريبها معدفعة.

أقول: أما توهم رجوع االنفساخ من رأس إلى البطالن المقابل للصحة فهو فاسد،فإن االنفساخ فرض انعقاد العقد، ورجوع العين إلى ملك البائع فرع خروجها عن

ملكه، ومنه يتضح أن االنفساخ ينافي أصالة بقاء العقد، ال دليل سببية العقد للملكية.وأما توهم: البطالن بالتلف قبل القبض أو في زمان الخيار، نظرا إلى أن مقتضى

االطالق ثبوت الملك في جميع األزمنة، فكما أن االنفساخ من رأس يوجب رفع اليدعن هذا االطالق، كذلك االنفساخ قبل التلف يوجب رفع اليد عن اطالق دليل سببية

العقد للملك حتى في هذا اآلن.فمندفع: بأن الصحة غير قابلة للتوقيت، والعقد ال يوجب الملكية في كل آن،

بحيث يكون التأثير تدريجيا بتدريجية الزمان، بل سبب للملكية المرسلة الالمؤقتةفمن آن تمامية العقد إما أن تحصل الملكية المرسلة أو ال، والفسخ أو االنفساخ

يوجب رفع هذه الملكية، ال أنه يوجب انقطاع التأثير أو ارتفاع التأثير.نعم كما أن تأثير العقد في هذه الملكية المرسلة يمكن أن يكون منوطا بانقضاء

الخيار كما قيل به، كذلك يمكن أن يكون مشروطا ببقاء العين في زمان الخيار،وأخبار

خيار الحيوان ال داللة لها على االشتراط، بل على الضمان المتفرع على تأثير العقد،وقد عرفت أن الصحة غير قابلة للتوقيت حتى تجامع هذه األخبار المبنية على ثبوتالملك، بل قوله (عليه السالم) في بعض هذه األخبار (يستحلف بالله ما رضيه ثم هو

برئ منالضمان) (٢) دال على أن الباب باب اإلجازة وامضاء العقد وانفساخه، ال باب إناطة

--------------------(١) في نفس التعليقة عند قوله (وأما مخالفة القول باالنفساخ...).

(٢) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب الخيار ح ٤.

(٣٢١)

Page 327: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التأثير بشئ.وأما مخالفة القول باالنفساخ للقواعد األخر فنقول:

أما مخالفته لقاعدة السلطنة على المال فقد عرفت أنه على تقدير لزومها مشتركالورود على االنفساخ رأسا وعلى االنفساخ قبل التلف، مع أنها غير واردة في نفسها.

أما أوال: فلما ذكرنا في أوائل الخيارات (١) أن عدم سلطنة الغير على التصرف فيمال غيره لعدم الملك، ال لمزاحمته لسلطان المالك، فدليل السلطنة ال ينفي سلطان

الغير إال من حيث إنه غير مالك، ألن السلطنة التي يتكفلها دليل السلطنة هي السلطنةالتي هي من شؤون الملك، فهي ثابتة للمالك بالمطابقة، ومنفية عن غيره بااللتزام،وأما السلطنة االبتدائية الغير المترتبة على الملك فهي تتبع سببها، وال ينفيها سلطنةالناس على أموالهم، كالسلطنة الثابتة للشريك في باب الشفعة فإنها غير مترتبة إال

على كونه شريكا.وأما ثانيا: فغاية ما يقتضيه دليل السلطنة على المال جواز التصرف فيه تكليفا

ووضعا، وال تعرض له لغيره، واالنفساخ حكم شرعي فال معنى ألن يكون دليلالسلطنة نافيا له، وليس هناك تصرف من أحد من الناس في ماله المعتبر رضاه فيهحتى يكون منفيا بدليل السلطنة، ومنه تعرف مخالفته لسلطنة الناس على أنفسهم،

فإنه ال ينفي سلطان الشارع على ادخال شئ في ملكه بدون رضاه.وأما مخالفته لقاعدة الخراج بالضمان فمدفوعة بما مر مرارا أن هذه المالزمة

نشأت من وحدة العلة، وهي محفوظة سواء كان المعلوالن موجودين أو أحدهما أوال، فإن الشرطية صادقة مع كل ذلك، فمع بقاء ملك المشتري ال يفرض فيه تلف حتى

يكون منه، كما أن نماءه له، وفي فرض ملك البائع يفرض فيه التلف لكن لقصورالزمان ال يفرض فيه نماء حتى يكون له، ومع ذلك فالشرطية صادقة، والنماء في

زمان ملك المشتري معلول لمالكيته، كما أن التلف في زمان مالكية البائع خسارةملكه، وعدم فرض اجتماعهما لكل منهما غير عدم المالزمة في ظرف ثبوت ملك

--------------------(١) ح ٤ تعليقة ١٧.

(٣٢٢)

Page 328: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

كل منهما.وأما مخالفة القول باالنفساخ قبل التلف للقاعدة العقلية الحاكمة ببطالن الجزء

الذي ال يتجزئ فتقريبها بتوضيح مني: أنه لو قلنا بالبطالن بالتلف فال شئ حتى يقالفي أي آن يفرض وقوعه، ولو قلنا باالنفساخ من رأس فاآلن الذي تعين بوقوع العقد

فيه ينفسخ في ذلك اآلن المتعين سواء كان قابال للتجزئ أم ال، ولو قلنا بالغرامة فاآلنالذي يقع فيه التلف يحكم فيه بعينه بالغرامة، بخالف ما لو قلنا باالنفساخ قبل التلف

فإن الضرورة حيث كانت تتقدر بقدرها فال محالة يفرض وقوع االنفساخ في اآلنالمتصل بآن التلف، وذلك اآلن قابل للقسمة، فالمتصل منه أيضا قابل للقسمة، فإذا

قسم قسمين فالمتصل منهما أيضا قابل للقسمة، فال يتعين شئ من اآلنات لعدمتناهيها، لكونه متصال بآن التلف.

وتندفع هذه الشبهة: بأن الجزء الذي حكموا ببطالنه إنما هو بحسب األعم منالقسمة الفكية والغير الفكية أي الخارجية والفرضية، إذ من الواضح أن ما في الخارج

المحدود بحدين ال يمكن أن يكون غير متناه، وإال لزم تحديد الغير المتناهي وهوخلف، وإذ كانت القسمة الفعلية الخارجية متناهية فبوجدان خارجي غير قابل

للقسمة الخارجية الفعلية، وإن كان قابال للقسمة الفرضية الوهمية، واالنفساخ خارجاكسائر الخارجيات ال يحتاج إال إلى وعاء فعلي خارجي، فالعقد مثال كما يقع في آنخارجا وإن كان ذلك اآلن بحسب القسمة غير متناه ولم يلزم وقوع المتناهي في غير

المتناهي فكذا انفساخه، فتدبر جيدا.ونظير هذا االشكال في المخالفة للقاعدة العقلية (١) اشكال آخر ذكروه في تقوية

جانب القول بالغرامة، من أن االنفساخ بالتلف المتأخر يلزمه تقدم المعلول علىالعلة وهو محال، بخالف الغرامة فإنها معلولة للتلف وتحدث بحدوثه فتقارنه زمانا،

وإن كان التلف متقدما عليها تقدما بالعلية.ويندفع هذا االشكال: بأن سببية التلف أو شرطيته غير مفروضة ال بحسب لسان

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (الفعلية).

(٣٢٣)

Page 329: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

األخبار، وال بحسب ظاهر القاعدة القاضية بأن التلف في زمن الخيار ممن ال خيار له،أو القائلة بأن كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه، بل لنا أن نقول إن بقاء العقد

شرعا منوط بعدم القبض في اآلن المتصل بآن التلف، وأن بقاءه مشروط بعدمانقضاء الخيار في اآلن المتصل بآن التلف، والشرط على التقديرين مقارن لالنفساخفي باب التلف قبل القبض، وفي باب التلف في زمان الخيار، وكون عدم القبض أو

عدم انقضاء الخيار مالزما للتلف ال يستدعي شرطية التلف بوجه حتى يعودالمحذور.

ومنها: أن تلف الجزء الذي يقبل تقسيط الثمن عليه كتلف الكل من حيث انحاللالعقد بالنسبة إليه ورجوع ما يوازيه من عين الثمن، وأما الوصف والجزء الذي

ال يتقسط الثمن عليه فانفساخ العقد باإلضافة إليه غير معقول، لفرض عدم مقابلتهبالثمن، فلذا اتفقوا على أن الحكم فيه جواز الرد أو مع األرش بنحو التخيير كما في

خيار العيب.والمستند لذلك ما أفاده المصنف (قدس سره) في مسألة التلف قبل القبض من أن

مقتضىكون التلف من البائع فرض العقد كأن لم يكن بالنسبة إلى الكل أو الجزء الذي يتقسطعليه الثمن، وهو فرض كونه ملك البائع قبل التلف، وفرض العقد كأن لم يكن بالنسبةإلى ما ال يتقسط عليه الثمن، مع فرض وقوع العقد على الموصوف بما هو موصوفبالصحة هو عدم وقوع العقد قبل التلف على المتحيث بهذه الحيثية، والزمه وقوعه

على ذات المتحيث، وانفساخ العقد باإلضافة إلى الحيثية دون ذات المتحيثمرجعه إلى وقوع العقد على المعيب، فيجري عليه حكم خيار العيب من التخيير بين

الرد واالمساك باألرش.وهذا البيان على تقدير تماميته ال يقتضي اجراء حكم العيب، إذ ال دليل على

الخيار إال في مورد تعلق العقد بالمعيب حدوثا، ال األعم منه ومن تعلقه بالمعيببقاء، ولذا قام بصدد اصالحه بعض أجلة المحشين (رحمه الله) (١) مدعيا من أن الزم

كون--------------------

(١) حاشية اليزدي ٢: ٧٦ سطر ١٩.

(٣٢٤)

Page 330: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التلف من مال البائع مطلقا تنزيل التلف قبل القبض أو قبل انقضاء الخيار منزلة التلفقبل العقد، والزم ورود العقد على التالف بذاته قبل العقد عدم تأثيره مطلقا، وعلى

التالف بجزئه عدم تأثيره في الجزء التالف، وعلى التالف بوصفه تأثيره في ذاتالموصوف دون وصفه، وورود العقد على المعيب قبل العقد يقتضي اجراء أحكامبيع المعيب، وقد قدمنا في مباحث (١) خيار العيب أن كون التلف من البائع فعاليقتضي عدم ملك المشتري فعال، وثبوت ملك البائع فعال، ال عدم ملك المشتري

قبال ليترتب عليه حكم وقوع العقد على المعيب.ويمكن أن يقال: - وإن كان على خالف المشهور - أن ملك الوصف على حد العقد

عليه عرضي تبعي، فالعقد على الموصوف عقد على ذاته بالذات، وعلى وصفهبالعرض، وكذا ملك الموصوف ملك لذاته بالذات ولوصفه بالعرض، لعدم استقاللالوصف بالملكية والعقدية، وكما أن ثبوتهما باإلضافة إلى الوصف بالعرض، فكذاارتفاعهما فسخا أو انفساخا بالعرض، وحيث إن ما بالعرض تابع لما بالذات ثبوتاونفيا فإذا دل الدليل باطالقه على أن التلف بمراتبه يوجب االنفساخ فتلف الوصف

يوجب االنفساخ بتبع انفساخ العقد عن الموصوف، فيكون كاشفا عنه كشفالمعلول عن علته، وما بالعرض عما بالذات، وال يخفى أن ظاهر أخبار خيار الحيوان

أو الشرط المتكفلة لكون التلف من البائع هو أن نحو ضمان الحدث نحو ضمانالتلف، فيؤكد ما ذكرناه من أن االنفساخ في جميع مراتب التلف ولو لم نقل

بظهورها، فاألظهر أن ثبوت الغرامة هو المتيقن منها دون الرد.نعم له الرد بخيار الحيوان والشرط، ال بخيار آخر من قبل حدوث الحدث، فال

وجه للتسالم على الرد، واالختالف في األرش كما ينسب إلى المشهور، وسيجئ (٢)إن شاء تعالى ما يتعلق بالتلف قبل القبض في محله.

ومنها: أن االتالف حكمه مغائر لحكم التلف، ألنه إما من ذي الخيار، أو ممنعليه الخيار، أو من األجنبي، أما إذا كان من ذي الخيار فهو تصرف منه فيسقط خياره،

--------------------(١) ح ٤ تعليقة ٣٤١.

(٢) تعليقة ١٤٩.

(٣٢٥)

Page 331: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وأما إن كان ممن عليه الخيار فلذي الخيار أعمال الخيار والرجوع بالثمن أو بدله، ولهاالمضاء والرجوع بقيمة التالف، غاية األمر أنه إذا اختار الفسخ - الذي مقتضاه عود

المبيع بماليته إلى الفاسخ والمفروض اشتغال ذمة المفسوخ عليه للفاسخ قبال -تكون الذمة باقية على حالها، فهي حدوثا من باب ضمان الغرامة وبقاء من اقتضاء

الفسخ، وال مانع منه، وليس للعين ماليتان حتى يؤثر كال السببين، نعم إذا كان هناكتفاوت في القيمة كانت العبرة بقيمة المبيع حال الفسخ المقتضي لعود مالية العين

حال رجوع العين.وأما إن كان االتالف من األجنبي ففيه وجوه ثالثة:

أحدها: رجوع الفاسخ بقيمة عينه إلى المتلف.ثانيها: رجوعه إلى المفسوخ عليه.

ثالثها: تخييره بين الرجوع إلى المتلف والمفسوخ عليه.أما وجه الرجوع إلى المتلف فأمران:

أحدهما: اقتضاء بدلية ما في ذمة المتلف للعين، فال بد من رجوع العين أو بدلها فيالفسخ، والمفروض أن بدلها في عهدة المتلف فالبدلية الذمية كالبدلية الخارجية،

فكما أن البدل الخارجي إذا كان عند أحد يستحق الفاسخ المالك له الرجوع إلى منكان عنده، فكذلك البدل الذمي إن كان في عهدة األجنبي.

ثانيهما: اقتضاء الفسخ، وذلك ألن شأن الفسخ تبدل إضافة الملكية، فالعين التيكانت قبل الفسخ طرفا إلضافة المفسوخ عليه تصير بالفسخ طرفا إلضافة الفاسخ،وكذلك العين التي هي في عهدة المتلف كانت طرفا إلضافة المفسوخ عليه تصير

بالفسخ طرفا إلضافة الفاسخ.وهذا التقريب أولى من تقريب المصنف (قدس سره) من فرض رجوع العين إلى الفاسخ

قبلالتلف أو قبل الفسخ، نظرا إلى أن وجه الرجوع إلى البدل منحصر في ورود التلفعلى ملكه، فيستحق الرجوع بقيمته من باب ضمان الغرامة، وقد مر مرارا أنه بال

موجب، لورود الملك على التالف ال التلف على الملك حقيقة، وفرض الملك قبل

(٣٢٦)

Page 332: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التلف لفرض ورود التلف عليه هو فرض التضمين الغرامي الذي ال يقتضيه الفسخبوجه، فما ذكرناه من الوجه أوجه.

وأما وجه الرجوع إلى المفسوخ عليه بعد اقتضاء الفسخ لتلقي الملك عينا وبدالمن المفسوخ عليه دون األجنبي الذي ليس طرفا للمعاملة، فهو بطالن الوجهين.

أما الوجه األول: فللفرق بين البدل الخارجي والذمي، فإن العين الخارجيةمحفوظة التشخص بتوارد اإلضافات عليها، بخالف البدل الذمي فإنه متشخص

بأطرافه من ذي الذمة ومن له ما في الذمة، ويستحيل تبدل اإلضافات وانحفاظ مافيها، فالكلي المتقوم بذمة زيد لعمرو له (١) حصة خاصة، والكلي المتقوم بذمة زيد

لبكر حصة أخرى، ومن الواضح أن اشتغال ذمة زيد لعمرو باتالف ماله صحيحبموجب للضمان، واشتغال ذمته لبكر من دون موجب لضمان الغرامة ومن دونموجب للطرفية للمعاوضة المفروضة غير صحيح، فما معنى رجوع الفاسخ عليه.وأما الوجه الثاني: فألن الفسخ ال بد وأن يرد على ما ورد عليه العقد، ألنه بديله،

وما ورد عليه العقد هي العين بماليتها، وتبدل اإلضافة باإلضافة إلى العين الشخصيةصحيح كما مر، وأما باإلضافة إلى البدل الذمي فتبدلها مساوقة لتبدل ما في الذمة،

وهذه الحصة باقتضاء االتالف ال باقتضاء العقد، فكيف يقتضي الفسخ الذي هوبديله الرجوع بها؟!

وال حاجة إلى ما أفاده المصنف (قدس سره) موافقا لتقريبه من رجوع العين المضمونةلمالكها على متلفها، والعين الموصوفة بهذا الوصف تسترد من المالك، ال من

المتلف، مع أن المردود هي العين بماليتها، فإنها التي ورد عليها العقد، ال العينالمضمونة لمالكها حتى يقتضي الفسخ رجوع ما هو كذلك ليختص الرجوع بالمالك،

فتدبر.وأما وجه التخيير بين الرجوع إلى المالك وإلى المتلف فهو اجتماع سببين

للضمان.--------------------

(١) وفي األصل (المتقوم بذمة زيد له لعمرو حصة خاصة).

(٣٢٧)

Page 333: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ويندفع: بأن االتالف سبب الضمان، لكنه للمالك وهو المفسوخ عليه لورودهعليه حال كونه ملكا له، فال معنى لجعله طرفا للتخيير، فال محالة يتعين أحد األمرين

من الرجوع إلى المفسوخ عليه أو المتلف كما عرفت.ثم إعلم أن ما أفاده (قدس سره) من رجوع الفاسخ على المفسوخ عليه أو على المتلف

أويتخير في الرجوع بيان لكلي المسألة، ونظره (قدس سره) إلى ذلك، وإال فال ينطبق

عباراته هناعلى المسألة المبحوث عنها هنا، وهي ما إذا كان الخيار للمشتري وأتلف المبيعشخص أجنبي، فإن الفاسخ هو المشتري، والمفسوخ عليه هو البائع، والتالف هو

المبيع، وله الرجوع على البائع بالثمن ال ببدل التالف ليتصور الرجوع منه تارة علىالبائع، وأخرى على األجنبي، وثالثة يتخير بينهما، والمفسوخ عليه هو البائع، وال يدله على المبيع، نعم إذا كان الخيار للبائع وتلف المبيع بيد المشتري باتالف األجنبي

صح جميع ما فرضه من الصور من دون محذور.حكم تسليم العوضين في زمان الخيار

- قوله (قدس سره): (ما ذكره في التذكرة (١) فقال ال يجب على البائع... الخ) (٢).بعد فرض كون كل من العوضين ملكا لمالكه، والناس مسلطون على أموالهم، فاليمكن سلطنة الغير على االمساك مع مطالبة مالكه، وغاية ما يمكن تقريب ما أفاده

العالمة (رحمه الله) في التذكرة وتفرد به في خصوص هذا الكتاب ما أشرنا إليه سابقا:من أن

معنى الخيار أن زمام أمر العقد بمقتضياته بيد من له الخيار، ومن مقتضياته التسليم،ومع فرض أن زمام أمر التسليم بيده حيث إن زمام سببه ومقتضيه بيده ال يعقل

سلطنة من عليه الخيار على تسلمه من حيث كونه ملكا له، كما ال يعقل مع هذهالسلطنة وجوب التسليم عليه.

ويندفع: بأن التسليم بنفسه ليس من مقتضيات العقد وال الملك، ألنه ليس أثراشرعيا وال عرفيا، ليكون له ترتب شرعي أو عرفي على العقد، بل خارجي، وإنما

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٣٧ سطر ٣٠.

(٢) كتاب المكاسب ٣٠٢ سطر ٢١.

(٣٢٨)

Page 334: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الذي يكون مقتضى العقد أو الملك وجوب التسليم عند مطالبة مالكه، ومثله ال يعقلأن يكون كالعقد تحت سلطان ذي الخيار، فإن المكلف له السلطنة على التسليم العلى حكمه، نعم حيث إن ذا الخيار له السلطنة على حل العقد فله السلطنة على رفع

موضوع وجوب التسليم، والسلطنة على رفع موضوعه يجامع وجوب التسليم معبقاء موضوعه.

وأما ما احتمله من أن مرجعه إلى وجوب أحد األمرين فغير صحيح، إذ الموجب لتوهم وجوب الفسخ حتى يقال يجب عليه إما الفسخ وإما التسليم، كما أنه

ال معنى للتخيير بين الفسخ ووجوب التسليم، وأما السلطنة على الفسخ أو التسليمفليس معناها وجوب أحد األمرين، بل جواز أحد األمرين، وال معنى معقول له هنا

إال ما بيناه من أنه له السلطنة على الفسخ فله السلطنة على ترك التسليم باعدامموضوعه، ال في عرض السلطنة على اعدام موضوعه.

بقاء الخيار مع تلف العين- قوله (قدس سره): (ال يسقط الخيار بتلف العين... الخ) (١).

المعروف ابتناء النزاع على أن حق الخيار متعلق بالعقد فال يسقط مع تلف العين،أو متعلق بالعين وأنه بمعنى حق الرد واالسترداد فال يبقى مع تلف العين، وقد نبهنامرارا على خالفه، وأنه يمكن تعلقه بالعقد ولضيق دائرة موضوعه يسقط الحق، ولو

مع بقاء العقد، ويمكن تعلقه بالعين ولكنه مع سعة دائرة موضوع الحق يبقى مع تلفالعين فنقول:

أما إذا قلنا بتعلقه بالعقد وأنه حق حل العقد فالعقد المعنوي اللبي االعتباري أمرقابل للبقاء وهو الذي ينحل، ال االنشائي الذي ال بقاء له، والمعدوم ال يحل، وأنالعقد وهو القرار المعاملي وإن لم يكن مستقال في التحصيل، بل ال بد من تعلقهبالملكية ونحوها إال أن المقوم لهذا األمر االعتباري هي الملكية العنوانية في أفق

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣٠٢ سطر ٢٧، وفيه (ال يبطل الخيار...).

(٣٢٩)

Page 335: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

القرار المعاملي، ال الملكية االعتبارية القائمة بمعتبرها، فزوال الملكية الحقيقية اليوجب انعدام الملكية العنوانية حتى ينحل العقد المعنوي االعتباري، فتلف العين

بل زوال الملكية الحقيقة ال يوجب انعدام موضوع حق الخيار إال إذا ثبت في موردأن الحق أخذ على وجه مخصوص، وهو حق حل العقد المتعلق بالعوضين

بشخصهما بحيث تعود العين بنفسها إلى صاحبها بفسخ العقد، ال بماليتها المحفوظةولو ببدلها، فالعقد حينئذ وإن كان إلى اآلخر باقيا، إال أن أعمال الحق ممتنع لضيق

دائرته.وأما إذا قلنا بتعلقه بالعين فالمردود ليس هي العين خارجا بل ملكا، بمعنى أن

الخيار حق استرداد الربط الملكي، ومن البين أن الربط الملكي القائم بالعين ال بقاء لهمع تلف العين، والعرف ال يعتبرون مالكية الشخص ألمواله التالفة، فطبع رد الربط

الملكي يقتضي سقوط الحق مع تلف العين، إال أنه ال ريب في امكان أعمال الخيارفي باب العيب المنوط ببقاء العين، فإن الثابت هناك رد العين المعيبة إذا تلف الثمن

بيد البائع، مع استحالة انحالل المعاوضة برد المعيب فقط وعدم استرداد الثمنالتالف.

فيعلم منه أن حق الرد أيضا له عرض عريض، وكذا في باب بيع الخيار فإن تلفالثمن ولو بتوارد العقود الناقلة الالزمة عليه منصوص في أخباره، ومع ذلك فالخيار

باق، فيعلم منه سعة دائرة الرد أيضا في باب الخيار، أما بجعل الرد عنوانيا وإن كان لباتملكا جديدا، وإما بجعل الرد حقيقيا والمردود عنوانيا بجعل المردود هي الملكيةالعنوانية المقومة للعقد، فتارة ينحل القرار فينحل الربط الملكي العنواني، وأخرى

ينحل الربط العنواني فينحل القرار المعاملي.وإما بجعل الرد والمردود كليهما حقيقيا بتقريب أن الملكية ليست من األعراضالمتأصلة حتى تحتاج إلى موضوع محقق في الخارج، بل أمر اعتباري، وحدوثهوبقاءه يتبع المصلحة في االعتبار، والعرف إنما ال يعتبر ملكية التالف لعدم األثر

(٣٣٠)

Page 336: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المرغوب منه، وأما إذا فرض هناك أثر يترقب ترتبه عليه [كاعتبار] (١) حق الخيارالذي قد اقتضت المصلحة ثبوته، فال محالة يعتبر بقاء اعتبار الملكية بعد التلف

إلعادة الربط الملكي بأعمال الخيار، فالرد حقيقي ال عنواني، والمردود حقيقي، ألنالباقي عين الحادث ال عين المقوم للقرار المعاملي حتى يكون عنوانيا، فتدبره فإنه

حقيق به.هذا كله بمالحظة مقام الثبوت وامكان بقاء الخيار مع التلف تارة وعدمه أخرى،

سواء كان بمعنى حق حل العقد أو حق الرد واالسترداد.وأما بمالحظة مقام االثبات: فقد مر منا سابقا مرارا أن ما كان عنوانه الخيار ال يراد

به إال حق حل العقد، ولذا قوبل في بعض األخبار بالوجوب الذي ال إضافة له إال إلىالعقد، وال يراد منه إال الثبوت المستقر، وما كان عنوانه الرد فهو أيضا مضاف إلىالبيع، وظاهره البيع بمعنى المعاملة الخاصة، ال المبيع بإرادة المبني للمفعول، ومن

الواضح أن رد المعاملة البيعية في قبال استقرارها عبارة أخرى عن حل العقد فيقبال ثبوته وقراره، فصح أن يقال إن األصل بقاء الخيار مع تلف العين إال إذا ثبت

اعتبار بقائها في خصوص مورد، كما ثبت في خيار العيب بالنسبة إلى المعيب، البالنسبة إلى الثمن، وقد تكرر منا في هذه التعليقة جملة مما يتعلق بخصوصيات

المقام (٢) فال نعيد.العين مضمونة بعد الفسخ

- قوله (قدس سره): (فالعين مضمونة في يده... الخ) (٣).الضمان تارة يراد منه ضمان الغرامة، وأخرى ضمان المعاوضة الذي أثره انفساخ

العقد بالتلف قبل القبض أو في زمان الخيار، وثالثة مجرد كونه معوضا بعوض فيالعاملة، وال ريب أن هذا المعنى األخير ال بقاء له بعد الفسخ قطعا، فال معنى ألن

--------------------(١) كلمة غير واضحة في األصل يحتمل أنها ما أثبتناه.

(٢) ح ٤ تعليقة ٣٤٠، وما بعدها، تعليقة ١٢٠.(٣) كتاب المكاسب ٣٠٣ سطر ١٣.

(٣٣١)

Page 337: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تكون العين مضمونة بهذا الضمان، وانتفاء الخصوصية من حيث المسمى وبقاءأصله بال موجب، والضمان بالمعنى الثاني قد زال بالقبض ولم يبق موضوع له بعد

الفسخ، إذ ال عقد حتى يبقى انحالله وانفساخه بالتلف في زمان الخيار، حيث ال عقدوال خيار فال يعقل بقاء الضمان بهذا المعنى.

والضمان بالمعنى األول أمر معقول إال أن العين قبل الفسخ كانت ملكا لمن بيده،ويستحيل ضمان الغرامة للشخص في ماله، فال معنى لبقاء ما لم يثبت، بل كان

ممتنعا فال معنى لقوله (رحمه الله) (ألنها كانت مضمونة قبل الفسخ) فال مضمنبضمان

الغرامة بعد الفسخ إال اليد، وحيث إنها ليست أمانية من المالك، واألمانة الشرعية الدليل عليها، فال بد من القول بكون العين مضمونة من دون فرق بين ما يكون بيدالفاسخ وما بيد المفسوخ عليه، واالقدام على الفسخ ليس تأمينا مالكيا للمفسوخ

عليه كما هو واضح.* * * *

(٣٣٢)

Page 338: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

النقد والنسيئة

(٣٣٣)

Page 339: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

النقد والنسيئة- قوله (قدس سره): (اطالق العقد يقتضي النقد... الخ) (١).

توضيح المقام برسم أمور:منها: أن البيع المؤجل هل هو تمليك شئ بإزاء شئ مؤجل، بحيث يكون

الثمن شيئا خاصا؟ أو تمليك بعوض معلق على مضي األجل بحيث يكون األولكالواجب المعلق، والثاني كالواجب المشروط؟ أو تمليك شئ بشئ فعال تمليكا

ومملوكا بشرط التأخير في األداء إلى رأس المدة المعلومة؟ واطالق العقد وتقييدهبلحاظ مدلوله المطابقي على األول والثاني، وبلحاظ مدلوله االلتزامي على الثالث.

بيانه: أن مدلول البيع متقوم بالملكية والعوضين، ومعنى اطالق الملكية عدمكونها معلقة على شئ، وفي قباله تقييده، واطالق العوضين عدم تقيدهما بقيد

يوجب ضيق دائرتهما، وفي قباله تقييدهما بما يكون المبيع شيئا خاصا، والثمنكذلك، وأما لزوم األداء بعد العقد فهو من لوازم الملك، فإن الناس مسلطون علىأموالهم، فمع المطالبة يجب األداء، ألن سلطنة المشتري على ترك األداء مزاحمةلسلطان المالك على ملكه، وهي منفية عقال مع ثبوت سلطنة المالك على ماله،

والتقييد المقابل لهذا االطالق عدم لزوم األداء إلى رأس الشهر مثال، وال يخفى عليكأن التأجيل في البيع على ما هو المعروف بالمعنى الثالث دون األولين، وظاهر

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣٠٣ سطر ٢١.

(٣٣٤)

Page 340: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

شيخنا األستاذ (قدس سره) في تعليقته (١) على الخيارات في بعض المباحث اآلتية هواألول

من المعاني مع احتماله أيضا للثاني.والتحقيق: أن األجل وإن أمكن أن يكون معلقا عليه التمليك إال أنه ال تعليق في

البيع اجماعا، وأما كون المملوك خاصا فهو غير معقول، ألن الزمان وإن كان يمر علىاألعيان لكنها ال تتقدر به، بخالف المنافع فإنها تدريجية الوجود فتتقدر بالزمان، فال

معنى للدرهم في هذا اليوم أو الدرهم الغدي، بخالف منفعة الدار في هذا اليوم أوفي الغد، فال محالة يكون التأجيل تقييدا للمدلول االلتزامي، واطالقه كذلك كما

عرفت، ومنه تعرف متانة تعليل العالمة (قدس سره) في التذكرة (٢) بما ذكره (رحمهالله) في المتن.

ومنها: أن شرط التعجيل هل هو مؤكد الطالق العقد أم ال؟والتحقيق: أن شرط التعجيل يتصور على وجوه:

أحدها: شرط حق التعجيل بنحو النتيجة، ومثله غير مؤكد الطالق العقد، فإنه اليقتضي إال بقاء سلطنة المالك على ماله، ال أنه له حق زائد على ملكه، ويترتب على

مثله ما ال يترتب على غيره، فإنه قابل لالسقاط دون غيره.ثانيها: شرط نفس التعجيل واالسراع في األداء مطلقا، طالبه المالك أم ال، وهذا

أيضا غير مؤكد الطالق العقد، فإن اطالقه بمالحظة مدلوله االلتزامي ال يقتضي إاللزوم األداء عند المطالبة، فإن الزم الملك سلطنة المالك على ماله، فله المطالبة،

فليس لغيره االمتناع، وإال لكان مزاحما لسلطانه، بخالف عدم األداء مع عدمالمطالبة فإنه ال يكون مزاحما لسلطان المالك.

ثالثها: اشتراط التعجيل في زمان معين ولو مع عدم المطالبة، وهو أيضا ال يكونمؤكدا لما عرفت.

رابعها: اشتراط التعجيل في أول أزمنة االمكان أو باالطالق المنصرف إليه، ولكنهمع المطالبة، وال ريب في أنه مؤكد الطالق العقد المقتضي لألداء مع المطالبة،والمراد كونه مؤكدا من حيث متعلقه، ال بلحاظ حكمه أيضا وهو الخيار عند

--------------------(١) حاشية اآلخوند ٢٦٨.

(٢) التذكرة ١: ٥٤٦ سطر ١٧.

(٣٣٥)

Page 341: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التخلف، بل وال من حيث استحقاق التعجيل [و] (١) ال لزومه فقط فإنه أثر االشتراطال مما تعلق به االشتراط كما مر (٢) في شرط النتيجة، كما أن المراد من اشتراط

التعجيل حتى مع عدم المطالبة هو عدمها بعد العقد والشرط، ومن الواضح أنعدمها بعد العقد ال يكشف عن الرضا بالتأخير ليكون منافيا لوجوب األداء مطلقا،

فإن اشتراط التعجيل في أول أزمنة االمكان مساوق للمطالبة في أول أزمنة االمكان،فال حاجة إلى مطالبة متجددة حتى يكون عدمها كاشفا عن الرضا بالتأخير المنافي

لوجوب األداء.خامسها: ما أضافه بعض األعالم (رحمه الله) (٣) إلى سائر األقسام، وهو شرط عدم

حقللمشتري في التأخير، فإنه كشرط حق التعجيل يرجع إلى شرط النتيجة، لكنه مؤكدالطالق العقد، فإن شرط التأجيل كان مقتضاه حق التأخير وعدمه الذي - هو معنىاالطالق - مقتضاه عدم حق التأخير، فالشرط إذا تعلق بعدم حق التأخير كان مؤكدا

الطالق العقد.وفيه أوال: ما عرفت من أن مقتضى شرط التأجيل سلطنة المشتري على التأخير

المقيدة لسلطنة المالك على مطالبة ماله متى شاء، ال أن مقتضاه حق التأخير ليكونمقتضى االطالق عدم حق التأخير حتى يكون شرط عدمه مؤكدا له.

وثانيا: عدم معقولية شرط النتيجة هنا فإنه ليس المتعلق أمرا ثبوتيا حتى يكونمفاده اثبات الحق بالشرط نظير شرط حق الخيار، وال هنا مقتضي ثبوت الحق حتىيكون شرط عدمه المقارن لمقتضيه مانعا عن فعلية مقتضاه كشرط عدم الخيار في

ضمن العقد المقتضي للخيار، وهل هو إال كشرط عدم ملكية دار زيد للمشتريمثال؟! فإنه معدوم بعدم علته، فال معنى الشتراط عدمه.

وثالثا: لغوية هذا الشرط، فإنه لواله لم يكن حق للمشتري في التأخير، وال يترتبعلى تخلفه الخيار كشرط عدم التأخير، فإن النتيجة ال تخلف عنها، بل إما يثبت أو ال

--------------------(١) إضافة يقتضيها السياق.

(٢) تعليقة ٨٠.(٣) حاشية الميرزا محمد تقي الشيرازي ٢: ٨٩.

(٣٣٦)

Page 342: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

يثبت، فتدبره فإنه حقيق به.ومن جميع ما ذكرنا تبين أن شرط التعجيل مؤكد لالطالق على الوجه المتعارف

للشرط، وهو االسراع عند المطالبة وعدم المماطلة في األداء، فاندفع ما أوردهصاحب الجواهر (قدس سره) (١) من أن شرط التعجيل ال يكون مؤكدا كما ذكره

الفقهاء.ومنها: أن التعجيل له مراتب، ومطلقه في قبال مقيده وهو التعجيل في زمان معين

يكون اشتراطه من شرط المجهول كما عن صاحب الجواهر (رحمه الله) (٢) ايراداعلى الفقهاء

القائلين بصحة شرط التعجيل.ويندفع: بأن المراد من االطالق في التعجيل ليس الال بشرط القسمي، وهو لحاظ

التعجيل ال مقترنا بزمان خاص وال مقترنا بعدمه، بل مجرد عدم التقييد بزمان معين،وربما يفيد عدم التقييد بزمان معين اثبات خصوص زمان لعدم الحاجة إلى التنبيه

عليه دون غيره كاالطالق المقتضي للوجوب التعييني والعيني والنفسي، فإنالتعجيل المطلق هو التعجيل في أول أزمنة االمكان، فإنه ال يحتاج إلى التنبيه عليه

دون غيره من مراتب التعجيل، كما في ثبوت الماء المطلق في قبال المضاف، والبيعالمطلق في قبال صنف خاص وهكذا، ومع تعين أول أزمنة االمكان عند عدم تقييده

بخصوص زمان ال جهالة في الشرط.ومنها: ما أورده صاحب الجواهر (٣) (رحمه الله) أيضا من حكم الفقهاء بالخيار من

دون تقييدبعدم امكان االجبار، مع أنه ال بد منه، ودفعه المصنف (قدس سره) بوجهين:

أحدهما: أن الخيار مترتب على فوات التعجيل، ال على نفس التعجيل، فمايترتب على الخيار ليس فيه موقع االجبار، وما يمكن فيه االجبار وهو التعجيل لم

يترتب عليه الخيار حتى يقيد باالجبار، فاالجبار سواء كان ممكنا أو غير ممكن فهوأجنبي عن موضوع الخيار، وليس غرض المصنف (قدس سره) مجرد أن الكالم هنا في

أصلالخيار ال في اثباته بشرائطه، حتى يجب بيان االجبار المتفرع على تعذره الخيار، فإنه

--------------------(١) جواهر الكالم ٢٣: ٩٨.(٢) جواهر الكالم ٢٣: ٩٩.(٣) جواهر الكالم ٢٣: ٩٨.

(٣٣٧)

Page 343: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وإن كان وجيها إال أنه ال يدفع ايراد صاحب الجواهر (قدس سره)، فإنه مبني على أنالظاهر من

حكمهم بالخيار بمجرد ترك التعجيل ثبوت الخيار فعال ال اقتضاء، وكون البحث منحيثية خاصة.

وثانيا: أن أول أزمنة االمكان عرفا هو زمان األداء، ومثله غير قابل لالجبار، وقبلهال حق للبائع حتى يسوغ له االجبار، وبعد زمان االنقضاء ال معنى لالجبار، فإنه ليس

اجبارا على التعجيل المشترط لفوات موضوعه بانقضاء أول أزمنة االمكان.فالجواب األول ناظر إلى أن موضوع الخيار غير قابل لالجبار، والجواب الثاني

ناظر إلى أن قبل زمان تحقق موضوع الخيار أيضا ال موقع فيه لالجبار.البيع بثمن حاال وبآخر مؤجال

- قوله (قدس سره): (لو باع بثمن حاال وبأزيد منه مؤجال... الخ) (١).المعاملة بأحد الثمنين حاال ومؤجال يتصور على وجوه:

أحدها: البيع بأحد الثمنين على نحو الترديد، وهو غير معقول، فال تصل النوبة إلىاالستدالل على فساده بدليل شرعي، ووجه االستحالة أن المردد ال ثبوت له ذاتا

وهوية وماهية ووجودا، ألن ما ال تعين ماهوي له ال يكون بحسب وجدانه ماهية منالماهيات، وما ال تعين وجودي له ال وجود له، فإنه عين التشخص، وما ال ثبوت له

بوجه يستحيل أن تتشخص به الملكية اإلضافية أو تتقوم به، وال فرق فيه بينالصفات الحقيقية واالعتبارية كما يظهر من المصنف (قدس سره) في مسألة بيع صاع

منالصبرة (٢)، بمالحظة أن الملكية أمر اعتباري ال متأصل، وال بأس بقيام األمر االعتباري

بالمردد.وجه الفساد أن كل هوية حقيقية أو اعتبارية إذا كانت تعلقية غير مستقلة في

التحصل فال محالة ال توجد بنحو وجودها إال متعلقة بمتعلقها، وما ال تعين له في أفقاالعتبار يستحيل أن يتعلق به أمر اعتباري بحيث يتحقق هوية اعتبارية، وبقية الكالم

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣٠٤ سطر ١٦.(٢) كتاب المكاسب ١٩٥ سطر ٢٧.

(٣٣٨)

Page 344: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تطلب من غير المقام.ثانيها: البيع بأحد الثمنين على نحو التخيير بمعني البيع بما يختاره من أحد

الثمنين، ومختاره فيما بعد له تعين في الواقع في علم الله تعالى، فال ترديد في الثمنوال مانع من صحة مثله إال مجرد جهالة الثمن عند ايقاع المعاملة ال الغرر، فإنه ال خطر

فيه بوجه كما هو واضح.ثالثها: البيع بدرهم مثال حاال وشرط زيادة درهم إلى شهر مثال، وال كالم عندهم فيبطالن التأجيل في قبال الزيادة فإنه من الربا، إنما الكالم في صحة البيع وجواز التأخير

مع عدم المطالبة كما في سائر البيوع الحالة.أما صحة البيع فال مانع منها إال وقوع الشرط الفاسد في ضمنه، وقد قدمنا أنه غير

مفسد، وتوهم تقيد الرضا المعاملي بالشرط مدفوع بما قدمناه (١) في البحث عن كونالشرط الفاسد مفسدا، وأنه غير موجب النتفاء الرضا الفعلي المنوط به المعاملة،

خصوصا مثل هذا الشرط الذي ال يوجب وجوده وعدمه تفاوتا في وقوع المبيع بإزاءالدرهم، وأن الدرهم الزائد في قبال األجل كما هو واضح.

وأما تقيد الرضا بالتأخير باستحقاق الدرهم الزائد فمع عدم سالمة الدرهم الزائدال رضا بالتأخير فمدفوع بأن الرضا غير معلق، حتى ال يكون فعليا إال بعد تحققالمعلق عليه المفروض عدمه، وال مقيد حتى يتوهم أن المقيد منتف بانتفاء قيده،بل من الرضا بالمقيد وهو التأخير بالزيادة وهذا االشتراط الفعلي عن رضا مطلق

فعلي لم يؤثر، فعدم الرضا على تقدير عدم النفوذ تقديري ال أن الرضا تقديري، كماأوضحناه في المبحث المتقدم.

وعليه فالمعاملة المشروطة بالتأجيل بالعوض صحيحة، وحالها حال سائر البيوعالحالة فتكون كالمعاملة بال شرط، وحينئذ يمكن تنزيل ما في الروايتين عن أمير

المؤمنين (عليه السالم) على هذا القسم، والمراد من نفوذ البيع باألقل من الثمنين فيأبعد

األجلين أن المبيع يؤثر في الثمن األقل فقط دون الزيادة بالشرط، وأنه إذا أخر إلى--------------------

(١) تعليقة ٩٨.

(٣٣٩)

Page 345: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أبعد األجلين ال يستحق إال أقل الثمنين، وال يبعد أن يقال إن البيع بثمنين على هذاالنحو عرفا بمعنى أنه يبيع بدرهم لكنه إن أخره إلى شهر فعليه درهمان.

وأما تنزيل الروايتين على التعبد بأقل الثمنين في أبعد األجلين في فرض البيعبالمردد أو بما يختار فهو مخالف لقواعد كثيرة، أعظمها أنه تعبد بملكية األقلمؤجال بال سبب معاملي، ال تعبد بصحة البيع بما هو بيع، إذ هو متقوم بالقصد

المنتفي هنا وجدانا فهو ابطال للبيع على أي تقدير، وتعبد بغير البيع ال بالبيع بالغاءشرط أو شروط حتى يعقل التعبد به.

ثم إن ما ذكرنا من الصورة الثالثة التي نزلنا عليها الروايتين ال يقتضي إال صحة البيعباألقل مع جواز التأخير كالبيع الحال، وأما لزوم التأخير من طرف البائع فال يقتضيه

البيع المشروط بالوجه المذكور، وربما يستفاد من الروايتين استحقاق المشتريللتأخير إلى أبعد األجلين، وقد حكي عن الدروس (١) لزوم األجل من طرف البائع.

وأما ما أفاده المصنف (قدس سره) في تصحيح ذلك بأن الزيادة ليست في قبال التأخيرحتى إذا لم يستحق البائع للزيادة ال يستحق المشتري للتأخير، بل في قبال اسقاط

حق مطالبة البائع إلى شهر.فهو مندفع: بأن حق المطالبة ليس إال السلطنة على المطالبة، ال أنه حق حتى

يقبل االسقاط، مع أن مقابل الزيادة إن كان سقوط الحق بنحو شرط النتيجة فمع عدمنفوذ الشرط ال نتيجة، وإن كان اسقاط الحق بنحو شرط الفعل فإذا لم يستحق البائع

الزيادة على المشتري ال يستحق المشتري اسقاط حق المطالبة على البائع.وأما اصالحه بأن حق المطالبة غير قابل للمقابلة ألن المشتري ال يعقل أن يقومبه حق المطالبة كما يقوم به ملك الزائد بالبائع، إذ ال معنى الستحقاق الشخصالمطالبة عن نفسه، بخالف حق التأخير فإن المشتري له التأخير بسبب المقابلة

بالزيادة.فهو واضح الفساد، إذ ليس الكالم في مقابلة الزيادة لحق المطالبة، بل في قبال

--------------------(١) الدروس الشرعية ٣: ٢٠٣.

(٣٤٠)

Page 346: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

سقوط الحق بطور النتيجة، أو في قبال اسقاط الحق، واألول ال يقتضي القيام، بلالغرض منه سقوطه عنه، والثاني قابل للقيام بمعنى أن المشتري يستحق على البائع

هذا الفعل وهو اسقاط حق المطالبة.نعم إذا كان اسقاط الحق شرطا من البائع على نفسه، وكان الزيادة شرطا في ضمنهعلى المشتري ففساد الشرط ال يقتضي فساد شرط السقوط أو االسقاط المشروط

كما هو المبنى، إال أنه أمر آخر ال دخل له بالبيع بشرط األجل بالزيادة، مع أن البائعبعد فساد شرط الزيادة المأخوذ في شرط سقوط الحق أو اسقاطه له الخيار بناء على

أن فساد الشرط توجيه للمشروط له، فال يكون البائع ملزما بترك المطالبة وهوالمطلوب.

هل يجب القبول لو دفعه قبل حلول األجل- قوله (قدس سره): (لو تبرع بدفعه لم يجب على البائع القبول... الخ) (١).

ذكر (قدس سره) في هذه المسألة أمرين:أحدهما: وجوب قبول البائع للثمن الذمي قبل الحلول وعدمه

ثانيهما: أنه لو أسقط المشتري األجل الذي يستحقه هل يسقط وللبائع مطالبتهفي الحال أم ال

أما األول: فغاية ما يقال في وجه عدم الوجوب أمور:أحدها: ما عن التذكرة (٢) بأن التعجيل كالتبرع بالزيادة فال يكلف تقليد المنة.

وفيه: أن الزيادة مال ال يتعين ملكا للدائن إال بقبوله، فال يقاس بما هو ملكه،والتعجيل إنما هو في وفائه.

ثانيها: أن التأجيل كما هو حق للمشتري كذلك هو حق للبائع، نظرا إلى التزامالمشتري للبائع بحفظ ماله في ذمته، فله السلطنة على حقه دون حق البائع.

وفيه: أن التأجيل ال يقتضي إال تقييد ما لواله لثبت، وليس ذلك إال سلطنة البائع--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣٠٥ سطر ١٩.(٢) التذكرة ١: ٥٥٩ سطر ٢.

(٣٤١)

Page 347: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

على مطالبة الثمن متى شاء، والتأجيل يمنع عن هذه السلطنة إلى شهر مثال، فاليقتضي توجه اثبات حق للبائع زيادة على ماله في ذمة المشتري.

ثالثها: ما ذكره شيخنا األستاذ (قدس سره) (١) في األمر اآلتي من أن المملوك شئمؤجل،

فال ينطبق على المدفوع في الحال، بل احتمل (قدس سره) أن تكون الملكية معلقة علىمضي

شهر مثال، فال ملك له في ذمته أصال حاال حتى يتصور له الوفاء.وقد مر (٢) دفعه في أول النقد والنسيئة من أن األجل ال قيد للمملوك وال للملكية.رابعها: أن البائع له السلطنة على نفسه فله القبول وله تركه، وال يستحق المشتري

منه القبول حتى يكون امتناعا عن حق الغير أو مزاحما بسلطنة الغير، وهذا خيرالوجوه وسيجئ (٣) إن شاء تعالى في المسألة اآلتية الكالم في أصل الوجوب حتى مع

حلول الدين.وأما األمر الثاني: فالمانع من االسقاط أمور:

أحدها: ما عن جامع المقاصد (٤) من أنه قد ثبت التأجيل في العقد الالزم فاليسقط، وهو مبني على أنه ال حق للمشتري، فمرجع االسقاط إلى حل االشتراط،

وانحالل الشرط بانحالل العقد، وهو على الفرض الزم، وهذا غير بعيد لما مر من أنغاية ما يقتضيه التأجيل تقييد سلطنة البائع على مطالبة ماله ال اثبات حق للبائع وال

للمشتري، بل ما أفاده الشرط هو سلطنة المشتري على التأخير في األداء، وعدمسلطنة البائع على المطالبة قبل حلول األجل، خصوصا إذا قلنا بأن الشرط ال يوجبالحق مطلقا للمشروط له، نعم إذا تعلق الشرط هنا بحق التأخير بنحو شرط النتيجة

فهو ال شبهة في جواز اسقاطه، وبعدم حق للمشتري في التأخير بعده.ثانيها: ما عنه (قدس سره) أيضا من أن لصاحب الدين حقا في األجل، فإن أراد ما أفادهالمصنف (قدس سره) آنفا من أن البائع كالمشتري له حق فيندفع بما أفاده المصنف من

أنثبوت حق ال يمنع عن سقوط آخر.

--------------------(١) حاشية اآلخوند ٢٦٩.

(٢) تعليقة ١٣٤.

(٣) تعليقة ١٣٧.(٤) جامع المقاصد ٥: ٤١.

(٣٤٢)

Page 348: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وإن أراد أنه حق واحد متقوم بطرفين فال يسقط باسقاط أحدهما، بخالف ما إذااتفقا على اسقاطه فإنه كاتفاقهما على اثباته، ويشهد له ذكر التقايل المراد منه هنا

االتفاق على االسقاط.ففيه: أن وحدة الحق إنما يتصور إذا كان مثل إرث الخيار القائم بمجموع الورثة

دون ما نحن فيه، فإنه لو فرض الحق لكليهما فمعناه أنه للبائع حق تأخير االستيفاءعلى المشتري، وللمشتري حق تأخير الوفاء على البائع، ويستحيل وحدة مثل هذا

الحق مع تعدد أطرافه من جميع الجهات.ثالثها: ما عن التذكرة (١) من أن األجل صفة تابعة فال تستقل بالسقوط كما ال تستقل

بالثبوت، وال يستقيم هذا البرهان إال على كون المملوك شيئا مؤجال فال يقبلاالسقاط، ألن اسقاط ما للغير في ذمته ليس تحت سلطانه، وأما إذا كان متعلقا

للشرط، فالمتعلق هو التأخير، وهو فعل ال صفة، مع أن استحقاق الصفة بالشرطكاستحقاق كون العبد كاتبا ال مانع من اسقاطه، فعدم استقالله في الوجود غير عدم

استقالله في االستحقاق، ومناط جواز االسقاط هو الثاني دون األول.رابعها: ما عن المصنف (قدس سره) من أن مرجع شرط التأجيل إلى شرط سقوط حق

مطالبةالبائع، ومعنى نفوذ الشرط سقوط حق المطالبة، والساقط ال يعود باسقاط األجل، بل

ال معنى ألصل اسقاط األجل، حيث ال حق له بالشرط حتى يكون له اسقاطه، بلاستحق عليه سقوط حقه، فمرجع اسقاط األجل إلى إعادة الحق، وهو بال سبب.وفيه: أن حق المطالبة ليست من الحقوق القابلة لالسقاط أو لشرط سقوطه، بل

ليس لكل ذي مال إال السلطنة على ماله، ال أن له حقا زيادة على ملكه، بل مقتضىشرط التأجيل كما مر تضييق دائرة السلطنة على المطالبة وتأخيرها إلى شهر مثال،والحق كما أنه ال حق للبائع حتى من حيث المطالبة كذلك ال حق للمشتري من

حيث التأخير، فال شئ حتى يقبل االسقاط أو يرجع إلى إعادة الساقط.وخامسها: ما عن شيخنا األستاذ (قدس سره) (٢) من أن الثابت في البيع المؤجل ليس

إال ملكية--------------------

(١) التذكرة ١: ٤٩١ سطر ٢٠.(٢) حاشية اآلخوند ٢٦٨.

(٣٤٣)

Page 349: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الثمن المؤجل فقط، والزم هذا المملوك أنه ليس لمالكه المطالبة، وأنه لمن ملكهعليه جواز التأخير، فليس هناك حق يقبل االسقاط، والمملوك الذمي المؤجل غير

قابل لالسقاط بل لالبراء، والمفروض هنا بقاؤه في ذمته واسقاط أجله، وقد مر دفعهسابقا فراجعه (١).

إذا حل الدين هل يجب على مالكه قبضه عند دفعه- قوله (قدس سره): (إذا كان الثمن بل كان دين حاال... الخ) (٢).

تنقيح ما في هذه المسألة من الفروع برسم أمور:منها: في أصل وجوب قبول الدين بعد حلوله، وحيث إنه ال دليل على وجوبهبعنوانه فال بد من اثباته بعنوان آخر، وهو عنوان االضرار وعنوان الظلم فنقول:

أما انطباق عنوان االضرار على ترك القبول حتى يحرم فيجب نقيضه وهو القبولفيتوقف على أمرين، كون بقاء المال في ذمته ضررا عليه، وكون هذا الضرر مستندا

إلى الدائن حتى يكون اضرارا منه، وإال فمجرد ضررية شئ على أحد ال يالزموجوب فعل على آخر، أما عدم كونه ضررا عليه فالضرر هو النقص إما في النفس أوالطرف أو المال أو العرض، وبقاء المال في ذمته ال يوجب نقصا ال في نفسه وال في

أطرافه وال في ماله وال في عرضه، والكل واضح.وأما عدم االستناد إليه فألن عدم كون الذمي في الخارج - وإن استند إلى ترك

القبول وهو مستند إلى الدائن - إال أن الكون في الخارج والكون في الذمة متضادان،وليس عدم الضد مقدمة لوجود ضده حتى يكون وجوده في الذمة بقاء مستندا إلىشرطه، وهو عدم كونه في الخارج المستند إلى ترك القبول المستند إلى الدائن، بلبقاؤه في الذمة ببقاء سببه، فإنه مما إذا حدث يبقى إلى أن يوجد سبب لبراءة الذمة

كاالبراء، أو سبب لوجود ضده المالزم لعدمه في الذمة، فلو سلم أن البقاء في الذمةضرر فليس مستندا إلى الدائن ولو بوسائط مترتبة، حتى يكون ابقاؤه إياه اضرارا

--------------------(١) في نفس التعليقة.

(٢) كتاب المكاسب ٣٠٦ سطر ١.

(٣٤٤)

Page 350: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عليه.وأما انطباق الظلم عليه فتارة من حيث إن ابقاء ماله في ذمة الغير مع عدم

استحقاق هذا المعنى منه، بل استحقاق اآلخر لتفريغ ذمته حيث إن الناس مسلطونعلى أنفسهم ظلم منه عليه، وأخرى من حيث إن ترك قبوله منه مع قيامه عن حق

بصدد تفريغ ذمته ايذاء له وظلم عليه.أما األول فقد عرفت أنه ال ابقاء من الدائن حتى يقال إن ابقاءه ال عن حق، بل مع

استحقاق الغير لنقيضه ظلم منه عليه.وأما الثاني ففيه: أن ترك القبول ليس ايذاء، بل قبوله يرفع أذية الغير وتنفره من

اشتغال ذمته للناس، ودفع أذية الغير غير واجب إذا لم تكن منه، وأما سلطنةالمديون على تفريغ ذمته فمعارضة لسلطنة الدائن على القبول وتركه إن لم يثبت بعد

وجوب القبول عليه شرعا.ومنها: أن المديون له الوالية على تعيين الكلي الذمي في فرد، بمعنى أنه ليس

للدائن مطالبة غيره ولكنه للدائن مطالبة غيره (١)، ولكنه للدائن والية على القبولوالقبض، بحيث ال يتعين المدفوع ملكا له خارجا إال بعد قبوله وقبضه، فالفرق بين مانحن فيه ومسألة الزكاة - بناء على القول باإلشاعة بل الكلي أيضا - أن للمالك تمييز

المشاع أو تعيين الكلي فيتعين الزكاة وحصة الفقير فيه، ولكنه ما لم يقبضه الفقير اليتعين مالكا له، فالقبض في الزكاة يعين الكلي المالك في القابض، والقبض هنا يعين

الكلي المملوك في المقبوض.وعليه فنقول: إذا فرض أن القبض شرط في تعيين الكلي في فرد، وفرض أن

بقاءه في ذمة المديون إلى اآلخر مع امتناع الدائن عن تفريغها بقبضه ضرر عليه، ألنهيمس بجاهه واعتباره عند العرف والعقالء وإن لم يكن مستندا إلى الدائن، فحينئذ

ال بد من ارتفاع الضرر بوجه من الوجوه، فربما يقال إنه للحاكم اجباره على القبضوإال فيقبض عنه، بتخيل أن المعتبر قبضه عن رضاه، وضرريته يوجب سقوط اعتبار

--------------------(١) هكذا في األصل، والظاهر زيادة هذه العبارة ألنها تنافي سابقتها.

(٣٤٥)

Page 351: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

رضاه إن أمكن اجباره فيصدر منه القبض كرها، وإن لم يمكن (١) سقط مباشرة قبضهفيقبض عنه الحاكم، إلى أن ينتهي إلى سقوط اعتبار القبض رأسا.

وفيه أوال: أن الرضا وطيب النفس إنما يعتبر في المعامالت المنوطة بالرضا، وأماالقبض ونحوه فال يعتبر فيه إال المقدار المعتبر في االختيارية سواء كان من طيب

النفس أو ال.وثانيا: أن جواز االجبار تارة من حيث األمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو غيرمختص بالحاكم ليرفع األمر له بخصوصه، والحال أن اجبار الدائن من هذا الباب

يتوقف على وجوب القبض عليه، وقد مر عدم الدليل عليه، ومجرد ضررية بقاءالمال في ذمته ال يوجب االجبار من هذا الباب، وأخرى من حيث كون امتناع الدائن

امتناعا عن الحق، والسلطان ولي الممتنع، ومن الواضح أن المديون ال يستحق علىالدائن قبضه منه، حتى يكون امتناعه امتناعا عن الحق الثابت للمديون، إال بتعميماالمتناع إلى القهري كما في مجهول المالك، حيث إنه يمتنع ايصاله إلى المالكفيجب ايصاله إلى الحاكم، فإن ايصاله إليه ايصال إلى الولي القائم مقام المالك.

لكن اثبات الوالية للحاكم في مطلق االمتناع مشكل، فإن أمر األمير (عليه السالم)لشريح

ببيع الدار والعقار في أداء الدين مورده االمتناع االختياري عن حق مالي ال مطلقا،وليس مثل بقاء المال في ذمة المديون من األمور المهمة التي ال يجوز تعطيلها وال بد

من القيام بها، ومنه تعرف حال تصدي عدول المؤمنين مع فقد الحاكم لالجبار،فضال عن تصديهم للقبض عن الدائن.

وأما حديث مجهول المالك والمظالم فالفرق أن للمالك الوالية على ماله بقبضهأو على تعيين ماله بقبضه فيقوم الحاكم مقامه في أعمال الوالية حيث ال يتمكن

المالك من أعمال واليته، بخالف ما نحن فيه فإن المالك باختياره ال يتصدى ألعمالواليته، فال موجب لقيام الحاكم مقامه في أعمال الوالية التي هو لم يقم بصدده، فلميمتنع عليه أعمالها حتى يقوم الحاكم مقامه، فعلى التعميم من قبل المالك ال مانع من

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (يكن).

(٣٤٦)

Page 352: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قيام الحاكم مقامه في مثل هذه الصورة، ال في مثل ما نحن فيه.وبعبارة أخرى الحاكم ولي من امتنع عن أداء حق الغير فيقوم مقامه في ايفاء

الدين، وولي من امتنع عليه أداء حقه إليه كمجهول المالك فيقوم مقامه في استيفاءما امتنع عليه، ال أن الحاكم ولي من امتنع عن استيفاء حقه من الغير، فتدبر جيدا.

ومنها: إذا قلنا بعدم وجوب القبول أو قلنا بوجوبه ولم يكن من يقبض عنه فهليسقط اعتبار قبض المالك في تعين ماله - فللمديون الوالية على تعيين ما في ذمته

في فرد بالعزل - أو ال يسقط اعتبار قبضه؟ ومع ذلك فله تفريغ ذمته بالعزل الذي اليوجب تشخصه لمالكه فنقول:

ليس مجرد بقاء المال في الذمة ضررا حتى مع اقدام المديون، بل بقاؤه بحيثال بد له إلناطته بقبض الدائن، فالضررية ناشئة من إناطة تفريغ ذمته بقبول الدائن، فإذا

كانت هذه اإلناطة ضررية فهي المرفوعة، ومرجعه إلى أن تفريغ ذمته بيده ال بيدالدائن، فإذا عينه بالعزل تعين ملكا للدائن وصار الملك الذمي خارجيا.

وأما تقريب ما أفاده المصنف (قدس سره) في تفريغ ذمته بالعزل مع عدم تعين المعزولملكا للدائن: فهو أن بقاء ذمته مشغولة إلى اآلخر قهرا عليه ضرر عليه، وذهاب مال

الدائن هدرا بمجرد امتناعه عن قبضه ضرر عليه، والجمع بينهما ال يقتضي سقوطالقبض عن االعتبار، بل تفريغ الذمة على وجه ال يتضرر به الدائن، وهو يحصل

بالعزل الذي يوجب تعلق الدائن به، بحيث له متى شاء استيفاء حقه منه، فالمعزولملك للمديون لكنه متعلق حق الدائن، بحيث يكون له تعيين ملكه فيه واستيفاء حقه

منه، فيكون المعزول كالمتروك من الميت عند تعلق حق الديان بها بناء على عدماعتبار الذمة للميت، وتعلق ما في ذمته بتركته مع كونها ملكا لوارثه.

وهذا أولى من تنظير ما نحن فيه بتعلق الحق برقبة الجاني مع كونها ملكا لمواله،فإن حق االسترقاق حق ابتدائي حدث بسبب الجناية، بخالف حق الديان فإنه مثل

ما نحن فيه مسبوق باشتغال الذمة، ومالكية الدائن لما في الذمة، غاية األمر أن فراغذمة المديون وتعلق الحق بما في الخارج قهري في مسألة الميت واختياري هنا.

(٣٤٧)

Page 353: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

والجواب عنه يتوقف على مقدمة: هي أن وعاء الملك إما هو الخارج أو الذمة،فالكلي المملوك للدائن ال بد من أن يكون باقيا في الذمة أو متعينا في الخارج،فسقوطه عن الذمة وعدم ثبوته في الخارج مرجعه إلى ذهاب الملكية المتحققة

بسبب صحيح بال موجب، وااللتزام بتبدل صفة الملكية إلى صفة الحقية أيضا بالموجب، وااللتزام بتبدل الملك التحقيقي إلى الملك التقديري آنا ما أيضا بال

موجب، وااللتزام بملك االستيفاء الراجع إلى حق التملك بعد ملك الكلي الذميالفعلي أيضا بال موجب.

وعليه فإما أن يبقى الملك في الذمة أو يتعين في الخارج بعد فرض ضررية إناطةالتعيين بقبض الدائن، ورفع هذا األمر الضرري عين سقوط والية الدائن على التعيين،بخالف رفع الضرر بأحد الوجوه المتقدمة فإن ثبوتها بمجرد ضررية اإلناطة أجنبيعن رفع األمر الضرري، وكل من تلك الجهات يحتاج إلى موجب ال دليل عليه.

وما ذكرنا في وجه االشكال على التقريب المذكور لما أفاده (قدس سره) مغاير لماأفاده من

االشكال والدفع على مختاره من تفريغ ذمته مع بقاء المعزول على ملكه، فإن ماذكرناه راجع إلى لزوم تعيين المعزول ملكا للدائن، ألنه مقتضى سقوط قبضه عن

الشرطية بناء على ضرريته، وإال فمع عدم ضررية اإلناطة ال موجب للعزل، وما أفادهمرجعه إلى منافاة عدم تعين المعزول ملكا للدائن مع كونه تالفا من الدائن، ولذادفعها بأنه من باب تلف الحق بتلف مورده، أو من باب تقدير الملك للدائن قبل

التلف آنا ما، حتى ال يكون تلف ملك أحد من غيره، فإنه إما تلف حقه فعال منه، وإماتلف ملكه تقديرا منه، مع أن سقوط ذمته بالعزل كان أولى بالبيان واالشكال عليه ثم

دفعه، والصحيح ما ذكرنا.ومنها: أن نماء المعزول بناء على تعينه للدائن ملكا إنما هو للدائن بمقتضى تبعية

النماء للعين، كما أن نماءه للمديون بناء على ما أفاده من بقائه على ملكه، فإن النماءنماء العين المملوكة، ال نماء الحق، فإن حق استيفاء الحق وحق تملك العين ال نماء

له، كما في غير المقام من حق الرهانة وحق الجناية وحق الخيار وحق الشفعة فإن

(٣٤٨)

Page 354: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

نماء األعيان المتعلقة لحق الغير لمالكها ال لذوي الحقوق فيها، إنما الكالم في التلفمن الدائن فإنه بناء على كونه ملكا له ال اشكال فيه، وأما بناء على بقائه على ملكالمديون فتلفه من الدائن مورد االشكال، ويوهم انتقاض قاعدة الخراج بالضمان.

وظاهر عبارة المصنف (قدس سره) أن القاعدة المزبورة غير جارية هنا، ال أنها غيرمنافية

للتفكيك بين النماء والخسارة كما في غير المقام، وسره واضح مما قدمناه، فإنالنماء للعين ال للحق، وتلف العين من المديون ونماؤها له، وتلف الحق من الدائنوهو ال نماء له، حتى يكون موردا لقاعدة الخراج بالضمان، نعم بناء على الملك

التقديري يكون تلفه من الدائن، ولو فرض نماء له في حال تقديره ملكا له كان له،وصدق الشرطية والمالزمة ال ينافي كذب طرفيها.

وأما الضمان بمعنى الغرامة فهو غير مالزم لملك النماء إال على مذهب أبيحنيفة، وإنما ال نقول به هنا القتضاء القاعدة، بل ألن موجب ضمان الغرامة على

المديون هو اليد، وسيجئ إن شاء تعالى أنها ال توجب الضمان هنا على أي حال،سواء كان باعتبار التلف ملك الدائن تحت يد المديون، أو باعتبار تلف حقه تحت يد

المديون.ومنها: أنه بناء على تعين المعزول ملكا للدائن ال يجوز للمديون التصرف فيه والاتالفه وال تبديله، والوجه في الكل واضح، وأما بناء على بقائه على ملك المديون

فهل تعين حق الدائن فيه يمنع عن األمور المذكورة أم ال؟ فنقول:أما التصرف في متعلق حق الغير فإن كان مفوتا للحق فهو غير جائز، دون ما إذا لم

يكن كذلك كحق االسترقاق وحق الشفعة، فإن استرقاق الجاني وإن انتقل من موالهإلى غيره ال يبطل بانتقاله، فله استرقاقه، فلذا ال مانع من بيعه، وكذا حق الشفعة فإنهوإن انتقل إلى ألف مشتري فللشريك أخذه ببذل مثل الثمن، فال يمنع من نقله، بل

األمر كذلك في حق الرهانة على القاعدة فإنه ال مانع من أن يجعل اإلنسان ماله رهناعلى دين الغير، فإذا رضي المشتري ببقاء حق الرهانة واستيفاء المرتهن حقه منه ال

مانع من التصرف الناقل له، وكذا حق الخيار بناء على التعميم في متعلقه كما قدمناه،

(٣٤٩)

Page 355: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وعليه فمن الممكن هنا الرضا من المشتري باستيفاء الدائن حقه من المعزول متىشاء فال يذهب حقه هدرا بمجرد التصرف الناقل.

وأما اتالف المعزول فهو في نفسه ابطال للحق، وعود المال إلى ذمته يحتاج إلىدليل وموجب، واتالف المال يوجب اشتغال ذمة المتلف ببدله، إال أن اتالف الحق

ال دليل على ايجابه الشتغال ذمته بالحق، بل ال معنى ألن يستحق عليه الحق.وأما التبديل فيتوقف على واليته عليه بعد تعين الحق في المعزول.

وأما توهم: رضا الدائن باالتالف لرضاه ببقاء الحق في ذمته.فمدفوع أوال: بأن رضاه ببقاء المال في ذمته أمر، ورضاه باتالف المعزول أمر آخر.

وثانيا: أن رضاه باالتالف كالرضا باتالف المال يمنع عن الضمان بالبدل فكيفيوجبه؟!

وثالثا: أن رضاه بتبديل الحق بما في ذمته ال يوجب التبديل إال بسبب للمبادلة،وال يجدي مجرد الرضا في حصول المبادلة، فإن الرضا بالتبديل مساوق لقبول الوفاء

بالمعزول، فيكون ملكا له، وال يمكن تبديل الملك الخارجي إلى مثله في الذمة إالبسبب معاملي.

والتحقيق: في المراتب الثالث من التصرف واالتالف والتبديل أن تعلق الحق هنابالمعزول ليس بتعيين من الشارع كتعين الجاني لالستراق، فإنه ليس للمولى تبديله

بعبد آخر، وليس بتعيين من المتبايعين المتعاملين كجعل حق الخيار في عقدمخصوص فليس لواحد منهما تبديله بحق حل عقد آخر بدال عن هذا العقد، بل

الحق هنا لرعاية المديون من حيث إن بقاء المال في ذمته ضرر عليه، فله ابقاؤه فيذمته وتحمل الضرر، وله تفريغ ذمته بعزل ما يتمكن الدائن من استيفاء ماله منه،فيكون فراغ ذمته عن مال الدائن مراعى ببقاء المعزول على حاله، فله التصرف

واالتالف وتحمل الضرر ببقاء المال في ذمته، كما أنه له تبديل المعزول بفرد آخرحيث يكون التمكن من استيفاء الدائن لماله محفوظا معه.

ومنها: في لزوم التحفظ على المعزول ومجمل القول فيه: أما إن قلنا بتعين المعزول

(٣٥٠)

Page 356: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ملكا للدائن فحاله حال العين الشخصية التي امتنع مالكها من أخذها، وال موجبلاللتزام بحفظها، فإن وجوب الحفظ الزم استنابته لحفظ المال إما مالكيا كما في

الوديعة، وإما شرعا كالولي المنصوب شرعا لحفظ المال القاصر (١)، وهنا ال تأمينمالكي وال شرعي، نعم ترك التحفظ المساوق للتعدي في المال كااللقاء في الطريقفهو اتالف لمال الغير وهو حرام وموجب للضمان، فإن امتناع المالك من أخذ ماله

يسوغ ترك التحفظ باهماله، ال أنه يسوغ اتالف ماله.وأما إن قلنا بعدم تعين المعزول ملكا للدائن، بل صار متعلقا لحق االستيفاء فال

موقع للبحث عن لزوم حفظه، وأما بالنسبة إلى العين بما هو مال المديون فحاله حالسائر أمواله ال معنى اليجاب حفظه لمالكه، وأما بالنسبة إلى كونه موردا لحق الغيرفألن المفروض أن اتالفه جائز له، لكون فراغ ذمته مراعى بعدم التصرف واالتالف،فترك التحفظ باالهمال أو االتالف ال يكون حراما حتى يجب التحفظ عليه، فتدبر

جيدا.ومنها: في أنه إذا تلف المعزول هل يكون ضمانه على المديون أو ال ضمان عليه؟

والمعروف أن فائدة العزل على أي حال سقوط الضمان والخسارة، وإال لكان العزللغوا، ألن المفروض أن بقاءه في ذمته ضرر عليه، وعزله أيضا ضرر عليه، فالعزل إن

كان لدفع الضرر فال بد من أن ال يلحقه الضرر، أما إذا قلنا بتعين الذمي خارجيافواضح، ألن ضمانه ضمان الغرامة، وضرره أعظم من ضرر بقائه في الذمة.وأما إذا قلنا بفراغ ذمته وتعين المعزول حقا للدائن مع كونه ملكا للمديون،

فضمان الغرامة باإلضافة إلى ذات المعزول غير معقول، فإن اإلنسان ال يغرم مالنفسه لنفسه وال لغيره، ومورد ضمان الغرامة ال بد من أن يكون ماال لغيره حتى يغرمه

له، وأما باإلضافة إلى الحق المتعلق به فمرجع تلفه من المديون إن كان إلى عودالمال إلى ذمته، فهذا ليس معنى ضمان الغرامة وال من مقتضيات اليد، وإن كان إلى

لزوم عزل فرد آخر يتعلق به الحق فهو ضرر منفي بنفس قاعدة الضرر المقتضية--------------------

(١) هكذا في األصل وحقها أن تكون (للقاصر)، أو (مال القاصر).

(٣٥١)

Page 357: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

للعزل، إذ ال يعقل اقتضاء نفي الضرر ألمر يترتب عليه الضرر، فكما ال يعقل لزومالعدم من فرض وجود شئ كذلك ال يعقل لزوم الوجود من فرض عدمه، فتدبر

جيدا.ومنها: في أنه كما يتعين الكلي في المعزول لضررية بقائه في الذمة كذلك يتعينالمشاع فيما أخذه الغاصب إما بالجبر على القسمة أو بأخذه بعنوان مال الشريك

لمكان ضررية بقائه على اإلشاعة وعدم تعينه فيما أخذه الغاصب أم ال؟ فنقول:إن ما أخذه الغاصب من المال المشاع فال يتعين بأخذه غصب حصة الشريك،فضال عن كونه قسمة موجبة الفراز حصة الشريك وخروجها عن اإلشاعة إلى

االختصاص.وأما إذا أجبر الشريك على القسمة مقدمة لغصب ما يتعين لشريكه، فهل قاعدة

نفي الضرر من ترك القسمة كما توجب سقوط والية الشريك على القسمة مع امتناعهباالختيار، فكذا مع امتناعه باالضطرار، بمعنى أنه كما تسقط واليته عند امتناعه عن

أعمال واليته كذلك مع تعذر أعمال واليته لغيبته أو لسبب آخر أم ال؟وحيث إن الضرر غير مختص بترك القسمة كما في صورة امتناع الشريك عن

قسمة ما ال ضرر في قسمته، بل كما أن تركها ضرر على الشريك المجبور كذلكفعلها

ضرر على الشريك اآلخر، لذهاب حصة (١) بعضها الموقوف على القسمة علىالفرض فيقع الكالم في أنهما ضرران متساوي النسبة حتى ال تصح القسمة أو الضرر

متوجه إلى الشريك اآلخر والشريك المجبور ال يجب عليه تحمل الضرر المتوجهإلى شريكه، فيجوز له دفع الضرر عن نفسه بالقسمة.

وال يخفى عليك أن كلية عدم وجوب تحمل الضرر المتوجه إلى الغير وإن كانتمسلمة، إال أنه في المال المعين للغير ال شبهة فيه، كما إذا قال الظالم " ادفع إلي مال

زيد وإال فعليك كذا "، لكن فيما نحن فيه ال تعين له إال بالقسمة فكيف يجوز القسمةالمتوقف جوازها على توجه الضرر إلى المال المتعين للغير؟! فال بد حينئذ من

--------------------(١) هكذا في األصل.

(٣٥٢)

Page 358: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

االكتفاء بتعينه الموجب لتوجه الضرر إليه بحسب قصد الغاصب، فالتوجه القصديكالتوجه الخارجي، فيكون كما إذا كان هناك ماالن متعينان خارجا لزيد وللمكره معجهل الغاصب بعينه فيجبره على دفع مال زيد، فكما يكفي في توجه الضرر إلى زيد

توجهه بحسب قصد الغاصب وبنائه فكذا هنا، والمسألة مورد االشكال، فتدبر.عدم جواز التأجيل بزيادة

- قوله (قدس سره): (ال خالف على الظاهر من الحدائق... الخ) (١).الكالم في المسألة تارة فيما تقتضيه قواعد باب المعامالت من حيث صيرورتها

ربوية، وأخرى فيما يقتضيه الدليل الخاص هنا:أما الكالم في األول فنقول: شرط الزيادة بإزاء التأجيل بعد حلول الدين تارة يوجب

الربا في المعاملة السابقة، وأخرى في المعاملة الالحقة المتضمنة لجعل الزيادة فيقبال التأجيل بعنوان الصلح أو الشرط في ضمن عقد الزم.

أما اقتضاء ربوية المعاملة السابقة بعد وقوعها صحيحة غير ربوية فمحال إن كانبنحو االنقالب، وخالف الواقع إن كان بنحو الشرطية، الستقرار المعاملة السابقة،

لالجماع على أن المعاملة األولى صحيحة ال يضرها شرط التأجيل بزيادة بعدوقوعها.

وأما اقتضاء الربوية في المعاملة الالحقة المتضمنة للزيادة في قبال التأجيلفتوضيح الحال فيها: أن المعاملة الثانية لها صور:

إحداها: أن يقع الصلح على ابراء الحال مما ذمته بإزاء أزيد منه مؤجال، فالمعوضهو االبراء، وليس هنا معاملة المثل بمثلين مثال.

ثانيتهما: أن يبيع ما في ذمته من العروض الربوي كالحنطة مثال بأزيد منها مؤجلة،وهو باطل ال من حيث الزيادة العينية بل بيع الحال بمثله مؤجال في الربويين باطل

كما هو المشهور، ال من حيث وقوع زيادة في قبال األجل.--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣٠٦ سطر ٣٠.

(٣٥٣)

Page 359: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ثالثتها: أن يبيع الحال مما في ذمته من األثمان كالدينار والدرهم بأزيد منه مؤجال،وهو أيضا باطل ال من حيث الزيادة، بل من حيث عدم صحة الصرف إال يدا بيد، ولو

مع اختالف الجنس الذي ال ربا فيه، ولذا لو وقع بعنوان الصلح لم يكن مشروطابالقبض في المجلس.

رابعتها: أن يبيع المختلفين في الجنس سواء كان أحدهما عروضا واآلخر غيره، أوكان من األثمان وكان أحدهما دينارا واآلخر درهما فإنه ال ربا فيه من حيث الحلولوالتأجيل، وال من حيث الزيادة العينية، ومحل الكالم هنا عام ال يختص بمورد دون

مورد، ومنه يعلم أن هذا الشرط إذا وقع في ضمن المعاملة األولى ال يوجب الرباأيضا بحسب قاعدة الربا في المعامالت المبني على شرائط خاصة، فالزيادة

الحكمية وإن كانت كالزيادة العينية في ايجاب الربا إال أنه في المورد القابل لجريانالربا فيه، كما إذا باع منا من الحنطة بمثلها إلى أجل فإنه كالبيع بمنين من الحنطة، ال

فيما إذا باع منا منها بدرهمين إلى أجل، أو بدرهم بشرط زيادة درهم إلى شهر.وبالجملة: فشرط الزيادة إلى أجل بما هي زيادة ليس من الربا المحرم في باب

المعامالت، نعم في القرض مطلق شرط الزيادة ربا محرم، وربما أمكن التعميم إلىالشرط في ضمنه، والشرط الذي له مساس به ولو في خارجه، نظرا إلى ما ورد من أن

الربا من ناحية الشروط، والله أعلم.وأما الكالم في الثاني: وهو ما يقتضيه دليل خاص بالمقام فما استند إليه المصنف (قدس

سره)في المقام أمور:

أحدها: ما نقله عن مجمع البيان شاهدا على ما ادعاه من أن الزيادة في قبال األجلمن الربا المحرم، وأن مورد نزول آية * (أحل البيع وحرم الربا) * ذلك، فعلى فرضتسليمه ال يقتضي إال حرمة الزيادة باألجل بعد البيع، ال حرمة الزيادة في ضمن البيع

بالشرط، وإال لم يكن مقابلة بين البيع والربا، بل بين البيع بزيادة بال شرط والبيع بزيادةبشرط، فتدبر.

ثانيها: صحيحة ابن أبي عمير بمالحظة قوله (عليه السالم) (إنه لم يزد على رأس مالهقال الله

(٣٥٤)

Page 360: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تعالى * (فلكم رؤس أموالكم التظلمون وال تظلمون) * (١) (٢) فإنه كالعلة التي

يدور الربا المحرم مدارها، وتمديد األجل وإن كان في قبال تعجيل بعض الثمن إالأن األجل لم يقع بإزاء زيادة مالية، لوضوح أنه ال فرق في الحرمة بين أن يكوناألجل بإزاء درهم ودينار، أو بإزاء عمل له مالية كما إذا طلب منه التأجيل بإزاء

خياطة ثوبه.وعليه فنقول: هذا المعنى في القرض صحيح، حيث إن رأس مال المقرض هو

بدل ما أقرضه، فالزيادة عينا كانت أو عمال له مالية من الربا، ألنه زيادة على رأسماله، وأما في البيع فرأس ماله هو بدل المبيع سواء كان بعنوان المقابلة للمبيع أو

بعنوان الشرطية، فال فرق بين أن يبيع المتاع بدرهمين أو بدرهم على أن يخيط ثوبهبدرهم، فال تعين لرأس المال إال بأخذه بدال عن المبيع بأنحائه، نعم بعد تعينه في

البيع فالزيادة في خارج البيع زيادة على رأس ماله، فالمظنون كون مورد نزول اآليةوورود الرواية مثل القرض أو الزيادة بعد البيع ال في ضمنه في قبال األجل، والله

أعلم.ثالثها: األخبار الكثيرة (٣) الدالة على كيفية االسترباح بزيادة محللة، فإنها شاهدة

على أن بذل الزيادة في قبال األجل لو كان صحيحا لما توقف حلية الزيادة على هذهالحيلة، وهذه األخبار أيضا على كثرتها ال تدل على بطالن شرط الزيادة في قبال

األجل في ضمن البيع، والله أعلم.إذا اشترى عينا بثمن مؤجل هل يجوز بيعها من صاحبها

- قوله (قدس سره): (إذا ابتاع عينا شخصية بثمن مؤجل... الخ) (٤).هذه المسألة متكفلة للبحث عن أمور:

أحدها: عن بيع المؤجل مطلقا، والمخالف فيه الشيخ (قدس سره) في النهاية (٥)،حيث منع

--------------------(١) البقرة، اآلية ٢٧٩.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٧ من أبواب أحكام الصلح، ح ١.(٣) وسائل الشيعة، باب ١٢، ١٤ من أبواب أحكام العقود، وغيرهما.

(٤) كتاب المكاسب ٣٠٧ سطر ١١.(٥) النهاية ٣٨٨.

(٣٥٥)

Page 361: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عن بيعه بعد حلول األجل بنقصان من الثمن.ثانيها: ما نسب إلى الشيخ (قدس سره) أيضا في خصوص الطعام بأنه بعد الحلول ال

يجوزللبائع أخذ الطعام بدال عن الثمن إال بما يساويه بال زيادة.

ثالثها: أن بيع الشئ بشرط أن يبيعه منه باطل (١) نسب إلى المشهور.وتنقيح المقام يستدعي بسط الكالم في المقامات الثالثة:

المقام األول: في جواز بيع المؤجل مطلقا قبل حلوله وبعده بزيادة ونقيصة بجنسهوبغير جنسه، ومستند المشهور بعد العمومات واالطالقات روايات في قبال

الشيخ (قدس سره) المانع عن البيع بعد الحلول بنقصان من الثمن، فبعضها يدل بعمومهاالناشئ عن ترك االستفصال كصحيحة يسار بن بشار (٢) فإن موردها بيع النسيئة ثم

االشتراء من دون تفصيل بين حلول األجل وعدمه، والمفروض أيضا أن الموردشخص البيع، ولذا قال الراوي (اشتري متاعي وغنمي).

وبعضها يدل بنصوصيتها في ما بعد الحلول، وعمومها للمبيع الشخصي ومثلهكصحيحة ابن حازم (٣) فإن التقاضي ال يكون إال بعد االستحقاق بالحلول وقوله

(أبيعك هذه الغنم) كما يمكن إشارة إلى ما باعه كذلك إلى مثله، ومع ذلك لميستفصل اإلمام (عليه السالم).

وبعضها يدل على االشتراء قبل الحلول كروايات ابن المنذر (٤) وعلي بن جعفر (٥)فإن األولى صريحة في االشتراء وهو في مكانه، إال أنها ال ظهور لها في كون البيع

مؤجال حتى يكون دليال على الشيخ (قدس سره)، وروايتا علي بن جعفر األولى منهماظاهرة

في المؤجل، والثانية صريحة فيه، وكلتاهما ظاهرتان في االشتراء قبل حلول األجلوصريحتان في االشتراء بنقصان من الثمن، كما أنهما صريحتان في ورود البيع أوال

--------------------(١) ال يخفى ما في العبارة.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العقود، ح ٣، وفيه عن بشار بن يسار.(٣) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العقود، ح ١.(٤) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العقود، ح ٤.(٥) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العقود، ح ٦.

(٣٥٦)

Page 362: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وثانيا على البيع الشخصي، وأما رواية يعقوب بن شعيب (١) فال ظهور لها فياالشتراء، بل في الوفاء بغير الجنس، ولذا تنظر (قدس سره) في داللتها.

وأما ما استدل به للشيخ (قدس سره) فروايتان:إحداهما: رواية خالد بن الحجاج (٢) وهي صريحة في االشتراء بعد حلول األجلوال ظهور لها إال في المنع عن االشتراء مطلقا من حيث كون المبيع ثانيا هو الطعام

األول، ومن حيث الزيادة والنقيصة والمساواة.وثانيهما: رواية عبد الصمد بن بشر (٣) وهي صريحة في أن المورد شخص المبيع،

وظاهرة في ما بعد الحلول، كما أنها ظاهرة في التغير النافع بحال المشتري، وهوالتغير بالنقصان، ولذا قال: (أرغم الله أنفي وخص لي فرددت عليه... الخ) وهذهأخص من جميع ما ذكرنا حتى من روايتي علي بن جعفر، فإن روايته األولى وإنكانت ظاهرة في اشتراء شخص المبيع، وفي االشتراء بالنقصان إال أنها ظاهرة في

االشتراء قبل الحلول، بل ال ظهور له في المؤجل، وروايته الثانية صريحة في المؤجلإال أنها ظاهرة في االشتراء قبل األجل، وإال فال باعث للمشتري على تنقيص الثمن

لوال مالحظة التعجيل، فليس في قبال رواية عبد الصمد رواية تعارضها بنحو السابقفي مورد كالم الشيخ، وهو االشتراء بعد الحلول بالنقصان، بل لو كان لكان بنحو

العموم واالطالق فال بد من تقديم هذه الرواية.نعم يمكن الخدشة فيها بأنها نظيرة رواية يعقوب بن شعيب في عدم الداللة على

االشتراء ثانيا، بل على األخذ وفاء بغير الجنس الذي على ذمته فيما إذا أخذ طعامابسعر يومه، وعلى التقايل والتفاسخ فيما أخذ نفس ما باعه بسعر يومه، وحيث إنه ال

يجوز الزيادة والنقص في مورد اإلقالة والفسخ فلذا نهى (عليه السالم) على األخذ بسعريومه،فتدبر.

المقام الثاني: فيما نسب إلى الشيخ (قدس سره) من عدم جواز أخذ الطعام عوضا عنعوض

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١١ من أبواب السلف، ح ١٠.(٢) وسائل الشيعة، باب ١٢ من أبواب السلف، ح ٣.(٣) وسائل الشيعة، باب ١٢ من أبواب السلف، ح ٥.

(٣٥٧)

Page 363: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الطعام - لرجوعه إلى بيع الطعام بالطعام - إال بنحو التساوي، بل حكي عن تهذيبه (١)سريان ذلك في جميع موارد المعاوضات الربوية، فال يجوز في اسالف الطعام أخذالدراهم بدال عن الطعام، لرجوعه إلى بيع الدراهم بالدراهم، واألصل فيه خبر علي

بن جعفر (عليه السالم) قال: (سألته (عليه السالم) عن رجل له على آخر تمر أو شعيرأو حنطة أيأخذ

بقيمته دراهم؟ قال (عليه السالم): إذا قومه دراهم فسد، ألن األصل الذي يشتري بهدراهم، وال

يصلح دراهم بدراهم) (٢).وهو مع مخالفته للقواعد معارض بروايات، منها (كتبت إليه رجل له على رجل

تمر أو حنطة أو شعير أو قطن فلما تقاضاه قال خذ بقيمة مالك عندي دراهم أيجوزله ذلك أو ال؟ فكتب (عليه السالم) يجوز ذلك عن تراض منهما إن شاء الله) (٣)

فيحمل الخبرالسابق وما شاكله على ضرب من الكراهة.

المقام الثالث: فيما إذا باع شيئا بشرط أن يبيعه منه، ونسب إلى المشهور بطالنهلوجوه:

أحدها: لزوم الدور، وتقريبه بأنحاء ثالثة:األول: ما هو ظاهر عنوان الشرط، فإن البيع األول مشروط جعال والثاني مشروط

شرعا فيتوقف البيع األول على الشرط الجعلي، وهو البيع الثاني، ويتوقف البيعالثاني على الملك المتوقف على نفوذ البيع األول شرعا.

ويندفع: بأن توهم الدور نشأ من عنوان الشرط، مع أنه بمعنى االلتزام ال بمعناهالمصطلح عليه من أنه ما يلزم من عدمه العدم، فإنه إنما يكون كذلك إذا كان حصول

البيع األول معلقا على البيع الثاني، مع أنه ال تعليق، ولو فرض فهو باطل اجماعا مندون وصول النوبة إلى الدور.

وتصحيحه - حتى مع إرادة االلتزام من الشرط - بأن تقيد البيع بااللتزام يوجبتزلزل العقد، والمبيع في زمان الخيار غير مملوك للمشتري، فتصح دعوى توقف

--------------------(١) التهذيب ٧: ٣٠، باب ٢٢ ح ١٧.

(٢) وسائل الشيعة، باب ١١ من أبواب السلف، ح ١٢.

(٣) وسائل الشيعة، باب ١١ من أبواب السلف، ح ١١.

(٣٥٨)

Page 364: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تأثير البيع األول على البيع الثاني الذي يخرج معه عن التزلزل المانع عن حصولالملك، وأما توقف البيع الثاني على البيع األول واضح.

مدفوع: بأن مجرد االشتراط ال يوجب خيارية العقد، بل تعذره والتخلف عنهوحصول الملك بعد انقضاء الخيار ليس من مذهب العالمة وغيره المستدلين بلزوم

الدور.الثاني: أن الشرط وإن كان بمعنى االلتزام، إال أن الملتزم به غير مقدور للملتزم فال

يصح منه االلتزام، والمفروض تقيد البيع بااللتزام الغير المقدور، وأما أنه غير مقدور،فإن بيع مال البائع منه حال االلتزام غير مقدور، ألن المفروض أنه حال االلتزام ملك

البائع، وال يعقل تمليك مال أحد له.ويندفع: بأن الالزم القدرة على البيع الثاني في ظرف ترقب صدوره منه، وهو بعد

البيع األول، وفي ذلك الظرف مقدور فااللتزام به متعلق بأمر مقدور، فالبيع المتقيدبأمر مقدور صحيح.

الثالث: أن الشرط هو االلتزام بالبيع على المالك بعنوانه وهو غير مقدور رأسا، أماحال االلتزام فواضح، وأما بعده فألنه لو فرض صحة البيع األول أيضا لم يكن الشرط

مقدورا، ألن البيع الثاني بيع على ذات المالك قبال، ال على المالك بما هو فعال،النتفاء هذا العنوان عنه فال يتمكن من بيع المال على عنوان المالك.

والجواب: أن الشرط حينئذ غير معقول من دون لزوم الدور ممكنا (١) أيضا لكانهذا االلتزام التزاما بالمحال على تقدير صحة البيع األول وفساده، إال أن االلتزام

بمثل هذا االلتزام في مرحلة شرط البيع ثانيا بال ملزم، وقد تقدم بعض الكالم فيشرائط نفوذ الشرط فراجع (٢).

وأما ما ذكره (قدس سره) من النقض بالرهن والوقف فهو وارد بالنسبة إلى الوقف دونالرهن،

إذ ال مانع من حصول ملكية المبيع ورهنيته عند تمامية العقد في آن واحد، لعدم--------------------

(١) هكذا في األصل، وحق العبارة (بل لو كان ممكنا أيضا لكان...).(٢) تعليقة ٧٦.

(٣٥٩)

Page 365: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الموجب لسبق الملك على الرهن، بل الالزم كونه مملوكا حال الرهن، بخالف الوقففإن الدخول في الملك والخروج عنه بالوقف على غيره غير معقول، فاشكاله على

حد اشكال البيع من المالك.ومن جميع ما ذكرنا [تبين] (١) أن الدور بجميع تقريباته غير وارد، نعم لو كان شرط

البيع الثاني بنحو شرط النتيجة كان محاال، ألن مقتضى العقد المشروط بشرطالنتيجة حصول مضمونهما معا عند تمامية االيجاب والقبول، ويستحيل دخول

المبيع في ملك المشتري وخروجه عنه إلى البائع في آن واحد، وكذا دخوله فيملكهما معا في آن واحد، فإن الزم األول اجتماع النقيضين، والزم الثاني اجتماع

الضدين، وكذا في شرط الوقف، بخالف شرط الرهن بنحو النتيجة فإنه كما تقدم المناقضة بين حصولهما معا في آن واحد كما ال مضادة.

ثانيها: ما عن الشهيد (قدس سره) من عدم القصد، ألن مثل هذا الشخص ال يريد قطععالقة

الملك عن نفسه، والعقد متقوم بالقصد.وما أورد عليه المحقق والشهيد الثانيان (قدس سرهما) (٢) من أن الفرض حصول

القصد إلىالنقل، وإال لم يصح إذا قصد البيع ثانيا ولم يشترطاه لفظا، فإن محذور عدم القصد

وارد، مع أن البيع بال شرط صحيح اتفاقا، فيعلم منه أن البطالن غير مستند إلى عدمقصد النقل مع قصد البيع ثانيا، بل إلى اشتراطه في البيع.

مندفع: بأن غرض الشهيد (رحمه الله) أن االلتزام الجدي بالشرط مع القصد الجدي إلىقطع عالقة الملك ال يجتمعان، ال أن مجرد العزم على الشراء ثانيا ونية هذا المعنى

والبناء عليه مناف للقصد المقوم للعقد.نعم ما أفاده الشهيد (رحمه الله) صحيح إذا كان الشرط بنحو شرط النتيجة، فإن القصد

إلىاالخراج مع القصد إلى دخوله في ملكه عند تمامية االيجاب قصد أمرين متنافيين

كما مر، وأما إن كان بنحو شرط الفعل فمرجع الشرط إلى إعادة الملك، وقصد عود--------------------

(١) إضافة ال بد منها.(٢) جامع المقاصد ٤: ٢٠٤، الروضة البهية ٣: ٥١٨، مسالك األفهام ٣: ٢٢٥.

(٣٦٠)

Page 366: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الملك مؤكد لقصد خروجه، وال يعتبر في النقل إال قصد االخراج فعال، بل ال يعقلدائما غيره، إذ خروج مال عن ملك صاحبه ليس تدريجي الحصول بحسب تدرجالزمان حتى إذا كان قاصدا لرده في المستقبل كان منافيا لقصد خروجه في ذلك

الزمان، بل الملكية المرسلة الالمؤقتة تحصل من أول األمر بقصد حصولها، فال يمنعمن [ذلك] (١) القصد إلى إعادتها كما في كل بيع يجعل فيه الخيار، فإنه قاصد إلعادة

الملك متى شاء فال تغفل.ثالثها: روايتا الحسين بن المنذر (٢) وعلي بن جعفر (٣) المتقدمتان في مسألة كون

الشرط الفاسد مفسدا (٤) أم ال، وقد تعرضنا هناك لما أفاده المصنف (قدس سره) فيالجواب

وما يرد عليه، ونزيدك هنا أن حمل الشرط على الخارج عن العقد خالف الظاهر،فإن الخارج عما ليس بشرط أو ليس بصحيح في نفسه سواء تعلق بالبيع من البائعثانيا أم ال، مع أن الظاهر أن فساده من ناحية تعلقه بالبيع ثانيا مع كونه في نفسه

صحيحا، فتدبر.* * * *

--------------------(١) إضافة يقتضيها المعنى.

(٢) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العقود، ح ٤(٣) وسائل الشيعة، باب ٥ من أبواب أحكام العقود، ح ٦.

(٤) تعليقة ١٠٠.

(٣٦١)

Page 367: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

القبض

(٣٦٣)

Page 368: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

القبضحقيقة القبض

- قوله (قدس سره): (اختلفوا في ماهية القبض... الخ) (١).توضيح المقام برسم أمور:

منها: أن القبض الذي هو المبدأ باعتبار قيامه بالبائع قيام صدور يعبر عنهباالقباض، وباعتبار قيامه بالمشتري قيام حلول يعبر عنه بالقبض، كااليجاد والوجودمتحدان بالذات مختلفان باالعتبار، سواء جعلناه بمعنى التخلية أو بمعنى االستيالء،فإن التخلية بالمعنى الفاعلي قائمة بالبائع، وبالمعنى المفعولي قائمة بالمشتري، فإن

البائع مخلي والمشتري مخلى له، وكذا االستيالء بمعناه الفاعلي قائم بالبائع،وبمعناه المفعولي قائم بالمشتري، فمبدأ القبض بأي معنى كان له اعتباران، لكل من

االعتبار (٢) حكم عرفا وشرعا.نعم التخلية محققة لالستيالء بمعنى التخلية بين المشتري والمال، ال مجرد رفع

البائع يده عن المال، إذ ليس المراد باالستيالء خارجا على المال إال كونه بحيثيتمكن من التصرف في المال تصرفا له مساس خارجي بالعين، ال االستيالء

االعتباري على التمليك ونحوه، فإن مثله ال يكاد يتوقف على االستيالء الخارجي--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣٠٩ سطر ١٩.(٢) هكذا في األصل، وحق العبارة (لكل من االعتبارين) أو (لكل اعتبار).

(٣٦٥)

Page 369: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بالتخلية، بل يكفي فيه صيرورته مالكا بالعقد.ومما ذكرنا تعرف أن عدم كون التخلية قبضا ليس باعتبار أنها فعل البائع، وأنه

االستيالء وهو فعل المشتري، لما مر أن المبدأ صالح لمالحظته بالمعنى الفاعليولمالحظته بالمعنى المفعولي في التخلية واالستيالء معا، وأن التخلية بالمعنى

المتقدم ال تنفك عن االستيالء، وهي بمنزلة المحقق له، ال أنها عينه، وكفايتها فيبعض الموارد ليست بمالحظة نفسها، بل مالحظة ما يتحقق بها كما سيجئ (١) إن

شاءتعالى.

منها: أن القبض وإن كان له معنى واحد في جميع الموارد، إال أنه الزمه وحدةمعناه في كل ما اعتبر القبض فيه بعنوانه كما في التلف قبل القبض، والقبض في

الرهن وفي الهبة وفي الصرف وفي بيع المكيل والموزون قبل قبضه، وأما فيما لميعتبر القبض بعنوانه فيه كما في رد المغصوب وأداء ما دخل تحت اليد، والتسليم

الذي يقتضيه عقد البيع بقول مطلق، فإن لزوم الجامع بين جميع الموارد من النوعينبال ملزم.

فال بأس باختالف مفهوم القبض بعنوانه مع ما لم يعتبر فيه، بل اعتبر فيه ما هوأعم منه، فإن رد المغصوب ال يقتضي إال تمكين مالكه وجعله مستوليا عليه كما كان

الغاصب مستوليا عليه، والتأدية المغياة بها اليد ليست إال الخروج عن استيالء ذياليد ودخوله تحت استيالء صاحبه، والتسليم في المبيع ليس إال صيرورة المشتري

على ما كان عليه البائع من تمكينه من جميع التصرفات الخارجية كاالعتبارية.وال موجب لمرادفة القبض مع غيره في معناه سعة وضيقا، بل القبض على ما هو

المنساق من معناه عرفا في قبال البسط، ويعتبر في حقيقته ما يساوق االمساكالمناسب للمقبوض بظهور أثر من آثاره من التصرفات الخارجية التي لها مساس

بالعين خارجا، فمفهومه أخص من مفهوم االستيالء، فإنه ال يتحقق بدون االستيالء،إذ كل تصرف خارجي اختياري ال بد فيه من السلطنة والقدرة الفعلية على التصرف،

--------------------(١) في نفس التعليقة، عند قوله (ومنها قد عرفت أن القبض...).

(٣٦٦)

Page 370: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بخالف التمكن من التصرف فإنه ال يالزم التصرف بوجه، فليكن ذلك على ذكر منك.منها: فيما اعتبر فيه القبض بعنوانه:

أحدها: الخروج عن ضمان المبيع المنوط بقبضه بعنوانه كما في النبويالمعروف (١)، وفي رواية عقبة (٢) بن خالد التي [هي] شارحة لحقيقة القبض، فإنصدرها ظاهر، بل صريح فيما ذكرنا، حيث قال: (وأوجبه غير أنه ترك المتاع عندهولم يقبضه) (٣) مع أن ترك المتاع عنده باختياره يتضمن السلطنة واالستيالء على

الترك واألخذ، ومع هذا االستيالء نفى عنه القبض، فيعلم منه أن القبض غيراالستيالء.

وال ينافي ذلك ما في الجواب حيث قال (عليه السالم): (من مال صاحب المتاع الذيهو في

بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته... الخبر) فإنه إن قرء يقبض من القبض وكانالفاعل هو المشتري فهو مؤكد لما ذكرنا، فإن االخراج المعطوف على القبض فعله

وتصرفه في المبيع، وإن قرء يقبض من االقباض وكان الفاعل فيه وفي " يخرجه " هوالبائع فربما يتوهم أن المناط هو تخلية البائع، فإن االخراج من البيت كناية عن

اخراجه عن تحت استيالئه وتمكين المشتري منه، بل سيأتي (٤) إن شاء تعالى منالمصنف (قدس سره) تقوية كفاية التخلية في سقوط ضمان البائع، إال أن الجمع بين

الصدروالذيل يقتضي إرادة االخراج المالزم للوصول إلى المشتري.

وأما ما في المتن من أن االقباض واالخراج يقتضي فعال من غير البائع فهوصحيح باإلضافة إلى االقباض دون االخراج، فإن ما هو كااليجاد والوجود هو

االقباض والقبض واالخراج والخروج، والقبض فعل المشتري دون الخروج، بل هوصفة في المبيع، نعم ال يراد من اخراج المبيع اخراجه في نفسه، بل اخراجه إلى

المشتري وهو مساوق الستيالء المشتري، وعليه يحمل ما أفاده المصنف (رحمه الله)هنا.

--------------------(١) مستدرك الوسائل ١٣: ٣٠٣، رواية ١٥٤٣٠، عوالي الآللئ ٣: ٢١٢، رواية ٥٩.(٢) عتبة، هكذا في الهامش منه (قدس سره)، ولكن ال يوجد في الرجال عتبة بن خالد.

(٣) وسائل الشيعة، باب ١٠ من أبواب الخيار، ح ١.(٤) كتاب المكاسب ٣١٤ سطر ١٣.

(٣٦٧)

Page 371: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ثانيها: الرهن وظاهر اآلية (١) والرواية (٢) اعتبار القبض بعنوانه، وليس في بابه شئيدل على أنه مجرد االستيالء بال مساس تصرف خارجي بالعين حتى يتصرف به في

القبض، إال بتوهم أن االستيثاق المقصود من الرهن - بل المقوم له - يحصل بمجرداالستيالء، ولم يعتبر القبض إال ألجل االستيثاق.

ويندفع: بأن االستيثاق مقوم حقيقة الرهن والقبض شرط فيه شرعا ال مقوم له،فيعلم منه أن القبض ليس ألجل االستيثاق، بل االستيثاق يحصل بمجرد تحقق

الرهن شرعا، فإن الراهن بمجرد تحقق الرهن ال ينفذ تصرفه في العين المرهونة،والمرتهن بمجرد الرهن له شرعا استيفاء دينه ببيعها وال يضرب الغرماء معه، كان

هناك قبض خارجي أم ال، بل كان له استيالء خارجي أم ال، فإن جميع تلك اآلثاريكفي فيها عدم استيالء الراهن شرعا، واستيالء المرتهن شرعا، وقد مر (٣) أن

االستيالء االعتباري أثر الملك أو الحق شرعا وهو غير االستيالء الخارجي المعبرعندهم بالقبض.

ثالثها: الهبة، فإنه قد اعتبر في لزومها القبض بعنوانه، وقد فسرت في بعض األخباربقوله (عليه السالم) (أنت بالخيار في الهبة ما دامت في يدك فإذا خرجت إلى صاحبها

فليسلك أن ترجع فيها) (٤) وظاهر الخروج إلى صاحبها وصولها إليه ودخولها في تصرفه،

المجرد االستيالء المساوق للقدرة على التصرف.

رابعها: بيع الصرف وقد اعتبر في صحة التقابض المفسر بقوله (عليه السالم) (يدا بيد)(٥) وعبر

عنه كثيرا باألخذ من الطرفين (٦)، وال يصدق شئ منها خصوصا الثاني بمجرد القدرةعلى التصرف المتحققة بمجرد التخلية، فتدبر.

خامسها: في بيع المكيل والموزون وسيجئ (٧) إن شاء تعالى تحقيق الحال فيه من--------------------

(١) البقرة، اآلية ٢٨٣.(٢) وسائل الشيعة، باب ٣ من أبواب الرهن، ح ١، ٢.

(٣) في نفس التعليقة.(٤) وسائل الشيعة، باب ٤ من أبواب أحكام الهبات، ح ٦.

(٥) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب الصرف، ح ٣، ٦، ٧.(٦) وسائل الشيعة، باب ٢ من أبواب الصرف، ح ١، ٨.

(٧) تعليقة ١٥٠.

(٣٦٨)

Page 372: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

كون القبض فيه كما في غيره أو يتحقق بمجرد الكيل والوزن.ومنها: قد عرفت أن القبض أخص من االستيالء المتحقق بالتخلية من دون فرق

بين المنقول وغيره، فإن امساك غير المنقول والتصرف المالكي خارجا فيه ال يتوقفعلى األخذ باليد، بل مجرد دخوله في الدار وأخذ مفتاحها قبض لها، وحينئذ فإن

كان المبيع مشغوال بأمتعة البائع سواء كان منقوال أو غيره فقبضه يتحقق بأدنى تصرففيه، وإن استلزم تصرفا في أمتعة البائع، كما إذا نقل الصندوق بما فيه.

فإن قبضه تارة بعد أداء الثمن، وأخرى قبله، فإن كان بعده فال أثر إلذن البائع فيقبض المبيع، فالقبض المؤثر في رفع الضمان وفي غيره من اآلثار يحصل حقيقة

وشرعا وإن استلزم تصرفا محرما مقارنا للقبض المؤثر شرعا، وإن كان قبله فهو - كماسيجئ إن شاء تعالى - ال يستحق القبض قبل أداء الثمن، فال أثر لقبضه خارجا،

فيتوقف حصول القبض بأي معنى كان على إذن البائع، حتى بناء على كفاية التخليةالمحققة لالستيالء، إذ مع فرض عدم اإلذن في النقل لم ترتفع الموانع المحقق رفعهالالستيالء لحرمة تصرفه شرعا، فال استيالء حقيقة، بل ال تخلية بمعنى رفع الموانع،

ومما ذكرنا تعرف أنه ال فرق في حصول القبض تارة وعدمه أخرى بين القبضبمعنى االمساك والتصرف وبين التخلية واالستيالء.

ومنها: في ما اشتهر من أن القبض في المكيل والموزون بكيله ووزنه فنقول المبيعمن أحدهما تارة شخصي، وأخرى كلي، سواء كان كليا ذميا أو كليا خارجيا في

المعين.أما إذا كان شخصيا فتوضيح القول فيه: أن الكالم في حرمة البيع الثاني أو كراهتهقبل القبض بعد الفراغ عن صحة البيع األول وصحة البيع الثاني من حيث نفسهما

باعتبار استجماعهما لجميع ما يعتبر فيهما حتى الكيل والوزن، وإنما الكالم في أنالقبض المتوسط بين البيعين الرافع لحرمة البيع الثاني أو كراهته هل ينحصر في

الكيل والوزن المتجدد بعد البيع األول وقبل البيع الثاني أم هما أحد أفراد القبض؟ أوال يكفيان أصال عن القبض المعتبر في رفع الحرمة والكراهة بما هما كيل أو وزن من

(٣٦٩)

Page 373: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

دون تضمنهما للقبض الحقيقي.ربما (١) يقال باألول كما في عبارة المسالك (٢) المنقولة عن الشهيد الثاني (قدس

سره)المحكية في المتن، نظرا إلى الجمود على ظاهر بعض األخبار، وإلى أن الكيل

والوزن المصحح للبيع األول قبله والقبض ال بد من أن يكون بعده، وإلى استثناءالتولية، فإن ظاهر االستثناء من الكيل والوزن هو المتجدد منهما، ال المعتبر في صحة

البيع األول وإال لما صح تولية البيع الفاسد، وسيجئ (٣) إن شاء تعالى ما يمكن تنزيلاألخبار الظاهرة في مساوقة القبض للكيل أو الوزن عليه.

وأما أن الكيل أو الوزن المصحح للبيع األول ليس من القبض فأعم من المدعى،فإنا ال ندعي االكتفاء في القبض به، بل ندعي أن القبض بعده ال يتوقف على تجديد

الكيل والوزن.وبالجملة: فإن أريد من تجديد الكيل والوزن تحقيق القبض فهو يحصل بأخذه بال

تجديد لهما، وإن اعتبر الكيل والوزن حتى بعد قبضه فيستحيل أن يكون محققاللقبض مع تحققه، فال بد من اعتبارهما زيادة على القبض، وهو خالف ظاهر

أخبارهما، فإن ظاهرها أن قبض المكيل والموزون بكيله أو وزنه المتجدد، مع أنجعل الكيل والوزن أحد أفراد القبض المعتبر أيضا غير صحيح، إذ من الممكن

حصول الكيل والوزن ال بمباشرة المشتري.مضافا إلى أن مباشرته لهما مسبوق بقبضهما دائما، إذ بمجرد أخذهما والشروع

في الكيل والوزن يتحقق القبض فيسقط الكيل والوزن عن عنوان القبضية، فالمحيص عن التعبد بالكيل والوزن المتجدد، ال بعنوان القبض، وال يساعده دليل

أصال، وسيجئ (٤) إن شاء تعالى وجه استثناء التولية، هذا كله إن كان البيع شخصيا.وأما إذا كان كليا بأحد قسميه فال مانع من جعل الكيل والوزن بعد البيع األول

قبضا، توضيحه: أن بيع كلي المكيل والموزون ال يعتبر في صحته إال تقديره بمقدار--------------------

(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (وبما).(٢) مسالك األفهام ٣: ٢٤٣.

(٣) تعليقة ١٥٠.

(٤) تعليقة ١٥٠.

(٣٧٠)

Page 374: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

معين كيال أو وزنا، إذ كما ال يصح بيع المبيع الشخصي جزافا كذلك ال يصح الكليجزافا، كأن يقول " بعتك مقدارا من الحنطة يساوي هذه الصبرة في الخارج " فصحة

البيع حينئذ يتوقف على التقدير ال على فعلية الكيل والوزن.وأما الوفاء وتطبيق المقدار الخاص على ما في الخارج فهو أيضا ال يصح جزافا،

فال بد من فعلية الكيل والوزن في مقام الوفاء، ومن المعلوم أن الوفاء وتعيين الكليفي الفرد كما تقدم يتوقف على قبول المشتري وقبضه، فمجرد الكيل أو الوزن

الفعلي من دون قبول وقبض من صاحب الحق ال يوجب التعين، بل هو كيل مالالبائع ال كيل مال المشتري، ففعلية كيله أو وزنه المعين والمشخص للكلي مساوقة

لقبول المشتري وقبضه.وعليه يمكن تنزيل األخبار الظاهرة في مساوقة القبض للكيل والوزن، كما ينزلعليه كلمات من نسب إليه كون قبض المكيل والموزون بكيله أو وزنه، وعليه

فاستثناء التولية مناسب لهذا المقام، فإنه يوليه البيع الصحيح ويكون هو المباشر لمايكون وفاء، فكأن اعتبار بيع التولية اعتبار قيام المشتري الثاني مقام المشتري األول

في الطرفية للبيع، ال أنه بيع جديد حتى يعتبر فيه قبض البائع في البيع الثاني.وجوب تسليم المبيع

- قوله (قدس سره): (يجب على كل من المتبايعين تسليم... الخ) (١).توضيح المقام: أن مدلول عقد البيع بالمطابقة ليس إال تمليك عين بعوض من دون

تضمنه للتسليم والتسلم، ووجوب التسليم ألحد وجهين:األول: ما هو المعروف من أنه من لوازم الملك، لسلطنة الناس على أموالهم فلهم

المطالبة، وعلى من بيده المال دفعه إليه، وليس له االمتناع وإال لكان له سلطانمزاحم لسلطان رب المال، وحيث إن هذا المعنى من لوازم الملك صح أن يقال إن

العقد يقتضي وجوب التسليم من حيث مدلوله االلتزامي كما مر في أول مبحث (٢)--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣١٢ سطر ١٨.(٢) تعليقة ١٣٤.

(٣٧١)

Page 375: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

النقد والنسيئة.وحيث إن وجوب التسليم من آثار الملك بما هو ملك ال من آثار البيع بما هو بيع

فيجب على كل منهما التسليم وإن امتنع اآلخر، فإن ظلم أحد ال يسوغ ظلم اآلخر،كما أنه إذا امتنعا معا ال يجبران على التسليم إال من باب األمر بالمعروف، ال من باب

االمتناع عن حق حتى يرفع أمره إلى الحاكم الذي هو ولي الممتنع، إذ ليس لكلمنهما إال الملك فقط، وال أثر للملك إال السلطنة التكليفية، وال وجوب على من بيده

المال إال بعنوان أداء مال الغير.والثاني: ما عن غير واحد وعليه تبتني الفروع اآلتية من بناء عقود المعاوضات علىكون التمليك في قبال التمليك، والتسليط الخارجي في قبال التسليط، ال أن عقد

البيع بما هو يقتضي ذلك بتخيل أن المقصود بالعقد هو التسليط بإزاء التسليطبمعناه الجامع بين السلطنة االعتبارية والسلطنة الفعلية الخارجية، فإن السلطنة

االعتبارية التي هي حقيقة الملكية عندهم قابلة لالنشاء والتسبب إليها، دون السلطنةالفعلية الخارجية فليس للسلطنة الحاصلة بنفس العقد هذا العرض العريض.

بل بمعنى أن المستكشف من بناء العقالء في باب المعاوضات التزام المتعاملينبالتزام بيعي بالملكية بإزاء الملكية، والتزام شرطي ضمني بالتسليط بإزاء التسليط

كما هو التحقيق في مسألة خيار الغبن من أن بناء العقالء في باب المعاوضات الماليةعلى إقامة مال مقام مال، فكأنهم ضمنا ملتزمون بإقامة ما يساوي المبيع في المالية

مقامه، فيكون الخيار ألجل تخلف هذا الشرط الضمني، وإال فنفس عقد البيع متعلقبتمليك شخص العين، ال بعنوان المساوي.

وعليه فيحصل لكل منهما بسبب هذا االلتزام استحقاق تسلم العين بإزاء تسليمبدلها من دون تعليق اللتزام كل منهما على شئ، وال الستحقاق كل منهما على

شئ، وال لوجوب الوفاء على كل منهما على شئ، بل الملتزم به هو التسليمالمعاوضي، ويتفرع عليه جميع الفروع المذكورة في المتن:

منها: أنه لو امتنعا معا عن التسليم فقد امتنع كل منهما عما يستحقه اآلخر فيجبران

(٣٧٢)

Page 376: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

معا على أداء الحق.ومنها: أنه لو امتنع أحدهما عن التسليم مع بذل اآلخر وتمكينه من التسليم فإنه

يجبر عليه، وال يجب على اآلخر التسليم، ألنه لم يلتزم بالتسليم المطلق، بلبالتسليم بإزاء التسليم، فهو غير ممتنع عن الحق حتى يجبر وال ملتزم بالتسليم مع

امتناع اآلخر، فال يرد حينئذ أن ظلم أحدهما ال يسوغ ظلم اآلخر، ألنه ال ظلم مناآلخر، نعم ال بد من كون التزامهما على وجه يكون مقيدا لدليل سلطنة كل منهماعلى ماله، فإن مجرد عدم التزام كل منهما بالتسليم المطلق يوجب عدم لزوم الوفاء

مع امتناع أحدهما، ال أنه يوجب جواز االمتناع لآلخر مطلقا مع اطالق دليلالسلطنة.

وبالجملة: عدم وجوب التسليم لعدم وجوب الوفاء لعدم االلتزام ال ينافي وجوبهمن حيث حرمة امساك مال الغير بدون إذنه، فنقول: الزم االلتزام بالتسليم المعاوضيعدم المطالبة مع امتناعه عن التسليم، ومعه فليس لصاحب المال مطالبة ما ال يجوز

له مطالبته بالتزامه، وال يجب دفع ما ال يستحق مطالبته وإن طالبه، ال أن هناكالتزامين، أحدهما االلتزام بالتسليم المعاوضي، واآلخر االلتزام بعدم التسلم مع

امتناعه، بل األول يغني عن الثاني كما ال يخفى، وإليه يرجع ما أفاده المصنف (قدسسره) من

بيان االلتزام الثاني بأنه التزم على صاحبه أن ال يسلم مع امتناع اآلخر بعدم التزامهبالتسليم المطلق، ال بااللتزام بعدمه، نعم الزم التسليم المعاوضي هو عدم استحقاق

كل منهما للتسلم، وحيث ال يستحق فال مانع من منعه وعدم تسليم ماله.ومنها: أنه لو كان تسليم أحد العوضين مؤجال فليس هناك التزام بالتسليم

المعاوضي فإنه خلف مع فرض التأجيل، ولذلك إذا حل األجل وفرض عدم تسليمغير المؤجل فإنه حيث ال التزام بالتسليم المعاوضي ال حين العقد وال حال حلول

األجل، فلكل تسليم حكم نفسه سواء قلنا بوجوب التسليم بدليل السلطنة أو ألجلااللتزام، فليس لكل منهما الحبس مع امتناع اآلخر ال قبل حلول األجل وال بعده إال

إذا فرض االلتزام بالتسليم المطلق قبل األجل، وبالتسليم المعاوضي بعده إذا فرض

(٣٧٣)

Page 377: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عدم تسليم غير المؤجل لمانع اختياري أو قهري، لكنه أنى لاللتزام الضمني هذاالعرض العريض؟!

ومنها: أنه بناء على االلتزام بالتسليم المعاوضي لو قبض الممتنع ماله بغير إذنصاحبه كان لصاحبه استرداده، فإنه وإن كان المقبوض ملكا له لكنه ال سلطان له على

قبضه لتقيد سلطنته بالتزامه بالتسليم المعاوضي، ولآلخر على الفرض السلطنة علىحبسه مع امتناع القابض.

وأما نفوذ تصرفاته ففيه تفصيل فإن كان سنخ التصرف لم يكن مشروطا باالقباضحيث ال يتمكن من اقباضه لفرض عدم سلطانه على قبضه، فال سلطان له على

اقباضه، فال يتمكن من التصرف المشروط باقباضه، ودليل السلطنة على التصرف فيالمال لم يتقيد إال بعدم تسلمه مع االمتناع عن تسليم بدله، ال بالمنع من مطلق

التصرفات.ومنه يظهر حال التصرفات الغير المعاملية كلبس الثوب والصالة فيه فإنه ال

موجب للمنع عنها، حيث لم يثبت بااللتزام إال جواز االمتناع عن دفعه المترتب عليهجواز استرداده فقط، ال أن له حقا في العين ليكون التصرف في حق الغير حتى يحرمأو ال ينفذ، وظاهر الجواهر (١) عدم جواز التصرف الغير المعاملي، والله أعلم، هذا

كلهفي االمتناع عن التسليم رأسا.

وإذا تشاحا في البدئة بالتسليم ففيه وجهان:أحدهما: أنه يجب على البائع البدئة به وتسليم المبيع، ثم تسلم الثمن قضاء لحق

العوضية.والجواب: أن العوضية والمعوضية متضائفتان، وكل متضائفين متكافئان في القوة

والفعلية، ففي مرتبة التعاوض في الملكية يكون المبيع والثمن موصوفا بهما فيمرتبة واحدة في آن واحد عند تمامية العقد من دون سبق ولحوق أصال، وكذا في

مرتبة استحقاق التسليط المعاوضي، فبالتزامهما يستحق كل منهما تسلم المال بإزاء--------------------

(١) جواهر الكالم ٢٣: ١٤٧.

(٣٧٤)

Page 378: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تسليمه في مرتبة واحدة، ويستحيل اتصاف الثمن بالعوضية قبل اتصاف المبيعبالمعوضية وبالعكس في أية مرتبة كان التعارض.

وباب اإلجارة أيضا كذلك، وإنما الفارق أن تقارن التسليمين في البيع إذا كانالعوضان عينين معقول من األول، وفي باب اإلجارة حيث إن المعوض عمل

تدريجي الوجود أو منفعة قائمة بالدار أو الدابة وهي تدريجية الوجود فربما يقال بأنتسليمه باتيانه بتمامه أو حصول المنفعة بتمامها، وعند تسلمهما باالستيفاء يستحقتسليم األجرة، فالتسليمان متقارنان حينئذ دون غيره، كما أنه ربما يقال بأن تسليم

المنفعة بتسليم ما فيه المنفعة، فالتسليمان من أول األمر متقارنان، وتحقيق القول فيالترجيح موكول إلى محله.

ثانيهما: إنه يجب على المشتري البدئة بالتسليم ثم تسلم المبيع، وحكي في وجههكما في التذكرة (١) أن حق المشتري متعين في المبيع فيؤمر بدفع الثمن ليتعين حق

البائع أيضا، ومورده هو الثمن في الذمة فإنه الذي ال يتشخص إال [بعد] (٢) قبض البائعوقد نبه عليه العالمة (رحمه الله) في آخر كالمه، فراجع.

وهذا أجنبي عما أفاده في الجواهر من بيانه بقوله (فإن للبائع حقا آخر وهوالتسلط على الخيار بعد ثالثة أيام، وقد يفوته ذلك بالقبض) (٣)، ومرجع هذا فيالحقيقة إلى أن تكليف البائع بالبدئة يفوت حقا يختص به وهو خيار التأخير بعدثالثة أيام، فهو والمشتري في استحقاق التسليم سواء، ويترجح جانب البائع بماذكر لكنه أجنبي عن حديث التعين وعدمه إال بتكلف ال حاجة إليه بعد وضوح

أن الثمن الذمي كلي ال يتعين إال بتسلم البائع، وأنه مورد البحث.والجواب عما في التذكرة: أن التزام المشتري بتسليم الثمن المفروض أنه كلي

ذمي ليس إال االلتزام بتسليم فرده المساوق لصيرورته ملكا للبائع تطبيقا، وأما تسليمالثمن المملوك في مرتبة متقدمة على التسليم فهو غير معقول، فااللتزام به غير

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٦٤ سطر ٢٤.

(٢) سقط في األصل، يحتمل أنه (بعد).(٣) جواهر الكالم ٢٣: ١٤٥.

(٣٧٥)

Page 379: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

معقول، وبعد فرض تعلق االلتزام بتسليم ما يصلح لالنطباق عليه ال فرق بينااللتزامين، وال أثر لتأخر رتبة التعين الملكي عن رتبة التسليم ليكون فارقا بين تسليم

البائع وتسليم المشتري.وأما عما في الجواهر ففيه أوال: أن المفروض في هذا التشاح مجرد االمتناع عن

البدئة ال االمتناع عن التسليم، وحيث إن المفروض قيام كل منهما مقام البذلوالتمكين فال يفوت البائع حتى يتضرر بفواته.

وثانيا: أن المفروض بناء المعاوضات على التسليم المعاوضي فقط، ومعااللتزام بالتسليم المقارن لتسليم اآلخر فهذا الوجه يمنع عن لزوم بدئة البائع، ال أنه

يوجب بدئة المشتري.وجوب تفريغ المبيع

- قوله (قدس سره): (يجب على البائع تفريغ المبيع عن أمواله... الخ) (١).توضيح المقام بالبحث عن أمور:

منها: أن وجوب التفريغ نفسي كوجوب التسليم أو شرطي كما هو ظاهر قولهميجب التسليم مفرغا، فإن كان مدركه دليل سلطنة الناس على أموالهم فكما أن عدم

تسليمه مع مطالبة المالك مزاحمة له في سلطانه كذلك ترك تفريغه مزاحمة له فيسلطانه على االنتفاع بماله، وعليه فال سلطان للبائع على ترك التفريغ كما ال سلطان

له على ترك التسليم، فيجب التفريغ والتسليم عرضا.وإن كان مدركه االلتزام الضمني كما يومئ إليه عبارة المصنف (قدس سره) فالظاهر

عدمتعدد االلتزام، بل الظاهر أن الغرض النوعي المعاملي من العقالء في مقام المعاوضة

تمكين كل منهما لآلخر من التصرف في ماله واالنتفاع به، وهذا الغرض ال يحصل إالبالتسليم التام، وهو التسليم الذي يترتب عليه هذا الغرض، ال ما يكون وجوده كعدمه

كما في عبارة المصنف (قدس سره)، فدعوى أن وجوب التفريغ ليس شرطيا، والتعليلبهذه

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣١٣ سطر ٤.

(٣٧٦)

Page 380: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

العلة ال يتالئمان إال بااللتزام بتعدد االلتزام، وال يصح إال بتعدد الغرض الباعث عليه.والتحقيق: أن أصل التسليم كما يكفي في سائر اآلثار من خروج البائع عن ضمانه

ومن تحقق القبض المشروط به صحة بيعه إذا كان مكيال أو موزونا كذلك يكفي فياألثر الذي يبحث عنه هنا، وهو استحقاق تسلم الثمن، فال يجوز االمتناع عن تسليمالثمن بعد تسلم المبيع ولو كان مشغوال بأمتعة البائع، فيعلم منه أن التفريغ ليس قيدا

للتسليم الواجب الذي يجوز مع تركه االمتناع عن أداء الثمن، فالتفريغ إما واجببنفس مزاحمة تركه لسلطان المشتري على ماله، وإما واجب بالتزام آخر وهو بال

موجب.ومنها: أنه إذا مضت مدة يفوت معها بعض منافع المبيع على المشتري بحيث

يتضرر المشتري بفواته فقد حكم المصنف (قدس سره) عليه بالخيار مع جهل المشتريبكون

المبيع مشغوال غير مفرغ، وهو على مسلكه (قدس سره) من أن مفاد قاعدة الضرر نفيالحكم

الضرري وجيه، ألن لزوم البيع يوجب استقرار الضرر عليه، ولواله ألمكنه حل العقدوالتخلص عن التضرر بفوات منافع ملكه.

وأما على ما مر مرارا من أن مفاد القاعدة كما اختاره شيخنا األستاذ نفي الحكمبنفي موضوعه الضرري فالعقد من حيث النقل واالنتقال ليس بضرري، كما في

المعاملة الغبنية حتى يكون لزومه موجبا الستقرار الضرر عليه، بل الموضوع الضرريهو تأخير التفريغ الموجب للضرر، وحكم هذا الموضوع الضرري أجنبي عن لزوم

العقد، فال موجب لنفي اللزوم واثبات الخيار.نعم إذا قلنا بأن التفريغ من مقتضيات االلتزام الضمني بالتفريغ، وأن المتخلف (١)

عن الشرط كتخلف الشرط وتعذره يوجب الخيار صح الحكم به هنا كما في االمتناععن التسليم أو تعذره، إال أنه على هذا المبنى ال يدور أمر الخيار مدار فوات بعض

المنافع التي يتضرر بفواته، بل له الخيار من حيث نقض الغرض المعاملي، ال منحيث ضرر المالي، فقصر الخيار على صورة التضرر المالي كاشف عن عدم ابتناء

--------------------(١) هكذا في األصل، والظاهر أنها (التخلف).

(٣٧٧)

Page 381: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الخيار على التخلف عن االلتزام الضمني، فتدبر جيدا.ومنها: أنه لو مضت مدة فات فيها بعض المنافع، فإن كانت بتقصير منه كان تفويتا

للمنافع فيعمه اتالف مال الغير، حيث ال فرق فيه بين اعدام الموجود أو المنع منالوجود، فهو ضامن ألجرة مثلها، وإن لم يكن بتقصير منه بحيث ال يسند إليه فضمانالمنافع الفائتة بال موجب، حيث ال اتالف لها وال يد عليها، لفرض كونها تحت يد

المشتري، وأما احترام مال المسلم وعدم ذهابه هدرا فهو إنما يوجب الضمان إذا كانالبائع مستوفيا له أو هاتكا لحرمته، ومجرد وصول نفع إليه ال يوجب الضمان.

ومنها: إذا كان المبيع أرضا مشغولة بزرع للبائع لم يبلغ أوان حصاده، ففي المسألةجهات من الكالم:

األولى: في ثبوت الخيار للمشتري مع الجهل.الثانية: في استحقاقه األجرة مع عدم الخيار أو مع عدم أعمال الخيار.

الثالثة: في عدم سلطنة المشتري على المنع من ابقاء الزرع رأسا، فضال عن قلعهأو االلزام بقلعه.

أما الجهة األولى فنقول: في مدرك ثبوت الخيار للمشتري في العين المستأجرة وجوهمع التسالم على أصله:

أحدها: أن سلب المنفعة عيب.ورد أوال: بأنه الزمه االمساك مع األرش مع عدم الفسخ، وال يقولون به.

وثانيا: عدم صدق تعريف العيب عليه، حيث ال نقص وال زيادة في نفس موردالبيع وهي العين، ولذا أوتوه (١) بأنه عيب حكمي ال يترتب عليه إال الخيار، ال التخيير

بين الفسخ واالمساك باألرش.ثانيها: أنه من باب تخلف الوصف، فإنه اشترى الدار بزعم أنها تامة المنفعة فتبين

أنها مسلوبة المنفعة.ورد: بأن الوصف ما لم يذكر في العقد أو لم يقع العقد مبنيا عليه لسبق مقاولة ال

--------------------(١) هكذا في األصل.

(٣٧٨)

Page 382: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عبرة بتخلفه وال يوجب الخيار.ثالثها: ما عن صاحب الجواهر (قدس سره) (١) في مبحث اإلجارة بأن اطالق العقد

يقتضيالتعجيل في التسليم، ومع كون العين تحت إجارة الغير ال يمكن التعجيل في

تسليمها.وفيه أوال: أنه أخص من المدعى، إذ ربما يكون المملوك بعقد اإلجارة منفعة

السنة (٢) اآلتية، فال مانع من تسليمها معجال.وثانيا: أن التسليم والتعجيل إذا وقع موقع االلتزام ليدخل تخلفه تحت عنوان

تخلف الشرط كان موجبا للخيار، وإال فمجرد وجوب التسليم أو وجوب تعجيله الاقتضاء فيهما للخيار.

والتحقيق: في وجه الخيار فيه وفي أمثاله أن خصوصيات المبيع تارة تكون متعلقةلألغراض الشخصية ألشخاص المتعاملين، ككون العبد كاتبا أو خياطا ونحوه، فال بد

من ذكرها في العقد أو ايقاعه مبنيا عليها، وأخرى يكون متعلقة لألغراض النوعيةلنوع المتعاملين كسكنى الدار واالنتفاع بسكناها فيها، وكالركوب في الدابة والخدمةأو الوطئ في الجارية، فكونها كذلك نوعا بمنزلة القرينة النوعية على إرادتها في موردالعقد، فيكون كالتوصيف المذكور أو كااللتزام الضمني لها، فتخلف مثل هذا الوصف

أو االلتزام يوجب الخيار، ألن لزوم العقد والحالة هذه يوجب الضرر، وهو نقضالغرض المعاملي، وإن لم يكن ضررا ماليا، وعليه فوجه الخيار في األرض المشتراة

بناء على أنها فارغة ينتفع بها وهي مشغولة ال ينتفع بها نقض الغرض المعاملي، وهوالضرر الموجب للخيار، وثبوت األجرة هنا أو أداء بدل منفعة العين المستأجرة ال

يتدارك به هذا الضرر، وإنما يتدارك به ما ال دخل له في استحقاق الخيار، فتدبره فإنهحقيق به.

وأما الجهة الثانية: وهو استحقاق المشتري لألجرة مع اختيار البائع لالبقاء وعدمأعمال المشتري للخيار، فتحقيق الحال فيها يتوقف على بيان أمور:

--------------------(١) جواهر الكالم ٢٧: ٢٠٦.

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (بالسنة).

(٣٧٩)

Page 383: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أحدها: أن المنافع تدريجية الوجود، ولها نحوان من االستيفاء:األول: هو االستيفاء الحقيقي الخارجي باخراج المنافع من القوة إلى الفعل ومن

العدم إلى الوجود، فايجادها على طبع وجودها تدريجي.والثاني: وهو االستيفاء االعتباري بنقلها إلى الغير بإجارة أو صلح، ومثل هذا

االستيفاء دفعي، فإن مالك العين يملك منافعها األبدية فعال، فله تمليكها للغير فعال.فالعين المستأجرة عند انتقالها بالبيع غير واجدة للمنافع، حتى تملك بتبع العين

ليؤخذ بدلها، بل ال مجال إال للخيار، بخالف األرض المزروعة أو المغروس فيها فإناستيفاء منافعها بالزرع والغرس استيفاء خارجي، وبقاؤها في كل آن استيفاء لمنفعة

األرض في ذلك اآلن، فما دامت األرض مملوكة للزارع والغارس كان االستيفاء متعلقابمنفعة (١) المملوكة له، وإذا انتقلت األرض بمنافعها الغير المستوفاة ال حقيقة والاعتبارا كان ابقاء الزرع والغرس استيفاء للمنفعة المملوكة لمالك األرض فعال، فال

مجال للقياس باإلجارة.ثانيها: أن كل مال مضاف إلى المسلم بإضافة الملكية له االحترام بلحاظ حيثية

المالية وبلحاظ حيثية الملكية، واالحترام من الحيثية األولى مقتضاه عدم ذهابه هدراوبال تدارك، واالحترام من الحيثية الثانية مقتضاه عدم مزاحمة المالك في سلطانه

بالتصرف فيه من غير إذنه ورضاه، وهذا هو الذي يقتضيه دليل السلطنة على المال.وعليه فسلطنة المشتري على ماله عينا ومنفعة وإن كانت مقتضية للسلطنة على

منع البائع من ابقاء الغرس والزرع، إال أن هذه السلطنة لما كانت ضررية على البائعحيث ال مناص له مع المنع من االبقاء إال القلع الضرري، وقاعدة الضرر حاكمة على

أدلة األحكام، ومنها دليل السلطنة، فلذا نقول بأنه ليس للمشتري المنع عن االبقاءرأسا، وأن للبائع ابقاء الزرع والغرس، إال أن ذهاب هذه السلطنة وسقوط احترامها

بسبب الضرر ال يقتضي بوجه سقوط نفس المال عن االحترام وذهابه هدرا، مع عدمكون استيفاء المنفعة ببدلها ضرريا ال على البائع وال على المشتري، فيكون كأكل

--------------------(١) هكذا في األصل، وحق العبارة (بمنفعة مملوكة له).

(٣٨٠)

Page 384: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المال في المخمصة مع عدم إذن المالك، فإن سقوط حرمة سلطنته المستدعيةالعتبار إذنه ال يوجب سقوط حرمة ماله المقتضية للبدل، فتدبره فإنه حقيق به.

ثالثها: إن الضرر المترتب على المعاملة - كما مر - إما ضرر مالي كضرر ما بهيتفاوت

العين الفارغة والمشغولة، والمستأجرة وغيرها، والصحيحة والمعيبة، وإما ضررحالي وهو نقض الغرض المعاملي وإن لم يكن تفاوت في القيمة، وهذا الضرر

بقسميه هو الذي ينجبر بالخيار، وهو الموجب للخيار، وأما استيفاء منفعة العينالمنتقلة إلى المشتري بمنافعها بال أجرة وعوض فهو ضرر أجنبي عن المعاملة وعن

الخيار فكيف ينجبر بالخيار؟!وإذا عرفت هذه األمور تعرف أن ثبوت الخيار ال ينافي استحقاق األجرة مع عدم

أعماله، فافهم جيدا، وإن كان ظاهر جملة من الكلمات عدم األجرة مع الخيار إال أنالحق أحق أن يتبع، والله العالم.

وأما الجهة الثالثة فملخص القول فيها: أن لكل من البائع والمشتري السلطنة علىماله دون مال غيره، ولكل منهما السلطنة على نفسه دون غيره، أما البائع فله السلطنةعلى قلع زرعه فإنه ماله، وليس له السلطنة على ابقاء زرعه فإنه من السلطنة على مال

الغير، وأما المشتري فله السلطنة على أرضه فله السلطنة على المنع من التصرففيها، وليس له السلطنة على قلع الزرع، ألنه سلطنة على مال الغير، وليس له السلطنة

على الزامه بقلعه، ألنه سلطنة على الغير والناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم.نعم حيث إن سلطنة المشتري على المنع من االبقاء كانت ضررية على البائع فلذا

كانت منفية، وال يقاس القلع باألرش باالبقاء باألجرة بتوهم أنه كما أن االبقاء باألجرةليس ضررا على المشتري كذلك القلع باألرش ليس ضررا على البائع، وهو منشأ

احتمال تخيير المشتري بين االبقاء باألجرة والقلع باألرش.وجه بطالن القياس أن سلطنة المشتري على االبقاء باألجرة سلطنة على نفسه

من حيث ايجار أرضه ببدل منفعتها، وسلطنته على القلع سلطنة على مال الغير،فعدم هذه السلطنة بعدم المقتضي ال بوجود المانع وهو الضرر حتى يقال ال فرق بين

(٣٨١)

Page 385: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

االبقاء والقلع.كما ال مجال لقياس قلع المشتري باألرش بابقاء البائع باألجرة، فإن سلطنة

المشتري على المنع حيث كانت ضررية على البائع فلذا ارتفعت وجاز للبائع االبقاء،وإنما ثبتت عليه األجرة لحرمة المال وعدم ذهابه هدرا، واستفاء المنفعة ببدلها ليس

ضررا، بل مناف لسلطنة المشتري، والمفروض انتفاؤها لضرريتها، بخالف القلع فإنهضرر واألرش تدارك للضرر، والمرفوع هو الضرر ال الغير المتدارك منه، فكما أن

سلطنة البائع عن المنع من القلع ضررية على المشتري كذلك سلطنة المشتري علىالقلع ضررية على البائع، واألرش تدارك للضرر ووجوده وعدمه في عنوان ضررية

القلع على حد سواء، وتوهم المساواة بين االبقاء والقلع من حيث الضررية، وكوناألجرة واألرش تداركا هو منشأ احتمال دوران األمر بين الضررين، وأن الالزم

مالحظة أكثر الضررين.ومن جميع ما ذكر تبين أن األقوى ثبوت الخيار للمشتري مع ثبوت األجرة مع

عدم أعمال الخيار من دون سلطنة له على القلع باألرش وبال أرش ومن دون سلطنةله على االلزام بالقلع، والله أعلم بحقائق أحكامه.

لو امتنع البائع عن التسليم- قوله (قدس سره): (لو امتنع البائع من التسليم... الخ) (١).

إذا امتنع ال عن حق كما إذا كان اآلخر باذال فال شبهة في ضمان المنافع لمكان اليدواالتالف كغيره من الغاصبين، وأما إذا كان امتناعه عن حق، كما إذا لم يكن اآلخر

باذال ففي ضمان المنافع الفائتة بسبب حبس العين ولو مع صدق عنوان التفويتالمندرج تحت االتالف وجهان، بل قوالن.

وحكي في وجه الضمان عن جامع المقاصد (٢) أن جواز الحبس غير سقوط حقالمنفعة، وال يلزم من ثبوت األول الثاني، وهو مبني على أن المقتضي من اليد أو

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣١٣ سطر ١٨.

(٢) جامع المقاصد ٤: ٤١٢.

(٣٨٢)

Page 386: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

االتالف موجود، وأن جواز الحبس ليس بمانع، والظاهر عدم الضمان خصوصا بناءعلى االلتزام الضمني بالتقابض المعاوضي، فإن مقتضاه االلتزام باستحقاقه للحبس

المفوت لمنافع ماله، فهو أقوى من التأمين المالكي، مع أن الظاهر بناء المشهور علىأن المال في هذه الموارد أمانة شرعية، فهو غير مضمون، ولذا حكموا بأن نماءه

أيضا إذا تلف ال يكون ضمانه على من بيده العين ونماؤها، تعليال بأنه أمانة.وبالجملة: ففي كل مورد جاز أو وجب وضع اليد على المال حفظا لصاحبه

وايصاال ال إليه كما في اللقطة ومجهول المالك، وكل ما دخل تحت اليد ولو بإطارةالهواء لثوب الغير، فضال عما أمر الشارع بوضع اليد عليه فهي أمانة شرعية، وكل ماكان بتسليط من المالك من دون تعليقه على عنوان غير محقق واقعا فهي أمانة مالكية

بالمعنى األعم، وإن لم يكن بعنوان االستنابة (١) في الحفظ، وهي األمانة بالمعنىاألخص، وإذا لم يكن أحد األمرين كانت اليد مضمنة له وإن لم تكن عادية، وبقية

الكالم موكولة إلى محله المناسب له.- قوله (قدس سره): (ونفقة المبيع على المشتري... الخ) (٢).

فإن نفقة المملوك على مالكه وال دليل على أن حبسه بحق مسقط للنفقة، فضالعن ثبوتها على البائع، نعم إذا كان حبسه ال عن حق فهو غاصب، ومقتضى صحيحة

أبي والد (٣) أنه عليه نفقته.وأما مسألة نفقة الزوجة فهي مشروطة بالتمكين التام فيقع الكالم فيها أن امتناعها

إذا كان عن حق كما إذا امتنعت حتى تقبض المهر فهل هو كامتناعها بغير حق أم ال؟إال أن الظاهر أن التمكين الذي هو شرط لثبوت النفقة هو التمكين الواجب عليها،وال وجوب مع جواز امتناعها مع استحقاق المهر، وعليه فالفارق أن وجوب نفقة

المملوك بحسب دليله غير مشروط بتمكين أحد منه أو تمكنه من االنتفاع به،--------------------

(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (االستبابة).(٢) كتاب المكاسب ٣١٣ سطر ١٩، وفيه (وعلى المشتري نفقة المبيع..).

(٣) وسائل الشيعة، باب ١٧ من أبواب اإلجارة، ح ١.

(٣٨٣)

Page 387: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بخالف نفقة الزوجة فإنها مشروطة بالتمكين، والتردد فيها من حيث إن التمكينالذي هو شرط مطلق التمكين أم خصوص التمكين الالزم عليها، دون ما نحن فيه

الذي ال يشترط أصلها بالتمكين.- قوله (قدس سره): (ففي وجوب إجابته وجهان... الخ) (١).

من أن الغرض من االلتزام بالتقابض المعاوضي حفظ ماله وعدم ذهابه هدراخارجا، فيكفي فيه ابقاء المبيع تحت يده، ومن أن الغرض كون المشتري ممنوعا من

التصرفات ليكون باعثا له على تسليم الثمن، ولكن مقتضى عموم دليل السلطنة علىجميع التصرفات وعدم التقييد إال بالمقدار المتيقن وهو االمتناع عن التسليم فقط هو

وجاهة الوجه األول، والله أعلم.* * * *

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣١٣ سطر ٢٠.

(٣٨٤)

Page 388: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أحكام القبضانتقال الضمان للقابض

- قوله (قدس سره): (من أحكام القبض انتقال الضمان... الخ) (١).توضيح المقام بالبسط في الكالم في أمور:

منها: أن الضمان المبحوث عنه في المقام هل هو ضمان المعاوضة بحيث يتلفالمبيع من مال البائع حقيقة؟ أو ضمان الغرامة بحيث يتلف في ملك المشتري ودركهعلى البائع، فيكون تلفه عليه ال تلفه منه حقيقة؟ وعلى األول فهل هو بمعنى انفساخ

العقد قبل التلف وتقدير الملك آنا ما كما هو المشهور؟ أو بمعنى عدم استقرارالمعاملة إال على التسليط الفعلي بإزاء التسليط الفعلي، فمع عدم تحققه ال تنعقد

المعاملة كما هو محتمل كالم بعض األواخر؟ فنقول:أما دعوى استقرار المعاملة على التقابض المعاوضي بأن أريد بها أن مقتضى

االلتزام الضمني عدم لزوم العقد وأنه لكل من الطرفين مع االمتناع االختياري أوالقهري الخيار فال بأس به، إال أن هذا غير االنفساخ الموجب لعود الثمن، وإن أريد به

استقرار المعاملة من حيث التأثير في الملكية فمع التلف ال تمليك وال تملك فيعودالثمن من دون حاجة إلى دليل على االنفساخ، وتقدير الملك فهو لو تم لكان خاليا

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣١٢ سطر ٢٢.

(٣٨٥)

Page 389: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

عن جميع المحاذير العقلية والشرعية، إال أنه ال دليل على أن التقابض في مطلقالبيع شرط، وإنما المشروط به بيع الصرف فقط، وااللتزام الضمني المستكشف من

بناء العقالء لم يثبت به إال جواز االمتناع والخيار عند التخلف، ال عود الثمن قبلالتلف.

وقد بينا فيما تقدم من أن جعله من مقتضيات العقد غير معقول على وجه، وغيرمجد على وجه آخر، فإنه إن أريد أن التسبب المعاملي إلى الملكية والتسليط

الخارجي يجامع السلطنة االعتبارية والخارجية فمن البين أن السلطنة الخارجية الانشائية وال تسبيبية.

وإن أريد أنه من أحكام العقد على الملكية عرفا الممضاة شرعا فليس أثره إالوجوب التسليط أو بزيادة استحقاق التسليط، فمع التلف ال موجب النفساخ العقد

وال الرتفاع أثره، وهو الملك، فال يكون رجوع الثمن إلى المشتري على وفق القاعدة-

كما يرومه هذا القائل -.فلم يبق وجه صحيح في المسألة إال القول باالنفساخ قبل التلف، أو القول بتداركالتالف بارجاع الثمن، وقد قدمنا في مسألة التلف في زمان الخيار شطرا وافيا منالكالم، وذكرنا هناك ما يتوهم وروده على القول باالنفساخ من أنحاء المخالفةللقواعد العقلية والشرعية واجبنا عنه بما ال مزيد عليه، بل بينا هناك أن الحق في

االنفساخ هو االنفساخ قبل التلف آنا ما، ال االنفساخ من األصل، وأن االنفساخ مناألصل غير البطالن كما تخيله بعض األعيان، فراجع (١) وتدبر.

منها: أن ظاهر النبوي وإن كان تلفه من البائع ال تلفه عليه، فيكون ظاهره موافقالالنفساخ، إذ مع بقائه على ملك المشتري إلى حال ورود التلف عليه يستحيل أن

يكون تلفه من البائع، إال أن ظاهر كون المبيع التالف موضوعا وقوله (صلى الله عليهوآله) (فهو من مال

بائعه) (٢) محموال ورود الملكية للبائع على التالف، مع أن التالف ليس له اعتبارالمالية، وال له اعتبار الملكية.--------------------

(١) تعليقة ١٣٠.(٢) مستدرك الوسائل ١٣: ٣٠٣، باب ٩ رواية ١٥٤٣٠.

(٣٨٦)

Page 390: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

مضافا إلى أن ورود الملكية على التالف ال يالزم االنفساخ، فال يالزم عود الثمنإلى المشتري، بخالف ما إذا ورد التلف على ملك البائع فإنه ال يعقل إال باالنفساخ،ألن بقاءه على ملك المشتري ال يجامع ملكيته للبائع الجتماع الملكين االستقالليين

على عين واحدة، وعود المبيع إلى البائع مع أنه معوض بعوض يالزم عود العوضإلى المشتري، وهذا المعنى غير محقق في فرض ورود الملكية على التالف، ألنملكية التالف للبائع تجامع ملكية المبيع حال وجوده للمشتري، فال يلزم اجتماع

الملكين حتى يستلزم االنفساخ، واعتبار ملكية التالف للبائع ال بعنوان الفسخواالنفساخ ال يقتضي بوجه عود الثمن إلى المشتري.

إال أن الذي يهون الخطب أن النبوي وشبهه ليس في مقام اثبات ملك للبائع،ليقال بأن ظاهره ملكية التالف، بل في مقام اثبات تلف ملك من البائع، فليس مفاد

النبوي أن المبيع التالف قبل قبضه مملوك للبائع، بل مفاده أن المبيع قبل قبضهمملوكا للبائع يتلف فيكون ظاهرا في االنفساخ وتقدير الملك آنا ما.

وأما احتمال أظهرية رواية عقبة بن خالد في االنفساخ من النبوي فلعله بمالحظةظهور قوله (فسرق المتاع من مال من يكون؟ قال: من مال صاحب المتاع الذي هوفي بيته حتى يقبض المتاع... الخ) (١) في أن سرقة المتاع من مال البائع، وال يكون

إالباالنفساخ حتى يكون سرقته منه، وليس كعنوان التلف حتى يقال إنه باعتبار استقرار

الخسارة عليه يصدق أنه تلف منه.منها: أن الضمان بناء على المعروف غير قابل لالسقاط، وبناء على أنه ضمان

الغرامة قابل لالسقاط، توضيحه: أن الكالم تارة في اسقاط الضمان بأحد المعنيينبعد ثبوته بسببه، وأخرى في اشتراط عدمه في عقد البيع.

أما األول: فحقيقة الضمان المعاوضي كون المبيع بعد البيع بحيث إذا تلف قبلقبضه ينفسخ العقد شرعا، فهناك أمران، أحدهما هذه الحيثية الثابتة للمبيع قبل تلفه

وبعد عقده، واآلخر انفساخ العقد شرعا وصيرورة المبيع آنا ما ملكا للبائع قبل تحقق--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ١٠ من أبواب الخيار، ح ١.

(٣٨٧)

Page 391: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التلف وصيرورة الثمن ملكا للمشتري، ومن الواضح أن هذه الحيثية الثابتة قبل التلفليس إال كون المبيع محكوما شرعا بعوده إلى البائع بانفساخ العقد، وهي باإلضافة

إلى الملكية الحاصلة قبل التلف آنا ما، وإلى االنفساخ في ذلك اآلن كالقوة باإلضافةإلى الفعلية، وليست هذه الحيثية وال تلك الفعلية قابلة لالسقاط وال لالبراء، ألن

االنفساخ وانحالل العقد سواء فرض بالقوة أو بالفعل ليس من الحقوق حتى يقبلاالسقاط، بل حكم وضعي شرعي محض، وآثر االنفساخ - وهي صيرورة المبيع ملكا

للبائع والثمن ملكا للمشتري - ليس قابال لالبراء، فإنه ال يتعلق إال بالملك الذمي، البالملك العيني الخارجي فإنه قابل للتبديل المعاملي ونحوه، فليس في الضمان

المعاوضي أوال وأخرا قوة وفعال أمر قابل لالسقاط أو االبراء.وأما الضمان الغرامي فهو تارة أيضا بالقوة، وأخرى بالفعل، فإنه بمجرد تحقق

سببه من يد أو عقد تدخل العين في العهدة، بحيث إذا تلفت تشتغل الذمة ببدلها،واعتبار العهدة قابلة لالسقاط، وذمة البدل قابلة لالبراء، وال معنى العتبار العهدة فيالضمان المعاوضي، إذ ال درك على البائع بناء على االنفساخ حتى يتوهم أنه باعتبار

عهدة المبيع قابل لالسقاط، إذ من البين أن انفساخ العقد شأنه رجوع المبيع إلىمالكه األول، وتلف ملك أحد من نفسه ال يوجب دركا عليه، حتى يصح بلحاظ

اعتبار العهدة، هذا حال الضمان الغرامي كلية.وأما في المقام فالمفروض عند القائل به تعين الثمن الخارجي للبدلية للمبيع

التالف من المشتري، ومثل هذا الملك غير قابل لالبراء كما مر، فال فرق من حيثاالبراء بين الضمانين هنا، نعم اسقاط العهدة ال مانع منه كما في غير المقام من موارد

الضمان بالقوة، هذا كله في اسقاط الضمان بأحد العينين.وأما الثاني: وهو شرط عدم الضمان بأحد المعنيين فمختصر القول فيه: أن الضمان

الغرامي مما ال ريب في قبوله لالشتراط وجودا وعدما فيما ال يكون المورد علة تامةلثبوته أو لنفيه، فال يمكن شرط الضمان في الوديعة دون العارية، وأما الضمان

المعاوضي فربما يتوجه في النظر أن اشتراط عدم االنفساخ كاشتراط االنفساخ قابل

(٣٨٨)

Page 392: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

للتسبب إليه باالشتراط، كما هو أحد الوجوه المتصورة في بيع الخيار، بأن يشترطفي البيع انفساخه برد مثل الثمن، وإذا أمكن اشتراط ثبوته أمكن اشتراط عدمه،

فيكون دافعا العتبار االنفساخ شرعا، كما أن شرط عدم الخيار في البيع كذلك.وتحقيق الحال فيه: أن حق الخيار ربما يكون مجعوال شرعا، وربما يكون مجعوالبجعل المتعاقدين، والمجعول شرعا حيث إنه مرتب على العقد المجرد عن الشرط

فكما له رفعه بعد ثبوته فكذلك له دفعه بشرط عدمه، والمجعول عرفا وبجعلالمتعاقدين ال مقتضي له إال نفس الجعل فله اثباته وله اسقاطه ورفعه، وليس له

مقتضي حتى يعقل دفعه.وأما االنفساخ فهو أيضا تارة شرعي وأخرى جعلي معاملي، وحيث إن

للمتعاملين جعل حق الخيار فلهما جعل نتيجته وهو االنفساخ، وكما ال يعقل جعلعدمه فكذلك ال يعقل جعل عدم نتيجته، وأما االنفساخ المجعول شرعا فليس كحق

الخيار حتى يكون له رفعه ودفعه، وال أمره بيد المتعاملين من حيث جعل الحقوجعل نتيجته حتى يقاس عدم االنفساخ باالنفساخ، فعدم االنفساخ شرعا وإن كانمع وجود المقتضي العتباره لكنه ليس كالحق بحيث يكون له رفعه فله دفعه، وال

كنتيجة الحق الذي أمر جعله بيده حتى يكون أمر رفعه بيده، فتدبره جيدا.ثم إنه بناء على صحة اشتراط عدم االنفساخ فهو ال يالزم صحة االسقاط، فإن

االسقاط ال بد من أن يتعلق بالحق، واالنفساخ على أي حال ليس بحق، ولذا ال يقبلاالسقاط في البيع بشرط االنفساخ دون الخيار.

ومنها: أن االنفساخ الحقيقي كما مرت اإلشارة إليه ال محذور فيه، ويترتب عليهجميع آثار الملك التحقيقي كما عن العالمة في التذكرة (١) من أن تجهيز المملوك

التالف قبل قبضه على البائع، وربما يتخيل ترتب هذا األثر وسائر اآلثار علىاالنفساخ الحكمي، نظرا إلى أن ظاهر قوله (عليه السالم) (من مال بائعه) كون التالف

قبل تلفهملكا مطلقا للبائع، والمحاذير العقلية والشرعية تمنع عن كون هذه الملكية المطلقة

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٢٥ سطر ٧.

(٣٨٩)

Page 393: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تحقيقية، وال تمنع عن كونها تقديرية حكمية، ومقتضى الحكم بكونه ملكا مطلقا لهتقديرا ترتيب جميع اآلثار، ومنها التجهيز، فال داللة لكالم العالمة (قدس سره) على

التزامهباالنفساخ الحقيقي والملك التحقيقي.

ويندفع هذا التخيل: بأن الرواية ليست في مقام اثبات ملك للبائع، ليقال بأنظاهره الملكية المطلقة، بل في مقام تلف ملك من البائع، وحيث ال يعقل تلف ملك

منه حقيقة فهو تلف ملك منه حكما، وليس أثر تلف الملك منه إال انفساخ العقدحكما وعود الثمن إليه بحكم الشارع، ال بانفساخ العقد، مع أن الملكية ال تتفاوتبترتب اآلثار عليها وعدمه سعة وضيقا، بل االطالق والتقييد في سلطان المالك علىماله وعدمه، وأدلة اآلثار غير متكفلة إال لترتبها على الملك التحقيقي، وترتبها على

غيره يحتاج إلى تقدير الملك بجميع اآلثار، ومرجعه إلى الحكم بترتيب جميعاآلثار، والمفروض أنه ال تتكفل الرواية إال للحكم بكون تلفه منه، فتدبر.

وأما ترتبها على القول باالنفساخ الحقيقي فلعود الملك التحقيقي إلى البائعفيتحقق موضوع جميع اآلثار حقيقة ال حكما وتقديرا.

ومنها: أن ظاهر النبوي وإن كان تعليق الحكم على التلف، والتلف الحقيقيمساوق لالنعدام، إال أن التلف عرفا أعم منه كما هو ظاهر رواية عقبة بن خالد (١)،

حيث حكم فيها بأنه من البائع بسبب السرقة التي ليست من التلف الحقيقي، بلغايته تعذر التسليم، نعم حيث إن تعذر التسليم موجب للخيار ال االنفساخ فينبغي

أن يقال إن السرقة وأشباهها على قسمين، فتارة ال يرجى عود المبيع فهو ملحقبالتلف عرفا، وأخرى يرجى عوده وإن لم يمكن التسليم فعال فهو من تعذر التسليم

الموجب للخيار، وهكذا األمر في غير السرقة مما يلحق بالتلف بمالحظة عدم امكاناقباضه عادة، كاباق العبد وانقالب صيد الوحش ونحوهما.

ومنها: هل يكفي القبض ولو مع عدم إذن البائع في رفع الضمان، بحيث لو تلفبعده كان من التلف بعد القبض أو أنه كال قبض فالتلف قبله؟ واألقوى هو األول، ألن

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١٠ من أبواب الخيار، ح ١.

(٣٩٠)

Page 394: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

القبض بمعنى التخلية واالستيالء بمعنى رفع الموانع من طرف البائع وإن لم يتحقق،كيف؟ والمفروض أنه ال إذن منه فلم يرتفع المانع شرعا من قبله، إال أن اعتبارهما

في القبض مرجعه إلى كفاية أحدهما في حصوله من دون توقف على األخذواالمساك، فال منافاة بين حصول األخذ واالمساك حقيقة وعدم حصول التخليةواالستيالء من البائع، كما ال منافاة بين حصول القبض الحقيقي وجواز استرداد

المقبوض للبائع، بل وحرمة القبض الحقيقي أيضا، والتلف الموجب لالنفساخ هو ماكان قبل القبض الحقيقي، والمفروض أنه بعده.

وأما في المكيل والموزون فإن كان شخصيا فالقبض إنما يعتبر في جواز بيعه ثانيابتجديد الكيل والوزن، ال أن تجديدهما معتبر في تحقق القبض في نفسه وإن كان

كليا، فالوفاء ال يكون إال بالكيل والوزن فإنه كما ال يصح البيع جزافا ال يصح البيعحراما، فالقبض بغير إذن من البائع ال يتحقق به الوفاء، وال يتشخص ملك المشتري به

حتى يكون تلفه منه بعد قبضه، فتدبر جيدا.ومنها: هل يكفي التخلية في رفع ضمان البائع أم يتوقف على االستيالء أو على

األخذ واالمساك بما يناسب المبيع؟ وقد مر سابقا (١) أن كل مورد يعتبر فيه القبضبعنوانه ال يكفي فيه إال األخذ واالمساك وما يساوقهما، مضافا إلى ما في رواية عقبة

بن خالد فإنها ظاهرة في أنه ترك المتاع عنده باختياره، وهو عين التمكن من التصرففي المال، وإنما لم يقبضه أي لم يأخذه ونحوه، فمن الغريب ما في المتن من كفاية

التخلية وإن لم يصدق عليها القبض في سقوط ضمان البائع، وال يخفى أن القبضالذي ال يجوز معه امتناع الطرف من التسليم وإن كان مجرد تمكين كل من المتبايعين

لآلخر فإنه الذي بني عليه التعاوض وااللتزام الضمني به، إال أنه ال يالزم أن يكونالقبض المنوط به رفع الضمان هو األخذ والنقل ونحوه كما هو ظاهر الرواية.

نعم من يجعل االنفساخ موافقا للقاعدة يتوهم أنه ال يستقر العقد إال على التقابضصح له دعوى كفاية التمكين من التصرف في استقرار العقد، إال أن المبنى فاسد،

--------------------(١) تعليقة ١٤٠.

(٣٩١)

Page 395: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وعلى فرض صحته فاستقرار العقد عرفا على هذا المقدار ال ينافي انفساخ العقدالمستقر بالتلف قبل األخذ واالمساك شرعا، وال يخفى أيضا أن معنى قوله في

الرواية (ترك المتاع عنده ولم يقبضه) هو أنه أبقاه على حاله، ال أنه أودعه عندهحتى يكون مخالفا للقاعدة في الوديعة، حيث إن التلف ال يوجب ضمان الغرامة،

فضال عن ضمان المعاوضة.ومنها: أن كل ما ذكرنا إنما هو في التلف، وأما االتالف فتارة من المشتري، وأخرى

من البائع، وثالثه من األجنبي، أما إذا كان من المشتري فظاهر غير واحد أنه بمنزلةقبضه، وعلله (قدس سره) في المتن بأنه ضمن ماله باتالفه، أي خسره باتالفه، فال يكون

خسارة من البائع، وهو بظاهره ال يخلو عن مصادرة، إذ لو كان االتالف كالتلفموجبا

لالنفساخ كان خسارة من البائع، نعم حيث إنه قبل االتالف ينفسخ العقد ويكونالمبيع ملكا للبائع فاالتالف وارد على مال البائع، فيضمنه المشتري بضمان الغرامة،

ويعود الثمن إليه بمقتضى ضمان المعاوضة، فهو خسارة البائع من وجه، وخسارةالمشتري من وجه آخر، ولعل غرضه (قدس سره) أن القبض حيث إنه لالنتفاع به

بوجوهالتصرفات، فاالتالف الذي هو فعلية التصرف منه المتحقق باستيالئه عليه بالقوة

رافع للضمان، كما أن االستيالء واألخذ الذي يكون التصرف بسببه بالقوة رافع له،فقد خسر ماله بتصرفه فيه باتالفه، فتدبر.

وأما إذا كان االتالف من البائع ففيه وجوه:أحدها: االنفساخ به كاالنفساخ بالتلف، نظرا إلى أن الضمان معلق على التلف من

دون تقيده بسبب قهري أو اختياري، بل ظاهر خبر عقبة بن خالد شموله لالختياري،فإن السرقة المنزلة منزلة التلف ال تكون إال باالختيار، وال فرق في هذا المعنى بين

اتالف األجنبي والبائع.ثانيها: كون اتالفه موجبا لضمان الغرامة، نظرا إلى اختصاص النبوي بالتلف الذي

يقابل االتالف عرفا، وعلى فرض الشك في الشمول فأصالة بقاء العقد وبقاء المبيععلى ملك المشتري ينقح موضوع من أتلف مال الغير، لئال يتوهم أنه تمسك بالعموم

(٣٩٢)

Page 396: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

في الشبهة المصداقية.ثالثها: كما عن جماعة تخيير المشتري بين الرجوع بالمسمى والرجوع ببدل

التالف، ووجهه المصنف (قدس سره) بوجهين:أحدهما: اجتماع سبب ضمان المسمى وسبب ضمان الغرامة، وال موجب

الهمالهما معا، وال موجب ألعمالهما معا، وال مرجح ألحدهما بالخصوص، فالمحالة يتخير بين أعمال أيهما شاء.

توضيحه: أن التلف سبب لضمان المسمى، واالتالف سبب لضمان البدل،وموضوع كل واحد منهما المبيع الذي هو ملك المشتري، وإنما يخرج من ملكه

بتأثير التلف المزاحم مع االتالف المانع عن تأثيره، وتضاد األثرين بالعرض، ألنالمتضادين بالذات هو خروج الثمن عن ملك البائع وبقاؤه وخروج المبيع عن ملكالمشتري وبقاؤه، وأما ضمان البدل الذي الزمه هو بقاء المبيع على ملك المشتريفهو مضاد لخروج المبيع عن ملك المشتري بمالحظة ذلك الالزم، فأعمال السببينيلزم االلتزام بالضدين، فال محالة يجب أعمال أحدهما، وااللتزام بأحد األثرين من

ضمان المسمى أو ضمان البدل.والجواب عنه أوال: أن االلتزام باجتماع السببين بذاتهما مبني على شمول التلف

لما إذا كان بتسبيب اختياري من الغير، وعلى شمول االتالف المضمن لما إذا كانسببا لتلف المبيع قبل قبضه، مع أنه ال يستشكل أحد في االنفساخ وضمان المسمى

مع فرض شمول التلف لالتالف وعدم وصول النوبة إلى ضمان الغرامة.وثانيا: أن المورد ليس من تزاحم السببين ولو قلنا بأعمية التلف واالتالف، ألنتأثير التلف يبطل موضوع تأثير االتالف، واالتالف إنما يؤثر على تقدير وجود

موضوعه، وليس حافظا لموضوعه، فال مانع من تأثير التلف إال على وجه دائر، ألنتأثير االتالف موقوف على وجود موضوعه، وهو مال الغير، وبقاؤه موقوف على

عدم تأثير التلف، فمانعيته عن تأثير التلف دورية.ومما ذكرنا تبين أنه كما ال تزاحم بين السببين ال تعارض بين الدليلين، ألن دليل

(٣٩٣)

Page 397: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

االتالف يتكفل الضمان في فرض وجود موضوعه وهو اتالف مال الغير فكيفيعارض ما يتكفل اخراج المبيع عن كونه مال الغير؟! هذا تمام الكالم في الوجه

األول.ثانيهما: أن االتالف يوجب تعذر التسليم، فيوجب الخيار، وحيث إنه متعلق

بمال المشتري مع بقاء موضوعه، ألن الخيار مؤكد لبقائه ال مناف له فيعمه دليل (منأتلف) فله الخيار وله التضمين بالبدل، غاية األمر أنه مع أعمال الخيار وانفساخ العقد

ال يبقى له مجال التضمين، كما أنه مع أخذ البدل وقبض ماله بماليته ال مجال ألعمالالخيار، إال أنك قد عرفت سابقا (١) أن مورد خيار تعذر التسليم ما إذا لم يتمكن فعال

من تسليمه مع امكانه في نفسه، ولذا قلنا بلزوم حمل السرقة في خبر عقبة بن خالدعلى ما ال يرجى عوده عادة، وما نحن فيه أولى بذلك، فال مجال للخيار، ولو تنزلناعن شمول التلف لالتالف كما هو ظاهر الخبر المزبور فاألوجه ضمان الغرامة ولو

بضميمة أصالة بقاء العقد وبقاء ملك المشتري على حاله، والله أعلم، هذا كله إذا كاناالتالف من البائع.

وأما إذا كان االتالف من األجنبي فتجري فيه الوجوه المتقدمة، ووجه االنفساخفيه أظهر، لما في خبر عقبة بن خالد من االنفساخ بما هو بمنزلة اتالف األجنبي

فاتالفه أولى بأن يكون موجبا لالنفساخ.وتوهم: أنه ال ينافي التخيير، فإن تعين الضمان بالمسمى لتعذر الفرد اآلخر وهو

الرجوع على السارق لعدم معرفته.مدفوع: بأن ظاهر مجموع الرواية تعين االنفساخ في نفسه، ال من حيث تعذر الفرداآلخر، هذا في التخير بين أعمال سبب االنفساخ وسبب الضمان بالبدل، وأما التخير

بين الخيار والرجوع بالبدل فاألمر أوضح، إذ الظاهر من الخبر تعين التلف من مالالبائع، ال تعينه بعد أعمال الخيار.

وأما ما قيل من أن وجه التخيير هنا أقوى فلم يعلم له وجه، ولعله بمالحظة--------------------

(١) نفس التعليقة، عند قوله (ومنها أن ظاهر النبوي...).

(٣٩٤)

Page 398: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

صدق تعذر التسليم بالتلف أو اتالف األجنبي، بخالف اتالف البائع فإنه لم يمتنععليه التسليم، بل جعله ممتنعا على نفسه.

ويندفع: بأن الخيار ليس إال من ناحية ضررية لزوم البيع التي ال فرق فيها بين أنحاءأسبابها ال بدليل لفظي (١)، ليقال بعدم صدق التعذر باتالف البائع، وصدقه باتالف

األجنبي.ومنها: أنه بناء على تخيير المشتري بين أعمال الخيار ومطالبة القيمة، فمع أعمال

الخيار المقتضي لعود الثمن وعود المبيع ال رجوع للبائع، ألن مالية ماله عنده باتالفهالذي هو بمنزلة استيفائه، وأما مع عدم أعمال الخيار فهل للبائع حبس القيمة إلى أن

يتسلم الثمن من المشتري كما كان له حبس العين أم ال؟ وبعد قوله في المتن" وجهان " هكذا (من أنها بدل عن العين، ومن أن دليل الحبس وهو االنفهام من العقد

يختص بالبدل) انتهى، وليس لهذه العبارة في النسخة األصلية الموجودة عندي عينوال أثر، بل بعد قوله (رحمه الله) " وجهان " (أقواهما العدم).

وبالجملة: مقتضي االلتزام الضمني المستكشف بالطريقة العرفية وهو التعاوضفي تقابض العوضين، فال موجب لحبس القيمة، إال أن هذا االلتزام ليس إال للتحفظ

على ماله لئال يذهب هدرا خارجا مع عدم تسلم عوضه، وهذا المعنى موجود فيالقيمة، وهي في الحقيقة مالية ماله، وبها العبرة في المعامالت المالية ال بأشخاص

األموال بذواتها، ولذا قلنا بأن خيار الغبن مما يقتضيه االلتزام العقالئي بإقامة مال فيمقام مال في المالية، وتخليته يوجب الخيار مع عدم تخلف ذات المال.

ومنها: أنه لو قبضه المشتري بال إذن من البائع فأتلفه البائع وهو في يد المشتري،فهل هو كاتالفه قبل القبض - فتجري فيه الوجوه المتقدمة - أو كاتالفه بعد القبض فال

يوجب إال القيمة؟ فنقول:منشأ الترديد أحد أمرين:

األول: أن القبض بال إذن بمنزلة العدم فيبتني على ما قدمناه، فمن يراه كالعدم--------------------

(١) يحتمل أنها (نقلي).

(٣٩٥)

Page 399: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فاالتالف قبل القبض الرافع للضمان، ومن يراه قبضا حقيقيا وإن كان غير مستحق لهبل كان آثما فيه فاالتالف بعد القبض حقيقة، فال يعقل جريان الوجوه المتقدمة فيه،

بل يتمحض في كونه اتالفا لمال الغير وهو يوجب ضمان البدل معينا.الثاني: أن القبض إذا كان بال إذن ويجوز حينئذ استرداده فكما إذا استرده وتلفينفسخ العقد، وإذا أتلفه بعد استرداده جرى فيه ما ذكر في االتالف قبل القبض،

فكذلك إذا كان اتالفه استردادا له فال يكون اتالفا له بعد القبض حتى يتمحض فيضمان القيمة، فهو كما إذا تلف باسترداده فإنه ال شبهة في أنه كالتلف بعد استرداده،فال فرق بين ما كان استرداده اتالفا وما كان اتالفه استردادا، فهو نظير ما مر من إناتالف المشتري للمبيع وهو في يد البائع بمنزلة قبضه، وال فرق بين القبض االبتدائيوالقبض المتجدد الذي هو عين االسترداد، ولعل هذا الوجه هو الباعث على تحرير

هذا الفرع مستقال دون الوجه األول، فإنه من آثار الفرع المتقدم من أن القبض بال إذنكاف في سقوط الضمان أم ال؟ فال وجه لتدوينه مستقال.

والجواب: أن االسترداد إعادة لالستيالء السابق، فإذا قارن التلف أو االتالف كانتلفا واتالفا وهو تحت استيالء البائع، بخالف ما إذا أتلفه وهو في يد المشتري فإنه

اتالف لما ليس تحت استيالئه، وال هو بنفسه استيالء.وأما الفرق بين اتالف المشتري لما في يد البائع واتالف البائع لما في يد

المشتري فهو أن اتالف المشتري تصرف منه في مال نفسه، واستيفاء لماله الذي هونتيجة االستيالء، بل منزلة االستيالء من التصرف منزلة ما بالقوة مما بالفعل، بخالفاتالف البائع فإنه تصرف في مال الغير من دون أن يكون تحت استيالئه فيشمله من

أتلف مال الغير، وال يعمه االتالف لما هو تحت استيالئه، فتدبره فإنه حقيق به.إذا تلف الثمن قبل القبض

- قوله (قدس سره): (تلف الثمن المعين قبل القبض... الخ) (١).--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣١٤ سطر ٢٦.

(٣٩٦)

Page 400: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بعد عدم الخالف في المسألة - كما ادعاه (قدس سره) - ال مدرك لها إال أمران:أحدهما: ما في ذيل خبر عقبة بن خالد حيث قال (عليه السالم) (فإذا أخرجه من بيته

فالمبتاعضامن لحقه حتى يرد ماله إليه) (١) والضمير " لحقه " إما راجع إلى البائع أو إلى

المشتري، فإن كان راجعا إلى البائع فالمراد ضمانه للثمن، لكنه يقتضي أن يقال حتىيرده إليه، وال موجب لوضع الظاهر موضع المضمر، وإن كان راجعا إلى المشتري

فالمراد أن المشتري خاسر لماله حتى يرد الثمن إلى البائع، فإن تلف الثمن حيثيوجب انفساخ البيع فال محالة يرجع المبيع إلى البائع فيخسره المشتري، لكنهيوجب التفكيك بين الضمائر، لرجوع األول إلى المشتري، والباقي إلى البائع.

إال أن ترتب ضمان المبتاع على قوله (عليه السالم) (فإذا أخرجه من بيته) يناسب الثانيدون األول، ألن انفساخ العقد بتلف الثمن ال ترتب له على قبض المبيع كما ال ترتب

النفساخ العقد بتلف المبيع على قبض الثمن، بخالف خسارة المبيع فإنها من البائعقبل اخراجه من بيته، ومن المشتري بعد اخراجه من بيته، ومنشأ خسارة البائع له

تلفه، ومنشأ خسارة المشتري تلف الثمن.ثانيهما: صدق المبيع على الثمن فيعمه (كل مبيع تلف قبل قبضه) ووجه توهم

الصدق ما اشتهر أن البيع من األضداد فيصدق على االشتراء.وفيه: أنه على فرض صحة هذا المشهور ال يقتضي ذلك، ألن مقتضى كون البيع

بمعنى االشتراء أنه بمشتقاته كمشتقات االشتراء فيصدق البائع على المشتري وباعبمعنى اشترى والمبيع على المشترى - بالفتح -، وليس هو إال المعوض دون العوض.نعم صدق البائع على المشتري مجد في قوله (عليه السالم) (فهو من مال بائعه)، لكنه

بعدكون موضوع القضية هو المعوض على أي تقدير يتعين كون البائع بمعناه ال بمعنى

المشتري، مضافا إلى أن مجرد كون البيع من األضداد ال يجدي، ألنه ال يصحاستعماله فيهما معا، بل ال يعقل فال بد من فرض الجامع واستعماله فيه، والجامع بين

الضدين وإن كان معقوال، بل لعله شرط التضاد المصطلح، إال أنه ال يتوقف على--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ١٠ من أبواب الخيار، ح ١.

(٣٩٧)

Page 401: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وضع البيع لمعنيين متضادين، بل يصح االستعمال مجازا على أي تقدير.- قوله (قدس سره): (ثم إنه هل يلحق العوضان في غير البيع... الخ) (١).

إذا قلنا بأن المعاوضة - بما هي معاوضة - تقتضي ذلك - كما تقدم احتماله بلالقول به من بعضهم - فاألمر واضح، وإال فال موجب لاللحاق، ألن غاية ما يمكنااللتزام به بسبب االلتزام الضمني المستكشف ببناء العرف والعقالء هو جميع آثار

االلتزام من جواز االمتناع ألحدهما مع امتناع اآلخر، وجواز اجبار الممتنع، وثبوتالخيار مع تعذر التسليم أو تعذر االجبار.

وأما انفساخ العقد فهو أجنبي عن االلتزام الضمني، بل كما عرفت حكم شرعيمحض يحتاج إلى دليل، وأما ابطال العقد بمالحظة تقييد الرضا المعاملي بالتقابض

فهو اشتباه وخلط بين العقد (٢) وااللتزام الشرطي، وقد عرفت الجواب عن تقيد الرضافي مبحث مفسدية الشرط الفاسد وعدمها، فراجع (٣).

وأما استكشاف عموم الحكم من التسالم على بطالن اإلجارة بتلف العينالمستأجرة قبل القبض بل بعده بال فصل.

ففيه: أن الوجه فيه أن المملوك بعقد اإلجارة هي المنفعة القائمة بالعين في موقعاستيفائها منها، فال شئ حتى تملك أو تملك عقال، بخالف البيع فإن وجود العين

حال البيع كاف في تمليكها وتملكها، فانفساخه يحتاج إلى موجب ودليل، وبالجملةإن كان اجماع على االلحاق فهو وإال فال مدرك له.

إذا تلف بعض المبيع قبل قبضه- قوله (قدس سره): (لو تلف بعض المبيع قبل قبضه... الخ) (٤).

توضيح المقام برسم أمور:منها: أن البعض الذي يقسط عليه الثمن ويقبل االستقالل في الملكية مملوك

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣١٤ سطر ٣٤.

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (العبد).(٣) تعليقة ٩٨.

(٤) كتاب المكاسب ٣١٥ سطر ٣.

(٣٩٨)

Page 402: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بحقيقة الملكية، وليس البيع إال التمليك وهو ايجاد الملكية، وهو متحد بالذات معوجود الملكية، فالجزء مبيع بالحمل الشائع حقيقة، بل معقود عليه حقيقة، فإن

العقد المعنوي اللبي - وهو القرار المرتبط بقرار آخر - ال يستقل بالتحصل، فال بد منتعلقه بملكية شئ بعوض، فيتعدد بتعدد الملكية المتعددة بتعدد ذات المملوك،ألن اإلضافات واالعتبارات تتشخص بتشخص أطرافها، فتتعدد بتعددها، وإنما

الواحد هو العقد االنشائي المركب من االيجاب والقبول اللفظيين مثال.وأما عدم صدق البيوع على بيع الدار بعوض مخصوص فالجواب عنه: أن وحدة

البيع فيه وحدة عمومية ال شخصية، وال منافاة بين هذه الوحدة وتلك الكثرة، وكذلكاإلضافات الحقيقية فإن السقف فوق األرض إذا لوحظ السقف واألرض بنظر

الوحدة، مع أن كل جزء من السقف له الفوقية بالقياس إلى ما يحاذيه من أجزاءاألرض، وعليه فالجزء التالف مبيع حقيقة، وكل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال

بائعه.ومنها: أن الجزء تارة مما ينبسط عليه وعلى غيره الملكية سواء لوحظ معينا أو

مشاعا كأجزاء الدار مثال، وأخرى ال ينبسط عليه الملكية باعتبار التعين الخارجي، بلباعتبار اإلشاعة فقط كأجزاء الحيوان من عبد وأمة أو دابة، فإنه ليس له اعتبار الملكية

بما هو يد أو رجل أو رأس، بل لنصفه المشاع وثلثه وربعه اعتبار الملكية فقط، ولهالتلف استقالال باالعتبار األول، لكنه ليس له اعتبار الملكية بالذات، وله الملكية

باالعتبار الثاني لكنه ال تلف له باالستقالل، بل تلفه بتلف الكل وهو خارج عن محلالكالم، إذ الكالم في تلف البعض المقابل لتلف الكل، وعليه فحال التلف باالعتبار

األول حال تلف الوصف الذي ال يتقسط عليه الثمن.ومنها: أن ما عدا الجزء من حيثيات العين وشؤونها على قسمين، فتارة تقبل

انبساط الملكية عليه بالتبع كالمنافع، فإنها من شؤون العين وحيثياتها الوجوديةالتدريجية الوجود، فتكون مملوكة بتبع ملك العين إذا لم تكن مستوفاة باالستيفاء

اإلجاري االعتباري، كما تقبل الملكية االستقاللية باإلجارة، فيعلم منه أن التبعية في

(٣٩٩)

Page 403: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

قبال األصالة ال بمعنى العرضية المقابلة للذاتية، نظير وجوب المقدمة بوجوب ذيها،فإنه وجوب حقيقي ال عرضي.

وأخرى ال يقبل االنبساط بالتبع بل بالعرض كجودة العين وبياضها وغيرهما منأعراضها، فإنها ال تقبل الملكية حتى بالتبع، بل مملوكة بالعرض، بمعنى أن العينحيث كانت مملوكة حقيقة وبالذات فبياضها من أوصاف المملوك فينسب إليهالملكية بالعرض، وبعبارة أخرى الجارية البيضاء مملوكة، ال أن هناك ملكيتينحقيقيتين ينسب إحداهما إلى العين باألصالة وإلى اآلخر بالتبع كما في العين

ومنافعها.ومنها: أن الوصف وما يشبهه مما ال يقسط عليه الثمن ال يقبل أن يكون ضمانه

كضمان الكل والجزء المستقل ضمان المعاوضة، إذ ال مقابل له ليعود بانفساخه إلىالمشتري، بل سيجئ (١) إن شاء تعالى أنه ال يعقل أصل االنفساخ ولو مستلزما لعود ما

يقابله ولذا اتفقوا على أن المشتري له الرد، واختلفوا في استحقاق األرش معاالمساك.

وقد جمع المصنف (قدس سره) بين االنفساخ والتخيير بين الرد واالمساك باألرشبتقريب

تفرد به (قدس سره) وملخصه: أن مرجع تلف المبيع من مال البائع إلى فرض العقد كأنلم

يكن، ومقتضاه في تلف الكل مع عدم العقد عليه فيكون تلفه من البائع وانفساخالعقد عنه تمامه، وفي تلف الجزء عدم العقد عليه فيكون تالفا من البائع بانفساخالعقد بالنسبة إليه، وفي تلف الوصف - مع فرض العقد على الموصوف بما هو

موصوف وعلى المتحيث بهذه الحيثية بما هو كذلك - هو انفساخ العقد باإلضافة إلىالحيثية والوصف التالف، والمفروض وقوع العقد الصحيح فيكون واقعا على ذاتالمتحيث وذات الموصوف، ومقتضاه جريان أحكام وقوع العقد على المعيب من

التخيير المزبور، فمقتضى قاعدة تلف المبيع هو انفساخ العقد بالنسبة إلى صفةالمبيع وحيثيته، ومقتضى الزمه - وهو وقوع العقد على ذات الموصوف - جريان

--------------------(١) في نفس التعليقة.

(٤٠٠)

Page 404: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أحكام العيب.وفي تطبيق كال األمرين نظر، أما انفساخ العقد باإلضافة إلى الوصف فقد علمت

مما تقدم أن الوصف وما يشبهه ال عقد عليه حتى بالتبع، وما ال عقد عليه ال انفساخله، وإنما ينسب العقد إلى الوصف بالعرض، وما بالعرض تابع لما بالذات ثبوتا

وسقوطا، فال يعقل االنفساخ بالعرض إال إذا كان انفساخ بالذات، ومعه كيف يعقلبقاء العقد على الفاقد حتى تجري أحكام العيب عليه؟!.

وأما في إجراء أحكام العيب فألن الدليل دل على الخيار فيما وقع العقد علىالمعيب، ال األعم منه ومن تعيب المبيع بعد وقوع العقد عليه وهو صحيح، ولذا قام

بعض أجلة المحشين (قدس سره) (١) بصدد اصالحه، وملخص ما ذكره (رحمه الله)في باب خيار العيب:

أن مقتضى التلف من مال البائع هو فرض تلفه وهو في ملك البائع، وفرض وقوعالعقد على التالف كال بطالن العقد، إذ التالف ال يملك، وعلى التالف بعضه هو بطالن

العقد بالنسبة إلى البعض التالف لعين ما مر، وعلى التالف وصفه تأثير العقد فيما هوموجود وهو ذات الموصوف.

ويندفع: بأن مقتضى قوله (عليه السالم) (فهو من مال بائعه) هو كونه كذلك قبلالتلف، ال

كونه كذلك قبل العقد، والبطالن في صورتين والخيار في صورة من مقتضيات وقوعالعقد على التالف قبل العقد ال على التالف بعد وقوعه، والمفروض هو االنفساخ

الحقيقي قبل التلف ال البطالن وعدم التأثير رأسا، فإنه بال موجب.ومنه تعرف أن ما أفاده المصنف (قدس سره) بكال جزئية غير وجيه، نعم يمكن أن

يقال: -كما مر منا في المباحث السابقة (٢) - أن دليل التلف قبل القبض إذا عم التلف بجميع

مراتبه كان مقتضاه انفساخ العقد عن الموصوف بتلف وصفه النتهاء ما بالعرض إلىما بالذات، فيكشف االنفساخ بالعرض عن االنفساخ بالذات من باب كشف المعلول

عن علته، إال أن القوم ال يقولون به، بل بالرد أو به وباألرش معا.مضافا إلى أن ظاهر قوله (عليه السالم) (كل مبيع تلف قبل قبضه) هو تلف المبيع

بالحمل--------------------

(١) حاشية اليزدي ٢: ٧٦ سطر ١٩.(٢) تعليقة ١٣٠، عند قوله (ومنها: أن تلف الجزء...).

(٤٠١)

Page 405: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الشائع، وحمله على تلف المبيع بذاته وبجزئه وبوصفه خالف الظاهر، ألن تلفالجزء تلف المبيع حقيقة، لكن تلف المبيع بوصفه من باب الوصف بحال المتعلق -أي تلف وصفه -، وعليه فال دليل على االنفساخ، وال دليل على ضمان الغرامة كمافي باب خيار الحيوان، بل لو قيل بالحاقه بتلف الوصف في زمان الخيار لم يثبت به

إال االمساك باألرش، ألن الرد هناك لمكان الخيار، وال خيار هنا، ومنه تعرف أن الردأولى باالشكال من األرش.

وربما يستدل للرد بل لألرش أيضا بقاعدة نفي الضرر، وتوضيح القول فيه أنالموضوعات الضررية هنا أمور:

أحدها: ضرر الصبر على المعيب.ثانيها: ضرر رده على البائع، حيث إنه خرج عن ملكه صحيحا وعاد إليه معيبا.

ثالثها: ضرر الرد على المشتري لنقض غرضه المعاملي المعبر عنه فيما حكي عنالعالمة (قدس سره) بمسيس الحاجة إلى المعاوضة.

رابعها: ضرر االمساك بال أرش، فنقول:أما ضرر الصبر على المعيب فتارة يالحظ من حيث إنه موضوع ضرري في نفسه

من دون ارتباط بالعقد فنفي حكمه المناسب له من وجوب الصبر ال يقتضي خياريةالعقد، وأخرى من حيث أن لزوم العقد على المبيع الذي تعيب قبل قبضه ضرري

فيرتفع.ففيه: أن تعيبه قبل القبض كتعيبه بعده أجنبي عن العقد وحكمه، فإن العقد لم يقع

على المعيب حتى يكون لزومه ابقاء للضرر وموجبا الستقرار الضرر على المشتري،وما لم يستند الضرر إلى الحكم الشرعي ال يكون الحكم معنونا بعنوان الضررية حتى

يكون مرفوعا، وإذا قلنا بأن المرفوع هو الحكم بنفي موضوعه الضرري فاألمرأوضح، إذ العقد لم يتعلق بالمعيب حتى يتصور موضوع ضرري ليرفع عنه حكمه،فال يقاس بالمعاملة الغبنية وال بيع المعيب كما هو واضح، وال دليل على لزوم (١)

--------------------(١) هذا هو الصحيح، وفي األصل (لزومه).

(٤٠٢)

Page 406: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تدارك الضرر إذا لم يستند إلى الشارع، حتى يكون مرجعه إلى رفع الحكم الذي ينشأمنه الضرر.

وأما ضرر الرد على البائع فهو وجيه، إذ المفروض توجه الضرر إلى المشتريلحدوث العيب في ملكه، فال معنى لتحميله على البائع، بل قاعدة الضرر ال تعم نفي

الضرر الذي يتضرر به الغير، لمنافاته لالمتنان، لتساوي المكلفين في هذا المالك.وأما ضرر الرد على المشتري فلو لوحظ في نفسه لما كان له أثر هنا، ألن أمر

المشتري دائر بين ضررين يتخير في اختيار أحدهما، وأما لو لوحظ مقدمة لضرراالمساك بال أرش لينتج التخيير بين الرد واالمساك مع األرش ففيه كما أن االمساك بالأرش ضرر على المشتري كذلك الرجوع باألرش ضرر على البائع، وال موجب لتدارك

ضرره باضرار البائع مع حدوث العيب في ملكه، مع أنه لم يتعين عليه االمساك حتىيكون امساكه بال أرش القاء له في الضرر، ولذا ال يشك في عدم األرش وبذل ما بهالتفاوت في الغبن وشبهه، وإنما حكم باألرش في مورد خيار العيب بدليل خاص، ال

من ناحية قاعدة نفي الضرر، مع ما عرفت من الفرق بين وقوع العقد على المعيبوحدوث العيب في ملك المشتري.

ومن جميع ما ذكرنا تبين أن قاعدة الضرر ال تثبت جواز الرد، فضال عن األرش،فإن كان اجماع على الرد واألرش أو على األول - كما أدعي - فهو، وإال فاألقوى

عدمجواز الرد، فضال عن األرش، وال يخفى أن غرض المصنف (قدس سره) من قوله

(رحمه الله) (إال أنه لمااستندوا... الخ) وتعقيبه بكالم العالمة (رحمه الله) هو أن اثبات الخيار وحده بقاعدة

الضرريتوجه عليه االيراد بأن الرد ربما يكون ضررا، وتدارك الضررين ليس بالخيار وحده،

بل بالتخيير بين الرد واالمساك باألرش.ومنه تعرف أن ما أفاده (قدس سره) في مقام الجواب بقوله (رحمه الله) (لكن فيه...

الخ) غير وافبدفع االيراد ومنع التخيير، بل بقصور ضرر الصبر على المعيب من اثبات أزيد من

جواز الرد، مع أن مقتضى االيراد وجود ضرر آخر يقتضي األرش، فالالزم دفع ذلكالمقتضي اآلخر كما مر منا، فتدبر جيدا.

(٤٠٣)

Page 407: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومنها: بعد الفراغ عن أن العيب الحادث قبل القبض إذا لم يكن مستندا إلى آدمييوجب الخيار بل األرش يقع البحث فيما إذا كان تلف الوصف باتالف المشتري أوالبائع أو األجنبي، أما اتالف المشتري للوصف فكاتالف الموصوف، وال معنى ألن

يكون ضامنا لمال نفسه، وهو المقدم على اضرار نفسه فال معنى اليجابه الخيار علىغيره.

وأما اتالف البائع أو األجنبي فظاهر الجواهر (١) في صدر كالمه أنه ال خالف فيايجابه الخيار، وجعل موقع البحث في األرش، وظاهر المصنف (قدس سره) ثبوت

األرشفقط، ثم احتمل التخيير بين الرد واالمساك وأخذ األرش من المتلف (٢) بايعا كان أو

أجنبيا.ومبنى األول وجود المقتضي لألرش، لعموم " من أتلف "، وعدم المقتضي للخيار،ألن نفي الضرر إذا كان ال من قبل أحد يقتضي الخيار دون ما إذا كان مستندا إلى

أحد،فإن اضرار الغير متدارك بدليل االتالف بضمانه دون ما إذا لم يكن مستندا إلى أحد

فإنه ال ينجبر وال يتدارك إال بالخيار.ومبنى الثاني تحقق الضرر واالضرار المحقق لموضوع االتالف، فهناك سببان

للخيار لكون اللزوم ضرريا، وال ضرار الغير الموجب لألرش، وقد تبين بطالنه منالوجه األول، كما تبين بطالن الكل من البحث المتقدم أنفا، فال موجب إال ألرش

الجناية لعموم من أتلف، فال تغفل.بيع المكيل والموزون قبل قبضه

- قوله (قدس سره): (األقوى من حيث الجمع بين الروايات... الخ) (٣).توضيح المقام بالبسط في الكالم في أمور:

منها: أن ظاهر كثير من روايات الباب سؤاال وجوابا هو المنع وضعا أو تكليفا--------------------

(١) جواهر الكالم ٢٣: ١٦١.(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (التلف).

(٣) كتاب المكاسب ٣١٥ سطر ٢٧.

(٤٠٤)

Page 408: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

تحريما أو تنزيها عن بيع ما لم يقبض بعنوانه، وظاهر أكثر الروايات دوران الحكممدار عنوان الكيل والوزن، أو ظاهر هذه الطائفة بأجمعها هو الكيل والوزن في مرحلة

الوفاء، ال الكيل والوزن المصحح للبيع األول، وال الكيل والوزن المصحح للبيعالثاني، وال يكون ذلك إال في فرض بيع المكيل والموزون كليا مقدرا بأحدهما،

فالكيل والوزن المسؤول عنهما بقوله (قبل أن اكتاله) والجواب بقوله (عليه السالم)(حتى تكيله

أو تزنه) (١) ال موقع لهما إال مرحلة الوفاء، وال ينبغي أن يراد منه الكيل المجددوالوزن

كذلك في ما كيل أو وزن، إلباء قوله (قبل أن أكتاله) ومنافاة قوله (عليه السالم) (حتىتكيله) مع

وقوع الكيل منه سابقا.وال ينبغي حمله على ما احتمله صاحب الجواهر (قدس سره) من إرادة الكيل والوزن

فيالبيع الثاني في قبال االكتفاء باالخبار، فإنه مخصوص بما إذا أخذه اعتمادا على

اخبار البائع األول ال مطلقا، والروايات مطلقة من هذه الجهة، ويشهد لجميع ما ذكرنارواية الكرخي (قال: قلت ألبي عبد الله (عليه السالم) اشتري الطعام إلى أجل مسمى

فيطلبهالتجار بعد ما اشتريته قبل أن أقبضه؟ قال: ال بأس أن تبيع إلى أجل كما اشتريت،

وليس لك أن تدفع قبل أن تقبض، قلت: فإذا قبضته - جعلت فداك - فلي أن أدفعهبكيله؟ قال: ال بأس بذلك إذا رضوا) (٢).

فإن المراد من القبض إن كان أخذ المبيع الشخصي كان دفعه مسبوقا بقبضه، فالمعنى للنهي عن دفعه قبل قبضه، بخالف ما إذا كان المبيع كليا وأريد من قبضه كيلهوفاء، فإن مفاده دفعه قبل كيله، فإن دفعه حينئذ قبل كيله ال يكون إال بقبضه جزافا،

وهو كالبيع مجازفة بال أثر.ثم إن قوله (فلي أن أدفعه بكيله... الخ) سؤال آخر مرتب على السؤال، والجواب

المذكورين في جميع الروايات، فيعلم منه أن مفاد السؤال والجواب العام ال دخل لهبعدم االعتماد على االخبار.

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ١١.(٢) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ١٩.

(٤٠٥)

Page 409: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ومن هذا البيان تعرف أن مفاد هذه الطائفة هو المنع قبل الكيل وفاء، وموردهالكلي، فال داللة لها على المنع في المبيع الشخصي، وحيث إن مساق الطائفة األولىمساق الثانية فيعلم أن المراد بالقبض المذكور في السؤال والجواب هو الكيل والوزن

في مورد الوفاء، ويشهد له وقوع السؤال عن القبض والجواب بالكيل والوزن كما فيصحيحة معاوية بن وهب قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السالم) عن الرجل يبيع البيع

قبل أنيقبضه؟ فقال: ما لم يكن كيل أو وزن فال تبعه حتى تكيله أو تزنه) (١) فيعلم أن المراد

من القبض هو كيله أو وزنه.والتحقيق: أن القبض الذي جعل مقسما لما يكال ولما ال يكال فاعتبر في األول

دون الثاني ال يمكن أن يكون بمعنى الكيل والوزن، بل بمعنى جامع يجامع الكيلوالوزن، إذ من الواضح أن الكيل الوفائي ال يكون عادة إال في مقام التسليم والتسلم،

والسر في التعبير عنه في المكيل والموزون بالكيل والوزن الغير المنفكين عنه عادةالتنبيه على أن القبض الصحيح في مقام الوفاء ال بد من أن ال يكون جزافا، حيث

فرض صحة البيع بتقدير الكيل والوزن فكذا القبض ال بد من أن يكون بهما، فإنه كماال يصح البيع مجازفة كليا كان المبيع أو شخصيا كذلك ال يصح القبض مجازفة إذاصح البيع بالتقدير المخصوص بالكلي، وعليه فحيث إن المقسم عام والعبرة بالقبضبما هو قبض فال محالة يسري المنع بأي وجه كان إلى الشخصي، وإن كان مورد

السؤال والجواب كليا، فتدبره فإنه حقيق به.ومنها: أن األخبار الواردة في المكيل والموزون طوائف ثالث:

األولى: ما يدل على المنع عن بيع ما لم يقبض مطلقا.الثانية: جوازه مطلقا.

الثالثة: التفصيل بين بيع التولية فيجوز وما عداه فال يجوز.وكما أن هذه الطائفة الثالثة مقيدة لألولى كذلك مقيدة للثانية، وعليه فقوله (عليه

السالم)(ال بأس) وإن كان نصا في الجواز (وفيه بأس، أو ال تبع) ظاهرا في الحرمة ومقتضى

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ١١.

(٤٠٦)

Page 410: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

الجمع العرفي حمل النهي على الكراهة، إال أن هذا الجمع فرع التعارض باتحادالمورد، وأما مع عدمه فال، ألن العام والخاص والمطلق والمقيد ال يعدان عرفا من

المتعارضين المحتاجين إلى أعمال قواعد العالج.وربما يقال بترجيح الحمل على الكراهة لوجوه ال ينافي حمل المطلق على

المقيد كلية، فإنه جمع عرفي طبعي فال ينافي عدم الحمل لخصوصية عرضية:أحدها: أن حمل االطالقات الدالة على الجواز على بيع التولية حمل لها على الفرد

النادر، فإن تولية البيع قبل القبض الذي هو بعد العقد بال مضي مدة يتحقق اليأس منالربح في المعاملة نادر عادة، مع أن الباعث على المعامالت غالبا هو االنتفاع بها،

بخالف استثنائه من المنع فإنه موافق لما يقتضيه االستثناء غالبا.ثانيها: أنه مع البناء على التقييد يجب تقييد االطالقات المانعة بما إذا لم يكن البيع

قبل القبض من نفس البائع فإنه جائز كما سيجئ (١) إن شاء تعالى، بخالف ما إذاحملت على الكراهة فإن أمرها سهل.

ثالثها: أنه مع البناء على التقييد يجب حمل األخبار الدالة على الجواز في بيعالثمرة على ما إذا كانت على الشجرة دون ما إذا حمل المنع على الكراهة.

رابعها: يجب على التقييد تقييد االطالقات المانعة بما إذا لم يكن البيع الثاني بعنواناالشتراك فيما اشتراه كما في خبر السفينة (٢) فإنه جائز مع أنه من بيع ما لم يقبض.

خامسها: يجب على التقييد تقييد مطلقات المنع بما إذا لم يكن البيع من أحدالشركاء لشريكه، فإنه جائز حتى مع الربح كما في خبر جماعة.

فإن االلتزام بهذه التقييدات الكثيرة في المطلقات المانعة بعناوين مختلفة يوجبوهن االطالق في المنع التحريمي، فظهور األخبار المفصلة في التحريم الموهونبلزوم االلتزام بهذه التقييدات في المستثنى منه كما في اطالقات المنع والموهون

بلزوم حمل الجواز في المطلقات الشاملة للمستثنى على الفرد النادر يوجب االلتزام--------------------

(١) في نفس التعليقة.(٢) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ٦.

(٤٠٧)

Page 411: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

بالكراهة فيهون معه الخطب في كل ذلك.ويمكن الخدشة في الكل:

أما في األول: فبأن مطلقات الجواز عمدتها روايتان:إحداهما: رواية جميل بن دراج وهي مقيدة بقوله (ويوكل الرجل المشتري منه

بكيله وقبضه) كما في الوسائل (١) والحدائق (٢) فهي ظاهرة في اعتبار الكيل في مقامالوفاء، غاية األمر هو أن الكيل المعتبر أعم من أن يكون قبل البيع الثاني أو بعده

بتوكيل البائع للمشتري في الكيل والقبض.ثانيتهما: رواية الكرخي وهي مقيدة أيضا بقوله (فأقول ابعث وكيلك حتى يشهد

كيله... الخ) (٣) وهي قريبة من األولى، فال داللة لهما على عدم اعتبار القبض مطلقاولو

كيال ووزنا بعد البيع الثاني.وأما في الثاني: فبما أفاده (قدس سره) من اختالف موضوع تلك المسألة مع موضوع

ما نحنفيه، فال اطالق لدليل المنع حتى يجب تقييده، بل استثناء التولية يخصصه بما إذا

أراد بيعه من غير بائعه.وأما في الثالث: فبأن ظاهر أخبار بيع الثمرة هو بيعها على الشجرة (٤)، فال اطالق

لها بحيث تعم الثمرة الموضوعة على األرض حتى يجب تقييد االطالقات المانعةوبيعها على الشجرة بخرصها وتقديرها ال بكيلها ووزنها خارجا، وإنما المنع في مورد

يترقب فيه الكيل والوزن، إما في مورد البيع لئال يكون من بيع المجازفة، وإما فيمورد الوفاء لئال يكون القبض جزافا، وبيع الثمرة على الشجرة خارج عن المقسم بيعا

ووفاء.وأما في الرابع: فبأن االشتراك مع المشتري كما هو صريح الرواية من التولية

بمقدار حصة المشترك معه، وفي الخبر (فيكون صاحب الطعام هو الذي يدفع إليهم--------------------

(١) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ٦.(٢) الحدائق الناضرة ١٩: ١٧٤.

(٣) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ٣.(٤) وسائل الشيعة، باب ٧ من أبواب بيع الثمار.

(٤٠٨)

Page 412: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ويقبض الثمن) (١) فال تقييد زيادة على التقييد بالتولية.وأما في الخامس: فبأن البيع إذا كان مختصا فأمر القبض من البائع يدور بين

االثبات والنفي، بخالف ما إذا كان اشتراكيا، فإن عدم قبض أحد الشركاء البائعلحصته من اآلخر ال يدل على عدم قبض المبيع المشترك من البائع، المكان قبض

البعض المأذون في قبضه، والخبر ال يدل إال على أن قبض بائع الحصة غير الزم، العلى أن قبض المبيع من البائع كلية غير الزم.

هذا إال أن االنصاف أن مجموع ما ذكر كاف في ترجيح احتمال الكراهة علىحمل المطلق على المقيد كما ذهب إليه المشهور من محققي المتأخرين.

وأما دعوى: ترجيح حمل المطلق على المقيد على حمل النواهي على الكراهةبما محصله: أنه ال يجوز في التقييد، فإنه من باب تعدد الدال والمدلول، بخالف

حمل النهي الظاهر في التحريم على الكراهة.فيندفع: بأنه كما أن الثاني على خالف أصالة الحقيقة كذلك األول على خالف

أصالة االطالق، وال فرق بين المجاز األصولي والمجاز اللغوي، هذا إذا كان استفادةالوجوب والتحريم بالوضع، وأما إذا كان باالطالق كما هو الصحيح فكال التصرفين

على خالف أصالة االطالق.كما أنه ربما يؤيد التقييد بأن حمل النواهي على الكراهة مع استثناء التولية

يقتضي أن ال يكون بيع التولية مكروها، مع أنه ال خالف في كراهته، وليس وجهاالشكال لزوم حمل مطلقات الكراهة على المقيد وهو ما عدا التولية، حتى يجاببأنه ال حمل في المستحبات والمكروهات، وإنما يحمالن على مراتب االستحباب

والكراهة، وذلك ألن مورد عدم الحمل فيهما ما إذا كان موضوع الكراهةواالستحباب تارة عاما وأخرى خاصا، دون ما إذا قام الدليل على عدم الكراهة كما

في استثناء التولية.ومنه تعرف أن االشكال ليس من أجل عدم الدليل على كراهة بيع التولية بعد

--------------------(١) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ٧.

(٤٠٩)

Page 413: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

االستثناء، ليجاب بأن مطلقات المنع كافية في اثبات الكراهة لها، كما ربما يقال فيالجواب عن االشكال، فإن االشكال ليس في عدم الدليل على الكراهة، بل في أن

االستثناء يدل على عدمها، مع أنه ال اشكال في ثبوتها.نعم يندفع أصل االشكال بأن مقتضى الجمع بين المطلقات والروايات المفصلة

حمل االستثناء على خفة الكراهة، وعدم كون بيع التولية كغيرها في شدة الكراهة،فاالستثناء يدل على عدم الكراهة بتلك المرتبة التي للمستثنى منه، ال على عدمها

رأسا.ومنها: أن عنوان المسألة بحسب الفتاوى والنصوص يختص بالمبيع الشخصي أم

يعم الكلي أيضا؟ أما بحسب الفتاوى فظاهرها كما أفاده المصنف (قدس سره) مختصبالشخصي، الستداللهم على المنع بأن المبيع في معرض االنفساخ بالتلف، وال تلف

إال للشخص، نعم إذا كان تلف مالية الشخص يعد تلفا له أمكن سقوط الكلي عنالمالية رأسا، فيكون تلفا له، فيكون الكلي كالشخصي في شمول الدليل له.

ال يقال: موضوع الدليل الدال على االنفساخ بالتلف ليس هو المال، حتى يقال إنتلف المالية تلف المال بما هو مال حقيقة، بل موضوع الدليل تلف المبيع، وتلفه

ظاهر في تلفه بذاته.ألنا نقول: تلف مالية المبيع الشخصي مع بقاء ذاته إن كان مصححا عرفا لتلف

المبيع بالحمل الشائع فالكلي كالشخصي، وإال فال، وأما أن تلف المالية فيالشخصي داخل في تلف المبيع أو تلف وصفه فهو محل البحث كما أشرنا إليه في

مبحث األرش (١).وال يقاس بسرقة المتاع المعدودة في الخبر من التلف قبل قبضه، نظرا إلى أن

عدها تلفا ليس إال بمالحظة عدم التمكن من االنتفاع به، وبعد سقوطه عن الماليةرأسا أيضا يسقط عن القابلية لالنتفاع نظير ما إذا ذهبت رائحة ماء الورد بالكلية وذلكالمكان كون المناط عدم التمكن من القبض واالقباض بالسرقة التي ال يرجى الظفر به،

--------------------(١) تعليقة ٤٦، عند قوله (منها: أن ضمان األرش...).

(٤١٠)

Page 414: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

والمبيع في ضمان البائع إلى أن يتحقق قبضه، فمع عدم امكانه عادة يستقرعليه الضمان، وزوال المالية في الشخص ال يوجب عدم التمكن من القبض، بل ليسإال زوال الوصف، خصوصا إذا كان مثل ذهاب رائحة ماء الورد، ال زوال المالية من

دون ذهاب شئ منه كما في األوراق المطبوعة المتقومة ماليتها باعتبار السلطانمثال.

وبالجملة: دخول زوال المالية في الشخص في باب التلف قبل القبض ليس مسلماحتى يقاس به الكلي ويتصور تلفه قبل قبضه بقبض فرده، مضافا إلى وضوح انصراف

التلف في النبوي عن مثل هذا التلف، هذا بحسب الفتاوى.وأما بحسب النصوص فقد مر أن مورد غالب أخبار المنع هو الكلي المتوقف

تعينه على الكيل والوزن في مقام الوفاء، نعم بالقرينة التي ذكرناها يمكن التعميم،كما أن مورد خبر الثعلبة (١) وخبر بيع الثمرة (٢) وبيع البز (٣) قبل القسمة هو

الشخص،وظاهر جملة منها هو األعم، فالظاهر عموم الحكم منعا وجوازا للشخصي والكلي

سواء ذميا أو خارجيا، والله العالم.ومنها: هل المنع وضعي أو تكليفي تحريمي أو تنزيهي؟ والكالم تارة بحسب ما

يستفاد من األخبار، وأخرى من الكلمات.أما بحسب األخبار فظاهر النهي وإن كان هو التحريم تكليفا إال أنه ربما يقال إن

النواهي المتعلقة بالمعامالت لها ظهور ثانوي في االرشاد إلى الفساد، وكذا األوامرالمتعلقة بها ظاهرة في االرشاد إلى الصحة، ال أنه بعد رفع اليد عن ظهورها في

الوجوب لها ظهور في الترخيص التكليفي، واالنصاف أن هذا الظهور الثانوي الينبغي انكاره إال إذا كانت قرينة موجبة لرفع اليد عنه وإرادة الحرمة التكليفية أو

الكراهة.وأما ابقاء النواهي على ظهورها األولي واستفادة البطالن من تعلقها بذات

--------------------(١) وفي نسخة (أ) (السعلية) والظاهر أنها (التوالية)، أخبار التولية راجع وسائل الشيعة، باب ٦ من أبواب

أحكام العقود.(٢) وسائل الشيعة، باب ٧ من أبواب بيع الثمار.

(٣) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ١٠.

(٤١١)

Page 415: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المعاملة كما هو ظاهر الجواهر (١) وغيره فمندفع بما مر مرارا من عدم المالزمة عرفاوشرعا بين المبغوضية والبطالن، بل تقدم مرارا أن التحريم التكليفي المولوي إذا

تعلق بالبيع الشائع فهو يدل على الصحة عقال، وإال لزم تعلق النهي بغير المقدور فيظرف االمتثال.

وأما بحسب الكلمات فظاهر بعض استدالالتهم هو البطالن، إال أن استداللهمباألخبار ال يكشف عن فتواهم بالبطالن إال بالمالزمة بين الحرمة والفساد كما صرح

به غير واحد، ولو لم يكن النهي عندهم على ظاهره من التحريم التكليفي وكانارشادا إلى الفساد لم يكن هناك دليل على الكراهة، المردد أمر حكم المسألة بينها

وبين المنع، فال يكشف فتاويهم ولو أطبقوا على البطالن عن مستند آخر، بل مستندالبطالن على القول به توهم المالزمة بين مفاد األخبار وهي الحرمة والفساد.

وبالجملة: فالفتوى بالمنع في قبال الكراهة غير كاشف عن الفتوى بالبطالن، وعلىفرض الكشف فالمستند واضح البطالن، إال أن االنصاف أن الجواز وعدمهالمنسوبين إلى المعامالت في الكلمات لها ظهور ثانوي في الصحة والنفوذ

وعدمهما، وإن كان المستند للفتوى بالفساد خاليا عن السداد.التنبيه األول: هل للثمن نفس حكم المبيع

- قوله (قدس سره): (ظاهر جماعة عدم لحوق الثمن... الخ) (٢).الثمن تارة من غير جنس المكيل والموزون، وأخرى منهما.

أما األول: فالمنع والجواز كلية تارة بلحاظ ما قيل من أن البيع في معرضاالنفساخ إلى غير ذلك من الوجوه الواهية المأخوذة من كتب المخالفين، وأخرى

بلحاظ األخبار فإن كان بلحاظ تلك الوجوه فحكم الثمن حكم المبيع المساوي نسبةالمدرك إليهما.

--------------------(١) جواهر الكالم ٢٣: ١٦٩.

(٢) كتاب المكاسب ٣١٦ سطر ٣١.

(٤١٢)

Page 416: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

فإن كان بلحاظ األخبار فنقول: لم يثبت من طرقنا ما يدل على المنع عن بيع ما لميقبض مطلقا، حتى يسري حكم المبيع إلى الثمن، وعلى فرض حجية النبوي (١)

المرسل المشتمل على المنع عن بيع ما لم يقبض فهو مقيد بمقتضى األخبار الكثيرةالصحيحة المسوغة لبيع ما ال يكال وال يوزن قبل القبض، فال منع في المبيع فضال عن

الثمن.وأما الثاني: وهو ما إذا كان من جنس المكيل الموزون فسراية حكم المبيع إليه معاختصاص مورد المنع في جميع األخبار بالمبيع مبنية على استفادة المالك الساري

إلى الثمن، وليس هناك شئ يعتمد عليه إال ما في ذيل خبر الحلبي، حيث قال (عليهالسالم):

(إن هذا ليس بمنزلة الطعام، إن الطعام يكال) (٢) نظرا إلى أن المفهوم من التعليل أنكل ما يكال ال يجوز بيعه قبل قبضه بكيله، إال أن مورده حيث إنه السؤال عن بيع البر

الذي اشتراه قبل قبضه فال يقتضي التعليل إال أن كل ما اشتراه مما يكال ال يباع قبلقبضه، ال أن كل ما يكال ال يجوز بيعه قبل قبضه.

ومما ذكرنا تبين أن الرواية المستدل بها على الجواز في المتن إنما تجدي للجوازفي المقام األول، فإن الثمن فيه من غير جنس المكيل والموزون، بحيث لو فرض أنه

كان مبيعا لم يكن له هذا الحكم، فال داللة للرواية على الجواز فيما إذا كان من جنسالمكيل والموزون.

وأما ما أفاده (قدس سره) في مقام الجواب عنها بأن مورد الرواية جعل الثمن ثمنا فيالمعاملة الثانية، والكالم في بيعه ثانيا فهو وجيه إذا أمكنه االلتزام بمثله في المبيع،

وهو جعل المبيع ثمنا في المعاملة الثانية، وال أظن أن يلتزم بجوازه، فكأن المراد أنالمبيع إذا كان مكيال أو موزونا ال يجوز ايقاع المعاملة البيعية عليه قبل قبضه، سواء

كان بجعله مثمنا في البيع أو ثمنا فيه، والله العالم.--------------------

(١) هناك رواية مسندة فيها النهي عن بيع ما لم يقبض، الوسائل، باب ١٠ من أبواب أحكام العقود، ح ٦.(٢) وسائل الشيعة، باب ١٦ من أبواب أحكام العقود، ح ١٠.

(٤١٣)

Page 417: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

التنبيه الثاني: هل يجري هذا الحكم في المعاوضات األخرى- قوله (قدس سره): (هل البيع كناية عن مطلق االستبدال... الخ) (١).

الكالم تارة في النقل بغير البيع لما انتقل إليه بالبيع، وهو الذي صدر به البحث (قدسسره)،

وأخرى في النقل بالبيع لما انتقل إليه بغير البيع، وهو الذي أشار (قدس سره) إليه فيآخر

المبحث فنقول:أما المقام األول: فالكالم تارة بلحاظ الوجوه المانعة عن بيع ما لم يقبض مثل كونه في

معرض االنفساخ بالتلف، وأخرى بلحاظ أخبار المسألة.فإن كان بلحاظ تلك الوجوه فليس له مطلق التصرف ما لم يقبض، نظرا إلى بعض

تلك الوجوه كقولهم إن الملك ضعيف لكون عقد البيع في معرض االنفساخ فليس لهوالية التصرف، وهذا الوجه يعم كل تصرف للحاجة إلى الوالية المنتفية بضعف

الملك، وأما بالنظر إلى وجه آخر وهو أن المبيع قبل قبضه في ضمان البائع، وإذاباعه المشتري كان في ضمان المشتري، فيلزم اجتماع ضمانين في شئ واحد،

فعمومه لكل تصرف مبني على سريان االنفساخ بالتلف في كل معاوضة، وقد تقدممن المصنف (قدس سره) استفادة تسالم العامة والخاصة عليه.

وإن كان بلحاظ األخبار فال ريب في أن موردها بيع ما لم يقبض، وليس فيها معكثرتها غير عنوان البيع ثانيا، وال مجال الستفادة المناط وأن العبرة بمطلق االستبدال

مع كثرة ما يرى من تفاوت حكم البيع مع غيره مع وحدة النتيجة المقصودة كالصلحعلى عين بعوض، إال ترى أن بيع أحد النقدين باآلخر مشروط بالتقابض في

المجلس، وليس الصلح على أحدهما باآلخر مشروطا به وهكذا، فدعوى االلحاقمجازفة بينة.

وأما المقام الثاني: وهو ما إذا انتقل إليه بغير البيع من إرث أو صداق أو عوض الخلعونحوهما، فالظاهر عدم الخالف في جواز بيعه قبل قبضه، كما أنه ال تعمه األخبار

--------------------(١) كتاب المكاسب ٣١٧ سطر ٢.

(٤١٤)

Page 418: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

أيضا، ألن موردها ما انتقل بالبيع دون غيره، بل ال تقتضيه تلك الوجوه االعتباريةفيما انتقل بغير المعاوضة كاألمثلة المتقدمة، نعم ما انتقل بالمعاوضة بناء على أن

االنفساخ بالتلف جار في جميع المعاوضات يجري فيه تلك الوجوه، إال أن العمدةهي األخبار وموردها النقل بالبيع لما انتقل إليه بالبيع أيضا، ومنه يظهر أن حكمالمقامين من حيث األخبار واحد ال فرق بينهما، نعم يختلفان أحيانا بلحاظ غير

األخبار من الوجوه التي ال يعتمد عليها.التنبيه الثالث: هل المنهي عنه ايقاع العقد

- قوله (قدس سره): (هل المراد من البيع المنهي عنه... الخ) (١).توضيح المقام برسم أمور:

منها: أن المبيع إذا كان كليا وأريد تطبيقه على فرد غير مقبوض فله جهتان:أحدهما: أن ايفاء الكلي الغير المقبوض داخل في مورد النهي أم ال، وهذا أحد

مصاديق البحث السابق، بل صرح (قدس سره) به في قوله سابقا (وال وفاء عما عليه...الخ)، فال

وجه إلعادته.ثانيهما: ادراجه تحت عنوان بيع ما لم يقبض، بجعل البيع السابق مستقرا على فرد

غير مقبوض للبائع، كما مثل به بما إذا كان عليه سلم لصاحبه فدفع إليه دراهم وقالاشتر لي بها طعاما واقبضه لنفسك، فإن مشتري الطعام وهو من عليه السلم لم يقبض

ما اشتراه له وجعل البيع السابق مستقرا على ما اشتراه، بدعوى عدم الفرق بينأحداث البيع على ما لم يقبض واقرار البيع على ما لم يقبضه، وسيجئ (٢) إن شاء الله

تعالى توضيح القول فيما إذا كان ما اشتراه أيضا كليا أو شخصيا.ومنها: أن ظاهر أخبار الباب هو أن الممنوع عنه أحداث البيع على ما اشتراه قبل

قبضه، ال األعم منه ومن اقرار بيع سابق على ما لم يقبضه، خصوصا بمالحظة--------------------

(١) كتاب المكاسب ٣١٧ سطر ١٧.(٢) نفس التعليقة، عند قوله (ومنها أن الذي يشتريه...).

(٤١٥)

Page 419: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

خصوصيات الموارد، وخصوصا بمالحظة التفصيل بين المرابحة والتولية، فإن شيئامنهما ال يتصور إال في أحداث معاملة على ما لم يقبض، نعم مجرد االستثناء ال يدل

على ذلك المكان أعمية المستثنى منه من جميع أنواع البيع، ومن حيث األحداثواالقرار.

وأما االستدالل للجواز برواية يعقوب بن شعيب (١) فمبنية على كون أحمالالرطب أو الثمرة عليه بعنوان بيع السلم ال بعنوان آخر، وإال خرج عن عنوان اقرار

البيع السابق، واندرج تحت عنوان الوفاء المحض، كما أن استفادة الجواز منالروايات مبنية على مالحظة ظاهرها من التوكيل في االشتراء واإلذن في االستيفاء،

وأما إذا استفيد منها التوكيل في القبض ممن عليه السلم فقد خرج عن مورد البحثلدخوله تحت عنوان البيع المقبوض مبيعه بالتوكيل، وال يبعد هذه االستفادة بداللة

االقتضاء، فتدبر.ومنها: أن الذي يشتريه المريد القرار البيع السابق عليه تارة يكون شخصيا،

وأخرى يكون كليا كالمبيع في البيع السابق، فإن كان شخصيا فال اشكال من حيثامكان تعين المبيع فيه بإذن المشتري في قبضه من بائعه من دون توقفه على شئ،

ألن المفروض أنه يملك الفرد بما هو، فال مانع من تعيين كلي ما عليه فيه.نعم فيه اشكال من وجهين:

أحدهما: في صغرى استقرار البيع عليه كما عن الشهيد الثاني (٢) (رحمه الله) في مقاماالعتراض على الشهيد (قدس سره) كما سيأتي في المتن.

وثانيهما: في كبرى شمول البيع الممنوع عنه قبل القبض القرار البيع على ما لميقبض كما قدمناه، وأما إن كان كليا فيندرج في المسألة المعنونة في الفقه، من أنه إذا

كان له على غيره طعام من سلم وعليه مثل ذلك فأمر غريمه أن يكتال لنفسه مناآلخر فإنه يحرم أو يكره على الخالف، وعلله في الشرائع (٣) بأنه قبضه عوضا عن

--------------------(١) التهذيب ٧: ٤٢، باب ٢٢، رواية ٦٨.

(٢) مسالك األفهام ٣: ٢٥٠.(٣) شرائع اإلسالم ٢: ٢٥.

(٤١٦)

Page 420: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

ماله قبل أن يقبضه صاحبه.وتوضيح الحال يقتضي تمهيد مقدمة وهي: أنه إذا لوحظ كلي ما عليه باإلضافة

إلى كلي ما له على غيره فتارة يقع المبادلة بين أحدهما واآلخر، فيبيع ما له على غيرهبما هو عليه، فيكون متمحضا في بيع ما لم يقبض، وهو أجنبي عن عنوان اقرار البيع

السابق، بل عن عنوان ايفاء ما عليه بتعيينه فيما على غيره.وأخرى يراد تعيين ما عليه فيما له على غيره، بحيث يكون وفاء من وجه وموجبا

القرار البيع السابق بتطبيق ما عليه على ما له، وهذا هو محل البحث، ومثله مع قطعالنظر عن قبض ما له على غيره بقبض فرده، ثم تعيين ما عليه فيه غير معقول، ألن

الكلي المتخصص بكونه في ذمته مع الكلي المتخصص بكونه في ذمة غيره إذالوحظا بما هما حصتان فهما متباينان، وال يصدق حصة بما هي على صحة أخرى

حتى يعقل تعيينها فيها وتشخصها بها، وإذا لوحظا بما هو كلي فكلي المن من الحنطةمثال واحد بوحدة طبيعية عمومية، وال اثنينية حتى يتصور تطبيق شئ على شئ،

فال محالة ال معنى للتعيين والتطبيق إال بلحاظ تعيين كلي ما عليه في فرد ما له علىغيره، وال يصح هذا التعيين إال بعد تعيين كلي ما له على غيره في فرد نفسه، وال

يتعين ذلك الكلي في فرد نفسه إال بعد قبضه بقبض فرده، فيكون حاله حينئذ حالالعين الشخصية في دعوى استقرار المبيع الكلي عليه.

إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: تعيين كلي ما عليه في كلي ما له بلحاظ فرده إمابالتوكيل في القبض ممن له الكلي، وإما بمجرد اإلذن في قبض من له في ذمته الكلي،

وكفاية هذا المقدار في تعين الكلي من دون حاجة إلى قبض من له الكلي، وإمابحوالة من له عليه على من عليه له.

أما التوكيل فهو صحيح، فيخرج عن عنوان بيع ما لم يقبض مطلقا.وأما مجرد اإلذن كما ادعاه المصنف (قدس سره) بقوله (رحمه الله) (ويمكن أن

يقال... الخ) توجههإلى التعين في الفرد ممن له عليه ال يحتاج إال إلى تعيين المديون ورضا من له الدين

المستفاد من اإلذن في قبض من له عليه لنفسه، غاية األمر يكون موجبا الستقرار

(٤١٧)

Page 421: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

المبيع بالسلم على ما لم يقبض، وهو وجيه في نفسه.وأما الحوالة فتوضيح القول فيها يتوقف على بيان محتمالت الحوالة فنقول:

حقيقة الحوالة تارة تبديل ما للمحيل في ذمة المحال عليه بما للمحتال في ذمةالمحيل، فيكون بيعا حقيقة بصورة الحوالة، فيدخل في بيع ما لم يقبض حقيقة من

دون حاجة إلى عنوان التطبيق واقرار البيع السابق على ما لم يقبض.وأخرى نقل ما في ذمة المحال عليه إلى المحتال عوضا عما للمحال في ذمة

المحيل ال بقصد التبديل، فيكون وفاء عما في ذمته ال تبديل بما في ذمته، فيكوننقال لما لم يقبض، فيدخل تحت عنوان عام تقدم الكالم فيه، وهذا أيضا ال دخل لهبالتطبيق واقرار البيع السابق، فإنه مملوك بنفس هذا النقل الذي هو حقيقة الحوالة ال

بالبيع السابق من حيث تطبيقه عليه.وثالثة مجرد االيفاء واالستيفاء وتعيين ما عليه للمحيل فيما له على المحال عليهفيندرج تحت تطبيق الكلي المبيع من المحتال على ما اشتراه من المحال عليه.

والصحيح من هذه الوجوه الثالثة هو الوجه الثاني، كما يستفاد من تعريف الحوالةعند الخاصة بأنها تحويل المال من ذمة إلى ذمة، فإن مقتضاه نقل ما في ذمة المحالعليه إلى المحتال عوضا عما له في ذمة المحيل، فكأنه تحول المال من ذمة المحيل

إلى المحال عليه، ال أنه لوحظ تبديل أحدهما باآلخر، وإال لكان بيعا حقيقة، ال عقداآخر في قباله.

وأما الوجه الثالث وهو التمحض في االيفاء حتى يترتب عليه انصباب عقد السلمعليه كما يدعيه الشهيد (قدس سره) (١) فغير وجيه، ألن الوفاء ال يحصل إال بنقل

المال الذي هومصداق لما يوفى به إما استقالال أو تبعا، واالستقالل ال يتصور إال بأحد الوجهين

المتقدمين، والتبعية إنما تتصور في تطبيق الكلي المملوك على فرده، فإن الكليمملوك بالذات، وفرده مملوك (٢) بالتبع كما في وفاء سائر الديون بأداء ما تنطبق عليه،

--------------------(١) مسالك األفهام ٣: ٢٥٠.

(٢) هذا هو الصحيح، وفي األصل (فرد لمملوك).

(٤١٨)

Page 422: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

وما في ذمة المحال عليه كلي، وهو على الفرض ال ناقل له، وليس فردا لما يملكهالمحتال في ذمة المحيل، لما مر من عدم تعقل انطباق كلي على كلي، وانطباق

الكلي الذي للمحتال في ذمة المحيل على الفرد الذي يقبضه المحتال من المحالعليه فرع تملك ما في ذمة المحال عليه، حتى يكون فرده المقبوض مملوكا بالتبع،

والمفروض أنه ال مملك له.فانصباب عقد السلم إن كان باإلضافة إلى نفس الكلي فقد عرفت امتناعه، وإن

كان باإلضافة إلى فرده فهو فرع حصول نقل الكلي بالحوالة، وإذا فرض نقل الكليبعقد الحوالة ففرده مملوك بسبب عقد الحوالة تبعا ال باستقرار عقد السلم عليه، وال

يعقل كونه مملوكا بالتبع بهما معا، إذ ال فرق بين المملوك باالستقالل والمملوكبالتبع في امتناع حصولهما بسببين مستقلين، ولعله مراد المصنف (قدس سره) في وجه

عدمصدق االنتقال بناقل البيع، وكذلك هو مراد صاحب (١) الجواهر (رحمه الله) من أن

الحوالةعقد مستقل، فال وجه النصباب عقد السلم على موردها.

ومن جميع ما ذكرنا اتضح وجوه االشكال فيما جعله الشهيد (قدس سره) من لطائفالفقه،

فإن بعضها مشترك بين الكلي والشخصي، وهو المنع من صغرى االنصباب وكبراهكما تقدم، وبعضها يختص بالكلي وهو عدم وصول النوبة إلى االنصباب بجميع

وجوه الحوالة الصحيحة، فتدبر.- قوله (قدس سره): (ظاهر الحوالة بناء على كونها معاوضة... الخ) (٢).

إذا أريد من كونها معاوضة نقل ما في ذمة المحال عليه إلى المحتال بإزاء ما فيذمة المحيل فاألمر كما أفاده (قدس سره)، لكنه بيع حقيقة بلفظ الحوالة، وال أظن أن

يقول بهأحد من الخاصة كما يقتضي تعريفهم للحوالة بأنها تحويل المال من ذمة إلى ذمة،فمتعلق التحويل ما للمحتال في ذمة المحيل، فإنه المنتقل بالحوالة إلى ذمة المحال

عليه، فالمعاوضة المقابلة لالستيفاء في كالم الخاصة - حيث يقولون إن الحوالة--------------------

(١) جواهر الكالم ٢٣: ١٧٥.(٢) كتاب المكاسب ٣١٨ سطر ١٤.

(٤١٩)

Page 423: ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺔﻴﺷﺎﺣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ ...lfile.ir/feqhi-library/book428.pdf · 2011-11-03 · ﺐﺳﺎﻜﻤﻟﺍ ﺏﺎﺘﻛ ﺔﻴﺷﺎﺣ

اعتياض أو استيفاء ويرتبون عليه بعض اآلثار كجواز الحوالة على البرئ بناء علىالثاني وعدمه على األول - ال يراد منها إال أن الحوالة هي نقل ما للمحتال في ذمةالمحيل إلى المحال عليه عوضا عما له في ذمته، في قبال نقل ما للمحتال إلى ذمة

المحال عليه وفاء عما للمحتال في ذمة المحيل، وحينئذ فال يتم ما أفاده والاالستدالل بالرواية.

نعم االشكال المتقدم على هذه الرواية ال اختصاص له بها، بل جار في بعضاألخبار المتقدمة في صدر المبحث، كرواية يعقوب بن شعيب أيضا مع أنه بناء على

كون الحوالة معاوضة بالمعنى الذي أفاده كان تبعا لما لم يقبض حقيقة بصورة الحوالةفقط، ال أنه موجب الستقرار البيع السابق على ما له في ذمة الغير، فالرواية ليست من

أدلة هذا المبحث، بل دليل على جواز الحوالة بما لم يقبض، هذا واالنصاف أنالرواية أجنبية عن الحوالة أيضا، بل يفيد اإلذن في استيفاء حقه مما يقبضه بعنوان

مال اآلذن، ال أنه يملك المال قبل قبضه كما هو مقتضي الحوالة، فيخرج عن ايقاعأي عقد كان على ما لم يقبض، فتدبر جيدا.

إلى هنا جف قلمه الشريف (قدس سره) اللطيف.

(٤٢٠)