األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

المقاييس البالغية والنقديةفي

قراضة الذهب في نقد أشعار العربالبن رشيق القيرواني

عرض وتحليل ودراسة

الطبعة الثانيةم2010هـ - 1431

د/ محمد بن سعد الدبلأستاذ الدراسات العليا

بجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالميةحقوق الطبع محفوظة للمؤلف

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف

الطبعة الثانيةم2010هـ - 1431

هـ1431)ح( محمد سعد الدبل, فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر

الدبل, محمد سعد المقاييس البالغية والنقدية في قراضة الذهب في نقد أشعار العرب البن

هـ1431.. – الرياض, 2رشيق القيرواني. / محمد سعد الدبل – ط.. ص؛..سم

978 – 603 - 00 – 5018 – 5ردمك: – البالغة العربية أ.العنوان2 – الشعر العربي – نقد 1

3552/1431 811,009ديوي

3552/1431رقم اإليداع: 978 – 603 -00 – 5018 – 5ردمك:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

بسم الله الرحمنالرحيم

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

مقدمةدوافع اختيار الموضوع

»منهجه - مصادره ومراجعه«

مر الدرس البالغي والنقدي بمراحل ثالث منذ بدايته في أوائل القرن الثالث الهجري إلى بدء ازدهاره في أواخر ذلك القرن والقرن الرابع. إلى اكتماله ونضجه ثمرته في القرن الخامس

الهجري. ثم ولي تلك المرحلة الثالثة مرحلة تباين عطاؤها وتنوعت طرقها

وتشعبت مدارسها غير أنها ذات مصب واحد. تلك هي مرحلة التقنين والتقعيد وحصر األقسام ورد األشباه إلى األشباه. والنظائر

إلى النظائر على يد السكاكي ومن نحا نحوه في المدرسة التقعيدية إبان القرن السادس الهجري وما بعده إلى عصر النهضة

الحديثة. ففي أوائل القرن الثالث الهجري حتى نهايته, نجد جهودا مثمرة

لطائفة من العلماء الذين خدموا البالغة العربية والنقد العربي. وانبثق عطاؤهم العلمي من مصدر فياض ونمير عذب هو كتاب

الله الكريم الذي جعله أولئك العلماء قبلة تفكيرهم, ومصدر جهودهم, وقاعدة دراستهم البيانية في استجالء ألفاظه, وشرح

معانيه, وتبين أسراره الجمالية, ونواحي إعجازه. ولعل من أقدم تلك الجهود ما حرره أبو عبيدة معمر بن المثني

هـ( في كتابه: 210)ت »مجاز القرآن«, وما حرره ابن قتيبة أبو محمد عبدالله بن مسلم

هـ« في كتابة:»تأويل مشكل القرآن«.276»ت هـ« في كتابه »النكت في384وكالجهد الذي أفرغه الرماني »ت

إعجاز القرآن« وغير ذلك كثير مما سرده مؤرخو البالغة والنقد من. (1)آثار علمية في هذا السبيل

ولعل تلك الحقبة الزمنية هي العهد الذي اختص بدراسة البالغةالعربية في دائرة اإلعجاز القرآني.

حتى إذا جاء القرن الرابع الهجري امتد السير البياني ليشمل دراسة األدب ونقده وتكون مرحلة االزدهار على أيدي طائفة أخرى من العلماء الذين تخصصوا في دراسة البالغة العربية والنقد األدبي جاعلين محور دراساتهم النصوص القرآنية الفريدة وجيد المنظوم

انظــر في ذلــك: كتــاب تلخيص البيــان في مجــازات القــرآن للشــريف الرضــي »ت)(ــ 1 هـــ(, والجمــان في تشــبيهات القـرآن403هـ«، وكتاب: إعجاز القــرآن للبــاقالني )ت 406

هـــ(, وتحريــز585هـــ( وبــديع القــرآن البن أبي األصــبع )ت 548البن ناقيــا البغــدادي )ت التحبير له أيضا.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

والمنثور من كالم العرب, حتى وسعوا دائرة البحث في البالغة هـ(322والنقد كالذي في كتاب:»عيار الشعر البن طباطبا« )ت

هـ( في كتابه »نقد الشعر«337وكالذي حرره قدامة بن جعفر )ت هـ(,371ومن مثل كتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري لآلمدي )

هـ(: وغير أولئك395وكتاب الصناعتين ألبي هالل العسكري )ت .(1)كثير

وقد كانت الدراسة التي اعتمد عليها أولئك العلماء مستوحاة من جهود أخرى سبقت إبان القرن الثالث الهجري كالذي حرره بشر

هـ( في صحيفته التي أفاد من أفكارها كثير210ابن المعتمر )ت من األدباء الذين ألفوا في األدب والنقد والبالغة وكجهد الجاحظ

هـ( في كتابه:»البيان والتبيين«, وجهد اإلمام ثعلب )ت255)تهـ( في كتابه:»قواعد الشعر« وغيرهم. 291

وفي القرن الخامس الهجري حين يصل التأليف البالغي والنقدي ذروته. نجد عددا كبيرا من اآلثار العلمية التي تشهد بنضج الدرس البالغي والنقد واكتماله على يد طائفة من األنبياء واألدباء والنقاد

المشارقة والمغاربة من مثل كتاب »العمدة« البن رشيق القيرواني وجهوده في إحصاء الفنون البيانية ومن مثل كتاب »سر

الفصاحة« البن سنان الخفاجي الذي سار بالبحث في البالغة والنقد سيرا مزدوجا, وعمم الفكرة في الكشف عن معنى

الفصاحة وغاياتها ورتب الكالم على جزئيات اللفظة المفردة والكليات التي تتبع هذه الجزئيات.

ومن مثل جهود عبدالقاهر الجرجاني في كتابيه:»أسرار البالغة« و»دالئل اإلعجاز« ومن مثل جهود ابن األثير في كتابه المثل السائر

وكتاب »بديع القرآن وتحرير التحبير« البن أبي األصبع, وكتاب »منهاج البلغاء وسراج األدباء« لحازم القرطاجني وجميع تلك

الجهود العلمية عبر تلك المراحل الثالثة التي مر بها السير البياني قد حظيت بعدد كبير من الدراسات البالغية والنقدية المعاصرة

التي رسمت مناهج البحث وناقشته وأبانت عن آراء أصحاب تلك الدراسات ومدى تأثير السابق منها في الالحق إال ما كان من جهود

القيرواني صاحب العمدة فإن هذه الدراسات البالغية والنقدية المعاصرة لم تستوعب جهود هذا العالم, ولم تدرس آثاره العلمية

جميعها دراسة مستقلة تنهض بحصر وشرح المسائل البالغية والقضايا النقدية التي بسطها في مصنفاته.

واكتفى الكثيرون من الباحثين المعاصرين بما ذكروه عرضا في تضاعيف بحوثهم من جهود ابن رشيق, كالذي في كتاب:»البالغة

ومن مثــل ذلــك كتــاب يتيمــة الـدهر للثعـالبي الــذي أحصــي فيــه عـددا من الملــوك)(ـ 1والرؤساء والقواد ممن لهم باع في األدب والنقد من القرن الخامس وما قبله.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

تطور وتاريخ« للدكتور شوقي ضيف وكالذي في كتاب:»البيان العربي« للدكتور بدوي طبانة, وكالذي في كتاب:»مفهوم

االستعارة« للدكتور أحمد الصاوي, ومثل ذلك ما ذكره الدكتور عبدالقادر حسين في كتابه »فن البالغة« وغيرهم ممن ألف في

البالغة والنقد من المعاصرين. فقد درست هذه المؤلفات المعاصرة كتاب »العمدة« فقط,

درسته دراسة عارضة غير مستوفاة, ولم يزل جهد أصحابها, وجهد من أفاد منها منصبا على هذا السفر النفيس البن رشيق. مغفلين جهوده العلمية األخرى وبخاصة ما كان من آثاره مفقودا, أو شبه

مفقود مما لهذا وذاك من صلة بالبالغة والنقد واألدب. ومن ذلك كتابه:

– طراز األدب.1 – الممادح والمذام, ومنه نقل الشرشي فصال مهما في كتابه2

. (1)شرح المقامات – تحرير الموازنة.3 – غريب األوصاف ولطائف التشبيهات لما انفرد به المحدثون.4 – صدق المدائح.5 – تزييف نقد قدامة, وذكره ابن أبي األصبع ضمن مراجع كتابه6

»بديع القرآن« وهذه اآلثار البن رشيق تكاد تكون مفقودة حيث لم ولم تزل قيد مصادر التراث البالغي(2)يذكرها سوى ابن خلكان

والنقدي. ومما هو جدير بالدراسة المستفيضة كتابه:»أنموذج الزمان في شعراء القيروان« وكتابه:»قراضة الذهب في نقد

أشعار العرب« أما األنموذج فقد رأي النور منذ ثالث سنوات على يد عالمين جليلين هما: محمد العروسي المطوي, وبشير

البكوشي. والكتاب من مقتنيات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة م. وموضوعه1986هـ 1406 ونشر عام 811, 17بالرياض برقم

تراجم لعدد كبير من شعراء القيروان في عهد ابن رشيق حيث. (3)وصل عدد من ترجم لهم مائة شاعر

أنظر: أنموذج الزمان في شعراء القيروان البن رشيق جمع وتحقيق محمد العروسي)( 1المطوي=

=وبشير البكوشي. المصدر السابق.)( 2 من ذلك البحوث العلمية التالية:)( 3

ــدالرؤوف1 - »ابن رشيق ونقد الشعر, دراسة تحليلية نقدية تاريخية مقارنة« للدكتور عب م.1973مخلوف نشرت عام

- »الحركة النقدية على أيام ابن رشيق المسيلي« للدكتور بشير خلــدون نشــرت عــام2م. 1981

- »البالغة والنقد عند ابن رشيق« رسالة علمية من كلية اللغة العربية باألزهر ســجلت3 ببيان الرسالة الجامعية بكلية اللغة العربية بالرياض.

– »البحث البالغي والنقدي في كتـاب العمـدة البن رشـيق« رسـالة علميـة حصـل بهـا4

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

غير أن هذا الكتاب. أعني األنموذج. في ثوبه الجديد لم يزل بحاجة ماسة إلى دراسة ما حواه من مقاييس نقدية دراسة تمكن القراء والباحثين من معرفة آراء ابن رشيق في النقد األدبي. غير

ما عرض له في كتاب العمدة الذي حظي بكثير من الدراسات فيهذا الجانب.

وأما القراضة: فهي الكتاب الثاني الذي رأى كثير من الباحثين أنه ألفه بعد األنموذج وأن هذا األخير هو األول بعد كتاب العمدة,

وسنوضح ذلك عند الكالم بالتفصيل على آثاره العلمية واألدبية. والخالصة أن القراضة حظيت – أخيرا – بتحقيق وعرض مجمل

ما قام به األستاذ الشاذلي بويحي. ولم يزل هذا الجهد الذي بذله هذا العالم بحاجة ماسة إلى دراسة مستقلة تخص القراضة وتنهض بتصنيف موضوعاتها, وحصر أبوابها, ولم مسائلها البالغية, ومناقشة مقاييسها النقدية, ورصد جهود ابن

رشيق التي قام بها من خالل هذا السفر النفيس. ومن هنا رأيت الحاجة ملحة إلى دراسة »القراضة« ولعل الحظ

يسعفني بتوفيق الله للقيام بدراسة األنموذج بعدها. وما قدمت دراسة القراضة على األنموذج إال لما لمسته من تقصير في عرض موضوعاتها حيث جاء ذلك مجمال دون تفصيل حتى أن المحقق لم

يضع لها سوى فهرسا واحدا للشعر, على الرغم من أنه وضع فهارس أخرى للقراضة باللغة الفرنسية.

ولقد كان المنهج الذي سرت عليه في هذه الدراسة منهجا يعتمد على رصد الموضوعات والمباحث البالغية والمقاييس النقدية,

ومناقشة ذلك في ضوء ما وسعته ثقافتي األدبية. وكان منهج الموازنة بين أعمال ابن رشيق, وأعمال غيره ممن

سبقه وممن عاصره, وممن جاء بعده واحدا من المناهج التي استدعتها طبيعة هذه الدراسة, إلمكان الخروج بما يحدد مسار

البحث البالغي والنقدي في القراضة. وقد استنرت بآراء عدد من النقاد ممن سبق ابن رشيق وممن

جاء بعده وبما قيل عن جهوده في المراجع البالغية والنقدية المعاصرة.

وقيدت مصادر ومراجع إفادتي في ثبت في آخر هذا البحث.والله الموفق والمعين ,,,

د. محمد بن سعد الدبل

الباحث محمد بن سليمان الصيقل على درجة الماجستير من كلية اللغة العربية بالرياض.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

تمهيدابن رشيد القيرواني

عصره وحياته

أديب وشاعر وعلم من أعالم البالغة والنقد. عاش في القرن الخامس الهجري: عصر شموخ األدب العربي, ونضج علوم اللغة,

وإيناع ثمرة الجهود التي غرسها علماء القرنين الثالث والرابعالهجريين.

فقد كان القرن الخامس الهجري زاخر بألوان المعارف, والثقافات وأنواع العلوم على تباين في المشارب واألخذ والرفض

والبسط واالختصار في صنوف التأليف في كافة علوم العربية نحوها ولغتها وأدبها وبالغتها ونقدها.

وفي خضم تلك الحقبة الزمنية عاش أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني المغربي مسكنا األزدي والء, وعن حياته العلمية ونسبه

تحدثت مصادر كثيرة من أمهات مصادر البالغة والنقد والتاريخ فقد ذكره وترجم له ياقوت الحموي في معجم األدباء, والسيوطي في

بغية الوعاة, وابن العماد في شذرات الذهب, وابن بسام في الذخيرة, وحاجي خليفة في كشف الظنون, والقفطي في اإلنباه,

وابن خلكان في وفيات األعيان كلهم قال كالما مكرورا معادا. غير أن ابن خلكان تردد في الجزم بسنة وفاته. فعن ترجمته يقول:

»هو أبو علي الحسن بن رشيق المعروف بالقيرواني. أحد األفاضل البلغاء له التصانيف المليحة, والرسائل الفائقة, والنظم

الجيد.. قال ابن بسام عنه في الذخيرة: »بلغني أنه ولد بالمسيلة, وتأدب بها قليال, ثم ارتحل إلى

هـ(, وقال غيره )أي غير ابن406القيروان سنة ست وأربعمائة ) بسام(:

ولد بالمهدية سنة تسعين وثالثمائة... قرأ اآلداب بالمحمدية وحذق صنعة أبيه )الصياغة(« وقال الشعر وتاقت نفسه إلى التزيد

منه ومالقاة أهل األدب فرحل إلى القيروان, واشتهر بها ومدح صاحبها, واتصل بخدمته, ولم يزل بالقيروان إلى أن هاجمها العرب فانتقل منها إلى جزيرة صقيلة, وأقام بمازر إلى أن مات بها سنة

ست وخمسين وأربعمائة.. قال ابن خلكان: وكان بينه وبين ابن شرف القيرواني وقائع ومهاجاة, وتوفي سنة

هـ(. رأيت ذلك بخط بعض الفضالء,463ثالث وستين وأربعمائة ) وقيل: إنه توفي ليلة السبت غرة ذي القعدة سنة ست وخمسين

هـ(.456وأربعمائة )

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

والتردد في الجزم بزمن الوفاة واضح في قول ابن خلكان, فقوله:»رأيت بعض الفضالء أنه مات سنة ثالث وستين وأربعمائة.

لم يذكر في هذا القول بعض أولئك الفضالء فمن هو؟ والتعبير بقوله:»وقيل توفي سنة ست وخمسين وأربعمائة تعبير يدل على

التردد والشك عنده وعند غيره. وبنحو الذي ذكره ابن خلكان في ترجمة ابن رشيق نحا صاحب

الحلل السندسية ولم زيد شيئا جديدا. وترجم ياقوت الحموي البن رشيق قائال:

»الحسن بن رشيق القيرواني مولى األزد, كان شاعرا أدبيا نحويا لغويا حاذقا عروضيا, كثير التصنيف حسن التأليف.. تأدب على أبي

, مات سنة(1)عبدالله بن جعفر القزاز القيرواني النحوي اللغوي هـ(«.456ست وخمسين وأربعمائة )

ومن شيوخ ابن رشيق الذين تتلمذ عليهم وأفاد منهم: – أبو أسامة: نقل عنه ابن رشيق: وأشار إلى ذلك في مواضع1

من أبواب العمدة. – أبو محمد عبدالكريم بن إبراهيم النهشلي, وكان ابن رشيق2

ينقل عن شيخه هذا كثيرا من األقوال حول الشعر معناه وأصنافهوجيده ورديئه.

– أبو إسحاق الحصري القيرواني.3 – أبو عبدالله عبدالعزيز بن أبي سهل الخشني الضرير.4 – أبو عبدالله محمد بن إبراهيم السمين.5

آثاره العلمية: اشتهر ابن رشيق بمصنفات كثيرة في البالغة والنقد واألدب

واللغة منها ما طبقت شهرته اآلفاق وأفاد منه كثيرون من علماء البالغة والنقد قديما وحديثا وفي مقدمة مصنفاته التي اشتهرت

واشتهر بها: – كتابه:»العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده«.1 - »أنموذج الزمان في شعراء القيروان«.2 - »القراضة« واسمها »قراضة الذهب في نقد أشعار العرب«.3

أما كتابه »العمدة« فقد قام بتحقيقه وتفصيله والتعليق على حواشيه شيخ المحققين محمد محي الدين عبدالحميد, ونشرت

طبعته الرابعة دار الجيل ببيروت, ولعل أولى نشراته كان في عام هـ( كما حرر ذلك في آخر1353ثالثة وخمسين وثالثمائة وألف )

مقدمة للمحقق. – الحلل3 – وفيات األعيان, 2 – بغية الوعاء, 1للمزيد من ترجمة ابن رشيق انظر: )(1

–7 – كشــف الظنــون, 6 – معجم األدبــاء ليــاقوت, 5 – شــذرات الــذهب, 4السندسية, – ابن رشــيق11 – مقدمــة العمــدة للمحقــق, 10 – بدائع البداية, 9 – الذخيرة, 8اإلنباه,

ونقد الشعر, عبدالرؤوف مخلوف.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ثم ولي هذا الجهد عدد من الدراسات العلمية التي تناولت جهود وآثاره العلمية(1)ابن رشيق واختصت كتابه هذا باإلضافة دون غيره

مبثوثة في تضاعيف المصادر التراثية في البالغة والنقد واألدب والتاريخ حتى قام باستخراج هذه المادة العلمية وتحقيقها العالمان

الجليالن: – محمد العروسي المطوي.1 .(2) – بشير البكوشي2

وأما كتابه:»قراضة الذهب في نقد أشعار العرب« موضوع هذه الدراسة فسوف أتحدث عنه بالتفصيل في فصل خاص به.

وقد أثبتت مصادر التراث في البالغة والنقد وكتب التراجم أن البن رشيق عددا وافرا من المؤلفات في اللغة وآدابها من هذه

المؤلفات: – متفق التصحيف.1 – المن والفداء.2 – االتصال.3 – أرواح الكتب.4 – شعراء الكتاب.5 – المعونة في الرخص والضرورات.6 – الرياحين.7 – األسماء المعربة.8 – معالم التاريخ.9

– إثبات المنازعة.10 – التوسع في مضائق القول.11 – الحلة واالحتراس.12

إلى غير ذلك مما ذكرته في مقدمة هذه الدراسة. والبن رشيق آثار علمية تنسب إليه, لكن ال يطمأن إلى نسبتها

من ذلك ما أورده محققا كتاب »أنموذج الزمان في شعراء القيروان« وما أورده الدكتور عبدالرؤوف في كتابه:»ابن رشيق

ونقد الشعر« وهي على حسب قدمها في التأليف عند ابن رشيقكاآلتي:

– الشذوذ في اللغة: يذكر فيه كل كلمة جاءت في بابها.1 – الرسائل الفائقة والنظم الجيد.2 – ساجور الكلب.3 – نجح الطلب.4 – رفع اإلشكال ودفع المحال.5

انظر هامش المقدمة من هذه الدراسة. )(1انظر المقدمة من هذه الدراسة.)( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– قطع األنفاس.6 – نسخ الملح وفسخ اللمح.7

ذكر هذه المصنفات ابن خلكان, وذكر األخير منها ياقوت الحمويوروى له:

المرء في فسحة كما علموا حتى يرىشعره وتأليفه

فواحد منهما صفحت له عنه وجازت لهزخاريفه

وآخر نحن منه في غرر إن لم يوافقرضاك تثقيفه

وقد بعثنا كيسين ملؤهما نقد امرئ حاذقوتزييفه

فانظر وما زلت أهل معرفة يا من لنا علمه(1)ومعروفه

– سر السرور ذكره ياقوت, والصحيح أنه لمحمد بن محمود8النيسابوري.

– شرح موطأ مالك. 9 - تاريخ القيروان.10 – الروضة الموشية في شعراء المهدية. نسب مرة البن11

رشيق ومرة في الروض المعطار إلى الحميري. – المساوئ في كشف السرقات الشعرية.12 – ميزان العمل في تاريخ الدول.13 – بلغة اإلشفاق في ذكر أيام العشاق نسبه مخلوف إلى ابن14

رشيق من محاضرات الشيخ أحمد يوسف نجاتي. والمؤلفات الثالثة األول ذكرها صاحب بساط العقيق, أما األخيرة

.(2)فنقل عن كتاب »تزيين األشواق لداود األنطاكي« – نقض رسالة الشعوذة.15 – القصيدة الدعية.16 – الرسالة المنقوضة.17

اثنان وثالثون مؤلفا في مختلف فنون العربية لغتها وآدبها ونقدهاوبالغتها.

وهذه اآلثار لم تزل قيد كتب التراث إال ما حقق منها ودرس كالعمدة, وأنموذج الزمان في شعراء القيروان, وكالقراضة

موضوع البحث. وزارة المعــارف العموميــة نشــر مكتبــة عيســى الحلــبي119 ص 8 معجم األدباء جـ )(1

وشركاه. )( ابن رشيق ونقد الشعر للدكتور مخلوف. وأنموذج الزمــان في شــعراء القــيروان ص2

وما بعدها. 14

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وعن هذه الجهود العلمية يقول صاحب »الوافي« صالح الدينالصفدي:

»وقد وقفت على هذه المصنفات والرسائل المذكورة جميعها, فوجدتها تدل على تبحره في األدب, واطالعه على كالم الناس,

ونقله لمواد هذا الفن, وتبحره في النقد. قال: وله كتاب في شذوذ اللغة يذكر فيه كل كلمة جاءت شاذة في بابها«.

وأورد محقق كتاب العمدة, محمد محي الدين عبدالحميد, في ترجمته البن رشيق أن له – سوى ما ذكره العلماء الذين ترجموا

229 ص 2له – كتابا نادرا في بابه يصفه في كتاب العمدة جـ فيقول:

»على أن المحدثين قد شاركوا القدماء في كل ما ذكرته – أيضا – إال أن أولئك أولى به, وأحق بالتقديم فيه, وكما خالطوهم في

صفات النجوم, والسحب وما فيها من البروق والرعود, والغيث وما ينبت عنه, وبكاء الحمام, وكثير مما ال يتسع له هذا الباب, ولكني

أفرد له كتابا قائما بنفسه, وأذكر ما انفرد به المحدثون وما .(1)شاركهم فيه المتقدمون.. إلى آخر ما ذكره المحقق

أدبه: البن رشيق القيرواني شعر كثير في تضاعيف كتابه »العمدة«

وفي عامة فنون القول قال الشعر في مختلف األغراض من المديح والهجا والوصف والغزل الرقيق. فمن غرض المدح قوله:

يابن األعزة من أكابر حمير وساللة المالك منقحطان

من كل أبلح آمر بلسانه يضع السيوف مواضعاألبدان

وله في الفخر بمكانته وعلو هامته:قد أحكمت مني التجارب كل شيء غير جودي

أبدا أقول: لئن كسبت ألقبضن يدي شديدحتى إذا أثريت عدت إلى السماحة من جديد

إن المقام بمثل حالي ال يتم مع القعود ال بد لي من رحلة تدني من األمل البعيد

ومن شعره الغزلي الرقيق قوله: وقائلة ماذا الشحوب وذا الضنى فقلت لها قول

المشوق المتيم هواك أتاني وهو ضيف أعزه فأطعمته لحمي وأسقيته

دمي تحقيق محمــد محي2, جـ 241,ــ 4 ط14,ــ 13)( ترجمة المؤلف في كتاب العمدة ص 1

.4الدين عبدالحميد ط

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

والبن رشيق في الصبابة شعر يتبارى في الحكم عليه نقاد األدبويختلف الحكم عليه من ناقد إلى ناقد

من حسنات الدهر عندي ليلة من العمر لم تتركأليامها ذنبا

خلونا بها ننفي القذى من عيوننا بلؤلؤة مملؤة ذهبا سكبا وملنا لتقبيل الثغور ولثمها كمثل جنوح الطير يلتقط

الحبا حين قال هذا الشعر, قال األبيوردي: وما هذا بأحسن من قول

ابن المعتز: كم من عناق لنا ومن قبل مختلسات حذار مرتقب

نقر العصافير وهي خائفة - من النواطير. يانعالرطب

وقال صاحب الوافي: »قلت مقام ابن المعتز غير مقام ابن رشيق, ألبن ابن رشيق

ذكر أنه في ليلة أمن, وهي عنده من حسنات الدهر, فلهذا حسن تشبيه التقبيل مع األمن بالتقاط الطير الحب, ألنه يتوالى دفعة بعد

دفعة, وأما ابن المعتز: فإنه كان خائفا يختلس التقبيل ويسرقه, كما يفعل العصفور في نقر الرطب اليانع, ألنه يقدم جازعا خائفا

.(1)من الناطور, فال يطمئن فيما يلتمسه« وهذا النقد من األبيوردي وصاحب الوافي نقد صائب يدل على بصر بالشعر وتذوقه, غير أن حسن الصياغة لفظا وبحرا وقافية

عند ابن رشيق أدق وأجمل وأجود من نسق الصياغة في بيتي ابن المعتز, أال ترى أن الفصل بين المصدر ومعموله بالجملة الحالية

في قول ابن المعتز: نقر العصافير – وهي خائفة من النواطير يانع

الرطب قد ذهب بشيء من حسن الرونق, ونقص من حسن الصياغة.

وليس هذا موضعا لبسط مثل هذه الومضات واآلراء النقدية سواء من مقاييس النقد عند ابن رشيق, أو من مقاييس النقد عند غيره.

فسوف أبسط ذلك عند الكالم على الموازنة آخر فصول هذهالدراسة.

ومن شعره الجيد الرصين قوله في فضائل مدينة القيروان: كم كان فيها من كرام سادة بيض الوجوه

شوامخ اإليمان متعاونين على الديانة والتقى لله في اإلسرار

واإلعالن .13, 12, 11)( مقدمة محقق كتاب العمدة ترجمة المؤلف ص1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ومهذب جم الفضائل باذل لنواله ولعرضهصوان جمعوا العلوم وهذبوا سنن الحديثوآئمة

ومشكل القرآن علماء إن ساءلتهم كشفوا العمى بفقاهة وفصاحة

وبيان وإذا األمور استبهمت واستغلقت أبوابها وتنازع

الخصمان حلوا غواض كل أمر مشكل بدليل حق واضح

البرهان هجروا المضاجع قانتين لربهم طلبا لخير معرس

(1)ومعان وإذا دجى الليل البهيم رأيتهم متبتلين تبتل

الرهبان المتقين الله حق تقاته والعارفين مكائد

الشيطان وترى جبابرة المملوك لديهم خضع الرقاب

نواكس األذقان ال يستطيعون الكالم مهابة إال إشارة أعين

وبنان خافوا اإلله فخافهم كل الورى حتى ضراء األسد

في الغيران تنسيك هيئتهم شماخة كل ذي ملك وهيبة كل ذي

سلطان أحالمهم تزن الجبال وفضلهم كالشمس ال تخفى

بكل مكان كانت تعد القيروان بهم إذا عد المنابر زهرة

البلدان وزهت على مصر وحق لها, كما تزهو بهم وعلت

على بغدان حسنا فلما أن تكامل حسنها وسما إليها كل

طرف راني وتجمعت فيها الفضائل كلها وغدت محل األمن

واإليمان

136أي منـزل بمعنى موضع التعريس أي االستراحة: مادة عرس لسان العرب ص )ـ( 1.6جـ

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

نظرت لها األيام نظرة كاشح ترنو بنظرة كاشح (2)معيان

والقصيدة طويلة النفس تربو أبياتها على خمسة وخمسين بيتا نصفها في فضائل مدينة القيروان, ونصفها اآلخر في األحداث التي جرفت تلك المدينة والمصائب والفتن التي حلت بدورها ومرافقها

ومساجدها وقممها العامة. ومما يدل على تبحره في األدب, وطول باعه في الشعر ديوانه

»القطعة« وكتبه التي تزخر بشعر كثير في مختلف األغراض, وبخاصة كتابه »العمدة« وكتابه »األنموذج« وكتابة »القراضة«

موضوع البحث. وله ديوان غير »القطعة« قام بجمعه وترتيبه عبدالرحمن ياغي.

وما بعــدها للمؤلــف أبي زيــد عبــدالرحمن بن18 ص 1)( األبيات في معالم اإليمان جـ 2 وما بعدها تحقيق وجمع101ـ, 78ـ, 33محمد األنصاري الدباغ وفي ديوان ابن رشيق ص

وترتيب عبدالرحمن ياغي.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

الفصل األولالتعريف بالقراضة

مصادرها. – 1 – تحقيقها ونشرها.2 – موضوعاتها.3

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

كانت المادة العلمية لـ»قراضة الذهب في نقد أشعار العرب« مبثوثة في تضاعيف مصادر التراث البالغي والنقدي, وكتب التراجم

م. 1969والسير إلى ما قبل عام حتى قام األستاذ الشاذلي بو يحيى بتحقيق هذا الجهد البن رشيق

واستخرجه من مضانه. وبذلك يتبين لكل مطلع على نسخة القراضة التي حققها أن مادتها استخرجت من المصادر التراثية

اآلتية: – ديوان ابن رشيق: فقد حوى شواهد كثيرة منها هذه األبيات1

من نسخة المحقق:13في رثاء األمير أبي منصور كما في ص ألم ترهم كيف استقلوا به ضحى إلى كنف من

رحمة الله واسع أمام خميس ماج في البر بحره يسير كمتن

اللجة المتدافع إذا ضربت فيه الطبول تتابعت به عذب تحكي

ارتعاد األصابع تجاوب نوح بات يندب شجوه وأيدي ثكالى

(1)فوجئت بالفواجع – المختار من شعر بشار: فقد ورد فيه شواهد ثابتة في2

القراضة منها إلبراهيم النهشلي في وصف اندفاع الماء في الجدول الجاري:

قد صاغ فيه الغمام أدمعه درا ورواه جدولغمر

يجيش فيه كأنما رعشت إليك منه أنامل (2)عشر

- األغاني ألبي الفرج األصفهاني: حول بيت عبدالله بن العباس3الربيعي في وصف البرق:

كأن تقلبه في السماء يدا كاتب أو يدا (3)حاسب

– كتاب األنواء البن قتيبة حول قول الشاعر في وصف4الشمس حال الطلوع والغروب:

(4)والشمس كالمرآة في كف األشل – الشعر والشعراء البن قتيبة حول البيت من شعر أبي نواس:5

أو كقرن الشمس تنشق منه شعب مثلانفراج البنان

)( القراضة للمحقق الشاذلي بو يحيى نقال عن ديوان ابن رشيق. 1 .14)( القراضة, ص 2 .15 نقال عن القراضة ص 138 ص 17األغاني, ج )( 3 كتاب األنواء البن قتيبة.)(4

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– وفيات األعيان.6 – شذرات الذهب.7 – بساط العقيق.8 – بدائع البداءة.9

فقد أوردت هذه المصادر عددا من شواهد القراضة منه: بيتا ابن رشيق في وصف األترجة:

أترجة سبطة األطراف ناعمة تزهو بلون بديعغير منحوس

كأنما بسطت كفا لخالقها تدعو بطول بقاءالبن باديس

– العمدة البن رشيق فكثيرا ما يشير إلى الموضوعات10 النقدية التي يعد بإنجازها في كتاب القراضة من ذلك قوله في

السرقات: »وقد ألف العلماء والنقاد في سرقات الشعراء كتبا عدة,

وصنفوا تصانيف كثيرة اختلفت فيها آراؤهم, وتباعدت طرائقهم, غير أن أهل التحصيل مجمعون من ذلك على أن السرقة إنما تقع في البديع النادر والخارج عن العادة, وذلك في العبارات التي هي

األلفاظ كقول أبي عبادة البحتري يصف سيفا: حملت حمائله القديمة بقلة من مهد عاد

غضة لم تذبل .(1)وبهذا يكون ديوان البحتري واحدا من مصادر القراضة

– ديوان امرئ القيس فقد أكثر ابن رشيق من االستشهاد11 بشعر امرئ القيس في القراضة من ذلك في وصف الفرس:

مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر (2)حطه السيل من علي وقوله في السحاب:

كلمع اليدين في حبي مكلل وقوله في وصف الليل:

فقلت له لما تمطى بصلبه وأردف (3)إعجازا وناء بكلكل

وغير ذلك.. – ديوان زهير حول البيت.12

صحا القلب عن سلمي وأقصر باطله وعري أفراسالصبا ورواحله

.20)( القراضة, ص 1 .20القراضة, ص )( 2 )( أي السحاب الملمع بالبرق ويقال السحاب المكلل أي الذي حوله قطع من الســحاب3

لسان العرب مادة كلل.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– ديوان أبي تمام.13 – ديوان بشار بن برد.14 – كتاب المعاني الكبير البن قتيبة حول رواية هذا البيت ممن15

اتبع امرأ القيس: له قصر يا ريم وشدقا حمامة وسالفتا هيق

من الزج أربدا ولم يوفق هذا الشاعر ليدرك شأو امرأ القيس.

– جمهرة أشعار العرب ألبي زيد القرشي حول بيت طرفة16بن العبد في وصف عقاب:

وعجزاء دقت بالجناح كأنها مع الصبح شيخفي بجاد منقع

– ديان المعاني ألبي هالل العسكري.17 – نفح الطيب.18 – نقد الشعر لقدامة بن جعفر.19 – الصناعتين ألبي هالل العسكري.20 – البدائع لعبدالله بن المعتز.21

وجميع في هذه المصادر الخمسة ال تخلو القراضة من إيرادشواهد وردت فيها.

– شرح الشريشي على مقامات الحريري.22 – لسان العرب مادة ))ذرع(( حول البيت:23

تنورتها من أذرعات ودارها بيثرب أدنىدراها نظر عالي

– أمالي القالي.24 – زهر اآلداب للحصري حول البيت:25

ستفنى مثل ما نفني وتبلي كما نبليفيدرك منك ثار

– أمالي المرتضي.26 – نثار األزهار البن منظور.27 – أشعار الخلفاء للوصولي.28 – ديوان المتنبي.29 – طبقات النحويين للزبيدي.30 – الوساطة لعلي بن عبدالعزيز الجرجاني.31 – يتيمة الدهر للثعالبي.32 – المنتخب من كتابات األدباء وإشارات البلغاء ألبي العباس33

الجرجاني. – نهاية األرب للنويري.34 – العقد الفريد البن عبد ربه األندلسي.35

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– ديوان سقط الزند ألبي العالء المعري.36 – ديوان أبي تمام.37 – الكنايات والتعريض للثعالبي.38 – جمع الجواهر للحصري.39 – ديوان ذي الرمة.40 – المفضليات للضبي.41

إلى غير ذلك من مصادر البالغة والنقد واألدب وأشعار الشعراء التي تخيرها ابن رشيق مادة لمقاييسه البالغية في القراضة وقد

م.1969أثبتها المحقق في هوامش نسخته التي نشرها عام أما تحقيقات القراضة فهناك مخطوطتان أشار إليهما المحقق بو

,3417يحيى إحداهما مخطوطة باريس بالمكتبة الوطنية برقم أدب بدار الكتب.4452ومخطوطة القاهرة برقم

أما المخطوطة األولى فقد اعتمد عليها محقق القراضة وأما مخطوطة القاهرة فقد حققها قبله عدد من الناشرين غير أن

عملهم مضطرب في رصد الموضوعات, متداخل في كثير من الشواهد الشعرية والنثرية على حد ما وصفه في نسخة القراضة

التي حققها. 1956وذكر ضمن التحقيقات نشرة الخانجي سنة م وأخيرا

تحقيق الشاذلي الذي أورد هذه النشرات مشيرا إلى مخطوطتي باريس والقاهرة.

وقد قام الشاذلي بجهد علمي كبير في تحقيق القراضة حيث استخرجها من طائفة كبيرة من المصادر على اختالف في النوعية

التي استخرج منها مادة القراضة. فقد ذكر في الهوامش ما يزيد على أربعين مصنفا وثالثين ديوانا

عدا الشروح وكتب التراجم والسير. مع العناية التامة بشرح الغوامض, وتصويب النصوص التي

وموردواستشهد بها ابن رشيق وأخطأ في نقلها رواة األشعار وإكمال الشواهد الشعرية التي ترد في بعض المصادراألخبار

ناقصة كاالكتفاء بشطر البيت الواحد أو إيراد بيت بمفرده فيسياق حادثة تتطلب إيراد النص كامال في بيتين فأكثر.

حول قول امرأ القيس:21ومثال ذلك ما ذكره في ص بمنجرد قيد األوابد هيكل

هذا عجز بيت من معلقة امرئ القيس صدره: وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد

األوابد هيكل وقوله حول بيت بعضهم ممن قلد امرأ القيس:قيد األوابد في الرهان جواد

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

هو لألسود بن يعفر صدره: بمقلص عند جيهر شدة قيد األوابد في

الرهان جواد بـ ))مشمر((المفصلياتقال وروي في

وقوله حول بيت المتنبي:أجل الظليم وريقة السرحان

عجز بيت للمتنبي صدره: يتقلبون ظالل كل مطهم أجل الظليم

وريقة السرحان وقوله حول بيت الطائي:

كلوا الظليم فضا, واشربوه فإنكم أثرتم بعيرالظلم والظلم بارك

رواية البديع: ))كلوا الصبر(( ورواية الصناعتين: ))كلوا الصبرمرا(( وحول بيت امرئ القيس:

له أيطال ظبي وساقا نعامة وإرجاء سرحانوتقريب تتفل

قال ابن رشيق: أخذه بعضهم فقال: (2) ريم وشدقا حمامة وسالفتا هيق(1)له قصريا

من الزج أبدا ولم يصنع شيئا بل قصر كثيرا وأسقط تشبيها. ورواه المحقق في الهامش. وسالفتا هيق من البر أربدا وذكر أنه في الشعر والشعراء

البن قتيبة ومثل استدراكه على نقد ابن رشيق في القراضة حين ساق بيت امرئ القيس في وصف الغيث

كأن ثبيرا في عرانين وبله كبير أناس فيبجاد مرمل

قال ابن رشيق أخذه طرفة فقال: في وصفه عقاب: وعجزاء دقت بالجناح كأنها مع الصبح شيخ

في بجاد مقنع ووجه استدراك المحقق: أن امرأ القيس مبتدع لسبقه طرفة, وأن طرفة محتذ متبع وموضوع القراضة أن الفضل للسابق وأن سائر الشعراء منه يأخذون فكأنما ملحوظة ابن رشيق في نقده

من الكالم المكرور المعاد. وفي رواية ابن رشيق لبيت وضاح اليمني في وصف الدبيب من

قوله:

)( القصريان: ضلعان تليان الطفطفة وقيل هما اللتان تليــان الــترقوتين/ لســان العــرب1مادة قصر.

هيق: الهيق ذكر النعام: لسان العرب مادة هيق.)( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وأسقط علينا كسقوط الندي ليلة ال ناه والزاجر

قال ابن رشيق أخذه وضاح من قول امرئ القيس: سموت إليها بعدما نام أهلها سمو حباب

الماء حاال على حال وفي الهامش يرده المحقق إلى عمر بن أبي ربيعة نقال عن

ديوان المعاني ألبي هالل العسكري برواية: واسقط علينا كسقوط النوى, ثم ذكره لوضاح نقال عن نهاية

. (1)األرب للنويري ويورد ابن رشيق في القراضة قول امرئ القيس مستشهدا به

على المبالغة في المعنى: يضيء الفراش وجهها لضجيعها كمصباح زيت

في قناديل ذبال قال ابن رشيق: تناول هذا المعنى ابن المعتز, وصرفه إلى الثغر

فقال: وألثمه في الداجي وبرق ثناياه يريني مواضع

اللثم ويحقق هذا الشاهد الشاذلي فينسبه إلى النويري في نهاية األدب رواية من شعر الحسين بن علي بن بشر الكاتب, وكذلك في شرح الشريشي على مقامات الحريري إذ ينسبه – أيضا – إلى ابن بشر

الكاتب. وتتبع هذه االستدراكات التي نهجها الشاذلي في تحقيقه القراضة

يعز على المحصل استقصاؤه. ولو أضاف الشاذلي إلى هذا الجهد في تحقيق القراضة جهد آخر

يفصل أبوابها ويوضح موضوعاتها, ويرد كل عمل متشابه مما درسه ابن رشيق فيها لكان منهجه في التحقيق أشمل وأتم.

ولعلي أوفق في إكمال ما نقص فأوضح موضوعات القراضةعلى نحو من الترتيب اآلتي:

-3- يمكن تصنيف موضوعات القراضة إلى أحد عشر موضوعا كل

موضوع تحته من الجزئيات ما ينهض بكل ما يتعلق به, ونلحظ تلك الطريقة في كثير من االستطراد الذي ينهجه ابن رشيق في

استكمال الموضوعات التي درسها في ثنايا هذا الكتاب »قراضةالذهب« فإلى الكالم على هذه الموضوعات:

اشتملت القراضة على اآلتي: – مقدمة القراضة:1

تحقيق الشاذلي بو يحيى.27هامش القراضة ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

إلى ما قبل السطر12وقد شغلت عددا من الصفحات من ص على حسب نسخة المحقق حجما وترتيبا:19األخير ص

وتبدأ هذه المقدمة من قول ابن رشيق: »اللهم ال سهل إال ما جعلته سهال. كتب الشيخ أبو علي الحسن

ابن رشيق األزدي إلى أبي الحسن علي بن القاسم اللوات رحمهماالله تعالى: أما بعد:

أمتع الله إخوانك ببقائك, وكفاهم األسواء فيك, وجعلني من بينهم الفداء لك, وأسأل الذي شرح للعلم صدرك, وعمر بالذكر قلبك,

وبسط بالحجة لسانك, وبالخير يدك, وقرن بالسداد قولك وبالتوفيق عملك. أن يجزي مناظرك في حسن األدب على رسمك,

ويجعل اإلنصاف كما تؤثر حكما بينك وبين خصمك. بلغني أعزك الله تعالى أنك استحسنت معنى البيتين من مرثية األمير سيدنا أبي منصور نضر الله وجهه, وهما األخيران من هذه

األربعة األبيات ذكرت ما قبلهما لتعلقه بهما: ألم ترهم كيف استقلوا به ضحى إلى كنف من

رحمة الله واسع أمام خميس ماج في البر بحره يسير

كمتن اللجة المتدافع إذا ضربت فيه الطبول تتابعت به عذب

(1)تحكي ارتعاد األصابع تجاوب نوح بات يندب شجوه وأيدي ثكالى

فوجئت بالفواجع وأن بعض من ال خالق له في األدب, وال معرفة له بحقائق الكالم

غليهماعارضك فيهما بالطعن, ونازعك معناهما بالجهل, وادعى ضربا من السرق, ونوعا من األخذ ولم تؤت – أيدك الله – من قصر لسان, وال ضعف حجة وبيان, لكنما أتيت من سوء فهم

صاحبك وقلة إنصاف مشاغبك, ألن المعنى المأخوذ بزعمه إنما هو قول عبدالكريم بن إبراهيم النهشلي يصف ما يحدث عند اندفاع

الجدول في الماء من تلك الرغوة والنفحات: قد صاغ فيه الغمام أدمعه درآ ورواه

جدول غمر يجيش فيه كأنما رعشت.. إليك منه أنامل

عشر فإن كان المعترض أراد ذكر هذا االرتعاد واالرتعاش وذكر األصابع

واألنامل فصدق إال أن هذا ال يعد سرقة في السرق لعلل شتى منها أن القصد غير واحد, وال أحب االعتراض على عبدالكريم,

العذب جمع عذبة أي أطراف السيور/ لسان العرب مادة عزب.)(1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وليس ها هنا ذنب أؤاخذه به, وإنما الجناية لغيره: }وال تزر وازرةوزر أخرى{.

ولو أن هذا الناقد بصير لنظر نظر تحقيق, وتأمل وتأمل رفيق فعرف بعد ما بين المقصدين على قرب ما بين اللفظين, ولم يكن

ذلك عنده محظورا, ألن عبدالله بن المعتز يقول في صفة الجدول: كفيل ألشجارها بالحياة إذا ما جرى

خلته يرتعش وليس لفظ االرتعاش من خاص البديع, فيعد ذكرها سرقة كما عد

علينا وما الذي يشبه أنامل شيخ قوائمه ترتعش كبرا حتى شبه عبدالكريم بها ذلك الزبد المقبب منبعثا من مسقط النهر من

أصابع ثكالى مبسوطة ترتعد طيشا وجزعا عند مفاجأة المصيبة على عادات النساء شبهت. أنا. بها تلك العذب الخافقة.

وهال نظر إلى قول إمام الشعراء امرئ القيس:كلمع اليدين في حبي مكلل

فعلم أن األخذ منه أقرب والوقوع تحته أشرف ولكن إلى ها هنا بلغ عمله وأدته مقدرته, ولو عد مثل هذا سرقة لم يسلم شيء من

الكالم على أني ما ادعيت أني ابتكرت هذا المعنى وإن كنت لم أره ألحد على هذه الصيغة فيطالبني فيه مطالبة من ادعى ما ليس

له وسما إلى فوق خطته. وإنما استحسنته أنت إما لما أرتك عين الرضى والمودة وإما لما

أداك إليه تمييزك وأعطتك قريحتك.. أ هـ«. هذه هي مقدمة القراضة أو لموضوع من موضوعاتها. وبنص ما

حرره المحقق )الشاذلي بو يحيى(. إن هذه المقدمة قطعة أبدية حررها ابن رشيق موردا في ثناياها عددا من األعالم, وعددا من المختارات الشعرية لعدد من الشعراء

ومستعمال في بعض عباراتها عددا من الكلمات الغامض معناها سواء من تعابيره أو تعابير من ساق له شاهدا على مراده.

وكانت هذه األشياء من حيث شرحها وذكرها في هامش التحقيق من أهم أعمال المحقق. غير أنه لم يتعرض إال لشرح قليل منها

وأعرض بعض من مثل. – »علي بن القاسم اللواتي« فمن هو؟1 – »مرثية األمير: سيدنا أبي منصور« فمن هو؟2 – عبدالله بن العباس الربيعي.3 – الحسن بن أحمد بن المغلس.4 – عبدالواحد الذواق.5 – إسماعيل, وغير هؤالء كثير ممن ورد ذكرهم في القراضة6

ولم يذكر من أخبارهم شيئا مما أرى أنه من تمام التحقيق,

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وسنذكر ترجمة لطائفة منهم ممن نجد له ذكرا في مصادر التاريخوالمعاجم والسير.

ومن غامض األلفاظ في مقدمة ابن رشيق سواء في كالمه أوكالم غيره مما هو بحاجة إلى شرح وبيان:

.(1) – الزبد المقبب1 من قول امرئ القيس:(2) – »مكلل«2

(3)كلمع اليدين في حبي

– »الفرق« من قول ابن المعتز:3كما تعود بالسبابة الفرق

وهذه األلفاظ وغيرها مما يحتاج إلى شرح وبيان سواء في ألفاظ بعض الشواهد التي أوردها ابن رشيق في القراضة, أو في كالمه شارحا ومبينا سنوضح معناه في كالم العرب في مواضع من هذه

الدراسة. أما الموضوعات األخرى التي اشتملت عليها القراضة بعد

المقدمة فيمكن استخالصها على حسب اآلتي في ضوء نسخة التحقيق:

-1- »حديث عن30 إلى آخر ص 19من السطر األخير ص

السرقات الشعرية« ويبدأ ابن رشيق هذا الموضوع بقوله: »وقد ألف العلماء والنقاد في سرقات الشعراء كتبا عدة,

وصنفوا تصانيف كثيرة. اختلفت فيها آراؤهم, وتباعدت طرائقهم, غير أن أهل التحصيل مجمعون من ذلك على أن السرقة إنما تقع في البديع النادر, والخارج عن العادة وذلك في العبارات التي هي

األلفاظ كقول أبي عبادة البحتري يصف سيفا: حملت حمائله القديمة بقلة من عهد عاد

غضة لم تذبل فقال ابن المعتز متبعا له وآخذا منه:

ويهزون كل أخضر كالبقلة ماض علىالقلوب رسوب

وله مكان آخر يذكر فيه إن شاء الله تعالى, ال مكان الناس فيه شرعا واحدا من مستعمل اللفظ الجاري على عادتهم وعلى

ألسنتهم.

المقبب الزبد أي زبد يشبه في ارتفاعه القبة أي ما ارتفع من البناء.)( 1 مكلل: أي السحابة حولها قطع من السحاب.)(2 حبي: الحبي من السحاب هو الذي يعترض اعتراض الجبــل قبــل أن يطبــق الســماء/)(3

لسان العرب مادة وحبا.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وكذلك ما كان من المعاني الظاهرة المعتادة فإنها معرضة لإلفهام متسلطة على فكر األنام, ومن ها هنا قل اختراع المعاني

. (4)وقلت السرقات فيها وصارت إذا وقعت أشهر وهكذا يستمر أن الرشيق في الشوط إلى مداه متحدثا عن

السرقات الشعرية مستشهدا لهذا القياس النقدي بأجود ما قاله فحول الشعراء من كل عصر من عصور األدب. فمرة مع شاعر

جاهلي وأخرى مع شاعر عباسي مبينا من خالل مقياسه هذا فضل السابق, وقدرة إبداع الالحق وما يمكن أن يحسب له.

ويستطرد ابن رشيق في بعض الموضوعات مما سنعرضه فيعود إلى الكالم على السرقات في مواضع أخرى من القراضة كلما

,82، 55, 46استدعى المقام هذا االستطراد. كما جاء في ص من نسخة المحقق.118, 106, 103, 99, 86

ثم يدلف ابن رشيق إلى الموضوع الثاني فيتحدث عن عدد من الفنون البالغية ليبني عليها مقاييس نقدية جديدة, وإن سبق إليها فله فضل التخير واالنتقاء مما لم يسبق االستشهاد به عند غيره

ومن هذه الفنون: – المبالغة. 1 – اإليغال. 2 – المطابقة.3 – التجنيس.4 – االحتراس.5 – التتبيع.6 – التتميم. 7 – اإلشارة. 8 – اإلرداف. 9

– االلتفات. 10 – الكناية. 11 – االستعارة. 12 – التشبيه. 13

إلى نهاية ص31وتشغل هذه الفنون البالغية من القراضة ص 37 .

وأثناء هذا العرض ال أجد ما يدعو إلى تتبع هذه الفنون واحدا واحدا للوقوف على ما ناقشه بواسطتها من مقاييس نقدية. فلذلكموضع آخر من فصول هذه الدراسة.

.20, 19)( قراضة الذهب: ص 4

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ولعل من تمام هذا العرض أن نقف على شيء مما قاله من نقد بعض النصوص الشعرية التي أوردها ناقدا ومحلال في ضوء هذه الفنون البالغية التي بنى عليها أحد مقاييسه النقدية كما ذكرت.

ومن المعروف أن النقاد قبل ابن رشيق تحدثوا عن الفنون البالغية من معاني وبيان وبديع. وبنوا عليه كثيرا من مقاييسهم

النقدية, وليكن عرضنا لفن »المبالغة«. إلى نهاية السطر31يبدأ ابن رشيق كالمه على المبالغة من ص

الثالث عشر من أبيات ثالثة من شعر في صفة قسي البندق. ولنتتبع خطوات هذا الفن عنده يقول في أول الصفحة الحادية

والثالثين: »ومن باب المبالغة قول امرئ القيس يصف حلي امرأة:

كأن على لباتها جمر مصطل أصاب غضاجزال وكف بأجزال

فذكر الجمر وشبه به الحلي, ثم ما كفاه إلى أن جعله جمر غضا وهو أبقى ثم جعله جزال أشد لوقوده, وأعظم لنوره, وإن كان أراد

به الكثرة من قولهم:»عطاء جزل« فقد جعلته مختارا, ألن من وجد شيئا كثيرا اختار أفضله.

ثم جعله مكفوفا باألجزال حوله وهي أصول الشجر زيادة في المبالغة. وقوله:»جمر مصطل«, ألنه يقل الجمر فتظهر حمرته

وهذا نهاية. وقد أخذه النابغة فقال:

يضيء الحلي في اللبات منها كمثل الجمربدد في الظالم

فأجاد إال أنه دون امرئ القيس لما في مبالغته من اللبس. وقال امرؤ القيس قبل هذا البيت:

يضيء الفراش وجهها لضجيعها كمصباح زيتفي قناديل ذبال

قال ابن رشيق: فتناوله الناس منه إلى أن بلغ إلى عبدالله بنالمعتز, فقال وصرفه إلى الثغر:

ألثمه في الدجى وبرق ثناياه يريني مواضعاللثم

فما قصر في حسن اإلتباع, وتلطيف األخذ والتصرف في القول. وقال امرؤ القيس:

إذا ركبوا الخيل واستألموا تحرقت األرضواليوم قر

فقوله:»واليوم قر« من تتميم المعنى ومبالغة شديدة.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ويمكننا القول من خالل هذا الشاهد أن ابن رشيق تحدث عن المبالغة متبعا إياها الحديث عن اإليغال والغلو ضمنا كما أسلفنا,

ألن قوله: ومبالغة شديدة تعني ما بعد المبالغة واإليغال وليس بعدهما من شيء سوى الغلو.

ويمضي ابن رشيق في الكالم على المبالغة وعدها مقياسا من المقاييس النقدية في تقويم األعمال األدبية عند الشعراء فيقول

عن امرئ القيس: »وهو الذي فتق للشعراء هذا الفن. يعني المبالغة وافتنوا فيه

ونوعوه فجاؤا باالحتراس وغيره. ويفهم من كالم ابن رشيق. هنا. أن النقاد البالغيين عدو

االحتراس من المبالغة في المعنى, وهذا كالم يحتاج إلى تدقيق, وألن االحتراس ربما يكون من الحشو الذي ال يغني, أو من الحشو

الذي يأتي لمزيد المعنى لكن ال يصل إلى حد المبالغة. ويسوق ابن رشيق بيت طرفة بن العبد مستشهدا به على

االحتراس الذي تفنن فيه الشعراء مبالغة في معانيهم وسماه البالغيون والنقاد بهذا االسم »االحتراس« قال طرفة:

فسقى ديارك غير مفسدها صوب الربيعوديمة تهمي وقال آخر:

إذا الله أسقى دمنتين ببقعة من األرضسقيا رحمة فسقاهما

وقد ورد البيت في نقد الشعر لقدامة بنص:»إذا الله سقى.(1)دمنتين ببلدة« وقال هو لرجل من عبس

وقال أبو الطيب: صل اإلله عليك غير مودع وسقى ثرى أبويك

صوب غمام ومن هذه المبالغة قول امرئ القيس في التتميم واالحتراس: كأن عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا الجزع

الذي لم يثقب ومن هنا نفهم. أيضا. أن ابن رشيق بعد التتميم واالحتراس من

المبالغة وما أبعدهما عن هذا الفن فأي مبالغة في قول امرئ القيس:

»الجزع الذي لم يثقب«؟ إنه تتميم ليس إال. قال: فتناوله زهير فقال:

كأن فتاة العهن في كل منـزل نـزلن به حبالقنا لم يحطم

.33هامش القراضة, ص )(1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وهو كثير جدا في شعر امرئ القيس, ويسمي أصحاب البديع ما كان مخصوصا من هذا النوع بالقافية: اإليغال والتتبيع, وما كان في أضعاف البيت: المبالغة والتتميم, وفي كتاب العمدة من ذلك جملة

كافية إن شاء الله تعالى. ومما يدل على أن ابن رشيق تحدث عن الغلو في المعاني

الحديثة عن المبالغة في قول امرئ القيس ومن تبعة في معناه: قال: - أعني ابن رشيق - : ومن مبالغته المشهورة – يعني امرأ

القيس - : من القاصرات الطرف لو دب محول من الذر فوق

األتب منها ألثرا أخذه حسان رضي الله عنه فقال:

لو يدب الحولي من ولد الذر عليها ألندبتهاالكلوم

فقصر عنه كثيرا, ألن امرأ القيس قال:»فوق األتب«. وأرى أن حسانا. رضي الله عنه. لم يقصر في معناه بحجة أن

امرأ القيس تمم معناه بلفظتي »فوق األتب« وأن حسانا أطلق دبيب الذر ولم يقيده حيث قال:»لو يدب الحولي من ولد الذر

عليها...« ألن دبيب الذر »على األتب« ال مزيد للمعنى من ذكره. فهو:»ثوب أو برد يؤخذ فيشق في وسطه, ثم تلقيه المرأة في

.(1)عنقها من غير جيب وال كمين« فإذا دب عليه الذر فما وجه تأثيره فيما تحته؟ أيعني امرؤ القيس ظهورا األثر في الجسم لفرط ليونته على الرغم من ستره باألتب.

إذا كان ذلك كذلك فقول حسان قد أدى هذا الغرض من خالل لفظة »عليها« فبيان األثر حاصل وجد أتب أو لم يوجد.

قال ابن رشيق: وأيضا في بيته.يعني امرؤ القيس. معنى متقدما وهو قوله:»من القاصرات الطرف«. أراد أنهن منكسرات الجفن

خافضات النظر غير متطلعات إلى ما بعد, وال ناظرات إلى غير أزواجهن. كما قال أهل التفسير.

ويجوز أن يكون »من القاصرات الطرف« بمعنى طرف الناظرإليهن أي ال يتجاوزهن بالنظر.

أما نقد ابن رشيق حول عبارة امرئ القيس »من القاصرات الطرف« فنقد صائب يكفي أن الله سبحانه وتعالى امتدح تلك

{, وإن كان المقصود بهذافيهن قاصرات الطرف الصفة فقال: } نساء الجنة »الحور العين« ففي تمثل صفتهن هذه من لدن نساءالدنيا دليل العفة.

.205 ص 1لسان العرب, مادة »أتب« جـ )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ولكن هذه العبارة أعني »من القاصرات الطرف« لم تكن سببا في قصور المعنى عند حسان, ألم أن تر في قوله رضي الله

عنه:»من ولد الذر« مزيد فائدة أعطت المبالغة حسنا في المعنى فاتت على امرئ القيس, وخفيت على ابن رشيق؟؟

فإن حسانا قال »من ولد الذر« فجمع بين التأثير مما كبر وصغرمن الذر.

ويمضي ابن رشيق في عرض »المبالغة« وبيان أثرها في كمال المعنى وعمقه وحسنه فيروي قول أبي الطيب في هذا الشأن:

وخصر تثبت األبصار فيه كأن عليه من حدقنطاقا

قال: وتناول ابن المعتز ما تناوله حسان من بيت امرئ القيسوتجاوز الحد فقال:

رق فلو مرت به ذرة في رجلها نعلمن الورد

لمزقت ديباجتي خده من غير أنجازت على الخد

وفي نقد ابن رشيق لبيتي ابن المعتز هذين ما يجعلنا نجزم بإيراده الغلو ضمنا. كما مر. فقوله:»وتجاوز الحد« يعني أفرط في

معناه بحيث تجاوز المبالغة واإليغال إلى الغلو, والغلو عند أهل الشعر واللغة مجاوزة الحد:

قال: ويعدون من مشهور المبالغات ومتجاوزها قول امرئالقيس:

تنورتها من أذرعات وأهلها بيثرب أدنى دارها (1)نظر عالي

أراد نظر القلب ال نظر البصر, ألن »أذرعات« بالشام, ويثرب مدينة الرسول عليه الصالة والسالم, وذلك ما ال يمكن أن يرى منه

نارا إال تخيال بقلبه ال غير. وقال في المبالغة والثقة بفرسه إذا أراد الصيد:

إذا ما ركبنا قال ولدان حينا تعالوا إلى أن يأتيالصيد نحطب

أخذه ابن المعتز فقال في صفة الجارح:قد وثق القوم له بما طلب

فهو إذا جلى لصيد واضطربسلو سكاكينهم من القرب

.35)( رواية القراضة »ودائرها«, ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وأرى أن قول ابن المعتز أكد في المبالغة من قول امرئ القيس في معنى الثقة بفرسه »تعالوا إلى أن يأتي الصيد نحطب« فربما

يظلون طوال وقتهم يحطبون ثم يأتي صيد أو ال يأتي.. لكن تحقق المطلب بالحصول على الصيد في قول ابن المعتز

ليس فيه قيد بزمن فكأنما هو آت وحاصل ال محالة فما على المنتظرين إال التجهز وسل السكاكين من القرب. قال ابن رشيق: وقلت في صفة قسي البندق:

طير أبابيل جاءتنا فما برحت إال وأقواسناالطير األبابيل

يرمينها بحصى طين مسومة كأن معدنهاللرمي سجيل

تغدو على ثقة منا بأطيبها والنار تقدحوالطنجير مغسول

ولنا وقفة مع هذه األبيات البن رشيق عند الكالم على مقاييسهالنقدية المبنية على أسس بالغية.

انتهى كالم ابن رشيق على المبالغة فقد ختمه بإيراد ثالثة شواهدعلى اإلشارة والتتبيع واإلرداف.

ويعقد ابن رشيق موضوعا خاصا بالحديث عن »اإليجاز« في الصفحة الثامنة والثالثين, والصفحة التاسعة والستين ويورد له

عددا من الشواهد الشعرية المرئ القيس ولغيره من الشعراء. فيقول متحدثا عن اإليجاز عند هذا الشاعر:

ومن مليح اإليجاز وعجيبة قوله:»وإن كنت قد أزمعت قتلي فأجملي« أي اقتلي جملة, وال تنوعيه, وهو عندهم نظير قوله:

فلو أنها نفس تموت سوية ولكنها نفستساقط أنفسا

وأرى: أن المعنى الذي يريده امرؤ القيس من قوله:»فأجملي« غير الذي شرحه ابن رشيق بقوله: أي اقتلي جملة وال تنوعيه فإنما

أراد امرؤ القيس معنى أحسني وترفقي وتلطفي مما هو بمعنى أجمل في الطلب وفيما تنوي فعله مما هو مضر بمن تريد النيل

منه, ويعضد هذا المعنى قول امرئ القيس في الشطر األول من هذا البيت:»أفاطم مهال بعض هذا التدلل«.

وهنا يكون معنى »قتلي« أو »صرمي« في رواية أخرى بمعنى تعذيبي في حبي إياك شأن من تغفل به الصبابة ويلعب به الهوى.

قال ابن رشيق: آخذه – أي معنى امرئ القيس - عبدة بن فقال يرثي قيس بن عاصم: (1)الطبيب

من بني عبد شمس بن كعب بن سعد بن زيد منــاة من تميم شــاعر مخضــرم أدرك )(1 اإلســالم فأســلم وشــهد مــع المثــنى بن حارثــة قتــال هرمــز, انظــر ترجمتــه في الشــعر

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قومتهدما

هذا معنى من جعل هلكه هلك جميع الناس ممن اتبعه وعاشفي رفده كقول آخر:

لعمرك ما الرزية فقد مال وال شاه تموتوال بعير

ولكن الرزية فقد قرم يموت لموتهخلق كثير

أخذه المجنون على التأويل األول, وهو أوالهما بامرئ القيسفقال:

عجبت لعروة العذري أضحى أحاديثا لقوم بعدقوم

وعروة مات موتا مستريحا وها أنا ميت فيكل يوم

وقال كثير: ونفس إذا ما كنت وحدي تقطعت كما انسل من

ذات النظام فريدها وقال قيس بن ذريح قبلهما:

تساقطت نفسي حين ألقاك أنفس يردن فاليصدرن أال صواديا

هذا كل ما ذكره ابن رشيق عن فن »اإليجاز« حين اتخذه مقياسا لتقويم األعمال األدبية, وقد قصر شواهده على عدد من الشعراءواقتصر على عدد قليل من األبيات.

ولم يشر إلى إيجاز الحذف في المعاني األدبية التي يطرقها الشعراء فالبين من الشواهد التي ساقها إنما هي من إيجاز القصر

الذي عرفه البالغيون بأنه إيراد المعنى الكثير في اللفظ القليل. فإيجاز القصر في قول امرئ القيس واضح من عبارته

»فأجملي« فإن هذه اللفظة أدت معنى كثيرا إذ تحتها معنى اقتلي جملة تفصيال وال تتخذي في طريقة قتلي طرقا منوعة ألقى من

خاللها العذاب الطويل ففي قتلك لي جملة واحدة إراحة منالعذاب.

واإليجاز في قوله:»فلو أنها نفس تموت سوية« متحقق من خالل لفظة »سوية« أي تموت دفعة واحدة وال يكون في نوعية موتها ما

يؤدي إلى العذاب فتموت عضوا عضوا أو تموت من جراء ألم طويل يهلك صاحبه على أمد طويل فكل هذه المعاني أدتها لفظة

»سوية« وفي البيت إيجاز بالحذف. .727والشعراء, ص

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وإيجاز القصر في قول عبدة بن الطبيب إنما هو عبارته:»هلكه هلك واحد«, وفي قوله:»بنيان قومها تهدما«.

فالعبارات تحتهما معاني كثيرة دون حذف أي لفظ. ومثله إيجاز اللفظ في قول من بعده نجده في عبارة البيت

»يموت لموته خلق كثير«. وهكذا نجد المعاني التي درسها ابن رشيق من خالل فن اإليجاز إنما هو مما يختص باإلفصاح عنها مجاز القصر. وابن رشيق هنا لم يتعرض لفن اإليجاز بالحذف ألنه لم يبن مقاييسه النقدية والبالغية

على دراسة تبحث في جميع خصائص الفن البالغي واستعماالتهومصطلحاته البالغية عند البالغيين.

ولو فعل لبلغت »القراضة« أضعاف ما هي عليه من موضوعات تخرج بها من وسمها بالقراضة إلى وسمها بكتاب كبير موضوعه »البالغة فنونها وخصائصها واستعماالتها« وليس هذا الصنيع مما

نشط له في كتابه هذا. ويتحدث ابن رشيق عن موضوع آخر من موضوعات القراضة

فيدرج تحته عددا من الشواهد الشعرية التي يزيد حسنها: االلتفات والحذف والمحاورة وابتكار المعاني واالستعارة, ويشغل هذا

الموضوع أربع عشرة صفحة من نسخة المحقق يبدؤها ابن رشيق بشواهد االلتفات قائال:»ومن باب االلتفات قول امرئ القيس:

مجاورة بني شمجى بن حزم هوانا ما أتيحمن الهوان

وتمنحها بن شمجى بن حزم معيزهم حنانكذا الحنان

أي: رحمتك يا ذا الرحمة. عجزا البيتين جميعا التفات, فاقتدى به الناس في هذا كما فعلوا في غيره فقال جرير:

أانسى إذ توعدنا سليمى بفرع بشامةسقى البشام

بينا هو يذكر الوداع التفت إلى البشام فاستسقي له. وااللتفات فن بالغي من فنون البديع يزيد الكالم تطرية وجدة

وتنويعا من خالل االنتقال بالضمير من الغائب كما في بيت »جرير« فقد تكلم في الشطر األول من وداع سليمى ثم التفت

.(1)بواسطة ضمير الغائب فدعا للبشام الذي تستاك به ومن باب الحذف قوله – يعني امرأ القيس - :

البشــام: شــجر دهنــه من أطيب األفــواه, وعــوده مطيبــة األفــواه, أســاس البالغــة)(ــ 1 , واليشام: شجر طيب الــريح والطعم يســتاك بــه. لســان40للزمخشري, مادة بشم, ص

البن منظور.50 ص 12العرب مادة بشم جـ

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وتصد عنك مخيلة الرجل العريض موضحة عنالعظم

بحسام سيفك أو لسانك والكليم األصيل كأرغب(1)الكلم

فالحذف واضح في قوله »موضحة عن العظم«, إذ أن موضحة فاعل للفعل تصد وصفة لموصوف محذوف تقديره: سيوف

موضحة عن العظم أراد أنها تضرب في اللحم حتى تصل العظم. قال: وكقوله:»فلو أنها نفس تموت سوية«.

وقد مر شطر هذا البيت صدرا وعجزا في الكالم على إيجاز القصر. وفي صدره هنا إيجاز بالحذف إذ التقدير:»تموت ميتة

.(2)سوية« قال: ومما فتحه للناس جميعا وأغلقه دونهم قوله:

ألم ترياني كلما جئت طارقا وجدت بها طيباوإن لم تطيب

والشاهد في هذا البيت االلتفات من المخاطب في قوله:»ألمترياني« إلى الغائب في قوله »وجدت بها«.

ويمضي ابن رشيق فيورد من شواهد االلتفات قول امرئالقيس:

نـزيف إذا قامت لوجه تمايلت تراشي الصوراألخلص أال تخترا

قال: هذا من بدعه وملحه, أخذه طرفة فقال: تحسن اللحظ عليها نجدة يالقومي

للشباب المسبكر وهنا التفت الشاعر من المخاطب في قوله تحسب – إلى الغائب في قوله:»عليها نجدة« - وأرى: أن في بيت طرفة – هذا – معنى

عميقا يتجلى في وصف لحظ المرأة العفيفة بالفتور واالستحياء حتى لكأن نظرتها تعبر عن طلب نجدة من أذى أو مرض ألم بها.

وينتقل ابن رشيق من الحديث عن االلتفات والحذف إلى شواهد أخرى من خالل أسلوب المحاورة, وابتكار المعاني, وحسن

االستعارة فيقول: ومن محاورات امرئ القيس التي تقدم فيهاوفاق الناس, قوله:

تقول وقد جردتها من ثيابها كما رعتمكحول المدامع أتلعا

البيتان لطرفة بن العبد, وإن كان سياق كالم ابن رشيق على امرئ القيس, القراضة )(1.40ص

من هذه الدراسة. 40انظر ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وعيشك لو شيء أتانا رسوله سواك ولكن لمنجد لك مدفعا

والحق أن الخصائص الفنية في أسلوب امرئ القيس من الجديد الرائع لفظا ومضمونا, غير أن ابن رشيق وهو صاحب الذوق الرفيع والناقد البصير نسي أو تناسي ما يلف المعنى من سقوط خلقي ال

يليق بشاعر فحل كامرئ القيس, ولكنها النفس األمارة بالسوء. ومثل هذين البيتين من سقطان المعاني في شعر امرئ القيس

إذا تعزل وما أكثر سقطاته. قال ابن رشيق: أخذه ابن ربيعة وهو من المشهورين في هذا

المذهب والمجددين فيه فقال: وناهدة الثديين قلت لها: انكي على الرمل من

ديمومة أم تمهد فقالت: على اسم الله أمرك طاعة وإن كنت قد

كلفت ما لم أعود فأين تراه منه وإن كان لم يبق غاية؟؟

وأقول في بيتي ابن ربيعة: إنهما ال يقالن فحشا وتعهرا عن بيتي امرئ القيس. فالجرم أكبر من الشاعر الراوي, لكونهما إسالميان.

وإذا كانت رواية ابن رشيق واستشهاده بمثل هذا الشعر إنما يعني توفر الخصائص الفنية في اللغة لفظا ومعنى ففي االستشهاد

بشعر القدماء والمحدثين ما يغني عن مثل هذا. قال – وما زلنا نتناشد قول ابن هاني: -

إذا ذكرته النفس جاشت لذكره كما عثر الساقيبكأس من الخمر

فنستملحه ونظن انه ابتكره – إلى أن فكرت في قول امرئالقيس:

إذا نال منها نظرة زيع قلبه كما ذعرت كأسالصبوح المخمرا

فعلمت أنه هو الذي فتح له هذا المعنى, وإن لم يكن المعنيان سواء.. والشاعر يورد لفظا لمعنى فيفتح به لصاحبه معنى سواه

لواله لم يفتح. وأرى: أن الشطر الثاني من بيت ابن هاني ال كبير تحته. فأي معنى يمكن أن يفيده المتلقي من تشبيه جيشان النفس بهية

العاشر بكأس الخمر فما أبعد ما بين الحالين, ولكن لعل الشاعر أراد بالعاشر بكأس الخمر من لقيها بين شاربيها بعد طول غياب

وشوق إليهما. ال المعنى األول المتبادر إلى الذهن الذي هو العثرة بمعنى السقوط.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ويمضي ابن رشيق في سرد الشواهد المبتكرة فيورد شعرا لدليل آل المهلب وقد هربوا من سجن الحجاج بن يوسف. من

قوله – أعني دليل آل مهلب - : وقوم هم كانوا الملوك هدتهم بظلماء ال يبدو

بها ضوء كوكب نفر فرار الشمس مما وراءنا وندلج في

داج من الليل غهيب ففتح بقوله هذا »فرار الشمس« ألبي الطيب قوله:

وألقى الشرق منها في ثيابي دنا نيرا تفرمن البنان

قال أبو تمام: دار أجل الهوى من ألم بها في الركب إال

وعيني في منائحها فقوله:»ألم بها في الركب« هو الذي فتح ألبي الطيب قوله:

وقد زعم قوم أنه إنما نظم كالم اإلمام مالك بن أنس رحمة الله تعالى عليه لما دعاه الخليفة فأبى أن يركب الدابة, وقال: ال أركب

في أرض بها جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحق أن أخذ الالحق من السابق. ال يكفي مقياسا لتقديم أو تفضيل شاعر على آخر. فقد يكون الالحق الذي زاد شرفا على

السابق غير الشاعر الذي أورده الناقد ليقوم شعره في ضوء هذاالمقياس.

فهل يستطيع ناقد أن يحصي الشعراء عامتهم في كل زمان ومكان؟! ليعرف أول شاعر سبق وأول شاعر لحق فأفاد وأخذ

وزاد قبل غيره مثل هذا الصنيع يكاد أن يكون ضربا من المستحيل. والحكم بهذا المقياس إنما ينطبق على من أوردهم الناقد في دراسته, ويبقى األمر متعلقا بالسابق األول والالحق األول وما

أصعب الوقوف عليهما. ومعلوم أن مقياس التقديم والتفضيل لشاعر على آخر من أهم

مقاييس النقد عند القدماء والمحدثين من لدن النقد في العصر الجاهلي إلى تطوره في القرنين الرابع والخامس فقد عمرت به مجالس األدباء والنقاد من أعيان الفكر واألدب حتى تجلت قيمة هذا المقياس النقدي »في انقسام األدباء حول تفضيل واحد من

الشعراء على إضرابه من الشعراء اآلخرين, أو تفضيل اتجاه على اتجاه آخر, وكما نعلم فقد اتسمت هذه المحاوالت بالتعليالت

حتى شمل التفضيل تقديم(1)النقدية التي أخذت تتوسع شيئا الشاعر على آخر إما لقوة وجزالة في اللفظ, وإما لقوة وعمق

.28الحركة النقدية على أيام ابن رشيق المسيلي, ص )(1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

في المعنى, أو لسعة في الخيال أو للطف في األخذ, أو النفراد في االختراع واالبتكار.

وكان من التعليالت أنما تحققت من خالل مقياس التفاضل والتقديم حتى أخذ كل تعليل منها يشكل مقياسا نقديا آخر. ولد عند النقاد قضية اللفظ والمعنى وما تبعهما من مقاييس جزئية

أخرى نلحظها في كتب النقد التي تنهج نهج الموازنات والمفاضالت والنظر في النقائض وتلك مسألة سنعرض لها بشيء من التوسع في موضع آخر من هذه الدراسة. وعلى أي حال فإن ابن رشيق

يصدر هذا المقياس معوال كما قال:»على قريحة نفسه ونتيجة . ويختم ابن رشيق هذا(1)خاطره خوف التكرار ورجاء االختصار«

الموضوع في الصفحة الثالثة والخمسين والرابعة والخمسين من القراضة نسخة المحقق بالكالم على أثر السبك واللفظة المفردة

من حيث إصالحها معينا البيت الواحد حتى يكون سببا تصلح به قصيدة كاملة. نلحظ هذا المقياس في إيراده بيت ابن دراج

من قوله: 51القسطلي ص إذا غرب الحادي بهم شرقت بنا نوى يومها

يومان والحين أحيان وفي إيراد بيت ابن مقبل من قوله:

فرقة غير اجتماع ما مشى رجل كما تفرق أهلالشام واليمن

حتى إذا خلص من الموازنة بين هذين البيتين, وما أورد بعدهما من شعر آخر لشعراء آخرين انتهى إلى الحكم بأثر السبك وتأثير

اللفظة فيه. على حد قوله. وقد تناولت. أنا. هذا المعنى ثالث مرات أحدها: لما رأيت قول األعرابي في بعض أناشيد أبي العباس

ثعلب فقلت: غدا تنبت أقراني وتضاعف أحزاني إذا غرنا وأنجد تم فيوم البعد يومان

والثانية: بعد أن رأيت بيت القسطلي فلم أره صنع شيئا للعلة التي قدمت آنفا فقلت كالمستدرك عليه المنبه على تقصيره مع

فضيلته في هذه المصناعة وتقدمه: فارقت بالكره من أهوى وفارقني شتان لكننا في

الود سيان كأنما قد طوال يوم فرقتنا شرقا وغربا

فأمسى وهو يومان وقلت ثالثة:

جـــ تحقيــق محمــد محي الــدين17العمــدة في محاســن الشــعر وأدبــه ونقــده ص )(ــ 1.4عبدالحميد ط

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

يا بعد ما بين ممسانا ومصبحنا والعيس قاطعةميلين في ميل

باتت على رسلها ترمي الفجاج بنا عنكم وعنا بكمأيدي المراسيل

سيرا تزيد به ضعفا مسافته كأنما هوسيرقد بالطول

قال: ومثل هذا قد يقع كثيرا بين المتعاصرين وغيهما لما فيه من الرد على األول. واالستظهار باإلصالح لما أفسد والسالمة من

العيب والزيادة في التمثيل. وقد علمنا أن الكالم من الكالم مأخوذ وبه متعلق والحذق في األخذ على ضروب أنا ذاكر منها ما أمكن

وتيسر إذا ليست هذه الرسالة موضع استقصاء, ال سيما وقد فرغت في كتاب العمدة مما يراد أو أكثره.

وبعد هذه اإلحالة على كتابه »العمدة« ينتقل إلى موضوع آخرمن موضوعات القراضة.

-6- فيحدثنا من خالل طائفة من الشواهد لطائفة من الشعراء عن الموضوعات اآلتية بدءا من الصفحة الخامسة والخمسين وانتهاء

بالصفحة الثامنة والستين على النحو اآلتي: – المعاني المخترعة التي يقال عن أخذها أنه سرقات.1 – التفاضل في زيادة المعنى, والتفاضل في القرائح.2 – الزيادة الصحيحة المليحة.3 – الزيادة الظاهرة.4 – األخذ من خالل اختصار اللفظ.5 – إبراز المعنى وحذف الفضول.6 – األخذ بالشرح والبيان والزيادة.7

ويمضي ابن رشيق في عرض هذه الموضوعات محلال ومناقشا ومفاضال بين عدد من الشعراء مصدرا عن رأي صائب وذوق رفيع

فيقول: »والمعاني التي يقال إنها اختراعات وأخذها سرقات إنما هي المقاصد وترتيبها والطرق إليها هي التي يسمي أخذها سرقة ال

محالة كقول أبي نواس: (1)بنينا على كسرى سماء مدامة مكللة

حافاتها بنجوم فلورد في كسرى بن ساسان روحه إذا ال

اصطفاني دون كل نديم وقوله:

)( مكللة أي محفوفة محاطة, لسان العرب مادة كلل. 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وكأني ما أزين منها قعدي يزينالتحكيما

لم يطق حمله السالح إلى الحرب فأوصىمطيقه أن يقيما

قال:»القعدية طائفة من الخوارج ترى الخروج وتأمر به وال تخرج بأنفسها يزعمون أن منهم عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي اللهتعالى عنهما تزينا به.

وقول أبي نواس أيضا: قد قلت للعباس معتذرا من ضعف

شكريه ومعترفا أنت امرؤ قلدتني نعما أوهت قوى

شكري فقد ضعفا فإليك مني اليوم معذرة جاءتك

بالتصريح منكشفا وكقوله في صفة الكؤوس:

في كؤوس كأنهن نجوم دائرات بروجهاأيدينا

طالعات مع السقاة علينا فإذا ما غربنيغربن فينا

قال ابن رشيق: فإن هذا وأشباهه مما انفرد به كل واحد من الشعراء, وإن كان ذلك قليال جدا ال يكاد يتناوله حاذق إال أن يزيد فيه زيادة تحسنه أو ينقص من لفظه ويستوفي معناه فيكون له

أيضا فضيلة اإليجاز ولذلك تحامي الناس أشياء كثيرة من المعاني أخذت حقها من اللفظ فلم يبق فيها فضله تلتمس والقرائح

تتفاضل. أال ترى إلى قول جميل في صفة امرأة فاجأها: غدا العب في الحي لم يدر أننا نمر وال أرض

لنا بطريق فلما افتجيناه اتقانا بكمه وأعلن من

روعاتنا بشهيق كيف وصف حقيقة الحال حتى صورها تصويرا مع حسن لفظة

وجزالة بنية, ومع ذلك ليس ببالغ قول النابغة: سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته

واتقتنا باليد على أن النابغة أقدم عصرا وأشبه بالفخامة من جميل. وكذلك قول الطرماح يصف أثر لحي الناقة في األرض:

وتوضع مشكوكين ألقتهما معا كوطأة ظبيالقف بين الجعائن

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

(1)لم يبلغ به قول المخبل السعدي يصف دارا مقفرة

وكأنما أثر النعاج بحوها بمدافع الركنيندرع جواد

وقد نقله ابن المعتز على جهته فقال في صفة دار: كأن آثار وحشي الظباء بها درع تخلفها

أظالفها نشق وأنشد أبو عمرو الشيباني في القرموظ من شمر الغضا وهو

كالرمان: وينشر جيب الدرع منها إذا مشت جميل

كقرموظ الغضا الخضل الندى وال أدري هذا الشعر قبل النابغة أم بعده وعلى كل حال فقول

النابغة: يخططن بالعيدان في كل منـزل ويخبآن

رمان الثدي النواهد أجل منه وأجود سبكا وأحسن ديباجة.

وقال الفرزدق: وغد وبعد غد كال يوميهما يبدي لك الخبر

الذي لم تعلم هكذا أنشده برفع »بعد« جعله اسما وقد قصر عن قول طرفة: ستبدي لك األيام ما كنت جاهال ويأتيك باألخبار

من لم تزود ألنه جاء بالتقسيم في بيت.

ومن هنا ندرك أن ابن رشيق في كثير من أحكامه ومقاييسه النقدية من خالل فنون البالغة التي عرضها مجمال. ندرك أنه يعمم

الحكم في الحسن والجودة وعدمها, دون أن يبين وجه الحسن ووجه الجودة والرداءة من خالل الفن البالغي الذي يعرضه, وإنما

يكتفي بقوله: هذا أحسن ألنه جاء بالتتميم, أو ألنه جاء بالتشبيه, أو ألنه جاء

بالتقسيم. والحق أن هذه الفنون إن جاء بأحدها الشاعر في بيته أو في قصيدته فإنه ال يتم له الحسن, وال تتحقق له الجودة حتى يكون

ما جاء به موافقا لنسق النظم من حيث اللفظة المفردة والتراكيب ومن حيث اكتمال المعنى وعمقه. فوظيفة البديع في جميع ألوانه التي درسها البالغيون إنما تنحصر في خدمة اللفظ

والمعنى معا. وبذلك تتبين الفضيلة, وتحصيل المزية.

ــاجر إلى البصــرة1 )( المخبل السعدي بن مالك من بني شماس بن ألي بن أنف الناقة ه عرف بالمخبل المجنون وردت أخباره في األغاني والخزانة واإلصــابة, الشــعر والشــعراء,

.420ص

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فلو بنى الشاعر لفظه ومعناه على االستعارة. مثال. لمجرد التنقل بالكالم من الحقيقة إلى المجاز, أو لحاجه الشاعر إلى لفظة ما في تقويم وزن البيت واستعمالها يملي االستعارة إن

طوعا وإن كرها. فإن هذا العمل الفني ال تتم له الجودة بمجرد هذاالتصرف.

وإنما وراء هذا العمل خصوصية أخرى هي االبتكار. ومن هنا ليس كل تقسيم, »وليست كل استعارة بديعا وإنما ذلك وقف على

وغيرها من فنون البالغة العربية(1)المبتكر المخترع من االستعارة« بديعا أو معاني أو بيان.

قال ابن رشيق: ومما وقعت فيه زيادة أوجبت لصاحبها الفضيلةقول الفرزدق:

كلتا يديه يمين غير مخلفةتزجي المنايا وتسقي المجدب المطرا

أخذه ابن المعتز أخذ الحذاق: فقال في علي والعباس رضي اللهعنهما:

مثل عباس وعلي كيد أخت يد ال تقل يميني ويسرى فهما من أحمد

فزاد هذه الزيادة الصحيحة المليحة. وأقول: إنه على الرغم من حسن البيتين فإنهما دون قول الفرزدق وإن كان يعتد له باألفضلية لسبقه إلى المعنى. ألن

الالحق له متى أخذ منه فال بد من أن يجيد أكثر فإن قصر أو جاد مثله فال أفضلية لالحق على سابق. ومثل هذه الوقفات التي

نذكرها في عرض موضوعات القراضة إنما هي توطئة لما سندرسه بالتفصيل في موضوع المقاييس البالغية والنقدية عند

ابن رشيق في كتابه هذا. ويمضي ابن رشيق في دراسة بقية هذه الموضوعات مما يتعلق

بالمعاني المخترعة وطرق األخذ مرجيا كثيرا من الشواهد التي تبين فضل السابق على الالحق وما استطاع أن يزيده من أخذ من

غيره. ثم يتحدث عن موضوعات أخرى تتعلق بنقل المعنى والصفة

ونقل اللفظ جزءا منه أو بعضه أو جمعه. ويدرس تحت هذا الموضوع الذي يشمل إحدى عشر صفحة من

نسخة المحقق, يدرس جزئيات أخرى ليجعل منها مادة علمية لهذهالموضوعات ومنها:

– التباعد في الصفة والتقارب في الموصوف.1 – التشبيه والتمثيل.2

.489)( الباقالني وكتابه إعجاز القرآن للدكتور عبدالرؤوف مخلوف ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– التتميم والعكس.2 – نقل اللفظ بعينه إلى معنى موصوف.4 – التعريض والكناية واالستعارة.5 – نقل جميع معنى البيت وبعض ألفاظه.6 – اإلجادة لفظا وموازنة.7 – التذييل.8

ويأتي عرض هذه الجزئيات متداخال مكررا فنراه يقوم البيت جودة ورداءة من خالل التشبيه, ومرة من خالل التعريض والكناية,

ومرة باإلجادة لفظا ووزنا, وأخرى بعودة إلى التشبيه أو إلى االستعارة, أو إلى التتميم والعكس... وهكذا.

أي أن منهجه في عرض هذا القضايا يتسم باالستطراد, فال يأخذ في بحث قضية بعينها حتى يستوفي ثم ينتقل إلى أخرى فيسوقها. ولعل عذره في هذه الطريقة لهذا العرض أن كتابه »القراضة« يقوم على عرض نماذج من مختلف أغراض الشعر فتأتي المزية لهذا البيت من خالل حسن التشبيه وتأتي مزية الالحق من خالل كناية أو استعارة أو حسن تصرف في نقل المعنى أو مهارة في

استخدام اللفظ كله أو بعضه. ويبدأ بسرد الموضوع السابق فيجعل أول الحديث منه كالما على أنواع األخذ التي منها نقل المعنى

والصفة, قال كقول عنترة يصف الذباب: هزجا يحك ذراعه بذراعه قدح المكب

(1)على الزناد األجذم

فلم يجسر عليه أحد غير أن ذا الرمة نقل معنى الصفة إلىالجندب فقال:

كان رجليه رجال مقطف عجل إذا تجاوب منيرديه ترنيم

المقطف: راكب الدابة القطوف. فنقل صفة يدي الذباب إلى رجلي الجندب فأحسن األخذ, وكأنه لم يعرض لعنترة في معناه.

وقال السالمي في صفة الزنبور من أبيات: إذا حك أعلى رأسه فكأنما بسالفتيه من

يديه جوامع فباعد عنترة في الصفة وإن قاربه في الموصوف, وتعلق في

اللفظة بصريح إذ يقول في النساء: فغطت بأيديها ثمار نحورها كأيدي أساري

أثقلتها الجوامع ثم يورد ابن الرشيق شاهدا مما ذكره ابن قتيبة, وثم يعقب ببيت

آخر البن الدمينة من قوله: )( األجذم أي الشديد القطع أراد الزناد المقطوع طرفه. 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

إذا سفروا بعد التهجد والسري جلوا من غرابالسن بيض الجوامع

قال: فنقل ابن الرومي معنى هذا المدح إلى الذم فقال فأبدعفي التمثيل والتشبيه:

لك وجه كآخر الصك فيه لمحات كثيرة منالرجال

فخطوط الشهود مختلفات شاهدات أنلست بابن حالل

فاستحقه بعكس إياه, وزيادته فيه, ونقله عن بابه, واستظهارها بحسن التشبيه في اختالف الخطوط وهذا من سحر الكالم.

وهنا نلحظ نقد ابن رشيق يصوبه إلى أربع علل أو أربعة أسبابإذ قال فسحقته:

– بعكسه إياه. أي: عكس المعنى.1 – وزيادته فيه.2 – ونقله عن بابه.3 – واستظهاره بحسن التشبيه في اختالف الخطوط.4

ولكن ابن رشيق ال يوضح مصدر هذه الزيادة في المعنى, أجاءت من خالل عكس المعنى؟ أم من خالل نقله؟ أم من حسن

التشبيه؟ ويظهر من كالمه أن الزيادة إنما تحققت للشاعر من التشبيه غير

أن هذه الزيادة لم يتضح أمرها من خالل التشبيه أيضا هي كائنة في وافقة أركانه أم في أداته أم طريقة استمداد مادته أم نسق

نظمه؟ الحق أن الزيادة إنما في هذا التشبيه من خالل نسق نظمه من

حيث تكامل بذكر مشبه ومشبه به وأداة وقيد. والقيد هنا هو سبب الزيادة وقد فطن إلى بالغة القيد في التشبيه كثير من علماء

البالغة. يقول ابن فارس في »الصاحبي« والتقييد أن يذكر بقرين من بعض ما ذكرنا فيكون ذلك القرين زائدا في المعنى من ذلك أن

يقول القائل: زيد ليث: فهذا إنما شبه بالليث في شجاعته, فإذا قال: هو كالليث الحرب فقد زاد »الحرب« وهو الغضبان الذي حرب

فريسته أي سلبها. قال: ومن المطلق قول امرئ القيس:»ترائبها مصقولة

كالسجنجل«. فشبه صدرها بالمرآة لم يزد على هذا, وذكر ذو الرمة أخرى فزاد في المعنى حتى قيد فقال:»ووجه كمرآة الغريبة

أسجج«.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فذكر المرآة كما ذكر امرؤ القيس السجنجل, وقد زاد الثاني ذكر الغريبة فزاد في المعنى, وذلك أن الغريبة ال يكن لها من يعلمها محاسنها من مساوئها, فهي تحتاج أن تكون مرآتها أصفى وأنقى

.(1)لتربها ما تحتاج. والسجع لين الخد قال ابن رشيق: ومن العكس قول الصنبوري في أمرد التحي:

واسوداد العذار بعد ابياض كابيضاضالعذار بعد سوداد

أخذه من قول ابن الرومي: عدمت سواد العارضين وقبله بياضهما

المحمود إذ أنا أمرد إال أن في قوله:»المحمود« ضربا من االحتياط والتتميم بديعا. ويستقي ابن رشيق شواهد الموضوعات مفاضال ومحلال حتى نهاية الصفحة الحادية والثمانين ما قبل السطر األخير بحسب

نسخة المحقق »الشاذلي بويحي« حجما وعددا. -8-

وفي أول السطر األخير من الصفحة الحادية والثمانين يتحدثابن رشيق عن الموضوعات التالية:

– االتفاق في أخذ القسيمين.1 – السرقة الفاضحة.2 – األقسمة واألبيات المشطورة.3 – االجتالب.4 – التوليد وقد أورده في الصفحة السابعة والثمانين في ضوء5

شاهدين لحمزة بن بيض وللمتنبي. – توافق الخواطر.6 – الموافقات من خالل شعر المناقضة.7

وفي الصفحة الحادية والتسعين يتحدث عن لطف األخذ ويستمر في إيراد الشواهد حتى نهاية الصفحة الرابعة والتسعين.

لينتقل إلى موضوع:»السرقة المغتفرة«, مصنفا هذا الموضوعتحت الجزئيات التالية:

– نظم المنثور.1 – نثر المنظوم.2 – اتفاق الشاعرين من خالل أثر المعاصرة.3 – ما يحصره التاريخ وتقيده األزمنة.4 – قبح األخذ.5

تحقيـق مصـطفى الشـويمي. والمسـائل195,ـ 94الصاحبي ألحمـد بن فـارس ص )(1 الطبعــة82,ــ 81البالغيــة في كتــاب الصــاحبي البن فــارس, للــدكتور فريــد النكالوي ص

األولى.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وفي أول الصفحة السادسة بعد المائة يتحدث ابن رشيق عن موضوع التلفيق واالتفاق في الوصف حتى نهاية الصفحة العشرين

بعد المائة حيث يختم موضوعات القراضة بدءا من الصفحة التاسعة عشر بعد المائة بكالم على السرقة والسلخ.

هذه هي موضوعات »قراضة الذهب« أجملت بعضها, وفصلت بعضا آخر, وسقت كثيرا من شواهد ابن رشيق على كل موضوع

درسه لتتضح الرؤية من خالل هذا العرض. وما لم أذكره ولم أناقشه فهو موضوع الفصل الثاني من هذه

الدراسة. علما بأن ما ذكرته وناقشت بعضا منه في طريقة العرض ال يكفي ذلك في دراسته. فإن هناك من األسباب ما يستدعي

إعادته أثناء الكالم على موضوع الفصل الثاني:»المقاييس البالغية والنقدية في القراضة« الستكمال كثير من الجوانب العلمية التي

توسع في ذكرها ابن رشيق أو اختصرها, أو أورد بعضها دون بعض: وهذا ما سنتبينه في الصفحات التالية:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

الفصل الثانيالمقاييس البالغية

والنقدية في القراضة – المقاييس البالغية – صلتها بمقاييس النقد في القراضة. 1 – المقاييس النقدية – عرضها, شواهدها, مناقشتها في ضوء2

آراء ابن رشيق.

وقفنا على شيء من المقاييس البالغية والنقدية أثناء عرض موضوعات القراضة وناقشنا بعض اآلراء النقدية التي بنى عليها ابن رشيق أحكامه على بعض النصوص التي أوردها في دراسة

هذه الموضوعات. ومن تمام القول في هذه المقاييس أن ندرسها دراسة متكاملة الستيعابها ومناقشتها, والوقوف على مواطن الجودة والرداءة في الشواهد التي كان لها األثر في تكوينها وتكوين شخصية ابن رشيق

البالغية والنقدية, تلك الشخصية البارزة التي مكنت لصاحبها وأمدته بمادة علمية جدية استطاع من خاللها أن يرسم منهجا فنيا

في النقد األدبي في موضوعات القراضة ال يقل أثر وتأثيرا عن آرائه ومقاييسه البالغية والنقدية في كتابه »العمدة في محاسن

الشعراء وآدابه ونقده« وكتابه »أنموذج الزمان في شعراءالقيروان«.

-3- يمكننا أن نتبين المقاييس البالغية التي بنى عليها ابن رشيق

بعضا من مقاييسه النقدية في القراضة وفق ما يلي, وعلى حسب ما درسه في هذا الكتاب:

,18, 17, 16, 15, 14, 13 – التشبيه: ويشمل الصفحات: 125 ,26 ,28 ,75 ,77 ,89 ,80 ,81 ,109 ,112 ,113 ,114. ,110, 98, 75, 47, 22, 21 – االستعارة: وتشمل الصفحات: 2

111 . .24 – التمثيل وبعده ضربا من االستعارة ص 3 .30 – المطابقة: ص 4 .30 – التجنيس: ص 5 .79, 78, 13 – الكناية: ص 6 .49, 35, 34, 33, 31 – المبالغة: وتشمل الصفحات: 7 آخر الصفحة.32 – االحتراس: ص 8 .78 – التذييل: ص 9

.72, 71, 33 – التتميم: ويشمل الصفحات 10 .33 – اإليغال: ص 11

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

.37, 33 – التتبيع: ص 12 .37, 36 – اإلشارة: ص 13 .37 – اإلرداف: ص 14 .38 – اإليجاز: ص 15 .42, 41, 40 – االلتفات: ويشمل الصفحات: 16 .40 – الحذف: ص 17 .42 – المحاورات: ص 18 .62, 61, 60, 59 – التقسيم: ويشمل الصفحات: 19 .72, 71 – العكس: ص 20 .87 – التوليد: ص 21

هذه الفنون البالغية: منها ما هو من فن البيان, ومنها ما هو من فن المعاني كـ »اإليجاز« ومنها ما هو أكثرها وروادا في المقاييس

البالغية التي ذكرها ابن رشيق في القراضة. ولتعليم أن هذه المقاييس البالغية جمعها, لم يدرسها ابن رشيق

دراسة اصطالحية قاعدية تعني بشرح كل فن على حده وتستقصي أقسامه وتفريعاته وشواهده وأمثلته, وآراء العلماء فيه, ولم

يدرسها دراسة جمالية تعني باستخراج أسرار التعبير بالغية ولغة, فإن ذلك لم يكن من الغايات التي نشط لها في تأليف القراضة, ولو فعل لبلغت القراضة – كما قلنا سابقا – أضعاف ما هي عليه

حجما وعددا ولخرج الموضوع من دائرته التي هي بحث يقوم على دراسة بعض النصوص الشعرية وتقويمها من خالل مقياس الخلق

واإلبداع, وإحراز فضيلة السبق للمتقدم, وفضيلة المساواة أوالزيادة للمتأخر.

ومن هنا سندرس طريقة ابن رشيق في عرض هذه الفنون واحدا واحدا متخيرين بعض الشواهد للتحليل والدراسة وألن

استقصار جميع الشواهد التي أوردها في القراضة يتطلب دراسة مستقلة حيث يزيد عددها على سبعين وثالثمائة بيت. وهذا وحده

يتطلب جهدا علميا ال يمكن أن تنهض به دراسة واحدة. ولعلي بهذه الطريقة أستطيع توضيح ما طبقه ابن رشيق من هذه الفنون على أقوال الشعراء الذين استشهد بكالمهم ممن

سلكوا هذه الفنون في تعابيرهم حتى بان من أجلها تفاضلهم في مقياس المعنى قوة وضعفا وجودة ورداءة. ومن هنا سيتبين لكل ناظر مدى اتصال البالغة بالنقد في تقويم األعمال األدبية, ومدى

تأثيرها في صناعة الكالم شعرا ونثرا فالبالغة تشريع لألدب والنقدتحكيم له.

وإذا كان من أبرز الفنون البالغية التي ساقها ابن رشيق في القراضة فن التشبيه حيث شغل ما يقرب من ثالث وثالثين صفحة

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فإن لهذا الفن الكبير أثر في الدرس البالغي والنقدي قبل ابن رشيق وبعده, وسيظل هذا الفن مصدر إمداد للشعراء واألدباء

ويكفي التشبيه شرفا وفضال أن كتاب الله سبحانه وتعالى زاخر بطائفة كبيرة من التشبيهات القرآنية التي حذا حذوها وأفاد منها

أدباء العربية منذ أن نـزل القرآن الكريم وخاطبهم بها. وعلى هذا الفن بنيت دراسات بالغية ونقدية وأدبية, وال يعدم أي

باحث في فنون القول من الوقف عليها واإلفادة منها. ومن بينها ما حرره ابن رشيق في قراضته فما زال قال عن تأثير

التشبيه في تقويم األعمال األدبية؟ طالعنا أول شاهد من شواهد القراضة على التشبيه وأثره من

خالل اللفظ والمعنى في مرثية األمير أبي منصور في البيت الثالث من أربعة أبيات بنى عليها ابن رشيق منهجه في البحث حيث ذكر

أنها من دوافع كتابته هذه القراضة. إذ قال مخاطبا أبا الحسن علي بن القاسم اللواتي:

الله تعالى أنك استحسنت معنى البيتين من مرثيةأغزك»بلغني األمير سيدنا أبي منصور نضر الله وجهه, وهما األخيران من هذه

األربعة األبيات: ألم ترهم كيف استقلوا به ضحى إلى كنف من

رحمة الله واسع أمام خميس ماج في البر بحره يسير

كمتن اللجة المتدافع إذا ضربت فيه الطبول تتابعت به عذب تحي

ارتعاد األصابع تجاوب نوح بات يندب شجوه وأيدي ثكالى

فوجئت بالفواجع وإذا تأملنا هذه األبيات بان لنا التشبيه في أربعة مواضع:

– في قول الشاعر هنا »يسير كمتن اللجنة المتدافع«.1 – »به عذب تحي ارتعاد األصابع«.2 – تجاوب نوح بات يندب شجوه.3 – وأيدي ثكالى فوجئت بالفواجع.4

والمعنى في وصف الجمع المحتشد الذي يسير وراء الجنازة ففي التشبيه األول شبه الجموع المحتشدة بمتن اللجنة بجامع

التداخل واالضطراب والكرة وساق األداة وهي الكاف في»كمتن«.

وفي الثاني شبه أطراف العمائم التي هي »العذب« في حركتها بحركة األصابع في ارتعادها والزيادة قوله »تحكي«.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

من قوله:»تجاوب نوح«(1)وفي الثالث جعل المصدر أداة التشبيه أراد بذلك تشبيه النواح والعويل بصوت من يندب.

وفي الرابع عطف على التشبيه قبله من قوله وأيدي ثكالى. فانظر إلى كيفية ارتعاد أيد الثكالى وقد فوجئت بما يحزن أنها

تتدافع وتهتز وتضطرب في غير ترتيب أو تناسق وإنما حركة في غير توقف وفي غير نظام!!

وهكذا بان حسن هذا الشعر من خالل هذا الفن.. ويتخير ابن رشيق تشبيه ابن المعتز في وصفه الجدول المائي

المتحدر: كفيل ألشجارها بالحياة إذا ما جرى

خلته يرتعش قال:»وليس لفظة من خاص البديع فبعد ذكرها سرقة« يشير ابن رشيق إلى تفنيد من رأى أن أبيات أبي منصور السابقة تعد

من السرقة ال القول المبتكر. كما قومها ابن رشيق وعدها من الشعر المبتكر لصاحبه, وأن من

جاء بعده له حسن اإلتباع كابن المعتز. وفي الصفحة الخامسة عشر يسوق شاهدا آخر على التشبيه

ينسبه مرة إلى عبدالله بن العباس الربيعي ومرة لغيره: من قول الربيعي في وصف البرق:

كأن تقلبه في السما يدا كاتب أو يداحاسب

قال: أراد األصابع ال محالة. ولتقف مع األبيات التالية من شعر الحسن بن أحمد بن المغلس

في ذكر الشمع. كأن الشموع وقد أطلعت من النار في

كل رمح سنانا أنامل أعدائك الخائفين تضرع تطلب

منك األمانا والذي دعا ابن رشيق إلى عد هذه األبيات من القول المبتكر

الجيد إنما هو اعتماد منشئها على فن التشبيه وحسن تناوله في الصياغة فقد شبه أطراف الشموع مشتعلة بالنار بأنامل األعداء على هيئة مخصوصة هي هيئة االرتعاش واالضطراب والخوف.

ومعلوم أنه راعي تلك الحركة في جانب المشبه والمشبه به فإن اإلرعاش والتمايل وتداخل أشعة الضوء من جرم النار متحقق في

ونحــو خــرج)( يستعمل المصدر أداة تشبيه كما قال تعالى: }وهي تمر مــر الســحاب{1 خروج القدح ومرق مرق السهم وطلـع طلـوع النجم, الجمــان في تشــبيهات القـرآن البن

.44ناقيا ص

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

المشبه, وجانب اإلرعاش والحركة المضطربة متحقق في جانب المشبه به وزان هذه التشبيه زيادة في التعبير في نقل الحال التي

تكون عليها الشموع فهي من النار فوق أعالي األسنة. والزيادة في التعبير في نقل الحال والصورة التي تكون عليها

أنامل األعداء وقد خامرها الخوف ولج بها التضرع فراحت تطلب األمان من الممدوح.

قال ابن رشيق أخذ ابن المغلس صيغة هذا التشبيه من ابن المعتز يصف لسان حية وقد أحسن ما شاء في قوله:

ينسل منها لسان تستغيث به كما تعوذ (1)بالسبابة الفرق

والحق أن حسن التشبيه وجماله في بيت ابن المعتز لم يكنلمجرد حسن النظم وتقارب األطراف.

وإنما لمزية أخرى هي قدرة الشاعر على تقريب الصفة وهيئة الحركة في لسان الحية كلما أخرجته للدفاع عن نفسها أو للمس

به فإنها تسله في رفق وعجلة وحركة معا وفي هذه الهيئة وما يقربها من هيئة حركة السبابة حين يرفعها من يستعيذ بالله من

شر داهمه وفاجأه. وهكذا يصنع التشبيه في األسلوب األدبي وبخاصة ممن كان

شاعرا مطبوعا موهوبا كابن المعتز. وال تقل االستعارة عن فن التشبيه حسنا وبيانا وإيجازا فقد عول عليها كثير من الشعراء قديمهم وحديثهم في صياغة المعنى, وعن

من111 – 21فن االستعارة يسوق ابن رشيق الشواهد في ص القراضة ومن هذه الشواهد قول امرئ القيس:

فقلت له لما تمطى بصلبه وأردف (2)إعجازا وناء بكلكل

فاستعار لليل صلبا وأعجازا, وجعله كالجمل البارك. ومن ثم أخذ زهير فقال:

صحى القلب عن سلمى وأقصر باطله وعريأفراس الصبا ورواحله

قال ابن رشيق: وهو من محاسن زهير المشهورة, ومفاخره المعدودة, غير أن أصله من حيث رأيت. يشير إلى أنه من قول

امرئ القيس السابق. فقال:(3)قال: وتناوله منصور النمري

)( الفرق الخوف والفرق الخائف, مختار الصحاح للرازي مادة فرق. 1 )( الكلكل هنا بمعنى الصدر من كل شيء واستعير لليل, لسان العرب مادة كلل.2 منصور بن الزيرقان بن سلمة بن شريك النمري شــاعر من أهــل الجزيــرة الفراتيــة)(ــ 3

كان تلميذ كلثوم بن عمر العتـابي أدرك خالفــة هــارون الرشـيد وفـاز بعطايــاه ومــات فيعهده ترجم له صاحب الشعر والشعراء وصاحب األعالم.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وأهدت له األيام عنهن سلوة وعرى منرحل الصبابة غاربه

فانقلب عليه المعنى والتبس.. والجد قول عمر بن يزيد الشطرنجي:

لقد جل قدر الشيب إن كان كلما بدت شيبهيعرى من اللهو مركب

وجاء الطائي فحرفه بقوله: جعل الصبا جمال وودع راضيا بالهون يتخذ

القعود قعودا وقال أيضا يعني الطائي:

كلوا الضيم غضا واشربوه فإنكم أثرتم بعيرالظلم والظلم بارك

ووجه الحسن والجمال البالغي في هذه الشواهد يتضح من خالل فن االستعارة واشتمال كل نص عليها.

فمعلوم أن استعارة الطب واإلعجاز واألرداف لليل في قول امرئ القيس السابق تعبير صور المعنى وأقره في الذهن من

خالل جعل الليل كالكائن الحي له صلب وله صدر وعجز وأرداف فأشبه الليل الكائن الحي المتحرك.

وتشعر األلفاظ في نسق البيت بالحركة البطيئة التي عبر عنها ثالثة أفعال كلها بصيغة الماضي من: تمطى, وأردف وناء.

ثم في ختام البيت بلفظه ناء معنى لطيف يتناسب مع كلكل الليل الذي هو ’خره. فقد جرت العادة بأن يثقل آخر الوقت على ذوي الحاجة وذلك لبلوغ االنتظار منهم مبلغه, فجاء التعبير بلفظة »ناء« متناسقا مع ذكر آخر الليل, ألن في آخره بطء شديد, وفي

ظالل »ناء« ما يحمل هذا المعنى. أما بيت زهير من قوله:»صحا القلب عن سلمى..« فوجه حسن

االستعارة فيه ما أشار إليه الخطيب القزويني من أن الشاعر »أراد أن يبين أن ترك ما كان يرتكبه أو أن المحبة من الجهل

والغي وأعرض عن معاودته فتعطلت آالته كأي أمر وطنت النفس على تركه فإنه تهمل آالته فتتعطل. فشبه الصبا بجهة من جهات

المسير كالحج والتجارة قضى منها الوطر فأهملت آالتها فتعطلت على جهة االستعارة.(1)فأثبت له األفراس والرواحل«

قال ابن رشيق:»وقول امرئ القيس في وهو ضرب مناالستعارة:

وما ذرفت عيناك إال لتضربي بسهميك فيأعشار قلب مقتل

.157, 156اإليضاح للخطيب القزويني ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

مثل قلبه بأعشار الجزور, وعينيها بسهمين من سهام الميسرولم يعرض له أحد الشعراء.

ويظهر الحسن في هذا التمثيل الذي عده ابن رشيق ضربا مناالستعارة فيما يلي:

– في استعارة سهمي الميسر للعينين.1 – في استعارة أعشار الجزور للقلب المدنف من الهوى.2 – في التعبير بذرف العين عن الوجد وما تعانيه المحبوبة من3

فرط العشق والهيام. – في التعبير ب »تضربي« عن معنى تمكن الحب وتأثيره في4

النفس والروح والجوانح, وقد زان هذا األسلوب البياني أسلوب القصر بما وإال لكأنما قصر األثر على المؤثر, وقصر نتيجة األثر

على المؤثر فيه. وبعد أن يستكمل ابن رشيق شواهد هذه الفنون من تشبيه

وتمثيل واستعارة. يتحدث عن فنين من فنون البديع كالهما بلغا مبلغا كبيرا في جمال التعبير األدبي, ولم يقتصر أثرهما على اللفظ

دون المعنى كما يرى ذلك عدد من البالغيين الذين يعدونهما من الزخرف فينظمونه في المحسنات البديعة اللفظية كما في الدرس

البالغي عند أصحاب المدرسة الكالسيكية. هذا الفنان هما المطابقة والتجنيس, أوردهما ابن رشيق في

خمسة أبيات كلها من شعر امرئ القيس على حد قول ابن رشيق:»ومن باب المجانسة قول امرئ القيس:

على ظهر عادي يحاربه القطا إذ ساقهالعود النباطي جرجرا

ولم يشر ابن رشيق إلى معنى هذا البيت وال إلى موضع الجناسفيه.

أما المعنى: فيصف امرؤ القيس جمله بقوة وسرعة العدو حتى لكأن طير القطا تالحقه وتسابقه ولكن هذا الجمل المسن من قوله: العود كلما هم بالسير رغا وضج وجرجر أي أخرج جرته,

والجرة أن تخرج الدابة شيئا من طعام بطنها فتلوكه ثم تبتلعه ثمتخرجه وهكذا.

وروى البيت ابن رشيق في العمدة بقول امرئ القيس: على الحب ال يعتدي بمنارة إذا ساقه العود

النباطي جرجرا والالحب الطريق الواضح, وال يهتدي بمنارة أي ال تقوم العالمات

الموضوعة عليه بهداية السائر لخلو الطريق منها أو لتهدمها, وسافه بمعنى شمه.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

أما الجناس ففي قوله: عادئ والعود, وعده ابن رشيق في العمدة من باب نفي الشيء بإيجابه, وقال: أنه من المبالغة وليس

وعدد من الجناس قول(1)مختصا بها إال أنه من محاسن الكالمامرئ القيس. أيضا:

فما قاتلوا عن ربهم وربيبهم وال آذنوا جارافيظعن سالما

أما الجناس في البيت األول ففي لفظتي »طمح الطماح« ولظفتي »يلبسني ما تلبسا« وفي الثاني في قوله:»ربهم

وربيبهم«. قال ابن رشيق: والمطابقة والتجنيس أفضح سرقة من غيرهما,

ألن التشبيه وما شاكله يتسع فيه القول, والمجانسة والتطبيق ويضيق فيهما تناول اللفظ. أال ترى أن طرفة أخذ قول امرئ

القيس في صفة جبل فجعله في صفة عقاب, وجعله النابغة في صفة النسور وهو اللفظ والمعنى, ولو تناول شاعر »لقد طمح الطماح« أو قوله:»ليلبسني ما تلبسا« لكان سارقا بل مكابرا

مصالتا. قال ابن رشيق: وكذلك قوله في المطابقة يعني امرئ القيس ك

»مكر مفر مقبل مدبر معا« ال يتناوله أحد على هذه الصيغة إالافتضح.

ومن المطابقة قوله: فإن تدفنوا الداء ال نخفه وإن تبعثوا

الشر ال نقعد إن وجه الحسن في هذه األبيات الخمسة المرئ القيس قد

تحقق من خالل فن المجانسة والمطابقة مما جعل هذه األبيات من قبيل الشعر الذي اختص به ولو حاول شاعر إتباعه في معناه

فإنه ال محالة سيلجأ إلى التعبير بألفاظه نفسها, ألنه ال يمكن لشاعر متبع أن يبني معناه مجانسا ومطابقا بألفاظ أخرى تؤدي

المعنى الذي أدركه امرئ القيس. وهذا من أسرار التعبير بفن التجنيس والمطابقة وغيرهما من

فنون البديع كالسجع وغيره. وقد بين مزية التعبير بمثل هذه الفنون وفضل التجنيس

والمطابقة والسجع بخاصة األستاذ عبدالقاهر الجرجاني في قوله: وعلى الجملة فإنك ال تجد تجنيسا مقبوال, وال سجعا حسنا, حتى

يكون المعنى هو الذي طلبه واستدعاه وساق نحوه, وحتى تجده ال تبغي به بدال, وال تجد عنه حوال, ومن هنا كان أحلى تجنيس تسمعه

.2 جـ 80)( العمدة ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وأعاله, وأحقه بالحسن وأواله ما وقع من غير قصد من المتكلم .(1)إلى اجتالبه, وتأهب لطلبه, أو ما هو لحسم مالءمته..«

ومن هنا ندرك أن هذه الفنون سواء في شعر امرئ القيس أو غيره إنما يكون تأثيرها في المعنى آكد ومتى جاءت بهذه الصورة فإنه يصعب على الالحق فضيلة اإلبداع الختصاص ذلك بالسابق,

وهكذا تصنع فنون البديع في األسلوب األدبي صنع البيان من استعارة وتشبيه.

ولفضل التجنيس على سائر فنون البديع, واتخاذه مقياسا نقديا في حسن التركيب وجمال المعنى وإيضاحه لكل هذه الخصائص

صنف العلماء من البالغيين والنقاد فيه كتبا وجاءوا به أنواعا وأجناسا مختلفات ومتشابهات ومتفقات.

يقول أسامة بن منقذ في كتاب »البديع« : قال أبو عمرو بن العالء: جاء في شعر أبي داود األيادي تجنيس التركيب, والترجيع, والتصحيف, والتحريف, والله العالم هل قصد هذا قصدا أو أتى به

طبقا«. »وفي نقل هذا عن أبي عمرو نظر, فإن اسم الجناس بأقسامه

لم يكن موجودا في زمانه إنما حدث بعده بدهر. فقد ذكر علماء البالغة والنقد أن أول من »اخترع اسم التجنيس

عبدالله بن المعتز, وفي جملة ذلك ابن رشيق, وكان اختراع التسمية من ابن المعتز, وفي جملة ذلك ابن رشيق, وكان اختراع

التسمية من ابن المعتز سنة مائتين وأربع وسبعين أي بعد موت. (2)أبي عمرو«

ويدل على هذه التسمية المخترعة وتطويرها وتعريفها وحصر أقسامها قول ابن األثير:»اعلم أن التجنيس غرة شادنة في وجه الكالم, وقد تصرف العلماء من أرباب هذه الصناعة فيه فغربوا وشرقوا ال سيما المحدثين منهم, وصنف الناس فيه كتبا كثيرة,

وجعلوه أنواعا متعددة فمنهم عبدالله بن المعتز, وأبو علي الحاتم, والقاضي أبو الحسن الجرجاني, وقدامة بن جعفر الكاتب وغيرهم.

وإنما سمي هذا النوع من الكالم مجانسا ألن حروف ألفاظه يكون تركيبها من جنس واحد, وحقيقته أن يكون اللفظ واحدا

والمعنى مختلفا, وعلى هذا فإنه هو اللفظ المشترك, وما عداه فليس من التجنيس الحقيقي في شيء.

وربما جهل بعض الناس فأدخل في التجنيس ما ليس فيه, وذلك نظرا إلى مساواة اللفظ دون اختالف المعنى فمن ذلك قول أبي

تمام: .7 أسرار البالغية ص )(1.331 ص 1 العمدة البن رشيق، جـ )(2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

أظن الدمع من عيني سيبقى رسوما منبكائي في الرسوم

فهذا ليس من التجنيس واختالف المعنى, وهذا البيت هو اتفاق اللفظ والمعنى معا, وهذا مما ينبغي أن ينبه عليه ليعرف.

وقال ابن النفيس في كتاب طريق الفصاحة:»التجنيس يقال حقيقة ومجازا والحقيقي نوع واحد وهو أن يستعمل اللفظ تارة في معنى وتارة في غيره وال يشترط أن يكون ذلك في موضع

مخصوص. وقال التنوخي في األقصى القريب:»التجنيس من أنواع البديع,

ويتعلق بتحسين األلفاظ, وإذا تكلفه المتكلف غير مخل بالبيان اجتمع الحسن والبيان.. وإن أخل متكلفه بالبيان كان البيان أخف منه. وهذا. أعني التجنيس. أن يأتي المتكلم في كالمه بحرفين أو

حرف ثم يأتي بها ثانيا في أثناء الكالم من غير أن يكون بينهما بعد بحيث ينصرف فيه الذهن عن األول.... إلى آخر ما ذكره

. (1)التنوخي« ولم يستقص أولئك العلماء هذا الفن وفق هذه الدراسات التي

بين أيدينا إال لما أدركوه من أثر محمود يحدثه هذا الفن في تضاعيف العبارة األدبية من شعر ونثر.

وعلى الرغم من توسع ابن رشيق في دراسة الجناس وإيراده له أنواعا كثيرة في كتابه العمدة ودراسته له دراسة فنية نقدية اكتفى

بعد من شواهد في القراضة. وكان من األفضل ومن تمام المنفعة لوضوح الرؤية النقدية في

كالم الشعراء الذين استشهد بشعرهم في القراضة. كان من تمام القول أن يورد طائفة من األشعار على كل لون من ألوان هذا

الفن. كالمماثلة, والترديد, واالشتقاق, والمضارعة, المشاكله,

والتصحيف, والتجانس المنفصل, والتجنيس المضاف, والمزجة, والطباق.

تلك التفريعات التي فاض القول فيها والكالم عليها في كتابهالعمدة محلال ومناقشا وناقدا ومضيفا.

ولعل عذره في االجتزاء بشيء من هذا اللون البديعي. أعني الجناس واالكتفاء بالقليل من شواهده في القراضة توسعه فيه

واستقصاؤه لجميع فنونه في كتابه العمدة. بقي أن نطل على توجيهه لهذا اللون في تضاعيف نقده في

القراضة من خالل فن التجنيس.

.288جنس الجناس للسيوطي تحقيق الدكتور محمد علي رزق الخفاجي ص )(1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ال يكاد يتعدى ابن رشيق القول عن الشاهد الذي يسوقه في القراضة هذا حسن جيد, وهذا دون األول, وهذا فيه زيادة حاز بهاالشاعر قصب السبق.

ولكنه لم يتخذ من هذا الفن معايير دقيقه يمكن أن يوزن بها العمل األدبي للشاعر والناشر فيقول مثال: هذا متكلف الجناس,

وهذا رديئة وهذا من تمام البيان, وهذا االستعمال من قبيل الحقيقة وهذا من قبيل المجاز.

فإن هذه المعايير قد أخذ بشيء منها في كتابه العمدة. كمااتخذها نقادا آخرون قبله وبعده.

وعلى هذا فإن طريقته في عرض هذه المقاييس البالغية من خالل الفنون البالغية التي أوردها في القراضة قد نحت طريقة

اإليجاز االكتفاء بقوله هذا حسن وهذا قبيح وهكذا.. وفي الصفحات الثالثة والعشرين, والثامنة والسبعين, والتاسعة والسبعين. يسوق ابن رشيق عددا من األبيات لعدد من الشعراء

تضمنت لونا بيانيا هو الكناية. ويكفي أن نورد من هذه الشواهد قول بشار بن برد يخاطب

عشيقته: فإذا خلونا فادخلي في الحسن إن

الحسن أحمر أورد صاحب اللسان هذا البيت بلفظ:

فإذا ظهرت تقنعي بالحمر إن (1)الحسن أحمر

وال شك أن رواية صاحب اللسان أقرب وأكد في أسلوب الكناية. قال ابن رشيق: رواه بعضهم:»في الحمر إن الحسن« وكال

القولين إنما يراد به الثياب وفي قوله: الحسن أحمر ثالثة أقوال: أحدها أن فيه مشقة ال ينال إال بعدها كما يقال:»الموت األحمر«

لما يراق فيه من الدماء, وكأنه كناية عن القتل. وقول ثان إنه أراد به ظهور الدم في الوجه.

والقول الثالث الحمرة المعروفة ألنها أشهر األلوان وأكثر موافقة لكل من لبسها, وليس غيرها من األلوان كذلك.

هذا التحليل لهذا اللون البالغي الذي هو كناية في قول بشار من األسلوب ذي النظرة األدبية الفاحصة عند ابن رشيق, فقد درس

الكناية في بيت بشار من جانبين: جانب نقدي وجانب بالغي, وهذا يعني أن البالغة صنو النقد في تقويم األعمال األدبية.

.209 ص 4)( لسان العرب مادة حمر جـ 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ويبقى بعد ذلك قوله: إن بشارا نقل هذا المعنى الكنائي من قول الطريس بن عبدالله يذكر أن دما كان لهم في األزد فأدركوا

بثأرهم: قضنا شريكا دينه كان عندنا بني عامد

والحسن يوصف أحمرا أقول إن هذا النقل لم يأت إال من خالل التعبير بالكناية من قول

الطريس »والحسن يوصف أحمرا«. ولكن على الرغم من أن »الطريس« هو السابق فإن استعمال بشار للكناية هنا أجمل وأوثق بالمعنى. لقرب الصلة بين المعنى

المراد وبين الكناية عنده فيما استعملها فيه. فبيته في الغزل والغزل هو ذلك الغرض الشعري الذي يفيض فيه األدباء من

الشعراء عن معان الهيام وفرط الصبابة والتهالك على ما يوصل إلى الغاية من الحب مهما كان نوعه.

وفي هذا من المشقة ما يحمل الشاعر غير الشاعر على ركوب األخطار والمهالك في سبيل الوصول إليه ولو كان ال يبلغه إال عنطريق حتفه.

أما استعمال هذا األسلوب الكنائي في بيت »الطريس« فإنه استعمال في من الفخر قد يؤدي الشاعر معناه بأي أسلوب بياني

آخر تكون الصلة فيه بالمعنى أوثق كاالستعارة أو التشبيه. ومن هنا يكون السر الجمال في استعمال الكناية عنده إنما هو األفضلية في أسلوب الكناية لكونها أبلغ من التصريح. الضد أكثر

خطورا بالبال وأكد في الداللة على المعنى المراد. وكلما أصاب الشاعر في استعمال الفن البياني كما في بيت بشار. كلما كان شعره مما يختار ويحفظ, وإلى هذا المقياس

النقدي أشار ابن قتيبة قائال: »وليس كل الشعر يختار ويحفظ على جودة اللفظ والمعنى, ولكنه قد يختار ويحفظ على أسباب منها اإلصابة في التشبيه,

.(1)وخفة الروي وغرابته في معناه« وقد أصاب بشار في استعمال الكناية أكثر من إصابة

»الطريس« لما ذكرت. ومن أجود المقاييس البالغية التي درسها ابن رشيق في تقويم الشعر مقياس المبالغة ذلك الفن البالغي الذي ساقه في خمسة عشر بيتا نكتفي بذكر شيء منها من شعر امرئ القيس غيرها.

قال ابن رشيق: ومن باب المبالغة قول امرئ القيس يصف حليامرأة:

نشر دار الثقافة ببيروت الطبعة الثانية. 29الشعر والشعراء البن قتيبة ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

كأن على لباتها جمر مصطل أصاب غضاجزال وكف بأجزال

وهنا تبين قدرة ابن رشيق في توجيه النقد من خالل فن المبالغةإذ يقول:

»فذكر الجمر وشبه به الحلي ثم ما كفاه إلى أن جعله جمرا غضا وهو أبقى ثم جعله جزال ليكون أشد لوقوده وأعظم لنوره.

وإن كان أراد به الكثير من قولهم:»عطاء جزل« فقد جعلته مختارا, ألن من وجد شيئا كثيرا اختار أفضله ثم جعله مكفوفا

باألجزل حوله. وهي أصول الشجر زيادة في المبالغة, وقوله جمر مصطل ألنه يقلب الجمر فتظهر حمرته. وهذا نهاية. وقد أخذه

النابغة فقال: يضيء الحلي في اللبات منها كمثل

الجمر بدد في الظالم. فأجاد إال أنه دون امرئ القيس لما في مبالغته من اللبس.

انتهى كالم ابن رشيق. ورأي أن تحقق المبالغة في بيت امرئ القيس لم يأت. فقط.

من حسن استمداد التشبيه, وحسن تأليفه بهذه اإلضافات الوصفية فالمشبه به الذي هو »الجمر« مقيد بأنه جمر مصطل, وجمر غضا,

ويكف باألجزال من أصول الشجر. ألن مثل هذه اإلضافات الوصفية قد تحققت في قول النابغة,

فالمشبه به الجمر موصوفا بتبديده في الظالم, وفي ذلك معنى الكثرة ومعنى تلون اللمعان من خافت إلى مشتعل إلى مضيء.

وعلى هذا فالشاعران متساويان في حد المبالغ. وإنما الذي أوجب الزيادة فيما المرئ القيس سبقه, وقدرته على

تخير األلفاظ والوزن, ألن بيته من الطويل وهذا البحر العروض يمكن التصرف في التعبير بواسطته لطول نفسه.

أما بيت النابغة فمن البحر الوافر وذلك بحر قصير النفس ال يستوعب الشاعر من خالل األوصاف الدقيقة, وال يجيد النظم عليه بهذه السعة إال الفحول من الشعراء كالنابغة فقد درك شأو امرئ

القيس في هذا المعنى. وأرى أن ابن رشيق في توجيه نقده وإصدار حكمه في كثير من مقاييس النقد التي درسها في القراضة ناقد منصف عادل يتحكم

إلى ذوق فطري سليم, وإلى نظرة صائبة متأنية. فتراه يقول في كثير من إبداء آرائه حول الشاعر الالحق إذا أخذ

من السابق فقصر: »وال أراه قال شيئا«, »وقد فات عليه ما أدركه غيره«, »وهو

دون األول في اإلبانة عن المعنى«.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ويقول عن الالحق متى أجاد: أخذ المعنى وزاد فيه«, »أخذ المعنى بلطف«, »زاد زيادة»

حسنة ما شاء«. وهذه العبارات وما أشبهها في توجيهات النقد عند ابن رشيق دليل على تحكيم الذوق والدقة في النظر وإحالة الفكر في تقويم العمل األدبي, وإن كانت هذه المقاييس التي عرض لها

في القراضة أغلبها ال يتأتى من خالله النظم المستديم الذي يستوعب النظر الفاحصة إجماال وتفصيال كما يتطلبه النقد

الموضوعي الذي ينظر في النص األدبي مستوعبا جميع الخصائص الفنية فيه فيدرس ألفاظه وتراكيبه ومعانيه وخياله وعاطفته,

وشخصية قائله, وبيئته زمانا ومكانا ونفسيته ومكانته من علومالعربية وأدبها.

ودليل ما أشرت إليه من توجيه نقد ابن رشيق قوله: وقال امرؤ القيس قبل هذا البيت. يعني بيته السابق. قال من الطويل:

يضيء الفراش وجهها لضجيعها كمصباحزيت في قناديل ذبال

قال: فتناوله الناس إلى أن بلغ إلى عبدالله بن المعتز فقالوصرفه إلى الثغر:

ألثمه في الدجى وبرق ثناياه يرينيمواضع اللثم

فما قصر في حسن اإلتباع وتلطيف األخذ والتصرف في القول. وفي آخر الصفحة الثانية والثالثين يتحدث ابن رشيق عن

»االحتراس« ذلك الفن البديعي الذي يدل على حذق الشاعر المبدع, وقدرته على تلخيص معانيه والمحافظة عليها من علل

النقد وأحكام النقاد. وقد درس ابن رشيق فن »االحتراس« من وجهة نظر نقدية فأدرج تحته لونين آخرين من صنوف البديع هما:»التتميم في

الصفحات: الثالثة والثالثين, والحادية والسبعين, والثانية والسبعين. والتتبيع في الصفحتين الثالثة والثالثين والسابعة والثالثين من

»القراضة« ودليل تقسيم االحتراس عنده إلى هذين الفنين قوله: »وهو الذي. يعني امرؤ القيس. نتق للشعراء هذا الفن. يعني

المبالغة. وافتنوا فيه ونوعوه فجاءوا بـ»االحتراس« وغيره فقالطرفة: فسقى ديارك.غير مفسدها. صوب

الربيع وديمة تهمي وقال آخر:

إذا الله أسقى دمنتين ببقعة مناألرض سقيا رحمة فسقاهما

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وقال أبو الطيب: صلى اإلله عليك غير مودع وسقى ثرى

أبويك صوب غمام قال: ومن هذه المبالغة قول امرئ القيس في »التتميم

واالحتراس«. سماه تتميما واحتراسا. كأن عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا

الجزع الذي لم يثقب قال: تناوله زهير فقال:

كأن فتات العهن في كل منـزل نـزلن بهحب القنا لم يحطم

وهو كثير جدا في شعر امرئ القيس – قال: ويسمي أصحاب البديع ما كان مخصوصا من هذا النوع بالقافية:»اإليغال والتتبيع,

وما كان في أضعاف البيت: المبالغة والتنسيم. وقد تبين هنا أن ابن رشيق درس فن االحتراس والتتميم والتتبيع واإليغال من خالل فن المبالغة, واستمد هذه الفنون منها. وكذلك

شأنه في فن »اإلشارة« فقد ذكره في الصفحة السادسة والثالثين والسابعة والثالثين واستمده من التتبيع وكذلك الشأن في اإلرداف

استمده من اإلشارة حيث قال: ومن باب اإلشارة قول امرئ القيس يصف ربئة ربالهم:

يرفع رأسه وساتره(1)وظل كمثل الخشفمثل التراب المدقق

وجاء خفيفا يسفن األرض بطنه ترى الترابمنه الصقا كل ملصق

فقوله:»الصقا كل ملصق« هو اإلشارة وهو نوع يسمى »التتبيع«وقوله:

ويضحى فتيت المسك فوق فراشها نؤمالضحى لم تنطق عن تفضل

فقوله:»فتيت المسك« يدل على أنه متملكة, وكذلك قوله:»نؤوم لضحى« وقوله:»لم ينطق عن تفضل« أي من

النطاق. يعني أنها مخدومة مكتفية المؤونة فقد أتى في هذا البيت بثالث إشارات كلها تتبيع, ترك الصفة وأتى بما يدل عليها وبعضهم

يسمي هذا النوع بـ »اإلرداف«. وأرى أن ابن رشيق في دراسة هذه الفنون. أعني.: المبالغة التي استمد منها »االحتراس« واستمد من االحتراس التتميم,

ــد أن1 )( الخشف: بفتح الخاء وسكون الشين ويضم الحاء أيضا ذباب أخضر, والضــبي يعــف جـ ص9يكون جداية, والخشف يفتح الحاء أيضا المر السريع: لسان العرب مادة خش

69 ,70.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

والتتبيع, واإليغال, واإلشارة, واألرداف.. أرى أنه لم يبعد في نظرته إلى هذه الفنون حين بنى عليها مقياسا نقديا فإنها ذات مصب

واحد إال ما كان من اإليغال فإنه فن أكبر أثرا من المبالغة, ودونه في األثر والتأثير في المعنى ما كان من قبيل التتميم والتتبع

واالحتراس واإلشارة. فكان حق هذا الفن. أعني اإليغال. أن يفرد بعدد من الشواهد

فشأنه في التأثير شأن المبالغة بل هو أكبر, ولعله راعى في هذه النظرة جانب االختصار فقد درس هذا الفن بمزيد من التفصيل

واالستقصاء في كتابه »العمدة« فإنه يحيل عليه في كثير منموضوعات القراضة.

ومن بين الفنون البالغية التي اتخذها ابن رشيق مقياسا نقديايزن به قيمه النص فن اإليجاز.

ومعلوم لدى البالغيين والبلغاء والنقاد قيمة هذا اللون البياني في البالغة العربية حتى جعل الكثيرون ممن يحثوا في علم البالغة

تعريفا لها فقالوا:»البالغة اإليجاز« يقول أبو هالل العسكري:»قال الهندي البالغة وضوح الداللة, وانتهاز الفرصة, وحسن اإلشارة«.

قال عبدالله بن عتبة: البالغة دنو المأخذ وقوع الحجة.. وقليل من كثير... وقال بعض الحكماء: البالغة قول يسير يشتمل على معنى

خطير, وهذا مثل قول اآلخر: البالغة حكما تحت قول وجيز البالغة علم

كثير في قول يسير قال: وقد قيل لبعضهم: ما البالغة؟ فقال: اإليجاز, قيل وما

.(1)اإليجاز؟ قال: حذف الفضول وتقريب البعيد: واستدل كل من ذهب من األدباء مذهب أبي هالل في تحديد معنى البالغة وأن من هذا التحديد »اإليجاز« واستدل كل منهم

بشيء كثير من جيد المنظوم والمنثور من كالم العرب وجعل كل رسولمنهم في الذروة شواهده كالم الله سبحانه وتعالى وكالم

صلى الله عليه وسلم. الله غير أن أبا هالل أغفل أولئك األعالم »فلم يجهد نفسه في

ويكفي بلفظة »قالوا« ومن قولهم في ذلك,(2)التعرف عليهم« وقال الهندي وقال العربي..«.

وإذا وقفنا على ما أورده ابن رشيق عن فن »اإليجاز« في »القراضة« وجدنا الشاهد المتخير ولمسنا ما يدل على حذقة الفن

األدبي ناقدا ومحلال عالوة على ما درسه عن هذا الفن في كتابه

الصناعتين ألبي هالل العسكري تحقيق علي البجاوي ومحمد أبي الفضل إبراهيم ص)ـ( 122 ,43 ,179 .

.3 ط 117أبو هالل العسكري ومقاييسه البالغية والنقدية ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

»العمدة« ومن ضمن هذه الدراسة قوله عن اإليجاز:»اإليجاز عند الرمان على ضربين: مطابق لفظه لمعناه ال يزيد عليه وال ينقص عنه كقولك:»سل أهل القرية« ومنه ما فيه حذف لالستغناء عنه

في ذلك الموضع كقول الله تعالى: }واسأل القرية{ وعبر عن ..(1)اإليجاز: بأنه العبارة عن الغرض بأقل ما يمكن من الحروف

ويستقصي ابن رشيق ما يتصل بهذا الفن في كتابه العمدة فيألكثر من موضع.

وبهذا الذي ذكرت عن اإليجاز في بعض آثار البالغيين وبخاصة ما درسه ابن رشيق يتبين منهجه في دراسة هذا الفنون البالغية على الوجه الذي أشرت إليه في أكثر من موضع من هذه الدراسة, وأنه إنما أوردها في القراضة ليقوم من خاللها بعض مناحي القول في

هذه األشعار التي استشهد بها. فماذا عن تأثير اإليجاز في األشعار التي قومها بواسطته؟ أورد ابن رشيق تسعة أبيات من الشعر لعدد من الشعراء وهم: امرؤ القيس, عبده بن الطيب, كثير عزة, قيس بن ذريح, وأشار إلى

آخرين يقوله: كقول اآلخر. ونجتزئ من هذه الشواهد بيت كثير عزة, ألنه سبق الكالم على

.(2)شواهد اإليجاز في عرض موضوعات القراضة من الدراسة قال ابن رشيق: وقال كثير:

ونفس إذا ما كنت وحدي تقطعت كما انسلمن ذات النظام فريدها

البيت في معنى الشوق والتبريح والهيام وذكر األحبة, وكل هذه المعاني مصدر عطاء ثر يمتاح منه الشعراء تعابيرهم ومعانيهم في

التهالك على الصبابة. وهنا يصف كثير نفسه وقد ذهب بها الهوى كل مذهب, وصار في وحدة وبعد من عزة تلك التي ملكت عليه مشاعره حتى عرف بها

في شعره الغزلي فقيل كثير عزة. يرى ابن رشيق إن البيت مما أخذه كثير من شعر امرئ القيس

من قوله: أفاطم مهال بعض هذا التدلل وإن كنت قد

أزمعت قتلي فأجملي واإليجاز في البيت هنا من قبيل إيجاز القصر الذي هو التعبير

بالنكرة في قوله: ونفس ثم وصفها بقوله: تقطعت, وفي التعبير بصيغة الفعل هنا معنى لطيف يكمن في تقطع هذه النفس بصورة

. 250العمدة البن رشيق ص )( 1 من هذا البحث.43, 42, 41)( انظر ص 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

حسية ملموسة مع أن النفس مما ال يدرك بالحواس وفي هذهالصورة يذهب الخيال كل مذهب.

ثم في تشبيه هذه الصورة بمشهد انخراط حبة العقد المنظوم وقد تناثرت حباته بمرآى من صاحبته التي تصونه وتحافظ عليه معلوم أن من خصائص التشبيه في العبارة األدبية اإليجاز ففيه التقريب بين أجزاء المشبه والمشبه به حتى تأنس به النفس

بسبب إخراجها بواسطته« من خفي إلى جلي كاالنتقال مما يحصل لها بالفكرة إلى ما يعلم بالفطرة, أو بإخراجها مما لم تألفه إلى ما

ألفتته, أو مما تعلمه إلى ما هي به أعلم كاالنتقال من المعقول إلى المحسوس.

يكفي في تحقق اإليجاز من خالل التشبيه قول ابن األثير:»إن .(1)التشبيه يجمع صفات ثالث: المبالغة البيان واإليجاز«

وهذا كله من أسرار اإليجاز الذي سلكه في التعبير عن معناه كثير عزة. ولم يشر ابن رشيق إلى مكانة هذا البيت من بين تسعة

أبيات ساقها لعدد من الشعراء قبل بيت كثير وبعدها وكلها من شواهد اإليجاز ويظهر أن بيت كثير في نظر دونها جميعا.

على حد قوله في بيت لمجنون ليلى:»أخذ المجنون – يعني من بيت امرئ القيس – وهو أي المجنون أولى به أي بيت امرئ

القيس. وأرى أن بيت كثير أولى ببيت امرئ القيس من المجنون وغيره

ولكن األمر هنا يخضع للذوق والفطرة وال مشاحة في الذوق. وفي عدد من صفحات القراضة يسوق ابن رشيق ما يزيد على

ستة عشر بيتا يجعل منها مقياسا نقديا مبنيا على فن التقسيم, ذلك اللون البديعي الذي جوز به الشاعر والناثر الفضيلة والسبق

متى أحسن وأحكم الصياغة. كقول طرفة بن العبد: ستبدي لك األيام ما كنت جاهال ويأتيك باألخبار

من لم تزود قال ابن رشيق قصر عنه الفرزدق في قوله:

وغد وبعد غد كال يوميهما يبدي لك الخيرالذي لم تعلم

ألن طرفة جاء بالقسيم في بيت. قال ومما وقعت فيه زيادة أوجبت لصاحبها الفضيلة قول

الفرزدق: كلتا يديه يمين غير مخلفة تزجي

المنايا وتسقي المجدب المطرا

.17 وبغية اإليضاح لعبدالمتعال الصعيدي ص 10اإليضاح للخطيب القرويني ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ويعني ابن رشيق – بالزيادة هنا – الوصف المعنوي لليدين فهما ال يخلفان وقت عطائهما من قوله:»غير مختلفة«.

قال: أخذه ابن المعتز أخذ الحذاق فقال في علي والعباس رضيالله تعالى عنهما:

مثل عباس علي مثل عباس على كيد أختيد كيد أخت يد

ال تقل يمنى ويسرى فهما منأحمد

فزاد هذه الزيادة الصحيحة المليحة: يشير إلى أن عليا وأخاه العباس أبناء عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تأثر أبو

عطاء وخلقا.ومن التقسيم الجيد الذي أورد شواهده ابن رشيق قول طرفة بكتائب الجيش حولك جانبيه كما نفضت

جناحيها العقاب فطار في السماء مع العقاب, وترك طرفة في األرض على

التراب. وشواهد التقسيم في القراضة كثيرة اكتفيت منها بما يمكن أن

يغني عن مثله. وهناك صنفان من أصناف البديع هما:»العكس«و »التوليد«.

ناقش ابن رشيق الصنف األول الذي هو العكس حيث جعل منه مقياسا نقديا استحق به الشاعر الالحق فضل الزيادة في المعنى

ونقله واستظهاره. ويتضح هذا النقد من خالل قول ابن الرومي:

لك وجه كآخر الصك فيه لمحات كثيرةمن رجال

فخطوط الشهود مختلفات شاهدات أنلست بابن حالل

قال: فاستحقه بعكسه إياه, وزيادته فيه, ونقله, واستظهاره بحسن التشبيه في اختالف الخطوط وهذا من سحر الكالم.

ويظهر أن تسديد هذا النقد لهذين البيتين في القراضة إنما مردة الذوق وباعثه النقد الجزئي الذاتي الذي يوافق هوى في النفس

يبعث على االستحسان. وإال فأين سحر الكالم في تشبيه وجه الممدوح بآخر الصك على

أنه يلحظ في البيتين شيء من االبتذال في التعبير من قول ابن الرومي:»أن لست بابن حالل« فقد أراد أنك رجل ال تؤتي من

ضعف, وهذا الكالم بهذا الكالم بهذا المعنى يعد صفة مدح, فإنأراده صفة ذم لغرض القصيدة فهو مبتدل.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

قال ابن رشيق: ومن العكس قول الصنوبري في أمرد التحى: واسوداد العذار بعد ابيضاض كابيضاض العذار

بعد اسوداد أخذه من قول ابن الرومي:

عدمت سواد العارضين وقبله بياضهماالمحمود إذ أنا أمرد

إال أن قوله »المحمود« ضربا من االحتياط والتتميم بديعا. وقال عن التوليد: وربما تناول الشاعر إن معنى شاعر متقدم

يمدح الفيض:(1)ليولدا منه معنى محدثا فاتفقا كقول حمزة بن بيض والئمة المتك يا فيض الندى ومن ذا الذي

يثني الغمام عن القطر تناوله أبو الطيب والسري في وقت واحد وممدوحهما واحد فقال

أبو الطيب في سيف الدولة: وما ثناك كالم الناس عن كرم ومن يرد طريق

العارض الهطل وقال السري الموصلي فيه أيضا:

هو الغمام فهل تثني صواعقه وهل تسدعلى شؤبوبه السبل

بعد أن ساق ابن رشيق هذه األبيات اكتفى بتوجيه نقده بأنها مما يتفق فيه الشاعران في األخذ من الشاعر الذي تقدمهما زمانا

وحفظهما في هذا األخذ هو التوليد. وبهذا يتضح أن أبا الطيب والسري الموصلي لم يكن لهما سوى التوليد من معنى حمزة بن بيض يمح الفيض بيته السابق:»والئمةالمتك يا فيض في الندي... الخ«.

والذي أراه أن بيت المتنبي ال يقل في قيمته الفنية عن بيت حمزة ألن المتنبي ابتدأ بنفي رد الممدوح من لدن الئمه في

أسلوب الكرم, وأن هذا اللوم لم يصدر من واحد من الناس أو واحدة وإنما من الناس قريبهم وبعيدهم على حد قوله:»وما ثناك

كالم الناس عن كرم«.. غير أن تعبير المتنبي في شطر البيت من قوله:»ومن يرد طريق

العارض الهطل« تعبير نقضت من معناه لفظة »العارض« ألن السحاب العارض ليس كالغمام عطاء ونفعا لعامل الكثيرة في هذا

ونقصه في ذاك.

)( ترجم له صاحب األغاني بما نصه:»حمزة بن بيض الحنفي شاعر إسالمي من شعراء1 الدولة األموية خليع ماجن من فحول طبقته كان كالمتقطع إلى آل المهلب بن أبي صفرة وأوالده ثم إلى إبان بن الوليد وبالل أبي بردة واكتســب بالشــعر من هــؤالء مــات عظيمــا

وما بعدها.202 ص 16مات لم يدرك الدولة العباسية األغاني ألبي الفرج جـ

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

أما بيت السري الموصلي فأرى أنه دون بيت حمزة بن بيض, ودون بيت المتنبي للتعبير بلفظة »صواعقه« عن كثرة العطاء. ومعلوم آن السحاب متى خالطه صوت الرعد وصدر عنه فال

يرجى منه المطر كما يرجى من السحاب الحامل بالماء من غير برق ورعد, وذلك لما لهذه الظواهر الطبيعية من أثر تبديد المطر. ومن هنا يمكن القول: بأن طريقة ابن رشيق في تسديد مقياسه النقدي من خالل فن »التوليد« تسديد بخضع للعقل العاطفي – إن

صحت العبارة -. ومعلوم: أن العاطفة ال تصدر عن حكم أو رأي نقدي إال وقد

انساقت وراء العمل األدبي لسبب من األسباب أدناها تذوق النص. والعاطفة والذوق كالهما مقياس »تتفاوت درجاته حدة ورقة

وشدة وضعفا من إنسان إلى إنسان«. وأفكار األديب في إطاره من الشعر أو النثر, منها ما يكون

مصدره العاطفة فيملي على الناقد رأيه من خالل ما يتوافق مع عاطفته و ذوقه.

ومنها ما يكون مصدره العقل في إنشاء القيم والمثل العليا. فالعقل هو الذي يبحث وينقب ويفحص عن األشياء, ويغوص في استكناه حقائق الحياة واألحياء, والبحث عن منشئها, وما يعتريها

من العلل واآلفات, وأسباب الصحة والسقم, والقوة والضعف, وما .(1)يترتب عليها من الغناء أو البقاء

وكلما ذكر الناقد مقياس »اإلبداع واالختراع واتفاق األخذ من هذا البديع المخترع فإنه يسبق إلى الذهن معنى التقليد ومعنى

ويبقى الحكم بالجودة والرداءة رهن العقل المتبصر,(2)التولد« ورهن الذوق الرفيع السليم, ورهن اإلنصاف فقد يكون المحتذي

فوق درجة المبدع المخترع لزيادة في المعنى أو لحسن في الصياغة فما قصر الله المعارف اإلنسانية على عصر دون عصر,

وال على فئة من الناس دون فئة.. ولسوف توقفنا جهود ابن رشيق في عرض آرائه النقدية في

القراضة وإصداره الحكم النقدي من خالل مقاييسه التي وازن بها بين نص شاعر وشاعر – ستوفقنا على كثير من األحكام التي

يكون مصدرها العقل حينا أو العاطفة وتذوق النصوص حينا آخر.وهذا ما سندرسه في الصفحات التالية.

-2- وقفنا في الفصل األول من هذه الدراسة, وفي النصف األول من

هذا الفصل على تتبع بعض المقاييس التي بنى عليها ابن رشيق .13, 12السرقات األدبية ص )( 1المصدر السابق بتصرف. )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

من أصول مقاييسه النقدية, وعرضت الدراسة فيما مر ذكره لعدد كبير من الشواهد الشعرية التي قومها ابن رشيق من خالل آرائه

ومقاييسه النقدية في القراضة. وجاء نقده للشعر الذي أورده نقدا برصد خطي الشعراء ويدلل على المعاني التي يقتبسونها,

واألساليب التي يتعاورونها, واألنماط التي يحتذي فيها بعض أثر وجاءت أحكامه في أغلب األحيان أحكاما عامة تعتمد على(1)بعض«

النظرة األولى في النص األدبي من خالل بعض الخصائص الفنية التي يتميز بها هذا البيت عن هذا البيت.

ولذلك كثيرا ما يقول: وقد زاد هذا الشاعر زيادة حسنة, وزاد هذا الشاعر زيادة أوجبت له الفضيلة والسبق, وزاد هذا الشاعر

وأحسن ما شاء. وعلى الرغم أنه غير خاف على ابن رشيق ما لعالقة البيت الذي يورده بما قبله وبما بعده من صلة ذات خصوصية فنية سواء عن

طريق ارتباط المعنى بسابقه أو الحقه, أو عن طريق صلة الصورة المجسدة لهذا المعنى أو ذاك من صلة تؤلف بين الشاهد التي

يعرض الشاعر معانيه من خاللها سواء كانت الصورة التي يرسمها تعتمد في البناء الفني على تأثير األسلوب بواسطة فنون البالغة أو العالقة الشعورية فيما يسمونه البناء الشعوري من عاطفة وخيال. على الرغم من معرفة ابن رشيق لهذه المسائل وإدراكه وبصره وعلمه وثقافته النقدية التي وسعت كل هذه الشواهد, فإنه لم يزل يسبر أعمال الشعراء الذين أورد طائفة من أشعارهم. وينظر إليها

نظرة عجلى تكتفي بإصدار مثل هذه األحكام العاجلة. وتلك سمات النقد عند القدماء. وستتضح لنا رؤية هذه األحكام من خالل مقاييسه النقدية التي سنتبينها كما درسها في القراضة

إذا رأينا استخالص المقاييس النقدية من كتاب قراضة الذهب, واستخالص المصادر التراثية التي أفاد منها ابن رشيق في تحديد

هذه المقاييس وتأثيرها والمفاضلة بين النهج التي عرضت بواسطته وبين مناهج من تناولها قبل ابن رشيق. إذا أردنا ذلك فإن

هناك ملحوظتين ال بد من ذكرهما للخلوص إلى تقرير هذه المسائل والمقاييس النقدية التي عالجها ابن رشيق في القراضة.

فأولى هاتين الملحوظتين: إن ثقافة ابن رشيق األدبية وآراءه النقدية قد انهالت عليه من

مصادر تراثية كثيرة في النقد واألدب سبقه أصحابها إلى إثراء النقد وتقويم األعمال األدبية وأول تلك المصادر:

– الشعر والشعراء البن قتيبة:1

د. شكري فيصل. 136مناهج الدراسة األدبية ص )(1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فقد استوحى ابن رشيق موضوعات هذا الكتاب واتخذ منها مادة علمية أدبية نقدية لعرض كتابيه »العمدة« و»القراضة«.

– نقد الشعر لقدامة بن جعفر:2 فقد نقل ابن رشيق شيئا كثيرا من الجزئيات التي عرض لها قدامة وناقشها في ضوء ما رآه إال أنه يفضله بتناول الجزئيات بروح األديب الناقد ال بروح الفيلسوف العالم كما صنع قدامة.

– حلية المحاضرة للحاتمي:3 فإن ابن رشيق يصرح عن أنه أتى الحاتمي فأفادى منه ألقابا

محدثة تتعلق بألوان السرقة واألخذ واالحتذاء. – الوساطة بين المتنبي وخصومه: للقاضي علي بن عبدالعزيز4

الجرجاني: فقد قرر ابن القاضي الجرجاني أصح مذهبا وأكثر تحقيقا ممن درس مقياس السرقات األدبية.

– الموازنة بين الطائيين للحسن بن بشر األمدي:5 فقد أفاد منه ابن رشيق في كثير من القضايا النقدية والمسائل

البالغية. 6 – الصناعتين ألبي هالل العسكري: فقد ورد في القراضة كثيرا

من الشواهد التي قومها ابن رشيق في ضوء نقد أبي هالل. – عيار الشعر ألبقي الحسن محمد بن طباطبا:7

فقد أفاد ابن رشيق من هذا السفر النفس عددا من صنوف البيان كالتشبيه وأثره في تقويم األسلوب الشعري.

إلى غير ذلك من المصادر الكثيرة التي أشرت إليها أثناء الكالم.(1)على مصادر القراضة في الفصل األول

الملحوظة الثانية أن المقاييس النقدية عند ابن رشيق في كتابه »العمدة«

مقاييس كبرى عالجها في ضوء آراء النقاد ممن سبقه وممن عاصره فعمم الفكرة واستوعب الحديث عنها مجمال ورادا وآخذا. أما مقاييسه في القراضة فهي ال تعدو جزئيات نقدية استوحاها من موضوعات العمدة فكثيرا ما يحيل عليه. ولم تكن المقاييس

في القراضة حديثا – فقط – عن السرقات كما يرى ذلك من كتب عن جهود ابن رشيق من أن »القراضة مقصورة على نقد الشعر

. (2)وأنها من نقد الشعر في باب السرقات« كيف يكون هذا؟ وقد صال وجال ابن رشيق في مقاييس أخرى

غير السرقات كاإلبداع واالختراع واإلتباع, ورصد صنوف من البيان والمعاني والبديع ساقها بشواهدها وأشار إلى وجوه الحسن في

التعبير بها عن المعاني عند الشعراء؟ ويشهد لمنهجه في القراضة وما بعدها من هذه الدراسة.19)( انظر ص 1 د: عبدالرؤوف مخلوف. 165ابن رشيق ونقد الشعر ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وأنها كتاب يزن األعمال األدبية بمقياس الخلق واإلبداع قول القفطي:»القراضة« كتاب لطيف العبارة, متين اإلشارة, صادق

القصد, هني الورد«. أما المقاييس النقدية التي عالجها ابن رشيق في القراضة

فيمكن تصنيفها على النحو اآلتي: ,73, 70, 69, 57, 19أوال: السرقات: ويشغل هذا المقياس ص

74 ,82 ,83 ,84 ,85 ,88 ,92 ,93 ,95 ,100 ,104 ,105, 106 ,115 ,116 ،119 ,120 .

وتحت الكالم على السرقات المقاييس النقدية التالية: .57, 32 – اإلتباع وما يزيد فيه الشاعر ص 1 .69 – نقل المعنى الصفة ص 2 .119, 118, 117, 116, 70 – نقل المعنى ص 3 .73 – نقل اللفظ بعينه إلى معنى موصوف آخر ص 4 .74 – نقل بعض لفظ البيت ومعناه المشتهر المعتاد ص 5 .86 – المناقضة ص 6 .85 – االجتالب ص 7 .120, 119 – السلخ ص 8. 93, 92 – لطف األخذ وخفيه ص 9 .100، 88، 84، 83، 82، 54– االتفاق في األخذ ص 10

.105, 104 – السرقة الفاضحة ص 11 .115 – األخذ الموازن ص 12 .106 – التلفيق ص 13

, وتحته: فتح المعاني55, 22, 20ثانيا: اإلبداع واالختراع ص .48, 45, 44, 43, 41للشعراء ص

.91, 77, 66, 65, 64, 63, 53ثالثا: قضية اللفظ والمعنى ص .90, 89رابعا: توارد الخواطر ص

خامسا: الصنعة والتكليف: وتحت هذا المقياس: .99, 98, 97, 45 – نظم المنثور ص 1 – نثر المنظوم أو حل المنظوم.2 .86 – األوزان والقوافي في ص 3

سادسا: المقياس الزمني مما يحضره التاريخ وتقيده األزمنة ص101 ,102 ,103 .

.21سابعا: مقياس الذوق وطبع الفطرة ص هذه أهم المقاييس النقدية التي ناقشها ابن رشيق في قراضته وقوم بها ما يزيد على سبعين وثالثمائة بيت من أقوال الشعراء.

وقد استخلصتها ورتبتها على حسب أهميتها في الجهد الذي حققه ابن رشيق محلال وشارحا وناقدا, وبخاصة كالمه على

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

السرقات تلك القضية التي سنجعلها أولى مقاييس النقد في القراضة موضحين ما انتهى إليه في تقويم هذه النصوص الشعرية التي ساقها, وقيل أن نتبين جهود ابن رشيق في السرقات يحسن

أن نقف على شيء مما قاله النقاد حول هذه القضية. -3-

السرقات األدبية مقياس نقدي أفاض في درسه النقاد والبالغيون ممن عني بدراسة األدب ونقده قديما وحديثا.

بل إن القدماء ال يكاد يفرغ كل واحد منهم من تأليف كتاب له في فن البالغة أو النقد أو فيهما معا أو في تحليل النصوص إال ذيل

كتابه في آخره بحديث ضاف عن السرقات, وإليك من أولئك: )أ( علماء خلصوا مقياس السرقات بأبحاث كثيرة منها قيل ابن

رشيق: هـ(.244 - »سرقات الشعراء« البن السكيت )ت 1 هـ(.256 – »إغارة كثير على الشعراء« للزبير بن بكار )ت 2 - »سرقات البحتري من أبي تمام« ألحمد بن طاهر طيفورت3هـ(. 280)ت .(1)هـ(323 - »السرقات« لجعفر بن حمدان الموصلي )ت 4

وغير ذلك كثير مما ال حصر له. )ب( ومن المصنفات التي جمعت في منهجها بين البالغة والنقد

وتحدث أصحابها عن السرقات ما يلي: – اآلمدي في »موازنته«.1 – علي بن عبدالعزيز الجرجاني في »وساطته«.2 – أبو هالل العسكري في »الصناعتين«.3 – ابن رشيق في »عمدته« و»قراضته«.4

وغير أولئك كثير ممن جاء بعد ابن رشيق كابن األثير في »المثل السائر« وكجهود المدرسة السكاكية وبخاصة شراح »التلخيص«.

أما السرقات في جهود المعاصرين فقد وسعت مؤلفاتهم الحديث عنها في ثنايا الموضوعات التي درسوها في النقد األدبي

أصوال ومنهجا فمنهم من أدرجها في مزلفاته كالذي في كتاب: »النقد المنهجي عند العرب« للدكتور محمد مندور.

وكالذي في كتاب: »تاريخ النقد األدبي عند العرب« لألستاذ طه أحمد إبراهيم.

وكالذي في كتاب: »النقد األدبي أصوله ومناهجه« لسيد قطب.

ــ 1 ــان ص )( ــد والبي ــه في األدب والنق ــتز وتراث ــ 5818ابن المع ــد519, ــدكتور محم للعبدالمنعم خفاجي.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ومنهم من خصها بكتاب يعني بتاريخها وأنواعها ومن ألف فيها ككتاب »السرقات األدبية« للدكتور بدري طبانة.

ولنعلم أن جهود أولئك وهؤالء – فيما عرضوا له من قول فيالسرقات – جهود ذات اتجاهين:

اتجاه نقدي صرف يعتمد على االحتجاج والعرض والبرهنة في تفضيل شاعر على شاعر وأديب على أديب وهذا هو منهج النقاد.

واتجاه نقدي يعتمد على تقويم النص من خالل األسلوب الذي يخضع لتشريعات البالغة في خصائص اللغة المفردة والجملة

والتركيب والمعنى أي أن أصحاب االتجاه األول من النقاد قد عنوا في كثير من آرائهم في دراسة السرقات بأسلوب »الموازنة بين

أديب وأديب« وكان من أهم ما اتجهت عنايتهم إليه في هذا المجال الفحص عن نواحي االتفاق بين أديبين ثم الكشف عما

ينفرد به أحدهما عن اآلخر سواء أكان مرجع االتفاق أو االختالف إلى التفكير أم كان مرده إلى التصوير والتعبير. وقد بذلوا في هذا السبيل كثيرا من الجهود التي يدل أكثرها على الذوق السليم, كما يدل على تعمقهم في فهم النص األدبي لما حصلوه من معرفة به وبصاحبه, ومعلوم أن الوصول إلى المعرفة األدب فنونه وأغراضه وتراثه عبر عصور األدب, ويتطلب حفظ طاقة كبيرة للمشهورين والمغمورين من األدباء على السواء.. حتى يسهل ربط المتقدم

بالمتأخر, ويعرف السابق من الالحق, ويمكن حينئذ الحكم بالتقليدأو بالتجديد.

ومتى قامت دراسة السرقات على نحو من هذا االتجاه الذي اختطه النقاد القدماء فإن هذا مما يجعل للبحث في السرقات

األدبية قيمة كبيرة, ألن الدراسة العلمية أو التطبيقية في مسائل النقد األدبي دراسة مجدية, إذ أنها دراسة موضوعية تستملي فيها

األحكام من منهج الموازنات الدقيقة بين األعمال األدبية واستخالص ما حوت من فنون الجمال الغني, وما يكون فيها من االبتكار واالحتذاء وفي مثل هذا المنهج يختفي إلى حد كبير األثر

الذاتي في األحكام النقدية. أما اتجاه من عني بدراسة »السرقات األدبية« من البالغيين فإنه

اتجاه ذو دراسة تقليدية شأنها شأن سائر الموضوعات التي (1)عالجوها عالجا قاعديا بعيدا عن تحكيم الذوق واستشارة العقل«

وهذا اللون من دراسة »السرقات« كان المنهج السائد عن القدماء من البالغيين إال ما كان من جهود عبدالقاهر الجرجاني الذي ناقش كثيرا من النصوص من اآليات القرآنية واألحاديث

الشريفة, وجيد المنظوم والمنثور من كالم العرب وحللها تحليال د. بدوي طبانة.5, 4, 3السرقات األدبية بتصرف ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

أدبيا نقديا يعتمد على الذوق السليم, ومعرفة خصائص التعبيروأسراره.

وبعد هذا الذي أحسبه قد طال. يمكن أن نقف على مقاييسالنقد عند ابن رشيق في القراضة.

أوال: مقياس السرقات ومبحثه في القراضة: ناقش ابن رشيق مقياس السرقات في اثنين وعشرين صفحة من القراضة »نسخة المحقق« بدءا من الصفحة التاسعة عشر وانتهاء بالصفحة العشرين بعد المائة في إبرازه بعض الشواهد

على أحد أنواع السرقة الذي هو السلخ. وجزأ مقياس السرقات – كما مر معنا – إلى أربعة عشر نوعا

. (1)من أنواع السرقة ويتناول من الشواهد على هذا المقياس طائفة من أشعار

القدماء والمحدثين مبتدأ بذكر شيء من شعره إذ يقول: »وصنعت أنا بديهة بمحضر جماعة من الشعراء منهم عبدالواحد الذواق وإسماعيل المطرز وغيرهما على ظهر الطريق في قصة

جرت: قبلني محتشما شادن أحوج ما كنت

لتقبيله أمات إذ حيا بأترجة عفت فها كنه تأويله

لما تطيرت بمعكوسها ضمت بنانا نحو تقليله قال: ومما صنعت – قديما – في ذكر الروايات قولي لموالنا أيده

الله تعالى – في قصيدة أمدحه بها: وكأنما راياته مشهورة يوم اقتحامهأيد تشير إلى العدو وبسلمه أو بانهزامه وما أكثر هذه الكثرة وتصرف الناس فيه هذا التصرف لم يسم

آخذه سارقا, ألن المعنى يكون قليال ويدعي صاحبه سارقا مبتدعا فإذا شاع وتداولته األلسن بعضها من بعض تساوي فيه الشعراء إال المجيد فإن له فضله أو المقصر فإن عليه درك تقصيره إال أن يزيد

فيه شاعر زيادة بارعة مستحسنة يستوجبه بها ويستحقه على مبتدعه ومخترعه«.

.(2)انتهى كالمه على هذه النصوص من شعره يظهر من كالم ابن رشيق حول أبياته هذه أنه يعدها من البديع

المبتكر الذي إن أورده غيره من الشعراء فإنما هو مقلد له ما لم يزد في شعره زيادة يستوجب بها األفضلية.

من هذه الدراسة.88)( انظر ص 1.19, 18القراضة ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وأقول حول ما ذكر: لكن ابن رشيق لم يقرن أبياته بأبيات أخر مما قاله الشعراء قبله أو بعده لنا فضيلة اإلبداع واالبتكار له إن قصر سابقه وزاد هو عليه. أو قصر الحقه فاستوجب هو فضيلة

االبتكار في معانيه. ومن ذا الذي يدري؟ فقد يكون شاعر ما قد سبقه إلى معاني هذه األبيات في قصة غير قصته ومعنى غير معناه أو شبيه به. حتى ولو حكم لنفسه بشرف اللفظ وقيمته فإن الحكم يبقى

معلقا حتى يعرف من الشاعر الذي سبقه أو احتذاه. ومعلوم أنه ال يحكم باإلبداع وابتكار المعني حكما جزافا ألن

المعاني كما قال الجاحظ:»اعلم – حفظك الله – أن حكم المعاني خالف حكم األلفاظ ألن المعاني مبسوطة إلى غاية, وممتدة إلى .(1)غير نهاية, وأسماء المعاني مقصورة معدودة ومحصلة محدودة«

وإذا ما دامت المعاني مبسوطة إلى غير نهاية, وممتدة إلى غير نهاية فقد يكون هناك من الشعراء من تناول معاني ابن رشيق

وأبدع فيكون له فضل السبق واإلبداع قبل ابن رشيق. وقد يكون هناك من أخذها منه وزاد عليه فيكون له فضل

الزيادة. وينتقل ابن رشيق إلى مقياس آخر من خالل مقياس السرقات

فيحدثنا عن نقل المعنى والصفة قائال في الصفحة التاسعة والستين:»ومن أنواع األخذ نقل المعنى والصفة كقول عنترة يصف

الذباب: هزجا يحك ذراعه بذراعه قدح المكب على

الزناد األجذم فلم يجسر عليه أحد غير أن ذا الرمة نقل معنى الصفة إلى

الجندب فقال: كأن رجليه رجال مقطف عجل إذا تجاوب من برديه

ترنيم قال ابن رشيق:»نقل صفة الذباب إلى رجلي الجندب, فأحسن

األخذ وكأنه لم يعرض لعنترة في معناه. وهنا نقول: ال فرق في هذا النقل بين نقل المعنى ونقل الصفة,

ألن الصفة التي هي هيئة حركة يدي الذباب في بيت عنترة هي نفسها الهيئة والحركة في وصف رجلي الجندب »ذكر الجراد«.

وألن المعنى هو إبراز السرعة في الحركة على هيئة مخصوصة, وقد تحقق هذا المعنى في بيت ذي الرمة تحققه في بيت عنترة

سواء بسواء. فلم يعرض ذو الرمة من معنى عنترة.

.1 جـ 76البيان والتبين للجاحظ ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وكان األصوب في الحكم من ابن رشيق أن يقول احتذاه في وصفه ومعناه في إطار وأسلوب غير أسلوبه. أما هذا التفصيل في

األخذ فهو فيما أرى من باب الشمس واإلطالة في الحكم علىالشيء.

ثم يردف ابن رشيق شاهدا آخر على هذا المقياس من قولالسالمي في صفة الزنبور:

إذا حك أعلى رأسه فكأنما بسالفتيه من يديهجوامع

قال ابن رشيق: فباعد عنترة في الصفة – يعني السالمي – وإنقاربه في الموصوف.

قال: وتعلق بصريع إذ يقول في النساء: فغطت بأيديها ثمار نحورها كأيدي أسارى

أثقلتها الجوامع ويظهر من حكم ابن رشيق على بيت السالمي وبيت »صريع«

من خالل مقياس نقل المعنى والصفة أنه يكتفي بالنظرة العابرة فإنه ال قرابة بين البيتين فهذا من واد وذلك من واد آخر.

بيت السالمي في وصف حركة الزنبور, وبيت »صريع« في وصف حلي المرأة على لسانها فالشبه بعيد بينهما حتى في نسق األلفاظ, ثم إن في بيت »صريع« لفظة لم تصب مكانها من قوله

»بأيديها من فقد نظمها بلفظ الجمع وليس لمخلوق سوى يدين اثنتين منكم يد لهذه المرأة؟ وما أتبع صورتها لو كان لها أكثر من

اثنتين!! وهذا ونحوه مما يتجاوز عن ذكره ابن رشيق إما إخفاء وإما

تناسبا. ويطلعنا ابن رشيق في القراضة بمقياس نقدي آخر من خالل

مقياس السرقات سماه »نقل المعنى« وتكلم عليه في الصفحة السبعين وفي الصفحة السادسة عشر بعد المائة, وفي الصفحة

التاسعة عشرة بعد المائة: قال ابن الدمينة:

إذا أسفر بعد التهجد والسري جلوا عن غرابالسن بيض الصحائف

فنقل ابن الرومي معنى هذا المدح إلى الذم فقال فأبدع فيالتمثيل والتشبيه:

لك وجه كآخر الصك فيه لمحات كثيرة منرجال

فخطوط الشهود مختلفات شاهدات أنلست بابن حالل

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وما ذكره ابن رشيق في توجيه نقده لهذين البيتين من خالل مقياس نقل المعنى قد أشرنا إليه أثناء الحديث عن مقاييسه

.(1)البالغية حيث »فن التشبيه« وال داعي إلعادته هنا ولكن يبقى شيء آخر لعله من أسباب إجادة ابن الرومي. هذا

الشيء هو الغرض من القصيدة التي ورد فيها بيتا ابن الرومي فإنه من الهجا ومعلوم أن الهجاء من أسباب إجادة الشاعر إما الستثارة

عاطفة الغضب عنده أو للنيل منه. بعكس الغرض الذي ورد فيه بيت ابن الدمينة فإنه من شعر المديح وشعر المديح تخبر فيه

العاطفة ألنه يملى على الشاعر لرد جميل أو طلب معروف واليسلم وإما من تقصير.

وقد أشار النقاد إلى هذه الخصوصية, وسنـزيدها إيضاحا عندالكالم على مقياس »االختراع اإلبداع«.

ويورد ابن رشيق في الصفحة السادسة عشرة بعد المائة الشواهد التالية على هذا المقياس النقدي. أعني مقياس نقل

المعنى. قائال: »وإذا كان أبو عبادة في قوله الذي طار به في الخافقين حيث

وصف الخصور واألرداف فقال: رددن ما خففت منه الخصور إلى ما في

المآزر فاستقلن أردافا إنما نقله نقال من قول أبي النجم في صفة األسد:

ناط على الكتفين منه خصفا وابتز منهالصدر بطنا أهيفا

وأقول إن المعنى الذي في بيت البحتري الذي قال عنه ابن رشيق إنه طار به في الخافقين إنما هو في وصف هيئة مخصوصة

تعني دقة الخصر وكبر األرداف هذا المعنى ليس مما اختص به البحتري فطار به في الخافقين, ألن هذه الصورة التي تتصف بها أي امرأة معناها يوحي لألديب والمتأدب ومن دونهما برسم هذا

المعنى في تضاعيف الصورة التي يضمها نسق من األلفاظ وإنما الشأن في أن يكون المعنى غريبا وال يعرفه كل أحد حتى يسوقه الشاعر وغير الشاعر في تضاعيف بيت من الشعر أو قطعة من

النثر. فيختص وينقله منه غيره. ولذا فإن معنى أبي النجم كمعنى بيت البحتري فكالهما ليس غريبا في األذهان وإنما هما في قبيل التعبير من هيئة مخصومة

فتلك في وصف الخصور وهذه في وصف األسد. والفرق بين المعنيين هو في التعبير, »والناس يختلفون فيما بينهم في التعبير عما في أنفسهم من المعاني, بل أن الناس

)( انظر ص من هذه الدراسة.1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

يختلفون في التعبير عن المعنى الواحد نعم قد يتفقون عن المعاني العلمية أو الرياضية مثل )أ = ب ( و )ب = ج(, ولكن

عندما يراد التعبير األدبي وخصوصيا عما تكنه العواطف ال يمكن أن حتى يقال إن وجه اتفاقهما إنما في نقل هذا من ذاك,(1)يتفقوا«

وعليه فالحاكم بالنقل في مثل هذا المعنى مردة القطع بأن المعنى للسابق الذي اتسم معناه بصفة الغرابة أي أنه جديد غريب

على كل سامع. قال ابن رشيق: وقول أبي الطيب الذي سحر به األلباب حين

قال في صفة الجيش والغبار: جثت كل أرض تربة في غباره فهن عليه

كالطرائق في البرد يصف الحمر الوحشية:(2)إنما هو من قول ذي الرمة

فراحت ال دالج عليها مالءة صهابية من كلأرض تثيرها

وهنا عد ابن رشيق بيت المتنبي منقوال من معنى ذي الرمة فيوصف الحمر الوحشية.

وهذا أمر مسلم به البن رشيق فهو. أي المعنى. مقصور على ذي الرمة لسبقه المتنبي شعرا وزمانا, والمعنى أيضا يتسم بالغرابة

فلم يسبق أحد ذا الرمة إلى تصوير قطيع الغزالن مدلجة في رخوة تثير فوقها غبارا متطاوال ممتدا في هيئة المالءة إال عدي بن

في قوله« حمارين وحشيين: (3)الرقاع يتعوران من الغبار مالءة بيضاء محكمة هما

نسجاها تطوي إذا وردا مكانا محزنا وإذا السنابك

أسهلت نشراها فيبقى المعنى هنا ما بين ناقل ومنقول حتى يتبين سبق الشاعر

زمنا. وعدي بين الرقاع وذو الرمة من الشعراء صدر اإلسالم ودولة بني أمية واألسبق زمنا ذو الرمة ألنه مات سنة سبع عشرة ومائة

هـ أما عدي فقد عاش في خالفة سليمان بن عبدالملك بن117مروان فبينهما زمن طويل.

وإذا كان مقياس النقد يحدده الزمن. كما في اتجاه ابن رشيق فإنه في إصابة المعنى الغريب المخترع عند شاعرين ما يمكن أن

.73)( النقد األدبي ألحمد أمين ص 1 ذو الرمة ذكره ابن خلكان وترجم له في الجزء الرابــع من الوفيــات بمــا نصــه »أبــو)(ــ 2

الحارث غيالن بن عقبة بن بهيش بن حارثة«. ذكره بن سالم الجمحي عــدي بن الرقــاع الجــاهلي أورد قصــته مــع الخليفــة األمــوي)(3

سـليمان بن عبــدالملك وعـده من الطبعــة الســابعة من فحــول اإلســالم, طبقـات فحــول.199 ص 2الشعر البن سالم جـ

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

يحدد بواسطته األفضلية من خالل جودة النقل كما في بيت ابن الرقاع فإن فيهما من جودة السبك وجمال اللفظ وحسن النظم

من خالل أسلوب التقابل بين لفظتي »تطوى, ونشرها« ولفظتي »محزنا« أي صلبا وأسهلت في هذا النظم الجيد ما يقصي

باألفضلية لعدي. مع ما اختصت به المالءة التي هي المشبه به من أوصاف على حد قوله:»بيضاء محكمة هما نسجها إلى آخر ما في

البيت الثاني. فتلك الخصوصية لم يتحقق وجودها في بيت ذي الرمة.

أما مقياس نقل اللفظ بعينه إلى معنى موصوف آخر, ومقياس نقل بعض لفظ البيت ومعناه المشتهر المعتاد فتلك قضية

سنتناولها بالتفصيل عند الكالم على قضية األلفاظ والمعاني فهي إحدى المقاييس النقدية التي عني بها ابن رشيق في كتابيه العمدة

والقراضة. ولكن دراسة لها في القراضة وردت بشكل موجز, وكان األولى

أن يتوسع في مقاييس األلفاظ والمعاني, ألنهما المحور الذي يقوم عليه النص األدبي وبخاصة إذا اتجهت عناية الناقد إلى تقويم

الخلقاألعمال األدبية وفق خصوصية الخلق واإلبداع ودعم هذا وهذا اإلبداع بنظرة فاحصة متأنية يمليها ذوق سليم.

ومن هنا يكفي من القالدة ما أحاط بالعنق فلنورد شاهدا واحدا مما درسه ابن رشيق في هذه القضية من خالل نقل اللفظ بعينه

ونقل بعض لفظ البيت ومعناه المشتهر المعتاد. قال ابن رشيق في الصفحة الثالثة والسبعين, والرابعة والسبعين موردا ثالثة أبيات من شعر امرئ القيس, وشعر ابن المعتز, وشعر

أبي فراس الحمداني. ومنهم من ينقل اللفظ بعينه إلى موصف آخر كقول امرئ

القيس يصف الديار: كما خط عبرانية بيمينه بتيماء حبر ثم

عرض أسطر قال: فإن أحسن ما فيه قوله عرض أسطرا, أخذه ابن المعتز

فقال يصف الحمول: بدت في بياض اآلل والبعد دونها كأسطر رق

أعرض الخط كاتبه فأوضح العبارة وأبرز المعني – وتناوله منه أبو فراس الحمداني

فقال يصف النيل: كأنما النيل عليه الجسر درج بياض خط

فيه سطر

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ونقل اللفظ بعينيه ونقل بعض األلفاظ واضح في هذه النصوصعلى حسب نقل كل شاعر ممن تقدمه.

فقول امرئ القيس:»عرض أسطرا« هو بعينه قول ابن المعتز»كأسطر رق أعرض الخط كاتبه«.

وقول ابن المعتز نجده في تعبير أبي فراس من قوله:»خط فيه سطر« ويتحدث ابن رشيق عن لون آخر من ألوان السرقة مطلقا

على هذا اللون االجتالب والمناقضة. من القراضة.85اللون األول في ص .86اللون الثاني في ص

فعن اللون األول »االجتالب« يقول »على أن االجتالب يكون لغير معنى السرق وهو أن يرى الشاعر بيتا يصلح لموضع من عشره

فقال: -(1)فيجتلبه وقد فعل ذلك جرير في بيت المعلوط السعدي أي جرير - :

إن الذين غدوا بلبك غادروا وشال بعينك اليزال معينا

غيض من عبراتهن وقلن لي ماذا لقيت منالهوى ولقينا

قال ابن رشيق: وهما من أفضل ما في قصيدته, والذي أعتقده, وأقول به: أنه لم يخف على حاذق بالصنعة أن الصانع إذا صنع

شعرا في وزن ما وقافية ما وكان لمن قبله من الشعراء شعر في ذلك الوزن وذلك الروي, وأراد المتأخر معنى بعينه فأخذا في نظمه

أن الوزن يحضره والقافية تضطره, وسياق األلفاظ يحدده حتى يورد نفس كالم األول ومعناه حتى كأنه سمعه وقصد سرقته وإن

لم يكن ممكن سمع قط يقول عن المناقضة: »وأما ما يحكي عن الفرزدق وجرير في الجيمية, وإتمام

الفرزدق كل بيت أنشد صدره بعجز ما قاله جرير سواء فإنما ذلك لمعرفته بطريقته ومنحاه في الشعر, وكذلك ما يحكي عنهما فيه الدالية المنصوبة, وقول كل واحد منهما كأنك بفالن قد قال كذا

فأتى البيت المقول على ما قاله إنه يقال عليه إنما ذلك ألن المناقضة بينهما طالت حتى عرف كل واحد منهما مرمى صاحبه ومغزاه في المناقضة كأن المعنى يقتضي جوابا ونقضا ال يعدوه

فهذه العلة فيما يجري بينهما من الموافقات التي وردت بها األخبار وهي موافقات.

هذا ما ذكره ابن رشيق عن المناقضة وكيف يمكن أن ينظر من خاللها إلى العمل األدبي بين شاعر وشاعر وخاصة من وقعت

لم يقف على ترجمة له في أي مصدر من التراجم.)( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

بينهما كجرير والفرزدق وفي كالم ابن رشيق ما يدل على التسامح حيث ال يعد هذا سارقا من ذلك.

والذي أراه:»أنه يمكن األخذ حتى يصل إلى درجة السرقة لكن اإللهام والطبع وإحكام الصنعة ما يبعد معنى ذاك عن هذا, وعليه

متى أخذ المناقض من نده شعرا فأحكم صياغته وجود معناه فليس بسارق وإنما هو محتذ مجود ومتى قصر في تناوله فإن هذا

االحتذاء سرقة واضحة ال تقل عن السلخ ذلك المقياس النقدي الذي تكلم عليه ابن رشيق في القراضة في الصفحة التاسعة,

وفي الصفحة العشرين بعد المائة بما نصه: »وزعم قوم أن عينية منصور النمري التي هي مذهبته سرقه من

رجل نمري يقال له منصور بن بحره ذكر ذلك األصناني, وأن أبا نواس سلخ معاني الوليد بن يزيد الخمرية وأدخلها في شعره

وكررها على أن هذا أخف مما تقدم, وزعم إسحاق أنه كان يسلخمعاني أبي الهندي وطبقته. انتهى كالمه.

هذا المقياس النقدي الذي عده ابن رشيق من أنواع السرقة عالجه مخبرا فقط. ولم يورد أي أدلة عليه ولم يناقش بعضا من شواهده وما أكثرها وما أحسن لو ساق شيئا من الشواهد التي تدل على سلخ المعنى. وخاصة أن بداية حديث ابن رشيق في القراضة كان يتناول الحكم باإلبداع واالختراع لبيتين من مرثية

األمير أبي منصور, وأن السرقة إنما هي فيما دون ذلك مما يقع فيه الكثير من الشعراء ما بين ناقل ومقلد ومحتذ وآخذ وعلى هذا

االتجاه بنى ابن رشيق موضوع القراضة. يتحدث ابن100, 92, 88, 84, 83, 82, 54وفي الصفحات

رشيق عن مقياس لطف األخذ وخفيه واالتفاق في األخذقائال:»قلت - من البسيط - :

يا بعد ما بين ممسانا ومصبحنا والعيسقاطعة ميلين في ميل

باتت على رسلها ترمي الفجاج بنا عنكم وعنابكم أيدي المراسيل

سيرا تزيد به ضعفا مسافته كأنما هوسيرقد بالطول

قال: وهذا يقع كثيرا بين المتعاصرين وغيرهما لما فيه من الرد على األول واالستظهار لما فسد والسالمة من العيب والزيادة فيالتمثيل.

وقد علمنا أن الكالم من الكالم مأخوذ وبه متعلق والحذاق في األخذ على ضروب أنا ذاكر منها ما أمكن وتيسير إذ ليست هذه

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

الرسالة موضع استقصاء وال سيما وقد فرغت في كتاب »العمدة« مما يراد أو أكثره.

وفي الصفحة الثانية والثمانين يتحدث ابن رشيق عن نوع آخر من أنواع األخذ يسميه »االتفاق في أخذ القسيمين حيث يقول:

ويتفق الشاعر إن في القسيمين وهو أقل وجودا والثاني كقولابن المعتز يصف روضة:

تبدو إذا جاد السحاب بقطرة فكأنما كانواعلى ميعاد

وهذا ال يكون سرقة ألنها تكون فاضحة, وال يكون اتفاقا من غير قصد, ألن القصيدة مشهورة, وال يمكن البن المعتز أن يقول لم

أسمعها لألسود بن يعفر يشير ابن رشيق قول األسود. جرت الرياح على محل ديارهم فكأنما كانوا

على ميعاد قال بن رشيق: فإن لم يكن ذلك اتفاقا في القسمين فهو

مناقضة كقوله يعني ابن المعتز: على فراش من الورد الجني وما بدلت من

نفحات الورد باألس القسيم المشهور البن الضحاك الخليع, ويروى ألبي نواس.

ويستمر ابن رشيق في إيراد الشواهد المتخيرة على هذا اللون من األخذ الذي يسميه:»التوافق في القسيمين«.

ويظهر أن هذه التسمية مما أخص به ابن رشيق: ألن هذا النوع من السرقات قد درسه كثير من النقاد قبل ابن رشيق وبعده وسموه تارة: بالتضمين وتارة باالقتباس, سواء كان هذا األخذ

قسيما أي شطر بيت أو كان بيتا بأكمله أو ما دون الشطر منه. ويطلق ابن رشيق على هذا النوع من األخذ معنى »توارد

الخواطر« وأن لم يطلق التسمية مباشرة, يظهر ذلك نقله رأي أبي عمرو بن العالء قائال:»غير أن أبا عمرو بن العالء سئل عن

بيتي امرئ القيس وطرفة اللذين هما: – قول امرئ القيس:1

وقوفا بها صحبي على مطيهم يقولون التهلك أسى وتجمل

– وقول طرفة:2 وقوفا بها صحبي على مطيهم يقولون ال

تهلك أس وتجلد قال ابن رشيق: فقال أبو عمرو:»عقول رجال توافقت على

ألسنتها«.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وما ساقه ابن رشيق من رأي أبي عمرو إنما يدل على معنى »توارد الخواطر« وسنـزيد هذا المقياس إيضاحا في موضوع آخر

إن شاء الله تعالى. ثم ينتقل ابن رشيق إلى الحديث عن نوع آخر من أنواع

السرقات يسميه: السرقة المغتفرة, والسرقة الفاضحة ويسوق الشواهد على ذلك

, قائال: 105, 104, 95في الصفحات »والسرقة المغتفرة نظم المنثور, وهذا المقياس من أنواع

السرقات سنتحدث عنه عند الكالم على مقياس نظم المنثور, ونثر المظلوم أما ما أوردة من األشعار على هذا المقياس

أعني»السرقة المغتفرة« فمنها ما صنع بشار بن برد عن لسان حمار مات له وزعم أنه أنشده إياها في النوم, وأن موته إنما كان

من عشق حماره »أتان« قال بشار:ولها خد أسيل مثل خد الشيقران

فقال محمد بن حجام لبشار: ما الشيقران يا أبا معاذ؟ قال هذامن غريب الحمار فإذا لقيته فاسأله عنه.

قال ابن رشيق: أخذ المعري وزاد فيه وحسنه فقال يذكر إبال: تلون زبورا في الحنين منـزال عليهن فيه

الصبر غير حالل وأنشدن من شعر المطايا قصيدة فأودعنها في

الشوق كل مقال أمن قيل عود أم رواية أتتهن من عم

لهن وخال قال ابن رشيق: فقد صار المزح جدا, وخرج عن بابه األول حتى جل قدره وعظمته فائدته وكان أوله هزال. بل نقول إنه أخذه من

قول األول: فغنها وهي لك غذاء إن غناء اإلبل

الحداء وقالت امرأة لبشار:»أنت القائل«

وتحت ثيابي جسد ناحل لو هبت الريح بهطارا

قال: نعم, قالت:»وأنت بهذا السمن كأنك تل« قال:»هذا ورم الحب يا بظراء« أخذه أبو الطيب فقال في سيف الدولة:

أعيدها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحمفيمن شحمه ورم

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

هذه الشواهد مما ساقه ابن رشيق على السرقة المغتفرة, وهي من قبيل نظم المنثور, فإنه لم يهتد إليها أولئك الشعراء إال من

خالل أقوال نثرية أجيب بها عن سؤال سائل. والذي يحسن أن نذكره في هذا المقام هو تسمية ابن رشيق

لهذا النوع من األخذ باسم »السرقة المغتفرة«. فما وجه تسميتها بهذا االسم؟ وما الذي سوغ للشعراء أخذها

وكانت مما اغتفر أخذه؟ اآلن معانيها صيغت في قالب النثر فصار أخذها مما يتجاوز عنه الشاعر ألن صياغة المعنى في قالب الشعر أصعب, وصياغته في

نظم النثر وتأليفه أيسر أم لماذا؟ ال أجد مبررا في تسمية هذا النوع من األخذ باسم السرقة

المغتفرة. ألن التعدي على معاني األدباء سرقة مهما كانت وبأي لسان صيغت سواء بلسان الشعر أم بلسان النثر. وما دام ابن رشيق سماه أخذا فهو أخذ وكفى.

أما السرقة الفاضحة فهي إحدى المقاييس التي أوردها ابن 105, 104رشيق في قراضته وساق الشواهد عليها في صفحتي

قائال في نصه: »ومن قبح األخذ وفاضح السرقة قول ابن الرومي في رجز

يصف فوارة: راجزا. »بعين يقظى وبجيد ناعسة«. فقال ابن المعتز من المنسرح يصف فوارة:

بعين يقظى وجيد ناعسة طال عليهاالوقوف والسهر

وهو في زمانه وبلده واشتهاه غير خاف. :(1)ومثله قول زهير بن جناب الكلبي

فيا دار سلمى هجت للعين عبرة فماء الهوىيرفض أو يترقرق

أخذه ذو الرمة فقال:»أدارا بحزوي« وأتى بالبيت على ساقه. وقال زهير بن أبي سلمى:

تراه إذا ما جئته متهلال كأنك معطيهالذي أنت سائله

قال ابن رشيق:»وهذا بيت مشهور غير مجهول وال معمور أخذهحمزة بن بيض فقال:

تراه إذا ما جئت تطلبه الندى كأنك تعطيهالذي أنت سائله

)( هو من بني كلب جاهلي قديم من المعمرين وأحد ثالثة ماتوا بشرب الخمر لــه شــعر1 جيد وردت أخباره في الجمحي واألغاني والمؤتلــف وغيرهــا. انظــر الشــعر والشــعراء ص

. 1 جـ379

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

قد قال البحتري: أمواهب هاتيك أن أنواء هطل وأخذ

ذلك أن إعطاء؟ فأجاد واختصر اللفظ. انتهى كالم ابن رشيق على قبح األخذ أو ما

يسميه السرقة الفاضحة. وال شك أن جميع أولئك الشعراء كلهم أخذ الالحق من السابق

أخذا بينا مكشوفا الحظ له فيه ألنه أخذ المعنى بعينه دون زيادة أونقصان. إال ما ذكره ابن رشيق عن أخذ البحتري فعلى الرغم من أنه ساقه في عداد السرقة الفاضحة فقد قال عنه »أجاد واختصر

اللفظ«. وال أرى وجها لهذه الجودة وال لالختصار. ألن ما سبق قول البحتري من شعر ابن الرومي وشعر ابن المعتز كالهما أجاد

واختصر فيه ويكفي في إجادة المعنى سبقهما للبحتري, ويكفي في االختصار أن بيت ابن الرومي من رجز القصيد, وبيت ابن

المعتز من البحر المنسرح. وهذا البحر أقل لفظا في نسق النظم وإن قام على ثالث تفاعيل كالبحر الكامل.

ويبدو أن حكم ابن رشيق بالجودة واالختصار للبحتري إنما مردهالذوق ليس إال.

وإذا كان من الحكم هنا مرده الذوق فإن بيت زهير بن أبي سلمى وبيت حمزة بين بيض من أجود ما قيل في معنى السماحة

والكرم, بل إنهما أجزل وأعذب لفظا وأحكم معنى من بيت البحتري مع ما لهما من السبق الزمني.

قال ابن رشيق: ومن ضرب السرقات »التلفيق« وهو: أن يميز الشاعر المعاني المتقاربة ويستخرج منها معنى مولدا يكون له

كاالختراع, وينظر به جميعا فيكون وحده مقام جماعة من الشعراء وهو مما يدل على حذق الشاعر وفطنته ولم أر ذلك أكثر منه في

شعر أبي الطيب وأبي العالء فإنهما بلغا فيه كل غاية ولطفا في كل لطف.

وكان أبو الطيب أجمع الناس لكثير من المعاني في قليل من اللفظ وبذلك تقدم عند الفضالء, وضرب المثل الذي ساد به أبو

الطيب الشعراء ضرب من ذلك اإليجاز الذي فيه, وإذا تأملت قوله: سقاك وحبانا بك الله إنما على

العيس نور والخدود كمائمه علمت أن بنية هذا الفضل غير متأت المثل وإن كان مأخوذ من

قول ابن الرومي:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

أمطر بذلك حياتي تكسه زهرا أنت المحيابرياه إذا نفحا

قال: وسأذكر شيئا من شعر المعري يستدل به سامعه على أن الكالم من الكالم وإن خفيت طرقه وبعدت مناسبة فمن ذلك قوله:

وقال الوليد النبع ليس بمثمر وأخطأسرب الوحش من ثمر النبع

يعني قول البحتري:»كالنبع عريان ما في عوده ثمر«. قال:»وأراد بتخطئته أن الوحش يصاد بالقسي التي هي من النبع

فكأنه ثمر لها«. وإنما تناول قول أبي الطيب وعليه كان أكثر معوله:

محب كني بالبيض عن مرهفاته وبالحسنفهي أحسامهن عن الصقل

وبالسمر عن سمر القنا غير أنها جناهاأحبائي وأطرافها رسلي

إال أن أبا العالء جعل الثمر وحشا, وجعله أبو الطيب نساء. قال: وكذلك قوله في صفة اإلبل:

فمدت إلى مثل السماء رقابها وغبتقليال بين نسر وفرقد

وصف أنها وردت الماء ليال وهو أرزق صاف وفيه صور الكواكب فشربت بين مثالي هذين الكوكبين في الماء, وإنما أخذه من قول

األخطل يصف سمت إبل قصدته: إذا طلع العبوق والنجم أولجت سوالفها

بين السماكين والقلب أراد طلع العيون والثريا يمت هذه اإلبل ما بين السماكين والقلب

فكأنهما وضعت سوالفها مغرية بينها. وهذا قول أبي حنيفة الدينوري. والبن قتيبة قول آخر هو ذاك إال أنه حاد به حيدة شيطان

مثله. انتهى كالم ابن رشيق على »التلفيق« هذا النوع الذي درسه

ضمن أنواع السرقة. والذي أراه حول هذا المقياس – أعني التلفيق – أن رأي ابن

رشيق من قبيل االجتهاد واالستنباط وحب التفريع في مسائل عند القدماء كما صنع غيره من النقاد الذين درسوا السرقات كأبي

هالل العسكري وقدامه بن جعفر وغيرهما مما سنوضحه في فصل»الموازنات من هذه الدراسة«.

وإذا أمعنا النظر في مقياس التلفيق أمكن عده من أخذ المعنى والصفة أو من أخذ المعنى وأخذ بعض اللفظ. على هذا النحو الذي

درسه ابن رشيق في هذين المقياسين.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ثانيا: مقياس اإلبداع واالختراع في القراضة: ,22, 20بحث ابن رشيق هذا المقياس النقدي في الصفحات:

,41 وناقش في ضوئه فتح المعاني للشعراء في الصفحات: 5543 ,44 ,45 ,48.

ومعلوم أن قضية اإلبداع واالختراع قضية نقدية كبرى عالجها النقاد من خالل نصوص من الشعر نصوص من النثر حتى ظن

أغلبهم أن المعاني البديعة المخترعة ال يمكن أن يضاف إليها أوينقص منها.

وهبت طائفة أخرى إلى إمكان تطوير المعنى األدبي بزيادة أونقص أو تعمق أو مبالغة.

ومن أجل ذلك فرعوا من هذا المقياس ما سموه بالمبالغة واإليغال والغلو وما سموه بالتوليد وهذا األخير من المقاييس التي

من56درسها ابن رشيق في قراضته وقد أشرت إليه في ص هذه الدراسة وأشرت إلى شواهده من شعر حمزة بن بيض

والمتنبي. والذي يعنينا هنا هو الكالم على مقياس اإلبداع واالختراع من

خالل ما درسه ابن رشيق. فقد وضع في الصفحة العشرين من القراضة لمسة أولى تحدد

مفهوم اإلبداع واالختراع من قوله:»غير أن أهل التحصيل مجمعون من ذلك على أن السرقة إنما تقع في البديع النادر والخارج من

العادة, وذلك في العبارات التي هي األلفاظ إلى أن يقول في الصفحة الثانية والعشرين حول قول أبي الطيب المتنبي:»أجل

الظليم ودبقة السرحان«. إنه أتى بالمعنى في غير اللفظ وزاد زيادة جيدة, وإن لم يبلغ صاحب االختراع – يشير ابن رشيق إلى قول امرئ القيس في

وصف فرسه: بمنجرد قيد األوابد هيكل. ومن هنا يقصر ابن رشيق األخذ من خالل المعاني المخترعة

على العبارات التي هي األلفاظ. أما المعنى فيبقى لمخترعه األول, وهذا أمر معروف. ألن سرقة المعاني المخترعة سرقة فاضحة ال

يستطيع محت إخفاءها مهما بلغ من قدرة التصرف في األخذ. وعلى الرغم من ذلك فإننا نجد المعنى الواحد يتناقله الشعراء جيال بعد جيل فيبدع ناقل, ويزيد ناقل, وينقص ناقل. األمر الذي فتح للنقاد دراسة األدب وبخاصة فن الشعر فيه دراسة وجدت مادتها العلمية من خالل المعاني المخترعة وقدرة التصرف من

الشعراء الذين تناقلوا هذه المعاني. فهذا ابن رشيق يحدثنا عن هذا المقياس بعد أن وضع له بعض

اللمسات كما ذكرنا.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

يقول في الصفحة الخامسة والخمسين من القراضة:»والمعاني التي يقال إنها اختراعات وأخذها سرقات. إنما هي المقاصد

وترتيباتها والطرق إليها هي التي يسمي أخذها سرقة ال محالةكقول أبي نواس:

بنينا على كسرى سماء مدامة مكللةحافاتها بنجوم

فلو رد في كسرى بن ساسان روحه إذا الصطفاني دون كل نديم

وقوله: وكأني وما أزين منها قعدي يزين

التحكيما وكقوله أيضا:

قد قلت للعباس معتذرا عن ضعفشاكريه ومعترفا

أنت امرؤ قلدتني نعما أوهت قوىشكري فقد ضعف

فإليك مني اليوم معذرة جاءتكبالتصريح منكشفا

ال تسدين إلي عارفة حتى أقومبشكر ما سلفا

وكقوله في صفة الكؤوس: في كؤوس كأنهن نجوم دائرات

بروجها أيدينا طلعات مع السقاة علنا فإذا ما

غربن يغربن فينا قال ابن رشيق: فإن هذا وأشباهه مما انفرد به كل واحد من الشعراء وإن كان قليال.. إلى آخر ما قاله حول مقياس اإلبداع

واالختراع, وقد أشرت إلى هذا المقياس أثناء عرض موضوعات .(1)القراضة بما يكفي فال أرى ما يدعو إلى المزيد

غير أني أرى من تمام القول حول مقياس اإلبداع واالختراع إبداءملحوظتين اثنتين في هذا المقام.

األولى: تتعلق بهذه الشواهد التي تخيرها من شعر أبي نواس وجعلها في أول الكالم على المعاني البديعة المخترعة, وما كان

أغناه عنها, ألن غيرها من جيد المنظوم والمنثور من كالم العرب خير منها في اإلبداع واالختراع الذي يخدم معنى شريفا ساميا

وغاية نبيلة. انظر ص وما بعدها من هذا البحث. )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وما تفضيله ألبيات أبي نواس – هنا – إال إلعجابه بشيء من خصائصها الفنية التي تتضح من خالل لفظة عذبة أو تشبيه جيد,

وأرى أن المعنى المبتكر كلما كان من معنى شريف غائي هادف فذلك من أجود الخصائص الفنية أيضا.

أما الملحوظة الثانية, فقد أشرت أثناء عرض المقاييس النقدية مما يتعلق بإجادة الشاعر وعدمها في نقله المعنى من سابقه أن

هناك من أسباب اإلجادة ما يتعلق بالحالة النفسية عن الشعراء سواء كان الشاعر منهم مبتكرا أو ناقال متبعا, وأشرت إلى أنه من

تمام القول بسط هذه المسألة وزيادتها إيضاحا عند الكالم على مقياس اإلبداع واالختراع فأقول:

لو توسع ابن رشيق في قراضته حول قضية اإلبداع واالختراع, ودرس هذا المقياس النقدي الكبير من جزئياته األولى ليقف على

العوامل واألسباب التي تبعث على اختراع المعاني األدبية عن األديب السابق المخترع, والتي تعين على الوحدة والزيادة في

المعنى عند األديب الالحق المحتذي نعم لو درس بيئة األديب زمانا ومكانا, ودرس ما يسميه النقاد بالبناء الشعوري من عاطفة وخيال

صورة ألضاف إلى حسن اختياره وسداد رأيه وسالمة ذوقه عمالكبيرا يفتح لألدباء آفاقا واسعة للجودة واإلبداع.

فليس كل تشابه في تناول المعنى بين شاعرين يعد من السرقة وإنما السرقة. كما قال األمدي واتبعه ابن رشيق – إنما هي في

البديع المخترع الذي يختص به الشاعر, ال في المعاني المشتركة بين الناس التي هي جارية في عاداتهم, ومستعملة في أمثالهم ومحاوراتهم, مما ترتفع الظنة فيه عن الذي بورده أن يقال: إنه

.(1)أخذه من غيره« وهذه النظرة فيما يتعلق باإلبداع واألخذ صائبة تدل على اعتدال

في الحكم من أديب ناقد كاألمدي. غير أن ابن رشيق على الرغم من إتباعه لألمدي في هذه النظرة

– يكاد أن يجمل الحكم في الشواهد التي أوردها على اإلبداع واإلتباع فيجعل المعاني المشتركة في حكم المعاني المأخوذة.

هنا ال شيء ال بد من التنبيه عليه: وهو أن اإلبداع يبقي لصاحبه وأن اإلتباع في غير أخذ يبقى لصاحبه أيضا - , ألن اإلبداع قاسم

مشترك في هذه الحالة بين الشاعرين السابق والالحق, الشاعر الالحق قد يبدع في معناه الذي استعان به بمعنى غيره.

فيكون أخذه استعانة ال سرقة شريطة أن يكون المعنى المتبعغير المعنى المبتدع.

تحقيق أحد صقر.364 ص 1)( الموازنة لالمدي جـ1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وال يعين على تقصي هذه القضية النقدية إال الوقوف على حياة الشاعر ومالبساتها زمانا ومكانا وعمال أدبيا – كما أسلفنا.

وقد عري كتاب القراضة البن رشيق من هذه المسألة, فإن الشعراء الذين أورد ذكرهم وذكر أشعارهم لم يدرس حياتهم من

جميع جوانبها وإنما اكتفى بذكر اسم الشاعر وإبراد شعره. فكان لزاما أن تبقى أحكام ابن رشيق ومقاييسه النقدية مثار

جدل وأخذ ورد فليس الحكم بالجودة واإلبداع في صحة هذه المقاييس لمعرفة أن هذا الشاعر مبدع لسبقه, وهذا متبع لتأخره.

ويتحدث ابن رشيق من خالل مقياس اإلبداع واالختراع عنمقياس نقدي آخر سماه »فتح المعاني«.

أي أن الشاعر المبدع المخترع يفيد غيره في فتح المعانيليسلكها أديب آخر محتذيا أو مستعينا.

ويمكن أن يدرج هذا المقياس تحت ما سماه النقاد باالستعانة وال جديد البن رشيق في توليد هذا المقياس وعرضه وعرض شواهده

من خالل اختراع المعاني واحتذائها. ومن شواهد هذا المقياس عند ابن رشيق ما أورده من شعر

امرئ القيس قائال:»ومما فتحه للناس وأغلقه دونهم قوله: ألم ترياني كلما جئت طارقا وجدت بها

طيبا وإن لم تطيب قال: ومن بدعه وملحه قوله:

نـزيف إذا لوجه تمايلت تراشي (2) الرخص إال تخترا(1)الصورا

قال أخذه طرفة فقال: تحسب اللحظ عليها نجدة يا لقومي

للشباب المبكر وعن فتح المعاني يقوا ابن رشيق:»وما زلنا نناشد قول ابن

هاني«: إذا ذكرته النفس جاشت لذكره كما عثر

الساقي بكأس من الخمر فسنلمحه ونظن أنه ابتكره إلى أن فكرت في قول امرئ

القيس: إذا نال منها نظرة ريع قلبه كما ذعرت

كأس الصبوح المخمرا

الصــوار بفتح الصــاد وضــمها: الرائحــة الطيبــة, والقليــل من المســك, وشــدقا الفم. )(1األغاني مادة صور.

التختر: التفتر واالسترخاء, لسان العرب مادة ختر. )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فعلمت أنه هو الذي فتح له هذا المعنى, وإن لم يكن المعنيان سواء: قال: والشاعر يورد لفظا فيفتح به لصاحبه معنى سواه لو اللم ينفتح كقول الفرزدق: وما أنا بالباقي وال الدهر فاعلمي براض بما

قد كان أذهب من عقلي أراد وال الدهر براض فقوله في نسق الكالم:»وما أنا بالباقي وال

الدهر« هو الذي فتح للبحتري قوله للفلك: ستفنى مثل ما تفني وتبلي كما نبلى

فيدرك منك ثارة قال: ومن استعارة أبي نواس قوله:

بح ثوت المال مما منك يدعوويصيح

هو الذي فتح البن المعتز قوله: كم صامت يخنق أكياسه قد صاح في

ميزان ميراث ويروي »وراث« والصامت المال من العين من الذهب والفضة

خاصة. قال: وقول النابغة:

في ساعة فيها الجفون سواكن قد شمنأعينهم في األغماد

هو الذي هدي المتنبي إلى قوله: وكذا اسم أغطبه العيون جفونها من أنها عمل

السيوف عوامل قال: ولم أر من المؤلفين جميع من رأيته من نبه على هذا النوع. انتهى ما أوه من مقياس فتح المعاني من خالل اإلبداع واالختراع.

والذي أراه حول دراسة ابن رشيق لهذا المقياس أنه يجمل الحكم بالحسن والقبح دون أن يقف على آراء النقاد مما أثير حول بعض الشواهد فإنه ال حسن في استعارة أبي نواس من قوله:»بح

صوت المال«. وال حسن في استعارة المتنبي من قوله:

وكذا اسم أغطبه العيون جفونها من أنها عملالسيوف عوامل

أراد أن يشبه الجفون بأغماد السيوف لكنه أورد معناه مورد التعميه واأللغاز, ولذا قال عبدالقاهر الجرجاني حول هذا:

»وأما التعقيد فإنما كان ملغوما ألجل أن اللفظ لم يرتب الترتيب الذي بمثله تحصل الداللة على الغرض, حتى احتاج السامع إلى أن

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

يطلب المعنى بالحلية, ويسعى إليه من غير الطريق كقولالمتنبي:

وكذا اسم أغطية العيون جفونها من أنهاعمل السيوف عوامل

وإنما ذم هذا الجنس ألنه أحوجك إلى فكر زائد على المقدار الذي يجب في مثله وكذلك بسوء الداللة, وأودع المعنى لك في

قالب غير مستو وال مملس بل خشن مضرس حتى إذا رمت إخراجه منك عسر عليك, وإذا خرج خرج مشوه الصورة ناقص

. (1)الحسن« كذلك أرى أن دراسة ابن رشيق لهذا المقياس – أعني مقياس

فتح المعنى – دراسة تقوم على االجتهاد ال النظرة المتأنية الحاسمة فمن ذا الذي يستطيع أن يجزم بأن هذا البيت إنما هو من

اختراع امرئ القيس وهذا البيت مما فتحه النابغة – مثال – ألبيتمام أو لغيره من الشعراء.

ألنه يمكن أن يسبق امرأ القيس شاعر قبله فهو المخترع ويمكن أن يأخذ البحتري قبل أبي تمام فتحه النابغة فأي الشاعرين احتذي

قبل صاحبه. تلك المسألة نبهت عليها أثناء عرض مقياس األخذ بأنواعه مما

درسه ابن رشيق. وسنقف في ثنايا هذا الفصل من هذه الدراسة على مقياس

نقدي آخر سماه ابن رشيق:»ما يحصره التاريخ وتقيده األزمنة فلعل فيه ما يمكن أن يقوم به العمل األدبي وفقا لمعرفة السابق

من الالحق فإن هو الفيصل في هذه القضية«. ثالثا قضية اللفظ والمعنى:

وهذه القضية من أهم المقاييس النقدية التي درسها ابن رشيق في كتابه العمدة, وناقش بعضا من جوانبها في القراضة دون

توسع. ولذلك لم يخصص لهذه القضية موضوعا معينا من موضوعات

القراضة وإنما يتحدث عن اللفظ والمعنى عرضا حين يناقش بعض المقاييس األخرى كقوله في دراسة مقياس اختراع المعاني.

ومن هذا الباب – يعني اختراع – قول أبي عمرو أحمد بن دراجالقسطلي:

إذا غرب الحادي بهم شرقت بنا نوي يومهايومان والحين أحيان

قال: وفي بيت القسطلي عيب ظاهر وذلك أنه قال:»أحيان« وكان يلزمه أن يقول »حينان« اللهم إال أن يريد تفاوت السير في

.120)( أسرار البالغة ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

الريث والعجل وإقامة أحد الفريقين في بعض المناهل فلعله والسبك األول أجود لو تم له: واللفظة تصلح بيتا والبيت يصلح

قصيدة. والخالصة أن ابن رشيق تناول قضية اللفظ والمعنى في القراضة

تناوال ال يمله ذوق رفيع فقد درس بعض الشواهد مجليا بعض خصائص اللفظ حيث درس من خصائص األلفاظ:

– االختصار.1 – والجودة.2 – والرداءة.3 – واالختالف بين العبارتين.4 – الموازنة بين األلفاظ في السياق وهجين األلفاظ.5

وخص المعاني ببعض النعوت كقوله: – إبراز المعنى.1 – التصرف في نقله من المدح إلى الذم.2 – اإلبداع واالبتكار.3 – استظهار المعاني بحسن التشبيه واالستعارة والكناية.4

مما سبق أن درسناه في الفصل األول من هذا البحث: – لطف المعاني.1 – تمييز المعاني المقارنة.2 – استخراج المولد من المعاني.3 – البعد في تناول المعاني.4 – المزج بين المعنى المخترع والمعنى المتبع.5 – المعاني المستطرفة.6 – خفي المعاني وواضحها.7

وال يخفى أن بعض هذه النعوت مما درسه ابن رشيق في قضية األلفاظ والمعاني نعوت ال تصدق على األلفاظ وحدها وال على

المعاني وحدها وإنما هي نعوت بعضها يصدق على اللفظ, وبعضها يصدق على المعنى وبعضها يصدق على طريقة التناول سواء كان

التناول من حيث اللفظ أو من حيث المعنى. ولم يتعمق ابن رشيق في استجالء هذه القضية على الرغم من

كثرة الشواهد التي درسها حول اللفظ والمعنى. بل تكاد هذه المسألة تالحقه عند كل بيت يورده تحت أي مقياس من المقاييس

التي درسها في القراضة فكثيرا ما يحكم بالجودة والرداءة من خالل حسن اللفظ أو قبحه أو وضوحه وجزالته ورقته أو قصوره أو

إبداعه والتصرف في نقله. وال أرى ضرورة من إيراد شيء من هذه الشواهد على مقياس اللفظ والمعنى لما ذكر. حيث أن معظم شواهد القراضة ال يخلو

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

من ذكر ما يتعلق باللفظ والمعنى وأثرهما في حسن البيت من الشعر وقبحه وإبداعه وإتباعه.

رابعا: توارد الخواطر ومن مقاييس النقد عن ابن رشيق في القراضة ما ناقشه تحت

»اسم توارد الخواطر«. وهذا المقياس كثير ما تحدث عنه النقاد قبل ابن رشيق وبعده

مما سنفصل القول فيه في الفصل الثالث من هذه الدراسة. وعن هذا المقياس تحدث ابن رشيق في الصفحة الثامنة

والثمانين والتاسعة والثمانين والصفحة التسعين من القراضة قائال ما نصه:

»وربما وقع هذا. يعني توارد الخواطر.من غير إقتداء ويظن صاحبه أنه اخترعه كما ذكر الثعالبي في اليتيمة فإنه قال:

»قد كان اتفق لي في أيام الصبا معنى بديع لم أقدر أني سبقت إليه وال شوركت فيه وهو قولي في أخر هذه األبيات:

قلبي وجدا مشتعل على الهموممشتمل

وقد كستني في الهوى مالبس الصبالغزل

إنسانه فتانة بدر الدجى منها خجلإذا زنت عيني بها لبا الدموع تغتسل

.(1)فأنشدت البن هندو يقولون لي ما بال عينك مذرات محاسن هذا

الظبي أدمعها هطل؟ فقلت زنت عيني بطلعة وجه كان له من

صوب أدمعها غسل قال ابن رشيق لعله من كالم الثعالبي:»فصح عندي توارد

الخواطر وتشاركه في المعاني«. قال الشيخ أبو علي:»ليس لعجب مواردته ابن هندو, وإنما

العجب قوله: معنى بديع ألم أقدر أني سبقت إلى وال شوركت فيه« وأبي الطيب يقول في الحمي:

إذا ما فارقتني غلتني كأنما عاكفانعلى حرام

وهل هذا إلى ذاك بعينه أبو الطيب أحسن لفظا لقوله:»كأنا عاكفان على حرام« وصح له ذلك قوله:»وزائرتي كأن بها حياء«.

ذكره صاحب اإلعالم باسمه فقط " علي ابن الحسين " ولم يزد شــيئا في ترجمتــه.)(ــ 1ولم أقف على شيء من أخباره.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فالزيارة والحياء يقتضيان ما أشار إليه ألنهما ليسا من شأن الزوجة ولكن من شأن المعشوقة, ولم يصرح بلفظ الزنى كما

صرح الثعالبي وابن هندو ومع ذلك لمعناه أصبح بنية وأكثر تمكنامن جهة أخرى.

وذلك أنه وصفه من نفسه وزائرته زمرا وأنثى قد يقع بينهم..فقد قال الثعالبي:

»إذا زنت عيني بها« وقال ابن هندو: زنت عيني بطلعة وجهه« ولو قال »زنى ناظري أو لحظي لكان أصح ألن األنثى وهي العين

ال تزني بالطلع ال باإلنسانة إلى آخر ما أورده ابن رشيد عن مقياس توارد الخواطر.

وما كان أغناه عن هذه الشواهد بغيرها مما ال يقع تحت ردئاللفظ والمعنى.

خامسا: الصنعة والتكلف: وقد شغل هذا المقياس النقدي ما يزيد على خمس صفحات من

القراضة ناقشه ابن تحت: – ساقط المعنى.1 – هجين اللفظ.2 – بارد االستعارة.3

وما أوقع الشعراء في الصفة والتكلف إال هذه الخصال. ومثالذلك قول األعشى:

ومدامة مما تعتق بابل كدم الذبيحسلبتها جريا لها

قال ابن رشيق سئل األعشى عن هذا المعنى فقال شربتها جمراء وبلتها بيضا فتناول ابن المعتز هذا المعنى وليته لم يفعل

فقال: وال يزال وكأس الشرب دائرة يبول هما ويحسو

اللهو والطربا غير أنه جاء هجين اللفظ بال االستعارة ال سيما وقد وقع الحسو

بعد البول, وأين هذا من قوله: لم ترد ماء وجهه العين إال شرقت قبل ريها

برقيب سبحان من بنى اإلنسان على النقصان ولم يعط أحدا من خلقه

الكمال. ونقول هنا: إن نقد ابن رشيق لهذه الشواهد من خالل مقياس

الصنعة والتكلف نقد صائب قوامه الذوق الرفيع. فألفاظ هؤالء الشعراء ألفاظ مرذولة ومعانيهم معاني ساقطة

تلك عاقبة اإلفراد والتكلف وما أصدق أبي هالل العسكري:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

»فمن أراغ معنى شريفا تخير له لفظا كريما فحق المعنى .(2) والمعاني أرواح واأللفاظ أجساد«(1)الشريف في اللفظ الكريم

فانظر إلى أي حد بلغ هؤالء الشعراء بمعانيهم وألفاظهم من الرذيلة التي أسلمتهم إلى التكلف وقبح الصنعة.

ولو تخير ابن رشيق من شواهد الشعر في هذه المعاني شواهد أخرى لكان أحسن إجادة وإفادة, وال شك أن حسن االختيار فن أدبي قوامه الذوق السليم. فهال صنع ابن رشيق صنيع أبي هالل العسكري في مختاراته التي زخر بها كتابه ديوان المعاني, ذلك

السفر النفيس الذي حوى من المعاني دررها حتى ولو كان العرض الشعري في الخمرة وما يتبعها ولذلك نرى حكم أبي هالل على

هذه المعاني وأشباهها منطلقة من النظرة في جزئيات البيت من الشعر كقوله:»ومن رقيق المعاني في صفة الخمر قول األعشى:

تريك القذى من دونها وهي دونه.. وقوله: وأحسن ما قيل في الشروق وأتمه قول ابن الرومي,

.(3)وأتى بشيء لم يسبق إليه وهو تشبيه الحباب بغلق اللؤلؤ..« لها صريح كأنه ذهب ورغوة كالآللئ

الغلق وتحت مقياس الصنعة والتكلف درس ابن رشيق نظم المنثور

ونثر المنظور واألوزان والقوافي. وال جديد له في هذه المقاييس فقد وسعها درسا نقاد آخرون كأبي هالل وابن األثير وغيرهما. وال أرى ما هو جدير بالذكر مما

أورده حول هذه المقاييس. سادسا: ما يحصره التاريخ وتقيده األزمنة:

وهذا من أجود المقاييس النقدية التي درسها ابن رشيق في القراضة الرغم من إيجازه مناقشة هذا المعيار النقدي وقلة

شواهده فلم يشغل من القراضة سوى ثالث صفحات وفي ذلك يقول:»وال بد ها هنا من نبذ أذكرها من اتفاق الشاعرين

المتعاصرين على بعد ما بينهما إذا اتفق موصوفهما أو تقاربا كقول أبي سعيد الرستمي في دار بناها الصاحب بن عباد:

متى ترها خلت السماء سرادقا عليهاوأعالم النجوم تماثال

وقول أبي القاسم بن هاني في جعفر بن علي بالمغرب: فكأنما ضرب السماء سردقا بالزاب أو

رفع النجوم قبابا

نقال من األصل من صحيفة بشر ين المعتر.140الصناعتين ألبي هالل العسكري ص )( 1 .167المصدر السابق ص )( 2 ألبي هالل العسكري. 305 ص 1ديوان المعاني جـ )( 3

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فقد اتفقا ال محالة ألنهما متعاصران, وابن هاني أقدمهما على كل حال. وكثيرا ما أورد أبيا الحسن التهامي حتى أتهم نفسي فيما

أعلم ويعمل الناس أني قد سبقته إليه علم ضرورة ويحصره التاريخ إال أن المشرق فضيلة ومزية. ومثل هذا ما جرى لعلي

التونسي األيادي فإنه قال قصيدته: جادتك صادقة المخائل طوع الجنائب

والشمائل دانية الرباب تكاد تلمس باألنامل (1)مرهاء

يخاطب بها أبا القاسم عبدالله وابنه إسماعيل ويخصه على الخروج من حصار المهدية إلى قتال أبي يزيد وهي مشهورة

بالمغرب. وقال السري بن أحمد الموصلي يمدح أبا الحسن أحمد بن

إبراهيم بن فهد: جاءت مولعة الكواهل تختال صادقة

المخائل كحالء حالية بكت حي انتهت مرهاء

عاطل وهذا وإن لم يكن وفاقا وما أراه فهو استضعاف بحقه. وقد روت

الرواة من أهل الشام قصيدته: صولج ال مين من عذارين في ذهبين

جوهريين أبي الفرج الوأواء فذهب بها بأسرها, وال يرويها مغربي إال لعلي التونسي. والمتأخر باألخذ من المقدم أولي باألخذ من المتأخر, إال أن عليا التونسي وإن كان أقدم فقد عمر عمرا طويال حتى عاصر هذين الرجلين, ألنه أدرك المعز وامتدحه بها وكان قد تخلف عنه

بالقيروان, وخرج في البحر يريده فأسر ببالد الروم ثم تخلص إليه. ومما يحصره التاريخ من السرقات وتقيده األزمنة قول أبي

في المتوكل: (2)العيناء قالوا امتدحت الملك قلت لهم أخاف أن ال

أحده بصفة وكيف يعطي على المدائح من كان أبو

السمط عند طرفة )( مرهــاء: المــرء بفتح الميم والــراء وضــم إليهــا الســحاب األبيض الــذي ال ســواد فيــه1

والمرهة حفيرة يجتمع فيها الماء. لسان العرب مادة مره. أبو العيناء محمد بن القاسم من خالد بن ياسر الهاشمي بالوالء أديب فصــيح اشــتهر)(ــ 2

ــده بنوادره ولطائفه كان ذكيا حسن الشعر مليح الكتابة والترسل أصله من اليمامــة ومول بــاألمراز ووفاتــه في البصــرة تــرحم لــه ابن خلكــان وابن الــوردي والمرزيــاني والنــويري

والزركلي وغيرهم.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

كأن إنشادنا مدائحه أنصاف كتبليست بمؤتلفة

أخذه من حبيب ال محالة, وكان أبو العيناء أسن ألنه قال فيالمتوكل.

وقول حبيب: عذال شبيها بالجنون كأنما قرأت به

الورهاء شطر كتاب في قصيدة يمدح بها مالك بن طوق في أيام المعتصم أو الواثق

فلوال هذا التوقيف لقضي أن حبيبا أخذه من أبي العيناء. سابعا: مقياس الذوق وطبع الفطرة:

وهذا المقياس في القراضة جاء عرضا لم يعتمد فيه ابن رشيقعلى شيء من شواهد الشعر أو النثر.

وما كان أجود منهجه لو درس هذا المقياس النقدي وفق نماذج من الشعر لعد من الشعراء وناقشه من خالل الموازنة بين

النصوص, ألن مثل هذا المقياس ال تبين جدوا في تقويم األعمال األدبية إال من خالل الموازنات األدبية بين كالم شاعر وشاعر,

وكالم كاتب وكاتب, وكالم خطيب وخطيب. ويكفي أن ابن رشيق جعل الذوق الرفيع وطبع الفطرة حجة

شاهدة بينة واضحة ال تدركها شبهة إذا قصد اإلنسان العدل وترك انتهى ما ورده عن هذا المقياس.(1)التعصب

وإذا كان مقياس الذوق السليم وطبع الفطرة مع قصد االعتدال في الحكم وترك التعصب من أهم مقاييس النقد في حدود

االعتدال فإن ابن رشيق قد وقع في هذا العيب حيث بأن تعصبه لشعر امرئ القيس الذي لم يناقش مقياسا واحدا من مقاييس النقد في القراضة إال في ضوء أشعار امرئ القيس في مختلف

أغراض شعره. حتى كادت هذه المقاييس أن تدخل في إطار الموازنات األدبية

بين شعر امرئ القيس وغيره من الشعراء ممن سبقه وممن جاء بعده.

وخالصة القول في مقاييس النقد عند ابن رشيق في القراضة أنها مقاييس نقدية كبرى قوم بها ابن رشيق طائفة كبيرة من

أقوال الشعراء, ولم تكن بحثا خاصا بالسرقات األدبية ومزج بها روح البالغة وبروح النقد, ولك يكتف بالنظرة الجزئية العابرة بل

قوم هذا البيت وفق ما فيه من مساوي. وجعل فنون البالغة من بيان ومعاني وبديع أثرا كبيرا في تقوم

هذه األعمال األدبية التي ساقها في قراضته..21القراضة ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

على نحو مما مر ذكره في عرض مقاييسه البالغية والنقدية في الفصل األول من هذه الدراسة واستبانت طريقته في تقويم

النصوص التي أوردناها في الفصل الثاني. ويبقى أن نعرض لشيء من الموزونات األدبية بين جهود ابن

رشيق في القراضة وجهود غيره من النقاد الذين سبقوه والذين عاصروه والذين جاءوا بعده.

وها هو موضوع الفصل الثالث من هذه الدراسة.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

الفصل الثالثموازنة بين جهود ابن رشيقفي القراضة وجهود غيره

– التأثر والتأثير. 1 – القضايا النقدية المشتركة خالصة آراء ابن رشيق النقدية2

الواردة في القراضة.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

لمحة عن الموازنات في النقد األدبي تعد الموازنات النقدية بين كالم وكالم وشعر وشعر من أبرز المقاييس النقدية التي اتخذها النقاد قديما وحديثا معيارا نقديا

يقومون بواسطته األعمال األدبية سواء في ضوء النصوص التي يدرسونها للجاحظ وكالذي نقرأه في الصناعتين ألبي هالل العسكري وكالشواهد من نصوص الشعر والنثر في كتاب

عبدالقاهر الجرجاني. وسواء يقومون بمعيار الموازنة األعمال األدبية بين شاعر وشاعر

أو بين مدرسة أدبية في النقد وبين مدرسة أخرى. أما المنهج األول في الموازنات األدبية فنلحظه في نقد الجاحظ في كتابه البيان والتبيين من مثل قوله عن حسن البيان ووضوح

المعاني بين كالم أديب وأديب يقول علي رحمه الله: »قيمة كل امرئ ما يحسن فلو لم نقف من هذا الكتاب – يعني

ما كتبه علي رحمة الله – إال على هذه الكلمة لوجدناها شافية كافية ومجزئة مغنية بل لوجدناها فاضلة عن الكفاية وغير مقصرة

عن الغاية.. قال الجاحظ: قال عامر بن عبدالقيس:»الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب وإذا خرجت من اللسان لم

تجاوز اآلذان«. وقال علي بن الحسين بن علي رحمهما الله: لو كان الناس

يعرفون جملة الحال في فضل اإلستبانة, وجملة الحال في صواب التبيين ألعربوا عن كل تخلج في صدورهم ولوجدوا من برد اليقين

ما يغنيهم عن المنازعة إلى كل حال سوى حالهم: قال الجاحظ: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:»المسلمون سواسية

كأسنان المشط. وقال الشاعر: سواء كأسنان الحمار فال ترى لذي شيبه

منهم على ناشئ فضال وإذا أنت تبينت التشبيه في القول النبوي وفي هذا البيت أدركت

. (1)ما بين الكالمين« وإيراد الجاحظ الكثير من النصوص من كالم األنبياء والحكماء

والخطباء والشعراء مما زخر به البيان والتبيين إنما هو طريقة من طرق الموازنات األدبية بين كالم وكالم, وكثيرا ما يفاضل بين بيت في الحكمة وبيت في الغزل والنسيب وبيت في المديح وآخر في

الفخر, وبين خطبة في الجهاد وخطبة في الموعظة وأخرى في المنافرة والمفاخرة.

فهو بهذا العمل األدبي أول من فتح الموازنات في النقد األدبيعلى هذا النحو الذي سار عليه.

.1 وما بعدها جـ 83البيان والتبيين ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

بل إن طرق الموازنات ما كان يجري في مجالس العرب ومنتدياتهم من نقد جزئي يقوم على عرض شعر من كالم األعشى

مثال وشعر من كالم زهير إلى نماذج من شعر حسان رضي الله عنه وشعر من كالم الخنساء. وغيرهم ويوازن بين كل نص ونص

حكم من نقاد األدب كالذي جرى في األسواق األدبية كسوق عكاظ وذي المجنة والمجاز وغيرها من أسواق ومنتديات العرب في

الجاهلية وفي اإلسالم وصدر دولة بني أمية وكذلك العصر العباسي مما ال مجال لذكره في هذا المدخل الموجز. ويكفي في ذلك ما كان يجري في مجالس الخلفاء العباسيين ممن لهم بصر بالشعر

والنثر وحب المطارحات األدبية. وظلت الحال على ذلك حتى سلكت الموازنات في النقد األدبي منهجا جديدا يقوم على عرض

نصوص األدب وفق دراسة متكاملة تعتمد على حسن العرض والبرهنة واالحتجاج كالذي في كتاب: الواسطة بين المتنبي

هـ(.366وخصومه لعلي بن عبدالعزيز الجرجاني )ت وكتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري للحسن بن بشر

هـ( ومن ألوان الموازنة في هذين األثرين370اآلمدي )ت النفيسين قول الجرجاني:

»التفاضل – أطال الله بقاءك – داعية التنافس, والتنافس سبب التحاسد وأهل النقص رجالن: رجل أتاه التقصير من قبله وقعد به

عن الكمال اختياره, فهو يساهم الفضالء بطبعه, ويحنو على الفضل بقدر سهمه. وآخر رأى النقص ممتزجا بخلقه ومؤثرا في

تركيب فطرته فاستشعر اليأس من زواله, وقصرت به الهمة عن انتقاله فلجا إلى حسد األفاضل, واستغاث بانتقاص

. (1)األثل............« ويقول أثناء موازنته بين الشعر الجيد في لفظه ومعناه: وإذا

أرادت أن تعرف موقع اللفظ الرشيق من القلب, وعظم غنائه في تحسن الشعر فتصفح شعر جرير وذي الرمة في القدماء والبحتري

في المتأخرين, وتتبع نسيب متيمي العرب, ومتغزلي أهل الحجاز كعمر وكثير وجمل ونصيب وإضرابهم وقسهم بمن هو أجود منهم

شعرا وأفصح لفظا وسبكا ثم انظر وأحكم وأنصف ودعني من قولك:»هل زاد على كذا« وهل قال إال ما قاله فالن« فأن روعة

اللفظ تسبق بك إلى الحكم, وإنما تفضي إلى المعنى عند التفتيش والكشف, ومالك األمر في هذا الباب خاصة ترك التكلف ورفض

التعجل واالسترسال للطبع, وتجنب الحمل عليه والعنف به, ولست أعني بهذا كل طبع, بل المهذب الذي قد صقله األدب, وشحذته

من المقدمة. 1الوساطة ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

الرواية, وجلته الفطنة وألهم الفصل بين الرديء والجيد, وتصورأمثلة الحسن والقبح.

ومتى أردت أن تعرف ذلك عيانا وتستثبته مواجهة فتعرف فرق ما بين المصنوع والمطبوع, وفضل ما بين السمح المنقاد والعصي

المستكره فاعمد إلى شعر البحتري, ودع ما يصدر به االختيار, وبعد في أول مراتب الجودة, ويتبين فيه أثر االحتفال, وعليك بما

قاله عن عفو خاطره وأول فكرته كقوله: أالم على هواك وليس عدال إذا أحببت

مثلك أن أالما أعيد في نظرة مستثيب توخي األجر

أو كره األثاما تري كبدا محرقة وعينا مؤرقة وقلبا

مستهاما تناءت دارة علوة بعد قرب فهل ركب

يبلغها السالما وجدد طيغها عتبا علينا فما يعتادنا إال

لما ما ثم انظر هل تجد معنى مبتذال ولفظا مشتهرا مستعمال, وهل ترى

صنعة وإبداع أو تدقيقا أو إعرابا, ثم تأمل كيف تجد نفسك عند إنشاده, وتفقد ما يتداخلك من االرتياح, ويستخفك من الطرب إذا سمعته, وتذكر صبوة إن كانت لك تراها ممثلة لضميرك ومصورة

. (1)تلقاء ناظرك من ألوان الموازنة عند اآلمدي قوله في المفاضلة بين شعر أبي تمام وشعر البحتري:»فإن كنت – أدم الله سالمتك – ممن يفضل

سهل الكالم وقريبه ويؤثر صحة السبك, وحسن العبارة, وحسن اللفظ, وكثيرة الماء والرونق فالبحتري عندك أشعر ضرورة.

وإن كنت تميل إلى الصنعة, والمعاني الغامضة, التي تستخرج بالغوص والفكرة وال تلوي على ما سوى ذلك فأبو تمام عندك

أشعر ال محالة. فأما أنا فلست أفصح بتفضيل أحدهما على اآلخر, ولكن أوازن

بين قصيدة وقصيدة من شعرهم إذا تفقتا في الوزن والقافية وإعراب القافية, وبين معنى ومعنى ثم أقول أيهما أشعر في تلك

القصيدة, وفي ذلك المعنى؟ ثم احكم أنت حينئذ إن شئت على جملة ما لكل واحد منهما إذا أحطت علما بالجيد والرديء.

والذي يظهر من منهج الموازنة في كتاب اآلمدي لم يسلك ما ذكره من إيراد قصيدتين متفقتين معنى ووزنا وقافية, وإنما كان

وما بعدها.24المصدر السابق ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

يكتفي بإيراد بيت واحد أو بيتين أو مقطوعتين ال تبلغان مبلغ القصيدة. ثم يوازن بين معنى هذا البيت ونظمه وإبراز خصائصه الفنية عند البحتري ومثله أبو تمام حتى خرج منهج الموازنة إلى

طائفة كثيرة من الموضوعات التي درسها في كتابه ومنها: سرقات أبي تمام:

ما غلط فيه أبو تمام من المعاني واأللفاظ. أخطاء أبي تمام في المعاني واأللفاظ.

ما في شعر أبي تمام من قبيح االستعارات. ما جاء في شعر أبي تمام من قبيح التجنيس.

سرقات البحتري: ما أخذه من معاني أبي تمام.

ما ادعى فيه أبو الضياء بشر بن يحيى الكاتب السرقة من أبي تمام وهو غير مسروق ما جاء به أبو الضياء على أنه مسروق من

أبي تمام والمعنيان مختلفان ليس بينهما اتفاق وال تناسق. ما أخطأ فيه البحتري من المعاني.

ما عيبه البحتري وليس بعيب. اضطراب األوزان في شعر البحتري.

باب في فضل أبي تمام. باب في فضل البحتري.

إلى غير ذلك من موضوعات جزئية تدخل في صميم الموازنة: كابتداءات الشاعرين.

االبتداءات بذكر الوقوف على الديار. ما ابتدأ به من ذكر تعفية الدهور واألزمان للديار.

البكاء على الديار. سؤال الديار واستعجامها عن الجواب.

وهذه الموضوعات وغيرها مما ساقه اآلمدي لم يخص بها شعر أبي تمام وحده وال شعر البحتري وحده فهناك نصوص من جيد

شعر العرب يسوقه اآلمدي أثناء دراسته لمختلف النصوص التييذكرها.

فمرة شاهد من شعر النابغة, ومرة شاهد من شعر األعشى, ومرة من شعر مسلم بن الوليد, ومرة من شعر البعيث الحنفي,

ومرة من شعر العباس بن األحنف وهكذا. ويتجلى في موازنة اآلمدي تغلغل السرقات األدبية في ثنايا

موضوعات الكتاب من أول موضوع فيه فال يكاد يخرج عن إيضاح اآلخذ والمأخوذ كقوله:

قال الطائي:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

والشيب إن طرد الشباب بياضه كالصبحأحدث للظالم أفوال

أراد قول الفرزدق: والشيب ينهض في الشباب كأنه ليل يصيح

بجانبيه نهار فقصر عنه.

وقال قيس بن ذريح: بليغ إذا يشكو إلى غيرها الهوى وإن هو

القاها فغير بليغ أخذه الطائي فقال:

لم تنكرين مع الفراق تبلدي وبراعةالمشتاق أن يتبلدا

وقال الحطيئة: إذا هم باألعداء لم يثن همه حصان

عليها لؤلؤ وشنوف أخذه كثير فقال:

إذا ما أراد الغزو لم يثن همه حصانعليها نظم در يزينها

وأخذ الطائي فخلط, لقصده إلى مجانسة اللفظ والمطابقةفقال:

عداك حر الثغور المستضامة عن برد الثغور(1)وعن سلسالها الحصب

ويبين في موازنة اآلمدي الحكم على األعمال األدبية التي أوردها مقتصيا الخصائص الفنية للكثير من األبيات وبخاصة ما يتعلق

بخصائص المعاني. وحين يستقصي خصائص المعاني ال يكتفي بالنظرة الجزئية

العابرة فحسب وإنما يعلي خصائص المعنى في اللفظة المفردة والجملة والتركيب ويغوص في أعمال المعنى اللغوي لهذه

الجزئيات. ويبين في موازنته تعصبه للبحتري أكثر من أبي تمام على الرغم

من حذره الذي أخذه على نفسه في مقدمة الكتاب. وخالصة القول: أن الموازنات األدبية في تاريخ النقد األدبي

تدرجت من النقد الجزئي إلى النقد الموضوعي الذي يستوعب فيه الناقد خصائص العمل األدبي مما يدعو إلى التصنيف والتأليف وهذا

ما نجده في الوساطة والموازنة.

.65, 64, 6, 5الموازنة لآلمدي ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

حتى إذا جاء العصر الحديث ألفينا ألوانا من الموازنات تقوم على دراسة األدب دراسة نقدية تتناول باإلجمال والتفصيل خصائص

األدب وفق دراسات موضوعية موسعة تتناول باإلجمال والتفصيل خصائص األدب وفق دراسات موضوعية موسعة تتناول خصائص

األدب موازنة بين عصر وعصر, وموازنة بين خصائص كل مدرسة وكل مذهب في النقد كالذي ألفه النقاد المعاصرون في ثنايا

آثارهم النقدية عن المدرسة األدبية عند الغرب والمدرسة عندالشرق.

وكالذي تناوله النقاد أيضا عن خصائص المدرسة األدبية القديمة والمدرسة الحديثة فتقرأ كالما عن خصائص المذاهب األدبية

كالكالسيكية والرومانتيكية والرمزية والمذهب السريالي والمدرسة األدبية اإلسالمية. وكأسلوب الموازنات عن مناهج البالغة والنقد عند القدماء فهناك دراسات نقدية معاصرة عنيت بدراسة منهج

المدرسة السكاكية, ودراسات عنيت بالتأليف عن مدارس التجديد كإبراز جهود عبدالقاهر الجرجاني ومن نحا نحوه كالزمخشري

والفخر الرازي والعلوي صاحب الطراز. ونجد بعض الدراسات المعاصرة تنحو منحى المتقدمين في منهج

الموازنة بين أديب وأديب وبين بالغي وبالغي وناقد وناقد. ففي الوساطة بين البالغيين ومحمد بن علي الجرجاني للدكتور عبدالستار زموط لون من ألوان الموازنات التي كانت سائدة عند القدماء فقد وازن الدكتور زمرط بين جهود محمد علي الجرجاني

وجهود غيره من البالغيين في أربعة فصول من كتابه هذا علىالنحو التالي:

– بين اإلمام عبدالقاهر الجرجاني ومحمد بن علي الجرجاني.1 – بين السكاكي ومحمد بن علي الجرجاني.2 – بين الخطيب القزويني ومحمد بن علي الجرجاني.3 – بين الجرجاني وبالغيين آخرين ومنهم:4 هـ(.420 – علي بن عيسى الربعي )ت 1 هـ(.466 – ابن سنان الربعي )ت 2 هـ(.528 – جار الله محمود بن عمر الزمخشري )ت 3 .(1)هـ(646 – جمال الدين أبو عمر بن الحجب )ت 4

وأخالنا بعد هذا المدخل الذي ناقشنا من خالله منهج الموازنات في النقد ندلف إلى عقد موازنة بين جهود ابن رشيق القيرواني

في القراضة وجهود غيره ممن سبقه وممن جاء بعده وممنعاصره فنقول:

انظر الوساطة بين البالغيين ومحمد بن علي الجرجاني للــدكتور عبدالســتار زمــوط)(ــ 1 وما بعدها. 167ص

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

-1- إن أول ما يكسبه الناقد مسألة التأثير. ومن هنا فإن ابن رشيق

القيرواني قد تأثر بجهود غيره ممن سبقه, وذلك في عدد من القضايا النقدية التي درسها في القراضة وفي مقدمتها السرقات,

وكذلك في عدد من المسائل البالغية التي درسها في كتابه العمدةوفي القراضة - أيضا -.

ولعل من أقدم العلماء الذين خصوا الشعر العربي ببحث خاص يتناول أغراضه ومبانيه ومعانيه وخصائصه اإلمام أبو العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب في كتابه »قواعد الشعر«. وهو كتاب

صغير الحجم جم الفائدة يدل على حصافة عقل وغزارة علم ومعرفة بالشعر رواية وحفظا فقد أكثر فيه من شواهد الشعر جيده ورديئة. وتحدث عن عدد من السائل البالغية كالتشبيه,

واالستعارة, واإلفراط في اإلغراق, ومجاورة األضداد. وحيث عني ابن رشيق في قراضته بدراسة عدد من المسائل

البالغية فإنه قد تأثر وأفاد من آراء ثعلب في مناقشة الفنون البالغية التي وردت في قواعد الشعر. فالتشبيه مثال عن ثعلب فن

من فنون الشعر, وألن قواعد الشعر عنده أربعة أمر ونهي وخبر واستخبار, وهذه القواعد األربع أصول تتفرع إلى مدح وهجاء

ومراث واعتذار وتشبيب وتشبيه واقتصاص أخبار. ومعلوم أن حسن التشبيه وقبحه, وجودته, ورداءته تزيد في حسن البيت من الشعر وقوته, وتنقص من قدره فتسلمه إلى

الرداءة ولذلك درس ثعلب التشبيه وطبقه على كثير من شواهد الشعر في عدد من األغراض.

ونلحظ هذا االتجاه في دراسة التشبيه عند ابن رشيق في القراضة ينحو هذا المنحى فإنه قد جعل من فن التشبيه ما يمكن

أن يقوم به البيت من الشعر في ضوء الحسن والقبح والجودةوالرداءة.

وإن لم يفصح عن هذا االتجاه, ولكن تعرضه للتشبيه في عدد من األبيات التي درسها المرئ القيس وغيرها من الشعراء تدل على

إفادته من طريقة ثعلب الذي عد التشبيه فرعا من أصل في حسن البيت وقبحه وجودته وردائه.

يقول ابن رشيق: كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها

العناب والحشف البالي وهذا قول تقدم فيه جميع الناس ونازعه فيه جماعة لم يصنعوا

شيئا حي أتى بشار وهو في المولدين مثل امرئ القيس في الجاهلية فقال بشار. يعني بشارا:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليلتهاوى كواكبه

فباعد أيضا كما باعد المتنبي أوال, وإن كان الحذو واحد إال فيالمقابلة غير أنه أجاد وال مثل األول.

والمالحظ على البيت وروده في القراضة بلفظ »رؤوسهم«. قال: ومن مليح التشبيه قوله – يعني امر القيس – يصف الدبيب: سموت إليها بعدما نام أهلها سمو حباب

الماء حال على حال فلم يقدم عليه أحد غير أنه فتح الباب لوضاح اليمن وقيل ابن

ربيعة فقال: وأسقط علينا كسقوط الندى ليلة ال ناه وال

(1)زاجر

إلى غير ذلك من الشواهد الكثيرة التي ساقها ابن رشيق على فن التشبيه وحكم ألصحابها في ضوئه متبعا منهج ثعلب ونظرته

إلى أثر التشبيه في أقوال الشعراء ما بين مجيد ومقصر, ومحسنومسيء.

ومن الفنون التي درسها ثعلب في كتابه »قواعد الشعر« فن االستعارة وعرضها قائال:»أن يستعار للشيء اسم غيره أو معنى

سواه كقول امرئ القيس في صفة الليل: فقلت له لما تمطى بصلبه وأردف

إعجازا وناء بكلكل إلى غير ذلك من الشواهد التي أوردها ثعلب على فن االستعارة

كقول تأبط شرا في شمس بن مالك: إذا هزه في وجه قرن تهللت نواجذ أقواه

المنايا الضواحك وال نواجذ للمنية وال فم.

وكقول أبي ذؤيب: وإذا المنية أنشبت أظفارها ألغيت كل

تميمة ال تنفع وال ظفر للمنية:

ويورد ابن رشيق طائفة من الشواهد صنيع اإلمام ثعلب منوها عن حسن االستعارة وتأثيرها في جالء المعنى عند الشاعر كقوله

في هذا الباب:»وأول ما أبدأ به من ذلك ما كان من جهة االستعارة كقوله – يعني امرأ القيس - :»بمنجرد قيد األوابد هيكل«.

قال:»فإنه أول من قيدها, سبق إلى االستعارة البديعة فاتبعهالناس«.

.27, 25, 24القراضة ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ويمضي ابن رشيق في سرد شواهد االستعارة فيذكر قول امرئ القيس الذي استشهد به ثعلب في صفة الليل من قوله السابق:

فقلت له لما تمطى بصلبه وأردفإعجازا وناء بكلكل

قال ابن رشيق: فاستعار لليل صلبا وإعجازا, وجعله كالجمل. (1)البارك

ومما نلحظه على ابن رشيق في القراضة إنه لم يذكر من أفاد منهم من البالغيين والنقاد سواء من سبقه أو من عاصره. ويتفق ابن رشيق مع ثعلب في مسائل بالغية أخرى كفن

»المبالغة« الذي سماء ثعلب »اإلفراط في اإلغراق« ودرسه ابن رشيق في القراضة تحت »المبالغة« والتتبع والتتميم واالحتراس. فقال: ومن باب المبالغة قول امرئ القيس يصف حلي امرأة: كأن لباتها جمر مصطل أصاب غضا

جزال وكف بأجزال ومن مبالغاته قوله في التتميم واالحتراس:

مأن عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا الجوعالذي لم يثقب

قال فتناوله زهير قائال: كأن فتات العهن في كل منـزل نـزلن به

حب الغنا لم يحطم وهو كثير في شعر امرئ القيس ويسمي أصحاب البديع ما كان

مخصوصا من هذا النوع بالقافية »اإليغال والتتبيع« وما كان من أضعاف البيت »المبالغة والتتميم« إلى آخر ما ذكره حول هذا الفن

متأثرا بنظرة ثعلب وموردا بعض شواهده. ومن الفنون التي أفادها ابن رشيق من اإلمام ثعلب ما سماء »مجتورة األضداد« وسماه ابن رشيق »المطابقة« كغيره من

البالغيين من مثل ابن المعتز وغيره. وساق شواهد هذا الفن على النحو الذي فصلنا القول فيه في

الفصل األول والفصل الثاني من هذه الدراسة. والخالصة أنه بين ابن رشيق واإلمام ثعلب تشابه كبير في تناول

هذه الفنون ودراستها واستخالص أسرار الجمال في التعابير األدبيةمن خاللها.

ويتضح تأثر ابن رشيق بثعلب في المنهج أكثر من توجيه الشواهد ومناقشتها وألن الغالب على منهج ابن رشيق في القراضة تتبع أسرار الجمال في النص األدبي من خالل فنون البالغة والغالب

.22, 21)( القراضة ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

على منهج ثعلب دراسة الفنون البالغية دراسة قاعدية تعني بحصراألقسام وتعريف الفن البالغي:

ومن جملة من أفاد منه ابن رشيق في موضوعات قراضته سواء في البالغة أو في النقد أو فيهما معا أو الحسن محمد بن طباطبا

في كتابه:»عيار الشعر« ذلك السفير النفيس الذي تكلم فيه على »فن الشعر وأدواته التي يجب إعدادها قبل مراسه وتكلف نظمه,

وما يبين به الشعر عن المنثور وعن صناعة الشعر, وما يسلكه الشاعر في تأليفه, وعن المعاني واأللفاظ ووجوب العناية بهما,

وعن أشعار المولدين وما يستحسن فيها, وعن طبيعة الشعر الجاهلي والمثل األخالقية التي بنى عليها العرب أهاجيهم

ومدائحهم, وعن العلة في استحسان الشعر. ومن أهم المباحث البيانية عند ابن طباطبا كالمه على التشبيهات

وضروبها وذكر االبتداء, والتعريض, واالختصار. اإلغراق, وذكرالتخلص إلى المعاني.

إلى جانب آرائه المستفيضة فيما يستحسن ألجله الشعر, وما مع حسن العرض(1)يغلب فيه مما هو من صميم المباحث النقدية«

ولبرهنة واالحتجاج على الحكم بإيراد الشواهد الكثيرة التي تدل على سعة إطالع طباطبا ومحفوظة الكثير من الشعر العربي.

وتلك الجهود أفاد منها إن رشيق في كثير من الشواهد واستنار بطائفة من اآلراء النقدية السديدة مما أفاض فيه ابن طباطبا.

وبخاصة ما أورد من شواهد التشبيه وغيره من الفنون البالغيةالتي درسها في ضوء منهج ابن طباطبا.

وكذلك في استقصاء خصائص األلفاظ والمعاني. غير أن طريقة ابن طباطبا في دراسة هذه الخصائص أشمل وأرحب من طريقة ابن رشيق الذي تناول بإيجاز شديد هذه الخصائص فلم يزد على

قوله حسن اللفظ ولطف المعنى والزيادة فيه. إذا أردنا أن نوازن بين منهج ابن طباطبا ومنهج ابن رشيق فيما

تطرقا إليه في بحث مقياس من مقاييس النقد التي وردت في عيار الشعر, وفي القراضة فإننا سنلحظ التأثير واضحا فيما حذاه

ابن رشيق من اتجاه ابن طباطبا وطريقته. فمن جملة ما تأثر به ابن رشيق من مباحث النقد عند ابن

طباطبا الكالم على مسألة الطبع والذوق الفطري والقوافي وأثر ذلك في حسن البيت من الشعر وقبحه وجودته ورداءته.

يقول في القراضة في معرض الحديث عن هذه المقاييس:»الشعر. أسعدك الله. كالم منظوم بائن عن المنثور

.135)( البيان العربي, د. بدوي طبانة ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

الذي يستعمله الناس في مخاطباتهم بما خص من النظم الذي إن عدل عن نهجه مجته السماع, وفسد الذوق.

ونظمه معلوم محدود فمن صح طبعه وذوقه لم يحتج إلى االستعانة على نظم الشعر بالعروض التي هي ميزانه, ومن

اضطراب عليه الذوق لم يستغن من تصحيحه وتقويمه بمعرفة العروض والحذق به حتى تعتبر معرفته المستفادة كالطبع الذي ال

تكلف معه. وللشعر أدوات يجب أعدادها قبل مراسه وتكلف نظمه منها:

التوسع في علم اللغة والبراعة في فهم اإلعراب, والرواية لفنون .(1)األدب والمعرفة بأيام الناس وأنسابهم ومناقبهم ومثالبهم«

وفي معرض الحديث عن هذه المقاييس في القراضة يقول ابن رشيق:»وأنا أقتصر من جميع الشعراء في أكثر ما أورده على

امرئ القيس ألنه المقدم ال محالة, والمميز الحاذق بطريق البالغة يجد لكالمه من الفضيلة في نفسه ما ال يجد لغيره من كالم

الشعراء والبحث والتفتيش يزينانه جالله, ويوجبان له على ما سواه مزية ويشهد الطبع وذوق الفطرة لذلك شهادة بينة واضحة

. (2)ال تدركها شبهة إذا قصد اإلنسان العذب وترك العصب« فذكر الذوق وطبع الفطرة وأثر ذلك على تمييز الشعر الجيد من

الردئ، وأثر ذلك في طريقة نظم الشاعر بيته تناوله ومعانيه. قال: "وال بد ها هنا من نبذ أذكرها من اتفاق الشاعرين

المتعاصرين على بعد ما بينهما إذا اتفق موصوفها. قال: ومما يحصره التاريخ وتقيده األزمنة من السرقات قول أبي

العيناء في المتوكل: قالوا امتدحت اإلمام قلت لهم أخاف أن ال

أحده يصفه وكيف يعطي على المدائح من كان أبو

السمط عنده طرفة كأن إنشادنا مدائحه أنصاف كتب

ليس بمؤتلفة (3)أخذه من حبيب ال محالة وكان أبو العيناء أسن منه..

فهناك تحدث ابن رشيق عن التاريخ وما تقيده األزمنة, وتلك نظرة ابن طباطبا الذي جعل من أدوات الشعر »معرفة أيام الناس وأنسابهم ومناقبهم ومثالبهم, وأن هذه المعرفة هي معرفة التاريخ,

ألنه يرصد حركات البشر في سلمهم وحربهم وصالة بعضهم

وما بعدها.3عيار الشعر البن طباطبا ص )( 1 .21, 20)( القراضة ص 2 .103, 100القراضة ص )( 3

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ببعض, ويسجل مآثرهم وما يحمد لهم وما يمدحون به, ويسجل مثالبهم ما يكره منهم ويرى أعماقها ويتعرف وجهي السجايا

والطباع فإذا وصف لم يخطى الوصف إذا نسب لم يخطى. (1)النسبة«

ويتحدث ابن طباطبا عن األوزان والقوافي »فيشيد باألبيات المحكمة الرصف التي تتناسق ألفاظها وقوافيها بحيث ال يجري

فيها أي اضطرار أو خلل من حشو أو تطويل أو قلق في. (2)القوافي«

ونجد ابن رشيق في القراضة يحذو حذو ابن طباطبا فيعقد موضوعا يتحدث فيه عن األوزان والقوافي ويحمل تحت هذا الموضوع كالما عن التقسيم من البيت والقسيمين, واألبيات

المشطورة وأن نظم البيت أو القصيدة إنما ذلك صناعة تضطر الشاعر ألن يعبر معناه ضمن هذا الوزن في هذا النوع من القافية والبحر, ولذلك ال يرى الشاعر إذا أخذ أو اتفق مع شاعر آخر في

الوزن والقافية والشطر بما فيه من لفظ ال بعد هذا سرقة بل هو من قبل توارد الخواطر ألن قافية البيت ووزنه وعروضه وضربه وقافيته كل ذلك اضطر الشاعر إلى هذا النسبة الذي يظن أنه

اخترعه ولكنه قد سبق إليه. وبذلك تتضح الرؤية بين ابن رشيق وابن طباطبا الذي يعد األوزان

والقوافي من أدوات حسن الشعر والداللة على جودته أو رداءته. ومن بين من تأثر بهم ابن رشيق قدامة بن جعفر في كتابه »نقد الشعر« ذلك المصنف الذي أحدث صدى كبيرا في األوساط األدبية

إبان عهد قدامة وما بعدها حتى ألف النقاد كتبا تبين ما ارتكبه قدامة من أخطاء في كتابه هذا. فلآلمدي كتابه:»تبيين غلط قدامة

في كتابه نقد الشعر« ولعبداللطيف البغدادي كتابه »شرح نقد قدامة« وكتابه »كشف الظالمة عن قدامة«.

والبن رشيق كتابه »تزييف نقد قدامة« ذكره ابن أبي األصبع في كتابه »تحرير التحبير« ولم يتيسر لي اإلطالع على هذا الكتاب البن

رشيق. ولكنه داللة كبرى على إفادته منه وتأثيره ببعض مسائله وقضاياها مما سنعرض له فيما يلي:

– نعت اللفظ.1 – صحة التقسيم.2 – التتميم.3 – المبالغة.4 – االلتفات.5

.43نصوص نقدية ألعالم النقاد للدكتور محمد السعدي فرهون ص )( 1.126البالغة تطور وتاريخ, شوقي ضيف ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– التجنيس والمطابقة.6 – عيون التشبيه.7

وهذه المسائل البالغية درسها قدامة على النحو التالي: )أ( نعت اللفظ في البناء الفني للقصيدة أن يكون سمحا سهل مخارج الحروف من مواضعها عليه رونق الفصاحة مع الخلو من

البشاعة. ويضرب قدامة لهذه النعوت عددا من األبيات الشعرية, وال يعني بهذه النعوت نعت اللفظ مباشرة وإنما يرى اتصاف اللفظ مفردا

ومركبا. »ألن اللفظة المفردة ال يظهر جمالها وحدها، إنما يبدو هذا الجمال في حسن موقعها وشدة التئامها بجارتها إذا أحسن الشاعر

.(1)وضعها في مكانها« وتلك نظرة سبق إليها الجاحظ وغيره. وتأثر ابن رشيق في

القراضة كما تأثر بها غيره من النقاد والباحثين في البالغة. ووجه تأثر ابن رشيق ما ذكره من أوصاف اللفظة فكثيرا ما يصف

»بالحالوة والخفة« وهذا مفهوم سماحة اللفظ وسهولة مخارج الحروف عند قدامة وكثيرا ما يفاضل بين األلفاظ في شعر

شاعرين أو أكثر كقوله: .(2)»وأبو الطيب أحسن لفظا لقوله: كأنما عاكفان على حرام«

والخالصة أن ابن رشيق لم يبعد في نظرته إلى خصائص األلفاظ الشعرية عن نظرة قدامة وغيره من النقاد ولم يزد عليهم شيئا.

)ب( ودرس قدامة: صحة التقسيم والتتميم والمبالغة. أما التقسيم فقد عالجه تحت صفتين من صفات الكالم بالحسن أو بالقبح, فهو يرى أن التقسيم منه ما يصلح ويزيد الكالم حسنا ويكسبه قبوال ومنه ما يكون تقسيما فاسدا لتقصير الشاعر في

نظمه إياه. »فصحة التقسيم – كما يرى قدامة – أن يبتدئ الشاعر فيضع أقساما فيستوفيها وال يغادر قسما منها مثل ذلك نصيب يريد أن

يأتي بأقسام جواب المجيب عن االستخبار: فقال فريق القوم وال فريقهم نعم وفريق

قال ويحك ال أدري قال قدامة:»فليس في أقسام اإلجابة عن مطلوب إذا سئل عنه

غير هذه األقسام ومثل ذلك أيضا قول الشماخ يصف صالبةسنابك: متى وقعت أرساغه مطمئنة على حجر

يرفض أو يتدحرج .193قدامة بن جعفر والنقد األدبي, د. بدوي طبانج ص )( 1.91, 22القراضة ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فليس في أمر الوطء الشديد إال الذي يوطأ عليه رخوا فيرفضأو صلبا فيدفع.

قال: ومثال ذلك أيضا قول األسمر بن حمدان الجعفي يصففرسا على هيئته مع جميع جهاته:

أما إذا استقبلته فكأنه باز يكفكف أنيطير وقد رأى

أما إذا استدبرته فتسوقه ساق قموصالوقع عارية النسا

أما إذا استعرضته متمطرا فتقول هذا مثلسرحان الغضا

قال قدامة: فلم يدع هذا الشاعر قسما من أقسام النصبة التييرى الفرس عليها إال أتى به.

وأما نظرة قدامة إلى فساد التقسيم فقد درسه تحت أوصاف ثالثة ومثل لكل وصف وهذه األوصاف هي:

– أن يكرر الشاعر األقسام أو يأتي بقسمين أحدهما داخل1تحت اآلخر.

– أن يكرر األقسام ويأتي ببعض دون بعض.2 – أن يترك بعض األقسام مما ال يحتمل الواجب تركه.3

ومن أمثلة قدامة على هذا األخير قول جرير في بني حنيفة: صارت حنيفة أثالثا فثلثهم من العبيد وثلث

من مواليها قال: فسأله سائل من أيهم أنت؟ فقال من الثلث الملغي

. (1)ذكره« ولم يورد ابن رشيق في القراضة هذا الفن أغني فن التقسيم ولكنه درسه تحت فن التشبيه ممثال بعدد من األبيات التي ترجع

حسن التشبيه فيها إلى صحة األقسام, وإن لم يصرح بهذا المفهوم كقوله في أبيات امرئ القيس في وصف الطير:

كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدي وكرهاالعناب والحشف البالي

ومرة يتناوله تحت المطابقة كقول امرئ القيس أيضا:»مكر مفرمقبل مدبر معا«.

وإعادته من نظرة قدامة في دراسة صحة التقسيم حسن التشبيه من خالل األقسام والمطابقة والمقابالت العجيبة.

أما التتميم والمبالغة عند قدامة فإنها بعينها دراسة ابن رشيق في القراضة. فقد عد قدامة البالغة من ثالث شعب هي:

– المبالغة.1.193, 192, 140, 139)( نقد الشعر لقدامة ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– واإليغال.2 – والغلو.3

»والبالغيون يعرفون المبالغة بأن يدعي لوصف بلوغه في الشدة أو الضعف حدا مستحيال أو مستبعدا, ويجعلون الغلو ضربا من

المبالغة ألنهم يقسمونها ثالثة أقسام هي: – التبليغ: وهو أن يكون األمر المدعى ممكنا عقال وعادة كقول1

امرئ القيس: فعادى عداء بين ثور ونعجة دراكا فلم

ينضج بماء فيغسل – اإلغراق: وهو أن يكون المدعي ممكنا عقال ال عادة كقول2

الشاعر: وتكرم جسارنا ما دام فينا ونتبعه

الكرامة حيث سارا – الغلو: وهو إذا لم يكن المدعي ممكنا عقال وال عادة كقول3

أبي نواس: وأخفت أهل الشرك حتى أنه لتخافك

(1)النطف التي لم تخلق وهذا شرك ليس غلوا فيه.

غير أن قدامة لم يشقق المبالغة إلى ما ذكرنا من مبالغة وإيغال وغلو وإنما نقلها بهذه المفاهيم من خالل ما أورده من شعر يحمل

المبالغة فيضعف معناه أو يشتد أو يحمل »مبالغات مكررة مضاعفة, ثم أفرد نعتا خاصا باإليغال فقال:

اإليغال: هو أن يأتي الشاعر بالغني في البيت تاما من غير أن يكون للقافية في ما ذكره صنع ثم يأتي لها لحاجة الشعر فيزيد بمعناها في تجويد ما ذكره من المعنى في البيت كما قال امرؤ

القيس: كأن عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا

(2)الجزع الذي لم يثقب ونجد ابن رشيق في القراضة يستشهد بالبيت نفسه على هذا اللون من المبالغة غير أنه يسميه بالتتميم واالحتراس, ويسميه

قدامة باإليغال. يقول ابن رشيق:»ومن المبالغة قول امرئ القيس في التتميم

واالحتراس: كأن عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا

الجزع الذي لم يثقب .273, 272قدامة بن جعفر والنقد األدبي, د. بدوي طبانة ص )( 1.168نقد الشعر لقدامة بن جعفر, ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

قال: تناوله زهير فقال: كأن فتات العهن في كل منـزل نـزلن به

حب الغنا لم يحطم قال: وهو كثير في شعر امرئ القيس, ويسمي أصحاب البديع ما

كان مخصوما من هذا النوع بالقافية اإليغال والتتبع, وما كان في أضعاف البيت المبالغة والتتميم وفي كتاب العمدة من ذلك جملة

.(1)كافية« ولذلك نرى ابن رشيق يلتقي مع قدامة في مفهوم هذه األلوان

البديعية من مبالغة وغلو وإيغال وتتميم واحترس, غير أن ابن رشيق فرع فن المبالغة إلى أكثر مما ذهب إليه قدامة.

ويلتقيان في مفهوم االلتفات والتجنيس والمطابقة, وعيوب التشبيه متأثرا ابن رشيق بكثير من آراء قدامة في دراسة هذه

المقاييس«. والرأي ما يراه عبدالقاهر الجرجاني الذي يذهب إلى أن ألوان

البديع ال تحلو لمجرد اآلتيان لها وتصيدها وإنما إذا كان المعنى هو الذي يطلبها على حد قوله:»ولن تجد أيمن طائرا, وأحسن أوال وأخرا, وأهدى إلى إحسان, وأجلب لالستحسان, من أن ترسل المعاني على سجيتها وتدعها تطلب ال نفسها األلفاظ فإنها إذا

تركت وما تريد لم تكتس إال ما يليق بها, ولم تلبس من المعارض إال ما يزينها فأما أن تضع في نفسك أنه ال بد من أن تجنس أو

تسجع بلفظين مخصوصين فهو الذي أنت منه بعرض االستكراه, .(2)وعلى خطر من الوقوع في الخطأ والذم«

ومعلوم أن منهج عبدالقاهر الجرجاني إنما يعتمد على تذوق النصوص وإخضاع النسج والصياغة للمعاني األدبية حتى يكون

المعنى هو الذي يطلب اللفظ ويستبين به. وتلك مسألة سنعرض لها في دراسة القضايا النقدية المشتركة

بين ابن رشيق وغيره من البالغيين والنقاد ومنهم عبدالقاهر الجرجاني.

ومن جملة العلماء الذين تأثر بهم ابن رشيق وأفاد منهم في دراسة عدد من المقاييس البالغية والنقدية في القراضة: علي بن

هـ( في كتابه:»الوساطة بين المتنبي366عبدالعزيز الجرجاني )ت وخصومه« فقد درس فيه عددا من ألوان البديع التيس اتخذها

مقاييس لتقويم العمل األدبي ومنها: – التجنيس بأنواعها التي عددها إلى: مطلق, ومستوفي,1

وناقص. .34, 33)( القراضة ص 1.10أسرار البالغة لعبدالقاهر الجرجاني ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– المطابقة.2 – التصحيف.3 – التقسيم.4 – االستهالل والتخلص, والغلو, ودرس االستعارة وقسمها إلى5

حسنة ورديئة. ودرس عددا من مقاييس النقد كحديثه عن السرقات األدبية:

– المعاني المشتركة والمتداولة.1 – التفاضل في الشعر المتداول.2

يقول في كالم جيد عن موضوع السرقات األدبية:»وليس كل من أدرك معنى السرقة استوفاه واستكمله, ولست تعد من جهابذة

الكالم ونقاد الشعر حتى تميز بين أصنافه وأقسامه, وتحيط علما برتبه ومنـزله فتفصل بين السرق والغضب, وبين إعارة واالختالس وتعرف اإللمام من المالحظة, وتفرق بين المشترك الذي ال يجوز

ادعاء السرق فيه, والمتذلل الذي ليس أحد أولى به, وبين المختص المبدئ فملكه, وأحياه السابق فاقتطعه فصار المعتدي

مختلسا سارقا والمشارك محتذيا تابعا, وتعرف اللفظ الذي يجوز أن يقال فيه: أخذ ونقل, والكلمة التي يصح أن يقال فيها هي لفالن

دون فالن. ومن خالل هذا النص يتبين لنا أن عليا الجرجاني يصنف السرقات

األدبية كغيره من النقاد إلى: – السرقة.1 – والغصب.2 – واإلغارة.3 – واالختالس.4 – واإللمام.5 – والمشترك اللفظي.6 – واالقتطاع.7 – واالحتذاء واإلتباع.8 – واألخذ والنقل.9

.(1) – واالختراع واالبتداء10 ويكاد كالم ابن رشيق في القراضة على السرقات األدبية ال

يخرج عن هذه األنواع من أنواع السرقة.. فقد قسم السرقة إلى: – المشاركة في المعاني المتداولة.1 – المشاركة في األلفاظ المستعملة.2 – األخذ والنقل.3 – السرقة الفاضحة.4

.183الوساطة بين المتنبي وخصومه لعلي بن عبدالعزيز الجرجاني ص )(1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– السلخ.5 – اإلبداع واالختراع.6 – االحتذاء واإلتباع.7

ولذلك نجد تأثره واضحا في كثير من مقاييس النقد حول موضوع السرقات بما هب إليه صاحب الوساطة.

والبين في ذلك احتذاؤه بمقاييس الجرجاني فيما يلي: – المشاركة في المعاني المتداولة.1 – االحتذاء واإلتباع.2 – األخذ والنقل.3

غير أن شواهد القراضة على هذه المقاييس تختلف عن شواهدالوساطة.

يقول ابن رشيق عن السرقات:»وقد ألف العلماء والنقاد في سرقات الشعراء كتبا عدة, وصنفوا تصانيف كثيرة اختلفت مكرر فيها آراؤهم, وتباعدت طرائقهم غير أن أهل التحصيل مجمعون

من ذلك على أن السرقة إنما تكون في البديع النادر والخارج عن العادة وذلك في العبارات التي هي األلفاظ كقول أبي عبادة

البحتري يصف سيفا: حملت حمائله القديمة بقلة من عهد

عاد غضة لم تذبل فقال ابن المعتز متبعا له وآخذ منه:

ويهزون كل أخضر كالبقلة ماض علىالقلوب رسوب

وال يعد سرقة ما كان من األلفاظ الجاري على ألسنة العرب, وكذلك ما كان من المعاني الظاهرة المعتادة فإنها معرضة لإلفهام

مسلطة على فكر األنام. ومن ها هنا قل اختراع المعاني وقلت .(1)السرقات فيها.. انتهى كالمه

فهذا الذي نراه عند ابن رشيق عن سرقة المعنى واللفظ إنما هو مستوحى من كالم علي بن عبدالعزيز الجرجاني ورأيه في سرقة

المعنى واللفظ حيث يقول: وقد يتفاضل متنازعو المعاني بحسب مراتبهم من العلم بصنعة

الشعر فتشعرك الجماعة في الشيء المتداول, وينفرد أحدهم بلفظة تستعذب أو ترتيب يستحسن أو تأكيد يوضح موضعه, أو زيادة اهتدى لها دون غيره فيريك المشترك المبتذل في صورة

المبتدع المخترع كما قال لبيد: وجال السيول عن الطلول كأنها زبر تجد

متونها أقالمها .20, 19)( القراضة ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فأدى إليك المعنى الذي تداوله الشعراء, وقال امرئ القيس: لمن طل أبصرته فشجاني كخط

زبور في عسيب يماني وقال حاتم:

أتعوف أطالال ونؤبا مهدما كخطط فيرق كتابا منمنما وقال الهزلي:

عرفت الديار كرسم الكتاب يزبرهالكتاب الحميري

.(1)وأمثال ذلك مما ال يحصى كثرة وال يخفى شهرة ونجد في القراضة كثيرا من هذه اآلراء في عد ما هو من

السرقة, وما هو من غير السرقة وإنما هو من المعاني المتداولة يأخذ منه هذا الشاعر وليس عيبا في نظر ابن رشيق, كما أنه ليس

عيبا وال سرقة في رأي الجرجاني. ومن مصادر النقد األدبي التي تأثر باتجاهها وأفاد من موضوعاتها ابن رشيق في قراضته كتاب من أنفس المصنفات في النقد ذلك

هو كتاب:»الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري« ألبي القاسم هـ(. فقد تحدث فيه عن ألوان370الحسن بن بشر األمدي )ت

من الموازنات النقدية التي احتذاها القدماء بعده وألف فيها عدد من نقاد األدب في العصر الحديث وأفاد من منهجها القدماء بعده

وألف فيها عدد من نقاد األدب في العصر الحديث وأفاد من منهجها كثير من المتأدبين والباحثين في البالغة والنقد ومن حملة

هذه الموضوعات كالم األمدي على األمور التالية: – السرقات األدبية.1 – أخطاء المعاني واأللفاظ.2 – الرذل من األلفاظ والقبيح من المعان.3 – والمستكره من االستعارات.4 – قبيح التجنيس.5 – ما يستكره من المطابقة.6 – التعقيد والوحشي من األلفاظ.7 – الزحافات واضطراب الوزن.8 – االتفاق في األلفاظ والمعاني.9

– الموازنة بين معنى ومعنى.10 – صناعة الشعر.11

اإلبتداءات: وقد أوصلها اآلمدي إلى ما يقرب من ثالث صنفامنها:

.187, 186الوساطة )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– تعفية الدهور واألزمان للديار.1 – تعفية الرياح للديار.2 – البكاء على الديار.3 – سؤال الديار واستعجامها عن الجواب.4 – الدعاء للديار بالسقيا.5 – وصف أطالل الديار وآثارها.6 – تعنيف األصحاب على بكاء الديار والوقوف عليها.7

ويكاد الجزء الثاني ال يخرج عن الكالم على ابتداءات الشعراء وأنواعها واستحسان ما يستحسن منها, وذم ما يذم إلى غير ذلك من موضوعات أخر اتخذها اآلمدي مادة نقدية لمنهج كتابه الذي

حرره في الموازنة بين عدد الشعراء وخص به شعر أبي تماموشعر البحتري وسماه بهما.

ومن الموضوعات في كتاب الموازنة التي أفاد منها ابن رشيق في القراضة موضوع المآخذ على الشعراء, وهذا الشأن من أجود

ألوان الموازنة التي سلكها اآلمدي في موازنته واحتذاها ابن رشيقفي قراضته.

يقول اآلمدي:»أخذ على امرئ القيس قوله في وصف الفرس: فللسطوط ألهوب وللساق درة وللزجر

منه وقع أخره مذهب وقالوا: هذه فرس بطيئة, وألنها تحوج إلى السوط وإلى أن

تركض بالرجل والزجر. ويقال: إن أول من عابه بهذا البيت زوجته لما احتكم إليها هو

وعلقمة الفحل فغلبت علقمة عليها فطلقها. وقد أخذ – أيضا – عليه قوله:

أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهماتأمري القلب يفعل

وقالوا: إذا لم يغرها هذا فأي شيء يغر؟ وعيب زهير بن أبي سلمى بقوله:

يخرجن من شربات ماؤها طحل علىالجذوع يخفن الغمر والغرقا

وقالوا: ليس خروج الضفادع من الماء خوف الغمر والغرق, وإنماذلك ألنها تبيض في الشطوط.

وأخذ على النابغة قوله يصف عنق المرأة بالطول: إذا ارتعشت خاف الجبان رعاشها ومن يتعلق

حيث علق يفرق فجعل القرط يخاف ويفرق.

وأخذ على السيب قوله:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وقد أتناسى الهم عند احتصاره يناج عليهالصيعرية مكدم

وقالوا: الصعيرية سمة للنوق, ال للفحول, فسمعة طرفة بن العبد وهو صبي فقال: استنوق الجمل, وضحك منه فذهب مثال.

ويقال: إن المسيب قال له: أخرج لسانك يا فتى فأخرجه, فقال: ويل لهذا من هذا, يعني رأسه من لسانه.

وأخذ على المرقش األصفر قوله: صحا قلبه عنها سوى أن ذكره إذا خطرت

دارت به األرض قائما وأخذ على عدي بن زيد قوله:»يبذ الجياد فارها« متتابعا«.

وقالوا: يقال للفرس فارها, وإنما يقال له: جواد وكريم والفارة للبغل والحمار. وعاب األصمعي ذا الرمة في قوله:

حتى إذا دومت في األرض أدركه كبر ولوشاء نجى نفسه للهرب

وقال: الفصحاء ال يقولون دوم في األرض, وإنما يقولون دوم في السماء, وإذا حلق ودوى في األرض إذا ذهب.

وحكى أبو نصر عن األصمعي قال: كنا نظن الطرماح شيئا حتىقال:

وأكره أن يعيب على قومي هجائياألرذلين ذوي الحنات

.(1)ألنها أحنة وأحن وال يقال حنات وكثيرة هذه الشواهد التي أوردها اآلمدي في الموازنة ووضعها تحت مجهر النقد من خالل آراء النقاد واللغويين وأرباب البالغة

والفصاحة. ومثل هذا المنهج نجده في القراضة عند ابن رشيق

كقوله:»وأول ما بدأ به من ذلك قول امرئ القيس من جهة االستعارة« »بمنجرد قيد األوابد هيكل«.

فإنه أول من قيدها, وسبق إلى االستعارة البديعة فاتبعه الناسفقال بعضهم:»بمجرد قيد األوابد هيكل«.

فزاد زيادة كانت بالنقض أسبه, ألن الرهائل ال يقيد, وإن استعير لها ذلك فبعيد واستغرق قول ابن المعتز:»كأن ما يفر منه يطلبه«.

وإن كان غاية لكون القيد ألزم ليد المطلوب وهما فيه أحصل قال ابن رشيق: وقال زهير:»وعري أفراس الصبا ورواحله«.

وهذا من محاسنه المشهورة, ومفاخره المعدودة. وقد تناولهمنصور النمري فقال:

وما بعدها.38)( الموازنة لآلمدي ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وأهدت له األيام عنهن سلوة وعري منرحل الصبابة غاربة

فانقلب المعنى عليه والتبس, ألنه أوهم السامع أنه كان مطية للصبابة وإن كان مراده إضافة الغارب إلى الراحل أو إلى

المركوب محذوف كأنه قال:»غارب راحله« أو جعله كناية عن المركوب كما يقال: عنده من الظهر كذا وكذا, وكان حقه أن

يقول: وعري غارب الصبابة من رحله. ومن مثل هذا النقد في القراضة قول ابن رشيق عن بيت أبي

عمرو أحمد ابن دراج القسيلطي: إذا غرب الحادي بهم شرقت بنا نوى يومها

يومان والحين أحيان قال: ففيه عيب ظاهر, وذلك أنه قال: يومان. وقال: أحيان وكان

يلزمه أن يقول: حينان اللهم إال أن يريد تفاوت السير في الريث. (1)والعجل

ومن هنا نجد ابن رشيق قد ترسم نهج اآلمدي في توجيه هذه المآخذ على هؤالء الشعراء فإن مآخذه لم تخرج عن تنكب جادة

التعبير السليم من حيث ما يتعلق بصحة اللفظ فصاحة وبالغةولغة.

وإذا انتقلنا إلى كتاب »الصناعتين الذي ألفه أبو هالل الحسن بن هـ( ألفينا تأثر ابن395عبدالله بن سهل بن سعيد العسكري )ت

رشيق واضحا جليا فيما حواه كتاب الصناعتين من موضوعات في النقد والبالغة وخاصة ما يتعلق بالبديع فقد أفاض أبو هالل في

شرح البديع وحصر ألوانه وتعريف كل فن منه مع ذكر الشواهد واألمثلة عليه من القرآن الكريم والحديث الشريف وجيد المنظوم

والمنثور من كالم العرب. ومن الموضوعات التي درسها أبو هالل في الصناعتين ما يلي:

صدر كتابه بمقدمة أبان فيها عن صلة البالغة باإلعجاز. وعن أثر اختيار األلفاظ في التعبير عن المعاني األدبية شعرا

ونثرا. ثم فصل منهج الكتاب في عشرة أبواب مشتملة على ثالثة وخمسين فصال. وتناول في كل فصل عددا من الموضوعات

البالغية والنقدية. حتى إذا جاء عند الباب السادس تحدث فيه حديثا مستفيضا عن

السرقات األدبية متناوال حسن األخذ وقبحه وجودته ورداءته. الباب السابع تناول فيه التشبيه.

وفي الثامن درس السجع واالزدواج..53, 23, 21 القراضة ص )(1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وخص الباب التاسع بالحديث عن البديع واإلبانة عن وجوهه وحصر أبوابه وفنونه في خمسة وثالثين فصال تحت كل فصل فن بديعي بأمثلته من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وجيد

المنظوم والمنثور من كالم العرب وهذه الفنون البديعة مبوبة محصورة معدودة في الصناعتين في خمسة وثالثين فنا هي:

– االستعارة.1 – المطابقة.2 – التكافؤ.3 – التعطف.4 – التجنيس.5 – المقابلة.6 – التقسيم.7 – التفسير.8 – اإلشارة.9

– المماثلة.10 – الغلو.11 – المبالغة.12 – الكناية.13 – التعريض.14 – العكس.15 – التذييل.16 – الترجيع.17 – اإليغال.18 – التوشيح.19 – رد اإلعجاز على الصدور.20 – التتميم.21 – التكميل.22 – االلتفات.23 – االعتراض.24 – الرجوع.25 – تجاهل العارف.26 – االستطراد.27 – المؤتلف.28 – المختلف.29 – السلب.30 – إيجاب.31 – االستثناء.32

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– المذهب الكالمي.33 – التشطير.34 – المجاورة.35 – االستشهاد.36 – االحتجاج.37 – التعطف.38 – المضاعفة.39 – التطريز.40 – التلطف.41 – المشتق.42 – حسن الرد.43 – التخييل.44 – الخبر والوصف في صورة االستفهام.45

وقد درس أبو هالل هذه األلوان البديعية في طريقة العرض واالحتجاج والبرهنة واختيار الشواهد مستنيرا بآراء من سبقه

مبتكرا سبعة فنون هي: – المجاورة.1 – االستشهاد واالحتجاج.2 – التعطف.3 – المضاعفة.4 – التطريز.5 – التلطف.6 – المشتق.7

ونلحظ أوجه الشبه والتأثر بهذه الدراسة والتأثر بهذه الدراسة في كتاب القراضة البن رشيق الذي أورد عددا من ألوان البديع هي بعينها الفنون التي درسها أبو هالل في الصناعتين من ذلك:

– المبالغة.1 – اإليغال.2 – المطابقة.3 – التجنيس.4 – التتميم.5 – االلتفات.6 – الكناية.7 – االستعارة.8 – التشبيه.9

– اإلشارة.10

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

غير أن أبا هالل العسكري درس هذه الفنون وغيرها دراسة قاعدية تعني يحصر األقسام وتعريفها وشواهدها كقوله عن

المطابقة:»المبالغة أن تبلغ بالمغني أقصى غاياته, وأبعد نهاياته, وال تقتصر في العبارة عنه على أدنى منازله, وأقرب مراتبه.

يوم ترونها تذهلومثالها من القرآن الكريم قول الله تعالى: }ا أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها كل مرضعة عم

.(1){وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولو قال: تذهل كل امرأة عن ولدها لكان بيانا حسنا وبالغة

كاملة, وإنما خص المرضعة للمبالغة, ألن المرضعة أشفق على ولدها لمعرفتها بحاجته إليها وأشغف به لقربه منها ولزومه لها, وال

يفارقها ليال وال نهارا, وعلى حسب القرب تكون المحبة واآللف,ولهذا قال امرئ القيس:

فمثلك حبلي قد طرقت ومرضع فألهيتهاعن ذي تمائم محول

لما أراد المبالغة في وصف محبة المرأة قال: إني ألهيتها عن ولدها الذي ترضعه لمعرفته بشغفها به, وشفقتها عليه في حال

.(2)إرضاعها إباء انتهى كالم أبي هالل العسكري على هذين الشاهدين.

وتقول هنا: ما أبعد ما بين اآلية الكريمة وبيت امرئ القيس على الرغم من وجود المبالغة في ذاك وهذا, ألن اآلية الكريمة من كالم

الالله الذي ال يأتيه الغيب وال يلحقه النقص كما قال تعالى: } يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه تنـزيل من حكيم

وكالم امرئ القيس من فاحش المعنى وسيئة وإن كان(3){حميد الغرض من شرح المبالغة توجيهها في الشاهدين إنما هو إيضاح

األسرار الجمالية وتبيين الخصائص الفنية التي ازدان بها التعبير فياآلية الكريمة وفي بيت امرئ القيس من خالل فن المبالغة.

ونجد شاهد المبالغة قراضة ابن رشيق قول – أيضا: كأن على لباتها جمر مصطل أصاب غضا

جزال وكف بأجزال قال: فذكر الجمر وشبه به الحلي ثم ما كفاه إلى أن جعله جمر

غضا وهو أبقى ثم جعله جزال ليكون أشد لوقوده وأعظم لنوره وإن كان أراد به الكثيرة من قولهم »عطاء جزل« فقد جعلته مختارا, ألن من وجد شيئا كثيرا اختار أفضله. ثم جعله مكفوفا باإلجزال

.2)( سورة الحج آية 1 .378الصناعتين ألبن هالل ص )( 2 .46)( سورة فصلت اآلية 3

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

حوله وهي أصول الشجر زيادة في المبالغة, وقوله: جمر مصطل .(1)ألنه يقلب الجمر فتظهر حمرته وهذا نهاية

ومن هنا تجد نظرة ابن رشيق إلى فن المبالغة هي نظرة أبي هالل من حيث تخير الشواهد وتحليلها وبيان أثر المبالغة في

عباراتها ومعانيها. ومثل ذلك فن التتميم والتكميل. وعن هذا الفن يقول صاحب

الصناعتين: التتميم والتكميل هو: أن توفي المعنى حظه من الجودة, وتعطيه نصيبه من الصحة ثم ال تغادر معنى يكون فيه

تمامه إال تورده, أو لفظا يكون فيه توكيده إال تذكره كقول الله من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمنتعالى: }

فيقول: حياة طيبة, وقوله: وهو مؤمن(2){فلنحيينه حياة طيبةتم المعنى.

مثال ذلك من المنظوم قول عمرو بن براق: فال تأمنن حرا ظلمته فما ليل

مظلوم كريم بنائم فقوله »كريم« تتميم, ألن اللئيم يغضي على العار, وينام على

الثأر, وال يكون منه دون المظالم نكير. وقول عمرو بن األهيم:

بها نلنا الغرائب من سوانا وأحرزناالغرائب أن تناال

فالذي أكمل جودة المعنى قوله:»وأحرزنا الغرائب أن تناال«,وقول طرفة:

فسقى ديارك غير مفسدها صوب الربيعوديمة تهمي

فقوله: غير مفسدها« أتمام وتحرز من الوقوع فيما وقع فيه ذوالرمة في قوله:

أال يا أسلمي يا درا مي على البلى وال زال منهالبجرعاتك القطر

فهذا بالدعاء عليها أشبه بالدعاء لها, ألن القطر إذا أتهل فيها دائما فسدت, ومن العجيب أن ذا الرمة كان يستحسن قول

األعرابية. وقد سألها عن الغيث فقالت:»غثنا ما شئنا« وهو يقول ما

ويمضي أبو هالل في الشوط إلى مداه فيدرس فن(3)يستحسن التتميم والتكميل في كثير من جيد المنظوم والمنثور.

.31 القراضة البن رشيق ص )(1.97 سورة النحل اآلية )(2 وما بعدها.404الصناعتين ص )( 3

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ونجد ابن رشيق يدرس هذا الفن بنظرة أبي هالل من خالل طائفة من جيد المنظوم ويلقي مع أبي هالل في بعض الشواهد, فيرى أن ابن رشيق يدرس فن التتميم مسميا إياه مرة بالتتميم

ومرة باالحتراس. وهذه المصطلحات العلمية لفنون البديع كثيرا مايتفق فيها عدد من العلماء ويختلف فريق آخر.

وحول هذا الفن يقول ابن رشيق: إذا ركبوا واستألموا تحرقت األرض

واليوم قر فقول »واليوم قر« من تتميم المعنى ومبالغة في اللفظ شديدة

وهو الذي فتق للشعراء هذا الفن وافتنوا فيه ونوعوه فجاؤا »بالحتراس« وغيره يقول طرفة:

فسقى ديارك غير مفسدها صوب الربيعوديمة تهمي وقال آخر:

إذا الله أسقى دمنتين ببقعة من األرضسقيا رحمة فسقاهما

وقال أبو الطيب: صلى اإلله عليك غير مودع وسقى ثرى أبويك

صوب غمام ومن ذلك قول امرئ القيس في التتميم واالحترس:

كأن عيون الوحش حول خبائنا وأرحلنا الجزع (1)الذي لم يثقب

ويمضي ابن رشيق متتبعا فن التتميم واالحتراس في طائفةكثيرة من أقوال الشعراء.

وتارة يسمي هذا الصنف بالتتميم ومرة باالحتراس وأخرىبالمبالغة واإليغال والتتبيع.

ويظهر تأثره بصاحب الصناعتين في النظرة إلى هذا الفن. أعني فن التتميم والتكميل. عند أبي هالل, والتتميم واالحتراس والمبالغة واإليغال والتتبيع عن ابن الرشيق »يظهر تأثر ابن رشيق في نظرة

أبي هالل فقد أبان عن حسن هذا الفن من خالل حسن اللفظ وجودة المعنى وهذا هو نظر ابن رشيق أيضا فقد قال عن بيت امرئ القيس من قوله:»واليوم من تتميم المعنى ومبالغة في

اللفظ شديدة«. وال أرى في اللفظ تستدعي هذا الحكم.

.33, 32القراضة ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ومن ضمن الفنون البديعية التي درسها أبو هالل, وأفاد منها ابن رشيق فن المطابقة والتجنيس, وعن هذين اللونين من ألوان

البديع يقول أبو هالل في الصناعتين: »قد أجمع الناس على أن المطابقة في الكالم هي الجمع بين

الشيء وضده في جزء من أجزاء الرسالة أو الخطبة أو بيت من بيوت القصيدة, مثل الجمع بين السواد والبياض, والليل والنهار,

والحر والبرد. قال: والطباق في اللغة المع بين الشيئين. يقولون طابق فالن

بين ثوبين ثم استعمل في غير ذلك فقيل: طابق البعير في سيره إذا وضع رجله موضوع يده وهو راجع إلى الجمع بين الشيئين. قال

الجعدي: وخيل يطابقن بالدارعين طباق الكالب

يطأن الهرسا .(1){سبع سموات طباقا وفي القرآن: }

وبعد أن يفرغ أبو هالل من شرح معنى المطابقة يخلص إلىشواهدها من المنظوم والمنثور قائال:

ومما في كتاب الله عز وجل من الطباق قوله تعالى: .(2){يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} أي من الكفر إلى(3){ليخرجكم من الظلمات إلى النور }

اإليمان. حمة وظاهره من قبله العذاب } )له باب باطنه فيه الر13)}(4) . .(5){(20)ال يخلقون شيئا وهم يخلقون } .(6){(43)وأنه هو أضحك وأبكى }

قال: وقد تنازع الناس هذا المعنى, قال ابن مطير:»تضحك األرض من بكاء السماء« وقلت: ضحك المزن بها ثم بكى.

وقال أخر: فله ابتسام في لوامع برقه وله بكا من

دوقة المتسرب وقال دعبل الخزاعي:

ال تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيببرأسه فبكى

.3)( سورة الملك اآلية 1 .61 سورة الحج اآلية )(2 .43 سورة األحزاب اآلية )(3 .63 سورة الحديد اآلية )(4 .20 سورة النحل اآلية )(5. 43 سورة النجم اآلية )(6

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

قال أبو هالل: فلم يقرب أحد من لفظ القرآن في اختصاره وصفائه, ورونقه وبهائه, وطالوته ومائه, وكذلك جميع ما في

القرآن من الطباق. قال: ومن األشعار في الطباق قول زهير:

ليت بعثر يصطاد الرجال إذا ما الليث كذبعن أقرانه صدقا

وقول امرئ القيس: مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر

حطه السيل من عل وقال النابغة:

وإن هبطا سهال أثارا عجاجة وإن علوا حزناتشظت جنادل

إلى آخر ماستوفاه أبو هالل من شواهد الشعر والنثر على فنالمطابقة.

ويقول عن التجنيس: »التجنيس. أن يورد المتكلم في الكالم القصير نحو البيت من

الشعر والجزء من الرسالة أو الخطبة كلمتين تجانس كل واحدة منهما صاحبتها في تأليف حروفها.. فمنه ما تكون الكلمة تجانس لفظا واشتقاق معنى.. ومنه ما يجانسه في تأليف الحروف دون

المعنى.. قال ومن التجنيس في القرآن الكريم قول الله تعالى:

.(1){وأسلمت مع سليمان } .(2){فأقم وجهك للدين القيم} .(3){(37)تتقلب فيه القلوب واألبصار } .(4){(89)فروح وريحان وجنة نعيم } .(5){ثم كلي من كل الثمرات }

ومن كالم الرسول صلى الله عليه وسلم:»عصية عصيت الله وغفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله« قال: ومن أشعار

المتقدمين في التجنيس قول امرئ القيس: لقد طمح الطماح من بعد أرضه ليلبسني

من دائه ما تلبسا أخذ الكميت فقال:

.44سورة النمل اآلية )( 1 .43 سورة الروم اآلية )(2 .37سورة النور اآلية )( 3 .89 سورة الواقعة اآلية )(4.69 سورة النحل اآلية )(5

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ونحن طمحنا المرئ القيس بعدما رجاالملك بالطماح نكبا على نكب

وقال أمية بن أبي الصلت: فما أعتبت في النائبات معتب ولكنها

طاشت وضلت حلومها وقال النعمان لمعاوية:

ألم تبتدركم يوم بدر سيوفنا وليلك عماناب قومك نائم

وقال جرير: وما زال معقوال عقال عن الندى وما زال

(1)محبوسا عن الخير حابس إلى آخر ما ستوفاه صاحب الصناعتين من الشواهد على فن

التجنيس ومثله المطابقة كما مر. ونلحظ طريقة ابن رشيق في دراسة هذين اللونين تنـزع إلى إيراد الشواهد الكثيرة على نحو ما سلكه أبو هالل. ويلتقي معه

في عدد من الشواهد على هذين اللونين. أعنى المطابقة والتجنيس وحول ذلك يقول ابن رشيق في القراضة:

»ومن باب المجانسة قول امرئ القيس: على ظهر عادي يحاربه القطا إذا

ساقه العود النباطي جرجرا وقوله:

لقد طمح الطماح من بعد أرضه ليلبسنيمن دائه ما تلبسا

وقوله: فما قاتلوا عن ربهم وربيبهم وال آذنوا

جارا فيظعن سالما قال: والمطابقة والتجنيس أفضح سرقة من غيرهما, ألن التشبيه

وما شاكله يتسع فيه القول, والمجانسة والتطبيق ويضيق فيهما تناول اللفظ, أال ترى أن طرفة أخذ قول امرئ القيس في صفة

جبل فجعله في صفة عقاب, وجعله النابغة في صفة النسور وهو اللفظ والمعنى. ولو تناول الشاعر:»لقد طمح الطامح أو قوله:

ليلبسني ما تلبسا لكان سارقا بل مكابرا مصلتا«. قال: وكقوله. يعني امرئ القيس. في المطابقة:»مكر مفر مقبل

مدبر معا« ال يتناوله أحد على هذه الصيغة إال افتضح. ومن المطابقة قوله:

وما بعدها.316)( الصناعتين ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فإن تدفنوا الداء ال نخفه وإن تبعثوا (2)الشر ال نقعد

النقدية الكبرى التي يلتقي فيها ابن رشيق معومن الموضوعات أبي هالل حديث أبي هالل عن السرقات, وقد أشرنا إلى شيء منذلك في بداية الحديث عن موضوعات كتاب الصناعتين. ولذلك نرجئ الكالم على موضوع السرقات عند هذين الناقدين

ليكون الموضوع من القضايا المشتركة بين رشيق وغيره. لهذا الحديث موضوع آخر من هذه الدراسة.

ونلتقي بالناقد أحمد بن فارس في كتابه الصاحي لنرى أوجه التأثر التي أفاد من خاللها ابن رشيق في جهوده في القراضة.

أحمد بن فارس بن زكريا أحد العلماء والنقاد ممن لهم معرفة تامة ودراية بفقه اللغة واألدب ونقده عاش في القرن الرابع

وكتابه الصاحي في فقه اللغة9 هـ 395الهجري وتوفي سنة ) نحوها وصرفها وبالغتها فقد أودع فيه كثيرا من البحوث اللغوية والبيانية, وفهم اللغة بهذه الطريقة يعد أصال في فهم النصوص

األدبية ونقدها. ولذا نجد ابن فارس في هذا الكتاب يوضح معاني الكالم وإنها

تقوم على عشرة أمور هي: – الخبر.1 – االستخبار.2 – األمر.3 – النهي.4 – الدعاء والطلب.6 - 5- العرض والتحضيض.8 – 7 – التمني.9

– التعجب.10 ومما له صلة بالدرس البالغي كالم ابن فارس على المسائل

البالغية التالية: – معاني ألفاظ العبارات التي يعبر بها عن األشياء.1 – المعنى تعريفه واشتقاقه.2 – سنن العرب في حقائق الكالم والمجاز.3 – الحقيقة: تعريفها واشتقاقها.4 – المجاز: اشتقاقه – االستعارة والتشبيه من المجاز.5 – مخالفة ظاهر اللفظ معناه.6 – أجناس الكالم في االتفاق واالفتراق.7 – اختالف اللفظ والمعنى.8

. 30, 29القراضة ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– اتفاق اللفظ وتضاد المعنى.9 – تقارب اللفظين والمعنيين.10 – القلب.11 – الحذف واالختصار.12 – الزيادة.13 – التكرار.14 – النظم.15 – التقديم والتأخير.16 – االعتراض.17 – اإليماء.18 – الكناية.19 – المبالغة.20 – تأكيد المدح بما يشبه الذم.21 – االشتراك.22 – االستطراد.32

ومن المسائل النقدية التي درسها ابن فارس في كتابه »الصاحبي«: الشعر: تعريفه – مجيء بعض الكالم عفوا على وزن

شعري – الضرورات الشعرية – التصرف في إقامة الوزن. ويمكن القول: بأن ابن رشيق أفاد من هذه الدراسات اللغوية

في كتاب ابن فارس وبخاصة ما يتعلق بالنظر إلى الفنون اآلتية: الكف:

يقول ابن فارس: ومن سنن العرب في كالمها ))الكف(( وهو أن يكف عن ذكر الخبر اكتفاء بما يدل عليه الكالم. كقول القائل: وجدك لو شيء أتانا رسوله سواك

ولكن لم نجد لك مدفعا ويقرب من هذا الباب قوله:

تضيء الظالم بالعشا كأنها منارةممسي راهب متبتل

.(1)أراد سرج منارة وقد درس ابن رشيق هذا الفن تحت اسم:»المحاورات« قال: ومن محاورات امرئ القيس التي تقدم فيها وفات الناس قوله:

وتقول وقد جردتها من ثيابها كما رعتمكحول المدامع أتلعا

وعيشك لو شيء أتانا رسوله سواك (2)ولكن لم نجد لك مدفعا

.256 الصاحب ألحمد بن فارس ص )(1.42 القراضة ص )(2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ونالحظ تأثير ابن رشيق بآراء ابن فارس حول دراسته الشعرأوزانه وقوافيه وضروراته وأخطاء الشعراء.

غير أن نظرة ابن رشيق في القراضة إلى هذا الموضوع تنطلق من نظرة أقرب إلى الذوق في استحسان البيت من خالل خفة

الوزن وعذوبة اللفظ ومليح التشبيه وحسن االستعارة فهي دراسة فنية تعتمد على استجالء هذه الخصائص.

ونظرة ابن فارس نظرة نقدية صرفة تبدأ بنفي الشعر عنالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.

وتحتم بأنه »قد يكون شاعر أشعر, وشعر أحلى وأظرف؟ فإما أن تتفاوت األشعار القديمة حتى يتباعد ما بينها في الجودة فال,

وتحتم على الشاعر أن ال يقع فليس من حقه أن يأتي في شعره.(1)بما ال يجوز«

-2- وها الكالم الذي ذكرناه في موضوعات هذا الفصل خالصة لتأثر ابن رشيق في جهوده النقدية والبالغية في القراضة بجهود غيره. ولما كان من تمام الفائدة وجودة الموازنة أن يقف الناظر على

مالمح التأثير بين أديبين وعالمين من قديم إال أثر في محدث وبخاصة في موضوعات األدب والنقد, ألن الكلمة نبع مشاعر في التعبير عن الرأي, وتوضيح الحجة وقيام الدليل, ونصيب القرينة.

ولذلك سنستخلص مالمح تأثير ابن رشيق في جهوده ممن عاصره وممن جاء بعده من خالل عدد من القضايا النقدية

المشتركة. ولعل من الجيد في هذا الموضوع أن نعود إلى قضية نقدية كبرى سبق إلى دراستها قبل ابن رشيق أبو هالل العسكري, لتكون أول القضايا المشتركة لقرب التشابه في العناية بها ودراستها عند ابن رشيق. وتلك القضية هي »موضوع السرقات األدبية, فإن آراء ابن

رشيق حولها تكاد تكون مستوحاة من آراء أبي هالل. يقول العسكري في الصناعتين:»ليس ألحد من أصناف القائلين

غني عن تداول المعاني ممن تقدمهم والصب على قوالب. من سبقهم. ولكن عليهم إذا أخذوها أن يكسوها ألفاظا من عندهم, ويبرزها في معارض من تأليفهم, ويوردها في غير حليتها األولى

ويزيدها في حسن تأليفها, وجودة تركيبها, وكمال حليتها ومعرضها, فإذا فعلوا ذلك فهم أحق بها ممن سبق إليها. ولوال أن القائل يؤدي

ما سمع لما كان في طاقته أن يقول«.

.42القراضة ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ومثل هذا التقديم للكالم على السرقات في الصناعتين نجده في (2)القراضة البن رشيق حيث يقول عن تداول المعاني

»وما كثر هذه الكثرة, وتصرف الناس فيه هذا التصرف لم يسم آخذه سارقا, ألن المعنى يكون قليال فيحصر ويدعى صاحبه سارقا

مبتدعا فإذا شاع وتداوله األلسن بعضها من بعض تساوى فيه الشعراء إال المجيد فإن له فضله, أو المقصر فإن عليه درك تقصيره إال أن يزيد فيه شاعر زيادة مستحسنة يستوجبه بها

بل يصنف أبو هالل العسكري(2)ويستحقه على مبتدعه ومخترعهالسرقة إلى أنواع منها:

– حسن األخذ وحل المنظوم.1 – تداول المعاني.2 – السرق.3 . – من أخفى األخذ4 – نقل المعنى من صفة إلى صفة.5 – حسن اإلتباع.6 – المحلول من الشعر.7 – من النظم ما ال يمكن حله.8 – قبح األخذ.9

– ما أخذ بلفظه ومعناه.10 – األخذ المستهجن.11 – االتفاق في المعنى.12 – التساوي في اإلجادة.13

ونجد هذه األصناف من أصناف السرقة األدبية ال تختلف عما عدده ابن رشيق في القراضة فقد صنف السرقات إلى أنواع منها:

– اإلتباع وما يزيد فيه الشاعر.1 – نقل المعنى والصفة.2 – نقل المعنى.3 – نقل اللفظ بعينه إلى معنى موصوف آخر.4 – نقل بعض لفظ البيت ومعناه المشتهر المعتاد.5 – لطف األخذ وخفيه.6 – االتفاق في األخذ.7 – اإلبداع واالختراع.8 – نظم النثور.9

– حل المنظوم.10

.202 الصناعتين ص)(2.19القراضة ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

ولوال اختالف في الشواهد الشعرية التي ساقها ابن رشيق لكانت هذه المقاييس النقدية هي بعينها مقاييس النقد عند أبي هالل

العسكري. ونجد في القراضة ألوانا أخرى من ألوان السرقة بعضها مما

سبق إليه ابن رشيق وبعضها مما اشترك فيه مع غيره. ومما سبق إليه األلوان التالية:

– المناقضة.1 – االجتالب.2 – السرقة المغتفرة.3 – السرقة الفاضحة.4 – األخذ الموازن.5

ومما شاركه فيه غيره من دراسة ألوان السرقات األدبية عندالنقاد.

– التلفيق.1 – السلخ.2 – توارد الخواطر.3

ودليل اتفاق ابن رشيد مع أبي هالل في بحث السرقات ذكر شواهد وردت في القراضة وسبق ذكرها في الصناعتين من ذلك

قول أبي هالل:»ولما قال بشار: من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز

بالطيبات الفاتك اللهج تبعه سلم الخاسر فقال:

من راقب الناس مات غما وفاز باللذةالجسور

.(1)فلما سمع بشار هذا البيت قال: ذهب ابن الفاعلة ببيتي وعن هذه المسألة يقول ابن رشيق في القراضة:»ومما اختصر

لفظه واستوجبه قول بشار: من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز

بالطيبات الفاتك اللهج أخذ سلم الخاسر فقال. واختصره. اختصارا لطيفا استوجبه به:

من راقب الناس مات غما وفاز (2)باللذة الجسور

وكسؤال األعشى عن معنى لفظة »جريا لها« في قوله: وسبيئة مما تعلق بابل كدم

الذبيح سلبتها جريا لها .220الصناعتين ص )(1.63القراضة ص )( 2

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

.(3)فقال: شربتها حمراء وبلتها بيضاء فبقي حسن لونها في بدني وكثيرة هذه المقاييس التي التقى فيها ابن رشيق مع أبي هالل.

وكان من حق العلم وأمانته أن يحيل ابن رشيق ويذكر فضل منتقدمه ولكنه لم يفعل.

ومن جملة القضايا المشتركة نقدا وبالغة التي يمكن القول بأن ابن رشيق كان له أثر في منهج من درسوا هذه القضايا ممن

عاصره وتوفي بعده بفترة زمنية قريبة كابن سنان الخفاجي )ت هـ( وعبدالقاهر الجرجاني, وال يبعد أن يكون لهذين العالمين466

أثر في منهج ابن رشيق فكالهما معاصر له ولعلهما معا أو أحدهما سبق ابن رشيق إلى دراسة هذه القضايا فتقع آراء الجميع موقع المشاركة في التساوي في الرأي أو في النقض على حسب ما

سنعرض له في هذا الموضع. ويمكن أن نجد هذه القضايا المشتركة بينه وبين من توفي بعده

هـ( في كتابه »البديع في584بفترة طويلة كأسامة بن منقد )ت هـ( في كتابه »المثل السائر«.637نقد الشعر« وابن كثير )ت

من جملة القضايا المشتركة بين ابن رشيق وبين هؤالء العلماءما يلي:

– عند ابن سنان الخفاجي في كتابه »سر الفصاحة« نجد1 شواهد على المطابقة والتجنيس كقوله:»ومن التناسب بين

األلفاظ المجانس. وهو: أن يكون بعض األلفاظ مشتقا من بعض إن كان معناهما واحدا..

فما للعرب قول امرئ القيس: لقد طمح الطامح من بعد أرضه ليلبسني

من دائمة ما تلبسا وهذا الشاهد بعينه ورد في القراضة في موضع اإلشهاد على

الجناس والمطابقة من قول ابن رشيق: ومن باب المجانسة قول امرئ القيس: لقد طمح الطماح.. البيت.

– ونجد شواهد على فن المبالغة التتبيع من قول ابن سنان:2 »ومن نعوت البالغة والفصاحة, أن تراد الداللة على المعنى فال

يستعمل اللفظ الخاص الموضوع له في اللغة, بل يؤتى بلفظ يتبع ذلك المعنى ضرورة فيكون في ذكر التابع داللته على المتبوع وهذا

يسمى»اإلرداف والتتبيع«, وألنه يؤتى فيه بلفظ هو ردف اللفظ المخصوص بذلك المعنى وتابعه, واألصل في حسن هذا أنه يقع فيه

من المبالغة في الوصف ما ال يكون في نفس اللفظ المخصوص بذلك المعنى.. ومنه قول امرئ القيس:

.98 والقراضة ص 204)( الصناعتين ص 3

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وتضحي فتيت المسك فوق فراشها نؤومالضحى لم تنتطق من تفضل

فإنه لما أراد أن يصف ترف هذه المرأة ونعمتها قال: نؤوم الضحى يبقى فتيت المسك فوق فراشها لم تنتطق لتخدم نفسها, فعبر بذلك عن غناها وترفها وخفض عيشها, وأتى بألفاظ تدل على

ذلك أبلغ مما يدل عليه قوله إنها غنية مرفهة. وكذلك قوله:

وقد أغتدي والطير وفي وكناتها بمنجردقيد األوابد هيكل

وفي هذا من المبالغة ما ليس في وصف الفرس بأنه سريع.. وقد استحسن الناس قوله:»قيد األوابد« حتى قالوا: هو أول من

قيدها. وإن هذه النظرة إلى هذه الفنون وأثرها في حسن اللفظ

والمعنى في األسلوب األدبي هي بعينها نظرة ابن رشيق. فقد قال في القراضة »وأول ما بدأ به من فن االستعارة قول امرئ

القيس: بمنجرد قيد األوابد هيكل.. فإنه أو من قيدها.. فاتبعه الناس وال فرق في الرؤية بين ابن سنان وبين ابن رشيق إال أن ابن رشيق

استخلص المبالغة من خالل االستعارة في البيت, واستخلصها الخفاجي من خالل »اإلرداف«.

ونجد اتفاقهما في اإلرداف الكائن في بيت امرئ القيس منقوله:

ويضحي فتيت المسك فوق فراشها نؤومالضحى لم تنطق عن تفضل

.(1)ذا نظرة واحدة فقد ذكره كل منهما واستشهد به ويتفق ابن سنان مع ابن رشيق في إيراد طائفة كثيرة من

الشواهد على فن التشبيه وبيان أثره في أداء المعنى وتوكيده. وال يبعد أن تكون فضيلة السبق إلى دراسة مثل هذه الفنون البن

رشيق وأن ابن سنان قد تأثر بمنهجه وأفاد منه. ودليل ذلك السبق وتلك اإلفادة أن ابن سنان قيد في خاتمة كتابه

هـ بما نصه:454»سر الفصاحة« تاريخ فراغه من تأليفه بعام »وكان الفراغ من تأليفه يوم األحد الثاني من شعبان سنة أربع

.(2)هـ(454وخمسين وأربعمائة ) هـ.456ووفاة ابن رشيق على القول الصحيح كانت عام

.221, وانظر سر الفصاحة البن سنان ص 37)( انظر القراضة البن رشيق ص 1ــ 2 ــدالمتعال282انظــر ســر الفصــاحة البن ســنان الخفــاجي ص )( شــرح وتصــحيح عب

الصعيدي.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فالفارق بين فراغ ابن سنان من تأليف كتابه »سر الفصاحة«وبين وفاة ابن رشيق عامان اثنان فقط.

وفي داللة على ابن رشيق قد فرغ من تأليف القراضة قبل عام هـ سنة فراغ ابن سنان من تأليف صر الفصاحة, وألن ابن454

رشيق كثيرا ما يحيل في موضوعات القراضة إلى موضوعات كتابه »العمدة« الذي ألفه قبل القراضة.

والخالصة أن مالمح التأثير بمنهج ابن رشيق وشواهده في القراضة واضحة كل الوضوح في عدد كبير من شواهد ابن سنان

الخفاجي في كتابه »سر الفصاحة« وبخاصة شواهد الفنون البالغيةمن:

– جناس.1 – طباق.2 – واستعارة.3 – وتشبيه.4 – وإرداف.5 – وتتبيع.6 – ومبالغة.7

ومن اآلثار البالغية والنقدية التي بان التأثير في منهجها بمنهج ابن رشيق كتاب »البديع في نقد الشعر« ألبي المظفر أسامة بن

هـ(.485مرشد ابن علي بن منقذ )ت فقد طوف فيه بألوان كثيرة من فن البديع, ودرس عددا من الموضوعات النقدية. وعلى الرغم من أن المادة العلمية لهذه

الكتاب خالصة لجهود عدد من العلماء الذين سبقوا أسامة وعبدالله بن المعتز, وقدامة بن جعفر وأبي هالل العسكري وغيرهم من

ذوي اآلثار في البديع. على الرغم من ذلك فقد زخر الكتاب بشواهد كثيرة من جيد المنظوم إلى جانب ما نقله مؤلفه من

شواهد الذين سبقوه. وتنحصر اإلفادة من كتاب أسامة في إمكان الوقوف على

المصادر التي أفاد منها هذا األديب واإلطالع على شواهد من سبقه, واالستنارة بآراء من درس البديع قبله والخروج بمادة علمية

أدبية من خالل ما جمعه من مصادر األصلية في هذا الجانب. ويعترف أسامة بهذا النقل والجمع الذي أحصاه من جهود غيره

قائال في خطبة كتابه: »هذا كتاب جمعت فيه ما تفرق في كتاب العلماء المتقدمين

المصنفة في نقد الشعر وذكر محاسنه وعيوبه, فلهم فضيلة االبتداع, ولي فضيلة اإلتباع, والذي وقفت عليه: كتاب البديع البن

المعتز, وكتاب الحالي للحاتمي, وكتاب العمدة البن رشيق.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فجمعت من ذلك أحسن أبوابه, وذكرت منه أحسن مثاالته, ليكون كتابي مغنيا عن هذه الكتب لتضمنه أحسن ما فيها. انتهى

. (1)كالمه« والمادة العلمية التي شحن بها أسامة كتاب »البديع في نقد

الشعر« تشمل على خمسة وتسعين بابا, أغلبها في شرح البديع, وبعضها يتعلق بصناعة الشعر ودرس محاسنه وعيوبه, والحديث

عن السرقات. وكان أسامة في منهجه متأثرا بمناهج من سبقه من العلماء في هذا الجانب فترى له محاوالت وصوالت في استيفاء اللون البديعي الواحد حتى ليجعل منه ما يزيد على سبعة ألوان

مفرعا ومعددا. ومن ضمن ما درسه وفرعه من ألوان البديع »التجنيس« فقد

أحصى له ثمانية أنواع: – المغاير.1 – المماثل.2 – التصحيف.3 – التحريف.4 – التصريف.5 – العكس.6 – التركيب.7 – الترجيع.8

وضرب لكل فن من هذه الفنون شواهد من القرآن الكريم, وشواهد من كالم العرب كقوله عن الناس المغاير:

»أن تكون الكلمتان اسما وفعال مثل قوله تعالى حكاية عنبلقيس:

.{(44)وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين } وقوله عن المماثل:»هو أن تكون الكلمتان اسمين وفعلين كما

{. فروح وريحانقال الله عز وجل: } وكقوله في التصحيف: هو تكون النقط فرقاص بين الكلمتين كما

في بيت أبي تمام: السيف أصدق أنباء من الكتب في حده

الحد بين الجد واللعب وأورد من عيوب الشعر ما يزيد على اثني عشر عيبا منها:

– الغلط.1 – الحشو.2 – التفريط.3 – الفساد.4

مطبعة الحلبي بالقاهرة. 8البديع في نقد الشعر ألسامة بن منقذ ص )( 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– المعارضة والمنافسة.5 – التضييق والتوسيع.6 – التهجين.7 – االلتحاء والمعاضلة.8 – الجهامة.9

– الفك.10 – المخالفة.11 – التكليف والتعسف.12 – التثليم.13

وحين يخلص أسامة إلى دراسة السرقات الشعرية نلمس تشابها كبيرا بين منهجه منهج ابن رشيق فإنه. أعني أسامة. لم يخرج عن

القضايا التالية: – األخذ.1 – االحتذاء.2 – السرقة الخفية.3 – السابق والالحق.4 – التداول والتناول.5 – الحل والعقد.6 – األخذ الجيد.7 – األخذ الرديء.8

وكل هذه األصناف من أصناف السرقات قد أتى عليها ابن رشيق في القراضة كما أتى عليها غيره ممن سبقه كابن المعتز, وأبي

هالل العسكري وقدامة وغيرهم. وعلى الجملة فإن ابن منقذ قد أفاد من آثار ابن رشيق سواء في

العمدة أو القراضة. هـ( ألفينا637وإذا تصفحنا كتاب المثل السائر البن األثير )ت

تشبيها كبيرا بين منهجه ومنهج ابن رشيق وبخاصة في دراسة عددمن ألوان البديع:

– كالسجع.1 – واالستطراد.2 – والعكس.3 – والمطابقة.4

وألوان أخرى من البيان: – كاالستعارة.1 – والتشبيه.2

وغير أن ابن األثير درس هذه األلوان في المثل السائر دراسة قاعدية تعني بحصر األقسام وعد الفروع وسياق التعريف والمثال

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

عليه. أما ابن رشيق فقد درس هذه األلوان في القراضة من خالل الشواهد التي عرضها مبينا أوجه الحسن والقبح في كل شاهد من خالل فن بديعي كالجناس أو الطباق أو المبالغة, أو من خالل فن

بياني كالتشبيه أو االستعارة. ونلحظ في منهج ابن األثير تشبيها تاما فيما يتعلق بدراسة

السرقات الشعرية فقد تناولها مفيدا من سبقه في عرض الشواهد أو في عد المصطلحات التي سمي بها أنواع السرقات.

ويلتقي مع ابن رشيق في كثير من اآلراء وكثير من المصطلحات التي أوردها في المثل السائر فإنها ال تكاد تخرج عما درسه ابن

رشيق في القراضة. ومن ذلك حديث ابن األثير عن صنوف األخذ فقد حصرها كما

صنع ابن رشيق غير أن ابن األثير توسع في ذكر فروع وأقسام من أنواع السرقات الشعرية وإن قد سبق إلى الكثير منها سواء مما

ذكره ابن رشيق أو غيره ممن تقدمه كابن طباطبا وقدامة بن جعفر, وعلي الجرجاني واآلمدي وأبي هالل وغيرهم.

وإذا أردنا أن نقف على أوجه الشبه بين ابن األثير وابن رشيق لنتبين مدى إفادة الالحق من السابق فإن في مبحث السرقات ما

يوضح هذا التالقي وهذا التأثير. يقول ابن رشيق في القراضة:»والمطابقة والتجنيس أفضح

سرقة من غيرهما, ألن التشبيه وما شاكله يتسع فيه القول والمجانسة والتطبيق يضيق فيهما تناول اللفظ«.

وفي موضع أخر يقول امرؤ القيس: يضيء الفراش وجهها لضجيعها كمصباح

زيت في قناديل ذبال فتناوله الناس إلى أن بلغ إلى عبدالله بن المعتز فقال وصرفه

إلى الثغر: ألثمه في الدجى وبرق ثناياه يريني

مواضع اللثم فما قصر في حسن اإلتباع وتلطيف األخذ والتصرف في القول. وفي موضع أخر يقول:»والحذق في األخذ على ضروب أنا ذاكر

منها ما أمكن وتيسر إذ ليست هذه الرسالة موضع استقصاء السيما وقد فرغت في كتاب»العمدة« مما يراد أو أكثره.

والمعاني التي يقال أنه اختراعات وأخذها سرقات إنما هي المقاصد وترتيباتها والطرق إليها هي التي يسمي أخذها سرقة ال

محالة. من ذلك قول أبي نواس في صفة الكؤوس:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

في كؤوس كأنهن نجوم دائرات بروجهاأيدينا

طالعت مع سقاة علينا فإذا ما غربنيغربن فينا

فإن هذا وأشباهه مما انفرد به كل واحد من الشعراء, وإن كان ذلك قليال جدا ال يكاد يتناوله حاذق إال أن يريد فيه زيادة تحسنه أو ينقص من لفظه ويستوفي معناه فيكون له. أيضا. فضيلة اإليجاز,

ولذلك تحامي الناس أشياء كثيرة من المعاني أخذت حقها مناللفظ... إلى أن يقول عن السرقات:

ومما أختصر لفظة وأستوجبه األخذ قول بشار: من راقب الناسلم يظفر بحاجته: البيت.

أخذه سلم الخاسر فقال وأختصره اختصارا لطيفا أستوجبه به:من راقب الناس مات غما... البيت

وضد هذا قول ابن المعتز على حذفه. وشربنا من المدام كؤوسا وجعلن التقبيل

نقل الشراب فإنه نقله من قول أبي نواس:

مالي في الناس كلهم مثل مائي خمرونقلي القبل

فأطال المختصر وقصر عنه: ويستمر ابن الرشيق في دراسة السرقات وفق هذا النهج فتراه

يتحدث عن ضروب من األخذ كثيرة كما مر. من ذلك. – األخذ الفاضح.1 – األخذ الخفي.2 – الحذق في األخذ.3 – األخذ الجيد.4 – األخذ بالزيادة.5 – األخذ في االختصار.6 – األخذ بالنقل وهو على ضروب منها: نقل المعنى, ونقل7

اللفظ ونقل المعنى واللفظ, ونقل الصفة... وهكذا وهذه الضروب كأنما نقلها ابن األثير متأثرا بابن رشيق وغيره من النقاد كقدامة

واألمدي الجرجاني وأبي هالل وغيرهم ممن سبق ابن األثير وسبق ابن رشيق. ولنقف على شيء مما قاله ابن األثير عن السرقات وقد يتضح التشابه وتباين مالمح التأثير والتأثر بمنهج ابن رشيق.

يقول ضياء الدين في كتابه المثل السائر:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

»واعلم أن علماء البيان قد تكلموا في السرقات الشعرية فأكثروا وكنت ألفت فيها كتابا وقسمتها أقسام: نسخا وسلخا,

ومسخا. أما النسخ فهو: أخذ اللفظ والمعنى برقة من غير زيادة علية.

أما السلخ: فهو أخذ بعض المعاني. وأما المسخ: فهو إحالة المعنى إلى ما دونه.

وأما النسخ: فإنه ال يكون إال في أداء المعنى واللفظ جميعا, أوفي أخذ المعنى وأكثر اللفظ.

وأما السلخ فإنه يقسم إلى اثني عشر ضربا منها: – أن يؤخذ المعنى ويستخرج منه ما يشبهه وال يكون هو إياه,1

وهذا من أدق السرقات مذهبا وإحسانها صورة, وال يأتي إال قليال,منه قول بعض شعراء الحماسة:

لقد زادني حبا لنفسي أنني بغيض إلىكل امرئ غير طائل

أخذه المتنبي من المعنى, واستخرج منه معنى آخر غيره إال أنهشبيه به فقال:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادةلي بأني كامل

والمعرفة بأن هذا المعنى أصله من ذاك المعنى عسر غامض, وهو غير متين إال لمن أعرق في ممارسة األشعار.

2 – أن يؤخذ المعنى مجردا من اللفظ. وذلك مما يصعب جدال وال يأتي إال قليال ومنه قول ومنه قول عروة بن الورد من شعراءالماسة:

وإن يك مثلي ذا عيال ومقترا من الماليطرح كل مطروح

ليبلغ عذرا أو ينال رغيبة ومبلغنفس عذرها مثل منجح

أخذ أبو تمام هذا المعنى فقال: فمتى مات بين الضرب والطعن ميتة تقوم

مقام النصر إن فاته النصر فعروة ابن الورد جعل اجتهاده في طلب الرزق عذرا يقوم مقام

النجاح, وأبو تمام جعل الموت في الحرب الذي هو غاية اجتهاد المجتهد في لقاء العدو قائما مقام االنتصار. وكال المعنيين واحد

غير أن اللفظ مختلف. ويمضي ابن األثير في دراسة السرقات على نحو منهج ابن

رشيق فيسوق الشاهد من الشعر ويبين قائله السابق ويسوق مثليه لمن أخذ معناه أو أخذ لفظه أو أخذهما معا وفي ذلك يقول:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وهذا الضرب من سرقات المعاني من أشكلها وأدقها وأغربها وأبعدها مذهبا وال يتفطن إليه ويستخرجه من األشعار إال بعض

الخواطر دون بعض, وقد يجيء منه ما هو ظاهر كقول ابن المقفع: فقد جر نفعا فقد نالك أننا أمنا على كل

الرزايا من الجزع وجاء بعده من أخذ هذا المعنى فقال:

وقد عزي ربيعه أن يوما عليها مثل يوماكال يعود

وهذا من البديع النادر. ويتبين التشابه في دراسة السرقات عند ابن رشيق في القراضة

عند ابن األثير في المثل السائر. من خالل طريقة ابن األثير فإنها ال تكاد تختلف عما سار عليه ابن رشيق.

يقول ابن األثير عن طرق قال األخذ: قال أبو تمام: قد قلصت شفتاه من حفيظة فخيل

من شدة التعبيس مبتسما سبقه عبدالسالم بن رغبان المعروف بديك الجن فقال:

وإذا شئت أن ترى الموت في صورة ليثفي لبدتي رعبال

فالقه غير أن لبدتاه أبيضصارم وأسمر غال

تلق ليثا قد قلصت شفتاه فيرىضاحكا لعبس الصيال وكذلك قال أبو تمام:

فلم أمدحك تفخيما لشعري ولكنمدحت بك المديحا

أخذه من حسان بن ثابت في مدحه للنبي صلى الله عليه وسلمحيث قال:

جرحته العيون فاقتص منها يجوىفي القلوب دامي التدوب

سبقه أبو تمام فقال: أدميت باللحظات وجنته فاقتص

ناظره من القلب قال ابن األثير ومن طرق األخذ قول المتنبي:

زين أزمعت أيهذا الهمام نحن نبتالربا وأنت الغمام

أخذه من بشار حيث قال:

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

كأن الناس حين تغيب عنهم نبات األرض (1)أخطاه القطار

– وهكذا تحس بأنك تقرأ فصوال في القراضة ال في المثال4 الثائر. وبعد هذه الجولة التي أحسبها قد طالت يمكن أن نوجز

القول في ذكر األعالم من النقاد والبالغيين الذين أفاد منهم ابن رشيق في دراسة موضوعات القراضة, وكذلك األعالم من النقاد

والبالغيين الذين تأثروا بمنهج ابن رشيق في القراضة والتقوا معه إلى حد كبير في دراسة بعض الفنون البالغية والقضايا النقدية.

– أما النقاد الذين أفاد من جهودهم وتأثر بهم في دراسة5موضوعات القراضة فإليك:

– أبا عثمان عمرو بن بحر الجاحظ: فيما يتعلق بمفهوم البالغة1وفن التضمين.

– الحاتمي: في موضوعات تتعلق باالستعارة واإليغال2والسرقات.

– الرماني: في موضوعات التشبيه.3 – قدامة بن جعفر: في موضوع التشبيه واأللفاظ, واإليغال.4 – اآلمدي: في طريقة عرض السرقات الشعرية وشواهدها.5 – علي بن عبدالعزيز الجرجاني: في التشبيه, والتجنيس,6

والسرقات الشعرية. – وإليك أبا هالل العسكري: في اإليغال, والتكرار, وكثير من7

صنوف البديع. – ابن طباطبا: في دراسة التشبيه وشواهده, ومسألة تذوق8

الفطري, وما يتعلق بموضوع اللفظ والمعنى واألوزان والقوافي. أما النقاد الذين تأثروا بمنهج ابن رشيق في القراضة, وأفادوا من

جهوده فيها فمنهم: – أسامة بن منقذ: في دراسة عدد من ألوان البديع وبخاصة1

فن الجناس الذي أوصله إلى ثمانية فنون, وإن كانت هذه الفنون مكرورة معادة ال تختلف عن ما ذكره السابقون قبل ابن منقذ إال

في المصطلح والتسمية. – ابن األثير: في عدد من ألوان البديع وفي دراسة السرقات2

الشعرية. – حازم القرطاجني: في كتاب »منهاج البلغاء وسراج األدباء«3

فقد تأثير بمنهج ابن رشيق في القراضة فيما يتعلق بالمعاني وطرق اإلبانة عنها وكذلك فيما يتعلق باإلبانة عن طرق الشعر,

واإلبانة عن المنازع الشعرية وطرق المفاضلة بين الشعراء.

وما بعدها. 262)( المثل السائر البن األثير ص 1

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وإذا كان من حق العالم الدؤوب أن يسجل له جهده من خالل أعماله العلمية فأن ابن رشيق في كتابه القراضة قد خص موضوع

السرقات الشعرية شامل يعتمد على الذوق وأسلوب المفاضلة في طائفة من جيد المنظوم من كالم العرب وفي مقدمتهم امرؤ

القيس حيث احتل شعره في القراضة نصيبا كبيرا من هذه الشواهد التي تصل إلى سبعين وثالئمائة بيت من الشعر, وإلى

أسطر قليلة من النثر ومن خالل مقاييسه النقدية يقضي بين هؤالء الشعراء بذوقه ورأيه حتى ال يكاد الناظر أن يرى الناظر وأن يرى

زيادة يمكن أن يضيفها غيره من النقاد. واتخذ ابن رشيق في القراضة من خالل الفنون البالغية منهجا آخر في النقد يحتكم فيه

إلى جمال الفن البالغي وأثره في أسلوب الشاعر ومعناه. وفوق منهج السرقات في القراضة نجد موضوعات أخرى تفصح عن المعاني األدبية وبيان مفهوم اإلبداع واالختراع واإلتباع وتوارد

الخواطر وأثر العامل الزمني وما يحصيه التاريخ من اآلثاروالنصوص األدبية.

وعلى هذا لم تكن القراضة كتابا خاصا بمبحث لسرقات, وإنما هي عالوة على ذلك بحث مستفيض في تذوق األعمال األدبية

والمفاضلة بين الشعراء وبين فضل السابق على الالحق. ولو لم يكن البن رشيق في القراضة سوى هذه األشعار التي ساق وفاضل بين جيدها ورديئها لكفاه ذلك مكانة علمية ونقدية

وأدبية. والله الهادي إلى سواء السبيل.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

الخاتمة

في هذه السطور من هذه الدراسة المتواضعة حاولت الكشف عن جهود ابن رشيق في القراضة فتبين لي اآلتي: من خالل آراء

ابن رشيق في القراضة, ومن خالل أصناف البديع التي أوردها رسم هذا البحث منهج ابن رشيق في دراسة السرقات األدبية,

وأنه درسها تحت األقسام التي درسها غيره ممن سبقه فقد صنف السرقات إلى:

– أخذ المعنى مع لفظه.1 – أخذ المعنى.2 – أخذ اللفظ.3

وأنه ال توجد سرقة في المعنى العام, وال في المعنى الخاص الذي أصبح كالعام المشترك لكل شيوعه, وال سرقة في األلفاظ

المتاحة المتداولة وإنما يكون السرق في اللفظ إذا استعمل استعماال أصيال وأنه. أي السرق. ال يقع إال في البديع النادر من المعاني المبتكرة التي اختص بها السابق وتناولها الالحق. ومن خالل هذه اآلراء التي ناقشها ابن رشيق طوفت هذه الدراسة

بشواهد كثيرة مما ساق ابن رشيق إليجاد المفاضلة بين شاعرين أو أكثر. وبينت طريقته في رسم هذه الموازنات األدبية, وأنه كثيرا

ما يعتمد على الذوق السليم في استجالء معاني السابق منالشعراء, أو بيان ما أضافه الالحق عليه أو قصر دونه.

كذلك كشف هذه الدراسة عن جهود ابن رشيق في استخالص القيم التعبيرية في النصوص من خالل تطبيقها على عدد من فنون

البديع التي ذكرها في القراضة. كذلك أشارت هذه الدراسة إلى عدد من القضايا النقدية األخرى بطريقة موجزة على حسب ما نهجه ابن رشيق كحديثه عن قضية اللفظ والمعنى حيث جاء ذلك مجمال موجزا لم يتجاوز ذكر بعض النعوت للمعاني واأللفاظ من خالل هذا اللفظ رقيق عذب وهذا

معنى بديع نادر وكحديثه عن توارد الخواطر والتقاء عدد من الشعراء على المعاني التي لم يمكن عدها لهذا وال لهذا. فقد

تواردوا عليها جميعا, واإللمام بدراسة تاريخ األدب هي الفيصل فيعد هذا سابقا وهذا الحقا.

ولقد عنيت هذه الدراسة بإجمال وتفصيل موضوعات القراضة على النحو الذي مر ذكره في الفصل األول.

وكذلك كان من نتائج هذا البحث رسم المعالم التي كونت مقاييس النقد في القراضة, وبيان عامل التأثير والتأثير بالمنهج

الذي سلكه ابن رشيق في ذلك.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

وترجمت هذه الدراسة لعدد من أعالم األدب والنقد الذين لم يرد عليهم شيء في منهج المحقق سوى ذكر األسماء.

وكان من تمام الفائدة العلمية أن عنيت هذه الدراسة بشرح بعض األلفاظ لبعض النصوص واستقصاء هذه المعاني واستخراجها

من مضان التراث اللغوي مما حوته المعاجم. وأخيرا ذيلت هذه الدراسة بفصل خاص عن الموازنات األدبية احتوى على استخالص أوجه الشبه في المنهج النقدي بين ابن رشيق في موضوعات القراضة ومنهج غيره ممن سبقه وممن

عاصره وممن جاء بعده. وختاما: أرى أن جهود ابن رشيق العلمية واألدبية والنقدية لم

تحظ. بعد. بنصيب من الدراسة والتحقيق إال ما كان من دراسات حول كتابه »العمدة« أما جهوده وأثاره العلمية األخرى تلك التي

تزيد على ثالث مؤلفات بين كتاب مفصل ورسالة موجزة فإن هذا العطاء العلمي لم يزل بحاجة إلى مزيد من الدراسة والعناية.

والله الهادي إلى سواء السبيل.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فهرس المصادر والمراجع

)أ( – ابن رشيق ونقد الشعر: د. عبدالرؤوف مخلوف: الطبعة1

م. 1973األولى, – ابن المعتز وتراثه في األدب والنقد والبيان: د. محمد2

م. 1958عبدالمنعم خفاجي, الطبعة الثانية, – أبو هالل العسكري ومقاييسه البالغية والنقدية: د. بدوي3

م. 1401طبانة, الطبعة الثالثة, – أساس البالغة ك محمود بن عمر الزمخشري, دار صادر4

هـ. 1385بيروت – أسرار البالغة: عبدالقاهر الجرجاني, نشر دار المعرفة,5

هـ. 1398بيروت – إعجاز القرآن: أبو بكر محمد بن الطيب الباقالني, شرح6

م, القاهرة.1951وتعليق محمد عبدالمنعم خفاجي, طبعة – األغاني: أبو الفرج األصبهاني علي بن الحسين, المؤسسة7

المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر. – أنموذج الزمان في شعراء القيروان, ابن رشيق القيرواني,8

جمع وتحقيق محمق العروسي المطوي وبشير البكوشي. – اإليضاح: الخطيب القزويني, الطبعة السابعة, نشر مكتبة9

اآلداب بالجماميز. )ب(

– الباقالني وكتابه إعجاز القرآن: د. عبدالرؤوف مخلوف,10نشر مكتبة الحياة, بيروت.

– البحث البالغي والنقدي في كتاب العمدة: محمد بن11سليمان الصقيل, رسالة ماجستير.

م,1966 – البداية والنهاية: أبو الفداء بن كثير, الطبعة األولى 12 نشر مكتبة المعارف, بيروت, ومكتبة النصر, الرياض.

– البديع: عبدالله بن المعتز, نشر وتعليق أعناطيوس13كراتشقو فسكي.

– البديع في نقد الشعر: أسامة بن منقذ, تحقيق الدكتور14 هـ.1380أحمد أحمد بدوي والدكتور حامد عبدالمجيد, طبعة

– بديع القرآن: البن أبي األصبع, تحقيق د. حنفي شرف,15م. 1967الطبعة األولى, مصر,

– بغية الوعاة: جالل الدين عبدالرحمن السيوطي, تحقق16 هـ.1384محمد أبو الفضل البراهيم, الطبعة األولى,

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– البالغة تطور وتاريخ, د. شوقي ضيف, الطبعة الثانية, دار17المعارف بمصر.

– البيان والتبيين: عمرو بن بحر الجاحظ, تحقيق وشرح18 هـ.1395عبدالسالم هارون, الطبعة الرابعة,

هـ.1388 – البيان العربي: د. بدوي طبانة, الطبعة الرابعة, 19)ت(

– تأويل مشكل القرآن: أبو محمد عبدالله بن مسلم بن20 هـ.1393قتيبة, شرح ونشر أحمد صقر, الطبعة الثانية,

– تحرير التحبير: ابن األبي األصبع, تحقيق د. حفني شرف,21 هـ, المجلس األعلى للشئون اإلسالمية, مصر.1383 – تلخيص البيانات في مجازات القرآن: الشريف الرضي,22

تحقيق محمد عبدالغني حسن. )ج(

– الجمان في تشبيهات القرآن: ابن ناقبا البغدادي, تحقيق د.23 مصطفى الصاوي الجويني, نشر منشأة لمعارف, اإلسكندرية.

– جمهرة أشعار العرب: أبو زيد القرشي, دار صادر, بيروت.24 – جنس الجناس: جالل الدين السيوطي, تحقيق ودراسة25

وشرح د. محمد علي رزق الخفاجي, الدار الفنية للطباعة والنشر.)ح(

– الحركة النقدية على أيام ابن رشق المسيلي, د. بشير26 خلدون, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر.

)د( – دالئل اإلعجاز: عبدالقاهر الجرجاني, الطبعة السادسة,27

هـ. 1380 – ديوان أبي تمام: حبيب بن أوس بن الحارث, شرح28

الخطيب التبريزي, تحقيق محمد عبده عزام, دار المعارف, القاهرة.

– ديوان البحتري: الوليد بن عبيد, نشر دار صادر, بيروت.29 – ديوان بشار: بشار بن برد, شرح محمد الطاهر بن عاشور30

هـ. 1387الطبعة الثانية, – ديوان امرئ القيس: امرئ القيس, تحقيق محمد أبو31

الفضل إبراهيم, الطبعة الثانية, دار المعارف بمصر. – ديوان زهير بن أبي سلمى: لزهير بن أبي سلمى, شرح32

أبي العباس ثعلب, نشر الدار القومية للطباعة والنشر القاهرة. – ديوان المتنبي: أبو الطيب أحمد بن الحسين, شرح33

هـ. 1376العكبري الطبعة الثانية,

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– ديوان ابن رشيق: جمع وترتيب عبدالرحمن ياغي, دار34الثقافة, بيروت.

– ديوان ذي الرمة: غيالن بن عقبة, نشر المكتب اإلسالمي35للطباعة والنشر, دمشق.

– ديوان ابن الرومي: أبو الحسن علي بن العباس, تحقيق36الدكتور حسين نصار.

– ديوان المعاني: أبو هالل العسكري, نشر مكتبة األندلس,37بغداد. )ذ(

– الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: أبو الحسن علي بن38 هـ, دار1399بسام, تحقيق الدكتور إحسان عباس, الطبعة األولى,

الثقافة, بيروت.)ز(

– زهر األدب وثمر األلبان: إبراهيم الحصري, تحقيق علي39محمد البجاوي, الطبعة الثانية.

– سر الفصاحة: ابن سنان الخفاجي, شرح وتصحيح40 عبدالمتعال الصعيدي, مطبعة محمد علي صبيح.

هـ.1395 – السرقات األدبية د. بدوي طبانة, الطبعة الرابعة, 41)ش(

– شذرات الذهب في أخبار من ذهب: عبدالحي بن العماد,42 نشر المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع, بيروت.

– الشعر والشعراء: أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة,43م. 1969الطبعة الثانية

)ص( – الصباحي في فقه اللغة وسنن العرب في كالمهما: أحمد44

هـ.1382بن فارس, تحقيق مصطفى الشويمي, طبعة – صحيفة بشر بن المعتمر: بشر بن المعتمر, نقال من كتاب45

.77البيان العربي للدكتور بدوي طبانة, ص – الصناعتين: أبو هالل العسكري, تحقيق علي محمد البجاوي46

ومحمد أبو الفضل إبراهيم. )ط(

– طبقات فحول الشعراء: محمد بن سالم الجمحي: شرح47محمود محمد شاكر, مطبعة المدني.

– طبقات النحاة واللغويين: البن قاضي شهبه, تحقيق48الدكتور محسن عياض.

)ع(

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– العقد الفريد: أحمد بن عبد ربه األندلسي, تحقيق محمد49سعيد العريان.

– العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده, الحسن بن رشيق50 القيرواني, تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد, الطبعة الرابعة,

م. دار الجيل بيروت.1972 – عيار الشعر: أبو الحسن محمد بن محمد بن طباطبا,51

هـ, دار الكتب1402تحقيق عباس عبدالساتر, الطبعة الرابعة العلمية, بيروت.

)ف( هـ.1405 – فن البالغة: د. عبدالقادر حسين, الطبعة الثانية, 52

)ق( – قدامة بن جعفر والنقد األدبي: د. بدوي طبانة, الطبعة53

هـ. 1389الثالثة, – قواعد الشعر: أبو العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب,54

هـ.1367شرح وتعليق محمد عبدالمنعم خفاجي, الطبعة األولى, )ك(

– الكامل في التاريخ: عز الدين ابن األثير, دار صادر, بيروت,55هـ. 1386 – كشف الظنون: الحاجي خليفة, بمقدمة شهاب الدين56

النجفي, مكتبة المثني, بيروت. )ل(

– لسان العرب: جمال الدين بن منظور, دار صادر, بيروت.57)م(

– المثل السائر: ضياء الدين ابن األثير, تحقيق د. أحمد58 الجوفي ود. بدوي طبانة, الطبعة الثانية, دار الرفاعي, الرياض.

– مجاز القرآن: أبو عبيدة معمر بن المثنى, تعليق د. فؤاد59هـ. 1390سزكين, الطبعة الثانية,

– مختار الصحاح: محمد بن أبي بكر الرازي, نشر الكتاب60العربي, بيروت.

– المسائل البالغية في كتاب الصاحبي ألحمد بن فارس: د.61 هـ, مطبعة األمانة, بمصر.1406فريد النكالوي, الطبعة األولى,

– معالم اإليمان في معرفة أهل القيروان: أبو زيد62 عبدالرحمن األنصاري الدباع, تصحيح وتعليق إبراهيم شبور, الطبعة

هـ.1388الثانية, – معاهد التنصيص: عبدالرحيم بن عبدالرحمن العاسي,63

هـ.1374تصحيح إبراهيم الدسوقي, طبعة عام

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– معجم األدباء: ياقوت الحموي, الجزء الثامن, مكتبة عيسى64البابي الحلبي, مصر.

– مفهوم االستعارة في بحوث اللغويين والنقاد والبالغيين, د.65م. 1979أحمد الصاوي, طبعة

– المفضليات: للمفضل الضبي, تحقيق وشرح محمد شاكر,66 وعبدالسالم هارون, الطبعة الخامسة, دار المعارف, مصر.

– مقدمة ابن خلدون: عبدالرحمن بن خلدون, الطبعة الثالثة,67دار الكتاب اللبناني, بيروت.

– مناهج الدراسة األدبية: د. شكري فيصل, الطبعة الرابعة,68در العلم, بيروت.

– منهاج البلغاء وسراج األدباء: حازم القرطاجني, تحقيق69 م, دار الكتب الشرقية, تونس.1969محمد ابن الخوجة,

– الموازنة بين أبي تمام والبحتري: الحسن بن بشر اآلمدي,70 هـ, دار المعارف بمصر.1392تحقيق أحمد صقر, الطبعة الثانية,

)ن( – نصوص نقدية ألعالم النقاد العرب: د. محمد السعدي71

هـ, دار الطباعة المحمدية درب1399فرهود, الطبعة الثانية, األتراك باألزهر.

هـ, دار1387 – النقد األدبي: أحمد أمين, الطبعة الرابعة, 72الكتاب العربي, بيروت.

– نقد الشعر: قدامة بن جعفر, تحقيق وتعليق د. محمد73 هـ, مكتبة الكليات1399عبدالمنعم خفاجي, الطبعة األولى,

األزهرية. – النكت في إعجاز القرآن: أبو الحسن علي بن عيسى74

الرماني، ضمن ثالث رسائل في إعجاز القرآن, تحقيق وتعليق هـ.1387محمد خلف الله ومحمد زغلول سالم, الطبعة الثانية,

– نهاية األدب في فنون األدب: شهاب الدين أحمد بن75 عبدالوهاب النويري, نسخة مصورة عن طبعة القاهرة, دار الكتب.

)و( – الوساطة بين البالغيين ومحمد بن علي الجرجاني: د.76

هـ, مكتبة الكليات1404عبدالستار زموط, الطبعة األولى, األزهرية.

– الوساطة بين المتنبي وخصومه: علي بن عبدالعزيز77 الجرجاني, تحقيق وشرح محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد

البجاوي, مطبعة عيسى البابي الحلبي. – الوافي بالوفيات: صالح الدين الصفدي: تحقيق إحسان78

م. 1969عباس, طبعة

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– وفيات األعيان: أبو العباس شمس الدين بن خلكان, تحقيق79د. إحسان عباس, دار الثقافة بيروت. )ي(

– يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر: أبو منصور الثعالبي,80 تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد, دار الفكر بيروت, الطبعة

هـ.1393الثانية وقد ورد في موضوعات هذه الدراسة عدد من المصادر لم أقيدها في هذا الفهرس ألني لن أنقل منها نصا وإنما أوردتها

استكماال لجوانب البحث فاكتفيت بذكرها في مواضعها التي وردتفيها.

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

فهرس الموضوعاتالصفحالموضوع

ةمقدمة.........................................................

...........تمهيد...........................................................

.......... الفصل األول: التعريف

بالقراضة............................................- مصادرها

- تحقيقها, نشرها مقدمة

القراضة............................................................

السرقاتالشعرية.......................................................

... الفصل الثاني: المقاييس البالغية والنقدية في

القراضة........................... - المقاييس البالغية – صلتها بمقاييس النقد في

القراضة. - المقاييس النقدية – عرضها, شواهدها, مناقشتها

في ضوء آراء ابن رشيق. مقاييس السرقات ومبحثه في

القراضة........................................ مقاييس اإلبداع و االختراع في

القراضة...................................... قضية اللفظ

والمعنى.........................................................

تواردالخواطر.......................................................

...... الصنعة

والتكلف..........................................................

ما يحصره التاريخ وتقيده

5 13 27

39 44

79

127

150

160

162

165

167

170

173

175

257

263

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

األزمنة........................................... مقياس الذوق وطبع

الفطرة............................................... الفصل الثالث: موازنة بين جهود بن رشيق في

القراضة وجهود غيره.......... لمحة عن الموازنات في النقد

األدبي:.........................................- التأثر والتأثير

- القضايا المشتركة - خالصة آراء ابن رشيق النقدية الواردة في

القراضةالخاتمة........................................................

............ فهرس المصادر

والمراجع....................................................

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

من مطبوعات نادي القصيم األدبي ببريدة – أبو مسلم الخرساني.1 – شعر بني تميم في العصر2

الجاهلي. – اللغة العربية بين القاعدة3

والمثال. – مع الشعراء.4 – الشعر السعودي بين التجديد5

والتقليد. – ديوان شعر ترانيم الرمال.6 – النـزعات الشعرية عند جماعة7

أبوللو. – أنوار ذهبية.8 – سوق األدب والنقد في9

القصيم. – مشاهدات في بالد10

العنصريين. – اتجاهات الشعر المعاصر في11نجد. – مأدبة الله في األرض.12 – المختار )من مسابقات13

النادي(. – الناجي العلمية عند14

القزويني. – عنصر اللون في شعر15

المتنبي. – مع الواضح في كتاب16

اإلشبيلي. ( من محاضرات2 – المختار )17

النادي. – رشيد رضا ودعوة الشيخ18

محمد ابن عبدالوهاب. – البنوك اإلسالمية بين19

النظرية والتطبيق. – نقد على نقد.20 – حديث اإلفك.21 – الصين يأجوج ومأجوج.22

للدكتور صالح بن سليمانالوشمي.

للدكتور عبدالحميدالمعيني.

للشيخ أبو عبدالرحمن بنعقيل الظاهري

للشيخ حمد الجاسر للدكتور محمد بن سعد بن

حسينلألستاذ عبدالعزيز النقيدان

للدكتور أحمد بن عبداللهاليحيى

لألستاذ عبدالسالم هاشمحافظ

لألستاذ دريد يحيى الخواجة للشيخ محمد بن ناصر

العبودي للدكتور حسن بن فهد

الهويمل محمد جمالأحدلألستاذ

اللجنة الثقافية بالنادي للدكتور علي بن عبدالله

الدفاع للدكتور عبدالله أحمد

باقازي للمرحوم عبدالقدوس

األنصارياللجنة الثقافية بالنادي

للدكتور محمد بن عبداللهالسلمان

للدكتور عبدالله بن محمدالطيار

للدكتور عبدالله العليالحامد

للدكتور عبدالحليم بنإبراهيم العبداللطيف

 www.alukah.net

األلوكة موقع على والحصري الجديد تابع 

– النبع الذي ال ينضب.23 – العقل األدبي )جزان(.24 – العناصر البيئية في الفن25

القصصي في المملكة. ( دراسات أدبية3 – المختار )26

ونقدية. ( دراسات4 – المختار )27

إسالمية. – عندما تلتهب القوافي.28 – محمد هاشم رشيد شعره29

وشاعريته. – المقاييس البالغية والنقدية30

في نقد أشعار العرب البن رشيقالقيرواني.

– االتجاه الفني في تراثنا31النقدي والبالغي.

– المراهقة مفترق الطرق بين32االستقامة واالنحراف.

– األحكام التي تخالف فيها33المرأة الرجل.

للشيخ عبدالعزيز المسندلألستاذ إبراهيم البليهي

ألبي عبدالرحمن بن عقيلللدكتور طلعت صبح السيد

اللجنة الثقافية بالنادياللجنة الثقافية بالنادياللجنة الثقافية بالنادي

للدكتور رزق محمد داود

للدكتور محمد بن سعدالدبل

لألستاذ حمد بن عبدالعزيزالسويلم

للدكتور إبراهيم بن حمودةالمشقح

للدكتور سعد بن شارعالحربي الرجل

 www.alukah.net