باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

30
http://tahrirnews.com/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA/ %D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%C2%AB%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC%C2%BB- %D9%84%D8%B9%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%B4%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D8%B4%D9%8A%D8%B1/ ------------------------------------------ https://www.facebook.com/ecfishere ى ل و الأ ة حلق ل ر.. ا ي ش ف ري ك ش ن ي الد ز لع» زوج خ ل ا( اب( ب« ة رواي ى حي ي ي ر ي ز عا.6 هى كل ت ا 6 حي( يدام6 ى ص ف ل 6 خ د م ا ل ي د6 ال ا 6 ب ، ا( ب فوا6 لعول ا6 ه ن م اف 6 خ وا( زب ط 6 ض ى شا ت ا نO ظ ا ب كن6. ج ه ت( ب ى ا ي( ب6 س ح ا ب كنا6 ى، وم ي 6 ب ر عي ت ة 6 ق مي ع ة( 6 ج ه( بc اك 6 هي نg ل ا( ب. ب ع ق و ت س ما عك ى علما، ما ت هادي ا ب ه وا ى هد لي رشاc لك( ب كن ا اد. 6 معي ل اا6 ه ق ت ز ط ى فى ت ا 6 حي ارب6 و ش6 ل ب ن ب6 م ت ا. د6 اري هر6 ق ة6 م حك( ي ة6 ام ب ة6 اع ن ف ى لg ا ت ل6 صا، وو6 ه تُ ّ ب( ي ب ب طع ت سى ا لي ا( ت ن وا( ج ل ل ا ك ن م، لمراب ا راب عش مر ى الأ ف رب ك فى ت ع ا م، ت نى خد لي ور ا م الأ ن م ي ا حدب ي م ل و لى مي ت ا ب كن س لعك ى ا عل ل( باري،ر ق ره ك عد ا م ا لى ت ا ه ا( اخ مف ل ع. وا طي ت س ى لأ ا لكي زي، خ ا راب ا ي ح ة اف صg ا ب طع ت س و ا ل ب ن مب ت. احة مي ل ل ا ب دا( الي ن ي( ب ن م ار ي ت خ لأ الأg ى ا م ما ا ن ك ب م ل ة، وي ه ر ك بارر ق اد ح ي لأ ن ي ز ط مض ل ل ا ك ول ق ت ما ل ميى، لكي. ا6 م( ت ، ر ن¥ الأ ل( 6 ي ف دء( 6 ى الي غ( ي ب ب ان6 ى. ك ي عف6 س ي ن ل ب فو6 ل ا ن ا ن¥ الأc درك ى ا ي6 لك، ردب اا6 ل م6 كcك6 ل( ب كن لأٍ ا ف6 ك ب فو6 ل ا ا د6 ه نO ظ ا ب كن و6. ره ي 6 ح الأ ون6 ك ب د 6 ى ف ي6 ل ا الة6 رش ل ه ا د6 ه( ب كن لأ اعة6 ش ن ي ر 6 عش ع و( 6 ب ر وي ا6 س ى ما6 م اَ ق( 6 ب ب م لا6 ى م ف لأ وب6 ط رب6 ك فى ت م ا غ ور6،cك6 ا ل6 ه ل و ق ا ره ي 6 كث اء ي 6 س اّ دي6 ، ول ل 6 لي ف ب ف و ل ا 6 ى، ف ت ر د6 ع ت ن ا ن¥ الأ د 6 ميc ك 6 مي( ت طل ل. واا6 رش اسي دون ره 6 اش( وع مي 6 ض و م ل ى ا ف ل خ د ا6 ا ش د6 . ل ة 6 ي مب الأ ة 6 احي الي ن م ا، 6 مكي مcك6 ل د ن ك ب م ل ن لك ام، 6 ب ا ة 6 لأي ي( ب ب حن ز( 6 خ و وا ار( 6 ح يg الأّ ى عل ن ا نO ط ت ن خي ل 6 ظي ء، وا ا ي 6 س الأ ض ع( تر ر ك ا6 ى ش ت د ا6 ك و م ىء، و 6 لش ا ض ع( ت ة 6 وس س مى ليا6 د رش( ح ت6 سى.6 س ى را ف ن¥ م الأ ح ا ر ي 6 ار ي6 ك ف الأ نg ا 6 ، ف راب6 لم ا راب 6 عشى هي ى د ف ة ي ضع ، و ة( اي لكي ى ا ف رع ش ا ن خي زه ط س شا ة 6 ق زت ط ل ا ن ع زO 6 ط ت ل ا ض ع( تّ دي6 ا ل6 ول م ق ا6 ا، ش د6 ه ن م ي لأ ب ف وc اك 6 د هي6 ع م ت ل ن لكل.6 ع ق ا ن ا دب 6 اعيا6 م ك ا فَ ّ م من كا6 ماس منا6 ص ج ت( صب ت ى ك ة ي( ب د ة وش هاي بg عد ا( ت( طاب خ ل ا ا هد ب ع( ج را ب لكن ج مس ي ب ف و ل ا و كان لى. حي م . شا طالةg ى الأ غ( ي ب ب وع ض و م ل ا( ت صل ى ف ل خ د أم. ولي كل ال ها علت دو( ي شبى لي ا. ر( ي و ب ك ا ن م رون لعش و ا ه وم ب ل ا2020 ا، 6 ب . اّ ى عل ض( ت لفري وا( ي6 لكى ا ي ب ا 6 ي ح ا( 6 ي د ب 6 زاب( خ ل ى ا ف زا ق ي6 سا6 مg طلأ، وا( ت اب6 مc اك( 6 ب ا نg اcك6 ل ون ل و ق ي6 سا6 مg . ا ة 6 ي( و ح ا ا ي ت( ح س ون ك ، شا ن¥ الأ ن م ط( ت لص ا( ب ن مي و ت عد( ه، ت ى هد لي رشاc ك ليg ل ا ص ت ن خي ، ور6 عم ة( ي 6 ص غى، ي( ب 6 ص غ ه د6 . ه ره6 لم ه ا د6 س ه لي . لأ، ره6 لم ه ا د6 م ه ه علت ق( ت ون ب ل ف ت م عه د ا ن لى لكي ل،( ي ف ن م م عه مي خاول م ا ل. لمراب ا راب عش ل،( ي ف ن م وا عل ق ما ك، ونسل ي ب م و ه ب دا( ى ب ي ب و مر ها، سي كل ة اي ي ح ل ا وف ب صى ي عت م ا( ب اهدب ي ش الد ى ه ون6 ك ب د 6 ف ا، ق6 ه علت زص خ ا 6 زي. ف 6 خ الأ اب6 اط ي خت الأل6 ك ت ل 6 س ف نg ر ا ي 6 ح ى الأ ت ا( 6 ح ي وق6 ط ون6 ك ب د 6 ، ف الة6 رش ل ه ا د6 . وه ة حي 6 لض دور ا( ب لع لأ ا ن ا ب م ز6 عى، و تا6 اط ي خت ا ب د 6 خ دي. ا6 ها ش ع ي 6 ص ا ن لى ي6 لك، ره ي 6 ح الأ ون6 ك ب د 6 ف ة( ي ص غ ملة. ك ا( ب مة ت صر والهز ت ل ا ن ي( ب، ولة ط( ت ل وا ة اي ي ح ل ا ن ي( ب ارق الف. cك6 رج ل 6 ش وا ة 6 داي( الي ن م دا( ب ا6 ا. ش6 ه كل ة6 ص ق ل اcك6 رج ل 6 ش ل، شا( 6 ح ع ي ب دا. ولأ ي( ح را ق ا . ف ة ق جق م ة كاري ن م ن ي ف ا( والي ت ن اc ك اد ف تg ى وا معي س اد ف تg لأ لة سي ز و خ¥ ه ا ى هد لي ورشا ت ن ا ون ك سي ف، كان( ب( سن ي ، لأ ن مي اد الف ن مي و ب ل ى ا ف ت ل نُ ف نg ا، ب ن ت6 خا6 مc ك 6 عيا6 م عمة ر6 س ل ا م ح ت6 س( ب ا6 كc اءك رg ى ا ي لب و و6 س م ه د6 . وهcك6 مام ى ا تور6 ض وا ه و 6 س ي ن ل ا( 6 ي ف دب6 ا خ6 مcك6 رج ل 6 ش ا ن د ا 6 رب . ا ن ي ز 6 خ¥ الأ ن م ها مع6 س ي ن ل ا( 6 ي فى ي6 م ة 6 كاي ح ل ع ا م6 س ي ن اc دك 6 رب اى تو6 ل ي ف ت م لو6 لى حي ىء. و س ل كر شي ف لي اّ ى عل( ب( ح م و ث ن م ل. و ع ق ما( ت ة و وري ص( ت ة و( يc سك ف ت ل خ ل دوا ص ت ب،c لك د ن م م ه . وا ب ن ب م ا ا ب ن س ة ري شي( يc ك رب سي رن ي ق ت و. ة6 عل ق ت م لا6 م ن دg ل ا ع ق ا6 . ش ة6 ادم الفc ك واب ب6 س ى فcك6 ة ل6 ول ق ردب اا6 ل م6 ك ن¥ الأcك6 ل ول 6 ق ا ن د ا 6 رب ى ا تg ا 6 ىء، ف 6 س د 6 عي ون 6 ق ق و ب بودا ولأد6 خ ون 6 ق ز ع ت م لأ ه ب ، لأ امره 6 مع ل ه ا د6 ه ن مى ت ا( 6 ح ي ن مدا6 ك ا مي ب س لى ت ا، ولأ ص ت اط ا ي خت الأ( اب( ب ن م وc ز لك ط خ ي م ل ما( ت ز ر ع ا س م ن عc ك خدب شا6.c ك( ح ع ر ها سي ض ع( ت ا، و ب ى ا مي وصا ص خ ها، ع ما سcك لِ ه دُ اء ب ي س اc ك علي ض ف ل. شا( خ ر ل ل( خ ر ن م ق تصد كc ك خدب ا ن و ا ه ، و لة لي ف ع ي ب شا عد ا( ت ن ي ر لعش اc عامك ع ل( ي ب ي الد ت ن ل، ا( ي ف ن م معا ج، يا6 ص ت لع اما6 س ا 6 ل مي( 6 خ ر ل ا( ب ح ي. لأ ل 6 ب و لط ا ة6 ول( ج ر ل وار ا س م ى ف ة( ي عت ى لg ا ة( ي عت ن م ل ف ي ب ب ت ن ، وا واخده ء واخده ا ي س ه الأ هدc لك ول ق ا ن ل ا ص ف ا ب كن. ن ي( بز مق ل ا ا ي اب صدف ا ن م ا و ي ب ل ب عا ن م ن ي ز خ¥ ، واc مك ا ن ع ها، و( ب مر ى ا ت او6 ج ي ى ل و الأc ك 6 وب ط خ ى ف ت ن وا واخده عة دق د رب ا ل ما كc لك ول ق ا ن ى ا لg ز ا ط ض م ا، و ل هد ك وق ق ز ق لق ى ا لg ا ا ب ز ا ط ض م. ب ف و ل ع ا م و واخده ة، واخده ي( ج لأب ي صا ت ل ا( ت ن شر لي ا ف زت ط دوما د( ح ي ور( ب لص ى ا ك الد( ب الأ ن لك ة، ي ب ا ن م وصا ص خ ولة( ج ر ل ا. ى، ل ة6 م ت د ف وره6 ص ك،c ك 6 يO ط جق م ى ف ها ع 6 ض راء.¥ ه الأ د6 ه( ارب6 ح ي لأ ن اc ك 6 مي ة( 6 طلي اا6 ل م6 ك. ق6 ج ل اc6 ك6 ى، ول ت را¥ ا ا6 ط خ اب( 6 ي بg ول اا6 ح ي د 6 ل وف( ب اص، ح ل اc ك ف ت ز ط ن عc سك ف لي ب ح( ت شب. ق ج ل اc ، ولك ن ا س ل ا ا ى هد ف ولة ق ا ما مO ظ ع مc ك ن( ح ع ت ن ل ه د6 ه ن ا6 ك ن دg اc ك خدب ا6 . ش ة6 ادم الف ره ي 6 ثك ل اc ك واب ب6 س ى فc اك( 6 ب ا ون6 ك ا لأ 6 ى لي ق( ي ب د 6 ى ف ي6 ل ا ة 6 ق زت ط ل ى ا ه ه د6 زي. ه 6 خ ا ره6 ها م حت6 صها و دوا( 6 ى خ فر6 ك ف د و 6 دب( خ ن ما6 ه لتg ز اO 6 ط ت واا6 ه( ج ز خ ، اc لأدك مي و لأدي ا مي د 6 ى عي ف ل6 ُ ف لي ز، 6 خ¥ ى ا لg ا ب ف و ن م و رشالة وره ض ى ف و ل ، و( ب ا دونcككر ي ا ن ى ا ت و ل ن ف نg د ا رب لأ ا ، فط ا ي خت الأ( اب( ب ن م ا ل هد ع ق ى ا لكي.c لك كد ون ك ب لأ ن م ا ي م ص ت ل و م ى ا كل ، و ره ي ح الأ ا ي ب ب حاد م. م6 س ا ف ي بى ي6 ل ا اب 6 ي ت( ح ل ا لة6 اء ش 6 ف رقر6 م الأ ة 6 هاي ب ى ف ن ح ت ف زي. 6 خ ا ة 6 ق زت ط( ت لة كي 6 س ي د 6 عي ا ا 6 ب ى ا ت ا6 كc راك اc ك 6 ليg ز اO 6 ط ت ا ن خيى ت . وا ا 6 ب اc ك 6 ب ، كاc ك( 6 حي ى ا ت ى، ا م كلأ ض ع( تc ك( 6 ح ع ر ا نg ر، ا ك د 6 اء. وب دف6 ص ، كا ز( خوا6 ج ى دون6 ص ض فc ك 6 علي ض ف ا6 ش ن ع ب ح( ت بc ك( 6 ي ف ر ا ا 6 ب وا( ب ح و ان 6 ي مب ط ى ا( ي6 ل ف ملأ ت و لأف ن ح ا الأ د6 ه( بcكك6 س م تc ك 6 ي ف( ب ح ى ا ت ى، وا ي 6 ف ت ز ط( ب ح اا6 م كى ي6 ع ة لق ن ح م ل اc ك ي ف ت ز ط( ب ح ى ا ت كد ا ا . وب ت ن ر ا صي ت ا اب حي وا ا ب ر ا صي ت ا اب حي ، ا ن ي ي ب الأ ن ح ي ا مي ص ت ة( حاي س ها ب ها، كا مO ظ ع مر( كي بc ك ي( ب ا( ب فر ي ت ن وا ط( ت لص ا( ى ب ل مي ز ع س شي وما ما ت ز. و خ¥ الأ ا ب ا ت ن ص. ا ا ح ل اc ك ف ت ز ط لc سك ف ت. وا تا6 م ك ه ب اcكل ه د ي6 اء س دف6 ص ، وا ن ه ت فز6 عاء6 س ي ن ع و ما ه ر ك د 6 ي ب ب كن نg دري ا ، ولأ اc ك 6 مي ع وcك6 م ع ن عcك6 ى لك خ ا6 ة. ش 6 ى والدي لg ز اO 6 ط ت ب ل 6 طف ك، لأ ل( 6 خ ر كا6 ه م ه فاول6 ح يا و6 ه زا ق ت ن اc دك 6 رب ، اcك6 م ا ن عى و ي6 عً اء ي 6 س اcك6 ى لك خ ا6 ش ا.6 راه ي دما 6 دا عي 6 ي( ا ح6 راه ي ى ك ا6 ه عتcك6 ى لك خ ا6 . شُ ج ي م ا ل نg ه وا د6 ى ه ت امر 6 مع ن مُ وب( 6 ج ي نg را ا ي 6 كثها را ي6 ى س ي6 ل، وا ا6 ه ف ز ع ت لأc ك 6 يك ل ا6 ه ف ز ع تى ي6 ل ا ة رف 6 مش ل س ا م 6 س ل اcك6 ل ب ور 6 ت ن ع. وc ك دب( 6 وخc دك( 6 خ ن عcك6 ى لك خ ا6 . وشc ك 6 ي ب ء ا ا دف6 ص اا،6 دوم ادي6 ه ل ا ا 6 ب وده. ا( 6 ج و ت ل ي ح يى ي6 ح و ل ا( 6 ي ف ن م ى ف ة 6 ي ب د را 6 فc ك( ي6 س ح لأ اا6 ه( ج و الة6 رش ل ه ا د6 هcك رب ي6 ام. س6 ل ع6 ك ره6 و م6 ل ، و ة6 ج ي ا ة الف6 ل زا 6 ق ت و اب6 م ن م ور( 6 ب ف ور ر 6 ي ن م وا ه مت ا 6 ى حي ق( ت ن م ى ود عل ى ق( ي ب ن لأء، ا و6 هل6 ك( برا ي 6 حc ك ي6 ص و وشاc ك ي ب لأ ة لق ن ح مَ ّ دِ ( خ ة ج س ي ري ، سي اف ف ج س( ب س ة ي وده كا( ج و( ت خد ز ا ع س ي ي لأ م، الدسا ي( ب ا ر دون ي شار الأ زج ق مي ل ، ا ب ف و ل م اO ظ ع م ب ملصا ا. ة6 ل ون6 ك ب ن ل ة 6 علي قا6 م ن و، لأ6 ها6 م ك ره 6 ش ي . ا( ب ن ب ر 6 ي و ا ة اع ي6 ص اده6 عg و ا ا ف د6 خ ، دون( اب6 ط خ ل ا ا د6 ر ه 6 ش يروه. ا6 مكى ي( با6 ص ا نg م ا لا6 لع ل ه د6 ى ه ي6 م كل ع6 ل( ي ب ن زي ا خ ا مرهc ركّ ك د ى ا لكي ولة، ق د رب ا ى ما لg ورا ا ق ل ف ي ب ل وا رشا الأسي ن ع ف ق و ت شاا6 ه ت ختc ك 6 ف ت ى عا عل ع ق ي6 سا، و6 ه مل ك ا( ب صة ق لء ا ا ف جg م لأ ه مت حاولة مc لك د ون ك سي فى ت و ل ن ف نg ا ما . ا ن ظ ول لى ي ب ا ي ة ح ويُ ّ م س شي رج ما م وشه ح ض ق ل ةصر قّ لدي ون ك سي فى ت و م ك خا نg علة. ا ق ى لg ى ا( ت ى خدب لي ا( اب( سي الأ( ة وب( يس ا م اليل ع ت م ل نg ى ا معي ون6 ك ب زي 6 خ ا اعة6 ش ن ي ر 6 عش ع و( ب ر ا( 6 دها ب6 ع( تc ك 6 ليg ل ا6 ص ت س اخا. و( ي6 ص ة6 ع( رات لم اا6 م ت ى ف ها، ل6 رش شا ره 6 اش( مي وم( 6 ج له دء ا( د ب ها، وعي( ت كب ى ا ك شاعة رون عش ع و( ب ر ى ا م ما . ا ت ن ر ي يg ى الأ عل رشالة ل ه ا ع هد ض و و ه علة قc ك علي ل ما ك زي.( خ ج ما ض ف لمره ه ا وا هد ب ل ف ت ن ل وها. ج م خد لأ ن مك ت لأ ب حن( ي ة مي¥ اط ا ف ى ت فارا ها مر س ف ت بَ ح س ي د ها ف ل لأ خ. ط6 ا وس6 ه مل ح يى ي6 ل ا ة 6 وي و ب ل ا ة حي س ل وا ن ح ي وما ت ر عش شة م خ عد( د ت دب( ح ل صر ا ت لء ا ا ي مب ع ل( ي ب ن ا رص ي قُ تصر.م ى لg ا ن ي د د عاب دب ى هدوء ش ف ز خ( لت ا( اب( عيّ ق س ي هز،O ظ م ل ا ة ي رب( ي ة اري( ح ي ن ح س ة ي ت سف ن مي وق ق ن م ى،( ت و ب( ح ل ا ن لصي ز ا خ( ي ن مc لك( ب كن ا واب 6 لق ى ا عل ل، و ي برا6 شg ل ا 6 خري دا( ي6 لك ا ة ي كاب6 س ل ا ر6 ك لمرا ل وا 6 ح ي و ج ب 6 س ل رم ا 6 وش س يز6 لع ى ا فأل ل حن الأ واب 6 ق اده 6 ي ى ف علا6 ه ف طلأg ، واا6 زهO ط ت ب بى ي6 ل ا ج يوار6 لص ى ا عل ة حي 6 س ل ه ا د6 ع ه 6 ب ور ت م ي ب6 ش ا ولي6 ض زد و( 6 خ م( ت. ة 6 اري( ح لت ا اب 6 حاوب ل ا لأف¥ ا زي خ الأ ول حل ل ل ا ك ل س ف عد( ت طان ق ل س ا ي ب ر ل ة ا ليg ل ا ص و ت ي ى الد ت ها لتوي ا و ب ل ل ا ح ل و ا ه ا . هد ران يg ا( زب ع ساء و ح ى الأ ف ره ش ي مي ل ا ة كي ب مر الأ.

Upload: mahfatm

Post on 29-Jul-2015

1.596 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

http://tahrirnews.com/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%C2%AB%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC%C2%BB-%D9%84%D8%B9%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%B4%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D8%B4%D9%8A%D8%B1/

------------------------------------------

https://www.facebook.com/ecfishere

رواية »باب الخروج« لعز الدين شكري فشير.. الحلقة األولىعزيزى يحيى

أكتب لك رسالتى هذه وأنا هادئ تماما، على عكس ما ت$وقعت. ب$ل إن هن$$اك بهج$ة عميق$$ة تعتري$نى، وم$$ا كنت أحس$بنى أبتهج. كنت أظن أنى سأض$طرب وأخ$$اف من ه$ول

العواقب، أنا الذى لم أدخل فى صدام بحياتى كلها. كنت أتمنى لو لم يحدث أى من األمور التى ح$دثت، م$ع أنى فك$رت فى األم$ر عش$رات الم$رات، من ك$ل الج$وانب ال$تى

Vنها، ووصلت إلى قناعة تامة بحكمة قرارى هذا. تمنيت لو سارت حياتى فى طريقها المعتاد. لك$نى، مثلم$ا يق$ول ك$ل المض$طرين التخ$اذ ق$رار يكرهون$ه، لم يكن استطعت تبي

.أمامى إال االختيار من بين البدائل المتاحة. تمنيت لو استطعت إضافة خيارات أخرى، لكنى ال أستطيع. والمفاجأة أنى لم أعد أكره قرارى، بل على العكس

لم يبق[ أمامى سوى أربع وعشرين ساعة ألكتب هذه الرسالة التى قد تكون األخيرة. وكنت أظن هذا ال$$وقت ك$ا ف\ ألكتب ل$$ك ك$ل م$$ا أردت، لك$$نى أدرك اآلن أن ال$$وقت لن

يسعفنى. كان ينبغى البدء قبل اآلن، ربما بثالثة أيام، لكن لم يكن ذلك ممكنا، من الناحية األمنية. لذا سأدخل فى الموضوع مباشرة دون استرسال. وأطلب من$$ك من$$ذ اآلن أن

تعذرنى، فالوقت قليل، ولدىe أشياء كثيرة أقولها لك، ورغم أنى فكرت طويال فى ما سأسطره حين أشرع فى الكتابة، وصغته فى ذهنى عشرات المرات، فإن األفكار ت$$تزاحم

اآلن فى رأسى. ستجد رسالتى مشوشة بعض الشىء، ومؤكد أنى سأكرر بعض األشياء، وأطيل حين تظن أن علىe اإليجاز وأوجز حيث تنبغى اإلطالة. سامحنى. لو كان الوقت

يسمح لكنت راجعت هذا الخطاب بعد إنهائه وشذبته كى يصبح نصا متماسكا منمmقlا كما اعتدت أن أفعل. لكن لم يعد هناك وقت ألى من هذا، سأقول ما لدىe بغض النظ$$ر عن

.الطريقة التى سيبدو عليها الكالم. ولندخل فى صلب الموضوع

، وحين تصل إليك رسالتى هذه، بعد يومين بالضبط من اآلن، سأكون سجينا أو جثة. إما سيقولون لك إن أباك مات بطال، وإما س$$تقرأ فى2020اليوم هو العشرون من أكتوبر

. أنا، الذى شاهدت بأم عينى صنوف الخيانة كلها، سيرموننى بدائهم وينسلون، كما فعلوا من قبل، عشرات الم$$رات. لم أح$$اول منعهم eالجرائد نبأ خيانتى الكبرى والقبض على

من قبل، لكنى لن أدعهم يفلتون بفعلتهم هذه المرة. ال، ليس هذه المرة. هذه غضبتى، غضبة عمر بأكمله. غضبة قد تكون األخيرة، لكنى لن أضيعها سدى. أخذت احتياط$$اتى،

وعزمت أن ال ألعب دور الضحية. وهذه الرسالة، قد تكون طوق نجاتى األخير إن فشلت كل االحتياطات األخرى. فاحرص عليها، فقد تكون هى الفارق بين الخيان$$ة والبطول$$ة،

.بين النصر والهزيمة

إن قvتلت فى اليومين القادمين، ألى سبب كان، فستكون أنت ورسالتى هذه آخ$ر وس$يلة إلنق$اذ س$معتى وإنق$اذك أنت والب$اقين من كارث$ة محقق$ة. ف$اقرأ جي$دا. وال تتعج$ل،

سأشرح لك القصة كلها. سأبدأ من البداية وأشرح لك كل شىء. وحتى لو لم يقتلونى، أريدك أن تسمع الحكاية منى قبل أن تسمعها من اآلخرين. أريد أن أشرح لك ما ح$$دث

قبل أن يشوهوا صورتى أمامك. وهذه مسؤوليتى إزاءك كأب ستحمل اسمه رغما عنك ما حييت، وتقترن سيرتك بسيرته شئت أم أبيت. وأهم من ذلك، تتصل دواخ$$ل نفس$$ك

.به وبصورته وبما فعل. ومن ثم وجب علىe التفسير

ومن باب االحتياط أيضا، وألنى لست متأكدا من نجاتى من هذه المغامرة، ألنهم ال يعرفون حدودا وال يتوقفون عند شىء، فإنى أريد أن أقول لك اآلن ك$ل م$$ا أردت قول$$ه ل$$ك

فى سنواتك القادمة. سأفعل إذن ما لم نفعله معا من قبل، أنت الذى تبلغ عامك العشرين بعد أسابيع قليلة، وهو أن أحدثك كص$$ديق، من رج$$ل لرج$$ل. س$$أقص علي$$ك أش$$ياء

vذه|لك سماعها، خصوصا منى أنا، وبعضها سيزعجك. سأحدثك عن مشاعر ربما لم يخطر لك أنى أمر بها، وعن أمك، وآخرين من عائلتنا ومن أصدقائنا المق$$ربين. كنت أفض$$ل ي

أن أقول لك هذه األشياء واحدة واحدة، وأنت تنتقل من عتبة إلى عتبة فى مشوار الرجولة الطويل. ال يحب الرج$ل من$ا س$ماع النص$ائح، خصوص$ا من أبي$ه، لكن األب ال$ذكى

الصبور يجد دوما طريقا لتسريب النصائح البنه، واحدة واحدة ومع الوقت. مضطر أنا إلى القفز فوق كل هذا، ومضطر إلى أن أقول ل$$ك ك$$ل م$$ا أري$$د دفع$$ة واح$$دة وأنت فى

.خطوتك األولى نحو الرجولة

لن يعجبك معظم ما أقوله فى هذا الشأن، ولك الحق. ستبحث لنفسك عن طريقك الخاص، بل وقد تحاول إثبات خطأ آرائى، ولك الحق. كل ما أطلبه منك أن ال تح$$ارب ه$$ذه

اآلراء. ضعها فى محفظتك، كصورة قديمة لى، ومن وقت إلى آخر، لنقvل فى عيد ميالدى أو ميالدك، أخرجها وانظر إليها من جديد وفكر فى جدواها وصحتها مرة أخ$$رى. ه$$ذه

هى الطريقة التى قد تبقى لنا ألكون أباك فى سنواتك الكثيرة القادمة. سأحدثك إذن كأن هذه محادثتنا األخيرة، وكلى أمل وتصميم أن ال تكون كذلك. لكنى أفعل هذا من باب

.االحتياط، فال أريد إن قتلونى أن أتركك دون أب، ولو فى صورة رسالة

سأقص عليك قصصى دون حواجز، كأصدقاء. وتذكر، إن أزعجك بعض كالمى، أنى أحبك، كأنك أنا. وأنى حين أنظر إليك أراك كأنى أنا أعيد تشكيله بطريق$$ة أخ$$رى. فنحن فى

نهاية األمر رفقاء سلة الجينات التى نتقاسم معظمها، كأنها سحابة تضمنا نحن االثنين، أحيانا تصير أنا وأحيان$$ا تص$$ير أنت. وتأك$$د أنى أحب طريقت$$ك المختلف$$ة ع$$نى كم$$ا أحب

طريقتى، وأنى أحب فيك تمسكك بهذا االختالف ويمأل قلبى اطمئنان وحب وأنا أرقبك تبحث عن نفسك لطريقك الخاص. أنت أنا اآلخر. ويوما ما ستشعر مثلى بالض$$بط، وأنت

.ترقب ابنك يكبر

سأحكى لك أشياءl عنى وعن أمك، أريدك أن تقرأها وتحاول فهمها كرجل، ال كطفل ينظر إلى والديه. سأحكى لك عن عمك وعمت$$ك، وال أدرى إن كنت تت$$ذكرهما، وعن نس$$اء

عرفتهن، وأصدقاء سيذهلك أنهم كانوا أصدقاء أبيك. وسأحكى لك عن جدك وجدتك. وعن نور، تلك الشمس المشرقة التى تعرفه$$ا لكن$$ك ال تعرفه$$ا، وال$$تى س$$تراها كث$$يرا إن

. سأحكى لك عنها كى تراها جيدا عندما تراها. وسأوصيك خيرا بكل هؤالء، أن تبقى على ود من بقى حي$$ا منهم وأن ت$$زور قب$$ور من م$$ات vمن مغامرتى هذه وإن لم أنج vنجوت

وتقرأ له الفاتحة، ولو مرة كل عام. ستريك هذه الرسالة وجها ال أحسبك قد رأيت$ه فى من قب$ل أو ح$تى تخيلت وج$وده. أن$ا اله$ادئ دوم$ا، الص$امت معظم ال$وقت، المنف$رج

.األسارير دون ابتسام، الذى ال يشعر أحد بوجوده كأنه شبح شفاف، سترى نسخة ج|دm مختلفة ألبيك

eرك مرة أخرى أن تبلغ كلمتى هذه للعالم إن أصابنى مكروه. انشر هذا الخطاب، دون حذف أو إعادة ص$$ياغة سأتوقف عن االسترسال وأنتقل فورا إلى ما أريد قوله، لكنى أذك

أو ترتيب. انشره كما هو، ألن ما فعلته لن يكون له معنى إن لم يعلم الناس به وباألسباب التى حدت بى إلى فعله. إن ح$اكمونى فس$يكون ل$دىe فرص$ة لفض$حهم وش$رح م$ا

ونه خيانتى للوطن. أما إن قتلونى فسيكون ذلك محاولة منهم إلخفاء القصة بأكملها، وسيقع على عاتقك حينها فضح ما جرى. كل ما عليك فعله هو وضع ه$$ذه الرس$$الة Vسيسم

على اإلنترنت. أمامى أربع وعشرون ساعة كى أكتبها، وعند بدء الهجوم مباشرة سأرسلها، فى تمام الرابعة صباحا. وستصل إليك بع$دها ب$أربع وعش$رين س$$اعة أخ$$رى تك$$ون

.خاللها قد نسخ[ت نفسها مرارا فى نقاط آمنة بحيث ال يمكن ألحد محوها. لن يفلتوا هذه المرة

vفترض أن نبلغ مين$$اء النص$$ر الجدي$$د أكتب لك من بحر الصين الجنوبى، من فوق متن سفينة شحن تجارية بريئة المظهر، نشقe عباب البحر فى هدوء شديد عائدين إلى مصر. ي

بعد خمسة عشر يوما نحن والشحنة النووية التى نحملها وسط آالف الحاويات التجارية. بمجرد وصولنا سيتم توزيع هذه الشحنة على الصواريخ ال$$تى تنتظره$$ا، وإطالقه$$ا على

قيادة قوات االحتالل فى العريش وشرم الشيخ ونخل والمراكز السكانية الكبرى داخل إسرائيل، وعلى القوات األمريكية المنتشرة فى األحساء وغرب إي$$ران. ه$$ذا ه$$و الح$$ل

.النووى النهائى الذى توصل إليه الرئيس القطان بعد فشل كل الحلول األخرى

vف$ترض. لكن الحقيق$ة أن ه$ذه ال أحد يعلم بمحتوى شحنتنا هذه غير ستة أشخاص، رجل صينى واثنين من كوريا الشمالية، والرئيس القطان والل$واء المنيس$ى وأن$ا. أو هك$ذا ي

السفينة الهادئة قليلة العمال والركاب ستجتاحها فرقة كاملة من البحرية األمريكية فى الرابعة من صباح الغد، أى بعد أربع وعش$$رين س$$اعة بالض$$بط. الحقيق$$ة أيض$$ا أنى -أن$$ا

.المترجم الصامت الذى لم يأخذ فى عمره موقفا حادا- أنا من أبلغهم

.أنا الخائن

ع.ش.فشير

-------------------رواية »باب الخروج« لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الثانية

كانت فى مثل سن5ى وقتها.. ذات ابتسامة مضيئة ووجه مستدير يحيطه شعر أسود قصير.. حين تقرأ يتهدلعلى عينيها حتى يغطيهما..وحين ترفع رأسها وترانى تلمع عيناها الضيقتان بنظرة تشع لؤما بريئا

أنا المترجم الرئاسى، الموثوق به، الذى قضى عمره فى ردهات القصور، على متن الطائرات الرس$مية، أو فى قاع$ات محظ$ور ال$دخول إليه$ا، جالس$ا بين مقع$دين، يس$تمع

يهما ما يقوله كل� لآلخر دون أن يكون له أن يقول. أنا الذى سمع الكثير ورأى الكثير، منذ التحقت بهذا القصر األسطورى وأنا شاب� فى مثل عمرك وحتى ص$$ار ويترجم لشاغر[

، أى قرابة ثالثين عاما. ثالث$ون عام$ا لم أتكلم دون2020، ونحن نقترب اآلن من نهاية 1991حماى رئيسا. كم سنة؟ التحقت بالخدمة فى أثناء حرب تحرير الكويت، فى بداية

vطلب منى الكالم. شاهد صامت على عائلة ممتدة من المؤامرات والصفقات والخيانات والفتن. شهدتv طرد الرئيس من القصر عند اندالع الثورة األولى، وشهدت الحكم أن ي

العسكرى، ونجوت بأعجوبة من الموت فى أثناء اقتحام القصر الرئاسى وإحراقه فى الثورة الثانية، وشهدت االحتالل والتف$اوض والتخ$اذل، وخيب$ة األم$ل. وكنت دوم$ا ش$اهدا

.صامتا، مرآة لما يقوله الرئيس وضيوفه. وحين قررت الخروج عن صمت ثالثين سنة، لم أجد أمامى سوى الخيانة طريقا

وا أنى V$$سيهاجمون السفينة عند الفجر. هذا ما اتفقنا عليه. أنا الذى أبلغتهم بالصفقة المرعبة، وبخط� سيرنا، وبتفاصيل السفينة وأماكن الشحنة وأكوادها. فى البداية ذهلوا وظن

ننت أو أخدعهم. لكنى أثبتV لهم بما ال يدع مجاال للشك أن ه$$ذا الجن$$ون حقيق$$ة. وتتبع$$وا من خاللى تط$$ور الص$$فقة ح$$تى أمس، حين قطعن$$ا االتص$$االت اإللكتروني$$ة بالع$$الم vج

الخارجى ودخلنا فى صمت السلكى كامل. ال يوجد مصريون هنا غيرى أنا واللواء المنيسى. الباقون طاقم السفينة التجارية وعم$$ال ش$$حن آس$$يويون. حين وض$$عنا خط$$ة نق$$ل

لنا أن ال نأتى بمصريين غيرنا حفاظا على السرية. وبالطبع لم نضع حراسا مسلحين لتفادى الشبهات. ثم م$$ا ج$$دوى الح$$راس فى مواجه$$ة س$$الح البحري$$ة؟ أق$$ول mالشحنة فض

وضعنا الخطة ألنى شاركت فى هذا. كما شاركت فى االتفاق على خطة البحرية األمريكية لالستيالء على السفينة. تقتضى الخطة ع$دم إطالق الن$ار على أح$د: س$يهبطون فى

Page 2: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

الظالم من طائراتهم ويقبضون علينا جميعا، يصادرون الشحنة النووية ثم يقطرون السفينة إلى أقرب قاعدة بحرية أمريكي$ة ويس$لموننا بع$دها -وأم$ام الك$اميرات- للس$لطات

.المصرية

ال يعلم أمر الشحنة ومكانها وخط سيرها سوانا أنا واللواء المنيسى والرئيس القطان. حتى الرجل الصينى ال$$ذى لعب دور الوس$$يط م$$ع الك$$وريين مص$$در الش$حنة ال يعلم أين

[سلmمناها. استقلm الطائرة إلى مصر مع مرافق مصرى ال يعرف شيئا من أمر العملية سوى ضرورة مرافقة هذا الرجل الصينى الهامe حتى مطار الق$$اهرة، وبلغن$$ا ذهبنا بها منذ ت

.أمس أنه وصل وينتظرنا هناك. طاقم السفينة يعلم أننا نصاحب شحنة هامmة، ووافق على بعض االحتياطات مقابل األموال التى تلقوها، لكنهم ال يعلمون كنه الشحنة

رتبنا عمليات النقل والشحن عن طريق حلقات منفصلة ال يعرف بعضها بعضا وال تعرف من أمر العملية نفس$$ها ش$$يئا. وبالت$$الى، حين تهب$$ط ط$$ائرات البحري$$ة األمريكي$$ة على

eا الخائن، لكنه س$$يتذكر وال ريب معارض$$تى للفك$$رة رؤوسنا فى الفجر، لن يكون هناك شك لدى اللواء المنيسى أنى أنا الذى أفشيت السر. قد يتردد الرئيس فى تحديد من من

ومحاوالتى الخجول لثنيه عن تنفيذها. على العموم أنا ال أنوى اإلنكار. ومثلما رفضت ع$رض األمريك$ان بتوف$ير مالذ آمن لى )ق$الوا إن$ه س$يكون على البح$ر إن ش$ئت!( ف$إنى

سأرفض أى مساومة مع القطان. سأعترف علنا بما فعلت، وساعتها لن يكون أمامه إال محاكمتى، أنا زوج ابنته، بتهم$ة الخيان$ة العظمى. وس$تكون ه$ذه نهايت$ه ونهاي$ة حكم$ه

.التعس. أعدك بهذا

ولكن ماذا لو وقع اشتباك؟ ماذا لو كان لدى اللواء المنيسى تعليمات من رئيسه بأن ال يترك الشحنة إال ميتا، أنا وه$$و؟ أو ل$$و وق$$ع لى »ح$$ادث أليم« بع$$د تس$$ليمنا للس$$لطات

المصرية؟ ماذا لو تغابت القوة المهاجمة كعادة القوات المهاجمة وبدأت فى إطالق النار فى كل االتجاه مثلم$$ا ك$$انوا يفعل$$ون فى األفالم القديم$$ة؟ فى أى من ه$$ذه الح$$االت،

.ستكون هذه الرسالة بين يديك، تشرح تفاصيل خيانتى وأسبابها ومالبساتها، وتكون مهمتك هى قراءتها، والتفكر فيها، ونقلها للناس

هى قصة طويلة، وسأقصها عليك بكل التفاصيل التى أستطيع ذكرها، فقد يكون هذا آخر ما يصلك منى. لدى أربع وعشرون ساعة، سأملؤها بقصصى ولن أنام. س$$أبدأ قص$$تى

وأن$$ا1989من حيث سأنهيها، من العاصمة الصينية بكين. وسيكون حاضرا معى فى لحظة البداية، لسخرية القدر، تقريبا نفس األشخاص الذين س$$ينهونها معى. كن$$ا فى ع$$ام

تقريبا فى مثل عمرك، على وشك التخرج فى الجامعة. وكنت فى بكين مع جدك رحمة الله عليه، العميد شكرى فؤاد الذى كان فى العام األخ$$ير من خدمت$$ه بالص$$ين كملح$ق

mدين بالجامعة بمصر، عمر بالس$$نة األخ$$يرة بكلي$$ة عسكرى. انتقلنا جميعا معه، جدmتك عزيزة وعمك عمر وعمتك صفية، حين بدأ عمله هناك قبلها بثالث سنوات. ظلm ثالثتنا مقي

mر لنا الوال$د تفاهم$ا م$ع الجامع$ة يس$مح لن$ا بالغي$اب الحقوق وصفية بالسنة الثالثة بكلية التجارة، وأنا بالسنة األولى بقسم الفلسفة بآداب القاهرة. وألنها كليات نظرية فقد دب

طوال السنة الدراسية والعودة ألداء امتحانات آخر العام. وبالتالى كان لدينا كثير من الوقت فى بكين. عمك عمر كان ق[لوقا بطبعه، ولم يحتمل الفراغ الكبير والغربة عن ك$$ل

ج، ثم واف$$ق أبى أخ$$يرا على إقامت$$ه mخر] شيء خصوصا أن اللغة اإلنجليزية لم تكن وقتها منتشرة فى الصين. وانتهى به األمر بأن عاد إلى مصر وعاش بالمدينة الجامعية حتى ت

ببيتنا بمدينة نصر وحده حتى عدنا. صفية قضت الوقت الكثير المتاح مع أمى رحمها الل$ه، بين العناي$ة ب$البيت الكب$ير واإلش$راف على حفالت االس$تقبال العدي$دة ال$تى يقيمه$ا

.الوالد، ومساعدتها على »التصرف« إلطعام الضيوف الذين يأتى أبى بهم إلى البيت دون سابق إنذار، وبين اكتشاف أماكن التسوق األفضل واألرخص فى متاهات بكين

؟ بال سبب واضح. كنت بارعا فى اللغات، ورغم تعليمى الحكومى فقد أتقنت اإلنجليزية بشكل الفت. وألنى كنت أحب |م[ أما أنا فقد قضيت هذا الوقت فى تعلم اللغة الصينية. ل

الفلسفة وأدرسها، فقد فكرت فى تعلم اللغة الصينية كى أقرأ الفلسفة الصينية بما أنى أعيش فى بكين. فكرة ساذجة طبعا، لكن هك$ذا نفك$ر ونحن فى الس$ابعة عش$رة، إن

لنى فى مدرسة تعطى دروسا مكثفة لألجانب. وبرعت فى هذه اللغة الصعبة بش$كل لفت أنظ$ار الجمي$ع، ح$تى إنى ص$رت ق$ادرا على mكنت تذكر! المهم أنى أقنعت أبى وسج

القراءة والكتابة والحديث بشكل معقول فى عام ونصف. ولم أتوقف، بل تابعت الدراسة طوال الوقت حتى صرت، بال مبالغة، طلقا فيها كأهل البلد بنهاية السنة الثالث$$ة، حين

.بدأت سلسلة األحداث التى ستقودنى إلى هذه السفينة القاتلة

هذا الفخر بشعور بالحنان والدفء واالطمئن$ان ال مثي$ل ل$ه، وم$ا زال ي$راودنى نجاحى فى اللغة الصينية جعلنى محطm فخر أبى وأمى وأختى بشكل لم أعهده من قبل. غمرنى

كلما ذكرتهم. استغرب الجميع، خصوصا أصدقاء أبى وزمالءه، من نبوغى فى تعلم اللغة، وتطوعوا بتفسيرات\ ما أنزل الله به$$ا من س$$لطان، من عق$$ل المراه$$ق ال$$ذى يلتق$$ط

اللغات بشكل خاص، إلى الذاكرة البصرية التى تصور الحروف. وصحيح أنى موهوب فى اللغات بشكل عام، ويشهد على ذلك تعلمى للفرنس$ية وإتق$انى له$ا بع$د ع$ودتى إلى

«.مصر، ولكن الحقيقة أن سبب إتقانى للغة الصينية، وإتقانها بهذه السرعة الصاروخية، أبسط بكثير من هذه التفسيرات وأحلى، واسمه »داو مينج

�ى وقتها. ذات ابتسامة مضيئة ووجه مستدير يحيطه شعر أسود قصير. حين تقرأ يتهدل على عينيها حتى يغطيهما. وحين ترفع رأس$$ها وت$$رانى تلم$$ع داو مينج كانت فى مثل سن

عيناها الضيقتان بنظرة تشع لؤما بريئا، ثم تغطى فمها بيدها وتشيح بوجهها كأنما خجال. أين أنت| اآلن أيتها الدربv المضىء؟

�ها، أو ربم$$ا بس$$بب ذل$$ك، س كجزء من برنامج للخدمة العامة يتعين على الشباب الجامعى المرور به. ورغم حداثة س$$ن التقيتها فى معهد تعليم اللغة الصينية لألجانب، حيث تدر�

فقد كانت شديدة الصرامة معنا. حتى سألتها فى مرة بعد الدرس عن جامعة بكين التى تدرس بها، استرسلت فى الرد حتى جاء عام$$ل التنظي$$ف وق$$ال له$$ا ش$$يئا لم أفهم$$ه،

وساعتها رأيت ألول مرة ابتسامتها المضيئة تلك وحركة تغطية فمها بيدها. أعجبتنى. وأنت تعرف كيف تعجبنا البنات ونحن فى السابعة عشرة. سألتها عما قاله الرجل فق$$الت

إنه يطردنا ألننا تأخرنا. لم أفهم ما المضحك فى ذلك، ولم أكن بعد قد علمت أن هذه طريقتها فى التعامل مع كل ما يفاجئها. مشيت معها حتى محطة األوتوبيس. سألتنى عن

جا »الشخص المرتفع«. ضحكت وهى تهزe رأسها وصمتت. فسألتها عن معنى اسمها هى فقالت »ال$$درب المض$$يء«. ثم ص$متنا وب$دأت أش$$عر بح$رج معنى اسمى فقلت مvحر[

شديد وفشل وندم أنى حدثتها. سألتنى كيف أدرس بمصر إن كنت موجودا بالصين طوال العام فشرحت لها وهى تهز رأسها. وعندما قلت إنى أدرس الفلسفة وقفت وس$$ألت

فى دهشة: »الفلسفة؟! أنت تدرس الفلسفة؟!« قلت: »نعم«، فأضافت ببساطة شديدة أنها هى أيضا تدرس الفلسفة، ثم ضحكت ووضعت كفها على فمها وأش$$احت بعينيه$ا

.ناحية األرض واستأنفت السير

.وهكذا، فى هذه اللحظة، ونحن سائران نحو محطة األوتوبيس، هى تنظر بعيدا وأنا أحدeق إلى شعرها، قررت أنى أحب داو مينج

ع.ش.فشير

---------------رواية »باب الخروج« لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الثالثة

.سألتك مرتين أو ثالثا إن كنت قد صادقت فتاة أو أحببت، واعتراك خجل وغمغمت بالنفىغير أنك حدثتنى بعد ذلك عن فتيات أحببتهن وأنت أصغر سنا

.كان اسمها داو مينج

vش|ح بوجهها، ولم . ظللت بعدها جالسا دون حراك، ساهما أنظر إلى وجهها القريب من وجهى. لم تضحك ساعتها أو ت eتنى أول مرة شعرت وكأن الجنة قد هبطت على] mل وحين قب

vها ثانية مطوال، أنا الذى لم أكن أعرف عن القبل غير ما رأيته فى األفالم. بالكاد ثمانية عشر عاما، أى أصغر منك اآلن بع$امين. م$$اذا عن$$ك أنت؟ س$$ألتك mلت تغط� فمها بيدها. فقب

مرتين أو ثالثا إن كنت قد صادقت فتاة أو أحببت، واعتراك خجل وغمغمت بالنفى. غير أنك ح$$دثتنى بع$$د ذل$$ك عن فتي$$ات أحببتهن وأنت أص$$غر س$$نا. حين كنت فى السادس$$ة

طe أن تح$دثنى عن حب� |ك الج$رأة ق$[ عشرة حدثتنى عن تلك التى أحببتها فى المدرسة اإلعدادية، وذكرت لى منذ شهور شيئا عن تلك التى أحببتها فى المرحلة الثانوية. لم توات

ه. حاولت أن أعطيك بعض النصائح، وأذكر أنك استمعت إلى متظاهرا بعدم االهتمام. لم تردe، فقط استمعت، ولم أضغط عليك، لكنى أري$$د أن أق$$ول ل$$ك اآلن: حين حال[ وقوع|

. واعلم أن ك$ل الن$$اس مثل$ك، تحب وت$رغب فى وص$ال من �لها على الفور وال تنتظر. ال شىء يدعو إلى االنتظار، وال تخش شيئا، فسأدافع عن$$ك من ع$ل\ تقع فى غرام فتاة قب

، فكلنا يا صديقى نمر من هذا الباب .تحبه. ال تتوار[

[غ في$ه خ$ارج ال$بيت، وال مغ$امرات أو : ال ت$أخير مب$ال eل أيهما شيئا عن الموضوع. كان سلوكى ع$اقال بش$كل ع$امvأظن أن أبى كان يعرف بأمر داو مينج، وربما أمى. لكن لم يق

مشكالت. لم أدخن أو أكذب أو أسرق أو أتشاجر مع أقرانى، وكنت متفوقا فى دراستى بالجامعة بمصر. لكن موجات السعادة العارمة والبؤس الشديد ال بد أنه$$ا ق$$د فض$$حت

ات رأس متبرمة من جانب أبى. وعلى كل حال، فقد كان لداو مينج أثر إيجابى ال يمكن لهم إنكاره، فقد تحول إتقانى eأمرى وتسببت فى ابتسامات غامضة من جانب أمى وهز

المتزايد اللغة الصينية إلى مفتاح سحرى ألبواب بكين المغلقة عادة أمام الغرباء. تدريجيا بدأت آخذ أمى وص$$فية أخ$$تى إلى أس$$واق ومح$$الm ت$$بيع كن$$وزا بأس$$عار لم تص$$دقاها،

وانبهرتا بحواراتى مع الباعة، وانبهر الباعة أكثر بهذا األسمر النحيل الطويل الذى يتحدث مثلهم. كل هذا من صنع داو مينج، دليلى ومالكى الح$$ارس. اس$$تدعانى أبى ذات م$$رة

إلى مكتبه وسألنى بتردVد إن كنت أستطيع مساعدتهم فى إجراء بعض المعامالت اإلدارية والمالية مع مقاولين ومع السلطات المحلي$$ة. وق$$د ك$$ان، وتح$$ولت إلى بط$$ل ش$$عبى

صغير للمكتب العسكرى. ثم قدمنى أبى للسفير وهو يتعشى عندنا فاهتمe بى اهتماما كبيرا وقال إنه سمع أنى آتى بمعجزات، ثم حذeرنى من ني$$ة أبى إلح$اقى بكلي$$ة عس$كرية

جى. مال علىe مبتسما -وأنا أتلعثم فى خجلي- واقترح علىe تحضير نفسى بدال من ذلك الختبار الق[بول بوزارة الخارجية. لك| لله ياداو مينج: ه$$ل ك$$انت تعلم أنه$$ا تحف$$ر Vبعد تخر

بيدها حفرة ستبتلعنا نحن االثنين؟

لم يكن لدىe من أحكى له عن داو مينج سوى صديقى عز الدين فكرى. نعم، هو هو عز الدين فكرى الذى تعرفه. سأخبرك بكل شىء فى حينه. زاملت عز ال$دين فى مدرس$ة

»ابن لقمان« اإلعدادية بالمنصورة، وتصادقنا من أول يوم، وظللنا نتقاسم المقعد الخش$بى الع$ريض وأوق$ات الفس$ح والم$ؤامرات والمع$ارك واللعب والكالم ط$وال أعوامن$$ا

الثالثة بالمدرسة. ثم انتقلنا معا إلى الثانوية العسكرية الواقعة فى نفس الشارع، وقضينا سنوات تكويننا األساسية معا، صباحا ومساء. كان ع$ز ال$دين يتيم$ا يعيش م$ع خالت$ه،

mت$ه أمى على الف$ور، وعاملت$ه -هى وص$فية أخ$تي- وهى نفسها بال أهل فى المنصورة، هاجرت من اإلسماعيلية أيام الحرب ولم تعvد إلى بلدها. حين أتى إلى بيتنا أول م$رة أحب

باعتباره فردا من العائلة. عمك عمر، الذى كان يعاملنى باعتبارى »األخ الصغير«، بدا عليه بعض الضيق من هذا الوافد الغريب، أعتقد أنه غار من صداقتنا القوية ومن اهتم$$ام

(.أمى به. وكان أبى فى تلك الفترة يغيب أياما طويلة فى الجيش )لم أكن أعلم أين هو، كلما سألته أو سألت أمى أين هو قاال: فى الجيش

mحنا على العالم معا، وفتح كالن$$ا قلب$$ه لآلخ$$ر وص$$رنا كأنن$$ا أخ$$وان توأم$$ان: على [فت أيا كان األمر، بين المدرسة فى النهار والجلوس فى بيتنا أو التسكع على النيل فى المساء، ت

شكرى وعز الدين فكرى. كان حالما وهادئا مثلى، مشغوال باألفكار والكتب وحال العالم أكثر مما هو مشغول باألشياء التى يهتمe بها المراهقون فى سننا، أو هكذا قررنا. ولكنه

ة مع الكبار خصوصا المدرسين. ومن ثم تقاسمنا األدوار: أنا أوف�ر الملجأ المسائى ببيتنا، بطعامه ورعاي$$ة أمى وكتب mحاجvكان أكثر إقداما منى وأكثر قدرة على الصد والرد والم

ا دون اآلخ$ر، وال نف$ترق إال على m$ى واح$د من vر[ أبى الغائب، وعز الدين يتولى الدفاع عنا والمناقشات مع المدرسين، وأحيانا مع أمى حين نتأخر أو نتغيب. وفى كل هذا صرنا ال ي

.موعد للقاء. يعرف كل منا ما يدور فى عقل وقلب اآلخر دون أن يتكلم، ويجرى كل منا إلى اآلخر كى يخبره إن جد عليه شىء

وحين رحلت مع عائلتى إلى القاهرة بعد الثانوية العامة، التحق عز الدين بكلية االقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وانتقل لإلقامة بالمدينة الجامعية. حاولت إقن$$اع أبى

، eبأن يسمح له باإلقامة معنا بشقتنا الجدي$دة بمدين$ة نص$ر، إال أن$ه رفض بدهش$ة وح$زم. لم أج$د م$بررا أس$وقه س$وى أنى أعت$بره أخى. ربت أبى على كتفى ص$امتا فص$مت

Page 3: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

ية. لكننا قضينا السنة األولى نتسكع فى طرقات الجامعة معا، ونتسامر فى المساء مع طلبة األقاليم المقيمين فى المدينة الجامعية مع عز الدين. ومن eوابتسم[ت لى أمى معز

ل ه$ذه الف$ترة الذهبي$ة حيث انتقلت v$وقت إلى آخر كانت أمى تدعوه إلى عشاء أو غداء بالبيت عندنا، وأحيانا ترسل إليه طعاما معى نقتسمه بغرفته بالمدينة الجامعية. لم تط

مع عائلتى بنهاية صيف العام األول إلى بكين. ولم يعد بيننا سوى خطابات نتبادلها كل عدة أسابيع )لم تكن اإلنترنت قد ظهرت بعد، إن كان يمكنك تصوVر هذا األم$$ر(. وص$$ارت

[ت هى م$رة ل$ه فق$رة باإلنجليزي$ة هذه الخطابات وسيلتى الوحيدة للتنفيس عما يعتمل بصدرى من مشاعر ومخاوف لصديقى الوحيد، أرسلت إليه صورا لى مع داو مينج، وكتب

eيه، ورد علينا معا بخطاب طويل وعاطفى. وافتقدته كثيرا حين أتى وقت القرارات الصعبة ولم تسعفنا الخطابات .تحى

[ل أخرى كث$$يرة، وعناق$$ات |ع[تهما قvب [ب [يان ت vول فى السنة الثانية صرت أقضى يومى كله معها. فى أوقات الفراغ نتسلل إلى المدينة المحرمة فى قلب بكين، اسما وفعال، قبلتانا األ

eلتها أبدا ولقضيت س$نواتى ببكين أهيم به$ا دون أن ألمس$ها، ت$رددا وخجال. ول$و لم تع$انقنى لم$ا ذاب �لنى داو مينج لما قب كأنها مس� يأخذنا إلى عالم ال أحد فيه سوانا. لو لم تقب

.خجلى، لكنه حين ذاب لم يبق[ شىء يمنعنى عن وصالها

اك| [غ�ر[ |م[ا أ |ى ب ان [غ�ر[ �رv أ ك Vج[ى/ و[السVع|ك| و[الد .. ف[ر� �ن| [ي �ل [ي ل�تv ف|ى ل و[د[خ[

يعه زمالئى األكثر مغامرة. ال تص$$د�ق م$$ا يقول$$ه ه$$ؤالء، وت$$ذكر أن$$ك ال vش| فهمتv قصد أمير الشعراء، وعرفت، فى هذه اللحظة، أن الوصال ال يشفى من الهوى، عكس ما كان ي

.تعرف امرأة حقا وال تعرف حقيقة مشاعرك نحوها حتى تمام الوصال

مة كنا بالجامعة نستمع إلى دروس الفلسفة. فى البداية كنت أفهم ثلث ما يقوله األستاذ، ثم أخذ[ت النسبة تتحسن حتى العام الث$$الث حين ص$$رت mحين ال نكون بالمدينة المحر

vقال. كان هناك أساتذة أوضح من آخرين فى نطقهم، وطلبة كثيرون من األقاليم الصينية البعيدة ال أفهم شيئا من أسئلتهم. لكن داو مينج كانت تراجع الدروس أفهم مvعظ[م ما ي

. بعض هذه الدروس قريب من الموادe المقررة علىe بجامعة القاهرة، وبعضها جديد مختلف تمام$ا. لكن األم$ر كل$ه س$اعدنى eمعى بعد المحاضرات وتشرح لى ما استغلق على

.فى دراستى الرسمية، ونجحت بنتيجة جيدة لشخص غائب طوال العام. وأظن ذلك قد أسهم فى تغاضى والدىe عمeا خمeناه

.ثم ظهر أحمد القطان

فى هذا المساء عدت متأخرا قليال، فى التاسعة أو شيئا من هذا القبيل، فوجدت البيت مزدحما بالضيوف وصفية أختى واقفة بجوار الب$$اب تنتظ$$رنى ثم ق$$الت لى فى ل$$وم إن

أبانا يسأل عنى منذ ساعة. دخلت غرفتى ألصلح من هندامى وحالى فجاءت أمى مسرعة وقالت لى إن أبى عنده ضيوف مهمون من مص$$ر يري$دنى أن أس$$لeم عليهم. خ$$رجت

وتقدمت نحو الصالون الكبير. سمعت أصوات حديث بالعربية والصينية وضحكات وقرقعة أكواب وكؤوس فترددت. لمحنى أبى من آخر الصالون فن$ادانى. تق$دمت بخج$ل وأن$ا

أنظر إلى نقوش سجادة األرضية التى أحفظها من كثرة ما حدقت إليها. وبطرف عينى لمحت، فى صدر الصالون، ضباطا كبارا، مص$$ريين وص$$ينيين. نظ$$ر إلىe أبى ال$$ذى ك$$ان

ته العسكرية كاملة، وأشار لى بابتسامة رسمية أن أدخل eيرتدى بز.

.وهكذا قابلت الرئيس القطان ألول مرة

ع.ش.فشير

----------------------------رواية »باب الخروج« لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الرابعة

Pدق إلىRRت داو مينج أن أمرا يجرى وأنى أخفيه عنها.. ظلت تحVعندها فهم بعينيها الضيقتين مرتابة لكنى صمدت ولم أفصح عن شىء عن صواريخى

وال عن مشروع تحويلى إلى مترجم رئاسى فى القاهرة أحيانا أفكر أنى لو كنت ذهبت مع داو مينج إلى السينما مثلما اقترحت علىe فى ذلك المساء لعدت إلى منزلى فى الثانية عشرة وما التقيت ضيوف أبى العس$$كريين وال ج$$رى

أى مما جرى بعد ذلك. وأحيانا أظن أن كل ما جرى كان ال بد أن يحدث، سواء قابلت أحمد القطان هذا المساء فى صالون أبى أو قابلته فى مصر بع$$دها بش$$هر أو بس$$نة. فى

كل األحوال، تقدمت على السجادة السميكة وأنا أحاول السير بخطى ثابتة وسلمت على الضباط المص$$ريين الزائ$رين ثم على الض$$باط الص$$ينيين. ق$ال أبى ش$$يئا عن إتق$$انى

[كلeم الم$$ترجم الص$$ينى بالعربي$$ة لي$$ترجم لل$$زوار ش$$يئا قال$$ه رئيس الوف$$د اللغة الصينية فأبدى الجميع اهتماما زائفا من باب المجاملة كأنهم ال يصد�قون. شعرت باإلهانة، ولما ت

الصينى صححت له ترجمته. نظر إلىe وهزe رأسه بشدة فشرحت له بالصينية أين أخطأ. وكان هذا كافيا للفت انتباه المسؤول الصينى الذى س$$ألنى -بالص$$ينية- إن كنت أتح$دث

الصينية، ثم بدأ يتوغل معى فى الحديث تدريجيا. استغرقت المحادثة خمس دقائق كاملة صمت فيها الجالسون فى الصالون جميعا. أنهى المسؤول حديثه معى واالنبه$$ار يش$$ع

من عينيه، ثم قام واقفا وانحنى وسلم علىe بيديه االثنتين بحرارة شديدة. شكرته، والتفتV إلى أبى الذى ك$انت أوداج$ه ق$د انتفخت من الفخ$ر والت$أثر، ولمحت بط$رف عي$نى

.نظرات االهتمام لدى الضيوف الزائرين، فحييت الجميع برأسى وانسحبت بهدوء إلى غرفتى

mلنى على رأسى، ثم طلب منى االستيقاظ مبك$$را ر الضيوف وهم يغادرون، ثم جاء أبى بنفسه إلى غرفتى. دخل وسار حتى مقعدى، وقب قرب منتصف الليل سمعت أصوات[ آخ|

ة مع الوفد الزائر، ألنهم يريدون أن يتأكدوا من دقة ما ينقله إليهم المترجم الصينى. وهكذا، بدأت سلسلة األحداث التى mللذهاب معه إلى المكتب وحضور جلسة مفاوضات هام

.ستقودنى حتى قمرة السفينة التى أكتب لك منها هذه الرسالة

حدث كل شىء بسرعة بعد ذلك. حضرت فعال مع أبى والوفد الزائر جلسات المفاوضات التى اتضح أنها لشراء صواريخ صينية. وكنت مبهورا بما يحدث ح$$ولى وب$$أنى أش$$ارك

فى ما اعتقدت وقتها أنه عمل حساس وخطير. نبه علىe نائب رئيس الوفد، العميد أحمد القطان، أن ال أذكر حرفا مما سمعته ألحد، ولم يكن به حاجة إلى ذلك، فق$$د كنت من

eا، حتى حين سألتنى أمى فى المساء إن كنت قد أكلت شيئا طوال اليوم لم أردe، ونظرت إلى أبى فى انتظار التعليم$$ات. حض$$رت ي eفرط انبهارى مستعدا العتبار كل ما دار سر

معهم هذه المناقشات لمدة أربعة أيام، لم أذهب فيها إلى لجامعة ولم أر[ داو مينج. وبعد رحيل الوفد قال لى أبى إن العميد القطان يعمل فى حرس الرئيس، وإن$$ه ق$$د وع$$ده

.نعود إلى مصر وأتخرج من الجامعة فى العام التالى بتعيينى مترجما فى الرئاسة حين

انتابتنى مشاعر متناقضة، فأنا لم أفكر يوما فى العمل بمكان فى مكانة وخطورة رئاسة الجمهورية، وبالقطع لم أكن أنوى العمل مترجما. كل م$ا أردت$ه ه$و دراس$ة الفلس$فة

ألطول فترة ممكنة، ثم تدريسها بعد ذلك فى إحدى الثانويات. وك$انت فك$رة البق$اء فى الص$ين تس$اورنى من$ذ ش$هور، وح$دثتنى داو مينج عن منح دراس$ية لألج$انب يمكن$نى

Vنى الباهر من اللغة، أظ$$ل فى بكين، م$$ع داو مينج، وأدرس الحصول على إحداها إن تحمس لى أى من أساتذة القسم الكبار. وبدا ذلك الحلم فى متناو[ل اليد، خصوصا مع تمك

الفلسفة الصينية. لكن تجربة الصواريخ التى مررت بها لتو�ى، وشعورى بأنى جزء من شىء خطير وشديد األهمية، والتبجيل الذى أحاطتنى ب$$ه ص$$فية وأمى، وتعام$$ل أبى معى

Vل القصر الرئاسى والجلوس بالقرب من الرئيس -عند أذنه بالضبط-… كل ذل$$ك ك$$ان اتهم العسكرية المهيبة، وتخي eكأنى زميل له، واالحترام الذى أظهره كل هؤالء الضباط ببز

.له مفعول السحر

ت ناحيتى واحتضنتنى بشدة. قلق[ت لغيابى طوال األيام األربعة الماضية، لم يكن ل$$ديها تليف$$ون فلم أس$$تطع إخباره$$ا. قلت له$$ا حين التقيت داو مينج فى صباح اليوم التالى جر[

[ت الختفائى غير المبرر ولقلقها دون داع\ علىe، لكن غضبها إنى انشغلت فى ترجمة أشياء ألبى فى المكتب. لم أحب أن أكذب عليها ولكنى لم أكن ألفشى سر الصواريخ. غضب

mتا، وحتى زيارتنا للمدينة المحرمة لم تفلح فى القضاء على تشتتى. عندها فهم[ت داو مينج أن أم$$را يج$$رى، وأنى أخفي$$ه عنه$$ا. ظلت تح$$دق تالشى سريعا. أنا الذى ظللت مشت

.إلىe بعينيها الضيقتين مرتابة، لكنى صمدت ولم أفصح عن شىء عن صواريخى، وال عن مشروع تحويلى إلى مترجم رئاسى فى القاهرة

لكن كل ذلك تالشى بعد عدة أسابيع من رحيل الوفد وعودتى إلى روتين الجامع$$ة والمدين$$ة المحرم$$ة. وذات ي$$وم ج$$اءت داو مينج وهى متوهج$$ة من الس$$عادة وأخبرت$$نى بين

أنفاسها المتقطعة من الركض أن رئيس القسم شخصيا سألها عنى وأشار إلى ضرورة استمرارى فى الدراسة ما دمت محبا للفلسفة الصينية إلى حد المواظبة على دروس$$ها

عامين دون أن أكون مضطرا إلى ذلك. ابتسمتv مجامال ومتسائال عن أهمية هذا الكالم، فهزت رأسها فى لوم مؤك$دة أن ذل$$ك معن$$اه منح$ة دراس$$ية من ال$$تى ح$$دثتنى عنه$ا،

mتنى على طلب موعد معه ومفاتحته فى األمر. لكنى قبل أن أفاتحه هو فاتحت أمى، فشحب وجهها فورا وصمتت. ص$$فية أعجبته$$ا الفك$$رة، لكنه$$ا اس$$تبعدت موافق$$ة األب وحث

.عليها، خصوصا فى ضوء الوظيفة التى تنتظرنى فى القاهرة. ظللت أسابيع مترددا فى مفاتحته فى األمر، ورد فعل أمى ىءينبئ عمmا يمكن أن يقوله أبى

كتبت لعز الدين عن المعضلة، وجاء رده سريعا، يزن كل اختيار بمميزاته وعيوبه ويحاول الجمع بينهما، مقترحا أن أبدأ بوظيفة الق$اهرة وأؤج$ل المنح$ة عام$ا، وإن لم تعجب$نى

الوظيفة فى القصر الرئاسى أتركها وأعود إلى بكين. ماذا عن داو مينج؟ لم يقل شيئا. ذهبت لمقابلة البروفيسور للتأكد مما قالته داو مينج، وفعال أكد لى إمكاني$$ة توف$$ير ه$$ذه

vشر|ف بنفسه على اختيار الحاصلين عليها- إن نجحت فى بعض اختبارات اللغة والفلسفة وحصلت على شهادة الليسانس من جامعتى هذا العام .المنحة -التى ي

vف$$ترض أن أس$$افر فى ش$$هر كان هذا عامنا األخير فى بكين، واألسابيع يسحب بعضها بعضا سريعا، وكلما اقترب موعد عودتى السنوية ألداء االمتحان$$ات زاد اض$$طرابى. ك$$ان ي

أبريل مع صفية وأمى لنستعد لالمتحانات وال نعود، ويلحق بنا أبى فى نهاية شهر يوليو. ولكنى كلما اقترب الموعد ازداد تمسVكى بالبقاء، وبداو مينج، وبأم$$ل اس$$تكمال دراس$$ة

.الفلسفة وتحضير الدكتوراه فيها بالصين. كأنى انشطرت نصفين، ال يستطيع أيهما المسير فى االتجاه الذى يهفو إليه دون أن يمزق اآلخر

ز|ف[ الوقت ص$ارحتv أمى بالحقيق$ة كامل$ة. تع$اطف[ت] ماط[لت قدر اإلمكان، وغرقت أكثر فى ضوء دربى المضىء كأنما ألنسى القرار القاسى الذى يتعين علىe اختياره. وحين أ

vخف| موقفها الرافض تماما لفكرة البقاء وإعداد الدكتوراه ببكين، حتى ل$$و ك$$انت منح$$ة من الجامع$$ة، وح$$تى ل$$و معى، طبعا، وأبدت تفهمها وأغدقت علىe من حنانها، لكنها لم ت

كنت أول طالب مصرى يدرس الفلسفة الصينية هناك. أما حبى لداو مينج وتعلقى بها فهو أمر جميل، هكذا قالت، لكنها عواطف أول الشباب ودائما تمر. »ال أح$$د ي$$تزوج حب$$ه

األول إال فى األفالم، وحتى فى األفالم ال يفعلون ذلك كثيرا«. هكذا قالت، وكانت من الذكاء بحيث لم تسف�ه من ح$بى لك$ون الفت$اة ص$ينية. لك$نى كنت أش$عر به$ذا األم$ر فى

نظراتها، وترك أثرا فىe لم أعترف لنفسى به وقتها. أنفق[ت أمى بقية وقتها فى الحديث عن الوظيف$$ة ال$$تى تنتظ$$رنى والمس$تقبل المرم$$وق ال$$ذى س$$تكفله لى. عن$$دما ك$انت

تتحدث عن هذه الوظيفة كان وجهها كله يبتسم، كأنما أزاحت كل حديثى عن البقاء فى بكين باعتباره تره$$ات مقض$$يا عليه$$ا. وحين اس$$تجمعت ش$$جاعتى وف$$اتحت أبى بش$$أن

مثلك، على ذكر حبى لداو مينج( كان رد فعله مماثال لرد فعل أمى: استبعد الفكرة سريعا باعتبارها فكرة خرقاء، وأخذ يعدد مآثر الوظيف$$ة بقائى إلعداد الدكتوراه )ولم أجسر،

التى تنتظرنى. كان حديث األب عن هذه الوظيفة أكثر تأثيرا مما قالته األم، بل ومما فكرت فيه أنا من قبل، فألول مرة أرى أبى يبجeل عمال غير الجيش، ويرفع$$ه إلى مص$$اف�

ما يقوم به هو شخصيا، بل إنه قال إن عملى فى الرئاسة سيكون أهمe من عمله هو ومن أى شىء قام به حتى اآلن. وشعرت أن هذه الكلمات حين قيلت ق$$د حس$$مت األم$$ر

.داخلى، لكنى ظللت أقاوم، حتى بينى وبين نفسى

Page 4: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

. لم تكن داو مينج تعلم بش$ىء من ه$ذا، ال وظيف$ة الرئاس$ة وال إجم$اع ع$ائلتى على ض$رورة س$فرى. eكتبت إلى عز الدين مرة أخرى، لكن الوقت لم يسعفنى ألقرأ رده على

vفترض أن أقيم به$$ا، وأحض$$رت لى ج$$دول دراس$$ة طلب$$ة ال$$دكتوراه، ثم وكلما التقينا حدثتنى عن مشروعاتها لحياتى فى بكين كطالب، أخذتنى لرؤية المساكن الجامعية التى ي

بدأت هى األخرى تحض�ر الستكمال دراستها العليا، وبعد ذلك بدأت تبحث عن مصدر نحصل منه على الكتب بالمجان، وهكذا. مع كل أسبوع يم$$ر يتض$$ح لى أنى ال محال$$ة عائ$$د

vمع|ن داو مينج فى ترتيباتها لمستقبلنا المشترك فى جامعة بكين .إلى مصر، وت

ثم جاء اليوم الذى تعين علىe فيه أن أخبرها بالحقيقة، أننى سأرحل عائدا إلى مصر مع أهلى ولن أستطيع البقاء معها ومواصلة الدراس$$ة مثلم$$ا خططن$$ا. م$$ر على ه$$ذا الي$$وم

إحدى وثالثون سنة تقريبا، وما زال قلبى يوجعنى حين أتذكره، وما زلت أشعر بالصغر والوضاعة بسبب خداعى لها طوال األشهvر التى سبقته، وبألم وندم على جرحى لها ذلك

.اليوم، وما زلت أرى تعبير وجهها فى هذا اللقاء األخير وأنا أسير مبتعدا وهى جالسة بال حراك على مقعد خشبى بالجامعة، كأنها تحولت لتمثال من الزجاج، ينتظر التهشم

.راحت داو مينج

ع.ش.فشير -----------------------------------

رواية »باب الخروج« لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الخامسة.حين أبلغنى أبى بضرورة الحضور بالرئاسة فى التاسعة من صباح األول من يناير، زغردت أمى

وVش Vشغل الناس الح«Rه بbم cصVأول مرة أراها تزغرد، هى التى تتعفف عن كل ما ت» قضيت الشهور األولى بعد عودتى تائها. عvم[ر أخى الذى استقبلنا فى المطار بدا أكثر حدmة. فى كل مرة ألتقيه أجده أكثر حدmة. مدينة نص$$ر ب$$دت أك$$ثر ازدحام$$ا بكث$$ير، وبج$$وار

عمارات الدفاع الجوى التى نسكنها تحولت الصحراء إلى غابات من األبنية الخرسانية. ذهبت إلى المنصورة فور عودتى للقاء عز الدين، وأقنعت أمى بأن تتركن$$ا نقيم مع$$ا فى

�رنى بداو مينج وبكين كلها، بما فى ذلك أمى وأختى .شقتنا القديمة المغلقة حتى نهاية االمتحانات. كان قلبى منقبضا وأردت البعد عن كل ما يذك

[ين مvعظ[م الوقت وأنا أح$$دق إلى كت$$بى، أق$رأ فى الص$$فحة وبع$د قلي$$ل أص$ادف عب$$ارة وال أعلم كيف نجحت هذا العام، كنت أجلس ط[وال اليوم فى البيت مع عز الدين، صامت

ه يص$ف�ى ذه$نى ثم نع$ود. ه$النى م$ا ج$رى للمنص$ورة من تغي$يرات، e$ا على شاطئ النيل علe �رنى بشيء ما، ثم أكتشف أنى قرأتها من قبل ونسيت. نخرج لنتنفس هواء نقى تذك

ر فى بكين، وجامعته$ا، المدينة الصغيرة الهادئة التى تركتها نائمة فى حضن النيل تحولت إلى كابوس من السيارات والبشر والعمارات والباعة. من أين أتى كل هؤالء؟ ثم أفك$�

Vها بالضعف والجبن والخ|سmة. أعود إلى البيت مع ع$$ز ال$$دين، وأغل$$ق على نفس$$ى متها على نفسى بيدى. وأغرق فى التعاسة أكثر. لمت نفسى ونعت mوداو مينج ومدينتها التى حر

، ال أريد اإلطالة فى كل هذا، ال بد أن$$ك eالباب. المهم eالحمام كيال ترانى عينا عز الدين الفاحصتان الناقدتان، وأبكى بصمت، أحيانا لفترات طويلة حتى يأتى عز الدين ويدق على

[ت$$ك فال تظنm أن$ك غ$$ير أه$ل للحب. فقص$$ص الحب أنت أيضا قد مررت فى هذا. إن كنت[ قد تركت[ فتاتك مثلى فال تقسv على نفسك مثلما فعلتv أنا، وإن ك$انت هى ال$$تى ترك

.األولى دائما ما تنتهى بترك واحد لآلخر، سيان من الذى يفعلها قبل اآلخر. سيبدو لك كالمى قاسيا، مثلما بدا كالم أمى لى وقتها. لكن هذه هى الحقيقة، لألسف

mة، ولم يعد المنزل بمدينة نصر يتسع له. وبع$د ش$هرين فى النهاية نجحت، وحصلت على الليسانس، وعاد أبى من بكين، وجاء بعده األثاث الكثير الذى اشترته أمى بمعونة صفي

انتقلنا إلى شقة أخرى أكبر وأحدث فى شارع منشية الطيران، أمام بيت الرئيس عبد الناصر. وقال أبى ممازحا إن هذا البيت سيكون أق$$رب إلى الرئاس$$ة عن$$دما أب$$دأ عملى.

…غاص قلبى حين تذكرت ذلك، نعم، الرئاسة، حان وقت ذلك

.ثم كان

[ت إج$ازة أبى vلغ|ي تحدث أبى مع العميد القطان فى منتصف يوليو ووعده خيرا. لكن فى أول أغسطس غ$زت ق$وات ص$دmام حس$ين الك$ويت وانقلبت ال$دنيا رأس$ا على عقب. أ

ا كله إذ أتاح لى فرصة قضاء أيام أخيرة بالمنصورة مع ع$ز ال$دين ال$ذى ك$ان يت$أهب للس$فر إلى كن$دا الس$تكمال دراس$ة eومعها خطة التصييف فى جمصة. ولم يكن ذلك شر

ح من أى V$$العلوم السياسية وإعداد الدكتوراه فيها. حصل عز الدين على هذه المنحة بالصدفة، حين أخبره صديق له أن السفارة الكندية لديها عش$$ر منح وتقب$$ل طلب$$ات الترش

يج. سحب االستمارة فى اليوم قبل األخير وال أدرى بأى معجزة استطاع استكمال أوراقه كلها فى يوم واحد، لكن هكذا كان عز الدين حين يصمم على ش$$يء: أحيان$$ا يب$$دو خر�

|ل[ بالفعل، وها هو ذا يتأهب للسفر لخمس سنوات كاملة. كنت سعيدا له ولكن فى مكان ما بقل$بى ك$ان هن$$اك غ$$يرة. كأنه قادر على تسخير الطبيعة نفسها لتحقيق هدفه. وقvب

كيف أضعت الفرصة التى سنحت لى وعدت إلى هنا؟ وإلى ماذا؟ وها هو ذا صديقى األقرب والوحيد، توأمى، مسافر لتحقيق ما كنت أطمع فيه وتخليت عنه بيدى. وألول م$$رة

بانا، ك$ورنيش الني$$ل، الم$راكب vذ|يبها بصالبة منطق$$ه. قض$$ينا أيام$$ه األخ$$يرة فى المنص$$ورة كأنن$$ا ن$زور أطالل ص$$| vذ|يب مقاومته بحنانها أو أب ي أحسده أنه بال عائلة، يتيم بال أم ت

�كات السكة الحديد من المحطة حتى س$$ندوب، ش$$ارع الثانوي$$ة حيث تق$$ع مدرس$$تانا، [ن الصغيرة التى تعبر النهر بنا، شاطئ طلخا الذى كان شبه مهجور ناحية مصنع السماد، ف[ل

.ومطعم »موافي« الذى أطعم[نا فوال وطعمية تكفى المسير لنهايات الجهات. كأننا نود�ع مدينتنا الخاصة، وفعال لم نعد إلى المنصورة معا بعد ذلك أبدا

�ن أبى رئيسا لفرع الملحقين العسكريين التابع للمخابرات الحربية، واختفى من البيت تماما. لم يكن لدىe ش$يء أفعل$ه س$وى التس$كع ومتابع$ة األخب$ار فى منتصف سبتمبر عvي

والتأمل فى حماقة قرارى بالعودة. وفى أول أكتوبر ذهبت إلى مركز التجنيد لبدء »خدمتى العسكرية«، إال أنهم تركونى أعود إلى ال$بيت فى نفس الي$وم، ولم$دة أربعين يوم$ا

رت عن امتعاض$$ى من ه$$ذه e$$اقتصرت هذه الخدمة على ذهابى فى الصباح إلى مركز التجنيد لعدة ساعات أعود بعدها إلى البيت، حتى تم إلحاقى بفرع المخابرات الحربية. عب

»الكوسة« الواضحة، لكن أمى نهرتنى ونظر إلىe أبى فى استخفاف المشغول بمصائب أكبر من أفكار المراهقين هذه. فى ك$ل األح$وال لم يكن أم$امى س$بيل لالع$تراض إذا

ذكر. وفى v$وهكذا، قضيت بقية العام بين بيتنا فى شارع الطيران وقيادة المخابرات الحربية فى طريق صالح سالم حيث ال أفعل شيئا ي . eخذ هذه القرارات دون سؤال المعنىm vت ت

.منتصف ديسمبر أخبرنى أبى أنى سألحق بمكتب الفرع بالرئاسة فى أول يناير وأظل هناك حتى نهاية تجنيدى ثم يتمe تعيينى رسميا مترجما. وقد كان

مvه ب$»ش$$غل الن$$اس [ص$$| حين أبلغنى أبى بضرورة الحضور بالرئاسة فى التاسعة من صباح األول من يناير، زغردت أمى. أول مرة أراها تزغ$$رد، هى ال$$تى تتعف$$ف عن ك$$ل م$$ا ت

. خرجت وتوجهت فى زهو إلى القصر الرئاس$$ى فى الميرغ$$نى، المس$$مى بقص$$ر »االتحادي$$ة«. eالح[و[ش«. فى الصباح أغرقتنى صفية ابتساما ورافقتنى حتى الباب وربتت على

لكنهم على الباب ضحكوا منى وأرسلونى إلى مكتب السكرتارية فى شارع الخليفة المأمون، الواقع على بعد خمس دقائق من منزلنا. المكتب ال يشبه فى شيء توقعات$ك من

، وتج$$ولت فى eم مكسور الح$$وافmل vالرئاسة، بل هو أقرب إلى مبنى أرشيف حكومى. تركنى الجندى أدخل دون السؤال عن أوراق تحقيق شخصية. صعدت عدة درجات من س

Vنى على مكتب األستاذ مرتضى، مديرى الجديد. مثلما ترى، فإن تفاصيل ه$$ذه األي$$ام محف$$ورة فى ذه$$نى كأنه$$ا ح$$دثت ممرات فارغة أرضيتها من المشمع حتى وجدت من يدل

.أمس، لكنى سأعفيك منها، فلو قصصت عليك كل التفاصيل التى لدىe لهبط[ت علينا طائرات البحرية األمريكية قبل أن أنهى ثلث الحكاية

[سلeمت العمل فى وسط هرج ومرج ظننته مؤقتا ومرتبطا بالحرب الوشيكة فى الخليج، ثم اكتشفت عبر السنوات أنها حالة دائمة. قضيت ع$دة أي$ام ال أفع$ل ش$يئا، ب$المعنى ت

الحرفى للكلمة، بل لم أجد فى البداية مكتبا، وظللت هائما فى األروقة ومكاتب اآلخرين. ثم استدعانى األستاذ مرتضى مرة على عجل لترجمة ورقة باللغة الفرنسية، ودvهش

لما قلت له إنى أتقن اللغتين الصينية واإلنجليزية ال الفرنسية. رفع حاجبه فى دهشة ممزوجة بامتعاض وص$رفنى بحرك$ة من ي$ده دون كلم$ة أخ$$رى. قض$$يت أيام$$ا أخ$$رى فى

قراءة الجرائد والحديث مع زمالئى. تعرفت إلى شابe أكبر منى بثالث أو أربع سنوات اسمه محمود بشير… نعم، هو محمود بشير الذى اشتهر وس$$طع نجم$$ه بع$$د ذل$$ك. ك$$ان

وقتها يعمل مع أحد »أمناء الرئاسة«، وهو مصطلح تفخيمى للعالقات العامة والمراسم. محمود كان من وقتها منطلقا وصاخبا وجريئا واجتماعيا إلى أقصى حد. ه$و ال$ذى ج$اء

فى نفس اليوم للغداء فى مطعم قريب، وفى اليوم التالى دعانى للخروج معه هو وأصدقائه مساء، وغمز بعينه أنهم ذاهبون إلى مك$$ان وقدم نفسه لى وأصرe على اصطحابى

سيعجبنى، وبالطبع جفلت منه واعتذرت وصرت أتحاشاه. فى أول أسبوعين قابلت كثيرين فى المكتب ممن ال بد أنك قد سمعت أو قرأت عنهم بعد ذلك، رأيت رئيس الديوان

مرتين، وسكرتير الرئيس للمعلومات عدة مرات، وسكرتير الرئيس الخاص ووزير الخارجية ومدير المخابرات العامة مرة فى أثناء خروجهم من اجتم$$اع ب$$المبنى. لك$$نى لم أر[

.الرئيس، ولم أترجم كلمة واحدة

vخف|ى صلعة ص$$غيرة وفى صبيحة الخامس عشر من يناير استدعانى األستاذ مرتضى إلى مكتبه حيث وجدت عنده العميد القطان، بوجهه األحمر الضاحك وشعره األحمر الذى ي

ورقبته الغليظة المتهدلة قليال. وقف عندما رآنى واحتضننى، وعلى الفور تغيرت معاملة األستاذ مرتضى لى. طلب لى شايا فى حين سألنى القطان عن أحوال العمل، مض$$يفا

فى مزاح نصفه ج|دe أنهم ال بد يعذبوننى وال يعطوننى ال مكتبا وال عمال. غمغمت بكلمات مرتبكة لم يكترث لها القطان المنطلق فى الحديث. وانتق$$ل بس$$رعة من الح$$ديث عن

vتح لى أو لألس$$تاذ مرتض$$ى التعقيب على المكتب إلى الحديث عن الصين وأهميتها للوضع فى الخليج، ثم انتقل إلى الحديث عن الحرب القادمة والتحسر على م$$ا يح$$دث. لم ي

.حديثه، فقد قام فور انتهائه من الكالم واستأذن منصرفا. وعدت أنا لما كنت فيه

[م شغر مكتبه فى آخر الممر بالطابق الثانى وطلب منى االنتقال إليه فورا وتجهيز نفسى vقل، ومن ث فى اليوم التالى استدعانى األستاذ مرتضى وقال لى إن أحد العاملين قد ن

للعمل. وبعد ساعتين أرسل إلىe مجموعة خطابات طلب ترجمته$ا إلى اإلنجليزي$ة، وبع$دها بس$اعة أرس$$ل يس$تدعينى وأعط$$انى ثالث$ة مق$$االت مقتطع$ة من ص$حف إنجليزي$ة

ك الخطابات لوقت الحق، منبها علىe أن أترجم المقاالت بلغة بسيطة ال تعقيد فيها. وهكذا بدأ عملى مترج|ما بالقصر الرئاسى .وأمريكية وطلب ترجمتها إلى العربية فورا وتر�

.وفى اليوم التالى اندلعت حرب تحرير الكويت وتحطيم العراق

ع.ش.فشير

------------------------------------- رواية »باب الخروج« لعز الدين شكري فشير.. الحلقة السادسة

مرت الحرب علىe هكذا. األستاذ مرتضى فى الصباح، ثم الترجمة العقيمة، ثم غداء بالمنزل حينا ومع محمود بشير الذى توثقت صلتى به أحيان$$ا، ثم ع$$ودة إلى المكتب لمزي$$د

من الترجمة العقيمة

بينما كانت الطائرات تدكe مدن العراق وتحرق أرتال الجنود المنس$حبين على طري$ق الم$وت، كنت أت$رجم مق$االت من الص$حف األجنبي$ة. قض$يت ح$رب الخليج كله$ا ترجم$ة

مقاالت. بعد يومين من بدء الحرب استدعانى االستاذ مرتضى وسألنى ممتعضا عن سبب عدم م$رورى علي$ه فى الص$باح، فأجبت$ه ب$أنى أذهب إلى مكت$بى فى انتظ$ار تكليفى

بشىء. نظر إلىe وهز رأسه متعجبا وسألنى كيف أجلس على مكتبى أنتظر وهناك حرب دائرة. وقبل أن أجيبه ناولنى ملفا به عدد من المقاالت باللغة اإلنجليزي$$ة مش$$يرا بي$$ده

vفترض فى الموظفين لى أن أذهب. عند الظهيرة مرe علىe محمود بشير وسألنى لماذا ال أمرe على األستاذ مرتضى فى الصباح، فلما أجبته أنى آتى إلى مكتبى فى الصباح كما ي

Page 5: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

[ىe وقال لى إنى »أبيض«، وإن هذا اللقاء االجتماعى الصباحى هو محور دوالب العمل. بعدها بيومين اتصل بى العميد القطان ضحك، وجلس أمامى على المكتب ناظرا فى عين

ليطمئن على أحوالى، وضحك لما أخبرته بهذا األمر مؤكدا ضرورة عدم االكتفاء بزيارة الصباح هذه وإنما علىe المرور على مكتب األستاذ مرتضى من وقت إلى آخر، والس$$الم

عليه، والدردشة حول أى موضوع، وفعل نفس الشىء مع بقية الطاقم. أضاف القطان نصائح أخرى فى ما بعد، من بينها ضرورة التعرف إلى سكرتير الرئيس للمعلومات ألنه

يتحدث كث$يرا لل$رئيس ويش$رف على دورة المعلوم$ات كله$ا فى المكتب، ومن ثم يمكن$ه إن وث$ق بى أن يض$مmنى إلى ال$دائرة األص$غر ب$المكتب. نفس الش$ىء بالنس$بة إلى

|م[ أحتاج إلى كل ه$ذا كى أق$وم بعملى؟ السكرتارية الخاصة التى تملك جدول الرئيس، وطبعا، سيد المكان، رئيس الديوان. بدا لى ذلك كله نفاقا ال لزوم له. ألستv مترجما؟ ل

mنونى بسبب كفاءتى، وهى فقط التى ستحدد مسارى. لن أزور أحدا أو أتملق أحدا .وعزمت بينى وبين نفسى على أن ال أفعل أيا من هذا. لقد عي

لكنى واظبت على الذهاب إلى مكتب األستاذ مرتضى فى الصباح، وإال لما تذكرنى وما أعطانى شيئا أفعله. أذكر كيف كان مكتبه مهيبا من الداخل، وهو ض$$ئيل الحجم ج$$الس

خلف المكتب الضخم، وخلفه صورة كبيرة للرئيس وعلم مصر، ينظر إلىe بعينين متسائلتين من فوق نظارته كلما دخلت من الباب. يسألنى دائما أسئلة ال أتوقعها، وأرتب$$ك فى

محاولتى اإلجابة عنها، ويقاطع ارتباكى إما بإشارة من يده كى أذهب أو أصمت وإما بسؤال آخر يشتتنى أكثر. حتى عندما يمزح، يجد وسيلة لوخزى. استجمعت ش$$جاعتى ذات

ص واللغ$ة الص$ينية فق$اطعنى V$ال ثم سألنى إن كانت إنجليزيتى ضعيفة. غمغمت بأشياء عن التخصmمطو eصباح وسألته إن كنت سأترجم شيئا من أو إلى اللغة الصينية. نظر إلى

.مناوال إياى ملفا يحتوى على المقاالت اليومية

كان التناقض صارخا -أو هكذا بدا لى- بين ما أراه على شاشات التليفزيون مساءl من أهوال الحرب وما أفعله طول اليوم، أنا الم$$ترجم بمكتب ال$$رئيس. المق$$االت ال$$تى كنت

أترجمها متنوعة، كلها مرتبطة بالوضع الدولى، لكن ال شىء منها يستحق اهتماما خاصا. يمكنك اليوم أن تترجم مثلها على اإلنترنت إلى أى لغة فى ثوان. كنت أعمل اليوم كله

لتحقيق ما يتم فى هذه الثوانى، وحتى فى ذلك الزمن بدا األمر مضيعة للوقت. سألت األستاذ مرتضى ماذا يح$دث له$ذه المق$$االت بع$د ترجمته$ا، فأوض$ح لى أنه$ا ت$دخل فى

الملف اإلعالمى. سألته أين يذهب الملف اإلعالمى فلم ي$ردe. س$ألته إن ك$ان ي$ذهب إلى ال$رئيس فرم$انى بنظ$رة من ف$وق نظارت$ه لم أفهم مغزاه$ا بالض$بط، لكنه$ا لم تكن

عة. اقترحت عليه إضافة مقاالت من الصحف الصينية فضحك ساخرا وطلب منى أن أترجم ما يعطيه لى وحسب. سألته إن كان هناك ش$$ىء آخ$$ر يمكن$$نى فعل$$ه، فتنه$$د مشج�

وسألنى فى تهكم: مثل ماذا؟ ظللت أحوم حول كونى قادرا على الترجمة الفورية، وربما يمكنهم االستعانة بى فى المقابالت. توقف عم$ا ك$ان يفعل$ه ونظ$$ر إلىe فى اس$$تنكار|

م[ن ضبط[نى متلبسا بجرم. خلع نظارته ومسح بيده عينيه الضج|رتين وطلب منى أن ال أتعجل، محذ�را إياى من الطموح الزائد. أوضحت بس$$رعة أنى ال أطمح إلى ش$$ىء لك$$نى

أشعر بعدم فائدتى للمكتب، فأكمل تحذيره بأن أفعل ما يطلب منى، ال أكثر وال أقل. وأن هفوة أخرى مثل هذه قد تقض$$ى على وج$$ودى فى المكتب. ن$اولنى مل$ف المق$$االت

فى صمت صارم ووضع نظارته على عينيه وعاد لقراءة ما كان بين يديه. وقفت ثانيتين محاوال تقرير ما إذا ك$ان علىe ش$رح األم$ر أو استيض$احه، لكن انص$رافه الكام$ل ع$نى

.أفهمنى أن وقتى قد انتهى. خرجت وأغلقت باب المكتب خلفى

مرت الحرب علىe هكذا. األستاذ مرتضى فى الصباح، ثم الترجمة العقيمة، ثم غداء بالمنزل حينا ومع محمود بشير الذى توثقت صلتى به أحيان$$ا، ثم ع$$ودة إلى المكتب لمزي$$د

vن لنا من الترجمة العقيمة. محمود اتفق معى أن ما نفعله عبث فى معظمه، وفى بعض األيام وجدته ثائرا أكثر منى، لكنه رأى أننا فى هذا العمل كى نتعلم ونستفيد ولو لم يك

فائدة. لم يعجبنى هذا الكالم بالطبع؛ قد تنطبق وجهة النظر هذه على عمل خاص، أما العمل برئاسة الجمهورية، وفى زمن الحرب، فأمر آخر. ح$$ادثت أبى فى الموض$$وع ذات

. حديث جدك لى هدmأ من إحباطى، وأعطانى أمال أن األم$$ور تتحس$$ن1967مساء فأبدى تفهVما لمشاعرى، وحكى لى عن مشاعره المماثلة حين بدأ خدمته بالجيش بعد حرب

[ها. فال تكرر هذا الخط$$أ؛ اتب$$ع وأ vمع الوقت. وساعدنى ذلك على مواصلة العمل. لكنى أقول لك اليوم إن ذلك كان خطأ، وإن األمور ال تتحسن مع الوقت بل نحن الذين نعتاد س

mع. لكنى أقفز على الحكاية اآلن. لنعvد حيث كنا .صواب قلبك من البداية، فال شىء فى هذه المكاتب سوى موت مقن

مضى عامى األول بالقصر الرئاسى على نفس المنوال. أمرe فى الصباح على األستاذ مرتضى الذى يناولنى ملف المقاالت المختارة. أقضى النهار فى ترجمتها إلى العربية، ثم

اإلشراف على كتابتها باآللة الكاتبة فى قسم النسخ. نعم، عاصرت هذه اآلالت التاريخية المضحكة. وال، لم أعاصر مطبعة جوتنبرج؛ كانت تلك قبل أيامى. ونعم كان الموظفون

يكتبون بخط اليد ثم يعطون األوراق ألناس كل عملهم هو تحويل المكتوب بخط اليد إلى حروف مطبوعة -ال تسألنى لم ال يكتب الموظفون مباشرة على اآلالت الكاتبة- هك$$ذا

vون، ومن ثم يجب مراجعة ما ينسخونه وإعادته إليهم ليعيدوا نسخه مرة أو اثنتين على األق$$ل. يص$$بح المل$$ف ج$$اهزا، بمعج$$زة vخط|ئ كانت األمور. األدهى أن الناسخين غالبا ما ي

ل إلى الرئيس فى تمام الثانية. هل يقرأ ه$$ذه المق$$االت؟ ربم$$ا. ه$$ل تفي$$ده بش$$ىء؟ vرس[ mن- ي [بي vس[مmى »ملف العرض« الذى -كما ت يومية، فى نحو الواحدة ظهرا لينضمe إلى ما ي

لست أدرى. لكن فى كل األحوال كانت هذه حدود مهمتى فى ذلك الوقت. وأيا كانت االعتراضات التى تدور برأسى، فقد التزمت بالمهمة، وحرصت على اتقانها، وبرعت فيها

.حتى شهد لى األستاذ مرتضى نفسه

،eعلى eر األخ$$يرة، وأطلب في$$ه الص$$فح، لكنه$$ا لم ت$$ردvبد|ى فيه ندمى على عدم مواجهتها بالحقيقة فى األشهv vذكر خارج المكتب. أرسلت إلى داو مينج خطابا أ لم يكن لى حياة ت

فزاد قلبى انغالقا. أما حياتنا االجتماعية فى القاهرة فكانت محدودة؛ معظم أقربائنا يعيشون فى ال$دلتا، وص$داقات أبى كله$ا بين زمالئ$ه فى الجيش، ولم أر[ ألمى ص$ديقة فى

حياتى، وأختى تقضى وقتها مع صديقاتها القليالت على حدة، فى غرفتها أو فى خروجات. الحدث العائلى الرئيسى -بخالف انتقالى إلى مصاف� العاملين بجهاز الدولة- هو سفر

.عمر الوشيك إلى إيطاليا ونزاعه مع أبى حول هذا األمر

Vهم شكواى واعتراضاتى. أخى عمر حادe الطبع، وال يستمع إلى شىء أقوله أكثر من دقيقتين إال ويبدأ فى انتق$$ادى وتس$$فيه أفك$$ارى. وم$$ع ح$$بى الش$$ديد ل$$ه كنت بال أصدقاء أبث

mتنى عاطفيا منذ فراقى ل$$داو مينج وتعلقى به فإن ذلك منعنى من »الفضفضة« له. حاولت عدة مرات وفشلت فشال كامال وندمت على ما حاولت. صفية أح[نV منه وأقرب، وتبن

ثم سفر عز الدين. يبدو أنها شعرت بعزلتى، أو شعرت هى نفسها بالعزلة، فاقتربت منى أكثر. لكننا ظللنا غير قادرين على البوح بشىء يتجاوز مشكالت الحي$$اة اليومي$$ة. فلم

أعرف شيئا عن مشاعرها كبنت؛ لم تقل لى أبدا إنها أحبت شابا أو أعجبها رجل، وحتى حين بدأ النقيب إبراهيم، ضابط المدفعية ثقيل الظل ال$$ذى يعم$$ل م$$ع أبى، فى الت$$ودVد

إليها لم تقvل لى شيئا وعلمت باألمر من أمى. ال أدرى لم كنا قابضين على قصصنا الشخصية ممتنعين عن الخوض فيها هكذا! وفى نفس الوقت قريبين وعطوفين بعض$$نا على

.بعض. ربما خجل، وربما جوe النظام السائد فى المنزل

محمود بشير حاول مرارا تنمية زمالتنا وتحويلها إلى صداقة. راحات بعد الظهر سمحت بتقوية تعارفنا بعض الشىء، حيث ص$رنا نتن$اول طع$ام الغ$داء مع$ا م$رتين أو ثالث$ا فى

ا أن ال$$ذين يس$هر معهم محم$ود فن$$انون وص$حفيون من l$األسبوع. لكنى رفضت بأدب دعواته المسائية؛ كانت فكرة ذهابى إلى بار أو اللقاء بناس ال أع$رفهم ترهب$$نى، خصوص

.الرجال والنساء -وباألخص� نساء- وهم نوع من الناس لم أحتكe به فى حياتى وأخاف من التعامل معه بحكم تربيتى

mل[ت كنزا من العواطف والقصص: عال[م كامل عشته من خالل صديقى. الجامعة ورقى نظامها؛ التعليم المحف�ز، والتفكير النقدى، وروح االبتك$$ار، خطابات عز الدين من كندا شك

وهذه األشياء التى نسمع عنها فى القصص، المدينة الهادئة وأش$جارها من خض$رة الص$يف الزاهي$ة ألل$وان الربي$ع المتغ$يرة لس$قوط الجلي$د األول، الن$اس والتحض$ر وحس$ن

المعاملة، البنات الالئى يقول إنهن نوع آخر غير الذى نعرفه. نجح عز الدين فى الفصل الدراسى األول بامتياز، وأصبح معيدا فى الجامعة ال$$تى يتعلم به$ا، وس$$عادته تس$يل من

ف األع$داء له$ا واس$تغاللها ض$د مص$ر. آه ل$و ع$رف V$نى، باعتباره من أسرار العمل التى ال أستطيع البوح به$ا خش$ية تلقvق| vقل خطاباته. أما أنا فلم أستطع الخوض كثيرا فى ما ي

األعداء! اقتصرت خطاباتى على األمور التى كانت بيننا قبل سفره، والتى شحبت مع الوقت. أحاول جاهدا أن أجد شيئا مثيرا أقوله ل$$ه كيال أض$$جره. لكن رغم ك$$ل م$$ا يح$$دث

حولى وقتها، لم يكن هناك شىء يحدث لى أنا ألذكره. يحد�ثنى عز الدين فى خطاباته عن الدور المتنامى للصين، ويسألنى عن دهاليز حرب الخليج ومفاوضات إنهائها، واألكراد

قى إلى ه$$ذه األم$$ور بس$$بب حساس$$ية Vوالشيعة وما يجرى لهم، وعن المذابح التى بدأت فى البلقان، ثم عن مؤتمر مدريد للسالم فى أكتوبر. بعدها يضيف أنه يتفهم عدم تطر

Vنى أفعل فى الرئاسة؟ أنا مترجم المقاالت .عملى. لك[ الله يا عز الدين: ماذا كان يظن

ع.ش.فشير

-----------------------------------رواية »باب الخروج« لعز الدين شكري فشير.. الحلقة السابعة

طلب منى الدخول معه إلى غرفة مكتبه وأغلق الباب وأجلسنى قبالته.. لم يكن يحتاج عند هذا الحد إلى أن يقول أى شىء.. فقد أرهبنى رد فعله هذا بما يكفى إلقن$$اعى ب$$أى

موقف

تغيرت األحوال فى العام التالى. بدأت التحوالت مع نجاح عمر فى انتزاع موافقة أبى على سفره إلى إيطاليا، بعد صراع لشهور طويلة استخدم فيها عمر كل األسلحة الثقيل$$ة

التى لديه. توقف عن األكل فى البيت، ثم توقف عن الحديث مع أبى -هو الذى قاطعه ال العكس )أترى يا يحيى؟ هذا درس لك(، ثم توقف عن الح$$ديث م$$ع أمى أيض$$ا. بع$$دها

استخرج جواز سفر وتركه »بالصدفة« ملقى على المنضدة ليراه الجميع. وحين لم يفلح كل هذا، قال ألمى إنه اقترض المبلغ الذى يلزمه للسفر من صديق له، وسيسافر فى

أول الشهر التالى، وتوقف بعدها عن الكالم مع كل أعضاء المنزل، بمن فيهم أنا الذى أيدت مشروعه للسفر منذ البداية. رضخ أبى عندئذ، وهى أول مرة أراه يوافق فيها على

.شىء عارضه. أعجبنى إصرار عمر ونجاحه، وشعرت بالغيرة بعض الشىء. لكنى لم أسع[ لتقليده، بل صعب علىe انكسار إرادة أبى

vلح|ق[ للعمل مع أبى منذ فترة، وال يفتأ يتملقه ويتقرب منه فى ما ب$$دا لى بعد سفر عمر، تقدم إبراهيم ثقيل الظل لخطبة صفية أختى. وإبراهيم هذا نقيب من سالح المدفعية أ

سعيا واضحا كى يفوز برضاه ومساعدته فى الحصول على منصب هنا أو هناك. حين قالت لى أمى إنها تشعر برغبة إبراهيم فى االق$تران بص$فية قلت له$ا رأيى في$ه، لكن م$ا

eرأيته أنا انتهازية رأته هى حسن تصرف ودليال على أنه سيشق طريقه إلى النجاح. وثقل الظل؟ لم توافقنى الرأى، فهو فى رأيها مهذب ومجام$ل، يح$ترم اآلخ$رين، ربم$ا ج$اد

|م[ ت$$تزوج ض$$ابط المدفعي$$ة الل$$زج ه$$ذا |م[ يجب أن تتزوج صفية وهى ما زالت فى الخامسة والعشرين؟ ول زيادة عن اللزوم لكن ذلك ال يعيب الرجال. لم يعجبنى األمر برمته. ل

vجم|ع على كون$$ه عريس$$ا مناس$$با. أردت أن ت وجنتاها من السؤال وقالت إنه لطيف معها وكريم وشكله مقبول والكل ي eدون الشباب كلهم؟ سألت صفية إن كانت تحبه، فاحمر

eت، أردت تح$ذيرها من االرتب$اط قب$ل أن تج$د هى نفس$ها وق$د انتهى به$ا األم$ر تابع$ة لض$ابط ، أردت أن أسألها عن مشاعرها وما إذا كانت ق$د أحب أقول لها إن هذا غير كاف\

، ولك$$نى ع$$زمت على الح$$ديث م$$ع أبى عن Vبيننا كأنه فاصل ال يمكن اجتيازه. ص$$مت eالمدفعية ممسوحة الشخصية والوجود. أردت أن أقول كل هذا، لكن صمتا ال يتزحزح حل

.الموضوع

حين حادثته فى األمر طلب منى الدخول معه إلى غرفة مكتبه وأغلق الباب وأجلسنى قبالته. لم يكن يحتاج عند هذا الحد إلى أن يقول أى شىء، فقد أرهبنى رد فعله هذا بم$$ا

يكفى إلقناعى بأى موقف. ال يعرف اآلباء حجم سلطتهم على أبنائهم، وال يعرف األبناء إلى أى درجة يجهل اآلباء طريقهم ويتحسسون من الخطأ ويترددون مثلهم، وإلى أى حد

eر دائما، إن نجوتv الليلة مما ينتظرنى، أنى مثلك تماما، أبحث عن طريقى، بخبرة أطول، لكن الخبرة ال تق$$ول [ذك يمكنهم أن يغيروا آراءهم ألتفه األسباب. وها أنا ذا أقول لك: ت

Page 6: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

، eوه$ام eفعله. فال تخ[ف منى، وال تنبهر بم$ا أق$ول أو تتبع$نى وأنت مغمض العي$نين مثلم$ا فعلت أن$ا م$ع أبى. جلس$ت وأن$ا أش$عر أن م$ا س$يقوله لى خ$اص eلى ماذا يتعين على

واستعددت نفسيا لتلقeيه كإفضاء يستحق أن احتويه وأقبله على الفور. بدأ بأن المرأة تحت$$اج إلى االس$$تقرار أك$ثر من أى ش$$ىء آخ$$ر، وإب$راهيم يح$ترم ص$فية ويع$رف ق$درها

وسيعتنى بها، وقلل من شأن العواطف التى قال إنها تزول سريعا، فكل األزواج يعتاد بعضهم على بعض مع الوقت وال يبقى سوى حسن الع|شرة. ثم مال بجذعه وه$$و ج$$الس

[هدmج ص$وته قليال وش$رد بنظ$ره. ثم ابتس$م قبالتى فاقترب أكثر وقال إنه لن يعيش لنا طول العمر، وإنه على وشك بلوغ سن المعاش ويريد االطمئنان علينا. ذكر سفر عمر وت

ابتسامة عريضة كأنما ليمحو ذكرى، وقال شيئا عن وظيفتى ونجاحى ومستقبلى. ثم استطرد بأنه لم يبق[ له سوى االطمئنان على صفية، وأن إب$$راهيم سيص$$ونها ويعت$$نى به$$ا.

موق$$ف ص$$فية تحدثت قليال -من باب المحاولة- عن الحب والشخصية واالستقالل، ولكنى لم أقاوم كثيرا، وخرجت من مكتبه مقتنعا أن موقفه منطقى، وقد يكون األقرب إلى

م تفكيرى ومنطقى على أختى إن كان كل ما تريده هو حياة عائلية تقليدية وهادئة. تزوجت صفية بثقيل الظل بعدها بش$$هور قليل$$ة، وانتقل[ت إلى vقح| نفسها. وم[ن أكون أنا كى أ

.بيتها الجديد فى مدينة نصر

mر وضعى فى العمل خالل هذا العام أيضا، فقد عهد إلىe األستاذ مرتضى بمهمة إعداد الملف اإلعالمى، فأصبحت أنا الذى أختار المقاالت التى يتم ترجمته$$ا.. أو هك$$ذا ظننت [غي ت

mب$نى على التغي$يرات ال$تى أدخلته$ا وال$تى -وفق$ا لم$ا ذك$ره- أغض$بت س$كرتير ال$رئيس فى البداية، فبعد ثالثة أيام من تسلمى المهامm الجديدة استدعانى األس$تاذ مرتض$ى وأن

للمعلومات، وربما الرئيس شخصيا. شرحت له ما فعلت لكنه قاطعنى وطلب منى أن ال أغير أى شىء دون مراجعة رئيسى، فكل هذه األمور لها نظ$$ام موض$$وع ألس$$باب، وال

يجب العبث بها. صمتV فأضاف أنه تقرر إسناد هذه المهمة إلى شخص آخر، وعدت أنا لترجمة المقاالت. لكن بعد أس$$بوع أرس$$لنى للمش$$اركة فى الترجم$$ة بأح$$د الم$$ؤتمرات

التى سيشارك فيها الرئيس. وبالفعل ذهبت من اليوم التالى إلى الشخص المسؤول عن الترجمة فى المؤتمر، وساعدته فى تنظيم الفري$$ق ال$$ذى س$$يتولى الترجم$$ة، وانتقلن$$ا

.جميعا إلى مركز المؤتمرات بمدينة نصر بعدها بأسبوع، حيث سيدور المؤتمر. وكانت هذه أول مرة أرى الرئيس رأى العين

كان أقصر مما يبدو فى التليفزيون، وأعرض، وأكثر ذكاء ودماثة. يسير وحوله حلقة من كبار مساعديه وسكرتيريه والحراس ووزير أو اثنان، لكن$ه ينظ$ر إلى م[ن يق$ف وراءهم

�ى من يراه على مبعدة ويتبادل معه حديثا ضاحكا أو ساخرا. صوته جهورى، وحين يتحدث يصمت الجميع. يسير بسرعة وبخطى واثقة وهم يلحقون ب$$ه ويس$$بقونه دون أن ويحي

يضعوا أنفسهم فى طريقه. وتحوطه هالة تش$به التق$$ديس. نظ$$ر إلىe وه$و يع$بر أمامن$$ا نحن الم$ترجمين، وس$$أل بص$$وت ع$ال م[ن نك$$ون. رد أح$$د مس$اعديه بص$$وت خفيض:

eعوا ال$$دنيا«، ثم س$$ار وحلق$$ة وا ب$الكم، اوع$وا ت$ترجموا غل$ط وتض$$ي V$را: »خلeالمترجمين يا فندم«، سأل: »دول من عندنا؟«، فأجابه باإليجاب، فضحك الرئيس ونظر إلينا محذ«

.المساعدين تتبعه

vق$ال، وظللت ط$وال الم$ؤتمر مرتبك$ا وعي$نى ال تف$ارق مقع$ده. كنت أراه من حيث أجلس فى أثن$اء ال أدرى كيف أصف لك مشاعرى ساعتها! وق$ع قل$بى بين ق$دم[ىe مثلم$ا ي

الترجمة. أرقبه: يقضى معظم وقته جالسا بال حراك. أحيانا يميل برأسه فيأتيه أحد الوزراء الجالسين خلفه أو رئيس الديوان وينحنى حتى يصل إلى مستوى أذن$ه ويس$تمع لم$ا

يقوله له، ويومئ، دائما يومئ، ثم يذهب. قد يعود بعد قليل وينحنى بجواره بنفس الطريقة ويحدeث الرئيس. عندها يظل الرئيس جالسا دون حركة كأن أحدا ال يحدث$$ه، ثم يه$$ز

رأسه مرة واحدة، وينصرف الرجل. ويواصل الجلوس فى صمت. كنت مأخوذا؛ ها هو ذا، رئيس الجمهوري$ة بش$حمه ولحم$ه، على بع$د خط$$وات. وق$د تح$دث إلىe من دق$ائق

.قليلة. هذا الرجل الذى بيده كل شىء، الذى يرجعون إليه فى كل القرارات، على بعد خطوات

[حدeث إلىe أو حتى الحظ وجودى، لكن تكرار وج$ودك فى نفس المك$ان م$ع ال$رئيس يمنح$ك ش$عورا تكرر هذا األمر ست أو سبع مرات خالل هذا العام، ولم يحدث خاللها أن ت

باألهمية والقوة ال يمكنك مقاومته، ألنك تنتقل من حيث كنت لتصبح عضوا فى طائفة الناس الذين يرون الرئيس دوما، وهى طائفة محدودة العدد جدا. ق[بولك فى عضوية هذه

الطائفة يعطيك تميزا عن البقية، شئت أم أبيت، وشيئا فشيئا تعتاد هذا التميز، ويرتبط شعورك بنفسك وبقوتك باستمرار انتمائك إلى ه$$ذه الطائف$$ة، وطبع$$ا ب$$الرئيس نفس$$ه.

ومثلما سأفهم بعد ذلك، يدفعك هذا الشعور للسعى باستمرار لالقتراب من الرئيس أكثر، كى تستمدe لنفسك مزيدا من هذه الرابطة وهذا التميز، هذه القوة التى تشع داخل$$ك

.دفئا حقيقيا كما لو كنت تقترب من الشمس. هكذا، رويدا رويدا، ينتظم المعاونون والمستشارون والوزراء حول مصدر الضياء فى حياتهم

سألنى محمود بشير عن المؤتمر فقلت له إنى أحببت العمل فيه، فاقترح علىe أن أطلب من واسطتى أن ينقلنى إلى إدارة الترجمة الفورية. أبديت اندهاشى من افتراضه أن

لى واسطة بالرئاسة، فانفجر ضاحكا، وسألنى إن كنت أعتقد جديا أن هناك شخصا واحدا فى الرئاسة لم يتم تعيينه بواسطة، بمن فيهم الرئيس نفسه! تركنى ومضى وهو يهز

رأسه يأسا منى. الحقيقة أنى أحببت العمل فى المؤتمر لدرجة أنى فكرت فى الذهاب إلى العميد القطان وطلب مساعدته مثلما اقترح محم$ود، لك$نى خجلت. أحببت العم$ل

فى المؤتمرات، ليس فقط ألنها كانت أكثر إثارة من ترجمة المقاالت، وإنما ألنى كنت أشعر فيها باألهمية. هذه هى الحقيقة: لو سألتنى ساعتها ألجبتك بأنى أحبه$$ا ألنى أش$$عر

، وم$ا ال$ذى يعطيه$ا األهمي$ة؟ ذل$ك الرج$ل eشع|رنى بأنى جزء من شىء ه$امv بقيامى بعمل هامe واإلسهام فى شىء مفيد لمصر. لكن الحقيقة كما أراها اليوم أنى أحببتها ألنها ت

الربعة، العريض، الذى يتحرك ويتحدث ببطء ويتندر على من يحد�ثهم فيضحك الناس سعداء بسخريته منهم، ويمض$ى وك$ل فك$رة ت$ومض فى رأس$ه أو ش$عور ينتاب$ه يمكن أن

.يتحول إلى قرار يؤثر على حياتى وحياة الماليين من الناس. هو الذى يجعلها مهمة بمشاركته فيها، وكلما اقتربت منه أكثر زاد شعورك بأهمية ما تفعله

فى آخر العام استجمعت شجاعتى وذهبت لمقابلة العميد القطان، وطلبت منه أن يرى إمكانية نقلى للعم$ل فى الترجم$ة الفوري$ة بش$كل دائم، س$واء فى الم$ؤتمرات أو -إن

.أمكن- فى مقابالت الرئيس

.نظر القطان إلىe ساعتها وازداد احمرار وجهه، وربت علىe وهو يبتسم، كأنه فهم أنى انضممت أخيرا إلى الفريق

ع.ش.فشير

-------------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الثامنة

عندما تعمل مثلى بالحكومة لوقت طويل -ال قدر الله عليك ذلك- تتحول حياتك إلى سلسلة من األعوام ال األيام، فتتذكر ما حدث لك عاما بعام، ويتداخل كل م$$ا ح$$دث ط$$وال

[ع�لق بذهنك ويطمس ما عداه. فى حالتى أذكر العام الثانى لى فى مكتب الرئيس، ، ال بتوقيع اتفاقية أوسلو1993العام كأنه كان يوما واحدا، يغلب عليه حدث واحد هو الذى ي

.وال بحادثة التفجير األولى لبرج التجارة العالمى وال بضرب الرئيس الروسى لبرلمانه بالدبابات، إنما بفضيحة سالى القصبجى

mزها هو عالقاتها الواسعة داخل وخارج الجهاز الحكومى. هذه العالقات جعلت منها كانت سالى مندوبة إحدى الصحف لدى الرئاسة، امرأة ذكية وجذmابة إلى حد ما، لكن الذى مي

|يه قضاؤها، ابتداءl من تعيين األقارب فى الوظائف حتى تراخيص البناء. لم تكن سالى تبخل بقدراتها السحرية على أح$$د، ب$$ل vضن مركز خدمات متنقال، يلجأ إليه م[ن لديه حاجة ي

تمد يد المساعدة لمن تعرفه ومن ال تعرفه ما دام لجأ إليها، وبال مقابل سوى المودmة، وربما احتاجت إلى هذا الشخص نفسه فى يوم ما لمساعدتها على قضاء أمر ما. س$$الى

mة خلط العمل بالعواطف خصوصlا فى مكان كهذا، إال أنه ضحك من حذرى ونعت$$نى هذه دخلت فى عالقة غرامية مع محمود بشير. هو الذى أخبرنى، وعلى الفور حذرته من مغب

، فلم يكن من طبعى التدخVل فى شؤون اآلخرين. وليتنى تدخلت Vنا فى جامع. سكتV Vمه المعتاد إن كنت أظن .بالسذاجة وسألنى بتهك

vبد| أحد انزعاجا خاصا إزاء هذه السمعة، ب$$ل ك$$ان الجمي$$ع يتن$$در على ف عن محمود العفة، بل استقرت سمعته كزير نساء، كريم فى ذوقه، ال يضطهد أحدا منهن. ولم ي vعر[ لم ي

تعدد عالقاته النسائية. ومحمود نفسه كان يأخذ الموضوع بخفة وانطالق مثل أى أمر آخر فى حياته، ينتقل من هذه إلى تلك، أحيانا تتركه هذه وأحيانا يفر هو من تل$$ك، ويحكى

لى جوانب من هذه القصص بشكل عابر وال يبدو أن أيا من هذا يؤثر فيه. لكن يبدو أن عالقته بسالى أصابت جانبا فى نفسه لم يكن يعلم بوجوده. أحب سالى فعال، وب$$إخالص

ها فيه من قبل، أحيانا أجده شارد الذهن ساهما، وأحيانا مبتهج$$ا مش$$رقا، وأحيان$$ا ال أعرف من أين أتاه، لكن ال هو وال أنا أدركنا ذلك فى حينه. وبدأت تظهر عليه عالمات لم أر[

Vره وسألته إن كان قد وقع فى الحب الذى تفاداه كل هذه السنوات، فلم يحر جوابا مفهوما .مغلقا ال يرد. حتى إننى أنا الخجول فاتحته فى تغي

ثم وقعت الواقعة. اكتشف محمود أن سالى على عالقة بأحد كبار العاملين بالرئاسة فى نفس الوقت الذى كانت تبادله فيه الغرام. وأقول لك إنه ال شىء أقسى على الرج$$ل

ضهم للخديعة من نسائهم، مع أنهم ال يكفون عن إغواء الس$$يدات. ه$$ل يس$$ألون أنفس$$هم Vمن مثل هذا االكتشاف. هكذا الرجال مضحكون يا بنى: يتصورون جميعا استحالة تعر

كيف يمكن -حسابيا- أن تقع كل هذه الخيانات ويظلوا هم بمنأى عنها؟ ال، ال يسألون أنفسهم عن هذا، مثلما ال يسألون أنفس$$هم عن ك$$ل م$$ا يس$$وؤهم معرفت$$ه. ك$$انت ص$$دمة

محمود بشير فى سالى مرو�عة، وال تتفق إطالقا وتورطه المتكرر مع سيدات متزوجات برجال ال يقل$$ون عن$$ه ش$$أنا وال ذك$$اء. ح$$اولت س$$الى اإلنك$$ار لكن ال$$دليل ك$$ان دامغ$$ا،

فت إلى محمود، لكنها عادت فى فترة كان$$ا فيه$$ا mعر] فاعترفت وبكت مقسمة إنها تحبه، وحكت له قصة معقدة عن عالقتها القديمة بهذا المسؤول والتى كانت قد توقفت حين ت

، لم يكتف| محمود بقطع عالقته بها، بل ذهب إلى الشخص اآلخر فى مكتبه وضربه. وهكذا بدأت الفضيحة eغاضبين كالهما من اآلخ[ر، أو شىء من هذا القبيل. المهم.

vعد جديد لعالقات سالى القصبجى. وظهرت تس$$جيالت مص$$وmرة، ووقعت ولم تتوقف هنا. المشاجرة غير المسبوقة فى تاريخ الرئاسة أدmت إلى تحقيق، ومع كل يوم يمر يتضح ب

وشايات مدم�رة، وتحولت الفضيحة إلى كرة من النار تجرى فى الرئاسة كلها، حتى صدر القرار باستئصال كل ما يتعلق بها. وهكذا طارت ك$$ل ال$$رؤوس المتورط$$ة فى ش$$بكة

عالقات سالى المريبة، وأولهم طبعا محمود بشير الذى طvرد. رأيته فى آخر يوم له فى المكتب وراعنى إلى أى حد تغير، كان حطامlا يش$به الش$اب الض$احك المنطل$ق س$ريع

ق قلبه فعال ليس الطرد واإلهان$$ة، ب$$ل فق$$دان س$$الى. ثم رح$$ل، وتم vبد| اهتماما، وبعد صمت طويل أسرm إلىe بأن ما يمز� البديهة والحركة الذى عرفته. سألته عما سيفعله فلم ي

.التنبيه علىe أن ال أتصل به بعد ذلك

فضيحة سالى القصبجى كان لها توابع مباشرة على عملى. فقد اتصل بى العميد القطان ودعانى إلى العشاء ببيته. استغربت الدعوة، فهذه أول مرة يفعله$$ا، ولم تكن عالقتن$$ا

بهذا القرب، كما أنه لم يدعv أبى أو أحدا غيرى. ذهبت طبعا، متأنقا، وحامال باقة من الزهور أوصتنى بها أمى. فتح[ت لى الباب[ شابة فى الس$$ابعة عش$$رة تقريب$$ا، وحين س$$ألتها

مرتبكا عن العميد القطان ابتسمت وأدخلتنى إلى الصالون. لم أعرف ماذا أفعل بباقة الزهور فأعطيتها إياها، وهى ارتبكت بدورها ووقفت ممسكة بها. ثم غادرت الص$$الون…

ف[نى إلى ابنته، ندا، تلك ال$تى فتحت لى الب$اب وتس$لمت أزه$ارى بالص$دفة، وال$تى ص$ارت، بع$د ه$ذا العش$اء mهما دهرا. فى ذلك المساء عرv لت وظهر القطان بعدها بدقيقتين خ|

فنى أيضا إلى زوجته. وبعد التعارفات السريعة اختفت البنت وأمها وظللت أنا مع العميد. س$أل عن أخب$ارى ثم انتق$ل س$ريعا، قب$ل أن أجيب$ه، للح$ديث عن mبسنوات، أمك. عر

Vئهم لى بمستقبل واعد. وأشار إلى أن األزمة األخيرة -ص$ارت تل$ك هى التس$مية المتع$ار[ف المكتب. أبلغنى إعجاب رؤسائى وزمالئى األقدم بنشاطى واجتهادى والتزامى، وتنب

عليها لفضيحة سالى القصبجى المدو�ية- قد يكون لها جانب إيجابى حيث شغرت أماكن عدي$دة من بينه$ا مك$ان فى الترجم$ة الخاص$ة باجتماع$ات ال$رئيس ويمكن إن ح$الفنى

vنق[ل إليها كما طلبت منه منذ شهور. بدا لى األمر مضحكا وأنا أتساءل عما إذا كانت ك$ل األم$اكن ال$تى ش$غرت لعش$اق س$الى الس$ابقين، وأح$اول تخمين ع$ددهم. الحظ أن أ

[كلeم أصبح منفعال تماما وه$$و يتح$$دث عن احتم$$ال تغي$$ير منص$$به ه$$و شخص$$يا واالنتق$$ال من تمالكت نفسى واحتفظت بالجدية الالزمة، والعميد القطان الذى يحمرe وجهه كلما ت

الحراسة إلى عمل مدنى فى السكرتارية الخاصة. دخلت ندا لتدعونا إلى المائدة فانتقلنا إليها مع بقية األسرة. تبادلنا أحاديث عام$$ة عن األح$$وال فى أثن$$اء الطع$$ام، وس$$ألتنى

زوجته بلطف عن حياتنا فى بكين، ثم انتقل الحديث إلى ندا التى كانت فى البكالوريا الفرنسية، وسألنى العميد القطان بغتة إن كنت أعرف الفرنس$$ية فنفيت، ف$$أردف بجد�ي$$ة

Page 7: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

د إلىm دون vعه$[ نى بض$رورة تحس$ين عالق$تى االجتماعي$ة ب$الزمالء والرؤس$اء ب$المكتب، وتنفي$ذ م$ا ي mر[ أنه يجب علىe تعلVمها. بعد العشاء عدنا إلى الصالون الستئناف الحديث. ذك

، ر|ف[ v$ب فعل أى أمر فى السر أخج$ل من$ه ل$و عV vطلب وعدم اإلسراف فيها إن طvلبت، وعدم الحديث عن عملى إال إلى رئيسى المباشر، وتجن �يا إال حين ت Vب الفvت اقتراحات وتجن

eا وتقديم ذلك على أى اعتب$$ار آخ$$ر. وختم ب$$التنبؤ لى بمس$$تقبل وعدم التدخل فى ما ال يعنينى، والبحث عن زوجة مالئمة، ومراعاة األدب واحترام م[ن هم أقدم منى أو أكبر سن

.باهر إن اتبعت هذه النصائح السبع. ثم قام واقفا إيذانا بانتهاء عشائنا

ا جرى لمحمود، وأردت االطمئنان عليه رغم التحذير الواضح الذى صدر لنا بعدم االتصال بأى من المفصولين. فكرت فى االتصال به من المنزل لكنى ت$رددت خش$ية |م[ حزنت ل

ها: عف$$اف، عامل$$ة س$$ويتش فت$$نى نفس$$[ mر دخل[ت على المكتب فتاة سمراء ممشوقة القوام ومبتس$$مة. عر� أن يكون تليفونى مراق[با. وتذكرت نصيحة القطان. وبينما أتردد وأفك

vهد|ينى السالم. نظرت إليه$ا فى هل$ع، لكن ابتس$امتها اتس$عت وطم$أنتنى أن التليفونات )هذا اختراع آخر انقرض ولم تعاصره أنت(، وأردفت بصوت خافت أن األستاذ محمود ي

هذه رسالة خاصة، فهو لم يتصل بالمكتب أو شيئا من هذا القبيل، إنما قابلته عند مقهى بشارع فيصل وهى عائدة إلى بيتها فطلب منها إبالغى السالم. ظللت أحدق إليه$ا دون

ت رأس$$ها فى eت أنى لن أتكلم هز] ر|د ردmها. ولما طالت نظرتى وأيقنv eا فلم أ ط بشىء، وخشيت أن يكون حقيقي Vر|د التور

v رد، فلم أعرف بم[ أردe، خشيت أن يكون كالمها فخeا فلم أ

ابتسامة مستغر|بة ومتهكمة فى نفس الوقت، وقالت لى أن أتصل بها إن احتجت إلى إبالغه بشىء، ولما لم أردe على ذلك أيضا رفعت يدها بالتحية وق$$الت لى إنه$$ا عائ$$دة إلى

.غرفة السويتش

ثم عادت سالى القصبجى. اختفت عدة شهور، ثم ع$$ادت للظه$$ور، فى التليفزي$$ون ه$$ذه الم$$رة. وفى خالل أس$$ابيع قليل$$ة أص$$بحت من أهمe الوج$$وه اإلعالمي$$ة على الشاش$$ة.

وانتابتنى حالة عميقة من عدم الفهم. لم يكن لدىe أصدقاء فى الرئاسة بعد رحيل محمود أو حتى زمالء يمكننى الحديث معهم عن هذه المسائل، فكلهم يتبعون نصائح القطان

ر|د اقتراف أىe أمر من شأنه تعطي$$ل ه$$ذا النق$$ل. ولمv السبع. فكرت فى سؤال األستاذ مرتضى -رئيسى المباشر- لكنى تراجعت، فقد كان قرار نقلى على وشك الصدور ولم أ

[ج[ت هى من العقاب، بل وتحس$$نت أحواله$$ا؟ وفى النهاي$$ة أستسغ االتصال بالعميد القطان ألساله. وظل الفضول يقتلنى: كيف عvوق|ب[ كل من كان على صلة بسالى فى حين ن

ضا إلى عودة س$$الى للظه$$ور [غلeب علىe الفضول، ولعل�ى أيضا أردت اختبار عفاف، فاستدعيتها إلى مكتبى وسألتها عن شىء تافه يتعلق بالتليفونات والفاكس، ثم تطرقت ع[ر[ ت

م[ت$$نى بنظ$$رة م[ن ال يع$$رف إن سائال إياها إن كانت قد شاهدتها على الشاشة فأكدت أنها تتابع برنامجها كل ليلة. تشجعت وسألتها كيف نجت هى فى حين ع$$وقب الب$$اقون فر[

[ت منصرفة، وهمستv لها وهى تهمe بالخروج أن تبلغ سالمى إلى جيرانها فى شارع فيصل. فالتفتت إلىe وق$الت كان محد�ثه عبيطا أم يتظاهر بالعبط. ساد صمت لحظة فاستأذن

م[تنى بنفس النظرة وخرجت دون أن ترد .مازحة إنها ال تسكن فى فيصل بل فى أرض اللواء. سألتها بصدق: أى لواء؟ فر[

ع.ش.فشير

---------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة التاسعة

اقتربت بمقعدى من مكان الرئيس كما قيل لى والتزمت بالتعليمات بعدم النظر إليه أو اإلتيان بصوت أو حركة فى أثناء االجتماعvعتمد عليه وال يتدخل فى ما ال يعنيه ومvخل|ص. أحيانا أحضر مق$$ابالت1994تم نقلى فى مطلع كما وعدنى العميد القطان، واستقرت سمعتى بالرئاسة كموظف كتوم وكفء، ي

الرئيس ألدون محضر الجلسة -تحت إشراف سكرتير الرئيس للمعلومات- وأحيانا أقوم ب$دورى األص$لى كم$ترجم ف$ورى فى لق$اءات ال$رئيس. أول اجتم$اع حض$رته ك$ان بين

الرئيس ومسؤولى االتحاد األوروبى. حذرونى من النظر إلى الرئيس فى أثناء االجتماع، وطبعا من اإلتيان بأى ص$$وت أو حرك$$ة. جلس$$ت فى أبع$$د مقع$$د ممكن عن$$ه لك$$نى لم

أتمالك نفسى واختلست النظر إليه عدة مرات. فى إحدى هذه المرات لمحنى وشعرت كأنه يزجرنى بنظرته فانكمشت وعدت إلى أوراقى. وألنى جلست بعيدا عن$$ه، وظللت

مشغوال بمسألة النظر إليه، لم أتمكن من متابعة ما يقوله الضيوف بما يكفى. كذلك فإن المسؤول األوروبى كان خافت الصوت ويتحدث بلكنة إسبانإسبانية تتداخل م$$ع نطق$$ه

eتمييز ما يقول. كدت أموت من الرعب والوقت يمر وأنا أدرك أنى لم أدون شيئا من مناقشاتهم. لم يكن ال$$رئيس يق$$ول ش$$يئا ذا ب$$ال، إذ انص$$ب eب علىeلإلنجليزية بشكل صع

معظم حديثه على تأكيد ما يقوله الضيف وتعديله فى بعض األحيان أو اإلضافة إليه بتكرار عبارة »ومن هنا أهمية تنشيط ال$$دور األوروبي«. كتبت م$$ا اس$$تطعت التقاط$$ه، ومن

حين إلى آخر أنظر إلى سكرتير الرئيس للمعلومات وفرائصى ترتعد. بعد نهاية االجتماع أمسكنى السكرتير من ي$$دى وس$$ألنى وه$$و ينظ$$ر فى أوراقى عم$$ا كتبت. تلعثمت، ثم

اعترفت له بأنى لم أسمع أو أفهم شيئا مما قاله الضيف، وانتظرت الصاعقة التى ستحلe على… لكنه ضحك بصوت ع$ال\ وه$و ي$ربت على كتفى وق$ال لى أن ال أن$زعج فه$ذا

الرجل ال يقول شيئا ذا قيمة أصال، وال أحد يميز ما يقوله بمن فى ذلك زمالؤه األوروبيون. ووسط ذهولى أمس$$كنى من ي$$دى وس$$ار بى وه$$و يؤك$$د علىe أن أجلس فى المقع$$د

vمل|ى علىe ش$$يئا أدوeن$$ه القريب من الرئيس فى المرة القادمة وال أخشى شيئا، فهو مقعد مخصmص لكاتب الجلسة أو المترجم، وطلب منى أن أمر عليه فى مكتبه بعد س$$اعة لي

.كمحضر للجلسة الهالمية التى حضرناها

ال أقصe عليك تفاصيل هذه الجلسة كى أسلeيك، وال ألن الذكريات تعاودنى بشدة اآلن وأنا جالس فى هذه السفينة الصامتة أنتظ$$ر المواجه$$ة اآلتي$$ة، لكن أقص علي$$ك ذل$$ك كى

أفهمك أمرا لم أقله ألحد من قبل، ولو قلته ألحد لما صدقنى ولظن بى الظنون. فى البداية ظننت أن هذا االجتماع الفارغ من أى مضمون هو حادثة مؤس$$فة ض$$اع فيه$$ا وقت

vرج[ى منها فائدة، وحين توثقت صلتى بسكرتير الرئيس للمعلومات بما يكفى علقت بع$$د الرئيس هباء. وبعد عدة اجتماعات مشابهة، ظننت أنهم يأتون بى لالجتماعات التى ال ي

دمت وقته$ا، لكن كلم$ا م$رت علىe الش$هور ثم v$باس$تنكار أن االجتم$اع ك$ان جي$دا ج$دا ومثم$را! ص eأحد هذه االجتماعات أن الزوار أضاعوا وقت الرئيس دون فائدة، فرد على

[مmت فيه$$ا، واألوه$$ام ال$$تى تث$$ور [عمmق إدركى لعبث معظم هذه االجتماعات. لم أر[ طائال من ورائها سوى تصويرها وبثها على القنوات، واإلعالن عن المناقشات التى ت السنوات ت

، دون أن يتم ش$ىء ال فى االجتم$اع األول وال فى ذل$ك ال$ذى يتم االتف$اق فى أذهان الناس عن أمور خطيرة ال بد أنها نوقشت فيها، ثم االتفاق على زيارة أخرى أو اجتماع تال\

vذكر س$$وى على عقده. ومن اجتماع إلى اجتماع، ومن مؤتمر إلى مؤتمر، تعيش القضايا وتستمر، تتدهور أو تتحسن حسب نصيبها، دون أن يكون ألى من هذه االجتماعات أثر ي

[فmذ vن vبذل ومشروعات وخططا ت .اإليحاء بأن جهدا ي

كانت تلك صدمتى الكبرى. لم يخطر على بالى أبدا أن يكون األمر هكذا. حضرت اجتماعات مع رؤساء دول وحكومات حوض النيل، واحدا تلو اآلخر. يقول الضيف كالم$$ا جميال

ويقول الرئيس كالما جميال، ويحومان حول الموضوعات التى يختلفان عليها، ثم يتفقان على مواصلة الحوار حول تلك الموضوعات، ربما بين الوزراء أو مبعوثين لهما أو بينهم$ا

، وتطنطن وسائل اإلعالم بتكهن$$ات عم$$ا تم فى ه$$ذا االجتم$$اع، ويخ$$رج المس$$ؤولون مبتس$$مين أو eفى لقاء الحق فى مكان سيتوجهان إليه هما االثنان. وينتهى اجتماعهما الهام

vع|دe سكرتير المعلومات vخف|ى الفراغ. ثم يلتقى الرئيسان ثانية، وي vوح|ى بالغموض الخطير وت متجهمين حسب الحاجة، ويلتقطون عدسات الكاميرات، ويتمتمون بعبارات مطmاطة ت

« فى االجتماع الذى سبقه، وهو فى معظمه اتفاقات على اجتماعات أخرى، وما دار فى تلك االجتماعات األخ$$رى، ثم ال ش$$ىء س$$وى مناقش$$ات ودي$$ة eملخصا للرئيس بما »تم

د االتفاق$ات أو الص$فقات؟ لم أقابله$ا فى أى من ه$ذه االجتماع$ات. ح$تى vعق$[ ودوران حول الخالفات واالتفاق على اجتماعات بع$دها. أين تتم األش$ياء إذن؟ أين تح$دث؟ أين ت

يت eخف|ى الخالف بين أطرافه$ا أك$ثر مم$ا تجمعهم على عم$ل حقيقى. فى الس$نوات األولى ع$زv االتفاقيات التى يتم التفاوض عليها تبدأ بأفكار كبرى وتنتهى بصياغات ملتبس$ة ت

.نفسى بأن هذه ال بد واجهة لشىء آخر عميق يتم فى مكان آخر عميق

واصلت الترجمة وكتابة محاضر الجلسات. اقتربت بمقعدى من مكان الرئيس كما قيل لى والتزمت بالتعليمات بعدم النظر إليه أو اإلتيان بصوت أو حرك$$ة فى أثن$$اء االجتم$$اع.

وحين ظهر الصينيون، ألول مرة منذ التحقت بالعمل فى الرئاسة، خفق قلبى كأنى أقابل أصدقاء قدامى. وكما كان الح$ال أي$ام إق$امتى فى الص$$ين انبه$ر المس$ؤول الص$$ينى

الكبير بإتقانى اللغة، وأثنى علىe -باإلنجليزية- مباشرة للرئيس. لكن يبدو أن ذلك قد ضايق الرئيس بدال من أن يعجبه، فانكمشت فى جلستى أك$$ثر وظللت أح$$دق إلى األوراق

التى أكتب فيها. كانت تلك السنة هى موعد تجديد اتفاقية حظر االنتشار النووى، وكان لمصر موقف فيها أصبحت بسببه محط الزيارات الدولية. وأذكر أنى كتبت وترجمت فى

هذا العام وحده مقابالت واجتماعات أكثر من بقية األعوام مجتمعة. وتعلمت كثيرا عن الموضوعات النووية وتفاصيلها. لكن، فى هذا الموضوع مثلما فى ك$$ل الموض$$وعات، لم

vن هناك سوى مناقشات واجتماعات وتربيطات حول اجتماعات ومناقشات أخرى، وانتهى األم$$ر كل$ه بال ش$$ىء. ووقmعت مص$$ر على تجدي$د االتفاقي$$ة دون الحص$$ول على م$$ا يك

.أرادت

vن له$ذا اإلحس$اس أس$اس واقعى،1995بنهاية عام vح|يل[ ج[دVك إلى التقاعد. وشعرت على الفور بحمل يقع على كتفى، كأنى أصبحت مس$ؤوال عن األس$رة بش$كل م$ا. لم يك أ

فمعاش أبى وأمالكه ظلت مصدر دخل األسرة، ولدى أبى مشروعات عمل فى القطاع الخاص ينوى البدء فيها. وصفية متزوجة وهانئة أو على األقل هادئة مع ضابط المدفعية

زوجها وأبى ابنتها ياسمين ذات العامين. وعمر الذى استقرm بإيطاليا على وشك الزواج بفتاة قابلها هناك من أصل فلسطينى )واستس$لمت أمى، عكس موقفه$ا أي$ام داو مينج،

ولم يعترض أبى لدرجة منعه من الزواج بهذه المرأة المجهولة لنا(. ومع أن عمر هو االبن األكبر ال أنا، فإنى شعرت بالمسؤولية عن العائلة وبأن تقاعvد أبى يبدأ مرحلة جدي$$دة

ا م$$ع l$$ثم بدأت أمى تتحدث عن ضرورة التفكير فى زواجى. كنت فى الخامسة والعشرين، وال رغبة لى فى فتح ه$$ذا الموض$$وع، خصوص . eفى حياتنا ستعتمد فى كثير منها على

.أمى. لكنها لم تتوقف، بالطبع

. واس$$تغرق1993نسيت أن أقول لك إن عزالدين فكرى كان قد أرسل إليe خطابا يحد�ثنى فيه عن نظام إلكترونإلكترونى للتراسل وعن ش$$ىء اس$$مه »اإلن$$ترنت«، فى ع$$ام

[طلmب الحص$ول على بري$د [ص$وmر! ت األمر عامين حتى وصل إليe االختراع، وكنت من المحظوظين، حيث لم تكن الخدمة عندئذ متوفرة إال من خالل الجامع$ة ومجلس ال$وزراء. ت

eا! المهم، بحلول كنا نتراسل عن طريق البريد اإللكترونى، وقد قلل هذا األمر كثيرا من وحدتى ومن أثر غي$$اب الص$$داقة فى حي$$اتى، إذ1995إلكترونى مجلس الوزراء شخصي

أعاد إليe صديقى التوأم بشكل من األشكال. فبدال من الخطابات الشهرية أصبح باستطاعتنا تبادل الرسائل كل يوم تقريبا، وهكذا عدت م$$رة أخ$$رى إلى حي$$اة عزال$$دين وع$$اد

إلى حياتى، إال، بالطبع، ما يتعلق بعملى. أوشك عزالدين على إنهاء رسالة الدكتوراه التى يعكف عليها؛ بقى ل$$ه ع$دة ش$$هور من البحث وأخ$$رى للكتاب$ة. وك$انت درجات$ه كله$ا

ممتازة، وقدم عددا من األبحاث فى مؤتمرات علمية عديدة فى كندا والواليات المتحدة، وخاطبه أساتذته فى إمكانية بقائه للتدريس والبحث بكندا إن شاء. تناقشنا فى األم$$ر

mرنى ذلك بأيامى األخيرة فى بكين؛ كم كان األمر ليختلف لو أتيح لنا البريد اإللكترونى وقتها! المهم أن عزالدين رفض ه$ذه الع$روض وق$رر الع$ودة إلى مص$ر لعدة أسابيع وذك

فور انتهائه من الدكتوراه، فى العام التالى، مع أنه لم تكن لديه وظيفة تنتظره فى مصر. واألهمe من ذلك أنه قاب$$ل فت$$اة أعجبت$$ه، على حس$$ب وص$$فه، وإن كنت ق$$د ش$$ممت

رائحة الحب من حديثه عنها لكنه رفض التصريح بهذا. وظلe شهورا يحد�ثنى عنها ويتردد بشأنها، ثم قطع عالقته بها قبل أن تتطور إلى حب، كما قال، ألنها لن تصلح للحياة معه

.فى مصر. هكذا، بقرار، قطع عالقته بها وتوقف عن رؤيتها أو الحديث معها وحتى عن ذكرها لى. هذا هو عزالدين الذى أعرفه: بال قلب

لكنى لست فى صرامته. ورغم النصائح السبع للقطان، وحذرى وتردVدى الطبيعيين، وذكريات داو مينج وشعورى بالخيب$$ة والص$$غر، ف$إنى لم أس$$تطع من$$ع نفس$ى من االهتم$ام

[ح$$وmل الس$$ؤال عن |غ$$نى ب$$أمر م$$ا. وت vبل بعفاف، موظفة التليفونات السمراء الهيفاء، التى تأخذ انتباهى كله حين تسير فى الممر أمام مكت$$بى، وتربك$$نى بالكام$$ل حين تدخل$$ه لت

[أة كى تمر علىe وأراها vك .محمود بشير المطرود من كونه الهدف الخفيe لحديثى معها وتودVدى إليها، إلى ت

Page 8: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

.ثم تطورت األمور بسرعة

ع.ش.فشير

----------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة العاشرة

عندما عدت إلى المكتب من راحة بعد الظهيرة استدعانى العميد القطRRان الذى أصبح اآلن يعمل فى السكرتارية الخاصة وجدتRRه ثRRائرا ووجهRRه أكRRثر

حمرة من أى وقت رأيته فيه انفجر فىP حين رآنى كنت خارجا من المكتب بعد يوم عمل طويل متوجها إلى المنزل، ومع أن منزلنا يق$ع على بع$د خمس$مئة م$تر من المكتب ف$إنى كنت أتنق$ل بينهم$ا فى س$يارتى الص$غيرة، ال

. خرجتv من المكتب إلى شارع الخليفة المأمون وكانت الساعة تشارف على التاسعة حين لمحتها واقفة على الجانب اآلخر من الطريق. اضطربتv حين رأيته$$ا: لم |م[ تسألنى ل

ل ش$يئا. حين v$أكن أعرف ماهية مشاعرى إزاء عفاف؛ ليست حبا، ليست مثل مشاعرى أيام داو مينج، بل شىء آخر لم يتحدد بعد. أريد القرب منها، والبق$اء معه$ا، ول$و لم نق

م�ه| افتتانا. لم يح$$دث لى أن فvتنت نى. ليس حبا، بعد، لكن س[ eى كلها: تسيطر حركتها على انتباهى، ووقفتها، وجلستها، ومشيتها. كل شىء يتعلق بها يهز eحواس eتظهر تملك على

. عبرت بسيارتى ناحيتها وت$$وقفت eبامرأة بهذه الطريقة من قبل، ولم أدر| ماذا أفعل. لكنى حين أراها أقع تحت تأثير اللحظة وأصبح أكثر قابلية للمغامرة، وهذا أيضا جديد على

[ت، وأصابنى شىء بمجرد جلوس$ها بالس$يارة بج$واري، ك$أن أمامها مدعيا أنى -لمحاسن الصدف- ذاهب لزيارة أصدقاء لى فى ميدان الجيزة، وعرضت توصيلها. ابتسمت وركب

.وهجا يصدر منها

كان الطريق طويال وال أعرفه جيدا، فأنا ال أذهب إلى ه$ذه المن$اطق مطلق$ا، وال أحس$بنى ع$برت ش$ارع الس$ودان من قب$ل. وبين اض$طرابى من القي$ادة فى ط$رق مجهول$ة

vت دف$ة الح$ديث فتج$اوزتeول وشعورى بوهج يلفحنى من هذا الوجود الطاغى بجوارى دخلت فى حالة من االضطراب العامe المصحوب بجرأة غير محسوبة. كأنى ثم$ل قليال. ت$[

[تنى عن البنات فى الص$ين فلم أق$ل ترددى التقليدي، سألتنى عن أسرتى ومن أين أتيت وأين تعلمت وما إلى ذلك، وراعنى إلى أى مدى كانت قصتى قصيرة وغير مثيرة! سأل

vض$ج|رنى البت$ة، ب$ل vض$ج|رنى. لم ت ت؛ على األقل هذا ما اتهم[تنى به. ثم بدأت هى تحكى قصتها دون س$ؤال م$نى، ثم تتوق$ف لتس$ألنى إن ك$انت ت eوجنتى احمر eشيئا، وأظن أن

.أذهلتنى بعالمها الذى لم أكن أعرف عنه شيئا، تقريبا

عفاف تعيش مع أمها وأخيها وأختها فى شقة صغيرة ببيت متواضع من ثالثة أدوار فى أرض اللواء. أبوها المتوفmى كان صوال فى الجيش، وعمل سائقا ألحد القادة ح$$تى بلوغ$$ه

سن المعاش، ومن خالل هذا القائد وجد لها وظيفتها فى الرئاسة عندما تخرجت فى المعهد التجارى. ضحكت وقالت إنها أكثر أفراد العائلة نجاح$$ا. فأخوه$$ا حس$$ن ال$$ذى أنهى

، والحظ[ت انزع$$اجى vى أكيدة نحو االنحراف. جفل�تlطريقها بخط Vدراسته بأحد المعاهد عاطل عن العمل منذ ثالث سنوات، وأختها ميرفت ما زالت فى المدرسة الثانوية وتشق

فأردفت ضاحكة أنها تمزح، فالبنت ما زالت فى الرابعة عشرة، لكنها ال ترى عليها اهتماما بشىء غير األوالد وجماله$$ا، وتك$$اد ترس$$ب ك$$ل ع$$ام ل$$وال ت$$دخVالت األس$$رة باله$$دايا

والرشوة المقنعة فى صورة دروس. سألتها عن أمها فقالت إنها ست بيت، لكنها اضطvرت إلى العمل بعد تقاعد أبيها ألن المع$اش لم يكن من الممكن أن ي$وفى باحتياج$اتهم،

وألنها ست بيت بال أى مؤهالت فقد عملت بعض الوقت فى تنظيف البيوت وأيضا فى عمل الجبن والزبادى وبيعهما. م$الت علىe ض$احكة وهى تتص$نع الجدي$ة وق$الت إنه$ا ق$د

vخف|ى موضوع التنظيف بالبيوت هذا عن الكل، خصوصا الجيران، بل إن حسن نفسه لم يعرف به إال متأخرا فى خناقة مع أم$$ه باحت لتوeها بسر األسرة الكبير، فقد ظلeت أمها ت

بسبب النقود. أما الزبادى والجبن فقد كانت األم تبيعهما فى الشارع لكن الفتوات الذين يسيطرون على الحى طردوها بعد أن رفضت زيادة »األرضية« ال$تى ت$دفعها لهم ك$ل

ن، فت$وقفت األم عن m$حس] شهر. وانتهى بها األمر إلى أن تعمل لحساب أحد محالت األلبان من الباطن. لم يع|ش األب طويال بعد تقاعده، وبع$د وفات$ه ك$ان م$رتب عف$اف ق$د ت

.العمل فى البيوت كى تعتنى بحسن وميرفت، وإن استمرت فى بيع الجبن والزبادى من خالل محل األلبان المجاور

|م[ تحك| لى كل هذه األمور الشخصية؟ وكيف تحكيها بهذه البساطة؟ لم يبدv عليها أنها متأثرة أو تشعر بأن هذه الحياة معاناة من نوع خ$$اص، لم أعرف ماذا أقول وال كيف أردe. ل

بل على العكس، كانت تضحك وسط القصة، على نفسها وأهلها وأحوالهم. أما أنا فلم أعرف أحدا مثلها من قبل. لم أع$$رف أح$$دا رس$$ب فى المدرس$$ة، أو ذهب إلى مدرس$$ة

فنية أصال. وعمرى ما أخذت درسا خاصا، أو ورد بخاطرى أن المدرس أو الناظر يمكن رشوته. كان لى زمالء فقراء فى المدرس$$ة وفى أولى س$$نوات الجامع$$ة، لكن ال ش$$ىء

مثل هذا الذى تحكيه. كما أن اختالطى باآلخرين -فقراء كانوا أم أغنياء- كان محدودا. عشت فى بيتن$ا بالمنص$ورة ثم بمدين$ة نص$ر ثم بكين ثم روكس$ى دون التوغ$ل فى حي$اة

.الناس األبعد عن دائرتى المباشرة، وفى دائرتى المباشرة لم يكن هناك شىء كهذا

eها، ولما أبديت دهشتى ق$$الت لى أن ال أص$$دق المظ$$اهر، استجمعت شجاعتى، أو لعله تأثير الوهج وقصتها، وسألتها عن الحب. أجابت وهى تضحك أنه ال يوجد أكثر منه فى حي

فخلف كل أمر أمر مختلف، والناس يفعلون كل ما يريدون فى كل ظرف، لكن الفارق الوحيد هو درجة اإلخفاء والتنكر ال$$تى يلج$$ؤون إليه$$ا. ارتبكتv وأردت الخ$$روج من ه$$ذه

النقطة فسألتها عن الزواج، زواجها هى، فضحكت أيضا وسألتنى أى نوع من الرجال سيتزوجها: صاحب محل األلبان أم الفتوة الذى يجمع األرضية كل شهر؟ وكيف س$$تتزوج؟

vتع|ب نفسى فى التفكير، فه$ذا كل$ه نص$يب. ثم انتقلت للح$ديث عن محم$ود بش$ير وكي$ف اختفى من المقهى وأين؟ قلت أشياء بال معنى محدmد فهزت كتفيها وقالت لى أن ال أ

Vن الطري$ق الذى كان يرتاده، وأنها سألت عنه ولم تستدلe على مكانه. ثم انتقلنا إلى موضوعات أخرى لم أكن أتابع ما تقوله فيها جيدا، إذ انصبe تركيزى كل$ه على محاول$ة ت$بي

فى األدغال التى قادتنى إليها، وتفاد|ى دهس أى من األطفال المتناثرين فى الشوارع الضيقة التى نمر منها، والترعة، والحفرة، وبقي$$ة تض$$اريس المنطق$$ة. وفى وس$$ط الغاب$ة

vنز|لها ألنها ستأخذ ميكروباصا إلى بيتها [ت منى أن أ !األسمنتية بالضبط، عندما فقدت االتجاه بالكامل وبدأت أسأل نفسى إن كنت سأخرج من هنا، طلب

ظللت أفكر فى عفاف وما حكته لى فى أثناء رحلة البحث عن طريق الخروج من هذه المتاهة. جفلتv من المنطقة، وشكل الناس فيه$$ا، وطريق$$ة س$$يرهم فى الش$$ارع، ومن

حكايات عفاف. لكن فى نفس الوقت زادتها هذه الحكايات فتنة. كأنها تفتح لى طاقة لمصر التى ال أعرفها والتى أقرأ عنها فى الكتب. قلت لنفسى هذه هى مص$$ر الحقيقي$$ة،

دmت إلىe حين عبرت شارع السودان نحو المهندسين، كأنى أفقت من حلم غير آمن vال مصر الخشب التى أعيش فيها. لكنى تنفست الصعداء وشعرت أن روحى ر.

…ما حدث فى اليوم التالى أذهلنى

عندما عدت إلى المكتب من راحة بعد الظهيرة استدعانى العميد القطان، الذى أصبح اآلن يعمل فى السكرتارية الخاصة. وجدته ثائرا ووجه$$ه أك$$ثر حم$$رة من أى وقت رأيت$$ه

فيه. انفجر فىe حين رآنى، ناعتا إياى باالستهتار وعدم المسؤولية، ومعربا عن صدمته العميقة فىe، على ك$$ل المس$$تويات. س$$ألنى مس$$تنكرا كي$$ف فعلتv ه$$ذا، كي$$ف بلغت بى

الحماقة وقلة العقل أن أوصeل عاملة التليفون إلى منزلها فى آخر الدنيا نهارا جهارا! حاولت التذرع بأنها كانت صدفة فنظر إلىe باستياء وازداد غضبه أك$$ثر وه$$و يص$$رخ فىe إن

كنت أظنه مغفال. وظل يصبe علىe جامe غضبه وأنا أسأل نفسى كيف عرف! هل يراقبوننى أم رآنا أحد بالصدفة؟ أغيب فى تساؤالتى وأع$ود ألج$ده م$ا زال يص$رخ فى وجهى.

mرنى بأنى محسوب عليه وما أفعله يؤثر على س$$معته ه$$و المنى على سوء التقدير، خصوصا بعد حادثة سالى القصبجى، موضحا أنه أنقذنى بالعافية من الطرد هذا الصباح. وذك

شخصيا. وحتى بغض� النظر عن هذا، كيف أنحدر، أنا الذى يأتمننى رئيس الجمهورية على المشاركة فى أكثر اجتماعات$ه س$رية، إلى مث$ل ه$ذا المس$توى؟ »عامل$ة تليفون$ات؟

وأمها بتبيع جبنة؟«، مضيفا أنى إن كنت أجهل حساسية منصبى وعملى ومركزى فلعل�ى ال أستحقه. كما هدmدنى ب$إطالع أبى على فعل$تى الش$نعاء، لكن$ه لن يفع$ل حرص$ا على

mنى على التفكير جدeيا فى الزواج، ومن أناس يليق بى مصاهرتهم. ثم صرفنى من مكتبه بعد أن جعل$$نى أتعه$$د أن ال [ت حمرة وجهه تدريجيا، وبدأ يستعيد هدوأه، وحث صحته. هد[أ

.أعود لمثل هذا األمر أبدا

عدت إلى مكتبى والحرج يغطينى، كأن كل من ينظر إلىe يعرف بأمر رحلتى المسائية إلى أرض اللواء المجهول االسم، وعيناه تقوالن لى باس$$تخفاف: »عامل$$ة تليفون$$ات؟!«.

انتظرتv أن أرى عفاف ألعرف إن كان أحد قد قال لها شيئا، لكن شخصا آخر ردe على حين اتصلت بالسويتش، ولم أجسر على الس$ؤال عنه$ا. ولم ت$أت| هى إلى مكت$$بى، ولم

[ل القطان إلى وحدة إدارية بمحافظة الجيزة ها فى األيام التالية كذلك. ثم علمت أنهم نقلوها فى نفس يوم استدعائى من ق|ب .أر[

ع.ش.فشير

--------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الحادية عشر

حين أنظر اآلن إلى هذه األعوام أشعر بالندم ألنى تركتها تمر هكذا تضيع الحقيقة أنى كلما فكرت فى حياتى السابقة أفاجأ بأنى ال أندم على شىء فعلته بق$$در م$$ا أن$$دم دوم$$ا

على أشياء لم أفعلها

ت ثالث ساعات وما زلت فى أول الحكاية؛ أريد االختصار لكن التفاصيل تنادينى أن ال أتركها. من سيحييها إن لم أذكرها لك هنا؟ لكنى لو قصصت علي$$ك ك$$ل م$$ا أري$$د فلن mمر

أقصe عليك ما أريد. علىe اإلسراع. الساعة اآلن تقترب من السابعة، وصوت الحركة على ظهر السفينة يتزايد. قلت لل$$واء المنيس$$ى إنى س$$أظلe بقم$$رتى معظم ال$$وقت ألنى

vه ثم أعود vل .مvتع[ب من البحر، سأذهب ألحضر قهوة وشيئا آك

mين لك$نى لم أس$تطع ت$بين هويتهم$ا بالض$بط؛ ربم$ا من منغولي$ا. ال يع$رف ه$ذان mي$انى ب$أدب ش$ديد. ليس$ا ص$يني ها أنا ذا. قابلت اثنين من البحارة اآلسيويين عن$د المطعم وحي

بان بعد أقل من أربع وعشرين ساعة إلى ما لم يكن فى حسبانهما، وبسببى أنا vسح[ .المسكينان أنهما لن يكمال رحلتهما بسببى، بل سي

vقل[ت عفاف من الرئاسة، ثم استقرت أمورى فى المكتب دون مغامرات، ولم أر[ عفاف ثانية إال بعد سنوات طويلة تغ$$يرت فيه$$ا حي$$اتى بالكام$$ل. أين كنت فى حكايتي؟ نعم، ن

فى هذا العام عاد صديقى عزالدين فكرى من كندا. كنت أترقب عودته من أجل استعادة حياتنا القديمة، وأخطط األوقات التى سنقضيها معا، ب$ل ج$$ال بخ$اطرى أن نقيم مع$ا

فى منزل واحد. استأذنت من عملى وذهبت لمقابلته فى المطار، ووجدته كما هو تقريبا، لكن أكثر أناقة. كان لقاؤنا حارا مليئا بعناقات وربتات على الكت$$ف وابتس$$امات تق$$ول

أكثر من الكلمات القليلة التى تتناثر بيننا. أخذته من المطار إلى مطعم فى الكوربة وتناولنا غداءنا معا. حدثنى عن مناقشة الدكتوراه وإطراء اللجنة التى ناقش$$ته على قيمته$$ا

وتوصيتهم له بنشرها، وعن أفكار كثيرة حول التعليم الجامعى فى مصر وضرورة تطويره بحيث يستفيد من التقدم الذى أحرزته جامعات العالم، وحول طريقة تع$يين وت$دريب

وترقية األساتذة والباحثين، وإدماج الطلبة فى عملية البحث مبكرا، وتمويل التعليم العالى من المجتمع ودعم استقالله، وضرورة بلورة علوم اجتماعية من منظور عربى بعي$$دا

Page 9: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

�ل العق$ل ويفتح ملك$ات النق$د ل$دى عن الهيمنة العلمية لمجتمعات الشمال، دون قطيعة أو عداء معها، وكيف أن بداية ذلك هى تدريس النظرية ألنها هى األس$اس ال$ذى يش$ك

[مe يجعلهم قادرين على خلق وإنتاج العلم ال نقله فقط. كنت أبتسم بينى وبين نفسي؛ أين يظنe نفس$ه؟ لم أص$ارحه ب$رأيى ه$ذا، واكتفيت به$ز ال$$رأس فى [مeومن ث الطلبة من ث

انتظار أن يكتشف بنفسه ما ينتظره؛ هل نسى جامعة القاهرة التى تخرج فيها؟

eب تركته ينهى ملخص أحالمه هذا ثم حدثته عن أفكارى حول السكن، فضحك من اقتراحى بأن نسكن معا، وحدثنى عن شقة استأجرها فى حى الزمال$$ك من أح$$د معارف$$ه. خي

ق. واس$$تطردنا فى الح$ديث: كن$$ا نتب$$ادل e$ولم أعل Vذلك أملي؛ لم يكتف| باستبعاد فكرتى بل سيقيم بعيدا أيضا. كيف ومتى س$$نلتقى بين مواعي$$د عملى وس$$كنه البعي$$د؟ س$$كت

الحديث عبر البريد اإللكترونى ويعرف كالنا كل شىء عن اآلخر وحياته، سوى عملى الذى لم أتحدث عنه أبدا فى الرسائل. حدثته عن المكتب وظروف$ه وإحب$اطى من الف$راغ

وغياب المضمون والمبادرة والفشل العامe والفوضى والمحسوبية وبقية قائمة شكوى الفالح الفصيح التى نعرفها جميعا، وهو يهز رأسه ويقترح مخارج وحلوال وإص$$الحات، وأن$$ا

أشرح له الصعوبات التى تواجه هذه األفكار. ثم حان وقت سفره المبدئى إلى المنصورة لرؤية خالته قبل انتقاله لإلقامة في القاهرة بصفة نهائية فى األس$$بوع الت$$الى. س$$ألته

.عن مشروعاته بالنسبة إلى العمل، فأجاب بثقة أنه سيجد عمال وال ريب؛ سيبحث فى الجامعات ومراكز البحث وال بد أنه سيجد شيئا يتفق ومؤهالته. وافترقنا على لقاء

لن يجد عزالدين عمال لسنوات، ال فى الجامعات وال فى أى مكان آخر. بدأ األمر بمشاركته فى ندوة قال فيها إن الجامعات المص$$رية تحت$$اج إلى إص$$الح ج$$ذرى وإنه$$ا بش$$كلها

الحالى عبارة عن خرابات. انقضe عليه الحاضرون من أعضاء هيئة التدريس فى بعض الجامعات المصرية الذين اعتبروا كالمه إهانة شخصية لهم ولمصر كلها. وانتشرت كلمته

هذه فى أوساط الجامعات حتى عvرف بها. ولم يساعده ذلك فى الحصول على وظيفة بأى من الخرابات التى انتقدها. لكن الحقيق$$ة أن ذل$$ك لم يكن الس$$بب الوحي$$د، فنظ$$ام

التعيين في الجامعة نفسه ال يسمح بدخول أحد من الخارج هكذا إال فى حاالت استثنائية جدا. كما اكتشف ص$$ديقى المتفائ$$ل أن رس$$الة ال$$دكتوراه ال$$تى حص$$ل عليه$$ا بامتي$$از

[مe ال يعرف المجلس األعلى للجامعات عنها ش$$يئا. ومن [مeومن ث ف بها فى مصر، ألن أحدا من قبله لم يتخرج فى هذه الجامعة فى هذا التخصص من ث وإطراء وتحيات غيرv معتر[

ثم بدأ رحلة طويلة وعبثية لمعادلة شهادته، تتضمن تقديم وصف لكل المواد التى درسها، وشروط االلتحاق بالجامعة وأش$$ياء أخ$$رى كث$$يرة حكاه$$ا لى وقته$$ا. ك$$ابوس مكتم$$ل

.األركان

استقر عزالدين فى شقته بالزمالك وهو يبحث عن عمل ويقوم بهذه المغامرات الصغيرة. وصار يأتى لتناول الغداء معى فى الخليفة المأمون فى معظم راح$$ات بع$$د الظه$$ر.

يخرج لمقابالت صباحية بحثا عن عمل أو حضورا لندوة أو مشاركة فى مشروع بحثى صغير التقطه من هنا أو هناك، ثم يمر علىe فى غ$الب األح$وال لتن$اول الغ$داء فى مقهى

.صغير استقررنا عليه بجوار مكتبى، ويعود إلى منزله بعدها حيث يقضى المساء فى البحث أو الكتابة

mين. وصرت أستطيع أن أحكى له ما يدور بالمكتب ومشاركته إحباط$$اتى يوم$$ا بي$$وم،1998 و1997استمر ذلك اإليقاع ط[وال ، وكانا من أفضل سنوات صداقتنا، كأننا عدنا صبي

وكذلك سماع رأيه واقتراحاته التى غالبا ما بدت وجيهة لكنها لم تنفعنى كثيرا فى ظروف العمل في الرئاسة. هذه الصداقة، هذه اللقاءات والمناقشات، كانت النقطة الوحيدة

المضيئة فى حياتى خالل هذين العامين. ففى العمل كان إحباطى يتزايد، وهو ما استغربته أنا شخصيا ألن اإلنسان يعتاد األشياء مع الوقت. لك$نى ش$عرت أن القلي$ل الموج$ود

من العزم أو التصميم أو الرؤية يتناقص، كأن اهتمام الموجودين بالعمل، بمن فيهم الرئيس نفسه، يتناقص. كأن الجميع استسلم: تركوا اآلالت المعطmلة حيث هى، وتل$$ك ال$$تى

بات ال يفيقون منه حتى وهم قيام. حادثت العميد القطان فى ذلك -بلهجة مخففة طبعا- فقال لى إن الظروف الدولية صعبة وال أح$$د ينتظ$$ر ح$$دوث vتعمل كما هى، وخلدوا لس

[مe فالجميع فى حالة انتظار. والوضع فى مصر؟ سألته، قال إن الظروف الدولية الصعبة تنعكس سلبا على الوضع شىء إيجابى أو نجاح أى مبادرة فى السنوات القادمة، ومن ث

[مe لن يحدث شيء أيضا فى الوضع الداخلى خالل السنوات القليلة القادمة، حتى تتغير األوضاع، “المهم أن نمرر هذه الفترة ”.الداخلى ومن ث

هناك أعوام تمر فى حياتك مثلما قال العميد القطان، دون أن يحدث فيها شىء سوى أن تمر. ليس هذا أمرا طبيعي$$ا، لكن$$ه معت$$اد. وحين أنظ$$ر اآلن إلى ه$$ذه األع$$وام أش$$عر

بالندم ألنى تركتها تمر هكذا، تضيع. الحقيقة أنى كلما فكرت فى حياتى السابقة أفاجأ بأنى ال أندم على شىء فعلته بقدر ما أندم دوم$ا على أش$ياء لم أفعله$ا، فت$ذكر ذل$ك ي$ا

.يحيى

ر ف$$ور ب$$دأ e$$غي] خالل هذين العامين تدهورت أحوال أبى بسرعة لم أستوعبها أنا نفسى. لم أفهم كيف يمكن للتقاعد أن يهدم رجال بهذا الشكل وفى هذا الوقت القصير. مزاجه ت

التقاعد. صار عصبيا نافد الصبر يثور ألتفه األسباب، خصوصا على أمى، ثم يعود ويعتذر، ثم صار يخجل من كثرة ثوراته واعتذاراته فانسحب وقلل من احتكاك$$ه ب$$الجميع. ح$$تى

هيئته تغيرت، وأكتافه العريضة وقوامه الممشوق تهدلت. حاول بدء مشروع سياحى لكنه لم يستطع التعامل مع ما سمmاه فوض$$ى القط$$اع الم$$دنى فتوق$$ف بع$$د ع$$دة ب$$دايات

Vر وهمe مvقيم. أظنها كانت غاضبة على أبى، ال لشىء فعله تحديدا وإنما النطفائ$$ه، ه$$و ال$$ذى فاشلة. ثم انطفأ أبى تماما، ومع انطفائه ذهبت البهجة من المنزل، وسكن أمى توت

كان مصدر النور والقوة فى حياتها. كأنها شعرت فجأة بأنها وحدها بال سند، بل ومسؤولة عن هذا الذى لم يعد رجلها مثلما كان. ولم يكن هناك أثقل من الص$$مت الس$$ائد على

.العشاء، وصوت ارتطام المالعق الذى يرن فى صمت العائلة المتوتر يذكرنى كل دقيقة بما آل إليه أمرنا

زواج أختى صفية تطور فى طريقه الطبيعى، فصارت أما الثنين وزوجة لض$ابط م$دفعى ثقي$ل الظ$ل، وب$دين أيض$ا. تقلص األدب ال$ذى ك$ان يس$تعيره فى معاملته$ا وظه$رت

الخشونة الكامنة تحته، وباءت محاوالت أختى بالفرار من تقليدية ورتابة هذه الحياة بالفشل. لم يمنعه لطفه وحسن أخالقه المزعومان من تقري$ع ص$فية أم$امى وأم$ام أمى -

وإن التزم ببقايا األدب فى حضور أبى- كلما حاولت طرق باب غير تقليدى فى حياتهما. كل ما يريده منها هو أن تتركه فى حاله، وأن تقبل بدور وواجبات الزوج$$ة واألم، وته$$دأ

وتكفe عن االقتراحات. وتمسك غصة بتالبيب معدتى كلما رأيتهما معا. أما عمر الفارe فق$$د واص$$ل ف$$راره فى إيطالي$$ا وحص$$ل على الجنس$$ية بع$$د زواج$$ه بخديج$$ة ذات األص$$ل

الفلسطينى وأنجبا ثالثة أطفال. أتى لزيارتنا بفرقته الكاملة وأشاع جوا من البهجة المؤقتة فى البيت الصامت المظلم، ثم رحل فجأة مثلما أتى لنشعر نحن من جدي$$د بص$$مت

.وظالم حياتنا العائلية التى كنا قد اعتدناها حتى أتى وكدرها ببهجته

كانت أمى قد حزمت أمرها: الحل الوحيد لنا جميعا أن أتزوج. هكذا أعلنت، متسائلة فى غضب حقيقى عما أنتظ$ره. ولم$ا ص$متV ظلت تط$اردنى، ولم$ا زاد1998وفى نهاية

[ت ذلك بهجوم متواصل على عدم تحمVلى المس$$ؤولية واس$$تمرائى ت فىe سائلة ألول مرة إن كنت أعاقبهم بسبب تلك الفتاة الصينية التى تركتها فى بكين. وأعقب صمتى انفجر[

هم عاطفي$ا”. وأق$ول ل$ك ه$ذا ك$أب، اآلن، س$واء عش$ت أم ال، ال تترك$نى أو أم$ك - Vشع|ر أبناءك بالذنب وتب$تزv حياة[ من األنانية والطفولية وعدم النضج وبقية مجموعة “كيف ت

.وبالذات أمك- نبتزك عاطفيا أبدا. مهما قال األبوان -بالذات األمهات- فإنهم عادة ما يبتزون أبناءهم، فال تستسلم لهذه اللعبة فهى قاتلة. ال تستسلم مثلما استسلمت أنا

.، تزوجت ندا القطان، العروس المvع[دmة لى سلفا1999وهكذا، فى يناير

ع.ش.فشير

---------------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الثانية عشر

يمكنك أن تجد كل شىء وأى شىء هنا: إجراءات أمنية.. قرارات تتعلق بRRالحرب والسRRالم.. صRRحة وتعليم وميزانيRRة وتعيينRRات… كRRل مRRايخطر ببالك كأنك واقف فى وسط صورة مجمoدة لعقل حكم مصر

، أن تع$رف التفاص$يل منه$ا، إن لم يمنعه$ا غض$بها علىe من ذكره$ا ل$ك. Vأريد أن أحد�ثك عن زواجى بأمك: الفرح، والبيت، وشهرنا األول، لكن الوقت يداهمنى. يمكنك، إن م|ت

mب ه$ذه الش$كليات ال$تى س$تخنقك دون أن تالح$ظ. س$يقولون ل$ك »ليل$ة [جن [زوmج كم$ا ش$ئت، لكن ت هناك شىء واحد أقوله لك، كأب، وهو أن ال تدخل فى عش الدبابير هذا؛ ت

وتعدى«، »مظاهر إلرضاء ماما أو بابا«، »الناس ستأكل وجهنا«. دعهم يأكلوه، وفرe بنفسك مع من تحب، على طريقتك أنت، ألنك إن دخلت من هذا الباب فلن تخ$$رج س$$الما.

.خذها منى كلمة

[مة؛ كان بعضها سعيدا، وبعضها صعبا، وكثير منها تمريرا لأليام، mبة ومvحك [م، عشنا فيه حياة مرت mب ومvحك [م، الذى قادنا إلى بيت مرت دخلت أنا وأمك من هذا الباب المرتب والمvحك

Vره. كنت فى التاسعة والعشرين وأمك أصغر منى بأربع سنوات، جميلة، أنيقة، ذات خلق رفيع وشخصية قوية، وتقد�س البيت والعائلة، زوج$ة مثالي$ة كم$ا كثير منها ال يمكن تذك

mب$ة وش$ديدة اإلحك$ام. ك$انت هك$ذا وهى فى قالت أمى المغرمة بها. أمك التى تعرفها هى المرأة التى أعرفها، هى السيدة التى يعرفها الجمي$ع؛ ظاهره$ا كباطنه$ا. س$يدة مرت

الخامسة والعشرين، وظلت هكذا حتى رأيتها آخر مرة من أسبوع. ال أدرى كيف أصف لك مشاعرى إزاءها بدقة: أحبها طبعا، وأحترمه$ا، وأش$$عر بالعرف$ان لك$$ل م$$ا فعلت$$ه لى

mف$ة بزج$اج رقي$ق؛ أش$عر أنى إن قمت بحرك$ة غ$ير متوقع$ة، ولك ولحياتنا. لكن، ظل هناك دوما شىء زجاجى فى عالقتنا: نتح$دث ونأك$ل ونن$ام ونس$افر بحس$اب. كأنه$ا مغل

�قة بعض الشىء فى األجناب، ولو تحركنا فجأة لتمزقت وأصبح ش$$كلنا مvحر|ج$$ا بين الن$$اس. ح$$اولت سأشرخه أو أكسره، أو كأننا فى حفلة مستمرة، نرتدى مالبس رسمية، ضي

.كثيرا التسلل خلف هذا الزجاج، خلف المالبس الرسمية، لكنى كلما نزعت طبقة وجدت أخرى تحتها، حتى توقفت عن المحاولة

ال تنزعج مما أقول. ندا هى أمك، رابطة أخرى بيننا ال يمكن فصمها. وحبك لها جزء منك، ال يمكنك تغييره حتى لو حاولت. وحياتنا الزجاجية الب$$اردة هى واح$$د وعش$$رون عام$$ا

|م[ س$ارت األم$ور فى الطري$ق ال$ذى س$ارت في$ه. من حياتنا جميعا، ال يمكننا تغييره حتى لو حاولنا. ال تنزعج، فأنا أقول ذلك ألشرح ما سيأتى، كى تفهم أو على األق$ل تتفهم ل

.وأيضا لتعرف أن البرودة الزجاجية التى كبرت[ أنت فيها ليست سمة الحياة الزوجية بالضرورة، فهناك طرق أخرى، أؤكد لك هذا

اصبر علىe وسأقصe عليك كل شىء. نعم هناك طائرات ستهبط علينا، وهناك موت ينتظرنا، لكن هكذا الحال دائما، ولو سمحتv للموت الذى ي$داهمنى بمنعى من الح$ديث إلى

ابنى النتصر الموت، وهذا ما لن يحدث. أنا جالس فى قمرتى، هادئا مثلما قلت لك فى بداية رسالتى، وأمامى كوب من القهوة، وأرتدى روبا أزرق اللون، كأن شيئا لن يح$$دث

.بعد ثمانى عشرة ساعة. كل شىء هادئ من حولى، وسأظل هادئا. يجب أن أظل هادئا

مر العام األول لزواجنا سلسا، ورتبت ندا كل شىء فى حياتى. حتى عندما حمل[ت فيك، اس$تمرت فى العناي$ة بى وب$البيت ك$أن ش$يئا لم يتغ$ير. لم أر[ عليه$ا عالم$ة اض$طراب

واحدة، وال أى شىء مما تذكره الكتب واألفالم عن اضطراب الهرمونات وجنون النساء الحوامل. حتى بطنها لم يكبر كثيرا، وظلm متناسب الحجم مع قدها الصغير المتناس$$ق.

ها يوما إال وهى فى زينتها، مصفmفة الشعر صبيحة الوجه، بابتسامة صغيرة ونظرة نصف متسائلة نصف متفهم$$ة. وظلت هك$$ذا ح$$تى وض$$عتك فى الث$$امن من ف$$براير من لم أر[

vعث من جديد كأنه اس$$تيقظ من غيبوب$$ة، العام التالى لزواجنا، أى بعد بداية القرن الجديد بشهر، وكانت سعادتنا جميعا بك ال توصف، وعادت مالمح البهجة حتى إلى أبى الذى ب

.وصار يقضى معظم نهاره معك أو حولك. وعوض هذا عن غيابى فى المكتب معظم اليوم

ن وضعى فى العمل بشكل ملحوظ؛ صرت المترجم األثير للرئيس، وكاتب محاض$ر معظم الجلس$ات والمس$ؤول عن حفظه$ا. وب$دؤوا mحس] وكان وجهك حلوا علىe أنا أيضا، إذ ت

يستعينون بى لتدوين محاضر جلسات واجتماعات تتعلق بالشأن الداخلى أيضا، مم$ا فتح أم$$امى عالم$ا كنت أجهل$ه تمام$$ا. ثم عه$د إلىe س$$كرتير ال$$رئيس للمعلوم$$ات بمهم$ة

mرت$$نى. حين دخلت األرش$$يف أول م$$رة ه$$النى الغب$$ار والفوض$$ى وك$$ل مساعدته فى إعادة تنظيم األرشيف، ويا لها من مهمmة! يمكننى القول دون مبالغة إن هذه المهمة قد غي

Page 10: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

األشياء التى تراها فى األفالم مرتبطة بغرف األرشيف: ملفات من الورق المقوmى متراصmة، ال تعرف أولها من آخرها وال ما إذا كانت س$$تتفتت فى ي$$دك ل$$و أمس$$كتها أو يخ$$رج

ل هذه الملفات بالتدريج على الكمبيوتر، فضحك واستبعد الفكرة تماما باعتبارها حماقة. وكانت وجهة نظره أن تحويله$$ا إلى vدخ| منها ثعبان يلدغك. اقترحت على السكرتير أن ن

mن علينا إعادة تنظيمها يدويا، كما هى، والعثور على ط$$رق للحف$$اظ عليه$$ا وتبويبه$$ا وتس$$هيل الوص$$ول إليه$$ا عن$$د [عي ملفات ضوئية أو رقمية يسه�ل اختراقها وتسريبها، ومن ثم ت

الحاجة مع بقائها فى صورتها الورقية دون نسخ أو تصوير: نس$خة واح$دة فق$ط، وتظ$لe هن$ا. س$ألته عن احتم$ال الحري$ق فض$حك وطم$أننى أن ال حرائ$ق تح$دث فى القص$ر

.الرئاسى

ومن ثم ألقيت بنفسى داخل الملفات كى أبدأ عملية إعادة التنظيم هذه، فوجدت وسط التراب والملفات كنزا، بالمعنى الح$رفى للكلم$ة. آالف األوراق ال$تى تح$وى م$ذكرات

�ى الرئيس وتعليماته بشأن كل منها. يمكنك أن تجد كل شىء وأى شىء هنا: إجراءات أمنية، قرارات تتعل$$ق ب$$الحرب من كل جهات الدولة »للعرض على السيد الرئيس«، ورأ

والسالم، صحة وتعليم وميزانية وتعيينات… كل ما يخطر ببالك. كأنك واقف فى وسط صورة مجمmدة لعقل حكم مصر؛ كلما تحركت تلمس جزءا منه. قضيت ش$هورا أق$رأ فى

.هذه الملفات، وكلما قرأت أكثر فهمت أكثر، حتى امتألت. وبدأت أشعر أنى ال أريد معرفة المزيد، وزاد ميلى إلى الصمت

. ال لشىء إال أن قدرتى على شرح خلفيات األم$ور ال$تى أعرفه$ا eحتى مع عزالدين، الذى وجد عمال أخيرا، مدرسا بالجامعة األمريكية. بدأ حديثى معه عن األمور السياسية يقل

تقلصت مع تعمVق معرفتى بهذه الخلفيات. هل تفهم ما أعنيه؟ كلما عرفت تفاصيل األمور ودواخلها، صعب عليك شرحها لمن ال يعرفها. عزالدين أستاذ فى العلوم السياس$$ية،

�ر ويتحدث كأنه يضع رسوما هندسية لمبنى. أما أنا فأعيش داخل المبنى، بكل تفاصيله ومشكالته وأقبيته وفئرانه والرطوب$$ة الناش$$عة وتفكيره شديد التنظيم وحديثه واضح. يفك

|م[ توجد قطع األثاث فى األماكن التى توجد فيها، ومن أين أتت ومن يحرص على مكانها ومن vستخدم غرف المبنى ول على جدرانه والفطر والجير المتساقط منه. أعرف كيف ت

يتربص بها ويريد نقلها أو االستيالء عليها. المهندس، برسومه الواضحة، ال يرى شيئا مما أراه. وكلما ازدادت معرفتى به$ذه التفاص$يل ب$دا لى حديث$ه الفك$رى األني$ق بعي$دا عن

واقعى، وتصعب علىe مهمة الشرح، فأصمت. لكن صداقتنا لم تتأثر بهذا الصمت، بل على العكس، أظن أن عزالدين قد طوmر ملكة الكالم عنده وأصبح يس$تمتع بص$متى. ربم$ا

فنى إلى خطيبته »أسماء«، التى كانت تحض�ر درجة الماجستير فى األدب المقارن بنفس الجامع$$ة، eلهذا عالقة بكونه محاضرا ظل محروما من المحاضرات لسنوات. وحين عر

.الحظت أنها هى األخرى ص[موت

ف إليه فى أحد المؤتمرات التى eعر] ومع تزايد ميلى إلى الصمت زاد ميلى إلى االنسحاب من المجتمعات، فى حين بدأت عالقات عزالدين تتسع، حتى إنه قابل محمود بشير وت

Vبا للمش$$كالت، خصوص$$ا بع$$د ينظ�مها مركز أبحاث تابع لمؤسسة إعالمية صغيرة يعمل بها محمود منذ طرده من الرئاسة. لم أقابل محمود أو أتحدث معه مرة واحدة منذئذ تجن

ما حدث لعفاف عاملة التليفونات. أدركت أن لحركتى واتصاالتى عواقب وقررت أن أستغنى عما هو غير ض$رورى منه$ا. لك$$نى احتفظت ناحيت$$ه ب$وvد� ق$ديم وببعض التع$اطف،

وسعدت بمعرفته بعزالدين التى أعادت بعض هذا الود ولو بطريق غير مباشر. وذات يوم جاء عزالدين يضحك، وقال لى إنه شاهد محمود مع سالى القصبجى! اس$تغرق األم$ر

عدة أيام كى أصدeق، حين عاد عزالدين إلىe بالقصة كاملة وكيف أن محمود ظل تائها هائما فى حياته حتى استأنفا عالقتهما. ظللت أسأل نفسى: كيف فعل هذا بنفسه؟ كي$$ف

[فهmم الضعف اإلنسانى، لكن إلى هذه الدرجة؟ !سمح لنفسه أن ينقاد خلف مشاعره إلى هذه الدرجة؟ أت

لم يمهلنى القدر كثيرا من الوقت للتفكير فى عالقة محمود بسالى، ففى اليوم التالى توvف�ى أبى. هكذا دون مقدمات. ذهب للنوم فى الحادية عش$رة مس$اء مثلم$ا يفع$ل ك$ل

|صبحى على خير«، ونام، ثم لم يستيقظ. مات ضابط المخابرات العسكرية فى فراشه، بهدوء تامe ودون ضجة .ليلة؛ قال ألمى »ت

حين يموت أبوك، مثلما قد يكون حالك اآلن وأنت تقرأ هذه الرسالة، ستعرف الشعور الذى انتابنى ساعتها. حزن عميق ال يخف$$ف من$$ه ع$$زاء، ب$$ل ورغب$$ة فى الغ$$رق فى ه$$ذا

الحزن. جاء عمر من إيطاليا، مع خديجة واألبناء ومكثوا أسبوعا. فاجأتنى جدتك بصالبتها فى األيام التالية للوفاة، وتركيزها على إتمام األم$$ور العملي$$ة بش$$كل حس$$ن واالعتن$$اء

ين بدأت رحلة ذبول لن تتوقف. أما أنا فقد أصابنى حزنى أعمق بكثير مما توقعت، وهب$$ط علىe ص$$مت لم أقطع$$ه بزوجة ابنها وأحفادها. لكن بمجرد رحيلهم ونهاية جلبة المعز�

إال اضطرارا. حمدت الله على وجود ندا وعزالدين، بل وخطيبته أس$ماء، فى حي$اتى خالل تل$ك األي$ام، وعلى حكمتهم وحبهم ال$ذى أح$اطونى ب$ه. لم يح$اول أى منهم تعزي$تى

�ى على التقليل من حزنى. وحين قررت االستماع إلى القرآن طوال اليوم فى البيت والسيارة لمدة أربعين يوم$$ا دون توق$$ف ش$$اركونى االس$$تماع فى بالكلمات المعتادة أو حث

هدوء. ورغم حداثة معرفتى بأسماء فإنها شاركت بإخالص فى عملية مرافقتى فى أثناء فترة حدادى على أبى. وساعد على ذلك صداقة ندا السريعة مع$$ا رغم اختالفهم$$ا. ن$$دا

[مة هذه المرأة .تعرف أهمية عزالدين فى حياتى، ومن ثم قررت مصادقة خطيبته فور ظهورها. مvحك

كان عاما غريبا، كأنه يقلب صفحة القرن الجديد، فمن انتخاب جورج بوش فى أمريكا إلى انتفاضة فلسطين، ومن والدتك إلى موت أبى، بدأ العالم الذى أعرفه يتوارى ويظهر

عالم جديد. موت أبى فى نهاية العام أكثر ما مسmنى، ولم أفهم مصدر حزنى العميق إال بعدها بسنوات: لم يكن هذا حزنا على فقد األب فحسب، بل على الزمن ال$$ذى يمض$$ى

بال رجعة وال يقفه شىء أو أحد، حتى أقوى الناس فى نظرى. حين مات أبى شعرت أنى كبرت: انتقلت بين عشية وضحاها من طابق الص$$غار إلى ط$$ابق الكب$$ار. ص$$عدت إلى

.الطابق األعلى الذى ليس فوقه طوابق أخرى، والذى ال يمكن النزول منه ثانية، مهما فعلت

ع.ش.فشير

--------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الثالثة عشر

ه.. فعندما تبدأ فى السير على هRذا الRدرب تفقRد األصRدقاء واألهRل bكان أكبر أسباب انغماسى فى العمل هو انغماسى فى العمل نفس سريعا.. وتتقلص حياتك االجتماعية حتى ال تعود تعرف ماذا تفعل بالوقت إن وجدت نفسك فى إجازة

هل بدأت تشعر بالملل من رسالتى؟

!فما بالك لو كانت هذه هى حياتك؟

وألكثر من عشر سنوات لم يحدث شىء تقريبا فى حياتى. كل هذه السنوات راحت، كما قال اللواء القط$ان -ه$ل قلت ل$ك إن$ه ص$ار ل$واءl؟- فى2000منذ مولدك، فى عام

د يلي$ق بى اللعب v$فى عملى أكثر، ربما لتفادى التفكير فى ما ال أريد التفكير فيه، وربم$ا لش$عورى أنى ص$رت »كب$يرا« ولم يع vعملية »تمرير الوقت«. بعد وفاة أبى انغمست

[مe زيادة إدراكى لع$$دم إمكاني$$ة تغي$$ير والحلم بحياة أخرى. كذلك زاد انغماسى فى العمل بسبب زيادة فهمى لما يدور من حولى، سواء فى الرئاسة أو فى مصر عموما، ومن ث

ه، فعندما تبدأ فى السير على هذا ال$$درب تفق$$د األص$$دقاء vلعدم فائدة الكالم. ولكن ربما كان أكبر أسباب انغماسى فى العمل هو انغماسى فى العمل نفس eم] أى شىء، ومن ث

واألهل سريعا، وتتقلص حياتك االجتماعية حتى ال تعود تعرف ماذا تفعل بالوقت إن وجدت نفسك فى إجازة. تظلV تحوم فى بيتك، ثم تبدأ فى مشاهدة األخبار، أو ترفع سماعة

.التليفون وتتصل بالمكتب لتتأكد من أن أمرا ما تمت معالجته. وحين تفعل ذلك تدرك أنك قد انغمست فى العمل بالكامل ولم يعد لك حياة خارجه

العمل فى القصر الرئاسى يشجeع على ذلك، بسبب األبه$ة واإلحس$اس ب$الخطورة ال$ذى يتمل$ك الع$املين ب$ه، ح$تى ل$و لم يكن هن$اك ش$ىء مهم يفعلون$ه فى الواق$ع. األبه$ة

رض على ال$$رئيس فى موع$ده. وال يمكن$$ك ت$أخير إع$داد ه$ذه v$نانك من التظاهر أمام نفسك بأهمية ما تفعله؛ ال يمكنك تأخير هذا التقرير وإال لم$ا عe واإلحساس بالخطورة يمك

المذكرة وإال لما قرأها الرئيس قبل مقابلته مع ذلك الضيف اآلتى من آخر الدنيا ليراه لمدة نصف ساعة. وال يمكنك التأخVر فى الرد على الرئيس حين يطلب معلوم$$ة م$$ا، وإال

انهارت الدنيا. كل شىء هامe وخطير وفورى، حتى لو لم يكن أى من هذا يقود ألى شىء. الخطورة واألهمية ال تحتاج إلى سند من الواقع؛ يكفى أن تؤمن بها أنت ومن حول$$ك.

.وكلما انغمست فى العمل وتقلصت حياتك خارجه أصبح من مصلحتك أن تؤمن بأهمية هذا العمل

كما يساعد النظام الحديدى والصرامة كثيرا على خلق هذا اإليمان باألهمية. لكنى، رغم رغبتى الشديدة فى المحافظة على إيمانى، بدأت أالحظ تراخى الصرامة وتفككه$$ا م$$ع

، وحلول درجة من االسترخاء تزايدت بسرعة بعد ذلك مع تعدد مراكز اتخاذ القرار فى القصر. قابلنا ذلك، نحن الع$$املين، باالمتع$$اض. فال ناق$$ة لن$$ا2005الوقت، خصوصا منذ

eالن العمود الفقرى ألهميتنا. إذا توقف الرئيس عن قراءة المذكرات ال$$تى وال جمل فى انتصار هذا الطرف أو ذاك. جvلe ما نريده هو احترام النظام وعودة الصرامة، ألنهما يشك

نعرضها عليه، أو قرأها ولم يتخذ قرارا بل جاء القرار من شخص آخر لم يقرأها، فما قيمة هذه المذكرات؟ وإن كانت المذكرات بال قيمة، فما قيمة عمل م[ن كتبوه$$ا وش$$اركوا

فى صياغتها أو ترجموها أو وضعوها فى ملف ووضعوها بكل احترام وتبجيل على مكتب الرئيس؟ ال شىء. وإن فقد عملنا أهميته، فما قيمتنا نحن أنفسنا إن كان كل ما نفعل$$ه

vلغ[ى دون mر وت vغي [دخmل شخص آخر فى تحديد مواعيده أو أصبحت مواعيده ت فى حياتنا هو هذا العمل؟ إن كان كل ما تفعله فى حياتك هو ترتيب مواعيد الرئيس، فما فائدتك إن ت

سابق إنذار؟ نحن، الموظفين، كبارا وصغارا، نعتمد على احترام النظام، ال من أجل لقمة عيشنا فق$ط، ب$ل كى يك$ون لحياتن$ا ولن$ا قيم$ة كبش$ر. له$ذا كن$ا نس$تاء من تس$رVب

الفوضى، ومن تعدVد مراكز القرار فى القصر، ومن التدخالت اآلتية من خارجه، ومن التردد فى اتخاذ القرار أو تقلص االهتمام، ومن الجمود والفشل الذى بات واضحا للجميع.

صار هذا الجمود حياتنا، وانطبع الفشل علينا جميعا؛ نقضى أيامنا فى محاولة دفع عجلة ال تدور، وينتهى بنا األمر جميعا إلى أن نجرى فى مكاننا، مث$$ل العجالت الرياض$$ية ال$$تى

انتشرت فى ذات الوقت فى مصر. لكن ما العمل؟

ر علىe مخاوفه من المستقبل القريب؛ »نحن نجرى بسرعة نحو حائط أو هvوeة«. ال أدرى كم مرة سمعت منه ه$$ذه الجمل$$ة خالل تل$$ك الس$$نوات، وكم mكلما التقيت عزالدين كر

مرة قرأتها فى مقال له أو كتاب، هو الذى صار نجما المعا منذ قابل جورج بوش فى نيويورك وانتقده علنا الزدواجية إدارته فى التعامل مع قضايا الحريات، والنتهاكه$ا الص$ارخ

لحقوق اإلنسان فى العراق ودعمها النتهاكات إسرائيل فى فلسطين. ثم عاد إلى القاهرة فى اليوم التالى وانتقد النظام المصرى النتهاكه للحريات وحقوق اإلنس$$ان. وبع$$د أن

كانت الصحف المصرية قد قدmمته كبطل قومى، لم تعد تعرف كيف تهاجمه فى اليوم التالى )لكنها طبعا هاجمته بع$$د أس$$بوع(. المهم، كلم$$ا ق$$ال لى ذل$$ك ه$$ززت كتفى يأس$$ا

vغد|ق علىe من أفكاره غيضا من فيض. وأكرر ما قلته له فى لقائنا الذى س$بقه، من أن ذل$ك كل$ه كالم معق$ول وموض$وعى، لكن$ه لن يتم. وقلت له إنى ال أرى حال للمشكلة، في

لماذا؟ ألن كل طرف له سمات وتفكير وطريقة وعقلية، ولن يتغير باإلقناع، بل فى أغلب الظن لن يتغير إطالقا. كل خطط عزال$دين ك$انت جي$دة، ول$و أخ$ذنا أي$ا منه$ا ألمكن

.إصالح األحوال، لكن كان من المستحيل األخذ بأى� منها. هذا هو األمر ببساطة

ضنى، أنا المترجم الجالس عند أذن ال$رئيس، أن أحيانا كان عزالدين يتهمنى -باألصالة عن نفسه ونقال عن محمود بشير الذى توثقت عالقته به- بأنى أفتقر إلى الشجاعة. ويحر�

أطرح عليه رؤى مختلفة، وأن أقنعه. وأنا أبتسم من تفاؤله. ال يعلم أنى إن قلت شيئا خارج السياق فلن يس$$معنى أح$$د، ال ال$$رئيس وال غ$$يره. ال يفهم عزال$$دين األك$$اديمى وال

vخدمت كلم$$ة أخ$$رى، أو ت من قبل. إن است mق|رv ثة وأ vستخدم فى القصر الرئاسى، بكلمات محدودة العدد، وأفكار وقوالب محدودة العدد ومتوار[ محمود الفوضوى أن لغة خاصة ت

فكرة أخرى، أو قال[ب آخر، فلن يسمعك أو يفهمك أحد. س$تتعلق نظ$رتهم إلي$ك فى اله$واء، مث$ل شاش$ة كم$بيوتر ال تس$تجيب لض$غطاتك، وبع$د وقت، يتج$اهلون م$ا قلت[ أو

mفوك مع األغيار، ه$$ؤالء ال$$ذين ال يفهم$$ون واقعن$$ا وظروفن$$ا، أو يستبعدونه باعتباره مزحة أو فكرة خرقاء ويواصلون ما كانوا بصدده. ولو كررت استخدام تلك اللغة الغريبة لصن

vذvن ال$$رئيس، ويمي$$ل علىe ليتأك$د من أن$ه س$$معنى جي$$دا، يعطي$$نى ه$ذه المvغر|ضين والسائرين فى ركابهم ممن يتحدثون اللغات األجنبية. أجلس إذن فى مقعدى الق$$ريب من أ

Page 11: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

اللحظة من تركيزه، ألنه متأكد أنى أتحدث اللغة التى يفهمها ويثق بها. أما إن تحدثت بلغة أخرى، فلست مترجمه الذى يعرفه. هذا ما لم يفهمه ص$$ديقى األك$$اديمى، برس$$ومه

.الهندسية الباهرة وعديمة القيمة، وطبعا ما لم يفهمه صديقه الفوضوى، الذى ال يكاد يفيق من البيرة الرخيصة على مقهاه بوسط البلد

�ى ال أريدك أن تعتقد أن حياتى كانت كلها معاناة، ال، لم يكن األمر كذلك. فقد استمتعت كثيرا، وشعرت بأهمية العمل الذى أقوم به حتى مع إحباطى وش$كوكى وتس$اؤالتى لكن

vغل[ق األبواب وتظل أنت وحدك معهما وال تش$$عر بأهميت$$ك وأهمي$$ة التى ال تنقطع. فال يمكنك الجلوس بين رئيسين وأضواء الكاميرات مسلmطة عليكم ثم ينسحب الناس كلهم وت

ما تفعل. حتى لو أضاعا اللقاء كله فى العبث وتبادل التفاهات، مثلما كان الحال معظم الوقت. لكنك هناك، فى بؤرة االهتمام، واآلخ$$رون فى الخ$$ارج يتس$$اءلون عن األس$$رار

ق m$ة، ثم تص$عد إلى بيت$ك المنم m$ة خاص m$اب أو الج$ار تحيmره[قا، وتهبط من سيارة الرئاسة أم$ام الب$اب فيحيي$ك الب$وvلع أنت عليها. وحين تعود إلى بيتك فى آخر الليل، مmالتى تط

.فتقابلك زوجتك بحنان وتقول لك إنها لمحتك مع الرئيس فى نشرة التاسعة، ال يمكنك إال أن تشعر بأهميتك وأهمية ما تفعله

Vك الصرامة فى الرئاسة كان له فوائد، أهمها أننا صرنا نقضى الصيف كله فى الساحل الشمالى حيث ينتقل العمل إلى برج العرب، ومعظم الشتاء فى شرم الشيخ لنفس [ف[ك ت

السبب. وكان ذلك مفيدا لنا جميعا خصوصا ألمى التى تدهورت صحتها بش$دة وانتقلت للحي$اة معن$ا بس$بب احتياجه$ا إلى رعاي$ة دائم$ة. ولم تع$د ق$ادرة على المش$ى وأص$بح

إلى الخ$ارج م$ع ال$رئيس، وهى دائم$ا فرص$ة طيب$ة لرؤي$ة الع$الم وش$راء اله$دايا الجلوس أمام البحر متعتها الوحيدة الباقية تقريبا. وبين شرم والساحل، صرت أسافر كث$يرا

والمالبس ألمك األنيقة، ولك أيضا. واعذرنى أن تباهيت عليك بذلك، لكنك لم ترتد| شيئا واحدا من مصر خالل ه$ذه الس$نوات العش$ر، ح$$تى أح$$ذيتك الص$$غيرة ال$$تى ذابت على

رمال شرم الشيخ والساحل الشمالى أتت كلها من أوروبا وأمريكا. كما عوmض صعودى الوظيفى أمى بعض الشىء عن الذى فقدته، وص$ارت تع$املنى باعتب$$ارى رجله$ا وابنه$ا

mر من معاملته لى وخصmنى باالحترام الذى كان يسبغه على أبى، مما أسعد صفية وقوmى من مركزها األكبر والمسؤول الرئيسى عن العائلة. حتى إبراهيم، زوج أختى السمج، غي

أمامه، وزاد ارتباطها بى وزادنى ذلك سعادة. كما ترى، دائما ما تأتى األمور مختلطة: اإلحباط والتحقق، الشكوك واإليمان، البرودة والسعادة، وال يمكنك الفصل بينهم واختي$$ار

جانب واحد. ال يحدث هذا إال فى قصص األطفال. صحيح أنه لم يحدث شىء تقريبا خالل هذه السنوات العشر، وأظنها ضاعت هباء فى معظمها، لكنها لم تكن خالية تمام$$ا من

.السعادة والتحقVق

تنا حين وقع ما وقع. كان عيد الشرطة يوم ثالثاء. فأخذت إجازة ي$$ومى األربع$$اء والخميس واتفقت م$$ع ن$$دا على vوغ| mر كل شىء فجأة. رغم أننا كلنا رأينا اإلشارات، فقد ب [غي ثم ت

اصطحاب أمى إلى العين السخنة لقضاء عدة أيام على شاطئ البحر، كى ترى أمى المريضة البحر ربما للمرة األخيرة. لكنها س$$بقتنا، وأس$$لمت ال$$روح وهى نائم$$ة مث$$ل أبى،

.قبل بدء اإلجازة بيوم واحد

ر علىe مخاوفه من المستقبل القريب.. »نحن نجرى بسرعة نحو حائط أو هvوeة mكلما التقيت عزالدين كر»

ع.ش.فشير

------------------------------- رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الرابعة عشر

mت المظاهرات وتخفت.. وإما تتحد نيرانها المشتعلة فى ميادين وساحات متفرقة فى أرجاء مصر فى ن$$ار واح$$دة كب$$يرة كان الجميع يدرك أن الجمعة هو يوم فاصل.. فإما تتفت

وتتحول من حركات احتجاجية إلى ثورة شعبية

رادق مس$ائى كم$ا ج$رت الع$ادة. ال هى وال أن$ا نحب25فى صبيحة v$يناير كنا مشغولين بإجراءات الدفن. اتفقت وصفية على تلق�ى العزاء بعد الدفن مباشرة وع$دم إقام$ة س

المظاهر، ولم يكن حزننا العميق الهادئ يحتمل إزعاج الساعين لتأدية الواجب. من أحب أمى سيأتى للصالة عليها ويصاحبها حتى مثواها األخير؛ نقوم بدفنها معا، ثم يع$$ود ك$$ل

منا ليحزن بطريقته. حاول عمر إقناعنا بتأجيل الدفن يومين حتى يتمكن من الحضور من إيطاليا، لكننا امتعضنا لمجرد التفكير فى ذلك، وطلبنا من$$ه البق$$اء حيث ه$$و. ه$$ذا ه$$و

ثمن الغربة: أن تموت أمك وأنت عنها بعيد، ال تشهد ضعفها وهزالها، ال تكون لها أبا حين تعود هى إلى طور الطفولة، وال تس$تطيع ح$تى المش$اركة فى دفنه$ا. الل$واء القط$ان

اعترض على قرارنا من باب الوجاهة االجتماعية واألصول، وقال إنه حجز بالفعل القاعة الكبرى فى مسجد عمر مكرم، لكنى أنا وصفية تمس$$كنا بموقفن$$ا فرض$$خ فى النهاي$$ة.

كنا قبل الظهر، صفية وزوجها وأنا وأمك ولفيف من األصدقاء واألقارب حتى مسجد أبي بكر الصديق بمصر الجديدة حيث صلينا الظهر وصالة الجنازة، وك$$ان حش$$د mحر] وهكذا، ت

ا، ثم ذهبنا إلى المقابر الجديدة فى طريق السويس lالناس كبير.

mة الحياة، وهذا األمر ال يحدث لك وحدك بل لك$$ل الن$$اس، ن vر أن هذه سm [ذك [حسvنv تركها حتى تأتينا بنفسها. لكن ت ال أريد أن أثقل عليك بوصف مشاعرى عند الدفن، فهذه أشياء ي

vضح|كك من فرط اعتيادها، لكنى أؤكد لك أنك ستحتاج إلى التمعVن فيها يوما ما، وس$تجد أنه$ا تلخ�ص الموق$ف كل$ه. كلن$ا وسيأتى الدور علينا جميعا. أعلم أن هذه الكلمات قد ت

.نمر من هذا الطريق

كنتv حتى هذا اليوم أتغافل عن الموت، وأتظاهر بأنه ال يعنينى فى شىء؛ أقرأ عن أناس ماتوا، أعرف أناسا م$$ات لهم أق$$ارب وأحب$$اء، أت$$ابع األخب$$ار وأش$$اهد جثث القتلى فى

�رات التى أكتبها فى عملى أو الترجمة التى أقوم بها. كم مرة ترجمت أحاديث عن قتلى وجرحى بالجملة، الحروب التى ال تنقطع، وكلها بالنسبة إلىe أرقام وأحداث، مثل المذك

نى موته فى أعماقى، وكان أول أجراس اإلنذار التى دقmت فى حياتى القص$$يرة، لك$$نى mبالموت ! وحين مات أبى مس eدون أن أشعر بشىء، دون أن أشعر أنى أنا شخصيا معنى

تغاضيت عنه بعد ذلك لسنوات طويلة. ثم ماتت أمى، ومن هذا اليوم حل الموت ضيفا مقيما فى حياتى. كأنه كسر الباب الذى حمانى، وأصبحت حي$$اتى م[ش$$اعا ل$$ه يرت$$ع في$$ه

.صباح مساء. سيظل مقيما معى، يحصد أرواح من أحب، حتى يجىء دورى، ربما غدا أو بعد غد. سنرى. ال داعى الستباق األحداث. ألعvد إلى حكايتى

كنا فى طريق العودة من المقابر حين بلغتنا أنباء المظاهرات. عدت إلى المنزل وعاد اللواء القطان إلى الرئاسة، ورحل األصدقاء واألقارب. وبينما كانت أجواء ما بعد الم$$وت

تتسلل إلى أرجاء المنزل، جلست أنا وأمك نشاهد التليفزيون، وهو الوضع الذى سيستمر أليام كثيرة قادمة. اتصلت باللواء القطان ألعرف ما الذى يحدث لكنه لم ي$ردe. اتص$ل

Vها محطات »الجزيرة« و»العربية« وأخرى على شبكة التواصل االجتماعي القديمة – »فيس بوك«. ظلت اللقط$$ات المدهش$$ة بى عزالدين ودعانى لمشاهدة لقطات بعينها تبث

تتوالى، من الفتى الذى وقف أمام عربة األمن يواجه خرطوم المياه بجسده، إلى الحشود التى تسير نحو قوات األمن دون خوف، إلى الفتي$$ة ال$$ذين يلتقط$$ون بأي$$ديهم قناب$$ل

.الغاز ويرسلونها إلى من ألقاها عليهم. كان من المستحيل أن ترى تلك المشاهد وال تفهم أن شيئا كبيرا يحدث، شيئا مختلفا

ل اإلخ$وان المس$لمين لكن حماى لم يتفق معى فى الرأى، وحين مر على المنزل مساء ذلك اليوم أخبرنى أن المعلوم$ات المت$وفرة تؤك$د أن م$ا يح$دث خط$ة مvع$دmة من ق|ب$[

، م$ع ف$ارق ه$امe ه$و أن اإلخ$وان يس$تخدمون ه$ذه الم$رة1952وحلفائهم فى المنطقة، وباتفاق مع الواليات المتحدة، وأن هذه الخطة تشبه انقالب الضباط األحرار فى عام

6جموع الشعب والشباب المطالب بالديمقراطية سالحا فى مواجهة النظام بدل تكتيك االنقالب القديم. هذه المعلومات، وفقا للقطان، ليست جديدة، وإنما تعود إلى إضراب

�الن تمرينات لهذه األحداث، أما تونس فهى البيان العملى الذى تم تجربة الخطة في$$ه؛ بل$$د ص$$غير ومح$$دود األهمي$$ة ومن ثم ال ض$$رر كب$$يرا إن9إبريل و مارس، اللذين كانا يمث

eرا بمعاناة أغلبية الشعب من الظلم والفساد الذى نعرف أكثر من غيرنا إلى أى مدى فشلت الخطة. وبعد نجاح التجربة فى تونس جاء الدور على مصر. حاولت أن أحاجmه، مذك

ارة، وغ$$ير ذل$$ك من األش$$ياء m$$باإلهانة بسبب التوريث، والقمع والتزوير، وغياب األمل، وفشل أجهزة الدولة المتزايد، من حريق القطار إلى غ$$رق العب eاستشرى، والشعور العام

mرنا بأن هذه المظالم قديمة وممتدة، وال تفسر االنفجار بهذا الشكل وفى هذا التوقيت، وكرر أن ما يقوله التى نعرفها جميعا. لم ينكر اللواء القطان أيا من هذه األمور، لكنه ذك

ل التنظيم ، ومضى يؤكد أن الهدف من هذه الخطة هو إس$قاط الدول$ة نفس$ها، بمؤسس$اتها، تمهي$دا لقي$ام دول$ة اإلخ$وان المحكوم$ة من ق|ب$[ Vلى معلومات ال اجتهادات. صمت

.العالمى لإلخوان، وهو ما ال يمكن السماح به

Vط على أعلى مستوى فى اتخ$$اذ الق$$رار، وح$$ذmرنا من الخ$$روج من الم$$نزل أو ال$$ذهاب ناحي$$ة مي$$دان سألته عمmا سيحدث بعد ذلك قال إن األمور ما زالت مضطربة، وهناك تخب

.التحرير

لم نذهب إلى العين السخنة طبعا، وال إلى أى مكان آخر. ولم يطلب مني أحد قطع إجازتى والعودة إلى المكتب. سألت اللواء القطان إن كان يجب علىe الذهاب إلى المكتب

mد، فهو دائما يعرف أكثر مما يقول، دائم$ا. قض$ينا األربع$اء والخميس دون Vب المكتب أفضل لمستقبلى. هل كان يعرف أكثر مما قال؟ مؤك فنصحنى بالعكس تماما، قائال إن تجن

مغادرة المنزل. مساء الخميس مر علينا عزالدين وأسماء لالطمئنان. أخذ يحكى عما يعرفه من أحداث جرت فى الميدان وفى السويس من مواجهات ومعارك وكر وفر. ك$ان

مصدر هذه القصص محمود بشير وطلبته بالجامعة، ثم مال علىe وق$ال بص$$وت خ$$افت إن س$$الى القص$$بجى ك$انت م$$ع محم$ود فى المي$$دان، ويب$$دو أنه$ا أبلت بالء حس$نا فى

المواجهة مع األمن، وكذلك كان هناك أناس آخرون أعرفهم. نظرت إليه مستفسرا عمن يقص$د فغم$ز لى بعين$ه وص$مت. قص$ص عزال$دين لم تكن كله$ا لطيف$ة، ب$ل ش$ملت

vسمع. س$$ألت زوجه$$ا لم ال تفاصيل مريعة عن وحشية العنف المستخد[م، وعن القتلى الذين سقطوا. أسماء جلست صامتة طويال ثم قالت شيئا نافذا كعادتها، وبصوت ال يكاد ي

يشارك شخص مثله فى هذه المظاهرات، هو الذى يدعو ط[وال الوقت إلى التغيير والديمقراطية. أجاب بأنه ال يعرف هوية الذى نظeم هذه المظاهرات وأتى بكل هؤالء الناس.

ح لها: الذين يشاركون هم قوى الشعب، لكن من الذى نظم؟ أجابت: الشباب وتجمVعاتهم على اإلنترنت، فعاود: لكنهم mردت بأن الذى نظم المظاهرات هم قوى الشعب. فصح

هم أنفسهم فوجئوا بحجم المشاركة، وهذه الجماهير ليست جمهورهم التقليدى، فم[ن هؤالء؟ وكي$ف خرج$وا فى ه$ذا الت$وقيت وب$دعوة من أن$اس ال يعرف$ونهم وال يتواص$لون

معهم؟ أجابت أسماء فى ضيق المحاص[ر بأن الشباب دعوا إلى المظاهرات، فاستجاب البعض من جمهورهم، ثم انضمmت جموع الشعب، هكذا بتلقائية. هز عزالدين رأسه غ$$ير

.مقتنع، وقال إنه سيذهب إلى الميدان فى اليوم التالى ليرى األمر على الطبيعة

رنe كالمه فى رأسى، ونظرت إلى ندا فوجدتها تنظر إلىe نظرة »أرأيت أن أبى على حق؟«. أقصe عليك هذه التفاص$يل ألن ه$ذه لحظ$$ة فارق$ة، وه$ذا الخالف فى تفس$ير م$$ا

يحدث فى ميادين مصر سيكون له أبلغ األثر على األحداث بعدها. فى خضمe اإلثارة لم نلحظ أهمية هذا الخالف، أو لم نتوقف عنده تحت ضغط األحداث، وكانت له فى ما بع$$د

.نتائج بالغة األهمية

vقط[ع اتص$$االت التليفون$$ات اكتشفنا بعد ذهاب عزالدين وأسماء أن اإلنترنت قد توقفت عن العمل. اتص$$لت بالقط$$ان فق$$ال لى إنهم وقف$$وا خ$$دماتها بش$$كل ش$$به كام$$ل، وس$$ت

vج|ب، لك$$نى لم$$ا قلت ل$$ه إن المحمولة كلها فى الصباح، ونصحنى بالحصول على أرقام أرضية لمن أريد االتصال بهم ألن المسألة قد تطول. سألته عما سيحدث فى الغد فلم ي

e ك$$ده تطيش ن طلق$$ة ك$$ده وال عزالدين سيكون فى الميدان وسيخبرنى من هناك بما يجرى صمت لحظة، ثم طلب منى أن أهاتفه وأقول له أن ال يذهب إلى الميدان، ”الح�س$$[

eوتيجى ف عينه”. قال لى هذا، حرفيا، ولم أعرف حتى يومنا هذا هل كان يعنى ما أظنه يعنيه أم كان حديثه من باب الحرص بشكل عام.

mت المظاهرات وتخفت، وإما تتحد نيرانها المشتعلة فى ميادين وساحات متفرقة فى أرج$$اء مص$$ر فى ن$$ار واح$$دة كب$$يرة كان الجميع يدرك أن الجمعة هو يوم فاصل، فإما تتفت

وتتحول من حركات احتجاجية إلى ثورة شعبية. فى الصباح قرأت بعض القرآن ألمى حتى قرب موعد صالة الظهر، ثم جلست م$$ع ن$$دا فى مرك$$ز المراقب$$ة أم$$ام التليفزي$$ون.

Page 12: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

حاولت االتصال بالقطان، وساعتها اكتشفت أن االتصاالت قد قvطعت بالفعل. بدأت الموقعة الحاسمة. اتصلت به بالتليفون األرضى، وصرنا نتب$$ادل الح$$ديث ك$$ل نص$$ف س$$اعة

|ع[نى على تطورات األمور vطل .تقريبا لي

ط والبطء فى اتخ$اذ الق$$رار، V$$كلما اتصل وجدت غضبه قد تزايد. ولم يكن هذا الغضب موجها ضد المتظاهرين وإنما ض$د الق$$ائمين على األم$$ر فى الرئاس$$ة. اش$$تكى من التخب

|م[ا يشتكى منه الشعب الذى يمأل الميادين. قال إن هناك خطة، ثم ق$$ال إن الخط$$ة تم وسيادة المصالح الشخصية على المصلحة العامة، قائال إنهم سيخربون البلد، كأنه مرآة ل

التخل�ى عنها، ثم خطة أخرى، ثم ال يعرف من الذى يتخذ هذه القرارات، وهكذا. ثم اتص$ل فى الثالث$ة وق$ال إن األم$ر انتهى، وإن الجيش س$ينزل الش$وارع ويتس$لم مس$ؤولية

«.األمن. سألته إن كان يظنe أن ذلك سيحلe المشكلة، فصمت قليال ثم قال: »ربنا يستر

ع.ش.فشير

--------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الخامسة عشر

ال أثر لسلطة الدولة فى الميدان أو حوله.. ال شىء سوى شعارات ضد النظام ورموزه على الحوائط.. وبشر يسيرون ويتحدثون ويحملون الفتات ويهتفون

وأنا أشعر برغبة جارفة فى الذهاب إلى ميدان التحرير. ورغم تحفVظ أمك الشديد، لم أستطع البقاء فى المنزل، خ$$رجت وت$$وجهت إلى المي$$دان.29استيقظت فى صباح يوم

كانت الشوارع خالية أو تكاد. ال أثر للشرطة أو الجيش. وصلت إلى ميدان التحرير فى نحو ربع ساعة، وهالنى المنظر هن$اك؛ كأن$ه س$احة ح$رب انتهت لتو�ه$ا. س$يارات األمن

المدمmرة متناثرة فى مداخل الميدان ومخارجه، وعلى مطالع كوبرى أكتوبر. على حطامها شعارات تند�د بالنظام وتدعو ال$$رئيس إلى الرحي$$ل. ش$$عارات مش$$ابهة مكتوب$$ة على

الدبابات وسيارات الجيش القليلة الموجودة. مقر الحزب الوطنى المحترق يهزe المرء، والدخان ال يزال يتصاعد من المبنى ومن عشرات السيارات المحترقة فى فنائه ورائحة

. ال أثر لسلطة الدولة فى الميدان أو حوله: ال شىء سوى شعارات ضد النظام ورموزه على الحوائط، وبشر يسيرون ويتحدثون ويحمل$$ون الفت$$ات ويهتف$$ون. eالحريق تمأل الجو

أمام مبنى التليفزيون كانت هناك بعض المدرعات، لكنها بدت ضعيفة وبال حول أو قوة فى وسط الجموع التى تتجاهلها أو تقفز فوقها لتلتقط الص$$ور أو تكتب عليه$$ا ش$$عارات

.ضد النظام

|م[ اآلن. لن أحدثك عن تفاصيل المي$$دان وس$$لوك الن$$اس نى من أعماقى، أنا الذى لم أر[ الشعب من قبل. سرت وأنا أتساءل م[ن هؤالء ومن أين خرجوا ول eأدهشنى ما أرى وهز

والروح التى سادته، فقد كتب الناس عن هذا بما فيه الكفاية، وستجد آالف الصفحات والتعليقات والشهادات التى تحكى عن هذه األيام إن شئت. لكنى أقول لك شيئا واح$$دا،

�ى وأنا جالس على حافة الرصيف فى الميدان أرقب الناس من حولى عرفت أن النظام ق$د ولmت أيام$$ه ولن تع$ود. أن$ا الم$ترجم ال$$ذى قض$$يت معظم حي$$اتى داخ$$ل القص$ر أن

vذكر عن »الشعب«، والذى ال يفهم كثيرا فى السياسة، ويكره المبالغات، عرفت وأن$ا ج$الس هن$اك فى ص$باح الرئاسى، الذى يتوه إن خرج من مصر الجديدة وال يعرف شيئا ي

. أن األمر قد انتهى، أن مصر قد انفجرت وخرج ما فى باطنها إلى السطح ولن يعود كما كان قبل ذلك اليوم2011 يناير 29

قابلت عزالدين وأسماء ومحمود بشير وسالى القصبجى، معا، جالسين على رصيف عال\ بجوار مسجد عمر مكرم. كانت أول مرة أرى فيها محم$ود من$$ذ خمس$ة عش$ر عام$$ا،

رأيت صورته عدة مرات فى صحف ومواقع على اإلنترنت لكن لم نلتق| وجها لوجه. لم يتغير كثيرا، بل نضج وبدا أكثر عقال وإن كان ال يزال مجنونا. ال أع$رف كي$$ف أص$ف ل$$ك

ل ق$$ديم اعت$$اد لعب أدوار الف$$تى األول. تعانقن$$ا ذلك، لكن حين تراه تدرك على الفور أنه قادر على فعل أى شىء فى أى وقت إن أراد، لكنه بدا أكثر نضجا مع ذلك، مثل ممث$$�

. س$الى ك$انت تظه$ر كث$يرا على الشاش$ات، وأظنه$ا eمعاتبا بضحك وه$و يس$أل إن ك$ان لق$ائى يحت$اج إلى ث$ورة كى يتم eطويال وشعرت بسعادة حقيقية أن التقيته، ومال على

استعانت بأطباء التجميل عدة مرات، لكن ظهورها المستمر عوeدنى على التغييرات التى لحقت بشكلها. بدت لطيفة ومجاملة مثلما كانت فى الماض$ى، لكن أق$ل ت$دلال وأك$ثر

ا كأنهما فى بيتهما، وبالفعل فهمت أنهما قضيا الليلة فى الميدان وأرسال فى طلب خيمة وينويان البقاء فى المي$$دان جدية فى طريقة معاملتها وفى حديثها. محمود وسالى بدو[

[حوeل المي$$دان إلى حتى تحقيق مطالب الشعب. مال علىe عزالدين وهمس بأن عفاف موجودة فى الميدان. سألته عفاف م[ن فضحك وقال: »بنت بتاعة الجبنة«. جفلت؛ هل ت

اجتماع عامe لكل من قابلتهم فى حياتى؟ الحقيقة أنه كان كذلك بالفعل، نزل[ت مصر كلها هن$اك، يوم$ا بع$د ي$وم، والتقى أن$اس لم ي$ر[ بعض$هم بعض$ا من س$نين، وآخ$رون رأى

.بعضهم بعضا كما لم يروهم من سنين

[دخeل ليصوغ هذا الكالم فى شكل قائمة مطالب، لكنه كلما ذكر بن$$دا اع$ترض أح$$دهما، ثم سألت محمود وسالى عن مطالب الناس فقاال كالما كثيرا لكن غير محدد. عزالدين ت

رون ت$$رتيب بنوده$$ا، e$$ل آخرون فى النقاش حتى أصبحوا عشرين شخصا ال يعرف أحد منهم أحدا، وكلهم يتناقشون فى قائمة عزالدين ويضيفون إليها ويخرج$$ون منه$$ا ويغي eدخ] ت

وتركتهم بعد نحو ساعة يتناقشون، وعزالدين واقف فى وسطهم مندمجا تماما فى المناقشة، دون أن يبدو بصيص أمل فى توصلهم إلى ما يمكن وصفه ببداي$$ة اتف$$اق. س$$رت

.فى الميدان مع الناس

بعد قليل رأيتها، وللوهلة األولى لم أتعرف عليها. توقف وجهى عندها وشعرت أنى رأيتها من قبل، للحظات، قب$$ل أن أدرك أنه$$ا هى، عف$$اف، عامل$$ة التليفون$$ات. ي$$ا إلهى! كم

تغيرت! شعلة األنوثة المتوهجة، القد الممشوق المتمايل ثقة، االبتسامة الماكرة والنظرة التى تجعلك تعترف، كل هذا راح؛ طمسه جسم ثقيل وعباءة وطرحة ورقب$ة غليظ$ة.

[ت أنى ا أدرك e$ة الس$ائدة. وزادت الض$حكة اتس$اعا لمeلكن فى وسط كوم اللحم والقماش هذا رأيت فى عينيها شيئا من عفاف القديمة، ش$يئا يض$حك من وراء قس$مات الح$د

vها، تقدمت نحوى وتعانقنا بودe خالص .تذكرت

تعانقنا كأخ وأخت، نحن اللذين عملنا معا ألكثر من عام لم يحدث خالله بيننا أكثر من المصافحة باليد. لكن كان هناك شىء فى الجو يجعلك تش$$عر بأن$$ك أخ لك$$ل الموج$$ودين.

vن بعض دون خوف ودون حاجة إلى إخفاء نظراتنا. كأننا اكتشفنا بعضنا فجأة، وبدأنا فى الكالم والتواصل. وقفن$$ا أن$$ا لسبب ما اختفت الحواجز بين الناس، وصرنا ننظر فى أعي

ر ونبتسم، ثم لمحت رجال وفتاة ينظران إلينا باستغراب. انتبهت عفاف وقدمتهما لى: حس$$ن وم$$يرفت، أخوه$$ا وأخته$$ا. ثم ق$$دمتنى لهم$$ا باعتب$$ارى وعفاف ينظر كالنا إلى اآلخ[

لها أغلى توصيلة مجانية فى حياتها، وضحكوا ثالثتهم. تصافحنا وتبادلنا بعض الكلمات حول ما يحدث. حس$ن فى نفس عمره$ا تقريب$$ا، لكن$$ه أك$ثر س$$مرة منه$ا eالرجل الذى وص

بة أيضا لكنها أكثر اهتماما بزينتها، ونظرتها ال تستقر فى مكان، تبدو ض$$جرة mونحيف حاد المالمح، ومضطرب بعض الشىء. ميرفت أصغر منها بعشر سنوات أو أكثر قليال، محج

أو تنتظر حدوث شىء. جلسنا على الرصيف نتبادل الحكايات والتوقعات عما سيحدث، وقالت لى بصوت خافت إنها رأتنى مؤخرا فى التليفزيون مع الرئيس، متسائلة إن ك$$ان

وجودى فى الميدان قد يتسبب لى فى أذى. هززت كتفى ولم أردe. لم أعتقد أن هذه مشكلة حقيقية، فلديهم أشياء أهمe منى بكثير فى تلك اللحظات. س$$ألنى حس$$ن عن رأيى

فى ما يحدث، فتلعثمت ولم أقvل أكثر من أن هذا شىء مدهش. لم يهتمe كثيرا بإجابتى، فكل ما أراده هو إيجاد مدخل للكالم. أمeن على ما قلت، ثم قال إن الم$$دهش فعال ه$$و

vطيح ب$ه. س$ألته عن عمل$ه فق$ال إن$ه عاط$ل عن ك، كفر بالنظام وظلمه وفساده، ولن يع$ود إال بع$د أن ي mحر] صمت الناس طوال السنوات الماضية، لكن ذلك انتهى. الشعب ت

، فمنذ تخرج فى المعهد العالى التجارى لم يعمل بشكل منتظم أكثر من ستة أشهر، بعدها يلقeط رزقه من هنا وهناك، وعند ك$$ل خط$$وة يجب أن يقس$$م م$$ا eالعمل بشكل عام

يكسبه مع أحد. حاول عدة مرات بدء نشاط تجارى صغير، »ولو حتى كشك«، لكنه وجد األبواب مvوص[دة فى وجهه. كل شىء يحتاج إلى شىء، وهو ال شىء لديه يعطيه س$$وى

�يته، ال يعرف كيف أصابه، تدهورت ه$$ذه الق$$وة أيض$$ا، وزادت احتياجات$$ه. اس$$تطاعت vل القدرة البدنية على العمل، وال أحد يحتاج إلى قوeته هو بالذات. وعندما أصابه مرض فى ك

عفاف مساعدته فى دخول مستشفى التأمين الصحى حيث يعال[ج من وقت إلى آخر، لكن المرض يتزايد وس$$يحتاج حتم$$ا إلى عملي$$ة أو إلى غ[س$$ل بانتظ$$ام، ويعلم الل$$ه كي$$ف

vعم|ى األعين وال يس$$تطيع أن يص$$يب من$$ه eر هذا. نظر إلىe وسألنى ماذا يفعل، وكيف يجب عليه أن يشعر هو الذى يجاهد كل يوم كى يبقى عائما على السطح وسط بذخ ي سيدب

.ولو الكفاف. حالل هذا أم حرام؟ سألنى

vقلت إليه$$ا من$$ذ خمس$$ة عش$$ر عام$$ا، وراتبه$$ا اآلن س$$تمئة هززت رأسى ولم أردe. ثم سألت عفاف عن أحوالها فقالت إنها تعمل فى نفس الوح$$دة اإلداري$$ة بالمحافظ$$ة ال$$تى ن

وخمسون جنيها باإلضافى والحوافز، مع خمسين جنيها مكافأة تحصل عليها من وقت إلى آخ$$ر، فى رمض$$ان ودخ$$ول الم$$دارس والعي$$دين وأحيان$$ا فى المول$$د النب$$وى، حس$$ب

الظروف. ضحكتv وقالت إن الله وحده هو العالم كيف تتحايل بهذه النقود على احتياجاتها وإخوتها، ومع هذا فهى ليست األسوأ حاال بين جيرانه$ا، ب$ل من المحظ$وظين ال$ذين

لديهم وظيفة ودخل ثابتان. ال حسن وال ميرفت استطاعا الحصول على شىء مشابه، وفى الشارع الذى تسكن فيه ال يوجد سوى خمس$$ة فى مث$$ل حاله$$ا، أم$$ا الب$$اقون فعلى

.باب الله؛ وظائف متقطعة، خدمة فى البيوت، بيع فى المحالت وعلى األرصفة، أو أسوأ. سكتت عفاف وبدت عليها مالمح صرامة ال أذكرها لها

تململ[ت ميرفت فى وقفتها ونظرت إلىe بعداء ثم حوeلت نظرتها، ثم عادت تنظر إلىe ثانية مباشرة فى عينى. نظرت إليها مستفهما فسألتنى عن ش$عورى بع$د أن تس$ببتv فى

ضياع مستقبل أختها، وظللت أنا أستمتع بمزايا الوظيفة األبهة. فوجئت بالسؤال المباشر، وبحدة غضبها بعد خمس عشرة سنة على شىء حدث ألختها ال لها. س$$ألتنى إن كنت

eرا إياها بأص$$لها [ط«، وقالت إن مدير عفاف مسح بكرامتها األرض ناعتا إياها بأقبح األوصاف، ومعي vقلت، فرمقتنى بنظرة »ال داعى للتظاهر بالع[ب أعرف كيف فvصلت. قلت إنها ن

المتواضع وهددها بتشريدها لو حاولت االتصال بى مرة أخرى. قالت إن أختها سكتت يومها ألنها تحتاج إلى الوظيفة وال تستطيع الوقوف فى وج$ه ه$ؤالء الن$اس، وك$انت أمهم

على قيد الحياة وقتها وتحتاج إلى كل قرش من مرتبها للعالج وخالفه. وقفت صامتا ال أعرف بم[ أرد، فسألتنى عن وظيفة جد اللواء الذى أمر بطردها من الرئاسة. ظننت أنى

أصل هذا الرجل الذى دمر مستقبلهم، ونعتته بأنه وال بد »من بيئة واطية« واعتلى منصبه بالنفاق والتدليس ثم لم أسمع جيدا فاستوضحتv السؤال، وهنا انفجرت بالسباب فى

[ىe وشخ[ص[ت بوجهها إلى وجهى فسدmت علىe األف$$ق كى mتت عينيها فى عين vعج|ب شابا ابن ناس. ثم ثب نسى نفسه وأهله واستكثر على عاملة التليفونات »بنت بتاعة الجبنة« أن ت

ال أهرب بنظراتى بعيدا وسألتنى إن كان المطلوب أن تعيش عاملة التليفون$ات عيش$ة أهله$ا وال تح$اول تحس$ين أحواله$ا أو تب$$نى لنفس$ها وأبنائه$ا حي$$اة أفض$$ل. ألم يكن أب$و

اال؟ وزوجة هلموت كول ممرضة؟ سكتت ميرفت فجأة، واعتذرت عن احتدادها، ثم أضافت أن أختها سكتت يوم ما مسح بها األرض فى الرئاسة، لكنها من eمارجريت تاتشر بق

ها فيهما من قبل ، تلمعان ، وتشعmان ثقة لم أر[ eى] mتتان فى عين vرونا ماذا سيفعلون. نظرت إلى عفاف فوجدتها واقفة وعيناها مثب .اآلن فصاعدا لن تسكت، ال هى وال غيرها، ولي

ع.ش.فشير

--------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة السادسة عشر

ذهبتv فى اليومين التاليين إلى الميدان أستيقظ فى الصباح وآخذ بعض الماء والطعام وأشدe الرحال حتى هناك وأظل مع المتظاهرين حتى الرابعة بعد الظهر

قضيت الثالثة عشر يوما التالية بين مصر الجديدة والتحرير. صمeم اللواء القطان أن أظل بعيدا عن القصر -خالل هذه الفترة- التى لم نكن نع$$رف إلى م$$تى ستس$$تمر. حص$$ل

لى على إجازة مفتوحة بذريعة العناية بأمور العائلة بعد وفاة أمى، وطبعا لم يكن أحد فى الرئاسة ليهتمe فى ذلك الوقت بمن جاء ومن غ$$اب. قصص$$ت على ن$$دا م$$ا رأيت$$ه فى

Page 13: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

ه باهتم$ام لكن دون حم$اس. س$$أل[ت بعض األس$$ئلة عن اإلخ$$وان المس$لمين وم$$ا إن كنتv الحظت وج$$ودا ملموس$$ا لهم فى المي$$دان، وكي$$ف يأك$ل v$الميدان، واستقبل[ت ما قلت

المتظاهرون ومن أين يأتون بالمال. هذا النوع من األسئلة المرتابة، لكن دون اتهام محدmد. دعوتها للمجىء معى فى اليوم التالى فاستبعد[ت الفكرة، مفض�لة البقاء فى الم$نزل

vر|د المخاطرة بالخروج منها وتعريضك أو تعريض نفسها ألى من المخاطر التى تسمع عنها فى وسائل اإلعالم .للعناية بك، وألن المنطقة كانت تحت حراسة شديدة ولم ت

ذهبتv فى اليومين التاليين إلى الميدان، أستيقظ فى الصباح وآخذ بعض الماء والطعام وأشدe الرحال حتى هناك، وأظل مع المتظاهرين حتى الرابعة بعد الظه$$ر، موع$$د حظ$$ر

التجوVل، فأعود إلى البيت. لم يكن أحد يحاول فرض حظر التجوVل، واستمرت السيارات والناس فى التجوال بعد هذا الوقت، لكن أمك كانت قلقة لدرجة ال تس$$مح لى بالبق$$اء

ض$$ين عليه$$ا31خارج البيت بعد هبوط الظالم. يوم lا تنادى باس$$تخدام الق$$وة لفضe المظ$$اهرات والقبض على أك$$بر ع$$دد من المحر� يناير قال لى اللواء القطان إن هناك أصوات

eل المتظاهرين. واق$$ترح علىe الح$$ديث §ا، وآخرين، مقتنعون بعدم جدوى استخدام العنف وبضرورة التوصVل إلى حلe سياسى، لكن المشكلة فى من يمث ومنظ�ميها، إال أنه شخصي

.إلى عزالدين ومحمود و»أصدقائى« فى الميدان لمعرفة ما إذا كان هناك استعداد لتفويض أحد أو مجموعة للتفاوض باسم المتظاهرين

eسع لشخصين تضمe سبعة. اختار محم$ود وعزال$دين وافق عزالدين فى حين استبعد محمود الفكرة تماما. قضينا النهار نتنقل من خيمة إلى أخرى داخل الميدان. الخيمة التى تت

eبوا فور سماعهم بجهة عملى وبدوا غير راغبين فى الحديث. لكنهم ضغطوا على أنفسهم ربم$$ا بس$$بب وج$$ود محم$$ود [صل عددا محدودا من الشباب يثقون بهم، وقدمونى لهم. ت

الذى يعرف الناس كلهم فى الميدان ويعرفونه. نتحدث همسا كيال يسمعنا م[ن فى الخيام المالصقة. نتناقش مطوال، ثم ننتقل إلى مجموعة مختلفة، وفى كل مرة نسمع نفس

الكالم، هناك مقترحات كثيرة، بعضها جنونى، لكن معظمها معقول ومقبول للشباب وللمتظاهرين. وظلت المشكلة أن ال أحد يملك التفاوض باسم الميدان؛ ال يمكن. ومحم$$ود

يهزe رأسه ولسان حاله يردeد: ألم أقل لكما ؟ حاولنا طوال النهار، وفى حين وجدت نفسى ألوذ بالصمت فور رفض الشباب للفكرة، فإن عزالدين واصل محاولة إقن$اعهم. وهم

يردون بعدم رغبتهم فى التفاوض: يرحل. يقول لهم غير الرحيل هناك كثير مما يحتاج إلى التفاوض، لكن الشباب يرفض. ال أحد يتحدث باسم أحد هنا. والحل؟ سألت، فأجابوا،

.فى كل مرة، مطالبنا واضحة، ولن نرحل قبل أن يرحل النظام

هات سياسية وفكرية متباين$ة، وكث$ير منه$ا غ$ير مس$يmس أص$ال، وال ش$ىء يجمعهم Vشرح محمود لنا الوضع كما يراه: مجموعات كثيرة من الشباب وغير الشباب تنتمى إلى توج

سوى المطالب السلبية: رحيل رأس النظام، إلغاء مباحث أمن الدولة، إلغاء الحرس الجامعى، أشياء مثل هذه. كذلك هم ال يثقون بأح$$د، وال يمكنهم أن يفو�ض$$وا أح$$دا. س$$ألته

.عن الحل فردe بأنه ليس هناك مشكلة تقتضى الحل؛ هذه ثورة، وهكذا تكون الثورات

لكن عزالدين لم يعجبه هذا الحديث، ففى نظره الشباب يخاف من اإلخوان المس$لمين، ال$$ذين يمنع$ون أى محاول$$ة لبن$$اء تواف$ق على فك$$رة أو مطلب داخ$$ل المي$$دان، ألنهم

يريدون الميدان كما هو، مجرد أداة للضغط، فى حين تأتى الرؤية من عندهم هم، جاهزة، ويكون التفاوض معهم هم. وهذه مشكلة، وتحتاج إلى ح$ل. وم$ا الح$ل؟ بن$اء تواف$ق

من خالل التفاوض. وهكذا، أخذ عزالدين على عاتقه هذه المهمة. وظللنا يومlا آخر نتنقل من خيمة إلى خيمة، ومن اجتماع فى بيت غ$$ريب بوس$$ط البل$$د إلى اجتم$$اع آخ$$ر فى

vل[ال من البشر الذين ال أعرف منهم أحدا، طبعا، ويعرف عزالدين بعضهم فقط، ثم ننزوى مع ش$$خص أو اث$نين فى غرف$ة، أو ش$$رفة، vلق|ى التحية فنجد ث vخ[ر، ندخل ون بيت غرباء أ

ونبدأ الحديث. أصعب أنواع التفاوض ذلك الذى يتم مع عدد ال نهائى من األطراف: تجلس مع أربعة، وبعد نقاش مجهد تتوصلون إلى اتفاق، لكن هؤالء األربعة ال يمثلون س$$وى

§ا، لكنه الطريقة الوحيدة لخلق إجماع بين مجموع$$ات جزء من المشهد، ومن ثم فعليك أن تجد اآلخرين، مجموعة مجموعة، حتى تصل إلى اتفاق أو شبه اتفاق. يبدو األمر عبثي

.متناثرة

ثم توصلنا إلى مالمح عامة التفاق، وأبلغتها للقطان فى المساء. وفى اليوم التالى بدا أن بعض بنود هذا االتفاق بدأ يجد طريقه للتنفي$$ذ. لكن الي$$وم الت$$الى ل$$ذلك ش$$هد هج$$وم

[طا مما حدث، وقال إنه ترك مكتبه فى الرئاس$$ة وع$$اد الج|مال على الميدان وم[ن فيه. لم أكن فى الميدان حين حدث الهجوم، وعلى الفور اتصلت باللواء القطان فوجدته مvحب

eذون استخدام القوة لوقف إدخال أى إصالحات جذرية ألنها ستض$$رe بهم وبخططهم إلى البيت احتجاجا. لكنه عاود االتصال فى الصباح التالى وقال إن ما حدث محاولة ممن يحب

مال. ثم طلب منى العودة إلى الميدان للمحاولة مرة أخرى، مؤكدا أن أنصار استخدام العنف داخل النظام قد تمe تهميش$هم بع$د فش$ل للمستقبل، هؤالء هم منظمو حملة الج|

.هجوم الج|مال المزرى

عدت إلى الميدان فوجدته مختلفا؛ محمود مره[ق وعيناه زائغتان. سألته كيف كانت الليلة فقال عصيبة، وشرح لى كيف هجم البلطجي$$ة باس$$تخدام الخي$$ل والجم$$ال من ناحي$$ة

ميدان عبد المنعم رياض واستمرت المواجهات طوال الليل فى حين وقف الجيش دون حراك. فى البداية تراجع المتظاهرون بسرعة ثم أعادوا تنظيم ص$$فوفهم ش$$يئا فش$$يئا،

vلق[ى عليهم من أس$$طح العم$$ارات فى vلتراس وشباب اإلخوان المسلمين الذين تدفقوا على الميدان. فى البداية كانت كرات الن$$ار وزجاج$$ات المولوت$$وف ت وساعدهم شباب األ

[حوmلوا إلى العمارة التالية وهكذا، حتى طهmروا الميدان كل$$ه من البلطجي$$ة ق$$رب الفج$$ر. الميدان، ثم صعد بعض الشباب على سطح العمارة وطهmروها من المهاجمين، وبعدها ت

ت المواجهة هناك حتى الرابعة صباحا. ومن ساعتها يسيطرون على هذه المواقع االستراتيجية ويمنعون عودة البلطجية. أخ$$ذنى mنفس الشىء حدث عند كوبرى أكتوبر واستمر

محمود لرؤية أكوام الحجارة التى أتوا بها ال أدرى من أين؛ خلعوها من الرصيف وأحواض الزرع على ما أذكر ووضعوها بجوار مداخل ومخارج الميدان. كانت جموع البلطجية ال

.تزال تحوم، وأستطيع رؤيتها فى شوارع وسط البلد، وهناك مناوشات على التخوم، لكن الجيش اآلن يقف حائال بينهم وبين المتظاهرين. ثمانية قتلى هذه الليلة

[ى vس$تخدم للص$الة أي$ام الجمع$ة. وج$دت ج$رحى يفترش$ون األرض على ج$انب أخذنى عزالدين مع طبيب شابe لزيارة »المستشفى الميدانى«، وهو زقاق صغير بين عمارتين ي

الزقاق، أمام أبواب المحالت المغلقة، وبينهم مالءات معلmقة كيفما اتفق، وقد عvلeقت على أبواب المحالت المغلقة أسماء »أقسام الجراحة«، ووvض$$عت فى الوس$$ط كوم$$ة من

األدوية. قال الطبيب إنه وزمالءه المتطوعين ظلوا يعملون طول الليل. لم يكن من الممكن نقل الجرحى فى معظم األحيان، فليس لديهمنقاالت، وال يوجد أحد لنقل الج$$رحى

فالكل يدافع، ومن ثم كان األطباء يضمدون الجراح وسط المعركة؛ يسقط أحدهم فيجرون إليه ويعالجونه على األرض حيث سقط. أخرج الطبيب من جيب$$ه أدوات$$ه الجراحي$$ة:

ر لم أتعرف عليه. حكى لى عن متظاهرين أصيبوا فى رؤوسهم، كان يضمدهم وهم يستعجلونه كى يعودوا م$$رة أخ$$رى لل$$دفاع حقنة ومخدرا ومطهرا وخيط الجراحة وشيئا آخ[

.عن الميدان ضد البلطجية. قال الطبيب باقتضاب شيئا عن إصابات الرصاص، واألعين، وشيئا عن القتلى، ثم صمت

eلون قراب$$ة نص$$ف الموج$$ودين عدت مع عزالدين إلى الميدان، وقال لى إن معظم الفتيات والسيدات قد رحلن، وحلe محلeهن رجال من اإلخوان المسلمين الذين أصبحوا يش$$ك

فى الميدان، وأبدى قلقه من هذا التطوVر. أحيط الميدان بلجان من الشباب يفحصون الداخل والخارج، بمرح واعتذار وتعاوvن من الجميع. أعتقد أنى فvتشت فى هذه األيام أكثر

mن المتظاهرون فى إبداء آرائهم، والتعبير عن أنفسهم، بالرسم والكتابة والغناء والرقص، وك$ل األش$كال [فن رة، وت mتشت فى حياتى كلها. لكن الميدان أصبح اآلن أرضا محرvمما ف

.الممكنة

لكن رغم الجو االحتفالى الظاهر، كان الشباب مvره[قا وال يدرى بمن يثق وال كيف يفاضل بين المقترحات المتباينة التى يسمعها. يخشون من الكل، حتى هؤالء الذين يعرفونهم

؟ لم أكن الوحيد الذى يحاول التفاوض معهم أو مع ج$$زء منهم على اتف$$اق، ؟ ومن يريد أن يقفز على أكتاف م[ن� من قبل كمحمود وعزالدين، فمن يدرى م[ن� يعمل لحساب م[ن�

وكنت متأكدا أن اللواء القطان ليس الوحيد الذى يحاول من الجهة األخرى. لكنى حاولت قدر استطاعتى على أمل أن يؤد�ى ولو إلى بعض التفاهم بين الجانبين، أو على األقل

لفهم الصحيح للواقع هنا بدال مما ينقله إليهم مخبروهم والطائرة العمودية التى ال تكفe عن التحليق فوق الميدان. حاولت لعدة أيام، وكلم$ا ظننت أن تق$دما يتم، ح$دث ش$ىء

فتتقهقر المسألة برمتها إلى الخلف. لم يتمe التوصل إلى اتفاق، سواء ألن وتيرة األحداث كانت أس$رع مم$ا يمكن مع$ه اللح$اق به$ا، أو لتع$دVد المن$ابر والوس$اطات واألط$راف

mات والمشروعات. وكلما طال الوقت زاد غضب المتظاهرين وتصميمهم وارتفع سقف مطالبهم. وفى ص$$باح التاس$$ع من ف$$براير ق$$ال لى الل$$واء القط$$ان إن$$ه لم يع$$د من والني

§ا، أو تح$اول أن تتع$امى عن ه$ذه الحقيق$ة، ومن ثم فهى تن$اور. المحاولة فائدة، وإن الناس التى بيدها األمر لم تفهم بعدv ما يحدث، ولم تقتنع بعد أن تغييرا كبيرا أصبح ضروري

|م[ ك$$ان يجب أن وفى اليوم التالى، عند الظهر، اتصل بى وأخبرنى أن الموضوع انتهى وأن الرئيس سيرحل. شعرت براحة شديدة ممزوج$$ة بأس$$ى عمي$$ق فى نفس ال$$وقت. ل

تصل األمور إلى هذه الدرجة؟ رغم كل شىء، ألم يكن من األفضل الخروج بشكل أكرم؟ لو كان قد فعلها منذ شهر واحد لصار بطال يخلده التاريخ. ول$$و فعله$$ا من$$ذ أس$$بوعين

mره الناس بالخير. طال صمتنا، ثم سألته عمmن سيتولى زمام األمر اآلن فقال فى عصبية: »ربنا يستر [ذك «.لت

ع.ش. فشير

-----------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة السابعة عشر

لم تقتصر المشكالت على أمك وأصدقائى الثوريين، فقد جاء عمر من إيطاليا فى منتصف فبراير وهو ثائر وغاضب إلى أقصى درجة.. عل[ىe وعلى ص$فية بس$بب إص$رارنا على

دفن جدتك دون انتظار عودته

فى أول مارس عدت إلى العمل. وجدت القصر الجمهورى الفارغ كئيبا، وقد حلe الصمت الكامل محلe الهدوء الحذر المعتاد. فى البداية لم أكن أعرف ماذا أفعل بالض$$بط فى

المكتب، وأظن أن معظمنا شعر بنفس الشىء، فاستمر كثيرون منا يفعلون نفس ما كانوا يفعلونه من قبل، حتى لو كانت قمmة اله$رم غ$$ير موج$$ودة. واص$لتv إع$داد التق$$ارير

وغير ذلك من األمور االعتيادية، ومع تطوVر األحداث أصبحت هذه التقارير تذهب للمجلس العس$$كرى، ثم أص$$بحت أن$$ا أيض$$ا أذهب هن$$اك حين ي$$أتى زوار ذ[وvو أهمي$$ة. فى بعض

األحيان كنت أجلس بالساعات فى مقر المجلس دون أن أفعل شيئا، وأحيانا كنت أشارك فى االجتماعات كى أترجم أو أدو�ن المالحظات، أو أردe إن كان لدى أصحاب االجتماع

.سؤال عن خلفية الموضوع محلe المناقشة

ك أص$بحت ش$ديدة الت$وتر، V$رت االضطرابات التى سادتها علينا كلنا، ال فى العمل وحسب، بل فى حياتنا الخاص$ة ك$ذلك. أمm كانت الفترة االنتقالية عصيبة مثلما قرأت عنها. وأث

[ت تشعر بجفوة تجاهى بسبب قربى ممن أسمتهم »جماعة التحرير«. وكلما حاولت تهدئتها وبع�ث أملها فى المستقبل أظهرت مخاوفه$$ا أك$$ثر واحت$$دmت فى بيانه$$ا وحمmل[ت وبدأ

eا الثورة. الطريف أن أصدقائى من »جماعة التحرير« كانوا يفعلون نفس الشىء الثورة مسؤولية هذه المخاطر التى تحيق بنا. وكانت تفعل ذلك فى صيغة لوم كأنى أنا شخصي

معى ولكن من الجانب اآلخر، فكلما تعثرت العملية االنتقالية، أو ارتكب المجلس العسكرى واحدا من أخطائه الفادح$$ة أو ألقى القبض على نش$$طاء منهم وح$$اولتv أن أش$$رح

vنه|ى حال$ة ص$متى ه$ذه، لك$نى eا المجلس العسكرى. انتهى بى األمر سريعا إلى الصمت، مرة أخرى. كنت أظن أن الث$ورة س$ت لهم صعوبة االنتقال احتدVوا علىe كأنى أنا شخصي

.أخطأت

لم تقتصر المشكالت على أمك وأصدقائى الثوريين، فقد جاء عمر من إيطاليا فى منتصف فبراير وهو ثائر وغاضب إلى أقصى درج$ة، علىe وعلى ص$فية بس$بب إص$رارنا على

دفن جدتك دون انتظار عودته. لم يشفع لى شىء، وال حتى أن ثورة قامت، لشرح موقفنا. وانتهى األمر بأن أعلن مقاطعته لى ورحل عائدا إلى إيطاليا. تضايقت أش$$د الض$$يق

Page 14: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

. eالع$$ام eص بس$$بب الج$$وmقل] [عدmى حدود احتم$$الى، أو لعل$$ه احتم$$الى ال$$ذى ت من هذا األمر، صحيح أن عمر كان حادeا دائما ومنفلت[ الغضب بحق ودون وجه حق، لكنه هذه المرة ت

.وغاظنى بشكل خاصe أنه صبe غضبه علىe وحدى، إلى درجة مقاطعتى، مع أن صفية كانت شريكتى فى كل ما قررناه

mها الوحيدة من عائلتى الصغيرة التى شاركتنى السعادة بهذه الثورة، ورأت فيه$ا أمال كب$$يرا للمس$تقبل. لكنه$ا ك$انت مث$$ل الك$$ل متخوف$ة، من صفية كانت سعيدة بالثورة، ولعل

[ل هذا أو ذاك، ثم -مثل بقي$ة الش$عب- ص$ارت مخاوفه$ا تزي$د م$ع اس$تفحال األزم$ات وانتش$ار الفوض$ى وانع$دام األمن وانفج$ار العثرات، ومن الفشل، ومن اختطافها من ق|ب

المشكالت االجتماعية والسياسية، بل واألخالقية، الذى استمر فى التزايد. لم تكن صفية تعتقد أن شيئا من هذا ب$$رىء، لكنه$$ا ملmت من ك$$ل ه$$ذه الفوض$$ى، وص$$ارت مخاوفه$$ا

تطغى على األمل فى معظم األوقات. ساعد على ذلك زوجها إبراهيم، ضابط المدفعي$ة الس$مج ال$ذى لم يفق$د س$ماجته حين خل$ع بزت$ه الرس$مية وانتق$ل للعم$ل فى مج$ال

السياحة قبل الثورة بعامين. طبعا قضت العملية االنتقالية المتخبطة على السياحة وعلى عمله، وظلe هو يشحن الجو من حوله بالكراهية لكل ما له عالقة بالثورة، حتى ش$$هر

.يناير نفسه كرهه

حماى اللواء القطان استمر فى عمله، لكنه صار يقضى معظم وقته فى مقر المجلس العسكرى ووزارة الدفاع. لم يكن دوره واضحا لى بالضبط، وعرفت فى ما بع$$د أن$$ه لم

يغير وظيفته الرسمية كجزء من سكرتارية الرئيس، رغم خلوe منصب الرئيس، لكنه عم$ل بش$كل فعلىe م$ع المجلس العس$كرى. وتص$ادف وقته$ا أن مس$اعده الق$ديم محم$د

المنيسى، الذى كان بصحبته يوم زار بيت أبى فى بكين منذ سنوات طويلة، كان وقتها يعمل فى األمانة العامة للمجلس العسكرى، وهو م$$ا س$$اعد القط$$ان أيض$$ا على توطي$$د

[حمmس اللواء القطان فى البداي$$ة للعملي$$ة عالقته بالمجلس. المنيسى كان برتبة مقدeم، وهو جالس اآلن فى القمرة المجاورة دون أن يشك أن خطته كلها على وشك االنهيار. ت

االنتقالية، ورفض كل تحفVظاتى على االستفتاء والجدول الزمنى وترتيب المحطات الرئيسية لهذا العملية، كما استبعد كل ما تناقله الناس من حديث عن صفقات م$$ع اإلخ$$وان

وتحالفات مع السلفيين، وعن اضطهاد للنشطاء وشباب الثورة، وعن الثورة المضادة، وعن نيات العسكريين. فى البداية أخذ هذه التحفظات والمخ$اوف بجدeي$ة، رفض$ها لكن$ه

mب عددا كبيرا من االجتماعات بين العسكريين والشخصيات السياسية واإلعالمية. لكن هذه الجدية تناقصت مع الوقت، وحين اقتربنا من االنتخابات، بدا واثق$$ا أخذها بجدية، ورت

% من35أن كل شىء سيسير على ما يرام، وأن مجلس الشعب الجديد سيكون »موزاييك« يعكس أطياف الشعب كله، وقال لى إن اإلس$$الميين لن يحص$$لوا على أك$$ثر من

.المقاعد

محمود بشير، الذى صرت أراه مرة فى األسبوع على األقلe ونتحادث كثيرا فى التليفون، كانت حياته مرآة للمرحل$ة االنتقالي$ة نفس$ها. أيام$ا يك$ون فى الس$ماء، من الس$عادة

والثقة بالمستقبل، وأياما أجده فى األرض من االكتئاب واإلحساس بالمؤامرة ودنوe األجل. حكى لى قصته مع سالى بالكامل، منذ أيام الرئاسة وخيانته$ا وانفص$الهما ح$تى ع$اد

لها. قال إنه قضى أسوأ أيام عمره حين تركها، وإن غضبه على خيانتها لم ينفعه بشىء. وبين موقف متسق مع العقل والقواعد لكنه مدم�ر لمشاعره بل ولحياته، وموقف آخ$$ر

|م[ يجعل من مبدأ نظرى عائقا أمام سعادته؟ لم أقلe اتساقا لكنه يعيد البهجة إلى حياته، انتهى به األمر إلى الموقف األخير. هز كتفيه وقال إنه لم يكن مثاال للوفاء هو اآلخر، فل

أردe. هناك أشياء ال يمكن الجدل فيها، والعالقة بين رجل وامرأة أحدها. ال يمكنك، مهما أوتيت من منطق أو عقل، أن تفهم عالقة رج$$ل ب$$امرأة م$$ا لم تكن أنت ه$$ذا الرج$$ل أو

|م[؟ هذه المرأة. فكيف أحكم عليه أو أنصحه؟ ول

محمود وعزالدين عمال معا ومن قvرب بعد الثورة، وإن كان من موقعين مختلفين، ففى حين انخ$رط محم$ود م$ع الجماع$ات الثوري$ة والمجموع$ات اليس$ارية، ف$إن عزال$دين،

المتشكك فى العقائد السياسية وفى االندفاع الث$ورى من ناحي$ة، والمتخ$وف من اإلس$الميين ون$زعتهم إلى الس$يطرة من ناحي$ة أخ$رى، انخ$رط م$ع المجموع$ات واألح$زاب

الليبرالية الناشئة، وإن كفe عن المشاركة المباشرة فى العمل السياسى مكتفيا بدوره التحليلى واألكاديمى، وهو ما جعله مثار سخرية محمود الالذعة، الذى وصف موقفه هذا

.بأنه مزيج من الضعف واالنتهازية

ها من أعماقها. ستسقط كل هذه األشياء فى م$$ا mق|م نظاما جديدا مثلما كان المتظاهرون يأملون، لكنه خلخل األشياء وهزv vسق|ط نظاما وي هكذا كان العام األول من الثورة؛ لم ي

بعد، وتقوم مكانها أشياء جديدة، مثلما تعلم. لكن ليس هذا بيت القصيد، فقد درست[ هذا وقرأت[ عنه بما يكفى. ما أريد قوله لك أن العام األول من الثورة خلخ$ل حياتن$ا نحن،

حتى حياتنا الشخصية وأصدقائنا وعالقات بعضنا ببعض. ال أدرى كيف حدث ذلك، لكنه حدث. كأننا كلنا كنا مربوطين بشىء وانقطع، فصرنا نتحرك بحري$$ة أك$$بر. أو كأنن$$ا عش$$نا

تحت غطاء انكشف وطار فى عاصفة، فصرنا يرى بعضنا بعضا، ونرى أنفسنا، بشكل أوضح. أو لعلنا ببساطة صرنا أحرارا أكثر، ليس تماما، لكن أكثر مم$$ا كن$$ا قبله$$ا. وانعكس

ذلك على كل شىء فى حياتنا، وإن لم ندرك ذل$$ك وقته$ا، ونحن مش$غولون بق$$رارات المجلس العس$كرى، وبح$وادث االعت$$داء على األبري$اء، وبقتلى ماس$$بيرو، وبالمحاكم$ات

[ت أهميتها وتضاءلت بعد ذلك vطيح[ به، واختفاء البنزين وأنابيب البوتاجاز، وكل هذه التفاصيل التى شحب .العسكرية، ومن الذى ظل فى موقعه ومن أ

ومن ضمن الخلخلة والحرية أن حياتى أنا انفتحت أكثر، فصرت أقابل أناسا لم أكن ألقابلهم من قبل، وأذهب إلى أم$$اكن لم أع$رف بوجوده$ا فى مص$$ر من قب$$ل. على س$$بيل

المثال اكتشفت أن »أرض اللواء«، التى كنت أظنها على حدود العالم المتحضر، فى الحقيقة عاص$مة لمن$$اطق وأحي$$اء وق$رى تعيش فى أح$$وال أس$$وأ منه$ا بكث$$ير. اكتش$فت

العشوائيات والناس الحقيقيين الذين يعيشون هذه الحياة، يوما بعد يوم، دون ماء ودون صرف صحى وأحيانا دون س$قف. رأيت عف$اف وعائلته$ا م$رات كث$يرة، فى تظ$اهرات

رت فى دع$$وتهم إلى e$$ع المختلفة بميدان التحرير، ثم استضافونى عندهم عدة مرات، وأخذنى حسن -األخ العاطل- فى جولة داخل العشوائيات المحيطة بأرض اللواء. فك الجvم[

منزلنا لكن أمك ارتاعت للفكرة وثنتنى عنها من باب عدم اإلساءة إلى مشاعرهم إن قارنوا أحوالهم بأحوالن$ا. محم$ود وج$د لم$يرفت عمال بش$ركة للتليفون$ات المحمول$ة عن

�يته فى التدهور خالل هذه الفترة، وساعدته -دون علم vل طريق أحد معارف سالى القصبجى. لكن ال هو وال سالى استطاعا كسر نحس حسن الذى ظل بال عمل ثابت، وبدأت ك

.أمك- ببعض المال لتغطية نفقات العالج

لكن مشكلة عفاف وإخوتها لم تكن -على األقل خالل هذه الشهور- مشكلة مالية أو ظروفا معيشية قاسية، وإنما اإلحباط من مشكالت المرحلة االنتقالية وعثراته$$ا. وفاج$$أتنى

درجة الوعى والنضج السياسيين لهم، خصوصا حسن، الذى كان قادرا على صياغة موقفه بوضوح ش$ديد وبلغ$ة بس$يطة رغم تعليم$ه وثقافت$ه المح$دود[ين. ك$ان ل$ديهم جميع$اeنهم من تمييز التغييرات الحقيقية من الش$$كلية. والحقيق$$ة أن المنح$$نى ظ$$ل� ة قوية تمك mمنحنى لألمل واليأس، يصعد ويهبط مع سرعة التغييرات السياسية، ولديهم جميعا حاس

vص$$ابوا بس$$وء. وعن$$دما وقعت أح$$داث محم$$د محم$$ود - يتدهور فى الشهور األخيرة من العام، وعاد ثالثتهم إلى ميدان التحرير كثيرا، ثم إلى ماسبيرو، لكنهم لحسن الحظ لم ي

لى. لكن ماذا كان فى استطاعتى فعله؟ ولحسن الحظ لم Vستجد تفاصيلها على اإلنترنت- اتصلت بى ميرفت لتقول لى إن حسن هناك وال تستطيع إقناعه بالعودة، وطلبت تدخ

�ه مكروه وقتها، وجاءت االنتخابات التشريعية لتضع حدeا لذلك vص|ب .ي

كان تخوVف اللواء القطان وم[ن صرت أدعوهم أصدقاءه من »جماعة العسكر« هو ح$دوث انفالت أم$نى فى أثن$اء االنتخاب$ات، وك$ان س$عيدا س$عادة بالغ$ة حين تمmت المرحل$ة

األولى بهدوء. وعندما أشارت النتائج األولية إلى اكتساح اإلسالميين -على عكس توقعاته هو وأصدقائه العسكر- سألته عن معنى ذلك، فأطرق ساهما ثم هز رأسه وقال: »ربنا

«.يستر

ع.ش.فشير

--------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة التاسعة عشر

كان واضحا للجميع منذ اليوم األول أن المجلس الرئاسRى هRذا ليس أكRثر من واجهRة.. بالكRاد.. للحكم العسRكرى.. لكن رد الفعRل كRانخافتا

[دخmل المجلس العسكرى لتول�ى دفة الحكم، لكنه أعلن أن$$ه س$$يتدخل إلنق$$اذ تم بسط الحكم العسكرى بشكل أذكى مما توقعه الجميع. فبعد حل البرلمان وبدء وقوع األحداث ت

البالد من الفوضى وتسليم السلطة بمجرد ملء الفراغ الدستورى والسياسى الذى نتج عن هذه األحداث. لم يصد�قه أحد بالطبع، واحتشدت مليونية ضخمة فى ميدان التحري$$ر

تند�د باستيالء العسكر على السلطة. أذكر أن اللواء القطان كان عندنا فى البيت ذلك المساء وق$ال لى إنن$ا مخطئ$ون، أن$ا و«أص$دقائي«، وإن الغ$د س$يحمل لن$ا مفاج$آت لم

نتوقعها. وفى الصباح، بالفعل، أعلن المجلس العسكرى استقالته بكامل هيئته، وتقاعvد أعضائه من الخدمة ومن أى مناصب عامة، وعودة القوات المس$$لحة إلى ثكناته$$ا ف$$ورا،

والبدء فى مشاورات مع القوى السياسية لتشكيل مجلس رئاسى مدنى عس$كرى مش$ترك يت$$ولى الحكم لف$$ترة انتقالي$$ة يتمe فى أثنائه$ا إع$داد دس$$تور للبالد واإلش$$راف على

.االنتخابات التى تلى إعداد الدستور

د كل السخونة التى تراكمت منذ حلe البرلمان وبدء األحداث. فقد كان الجمي$$ع مقتنع$$ا أن العس$$كرين لن يس$$لموا الس$$لطة. أي$$دت eنزل هذا اإلعالن كالصدمة على الجميع، وبر

القوى المدنية والثورية هذا اإلعالن كما أيده السلفيون واألحزاب التقليدية، ولم يبق[ فى المعارضة سوى جماعة اإلخوان المسلمين الذين نزلوا إلى الشوارع احتجاجا على حل

البرلمان وبقية اإلجراءات التى عطeلت انتق$ال الس$لطة ل$رئيس م$دنى منتخب. لكن اإلخ$وان وج$دوا أنفس$هم وح$دهم، فالس$لفيون اتفق$وا م$ع المجلس العس$كرى، والق$وى

الديمقراطية كانت غاضبة على اإلخوان واستئثارهم بالسلطة خالل الشهور التى سبقت تلك األحداث. أما عامة الشعب فقد ارتاحت لحزمة اإلج$$راءات ال$$تى أعلنه$$ا المجلس،

[مm لم تؤد� التظاهرات المليونية لإلخوان فى ميدان التحرير إلى شيء. وحين ص$$عmد اإلخ$$وان وأدmت استقالة أعضاء المجلس العسكرى إلى استعادتهم لثقة أغلبية الشعب. ومن ث

احتجاجاتهم وبدؤوا يحتلVون الطرق والمبانى العامة ويوقفون الخدمات قامت األجهزة األمنية بإلقاء القبض على كل قي$$اداتهم العلي$$ا والوس$$يطة فى ي$ومين، دون أن يث$$ير ذل$$ك

.اعتراض أحد. بل على العكس، ساد ارتياح عامe األوساط الشعبية والسياسية على حد سواء

ر أن يضم خمسة أشخاص: اثنين من الم$دنيين واث$نين من العس$كريين ويرأس$$ه ق$اض\. اتص$$ل بى الل$واء mقر] فى اليوم التالى بدأت مشاورات تشكيل المجلس الرئاسى الذى ت

القطان وطلب منى التشاور مع أصدقائى واقتراح أسماء لمن يشارك فى هذه المشاورات، وفعال اق$$ترحتv علي$$ه بعض األس$$ماء بن$$اء على نص$$يحة عزال$$دين ومحم$$ود الل$$ذين

[ين، وقاال إن الموضوع كله خدعة، وإن المجلس العسكرى ال يري$$د [ين فى البداية، لكن بعد عدة أيام من االجتماعات التقيانى غاضب اشتركا فى المشاورات الرسمية. كانا متفائل

سوى واجهة مدنية له، ثم أعلن معظم القوى السياسية المدنية مقاطعته للمشاورات. استدعانى اللواء القطان واثنان من أعضاء المجلس وطلبوا منى التدخل م$$ع أص$$دقائى

إلقناعهم بالعدول عن االنسحاب. شرحت لهم ما فهمته من أصدقائى، وأبدوا تفهVما لمنطقهم، لكنهم دفعوا بأهمية تغليب المنطق العملى وع$$دم االستس$$الم ألحالم رومانس$$ية

تها. فليس من المعقول وال الممكن االنتقال مرة واحدة إلى حكم م$دنى خ$الص، ديمق$راطى بالكام$ل، ومن هن$ا ج$اءت فك$رة المجلس المش$ترك، وه$و mم vقد تدم�ر العملية بر

خطوة إلى األمام، وأفضل من ترك الساحة آلخرين أو قصره على العسكريين. وختموا حديثهم بتأكي$$د أن ه$$ذه مرحل$$ة مص$$يرية، يتوق$$ف عليه$$ا مس$$تقبل مص$$ر كل$$ه، ومن ثم

ضرورة تنحية المواقف المتشددة جانبا والقبول بحل وسط كى يسير المركب. لم أكن مقتنعا تماما، لكنى قلت لهم ما عن$$دى ولم يغ$$ير ذل$$ك من م$$وقفهم، كم$$ا أن لمنطقهم

.وجاهته، فقلت لنفسى وقتها أن ال ضير من المحاولة، وإعطائهم فرصة إلتمام عملية التحول التدريجى نحو الحكم المدنى

Page 15: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

لكن ال محمود وال عزالدين اقتنعا بالعودة إلى المشاورات، وفى النهاية لم ينضمe إلى المجلس الرئاسى سوى حزب الوفد، وشخص آخر ينتمى إلى حزب التجمع، لكن الح$$زب

�ن فى س$$لك القض$$اء من$$ذ ع$دة س$$نوات. ورغم mن أنه ك$ان فى األص$ل عس$كريا، لكن عvي [بي فصله بعد انضمامه، هذان هما المدنيان. إضافة إلى عضوين عسكريين وقاض\ كبير ت

Vك الرأى العام فى مدى مدنية هذا المجلس، فق$$د ج$$رى اإلعالن عن$$ه واالحتف$$اء ب$ه بوص$فه بداي$ة جدي$دة لعملي$$ة انتق$$ال استياء القوى السياسية كلها من هذه التركيبة، وتشك

.ديمقراطى صحيحة تتفادى أخطاء العملية الفاشلة التى سبقت والتى أدخلت البالد فى فوضى أفزعت الجميع

[س$$لmموا وفى اليوم التالى لتنصيب هذا المجلس، أعلن كل أعضاء المجلس العسكرى تقاعدهم وخروجهم من الخدمة فى مشهد مهيب، وحلe محلهم ض$$باط ج$$دد أص$$غر س$$نا ت

قيادة األفرع الرئيسية للقوات المسلحة بدال من هؤالء الذين تقاعدوا، وأعلنوا فى أول اجتماع لهم دعمهم للسلطة الرئاسية الجديدة وعودة القوات المسلحة للتف$$رغ لمهمته$$ا

األصلية فى حماية سالمة واستقالل التراب الوطنى. وفى نفس اليوم أقسم سعيد الدكرورى اليمين الدستورية أمام المجلس الرئاسى كرئيس لحكومة انتقالية ض$$مmت الل$$واء

.القطان وزيرا للدفاع، كما ضمmت وجوها جديدة فى كل الوزارات – عدا وزيرة التعاون الدولى التى احتفظت بموقعها

كان واضحا للجميع منذ اليوم األول أن المجلس الرئاسى هذا ليس أكثر من واجهة، بالكاد، للحكم العسكرى. لكن رد الفعل كان خافت$ا. اس$تقر اإلخ$وان فى الس$جون وخفتت

احتجاجات قواعدهم سريعا، ولزم السلفيون الصمت وفقا التفاقهم مع العس$كر، وباس$تثناء اإلدان$ات اللفظي$ة وبعض الوقف$ات االحتجاجي$ة الرمزي$ة لم يفع$ل أح$د من الق$وى

ين سينهك كال منهما اآلخر. وكان تدخلهم إلى جانب اإلخوان سيجعلهم -إن انتص$$روا على العس$$كر- vذكر، إذ قرروا النأى بأنفسهم عن صراع بين ديناصور[ الثورية والمدنية شيئا ي

يعودون إلى دور األخ األصغر الذى سئموه، فقرروا بدال من ذلك االكتف$اء بمظ$اهر االحتج$اج، م$ع ترك$يز ط$اقتهم فى تنظيم ص$فوفهم من جدي$د اس$تعدادا لمواجه$ة م$ع أح$د

الديناصورات فى ما بعد. وقد كان. أما عموم الشعب فقد انتابتهم راحة، جزء منها نتيجة هدوء الفزع الذى أثاره المتطرفون خالل عام[ى الثورة، وجزء منها ألن ذل$$ك ب$$دا كأن$$ه

�رون أمرهم فى إطارها. وكذلك كان موقف المجتمع الدولى مائع$$ا، فق$$د وف$$ر المجلس الرئاس$$ى غط$$اء عودة للحياة الطبيعية، تلك التى اعتادوها ويعرفونها ويعرفون كيف يدب

[ج� إلى غط$$اء وأع$$ربت وجه للحكومات األجنبية التى تتبنى تأييد الديمقراطية كسياسة لها، فاعتبروها خطوة فى االتجاه السليم، أما الحكومات ذات الوج$$ه المكش$$وف فلم تحت

.عن سعادتها بعودة االستقرار لمصر

وسط هذا اإلذعان العامe عاد الحكم إلى القصر الرئاسى. وتم تعيين المقدم المنيسى رئيسا لديوان رئيس الجمهورية، وطلب منى القيام بوظيفة سكرتير الرئيس للمعلومات.

|م[ قبلتv ألجبتك بأنى صدeقتهم، وأملت أن تكون هذه الفترة مرحلة انتقالية حقيقية تصح�ح األخطاء التى وقع فيها المجلس وبعد تفكير لم يطvل قبلت بالمهمة. لو سألتنى وقتها ل

القديم وتضع البالد على الطريق السليم. وأيدنى فى هذا عزالدين فكرى. حتى محمود شجeعنى على قب$ول الوظيف$ة المعروض$ة علىe، رغم أن$ه لم ي$ر[ فى م$ا ج$رى أك$ثر من

بين فى آن واحد. لكن بشكل أو بآخر كنا نأمل فى أن يكون لوج$$ودى داخ$$ل الحلق$$ة الض$$يقة انقالب عسكرى قامت به الدرجات الوسطى ضد القيادات العليا والمدنيين المنتخ[

لصنع القرار أثر إيجابى على مجريات األمور. كذلك أستطيع لوم أم�ك على هذا، أو حتى لوم$$ك أنت، وأن أدmعى أن قب$$ولى بالوظيف$$ة ه$$ذه ج$$اء من ب$$اب الش$$عور بالمس$$ؤولية

عنكما، والرغبة فى توفير نفس مستوى الحياة واألمان والحماية الذى اعتدتماه، خصوصا وأنت فى بداية مرحلة المراهقة الحرجة ووس$$ط بل$$د متقلب. لكن ه$$ذا غ$$ير حقيقى،

!فقد صار جدك وزيرا للدفاع فى بلد يحكمه العسكر، فأى حماية أكثر من هذه؟

لكنى حين أفكر اآلن فى األمر، أعتقد أن قبولى هذه الوظيفة لم يكن فقط لهذه األسباب، بل ألنى خفت. خفت أن أخرج من القصر الرئاسى إلى ع$$الم ال أعرف$$ه. ص$$حيح أن

الثورة فتحت لى آفاقا كنت أجهل وجودها، وجعلتنى أكتشف م|صر أخرى غير تلك التى عرفتها من قبل. وصحيح أن ذلك فتح فى حياتى أبوابا لبهجة جدي$$دة علىe، وص$$رت أرى

حياتى القديمة ضيقة ومحدودة وأتعجeب كيف قضيت أربعين عاما فى هذا اإلطار الخانق. لكن حين جاءت لحظة االختيار بين أمان ما أعرفه واعتدته، والمجهول، خفت الخروج

ل، من المكان الوحيد الذى أعرف فيه األمان، خفت أن أضيع إن تركت العالم الوحيد الذى لى فيه قيمة وأصبح عالة على أصدقائى أو حماى. بالمقارنة مع هذا الضياع المحتم$$[

|لت [مm قب .كان المقدم المنيسى يعرض علىe الجلوس بجوار العرش، وربما القدرة على التأثير فى قراراته. ومن ث

mين، هة إلى مدنيين واألحكام الصادرة بحقهم من القض$$اء والنياب$$ة العس$$كري mالمولد فى وزارة الدفاع. تم إسقاط جميع التهم الموج eومع عودة الحكم إلى القصر الرئاسى انفض

[ق، ولم يعvد أح$$د يس$مع عن العس$كريين ش$$يئا. أم$$ا الس$يد vعيد[ الحظر على نشر أى أمر يتعلق بالقوات المسلحة دون إذن مvسب وانسحبت الشرطة العسكرية من الشوارع، وأ

.وزير الدفاع، اللواء القطان، فقد توارى عن المشهد السياسى برمته مركزا جهده كله على »تطوير« القوات المسلحة. ولم أفهم ماذا كان يفعل حتى وقت متأخر

وفى إطار تطعيم السلطة بالمدنيين من أبناء الثورة عرض المقدم المنيس$ى على عزال$دين فك$رى ت$رك الجامع$ة والعم$ل متح$دثا رس$ميا باس$م المجلس الرئاس$ى. ناقش$ه

mد له أنه لن يكون مج$رد ب$وق للمجلس الرئاس$$ى وإنم$ا سيش$ارك فى وض$ع السياس$$ة نفس$ها كى يتمكن من عزالدين كثيرا فى هذا العرض، فى حضورى، محاوال إقناعه. وأك

الدفاع عنها. شرح له أن المطلوب ليس متحدثا رسميا بالضبط وإنما مستشار، سياسى وإعالمى، يشارك فى صياغة القرارات كى تلقى قبوال من الناس. وبدا أن األمر ي$$روق

لعزالدين، لكنه رفض العرض فى النهاية. وحين سألته على انفراد قال إن لديه أشياء أخرى أكثر أهمية يفعله$ا. س$ألته م$ا هى، فأج$اب بثق$ة: »اإلع$داد لالنتخاب$ات المحلي$ة«.

.استغربت، ولم أفهم إال متأخرا

ومع إحكام قبضة العسكريين على البالد واختفائهم من المشهد فى نفس الوقت بدأت الناس تشعر باالستقرار والطمأنينة التى افتقدوها لسنوات. حتى ندا، أم$$ك، ع$$ادت إلى

[مة، وعدت أنت للذهاب إلى المدرسة كل يوم دون إجازات ممتدة، وتوقف إبراهيم زوج أختى عن التخطيط للسفر إذ عادت السياحة بسرعة لالنتع$اش. ك$أن ابتساماتها المvحك

الجميع كان متعطشا للعودة إلى هذه الحياة. حتى محمود وسالى عادا لبعضهما البعض مرة أخرى، وتوسعت سالى فى مؤسستها اإلعالمية وساعدها محمود فى ذلك. كما بدأ

المجلس الرئاسى مشاورات مع القوى السياسية لكتابة دستور جديد وإعداد قانون لالنتخابات، وبدا لعدة شهور أن كل شيء يسير فى طريقه بهدوء… لكن ه$$ذا اله$$دوء ك$$ان

…أكثر هشاشة مما ظننت

ع.ش.فشير

-------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة العشرين

ك القRRوى السياسRRية المدنيRRة ومؤيRRديها كRRان تحRRرك tرRRر من تحRRاألخط السلفيين.. فهؤالء قبcلوا التعاون مع العسكر مقابل تغيير نصوص محRRددة

فى الدستور ، بحادثة أمنية بجوار أرض اللواء. توجه مسؤولون من المحافظة مدعومين بقوة من الشرطة إلى منطقة قريب$$ة2013 مارس فى العام التالى، 21بدأت سلسلة األزمات فى

من أرض اللواء لتنفيذ أمر إزالة لخمس عمارات أقيمت دون ترخيص على أراض\ زراعية. حاول أصحاب العم$ارات تأجي$ل تنفي$ذ ق$رار اله$دم لكن الق$وة مض$ت فى طريقه$ا،

فاستنجد أصحاب العمارات بمالكى الشقق وأهاليهم لمنع القوة من هدم البيوت، وتطور األمر إلى اشتباكات وق$$ع فيه$$ا ثالث$$ة قتلى، اثن$$ان منهم من ق$$وة الش$$رطة. انس$$حبت

الشرطة لكنها عادت فى الليل للقبض على الجناة، فوجدت األهالى متحصنين بالعمارات، ووقعت اشتباكات أكبر أدmت إلى ت$$دخVل مزي$$د من األه$$الى ح$$تى أص$$بح موق$$ف ق$$وة

الشرطة حرجا. فاستنجدت القوة بوزارة األمن الداخلى التى أرسلت تعزيزات إلنقاذ الموقف. وفى خالل أربع وعشرين ساعة تحول الوضع فى أرض اللواء إلى حرب، وسقط

ضحايا كثيرون من الجانبين، ومع سقوط الضحايا اشتعل الموقف أكثر وامتدe ليشمل مناطق ناهيا وصفط اللبن وبوالق الدكرور حتى كفر طهرمس. ثم أعلنت جماعة مجهول$$ة

عن اختطاف دورية شرطة تضمe أربعة ضباط بينهم عميد، وخمسة عشر جنديا بأسلحتهم وسياراتهم. وكردe فعل لذلك طوقت الشرطة المنطقة الواقعة غرب ش$ارع الس$ودان

بأكملها، وأقامت المتاريس وبدأت حصارا مفتوحا للمنطقة حتى يعود المخطوفون. حاولنا التوسط لدى الخ$$اطفين، ح$$تى إنى اتص$$لت بعف$$اف أس$$الها إن ك$$انت هى أو حس$$ن

يعرفان أحدا له عالقة بما يحدث، فضحكت بمرارة ونفت معرفتها بما يحدث، قائلة إن بيتها بعيد عن األحداث وإن أرض اللواء ال يعرف كل سكانها بعض$$هم بعض$$ا. ح$$اولت م$$ع

أصدقائى الثوريين وغيرهم علe أحدا يستطيع التوسط لكن أحدا لم يقبل الوساطة ونأى الجميع بنفسه عن المشكلة. حتى اللواء القطان رفض تدخVل الجيش فى األزمة، ق$$ائال

.إنها ثقب أسود يمكن أن يبتلع من يدخله. ومن ثم طلبنا من حكومة الدكرورى التعامل مع المشكلة بطريقتها… واستمر الحصار

بعد هذه الحادثة بأيام بدأت االحتجاجات تظهر فى مناطق أخرى من المدينة، هذه المرة ألسباب فئوية تتعلق باألجور أو بأسعار السلع وتوفVرها. كان االحتياطى النقدى قد نف$$د

منذ شهور، ورفضت الحكومة الشروط القاسية التى وضعتها مؤسسات التمويل الدولية ألنها كانت ستؤد�ى إلى رفع أسعار الوقود والخبز أكثر من ض$$عفين، بم$$ا يع$$نى إش$$عال

ت الحكومة إلى تمويل العجز بطبع مزيد من أوراق النقد. لم ينه[ر� االقتصاد، فقد كانت الس$$ياحة eرvيد المساعدة المالية، فاضط eالبلد فورا. وفى نفس الوقت لم يتطوع أحد بمد

§ا واستمر الدخل اآلتى من قناة السويس ومن الصادرات فى تأمين مستوى معقول من الدخل الق$ومى. لكن األزم$ة ك$انت تتزاي$د، ببطء ولكن بش$كل مس$تمر، مستقرة نسبي

�ن ذلك الوضع المالى الحكومة من رفع األجور كما وعد المجلس الرئاسى ،أو إدخال أى إص$الحات فى أى مج$ال، ب$ل على العكس، زاد مثل سفينة تغرق شيئا فشيئا. ولم يمك

التضخVم باط�راد وبدأت شكوى الناس تزداد. لم يكن لدى المجلس الرئاسى -وال العسكر القابعين من خلفه- حل للمطالب الفئوية التى عادت تطل برأس$$ها بق$$وة، فلجأن$$ا إلى

القوى السياسية من أجل التوصل إلى حل لكن أحدا لم يقدم شيئا مفيدا. لم يكن من الممكن االستجابة لهذه المط$$الب، وال قمعه$$ا. فظلت الحكوم$$ة تس$$و�ف وتماط$$ل، مم$$ا

.أطال فترة االحتجاجات واإلضرابات، وبدأت قطاعات أخرى تنضمe إليها

mلة لكتابة الدستور الدائم مشروعها. لم أكن شخصيا راضيا عنه، وال المجلس الرئاسى بمن فيه رئيس$$ه، القاض$$ى العس$$كرى. وأجرين$$ا وفى منتصف أبريل نشرت اللجنة المشك

مناقشات لمسوmدته مع عدد من رموز القوى السياسية سرا، بمن فيهم صديقى عزالدين ومحمود اللذان اكتسبا نفوذا واس$$عا فى أوس$$اط الليبرال$$يين واليس$$اريين. ولم نلمس

رضاء أى م|مmن ناقشناهم عن الدستور المقترح. وشرحت هذا ألعضاء المجلس الرئاسى العسكريين، وللواء القطان وبعض مس$$اعديه ممن أعلم أن لهم نف$$وذا على المجلس.

لكنهم لم يهتموا، وقالوا إن هذه القوى ستعترض فى كل األحوال، ثم سيتقبلونه مع الوقت، ربما بعد تعديل م$ادة أو اثن$تين. لم أقتن$ع، وح$اولت ش$رح وجه$ة نظ$رى لكنهم لم

، وقلت لنفسى دعهم يروا بأنفسهم، وربما كانوا مvح|ق�ين. لكنهم كانوا مخطئين، فقد رفضت جميع القوى السياسية مش$روع الدس$تور ف$ور إعالن$ه، واعت$بروه Vيستمعوا، فصمت

.. وبدأت سلسلة من االحتجاجات والتظاهرات أدهشتنى حيويتها. كنت أظنهم قد نسوا االحتجاجات الشعبية1971مجرد نسخة منقحة من دستور

محمود بشير وعزالدين كان عندهما -كالعادة- تفسير لقوة التظاهرات؛ استكان الجميع للحكم العسكرى على أساس تهدئة الوض$ع وتجمي$ع الص$فوف، أو على أم$ل أن تس$فر

vتهم$$وا mع اختاروا االنتظار حتى يرتاح الشعب ويلتقط أنفاس$$ه، وح$$تى ال ي المرحلة االنتقالية الجديدة عن شىء أفضل. حتى هؤالء الذين وصفوا ما حدث بأنه انقالب عسكرى مقن

.بنفاد الصبر والعجلة. أما اآلن، وقد تمخض الجبل فولد فأرا، فلم يعد لإلحجام من مبرر

Page 16: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

|لوا التعاون مع العسكر مقابل تغي$ير نص$وص مح$ددة فى الدس$تور تجع$ل تط$بيق الح$دود ك القوى السياسية المدنية ومؤيديها كان تحرك السلفيين، فهؤالء قب Vاألخطر من تحر

الشرعية بنصها واجبا )الجلد وقطع اليد والرجم وضرب العنق وغير ذلك( ال استلهام مبادئ أو روح أو مقاصد الشريعة مثلما ينصe مشروع الدس$$تور. العس$$كر الق$$ابعون خل$$ف

المجلس الرئاسى، فى لؤمهم المفضوح، لم يكن لديهم أى نية فى إدخ$$ال ه$ذه التع$ديالت على الدس$$تور، لكنهم ك$انوا يحت$$اجون إلى دعم الس$لفيين فى م$$واجهتهم لإلخ$وان

فرضخوا. أما اآلن وقد حانت ساعة الحقيقة، فقد أسقطوا هذه التعديالت من المشروع، وجvنe جنون السلفيين. أغرقوا الشوارع والميادين فى مشاهد أعادت إلى األذهان أي$$ام

ما قبل االنقالب، ثم بدأ بعض الجماعات السلفية المتناثرة فى حمل السالح ض$د م$ا أس$موه »الحكوم$ة الك$افرة«، ب$دؤوا فى المن$اطق النائي$ة فى مط$روح وال$وادى الجدي$د

vعتقد أنهم هم من اختطف دوري$ة الش$رطة فى أرض الل$واء. وق$د ألmب ذل$ك بقي$ة الش$عب على المجلس وسيناء، ثم ظهرت لهم جيوب فى العشوائيات والمناطق الفقيرة. وي

الرئاسى والعسكر من خلفه، فقد تنازلوا عن جزء من حريتهم وأحالمهم مقابل االستقرار واألمان من الفزع الذى يث$يره فيهم الس$لفيون، واآلن وج$دوا أنفس$هم وق$د خس$روا

.االثنين معا. وهكذا، زاد التذمر من المجلس الرئاسى والعسكر القابعين وراءه يوما بعد يوم

د. ال$وقت ينف$د. ه$ذا م$ا m$لم تكن تلك األزمات بركانا سيفجر الموقف، بل كانت أقرب إلى الساعة الرملية المقلوبة التى تظهر على شاشة الكمبيوتر فى أثناء تنفي$ذ أم$ر معق

كانت تلك األزمات تشير إليه. وسواء فهم العسكر هذا أم لم يفهموه، فإن الناس العاديين فهموا أن عودة تلك األزمات تعنى بداية تبدVد الراحة المؤقتة التى نعم$$وا به$$ا. ومث$$ل

الفئران التى تفرe من السفينة قبل غرقها، شرع إبراهيم زوج أختى فى اإلعداد للسفر. هذه المرة لم تقلل صفية من أهمية ما يفع$ل، ب$ل ق$الت إن عمل$ه من الق$$اهرة أص$بح

صعبا وال يمكن االعتماد عليه، كما أنها تشعر باالختناق، حتى المسجد الذى تعطى فيه دروس القرآن منذ عشر سنوات لم تعvد تستطيع الذهاب إليه بعد استيالء الس$لفيين على

إدارته، بمعرفة المسؤولين فى وزارة األوقاف. ومن ثم وافقت إبراهيم[ على االستقرار فى دبىe مع أوالدهم الثالثة لعامين أو ثالثة حتى تتضح الصورة. ك$ان ه$ذا الق$رار طعن$ة

ذ تهدي$$ده m$$وآخر من بقى لى من العائلة. ومنذ وفاة أبى، ثم وفاة أمى، لم يعد لنا سوى بعضنا. حتى عمر الذى يعيش فى إيطاليا نف eفصفية أقرب الناس إلى . eفى قلبى، ال أقل

بة حافظة القرآن، بسبب السلفيين mوقطع الرسائل القليلة والمكالمات النادرة التى كنت أتلقاها منه. لم يكن لى أحد سواها، واآلن سترحل أختى المحج!

لم تعل�ق أمك على قرار صفية، وإن قالت نظرتها بجالء ما يدور فى ذهنها. وأصبحت تصرe على اصطحابك بنفسها إلى المدرسة والذهاب إلحض$$ارك. وكنت أنت أيض$$ا مندهش$$ا

ر الموض$$وع e$$ل شيئا. اللواء القطان، الذى صرت أدعوه سيادة الوزير، كان حذرا فى تفاؤله. وعند الحديث عن المستقبل والسفر واالستقرار كان يغيvمن ذلك، لكننا كلينا لم نق

ويقول إن لكل وقت أذانا. وقد عزونا ذلك إلى انشغال ذهنه بالواجبات اليومية للوزارة وعدم استعداده إلنفاق وقته أو تركيزه على أمور بعيدة. فمنذ تعيينه وه$$و يعم$$ل تقريب$$ا

ثمانى عشرة ساعة فى اليوم، إذ بدأ عملية إعادة تنظيم شاملة، خصوصا مع إحالة كل الضباط األقدم منه إلى التقاعد ف$ور تعيين$$ه. احتف$$ظ لنفس$ه برتب$$ة الل$واء، وقل$ل ع$دد

اللواءات العاملين، فى حين نقل كثيرا من المسؤوليات القيادية إلى رتب أصغر كى يفتح الباب لمشاركة أكبر من الرتب الوسيطة فى إدارة الجيش. وق$$د أدmى ذل$$ك إلى ض$$خ�

دماء جديدة فى كل مواقعه تقريبا، وإلى استبعاد كثيرين أيضا. وفى حين احتفظ قادة األفرع الرئيسية بالس$لطة الحقيقي$ة فى البالد، ف$إنهم حرص$وا على ممارس$تها من خالل

.المجلس الرئاسى، ولم يظهر أحد منهم على شاشة تليفزيون أو يصدر تصريحا أو حتى -فى حالة بعضهم- عvرف له اسم

أما المجلس الرئاسى الذى عملت معه فقد أصبح هاجسه الرئيسى هو كيفية التصرف حيال األزمات التى تمتدe كل يوم لتضمe قطاعات جديدة. كنا نشعر أننا نجلس فوق قم$$ة

ماكينة ضخمة تتيبmس أجزاؤها يوما بعد يوم وتتوقف عن العمل تدريجيا دون أن يكون لدينا المال أو القدرة على إصالحها. وكلما حاولن$ا إع$ادة تش$غيل ج$زء توق$ف ج$زء آخ$ر.

أجرينا كثيرا من المشاورات، واالجتماعات، والمقابالت، بهدف جمع أكبر قدر من المقترحات. ومر بين يد[ىe مئ$$ات الم$ذكرات ال$$تى تحم$ل أفك$$ارا ومش$روعات لمواجه$ة ه$ذا

التذمر المتزايد بين فئات الشعب. معظم هذه االقتراحات سقيم وجاهل كمن كتبه، وبعضها فيه رمق من فائدة. لكن الكارثة الكبرى ك$$انت علمى الت$$امe أن المجلس الرئاس$$ى

هذا لن يفعل شيئا لتهدئة التذمر، ال ه$و بأعض$ائه الخمس$ة الض$عاف الت$ائهين، وال الق$ادة العس$كريون المخت$بئون وراءه. ال الم$ال عن$دهم، وال الرؤي$ة، وال التأيي$د، وال الق$درة

[مm لم يكن أمامهم إن أرادوا تجنب السقوط فى الفوضى سوى اللجوء إلى تشديد القبضة األمنية. وكانت وزارة األمن الداخلى قد تم إعادة تنظيمها وتسليحها السياسية. ومن ث

[وصmل إليه اللواء القطان مع الجانب األمريكى، تم بمقتضاه توجيه جزء من المساعدات العسكرية لتمويل إع$$ادة بن$$اء الش$$رطة وبقي$$ة أجه$$زة وتجهيزها بناءl على اتفاق خاصe ت

األمن. وباكتمال هذه العملية، ظل وزير األمن الداخلى يتحين الفرصة الستعادة سيطرة وزارته على األمور. وهو األمر الذى كان الل$واء القط$ان وبقي$ة زمالئ$ه يش$ج�عونه على

.القيام به

ع.ش.فشير

----------------------------------رواية باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الحادية والعشرين

ى األمن الداخلى والدفاع. لك$$نى حين ه$$اتفت ظللنا ليلتها جالسين ال نفعل شيئا. طلب القاضى الرئيس منى تنظيم اجتماع للمجلس الرئاسى بحضور الدكتور الدكرورى ووزير[

اللواء القطان اعتذر لعدم الحضور باعتبار القضية تخصe األمن الداخلى

ا رأيت أن محتوي$ات الورق$ة لم تتغ$ير بع$د m$$م] [ىe غير مص$$د�ق. ول vلتراس. نظرت فى الورقة التى جاءتنى وفركت عين كنا فى االجتماع اليومى المسائى حين جاءتنا أنباء هجوم األ

mين، العميد هشام والعميد مدحت. تش$$اركا النظ$$ر فى الورق$$ة وب$$دأ ص$$وتهما الفرك أعطيتها للرئيس. نظر القاضى المبجmل فيها مطوmال ثم أعطاها بملل ظاهر لزميليه العسكري

m يسأالن عن محت$وى الورق$ة، لكن العمي$د م$دحت لم يفلته$ا من يرتفع بالسباب وقاما واقف[ين وهما فى منتصف القراءة. العضوان المدنيان، الدكتور سيد والدكتور رفعت، ظال

يده وقام خارجا يتصل بالتليفون وتبعه العميد هشام وهو يسبe الدين. أمسك القاضى رأسه بكلتا يديه وأخذ ينظر إلى المنضدة فى ص$$مت. ال$$دكتور س$$يد يس$$أل القاض$$ى فى

mه الدكتور سيد أنى مصدر الورق$$ة [نب رتابة عما حدث، فال القاضى يرد وال الدكتور سيد يكفe عن السؤال، فى حين قام الدكتور سعيد يسعى خلف العميد مدحت وهشام. أخيرا ت

vلتراس« المحظور بقت$ل اث$نى عش$ر ض$ابطا وثماني$ة من الم$دنيين ه$ذا المس$اء خنق$ا فسألنى عما فيها. قلت له: وزير األمن الداخلى يفيد بقيام عناصر من تنظيم »كتائب األ

ة القتلى فأك$$دت ل$$ه أنهم هم ال$$ذين س$$بق ت$$برئتهم فى قض$$ية أح$$داث مب$$اراة األهلى m$$ويvبكوفيات عليها عالمة النادى األهلى، ونشر صور القتلى على اإلن$$ترنت. س$$ألنى عن ه

…والمصرى

.هكذا بدأت سلسلة الكوارث

ى األمن الداخلى والدفاع. لك$$نى حين ه$$اتفت ظللنا ليلتها جالسين ال نفعل شيئا. طلب القاضى الرئيس منى تنظيم اجتماع للمجلس الرئاسى بحضور الدكتور الدكرورى ووزير[

mن لى فى ما بعد أن$ه ك$ان مجتمع$ا م$ع الل$واء [بي اللواء القطان اعتذر لعدم الحضور باعتبار القضية تخصe األمن الداخلى. أما وزير األمن الداخلى فلم أتمكن من العثور عليه، وت

القطان فى بيته. حتى العضوان العسكريان، مدحت وهشام، لم يعودا إلى مبنى الرئاسة، فلم أر[ ضرورة لالتصال بالدكرورى. وظللنا نحن األربعة: األعض$$اء الرئاس$$يون الثالث$$ة

.وأنا، ننتظر حدوث شىء، حتى قاربت الساعة منتصف الليل، فقرر القاضى تأجيل االجتماع إلى الغد. وكان هذا قراره الوحيد تلك الليلة، واألخير

mت هجوما مباغتا على المنش$آت النووي$ة اإليراني$ة، ويطلب م$نى الحض$ور لم نجتمع فى الصباح، ففى الرابعة صباحا أيقظنى اللواء القطان بالتليفون ليقول لى إن إسرائيل شن

[ردmد الحديث عن مثل هذا الهجوم لسنوات حتى اعتدناه واس$تبعدنا وقوع$ه، لكن$ه وق$ع. وكنت أعلم أن ه$ذه كارث$ة، ليس فق$ط على إي$ران vسق|ط[ فى يدي؛ ت فورا إلى مكتبه. أ

كله فى ذهنى فى أقل من ثانية، وسألت القطان إن ك$ان يري$دنى أن أبل$غ المجلس الرئاس$ى فق$ال إن هش$ام وم$دحت والمنطقة، بل على استقرار مصر نفسها. و[م[ض[ ذلك

عنده، وإنه سيبلغ الباقين فى ما بعد لتفادى البلبلة. أقص عليك هذه التفاصيل لتعرف كيف كانت تدار األمور فى أثناء هذه الفترة. كنت قد اعتدت ه$$ذه الطريق$$ة؛ س$$ألته وأن$$ا

.أتوقع إجابته. حتى الثالثة اآلخ[رون، القاضى وشريكاه، كانوا قد اعتادوها

ذهبت إلى الوزارة فوجدت القطان مع كبار مساعديه فى »غرفة العمليات«، وهى قاعة اجتماع$ات ك$برى به$ا خرائ$ط كب$يرة وبعض الوس$ائل اإللكتروني$ة البس$يطة. جلس$ت

أستمع إلى الشرح، وأدركت لحظتها أن الكارثة قادمة ال محالة. نظرت إلى الواء القط$ان فوج$دت وجه$ه ش$احبا ومالمح$ه متجم$دة، فع$رفت أنى لس$ت وح$دى فى تق$ديرى

المتشائم. استمر القصف اإلسرائيلى إليران لمدة أربعة أيام، واتهم السلفيون واإلخوان حكومة الدكرورى والمجلس الرئاسى بالتواطؤ مع إسرائيل. وأقول لك كشاهد إن هذا

غير حقيقى، بل إن اللواء القطان ظل يسبe فى األمريكان واإلسرائيليين ويصفهما بالخسة والخداع، حيث أعطته كلتا الدولتين تأكيدات بع$$دم نيتهم$$ا ش$$نm مث$$ل ه$$ذا الهج$$وم.

وبعد أربعة أيام من تلق�ى الضربات بدأت إيران تردe من خالل حزب الله فى لبنان الذى أمطر حيفا وتل أبيب بوابل من الصواريخ، فقامت إس$رائيل بقص$ف األراض$ى اللبناني$ة.

وحين انضمmت حركة حماس إلى المعركة من غزة ردmت إسرائيل بقصف وحشى للقطاع حتى الحدود المصرية، وأشاع السلفيون واإلخوان أنها قصفت خ$$ط الح$$دود بالكام$$ل،

بل وتجاوزته فى مطارداتها لعناصر حماس وهى تحاول االختباء فى األراضى المصرية، واتهموا مرة أخرى المجلس الرئاسى وحكومة الدكرورى ب$$التواطؤ، لكنهم ه$$ذه الم$$رة

كانوا على حق. لم يكن األمر تواطؤا بالضبط، بل غيابا للخيارات. لم يكن هناك شىء يمكن فعله: ال نستطيع مطاردة عناصر حم$اس أو منعه$ا من ال$رد على قص$ف إس$رائيل

Vهمنا بالقتال إلى جانب إسرائيل. كما ال نستطيع منع اإلسرائيليين من القيام ب$ذلك بأنفس$هم وإال اعتبرون$ا طرف$ا فى القت$ال معهم. وكال األم$رين يس$تحيل علين$ا للقطاع وإال ات

.التورط فيه، فتركنا كليهما لآلخ[ر

ثم بدأت الصواريخ اإليرانية نفسها فى الهطول على إسرائيل، وعند هذه النقطة تدخلت الواليات المتحدة مباشرة فى القتال. وأستطيع أن أقول ل$$ك إن$$ه حين وق$$ع ذل$$ك، فى

اليوم السابع للحرب، أدركنا -اللواء القطان وأنا- أن نظام الحكم فى مصر قد دخل أيام$ه األخ$يرة. خرجن$ا من االجتم$اع وأخ$ذنى على جنب وطلب م$نى الع$ودة إلى الم$نزل

، وتناقشنا دقائق معدودة لكن كان عليه الذmهاب فلم نكمل الحديث، وظل يش$$ير وإعداد نفسى وندا وأنت للسفر. حدقت إليه مذهوال فأومأ برأسه فى صمت. قلت له إنى باق\

mابته وهو ماض\ .إلى بسب

عبرت السفن األمريكية من قناة السويس على مرأى ومسمع الجميع، واستخدم األمريكان المجال الجوeى المصرىe. أنكرت المتحدثة باسم الحكومة، قائلة إن ذلك تواطؤ فى

قتال ضد دول عربية ومسلمة ال يمكن لحكومة مصرية أن تقوم به. لكن مسؤولين عسكريين أمريكيين أكدوا ذلك فى شهاداتهم أمام الكونجرس بعدها بيوم واح$$د، وأوض$$حوا

أن هذه ترتيبات عسكرية متف[ق عليها بين الجانبين، وتم تفعيلها مرارا. وطبعا أشعلت هذه التصريحات الوضع الداخلى أكثر. اتصل محمود بى فى ذلك المساء نفس$$ه من عن$$د

حسن وعفاف وميرفت فى أرض اللواء، وحذرنى من أن البلد كلها تغلى، وال أحد يعلم من الذى يقود هذا الغضب العارم، ال هو وال أى من التنظيمات الثورية التى يعرفه$$ا. م$$ا

قاله يتفق مع تقديرات أجهزة األمن. لكن ال أحد لديه مخرج أو حل. أخبرته بذلك فارتاع أكثر، وصمت لحظة ثم نصحنى -إن كان الحال كذلك- باالستقالة علنا، فورا. ولما قلت

له إنى ال أستطيع التخلى عن عملى فى أشد األزمات أهمية اتهمنى بالغباء والجبن، وأغلق الخط. اتصلت بعزالدين فوجدته هادئا، وسألته عن رأي$$ه فق$$ال إن وقت اآلراء ف$$ات

ولم يعد هناك ما يمكن عمله، فهذا هو االنفجار الذى طالما حذر منه هو والقوى المدنية، وهو انفجار ال أحد يعرف من الذى يسيطر عليه، إن كان أحد يسيطر عليه. ثم نصحنى

.بالرحيل بأسرع وقت من الرئاسة والبقاء فى البيت

Page 17: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

لكنى لم أرحل. كيف يمكن لى أن أرحل والسفينة توشك على الغرق هكذا؟ الدكتور سيد، عضو المجلس الرئاسى من حزب الوفد، هو الذى رح$$ل. وت$$ذكرت ف$$ئران الس$$فينة

حين علمت. حاول العسكريون »إقناعه« بالعدول عن االستقالة لكنه رفض فى صالبة لم أر[ لها أثرا لديه قبل ذلك اليوم. ثم تبع$$ه العض$$و الم$$دنى اآلخ$$ر ب$$المجلس الرئاس$$ى،

ؤ[ها من المجلس الرئاسى وترتيبة الحكم القائم الذى عاد عسكريا عاريا كما ولده من Vل حزب التجمع المفصول من حزب التجمع. وشيئا فشيئا أعلنت القوى السياسية تبرe ممث

أقاموه. ومع استمرار العمليات العسكرية فى الخليج ولبنان وعلى الحدود، تراجعت قوة الرد اإليرانى وبدا واضحا أنها ستنكس$$ر فى النهاي$$ة، مم$$ا أش$$عل غض$$ب المتظ$$اهرين

أكثر. وتزايد احتشاد المظاهرات المنددة بالعسكر وحكمهم فى ميادين مصر، وأصبح النداء واحدا: سقوط حكم العسكر الذين فشلوا فى السياسة والعسكرية على حد سواء،

vن نعلم من الذى يقود هؤالء الناس، وال ماذا يمكن أن نعطيه لهم كى يهدؤوا. وقبل أن نجد اإلجابة تحولت المظاهرات إلى اضطرابات. وبدأ ذل$$ك -كم$$ا ومحاكمة قادتهم. لم نك

mأ محمود بشير- فى أرض اللواء التى لم تتعاف[ من حربها القريبة مع الشرطة. ثم تبعتها بقية األحياء الفقيرة، ثم العشوائيات المحيطة بالقاهرة وبقي$$ة الم$$دن المص$$رية. لم [نب ت

.يكن ما يحدث ثورة، بل انفجارا كامال

mل$وا هذه المرة انهارت الشرطة فى خالل يومين، رغم التجهيزات والمعدات واألسلحة األمريكية. صبe الغاضبون حقدهم المتراكم على عناصر الشرطة فقتلوا مئ$$ات منهم ومث

أنحاء متفرقة من البالد. وفى محاولة يائسة الحتواء الموقف، أعلن ال$$دكرورى بجثثهم فى مشاهد مرو�عة. وقvطعت الكهرباء بعد أن أسقط الغاضبون أبراج الضغط العالى فى

استقالة حكومته وتكليف وزيرة التعاون الدولى بتسيير أعمالها إلى حين تشكيل حكومة جديدة. لكن ذلك لم يكن له أى أثر على الغضب الش$عبى. وفى الي$$وم الت$$الى ت$وقفت

ان من e$شبكة المياه فى معظم أحياء القاهرة وبعض المدن األخرى، وتوقفت شبكات المواصالت بين المدن بالكام$ل. فى مس$اء ه$ذا الي$وم المش$ؤوم اتص$ل بى الل$واء القط

. أعتقد أن أكثر ما صدمنى أنه اصطحب زوجتى vدمتvهم إلى أثينا قبل إغالق المطار. صVق|لv المطار ومعه ندا وأنت، وطلب منى الحضور فورا للحاق بالطائرة العسكرية التى ست

mنى وابنى دون أن يسألنى، بل رغم معارضتى للفكرة من قبل. والذى صدمنى أكثر هو ذهاب ندا بك[ دون أن تحدثنى فى األم$ر. رفض$تv ال$ذهاب، وقلت ل$ه إنى س$أبقى، فس$ب

[ه وقال إنه ندم كل يوم فى السنوات الماضية على تزويجى بابنته، لكن ندم$ه الي$وم أك$بر من ندم$ه فى ك$ل األي$ام الس$ابقة، وأغل$ق الخ$ط فى وجهى. ح$اولت ووصفنى بالع[ت

االتصال بأمك فلم أستطع. كان تليفونها مغلقا أو قvطعت الشبكة، ال أدرى. اتصلت بصفية ثم بزوجها إب$$راهيم فوج$$دت تليفون$$اتهم جميع$$ا مغلق$$ة. جلس$$ت فى مكت$$بى بالقص$$ر

|م[ تتحق$ق ك$ل النب$وءات الرئاسى فى مصر الجديدة وأنا ال أصدق ما يحدث. هناك فارق كبير بين تحليل الخبراء والسياسيين للوضع وتنبؤاتهم، وأن تح$دث تل$ك األم$ور فعال. ول

.معا؟ فات الوقت

كنت أجلس فى مكتبى ال أعرف ماذا أفعل حين سمعت أصواتا هادرة وتكسيرا، وقبل أن أفهم ما يجرى بالضبط كانت الجموع التى اقتحمت أسوار القص$$ر ق$$د دخلت$$ه وب$$دأت

vنه[ه$$ا. انتزع$$نى أح$$دهم [بقmى. دخل علىe فى المكتب ثالثةª ممسكون بهراوات وأشياء أخرى ال أع$$رف ك فى تحطيم ما تجده فى طريقها والفتك بمن تجده وإشعال النار فى ما ت

eر طعم الس$جادة فى فمى وس$$لة المهمالت تحت ذك من وراء مكتبى وألقانى على األرض وبدؤوا فى ركلى هم الثالثة. ظلوا يركلون$نى ح$$تى فق$$دت ال$$وعى، أو هك$$ذا أظن. أت$[

المكتب تمأل عينى وأقداما تمر من وقت إلى آخر. ثم وجها نظر فى وجهى مليا وقال شيئا وغاب. ثم رائحة حريق، ودخان$ا كثيف$ا. ثم أص$واتا أخ$رى، وب$دأت أس$عل من كثاف$ة

ى على األرض، ثم فقدت الوعى تماما .الدخان. ثم بدأ شخص ما فى جر�

ع.ش.فشير

--------------------------------باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الثانية والعشرون

كان المستشفى يعانى من تدفق المصابين ويعمل بنصف طاقمه وبأدويةط فوضRRى عارمRRة وفى ظRRل انقطRRاع للميRRاه xRRسVة وRRة متناقصRRومواد طبي

والكهرباء واالتصاالت كم الساعة اآلن؟ تقارب العاشرة صباحا. مضى ربع الوقت. ال بأس. ما زال أمامى ثمانى عشرة ساعة؛ أعتقد أنى سأتمكن من سرد القص$ة كله$ا ل$ك. مثلم$ا ت$رى ي$ا يح$يى،

ك V$$تنى أكثر، وتلك التى أظنه$$ا ستمس mعليك األشياء والقصص األقرب إلى قلبى، تلك التى مس eأحيانا أغرق فى التفاصيل وأحيانا أقفز فوق سنوات بكاملها. سامحني، فأنا أقص

[ىe قليال وأح$$اول أن أتوق$$ف وتؤثر عليك أكثر. وسامحنى إن داهمنى الوقت واضطvررت إلى االختصار فى النهاية. سآخذ استراحة قصيرة، ربع ساعة أو شيئا كهذا. سأغمض عين

عن التفكير فى الحكم العسكرى، وفى الثورة، وفى الشحنة النووية القابعة فى حاويات هذه السفينة، وفى الطائرات التى ال ب$د أنهم يجهزونه$ا اآلن لتهب$ط علين$ا فى الفج$ر.

mن من مواصلة هذا الخطاب [ىe قليال كى أرتاح، وأفصل روحى عن كل هذا، كى أتمك .سأغمض عين

أوشكت على الموت فى ليلة أول أغسطس من ذلك العام، ولست متأكدا م[ن ال$$ذى أنق$$ذنى. آخ$$ر م$$ا أذك$ره ك$ان األلم الح$ادe فى ض$لوعى وأحش$ائى، عج$زى عن الحرك$ة،

لوا m$$فض] وشعورى بأن نهايتى حانت، واألقدام التى تأتى وتروح وسلة المهمالت التى تمأل عينى. كان هناك ورقة ممزقة وملقاة داخل السلة وبعض كلماتها تبدو من فتحاتها: »وت

بقبول وافر االحترام«. هذه هى الكلمات، وهى آخر ما رأيته قبل أن أغيب عن الوعى تماما. أخبرنى محمود فى ما بعد بأنه حين سمع بأنباء اقتحام القصر الرئاس$$ى طلب إلى

مجموعة من »الشباب« دخول المكاتب والتأكد من سالمتى إن كنت هناك. لكنهم لم يجدونى، وأبلغوه بأن المحتجين أفرغوا المك$اتب من الع$املين ثم أش$علوا فيه$ا الن$يران.

[وجmه على الفور إلى المستش$$فى ظل يومين يبحث عنى دون نتيجة، ثم شاهدنى أحد أتباعه الشباب فى مستشفى عين شمس مع عشرات ممن أصيبوا فى األحداث، وأبلغه. ت

ط فوض$$ى عارم$$ة وفى ووجدنى فى غيبوبة ودون رعاية طبية حقيقية. فقد كان المستشفى يعانى من تدفق المصابين ويعمل بنصف طاقمه وبأدوية ومواد طبية متناقصة و[س$$�

ظل انقطاع للمياه والكهرباء واالتصاالت. لم يكن أحد يعرف ما بى بالضبط، فأخرجنى من هناك بمعونة أصدقائه ونقلنى إلى شقة أحدهم فى ميدان الج$$يزة بعي$$دا عن األعين

حتى تهدأ األمور. لم تكن إصاباتى الظاهرة بالغة: بعض الحروق وضلوع مكسورة وغيبوبة أفيق منها ثم أعود إليه$ا. أتى بطبيب$ة ش$ابة فحص$تنى وأعطت$ه تعليم$ات العناي$ة بى،

ووجد صديقه الشاب، عبده، ما يحتاج إليه فى صيدلية محطمة األبواب بجوار مستشفى أم المصريين. كان البقاء فى هذه الشقة أفضل وأكثر أمانا من المستشفى من وجه$$ة

.نظره، وكان محقا فى ذلك، فعلى األقل لم يأت| أحد للبحث عنى أو القبض علىe أو حتى لقتلى، مثلما حدث آلخرين ممن كانت وجوههم معروفة للمحتجين الغاضبين

vك الحvمmى، فتظلe تنام وتستيقظ وال تعرف إن كنت[ نائما فعال أم يقظ$$ا، وأحيان$$ا تش$$عر ك$$أن أج$$زاء من جس$$مك vص|يب مرت هذه األيام ككابوس متصل. هل تعرف شعورك حين ت

تغادرك، أو تريد المغادرة، ويأتى أناس داخل غرفتك وداخلك وحولك وال تعرف م[ن هؤالء وال ماذا يحدث لك. هكذا ظللت أيام$$ا طويل$$ة، اختل$$ط اللي$$ل والنه$$ار فيهم$$ا، ولم أكن

أعرف هل الحرارة التى أعوم فيها من داخلى أم حر أغسطس الخانق فى تلك الشقة. واألصوات: هدير ال ينقطع وأبواق سيارات وقرقعات أخرى، تأتى وتذهب، كأنه$$ا تح$$دث

داخل رأسى، أكاد أشعر بدبيبها يجرح مخى ويعتصر جمجمتى. ثم سكون، ثم تعود مرة أخرى. والعرق. أحيانا أشعر بقط$$رات الع$رق تس$ير أس$$فل عنقى، على كتف[ىe ثم أعلى

ظهرى. تمضى ببطء كأنها شفرة صغيرة تشق جلدى. وأحيانا أشعر كأنى أغوص فى فراش مشبع بالماء. وعبده، صديق محمود ساكن الشقة. كان وجهه أول ما أت$$ذكر رؤيت$$ه

[فضmلوا بقبول وافر االحترام«. وجه أسمر نحيل، حليق، المع السمرة، وشعره شديد السواد وخشن، وعيناه متسائلتان فى دهشة طبيعي$$ة. ينظ$$ر إلىe بعيني$$ه العميق$$تين بعد »وت

[ىe وال أستطيع. ثم ي$أتى اله$دير من ناحي$$ة ، أحاول إغماض عين eعن التحديق إلى eى أو الغيبوبة أو كليهما، أريد أن أصرخ به أن يكفmمvوتساؤله هذا لفترات طويلة، وأنا حبيس الح

vخر|جه الضوضاء من تحديقه فيذهب إلى النافذة ويغلقها، لكن الضوضاء تستمر. هذا الهدير ال يأتى من النافذة، بل من الجدار ذاته، بل من رأسى نفسه. وأحيانا النافذة. أحيانا ت

ال يتحرك رغم الضوضاء والهدير. وأرغب بشدة فى الغرق فى سكون وظالم ولو كان أبديا، أى شىء أفض$ل من ه$ذه الدوام$ة، ومن ه$ذا الع$رق ال$ذى يغرق$نى. وفى النهاي$ة

.أستسلم لما يحدث لى، وعندها أسقط فى هوة سحيقة من السكون والظالم. حتى يعيدنى شىء ما إلى ذلك الهدير، والعرق، وإلى وجه عبده

ورأيت وجه محمود كثيرا، ال أعلم إن كان حلما أم علما، لكن كل المرات كانت متشابهة. أرى هيئته فى آخر الغرفة. يضع أش$$ياء على منض$$دة فى الزاوي$$ة البعي$$دة ثم ي$$ذهب،

ب وجهه ناحية وجهى ويمعن النظر فىe وهو يهزe رأسه مبتسما. يمد يده ليربت على رأسى وأشعر بها ثقيلة كأنها ترجe عالمى كله. وأريده أن يرفع يده عنى لكن$$ه ويعود. ثم يقر�

يبقيها ويمسح على شعرى فأدوخ وأختنق أكثر، وهو يبتسم، ثم يمضى. ورأيت عزالدين مرة، وكان وجهه ممتقعا ومالمحه متجمدة وجبينه مقطبا. أط$$ال النظ$$ر نح$$و وجهى ثم

.مضى

وكانت عفاف هناك أيضا، كل يوم تقريبا. وأحيانا ميرفت أختها. عفاف كانت تطعمنى. أذكر أنها كانت ترفع رأس$$ى على وس$$ادة إض$$افية وتجلس بج$$انبى وتطعم$$نى حس$$اء، أو

تحاول. أحيانا كنت أراها مبتسمة وأحيانا أخرى مقطeبة، وكثيرا مرتبكة تمسح أشياء أو تجمع أشياء من فوق الفراش. وأحيانا بال طعام، ممسكة بقطعة باردة من القم$اش على

جبهتى، أو رقبتى، أو صدرى. وأحيانا قطعة من القماش الجافe تمسح العرق المتصبب. وأحيانا كنت أراها مستلقية بجوارى على الفراش، ملتصقة بى، وحين أمعن النظ$$ر فى

ق غامر، وخانق، وأنفاسها تخرج فى وجهى وتمنع عنى الهواء، ثم أراها رابضة فوقى تضغط على بك$$ل وجهها ال أجدها عفاف بل ميرفت، وأشعر بلحمها ملتصقا بلحمى فى ع[ر[

، أو محمود يبتسم، أو عفاف تحاول إطعامى eوأفتحهما فأجدنى وحدى فى الغرفة، أو أجد عبده يحد�ق إلى eى] vخر|ج روحى من حلقومى، وأغمض عين .أجزاء جسمها كأنها ست

.وفى وسط كل هذا يستمر الهدير فى نحر خاليا رأسى

.أسوأ ما فى الكابوس أنك ال تستطيع له دفعا

فى األسبوع الثالث من أغسطس، بدأت أوقات يقظتى تزيد وتستقر، وأوقات الكابوس المستمر هذا تتراجع حتى اقتصرت على الليل. فهمت أين أن$$ا، وب$$دأت أغ$$ادر الف$$راش

ه المعدنى لجدار الشرفة، والمروحة المعدني$$ة المثبت$$ة فى س$$قف الغرف$$ة، وص$$وت مح$$رك الثالج$$ة من vور vقليال. تبينت مصدر الهدير المستمر، وهو كوبرى الجيزة المالصق س

mن أن عب$$ده ش$$خص حقيقى، ه$و ص$ديق لمحم$ود من »الش$باب«، ليس ثوري$ا بالض$$بط لكن$$ه بي المطبخ المجاور. محمود كان يأتى مرة أو اثنتين أس$$بوعيا لالطمئن$$ان علىe. وت$[

[طوmع إليوائى فى شقته الصغيرة هذه. وظلت عفاف تأتى يوميا للتأك$د من أن ك$ل ش$ىء على م$ا ي$رام. تم$ر ع$ادة فى يساندهم، وكان معهم يوم وجدونى فى المستشفى فت

الرابعة أو الخامسة بعد الظهر. سألتها إن كانت تأتى من عملها بالمحافظة فضحكت وهى تهز رأس$ها وص$متت لحظ$ة ثم ق$الت »أى محافظ$ة؟«، وفهمت منه$ا بع$د ذل$ك أن

ل لى ش$$يئا، وظلت v$$دواوين الحكومة كلها متوقفة عن العمل منذ بدأت االضطرابات فى أول أغسطس. ميرفت أيضا كانت تم$$ر ولكن م$$رة أو اثن$$تين، وبص$$حبة عف$$اف. لم تق

Vن ما حدث بيننا، إن كان قد حدث شىء، لكنها لم تنظر إلىe أبدا .نظراتها كما كانت دوما، زائغة وغير مستقرة على نقطة معينة. حاولت تبي

Page 18: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

بنهاية األسبوع األخير من أغسطس بدأت أسترد عافيتى، وصرت أتناول طعاما عاديا ودون مساعدة، وبدأت أتنقل فى الشقة دون نوبات دوار أو أى من األعراض ال$$تى ك$$انت

تبقينى فى الفراش معظم الوقت خالل األسابيع الفائتة. لكنى ظللت راغبا عن الحديث، وال أجيب من يكلeمنى إال بإيم$$اءة أو نظ$$رة. لم يكن لى أى رغب$$ة فى الح$$ديث. تراج$$ع

.طرق الهدير داخل رأسى، ولم أكن أريد سوى الصمت

أخبرنى محمود باختصار بما وقع خالل الشهر المنصرم: االضطرابات التى اندلعت فى كل المدن تقريبا كانت بال سيطرة، بال قيادة، وبال مطالب مح$ددة. ولم يق$$ف فى وجهه$ا

شىء. الشرطة التى حاولت فى البداية تم تمزيقها إربا فآثر قادتها إنقاذ ما تبقى لها من قوة وانزوت فى معسكراتها البعيدة، وحتى تلك لم تسلم من الهجمات تماما. الجيش

[مm تفادى الدخول فى مواجهة مع الجم$$وع الغاض$$بة، ثم أخلى ك$$ل معس$$كراته الموج$$ودة قرر رئيس أركانه فى لحظة من الحكمة عدم التدخل ونأى بنفسه عن األحداث ومن ث

.داخل المدن لتفادى أى احتكاكات

قال محمود أن المصالح والخدمات كلها تقريبا معطلة، وأن اضطرابات أخرى اندلعت: سرقات وأعمال نهب وقتل. بدأت هذه األعمال ضد البن$وك والمحالت التجاري$ة الك$برى

وبعض المؤسسات العامة ثم امتدت إلى أمالك األفراد، خصوصا المناطق الغنية حيث اقتحم كثير من أهالى العشوائيات واألحياء الفقيرة، بل وكثير من الش$$باب ال$$ذى ال يج$$د

سكنا، الفيالت فى األحياء الجديدة حول القاهرة، ثم الشقق الخالية داخل المدن. لم يكن هناك شرطة ب$$المعنى المفه$$وم، ب$$ل خلي$$ط من اللج$$ان الش$$عبية فى بعض األحي$$اء،

والمجالس العرفية فى الريف وبعض المناطق النائية، وتحولت »كتائب شهداء األلتراس« إلى »حرس ث$$ورى« فى الم$$دن الكب$$يرة، وظلت هن$$اك بقاي$$ا للش$$رطة فى من$$اطق

mل$$وا محدودة. ثم بدأ بعض الخدمات فى العودة ولكن بشكل متفرق ومتقطع. لم تكن هناك حكومة خالل هذه الفترة، فبعد أن قتل المحتجون الدكتور الدكرورى فى مكتب$$ه ومث

بجثته فى شارع قصر العينى، فرe بقية أعضاء الحكومة والمجلس الرئاسى خارج البالد، ولم تتمكن القوى السياسية المتناحرة من تشكيل حكوم$$ة حيث لم يكن ألح$$د س$$يطرة

على الشارع المتفجر غضبا. قال محمود إن الكل ينتظر بلوغ موجة الغضب مداها وبداية انحسارها كى يبدؤوا فى تشكيل حكومة يكون ل$$ديها فرص$$ة للحكم. كنت أس$$تمع إلى

eب للرحي$ل. ثم م$ال علىmأه هذا وأنا غارق فى الصمت، وأتساءل إن لم يكن كابوس الحمى والغيبوبة أرحم من هذا الكابوس. أنهى محمود حديثه، وأم$ام ص$متى المتواص$ل ت$[

[ل »كتائب حراس الثورة ج مع رموز النظام القديم المطلوب القبض عليهم من ق|ب «.وطلب منى بصوت خافت البقاء بالشقة لدى عبده لفترة من الوقت، ألن اسمى مvدر[

ع.ش.فشير

---------------------------باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الثالثة والعشرون

ذهب كل ما أعرفه ومن أعرفه وعالمى كله. ووجدت نفسى جالسا فى غرفة على كوبرى الجيزة.. ليست لى.. مع شخص غريب األطوار.. فى بلد اجتاحته الفوضى

.أنا عدو الثورة

.أنا من قضى أيام التحرير األولى يحاول دفع مطالب الثورة داخل نظام غاشم وعنيف، ركله الثوار بأحذيتهم حتى كادوا يقتلونه، ولم ينقذه سوى الصدفة

.أنا

تركوا المستبدين، والقتلة، والمفسدين واللصوص، وركلونى أنا بأحذيتهم ح$تى ك$ادت روحى تخ$رج من أحش$ائى. واآلن، يري$د األل$تراس، ال$ذين قمعهم أمن الدول$ة والعس$كر

!والشرطة ورجال األعمال ومجالس إدارات النوادى، يريدون القبض علىe أنا، يريدون المترجم سكرتير المعلومات وكاتب الجلسات

، فسيتمكن هو وأصدقاؤه من إقناع »حراس الثورة« أن ال عالقة لى بأى شىء جرى. قالها وضحك وهو يردف أنى »يا ح$$رام« لم أفع$$ل eوال أغتم eطلب منى محمود أن ال أهتم

شيئا فى حياتى، ال كنت ضد أحد وال مع أحد، وهذا جزاء المحايدين. ومضى وهو يضحك. لكنى لم أجد ذلك مضحكا، البتة. ثم علمت من عزالدين حين أتى لزيارتى أن$$ه يس$$عى

eدهما عبده، أن المس$$ألة مس$$ألة مع بعض رموز القوى المدنية لمراجعة قوائم المطلوبين لدى »حراس الثورة« وهو متأكد من نجاحهم فى حذف اسمى منها. أجمع االثنان، وأي

[حvول دون إتمام أى شىء بسرعة، فال أحد يعرف من يسيطر على ماذا .وقت ليس إال، حيث إن الفوضى ت

لم يعد هذا الحديث يعنينى، فقد كنت كمن سقط سقف بيته عليه وانهار كل ما عرفه فى حياته، ذاهال ومنقبضا وصامتا ومستس$$لما. ك$$ل م$$ا أردت معرفت$$ه ه$$و م$$ا ح$$دث ل$$ك

وألمك، ولحماى اللعين الذى اختطفكما، لكنى لم أصل إلى شىء. اإلشاعات التى نقلها إلىe عب$$ده، المص$$در ال$$دائم للتره$ات، تق$$ول إن الل$واء القط$$ان ذهب إلى أمريك$$ا م$$ع

ين موزعون بين أمريكا ودول أوروبية ال ترتبط باتفاقات تسليم للمجرمين مع مصر. عزالدين ج$$اء لرؤي$$تى وهمس لى ب$$أنكم لس$$تم فى عائلته، وإن بقية أعضاء الحكومة الفار�

أمريكا. نظرت إليه مستفهما فقام وفتح باب الشرفة فأغرق الغرفة فى هدير الكوبرى وجلس بجوارى وهمس فى أذنى بأن إحدى طالباته بالدراسات العليا، س$$ارة رمس$$دل،

فى األصل ضابطة بالبحرية األمريكية وخدمت فى عدة مواقع بالشرق األوسط قبل أن تأتى إلى مصر فى إجازة دراسية، ول$$ديها أص$$دقاء فى مراك$$ز قيادي$$ة بالبحري$$ة ووزارة

.الدفاع فى الواليات المتحدة. وقد أكدت له بشكل قاطع أن اللواء القطان وعائلته ليسوا هناك. ال تعرف أين هم، كما قالت، لكنها ستتيقن من األمر وتبلغه

[حدmث معى وقتها عن مش$روع للعم$ل م$ع وصفية وإبراهيم وأوالدهما؟ كان إبراهيم يتأهب للسفر إلى دبى قبل بدء األحداث، لكن الحرب على إيران قضت على هذه الفكرة. ت

mن أن ه$ذا م$ا ح$دث، لك$نى لم أتمكن من بي عه. كل منهما شخصية صعبة، وخشيت إن عمال معا أن يصطدما فيؤثر ذلك على العالقة العائلية بينهما. ت$[ عمر فى إيطاليا فلم أشج�

االتصال بهما أو معرفة مكانهما إال بعدها بأسابيع. مع ذلك كان عندى شعور أنكم بخير، فلو حدث ألى منكم مك$روه -ال ق$دmر الل$ه- ل$ذاع األم$ر. لك$نى كنت أري$د االتص$ال بكم،

.والحديث مع أمك. أردت أن أفهم كيف طاوعها قلبها أن تفعل هذا بى وبك. أردت أن أسمع منها قبل أن أستسلم لحكم قلبى عليها. ولم أفلح

كانت أضلعى ال تزال تؤلمنى، وظل عندى مشكالت فى معدتى. ومع بدء جسدى فى التعافى، ببطء، ف$$إنى كنت أه$$و|ى ت$$دريجيا فى ه$$وة من االكتئ$$اب العمي$$ق. ذهب ك$$ل م$$ا

أعرفه ومن أعرفه وعالمى كله. ووجدت نفسى جالسا فى غرفة على كوبرى الجيزة، ليست لى، مع شخص غريب األطوار، فى بلد اجتاحته الفوضى وعمmته الس$$رقة والنهب،

، أنا الذى لم أفعل شيئا، دون كل الذين فعلوا أشياء يستحقون الشنق بسببها eومطلوب القبض على.

أقضى يومى جالسا فى تلك الشقة المريعة؛ يخرج عبده صباحا ويعود بعدها بقليل ومعه الجرائد وشىء لإلفطار ثم يخرج وال يع$$ود قب$$ل اللي$$ل. أظ$$ل جالس$$ا بال ح$$راك معظم

الصباح. أحيانا أغفو ثم أستيقظ ألغفو ثانية. أحيانا أدفع نفسى لتصفVح الجرائد لكنى ال أتذكر منها شيئا. ال أذكر أى أخبار قرأتها فى ه$ذه األي$ام. أحيان$ا ي$ترك عب$$ده التليفزي$ون

مفتوحا، وهو ما يدفعنى إلى القيام من الفراش إلطفائه. ذات يوم أحضر لى كتابا وتركه بجوارى؛ نظرت إلى الغالف فوجدته نسخة مترجمة من »مزرعة الحيوان$$ات« لج$$ورج

|م[ »مزرعة الحيوانات« بالذات؟ !أورويل، واستغربت. فعبده قال لى إنه يعمل محاسبا لعدد من الشركات والمحال الصغيرة، وغير[ كتب المحاسبة ال يقرأ أى شىء. ل

فى النصف األخير من الشهر تسللت خارجا مرة، عند المغرب. ذهبت فى جولة بميدان الجيزة والمنطقة المحيطة بها لرؤية الشارع ومعرفة ما تغير. لكنى لم أر[ شيئا مختلف$$ا

�ين. بدت لى سحنة الناس مختلفة قليال، �ين والمضل فى ميدان الجيزة، بل ظل كما رأيته آخر مرة، بفوضاه وميكروباصاته وباعته الجائلين وساندوتشاته ومسافريه اآلتين والضال

كأن فى وجوههم صرامة ال أحسبنى رأيتها فيهم من قبل، وسعى حثيث حلe محلe الهوينى المعتادة، وبعض الحدة فى التعامل. لكنى لست متأكدا، ربما كانت هذه مشاعرى أنا

وأسقطتها على غيرى. سرت فى الشوارع أنظر، فلم أجد أثرا لشرطة، أو لجان شعبية أو أى سلطة أخرى، سرت ساعة أو بعض ساعة ثم عدت قبل أن يوقفنى أحد ويتعرف

eعلى.

بدأت الكهرباء تعود لساعات أطول من تلك التى تنقطع فيها، وكذلك المياه. وحين قال لى عبده بعد عدة أسابيع إن اإلنترنت عادت للعمل، طلبت منه أن يحضر لى كم$بيوترا.

ن ح$$التى. اس$$تغرق األم$$ر V$$لت من مجيئه$$ا بع$$د تحسeفى هذه الفترة توقف محمود عن المجىء النشغاله، وكذلك عزالدين، لكنهما كانا يرسالن التحية مع عبده. عفاف أيضا قل

يومين حتى ظهر عبده بالكمبيوتر. وجلست طول الليل أبحث عن خيط يقود إليك أو إلى أمك أو جدك: عنوان بريد إلكترونى، موقع اجتم$اعى، برن$امج للمحادث$ات، أى ش$ىء.

أرسلت إليكم رسائل عديدة على العناوين القديمة، كانت ترتدe كلها. بعد ثالثة أيام من البحث وجدت صفية، وتحادثنا بعض الوقت وكانت شديدة القلق، فلم تسمع خبرا منى أو

عنى منذ االضطرابات. آخر ما سمع[ته هو خبر إحراق القصر الرئاسى والمكاتب التابعة له. الشىء الوحيد الذى طمأنها هو ورود اسمى فى قائمة المطل$$وبين من ق|ب$$ل ح$$رس

الثورة، وهو ما فسرته على أنه شهادة بأنى قيد الحياة. سألتها عن ندا وعنك فقالت إن ندا أرسلت إليها منذ ستة أس$ابيع رس$الة ق$الت فيه$ا إنهم بخ$ير وس$يغادرون أثين$ا إلى

[حدeثنا عما جرى، وعن صدمتى من سفركما هكذا. كنت أريد البكاء ولكنى لم أستط|ع. ظللت أصمت مكان ال تستطيع اإلفصاح عنه، إال أنها ستعاود االتصال، وأوصتها خيرا بى. ت

[ى أمك المذعورة، لكنى ال أذكر أنها نجحت eى على رؤية األمر بعين eة تعرفنى، وتعرف أن صمتى وتقطVعى هذا هو طريقتى فى البكاء. حاولت تهدئتى وحث وال أكمل الجمل. وصفي

.فى ذلك، البتة

حين يعود عبده فى المساء يجدنى عادةl مستلقيا فى الفراش. يدخل الغرفة ويجلس فى المقعد الوحيد ويقصe علىe آخر الشائعات الرائجة فى الشارع، وهى دائم$$ا عن حمل$$ة

أمنية كبيرة سيشنها الجيش على المدن، أو عودة وشيكة لرموز النظام القديم، أو احتالل إسرائيل لشرق سيناء، وهكذا. وكلها ال أساس لها من الصحة. لكن ما له أساس من

الصحة، األخبار التى ينقلها إلىe دون طلب منى، يوجع القلب: المتاريس التى تقيمها اللجان الشعبية على مداخل األحياء من الحادية عشرة مساء حتى السادس$$ة ص$$باحا، وم$$ا

ى ص$فط و يولي$و فى الق$اهرة،26يسمى »الشرطة الشعبية«، وحراس الثورة، ونقاط »الجمارك« التى أقامتها »كتائب الفقراء« على الطريق الدائرى واألوتوس$تراد ومح$ور[

وعلى مداخل ومخارج اإلسكندرية وبقية المدن الكبرى، وحتى فى بعض الطرق الزراعية. قال لى عبده إنه وقع فى قبضة إحدى هذه النقاط ذات يوم، فى وضح النه$ار، وإنهم

يأخذون من كل راكب نسبة مما معه: بعض المال أو ساعة أو خاتما، ويتركونك تذهب بالباقى. واصلت الصمت. لكن عبده لم يكن يحتاج إلى تشجيع كى يواصل الحكى. وحين

يطول صمتى وال يبدو علىe أنى أسمعه، يشرع فى الحديث فى موضوع آخر. قال إن نقاط الجمارك هذه أفضل من ال شىء، فالطرق الصحراوية مثال متروك$$ة ل$$يرتع فيه$$ا من

يشاء ويقدر. سكت ثم استطرد هذه المرة قائال إن شبكات المياه والكهرباء عاد معظمها إلى العمل. شركات المقاوالت ساعدت فى إعادة أب$$راج الض$$غط الع$$الى، وس$$اعدها

متطوعون من األهالى كل� فى منطقته، وتعاون الناس وتركوا الموظفين والمهندسين يعودون ألعمالهم لتسيير هذه الشبكات. لكنهم ال يتقاضون أجورا، فال أح$$د فى الحكوم$$ة

vقر|ض$ون، يتب$ادلون الخ$دمات، ويؤجeل$ون النفق$ات ال$تى يس$تطيعون يتلقى أجرا أو راتبا منذ بدأت االضطرابات. لكن الناس يتصرفون، قال، يقايض بعضهم بعضا، يقترض$ون وي

.تأجيلها

ذات يوم سألته عن الحكومة. فهز كتفيه وقال إنه ال أحد يهتمe بتشكيل حكومة، فالناس تعبت من الحكومات ألنهم فى ك$ل م$رة يخ$دعونهم. كلم$ا أتتهم حكوم$ة تك$ذب عليهم

وتحاول قمعهم دون أن تحقق لهم شيئا أكثر مما لديهم اآلن: بعض األمان، وبعض االحتياجات األساسية، وبعض الكهرباء. قال إن أحوال الناس الي$$وم ليس$$ت أس$$وأ وال أفض$$ل

مما كانت عليه فى ظل الحكومات وفى ظل الحكم العسكرى بكل هيلمانه، فلماذا يوجع الناس قلبهم بحكوم$$ة ورئيس؟ الن$$اس تغ$$يرت، أك$$د عب$$ده ذل$$ك فى لهج$$ة تقريري$$ة؛

[ل غيره، سواء كان الدولة أو أى سلطة أخرى، حتى المشايخ لم يع$$ودوا ق$$ادرين على إلج$$ام الن$$اس. خرجت من القمقم ولم يعvد أحد يقبل الظلم أو التكبر أو السيطرة م|ن ق|ب

الناس لم يعد لهم كبير، وكل� يفعل ما يريد. ثم إن السياسيين لن يتمكنوا من تشكيل حكومة. فال أحد منهم يحتكر تأييد الناس ويستطيع تشكيل حكومة وحده؛ اإلخوان خرج$$وا

Page 19: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

من السجون واستعادوا بعض قواعدهم، والسلفيون خرجوا من المخابئ، والثوريون والقوى المدنية نظموا أنفس$هم إلى ح$د م$ا خالل ه$ذه االض$طرابات. وكلم$ا ح$اولت ق$وة

[مm لن االنفراد باألمر اتحدت القوتان األخريان ضدها. ومن ناحية أخرى لن يتفقوا معا ، فكل قوة سياسية ال ترى إال مصلحتها وال تريد سوى س$$يطرة رجاله$$ا على الحكم، ومن ث

يشكلوا حكومة؛ »سنعيش هكذا فى األناركية«. استوقفنى استخدام عبده مصطلحا أجنبيا وسط سيل حديثه هذا فنظرت إليه مندهشا. سألته إن كان ال يخشى من الفوضى أو

vقد|م على احتالل مصر؟ االحتالل موضة قديمة، قال. وأضاف أن$$ه ح$$تى أمريك$$ا حتى من وقوع مصر فى أيدى قوة أجنبية فهز كتفيه ساخرا وسأل: م[ن المغفل الذى يمكن أن ي

eر مزاجها ترسل طائراتها لقصفها من جديد؛ »مض$$ى عه$د االحتالل ي$ا أس$$تاذ«. أم$$ا الفوض$ى، وفق$$ا eتها بالقصف الجوى لمدة شهر. كلما حدث ما يعك لم تحتلe إيران بعد أن دك

.لعبده، فال تختلف كثيرا عن النظام

.كان عبده دقيقا فى وصفه لمشاعر الناس آنذاك، لكنه لم يكن مvح|ق§ا فى تنبؤاته

ع.ش.فشير

----------------------------- باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الرابعة والعشرون

كنت فى قلبى مثل اآلالف إن لم يكن الماليين من جيلى أتوق إلى التغيير ليس فقط لرئيس جديد ودستور وانتخابات بل لنظام جديد بلد جديد

حين أبلغنى محمود أن الحرس الثورى قد أزال اسمى من قوائم المطلوبين كنت قد زهدت عفوهم. ظللت طوال هذا الوقت أسأل نفسى: ماذا فعلت؟ ه$$ل أخط$$أت بالعم$$ل

فى الرئاسة؟ كنت مثاال للمترجم األمين، ولكاتب الجلسات المدقق. لم أهمل يوما فى عملى، لم أحاول استغالله لمأرب شخصى، وحين طvلب م$نى ال$رأى قلت رأيى بأمان$ة.

ففيم[ كان خطئى؟ كنت شاهدا على الظلم والفساد والفشل، نعم، لكن هل سألنى أحد وكتمت الشهادة؟ ماذا كان بوسعى أن أفعل، أنا المترجم؟ هل كان واجبا علىm الصراخ

vفترض بى أن أفع$$ل إذن؟ أذهب إلى مي$$دان التحري$$ر بأن النظام مستبدe؟ هل كان أحد ينتظر صرختى تلك كى يعلم أن النظام مستبد وفاسد، أم كنا جميعا عارفين؟ ماذا كان ي

|م[ ال يحاس$بهم أح$د على ع$دم ، ل eوأقف هناك محتجا على ما أراه من خيبة وتبديد للوطن ولمصالح الناس؟ وحدى؟ أنا بالذات؟ وماذا عن الخمسة والثمانين مليونا من مواطنى

|م[ ال يضعون أسماء بقية الخمسة والثم$$انين مليون$$ا،25وقوفهم بالميدان قبل يناير؟ أين كانوا، هم؟ »حراس الثورة« يدرجون اسمى فى الئحة المطلوب القبض عليهم، لكن ل

أو حتى أسماءهم هم؟ وما الفارق بينى وبينهم؟

.ما علينا

كنت فى قلبى، مثل اآلالف إن لم يكن الماليين من جيلى، أتوق إلى التغيير، ليس فقط لرئيس جديد ودستور وانتخابات، بل لنظام جديد، بل$$د جدي$$د، وثقاف$$ة أخ$$رى، وطريق$$ة

أخرى نكو�ن بها حياة جديدة. لكن هذا ما حبانا أو ابتالنا به الله. تعاملت مع واقعى بما استطعت، مثلما يتع$املون اآلن م$$ع واقعهم بم$ا يس$تطيعون. ك$ل من الق$$وى السياس$$ية

السائدة تودe لو اختفت القوى األخرى من الخريطة، لكن ال محيص من تعاملها معها، وق[بول بعض مطالبها، والتنازل لها. أيجوز، بع$د عش$ر س$نين، أن ي$أتى مج$ذوب »م$ا بع$د

[ه\ هذا؟ أى طفولة؟ !ثورىe« ويحاسب م[ن يتعاملون اليوم مع تلك القوى السياسية األخرى على أساس أنهم تنازلوا عن المبادئ؟ أىV ع[ت

�لى باألحذية حتى الموت كحادثة عارضة، وال وضعى على قوائم المطلوب اعتقالهم. بل كاستبعاد متعمmد. هؤالء الذين ركلونى أعلنوا بأقدامهم امتالكهم للث$$ورة الثاني$$ة: لم أر[ رك

ت فى وعيى، مهما قال محمود وش$$رح عزال$$دين. ال eهذه ثورتنا نحن«، ذلك ما كانت أقدامهم تقوله وهى تستقر بين ضلوعى، أما أنا وأشباهى فال مكان لنا فيها. هكذا استقر«

مكان لى فى هذه الثورة؛ وما الثورة إن لم تكن رفقة، فى القلب؟ لم أكن أمينا وشريفا فحسب فى عملى أيام االستبداد، بل أخذت جانب الثورة من$$ذ لحظاته$$ا األولى. وحين

ذهبت إلى الميدان لم أحسبها، لم أفكر أن ذلك سيضر بمس$تقبلى إن فش$لت الث$ورة، أو س$يفيدنى إن نجحت. كنت أس$عى، دون م$أرب شخص$ى، كى تنجح، ألنى مثلى مث$ل

كنت مستعدا وقتها أن أضع حياتى على المحك، من فرط رغبتى فى إنجاحها. لكن هذا أنا وما فكرت فيه، ولست مدينا ألحد بشرح، ولس$$ت م$$دينا ألح$$د بإثب$$ات. وإن الكثيرين

كان مجاذيب الثورة هؤالء سينقلبون على كل من ال يعرفونه باالسم، فلهم الله. هذا ما شعرت به وقتها. قد ترى، أنت ابن الجيل الجديد، أن$$نى ب$$الغت فى ردe فعلى، أو أخ$$ذت

األمر على محمل شخصى فى غير محله، أو كنت رومانسيا حين كان يجب أن أكون عمليا. لكن هكذا كنت، وهكذا أخذتها، وانس$حبتv فى داخلى قب$ل أن أق$رر االنس$حاب من

.الحياة العامة. انكمشت تحت مكتبى وسط الركالت، وظللت منكمشا بعدها لوقت طويل

أقمت فى شقة عبده بال عمل وال شىء محددا أفعله. وبعد صدور »العفو الثورى« لم يتغير إيقاع حياتى فى كثير. أقضى معظم الوقت فى المنزل، أخرج أحيانا. أقرضنى ك$$ل

من عزالدين ومحمود بعضا من المال إلى حين عودة البنوك للعمل بشكل كامل واإلفراج عن أرص$دة وودائ$ع المواط$نين ال$تى جvم$دت وقت الث$ورة الثاني$ة. األس$عار ارتفعت

، على حسب حالة الطرق و»الجمارك الشعبية« المفروضة على بعضها، لكننا اعت$$دنا الوض$$ع الجدي$$د. ك$$انت أزم$$ة ممت$$دة، لكنه$$ا eبدرجة ملحوظة، واختفى بعض السلع أو شح

ليست كارثة. حاول أصدقائى واحدا واحدا إخراجى من العزلة التى ضربتها على نفسى. لكن إلى أين أخرج؟ وم$اذا يمكن$نى فعل$ه؟ ال أع$رف س$وى الترجم$ة والسياس$ة. أم$ا

ر|د� فع$ل أى ش$ىء. ومن ثم واص$لت الجل$وسv السياسة ففى ثورة، وللثورة رب يحميها وال يريدنى فيها. وال حاجة بى إلى المال كى أعمل بالترجمة التجارية. الحقيقة أنى لم أ

.فى غرفتى بجوار سور الكوبرى المعدنى الصاخب

محمود وعفاف كانا أكثر أصدقائى مثابرة، وقد نجحت مثابرتهم فى إخراجى من هذه العزلة، وندموا على ذلك فى ما بعد، على ما أظن. محمود قرر اصطحابى عنوة، تقريب$$ا،

خارج الشقة. وهو عنده نوعان من الخروجات: اجتماعات سياسية مع تنظيمات ثورية وسهرات عزاء كما يس$ميها. وبم$ا أنى لم أكن شخص$ا يمكن الظه$ور ب$ه فى اجتماع$ات

نى بسهرات العزاء التى أفلت منها فى الماضى حين عملنا فى الرئاسة معا. أخيرا عرفت معنى السهر، ومقابلة رجال ونساء ال تعرفهم وال يعرفونك، والتبس$$ط eثورية فقد خص

معهم بمجرد اللقاء بهم، وكيف يفتح الكحولe قلوب الناس للبوح، ويسقط الحواجز النفسية والمادية مع$ا فينتهى ب$ك األم$ر تبكى فى أحض$ان ش$خص قابلت$ه للت$وe، أو تحتض$ن

شخصا يبكى على شىء لم تسمعه جيدا. لكنكما تبوحان بما فى قلبيكما، ويساورك الشك أن اآلخر ال يسمعك حقيقة أو ال يفهم ما تقول فتضحك ب$$دال من أن تجف$$ل، وتق$$ترب

منه أكثر. وإن استيقظت فى الصبح ولم تعرف من الراقد فى فراشك، أو فى أى ف$$راش أنت، فإن$$ك تض$$ع ذل$$ك على حس$$اب المأس$$اة، فى نخب تعقي$$دات الحي$$اة، وص$$عوبة

البشر، ووحدتهم، وتعاطفهم. كأنها جلسات عزاء حقيقى، نقدمه ونتلقاه، ليعيننا على المواصلة فى أثناء النهار. وحين يكون نهارك كنهارى آن$ذاك، يص$بح الع$زاء الليلى ك$ل م$ا

eر بداية مراسمه أسبوعا بعد أسبوع، وتكرره حتى يصير طقسك اليومى، حتى تغرق فيه .تتطلع إليه فى يومك، فتبك

سيطر علىe وقتها شعور عميق بالندم على أيامى التى انقضت، وبأنى كنت غبيا وساذجا بال مبرر. لو كنت نبيها مثل القطان لعرفت كي$$ف أس$$تفيد من عملى المرم$$وق ط$$وال

هذه السنوات، وأبنى لنفسى قاعدة من األمان والرفاهية والقوة، باألصول وبالقانون، ثم أفر من السفينة حين توشك على الغرق. ولو كنت مقداما جسورا مثل محمود بشير،

أو عاقال باردا مثل عزالدين فكرى، لكان نصيبى مثل أى منهما. لكنى، مثلما قال محمود، لم أكن أيا من هؤالء، ولم أفع$ل ش$يئا، ال م$ع أح$د وال ض$د أح$د، وهك$ذا أتلقى ج$زاء

.المحايدين، جزاء المترجمين األمناء الذين ال يفعلون سوى ترجمة ما يقوله الناس بعضهم لبعض

لم أستط|ع دفع الضغينة التى شعرت بها فجأة تجاه ثالثتهم. كان عزالدين مشغوال فى كل األحوال بمحاولة تنظيم القوى المدنية الديمقراطية، ومثل من يحرث فى البحر، كان

، وإن واجهته بعبث عمله هذا ردe عليك بأن البناء يأخذ وقتا، وأن هذه العملية نفسها تدريب eوال يمل eيجمع فصائل منهم معا لينفرطوا قبل أن يذهب إلحضار اآلخرين. وهو ال يكل

. أص$$بح ح$$ادeا، ه$$و eللجميع، وال أحد يمتلك الخبرة وال عادة العمل الجماعى، وكلها أشياء تأتى من الممارسة، وهذه هى الممارسة، ومن ال يعجبه فعليه التنحى عن العمل الع$$ام

.اآلخر، مع الوقت

أما محمود فكان مشغوال مع أصدقائه الثوريين، ولم أكن أراه إال فى مجالس العزاء الليلية، التى صرت أرتادها يوميا، فى حين ال يظهر هو س$$وى م$$رة أو اثن$$تين فى األس$$بوع.

حين ألقاه يبدأ فى الحكى، لكن ذهنى يكون مشوmشا، إذ كنت أبدأ الشرب قبل وصوله بساعات. لكن حتى من دون أث$ر الكح$ول ال أعتق$د أن م$ا يقول$ه ك$ان مفهوم$ا إال لقل$ة

قليلة. مثال، ظل ليلة كاملة يحاول أن يشرح لى سبب انقسام االشتراكيين الثوريين إلى مجموعتين: األولى ثورية اشتراكية والثانية اشتراكية ثوري$ة. س$$تظنe أن$نى أم$$زح، لكن

.هذه هى الحقيقة. ظل يشرح لى الفارق بين الفصيلين المتنازعين حتى نجوت منه بصديقة أخذته بعيدا عنى هو وثورييه واشتراكييه، أيا كان ترتيب صفتيهما

كنت أهو|ى إلى القاع، لكنى لم أكن قد وصلت إليه بعد. وكان البلد يهوى معى، بطريقته الخاصة. ففى حين كانت الغالبي$$ة العظمى من البش$ر تس$عى لحماي$ة نفس$ها وت$أمين

معيشتها اليومية مثلما قال عبده، استمر السياسيون فى محاولة تشكيل حكومة واالتفاق على دستور. ونتيجة للعداء المستحكم بين اإلخوان والسلفيين -بع$$د اتف$$اق األخ$$يرين

مع الحكم العسكرى على اإلخوان، وتطرف الثوريين وتشرذم الديمقراطيين المدنيين- لم تتشكل الحكومة إال فى ين$$اير، أى بع$د خمس$ة أش$$هر من إح$$راق القص$$ر الرئاس$$ى.

mكة وضعيفة، برئاسة مستشار وسطى النزعة غير معروف للكثيرين، اسمه عباس فخرى. ووجدت الحكومة الجدي$$دة نفس$$ها بال أدوات وجاءت الحكومة فى النهاية ائتالفية مفك

[ع$ذmر ب$الطبع إج$$راء eنها من السيطرة على الشارع أو االقتصاد أو األمن. وباإلضافة إلى الحكومة اتفقت القوى السياسية على تشكيل لجنة تأسيسية تض$$ع الدس$$تور، حيث ت تمك

.انتخابات فى ظل هذه الظروف

لكن عبده كان مخطئا فى وصفه حياة الغالبية العظمى من الناس. فمع انشغال أصدقائى بمفاوضات تشكيل الحكومة، لم يب$$ق[ س$$وى عف$$اف ال$$تى ث$$ابرت على إخ$$راجى من

عزلتى طوال اليوم، مستعينة بعبده وأخيها حسن. وشيئا فشيئا صرت أقضى معظم نهارى عند عفاف وإخوتها بأرض اللواء، مهد الثورة الثانية. وأتاح لى ذلك فرصة لالنغم$$اس

فى حياة »الشعب« الذى لم أعرفه قبال إال سماعا. ولم أجد هذه الحياة بالشاعرية التى ظننتها، وال بالبس$اطة والحري$ة ال$تى ادeعاه$ا عب$ده، ولم يزده$ا ترس$خ »األناركي$ة« إال

قسوة. لم أكن أفعل شيئا هناك سوى التسكع مع حسن أو الجلوس عند المغرب بالبيت معه ومع أختيه، قب$ل أن أذهب إلى رف$اق الع$زاء فى المس$اء. وس$ارت األم$ور هك$ذا

.شهورا حتى خلطت األمرين وارتطمت بالقاع

ع.ش.فشير

---------------------------------باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة الخامسة والعشرون

ال أزعم لك أن حياة الشعب شاعرية أو نبيلة.. بل مليئة بالكRد والقسRوة.. بعض هذه القسRRوة مباشRRر فى الوجRRه.. كفRRرض اإلتRRاوة على أكRRل عيش

Page 20: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

الفقراء.. كسرقة الكحكة من يRRد اليRRتيم.. كبلطجRRة الشRRرطة على النRRاسوعجزها عن حمايتهم فى آن واحد

سأفصeل لك هذا األمر بعض الشىء، أنت الذى تعرف عن الشعب أقلe من القليل الذى عرفته أنا وقتها. لكن دعنى أبدأ بنصيحة مباشرة، هكذا دون ل$$ف أو اص$$طناع للحكم$$ة.

ن هذا »الشعب« الذى ال تعرف عنه شيئا كثيرا. ومهما طال بك المقام فى البالد األخرى، ومهما تعلمت لغاتها وأخذت لكنتها وتزوجت منه$ا، س$يظل في$ك ج$زء أنت م|ن هنا، م|

من هذا الشعب، هنا، شئت أم أبيت. فخير لك أن تعرفه، جيدا، وال تنساه أو تتناساه أو تخفيه. هو منك وإن أغمضت عينيك عنه، واآلخرين يرونه فيك وإن أخفيته. فخذه بي$$دك،

vش|ح بوجهك كيال تراه [ه. اقبل ما تريد منه وارفض الباقى، لكن ال تتنكر له أو ت .وتحمل مسؤوليته وإن لم يكن من صنعك، وإن كرهت

ال أزعم لك أن حياة الشعب شاعرية أو نبيلة، بل مليئة بالكد والقسوة. بعض هذه القسوة مباشر فى الوجه، كفرض اإلتاوة على أكل عيش الفق$$راء، كس$$رقة الكحك$$ة من ي$$د

اليتيم، كبلطجة الشرطة على الناس وعجزها عن حمايتهم فى آن واحد، كمياه الشرب النقية التى يجب أن تمشى إليها وتعبئه$ا فى آني$ة وتع$ود به$ا لل$بيت كالغنيم$ة، كط$ابور

الخبز المدعم، كالفقر والحاجة التى لن تستطيع سدها مهما فعلت. ه$$ذه بعض مالمح القس$$وة اليومي$$ة المباش$$رة، المعروف$$ة للجمي$$ع. لكن القس$$وة الحقيقي$$ة هى تل$$ك ال$$تى

دتها ما ال يجب أن تعتاده. مثل سرقة بيت جيران عفاف بعد عودة أبيهم من السعودية بأسبوع، واقتناع الجميع بأن السارق ال بد أن يكون أحد الجيران eبت إلى القلوب فعو mسر] ت

م أو بنت حل$وة أو ي$ركب س$$يارة. مث$$ل التش$نيع على الذى يعرف بعودة الرجل محمmال. مثل الغيرة من جارك حين يشترى ثالجة أو أثاثا جديدا، أو حين يدخل بيت$$ه رج$$ل مح$تر[

ماة لقيم ال يعرفونها، خالطين أهواءهم وفورة vبوا أنفسهم حeجيرانك إن عال شأنهم قليال كى تمنعهم من التكبر على الباقين. مثل الشباب على المقاهى وأمام المحالت وقد نص

غرائزهم بالشرع والرجولة. مثل أن يتحرش ابن الجيران بأختك، ثم يعتذر إليك أبوه، ألنه ظنها فتاةl أخرى! مثل الج$$ار ال$$ذى يمن$$ع زوجت$$ه من العم$$ل، ثم يض$$ربها، ثم يطلقه$$ا

ويتركها مع عياله دون دخل، ثم يقترن بأخرى، جارتهم، ويعود مطالبا القديمة بمغادرة الشقة هى واألبناء. هذه هى القسوة الفاجعة حقا، تلك التى ال يشعر به$$ا أص$$حابها. وم$$ع

�هم، بل حاول قدر استطاعتك الترفق، بها وبهم حتى تزول، إن زالت vد|ن .ذلك ال تتسرع وت

mن بي ال أحد�ثك هنا عن أشياء عامة، بل عن بشر عرفتهم وخالطتهم وصرت -على األقل إلى حين- جزءا من حياتهم. حسن، الذى استمر بال عمل ثابت حتى بعد الثورة الثاني$$ة، ت$$[

�ية األخرى المعطوبة وتوقفت عن أداء وظيفتها. حدث ذلك قبل الثورة الثانية، ولم تتمكن عف$$اف ال$$تى اس$$تعانت vل �يته السليمة. وبعد شهور، تهاوت الك vل أن طبيبه اللص سرق ك

vجر|ى له الغسيل الكلوى بشكل دورى بالمجان. وأصبح عليه إما توفير تكلفة ذلك ال ي$درى أح$د من أين أو كي$ف، وإم$ا له مستشفى عام§ا ي vدخ| بكل من تعرفهم للتوسط له، أن ت

تركه يموت. ال حل ثالثا. وزاد الطين بلة أن مرضه هذا أخرجه بشكل نهائى من دائرة البحث عن عمل، كما أغلق أمام$$ه ف$$رص ال$$زواج وبن$$اء حي$$اة لنفس$$ه، فص$$ار كوم$$ة من

اإلحباط والضغينة جالسة على مقهى أو فى البيت أو واقفة فى الشارع تنتظر شيئا تفعله، خيرا كان أو شرا، أى شىء يعطيه شعورا ولو مؤقتا بالفائدة أو بالقيم$$ة. ق$$د يك$$ون

.ذلك العمل هو االنضمام إلى مظاهرة أو احتجاج، أو التحرش بامرأة يعلم أنه لن يستطيع أن ينالها هى أو مثيالتها، أو بيع قطعة بانجو أو التشارك فيها. سيان

وكانت ميرفت قد فقدت عملها فى شركة االتصاالت فى غضون شهرين من تعيينها، حيث اكتشف مديروها أنها ال تتقن أى شىء، بل وتخطئ فى القراءة والكتابة، فميرفت ال

حرفة لها وال مهارة خاصة، والمعهد الذى تخرجت فيه مثله مثل المدرسة التى كانت فيها، لم يعلeمها شيئا. حاولوا تشغيلها فى خدمة العمالء، فى العالق$ات العام$ة، س$كرتيرة،

أى شىء، إكراما لمن توسط لها، لكنهم لم يجدوا لها نفعا فى أى قسم فأعطوه$ا ثالث$ة أش$$هر مكاف$أة وش$$كروها وتركوه$ا بج$وار الب$$اب. بال عم$ل هى األخ$$رى، وباحتياج$$ات

وتطلعات مفهومة، وبأخ مريض مكلeف، استسلمت للعمل األسهل، ذلك الذى سبقته إليها أمها الراحلة، وهو الخدمة فى البيوت. لكن حتى الخدمة فى ال$بيوت مهن$ة، وم$يرفت

eب األشياء، هى التى ترتب بالكاد أشياءها القليلة، وال كيف تخدم ناسا أو تعد مائدة أو تعتنى بطف$$ل، وال طاق$$ة له$$ا ب$$أى من ه$$ذا. هى الش$$ابة لم يعلeمها أحد. ال تعرف كيف ترت

المتفجرة أنوثة تهفو إلى االنطالق والحياة، كيف تحشر نفسها فى رداء الخادمة المنضبطة المطيعة التى ال حسe لها؟ لم تستقر فى أى من البيوت التى عملت بها، ثم وج$$دت

عمال فى تنظيف الغرف بفندق، ثم حدثت مشكلة مع مديرها المتحرش وغادرت، وهكذا. وعندما اندلعت الثورة الثانية، سألتها أسماء زوج$$ة عزال$$دين -بع$$د ت$$ردد وبخج$$ل- إن

كانت مستعدة ل$»مساعدتها« فى العناية بالبيت. وهكذا أصبحت تعمل فى بيت عزالدين. وتذكرت ساعتها اللواء القطان الذى نهرنى يوم خرجت مع »ابنة بائعة الجبن«. م$$اذا

لو لم أستمع إليه وقتها وارتبطت بأختها؟ ال إجابة، ال إجابات بسيطة فى حياة معقدة وظالمة. عملت ميرفت لدى أسماء وعزالدين شهورا كانت فترة الرخاء األكبر فى حياتها.

وفجأة طردتها أسماء ونبهت عليها أن ال تطأ بيتها ثانية. سألت عفاف عن السبب -فميرفت كانت تتحاشى الحديث معى دوما- فقالت إن أختها لم تستطع مواكبة التزام أسماء

eك األمور زيادة عن اللزوم. ابتسمت ميرفت ساعتها ورمقتها بنظرة غريبة لم أفهمها وقتها .الصارم بالمواعيد والنظام، وإن أسماء تحب

ال حياة الشعب شاعرية، وال انغماسى معهم كان كله مشرفا. لست متأكدا مما أصابنى وقتها، لكنى كنت مدفوعا برغبة قوية فى إيذاء الذات. كأنى أردت أن أدفع نفس$$ى إلى

القاع تماما، أن أصبح جزءا من القسوة المحيطة بى وأغسل أصولى المرفهة باالنغماس فى االنحطاط الذى يغمر البلد. هكذا انغمست فى جلس$ات الع$زاء المس$ائية، وهك$ذا

توسعت فى الشرب حتى صرت أبدأ فى الظهيرة، وهكذا رفضت العمل مترجما فى المؤسسة التى تملكها سالى ويديرها محمود، وهكذا رفض$ت الع$ودة إلى بي$تى فى مص$ر

الجديدة وظللت عالة على عبده فى شقته المريعة وعلى عفاف وإخوتها فى أرض اللواء. لم يكن أى من ذلك بقرار أو جزء من خطة، بل نتيجة ن$ازع ق$وى يس$يطر علىe دون

، فدفعت نفسى إلى الحافة أكثر حتى هويت إلى القاع تماما .وعى منى، وأظن هذه النوازع أهم وأخطر من الخطط. كأن كل ذلك لم يكف|

وكانت ميرفت حافتى. ميرفت التى تقترب من منتصف الثالثينيات، لم تتزوج، وأصبحت صورة من عفاف القديمة لكنها استبدلت الحدة بدالل عفاف الذى لم يع$د موض$ة من$ذ

|م[ تعاملنى بع$$داء من$$ذ رأت$$نى . وأنا أسال نفسى عما أظنه وقع بيننا وأنا مريض، وهل كان حقيقة أم كابوسا. ول eالثورة. ورغم تعمدها الدائم االحتكاك بى فإنها تتجنب النظر إلى

vقع|د. دخلت ميرفت المطبخ تغسل األطب$$اق قب$$ل أن �ر خفيف يشجeع دون أن ي ك vوفى نفس الوقت تكاد تتحرش بى. كنت قد بدأت طقوس العزاء الليلى مبكرا، وثقل رأسى بس

تنقطع المياه ثانية، وذهب حسن لشراء سجائر فى حين ظللت جالسا مع عفاف نشاهد التليفزيون. تظهر ميرفت وتختفى عند باب المطبخ وترمقنى بتلك النظرة التى ص$$رت

vع|دe الشاى .أعرفها. وقررت لحظتها دفع األمر إلى نهايته. سألت عفاف إن كانت تريد شايا فهزت رأسها بالنفى وواصلت الفرجة على التليفزيون. قمت إلى المطبخ أ

رمقتنى ميرفت بنظرة من فوق كتفها حين دخلت المطبخ وعادت لغسل األطباق. ظلe التوتر الصامت يعلو صوته بيننا حتى لم يعد من الممكن تجاهله. مرت بجوارى واحتكت

بى فأمسكتها من كتفها كأنى أتفادى االرتطام بها، وشعرت بها تريح كتفها على يدى بدال من أن تشد كتفها بعيدا. تركتها واستكملت عمل الشاى وشعرت بنظرتها الحادة كأنها

eر من مالمحه فتق$$دمت دون مزي$$د من ال$$تردد واحتض$$نتها وهى ال تتح$$رك أو تح$$اول اإلفالت. eنى. نظرت ناحيتها فوجدت تلك النظرة الداعية ترتسم على وجهها كله وتغي تستحث

. وعندما صرنا متعانقين متداخلين تملص[ت قليال وأدارت وجهها نحوى وسألتنى بتحد� eد اسمى بصوت خافت عند أذنى فتشجعت وضممتها أكثر مطوقا ثناياها بذراع[ىeسمعتها ترد

لم[ اآلن. ظللت فى مكانى دون أن أحير جوابا، فسألتنى إن كان صديقى هو الذى أرسلنى. هززت رأسى غير فاهم، فنظرت إلىe ساخرة من ادeعائى العبط. ظللت جام$$دا فى

ت يدها فوق يدى المتيبسة على وسطها وسألتنى، بنعومة مفاجئة، إن كان يجب علىe انتظار تعليمات الدكتور عزالدين فى كل شىء حتى فى ر[ eمكانى مستفهما عما تعنيه فمر

vووجدت Vه سمعت حركة خلفى فالتفتv م، وقبل أن أسأل إن كانت تعنى ما فهمت Vق ما سمعته، فلو[ت شفتيها فى تبرeخطوة دون أن أفلتها، ونظرت إليها غير مصد vهذا. تراجعت

عفاف واقفة تحدق إلىe بذهول. ظللت متجمدا فى وقفتى الشائنة، وميرفت بين ذراع[ىe وقد صمتت، لكن كلماتها عالقة فى أذنى، وعفاف تح$دق إلىe بعي$نين ممتلئ$تين دمع$ا.

[ت$ه ص$فعة م$يرفت على وفجأة قطعت ميرفت التوتر بأن استدارت نصف دورة، وصفعتنى بيدها اليمنى ودفعتنى بعيدا. لملمتv نفسى، ومسحت بقايا صابون الغسيل الذى ترك

.وجهى، ومررت من باب المطبخ بجوار عفاف المذهولة، وخرجت من الشقة

ع.ش.فشير

----------------------- باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة السادسة والعشرون

ظللت أغرق هكذا.. هذه المرة وحدى.. حتى وجدت عزالدين يوقظنى من نومى ذات صباح. كان جافا وبعيدا.. غاضبا علىe وال شك.. وكنت أنا أيضا غاضبا عليه.. ول$$دىe أس$$ئلة

ال أدرى إن كنت أودe معرفة إجاباتها أم ال

ال أعرف كيف سيكون رد فعلك على هذه التفاصيل، ومن المؤكد أنك ال تفكر فى أبيك فى مواقف كهذه. ولس$$ت متأك$$دا مم$$ا إذا ك$$انت طريق$$تى هى األفض$$ل، لكن ه$$ذا ه$$و

اجتهادى. ال أريدك أن تكبر وأنت تظنe أنى رجل كامل، ال أخطئ وال يأتينى الباطل وال أجاهد مثل الكل نزعاتى وغضبى وغرائزى. أريدك أن تنسى ه$$ذه الدعاي$$ة الزائف$$ة ال$$تى

eبها وغرائز أحاول ترويضها وخير أصبو إلي$$ه فأص$يبه حين$$ا وأخطئ$$ه أحيان$ا. لم$اذا؟ ال ألنى مهتمV تروجها كتب األطفال، وأنت ترانى كما أنا، رجال من لحم ودم، بأخطاء أحاول تجن

بشرح صورتى بقدر ما أنى ال أريدك أن تحاسب نفسك أنت بمقاييس غير واقعية. ال أريدك أن تقيس سلوكك على ما تظن أنه كمال بشرى ممكن، أبوك، فتظل طوال عمرك

mر ه$ذا وإن ذك تشعر بالقصور وبأنك ال يمكنك أن تبلغ ما بلغه أبوك. ال أنا كامل وال عظيم بأكثر مما يمكنك أنت، بأخطائك وترددك وشكوكك وض$عفك أن تك$ون. كلن$ا هك$ذا، وت$[

.نسيت كل شىء آخر

.أنت الذى أنقذنى من القاع الذى ارتطمت به فى رحلة سقوطى، دون أن تعلم

كنتv قد عدت إلى شقة عبده بعد حادثة ميرفت، وبقيت هناك ال أبرح الشقة إال مساء إلى مجلس العزاء. ال شىء آخر، حتى لم أعد أتابع ما يحدث فى البلد. من حين إلى آخر

يقول لى عبده شيئا، إن التقينا صدفة بين موعد خروجى وعودته، وال أع$رف إن ك$ان حديث$ه خ$برا أم إش$اعة كالمعت$اد، ح$تى إنى لم أع$رف باالنته$اء من إع$داد الدس$تور وال

بسقوط حكومة عباس فخرى وال بأحداث الخليج وال بالتدخل التركى فى شمال سوريا إال بعد وقوع كل ذلك بكثير. ظللت أغرق هكذا، هذه المرة وحدى، حتى وجدت عزالدين

يوقظنى من نومى ذات صباح. كان جافا وبعيدا، غاضبا علىe وال شك. وكنت أنا أيضا غاضبا عليه، ول$$دىe أس$$ئلة ال أدرى إن كنت أودe معرف$$ة إجاباته$$ا أم ال. اس$$تيقظت وجلس$نا

vشع|رنا بصمتنا أكثر. سأل عن أخبارى دون اهتم$$ام حقيقى بتلق�ى إجاب$$ة، ثم ق$$ام وفتح ب$$اب الش$$رفة بجوار الشرفة وصوت ارتطام عجالت السيارات الرتيب بفاصل الكوبرى ي

وجاء وجلس بجوارى على الفراش وبدأ يتحدث فى أذنى. قال لى إن تلميذته سارة قد حصلت على عن$$وان الل$واء القط$$ان والعائل$ة، وهم جميع$ا بخ$ير ويعيش$ون تحت اس$$م

مستعار فى منزل صغير بضاحية هادئة بجوار لندن، وإنك بخير وتذهب إلى المدرسة، وكذلك أمك فى حالة طيبة. ودسe فى يدى عنوان بريد إلكترونى خاص بسارة، وق$$ال لى

eب سارة طريقة إلجراء االتصاالت الصوتية بهم. ثم حذرنى من أن هذه المعلومات غير متاح$$ة ألح$$د خ$$ارج دوائ$$ر ض$$يقة أن أرسل الليلة عن طريقها رسالة إلى العائلة، وسترت

جدا ومن ثم علىe توخى الحرص الشديد. أيقظنى ذلك من نومى تماما، كأن العالم الحقيقى عاد وطرق بقوة على باب الفقاعة الوهمية التى أعيش فيه$$ا من$$ذ ش$$هور فب$$دmدها.

.ربت عزالدين على كتفى وقال لى أن ألمe شتات نفسى وأنتشلها من هذا العبث، ويكفى ما جرى. وقام مغادرا دون انتظار رد�ى

Page 21: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

أول ما فعلته هو الذهاب إلى بيتنا، فوجدت هناك أناسا ال أعرفهم. حاولت فتح الباب بالمفتاح فلم يفتح، ولما طرقت الباب خرج لى طفل نص$$ف ع$$ار\ ثم دخ$$ل ثم خ$$رجت لى

امرأة فى منتصف العمر بال مالمح أذكرها، وقالت لى إن زوجها فى العمل. سألتها عمن يكون$ون، فس$ألتنى من أن$ا. ولم$ا أجبته$ا ارتبك[ت، وظلت ت$راوح بين الع$داء والت$برير،

eتها على المنزل باعتباره من غنائم الثورة فاستقروا به. لم أعرف ماذا أفعل فى ه$$ذه الحال$$ة فقلت له$$ا إنى س$$أعود فى المس$$اء حين يع$$ود وفهمت منها أن لجنة شعبية ما دل

زوجها. ذهبت من هناك إلى بيت صفية فى الرحاب فوجدته محتالe هو اآلخر، بعائلتين فى ما أعتقد اقتس$متاه ك$ل منهم$ا فى ط$ابق، وأطف$الهم يمرح$ون فى الحديق$ة وحم$ام

، س$ألت eالسباحة فارغ وبه بقايا ألعاب بالستيكية. وقفت أرقبه من بعيد ولم أدخل. م$ررت فى أثن$اء ع$ودتى ب$القرب من بيت عزال$دين، ووددت ل$و ت$وقفت وس$ألته، أو األهم

.أسماء عما يساورنى من شكوك، لكننى عدلت عن هذا

eانتظرته كثيرا على باب مكتبه فى المؤسسة التى يديرها، ثم ظهر وابتسم محدقا كأنه يريد معرف$ة م$ا ورائى. ك$ان مندهش$ا لرؤي$تى، أو ب$األدق . ى\� وجدت محمود بشير بعد أل[

eر عن سعادته بالزيارة، لكنه اعتذر بأن علي$ه الرحي$ل بع$د دق$ائق، إذ لدي$ه اجتم$اع لمناقش$ة تش$كيل لرؤيتى مفيقا وفى غير جلسات العزاء. أخذنى من يدى ودخلنا مكتبه وعب

الحكومة الجديدة التى ستحلe محلe حكومة عباس فخرى. ساعتها عرفت أن حكومة الثورة الثانية سقطت. هزe رأسه ضاحكا وق$$ال فى كلم$$تين إنه$$ا لم يكن ل$$ديها فرص$$ة من

. قال المهم، كأن ذل$$ك ليس eكة دون أدوات ودون مال أن تتعامل مع مطالب شعبية متضخمة كتلك الموجودة لدى الناس؟ المهم، ونظر إلىm البداية، فكيف يمكن لحكومة مفك

[حدeث عنها منذ شهور ال تزال متاحة، فأوم$$أ أن هن$$اك دائم$$ا ش$$غال لم$$ترجمين، وحالي$$ا ل$$ديهم مش$$روع لترجم$$ة أفالم ك$$ارتون هو المهم. سألته إن كانت وظيفة الترجمة التى ت

لألطفال، ويسعده أن يضعنى فى المشروع، مضيفا أن شركاءه فى المشروع يابانيون ومواعيدهم دقيق$$ة، ومن ثم إن لم أكن متأك$$دا فيمكن$$ه البحث عن عم$$ل لى فى ش$$ىء

لفة تحت حساب مرتبى فوافق فورا، لكنه طلب منى الدعاء كى تتمكن الحكومة الجديدة من فك أزمة البنوك وتفرج vآخر. لكنى وعدته أن أسلم عملى فى مواعيده. طلبت س

vقر|ضنى إياه منذ شهور. ضحكنا وخرجنا من مكتبه، حيث تركنى مع السكرتيرة لتت$$ابع إع$داد األوراق، وطلب منه$ا أن يس$لمونى كم$بيوترا عن األرصدة كى يستردe المال الذى ي

. ظللت هناك حتى تسلمت الكمبيوتر والمال وعدت إلى منزلى، أقصد منزل عبده eح لى مبتسما وذهب الجتماعه الهامeجديدا ألعمل عليه، ولو.

وجدته فى المنزل فحكيت له عما حدث فى الصباح فصمmم أن يأتى معى لبيتنا فى المساء. وهكذا عدت بصحبته إلى الطفل نصف العارى وعائلته. كان الرجل، واسمه سالمة،

eنهم من الشقة وزارة اإلسكان فى حكومة عباس فخرى ال اللجنة الشعبية، وأخ$$رج س$$المة أوراق التخص$$يص طيبا ومرتبكا. فهمت أنهم من ضحايا كارثة الدويقة، وأن الذى مك

الصادرة من وزارة اإلسكان، وظل يعتذر طوال الوقت. وجدت فى األوراق إشارة إلى منزلى باعتباره من مصادرات رموز النظام الق$$ديم! لم أتمال$$ك نفس$$ى من الض$$حك، ال

، ربما ألن الموضوع كله عبث فى عبث. الرجل ارتبك أكثر بضحكى، وقال لى إنهم لم يلمسوا األثاث أو بقية محتويات الشقة التى وجدوها عند ق$$دومهم ب$$ل جمعوه$$ا |م[ أدرى ل

كلها فى غرفتين وأغلقوا عليها األبواب كيال يعبث األطفال بها، وإنى أستطيع أخذها فى أى وقت. تمهل كأنه يريد أن يضيف ش$$يئا، لكن$$ه ص$$مت. س$$ألته كم طفال لدي$$ه فأج$$اب

بأنهم ثالثة، أحمد ومحمد ومحمود. وقال إن محمد هو الذى فتح لى الباب فى الصباح، وهو األكبر. ظللت ساهما، وعبده يحدق إلينا نحن االث$$نين بنظرت$$ه المس$$تفهمة، ثم قلت

eر أمورى .للرجل أن يترك المحتويات حيث هى حتى أدب

[مe يجب أن يس$$رى ذل$$ك أيض$$ا على وزارة لم أكن أعرف ما العمل. المنطقى أن أسترد بيتنا، وأعتقد أن ذلك كان ممكنا. فقد تم رف$$ع اس$$مى من قائم$$ة أع$$داء الث$$ورة، ومن ث

ر|د اللجوء مرة أخرى إلى عزالدين أو محمود بطلبات، ولم أكن متحمسا إللق$$اء عائل$$ة الدويق$$ةv اإلسكان، التى لم أعرف أنها تصادر بيوت »أعداء الثورة« إال ساعتها. لكنى لم أ

بأطفالها الثالثة فى الشارع، خصوصا أنى لم أكن أحتاج إلى الشقة فورا. قررت تأجيل الموضوع برمته، والتركيز على استرداد بيت ص$$فية، فه$$ذه ال يمكن اعتباره$$ا من أع$$داء

الثورة، ومحتلو بيتها ال يمكن أن يكون لديهم أوراق تبرر وجودهم هناك. واضطvررت إلى االتصال بمحمود مرة أخرى، فأرسلنى إلى شخص أرسلنى إلى ش$$خص، وبع$$د ي$$ومين

جاءت معى »قوة« من حرس الثورة و»اللجنة الشعبية لشرق القاهرة« حتى بيت صفية. لم يس$$تغرق األم$$ر ط$$ويال ح$$تى استس$$لم المحتل$$ون وطلب$$وا أس$$بوعا إلخالء ال$$بيت.

.ووافقت بعد أن وعدنى قائد القوة، وهو شابe من عمر عبده وهيئته، بأن يأتوا معى مرة أخرى لتسلVم البيت

vع$$ر|ب فيه$$ا عن رغب$$تى فى عدت إلى الشقة مع عبده، وفى نفس هذا المساء أرسلت رسالتى األولى إلى اللواء القطان عبر سارة. كانت رسالة بسيطة، دون ذ|ك$$ر أس$$ماء، أ

eتها هى، وطلبت منى إضافتها على قائمة اتص$$االتى، mتى« الجديدة فى برنامج للمحادثة على اإلنترنت، وهvو|ي الحديث مع »األبناء«. ردت سارة برسالة أعطتنى فيها تفاصيل »هvو|ي

eتها هى، وذل$ك تفادي$ا الس$تخدام ش$بكة التليفون$ات المص$رية. فعلتv م$ا وانتظار الرد الذى سيأتى خالل بضعة أيام على شكل طلب إضافة إلى هذه القائمة مvوصى به من هvو|ي

[ته منى، وظللت أنتظر .طلب

فى هذه األثناء، بدأت العمل فى ترجمة أفالم الكارتون، ومع استصغارى للمهمة فى البداية فإنى بعد قليل وجدتها ش$$احذه للهم$$ة وممتع$$ة فى نفس ال$$وقت. لم أش$$اهد أفالم

vذلك؟ كيف انشغلت vكارتون منذ سنوات طويلة، ربما خمسة عشر عاما. وأدركت ساعتها أنى لم أصحبك يوما إلى السينما أو أشاهد معك فيلما أو كارتونا فى بيتنا. كيف فعلت

عنك إلى هذه الدرجة؟ وفيم[ كان انشغالى؟ كنت أظن عملى هاما وال يحتمل التأجيل أو التقليص أو التخل�ى، وكنت مخطئا. فى كل ما سبق هذا ما أندم عليه، كل ه$$ذا ال$$وقت

الذى ضاع والذى ال يمكننى استعادته، كل هذا الوقت الذى كان يمكننى قضاؤه معك، وتركته وتركتك. وعلى هذا، عزيزى يح$يى، أس$تميحك ع$ذرا وأطلب من$ك المغف$رة. ه$ذا

mين .خطئى تجاهك، وأنا مدين لك بأكبر اعتذار ممكن. من يدرى؟ لعل�ى أنجح هذه المرة فى مسعاى وعندها سيكون لدينا كثير من الوقت لنعو�ض ما فات، كأب وابن حقيقي

ع.ش.فشير

------------------------------- باب الخروج لعز الدين شكري فشير.. الحلقة السابعة والعشرون

أنا أراها تصرفت كابنة اللواء القطان ال كزوجتى وأم ابننا وهى ترى أنى تصرفت

كموظف كبير فى الرئاسة دون أن أعطى عائلتى أى اعتبار

قررت اإلقامة فى بيت صفية، حمايةl للبيت من االحتالل وأيضا لالبتعاد عن الجيزة وما جرى فيها. لدى صفية غرفتان على السطح وحمmام ومطبخ لم تس$$تخدمها ق$$ط، فق$$ررت

أن أتخذهم مقرا، وأسعدتنى فكرة اإلقامة فى بيت أختى. أخبرت صفية عما حدث للبيت وطرحت عليها الفكرة فأيدتنى وشكرتنى عليها بل وأبلغتنى شكر إبراهيم زوجها على

ذلك. قالت إنهم لن يعودوا قريبا، وال حتى فى زيارة. استقر األوالد فى المدارس واستقر عمل إبراهيم بعد أن فض شركته مع عم$$ر. أخبرت$$نى بم$$رض عم$$ر؛ لدي$$ه ش$$ىء فى

القلب يحتاج إلى متابعة مستمرة، وهى على اتصال به وبزوجته وأطفاله رغم الخالف الذى وقع بينه وبين إبراهيم. فى المجمل لديهم جميعا حياة مستقرة فى إيطالي$$ا، وليس

ها بأسفار لمصر المضطربة أو مجرد التفكير فى العودة حاليا .هناك ما يدعو إلى هز�

مرe األسبوع األول دون أن يأتى رد السيد اللواء، لكن سارة أكدت تلقيه رسالتى. فى نهاية األسبوع صاحبنى عبده و»الق$$وة« إلى بيت ص$$فية ووجدت$$ه بالفع$$ل خالي$$ا. م[ن ك$$ان

ة الصغيرة ال$تى يس$كنونها فى أح$د األحي$اء الفق$يرة، ويبحث$ون عن م$نزل خ$ال\ eل«؛ يتركون الغرفة أو العشeح vهؤالء الناس؟ وأين ذهبوا؟ قال لى قائد القوة إنهم »مواطنون ر

دت الم$$نزل e$$فق] يستقرون فيه حتى يظهر له أصحاب فيتركونه فى هدوء، بعد أن يطلبوا مهلةl أسبوعا يكونون خاللها قد وجدوا ألنفسهم بيتا آخ$$ر خالي$$ا ينتقل$$ون إلي$$ه، وهك$$ذا. ت

[حطeم واتسخ الباقى بكل األشكال الممكنة، كأن مس$$تخدميه ينتقم$$ون من$$ه. س$$ألنى [حطeم ما ت vخدم األثاث ومحتويات البيت بال مراعاة أو رحمة، فت ووجدته فى حالة مزرية. است

[ى البواب، فأشرت له إلى أن الوضع كما يراه. فسألنى إن كنت أمانع لو سكن هو فيهما، وعمل حارسا للمنزل. وجدتها فكرة غريب$ة، فعب$ده محاس$ب، عبده عمeن يسكن غرفت

ولديه بالفعل عمل فى محالe ناحية الجيزة. سألته مباشرة، لكنه قلل من أهمية عمله محاسبا، قائال إن مجموع ما يتحصل عليه من المحالت الثالثة ال$$تى يق$$وم بحس$$اباتها ه$$و

|م[ يري$د ت$رك ستمئة جنيه فى الشهر. وسألنى إن كنت مستعدا لدفعها نظير حراس$$ته للم$نزل، إض$افة إلى إقامت$$ه مجان$ا ب$الغرفتين الملحق$$تين بالحديق$$ة، دvهش$ت، وس$$ألته ل

vن، ما دام هذا ما تريده. هذه هى قصة مجىء عبده للعمل المحاسبة ليعمل بوابا، لكنه لم يهتمe بسخريتى ولم يبدv عليه استغراب للموقف؛ هذا عمل وذاك عمل، قال. قلت ليك

.عندنا، ولم يفارقنا بعدها قط مثلما تعلم

انتقلت بالفعل إلى سطح بيت أختى، وعبده إلى ملحق البواب، وانتظم[ت حياتى شيئا فشيئا. توقفت عن الشرب تماما وعن ارتياد مج$$الس الع$$زاء، وأرس$$لت اعت$$ذارا مكتوب$$ا

إلى عفاف مع محمود، واجتهدت فى ترجمة أكبر عدد ممكن من أفالم الكارتون كيال يكون عندى دقيقة وقت زائدة. ثم جاءتنى رسالة القطان عن طريق سارة، وتح$$دثت م$$ع

أمك ومعك ألول مرة منذ قرابة تسعة أشهvر. كان الحوار مع أمك جافا، وقليل الكلمات وإن طال. أسئلة عن األحوال، إجاباتها قصيرة وبال معنى؛ »الحمد لله«، »ماشى«، ه$ذا

النوع. أسئلة عنك، فتسهب فى وصف أحوالك ومدرستك كى تعوض نقص الكالم فى الموضوعات األخرى. أسئلة من ناحيتها عن البيت واألحوال، فقلت لها م$ا ح$دث، وك$انت

فرصتها لصبe جام غضبها المكتوم تجاهى على الثورة وم[ن قام بها. كل هذا ونحن نحوم حول القضية األساسية، هروبها بك. لم أكن أريد عراكا، فس$$ألتها أوال عن س$$بب ع$$دم

ت إلى ذلك وفقا لتعليمات األمن. سألتها إن كانت هذه تعليم$ات األمن أم الوال$د فق$الت أن ال ف$رق. لكنن$ا eرvت بأنها اضطeاتصالها منذ سفرها وعدم إط�العى على مكانكم، فرد

نتحدث اآلن، وبناء على مبادرتى أنا، قلت، فردeت بأنها ال تعرف هذه التفاصيل، كل ما فعلته كان بمشورة أبيها. وهكذا، شيئا فشيئا تدهورت المحادث$ة ح$$تى وص$لت إلى نقط$$ة

ر تاركا أسرتك تفر وحدها؟ أكرر س$$ؤالى وهى تعطى إجاب$ات أج$$دها eيت[ عنا وبقيت[ فى مصر دون أى مبرe [خل الصراع الحتمية: كيف هربت| من البالد بابنى دون إخبارى؟ وكيف ت

واهية، وهى تكرر سؤالها وأجيبها إجابات تجدها هى غير مقنعة. وحتى اليوم، لو سألتها وسألتنى، ستجد هذين الوجهين للقصة: أنا أراها تصرفت كابنة اللواء القطان ال كزوجتى

.وأم ابننا، وهى ترى أنى تصرفت كموظف كبير فى الرئاسة دون أن أعطى عائلتى أى اعتبار. أظن أنها مخطئة وتكابر، وأظنها تظنe نفس الشىء بى

vك بعد أن وصلنا إلى طريقنا المسدود. كنت[ فى الرابعة عشرة من عمرك، ولم تكن وقتها مهتما إال بشؤونك المباشرة. تحدeثنا عن مدرستك وزمالئك، وسألتك عن البنات حادثت

eة، وال تع$رف فيه$ا أح$دا، وال تس$تطيع الخ$روج وح$دك حيث يص$ر [حدeثنا عن البيت والمدينة وقلت لى إنها ممل eهن، ورفضت[ أن توضح أو تزيد. ت اإلنجليزيات وقلت لى إنك ال تحب

جدك على أن يرافقك أحد الحراس أينما ذهبت. لكنك كنت معجبا بمراكز التسوق، وب$»اإلكس باد« الذى أهدتك إياه أمك، وبالمالبس، لكن الطقس ك$$ان يزعج$$ك. س$$ألتنى إن

vك [ه على مكتبك بالبيت وعليه ك$ل أغاني$ك. وع$دت كنت سآتى قريبا فاضطربتv وقلتv إنى ال أعرف بعد، فطلبت[ منى إن جئت أن أحضر معى »الهارد ديسك« األحمر الذى نسيت

.بالبحث عنه. واتفقنا أن تشترك فى برنامج المحادثة الذى نستخدمه كى نتحدث معا حين نشاء، لكنك نسيت

فكرت كثيرا أن ألحق بكم، رغم أن أمك لم تقترح ذلك ورغم إحجام جدك عن الح$ديث معى ورغم غض$$بى الش$ديد على كليهم$ا. لك$$نى لم أس$$تطع ابتالع فك$$رة أن ألح$ق أن$ا

بالسيد اللواء القطان الذى أخذ زوجتى وابنى وسافر. فكرت أن تعودا أنتما االثنان، أو حتى أن يذهب ثالثتن$$ا إلى مك$$ان آخ$$ر، إيطالي$$ا مثال عن$$د إخ$$وتى، لكن ش$$يئا من ه$ذا لم

.يحدث كما سأشرح لك بعد قليل

ركزت كل جهدى على الترجمة، وحاز عملى تقدير[ المسؤول عن المشروع وشركائه اليابانيين. وشكرنى محمود وأبدى سعادته بعودتى للحياة الطبيعية. كنا ق$$رب نهاي$$ة ش$$هر

أبريل، وصار لدى محمود وقت أكبر حيث انتهت مشاورات تشكيل الحكومة وقرر هو وأصدقاؤه الثوريون عدم المشاركة، وهو نفس موقف الق$وى الديمقراطي$ة المدني$ة ع$دا

eلوا أول حكومة يسيطر عليها اإلسالميون منذ الثورة. مازحنى محمود بأن أص$$دقاء س$$هرات الع$$زاء يفتق$$دوننى ويبلغون$$نى حزب الوفد الذى انضمe إلى اإلخوان والسلفيين وشك

Page 22: باب الخروج لعز الدين شكري فشير.doc

أنى أستطيع العودة لزيارتهم إن شئت دون أن أكرر ذلك بالضرورة كل ليلة، وقال إن لدىe فرصة محدودة قبل أن تغلق الحكومة اإلسالمية البار الذى يسهرون فيه، مضيفا أن

لديه وقتا هذه األيام ويمكنه أن يذهب معى لحراستى من الفاتنات اللواتى يتربصن بى، فابتسمت واعتذرت. ع$رفت أن ه$ذا الع$الم ليس لى، ال اع$تراض ل$$دىe على أص$حابه،

.لكن من نعم الله على اإلنسان أن يعرف ما له وما ليس له، وصرت اآلن موقنا أن هذا األمر ليس لى

eر االتصال مع أمك من خالل تلميذته سارة. ولم أكن قد قابلت سارة هذه وجها لوجه، فقررت الذهاب إليه فى الجامع$$ة لم أكن قد قابلت عزالدين منذ مر علىe فى الجيزة ودب

كى أشكره وأزيل بعضا من التوتر العالق بيننا، وأيضا أقابل التلميذة الغامضة وأشكرها. لم ألمس منه حماسةl حين اتصلت به لك$$نى ذهبت، ووجدت$$ه لطيف$$ا ومرحب$$ا لكن ك$$ان

[ح$دeثنا فى ع$دة أم$$ور. ش$$رح لى أس$$باب شىء ما يقف بيننا لم أعرف ما هو، كأنه حاجز شفeاف، طبقة من البالستيك تصدe نظراتى عن النفاذ إليه، وتجعل نظراته إلىe باهت$$ة. ت

vمل|ى برنامجها ورؤيتها ولم تتعلم ش$$يئا، وهم ال$$ذين أفش$$لوا حكوم$$ة رفضه وزمالئه االنضمام إلى الحكومة الجديدة، قال إن التيارات اإلسالمية تعتقد أن لديها أغلبية وتريد أن ت

عباس فخرى ومن ثم لم يكن لتشكيل حكومة ائتالفية أخرى معنى. سألته إن لم يكن خائفا من استئثارهم بالحكم، وأن يستغلوا سيطرتهم على الحكومة لتغيير قواع$$د اللعب$$ة

وإعادة صياغة األمور على هواهم، فضحك ضحكة مبتسرة، وقال ساخرا إنه من الواضح أنى كنت مشغوال خالل األشهvر التسعة األخيرة، وأردف ج$$ادا أن$$ه لم يع$$د ألح$$د أغلبي$$ة

Vت التأييد. كل خمسين نفرا يمكنهم أن يبدؤوا احتجاجا يتحول إلى ثورة ص$غيرة. ح$$تى تلقائية تؤيده فى كل المواقف، بل على العكس، أصبحت المشكلة الرئيسية اآلن هى تفت

داخل معسكر كل قوة سياسية، لم يعد هناك من يستطيع القيادة، فكل قرار له معارضوه وكل اختيار له من يرون عكسه، وقليلون من يقبلون االلتزام بقرار ال يؤيدون$$ه. ك$$أن

mلوا الحكومة محاكم$ة أع$داء الث$$ورة مثلم$ا يري$د البعض، وال العف$$و عنهم مثلم$ا يري$د [مm لن يستطيع اإلسالميون الذين شك كل فرد فى المجتمع صار قوة سياسية وحده، ومن ث

اآلخرون، ولن تستطيعوا تعديل الدستور الذى تم إقراره على عجل كما يريد البعض، وال الحفاظ عليه كما يريد اآلخرون، ولن يستطيعوا إعادة بن$اء األجه$زة األمني$ة واس$تعادة

األمن وال تركها كما هى معقال لقوى النظام القديم فيها ومصدرا للبلطجة. كل حركة لهم ستواج[ه بتحد� من جماعة ما، باختصار لن يستطيعوا فعل شىء فى أى من المشكالت

الداخلية الهامmة، وال فى الفوضى العارمة المحيطة بنا من غزة حتى إيران. استرسل عزالدين فى شرح رؤيت$ه للوض$ع السياس$ى، كأن$ه يلقى محاض$رة على طلبت$ه، ربم$ا كى

يتفادى الحديث فى األمور األخرى. وظللت أتوه منه وهو يحاضرنى، وأتساءل إن كان غاضبا علىe بسبب ميرفت، وهل مصدر غضبه ما فعلته أنا أم اكتشافى م$$ا فعل$$ه ه$$و، أم

أمر آخر. سألته إن كان حانقا علىe ألمر ما، فضحك واعتذر بأنه ينفعل عند الحديث عن الوضع السياسى، ألن الحال يؤلمه. ولو لم أكن أعرفه منذ عش$$رات الس$$نين لص$$دeقته.

.لكنه هكذا، حين يغضب بجد ال يمكنك أن تفتح أبوابه. سيظل موصدا حتى يأتى يوم ويفتحها هو بنفسه

قاطعتنا امرأة شقراء قوية البنية خضراء العينين جادة المالمح، ال مبتسمة وال متجهمة. هذه هى سارة رمسدل. بادرتنى بالسالم بلغ$$ة عربي$$ة س$$ليمة، وش$$كرتها على جهوده$$ا

[ل، »فكلهم أص$دقائى فقللت من قيمة ما فعلته وسألتنى إن كان كل شىء على ما ي$رام، ثم دعت$نى إلى االتص$ال به$ا إن احتجت إلى ش$ىء م|ن »ه$ذه القن$اة« فى المس$تقب

هناك«، قالت، وأومأت دون أن أفهم ما تعنيه بالضبط. لم أجد شيئا أضيفه فسلمت عليهما واستأذنت منصرفا. هذه هى سارة رمسدل، ضابطة البحري$$ة األمريكي$$ة ال$$تى رتبت

.العملية التى أنا بصددها، والتى ستهبط مع المروحيات فوق سطح هذه السفينة فى الرابعة من فجر غد

ع.ش.فشير