الفصـل الثـاني

الالشــعر زمـن االنتفـاضـة دراســــة نقـــــدیة

م ١٩٩٣نشر ھذا البحث في مجلة الجامعة اإلسالمیة ، العدد األول ، ینایر.

-٥٠-

-٥١-

:أما قبـلشبھة ات المت شار الكتاب ل انت ى عوام وف عل ذا البحث الوق یحاول ھ

وم بالشعر في بیئة االنتفاضة ـ المكانیة والزمانیة ـ ، فبدأ بالحدیث عن م فھم الشعر ومقوماتھ ، وخلص إلى تبیین مفھوم الالشعر وأشكالھ المتنوعة ، ثانتقل للكشف عن أسباب ظھور الالشعر بصفة عامة ، وفي بیئة االنتفاضة د ة ، وق ي أم البیئ تج أم المتلق ود للمن ي تع بشكل خاص ، سواء األسباب الت

احب ا ص ة وم عر واالنتفاض شار الالش ین انت ة ب ث العالق أجج بح ن ت ھا م ...المشاعر وغزارة األحداث وتمیز التجارب

وخلص إلى تشخیص الخلل الذي جعل الباحث یخرج تلك النماذج من دائرة الشعر فبین أثر االھتمام بالمضمون وإھمال الشكل في تخلف مستوى تلك الكتابات، سواء على صعید اللغة وما أصابھا من آفات ، أم على صعید

یق عید الموس ى ص ستحدثة ، أم عل ة أو الم وابطھا التقلیدی ن ض ل م ى والتحلا ك مم ر ذل ال الخالق ، وغی دام الخی األخیلة وما أصابھا من الضمور وانع

.تكشفھ الدراسة

:مــــبررات ا ال )١(ال أزعم أن الالشـعر ولید ھذه السنوات الثالث األخیرة ، كم

مواقف وحرارة التعبیر عنھا قد أزعم أن عمق التجارب وصدقھا ، وتوحد ال ٠استطاعت الوقوف في وجھ زحف الالشعر في ھذه السنوات

ا بح یطالبن ى أص اعده حت تد س عر واش ث الالش رت بواع ا كث ولماع -باالعتراف بشرعیتھ ھ - في زمن الالمشروع الطافي فوق الق ت أن رأی

ول ن می وعیة متجردة م ّى أن أدرس قضیتھ دراسة موض ن الواجب عل مین زه ب دودا تمی ھ ح ط ل ا أو أخ ھ وطن أقیم ل صفا ف ون من ي أك اء لعل االنتم

!األجناس األدبیة التي لم تعترف بھ بعد : ھتم ھذا البحث بدراسة الجوانب التالیةا وتحقیقا لھذه الغایة

.تعریف الالشـعر - .عوامل ظھور الالشـعر - .االنتفاضة والالشعر - .الشكل والمضمون تدھور العالقة بین -

.م ١٩٩٠ ، ١٩٨٩ ، ١٩٨٨: السنوات الثالث األخیرة ھي ) ١(

-٥٢-

.التحرر من الشعر وأشكالھ في عصر االنتفاضة -

-٥٣-

:دیــم ـتق لم أتخیل یوم عزمت على الكتابة في الالشعر أن تعریفھ أمر صعب

حیث أني كنت أظن أنھ یكفي القول بأن الالشعر ھو كل ما خرج عن دائرة ی شعر وتبی رة ال ھ، الشعر إلى أن عزمت على رسم محیط دائ ن حدود دولت

ھ ا تھرب من ا فیم ي أقحمتھ سي الت ى نف فقت عل دي وأش وعندھا أسقط في ی ٠ اآلخرون

اتھم رت تھویم نعم لقد تھرب نقاد العصر من تعریف الشعر وإن كثت ي جعل ي الت ات ھ ك التھویم ل تل ھ ، ولع واه أو غایت كلھ أو محت ول ش ح

ا األمر أكثر صعوبة حیث بدت دولة الشعر دوالً : مختلفة الخصائص، منھ .)١(..دولة الشعر العمودي ، ودولة شعر التفعیلة ، ودولة الشعر المنثور

د صعبة وحاولوا جھ ة ال ذه المھم نھم لھ أما القدماء فقد تصدى نفر مالم ین مع ي رسم حدود واضحة تب ة ف الطاقة ، فكانت محاوالتھم أكثر جدی

ع دولة الشعر وتنفي الالشعر خارج حد ف م ت أختل ود تلك الدولة ، وإن كنا در صعوبة م ي أق ك الحدود إال أنن م یرسمون تل ھ وھ وا إلی ا ذھب بعض م

اء "ابن طباطبا" نجد - مثال -ومن بین ھؤالء ٠أقدموا علیھ یتصدى ألدعیالم منظوم ، : " الشعر ویفرق بین ما یھذون بھ وبین الشعر بقولھ شعر ك ال

ستع ذي ی ور ال ن بائن عن المنث ھ م ا خص ب اتھم ، بم ي مخاطب اس ف ملھ النھ ذوق، ونظم النظم الذي إن عدل عن وجھتھ مجتھ األسماع ، وفسد على ال

ا )"٢ (..معلوم محدود ن طباطب ، ومن مكمالت حدود الشعر الشكلیة عند اب ٠إتقان استخدام أدواتھ وإّال خرج إلى دائرة أخرى قد تكون الالشـعر

شعر "اطباابن طب " ولما رأى أن ھذا التعریف ال یكفي للتفریق بین العر ة -والالش ضمون والوظیف ة الم ن ناحی ة م ى - خاص د عل تم بالتأكی اھ

ة : بعض المعاییر التي منھا سي والوظیف دال والصدق النف الوضوح واالعتاالجتماعیة للشاعر والمھمة األخالقیة للشعر وغیر ذلك من المعاییر النقدیة

٠)٣ ("ابن طباطبا"ا التي اعتمدھ

: راجع مثال ) ١( ١٢٢، ١٩٧١مصرب، دار المعارف ٢نظریة الفن المتجدد، ط: ـ األمین ، عز الدین

٢١٣، ١٩٧٨، دار العلم ، بیروت ٥قضایا الشعر المعاصر، ط: ـ المالئكة ، نازك .، دار النھضة ، مصر ١األدب ومذاھبھ ، ط : ـ مندور ، محمد

.٩ ٠ ، ص١٩٨٢ار الكتب العلمیة بیروت ، ، د١عیار الشعر ، ط : ابن طباطبا ) ٢( . وما بعدھا ١١ص : ابن طباطبا ) ٣(

-٥٤-

وكي ال نسھب في تتبع مفاھیم القدماء عن الشعر نكتفي بذكر تعریف و دیم ، وھ د الق ات النق ن بیئ ة أخرى م ل بیئ ر "آخر قد یمث ن جعف ة ب "قدام

ھ شعر بقول ى : "الذي یعرف ال ى معن دل عل ى ی ول موزون مقف ھ ق ٠)"١(إنوان الالشعر وإذا كان ھذا التعریف ال یكفي للتمییز بین - الشعر وبعض أل

یكرس بقیة بحثھ لتلك الغایة حیث یھتم "قدامة"ن إ ف- كالنظم التعلیمي مثًالة ، ف األربع ذا التعری ل عنصر من عناصر ھ بتبیین الصفات الخاصة بكودة فات الج ى ص ة عل ي النھای صل ف ث نح ة بحی ردة أو متآلف واء مف س

رة ال ة والرداءة التي تعین على رسم دائ ھ من وجھ ین حدود دولت شعر وتبی ٠ على األقل "قدامة"نظر

أما في العصر الحدیث فقد اختلفت المفاھیم وتعددت حتى كادت كثرتھا ن اللجوء ك م ى ذل یس أدل عل وتعدد وجھاتھا تطغى على حدود الشعر، ولإلى المذاھب أو المدارس األدبیة وسؤالھا عن مفھومھا عن طبیعة الشعر أو

ة وظیف شعر وظیف رى لل ت ت ھ إن كان ات ..؟ ) !٢(ت ى كتاب وء إل أو اللجات ..المھتمین بالشعر سواء كان عمودیا أو حرا ث ال تعكس إّال تھویم حی

ازف عن أو شكوى ، ولتستمع معي أیھا القارئ العزیز إلى شكوى ھذا العول ث یق شعر حی ف ال ذه : " تعری ل ھ شعر ألن مث ف ال اول تعری ن نح ول

ي المحاوالت ا سوف تعی ب الظن أنھ سابقین والمعاصرین ، وأغل أعیت الین صول ٠)٣ "(..الالحق رد فصال من ف ذي أف ل إن ال ك فحسب ب یس ذل ل

ول ر الدھشة أن : "كتابھ لتعریف الشعر الحر نجده یق ي تثی ور الت ن األم مرواد الشعر الحر وھم یخوضون معركة حامیة ضد أنصار الشعر العمودي

ى ذودون لم یحاولوا حت ذي ی شعر ال ن ال ون م ذا الل د مصطلح لھ اآلن تحدی ٠)٤(.."عنھ

ا أما الشعراء أنفسھم فقد برروا عدم تعریف الشعر بوسائل شتى منھل ل دنق ول أم شعر : "ما نراه في ق ا أن ال ا إذا رأین ھ -إنن ا ل ن عموم أو الف

انیم ھي جوھر ثالثة أقانیم ، ھي الحق والخیر والجمال ، وقلنا إن ھذه األ ق

ة ) ١( ر ، قدام ن جعف اجي ، ط : اب نعم خف د الم د عب ق محم شعر ، تحقی د ال اھرة ، ١نق ، الق

.٦٤ ، ص ١٩٧٩ .األدب ومذاھبھ : ـ مندور، محمد : راجع على سبیل المثال ) ٢(

٠ األدبیةالمدارس: ، نسیب ـ نشاوي .٩٨االنجلو المصریة، القاھرة، ص ،١تذوق األدب ، ط : ذھني ، محمود )٣( .٩٠ ، ص ١٩٧١، القاھرة ، ١حوار مع الشعر الحر، ط : دعیبس ، سعید )٤(

-٥٥-

سھا الخلود في الشعر ، فال بد أن نضع في اعتبارنا أیضا أن ھذه األقانیم نفى إ ومن ھنا ف ٠متغیرة ولیست ثابتة ن الرؤیة الفلسفیة تختلف من عصر إل

٠ )١(.."عصر ، ومن ثم تختلف الرؤیة الشعریة أیضا

:ر ـتعـریف الالشـعد ى .. وبع عى إل ي أس ن أنن ال أظ ا ال ف ات مبھم شعر ب ول أن ال الق

.رنعرف كنھھ ، كما أنني ال أمھد للعزوف عن التفریق بین الشعر والالشع ك ل تل وق ك سمو ف ف ی ى تعری ول إل و الوص ھ ھ عى إلی ا أس ل م ل إن ك بالمعضالت التي توھم بتقسیم دولة الشعر إلى دول تشعر باستقاللیة شعارھا

٠وبفلسفة كیانھا المتمیزھ إن الشعر الجید أیا كانت مدرستھ أو قالبھ سیحتفظ بخصائص جودت

ھ د أو مذھب ة نظر الناق ت وجھ ا كان ة أی ة النقدی ى الدراس حینما یعرض علن العالء رو ب د : "النقدي ، أما قول أبي عم ى لق ذا المحدث حت ر ھ د كث لق

.فال أھمیة لھ في میدان الدرس النقدي الحدیث )"٢(ھممت بروایتھ تعبیر عن تجربة : لذلك قد ترى ھذه الدراسة أن تعرف الشعر بأنھ

صوصیتھا ا خ ة لھ ع ، بلغ اة والمجتم ن الحی ف م ار موق سانیة ، وإظھ إنھ ارف علی ا المتع دیماً -وإیقاعھ دیثًا ق ال أو - وح ع بالخی زج الواق ھ یمت وفی

٠المجاز لتعرض لتلك وكي یتضح الفرق بین الشعر والالشعر نرى ضرورة ا

علیھا تعریف الشعر ، وإظھار بعض أوجھ خصوصیتھا يالعناصر التي بـنر عن : ي التعبی ذا ینف ان ھ سانیة ، ف ة إن فإذا قلنا إن الشعر تعبیر عن تجرب

یس ول أدون ا یق ة الشخصیة ، وكم : األزمات النفسیة والظروف االجتماعیي ..لعل أھزل اآلثار الشعریة " ار الت د ھي غالبا اآلث ال تكشف إال عن عق

، وبالتالي فإن الشاعر الذي ) "٣(..الشاعر أو ظروفھ االجتماعیة الشخصیة وعیة ة موض ى تجرب ھ الشخصیة إل سانیة -ال تتحول تجربت و - إن ة ھ عام

٠)٤(دون المستوى

.١٩٧ص ، ،الھیئة المصریة العامة١ مجلة فصول ، المجلد األول ، العدد الرابع، ط )١(شع : ابن قتیبة )٢( د شاكر ، ط الشعر وال د محم ق أحم اھرة ، ٣راء ، تحقی ، ص م١٩٧٧ ، الق

٨٩ - ١ . .١٢ ، ص ١٩٧٢زمن الشعر ، دار العودة ، بیروت ، ) ٣( .٣٩ ، ص ١٩٦٩حیاتي في الشعر ، دار العودة ، بیروت ، ) ٤(

-٥٦-

ع ف اة والمجتم ن الحی ن إ وحینما نقول إن الشعر تعبیر عن موقف مي عار الت رج األش ك یخ شعر ذل رة ال ن دائ ع م سجیل الواق دف إّال لت ٠ ال تھ

ول ا یق ع أو كم ذلك الواق شكیل ل فالشعر لیس انعكاسا للواقع بل ھو إعادة تـع : "عبد الوھاب البیاتي ).١("الشعر لیس انعكاسا للواقع بل ھو إبداع للواق

صبور أن د ال ق "ویرى صالح عب ھ یخل اة ولكن ـر عن الحی شاعر ال یعب الاال حیاة أخ ا صدقا وجم ر منھ اة وأكث ة للحی ھ عن إ إذ ...رى معادل ن وقوف

٠ )٢("التعبیر عنھا ھو قصور في رؤیتھشعر ة ال ین لغ ق ب ى التفری ة إل ن خصوصیة اللغ دیث ع دفعنا الح ویواللغة العادیة دونما حاجة إلى الخوض في ضوابط لغة الشعر وخصائصھا

و ال بق ذا المج ي ھ ي ف ة ، ونكتف ویفرالفنی ف كل ر : " ل رول شعر أكث إن الة ة العادی ع أو اللغ ة الواق ن لغ دًا ع ة بع كال األدبی ر إن ٠األش ر آخ وبتعبی

عر اك ش ون ھن روب ال یك ذا الھ دون ھ ألوف ، وب ن الم روب م شعر ھ ٠الوتبدأ عملیة المعارضة للغة العادیة عندما یتصدر التنظیم النغمي لغة الشعر

دأ اإلجراء األ ٠ ا یب ع ومن ھن ق دف ة عن طری اء اآللی و إلغ شعر وھ ول للعملیة االتصال المباشر إلى المؤخرة على عكس ما تفعلھ اللغة العادیة وھو ى نحو آخر ة عل اء اآللی أن تكون عملیة االتصال في الصدارة، ویتمثل إلغدلول ى دال وم ا إل صطلح علیھم دلول م ن دال وم ة م ول الكلم دما یح عن

٠)"٣ ( ..آخرینى االتصال زة ال تھدف إل ة متمی شعر بلغ وھكذا فإننا حینما نخص ال

اقي ن ب را ع زه كثی ا ال نمی ط ، فإنن ة فق دالالت المعجمی ر ال ر عب المباشول ا نق ن حینم ة ، ولك دیما : " األجناس األدبی ھ ق ارف علی ا المتع ا إیقاعھ لھ

شكلیة الت " وحدیثا وارق ال م الف د أھ ز ، فإن ھذا یعني الوزن الذي یع ي تمیل أ أالشعر عن سواه ، سواء ى أوزان الخلی سیر عل ًا ی ان شعرًا عمودی مك

..شعرا جدیدًا یأخذ بنظام التفعیلة

.٣٥ص ، ١٩٦٨تجربتي الشعریة ، دار العودة ، بیروت ،) ١( .٣٩حیاتي في الشعر ، ص ) ٢( .٢٧٥ مجلة فصول ، المجلد األول ، العدد الرابع ، ص )٣(

-٥٧-

:عوامـل ظھـور الالشـعر ولكي نصل إلى حقیقة المشكلة ینبغي الوقوف على دوافع الالشعر

وقد یغلبھ في وعوامل ظھوره بحیث أصبح طافیا فوق القاع ینافس الشعر األذواق الخاصة ، وقد الحظ غیرنا ھذه يبعض األعراف أو عند بعض ذو

) :١(الغلبة فسجل اندھاشھ من فساد تلك األذواق بقولھ .. كیف عدا الشعر بدنیاكم خرابا

بعدما كان جواھــر ؟ .. بعدما كان ربیعا

كیف أضحى مثل أشباح المقابر ؟ .. بعدما كان ككحل

فوق أھداب الغواني

كیف أضحى خنجرا وسط المحاجر ؟ .. كیف أضحى دون عنوان

.. وال آت وحاضر ؟.. وال ماض

..ا الشعر رخیصا صار ھكذ .. والمارق فیھ

! ویتاجر .. یتغنى .. وامتطوه .. مسخوه بثوان

:.. ثم قالوا .. ھكذا الشعر

:.. فصر إن شئت " ! ! !شــاعـر "

ا دوافع قول الالشعر فمتنوعة ومتعددة ، منھا ما یرجع إلى المنتج أمومنھا ما یعود إلى المتلقي ، وأما عوامل ظھوره وانتشاره فشتى قد یصعب

ل األساس .. حصرھا فمن دوافع الالشعر التي تعود إلى المنتج نذكر العاما ي یعرفھ ي الت اج الفن روط اإلنت ھ ش وافر ل تج ال تت و أن المن م ، وھ معظ

:المشتغلین باألدب ونقده وھي

.١٣٠ ، ص ١٩٨٩ ، أریحا ، ١، ط )٢(النزیف رقم : الیاسیني ، عمران ) ١(

-٥٨-

الموھبة أوًال ثم إتقان وسیلة التعبیر ، وأخیرًا التجربة الشعوریة التي وأحسب أنني في غنى عن إبانة أثر فقدان ..تحث على إنتاج العمل الفني

أي عامل من ھذه العوامل الثالثة ، حیث یكفي تأمل ھذا الشكل من أشكال ) :١(الالشعر

یوم كتبـت أول قصیدة

لم أكن أدري أنني أتورط

في عملیة صعبة ستطبق على أحالمي

ولن أستطیع أبدًا .. الفـــرار

كنت متواطئــة .. مع قلمــي

ألمارس ھوایة االسترسال عبر األلفاظ الغامضة

عبر موسیقى الكلمات في سفینة تبحر صوب البعید

.. وأعطاني األمل الضوء األخضــر

ني اإلشراق أعطا أعطاني الطفولة أعطاني الھوس

فغدوت مزھوة.. أزحف على جرحي

أغوص في بحر لیل العینین لم أكن أدري أنني أسیر

في طریق باطني موعر ضیق الفجوات

ال خیار فیھ متورطة فیھ

، منشورات اتحاد الكتاب الفلسطینیینيوطني نذرت لعینیك عمر: شھوان ، نجالء ) ١(

.٩ ، ص ١٩٨٩القدس ،

-٥٩-

بال تراجع أتلذذ بوجعي فیھ

أغرق في دھالیزه المتداخلة أعیش ذروة النبض الوجودي

ان الموھبة أو غیاب التجربة وقد یظن البعض أنھ یمكن أن یستر فقد ..برنین األلفاظ الجوفاء ، أو بمجاراة بعض النماذج التي یتغنى بھا الناس

ولكن ھیھات أن تخرج تلك النماذج عن دائرة الالشعر ، ولیس أدل على " آھات " ذلك من ھذا الشكل من أشكال الالشعر الذي یجاري صاحبھ

: )١( الشاعر الشعبي بیرم التونسي لھـا یا أخوتيأو

ثانیھا یا صحبتي ثالثھا یا رفقتي رابعھا یا قریتي ولقوا شرابو أولھـا یا أخوتي

راحوع بابـو ثانیھا یا صحبتي ماتو صحابـو ثالثھا یا رفقتي قالو كتابـو رابعھا یا قریتي كرةـولقوا شرابو طـارت الس أولھا یا أخوتي

ضاعـت األكـرة راحوع بابو ثانیھا یا صحبتي كرةـرجعـت الف ثالثھا یا رفقتي ماتـو صحابو

موعدو بكــرة رابعھا یا قریتي قالـو كتابو وأنا ظلیت كرة ـطارت الس أولھـا یا أخوتي ولقوا شرابو

یتوما بل رة ـضاعت األك ثانیھا یا صحبتي راحوع بابو وأنا اندلیت كرة ـرجعت الف ثالثھا یا رفقتي ماتو صحابو قمت صلیت وعدو بكرة ـم رابعھا یا قریتي قالو كتابو

أقول وأعیدیتوأنا ظل كرة ـطارت الس أولھا یا أخوتي ولقوا شرابو دموعي حدید ومـا بلیت األكـرة ضاعت ثانیھا یا صحبتي راحوع بابو وعزمي أكید وأنا اندلیت كرة ـرجعت الف ثالثھا یا رفقتي ماتو صحابو

دیـصالة الع رابعھا یا قریتي قالو كتابو موعدو بكرة قمـت صلیت ھ أترى عزیزي القارئ ھذا المسخ الذي ینازع الشعر مكا ، فیمتطى نت

ترى ما سر االھتمام بھ ، ولماذا یتصدر !! الصفحات لیحول بیاضھا سوادا عجالت المطابع ؟يمنابر الصحافة ویمتط

د ) ١( د الحمی ش ، عب ھ ، م : طق دأت الحدوت دس، ب سطینیین ، الق اب الفل اد الكت شورات اتح ن

٦٧ ، ص ١٩٨٩

-٦٠-

إن فاقد الشيء ال یعطیھ ، ففاقد الموھبة واألداة والتجربة ال یمكن أن الل و ھ ا أب ول مھ ا تق ر كم یس األم ا ، ول صدر أدب ة : "ی ذه المرحل ي ھ ف

قررت المشاركة ..عصیبة الممزوجة بالخوف واألمل والترقب في وطني الم ..كأي عضو فاعل في ھذا المجتمع ، بالبناء ت القل وألنني امرأة فقد حمل

من رأى منكم منكرا فلیغیره بیده " :بدال من الحجر وقد قال الرسول الكریمـان ن لم یستطع فبقلبھ وھذا أضعف اإلی إن لم یستطع فبلسانھ و إف ألن .)١"(م

قول الشعر ال یتوقف على قرار وإّال لقرر معظم الناس أن یكونوا شعراء، ھ ل تبعات رأة تحم ستطیع الم ذي ت ال ال سھل المن سالح ال وألن الشعر لیس ال

شھاد ..ألنھ یتوافق مع أنوثتھا كما تزعم مھا أبو ھالل م ھل یجوز االست ث التخاذ مقام بحیث یصبح مبررًابحدیث النبي صلى اهللا علیھ وسلم في ھذا ال

!؟القرار بقول الشعر الذي یوھم - الشعر المرسل- Blank Verse لعل شكل الشعر الجدید

ان ا، ك بتجرده من أھم خصائص الشعر كالوزن أو القافیة أو ما یقوم مقامھى سببا في الجرأة على الشعر ، وربما كان للتسمیة الخاطئة التي أطلقت عل

شع د ال شعر الحر - Free Verseر الجدی ى - ال ذه الجرأة ، حت ي ھ دور فد ينس اء النق ثلھم أدعی شعر وم اء ال ل - أدعی شجعون بقصد أو بجھ ذین ی ال

أن الشعر ال یكون شعرا إال إذا توافرت فیھ -على االنفالت من قیود الشعر ..خصائص أھمھا الوزن

ور الال ل ظھ ن عوام ل م ذا العام ل ھ ي ومث صیحات الت ك ال عر تل شن دنا م ى وج شعر حت ى ال ریض عل ي التح رى ف ة واألخ ین الفین سمعھا ب ن

سم سمونھ يی رة ی عرًا ، فم ر ش شعور" النث ر الم رى " النث شعر "وأخ الور سمونھ "المنث سخریة ی ي ال ا ف ر"، وإمعان صیدة النث ف " ق ، وال أدري كی

ر ع اسم نث ة وس ٠یجتمع اسم قصیدة م ك حسن نی ي ذل ل ف إلحداث يع لع .)٢(..الوحدة بین األجناس األدبیة، وإذابة الفروق والفواصل بینھا

اتفاق المنتج مع الناشر : ومن عوامل ظھور وانتشار الالشعر أیضا اعي - والقارئ أحیانا - ف الفكري واالجتم ي الموق ة - ف ث - األیدلوجی حی

.٥قارب وأرجوحة ، ص : أبو ھالل ، مھا) ١( .١٢٢ـ نظریة الفن المتجدد ، ص : راجع مثال) ٢(

٢١٣في كتاب نازك المالئكة، قضایا الشعر المعاصر، ص: صبريخزامى ـ رأي ٢٠٣جلد االول ، العدد الرابع ، ص في مجلة فصول ، الم: عوض لویس ـ رأي

. ٦ ـ مقدمة حكایة في انتظار الحلم ، ص

-٦١-

..أصبح ھذا االتفاق أھم من مقاییس الجودة الفنیة ي وصول الالشعر ھ ف ستھان ب وإن كنت أرى لھذا العامل دورا ال ی

ن بعض شعراء القضیة قد جعل الشعر الذي ال یعبر إإلى عجالت المطابع ف .)١(عن أیدلوجیة ما لونا من ألوان الفوضى

شعر ل من شأن ال وال یحسبن أحد أنني أسعى بھذا الحدیث إلى التقلیذي یتوح د ال ھ الجی ع تجربت اعي م ري واالجتم شاعر الفك ف ال ھ موق د فی

ول ك الق و ذل ھ ھ ذي أعنی ل ال رة ، ب ن المباش دة ع ة بعی شعوریة بطریق الر م إال التعبی المتشبھ بالشعر والذي ال یملك شیئا من أسباب حیاة الشعر اللھ

رة المباشر عن موقف صاحبھ ن دائ ول م ذا الق ى إخراج ھ بقني إل ، وقد س ٠)٢(ن رائد من رواد الشعر الحر ومقننیھالشعر أكثر م

قد تكون - ومن تلك العوامل أیضا نذكر ما لدور النشر من إسھامات ھ -غیر مقصودة دھا علی في طبع الالشعر وترویجھ وتربیة األذواق وتعوی

:، والحدیث في ھذا الجانب ینقسم إلى قسمین : الصحف والمجالت -١

ضھا د ب بع ث غی واه حی ن س شعر ع ز ال ي تمیی اد ف د الج ور النقارات ومساعدتھ على شق طریقھ إلى القّراء ، فنشرت الغث والسمین العتب

.ربما یكون بعضھا قد سبق ذكرهوقد نبھ على خطورة ما تقدم علیھ ھذه الصحف والمجالت أكثر من

ن یلق ع م ف م ت أختل ة ، وإن كن ة يمھتم برقي الحركة األدبی معظم التبعی - ثم ھذه الرغبة عند معظمھم ..) : "٣(على الكـتـاب والشعراء حیث یقول

ھ سریعا -أي الكتاب والشعراء دفع ب الھم وال ى ب بتسجیل كل ما یخطر علا ا یجعلن ا ، مم ادة وتنقیحھ إلى ھذه الجریدة أو تلك المجلة دون مراجعة الم

شرھا صحف ومجالت ي تن ة الت األراضي نرفض الكثیر من المواد األدبی ."..المحتلة على مختلف توجھاتھا وانتماءاتھا

أما بعض الصحف والمجالت فقد اعتمدت على بعض أدعیاء النقد وأسندت إلیھم مھمة القراءة واإلجازة ففتحوا الباب على مصراعیھ أمام

ولكي ال یظن البعض أنني أتجنى على بعض صحفنا ٠)٤(ألوان الالشعر

.١٠٧،ص ١٩٧٠، دار العودة، بیروت ١حیاتي وقضیتي وشعري، ط : سمیح ، القاسم) ١( .٣٢تجربتي الشعریة ، ص : البیاتي - . ١٢،٢٧زمن الشعر ، ص : أدونیس ) ٢( .٨ ، ص١٩٨٩، اتحاد الكتاب القدس ، ١ الحافي ، ط مقدمة دیوان أبجدیة فرج) ٣( .٩ص ) ٦/١٩٩٠/ ٢٤األحد (٥٧٩٨العدد : الصفحة األدبیة بجریدة الشعب: راجع ) ٤(

-٦٢-

ذا النموذج الذي تصدر الصفحة األدبیة في عدد من أعداد المحلیة أسوق ھ ) :١"(في دفء ما بین الشفق والعشق"جریدة الشعب ، وھو بعنوان

وأنا في القصر ابن سلطان في ظاللھا ینام السرحان قدك المیال كالخیزران یخرج الصوت صاف رنان فاقت ألوان الرمان صقلتھا أیدي فنان

یحول القضبانوكسرت ما لیس للشرف فیھا امتھان سیطرتني مرارة األحزان وتعلمین بقلبي األمان بعد ما سمعت من عرفان إذ قلبي مشغوف شعالن حیث ال أملك قلبا من صوان

أي أمیرة لقد فطرت للحنان رمش عینیك شتیالت حنان شعرك األوتار واأللحان فاك خاتم سلیمان

ما أجمل الوجنتان٠٠٠آه لؤلؤ تلك األسنان نمن نظرة حركت األشجا

ثقة تملكین كالشجعان بحثت عنك بكل مكان حبنا ما بني بأركان أتشكین مني حتى اآلن واستدركت بأني ولھان لي حس وشعور فأنا إنسان

ذا القول إن ھ ي ب إنني اكتف وذج ف ذا النم ى ھ ب عل ن تعقی د م ان ال ب وإذا كسطیني ، و عرنا الفل الة ش صلة ألص ت ب سخ ال یم ى الم سطیره عل إن ت

ي شعري ف داع ال ستوى اإلب اءة لم ي إّال اإلس صحف ال یعن فحات ال ص ٠ األرض المحتلة

: التجمعات األدبیة ودور النشر -٢

ي ر ف ة دورا ال ینك كما أن للمؤسسات الوطنیة المعنیة بالحیاة األدبیا تشجیع األدباء واالعتناء بأعمالھم وتحمل أعباء طباعتھا ونشرھا إن لھ ، ف

٠دورا في تشجیع الالأدب أیضا ، سواء بقصد أو عن غیر قصد ك المؤسسات دور د المختص عن ساحات تل ربما یكون لغیاب الناق

ولكن الذي ال یمكن تبریره ٠في نشر ألوان الالشعر والالأدب بصفة عامة ھا ھو اإلصرار على نشر األعمال التي كشف النقد ضعفھا وانحدار مستوا

م ة ل د محاول ره الناق ذي اعتب دیوان ال ذا ال شر ھ ى ن دافع إل و ال ، وإّال فما ھدیوان دم ال ھ : "تنضج بعد حیث یقول مق دیوان -ویمكن أن - أي صاحب ال

ن تجربت و أتق د إن ھ شكل الجدی ر بال ى التعبی ل إل ة ھـینتق بحت اللغ ، وأص شعریة الذائعة قدیمًاالشعریة مطواعة لدیھ وال بد من اإلفادة من الدواوین ال

. ٩ص ، )١٩٩٠ حزیران١٧األحد : (جریدة الشعب ) ١(

-٦٣-

٠، والدواوین الحدیثة والمعاصرة ذه ي ھ ى شاعرنا ف ز عل ي تع ن الخصائص الت فالشعر الخالد فیھ م

ھ ) ١("لھ الخلود المرحلة ، وبھا یرتفع الشعر ویبقى ویكتب تم تقدیم م یخ ، ثث ام، حی ع األی د تنضج م ة ق بالتنبیھ على أن الذي سنقرأه ما ھو إّال محاول

د " : یقول وبما أن الشاعر یمتلك الموھبة ، فمحاولتھ والحالة ھذه واعدة ، ق ٠)٢("یكون لھ شأن على مر األیام

وما ھي مبررات نشر محاولة خارجة عن حدود دولة الشعر ، والتي ا شعر فیھ تمتاز عن أشكال الالشعر بعدم توفر أیة خاصیة من خصائص ال

راف صاحبة ٠ و اعت ائرة ھل السبب ھ ل ث ست شاعرة ب ا لی ة بأنھ المحاولر ا الحج ل علیھ ة فثق ي االنتفاض شاركة ف ررت الم ا ق ولكم ررت : " تق ق

اء ع بالبن ذا المجتم ي ھ د ..المشاركة ، كأي عضو فاعل ف رأة فق ي ام وألنل اآلن ..حملت القلم بدال من الحجر شعر قب ب ال ل .. إنني لم أكت ا األم إنمرة فجر شاعر كثی م وم اول واألل ي أح روف جعلتن ذه الظ ا ھ ا ..تھ ا أن وھ

ست شاعرة ي ل لوبي ألن أحاول ، لذا اعذروني إن كان ھناك ضعف في أس..) ٠)"٣

ع قصائد ھ إال أرب ذي قدم د ال وما ھي مبررات طبع دیوان لم یر الناقھ دة فی دیوان ) ٤(جی سمى ب ا ی ع م ررات طب ي مب ا ھ ذرت " ، وم ي ن وطن

٠ ذلك الكثیر الذي ال یتسع المقام للحدیث عنھ وغیر،" لعینیك عمري

:االنتفاضـة والالشـعر ن ة الف ت مھم رون - إذا كان ا الكثی ا یراھ ع أو - كم ر الواق ي تغیی ھ

ع ر الواق ي إ، ف شرف الحلم بتغیی اقي اآلداب ف اخر ب سطیني یف ن األدب الفلال ، و ذا المج سطیني یخت لھ ا الفل ك أن واقعن ع ذل ّل مرج ع ع ن واق ف ع ل

ھ د ینطق ل ق سھ ب دت أحاسی ذي تبل ى ال ر حت أصحاب تلك اآلداب ، واقع یثیع !! أو یلھمھ أدباً شعرًا ھ واق ره ، إن ن غی ر م واقع أكثر احتیاجا إلى التغیی

ك ٠ واقع االحتالل ..القھر والظلم ر ذل ى تغیی ل عل سطیني یعم ل فل إن ك ٠اقع الواقـع ، أو على األقل یحلم بتغییر ذلك الو

.١٠ص : مقدمة دیوان جمرات تحت الرماد ) ١( .١١السابق ، ص ) ٢( .٥أبو ھالل ، مھا ، ص ) ٣( .٩راجع مقدمة دیوان زغارید على بوابة الصباح ، ص ) ٤(

-٦٤-

ة ة لتجرب یاغة فنی ھ ص رى أن ات األدب ت ض تعریف ت بع وإذا كانشریة )١(بشریة ، فان أدباء فلسطین لم یقصروا في تسجیل تلك التجارب الب

في الثورة على واقع االحتالل ومحاولة تحطیمھ بغیة إقامة واقع آخر طالما ٠حلموا بھ

صوره الم ي ع سطیني ف ال األدب الفل و ح ذا ھ صر ھ ا ع ة ، أم ختلفل ى عم الم إل ك األح ول تل ارب ، وتح ك التج د تل ھد توح د ش االنتفاضة فق

ع ر الواق د جاء أدب االنتفاضة ٠شعبي جامح ال یرى غایة سوى تغیی وق في التعبیر عن ثورة الشعب على الواقع األلیم الذي یحیاه الفلسطینیة صادقاً

ى صحة وھو یرزح تحت نیر االحتالل ولعل الالشعر أص شواھد عل دق الل ٠ما ذھبت إلیھ ل ب ول أو العم ة الق فلم یترك الشعراء وحدھم في معرك

ك شاركھم إخوان لھم التھبت مشاعرھم وصدقت تضحیاتھم، فعبروا عن تلد سجیالتھم ق ت ت ارب ، وإن كان ضحیات والتج ك الت جلوا تل شاعر وس الم

، " لصیاغة الفنیةا"خرجت عن التعریف السابق لألدب بخروجھا عن دائرة عّل عذرھم في ذلك أنھم یعبرون عن تجارب حقیقیة صادقة ، األمر الذي لو

ا ي المساءلة عنھ روا ف م یفك م ل ل لعلھ أنساھم مؤھالت الشاعر وأدواتھ ، ب ٠ظانین أن التعلق بھذا الحدث العظیم كفیل بأن یغفر لھم كل تقصیر

ل شھد تاریخ األدب مثل ھذا في ھذا الظن ب ولم یكن الفلسطیني بدعاً اً ا أدت األحداث الجسام االجتراء على الشعر في بعض العصور ، فغالب م

ي والثورة على واقع ظالم إلى التجرؤ على الشعر ، فكأنھ المالذ الذي یحتمي اٍنَعبھ كل مُ ھ ف لیعبر عن معاناتھ أو تجربتھ في الخالص أو حتى تجربت

ولعل أصدق شاھد ٠فاء بمجرد الحلم بتغییره التعایش مع ذلك الواقع واالكتاني وكي والعثم صر الممل ى الع وع إل و الرج ھ ھ ا إلی ا ذھبن حة م ى ص علشعر كل ال ى ش رؤ عل ین طرق التج ھ ، وتب عر فی وان الالش ن أل وسؤالھ ع

.)٢(ومحتواه وإذا سألنا االنتفاضة المباركة عن بواعث الالشعر، فإننا قد ال نجد

وى الذي ذھبنا إلیھ ، نعم إنھا الرغبة الجامحة في التعبیر عن تأجج سجوابًاالمشاعر إزاء غزارة الحدث وعمقھ وانعكاسھ على ذات الثائر المنتفض الذي قد ال یملك من أدوات الشعر إّال ثورتھ تلك ، وإّال فما ھو الدافع إلى

. ٨األدب ومذاھبھ ، ص : مندور ، محمد ) ١( .األدب المملوكي والعثماني ، الفصل الثالث : أبو علي ، نبیل) ٢(

-٦٥-

) :١(مثل ھذا القول باألمس مات

رفیقنا الذي مضى ولم یعد باألمس مات

لــم ؟ طفال وما أمات ذات یوم بسمة األ

ما سور الزنازن الشوھاء لألبطال ما داس بالمدرعات زھرة تضيء في جنین

ما حقر اإلنسان ما أعمل السكین

في صبرا والجنوب والوحداتل ر مث ف قضبان القھ ابع خل ت الق إنھا التجربة االعتقالیة القاسیة التي أنطق

.ھذه العبارات الھاربة من دولة الشعر وما ھو الدافع الذي جعل ھذه العبارات تمتطي صفحات كتاب یسمى

) :٢(دیوان لو كان بیدي یا وطني

لقتلت جمیع المنتفعین من دم الفقراء وسحقت جمیع الجبناء وھادري الدماء

شفتاك ترتعشان یا وطــني یداك ترتجفان یا وطني

لو كان بیدي یا وطني معة اإلسالم ألھدرت دماء جمیع المختبئین تحت صو

وأعدمت جمیع المكابرین والمختالین باألوھام .. كفــــاك

كفاك یا وطني احتراقا ان خ فلم نعد نرى من كثافة الد

كفاك یا وطني جراحا فلم یعد قھرنا للحرمان

فحتى قطرة الماء التي نشربھا أصبحت بقانون من االستعمار

م ذي یحل ي ال وان الالشعر الحماس ن أل ر م اذج الكثی ذه النم ر ھ وغی

.١١٠ص ،م١٩٨٩ الفجر والقضبان ، اتحاد الكتاب ، القدس ،: الغرباوي ، محمود )١( .١٠٣ شھوان ، نجالء ، ص) ٢(

-٦٦-

.)١(أصحابھ بشرف تغییر الواقع في ظل االنتفاضة المبشرة

:موضوعات الشـعر االنتفاضـة ایزاً ك تم دارس أن ھنال زعم ال شعر ال ی ین ال وعات ب ي الموض ف

ا إال والال شعر أو معظمھ ات ال شعر ، فإذا كان الالشعر قد فقد بعض مقوما -أنھ لم یفقد ون - غالب ا یك ا ربم ا آنف ا قلن ل كم اء للحدث ، ب صدق االنتم

للحدث دور في إذكاء نار الالشعر ، وربما ال أجاوز الحقیقة إذا ما قلت إن . التعلق بھذا الحدث ھو أحد أسباب رواج الالشعر

ة الحدث نعم ي معالج ا ف - االنتفاضة -إن صدق العواطف وحرارتھھي المقوم األساس وربما الوحید الذي كتب لالشعر الرواج واالنتشار، وقد

الكلمة إذا خرجت من القلب ) : "٢( یكون األمر كما قال عامر بن عبد قیس ن تلك إ لذلك ف٠"وقعت في القلب ، وإذا خرجت من اللسان لم تجاوز اآلذان

ى راء حت وب الق الكلمات الناریة المنطلقة من كنانة القلب قد استقرت في قلي رًا ف وإن لم ترتد ثوب الشعر أو تتحلى بزینتھ ، فھي على األقل تمس وت

٠نفوس صـنـاع االنتفاضةارھم ر عن أفك وھكذا ھب أولئك الذین ألھب الحدث مشاعرھم للتعبی

ھ، المستوحاة من ذلك الحدث ومواقفھم ب علی ھ أو ترت ا اتصل ب ل م ن ك مة، ال االنتفاض دون أبط شھداء ویمج ون ال شعراء یرث ب ال ى جان وا إل فوقف

لحتھم اركھم وأس صورون مع امي ..وی ھ س ا قال ال م اء األبط ن رث ، فم : )٣( في رثاء البطل أحمد عز الدین - مثال -الكیالني

یستحیل الدمع في نھر جرحك ماء زالل

یحار الموت على خطوة من محیاك ، یستحیــل

تحل یعبد الخضراء والحمراء جدائل عرســـھا

یعرش شعرھا المنثور على وجھك : المرتاح ، تقول

ان عني وال ھذا العریس غریب الوجھ ما ك

. ٨٤ ـ ٨٣ زغارید على بوابة الصباح ، ص - : انظر على سبیل المثال) ١(

٢٧ ـ ٢٠ ، ١٩ ـ ١٢ قارب وأرجوحة ، ص - . ٢٣ ، ١١ الفجر والقضبان ، ص - .٨٣ ـ ١البیان والتبیین ، تحقیق عبد السالم ھارون ، ط الخانجي ، القاھرة ، ص ) ٢( .١٤ ـ ١٣،ص١٩٩٠تحاد الكتاب ، القدسا واستراح ، قبل األرض: الكیالني ، سامي ) ٣(

-٦٧-

حاذر الشعرة التي تفصل .. العرس الجمیل

عن العرس الذي ندعوه أجمل أما باب تمجید أبطال االنتفاضة فواسع غزیر ، یعجز ھذا البحث

) :١(الصغیر عن مجاراة نماذجھ، وللتمثیل نذكر ھذه العبارات أحمد الحجــر یا

یا أحمد النـداء یا أحمد العـــز

یا أحمد القسـام یا أحمد الیعبـد

بـن محمـــدا یا بـن عائشــةا یا

یا أحمد الزعـتر حــزب ، یا أحمد الرفیق یا أحمد ال

یا أحمد الثـورة یا أحمد األزھـار ، یا أحمد النـور یا أحمد الــورد ، یا أحمد البسمة یا أحمد الحــزن ، یا أحمد الفـرح

یا أحمد الوطــن مد األطفـال یا أح

یا أحمد النقابة یا أحمد الكد والعرق

یا أحمد الــدرب ، یا أحمد الرایـة ، یا أحمد الحنـان یا أحمد األخ

ومما جاء في تصویر المعركة وأسلحة أبطالھا نذكر من الشعر : )٢(لمثال االنتفاضة ھذا ا

حجارة تطیر األرض والســموات

واألطفال ینصبون المتاریس والرایــات

والرجال والصبایا والشیوخ

.٢٢ ـ ٢١ الكیالني ، سامي ، ص ) ١(دس : لجوالني ، نبیل ا) ٢( سطینیین ، الق اب الفل شورات إتحاد الكت قصائد عن حب یتجدد ، من

.٢٩ ـ ٢٨، ص ١٩٨٩

-٦٨-

واألمھـــات یرجمون بالحجارة الطغاة

ویشعلون الكاوتشوك یحرقون األرض من تحتھم

ومن حولھم والسموات وقلبي یعمر المدن كالغیمات

یرفرف فوق الشبابیك والبوابات إن المتصفح لالشعر االنتفاضة یالحظ أن األدوات الحربیة قد حازت

الت ، إعجاب الجمیع حیث أصبحت تحتل موقع البطل في كثیر من الحا من ألوان التمجید ٠٠ویكفي أن نشیر إلى ما القاه الحجر والمتراس

ھو الفارس والجواد ، ھو - مثال -واإلعجاب ، فالحجر عند علي الجریري ) :١(الخنجر ، ھو األمل ، یقول

) ( ھذى خیولك یا خالدًا قد أتتك بخنجـر

ضفتنا من صخر تقلب كل الموازین وتدخل المستحیل في لغز الالمعقول وتصفع جبروت

الغزو الھمجي بغزة كم حملني الحجر

قبالت الجــدة دمعة على الجرح

وعلى الخدین قبلة وقد أغتـدي راكبا حجـرا

وبغاث الطیر في ثكناتھا بجلمود صخر

قید األوابد یغتلي غضبا أفتش عن مفاخر العرب

د العواصمج فال أ تنتمي ألي من فوارس العرب

.٢٩- ٢٨أبجدیة فرج الحافي ، ص : الجریري ، علي) ١() ( ھل ھو مقصود أم ال ؟-ا یا خالد-خطأ نحوي

-٦٩-

أقلب شعري مادحا حجرا وال غیر الحجارة

غیر أحیاء الفقراء المنبوذینكموطن للظلم والقھر : ومن موضوعات الشعر االنتفاضة السجن ببعدیھ

ون، فھو والحدیث عن السجن حدیث ذو شج٠، وكمصنع للغد المشرقحدیث التجربة والمعاناة ، وكلھم لھ تجربة ومعاناة یرید أن یسجلھا ویشرح

) :١(موقفھ منھا ، ومما قیل في السجن نكتفي بذكر ھذا المثال یا شمس التي ما بخلت بدفء أو ضیاء انھضي ، اشرقي ، ابلغي سمت السماء

كبرياشمس الصغیرة أیتھا ال أیتھا الشمس الفتیة الكاملة النضوج

أیتھا الشمس التي تنط كالغزال احملي عن كاھلي بعض ھذا األلم

بعض ھذا الفرح أیتھا الشمس الكبیرة عمدیني

ي وانزعي الجلد عن جلدا قد شققتھ آالم الصقیع

ألم الصقیع ممض فامنحیني الدفء ، ٠٠٠ تشربي روحي وقودا

یضاعف فیك ومنك الضیاءم األخوة وللعرب خارج أسوار االنتفاضة نصیب من الشعرھا ، فھ

م الذین كان یرجى عونھم ، وھم ا ... لعرب الذین تخلوا عن عروبتھم ، وھر وقد تنوعت نغمة الحدیث عنھم وعن مواقفھم ، وإن كانت الحدة ماثلة أكث

: )٢(من اللین ، واالتھام أوضح من العتاب وشواھد ذلك كثیرة نذكر منھا قد أدرك األطفال في وطني

ي أن ال غیر ھذى الحجارة تبني ل وطني الجمیل

حین یكون اللیل عاصفا وأمراء العرب ملتفون بأحضان النسوة

خلف الحواجزء یكون الدف .. یحتضن الحجارة

.٥٤ - ٥٣الكیالني ، سامي ، ص) ١( .٦٣، ص "عتاب للنسب العریق" ، وراجع قصیدتھ ٤٥الجریري ، علي ، ص ) ٢(

-٧٠-

ن الموضوعات ا م عالج الشعر االنتفاضة ھذه الموضوعات وغیرھلتي تصب في نھر االنتفاضة، كما عالج الالشعر زمن االنتفاضة الحماسیة ا

.)١(..موضوعات أخرى كالغزل والوصف والمدح وغیرھا

: تدھـور العالقة بین الشكل والمضمون

ن أسباب رواج ببا م إذا كنا فیما سبق قد جعلنا التعلق باالنتفاضة سر وال ام الناش ي اھتم ك یعن إن ذل عر ، ف ن الالش ر م وع أكث ارئ بالموض ق

ي ن أن الموضوع ف رغم م ى ال ك عل اھتمامھ بباقي عناصر القصید ، وذلي الفخر ھ تحدث ف دم شاعرا ألن م إذ ال یجوز أن أق ادة للحك د م ذاتھ ال یعا ى یومن والحماسة مثال ، حیث إن معظم الشعراء ومنذ العصر الجاھلي حت

٠ ھذا یتخذون الفخر والحماسة موضوعا ألشعارھم أما المضمون فھو محط نظر الناقد وفیھ یقع التمایز بین شاعر وآخر

ول إن "، ضمون أن نق وع والم ین الموض ة ب ضح التفرق ي تت ي لك ویكفن الموضوع قد یظل واحداً ر المضمون م ن یتغی عند عدد من الفنانین ، لك

.) ٢("فنان إلى آخـــر حسب رؤیتھ الخاصة وانفعالھ بالموضوعت ا قال ة حینم اوز الحقیق م تج ة ل ازك المالئك ل ن رد : " ولع ھ الف یتج

ورغم .)٣("العربي المعاصر على العموم إلى تحكیم المضمون في الشكل ن الُمجدي أننا ال نسعى للمفاضلة بین الشكل والمضمون إال أنھ قد یكون م

روحة إن المعاني مط : " )٤( إیراد رأي الجاحظ في ھذه المسألة حیث یقول في الطریق ، یعرفھا العجمي والعربي ، البدوي والقروي ، وإنما الشأن في إقامة الوزن ، وتمییز اللفظ وسھولتھ ، وسھولة المخرج ، وفي صحة الطبع

." ..، وجودة السبك ى بعیداً - إن رأي الجاحظ ھذا عن مغالطة المفاضلة بین اللفظ والمعن

نقد الحدیث حیث نالحظ شبھ إجماع على أنھ ال یتعارض مع وجھة نظر ال-ذا ة ھ ة معالج ي لكیفی ر ھ ة األكب ل األھمی صیدة ب وع الق ة لموض ال أھمی

.٥٨ وأبو ھالل ، مھا، ص- ٧٥، ٥٩شھوان ، نجالء ، ص ) ١( .٤٧مقدمة في علم الجمال ، دار النھضة العربیة ، القاھرة ، : مطر ، أمیرة حلمي ) ٢( .٦٣قضایا الشعر المعاصر ، ص ) ٣( .٤١ـ ٣/٤٠ھـ ، ١٣٢٣الحیوان ، القاھرة ، ) ٤(

-٧١-

وكذلك القول بأن الكلمة بمثابة قطعة من الطوب، وأن ھذه .) ١(الموضوع ف القطعة تستوي مع غیرھا حینما تكون ملقاة على قارعة الطریق ، وتختل

اء ي بن ون ف ى ..عندما تك د عل ھ یؤك ل لعل سابق ب رأي ال ع ال اقض م ال یتنشكل ا تحت ال ا ینضوي منھ ارة -أھمیة تالحم عناصر القصید سواء م عب

ال عریة وخی ضمون -ش ت الم ضوي تح ا ین ة - أو م ى وعاطف ا - معن ، فمل إذا أصاب الخل شعر ، ف الشكل والمضمون إال وجھین لجوھر واحد ھو ال

٠لقول من دائرة الشعر أحدھما فقد اآلخر قیمتھ وخرج ا أما اآلفات التي تصیب الشكل والمضمون فمتنوعة ، منھا ما یرجع إلى الشكل ، ومنھا ما یرجع إلى المضمون ، ومنھا ما یرجع إلى االثنین معا، ویندرج الشعر االنتفاضة غالبا تحت النوع األول ، حیث یالحظ التحرر

للغة نجد الجنوح إلى اللغة من قیود الشكل بصورة جلیة ، فعلى صعید ا ، أو الوقوع ..العادیة ، أي استخدام األلفاظ في حدود معناھا المعجمي

، أو التعلق باصطالحات العصر الفكریة ..على القوالب اللغویة التقلیدیة ولنر كیف ..والسیاسیة وما یتبعھا من أسالیب قریبة من تناول الجمھور

من الشعــر فنًا متمیزًا ولنتأمــل ھذا فقدت اللغة خصوصیتھا التي تجعل : )٢(النموذج من نماذج الالشعر

أرى زفرات في الجلیل وأعناق كالنعام مدفونة

في األغــوار ٠٠ عمیاء ٠٠ جبانة

فقدت منذ علموھا بصارالملوك والسادة اإل تحیة

دعوا الحلم لي فالناس ضاقت بھم الصدور

ھلم یا شعبي إني أدعوك لتشاركني حلمي

من مر واقعھ وإن طال.. فالعمر

دین إـ : راجع) ١( ي المعاصر ط : سماعیل ، عز ال شعر العرب ي ، ص ٣ال ، دار الفكر العرب

٢٣٨. .٤٧ ، مقدمة في علم الجمال ، ص ٣٢٢ قضایا الشعر المعاصر ، ص -

.٢٦أبو ھالل ، مھا ، ص ) ٢(

-٧٢-

قصیر.. فھو جد ي بماذا تختلف لغة ت أعف ور وإذا كن ة الجمھ النموذج السابق عن لغ

شاعرة ، إن ة ال ى اللغ صلة إل نفسي من اإلطالة فیكفي القول إنھا ال تمت بة ، وتضع رز العاطف ال ، وتب ة تجسم الخی ا لغ ي جوھرھ لغة الشعر ھي ف

م ؤالتنظیم النغمي في الصدارة وعملیة االتصال المباشر في الم ن ث خرة ومالعادیة التي تضع االتصال اآللي للغة في الصدارة وتنظر تختلف عن اللغة

٠ إلى الكلمة على أنھا دال لھ مدلول محددن ابقا م اه س ا الحظن ضا م شكل أی ود ال ن قی التحرر م صل ب ا یت ومم

ذي ال -تحرر الالشعر وزن ال ن ال شعر ، م رز خصائص ال معظمھ من أبذین یمكن أن یكون الشعر شعرا بدونھ ولعل ھذا ال ال األمر لم یغب عن ب

ى أسطر، یكتبون الالشعر وإّال فلماذا كتبوه كما یكتب الشعر ، فوزعوه علي ع الت ى صفة التقطی ألیس من قبیل االعتراف بأھمیة الوزن ، واإلشارة إل

تجعل تفعیالت كل شطر تستقل بسطر ؟صـرت د ق م ق ون أن ھممھ ـھم ال یجھل ذا فعل ر ھك ان األم دون إذا ك

ا ن طباطب ومن اضطرب ) : "١(بلوغ تلك الغایة وعلیھم األخذ بنصیحة ابعلیھ الذوق لم یستغن من تصحیحھ وتقویمھ بمعرفة العروض والحذق بھ ،

٠"حتى تعتبر معرفتھ المستفادة كالطبع الذي ال تكلف معھذي ال ر ال شعر الح ر ، أو ال صیدة النث ون ق ن یكتب انوا مم ا إن ك أم

اذج یعتر ك النم ة تل ي كتاب ف أصحابھ بوزن أو قافیة ، فما الذي یضیرھم ف : ھكذا - مثًال-ق بكما یكتب النثر ، وماذا یمنع من كتابة النموذج السا

أرى زفرات في الجلیل ، وأعناق كالنعام مدفونة في األغوار ، جبانة م فقدت منذ علموھا تحیة الملوك والسادة االبصار .. عمیاء .. ، دعوا الحل

ي عبي، إن ا ش م ی صدور ، ھل م ال د ضاقت بھ م ق ل الھ ن ثق اس م ي ، فالن لالعمر ي ، ف شاركني حلم و جد ..أدعوك لت ھ وإن طال فھ ر واقع ن م .. م

٠قصیر عتادتھا النفس العربیة في قراءة النثر ، انھا الطریقة المألوفة التي إ

وزن والقافیة بھذه الطریقة لكانت ولو كتبت أشكال الالشعر المتحررة من الأقرب إلى الفھم وأوقع في النفس ، ھذا باإلضافة إلى أن النص الذي یستھجن وھو یرتدي ثوب الشعر الزائف ، قد یستساغ إذا عاد إلى طبیعتھ

.٩عیار الشعر ، ص ) ١(

-٧٣-

النثریة المألوفة ، ولنر مثاال آخر من النصوص الكثیرة التي أوصدت ) :١(ء شھوان أمامھا أبواب دولة الشعر ، تقول نجال

ءي اسمك على كل ش.. سأذكر .. وأنتظر

عیون اللیل.. وأسھر مع التي تنیر الدرب

حبیبي.. إلیك سأعود

رى وأعود أل.. سأعود یوما یتساقط من عیوننا..نقود الدموع ع

.. بلقائنا .. بھجة .. سألقاك

سألقى الدموع .. ودموع الحب ..

بین عینیك ستقول وتقول

؟ أین أنت.. أین أنت خذت مني األمل أ

أبقیت معي االضیاع لك وحدك

دموع الضیاع.. دموعي ..لك وحدك ستقول لك عن كل محطة قضیتھا

بذكراك .. ستقول لك

إن دموعي خیر برھان على حبي .. إلخالص خیر برھان على ا

ي الحب بماء الحیاةی الطھر یح واإلثم یحرقھ بماء النار

وعندما یخرج الطھر من الحب یدخل الشر ویدنسھ

و مأل ذي سیحدث ل ا ال سنا م سأل أنف نقط ولن تبعدنا ال ا الفراغات ، واس نو ٠ال مبرر لوجودھا ھل سیفقد النص قیمتھ التي ة ل أم موسیقیتھ المزعوم

ع : " كتبناه ھكذا أنتظر وأسھر م ل شيء وأنتظر ، س سأذكر اسمك على ك

.١٦ ـ ١٤شھوان ، نجالء ، ص ) ١(

-٧٤-

ا ، وأعود ي سأعود ، سأعود یوم ك حبیب درب إلی ر ال ي تنی عیون اللیل التا ة بلقائن ا ، بھج ن عیونن ساقط م دمع یت ود ال ألقى ٠ألرى عنق ألقاك ، س س

ول ال ت ، : دموع ، ودموع الحب بین عینیك، ستقول وتق ن أن ت ، أی ن أن أیك وحدك دموعي، أخذت مني األمل ، أبقیت معي الضیاع ، لك وحدك ، ل

ك ذكراك ، ستقول ل : دموع الضیاع ، ستقول لك عن كل محطة قضیتھا بى اإلخالص ان عل ر ٠إن دموعي خیر برھان على حبي ، خیر برھ الطھ

ر یحیي الحب ب دما یخرج الطھ ار ، وعن اء الن ماء الحیاة ، واإلثم یحرقھ بم ."..من الحب ، یدخل الشر ویدنسھ

ك ا ذل إن كل الذي یحدث ھو توفیر عشرات األوراق التي یتألف منھي المسمى دیوان ، كذلك ینتمي النص الال سكن ف منتمي إلى أبناء جنسھ ، ی

٠تمد منھا كیانھ وقیمتھ األدبیة ركن من أركان دولة النثر التي قد یسال دام الخی ة وانع وعلى صعید الخیال في الالشعر ، یالحظ ضمور األخیل

ة ة المعجمی ة باستخدام اللغ ذ البدای وم من ر محك ذا األم ذات -الخالق ، وھدالالت المباشرة -الداللة المحددة التي تستثني العواطف واألخیلة وتجنح لل

.. صفحات نعرج سریعا ولكي ال یط ن ال دد م د بع ول ھذا البحث المقی

شكل ي أصابت ال ات الت على نص من نصوص الالشعر ونحاول تبیین اآلف .أو المضمون وكیف أخرجتھ من دولة الشعر

) :١" (نازیة " تقول مھا أبو ھالل تحت عنوان والقھر یتوالد من جدید

طن قتل وھو جنین حین الو وحین الحریة اختنقت قبل المیالد

! ألم تدركوا ؟ أن الفراشات لما تحترق بالضوء

تتلذذ وھي تدرك االحتراق ! ألم تدركوا ؟

.. أن األشجار تخضر كل عام ! رغم ما یصیبھا من اصفرار في الخریف

فال الفراشات فرت من نور قاتل وال األشجار امتنعت عن االنماء

. خوفا من خریف

.٣٨ ـ ٣٦أبو ھالل ، مھا ، ص ) ١(

-٧٥-

! ألم تدركوا ؟ أنكم لم تكونوا إّال خلفا للھمجیة

! مجرد حواجز زجاجیة .. كنتم ..وأنكم وإن كانت على أیدینا..سنحطمھا

! بعض الشيء قویة ؟ .. حتى وإن أصابتنا

شظیة.. من شظایاھا .. ألم تدركوا

.. أنكم تخشون تم في أعماق إن غص

طفل في مخیم أو طفل یحمل حجرا

.. أن تغرقوا ! في رمال متحركة رمادیة ؟

ستدركون.. ولكن ولو یوما قبل القیامة

.. أن شعبنا كامال ولم یبق منھ إّال صبیة..و انذبح ل

ستقاتلكم وتمر على أجسادكم لتؤكد لكم جباال جلیدیة

.. لتؤكد لكم فلسطینیة.. ما أنا إّال

.. عربیة و ا أب رص مھ ین ح نص تب ذا ال ى لھ راءة األول ى إن الق الل عل ھ

سفھ ل وتع م المحت ارت ظل ث اخت دث حی ن الح ر ع ي التعبی شاركة ف الم ولكن ھل أثر اختیار ھذا الموضوع في النص ؟ بمعنى ٠موضوعا لعملھا

للتعبیر عن الموضوع ؟ًاؤھل كان النص كف: آخر رؤًى سطینیة ب إن الموضوع الذي تناولھ معظم شعراء القضیة الفل

و ھالل فتعجز عن ..م وتجاربھم مختلفة كاختالف مواقفھ ا أب ھ مھ ، تتناولى ةإظھار موقف خاص أو رؤی وح إل و الجن معینة ، بل إن كل ما تفعلھ ھ

ھ المعاني المستھلكة والبدھیات وتحاول أن تكتبھا بنفس الشكل الذي یكتب بشعر ا ..ال ضا ، وإذا كن ي أی ر األدب رة النث شعر ودائ رة ال ن دائ رج ع فتخ

ا رف الرؤی ام نع یاء ونظ ام األش ي نظ ر ف د ، أو تغیی ع جدی ق واق ا خل بأنھ

-٧٦-

) .١ (النظر إلیھا فما ھو الواقع الذي ینتجھ ھذا النص ، وما ھو التغییر الذي حققتھ في

:قولھا ! ألم تدركوا ؟

إلى الفراشات لما تحترق بالضوء االحتراق تتلذذ وھي تدرك

! ألم تدركوا ؟ .. إن األشجار تخضر كل عام

! رغم ما یصیبھا من اصفرار في الخریف ؟ إن السذاجة في اختیار المعاني ، وعدم القدرة على الربط بینھا ھي أھم

الشعوریة سمات ھذا النص ، وكیف ال وھي تحاول التوحید بین التجّربة :التي لم تختمر والتجربة الثوریة التي تتمنى المشاركة فیھا فتقول

! مجرد حواجز زجاجیة ؟.. كنتم ..وأنكم وإن كانت على أیدینا.. سنحطمھا

! بعض الشيء قویة ؟ حتى وإن أصابتنا

شظیة.. من شظایاھا ى إنھا لم تھدف إلى ي سیطرت عل ة الت أس واالنھزامی إشاعة روح الی

خره ، فحینما تھّون من قدرة الشعب الثائر الذي قد ال ینجو من آالنص حتى ، وحینما تھدد العدو وتتوعده ال تنسى أن تؤكد ..شظایا تلك الحواجز الھشة

ى ..مقدرتھ على ذبح الشعب بأكملھ ت تتمن ، ثم تصل إلى النتیجة التي كانھ الوصو د ألن ل إلیھا لوال فساد المعاني واضطرابھا ، فتقرر أن النصر أكی

ق -سیبقى من ذلك الشعب المذبوح صبیة فلسطینیة عربیة قادرة على تحقی ..النصر

ة ت العاطف اد - وإذا كان رى النق ا ی ساسًا- كم ست إح كل ، ولی دون شارًا راً أفك وعیة أو تقری حًا موض ي أن تن واض ا ینبغ ن ، وأنھ ن ذھ ق م بث

ات والصور ستطع إ، ف ) ٢(األدیب على أجنحة الكلم م ت و ھالل ل ا أب ن مھو ا ل وین مضمون خاص ، إذ أنن ي تك ى ف ساعدة المعن ة لم ف العاطف توظیھ سعى لتحقیق ذي ت بحثنا عن الفكرة التي تستھدفھا في قصیدتھا أو الھدف ال

م وتعسف ة الغضب تجاه ظل دو ، لما وصلنا لشيء سوى تسجیل عاطف الع

.٥٢مجلة فصول ، المجلد األول ، العدد الرابع، ص : راجع ) ١( . ٩١ ، ص ١٩٨١النقد األدبي الحدیث ،القاھرة ، : زكي ، أحمد كمال : انظر مثال ) ٢(

-٧٧-

وتذكیره بأن النصر آت بعد زمن بعید ، رغم جھلھا بمقومات ذلك النصر، ك د تل و أح ات ھ ھ الفراش دم علی ذي تق ار ال داء باالنتح ان االقت إال إذا ك

!!المقومات نفس "ن إورغم ذلك ف ل ال ردود فع القصیدة لیست بسطا أو عرضا ل

ا إزاء العالم ، لیست مرآة لالنفعال غضباً اً ن أو سروراً ك اً ، فرح ، أو حزن ٠)١("وإنما ھي حركة ومعنى تتوحد فیھا األشیاء والنفس والواقع والرؤیا

فإنھا وبإیجاز - وھي قسیم الخیال في الشكل - أما على صعید العبارة د ى التقی ر ، وحت ة التعبی ددة بوظیف ة المح ا التقلیدی اوز مھمتھ م تتج دید ل ش

وباإلضافة ..حرص على سالمة اللغة فأمر فیھ نظر بالمعنى المعجمي وال سود ري ی اف النث نص نجد الجف إلى األسلوب التقریري الذي یطغى على ال

: إلیوت . س.معظم العبارات ، وال أرید في ھذا المقام أن أقول كما قال ت، ألنني ال أرى ) ٢(إن ھو إال شاعر متخلف ذاك الذي یؤثر الشعر المرسل"

. أیة مزیة من مزایا الشعر في ھذا النصرز وى ، ویب صنیع المحت ي ت سھم ف رض أن ی ذي یفت ال ال ا الخی أم

نص ، ف ذا ال روریة لھ ة ض شكیل إالمضمون كقیم ى ت ھ عل د قدرت د فق ھ ق ننص ذلك ..صور ذھنیة لألشیاء التي تراھا أو تستحضرھا صاحبة ھذا ال ك

و ي تك ارة ف ب العب ى جان وف إل ي الوق د دوره ف ار فق ي أو معم كل فن ین ش ٠متوازن طالما عرف بھ الشعر

ي .. وبعد ي وردت ف فإنني أقدم شدید اعتذاري ألصحاب النصوص التشعر ة ال ٠ھذا البحث ، والتي كنا نتمنى أن تجد لھا مكانا داخل أسوار دول

كما أنني أنبھ على أن بعض أصحاب تلك النصوص ھم شعراء ولھم العدید د شعرھم ال من القصائد ا لجیدة ، وإن التنبیھ على الالشعر الذي اختلط بجی

.یخرجھم من زمرة الشعراء

واهللا ولي التوفیق ،

.١٩ ، ص ١٩٧٣شعر ، بیروت قصتي مع ال: قباني ، نزار) ١( .٢٤نظریة الفن المتجدد ، ص : راجع ) ٢(

-٧٨-