برنامج المكتبة الشاملة -  · web view(21) أم كلثوم بنت عقبة بن...

528
http://www.shamela.ws لة م ا ش ل ا ة ب ت ك م ل ا واسطة ب ا ي ل ا ف ل م ل ا ا عذاد هذ! م ا ترى لق م ا) ا عة م ا ج لة ج م: اب ي ك ل ا اء : ر ج) عذد الأ6 ] وع ب مط ل ل ق ف وا م ر ي غ لة ج م ل م ا ي ق ر ت[ ى : ل عا ت ولة ف ي ف ل ي م ل ح ا ي ض و ب ي ف ذ ش ن) وا" ل ي م س) ئ بً را ا ف س) ل ا م ح ي مار ح ل ل ا ي م ك وها ل م ح ي م ل م ت وراة ب ل وا ا ل م حh ن ي الذ ل ي مh ن مي ل اn وم الظ ق ل ا هذى ية لأ ل ل لة وا ل ا اب ي ا وا ي ب كذh ن ي وم الذ ق ل ا" [ : عة م ح ل ا5 ] ِ ر ع ا ي) الأِ مْ لِ ع كّ لأ! ا هاِ ذّ ي ج ي( 99 ْ مُ هَ ذْ يِ عَ مْ لِ ع لأِ ارَ ع س) لأ لُ لِ م واَ ر) ِ ر) ت راَ لغ ا ي ف اَ مَ و راح) اِ ةِ ارَ فْ س) اِ ي ذا ا ع د! اّ ي ط م ل ا ذرى ما يَ رك م ع ل ى ل عا ت ولة ق ل رة سي ف ت ذ ي ع ف ل) و م ل ا ما ه ي ل ي م ت اهذ : ش ل ا" ً را ا ف س) ل ا م ح ي مار ح ل ل ا ي م ك

Upload: others

Post on 21-Oct-2020

4 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

برنامج المكتبة الشاملة - http://www.shamela.ws

http://www.shamela.ws

تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة

الكتاب : مجلة جامعة أم القرىعدد الأجزاء : 6[ ترقيم المجلة غير موافق للمطبوع ]

وأنشد في توضيح المثل في قوله تعالى :" مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين "[ الجمعة : 5 ]بجيّدِها إلاّ كعِلْم ِالأباعرِ(99) زَوامِلُ للأشعَارِ لا عِلْمَ عِنْدَهُمْ

بِأسْفَارِهِ أو راحَ مَا في الغَرائرِلعمركَ ما يدري المطيّ إذا غدا

الشاهد : تمثل بهما المؤلف عند تفسيره لقوله تعالى " كمثل الحمار يحمل أسفاراً " تقول العرب : كتبت الكتاب ، وسفرته ، وخططته ، ونمقته ، وزبرته ، وذبرته : إذا كتبته .نسب المؤلف البيتين إلى أبي سعيد الضرير يهجو قوماً .(259)وهما لمروان بن أبي حفصة في مجموع شعره(260) ، وهو يهجو رواة الشعر بأنهم لا يعلمون ما هو على كثرة استكثارهم من روايته ، ورواية الثاني :لعمرك ما يدري إذا غداالزوامل : جمع زامل وهو البعير يحمل المتاع وغيره .الأباعد : جمع بعيد . الغرائر : جمع غرارة وهي الأوعية التي تسمى الجوالق .

الهوامش والتعليقات

(1)مجموع أشعار العرب ص 104 .ورؤبة بن العجاج البصري الشاعر ، ولد حوالي سنة 65هـ ، وعاش معظم أيامه في البادية ، توفي عام 145هـ .له ديوان شعر ليس فيه إلا الأراجيز ، مدح الأمويين وأثبت ولاءه لهم ، ثم مدح أبا جعفر المنصور وغيره من الأمراء العباسيين .(2)سورة محمد : 15 ، والرعد : 35 .(3)أمثال القرآن ص : 2 .(4)لسان العرب : مادة : عسق .(5)نفسه مادة : عشق .(6)نفسه مادة : فرك .(7)البقرة : 137 .(8)أمثال القرآن ص 2 .(9)الشورى : 11 .(10)أمثال القرآن ص 2 .(11)ديوانه 1 /64 . والوليد بن عبيد البحتري ، غلب عليه لقب البحتري نسبة إلى عشيرته الطائية بحتر ، شاعر عباسي ولد سنة 204 هـ بمنبج إلى الشمال الشرقي من حلب ، فتح له المتوكل أبوابه فمدحه بقصائد كثيرة ، وله قصيدة مشهورة في رثائه ، توفي سنة 284 هـ ، وله ديوان مطبوع .(12)أمثال القرآن ص 2 .

(9/431)

(13)شرح ديوان زهير بن أبي سلمى ص 13 ، وزهير شاعر جاهلي ولد في بلاد مزينة بنواحي المدينة ، وقد عده النقاد حكيم الشعراء في الجاهلية ، وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء ، عاش في كنف خاله بشامة بن الغدير ، وزهير من أصحاب المعلقات ، وقد جمعت اشعاره في ديوان شرحه ثعلب ، توفي قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم .(14)لسان العرب مادة : مثل ، والبيت في اللسان ونسبه إلى زهير بن أبي سلمى ، وأخل به شرح ديوان زهير . والبيت لذي الرمة في ديوانه 2/631 .(15)طه : 63 .(16)لسان العرب مادة : ردغ .(17)سورة سبأ : 13 .(18)لسان العرب مادة : ضوء .(19)والبيت له في لسان العرب مادة : ضوء ، والبحر المحيط 1/78 ، وروايته فيهما : ولدت بدل ظهرت ، والعباس بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم .(20)الزمر : 33 .(21)الزمر : 33 .(22)تحصيل عين الذهب ص 151 .(23)لسان العرب مادة : تصغير ذواتا .(24)سيأتي ذكر هذا الشاهد .(25)سيأتي ذكر هذا الشاهد .(26)الأنعام : 154 .(27)مجموع شعر الأشهب بن رميلة ص 191 وانظر تخريجه هناك . والأشهب بن رميلة من شعراء الدولة الأموية جعله ابن سلام من شعراء الطبقة الرابعة الإسلاميين ، وهو من الشعراء المغمورين ، وله خبر في يوم صفين ذكره الجاحظ في البيان والتبيين ، وكان بينه وبين الفرزدق مهاجاة .(28)البقرة : 257 .(29)ديوانه ص 223 ، وحسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو من المخضرمين ، عاش في المدينة يدافع عن الإسلام والمسلمين ، وقد اتفق الرواة والنقاد أنه أشعر أهل المدر في عصره ، وقد خلف ديواناً ضخماً دخله بعض الانتحال ، حقق وطبع عدة مرات .

(9/432)

(30)ديوانه ص 40 ، وكعب بن زهير من الشعراء المخضرمين ، أبوه زهير بن ابي سلمى الشاعر المعروف ، وقد أسلم بعد فتح مكة ، إذ قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وبايعه على الإسلام ، وأنشده قصيدته اللامية الخالدة ، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم بردته ، ولقبت القصيدة من أجلها بالبردة ، وله ديوان مطبوع .(31)السيرة النبوية لابن هشام 1/191 .(32)أمثال القرآن ص 5 .(33)ص 330 ، والآية في آل عمران : 195 .(34)1/242 .(35)البقرة : 186 .(36)4/225 .(37)2/241 .(38)البيت لكعب بن سعد الغنوي ، يقال له كعب الأمثال لكثرة ما في شعره من الأمثال ، عده بعض المؤلفين من الجاهليين ، وعده آخرون من الإسلاميين ، والبيت من مرثية له في أخيه وهي في أمالي القالي وانظر البيت في تأويل مشكل القرآن ص 230 ، وأمالي المرتضي 3/60 ، والبحر المحيط 2/47 ، والحماسة البصرية 1/24 ، والأصمعيات ص 96 ، وخزانة الأدب للبغدادي 4/375 ، ولسان العرب مادة : جوب .(39)شرح أبيات سيبويه 1/300 ، وتحصيل عين الذهب ص 249 .(40)ص 162 .(41)4/322 .(42)تحصيل عين الذهب ص 269 .(43)ديوانه ص 162 ، والنابغة الذبياني هو زياد بن معاوية ، كنيته أبو أمامة ، وابو ثمامة ، وهما ابنتاه ، جعله ابن سلام في الطبقة الأولى من الشراء الجاهليين ، اتصل في حياته بالمناذرة والغساسنة ، كان يحكم بين الشعراء في سوق عكاظ ، كان عمر بن الخطاب وعبد الملك بن مروان يعجبان بشعره و له ديوان مطبوع ، توفي قبل سنة 608 .(44)الأحزاب : 61 .(45)أمثال القرآن ص 5 .(46)نسب المؤلف البيتين لقعنب بن أم صاحب ، وهما له في شواهد الكشاف ص547وحماسة ابي تمام مقطوعة رقم 612 ، ومغني اللبيب 692 ، وشرح الأشموني 4/17 ، والاقتضاب في أدب الكتاب 292 ، وقعنب بن أم صاحب الفزاري اشتهر بنسبته إلى أمه ، وهو شاعر مجيد مقل ، من الشعراء الأمويين .

(9/433)

(47)ديوان مسكين بن عارم الدارمي ص 13 وانظر تخريجه هناك(48)ديوان شعر حاتم بن عبدالله الطائي وأخباره ص 313 ، مقطوعة رقم 7 ، ومسكين بن عارم الدارمي شاعر إسلامي مشهور ، واسمه ربيعة ، ومسكين لقب غلب عليه ، شارك بشعره في الدعوة ليزيد بن معاوية بالخلافة ، له مهاجاة مع الفرزدق وله ديوان شعر مطبوع .(49)لم أستطع تعرف المؤلف والكتاب ، وقد ورد هذا القول في كتاب أمثال القرآن ص 6 .(50)إعراب القرآن 1/428 .(51)البيت غير منسوب في لسان العرب مادة : زبى وفي مادة : تصغير ذواتا ، والبيت دون عزو في الكامل ص 12 ، وخزانة الأدب للبغدادي 2/498 .(52)تحصيل عين الذهب ص 150 .(53)المبرد 4/146 .(54)ديوان الأخطل ، وانظر تخريجه هناك . والأخطل هو غياث بن غوث التغلبي ، ولد حوالي سنة 20 هـ من أب وأم نصرانيين ، نشأ نصرانياً وظل حياته على دينه ، ولم يدخلالإسلام ، كان يكثر من الهجاء فلقبه أحد الشعراء بالأخطل ومعناه : السفيه ، وهو من شعراء النقائض في العصر الأموي ، اتصل بعبد الملك بن مروان ، وله فيه مدائح كثيرة ، توفي سنة 92 هـ .(55)6/14 .(56)أمية بن الإسكندر الكناني : هو أمية بن حرثان بن الإسكندر بن عبد الله بن سرابيلالموت ، شاعر فارس مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ، وكان من سادات قومه وفرسانهم ، وله أيام مأثورة مذكورة .(57)2/422 .(58)شرح أبيات سيبويه 2/92 ز(59)تحصسل عين الذهب ص 381 .(60)شرح ديوان الفرزدق ص 870 ، والفرزدق شاعر أموي من شعراء النقائض ، نشأ في بيت كربم وكان لذلك أثر عميق في نفسه ، مدح خلفاء بني أمية ، وله ديوان شعر مطبوع ، توفي شنة 114 هـ(61)هكذا ورد البيت في الأصل وصدره من المنسرح وعجزه من الوافر وربما يكون البيت على هذه الصورةوسيبك حين تذكره كصيب ليلة هطل(62)1/532 .

(9/434)

(63)البيت في شرح ديوان علقمة بن عبدة الفحل ص24 ، ولقب بالفحل لأنه خلف على امرأة امرئ القيس لما حكمت له على امرئ القيس بأنه أشعر منه في صفة فرسه ، فطلقها ، فخلفه عليها ، وقيل غير ذلك ، نشأ في بادية نجد في قومه تميم ، حظيت قصائده بمكانة مرموقة بين شعراء عصره ، وعلقمة من فرسان قبيلته المشهورين ، توفي قبل الإ سلام بأعوام عديدة .(64)أمثال القرآن ص 6 .(65)نفسه ص 9 .(66)ص 279 .(67)ديوانه ص 37 ، وتوبة بن الحمير الخفاجي ، من خفاجة وهم بطن من بني عقيل بنكعب ، وقيل : كان توبة شريراً كثيرة الغارة على بني الحارث بن كعب وخثعم وهمدان ، وذلك في أيام الدولة الأموية ، شهر توبة بليلى وشهرت به ، وخطبها إلى أبيها فأبى أن يزوجه إياها ، وعلى ما يبدو أنه قتل حوالي سنة 70 هـ(68)أمثال القرآن ص 9 ، والبيت في شرح شواهد الشافية ص 202 ، وشرح الأشموني 4/205 ، وشرح المرزوقي لحماسة أبي تمام 1750 ، ونسب إلى الشماخ ولم أعثر به ديوانه .(69)إعراب القرآن للنحاس 3/363 .(70)تحصيل عين الذهب ص 220 ، وشرح أبيات سيبويه 1/209(71)الكامل 1/88 .(72)يوسف : 82 .(73)تحصيل عين الذهب ص 220(74)ديوانه ص 84 ، والعجاج هو عبدالله بن رؤبة التميمي من شعراء الرجز في العصر الأموي ، سخر أراجيزه في مدح الخلفاء الأمويين ، وأراجيزه مليئة بشوارد اللغة ، وله أراجيز كثيرة في وصف الصحراء(75)لسان العرب مادة : زلف .(76)تفسير الطبري 12/129 .(77)تحصيل عين الذهب ص 220 .(78)أمثال القرآن ص 9 .(79)إعراب القرآن : 3/363 .(80)الانشقاق : 1 .(81)الانفطار : 1 .(82)معاني القرآن : 1/128 .(83)إعراب القرآن : 3/363 .(84)انظر البيت في إعراب القرآن للنحاس 3/363 ، ومعاني القرآن للفراء 1/128 ، وتفسير الطبري 29/139 ، ولسان العرب مادة : سما .(85)2/192 .(86)لسلن العرب مادة : سنب .(87)ديوان ذي الرمة 2/1337 ، وانظر تخريجه هناك .(88)2/187 .

(9/435)

(89)شرح أبيات سيبويه 2/221 .(90)الحجرات : 4 .(91)ص 415 .(92)جاء في هامش تحصيل عين الذهب ص531 : يعني الكسائي .(93)تحصيل عين الذهب ص 531 .(94)شعره ص 92 ، وانظر تخريجه هناك ، وعمرو بن شأس الأسدي شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ، وكان أكثر أهل طبقته شعراً ، أسلم وشهد القادسية .(95)تحصيل عين الذهب ص 438 ، والكتاب 1/478 .(96)ص 534 .(97)البقرة : 71 .(98)المقتضب 3/75 .(99)الحلل ص 521 .(100)الإيضاح العضدي 1/78 .(101)ملحق ديوانه ص 172 .(102)أمثال القرآن : ص10 .(103)ديوانه(104)البقرة : 20 .(105)أمثال القرآن ص 10 .(106)إبراهيم : 43 .(107)النساء : 4 .(108)شرح أبيات سيبويه 1/247 ، والكتاب 1/108 .(109)المقتضب 2/169 .(110)إعراب القرآن للنحاس هامش 3/89 .(111)الزخرف : 33 .(112)إعراب القرآن هامش 3/89 .(113)نفسه ، الجزء والصفحة .(114)الحج : 5 .(115)طبعة بولاق 3/ 379 .(116)شرح أبيات سيبويه 1/ 247 ، وانظر البيت في : الكتاب 1/ 108 ، وتحصيل عين الذهب ص 165 ، ومعاني القرآن 1/ 307 ، والمقتضب 2/ 172 ، والأمالي الشجرية 1/ 311 ، وابن يعيش 6/ 21 ، وإعراب القرآن 3/ 89 .(117)معاني القرآن 1/ 307 .(118)ص 431 .(119)النمل : 22 .(120)تفسير الطبري 14/ 117 .(121)ديوان جرير ص 325 .(122)مادة : حيا .(123)لسان العرب مادة : علل .(124)مادة : رقب .(125)2/ 287 .(126)الكامل 1/ 322 ، 1/ 350 .(127)مادة : حيا .(128)المزمل : 20 .(129)النساء : 101 .(130)شرح ديوانه ص 114 ، وطرفة بن العبد شاعر جاهلي ، من أصحاب المعلقات ، واسمه الحقيقي عمرو ، توفي والده وهو صغير ، أنفق أمواله على لهوه وملذاته ، قصد عمرو بن هند وأخاه قابوسا ً ومدحهما ثمّ هجاهما ، قتله عامل البحرين في قصة مشهورة بناء على طلب عمرو بن هند .(131)ديوانه ص 29 .(132)لسان العرب : مادة : عرقب ، وانظر ديوان كعب بن زهير ص 29 .

(9/436)

(133)النحل : 112 .(134)النحل : 76(135)1/201(136)شرح ديوان زهير بن أبي سلمى ص 42 وما بعدها .(137)نفسه 42 44 .(138)أمثال القرآن ص 12 .(139)معاني القرآن 1/22 .(140)نفسه 1/23 .(141)تهذيب شرح شواهد المغني 1/320 .(142)معاني القرآن 1/22 .(143)1/206 .(144)مادة : فسق .(145)الكتاب 1/49 ، وانظر شرح أبيات سيبويه 1/271 ، وتحصيل عين الذهب ص 103(146)ملحق ديوان رؤبة ص 190(147)أمثال القرآن ص 12 .(148)3/129 .(149)نفسه .(150)ص 54 .(151)الجاثية : 14 .(152)1/163 .(153)3/129 .(154)11/335 .(155)النحل : 30 .(156)أمثال القرآن ص 12 ، وانظر معاني القرآن 1/22 .(157)شرح أبيات سيبويه 1/372 ، والكتاب 1/269 .(158)ص 274 .(159)ص 289 .(160)1/269(161)مادة : من .(162)وانظر البيت في أمالي ابن الشجري 2/169 ، والمفصل 4/12 .(163)الكتاب 1/282 ، وشرح أبيات سيبويه 1/26 ، وتحصيل عين الذهب 283 .(164)ديوان النابغة الذبياني ص 162 .(165)انظر شرح أبيات سيبويه 1/26 .(166)ص 234 .(167)يوسف : 82 .(168)مادة ويب .(169)اسمه قرط ويقال : ذو الخرق بن قرط أخو بني سعيدة بن عوف بن مالك بن حنظلة ، شاعر فارس ، ويقال : هو خليفة بن عامر بن حميري ، ولقب بذي الخرق لأبيات قالها وذكر المرزباني أن له اشعاراً جياداً في كتاب بني طهية . انظر معجم الشعراء 109، 119 .(170)ص 234 .(171)مادة : نعق .(172)نفسه .(173)ديوان الأخطل 1/126 .(174)أمثال القرآن ص 13 .(175)مادة: ندى .(176)مادة : ودى .(177)معاني القرآن 1/100(178)مادة : صمم .(179)تفسير الطبري 8/222 .(180)مادة سبا(181)هو : علباء بن أرقم اليشكري له ذكر في المؤتلف والمختلف للآمدي ص 304 ، وله ذكر مع النعمان بن المنذر .(182)ص180 .(183)مادة : ربب .(184)يوسف : 41 .(185)أمثال القرآن ص 16 .(186)نفسه .(187)نفسه ص 17 .(188)مادة : صلد .(189)مادة : جله .

(9/437)

(190)1/357 .(191)مادة : سبل .(192)ديوان الأعشى ص 362 ، والأعشى ميمون بن قيس ، ولد باليمامة في قرية تدعى " منفوحة " لقب بالأعشى لضعف بصره ، كان راوية لخاله المسيب بن علس ، اقترن عند القدماء بشعر الخمر ، فعدوه أشهر شعرائها بين الجاهليين ، رحل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر الإسلام ولكنه لم يسلم ، دافع في شعره عن قبيلة بكر في يوم " ذي قار " الذي انتصرت فيه " بكر " على جيوش الفرس ، جعله ابن سلام في الطبقة الأولى من الشعراء الجاهليين ، له ديوان طبع عدة مرات .(193)لسان العرب : مادة : نكد .(194)التبيان في شرح الديوان 1/375 .(195)هذا القول لابن جني ، السابق .(196)هذا القول للخطيب التبريزي ، السابق .(197)أمثال القرآن ص 26 .(198)نفسه .(199)نفسه .(200)نفسه .(201)نفسه .(202)انظر الإيضاح العضدي 1/88 وهامش الصفحة نفسها .(203)2/148 .(204)ديوان جرير ص 135 .(205)القصص : 8 .(206)أمثال القرآن ص 27 .(207)ديوان أبي العتاهية ص 128 .(208)نفسه ص46 .(209)شرح الفصيح في اللغة ص 295 وما بعدها ، وورد البيت في إصلاح المنطق ص 168 ، والبيان والتبيين 1/185 ، والمحكم 3/17 ، والمخصص 16/129 وتهذيب اللغة4/84 ، وشرح المفصل لابن يعيش 4/143 ، ولسان العرب : مادة : خصا .(210)أمثال القرآن ص 29 .(211)ديوان رؤبة ص 25 .(212)أمثال القرآن ص 30 .(213)ص 296 .(214)هود : 43 .(215)المعاني الكبير 2/946 .(216)الأصمعيات ص 198 ، المعاني الكبير 2/946 ، العقد الفريد 5/231 ، الأغاني 15/77 ، النقائض 1/155 ، خزانة البغدادي 1/199 .(217)المفضليات ص 166 ، الأزمنة والأمكنة 2/308 ، ووعلة بن الحارث الجرمي ، والحارث ابن وعلة الجرمي شاعران جاهليان لهما ذكر في معجم الشعراء للمرزباني ص 196 .(218)ديوان لبيد ربيعة ص192 .(219)أمثال القرآن ص 36 .(220)الفاخر ص 174 .(221)الشعراء : 153 .

(9/438)

(222)ديوان لبيد بن ربيعة ص 103 .(223)الكهف : 33.(224)المؤمنون : 50 .(225)الكهف : 41 .(226)الملك : 30 .(227)لسان العرب مادة : زور .(228)طه : 71 .(229)الكامل 2/82 .(230)الخصائص 2/213 .(231)مادة : عبد .(232)شرح شواهد المغني 64 .(233)أدب الكاتب ص 502 ، والاقتضاب ص 431 ، والبحر المحيط 6/261 ، وتفسير الطبري 6/141 ، والصاحبي ص 128 ، والكامل 2/71 ، ومجاز القرآن 2/24 .(234)15/228 ، وجاء في هامشه : " هذا صدر بيت لذي الرمة " ولم أعثر به في ديوانه .(235)ديوانه ص 203(236)لسان العرب مادة : ربط .(237)2/305 .(238)لسان العرب مادة : درأ .(239)4/169 .(240)الكامل 1/193 .(241)1/247 .(242)ص 586 .(243)انظر مثلا : أمالي اليزيدي 114 ، والصناعتين 86 ، وتأويل مختلف الحديث ص 82 والمثقب العبدي اسمه : عائذ بن محصن ، وقيل : شأس بن عائذ بن محصن ، سمي بالمثقب ببيت قاله ، وهو شاعر جاهلي من البحرين .(244)ص 550 .(245)تأويل مشكل الحديث ص 107 .(246)لسان العرب مادة : وضن .(247)مادة : درأ .(248)الزلزلة : 5 .(249)آل عمران : 167 .(250)لسان العرب مادة : عفر .(251)ديوانه ص 146 .(252)مادة : شكس .(253)أمثال القرآن ص 445 .(254)يوسف : 23 .(255)أمثال القرآن ص 47 .(256)ص 37 .(257)ديوانه ص 92 .(258)أمثال القرآن 48 .(259)نفسه ص 49(260)ص 58 .المصادر والمراجع

(1)إصلاح المنطق : ابن السكيت ، يعقوب بن إسحاق ، تحقيق ، أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون ، دار المعارف بمصر 1949م.(2)الأصمعيات : الأصمعي ، عبد الملك بن قريب ، تحقيق ، أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون ، دار المعارف بمصر(3)الاقتضاب في شرح أدب الكتاب : البطليوسي ، عبد الله بن محمد بن السيد ، المطبعة الأدبية ، بيروت 1901 م .

(9/439)

(4)إعراب القرآن : النحاس ، أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل ن تحقيق ، د. زهير غازي زاهد ، مطبعة العاني ببغداد .(5)الأمالي الشجرية : ابن الشجري ، أبو السعادات هبة الله ، حيدر أباد 1349 .(6)أمالي المرتضي : المرتضين علي بن الحسين ، تحقيق ، محمد أبي الفضل إبراهيم ، القاهرة 1954 م .(7)الإيضاح العضدي : الفارسي ، أبو علي الحسن بن أحمد ، تحقيق ، د. حسن الشاذلي فرهود ، مطبعة دار التأليف بمصر .(8)البحر المحيط : أبو حيان الأندلسي ، محمد بن يوسف ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .(9)البيان والتبيين : الجاحظ ، أبو عثمان عمرو بن بحر ، تحقيق ، عبد السلام هارون ، القاهرة .(10) تأويل مشكل القرآن : ابن قتيبة ، أبو محمد عبد الله بن مسلم ، شرح ، السيد أحمد صقر ، المكتبة العلمية ببيروت 1401 1981 .(11) ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري المسمى بالتبيان في شرح الديوان ، تحقيق مصطفى السقا وأصحابه ، دار المعرفة ببيروت .(12) تحصيل عين الذهب في معدن جوهر الأدب في علم مجازات العرب : الأعلم الشمنتري ، أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى ، حققه وعلق عليه ، د. زهير عبد المحسن سلطان ، دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد 1992م .(13) جامع البيان في تفسير القرآن : الطبري ، أبو جعفر محمد بن جرير ، دار المعرفة ببيروت 1398هـ 1978م.(14) الجامع لأحكام القرآن : القرطبي ، أبو عبدالله محمد بن أحمد الأنصاري ، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ببيروت 1387 1967 م .(15) الحلل في شرح أبيات الجمل : البطليوسي ، عبد الله بن محمد بن السيد ، دراسة وتحقيق ، د . مصطفى إمام ، مكتبة المتنبي بالقاهرة 1979 م .(16) الحماسة : ا لطائي ، أبو تمام حبيب بن أوس ، تحقيق > . عبدالله بن عبد الرحيم عسيلان، إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض 1401 1981 م .

(9/440)

(17) الحماسة البصرية : البصري ، صدر الدين بن أبي الفرج بن الحسين ، تحقيق ، د. مختار الدين أحمد ، حيدر أباد الهند 1383 هـ 1964 م .(18) خزانة الأدب : البغدادي ، عبد القادر بن عمر ، بولاق 1299 هـ . وخزانة الأدب للبغدادي ، تحقيق وشرح ، عبد السلام هارون ، مكتبة الخانجي بالقاهرة ودار الرفاعي بالرياض .(19) الخصائص : ابن جني ، أبو الفتح عثمان ، تحقيق ، محمد علي النجار ، دار الهدى للطباعة والنشر ببيروت .(20) ديوان الأعشى ، دار صادر ببيروت .(21) ديوان أمية بن الصلت الثقفي جمع وتحقيق ودراسة ، صنعة ، د. عبد الحفيظ السطلي 1974 م .(22) ديوان البحتري ، تحقيق ، حسن كامل الصيرفي ، دار المعارف بمصر .(23) ديوان توبة بن الحميّر الخفاجي ، تحقيق ، خليل إبراهيم العطية ، مطبعة الإرشاد ببغداد 1387 هـ 1968م(24) ديوان حسان بن ثابت الأنصاري ، دار بيروت للطباعة والنشر 1398 هـ 1978م.(25) ديوان ذي الرمة : تحقيق ، د. عبد القدوس أبو صالح ، من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1392هـ(26) ديوان شعر حاتم الطائي ك دراسة وتحقيق ، د. عادل سليمان جمال ، مطبعة المدني بالقاهرة .(27) ديوان أبي طالب عم النبي صلى الله غليه وسلم : تحقيق ، محمد التونجي ، دار الكتاب العربي ببيروت 1414هـ 1994 .(28) ديوان أبي العتاهية : دار صادر ببيروت .(29) ديوان العجاج : تحقيق د. عزة حسن ، دار الشرق ببيروت .(30) ديوان كعب بن زهير : تحقيق ، د. حنا نصر الحتي ، دار الكتاب العربي ببيروت 1414هـ 1994م.(31) ديوان لبيد بن ربيعة : تحقيق ، د . حنا نصر الحتي ، دار الكتاب العربي ببيروت 1414هـ 1993 م .(32) ديوان مسكين بن عارم الدارمي : جمع وتحقيق ، خليل إبراهيم العطية ، وعبد الله الجبوري ، مطبعة دار البصرة ببغداد 1389هـ 1970 م.(33) ديوان النابغة الذبياني : جمع وتحقيق وشرح الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ، نشر الشركة التونسية للتوزيع 1976م.

(9/441)

(34) السيرة النبوية لابن هشام : تحقيق مصطفى السقا وأصحابه ، مكتبة الحلبي بالقاهرة 1375هـ 1955م.(35) شرح أبيات سيبويه : السيرافي ،أبو محمد يوسف بن ابي سعيد الحسن بن عبد الله المرزبان ، تحقيق ، محمد علي الريح هاشم مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة 1394 هـ 1974 م.(36) شرح الأشموني على ألفية بن مالك : الأشموني ، علي بن محمد ، تحقيق ، محمد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر .(37) شرح ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس : تحقيق ، جنا نصر الحتي ، دار الكتاب العربي ببيروت 1414 هـ 1994 م .(38) شرح ديوان جرير : تأليف ، محمد بن إسماعيل الصافي ، دار الأندلس للطباعة والنشر ببيروت .(39) شرح ديوان زهير بن أبي سلمى : تحقيق ، د . حنا نصر الحتي ، دار الكتاب العربي ببيروت 1412هـ 1992 م(40) شرح ديوان طرفة بن العبد : تحقيق د. سعدي الضناوي ، دار الكتاب العربي ببيروت 1414هـ 1994 م(41) شرح ديوان علقمة بن عبدة الفحل : تحقيق د. حنا نصر الحتي ، دار الكتاب العربي ببيروت 1414هـ1993م .(42) شرح ديوان الفرزدق : جمع وتعليق ، عبد الله إسماعيل الصاوي ، مطبعة الصاوي بمصر 1963 م .(43) شرح شواهد الشافية : عبد القادر البغدادي ، تحقيق ، محمد نور الحسن وأصحابه ، دار الكتب العلمية ببيروت 1975 م .(44) شرح شواهد المغنش : السيوطي ، الإمام جلاال الدين ، تصحيح الشيخ محمد محمود الشنقيطي ، المطبعة البهية بمصر 1322 هـ .(45) شرح الفصيح في اللغة : أبو منصور بن الجبان ، تحقيق ، د. عبد الجبار جعفر القزاز ، دار الشؤون الثقافية ببغداد .(46) شعر الأخطل أبي مالك غياث بن غوث التغلبي ، تحقيق د. فخر الدين قباوة ، دار الآفاق الجديدة بيروت 1399هـ 1979 م .(47) شعر الأشهب بن رميلة ، ضمن كتاب : شعراء أمويون ، تحقيق ، د. نوري حمودي القيسي ، مطبعة المجمع العلمي العراقي ، بغداد 1402هـ 1982 م .

(9/442)

(48) شعر عمرو بن شأس الأسدي : تحقيق ، يحيى الجبوري ، مطبعة الآداب بالنجف الأشرف 1396 هـ 1976 م(49) العقد الفريد : ابن عبد ربه ، أبو عمر أحمد بن محمد ، تحقيق أحمد أمين وأصحابه ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة 1381 هـ 1962 م .(50) الفاخر : أبو طالب المفضل بن سلمة بن عاصم ، تحقيق ، عبد العليم الطحاوي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة 1974 م .(51) الكامل في اللغة والأدب : المبرد ، أبو العباس محمد بن يزيد ، مؤسسة المعارف ببيروت .(52) الكتاب : سيبويه ، أبو بشر عمرو بن عثمان ، تحقيق ، عبد السلام هارون ، القاهرة .(53) لسان العرب : ابن منظور ، محمد بن مكرم ، مطبعة دار الشعب بالقاهرة .(54) مجاز القرآن : أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي ن تحقيق ، د.محمد فؤاد سزكين ، مؤسسة الرسالة بيروت 1401هـ 1981 م .(55) مجموع أشعار العرب وهو مشتمل على ديوان رؤبة بن العجاج وعلى أبيات مفردات منسوبة إليه ، تصحيح وترتيب وليم بن الورد البروسي ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت 1979 م .(56) معاني القرآن : الفراء ، أبو زكريا يحيى بن زياد ، عالم الكتب ، بيروت ، 1980 م .(57) معاني القرآن وإعرابه : الزجاج ، شرح د. عبد الجليل عبده شلبي ، منشورات المكتبة العصرية ، صيدا لبنان(58) المخصص : ابن سيده ، بولاق 1318هـ .(59) المعاني الكبير ، ابن قتيبة ، حيدر أباد 1949 .(60) معجم الشعراء : المرزباني ، أبو عبيد الله محمد بن عمران ، مكتبة القدسي 1402هـ 1982 م .(61) المفصل في علم العربية : الزمخشري ، دار الجيل ، بيروت .(62) المقتضب : المبرد ، تحقيق ، محمد عبد الخالق عضيمة ، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، القاهرة 1399 هـ .(63) النقائض نقائض جرير والفرزدق : أبو عبيدة معمر بن المثنى ، ليدن 1905 م .

(9/443)

فن التوقيعات الأدبية في العصرالإسلامي والأموي والعباسي

د. حمد بن ناصر الدخيلالأستاذ المشارك في كلية اللغة العربية - جامعة الإماممحمد بن سعود الإسلامية

ملخص البحثتعد التوقيعات فنًا أدبيًا من فنون النثر العربي، ارتبطت نشأتها وازدهارها بتطور الكتابة. والتوقيع عبارة بليغة موجزة مقنعة، يكتبها الخليفة أو الوزير على ما يرد إليه من رسائل تتضمن قضية أو مسألة أو شكوى أو طلب. والتوقيع قد يكون آية قرآنية، أو حديثًا نبويًا، أو بيت شعر، أو حكمة، أو مثلاً، أو قولاً سائرًا. ويشترط أن يكون ملائمًا للحالة أو القضية التي وُقِّع فيها، فهو مرتبط بفن توجيه المعاملات الرسمية في الإدارة الحديثة. ورأيت أن هذا الفن الأدبي لم ينل حظه من عناية الأدباء والدارسين، على الرغم من أهميته، فأعددت هذا البحث الموجز الذي يتضمن التعريف به، والحديث عن نشأته وتطوره، وأفول نجمه، وهو توطئة لكتاب يتناول هذا الفن بشيء من التفصيل.

(9/444)

عرض البحث بعد المقدمة لنشأة الكتابة عند العرب، لارتباط فن التوقيعات بها، ثم عرض لمصادرها الأدبية التي تضمنت طائفة كثيرة منها كالعقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي، وخاص الخاص للثعالبي، وعَرَّف بالتوقيع لغة واصطلاحًا، وتطور دلالة، ثم درس أنواع التوقيعات بحسب مصادرها من القرآن، والحديث، والشعر، والحكمة، والمثل، والقول السائر. وتضمن البحث تحديد الزمن الذي نشأت فيه التوقيعات، وهو خلافة أبي بكر الصديق – رضي الله عنه -، ثم إيراد طائفة منها بدءًا من العصر الإسلامي، فالأموي، فالعباسي الذي يعد العصر الذهبي لهذا الفن؛ حيث خصص له ديوان عُرف بديوان التوقيعات، يعين فيه كبار الكتاب، وخلص البحث إلى وضع مقاييس للتوقيع الأدبي، وهي الإيجاز، والبلاغة، والإقناع، ويراد بالبلاغة أن يكون التوقيع مناسبًا للحالة التي وُقِّع فيها، وخُتِمَ البحث ببيان أثر التوقيعات في ا لسياسة والأدب، فنتائج البحث، ثم مصادره ومراجعه .

مقدمة :تعد التوقيعات فنَّا أدبيَّاً من فنون النثر العربي، ارتبط بالكتابة منذ ازدهارها وشيوعها. وهو من الأنواع الأدبية التي لم تأخذ حظها من البحث والدراسة، على الرغم من أن كتب الأدب تحفل بفيض زاخر منها، منذ العصر الإسلامي حتى أفول نجمها في أواخر العصر العباسي.ولذلك أقدمت على كتابة هذا البحث الموجز؛ ليكون مدخلاً إلى دراسة هذا الفن دارسة فيها شيء من التوسع والتفصيل.

(9/445)

وقد عرضت الكتب التي تؤرخ للأدب العربي لهذا الفن، وتحدثت عنه في إطار عرضها للفنون الأدبية الأخرى، ولكنها تناولته تناولاً موجزًا في أسطر معدودات، لا تتجاوز التعريف به، وضرب بعض الأمثلة له، وأغفلت الحديث عن نشأته، وارتباطه بالكتابة، ومصادره ، وتطوره، وأنواعه، والعوامل المؤثرة فيه، وبلاغة أدائه، واكتفت بذكر عددٍ محدود من البلغاء والكتاب ممن أجادوا هذا الفن، دون أن تقدم تفصيلات دقيقة وافية للذين أسهموا في رقيه وانتشاره من الخلفاء والوزراء والولاة والقادة والكتاب، من خلال نصوص التوقيعات الكثيرة التي أثرت عنهم.والهدف من البحث محاولة إلقاء الضوء على ما تحفل به التوقيعات من مضامين وأفكار ومعان، مثلها مثل أي فن أدبي آخر، إذ من المعروف أن التوقيعات أسهمت في توجيه سياسة الدولة الإسلامية، وفي حل كثير من المشكلات والقضايا الاجتماعية في المجتمع العربي والمسلم، وارتبطت بالحكمة والقول المقنع الفصل في كثير من المواقف، وامتازت بأنها لون أدبي، ليس لما تحمله من أفكار وآراء سديدة تتسم في كثير من الأحيان بالإبداع فقط، بل في أدائها الأدبي الذي من خصائصه الوجازة في التعبير، واختيار الكلمات المناسبة، وملائمتها للحالة أو الموقف، والإقناع بالرأي، وهي جميعًا من خصائص الأسلوب البليغ.ومجال البحث فيها ذو سعة واستفاضة؛ لكثرة ما أثر عن البلغاء والكتاب من توقيعات كانت قمة ازدهارها في العصر العباسي الأول (132 – 232هـ)، والعصر العباسي الثاني (232 – 334هـ)، يلي ذلك ازدهارها في العصر العباسي الثالث (334 – 447هـ) وفي الأندلس تأثرًا بأهل المشرق.

(9/446)

غير أنني اقتصرتُ في هذا البحث على صلة التوقيعات بفن الكتابة، وجعلت ذلك تمهيدًا، ثم تحدثت عن مصادر التوقيعات، فمعنى التوقيع في اللغة والاصطلاح، ثم أشرت إلى تطور مفهومها ودلالتها، وانتقلت بعد ذلك إلى الحديث عن أنواعها، ثم ازدهارها، ثم تحدثت عن مقاييس التوقيع الأدبي البليغ المقنع المؤثر، وأثر التوقيعات في السياسة والأدب، وخلصت إلى ذكر نتائج البحث.أما مصادر البحث فأشرت إلى بعضها في مصادر التوقيعات الرئيسة، وهي كثيرة تتنازعها كتب اللغة والأدب والتاريخ والتراث عامة.ومما ينبغي أن يلاحظ أن التوقيعات تبدو متفرقة متناثرة في كتب الأدب والتراث عامة، وتحتاج – بادئ ذي بدء – إلى جمع وتوثيق وتحقيق وضبط وشرح، مع بيان المناسبات التي أملتها وقيلت فيها، وتأتي بعد هذه المحاولة – التي لابد أن تخضع للدقة والاستقصاء – الدراسة التي ينبغي أن تقوم على نصوصها الكثيرة، وتكون في متناول الدارس الذي يتصدى لدراستها دراسة موضوعية وفنية دقيقة.وقد قام الأستاذ أحمد زكي صفوت – رحمه الله – الذي كان أستاذًا في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة بمحاولة جمع كثير منها في كتابه القيم ( جمهرة رسائل العرب)، ولكن فاته كثير من المصادر التي لم تكن بين يديه في أثناء الجمع، فأخل بالكثير منها. وفي أثناء حديثي عن مصادر التوقيعات حاولت أن أشير إلى أهم المصادر التي عنيت بتدوينها، ولكن لم يكن من المتيسر في هذا البحث الموجز أن أستقصي جميع المصادر التي ألمت بها، وحسبي أني وضعت الطريقة والمنهج وحددتُ الهدف.ولابد من الإشارة إلى أن التوقيعات ترتبط بتوجيه المعاملات الإدارية، فقد نشأت في ظل السياسة والإدارة للدولة الإسلامية، وتطورت بتطورهما، وازدهرت في أروقة الدواوين، ولا سيما ديوان التوقيعات.

(9/447)

ولي أمل في ختام هذه المقدمة – وإن كنت أراه بعيد المنال في الوقت الحاضر – وهو أن يعود للتوقيعات ما كان لها من مجد وازدهار، وأن توظف في الشرح على المعاملات الرسمية في الإدارات الحكومية ما أمكن.وأرجو بهذه الإضاءة الموجزة أن أكون قد أسهمت في بيان أهمية هذا الفن الأدبي النثري.والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

تمهيد : نشأة الكتابة عند العربليست التوقيعات فنًا أدبيًا يؤدى بوساطة المشافهة والارتجال، كالخطابة، والوصية، والمحاورة، والمفاخرة، والمنافرة، وغيرها من الفنون الأدبية الشفهية التي شاعت في العصر الجاهلي، بل هي فن كتابي وجد مع شيوع الكتابة وازدهارها؛ ولذلك نرى غياب هذا الفن في البيئات التي تعتمد على إيصال آثارها إلى الآخرين بوسيلة الخطاب المباشر القائم على اللسن والارتجال، وما دام الأمر كذلك، فلابد من تمهيد أتحدث فيه عن نشأة الكتابة عند العرب وتطورها حتى أصبحت فنًا أدبيًا قائمًا، له قواعده وأصوله المعروفة؛ لارتباطها بنشأة التوقيعات في الأدب العربي.وليس من مهمة هذا التمهيد أن يستقصي نشأة الخط العربي، وعرض الآراء التي قيلت في ذلك ومناقشتها، فمكان ذلك الكتب المتخصصة في الموضوع ([1]) ، بل مهمته أن يعرض في إيجاز وجود الكتابة العربية في العصر الجاهلي، والإشارة إلى البيئات التي عنيت بها.

كان العرب في الجاهلية يعرفون الكتابة، ولكنها لم تكن فنًا منتشرًا في جميع بلدانهم وبيئاتهم، بل كان الذين يجيدونها عدد قليل، يقيمون في الحواضر والمدن. ومن المدن والبيئات التي عرفت الكتابة في الجاهلية، الأنبار، والحيرة، ودومة الجندل، ومكة والطائف، والمدينة، والشام([2]) ، ولم يقتصر الأمر على معرفة الكتابة في المدن المذكورة وما ماثلها، بل كانت في الجاهلية مدارس وكتاتيب تتيح للفتيان والفتيات تعلمها([3]) .

(9/448)

وفي ديوان الشعر الجاهلي نصوص شعرية كثيرة تدل على أن عرب الجاهلية كانوا يعرفون الكتابة ويمارسونها، من ذلك قول المرِّقش الأكبر([4]) :رقَّشَ في ظهرِ الأديمِ قَلَمْ([5])الدَّارُ قَفْرٌ والرسومُ كما

وقول أميةَ بن أبي الصلتِ([6]) يمدح قبيلة إياد:سَاروا جميعًا والقِطُّ والقَلَمُ([7])قومٌ لهم سَاحةُ العراقِ إذا

وقول امرئ القيس([8]) :كخطِّ زَبُورٍ في مَصَاحفِ رُهْبَانِ([9])أنتْ حِجَجٌ بعدي عليها فأصْبَحَتْ

وقول لبيد بن ربيعة العامري([10]) :زُبَرٌ تُجِدُّ متونَها أقلامُها([11])وجلا السيولُ عن الطُّلُولِ كأنها

ويعضد النصوص الشعرية التي تثبت شيوع الكتابة في العصر الجاهلي ما ذكره أبو هلال العسكري([12]) (000 – نحو 400هـ) من أن أكثم بن صيفي كان إذا كاتب ملوك الجاهلية يقول لكتابه: (فصِّلوا بين كل معنىً منقضٍ، وصلوا إذا كان الكلام معجونًا بعضُه ببعض).وكان الحارث بن أبي شمر الغساني([13]) يقول لكاتبه المُرقَّش([14]) : (إذا نزع بك الكلام إلى الابتداء بمعنىً غير ما أنتَ فيه فَفَصِّلْ بينه وبين تبيعته من الألفاظ؛ فإنك إن مذقْت([15]) ألفاظَك بغير ما يحسن أن تُمْذَقَ به نفرت القلوبُ عن وعيها، وملتها الأسماعُ، واستثقلتها الرواة) ([16]) .وكان بعض اليهود في المدينة يعرف الكتابة بالعربية – إلى جانب معرفته الكتاب بالعبرية – ويعلمها للصبيان، فلما جاء الإسلام كان في الأوس والخزرج عدد من الكُتّاب، وبعضهم كان يكتب بالعربية والعبرية، كزيد بن ثابت([17]) .ولم تقتصر معرفة الكتابة في العصر الجاهلي على الرجال، بل كان لبعض النساء معرفة بها، كالشِّفاء بنت عبدالله القرشية العدوية ([18]) من رهط عمر بن الخطاب، وكانت كاتبة في الجاهلية، وعلمت حفصة زوج الرسول –- صلى الله عليه وسلم - - الكتابةَ بأمرٍ منه، كما علمتها رقية النملة ([19]) ، فأصبحت حفصةُ كاتبةً ([20]) .

(9/449)

ومن الكاتبات اللاتي ذكرهن البلاذري أم كلثوم بنت عُقْبة([21]) ، وعائشة بنت سعد([22]) ، وكريمة بنت المقداد([23]) .وكانت عائشة رضي الله عنها ، تقرأ في المصحف ولا تكتب، وكانت أم سلمة زوج النبي الكريم تقرأ أيضًا ولا تكتب([24]) .وعقد محمد بن حبيب ( 000 – 245هـ) فصلاً ذكر فيه أسماء المعلمين في الجاهلية والإسلام الذين يعلمون الكتابة والقراءة([25]) .فلما أظل الإسلام برايته كان هناك عدد من الكتاب المعروفين في الحواضر والمدن، ولا سيما في مكة والمدينة، ذكر البلاذري([26]) (000 – 279هـ) وابن عبد ربه([27]) (246 – 327هـ) أنه كان في وقت دخول الإسلام سبعة عشر رجلاً في مكة يجيدون الكتابة، وربما يكون هذا الإحصاء غير دقيق، فيحتمل أن الذين يعرفون الكتابة أكثر من هذا العدد.

والعرب في الجاهلية كانوا – كغيرهم من الأمم – في حاجة ماسة إلى معرفة الكتابة، لتدوين كتبهم الدينية، وإثبات شروطهم وعقودهم في معاملاتهم التجارية، وتنظيم شؤون حياتهم([28]) .ويذهب بعض الباحثين إلى أن بعض شعراء الجاهلية كانوا يحرصون على تقييد أشعارهم كتابة([29]) .ونستخلص مما تقدم أن الكتابة كانت معروفة في العصر الجاهلي. أما في عصر صدر الإسلام فلا يماري أحد في معرفتها وانتشارها والحرص على تعلمها، والإقبال على حذقها. واعتمد عليها الرسول –- صلى الله عليه وسلم - - في بعث رسائله إلى الملوك والرؤساء والأباطرة التي دعاهم فيها إلى الدخول في الإسلام([30]) . واعتمد عليها الخلفاء الراشدون في تبليغ أوامرهم وتوجيهاتهم إلى الولاة والقادة والقضاة، ومهدت السبيل إلى نشأة التوقيعات في وقت مبكر من نشأة الدولة الإسلامية. وكانت هذه النشأة إرهاصًا لتطورها في العصر الأموي، وازدهارها في العصر العباسي الأول، والعصر العباسي الثاني اللذين تمخضا عن إنشاء ديوان خاص بها، لا يعين فيه إلا كبار الكتاب والبلغاء.

مصادر التوقيعات

(9/450)

ليس من السهل أن ألم في هذا المقام بمصادر التوقيعات في التراث العربي؛ لأنها كثيرة متفرقة، ولكن حسبي أن أشير إلى المصادر التي احتفظت بطائفة غير قليلة منها في العصور المختلفة.لعل أهم مصدر عني بتدوين هذا الفن الأدبي كتاب العقد الفريد، لابن عبد ربه الأندلسي (246 – 327هـ) الذي أورد عددًا من النماذج للخلفاء في عصر صدر الإسلام، بدءًا من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وفي العصر الأموي، والعباسي إلى عهد الخليفة المأمون. ولم يقتصر على توقيعات الخلفاء، بل أثبت نماذج كثيرة من توقيعات الأمراء والولاة والقادة والكتاب وكبار رجال الدولة، مثل الحجاج بن يوسف الثقفي، وأبي مسلم الخراساني، وجعفر بن يحيى البرمكي، والفضل بن سهل، والحسن بن سهل، وطاهر بن الحسين، وختم ذلك بإيراد طائفة من توقيعات ملوك الفرس، واستغرق ذلك من الكتاب تسع عشرة صفحة([31]) .ويعد كتاب (الوزراء والكتاب)، للجهشياري (000 – 331هـ) من المصادر القديمة للتوقيعات وردت فيه في مواضع متفرقة([32]) .ويحفل كتاب (نثر الدر)، للآبي (000 – 421هـ) بطائفة منها([33]) .وعني أبو منصور الثعالبي (350 – 429هـ) بتدوين قدر غير يسير منها، ولكنه لم يحصرها في كتاب واحدٍ من كتبه الكثيرة التي اتجه فيها إلى إثبات ما يختاره من عيون الشعر والحكم والأمثال والأقوال البليغة.

(9/451)

ومن أهم كتبه التي اهتم فيها بتدوين التوقيعات (خاص الخاص) الذي يعد مصدرًا من مصادرها المهمة، على الرغم من صغر حجمه. عقد فصلاً أورد فيه طائفة من توقيعات الملوك المتقدمين مثل الإسكندر المقدوني (356 – 323 ق. م) وبعض ملوك الروم والفرس، وعقد فصلا ثانيًا أثبت فيه عددًا من توقيعات الخلفاء والقواد والأمراء والولاة المسلمين، وعقد فصلاً ثالثًا دون فيه أجناسًا من توقيعات الوزراء وكبار رجال الدولة العباسية، وتجاوز المدة الزمنية التي وقف عندها ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد([34]) . وأورد توقيعات قليلة في كتابه (لطائف اللطف([35]) )، وكُتب فصلٌ في كتاب (تحفة الوزراء) المنسوب إليه أُثبت فيه جملة من توقيعات الوزراء والكتاب([36]) .وأخلص إلى ذكر أهم مرجع حديث عني بتدوين التوقيعات في عصر الخلفاء الراشدين وفي العصر الأموي، وفي العصر العباسي الأول، وهو كتاب (جمهرة رسائل العرب)، لأحمد زكي صفوت، الذي أشرت إليه في مقدمة البحث.تضمن الجزء الأول قدرًا يسيرًا من توقيعات الخلفاء الراشدين([37]) . واشتمل الجزء الثاني على ما دونه من توقيعات خلفاء دولة بني أمية، ومن اتصل بهم بسبب([38]) .أما الجزء الرابع فدون فيه المؤلف التوقيعات في العصر العباسي الأول (132 – 232هـ). وما ذكر منها في هذا الجزء يفوق ما ذكر في الجزأين السابقين. وهذا دليل على ازدهار هذا الفن الأدبي في العصر العباسي([39]) .غير أنه أهمل إثبات شيء من التوقيعات في العصر العباسي الثاني (232 – 334هـ) ، والعصر العباسي الثالث (334 – 447هـ)، ولم يذكر شيئًا من التوقيعات في المغرب العربي والأندلس. وبذلك يحتاج عمله إلى تكملة واستدراك.

(9/452)

ومما ينبغي أن يشار إليه أن الكتاب اقتصر على جمع التوقيعات من مصادرها المختلفة دون أن يشفع ذلك بدراسة أدبية عنها. ولسنا نطالب المؤلف بذلك ما دام قد اقتصر في منهجه على الجمع فقط. ولكن يُعَد ما عمله رائدًا في ميدانه؛ فقد أصبح الكتاب مرجعًا مهمًا للباحثين والدارسين وأساتذة الأدب في الجامعات.

التوقيع في اللغة:يطلق التوقيع في اللغة على عدة معان، حقيقية وأخرى مجازية، حسية ومعنوية. ذكرتها معجمات اللغة، كالصحاح، والأساس، واللسان، والقاموس، والتاج.فالواو والقاف والعين أصل واحد يرجع إليه فروعه وما يشتق منه، ويدل في عمومه على سقوط شيء([40]) على التحقيق أو التقريب.ولكنّ المعاني التي ذكرتها كتب اللغة للفظة التوقيع لا تهمنا في هذا المجال، وإنما يهمنا المعنى اللغوي الذي نجد له ارتباطًا بالتعريف الاصطلاحي للتوقيعات، وبعبارة أخرى المعنى اللغوي الذي اشتقت منه التوقيعات بعدها فنًا أدبيًا.التوقيعات مشتقة في اللغة من التوقيع الذي هو بمعنى التأثير، يقال: وقَّعَ الدَّبرُ([41]) ظهرَ البعير إذا أثر فيه، وكذلك الموقِّع (كاتب التوقيع) يؤثر في الخطاب، أو الكتاب الذي كتب فيه حسّا أو معنى([42]) .وقيل: إن التوقيع مشتقٌ من الوقوع؛ لأنه سبب في وقوع الأمر الذي تضمنه، أو لأنه إيقاع الشيء المكتوب في الخطاب أو الطلب، فتوقيع كذا بمعنى إيقاعه([43]) .قال الخليل([44]) : » التوقيع في الكتاب إلحاقٌ فيه بعد الفراغ منه. واشتقاقه من قولهم: وقّعْتُ الحديدة بالميقعة، وهي المطرقة: إذا ضربتها، وحمار موقَّع الظهر: إذا أصابته في ظهره دَبَرَةٌ. والوقيعة: نُقْرَةٌ في صخرة يجتمع فيها الماء، وجمعها: وقائع. قال ذو الرمة:ونلْنَا سِقَاطًا من حديثٍ كأنَّهُ جَنىَ النحلِ ممزوجًا بماءِ الوقائعِ([45])فكأنه سُمِّى توقيعًا؛ لأنه تأثير في الكتاب، أو لأنه سببُ وقوع الأمر وإنفاذه، من قولهم: أوقعت الأمر فوقع([46]) « .

(9/453)

وأميل إلى ترجيحِ السبب الأخير؛ لأن التوقيع يتضمن إجراءًا يلزم تنفيذه.وقال ابن الأنباري: »توقيع الكاتب في الكتاب المكتوب أن يجمل بين تضاعيف سطوره مقاصد الحاجة، ويحذف الفضول.وهو مأخوذ من توقيع الدَّبَرِ ظهر البعير؛ فكأن الموقِّع في الكتاب يؤثر في الأمر الذي كتب الكتاب فيه ما يؤكده ويوجبه « ([47]) .التوقيع في الاصطلاح:وقد اكتسبت التوقيعات في الإسلام معنىً اصطلاحيًا يرتبط بالمعنى اللغوي الذي ذكرناه، فأصبحت تستعمل لما يوقعه الكاتب على القضايا أو الطلبات المرفوعة إلى الخليفة أو السلطان أو الأمير، فكان ([48]) الكاتب يجلس بين يدي الخليفة في مجالس حكمه، فإذا عرضت قضية على السلطان أمر الكاتب أن يوقع بما يجب إجراؤه، وقد يكون الكاتب أحيانًا السلطان نفسه.يقول البطليوسي (44- 521هـ) في تعريف التوقيع: (وأما التوقيع فإن العادة جرت أن يستعمل في كل كتاب يكتبه الملك، أو مَنْ له أمر ونهي في أسفل الكتاب المرفوع إليه، أو على ظهره، أو في عَرْضه، بإيجاب ما يُسْأل أو منعه، كقول الملك: ينفذ هذا إن شاء الله، أو هذا صحيح. وكما يكتب الملك على ظهر الكتاب: لِتُرَدَّ على هذا ظُلاَمته. أو لينظر في خبر هذا، أو نحو ذلك)([49]) .ويقول ابن خلدون (732 – 808هـ)([50]) :» ومن خُطط الكتابة التوقيع، وهو أن يجلس الكاتب بين يدي السلطان في مجالس حكمه وفصله، ويوقع على القصص المرفوعة إليه أحكامها والفصل فيها، متلقاة من السلطان بأوجز لفظ وأبلغه. فإما أن تصدر كذلك، وإما أن يحذو الكاتب على مثالها في سجل يكون بيد صاحب القصة، ويحتاج الموقع إلى عارضة من البلاغة يستقيم بها توقيعه « .

تطور دلالتها:

(9/454)

تطوَّر مفهوم التوقيعات في العصر العباسي، واكتسب معنى أدبيًا، فأصبحت تطلقُ على تلك الأقوال البليغة الموجزة المعبرة التي يكتبها المسؤول في الدولة، أو يأمر بكتابتها على ما يرفع إليه من قضايا أو شكايات، متضمنة ما ينبغي اتخاذه من إجراء نحو كل قضية أو مشكلة، وهي بهذا المفهوم أشبه ما تكون بتوجيه المعاملات الرسمية في الوقت الحاضر.وفي العصور الوسطى أضيف إلى التوقيعات دلالة جديدة مع بقاء دلالتها الأدبية السائدة في العصر العباسيّ، حيث أصبحت تطلق على الأوامر والمراسيم التي يصدرها السلطان أو الملك؛ لتعيين والٍ، أو أمير، أو وزير، أو قاضٍ، أو حتى مدرس، وامتازت بطولها، والإسهاب في ذكر الحيثيات والأسباب المسوغة للتعيين؛ حتى تجاوز بعضها أربع صفحات، وقد أورد القلقشندي في صبح الأعشى نماذج كثيرة منها([51]) ، ولا يتسع المجال لذكر شيء منها.والتوقيعات بهذا المفهوم لا تُعَدُّ توقيعات أدبية لافتقادها عنصري البلاغة والإيجاز، ولا تدخل ضمن هذا البحث، وعَدُّها من باب الكتابة الديوانية والنثر التاريخي أولى وأصح.ثم تحول معناها بعد ذلك إلى علامة اسم السلطان خاصة التي تذيل بها الأوامر والمراسيم والصكوك كالإمضاء عندنا([52])، ثم توسع في معناها فأصبحت تدل على تأشيرة الاسم، وهي كتابته بتلك الهيئة الخاصة التي تقابل في الإنجليزية لفظة (Signature).

أنواع التوقيعات الأدبية:بعد أن تحدثنا عن التطور الدلالي للفظة (التوقيع)، يحسن أن نتحدث بإيجاز عن أنواع التوقيعات الأدبية، التي نلاحظ – من خلال استقرائها وتتبعها في كتب الأدب والتراث - أنها لا تخرج عن الأنواع التالية:1 - قد يكون التوقيع آيةً قرآنيةً تناسب الموضوع الذي تضمنه الطلب، أو اشتملت عليه القضية.

(9/455)

من ذلك ما ذكر([53]) أن أبا محمد الحسن بن محمد المهلبي وزير معز الدولة أبي الحسين أحمد بن بويه الديلمي([54]) كان قبل اتصاله بمعز الدولة وتقلده منصب الوزارة يعاني من قلة ذات اليد وشدة الفقر وضيق الحال، وكان يشكو رمدًا في عينيه لا يفارقه، وسافر في بعض الأيام مع رفيق له أديب من أهل الأسفار والتجوال([55]) ، ولكنه لقي في سفره هذا مشقة ونصبا، فلا زاد معه ولا مال، ونزل مع رفيقه في بعض الأماكن واشتهى اللحم، فلم يجد ثمنه، فأنشد ارتجالاً ورفيقه يسمع:فهذا العيشُ مالا خيرَ فيهِألا مَوْتٌ يُباَعُ فأشْتَريهِ

يُخلِّصُني من العيشِ الكريهِألا مَوْتٌ لذيذُ الطعمِ يأتِي

ودِدْتُ لو أنَّني مما يليهِإذا أبصَرْتُ قبرًا من بعيدٍ

تصدَّقَ بالوفاةِ على أخيهِألا رَحِمَ المهيمنُ نَفْسَ حُرٍّ

فتأثر رفيقه بالأبيات ورثى لحاله، ورق له، فاشترى له بدرهم لحمًا، وأعده وقدمه إليه، وتفرقا.ثم تتابعت الأيام، وتغيرت الأحوال، وحسنت حال المهلبي وتولى الوزارة ببغداد لمعز الدولة البويهي، وضاقت الحال برفيقه في السفر الذي اشترى له اللحم، وحقق له رغبته، وآل به الأمر إلى أن جلس على بساط الفقر والفاقة، وبلغه تولي المهلبي الوزارة، فشد الرحال وقصده في بغداد، فلما بلغه كتب إليه رُقْعَة تتضمن أبياتًا، منها:مَقَالَ مُذَكِّرٍ ما قد نسيهِألا قُلْ للوزير فَدتْه نَفْسِي

(ألا مَوْتٌ يباعُ فأشتريهِ)أتذكرُ إذ تقول لضنْكِ عَيْشٍ:

فلما قرأ المهلبي الأبيات تذكر صحبة رفيقه، وفضله عليه، وهزته أريحية الكرم ورعاية حق الصحبة، وردّ الفضل لأهله والمعروف لمستحقيه.إنّ الكرامَ إذا ما أَسهَلُوا ذَكَروا مَنْ كان يألفُهمْ في المنزلِ الخَشِنِ([56])

(9/456)

فأمر له بسبع مئة درهم، ووقَّع في رقعته قوله تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء }([57]) .ثم دعاه وأكرمه، وقَلده عملاً مناسبًا يرتزق به([58]) .والتوقيع الذي وقعه المهلبي على رقعة صاحبه (الآية القرآنية الكريمة) يبدو مطابقًا تمامًا لفحوى القصة ومضمونها، أعطاه رفيقه درهما في وقت الضيق والشدة، فأعطاه هو سبع مئة درهم في وقت السعة والرخاء تحقيقًا لما في الآية الكريمة.

ومن ذلك([59]) ما كتب به عامل إرمينية إلى المهدي الخليفة العباسي يشكو إليه سوء طاعة الرعية، فوقع المهدي في خطابه قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}([60]) . والتوقيع بألفاظ القرآن حسن في الجدّ من الأمور، محظور في المُزْح والمطايبة([61]) .2- وقد يكون التوقيع بيت شعر. من ذلك([62]) ما كتب به قتيبة بن مسلم الباهلي إلى سليمان بن عبدالملك بن مروان الخليفة الأموي يتهدده بالخلع، فوقع سليمان في كتابه:زعمَ الفرزدقُ أن سَيَقْتُلُ مِرْبَعًا أبشرْ بطولِ سلامةٍ يا مِرْبَعُ([63])وكتب([64]) ألفونس السادس ملك قَشْتالةَ إلى يوسُف بن تاشِفين أمير المرابطين في الأندلس يتوعده ويتهدده، فوقع يوسف في كتابه بيت أبي الطيب المتنبي:ولا كُتْبَ إلا اَلمْشَرفِيَّةُ والَقنَا ولا رُسُلٌ إلا الخميسُ الَعْرمْرَمُ([65])3- وقد يكون مثلاً سائرًا. من ذلك ما وقع([66]) به علي بن أبي طالب– رضي الله عنه – إلى طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - : » في بيته يؤتى الحكم)([67]) « .

(9/457)

ومن ذلك أيضًا ما وقَّع به يزيد بن الوليد بن عبدالملك بن مروان إلى مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وقد أُخبر يزيد أنه يتلكأ في مبايعته بالخلافة: » أراك تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، فإذا أتاك كتابي فاعتمد على أيهما شئت « ([68]) .4- وقد يكون التوقيع حكمة، من ذلك ما وقع به السفاح الخليفة العباسي الأول في رقعة قوم شكوا احتباس أرزاقهم: » من صبر في الشدة شارك في النعمة « ([69]) .وكتب إبراهيم بن المهدي إلى الخليفة المأمون يعتذر إليه مما بدر منه من خروجه عليه، ومطالبته بالخلافة، فوقع المأمون في كتابه: » القدرةُ تُذْهِبُ الحفيظة، والندم جزء من التوبة، وبينهما عفو الله « ([70]) .5- وقد يكون التوقيع غير ذلك، رفعت إلى يحيى بن خالد البرمكي رسالة ركيكة العبارة، كتبت بخط جميل فوقع: » الخط جسمٌ روحه البلاغة، ولا خير في جسمٍ لا روحَ فيه « ([71]) .ووقع ابنه جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي لبعض عماله: » قد كَثُرَ شاكوكَ، وقل شاكروك، فإما عَدَلْت، وإما اعتزلت « ([72]) .متى وجدت التوقيعات في الأدب العربي؟:التوقيعات فن أدبي نشأ في حضن الكتابة، وارتبط بها، ولذلك لم يعرف عربُ الجاهلية التوقيعات الأدبية ولم تكن من فنون أدبهم؛ لسبب يسير وهو أن الكتابة لم تكن شائعة بينهم، بل كان الذين يعرفون الكتابة في هذا العصر قلة نادرة، لذلك فإن الأدب الجاهلي يتضمن الفنون الأدبية القائمة على المشافهة والارتجال ، كالشعر، والخطابة، والوصية، والمنافرة، وغيرها من الفنون القولية القائمة على ذلاقة اللسان، والبراعة في الإبانة والإفصاح، وإصابة وجه الحق ومفصل الصواب كالحكم والأمثال.كذلك لم تُعْرَف التوقيعات في عهد الرسول -- صلى الله عليه وسلم -- ؛ لأن الكتابة أيضًا لم تكن شائعة، وقد جاء الإسلام وليس يكتب بالعربية غير سبعة عشر شخصًا([73]) .

(9/458)

ولعل أقدم ما أثر من توقيع في تاريخ الأدب العربي ما كتب به أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – إلى خالد بن الوليد – رضي الله عنه – حينما بعث للصديق خطابًا من دومة الجندل يطلب أمره في أمر العدو، فوقع إليه أبو بكر: » ادن من الموت توهبْ لك الحياة « ([74]) .ثم شاعت التوقيعات في عهد عمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم -، لشيوع الكتابة، وامتد هذا الشيوع بصورة أوسع في عصر بني أمية.ولذلك نلحظ أن التوقيعات فن أدبي نشأ في عصر صدر الإسلام، وليس صحيحًا ما ذهب إليه بعض مؤرخي الأدب العربي من أن التوقيعات فن أدبي عباسي، أخذه العباسيون من الفرس([75]) .

التوقيعات في عصر صدر الإسلام:مرّ بنا أن التوقيعات عرفت في الأدب العربي أول ما عرفت في عهد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، والسبب في ذلك شيوع الكتابة بعد أن أقبل المسلمون على تعلمها، وأصبح الذين يجيدونها يمثلون شريحة كبيرة. يضاف إلى ذلك استخدام الكتابة في تحبير الرسائل، وتبليغ أوامر الخليفة وتوجيهاته إلى الولاة والقواد في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية.ويعد الخليفة الراشد أبو بكر الصديق أول من استعمل التوقيعات في تاريخ الأدب العربي، وفي التاريخ الإسلامي، غير أنّ التوقيعات التي أثرتْ عنه ووصلت إلينا قليلة، لا نستطيع أن نبني عليها حكمًا أدبيًا.واستخدم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – هذا الفن في مكاتباته لرجال الدولة من ولاة وقواد.ومن توقيعاته أن سعد بن أبي وقَّاص – رضي الله عنه – كتب إليه من الكوفة – وكان واليًا عليها – يستأذنه في بناء دار الإمارة، فوقّع في أسفلِ كتابه: » ابن ما يُكِنُّكَ من الهواجِرِ، وأذى المطر)([76]) ، وفي روايةٍ (ابن ما يستر من الشمسِ، ويُكِنُ من المطر « ([77]) .ووقع في كتاب عمرو بن العاص: » كن لرعيتك كما تحبُّ أن يكونَ لك أميرُك « ([78]) .

(9/459)

وأثرت لعثمان بن عفان – رضي الله عنه – بعض التوقيعات، من ذلك أن نفرًا من أهل مصر كتبوا إليه يشكون مروان بن الحكم، وذكروا أنه أمر بوَجءِ([79]) أعناقهم، فوقع في كتابهم: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ} ([80]) .ووقع في قصة رجل شَكَا عَيْلةً([81]) : » قد أمرنا لك بما يُقيمك، وليس في مالِ الله فَضْلٌ للمسرفِ « ([82]) .وما وصل إلينا من توقيعات الخليفة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أكثر مما بلغنا من توقيعات أبي بكر وعمر وعثمان؛ فمن توقيعاته ما وقَّع به إلى طلحة بن عبيد الله([83]) - رضي الله عنه –» في بيته يُؤْتى الحكم « ([84]) .وكتب الحسن أو الحسين إليه في شيءٍ من أمر عثمان - رضي الله عنه – فوقع إليه: » رأي الشيخ خيرٌ من مَشْهدِ الغلام « ([85]) .ووقع في كتاب سلمان الفارسي – وكان سأله كيف يُحاسب الناسُ يوم القيامة –» يحاسبون كما يرزقون « ([86]) .ووقع في كتاب أتاه من الأشتر النخعي([87]) فيه بعض ما يكره » مَنْ لك بأخيك كله([88]) ؟! « .ووقع في كتابٍ لصعصعةَ بن صُوحانَ([89]) يسألُه في شيءٍ: » قيمة كل امرئٍ ما يحسن « ([90]) .وكتب إليه الحُضَيْن بن المنذر([91]) في صفين يذكر أن السيف قد أكثر في ربيعة، وبخاصةٍ في أسرى منهم، فوقع إليه: » بقيةُ السيفِ أنمى عددًا « ([92]) .ونلحظ أن التوقيعات التي أثرت عن الخلفاء الراشدين ووصلت إلينا تمتاز ببلاغة الأداء ووجازة التعبير، وموافقتها للصواب. وقد يكون التوقيع يوقع به الخليفة آية قرآنية، أو مثلاً سائرًا أو حكمة، أو قولاً بليغًا يجري مجرى الحكمة أو المثل.ولكن ينبغي أن نقرر حكمًا وهو أن التوقيعات في عصر صدر الإسلام تعد قليلة جدًا إذا ما قورنت بالتوقيعات في العصور التالية، وربما يعزى السبب إلى أن هذا الفن الأدبي لا يزال آنذاك في بداية نشأته.

التوقيعات في العصر الأموي:

(9/460)

تعد التوقيعات في العصر الأموي امتدادًا طبعيًا لها في عصر صدر الإسلام، بعد أن عرفت واستعملت، وغدت في العصر الذي نتحدث عنه فنًا أدبيًا، حيث اعتاد كل خليفة أموي أن يوقع على الرسائل التي ترد إليه بعد أن يطلع عليها ويعرف مضمونها، ووصلت إلينا نماذج كافية لتوقيعات خلفاء بني أمية ابتداءً من معاوية بن أبي سفيان، وانتهاءً بمروان بن محمد آخر خلفاء الدولة الأموية في المشرق. ولم يقتصر فن التوقيعات على الخلفاء فقط، بل مارسه بعض الأمراء والولاة والقواد،كزياد بن أبيه، والحجاج بن يوسف الثقفي. ولا يتسع المجال لإيراد كل ما نعرفه من توقيعات الأمويين، وحسبي أن أشير إلى نموذج أو أكثر لكل خليفة وصل إلينا شيء من توقيعاته، ولكل أمير أو والٍ أثرت عنه توقيعات..وقع معاوية بن أبي سفيان في كتاب: » نحن الزمان من رفعناه ارتفع، ومن وضعناه اتضع « ([93]) .

وكتب إليه الحسن بن علي – رضي الله عنهما – كتابًا أغلظ له فيه القولَ فوقع إليه: » ليت طولَ حلمنا عنك لا يدعو جهلَ غيرِنا إليك « ([94]) .وكتب إليه ربيعة بن عِسْلٍ اليربوعي([95]) يسأله أن يعينه في بناء داره بالبصرة باثني عشر ألف جذع، فوقع إليه: » أدارك في البصرة أم البصرةُ في دارك؟ « ([96]) .وكتب عبدالله بن جعفر بن أبي طالب([97]) إلى يزيد بن معاوية يستميحه لرجال من خاصته، فوقع إليه: » احكم لهم بآمالهم إلى منتهى آجالهم « ، فحكم عبدالله بن جعفر بتسع مئة ألف، فأجازها يزيد([98]) .وكتب إليه عبدالله بن جعفر يستوهبه جماعة من أهل المدينة، فوقع إليه: » مَنْ عرفتَ فهو آمن « ([99]) .وكتب الحجاج بن يوسف الثقفي إلى عبدالملك بن مروان يخبره بسوء طاعة أهل العراق، وما يقاسي منهم، ويستأذنه في قتل أشرافهم، فوقع له: » إنّ من يُمْنِ السائسِ أن يُتَأَلَّفَ به المختلفون، ومن شؤمِه أن يختلفَ به المؤتلفون « ([100])ووقع في كتاب:

(9/461)

كيف يرجونَ سِقَاطي بعدما شَمِلَ الرأس مَشِيبٌ وصَلَعْ([101]) ؟وقع الوليد بن عبدالملك إلى عمر بن عبدالعزيز: » قد رأب الله بك الداء، وأوذَمَ بكل السِّقَاء « ([102]) .وكتب إليه الحجاج لما بلغه أنه خَرَق فيما خَلَّف له عبدالملك، ينكر ذلك عليه، ويعرِّفه أنه على غير صواب، فوقّع في كتابه، » لأجمعنَّ المال جمعَ مَنْ يعيش أبدًا، ولأفرقَنَّهُ تفريقَ من يموتُ غدا « ([103]) .كتب قتيبة بن مسلم الباهلي إلى سليمان بن عبدالملك يتهدده بالخلع، فوقَّع في كتابه:زَعَمَ الفرزدقُ أن سيقتلُ مِرْبَعًا أبشرْ بطولِ سلامةٍ يا مِرْبَعُ([104])وقع في كتابه أيضًا: » العاقبة للمتقين « ([105]) .ووقع إليه أيضًا جوابَ وعيده: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا }([106]) .كتب والي العراق إلى عمر بن عبدالعزيز يخبره عن سوءِ طاعةِ أهلها فوقَّع إليه: (ارضَ لهم ما ترضى لنفسِك، وخُذْهم بجرائمهم بعد ذلك)([107]) .ووقع في قصة متظلم: » العدلُ أمامَك « ([108]) .وفي رقعة محبوس: » تُبْ تُطْلَقْ « ([109]) .وفي رقعة امرأة حُبِسَ زوجها: » الحقُّ حبسه « ([110]) .وفي رقعة رجل تظلم من ابنه: » إنْ لم أنصفكَ منه فأنا ظلمتكَ « ([111]) .ووقع يزيد بن عبدالملك في قصة متظلم شكا بعضَ أهلِ بيته: :» ما كان عليك لو صفحتَ عنه واستوصلتني « ([112]) .ولهشام بن عبدالملك توقيعات كثيرة منها: أنه وقع في قصة متظلم:» أتاك الغوثُ إن كنت صادقًا، وحَلَّ بكَ النَّكالُ إنْ كُنْتَ كاذبًا، فتقدَّمْ أو تأخر « ([113]) .ووقع في قصة قوم شكوا أميرهم: » إنْ صَحّ ما ادعيتمْ عليه عزلناه وعاقبناه « ([114]) .

وقع يزيد بن الوليد بن عبدالملك بن مروان إلى والي خراسان([115]) في المُسَوِّدَة([116]) : نجم أمرٌ أنت عنه نائم، وما أراكَ منه أو مني بسالم « ([117]) .

(9/462)

ولمروان بن محمد آخرِ خلفاء الدولة الأموية توقيعات مأثورة([118]) .ولزياد بن أبيه والحجاج بن يوسف الثقفي توقيعات عدة([119]) ،فمن توقيعات زياد أن عائشة – رضي الله عنها – كتبت إليه في وُصَاةٍ برجل، فوقع في كتابها: » هو بين أبويه « ([120]) . ووقع في قصة سارق: » القطع جزاؤك « ([121]) .ومن توقيعات الحجاج ما وقع به في قصة محبوس ذكروا أنه تاب: (ما على المحسن من سبيل)([122]) .

ازدهار التوقيعات في العصر العباسي:والحقّ أن التوقيعات الأدبية لم يكتب لها حظّ من الذيوع والانتشار إلا في العصر العباسيّ، وذلك حينما ازدهرت الكتابة الفنية، وتعددت أغراضها، وحلت محل الخطابة في كثير من شؤون الدولة وقضاياها، وأصبح الكاتب البليغ مطلبًا من مطالب الدولة تحرصُ عليه وتبحث عنه ، لتسند إليه عمل تحرير المكاتبات، وتحبير الرسائل في دواوينها التي تعدّدت نتيجة لاستبحارها، واتساع نطاقها، وكثرة ما يجبى من الخراج من الولايات الإسلامية الكثيرة المتباعدة، وأصبح لا يحظى بالوزارة إلا ذوو الأقلام السيالة من الكتاب والبلغاء المترسلين كالبرامكة، والفضل بن الربيع، والفضل والحسن ابني سهل،وغيرهم من الكتاب الذين جمعوا بين الوزارة والكتابة الأدبية البليغة. وقد ألم بكثير من أخبارهم وآثارهم كتاب الوزراء والكتاب لأبي عبدالله محمد ابن عبدوس الجهشياري المتوفى سنة 331هـ، وكتاب تحفة الوزراء المنسوب لأبي منصور عبدالملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي المتوفى سنة 429هـ.بل إن الخلفاء العباسيين في العصر العباسي الأول (132 – 232هـ) كانوا يطّلعون على ما يرد إليهم من كتب ورسائل فيوقعون عليها، وصدرت عنهم توقيعات بليغة وصل إلينا منها قدر لا بأس به([123]) .

(9/463)

وفي العصر العباسي الثاني (232 – 334هـ ) والثالث (334 – 447هـ) شاعت التوقيعات على أقلام عدد من الكتاب والوزراء المشهورين من ذلك ما ذكره الثعالبي([124]) أن الصاحب بن عباد (326 – 385هـ) رفع إليه بعضهم رقعة يذكر أن بعض أعدائه يدخل داره فيسترق السمع، فوقع فيها: » دارنا هذه خان، يدخلها مَنْ وفى ومن خان « . وكتب إليه إنسان رقعة أغار فيها على رسائله، وسرق جملة من ألفاظه، فوقع فيها: » هذه بضاعتنا ردت إلينا ([125]) « . ووقع في رقعة استحسنها {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ} ([126]) .

شخصية كاتب التوقيعات:في هذه البيئة الفنية الخصبة ازدهرت التوقيعات([127]) ، وأنشئ لها ديوان خاص سمي بديوان التوقيعات، وأسند العملُ فيه إلى بلغاء الأدباء والكتاب ممن استطارت شهرتهم في الآفاق، وعرفوا ببلاغة القول، وشدة العارضة، وحسن التأتي للأمور، والمعرفة بمقاصد الأحكام وتوجيه القضايا. يقول ابن خلدون (732 – 808هـ) في ذلك:» واعلم أن صاحب هذه الخطة لابد أن يتخير من أرفع طبقات الناس، وأهل المروءة والحشمة منهم، وزيادة العلم وعارضة البلاغة، فإنه معرض للنظر في أصول العلم لما يعرضُ في مجالس الملوك، ومقاصد أحكامهم، مع ما تدعو إليه عِشْرة الملوك من القيام على الآداب، والتخلق بالفضائل مع ما يضطر إليه في الترسيل، وتطبيق مقاصد الكلام من البلاغة وأسرارها « ([128]) .وكان للتوقيعات البليغة الموجزة رواج عند ناشئة الكتاب وطلاب الأدب، فأقبلوا عليها ينقلونها ويتبادلونها ويحفظونها، وينسجون على منوالها.يقول ابن خلدون:» كان جعفر بن يحيى البرمكي يوقع القصص بين يدي الرشيد، ويرمي بالقصة إلى صاحبها، فكانت توقيعاته يتنافس البلغاء في تحصيلها؛ للوقوف فيها على أساليب البلاغة وفنونها؛ حتى قيل: إنها كانت تباع كُلُّ قصة منها بدينار« ([129])

(9/464)

وكان يقول لكُتّابه([130]) : » إن استطعتم أن يكون كلامكم كله مثل التوقيع فافعلوا « .وسبق أن بيّن لنا ابن خلدون في الحديث عن المعنى الاصطلاحي للتوقيع الكيفية التي تنم فيها التوقيعات في مجلس الخليفة أو السلطان.وكما برع العباسيون في فن التوقيعات كذلك برع فيها الأندلسيون([131]) ، ولا سيما بعد استقرار دولتهم، وأخذهم بأسباب المدنية والحضارة.والتوقيعات عند الأندلسيين في حاجة إلى بحث مستقل، فعسى أن أوفق إلى ذلك.

مقاييس التوقيع الأدبي:ليس كل توقيع يصلح أن يكون توقيعًا أدبيًا، وإنما يشترط في التوقيع لكي يكون كذلك الشروط التالية:1- الإيجاز، وهو أن تكون ألفاظه قليلة معدودة ذات معانٍ غزيرة.وقد بالغ بعض الكتاب والأدباء في وجازة التوقيع؛ حتى إن بعضهم اقتصر في بعض توقيعاته على حرف، أو نقطة. ذُكرَ أن الصاحب بن عباد الوزير الأديب المؤلف وقّع في رقعة بألف، وفي أخرى بنقطة، وذلك أنه التمس منه بعض السائلين شيئًا من مال، ثم كتب في آخر رقعته » فإن رأى مولانا أن يَفْعَلَ ذلك فَعَل « ، فوقع الصاحبُ قبل (فَعَل) ألفًا، فصار (أفعلُ). وأما النقطة فإنه وضعها في رقعة على لفظة (يفعل)، فنقط الياء من فوقها فصارت نونًا([132]) .ولا شك أن ما فعله الصاحب يعد من التوقيعات المستظرفة المستملحة، وإن كان يبدو توقيعه متكلفًا لا بلاغة فيه.1 - البلاغة، وهو أن يكون التوقيع مناسبًا للحالة، أو القضية التي قيل فيها.2 - الإقناع: وذلك أن يتضمن التوقيع من وضوح الحجة وسلامتها ما يحمل الخصم على التسليم، ومن قوة المنطق وبراعته ما يقطع على صاحب الطلب عودة المراجعة.ومن التوقيعات التي توافرت فيها الشروط الثلاثة ما وقع به عمر بن عبدالعزيز الخليفة الأموي لعامله بحمص في الشام حينما كتب إليه أن مدينته تحتاج إلى بناء حصن لحمايتها من الأعداء: » حصنها بالعدل. والسلام « ([133]).

(9/465)

وكذلك ما وقع به أبو جعفر المنصور حين كتب إليه عامله بمصر يذكر نقصان النيل » طهر عسكرك من الفساد، يعطك النيل القياد « ([134]) .ومن التوقيعات المستحسنة ما كتبه يحيى بن خالد البرمكي في الاستبطاء والاقتضاء: » في شكر ما تقدم من إحسانك شاغلٌ عن استبطاءِ ما تأخر منه « ([135]) .

أثر التوقيعات في السياسة والأد�