تفسير تباركالدرس الثالث

.السالم عليكم ورحمة الله وبركاته صلى الله وسلم وبارك العالمين، وبالحمد لله ر

:وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدعلى نبينا محمد، شهر اللهالعشرون من الليلة هي ليلة السابع و

للعام التاسع والثالثين بعد المائة الرابعةالمحرم الصالةة على صاحبها أتمبويواأللف للهجرة الن

سليم.والتوعندنا اليوم سورة "القلم". أوال@ أسماؤها:

ورة الكريمة بـسورة "القلم".- تسمى هذه السوتسمى سورة "نون".- وتسمى سورة "نون والقلم"، فبعض المفسرين-

ا لها عن سورة يقول: تذكر "نون والقلم" تميز@"العلق"؛ ألن من أسماء سورة العلق "القلم".

ورة الكريمة آياتها: اثنتان وخمسون آية. هذه السونوع نزولها:

.ة ها مكي قيل إن:ة إلى قوله تعالى ها مكي وقال بعضهم: إن

﴿ .﴾سنسمه على الخرطوم.ة ها مدني وقال آخرون: إن

-1-

ة، وقد نزل كثير من آياتها ها مكي ولعل الصحيح أنفسير- في الوليد بن -كما يقول بعض أهل الت

المغيرة.ورة: فضائل الس

ه ال جاء في ذلك أحاديث، لكن ينبغي أن نعلم أن يلزم أن يرد حديث في فضل كل سورة، فتارة يرد

حديث في فضل آية كما ورد في فضل آية الكرسي، وتارة يرد حديث في فضل آيتين كما ورد في حديث

اآليتان من آخر سورة البقرة، من قرأهما في ليلة» ، وتارة يرد حديث في فضل آيات، كقراءة1«كفتاه

العشر اآليات األخيرة من سورة "الكهف" وتارة يرد حديث في فضل سورة واحدة، كحديث قراءة سورة

"الكهف" يوم الجمعة، وتارة يرد حديث في فضلهراوين»سورتين اثنتين وهما "البقرة2«اقرؤوا الز

وآل عمران"، وتارة تأتي أحاديث في مجموعة منالسور.

الشاهد: سورة القلم ورد فيها -فيما وقفت عليه حسب البحث القاصر- حديثان مكذوبان، وطالب العلم

يعرف الحديث الصحيح ليعمل به ويعلمه لآلخرين،ويعرف الحديث الباطل المكذوب ليحذره ويحذر منه.ورة حديثان -وقد يكون أكثر لكني ورد في هذه الس

وقفت على حديثين: "من قرأ سورة القلم أعطي أجر الذيناألول:

ك لعلى خلقحسنت أخالقهم" ولعل هذا من قوله ﴿وإن .[4]القلم: ﴾عظيم

(.4008صحيح البخاري ) 1(.804صحيح مسلم ) 2

-2-

"من قرأ سورة القلم نور الله قلبهوالثاني:ض وجهه وأعطاه كتابه بيمينه، وأجرى عليه وقبره وبي

@ا". والحديثان بكل آية يقرأها أجر من مات مبطونمكذوبان ال يصحان.

نبيه على ما يلي: وأيض@ا هنا أحب التقنية ووسائل االتصال يقول لك مع وسائل الت

@ا ال تعرف ل الرسالة بها، ويضع حديث "انشر تؤجر"، يزي صحته، فيقوم هذا المرسل إليه فينشر، فأنا أقول هنا "انشر تؤزر"، فعلك هذا وزر وليس أجر، فال تنشر إال

بي -عليه الصالة والسالم- وإذا @ا عن الن ما كان ثابتن ضعفه ونكارته. ا فبي نشرت ما كان ضعيف@ا منكر@ورة الكريمة بدأها الله تعالى بقوله: ﴾نهذه الس ﴿

ا بأن قال بعضهم: المراد بالنون الحوت، وذكروا أخبار@ األرض على ظهر حوت، وأن هذا الحوت اضطرب؛

ت الله األرض بالجبال. فكل هذه وما شاكلها أخبار فثبة ال زمام لها وال خطام. إسرائيلي

من الحروف المقطعة كما في﴾ن﴿والصواب: أن ﴾صقوله تعالى: ﴾ق، [1: ص]﴿ ﴾طس، [1]ق: ﴿ ،[1]النمل: ﴿

﴾الم وهكذا. [1]البقرة: ﴿ ﴾والقلم ، القلم: هو ما يكتب به. وقال[1]القلم: ﴿

بعضهم: المراد هو القلم الذي كتب به القضاء عند الله تعالى، أي الذي تكتب به المالئكة، وهي مجموعة أقالم

.3»سمعت صرير األقالم«كما في األحاديث وقال بعضهم: هو القلم الذي يكتب به. كما مع األخ

هذا القلم.3

-3-

ه يحتمل األمرين. والصواب: أن والقلم الذي يكتب به له شأن عظيم اآلن؛ ألن

د العلم، وتضبط الوصايا، هادات، ويقي ق الش بالقلم توثاريخ، وإذا كان ذلك كذلك، فإن األقالم في ويدون الت

الجملة على قسمين: أقالم مشكورة يكتب أصحابها بها الخير-

والعلم.ر دعوة@- وأقالم مسمومة يكتب أصحابها بها الش

إليه ودفاع@ا عنه.فسير عند ة ذكرها بعض أهل الت هنا مسألة عقدي

،إن أول ما خلق الله القلم»هذه اآلية، وهي حديث فقال له: اكتب، قال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب

، هل هذا القلم4«مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة هو أول المخلوقات التي خلقها الله أم هناك ما خلق

قبله؟ة هذه وني ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الن

ة، فقال: وني المسألة ونظمها كسائر نظمه في الناس مختلفون فيو الن

القلم الذي تب القضاء به منك

الديان هل كان قبل العرش أوهبعدهو

قوالن عند أبي العالالهمداني العرش قبلوالحق أن

ألنه الكتابة كان ذاوقت

أركانهنا يرجح ابن القيم فيقول:

العرش قبلوالحق أنألنه

الكتابة كان ذاوقتأركان

(.2018صحيح الجامع لأللباني ) 4

-4-

كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على ، يعني عندما»أول ما خلق الله القلم«الماء، وحديث

خلق الله القلم، كان أول ما قال له: "اكتب"، وال يفهمة قبل كل المخلوقات، فالعرش ها األولي من الحديث أن

قبله، وعندما خلق الله القلم كان أول ما أمر به أنيكتب.

قال تعالى: ﴾ن والقلم [1]القلم: ﴿ . أقسم الله بالقلم لعظيم شأن القلم، وسبق أن تقدم الكالم -فيما أذكر-

أن الخالق يقسم بما شاء من مخلوقاته، وأما المخلوق- ففي القرآن الكريم فال يقسم إال بخالقه -عز وجل

مس وضحاها ﴾والش ﴾والقمر، [1]الشمس: ﴿ .[2]الشمس: ﴿﴿وهنا بي -عليه الصالة والسالم- يقول:﴾والقلم والن

ه أو ليصمت» فما نسمع5«من كان حالف@ا، فليحلف باللبي، والحياة، اس، مثل: "والن اآلن على ألسنة بعض الن

وحياة أمي، والراية، ورأسي"، كل هذا القسم ال يجوز،ن ومن حلف بها يتلطف في تعليمه أن هذا ال يجوز ويبي

رعي في أن الحلف ال يكون إال بالله. له الدليل الش إذن، أقسم الله بالقلم لعظيم شأنه، واألقالم التية قني نكتب بها اآلن سواء كتابة مباشرة أو بأجهزة الت

تقوم مقام القلم، وشأنها عظيم، وهي باب عظيم إلى الخيرات والحسنات، أو باب عظيم وخطير إلىيئات والموبقات، فاألقالم إما مسمومة أو الس

مشكورة. ألن الغالب في الكتابة﴾وما يسطرون﴿ قال تعالى:

تكون في أسطر. يقال: سطر الكاتب رقعته أي: كتبها.والغالب أن الكتابة تكون من أسطر.

(.2679صحيح البخاري ) 5

-5-

كما أنت يا محمد صلى الله عليه وسلم ﴿بنعمة ربل عليه الذكرم قالوا له: ألنه﴾بمجنون ذي نز ها ال ﴿يا أي

ك لمجنون فما أنت بنعمة ربك بمجنون بل،[6: حجر]ال﴾إنهو -عليه الصالة والسالم- في أشرف المنازل.

ذكر بعض أهل العلم من علماء الشافعية -عليهم أشرف الوظائف في الدنيا:رحمة الله- فقال: "

ها: المسألة لغير حاجة" .الرسالة، وأذلك﴿ أي: بالرسالة والهداية وأنك﴾ما أنت بنعمة رب

أفضل األنبياء، وأن دعوتك أفضل الدعوات، فأنت في منزلة رفيعة وعالية، والمجنون من انتقصك، والمجنون

همك. وسيأتي ضمن من حاربك، والمجنون من اتهام. همونه وهم أولى باالت د أن القوم يت اآليات ما يؤك

ا غير ممنون﴿ قال تعالى: ، أي: كثير﴾وإن لك ألجر@اس في الدنيا إذا قالوا: فالن أعطى غير مقطوع، والن

ا، فهذه صفة مدح، لكن "كثير" بني آدم له حد كثير@ل ته، وقد يقل ينتهي إليه، وقد يرجع بني آدم في عطي

﴿ما عندكم فال ينفد هذا الكثير، أما ما عند الله تعالىه باق .[96]النحل: ﴾ينفد وما عند الل

﴿ قال تعالى: ك لعلى خلق عظيم هنا من الذي﴾،وإنبي؟ الله تعالى. ذكرت هذا لكلمة قرأتها عند مدح الن

افعية -عليهم رحمة الله- هذه اآلية لبعض أئمة الشيء يدل على توغله فييقول: "تعظيم العظماء للش

.العظمة، فكيف إذا كان المعظم أعظم عظيم!": دعوني اضرب لكم -ولمن يسمع ويشاهد- مثاال@

لو جاءنا رجالن في هذا المكان، أحدهما: ثري غني،@ا جميال@ واآلخر: فقير، فقال الثري الغني: رأيت بيت

-6-

@ا فارها فاره@ا في الجهة الغربية. وقال الفقير: رأيت بيت في الجهة الشرقية. لو قيل لنا: أيهما أحسن في

البيتين؟ البيت الذي رآه الغني أو رآه الفقير؟ ماذا سنقول؟ نقول: البيت الذي رآه الغني قطع@ا؛ ألن

حف واألشياء الغني عنده بيت فاره وبيت فيه من الت الكثيرة، فمدح الغني يدل على أن البيت الذي رآه فاق

ما عنده. أما الفقير فيكتفي بأردأ األشياء، فهنا الذي عظم

بي -عليه الصالة والسالم- هو الله -عز ومدح خلق الن. وجل

﴿ قال تعالى: ك لعلى خلق عظيم وهو -عليه﴾وإن السالم- حقيق بهذا الوصف ويكفي أن الله تعالى

ه شهيد@امدحه، ﴾وكفى بالل ، ولهذا أمنا عائشة[28]الفتح: ﴿بي -رضي الله تعالى عنها- لما سئلت عن خلق الن

صلى الله عليه وسلم أجابت بجملة تدل على ذكائها ،6«»كان خلقه القرآنوعلى فقهها وفطنتها، قالت:

اتها معان كثيرة. يأتمر كلمة موجزة تحمل في طيبأمره، وينتهي عند نهيه، ويتأدب بأدبه، إلى غير ذلك.ة حسنة ا بخل وهنا نستفيد قاعدة: إذا مدح الله نبي

حميدة فهي في جميع األنبياء -عليهم الصالة والسالم- كل األنبياء على خلق عظيم بدون استثناء، ولما جاء الحديث في أن إبراهيم -عليه السالم- أكرم أضيافه،

فكل األنبياء أهل كرم وأهل جود، ولما جاء الحديث أن إبراهيم -عليه السالم- نصح والده ووعظه ودعاه، فكل األنبياء دعوا آبائهم إذا كانوا على غير دينهم، وإن كان

(.4811صحيح الجامع لأللباني ) 6

-7-

@ا دعوا من يقوم مقامهم من األعمام آباؤهم أمواتوغيرهم.

اس إلى الخير ال ينبغي ونستفيد هنا: أن من يدع النهم به من الصفات،أنت سفيه، وأنت أن يبالي بما يت كذا وكذا، فقد قيل للرسول صلى الله عليه وسلم

شاعر، وقالوا كاهن، قالوا مجنون. نة اس للخير أن يكون على بي وشريطة من يدعو الن

اس يدعو على من أمره وعلى بصيرة؛ ألن بعض الن غير بصيرة وعلى جهالة، فإذا أؤذي قال: أنا أحتسب،ك لم تدع على يقال له: أنت اآلن أثمت بدعوتك؛ ألن

اس لك إذا كانت نة، تؤجر على ابتالء الن بصيرة وعلى بينة وعلى بصيرة. دعوتك على بي

اس اس ومن ينصبه الن وأيض@ا على صاحب دعوة الن معلم@ا لهم أن يتخلق باألخالق الفاضلة، ودرجة األخالق

المؤمنإن»عظيمة، قال -عليه الصالة والسالم: ،7«ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل، وصائم النهار

ما األعمال كالوعاء،»وقال -عليه الصالة والسالم: إن إذا طاب أسفله، طاب أعاله، وإذا فسد أسفله، فسد

وإن الخلق السيء يفسد العمل كما » وقال:،8«أعاله.9«يفسد الخل العسل

@ا أكثر اس أحيان ر في الن إذن األخالق دعوة صامتة تؤثاطقة، فاألخالق تأسر من يجالس من الدعوة الن

بة عبادة يتقرب بها إلى صاحبها، واألخالق الفاضلة الطيالله تعالى.

(.5011صححه األلباني في تخريج مشكاة المصابيح ) 7( وصححه األلباني في صحيح ابن ماجه.3404سنن ابن ماجه ) 8(، وضعفه األلباني.6/2736شعب اإليمان للبيهقي ) 9

-8-

ستعلم يا محمد﴾فستبصر ويبصرون﴿ قال تعالى:هموك بالجنون صلى الله عليه وسلم وسيعلم الذين ات

تيجة يراها الطرفان -أنت وانتقصوك، وستكون النوهم.

يكم المفتون﴿ قال تعالى: هل أنت مفتون بما﴾بأي تقول ومجنون؟ أو هم باعتراضهم عليك مجانين

ومحاربين ومعاندين للحق؟اس د على ما سبق: أن من دعا الن وهنا أيض@ا نؤك

للخير على بصيرة، فعليه أن يعلم أن ما يأتيه من البالء أمر قد سبق إليه أنبياء الله ورسله، فيحتسب ويصبر،

بل إن البالء له سواء كان قوال@ أو فعال@ إن كان علىه على حق. نة، وهو تأكيد لحقيقة دعوته وأن بي

ك هو أعلم بمن ضل عن سبيله﴿ قال تعالى: إن رباس﴾وهو أعلم بالمهتدين الله تعالى يعلم حال الن

جميع@ا، ويعطي من يشاء بفضله ويمنع من يشاء بعدله،ن المحجة قى وأقام الحجة وبي *﴿فأما من أعطى وات

ره لليسرى * وصدق بالحسنى وأما من بخل* فسنيسره للعسرى* وكذب بالحسنى * واستغنى ﴾فسنيس

ا، [10 -5 ]الليل: ا وإما كفور@ بيل إما شاكر@ ا هديناه الس ﴾إن ﴿ ﴾ومن أراد اآلخرة وسعى لها سعيها، [3]اإلنسان: ]اإلسراء: ﴿

إلى آخره.[19 الشاهد: أن الدالئل واضحة على طريق الخير

ليسلكه من أراد الخير، والتحذيرات واضحة على طرقر ليحذرها من أراد الخير. الش

، المكذب ال خير﴾ا تطع المكذبين﴿فل قال تعالى: فيه ولن يأتيك بخير، واآلية دليل على قبح خصلة

اس بالبعد عن خصلة الكذب لفظ@ا أو الكذب. وأولى الن-9-

اس إلى الخير، ال سماع@ا هو طالب العلم الذي يدعو الن تسمع المكذبين إال لتنصحهم عن كذبهم، فال تأخذ

آرائهم، فالكاذب لن ينفعك؛ بل سيضرك، سيقول لك خالف ما في نفسه، وسيكذب في مقولته لك، ولهذا

فال تطع المكذبين.وإذا كان هذا الخطاب من الله تعالى إلى الرسول - عليه الصالة والسالم- فطالب العلم عليه أن يحذر وأن

ال يصغي بسمعه إلى المكذبين، فكالمهم لغو وباطل، ﴿وإذاوأنت مأمور عند اللغو أن تعرض، لقوله تعالى:

غو أعرضوا عنه إال من كان عنده[55]القصص: ﴾سمعوا اللن لهم هذا قدرة أن يقيم الحجة بعلم وبصيرة، فيبي

الكالم الباطل، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن ردوافالحمد لله على كل حال، واألجر له والوزر عليهم.

المداهنة:﴾لو تدهن﴿ يتمنون﴾ودوا﴿ قال تعالى:اللين.

. قيل في معناها:﴾لو تدهن فيدهنون﴿ قال تعالى:لو تلين عن دينك فيلينون عن عداءهم له.- وقيل: لو تعرض عن دينك فيعرضون عن-

إيذاءهم لك.وقال بعضهم: تعبد آلهتهم ويعبدون آلهتك.-

ومتى ما الن صاحب الحق عن حقه طمع فيهر مع تغير نة ال يتأث وحيد والس عدوه، لهذا صاحب الت

نة على بصيرة ال يتغير وحيد والس األحوال، فصاحب التنة وال على بصيرة من أبد@ا، لكن من لم يكن على بي دعوته فهو كالمناخ يتقلب، تارة قر، تارة بارد، تارة

حار، تارة متقلب، فهو متلون.-10-

قال بعضهم في مباحث الفروق في اللغة: المداهنة مذمومة والمداراة محمودة. والمداهنة أن تجعل دينكة إلى ة@ إلى دنياك، والمدارة أن تجعل دنياك مطي مطي دينك. يعني: بعضهم يتنازل عن أمور دينه حتى يترك الفرائض، يترك معتقد@ا حتى يحصل دنياه. وبعضهم

ة في سبيل هداية يقول: أنا أترك بعض المصالح الدنيوياس بتوفيق الله لي للخير، وفي سبيل إزالة هذه الن

الشبهة، وفي سبيل إقناع هذا المتكلم.ف وال تطع﴿ قال تعالى: أيض@ا هذا أولى، ﴾كل حال

اس للخير، والحظ صيغة اس به من يدعو الن النف"، أي كثير الحلف. المبالغة "حال

ف مهين﴿ قال تعالى: اس له﴾حال ألن احتقار الن لمهانته، يحاول يرقع نقصه وفقره العلمي والعقدي

بالحلف، يقول: والله، والله، وهلم جرا. "من كثرولهذا قال بعض السلف -رحمهم الله:

ت هيبة الله في قلبه" .حلفه بالله قل@ا يحلف باستمرار، ومن كثرة الحلف بالله وقد وغالب@ا، وقد يتعود الحلف حتى في أمور يضطر للكذب أحيان الكذب، فيكون طبعه الحلف الكاذب، وهذا محذر منه

شرع@ا.﴿ قال تعالى: اء بنميم ، كلها صفات قبح﴾هماز مش

، وصفات مبالغة. ، أي: كثير الهمز.﴾هماز﴿وذممزةجاء في سورة الهمزة: ﴾ويل لكل همزة ل ﴿

، ما الفرق بين الهمز واللمز؟[1]الهمزة: @ى واحد.- قال بعضهم: الهمز واللمز بمعن

-11-

وقيل: الهمز ذكر الشخص في حضوره،-واللمز ذكره في غيابه.

وقال آخرون: الهمز بالقول، واللمز بالفعل.- وبكل حال كالهما مذمومان، وهنا نستفيد أن الغيبةة، فبعضهم يقصد أن الغيبة قولية، بل قد قد تكون فعلي

تكون الغيبة فعلية، ومثال ذلك: يذكر صهيب أحداس، فأقوم أنا أقول بيدي هكذا، أو أتبسم عند الن

ذكره، بقصد إشعار الحاضرين والناظرين إلى لمز هذاالرجل.

ة من الخطورة بمكان وتخفى على فالغيبة الفعلياس، والدعاء قد يكون غيبة، أي أن الدعاء كثير من الن

للشخص قد يتضمن في ثناياه غيبة. كيف ذلك؟ اس، فقال أحد : إذا ذكر شخص من الن مثال@

الحاضرين: دعوه، عفا الله عنا وعنه، دعوه الله يستر علينا وعليه. فهذه الكلمة تشعر الحاضرين، بل يجزم

@ا الحاضرون بأنها قدح، وأن في ذلك الشخص خلال@ وعيبا. أعتقد وضوح الكالم. وقدح@

إذن، الهمز واللمز يكون بالقول والفعل في حضورمة وال تجوز. أو غياب، وكلها محر

﴿ قال تعالى: اء بنميم اء بالنميمة،﴾هماز مش مش فوصف حاله بأنه يمشي بالنميمة، من باب أولى في

قعوده وجلوسه وإضجاعه، يعني كثير النميمة، فيمشياس، يحدث هذا وهذا، فكلما حدث أحد@ا بها بين الن

سع دائرة النيمية، فيعظم إثم صاحبها األول. تت والنميمة -كما نعلم- من كبائر الذنوب، وجاءت

أحاديث في تحريمها وذمها، وفي قبح صاحبها، ومن-12-

ات«ذلك حديث: ة قت ، قيل: المراد به:10»ال يدخل الجنالنمام.

اع ل﴿ قال تعالى: من يمنع خيره﴾لخير معتد أثيم القولي، وخيره الفعلي، وخيره المادي، ال ينفع بلسانه،

وال ينفع بجوارحه، وال ينفع بماله، وهذا شر كله.لخير معتد قال تعالى: اع ل ﴾من ظالم يتعدى على﴿

غيره.﴿ قال تعالى: يفعل اآلثام من األقوال واألفعال،﴾أثيم

ف﴿ كلها صفات قبح، فالحظ قوله: ﴾هماز﴿ ﴾﴿مهين ﴾حال اء بنميم لخير، ﴾﴿مش اع ل ،﴾﴿من فال﴿ وأولها: ،﴾﴿معتد أثيم

، كلها صفات ذم وقبح، وينبغي لطالب﴾تطع المكذبيناس اس بالبعد عنها، وبتعليم الن العلم أن يكون أولى الن

لها.﴿ قال تعالى: ، العتل: المتكبر﴾عتل بعد ذلك زنيم

الجواظ المستكبر، وقد جاء في الحديث عند البيهقي إن الله يبغض كل جعظري جواظ سخاب»وغيره:

هار عالم بأمر الدنيا يل حمار بالن باألسواق جيفة بالل.11«جاهل بأمر اآلخرة

عتل: يعني متكبر، والكبر يعمي ويصم، والعتل هواس بالدونية، فيرى أنه المتكبر الذي ينظر إلى الن

أحسن منهم، وأرفع منهم، وهذا من أعظم أسبابالصدود عن سبيل الخير.

﴿ قال تعالى: ، الزنيم: يعني أن﴾عتل بعد ذلك زنيم فيه عالمة، فما يعلق في عنق الشاة أو في أذنها، ما يعلق في العنق يسمى "زلمة"، وما يعلق في األذن

(.6056صحيح البخاري ) 10(.1878(، وذكره األلباني في صحيح الجامع )72صحيح ابن حبان ) 11

-13-

يسمى "زنمة"، لكن قد تكون الكلمة واحدة وتستعملاس يستعمل كلمة "زلمة" في معان كثيرة، فبعض الن

بمعنى "رجل"، وكما يقال في لغة العرب: الكلمة@ا تكون الكلمة بحسب العرف وما واسعة. وأحيان

@ا ا أو أدب اس عليه، إذا لم تخالف نصا شرعي تعارف النا. شرعي

وقيل أن هذا الرجل كان فيه عالمة على أنفه كما﴿سيأتي في قوله: .﴾سنسمه على الخرطوم

هذا المعاند﴾أن كان ذا مال وبنين﴿ قال تعالى: للخير، من أسباب عناده أنه صاحب أموال، وصاحب

أوالد. ودائم@ا هذه األمور تكون استدراج@ا من الله لهؤالء، فيغترون بأموالهم وأوالدهم، ويزدادون عداء@

﴾وبنين شهود@ا * ومهدت له تمهيد@اللخير، ولهذا قال: ﴿ أي أعطاه الله البنين، ومهد له سبل، [14، 13]المدثر:

الرزق، فاستقوى بهذا على الخير، وما علم أن هذااستدراج.

إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير﴿ قال تعالى:اس إذا يسمع اآليات ال يؤمن بها،﴾األولين ، بعض الن

فيسكت وال يردها، وال يسخر منها، وال يعارضها، قد يتأمل فيها في نفسه، أو الحق@ا، لكن هذا المعارض بلغ

ر مبلغ@ا، فقال: ﴾أساطير األولينمن الش ، أي: أخبار﴿ األولين، وما يقصون من أخبار األوائل، فهو عناد وكبر بكل ما تعنيه كلمة عناد وكبر، وهو يعلم أن هذا حق، ويعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حق، وكما

﴾يعرفونه كما يعرفون أبناءهمقال الله: ، ما[146]البقرة: ﴿ قال جيرانهم، فـ "أبناءهم" أبلغ وأقوى، أي معرفة

ة، ولكن ة قطعي ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهميقيني

-14-

، ولهذا في اآلية األخرى لما[14]النمل: ﴾ظلم@ا وعلوا ﴿قال لقدخاطب موسى -عليه السالم- فرعون:

ماوات واألرض علمت ما أنزل هؤالء إال رب الس.[102]اإلسراء: ﴾بصائر

﴿ قال تعالى: :سنسمه، ﴾سنسمه على الخرطوم ﴿سيماهم في وجوههم من أثرنجعل له عالمة، يقال:

جود ، أي: عالمتهم. وفي سورة الرحمن:[29]الفتح: ﴾الس﴾يعرف المجرمون بسيماهم أي:،[41]الرحمن: ﴿

﴿بخمسة آالف منبعالماتهم. وفي سورة آل عمران: مين.،[125]آل عمران: ﴾المالئكة مسومين أي: معل

: يعني نجعل له عالمة. على أي شيء؟سنسمه ﴾على الخرطوم ما المراد بالخرطوم؟﴿

من لطائف في ما يذكره الشيخ الشنقيطي -رحمها في الله تعالى- لما كان في رحلة الحج، قال: لما كن

الطريق للحج، قابلنا رجال@ من دولة السودان، وهي "الخرطوم"، قلنا: ماذا تريد؟ قال: ذكرها الله تعالى

﴿في كتابه الكريم: !﴾على الخرطوم وهذا فهم خاطئ، الخرطوم هنا المراد به األنف، وهو أبرز عالمة في الوجه، فإذا ختم الوجه أو جاءت عالمة فيه تكون أبرز من غيرها، مثال@ عالمة في اليد

قد تخفى، في القدم قد تخفى، لكن الوجه منالمواجهة، فيراه كل أحد.

وهنا فائدة جغرافية عن كلمة الخرطوم، عاصمة@ا- يقولون: أن السودان -حفظها الله حكومة وشعب

سبب تسميتها بالخرطوم -في ما أذكر- أن فيها نيلين - النيل األبيض، والنيل األزرق- يسيران، ويكون النيالن

في إنحناء وميالن في جريانهما، واألرض الواقعة بينهما-15-

تشبه خرطوم الفيل، فسميت الخرطوم بهذا االسم. وقال بعض الرحالة المتقدمين: إن سبب تسميتها

بات، وهذا بالخرطوم لنبات القرطم، كانت كثيفة النبات يصدر إلى مصر وغيرها، ويستخرج منه زيت الناإلنارة، فالقرطم مع التقادم قيل عنه "الخرطوم".

﴿ قال تعالى: ة إذ ا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجن إن هؤالء الكفار الذين﴾أقسموا ليصرمنها مصبحين

عاندوك قد أعطيناهم من نعيم الدنيا الشيء الكثير.ة ههم في اآلية بأصحاب الجن البستان- الذين–وشب

عيم والخضرة، وفيه من @ا فيه من الن آتاهم الله بستانمار الشيء الوفير، فهؤالء يا محمد الذين عاندوك الث

ة بجنتهم. اغتروا بدنياهم، كما اغتر أصحاب الجنة؛ ة هنا: البستان، وسمي البستان بالجن والمراد بالجنه، ولهذا سمي ألن أشجاره تستر ما في داخله وتجن الجنين بالجنين؛ ألنه مستجن في بطن أمه، وسمي

هالجن بالجن؛ الختفائهم عن أعيوننا، فقال تعالى: ﴿إن ، يعني[27]األعراف: ﴾يراكم هو وقبيله من حيث ال ترونهم

مثل إخواننا المخرجين اآلن، يروننا لكن ما نراهم، لكنليسوا جن، هم طبع@ا إنس.

ة إذ قال تعالى: ا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجن ﴿إن، أقسموا أي: حلفوا.﴾أقسموا ليصرمنها

هؤالء أناس عندهم بستان، ال يريدون للفقراء حظا من هذا البستان، فأقسموا أن يخرجوا مصبحين -الحظ

سوء العمل وسوء القول- فأقسموا على عمل ونية﴾ليصرمنهافاسدة وسيئة، أي: يقطعون ثمارها﴿

﴾مصبحينويجذونها. أي: في الصباح مبكرين؛ حتى ال﴿يراهم الفقراء، فهم ال يأتون إال وسط النهار.

-16-

ما قالوا: إن شاء، يعني﴾ا يستثنونول﴿ قال تعالى:الله.

وقيل: ما استثنوا إال الفقراء، بل أرادوا حرمانة توا الني جميع الفقراء من هذه الثمرة. انظر كيف بي

وكيف كانت العاقبة! يعني لم يقولوا: إن شاء الله، ولم﴾ا يستثنونول﴿

ستعينوا بالله، وأقسموا على الذهاب جماعة لقطعمار في الصباح الباكر، وقد يكون هذا بعد الفجر، الث

ة مجيئ الفقرآء. مس مظن ألن بعد طلوع الش وهؤالء يا محمد الذين عادوك عندهم خيرات

وأموال وأوالد، لكن هذه الخيرات واألموال واألوالد،ة وما فيها من @ا، كما لم تغن الجن لن تغن عنهم شيئ

@ا. مار عن أصحابها شيئ الثك وهم﴿ قال تعالى: ب فطاف عليها طائف من ر

، الطائف قيل: ريح، وقيل غير ذلك.﴾نائمونتوا النية على﴾وهم نائمون﴿ قال تعالى: قد بي

لذذ وأخذ ما زرعوا. الذهاب جماعة للت﴿ قال تعالى: ال شيء فيها، إذا﴾فأصبحت كالصريم

ا. صرم النخل انتهى ثمره، فلم يروا فيها أثر@ فتنادوا للذهاب لها.﴾فتنادوا﴿ قال تعالى:، أي في الصباح الباكر.﴾﴿مصبحين قال تعالى:﴾أن اغدوا على حرثكم قال تعالى: ال يعلموا الذي﴿

حصل لها بالليل.﴾أن اغدوا ، أي اذهبوا، الغدو: هو الذهاب أول﴿

النهار.

-17-

﴾على حرثكم إن كنتم صارمين قال تعالى: ، أي:﴿مرة كما اتفقنا. إن كنتم تريدون جذاذ الث

التعبير باالنطالق من﴾فانطلقوا﴿ قال تعالى: اإلسراع والعجلة، وهذا اإلسراع تشوقا ألخذ الثمرة،

وفي المقابل من باب إخفائها عن الفقراء. انظر إلى﴾فانطلقوا وهم يتخافتون﴿ قال تعالى:

الخبث! يتخافتون حتى ال يسمعهم أحد، فكل هذه األمور -القسم، والذهاب، وعدم االستثناء، والتخافت

في الكالم- من باب إغالق الطرق على مجيءالفقراء.

ال﴾أن ال يدخلنها اليوم عليكم مسكين﴿ قال تعالى: يشارككم أحد من المساكين هؤالء، و"المسكين

والفقير" يقال إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.والمسكين: من ال يجد قوت يومه.

، قيل: إن﴾وغدوا على حرد قادرين﴿ قال تعالى: كلمة "حرد" هي اسم البستان، واستبعد هذا بعض

المفسرين.هم وقال بعض المفسرين: إن المراد بالحرد هنا: أن

غدوا على أرض ال خير فيها بعدما طاف عليها الطائف، يقال حردت اإلبل إذا لم يظهر حليبها، ويقال: هذه

أرض حاردة، أو حرداء، أي ال خير فيها، وال ثمر فيها،ويقال بأنها أرض رملة في اليمن ال تنبت.

، أنهم هيئوا﴾وغدوا على حرد قادرين﴿ قال تعالى:ة للجذاذ، لكن ية والمعنوي رأوا﴾فلما رأوها﴿القوة الحس

تهم وبستانهم الذي كانوا ا﴿يؤملون بقطفه، جن قالوا إنون قيل المراد: أنهم قالوا أخطأنا مكانها، أيعقل﴾لضال

-18-

بعد أن كانت فارهة بالثمار، واآلن هي هذه! إذن نحن أضللنا مكانها. لكن هذه الدهشة اليسيرة زالت بعدما وعوا أن هذا هو البستان الذي زرعوه، وما بينهم وبين

موعد الثمار إال ساعات، فأذهبها الله تعالى. أقروا وعلموا﴾بل نحن محرومون﴿ قال تعالى:

واستيقنوا أن هذه عقوبة حلت بهم، وحرمتهم منثمارهم.

ونستفيد من مجموع ما ذكر: أن حرمان الفقراءمن حقهم، تنزل به العقوبة عامة على المال كله.

وهنا المراد باألوسط:﴾قال أوسطهم﴿ قال تعالى: ﴿وكذلكأعدلهم، وأعقلهم، وأفضلهم ومنه قوله تعالى:

، قال البخاري[143]البقرة: ﴾جعلناكم أمة@ وسط@ا أي: عدال@في الصحيح: "الوسط: العدل".

كم لوال﴿ قال تعالى: قال أوسطهم ألم أقل لحون رهم بأن يكفوا﴾تسب ، يعني وعظهم، ونصحهم، وذك

عن ما هموا به، وأن يسألوا الله تعالى من فضله،ة ويسبحون الله تعالى ويعظمونه، فتذكروا وصي

ا ظالمين﴿صاحبهم، ا كن نا إن .﴾قالوا سبحان ربرك إذا نستفيد: أن تلزم من أصحابك من كان يذك

نسيت، ويعينك إذا ذكرت، ويصوبك إذا أخطأت، فمثل هذا الزمه، أما إذا رأيت الصاحب ال يهتم بخطئك، وال

ك على يقيم عوجك إذا أخطأت وال يبالي، بل يقر خطئك، فمثل هذا ال يحرص عليه، وكما قيل: الصاحب

ساحب.ا ظالمين قال تعالى: ا كن نا إن ﴾قالوا سبحان رب ، قال﴿

بعض المفسرين: إنهم رجعوا إلى ربهم، واعترفوا لما

-19-

علموا خطيئتهم، ورأوا عقوبة الله تعالى في بستانهم،- أن ومع أن الله عاقبهم، لكن من رحمته -عز وجل

رحمهم بأن العقوبة أصابت البستان والثمر، ومن رحمته أنه أمهلهم فتذكروا خطأهم، فهذا من رحمة

الله تعالى.ا ظالمين قال تعالى: ا كن نا إن ﴾قالوا سبحان رب ﴿،

ظلمنا أنفسنا، وظلمنا الفقراء. ﴾اومونفأقبل بعضهم على بعض يتل﴿ قال تعالى:

هذا من التوبة النصوح، أن اإلنسان إذا عرف خطأه رجع، سواء كان واحد@ا أو كانوا جماعة، فإذا أخطئوا

ر بعضهم بعض@ا بالتوبة ر بعضهم بعض@ا بخطئهم، وذك ذكمن خطئهم.

﴾اومونفأقبل بعضهم على بعض يتل﴿ قال تعالى: يلوم كل واحد صاحبه، هذا يقول: أنت أقررتني، وأنت

لم تنكر علي، وأنا قلت وأنت أيدتني، وهلم جرا. هذا أيض@ا من االعتراف﴾قالوا يا ويلنا﴿ قال تعالى:

ا طاغين﴿بالذنب ا كن الطغيان: هو تجاوز الحد. يعني﴾إن أننا جاوزنا حدنا ولم نشكر نعمة الله تعالى، ولم نعط

الفقراء حقهم، ولم نرع هذه النعمة حق رعايتها.ا﴿ثم دعوا ربهم: ا منها إن نا أن يبدلنا خير@ عسى رب

نا راغبون .﴾إلى رب ومعنى اآليات: هؤالء الكفار بأموالهم وعدتهم

وعتادهم ستكون عليهم، ولهذا جاء في آية األنفال:ذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل ﴿إن ال

ه فسينفقونها ثم﴿ هذا خبر، ماذا يترتب عليه؟ ﴾الل ، يعني[36]األنفال: ﴾تكون عليهم حسرة@ ثم يغلبون

-20-

ة أنفقوها، وكانت عليهم حسرة، وغلبوا، فأصحاب الجن كذلك لما أرادوا معصية الله، وحرمان الفقراء، انقلبت

اآلية عليهم، لكنهم هنا تابوا، فالكفار لو تابوا ورجعواا وأنابوا ألمر الرسول صلى الله عليه وسلم لكان خير@ لهم، لكنهم ركبوا أهواءهم، ومن تاب تاب الله عليه،

ألن كفار قريش منهم من أسلم وحسن إسالمه، ومنهم من عاند وأصر وكابر، وال يجني جان إال على

نفسه. هذا في الدنيا، فأصابهم﴾كذلك العذاب﴿ قال تعالى:

﴾ولعذاب اآلخرة أكبرغم وهم ، يعني إذا رأيت نعيم﴿ الدنيا وأعظمته، فاعلم أن نعيم اآلخرة أعظم، وإذا

حلت مصيبة في الدنيا أو عذاب بأحد، فاعلم أن مصاب اآلخرة وأن عذاب اآلخرة أعظم. ولهذا دائم@ا@ا. الربط بين حوادث الدنيا واآلخرة يزيد المؤمن إيمان

: نحن اآلن في أبواب الشتاء وقد انسلخ فمثال@ الصيف، وانظر إلى هذا الربط العقدي الكوني من

اشتكت النار إلى»الرسول -عليه الصالة والسالم-: ربها، فقالت: رب أكل بعضي بعض@ا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون

مهرير ، وأشد ما تجدون من الز ، وما اآلن12«من الحر من برد فهو من زمهريرها، فبرد الدنيا مهما اشتد، الصقيع مهما اشتد في القطب المتجمد الشمالي

والجنوبي، برودها في اآلخرة أعظم من برودها في@ا عند برد النار، والحر الشديد الدنيا، ولكنها ليست شيئ

﴿كذلك العذاب ولعذابليس شيء عند حر النار، .﴾اآلخرة أكبر لو كانوا يعلمون

(.3260صحيح البخاري ) 12

-21-

بعدما ذكر الله حال هؤالء المعاندين والمكذبين،﴿أتى بذكر: عيم ات الن هم جن قين عند رب لماذا﴾إن للمت

اتقال: " ات" جن قين عند" ولم يقل: "جن ﴿إن للمت عيم ات الن هم جن ؟﴾رب

}ألنه اسم إن{.ما شاء الله، لو كان سيبويه موجود، لزوجك ابنته. أنتم تعلمتم العربية، وما شاء الله تبارك الله أرى

ا من األفاضل الذين درسوا العربية يتكلمون كثير@ الفصحى، وهذه منقبة ونعمة، فاحمدوا الله تعالى

عليها.﴿ قال تعالى: عيم ات الن هم جن قين عند رب ﴾إن للمت

- فالعاقبة للتقوى، هذا جزاء@ وفاق@ا من الله -عز وجل والعاقبة للمتقين، والتقوى تقدم تعريفها في مجلس

مضى: أن تعبد الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معاصي الله، على نور الله، تخشى عقاب

الله.عيم فيها ما ال عين رأت، وال أذن سمعت، ات الن وجن

أسأل الله لكم، وللمشاهدين جميع@ا، مع والدينا أنيجمعنا الله تعالى في فردوسه األعلى.

اتأقف عند هذه اآلية: هم جن قين عند رب ﴿إن للمت عيم حتى يكون الكالم متصال@ في األسبوع القادم -﴾الن

إن شاء الله تعالى- والله تعالى أسأله للجميع من حاضرين وسامعين وشاهدين التوفيق والسداد، فير والعلن، إنه تعالى سميع القول والعمل، وفي الس مجيب، شكر الله لكم، والحمد لله الذي بنعمته تتم

الصالحات، والسالم عليكم ورحمة الله وبركاته.

-22-