الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

42
رون ش ع ل وا ة حادي ل ا مة ك ح ل ا ة. ن ع ك ن م ة ن ي غ لة ك ن ل ط هام لة. و ت ة ا ن م ك ن ل ط عدك ب ود ج و ل ره ي غ ن م ك ن ل ط ة. و ن م ك4 ئ ا ن ح لة ق ل ره ي غ ل ك ن ل ط و ة ن ع ك ح ل ه ا ه;;;;;;د م;;;;;;ة ى ن;;;;;; ع م ه;;;;;;ا من ;;;;;;ل لك، رات ;;;;;; ق ف ع ;;;;;; ب ر4 ا ن م ف ل4 ا ن;;;;;;O ت رح ; ش ب4 دا ن; ن ل ف ل. ق ت; س م ى ل و4 الأ ره ;; ق ف ل ا(( : ه;ا من ه;;ام ت ة ا ن;; م ك ;; ن ل ط لة:)) ;;;;رود م ن م;;;;ة ك ح م ت ;;;; ض ق ى غل ة ن;;;; ل غ ن م ح ;;;;ر ل ل ا ;;;; ن ل خ م ي ه را ;;;; بs ا ا دن ;;;;ن س ت حط ل ا ء ن;; ى ج م.. و ه م ا ;;ن ص4 ر اّ ;; ش ك ة ي;;4 لأ رق ح ل ا ;;لأم، ن;; س ل وا ;;لأه ص ل ا ت هل ل ا ة ;;;;ن س ل4 ا ت ع ف ب ى ار ن;;;; ح، ران ي ;;;; ن ل ة ا ن;;;; ف ت م ر ;;;; ض4 ا ر ف ي ;;;; ن ك ل ا

Upload: imam-masngud

Post on 02-Feb-2016

48 views

Category:

Documents


1 download

DESCRIPTION

فإن أقامك ا لله في عالم الأسباب، وأحاط بك نظامها، فَسِرْ مع مقتضاه، وابحث عن المسببات من خلال سعيك وراء الأسباب.وإن أقامك الله في عالم التجريد، وتخلّت عنك الأسباب وبعدت عنك ظروفها، فعد إلى الأصل واركن إلى المسبب، وانتظر العطاء والفرج من المسبب عز وجل.وفي كلا الحالين، لا تعلق فؤادك إلّا بمولاك الذي بيده كل شيء والذي إليه مردّ كل شيء، وردد مع المنشد قوله:لاتعلق بسواه أملاً # إنما يسقيك من قد زرعك

TRANSCRIPT

Page 1: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

الحكمة الحادية والعشرون طلبك منه اتهام له. وطلبك له غيبة منك

عنه. وطلبك لغيره لقلة حيائك منه. وطلبك

من غيره لوجود بعدك عنه

تتألف من أرب��ع فق��رات، لك��ل منه��امةهذه الحك الفقرة األولىمعنى مس��تقل. فلنب��دأ بش��رح

((:طلبك منه اتهام لهمنها: )) س�يدنا إب�راهيم خلي�لعلىقضت محكمة نم�رود

ر الرحمن عليه الصالة والسالم، بالحرق ألنه كس��7 أصنامهم.. وجيء بالحطب الكثير فأض��رمت في��ه النيران، حتى ارتفعت ألسنة اللهب واش�تد7 أواره،N ووضع في المنج��نيق وجيء بسيدنا إبراهيم مقيدا)القاذف( ليلقى به منه إلى تلك النيران الموقدة. فهل في الساعات التي يحتاج فيها العبد إلى ربه عز وجل كهذه الساعة التي مر7 به سيدنا إب��راهيم

N إلى لطف ا لله وحمايته؟!.. احتياجا ومع ذلك فقد صح أن��ه علي��ه الص��الة والس��الم لم يتجه إلى ربه عز وجل ب��أي طلب. ب��ل ق��ال وه��و

.1يرمى به في النار: حسبي ا لله ونعم الوكيل روى ذلك البخاري في صحيحه من حديث ابن 1

عباس.

Page 2: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

وهذه الكلمة استسالم ألمر ا لله وحكم��ه، وليسفيها رائحة طلب لشيء.

فم��ا ال��ذي ص��رف خلي��ل ال��رحمن عن المس��ألةوطلب النجاة من عتو نمرود وبطشه؟..

حالc هيمنت علي��ه في تل��ك الس��اعة، ألجمت��هإنه عن السؤال..

كان يعلم أنه إنما حكم عليه بهذا العق��اب الفري��د من نوعه ألنه انتصر لوحدانية ا لله بك��ل م��ا أوتي من وسيلة وقدرة. وهو يعلم بأن ا لله عز وجل ال7ة بحبه الذي ه��و أج��ل7 بد7 أن يبادل حبه لذاته العلي وأقدس، بل هو األس��بق في قض��اء الل��ه وعلم��ه، وه��ل يتخلى الحب عن محبوب��ه، ب��ل ه��ل يتخلى المحب��وب ج��ل جالل��ه عن عب��ده ال��ذي يحب��ه؟

هيهات، بل معاذ الله!...N الثقة التامة بأن لقد كان سيدنا إبراهيم إذن واثقا

مواله الواحد المحب المحبوب لن يتخلى عنه.وهذا هو معنى قوله: حسبي ا لله ونعم الوكيل.

إنه��ا كلم��ة الواث��ق برحم��ة ا لل��ه المطمئن إلى حمايته له ودفاعه عنه وانتصاره له، فكي��ف يتج��ه

إليه بالمسألة والطلب مع ذلك؟!.. إن حاله التي كان فيها من عظيم الثق��ة بلط��ف ا لله وبانتصاره له وتدارك��ه ل��ه بالحماي��ة، يتن��اقض بشكل حاد مع الطلب الذي يفترض أن يتوجه ب��ه

Page 3: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

إلى ا لله عز وجل.. فطلبه في هذه الح��ال ال��تي هو فيها إنما يفسر باتهامه ا لله عز وجل بأن��ه لن يتدارك��ه بالحماي��ة من بطش نم��رود إن ه��و لمN يطلب منه ذلك. وصاحب هذه الثقة يتبوء مرك��زا

N عند ا لله عز وجل. ساميا يشير إليه الحديث القدسي الذي يروي��ه رس��ول ا لل��ه عن رب��ه ع��ز وج��ل: ))من ش��غله ذك��ري عن

إذ2مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي الس��ائلين(( الم��راد بال��ذكر هن��ا ش��د7ة ثق��ة العب��د ب��الرب،

واستغراق القلب في هذه الحال. قلت لك: هذه حال تنتاب العبد المؤمن برب��ه ع��ز وج��ل من ج��راء وض��ع م��ر7 ب��ه أو عم��ل ق��ام ب��ه، فض��اعف ذل��ك من ثقت��ه برحم��ة ا لل��ه وحمايت��ه ونص��ره وتأيي��ده. وتل��ك هي الح��ال ال��تي هيمنت على سيدنا إبراهيم فألجمت فاه عن التوج��ه إلى ا لله بالمسألة والطلب.. واألم��ر أو العم��ل ال��ذي أورثه تلك الحال انتصاره ل��دين ا لل��ه ووحدانيت��ه،N عندما أقبل فكسر كل تلك األصنام وجعلها جذاذا متناثرة. إنه -وقد انتصر لمواله وخالقه- أيقن أن��ه

أخرجه البخاري في الت��اريخ، وال��بيهقي في ش��عب 2 اإليم��ان، وال��بزار في مس��نده من ح��ديث عم��ر بن

الخطاب.

Page 4: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

ع��ز وج��ل ناص��ره وأن��ه لن يتخلى عن��ه، فكي��فيسأله مع ذلك سؤال الخائف المرتاب.

ولكن هذه الحال قد تغيب لتظهر في مكانها حال أخرى تتجلى من خاللها مشاعر العبودية لل��ه ع��زN لعقاب N من مقت ا لله وغضبه وتحسبا وجل خوفا يرى العبد أنه متعرض له، وذلك لتقصير وقع في��ه أو لسوء بدر منه، فتدفعه هذه الحال إلى أن يلوذ بكرم ا لله وصفحه، وإلى أن يرج��وه الص��فح عن زالته والعفو عن تقصيره، ومغفرة ذنوبه وما وقع

فيه من سوء. ق��د تجلت في حي��اة س��يدنا إب��راهيم ه��ذه الحال��ة الثانية، كما تجلت فيها الحالة األولى التي وصفتها

لك.ه ع��ز و تأمل في كالمه هذا ال��ذي يروي��ه عن��ه رب��7 جل بعد أن جادل قومه وأباه في مسألة األص��نام

tمuينt )التي يعبدونها: ال t��عv بw ال tر wالu دyوx لuي إ t��ع vمyهw uن فtِإ77( uينuد v��هt وt ي y��هtي فu tقtن ل tي خuذ w��78( الtو y��ي هuذ w��الtو )

( uينuق vسt uي وtي yطvعuمyن فuين79uي v��شt uذtا مtرuضvتy فtهyوt ي ( وtإ(80( uينu ي vحy yمw ي uي ث yن yمuيت wذuي ي ع81y( وtال t��مvطt wذuي أ ( وtال

uال��د�ين tمvو t��ي يu tت يئ u��طtي خuل tر u��فvغt tنv ي )الش��عراء:أ26/77-82.)

إذن فالحال التي انت��ابت س��يدنا إب��راهيم هن��ا هي الخوف من تقص��يره في جنب الل��ه والخ��وف من

Page 5: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

عواقب ما يس��ميه خطيئ��ة ارتكبه��ا فاس��تحق به��ا العقاب.. إن من الطبيعي أن تدفع��ه ه��ذه الح��الN N وانكسارا الثانية إلى أن يبسط كفيه بالدعاء تذلال بين يدي ا لله عز وجل، وهذا ما حكاه عنه بي��ان ا لله عز وجل بعد أن تح��دث عن خطيئت��ه وطمع��ه

ابمغفرة ا لل��ه ل��ه، إن��ه يق��ول: N��مv ب� هtبv لuي حyك tر ( tينuحu ال w���الصu uي ب vحuقvن tل ان83tوtأ t���سuي لuل vل t���عvاجtو )

( tينuرuخ vي اآْلuق� فvدu84صuة w��ن tج uة t��ث tرtو vنuي مu vن ( وtاجvعtل( u wعuيم �ينt )85الن ال w��الض tنuم tان t��ك yه w��نu uي إ tب uأل vرuفvاغtو )

86( tونy vعtث yب tوvمt ي uي ي yخvزuن vفtعy مtال87c( وtالt ت tن tوvمt الt ي ( ي( tون y����نt uيم�88وtالt ب ل t����ب� سvلtقu هt ب w����ى اللt tت uالw مtنv أ ( إ(.89-26/83)الشعراء:

وعن هذه الحالة الثاني��ة يتح��دث ابن عط��اء ا لل��ه(( :N ال يكن طلب--كفي حكمته األخرى اآْلتية قائال

تسببا6 إلى العطاء منه، فيقّل1 فهمك عنه، وليكن طلب--ك إلظه--ار العبودي--ة، وقيام--ا6

((.بحق الربوبية:حالتان تعتريان المؤمنإذن هما تبعث فيه الخجل من الطلب وال��دعاء،إحداهما

وذلك عندما يوحي الطلب بضعف ثقة الطالب أو7ة 7ه عز وجل، وما قد ألزم به ذاته العلي السائل برب

تجاهه.

Page 6: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

األخ��رى تبعث في��ه الخ��وف مم��ا ي��رى نفس��هN له من الزج��ر اإللهي والت��أديب الرب��اني، مستحقا فيدعوه ذلك الخوف إلى االنكس��ار والت��ذلل على أعت��اب الل��ه ع��ز وج��ل، وإلى أن يس��أله التفض��لته وأي الح��التين تع��ر7ض بالصفح عن إساءاته وزال7 لها المؤمن، فِإنها على ك��ل ح��ال ال تك��ون إال7 من ثمرة صدق العبودية لله تعالى. والمؤمن الصادق المتفاعل مع إيمانه، ال ب��د7 أن يتقلب، من عالقت��ه

با لله عز وجل، في إحدى الحالتين. الفق--رةثم ينتق���ل بن���ا ابن عط���اء ا لل���ه إلى

وطلب--ك ل--ه غيب--ة من--ك فيق��ول: ))الثاني--ة((.عنه

N، أوطلبك له.. أي بحثك عنه. تق��ول: طلبت فالن��ا طلبت آية في كتاب الله، أي فتشت وبحثت عنها

أو عنه. وإنم��ا يك��ون طلب الش��يء عن��د غياب��ه، وإال فال

معنى لطلبه؟N ح��تى يطلب أي ح��تى يبحت فمتى كان الله غائب��ا

عنه؟!.. لق��د س��بق أن أك��د ابن عط��اء الل��ه في الحكم��ةN السادسة عشرة أن الله عز وج��ل ليس محجوب��ا

بشيء عن بصيرة اإلنسان وعقله.

Page 7: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

N عن ا لل��ه إذ ما من شيء يفترض أن يكون حجابا تعالى إال وه��و دلي��ل علي��ه، فكي��ف يك��ون ال��دليل

N دون رؤيته أو العلم به؟!.. على الشيء حجابا غيبة منكوتأمل في دقة التعبير في قوله: ))...

(( إنه يقول لك: عندما تجد نفسك في حال��ةعنه تحتاج فيها إلى البحث عن ا لله، فاعلم بأنه ليسN عنك وراء حجاب قد حجبه عنك، ولكنك أنت غائبا الغ��ائب عن��ه داخ��ل س��جن من الجهال��ة أو التيي��هtتv عيناه عن رؤية ي uشtأقصاك عنه... إذ إن الذي ع ما هو موجود أمام�ه، ال يق�ال إن الموج�ود غ�ائب عنه، ولكن يقال إنه هو الغ��ائب عن الموج��ود، إذN الحجاب يتمثل في ضعف الصق به، وليس متمثال

في غشاء مسدل على الموجود. وتلك هي حال من عtشuيt عقل��ه، بس��بب اس��تكبار هيمن عليه أو عص��بية اس��تعبدته، فلم يع��د ي��ؤمن بوجود الخ��الق ع��ز وج��ل، وراح يس��أل: أين ه��و؟

7ني عليه. دل قل له: إنه أمامك، بل إنه ملء بصيرتك وإدراكك، ولكن فلتمزق العصابة التي عصبت بها بص��يرتك، بتح��ررك من االس��تكبار ال��ذي ران علي��ك، تعلمN عنه داخ��ل س��جن عندئذ أنك أنت الذي كنت غائبا

مظلم من كبريائك.

Page 8: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

وم��ا أعتق��د أنن��ا بحاج��ة إلى مزي��د ش��رح له��ذهN في N ومط��وال الفق��رة، بع��د ال��ذي ذكرن��اه مفص��ال

شرح الحكمة السادسة عشرة.***

، فيق��ول فيه��ا ابن عط��اء االفقرة الثالث--ةأما ((. وطلبك لغيره لقلة حيائك منهلله:))

الغير(( هنا تشمل األشخاص أو الكائن��ات ال��تي)) يتوهم أن لها فاعلية م��ع ا لل��ه أو من دون ا لل��ه، كما تشمل األعراض والمتع ال��تي يبتغيه��ا ويتعل��ق

بها اإلنسان من دون ا لله عز وجل. فمن تأم��ل في ه��ذه المكون��ات وعظيم إب��داعها ورائ��ع نظامه��ا، ودق��ائق أه��دافها، ثم ابتغى له��اN من دون الله ع��ز وج��ل، فق��د ب��الغ N ومنظما خالقا

في جرأته على الله وعدم االستحياء منه. وال يش��ترط البتغ��اء غ��ير ا لل��ه أن ي��ذهب ه��ذا المبتغي في البحث عن غ��يره م��ذهب المالح��دة والمنكرين لوجود ا لله عز وج��ل، ب��ل ي��دخل في ذل��ك، على ح��د تعب��ير ابن عط��اء ا لل��ه هن��ا، من ص��د7ق بس��ببية حقيقي��ة بين الخ��الق ومخلوقات��ه، فأض��اف الغ��ذاء إلى فاعلي��ة الق��وت والنب��ات، وأضاف فاعليتها إلى فاعلية الس��حاب واألمط��ار،N ب�أن وأضاف فاعليتهما إلى أبخ�رة البخ�ار، موقن�ا لتل��ك السلس��لة من األس��باب الجعلي��ة الظ��اهرة،

Page 9: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

فاعلية حقيقية طبيعية أو فاعلية أودعه�ا الل��ه فياألشياء ثم تركها تفعل فعلها.

إن على الموقن بوحداذية ا لله عز وجل أن يعلمN في أن ا لله واحد في ذات��ه العلي��ة، وواح��د أيض��ا صفاته السنية كلها، فال يشركه في تلك الص��فات

شيء.،N وهذا التوحيد يستلزم أن تعلم أن ما نظنه أسبابا في نظام هذه المكونات إنما هو اقترانات شاءها ا لله تعالى بين سابق والحق، استمرت وتكررت، فتبد7ى لنا من ذلك التك��رار المس��تمر أن الس��ابق

wب. منهما سبب والمتأخر منهما مسب ولو شاء ا لله عز وجل لفك ع��رى ه��ذا االق��تران بينهما، فظه��رت الحقيق��ة ال��تى اليج��وز أن تغيب عن البص��ائر، وهي أن الخ��الق للس��ابق والالح��ق والعالقة السارية بينهما )إن كانت ثمة عالقة( ه��و

ا لله عز وجل. إذن فتجاه���ل ه���ذه الحقيق���ة، وابتغ���اء الب���احث لمس��بب غ��ير ا لل��ه، مع��ه أو من دون��ه، إنم��ا ه��و

جرأته على ا لله تعالى وقلة حيائه منه. ثم إن كلم��ة )غ��ير( تش��مل كم��ا قلن��ا األع��راضN عن��دما يتوج��ه والمتع الدنيوية ب�ل األخروي�ة أيض��ا

إليها اإلنسان ويطلبها من دون ا لله تعالى.

Page 10: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

*بلغني مما روي عن رسول ا لله صلى الله عليه وس��لم أن من داوم على ق�راءة س��ورة الواقع�ة، وق���اه ا لل���ه من الفق���ر، فان���دفعت إلى ق���راءة الس��ورة والمداوم��ة عليه��ا، )وق��د كنت من قب��لN عنها غير آبه بها، كشأني بالنس��بة للس��ور معرضاN إلى ا لل��ه تع��الى األخ��رى في الق��رآن( ال تقرب��ا بقراءة كالمه واإلصغاء إلى خطابه ورائع مناجاته،

ولكن وسيلةN أستدر� بها الرزق والمال. ال ريب أن هذا يدل7 على قلة حيائي من ا لله ع��ز

وجل. *قرأتt في القرآن كالم ا لله عن الجنة ونعيمه��ا، وأن فيها ما تشتهيه األنفس وتلذ األعين، وفيها ما ال عين رأت وال أذن س��معت وال خط��ر على قلب بشر.. فامتهواك ذل��ك النعيم وتعلقت آمال��ك ب��ه، ثم علمت أن ال سبيل لك إليه إال إن أديت ما ق��د افترضه ا لله علي��ك من واجب��ات وأعرض��ت عم��ا ح��ذرك ا لل��ه من��ه من محرم��ات، فت��وجهت إلى االلتزام بذلك كله، ال لشيء إال7 رغبة في الحصول على ذلك النعيم الخال��د ال��ذي أخ��برك ا لل��ه عن��ه ف���آمنت ب���ه. بحيث علمت من نفس���ك أن���ك إنN ولن تن��ال من أيقنت أن طاعات��ك س��تذهب ه��دراN له��ا، ولن ورائه��ا ال��ذي تحلم ب��ه، فلن تلقي ب��اال تستجيب ألوامر ا لله التي يخاطبك به��ا، أو بحيث

Page 11: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

علمت أن����ك إن أيقنت أن7 بوس����عك أن تحت����ال للوص��ول إلى ذل��ك النعيم دون أن تره��ق نفس��ك بشيء من هذه الطاعات وااللتزامارت، فلس��وفN ف��وق االل��تزام ب��أوامره تستعمل تلك الحيلة قفزا

عز وجل.. ف��اعلم إذن دلي��ل على قل��ة حيائ��ك من الل��ه ع��ز

وجل، بل هو دليل على جرأتك عليه!.. ولكن إي��اك أن تس��يء فهم ه��ذا الكالم الواض��ح ال��ذي ال يم��تري في��ه عاق��ل آمن بعبوديت��ه لل��ه وبربوبي��ة ا لل��ه ل��ه، على غ��رار بعض األغبي��اء أو المتغابين، فتظن أن المطلوب من العبد الم��ؤمن أن ال يطلب الجن��ة وأن ال يس��تجير من الن��يران، فه��ذا الش��رق ال��ذي ق��د تتوهم��ه، ال عالق��ة ل��ه

بالغرب الذي نتحدث فيه. لقد أطمعنا الله بجنته، إذن يجب علينا أن نطم��ع،tنw علينا بها، وهذا tمvت فيها وأن نسأله باستمرار أن ي

من كمال عبودية اإلنسان لله. ولقد حذ7رنا وخو7فنا من ن��اره، إذن يجب علين��ا أن نستشعر الخوف الحقيقي منها وأن نستعيذ با للهN من كمال عبودية اإلنسان له ع��ز منها، وهذا أيضا

وجل. ولكن علي��ك في كال الح��التين أن تجع��ل عبادت��ك لذاته العلية، ألنه ربك وألن��ك عب��ده، وه��ذا مع��نى

Page 12: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

هtقول��ه ع��ز وج��ل: w��وا اللyد y��بvعt uي uالw ل وا إ yر u��مy ا أ t��مtو tال��د�ين yه t��ل tينuصuلvخy( بحيث ت��وطن98/5 )البين��ة: م

N تؤدي كل N ذليال N صاغرا نفسك أن ال تبارح بابه عبدا مايطلبه من��ك جه��د اس��تطاعتك، مهم��ا فع��ل ب��ك وقضى عليك، فِإنما أنت في كل الح��االت عب��ده،

وهو في كل الحاالت ربك ال رب7 لك سواه. ربما أسقطك الضعف والش��عور بالحاج��ة إلى أن تطلب من��ه اللط��ف ب��ك والص��فح عن��ك، وص��رف الس��وء عن��ك، والفض��ل علي��ك ب��المن والمغف��رة والعطاء، ال حرج.. بل ه��ذا ه��و ش��أن العب��د تج��اه

ربه.. ولكن ليس ل��ك ق��ط7 أن تجع��ل التزام��ك ألواره

N بما تطلبه من عطاياه. مشروطا.N فالعبد ال يملك أن يشرط على ربه شيئا

أليس ه�ذا ال�ذي يقول�ه ابن عط�اء ا لل�ه، وال�ذي شرحته لك به��ذه األس��طر من ب��دهيات الحق��ائق التي ما ينبغي أن تغيب عن ب��ال عاق��ل آمن بأن��ه

عبد لله؟ إذن فم��ا ال��ذي زادت��ه رابع��ة العدوي��ة على ه��ذه الحقيقة أو نقصته منها عندما ك��انت تن��اجي ربه��اN من ن���ارك قائل���ة: اللهم إني ماعب���دتك خوف���اN في جنت���ك ولك���ني علمت أن���ك رب والطمع���ا

تستحق العباده فعبدتك.

Page 13: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

وأنت تعلم، إن كنت ممن تتبعت أدعية رابع��ة في عباداتها وخلواتها، أنها كانت كثيرة االستجارة من عذاب ا لله والبكاء عند اآْليات ال��تي يص��ف ا لل��ه فيه����ا عقاب����ه ال����ذي توع����د ب����ه الجاح����دين والمستكبرين، وكانت كثيرة األم��ل برحم��ة ا لل��ه

والطلب لمغفرته وأن يكرمها بجنته. ولكن فلتعلم أن ه��ذا الطلب واالس��تجداء ش��يء، وأن ربط العبادات والطاعات بشرط الجنة شيءN تخلط فيه بين هذا آخر، فاليذهبن بك الغباء مذهبا

وذاك.N من ال��وهم تج��اه ه��ذه دvخلنw علي��ك ش��يئا y��والي الحقيقة الواضحة، م��ا يفهم��ه بعض الن��اس خط��أ

ونtمن قوله تعالى: y��لtمvعt yمv ت vت yن ا ك t��مu ةt ب w��نtجv وا ال y��لyخvاد (.16/32)النحل:

فرب��ط الجن��ة، ج��زاءN، بالعم��ل الص��الح، إنم��ا ه��و بالتفض7ل من طرف واحد، إن صح التعبير، وه��و اtمwتv من ط��رفي لل��ه ع��ز وج��ل، وليس باتفاقي��ة ت العبد والرب جل جالله!.. إنه من قبيل قول ا لل��ه

Nاعز وجل: ن t��سtا ح N��ض vرtق tه w��الل yضuر v��قy wذuي ي مtنv ذtا الNة tيرu tث tضvعtافNا ك tهy أ yضtاعuفtهy ل (.2/245 )البقرة: فtي

N فه��ل بوس��عك أن تفهم من ه��ذه اآْلي��ة أن عق��داN من االستقراض واإلقراض يجري م��ا بين ا حقيقيام ا لله بموجب��ه أن يعي��د م��ا tزv yل لله تعالى وعبده، ي

Page 14: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

اقترض��ه من عب��ده ومع��ه أض��عاف مض��اعف؟!..N حتى يقرضه لربه؟!.. وهل يملك العبد شيئا

N عن لط��ف ا لل��ه N حل��وا المسألة ليس��ت إال تعب��يراN لمن يؤدي ما افترضه ا وتفضله إذ جعل جنته حقا لله علي��ه. وإال فق��ل لي كي��ف تس��تطيع أن تجم�ع وتنسق بين تفضل ا لله عليك بهذا العط��اء، وبينN تسمية ه��ذا ال��ذي يتفض��ل ويمتن7 ب��ه علي��ك حق��ا

تستوجبه؟ وإليك هذا المث��ل المق��رب، و لل��ه المث��ل األعلى، رج��ل غ��ني ك��ريم م��ر7 في طريق��ه بفق��ير منعت��ه العفة عن المسألة، فوضع أمامه بين أيدي المارة هنات� رخيصة تافهة كعلب كبريت، دفاتر ص��غيرة، أقالم رصاص.. تح��ركت الرحم��ة في قلب الغ��ني الك��ريم ل��ه، و لم يش��أ أن يخ��رج مش��اعر عفت��ه،Nفاشترى منه واحدة من تلك العلب ونق��ده قيم��ة

لها، ورقة من فئة األلف ليرة. هل في الناس من يجهل أن هذا العقد إنما ج��رى من طرف واح��د، ه��و الغ��ني الك��ريم ال��ذي أص��ر7

على أن يعطي إكرامه بصورة� لعقد شراء؟N له��ذا الفق��ير إن بل��غ ب��ه الغب��اء إلى أن في��ا عجب��ا تغيب عنه هذه الحقيقة، وأن يتصور أن عق��د بي��عN حقيقي ج��رى بين��ه وبين ه��ذا ال��ذي ج��اء ملهوف��ا ليشتري منه ما هو بأمس الحاج��ة إلي��ه من علب��ة

Page 15: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

الكبريت التي لو لم يتفضل علي��ه الفق��ير فيبيعه��ا له بألف ليرة س��ورية، لوق��ع المش��تري من ذل��ك

في ضيم ال مفر7 له منه!..N ج��رى بين��ه N حقيقي��ا أليس ال��ذي يتص��ور أن عق��دا وبين ا لل���ه ع���ز وج���ل ينّص7 على أن���ه إن نف���ذ المطالب واألوامر التي خاطبه ا لله بها، اس��تحقN في مقابل ذلك الجنة التي وعده ا لل��ه به��ا طبق��ا للمواص��فات ال��تي ال��تزم ل��ه به��ا، نس��خة طب��ق األصل لذلك الفقير المغرور الذي توهم أن��ه إنم��اN لعلب��ة الك��بريت ال��تي اس��تحق األل��ف ل��يرة ثمن��ا

باعها؟!..N رأسه أن ومع ذلك فِإن على من ظل الوهم راكبا يدرك ق��ول رس��ول ا لل��ه في الح��دبث الص��حيح:دخل أح��دtكم الجن��ة عمل��ه، ق��الوا وال أنت y��لن ي(( يارسول الله؟ قال: وال أنا. إال أن يتغم��دني ا لل��ه

.3برحمته((***

ويختم ابن عط���اء ا لل���ه حكمت���ه ه���ذه بقول���ه:.وطلبك من غيره لوجود بعدك عنه

ق���د تك���ون ل���ك حاج���ات أو رغب���ات تطلبه���ا، والمفروض في هذه الحالة أن تطلبها من الواح�د الذي ال يملك أن يحققها لك غ��يره، ف��ِإن تح��ولت

متفق عليه من حديث أبي هريرة بألفاظ متقاربة. 3

Page 16: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

عنه، وطلبتها من غيره، فِإنما ذل��ك بس��بب بع��دك عن ا لله عز وجل. وليس المراد بالبعد هنا، البعد المك��اني ال��ذي تح��د7ه المس��افات، وإنم��ا الم��راد

الجهل به أو النسيان له.N ل��ه، لعلمت أن��ه N ب��ه أوناس��يا إذل��و لم تكن ج��اهال النافع والضار7 في الك��ون غ��يره، وأليقنت أن ك��ل ما يتم في الكون من حركات وس��كنات وتقلب��ات وأحوال فبتدبيره وب�أمره يتم. والك�ل جن��ود ل��ه ال

يخرجون عن مشيئته وحكمه قيد شعرة.N ب��الطلب ال��ذي يح��ذر من��ه ابن وليس المراد أيضا عط��اء ا لل��ه هن��ا، تعامل��ك م��ع نظ��ام األس��باب والمسببات، كما قد أقام��ه الل��ه في ه��ذه الحي��اة الدنيا، وإنما الذي يعنيه توج��ه القلب والعق��ل إلى ما سوى ا لله باعتق��اد أن��ه ذو أث��ر أو فاعلي��ة من

دون ا لله عز وجل. ولشرح ه��ذه الفق��رة ينبغي أن نعلم أن اإلنس��ان

: موق��فبموقفينمكلف بصدد ه��ذه المس��ألة اعتقادي، وموقف سلوكي.

أما الموقف االعتقادي فيتخلّص فيما قلته لك: أنك وال N أن ال ن��افع وال ض��ار7 وال مح��ر7 يعلم جازم��ا7ن في الك��ون كل��ه إال7 اإلل��ه الواح��د ال��ذي مس��كN م��ع ا لل��ه في ش��يء فطره، وكيف يكون ش��ريكا

Page 17: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

N N ولم يكن ش��ريكا من ذل��ك من لم يكن موج��ودامعه في الخلق واإلبداع.

ولست بحاجة إلى عرض األدلة العقلي��ة والنقلي��ةبعد الذي بينته لك من ذلك من قبل.

فِإن غاب عنك شيء منها، فعد إلى ماذكرت��ه ل��كة في تفس��ير ق��ول الل��ه تع��الى عن ذات��ه العلي��7

tنv))القيوم(( وفي تفسير قوله تعالى: uهu أ tات وtمuنv آيuهuرvم

t أ u��ب yضvرt vاألtو yاءtم w��الس tوم y��قt (30/25 )ال��روم: ت

مtاوtاتuوفي تفس��ير قول��ه: w��الس yك u��سvمy هt ي w��الل wنu إtحtد� tهyمtا مuنv أ ك tسvم

t uنv أ tا إ tت ال tز vنu tئ والt وtل yزt tنv ت رvضt أt vاألtو

tعvدuهu )فاطر: (.35/41مuنv ب كي���ف يص���د7ق العق���ل، أو يتص���ور، أن ينهضثم

N م��ع خالق��ه، أو أن يق��وم المخلوق، فيصبح شريكابالتنظيم والتدبير مقام خالقه؟!..

كي��ف يتص��ور أن يك��ون الموج��ود الض��عيف ال��ذي ظهر وجوده بين ضعفي عدم سابق وعدم الح��ق،

ذا قدرة في التدبير أو التحريك؟!.. من أجل هذا وجه سيدنا رسول ا لل��ه ص��لى الل��ه عليه وسلم نصيحته الغالية هذه إلى سيدنا عب��د اN: ))ياغالم، إني أعلمك كلمات: لله بن عباس قائال احفظ ا لله يحفظك، احفظ ا لل��ه تج��ده تجاه��ك، إذا سألت فاسأل ا لله، وإذا استعنت فاس��تعن ب��ا لله. واعلم أن األمة لو اجتمعت على أن ينفع��وك

Page 18: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

بشيء لم ينفعوك إال بشيء ق��د كتب��ه ا لل��ه ل��ك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يض��روك إال بش��يء ق��د كتب��ه ا لل��ه علي��ك، رفعت األقالم

.4وجفت الصحف(( ، فيتلخّص في ضرورةالموقف السلوكيوأما

7ر ا لل��ه االنسجام والمواءمة مع النظام ال��ذي س��ي كونه هذا عليه، أعني نظام الس�ببية ال�ذي أقيمت

عالقة األشياء بعضها مع بعض على أساسه. فأنت ترى فيما يبدو لك أنه م��ا من ظ��اهرة تب��دو على مسرح هذه ال��دنيا إال وهي مت��أثرة بظ��اهرة قبلها ومؤثرة في أخرى ت��أتي من بع��دها. ال يش��ذ7 عن ذل��ك ش��يء اللهم إال الخ��وارق الن��ادرة ال��تي يقضي بها ا لله في كون��ه لحكم وأس��باب، ك��التي

تقع للرسل واألنبياء. إن ال��واجب ال��ذي يكل��ف ا لل��ه ب��ه عب��اده، ه��والتعامل اإليجابي مع هذا النظام واالنسجام معه.. لق��د قض��ى ا لل��ه تع��الى أن يخل��ق الش��بع فيN من الطع��ام، N معين��ا اإلنسان عن��دما يتن��اول ق��درا إذن فعلى المس��لم أن يتخ��ذ طريق��ه إلى الش��بع به��ذه الوس��يلة، ولق��د قض��ى ا لل��ه أن يخل��ق في كيانه ال��ري7 بع��د الظم��أ، عن��دما يتن��اول فيش��رب

رواه الترمذي من حديث عبد ا لله بن عباس، وقال 4عنه: حسن صحيح.

Page 19: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

N من الم��اء، إذن يجب علي��ه أن يتخلّص من كأس��ا الظمأ المهل��ك به��ذه الوس��يلة، وقض��ى أن يخل��ق فيه الشفاء من المرض عندما يتناول الدواء الذي ق���رر األطب���اء أهميت���ه وج���دواه، إذن ينبغي أن يتداوى كما أمر بذلك رسول ا لله.. ولقد قض��ى ا لله أن يخل��ق االح��تراق عن��د مالمس��ة الن��ار، وأن يخلق الموت عن��د تج��رع الس��م، إذن يح��رم على اإلنس��ان أن يع��رض نفس��ه للوق��وع في الن��ار أو

لتناول السم. ومن زعم أنه ال يريد التعام��ل م��ع ه��ذه األس��باب الظاهري���ة أو )الجعلي���ة( كم���ا يس���ميها علم���اء التوحيد، ألنه يتعام��ل م��ع عقيدت��ه ال��تي ال يرت��اب فيها، وهي أن النافع والضار هو ا لل��ه ع��ز وج��ل،N ال يري��د أن يأك��ل إن ج��اع وال يري��د أن فه��و مثال يشرب إن ظمئ، وال يريد أن يتقي النار المحرقة وال السم المهلك، فه��و قلي��ل األدب م��ع ا لل��ه، إذقw ل��ه في��ه و لم يخو7ل��ه أي t��يت��دلل علي��ه بم��ا ال ح

سبيل إليه.N قضى الله أن يرب��ط األش��ياء بعض��ها ببعض ربط��اN، لحكمة باهرة بوسعك أن تط7لع عليه��ا في صوريا كتب العقيدة، وإنما يريد هذا المت��دلل على ا لل��ه بمالم يأذن له فيه، أن يقول له: أنا أعلم أنك أنت الذي تحرق، ال النار، وأنت ال��ذي تهل��ك ال الس��م،

Page 20: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

وأنت الذي تروي الظمآن ال الماء. وقد قررت أن أتعامل مع الكون بناء على ما أعتقد، ال بن��اء على ما تظهر وتنظم. فأرني الح��ق ال��ذي أعتق��ده، وال تع���املني حس���ب النظ���ام ال���ذي تق���ود ب���ه

المخلوقات!!.. فمن أنت حتى تتجرأ عليه وتطلب من��ه أن يتخل7ى عن ق��راره ال��ذي اتخ��ذه للس��ير بالمكون��ات على أس��اس من رابط��ة العل��ل الش��كلية أو الجعلي��ة، وأف يش��بعك ب��دون طع��ام ويروي��ك ب��دون م��اء، ويش��فيك ب��دون دواء، وأن يحمي��ك من الس��م إن

تجرعته، ومن النار إن اقتحمت فيها إلخ؟؟.. هذا ال��دالل الممج��وج الثقي��ل، لم ي��دvن إلي��ه ب��أي التفاتة ال الرسل واألنبياء وال الربانيون الصادقون

من علماء هذه األمة.. وإن وجدت من صبغ نفس��ه بص��بغة التص��وف: أو س��معت بترجمت��ه في غ��ابر األزم��ان، وك��ان من عادت����ه أن ال يلتفت )في س����لوكه( إلى ع����المN م��ع األسباب، ألنه مصرx على أن يقنعك بأنه دائما المسبب، فاعلم أنه معط7ل للش��رع، وأن��ه جاه��ل بمب��ادئ التوحي��د وقواع��ده، وأن��ه يتس��امى على الرسل واألنبياء بمتطلباته التي يت��دلل به��ا على ا

لله عز وجل.

Page 21: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

نعم... يجب على المسلم أن يتعامل مع األسباب تحت سلطان الش��رع وض��من قي��وده وض��وابطه. أي يتعامل معها ويبحث عن السبيل إليه��ا، م��ادام الشرع يأمر بذلك، أو ال ينهى عن ذل��ك على أق��ل

تقدير. فأما عندما يتعارض حكم شرعي ثابت م��ع األخ��ذ بس��بب م��ا من األس��باب ف��ِإن القيم��ة ال��تي ك��ان الش���رع ق���د أواله���ا ل���ذلك الس���بب ت���ؤول إلى الس��قوط. ك��أن يه��رع إلى ال��دواء ال��ذي وص��فهذtهy ب�ذلك v��خt الطبيب ل��ه، فعلم أن�ه مس��كر، ف�ِإنw أ

N باالتفاق .5السبب يغدو محرما وكأن يهرع إلى السوق ليمارس أعماله التجارية، دون أن يب���الي ب���دخول وقت الظه���ر من ي���ومN ب��أن على المس��لم أن يتفاع��ل الجمع��ة، محتج��ا وينس��جم م��ع م��ا ق��د قض��ى ا لل��ه ب��ه من نظ��ام األس��باب والمس��ببات، ومث��ل ذل��ك أن يأخ��ذ من حس���اب واجبات���ه الديني���ة، ألعمال���ه ووظائف���ه الدنيوي��ة، وك��أن تص��ر7 الم��رأة على الخ��روج إلى العم��ل والكس��ب، في ج��و7 موب��وء ال تمل��ك في��ه

هذا ما لم يثبت أنه العالج لذلك الداء غيره، كما 5 قرر ابن عابدين في حاشيته والعز ابن عبد السالم في كتابه )قواعد األحكام في مصالح األنام(، انظر

.7-6كتابي مع الناس ص

Page 22: الحكم العطائية شرح وتحليل الحكمة 21

المحافظة على الواجبات الشخص��ية ال��تي كلفه��االله بها.

ففي ه���ذه الص���ور وأمثاله���ا، تس���قط ش���رعية االهتم��ام باألس��باب، وت��برز في مكانته��ا فاعلي��ة العقيدة ال��تي يجب أن ال تغيب عن ب��ال المس��لم في كل األحوال، وهي أن ا لله هو وحده مس��بب األسباب، وإن هي إال روابط ش��كلية أقامه��ا الل��ه ع��ز وج��ل، نوليه��ا األهمي��ة عن��دما يأمرن��ا ب��ذلكN م�ع الحقيق�ة الشرع اإللهي، ونعرض عنه�ا تع�امال

عندما ينهانا عن ذلك الشرع. فِإن أقامك ا لله في عالم األس��باب، وأح��اط ب��كرv مع مقتضاه، وابحث عن المسببات uسtنظامها، ف

من خالل سعيك وراء األسباب. وإن أقامك الله في ع��الم التجري��د، وتخل7ت عن��ك األسباب وبعدت عنك ظروفه��ا، فع��د إلى األص��ل واركن إلى المسبب، وانتظر العط�اء والف��رج من

المسبب عز وجل. وفي كال الحالين، ال تعلق فؤادك إال7 بموالك ال��ذي بيده كل شيء والذي إليه م��رد7 ك��ل ش��يء، وردد

مع المنشد قوله:N # إنما يسقيك من قد زرعك التعلق بسواه أمال