P

شرح كتابأضواء البيانمعالي الشيخ الدكتور

الله الخضير عبد الكريم بن عبدعضو هيئة كبار العلماء

وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلميةواإلفتاء

المكان:هـ09/06/1439تاريخ المحاضرة:

شرح كتاب أضواء البيان-األنعام )1 )

2

السالم عليكم ورحمة الله وبركاته.نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم. طالب: الحمد لله رب العالمين، وص��لى الل��ه وس��لم على نبين��ا محم��د

وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. ق��ال الش��يخ محم��د األمين الش��نقيطي -رحم��ه الل��ه تع��الى-:

}ثم الذين كفروا بربهم يع��دلون{"سورة األنعام. قوله تعالى: وجه��ان للعلم��اء؛}يع��دلون{[، في قول��ه تع��الى: 1]األنع��ام:

أحدهما: أنه من العدول عن الش��يء بمع��نى االنح��راف والمي��ل ،}كف��روا{ متعل��ق بقول��ه: }ب��ربهم{عن��ه، وعلى ه��ذا فقول��ه:

وعليه فالمعنى: إن الذين كفروا بربهم يميلون وينحرف��ون عن طريق الح��ق إلى الكف��ر والض��الل، وقي��ل على ه��ذا الوج��ه: إن الب��اء بمع��نى عن، أي: يع��دلون عن ربهم، فال يتوجه��ون إلي��ه

بطاعة وال إيمان. والثاني: أن الباء متعلقة بيعدلون، ومعنى يع��دلون يجعل��ون ل��ه نظ��يرا في العب��ادة، من ق��ول الع��رب: ع��دلت فالن��ا بفالن إذا جعلته له نظيرا وعديال، ومنه ق��ول جري��ر: أثعلب��ة الف��وارس أم رياح���ا. ع���دلت بهم طهي���ة والخش���ابا، يع���ني: أجعلت طهي���ة والخشاب نظراء وأمثاال لب��ني ثعلب��ة وب��ني ري��اح. وه��ذا الوج��ه األخير يدل له القرآن، كقوله تعالى عن الكفار الذين عدلوا ب��ه

الل مبين )غ��يره: ويكم ب��رب97}تالله إن كنا لفي ض�� ( إذ نس�� }ومن الناس من[، وقوله تعالى: 98،� 97 ]الشعراء: العالمين{

[،165 ]البق��رة: يتخ��ذ من دون الله أن��دادا يحبونهم كحب الله{ وأش��ار تع��الى في آي��ات كث��يرة إلى أن الكف��ار س��اووا بين

}أم جعل��وا للهالمخلوق والخالق، قبحهم الل��ه تع��الى، كقول��ه: الق ك�ل شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخل�ق عليهم ق�ل الله خ�

ار{ }أفمن يخل��ق[، وقول��ه: 16 ]الرع��د: شيء وهو الواحد القهرون{ رب لكم[، وقول��ه: 17 ]النحل: كمن ال يخلق أفال تذك }ض��

ركاء في مثال من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من ش�� [ اآلية، إلى غ�ير ذل�ك28 ]الروم: ما رزقناكم فأنتم فيه سواء{

.من اآليات"نعم؟

....... طالب:ما هو؟ ....... طالب:

نعم ما يمنع. ....... طالب:

يعني الحروف عند أهل العلم من اللغويين وغــيرهم تتقــارب ويــأتي بعضــها في معنى بعض، فالبـاء هنــا بمعـنى عن، يعـدلون عن اللــه -جـل وعال- إلى غيره، وما هو ببعيد من القول الثاني، ما فيه منافرة من كل وجه، فعدولهمــه إلى غــيره أنهم ألغــوا ــه إلى غــيره ال يعــني أنهم إذا عــدلوا عن عبادت عن عبادته بالكلية، بل إنهم يعبدونــه ويجعلــون لــه، وهــذا الفعــل عــدول وميــل

3 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير3

وانحراف، عدول عن الحق وعن الجادة وعن الصراط المســتقيم، وكــونهم يعدلون به غيره من الباب المثيل والنظير يكون عدال له إن كان من جنسه أو من غيره عدال كما سيأتي التفريق بين العدل والعدل، فكلهــا تحتمــل مــا

تحتمله اآلية. "وعدل الشيء في اللغة مثله ونظيره، قال بعض علماء طالب:

العربية: إذا كان من جنسه فهو عدل بكسر العين، وإذا كان من غ��ير جنس��ه فه��و ع��دل بفتح العين، ومن األول ق��ول مهله��ل: على أن ليس عدال من كليب. إذا برزت مخبأة الخ��دور، على أن ليس عدال من كليب. إذا اض��طرب العض��اه من ال��دبور، على أن ليس عدال من كليب. غداة بالبل األمر الكب��ير. يع��ني أن القتلى الذين قتلهم من بكر بن وائل بأخي��ه كليب ال��ذي قتل��ه جس��اس

.بن مرة البكري، ال يكافئونه وال يعادلونه في الشرف" ولو كانوا عددا في مقابل شخص واحد؛ ألن الواحـد قــد يعـدل بأمـة، بــألفمثال، كما أن األلف قد يكون ال يساوي واحدا، كما في مقصورة ابن دريد:

والناس ألف منهم كواحد وواحد كاأللف إن أمر عنى فهؤالء الذين قتلوا في مقابل كليب ال يساوونه؛ ألنه ليس عدال.

....... طالب:ماذا ؟

....... طالب:عدالة الراوي، ماذا فيها؟

....... طالب:ن، يعــني مقبــول الروايــة صــادق في عدل يعني اجتمع فيه الديانة، يعني دي

لهجته ملتزم بدينه صادق في لهجته، يعني مقبول الرواية. ....... طالب:

نعم. ويدخله علينا. ....... طالب:

نفس المادة، لكن المادة الواحدة، اللفظة الواحدة قــد تــرد لمعــاني كثــيرة جدا في لغة العرب، ولذلك من يبحث ويحقق إذا لم يعـرف مــدلول اللفـظ في سياقه يضيع؛ ألنه قد يراجع المادة في كتب اللغة فيعرف أن لها معاني كثيرة جدا، فيضع هــذا المعــنى في غــير موضــعه، وهــذا كثــير. واحــد حقــق

الطالع السعيد في علماء الصعيد، أنت منهم؟ ....... طالب:

ــد على ثبج البحــر ــد ول ــق العي ــد، ابن دقي ــق العي نعم، في ترجمــة ابن دقي بساحل ينبع، فكان يكتب اسمه: فالن ابن فالن ابن دقيــق العيــد القشــيري الثبجي. العلماء يقولون: كــان يكتب بخطــه: الثبجي، نســبة إلى أيش؟ إلى ثبج البحر بينبع. الذي حقق الكتاب قــال: الثبجي نــوع من الخطــوط، قــال: بخطه الثبجي، قال: هذا نوع من الخطوط! الــذي مــا يفهم مــدلول الكلمــة في سياقها، تجد في هذه الكلمــة تســاق لعشــرة معــاني أو أكــثر في كتب

اللغة ال سيما المطوالت، وكل سياق له نصيبه من هذه المعاني مفهوم. فعدل في تعديل الرواة في مقابل التجريح ال يعــني أنــه معنــاه مثــل الــذي معنا، يعني شبيه ونظــير. يعــني كونــه عــدال، يعــني لــو نظرتــه بنظــيره من

شرح كتاب أضواء البيان-األنعام )1 )

4

الرواة قلت: عدلت هذا بهذا، لكن ما تقــول: عــدلت هــذا. ولــذلك مصــدرهالتعديل. ....... طالب:

عدلوه نعم. تظنه كان مائل ا وعدلوه؟ .ال طالب:

نفس الشيء، نعم.ياما{"ومن الث��اني قول��ه تع��الى: ط��الب: }أو ع��دل ذل��ك ص��

[؛ ألن المراد نظير اإلطعام من الصيام، وليس من95]المائدة: [، وقول��ه:70 ]األنع��ام: }وإن تع��دل ك��ل ع��دل{جنسه، وقوله:

[. والع��دل: الف��داء؛ ألن��ه123 ]البق��رة: }وال يقبل منها ع��دل{كأنه قيمة معادلة للمفدى تؤخذ بدله.

ماوات وفي األرض يعلمقول���ه تع���الى: }وه���و الله في الس���كم وجه��ركم{ ر [ اآلي��ة، في ه��ذه اآلي��ة الكريم��ة3 ]األنع��ام: س��

ثالثة أوجه للعلماء من التفسير، وكل واحد منها له مصداق في.كتاب الله تعالى"

يعني كل وجه من هذه الوجوه له ما يؤيده من القرآن. "األول: أن المع��نى وه��و الل��ه في الس��ماوات واألرض، طالب:

أي: وهو اإلله المعبود في السماوات واألرض؛ ألن�ه -ج�ل وعال- هو المعبود وحده بحق في األرض والسماء، وعلى ه��ذا فجمل��ة

حال أو خبر، وهذا المعنى يبينه ويشهد له قوله تعالى:}يعلم{ماء إل��ه وفي األرض إل��ه{ [،84 ]الزخ��رف: }وهو الذي في الس

أي: وهو المعب��ود في الس��ماء واألرض بح��ق، وال ع��برة بعب��ادة الكافرين غيره؛ ألنها وبال عليهم يخلدون بها في النار الخل��ودبحانه وتع��الى- عن األبدي، ومعبوداتهم ليس��ت ش��ركاء لل��ه -س��

ا كبيرا" .ذلك علو وإن كانوا يزعمون أنها آلهة على حد زعمهم، فهذا الزعم ال حقيقــة لــه، وال

يغير من الواقع شيئا، فاإلله واحد.ا كب��يرا، ط��الب: }إن هي إال"س��بحانه وتع��الى عن ذل��ك عل��و

لطان{ يتموها أنتم وآباؤكم ما أن��زل الله به��ا من س�� أسماء سمركاء إن[،�� 23]النجم: }وما يتبع الذين ي��دعون من دون الله ش��

.["66 ]يونس: يتبعون إال الظن وإن هم إال يخرصون{ــتحقاق ــل وعال- في اس ــه -ج ــاركون لل ــون أنهم مش ــذين يزعم ــؤالء ال فه العبوديــة، هــذا مجــرد وهم منهم، والظن هنــا بمعــنى الــوهم؛ ألنــه احتمــال راجح، وإن اعتقدوا ذلك اعتقادا جازما، لكنه اعتقاد ال يؤيده عقل وال نقــل،

فهو مجرد وهم وظن كاذب، والظن أكذب الحديث. "وه��ذا الق��ول في اآلي��ة أظه��ر األق��وال، واخت��اره ط��الب:

ماوات وفيالقرط��بي. الوج��ه الث��اني: أن قول��ه: }في الس��كم{[، يتعل��ق بقول�ه: 3 ]األنع��ام: األرض{ ر ]األنع��ام:}يعلم س�

[، أي: وه��و الل��ه يعلم س��ركم في الس��ماوات وفي األرض،3 }قل أنزله الذي يعلمويبين هذا القول، ويشهد له قوله تعالى:

ماوات واألرض{ ر في الس��� [ اآلي���ة. ق���ال6 ]الفرق���ان: الس���

5 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير5

النحاس: وهذا القول من أحسن ما قي��ل في اآلي��ة، نقل��ه عن��هالقرطبي.

الوجه الثالث: وهو اختيار ابن جرير، أن الوقف تام على قول��ه:ماوات{ يتعلق بما بع��ده، أي:}وفي األرض{، وقوله: }في الس

يعلم سركم وجهركم في األرض، ومعنى هذا القول: أن��ه- ج��ل وعال- مستو على عرشه ف��وق جمي��ع خلق��ه، م��ع أن��ه يعلم س��ر أهل األرض وجهرهم، ال يخفى عليه شيء من ذلك. ويبين ه��ذا

ماء أنالق��ول، ويش��هد ل��ه قول��ه تع��الى: }أأمنتم من في الس��ف بكم األرض ف����إذا هي تم����ور ) ( أم أمنتم من في16يخس����

با{ ل عليكم حاص�� ماء أن يرس�� [ اآلي��ة،17،�� 16 ]المل��ك: الس��توى{وقوله: حمن على الع��رش اس�� [، م��ع قول��ه:5 ]ط��ه: }الر

ن[، وقول��ه: 4 ]الحدي��د: }وه��و معكم أين م��ا كنتم{ }فلنقص��[.7 ]األعراف: عليهم بعلم وما كنا غائبين{

وسيأتي إن شاء الله تحقي��ق ه��ذا المق��ام بإيض��اح في س��ورة األعراف. واعلم أن ما يزعمه الجهمي��ة من أن الل��ه تع��الى في ك��ل مك��ان، مس��تدلين به��ذه اآلي��ة على أن��ه في األرض؛ ض��الل مبين، وجهل بالله تع��الى؛ ألن جمي��ع األمكن��ة الموج��ودة أحق��ر وأص��غر من أن يح��ل في ش��يء منه��ا رب الس��ماوات واألرض، الذي هو أعظم من كل شيء، وأعلى من كل شيء، محيط بكل

.شيء" يعني أنــه -على زعم الجهميــة- أنــه في األرض، كمــا أنــه في الســماء، بــل قولهم: إنه يحل في كل مكان بذاته -جــل وعال-، تعــالى اللــه عمــا يقولــون

علوا كبيرا. "محي��ط بك��ل ش��يء، وال يحي��ط ب��ه ش��يء، فالس��ماوات طالب:

واألرض في يده -جل وعال- أصغر من حبة خردل في يد أح��دنا، وله المث��ل األعلى، فل��و ك��انت حب��ة خ��ردل في ي�د رج�ل فه��ل يمكن أن يقال: إنه حال فيها، أو في كل جزء من أجزائه��ا؟ ال، وكال، هي أصغر وأحق��ر من ذل��ك، ف��إذا علمت ذل��ك، ف��اعلم أن رب الس��ماوات واألرض أك��بر من ك��ل ش��يء، وأعظم من ك��ل شيء، محيط بكل شيء، وال يحيط ب��ه ش��يء، وال يك��ون فوق��ه

ماوات وال في األرضشيء: ة في الس�� }ال يعزب عنه مثقال ذرغر من ذل��ك وال أكب��ر إال في كت��اب مبين{ [،3 ]س��بأ: وال أص��

ا كبيرا، ال نحصي ثناء علي��ه، ه��و كم��ا أث��نى سبحانه وتعالى علو }يعلم ما بين أيديهم وم��ا خلفهم وال يحيط��ون ب��هعلى نفسه:

.["110 ]طه: علما{ ....... طالب:

وما دور التذكر والتصور؟ ....... طالب:

أعوذ بالله، أعوذ بالله، نسأل الله العافية. ....... طالب:

مــا هي مســألة إثم، المســألة عظيمــة. هــذا مثــل قــول غالة الصــوفية مناالتحادية، لما رأى الحمار نزع عليها. ما معنى نزع عليه؟

شرح كتاب أضواء البيان-األنعام )1 )

6

....... طالب: نعم. لما قيل له في ذلك؟ قال: تذكرت الله -جل وعال- في صورته! تعــالى

الله عما يقولون علوا كبيرا. هذا منهم، مثلهم. ....... طالب:

الخالص من ذلك يعرف حقيقة أبيــه، وأنــه ميت، وأنــه أكلــه الــتراب، إال أن يكون ممن حفظ جسده من األكل. هــذا خلــل في العقــل، كمــا أنــه ضــالل

مبين. ....... طالب:

ممكن، عند الصوفية أشياء، ويتصورون أشياء، ويتوهمون أشياء، من كــثرة ما تتردد في عقولهم وفي أذهانهم يظنونها حقائق، وفي تراجمهم من ذلكس الشيء الكثير، والشــيطان قــد يظلهم إذا رأى اتجــاههم هــذا االتجــاه يلبــا في قــبره، يــا فالن عليهم بأشياء، كما قــال شــيخ اإلســالم: من يــدعو ميت افعل كذا وكـذا، قـد يكــون من فتنتــه أن يتكلم الشــيطان من داخـل القــبر يقول له: أجبتك، أو: أبشر، أو: تلقى المكان الفالني، أو كــذا وكــذا، ثم بعــد ذلك هل يرجع عن هذا الضالل إذا دعي وقد حصــلت لــه هــذه الفتنــة؟ هــذا

من تمام الفتنة نسأل الله العافية. ابن بطوطة رحلته للمشرق، ذكر أنه مر بــولي -على حــد زعمــه- فأعطــاهــدة، ودخلت جبة، الولي أعطاه جبة وقال: ستحتاجها، يقول: لما تعديت البلــا بلدة ثانية وثالثة أصابني برد شديد، فلبستها، ثم بعد ذلك مررت ببلدة فيه

ولي -على حد زعمه، نسأل الله العافية-. ....... طالب:

ثان.حي حي. طالب:

حي حي، وذاك حي. المهم أنه بدأ يدير نظـره ويتأمـل وينظـر كيـف عـرف هذا الولي أني يصيبني برد شديد فأحتاج هذه الجبة، فقــال لــه الثــاني -في حقيقة الشيطان ليس بولي- قال: أتعجب من صنيع فالن بأنه يعلم الغيب؟ قال: أنا والله ما زلت متعجبا، قال: أال أخبرك بما هــو أعظم من ذلــك، أنــه يدبر الكون! نسأل الله العافية. المسألة مسألة استدراج، قد يقـع اإلنسـان في أول األمر في شيء يسير، ثم يتطـور شـيئا فشـيئا، ثم يصــل إلى هـذه

المرحلة. وقلنا مرارا: متى قال ... ....... طالب:

نعم، من هو؟ قد نجيء باسمه اآلن. متى قال؟ ....... طالب:

ال ال، ما هو؟ ماذا قلت؟ ....... طالب:

هاته الذي قلته؟ .السفاريني طالب:

ال، السفاريني من أهل السنة عنده لفظة يسيرة، وإال فهو من أهــل الســنةما فيه شك.

....... طالب: بشـر، نعم بشـر المريسـي، مثــل قـول: سـبحان ربي األســفل! يعـني هـل يتصور هذا أحد؟ إال أنه استدرج شيئا فشيئا، ثم ألــزم بلــوازم فالتزمهــا، ثم

7 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير7

ذهب إلى ما هو أعظم منها، وعوقب بأشــد من ذلــك، ثم في النهايــة وجــد نفسه يقول: سبحان ربي األسفل! نسأل الله العافية، نســأل اللــه الثبــات.

نعم. لن��ا علي��ك كتاب��ا في قرط��اس"قول��ه تع��الى: ط��الب: }ول��و نز

حر مبين{ ال الذين كف��روا إن ه��ذا إال س�� فلمسوه بأي��ديهم لق��ل الله7]األنعام: [، ذكر في هذه اآلية الكريمة: أن الكفار لو نز

عليهم كتاب��ا مكتوب��ا في قرط��اس، أي ص��حيفة، إجاب��ة لم��الاقترحوه، كما قال تعالى عنهم: }ولن نؤمن لرقيك حتى تن��ز

.[ اآلية"93 ]اإلسراء: علينا كتابا نقرؤه{ــد أو على عظم أو على القرطاس هو ما يكتب به، سواء المكتوب على جل

حجر أو على... ما يكتب مطلقا. ....... طالب:

به بالقلم، الكتابــة تكــون على الــرق والكاغــد والحجــر. لمــاذا ال نقــول: إنالقرطاس هو القرطاس الذي عندنا ذا؟

....... طالب: نعم. مصانع الورق ما وجدت إال في عهد هارون الرشــيد، فالقرطــاس أعمــون على ــة على حجــارة، يكتب ــا أو غــيره. كــانت الكتاب من أن يكــون عظم حجارة، وكانوا يكتبون على عظام في الخــاف، وعلى عســب النخــل وعلى غيرها من الجلود. اآلن لــو تريــد أن تكتب هــذا المجلــد على حصــى، فمــاذا يحمله؟ أو على جلــود. ولــذلك يقولــون: كتــاب األغــاني في كم بعــير؛ ألنــه مكتــوب على حصــيان وجلــود وعسـبان! واللــه ســبحان اللــه العظيم كيــف نتصور هذه النعمة التي نعيشــها، الــذي يســر اللــه لنــا كتابــه أن نضــعه في جيوبنــا، بــدال من أن تكتب األربعين النوويــة كم تحتــاج من جمــل إذا كتبتهــا على حصى، واآلن تكتب في هذه اآلالت الذكية شيئا بضغطة زر تنســخ لــك

عشرة آالف مجلد، نعم تحتاج إلى شكر. ومع ذلك، المعاناة التي عانوها هي التي رسخت العلم في قلوبهم، يحفظ سبعمائة ألف حديث، خمســمائة ألــف حــديث، هــذه لــو تكتب مــاذا تصــير، فعمدوا بدال من الكتابة إلى الحفــظ. ونحن اعتمــدنا على هــذه اآلالت الــتي بضغطة زر تخرج لك كل ما تريــد من األحــاديث ومن اآليــات ومن األقــوال

في الرواة وغيرهم، لكن ما النتيجة؟ النتيجة أنك تعتمد على هذه األمور، وال تحفــظ، وال تراجــع بزعمــك أو على حد زعمك أنك متى ما أردت وجدت. فهذه ال شــك أنهــا من الصــوارف عن

»ال تكتبوا عــني شــيئا ســوىتحصيل العلم، ولذا جاء في حديث أبي سعيد: ؛ ألنهم ســيعتمدون علىالقــرآن، ومن كتب شــيئا ســوى القــرآن فليمحــه«

، وقــال أبــو»اكتبــوا ألبي شــاة«الكتابة، ويضــيع الحفـظ. في النهايــة قــال: هريرة- رضي الله عنه-: ما كان من أحد أكثر مني حــديثا عن رســول اللــه، إال ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وال أكتب، فجوزت الكتابة، وأجمع على جوازها، والحمــد للــه مشــت األمــور، لكن يبقى أنــه مــاذا بعــد

الكتابة؟ م طباعــة كتب لما جـاءت الطباعــة، نقـل عن بعض شــيوخ األزهــر أنــه حــر العلوم الشرعية. كتب اللغة، كتب التاريخ، األدب، واآلن اطبعــوا مــا عليكم، ماذا يخشى عليها هذا العالم األزهري؟ يخشى أن اإلنسان يصير مآله مثــل

شرح كتاب أضواء البيان-األنعام )1 )

8

مآلنا، تشتري كتابا عشــرة مجلــدات وترصــه بهــذا الــدالوب وهــذا آخــر مــا عندك، وتقتني مكتبة عشرة آالف مجلــد، عشــرين ألــف، ثم بعــد ذلــك، ثم ماذا؟ نحن أدركنا شيوخا من عنده دالوب واحد أو دالوبان أو ثالثة بــالكثير، لكن فتش كتبهم كلها مقروءة ومعلــق عليهــا. ونحن نكتفي بنظــارة الــورق وجمــال الطباعــة والزخرفــة في الجلــد، وهكــذا. كتب بعض الشــيوخ الــتي اطلعنا عليها من التركات الورق أسود، وأنا أقول: من كثرة القراءة فإذا به

من الدسم إذا أكل أو دهن رجليه أو غيره! يعني الترف هذا الذي نعيشه من أعظم الصــوارف عن العلم، والــترف في جميع النصوص مذموم، ومطلوب من المسلم أن يتوسط في أمــوره، على حد قدراتهم وعلى حد إمكانيتهم. يقول عمر بن الخطاب: ليس لنــا مناديــل إال بطون أقدامنا، إذا أصابهم شيء مسح، بدل ما يروح يشــتري فــازلين أو

يشتري شيئا انتهى اإلشكال، وعاشوا أفضل عيش. ....... طالب:

القلم والمداد، هذا الذي يكتب. ....... طالب:

عليها الصحيفة. ....... طالب:

ال ال. ....... طالب:

ماذا؟ صحيفة، ماذا قلت؟ أين اإلشكال؟ إن كـان ســبق لسـاني فأنـا متعـود على

هذا وأنتم متعودون عليه جزاكم الله خيرا. نعم.

ل، ولمس��ته أي��ديهم، لعان��دوا طالب: "فعاينوا ذلك الكتاب المنزحرهم. وه��ذا العن��اد واللج��اج وادع��وا أن ذل��ك من أج��ل أن��ه س�� العظيم والمكابرة الذي هو شأن الكفار، بين��ه تع��الى في آي��ات

ماء فظلوا في��هكثيرة كقوله: }ول��و فتحن��ا عليهم باب��ا من الس��ارنا ب��ل نحن ق��وم14يعرج��ون ) كرت أبص�� الوا إنم��ا س�� ( لق��

فا من[، وقول��ه: 15،�� 14 ]الحجر: مسحورون{ }وإن ي��روا كس��ماء ساقطا يقولوا سحاب مرك��وم{ [، وقول��ه:44 ]الط��ور: الس

رنا عليهم لنا إليهم المالئكة وكلمهم الم��وتى وحش�� }ولو أننا نزاء الله{ يء قبال م��ا ك��انوا ليؤمن��وا إال أن يش�� ]األنع��ام:ك��ل ش��

ت عليهم كلمات ربك ال يؤمن��ون )[، وقوله: 111 }إن الذين حق ،96 ]ي��ونس: ( ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب األليم{96 }وم���ا تغني اآلي���ات والنذر عن ق���وم ال[ اآلي���ة، وقول���ه: 97

.["101 ]يونس: يؤمنون{ النسخة التي معنا مطبوعة من المصحف، يعني المطبوع بحرف المصحف،

فتجده على القراءة الدارجة عندنا. }وما تغني اآليات والنذر عن قوم ال يؤمن��ون{"وقوله: طالب:

}وإن ي��روا ك��ل آي��ة ال يؤمن��وا به��ا{[، وقول��ه: 101]ي��ونس: [، إلى غير ذلك من اآليات. وذك��ر تع��الى نح��و ه��ذا25]األنعام:

}وق��الوا مهم��االعناد واللج��اج عن فرع��ون وقوم��ه في قول��ه:

9 معالي الشيخ عبد الكريم

الخضير9

]األع��راف:تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين{132"].

؟}فما نح�ن لك بمؤ�منين{ ....... طالب:هذا هو. ....... طالب:

نعم، هذا. ....... طالب:

على كل حال قــراءة، هـو مــا ينكــر، القــراءة ســبعية متــواترة، لكن أقــول: الحرف حـرف القـرآن المطبــوع مـع هـذا التفسـير هـذه الطباعـة األخـيرة

مأخوذة من رسم المصحف. ]األنع��ام:}وقالوا لوال أن��زل علي��ه مل��ك{"قوله تعالى: طالب:

[، لم يبين هنا ماذا يريدون بإنزال الملك المقترح، ولكن��ه بين8 في موضع آخر أنهم يريدون بإنزال الملك أن يك��ون ن��ذيرا آخ��ر

}وق��الوامع النبي -صلى الله علي��ه وس��لم-، وذل��ك في قول��ه: سول يأكل الطعام ويمشي في األسواق لوال أن��زل مال هذا الر

[ اآلية.7 ]الفرقان: إليه ملك فيكون معه نذيرا{ }وق��الوا ل��وال أن��زل علي��ه مل��ك ول��و أنزلن��ا ملك��اقوله تع��الى:

ل8 ]األنع��ام: لقضي األمر ثم ال ينظرون{ [، يع��ني: أن��ه ل��و ن��ز عليهم المالئكة وهم على م��ا هم علي��ه من الكف��ر والمعاص��ي، لجاءهم من الله العذاب، من غ��ير إمه��ال وال إنظ��ار؛ ألن��ه حكمل عليهم إال ب��ذلك، كم��ا بين��ه تع��الى بقول��ه: بأن المالئكة ال تنز

ل المالئكة إال بالحق وم��ا ك��انوا إذا منظ��رين{ ]الحج��ر:}ما ننز8"].

أي بعد ذلك، فإنهم ال ينظرون وال يمهلون. رى يومئذ"وقول���ه: ط���الب: }ي���وم ي���رون المالئك���ة ال بش���

[ اآلية.22 ]الفرقان: للمجرمين{نا عليهم م��اقوله تعالى: }ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجال وللبس��

[، أي: ل��و بعثن��ا إلى البش��ر رس��وال ملكيا،9 ]األنعام: يلبسون{ لك��ان على هيئ��ة الرج��ل؛ لتمكنهم مخاطبت��ه، واالنتف�اع باألخ��ذ عنه؛ ألنهم ال يستطيعون النظ�ر إلى المالئك��ة من ش�دة الن�ور، ول��و ك��ان ك��ذلك اللتبس عليهم األم��ر كم��ا هم يلبس��ون على

.أنفسهم في قبول رسالة الرسول البشري" والرسول -عليه الصالة والسالم- جـاءه جبريــل على صــورة دحيــة الكلــبي،

وأما رؤيته إياه على خلقته له ستمائة جناح فحصل مرتين. "وه��ذه اآلي��ة الكريم��ة ت��دل على أن الرس��ول ينبغي أن طالب:

ا يكون من نوع المرسل إليهم، كما أش��ار تع��الى إلى ذل��ك أيض��لنابقوله: }قل لو كان في األرض مالئكة يمشون مطمئنين لنز

ماء ملكا رسوال{ .["95 ]اإلسراء: عليهم من السال بد من المجانسة بين الرسول والمرسل إليهم ليتم االنتفاع به.

ل من قبل��ك فح��اق"قوله تعالى: طالب: تهزئ برس�� }ولقد اس��تهزئون{ [.10 ]األنع��ام: بالذين سخروا منهم م��ا ك��انوا ب��ه يس��

شرح كتاب أضواء البيان-األنعام )1 )

10

ذكر تعالى في هذه اآلية الكريمة: أن الكف�ار اس�تهزءوا برس�ل قبل نبين��ا -ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم-، وأنهم ح��اق بهم الع��ذاب بس��بب ذل��ك، ولم يفص��ل هن��ا كيفي��ة اس��تهزائهم، وال كيفي��ة العذاب الذي أهلكوا به، ولكنه فصل كثيرا من ذل��ك من مواض��ع أخر متعددة، في ذكر نوح وقومه، وهود وقومه، وصالح وقومه، ولوط وقومه، وشعيب وقومه، إلى غير ذلك. فمن اس��تهزائهم

.بنوح قولهم له: بعد أن كنت نبيا صرت نجارا"ا. ال، العكس: بعد أن كنت نجارا صرت نبي

....... طالب: وقبل النبوة ما كان نجارا؟ قبــل النبــوة؟ إن كــان فــالكالم صــحيحا ، يكــونا. وعلى االحتمـــال الـــذي صـــحيحا الكالم: بعـــد أن كنت نجـــارا صـــرت نبي ذكرتموه صحيح أنــه نــبي وال يعرفــون عنــه إال النبــوة، ثم في النهايــة طلــع

نجارا ماهرا، من باب االستهتار به. ....... طالب:

نعم. خروا منا فإنا"وقد ق��ال الل��ه تع��الى عن ن��وح: طالب: }إن تس��

خرون{ خر منكم كم��ا تس�� [، وذك��ر م��ا ح��اق بهم38 ]ه��ود: نس��ذهم الطوف�ان وهم ظ�المون{بقول�ه: [،14 ]العنكب�وت: }فأخ�

وأمثالها من اآليات. ومن استهزائهم بهود ما ذك��ره الل��ه عنهموء{من قولهم: ]ه��ود:}إن نق��ول إال اعت��راك بعض آلهتن��ا بس��

}قالوا يا هود ما جئتنا ببين��ة وم��ا نحن[، وقوله عنهم أيضا: 54 [ اآلية، وذك��ر م��ا ح��اق بهم53 ]هود: بتاركي آلهتنا عن قولك{

يح العقيم{من الع����ذاب في قول����ه: لنا عليهم ال����ر }أرس����[ اآلية، وأمثالها من اآليات. 41]الذاريات:

الحومن استهزائهم بصالح قولهم فيما ذكر الله عنهم: }ي��ا ص��لين{ [،77 ]األع���راف: ائتن���ا بم���ا تع���دنا إن كنت من المرس���

ا قب��ل ه��ذا{وقولهم: [62 ]ه��ود: }يا صالح قد كنت فينا مرجويحةاآلية، وذكر ما حاق بهم بقوله: }وأخذت الذين ظلم��وا الص��[، ونحوها من اآليات. 94 ]هود: فأصبحوا في ديارهم جاثمين{

}فما ك��انومن استهزائهم بلوط قولهم فيما حكى الله عنهم: ]النم��ل:جواب قومه إال أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم{

}لئن لم تنت��ه ي��ا ل��وط لتك��ونن من[ اآلية، وقولهم له أيضا: 56 [، وذك��ر م��ا ح��اق بهم بقول��ه:167 ]الش��عراء: المخ��رجين{

يل{ ج افلها وأمطرن��ا عليهم حج��ارة من س�� }فجعلنا عاليه��ا س�� [، ونحوه��ا من اآلي��ات. ومن اس��تهزائهم بش��عيب74]الحج��ر:

ه كث��يراقولهم فيما حكى الله عنهم: عيب م�ا نفق� }قالوا يا ش�عيفا ول��وال رهط��ك لرجمن��اك وم��ا ا تقول وإنا لنراك فينا ض�� مم

.["91 ]هود: أنت علينا بعزيز{ ، شــعيب جــاء في األثــر أنــه خطيب األنبيــاء من}ما نف�قه كثيرا مما تقول{

فصحاته، فكيف ما يفقهون كثيرا مما يقول إال أنه من باب العناد والشــقاققالوا هذا الكالم.

11

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

11

}فأخ��ذهم ع��ذاب ي��وم الظلة"وذكر ما حاق بهم بقوله: طالب: [، ونحوه��ا من189 ]الش��عراء: إنه ك��ان ع��ذاب ي��وم عظيم{

.اآليات"ماذا؟

طالب: ...وذكر؟

....... طالب:نعم.

....... طالب:نعم.

....... طالب: [ نعم، مع أنه دعوته إلى ترك جريمتهم للطهر،82 ]األعراف: }يتطهرون{

ومزاولتهم لهذه الجريمة هو عين تلبسهم بالنجاسة. [،14 ]األنع��ام: }وه��و يطعم وال يطعم{"قول��ه تع��الى: طالب:

يعني: أنه تعالى هو الذي يرزق الخالئ��ق، وه��و الغ��ني المطل��ق }وم��افليس بمحت��اج إلى رزق، وق��د بين تع��الى ه��ذا بقول��ه:

( م��ا أري��د منهم من رزق56خلقت الجن واإلنس إال ليعب��دون )اق ذو الق��وة57وم��ا أري��د أن يطعم��ون ) ز ( إن الله ه��و ال��ر

-��� 56 ]ال���ذاريات: المتين{ [. وق���راءة الجمه���ور على أن58 الفعلين من اإلطع��ام، واألول مب��ني للفاع��ل، والث��اني مب��ني للمفعول، كما بيناه، وأوض��حته اآلي��ة األخ��رى، وق��رأ س��عيد بن جبير ومجاهد واألعمش الفعل األول كقراءة الجمهور، والثاني

.بفتح الياء والعين"وال يط�عم، مضارع طعم.

"مضارع طعم الثالثي بكسر العين في الماضي، أي أن��ه طالب: يرزق عباده ويطعمهم، وهو- جل وعال- ال يأك��ل؛ ألن��ه ال يحت��اج إلى ما يحتاج إليه المخلوق من الغ��داء؛ ألن��ه -ج��ل وعال- الغ��ني

ا كب�يرا، الذات�ه الغ�نى المطل��ق، س�بحانه وتع�الى عل�و }ي�ا أيه� ]ف�اطر:الناس أنتم الفقراء إلى الله والله ه�و الغني الحمي�د{

[. والقراءة التي ذكرنا عن سعيد ومجاهد واألعمش موافقة15مد{ألحد األقوال في تفسير قوله تعالى: ]اإلخالص:}الله الص

[، قال بعض العلماء: الصمد السيد الذي يلجأ إليه عند الشدائد2.والحوائج"

القراءة الثانية على أن تفسير الصمد الذي ال جوف له، وهو ال يطعم، غنــاهالكامل عن ذلك.

....... طالب:لكن على كل حال هل هو لعدم اتفاقهم في اللغة؟ ال ال.

طالب: ... ....... طالب:

إال بلسان قومه، نعم. ....... طالب:

شرح كتاب أضواء البيان-األنعام )1 )

12

يطعم نعم، وال يطعم. المقصــود أن تفسـير الصــمد الـذي ال جـوف لـه، فاليطعم.

....... طالب:يطعمون.

طالب: ... ]األنعــام:}وهــو يط�عم وال يط�عم{ال، المقصــود القــراءة في آيــة الســورة:

[، آيــة الســورة الــتي14 ]األنعــام: }وهــو يط�عم وال يط�عم{[، القــراءة: 14نحن فيها.

"قال بعض العلماء: الصمت السيد ال��ذي يلج��أ إلي��ه عن��د طالب: الش��دائد والح��وائج، وق��ال بعض��هم: ه��و الس��يد ال��ذي تكام��ل سؤدده، وش��رفه، وعظمت��ه، وعلم��ه، وحكمت��ه، وق��ال بعض��هم: الصمد هو الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أح��د؛ وعلي��ه، فما بعده تفسير له، وقال بعضهم: هو الباقي بعد فن��اء خلق��ه، وقال بعضهم: الصمد هو الذي ال ج��وف ل��ه، وال يأك��ل الطع��ام، وهو محل الشاهد، وممن ق��ال به��ذا الق��ول ابن مس��عود، وابن عب��اس، وس��عيد بن المس��يب، ومجاه��د، وعب��د الل��ه بن بري��دة، وعكرم��ة، وس��عيد بن جب��ير، وعط��اء بن أبي رب��اح، وعطي��ةدي، كم��ا نقل��ه عنهم ابن كث��ير، وابن العوفي، والضحاك، والس��

جرير وغيرهما. ق�ال مقي��ده -عف�ا الل��ه عن��ه-: من المع��روف في كالم الع��رب إطالق الصمد على السيد العظيم، وعلى الشيء المصمت الذي

ال جوف له، فمن األول قول الزبرقان: س��يروا جميع��ا بنص��ف اللي��ل واعتم��روا وال رهين��ة إال س��يد

.صمد"عندي: واعتمدوا، بالدال.

"واعتمدوا وال رهينة إال سيد صمد طالب: وقول اآلخر: علوته بحسام ثم قلت له خ��ذها ح��ذيف ف��أنت

.السيد الصمد"�تقوله: فأنت السيد الصمد، هــذا يمدحــه أم يذمــه؟ يســتهزئ، ك أن }ذق� إن

�كريم{ �عزيز ال [، استهزاء. 49 ]الدخان: الحذيف منادى.

....... طالب:عى ما هو بتصغير، ترخيم، حذف آخر المنــادى يســمى ترخيمــا، عــائش وســ فيمن دعا سعادا. معروف الترخيم نعم، فكن هناك لغة من ينتظر ولغة من ال ينتظر، إذا قلت: يا عائش تقصد عائشة، هــذه لغــة من ال ينتظــر الحــرف المحذوف، عاملته على أنه اسم كامل وال تنتظـر الحــرف المحــذوف، فــإن

كنت تنتظر الحرف المحذوف فتقول: يا عائش؛ ألن الشين مفتوحة."وقول اآلخر: طالب:

أال بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيدالصمد

ومن الث��اني ق��ول الش��اعر: ش��هاب ح��روب ال ت��زال جي��اده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا فإذا علمت ذل��ك، فالل��ه تع��الى

13

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

13

هو السيد الذي هو وحده الملجأ عن��د الش��دائد والحاج��ات، وه��وه وتق��دس وتع��الى عن ص��فات المخل��وقين، كأك��ل ال��ذي ت��نز

ا كبيرا. الطعام ونحوه، سبحانه وتعالى عن ذلك علو ]األنعام:}قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم{قوله تعالى:

.[ اآلية، يعني أول من أسلم في هذه األمة"14نعم. نعم.

....... طالب:تعالى الله، أحسنت. نعم.

لم{"قوله تعالى: طالب: }قل إني أمرت أن أكون أول من أس�� [ اآلية، يع�ني أول من أس�لم في ه��ذه األم�ة ال�تي14]األنعام:

أرسلت إليه��ا، وليس الم��راد أول من أس��لم من جمي��ع الن��اس، كما بينه تعالى بآي��ات كث��يرة ت��دل على وج��ود المس��لمين قب��ل

.وجوده -صلى الله عليه وسلم- ووجود أمته"الم{ س� ه اإل� �د الل يعــني جنس}إن الــدين{[،ــ 19 ]آل عمران: }إن الدين عن

الة ــه الصــ الدين الذي عليه جميع األنبياء، فجميع األنبياء مسلمون قبله -عليلم{والسالم-، مما يدل على أن قولــه: [ يعــني14 ]األنعــام: }أول من� أســ�

من هذه األمة، وما كان قبله من األنبياء ومن تابعهم مسلمون أيضا. }إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت"كقوله عن إبراهيم: طالب:

ني[، وقول��ه عن يوس��ف: 131 ]البق��رة: لرب الع��المين{ }ت��وفالحين{ }يحكم[، وقول��ه: 101 ]يوس��ف: مسلما وألحقني بالص��لموا{ [، وقول��ه عن ل��وط44 ]المائ��دة: به��ا النبيون الذين أس��

لمين{وأهله: ]ال��ذاريات:}فما وجدنا فيها غي��ر بيت من المس��[، إلى غير ذلك من اآليات.36

}وإن يمسسك الله بضر فال كاشف له إال ه��و وإنقوله تعالى: [، أش��ار17 ]األنع��ام: يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير{

}وإن بعد قول��ه: }فهو على كل شيء قدير{تعالى بقوله هنا: ، إلى أن فض��له وعط��اءه الجزي��ل ال يق��در أح��ديمسسك بخير{

على رده، عمن أراده ل��ه تع��الى، كم��ا ص��رح ب��ذلك في قول��ه:اء{ ]ي��ونس:}وإن يردك بخير فال راد لفضله يصيب ب��ه من يش��

[ اآلية.107رآن ألن��ذركم ب��ه ومن بل��غ{قوله تعالى: }وأوحي إلي هذا الق��

ح في هذه اآلية الكريمة بأنه -صلى الله عليه19]األنعام: [، صر وسلم- منذر لكل من بلغه هذا الق��رآن العظيم كائن��ا من ك��ان، ويفهم من اآلية أن اإلنذار به عام لك��ل من بلغ��ه، وأن ك��ل من بلغه ولم يؤمن به فهو في النار، وهو كذلك. أما عم��وم إن��ذاره

ا كقول��ه: }ق��ل ي��الكل من بلغه، فقد دلت عليه آيات أخ��ر أيض��.["158 ]األعراف: أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا{

البلوغ، بلــوغ الــدعوة ال شــك أنــه ال بــد منــه لقيــام الحجــة على من بلغتــه الــدعوة، لكن يبقى مســألة فهم الحجــة أو زوال المــانع من قبــول الحجــة. فهم الحجة بالنسبة لألعاجم الذين ال يفهمون من العربية شيئا، وال يفهمون القرآن، هــؤالء كمن لم يبلغهم، ال بــد من فهمهم للقـرآن، ال بــد أن يفهمــوا الحجة. أما زوال المانع عن قبول الحجة بعــد أن بلغتــه وفهمهــا فهــذا ليس

شرح كتاب أضواء البيان-األنعام )1 )

14

بالزم. وبهذا يحتج كثير من المبتدعة إذا تلي عليهم من آيات القــرآن أو من األحاديث النبوية، قالوا: هذا عندكم، شيوخكم يقولــون هــذا، ونحن شــيوخنا يقولون كذا. هذا مانع من قبول الحجة، كونهم يرون الشيوخ الذين يقتــدونــوا بهم ويثقون بهم ويرونهم يعظمون ويقدسون من نعومة أظفارهم وعاشــير من ــير من األقطــار وفي كث ونشــأوا على ذلــك، ال شــك أن هــذا في كث األحيان يمنع من قبــول الحجــة. إذا قيــل لهم، تليت عليهم اآليــة الــتي تــدل

على منع ما يزاولونه، قالوا: ما أنتم أعرف من شيوخنا. ....... طالب:

ولو كان مجهوال، إذا كان الــدليل من كتــاب اللــه ومن ســنة رســوله -عليــهالم-. الصالة والس

....... طالب:هذا مانع من قبول الحجة بال شك، وهذه ذريعة يتذرعون بها.

....... طالب:ــغ{ال ال، مــا هــو بعــذر، ال، إذا ســمع القــرآن خالص: ــه ومن� بل �ــذركم� ب }ألن

ــه،19]األنعام: [. أما كونه يثق بشيخ نشأ وعاش عقودا، والناس يتبركون ب ويتمسحون به، ويزاول هذه األعمال البدعية، وقد تكــون شــركية، والقــرآن

يقول كذا، ما هو بعذر أبدا. ....... طالب:

كذلك، كثير من العامة حتى من عندنا قــد يكــون، إذا قلت لــه: الحكم كــذا،والدليل كذا في صحيح البخاري ومسلم، قال: ولو، الشيخ فالن يقول كذا.

....... طالب:هو ما يميز، لكن إذا سمع الدليل يجب عليه أن يقف.

....... طالب:هو إذا وجد التعارض هذا اإلشكال، أما إذا لم يكن له معارض.

....... طالب: هو ثقته بشيخ وبعالمه، أنت أعرف من اإلمام أحمد؟ يقول لــك كــذا. طيب عند الدليل من الصحيحين مثال ....... هل عرفتــه وخفي على اإلمــام أحمــد من قبلك؟ هي مشكلة الثقة بالرجال، الثقة الزائدة التي يجعلونهم يقدمون على نصوص الكتاب والسنة هذه مشكلة، ولذا يقول الصــاوي في حاشــيتهــاب على الجاللين: وال يجوز الخروج عن المذاهب األربعة، ولو خــالفت الكت

والسنة وقول الصحابي! يقول هذا الكالم. ....... طالب:

مــا هــو بصــحيح أنهم مــا يفقهــون، شــعيب من أفصــح النــاس، هــو خطيباألنبياء. ....... طالب:

كونه ما يفهم أو ما يسمع، إلى اآلن في قضايا الناس العادية قد يتــذرع أنـه ال يفهم ويقول: ماذا تقول؟ وهــو يكــذب، فهــو يفهم لكن يريــد أال تؤاخــذه،

وهذا مثل قوم شعيب.طالب: ...

ماذا؟ ....... طالب:

15

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

15

أبدا، الذي ما يفهم االصطالحات الشرعية من العوام وأشــباه العــوام، هــذاالة يفهم، يعني الذي قيل له: هذا الحــديث مكــذوب على النــبي -عليــه الصــ والسالم-، وهو قال: يا شيخ موضــوع، قــال: مكــذوب أصــرح من موضــوع، قال: يا شــيخ كيـف تقـول مكـذوب وهــو في كتب الســنة باألســانيد؟ قـال:ــب هات، وجاء به من الموضوعات البن الجوزي، هذا فيه حيلة ذا وهو ينتس

إلى العلم لكنه أعجمي؟ ....... طالب:

المهم أنه وصل إليه، وليس أن يصل إليه بمصحف، مثل هــذا المصــحف، اله{بد أن يسمع: مع كالم الل ى يس� [، ال بد أن يسمع. 6 ]التوبة: }حت

....... طالب:�ذركم� به ومن� بلغ{هو ال بد أن يبلغه: مع كالم[ـ، 19 ]األنعام: }ألن ى يس� }حت

�منه{ �لغ�ه مأ ه ثم أب [، إذا سمع كالم الله وهو يفهم هــذا الكالم،6 ]التوبة: اللما هو بأعجمي الذي يسمع كأنه ال يسمع، هذا شيء ثان ال بد أن يوضح له.

....... طالب:أين؟

....... طالب:يعني ما بلغته؟

....... طالب: يعامل معاملـة أهـل الفـترة كمـا ذكـر ابن القيم في طبقـات المكلفين في

آخر طريق الهجرتين. ....... طالب:

الذي هو أخذ الميثاق؟ ....... طالب:

ال. ....... طالب:

كتب كالم األئمة معروف، وكتب من المتأخرين مؤلفات كثيرة وموجود. "أما عموم إنذاره لكل من بلغه فقد دلت عليه آيات أخر طالب:

ول الله إليكم جميع��ا{أيضا كقوله: }قل يا أيها الناس إني رس��ة للناس{[، وقول���ه: 158]األع���راف: لناك إال كاف }وم���ا أرس���

ل الفرق��ان على عب��ده[، وقول��ه: 28]س��بأ: }تب��ارك الذي ن��ز [. وأما دخول من لم ي��ؤمن1 ]الفرقان: ليكون للعالمين نذيرا{

ر ب��ه منبه النار، فق��د ص��رح ب��ه تع��الى في قول��ه: }ومن يكف�� [. وأم��ا من لم تبلغ��ه دع��وة17 ]ه��ود: األحزاب فالنار موع��ده{

الرسول -صلى الله عليه وسلم- فله حكم أهل الفترة الذين لم.يأتهم رسول، والله تعالى أعلم"

منهم من يقول: إنهم يختبرون يمتحنون، يخــرج لهم لســان من نــار فيقــال لهم: اقتحموا، هذا قول من األقوال على كل حـال، فـإن اقتحمـوا اجتـازوا، وإن رفضوا لم يجتازوا. كالم ابن القيم مفصل في آخــر طريــق الهجــرتين،

في طبقات المكلفين ذكرها بالتفصيل. }ول��و ردوا لع��ادوا لم��ا نه��وا عن��ه وإنهم"قول��ه تع��الى: طالب:

[، هذه اآلية الكريمة ت��دل على أن الل��ه -28 ]األنعام: لكاذبون{ جل وعال- الذي أحاط علمه بكل موجود ومعدوم، يعلم المعدوم

شرح كتاب أضواء البيان-األنعام )1 )

16

الذي سبق في األزل أنه ال يكون لو وجد كيف يكون؛ ألن��ه يعلم أن رد الكفار يوم القيامة إلى الدنيا مرة أخرى ال يك��ون، ويعلمح به بقوله" .هذا الرد الذي ال يكون لو وقع كيف يكون، كما صر

لكن يبقى أن المعدوم شيء أم ليس بشيء؟ ....... طالب:

المؤلف يقول: يعلم المعدوم. ....... طالب:

�ــه{الكالم على ما عندنا: ــو� ردوا لعــادوا لمــا نهــوا عن ، اللــه -جــل وعال-}ول أخبرنا أنه يعلم ماذا سيحدث لو ردوا، وهذا االمتناع امتناع وجــود هــذا الــرد فهو ممتنع، لكن مــع ذلــك علم اللــه -جــل وعال- محيــط بــه، وأنهم لــو ردواــل أن يوجــد لعادوا، يعني كيف يحكم على هذا، حكم على هذا في األزل قب أنه من أهل النار؛ ألن الله يعلم مـاذا ســيفعل إذا وجـد، نعم، يعلم مآلـه إذا

وجد أنه لن يستجيب لدعوة الله. ....... طالب:

المقرر عند شيخ اإلسالم أنه ال يقال له شيء، ولذلك......طالب: ...

ماذا؟ ....... طالب:

على كل حال هل، بالنسبة لعلم اللــه -جــل وعال- ال أحــد يتــدخل فيــه، لكنــه أن في مثل قول بعض الزنادقة في القدرة اإللهية يقول: هل يستطيع اللــع، وال يمكن أن يتصــور في ــذا ممتن ــا؟ ه ــق صــخرة ال يســتطيع تفتيته يخل

الوجود؛ ألنه جمع بين النقيضين. ....... طالب:

ماذا فيه؟ ....... طالب:

المنفي بليس معدوم، تفصيل المسألة يحتاج إلى وقت. ح به بقول��ه: طالب: }ول��و ردوا لع��ادوا لم��ا نه��وا عن��ه"كما صر

حا ب��ه28 ]األنعام: وإنهم لكاذبون{ [، وه��ذا المع��نى ج��اء مص��ر في آي��ات أخ���ر. فمن ذل���ك أن���ه تع���الى س��بق في علم���ه أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، ال يخرجون إليها مع��هح ب��ه -صلى الله عليه وسلم- والله ثبطهم عنها لحكمة، كما صر

[46 ]التوب��ة: }ولكن ك��ره الله انبع��اثهم فثبطهم{في قول��ه: اآلية، وهو يعلم هذا الخروج الذي ال يكون لو وقع كي��ف يك��ون،

ح به تعالى في قوله: }ل��و خرج��وا فيكم م��ا زادوكم إالكما صر [ اآلي��ة، ومن اآلي��ات الدال��ة على المع��نى47 ]التوب��ة: خب��اال{

رالمذكور قوله تعالى: فنا م��ا بهم من ض�� }ولو رحمناهم وكش��وا في طغيانهم يعمهون{ [، إلى غ��ير ذل��ك75 ]المؤمن��ون: للج

.من اآليات" ....... طالب:

اقرأه. ....... طالب:

يعني وجوده في األذهان ال في األعيان.

17

معالي الشيخ عبد الكريمالخضير

17

....... طالب: يعني مثل من ينوي تأليف كتاب ويضمن هذا الكتــاب مســائل يتصــورها في ذهنه، ثم يقول في موضع من كتبــه: وسنبســط هــذه المســألة في الكتــاب الفالني، وهو ما صار شيئا. منه اإلشارة إلى معدوم، فهــذا كتــاب، أمــا بعــد فهذا كتاب، قبل أن يؤلف الكتاب، كتب الخطبة وقال: فهذا كتـاب، مـا بعـدــا. يعــني وجــوده في األذهــان ال في األعيــان، بخالف مــا إذا كتب صــار كتاب

الخطبة خطبة الكتاب بعد التأليف، فهو يشير إلى موجود في األعيان. ....... طالب:

ما فيه إشكال. ....... طالب:

ال، قد يتصوره الذهن، لكن في الواقع والخارج ما له وجود. ....... طالب:

نعم. تفضل. }ق��د نعلم إنه ليحزن��ك الذي يقول��ون{"قول��ه تع��الى: ط��الب:

ح تعالى في هذه اآلية الكريمة"33]األنعام: .[ اآلية، صرلعلنا نقف على هذا يا إخوان.